مصباح الزائر

هوية الكتاب

مصباح الزائر

كاتب: ابن طاووس، علي بن موسی

محقق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث

لسان: العربیة

الناشر: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم - ایران

سنة النشر: 1417 هجری قمری

رمز الكونغرس: /الف 17 م 6 271 BP

المحرر الرقمي: میثم الحیدري

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

[مقدمة التحقيق]

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه غاية الحمد و منتهاه، و أقصى الثناء عليه و مداه، حمدا يقصر دون بعضه كلّ حمد، و لا يلمّ بأدنى أطرافه أبلغ حمد.

و الصلاة على أمينه المصطفى، و رسوله الأوفى، و رحمته الكبرى، محمّد بن عبد اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و على أهل بيته الأوفياء الصادقين، و الامناء المعصومين، و حجج اللّه الكبرى على العالمين، و رحمة اللّه و بركاته.

و بعد:

فقد شكّلت قنوات الترابط الروحي المتجذّرة في أصول العقيدة الاسلامية المباركة، و بأشكالها المتعددة، و تفرّعاتها المختلفة، حالات تجسيد فعلية لجملة واسعة من المناهج التربوية الكبرى التي تتزيّن بها تلك العقيدة، و التي منها حلقات الاتصال الروحي و التواصل الفكري بالرموز الخالدة، و المراقي السامقة، المتمثّلة بالوجودات المقدّسة لأهل بيت العصمة (عليهم السّلام) و من خلال المحاورات و المناشدات الموسومة بالزيارات الخاصة و العامّة، و الشائعة التدوال بين عموم الشيعة.

ص: 5

و لا مناص من القول بانّ هذه المناهج، و رغم كونها اقرار و تسليم و بيعة لاولئك التقاة المطهّرين الذين أذهب اللّه تعالى عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، فانها في عين الوقت عملية ارتقاء روحية بالزائر تنتشله من ربقة الأطر المادية الزائفة الباهتة، و تحلّق به بعيدا في عالم الملكوت العظيم، حيث المثل الاسلامية العليا، و التجسيد الفعلي لها بكل أبعادها و سماتها، و بالتالي الولوج السليم من خلال أبواب الدعاء و الاستجابة التي أوصى اللّه تعالى عباده بالتمسّك بها، و السؤال بكراماتها.

نعم، إنّ هذا التمسّك الواعي و المتواصل بالزيارات الخاصّة بأهل البيت (عليهم السّلام) و المثابرة عليها - و ضمن المناهج السليمة لها، و القواعد التي يجب ان تخضع لها - يعد بلا أدنى شك واحدا من أرفع الأساليب الموصلة الى ابتغاء الوسيلة المقرّبة للّه تبارك و تعالى، و المفضية الى باحات رحمته الوارفة، و رياض عطاءاته السابغة.

و من هنا، فقد تعاهد الكثير من علماء الطائفة و مفكروها - و على امتداد الدهور - هذه الشجرة الطيبة المباركة بالرعاية و العناية، و الشرح و التهذيب، حتى أغنوا بجهودهم المتواصلة و الحريصة مكتبة الدعاء و الزيارة بالكثير من المؤلّفات و الأسفار التي أصبحت كالتمائم التي لا تنفك الشيعة من التعلّق بها، و التمسّك بمضامينها.

و لعل السيّد علي بن موسى بن طاووس الحلّي (رحمه اللّه) يعد - بلا مغالاة - واحدا من أوسع و أبرع من خلّف للامّة تراثا غنيا و كبيرا - قل نظيره - في هذا المنحى الكريم و المقدّس، و حيث تشهد بذلك مكتبته الكبيرة، رغم ضياع الكثير منها - كما هو معروف لدى الفضلاء و العلماء و الباحثين -

ص: 6

بل و رغم ما أحاطته من ظروف قاهرة، و أعباء شاقة عسرة(1).

و لا غرو في ذلك، فانّ لهذا العلم البارع تخصّصا فريدا و متميّزا، و أسلوبا رائعا شيقا ترك الكثير من الآثار البالغة في هذا المنحى الكبير من علوم مدرسة أهل البيت (عليهم السّلام) و مناهجها الكبرى، و به عرف و اشتهر، حتى قيل انّ فصاحة منطقه، و بلاغة كلامه، جعلت من عبارات دعواته و زياراته الملهمة المسطّرة في كتبه تشتبه كثيرا - عند البعض - مع عبارات أهل بيت العصمة (عليهم السّلام)(2).

المؤلّف و الكتاب

المؤلّف(3) و الكتاب

مؤلّف الكتاب هو السيّد علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن

ص: 7


1- واجه السيد ابن طاووس في حياته المباركة الشريفة جملة متعددة من الظروف العسرة التي حمّلته أعباء كبيرة أثقلت كاهله الشريف، منها: الغزو المغولي للدولة الاسلامية، و اسقاطهم لحكومته المركزية بعد مجازر وحشية مروعة، و حيث جهد السيّد (رحمه اللّه) في درء هذا الخطر عن الدولة الاسلامية ما قدر على ذلك، و لكنه جوبه بتعنّت الحاكم العبّاسي، و سوء تدبيره، فلم يجد السيّد ابن طاووس (رحمه اللّه) بدا من المحافظة على ما يمكن المحافظة عليه من الأنفس و الأعراض و الأموال في باقي مدن العراق، فوفّق في ذلك، و سلمت باقي المدن من هذا الاجتاج الوحشي، حين كان نصيب بغداد الخراب، و الدمار بأيدي المغوليين المتوحشين. و منها: تصديه (رحمه اللّه) لنقابة الطالبيين، و تحمّله لأعباء هذه المسؤولية الكبرى، و ما يرتبط بها من أعمال و مواقف كبيرة و متعددة، و التزامات شاقة منهكة، و حيث بقي متول لها حتى وفاته عام 664 ه.
2- راجع روضات الجنات 325:4.
3- سبق للمؤسسة أن ترجمت للسيّد ابن طاووس (رحمه اللّه) في بعض اصداراتها التحقيقية لكتبه، راجع: الأمان من أخطار الاسفار و الازمان، الدروع الواقية من الأخطار. و للمزيد من التفصيل تراجع المصادر التالية المتعرّضة لترجمة حياته (رحمه اللّه): أمل الآمل 205:2، لؤلؤة البحرين: 235، روضات الجنّات 325:4، تنقيح المقال 8529/310:2، الكنى و الألقاب 327:1، أعيان الشيعة 358:8، معجم المؤلّفين 248:7، الأنوار الساطعة: 116، البابليات 65:1.

أحمد - و هو الطاووس - بن اسحاق بن الحسن بن محمّد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى السبط ابن علي بن أبي طالب (عليه السّلام).

ولد (رحمه اللّه) قبل ظهر يوم الخميس من منتصف شهر محرم الحرام عام 589 ه في مدينة الحلة في وسط العراق.

أخذ العلم في باكورة حياته على جدّه ورّام، و على أبيه (قدّس سرّهما)، فدرس الفقه و علوم الشريعة المختلفة الاخرى، و واكب عليها بحرص و رعاية حتى بز أقرانه، و تفوّق عليهم.

هاجر الى بغداد - مركز الدولة الاسلامية آنذاك - في حدود عام 625 ه و استقر فيها حقبة من الزمن امتدت الى خمس عشرة سنة نال فيها مكانة رفيعة، و منزلة سامية في أوساط العلماء و الفضلاء، و نال احترام الجميع، و منهم رجال الدولة و سدنتها، و بشكل دفع الخليفة العبّاسي آنذاك(1) الى مفاتحته صراحة بتسلّم الوزارة، و لكنه جوبه برفض السيّد (رحمه اللّه) ذلك الأمر، و اعراضه عنه، لأسباب ذكرها في مخاطبته لذلك الحاكم(2).

كما ان بعض أعلام عصره طلب منه التصدي للفتيا و القضاء الشرعي، لما عرف منه من تضلّع كبير بالفقه، و ورع و تقوى اشتهر بهما، بيد انه

ص: 8


1- أي الخليفة المستنصر المتوفى عام 640 ه.
2- خاطب السيد ابن طاووس (رحمه اللّه) المنتصر بان المراد من تعيينه بهذا المنصب ان كان لاجل ان يسير وفق ما يريده هو و ما تريده بطانته، دون مراعاة لمشيئة اللّه تعالى و رسوله، فانه وجد و يجد الكثير من يقوم بهذا المنصب، و اما اذا كان وفق المقاييس الشرعية فان ذلك مما سيثير عليه البغضاء، و يدفع بالمقربين من الحاكم الى التشكيك به أمام الخليفة بحجة انه يريد الطعن به من خلال الايحاء للناس بان الامر لو وصل الى أتباع أهل البيت (عليهم السّلام) لكان على هذه السيرة الحسنة، و القاعدة السليمة، لا كما هو حال الامّة الآن.

رفض ذلك، و لم يقبله(1).

بقي السيّد ابن طاووس بعد ذلك متفرغا لاداء باقي أعماله و كتاباته التي أوقف نفسه عليها، فشهد الجميع له بانه كان - بحق - بحرا متراميا زاخرا باللؤلؤ و المرجان، كريما سمحا لا ينفك عن البذل و العطاء، حتى أدركته الوفاة في صبيحة اليوم الخامس من شهر ذي العقدة عام 664 ه.

و أمّا الكتاب: فهو من كتب الزيارة و الدعاء النفيسة القيمة، و قد رتّبه مؤلّفه السيّد ابن طاووس (رحمه اللّه) في عشرين فصلا، أورد فيها جملة كبيرة من آداب السفر و مستحباته، ثم عرج منها الى آداب زيارة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و أهل بيته (عليهم السّلام) و بشكل واسع و مفصّل، ذاكرا من خلال ذلك جملة من فضائل تلك الزيارات.

بقي الكتاب و حتى صدوره بحلته القشيبة المحقّقة هذه رهين المخطوطات، و بعيد عن متناول القرّاء، رغم فائدته، و حاجة الناس اليه، و اعتماد الكثير من كتب الزيارة التي الّفت من بعده عليه، و هذا ما استدعى بالمؤسسة المبادرة الى تحقيقه، و تقديمه الى القرّاء الكرام ضمن سلسلة مصادر بحار الأنوار التي يعد هذا الكتاب واحدا منها.

و بالفعل فقد شرع العمل به بعد حصول المؤسسة على ثلاث نسخ مخطوطة نفيسة هي:

1 - النسخة المحفوظة في مكتبة السيّد المرعشي العامّة برقم 4946 و التي يعود تأريخ نسخها الى عام 1024 ه، و رمزنا لها بالحرف «م».

ص: 9


1- يقول السيد ابن طاووس (رحمه اللّه) في ذلك: وجدت اللّه جل جلاله يقول في القرآن الكريم: و لو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثمّ لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين فرأيت ان هذا تهديد من رب العالمين، فكرهت و خفت من الدخول في الفتوى، حذرا من أن يكون فيها تقوّل عليه، و طلب رئاسة لا اريد التقرّب اليه، فاعتزلت.

2 - النسخة المحفوظة في نفس المكتبة برقم 160 و التي يعود تأريخ نسخها الى عام 1087 ه، و رمزنا لها بالحرف «ه».

3 - النسخة المخطوطة الثالثة، و هي من محفوظات المكتبة المرعشية أيضا، و برقم 597.، و رمزنا لها بالحرف «ع».

و من ثم فقد استكملنا مراحل التحقيق المتدرجة وفق الاسلوب الجماعي المتبع في المؤسسة، حتى خرج الكتاب بهذا الشكل الماثل بين يدي القارئ الكريم.

و أخيرا فانّا لا يسعنا في نهاية المطاف إلاّ ان نتقدّم بالشكر الجزيل لجميع الاخوة الأفاضل الذين ساهموا في تحقيق هذا الكتاب، و نخص منهم بالذكر:

1 - الأخوين الفاضلين الحاج عز الدين عبد الملك، و السيّد مظفر الحسن الرضوي اللذين قاما بمقابلة النسخ الخطية و تثبيت الاختلافات التي فيما بينها.

2 - الاخوة الافاضل: هيثم شاه مراد السمّاك، و سعد فوزي جودة، و السيّد عباس الشهرستاني و السيّد حسن الحكيم الذين تولوا مسؤولية تخريج أحاديث و روايات و زيارات الكتاب، و صياغة هوامشه و غير ذلك.

3 - الأخ المحقّق الفاضل الاستاذ علاء آل جعفر مسؤول لجنة مصادر البحار في المؤسسة الذي تولى مسؤولية تقويم و ضبط نص الكتاب، و الاشراف على تحقيقه.

وفّق اللّه الجميع لمراضيه، و تقبّل منهم صالح أعمالهم، انه سميع مجيب.

مؤسسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث

ص: 10

[مقدمة المؤلف]

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه المتفرد بدوامه و جلاله، و الصلاة على محمد و الخيرة من خلقه، أشهد له جلّ جلاله بالوحدانية و الجلال، و الرحمة و الإفضال، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله، و سيد بريته، و أن الأئمة من ولده و عترته.

أمّا بعد:

فإني لمّا رأيت آثار رحمة اللّه وجوده، و انتشار نعمه على عبيده عرفت أن هذه الرحمة تقتضي إرشادهم إلى الهدى، و إبعادهم عن مساقط الردى، و نصب الأعلام المأمونين لهم على ذلك، و تبيين المسالك من المهالك؛ لأنهم عند نصب هولاء الأعلام يكونون أقرب إلى الصلاح و أبعد من الآثام، و صريح العقل يشهد بلزوم هذه الهداية و الألطاف، لمن يظاهر بعموم توجه الإنصاف.

و رأيته سبحانه قد فعل الهداية مع الامم الماضية في الأيام الخالية... معهم بالعقل(1)، و النقل المشهور عن النبي صلّى اللّه عليه و آله بما قادنا لسان الكتاب

ص: 11


1- العبارة مضطربة، و كذا وردت في نسخنا.

إليه في قوله تعالى - و قد كشف عن الالتباس -: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ (1) فلما كانوا أحق بنشر ألوية الهداية، و أولى بالعناية و الرعاية، وجب في حكمته و إرشاده، أن ينصب لهم أعلاما على مراده.

و لا جرم فقد فعل سبحانه و تعالى بعباده فعل الشفيق اللطيف، و نصب لهم الأعلام على انقضاء التكليف، فقال يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ (2) فدلّ على وجود من طاعته كطاعة اللّه و الرسول، بدلالة العطف و إطلاق الأمر الموصول، و عموم هذه الطاعة، و الوقت وقت البيان، يقتضي عصمة المطاع في السر و الإعلان، ليأمن المطيع من خلل الطاعة، و ليحرس التكليف عن الإضاعة.

و كل من قال بوجوب ذلك من الأنام، حكم بدوام جنسه مع بقاء الأيام.

و لو لا رحمة اللّه بثبوت هذا المعنى و تمامه، و إلاّ كان سبحانه قد منعنا من لطفه و إنعامه، ما خص به رسوله و أبناء أيامه، حوشي ربنا العادل الرحوم أن يريد منا مثل مراده منهم، ثم يقصر بنا في رحمته و لطفه عنهم. كيف و هو القائل لرسوله على رؤوس الأشهاد إِنَّمٰا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هٰادٍ (3) و في بعض ذلك دلالة على الإشارة.

فأما تعيينهم صلوات اللّه عليهم، فشهد صريح العقل أن الحكيم لا يؤتي حكمته جاهلا، و لا يملّك أمانته مضيعا غافلا، و لا يسند إصلاحه إلى مفسد في الفعال و المقال، و لا يضع دلالته موضع التخيير و الإهمال، و انه متى فعل ذلك فقد نقض ما بناه، و جعل الحجة لمن عصاه.

ص: 12


1- آل عمران 110:3.
2- النساء 59:4.
3- الرعد 7:13.

محال وجود النور في بيت ظلمة *** و ان يهتدى في ظل حيران حائر

فلا تطمعوا بالعدل من غير أهله *** و لا بالتقى من غير أهل البصائر

و إذا دلّ العقل على لزوم أوصاف الكمال و وجوبها للأعلام.

قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: «أُمَّتِي لاَ تَجْتَمِعُ عَلَى خَطَإٍ وَ لاَ ضَلاَلٍ»(1).

و ليس من يدعى له وجوب تلك الخصال إلا خواصّ من العترة و الآل، فوجب أن يكونوا مراد الحكيم، و الهادين له إلى الصراط المستقيم.

و هذا القدر من الدليل يكشف لك قناع التفصيل. و من أراد زيادة الكشف و البيان، فعليه بتصانيف أهل الايمان، فإن فيها شفاء لأسقام الأفهام، و ضياء لظلام الأنام.

و إذا ثبت تعيين أئمّة الأنام لزم العباد تعظيم قبورهم بعد الوفاة بطريق تعظيم أمورهم حين الحياة، و أن يتوجهوا إلى اللّه بهم فإنه أهل القبول بشهادة المعقول و المنقول.

رجال إذا الدنيا دجت أشرقت بهم *** و إن أجدبت يوما بهم ينزل القطر

أقاموا بظهر الأرض فاخضرّ عودها *** و حلّوا ببطن الأرض فاستوحش الظهر

أخلق بمن توجه بهم أن يظفر بالمراد، و يسعد في الدنيا و المعاد؛ لأن الملاء إنما كان في وصفه و آلائه، تعرف حق المتوجه إليه باوليائه.

وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ اِبْنِ عَامِرٍ اَلتَّيالِي - وَاعِظِ أَهْلِ اَلْحِجَازِ - قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقُلْتُ لَهُ: مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَكَ وَ عَمَّرَ تُرْبَتَكَ؟

ص: 13


1- رواه ابن ماجة في سننه 3950/1303:2.

قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ اَلْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ:

أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: وَ اَللَّهِ لَتُقْتَلَنَّ بِأَرْضِ اَلْعِرَاقِ وَ تُدْفَنُ بِهَا.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، مَا لِمَنْ زَارَ قُبُورَنَا وَ عَمَّرَهَا؟ فَقَالَ: يَا أَبَا اَلْحَسَنِ، إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قَبْرَكَ وَ قَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ اَلْجَنَّةِ وَ عَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَ صَفْوَةٍ مِنْ عِبَادِهِ تَحِنُّ إِلَيْكُمْ وَ تَحْمِلُ اَلْمَذَلَّةَ وَ اَلْأَذَى فِيكُمْ فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ، وَ يُكْثِرُونَ زِيَارَتَكُمْ تَقَرُّباً مِنْهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى، وَ مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ، أُولَئِكَ - يَا عَلِيُّ - اَلْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي اَلْوَارِدُونَ حَوْضِي، وَ هُمْ زُوَّارِي غَداً فِي اَلْجَنَّةِ.

يَا عَلِيُّ، مَنْ عَمَّرَ قُبُورَكُمْ وَ تَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ، وَ مَنْ زَارَ قُبُورَكُمْ عَدَلَ ذَلِكَ ثَوَابَ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَأَبْشِرْ وَ بَشِّرْ أَوْلِيَاءَكَ وَ مُحِبِّيكَ مِنَ اَلنَّعِيمِ وَ قُرَّةِ اَلْعَيْنِ بِمَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَ لاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَ لاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.

وَ لَكِنَّ حُثَالَةً مِنَ اَلنَّاسِ يُعَيِّرُونَ زُوَّارَكُمْ بِزِيَارَتِكُمْ كَمَا تُعَيَّرُ اَلزَّانِيَةُ بِزِنَاهَا، أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي لاَ نَالَتْهُمْ شَفَاعَتِي وَ لاَ يَرِدُونَ حَوْضِي»(1).

و ها نحن عازمون على ترتيب زيارة قبورهم و مشاهد حضورهم للمعنى المقصود، و متعرضون بذلك لنفحات الكرم و الجود. فمن كان حاضرا عند تلك المحال الطواهر، زارها على ما سيأتي من الشرح المتناصر. و من كان بعيد الدار و معذورا في ترك الحضور، فحكمه الإيماء بالزيارة و فعلها على الوجه المذكور، و من وفقه اللّه للسفر فسنذكر ما يتعلق به على الوجه اللطيف إن شاء اللّه تعالى.

ص: 14


1- رواه المفيد في مزاره: 12/197، و الطوسي في التهذيب 50/22:6 و 189/107، و المصنف في فرحة الغري: 76.

و قد تعرّضنا للبسط في زيارات من قربت منا داره، و تيسر لنا ازدياره، على أننا لم نخل أهل البعاد من ذكر ما يقوم بالمراد، و إن كنا لم نقصد في الجميع صلوات اللّه عليهم استيفاء ما وقفنا عليه، جعل اللّه ذلك خالصا لوجهه مقربا إليه.

و قد وسمناه ب (مصباح الزائر و جناح المسافر) و رتبناه على عشرين فصلا، و سنذكر أولا ما يحتوي كل فصل عليه، ليعلم ناظره موضع المراد منه فيقصد إليه.

الفصل الأول: في مقدمات السفر و آدابه، و ما يتعلق بذلك أو يلحق ببابه.

هذا الفصل فيه أختيار أيام السفر و غسل السفر و الدعاء عنده، و توديع الأهل و كيفيته، و ما يفعله عند العزم على السفر في الأيام المكروهة، و ما يقال على باب داره وقت توجهه، و ذكر الصدقة أمام السفر و ما يقال عندها، و ذكر ما ورد في أخذ عصى اللوز المرّ و ما يقال معها، و ما يقوله من خرج وحده لسفر، و فضيلة التحنّك بالعمامة، و فضيلة أخذ تربة الحسين عليه السّلام في السفر، و ما يقال عند ذلك، و اختيار وقت السفر، و ما يقول عند هبوط الوهاد، و ما يقال عند الصعود منها، و ما يقوله عند عبور قنطرة أو جسر، و ما يقوله عند الإشراف على قرية أو بلد، و ما يفعله عند نزول المنزل، و ما يقوله عند خوف السبع، و ما يقوله عند خوف الهوام، و ما يقوله عند خوف الأعداء و اللصوص، و ما يقوله عند خوف الشياطين، و ما يقوله في أحوال غيبته لحفظ نفسه، و ما يفعله عند الرحيل من المنزل، و ما يقوله عند ضلال الطريق، و ما يفعله عند استصعاب الدابة، و ما يقوله عند ركوب السفينة.

الفصل الثاني: في فضل زيارة سيدنا الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من طريق الخبر المنقول.

ص: 15

و هذا الفصل فيه أربعة أحاديث في فضل زيارته صلوات اللّه عليه و آله و سلامه.

الفصل الثالث: في شرح زيارته لمن وصل إلى محله الشريف، و ذكر عمل مسجده المنيف، و ما يتصل بالمعنى من زيارة سيدة النساء، و زيارة قبور الشهداء، و ما يتعلق بذلك أيضا على التقريب.

و هذا الفصل فيه ما يفعله الزائر عند دخوله المدينة، و عند الوقوف على باب مسجدها، و ما يفعله عند دخول المسجد المذكور، و ما يفعله عند الوصول إلى حجرة النبي صلّى اللّه عليه و آله، و كيفية زيارته عليه السّلام، و العمل عند المنبر، و العمل في الروضة، و زيارة الزهراء في الروضة، و زيارتها صلوات اللّه عليها من بيتها و البقيع، و العمل عند مقام جبرئيل عليه السّلام، و ما يفعله الزائر عند اسطوانة أبي لبابة، و زيارة إبراهيم ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و زيارة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين، و زيارة حمزة بن عبد المطلب، و زيارة قبور الشهداء باحد، و شيء من عمل المساجد و المواضع المذكورة بالمدينة، و ذكر وداع النبي صلوات اللّه عليه و آله.

الفصل الرابع: في ذكر الأمر بزيارة النبي عليه السّلام من البعد و كيفيتها.

و هذا الفصل فيه حديثان في الأمر بذلك، و في كيفيتها على أوضح المسالك.

الفصل الخامس: في ذكر زيارة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، و ما يتقدمها من العمل بالأماكن الشريفة في الكوفة، و تفصيل ذلك على القاعدة المألوفة.

و هذا الفصل فيه حديثان في فضل زيارته، و ما الذي يفعله الزائر عند

ص: 16

الوصول إلى شريعة الكوفة، و ذكر زيارة يونس بن متى عليه السّلام، و التنبيه على فضل الكوفة، و ما يقال عند دخولها، و ما يقال عقيب ذلك، و ما يقال عند الوقوف على باب الفيل من أبواب مسجد الكوفة الأعظم، و ما يقال عند دخول المسجد المذكور، و الصلاة و الدعاء عند الإسطوانة الرابعة مما يلي باب الأنماط، و الصلاة و الدعاء على دكة القضاء، و الصلاة و الدعاء على دكة الطشت، و الصلاة و الدعاء في وسط المسجد، و صفة صلاة أخرى في وسط المسجد ايضا، و الصلاة و الدعاء عند السابعة، و الصلاة و الدعاء عند الخامسة، و الصلاة و الدعاء على دكة زين العابدين عليه السّلام، و الصلاة و الدعاء عند باب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، و صلاة أخرى و دعاؤها عند الباب المذكور، و صلاة هناك أيضا للحاجة و دعاؤها، و الصلاة و الدعاء في الموضع الذي ضرب فيه أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و سلامه، و صلاة للحاجة هناك و دعاؤها، و الصلاة و الدعاء على دكة الصادق عليه السّلام، و صلاة للحاجة و دعاؤها حيث شئت من الجامع المذكور، و زيارة لمسلم ابن عقيل، و زيارة لهانئ بن عروة.

و الصلاة و الدعاء عقيب دخول مسجد السهلة، و الصلاة و الدعاء في بيت إبراهيم عليه السّلام بمسجد السهلة، و الصلاة و الدعاء في الزاوية الغربية من مسجد السهلة أيضا، و الصلاة و الدعاء في الزاوية الشرقية من مسجد السهلة، و الصلاة و الدعاء في البيت الذي في وسط مسجد السهلة.

و عمل مسجد زيد بن صوحان، و عمل مسجد صعصعة بن صوحان، و عمل مسجد غني، و عمل مسجد جعفي، و شيء من عمل مسجد بني كاهل.

الفصل السادس: في ذكر زيارات أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة و السّلام، موضوعة لسائر الشهور و الأيام، و ما يتبعها، و ذكر مقدمات لذلك.

و هذا الفصل فيه ذكر التوجه من الكوفة إلى المشهد، و ما يقول عند ذلك،

ص: 17

و ما يقول عند الوصول إلى الخندق، و ما يقول عند رؤية قبة المشهد المذكور، و ما يفعله عند الوصول إلى الثوية، و ما يقوله عند الحنانة(1)، و ما يقول عند الوصول إلى باب حصن المشهد، و ما يقول عقيب دخوله، و ما يقول عند الباب الأول من ابواب المشهد الشريف، و ما يقول إذا بلغ باب الصحن، و ما يقوله إذا دخل الصحن المذكور، و ما يقوله عند الوقوف على باب السّلام، و ما يقوله إذا وقف على باب قبته الشريفة، و شرح زيارته عليه السّلام، و زيارة آدم عليه السّلام، و زيارة نوح عليه السّلام، و ما يقال عقيب زيارته و عقيب كل صلاة يصليها هناك خاصة، و دعاء آخر عقيب زيارته، و أربع زيارات أيضا مختارات له صلوات اللّه عليه و سلامه.

الفصل السابع: في ذكر زيارات أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه المخصوصة بالأيام و الشهور، و مختار ما يتعلق بها من قول أو عمل مبرور.

و هذا الفصل فيه حديث يدل على زيارة يوم الغدير، و فيه خطبة مليحة لأمير المؤمنين عليه السّلام في يوم الغدير، و فيه كيفية الزيارة في ذلك اليوم، و صلاة ذلك اليوم أيضا و دعاؤه.

و فيه كيفية زيارته في ليلة السابع و العشرين من رجب و يومها، و مختار الصلاة و الدعاء في الليلة و اليوم المذكورين.

و فيه الإشارة إلى زيارته عليه السّلام في يوم السابع عشر من شهر ربيع الأول، و عمل ذلك اليوم.

الفصل الثامن: في فضل زيارة مولانا الحسن السبط ابن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما، و كيفيتها.

ص: 18


1- في نسخة «م» الجبانة.

و هذا الفصل فيه تنبيه على فضل زيارته، و فيه زيارة مختصرة له عليه أفضل السّلام.

الفصل التاسع: في مختار زيارات مولانا الحسين بن علي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما التي يزار بها في سائر الأيام، و ذكر بعض ما ورد في فضل ذلك من الخبر العام. و ذكر زيارات الشهداء على التفصيل و الإجمال، و ما يتعلق بالتربة المقدسة من أسباب الإجلال.

و هذا الفصل فيه سبعة أحاديث تدل على فضل زيارته في كل وقت على العموم، و كيفية زيارته عليه السّلام، و زيارة الشهداء مجملة، و زيارة للعباس مفصلة، و وداعه، و ذكر وداع الحسين عليه السّلام مستوفى، و وداع علي بن الحسين و الشهداء كافة مجملة، و ما نعتمد عقيب ذلك.

و فيه زيارة أخرى للحسين صلوات اللّه عليه، و كيفيتها من حين خروج الزائر من منزله إلى حين الفراغ منها، و هي زيارة مليحة فصيحة، و زيارة علي بن الحسين مبسوطة، و زيارة الشهداء من آل الحسين بأسمائهم، و زيارة الشهداء من أصحابه صلوات اللّه عليهم، و ما يتعقب ذلك، و دعاء الزيارة و وداعها، و زيارة ثالثة للحسين عليه السّلام مستوفاة، و زيارة رابعة له صلوات اللّه عليه مختصرة، و زيارة خامسة له صلوات اللّه عليه ذات فضل عظيم، و ما يقال حين الخروج من حضرته الشريفة كل وقت، و ذكر فضل تربته المقدسة، و حد الموضع الذي تؤخذ منه، و كيفية الأخذ، و كيفية الاستشفاء بها، و ما يقال و يعمل عند ذلك بست روايات مختارات.

الفصل العاشر: في ذكر زيارات الحسين صلوات اللّه عليه المخصوصة بالأيام و الشهور، و تفصيل فضلها على الوجه المأثور، و ما يتبعها من زيارة الشهداء أيضا على الإجمال و التفصيل، و مختار ما يتعلق بتلك الأوقات من القول

ص: 19

أو الفعل الجميل.

و هذا الفصل فيه ثلاثة أحاديث في فضل زيارة عاشوراء، و حديث رابع يتضمن فضلها و كيفيتها، و حديث خامس يتضمن فضلها أيضا و كيفية أخرى، و الدعاء المأثور عقيبها و زيارة الشهداء في ذلك اليوم بأسمائهم، و حديث في فضل زيارة الأربعين و كيفيتها أيضا، و زيارة علي بن الحسين عليهما السّلام في يوم الأربعين مختصرة، و زيارة الشهداء و العباس كذلك، و زيارة للحسين عليه السّلام أخرى في يوم الأربعين.

و حديث في فضل زيارة أول يوم من رجب، و كيفية الزيارة للحسين عليه السّلام في هذا اليوم، و زيارة علي بن الحسين عليهما السّلام فيه أيضا مستوفاة، و زيارة الشهداء من آل الحسين عليهم السّلام بأسمائهم في [هذا] اليوم أيضا، و زيارة الشهداء من أصحابه بأسمائهم في اليوم المشار إليه أيضا، و شيء من عمل أول ليلة من رجب و يومها.

و حديث في الأمر بزيارة الحسين عليه السّلام في يوم النصف من رجب، و الإشارة إلى ما يحسن اعتماده في كيفية هذه الزيارة، و مختار عمل ليلة النصف و يومها.

و ثلاثة أحاديث في فضل زيارة النصف من شعبان، و الإشارة إلى صفة هذه الزيارة، و مختار العمل في هذه الليلة.

و حديثان في فضل زيارة ليلة القدر، و كيفية الزيارة للحسين عليه السّلام في هذه الليلة، و زيارة علي بن الحسين عليهما السّلام في هذه الليلة مختصرة، و زيارة الشهداء و العباس كذلك، و مختار عمل ليلة القدر.

و حديثان في فضل زيارة ليلة عيد الفطر، و كيفية زيارة الحسين عليه السّلام في ذلك الوقت، و زيارة علي بن الحسين في تلك الحال مختصرة، و زيارة الشهداء و العباس كذلك، و مختار من عمل ليلة الفطر، و مختار من عمل يوم

ص: 20

عيدها، و صفة صلاة العيد و غير ذلك.

و ثلاثة أحاديث في فضل زيارة عرفة، و كيفية زيارة الحسين عليه السّلام في هذا الوقت، و زيارة علي بن الحسين و الشهداء و العباس في ذلك الوقت المذكور أيضا، و مختار العمل و الأدعية في يوم عرفة.

و حديث في فضل زيارة عيد الأضحى، و الاشارة إلى كيفيتها في هذا الوقت، و مختار العمل و الدعاء في هذا العيد، و زيارة الحسين صلوات اللّه عليه مختصرة لمن يزوره في أيام العيد عنه.

الفصل الحادي عشر: في فضل زيارة الأئمة المطهرين علي بن الحسين زين العابدين و محمد بن علي الباقر و جعفر بن محمد الصادق صلوات اللّه عليهم اجمعين، و ذكر كيفيتها.

و هذا الفصل فيه حديث في فضل زيارة الأئمة عليهم السّلام، و زيارة جامعة لهؤلاء الأئمة المذكورين خاصة مختصرة، و وداعهم، و الإشارة إلى موضع السبط في هذا الكتاب.

الفصل الثاني عشر: في فضل زيارة مولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها.

و هذا الفصل فيه ثلاثة أحاديث في معنى زيارته عليه السّلام، و كيفية فعلها عند الوصول إلى حضرته. و زيارتان مختارتان يزار بهما أيضا صلوات اللّه عليه.

الفصل الثالث عشر: في فضل زيارة مولانا علي بن موسى الرضا صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها.

و هذا الفصل فيه ستة أحاديث تدل على فضل زيارته صلوات اللّه عليه، و فيه شرح الزيارة من حين الخروج من منزله إلى حين الوداع له سلام اللّه عليه.

ص: 21

الفصل الرابع عشر: في فضل زيارة مولانا أبي جعفر محمد بن علي الجواد صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها.

و هذا الفصل فيه حديث في فضل زيارة الأئمة صلوات اللّه عليهم، و زيارة مبسوطة للجواد صلوات اللّه عليه، و زيارتان - أيضا - مختصرتان يزار بهما عليه السّلام، و ذكر وداعه و وداع الكاظم صلوات اللّه عليهما.

الفصل الخامس عشر: في فضل زيارة مولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها.

و هذا الفصل فيه حديث في فضل زيارة الأئمة عليهم السّلام، و كيفية زيارة الهادي عليه السّلام خاصة.

الفصل السادس عشر: في فضل زيارة مولانا أبي محمد الحسن ابن علي العسكري صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها و ما يلحق بها.

و هذا الفصل فيه تنبيه على فضل زيارة الأئمة صلوات اللّه عليهم، و كيفية زيارة هذا الإمام عليه السّلام، و زيارة أم القائم صلوات اللّه عليه، و وداع العسكريين صلوات اللّه عليهما و سلامه.

الفصل السابع عشر: في زيارة مولانا صاحب الأمر صلوات اللّه عليه و ما يلحق بذلك.

و هذا الفصل فيه كيفية زيارته عند الوصول إلى شريف حضرته، و ما يقال عقيب ذلك، و خمس زيارات له صلوات اللّه عليه، و دعاء الندبة، و ما يزار به عليه السّلام كل يوم بعد الفجر، و العهد المأمور بتلاوته في حال الغيبة، و ما يعتمد عند الانصراف من حرمه الشريف صلوات اللّه عليه و سلامه.

ص: 22

الفصل الثامن عشر: في مختار الزيارات الجوامع الموضوعة لزيارة كل إمام في سائر الشهور و الأيام و ما يلحق بها، و فيه خمس زيارات.

و هذا الفصل فيه زيارة جامعة مبسوطة فصيحة، و كيف يعتمد الإنسان فيها من حين الخروج من منزله إلى حين الوداع، و ما يقال و يدعى به عقيبها، و زيارة ثانية جامعة مختصرة، و زيارة ثالثة جامعة مليحة مبسوطة، و زيارة رابعة من كلام الرضا عليه السّلام جامعة، و زيارة خامسة جامعة - أيضا - مختصرة، و التنبيه على زيارة سادسة جامعة أيضا.

الفصل التاسع عشر: في زيارات جامعة من وجه مذكور، و مختصة من وجه آخر مأثور، و فيه أربع زيارات.

و هذا الفصل فيه حديث في فضل زيارة جامعة للأئمة عليهم السّلام في أيام رجب خاصة، و فيه كيفية هذه الزيارة، و فيه زيارتان مشتركتان بين الهادي و العسكري خاصة، و فيه زيارة جامعة للنبي و الأئمة عليهم السّلام من البعد خاصة.

الفصل العشرون: في زيارة قبور أبرار أولاد الأئمة الطاهرين، و كيفية زيارة قبور المؤمنين، و غير ذلك من الاسباب المتعلقة بهذا الكتاب.

و هذا الفصل فيه زيارتان لقبور أولاد الأئمة عليهم السّلام، و أربع زيارات لسلمان الفارسي رضوان اللّه عليه، و وداعه أيضا، و ذكر فضل زيارة قبور المؤمنين، و ثلاث زيارات لقبورهم رحمة اللّه عليهم و ما يلحق بها.

و حديث في ما يستحب للانسان أن يقرأه بين القبور، و زيارات أبواب الحجة صلوات اللّه عليه، و ذكر حال من يريد التطوع بالزيارة عن ذي نسب أو سبب، و ذكر حال التطوع بالزيارة عن جميع إخوانه أو قوم يعنيهم بقلبه و لسانه،

ص: 23

و ذكر حال المأمور بالنيابة في الزيارة، و ذكر زيارة مبسوطة مليحة يزور بها من ينوب [عن] غيره أيضا.

و أحاديث مستحسنة تتعلق ببعض معاني الكتاب، و صفة صلوات لزيارة الحسين عليه السّلام مستحسنة، و ما يدعى به عقيبها.

و حديث في معنى صاحب الأمر صلوات اللّه عليه، و فضل زيارة الحسين عليه السّلام.

و حديث ابن كشمرد مع سليمان القرمطي؛ لتعلقه بفضل الأئمة صلوات اللّه عليهم، و فيه - أيضا - ذكر مقتل الحسين عليه السّلام مستوفى.

قال عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني، جامع هذا الكتاب: و من وقف على تفصيل ما أجملناه، و اطلع على ما حواه، عرف عند ذلك تميّز كتابنا على ما صنف في سبيله، و راح شاهدا بكماله و تفضيله، و لعلك أيها المطلع على ما ذكرناه، تستثقل العمل بمضمونه و مقتضاه، و تقول: لو كان أخلاه من عمل مدينة الرسول، و اقتصر على بعض الفصول، كان ذلك أخف على القلوب، و أحسن في المطلوب.

و اعلم - وفقك اللّه - أننا لو سلكنا ما أشرت إليه، كان أهل النشاط و الزهادة إذا وقفوا عليه يقولون: لو كان هذا الكتاب حاويا لمحاسن فنون الزيارات، و جامعا لما يعمل الانسان في تلك الأوقات، و مبسوطا في الإصدار و الإيراد، كان ذلك أنفع لنا في المراد، فكنّا لا نخلو من الاعتراض و الملام؛ لما نعرفه من اختلاف أغراض الأنام.

و ربّما خطر لك ها هنا أن تقول: فإذا كان الأمر على هذا السبيل، و أن الإنسان لا يخلو من عاتب مع التكثير و التقليل، فهلا أفرد منه مختصرا يصلح لأوقات الضجر و الاشتغال، و جعل هذا المزار الكبير لساعات التفرغ و الإقبال؟

فأقول: إن الأعمال المطلوبة من هذا العبد الضعيف، ليست مقصورة على

ص: 24

هذا العمل الشريف، و كم يعرض للإنسان من حائل بينه و بين الإمكان. و إن وجدنا قدرة على ما يراد من اختصار الكتاب، سلكت إلى ذلك ما يليق بالصواب إن شاء اللّه تعالى.

و لعل من يقف على كتابنا هذا يقول أيضا: و أي غرض لمن يكون منزله بالعراق في ذكر زيارة الرسول و الأئمة بالمدينة صلوات اللّه عليه و عليهم، و لعل الإنسان يبقى مدة عمره لا يصل إليهم؟ و كذلك ما الحاجة إلى ذكر زيارة الرضا عليه السّلام؟ و ما جرى مجرى ذلك.

فأقول لمن ضايقنا في هذه المسالك: إن الإذن للإنسان بالإيماء في الزيارة من بعيد الجهات، يكشف لك عن النفع بهذه الزيارات، و ستقف أيها الأخ في أواخر هذا الكتاب على العذر في أكثر ما تضمنه من الأسباب، إن شاء اللّه تعالى.

ذكر تفصيل ما أجملناه:

ص: 25

الفصل الأول في مقدمات السفر و آدابه،

و ما يتعلق بذلك أو يلحق ببابه إذا أردت الخروج إلى السفر فينبغي أن تصوم الأربعاء و الخميس و الجمعة، و تختار من أيام الأسبوع يوم السبت.

فَقَدْ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَرَادَ سَفَراً فَلْيُسَافِرْ فِي يَوْمِ اَلسَّبْتِ، فَلَوْ أَنَّ حَجَراً زَالَ عَنْ جَبَلٍ فِي يَوْمِ اَلسَّبْتِ لَرَدَّهُ اَللَّهُ إِلَى مَكَانِهِ».

أو يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الذي ألان اللّه فيه الحديد لداود عليه السّلام(1).

أو يوم الخميس،

فإن النبي عليه السّلام كان يسافر يوم الخميس.

وَ قَالَ: «يَوْمُ اَلْخَمِيسِ يَوْمٌ يُحِبُّهُ اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ مَلاَئِكَتُهُ»(2).

و اجتنب السفر في يوم الاثنين، و الأربعاء، (و قبل)(3) الظهر من يوم الجمعة.

و يكره أن تسافر اليوم الثالث من الشهر، و الرابع، و الخامس منه، و السادس منه، و الثالث عشر منه، و السادس عشر منه، و الحادي و العشرين منه،

ص: 26


1- رواه البرقي في المحاسن: 6/345 و 7، و الكليني في الكافي 109/143:8، و الصدوق في الفقيه 766/173:2، و الخصال: 69/386، و المفيد في مزاره: 1/64 و 2، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 1/102:100.
2- رواه الصدوق في الفقيه 768/173:2 و 769، و المفيد في مزاره: 3/65، و المصنف في الأمان: 30، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 2/102:100.
3- في نسخنا: و صلي، و اثبتنا ما في نسخة المجلسي و هو الصواب.

و الرابع و العشرين، و الخامس و العشرين، و السادس و العشرين.

وَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ: أَنَّ اَلْيَوْمَ اَلرَّابِعَ وَ اَلسَّادِسَ مِنَ اَلشَّهْرِ، وَ يَوْمَ اَلْحَادِي وَ اَلْعِشْرِينَ مِنْهُ، صَالِحَةٌ لِلْأَسْفَارِ وَ لِغَيْرِهَا. وَ فِي هَذِهِ اَلرِّوَايَةِ: أَنَّ ثَامِنَ اَلشَّهْرِ وَ اَلثَّالِثَ وَ اَلْعِشْرِينَ مِنْهُ مَكْرُوهَانِ فِي اَلسَّفَرِ(1).

وَ لَا تُسَافِرْ وَ الْقَمَرُ فِي بُرْجِ الْعَقْرَبِ، فَقَدْ جَاءَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: أَنَّهُ كَرِهَ اَلسَّفَرَ فِي ذَلِكَ اَلْوَقْتِ (2).

و إن دعت ضرورة إلى الخروج في هذه الأحوال و الأوقات المكروهة فليعمل المسافر ما سيأتي وصفه في هذا الفصل عند ذكر وداع منزله إن شاء اللّه تعالى، و يفتتح سفره بالصدقة و دعائها - على ما سيجيء ذكره أيضا - و يخرج متى شاء.

فَقَدْ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «اِفْتَتِحْ سَفَرَكَ بِالصَّدَقَةِ وَ اُخْرُجْ إِذَا بَدَا لَكَ، فَإِنَّكَ تَشْتَرِي سَلاَمَةَ طَرِيقِكَ»(3).

وَ رُوِيَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِذَا أَرَادَ اَلْخُرُوجَ إِلَى بَعْضِ أَمْوَالِهِ اِشْتَرَى اَلسَّلاَمَةَ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ»(4).

ص: 27


1- رواه المصنف في الامان: 33، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 3/102:100.
2- رواه الكليني في الكافي 416/275:8، و الصدوق في الفقيه 778/174:2، و الطبرسي في مكارم الأخلاق 1799/516:1، و المجلسي في بحار الأنوار 103:100 /ذيل حديث 3 و صدر حديث 4.
3- رواه البرقي في المحاسن: 22/348، و الصدوق في الفقيه 782/174:2، و الطوسي في التهذيب 5: 150/49، و الطبرسي في مكارم الأخلاق 1810/520:1 باختلاف فيها، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 5/103:100.
4- رواه البرقي في المحاسن: 25/348، و الصدوق في الفقيه 785/176:2، و الطبرسي في مكارم الأخلاق 1815/521:1، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 6/103:100.

وَ ذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابِ (عَوَارِفِ اَلْمَعَارِفِ) حَدِيثاً أَسْنَدَهُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ إِذَا سَافَرَ حَمَلَ مَعَهُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ: اَلْمِرْآةَ، وَ اَلْمُكْحُلَةَ، وَ اَلْمِدْرَى(1)، وَ اَلسِّوَاكَ، وَ اَلْمُشْطَ».

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «وَ اَلْمِقْرَاضَ»(2).

ذكر ما يعتمده الإنسان من حين خروجه و ما يتبع ذلك:

يستحب أن تغتسل قبل التوجه،

وَ تَقُولَ عِنْدَ اَلْغُسْلِ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ اَلصَّادِقِينَ عَنِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اَللَّهُمَّ طَهِّرْ بِهِ قَلْبِي، وَ اِشْرَحْ بِهِ صَدْرِي، وَ نَوِّرْ بِهِ قَبْرِي. اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لِي نُوراً وَ طَهُوراً، وَ حِرْزاً وَ شِفَاءاً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ آفَةٍ، وَ عَاهَةٍ وَ سُوءٍ، وَ مِمَّا أَخَافُ وَ أَحْذَرُ، وَ طَهِّرْ قَلْبِي وَ جَوَارِحِي، وَ عِظَامِي وَ دَمِي وَ شَعْرِي وَ مُخِّي وَ عَصَبِي، وَ مَا أَقَلَّتِ اَلْأَرْضُ مِنِّي.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لِي شَاهِداً يَوْمَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي إِلَيْكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(3).

ثُمَّ تَجْمَعُ أَهْلَكَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ تَسْأَلُ اَللَّهَ اَلْخِيَرَةَ، وَ تَقْرَأُ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ، وَ تَحْمَدُ اَللَّهَ وَ تُثْنِي عَلَيْهِ، وَ تُصَلِّي عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ اَلْيَوْمَ نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي وَ مَنْ كَانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، اَلشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَ اَلْغَائِبَ.

ص: 28


1- المدرى: شي يعمل من حديد أو خشب على شكل سنّ من اسنان المشط و اطول منه، يسرّح به الشّعر المتلبد، و يستعمله من لا مشط له. النّهاية 115:2.
2- رواه المصنّف في الامان: 54، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 103:100 /ذيل ح 6 و صدر ح 7.
3- ذكره المصنّف في الأمان: 33، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 104:100.

اَللَّهُمَّ اِحْفَظْنَا بِحِفْظِ اَلْإِيمَانِ وَ اِحْفَظْ عَلَيْنَا، اَللَّهُمَّ اِجْمَعْنَا فِي رَحْمَتِكَ، وَ لاَ تَسْلُبْنَا فَضْلَكَ، إِنَّا إِلَيْكَ رَاغِبُونَ، اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ اَلسَّفَرِ، وَ كَآبَةِ اَلْمُنْقَلَبِ، وَ سُوءِ اَلْمَنْظَرِ فِي اَلْأَهْلِ وَ اَلْمَالِ وَ اَلْوَلَدِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ هَذَا اَلتَّوَجُّهَ طَلَباً لِمَرْضَاتِكَ، وَ تَقَرُّباً إِلَيْكَ، اَللَّهُمَّ فَبَلِّغْنِي مَا أُؤَمِّلُهُ وَ أَرْجُوهُ فِيكَ وَ فِي أَوْلِيَائِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

وَ إِنْ شِئْتَ قُلْتَ: اَللَّهُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ فِي وَجْهِي هَذَا بِلاَ ثِقَةٍ مِنِّي بِغَيْرِكَ، وَ لاَ رَجَاءٍ يَأْوِي بِي إِلاَّ إِلَيْكَ، وَ لاَ قُوَّةٍ أَتَّكِلُ عَلَيْهَا وَ لاَ حِيلَةٍ أَرْجِعُ إِلَيْهَا إِلاَّ طَلَبَ رِضَاكَ وَ اِبْتِغَاءَ رَحْمَتِكَ، تَعَرُّضاً لِثَوَابِكَ، وَ سُكُوناً إِلَى حُسْنِ عَائِدَتِكَ، وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَ لِي فِي عِلْمِكَ فِي وَجْهِي مِمَّا أُحِبُّ وَ أَكْرَهُ.

اَللَّهُمَّ اِصْرِفْ عَنِّي مَقَادِيرَ كُلِّ بَلاَءٍ، وَ مُقْتَضَى كُلِّ لَأْوَاءٍ، وَ اُبْسُطْ عَلَيَّ كَنَفاً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَ لُطْفاً مِنْ عَفْوِكَ، وَ حِرْزاً مِنْ حِفْظِكَ، وَ سَعَةً مِنْ رِزْقِكَ، وَ تَمَاماً مِنْ نِعْمَتِكَ، وَ جِمَاعاً مِنْ مُعَافَاتِكَ، وَ وَفِّقْ لِي - يَا رَبِّ - فِيهِ جَمِيعَ قَضَائِكَ، عَلَى مُوَافَقَةِ هَوَايَ وَ حَقِيقَةِ أَمَلِي، وَ اِدْفَعْ عَنِّي مَا أَحْذَرُ وَ مَا لاَ أَحْذَرُ عَلَى نَفْسِي مِمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وَ اِجْعَلْ ذَلِكَ خَيْراً لِي لآِخِرَتِي وَ دُنْيَايَ، مَعَ مَا أَسْأَلُكَ أَنْ تُخْلِفَنِي فِي مَنْ خَلَّفْتُ وَرَائِي، مِنْ أَهْلٍ وَ مَالٍ وَ إِخْوَانٍ وَ جَمِيعِ حُزَانَتِي بِأَفْضَلِ مَا تُخْلِفُ غَائِباً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ، فِي تَحْصِينِ كُلِّ عَوْرَةٍ، وَ حِفْظِ كُلِّ مَضِيعَةٍ، وَ تَمَامِ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَ دِفَاعِ كُلِّ سَيِّئَةٍ، وَ كِفَايَةِ كُلِّ مَحْذُورٍ، وَ صَرْفِ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَ كَمَالِ مَا تَجْمَعُ لِي بِهِ اَلرِّضَا وَ اَلسُّرُورَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، ثُمَّ اُرْزُقْنِي ذِكْرَكَ وَ شُكْرَكَ وَ طَاعَتَكَ وَ عِبَادَتَكَ حَتَّى تَرْضَى وَ بَعْدَ اَلرِّضَا.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ اَلْيَوْمَ دِينِي وَ نَفْسِي وَ مَالِي وَ أَهْلِي وَ ذُرِّيَّتِي وَ جَمِيعَ إِخْوَانِي.

اَللَّهُمَّ اِحْفَظِ اَلشَّاهِدَ مِنَّا وَ اَلْغَائِبَ. اَللَّهُمَّ اِحْفَظْنَا وَ اِحْفَظْ عَلَيْنَا. اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا فِي

ص: 29

جِوَارِكَ، وَ لاَ تَسْلُبْنَا نِعْمَتَكَ، وَ لاَ تُغَيِّرْ مَا بِنَا مِنْ نِعْمَةٍ وَ عَافِيَةٍ وَ فَضْلٍ (1).

وَ رُوِيَ: إِنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ اَلتَّوَجُّهَ فِي وَقْتٍ يُكْرَهُ فِيهِ اَلسَّفَرُ، أَوْ تَخَافُ شَيْئاً مِنَ اَلْأُمُورِ، فَقَدِّمْ أَمَامَ تَوَجُّهِكَ قِرَاءَةَ اَلْحَمْدِ وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ وَ اَلْقَدْرَ وَ آخِرَ آلِ عِمْرَانَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ (2) إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قُلْ:

اَللَّهُمَّ بِكَ يَصُولُ اَلصَّائِلُ، وَ بِقُدْرَتِكَ يَطُولُ اَلطَّائِلُ، وَ لاَ حَوْلَ لِكُلِّ ذِي حَوْلٍ إِلاَّ بِكَ، وَ لاَ قُوَّةَ يَمْتَارُهَا ذُو قُوَّةٍ إِلاَّ مِنْكَ، بِصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَ عِتْرَتِهِ وَ سُلاَلَتِهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِمْ، وَ اِكْفِنِي شَرَّ هَذَا اَلْيَوْمِ وَ ضَرَّهُ، وَ اِرْزُقْنِي خَيْرَهُ وَ يُمْنَهُ، وَ اِقْضِ لِي فِي مُتَصَرِّفَاتِي بِحُسْنِ اَلْعَاقِبَةِ (3)، وَ بُلُوغِ اَلْمَحَبَّةِ، وَ اَلظَّفَرِ بِالْأُمْنِيَّةِ، وَ كِفَايَةِ اَلطَّاغِيَةِ اَلْمُغْوِيَةِ، وَ كُلِّ ذِي قُدْرَةٍ لِي عَلَى أَذِيَّةٍ، حَتَّى أَكُونَ فِي جُنَّةٍ وَ عِصْمَةٍ وَ نِعْمَةٍ، وَ أَبْدِلْنِي فِيهِ مِنَ اَلْمَخَاوِفِ أَمْناً، وَ مِنَ اَلْعَوَائِقِ فِيهِ بِرّاً، حَتَّى لاَ يَصُدَّنِي صَادٌّ عَنِ اَلْمُرَادِ، وَ لاَ يَحُلَّ بِي طَارِقٌ مِنْ أَذَى اَلْعِبَادِ، إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ ، وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (4).

ثُمَّ وَدِّعْ أَهْلَكَ وَ اِنْهَضْ وَ قِفْ بِالْبَابِ فَسَبِّحِ اَللَّهَ تَعَالَى بِتَسْبِيحِ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ، وَ اِقْرَأْ بِسُورَةِ اَلْحَمْدِ أَمَامَكَ وَ عَنْ يَمِينِكَ وَ عَنْ شِمَالِكَ، وَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ كَذَلِكَ، وَ قُلْ:

ص: 30


1- روى المفيد في مزاره: 66 قطعة منه، و رواه المصنّف في الأمان: 41، و روى الكفعميّ في مصباحه: 186 قطعة منه، و ابن المشهديّ في مزاره: 23-26، و نقله المجلسيّ في بحار الانوار 104:100 /ضمن الحديث 11.
2- آل عمران 190:3.
3- في نسخة «ع»: العافية.
4- ذكره المصنّف في الأمان: 42، و الكفعميّ في مصباحه: 187-188، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 12/106:100.

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَ عَلَيْكَ خَلَّفْتُ أَهْلِي وَ مَالِي وَ مَا خَوَّلْتَنِي، وَ قَدْ وَثِقْتُ بِكَ فَلاَ تُخَيِّبْنِي، يَا مَنْ لاَ يُخَيِّبُ مَنْ أَرَادَهُ، وَ لاَ يُضَيِّعُ مَنْ حَفِظَهُ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ اِحْفَظْنِي فِي مَا غِبْتُ عَنْهُ، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ بَلِّغْنِي مَا تَوَجَّهْتُ لَهُ، وَ سَبِّبْ لِيَ اَلْمَزَارَ، وَ سَخِّرْ لِي عِبَادَكَ وَ بِلاَدَكَ، وَ اِرْزُقْنِي زِيَارَةَ نَبِيِّكَ، وَ وَلِيِّكَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَ جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ أَمِدَّنِي مِنْكَ بِالْمَعُونَةِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِي، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي وَ لاَ إِلَى غَيْرِي فَأَكِلَّ وَ أَعْطَبَ، وَ زَوِّدْنِي اَلتَّقْوَى، وَ اِغْفِرْ لِي فِي اَلْآخِرَةِ وَ اَلْأُولَى، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي أَوْجَهَ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ.

وَ تَقُولُ أَيْضاً: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اَللَّهِ، وَ اِسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ، وَ أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَى اَللَّهِ، وَ فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى اَللَّهِ رَهْبَةً مِنَ اَللَّهِ، وَ رَغْبَةً إِلَى اَللَّهِ، وَ لاَ مَلْجَأَ وَ لاَ مَنْجَى، وَ لاَ مَفَرَّ مِنَ اَللَّهِ إِلاَّ إِلَى اَللَّهِ. رَبِّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ اَلَّذِي أَنْزَلْتَ، وَ نَبِيِّكَ اَلَّذِي أَرْسَلْتَ؛ لِأَنَّهُ لاَ يَأْتِي بِالْخَيْرِ - إِلَهِي - إِلاَّ أَنْتَ، وَ لاَ يَصْرِفُ اَلسُّوءَ إِلاَّ أَنْتَ. عَزَّ جَارُكَ، وَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، وَ عَظُمَتْ آلاَؤُكَ، وَ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ (1).

فَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ مُصْبِحاً وَ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ لَمْ يَطْرُقْهُ بَلاَءٌ حَتَّى يُمْسِيَ أَوْ يَؤُوبَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَ كَذَلِكَ مَنْ خَرَجَ فِي اَلْمَسَاءِ وَ دَعَا بِهِ لَمْ يَطْرُقْهُ بَلاَءٌ حَتَّى يُصْبِحَ أَوْ يَؤُوبَ إِلَى مَنْزِلِهِ.

ثُمَّ اِقْرَأْ قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ أَمِرَّهَا عَلَى جَمِيعِ جَسَدِكَ، وَ تَصَدَّقْ بِمَا يَسْهُلُ عَلَيْكَ، وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي اِشْتَرَيْتُ بِهَذِهِ اَلصَّدَقَةِ سَلاَمَتِي وَ سَلاَمَةَ سَفَرِي وَ مَا مَعِي، اَللَّهُمَّ

ص: 31


1- نقله المجلسيّ في بحار الانوار 106:100 /ذيل حديث 12.

اِحْفَظْنِي وَ اِحْفَظْ مَا مَعِي، وَ سَلِّمْنِي وَ سَلِّمْ مَا مَعِي، وَ بَلِّغْنِي وَ بَلِّغْ مَا مَعِي، بِبَلاَغِكَ اَلْحَسَنِ اَلْجَمِيلِ.

ثُمَّ تَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْحَلِيمُ اَلْكَرِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ، سُبْحَانَ اَللَّهِ رَبِّ اَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ وَ رَبِّ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ، وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ رَبِّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ، وَ سَلاَمٌ عَلَى اَلْمُرْسَلِينَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ.

اَللَّهُمَّ كُنْ لِي جَاراً مِنْ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، بِسْمِ اَللَّهِ دَخَلْتُ، وَ بِسْمِ اَللَّهِ خَرَجْتُ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْ نِسْيَانِي وَ عَجَلَتِي بِسْمِ اَللَّهِ وَ مَا شَاءَ اَللَّهُ فِي سَفَرِي هَذَا، ذَكَرْتُهُ أَمْ نَسِيتُهُ، اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلْمُسْتَعَانُ عَلَى اَلْأُمُورِ كُلِّهَا، وَ أَنْتَ اَلصَّاحِبُ فِي اَلسَّفَرِ، وَ اَلْخَلِيفَةُ فِي اَلْأَهْلِ.

اَللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا، وَ اِطْوِ لَنَا اَلْأَرْضَ، وَ سَيِّرْنَا فِيهَا بِطَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ. اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا ظَهْرَنَا، وَ بَارِكْ لَنَا فِي مَا رَزَقْتَنَا، وَ قِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ اَلسَّفَرِ، وَ كَآبَةِ اَلْمُنْقَلَبِ، وَ سُوءِ اَلْمَنْظَرِ فِي اَلْأَهْلِ وَ اَلْمَالِ وَ اَلْوَلَدِ. اَللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَ نَاصِرِي. اَللَّهُمَّ اِقْطَعْ عَنِّي بُعْدَهُ وَ مَشَقَّتَهُ، وَ اِصْحَبْنِي فِيهِ، وَ اُخْلُفْنِي فِي أَهْلِي بِخَيْرٍ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ (1).

و تأخذ معك عصا من شجر اللوز المر،

فَقَدْ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ إِلَى اَلسَّفَرِ وَ مَعَهُ عَصَا لَوْزٍ مُرٍّ، وَ تَلاَ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَ لَمّٰا

ص: 32


1- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 615-616، و المصنّف في الأمان: 38-40، و نقله المجلسيّ في بحار الانوار 13/107:100.

تَوَجَّهَ تِلْقٰاءَ مَدْيَنَ قٰالَ عَسىٰ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوٰاءَ اَلسَّبِيلِ إِلَى قَوْلِهِ: وَ اَللّٰهُ عَلىٰ مٰا نَقُولُ وَكِيلٌ (1) آمَنَهُ اَللَّهُ مِنْ كُلِّ سَبُعٍ ضَارٍ، وَ مِنْ كُلِّ لِصٍّ عَادٍ، وَ مِنْ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ. وَ كَانَ مَعَهُ سَبْعٌ وَ سَبْعُونَ مِنَ اَلْمُعَقِّبَاتِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ وَ يَضَعَهَا»(2).

وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَنَّهُ يَنْفِي اَلْفَقْرَ، وَ لاَ يُجَاوِرُهُ اَلشَّيْطَانُ (3).

وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: «مَرِضَ آدَمُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مَرَضاً شَدِيداً أَصَابَتْهُ فِيهِ وَحْشَةٌ، فَشَكَى ذَلِكَ إِلَى جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ: اِقْطَعْ مِنْهَا وَاحِدَةً وَ ضُمَّهَا إِلَى صَدْرِكَ. فَفَعَلَ فَأَذْهَبَ اَللَّهُ عَنْهُ اَلْوَحْشَةَ»(4).

وَ قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ تُطْوَى لَهُ اَلْأَرْضُ فَلْيَتَّخِذِ اَلنُّقُدَ مِنَ اَلْعَصَا».

وَ اَلنُّقُدُ: عَصَا اَللَّوْزِ اَلْمُرِّ على ما ذكره ابن بابويه رحمة اللّه عليه(5).

وَ رُوِيَ عَنِ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ - أَيْضاً - أَنَّهُمْ قَالُوا: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسَافِرَ فَلْيَصْحَبْ مَعَهُ عَصًا مِنْ شَجَرِ اَللَّوْزِ اَلْمُرِّ، وَ لْيَكْتُبْ هَذِهِ اَلْأَحْرُفَ فِي رَقٍّ،

ص: 33


1- القصص 22:28-28.
2- رواه الصّدوق في الفقيه 786/176:2، و ثواب الأعمال: 1/222، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1: 1820/522، و المصنّف في الأمان: 46، و الكفعميّ في مصباحه: 186 حاشية، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 14/108:100.
3- رواه الصّدوق في الفقيه 176:2 /ذ ح 786، و ثواب الأعمال: 222 /ضمن ح 1، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 522:1 /ذيل حديث 1820، و المصنّف في الأمان: 46.
4- رواه الصّدوق في ثواب الاعمال: 222 /ضمن ح 1، و المصنّف في الأمان 46، و نقله المجلسيّ في بحار الانوار 15/108:100.
5- رواه الصّدوق في الفقيه 787/176:2، و ثواب الأعمال: 222 /ذ ح 1، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1821/523:1، و المصنّف في الأمان: 46، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 100: 16/108.

وَ يَحْفِرُ اَلْعَصَا وَ يَجْعَلُ اَلرَّقَّ فِيهَا. وَ اَلْأَحْرُفُ هَذِهِ: سلمحلس وَ 5 به يهون باه ابنه 5 ناوبه صاوه مصابه 5.

وَ لاَ تَخْرُجْ وَحْدَكَ فِي سَفَرٍ، فَإِنْ فَعَلْتَ قُلْتَ: مَا شَاءَ اَللَّهُ، لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، اَللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي، وَ أَعِنِّي عَلَى وَحْدَتِي، وَ أَدِّ غَيْبَتِي»(1).

و يستحب أن تخرج معتمّا محنكا،

فَقَدْ رُوِيَ عَنِ اَلْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «أَنَا ضَامِنٌ لِمَنْ يَخْرُجُ يُرِيدُ سَفَراً مُعْتَمّاً تَحْتَ حَنَكِهِ أَلاَّ يُصِيبَهُ اَلسَّرَقُ وَ لاَ اَلْغَرَقُ وَ لاَ اَلْحَرَقُ»(2).

و تأخذ معك شيئا من تربة الحسين عليه السّلام،

وَ قُلْ إِذَا أَخَذْتَهَا: اَللَّهُمَّ هَذِهِ طِينَةُ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَلِيِّكَ وَ اِبْنِ وَلِيِّكَ، اِتَّخَذْتُهَا حِرْزاً لِمَا أَخَافُ وَ مَا لاَ أَخَافُ (3).

وَ رُوِيَ فِي صِفَةِ هَذَا اَلدُّعَاءِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى: أَنَّكَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَخَذْتُهُ مِنْ قَبْرِ وَلِيِّكَ وَ اِبْنِ وَلِيِّكَ، فَاجْعَلْهُ لِي أَمْناً وَ حِرْزاً مِمَّا أَخَافُ وَ مَا لاَ أَخَافُ (4).

فَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ مَنْ خَافَ سُلْطَاناً أَوْ غَيْرَهُ وَ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَ اِسْتَعْمَلَ ذَلِكَ كَانَ حِرْزاً لَهُ (5).

وَ إِذَا أَرَدْتَ اَلسَّيْرَ نَهَاراً فَلْيَكُنْ طَرَفَيِ اَلنَّهَارِ وَ اِنْزِلْ وَسَطَهُ، وَ إِنْ كَانَ لَيْلاً

ص: 34


1- رواه المصنّف في الأمان: 46 دون ذيله، و نقله المجلسيّ في بحار الانوار 17/108:100.
2- رواه البرقيّ في المحاسن: 137/373، و الصّدوق في الفقيه 898/197:2، و ثواب الاعمال: 2/222، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1825/523:1، و المصنّف في الأمان: 102، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 18/109:100.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 283 /ذ ح 10، و الطّوسيّ في التّهذيب 75:6 /ذ ح 146، و المصنّف في الأمان: 47، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 18/109:100.
4- رواه المصنّف في الامان: 47، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 19/109:100.
5- انظر: التّهذيب 75:6 /ذيل الحديث 146، و الأمان: 47، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 100: 20/109.

فَلْيَكُنْ مَسِيرُكَ فِي آخِرِهِ فَإِنَّ اَلْأَرْضَ تُطْوَى مِنْ آخِرِ اَللَّيْلِ. كَمَا رُوِيَ (1).

فَإِذَا أَرَدْتَ اَلرُّكُوبَ فَقُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ.

فَإِذَا اِسْتَوَيْتَ فَقُلْ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلاَمِ، وَ عَلَّمَنَا اَلْقُرْآنَ، وَ مَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، سُبْحٰانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَ إِنّٰا إِلىٰ رَبِّنٰا لَمُنْقَلِبُونَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلْحَامِلُ عَلَى اَلظَّهْرِ وَ اَلْمُسْتَعَانُ عَلَى اَلْأَمْرِ. اَللَّهُمَّ بَلِّغْنَا بَلاَغاً يَبْلُغُ إِلَى خَيْرٍ، بَلاَغاً يَبْلُغُ إِلَى رَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ وَ مَغْفِرَتِكَ. اَللَّهُمَّ لاَ ضَيْرَ لَنَا إِلاَّ ضَيْرُكَ، وَ لاَ خَيْرَ لَنَا إِلاَّ خَيْرُكَ، وَ لاَ حَافِظَ غَيْرُكَ.

وَ تُسَبِّحُ اَللَّهَ سَبْعاً، وَ تَحْمَدُهُ سَبْعاً، وَ تُهَلِّلُهُ سَبْعاً، وَ تَتْلُو آيَةَ اَلسُّخْرَةِ، ثُمَّ تَقُولُ:

أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ (2).

و إن كان ركوبك في سفينة فسيجيء ذلك في آخر هذا الفصل إن شاء اللّه.

ثم تسير

وَ تَقُولُ فِي مَسِيرِكَ: اَللَّهُمَّ خَلِّ سَبِيلَنَا، وَ أَحْسِنْ تَسْيِيرَنَا، وَ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا(3).

وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ مَسِيرِي عِبَراً، وَ صَمْتِي تَفَكُّراً، وَ كَلاَمِي ذِكْراً(4).

ص: 35


1- رواه البرقي في المحاسن: 10/346، و الكليني في الكافي 491/314:8، و الصدوق في الفقيه 772/174:2، و الطبرسي في مكارم الأخلاق 1792/515:1، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 109:100 /ضمن ح 20.
2- رواه الطوسي في المصباح: 616، و الطبرسي في مكارم الأخلاق 1840/529:1 باختلاف فيه، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 109:100 /ضمن ح 20.
3- رواه البرقي في المحاسن: 43/353، و الكليني في الكافي 1/287:4، و المصنف في الامان: 112، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 109:100 /ضمن ح 20.
4- رواه الصدوق في الفقيه 797/179:2، و المصنف في الأمان: 112، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 110:100 /ضمن ح 20.

وَ تَقُولُ أَيْضاً فِي طَرِيقِكَ: خَرَجْتُ بِحَوْلِ اَللَّهِ وَ قُوَّتِهِ، بِغَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَ لاَ قُوَّةٍ لَكِنْ بِحَوْلِ اَللَّهِ وَ قُوَّتِهِ، بَرِئْتُ إِلَيْكَ يَا رَبِّ مِنَ اَلْحَوْلِ وَ اَلْقُوَّةِ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَرَكَةَ سَفَرِي هَذَا، وَ بَرَكَةَ أَهْلِهِ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ اَلْوَاسِعِ، رِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً تَسُوقُهُ إِلَيَّ وَ أَنَا خَافِضٌ فِي عَافِيَةٍ بِقُوَّتِكَ وَ قُدْرَتِكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي سِرْتُ فِي سَفَرِي هَذَا بِلاَ ثِقَةٍ مِنِّي لِغَيْرِكَ، وَ لاَ رَجَاءٍ لِسِوَاكَ، فَارْزُقْنِي فِي ذَلِكَ شُكْرَكَ وَ عَافِيَتَكَ، وَ وَفِّقْنِي لِطَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ حَتَّى تَرْضَى وَ بَعْدَ اَلرِّضَا(1).

وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذَا هَبَطَ سَبَّحَ، وَ إِذَا صَعِدَ كَبَّرَ(2).

وَ تَقُولُ إِذَا عَلَوْتَ تَلْعَةً أَوْ أَكَمَةً أَوْ قَنْطَرَةً: اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ لَكَ اَلشَّرَفُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ

فَإِذَا بَلَغْتَ جِسْراً فَقُلْ حِينَ تَضَعُ قَدَمَكَ عَلَيْهِ: بِسْمِ اَللَّهِ، اَللَّهُمَّ اِدْحَرْ عَنِّي اَلشَّيْطَانَ (3).

وَ إِذَا أَشْرَفْتَ عَلَى مَنْزِلٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ بَلَدٍ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ رَبَّ اَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ وَ مَا أَضَلَّتْ، وَ رَبَّ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ وَ مَا أَقَلَّتْ، وَ رَبَّ اَلشَّيَاطِينِ وَ مَا أَضَلَّتْ، وَ رَبَّ اَلرِّيَاحِ وَ مَا ذَرَتْ، وَ رَبَّ اَلْبِحَارِ وَ مَا جَرَتْ، إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ وَ خَيْرَ مَا فِيهَا، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَ شَرِّ مَا فِيهَا.

اَللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي مَا كَانَ فِيهَا مِنْ يُسْرٍ، وَ أَعِنِّي عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِي، يَا قَاضِيَ

ص: 36


1- رواه الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 530:1 /ضمن ح 1840، و المصنّف في الأمان: 113، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 110:100 /ضمن ح 20.
2- رواه الكلينيّ في الكافي 2/287:4، و الصّدوق في الفقيه 796/179:2، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1909/553:1، و المصنّف في الأمان: 112، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 100: 110 /ضمن ح 20.
3- رواه المفيد في مزاره: 69، و المصنّف في الأمان: 112 دون ذيله، و الكفعميّ في مصباحه: 191، و ابن المشهديّ في مزاره: 31، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 110:100 /ضمن الحديث 20.

اَلْحَاجَاتِ، وَ يَا مُجِيبَ اَلدَّعَوَاتِ، أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ، وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَ اِجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً.

فَإِذَا نَزَلْتَ مَنْزِلاً فَقُلْ: اَللَّهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبٰارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْمُنْزِلِينَ .

وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ، وَ قُلْ: اَللَّهُمَّ اِرْزُقْنَا خَيْرَ هَذِهِ اَلْبُقْعَةِ، وَ أَعِذْنَا مِنْ شَرِّهَا. اَللَّهُمَّ أَطْعِمْنَا مِنْ جَنَاهَا، وَ أَعِذْنَا مِنْ وَبَاهَا، وَ حَبِّبْنَا إِلَى أَهْلِهَا، وَ حَبِّبْ صَالِحِي أَهْلِهَا إِلَيْنَا(1).

وَ قُلْ أَيْضاً: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ أَئِمَّةٌ أَتَوَلاَّهُمْ وَ أَبْرَأُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ اَلْبُقْعَةِ، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا. اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ دُخُولَنَا هَذَا أَوَّلَهُ صَلاَحاً، وَ أَوْسَطَهُ فَلاَحاً، وَ آخِرَهُ نَجَاحاً(2).

وَ إِذَا نَزَلْتَ مَنْزِلاً تَتَخَوَّفُ مِنْهُ اَلسَّبُعَ فَقُلْ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ اَلْمُلْكُ وَ لَهُ اَلْحَمْدُ، بِيَدِهِ اَلْخَيْرُ وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سَبُعٍ (3).

وَ إِذَا خِفْتَ شَيْئاً مِنْ هَوَامِّ اَلْأَرْضِ فَقُلْ فِي اَلْمَكَانِ اَلَّذِي تَخَافُ ذَلِكَ فِيهِ:

يَا ذَارِئَ مَا فِي اَلْأَرْضِ كُلِّهَا لِعِلْمِكَ بِمَا يَكُونُ مِمَّا ذَرَأْتَ، لَكَ اَلسُّلْطَانُ عَلَى كُلِّ مَنْ دُونَكَ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَ بِقُدْرَتِكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ مِنَ اَلضُّرِّ فِي بَدَنِي مِنْ سَبُعٍ أَوْ هَامَّةٍ أَوْ عَارِضٍ مِنْ سَائِرِ اَلدَّوَابِّ، يَا خَالِقَهَا بِفِطْرَتِهِ اِدْرَأْهَا عَنِّي، وَ اِحْجُزْهَا، وَ لاَ

ص: 37


1- رواه البرقيّ في المحاسن: 143، 142، 141/374 باختلاف فيه، و المفيد في مزاره: 69 و 72، و روى صدره الطّوسيّ في المصباح: 617، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1906/552:1 ذكر ذيل الحديث، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 110:100.
2- رواه المصنّف في الأمان: 136، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 111:100.
3- رواه البرقيّ في المحاسن: 117/367، و الصّدوق في الفقيه 879/193:2، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 111:100.

تُسَلِّطْهَا عَلَيَّ، وَ عَافِنِي مِنْ شَرِّهَا وَ بَأْسِهَا، يَا اَللَّهُ يَا ذَا اَلْعَالَمِ اَلْعَظِيمِ حُطَّنِي بِحِفْظِكَ، وَ اُجْنُنْيِ بِسِتْرِكَ اَلْوَاقِي مِنْ مَخَاوِفِي يَا رَحِيمُ (1).

وَ إِذَا خِفْتَ شَيْئاً مِنَ اَلْأَعْدَاءِ وَ اَللُّصُوصِ، فَقُلْ فِي اَلْمَكَانِ اَلَّذِي تَخَافُ ذَلِكَ فِيهِ: يَا آخِذاً بِنَوَاصِي خَلْقِهِ، وَ اَلسَّائِقَ (2) بِهَا إِلَى قُدْرَتِهِ، وَ اَلْمُنْفِذَ فِيهَا حُكْمَهُ، وَ خَالِقَهَا وَ جَاعِلَ قَضَائِهِ لَهَا غَالِباً، إِنِّي مَكِيدٌ لِضَعْفِي، وَ لِقُوَّتِكَ عَلَى مَنْ كَادَنِي تَعَرَّضْتُ لَكَ، فَإِنْ حُلْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَذَلِكَ مَا أَرْجُو، وَ إِنْ أَسْلَمْتَنِي إِلَيْهِمْ غَيَّرُوا مَا بِي مِنْ نِعْمَتِكَ، يَا خَيْرَ اَلْمُنْعِمِينَ لاَ تَجْعَلْ أَحَداً مُغَيِّراً نِعَمَكَ اَلَّتِي أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ سِوَاكَ، وَ لاَ تُغَيِّرْهَا أَنْتَ، رَبِّي قَدْ تَرَى اَلَّذِي نَزَلَ بِي فَحُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَ شَرِّهِمْ بِحَقِّ مَا بِهِ تَسْتَجِيبُ اَلدُّعَاءَ، يَا اَللَّهُ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ (3).

وَ تَقُولُ أَيْضاً: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ مِنَ اَللَّهِ، وَ إِلَى اَللَّهِ، وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي، وَ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَ إِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي، فَاحْفَظْنِي بِحِفْظِ اَلْإِيمَانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَ مِنْ خَلْفِي، وَ عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي، وَ مِنْ فَوْقِي وَ مِنْ تَحْتِي، وَ اِدْفَعْ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَ قُوَّتِكَ، فَإِنَّهُ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ.

فَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أُبَالِي إِذَا قُلْتُ هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ لَوِ اِجْتَمَعَ عَلَيَّ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ»(4).

وَ إِذَا خِفْتَ جِنّاً أَوْ شَيْطَاناً فَقُلْ: يَا اَللَّهُ اَلْإِلَهُ اَلْأَكْبَرُ اَلْقَاهِرُ بِقُدْرَتِهِ جَمِيعَ

ص: 38


1- رواه المفيد في المزار: 35/70، و المصنّف في الامان: 137، و الكفعميّ في البلد الامين: 507، و المصباح: 191، و ابن المشهديّ في المزار: 33، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 111:100 /ضمن ح 20.
2- في نسخة «م» السّابق.
3- رواه المفيد في المزار: 37/71، و المصنّف في الامان: 124، و الكفعميّ في البلد الامين: 507، و المصباح: 191 و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 111:100.
4- رواه الكلينيّ في الكافي 10/406:2 و 23/410، و المصنّف في الأمان: 125، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 111:100.

عِبَادِهِ، اَلْمُطَاعُ لِعَظَمَتِهِ عِنْدَ كُلِّ خَلِيقَتِهِ، وَ اَلْمُمْضِي مَشِيئَتَهُ لِسَابِقِ قُدْرَتِهِ، أَنْتَ اَلَّذِي تَكْلَأُ مَا خَلَقْتَ بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ، لاَ يَمْتَنِعُ مَنْ أَرَدْتَ بِهِ سُوءاً بِشَيْ ءٍ دُونَكَ مِنْ ذَلِكَ اَلسُّوءِ، وَ لاَ يَحُولُ أَحَدٌ دُونَكَ بَيْنَ أَحَدٍ وَ بَيْنَ مَا تُرِيدُهُ مِنَ اَلْخَيْرِ، كُلُّ مَا يُرَى وَ مَا لاَ يُرَى فِي قَبْضَتِكَ، وَ جَعَلْتَ قَبَائِلَ اَلْجِنِّ وَ اَلشَّيَاطِينِ يَرَوْنَنَا وَ لاَ نَرَاهُمْ، وَ أَنَا لِكَيْدِهِمْ خَائِفٌ فَآمِنِّي مِنْ شَرِّهِمْ وَ بَأْسِهِمْ بِحَقِّ سُلْطَانِكَ اَلْعَزِيزِ يَا عَزِيزُ(1).

وَ تَقُولُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِكَ هَذَا اَلدُّعَاءَ، لِحِفْظِ نَفْسِكَ وَ رَدِّكَ إِلَى وَطَنِكَ سَالِماً:

يَا جَامِعاً بَيْنَ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ عَلَى تَآلُفٍ مِنَ اَلْقُلُوبِ، وَ شِدَّةِ تُوَاصُلٍ لَهُمْ فِي اَلْمَحَبَّةِ، وَ يَا جَامِعاً بَيْنَ أَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَ يَا مُفَرِّجَ حُزْنِ كُلِّ مَحْزُونٍ، وَ يَا مُسَهِّلَ كُلِّ غُرْبَةٍ، وَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، اِرْحَمْنِي فِي غُرْبَتِي بِحُسْنِ اَلْحِفْظِ وَ اَلْكَلاَءَةِ وَ اَلْمَعُونَةِ، وَ فَرِّجْ مَا بِي مِنَ اَلضِّيقِ وَ اَلْحُزْنِ بِالْجَمْعِ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَحِبَّائِي، وَ لاَ تَفْجَعْنِي بِانْقِطَاعِ رُؤْيَةِ أَهْلِي عَنِّي، وَ لاَ تَفْجَعْ أَهْلِي بِانْقِطَاعِ رُؤْيَتِي عَنْهُمْ، بِكُلِّ مَسَائِلِكَ أَسْأَلُكَ وَ أَدْعُوكَ فَاسْتَجِبْ لِي(2).

وَ إِذَا أَرَدْتَ اَلرَّحِيلَ مِنْ مَنْزِلٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ اُدْعُ اَللَّهَ بِالْحِفْظِ، وَ وَدِّعِ اَلْمَوْضِعَ وَ أَهْلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ مَوْضِعٍ أَهْلاً مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْحَافِظِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (3).

وَ قُلْ: اَللَّهُمَّ قَدِ اِرْتَحَلْنَا مِنْ مَنْزِلِنَا هَذَا وَ نَحْنُ عَنْكَ رَاضُونَ، فَارْضَ عَنَّا بِرَحْمَتِكَ.

وَ إِذَا ضَلَلْتَ عَنِ اَلطَّرِيقِ فَنَادِ: يَا صَالِحُ وَ يَا أَبَا صَالِحٍ، أَرْشِدُونَا إِلَى

ص: 39


1- رواه الكفعميّ في البلد الأمين: 507، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 21/112:100.
2- رواه الكفعميّ في مصباحه: 192، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 112:100 /ضمن الحديث 21.
3- رواه المفيد في المزار: 40/73، و الكفعميّ في مصباحه: 192، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 112:100 /ذيل الحديث 21.

اَلطَّرِيقِ يَرْحَمْكُمُ اَللَّهُ (1).

فَقَدْ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: إِنَّ اَلْبَرَّ مُوَكَّلٌ بِهِ صَالِحٌ، وَ اَلْبَحْرَ مُوَكَّلٌ بِهِ حَمْزَةُ (2).

وَ رُوِيَ: «إِذَا ضَلَلْتُمْ فَتَيَامَنُوا»(3).

وَ إِذَا اِسْتَصْعَبَتْ عَلَيْكَ دَابَّتُكَ فِي اَلطَّرِيقِ فَاقْرَأْ فِي أُذُنِهَا اَلْيُمْنَى: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (4).(5).

وَ إِذَا رَكِبْتَ فِي سَفِينَةٍ فَكَبِّرِ اَللَّهَ تَعَالَى مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَ اِلْعَنْ ظَالِمِي آلِ مُحَمَّدٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَ قُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ، وَ بِاللَّهِ، وَ اَلصَّلاَةُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلَى اَلصَّادِقِينَ. اَللَّهُمَّ أَحْسِنْ مَسِيرَنَا، وَ عَظِّمْ أُجُورَنَا. اَللَّهُمَّ بِكَ اِنْتَشَرْنَا، وَ إِلَيْكَ تَوَجَّهْنَا، وَ بِكَ آمَنَّا، وَ بِحَبْلِكَ اِعْتَصَمْنَا، وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا. اَللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتُنَا وَ رَجَاؤُنَا وَ نَاصِرُنَا، لاَ تَحُلَّ بِنَا مَا لاَ نُحِبُّ. اَللَّهُمَّ بِكَ نَحُلُّ، وَ بِكَ نَسِيرُ. اَللَّهُمَّ خَلِّ سَبِيلَنَا، وَ أَعْظِمْ عَافِيَتَنَا، أَنْتَ اَلْخَلِيفَةُ فِي اَلْأَهْلِ وَ اَلْمَالِ، وَ أَنْتَ اَلْحَامِلُ فِي اَلْمَاءِ وَ عَلَى اَلظَّهْرِ، وَ قُلْ اِرْكَبُوا فِيهٰا بِسْمِ اَللّٰهِ مَجْرٰاهٰا وَ مُرْسٰاهٰا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (6)وَ مٰا قَدَرُوا اَللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ

ص: 40


1- رواه البرقيّ في المحاسن: 98/362، و الصّدوق في الفقيه 885/195:2، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1902/551:1، و المصنّف في الأمان: 121، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 100: 112 /ذيل الحديث 21.
2- رواه الصّدوق في الفقيه 886/195:2، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1903/551:1، و المصنّف في الأمان: 123، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 113:100 /ذيل الحديث 21.
3- رواه البرقيّ في المحاسن: 97/362، و الصّدوق في الفقيه 896/197:2، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1965/566:1، و المصنّف في الأمان: 123، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 113:100.
4- آل عمران 83:3.
5- رواه البرقيّ في المحاسن: 102/628 و 129/635، و الطّوسيّ في التّهذيب 308/165:6، و المصنّف في الأمان: 131، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 133:100.
6- هود 41:11.

اَلْقِيٰامَةِ وَ اَلسَّمٰاوٰاتُ مَطْوِيّٰاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحٰانَهُ وَ تَعٰالىٰ عَمّٰا يُشْرِكُونَ (1) ، اَللَّهُمَّ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ وَفَدَ إِلَيْهِ اَلرِّجَالُ، وَ شُدَّتْ إِلَيْهِ اَلرِّحَالُ، وَ أَنْتَ سَيِّدِي أَكْرَمُ مَزُورٍ، وَ أَكْرَمُ مَقْصُودٍ، وَ قَدْ جَعَلْتَ لِكُلِّ زَائِرٍ كَرَامَةً، وَ لِكُلِّ وَافِدٍ تُحْفَةً، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ اُشْكُرْ سَعْيِي، وَ اِرْحَمْ مَسِيرِي مِنْ أَهْلِي بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ، بَلْ لَكَ اَلْمِنَّةُ عَلَيَّ أَنْ جَعَلْتَ لِي سَبِيلاً إِلَى زِيَارَةِ وَلِيِّكَ، وَ عَرَّفْتَنِي فَضْلَهُ، وَ حَفِظْتَنِي فِي لَيْلِي وَ نَهَارِي حَتَّى بَلَّغْتَنِي هَذَا اَلْمَكَانَ، وَ قَدْ رَجَوْتُكَ فَلاَ تَقْطَعْ رَجَائِي، وَ قَدْ أَمَّلْتُكَ فَلاَ تُخَيِّبْ أَمَلِي، وَ اِجْعَلْ مَسِيرِي هَذَا كَفَّارَةً لِذُنُوبِي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (2).

و يتعلق بهذا الفصل غير ما قدمناه من الآداب أعرضنا عنها كراهية الإسهاب، من ذلك حسن الصحبة، و خدمة الرفاق، و اتباع مكارم الأخلاق، و كتمان العيوب، و المبالغة في كل خلق محبوب.

ص: 41


1- الزمر 67:39.
2- رواه المصنف في الأمان: 115، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 113:100.

الفصل الثاني في صفة زيارة سيدنا الرسول بلسان الأثر المنقول

شرف هذه الزيارة من المعلوم المشهور؛ لأن فضل الزيارة على قدر المزور، و يكفي في التنبيه على فضل قصده ما سيأتي في فضل زيارة من لم يبلغ عظيم منزلته من أبرار أبنائه و صفوته، لكنا لا نخلي هذا الفصل من الخبر المخصوص الوارد؛ ليأتي الكتاب منتظم المقاصد و الفوائد، إن شاء اللّه تعالى.

عَنْ زَيْدٍ اَلشَّحَّامِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: مَا لِمَنْ زَارَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ؟ قَالَ: «كَمَنْ زَارَ اَللَّهَ فِي عَرْشِهِ»(1).

وَ رُوِيَ عَنِ اَلرَّسُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَتَانِي زَائِراً كُنْتُ شَفِيعَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ»(2).

وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَتَى مَكَّةَ حَاجّاً وَ لَمْ يَزُرْنِي بِالْمَدِينَةِ جَفَوْتُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، وَ مَنْ أَتَانِي زَائِراً وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي، وَ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي وَجَبَتْ لَهُ اَلْجَنَّةُ»(3).

ص: 42


1- رواه الكليني في الكافي 5/585:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 20/15 و 4/150، و المفيد في مزاره: 2/147، و المقنعة: 458، و الطوسي في التهذيب 6/4:6، و ابن المشهدي في مزاره: 9.
2- رواه الكليني في الكافي 3/548:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 1/12 و 13، 10/13 و 16/14، و المفيد في مزاره: 3/147، و المقنعة: 457، و الطوسي في التهذيب 4/4:6، و ابن المشهدي في مزاره: 7.
3- رواه الكليني في الكافي 5/548:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 9/13، و الصدوق في الفقيه 1/338:2، و علل الشرائع: 7/460، و المفيد في مزاره: 4/148، و الطوسي في التهذيب 5/4:6، و ابن المشهدي في مزاره: 8.

وَ قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «مَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي وَ بَعْدَ مَوْتِي كَانَ فِي جِوَارِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ»(1).

ص: 43


1- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 11/13، و المفيد في مزاره: 5/149، و المقنعة: 458، و الطوسي في التهذيب 2/3:6، و ابن المشهدي في مزاره: 9، و في أغلب المصادر «أو».

الفصل الثالث في شرح زيارته عليه السّلام لمن وصل إلى محلّه الشريف، و .....

اشارة

الفصل الثالث في شرح زيارته عليه السّلام لمن وصل إلى محلّه الشريف، و ذكر عمل مسجده المنيف، و ما يتصل بالمعنى من زيارة سيدة النساء و زيارة قبور الشهداء، و ما يتعلّق بذلك على التقريب

قد قدمنا طرفا من آداب السفر و المسافر فأغنى عن إعادتها ها هنا.

فإذا وردت المدينة يستحب أن تكون مغتسلا لدخولها، و كذلك لدخول مسجدها و لزيارته صلوات اللّه عليه و آله أيضا، ثم تدخلها و تقصد إلى باب المسجد، و تقول:

اَللَّهُمَّ قَدْ وَقَفْتُ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ بُيُوتِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ قَدْ مَنَعْتَ اَلنَّاسَ اَلدُّخُولَ إِلَى بُيُوتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِ نَبِيِّكَ فَقُلْتَ يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتَ اَلنَّبِيِّ إِلاّٰ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ (1).

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ نَبِيِّكَ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا أَعْتَقِدُ فِي حَضْرَتِهِ، وَ أَعْلَمُ أَنَّ رُسُلَكَ وَ خُلَفَاءَكَ أَحْيَاءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ، يَرَوْنَ مَكَانِي فِي وَقْتِي هَذَا وَ زَمَانِي، وَ يَسْمَعُونَ كَلاَمِي فِي وَقْتِي هَذَا وَ زَمَانِي، وَ يَرُدُّونَ عَلَيَّ سَلاَمِي، وَ أَنَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعِي كَلاَمَهُمْ، وَ فَتَحْتَ بَابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُنَاجَاتِهِمْ، فَإِنِّي أَسْتَأْذِنُكَ يَا رَبِّ أَوَّلاً، وَ أَسْتَأْذِنُ رَسُولَكَ ثَانِياً صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَسْتَأْذِنُ خَلِيفَتَكَ اَلْمَفْرُوضَ عَلَيَّ طَاعَتُهُ فِي اَلدُّخُولِ فِي سَاعَتِي هَذِهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَ أَسْتَأْذِنُ مَلاَئِكَتَكَ اَلْمُوَكَّلِينَ بِهَذِهِ اَلْبُقْعَةِ اَلْمُبَارَكَةِ اَلْمُطِيعَةَ لِلَّهِ اَلسَّامِعَةَ.

ص: 44


1- الاحزاب 53:33.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلْمَلاَئِكَةُ اَلْمُوَكَّلُونَ بِهَذَا اَلْمَوْضِعِ اَلْمُبَارَكِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، بِإِذْنِ اَللَّهِ وَ إِذْنِ رَسُولِهِ وَ إِذْنِ خُلَفَائِهِ وَ إِذْنِكُمْ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ أَجْمَعِينَ أَدْخُلُ هَذَا اَلْبَيْتَ مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ، فَكُونُوا - مَلاَئِكَةَ اَللَّهِ - أَعْوَانِي، وَ كُونُوا أَنْصَارِي حَتَّى أَدْخُلَ هَذَا اَلْبَيْتَ وَ أَدْعُوَ اَللَّهَ بِفُنُونِ اَلدَّعَوَاتِ، وَ أَعْتَرِفَ لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَ لِلرَّسُولِ بِالطَّاعَةِ.

ثُمَّ تَدْخُلُ مُقَدِّماً رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى وَ تَقُولُ: بِسْمِ اَللَّهِ، وَ بِاللَّهِ، وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَ اِجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطٰاناً نَصِيراً (1). وَ تُكَبِّرُ اَللَّهَ تَعَالَى (مِائَةَ تَكْبِيرَةً).

فَإِذَا دَخَلْتَ فَلْتُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ اَلْمَسْجِدِ، ثُمَّ تَمْشِي إِلَى اَلْحُجْرَةِ، فَإِذَا وَصَلْتَهَا اِسْتَلَمْتَهَا وَ قَبَّلْتَهَا وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَاتَمَ اَلنَّبِيِّينَ. أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ اَلرِّسَالَةَ، وَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ، وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، فَصَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَتُهُ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ اَلطَّاهِرِينَ.

ثُمَّ قِفْ عِنْدَ اَلْأُسْطُوَانَةِ اَلْمُقَدَّمَةِ اَلَّتِي عِنْدَ زَاوِيَةِ اَلْحُجْرَةِ مِنْ جَانِبِ اَلْقَبْرِ اَلْأَيْمَنِ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ، وَ مَنْكِبُكَ اَلْأَيْسَرُ إِلَى جَانِبِ اَلْقَبْرِ، وَ مَنْكِبُكَ اَلْأَيْمَنُ مِمَّا يَلِي اَلْمِنْبَرَ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ رَأْسِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قُلْ:

أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ، وَ أَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالاَتِ رَبِّكَ، وَ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، دَاعِياً إِلَى

ص: 45


1- الاسراء 80:17.

طَاعَتِهِ، زَاجِراً عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفاً رَحِيماً، وَ عَلَى اَلْكَافِرِينَ غَلِيظاً، حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، فَبَلَغَ اَللَّهُ بِكَ أَشْرَفَ مَحَلِّ اَلْمُكَرَّمِينَ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي اِسْتَنْقَذَنَا بِكَ مِنَ اَلشِّرْكِ وَ اَلضَّلاَلَةِ.

اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْ صَلَوَاتِكَ، وَ صَلَوَاتِ مَلاَئِكَتِكَ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ، وَ أَنْبِيَائِكَ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرَضِينَ، مِمَّنْ سَبَّحَ لَكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ، وَ أَمِينِكَ وَ نَجِيبِكَ، وَ حَبِيبِكَ وَ خَاصَّتِكَ وَ صَفْوَتِكَ، وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ (1).

اَللَّهُمَّ اِبْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ اَلْأَوَّلُونَ وَ اَلْآخِرُونَ، اَللَّهُمَّ اِمْنَحْهُ أَشْرَفَ مَرْتَبَةٍ، وَ اِرْفَعْهُ إِلَى أَسْنَى دَرَجَةٍ وَ مَنْزِلَةٍ، وَ أَعْطِهِ اَلْوَسِيلَةَ وَ اَلرُّتْبَةَ اَلْعَالِيَةَ اَلْجَلِيلَةَ، كَمَا بَلَّغَ نَاصِحاً، وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ، وَ صَبَرَ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِكَ، وَ أَوْضَحَ دِينَكَ، وَ أَقَامَ حُجَجَكَ، وَ هَدَى إِلَى طَاعَتِكَ، وَ أَرْشَدَ إِلَى مَرْضَاتِكَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلْأَبْرَارِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَ اَلْأَخْيَارِ مِنْ عِتْرَتِهِ، وَ سَلِّمْ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ تَسْلِيماً. اَللَّهُمَّ إِنِّي لاَ أَجِدُ سَبِيلاً إِلَيْكَ سِوَاهُمْ، وَ لاَ أَرَى شَفِيعاً مَقْبُولَ اَلشَّفَاعَةِ عِنْدَكَ غَيْرَهُمْ، بِهِمْ أَتَقَرَّبُ إِلَى رَحْمَتِكَ، وَ بِوَلاَيَتِهِمْ أَرْجُو جَنَّتَكَ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ أُؤَمِّلُ اَلْخَلاَصَ مِنْ عَذَابِكَ. اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْنِي بِهِمْ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ (2) وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ.

ثُمَّ تَلْتَفِتُ إِلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ: أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي اِجْتَبَاكَ، وَ هَدَاكَ وَ هَدَى بِكَ، أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ اَلطَّاهِرِينَ (3).

ص: 46


1- اورده الكلينيّ في الكافي 1/550:4، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 15، و الصّدوق في الفقيه 338:2. و الطّوسيّ في التّهذيب 8/5:6، و مصباح المتهجّد: 652، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 160:100.
2- اورده ابن المشهديّ في مزاره: 67، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 162:100.
3- اورده ابن قولويه في كامل الزّيارات: 17، و الكلينيّ في الكافي 4/552:4، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 162:100.

ثُمَّ تُلْصِقْ كَفَّكَ بِحَائِطِ اَلْحُجْرَةِ وَ تَقُولُ: أَتَيْتُكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مُهَاجِراً إِلَيْكَ، قَاضِياً لِمَا أَوْجَبَهُ اَللَّهُ عَلَيَّ مِنْ قَصْدِكَ، وَ إِذْ لَمْ أَلْحَقْكَ حَيّاً فَقَدْ قَصَدْتُكَ بَعْدَ مَوْتِكَ عَالِماً أَنَّ حُرْمَتَكَ مَيِّتاً كَحُرْمَتِكَ حَيّاً، فَكُنْ لِي بِذَلِكَ عِنْدَ اَللَّهِ شَاهِداً.

ثُمَّ اِمْسَحْ كَفَّكَ عَلَى وَجْهِكَ وَ قُلْ: اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ ذَلِكَ بَيْعَةً مَرْضِيَّةً لَدَيْكَ، وَ عَهْداً مُؤَكَّداً عِنْدَكَ، تُحْيِينِي مَا أَحْيَيْتَنِي عَلَيْهِ، وَ عَلَى اَلْوَفَاءِ بِشَرَائِطِهِ وَ حُدُودِهِ، وَ حُقُوقِهِ وَ أَحْكَامِهِ وَ لَوَازِمِهِ، وَ تُمِيتُنِي إِذَا أَمَتَّنِي عَلَيْهِ، وَ تَبْعَثُنِي إِذَا بَعَثْتَنِي عَلَيْهِ (1).

ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ وَجْهَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ تَجْعَلُ اَلْقِبْلَةَ خَلْفَ ظَهْرِكَ وَ اَلْقَبْرَ أَمَامَكَ وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ وَ رَسُولَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ وَ خِيَرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ وَ حُجَّتَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَاتَمَ اَلنَّبِيِّينَ وَ سَيِّدَ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْبَشِيرُ اَلنَّذِيرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلدَّاعِي إِلَى اَللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ اَلسِّرَاجُ اَلْمُنِيرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً. أَشْهَدُ أَنَّكَ - يَا رَسُولَ اَللَّهِ - أَتَيْتَ بِالْحَقِّ، وَ قُلْتَ بِالصِّدْقِ.

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي وَفَّقَنِي لِلْإِيمَانِ وَ اَلتَّصْدِيقِ وَ مَنَّ عَلَيَّ بِطَاعَتِكَ وَ اِتِّبَاعِ سَبِيلِكَ، وَ جَعَلَنِي مِنْ أُمَّتِكَ وَ اَلْمُجِيبِينَ لِدَعْوَتِكَ، وَ هَدَانِي إِلَى مَعْرِفَتِكَ وَ مَعْرِفَةِ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ. أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ بِمَا يُرْضِيكَ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِمَّا يُسْخِطُكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ.

جِئْتُكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ زَائِراً، وَ قَصَدْتُكَ رَاغِباً، مُتَوَسِّلاً بِكَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَ أَنْتَ صَاحِبُ اَلْوَسِيلَةِ، وَ اَلْمَنْزِلَةِ اَلْجَلِيلَةِ، وَ اَلشَّفَاعَةِ اَلْمَقْبُولَةِ، وَ اَلدَّعْوَةِ اَلْمَسْمُوعَةِ، فَاشْفَعْ لِي إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فِي اَلْغُفْرَانِ وَ اَلرَّحْمَةِ، وَ اَلتَّوْفِيقِ وَ اَلْعِصْمَةِ، فَقَدْ غَمُرَتِ اَلذُّنُوبُ، وَ شَمِلَتِ اَلْعُيُوبُ، وَ أُثْقِلَ اَلظَّهْرُ، وَ تَضَاعَفَ اَلْوِزْرُ، وَ قَدْ أَخْبَرْتَنَا - وَ خَبَرُكَ

ص: 47


1- نقله المجلسى في بحار الأنوار 162:100.

اَلصِّدْقُ - أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ - وَ قَوْلُهُ اَلْحَقُّ -: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّٰهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّٰهَ تَوّٰاباً رَحِيماً (1) وَ قَدْ جِئْتُكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مُسْتَغْفِراً مِنْ ذُنُوبِي، تَائِباً مِنْ مَعَاصِيَّ وَ سَيِّئَاتِي، وَ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اَللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكَ لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، فَاشْفَعْ لِي يَا شَفِيعَ اَلْأُمَّةِ، وَ أَجِرْنِي يَا نَبِيَّ اَلرَّحْمَةِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِكَ اَلطَّاهِرِينَ.

وَ تَجْتَهِدُ فِي اَلْمَسْأَلَةِ.

ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَجْهِكَ وَ أَنْتَ فِي مَوْضِعِكَ، وَ تَجْعَلُ اَلْقَبْرَ مِنْ خَلْفِكَ وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَلْجَأْتُ أَمْرِي، وَ إِلَى قَبْرِ نَبِيِّكَ وَ رَسُولِكَ أَسْنَدْتُ ظَهْرِي، وَ إِلَى اَلْقِبْلَةِ اَلَّتِي اِرْتَضَيْتَهَا اِسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِي. اَللَّهُمَّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي خَيْرَ مَا أَرْجُو، وَ لاَ أَدْفَعُ عَنْهَا سُوءَ مَا أَحْذَرُ، وَ اَلْأُمُورُ كُلُّهَا بِيَدِكَ. فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ، وَ قَبْرِهِ اَلطَّيِّبِ اَلْمُبَارَكِ وَ حَرَمِهِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي، وَ تَعْصِمَنِي مِنَ اَلْمَعَاصِي فِي مُسْتَقْبَلِ عُمْرِي، وَ تُثْبِتَ عَلَى اَلْإِيمَانِ قَلْبِي، وَ تُوَسِّعَ عَلَيَّ رِزْقِي، وَ تُسْبِغَ عَلَيَّ اَلنِّعَمَ، وَ تَجْعَلَ قِسْمِي مِنَ اَلْعَافِيَةِ أَوْفَرَ اَلْقِسْمِ، وَ تَحْفَظَنِي فِي أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي، وَ تَكْلَأَنِي مِنَ اَلْأَعْدَاءِ، وَ تُحْسِنَ لِيَ اَلْعَافِيَةَ فِي اَلدُّنْيَا، وَ مُنْقَلَبِي فِي اَلْآخِرَةِ. اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، اَلْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ اَلْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

وَ تَقْرَأُ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً.

ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى مَقَامِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ - وَ هُوَ بَيْنَ اَلْقَبْرِ وَ اَلْمِنْبَرِ - وَ تَقِفُ عِنْدَ اَلْأُسْطُوَانَةِ اَلْمُخَلَّقَةِ اَلَّتِي تَلِي اَلْمِنْبَرَ، وَ اِجْعَلْهُ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ صَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَتَمَكَّنْ فَرَكْعَتَيْنِ لِلزِّيَارَةِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ هَذَا مَقَامُ نَبِيِّكَ

ص: 48


1- النّساء 64:4.

وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ جَعَلْتَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ جَنَّتِكَ، وَ شَرَّفْتَهُ عَلَى بِقَاعِ أَرْضِكَ بِرَسُولِكَ، وَ فَضَّلْتَهُ بِهِ، وَ عَظَّمْتَ حُرْمَتَهُ، وَ أَظْهَرْتَ جَلاَلَتَهُ، وَ أَوْجَبْتَ عَلَى عِبَادِكَ اَلتَّبَرُّكَ بِالصَّلاَةِ وَ اَلدُّعَاءِ فِيهِ، وَ قَدْ أَقَمْتَنِي فِيهِ بِلاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ كَانَ مِنِّي فِي ذَلِكَ إِلاَّ فِي رَحْمَتِكَ. اَللَّهُمَّ فَكَمَا أَنَّ حَبِيبَكَ لاَ يَتَقَدَّمُهُ فِي اَلْفَضْلِ خَلِيلُكَ، فَاجْعَلِ اِسْتِجَابَةَ اَلدُّعَاءِ فِي مَقَامِ حَبِيبِكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي هَذَا اَلْمَقَامِ اَلطَّاهِرِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ، وَ تَرْحَمَ مَوْقِفِي، وَ تَغْفِرَ زَلَّتِي، وَ تُزَكِّيَ عَمَلِي، وَ تُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي، وَ تُدِيمَ عَافِيَتِي وَ رُشْدِي، وَ تُسْبِغَ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ، وَ تَحْفَظَنِي فِي أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي، وَ تَحْرُسَنِي مِنْ كُلِّ مُتَعَدٍّ عَلَيَّ وَ ظَالِمٍ لِي، وَ تُطِيلَ فِي طَاعَتِكَ عُمُرِي، وَ تُوَفِّقَنِي لِمَا يُرْضِيكَ عَنِّي، وَ تَعْصِمَنِي عَمَّا يُسْخِطُكَ عَلَيَّ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، حُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ أُمَنَائِكَ فِي أَرْضِكَ، أَنْ تَسْتَجِيبَ لِي دُعَائِي، وَ تُبَلِّغَنِي فِي اَلدِّينِ وَ اَلدُّنْيَا أَمَلِي وَ رَجَائِي. يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ قَدْ سَأَلْتُكَ فَلاَ تُخَيِّبْنِي، وَ رَجَوْتُ فَضْلَكَ فَلاَ تَحْرِمْنِي، فَأَنَا اَلْفَقِيرُ إِلَى رَحْمَتِكَ، اَلَّذِي لَيْسَ لِي غَيْرُ إِحْسَانِكَ وَ تَفَضُّلِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُحَرِّمَ شَعْرِي وَ بَشَرِي عَلَى اَلنَّارِ، وَ تُؤْتِيَنِي مِنَ اَلْخَيْرِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَ مَا لَمْ أَعْلَمْ، وَ اِدْفَعْ عَنِّي وَ عَنْ وَالِدَيَّ وَ إِخْوَانِي وَ أَخَوَاتِي مِنَ اَلشَّرِّ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَ مَا لَمْ أَعْلَمْ.

اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

فإذا أردت وداعه صلوات اللّه عليه فودعه بما سنذكره آخر هذا الفصل إن شاء اللّه.

ص: 49

ذكر العمل عند المنبر و الدعاء

ثُمَّ ائْتِ الْمِنْبَرَ وَ امْسَحْهُ بِيَدِكَ وَ خُذْ بِرُمَّانَتَيْهِ، وَ هُمَا السُّفْلَاوَانِ، وَ امْسَحْ بِهِمَا عَيْنَيْكَ وَ وَجْهَكَ، وَ قُلْ عِنْدَهُ كَلِمَاتَ الْفَرَجِ. وَ تَقُولُ بَعْدَهَا: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي عَقَدَ بِكَ عِزَّ(1) اَلْإِسْلاَمِ، وَ جَعَلَكَ مِنْ مُرْتَقَى خَيْرِ اَلْأَنَامِ، وَ مَصْعَدِ اَلدَّاعِي إِلَى دَارِ اَلسَّلاَمِ.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي خَفَضَ بِانْتِصَابِكَ عُلُوَّ اَلْكُفْرِ وَ سُمُوَّ اَلشِّرْكِ، وَ نَكَسَ بِكَ عَلَمَ اَلْبَاطِلِ وَ رَايَةَ اَلضَّلاَلِ. أَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تُنْصَبْ إِلاَّ لِتَوْحِيدِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَمْجِيدِهِ، وَ تَعْظِيمِ اَللَّهِ وَ تَحْمِيدِهِ، وَ لِمَوَاعِظِ عِبَادِهِ، وَ اَلدُّعَاءِ إِلَى عَفْوِهِ وَ غُفْرَانِهِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدِ اِسْتَوْفَيْتَ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِارْتِقَائِهِ فِي مَرَاقِيكَ وَ اِسْتِوَائِهِ حَظَّ شَرَفِكَ وَ فَضْلِكَ، وَ نَصِيبَ عِزِّكَ وَ ذُخْرِكَ، وَ نِلْتَ كَمَالَ ذِكْرِكَ، وَ عَظَّمَ اَللَّهُ حُرْمَتَكَ، وَ أَوْجَبَ اَلتَّمَسُّحَ بِكَ، فَكَمْ قَدْ وَضَعَ اَلْمُصْطَفَى صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدَمَهُ عَلَيْكَ، وَ قَامَ لِلنَّاسِ خَطِيباً فَوْقَكَ، وَ وَحَّدَ اَللَّهَ وَ حَمَّدَهُ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ مَجَّدَهُ. كَمْ بَلَغَ عَلَيْكَ مِنَ اَلرِّسَالَةِ، وَ أَدَّى مِنَ اَلْأَمَانَةِ، وَ تَلاَ مِنَ اَلْقُرْآنِ، وَ قَرَأَ مِنَ اَلْفُرْقَانِ، وَ أَخْبَرَ عَنِ اَلْوَحْيِ، وَ بَيَّنَ اَلْأَمْرَ وَ اَلنَّهْيَ، وَ فَصَّلَ بَيْنَ اَلْحَلاَلِ وَ اَلْحَرَامِ، وَ أَمَرَ بِالصَّلاَةِ وَ اَلصِّيَامِ، وَ حَثَّ اَلْعِبَادَ عَلَى اَلْجِهَادِ، وَ أَنْبَأَ عَنْ ثَوَابِهِ فِي اَلْمَعَادِ(2).

ص: 50


1- في هامش نسخة «ه»: عرى.
2- رواه ابن المشهدي في مزاره: 68-76، و نقله المجلسي في بحار الانوار 162:100 /ضمن الحديث 41.

ذكر ما يفعل في الروضة

اشارة

و تقف بعد ذلك في الروضة بين القبر و المنبر و تدعو بما تحب.

فَقَدْ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ اَلْجَنَّةِ، وَ إِنَّ مِنْبَرِي [عَلَى] تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ اَلْجَنَّةِ»(1).

و التُّرْعَةُ هي الباب الصغير.

وَ تَقُولُ فِي اَلدُّعَاءِ: اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ جَنَّتِكَ، وَ شُعْبَةٌ مِنْ شِعَابِ رَحْمَتِكَ اَلَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُكَ، وَ أَبَانَ عَنْ فَضْلِهَا وَ شَرَفِ اَلتَّعَبُّدِ لَكَ فِيهَا، وَ قَدْ بَلَّغْتَنِيهَا فِي سَلاَمَةِ نَفْسِي، فَلَكَ اَلْحَمْدُ يَا سَيِّدِي عَلَى عَظِيمِ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ، وَ عَلَى مَا رَزَقْتَنِيهِ مِنْ طَاعَتِكَ، وَ طَلَبِ مَرْضَاتِكَ، وَ تَعْظِيمِ حُرْمَةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِزِيَارَةِ قَبْرِهِ، وَ اَلتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَ اَلتَّرَدُّدِ فِي مَشَاهِدِهِ وَ مَوَاقِفِهِ. فَلَكَ اَلْحَمْدُ يَا مَوْلاَيَ حَمْداً يَنْتَظِمُ بِهِ مَحَامِدُ حَمَلَةِ عَرْشِكَ وَ سُكَّانِ سَمَاوَاتِكَ لَكَ، وَ يَقْصُرُ عَنْهُ حَمْدُ مَنْ مَضَى، وَ يَفْضُلُ حَمْدُ مَنْ بَقِيَ مِنْ خَلْقِكَ لَكَ، وَ لَكَ اَلْحَمْدُ يَا مَوْلاَيَ حَمْدَ مَنْ عَرَفَ اَلْحَمْدَ لَكَ، وَ اَلتَّوْفِيقَ لِلْحَمْدِ مِنْكَ، حَمْداً يَمْلَأُ مَا خَلَقْتَ، وَ يَبْلُغُ حَيْثُ مَا أَرَدْتَ، وَ لاَ يَحْجُبُ عَنْكَ، وَ لاَ يَنْقَضِي دُونَكَ، وَ يَبْلُغُ أَقْصَى رِضَاكَ، وَ لاَ يَبْلُغُ آخِرَهُ أَوَائِلُ مَحَامِدِ خَلْقِكَ لَكَ، وَ لَكَ اَلْحَمْدُ مَا عُرِفَ اَلْحَمْدُ، وَ اِعْتُقِدَ اَلْحَمْدُ، وَ جُعِلَ اِبْتِدَاءَ اَلْكَلاَمِ اَلْحَمْدُ.

يَا بَاقِيَ اَلْعِزِّ وَ اَلْعَظَمَةِ، وَ دَائِمَ اَلسُّلْطَانِ وَ اَلْقُدْرَةِ، وَ شَدِيدَ اَلْبَطْشِ وَ اَلْقُوَّةِ، وَ نَافِذَ اَلْأَمْرِ وَ اَلْإِرَادَةِ، وَ وَاسِعَ اَلرَّحْمَةِ وَ اَلْمَغْفِرَةِ، رَبَّ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ

ص: 51


1- رواه الكلينيّ في الكافي 553:4 /قطعة من حديث 1 و 554 /صدر حديثي 3 و (5) و 556 /صدر حديث 10، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 16 /قطعة من حديث 2، و الصّدوق في الفقيه 2/339:2، و الطّوسيّ في مصباحه: 653، و التّهذيب 7:6 /قطعة من حديث 12 و 13، و ابن المشهديّ في مزاره: 77، و ما بين المعقوفين اثبتناه من المصادر.

لَكَ عَلَيَّ يَقْصُرُ عَنْ أَيْسَرِهَا حَمْدِي، وَ لاَ يَبْلُغُ أَدْنَاهَا شُكْرِي، وَ كَمْ مِنْ صَنَائِعَ مِنْكَ إِلَيَّ لاَ يُحِيطُ بِكَثْرَتِهَا وَهْمِي، وَ لاَ يُقَيِّدُهَا فِكْرِي.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّكَ اَلْمُصْطَفَى، عَيْنِ اَلْبَرِيَّةِ طِفْلاً، وَ خَيْرِهَا شَابّاً وَ كَهْلاً، أَطْهَرِ اَلْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً، وَ أَجْوَدِ اَلْمُسْتَمْطِرِينَ دِيمَةً، وَ أَعْظَمِ اَلْخَلْقِ جُرْثُومَةً، اَلَّذِي أَوْضَحْتَ بِهِ اَلدَّلاَلاَتِ، وَ أَقَمْتَ اَلرِّسَالاَتِ، وَ خَتَمْتَ بِهِ اَلنُّبُوَّاتِ، وَ فَتَحْتَ بِهِ اَلْخَيْرَاتِ، وَ أَظْهَرْتَهُ مَظْهَراً، وَ بَعَثْتَهُ نَبِيّاً، وَ هَادِياً أَمِيناً مَهْدِيّاً، وَ دَاعِياً إِلَيْكَ، وَ دَالاًّ عَلَيْكَ، وَ حُجَّةً بَيْنَ يَدَيْكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْمَعْصُومِينَ مِنْ عِتْرَتِهِ، وَ اَلطَّيِّبِينَ مِنْ أُسْرَتِهِ، وَ شَرِّفْ لَدَيْكَ مَنَازِلَهُمْ، وَ عَظِّمْ عِنْدَكَ مَرَاتِبَهُمْ، وَ اِجْعَلْ فِي اَلرَّفِيقِ اَلْأَعْلَى مَجَالِسَهُمْ، وَ اِرْفَعْ إِلَى قُرْبِ رَسُولِكَ دَرَجَاتِهِمْ، وَ تَمِّمْ بِلِقَائِهِ سُرُورَهُمْ، وَ وَفِّرْ بِمَكَانِهِ أُنْسَهُمْ (1).

زيارة الزهراء فاطمة صلوات اللّه عليها في الروضة

تَقِفُ فِي اَلْمَوْضِعِ اَلْمَذْكُورِ وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَتُولِ اَلطَّاهِرَةِ، وَ اَلصِّدِّيقَةِ اَلْمَعْصُومَةِ، وَ اَلْبَرَّةِ اَلتَّقِيَّةِ، سَلِيلَةِ اَلْمُصْطَفَى، وَ حَلِيلَةِ اَلْمُرْتَضَى، أُمِّ اَلْأَئِمَّةِ اَلنُّجَبَاءِ.

اَللَّهُمَّ إِنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ دُنْيَاهَا مَظْلُومَةً مَغْشُومَةً، قَدْ مُلِئَتْ دَاءً وَ حَسْرَةً، وَ كَمَداً وَ غُصَّةً، تَشْكُو إِلَيْكَ وَ إِلَى أَبِيهَا مَا فُعِلَ بِهَا. اَللَّهُمَّ اِنْتَقِمْ لَهَا، وَ خُذْ لَهَا بِحَقِّهَا.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلزَّهْرَاءِ اَلزَّكِيَّةِ، اَلْمُبَارَكَةِ اَلْمَيْمُونَةِ صَلاَةً تَزِيدُ فِي شَرَفِ مَحَلِّهَا عِنْدَكَ، وَ جَلاَلَةِ مَنْزِلَتِهَا لَدَيْكَ، وَ بَلِّغْهَا مِنِّي اَلسَّلاَمَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهَا وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

وَ تَقُولُ أَيْضاً: اَللَّهُمَّ إِنِّي يُوهِمُنِي غَالِبُ ظَنِّي أَنَّ هَذِهِ اَلرَّوْضَةَ مُوَارَاةُ سَيِّدَةِ

ص: 52


1- رواه ابن المشهديّ في مزاره: 77، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 165:100.

نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ وَ مَثْوَاهَا، وَ مَوْضِعُ قَبْرِهَا وَ مَعْزَاهَا، فَصَلِّ عَلَيْهَا، وَ بَلِّغْهَا عَنِّي اَلسَّلاَمَ حَيْثُ كَانَتْ وَ حَلَّتْ (1).

ذكر زيارتها عليهاالسّلام في بيتها، و بالبقيع

تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَتُولِ اَلشَّهِيدَةِ، اِبْنَةِ نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ، وَ زَوْجَةِ اَلْوَصِيِّ اَلْحُجَّةِ، وَ وَالِدَةِ اَلسَّادَةِ اَلْأَئِمَّةِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ يَا فَاطِمَةُ اَلزَّهْرَاءُ اِبْنَةَ اَلنَّبِيِّ اَلْمُصْطَفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ وَ عَلَى أَبِيكِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ وَ عَلَى بَعْلِكِ وَ بَنِيكِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلْمُمْتَحَنَةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلْمَظْلُومَةُ اَلْصَابِرَةُ، لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ مَنَعَكِ حَقَّكِ، وَ دَفَعَكِ عَنْ إِرْثِكِ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكِ وَ أَعْنَتَكِ، وَ غَصَّصَكِ بِرِيقِكِ، وَ أَدْخَلَ اَلذُّلَّ بَيْتَكِ، لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَ شَايَعَ فِيهِ، وَ اِخْتَارَهُ، وَ أَعَانَ عَلَيْهِ، وَ أَلْحَقَهُمْ بِدَرَكِ اَلْجَحِيمِ. إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ بِوَلاَيَتِكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ (2).

و أما شرح زيارة الائمة عليهم السّلام فسنذكره في الفصل الحادي عشر من هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى.

ذكر ما يفعله الزائر عند مقام جبرئيل عليه السّلام بالمسجد

سُئِلَ اَلصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ عَنْ مَقَامِ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: «تَحْتَ اَلْمِيزَابِ اَلَّذِي إِذَا خَرَجْتَ مِنَ اَلْبَابِ اَلَّذِي يُقَالُ لَهُ: بَابُ فَاطِمَةَ عَلَيْهَااَلسَّلاَمُ - بِحِيَالِ اَلْبَابِ - فَالْمِيزَابُ فَوْقَكَ وَ اَلْبَابُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِكَ، فَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ فَافْعَلْ فَإِنَّهُ لاَ يَدْعُو أَحَدٌ هُنَاكَ إِلاَّ اُسْتُجِيبَ لَهُ.

ص: 53


1- اوردها المفيد في مزاره: 7 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 81، و نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 15/197:100.
2- رواها المفيد في المقنعة: 459 باختلاف يسير، و ابن المشهديّ في مزاره: 87، و نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 16/198:100.

وَ تَقُولُ هُنَاكَ: يَا مَنْ خَلَقَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ مَلَأَهَا جُنُوداً مِنَ اَلْمُسَبِّحِينَ لَهُ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ، وَ اَلْمُمَجِّدِينَ لِقُدْرَتِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ أَفْرَغَ عَلَى أَبْدَانِهِمْ حُلَلَ اَلْكَرَامَاتِ، وَ أَنْطَقَ أَلْسِنَتَهُمْ بِضُرُوبِ اَللُّغَاتِ، وَ أَلْبَسَهُمْ شِعَارَ اَلتَّقْوَى، وَ قَلَّدَهُمْ قَلاَئِدَ اَلنُّهَى، وَ جَعَلَهُمْ أَوْفَرَ أَجْنَاسِ خَلْقِهِ مَعْرِفَةً بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَ قُدْرَتِهِ وَ جَلاَلَتِهِ وَ عَظَمَتِهِ، وَ أَكْمَلَهُمْ عِلْماً بِهِ، وَ أَشَدَّهُمْ فَرَقاً مِنْهُ، وَ أَدْوَمَهُمْ لَهُ طَاعَةً وَ خُضُوعاً وَ اِسْتِكَانَةً وَ خُشُوعاً.

يَا مَنْ فَضَّلَ اَلْأَمِينَ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِخَصَائِصِهِ وَ دَرَجَاتِهِ وَ مَنَازِلِهِ، وَ اِخْتَارَهُ لِوَحْيِهِ وَ سِفَارَتِهِ وَ عَهْدِهِ وَ أَمَانَتِهِ وَ إِنْزَالِ كُتُبِهِ وَ أَوَامِرِهِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ، وَ جَعَلَهُ وَاسِطَةً بَيْنَ نَفْسِهِ وَ بَيْنَهُمْ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَ عَلَى مَلاَئِكَتِكَ وَ سُكَّانِ سَمَاوَاتِكَ، أَعْلَمِ خَلْقِكَ بِكَ، وَ أَخْوَفِ خَلْقِكَ لَكَ، وَ أَقْرَبِ خَلْقِكَ إِلَيْكَ، وَ أَعْمَلِ خَلْقِكَ بِطَاعَتِكَ، اَلَّذِينَ لاَ يَغْشَاهُمْ نَوْمُ اَلْعُيُونِ، وَ لاَ سَهْوُ اَلْعُقُولِ، وَ لاَ قَسْوَةُ اَلْأَبْدَانِ، اَلْمُكَرَّمِينَ بِجَوَارِكَ، وَ اَلْمُؤْتَمَنِينَ عَلَى وَحْيِكَ، وَ اَلْمُجَنِّبِينَ اَلْآفَاتِ، وَ اَلْمُوَقِّينَ اَلسَّيِّئَاتِ.

اَللَّهُمَّ وَ اُخْصُصِ اَلرُّوحَ اَلْأَمِينَ جَبْرَئِيلَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ بِأَضْعَافِهَا مِنْكَ، وَ عَلَى مَلاَئِكَتِكَ اَلْمُقَرَّبِينَ وَ طَبَقَاتِ اَلْكَرُوبِيِّينَ وَ اَلرُّوحَانِيِّينَ، وَ زِدْ فِي مَرَاتِبِهِ عِنْدَكَ، وَ حُقُوقِهِ اَلَّتِي لَهُ عَلَى أَهْلِ اَلْأَرْضِ بِمَا كَانَ يُنَزِّلُ بِهِ مِنْ شَرَائِعِ دِينِكَ، وَ مَا يُثْبِتُهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِكَ مِنْ مُحَلَّلاَتِكَ وَ مُحَرَّمَاتِكَ.

اَللَّهُمَّ أَكْثِرْ صَلَوَاتِكَ عَلَى جَبْرَئِيلَ، فَإِنَّهُ قُدْوَةُ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ هَادِي اَلْأَصْفِيَاءِ، وَ سَادِسُ أَصْحَابِ اَلْكِسَاءِ. اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ وُقُوفِي فِي مَقَامِهِ هَذَا سَبَباً لِنُزُولِ رَحْمَتِكَ عَلَيَّ، وَ تَجَاوُزِكَ عَنِّي.

وَ تَقُولُ: أَيْ جَوَادُ، أَيْ قَرِيبُ، أَيْ بَعِيدُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُوَفِّقَنِي لِطَاعَتِكَ، وَ لاَ تُزِيلَ عَنِّي نِعْمَتَكَ، وَ أَنْ تَرْزُقَنِي اَلْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ،

ص: 54

وَ تُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ، وَ تُغْنِيَنِي عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ، وَ تُلْهِمَنِي شُكْرَكَ وَ ذِكْرَكَ، وَ لاَ تُخَيِّبْ يَا رَبِّ دُعَائِي، وَ لاَ تَقْطَعْ رَجَائِي، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ.

[ذكر ما يفعل عند اسطوانة أبي لبابة]،

و هي أسطوانة التوبة.

تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ تَقُولُ بِعَقِيبِهِمَا:

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ اَللَّهُمَّ لاَ تُهِنِّي بِالْفَقْرِ، وَ لاَ تُذِلَّنِي بِالدَّيْنِ، وَ لاَ تَرُدَّنِي إِلَى اَلْهَلَكَةِ، وَ اِعْصِمْنِي كَيْ أَعْتَصِمَ، وَ أَصْلِحْنِي كَيْ أَنْصَلِحَ، وَ اِهْدِنِي كَيْ أَهْتَدِيَ، وَ أَعِنِّي عَلَى اِجْتِهَادِ نَفْسِي، وَ لاَ تُعَذِّبْنِي بِسُوءِ ظَنِّي، وَ لاَ تُهْلِكْنِي وَ أَنْتَ رَجَائِي، وَ أَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي وَ قَدْ أَخْطَأْتُ، وَ أَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَعْفُوَ وَ قَدْ أَقْرَرْتُ، وَ أَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تُقِيلَ وَ قَدْ عَثَرْتُ، وَ أَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تُحْسِنَ وَ قَدْ أَسَأْتُ، وَ أَنْتَ أَهْلُ اَلتَّقْوَى وَ أَهْلُ اَلْمَغْفِرَةِ. فَوَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى، وَ يَسِّرْ لِيَ اَلْيَسِيرَ، وَ جَنِّبْنِي كُلَّ عَسِيرٍ.

اَللَّهُمَّ أَغْنِنِي بِالْحَلاَلِ عَنِ اَلْحَرَامِ، وَ بِالطَّاعَاتِ عَنِ اَلْمَعَاصِي، وَ بِالْغِنَى عَنِ اَلْفَقْرِ، وَ بِالْجَنَّةِ عَنِ اَلنَّارِ، وَ بِالْأَبْرَارِ عَنِ اَلْفُجَّارِ، يَا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ، وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(1).

ص: 55


1- رواه ابن المشهدي في مزاره: 87، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 166:100.

زيارة إبراهيم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

تَقِفُ عَلَيْهِ وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى حَبِيبِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَفِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى نَجِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ سَيِّدِ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ خَاتَمِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ خِيَرَةِ اَللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلسُّعَدَاءِ وَ اَلصَّالِحِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلرُّوحُ اَلزَّاكِيَةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّفْسُ اَلشَّرِيفَةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلسُّلاَلَةُ اَلطَّاهِرَةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّسَمَةُ اَلزَّاكِيَةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْمَبْعُوثِ إِلَى كَافَّةِ اَلْوَرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْبَشِيرِ اَلنَّذِيرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلسِّرَاجِ اَلْمُنِيرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْمُؤَيَّدِ بِالْقُرْآنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْمُرْسَلِ إِلَى اَلْإِنْسِ وَ اَلْجَانِّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ صَاحِبِ اَلرَّايَةِ وَ اَلْعَلاَمَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلشَّفِيعِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ حَبَاهُ اَللَّهُ بِالْكَرَامَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدِ اِخْتَارَ اَللَّهُ لَكَ دَارَ إِنْعَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْكَ أَحْكَامَهُ، أَوْ يُكَلِّفَكَ حَلاَلَهُ وَ حَرَامَهُ، فَنَقَلَكَ إِلَيْهِ طَيِّباً زَاكِياً مَرْضِيّاً، طَاهِراً مِنْ كُلِّ نَجَسٍ، مُقَدَّساً مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، وَ بَوَّأَكَ جَنَّةَ اَلْمَأْوَى، وَ رَفَعَكَ إِلَى دَرَجَاتِ اَلْعُلَى، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ صَلاَةً تَقَرُّ بِهَا عَيْنُ رَسُولِهِ، وَ تَبْلُغُهُ أَكْبَرُ مَأْمُولِهِ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ وَ أَزْكَاهَا، وَ أَكْمَلَ بَرَكَاتِكَ وَ أَوْفَاهَا، عَلَى رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ عَلَى مَنْ نَسَلَ مِنْ أَوْلاَدِهِ اَلطَّيِّبِينَ، وَ عَلَى مَنْ خَلَّفَ مِنْ عِتْرَتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا اَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْاَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صَفِيِّكَ، وَ إِبْرَاهِيمَ نَجْلِ نَبِيِّكَ، أَنْ تَجْعَلَ سَعْيِي

ص: 56

بِهِمْ مَشْكُوراً، وَ ذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً، وَ حَيَاتِي بِهِمْ سَعِيدَةً، وَ عَاقِبَتِي بِهِمْ حَمِيدَةً، وَ حَوَائِجِي بِهِمْ مَقْضِيَّةً، وَ أَفْعَالِي بِهِمْ مَرْضِيَّةً، وَ أُمُورِي بِهِمْ مَسْعُودَةً، وَ شُؤُونِي بِهِمْ مَحْمُودَةً.

اَللَّهُمَّ أَحْسِنْ لِيَ اَلتَّوْفِيقَ، وَ نَفِّسْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَ ضِيقٍ.

اَللَّهُمَّ جَنِّبْنِي عِقَابَكَ، وَ اِمْنَحْنِي ثَوَابَكَ، وَ أَسْكِنِّي جِنَانَكَ، وَ اُرْزُقْنِي رِضْوَانَكَ وَ أَمَانَكَ، وَ أَشْرِكْ فِي صَالِحِ دُعَائِي وَالِدَيَّ وَ وُلْدِي، وَ جَمِيعَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، اَلْأَحْيَاءَ مِنْهُمْ وَ اَلْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ وَلِيُّ اَلْبَاقِيَاتِ اَلصَّالِحَاتِ، آمِينَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ تَسْأَلُ حَوَائِجَكَ (1).

ص: 57


1- اوردها ابن المشهدي في مزاره: 99، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 16/217:100.

زيارة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين رضوان اللّه و رحمته عليها

تَقِفُ عَلَى قَبْرِهَا وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ اَلْأَوَّلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ اَلْآخِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ بَعَثَهُ اَللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ اَلْهَاشِمِيَّةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلصِّدِّيقَةُ اَلْمَرْضِيَّةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلتَّقِيَّةُ اَلنَّقِيَّةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلْكَرِيمَةُ اَلْمَرْضِيَّةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ يَا كَافِلَةَ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ يَا وَالِدَةَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ يَا مَنْ ظَهَرَتْ شَفَقَتُهَا عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ خلاف(1) اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ يَا مَنْ تَرْبِيَتُهَا لِوَلِيِّ اَللَّهِ اَلْأَمِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ وَ عَلَى رُوحِكِ وَ بَدَنِكِ اَلطَّاهِرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ وَ عَلَى وَلَدِكِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكِ أَحْسَنْتِ اَلْكَفَالَةَ، وَ أَدَّيْتِ اَلْأَمَانَةَ، وَ اِجْتَهَدْتِ فِي مَرْضَاةِ اَللَّهِ، وَ بَالَغْتِ فِي حِفْظِ رَسُولِ اَللَّهِ، عَارِفَةً بِحَقِّهِ، مُؤْمِنَةً بِصِدْقِهِ، مُعْتَرِفَةً بِنُبُوَّتِهِ، مُسْتَبْصِرَةً بِنِعْمَتِهِ، كَافِلَةً بِتَرْبِيَتِهِ، مُشْفِقَةً عَلَى نَفْسِهِ، وَاقِفَةً إِلَى خِدْمَتِهِ، مُخْتَارَةً رِضَاهُ، مُؤْثِرَةً هَوَاهُ. أَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتِ عَلَى اَلْإِيمَانِ، وَ اَلتَّمَسُّكِ بِأَشْرَفِ اَلْأَدْيَانِ، رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، طَاهِرَةً زَكِيَّةً، تَقِيَّةً نَقِيَّةً، فَرَضِيَ اَللَّهُ عَنْكِ وَ أَرْضَاكِ، وَ جَعَلَ اَلْجَنَّةَ مَنْزِلَكِ وَ مَأْوَاكِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِنْفَعْنِي بِزِيَارَتِهَا، وَ ثَبِّتْنِي عَلَى مَحَبَّتِهَا،

ص: 58


1- كذا و لعلّ الصّواب: خاتم.

وَ لاَ تَحْرِمْنِي شَفَاعَتَهَا وَ شَفَاعَةَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهَا، وَ اُرْزُقْنِي مُرَافَقَتَهَا، وَ اُحْشُرْنِي مَعَهَا وَ مَعَ أَوْلاَدِهَا اَلطَّاهِرِينَ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهَا، وَ اُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ إِلَيْهَا أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَ إِذَا تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهَا، وَ أَدْخِلْنِي فِي شَفَاعَتِهَا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ. اَللَّهُمَّ بِحَقِّهَا عِنْدَكَ، وَ مَنْزِلَتِهَا لَدَيْكَ، اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، وَ آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً، وَ فِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنَا بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ اَلنَّارِ(1).

ص: 59


1- رواها ابن المشهدي في مزاره: 102، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 17/218:100.

زيارة حمزة بن عبد المطلب رضي اللّه عنه بأحد

تَقِفُ عَلَى قَبْرِهِ وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمَّ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اَلشُّهَدَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَسَدَ اَللَّهِ وَ أَسَدَ رَسُولِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ، وَ جُدْتَ بِنَفْسِكَ، وَ نَصَحْتَ لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ كُنْتَ فِي مَا عِنْدَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ رَاغِباً.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِزِيَارَتِكَ، وَ مُتَقَرِّباً إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِذَلِكَ، رَاغِباً إِلَيْكَ فِي اَلشَّفَاعَةِ. أَبْتَغِي يَا رَبِّ خَلاَصَ نَفْسِي، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنْ نَارٍ اِسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ اَلَّتِي اِحْتَطَبْتُهَا عَلَى ظَهْرِي. فَزِعاً إِلَيْكَ رَجَاءَ رَحْمَةِ رَبِّي، أَتَيْتُكَ أَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى مَوْلاَيَ، وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ، لِيَقْضِيَ بِكَ حَوَائِجِي. أَتَيْتُكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ طَالِباً فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ قَدْ أَوْقَرْتُ ظَهْرِي ذُنُوباً، وَ أَتَيْتُ مَا أَسْخَطَ رَبِّي، وَ لَمْ أَجِدْ أَحَداً أَفْزَعَ إِلَيْهِ خَيْراً لِي مِنْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ اَلرَّحْمَةِ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً يَوْمَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي، فَقَدْ سِرْتُ إِلَيْكَ مَحْزُوناً، وَ أَتَيْتُكَ مَكْرُوباً، وَ سَكَبْتُ عَبْرَتِي عِنْدَكَ بَاكِياً، وَ صِرْتُ إِلَيْكَ مُفْرِداً، أَنْتَ مِمَّنْ أَمَرَنِيَ اَللَّهُ بِصِلَتِهِ، وَ حَثَّنِي عَلَى بِرِّهِ، وَ دَلَّنِي عَلَى فَضْلِهِ، وَ هَدَانِي لِحُبِّهِ، وَ رَغَّبَنِي فِي اَلْوِفَادَةِ إِلَيْهِ، وَ أَلْهَمَنِي طَلَبَ اَلْحَوَائِجِ عِنْدَهُ. أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ لاَ يَشْقَى مَنْ تَوَلاَّكُمْ، وَ لاَ يَخِيبُ مَنْ أَتَاكُمْ، وَ لاَ يَخْسَرُ مَنْ يَهْوَاكُمْ، وَ لاَ يَسْعَدُ مَنْ عَادَاكُمْ.

ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلاَتِكَ فَانْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، اَللَّهُمَّ إِنِّي تَعَرَّضْتُ لِرَحْمَتِكَ

ص: 60

بِلُزُومِي لِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِتُجِيرَنِي مِنْ نَقِمَتِكَ وَ سَخَطِكَ وَ مَقْتِكَ، فِي يَوْمٍ تَكْثُرُ فِيهِ اَلْأَصْوَاتُ، وَ تَشْغَلُ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا قَدَّمَتْ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا، فَإِنْ تَرْحَمْنِي اَلْيَوْمَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيَّ وَ لاَ حُزْنٌ، وَ إِنْ تُعَاقِبْ فَمَوْلًى لَهُ اَلْقُدْرَةُ عَلَى عَبْدِهِ، وَ لاَ تُخَيِّبْنِي بَعْدَ اَلْيَوْمِ، وَ لاَ تَصْرِفْنِي بِغَيْرِ حَاجَتِي، فَقَدْ لَصِقْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، وَ تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ، فَتَقَبَّلْ مِنِّي، وَ عُدْ بِحِلْمِكَ عَلَى جَهْلِي، وَ بِرَأْفَتِكَ عَلَى جِنَايَةِ نَفْسِي، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي، وَ مَا أَخَافُ أَنْ تَظْلِمَنِي وَ لَكِنْ أَخَافُ سُوءَ اَلْحِسَابِ، فَانْظُرِ اَلْيَوْمَ تَقَلُّبِي عَلَى قَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، وَ بِهِمَا فَكَّنِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ لاَ تُخَيِّبْ سَعْيِي، وَ لاَ يَهُونَنَّ عَلَيْكَ اِبْتِهَالِي، وَ لاَ يَحْجُبَنَّ عَنْكَ صَوْتِي، وَ لاَ تَقْلِبْنِي بِغَيْرِ قَضَاءِ حَوَائِجِي، يَا غِيَاثَ كُلِّ مَكْرُوبٍ وَ مَحْزُونٍ، يَا مُفَرِّجاً عَنِ اَلْمَلْهُوفِ اَلْحَيْرَانِ اَلْغَرِيقِ اَلْمُشْرِفِ عَلَى اَلْهَلَكَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اُنْظُرْ إِلَيَّ نَظْرَةً لاَ أَشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً، وَ اِرْحَمْ تَضَرُّعِي وَ عَبْرَتِي وَ اِنْفِرَادِي، فَقَدْ رَجَوْتُ رِضَاكَ، وَ تَحَرَّيْتُ اَلْخَيْرَ اَلَّذِي لاَ يُعْطِيهِ أَحَدٌ سِوَاكَ، فَلاَ تَرُدَّ أَمَلِي.

اَللَّهُمَّ إِنْ تُعَاقِبْ فَمَوْلًى لَهُ اَلْقُدْرَةُ عَلَى عَبْدِهِ، وَ جَزَاؤُهُ سُوءَ فِعْلِهِ، فَلاَ أَخِيبَنَّ اَلْيَوْمَ، وَ لاَ تَصْرِفْنِي بِغَيْرِ حَوَائِجِي، وَ لاَ تُخَيِّبَنَّ شُخُوصِي وَ وِفَادَتِي، فَقَدْ أَنْفَدْتُ نَفَقَتِي، وَ أَتْعَبْتُ بَدَنِي، وَ قَطَعْتُ اَلْمَفَازَاتِ، وَ خَلَّفْتُ اَلْأَهْلَ وَ اَلْمَالَ وَ مَا خَوَّلْتَنِي، وَ آثَرْتُ مَا عِنْدَكَ عَلَى نَفْسِي، وَ لُذْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ تَقَرَّبْتُ بِهِ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلَى جَهْلِي، وَ بِرَأْفَتِكَ عَلَى ذَنْبِي، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي فَاغْفِرْهُ بِرَأْفَتِكَ يَا كَرِيمُ (1).

ص: 61


1- روى ابن قولويه في كامل الزيارات: 1/22 قطعة منها، و رواها ابن المشهدي في مزاره: 105، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 18/220:100.

زيارة قبور الشهداء باحد رضوان اللّه عليهم

تَقِفُ عَلَيْهِمْ وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّاهِرِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلشُّهَدَاءُ اَلْمُؤْمِنُونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ اَلْإِيمَانِ وَ اَلتَّوْحِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ دِينِ اَللَّهِ وَ أَنْصَارَ رَسُولِهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ، سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ، سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّار، أَشْهَدُ أَنَّ اَللَّهَ اِخْتَارَكُمْ لِدِينِهِ، وَ اِصْطَفَاكُمْ لِرَسُولِهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ جَاهَدْتُمْ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ ذَبَبْتُمْ عَنْ دِينِ اَللَّهِ وَ عَنْ نَبِيِّهِ، وَ جُدْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ دُونَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قُتِلْتُمْ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اَللَّهِ. فَجَزَاكُمُ اَللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِ وَ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ، وَ عَرَّفَنَا وُجُوهَكُمْ فِي مَحَلِّ رِضْوَانِهِ، وَ مَوْضِعِ إِكْرَامِهِ، مَعَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ حِزْبُ اَللَّهِ، وَ أَنَّ مَنْ حَارَبَكُمْ فَقَدْ حَارَبَ اَللَّهَ، وَ أَنَّكُمْ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ وَ اَلْفَائِزِينَ اَلَّذِينَ هُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَعَلَى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اَللَّهِ وَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ اَلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، أَتَيْتُكُمْ يَا أَهْلَ اَلتَّوْحِيدِ زَائِراً، وَ لِحَقِّكُمْ عَارِفاً، وَ بِزِيَارَتِكُمْ إِلَى اَللَّهِ مُتَقَرِّباً، وَ بِمَا سَبَقَ مِنْ شَرِيفِ اَلْأَعْمَالِ وَ مَرْضِيِّ اَلْأَفْعَالِ عَالِماً، فَعَلَيْكُمْ سَلاَمُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ عَلَى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اَللَّهِ وَ غَضَبُهُ وَ سَخَطُهُ.

اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنِي بِزِيَارَتِهِمْ، وَ ثَبِّتْنِي عَلَى قَصْدِهِمْ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى مَا تَوَفَّيْتَهُمْ عَلَيْهِ، وَ اِجْمَعْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فِي مُسْتَقَرِّ دَارِ رَحْمَتِكَ، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ لَنَا فَرَطٌ، وَ نَحْنُ بِكُمْ لاَحِقُونَ.

وَ تَقْرَأُ سُورَةَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) مِرَاراً مَهْمَا أَمْكَنَكَ، وَ تَنْصَرِفُ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 62


1- رواها ابن المشهدي في مزاره: 111، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 19/221:100.

ذكر المساجد المعظمة بمدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله عمل مسجد قبا

قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: «مَنْ أَتَاهُ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ رَجَعَ بِعُمْرَةٍ»(1).

فإذا دخلته صلّ فيه تحية المسجد ركعتين، و سبّح تسبيح الزهراء عليها السّلام، ثم اتل الزيارة الجامعة المختصرة التي نذكرها لزيارة يونس بن متى عليه السّلام،

ثُمَّ تَدْعُو فَتَقُولُ: يَا كَائِناً قَبْلَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ يَا كَائِناً بَعْدَ هَلاَكِ كُلِّ شَيْ ءٍ، لاَ يَسْتَتِرُ عَنْهُ شَيْ ءٌ، وَ لاَ يَشْغَلُهُ شَيْ ءٌ عَنْ شَيْ ءٍ، كَيْفَ تَهْتَدِي اَلْقُلُوبُ إِلَى صِفَتِكَ، أَوْ تَبْلُغُ اَلْعُقُولُ نَعْتَكَ؟! وَ قَدْ كُنْتَ قَبْلَ اَلْوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ لَمْ تَرَكَ اَلْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ اَلْأَبْصَارِ فَتَكُونَ بِالْعَيَانِ مَوْصُوفاً، وَ لَمْ تُحِطْ بِكَ اَلْأَوْهَامُ فَتُوجَدَ مُتَكَيَّفاً مَحْدُوداً، حَارَتِ اَلْأَبْصَارُ دُونَكَ، وَ كَلَّتِ اَلْأَلْسُنُ عَنْكَ، وَ عَجَزَتِ اَلْأَوْهَامُ عَنِ اَلْإِحَاطَةِ بِكَ، وَ غَرِقَتِ اَلْأَذْهَانُ فِي نَعْتِ قُدْرَتِكَ، وَ اِمْتَنَعَتْ عَنِ اَلْأَبْصَارِ رُؤْيَتُكَ، وَ تَعَالَتْ عَنِ اَلتَّحْدِيدِ أَزَلِيَّتُكَ.

وَ صَارَ كُلُّ شَيْ ءٍ خَلَقْتَهُ حُجَّةً لَكَ، وَ مُنْتَسِباً إِلَى فِعْلِكَ، وَ صَادِراً عَنْ صُنْعِكَ، فَمِنْ بَيْنِ مُبْتَدَعٍ يَدُلُّ عَلَى اِبْتِدَاعِكَ، وَ مُصَوَّرٍ يَشْهَدُ بِتَصْوِيرِكَ، وَ مُقَدَّرٍ يُنْبِئُ عَلَى تَقْدِيرِكَ، وَ مُدَبَّرٍ يَنْطِقُ بِتَدْبِيرِكَ، وَ مَصْنُوعٍ يُومِئُ إِلَى تَأْثِيرِكَ. لَمْ تُحْدِثْ شَيْئاً مِنْ مَصْنُوعَاتِكَ وَ مَبْرُوءَ اتِكَ وَ مَفْطُورَاتِكَ وَ أَرْضِكَ وَ أَجْنَاسِ خَلْقِكَ؛ لِتَسْدِيدِ سُلْطَانٍ،

ص: 63


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 2/24، و الصّدوق في الفقيه 685/148:1، و ابن المشهديّ في مزاره: 113.

وَ لاَ لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَ نُقْصَانٍ، وَ لاَ اِسْتِعَانَةٍ عَلَى ضِدٍّ مُكَاثِرٍ، أَوْ نِدٍّ مُنَاوِئٍ، وَ لاَ يَئُودُكَ حِفْظُ مَا خَلَقْتَ، وَ لاَ تَدْبِيرُ مَا ذَرَأْتَ، وَ لاَ مِنْ عَجْزٍ اِكْتَفَيْتَ بِمَا بَرَأْتَ، وَ لاَ مَسَّكَ لُغُوبٌ فِي مَا فَطَرْتَ وَ بَنَيْتَ عَلَيْهِ قُدْرَتَكَ، وَ لاَ دَخَلَتْ عَلَيْكَ شُبْهَةٌ فِي مَا أَرَدْتَ.

يَا مَنْ تَعَالَى عَنِ اَلْحُدُودِ وَ اَلْجِهَاتِ، وَ عَنْ تأيل الشبهة و العلات [أَقَاوِيلِ اَلْمُشَبِّهَةِ وَ اَلْغُلاَةِ]، وَ إِجْبَارِ اَلْعِبَادِ عَلَى اَلْمَعَاصِي وَ اَلاِكْتِسَابَاتِ، وَ يَا مَنْ تَجَلَّى لِعُقُولِ اَلْمُوَحِّدِينَ، بِالشَّوَاهِدِ وَ اَلدَّلاَلاَتِ وَ دَلَّ اَلْعِبَادَ عَلَى وُجُودِهِ بِالْآيَاتِ اَلْبَيِّنَاتِ اَلْبَاهِرَاتِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ اَلْمُصْطَفَى، وَ حَبِيبِكَ اَلْمُجْتَبَى، نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ وَ اَلْهُدَى، وَ يَنْبُوعِ اَلْحِكْمَةِ وَ اَلنَّدَى، وَ مَعْدِنِ اَلْخَشْيَةِ وَ اَلتُّقَى، سَيِّدِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ أَفْضَلِ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ عَلَى آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ، وَ اِفْعَلْ بِنَا مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.(1).

و تصلي في مشربة أم إبراهيم، و مسجد الفضيخ، و مسجد الفتح،

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ اَلصَّلاَةِ فِي مَسْجِدِ اَلْفَتْحِ قُلْتَ: يَا صَرِيخَ اَلْمَكْرُوبِينَ، وَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ اَلْمُضْطَرِّينَ، يَا مُغِيثَ اَلْمَهْمُومِينَ، اِكْشِفْ عَنِّي ضُرِّي وَ هَمِّي وَ كَرْبِي وَ غَمِّي، كَمَا كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ كَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ، وَ اِكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (2).

و تصلي في دار زين العابدين و دار الصادق عليهما السّلام ما أمكنك، و تصلي في مسجد سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه، و تصلي في مسجد أمير المؤمنين

ص: 64


1- رواها ابن المشهدي في مزاره: 115، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار: 223/100.
2- روى الكليني في الكافي 2/560:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 24، و الصدوق في الفقيه 2: 343، و الطوسي في مصباحه: 656، و في التهذيب 38/17:6 و 39، قطعة منه، و رواه ابن المشهدي في مزاره: 119، و نقله المجلسي في بحار الأنوار: 224/100.

عليه السّلام، و هو محاذي قبر حمزة رحمه اللّه، و تصلي في مسجد المباهلة و تدعو بما تحب إن شاء اللّه تعالى(1).

فَإِذَا فَرَغْتَ مِمَّا أَشَرْنَا إِلَيْهِ وَ أَرَدْتَ اَلْخُرُوجَ مِنَ اَلْمَدِينَةِ فَقِفْ عِنْدَ حُجْرَةِ اَلنَّبِيِّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَمَا وَقَفْتَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ وَدِّعْهُ وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمَ، آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَ مَا جِئْتَ بِهِ، وَ دَلَلْتَ عَلَيْهِ. اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ، وَ إِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّنِي أَشْهَدُ فِي مَمَاتِي عَلَى مَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِي، أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (2).

و ودعه ايضا بالوداع الذي نذكره آخر الفصل الرابع عقيب زيارته من البعد إن شاء اللّه.

ثم تودع فاطمة عليهاالسّلام بما سنح لك على خاطرك.

و أما وداع الأئمة عليهم السّلام بالبقيع، فسيأتي في موضعه إن شاء اللّه تعالى.

ص: 65


1- رواه ابن المشهدي في مزاره: 119، و نقله المجلسي في بحار الأنوار: 225/100.
2- رواه الكليني في الكافي 1/563:4 دون صدره، و كذا ابن قولويه في كامل الزيارات: 1/26، و الصدوق في الفقيه 343:2-344، و الطوسي في التهذيب 20/11:6 من دون صدره.

الفصل الرابع في الأمر بزيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله من البعد و كيفيتها

رُوِيَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَارَ قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ كَمَنْ هَاجَرَ إِلَيَّ فِي حَيَاتِي فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا فَابْعَثُوا إِلَيَّ بِالسَّلاَمِ»(1).

وَ فِي حَدِيثٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ ذَكَرَ زِيَارَةَ اَلنَّبِيِّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ يَسْمَعُكَ مِنْ قَرِيبٍ، وَ يَبْلُغُهُ عَنْكَ مِنْ بَعِيدٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَمَثِّلْ بَيْنَ يَدَيْكَ شِبْهَ اَلْقَبْرِ وَ اُكْتُبْ عَلَيْهِ اِسْمَهُ، وَ تَكُونُ عَلَى غُسْلٍ، ثُمَّ قُمْ قَائِماً وَ قُلْ وَ أَنْتَ تَتَخَيَّلُ بِقَلْبِكَ مُوَاجَهَتَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّهُ سَيِّدُ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ أَنَّهُ سَيِّدُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمُرْسَلِينَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْأَئِمَّةِ اَلطَّيِّبِينَ.

ثُمَّ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيلَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَحْمَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَجِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَاتَمَ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا قَائِماً بِالْقِسْطِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا فَاتِحَ اَلْخَيْرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَعْدِنَ اَلْوَحْيِ وَ اَلتَّنْزِيلِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُبَلِّغاً عَنِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلسِّرَاجُ اَلْمُنِيرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ

ص: 66


1- رواه ابن الاشعث الكوفيّ في الجعفريّات: 76، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 17/14، و المفيد في مزاره: 1/146، و المقنعة: 457، و الطّوسيّ في التّهذيب 1/3:6، و السبزواري في جامع الأخبار: 1/69.

يَا مُبَشِّرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ اَلَّذِي يُسْتَضَاءُ بِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ اَلْهَادِينَ اَلْمَهْدِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى جَدِّكَ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، وَ عَلَى أَبِيكَ عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أُمِّكَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمِّكَ حَمْزَةَ سَيِّدِ اَلشُّهَدَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمِّكَ اَلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمِّكَ وَ كَفِيلِكَ أَبِي طَالِبٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّد ُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَحْمَد ُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ عَلَى اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، اَلسَّابِقِ إِلَى طَاعَةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ اَلْمُهَيْمِنِ عَلَى رُسُلِهِ، وَ اَلْخَاتَمِ لِأَنْبِيَائِهِ، وَ اَلشَّاهِدِ عَلَى خَلْقِهِ، وَ اَلشَّفِيعِ إِلَيْهِ، وَ اَلْمَكِينِ لَدَيْهِ، وَ اَلْمُطَاعِ فِي مَلَكُوتِهِ، اَلْأَحْمَدِ مِنَ اَلْأَوْصَافِ، اَلْمُحَمَّدِ لِسَائِرِ اَلْأَشْرَافِ، اَلْكَرِيمِ عِنْدَ اَلرَّبِّ، وَ اَلْمُكَلَّمِ مِنْ وَرَاءِ اَلْحُجُبِ، اَلْفَائِزِ بِالسِّبَاقِ، وَ اَلْفَائِتِ عَنِ اَللِّحَاقِ. تَسْلِيمَ عَارِفٍ بِحَقِّكَ، مُعْتَرِفٍ بِالتَّقْصِيرِ فِي قِيَامِهِ بِوَاجِبِكَ، غَيْرِ مُنْكِرٍ مَا اِنْتَهَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِكَ، مُوقِنٍ بِالْمَزِيدَاتِ مِنْ رَبِّكَ، مُؤْمِنٍ بِالْكِتَابِ اَلْمَنْزَلِ عَلَيْكَ، مُحَلِّلٍ حَلاَلَكَ، مُحَرِّمٍ حَرَامَكَ.

أَشْهَدُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ، وَ أَتَحَمَّلُهَا عَنْ كُلِّ جَاحِدٍ، أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالاَتِ رَبِّكَ، وَ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ، وَ صَدَعْتَ بِأَمْرِهِ، وَ اِحْتَمَلْتَ اَلْأَذَى فِي جَنْبِهِ، وَ دَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ اَلْجَمِيلَةِ، وَ أَدَّيْتَ اَلْحَقَّ اَلَّذِي كَانَ عَلَيْكَ، وَ أَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَ غَلُظْتَ عَلَى اَلْكَافِرِينَ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينَ. فَبَلَغَ اَللَّهُ بِكَ أَشْرَفَ مَحَلِّ اَلْمُكَرَّمِينَ، وَ أَعْلَى مَنَازِلِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ اَلْمُرْسَلِينَ، حَيْثُ لاَ يَلْحَقُكَ لاَحِقٌ، وَ لاَ يَفُوقُكَ فَائِقٌ، وَ لاَ يَسْبِقُكَ سَابِقٌ، وَ لاَ يَطْمَعُ فِي إِدْرَاكِكَ طَامِعٌ.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي اِسْتَنْقَذَنَا بِكَ مِنَ اَلْهَلَكَةِ، وَ هَدَانَا بِكَ مِنَ اَلضَّلاَلَةِ، وَ نَوَّرَنَا بِكَ مِنَ اَلظُّلْمَةِ، فَجَزَاكَ اَللَّهُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مِنْ مَبْعُوثٍ أَفْضَلَ مَا جَازَى نَبِيّاً عَنْ

ص: 67

أُمَّتِهِ، وَ رَسُولاً عَمَّنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ. بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اَللَّهِ، زُرْتُكَ عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُقِرّاً بِفَضْلِكَ، مُسْتَبْصِراً بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَكَ وَ خَالَفَ أَهْلَ بَيْتِكَ، عَارِفاً بِالْهُدَى اَلَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي، أَنَا أُصَلِّي عَلَيْكَ كَمَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ صَلَّى عَلَيْكَ مَلاَئِكَتُهُ وَ أَنْبِيَاؤُهُ وَ رُسُلُهُ، صَلاَةً مُتَتَابِعَةً، وَافِرَةً مُتَوَاصِلَةً لاَ اِنْقِطَاعَ لَهَا وَ لاَ أَمَدَ وَ لاَ أَجَلَ. صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ كَمَا أَنْتُمْ أَهْلُهُ.

ثُمَّ اُبْسُطْ كَفَّيْكَ وَ قُلْ: اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ جَوَامِعَ صَلَوَاتِكَ، وَ نَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ، وَ فَوَاضِلَ خَيْرَاتِكَ، وَ شَرَائِفَ تَحِيَّاتِكَ وَ تَسْلِيمَاتِكَ وَ كَرَامَاتِكَ وَ رَحَمَاتِكَ، وَ صَلَوَاتِ مَلاَئِكَتِكَ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَنْبِيَائِكَ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ أَئِمَّتِكَ اَلْمُنْتَجَبِينَ، وَ عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ، وَ أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرَضِينَ وَ مَنْ سَبَّحَ لَكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ شَاهِدِكَ، وَ نَبِيِّكَ وَ نَذِيرِكَ، وَ أَمِينِكَ وَ مَكِينِكَ، وَ نَجِيِّكَ وَ نَجِيبِكَ، وَ حَبِيبِكَ وَ خَلِيلِكَ، وَ صَفِيِّكَ وَ صَفْوَتِكَ، وَ خَاصَّتِكَ وَ خَالِصَتِكَ، وَ رَحْمَتِكَ وَ خَيْرِ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ، وَ خَازِنِ اَلْمَغْفِرَةِ، وَ قَائِدِ اَلْخَيْرِ وَ اَلْبَرَكَةِ، وَ مُنْقِذِ اَلْعِبَادِ مِنَ اَلْهَلَكَةِ بِإِذْنِكَ، وَ دَاعِيهِمْ إِلَى دِينِكَ، اَلْقَيِّمِ بِأَمْرِكَ، أَوَّلِ اَلنَّبِيِّينَ مِيثَاقاً، وَ آخِرِهِمْ مَبْعَثاً، اَلَّذِي غَمَسْتَهُ فِي بَحْرِ اَلْفَضِيلَةِ لِلْمَنْزِلَةِ اَلْجَلِيلَةِ، وَ اَلدَّرَجَةِ اَلرَّفِيعَةِ، وَ اَلْمَرْتَبَةِ اَلْخَطِيرَةِ، وَ أَوْدَعْتَهُ اَلْأَصْلاَبَ اَلطَّاهِرَةَ، وَ نَقَلْتَهُ مِنْهَا إِلَى اَلْأَرْحَامِ اَلْمُطَهَّرَةِ، لُطْفاً لَهُ مِنْكَ، وَ تَحَنُّناً مِنْكَ عَلَيْهِ، إِذْ وَكَّلْتَ بِصَوْنِهِ وَ حَرَاسَتِهِ، وَ حِفْظِهِ وَ حِيَاطَتِهِ مِنْ قُدْرَتِكَ عَيْناً عَاصِمَةً حَجَبْتَ بِهَا عَنْهُ مَدَانِسَ اَلْعَهْرِ، وَ مَعَايِبَ اَلسِّفَاحِ، حَتَّى رَفَعْتَ نَوَاظِرَ اَلْعِبَادِ، وَ أَحْيَيْتَ مَيْتَ اَلْبِلاَدِ، بِأَنْ كَشَفْتَ عَنْ نُورِ وِلاَدَتِهِ ظُلَمَ اَلْأَسْتَارِ، وَ أَلْبَسْتَ حَرَمَكَ بِهِ حُلَلَ اَلْأَنْوَارِ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا خَصَصْتَهُ بِشَرَفِ هَذِهِ اَلْمُرْتَبَةِ اَلْكَرِيمَةِ، وَ ذُخْرِ هَذِهِ اَلْمَنْقَبَةِ

ص: 68

اَلْعَظِيمَةِ، صَلِّ عَلَيْهِ كَمَا وَفَى بِعَهْدِكَ، وَ بَلَّغَ رِسَالاَتِكَ، وَ قَاتَلَ أَهْلَ اَلْجُحُودِ عَلَى تَوْحِيدِكَ، وَ قَطَعَ رَحِمَ اَلْكُفْرِ فِي إِعْزَازِ دِينِكَ، وَ لَبِسَ ثَوْبَ اَلْبَلْوَى فِي مُجَاهَدَةِ أَعْدَائِكَ.

وَ أَوْجِبْ لَهُ بِكُلِّ أَذًى مَسَّهُ، أَوْ كَيْدٍ أَحَسَّ بِهِ مِنَ اَلْفِئَةِ اَلَّتِي حَاوَلَتْ قَتْلَهُ فَضِيلَةً تَفُوقُ اَلْفَضَائِلَ، وَ يَمْلِكُ اَلْجَزِيلَ بِهَا مِنْ نَوَالِكَ، فَلَقَدْ أَسَرَّ اَلْحَسْرَةَ، وَ أَخْفَى اَلزَّفْرَةَ، وَ تَجَرَّعَ اَلْغُصَّةَ، وَ لَمْ يَتَخَطَّ مَا مَثَّلَ لَهُ وَحْيُكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ صَلاَةً تَرْضَاهَا لَهُمْ وَ بَلِّغْهُمْ مِنَّا تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَ سَلاَماً، وَ آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوَالاَتِهِمْ فَضْلاً وَ إِحْسَاناً، وَ رَحْمَةً وَ غُفْرَاناً، إِنَّكَ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ.

ثُمَّ صَلِّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، وَ هِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، تَقْرَأُ فِيهَا مَا شِئْتَ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَسَبِّحْ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّٰهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّٰهَ تَوّٰاباً رَحِيماً (1) وَ لَمْ أَحْضُرْ زَمَانَ رَسُولِكَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، اَللَّهُمَّ وَ قَدْ زُرْتُهُ رَاغِباً تَائِباً مِنْ سَيِّئِ عَمَلِي، وَ مُسْتَغْفِراً لَكَ مِنْ ذُنُوبِي، وَ مُقِرّاً لَكَ بِهَا، وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّي، وَ مُتَوَجِّهاً بِنَبِيِّكَ إِلَيْكَ، نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَاجْعَلْنِي اَللَّهُمَّ بِمُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ.

يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، يَا سَيِّدَ خَلْقِ اَللَّهِ، إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اَللَّهِ رَبِّكَ وَ رَبِّي لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، وَ يَتَقَبَّلَ مِنِّي عَمَلِي، وَ يَقْضِيَ لِي حَوَائِجِي، فَكُنْ لِي شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَ رَبِّي، فَنِعْمَ اَلْمَسْئُولُ اَلْمَوْلَى رَبِّي، وَ نِعْمَ اَلشَّفِيعُ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ اَلسَّلاَمُ.

اَللَّهُمَّ وَ أَوْجِبْ لِي مِنْكَ اَلْمَغْفِرَةَ وَ اَلرَّحْمَةَ، وَ اَلرِّزْقَ اَلْوَاسِعَ اَلطَّيِّبَ اَلنَّافِعَ، كَمَا

ص: 69


1- النّساء 64:4.

أَوْجَبْتَ لِمَنْ أَتَى نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ حَيٌّ فَأَقَرَّ لَهُ بِذُنُوبِهِ، وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُكَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَغَفَرْتَ لَهُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ قَدْ أَمَّلْتُكَ وَ رَجَوْتُكَ، وَ قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ رَغِبْتُ إِلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، وَ قَدْ أَمَّلْتُ جَزِيلَ ثَوَابِكَ، وَ إِنِّي لَمُقِرٌّ غَيْرُ مُنْكِرٍ وَ تَائِبٌ إِلَيْكَ مِمَّا اِقْتَرَفْتُ، وَ عَائِذٌ بِكَ فِي هَذَا اَلْمَقَامِ مِمَّا قَدَّمْتُ مِنَ اَلْأَعْمَالِ اَلَّتِي تَقَدَّمْتَ إِلَيَّ فِيهَا، وَ نَهَيْتَنِي عَنْهَا، وَ أَوْعَدْتَ عَلَيْهَا بِالْعِقَابِ.

وَ أَعُوذُ بِكَرَمِ وَجْهِكَ أَنْ تُقِيمَنِي مَقَامَ اَلْخِزْيِ وَ اَلذُّلِّ يَوْمَ تُهْتَكُ فِيهِ اَلْأَسْتَارُ، وَ تَبْدُو فِيهِ اَلْأَسْرَارُ وَ اَلْفَضَائِحُ، وَ تُرْعَدُ فِيهِ اَلْفَرَائِصُ، يَوْمَ اَلْحَسْرَةِ وَ اَلنَّدَامَةِ، يَوْمَ اَلْآفِكَةِ، يَوْمَ اَلْآزِفَةِ، يَوْمَ اَلتَّغَابُنِ، يَوْمَ اَلْفَصْلِ، يَوْمَ اَلْجَزَاءِ، يَوْماً كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، يَوْمَ اَلنَّفْخَةٍ، يَوْمَ تَرْجُفُ اَلرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا اَلرَّادِفَةُ، يَوْمَ اَلنَّشْرِ، يَوْمَ اَلْعَرْضِ، يَوْمَ يَقُومُ اَلنَّاسُ لِرَبِّ اَلْعَالَمِينَ، يَوْمَ يَفِرُّ اَلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صَاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ، يَوْمَ تَشَقَّقُ اَلْأَرْضُ وَ أَكْنَافُ اَلسَّمَاءِ، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا، يَوْمَ يُرَدُّونَ فِيهِ إِلَى اَللَّهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا، يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لاَ هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اَللَّهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلرَّحِيمُ، يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلَى اَللَّهِ مَوْلاَهُمُ اَلْحَقِّ، يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ اَلْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ، وَ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى اَلدَّاعِ إِلَى اَللَّهِ، يَوْمَ اَلْوَاقِعَةِ، يَوْمَ تُرَجُّ اَلْأَرْضُ رَجّاً، يَوْمَ تَكُونُ اَلسَّمَاءُ كَالْمُهْلِ، وَ تَكُونُ اَلْجِبَالُ كَالْعِهْنِ، وَ لاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً، يَوْمَ اَلشَّاهِدِ وَ اَلْمَشْهُودِ، يَوْمَ تَكُونُ اَلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً صَفّاً.

اَللَّهُمَّ اِرْحَمْ مَوْقِفِي فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ بِمَوْقِفِي فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ لاَ تُخْزِنِي فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، وَ اِجْعَلْ يَا رَبِّ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ مَعَ أَوْلِيَائِكَ مُنْطَلَقِي، وَ فِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ مَحْشَرِي، وَ اِجْعَلْ حَوْضَهُ مَوْرِدِي، وَ فِي اَلْغُرِّ

ص: 70

اَلْكِرَامِ مَصْدَرِي وَ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي حَتَّى أَفُوزَ بِحَسَنَاتِي، وَ تُبَيِّضَ بِهِ وَجْهِي، وَ تُيَسِّرَ بِهِ حِسَابِي، وَ تُرَجِّحَ بِهِ مِيزَانِي، وَ أَمْضِيَ مَعَ اَلْفَائِزِينَ مِنْ عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ إِلَى رِضْوَانِكَ وَ جَنَّاتِكَ، إِلَهَ اَلْعَالَمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَفْضَحَنِي فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ بَيْنَ يَدَيِ اَلْخَلاَئِقِ بِجَرِيرَتِي، أَوْ أَنْ أَلْقَى اَلْخِزْيَ وَ اَلنَّدَامَةَ بِخَطِيئَتِي، أَوْ أَنْ تُظْهِرَ فِيهِ سَيِّئَاتِي عَلَى حَسَنَاتِي، أَوْ أَنْ تُنَوِّهَ بَيْنَ اَلْخَلاَئِقِ بِاسْمِي، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ، اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ، اَلسَّتْرَ اَلسَّتْرَ.

اَللَّهُمَّ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ فِي مَوَاقِفِ اَلْأَشْرَارِ مَوْقِفِي، أَوْ فِي مَقَامِ اَلْأَشْقِيَاءِ مَقَامِي، وَ إِذَا مَيَّزْتَ بَيْنَ خَلْقِكَ فَسُقْتَ كُلاًّ بِأَعْمَالِهِمْ زُمَراً إِلَى مَنَازِلِهِمْ فَسُقْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ، وَ فِي زُمْرَةِ أَوْلِيَائِكَ اَلْمُتَّقِينَ، إِلَى جَنَّاتِكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ وَدِّعْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْبَشِيرُ اَلنَّذِيرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلسِّرَاجُ اَلْمُنِيرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلسَّفِيرُ بَيْنَ اَللَّهِ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، أَشْهَدُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي اَلْأَصْلاَبِ اَلشَّامِخَةِ، وَ اَلْأَرْحَامِ اَلْمُطَهَّرَةِ، لَمْ تُنَجِّسْكَ اَلْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا، وَ لَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِمَّاتِ ثِيَابِهَا، وَ أَشْهَدُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَنِّي مُؤْمِنٌ بِكَ، وَ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مُوقِنٌ، وَ بِجَمِيعِ مَا أَتَيْتَ بِهِ رَاضٍ مُؤْمِنٌ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ أَعْلاَمُ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَمَاتِي عَلَى مَا أَشْهَدُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِي أَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ، وَ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْلِيَاؤُكَ

ص: 71

وَ أَنْصَارُكَ، وَ حُجَجُكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ خُلَفَاؤُكَ فِي عِبَادِكَ، وَ أَعْلاَمُكَ فِي بِلاَدِكَ، وَ خُزَّانُ عِلْمِكَ، وَ حَفَظَةُ سِرِّكَ، وَ تَرَاجِمَةُ وَحْيِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّد ٍ، وَ بَلِّغْ رُوحَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي سَاعَتِي هَذِهِ وَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ تَحِيَّةً مِنِّي وَ سَلاَماً، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ تَسْلِيمِي عَلَيْكَ (1).

ص: 72


1- رواها المفيد في مزاره: 1-7 (مخطوط)، و الشهيد الأول في مزاره: 10، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 11/183:100.

الفصل الخامس في ذكر فضل زيارة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه و آله،

اشارة

و ما يتقدمها من العمل بالأماكن الشريفة بالكوفة على القاعدة المألوفة

عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «كَانَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَجْرِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ:

يَا أَبَاهُ، مَا لِمَنْ زَارَكَ بَعْدَ مَوْتِكَ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، مَنْ أَتَانِي زَائِراً بَعْدَ مَوْتِي فَلَهُ اَلْجَنَّةُ، وَ مَنْ أَتَى أَبَاكَ بَعْدَ مَوْتِهِ زَائِراً فَلَهُ اَلْجَنَّةُ، وَ مَنْ أَتَى أَخَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ اَلْجَنَّةُ، وَ مَنْ أَتَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِكَ فَلَهُ اَلْجَنَّةُ»(1).

وَ رُوِيَ عَنِ اِبْنِ مَارِدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: مَا لِمَنْ زَارَ جَدَّكَ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَارِفاً بِحَقِّهِ؟ فَقَالَ: «يَا اِبْنَ مَارِدٍ، مَنْ زَارَ جَدِّي أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَجَّةً مَقْبُولَةً وَ عُمْرَةً مَقْبُولَةً، وَ اَللَّهِ - يَا اِبْنَ مَارِدٍ - مَا يُطْعِمُ اَللَّهُ اَلنَّارَ قَدَماً تَغَبَّرَتْ فِي زِيَارَةِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، مَاشِياً كَانَ أَوْ رَاكِباً يَا اِبْنَ مَارِدٍ، اُكْتُبْ هَذَا اَلْحَدِيثَ بِمَاءِ اَلذَّهَبِ»(2).

وَ عَنْ يُونُسَ بْنِ وُهَيْبٍ اَلْقَصْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ اَلْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَتَيْتُكَ وَ لَمْ أَزُرْ قَبْرَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَقَالَ:

«بِئْسَ مَا صَنَعْتَ، لَوْ لاَ أَنَّكَ مِنْ شِيعَتِنَا مَا نَظَرْتُ إِلَيْكَ، أَلاَ تَزُورُ مَنْ يَزُورُهُ اَللَّهُ

ص: 73


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 1/10، و الصّدوق في ثواب الأعمال: 1/107، و المفيد في مزاره: 1/30، و المقنعة: 465، و الطّوسيّ في التّهذيب 1/20:6، و السبزواري في جامع الأخبار 99/75.
2- رواه الطّوسيّ في التّهذيب 49/21:6.

مَعَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ تَزُورُهُ اَلْأَنْبِيَاءُ وَ يَزُورُهُ اَلْمُؤْمِنُونَ»؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ، قَالَ: «فَاعْلَمْ أَنَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عِنْدَ اَللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ اَلْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ، وَ لَهُ ثَوَابُ أَعْمَالِهِمْ، وَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فُضِّلُوا»(1).

ذكر ورود شريعة الكوفة

فَإِذَا وَصَلْتَ هُنَاكَ فَاقْصِدِ الْغُسْلَ فِي الشَّرِيعَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَ هِيَ شَرِيعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إِلَّا فَفِي غَيْرِهَا، وَ تِلْكَ أَفْضَلُ.

وَ نِيَّةُ هَذَا الْغُسْلِ مَنْدُوبٌ قُرْبَةً إِلَى اللّهِ، وَ تَقُولُ عِنْدَ غُسْلِكَ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ نُوراً وَ طَهُوراً، وَ حِرْزاً وَ أَمْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، اَللَّهُمَّ طَهِّرْنِي وَ طَهِّرْ قَلْبِي، وَ اِشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَ أَجْرِ مَحَبَّتَكَ وَ ذِكْرَكَ عَلَى لِسَانِي، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْمَاءَ طَهُوراً، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي عَبْداً شَكُوراً، وَ لآِلاَئِكَ ذَكُوراً، اَللَّهُمَّ احيي [أَحْيِ ]قَلْبِي بِالْإِيمَانِ، وَ طَهِّرْنِي مِنَ اَلذُّنُوبِ، وَ اِقْضِ لِي بِالْحُسْنَى، وَ اِفْتَحْ لِي بِالْخَيْرَاتِ مِنْ عِنْدِكَ يَا سَمِيعَ اَلدُّعَاءِ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ كَثِيراً.

وَ تَقُولُ أَيْضاً وَ أَنْتَ تَغْتَسِلُ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ طَهِّرْ قَلْبِي، وَ زَكِّ عَمَلِي، وَ نَوِّرْ بَصَرِي، وَ اِجْعَلْ غُسْلِي هَذَا طَهُوراً وَ حِرْزاً وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ سُقْمٍ وَ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ، وَ مِنْ شَرِّ مَا أُحَاذِرُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْسِلْنِي مِنَ اَلذُّنُوبِ كُلِّهَا وَ اَلْآثَامِ وَ اَلْخَطَايَا، وَ طَهِّرْ جِسْمِي وَ قَلْبِي مِنْ كُلِّ آفَةٍ تَمْحَقُ بِهَا دِينِي، وَ اِجْعَلْ عَمَلِي خَالِصاً لِوَجْهِكَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْهُ لِي شَاهِداً يَوْمَ

ص: 74


1- رواه الكلينيّ في الكافي 3/579:4، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 1/38، و المفيد في المزار: 2/31، و الطّوسيّ في التّهذيب 45/20:6، و السبزواري في جامع الأخبار: 98/74.

حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ. وَ اِقْرَأْ إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ اَلْغُسْلِ فَالْبَسْ أَطْهَرَ ثِيَابِكَ وَ قُلْ: اَللَّهُمَّ أَلْبِسْنِي اَلتَّقْوَى، وَ اِغْفِرْ لِي، وَ اِرْحَمْنِي فِي اَلْآخِرَةِ وَ اَلْأُولَى، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا هَدَانَا، وَ لَهُ اَلشُّكْرُ عَلَى مَا أَوْلاَنَا(1).

وَ صَلِّ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ الشَّرِيعَةِ بِقُرْبِ الْقَنْطَرَةِ الْجَدِيدَةِ مِنَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فَإِنَّهُ مَوْضِعٌ شَرِيفٌ، وَ رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ صَلَّى فِيه.

ثُمَّ تَوَجَّهْ لِزِيَارَةِ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ اقْصِدْ إِلَى مَشْهَدِهِ، وَ قِفْ عَلَى الْبَابِ وَ اسْتَأْذِنْ عَلَيْهِ بِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ مِنَ الْإِذْنِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ الْوُقُوفِ عَلَى بَابِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْمَدِينَةِ، وَ ادْخُلْ، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَى قَبْرِهِ فَقُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ اَللَّهِ وَ أَصْفِيَائِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أُمَنَاءِ اَللَّهِ وَ أَحِبَّائِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَنْصَارِ اَللَّهِ وَ خُلَفَائِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَعَادِنِ حِكْمَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَسَاكِنِ ذِكْرِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلْمُكْرَمِينَ اَلَّذِينَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَظَاهِرِ أَمْرِ اَللَّهِ وَ نَهْيِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَدِلاَّءِ عَلَى اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُسْتَقِرِّينَ فِي مَرْضَاةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُمَحَّصِينَ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلَّذِينَ مَنْ وَالاَهُمْ فَقَدْ وَالَى اَللَّهَ، وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اَللَّهَ، وَ مَنْ عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اَللَّهَ، وَ مَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اَللَّهَ، وَ مَنِ اِعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اِعْتَصَمَ بِاللَّهِ، وَ مَنْ تَخَلَّى عَنْهُمْ فَقَدْ تَخَلَّى عَنِ اَللَّهِ، أُشْهِدُ اَللَّهَ أَنِّي حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ، مُؤْمِنٌ بِمَا آمَنْتُمْ بِهِ، كَافِرٌ بِمَا كَفَرْتُمْ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتُمْ، مُبْطِلٌ لِمَا أَبْطَلْتُمْ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَ عَلاَنِيَتِكُمْ، مُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ، لَعَنَ اَللَّهُ عَدُوَّكُمْ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ

ص: 75


1- اورده المفيد في مزاره: 100 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 195، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 1/263:100.

وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ (1).

ثم ادع لنفسك و لمن أحببت، و صلّ ركعتين تحية المسجد، و ركعتين للزيارة، ثم ادع بدعاء زين العابدين علي بن الحسين عليهما السّلام،

[دعاء الإستقالة]

وَ يُسَمَّى دُعَاءَ اَلاِسْتِقَالَةِ:

يَا مَنْ بِرَحْمَتِهِ يَسْتَغِيثُ اَلْمُذْنِبُونَ، وَ يَا مَنْ إِلَى ذِكْرِ إِحْسَانِهِ يَفْزَعُ اَلْمُضْطَرُّونَ، وَ يَا مَنْ لمخيفته [لِخِيفَتِهِ] يَنْتَحِبُ اَلْخَاطِئُونَ، وَ يَا اُنْسَ كُلِّ مُسْتَوْحِشٍ غَرِيبٍ، وَ يَا فَرَجَ كُلِّ مَحْزُونٍ كَئِيبٍ، وَ يَا عَوْنَ كُلِّ مَخْذُولٍ فَرِيدٍ، وَ يَا عَضُدَ كُلِّ مُحْتَاجٍ طَرِيدٍ، أَنْتَ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً، وَ جَعَلْتَ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ فِي نِعَمِكَ سَهْماً، وَ أَنْتَ اَلَّذِي عَفْوُهُ أَنْسَانِي عِقَابَهُ، وَ أَنْتَ اَلَّذِي تَسْعَى رَحْمَتُهُ أَمَامَ غَضَبِهِ، وَ أَنْتَ اَلَّذِي عَطَاؤُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَنْعِهِ، وَ أَنْتَ اَلَّذِي اِتَّسَعَ اَلْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ فِي وُسْعِهِ، وَ أَنْتَ اَلَّذِي لاَ يَرْغَبُ فِي جَزَاءِ مَنْ أَعْطَاهُ، وَ أَنْتَ اَلَّذِي لاَ يُفَرِّطُ فِي عِقَابِ مَنْ عَصَاهُ.

وَ أَنَا عَبْدُكَ اَلَّذِي أَمَرْتَهُ بِالدُّعَاءِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ، هَا أَنَا ذَا يَا رَبِّ مَطْرُوحٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ أَنَا اَلَّذِي أَوْقَرَتِ اَلْخَطَايَا ظَهْرَهُ، أَنَا اَلَّذِي أَفْنَتِ اَلذُّنُوبُ عُمُرَهُ، أَنَا اَلَّذِي بِجَهْلِهِ عَصَاكَ وَ لَمْ تَكُنْ أَهْلاً لِذَلِكَ. هَلْ أَنْتَ يَا إِلَهِي رَاحِمٌ مَنْ دَعَاكَ فَأُبَالِغَ فِي اَلدُّعَاءِ، أَمْ أَنْتَ غَافِرٌ لِمَنْ بَكَاكَ فَأُسْرِعَ فِي اَلْبُكَاءِ، أَمْ أَنْتَ مُتَجَاوِزٌ عَمَّنْ عَفَّرَ لَكَ وَجْهَهُ تَذَلُّلاً، أَمْ أَنْتَ مُغْنٍ مَنْ شَكَا إِلَيْكَ فَقْرَهُ تَوَكُّلاً. إِلَهِي لاَ تُخَيِّبْ مَنْ لاَ يَجِدُ مُعْطِياً غَيْرَكَ، وَ لاَ تَخْذُلْ مَنْ لاَ يَسْتَغْنِي عَنْكَ بِأَحَدٍ دُونَكَ.

إِلَهِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تُعْرِضْ عَنِّي وَ قَدْ أَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، وَ لاَ تَحْرِمْنِي وَ قَدْ رَغِبْتُ إِلَيْكَ، وَ لاَ تَجْبَهْنِي بِالرَّدِّ وَ قَدِ اِنْتَصَبْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ. أَنْتَ اَلَّذِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِالرَّحْمَةِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِرْحَمْنِي، وَ أَنْتَ اَلَّذِي سَمَّيْتَ نَفْسَكَ

ص: 76


1- رواه المفيد في مزاره: 101 (مخطوط)، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 66/407:100.

بِالْعَفْوِ فَاعْفُو عَنِّي، قَدْ تَرَى - يَا إِلَهِي - فَيْضَ دَمْعِي مِنْ خِيفَتِكَ، وَ وَجِيبَ قَلْبِي مِنْ خَشْيَتِكَ، وَ اِنْتِفَاضَ جَوَارِحِي مِنْ هَيْبَتِكَ.

ثُمَّ تُوَدِّعُهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ تَنْصَرِفُ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ثُمَّ تَتَوَجَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِدُخُولِ الْكُوفَةِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا حَرَمُ اَللَّهِ، وَ حَرَمُ رَسُولِهِ، وَ حَرَمُ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ (2). و الأخبار بفضلها و فضل مسجدها و كثير من أماكنها كثيرة الورود، أعرضنا عن ذكرها.

وَ قُلْ حِينَ تَدْخُلُهَا: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اَللَّهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْمُنْزِلِينَ (3).

ثُمَّ اِمْشِ وَ أَنْتَ تُكَبِّرُ اَللَّهَ وَ تُهَلِّلُهُ وَ تَحْمَدُهُ وَ تُسَبِّحُهُ حَتَّى تَأْتِيَ بَابَ اَلْمَسْجِدِ، فَإِذَا أَتَيْتَهُ فَقِفْ عَلَى بَابِ اَلْفِيلِ وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اَللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَوْلاَنَا أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ عَلَى مَجَالِسِهِ، وَ مَشَاهِدِهِ، وَ مَقَامِ حِكْمَتِهِ، وَ آثَارِ آبَائِهِ آدَمَ وَ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ، وَ تِبْيَانِ بَيِّنَاتِهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلْحَكِيمِ اَلْعَدْلِ، اَلصِّدِّيقِ اَلْأَكْبَرِ، اَلْفَارُوقِ بِالْقِسْطِ، اَلَّذِي فَرَّقَ اَللَّهُ بِهِ بَيْنَ اَلْحَقِّ وَ اَلْبَاطِلِ، وَ اَلْكُفْرِ وَ اَلْإِيمَانِ، وَ اَلشِّرْكِ وَ اَلتَّوْحِيدِ؛ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ. أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ خَاصَّةُ نَفْسِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، وَ زَيْنُ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ صَابِرُ اَلْمُمْتَحَنِينَ، وَ أَنَّكَ حَكَمُ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ قَاضِي أَمْرِهِ، وَ بَابُ حِكْمَتِهِ، وَ عَاقِدُ عَهْدِهِ، وَ اَلنَّاطِقُ بِوَعْدِهِ،

ص: 77


1- رواه المفيد في مزاره: 101 (مخطوط)، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 66/408:100.
2- رواه الكلينيّ في الكافي 1/586:4، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 8/29، و الصّدوق في الفقيه: 147:1 /ضمن الحديث 679، و الطّوسيّ في مصباحه: 683، و في التّهذيب 31:6 /ضمن الحديث 58، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 66/409:100.
3- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 683، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 409:100.

وَ اَلْحَبَلُ اَلْمَوْصُولُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَ كَهْفُ اَلنَّجَاةِ، وَ مِنْهَاجُ اَلتُّقَى، وَ اَلدَّرَجَةُ اَلْعُلْيَا، وَ مُهَيْمِنُ اَلْقَاضِي اَلْأَعْلَى، يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، بِكَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ زُلْفَى، أَنْتَ وَلِيِّي وَ سَيِّدِي وَ وَسِيلَتِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

ثُمَّ تَدْخُلُ اَلْمَسْجِدَ، وَ تَقُولُ: اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا مَقَامُ اَلْعَائِذِ بِاللَّهِ، وَ بِمُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ، وَ بِوَلاَيَةِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَهْدِيِّينَ اَلصَّادِقِينَ اَلنَّاطِقِينَ اَلرَّاشِدِينَ، اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً، رَضِيتُ بِهِمْ أَئِمَّةً وَ هُدَاةً وَ مَوَالِيَ، سَلَّمْتُ لِأَمْرِ اَللَّهِ لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَ لاَ أَتَّخِذُ مَعَ اَللَّهِ وَلِيّاً، كَذَبَ اَلْعَادِلُونَ بِاللَّهِ وَ ضَلُّوا ضَلاَلاً بَعِيداً، حَسْبِيَ اَللَّهُ وَ أَوْلِيَاءُ اَللَّهِ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَنَّ عَلِيّاً وَ اَلْأَئِمَّةَ اَلْمَهْدِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ أَوْلِيَائِي وَ حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ.

ثُمَّ صِرْ إِلَى اَلْأُسْطُوَانَةِ اَلرَّابِعَةِ مِمَّا يَلِي بَابَ اَلْأَنْمَاطِ بِحِذَاءِ اَلْخَامِسَةِ، وَ هِيَ أُسْطُوَانَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَصَلِّ عِنْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَانِ بِالْحَمْدِ وَ اَلصَّمَدِ، وَ رَكْعَتَانِ بِالْحَمْدِ وَ اَلْقَدْرِ.

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا تُسَبِّحُ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَااَلسَّلاَمُ، وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ اَلرَّاشِدِينَ، اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً، وَ جَعَلَهُمُ أَنْبِيَاءَ مُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةً عَلَى اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَ سَلاَمٌ عَلَى اَلْمُرْسَلِينَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، ذَلِكَ تَقْدِيرُ اَلْعَزِيزِ اَلْعَلِيمِ، سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي اَلْعَالَمِينَ. سَبْعَ مَرَّاتٍ.

ثُمَّ تَقُولُ: نَحْنُ عَلَى وَصِيَّتِكَ يَا وَلِيَّ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلَّتِي أَوْصَيْتَ بِهَا ذُرِّيَّتَكَ مِنَ اَلْمُرْسَلِينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ، نَحْنُ مِنْ شِيعَتِكَ وَ شِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ عَلَيْكَ وَ عَلَى جَمِيعِ اَلْمُرْسَلِينَ وَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ نَحْنُ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَ دِينِ مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِّ اَلْأُمِّيِّ، وَ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَهْدِيِّينَ، وَ وَلاَيَةِ مَوْلاَنَا عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَشِيرِ اَلنَّذِيرِ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ رَحْمَتُهُ وَ رِضْوَانُهُ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ عَلَى وَصِيِّهِ وَ خَلِيفَتِهِ،

ص: 78

اَلشَّاهِدِ لِلَّهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى خَلْقِهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلصِّدِّيقِ اَلْأَكْبَرِ، وَ اَلْفَارُوقِ اَلْمُبِينِ، اَلَّذِي أَخَذْتَ بَيْعَتَهُ عَلَى اَلْعَالَمِينَ. رَضِيتُ بِهِمْ أَوْلِيَاءَ وَ مَوَالِيَ وَ حُكَّاماً فِي نَفْسِي وَ وُلْدِي وَ أَهْلِي، وَ مَالِي وَ قِسْمِي، وَ حِلِّي وَ إِحْرَامِي، وَ إِسْلاَمِي وَ دِينِي، وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، وَ مَحْيَايَ وَ مَمَاتِي.

أَنْتُمُ اَلْأَئِمَّةُ فِي اَلْكِتَابِ، وَ فَصْلُ اَلْمَقَامِ وَ فَصْلُ اَلْخِطَابِ، وَ أَعْيُنُ اَلْحَيِّ اَلَّذِي لاَ يَنَامُ، وَ أَنْتُمْ حُكَمَاءُ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ بِكُمْ حَكَمَ اَللَّهُ، وَ بِكُمْ عُرِفَ حَقُّ اَللَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ. أَنْتُمْ نُورُ اَللَّهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا وَ مِنْ خَلْفِنَا، أَنْتُمْ سُنَّةُ اَللَّهِ اَلَّتِي بِهَا سَبَقَ اَلْقَضَاءُ، يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَنَا لَكُمْ مُسَلِّمٌ تَسْلِيماً، لاَ أُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً، وَ لاَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي هَدَانِي بِكُمْ، وَ مَا كُنْتُ لِأَهْتَدِيَ لَوْ لاَ أَنْ هَدَانِي اَللَّهُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا هَدَانَا(1).

ذكر الصلاة و الدعاء على دكة القضاء

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى دَكَّةِ اَلْقَضَاءِ فَصَلِّ عَلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِيهِمَا بَعْدَ اَلْحَمْدِ مَهْمَا أَرَدْتَ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهُمَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ، وَ قُلْ: يَا مَالِكِي وَ مُمَلِّكِي، وَ مُتَغَمِّدِي بِالنِّعَمِ اَلْجِسَامِ مِنْ غَيْرِ اِسْتِحْقَاقٍ، وَجْهِي خَاضِعٌ لِمَا تَعْلُوهُ اَلْأَقْدَامُ لِجَلاَلِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، لاَ تَجْعَلْ هَذِهِ اَلشِّدَّةَ وَ لاَ هَذِهِ اَلْمِحْنَةَ مُتَّصِلَةً بِاسْتِئْصَالِ اَلشَّأْفَةِ، وَ اِمْنَحْنِي مِنْ فَضْلِكَ مَا لَمْ تَمْنَحْ بِهِ أَحَداً مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، أَنْتَ اَلْقَدِيمُ اَلْأَوَّلُ اَلَّذِي لَمْ تَزَلْ وَ لاَ تَزَالُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ لِي، وَ اِرْحَمْنِي، وَ زَكِّ عَمَلِي، وَ بَارِكْ لِي فِي أَجَلِي،

ص: 79


1- رواها المفيد في مزاره: 102 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 201، و نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 409:100

وَ اِجْعَلْنِي مِنْ عُتَقَائِكَ وَ طُلَقَائِكَ مِنَ اَلنَّارِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (1).

ذكر الصلاة و الدعاء في بيت الطشت المتصل بدكة القضاء

تُصَلِّي هُنَاكَ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنِّي ذَخَرْتُ تَوْحِيدِي إِيَّاكَ، وَ مَعْرِفَتِي بِكَ، وَ إِخْلاَصِي لَكَ، وَ إِقْرَارِي بِرُبُوبِيَّتِكَ، وَ ذَخَرْتُ وَلاَيَةَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ مِنْ بَرِيَّتِكَ، مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمْ لِيَوْمِ فَزَعِي إِلَيْكَ عَاجِلاً وَ آجِلاً. وَ قَدْ فَزِعْتُ إِلَيْكَ وَ إِلَيْهِمْ يَا مَوْلاَيَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ فِي مَوْقِفِي هَذَا، وَ سَأَلْتُكَ سَعَادَتِي مِنْ نِعْمَتِكَ، وَ إِزَاحَةَ مَا أَخْشَاهُ مِنْ نَقِمَتِكَ وَ اَلْبَرَكَةَ فِي مَا رَزَقْتَنِيهِ، وَ تَحْصِينَ صَدْرِي مِنْ كُلِّ هَمٍّ وَ جَائِحَةٍ وَ مَعْصِيَةٍ فِي دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (2).

ذكر الصلاة و الدعاء في وسط المسجد

تُصَلِّي هُنَاكَ رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى اَلْحَمْدَ وَ اَلصَّمَدَ، وَ اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدَ وَ اَلْكَافِرُونَ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلسَّلاَمُ، وَ مِنْكَ اَلسَّلاَمُ، وَ إِلَيْكَ يَعُودُ اَلسَّلاَمُ، وَ دَارُكَ دَارُ اَلسَّلاَمُ، حَيِّنَا رَبَّنَا مِنْكَ بِالسَّلاَمِ، اَللَّهُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ هَذِهِ اَلصَّلاَةَ اِبْتِغَاءَ رَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ وَ مَغْفِرَتِكَ، وَ تَعْظِيماً لِمَسْجِدِكَ، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِرْفَعْهَا فِي عِلِّيِّينَ، وَ تَقَبَّلْهَا مِنِّي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (3).

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى اَلْأُسْطُوَانَةِ اَلسَّابِعَةِ وَ قِفْ عِنْدَهَا مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ وَ قُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِينَا آدَمَ وَ أُمِّنَا حَوَّاءَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى هَابِيلَ اَلْمَقْتُولِ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً،

ص: 80


1- رواها المفيد في مزاره: 112 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 227، و نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 411:100.
2- نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 412:100.
3- نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 412:100 /ضمن الحديث 68.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَوَاهِبِ اَللَّهِ وَ رِضْوَانِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى شَيْثٍ صَفْوَةِ اَللَّهِ اَلْمُخْتَارِ اَلْأَمِينِ، وَ عَلَى اَلصَّفْوَةِ اَلصَّادِقِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ اَلطَّيِّبِينَ أَوَّلِهِمْ وَ آخِرِهِمْ، اَلسَّلاَمُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمُ اَلْمُخْتَارِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ ذُرِّيَّتِهِ اَلطَّيِّبِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ فِي اَلْأَوَّلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ فِي اَلْآخِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلْهَادِينَ شُهَدَاءِ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلرَّقِيبِ اَلشَّاهِدِ عَلَى اَلْأُمَمِ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ (1).

ثُمَّ تُصَلِّي عِنْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى اَلْحَمْدَ وَ اَلْقَدْرَ، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدَ وَ اَلصَّمَدَ، وَ فِي اَلثَّالِثَةِ وَ اَلرَّابِعَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا فَرَغْتَ وَ سَبَّحْتَ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ، فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ فَإِنِّي قَدْ أَطَعْتُكَ فِي اَلْإِيمَانِ مِنِّي بِكَ، مَنّاً مِنْكَ عَلَيَّ لاَ مَنّاً مِنِّي بِهِ عَلَيْكَ، وَ أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ اَلْأَشْيَاءِ لَكَ، لَمْ أَتَّخِذْ لَكَ وَلَداً، وَ لَمْ أَدْعُ لَكَ شَرِيكاً، وَ قَدْ عَصَيْتُكَ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ اَلْمُكَابَرَةِ لَكَ وَ لاَ اَلْخُرُوجِ عَنْ عُبُودِيَّتِكَ، وَ لاَ اَلْجُحُودِ لِرُبُوبِيَّتِكَ، وَ لَكِنِ اِتَّبَعْتُ هَوَايَ، وَ أَزَلَّنِي اَلشَّيْطَانُ، بَعْدَ اَلْحُجَّةِ عَلَيَّ وَ اَلْبَيَانِ، فَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي غَيْرَ ظَالِمٍ لِي، وَ إِنْ تَعْفُ عَنِّي وَ تَرْحَمْنِي فَبِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ يَا كَرِيمُ (2).

اَللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي لَمْ يَبْقَ لَهَا إِلاَّ رَجَاءُ عَفْوِكَ، وَ قَدْ قَدَّمْتُ آلَةَ اَلْحِرْمَانِ، فَأَنَا أَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ مَا لاَ أَسْتَوْجِبُهُ، وَ أَطْلُبُ مِنْكَ مَا لاَ أَسْتَحِقُّهُ.

ص: 81


1- رواه المفيد في مزاره: 109 (مخطوط)، و نقله المجلسيّ فى بحار الأنوار 68/412:100.
2- انظر: الصّحيفة السّجّاديّة: 534، مزار المفيد (مخطوط)، أمالي الصّدوق: 12/257، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 413:100.

اَللَّهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي وَ لَمْ تَظْلِمْنِي شَيْئاً، وَ إِنْ تَغْفِرْ لِي فَخَيْرُ رَاحِمٍ أَنْتَ يَا سَيِّدِي، اَللَّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ وَ أَنَا أَنَا، أَنْتَ اَلْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ أَنَا اَلْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ، وَ أَنْتَ اَلْمُتَفَضِّلُ بِالْحِلْمِ، وَ أَنَا اَلْعَوَّادُ بِالْجَهْلِ.

اَللَّهُمَّ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا كَنْزَ اَلضُّعَفَاءِ، يَا عَظِيمَ اَلرَّجَاءِ، يَا مُنْقِذَ اَلْغَرْقَى، يَا مُنْجِيَ اَلْهَلْكَى، يَا مُمِيتَ اَلْأَحْيَاءِ، يَا مُحْيِيَ اَلْمَوْتَى، أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، اَلَّذِي سَجَدَ لَكَ شُعَاعُ اَلشَّمْسِ، وَ دَوِيُّ اَلْمَاءِ، وَ حَفِيفُ اَلشَّجَرِ، وَ نُورُ اَلْقَمَرِ، وَ ظُلْمَةُ اَللَّيْلِ، وَ ضَوْءُ اَلنَّهَارِ، وَ خَفَقَانُ اَلطَّيْرِ، فَأَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ يَا عَظِيمُ بِحَقِّكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلصَّادِقِينَ، وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلصَّادِقِينَ عَلَيْكَ، وَ بِحَقِّكَ عَلَى عَلِيٍّ، وَ بِحَقِّ عَلِيٍّ عَلَيْكَ، وَ بِحَقِّكَ عَلَى اَلْحَسَنِ، وَ بِحَقِّ اَلْحَسَنِ عَلَيْكَ، وَ بِحَقِّكَ عَلَى اَلْحُسَيْنِ، وَ بِحَقِّ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْكَ، فَإِنَّ حُقُوقَهُمْ عَلَيْكَ مِنْ أَفْضَلِ إِنْعَامِكَ عَلَيْهِمْ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَكَ عِنْدَهُمْ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، صَلِّ عَلَيْهِمْ يَا رَبِّ صَلاَةً دَائِمَةً مُنْتَهَى رِضَاكَ، وَ اِغْفِرْ لِي بِهِمُ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ، وَ أَرْضِ عَنِّي خَلْقَكَ، وَ أَتْمِمْ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ كَمَا أَتْمَمْتَهَا عَلَى آبَائِي مِنْ قَبْلُ، وَ لاَ تَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ اَلْمَخْلُوقِينَ عَلَيَّ فِيهَا اِمْتِنَاناً، وَ اُمْنُنْ عَلَيَّ كَمَا مَنَنْتَ عَلَى آبَائِي مِنْ قَبْلُ، يَا كهيعص، اَللَّهُمَّ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَاسْتَجِبْ لِي دُعَائِي فِي مَا سَأَلْتُكَ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ (1).

ثُمَّ اُسْجُدْ، وَ قُلْ فِي سُجُودِكَ: يَا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى حَوَائِجِ اَلسَّائِلِينَ، وَ يَعْلَمُ مَا فِي ضَمِيرِ اَلصَّامِتِينَ، يَا مَنْ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى اَلتَّفْسِيرِ، يَا مَنْ يَعْلَمُ خَائِنَةَ اَلْأَعْيُنِ وَ مَا تُخْفِي اَلصُّدُورُ، يَا مَنْ أَنْزَلَ اَلْعَذَابَ عَلَى قَوْمِ يُونُسَ وَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ فَدَعَوْهُ وَ تَضَرَّعُوا إِلَيْهِ فَكَشَفَ عَنْهُمُ اَلْعَذَابَ وَ مَتَّعَهُمْ إِلَى حِينٍ، قَدْ تَرَى مَكَانِي، وَ تَسْمَعُ دُعَائِي، وَ تَعْلَمُ سِرِّي وَ عَلاَنِيَتِي وَ حَالِي، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي

ص: 82


1- رواه المفيد في مزاره: 108، و ابن المشهديّ في مزاره: 208، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 413:100.

مِنْ أَمْرِ دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، يَا سَيِّدِي يَا سَيِّدِي (سَبْعِينَ مَرَّةً).

ثُمَّ اِرْفَعْ رَأْسَكَ مِنَ اَلسُّجُودِ، وَ قُلْ: يَا رَبِّ أَسْأَلُكَ بَرَكَةَ هَذَا اَلْمَوْضِعِ، وَ بَرَكَةَ أَهْلِهِ، وَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي مِنْ رِزْقِكَ رِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً، تَسُوقُهُ إِلَيَّ بِحَوْلِكَ وَ قُوَّتِكَ وَ أَنَا خَائِضٌ فِي عَافِيَةٍ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (1).

ثُمَّ تُصَلِّي عِنْدَ اَلْخَامِسَةِ رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِيهِمَا اَلْحَمْدَ وَ مَا شِئْتَ مِنَ اَلسُّوَرِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ، فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ أَسْمَائِكَ كُلِّهَا، مَا عَلِمْنَا مِنْهَا وَ مَا لَمْ نَعْلَمْ، وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلْعَظِيمِ اَلْأَعْظَمِ، اَلْكَبِيرِ اَلْأَكْبَرِ، اَلَّذِي مَنْ دَعَاكَ بِهِ أَجَبْتَهُ، وَ مَنْ سَأَلَكَ بِهِ أَعْطَيْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَنْصَرَكَ بِهِ نَصَرْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَغْفَرَكَ بِهِ غَفَرْتَ لَهُ، وَ مَنِ اِسْتَعَانَكَ بِهِ أَعَنْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَرْزَقَكَ بِهِ رَزَقْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَغَاثَكَ بِهِ أَغَثْتَهُ، وَ مِنِ اِسْتَرْحَمَكَ بِهِ رَحِمْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَجَارَكَ بِهِ أَجَرْتَهُ، وَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ بِهِ كَفَيْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَعْصَمَكَ بِهِ عَصَمْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَنْقَذَكَ بِهِ مِنَ اَلنَّارِ أَنْقَذْتَهُ، وَ مَنِ اِسْتَعْطَفَكَ بِهِ تَعَطَّفْتَ لَهُ، وَ مَنْ أَمَّلَكَ بِهِ أَعْطَيْتَهُ. اَلَّذِي اِتَّخَذْتَ بِهِ آدَمَ صَفِيّاً، وَ نُوحاً نَجِيّاً، وَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَ مُوسَى كَلِيماً، وَ عِيسَى رُوحاً، وَ مُحَمَّداً حَبِيباً، وَ عَلِيّاً وَصِيّاً، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. أَنْ تَقْضِيَ لِي حَوَائِجِي، وَ تَعْفُوَ عَمَّا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي، وَ تَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ لِلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ. يَا مُفَرِّجَ هَمِّ اَلْمَهْمُومِينَ، وَ يَا غِيَاثَ اَلْمَلْهُوفِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ (2).

و قد ذكر أنه يدعو أيضا عند الخامسة بالدعاء الذي قدمناه وقت استقبال القبلة عند السابعة.

ص: 83


1- انظر: الصحيفة السجادية: 538، مزار المفيد: 111، مزار ابن المشهدي: 215، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 414:100.
2- نقله المجلسي في بحار الأنوار 415:100 /ضمن الحديث 69.

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى دَكَّةِ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ هِيَ عِنْدَ اَلْأُسْطُوَانَةِ اَلثَّالِثَةِ مِمَّا يَلِي بَابَ كِنْدَةَ، فَتُصَلِّي عَلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِيهِمَا اَلْحَمْدَ وَ مَهْمَا أَرَدْتَ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ، فَقُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ. اَللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي قَدْ كَثُرَتْ وَ لَمْ يَبْقَ لَهَا إِلاَّ رَجَاءُ عَفْوِكَ، وَ قَدْ قَدَّمْتُ آلَةَ اَلْحِرْمَانِ إِلَيْكَ، فَأَنَا أَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ مَا لاَ أَسْتَوْجِبُهُ، وَ أَطْلُبُ مِنْكَ مَا لاَ أَسْتَحِقُّهُ اَللَّهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي وَ لَمْ تَظْلِمْنِي شَيْئاً، وَ إِنْ تَغْفِرْ لِي فَخَيْرُ رَاحِمٍ أَنْتَ يَا سَيِّدِي.

اَللَّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ وَ أَنَا أَنَا، أَنْتَ اَلْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ وَ أَنَا اَلْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ وَ أَنْتَ اَلْمُتَفَضِّلُ بِالْحِلْمِ وَ أَنَا اَلْعَوَّادُ بِالْجَهْلِ، اَللَّهُمَّ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا كَنْزَ اَلضُّعَفَاءِ، يَا عَظِيمَ اَلرَّجَاءِ، يَا مُنْقِذَ اَلْغَرْقَى، يَا مُنْجِيَ اَلْهَلْكَى، يَا مُمِيتَ اَلْأَحْيَاءِ، يَا مُحْيِيَ اَلْمَوْتَى، أَنْتَ اَللَّهُ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ اَلَّذِي سَجَدَ لَكَ شُعَاعُ اَلشَّمْسِ، وَ نُورُ اَلْقَمَرِ، وَ ظُلْمَةُ اَللَّيْلِ، وَ ضَوْءُ اَلنَّهَارِ، وَ خَفَقَانُ اَلطَّيْرِ، فَأَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ يَا عَظِيمُ، بِحَقِّكَ يَا كَرِيمُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلصَّادِقِينَ، وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلصَّادِقِينَ عَلَيْكَ، وَ بِحَقِّكَ عَلَى عَلِيٍّ وَ بِحَقِّ عَلِيٍّ عَلَيْكَ، وَ بِحَقِّكَ عَلَى فَاطِمَةَ، وَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ عَلَيْكَ، وَ بِحَقِّكَ عَلَى اَلْحَسَنِ، وَ بِحَقِّ اَلْحَسَنِ عَلَيْكَ، وَ بِحَقِّكَ عَلَى اَلْحُسَيْنِ، وَ بِحَقِّ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْكَ، فَإِنَّ حُقُوقَهُمْ مِنْ أَفْضَلِ إِنْعَامِكَ عَلَيْهِمْ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَكَ عِنْدَهُمْ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، صَلِّ يَا رَبِّ عَلَيْهِمْ صَلاَةً دَائِمَةً مُنْتَهَى رِضَاكَ، وَ اِغْفِرْ لِي بِهِمُ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ، وَ أَتْمِمْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ كَمَا أَتْمَمْتَهَا عَلَى آبَائِي مِنْ قَبْلُ يَا كهيعص. اَللَّهُمَّ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَاسْتَجِبْ لِي دُعَائِي فِي مَا سَأَلْتُكَ.

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: يَا سَيِّدِي، يَا سَيِّدِي، يَا سَيِّدِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ لِي. وَ أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِكَ ذَلِكَ، وَ اِخْشَعْ وَ اِبْكِ، وَ كَذَا اِصْنَعْ

ص: 84

بِالْخَدِّ اَلْأَيْسَرِ(1)، ثُمَّ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ.

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى دَكَّةِ بَابِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَصَلِّ عَلَيْهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِالْحَمْدِ وَ مَا شِئْتَ مِنَ اَلْقُرْآنِ، فَإِذَا فَرَغْتَ وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، و اِقْضِ حَاجَتِي يَا اَللَّهُ، يَا مَنْ لاَ يَخِيبُ سَائِلُهُ، وَ لاَ يَنْفَدُ نَائِلُهُ، يَا قَاضِيَ اَلْحَاجَاتِ، يَا مُجِيبَ اَلدَّعَوَاتِ، يَا رَبَّ اَلْأَرَضِينَ وَ اَلسَّمَاوَاتِ، يَا كَاشِفَ اَلْكَرْبِ، يَا وَاسِعَ اَلْعَطِيَّاتِ، يَا دَافِعَ اَلنَّقِمَاتِ، يَا مُبَدِّلَ اَلسَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ، عُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ وَ فَضْلِكَ وَ إِحْسَانِكَ وَ اِسْتَجِبْ دُعَائِي فِي مَا سَأَلْتُكَ وَ طَلَبْتُ مِنْكَ، بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَ وَصِيِّكَ وَ أَوْلِيَائِكَ اَلصَّالِحِينَ (2).

صفة صلاة أخرى عند الباب المذكور

وَ هُمَا رَكْعَتَانِ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهُمَا وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنِّي حَلَلْتُ بِسَاحَتِكَ لِعِلْمِي بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَ صَمَدَانِيَّتِكَ، وَ أَنَّهُ لاَ قَادِرَ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِي غَيْرُكَ، وَ قَدْ عَلِمْتُ يَا رَبِّ أَنَّهُ كُلَّمَا شَاهَدْتُ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ اِشْتَدَّتْ فَاقَتِي إِلَيْكَ، وَ قَدْ طَرَقَنِي يَا رَبِّ مِنْ مُهِمِّ أَمْرِي مَا قَدْ عَرَفْتَهُ؛ لِأَنَّكَ عَالِمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، فَأَسْأَلُكَ بِالاِسْمِ اَلَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى اَلسَّمَاوَاتِ فَانْشَقَّتْ، وَ عَلَى اَلْأَرَضِينَ فَانْبَسَطَتْ، وَ عَلَى اَلنُّجُومِ فَانْتَثَرَتْ، وَ عَلَى اَلْجِبَالِ فَاسْتَقَرَّتْ، وَ أَسْأَلُكَ بِالاِسْمِ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَ عِنْدَ عَلِيٍّ، وَ عِنْدَ اَلْحَسَنِ وَ عِنْدَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عِنْدَ اَلْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَقْضِيَ لِي يَا رَبِّ حَاجَتِي، وَ تُيَسِّرَ عَسِيرَهَا، وَ تَكْفِيَنِي مُهِمَّهَا، وَ تَفْتَحَ لِي قُفْلَهَا، فَإِنْ فَعَلْتَ فَلَكَ اَلْحَمْدُ، وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَكَ اَلْحَمْدُ، غَيْرَ جَائِرٍ فِي حُكْمِكَ، وَ لاَ

ص: 85


1- رواه المفيد في مزاره: 108 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 209، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 415:100.
2- نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 416:100 /ضمن الحديث 69.

حَائِفٍ فِي عَدْلِكَ.

ثُمَّ تَبْسُطُ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْأَرْضِ، وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَبْدُكَ وَ نَبِيُّكَ، دَعَاكَ فِي بَطْنِ اَلْحُوتِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ، وَ أَنَا أَدْعُوكَ فَاسْتَجِبْ لِي، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ. وَ تَدْعُو بِمَا تُحِبُّ.

ثُمَّ تَقْلِبُ خَدَّكَ اَلْأَيْسَرَ وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ وَ تَكَفَّلْتَ بِالْإِجَابَةِ، وَ أَنَا أَدْعُوكَ كَمَا أَمَرْتَنِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِسْتَجِبْ لِي كَمَا وَعَدْتَنِي، يَا كَرِيمُ.

ثُمَّ تَعُودُ إِلَى اَلسُّجُودِ وَ تَقُولُ: يَا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيلٍ، وَ يَا مُذِلَّ كُلِّ عَزِيزٍ، تَعْلَمُ كُرْبَتِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ فَرِّجْ عَنِّي(1).

صفة صلاة للحاجة عند الباب المذكور

تُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَإِذَا فَرَغْتَ وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا مَنْ لاَ تَرَاهُ اَلْعُيُونُ، وَ لاَ تُحِيطُ بِهِ اَلظُّنُونُ، وَ لاَ يَصِفُهُ اَلْوَاصِفُونَ، وَ لاَ تُغَيِّرُهُ اَلْحَوَادِثُ، وَ لاَ تُفْنِيهِ اَلدُّهُورُ، تَعْلَمُ مَثَاقِيلَ اَلْجِبَالِ، وَ مَكَايِيلَ اَلْبِحَارِ، وَ وَرَقَ اَلْأَشْجَارِ، وَ رَمْلَ اَلْقِفَارِ، وَ مَا أَضَاءَتْ بِهِ اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرُ، وَ أَظْلَمَ عَلَيْهِ اَللَّيْلُ، وَ وَضَحَ عَلَيْهِ اَلنَّهَارُ، لاَ تُوَارِي مِنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً، وَ لاَ أَرْضٌ أَرْضاً، وَ لاَ جَبَلٌ مَا فِي أَصْلِهِ، وَ لاَ بَحْرٌ مَا فِي قَعْرِهِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ خَيْرَ أَمْرِي آخِرَهُ، وَ خَيْرَ أَعْمَالِي خَوَاتِيمَهَا، وَ خَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ، وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَ مَنْ بَغَانِي بِهَلَكَةٍ فَأَهْلِكْهُ، وَ اِكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي مِمَّنْ دَخَلَ هَمُّهُ عَلَيَّ. اَللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي فِي دِرْعِكَ اَلْحَصِينَةِ، وَ اُسْتُرْنِي

ص: 86


1- رواها المفيد في مزاره: 105 (مخطوط)، و الطّوسيّ في مصباحه: 287 و 294، و ابن المشهديّ في مزاره: 215، و نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 417:100.

بِسِتْرِكَ اَلْوَاقِي، يَا مَنْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ لاَ يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ، اِكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ صَدِّقْ قَوْلِي وَ فِعْلِي، يَا شَفِيقُ يَا رَفِيقُ، فَرِّجْ عَنِّي اَلْمَضِيقَ، وَ لاَ تَحْمِلْنِي مَا لاَ أُطِيقُ. اَللَّهُمَّ اُحْرُسْنِي بِعَيْنِكَ اَلَّتِي لاَ تَنَامُ، وَ اِرْحَمْنِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، أَنْتَ عَالِمٌ بِحَاجَتِي، وَ عَلَى قَضَائِهَا قَدِيرٌ، وَ هِيَ لَدَيْكَ يَسِيرٌ، وَ أَنَا إِلَيْكَ فَقِيرٌ، فَمُنَّ عَلَيَّ بِهَا يَا كَرِيمُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ قَدْ عَلِمْتَ حَوَائِجِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ اِقْضِهَا، وَ قَدْ أَحْصَيْتُ ذُنُوبِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اِغْفِرْهَا، يَا كَرِيمُ.

ثُمَّ تَقْلِبُ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ، وَ تَقُولُ: إِنْ كُنْتُ بِئْسَ اَلْعَبْدِ فَأَنْتَ نِعْمَ اَلرَّبُّ، اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَ لاَ تَفْعَلْ بِي مَا أَنَا أَهْلُهُ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تَقْلِبُ خَدَّكَ اَلْأَيْسَرَ وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنْ عَظُمَ اَلذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ اَلْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يَا كَرِيمُ.

ثُمَّ تَعُودُ إِلَى اَلسُّجُودِ، وَ تَقُولُ: اِرْحَمْ مَنْ أَسَاءَ وَ اِقْتَرَفَ، وَ اِسْتَكَانَ وَ اِعْتَرَفَ (1).

ثُمَّ تُصَلِّي فِي اَلْمَكَانِ اَلَّذِي ضُرِبَ فِيهِ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - وَ هُوَ اَلْإِيْوَانُ اَلْمُجَاوِرُ لِلْبَابِ اَلْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ - رَكْعَتَيْنِ، كُلَّ رَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَ سُورَةٍ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ: يَا مَنْ أَظْهَرَ اَلْجَمِيلَ وَ سَتَرَ اَلْقَبِيحَ، يَا مَنْ لاَ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ، وَ لَمْ يَهْتِكِ اَلسِّتْرَ وَ اَلسَّرِيرَةَ، يَا عَظِيمَ اَلْعَفْوِ، يَا حَسَنَ اَلتَّجَاوُزِ، يَا وَاسِعَ اَلْمَغْفِرَةِ، يَا بَاسِطَ اَلْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى، يَا مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى، يَا كَرِيمَ اَلصَّفْحِ، يَا عَظِيمَ اَلرَّجَاءِ، يَا سَيِّدِي، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، يَا كَرِيمُ (2).

ص: 87


1- رواها ابن المشهدي في مزاره:، 217، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 417:100.
2- رواه المفيد في مزاره: 106 (مخطوط)، و ابن المشهدي في مزاره: 219، و نقله المجلسي في بحار الأنوار -

مناجاة أمير المؤمنين عليه السّلام

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ يَوْمَ لاٰ يَنْفَعُ مٰالٌ وَ لاٰ بَنُونَ * إِلاّٰ مَنْ أَتَى اَللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. (1)

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ وَ يَوْمَ يَعَضُّ اَلظّٰالِمُ عَلىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰا لَيْتَنِي اِتَّخَذْتُ مَعَ اَلرَّسُولِ سَبِيلاً (2).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ يَوْمَ يُعْرَفُ اَلْمُجْرِمُونَ بِسِيمٰاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوٰاصِي وَ اَلْأَقْدٰامِ (3).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ يَوْمَ لاٰ يَجْزِي وٰالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لاٰ مَوْلُودٌ هُوَ جٰازٍ عَنْ وٰالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اَللّٰهِ حَقٌّ (4).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ يَوْمَ لاٰ يَنْفَعُ اَلظّٰالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّٰارِ (5).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ يَوْمَ لاٰ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ اَلْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّٰهِ (6).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ يَوْمَ يَفِرُّ اَلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ * وَ صٰاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ * لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (7).

ص: 88


1- الشّعراء 88:26-89.
2- الفرقان 27:25.
3- الرّحمن 41:55.
4- لقمان 33:31.
5- غافر 52:40.
6- الانفطار 19:82.
7- عبس 34:80-37.

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ يَوْمَ يَوَدُّ اَلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذٰابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَ صٰاحِبَتِهِ وَ أَخِيهِ * وَ فَصِيلَتِهِ اَلَّتِي تُؤْوِيهِ * وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلاّٰ إِنَّهٰا لَظىٰ * نَزّٰاعَةً لِلشَّوىٰ (1).

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْمَوْلَى وَ أَنَا اَلْعَبْدُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْعَبْدَ إِلاَّ اَلْمَوْلَى؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْمَالِكُ وَ أَنَا اَلْمَمْلُوكُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمَمْلُوكَ إِلاَّ اَلْمَالِكُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْعَزِيزُ وَ أَنَا اَلذَّلِيلُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلذَّلِيلَ إِلاَّ اَلْعَزِيزُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْخَالِقُ وَ أَنَا اَلْمَخْلُوقُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمَخْلُوقَ إِلاَّ اَلْخَالِقُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْعَظِيمُ وَ أَنَا اَلْحَقِيرُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْحَقِيرَ إِلاَّ اَلْعَظِيمُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْقَوِيُّ وَ أَنَا اَلضَّعِيفُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلضَّعِيفَ إِلاَّ اَلْقَوِيُّ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَ أَنَا اَلْفَقِيرُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْفَقِيرَ إِلاَّ اَلْغَنِيُّ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْمُعْطِي وَ أَنَا اَلسَّائِلُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلسَّائِلَ إِلاَّ اَلْمُعْطِي؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْحَيُّ وَ أَنَا اَلْمَيِّتُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمَيِّتَ إِلاَّ اَلْحَيُّ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْبَاقِي وَ أَنَا اَلْفَانِي، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْفَانِيَ إِلاَّ اَلْبَاقِي؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلدَّائِمُ وَ أَنَا اَلزَّائِلُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلزَّائِلَ إِلاَّ اَلدَّائِمُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلرَّازِقُ وَ أَنَا اَلْمَرْزُوقُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمَرْزُوقَ إِلاَّ اَلرَّازِقُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْجَوَادُ وَ أَنَا اَلْبَخِيلُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْبَخِيلَ إِلاَّ اَلْجَوَادُ؟

ص: 89


1- المعارج 11:70-16.

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْمُعَافِي وَ أَنَا اَلْمُبْتَلَى، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمُبْتَلَى إِلاَّ اَلْمُعَافِي؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْكَبِيرُ وَ أَنَا اَلصَّغِيرُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلصَّغِيرَ إِلاَّ اَلْكَبِيرُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْهَادِي وَ أَنَا اَلضَّالُّ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلضَّالَّ إِلاَّ اَلْهَادِي؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلرَّحْمَنُ وَ أَنَا اَلْمَرْحُومُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمَرْحُومَ إِلاَّ اَلرَّحْمَنُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلسُّلْطَانُ وَ أَنَا اَلْمُمْتَحَنُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمُمْتَحَنَ إِلاَّ اَلسُّلْطَانُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلدَّلِيلُ وَ أَنَا اَلْمُتَحَيِّرُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمُتَحَيِّرَ إِلاَّ اَلدَّلِيلُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْغَفُورُ وَ أَنَا اَلْمُذْنِبُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمُذْنِبَ إِلاَّ اَلْغَفُورُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْغَالِبُ وَ أَنَا اَلْمَغْلُوبُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمَغْلُوبَ إِلاَّ اَلْغَالِبُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلرَّبُّ وَ أَنَا اَلْمَرْبُوبُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْمَرْبُوبَ إِلاَّ اَلرَّبُّ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْمُتَكَبِّرُ وَ أَنَا اَلْخَاشِعُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ اَلْخَاشِعَ إِلاَّ اَلْمُتَكَبِّرُ؟

مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، اِرْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ، وَ اِرْضَ عَنِّي بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ وَ فَضْلِكَ، يَا ذَا اَلْجُودِ وَ اَلْإِحْسَانِ وَ اَلطَّوْلِ وَ اَلاِمْتِنَانِ، بِرَحْمَتِكَ يَا اَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (1).

ص: 90


1- رواها المفيد في مزاره: 106 (مخطوط)، و الكفعمي في البلد الامين: 319، و ابن المشهدي في مزاره: 221، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 418:100.

دعاء الأمان، له أيضا صلوات اللّه عليه

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ اِبْتَدَأْتَنِي بِالنِّعَمِ وَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهَا مِنْكَ بِعَمَلٍ وَ لاَ شُكْرٍ، وَ خَلَقْتَنِي وَ لَمْ أَكُ شَيْئاً، سَوَّيْتَ خَلْقِي، وَ صَوَّرْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي، وَ غَذَوْتَنِي بِرِزْقِكَ جَنِيناً، وَ غَذَوْتَنِي طِفْلاً، وَ غَذَوْتَنِي بِهِ كَبِيراً، وَ نَقَلْتَنِي مِنْ حَالِ ضَعْفٍ إِلَى حَالِ قُوَّةٍ، وَ مِنْ حَالِ جَهْلٍ إِلَى حَالِ عِلْمٍ، وَ مِنْ حَالِ فَقْرٍ إِلَى حَالِ غِنًى، وَ كُنْتَ فِي ذَلِكَ رَحِيماً رَفِيقاً بِي، تُبَدِّلُنِي صِحَّةً بِسُقْمٍ، وَ جِدَةً بِعُدْمٍ، وَ نُطْقاً بِبُكْمٍ، وَ سَمْعاً بِصَمَمٍ، وَ رَاحَةً بِتَعَبٍ، وَ فَهْماً بِعِيٍّ، وَ عِلْماً بِجَهْلٍ، وَ نُعْمَى بِبُؤْسٍ.

حَتَّى إِذَا أَطْلَقْتَنِي مِنْ عِقَالٍ، وَ هَدَيْتَنِي مِنْ ضَلاَلٍ، فَاهْتَدَيْتُ لِدِينِكَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَ حَفِظْتَنِي وَ كَنَفْتَنِي وَ كَفَيْتَنِي، وَ دَافَعْتَ عَنِّي. وَ قَوِيتُ فَتَظَاهَرْتُ نِعَمَكَ عَلَيَّ، وَ تَمَّ إِحْسَانُكَ إِلَيَّ، وَ كَمَلَ مَعْرُوفُكَ لَدَيَّ، بَلَوْتَ خَبَرِي، فَظَهَرَ لَكَ قِلَّةُ شُكْرِي، وَ اَلْجُرْأَةُ عَلَيْكَ مِنِّي، مَعَ اَلْعِصْيَانِ لَكَ فَحَلُمْتَ عَنِّي، وَ لَمْ تُؤَاخِذْنِي بِجَرِيرَتِي، وَ لَمْ تَهْتِكْ سِتْرِي، وَ لَمْ تُبْدِ لِلْمَخْلُوقِينَ عَوْرَتِي، بَلْ أَخَّرْتَنِي وَ مَهَّلْتَنِي وَ أَنْقَذْتَنِي، فَأَنَا أَتَقَلَّبُ فِي نَعْمَائِكَ، مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيكَ، أُكَاتِمُ بِهَا مِنَ اَلْعَاصِينَ وَ أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهَا مِنِّي، كَأَنَّكَ أَهْوَنُ اَلْمُطَّلِعِينَ عَلَى قَبِيحِ عَمَلِي، وَ كَأَنَّهُمْ مُحَاسِبُونَ عَلَيْهَا دُونَكَ.

يَا إِلَهِي فَأَيَّ نِعَمِكَ أَشْكُرُ؟! مَا اِبْتَدَأْتَنِي مِنْهَا بِلاَ اِسْتِحْقَاقٍ، أَوْ حِلْمَكَ عَنِّي بِإِدَامَةِ اَلنِّعَمِ، وَ زِيَادَتِكَ إِيَّايَ كَأَنِّي مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ اَلشَّاكِرِينَ، وَ لَسْتُ مِنْهُمْ. إِلَهِي فَلَمْ يَنْقَضِ عَجَبِي مِنْ نَفْسِي، وَ مِنْ أَيِّ أُمُورِي كُلِّهَا لاَ أَعْجَبُ، مِنْ رَغْبَتِي عَنْ طَاعَتِكَ عَمْداً، أَوْ مِنْ تَوَجُّهِي إِلَى مَعْصِيَتِكَ قَصْداً، أَوْ مِنْ عُكُوفِي عَلَى اَلْحَرَامِ بِمَا لَوْ كَانَ حَلاَلاً لَمَا أَقْنَعَنِي، فَسُبْحَانَكَ مَا أَظْهَرَ حُجَّتَكَ عَلَيَّ، وَ أَقْدَمَ صَفْحَكَ عَنِّي، وَ أَكْرَمَ عَفْوَكَ عَمَّنِ اِسْتَعَانَ بِنِعْمَتِكَ عَلَى مَعْصِيَتِكَ، وَ تَعَرَّضَ لَكَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِشِدَّةِ

ص: 91

بَطْشِكَ، وَ صَوْلَةِ سُلْطَانِكَ، وَ سَطْوَةِ غَضَبِكَ.

إِلَهِي مَا أَشَدَّ اِسْتِحْقَاقِي لِعَذَابِكَ إِذْ بَالَغْتُ فِي إِسْخَاطِكَ، وَ أَطَعْتُ اَلشَّيْطَانَ، وَ أَمْكَنْتُ هَوَايَ مِنْ عِنَانِي، وَ سَلِسَ لَهُ قِيَادِي، فَلَمْ أَعْصِ اَلشَّيْطَانَ وَ لاَ هَوَايَ رَغْبَةً فِي رِضَاكَ، وَ لاَ رَهْبَةً مِنْ سَخَطِكَ، فَالْوَيْلُ لِي مِنْكَ ثُمَّ اَلْوَيْلُ، أُكْثِرُ ذِكْرَكَ فِي اَلضَّرَّاءِ وَ أَغْفُلُ عَنْهُ فِي اَلسَّرَّاءِ، وَ أَخِفُّ فِي مَعْصِيَتِكَ، وَ أَثَّاقَلُ عَنْ طَاعَتِكَ، مَعَ سُبُوغِ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَ حُسْنِ بَلاَئِكَ لَدَيَّ، وَ قِلَّةِ شُكْرِي، بَلْ لاَ صَبْرَ لِي عَلَى بَلاَءٍ، وَ لاَ شُكْرَ لِي عَلَى نَعْمَاءٍ.

إِلَهِي فَهَذَا ثَنَائِي عَلَى نَفْسِي، وَ عِلْمُكَ بِمَا حَفِظْتُ وَ نَسِيتُ، وَ مَا اِسْتَكَنَّ فِي ضَمِيرِي مِمَّا قَدُمَ بِهِ عَهْدِي وَ حَدُثَ، مِنْ كَبَائِرِ اَلذُّنُوبِ وَ عَظَائِمِ اَلْفَوَاحِشِ اَلَّتِي جَنَيْتُهَا، أَكْثَرُ مِمَّا نَطَقَ بِهِ لِسَانِي، وَ أَتَيْتُ بِهِ عَلَى نَفْسِي.

إِلَهِي وَ هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ، مُعْتَرِفٌ لَكَ بِخَطَايَايَ، وَ هَاتَانِ يَدَايَ سِلْمٌ لَكَ، وَ هَذِهِ رَقَبَتِي خَاضِعَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ لِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، أَيَا حُبَّةَ قَلْبِي(1)، تَقَطَّعَتْ مِنِّي أَسْبَابُ اَلْخَدَائِعِ، وَ اِضْمَحَلَّ عَنِّي كُلُّ بَاطِلٍ، وَ أَسْلَمَنِي اَلْخَلْقُ، وَ أَفْرَدَنِي اَلدَّهْرُ، فَقُمْتُ هَذَا اَلْمَقَامَ، وَ لَوْ لاَ مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ يَا سَيِّدِي مَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ.

اَللَّهُمَّ فَكُنْ غَافِراً لِذَنْبِي، وَ رَاحِماً لِضَعْفِي، وَ عَافِياً عَنِّي، فَمَا أَوْلاَكَ بِحُسْنِ اَلنَّظَرِ لِي، وَ بِعِتْقِي إِذْ مَلَكْتَ رِقِّي، وَ بِالْعَفْوِ عَنِّي إِذْ قَدَرْتَ عَلَى اَلاِنْتِقَامِ مِنِّي.

إِلَهِي وَ سَيِّدِي، أَ تَرَاكَ رَاحِماً تَضَرُّعِي، وَ نَاظِراً ذُلَّ مَوْقِفِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ وَحْشَتِي مِنَ اَلنَّاسِ، وَ أُنْسِي بِكَ يَا كَرِيمُ. لَيْتَ شِعْرِي أَ فِي غَفَلاَتِي مُعْرِضٌ أَنْتَ عَنِّي، أَمْ نَاظِرٌ إِلَيَّ؟ بَلْ لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ بِي وَ لاَ أَشْعُرُ، أَ تَقُولُ - يَا مَوْلاَيَ - لِدُعَائِي:

نَعَمْ، أَمْ تَقُولُ: لاَ؟

ص: 92


1- كذا في «ه» و «م» و في «ع»: أباحته.

فَإِنْ قُلْتَ: نَعَمْ. فَذَلِكَ ظَنِّي بِكَ، فَطُوبَى لِي أَنَا اَلسَّعِيدُ، طُوبَى لِي أَنَا اَلْمَغْبُوطُ، طُوبَى لِي أَنَا اَلْغَنِيُّ، طُوبَى لِي أَنَا اَلْمَرْحُومُ، طُوبَى لِي أَنَا اَلْمَقْبُولُ.

وَ إِنْ قُلْتَ يَا مَوْلاَيَ - وَ أَعُوذُ بِكَ -: لاَ فَبِغَيْرِ ذَلِكَ مَنَّتْنِي نَفْسِي، فَيَا وَيْلِي وَ يَا عَوِيلِي(1)، وَ يَا شِقْوَتِي وَ يَا ذُلِّي، وَ يَا خَيْبَةَ أَمَلِي، وَ يَا اِنْقِطَاعَ أَجَلِي! لَيْتَ شِعْرِي، أَ لِلشِّقَاءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي؟ فَلَيْتَهَا لَمْ تَلِدْنِي، بَلْ لَيْتَ شِعْرِي، أَ لِلنَّارِ رَبَّتْنِي؟ فَلَيْتَهَا لَمْ تُرَبِّنِي.

إِلَهِي مَا أَعْظَمَ مَا اِبْتَلَيْتَنِي بِهِ، وَ أَجَلَّ مُصِيبَتِي، وَ أَخْيَبَ دُعَائِي، وَ أَقْطَعَ رَجَائِي، وَ أَدْوَمَ شَقَائِي إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي!

إِلَهِي لَإِنْ لَمْ تَرْحَمْ عَبْدَكَ، وَ مِسْكِينَكَ وَ فَقِيرَكَ، وَ سَائِلَكَ وَ رَاجِيَكَ، فَإِلَى مَنْ، أَوْ كَيْفَ، أَوْ مَا ذَا، أَوْ مَنْ أَرْجُو أَنْ يَعُودَ عَلَيَّ حِينَ تَرْفِضُنِي، يَا وَاسِعَ اَلْمَغْفِرَةِ؟ إِلَهِي فَلاَ تَمْنَعْكَ كَثْرَةُ ذُنُوبِي، وَ خَطَايَايَ وَ مَعَاصِيَّ، وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي، وَ اِجْتِرَائِي عَلَيْكَ، وَ دُخُولِي فِي مَا حَرَّمْتَ عَلَيَّ أَنْ تَعُودَ بِرَحْمَتِكَ عَلَى مَسْكَنَتِي، وَ بِصَفْحِكَ اَلْجَمِيلِ عَلَى إِسَاءَتِي، وَ بِغُفْرَانِكَ اَلْقَدِيمِ عَلَى عَظِيمِ جُرْمِي، فَإِنَّكَ تَعْفُو عَنِ اَلْمُسِيءِ، وَ أَنَا - يَا سَيِّدِي - اَلْمُسِيءُ، وَ تَغْفِرُ لِلْمُذْنِبِ، وَ أَنَا - يَا سَيِّدِي - اَلْمُذْنِبُ، وَ تَتَجَاوَزُ عَنِ اَلْمُخْطِئِ، وَ أَنَا - يَا سَيِّدِي - مُخْطِئٌ، وَ تَرْحَمُ اَلْمُسْرِفَ، وَ أَنَا - يَا سَيِّدِي - مُسْرِفٌ.

أَيْ سَيِّدِي، أَيْ سَيِّدِي، أَيْ مَوْلاَيَ، أَيْ رَجَائِي، أَيْ مُتَرَحِّمُ، أَيْ مُتَرَئِّفُ، أَيْ مُتَعَطِّفُ، أَيْ مُتَحَنِّنُ، أَيْ مُتَمَلِّكُ، أَيْ مُتَجَبِّرُ، أَيْ مُتَسَلِّطُ، لاَ عَمَلَ لِي أَرْجُو بِهِ نَجَاحَ حَاجَتِي، فَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلْمَخْزُونِ اَلْمَكْنُونِ، اَلطُّهْرِ اَلطَّاهِرِ اَلْمُطَهَّرِ، اَلَّذِي جَعَلْتَهُ فِي ذَلِكَ فَاسْتَقَرَّ فِي عِلْمِكَ وَ غَيْبِكَ فَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا أَبَداً، فَبِكَ يَا رَبِّ أَسْأَلُكَ، وَ بِهِ، وَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ بِأَخِي نَبِيِّكَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، وَ بِفَاطِمَةَ اَلطَّاهِرَةِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ

ص: 93


1- في نسخة «ه»: و يا غوثي.

سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ بِالْأَئِمَّةِ اَلصَّادِقِينَ اَلطَّاهِرِينَ اَلَّذِينَ أَوْجَبْتَ حُقُوقَهُمْ، وَ اِفْتَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَ قَرَنْتَهَا بِطَاعَتِكَ عَلَى اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، فَلاَ شَيْ ءَ لِي غَيْرُ هَذَا، وَ لاَ أَجِدُ أَمْنَعَ لِي مِنْهُ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِكَ اَلنَّاطِقِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ اَلصَّادِقِ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَمَا اِسْتَكٰانُوا لِرَبِّهِمْ وَ مٰا يَتَضَرَّعُونَ (1) فَهَا أَنَا يَا رَبِّ مُسْتَكِينٌ مُتَضَرِّعٌ إِلَيْكَ، عَائِذٌ بِكَ، مُتَوَكِّلٌ عَلَيْكَ.

وَ قُلْتَ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّٰهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّٰهَ تَوّٰاباً رَحِيماً (2) وَ أَنَا يَا سَيِّدِي أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ وَ أَبُوءُ بِذَنْبِي، وَ أَعْتَرِفُ بِخَطِيئَتِي، وَ أَسْتَقِيلُكَ عَثْرَتِي، فَهَبْ لِي مَا أَنْتَ بِهِ خَبِيرٌ.

وَ قُلْتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ يٰا عِبٰادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ لاٰ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّٰهِ إِنَّ اَللّٰهَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ (3)فَلَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ، وَ اَلْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، أَنَا يَا سَيِّدِي اَلْمُسْرِفُ عَلَى نَفْسِي، قَدْ وَقَفْتُ مَوْقِفَ اَلْأَذِلاَّءِ اَلْمُذْنِبِينَ اَلْعَاصِينَ اَلْمُتَجَرِّئِينَ عَلَيْكَ، اَلْمُسْتَخِفِّينَ بِوَعْدِكَ وَ وَعِيدِكَ، اَللاَّهِينَ عَنْ طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ، فَأَيَّ جُرْأَةٍ اِجْتَرَأْتُ عَلَيْكَ! وَ أَيَّ تَغَرُّرٍ غَرَّرْتُ بِنَفْسِي! فَأَنَا اَلْمُقِرُّ بِذَنْبِي، اَلْمُرْتَهَنُ بِعَمَلِي، اَلْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي، اَلْمُتَهَوِّرُ فِي خَطِيئَتِي، اَلْغَرِيقُ فِي بُحُورِ(4) ذُنُوبِي، اَلْمُنْقَطَعُ بِي، لاَ أَجِدُ لِذُنُوبِي غَافِراً، وَ لاَ لِتَوْبَتِي قَابِلاً، وَ لاَ لِنِدَائِي سَامِعاً، وَ لاَ لِعَثْرَتِي مُقِيلاً، وَ لاَ لِعَوْرَتِي سَاتِراً، وَ لاَ لِدُعَائِي مُجِيباً غَيْرَكَ.

ص: 94


1- المؤمنون 76:23.
2- النّساء 64:4.
3- الزّمر 53:39.
4- في نسخة «ه»: بحر.

يَا سَيِّدِي، فَلاَ تَحْرِمْنِي مَا جُدْتَ بِهِ عَلَى مَنْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَ عَصَاكَ ثُمَّ تَرْضَاكَ، وَ لاَ تُهْلِكْنِي إِنْ عُذْتُ بِكَ وَ لُذْتُ، وَ أَنَخْتُ بِفِنَائِكَ وَ اِسْتَجَرْتُ بِكَ. إِنْ دَعْوَتُكَ يَا مَوْلاَيَ فَبِذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَ أَنْتَ ضَمِنْتَ لِي، وَ إِنْ سَأَلْتُكَ فَأَعْطِنِي، وَ إِنْ طَلَبْتُ مِنْكَ فَلاَ تَحْرِمْنِي.

إِلَهِي اِغْفِرْ لِي وَ تُبْ عَلَيَّ وَ اِرْضَ عَنِّي، وَ إِنْ لَمْ تَرْضَ عَنِّي فَاعْفُ عَنِّي، فَقَدْ لاَ يَرْضَى اَلْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ ثُمَّ يَعْفُو عَنْهُ. لَيْسَ تُشْبِهُ مَسْأَلَتِي مَسْأَلَةَ اَلسُّؤَالِ، لِأَنَّ اَلسَّائِلَ إِذَا سَأَلَ وَ رُدَّ وَ مُنِعَ اِمْتَنَعَ وَ رَجَعَ، وَ أَنَا أَسْأَلُكَ وَ أُلِحُّ عَلَيْكَ بِكَرَمِكَ وَ جُودِكَ وَ جَنَابِكَ مِنْ رَدِّ سَائِلٍ مُسْتَعْطٍ يَتَعَرَّضُ لِمَعْرُوفِكَ (1)، وَ يَلْتَمِسُ صَدَقَتَكَ، وَ يُنِيخُ بِفِنَائِكَ، وَ يَطْرُقُ بَابَكَ. وَ عِزَّتِكَ وَ جَلاَلِكَ - يَا سَيِّدِي - لَوْ طَبِقَتْ ذُنُوبِي بَيْنَ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ، وَ خَرَقَتِ اَلنُّجُومَ، وَ بَلَغَتْ أَسْفَلَ اَلثَّرَى، وَ جَاوَزَتِ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّابِعَةَ اَلسُّفْلَى، وَ أَوْفَتْ عَلَى اَلرَّمْلِ وَ اَلْحَصَى، مَا رَدَّنِي اَلْيَأْسُ عَنْ تَوَقُّعِ غُفْرَانِكَ، وَ لاَ صَرَفَنِي اَلْقُنُوطُ عَنِ اِنْتِظَارِ رِضْوَانِكَ.

إِلَهِي وَ سَيِّدِي، دَلَلْتَنِي عَلَى سُؤَالِ اَلْجَنَّةِ، وَ عَرَّفْتَنِي فِيهَا اَلْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ، وَ أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِتِلْكَ اَلْوَسِيلَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، أَ فَتَدُلُّ عَلَى خَيْرِكَ وَ نَوَالِكَ اَلسُّؤَالَ، ثُمَّ تَمْنَعُهُمْ وَ أَنْتَ اَلْكَرِيمُ اَلْمَحْمُودُ فِي كُلِّ اَلْأَفْعَالِ، كَلاَّ وَ عِزَّتِكَ يَا مَوْلاَيَ، إِنَّكَ أَكْرَمُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَوْسَعُ فَضْلاً.

اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَ اِرْحَمْنِي، وَ اِرْضَ عَنِّي وَ تُبْ عَلَيَّ، وَ اِعْصِمْنِي وَ اُعْفُ عَنِّي، وَ سَدِّدْنِي وَ وَفِّقْ لِي، وَ خِرْ لِي، وَ اِجْعَلْ لِي ذِمَّتَكَ، وَ لاَ تُعَذِّبْنِي. اَللَّهُمَّ وَ اِجْعَلْ لِي إِلَى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً، وَ فِي كُلِّ خَيْرٍ نَصِيباً، وَ لاَ تُؤْمِنِّي مَكْرَكَ، وَ لاَ تُقَنِّطْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَ لاَ تُؤْيِسْنِي مِنْ رَوْحِكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَأْمَنُ مَكْرَكَ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْخَاسِرُونَ، وَ لاَ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَتِكَ

ص: 95


1- في نسخة «ع»: لمغفرتك.

إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلضَّالُّونَ، وَ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِكَ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْكَافِرُونَ، آمَنْتُ بِكَ اَللَّهُمَّ فَآمِنِّي، وَ اِسْتَجَرْتُ بِكَ فَأَجِرْنِي، وَ اِسْتَعَنْتُ بِكَ فَأَعِنِّي.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي اَلصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ إِلاّٰ مَنْ شٰاءَ اَللّٰهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرىٰ فَإِذٰا هُمْ قِيٰامٌ يَنْظُرُونَ * وَ أَشْرَقَتِ اَلْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهٰا وَ وُضِعَ اَلْكِتٰابُ وَ جِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ اَلشُّهَدٰاءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لاٰ يُظْلَمُونَ (1).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ يَقُومُ اَلرُّوحُ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ صَفًّا لاٰ يَتَكَلَّمُونَ إِلاّٰ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمٰنُ وَ قٰالَ صَوٰاباً (2).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ يَكُونُ اَلنّٰاسُ كَالْفَرٰاشِ اَلْمَبْثُوثِ * وَ تَكُونُ اَلْجِبٰالُ كَالْعِهْنِ اَلْمَنْفُوشِ (3).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مٰا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ مٰا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهٰا وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً (4)

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّٰا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذٰاتِ حَمْلٍ حَمْلَهٰا وَ تَرَى اَلنّٰاسَ سُكٰارىٰ وَ مٰا هُمْ بِسُكٰارىٰ وَ لٰكِنَّ عَذٰابَ اَللّٰهِ شَدِيدٌ (5)

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ يَفِرُّ اَلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ * وَ صٰاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ * لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (6).

ص: 96


1- الزّمر 68:39-69.
2- النّبأ 38:78.
3- القارعة 4:101-5.
4- آل عمران 30:3.
5- الحجّ 2:22.
6- عبس 34:80-37.

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجٰادِلُ عَنْ نَفْسِهٰا وَ تُوَفّٰى كُلُّ نَفْسٍ مٰا عَمِلَتْ وَ هُمْ لاٰ يُظْلَمُونَ (1)

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِمٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ * يُوَفِّيهِمُ اَللّٰهُ دِينَهُمُ اَلْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اَللّٰهَ هُوَ اَلْحَقُّ اَلْمُبِينُ (2).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ اَلْآزِفَةِ إِذِ اَلْقُلُوبُ لَدَى اَلْحَنٰاجِرِ كٰاظِمِينَ مٰا لِلظّٰالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لاٰ شَفِيعٍ يُطٰاعُ (3).

وَ أَسْأَلُكَ اَلْأَمَانَ اَلْأَمَانَ يَا كَرِيمُ يَوْمَ لاٰ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لاٰ يُقْبَلُ مِنْهٰا شَفٰاعَةٌ وَ لاٰ يُؤْخَذُ مِنْهٰا عَدْلٌ وَ لاٰ هُمْ يُنْصَرُونَ (4).

اَللَّهُمَّ فَقَدِ اِسْتَأْمَنْتُ إِلَيْكَ فَاقْبَلْنِي، وَ اِسْتَجَرْتُ بِكَ فَأَجِرْنِي، يَا أَكْرَمَ مَنِ اِسْتَجَارَ بِهِ اَلْمُسْتَجِيرُونَ، وَ لاَ تَرُدَّنِي خَائِباً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ اَلرِّضَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(5).

ثم تدعو أيضا بما يأتي ذكره في هذا الفصل عقيب الصلاة في مسجد زيد ابن صوحان رحمه اللّه تعالى.

ذكر صلاة الحاجة هناك خاصة

و هي أربع ركعات تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد (عشر مرات)، و في الثانية فاتحة الكتاب و الصمد أيضا (احدى و عشرين مرة)، و في

ص: 97


1- النحل 111:16.
2- النور 24:24-25.
3- المؤمن 18:40.
4- البقرة 48:2.
5- نقله المجلسي في بحار الانوار 420:100.

الثالثة فاتحة الكتاب و الصمد أيضا (إحدى و ثلاثين مرة)، و في الرابعة فاتحة الكتاب و الصمد أيضا (إحدى و أربعين مرة)، فإذا سلمت و سبحت فاقرأ قل هو اللّه أحد أيضا (إحدى و خمسين مرة)، و تستغفر اللّه (خمسين مرة)، و تصلي على النبي و آله (خمسين مرة)، و تقول: لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ (خمسين مرة).

ثُمَّ تَقُولُ: يَا اَللَّهُ اَلْمَانِعُ قُدْرَتُهُ خَلْقَهُ، وَ اَلْمَالِكُ بِهَا سُلْطَانَهُ، وَ اَلْمُتَسَلِّطُ بِمَا فِي يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ مَوْجُودٍ، [كُلِّ مَرْجُوٍّ دُونَكَ] يُخَيِّبُ رَجَاءَ رَاجِيهِ وَ رَاجِيكَ مَسْرُورٌ لاَ يَخِيبُ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ رِضًى لَكَ، وَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ أَنْتَ فِيهِ، وَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ تُحِبُّ أَنْ تَذْكُرَ بِهِ، وَ بِكَ يَا اَللَّهُ، فَلَيْسَ يَعْدِلُكَ شَيْ ءٌ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَحْفَظَنِي وَ وُلْدِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي، وَ تَحْفَظَنِي بِحِفْظِكَ، وَ أَنْ تَقْضِيَ حَاجَتِي فِي كَذَا وَ كَذَا(1). وَ تَسْأَلُ حَاجَتَكَ.

ذكر الصلاة و الدعاء على دكة الصادق عليه السّلام

ثُمَّ اِمْضِ إِلَيْهَا وَ هِيَ اَلْقَرِيبَةُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، فَصَلِّ عَلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ فَقُلْ:

يَا صَانِعَ كُلِّ مَصْنُوعٍ، وَ يَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ، وَ يَا حَاضِرَ كُلِّ مَلَإٍ، وَ يَا شَاهِدَ كُلِّ نَجْوَى، وَ يَا عَالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ، وَ يَا شَاهِداً غَيْرَ غَائِبٍ، وَ يَا غَالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ، يَا قَرِيباً غَيْرَ بَعِيدٍ، وَ يَا مُونِسَ كُلِّ وَحِيدٍ، وَ يَا حَيُّ حِينَ لاَ حَيَّ غَيْرُهُ، يَا مُحْيِيَ اَلْمَوْتَى وَ مُمِيتَ اَلْأَحْيَاءِ، اَلْقَائِمَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ(2). ثم ادع بما احببت.

ص: 98


1- نقله المجلسي في بحار الأنوار 425:100.
2- رواه المفيد في مزاره: 111 (مخطوط)، و ابن المشهدي في مزاره: 225، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 425:100.

ذكر صلاة الحاجة في جامع الكوفة

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ اَلْكُوفَةِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ اَلْحَمْدَ وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ سُورَةَ اَلْإِخْلاَصِ وَ اَلْكَافِرُونَ وَ اَلنَّصْرَ وَ سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى وَ اَلْقَدْرَ، فَإِذَا سَلَّمَ سَبَّحَ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ، ثُمَّ سَأَلَ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ أَيَّ حَاجَةٍ شَاءَ قَضَاهَا لَهُ وَ اِسْتَجَابَ دُعَاءَهُ».

قَالَ رَاوِي هَذَا اَلْحَدِيثِ: سَأَلْتُ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى بَعْدَ هَذِهِ اَلصَّلاَةِ سَعَةَ اَلرِّزْقِ فَاتَّسَعَ رِزْقِي وَ أَتَانِي مِنَ اَلرِّزْقِ بِفَضْلِ اَللَّهِ مَا لَمْ أَحْتَسِبْ، وَ حَسُنَ حَالِي بِبَرَكَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ سَلاَمُهُ، قَالَ: وَ عَلَّمْتُهُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كَانَ مُقْتَراً عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَرَزَقَهُ اَللَّهُ تَعَالَى وَ وَسَّعَ عَلَيْهِ (1).

فَاجْتَهِدْ أَنْ لَا تَفُوتَكَ فَرِيضَةً وَ لَا نَافِلَةً فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اَلْفَرِيضَةَ فِيهِ بِأَلْفِ فَرِيضَةٍ وَ اَلنَّافِلَةَ بِخَمْسِمِائَةِ، وَ رُوِيَ أَيْضاً: أَنَّ اَلْفَرِيضَةَ فِيهِ بِحَجَّةٍ وَ اَلنَّافِلَةَ بِعُمْرَةٍ (2).

فإذا فرغت فامض إلى قبر مسلم بن عقيل قدس اللّه روحه و نور ضريحه.

ص: 99


1- رواه الطوسي في اماليه: 936/415 و 1534/734، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 100: 26/394.
2- انظر: الكافي 1/490:3، كامل الزيارات: 6/28، التهذيب 60/32:6.

ذكر زيارة مسلم بن عقيل

اشارة

تَقِفُ عَلَى قَبْرِهِ وَ تَقُولُ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمَالِكِ اَلْحَقِّ اَلْمُبِينِ، اَلْمُتَصَاغِرِ لِعَظَمَتِهِ جَبَابِرَةُ اَلطَّاغِينَ، اَلْمُعْتَرِفِ بِرُبُوبِيَّتِهِ جَمِيعُ أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرَضِينَ، اَلْمُقِرِّ بِتَوْحِيدِهِ سَائِرُ اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِ اَلْأَنَامِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْكِرَامِ، صَلاَةً تُقِرُّ بِهَا أَعْيُنَهُمْ، وَ تُرْغِمُ بِهَا أَنْفَ شَانِئِهِمْ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ أَجْمَعِينَ. سَلاَمُ اَللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ، وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَنْبِيَائِهِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ أَئِمَّتِهِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ، وَ جَمِيعِ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ اَلزَّاكِيَاتِ اَلطَّيِّبَاتِ، فِيمَا تَغْتَدِي وَ تَرُوحُ عَلَيْكَ يَا مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ قُتِلْتَ عَلَى مِنْهَاجِ اَلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، حَتَّى لَقِيتَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اَللَّهِ، وَ بَذَلْتَ نَفْسَكَ فِي نُصْرَةِ حُجَّةِ اَللَّهِ وَ اِبْنِ حُجَّتِهِ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ. أَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْلِيمِ وَ اَلْوَفَاءِ وَ اَلنَّصِيحَةِ لِخَلَفِ اَلنَّبِيِّ اَلْمُرْسَلِ، وَ اَلسِّبْطِ اَلْمُنْتَجَبِ، وَ اَلدَّلِيلِ اَلْعَالِمِ، وَ اَلْوَصِيِّ اَلْمُبَلِّغِ، وَ اَلْمَظْلُومِ المهتظم [اَلْمُهْتَضَمِ]، فَجَزَاكَ اَللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ عَنِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ بِمَا صَبَرْتَ وَ اِحْتَسَبْتَ وَ أَعَنْتَ، فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ.

لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ أَمَرَ بِقَتْلِكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنِ اِفْتَرَى عَلَيْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ وَ اِسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ بَايَعَكَ وَ غَشَّكَ وَ خَذَلَكَ وَ أَسْلَمَكَ، وَ مَنْ أَلَبَّ عَلَيْكَ وَ لَمْ يُعِنْكَ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلنَّارَ مَثْوَاهُمْ وَ بِئْسَ اَلْوِرْدُ اَلْمَوْرُودُ. أَشْهَدُ أَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَ أَنَّ اَللَّهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ. جِئْتُكَ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكُمْ، مُسْلِماً لَكُمْ، تَابِعاً لِسُنَّتِكُمْ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ

ص: 100

مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَحْكُمَ اَللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ اَلْحَاكِمِينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوِّكُمْ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ وَ شَاهِدِكُمْ وَ غَائِبِكُمْ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، قَتَلَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالْأَيْدِي وَ اَلْأَلْسُنِ.

ثُمَّ أَشِرْ الى اَلضَّرِيحِ وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ، اَلْمُطِيعُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلاَمُهُ عَلَى عِبَادِهِ اَلَّذِينَ اِصْطَفَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ مَغْفِرَتُهُ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ. أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ اَلْبَدْرِيُّونَ اَلْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، اَلْمُبَالِغُونَ فِي جِهَادِ أَعْدَائِهِ وَ نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ، فَجَزَاكَ اَللَّهُ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ وَ أَكْثَرَ اَلْجَزَاءِ. وَ أَوْفَرَ جَزَاءِ أَحَدٍ مِمَّنْ وَفَى بِبَيْعَتِهِ، وَ اِسْتَجَابَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَ أَطَاعَ وُلاَةَ أَمْرِهِ. أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَالَغْتَ فِي اَلنَّصِيحَةِ، وَ أَعْطَيْتَ غَايَةَ اَلْمَجْهُودِ، حَتَّى بَعَثَكَ اَللَّهُ فِي اَلشُّهَدَاءِ، وَ جَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أَرْوَاحِ اَلسُّعَدَاءِ، وَ أَعْطَاكَ مِنْ جِنَانِهِ أَفْسَحَهَا مَنْزِلاً، وَ أَفْضَلَهَا غُرَفاً، وَ رَفَعَ ذِكْرَكَ فِي اَلْعِلِّيِّينَ، وَ حَشَرَكَ مَعَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً.

أَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَهِنْ وَ لَمْ تَنْكُلْ، وَ أَنَّكَ قَدْ مَضَيْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ مُقْتَدِياً بِالصَّالِحِينَ وَ مُتَّبِعاً لِلنَّبِيِّينَ، فَجَمَعَ اَللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ، فِي مَنَازِلِ اَلْمُخْبِتِينَ، فَإِنَّهُ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ صَلِّ عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ وَ اِهْدِهَا لَهُ ثُمَّ قُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لاَ تَدَعْ لِي ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَ لاَ هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، وَ لاَ مَرَضاً إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَ لاَ عَيْباً إِلاَّ سَتَرْتَهُ، وَ لاَ شَمْلاً إِلاَّ جَمَعْتَهُ، وَ لاَ غَائِباً إِلاَّ حَفِظْتَهُ وَ أَدْنَيْتَهُ، وَ لاَ عُرْيَاناً إِلاَّ كَسَوْتَهُ، وَ لاَ رِزْقاً إِلاَّ بَسَطْتَهُ، وَ لاَ خَوْفاً إِلاَّ آمَنْتَهُ، وَ لاَ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ لَكَ فِيهَا رِضًا وَ لِيَ فِيهَا صَلاَحٌ إِلاَّ قَضَيْتَهَا،

ص: 101

يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ فَقِفْ عِنْدَهُ وَ قُلْ:

أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ، اَللَّهُمَّ فَاكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ. اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي لِهَذَا اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ، وَ اُرْزُقْنِي زِيَارَتَهُ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَ اُحْشُرْنِي مَعَهُ، وَ عَرِّفْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ رَسُولِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ فِي اَلْجِنَانِ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى اَلْإِيمَانِ بِكَ، وَ اَلتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ، وَ اَلْوَلاَيَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، فَإِنِّي رَضِيتُ بِذَلِكَ يَا رَبَّ (1)اَلْعَالَمِينَ.

ص: 102


1- رواها المفيد في مزاره: 124 بتفاوت (مخطوط)، و ابن المشهدي في مزاره: 227، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 426:100 /ذيل الحديث 69.

زيارة أخرى لمسلم بن عقيل سلام اللّه عليه

إِذَا وَصَلْتَ إِلَى ضَرِيحِهِ فَقِفْ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ، وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْفَادِي بِنَفْسِهِ وَ مُهْجَتِهِ، اَلشَّهِيدُ اَلْفَقِيدُ اَلْمَظْلُومُ، اَلْمَغْصُوبُ حَقُّهُ، اَلْمُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ فَادَى بِنَفْسِهِ اِبْنَ عَمِّهِ، وَ فَدَى بِدَمِهِ دَمَهُ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلَ اَلشُّهَدَاءِ وَ إِمَامَ اَلسُّعَدَاءِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُسْلِمُ، يَا مَنْ أَسْلَمَ نَفْسَهُ، وَ سَكَنَ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ رَمْسَهُ، وَ أَخْمَدَ حِسَّهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلسَّادَةِ اَلْأَبْرَارِ، وَ يَا اِبْنَ أَخِي جَعْفَرٍ اَلطَّيَّارِ، وَ اِبْنَ أَخِي عَلِيٍّ اَلْفَارِسِ اَلْكَرَّارِ اَلضَّارِبِ بِذِي اَلْفَقَارِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ يَا مَنْ أَرْضَى بِفِعَالِهِ مُحَمَّداً اَلْمُخْتَارَ وَ اَلْمَلِكَ اَلْجَبَّارَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ لَقَدْ صَبَرْتَ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَحِيداً غَرِيباً عَنْ أَهْلِهِ بَيْنَ اَلْأَعْدَاءِ بِلاَ نَاصِرٍ وَ لاَ مُجِيبٍ، أَشْهَدُ بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ أَنَّكَ جَاهَدْتَ وَ صَابَرْتَ وَ خَاصَمْتَ أَعْدَاءَ اَللَّهِ عَلَى طَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ نَبِيِّهِ وَ وَصِيِّهِ وَ وَلِيِّهِ، فَمَضَيْتَ شَهِيداً وَ تَوَلَّيْتَ حَمِيداً، إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. اَللَّهُمَّ اُحْشُرْنِي مَعَهُ وَ مَعَ أَبِيهِ وَ عُمُومَتِهِ وَ بَنِيهِمْ، وَ لاَ تَحْرِمْنِي فِي بَقِيَّةِ عُمُرِي زِيَارَتَهُ.

ثُمَّ تُقَبِّلُ اَلضَّرِيحَ وَ تُصَلِّي صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ وَ تُهْدِي ثَوَابَهَا لَهُ، ثُمَّ تُوَدِّعُهُ وَ تَنْصَرِفُ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 103


1- نقلها المجلسي في بحار الأنوار 71/428:100.

ذكر زيارة هاني بن عروة المرادي رضي اللّه عنه

تَقِفُ عَلَى قَبْرِهِ وَ تُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، تَقُولُ:

سَلاَمُ اَللَّهِ اَلْعَظِيمِ وَ صَلَوَاتُهُ عَلَيْكَ يَا هَانِيَ بْنَ عُرْوَةَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ اَلنَّاصِحُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، فَلَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَ اِسْتَحَلَّ دَمَكَ وَ حَشَى قُبُورَهُمْ نَاراً. أَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ اَللَّهَ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْكَ بِمَا فَعَلْتَ وَ نَصَحْتَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ دَرَجَةَ اَلشُّهَدَاءِ، وَ جَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أَرْوَاحِ اَلسُّعَدَاءِ، بِمَا نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مُجْتَهِداً، وَ بَذَلْتَ نَفْسَكَ فِي ذَاتِ اَللَّهِ وَ مَرْضَاتِهِ، فَرَحِمَكَ اَللَّهُ وَ رَضِيَ عَنْكَ وَ حَشَرَكَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ جَمَعَنَا وَ إِيَّاكَ مَعَهُمْ فِي دَارِ اَلنَّعِيمِ، وَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1).

ثم صلّ ركعتين صلاة الزيارة و اهدها له و ادع لنفسك بما شئت، و ودعه بما ودعت به مسلم بن عقيل رحمه اللّه.

ثم اقصد بعد ذلك المساجد المذكورة بظهر الكوفة.

ص: 104


1- رواها المفيد في مزاره: 126 (مخطوط)، و ابن المشهدي في مزاره: 231، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 429:100.

بيان عمل هذه المساجد [بعض مساجد الكوفة]

[ذكر عمل مسجد السهلة]

إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَمْضِيَ إِلَى اَلسَّهْلَةِ فَاجْعَلْ ذَلِكَ بَيْنَ اَلْمَغْرِبِ وَ اَلْعِشَاءِ اَلْآخِرَةِ مِنْ لَيْلَةِ اَلْأَرْبِعَاءِ، وَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ اَلْأَوْقَاتِ، فَإِذَا أَتَيْتَهُ فَصَلِّ اَلْمَغْرِبَ وَ نَافِلَتَهَا، ثُمَّ قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ اَلْمَسْجِدِ قُرْبَةً إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا فَرَغْتَ فَارْفَعْ يَدَيْكَ الى اَلسَّمَاءِ وَ قُلْ:

أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ مُبْدِئُ اَلْخَلْقِ وَ مُعِيدُهُمْ، وَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ خَالِقُ اَلْخَلْقِ وَ رَازِقُهُمْ، أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ اَلْقَابِضُ اَلْبَاسِطُ، أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ مُدَبِّرُ اَلْأُمُورِ بَاعِثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ، أَنْتَ وَارِثُ اَلْأَرْضِ وَ مَنْ عَلَيْهَا، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلْمَخْزُونِ اَلْمَكْنُونِ اَلْحَيِّ اَلْقَيُّومِ. وَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، عَالِمُ اَلسِّرِّ وَ أَخْفَى، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَ إِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ بِحَقِّهِمُ اَلَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلَى نَفْسِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَقْضِيَ لِي حَاجَتِي اَلسَّاعَةَ اَلسَّاعَةَ. يَا سَامِعَ اَلدُّعَاءِ يَا سَيِّدَاهْ، يَا مَوْلاَهْ، يَا غِيَاثَاهْ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اِسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، وَ اِسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ اَلْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَنَا اَلسَّاعَةَ، يَا مُقَلِّبَ اَلْقُلُوبِ وَ اَلْأَبْصَارِ، يَا سَمِيعَ اَلدُّعَاءِ.

ثُمَّ اُسْجُدْ وَ اِخْشَعْ وَ اُدْعُ اَللَّهَ بِمَا تُرِيدُ.

ثُمَّ تُصَلِّي فِي اَلزَّاوِيَةِ اَلْغَرْبِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ - وَ هُوَ بَيْتُ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اَلَّذِي كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى اَلْعَمَالِقَةِ - فَإِذَا فَرَغْتَ فَسَبِّحْ، وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ بِحَقِّ هَذِهِ اَلْبُقْعَةِ اَلشَّرِيفَةِ، وَ بِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهَا، قَدْ عَلِمْتَ حَوَائِجِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِقْضِهَا، وَ قَدْ أَحْصَيْتَ ذُنُوبِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ

ص: 105

وَ آلِهِ وَ اِغْفِرْهَا.

اَللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ اَلْحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَ تَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ اَلْوَفَاةُ خَيْراً لِي عَلَى مُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ وَ مُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ، وَ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ صَلِّ فِي اَلزَّاوِيَةِ اَلْغَرْبِيَّةِ اَلْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ وَ تَرْفَعُ يَدَيْكَ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ هَذِهِ اَلصَّلاَةَ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ وَ طَلَبَ نَائِلِكَ وَ رَجَاءَ رِفْدِكَ وَ جَوَائِزِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ تَقَبَّلْهَا مِنِّي بِأَحْسَنِ قَبُولٍ، وَ بَلِّغْنِي بِرَحْمَتِكَ اَلْمَأْمُولَ، وَ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

وَ عَفِّرْ خَدَّيْكَ بِالْأَرْضِ.

ثُمَّ تُصَلِّي فِي اَلزَّاوِيَةِ اَلشَّرْقِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ، وَ تَبْسُطُ كَفَّيْكَ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَتِ اَلذُّنُوبُ وَ اَلْخَطَايَا قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِي عِنْدَكَ، فَلَمْ تَرْفَعْ لِي إِلَيْكَ صَوْتاً، وَ لَمْ تَسْتَجِبْ لِي دَعْوَةً، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَ يَا اَللَّهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَكَ أَحَدٌ، وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، وَ تُقْبِلَ بِوَجْهِي إِلَيْكَ، وَ لاَ تُخَيِّبْنِي حِينَ أَدْعُوكَ، وَ لاَ تَحْرِمْنِي حِينَ أَرْجُوكَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تُصَلِّي فِي اَلْبَيْتِ اَلَّذِي فِي وَسَطِ اَلْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، وَ تَقُولُ:

يَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ، يَا فَعَّالاً لِمَا يُرِيدُ، يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ حُلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَنْ يُؤْذِينَا بِحَوْلِكَ وَ قُوَّتِكَ، يَا كافي [كَافِياً] مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لاَ يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ اِكْفِنَا اَلْمُهِمَّ مِنْ أَمْرِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، يَا اَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ عَفِّرْ خَدَّيْكَ عَلَى اَلْأَرْضِ (1).

ص: 106


1- رواه المفيد في مزاره: 113 (مخطوط)، و الشهيد الأول في مزاره: 255، و ابن المشهدي في مزاره: 169، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 22/445:100.

ذكر الصلاة و الدعاء في مسجد زيد بن صوحان

رحمه اللّه و هو قريب من السهلة

تُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَ تَبْسُطُ كَفَّيْكَ، وَ تَقُولُ:

إِلَهِي قَدْ مَدَّ اَلْخَاطِئُ اَلْمُذْنِبُ يَدَيْهِ لِحُسْنِ ظَنِّهِ بِكَ.

إِلَهِي قَدْ جَلَسَ اَلْمُسِيءُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُقِرّاً لَكَ بِسُوءِ عَمَلِهِ، وَ رَاجِياً مِنْكَ اَلصَّفْحَ عَنْ زَلَلِهِ.

إِلَهِي قَدْ رَفَعَ إِلَيْكَ اَلظَّالِمُ كَفَّيْهِ (1) رَاجِياً لِمَا لَدَيْكَ فَلاَ تُخَيِّبْهُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ فَضْلِكَ.

إِلَهِي قَدْ جَثَا اَلْعَائِدُ إِلَى اَلْمَعَاصِي بَيْنَ يَدَيْكَ.

(إِلَهِي قَدْ جَاءَكَ اَلْعَبْدُ اَلْخَاطِئُ)(2) خَائِفاً مِنْ يَوْمٍ تَجْثُو فِيهِ اَلْخَلاَئِقُ بَيْنَ يَدَيْكَ.

إِلَهِي جَاءَكَ اَلْعَبْدُ اَلْخَاطِئُ فَزِعاً مُشْفِقاً، وَ رَفَعَ إِلَيْكَ طَرْفَهُ حَذِراً رَاجِياً، وَ فَاضَتْ عَبْرَتُهُ مُسْتَغْفِراً نَادِماً. وَ عِزَّتِكَ وَ جَلاَلِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ، وَ مَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَ أَنَا بِكَ جَاهِلٌ، وَ لاَ لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَ لاَ لِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٌّ، وَ لَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، وَ أَعَانَتْنِي عَلَى ذَلِكَ شِقْوَتِي، وَ غَرَّنِي سِتْرُكَ اَلْمُرْخَى عَلَيَّ، فَمَنِ اَلْآنَ مِنْ عَذَابِكَ يَسْتَنْقِذُنِي! وَ بِحَبْلِ مَنْ أَعْتَصِمُ إِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي؟ فَيَا سَوْأَتَاهْ غَداً مِنَ اَلْمَوْقِفِ بَيْنَ يَدَيْكَ إِذَا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ: جُوزُوا، وَ لِلْمُثْقِلِينَ: حُطُّوا. أَ فَمَعَ اَلْمُخِفِّينَ أَجُوزُ، أَمْ مَعَ اَلْمُثْقِلِينَ أَحُطُّ؟

ص: 107


1- في نسخة «ع»: يديه.
2- في نسخة «ع» و «ه»: يجثوا.

وَيْلِي كُلَّمَا كَبِرَتْ سِنِّي كَثُرَتْ ذُنُوبِي!

وَيْلِي كُلَّمَا طَالَ عُمُرِي كَثُرَتْ مَعَاصِيَّ! فَكَمْ أَتُوبُ، وَ كَمْ أَعُوذُ؟ أَمَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّي؟ اَللَّهُمَّ فَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اِغْفِرْ لِي وَ اِرْحَمْنِي يَا خَيْرَ اَلْغَافِرِينَ.

ثُمَّ اِبْكِ وَ عَفِّرْ وَجْهَكَ وَ قُلْ:

اِرْحَمْ مَنْ أَسَاءَ وَ اِقْتَرَفَ وَ اِسْتَكَانَ وَ اِعْتَرَفَ.

وَ اِقْلِبْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ وَ قُلْ: إِنْ كُنْتُ بِئْسَ اَلْعَبْدُ فَأَنْتَ نِعْمَ اَلرَّبُّ.

ثُمَّ اِقْلِبْ خَدَّكَ اَلْأَيْسَرَ وَ قُلْ: عَظُمَ اَلذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ اَلْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يَا كَرِيمُ (1).

ثُمَّ عُدْ إِلَى اَلسُّجُودِ وَ قُلْ: اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ (مِائَةَ مَرَّةٍ).

ص: 108


1- رواه المفيد في مزاره: 115 (مخطوط)، و ابن المشهدي في مزاره: 261، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 445:100 /ذيل الحديث 22.

ذكر الصلاة في مسجد صعصعة بن صوحان رحمه اللّه و الدعاء فيه

تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَرَغْتَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ يَا ذَا اَلْمِنَنِ اَلسَّابِغَةِ، وَ اَلْآلاَءِ اَلْوَازِعَةِ، وَ اَلرَّحْمَةِ اَلْوَاسِعَةِ، وَ اَلْقُدْرَةِ اَلْجَامِعَةِ، وَ اَلنِّعَمِ اَلْجَسِيمَةِ، وَ اَلْمَوَاهِبِ اَلْعَظِيمَةِ، وَ اَلْأَيَادِي اَلْجَمِيلَةِ، وَ اَلْعَطَايَا اَلْجَزِيلَةِ.

يَا مَنْ لاَ يُنْعَتُ بِمَثِيلٍ وَ لاَ يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ، وَ لاَ يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ.

يَا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ، وَ أَلْهَمَ فَأَنْطَقَ، وَ اِبْتَدَعَ فَشَرَعَ، وَ عَلاَ فَارْتَفَعَ، وَ قَدَّرَ فَأَحْسَنَ، وَ صَوَّرَ فَأَتْقَنَ، وَ اِحْتَجَّ فَأَبْلَغَ، وَ أَنْعَمَ فَأَسْبَغَ، وَ أَعْطَى فَأَجْزَلَ، وَ مَنَحَ فَأَفْضَلَ.

يَا مَنْ سَمَا فِي اَلْعِزِّ فَفَاتَ خَوَاطِرَ اَلْأَبْصَارِ، وَ دَنَا فِي اَللُّطْفِ فَجَازَ هَوَاجِسَ اَلْأَفْكَارِ.

يَا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْمُلْكِ فَلاَ نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطَانِهِ، وَ تَفَرَّدَ بِالْآلاَءِ وَ اَلْكِبْرِيَاءِ فَلاَ ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ.

يَا مَنْ حَارَتْ فِي كِبْرِيَاءِ هَيْبَتِهِ دَقَائِقُ لَطَائِفِ اَلْأَوْهَامِ، وَ اِنْحَسَرَتْ دُونَ إِدْرَاكِ عَظَمَتِهِ خَطَائِفُ أَبْصَارِ اَلْأَنَامِ.

يَا مَنْ عَنَتِ اَلْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ، وَ خَضَعَتِ اَلرِّقَابُ لِعَظَمَتِهِ، وَ وَجِلَتِ اَلْقُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ.

أَسْأَلُكَ بِهَذِهِ اَلْمِدْحَةِ اَلَّتِي لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لَكَ، وَ بِمَا وَأَيْتَ (1) بِهِ عَلَى نَفْسِكَ لِدَاعِيكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ بِمَا ضَمِنْتَ اَلْإِجَابَةَ فِيهِ عَلَى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ. يَا أَسْمَعَ

ص: 109


1- في نسخة «ع» و «ه»: آويت، و اثبتنا ما في نسخة «م»، و معناها: وعدت. انظر: الصّحاح - واي - 6: 2518.

اَلسَّامِعِينَ، وَ أَبْصَرَ اَلنَّاظِرِينَ، وَ أَسْرَعَ اَلْحَاسِبِينَ، يَا ذَا اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِينِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ اِقْسِمْ لِي فِي يَوْمِي هَذَا خَيْرَ مَا قَسَمْتَ، وَ اِحْتِمْ لِي فِي قَضَائِكَ خَيْرَ مَا حَتَمْتَ، وَ اِخْتِمْ لِي بِالسَّعَادَةِ فِي مَنْ خَتَمْتَ، وَ أَحْيِنِي مَا أَحْيَيْتَنِي مَوْفُوراً، وَ أَمِتْنِي مَسْرُوراً وَ مَغْفُوراً، وَ تَوَلَّ أَنْتَ نَجَاتِي مِنْ مُسَاءَلَةِ اَلْبَرْزَخِ، وَ اِدْرَأْ عَنِّي مُنْكَراً وَ نَكِيراً، وَ أَرِ عَيْنِي مُبَشِّراً وَ بَشِيراً، وَ اِجْعَلْ لِي إِلَى رِضْوَانِكَ وَ جِنَانِكَ مَصِيراً وَ عَيْشاً قَرِيراً وَ مُلْكاً كَبِيراً، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ كَثِيراً(1).

ص: 110


1- رواها المفيد في مزاره: 117 (مخطوط)، و الطوسي في مصباحه: 738، و المصنف في اقبال الاعمال: 445، و الشهيد الاول في مزاره: 264، و ابن المشهدي في مزاره: 179، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 23/446:100.

ذكر الصلاة و الدعاء في مسجد غني

تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَقُلْ:

سَيِّدِي سَيِّدِي، هَذِهِ يَدَايَ قَدْ مَدَدْتُهُمَا إِلَيْكَ بِالذُّنُوبِ مَمْلُوءَةً، وَ عَيْنَايَ بِالرَّجَاءِ إِلَيْكَ مَمْدُودَةً، وَ حَقٌّ لِمَنْ دَعَاكَ بِالنَّدَمِ تَذَلُّلاً أَنْ تُجِيبَهُ بِالْكَرَمِ تَفَضُّلاً. سَيِّدِي أَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّقَاءِ خَلَقْتَنِي فَأُطِيلَ بُكَائِي؟ أَمْ مِنْ أَهْلِ اَلسَّعَادَةِ خَلَقْتَنِي فَأَنْشُرَ رَجَائِي؟

سَيِّدِي، أَ لِضَرْبِ اَلْمَقَامِعِ خَلَقْتَ أَعْضَائِي، أَمْ لِشُرْبِ اَلْحَمِيمِ خَلَقْتَ أَمْعَائِي؟

سَيِّدِي، لَوْ أَنَّ عَبْداً اِسْتَطَاعَ اَلْهَرَبَ مِنْ مَوْلاَهُ لَكُنْتُ أَوَّلَ اَلْهَارِبِينَ مِنْكَ، لَكِنِّي أَعْلَمُ أَنِّي لاَ أَفُوتُكَ.

سَيِّدِي لَوْ أَنَّ عَذَابِي يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ لَسَأَلْتُكَ اَلصَّبْرَ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ طَاعَةُ اَلْمُطِيعِينَ وَ لاَ يَنْقُصُ مِنْهُ مَعْصِيَةُ اَلْعَاصِينَ.

سَيِّدِي مَا أَنَا وَ مَا خَطَرِي؟ هَبْ لِي خَطَإي بِفَضْلِكَ، وَ جَلِّلْنِي بِسِتْرِكَ، وَ اُعْفُ عَنْ تَوْبِيخِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ.

إِلَهِي وَ سَيِّدِي اِرْحَمْنِي مَطْرُوحاً عَلَى اَلْفِرَاشِ تُقَلِّبُنِي أَيْدِي أَحِبَّتِي، وَ اِرْحَمْنِي مَطْرُوحاً عَلَى اَلْمُغْتَسَلِ يُغَسِّلُنِي صَالِحُ جِيرَتِي، وَ اِرْحَمْنِي مَحْمُولاً قَدْ تَنَاوَلَ اَلْأَقْرِبَاءُ أَطْرَافَ جِنَازَتِي، وَ اِرْحَمْ فِي ذَلِكَ اَلْبَيْتِ اَلْمُظْلِمِ وَحْشَتِي وَ وَحْدَتِي وَ غُرْبَتِي، فَمَا لِلْعَبْدِ مَنْ يَرْحَمُهُ إِلاَّ مَوْلاَهُ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ: أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَارٍ حَرُّهَا لاَ يُطْفَى، وَ جَدِيدُهَا لاَ يَبْلَى، وَ عَطْشَانُهَا لاَ يُرْوَى.

ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ تَقُولُ: إِلَهِي لاَ تُقَلِّبْ وَجْهِي فِي اَلنَّارِ بَعْدَ سُجُودِي وَ تَعْفِيرِي لَكَ، لاَ مَنّاً مِنِّي عَلَيْكَ بَلْ لَكَ اَلْحَمْدُ وَ اَلْمَنُّ عَلَيَّ.

ص: 111

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْسَرَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: اِرْحَمْ مَنْ أَسَاءَ وَ اِقْتَرَفَ، وَ اِسْتَكَانَ وَ اِعْتَرَفَ.

ثُمَّ تَعُودُ إِلَى اَلسُّجُودِ وَ تَقُولُ: إِنْ كُنْتُ بِئْسَ اَلْعَبْدِ فَأَنْتَ نِعْمَ اَلرَّبُّ. وَ تَقُولُ:

اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ (مِائَةَ مَرَّةٍ)(1).

ص: 112


1- رواها المفيد في مزاره: 118 (مخطوط)، و الشهيد الاول في مزاره: 267، و ابن المشهدي في مزاره: 183، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 25/448:100.

ذكر الصلاة و الدعاء في مسجد جعفي

فَإِذَا أَتَيْتَهُ فَصَلِّ فِيهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَإِذَا سَلَّمْتَ وَ سَبَّحْتَ فَابْسُطْ كَفَّيْكَ وَ قُلْ:

إِلَهِي كَيْفَ أَدْعُوكَ وَ قَدْ عَصَيْتُكَ؟ وَ كَيْفَ لاَ أَدْعُوكَ وَ قَدْ عَرَفْتُكَ؟ وَ حُبُّكَ فِي قَلْبِي مَكِينٌ. مَدَدْتُ إِلَيْكَ يَداً بِالذُّنُوبِ مَمْلُوءَةً، وَ عَيْناً بِالرَّجَاءِ مَمْدُودَةً. إِلَهِي أَنْتَ مَالِكُ اَلْعَطَايَا وَ أَنَا أَسِيرُ اَلْخَطَايَا، وَ مِنْ كَرَمِ اَلْعُظَمَاءِ اَلرِّفْقُ بِالْأُسَرَاءِ، وَ أَنَا أَسِيرٌ بِجُرْمِي، مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِي.

إِلَهِي مَا أَضْيَقَ اَلطَّرِيقَ عَلَى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَلِيلَهُ!

وَ أَوْحَشَ اَلْمَسْلَكَ عَلَى مَنْ لَمْ تَكُنْ أَنِيسَهُ!

إِلَهِي إِنْ طَالَبْتَنِي بِذُنُوبِي لَأُطَالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ، وَ إِنْ طَالَبْتَنِي بِسَرِيرَتِي لَأُطَالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ، وَ إِنْ طَالَبْتَنِي بِشَرِّي لَأُطَالِبَنَّكَ بِخَيْرِكَ، وَ إِنْ جَمَعْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَعْدَائِكَ فِي اَلنَّارِ لَأُخْبِرَنَّهُمْ أَنِّي كُنْتُ لَكَ مُحِبّاً، وَ أَنِّي كُنْتُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.

إِلَهِي هَذَا سُرُورِي بِكَ خَائِفاً، فَكَيْفَ سُرُورِي بِكَ آمِناً؟!

إِلَهِي اَلطَّاعَةُ تَسُرُّكَ وَ اَلْمَعْصِيَةُ لاَ تَضُرُّكَ، فَهَبْ لِي مَا يَسُرُّكَ، وَ اِغْفِرْ لِي مَا [لاَ] يَضُرُّكَ، وَ تُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ اَلتَّوَّابُ اَلرَّحِيمُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِرْحَمْنِي إِذَا اِنْقَطَعَ مِنَ اَلدُّنْيَا أَثَرِي، وَ اِمْتَحَى مِنَ اَلْمَخْلُوقِينَ ذِكْرِي، وَ صِرْتُ فِي اَلْمَنْسِيِّينَ مَعَ مَنْ قَدْ نَسِيَ. إِلَهِي كَبِرَ سِنِّي، وَ دَقَّ عَظْمِي، وَ نَالَ اَلدَّهْرُ مِنِّي، وَ اِقْتَرَبَ أَجَلِي، وَ نَفِدَتْ أَيَّامِي، وَ ذَهَبَتْ مَحَاسِنِي، وَ مَضَتْ شَهْوَتِي، وَ بَقِيَتْ تَبِعَتِي، وَ بَلِيَ جِسْمِي، وَ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالِي، وَ تَفَرَّقَتْ أَعْضَائِي، وَ بَقِيتُ مُرْتَهَناً بِعَمَلِي.

ص: 113

إِلَهِي أَفْحَمَتْنِي ذُنُوبِي، وَ اِنْقَطَعَتْ مَقَالَتِي وَ لاَ حُجَّةَ لِي، إِلَهِي أَنَا اَلْمُقِرُّ بِذَنْبِي، اَلْمُعْتَرِفُ بِجُرْمِي، اَلْأَسِيرُ بِإِسَاءَتِي، اَلْمُرْتَهَنُ بِعَمَلِي، اَلْمَشْهُورُ بِخَطِيئَتِي، اَلْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي، اَلْمُنْقَطِعُ بِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ تَفَضَّلْ عَلَيَّ وَ تَجَاوَزْ عَنِّي.

إِلَهِي إِنْ كَانَ صَغُرَ فِي جَنْبِ طَاعَتِكَ عَمَلِي، فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجَائِكَ أَمَلِي.

إِلَهِي كَيْفَ أَنْقَلِبُ بِالْخَيْبَةِ مِنْ عِنْدِكَ مَحْرُوماً، وَ كُلُّ ظَنِّي بِجُودِكَ أَنْ تَقْلِبَنِي بِالنَّجَاةِ مَرْحُوماً؟

إِلَهِي لَمْ أُسَلِّطْ عَلَى حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ اَلْآيِسِينَ، فَلاَ تَبْطُلْ صِدْقَ رَجَائِي مِنْ بَيْنِ اَلْآمِلِينَ. إِلَهِي عَظُمَ جُرْمِي إِذْ كُنْتُ اَلْمُبَارِزَ بِهِ، وَ كَبُرَ ذَنْبِي إِذْ كُنْتُ اَلْمُطَالِبَ بِهِ، إِلاَّ أَنِّي إِذَا ذَكَرْتُ كِبَرَ ذَنْبِي وَ عِظَمَ عَفْوِكَ وَ غُفْرَانِكَ وَجَدْتُ اَلْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا لِي أَقْرَبَهُمَا إِلَى رَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ. إِلَهِي إِنْ دَعَانِي إِلَى اَلنَّارِ مَخْشِيُّ عِقَابِكَ فَقَدْ نَادَانِي إِلَى اَلْجَنَّةِ بِالرَّجَاءِ حُسْنُ ثَوَابِكَ. إِلَهِي إِنْ أَوْحَشَتْنِي اَلْخَطَايَا عَنْ مَحَاسِنِ لُطْفِكَ، فَقَدْ آنَسَتْنِي بِالْيَقِينِ مَكَارِمُ عَطْفِكَ. إِلَهِي إِنْ أَنَامَتْنِي اَلْغَفْلَةُ عَنِ اَلاِسْتِعْدَادِ لِلِقَائِكَ، فَقَدْ أَنْبَهَتْنِي اَلْمَعْرِفَةُ - يَا سَيِّدِي - بِكَرَمِ آلاَئِكَ.

إِلَهِي إِنْ عَزَبَ لُبِّي عَنْ تَقْوِيمِ مَا يُصْحِلُنِي، فَمَا عَزَبَ إِيقَانِي بِنَظَرِكَ لِي فِي مَا يَنْفَعُنِي. إِلَهِي إِنِ اِنْقَرَضَتْ بِغَيْرِ مَا أَحْبَبْتَ مِنَ اَلسَّعْيِ أَيَّامِي (فَمَا لِأَيَّامِيَ اَلَّتِي قَضَيْتُهَا اَلصَّادِقَاتُ مِنْ أَعْوَامِي)(1). إِلَهِي جِئْتُكَ مَلْهُوفاً وَ قَدْ أُلْبِسْتُ عَزْمَ فَاقَتِي، وَ أَقَامَنِي مَعَ اَلْأَذِلاَّءِ بَيْنَ يَدَيْكَ صِدْقُ حَاجَتِي.

إِلَهِي كَرُمْتَ فَأَكْرِمْنِي إِذْ كُنْتُ مِنْ سُؤَّالِكَ، وَ جُدْتَ بِالْمَعْرُوفِ فَاخْلِطْنِي بِأَهْلِ نَوَالِكَ. إِلَهِي أَصْبَحْتُ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ مِنَحِكَ سَائِلاً، وَ عَنِ اَلتَّعَرُّضِ لِسِوَاكَ بِالْمَسْأَلَةِ عَادِلاً، وَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِكَ رَدُّ سَائِلٍ مَلْهُوفٍ، وَ مُضْطَرٍّ لاِنْتِظَارِ خَيْرٍ مِنْكَ

ص: 114


1- كذا في نسخنا، و في مزار الشّهيد: فبالايمان أمضيت السالفات من أعوامي، و هو الأنسب.

مَأْلُوفٍ.

إِلَهِي أَقَمْتُ عَلَى قَنْطَرَةِ اَلْأَخْطَارِ مَبْلُوّاً بِالْأَعْمَالِ وَ اَلاِخْتِيَارِ، إِنْ لَمْ تُعِنْ عَلَيْهِمَا بِتَخْفِيفِ اَلْأَثْقَالِ وَ اَلْآصَارِ.

إِلَهِي أَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّقَاءِ خَلَقْتَنِي فَأُطِيلَ بُكَائِي، أَمْ مِنْ أَهْلِ اَلسَّعَادَةِ فَأَنْشُرَ رَجَائِي؟ إِلَهِي إِنْ حَرَمْتَنِي رُؤْيَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ صَرَفْتَ وَجْهَ تَأْمِيلِي بِالْخَيْبَةِ فِي ذَلِكَ اَلْمَقَامِ، فَغَيْرَ ذَلِكَ مَنَّتْنِي نَفْسِي يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ وَ ذَا اَلطَّوْلِ وَ اَلْإِنْعَامِ. إِلَهِي لَوْ لَمْ تَهْدِنِي إِلَى اَلْإِسْلاَمِ مَا اِهْتَدَيْتُ، وَ لَوْ لَمْ تَرْزُقْنِي اَلْإِيمَانَ بِكَ مَا آمَنْتُ، وَ لَوْ لَمْ تُطْلِقْ لِسَانِي بِدُعَائِكَ مَا دَعَوْتُ، وَ لَوْ لَمْ تَعْرِفْنِي حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِكَ مَا عَرَفْتُ.

إِلَهِي إِنْ أَقْعَدَنِي اَلتَّخَلُّفُ عَنِ اَلسَّبْقِ مَعَ اَلْأَبْرَارِ، فَقَدْ أَقَامَتْنِي اَلثِّقَةُ بِكَ عَلَى مَدَارِجِ اَلْأَخْيَارِ. إِلَهِي قَلْبٌ حَشَوْتَهُ مِنْ مَحَبَّتِكَ فِي دَارِ اَلدُّنْيَا، كَيْفَ تُسَلِّطُ عَلَيْهِ نَارَ اَلْحُرْقَةِ فِي لَظًى؟ إِلَهِي كُلُّ مَكْرُوبٍ إِلَيْكَ يَلْتَجِئُ، وَ كُلُّ مَحْرُومٍ لَكَ يَرْتَجِي.

إِلَهِي سَمِعَ اَلْعَابِدُونَ بِجَزِيلِ ثَوَابِكَ فَخَشَعُوا، وَ سَمِعَ اَلْمُزِلُّونَ عَنِ اَلْقَصْدِ بِجُودِكَ فَرَجَعُوا، وَ سَمِعَ اَلْمُذْنِبُونَ بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ فَتَمَتَّعُوا، وَ سَمِعَ اَلْمُجْرِمُونَ بِكَرَمِ عَفْوِكَ فَطَمِعُوا، حَتَّى اِزْدَحَمَتْ عَصَائِبُ اَلْعُصَاةِ مِنْ عِبَادِكَ، وَ عَجَّ إِلَيْكَ مِنْهُمْ عَجِيجَ اَلضَّجِيجِ بِالدُّعَاءِ فِي بِلاَدِكَ، وَ لِكُلِّ أَمَلٍ سَاقَهُ إِلَيْكَ وَ حَاجَةٍ، وَ أَنْتَ اَلْمَسْئُولُ اَلَّذِي لاَ تَسْوَدُّ عِنْدَهُ وُجُوهُ اَلْمَطَالِبِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَ آلِهِ وَ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ إِنَّكَ سَمِيعُ اَلدُّعَاءِ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ فِي سُجُودِكَ: اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ (مِائَةَ مَرَّةٍ) وَ تَدْعُو بِمَا تُحِبُّ (1).

ص: 115


1- رواها المفيد في مزاره: 120 (مخطوط)، و الشهيد الاول في مزاره: 270، و ابن المشهدي في مزاره: 183، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 36/449:100.

وَ تُصَلِّيَ أَيْضاً فِي مَسْجِدِ بَنِي كَاهِلٍ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ صَلَّى فِيهِ وَ قَنَتَ فَقَالَ «اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَ نَسْتَغْفِرُكَ وَ نَسْتَهْدِيكَ، وَ نُؤْمِنُ بِكَ وَ نَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ، وَ نُثْنِي عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ وَ لاَ نَكْفُرُكَ، وَ نَخْلَعُ وَ نَتْرُكُ مَنْ يُنْكِرُكَ. اَللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ لَكَ نُصَلِّي وَ نَسْجُدُ، وَ إِلَيْكَ نَسْعَى وَ نَحْفِدُ، وَ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَ نَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ لِلْكَافِرِينَ مُخْلِقٌ.

اَللَّهُمَّ اِهْدِنَا فِي مَنْ هَدَيْتَ، وَ عَافِنَا فِي مَنْ عَافَيْتَ، وَ تَوَلَّنَا فِي مَنْ تَوَلَّيْتَ، وَ بَارِكْ لَنَا فِي مَا أَعْطَيْتَ، وَ قِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَ لاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَ لاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَ تَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَيْكَ رَبَّنٰا لاٰ تُؤٰاخِذْنٰا إِنْ نَسِينٰا أَوْ أَخْطَأْنٰا رَبَّنٰا وَ لاٰ تَحْمِلْ عَلَيْنٰا إِصْراً كَمٰا حَمَلْتَهُ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِنٰا رَبَّنٰا وَ لاٰ تُحَمِّلْنٰا مٰا لاٰ طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ وَ اُعْفُ عَنّٰا وَ اِغْفِرْ لَنٰا وَ اِرْحَمْنٰا أَنْتَ مَوْلاٰنٰا فَانْصُرْنٰا عَلَى اَلْقَوْمِ اَلْكٰافِرِينَ (1)»(2).

ص: 116


1- البقرة 286:2.
2- رواها المفيد في مزاره: 123 (مخطوط)، و الشهيد الاول في مزاره: 276، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 27/452:100.

الفصل السادس في فضل زيارات أمير المؤمنين عليه أفضل السّلام،

اشارة

منقولة لسائر الشهور و الأيام، و ما يتبعها، و ذكر مقدمات لذلك إذا وفقك اللّه لعمل ما أومأنا إليه، و أردت التوجه إلى محله الشريف صلوات اللّه عليه، أو محل غيره من الأطهار، فاشعر قلبك عوائد الأبرار، و ذكّره أنك متوجه إلى مولى كريم على ربه، و مقصود قرن اللّه حبه بحبه، و انزع لباس ما يكرهه و يأباه، و البس للقائه ثوب طاعته و رضاه، و اعلم أن اللّه تعالى يعلم سرك و نجواك، و يبلغه قصدك و مسعاك، فينزلك من ساكنه و تكريمه، على قدر إخلاصك في تعظيمه، و ليكن توجهك على غسل للزيارة مع السكينة و الوقار، و استحياء للملك الجبار، و خوف من عدم القبول مع حسن ظن يقربك من المأمول.

و ليكن قصدك التقرب إلى اللّه جل جلاله بزيارته و زيارة آدم و نوح عليهم السّلام، فإنهم في ضريح واحد كما

رَوَى اَلْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ اَلْجُعْفِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَشْتَاقُ إِلَى اَلْغَرِيِّ.

قَالَ: «فَمَا شَوْقُكَ إِلَيْهِ؟»

فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزُورَ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ.

فَقَالَ: «هَلْ تَعْرِفُ فَضْلَ زِيَارَتِهِ؟»

فَقُلْتُ: لاَ - يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ - إِلاَّ أَنْ تُعَرِّفَنِي ذَلِكَ.

قَالَ: «إِذَا زُرْتَ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَاعْلَمْ أَنَّكَ زَائِرٌ عِظَامَ آدَمَ وَ بَدَنَ

ص: 117

نُوحٍ وَ جِسْمَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ».

فَقُلْتُ: إِنَّ آدَمَ هَبَطَ بِسَرَنْدِيبَ فِي مَطْلَعِ اَلشَّمْسِ، وَ زَعَمُوا أَنَّ عِظَامَهُ فِي بَيْتِ اَللَّهِ اَلْحَرَامِ، فَكَيْفَ صَارَتْ عِظَامُهُ فِي اَلْكُوفَةِ؟

قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى نُوحٍ وَ هُوَ فِي اَلسَّفِينَةِ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً، فَطَافَ كَمَا أَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَزَلَ فِي اَلْمَاءِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ فَاسْتَخْرَجَ تَابُوتاً فِيهِ عِظَامُ آدَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَحَمَلَهُ فِي جَوْفِ اَلسَّفِينَةِ حَتَّى طَافَ مَا شَاءَ اَللَّهُ أَنْ يَطُوفَ، ثُمَّ وَرَدَ إِلَى بَابِ اَلْكُوفَةِ فِي وَسَطِ مَسْجِدِهَا، فَفِيهَا قَالَ اَللَّهُ لِلْأَرْضِ اِبْلَعِي مٰاءَكِ (1) فَبَلَعَتْ مَاءَهَا فِي مَسْجِدِ اَلْكُوفَةِ كَمَا بَدَأَ اَلْمَاءُ مِنْهُ، وَ تَفَرَّقَ اَلْجَمْعُ اَلَّذِي كَانَ مَعَ نُوحٍ فِي اَلسَّفِينَةِ، فَأَخَذَ نُوحٌ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اَلتَّابُوتَ وَ دَفَنَهُ بِالْغَرِيِّ، وَ هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ اَلْجَبَلِ اَلَّذِي كَلَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى تَكْلِيماً، وَ قَدَّسَ عَلَيْهِ عِيسَى تَقْدِيساً، وَ اِتَّخَذَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَ اِتَّخَذَ عَلَيْهِ مُحَمَّداً حَبِيباً، وَ جَعَلَهُ لِلنَّبِيِّينَ مَسْكَناً. وَ اَللَّهِ مَا سَكَنَ فِيهِ بَعْدَ أَبَوَيْهِ اَلطَّيِّبَيْنِ آدَمَ وَ نُوحٍ أَكْرَمُ مِنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ. إِذَا زُرْتَ جَانِبَ اَلنَّجَفِ فَزُرْ عِظَامَ آدَمَ وَ بَدَنَ نُوحٍ وَ جِسْمَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّكَ زَائِرٌ اَلْآبَاءَ اَلْأَوَّلِينَ، وَ مُحَمَّداً خَاتَمَ اَلنَّبِيِّينَ، وَ عَلِيّاً سَيِّدَ اَلْوَصِيِّينَ، وَ إِنَّ زَائِرَهُ تُفَتَّحُ لَهُ أَبْوَابُ اَلسَّمَاءِ عِنْدَ دَعْوَتِهِ، فَلاَ تَكُنْ عَنِ اَلْخَيْرِ نَوَّاماً»(2).

[زيارة أمير المؤمنين عليه السلام]

فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنِّي تَوَجَّهْتُ مِنْ مَنْزِلِي أَبْغِي فَضْلَكَ وَ أَزُورُ وَصِيَّ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا، وَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، اَللَّهُمَّ فَيَسِّرْ لِي ذَلِكَ، وَ سَبِّبْ لِيَ اَلْمَزَارَ لَهُ، وَ اُخْلُفْنِي فِي عَاقِبَتِي وَ حُزَانَتِي بِأَحْسَنِ اَلْخِلاَفَةِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

وَ سِرْ وَ أَنْتَ تَحْمَدُ اَللَّهَ وَ تُسَبِّحُهُ وَ تُهَلِّلُهُ، فَإِذَا بَلَغْتَ اَلْخَنْدَقَ فَقِفْ عِنْدَهُ وَ قُلْ:

ص: 118


1- هود 44:11.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 2/38، و المفيد في مزاره: 3/32، و الطّوسيّ في التّهذيب 51/22:6، و المصنّف في فرحة الغريّ: 72، و الكفعميّ في مصباحه: 479، و ابن المشهديّ في مزاره: 13.

اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، (اَللَّهُ أَكْبَرُ)(1) أَهْلَ اَلْكِبْرِيَاءِ وَ اَلْمَجْدِ وَ اَلْآلاَءِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ عِمَادِي وَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، جَلَّتْ عَظَمَتُهُ وَ عَلَيْهِ مُتَّكَلِي، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ إِلَيْهِ أَتُوبُ. اَللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِي وَ اَلْقَادِرُ عَلَى طَلِبَتِي، تَعْلَمُ حَاجَتِي وَ مَا تَتَوَهَّمُهُ هَوَاجِسُ اَلصُّدُورِ وَ خَوَاطِرُ اَلنُّفُوسِ، فَأَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ اَلْمُصْطَفَى اَلَّذِي قَطَعْتَ بِهِ حُجَجَ اَلْمُحْتَجِّينَ وَ عُذْرَ اَلْمُعْتَذِرِينَ، وَ جَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، أَلاَّ تَحْرِمَنِي ثَوَابَ زِيَارَةِ وَلِيِّكَ وَ أَخِي نَبِيِّكَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ قَصْدِهِ، وَ تَجْعَلَنِي مِنْ وَفْدِهِ اَلصَّالِحِينَ وَ شِيعَتِهِ اَلْمُتَّقِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

فَإِذَا تَرَاءَتْ لَكَ اَلْقُبَّةُ فَقُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا اِخْتَصَّنِي بِهِ مِنْ طِيبِ اَلْمَوْلِدِ، وَ اِسْتَخْلَصَنِي إِكْرَاماً بِهِ مِنْ مُوَالاَةِ اَلْأَبْرَارِ اَلسَّفَرَةِ اَلْأَطْهَارِ اَلْخِيَرَةِ اَلْأَعْلاَمِ.

اَللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ سَعْيِي إِلَيْكَ وَ تَضَرُّعِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي لاَ تَخْفَى عَلَيْكَ، إِنَّكَ اَلْمَلِكُ اَلْغَفَّارُ(2).

فَإِذَا نَزَلْتَ اَلثُّوَيَّةَ - وَ هِيَ اَلْآنَ تَلٌّ بِقُرْبِ اَلحَنَّانَةِ (3) عَنْ يَسَارِ اَلطَّرِيقِ لِلْقَاصِدِ مِنَ اَلْكُوفَةِ إِلَى اَلْمَشْهَدِ - فَصَلِّ عِنْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَ قُلْ مَا تَقُولُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ اَلْقُبَّةِ اَلشَّرِيفَةِ.

فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى اَلْعَلَمِ وَ هِيَ اَلحَنَّانَةُ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَانِي وَ تَسْمَعُ كَلاَمِي وَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْ ءٌ مِنْ أَمْرِي، فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ مَا أَنْتَ مُكَوِّنُهُ وَ بَارِئُهُ؛ وَ قَدْ جِئْتُكَ مُسْتَشْفِعاً بِنَبِيِّكَ، وَ مُتَوَسِّلاً بِوَصِيِّ رَسُولِكَ، فَأَسْأَلُكَ بِهِمَا

ص: 119


1- لم تردّ في نسخة «ع».
2- رواه المفيد في مزاره: 10 (مخطوط)، و الشّهيد الاول في مزاره: 30، و ابن المشهديّ في مزاره: 233، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 18/281:100.
3- في نسخة «ه»: الجبّانة.

ثَبَاتَ اَلْقَدَمِ وَ اَلْهُدَى، وَ اَلْمَغْفِرَةَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى بَابِ اَلْحِصْنِ فَقُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي هَدٰانٰا لِهٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لاٰ أَنْ هَدٰانَا اَللّٰهُ (1) اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي سَيَّرَنِي فِي بِلاَدِهِ، وَ حَمَلَنِي عَلَى دَوَابِّهِ، وَ طَوَى لِيَ اَلْبَعِيدَ، وَ صَرَفَ عَنِّي اَلْمَحْذُورَ، وَ دَفَعَ عَنِّي اَلْمَكْرُوهَ، حَتَّى أَقْدَمَنِي حَرَمَ أَخِي رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

ثُمَّ اُدْخُلْ وَ قُلْ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَدْخَلَنِي إِلَى هَذِهِ اَلْبُقْعَةِ اَلْمُبَارَكَةِ اَلَّتِي بَارَكَ فِيهَا وَ اِخْتَارَهَا لِوَصِيِّ نَبِيِّهِ، اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْهَا شَاهِدَةً لِي.

فَإِذَا بَلَغْتَ اَلْبَابَ اَلْأَوَّلَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ لِبَابِكَ قَرَعْتُ، وَ بِفِنَائِكَ نَزَلْتُ، وَ بِحَبْلِكَ اِعْتَصَمْتُ، وَ لِرَحْمَتِكَ تَعَرَّضْتُ، وَ بِوَلِيِّكَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ تَوَسَّلْتُ، فَاجْعَلْهَا زِيَارَةً مَقْبُولَةً وَ دُعَاءً مُسْتَجَاباً.

فَإِذَا بَلَغْتَ بَابَ اَلصَّحْنِ فَقُلْ: اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا اَلْحَرَمَ حَرَمُكَ وَ اَلْمَقَامَ مَقَامُكَ، وَ أَنَا أَدْخُلُ إِلَيْهِ أُنَاجِيكَ بِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ سِرِّي وَ نَجْوَايَ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْحَنَّانِ اَلْمَنَّانِ اَلْمُتَطَوِّلِ اَلَّذِي مِنْ تَطَوُّلِهِ سَهَّلَ لِي زِيَارَةَ مَوْلاَيَ بِإِحْسَانِهِ، وَ لَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيَارَتِهِ مَمْنُوعاً، وَ لاَ عَنْ وَلاَيَتِهِ مَدْفُوعاً، بَلْ تَطَوَّلَ وَ مَنَحَ. اَللَّهُمَّ كَمَا مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِ فَاجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِهِ، وَ أَدْخِلْنِي اَلْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

فَإِذَا دَخَلْتَ اَلصَّحْنَ فَقُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِهِ وَ مَعْرِفَةِ رَسُولِهِ وَ مَنْ فَرَضَ عَلَيَّ طَاعَتَهُ، رَحْمَةً مِنْهُ لِي وَ تَطَوُّلاً مِنْهُ عَلَيَّ، وَ مَنَّ عَلَيَّ بِالْإِيمَانِ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَدْخَلَنِي حَرَمَ أَخِي رَسُولِهِ وَ أَرَانِيهِ فِي عَافِيَةٍ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَنِي مِنْ زُوَّارِ قَبْرِ وَصِيِّ رَسُولِهِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ

ص: 120


1- الاعراف 43:7.

عِنْدَ اَللَّهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً عَبْدُ اَللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِ اَللَّهِ. اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هِدَايَتِهِ وَ تَوْفِيقِهِ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ سَبِيلِهِ. اَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَفْضَلُ مَقْصُودٍ، وَ أَكْرَمُ مَأْتِيٍّ، وَ قَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ وَ بِأَخِيهِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لاَ تُخَيِّبْ سَعْيِي، وَ اُنْظُرْ إِلَيَّ نَظْرَةً رَحِيمَةً تَنْعَشُنِي بِهَا، وَ اِجْعَلْنِي بِهَا عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ.

ثُمَّ اِمْشِ حَتَّى تَقِفَ عَلَى اَلْبَابِ فِي اَلصَّحْنِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَمِينِ اَللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَ عَزَائِمِ أَمْرِهِ، اَلْخَاتَمِ لِمَا سَبَقَ وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِسْتَقْبَلَ وَ اَلْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلسَّكِينَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَدْفُونِ بِالْمَدِينَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَنْصُورِ اَلْمُؤَيَّدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي اَلْقَاسِمِ مُحَمَّدٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ اُدْخُلْ وَ قَدِّمْ رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى قَبْلَ اَلْيُسْرَى، وَ قِفْ عَلَى اَلْقُبَّةِ وَ قُلْ:

أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ وَ صَدَّقَ اَلْمُرْسَلِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ وَ خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ اَللَّهِ وَ أَخِي رَسُولِهِ، يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدُكَ (وَ اِبْنُ عَبْدِكَ)(1) وَ اِبْنُ أَمَتِكَ جَاءَكَ (2) مُسْتَجِيراً بِذِمَّتِكَ، قَاصِداً إِلَى حَرَمِكَ، مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَامِكَ، مُتَوَسِّلاً إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى بِكَ.

ص: 121


1- لم تردّ في نسختي «ع» و «ه».
2- في نسختي «ع» و «ه»: جاء.

(أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ)(1) أَ أَدْخُلُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَ أَدْخُلُ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، أَ أَدْخُلُ يَا أَمِينَ اَللَّهِ، أَ أَدْخُلُ يَا مَلاَئِكَةَ اَللَّهِ اَلْمُقَرَّبِينَ اَلْمُقِيمِينَ فِي هَذَا اَلْمَشْهَدِ، يَا مَوْلاَيَ أَ تَأْذَنُ لِي بِالدُّخُولِ أَفْضَلَ مَا أَذِنْتَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ؟ فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لَهُ أَهْلاً فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَلِكَ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلْعَتَبَةَ وَ قَدِّمْ رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى قَبْلَ اَلْيُسْرَى، وَ اُدْخُلْ وَ أَنْتَ تَقُولُ:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَ اِرْحَمْنِي وَ تُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ اَلتَّوَّابُ اَلرَّحِيمُ.

ثُمَّ اِمْشِ حَتَّى تُحَاذِيَ اَلْقَبْرَ، وَ اِسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِكَ وَ قِفْ قَبْلَ وُصُولِكَ إِلَيْهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ مِنَ اَللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اَللَّهِ، أَمِينِ اَللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَ رِسَالاَتِهِ وَ عَزَائِمِ أَمْرِهِ وَ مَعْدِنِ اَلْوَحْيِ وَ اَلتَّنْزِيلِ اَلْحَكِيمِ، اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِسْتَقْبَلَ، وَ اَلْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، اَلشَّاهِدِ عَلَى اَلْخَلْقِ، اَلسِّرَاجِ اَلْمُنِيرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْمَظْلُومِينَ أَفْضَلَ وَ أَكْمَلَ وَ أَرْفَعَ وَ أَشْرَفَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ أَصْفِيَائِكَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ وَ خَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ، وَ أَخِي رَسُولِكَ وَ وَصِيِّ حَبِيبِكَ، اَلَّذِي اِنْتَجَبْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ، وَ اَلدَّلِيلِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالاَتِكَ، وَ دَيَّانِ اَلدِّينِ بِعَدْلِكَ وَ فَصْلِ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، اَلْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ، اَلْمُطَهَّرِينَ (2) اَلَّذِينَ اِرْتَضَيْتَهُمْ أَنْصَاراً لِدِينِكَ، وَ حَفَظَةً لِسِرِّكَ، وَ شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ،

ص: 122


1- لم تردّ في نسختي «ع» و «ه».
2- في نسخة «ه»: المظهرين الدّين.

وَ أَعْلاَماً لِعِبَادِكَ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ خَلِيفَتِهِ وَ اَلْقَائِمِ بِأَمْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ، سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ مِنَ اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلرَّاشِدِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلْمُسْتَوْدَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى خَاصَّةِ اَللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُتَوَسِّمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ اَلَّذِينَ قَامُوا بِأَمْرِهِ وَ آزَرُوا أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ وَ خَافُوا بِخَوْفِهِمْ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْمُقَرَّبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ.

ثُمَّ اِمْشِ حَتَّى تَقِفَ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ اِسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِكَ وَ اِجْعَلِ اَلْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ اَلتُّقَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَصِيُّ اَلْبَرُّ اَلتَّقِيُّ (1)

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ اَلْوَصِيِّينَ، وَ أَمِينَ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ دَيَّانَ يَوْمِ اَلدِّينِ، وَ خَيْرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ سَيِّدَ اَلصِّدِّيقِينَ، اَلصَّفْوَةَ مِنْ سُلاَلَةِ اَلنَّبِيِّينَ، بَابَ حِكْمَتِكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ، وَ خَازِنَ وَحْيِكَ، وَ عَيْبَةَ عِلْمِكَ، اَلنَّاصِحَ لِأُمَّةِ نَبِيِّكَ، وَ اَلتَّالِيَ لِرَسُولِكَ، وَ اَلْمُوَاسِيَ لَهُ بِنَفْسِهِ، وَ اَلنَّاطِقَ بِحُجَّتِهِ، وَ اَلدَّاعِيَ إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَ اَلْمَاضِيَ عَلَى سُنَّتِهِ.

ص: 123


1- في نسخة «م» زيادة: النّقيّ الوفيّ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ رَسُولِكَ مَا حُمِّلَ، وَ رَعَى مَا اُسْتُحْفِظَ وَ حَفِظَ مَا اُسْتُودِعَ، وَ حَلَّلَ حَلاَلَكَ وَ حَرَّمَ حَرَامَكَ، وَ أَقَامَ أَحْكَامَكَ، وَ جَاهَدَ اَلنَّاكِثِينَ فِي سَبِيلِكَ وَ اَلْقَاسِطِينَ فِي حُكْمِكَ وَ اَلْمَارِقِينَ عَنْ أَمْرِكَ، صَابِراً مُحْتَسِباً، لاَ تَأْخُذُهُ فِيكَ لَوْمَةُ لاَئِمٍ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَ أَصْفِيَائِكَ وَ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ. اَللَّهُمَّ هَذَا قَبْرُ وَلِيِّكَ اَلَّذِي فَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَ جَعَلْتَ فِي أَعْنَاقِ عِبَادِكَ مُبَايَعَتَهُ، وَ خَلِيفَتِكَ اَلَّذِي بِهِ تَأْخُذُ وَ تُعْطِي، وَ بِهِ تُثِيبُ وَ تُعَاقِبُ، وَ قَدْ قَصَدْتُهُ طَمَعاً لِمَا أَعْدَدْتَهُ لِأَوْلِيَائِكَ، فَبِعَظِيمِ قَدْرِهِ عِنْدَكَ وَ جَلِيلِ خَطَرِهِ لَدَيْكَ وَ قُرْبِ مَنْزِلَتِهِ مِنْكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، فَإِنَّكَ أَهْلُ اَلْكَرَمِ وَ اَلْجُودِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ عَلَى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَ نُوحٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ قِفْ مِمَّا يَلِي اَلرَّأْسَ وَ قُلْ:

يَا مَوْلاَيَ إِلَيْكَ وُفُودِي، وَ بِكَ أَتَوَسَّلُ إِلَى رَبِّي فِي بُلُوغِ مَقْصُودِي، وَ أَشْهَدُ أَنَّ اَلْمُتَوَسِّلَ بِكَ غَيْرُ خَائِبٍ، وَ اَلطَّالِبَ بِكَ عَنْ مَعْرِفَةٍ غَيْرُ مَرْدُودٍ إِلاَّ بِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً إِلَى (اَللَّهِ تَعَالَى)(1) رَبِّكَ وَ رَبِّي فِي قَضَاءِ حَوَائِجِي، وَ تَيْسِيرِ أُمُورِي، وَ كَشْفِ شِدَّتِي وَ غُفْرَانِ ذُنُوبِي(2)، وَ سَعَةِ رِزْقِي، وَ تَطْوِيلِ عُمُرِي، وَ إِعْطَاءِ سُؤْلِي فِي آخِرَتِي وَ دُنْيَايَ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ قَتَلَةَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ قَتَلَةَ اَلْأَئِمَّةِ وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً لاَ تُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ اَلْعَالَمِينَ، عَذَاباً كَثِيراً لاَ اِنْقِطَاعَ لَهُ وَ لاَ أَجَلَ وَ لاَ أَمَدَ، بِمَا شَاقُّوا وُلاَةَ أَمْرِكَ، وَ أَعِدَّ لَهُمْ عَذَاباً لَمْ تُحِلَّهُ بِأَحَدٍ مِنْ

ص: 124


1- لم تردّ في نسختي «ع» و «ه».
2- في نسخة «م»: ذنبي.

خَلْقِكَ. اَللَّهُمَّ وَ أَدْخِلْ عَلَى قَتَلَةِ أَنْصَارِ رَسُولِكَ وَ عَلَى قَتَلَةِ (1) أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ عَلَى قَتَلَةِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلَى قَتَلَةِ أَنْصَارِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ قَتَلَةِ مَنْ قُتِلَ فِي وَلاَيَةِ آلِ مُحَمَّدٍ أَجْمَعِينَ، عَذَاباً أَلِيماً مُضَاعَفاً فِي أَسْفَلِ دَرَكِ اَلْجَحِيمِ، وَ لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ اَلْعَذَابُ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ، مَلْعُونُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قَدْ عَايَنُوا اَلنَّدَامَةَ وَ اَلْخِزْيَ اَلطَّوِيلَ لِقَتْلِهِمْ عِتْرَةَ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنْ عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ. اَللَّهُمَّ اِلْعَنْهُمْ فِي مُسْتَسِرِّ اَلسِّرِّ وَ ظَاهِرِ اَلْعَلاَنِيَةِ فِي أَرْضِكَ وَ سَمَائِكَ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ لِي قَدَمَ (2) صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، وَ حَبِّبْ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ وَ مُسْتَقَرَّهُمْ حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ، وَ تَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبَعاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ اِسْتَقْبِلْ قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِوَجْهِكَ وَ اِجْعَلِ اَلْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَعْصُومِينَ اَلْهَادِينَ اَلْمَهْدِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَرِيعَ اَلدَّمْعَةِ اَلسَّاكِبَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ اَلْمُصِيبَةِ اَلرَّاتِبَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى جَدِّكَ وَ أَبِيكَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أُمِّكَ وَ أَخِيكَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَ بَنِيكَ. أَشْهَدُ لَقَدْ طَيَّبَ اَللَّهُ بِكَ اَلتُّرَابَ، وَ أَوْضَحَ بِكَ اَلْكِتَابَ، وَ جَعَلَكَ وَ أَبَاكَ وَ جَدَّكَ وَ أَخَاكَ وَ بَنِيكَ عِبْرَةً لِأُولِي اَلْأَلْبَابِ. يَا اِبْنَ اَلْمَيَامِينِ اَلْأَطْيَابِ، اَلتَّالِينَ اَلْكِتَابَ، وَجَّهْتُ سَلاَمِي إِلَيْكَ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُهُ عَلَيْكَ، وَ جَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنَّاسِ تَهْوِي إِلَيْكَ، مَا خَابَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكَ وَ لَجَأَ إِلَيْكَ.

ص: 125


1- في نسخة «م»: انصار.
2- في نسخة «ه» و «ع»: لسان.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ اَلرِّجْلَيْنِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي اَلْأَئِمَّةِ وَ خَلِيلِ اَلنُّبُوَّةِ وَ اَلْمَخْصُوصِ بِالْأُخُوَّةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى يَعْسُوبِ اَلدِّينِ وَ اَلْإِيمَانِ وَ كَلِمَةِ اَلرَّحْمَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مِيزَانِ اَلْأَعْمَالِ وَ مُقَلِّبِ اَلْأَحْوَالِ وَ سَيْفِ ذِي اَلْجَلاَلِ وَ سَاقِي اَلسَّلْسَبِيلِ اَلزُّلاَلِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَالِحِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْحَاكِمِ يَوْمَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى شَجَرَةِ اَلتَّقْوَى وَ سَامِعِ اَلسِّرِّ وَ اَلنَّجْوَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى حُجَّةِ اَللَّهِ اَلْبَالِغَةِ وَ نِعْمَتِهِ اَلسَّابِغَةِ وَ نِقْمَتِهِ اَلدَّامِغَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلصِّرَاطِ اَلْوَاضِحِ وَ اَلنَّجْمِ اَللاَّئِحِ وَ اَلْإِمَامِ اَلنَّاصِحِ وَ اَلزِّنَادِ اَلْقَادِحِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تُصَلِّي عَلَيْهِ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخِي نَبِيِّكَ وَ وَلِيِّهِ وَ وَصِيِّهِ وَ وَزِيرِهِ، وَ مُسْتَوْدَعِ عِلْمِهِ، وَ مَوْضِعِ سِرِّهِ، وَ بَابِ حِكْمَتِهِ، وَ اَلنَّاطِقِ بِحُجَّتِهِ، وَ اَلدَّاعِي إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَ خَلِيفَتِهِ فِي أُمَّتِهِ، وَ مُفَرِّجِ اَلْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، قَاصِمِ اَلْكَفَرَةِ، وَ مُرْغِمِ اَلْفَجَرَةِ، اَلَّذِي جَعَلْتَهُ مِنْ نَبِيِّكَ بِمَنْزِلِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى.

اَللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ اُنْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اُخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَ اِلْعَنْ مَنْ نَصَبَ لَهُ اَلْعَدَاوَةَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ صَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ لِزِيَارَةِ آدَمَ وَ نُوحٍ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ:

[فَ] تَقُولُ فِي زِيَارَةِ آدَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْبَشَرِ، (سَلاَمُ اَللَّهِ)(1) عَلَيْكَ

ص: 126


1- في نسخة «م»: السّلام عليك يا ابا الشّهداء.

وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ، وَ عَلَى اَلطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَ ذُرِّيَّتِكَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ صَلاَةً لاَ يُحْصِيهَا إِلاَّ هُوَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

وَ تَقُولُ فِي زِيَارَةِ نُوحٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَيْخَ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ وَ عَلَى اَلطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تُصَلِّي سِتَّ رَكَعَاتٍ، وَ تُسَبِّحُ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ، وَ تَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ، وَ اُدْعُ لِنَفْسِكَ، ثُمَّ قُلْ: اَللَّهُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ هَاتَيْنِ اَلرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةً مِنِّي إِلَى سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ، وَلِيِّكَ وَ أَخِي رَسُولِكَ، أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ. اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَقَبَّلْهَا مِنِّي، وَ اِجْزِنِي عَلَى ذَلِكَ جَزَاءَ اَلْمُحْسِنِينَ.

اَللَّهُمَّ لَكَ صَلَّيْتُ وَ لَكَ رَكَعْتُ وَ (لَكَ)(1) سَجَدْتُ، وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، لِأَنَّهُ لاَ تَجُوزُ اَلصَّلاَةُ وَ اَلرُّكُوعُ وَ اَلسُّجُودُ إِلاَّ لَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ تَقَبَّلْ مِنِّي زِيَارَتِي وَ أَعْطِنِي سُؤْلِي بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اَلطَّاهِرِينَ.

وَ تُهْدِي اَلْأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ اَلْأُخْرَى إِلَى آدَمَ وَ نُوحٍ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

ثُمَّ اُسْجُدْ سَجْدَةَ اَلشُّكْرِ وَ قُلْ فِيهَا: اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَ بِكَ اِعْتَصَمْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اَللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَ رَجَائِي فَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي وَ مَا لاَ يُهِمُّنِي وَ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، عَزَّ جَارُكَ وَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ قَرِّبْ فَرَجَهُمْ.

ص: 127


1- لم تردّ في نسختي «ع، ه».

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: اِرْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَ وَحْشَتِي مِنَ اَلنَّاسِ، وَ أُنْسِي بِكَ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ.

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْسَرَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبِّي حَقّاً حَقّاً، سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّداً وَ رِقّاً، اَللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ.

ثُمَّ عُدْ إِلَى اَلسُّجُودِ وَ قُلْ: شُكْراً شُكْراً (مِائَةَ مَرَّةٍ) وَ اِجْتَهِدْ فِي اَلدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ مَسْأَلَةٍ، وَ أَكْثِرْ مِنَ اَلاِسْتِغْفَارِ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ مَغْفِرَةٍ، وَ اِسْأَلِ اَلْحَوَائِجَ فَإِنَّهُ مَقَامُ إِجَابَةٍ.

وَ كُلَّمَا صَلَّيْتَ صَلاَةً - فَرْضاً كَانَتْ أَوْ نَفْلاً - مُدَّةَ مُقَامِكَ بِمَشْهَدِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَادْعُ بِهَذَا اَلدُّعَاءِ:

اَللَّهُمَّ لاَ بُدَّ مِنْ أَمْرِكَ، وَ لاَ بُدَّ مِنْ قَدَرِكَ، وَ لاَ بُدَّ مِنْ قَضَائِكَ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ. اَللَّهُمَّ كَمَا قَضَيْتَ عَلَيْنَا مِنْ قَضَاءٍ أَوْ قَدَّرْتَ عَلَيْنَا مِنْ قَدَرٍ فَأَعْطِنَا مَعَهُ صَبْراً يَقْهَرُهُ وَ يَدْمَغُهُ، وَ اِجْعَلْهُ لَنَا صَاعِداً فِي رِضْوَانِكَ يَنْمِي فِي حَسَنَاتِنَا(1) وَ سُؤْدُدِنَا وَ شَرَفِنَا وَ مَجْدِنَا وَ نَعْمَائِنَا وَ كَرَامَاتِنَا فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ لاَ تَنْقُصْ مِنْ حَسَنَاتِنَا.

اَللَّهُمَّ مَا أَعْطَيْتَنَا مِنْ عَطَاءٍ، أَوْ فَضَّلْتَنَا بِهِ مِنْ فَضِيلَةٍ، أَوْ أَكْرَمْتَنَا بِهِ مِنْ كَرَامَةٍ، فَأَعْطِنَا مَعَهُ شُكْراً يَقْهَرُهُ وَ يَدْمَغُهُ، وَ اِجْعَلْهُ لَنَا صَاعِداً فِي رِضْوَانِكَ وَ فِي حَسَنَاتِنَا وَ سُؤْدَدِنَا وَ شَرَفَكِ وَ نَعْمَائِكَ وَ كَرَامَتِكَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ. اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ لَنَا أَشَراً وَ لاَ بَطَراً، وَ لاَ فِتْنَةً وَ لاَ مَقْتاً، وَ لاَ عَذَاباً وَ لاَ خِزْياً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَثْرَةِ اَللِّسَانِ وَ سُوءِ اَلْمَقَامِ وَ خِفَّةِ اَلْمِيزَانِ، اَللَّهُمَّ صَلِّ

ص: 128


1- في نسخة «م»: و تفضيلنا.

عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَقِّنَّا حَسَنَاتِنَا فِي اَلْمَمَاتِ، وَ لاَ تُرِنَا أَعْمَالَنَا(1) حَسَرَاتٍ، وَ لاَ تُخْزِنَا عِنْدَ قَضَائِكَ، وَ لاَ تَفْضَحْنَا بِسَيِّئَاتِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ، وَ اِجْعَلْ قُلُوبَنَا تَذْكُرُكَ وَ لاَ تَنْسَاكَ، وَ تَخْشَاكَ كَأَنَّهَا تَرَاكَ حَتَّى تَلْقَاكَ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَدِّلْ سَيِّئَاتِنَا حَسَنَاتٍ، وَ اِجْعَلْ حَسَنَاتِنَا دَرَجَاتٍ، وَ اِجْعَلْ دَرَجَاتِنَا غُرُفَاتٍ، وَ اِجْعَلْ غُرُفَاتِنَا عَالِيَاتٍ.

اَللَّهُمَّ أَوْسِعْ لِفَقِيرِنَا مِنْ سَعَةِ مَا قَضَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مُنَّ عَلَيْنَا بِالْهُدَى مَا أَبْقَيْتَنَا، وَ اَلْكَرَامَةِ مَا أَحْيَيْتَنَا، وَ اَلْمَغْفِرَةِ إِذَا تَوَفَّيْتَنَا، وَ اَلْحِفْظِ فِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِنَا، وَ اَلْبَرَكَةِ فِي مَا رَزَقْتَنَا، وَ اَلْعَوْنِ عَلَى مَا حَمَّلْتَنَا، وَ اَلثَّبَاتِ عَلَى مَا طَوَّقْتَنَا، وَ لاَ تُؤَاخِذْنَا بِظُلْمِنَا، وَ لاَ تُقَايِسْنَا بِجَهْلِنَا، وَ لاَ تَسْتَدْرِجْنَا بِخَطَايَانَا، وَ اِجْعَلْ أَحْسَنَ مَا نَقُولُ ثَابِتاً فِي قُلُوبِنَا، وَ اِجْعَلْنَا عُظَمَاءَ عِنْدَكَ وَ فِي أَنْفُسِنَا أَذِلَّةً، وَ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَ زِدْنَا عِلْماً نَافِعاً، أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَ مِنْ عَيْنٍ لاَ تَدْمَعُ، وَ مِنْ صَلاَةٍ لاَ تُقْبَلُ، أَجِرْنَا مِنْ سُوءِ اَلْفِتَنِ يَا وَلِيَّ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ (2).

دُعَاءٌ آخَرُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْعَى بِهِ عَقِيبَ صَلاَةِ اَلزِّيَارَةِ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ هُوَ يَأْتِي فِي زِيَارَةِ عَاشُورَاءَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ، وَ هُوَ:

يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ اَلْمُضْطَرِّينَ، يَا كَاشِفَ كَرْبِ اَلْمَكْرُوبِينَ، يَا غِيَاثَ اَلْمُسْتَغِيثِينَ، يَا صَرِيخَ اَلْمُسْتَصْرِخِينَ، يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ اَلْأَعْلَى وَ بِالْأُفُقِ اَلْمُبِينِ، يَا مَنْ هُوَ اَلرَّحْمٰنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوىٰ (3) يَا مَنْ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ اَلْأَعْيُنُ وَ مَا تُخْفِي اَلصُّدُورُ، يَا مَنْ لاَ تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، يَا مَنْ لاَ تَتَشَابَهُ عَلَيْهِ اَلْأَصْوَاتُ، يَا مَنْ لاَ تُغَلِّطُهُ اَلْحَاجَاتُ، يَا مَنْ لاَ يُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ اَلْمُلِحِّينَ عَلَيْهِ، يَا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ،

ص: 129


1- في نسخة «م»: علينا.
2- رواه المفيد في مزاره: 11 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 235، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 18:281:100.
3- طه 5:20.

يَا جَامِعَ كُلِّ شَمْلٍ، يَا بَارِئَ اَلنُّفُوسِ بَعْدَ اَلْمَوْتِ، يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، يَا قَاضِيَ اَلْحَاجَاتِ، يَا مُنَفِّسَ اَلْكُرُبَاتِ، يَا مُعْطِيَ اَلسُّؤْلاَتِ، يَا وَلِيَّ اَلرَّغَبَاتِ، يَا كَافِيَ اَلْمُهِمَّاتِ، يَا مَنْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لاَ يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ فِي اَلْأَرْضِ وَ لاَ فِي اَلسَّمَاوَاتِ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ، وَ عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَصِيِّكَ، وَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ (1) وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ جَعْفَرٍ وَ مُوسَى وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُجَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، فَإِنِّي بِهِمْ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي مَقَامِي هَذَا، وَ بِهِمْ أَتَوَسَّلُ، وَ بِهِمْ أَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ، وَ بِحَقِّهِمْ أَسْأَلُكَ وَ أُقْسِمُ وَ أَعْزِمُ عَلَيْكَ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، وَ بِالْقَدْرِ اَلَّذِي لَهُمْ لَدَيْكَ، وَ بِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ بِهِ عَلَى اَلْعَالَمِينَ.

وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ، وَ بِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ اَلْعَالَمِينَ، وَ بِهِ أَبَنْتَهُمْ وَ أَبَنْتَ فَضْلَهُمْ مِنْ كُلِّ فَضْلٍ حَتَّى فَاقَ فَضْلُهُمْ فَضْلَ اَلْعَالَمِينَ جَمِيعاً، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَ هَمِّي وَ كَرْبِي، وَ تَكْفِيَنِي اَلْمُهِمَّ مِنْ أُمُورِي، وَ تَقْضِيَ عَنِّي دَيْنِي، وَ تُجِيرَنِي مِنَ اَلْفَقْرِ وَ(2) اَلْمَسْأَلَةِ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَ تَكْفِيَنِي مَئُونَةَ مَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ بِلاَ مَئُونَةٍ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ، وَ تَكْفِيَنِي هَمَّ مَا أَخَافُ هَمَّهُ، وَ عُسْرَ مَا أَخَافُ عُسْرَهُ، وَ شَرَّ مَا أَخَافُ شَرَّهُ، وَ مَكْرَ مَا أَخَافُ مَكْرَهُ، وَ بَغْيَ مَا أَخَافُ بَغْيَهُ، وَ جَوْرَ مَا أَخَافُ جَوْرَهُ، وَ سُلْطَانَ مَا أَخَافُ سُلْطَانَهُ، وَ كَيْدَ مَا أَخَافُ كَيْدَهُ، وَ قُدْرَةَ مَا أَخَافُ مَقْدُرَتَهُ، بِلاَ مَئُونَةٍ عَلَيَّ، وَ تَرُدَّ عَنِّي كَيْدَ اَلْمُكِيدِ وَ مَكْرَ اَلْمَاكِرِ.

ص: 130


1- في نسخة «م»: بنت نبيّك و بحقّ.
2- في نسخة «م»: و تجيرني من الفاقة و تغنيني عن.

اَللَّهُمَّ وَ مَنْ أَرَادَنِي فَأَرِدْهُ، وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَ اِصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ وَ مَكْرَهُ وَ بَأْسَهُ، وَ اِمْنَعْهُ عَنِّي كَيْفَ شِئْتَ وَ أَنَّى شِئْتَ. اَللَّهُمَّ اِشْغَلْهُ عَنِّي بِفَقْرٍ لاَ تَجْبُرُهُ، وَ بِبَلاَءٍ لاَ تَسْتُرُهُ، وَ بِفَاقَةٍ لاَ تَسُدُّهَا، وَ بِسُقْمٍ لاَ تُعَافِيهِ، وَ بِذُلٍّ لاَ تُعِزُّهُ، وَ بِمَسْكَنَةٍ لاَ تَجْبُرُهَا، وَ اِضْرِبْ بِالذُّلِّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَ أَدْخِلْ عَلَيْهِ اَلْفَقْرَ فِي مَنْزِلِهِ، وَ اَلْعِلَّةَ فِي بَدَنِهِ، حَتَّى تَشْغَلَهُ عَنِّي بِشُغُلٍ لاَ فَرَاغَ لَهُ مِنْهُ، وَ أَنْسِهِ ذِكْرِي، وَ خُذْ عَنِّي بِسَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ وَ رِجْلِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَمِيعِ جَوَارِحِهِ، وَ أَدْخِلْ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اَلسُّقْمَ حَتَّى تَجْعَلَ ذَلِكَ لَهُ شُغُلاً شَاغِلاً عَنِّي وَ عَنْ ذِكْرِي.

وَ اِكْفِنِي يَا كَافِيَ مَا لاَ يَكْفِيهِ سِوَاكَ، فَإِنَّكَ اَلْكَافِي لاَ كَافِيَ سِوَاكَ، وَ اَلْمُفَرِّجُ لاَ مُفَرِّجَ سِوَاكَ، وَ اَلْمُغِيثُ لاَ مُغِيثَ سِوَاكَ، وَ جَارٌ فَلاَ جَارَ سِوَاكَ، خَابَ مَنْ كَانَ جَارُهُ سِوَاكَ، وَ مُعِينُهُ سِوَاكَ، وَ مَفْزَعُهُ إِلَى سِوَاكَ، وَ مَهْرَبُهُ وَ مَلْجَؤُهُ إِلَى سِوَاكَ، أَنْتَ ثِقَتِي وَ رَجَائِي وَ مَفْزَعِي وَ مَهْرَبِي وَ مَنْجَايَ وَ مَلْجَئِى، بِكَ أَسْتَفْتِحُ، وَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَتَوَجَّهُ لَدَيْكَ وَ أَتَوَسَّلُ وَ أَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ، وَ أَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، لَكَ اَلْحَمْدُ وَ لَكَ اَلشُّكْرُ وَ إِلَيْكَ اَلْمُشْتَكَى وَ أَنْتَ اَلْمُسْتَعَانُ، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تَكْشِفَ هَمِّي وَ غَمِّي وَ كَرْبِي فِي مَقَامِي هَذَا كَمَا كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ هَمَّهُ وَ غَمَّهُ وَ كَرْبَهُ وَ كَفَيْتَهُ هَمَّ عَدُوِّهِ، وَ اِصْرِفْنِي بِقَضَاءِ حَاجَتِي وَ كِفَايَةِ مَا هَمَّنِي هَمُّهُ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِي وَ دُنْيَايَ.

يَا فُلاَنُ - وَ يَذْكُرُ اَلْإِمَامَ اَلَّذِي قَدْ زَارَهُ بِاسْمِهِ وَ اِسْمِ أَبِيهِ وَ يَقُولُ: - عَلَيْكَ مِنِّي سَلاَمُ اَللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ، وَ لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ، وَ لاَ فَرَّقَ اَللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ. اَللَّهُمَّ أَحْيِنِي حَيَاةَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَمِتْنِي مَمَاتَهُمْ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِمْ، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ لاَ تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

ص: 131

أَتَيْتُكَ زَائِراً وَ مُتَوَسِّلاً إِلَى اَللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكَ وَ مُتَوَجِّهاً إِلَى اَللَّهِ فِي قَضَاءِ حَاجَتِي، فَاشْفَعْ لِي فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ اَلْمَقَامَ اَلْمَحْمُودَ وَ اَلْجَاهَ اَلْعَظِيمَ وَ اَلْمَنْزِلَةَ اَلرَّفِيعَةَ، وَ أَنَا مُتَنَجِّزٌ بِهِ قَضَاءَ حَاجَتِي وَ نَجَاحَهَا مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ بِشَفَاعَتِكَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ أَخِيبَنَّ وَ لاَ يَكُونُ مُنْقَلَبِي خَاسِراً خَائِباً بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي، أَنْقَلِبُ عَلَى مَا شَاءَ اَللَّهُ وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، مُفَوِّضاً أَمْرِي إِلَى اَللَّهِ مُلْجِئاً ظَهْرِي إِلَيْهِ مُتَوَكِّلاً عَلَيْهِ، حَسْبِيَ اَللَّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ، حَسْبِيَ اَللَّهُ وَ كَفَى، سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ دَعَا، لَيْسَ وَرَاءَ اَللَّهِ وَ وَرَاءَكُمْ يَا سَادَتِي مُنْتَهًى، مَا شَاءَ اَللَّهُ كَانَ وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ (1).

ص: 132


1- رواه المفيد في مزاره: 21 (مخطوط)، و الطوسي في مصباحه: 719، و ابن المشهدي في مزاره: 289، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 308:100.

ذكر وداعه عليه السّلام

إذا أردت ذلك فاستأنف الزيارة و اصنع فيها من أول الدخول إلى آخره كما قدمناه،

ثُمَّ وَدِّعْهُ فِي آخِرِهَا وَ قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِالرُّسُلِ وَ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَ دَلَلْتَ عَلَيْهِ وَ دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ، رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَ اِتَّبَعْنَا اَلرَّسُولَ وَ آلَ اَلرَّسُولِ فَاكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ أَخِي رَسُولِ اَللَّهِ، وَ اُرْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَحْيَيْتَنِي. اَللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنِي ثَوَابَ زِيَارَتِهِ وَ اُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ ثُمَّ اَلْعَوْدَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ قَالٍ وَ لاَ سَئِمٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَلِّغْ أَرْوَاحَهُمْ وَ أَجْسَادَهُمْ مِنِّي أَفْضَلَ اَلتَّحِيَّةِ وَ اَلسَّلاَمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْحَافِّينَ بِهَذَا اَلْمَشْهَدِ اَلشَّرِيفِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ اَلْحُجَّةِ اَلْقَائِمِ بِأَمْرِ اَللَّهِ، اَلْمُنْتَقِمِ مِنْ أَعْدَاءِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ وَ مُظْهِرِ دِينِ اَللَّهِ، سَلاَماً وَاصِلاً دَائِماً سَرْمَداً لاَ اِنْقِطَاعَ لَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَنْقَذَنَا بِكُمْ مِنَ اَلشِّرْكِ وَ اَلضَّلاَلَةِ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَوَاتٌ وَ رَحْمَةٌ، وَ اِحْفَظْنِي بِحِفْظِ اَلْإِيمَانِ، وَ لاَ تُشْمِتْ بِي مَنْ عَادَيْتَهُ فِيكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ اَلْمُقَدَّسَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَ اُدْعُ بِمَا تُرِيدُ وَ اِنْصَرِفْ مَغْبُوطاً مَرْحُوماً إِنْ شَاءَ اَللَّهُ (1).

ص: 133


1- رواه المفيد في مزاره: 24 (مخطوط)، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 289:100.

زيارة ثانية يزار بها عليه السّلام

تَقِفُ عَلَى قَبْرِهِ اَلشَّرِيفِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ مِنَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمِينِ اَللَّهِ عَلَى رِسَالاَتِهِ وَ عَزَائِمِ أَمْرِهِ وَ مَعْدِنِ اَلْوَحْيِ وَ اَلتَّنْزِيلِ، اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِسْتَقْبَلَ، وَ اَلْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَ اَلشَّاهِدِ عَلَى اَلْخَلْقِ، وَ اَلسِّرَاجِ اَلْمُنِيرِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّاهِرِينَ أَفْضَلَ وَ أَكْمَلَ وَ أَرْفَعَ وَ أَنْفَعَ وَ أَشْرَفَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ وَ أَصْفِيَائِكَ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ وَ خَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ وَ أَخِي رَسُولِكَ وَ وَصِيِّهِ اَلَّذِي بَعَثْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَ جَعَلْتَهُ هَادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ اَلدَّلِيلَ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالاَتِكَ، وَ دَيَّانَ اَلدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَ فَصْلَ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ اَلْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ اَلْمُطَهَّرِينَ اَلَّذِينَ اِرْتَضَيْتَهُمْ أَنْصَاراً لِدِينِكَ، وَ حَفَظَةً عَلَى سِرِّكَ، وَ شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ أَعْلاَماً لِعِبَادِكَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى خَاصَّةِ اَللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا قَسِيمَ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ كَلِمَةُ اَلتَّقْوَى، وَ بَابُ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى وَ اَلْحَبْلُ اَلْمَتِينُ، وَ اَلصِّرَاطُ اَلْمُسْتَقِيمُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَ شَاهِدُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَ أَمِينُهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَ خَازِنُ سِرِّهِ، وَ مَوْضِعُ حِكْمَتِهِ، وَ أَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ دَعْوَتَكَ حَقٌّ وَ كُلُّ دَاعٍ مَنْصُوبٍ دُونَكَ بَاطِلٌ مَدْحُوضٌ، أَنْتَ أَوَّلُ

ص: 134

مَظْلُومٍ وَ أَوَّلُ مَغْصُوبٍ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَ اِحْتَسَبْتَ، لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَ تَقَدَّمَ عَلَيْكَ وَ صَدَّ عَنْكَ لَعْناً كَثِيراً يَلْعَنُهُمْ بِهِ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ نَبِيٍّ وَ كُلُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ مُمْتَحَنٍ.

صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ أَمِينُهُ، بَلَّغْتَ نَاصِحاً وَ أذيت [أَدَّيْتَ] أَمِيناً، وَ قُتِلْتَ صِدِّيقاً مَظْلُوماً، وَ مَضَيْتَ عَلَى يَقِينٍ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلَى هُدًى، وَ لَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ اِتَّبَعْتَ اَلرَّسُولَ وَ نَصَحْتَ لِلْأُمَّةِ، وَ تَلَوْتَ اَلْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ دَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ. أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ، دَعَوْتَ إِلَيْهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَ بَلَّغْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ، وَ قُمْتَ بِحَقِّ اَللَّهِ غَيْرَ وَاهِنٍ وَ لاَ مُوهِنٍ، فَصَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ صَلاَةً مُتَتَابِعَةً مُتَوَاصِلَةً مُتَرَادِفَةً يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً، لاَ اِنْقِطَاعَ لَهَا وَ لاَ أَمَدَ وَ لاَ أَجَلَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ جَزَاكَ اَللَّهُ مِنْ صِدِّيقٍ خَيْراً عَنْ رَعِيَّتِهِ.

أَشْهَدُ أَنَّ اَلْجِهَادَ مَعَكَ حَقٌّ، وَ أَنَّ اَلْحَقَّ مَعَكَ وَ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ أَهْلُهُ وَ مَعْدِنُهُ، وَ مِيرَاثُ اَلنُّبُوَّةِ عِنْدَكَ، فَصَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً، وَ عَذَّبَ اَللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ اَلْعَذَابِ. أَتَيْتُكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَارِفاً بِحَقِّكَ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَتَيْتُكَ عَائِذاً مِنْ نَارٍ اِسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَ مَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ وَ عِنْدِي فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ فَإِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرَةً وَ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ مَقَاماً مَعْلُوماً وَ جَاهاً وَ شَأْناً كَثِيراً وَ شَفَاعَةً مَقْبُولَةً، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ اِرْتَضىٰ (1).

اَللَّهُمَّ رَبَّ اَلْأَرْبَابِ صَرِيخَ اَلْمُسْتَصْرِخِينَ جَبَّارَ اَلْجَبَابِرَةِ عِمَادَ اَلْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي

ص: 135


1- الانبياء 28:21.

عُذْتُ بِأَخِي رَسُولِكَ مَعَاذاً، فَبِحَقِّهِ عَلَيْكَ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ. آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، أَتَوَلَّى آخِرَكُمْ بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَكُمْ، وَ كَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَ اَلطَّاغُوتِ وَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّى وَ كُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اَللَّهِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ عُدْ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَنَا عَبْدُكَ وَ اِبْنُ عَبْدِكَ وَ اِبْنُ أَمَتِكَ، جِئْتُكَ زَائِراً لاَئِذاً بِحَرَمِكَ، مُتَوَسِّلاً إِلَى اَللَّهِ بِكَ فِي مَغْفِرَةِ ذُنُوبِي كُلِّهَا، مُتَضَرِّعاً إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ إِلَيْكَ لِمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اَللَّهِ، عَارِفاً عَالِماً أَنَّكَ تَسْمَعُ كَلاَمِي وَ تَرُدُّ سَلاَمِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ (1) فَيَا مَوْلاَيَ إِنِّي لَوْ وَجَدْتُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى شَفِيعاً أَقْرَبَ مِنْكَ لَقَصَدْتُ إِلَيْهِ، فَمَا خَابَ رَاجِيكُمْ وَ لاَ ضَلَّ دَاعِيكُمْ، أَنْتُمُ اَلْحُجَّةُ وَ اَلْمَحَجَّةُ إِلَى اَللَّهِ، فَكُنْ لِي إِلَى اَللَّهِ شَفِيعاً، فَمَا لِي وَسِيلَةٌ أَوْفَى مِنْ قَصْدِي إِلَيْكَ وَ تَوَسُّلِي بِكَ إِلَى اَللَّهِ.

فَأَنْتَ كَلِمَةُ اَللَّهِ وَ كَلِمَةُ رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَنْتَ خَازِنُ وَحْيِهِ، وَ عَيْبَةُ عِلْمِهِ، وَ مَوْضِعُ سِرِّهِ، وَ اَلنَّاصِحُ لِعَبِيدِهِ، وَ اَلتَّالِي لِرَسُولِهِ، وَ اَلْمُوَاسِي لَهُ بِنَفْسِهِ، وَ اَلنَّاطِقُ بِحُجَّتِهِ، وَ اَلدَّاعِي إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَ اَلْمَاضِي عَلَى سُنَّتِهِ. فَلَقَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا حُمِلْتَ، وَ رَعَيْتَ مَا اُسْتُحْفِظْتَ، وَ حَفِظْتَ مَا اُسْتُوْدِعْتَ، وَ حَلَّلْتَ حَلاَلَهُ وَ حَرَّمْتَ حَرَامَهُ وَ أَقَمْتَ أَحْكَامَهُ، لَمْ تَأْخُذْكَ فِي اَللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، فَجَاهَدْتَ اَلْقَاسِطِينَ فِي حُكْمِهِ، وَ اَلْمَارِقِينَ عَنْ أَمْرِهِ، وَ اَلنَّاكِثِينَ لِعَهْدِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ أَفْضَلَ مَا صَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيَائِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

ص: 136


1- آل عمران 169:3.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ مِنْ كُلِّ جَوَانِبِهِ، وَ صَلِّ اَلزِّيَارَةَ وَ مَا بَدَا لَكَ وَ اُدْعُ فَقُلْ:

يَا مَنْ عَفَى عَنِّي وَ عَنْ مَا خَلَوْتُ بِهِ مِنَ اَلسَّيِّئَاتِ، يَا مَنْ رَحِمَنِي بِأَنْ سَتَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ وَ لَمْ يَفْضَحْنِي بِهِ، يَا مَنْ سَوَّى خَلْقِي وَ لَهُ عَلَى مَا أَعْمَلُ شَاهِدٌ مِنِّي، يَا مَنْ يُنْطِقُ لِسَانِي وَ تَنْطِقُ لَهُ أَرْكَانِي، يَا مَنْ قَلَّ حَيَائِي مِنْهُ حَتَّى قَدْ خَشِيتُ أَنْ يَمْقُتَنِي، يَا مَنْ لَوْ عَلِمَ اَلنَّاسُ مِنِّي بَعْضَ عِلْمِهِ لَعَاجَلُونِي، يَا مَنْ سَتَرَ عَوْرَتِي وَ لَمْ يُبْدِ لِخَلْقِهِ سَوْأَتِي، يَا مَنْ أَمْهَلَنِي عِنْدَ خَلْوَتِي فِي مَعَاصِيهِ بِلَذَّتِي.

أَعُوذُ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي يٰا حَسْرَتىٰ عَلىٰ مٰا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّٰهِ (1).

وَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي رَبَّنٰا غَلَبَتْ عَلَيْنٰا شِقْوَتُنٰا وَ كُنّٰا قَوْماً ضٰالِّينَ رَبَّنٰا أَخْرِجْنٰا مِنْهٰا فَإِنْ عُدْنٰا فَإِنّٰا ظٰالِمُونَ (2).

وَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي فَمٰا لَنٰا مِنْ شٰافِعِينَ * وَ لاٰ صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنٰا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ (3).

وَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي يٰا مٰالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنٰا رَبُّكَ (4).

وَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يَأْتِيهِ اَلْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكٰانٍ وَ مٰا هُوَ بِمَيِّتٍ (5).

وَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُغَلُّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً.

ص: 137


1- سورة الزّمر 56:39.
2- سورة المؤمنون 106:23.
3- سورة الشّعراء 100:26-102.
4- سورة الزّخرف 77:43.
5- سورة ابراهيم 17:14.

وَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ يَكُونَ طَعَامِي مِنَ اَلضَّرِيعِ.

وَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ يَا سَيِّدِي أَنْ يَكُونَ غُدُوِّي وَ رَوَاحِي إِلَى اَلنَّارِ.

اَللَّهُمَّ تَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِي وَ أَبْدِلْ ذَلِكَ بِالْحَسَنَاتِ، وَ لاَ تُخَفِّفْ بِذَلِكَ مِيزَانِي، وَ لاَ تُسَوِّدْ بِهِ وَجْهِي، وَ لاَ تَفْضَحْ بِهِ مَقَامِي، وَ لاَ تُنَكِّسْ بِهِ رَأْسِي، يَا رَبِّ وَ لاَ تَمْقُتْنِي عَلَى طُولِ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَ تَجَاوَزْ عَنِّي فِي مَنْ تَجَاوَزْتَ عَنْهُ فِي أَصْحٰابِ اَلْجَنَّةِ وَعْدَ اَلصِّدْقِ اَلَّذِي كٰانُوا يُوعَدُونَ (1).

اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي اِسْتِجَابَةَ مَا سَأَلْتُكَ وَ أَمَّلْتُهُ فِيكَ وَ طَلَبْتُهُ مِنْكَ، بِحَقِّ مَوْلاَيَ وَ بِقَبْرِهِ وَ بِمَا سَعَيْتُ فِيهِ مِنْ زِيَارَتِهِ عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنِّي بِحَقِّهِ وَ مَنْزِلَتِهِ مِنْكَ وَ مَحَبَّتِهِ وَ مَوَدَّتِهِ عَلَى مَا أَوْجَبْتَهُ عَلَيَّ فِي كِتَابِكَ، وَ لاَ تَرُدَّنِي خَائِباً وَ لاَ خَائِفاً، وَ اِقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ (2) وَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِمَا، وَ بِالشَّأْنِ وَ اَلْجَاهِ وَ اَلْقَدْرِ اَلَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، فَإِنَّ لَهُمْ عِنْدَكَ شَأْناً مِنَ اَلشَّأْنِ وَ قَدْراً مِنَ اَلْقَدْرِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ لِنَفْسِكَ وَ إِخْوَانِكَ ثُمَّ وَدِّعْهُ وَ اِنْصَرِفْ، فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ فَقِفْ عَلَيْهِ وَ قُلْ:

يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ وَ مُعْتَمَدِي فِي دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، هَذَا أَوَانُ اِنْصِرَافِي عَنْ حَرَمِكَ، مِنْ غَيْرِ جَفَاءٍ وَ لاَ قِلًى، مِنْ بَعْدِ مَا قَضَيْتُ أَوْطَارِي وَ تَمَتَّعْتُ بِزِيَارَتِكَ وَ لُذْتُ بِحَرَمِكَ وَ ضَرِيحِكَ، وَ سَأَلْتُ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِإِخْوَانِيَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ قَدْ عَوَّلْتُ عَلَى اَلاِنْصِرَافِ وَ أَنَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَ اَللَّهَ تَعَالَى لِأَجْلِ مَسْأَلَتِي بِكَ أَنْ يَرُدَّنِي إِلَى أَهْلِي سَالِماً غَانِماً وَ جَمِيعَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، وَ قَدْ

ص: 138


1- سورة الاحقاف 16:46.
2- في نسخة «ه»: و فاطمة.

قَبِلَ اَللَّهُ سَعْيَنَا وَ زِيَارَتَنَا، وَ قَدْ مَحَّصَ اَللَّهُ جَمِيعَ ذُنُوبِنَا وَ جَرَائِمِنَا وَ خَطَايَانَا، وَ أَنْ نَعُودَ إِلَى أَهْلِنَا بِسَعْيٍ مَشْكُورٍ وَ ذَنْبٍ مَغْفُورٍ وَ عَمَلٍ مَبْرُورٍ. اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ مَوْلاَنَا وَ إِمَامِنَا أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ لاَ مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ فِي كُلِّ مِيقَاتٍ، وَ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنَّا بِأَحْسَنِ قَبُولٍ. أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي وَ مَا أَنْقَلِبُ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِي(1).

ص: 139


1- رواها المفيد في مزاره: 14 (مخطوط) و الصدوق في الفقيه 353:2، و الطوسي في التهذيب 53/25:6، و المصنف في فرحة الغري: 80، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 20/293:100.

زيارة ثالثة يزار بها عليه السّلام

تَغْتَسِلُ وَ تَلْبَسُ أَنْظَفَ ثِيَابِكَ وَ تَمَسُّ شَيْئاً مِنَ اَلطِّيبِ إِنْ أَمْكَنَكَ، فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَى بَابِ اَلنَّاحِيَةِ اَلْمُقَدَّسَةِ فَقُلْ:

اَللَّهُ أَكْبَرُ (ثَلاَثِينَ مَرَّةً) لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ (ثَلاَثِينَ مَرَّةً) اَلْحَمْدُ لِلَّهِ (ثَلاَثِينَ مَرَّةً) اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ (ثَلاَثِينَ مَرَّةً) ثُمَّ تَدْخُلُ مُقَدِّماً رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَخِيهِ وَ وَصِيِّهِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ هَذَا اَلْحَرَمِ اَلَّذِينَ هُمْ بِهِ مُقِيمُونَ وَ بِمَشْهَدِهِ مُحْدِقُونَ وَ لِزُوَّارِهِ مُسْتَغْفِرُونَ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَكْرَمَنَا بِمَعْرِفَتِهِ وَ مَعْرِفَةِ رَسُولِهِ وَ مَنْ فَرَضَ عَلَيْنَا طَاعَتَهُ رَحْمَةً مِنْهُ وَ تَطَوُّلاً، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي سَيَّرَنِي فِي بِلاَدِهِ وَ حَمَلَنِي عَلَى دَوَابِّهِ، وَ طَوَى لِيَ اَلْبَعِيدَ وَ دَفَعَ عَنِّي اَلْمَكَارِهَ حَتَّى بَلَّغَنِي حَرَمَ أَخِي نَبِيِّهِ وَ وَصِيِّ رَسُولِهِ وَ أَدْخَلَنِي اَلْبُقْعَةَ اَلَّتِي قَدَّسَهَا وَ بَارَكَ عَلَيْهَا وَ اِخْتَارَهَا لِوَصِيِّ نَبِيِّهِ، وَ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي هَدٰانٰا لِهٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لاٰ أَنْ هَدٰانَا اَللّٰهُ (1) وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّ عَلِيّاً عَبْدُهُ وَ أَخُو رَسُولِهِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَ زَائِرُكَ اَلْوَافِدُ إِلَيْكَ، اَلْمُتَقَرِّبُ بِزِيَارَةِ أَخِي نَبِيِّكَ وَ مُسْتَحْفِظِ رَسُولِكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، يَا رَبِّ وَ عَلَى كُلِّ مَأْتِيٍّ حَقٌّ لِمَنْ زَارَهُ وَ وَفَدَ إِلَيْهِ، وَ أَنْتَ يَا رَبِّ خَيْرُ مَأْتِيٍّ وَ أَكْرَمُ مَزُورٍ، فَأَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ بِمَعَاقِدِ اَلْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَ مُنْتَهَى اَلرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ، وَ بِمُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَ عَزَائِمِ مَغْفِرَتِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ حَظِّي مِنْ زِيَارَتِي فِي مَوْضِعِي هَذَا فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ،

ص: 140


1- سورة الأعراف 43:7.

وَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُسَارِعُ إِلَى اَلْخَيْرَاتِ وَ يَدْعُوكَ رَغَباً وَ رَهَباً، وَ اِجْعَلْنِي مِنَ اَلْخَاشِعِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ بَشَّرْتَنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ فَقُلْتَ وَ بَشِّرِ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (1) اَللَّهُمَّ فَإِنِّي مُؤْمِنٌ بِكَ وَ بِجَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ كَلِمَاتِكَ وَ أَسْمَائِكَ، فَلاَ تَقِفْنِي بَعْدَ مَعْرِفَتِي بِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُنِي بِهِ عَلَى رُءُوسِ اَلْخَلاَئِقِ، وَ قِفْنِي مَعَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى اَلتَّصْدِيقِ بِهِمْ وَ اَلتَّسْلِيمِ لَهُمْ، فَإِنَّهُمْ عَبِيدُكَ وَ أَنْتَ خَصَصْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ وَ أَمَرْتَنِي بِاتِّبَاعِهِمْ وَ فَرَضْتَ عَلَيَّ طَاعَتَهُمْ.

ثُمَّ تَدْنُو مِنَ اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ مِنَ اَللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِّ وَ اَلرَّسُولِ اَلْمُصْطَفَى اَلْمُرْتَضَى، أَمِينِ اَللَّهِ عَلَى رُسُلِهِ وَ خَاتَمِ أَنْبِيَائِهِ وَ عَزَائِمِ أَمْرِهِ، وَ مَعْدِنِ اَلْوَحْيِ وَ اَلرِّسَالَةِ وَ اَلتَّنْزِيلِ، وَ مَهْبِطِ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ مُخْتَلَفِ اَلرُّوحِ اَلْأَمِينِ، وَ حُجَّةِ اَللَّهِ اَلْبَالِغَةِ، وَ اَلْخَاتَمِ لِمَا سَبَقَ وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِسْتَقْبَلَ وَ اَلْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَ اَلشَّاهِدِ عَلَى اَلْخَلْقِ وَ اَلسِّرَاجِ اَلْمُنِيرِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْأَبْرَارِ اَلَّذِينَ اِخْتَرْتَهُمْ مِنْ خَلْقِكَ وَ جَعَلْتَهُمْ أَعْلاَمَ دِينِكَ.

اَللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ مُنْتَهَى عِلْمِكَ وَ صَلَوَاتِكَ وَ تَحِيَّاتِكَ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ وَ أَخِي رَسُولِكَ وَ خَيْرِ مَنِ اِنْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ وَ جَعَلْتَهُ هَادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ اَلدَّلِيلَ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالاَتِكَ، وَ دَيَّانَ دِينِكَ بِعَدْلِكَ، وَ فَصْلَ قَضَائِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ اَلْقَوَّامِينَ بَأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ، اَلْمُطَهَّرِينَ اَلَّذِينَ اِرْتَضَيْتَهُمْ أَنْصَاراً لِدِينِكَ، وَ أَوْعِيَةً لِعِلْمِكَ، وَ حَفَظَةً لِسِرِّكَ، وَ شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ،

ص: 141


1- سورة يونس 2:10.

وَ أَعْلاَماً لِعِبَادِكَ، وَ نُجُوماً فِي أَرْضِكَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلْمُسْتَوْدَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى خَاصَّةِ اَللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ اَلْمُبَارَكِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ اَلَّذِينَ أَقَامُوا إِمَامَ اَللَّهِ، وَ آزَرُوا أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ اَلتُّقَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَصِيُّ اَلْبَارُّ اَلْمُصْطَفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلسِّرَاجُ اَلْمُنِيرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنُّورُ اَلْمُنِيرُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ اِتَّبَعْتَ اَلرَّسُولَ وَ تَلَوْتَ اَلْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ بَلَّغْتَ عَنِ اَللَّهِ مَا أَمَرَكَ بِهِ، وَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اَللَّهِ، وَ قُمْتَ بِكَلاَمِهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَ مَنْ ظَلَمَكَ وَ تَعَدَّى عَلَيْكَ وَ خَذَلَكَ وَ بَايَنَكَ وَ حَالَ عَنْكَ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ وَ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ، وَ أَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ وَ أَلِيمَ عَذَابِكَ، وَ اِلْعَنِ اَلطَّوَاغِيتَ وَ اَلْفَرَاعِنَةَ وَ اَللاَّتَ وَ اَلْعُزَّى وَ اَلْجِبْتَ وَ اَلْأَوْثَانَ وَ اَلْأَزْلاَمَ وَ اَلْأَضْدَادَ وَ كُلَّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اَللَّهِ، وَ كُلَّ مُلْحِدٍ مُفْتَرٍ عَلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. اَللَّهُمَّ اُدْخُلْ عَلَى كُلِّ مَنْ آذَى رَسُولَكَ وَ قَتَلَ أَنْصَارَهُ وَ أَنْصَارَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ عَلَى قَاتِلِهِ وَ قَاتِلِي اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ قَتَلَةِ أَوْلِيَائِكَ، اَللَّعْنُ اَلْمُضَاعَفُ اَلسَّرْمَدُ، اَلَّذِي لاَ اِنْقِضَاءَ لَهُ وَ لاَ فَنَاءَ، وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً مُضَاعَفاً فِي أَسْفَلِ دَرَكِ اَلْجَحِيمِ. اَللَّهُمَّ اِلْعَنْهُمْ فِي مُسْتَسَرِّ سِرِّكَ وَ ظَاهِرِ عَلاَنِيَتِكَ لَعْناً وَبِيلاً، وَ اِخْزِهِمْ خِزْياً طَوِيلاً لاٰ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (1)

ص: 142


1- سورة الزّخرف 75:43.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، وَ حَبِّبْ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ وَ تَجْعَلَنِي لَهُمْ تَابِعاً وَلِيّاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى اَلرَّأْسِ وَ قِفْ عَلَيْهِ وَ قُلْ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ اَلْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ، وَ اَلنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ، وَ اَلشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ اَلصَّادِقُ اَلصِّدِّيقُ وَ اَلْهَادِي اَلْمُنْتَجَبُ، عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ. أَشْهَدُ أَنَّكَ طَاهِرٌ مُقَدَّسٌ، وَ أَنَّكَ وَلِيُّ اَللَّهِ وَ وَصِيُّ رَسُولِهِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى ذُرِّيَّتِكُمَا، أَنَا عَبْدُ اَللَّهِ وَ مَوْلاَكَ اَلْوَافِدُ إِلَيْكَ، اَلْمُلْتَمِسُ بِذَلِكَ كَمَالَ اَلْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ لِرَحْمَتِكَ تَعَرَّضْتُ، وَ بِإِزَاءِ قَبْرِ أَخِي نَبِيِّكَ وَقَفْتُ عَائِذاً بِهِ مِنَ اَلنَّارِ فَأَعِذْنِي مِنْ نَقِمَتِكَ وَ سَخَطِكَ وَ زَلاَزِلِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، يَوْمَ يَكْثُرُ فِيهِ اَلْحِسَابُ، يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ اَلْوُجُوهُ وَ تَسْوَدُّ فِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَ اَلْآزِفَةِ إِذِ اَلْقُلُوبُ لَدَى اَلْحَنٰاجِرِ كٰاظِمِينَ (1).

ثُمَّ اِرْفَعْ رَأْسَكَ وَ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ وَ قُلْ:

يَا أَكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِالذُّنُوبِ، مَا أَنْتَ صَانِعٌ بِعَبْدِكَ اَلْمُقِرِّ لَكَ بِذُنُوبِهِ، مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِالرَّسُولِ وَ عِتْرَتِهِ، لاَئِذاً بِقَبْرِ وَصِيِّ اَلرَّسُولِ؟ يَا مَنْ يَمْلِكُ حَوَائِجَ اَلسَّائِلِينَ كَمَا وَفَّقْتَنِي لِوَفَادَتِي وَ زِيَارَتِي وَ مَسْأَلَتِي، فَأَعْطِنِي سُؤْلِي فِي آخِرَتِي وَ دُنْيَايَ، وَ وَفِّقْنِي لِكُلِّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ تُحِبُّ أَنْ يُدْعَى فِيهِ بِأَسْمَائِكَ، وَ تُسْأَلَ فِيهِ مِنْ عَطَائِكَ.

وَ تُصَلِّي سِتَّ رَكَعَاتٍ، وَ إِنْ أَحْبَبْتَ زِيَادَةً فَافْعَلْ، وَ تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ، فَإِذَا أَرَدْتَ اَلْوَدَاعَ فَقُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ

ص: 143


1- غافر 18:40.

اَلسَّلاَمَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ وَ دَعَا إِلَيْهِ وَ دَلَّ عَلَيْهِ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِلَيْهِ، اَللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا ثَوَابَ مَزَارِهِ، وَ اُرْزُقْنَا اَلْعَوْدَ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَمَاتِي بِمَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِي، وَ أَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَعْلاَمُ اَلْهُدَى وَ نُجُومُ اَلْعُلاَ وَ اَلْقَدَرُ اَلْبَالِغُ مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ رَدَّ(1) ذَلِكَ هُوَ فِي دَرْكِ اَلْجَحِيمِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ - وَ تُسَمِّي اَلْأَئِمَّةَ وَاحِداً وَاحِداً - وَ أَلاَّ تَجْعَلَهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ(2) مِنْ زِيَارَتِهِ وَ إِنْ جَعَلْتَهُ تَجْعَلُنِي مَعَ هَؤُلاَءِ اَلْأَئِمَّةِ أَئِمَّةِ اَلْهُدَى، اَللَّهُمَّ ذَلِّلْ قَلْبِي لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَ اَلْمُنَاصَحَةِ وَ اَلْمُوَالاَةِ وَ حُسْنِ اَلْمُؤَازَرَةِ وَ اَلْمَوَدَّةِ وَ اَلتَّسْلِيمِ حَتَّى نَسْتَكْمِلَ بِذَلِكَ طَاعَتَكَ، وَ نَبْلُغَ بِهَا مَرْضَاتَكَ، وَ نَسْتَوْجِبَ بِهَا ثَوَابَكَ بِرَحْمَتِكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ بِالْوَلاَيَةِ لِمَنْ وَالَيْتَ وَ وَالَتْ رُسُلُكَ وَ أَنْبِيَاؤُكَ وَ مَلاَئِكَتُكَ، وَ أُشْهِدُكَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ بَرِئْتَ أَنْتَ مِنْهُ وَ بَرِئَتْ مِنْهُ رُسُلُكَ وَ أَنْبِيَاؤُكَ وَ مَلاَئِكَتُكَ اَلْمُقَرَّبُونَ وَ اَلسَّفَرَةُ اَلْأَبْرَارُ اَلْمُطَهَّرُونَ. وَ وَفِّقْنِي لِكُلِّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ، وَ اِقْلِبْنِي مِنْ هَذَا اَلْحَرَمِ بِخَيْرِ مَوْجُودٍ، يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَاجَ اَلْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَأْسَ اَلصِّدِّيقِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْأَحْكَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رُكْنَ اَلْمَقَامِ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِهِ اَلْمُبَارَكِينَ، وَ زُوَّارِهِ اَلْمُخْلَصِينَ، وَ شِيعَتِهِ اَلصَّادِقِينَ، وَ مَوَالِيهِ اَلنَّاصِحِينَ، وَ أَنْصَارِهِ اَلْمُكَرَّمِينَ، وَ أَصْحَابِهِ اَلْمُؤَيَّدِينَ. وَ اِجْعَلْنِي أَكْرَمَ وَافِدٍ وَ أَفْضَلَ وَارِدٍ وَ أَنْبَلَ قَاصِدٍ، فِي هَذَا اَلْحَرَمِ اَلْكَرِيمِ وَ اَلْمَقَامِ اَلْعَظِيمِ، وَ اَلْمَوْرِدِ اَلنَّبِيلِ

ص: 144


1- في نسخة «م»: عليك.
2- في نسخة «ه»: من وفادته و الانقضاء.

وَ اَلْمَنْهَلِ اَلْجَلِيلِ، اَلَّذِي أَوْجَبْتَ فِيهِ غُفْرَانَكَ وَ رَحْمَتَكَ.

وَ أُشْهِدُ اَللَّهَ وَ مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ فِي هَذَا اَلْحَرَمِ اَلَّذِي هُمْ بِهِ مُحْدِقُونَ حَافُّونَ، أَنَّ مَنْ سَكَنَ رَمْسَهُ وَ حَلَّ ضَرِيحَهُ مُقَدَّسٌ صِدِّيقٌ مُنْتَجَبٌ وَ وَصِيٌّ مُرْتَضًى.

وَاهاً لَكَ مِنْ تُرْبَةٍ ضَمَّتْ (1) نُوراً مِنَ اَلْخَيْرِ، وَ شِهَاباً مِنَ اَلنُّورِ، وَ يَنْبُوعَ اَلْحِكْمَةِ، وَ عَيْناً مِنَ اَلرَّحْمَةِ، وَ إِبْلاَغَ اَلْحُجَّةِ، أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ قَاتِلِيكَ وَ ظَالِمِيكِ وَ اَلنَّاصِبِينَ لَكَ وَ اَلْمُعِينِينَ عَلَيْكَ وَ اَلْمُحَارِبِينَ لَكَ، وَ أُوَدِّعُكَ يَا مَوْلاَيَ - يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ - وَدَاعَ اَلْمَحْزُونِ لِفِرَاقِكَ، اَلْمُكْتَئِبِ بِالزَّوَالِ عَنْ حَرَمِكَ، اَلْمُتَفَجِّعِ عَلَيْكَ، لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ وَ لاَ مِنْ رُجُوعِنَا إِلَيْكَ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ (2).

ص: 145


1- في نسخة «ه»: ضمنت.
2- رواها الصدوق في الفقيه 352:2، و الطوسي في التهذيب 26:6 قطعة منها، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 21/297:100.

زيارة رابعة مليحة يزار بها صلوات اللّه و سلامه عليه

تَقْصِدُ بَابَ اَلسَّلاَمِ وَ تُكَبِّرُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ تَكْبِيرَةً وَ تَقُولُ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِهِ اَلْمُرْسَلِينَ وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّضِيِّ، وَ وَجْهِهِ اَلْعَلِيِّ، وَ صِرَاطِهِ اَلسَّوِيِّ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُهَذَّبِ اَلصَّفِيِّ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى خَالِصِ اَلْأَخِلاَّءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَخْصُوصِ بِسَيِّدَةِ اَلنِّسَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَوْلُودِ فِي اَلْكَعْبَةِ اَلْمُزَوَّجِ فِي اَلسَّمَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَسَدِ اَللَّهِ فِي اَلْوَغَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ مَكَّةُ وَ مِنًى، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلْحَوْضِ وَ حَامِلِ اَللِّوَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى خَامِسِ أَهْلِ اَلْعَبَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَائِتِ عَلَى فِرَاشِ اَلنَّبِيِّ وَ مُفْدِيهِ بِنَفْسِهِ مِنَ اَلْأَعْدَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى قَالِعِ بَابِ خَيْبَرَ وَ اَلدَّاحِي بِهِ فِي اَلْفَضَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُكَلِّمِ اَلْفِتْيَةِ فِي كَهْفِهِمْ بِلِسَانِ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُنْبِعِ اَلْقَلِيبِ فِي اَلْفَلاَءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى قَالِعِ اَلصَّخْرَةِ وَ قَدْ عَجَزَ عَنْهَا اَلرِّجَالُ اَلْأَشِدَّاءُ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُخَاطِبِ اَلثُّعْبَانِ عَلَى مِنْبَرِ اَلْكُوفَةِ بِلِسَانِ اَلْفُصَحَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُخَاطِبِ اَلذِّئْبِ وَ مُكَلِّمِ اَلْجُمْجُمَةِ بِالنَّهْرَوَانِ وَ قَدْ نَخِرَتِ اَلْعِظَامُ بِالْبِلَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلشَّفَاعَةِ فِي يَوْمِ اَلْوَرَى وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلزَّكِيِّ حَلِيفِ اَلْمِحْرَابِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلْمُعْجِزِ اَلْبَاهِرِ وَ اَلنَّاطِقِ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلصَّوَابِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ تَأْوِيلُ اَلْمُحْكَمِ

ص: 146

وَ اَلْمُتَشَابِهِ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتَابِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ بَعْدَ أَنْ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحْيِي اَللَّيْلِ اَلْبَهِيمِ بِالتَّهَجُّدِ وَ اَلْإِكْتِئَابِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ خَاطَبَهُ جَبْرَئِيلُ بِإِمْرَةِ اَلْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ اِرْتِيَابٍ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِ اَلسَّادَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلْمُعْجِزَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ عَجَبَ مِنْ حَمَلاَتِهِ فِي اَلْحُرُوبِ مَلاَئِكَةُ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ نَاجَى اَلرَّسُولَ فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ صَدَقَاتٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْجُيُوشِ وَ صَاحِبِ اَلْغَزَوَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُخَاطِبِ ذِئْبِ اَلْفَلَوَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى نُورِ اَللَّهِ فِي اَلظُّلُمَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ رُدَّتْ لَهُ اَلشَّمْسُ فَقَضَى مَا فَاتَهُ مِنَ اَلصَّلَوَاتِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى إِمَامِ اَلْمُتَّقِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى وَارِثِ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى يَعْسُوبِ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عِصْمَةِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى قُدْوَةِ اَلصَّادِقِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حُجَّةِ اَلْأَبْرَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي اَلْأَئِمَّةِ اَلْأَطْهَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَخْصُوصِ بِذِي اَلْفَقَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى سَاقِي أَوْلِيَائِهِ مِنْ حَوْضِ اَلنَّبِيِّ اَلْمُخْتَارِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ مَا اِطَّرَدَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلنَّبَإِ اَلْعَظِيمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ أَنْزَلَ اَللَّهُ فِيهِ وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ اَلْكِتٰابِ لَدَيْنٰا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (1) اَلسَّلاَمُ عَلَى صِرَاطِ اَللَّهِ اَلْمُسْتَقِيمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَنْعُوتِ فِي اَلتَّوْرَاةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ وَ اَلْقُرْآنِ اَلْحَكِيمِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلضَّرِيحِ وَ تُقَبِّلُهُ وَ تَقُولُ:

يَا أَمِينَ اَللَّهِ، يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، يَا صِرَاطَ اَللَّهِ، زَارَكَ عَبْدُكَ وَ وَلِيُّكَ اَللاَّئِذُ بِقَبْرِكَ، اَلْمُنِيخُ رَحْلَهُ بِفِنَائِكَ، اَلْمُتَقَرِّبُ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اَلْمُسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى اَللَّهِ، زِيَارَةَ

ص: 147


1- الزّخرف 4:43.

مَنْ هَجَرَ فِيكَ صَحْبَهُ وَ جَعَلَكَ بَعْدَ اَللَّهِ حَسَبَهُ. أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلطُّورُ، وَ اَلْكِتَابُ اَلْمَسْطُورُ، وَ اَلرَّقُّ اَلْمَنْشُورُ، وَ بَحْرُ اَلْعِلْمِ اَلْمَسْجُورُ. يَا وَلِيَّ اَللَّهِ إِنَّ لِكُلِّ مَزُورٍ حَقٌّ (1)عَلَى مَنْ زَارَهُ وَ قَصَدَهُ وَ أَتَاهُ، وَ أَنَا وَلِيُّكَ قَدْ حَطَطْتُ رَحْلِي بِفِنَائِكَ، وَ لَجَأْتُ إِلَى حَرَمِكَ، وَ لُذْتُ بِضَرِيحِكَ، لِعِلْمِي بِعَظِيمِ مَنْزِلَتِكَ وَ شَرَفِ حَضْرَتِكَ، وَ قَدْ أَثْقَلَتِ اَلذُّنُوبُ ظَهْرِي وَ مَنَعَتْنِي رُقَادِي، فَمَا أَجِدُ حِرْزاً وَ لاَ مَعْقِلاً وَ لاَ مَلْجَأً أَلْجَأُ إِلَيْهِ إِلاَّ(2) اَللَّهُ تَعَالَى، وَ تَوَسُّلِي بِكَ إِلَيْهِ، وَ اِسْتِشْفَاعِي بِكَ لَدَيْهِ، فَهَا أَنَا نَازِلٌ بِفِنَائِكَ، وَ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ جَاهٌ عَظِيمٌ، وَ مَقَامٌ كَرِيمٌ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ يَا مَوْلاَيَ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ وَجِّهْ وَجْهَكَ إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ يَا أَسْمَعَ اَلسَّامِعِينَ، وَ يَا أَبْصَرَ اَلنَّاظِرِينَ، وَ يَا أَسْرَعَ اَلْحَاسِبِينَ، وَ يَا أَجْوَدَ اَلْأَجْوَدِينَ، بِمُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، رَسُولِكَ إِلَى اَلْعَالَمِينَ، وَ أَخِيهِ وَ اِبْنِ عَمِّهِ اَلْأَنْزَعِ اَلْبَطِينِ، اَلْعَالِمِ اَلْمُبِينِ، عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ اَلْإِمَامَيْنِ اَلشَّهِيدَيْنِ، وَ بِعَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ، وَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِ عِلْمِ اَلْأَوَّلِينَ، وَ بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ زَكِيِّ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ بِمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ اَلْكَاظِمِ اَلْمُبِينِ، وَ بِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا اَلْأَمِينِ، وَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْجَوَادِ عَلَمِ اَلْمُهْتَدِينَ، وَ بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْبَرِّ اَلصَّادِقِ سَيِّدِ اَلْعَابِدِينَ، وَ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْعَسْكَرِيِّ وَلِيِّ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ بِالْخَلَفِ اَلْحُجَّةِ صَاحِبِ اَلْأَمْرِ مُظْهِرِ اَلْبَرَاهِينِ، أَنْ تَكْشِفَ مَا بِي مِنَ اَلْهُمُومِ، وَ تَكْفِيَنِي شَرَّ اَلْبَلاَءِ اَلْمَحْتُومِ، وَ تُجِيرَنِي مِنَ اَلنَّارِ ذَاتِ اَلسُّمُومِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اُدْعُ بِمَا تُرِيدُ وَ وَدِّعْهُ وَ اِنْصَرِفْ مَرْحُوماً إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(3).

ص: 148


1- في نسخة «م» و «ه»: عناية في.
2- في نسخة «م»: الى.
3- نقلها المجلسي في بحار الأنوار 22/301:100.

زيارة خامسة يزار بها عليه السّلام ورد فيها ثواب مضاعف

تَقِفُ عَلَى ضَرِيحِهِ اَلشَّرِيفِ وَ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اِصْطَفَاهُ اَللَّهُ وَ اِخْتَصَّهُ وَ اِخْتَارَهُ مِنْ بَرِيَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيلَ اَللَّهِ وَ حَبِيبَهُ (1) مَا دَجَى اَللَّيْلُ وَ غَسَقَ، وَ أَضَاءَ اَلنَّهَارُ وَ أَشْرَقَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ مَا صَمَتَ صَامِتٌ وَ نَطَقَ نَاطِقٌ وَ ذَرَّ شَارِقٌ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَوْلاَنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَاحِبِ اَلسَّوَابِقِ وَ اَلْمَنَاقِبِ وَ اَلنَّجْدَةِ مُبِيدِ اَلْكَتَائِبِ، اَلشَّدِيدِ اَلْبَأْسِ اَلْعَظِيمِ اَلْمِرَاسِ اَلْمَكِينِ اَلْأَسَاسِ سَاقِي اَلْمُؤْمِنِينَ بِالْكَأْسِ مِنْ حَوْضِ اَلرَّسُولِ اَلْمَكِينِ اَلْأَمِينِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلنَّهْيِ وَ اَلْفَصْلِ وَ اَلطَّوَائِلِ وَ اَلْمَكْرُمَاتِ وَ اَلنَّوَائِلِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى فَارِسِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ لَيْثِ اَلْمُوَحِّدِينَ وَ قَاتِلِ اَلْمُشْرِكِينَ وَ وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ أَيَّدَهُ اَللَّهُ بِجَبْرَئِيلَ، وَ أَعَانَهُ بِمِيكَائِيلَ، وَ أَزْلَفَهُ فِي اَلدَّارَيْنِ، وَ حَبَاهُ بِكُلِّ مَا تَقَرُّ بِهِ اَلْعَيْنُ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ عَلَى أَوْلاَدِهِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلرَّاشِدِينَ اَلَّذِينَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ فَرَضُوا عَلَيْنَا اَلصَّلاَةَ وَ أَمَرُوا بِإِيتَاءِ اَلزَّكَاةِ، وَ عَرَّفُونَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ قِرَاءَةَ اَلْقُرْآنِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ يَعْسُوبَ اَلدِّينِ، وَ قَائِدَ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ اَللَّهِ اَلنَّاظِرَةَ وَ يَدَهُ اَلْبَاسِطَةَ وَ أُذُنَهُ اَلْوَاعِيَةَ وَ حِكْمَتَهُ اَلْبَالِغَةَ وَ نِعْمَتَهُ اَلسَّابِغَةَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى قَسِيمِ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى نِعْمَةِ اَللَّهِ عَلَى اَلْأَبْرَارِ وَ نِقْمَتِهِ عَلَى اَلْفُجَّارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ اَلْمُتَّقِينَ

ص: 149


1- في نسخة «ع»: و رضيه.

اَلْأَخْيَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَخِي رَسُولِ اَللَّهِ وَ اِبْنِ عَمِّهِ وَ زَوْجِ اِبْنَتِهِ اَلْمَخْلُوقِ مِنْ طِينَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَصْلِ اَلْقَدِيمِ وَ اَلْفَرْعِ اَلْكَرِيمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلثَّمَرِ اَلْجَنِيِّ (اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيٍّ)(1)، اَلسَّلاَمُ عَلَى شَجَرَةِ طُوبَى وَ سِدْرَةِ اَلْمُنْتَهَى.

اَلسَّلاَمُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، وَ نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، وَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، وَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، وَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، وَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ، وَ مَنْ بَيْنَهُمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً، اَلسَّلاَمُ عَلَى نُورِ اَلْأَنْوَارِ وَ سَلِيلِ اَلْأَطْهَارِ وَ عَنَاصِرِ اَلْأَخْيَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى وَالِدِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْأَبْرَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى حَبَلِ اَللَّهِ اَلْمَتِينِ وَ جَنْبِهِ اَلْمَكِينِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِينِ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ خَلِيفَتِهِ وَ اَلْحَاكِمِ بِأَمْرِهِ، وَ اَلْقَيِّمِ بِدِينِهِ، وَ اَلْمُهَيْمِنِ بِحِكْمَتِهِ، وَ اَلْعَامِلِ بِكِتَابِهِ، أَخِي اَلرَّسُولِ وَ زَوْجِ اَلْبَتُولِ وَ سَيْفِ اَللَّهِ اَلْمَسْلُولِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلدَّلاَلاَتِ (2) اَلْبَاهِرَاتِ، وَ اَلْمُعْجِزَاتِ اَلزَّاهِرَاتِ، وَ اَلْمُنْجِي مِنَ اَلْهَلَكَاتِ، اَلَّذِي ذَكَرَهُ اَللَّهُ فِي مُحْكَمِ اَلْآيَاتِ فَقَالَ تَعَالَى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ اَلْكِتٰابِ لَدَيْنٰا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (3).

اَلسَّلاَمُ عَلَى اِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّضِيِّ، وَ وَجْهِهِ اَلْمُضِيءِ، وَ جَنْبِهِ اَلْعَلِيِّ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. اَلسَّلاَمُ عَلَى نِعْمَةِ اَللَّهِ اَلشَّامِلَةِ، وَ كَلِمَتِهِ اَلْبَاقِيَةِ، وَ حُجَّتِهِ اَلْوَافِيَةِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حُجَجِ اَللَّهِ وَ أَوْصِيَائِهِ، وَ خَاصَّتِهِ وَ أَصْفِيَائِهِ، وَ خَالِصَتِهِ وَ أُمَنَائِهِ، وَ مَوْضِعِ سِرِّهِ وَ تَابُوتِ عِلْمِهِ، وَ أَوْلِيَائِهِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

قَصَدْتُكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، يَا أَمِينَ اَللَّهِ وَ حُجَّتَهُ، زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ،

ص: 150


1- لم تردّ في: «ع» و «ه».
2- في نسخة: «م» و الايات.
3- الزّخرف 4:43.

مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ بِزِيَارَتِكَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ اَللَّهِ رَبِّكَ وَ رَبِّي فِي خَلاَصِ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ قَضَاءِ حَوَائِجِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قَبِّلْهُ وَ قُلْ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، اَلْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ، وَ اَلشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ صَادِقٌ أَمِينٌ صِدِّيقٌ، عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ مِنْ طُهْرٍ طَاهِرٍ مُطَهَّرٍ، أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ وَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلاَغِ وَ اَلْأَدَاءِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ جَنْبُ اَللَّهِ وَ بَابُهُ، وَ(1) حَبِيبُ اَللَّهِ وَ وَجْهُهُ اَلَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى، وَ أَنَّكَ سَبِيلُ اَللَّهِ وَ أَنَّكَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَتَيْتُكَ زَائِراً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَ مَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِزِيَارَتِكَ، رَاغِباً إِلَيْكَ فِي اَلشَّفَاعَةِ، أَبْتَغِي بِشِفَاعَتِكَ خَلاَصَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ اَلنَّارِ، هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ اَلَّتِي اِحْتَطَبْتُهَا عَلَى ظَهْرِي، فَزِعاً إِلَيْكَ رَاجِياً رَحْمَةَ رَبِّي. أَتَيْتُكَ يَا سَيِّدِي وَ يَا مَوْلاَيَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ بِزِيَارَتِكَ لِيَقْضِيَ بِكَ حَوَائِجِي فَاشْفَعْ لِي يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِلَى اَللَّهِ، فَإِنِّي عَبْدُ اَللَّهِ وَ مَوْلاَكَ وَ زَائِرُكَ، وَ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ اَلْمَقَامُ اَلْمَحْمُودُ وَ اَلْجَاهُ اَلْعَظِيمُ وَ اَلشَّأْنُ اَلْكَبِيرُ وَ اَلشَّفَاعَةُ اَلْمَقْبُولَةُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ اَلْمُرْتَضَى، وَ أَمِينِكَ اَلْأَوْفَى(2)، وَ يَدِكَ اَلْعُلْيَا، وَ جَنْبِكَ اَلْأَعْلَى، وَ كَلِمَتِكَ اَلْحُسْنَى، وَ حُجَّتِكَ عَلَى اَلْوَرَى، وَ صِدِّيقِكَ اَلْأَكْبَرِ. سَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ، وَ رُكْنِ اَلْأَوْلِيَاءِ، وَ عِمَادِ اَلْأَصْفِيَاءِ، أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ يَعْسُوبِ

ص: 151


1- في نسخة: «م» انك.
2- في نسخة «م»: و عروتك الوثقى.

اَلدِّينِ، وَ قُدْوَةِ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ إِمَامِ اَلصَّالِحِينَ. اَلْمَفْطُومِ مِنَ اَلْخَلَلِ، اَلْمُهَذَّبِ مِنَ اَلزَّلَلِ، اَلْمُبَرَّإِ مِنَ اَلْعَيْبِ، اَلْمُنَزَّهِ مِنَ اَلرَّيْبِ. أَخِي نَبِيِّكَ، وَ وَصِيِّ حَبِيبِكَ اَلنَّائِمِ عَلَى فِرَاشِهِ، اَلْمُوَاسِي لَهُ بِنَفْسِهِ، اَلْكَاشِفِ اَلْكَرْبَ عَنْ وَجْهِهِ، اَلَّذِي جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ، وَ آيَةً لِرِسَالَتِهِ، وَ شَاهِداً عَلَى أُمَّتِهِ، وَ دَلاَلَةً لِحُجَّتِهِ، وَ حَامِلاً لِلِوَائِهِ، وَ وِقَايَةً لِمُهْجَتِهِ، وَ هَادِياً لِأُمَّتِهِ، وَ يَداً لِبَأْسِهِ، وَ تَاجاً لِرَأْسِهِ، وَ بَاباً لِسِرِّهِ، وَ مِفْتَاحاً لِظَفَرِهِ، حَتَّى هَزَمَ جُنُودَ اَلشِّرْكِ بِإِذْنِكَ، وَ أَبَادَ عَسَاكِرَ اَلْكُفْرِ بِأَمْرِكَ، وَ بَذَلَ نَفْسَهُ فِي مَرْضَاةِ رَسُولِكَ، وَ جَعَلَهَا رِقّاً عَلَى طَاعَتِهِ، وَ صَلِّ اَللَّهُمَّ عَلَيْهِ صَلاَةً دَائِمَةً بَاقِيَةً.

ثُمَّ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، وَ اَلشِّهَابَ اَلثَّاقِبَ، وَ اَلنُّورَ اَلْعَاقِبَ، يَا سَلِيلَ اَلْأَطَائِبِ يَا سِرَّ اَللَّهِ، يَا وَجْهَ اَللَّهِ، يَا عَيْنَ اَللَّهِ، يَا سَيْفَ اَللَّهِ، يَا خَلِيفَةَ اَللَّهِ إِنَّ بَيْنِي وَ بَيْنَ اَللَّهِ تَعَالَى ذُنُوباً قَدْ أَثْقَلَتْ ظَهْرِي، وَ لاَ يَأْتِي عَلَيْهَا إِلاَّ رِضَاكَ، فَبِحَقِّ مَنِ اِئْتَمَنَكَ عَلَى سِرِّهِ، وَ اِسْتَرْعَاكَ أَمْرَ خَلْقِهِ، كُنْ لِي إِلَى اَللَّهِ شَفِيعاً، وَ مِنَ اَلنَّارِ مُجِيراً، وَ عَلَى اَلدَّهْرِ ظَهِيراً، فَإِنِّي عَبْدُ اَللَّهِ وَ وَلِيُّكَ وَ زَائِرُكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

ثُمَّ عُدْ إِلَى اَلرَّأْسِ وَ صَلِّ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَهُ وَ لآِدَمَ وَ لِنُوحٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَكْعَتَانِ، وَ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ، ثُمَّ قُمْ فَزُرِ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنْ عِنْدِ رَأْسِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِالزِّيَارَةِ اَلثَّانِيَةِ مِنْ زِيَارَةِ عَاشُورَاءَ مِنَ اَلْفَصْلِ اَلْعَاشِرِ اِتِّبَاعاً لِمَا وَرَدَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 152


1- نقلها المجلسي في بحار الأنوار 23/305:100.

الفصل السابع في ذكر زيارات أمير المؤمنين عليه السّلام المخصوصة بالأيام و الشهور

اشارة

و ما يتعلق بها من قول أو عمل مبرور أحق هذه الزيارات بالتقديم و أشرفها عند أهل الصراط المستقيم زيارة يوم الغدير، و هو الثامن عشر من ذي الحجة، لأنه يوم إكمال النعمة على العباد بإقامة الحجة، و الكشف لهم عن صحيح المحجة، ففي اجتماع الناس في هذا اليوم المحمود تذكرة و إحياء لما أخذه اللّه و رسوله من العهود.

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ اَلْقُمِّيُّ، عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - فِي حَدِيثٍ اِخْتَصَرْنَاهُ - قَالَ: قَالَ لِي «يَا اِبْنَ أَبِي نَصْرٍ، أَيْنَمَا كُنْتَ فَاحْضُرْ يَوْمَ اَلْغَدِيرِ عِنْدَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَإِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَغْفِرُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ وَ مُسْلِمٍ وَ مُسْلِمَةٍ ذُنُوبَ سِتِّينَ سَنَةً، وَ يُعْتِقَ مِنَ اَلنَّارِ ضِعْفَ مَا أَعْتَقَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَ لَيْلَةِ اَلْفِطْرِ، وَ اَلدِّرْهَمُ فِيهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِإِخْوَانِكَ اَلْعَارِفِينَ، وَ أَفْضِلْ عَلَى إِخْوَانِكَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ سُرَّ فِيهِ كُلَّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ».

ثُمَّ قَالَ: «يَا أَهْلَ اَلْكُوفَةِ، لَقَدْ أُعْطِيتُمْ خَيْراً كَثِيراً، وَ إِنَّكُمْ لَمِمَّنِ اِمْتَحَنَ اَللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، مُسْتَذَلُّونَ مَقْهُورُونَ مُمْتَحَنُونَ، يُصَبُّ عَلَيْكُمُ اَلْبَلاَءُ صَبّاً، ثُمَّ يَكْشِفُهُ كَاشِفُ اَلْكَرْبِ اَلْعَظِيمِ، وَ اَللَّهِ لَوْ عَرَفَ اَلنَّاسُ فَضْلَ هَذَا اَلْيَوْمِ بِحَقِيقَتِهِ لَصَافَحَتْهُمُ اَلْمَلاَئِكَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ»(1).

ص: 153


1- رواه الشيخ الطوسي في مصباحه: 681، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 2/358:100.

وَ مِمَّا رَوَيْنَاهُ وَ حَذَفْنَا إِسْنَادَهُ اِخْتِصَاراً: أَنَّ اَلْفَيَّاضَ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلطَّرَسُوسِيَّ حَدَّثَ بِطُوسَ سَنَةَ تِسْعٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ، وَ قَدْ بَلَغَ اَلتِّسْعِينَ، أَنَّهُ شَهِدَ أَبَا اَلْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي يَوْمِ اَلْغَدِيرِ وَ بِحَضْرَتِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ خَاصَّتِهِ قَدِ اِحْتَبَسَهُمْ لِلْإِفْطَارِ، وَ قَدْ قَدَّمَ إِلَى مَنَازِلِهِمُ اَلطَّعَامَ وَ اَلْبُرَّ وَ اَلصِّلاَةَ وَ اَلْكِسْوَةَ حَتَّى اَلْخَوَاتِيمَ وَ اَلنِّعَالَ، وَ قَدْ غَيَّرَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَ أَحْوَالِ حَاشِيَتِهِ، وَ جُدِّدَتْ لَهُ آلَةٌ غَيْرُ اَلْآلَةِ اَلَّتِي جَرَى اَلرَّسْمُ بِابْتِذَالِهَا قَبْلَ يَوْمِهِ، وَ هُوَ يَذْكُرُ فَضْلَ اَلْيَوْمِ وَ قَدِيمَهُ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «حَدَّثَنِي اَلْهَادِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّيَ اَلصَّادِقُ قَالَ: حَدَّثَنِي اَلْبَاقِرُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَيِّدُ اَلْعَابِدِينَ قَالَ:

إِنَّ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: اِتَّفَقَ فِي بَعْضِ سنين [سِنِي ]أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اَلْجُمُعَةُ وَ اَلْغَدِيرُ، فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ عَلَى خَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْ نَهَارِ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ، فَحَمِدَ اَللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ حَمْداً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَ أَثْنَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، فَكَانَ مِمَّا حُفِظَ مِنْ ذَلِكَ:

«اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْحَمْدَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى حَامِدِيهِ، وَ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ اَلاِعْتِرَافِ بِلاَهُوتِيَّتِهِ وَ صَمَدَانِيَّتِهِ وَ رَبَّانِيَّتِهِ وَ فَرْدَانِيَّتِهِ، وَ سَبَباً إِلَى اَلْمَزِيدِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَ مَحَجَّةً لِلطَّالِبِ مِنْ فَضْلِهِ، وَ كَمَّنَ فِي إِبْطَانِ اَللَّفْظِ حَقِيقَةَ اَلاِعْتِرَافِ لَهُ بِأَنَّهُ اَلْمُنْعِمُ عَلَى كُلِّ حَمْدٍ بِاللَّفْظِ وَ إِنْ عَظُمَ.

وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً نُزِعَتْ عَنْ إِخْلاَصِ اَلطَّوِيِّ، وَ نُطْقُ اَللِّسَانِ بِهَا عِبَارَةٌ عَنْ صِدْقٍ خَفِيٍّ، أَنَّهُ اَلْخَالِقُ اَلْبَدِيءُ اَلْمُصَوِّرُ لَهُ اَلْأَسْمَاءُ اَلْحُسْنَى، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ إِذْ كَانَ اَلشَّيْ ءُ مِنْ مَشِيئَتِهِ وَ كَانَ لاَ يُشْبِهُهُ مُكَوِّنُهُ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اِسْتَخْلَصَهُ فِي اَلْقِدَمِ عَلَى سَائِرِ اَلْأُمَمِ، عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِهِ، اِنْفَرَدَ عَنِ اَلتَّشَاكُلِ وَ اَلتَّمَاثُلِ مِنْ أَبْنَاءِ اَلْجِنْسِ، وَ اِئْتَمَنَهُ آمِراً وَ نَاهِياً

ص: 154

عَنْهُ، أَقَامَهُ فِي سَائِرِ عَالَمِهِ فِي اَلْأَدَاءِ مَقَامَهُ، إِذْ كَانَ لاَ تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصَارُ، وَ لاَ تَحْوِيهِ خَوَاطِرُ اَلْأَفْكَارِ، وَ لاَ تُمَثِّلُهُ غَوَامِضُ اَلظَّنِّ فِي اَلْأَسْرَارِ. لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اَلْمَلِكُ اَلْجَبَّارُ، قَرَنَ اَلاِعْتِرَافُ بِنُبُوَّتِهِ بِالاِعْتِرَافِ بِلاَهُوتِيَّتِهِ، وَ اِخْتَصَّهُ مِنْ تَكْرِمَتِهِ بِمَا لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ بَرِيَّتِهِ. فَهُوَ أَهْلُ ذَلِكَ بِخَاصَّتِهِ وَ خَلَّتِهِ، إِذْ لاَ يَخْتَصُّ مَنْ يَشُوبُهُ اَلتَّغْيِيرُ وَ لاَ يُخَالِلُ مَنْ يَلْحَقُهُ اَلتَّظْنِينُ. وَ أُمِرَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ مَزِيداً فِي تَكْرِمَتِهِ، وَ تَطْرِيقاً لِلدَّاعِي إِلَى إِجَابَتِهِ، فَصَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ كَرَّمَ وَ شَرَّفَ وَ عَظَّمَ مَزِيداً لاَ يَلْحَقُهُ اَلتَّفْنِيدُ وَ لاَ يَنْقَطِعُ عَلَى اَلتَّأْبِيدِ.

وَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى اِخْتَصَّ لِنَفْسِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ بَرِيَّتِهِ خَاصَّةً عَلاَهُمْ بِتَعْلِيَتِهِ، وَ سَمَا بِهِمْ إِلَى رُتْبَتِهِ، وَ جَعَلَهُمُ اَلدُّعَاةَ بِالْحَقِّ إِلَيْهِ، وَ اَلْأَدِلاَّءَ بِالْإِرْشَادِ عَلَيْهِ، لِقَرْنٍ قَرْنٍ وَ زَمَنٍ زَمَنٍ. أَنْشَأَهُمْ فِي اَلْقِدَمِ قَبْلَ كُلِّ مُذْرِءٍ وَ مُبْرِءٍ أَنْوَاراً أَنْطَقَهَا بِتَحْمِيدِهِ، وَ أَلْهَمَهَا بِشُكْرِهِ وَ تَمْجِيدِهِ، وَ جَعَلَهَا اَلْحُجَجَ لَهُ عَلَى كُلِّ مُعْتَرِفٍ لَهُ بِمَلَكَةِ اَلرُّبُوبِيَّةِ وَ سُلْطَانِ اَلْعُبُودِيَّةِ، وَ اِسْتَنْطَقَ بِهَا الخرسات [اَلْخُرْسَانَ] بِأَنْوَاعِ اَللُّغَاتِ بُخُوعاً لَهُ بِأَنَّهُ فَاطِرُ اَلْأَرَضِينَ وَ اَلسَّمَاوَاتِ، وَ أَشْهَدَهُمْ خَلْقَهُ، وَ وَلاَّهُمْ مَا شَاءَ مِنْ أَمْرِهِ. جَعَلَهُمْ تَرَاجِمَةَ مَشِيئَتِهِ، وَ أَلْسُنَ إِرَادَتِهِ، عَبِيداً لاٰ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مٰا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ مٰا خَلْفَهُمْ وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ اِرْتَضىٰ وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (1).

يَحْكُمُونَ بِأَحْكَامِهِ، وَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ، وَ يَعْتَمِدُونَ حُدُودَهُ، وَ يُؤَدُّونَ فُرُوضَهُ. وَ لَمْ يَدَعِ اَلْخَلْقَ فِي بُهْمٍ صَمَّاءَ، وَ لاَ فِي عَمًى بَكْمَاءَ، بَلْ جَعَلَ لَهُمْ عُقُولاً مَازَجَتْ شَوَاهِدَهُمْ، وَ تَفَرَّقَتْ فِي هَيَاكِلِهِمْ، حَقَّقَهَا فِي نُفُوسِهِمْ، وَ اِسْتَعْبَدَ لَهَا حَوَاسَّهُمْ، (فَقَرَّتْ بِهَا)(2) عَلَى

ص: 155


1- سورة الأنبياء 27:21 و 28.
2- في مصباح المتهجّد: فقر بها.

أَسْمَاعٍ وَ نَوَاظِرَ وَ أَفْكَارٍ وَ خَوَاطِرَ، أَلْزَمَهُمْ بِهَا حُجَّتَهُ، وَ أَرَاهُمْ بِهَا مَحَجَّتَهُ، وَ أَنْطَقَهُمْ عَمَّا يَشْهَدُ بِهِ بِأَلْسُنِ ذَرِبَةٍ بِمَا قَامَ فِيهَا مِنْ قُدْرَتِهِ وَ حِكْمَتِهِ، وَ بَيَّنَ (بِهَا)(1) عِنْدَهُمْ بِهَا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَ إِنَّ اَللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ بَصِيرٌ شَاهِدٌ خَبِيرٌ.

وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ لَكُمْ - مَعْشَرَ اَلْمُؤْمِنِينَ - فِي هَذَا اَلْيَوْمِ عِيدَيْنِ عَظِيمَيْنِ كَبِيرَيْنِ، لاَ يَقُومُ أَحَدُهُمَا إِلاَّ بِصَاحِبِهِ، لِيُكْمِلَ عِنْدَكُمْ صُنْعَهُ، وَ يَقِفَكُمْ عَلَى طَرِيقِ رُشْدِهِ، وَ يَقْفُوَ بِكُمْ آثَارَ اَلْمُسْتَضِيئِينَ بِنُورِ هِدَايَتِهِ، وَ يُشْمِلَكُمْ (صَوْلَهُ)(2)، وَ يَسْلُكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ قَصْدِهِ، وَ يُوَفِّرَ عَلَيْكُمْ هَنِيءَ رِفْدِهِ.

فَجَعَلَ اَلْجُمُعَةَ مَجْمَعاً نَدَبَ إِلَيْهِ لِتَطْهِيرِ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَ غَسْلِ مَا أَوْقَفَتْهُ مَكَاسِبُ اَلسَّوْءِ مِنْ مِثْلِهِ إِلَى مِثْلِهِ، وَ ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، وَ تِبْيَانِ خَشْيَةِ اَلْمُتَّقِينَ، وَ وَهَبَ [مِنْ ثَوَابِ اَلْأَعْمَالِ فِيهِ أَضْعَافَ مَا وَهَبَ](3) لِأَهْلِ طَاعَتِهِ فِي اَلْأَيَّامِ قَبْلَهُ، وَ جَعَلَهُ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِالاِيتْمَارِ بِمَا أَمَرَ بِهِ، وَ اَلاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ، وَ اَلْبُخُوعِ بِطَاعَتِهِ فِي مَا حَثَّ عَلَيْهِ وَ نَدَبَ إِلَيْهِ.

وَ لاَ يَقْبَلُ تَوْحِيدَهُ إِلاَّ بِالاِعْتِرَافِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِنُبُوَّتِهِ، وَ لاَ يَقْبَلُ دِيناً إِلاَّ بِوَلاَيَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلاَيَتِهِ، وَ لاَ تَنْتَظِمُ أَسْبَابُ طَاعَتِهِ إِلاَّ بِالتَّمَسُّكِ بِعِصَمِهِ وَ عِصَمِ أَهْلِ وَلاَيَتِهِ، فَأَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي يَوْمِ اَلدَّوْحِ مَا بَيَّنَ بِهِ عَنْ إِرَادَتِهِ فِي خُلَصَائِهِ وَ ذَوِي اِجْتِبَائِهِ، وَ أَمَرَهُ بِالْبَلاَغِ وَ تَرْكِ اَلْحَفْلِ بِأَهْلِ اَلزَّيْغِ وَ اَلنِّفَاقِ، وَ ضَمِنَ لَهُ عِصْمَتَهُ مِنْهُمْ، وَ كَشَفَ مِنْ خَبَايَا أَهْلِ اَلرَّيْبِ وَ ضَمَائِرِ

ص: 156


1- لم تردّ في مصباح المتهجّد.
2- كذا، و لعلّ الصّواب: قبوله.
3- من مصباح المتهجّد.

أَهْلِ اَلاِرْتِدَادِ مَا رَمَزَ فِيهِ، فَعَقَلَهُ اَلْمُؤْمِنُ وَ اَلْمُنَافِقُ، (فَأَعَنَّ مُعِنٌّ)(1) وَ ثَبَتَ عَلَى اَلْحَقِّ ثَابِتٌ، وَ اِزْدَادَتْ جَهَالَةُ اَلْمُنَافِقِ وَ حَمِيَّةُ اَلْمَارِقِ، وَ وَقَعَ اَلْعَضُّ عَلَى اَلنَّوَاجِذِ، وَ اَلْغَمْزُ عَلَى اَلسَّوَاعِدِ، وَ نَطَقَ نَاطِقٌ، وَ نَعَقَ نَاعِقٌ، وَ نَشَقَ نَاشِقٌ، وَ اِسْتَمَرَّ عَلَى مَارِقِيَّتِهِ مَارِقٌ، وَ وَقَعَ اَلْإِذْعَانِ مِنْ طَائِفَةٍ بِاللِّسَانِ دُونَ حَقَائِقِ اَلْإِيمَانِ، فَكَمَّلَ اَللَّهُ دِينَهُ، وَ أَقَرَّ عَيْنَ نَبِيِّهِ وَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُتَابِعِينَ. وَ كَانَ مَا قَدْ شَهِدَهُ بَعْضُكُمْ وَ بَلَغَ بَعْضُكُمْ، وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ اَللَّهِ اَلْحُسْنَى عَلَى اَلصَّابِرِينَ، وَ دَمَّرَ اَللَّهُ مَا صَنَعَ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ وَ قَارُونُ وَ جُنُودُهُ وَ مَا كَانُوا يَعْرِشُونَ.

وَ بَقِيَتْ حُثَالَةٌ مِنَ اَلضَّلاَلِ لاَ يَأْلُونَ اَلنَّاسَ خَبَالاً، يَقْصِدُهُمُ اَللَّهُ فِي دِيَارِهِمْ، وَ يَمْحُو آثَارَهُمْ، وَ يُبِيدُ مَعَالِمَهُمْ، وَ يُعْقِبُهُمْ عَنْ قُرْبِ اَلْحَسَرَاتِ، وَ يُلْحِقُهُمْ بِمَنْ بَسَطَ أَكَفَّهُمْ وَ مَدَّ أَعْنَاقَهُمْ وَ مَكَّنَهُمْ مِنْ دِينِ اَللَّهِ حَتَّى بَدَّلُوهُ وَ مِنْ حُكْمِهِ حَتَّى غَيَّرُوهُ، وَ سَيَأْتِي نَصْرُ اَللَّهِ عَلَى عَدُوِّهِ لِحِينِهِ، وَ اَللَّهُ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. وَ مِنْ دُونِ مَا سَمِعْتُمْ كِفَايَةٌ وَ بَلاَغٌ، فَتَأَمَّلُوا رَحِمَكُمُ اَللَّهُ مَا نَدَبَكُمُ اَللَّهُ إِلَيْهِ وَ حَثَّكُمْ عَلَيْهِ، وَ اِقْصِدُوا شَرْعَهُ، وَ اُسْلُكُوا نَهْجَهُ، وَ لاَ تَتَّبِعُوا اَلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ.

إِنَّ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمُ اَلشَّأْنِ، فِيهِ وَقَعَ اَلْفَرَجُ، وَ رُفِعَتِ اَلدَّرَجُ، وَ وَضَحَتِ اَلْحُجَجُ، وَ هُوَ يَوْمُ اَلْإِيضَاحِ وَ اَلْإِفْصَاحِ عَنِ اَلْمَقَامِ اَلصِّرَاحِ، وَ يَوْمُ كَمَالِ اَلدِّينِ، وَ يَوْمُ اَلْعَهْدِ اَلْمَعْهُودِ، وَ يَوْمُ اَلشَّاهِدِ وَ اَلْمَشْهُودِ، وَ يَوْمُ تِبْيَانِ اَلْعُقُودِ عَنِ اَلنِّفَاقِ وَ اَلْجُحُودِ، وَ يَوْمُ اَلْبَيَانِ عَنْ حَقَائِقِ اَلْإِيمَانِ، وَ يَوْمُ دَحْرِ اَلشَّيْطَانِ، وَ يَوْمُ اَلْبُرْهَانِ. هَذَا يَوْمُ اَلْفَصْلِ اَلَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُوعَدُونَ، هَذَا يَوْمُ اَلْمَلَإِ اَلْأَعْلَى اَلَّذِي أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، هَذَا يَوْمُ اَلْإِرْشَادِ، وَ يَوْمُ مِحْنَةِ اَلْعِبَادِ، وَ يَوْمُ اَلدَّلِيلِ عَلَى اَلرُّوَّادِ. هَذَا يَوْمُ إِبْدَاءِ خَفَايَا اَلصُّدُورِ وَ مُضْمَرَاتِ اَلْأُمُورِ، هَذَا يَوْمُ اَلنُّصُوصِ عَلَى أَهْلِ اَلْخُصُوصِ، هَذَا يَوْمُ شَيْثٍ، هَذَا

ص: 157


1- في مصباح المتهجّد: فأعز معزّ.

يَوْمُ إِدْرِيسَ، هَذَا يَوْمُ يُوشَعَ، هَذَا يَوْمُ شَمْعُونَ، هَذَا يَوْمُ اَلْأَمْنِ وَ اَلْمَأْمُونِ، هَذَا يَوْمُ إِظْهَارِ اَلْمَصُونِ مِنَ اَلْمَكْنُونِ، هَذَا يَوْمُ بَلْوَى اَلسَّرَائِرِ.

(فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ هَذَا يَوْمُ هَذَا يَوْمُ).

فَرَاقِبُوا اَللَّهَ وَ اِتَّقُوهُ، وَ اِسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوهُ، وَ اِحْذَرُوا اَلْمَكْرَ وَ لاَ تُخَادِعُوهُ، وَ فَتِّشُوا ضَمَائِرَكُمْ وَ لاَ تُوَازِنُوهُ، وَ تَقَرَّبُوا إِلَى اَللَّهِ بِتَوْحِيدِهِ وَ طَاعَةِ مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُطِيعُوهُ، وَ لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ اَلْكَوَافِرِ، وَ لاَ يَجْنَحْ بِكُمُ اَلْغَيُّ فَتَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ بِاتِّبَاعِ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ ضَلُّوا وَ أَضَلُّوا.

قَالَ اَللَّهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ فِي طَائِفَةٍ ذَكَرَهُمْ بِالذَّمِّ فِي كِتَابِهِ إِنّٰا أَطَعْنٰا سٰادَتَنٰا وَ كُبَرٰاءَنٰا فَأَضَلُّونَا اَلسَّبِيلاَ * رَبَّنٰا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ اَلْعَذٰابِ وَ اِلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (1) وَ قَالَ تَعَالَى وَ إِذْ يَتَحٰاجُّونَ فِي اَلنّٰارِ (2). فَقٰالَ اَلضُّعَفٰاءُ لِلَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا إِنّٰا كُنّٰا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّٰا مِنْ عَذٰابِ اَللّٰهِ مِنْ شَيْ ءٍ قٰالُوا لَوْ هَدٰانَا اَللّٰهُ لَهَدَيْنٰاكُمْ (3).

أَ فَتَدْرُونَ اَلاِسْتِكْبَارَ مَا هُوَ؟ هُوَ تَرْكُ اَلطَّاعَةِ لِمَنْ أُمِرُوا بِطَاعَتِهِ، وَ اَلتَّرَفُّعُ عَلَى مَنْ نُدِبُوا إِلَى مُتَابَعَتِهِ، وَ اَلْقُرْآنُ يَنْطِقُ مِنْ هَذَا عَنْ كَثِيرٍ، إِنْ تَدَبَّرَهُ مُتَدَبِّرٌ زَجَرَهُ وَ وَعَظَهُ.

وَ اِعْلَمُوا أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ: إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ (4).

أَ تَدْرُونَ مَا سَبِيلُ اَللَّهِ وَ مَنْ سَبِيلُهُ؟ وَ مَنْ صِرَاطُ اَللَّهِ وَ مَنْ طَرِيقُهُ؟

ص: 158


1- سورة الاحزاب 67:33-68.
2- سورة غافر 47:40.
3- سورة ابراهيم 21:14.
4- سورة الصّفّ 4:61.

أَنَا صِرَاطُ اَللَّهِ اَلَّذِي مَنْ لَمْ يَسْلُكْهُ بِطَاعَةِ اَللَّهِ فِيهِ هَوَى بِهِ إِلَى اَلنَّارِ، وَ أَنَا سَبِيلُهُ اَلَّذِي نَصَبَنِي لِلاِتِّبَاعِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَنَا قَسِيمُ اَلنَّارِ، أَنَا حُجَّتُهُ عَلَى اَلْفُجَّارِ، أَنَا نُورُ اَلْأَنْوَارِ، فَانْتَبِهُوا مِنْ رَقْدَةِ اَلْغَفْلَةِ، وَ بَادِرُوا بِالْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ اَلْأَجَلِ، وَ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ بِالسُّورِ بِبَاطِنِ اَلرَّحْمَةِ وَ ظَاهِرِ اَلْعَذَابِ، فَتُنَادُونَ فَلاَ يُسْمَعُ نِدَاؤُكُمْ، وَ تَضِجُّونَ فَلاَ يُحْفَلُ بِضَجِيجِكُمْ، وَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَغِيثُوا فَلاَ تُغَاثُوا.

سَارِعُوا إِلَى اَلطَّاعَاتِ قَبْلَ فَوْتِ اَلْأَوْقَاتِ، فَكَأَنْ قَدْ جَاءَكُمْ هَادِمُ اَللَّذَّاتِ فَلاَ مَنَاصَ نَجَاءٍ، وَ لاَ مَحِيصَ تَخْلِيصٍ.

عُودُوا - رَحِمَكُمُ اَللَّهُ - بَعْدَ اَلْقَضَاءِ مَجْمَعَكُمْ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى عِيَالِكُمْ، وَ اَلْبِرِّ بِإِخْوَانِكُمْ، وَ اَلشُّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَا مَنَحَكُمْ، وَ اِجْتَمِعُوا يَجْمَعِ اَللَّهُ شَمْلَكُمْ، وَ تَبَارُّوا يَصِلِ اَللَّهُ أُلْفَتَكُمْ، وَ تَهَانُّوا نِعْمَةَ اَللَّهِ كَمَا هَنَّاكُمْ بِالثَّوَابِ فِيهِ عَلَى أَضْعَافِ اَلْأَعْيَادِ قَبْلَهُ وَ بَعْدَهُ إِلاَّ فِي مِثْلِهِ، وَ اَلْبِرُّ فِيهِ يُثْمِرَ اَلْمَالَ، وَ يَزِيدُ فِي اَلْعُمُرِ، وَ اَلتَّعَاطُفُ فِيهِ يَقْتَضِي رَحْمَةَ اَللَّهِ وَ عَطْفَهُ. وَ هَبُوا لِإِخْوَانِكُمْ وَ عِيَالِكُمْ عَنْ فَضْلِهِ بِالْجُهْدِ مِنْ جُودِكُمْ، وَ بِمَا تَنَالُهُ اَلْقُدْرَةُ مِنِ اِسْتِطَاعَتِكُمْ. وَ أَظْهِرُوا بِالْبُشْرِ فِيمَا بَيْنَكُمْ، وَ اَلسُّرُورِ فِي مُلاَقَاتِكُمْ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا مَنَحَكُمْ. وَ عُودُوا بِالْمَزِيدِ مِنَ اَلْخَيْرِ عَلَى أَهْلِ اَلتَّأْمِيلِ لَكُمْ، وَ سَاوُوا بِكُمْ ضُعَفَاءَكُمْ فِي مَأْكَلِكُمْ وَ مَا تَنَالُهُ اَلْقُدْرَةُ مِنِ اِسْتِطَاعَتِكُمْ عَلَى حَسَبِ إِمْكَانِكُمْ، فَالدِّرْهَمُ فِيهِ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ اَلْمَزِيدُ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ صَوْمُ هَذَا اَلْيَوْمِ مِمَّا نَدَبَ اَللَّهُ إِلَيْهِ وَ جَعَلَ اَلْجَزَاءَ اَلْعَظِيمَ كَفَالَةً عَنْهُ، حَتَّى لَوْ تَعَبَّدَ لَهُ عَبْدٌ مِنَ اَلْعَبِيدِ فِي اَلشَّبِيبَةِ مِنِ اِبْتِدَاءِ اَلدُّنْيَا إِلَى اِنْقِضَائِهَا، صَائِماً نَهَارَهَا، قَائِماً لَيْلَهَا، إِذَا أَخْلَصَ اَلْمُخْلِصُ فِي صَوْمِهِ، لَقَصُرَتْ إِلَيْهِ أَيَّامُ اَلدُّنْيَا عَنْ كِفَايَةٍ.

وَ مَنْ أَسْعَفَ أَخَاهُ مُبْتَدِئاً، وَ بَرَّهُ رَاغِباً، فَلَهُ كَأَجْرِ مَنْ صَامَ هَذَا اَلْيَوْمَ، وَ قَامَ لَيْلَتَهُ، وَ مَنْ فَطَّرَ مُؤْمِناً فِي لَيْلَتِهِ فَكَأَنَّمَا فَطَّرَ فِئَاماً وَ فِئَاماً - يَعُدُّهَا عَشَرَةً -».

ص: 159

فَنَهَضَ نَاهِضٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، مَا اَلْفِئَامُ؟

قَالَ: «مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ صِدِّيقٍ وَ شَهِيدٍ.

فَكَيْفَ بِمَنْ تَكَفَّلَ عَدَداً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، فَأَنَا ضَمِينُهُ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى اَلْأَمَانَ مِنَ اَلْكُفْرِ وَ اَلْفَقْرِ، وَ مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ أَوْ بَعْدَهُ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ اِرْتِكَابِ كَبِيرَةٍ فَأَجْرُهُ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى، وَ مَنِ اِسْتَدَانَ لِإِخْوَانِهِ وَ أَعَانَهُمْ فَأَنَا اَلضَّامِنُ عَلَى اَللَّهِ إِنْ بَقَّاهُ قَضَاهُ، وَ إِنْ قَبَضَهُ حَمَلَهُ عَنْهُ.

وَ إِذَا تَلاَقَيْتُمْ فَتَصَافَحُوا بِالتَّسْلِيمِ، وَ تَهَانُّوا اَلنِّعْمَةَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ لْيُبَلِّغِ اَلْحَاضِرُ اَلْغَائِبَ، وَ اَلشَّاهِدُ اَلْبَائِنَ، وَ لْيَعُدِ اَلْغَنِيُّ عَلَى اَلْفَقِيرِ، وَ اَلْقَوِيُّ عَلَى اَلضَّعِيفِ، أَمَرَنِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِذَلِكَ».

ثُمَّ أَخَذَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فِي خُطْبَةِ اَلْجُمُعَةِ وَ جَعَلَ صَلاَةَ جُمُعَتِهِ صَلاَةَ عِيدِهِ، وَ اِنْصَرَفَ بِوُلْدِهِ وَ شِيعَتِهِ إِلَى مَنْزِلِ أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ بِمَا أَعَدَّ لَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَ اِنْصَرَفَ غَنِيُّهُمْ وَ فَقِيرُهُمْ بِرِفْدِهِ إِلَى عِيَالِهِ (1).

فَإِذَا أَرَدْتَ زِيَارَتَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ فَاغْتَسِلْ وَ اِلْبَسْ أَطْهَرَ ثِيَابِكَ، فَإِذَا وَصَلْتَ اَلْمَشْهَدَ اَلْمُقَدَّسَ فَقِفْ عَلَى بَابِ اَلْقُبَّةِ اَلْمُقَدَّسَةِ وَ قُلْ:

اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هِدَايَتِهِ [لِدِينِهِ] وَ اَلتَّوْفِيقِ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ سَبِيلِهِ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِجْعَلْ مَقَامِي هَذَا مَقَامَ مَنْ لَطُفْتَ لَهُ بِمَنِّكَ فِي إِيقَاعِ مُرَادِكَ، وَ اِرْتَضَيْتَ لَهُ قُرُبَاتِهِ فِي طَاعَتِكَ وَ أَعْطَيْتَهُ بِدُعَائِهِ مَأْمُولَهُ وَ نِهَايَةَ سُؤْلِهِ، إِنَّكَ سَمِيعُ اَلدُّعَاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَفْضَلُ مَقْصُودٍ وَ أَكْرَمُ مَأْتِيٍّ، وَ قَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ، وَ بِأَخِيهِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تُخَيِّبْ

ص: 160


1- رواه الشّيخ الطّوسيّ في مصباح المتهجّد: 696، و المصنّف في اقبال الاعمال: 461، و الكفعميّ في مصباحه: 695، و نقله المجلسيّ في بحار الانوار 8/112:97.

سَعْيِي، وَ اُنْظُرْ إِلَيَّ نَظْرَةً تَنْعَشُنِي بِهَا، وَ اِجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ.

ثُمَّ اُدْخُلْ وَ قَدِّمْ رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى قَبْلَ اَلْيُسْرَى وَ قُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَ اِرْحَمْنِي.

ثُمَّ اِمْشِ حَتَّى تُحَاذِيَ اَلْقَبْرَ وَ اِسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِكَ وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اَللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ، أَمِينِ اَللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَ عَزَائِمِ أَمْرِهِ، اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِسْتَقْبَلَ وَ اَلْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ وَ خَلِيفَتِهِ وَ اَلْقَائِمِ بِأَمْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ، سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ مِنَ اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلرَّاشِدِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ.

ثُمَّ اِمْشِ حَتَّى تَقِفَ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ اِسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِكَ وَ اِجْعَلِ اَلْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ اَللَّهِ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ عَلَى اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبَأُ اَلْعَظِيمُ اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ وَ عَنْهُ مَسْئُولُونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ اَلْأَكْبَرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْفَارُوقُ اَلْأَعْظَمُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيلَ اَللَّهِ وَ مَوْضِعَ سِرِّهِ وَ عَيْبَةَ عِلْمِهِ وَ خَازِنَ وَحْيِهِ. بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي

ص: 161

يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ يَا حُجَّةَ اَلْخِصَامِ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا بَابَ اَلْمَقَامِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اَللَّهِ وَ خَاصَّةُ اَللَّهِ وَ خَالِصَتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ عَمُودُ اَلدِّينِ وَ وَارِثُ عِلْمِ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ وَ صَاحِبُ اَلْمِيسَمِ وَ اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا حُمِّلْتَ، وَ رَعَيْتَ مَا اُسْتُحْفِظْتَ وَ حَفِظْتَ مَا اُسْتُودِعْتَ، وَ حَلَّلْتَ حَلاَلَ اَللَّهِ، وَ حَرَّمْتَ حَرَامَهُ، وَ أَقَمْتَ أَحْكَامَ اَللَّهِ، وَ لَمْ تَتَعَدَّ حُدُودَ اَللَّهِ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ اِتَّبَعْتَ اَلرَّسُولَ، وَ تَلَوْتَ اَلْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، وَ جُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً، وَ عَنْ دِينِ اَللَّهِ مُجَاهِداً، وَ لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُوقِياً، وَ لِمَا عِنْدَ اَللَّهِ طَالِباً، [وَ] فِي مَا وَعَدَ اَللَّهُ رَاغِباً، وَ مَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً وَ شَاهِداً وَ مَشْهُوداً، فَجَزَاكَ اَللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ.

لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنِ اِفْتَرَى عَلَيْكَ وَ غَصَبَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ بَايَعَ عَلَى قَتْلِكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، أَنَا إِلَى اَللَّهِ مِنْهُمْ بَرَاءٌ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً خَالَفَتْكَ وَ أُمَّةً جَحَدَتْكَ وَ جَحَدَتْ وَلاَيَتَكَ، وَ أُمَّةً تَظَاهَرَتْ عَلَيْكَ، وَ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَ أُمَّةً حَادَتْ عَنْكَ وَ خَذَلَتْكَ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلنَّارَ مَثْوَاهُمْ وَ بِئْسَ اَلْوِرْدُ اَلْمَوْرُودُ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ وَ أَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلْجَوَابِيتَ وَ اَلطَّوَاغِيتَ وَ اَلْفَرَاعِنَةَ وَ اَللاَّتَ وَ اَلْعُزَّى وَ كُلَّ نِدٍّ مُفْتَرٍ يُدْعَى مِنْ دُونِكَ. اَللَّهُمَّ اِلْعَنْهُمْ وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ وَ أَعْوَانَهُمْ وَ أَوْلِيَاءَهُمْ وَ مُحِبِّيهِمْ لَعْناً كَثِيراً لاَ اِنْقِطَاعَ لَهُ وَ لاَ مُنْتَهَى وَ لاَ أَجَلَ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ جَمِيعِ

ص: 162

أَعْدَائِكَ، وَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، وَ تُحَبِّبَ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ، وَ تَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبَعاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ رَأْسِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ وَ اَلْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ، وَ اَلنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ، وَ اَلشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ صَادِقٌ صِدِّيقٌ، عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ. أَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ، وَ أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ وَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلاَغِ وَ اَلْأَدَاءِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اَللَّهِ، وَ أَنَّكَ بَابُ اَللَّهِ، وَ أَنَّكَ وَجْهُ اَللَّهِ اَلَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ، وَ أَنَّكَ سَبِيلُ اَللَّهِ، وَ أَنَّكَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ.

أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَ مَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ بِزِيَارَتِكَ فِي خَلاَصِ نَفْسِي، مُتَعَوِّذاً مِنْ نَارٍ اِسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، أَتَيْتُكَ اِنْقِطَاعاً إِلَيْكَ وَ إِلَى وَلَدِكَ اَلْخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ (1)، فَقَلْبِي لَكُمْ سِلْمٌ وَ أَمْرِي لَكُمْ مُتَّبِعٌ وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ.

أَنَا عَبْدُ اَللَّهِ وَ مَوْلاَكَ فِي طَاعَتِكَ وَ اَلْوَافِدُ إِلَيْكَ، اَلْمُلْتَمِسُ بِذَلِكَ كَمَالَ اَلْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اَللَّهِ، وَ أَنْتَ يَا مَوْلاَيَ مَنْ أَمَرَنِي اَللَّهُ بِصِلَتِهِ، وَ حَثَّنِي عَلَى بِرِّهِ، وَ دَلَّنِي عَلَى فَضْلِهِ، وَ هَدَانِي لِحُبِّهِ، وَ رَغَّبَنِي فِي اَلْوِفَادَةِ إِلَيْهِ، وَ أَلْهَمَنِي طَلَبَ اَلْحَوَائِجِ عِنْدَهُ.

أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ يَسْعَدُ مَنْ تَوَلاَّكُمْ، وَ لاَ يَخِيبُ مَنْ أَتَاكُمْ، وَ لاَ يَسْعَدُ مَنْ عَادَاكُمْ، لاَ أَجِدُ أَحَداً أَفْزَعُ إِلَيْهِ خَيْراً لِي مِنْكُمْ، أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتِ اَلرَّحْمَةِ، وَ دَعَائِمُ اَلدِّينِ، وَ أَرْكَانُ اَلْأَرْضِ، وَ اَلشَّجَرَةُ اَلطَّيِّبَةُ.

ص: 163


1- في نسخة «ه»: على الحقّ.

اَللَّهُمَّ لاَ تُخَيِّبْ تَوَجُّهِي إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ وَ آلِ رَسُولِكَ وَ اِسْتِشْفَاعِي بِهِمْ إِلَيْكَ.

اَللَّهُمَّ أَنْتَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيَارَةِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ وَلاَيَتِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْصُرُهُ وَ يَنْتَصِرُ بِهِ وَ مُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِكَ لِدِينِكَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَحْيَا عَلَى مَا حَيِيَ عَلَيْهِ مَوْلاَيَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ أَمُوتُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قَبِّلْهُ وَ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ اَلْأَيْسَرَ، ثُمَّ مِلْ إِلَى اَلْقِبْلَةِ فَتَوَجَّهْ إِلَيْهَا وَ أَنْتَ فِي مَقَامِكَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ: تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى (فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ) وَ (سُورَةَ اَلرَّحْمَنِ)، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ (فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ) وَ (سُورَةَ يس)، ثُمَّ تَتَشَهَّدُ وَ تُسَلِّمُ، فَإِذَا سَلَّمْتَ فَسَبِّحْ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ، وَ اِسْتَغْفِرْ وَ اُدْعُ، ثُمَّ اُسْجُدْ لِلَّهِ شُكْراً وَ قُلْ فِي سُجُودِكَ:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَ بِكَ اِعْتَصَمْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اَللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَ رَجَائِي فَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي وَ مَا لاَ يُهِمُّنِي وَ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، عَزَّ جَارُكَ وَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ قَرِّبْ فَرَجَهُمْ.

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: اِرْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَ وَحْشَتِي مِنَ اَلنَّاسِ وَ أُنْسِي بِكَ، يَا كَرِيمُ، يَا كَرِيمُ، يَا كَرِيمُ.

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْسَرَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبِّي حَقّاً حَقّاً، سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّداً وَ رِقّاً، اَللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي، يَا كَرِيمُ، يَا كَرِيمُ، يَا كَرِيمُ.

ثُمَّ عُدْ إِلَى اَلسُّجُودِ وَ قُلْ: شُكْراً شُكْراً (مِائَةَ مَرَّةٍ).

ثُمَّ قُمْ فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِيهَا مِثْلَ مَا قَرَأْتَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ، وَ يُجْزِئُكَ أَنْ تَقْرَأَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) وَ (سُورَةَ اَلْإِخْلاَصِ)، تُهْدِي رَكْعَتَيْنِ إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ

ص: 164

وَ رَكْعَتَيْنِ إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ تَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ لِذَنْبِكَ وَ تَدْعُو بِمَا بَدَا لَكَ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ اَلرِّجْلَيْنِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ وَ أَوَّلُ مَغْصُوبٍ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَ اِحْتَسَبْتَ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ اَللَّهَ وَ أَنْتَ شَهِيدٌ، عَذَّبَ اَللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ اَلْعَذَابِ، جِئْتُكَ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، أَلْقَى اَللَّهَ عَلَى ذَلِكَ رَبِّي إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى، وَ لِي ذُنُوبٌ كَثِيرَةٌ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ مَقَاماً مَعْلُوماً وَ جَاهاً وَاسِعاً، وَ شَفَاعَةً، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ اِرْتَضىٰ وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (1) صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ صَلاَةً لاَ يُحْصِيهَا إِلاَّ هُوَ، وَ عَلَيْكُمْ أَفْضَلُ اَلسَّلاَمِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

وَ اُدْعُ بِمَا شِئْتَ.

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقِفْ عَلَى اَلْقَبْرِ كَوُقُوفِكَ فِي أَوَّلِ اَلزِّيَارَةِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرُّسُلِ وَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ وَ دَلَّتْ عَلَيْهِ، اَللَّهُمَّ فَاكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ فِي مَمَاتِي عَلَى مَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِي، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمُ اَلْأَئِمَّةُ اَلرَّاشِدُونَ، وَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّكَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ وَصِيُّ رَسُولِ اَللَّهِ وَ اَلْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ، وَ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ وَ عَلِيٌّ وَ مُحَمَّدٌ وَ جَعْفَرٌ وَ مُوسَى وَ عَلِيٌّ وَ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ وَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُجَّةُ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ قَتَلَكُمْ وَ حَارَبَكُمْ مُشْرِكُونَ، وَ مَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ فِي أَسْفَلِ

ص: 165


1- سورة الانبياء 28:21.

دَرْكِ اَلْجَحِيمِ، أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ حَارَبَكُمْ لَنَا أَعْدَاءٌ وَ نَحْنُ مِنْهُمْ بِرَاءٌ وَ أَنَّهُمْ حِزْبُ اَلشَّيْطَانِ، وَ عَلَى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اَللَّهِ وَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ اَلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَ مَنْ شَرِكَ فِيهِ وَ مَنْ سَرَّهُ قَتْلُكُمْ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ - بَعْدَ اَلصَّلاَةِ وَ اَلتَّسْلِيمِ - أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ جَعْفَرٍ وَ مُوسَى وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُجَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاحْشُرْنِي مَعَ أَئِمَّةِ اَلْمُسْلِمِينَ، اَللَّهُمَّ وَ ذَلِّلْ قُلُوبَنَا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَ اَلْمُنَاصَحَةِ وَ اَلْمَحَبَّةِ، وَ حُسْنِ اَلْمُؤَازَرَةِ وَ اَلتَّسْلِيمِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1).

و في هذه الزيارة لفظ مشابه لزيارة الحسين عليه السّلام، و إنّما أثبتناه على ما وجدناه، و إن شئت فزره في هذا اليوم بالزيارة الثانية من الفصل الثامن عشر من هذا الكتاب، فإنّ زين العابدين عليه السّلام زاره بها في هذا اليوم، و هي مؤكدة فيه، و صالحة لسائر الأيام، و لزيارة كلّ إمام.

ص: 166


1- كامل الزيارات: 46.

ذكر العمل في يوم الغدير

و هو زائد على ما قدمناه في هذا اليوم الشريف

رَوَى دَاوُدُ بْنُ كَثِيرٍ اَلرَّقِّيُّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ عَمَّارِ بْنِ (جَرِيرٍ)(1) اَلْعَبْدِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي اَلْحِجَّةِ، فَوَجَدْتُهُ صَائِماً، فَقَالَ لِي: «هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ عَظَّمَ اَللَّهُ حُرْمَتَهُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَكْمَلَ لَهُمْ فِيهِ اَلدِّينَ، وَ تَمَّمَ عَلَيْهِمُ اَلنِّعْمَةَ، وَ جَدَّدَ لَهُمْ مَا أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلْعَهْدِ وَ اَلْمِيثَاقِ».

فَقِيلَ لَهُ: مَا ثَوَابُ صَوْمِ هَذَا اَلْيَوْمِ؟

قَالَ: «إِنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ وَ فَرَحٍ وَ سُرُورٍ، وَ يَوْمُ صَوْمٍ شُكْراً لِلَّهِ، وَ إِنَّ صَوْمَهُ يَعْدِلُ سِتِّينَ شَهْراً مِنْ أَشْهُرِ اَلْحُرُمِ».

و يستحب مع صومه أن يغتسل الإنسان فيه، و إذا بقي للزوال نصف ساعة فصلّ ركعتين تقرأ في كل ركعة منهما (فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ) مرة واحدة، و (قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ) عشر مرات، و (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) عشر مرات، و (آية الكرسي) عشر مرات، فإذا سلّمت عقّبت بعدها بما ورد من تسبيح الزهراء عليهاالسّلام، و غير ذلك من الدعاء، ثُمَّ تَقُولُ:

رَبَّنٰا إِنَّنٰا سَمِعْنٰا مُنٰادِياً يُنٰادِي لِلْإِيمٰانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّٰا رَبَّنٰا فَاغْفِرْ لَنٰا ذُنُوبَنٰا وَ كَفِّرْ عَنّٰا سَيِّئٰاتِنٰا وَ تَوَفَّنٰا مَعَ اَلْأَبْرٰارِ * رَبَّنٰا وَ آتِنٰا مٰا وَعَدْتَنٰا عَلىٰ رُسُلِكَ وَ لاٰ تُخْزِنٰا يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ إِنَّكَ لاٰ تُخْلِفُ اَلْمِيعٰادَ (2) . اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ كَفَى بِكَ شَهِيداً، وَ أُشْهِدُ مَلاَئِكَتَكَ وَ أَنْبِيَاءَكَ وَ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَ سُكَّانَ سَمَاوَاتِكَ وَ أَرْضِكَ،

ص: 167


1- في نسخة «ه»: حريز، و لم نعثر له على ترجمة في كتب الرّجال.
2- آل عمران 193:3-194.

بِأَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ اَلْمَعْبُودُ وَ لاَ يُعْبَدُ سِوَاكَ، فَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ اَلظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدُكَ وَ مَوْلاَنَا.

رَبَّنَا سَمِعْنَا وَ أَجَبْنَا وَ صَدَّقْنَا اَلْمُنَادِيَ رَسُولَكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، إِذْ نَادَى بِنِدَاءٍ عَنْكَ، بِالَّذِي أَمَرْتَهُ أَنْ يُبَلِّغَ مَا أَنْزَلْتَ إِلَيْهِ مِنْ وَلاَيَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ، وَ حَذَّرْتَهُ وَ أَنْذَرْتَهُ إِنْ لَمْ يُبَلِّغْ مَا أَمَرْتَهُ أَنْ تَسْخَطَ عَلَيْهِ، وَ لَمَّا بَلَّغَ رِسَالاَتِكَ عَصَمْتَهُ مِنَ اَلنَّاسِ، فَنَادَى مُبَلِّغاً عَنْكَ: أَلاَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، وَ مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ، وَ مَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ.

رَبَّنَا قَدْ أَجَبْنَا دَاعِيَكَ اَلنَّذِيرَ مُحَمَّداً عَبْدَكَ وَ رَسُولَكَ إِلَى اَلْهَادِي اَلْمَهْدِيِّ عَبْدِكَ اَلَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَ جَعَلْتَهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلِيّاً أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَوْلاَهُمْ وَ وَلِيَّهُمْ.

رَبَّنَا وَ اِتَّبَعْنَا مَوْلاَنَا وَ وَلِيَّنَا وَ هَادِيَنَا وَ دَاعِيَنَا وَ دَاعِيَ اَلْأَنَامِ وَ صِرَاطَكَ اَلْمُسْتَقِيمَ وَ حُجَّتَكَ اَلْبَيْضَاءَ، وَ سَبِيلَكَ اَلدَّاعِيَ إِلَيْكَ عَلَى بَصِيرَةٍ هُوَ وَ مَنِ اِتَّبَعَهُ، وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ اَلْإِمَامُ اَلْهَادِي اَلرَّشِيدُ، أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلَّذِي ذَكَرْتَهُ فِي كِتَابِكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ اَلْكِتٰابِ لَدَيْنٰا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (1) اَللَّهُمَّ فَإِنَّا نَشْهَدُ بِأَنَّهُ عَبْدُكَ وَ اَلْهَادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ، اَلنَّذِيرُ اَلْمُنْذِرُ، وَ صِرَاطُكَ اَلْمُسْتَقِيمُ، وَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ قَائِدُ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ، وَ حُجَّتُكَ اَلْبَالِغَةُ، وَ لِسَانُكَ اَلْمُعَبِّرُ عَنْكَ فِي خَلْقِكَ، وَ أَنَّهُ اَلْقَائِمُ بِالْقِسْطِ فِي بَرِيَّتِكَ، وَ دَيَّانُ دِينِكَ، وَ خَازِنُ عِلْمِكَ، وَ أَمِينُكَ اَلْمَأْمُونُ، اَلْمَأْخُوذُ مِيثَاقُهُ وَ مِيثَاقُ رَسُولِكَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ بَرِيَّتِكَ. شَاهِداً بِالْإِخْلاَصِ

ص: 168


1- سورة الزّخرف 4:43.

لَكَ، وَ اَلْوَحْدَانِيَّةِ بِأَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ، وَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (اَلَّذِي جَعَلْتَهُ وَلِيَّكَ، وَ اَلْإِخْلاَصُ لَهُ وَ اَلْإِقْرَارُ)(1) بِوَلاَيَتِهِ تَمَامُ وَحْدَانِيَّتِكَ، وَ كَمَالُ دِينِكَ، وَ تَمَامُ نِعْمَتِكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ بَرِيَّتِكَ، فَقُلْتَ - وَ قَوْلُكَ اَلْحَقُّ - اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلاٰمَ دِيناً (2).

فَلَكَ اَلْحَمْدُ بمولاتة [بِمُوَالاَتِهِ] وَ إِتْمَامِ نِعْمَتِكَ عَلَيْنَا بِالَّذِي جَدَّدْتَ مِنْ عَهْدِكَ وَ مِيثَاقِكَ، وَ ذَكَّرْتَنَا ذَلِكَ وَ جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ اَلْإِجَابَةِ وَ اَلْإِخْلاَصِ وَ اَلتَّصْدِيقِ بِمِيثَاقِكَ، وَ مِنْ أَهْلِ اَلْوَفَاءِ بِذَلِكَ، وَ لَمْ تَجْعَلْنَا مِنْ أَتْبَاعِ اَلْمُغَيِّرِينَ وَ اَلْمُبَدِّلِينَ وَ اَلْمُنْحَرِفِينَ وَ اَلْمُبَتِّكِينَ آذَانَ اَلْأَنْعَامِ وَ اَلْمُغَيِّرِينَ خَلْقَ اَللَّهِ، وَ مِنَ اَلَّذِينَ اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ اَلشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اَللَّهِ وَ صَدَّهُمْ عَنِ اَلسَّبِيلِ وَ اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلْجَاحِدِينَ وَ اَلنَّاكِثِينَ وَ اَلْمُغَيِّرِينَ وَ اَلْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ اَلدِّينِ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، اَللَّهُمَّ فَلَكَ اَلْحَمْدُ عَلَى إِنْعَامِكَ عَلَيْنَا بِالْهُدَى اَلَّذِي هَدَيْتَنَا بِهِ إِلَى وُلاَةِ أَمْرِكَ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ، اَلْأَئِمَّةِ اَلْهُدَاةِ اَلرَّاشِدِينَ (اَلَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِكَ، وَ أَتْبَاعَ اَلْهُدَى مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ اَلنَّذِيرِ اَلْمُنْذِرِ)(3)، وَ أَعْلاَمَ اَلْهُدَى، وَ مَنَارَ اَلْقُلُوبِ وَ اَلتَّقْوَى وَ اَلْعُرْوَةَ اَلْوُثْقَى، وَ كَمَالَ دِينِكَ وَ تَمَامَ نِعْمَتِكَ، وَ مَنْ بِهِمْ وَ بِمُوَالاَتِهِمْ رَضِيتَ لَنَا اَلْإِسْلاَمَ دَيْناً.

رَبَّنَا فَلَكَ اَلْحَمْدُ آمَنَّا وَ صَدَّقْنَا بِمَنِّكَ عَلَيْنَا بِالرَّسُولِ اَلنَّذِيرِ اَلْمُنْذِرِ، وَالَيْنَا وَلِيَّهُمْ، وَ عَادَيْنَا عَدُوَّهُمْ، وَ بَرَأْنَا مِنَ اَلْجَاحِدِينَ وَ اَلْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ اَلدِّينِ.

ص: 169


1- في نسخة «ع»: جعلته و الاخلاص.
2- سورة المائدة 3:5.
3- لم تردّ في نسخة «ه».

اَللَّهُمَّ وَ كَمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِكَ يَا صَادِقَ اَلْوَعْدِ، يَا مَنْ لاَ يُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ، يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنِ، إِذْ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ بِمُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ، اَلْمَسْئُولِ عَنْهُمْ عِبَادُكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (1) وَ قُلْتَ - وَ قَوْلُكَ اَلْحَقُّ - وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (2) وَ مَنَنْتَ عَلَيْنَا بِشَهَادَةِ اَلْإِخْلاَصِ، وَ بِوَلاَيَةِ أَوْلِيَائِكَ اَلْهُدَاةِ بَعْدَ نَبِيِّكَ اَلنَّذِيرِ اَلْمُنْذِرِ وَ اَلسِّرَاجِ اَلْمُنِيرِ، وَ أَكْمَلْتَ لَنَا بِهِمُ اَلدِّينَ، وَ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا اَلنِّعْمَةَ، وَ جَدَّدْتَ لَنَا عَهْدَكَ، وَ ذَكَّرْتَنَا مِيثَاقَكَ اَلْمَأْخُوذَ مِنَّا فِي اِبْتِدَاءِ خَلْقِكَ إِيَّانَا، وَ جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ اَلْإِجَابَةِ، وَ لَمْ تُنْسِنَا ذِكْرَكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ شَهِدْنٰا (3) بِمَنِّكَ وَ لُطْفِكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبُّنَا، وَ مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ نَبِيُّنَا، وَ عَلِيٌّ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدُكَ اَلَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا، وَ جَعَلْتَهُ آيَةً لِنَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ آيَتُكَ اَلْكُبْرَى، وَ اَلنَّبَأُ اَلْعَظِيمُ اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ وَ عَنْهُ مَسْئُولُونَ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا بِالْهِدَايَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهِمْ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُبَارِكَ لَنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا اَلَّذِي أَكْرَمْتَنَا بِهِ، وَ ذَكَّرْتَنَا فِيهِ عَهْدَكَ وَ مِيثَاقَكَ، وَ أَكْمَلْتَ دِينَنَا وَ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ، وَ جَعَلْتَنَا بِمَنِّكَ مِنْ أَهْلِ اَلْإِجَابَةِ وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ أَوْلِيَائِكَ اَلْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ اَلدِّينِ.

فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ تَمَامَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا، وَ أَنْ تَجْعَلَنَا مِنَ اَلْمُوفِينَ، وَ لاَ تُلْحِقَنَا بِالْمُكَذِّبِينَ، وَ اِجْعَلْ لَنَا قَدَمَ صِدْقٍ مَعَ اَلْمُتَّقِينَ، وَ اِجْعَلْ لَنَا مَعَ اَلْمُتَّقِينَ إِمَاماً يَوْمَ تَدْعُو

ص: 170


1- سورة التّكاثر 8:102.
2- سورة الصّافّات 24:37.
3- سورة الاعراف 72:7.

كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ، وَ اُحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ اَلْأَئِمَّةِ اَلصَّادِقِينَ، وَ اِجْعَلْنَا مِنَ اَلْبُرَآءِ (1) مِنَ اَلَّذِينَ هُمْ دُعَاةٌ إِلَى اَلنَّارِ وَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ اَلْمَقْبُوحِينَ، وَ أَحْيِنَا عَلَى ذَلِكَ مَا أَحْيَيْتَنَا، وَ اِجْعَلْ لَنَا مَعَ اَلرَّسُولِ سَبِيلاً، وَ اِجْعَلْ لَنَا قَدَمَ صِدْقٍ فِي اَلْهِجْرَةِ إِلَيْهِمْ.

وَ اِجْعَلْ مَحْيَانَا خَيْرَ محيا [اَلْمَحْيَا]، وَ مَمَاتَنَا خَيْرَ اَلْمَمَاتِ، وَ مُنْقَلَبَنَا خَيْرَ اَلْمُنْقَلَبِ عَلَى مُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ وَ مُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ، حَتَّى تَوَفَّانَا وَ أَنْتَ عَنَّا رَاضٍ، قَدْ أَوْجَبْتَ لَنَا جَنَّتَكَ بِرَحْمَتِكَ وَ اَلْمَثْوَى مِنْ جِوَارِكَ فِي دَارِ اَلْمُقَامَةِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ. رَبَّنٰا فَاغْفِرْ لَنٰا ذُنُوبَنٰا وَ كَفِّرْ عَنّٰا سَيِّئٰاتِنٰا وَ تَوَفَّنٰا مَعَ اَلْأَبْرٰارِ * رَبَّنٰا وَ آتِنٰا مٰا وَعَدْتَنٰا عَلىٰ رُسُلِكَ وَ لاٰ تُخْزِنٰا يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ إِنَّكَ لاٰ تُخْلِفُ اَلْمِيعٰادَ (2).

اَللَّهُمَّ وَ اُحْشُرْنَا مَعَ اَلْأَئِمَّةِ اَلْهُدَاةِ مِنْ آلِ رَسُولِكَ، نُؤْمِنُ بِسِرِّهِمْ وَ عَلاَنِيَتِهِمْ، وَ شَاهِدِهِمْ وَ غَائِبِهِمْ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ، وَ بِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ بِهِ عَلَى اَلنَّاسِ جَمِيعاً، أَنْ تُبَارِكَ لَنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا اَلَّذِي أَكْرَمْتَنَا فِيهِ بِالْمُوَافَاةِ (3)بِعَهْدِكَ اَلَّذِي عَهِدْتَهُ إِلَيْنَا، وَ بِالْمِيثَاقِ اَلَّذِي وَاثَقْتَنَا بِهِ مِنْ مُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ، وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ، وَ أَنْ تُتَمِّمَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ وَ لاَ تَجْعَلْهُ مُسْتَوْدَعاً وَ اِجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً وَ لاَ تَسْلُبْنَاهُ أَبَداً وَ لاَ تَجْعَلْهُ مُسْتَعَاراً وَ اُرْزُقْنَا مُرَافَقَةَ أَوْلِيَائِكَ فِي زُمْرَةِ وَلِيِّكَ اَلْهَادِي اَلْمَهْدِيِّ إِلَى اَلْهُدَى، وَ تَحْتَ لِوَائِهِ وَ فِي زُمْرَتِهِ شُهَدَاءَ صَادِقِينَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ دِينِكَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(4).

ص: 171


1- اي اجعلنا من الذين يتبرون من دعاة النار.
2- آل عمران 193:3-194.
3- في نسخة «ه»: بالموالاة.
4- نقله المجلسي في بحار الأنوار 2/307:98.

وَ تَدْعُو أَيْضاً بِمَا ذَكَرَهُ اَلشَّيْخُ اَلْمُفِيدُ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، فَتَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَ عَلِيٍّ وَلِيِّكَ، وَ بِالشَّأْنِ وَ اَلْقُدْرَةِ اَللَّذَيْنِ خَصَصْتَهُمَا بِهِ دُونَ خَلْقِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمَا وَ عَلَى ذُرِّيَتِهِمَا، وَ أَنْ تَبْدَأَ بِهِمَا فِي كُلِّ خَيْرٍ عَاجِلٍ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اَلْأَئِمَّةِ اَلْقَادَةِ وَ اَلدُّعَاةِ اَلسَّادَةِ، وَ اَلنُّجُومِ اَلزَّاهِرَةِ وَ اَلْأَعْلاَمِ اَلْبَاهِرَةِ، وَ سَاسَةِ اَلْعِبَادِ وَ أَرْكَانِ اَلْبِلاَدِ، وَ اَلنَّاقَةِ اَلْمُرْسَلَةِ، وَ اَلسَّفِينَةِ اَلنَّاجِيَةِ اَلْجَارِيَةِ فِي اَللُّجَجِ اَلْغَامِرَةِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ خُزَّانِ عِلْمِكَ، وَ أَرْكَانِ تَوْحِيدِكَ، وَ دَعَائِمِ دِينِكَ، وَ مَعَادِنِ كَرَامَتِكَ، وَ صَفْوَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، اَلْأَنْبِيَاءِ اَلْأَتْقِيَاءِ، وَ اَلنُّجَبَاءِ اَلْأَبْرَارِ، وَ اَلْبَابِ اَلْمُبْتَلَى بِهِ اَلنَّاسُ، مَنْ أَتَاهُ نَجَا وَ مَنْ أَبَاهُ هَوًى.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَهْلِ اَلذِّكْرِ اَلَّذِينَ أَمَرْتَ (بِمَسْأَلَتِهِمْ)(1)، وَ ذَوِي اَلْقُرْبَى اَلَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ وَ فَرَضْتَ حَقَّهُمْ، وَ جَعَلْتَ اَلْجَنَّةَ مُعَادَ مَنِ اِقْتَصَّ آثَارَهُمْ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا أُمِرُوا بِطَاعَتِكَ وَ نُهُوا عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَ دَلُّوا عِبَادَكَ عَلَى وَحْدَانِيَّتِكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ (وَ نَجِيبِكَ)(2)، وَ صَفْوَتِكَ وَ أَمِينِكَ، وَ رَسُولِكَ إِلَى خَلْقِكَ. وَ بِحَقِّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ يَعْسُوبِ اَلدِّينِ، وَ قَائِدِ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ، اَلْوَصِيِّ اَلْوَفِيِّ، وَ اَلصِّدِّيقِ اَلْأَكْبَرِ، وَ اَلْفَارُوقِ بَيْنَ اَلْحَقِّ وَ اَلْبَاطِلِ، وَ اَلشَّاهِدِ لَكَ، وَ اَلدَّالِّ عَلَيْكَ، وَ اَلصَّادِعِ بِأَمْرِكَ، وَ اَلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِكَ، اَلَّذِي لَمْ تَأْخُذْهُ فِيكَ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي هَذَا اَلْيَوْمِ - اَلَّذِي عَقَدْتَ فِيهِ

ص: 172


1- في نسخة «ه»: بموالاتهم.
2- في نسخة «ه»: و نجيّك.

لِوَلِيِّكَ اَلْعَهْدَ فِي أَعْنَاقِ خَلْقِكَ، وَ أَكْمَلْتَ لَهُمُ اَلدِّينَ، مِنَ اَلْعَارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ، وَ اَلْمُقِرِّينَ بِفَضْلِهِ - مِنْ عُتَقَائِكَ وَ طُلَقَائِكَ مِنَ اَلنَّارِ، وَ لاَ تُشْمِتْ بِي حَاسِدِي اَلنِّعَمِ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا جَعَلْتَهُ عِيدَكَ اَلْأَكْبَرَ، وَ سَمَّيْتَهُ فِي اَلسَّمَاءِ يَوْمَ اَلْعَهْدِ اَلْمَعْهُودِ، وَ فِي اَلْأَرْضِ يَوْمَ اَلْمِيثَاقِ اَلْمَأْخُوذِ وَ اَلْجَمْعِ اَلْمَسْئُولِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَقِرَّ بِهِ عُيُونَنَا، وَ اِجْمَعْ بِهِ شَمْلَنَا، وَ لاَ تُضِلَّنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَ اِجْعَلْنَا لِأَنْعُمِكَ مِنَ اَلشَّاكِرِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي عَرَّفَنَا فَضْلَ هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ بَصَّرَنَا حُرْمَتَهُ، وَ كَرَّمَنَا بِهِ، وَ شَرَّفَنَا بِمَعْرِفَتِهِ، وَ هَدَانَا بِنُورِهِ.

يَا رَسُولَ اَللَّهِ، يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، عَلَيْكُمَا وَ عَلَى عِتْرَتِكُمَا وَ عَلَى مُحِبِّيكُمَا مِنِّي أَفْضَلُ اَلسَّلاَمِ مَا بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ، وَ بِكُمَا أَتَوَجَّهُ إِلَى اَللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمَا فِي نَجَاحِ طَلِبَتِي، وَ قَضَاءِ حَوَائِجِي، وَ تَيْسِيرِ أُمُورِي.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَلْعَنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّ هَذَا اَلْيَوْمِ وَ أَنْكَرَ حُرْمَتَهُ، وَ صَدَّ عَنْ سَبِيلِكَ لِإِطْفَاءِ نُورِكَ، وَ أَبَى اَللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ.

اَللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ، وَ اِكْشِفْ عَنْهُمْ وَ بِهِمْ عَنِ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْكُرُبَاتِ، اَللَّهُمَّ اِمْلَأِ اَلْأَرْضَ بِهِمْ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً، وَ اِنْجِزْ لَهُمْ مَا وَعَدْتَهُمْ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ(1).

وَ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ اَلْكُتُبِ: أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنَ اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْمَذْكُورَتَيْنِ وَ مَا يَتَعَقَّبُهُمَا مِنَ اَلدُّعَاءِ، يَسْجُدُ وَ يَقُولُ: شُكْراً لِلَّهِ شُكْراً لِلَّهِ (مِائَةَ مَرَّةٍ) ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ اَلسُّجُودِ وَ يَقُولُ:

ص: 173


1- رواها الشّيخ المفيد في المقنعة: 205.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ لَكَ اَلْحَمْدُ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَ لَمْ تُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ. يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنِ، كَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تَفَضَّلْتَ عَلَيَّ وَ جَعَلْتَنِي مِنْ أَهْلِ إِجَابَتِكَ وَ أَهْلِ دِينِكَ وَ أَهْلِ دَعْوَتِكَ، وَ وَفَّقْتَنِي لِذَلِكَ فِي مُبْتَدَأِ خَلْقِي تَفَضُّلاً مِنْكَ وَ كَرَماً، ثُمَّ زِدْتَ اَلْفَضْلَ فَضْلاً، وَ اَلْجُودَ جُوداً، وَ اَلْكَرَمَ كَرَماً، رَأْفَةً مِنْكَ وَ رَحْمَةً، أَنْ جَدَّدْتَ ذَلِكَ اَلْعَهْدَ بَعْدَ تَجْدِيدِكَ وَ أَنَا نَسِيٌّ مَنْسِيٌّ سَاهٍ غَافِلٌ، وَ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ بِأَنْ ذَكَّرْتَنِي ذَلِكَ وَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِهِ وَ هَدَيْتَنِي لَهُ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ أَنْ تُتِمَّ لِي ذَلِكَ وَ لاَ تَسْلُبَنِيهِ حَتَّى تَتَوَفَّانِي عَلَيْهِ وَ أَنْتَ عَنِّي رَاضٍ وَ أَنْتَ أَحَقُّ اَلْمُنْعِمِينَ، وَ أَنْ تُتِمَّ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ.

اَللَّهُمَّ سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا وَ أَجَبْنَا دَاعِيَكَ بِمَنِّكَ فَلَكَ اَلْحَمْدُ، نَسْأَلُكَ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَ إِلَيْكَ اَلْمَصِيرُ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ أَجَبْنَا دَاعِيَ اَللَّهِ، وَ اِتَّبَعْنَا اَلرَّسُولَ بِمُوَالاَةِ مَوْلاَنَا وَ مَوْلَى اَلْمُؤْمِنِينَ، عَبْدِ اَللَّهِ وَ أَخِي رَسُولِهِ، اَلصِّدِّيقِ اَلْأَكْبَرِ وَ حُجَّةِ اَللَّهِ عَلَى بَرِيَّتِهِ، اَلْمُؤَيَّدِ بِدِينِ نَبِيِّهِ وَ دِينِ اَلْحَقِّ اَلْمُبِينِ، عَلَمِ دِينِ اَللَّهِ، وَ خَازِنِ عِلْمِهِ، وَ عَيْبَةِ وَحْيِهِ، وَ مَوْضِعِ سِرِّ اَللَّهِ، وَ أَمِينِ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَ شَاهِدِهِ فِي بَرِيَّتِهِ.

رَبَّنٰا إِنَّنٰا سَمِعْنٰا مُنٰادِياً يُنٰادِي لِلْإِيمٰانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّٰا رَبَّنٰا فَاغْفِرْ لَنٰا ذُنُوبَنٰا وَ كَفِّرْ عَنّٰا سَيِّئٰاتِنٰا وَ تَوَفَّنٰا مَعَ اَلْأَبْرٰارِ * رَبَّنٰا وَ آتِنٰا مٰا وَعَدْتَنٰا عَلىٰ رُسُلِكَ وَ لاٰ تُخْزِنٰا يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ إِنَّكَ لاٰ تُخْلِفُ اَلْمِيعٰادَ (1) فَإِنَّنَا يَا رَبَّنَا بِمَنِّكَ وَ لُطْفِكَ أَجَبْنَا دَاعِيَكَ وَ اِتَّبَعْنَا اَلرَّسُولَ وَ صَدَّقْنَا مَوْلَى اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ كَفَرْنَا بِالْجِبْتِ وَ اَلطَّاغُوتِ، فَوَلِّنَا مَنْ تَوَلَّيْنَا، وَ اُحْشُرْنَا مَعَ أَئِمَّتِنَا، فَإِنَّا بِهِمْ مُؤْمِنُونَ، وَ لَهُمْ مُسَلِّمُونَ،

ص: 174


1- سورة آل عمران 193:3-194.

آمَنَّا بِسِرِّهِمْ وَ عَلاَنِيَتِهِمْ، وَ غَائِبِهِمْ وَ شَاهِدِهِمْ، وَ حَيِّهِمْ وَ مَيِّتِهِمْ، رَضِينَا بِهِمْ أَئِمَّةً وَ سَادَةً، وَ حَسِبْنَاهُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ اَللَّهِ دُونَ خَلْقِهِ، لاَ نَبْتَغِي بِهِمْ بَدَلاً، وَ لاَ نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيجَةً، بَرِئْنَا إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ كُلِّ مَنْ نَصَبَ لَهُمْ حَرْباً مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ مِنْ أَوَّلِ اَلدَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ.

اَللَّهُمَّ اِشْهَدْ أَنَّا نَدِينُ بِمَا دَانَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ، وَ قَوْلُنَا مَا قَالُوا، وَ دِينُنَا مَا دَانُوا، مَا قَالُوا قُلْنَا، [وَ] مَا دَانُوا دِنَّا، وَ مَا أَنْكَرُوا أَنْكَرْنَا، وَ مَنْ وَالَوْا وَالَيْنَا، وَ مَنْ عَادُوا عَادَيْنَا، وَ مَنْ لَعَنُوا لَعَنَّا، وَ مَنْ بَرِئُوا مِنْهُ بَرِئْنَا مِنْهُ، وَ مَنْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ تَرَحَّمْنَا عَلَيْهِ، آمَنَّا وَ سَلَّمْنَا وَ رَضِينَا مَوَالِيَنَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ.

اَللَّهُمَّ فَتَمِّمْ ذَلِكَ لَنَا وَ لاَ تَسْلُبْنَاهُ أَبَداً، وَ اِجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً وَ لاَ تَجْعَلْهُ مُسْتَوْدَعاً، أَحْيِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا عَلَيْهِ، وَ أَمِتْنَا إِذَا أَمَتَّنَا عَلَيْهِ، آلُ مُحَمَّدٍ أَئِمَّتُنَا وَ بِهِمْ نَأْتَمُّ وَ إِيَّاهُمْ نُوَالِي وَ عَدُوَّهُمْ نُعَادِي، وَ اِجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ فَإِنَّا بِذَلِكَ رَاضُونَ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَحْمَدُ اَللَّهَ (مِائَةَ مَرَّةٍ) وَ تَشْكُرُهُ (مِائَةَ مَرَّةٍ) وَ أَنْتَ سَاجِدٌ.

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ دُعَائِكَ فَقُلْ (مِائَةَ مَرَّةٍ): اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِكْمَالِ اَلدِّينِ وَ إِتْمَامِ اَلنِّعْمَةِ وَ رِضَى اَلرَّبِّ اَلْكَرِيمِ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ اَلصَّلاَةُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ اَلطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً(1).

ص: 175


1- رواه المصنف في اقبال الاعمال: 472، و ابن المشهدي في مزاره: 449.

ذكر زيارة أمير المؤمنين صلّى اللّه عليه في ليلة السابع و العشرين من رجب و يومها

و مختار عمل ذلك اليوم و الليلة، و ما في معناه

إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى بَابِ قُبَّتِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ:

أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ، وَ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ اَلطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِهِ حُجَجُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ.

ثُمَّ اُدْخُلْ وَ قِفْ عَلَى ضَرِيحِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مُسْتَقْبِلاً لَهُ بِوَجْهِكَ وَ اَلْقِبْلَةُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ، ثُمَّ كَبِّرِ اَللَّهَ تَعَالَى (مِائَةَ مَرَّةٍ) وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ خَلِيفَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ رُسُلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْمُتَّقِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبَأُ اَلْعَظِيمُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصِّرَاطُ اَلْمُسْتَقِيمُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُهَذَّبُ اَلْكَرِيمُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَصِيُّ اَلتَّقِيُّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلرَّضِيُّ اَلزَّكِيُّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْبَدْرُ اَلْمُضِيءُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصَّدِّيقُ اَلْأَكْبَرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْفَارُوقُ اَلْأَعْظَمُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلسِّرَاجُ اَلْمُنِيرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا

ص: 176

عَلَمَ (1) اَلتُّقَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ اَلْكُبْرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَاصَّةَ اَللَّهِ وَ خَالِصَتَهُ، وَ أَمِينَ اَللَّهِ وَ صَفْوَتَهُ، وَ بَابَ اَللَّهِ وَ حُجَّتَهُ، وَ مَعْدِنَ حُكْمِ اَللَّهِ وَ سِرِّهِ، وَ عَيْبَةَ عِلْمِ اَللَّهِ وَ خَازِنَهُ، وَ سَفِيرَ اَللَّهِ فِي خَلْقِهِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ اِتَّبَعْتَ اَلرَّسُولَ، وَ تَلَوْتَ اَلْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ بَلَّغْتَ عَنِ اَللَّهِ، وَ وَفَيْتَ بِعَهْدِهِ، وَ تَمَّتْ بِكَ كَلِمَاتُ اَللَّهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ جُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً مُجَاهِداً عَنْ دِينِ اَللَّهِ، مُوقِياً لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، طَالِباً مَا عِنْدَ اَللَّهِ رَاغِباً فِي مَا وَعَدَ اَللَّهُ وَ مَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً وَ شَاهِداً وَ مَشْهُوداً، فَجَزَاكَ اَللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ مِنْ صِدِّيقٍ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ أَوَّلَ اَلْقَوْمِ إِسْلاَماً، وَ أَخْلَصَهُمْ إِيمَاناً، وَ أَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَ أَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ، وَ أَعْظَمَهُمْ عَنَاءً، وَ أَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ، وَ أَكْرَمَهُمْ سَوَابِقَ، وَ أَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَ أَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَ أَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ، قَوِيتَ حِينَ وَهَنُوا، وَ لَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقّاً، لَمْ تُنَازَعْ بِرَغْمِ اَلْمُنَافِقِينَ وَ غَيْظِ اَلْكَافِرِينَ وَ ضَغَنِ اَلْفَاسِقِينَ، وَ قُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَ نَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، وَ مَضَيْتَ بِنُورِ اَللَّهِ إِذْ وَقَفُوا، فَمَنِ اِتَّبَعَكَ فَقَدْ هُدِيَ، كُنْتَ أَوَّلَهُمْ كَلاَماً، وَ أَشَدَّهُمْ خِصَاماً، وَ أَصْوَبَهُمْ مَنْطِقاً، وَ أَسَدَّهُمْ رَأْياً، وَ أَشْجَعَهُمْ قَلْباً، وَ أَكْثَرَهُمْ يَقِيناً، وَ أَحْسَنَهُمْ عَمَلاً، وَ أَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ.

كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَباً رَحِيماً، إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالاً، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ

ص: 177


1- في نسخة «م» و «ع»: الدّين و.

ضَعُفُوا، وَ حَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَ رَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَ شَمَّرْتَ إِذْ جَبُنُوا، وَ عَلَوْتَ إِذْ هَلِعُوا، وَ صَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا.

كُنْتَ عَلَى اَلْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً، وَ غِلْظَةً وَ غَيْظاً، وَ لِلْمُؤْمِنِينَ غَيْثاً وَ خِصْباً وَ عِلْماً. لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَ لَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَ لَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَ لَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ. كُنْتَ كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ اَلْعَوَاصِفُ، وَ لاَ تُزِيلُهُ اَلْقَوَاصِفُ. كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَوِيّاً فِي بَدَنِكَ، مُتَوَاضِعاً فِي نَفْسِكَ، عَظِيماً عِنْدَ اَللَّهِ، كَبِيراً فِي اَلْأَرْضِ، جَلِيلاً فِي اَلسَّمَاءِ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَ لاَ لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَ لاَ لِخَلْقٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَ لاَ لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ، يُوجَدُ اَلضَّعِيفُ اَلذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيّاً عَزِيزاً حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَ اَلْقَوِيُّ اَلْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفاً ذَلِيلاً حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ اَلْحَقَّ، اَلْقَرِيبُ وَ اَلْبَعِيدُ فِي ذَلِكَ عِنْدَكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ اَلْحَقُّ وَ اَلصِّدْقُ وَ اَلرِّفْقُ. قَوْلُكَ حُكْمٌ وَ حَتْمٌ، وَ أَمْرُكَ حِلْمٌ وَ عَزْمٌ، وَ رَأْيُكَ عِلْمٌ وَ جَزْمٌ. اِعْتَدَلَ بِكَ اَلدِّينُ، وَ سَهُلَ بِكَ اَلْعَسِيرُ، وَ أُطْفِئَتْ بِكَ اَلنِّيرَانُ، وَ قَوِيَ بِكَ اَلْإِيمَانُ، وَ ثَبَتَ اَلْإِسْلاَمُ، وَ هَدَّتْ مُصِيبَتُكَ اَلْأَنَامَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنِ اِفْتَرَى عَلَيْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَ غَصَبَكَ حَقَّكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، أَنَا إِلَى اَللَّهِ مِنْهُمْ بَرَاءٌ. لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً خَالَفَتْكَ وَ جَحَدَتْ وَلاَيَتَكَ وَ تَظَاهَرَتْ عَلَيْكَ وَ قَتَلَتْكَ وَ حَادَتْ عَنْكَ وَ خَذَلَتْكَ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلنَّارَ مَثْوَاهُمْ وَ بِئْسَ اَلْوِرْدُ اَلْمَوْرُودُ.

أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ وَلِيَّ رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْبَلاَغِ وَ اَلْأَدَاءِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اَللَّهِ وَ بَابُهُ، وَ أَنَّكَ جَنْبُ اَللَّهِ وَ وَجْهُهُ اَلَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ، وَ أَنَّكَ سَبِيلُ اَللَّهِ، وَ أَنَّكَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. أَتَيْتُكَ زَائِراً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَ مَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ، مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ بِزِيَارَتِكَ، رَاغِباً إِلَيْكَ فِي اَلشَّفَاعَةِ،

ص: 178

أَبْتَغِي بِشَفَاعَتِكَ خَلاَصَ نَفْسِي، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ اَلنَّارِ، هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ اَلَّتِي اِحْتَطَبْتُهَا عَلَى ظَهْرِي، فَزِعاً إِلَيْكَ رَجَاءَ (رَحْمَةِ)(1) رَبِّي، أَتَيْتُكَ أَسْتَشْفِعُ بِكَ يَا مَوْلاَيَ إِلَى اَللَّهِ، وَ أَتَقَرَّبُ بِكَ إِلَيْهِ لِيَقْضِيَ بِكَ حَوَائِجِي، فَاشْفَعْ لِي يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِلَى اَللَّهِ، فَإِنِّي عَبْدُ اَللَّهِ وَ مَوْلاَكَ وَ زَائِرُكَ، وَ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ اَلْمَقَامُ اَلْمَعْلُومُ، وَ اَلْجَاهُ اَلْعَظِيمُ، وَ اَلشَّأْنُ اَلْكَبِيرُ، وَ اَلشَّفَاعَةُ اَلْمَقْبُولَةُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ صَلِّ عَلَى عَبْدِكَ وَ أَمِينِكَ اَلْأَوْفَى، وَ عُرْوَتِكَ اَلْوُثْقَى، وَ يَدِكَ اَلْعُلْيَا، وَ كَلِمَتِكَ اَلْحُسْنَى، وَ حُجَّتِكَ عَلَى اَلْوَرَى، وَ صِدِّيقِكَ اَلْأَكْبَرِ، سَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ، وَ رُكْنِ اَلْأَوْلِيَاءِ، وَ عِمَادِ اَلْأَصْفِيَاءِ، أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ يَعْسُوبِ اَلْمُتَّقِينَ، وَ قُدْوَةِ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ إِمَامِ اَلصَّالِحِينَ، اَلْمَعْصُومِ مِنَ اَلزَّلَلِ، اَلْمَفْطُومِ مِنَ اَلْخَلَلِ، وَ اَلْمُهَذَّبِ مِنَ اَلْعَيْبِ، وَ اَلْمُطَهَّرِ مِنَ اَلرَّيْبِ، أَخِي نَبِيِّكَ، وَ وَصِيِّ رَسُولِكَ، وَ اَلْبَائِتِ عَلَى فِرَاشِهِ، وَ اَلْمُوَاسِي لَهُ بِنَفْسِهِ، وَ كَاشِفِ اَلْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، اَلَّذِي جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ، وَ مُعْجِزاً لِرِسَالَتِهِ، وَ دَلاَلَةً لِحُجَّتِهِ، وَ حَامِلاً لِرَايَتِهِ، وَ وِقَايَةً لِمُهْجَتِهِ، وَ هَادِياً لِأُمَّتِهِ، وَ يَداً لِبَأْسِهِ، وَ تَاجاً لِرَأْسِهِ، وَ بَاباً لِنَصْرِهِ، وَ مِفْتَاحاً لِظَفَرِهِ، حَتَّى هَزَمَ جُنُودَ اَلشِّرْكِ بِأَيْدِكَ [بِإِذْنِكَ]، وَ أَبَادَ عَسَاكِرَ اَلْكُفْرِ بِأَمْرِكَ، وَ بَذَلَ نَفْسَهُ فِي مَرْضَاتِكَ وَ مَرْضَاتِ رَسُولِكَ، وَ جَعَلَهَا وَقْفاً عَلَى طَاعَتِهِ، وَ مِجَنّاً دُونَ نَكْبَتِهِ، حَتَّى فَاضَتْ نَفْسُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي كَفِّهِ، وَ اِسْتَلَبَ بَرْدَهَا وَ مَسَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَ أَعَانَتْهُ مَلاَئِكَتُكَ عَلَى غُسْلِهِ وَ تَجْهِيزِهِ، وَ صَلَّى عَلَيْهِ، وَ وَارَى شَخْصَهُ، وَ قَضَى دَيْنَهُ، وَ أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَ لَزِمَ عَهْدَهُ، وَ اِحْتَذَى مِثَالَهُ، وَ حَفِظَ وَصِيَّتَهُ.

وَ حِينَ وَجَدَ اَلْأَنْصَارَ نَهَضَ مُسْتَقِلاًّ بِأَعْبَاءِ اَلْخِلاَفَةِ، مُضْطَلِعاً بِأَثْقَالِ

ص: 179


1- في نسخة «ه»: وجه.

اَلْإِمَامَةِ، فَنَصَبَ رَايَةَ اَلْهُدَى فِي عِبَادِكَ، وَ نَشَرَ ثَوْبَ اَلْأَمْنِ فِي بِلاَدِكَ، وَ بَسَطَ اَلْعَدْلَ فِي بَرِيَّتِكَ، وَ حَكَمَ بِكِتَابِكَ فِي خَلِيقَتِكَ، وَ أَقَامَ اَلْحُدُودَ، وَ قَمَعَ اَلْجُحُودَ، وَ قَوَّمَ اَلزَّيْغَ، وَ سَكَّنَ اَلْغَمْرَةَ، وَ أَبَادَ اَلْفَتْرَةَ، وَ سَدَّ اَلْفُرْجَةَ، وَ قَتَلَ اَلنَّاكِثَةَ وَ اَلْقَاسِطَةَ وَ اَلْمَارِقَةَ، وَ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (1) وَ وَتِيرَتِهِ وَ لُطْفِ شَاكِلَتِهِ وَ جَمَالِ سِيرَتِهِ، مُقْتَدِياً بِسُنَّتِهِ، مُتَعَلِّقاً بِهِمَّتِهِ، مُبَاشِراً لِطَرِيقَتِهِ، وَ أَمْثِلَتُهُ نُصْبَ عَيْنِهِ يَحْمِلُ عِبَادَكَ عَلَيْهَا، وَ يَدْعُوهُمْ إِلَيْهَا، إِلَى أَنْ خُضِبَتْ شَيْبَتُهُ مِنْ دَمِ رَأْسِهِ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا لَمْ يُؤْثِرْ فِي طَاعَتِكَ شَكّاً عَلَى يَقِينٍ، وَ لَمْ يُشْرِكْ بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، صَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً زَاكِيَةً نَامِيَةً يَلْحَقُ بِهَا دَرَجَةَ اَلنُّبُوَّةِ فِي جَنَّتِكَ، وَ بَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوَالاَتِهِ فَضْلاً وَ إِحْسَاناً، وَ مَغْفِرَةً وَ رِضْوَاناً، إِنَّكَ ذُو اَلْفَضْلِ (اَلْجَسِيمِ)(2) بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثم قبّل الضريح، و ضع خدك الأيمن عليه، ثم الأيسر، و مل إلى القبلة فصلّ صلاة الزيارة و ما بدا لك من الصلوات، و ممّا يختص بهذه الزيارة في ليلة السابع و العشرين من رجب و يومه، وَ أَنْ تَقُولَ بَعْدَ تَسْبِيحِ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ بَشَّرْتَنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ وَ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقُلْتَ وَ بَشِّرِ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (3).

اَللَّهُمَّ وَ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِجَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ، فَلاَ تَقِفْنِي بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُنِي فِيهِ عَلَى رُءُوسِ (اَلْخَلاَئِقِ)(4)، بَلْ قِفْنِي مَعَهُمْ وَ تَوَفَّنِي عَلَى اَلتَّصْدِيقِ بِهِمْ، اَللَّهُمَّ وَ أَنْتَ خَصَصْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ وَ أَمَرْتَنِي بِاتِّبَاعِهِمْ.

ص: 180


1- في نسخة «م» زيادة: و سيّرته.
2- في نسخة «ع»: العظيم.
3- سورة يونس 2:10.
4- في نسخة «ع»: الاشهاد.

اَللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَ زَائِرُكَ، مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِزِيَارَةِ أَخِي رَسُولِكَ، وَ عَلَى كُلِّ مَأْتِيٍّ وَ مَزُورٍ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَ زَارَهُ، وَ أَنْتَ خَيْرُ مَأْتِيٍّ وَ أَكْرَمُ مَزُورٍ، فَأَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ يَا جَوَادُ يَا مَاجِدُ، يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لاَ وَلَداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ مِنْ زِيَارَتِي أَخِي رَسُولِكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُسَارِعُ فِي اَلْخَيْرَاتِ وَ يَدْعُوكَ رَهَباً وَ رَغَباً، وَ تَجْعَلَنِي لَكَ مِنَ اَلْخَاشِعِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيَارَةِ مَوْلاَيَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ وَلاَيَتِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْصُرُهُ وَ يَنْتَصِرُ بِهِ، وَ مُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِكَ لِدِينِكَ، اَللَّهُمَّ وَ اِجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِهِ وَ تَوَفَّنِي عَلَى دِينِهِ.

اَللَّهُمَّ وَ أَوْجِبْ لِي مِنَ اَلرَّحْمَةِ وَ اَلرِّضْوَانِ، وَ اَلْمَغْفِرَةِ وَ اَلْإِحْسَانِ، وَ اَلرِّزْقِ اَلْوَاسِعِ اَلْحَلاَلِ اَلطَّيِّبِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ.

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقِفْ عَلَيْهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَاجَ اَلْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَأْسَ اَلصِّدِّيقِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اَلْأَحْكَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رُكْنَ اَلْمَقَامِ، أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ وَ دَعَا إِلَيْهِ وَ دَلَّ عَلَيْهِ. اَللَّهُمَّ فَاكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهُ، وَ لاَ تَحْرِمْنِي ثَوَابَ مَنْ زَارَهُ، وَ اِسْتَعْمِلْنِي بِالَّذِي اِفْتَرَضْتَ لَهُ عَلَيَّ، وَ اُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَعْلاَمُ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْكَلِمَةُ اَلْعُلْيَا، وَ اَلْحُجَّةُ اَلْعُظْمَى،

ص: 181

وَ اَلنُّجُومُ اَلْعُلَى، وَ اَلْعُذْرُ اَلْبَالِغُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ فِي أَسْفَلِ دَرْكِ اَلْجَحِيمِ.

اَللَّهُمَّ وَ اِجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِهِ اَلْمُبَارَكِينَ، وَ زُوَّارِهِ اَلْمُخْلَصِينَ، وَ شِيعَتِهِ اَلصَّادِقِينَ، وَ مَوَالِيهِ اَلْمَيَامِينِ، وَ أَنْصَارِهِ اَلْمُكْرَمِينَ، وَ أَصْحَابِهِ اَلْمُؤَيَّدِينَ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي أَكْرَمَ وَافِدٍ، وَ أَفْضَلَ وَارِدٍ، وَ أَنْبَلَ قَاصِدٍ قَصَدَكَ إِلَى هَذَا اَلْحَرَمِ اَلْكَرِيمِ، وَ اَلْمَقَامِ اَلْعَظِيمِ، وَ اَلْمَنْهَلِ اَلْجَلِيلِ اَلَّذِي أَوْجَبْتَ فِيهِ غُفْرَانَكَ وَ رَحْمَتَكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلاَئِكَتِكَ أَنَّ اَلَّذِي سَكَنَ هَذَا اَلرَّمْسَ، وَ حَلَّ هَذَا اَلضَّرِيحَ، طُهْرٌ مُقَدَّسٌ، مُنْتَجَبٌ رَضِيٌّ مَرْضِيٌّ، طُوبَى لَكَ مِنْ تُرْبَةٍ ضَمِنَتْ كَنْزاً مِنَ اَلْخَيْرِ، وَ شِهَاباً مِنَ اَلنُّورِ، وَ يَنْبُوعَ اَلْحِكْمَةِ، وَ عَيْناً مِنَ اَلرَّحْمَةِ، وَ مَبْلَغَ اَلْحُجَّةِ، أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ قَاتِلِكَ وَ اَلنَّاصِبِينَ لَكَ وَ اَلْمُعِينِينَ عَلَيْكَ وَ اَلْمُحَارِبِينَ لَكَ.

اَللَّهُمَّ ذَلِّلْ قُلُوبَنَا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَ اَلْمُنَاصَحَةِ وَ اَلْمُوَالاَةِ وَ حُسْنِ مُؤَازَرَةٍ وَ اَلتَّسْلِيمِ، حَتَّى نَسْتَكْمِلَ بِذَلِكَ طَاعَتَكَ، وَ نَبْلُغَ بِهِ مَرْضَاتَكَ، وَ نَسْتَوْجِبَ بِهِ ثَوَابَكَ وَ رَحْمَتَكَ. اَللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِكُلِّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ، وَ اِقْلِبْنِي مِنْ هَذَا اَلْحَرَمِ بِكُلِّ خَيْرٍ مَوْجُودٍ، يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ.

أُوَدِّعُكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَدَاعَ مَحْزُونٍ عَلَى فِرَاقِكَ، لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخَرَ عَهْدِي مِنْكَ وَ لاَ مِنْ زِيَارَتِي لَكَ، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ وَ اُبْسُطْ يَدَيْكَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَبْلِغْ عَنَّا اَلْوَصِيَّ اَلْخَلِيفَةَ، اَلدَّاعِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى دَارِكَ دَارِ اَلسَّلاَمِ، صِدِّيقَكَ اَلْأَكْبَرَ فِي اَلْإِسْلاَمِ، وَ فَارُوقَكَ بَيْنَ اَلْحَقِّ

ص: 182

وَ اَلْبَاطِلِ، وَ نُورَكَ اَلزَّاهِرَ، وَ لِسَانَكَ اَلنَّاطِقَ بِأَمْرِكَ بِالْحَقِّ اَلْمُبِينِ، وَ عُرْوَتَكَ اَلْوُثْقَى، وَ كَلِمَتَكَ اَلْعُلْيَا، وَ وَصِيَّ رَسُولِكَ اَلْمُرْتَضَى، عَلَمَ اَلدِّينِ، وَ مَنَارَ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ خَاتَمَ اَلْوَصِيِّينَ، وَ سَيِّدَ اَلْمُؤْمِنِينَ، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ إِمَامَ اَلْمُتَّقِينَ، وَ قَائِدَ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ، صَلاَةً تَرْفَعُ بِهَا ذِكْرَهُ، وَ تُحْيِي بِهَا أَمْرَهُ، وَ تُظْهِرُ بِهَا دَعْوَتَهُ، وَ تَنْصُرُ بِهَا ذُرِّيَّتَهُ، وَ تُفْلِجُ (1) بِهَا حُجَّتَهُ، وَ تُعْطِيهِ نُصْرَتَهُ.

اَللَّهُمَّ وَ اِجْزِهِ عَنَّا خَيْرَ اَلْجَزَاءِ جَزَاءَ اَلْمُكْرَمِينَ، وَ أَعْطِهِ سُؤْلَهُ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ، فَإِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ نَاصَحَ لِرَسُولِكَ، وَ هَدَى إِلَى سَبِيلِكَ، وَ قَامَ بِحَقِّكَ، وَ صَدَعَ بِأَمْرِكَ، وَ لَمْ يَجُرْ فِي حُكْمِكَ، وَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ظُلْمٍ، وَ لَمْ يَسْعَ فِي إِثْمٍ، وَ أَنَّهُ أَخُو رَسُولِكَ، وَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ وَ اِتَّبَعَهُ وَ نَصَرَهُ، وَ أَنَّهُ وَصِيُّهُ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ وَ مَوْضِعُ سِرِّهِ وَ أَحَبُّ اَلْخَلْقِ إِلَيْهِ، فَأَبْلِغْهُ عَنَّا اَلسَّلاَمَ وَ رُدَّ عَلَيْنَا مِنْهُ اَلسَّلاَمَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (2).

ص: 183


1- افلج اللّه حجته: اي قوّمها و اظهرها. الصحاح - فلج - 335:1.
2- رواها الشيخ المفيد في مزاره: 43 (مخطوط)، و الشهيد الأول في مزاره: 100، و ابن المشهدي في مزاره: 303.

ذكر ما يستحب من العمل في السابع و العشرين من رجب

رَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلرِّضَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ فِي رَجَبٍ لَيْلَةً خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ، وَ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ مِنْهُ، فِيهَا نُبِّئَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي صَبِيحَتِهَا، وَ إِنَّ لِلْعَامِلِ فِيهَا مِنْ شِيعَتِنَا أَجْرَ عَمَلِ سِتِّينَ سَنَةً».

قِيلَ لَهُ: وَ مَا اَلْعَمَلُ فِيهَا، أَصْلَحَكَ اَللَّهُ؟

قَالَ: «إِذَا صَلَّيْتَ عِشَاءَ اَلْآخِرَةِ وَ أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ ثُمَّ اِسْتَيْقَظْتَ، أَيَّ سَاعَةٍ شِئْتَ مِنَ اَللَّيْلِ قَبْلَ اَلزَّوَالِ، صَلَّيْتَ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ اَلْحَمْدَ وَ سُورَةً مِنْ خِفَافِ اَلْمُفَصَّلِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ فِي كُلِّ شَفْعٍ جَلَسْتَ بَعْدَ اَلتَّسْلِيمِ وَ قَرَأْتَ اَلْحَمْدَ (سَبْعاً)، وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ (سَبْعاً)، وَ اَلْإِخْلاَصَ وَ اَلْكَافِرُونَ (سَبْعاً سَبْعاً)، وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ (سَبْعاً سَبْعاً)، وَ قُلْ بِعَقِيبِ ذَلِكَ هَذَا اَلدُّعَاءَ:

اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي اَلْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ اَلذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً (1) اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ عِزِّكَ عَلَى أَرْكَانِ عَرْشِكَ، وَ مُنْتَهَى اَلرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ، وَ بِاسْمِكَ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَعْظَمِ، وَ ذِكْرِكَ اَلْأَعْلَى اَلْأَعْلَى، وَ بِكَلِمَاتِكَ اَلتَّامَّاتِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ.

وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَدْعُوَ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ وَ تَقُولَ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَالنحل [بِالنَّجْلِ] اَلْأَعْظَمِ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ مِنَ اَلشَّهْرِ اَلْمُعَظَّمِ، وَ اَلْمُرْسَلِ اَلْمُكَرَّمِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ اَلَّتِي بِشَرَفِ اَلرِّسَالَةِ فَضَّلْتَهَا، وَ بِكَرَامَتِكَ جَلَّلْتَهَا، وَ بِالْمَحَلِّ اَلشَّرِيفِ أَحْلَلْتَهَا اَللَّهُمَّ إِنَّا

ص: 184


1- الاسراء 111:17.

نَسْأَلُكَ بِالْمُبْتَعِثِ اَلشَّرِيفِ، وَ اَلسَّيِّدِ اَللَّطِيفِ، وَ اَلْعُنْصُرِ اَلْعَفِيفِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَنْ تَجْعَلَ أَعْمَالَنَا فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ وَ فِي سَائِرِ اَللَّيَالِي مَقْبُولَةً، وَ ذُنُوبَنَا مَغْفُورَةً، وَ قُلُوبَنَا بِحُسْنِ اَلْقَبُولِ مَسْرُورَةً، وَ أَرْزَاقَنَا بِالْيُسْرِ مَدْرُورَةً.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى وَ لاَ تُرَى وَ أَنْتَ بِالْمَنْظَرِ اَلْأَعْلَى، وَ إِنَّ إِلَيْكَ اَلرُّجْعَى وَ اَلْمُنْتَهَى، وَ لَكَ اَلْمَمَاتُ وَ اَلْمَحْيَا، وَ إِنَّ لَكَ اَلْآخِرَةَ وَ اَلْأُولَى. اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزَى، وَ أَنْ نَأْتِيَ مَا عَنْهُ تَنْهَى.

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ اَلْخَيْرَ بِرَحْمَتِكَ، وَ نَسْتَعِيذُكَ مِنَ اَلنَّارِ فَأَنْقِذْنَا مِنْهَا بِقُدْرَتِكَ، وَ نَسْأَلُكَ مِنَ اَلْحُورِ اَلْعِينِ فَارْزُقْنَا بِعِزَّتِكَ، وَ اِجْعَلْ أَوْسَعَ أَرْزَاقِنَا عِنْدَ كِبَرِ سِنِّنَا، وَ أَحْسَنَ أَعْمَالِنَا عِنْدَ اِقْتِرَابِ آجَالِنَا، وَ أَطِلْ فِي طَاعَتِكَ وَ مَا يُقَرِّبُ إِلَيْكَ وَ يُحْظِي عِنْدَكَ وَ يُزْلِفُ لَدَيْكَ أَعْمَارَنَا، وَ أَحْسِنْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِنَا مَعْرِفَتَنَا، وَ لاَ تَكِلْنَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَ تَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِجَمِيعِ حَوَائِجِنَا لِلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ اِبْدَأْ بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا وَ جَمِيعِ إِخْوَانِنَا اَلْمُؤْمِنِينَ فِي جَمِيعِ مَا سَأَلْنَاكَ لِأَنْفُسِنَا، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلْعَظِيمِ، وَ مُلْكِكَ اَلْقَدِيمِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا اَلذَّنْبَ اَلْعَظِيمَ، إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ اَلذَّنْبَ اَلْعَظِيمَ إِلاَّ اَلْعَظِيمُ.

اَللَّهُمَّ وَ هَذَا رَجَبٌ اَلْمُكَرَّمُ اَلَّذِي أَكْرَمْتَنَا بِهِ أَوَّلُ أَشْهُرٍ اَلْحُرُمِ، أَكْرَمْتَنَا بِهِ مِنْ بَيْنِ اَلْأُمَمِ، فَلَكَ اَلْحَمْدُ يَا ذَا اَلْجُودِ وَ اَلْكَرَمِ.

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِهِ وَ بِاسْمِكَ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَعْظَمِ، اَلْأَجَلِّ اَلْأَكْرَمِ، اَلَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي مُلْكِكَ فَلاَ يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى غَيْرِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ أَنْ تَجْعَلَنَا مِنَ اَلْعَامِلِينَ فِيهِ بِطَاعَتِكَ، وَ اَلْآمِنِينَ فِيهِ بِرِعَايَتِكَ.

اَللَّهُمَّ وَ اِهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ اَلسَّبِيلِ، وَ اِجْعَلْ مَقِيلَنَا خَيْرَ مَقِيلٍ، فِي ظِلٍّ ظَلِيلٍ،

ص: 185

وَ مُلْكٍ جَزِيلٍ، فَإِنَّكَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ. اَللَّهُمَّ اِقْلِبْنَا مُفْلِحِينَ مُنْجِحِينَ، غَيْرَ مَغْضُوبٍ عَلَيْنَا وَ لاَ ضَالِّينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي هَدَانِي لِمَعْرِفَتِهِ، وَ خَصَّنِي بِوَلاَيَتِهِ، وَ وَفَّقَنِي لِطَاعَتِهِ، شُكْراً شُكْراً (مِائَةَ مَرَّةٍ). وَ سَلْ حَاجَتَكَ وَ اُدْعُ بِمَا تَشَاءُ.

وَ يُسْتَحَبُّ اَلْغُسْلُ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ (1).

و من عمل اليوم السابع و العشرين من رجب الغسل أيضا و الصوم.

رَوَى اَلرَّيَّانُ بْنُ اَلصَّلْتِ قَالَ: صَامَ أَبُو جَعْفَرٍ اَلثَّانِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لَمَّا كَانَ بِبَغْدَادَ يَوْمَ اَلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ، وَ يَوْمَ سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ مِنْهُ، وَ صَامَ جَمِيعُ حَشَمِهِ، وَ أَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ اَلصَّلاَةَ اَلَّتِي هِيَ اِثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً، تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ اَلْحَمْدَ وَ سُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ قَرَأْتَ اَلْحَمْدَ (أَرْبَعاً) وَ اَلْإِخْلاَصَ (أَرْبَعاً) وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ (أَرْبَعاً) وَ قُلْتَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ (أَرْبَعاً) اَللَّهُ اَللَّهُ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً (أَرْبَعاً) لاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (أَرْبَعاً).

رِوَايَةُ أَبِي اَلْقَاسِمِ بْنِ رُوحٍ.

قَالَ رَحِمَهُ اَللَّهُ: تُصَلِّي فِي هَذَا اَلْيَوْمِ. اِثْنَتَا عَشَرَ رَكْعَةً تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ وَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ اَلسُّوَرِ، وَ تَتَشَهَّدُ وَ تُسَلِّمُ وَ تَجْلِسُ، وَ تَقُولُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ:

اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي اَلْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ اَلذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً (2) يَا عُدَّتِي فِي مُدَّتِي، يَا صَاحِبِي فِي شِدَّتِي، يَا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي، يَا غَايَتِي فِي رَغْبَتِي، يَا نَجَاتِي فِي حَاجَتِي، يَا حَافِظِي فِي غَيْبَتِي، يَا كَافِيَّ فِي وَحْدَتِي، يَا أُنْسِي فِي وَحْشَتِي. أَنْتَ اَلسَّاتِرُ عَوْرَتِي فَلَكَ اَلْحَمْدُ، وَ أَنْتَ اَلْمُقِيلُ عَثْرَتِي فَلَكَ

ص: 186


1- روى الطّوسيّ في مصباحه: 749 صدر الدّعاء، و كذا المصنّف في اقبال الاعمال: 670 و 679.
2- الاسراء 111:17.

اَلْحَمْدُ، وَ أَنْتَ اَلْمُنْعِشُ صَرْعَتِي فَلَكَ اَلْحَمْدُ. صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اُسْتُرْ عَوْرَتِي، وَ آمِنْ رَوْعَتِي، وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَ اِصْفَحْ عَنْ جُرْمِي، وَ تَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِي فِي أَصْحَابِ اَلْجَنَّةِ وَعْدَ اَلصِّدْقِ اَلَّذِي كٰانُوا يُوعَدُونَ (1).

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ اَلصَّلاَةِ وَ اَلدُّعَاءِ قَرَأْتَ: اَلْحَمْدَ وَ اَلْإِخْلاَصَ وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِرُونَ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ (سَبْعَ مَرَّاتٍ) ثُمَّ تَقُولُ:

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (سَبْعَ مَرَّاتٍ).

ثُمَّ تَقُولُ (سَبْعَ مَرَّاتٍ): اَللَّهُ اَللَّهُ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً.

ثُمَّ تَدْعُو بِمَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِهَذَا اَلْيَوْمِ أَيْضاً وَ هُوَ:

يَا مَنْ أَمَرَ بِالْعَفْوِ وَ اَلتَّجَاوُزِ، يَا مَنْ عَفَا وَ تَجَاوَزَ، اُعْفُ عَنِّي وَ تَجَاوَزْ يَا كَرِيمُ.

اَللَّهُمَّ قَدْ أَكْدَى(2) اَلطَّلَبُ وَ أَعْيَتِ اَلْحِيلَةُ وَ اَلْمَذْهَبُ، وَ دَرَسَتِ اَلْآمَالُ وَ اِنْقَطَعَ اَلرَّجَاءُ إِلاَّ مِنْكَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَجِدُ سُبُلَ اَلْمَطَالِبِ إِلَيْكَ مُشْرَعَةً، وَ مَنَاهِلَ اَلرَّجَاءِ لَدَيْكَ مُتْرَعَةً، وَ أَبْوَابَ اَلدُّعَاءِ لِمَنْ دَعَاكَ مُفَتَّحَةً، وَ اَلاِسْتِعَانَةَ لِمَنِ اِسْتَعَانَ بِكَ مُبَاحَةً. وَ أَعْلَمُ أَنَّكَ لِدَاعِيكَ بِمَوْضِعِ إِجَابَةٍ، وَ اَلصَّارِخُ لَدَيْكَ بِمَرْصَدِ إِغَاثَةٍ، وَ أَنَّ فِي اَلسُّكُونِ إِلَى عِدَتِكَ، وَ اَلرُّكُونِ إِلَى جُودِكَ، عِوَضاً مِنْ مَنْعِ اَلْبَاخِلِينَ، وَ مَنْدُوحَةً عَمَّا فِي أَيْدِي اَلْمُسْتَأْثِرِينَ، وَ أَنَّكَ لاَ تَحْجُبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلاَّ أَنْ تَحْجُبَهُمُ اَلْأَعْمَالُ دُونَكَ.

وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَفْضَلَ زَادِ اَلرَّاحِلِ إِلَيْكَ عَزْمُ إِرَادَةٍ، وَ قَدْ نَاجَاكَ بِعَزْمِ اَلْإِرَادَةِ قَلْبِي، فَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ دَعْوَةٍ دَعَاكَ بِهَا رَاجٍ بَلَّغْتَهُ أَمَلَهُ، أَوْ صَارِخٌ أَغَثْتَ صَرْخَتَهُ، أَوْ

ص: 187


1- الاحقاف 16:46.
2- اكدى: اكدى الحافر، اذا بلغ الكدية فلا يمكنه ان يحفر، و حفر فأكدى، اذا بلغ الى الصّلب. اي انه وصل بطلبه الى باب مسدود و طريق موصود «لسان العرب 216:15».

مَلْهُوفٌ مَكْبُودٌ فَرَّجْتَ عَنْ قَلْبِهِ، أَوْ مُذْنِبٌ خَاطِئٌ غَفَرْتَ لَهُ، أَوْ مُعَافًى أَتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ عَلَيْهِ، أَوْ فَقِيرٌ أَهْدَيْتَ غِنَاكَ إِلَيْهِ، وَ لِتِلْكَ اَلدَّعْوَةِ عَلَيْكَ حَقٌّ وَ عِنْدَكَ مَنْزِلَةٌ، إِلاَّ صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ قَضَيْتَ حَوَائِجِي حَوَائِجَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

وَ هَذَا رَجَبٌ اَلْمُكَرَّمُ اَلَّذِي أَكْرَمْتَنَا بِهِ مِنْ بَيْنِ اَلْأُمَمِ، يَا ذَا اَلْجُودِ وَ اَلْكَرَمِ، فَنَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَعْظَمِ، اَلْأَجَلِّ اَلْأَكْرَمِ، اَلَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّكَ، فَلاَ يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى غَيْرِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ تَجْعَلُنَا مِنَ اَلْعَامِلِينَ فِيهِ بِطَاعَتِكَ، اَلْآمِنِينَ فِيهِ بِرِعَايَتِكَ.

اَللَّهُمَّ وَ اِهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ اَلسَّبِيلِ، وَ اِجْعَلْ مَقِيلَنَا عِنْدَكَ خَيْرَ مَقِيلٍ، فِي ظِلٍّ ظَلِيلٍ، فَإِنَّكَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى عِبَادِهِ اَلْمُصْطَفَيْنَ وَ صَلَوَاتُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ بَارِكْ لَنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا اَلَّذِي فَضَّلْتَهُ، وَ بِكَرَامَتِكَ جَلَّلْتَهُ، وَ بِالْمَنْزِلِ اَلْكَرِيمِ أَحْلَلْتَهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً دَائِمَةً تَكُونُ لَكَ شُكْراً وَ لَنَا ذُخْراً، وَ اِجْعَلْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً، وَ اِخْتِمْ لَنَا بِالسَّعَادَةِ إِلَى مُنْتَهَى آجَالِنَا، وَ قَدْ قَبِلْتَ اَلْيَسِيرَ مِنْ أَعْمَالِنَا، وَ بَلِّغْنَا بِرَحْمَتِكَ أَفْضَلَ آمَالِنَا، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (1).

وَ يُزَارُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعَ الأَوَّلِ ببعض ما قدّمناه من الزيارات الموضوعة لسائر الأيام(2)، وَ يُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ فَقَدْ

ص: 188


1- روى الطّوسيّ في مصباحه: 750 صدره، و رواه المصنّف في اقبال الاعمال: 676 و 678.
2- تقدّم في زيارة أمير المؤمنين عليه السّلام يوم 17 من ربيع الاول.

رُوِيَ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ: أَنَّ مَنْ صَامَهُ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ ثَوَابَ صِيَامِ سَنَةٍ (1).

و ينبغي فيه زيادة الرغبة في الإحسان، و إدخال السرور على الإخوان، و شكر اللّه تعالى على تلك الولاية العظيمة الشأن.

ص: 189


1- رواه المفيد في مسار الشيعة: 66، و الطوسي في مصباحه: 733.

الفصل الثامن في فضل زيارة السبط الشهيد مولانا أبي محمّد الحسن ابن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما و كيفيتها

قد مضى شرح

قَوْلِ اَلنَّبِيِّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ [لَهُ] وَ هُوَ فِي حَجْرِهِ: «مَنْ أَتَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِكَ فَلَهُ اَلْجَنَّةُ»(1).

وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ اَلْمُعَلَّى بْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: «يَا أَبَتَاهْ مَا لِمَنْ زَارَكَ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ جَزَاءُ مَنْ زَارَنِي حَيّاً أَوْ مَيِّتاً، أَوْ زَارَ أَبَاكَ، أَوْ زَارَ أَخَاكَ، أَوْ زَارَكَ، كَانَ حَقّاً عَلَيَّ أَنْ أَزُورَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ أُخَلِّصَهُ مِنْ ذُنُوبِهِ»(2).

و عظيم منزلته عند ربه توجب تعظيمه في حياته و بعد قضاء نحبه، و قد نبهنا على ذلك في الفصل السادس.

فإذا أردت زيارته عليه السّلام فاغتسل و اقصد البقيع، وقف على باب الدخول و استأذن ببعض ما ذكرناه و نذكره من الإذن من أمثاله صلوات اللّه عليه و عليهم،

ثُمَّ ادْخُلْ وَ قِفْ عَلَى قَبْرِهِ الْمُقَدَّسِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اِبْنَ أَوَّلِ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ كَيْفَ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَ أَنْتَ سَبِيلُ اَلْهُدَى، وَ حَلِيفُ اَلتَّقْوَى، وَ خَامِسُ أَصْحَابِ اَلْكِسَاءِ، غَذَّتْكَ يَدُ اَلرَّحْمَةِ، وَ رُبِّيتَ فِي حَجْرِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ رُضِعْتَ مِنْ ثَدْيِ اَلْإِيمَانِ، فَطِبْتَ حَيّاً وَ مَيِّتاً، غَيْرَ أَنَّ اَلْأَنْفُسَ غَيْرُ طَيِّبَةٍ لِفِرَاقِكَ، وَ لاَ شَاكَّةٍ فِي حَيَاتِكَ.

[ثم] تودعه بالوداع الذي نذكره له و للأئمة المجاورين لتربته صلوات

ص: 190


1- تقدم الحديث ص: 73، إلاّ انه عن الحسين لا عن الحسن عليهما السّلام.
2- كامل الزيارات: 11.

اللّه عليه و عليهم(1)، فإن زيارته - أيضا - عليه السّلام و وداعه يأتي في جملتهم هناك، و إنّما أفردناه بزيارة في هذه الفصول إتّباعا لترتيبهم عند اللّه و الرسول.

ص: 191


1- رواها ابن قولويه في كامل الزيارات: 53، و المفيد في المقنعة: 466، و الطوسي في التهذيب 85/41:6، و نقلها المجلسي في بحار الانوار 4/206:100.

الفصل التاسع في مختار زيارات مولانا الحسين بن علي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما و سلامه

اشارة

التي يزار بها في سائر الأيام، و ذكر بعض ما ورد في فضل ذلك من الخبر العام، و ذكر زيارات الشهداء على التفصيل و الإجمال، و ما يتعلّق بالتربة المقدسة من أسباب الإجمال.

[ذكر روايات في فضل زيارته عليه السلام]

رَوَى هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «كَمْ حَجَجْتَ؟».

قَالَ: قُلْتُ: تِسْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً وَ تِسْعَ عَشْرَةَ عُمْرَةً.

قَالَ: فَقَالَ لِي: «لَوْ كُنْتَ أَتْمَمْتَهَا عِشْرِينَ حَجَّةً كُنْتَ كَمَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ»(1).

وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ مَعْمَرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: إِنَّ فُلاَناً أَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَالَ لَكَ: إِنِّي حَجَجْتُ تِسْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً وَ تِسْعَ عَشْرَةَ عُمْرَةً، فَقُلْتَ لَهُ: حُجَّ حَجَّةً أُخْرَى وَ اِعْتَمِرْ عُمْرَةً أُخْرَى تُكْتَبْ لَكَ زِيَارَةُ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ.

فَقَالَ لِي: «أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ تَحُجُّ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ تَعْتَمِرُ عِشْرِينَ عُمْرَةً، أَوْ تُحْشَرُ مَعَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ؟».

فَقُلْتُ: لاَ، بَلْ أَحْشُرُ مَعَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ.

قَالَ: «فَزُرْ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ»(2).

ص: 192


1- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 3/161 و 4/162، و كذا الصدوق في ثواب الأعمال: 36/118، و رواه الطوسي في مصباحه: 660.
2- رواه الطوسي في التهذيب 105/47:6.

وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لاَ أَشَراً وَ لاَ بَطَراً وَ لاَ رِيَاءً وَ لاَ سُمْعَةً، مُحِّصَتْ ذُنُوبُهُ كَمَا يُمَحَّصُ اَلثَّوْبُ فِي اَلْمَاءِ، فَلاَ يَبْقَى عَلَيْهِ دَنَسٌ، وَ يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَجَّةٌ، وَ كُلَّمَا رَفَعَ قَدَمَهُ عُمْرَةٌ»(1).

وَ يُرْوَى عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَدِيثٍ يَرْفَعُهُ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَيَّامَ زَائِرِي اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لاَ تُعَدُّ مِنْ آجَالِهِمْ»(2).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ زِيَارَةَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَاشِياً أَوْ رَاكِباً كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ، وَ حُطَّ بِهَا عَنْهُ سَيِّئَةٌ، حَتَّى إِذَا صَارَ فِي اَلْحَائِرِ كَتَبَهُ اَللَّهُ مِنَ اَلْمُفْلِحِينَ اَلْمُنْجِحِينَ، حَتَّى إِذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ كَتَبَهُ اَللَّهُ مِنَ اَلْفَائِزِينَ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اَلاِنْصِرَافَ نَادَاهُ

يَا فُلاَنُ، إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُقْرِئُكَ اَلسَّلاَمَ وَ يَقُولُ لَكَ: اِسْتَأْنِفِ اَلْعَمَلَ فَقَدْ غَفَرَ اَللَّهُ لَكَ مَا مَضَى»(3).

وَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ هُوَ فِي مُصَلاَّهُ، فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ فَسَمِعْتُهُ يُنَاجِي رَبَّهُ فَيَقُولُ: «يَا مَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ، وَ وَعَدَنَا بِالشَّفَاعَةِ، وَ حَمَّلَنَا اَلرِّسَالَةَ، وَ جَعَلَنَا وَرَثَةَ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ خَتَمَ بِنَا اَلْأُمَمَ اَلسَّالِفَةَ، وَ خَصَّنَا بِالْوَصِيَّةِ، وَ أَعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَى وَ مَا بَقِيَ، وَ جَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنَا، اِغْفِرْ لِي وَ لِإِخْوَانِي وَ زُوَّارِ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، اَلَّذِينَ أَنْفَقُوا أَمْوَالَهُمْ، وَ أَشْخَصُوا أَبْدَانَهُمْ رَغْبَةً فِي بِرِّنَا، وَ رَجَاءً لِمَا عِنْدَكَ فِي صِلَتِنَا، وَ سُرُوراً أَدْخَلُوهُ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إِجَابَةً مِنْهُمْ لِأَمْرِنَا،

ص: 193


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 1/144، و المفيد في المقنعة: 468، و الطّوسيّ في التّهذيب 93/44:6، و ابن المشهديّ في المزار الكبير: 483.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 1/136، و الطّوسيّ في التّهذيب 9/43:6، و ابن المشهديّ في المزار الكبير: 481.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 1/132، و الصّدوق في ثواب الأعمال: 31/116، و الطّوسيّ في التّهذيب 89/43:6، و ابن المشهديّ في المزار الكبير: 477.

وَ غَيْظاً أَدْخَلُوهُ عَلَى عَدُوِّنَا. أَرَادُوا بِذَلِكَ رِضْوَانَكَ، فَكَافِهِمْ عَنَّا بِالرِّضْوَانِ، وَ اِكْلَأْهُمْ بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ، وَ اُخْلُفْ عَلَى أَهَالِيهِمْ وَ أَوْلاَدِهِمُ اَلَّذِينَ خُلِّفُوا أَحْسَنَ اَلْخَلَفِ، وَ اِصْحَبْهُمْ، وَ اِكْفِهِمْ شَرَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَ كُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ وَ شَدِيدٍ، وَ شَرَّ شَيَاطِينِ اَلْإِنْسِ وَ اَلْجِنِّ، وَ أَعْطِهِمْ أَفْضَلَ مَا أَمَّلُوا مِنْكَ فِي غُرْبَتِهِمْ عَنْ أَوْطَانِهِمْ، وَ مَا آثَرُونَا بِهِ عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَ أَهَالِيهِمْ وَ قَرَابَاتِهِمْ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ أَعْدَاءَنَا عَابُوا عَلَيْهِمْ خُرُوجَهُمْ، فَلَمْ يَنْهَهُمْ ذَلِكَ عَنِ اَلنُّهُوضِ وَ اَلشُّخُوصِ إِلَيْنَا، خِلاَفاً مِنْهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا. فَارْحَمْ تِلْكَ اَلْوُجُوهَ اَلَّتِي غَيَّرَتْهَا اَلشَّمْسُ، وَ اِرْحَمْ تِلْكَ اَلْخُدُودَ اَلَّتِي تَقَلَّبُ عَلَى قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ اِرْحَمْ تِلْكَ اَلْأَعْيُنَ اَلَّتِي جَرَتْ دُمُوعُهَا رَحْمَةً لَنَا، وَ اِرْحَمْ تِلْكَ اَلْقُلُوبَ اَلَّتِي جَزِعَتْ وَ اِحْتَرَقَتْ لَنَا، وَ اِرْحَمْ تِلْكَ اَلصَّرْخَةَ اَلَّتِي كَانَتْ لَنَا.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ تِلْكَ اَلْأَنْفُسَ وَ تِلْكَ اَلْأَبْدَانَ، حَتَّى تُرَوِّيَهُمْ مِنَ اَلْحَوْضِ يَوْمَ اَلْعَطَشِ»(1).

قَالَ: فَمَا زَالَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَدْعُو بِهَذَا اَلدُّعَاءِ وَ هُوَ سَاجِدٌ، فَلَمَّا اِنْصَرَفَ قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَوْ أَنَّ اَلدُّعَاءَ اَلَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْكَ كَانَ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَظَنَنْتُ أَنَّ اَلنَّارَ لاَ تَطْعَمُ مِنْهُ شَيْئاً أَبَداً، وَ اَللَّهِ لَقَدْ تَمَنَّيْتُ أَنِّي كُنْتُ زُرْتُهُ وَ لَمْ أَحُجَّ.

فَقَالَ: «مَا أَقْرَبَكَ مِنْهُ! فَمَا اَلَّذِي يَمْنَعُكَ مِنْ زِيَارَتِهِ يَا مُعَاوِيَةُ؟ وَ لِمَ تَدَعُ ذَلِكَ؟».

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَمْ أَدْرِ أَنَّ اَلْأَمْرَ يَبْلُغُ هَذَا كُلَّهُ.

قَالَ: «يَا مُعَاوِيَةُ وَ مَنْ يَدْعُو لِزُوَّارِهِ فِي اَلسَّمَاءِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْعُو لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ؟! لاَ تَدَعْهُ لِخَوْفٍ مِنْ أَحَدٍ، فَمَنْ تَرَكَهُ لِخَوْفٍ رَأَى مِنَ اَلْحَسْرَةِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّ قَبْرَهُ نَبَذَهُ. أَمَا تُحِبُّ أَنْ يَرَى اَللَّهُ شَخْصَكَ وَ سَوَادَكَ مِمَّنْ يَدْعُو لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ

ص: 194


1- في نسخة «ه» زيادة: الاكبر.

صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ؟ أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ غَداً مِمَّنْ يُصَافِحُهُ اَلْمَلاَئِكَةُ؟ أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ غَداً فِي مَنْ رُئِيَ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ يُتْبَعُ بِهِ؟، أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ غَداً فِي مَنْ يُصَافِحُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ»؟(1).

عَنِ اَلْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «أَدْنَى مَا يُثَابُ بِهِ زَائِرُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِشَطِّ اَلْفُرَاتِ، إِذَا عَرَفَ حَقَّهُ وَ حُرْمَتَهُ وَ وَلاَيَتَهُ، أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ»(2).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ إِلَى جَانِبِكُمْ لَقَبْراً مَا أَتَاهُ مَكْرُوبٌ إِلاَّ نَفَّسَ اَللَّهُ كُرْبَتَهُ، وَ قَضَى حَاجَتَهُ»(3). يعني قبر الحسين بن علي عليهما السّلام.

وَ رَوَى دَاوُدُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا لِمَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنَ اَلثَّوَابِ؟

قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «لَهُ مِنَ اَلثَّوَابِ مِثْلُ ثَوَابِ مِائَةِ أَلْفِ شَهِيدٍ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ»(4).

و الذي ورد في هذا المعنى كثير جدا، فلا نطوّل بذكره، و سيجيء في الفصل العاشر عند كلّ زيارة معيّنة بوقت و أوان ما يتعلّق بفضلها من الأخبار الحسان، و سنذكر أيضا [في] الفصل العشرين طرفا جميلا في ما يتعلق بفضل زيارته صلوات اللّه عليه، إن شاء اللّه تعالى.

فإذا أردت زيارته صلوات اللّه عليه، و توجهت لذلك،

اشارة

فافعل من آداب

ص: 195


1- رواه الكليني في الكافي 11/582:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 2/116، و الصدوق في ثواب الأعمال: 44/120، و ابن المشهدي في مزاره: 469.
2- رواه الكليني في الكافي 9/582:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 3/138، و الصدوق في أماليه: 9/122، و ثواب الأعمال: 4/100، و ابن المشهدي في مزاره: 457.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 2/167.
4- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 4/183، و كذا الطوسي في التهذيب 123/52:6.

السفر ما تقدّم ذكره،

فَإِذَا أَتَيْتَ اَلْفُرَاتَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ وَفَدَ إِلَيْهِ اَلرِّجَالُ، وَ شُدَّتْ إِلَيْهِ اَلرِّحَالُ. وَ أَنْتَ - يَا سَيِّدِي - أَكْرَمُ مَقْصُودٍ، وَ أَفْضَلُ مَزُورٍ، وَ قَدْ جَعَلْتَ لِكُلِّ زَائِرٍ كَرَامَةً، وَ لِكُلِّ وَافِدٍ تُحْفَةً، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتِي فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، فَقَدْ قَصَدْتُ إِلَيْكَ وَ إِلَى اِبْنِ نَبِيِّكَ، وَ صَفِيِّكَ وَ اِبْنِ صَفِيِّكَ، وَ نَجِيِّكَ وَ اِبْنِ نَجِيِّكَ، وَ حَبِيبِكَ وَ اِبْنِ حَبِيبِكَ. اَللَّهُمَّ فَاشْكُرْ سَعْيِي، وَ اِرْحَمْ مَسِيرِي إِلَيْكَ بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ، بَلْ لَكَ اَلْمَنُّ عَلَيَّ أَنْ خَلَّيْتَ لِيَ اَلسَّبِيلَ إِلَى زِيَارَتِهِ، وَ عَرَّفْتَنِي فَضْلَهُ، وَ حَفِظْتَنِي فِي اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ، حَتَّى بَلَّغْتَنِي هَذَا اَلْمَكَانَ. اَللَّهُمَّ فَلَكَ اَلْحَمْدُ عَلَى نَعْمَائِكَ كُلِّهَا، وَ لَكَ اَلشُّكْرُ عَلَى مِنَنِكَ كُلِّهَا(1).

[ثُمَّ] تَغْتَسِلُ وَ تَقُولُ عِنْدَ غُسْلِكَ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ طَهِّرْ قَلْبِي، وَ زَكِّ عَمَلِي، وَ نَوِّرْ بَصَرِي، وَ اِجْعَلْ غُسْلِي هَذَا طَهُوراً وَ حِرْزاً وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ سُقْمٍ وَ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ، وَ مِنْ شَرِّ مَا أُحَاذِرُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْسِلْنِي مِنَ اَلذُّنُوبِ كُلِّهَا، وَ اَلْآثَامِ وَ اَلْخَطَايَا، وَ طَهِّرْ جِسْمِي وَ قَلْبِي مِنْ كُلِّ آفَةٍ يَمْحَقُ بِهَا دِينِي، وَ اِجْعَلْ عَمَلِي خَالِصاً لَكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْهُ لِي شَاهِداً يَوْمَ حَاجَتِي إِلَيْهِ وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

ص: 196


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 18/225، و المفيد في مزاره: 52 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 523.

وَ اِقْرَأْ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ(1).

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ غُسْلِكَ فَالْبَسْ أَطْهَرَ(2) ثِيَابِكَ، وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَارِجَ اَلْمَشْرَعَةِ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلَوَاتِكَ فَتَوَجَّهْ نَحْوَ اَلْحَائِرِ وَ عَلَيْكَ اَلسَّكِينَةَ وَ اَلْوَقَارَ، وَ قَصِّرْ خُطَاكَ، وَ لْيَكُنْ قَلْبُكَ خَاشِعاً، وَ دَمْعُكَ هَامِعاً(3)، وَ أَكْثِرْ مِنَ اَلتَّكْبِيرِ وَ اَلتَّهْلِيلِ وَ اَلتَّحْمِيدِ وَ اَلتَّسْبِيحِ وَ اَلاِسْتِغْفَارِ وَ اَلصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ اَلصَّلاَةِ عَلَى اَلْحُسَيْنِ خَاصَّةً، وَ اَللَّعْنَةِ عَلَى قَاتِلِهِ وَ مَنْ أَسَّسَ ذَلِكَ وَ رَغَّبَ فِيهِ (4).

فَإِذَا أَتَيْتَ بَابَ اَلْحَائِرِ فَقِفْ وَ قُلْ:

اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً وَ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي هَدٰانٰا لِهٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لاٰ أَنْ هَدٰانَا اَللّٰهُ لَقَدْ جٰاءَتْ رُسُلُ رَبِّنٰا بِالْحَقِّ (5).

اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مَقَامٌ كَرَّمْتَنِي بِهِ وَ شَرَّفْتَنِي بِهِ، اَللَّهُمَّ فَأَعْطِنِي فِيهِ رَغْبَتِي عَلَى حَقِيقَةِ إِيمَانِي بِكَ وَ بِرَسُولِكَ وَ آلِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، عَبْدُكَ وَ اِبْنُ عَبْدِكَ وَ اِبْنُ أَمَتِكَ، اَلْمُقِرُّ بِالرِّقِّ، وَ اَلتَّارِكُ لِلْخِلاَفِ عَلَيْكُمْ، وَ اَلْمُوَالِي لِوَلِيِّكُمْ، وَ اَلْمُعَادِي لِعَدُوِّكُمْ، قَصَدَ حَرَمَكَ وَ اِسْتَجَارَ بِمَشْهَدِكَ، وَ تَقَرَّبَ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَيْكَ بِقَصْدِكَ.

أَ أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ؟ أَ أَدْخُلُ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ؟ أَ أَدْخُلُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ؟ أَ أَدْخُلُ

ص: 197


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 6/186 باختصار، و كذا الطّوسيّ في في مصباحه: 662، و التّهذيب 130/54:6 نحوه، و ابن المشهديّ في مزاره: 519.
2- في نسخة «م»: ما طهر من.
3- الهموع بالضّمّ: السّيلان، و الهامع: السّائل، و قد همعت عينه همعا و هموعا و همعانا، أيّ دمعت. الصّحاح - همع - 1308:2.
4- رواه المفيد في مزاره: 53 (مخطوط)، و كذا الطّوسيّ في مصباحه: 662.
5- الاعراف 43:7.

يَا سَيِّدَ اَلْوَصِيِّينَ؟ أَ أَدْخُلُ يَا فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ؟ أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ أَ أَدْخُلُ يَا بْنَ رَسُولِ اَللَّهِ؟ أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ؟

ثُمَّ اُدْخُلْ وَ قَدِّمْ رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى قَبْلَ اَلْيُسْرَى وَ قُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَللَّهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْمُنْزِلِينَ. اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَ إِلَيْكَ خَرَجْتُ، وَ إِلَيْكَ وَفَدْتُ، وَ لِخَيْرِكَ تَعَرَّضْتُ، وَ بِزِيَارَةِ حَبِيبِ حَبِيبِكَ إِلَيْكَ تَقَرَّبْتُ، اَللَّهُمَّ فَلاَ تَمْنَعْنِي خَيْرَ مَا عِنْدَكَ لِشَرِّ مَا عِنْدِي. اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَ كَفِّرْ عَنِّي سَيِّئَاتِي، وَ حُطَّ عَنِّي خَطِيئَاتِي، وَ اِقْبَلْ حَسَنَاتِي.

ثُمَّ اِقْرَإِ اَلْحَمْدَ، وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَ سُورَةَ اَلْإِخْلاَصِ، وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ، وَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ، وَ آخِرَ اَلْحَشْرِ، وَ قُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْوَاحِدِ(1) فِي اَلْأُمُورِ كُلِّهَا، خَالِقِ اَلْخَلْقِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْ ءٌ مِنْ أُمُورِهِمْ، عَالِمِ كُلِّ شَيْ ءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَ صَلَوَاتُ مَلاَئِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَ سَلاَمُهُ وَ سَلاَمُ جَمِيعِ خَلْقِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلْمُصْطَفَى وَ أَهْلِ بَيْتِهِ.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ اَلصَّالِحَاتُ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَنْعَمَ عَلَيَّ وَ عَرَّفَنِي فَضْلَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اَللَّهُمَّ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ وَفَدَ إِلَيْهِ اَلرِّجَالُ، وَ شُدَّتْ إِلَيْهِ اَلرِّحَالُ، وَ أَنْتَ - يَا سَيِّدِي - أَكْرَمُ مَأْتِيٍّ، وَ أَكْرَمُ مَزُورٍ، وَ قَدْ جَعَلْتَ لِكُلِّ آتٍ تُحْفَةً، فَاجْعَلْ تُحْفَتِي بِزِيَارَةِ قَبْرِ وَلِيِّكَ وَ اِبْنِ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَقَبَّلْ مِنِّي عَمَلِي، وَ اِشْكُرْ سَعْيِي، وَ اِرْحَمْ

ص: 198


1- في نسخة «م»: الاحد.

مَسِيرِي مِنْ أَهْلِي بِغَيْرِ مَنٍّ - اَللَّهُمَّ - مِنِّي عَلَيْكَ، بَلْ لَكَ اَلْمَنُّ عَلَيَّ إِذْ جَعَلْتَ لِيَ اَلسَّبِيلَ إِلَى زِيَارَةِ وَلِيِّكَ، وَ عَرَّفْتَنِي فَضْلَهُ، وَ حَفِظْتَنِي حَتَّى بَلَّغْتَنِي.

اَللَّهُمَّ وَ قَدْ أَتَيْتُكَ وَ أَمَّلْتُكَ فَلاَ تُخَيِّبْ أَمَلِي وَ لاَ تَقْطَعْ رَجَائِي، وَ اِجْعَلْ مَسِيرِي هَذَا كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهُ مِنْ ذُنُوبِي، وَ رِضْوَاناً تُضَاعِفُ فِيهِ حَسَنَاتِي، وَ سَبَباً لِنَجَاحِ طَلِبَاتِي، وَ طَرِيقاً لِقَضَاءِ حَوَائِجِي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْ سَعْيِي مَشْكُوراً، وَ ذَنْبِي مَغْفُوراً، وَ عَمَلِي مَقْبُولاً، وَ دُعَائِي مُسْتَجَاباً، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُكَ فَأَرِدْنِي، وَ أَقْبِلْ بِوَجْهِي إِلَيْكَ فَلاَ تُعْرِضْ عَنِّي، وَ قَصَدْتُكَ فَتَقَبَّلْ مِنِّي، وَ إِنْ كُنْتَ لِي مَاقِتاً فَارْضَ عَنِّي وَ اِرْحَمْ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَ لاَ تُخَيِّبْنِي، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اِمْشِ حَتَّى تُعَايِنَ اَلْجَدَثَ، فَإِذَا عَايَنْتَهُ فَكَبِّرْ أَرْبَعاً، وَ اِسْتَقْبِلْ وَجْهَهُ بِوَجْهِكَ، وَ اِجْعَلِ اَلْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلسَّلاَمُ وَ مِنْكَ اَلسَّلاَمُ وَ إِلَيْكَ يَرْجِعُ اَلسَّلاَمُ يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ أَمِينِ اَللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَ عَزَائِمِ أَمْرِهِ، اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِسْتَقْبَلَ وَ اَلْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ اَللَّهِ وَ أَخِي رَسُولِهِ، اَلصِّدِّيقِ اَلْأَكْبَرِ وَ اَلْفَارُوقِ اَلْأَعْظَمِ، سَيِّدِ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ إِمَامِ اَلْمُتَّقِينَ، وَ قَائِدِ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ مِنَ اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى أَئِمَّةِ اَلْهُدَى اَلرَّاشِدِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلصِّدِّيقَةِ اَلطَّاهِرَةِ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْمُنْزَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْمُرْدِفِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْمُسَوِّمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلزَّوَّارِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلَّذِينَ هُمْ فِي هَذَا اَلْمَشْهَدِ مُقِيمُونَ.

ص: 199

ثُمَّ اِمْشِ حَتَّى تَقِفَ عَلَى اَلْجَدَثِ، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَيْهِ فَاسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِكَ عَلَى اَلْحَدِّ اَلْمَرْسُومِ عِنْدَ مُعَايَنَتِهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْحَسَنِ اَلزَّكِيِّ اَلرَّضِيِّ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ اَلشَّهِيدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَصِيُّ اَلْبَرُّ اَلتَّقِيُّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْمُحْدِقِينَ بِكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ تَلَوْتَ اَلْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ صَبَرْتَ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِهِ، وَ عَبَدْتَهُ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ. لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَ أُمَّةً قَاتَلَتْكَ، وَ أُمَّةً أَعَانَتْ عَلَيْكَ، وَ أُمَّةً خَالَفَتْكَ، وَ أُمَّةً دَعَتْكَ فَلَمْ تُجِبْكَ، وَ أُمَّةً بَلَغَهَا ذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ، وَ أَلْحِقْهُمْ بِدَرْكِ اَلْجَحِيمِ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَكَ، وَ هَدَمُوا كَعْبَتَكَ، وَ اِسْتَحَلُّوا حَرَمَكَ، وَ أَلْحَدُوا فِي اَلْبَيْتِ اَلْحَرَامِ، وَ حَرَّفُوا كِتَابَكَ، وَ سَفَكُوا دِمَاءَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، وَ أَظْهَرُوا اَلْفَسَادَ فِي أَرْضِكَ، وَ اِسْتَذَلُّوا عِبَادَكَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

اَللَّهُمَّ ضَاعِفْ لَهُمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ، وَ اِجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ اَلْمُصْطَفَيْنَ، وَ حَبِّبْ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ، وَ أَلْحِقْنِي بِهِمْ، وَ اِجْعَلْنِي مَعَهُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ص: 200

ثُمَّ ضَعْ يَدَكَ اَلْيُسْرَى عَلَى اَلْقَبْرِ وَ أَشِرْ بِالْيُمْنَى إِلَيْهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، إِنْ لَمْ أَكُنْ أَدْرَكْتُ نُصْرَتَكَ بِيَدِي فَهَا أَنَا ذَا وَافِدٌ إِلَيْكَ بِنُصْرَتِي، قَدْ أَجَابَكَ قَلْبِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ بَدَنِي وَ رَأْيِي وَ هَوَايَ، عَلَى اَلتَّسْلِيمِ لَكَ وَ لِلْخَلَفِ اَلْبَاقِي مِنْ بَعْدِكَ وَ اَلْأَدِلاَّءِ عَلَى اَللَّهِ مِنْ وُلْدِكَ، فَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتَّى يَحْكُمَ اَللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ هُوَ خَيْرُ اَلْحَاكِمِينَ.

ثُمَّ اِرْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ هَذَا اَلْقَبْرَ قَبْرُ حَبِيبِكَ وَ صَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، اَلْفَائِزِ بِكَرَامَتِكَ، أَكْرَمْتَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَ أَعْطَيْتَهُ مَوَارِيثَ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ جَعَلْتَهُ حُجَّةً لَكَ عَلَى خَلْقِكَ، فَأَعْذَرَ(1) فِي اَلدَّعْوَةِ، وَ بَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ، لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ اَلضَّلاَلَةِ وَ اَلْجَهَالَةِ وَ اَلْعَمَى وَ اَلشَّكِّ وَ اَلاِرْتِيَابِ، إِلَى بَابِ اَلْهُدَى وَ اَلرَّشَادِ، وَ أَنْتَ - يَا سَيِّدِي - بِالْمَنْظَرِ اَلْأَعْلَى تَرَى وَ لاَ تُرَى. وَ قَدْ تَوَازَرَ عَلَيْهِ فِي [غَيْرِ] طَاعَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ مَنْ غَرَّتْهُ اَلدُّنْيَا وَ بَاعَ آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ اَلْأَوْكَسِ (2)، وَ أَسْخَطَكَ وَ أَسْخَطَ رَسُولَكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَطَاعَ مِنْ عِبَادِكَ أَهْلَ اَلشِّقَاقِ وَ اَلنِّفَاقِ، وَ حَمَلَةَ اَلْأَوْزَارِ وَ اَلْمُسْتَوْجِبِينَ اَلنَّارَ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنْهُمْ لَعْناً وَبِيلاً وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً.

ثُمَّ حُطَّ يَدَيْكَ، وَ أَشِرْ بِالْيُمْنَى مِنْهُمَا إِلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ اَلْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِكَ وَ ذُرِّيَّتِكَ اَلَّذِينَ حَبَاهُمُ اَللَّهُ بِالْحُجَجِ اَلْبَالِغَةِ وَ اَلنُّورِ وَ اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ.

ص: 201


1- عذر في الأمر اي بالغ فيه.
2- الوكس: النّقص يقال: وكس فلان في تجارته، و أوكس ايضا على ما لم يسمّ فاعله فيهما، اي آخر. الصّحاح - وكس - 989:3.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، مَا أَجَلَّ مُصِيبَتَكَ وَ أَعْظَمَهَا عِنْدَ اَللَّهِ! وَ مَا أَجَلَّ مُصِيبَتَكَ وَ أَعْظَمَهَا عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ! وَ مَا أَجَلَّ مُصِيبَتَكَ وَ أَعْظَمَهَا عِنْدَ أَوْلِيَاءِ اَللَّهِ! وَ مَا أَجَلَّ مُصِيبَتَكَ وَ أَعْظَمَهَا عِنْدَ اَلْمَلَإِ اَلْأَعْلَى! وَ مَا أَجَلَّ مُصِيبَتَكَ وَ أَعْظَمَهَا عِنْدَ شِيعَتِكَ خَاصَّةً!

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي اَلظُّلُمَاتِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اَللَّهِ وَ أَمِينُهُ، وَ خَازِنُ عِلْمِهِ، وَ وَصِيُّ وَصِيِّ نَبِيِّهِ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَ نَصَحْتَ، وَ صَبَرْتَ عَلَى اَلْأَذَى(1). وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ قُتِلْتَ وَ حُرِمْتَ وَ غُصِبْتَ وَ ظُلِمْتَ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ جُحِدْتَ وَ اهتظمت [اُهْتُضِمْتَ] وَ صَبَرْتَ فِي ذَاتِ اَللَّهِ، وَ أَنَّكَ قَدْ كُذِّبْتَ وَ دُفِعْتَ عَنْ حَقِّكَ وَ أُسِيءَ إِلَيْكَ وَ اِحْتَمَلْتَ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْإِمَامُ اَلرَّاشِدُ اَلْهَادِي اَلْمَهْدِيُّ، هَدَيْتَ وَ قُمْتَ بِالْحَقِّ، وَ عَمِلْتَ بِهِ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّ طَاعَتَكَ مُفْتَرَضَةٌ، وَ قَوْلَكَ اَلصِّدْقُ، وَ دَعْوَتَكَ اَلْحَقُّ، وَ أَنَّكَ دَعَوْتَ إِلَى اَلْحَقِّ وَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ فَلَمْ تُجَبْ، وَ أَمَرْتَ بِطَاعَةِ اَللَّهِ فَلَمْ تُطَعْ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعَائِمِ اَلدِّينِ وَ عَمُودُهُ، وَ رُكْنُ اَلْأَرْضِ وَ عِمَادُهَا.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ كَلِمَةُ اَلتَّقْوَى، وَ بَابُ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْحُجَّةُ عَلَى مَنْ فِي اَلدُّنْيَا. وَ أُشْهِدُ اَللَّهَ وَ مَلاَئِكَتَهُ وَ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ وَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَ لَكُمْ تَابِعٌ فِي ذَاتِ نَفْسِي وَ شَرَائِعِ دِينِي وَ خَوَاتِيمِ عَمَلِي وَ مُنْقَلَبِي إِلَى رَبِّي.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَدَّيْتَ عَنِ اَللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ صَادِقاً، وَ قُلْتَ أَمِيناً، وَ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مُجْتَهِداً، وَ مَضَيْتَ عَلَى يَقِينٍ، لَمْ تُؤْثِرْ ضَلاَلاً عَلَى هُدًى، وَ لَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى

ص: 202


1- في نسخة «م» في جنبه.

بَاطِلٍ، فَجَزَاكَ اَللَّهُ عَنْ رَعِيَّتِكَ خَيْراً، وَ صَلَّى عَلَيْكَ صَلاَةً لاَ يُحْصِيهَا غَيْرُهُ، وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَيْهِ مَلاَئِكَتُكَ وَ أَنْبِيَاؤُكَ وَ رُسُلُكَ وَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْأَئِمَّةُ أَجْمَعُونَ، صَلاَةً كَثِيرَةً مُتَتَابِعَةً مُتَرَادِفَةً، يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً، فِي مَحْضَرِنَا وَ إِذَا غِبْنَا، وَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، صَلاَةً لاَ اِنْقِطَاعَ لَهَا وَ لاَ نَفَادَ.

اَللَّهُمَّ أَبْلِغْ رُوحَهُ وَ جَسَدَهُ فِي سَاعَتِي هَذِهِ وَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ، تَحِيَّةً مِنِّي كَثِيرَةً وَ سَلاَماً، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اِتَّبَعْنَا اَلرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، أَتَيْتُكَ - بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي - زَائِراً وَافِداً إِلَيْكَ مُتَوَجِّهاً بِكَ إِلَى رَبِّكَ وَ رَبِّي، لِيُنْجِحَ بِكَ حَوَائِجِي وَ يُعْطِيَنِي بِكَ سُؤْلِي، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَهُ، وَ كُنْ لِي شَفِيعاً، فَقَدْ جِئْتُكَ هَارِباً مِنْ ذُنُوبِي، مُتَنَصِّلاً إِلَى رَبِّي مِنْ سَيِّ ءِ عَمَلِي، رَاجِياً فِي مَوْقِفِي هَذَا اَلْخَلاَصَ مِنْ عُقُوبَةِ رَبِّي، طَامِعاً أَنْ يَسْتَنْقِذَنِي رَبِّي بِكَ مِنَ اَلرَّدَى. أَتَيْتُكَ - يَا مَوْلاَيَ - وَافِداً إِلَيْكَ إِذْ رَغِبَ عَنْ زِيَارَتِكَ أَهْلُ اَلدُّنْيَا، وَ إِلَيْكَ كَانَتْ رِحْلَتِي، وَ لَكَ عَبْرَتِي وَ صَرْخَتِي، وَ عَلَيْكَ أَسَفِي، وَ لَكَ نَحِيبِي وَ زَفْرَتِي، وَ عَلَيْكَ تَحِيَّتِي وَ سَلاَمِي.

أَلْقَيْتُ رَحْلِي بِفِنَائِكَ، مُسْتَجِيراً بِكَ وَ بِقَبْرِكَ مِمَّا أَخَافُ مِنْ عَظِيمِ جُرْمِي، وَ أَتَيْتُكَ زَائِراً أَلْتَمِسُ ثَبَاتَ اَلْقَدَمِ فِي اَلْهِجْرَةِ إِلَيْكَ، وَ قَدْ تَيَقَّنْتُ أَنَّ اَللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِكُمْ يُنَفِّسُ اَلْهَمَّ، وَ بِكُمْ يَكْشِفُ اَلْكَرْبَ، وَ بِكُمْ يُبَاعِدُ نَائِبَاتِ اَلزَّمَانِ اَلْكَلِبِ (1)، وَ بِكُمْ فَتَحَ اَللَّهُ وَ بِكُمْ يَخْتِمُ، وَ بِكُمْ يُنَزِّلُ اَلْغَيْثَ وَ بِكُمْ يُنْزِلُ اَلرَّحْمَةَ، وَ بِكُمْ يُمْسِكُ

ص: 203


1- الكلب: اي الزّمن الشّديد.

اَلْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا، وَ بِكُمْ يُثْبِتُ اَللَّهُ (جِبَالَهَا عَلَى مَرَاسِيهَا)(1).

وَ قَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَى رَبِّي بِكَ - يَا سَيِّدِي - فِي قَضَاءِ حَوَائِجِي، وَ مَغْفِرَةِ ذُنُوبِي، فَلاَ أَخِيبَنَّ مِنْ بَيْنِ زُوَّارِكَ، وَ قَدْ خَشِيتُ ذَلِكَ إِنْ لَمْ تَشْفَعْ لِي، وَ لاَ يَنْصَرِفَنَّ زُوَّارُكَ - يَا مَوْلاَيَ - بِالْعَطَاءِ وَ اَلْحِبَاءِ وَ اَلْخَيْرِ وَ اَلْجَزَاءِ وَ اَلْمَغْفِرَةِ وَ اَلرِّضَاءِ، وَ أَنْصَرِفُ أَنَا مَجْبُوهاً(2)بِذُنُوبِي، مَرْدُوداً عَلَيَّ عَمَلِي، قَدْ خُيِّبْتُ لِمَا سَلَفَ مِنِّي.

فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالِي فَالْوَيْلُ لِي مَا أَشْقَانِي وَ أَخْيَبَ سَعْيِي! وَ فِي حُسْنِ ظَنِّي بِرَبِّي وَ بِنَبِيِّي وَ بِكَ يَا مَوْلاَيَ وَ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ سَادَاتِي أَنْ لاَ أَخِيبَ، فَاشْفَعْ لِي إِلَى رَبِّي لِيُعْطِيَنِي أَفْضَلَ مَا أَعْطَى أَحَداً مِنْ زُوَّارِكَ وَ اَلْوَافِدِينَ إِلَيْكَ، وَ يَحْبُوَنِي وَ يُكْرِمَنِي وَ يُتْحِفَنِي بِأَفْضَلِ مَا مَنَّ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ زُوَّارِكَ وَ اَلْوَافِدِينَ إِلَيْكَ.

ثُمَّ اِرْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ قَدْ تَرَى مَكَانِي وَ تَسْمَعُ كَلاَمِي وَ دُعَائِي، وَ تَرَى مَقَامِي وَ تَضَرُّعِي وَ مَلاَذِي بِقَبْرِ وَلِيِّكِ وَ اِبْنِ حُجَّتِكَ وَ اِبْنِ نَبِيِّكَ. وَ قَدْ عَلِمْتَ يَا سَيِّدِي حَوَائِجِي، وَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ حَالِي. وَ قَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِابْنِ رَسُولِكَ وَ حُجَّتِكَ وَ أَمِينِكَ، وَ قَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً بِهِ إِلَيْكَ وَ إِلَى رَسُولِكَ، فَاجْعَلْنِي بِهِ عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَعْطِنِي بِزِيَارَتِي أَمَلِي، وَ هَبْ لِي مُنَايَ، وَ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِسُؤْلِي وَ رَغْبَتِي وَ اِقْضِ لِي حَوَائِجِي، وَ لاَ تَرُدَّنِي خَائِباً، وَ لاَ تَقْطَعْ رَجَائِي، وَ لاَ تُخَيِّبْ دُعَائِي، وَ عَرِّفْنِي اَلْإِجَابَةَ فِي جَمِيعِ مَا سَأَلْتُكَ وَ دَعْوَتُكَ مِنْ أَمْرِ اَلدِّينِ وَ اَلدُّنْيَا، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ اَلَّذِينَ صَرَفْتَ عَنْهُمُ اَلْبَلاَيَا وَ اَلْأَمْرَاضَ، وَ اَلْفِتَنَ وَ اَلْأَعْرَاضَ، مِنَ اَلَّذِينَ تُحْيِيهِمْ فِي عَافِيَةٍ،

ص: 204


1- في نسخة «م»: جبالها على مراتبها.
2- مجبوها: أيّ ممنوعا.

وَ تُمِيتُهُمْ فِي عَافِيَةٍ، وَ تُدْخِلُهُمُ اَلْجَنَّةَ فِي عَافِيَةٍ، وَ تُنْجِيهِمْ مِنَ اَلنَّارِ فِي عَافِيَةٍ، وَ وَفِّقْ لِي بِمَنٍّ مِنْكَ صَلاَحَ مَا أُؤَمِّلُ فِي نَفْسِي وَ أَهْلِي، وَ وُلْدِي وَ إِخْوَانِي وَ مَالِي وَ جَمِيعَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حُجَّتِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اَللَّهِ وَ أَمِينُهُ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي عِبَادِهِ، وَ خَازِنُ عِلْمِهِ، وَ مُسْتَوْدَعُ سِرِّهِ، بَلَّغْتَ عَنِ اَللَّهِ مَا أُمِرْتَ بِهِ، وَ وَفَيْتَ وَ أَوْفَيْتَ، وَ مَضَيْتَ عَلَى يَقِينٍ شَهِيداً وَ شَاهِداً وَ مَشْهُوداً، صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَ رَحْمَتُهُ عَلَيْكَ. أَنَا يَا مَوْلاَيَ وَلِيُّكَ اَللاَّئِذُ بِكَ فِي طَاعَتِكَ، أَلْتَمِسُ ثَبَاتَ اَلْقَدَمِ فِي اَلْهِجْرَةِ عِنْدَكَ، وَ كَمَالَ اَلْمَنْزِلَةِ فِي اَلْآخِرَةِ.

أَتَيْتُكَ - بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي - زَائِراً، وَ بِحَقِّكَ عَارِفاً، مُتَّبِعاً لِلْهُدَى اَلَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، مُوجِباً لِطَاعَتِكَ، مُسْتَيْقِناً فَضْلَكَ، مُسْتَبْصِراً بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَكَ، عَالِماً بِهِ، مُسْتَمْسِكاً بِوَلاَيَتِكَ وَ وَلاَيَةِ آبَائِكَ وَ ذُرِّيَّتِكَ اَلطَّاهِرِينَ. أَلاَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ وَ خَالَفَتْكُمْ، وَ شَهِدَتْكُمْ فَلَمْ تُجَاهِدْ مَعَكُمْ، وَ غَصَبَتْكُمْ حَقَّكُمْ.

أَتَيْتُكَ - يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ - مَكْرُوباً، وَ أَتَيْتُكَ مَغْمُوماً، وَ أَتَيْتُكَ مُفْتَقِراً إِلَى شَفَاعَتِكَ، وَ لِكُلِّ زَائِرٍ حَقٌّ عَلَى مَنْ أَتَاهُ وَ زَارَهُ، وَ أَنَا زَائِرُكَ وَ مَوْلاَكَ، وَ ضَيْفُكَ اَلنَّازِلُ بِكَ، وَ اَلْحَالُّ بِفِنَائِكَ، وَ لِي حَوَائِجُ مِنْ حَوَائِجِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، بِكَ أَتَوَجَّهُ إِلَى اَللَّهِ فِي نُجْحِهَا وَ قَضَائِهَا، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ وَ رَبِّي فِي قَضَاءِ حَوَائِجِي كُلِّهَا، وَ قَضَاءِ حَاجَتِيَ اَلْعُظْمَى اَلَّتِي إِنْ أَعْطَانِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعَنِي، وَ إِنْ مَنَعَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَانِي، فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ اَلدَّرَجَاتِ اَلْعُلَى، وَ اَلْمِنَّةِ عَلَيَّ بِجَمِيعِ سُؤْلِي وَ رَغْبَتِي وَ شَهْوَتِي وَ إِرَادَتِي وَ مُنَايَ، وَ صَرْفِ جَمِيعِ اَلْمَكْرُوهِ وَ اَلْمَحْذُورِ عَنِّي وَ عَنْ أَهْلِي وَ وُلْدِي وَ إِخْوَانِي

ص: 205

وَ مَالِي وَ جَمِيعِ مَا أَنْعَمَ عَلَيَّ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ اِرْفَعْ رَأْسَكَ وَ قُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَنِي مِنْ زُوَّارِ قَبْرِ اِبْنِ نَبِيِّهِ، وَ رَزَقَنِي مَعْرِفَةَ فَضْلِهِ، وَ اَلْإِقْرَارَ بِحَقِّهِ، وَ اَلشَّهَادَةَ بِطَاعَتِهِ رَبَّنٰا آمَنّٰا بِمٰا أَنْزَلْتَ وَ اِتَّبَعْنَا اَلرَّسُولَ فَاكْتُبْنٰا مَعَ اَلشّٰاهِدِينَ (1).

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلِيكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ خَاذِلِيكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ سَالِبِيكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ رَمَاكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ طَعَنَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ اَلْمُعِينِينَ عَلَيْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ اَلسَّائِرِينَ إِلَيْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ مَنَعَكَ شُرْبَ مَاءِ اَلْفُرَاتِ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ دَعَاكَ وَ غَشَّكَ وَ خَذَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ اِبْنَ آكِلَةِ اَلْأَكْبَادِ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ اِبْنَهُ اَلَّذِي وَتَرَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أَعْوَانَهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ، وَ أَنْصَارَهُمْ وَ مُحِبِّيهِمْ، وَ مَنْ أَسَّسَ لَهُمْ، وَ حَشَا اَللَّهُ قُبُورَهُمْ نَاراً، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ - بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي - وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ اِنْحَرِفْ عَنِ اَلْقَبْرِ وَ حَوِّلْ وَجْهَكَ إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَ اِرْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وَ تَعَبَّأَ، وَ أَعَدَّ وَ اِسْتَعَدَّ لِوِفَادَةٍ إِلَى مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ وَ جَائِزَتِهِ، وَ نَوَافِلِهِ وَ فَوَاضِلِهِ وَ عَطَايَاهُ، يَا رَبِّ فَإِلَيْكَ كَانَتْ تَهْيِئَتِي وَ تَعْبِئَتِي وَ إِعْدَادِي وَ اِسْتِعْدَادِي وَ سَفَرِي، وَ إِلَى قَبْرِ وَلِيِّكَ وَفَدْتُ، وَ بِزِيَارَتِهِ إِلَيْكَ تَقَرَّبْتُ، رَجَاءَ رِفْدِكَ وَ جَوَائِزِكَ، وَ نَوَافِلِكَ وَ عَطَايَاكَ وَ فَوَاضِلِكَ.

اَللَّهُمَّ وَ قَدْ رَجَوْتُ كَرِيمَ عَفْوِكَ، وَ وَاسِعَ مَغْفِرَتِكَ، فَلاَ تَرُدَّنِي خَائِباً، فَإِلَيْكَ قَصَدْتُ، وَ مَا عِنْدَكَ أَرَدْتُ، وَ قَبْرَ إِمَامِيَ اَلَّذِي أَوْجَبْتَ عَلَيَّ طَاعَتَهُ زُرْتُ، فَاجْعَلْنِي

ص: 206


1- آل عمران 53:3.

عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ أَعْطِنِي سُؤْلِي، وَ اِقْضِ لِي بِهِ جَمِيعَ حَوَائِجِي، وَ لاَ تَقْطَعْ رَجَائِي، وَ لاَ تُخَيِّبْ دُعَائِي، وَ اِرْحَمْ ضَعْفِي وَ قِلَّةَ حِيلَتِي، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي وَ لاَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.

مَوْلاَيَ قَدْ أَفْحَمَتْنِي ذُنُوبِي، وَ قَطَعَتْ حُجَّتِي، وَ اُبْتُلِيتُ بِخَطِيئَتِي، وَ اِرْتَهَنْتُ بِعَمَلِي، وَ أَوْبَقْتُ نَفْسِي، وَ أَوْقَفْتُهَا مَوْقِفَ اَلْأَذِلاَّءِ اَلْمُذْنِبِينَ اَلْمُجْتَرِينَ عَلَيْكَ، اَلتَّارِكِينَ أَمْرَكَ، اَلْمُغْتَرِّينَ بِكَ، اَلْمُسْتَخِفِّينَ بِوَعْدِكَ، وَ قَدْ أَوْبَقَنِي مَا كَانَ مِنْ قَبِيحِ جُرْمِي، وَ سُوءِ نَظَرِي لِنَفْسِي فَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَ نَدَامَتِي، وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَ اِرْحَمْ عَبْرَتِي، وَ اِقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وَ عُدْ بِحِلْمِكَ عَلَى جَهْلِي، وَ بِإِحْسَانِكَ عَلَى إِسَاءَتِي، وَ بِعَفْوِكَ عَلَى جُرْمِي، فَإِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ عَمَلِي، فَارْحَمْنِي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِذَنْبِي، مُعْتَرِفٌ بِخَطِيئَتِي، وَ هَذِهِ يَدِي وَ نَاصِيَتِي، أَسْتَكِينُ بِالْفَقْرِ مِنِّي يَا سَيِّدِي، فَاقْبَلْ تَوْبَتِي، وَ نَفِّسْ كَرْبِي، وَ اِرْحَمْ خُشُوعِي وَ أَسَفِي عَلَى مَا كَانَ مِنِّي، وَ وُقُوفِي عِنْدَ قَبْرِ وَلِيِّكَ، وَ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَأَنْتَ رَجَائِي وَ مُعْتَمَدِي، وَ ظَهْرِي وَ عُدَّتِي، فَلاَ تَرُدَّنِي خَائِباً، وَ تَقَبَّلْ عَمَلِي، وَ اُسْتُرْ عَوْرَتِي، وَ آمِنْ رَوْعَتِي، وَ لاَ تُخَيِّبْنِي، وَ لاَ تَقْطَعْ رَجَائِي مِنْ بَيْنِ خَلْقِكَ يَا سَيِّدِي.

اَللَّهُمَّ وَ قَدْ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ اَلْمُنْزَلِ عَلَى نَبِيِّكَ اَلْمُرْسَلِ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰاخِرِينَ (1).

يَا رَبِّ وَ قَوْلُكَ اَلْحَقُّ وَ أَنْتَ اَلَّذِي لاَ تُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ، فَاسْتَجِبْ لِي يَا رَبِّ، فَقَدْ سَأَلَكَ اَلسَّائِلُونَ وَ سَأَلْتُكَ، وَ طَلَبَ اَلطَّالِبُونَ وَ طَلَبْتُ مِنْكَ، وَ رَغِبَ اَلرَّاغِبُونَ وَ رَغِبْتُ

ص: 207


1- غافر 60:40.

إِلَيْكَ، وَ أَنْتَ أَهْلٌ أَنْ لاَ تُخَيِّبَنِي وَ لاَ تَقْطَعَ رَجَائِي، فَعَرِّفْنِي اَلْإِجَابَةَ يَا سَيِّدِي وَ اِقْضِ لِي حَوَائِجَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اِنْصَرِفْ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ وَ يس، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ وَ اَلرَّحْمَنَ. و قد روي في صفة صلاة الزائر للحسين عليه السّلام روايتان نذكرهما في الفصل العشرين إن شاء اللّه تعالى.

فَإِذَا سَلَّمْتَ فَسَبِّحْ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَ مَجِّدِ اللَّهَ كَثِيراً، وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ، وَ صَلِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ، ثُمَّ ارْفَعْ يَدَيْكَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنَّا أَتَيْنَاهُ مُؤْمِنِينَ بِهِ، مُسَلِّمِينَ لَهُ، مُعْتَصِمِينَ بِحَبْلِهِ، عَارِفِينَ بِحَقِّهِ، مُقِرِّينَ بِفَضْلِهِ، مُسْتَبْصِرِينَ بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَهُ، عَارِفِينَ بِالْهُدَى اَلَّذِي هُوَ عَلَيْهِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَلاَئِكَتَكَ - مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ - أَنِّي بِهِمْ مُؤْمِنٌ، وَ أَنِّي بِمَنْ قَتَلَهُمْ كَافِرٌ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ لِمَا أَقُولُ بِلِسَانِي حَقِيقَةً فِي قَلْبِي، وَ شَرِيعَةً فِي عَمَلِي. اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ لَهُ مَعَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَدَمٌ ثَابِتٌ، وَ أَثْبِتْنِي فِي مَنِ اُسْتُشْهِدَ مَعَهُ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ كُفْراً، سُبْحَانَكَ يَا حَلِيمُ عَمَّا يَعْمَلُ اَلظَّالِمُونَ فِي اَلْأَرْضِ.

يَا عَظِيمُ تَرَى كُلَّ عَظِيمِ اَلْجُرْمِ مِنْ عِبَادِكَ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ، تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ اَلظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً.

يَا كَرِيمُ أَنْتَ شَاهِدٌ غَيْرُ غَائِبٍ، وَ عَالِمٌ بِمَا أُتِيَ إِلَى أَهْلِ صَلَوَاتِكَ وَ أَحِبَّائِكَ مِنَ اَلْأَمْرِ اَلَّذِي لاَ تَحْتَمِلُهُ سَمَاءٌ وَ لاَ أَرْضٌ، وَ لَوْ شِئْتَ لاَنْتَقَمْتَ مِنْهُمْ وَ لَكِنَّكَ ذُو أَنَاةٍ، وَ قَدْ أَمْهَلْتَ اَلَّذِينَ اِجْتَرَءُوا عَلَيْكَ وَ عَلَى رَسُولِكَ وَ حَبِيبِكَ، وَ أَسْكَنْتَهُمْ أَرْضَكَ،

ص: 208

وَ غَذَوْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ، وَ وَقْتٍ هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ، لِيَسْتَكْمِلُوا اَلْعَمَلَ فِيهِ اَلَّذِي قَدَّرْتَ، وَ اَلْأَجَلَ اَلَّذِي أَجَّلْتَ، فِي عَذَابٍ وَ وَثَاقٍ، وَ حَمِيمٍ وَ غَسَّاقٍ، وَ اَلضَّرِيعِ وَ اَلْإِحْرَاقِ، وَ اَلْأَغْلاَلِ وَ اَلْأَوْثَاقِ، وَ غِسْلِينٍ وَ زَقُّومٍ وَ صَدِيدٍ، مَعَ طُولِ اَلْمُقَامِ فِي أَيَّامِ لَظَى، وَ فِي سَقَرَ اَلَّتِي لاَ تُبْقِي وَ لاَ تَذَرُ، وَ فِي اَلْحَمِيمِ وَ اَلْجَحِيمِ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ اِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ اَلدُّعَاءِ فَاسْجُدْ وَ قُلْ فِي سُجُودِكَ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَلاَئِكَتَكَ وَ أَنْبِيَاءَكَ وَ رُسُلَكَ وَ جَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ (أَنْتَ)(1) اَللَّهُ (لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ)(2) رَبِّي، وَ اَلْإِسْلاَمُ دِينِي، وَ مُحَمَّدٌ نَبِيِّي، وَ عَلِيٌّ وَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ وَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَلِيُّ اِبْنُ مُوسَى وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ اَلْخَلَفُ اَلْبَاقِي - عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ اَلسَّلاَمِ - أَئِمَّتِي، بِهِمْ أَتَوَلَّى. وَ مِنْ عَدُوِّهِمْ أَتَبَرَّأُ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ دَمَ اَلْمَظْلُومِ (ثَلاَثاً) أَللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ بِإِيوَائِكَ عَلَى نَفْسِكَ لِأَوْلِيَائِكَ لَتُظْفِرَنَّهُمْ بِعَدُوِّكَ وَ عَدُوِّهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى اَلْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ اَلْيُسْرَ بَعْدَ اَلْعُسْرِ (ثَلاَثاً).

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: يَا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي اَلْمَذَاهِبُ وَ تَضِيقُ عَلَيَّ اَلْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَ يَا بَارِئَ خَلْقِي رَحْمَةً بِي وَ قَدْ كَانَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى اَلْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ.

ص: 209


1- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».
2- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْسَرَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ: يَا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ، وَ يَا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيلٍ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ فَرِّجْ عَنِّي.

ثُمَّ قُلْ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ يَا كَاشِفَ اَلْكُرَبِ اَلْعِظَامِ (ثَلاَثاً).

ثُمَّ عُدْ إِلَى اَلسُّجُودِ وَ قُلْ: شُكْراً شُكْراً (مِائَةَ مَرَّةٍ) وَ سَلْ حَاجَتَكَ.

و إن استطاع من حضر عند ضريحه الشريف فليصل صلاته و يدعو بدعائها. و سيجيء وصف ذلك في الفصل العشرين إن شاء اللّه تعالى.

ص: 210

زيارة علي بن الحسين عليهما السّلام

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى اَلرِّجْلَيْنِ وَ قِفْ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَنْبِيَائِهِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ، عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ اِبْنَ مَوْلاَيَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ وَ عَلَى عِتْرَةِ آبَائِكَ اَلْأَخْيَارِ اَلْأَبْرَارِ اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً، وَ عَذَّبَ اَللَّهُ قَاتِلِيكَ بِأَنْوَاعِ اَلْعَذَابِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ص: 211

زيارة الشهداء عليهم السّلام

ثُمَّ أَوْمِ إِلَى نَاحِيَةِ اَلرِّجْلَيْنِ بِالسَّلاَمِ عَلَى اَلشُّهَدَاءِ، فَهُمْ هُنَاكَ، وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلرَّبَّانِيُّونَ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ وَ أَنْصَارٌ. أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَنْصَارُ اَللَّهِ جَلَّ اِسْمُهُ، وَ سَادَةُ اَلشُّهَدَاءِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، صَبَرْتُمْ وَ اِحْتَسَبْتُمْ، وَ لَمْ تَهِنُوا وَ لَمْ تَضْعُفُوا وَ لَمْ تَسْتَكِينُوا، حَتَّى لَقِيتُمُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى سَبِيلِ اَلْحَقِّ وَ نَصْرِهِ، وَ كَلِمَةِ اَللَّهِ اَلتَّامَّةِ، صَلَّى اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَبْدَانِكُمْ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

أَبْشِرُوا - رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ - بِمَوْعِدِ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ خُلْفَ لَهُ، اَللَّهُ تَعَالَى مُدْرِكٌ بِكُمْ ثَأْرَ مَا وَعَدَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ جَاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ قُتِلْتُمْ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اِبْنِ رَسُولِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَجَزَاكُمُ اَللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَ اِبْنِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ وَ أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ (1).

و سنذكر عقيب الزيارة الخامسة من هذا الفصل ما يستحب أن يقوله الزائر كلّما خرج من عنده صلوات اللّه عليه.

وَ اجْتَهِدْ أَنْ لَا تَفُوتَكَ فَرِيضَةً وَ لَا نَافِلَةً بِالْحَائِرِ الشَّرِيفِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اَلْفَرِيضَةَ فِيهِ بِحَجَّةٍ، وَ اَلنَّافِلَةَ بِعُمْرَةٍ (2).

ص: 212


1- اوردها المفيد في مزاره: 91.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 1/251، و المفيد في مزاره: 1/116، و الطوسي في التهذيب 6: 141/73.

زيارة العبّاس ابن أمير المؤمنين عليه السّلام

اِمْشِ حَتَّى تَأْتِي مَشْهَدَهُ، فَإِذَا أَتَيْتَهُ فَقِفْ عَلَى بَابِ اَلسَّقِيفَةِ وَ قُلْ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَنْبِيَائِهِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ، وَ جَمِيعِ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ اَلزَّاكِيَاتِ اَلطَّيِّبَاتِ فِيمَا تَغْتَدِي وَ تَرُوحُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ. أَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْلِيمِ وَ اَلتَّصْدِيقِ وَ اَلْوَفَاءِ وَ اَلنَّصِيحَةِ لِخَلَفِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْمُرْسَلِ، وَ اَلسِّبْطِ اَلْمُنْتَجَبِ، وَ اَلدَّلِيلِ اَلْعَالِمِ، وَ اَلْوَصِيِّ اَلْمُبَلِّغِ، وَ اَلْمَظْلُومِ اَلْمُهْتَضَمِ. فَجَزَاكَ اَللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ عَنِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ بِمَا صَبَرْتَ وَ اِحْتَسَبْتَ وَ أَعَنْتَ، فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ.

لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ وَ اِسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَاءِ اَلْفُرَاتِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَ أَنَّ اَللَّهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ ثَأْرَ مَا وَعَدَكُمْ. جِئْتُكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَافِداً إِلَيْكُمْ وَ قَلْبِي مُسَلِّمٌ لَكُمْ، وَ أَنَا لَكُمْ تَابِعٌ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَحْكُمَ اَللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ هُوَ خَيْرُ اَلْحَاكِمِينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوِّكُمْ، إِنِّي بِكُمْ وَ بِإِيَابِكُمْ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ بِمَنْ خَالَفَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ مِنَ اَلْكَافِرِينَ، قَتَلَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالْأَيْدِي وَ اَلْأَلْسُنِ.

ثُمَّ اُدْخُلْ وَ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ اَلْمُطِيعُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمْ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ مَغْفِرَتُهُ وَ رِضْوَانُهُ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ. أَشْهَدُ وَ أُشْهِدُ اَللَّهَ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ اَلْبَدْرِيُّونَ وَ اَلْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، اَلْمُنَاصِحُونَ لَهُ فِي جِهَادِ أَعْدَائِهِ، اَلْمُبَالِغُونَ فِي نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ، اَلذَّابُّونَ عَنْ أَحِبَّائِهِ، فَجَزَاكَ اَللَّهُ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ، وَ أَوْفَرَ جَزَاءِ أَحَدٍ وَفَى

ص: 213

بِبَيْعَتِهِ، وَ اِسْتَجَابَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَ أَطَاعَ وُلاَةَ أَمْرِهِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَالَغْتَ فِي اَلنَّصِيحَةِ وَ أَعْطَيْتَ غَايَةَ اَلْمَجْهُودِ، فَبَعَثَكَ اَللَّهُ فِي اَلشُّهَدَاءِ، وَ جَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أَرْوَاحِ اَلسُّعَدَاءِ، وَ أَعْطَاكَ مِنْ جِنَانِهِ أَفْسَحَهَا مَنْزِلاً، وَ أَفْضَلَهَا غُرَفاً، وَ رَفَعَ ذِكْرَكَ فِي عِلِّيِّينَ، وَ حَشَرَكَ مَعَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً.

أَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَهِنْ وَ لَمْ تَنْكُلْ، وَ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ مُقْتَدِياً بِالصَّالِحِينَ، وَ مُتَّبِعاً لِلنَّبِيِّينَ، فَجَمَعَ اَللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ رَسُولِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ فِي مَنَازِلِ اَلْمُخْبِتِينَ (1) فَإِنَّهُ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ (2).

ثُمَّ اِنْحَرِفْ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلِّ بَعْدَهُمَا مَا بَدَا لَكَ، وَ اُدْعُ اَللَّهَ كَثِيراً، وَ قُلْ عَقِيبَ اَلصَّلاَةِ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تَدَعْ لِي فِي هَذَا اَلْمَكَانِ اَلْمُكَرَّمِ وَ اَلْمَشْهَدِ اَلْمُعَظَّمِ، ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَ لاَ هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، وَ لاَ مَرَضاً إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَ لاَ عَيْباً إِلاَّ سَتَرْتَهُ، وَ لاَ رِزْقاً إِلاَّ بَسَطْتَهُ، وَ لاَ خَوْفاً إِلاَّ آمَنْتَهُ، وَ لاَ شَمْلاً إِلاَّ جَمَعْتَهُ، وَ لاَ غَائِباً إِلاَّ حَفِظْتَهُ وَ أَدَّيْتَهُ، وَ لاَ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ لَكَ فِيهَا رِضًى وَ لِيَ فِيهَا صَلاَحٌ إِلاَّ قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ عُدْ إِلَى اَلضَّرِيحِ فَقِفْ عِنْدَ اَلرِّجْلَيْنِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْفَضْلِ اَلْعَبَّاسِ اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَوَّلِ اَلْقَوْمِ إِسْلاَماً، وَ أَقْدَمِهِمْ إِيمَاناً، وَ أَقْوَمِهِمْ

ص: 214


1- في نسخة م: المجتبين.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 256، و المفيد في مزاره: 107، و الطّوسيّ في مصباحه: 668، و التّهذيب 65:6.

بِدِينِ اَللَّهِ، وَ أَحْوَطِهِمْ عَلَى اَلْإِسْلاَمِ. أَشْهَدُ لَقَدْ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَخِيكَ، فَنِعْمَ اَلْأَخُ اَلْمُوَاسِي، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً اِسْتَحَلَّتْ مِنْكَ اَلْمَحَارِمَ، وَ اِنْتَهَكَتْ حُرْمَةَ اَلْإِسْلاَمِ. فَنِعْمَ اَلصَّابِرُ اَلْمُجَاهِدُ، اَلْمُحَامِي اَلنَّاصِرُ، اَلْأَخُ اَلدَّافِعُ عَنْ أَخِيهِ، اَلْمُجِيبُ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِ، اَلرَّاغِبُ فِي مَا زَهِدَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ اَلثَّوَابِ اَلْجَزِيلِ وَ اَلثَّنَاءِ اَلْجَمِيلِ، وَ أَلْحَقَكَ اَللَّهُ بِدَرَجَةِ آبَائِكَ فِي جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي تَعَرَّضْتُ لِزِيَارَةِ أَوْلِيَائِكَ رَغْبَةً فِي ثَوَابِكَ، وَ رَجَاءً لِمَغْفِرَتِكَ وَ جَزِيلِ إِحْسَانِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ أَنْ تَجْعَلَ رِزْقِي بِهِمْ دَارّاً، وَ عَيْشِي بِهِمْ قَارّاً، وَ زِيَارَتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً، وَ حَيَاتِي بِهِمْ طَيِّبَةً، وَ أَدْرِجْنِي إِدْرَاجَ اَلْمُكْرَمِينَ، وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْقَلِبُ مِنْ زِيَارَةِ مَشَاهِدِ أَحِبَّائِكَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً، قَدِ اِسْتَوْجَبَ غُفْرَانَ اَلذُّنُوبِ، وَ سَتْرَ اَلْعُيُوبِ، وَ كَشْفَ اَلْكُرُوبِ، إِنَّكَ أَهْلُ اَلتَّقْوَى وَ أَهْلُ اَلْمَغْفِرَةِ (1).

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ سَلاَمُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقُلْ:

أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِكِتَابِهِ وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ.

اَللَّهُمَّ اُكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ، اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي قَبْرَ اِبْنِ أَخِي رَسُولِكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ اُرْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَ اُحْشُرْنِي مَعَهُ وَ مَعَ آبَائِهِ فِي اَلْجِنَانِ، وَ عَرِّفْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ رَسُولِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى اَلْإِيمَانِ بِكَ، وَ اَلتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ، وَ اَلْوَلاَيَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ

ص: 215


1- رواه المفيد في مزاره: 109.

أَعْدَائِهِمْ، فَإِنِّي رَضِيتُ بِذَلِكَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ.

وَ اُدْعُ لِنَفْسِكَ وَ لِوَالِدَيْكَ وَ إِخْوَانِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ (1).(2).

و قد تقدّم ما يناسب هذه الزيارة لمسلم بن عقيل رحمه اللّه، و أعدناها استظهارا لأجل اختلاف الزيارتين في بعض الأسباب، و اللّه الموفّق.

ص: 216


1- في نسخة «م»: و المؤمنات و تخيّر من الدعاء ما شئت.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 1/258، و المفيد في مزاره: 110، و الشيخ الطوسي في مصباحه: 669، و التهذيب 70:6 ب 21، و ابن المشهدي في مزاره: 555.

ذكر وداع الحسين عليه السّلام

إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَارْجِعْ إِلَى ضَرِيحِهِ الشَّرِيفِ وَ قِفْ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، أَنْتَ لِي جُنَّةٌ مِنَ اَلْعَذَابِ، وَ هَذَا أَوَانُ اِنْصِرَافِي غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ وَ لاَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ سِوَاكَ، وَ لاَ مُؤْثِرٍ عَلَيْكَ غَيْرَكَ، وَ لاَ زَاهِدٍ فِي قُرْبِكَ، جُدْتُ بِنَفْسِي لِلْحَدَثَانِ، وَ تَرَكْتُ اَلْأَهْلَ وَ اَلْأَوْطَانَ، فَكُنْ لِي يَوْمَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي، يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنِّي وَالِدِي وَ لاَ وَلَدِي، وَ لاَ حَمِيمِي وَ لاَ قَرِيبِي. أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي قَدَّرَ عَلَيَّ فِرَاقَ مَكَانِكَ أَلاَّ يَجْعَلَهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي وَ مِنْ رُجُوعِي، وَ أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي أَبْكَى عَيْنِي عَلَيْكَ أَنْ يَجْعَلَهُ سَنَداً لِي، وَ أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي نَقَلَنِي إِلَيْكَ مِنْ رَحْلِي وَ أَهْلِي أَنْ يَجْعَلَهُ ذُخْراً لِي، وَ أَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي أَرَانِي مَكَانَكَ وَ هَدَانِي لِلتَّسْلِيمِ عَلَيْكَ وَ لِزِيَارَتِي إِيَّاكَ أَنْ يُورِدَنِي حَوْضَكُمْ، وَ يَرْزُقَنِي مُرَافَقَتَكُمْ فِي اَلْجِنَانِ مَعَ آبَائِكَ اَلصَّالِحِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ، حَبِيبَ اَللَّهِ وَ صَفْوَتَهُ وَ أَمِينَهُ وَ رَسُولَهُ وَ سَيِّدَ اَلنَّبِيِّينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ قَائِدَ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلرَّاشِدِينَ اَلْمَهْدِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ فِي اَلْحَائِرِ مِنْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. اَلسَّلاَمُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْبَاقِينَ اَلْمُقِيمِينَ اَلْمُسَبِّحِينَ اَلَّذِينَ هُمْ بِأَمْرِ رَبِّهِمْ قَائِمُونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ أَشِرْ إِلَى اَلْقَبْرِ بِمُسَبِّحَتِكَ اَلْيُمْنَى وَ قُلْ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَنْبِيَائِهِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ، يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ، وَ عَلَى ذُرِّيَّتِكَ، وَ مَنْ حَضَرَ مِنْ

ص: 217

أَوْلِيَائِكَ. أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمَ. آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ، اَللَّهُمَّ اُكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ.

ثُمَّ اِرْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهُ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ يَا رَبِّ فَاحْشُرْنِي مَعَهُ وَ مَعَ آبَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ، وَ إِنْ أَبْقَيْتَنِي فَارْزُقْنِي اَلْعَوْدَ ثُمَّ اَلْعَوْدَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تَشْغَلْنِي عَنْ ذِكْرِكَ بِإِكْثَارٍ مِنَ اَلدُّنْيَا تُلْهِينِي عَجَائِبُ بَهْجَتِهَا وَ تَفْتِنُنِي زَهَرَاتُ زِينَتِهَا، وَ لاَ بِإِقْلاَلٍ يُضِرُّ بِعَمَلِي كَدُّهُ وَ يَمْلَأُ صَدْرِي هَمُّهُ، وَ أَعْطِنِي مِنْ ذَلِكَ غِنًى عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ، وَ بَلاَغاً أَنَالُ بِهِ رِضَاكَ يَا رَحْمَنُ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَلاَئِكَةَ اَللَّهِ وَ زُوَّارَ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ.

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْقَبْرِ مَرَّةً، وَ اَلْأَيْسَرَ مَرَّةً أُخْرَى، وَ أَلِحَّ فِي اَلدُّعَاءِ وَ اَلْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّكَ فِي مَوْضِعِ ذَلِكَ (1).

ص: 218


1- اورده ابن قولويه في كامل الزيارات: 254، و المفيد في مزاره: 111، و الطوسي في مصباحه: 670، و التهذيب 67:6.

ذكر وداع علي بن الحسين عليه السّلام و من هناك من الشهداء رحمة اللّه عليهم

ثُمَّ حَوِّلْ وَجْهَكَ إِلَى قُبُورِ اَلشُّهَدَاءِ وَ وَدِّعْهُمْ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهُمْ، وَ أَشْرِكْنِي مَعَهُمْ فِي صَالِحِ مَا أَعْطَيْتَهُمْ عَلَى نَصْرِهِمْ اِبْنَ نَبِيِّكَ وَ حُجَّتَكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ جِهَادِهِمْ مَعَهُ. اَللَّهُمَّ اِجْمَعْنَا وَ إِيَّاهُمْ فِي جَنَّتِكَ مَعَ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً. أَسْتَوْدِعُكُمُ اَللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ اَلسَّلاَمَ، اَللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ إِلَيْهِمْ، وَ اُحْشُرْنِي مَعَهُمْ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اُخْرُجْ وَ لاَ تُوَلِّ وَجْهَكَ عَنِ اَلْقَبْرِ حَتَّى يَغِيبَ عَنْ مُعَايَنَتِكَ، وَ قِفْ بِالْبَابِ مُتَوَجِّهاً إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَتَقَبَّلَ عَمَلِي، وَ تَشْكُرَ سَعْيِي، وَ تُعَرِّفَنِيَ اَلْإِجَابَةَ فِي جَمِيعِ دُعَائِي، وَ لاَ تُخَيِّبْ سَعْيِي، وَ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي لَهُ، وَ اُرْدُدْنِي إِلَيْهِ بِبِرٍّ وَ تَقْوَى، وَ عَرِّفْنِي بَرَكَةَ زِيَارَتِهِ فِي اَلدِّينِ وَ اَلدُّنْيَا، وَ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ اَلْوَاسِعِ اَلْفَاضِلِ اَلْمُفْضِلِ اَلطَّيِّبِ، وَ اِرْزُقْنِي رِزْقاً وَاسِعاً حَلاَلاً كَثِيراً عَاجِلاً، صَبّاً صَبّاً، مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَ لاَ مَنٍّ مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَ اِجْعَلْهُ وَاسِعاً مِنْ فَضْلِكَ، كَثِيراً مِنْ عَطِيَّتِكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ سْئَلُوا اَللّٰهَ مِنْ فَضْلِهِ (1) فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْأَلُ، وَ مِنْ عَطِيَّتِكَ أَسْأَلُ، وَ مِنْ يَدِكَ اَلْمَلْأَى أَسْأَلُ، فَلاَ تَرُدَّنِي خَائِباً فَإِنِّي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْ لِي وَ عَافِنِي إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي. وَ اِجْعَلْ لِي فِي كُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَهَا عَلَى عِبَادِكَ أَوْفَرَ نَصِيبٍ،

ص: 219


1- النّساء 32:4.

وَ اِجْعَلْنِي خَيْراً مِمَّا أَنَا عَلَيْهِ، وَ اِجْعَلْ مَا أَصِيرُ إِلَيْهِ خَيْراً مِمَّا يَنْقَطِعُ عَنِّي، وَ اِجْعَلْ سَرِيرَتِي خَيْراً مِنْ عَلاَنِيَتِي، وَ أَعِذْنِي مِنْ أَنْ تَرَى اَلنَّاسَ فِيَّ خَيْراً وَ لاَ خَيْرَ فِيَّ، وَ اُرْزُقْنِي مِنَ اَلتِّجَارَةِ أَوْسَعَهَا رِزْقاً، وَ أْتِنِي وَ عِيَالِي يَا سَيِّدِي بِرِزْقٍ وَاسِعٍ يُغْنِينَا عَنْ دَنَاءَةِ خَلْقِكَ، وَ لاَ تَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ اَلْعِبَادِ فِيهِ مِنَّا.

وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنِ اِسْتَجَابَ لَكَ، وَ آمَنَ بِوَعْدِكَ، وَ اِتَّبَعَ أَمْرَكَ، وَ لاَ تَجْعَلْنِي أَخْيَبَ وَفْدِكَ وَ زُوَّارِ اِبْنِ نَبِيِّكَ، وَ أَعِذْنِي مِنَ اَلْفَقْرِ وَ مَوَاقِفِ اَلْخِزْيِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ اِقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً، مُسْتَجَاباً لِي بِأَفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ زُوَّارِ أَوْلِيَائِكَ، وَ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ.

وَ إِنْ لَمْ تَكُنِ اِسْتَجَبْتَ لِي، وَ غَفَرْتَ لِي، وَ رَضِيتَ عَنِّي، فَمِنَ اَلْآنَ فَاسْتَجِبْ لِي، وَ اِغْفِرْ لِي، وَ اِرْضَ عَنِّي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنِ اِبْنِ نَبِيِّكَ دَارِي، فَهَذَا أَوَانُ اِنْصِرَافِي إِنْ كُنْتَ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ وَ لاَ عَنْ أَوْلِيَائِكَ، وَ لاَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَ لاَ بِهِمْ.

اَللَّهُمَّ اِحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَ مِنْ خَلْفِي، وَ عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي، حَتَّى تُبَلِّغَنِي أَهْلِي، فَإِذَا بَلَّغْتَنِي فَلاَ تَبْرَأْ مِنِّي، وَ أَلْبِسْنِي وَ إِيَّاهُمْ دِرْعَكَ اَلْحَصِينَةَ، وَ اِكْفِنِي مَئُونَةَ جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَ اِمْنَعْنِي مِنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيَّ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ بِسُوءٍ، فَإِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ وَ اَلْقَادِرُ عَلَيْهِ، وَ أَعْطِنِي جَمِيعَ مَا سَأَلْتُكَ، وَ مُنَّ عَلَيَّ بِهِ، وَ زِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اِنْصَرِفْ وَ أَنْتَ تَحْمَدُ اَللَّهَ تَعَالَى وَ تُسَبِّحُهُ وَ تُهَلِّلُهُ وَ تُكَبِّرُهُ، إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 220


1- اورده المفيد في مزاره: 114، و الطوسي في مصباحه: 672، و التهذيب 69:6، و ابن المشهدي في مزاره: 561.

زيارة ثانية بألفاظ شافية

اشارة

نذكر منها بعض مصائب يوم الطف، يزار بها الحسين صلوات اللّه عليه و سلامه، زار بها المرتضى علم الهدى رضوان اللّه عليه، و سأذكرها على الوصف الذي أشار هو إليه؛

قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ اَلْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِكَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَ بِكَ اِسْتَعَنْتَ، وَ وَجْهَكَ طَلَبْتُ، وَ لِزِيَارَةِ اِبْنِ نَبِيِّكَ أَرَدْتُ، وَ لِرِضْوَانِكَ تَعَرَّضْتُ. اَللَّهُمَّ اِحْفَظْنِي فِي سَفَرِي وَ حَضَرِي، وَ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَ مِنْ خَلْفِي، وَ عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي، وَ مِنْ فَوْقِي وَ مِنْ تَحْتِي، وَ أَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرِّ.

اَللَّهُمَّ اِحْفَظْنِي بِمَا حَفِظْتَ بِهِ كِتَابَكَ اَلْمُنْزَلَ عَلَى نَبِيِّكَ اَلْمُرْسَلِ، يَا مَنْ قَالَ وَ هُوَ أَصْدَقُ اَلْقَائِلِينَ إِنّٰا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّٰا لَهُ لَحٰافِظُونَ (1).

وَ إِذَا بَلَغْتَ اَلْمَنْزِلَ تَقُولُ:

رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبٰارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْمُنْزِلِينَ (2) رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اِجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطٰاناً نَصِيراً (3) اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ اَلْبُقْعَةِ اَلْمُبَارَكَةِ وَ خَيْرَ أَهْلِهَا، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَ شَرِّ أَهْلِهَا، اَللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِكَ، وَ أَفِضْ عَلَيَّ مِنْ سَعَةِ رِزْقِكَ، وَ وَفِّقْنِي لِلْقِيَامِ بِأَدَاءِ حَقِّكَ، بِرَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ وَ مَنِّكَ وَ إِحْسَانِكَ يَا كَرِيمُ.

فَإِذَا رَأَيْتَ اَلْقُبَّةَ فَقُلْ:

ص: 221


1- الحجر 9:15.
2- المؤمنون 29:23.
3- الاسراء 80:17.

اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ وَ سَلاٰمٌ عَلىٰ عِبٰادِهِ اَلَّذِينَ اِصْطَفىٰ آللّٰهُ خَيْرٌ أَمّٰا يُشْرِكُونَ (1) وَ سَلاٰمٌ عَلَى اَلْمُرْسَلِينَ * وَ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ (2) وَ سَلاٰمٌ عَلىٰ إِلْيٰاسِينَ * إِنّٰا كَذٰلِكَ نَجْزِي اَلْمُحْسِنِينَ (3) وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ، اَلْأَوْصِيَاءِ اَلصَّادِقِينَ، اَلْقَائِمَيْنِ بِأَمْرِ اَللَّهِ وَ حُجَجِهِ، اَلدَّاعِينَ إِلَى سَبِيلِ اَللَّهِ، اَلْمُجَاهِدِينَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، اَلنَّاصِحِينَ لِجَمِيعِ عِبَادِهِ، اَلْمُسْتَخْلِفِينَ فِي بِلاَدِهِ، اَلْمُرْشِدِينَ إِلَى هِدَايَتِهِ وَ رَشَادِهِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

فَإِذَا قَرُبْتَ مِنَ اَلْمَشْهَدِ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ قَصَدَ اَلْقَاصِدُونَ، وَ فِي فَضْلِكَ طَمَعَ اَلرَّاغِبُونَ، وَ بِكَ اِعْتَصَمَ اَلْمُعْتَصِمُونَ، وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلَ اَلْمُتَوَكِّلُونَ. وَ قَدْ قَصَدْتُكَ وَافِداً، وَ إِلَى سِبْطِ نَبِيِّكَ وَارِداً، وَ بِرَحْمَتِكَ طَامِعاً، وَ لِعِزَّتِكَ خَاضِعاً، وَ لِوُلاَةِ أَمْرِكَ طَائِعاً، وَ لِأَمْرِهِمْ مُتَابِعاً، وَ بِكَ وَ بِمَنِّكَ عَائِذاً، وَ بِقَبْرِ وَلِيِّكَ مُتَمَسِّكاً، وَ بِحَبْلِكَ مُعْتَصِماً. اَللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى مَحَبَّةِ أَوْلِيَائِكَ وَ لاَ تَقْطَعْ أَثَرِي عَنْ زِيَارَتِهِمْ، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ أَدْخِلْنِي اَلْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِمْ.

فَإِذَا بَلَغْتَ مَوْضِعَ اَلْقَتْلِ فَقُلْ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اَللّٰهَ عَلىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (4). وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمٰا آتٰاهُمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ

ص: 222


1- النّمل 59:27.
2- الصّافّات 181:37-182.
3- الصّافّات 130:37.
4- الحجّ 39:22.

مِنَ اَللّٰهِ وَ فَضْلٍ وَ أَنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُؤْمِنِينَ (1) . قُلِ اَللّٰهُمَّ فٰاطِرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ عٰالِمَ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهٰادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبٰادِكَ فِي مٰا كٰانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (2). وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ اَللّٰهَ غٰافِلاً عَمّٰا يَعْمَلُ اَلظّٰالِمُونَ إِنَّمٰا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصٰارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لاٰ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَوٰاءٌ * وَ أَنْذِرِ اَلنّٰاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ اَلْعَذٰابُ فَيَقُولُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنٰا أَخِّرْنٰا إِلىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ اَلرُّسُلَ * أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مٰا لَكُمْ مِنْ زَوٰالٍ * وَ سَكَنْتُمْ فِي مَسٰاكِنِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنٰا بِهِمْ وَ ضَرَبْنٰا لَكُمُ اَلْأَمْثٰالَ * وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اَللّٰهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كٰانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ اَلْجِبٰالُ * فَلاٰ تَحْسَبَنَّ اَللّٰهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ ذُو اِنتِقٰامٍ (3). وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (4). مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ رِجٰالٌ صَدَقُوا مٰا عٰاهَدُوا اَللّٰهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىٰ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مٰا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (5).

عِنْدَ اَللَّهِ نَحْتَسِبُ مُصِيبَتَنَا فِي سِبْطِ نَبِيِّنَا وَ سَيِّدِنَا وَ إِمَامِنَا، أَعْزِزْ عَلَيْنَا - يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ - بِمَصْرَعِكَ هَذَا فَرِيداً وَحِيداً قَتِيلاً، غَرِيباً عَنِ اَلْأَوْطَانِ، بَعِيداً عَنِ اَلْأَهْلِ وَ اَلْإِخْوَانِ، مَسْلُوبَ اَلثِّيَابِ، مُعَفَّراً فِي اَلتُّرَابِ، قَدْ نُحِرَ نَحْرُكَ، وَ خُسِفَ صَدْرُكَ، وَ اُسْتُبِيحَ حَرِيمُكَ، وَ ذُبِحَ فَطِيمُكَ، وَ سُبِيَ أَهْلُكَ، وَ اُنْتُهِبَ رَحْلُكَ، تَقَلَّبُ يَمِيناً وَ شِمَالاً، وَ تَتَجَرَّعُ مِنَ اَلْغُصَصِ أَهْوَالاً. لَهْفِي عَلَيْكَ لَهْفَانُ وَ أَنْتَ مُجَدَّلٌ عَلَى اَلرَّمْضَاءِ ظَمْآنُ لاَ تَسْتَطِيعُ خِطَاباً، وَ لاَ تَرُدُّ جَوَاباً، قَدْ فُجِعَتْ بِكَ نِسْوَانُكَ وَ وُلْدُكَ،

ص: 223


1- آل عمران 169:3-171.
2- الزّمر 46:39.
3- ابراهيم 42:14-48.
4- الشّعراء 227:26.
5- الاحزاب 23:33.

وَ اُحْتُزَّ رَأْسُكَ مِنْ جَسَدِكَ.

لَقَدْ صَرَعَ بِمَصْرَعِكَ اَلْإِسْلاَمُ، وَ تَعَطَّلَتِ اَلْحُدُودُ وَ اَلْأَحْكَامُ، وَ أَظْلَمَتِ اَلْأَيَّامُ، وَ اِنْكَسَفَتِ اَلشَّمْسُ، وَ أَظْلَمَ اَلْقَمَرُ، وَ اِحْتَبَسَ اَلْغَيْثُ وَ اَلْمَطَرُ، وَ اِهْتَزَّ اَلْعَرْشُ وَ اَلسَّمَاءُ، وَ اِقْشَعَرَّتِ اَلْأَرْضُ وَ اَلْبَطْحَاءُ، وَ شَمِلَ اَلْبَلاَءُ، وَ اِخْتَلَفَتِ اَلْأَهْوَاءُ، وَ فُجِعَ بِكَ اَلرَّسُولُ، وَ أُزْعِجَتِ اَلْبَتُولُ، وَ طَاشَتِ اَلْعُقُولُ. فَلَعْنَةُ اَللَّهِ عَلَى مَنْ جَارَ عَلَيْكَ وَ ظَلَمَكَ، وَ مَنَعَكَ اَلْمَاءَ وَ اِهْتَظَمَكَ، وَ غَدَرَ بِكَ وَ خَذَلَكَ، وَ أَلَّبَ عَلَيْكَ وَ قَتَلَكَ، وَ نَكَثَ بَيْعَتَكَ وَ عَهْدَكَ وَ وَعْدَكَ، وَ أَخْلَفَ مِيثَاقَكَ، وَ أَعَانَ عَلَيْكَ ضِدَّكَ، وَ أَغْضَبَ بِفِعَالِهِ جَدَّكَ.

وَ سَلاَمُ اَللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ وَ بَرَكَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ عَلَيْكَ، وَ عَلَى اَلْأَزْكِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، وَ اَلنُّجَبَاءِ مِنْ عِتْرَتِكَ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

ثُمَّ تَدْخُلُ اَلْقُبَّةَ اَلشَّرِيفَةَ وَ تَقِفُ عَلَى اَلْقَبْرِ اَلشَّرِيفِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ فِي خَلِيقَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى شَيْثٍ وَلِيِّ اَللَّهِ وَ خِيَرَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى إِدْرِيسَ اَلْقَائِمِ بِحُجَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى نُوحٍ اَلْمُجَابِ فِي دَعْوَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى هُودٍ اَلْمُؤَيَّدِ مِنَ اَللَّهِ بِمَعُونَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَالِحٍ اَلَّذِي وَجَّهَهُ اَللَّهُ بِكَرَامَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ اَلَّذِي حَبَاهُ اَللَّهُ بِخَلَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ اَلَّذِي فَدَاهُ اَللَّهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ مِنْ جَنَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى إِسْحَاقَ اَلَّذِي جَعَلَ اَللَّهُ اَلنُّبُوَّةَ فِي ذُرِّيَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى يَعْقُوبَ اَلَّذِي رَدَّ اَللَّهُ بَصَرَهُ بِرَحْمَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى يُوسُفَ اَلَّذِي نَجَاهُ اَللَّهُ مِنَ اَلْجُبِّ بِعَظَمَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُوسَى اَلَّذِي فَلَقَ اَللَّهُ لَهُ اَلْبَحْرَ بِقُدْرَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى هَارُونَ اَلَّذِي خَصَّهُ اَللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى شُعَيْبٍ اَلَّذِي نَصَرَهُ اَللَّهُ عَلَى أُمَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى دَاوُدَ اَلَّذِي تَابَ اَللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ خَطِيئَتِهِ (1)، اَلسَّلاَمُ عَلَى سُلَيْمَانَ

ص: 224


1- لقد أفرد علماؤنا الأفذاذ و لقرون طوال بحوثا مستفيضة و شافية لايضاح موارد الشّبهة الّتي دخلت به أذهان البعض من خلال الفهم السطحي لبعض الأشارات المتفرّقة الواردة في القرآن الكريم و المتعلّقة بجانب من شؤون بعض الأنبياء عليهم السّلام، حيث ذهب ذلك البعض إلى ارتكاب أولئك الأنبياء للمعصية بصراحة، رغم مخالفة ذلك لجملة واضحة من البديهيات العقائدية الّتي يؤمن بها جميع المسلمين، و القاطعة بعصمة جميع الأنبياء دون استثناء. و نحن لا نريد هنا التّعرّض لإيضاح و تفنيد مواضع الشّبهات تلك قدر ما أردنا الاشارة إليه صرفا لذهن القارئ عن الوقوع في الالتباس عند قراءة الفقرة المذكورة أعلاه، و نحيل من ابتغى ادراك التّفسير السّليم لأمثال هذه الموارد إلى الكتب المختصّة و الواسعة في أبحاثها، و من ذلك كتاب تنزيه الأنبياء للسّيّد المرتضى عليّ بن الحسين الموسويّ (ت 436 ه) رحمه اللّه تعالى برحمته الواسعة و غيره من الكتب العقائدية و التفسيرية المختلفة لعلماء و مفكري الشّيعة القدامى و الجدد.

اَلَّذِي ذَلَّتْ لَهُ اَلْجِنُّ بِعِزَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَيُّوبَ اَلَّذِي شَفَاهُ اَللَّهُ مِنْ عِلَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى يُونُسَ اَلَّذِي أَنْجَزَ اَللَّهُ لَهُ مَضْمُونَ عِدَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى زَكَرِيَّا اَلصَّابِرِ عَلَى مِحْنَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعَزِيرِ اَلَّذِي أَحْيَاهُ اَللَّهُ بَعْدَ مَيْتَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى يَحْيَى اَلَّذِي أَزْلَفَهُ اَللَّهُ بِشَهَادَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عِيسَى اَلَّذِي هُوَ رُوحُ اَللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ وَ صَفْوَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اَلْمَخْصُوصِ بِكَرَامَتِهِ وَ بِأُخُوَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ اِبْنَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنِ وَصِيِّ أَبِيهِ وَ خَلِيفَتِهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحُسَيْنِ اَلَّذِي سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِمُهْجَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ أَطَاعَ اَللَّهَ فِي سِرِّهِ وَ عَلاَنِيَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ جَعَلَ اَللَّهُ اَلشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اَلْإِجَابَةُ تَحْتَ قُبَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اَلْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ خَاتَمِ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ سَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ خَدِيجَةَ اَلْكُبْرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ سِدْرَةِ اَلْمُنْتَهَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ جَنَّةِ اَلْمَأْوَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ زَمْزَمَ وَ اَلصَّفَا، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُرَمَّلِ بِالدِّمَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَهْتُوكِ اَلْخِبَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى خَامِسِ أَصْحَابِ اَلْكِسَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى غَرِيبِ اَلْغُرَبَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى شَهِيدِ اَلشُّهَدَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى قَتِيلِ اَلْأَدْعِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ

ص: 225

عَلَى سَاكِنِ كَرْبَلاَءَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ بَكَتْهُ مَلاَئِكَةُ اَلسَّمَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ ذُرِّيَّتُهُ اَلْأَزْكِيَاءُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى يَعْسُوبِ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنَازِلِ اَلْبَرَاهِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلسَّادَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْجُيُوبِ اَلْمُضَرَّجَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشِّفَاهِ اَلذَّابِلاَتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلنُّفُوسِ اَلمُصْطَلَمَاتِ (1)، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلْمُخْتَلَسَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَجْسَادِ اَلْعَارِيَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْجُسُومِ اَلشَّاخِبَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلدِّمَاءِ اَلسَّائِلاَتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَعْضَاءِ اَلْمُقَطَّعَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلرُّءُوسِ اَلْمُشَالاَتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلنِّسْوَةِ اَلْبَارِزَاتِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ اَلطَّاهِرِينَ اَلْمُسْتَشْهَدِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِكَ اَلنَّاصِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْمُضَاجِعِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَتِيلِ اَلْمَظْلُومِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَخِيهِ اَلْمَسْمُومِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَلَى اَلْكَبِيرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلرَّضِيعِ اَلصَّغِيرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَبْدَانِ اَلسَّلِيبَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعِتْرَةِ اَلْغَرِيبَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُجَدَّلِينَ فِي اَلْفَلَوَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلنَّازِحِينَ عَنِ اَلْأَوْطَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَدْفُونِينَ بِلاَ أَكْفَانٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلرُّءُوسِ اَلْمُفَرَّقَةِ عَنِ اَلْأَبْدَانِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُحْتَسِبِ اَلصَّابِرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَظْلُومِ بِلاَ نَاصِرٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى سَاكِنِ اَلتُّرْبَةِ اَلزَّاكِيَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلْقُبَّةِ اَلسَّامِيَةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ طَهَّرَهُ اَلْجَلِيلُ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ بَشَّرَ(2) بِهِ جَبْرَئِيلُ، اَلسَّلاَمُ

ص: 226


1- الاصطلام: الاستئصال. الصّحاح - صلم - 1967:5.
2- في هامش «م»: افتخر.

عَلَى مَنْ نَاغَاهُ فِي اَلْمَهْدِ مِيكَائِيلُ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ نُكِثَتْ ذِمَّتُهُ وَ ذِمَّةُ حَرَمِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اُنْتُهِكَتْ حُرْمَةُ اَلْإِسْلاَمِ فِي إِرَاقَةِ دَمِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُغَسَّلِ بِدَمِ اَلْجِرَاحِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُجَرَّعِ بِكَأْسَاتِ مَرَارَاتِ اَلرِّمَاحِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُسْتَضَامِ اَلْمُسْتَبَاحِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَهْجُورِ فِي اَلْوَرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُنْفَرِدِ بِالْعَرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ تَوَلَّى دَفَنَهُ أَهْلُ اَلْقُرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَقْطُوعِ اَلْوَتِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُحَامِي بِلاَ مُعِينٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشَّيْبِ اَلْخَضِيبِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْخَدِّ اَلتَّرِيبِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَدَنِ اَلسَّلِيبِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلثَّغْرِ اَلْمَقْرُوعِ بِالْقَضِيبِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْوَدَجِ اَلْمَقْطُوعِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلرَّأْسِ اَلْمَرْفُوعِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشِّلْوِ(1) اَلْمَوْضُوعِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خِيَرَةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَدِيجَةَ اَلْكُبْرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ بَكَتْ فِي مُصَابِهِ اَلسَّمَوَاتُ اَلْعُلَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ بَكَتْ لِفَقْدِهِ اَلْأَرَضُونَ اَلسُّفْلَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَرِيعَ اَلدَّمْعَةِ اَلسَّاكِبَةِ اَلعَبْرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُذِيبَ اَلْكَبِدِ اَلْحَرَّى.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ يَعْسُوبِ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ اَلْمُتَّقِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ اَلْمُهْتَدِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ اَلْكُبْرَى.

ص: 227


1- الشلو: العضو من اعضاء اللّحم. الصّحاح - شلا - 2395:6.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلْمَفْطُومِ مِنَ اَلزَّلَلِ، اَلْمُبَرَّإِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ (1)، اَلسَّلاَمُ عَلَى اِبْنِ اَلرَّسُولِ وَ قُرَّةِ عَيْنِ اَلْبَتُولِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ يُنَاغِيهِ جَبْرَئِيلُ وَ يُلاَعِبُهُ مِيكَائِيلُ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلتِّينِ وَ اَلزَّيْتُونِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى كَفَّتَيِ اَلْمِيزَانِ اَلْمَذْكُورِ فِي سُورَةِ اَلرَّحْمَنِ اَلْمُعَبَّرِ عَنْهُمَا بِاللُّؤْلُؤِ وَ اَلْمَرْجَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أُمَنَاءِ اَلْمُهَيْمِنِ اَلْمَنَّانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَقْتُولِ اَلْمَظْلُومِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَمْنُوعِ مِنْ مَاءِ اَلْفُرَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِ اَلسَّادَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى قَائِدِ اَلْقَادَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى حَبْلِ اَللَّهِ اَلْمَتِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حُجَّتِهِ وَ أَبَا حُجَجِهِ.

أَشْهَدُ لَقَدْ طَيَّبَ اَللَّهُ بِكَ اَلتُّرَابَ، وَ أَوْضَحَ بِكَ اَلْكِتَابَ، وَ أَعْظَمَ بِكَ اَلْمُصَابَ، وَ جَعَلَكَ وَ جَدَّكَ وَ أَبَاكَ، وَ أُمَّكَ وَ أَخَاكَ (2) عِبْرَةً لِأُولِي اَلْأَلْبَابِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خِيَرَةِ اَلْأَخْيَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ عُنْصُرِ اَلْأَبْرَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ قَسِيمِ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ بَقِيَّةِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ صَالِحِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلنَّبَأِ اَلْعَظِيمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، أَشْهَدُ أَنَّ اَلَّذِينَ خَالَفُوكَ، وَ أَنَّ اَلَّذِينَ قَتَلُوكَ، وَ اَلَّذِينَ خَذَلُوكَ، وَ أَنَّ اَلَّذِينَ جَحَدُوا حَقَّكَ، وَ مَنَعُوكَ إِرْثَكَ، مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ اَلنَّبِيِّ اَلْأُمِّيِّ، وَ قَدْ خَابَ مَنِ اِفْتَرَى.

لَعَنَ اَللَّهُ اَلظَّالِمِينَ لَكُمْ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ، عَذَاباً لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ اَلْعَالَمِينَ.

ص: 228


1- في نسخة «م»: و خطل.
2- في نسخة «م»: و بنيك.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلضَّرِيحِ وَ قَبِّلِ اَلتُّرْبَةَ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلَ مَظْلُومٍ اُنْتُهِكَ دَمُهُ وَ ضُيِّعَتْ فِيهِ حُرْمَةُ اَلْإِسْلاَمِ، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً أَسَّسَتْ أَسَاسَ اَلظُّلْمِ وَ اَلْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ، أَشْهَدُ أَنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتَ، وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتَ، مُبْطِلٌ لِمَا أَبْطَلْتَ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّي وَ رَبِّكَ فِي خَلاَصِ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ قَضَاءِ حَوَائِجِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى جَانِبِ اَلْقَبْرِ وَ تَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ وَ تَرْفَعُ يَدَيْكَ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنَّ اِسْتِغْفَارِي إِيَّاكَ وَ أَنَا مُصِرٌّ عَلَى مَا نَهَيْتَ قِلَّةُ حَيَاءٍ، وَ تَرْكِيَ اَلاِسْتِغْفَارَ مَعَ عِلْمِي بِسَعَةِ حِلْمِكَ تَضْيِيعٌ لِحَقِّ اَلرَّجَاءِ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي تُؤْيِسُنِي أَنْ أَرْجُوَكَ، وَ إِنَّ عِلْمِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ يُؤْمِنُنِي أَنْ أَخْشَاكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ حَقِّقْ رَجَائِي لَكَ، وَ كَذِّبْ خَوْفِي مِنْكَ، وَ كُنْ لِي عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنِّي بِكَ يَا أَكْرَمَ اَلْأَكْرَمِينَ، وَ أَيِّدْنِي بِالْعِصْمَةِ، وَ أَنْطِقْ لِسَانِي بِالْحِكْمَةِ، وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْدَمُ عَلَى مَا صَنَعَهُ فِي أَمْسِهِ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ اَلْغَنِيَّ مَنِ اِسْتَغْنَى عَنْ خَلْقِكَ بِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَغْنِنِي يَا رَبِّ عَنْ خَلْقِكَ، وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ لاَ يَبْسُطُ كَفَّهُ إِلاَّ إِلَيْكَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ اَلشَّقِيَّ مَنْ قَنَطَ وَ أَمَامَهُ اَلتَّوْبَةُ وَ خَلْفَهُ اَلرَّحْمَةُ، وَ إِنْ كُنْتُ ضَعِيفَ اَلْعَمَلِ فَإِنِّي فِي رَحْمَتِكَ قَوِيَّ اَلْأَمَلِ، فَهَبْ لِي ضَعْفَ عَمَلِي لِقُوَّةِ أَمَلِي.

اَللَّهُمَّ أَمَرْتَ فَعَصَيْنَا، وَ نَهَيْتَ فَمَا اِنْتَهَيْنَا، وَ ذَكَرْتَ فَتَنَاسَيْنَا، وَ بَصَّرْتَ فَتَعَامَيْنَا، وَ حَذَّرْتَ فَتَعَدَّيْنَا، وَ مَا كَانَ ذَلِكَ جَزَاءَ إِحْسَانِكَ إِلَيْنَا، وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا أَعْلَنَّا وَ مَا أَخْفَيْنَا، وَ أَخْبَرُ بِمَا نَأْتِي وَ مَا أَتَيْنَا، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لاَ تُؤَاخِذْنَا بِمَا أَخْطَأْنَا فِيهِ وَ نَسِينَا، وَ هَبْ لَنَا حُقُوقَكَ لَدَيْنَا، وَ تَمِّمْ إِحْسَانَكَ إِلَيْنَا، وَ أَسْبِغْ رَحْمَتَكَ

ص: 229

عَلَيْنَا، إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِهَذَا اَلصِّدِّيقِ اَلْإِمَامِ، وَ نَسْأَلُكَ - بِالْحَقِّ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ لَهُ وَ لِجَدِّهِ رَسُولِكَ، وَ لِأَبَوَيْهِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ أَهْلِ بَيْتِ اَلرَّحْمَةِ - إِدْرَارَ اَلرِّزْقِ اَلَّذِي بِهِ قِوَامُ حَيَاتِنَا، وَ صَلاَحُ أَحْوَالِ عِيَالِنَا، فَأَنْتَ اَلْكَرِيمُ اَلَّذِي تُعْطِي مِنْ سَعَةٍ، وَ تَمْنَعُ عَنْ قُدْرَةٍ، وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ مِنَ اَلْخَيْرِ مَا يَكُونُ صَلاَحاً لِلدُّنْيَا، وَ بَلاَغاً لِلْآخِرَةِ، وَ آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ اَلرِّجْلَيْنِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ وَ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْمُرَفْرِفِينَ حَوْلَ قُبَّتِكَ، اَلْحَافِّينَ بِتُرْبَتِكَ، اَلطَّائِفِينَ بِعَرْصَتِكَ، اَلْوَارِدِينَ لِزِيَارَتِكَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ فَإِنِّي قَصَدْتُ إِلَيْكَ، وَ رَجَوْتُ اَلْفَوْزَ لَدَيْكَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ سَلاَمَ اَلْعَارِفِ بِحُرْمَتِكَ، اَلْمُخْلِصِ فِي وَلاَيَتِكَ، اَلْمُتَقَرِّبِ إِلَى اَللَّهِ بِمَحَبَّتِكَ، اَلْبَرِيءِ مِنْ أَعْدَائِكَ. سَلاَمَ مَنْ قَلْبُهُ بِمُصَابِكَ مَقْرُوحٌ، وَ دَمْعُهُ عِنْدَ ذِكْرِكَ مَسْفُوحٌ. سَلاَمَ اَلْمَفْجُوعِ اَلْمَحْزُونِ، اَلْوَالِهِ اَلْمِسْكِينِ. سَلاَمَ مَنْ لَوْ كَانَ مَعَكَ بِالطُّفُوفِ لَوَقَاكَ بِنَفْسِهِ مِنْ حَدِّ اَلسُّيُوفِ، وَ بَذَلَ حُشَاشَتَهُ (1) دُونَكَ لِلْحُتُوفِ، وَ جَاهَدَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ نَصَرَكَ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْكَ، وَ فَدَاكَ بِرُوحِهِ وَ جَسَدِهِ وَ مَالِهِ وَ وُلْدِهِ، وَ رُوحُهُ لِرُوحِكَ اَلْفِدَاءُ، وَ أَهْلُهُ لِأَهْلِكَ وِقَاءٌ، فَلَإِنْ أَخَّرَتْنِي اَلدُّهُورُ، وَ عَاقَنِي عَنْ نُصْرَتِكَ اَلْمَقْدُورُ، وَ لَمْ أَكُنْ لِمَنْ حَارَبَكَ مُحَارِباً، وَ لِمَنْ نَصَبَ لَكَ اَلْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً، فَلَأَنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَ مَسَاءً، وَ لَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَ اَلدُّمُوعِ دَماً، حَسْرَةً عَلَيْكَ، وَ تَأَسُّفاً وَ تَحَسُّراً عَلَى مَا دَهَاكَ وَ تَلَهُّفاً، حَتَّى أَمُوتَ بِلَوْعَةِ اَلْمُصَابِ، وَ غُصَّةِ اَلاِكْتِئَابِ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْعُدْوَانِ، وَ أَطَعْتَ اَللَّهَ وَ مَا عَصَيْتَهُ، وَ تَمَسَّكْتَ بِحَبْلِهِ فَارْتَضَيْتَهُ، وَ خَشِيتَهُ

ص: 230


1- حشاشته: الحشّاش و الحشاشة: بقيّة الرّوح في المريض. الصّحاح - حشش - 1002:3.

وَ رَاقَبْتَهُ وَ اِسْتَحْيَيْتَهُ. وَ سَنَنْتَ اَلسُّنَنَ، وَ أَطْفَأْتَ اَلْفِتَنَ، وَ دَعَوْتَ إِلَى اَلرَّشَادِ، وَ أَوْضَحْتَ سُبُلَ اَلسَّدَادِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ اَلْجِهَادِ، وَ كُنْتَ لِلَّهِ طَائِعاً، وَ لِجَدِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تَابِعاً، وَ لِقَوْلِ أَبِيكَ سَامِعاً، وَ إِلَى وَصِيَّةِ أَخِيكَ مُسَارِعاً، وَ لِعِمَادِ اَلدِّينِ رَافِعاً، وَ لِلطُّغْيَانِ قَامِعاً، وَ لِلطُّغَاةِ مُقَارِعاً، وَ لِلْأُمَّةِ نَاصِحاً، وَ فِي غَمَرَاتِ اَلْمَوْتِ سَابِحاً، وَ لِلْفُسَّاقِ مُكَافِحاً، وَ بِحُجَجِ اَللَّهِ قَائِماً، وَ لِلْإِسْلاَمِ عَاصِماً، وَ لِلْمُسْلِمِينَ رَاحِماً، وَ لِلْحَقِّ نَاصِراً، وَ عِنْدَ اَلْبَلاَءِ صَابِراً، وَ لِلدِّينِ كَالِئاً، وَ عَنْ حَوْزَتِهِ مُرَامِياً، وَ عَنِ اَلشَّرِيعَةِ مُحَامِياً، تَحُوطُ اَلْهُدَى وَ تَنْصُرُهُ، وَ تَبْسُطُ اَلْعَدْلَ وَ تَنْشُرُهُ، وَ تَنْصُرُ اَلدِّينَ وَ تُظْهِرُهُ، وَ تَكُفُّ اَلْعَابِثَ وَ تَزْجُرُهُ، تَأْخُذُ لِلدَّنِيِّ مِنَ اَلشَّرِيفِ، وَ تُسَاوِي فِي اَلْحُكْمِ بَيْنَ اَلْقَوِيِّ وَ اَلضَّعِيفِ.

كُنْتَ رَبِيعَ اَلْأَيْتَامِ، وَ عِصْمَةَ اَلْأَنَامِ، وَ عِزَّ اَلْإِسْلاَمِ، وَ مَعْدِنَ اَلْأَحْكَامِ، وَ حَلِيفَ اَلْإِنْعَامِ، سَالِكاً طَرِيقَةَ جَدِّكَ وَ أَبِيكَ، مُشْبِهاً فِي اَلْوَصِيَّةِ لِأَخِيكَ، وَفِيَّ اَلذِّمَمِ رَضِيَّ اَلشِّيَمِ، مُجْتَهِداً فِي اَلْعِبَادَةِ فِي حِنْدِسِ (1) اَلظُّلَمِ، قَوِيمَ اَلطَّرَائِقِ، عَظِيمَ اَلسَّوَابِقِ شَرِيفَ اَلنَّسَبِ، مُنِيفَ اَلْحَسَبِ، رَفِيعَ اَلرُّتَبِ، كَثِيرَ اَلْمَنَاقِبِ، مَحْمُودَ اَلضَّرَائِبِ، جَزِيلَ اَلْمَوَاهِبِ، حَلِيماً شَدِيداً، عَلِيماً رَشِيداً، إِمَاماً شَهِيداً، أَوَّاهاً مُنِيباً، جَوَاداً مُثِيباً، حَبِيباً مَهِيباً.

كُنْتُ لِلرَّسُولِ وَلَداً، وَ لِلْقُرْآنِ سَنَداً، وَ لِلْأُمَّةِ عَضُداً، وَ فِي اَلطَّاعَةِ مُجْتَهِداً، حَافِظاً لِلْعَهْدِ وَ اَلْمِيثَاقِ، نَاكِباً عَنْ سَبِيلِ اَلْفُسَّاقِ، تَتَأَوَّهُ تَأَوُّهَ اَلْمَجْهُودِ، طَوِيلَ اَلرُّكُوعِ وَ اَلسُّجُودِ، زَاهِداً فِي اَلدُّنْيَا إِذْ زَهِدَ اَلرَّاحِلُ عَنْهَا، نَاظِراً إِلَيْهَا بِعَيْنِ

ص: 231


1- الحندس: الظّلمة. لسان العرب 58:6.

اَلْمُسْتَوْحِشِ مِنْهَا، آمَالُكَ عَنْهَا مَكْفُوفَةٌ، وَ هِمَّتُكَ عَنْ زِينَتِهَا مَصْرُوفَةٌ، وَ لِحَاظُكَ عَنْ بَهْجَتِهَا مَطْرُوفَةٌ، وَ رَغْبَتُكَ فِي اَلْآخِرَةِ مَعْرُوفَةٌ، حَتَّى إِذَا اَلْجَوْرُ مَدَّ بَاعَهُ، وَ أَسْفَرَ اَلظُّلْمُ قِنَاعَهُ، وَ دَعَا اَلْغَيُّ أَتْبَاعَهُ، وَ أَنْتَ فِي حَرَمِ جَدِّكَ قَاطِنٌ، وَ لِلظَّالِمِينَ مُبَايِنٌ، جَلِيسُ اَلْبَيْتِ وَ اَلْمِحْرَابِ، مُعْتَزِلٌ عَنِ اَللَّذَّاتِ وَ اَلْأَحْبَابِ، تُنْكِرُ اَلْمُنْكَرَ بِقَلْبِكَ وَ لِسَانِكَ، عَلَى حَسَبِ طَاقَتِكَ وَ إِمْكَانِكَ.

ثُمَّ اِقْتَضَاكَ اَلْعِلْمُ لِلْإِنْكَارِ، وَ أَرَدْتَ أَنْ تُجَاهِدَ اَلْكُفَّارَ، فَسِرْتَ فِي أَوْلاَدِكَ وَ أَهَالِيكَ، وَ شِيعَتِكَ وَ مَوَالِيكَ، وَ صَدَعْتَ بِالْحَقِّ وَ اَلْبَيِّنَةِ، وَ دَعَوْتَ إِلَى اَللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ، وَ أَمَرْتَ بِإِقَامَةِ اَلْحُدُودِ، وَ طَاعَةِ اَلْمَعْبُودِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْخِيَانَةِ وَ اَلطُّغْيَانِ، فَوَاجَهُوكَ بِالظُّلْمِ وَ اَلْعُدْوَانِ، فَجَاهَدْتَهُمْ بَعْدَ اَلْإِيعَادِ إِلَيْهِمْ، وَ تَأْكِيدِ اَلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، فَنَكَثُوا ذِمَامَكَ وَ بَيْعَتَكَ، وَ أَسْخَطُوا رَبَّكَ، وَ أَغْضَبُوا جَدَّكَ، وَ أَنْذَرُوكَ بِالْحَرْبِ. وَ ثَبَتَّ لِلطَّعْنِ وَ اَلضَّرْبِ، وَ طَحْطَحْتَ (1) جُنُودَ اَلْكُفَّارِ، وَ شَرَدْتَ جُيُوشَ اَلْأَشْرَارِ، وَ اِقْتَحَمْتَ قَسْطَلَ (2) اَلْغُبَارِ مُجَالِداً بِذِي اَلْفَقَارِ، كَأَنَّكَ عَلِيٌّ اَلْمُخْتَارُ.

فَلَمَّا رَأَوْكَ ثَابِتَ اَلْجَأْشِ، غَيْرَ خَائِفٍ وَ لاَ خَاشٍ، نَصَبُوا لَكَ غَوَائِلَ مَكْرِهِمْ، وَ قَاتَلُوكَ بِكَيْدِهِمْ وَ شَرِّهِمْ، وَ أَجْلَبَ اَللَّعِينُ عَلَيْكَ جُنُودَهُ، وَ مَنَعُوكَ اَلْمَاءَ وَ وُرُودَهُ، وَ نَاجَزُوكَ اَلْقِتَالَ، وَ عَاجَلُوكَ اَلنِّزَالَ، وَ رَشَقُوكَ بِالسِّهَامِ، وَ بَسَطُوا إِلَيْكَ اَلْأَكُفَّ لِلاِصْطِلاَمِ (3)، وَ لَمْ يَرْعَوْا لَكَ اَلذِّمَامَ، وَ لاَ رَاقَبُوا فِيكَ اَلْأَنَامَ (4) وَ فِي قَتْلِهِمْ أَوْلِيَاءَكَ،

ص: 232


1- طحطحت: أيّ بددتهم و فرقتهم - انظر: الصّحاح - طحح - 386:1.
2- قسطل: الغبار السّاطع. لسان العرب 557:11.
3- الاصطلام: الاستئصال. و اصطلم القوم: ابيدوا. لسان العرب 340:2.
4- في نسخة «م»: الآثام.

وَ نَهْبِهِمْ رِحَالَكَ، وَ أَنْتَ مُقَدَّمٌ فِي اَلْهَبَوَاتِ (1)، مُحْتَمِلٌ لأيذات [لِلْأَذِيَّاتِ](2)، وَ قَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِكَ مَلاَئِكَةُ اَلسَّمَاوَاتِ، وَ أَحْدَقُوا بِكَ مِنْ كُلِّ اَلْجِهَاتِ، وَ أَثْخَنُوكَ بِالْجِرَاحِ، وَ حَالُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَاءِ اَلْفُرَاتِ، وَ لَمْ يَبْقَ لَكَ نَاصِرٌ، وَ أَنْتَ مُحْتَسِبٌ صَابِرٌ، تَذُبُّ عَنْ نِسْوَانِكَ وَ أَوْلاَدِكَ، فَهَوَيْتَ إِلَى اَلْأَرْضِ طَرِيحاً، ضَمْآنَ جَرِيحاً، تَطَؤُكَ اَلْخُيُولُ بِحَوَافِرِهَا، وَ تَعْلُوكَ اَلطُّغَاةُ (3) بِبَوَاتِرِهَا، قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبِينُكَ، وَ اِخْتَلَفَتْ بِالاِنْبِسَاطِ وَ اَلاِنْقِبَاضِ شِمَالُكَ وَ يَمِينُكَ، تُدِيرُ طَرَفاً مُنْكَسِراً إِلَى رَحْلِكَ، وَ قَدْ شُغِلْتَ بِنَفْسِكَ عَنْ وُلْدِكَ وَ أَهْلِكَ، فَأَسْرَعَ فَرَسُكَ (شَارِداً)(4)، وَ أَتَى خِيَامَكَ قَاصِداً مُحَمْحِماً بَاكِياً.

فَلَمَّا رَأَيْنَ اَلنِّسَاءُ جَوَادَكَ مَخْزِيّاً، وَ أَبْصَرْنَ سَرْجَكَ مَلْوِيّاً(5)، بَرَزْنَ مِنَ اَلْخُدُورِ لِلشُّعُورِ نَاشِرَاتٍ (6)، وَ لِلْخُدُودِ لاَطِمَاتٍ، وَ لِلْوُجُوهِ سَافِرَاتٍ، وَ بِالْعَوِيلِ دَاعِيَاتٍ، وَ بَعْدَ اَلْعِزِّ مُذَلَّلاَتٍ، وَ إِلَى مَصْرَعِكَ مُبَادِرَاتٍ، وَ شِمْرٌ جَالِسٌ عَلَى صَدْرِكَ، مُولِغٌ سَيْفَهُ فِي نَحْرِكَ، قَابِضٌ شَيْبَتَكَ بِيَدِهِ، ذَابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ، وَ قَدْ سَكَنَتْ حَوَاسُّكَ، وَ خَمَدَتْ أَنْفَاسُكَ، وَ وَرَدَ عَلَى اَلْقَنَاةِ رَأْسُكَ، وَ سُبِيَ أَهْلُكَ كَالْعَبِيدِ، وَ صُفِدُوا فِي اَلْحَدِيدِ، فَوْقَ أَقْتَابِ اَلْمَطِيَّاتِ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ حَرُورُ اَلْهَاجِرَاتِ، يُسَاقُونَ فِي اَلْفَلَوَاتِ، أَيْدِيهِمْ مَغْلُولَةٌ إِلَى اَلْأَعْنَاقِ، يُطَافُ بِهِمْ فِي اَلْأَسْوَاقِ، فَالْوَيْلُ لِلْعُصَاةِ اَلْفُسَّاقِ، لَقَدْ قَتَلُوا

ص: 233


1- الهبوات: الهبوة، الغبرة، و الهباء الغبار، و قيل: هو غبار شبه الدّخان ساطع في الهواء - لسان العرب 15: 350.
2- في هامش نسخة «م»: للاذيات.
3- في نسخة «ه»: البغاة.
4- اثبتناه من البحار.
5- في نسخة «ه»: منكوبا.
6- كذا هو في نسخنا، و فيه توقف واضح لمخالفته الصّريحة مع الاحكام الاسلامية الّتي يتجنّب تجاوزها الملتزمون، ناهيك عن اهل البيت (ع) و هم خزنة الوحي، و مستودع علم اللّه تعالى، و ورثة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

بِقَتْلِكَ اَلْإِسْلاَمَ، وَ عَطَّلُوا اَلصَّلاَةَ وَ اَلصِّيَامَ، وَ نَقَضُوا اَلسُّنَنَ وَ اَلْأَحْكَامَ، وَ هَدَمُوا قَوَاعِدَ اَلْإِيمَانِ، وَ حَرَّفُوا آيَاتِ اَلْقُرْآنِ، وَ هَمْلَجُوا(1) فِي اَلْبَغْيِ وَ اَلْعُدْوَانِ.

لَقَدْ أَصْبَحَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَجْلِكَ مَوْتُوراً، وَ عَادَ كِتَابُ اَللَّهِ مَهْجُوراً، وَ غُودِرَ اَلْحَقُّ إِذْ قُهِرْتَ مَقْهُوراً. فُقِدَ بِفَقْدِكَ اَلتَّكْبِيرُ وَ اَلتَّهْلِيلُ، وَ اَلتَّحْرِيمُ وَ اَلتَّحْلِيلُ، وَ اَلتَّنْزِيلُ وَ اَلتَّأْوِيلُ، وَ ظَهَرَ بَعْدَكَ اَلتَّغْيِيرُ وَ اَلتَّبْدِيلُ، وَ اَلْإِلْحَادُ وَ اَلتَّعْطِيلُ، وَ اَلْأَهْوَاءُ وَ اَلْأَضَالِيلُ، وَ اَلْفِتَنُ وَ اَلْأَبَاطِيلُ.

وَ قَامَ نَاعِيكَ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّكَ اَلرَّسُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَنَعَاكَ إِلَيْهِ بِالدَّمْعِ اَلْهَطُولِ، قَائِلاً: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، قُتِلَ سِبْطُكَ وَ فَتَاكَ، وَ اُسْتُبِيحَ أَهْلُكَ وَ حِمَاكَ، وَ سُبِيَ بَعْدَكَ ذَرَارِيُّكَ، وَ وَقَعَ اَلْمَحْذُورُ بِعِتْرَتِكَ وَ بَنِيكَ. فَنَزَعَ اَلرَّسُولُ اَلرِّدَاءَ وَ عَزَّاهُ بِكَ اَلْمَلاَئِكَةُ وَ اَلْأَنْبِيَاءُ، وَ فُجِعَتْ بِكَ أُمُّكَ فَاطِمَةُ اَلزَّهْرَاءُ. وَ اِخْتَلَفَ جُنُودُ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْمُقَرَّبِينَ، تُعَزِّي أَبَاكَ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أُقِيمَتْ عَلَيْكَ اَلْمَآتِمُ، تَلْطِمُ عَلَيْكَ فِيهَا اَلْحُورُ اَلْعِينُ، وَ تَبْكِيكَ اَلسَّمَاوَاتُ وَ سُكَّانُهَا، وَ اَلْجِبَالُ وَ خُزَّانُهَا، وَ اَلسَّحَابُ وَ أَقْطَارُهَا، وَ اَلْأَرْضُ وَ قِيعَانُهَا، وَ اَلْبِحَارُ وَ حِيتَانُهَا، وَ مَكَّةُ وَ بُنْيَانُهَا، وَ اَلْجِنَانُ وَ وِلْدَانُهَا، وَ اَلْبَيْتُ وَ اَلْمَقَامُ، وَ اَلْمَشْعَرُ اَلْحَرَامُ، وَ اَلْحَطِيمُ وَ زَمْزَمُ، وَ اَلْمِنْبَرُ اَلْمُعَظَّمُ، وَ اَلنُّجُومُ اَلطَّوَالِعُ، وَ اَلْبُرُوقُ اَللَّوَامِعُ، وَ اَلرُّعُودُ اَلْقَعَاقِعُ (2)، وَ اَلرِّيَاحُ اَلزَّعَازِعُ، وَ اَلْأَفْلاَكُ اَلرَّوَافِعُ، فَلَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَ سَلَبَكَ، وَ اِهْتَضَمَكَ وَ غَصَبَكَ، وَ بَايَعَكَ وَ اِعْتَزَلَكَ، وَ حَارَبَكَ وَ سَاقَكَ، وَ جَهَّزَ اَلْجُيُوشَ إِلَيْكَ، وَ وَثَبَ اَلظَّلَمَةُ عَلَيْكَ، أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ اَلْآمِرِ وَ اَلْفَاعِلِ، وَ اَلْغَاشِمِ وَ اَلْخَاذِلِ.

اَللَّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلَى اَلْإِخْلاَصِ وَ اَلْوَلاَءِ، وَ اَلتَّمَسُّكِ بِحَبْلِ أَهْلِ اَلْكِسَاءِ

ص: 234


1- هملجوا: اسرعوا و تبختروا. انظر الصّحاح 394:2.
2- القعقعة: تتابع صوت الرّعد في شدّة، و جمعه قعاقع. لسان العرب 287:8.

وَ اِنْفَعْنِي بِمَوَدَّتِهِمْ، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ أَدْخِلْنِي اَلْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِمْ، إِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ذكر زيارة علي بن الحسين عليهما السّلام

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ رِجْلَيِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ قِفْ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ اَلطَّيِّبُ، اَلطَّاهِرُ اَلزَّكِيُّ، اَلْحَبِيبُ اَلْمُقَرَّبُ، وَ اِبْنُ رَيْحَانَةِ رَسُولِ اَللَّهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ مِنْ شَهِيدٍ مُحْتَسَبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. مَا أَكْرَمَ مَقَامَكَ، وَ أَشْرَفَ مُنْقَلَبَكَ، أَشْهَدُ لَقَدْ شَكَرَ اَللَّهُ سَعْيَكَ، وَ أَجْزَلَ ثَوَابَكَ، وَ أَلْحَقَكَ بِالذِّرْوَةِ اَلْعَالِيَةِ حَيْثُ اَلشَّرَفُ كُلُّ اَلشَّرَفِ فِي اَلْغُرَفِ اَلسَّامِيَةِ، فِي اَلْجَنَّةِ فَوْقَ اَلْغُرَفِ، كَمَا مَنَّ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ جَعَلَكَ مِنْ أَهْلِ اَلْبَيْتِ اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً.

وَ اَللَّهِ مَا ضَرَّكَ اَلْقَوْمُ بِمَا نَالُوا مِنْكَ وَ مِنْ أَبِيكَ اَلطَّاهِرِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمَا، وَ لاَ ثَلَمُوا مَنْزِلَتَكُمَا مِنَ اَلْبَيْتِ اَلْمُقَدَّسِ، وَ لاَ وَهَنْتُمَا بِمَا أَصَابَكُمَا فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ لاَ مِلْتُمَا إِلَى اَلْعَيْشِ فِي اَلدُّنْيَا، وَ لاَ تَكَرَّهْتُمَا مُبَاشَرَةَ اَلْمَنَايَا، إِذْ كُنْتُمَا قَدْ رَأَيْتُمَا مَنَازِلَكُمَا فِي اَلْجَنَّةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَا إِلَيْهَا، وَ اِخْتَرْتُمَاهَا قَبْلَ أَنْ تَنْتَقِلاَ إِلَيْهَا، فَسُرِرْتُمْ وَ سُرِرْتُمْ.

فَهَنِيئاً لَكُمْ - يَا بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ - اَلتَّمَسُّكُ مِنَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالسَّيِّدِ اَلسَّابِقِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، وَ قَدِمْتُمَا عَلَيْهِ، وَ قَدْ أُلْحِقْتُمَا بِأَوْثَقِ عُرْوَةٍ، وَ أَقْوَى سَبَبٍ. صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ اَلشَّهِيدُ اَلْمُكَرَّمُ، وَ اَلسَّيِّدُ اَلْمُقَدَّمُ، اَلَّذِي عَاشَ سَعِيداً، وَ مَاتَ شَهِيداً، وَ ذَهَبَ فَقِيداً، فَلَمْ تَتَمَتَّعْ مِنَ اَلدُّنْيَا إِلاَّ بِالْعَمَلِ اَلصَّالِحِ، وَ لَمْ تَتَشَاغَلْ إِلاَّ بِالْمَتْجَرِ اَلرَّابِحِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنَ اَلْفَرِحِينَ بِمٰا آتٰاهُمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ (1) وَ تِلْكَ مَنْزِلَةُ كُلِّ شَهِيدٍ، مَنْزِلَةُ اَلْحَبِيبِ إِلَى اَللَّهِ، اَلْقَرِيبِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. زَادَكَ اَللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فِي كُلِّ لَفْظَةٍ وَ لَحْظَةٍ، وَ سُكُونٍ وَ حَرَكَةٍ، مَزِيداً يُغْبَطُ وَ يَسْعَدُ أَهْلُ عِلِّيِّينَ بِهِ، يَا كَرِيمَ اَلنَّفْسِ، يَا كَرِيمَ اَلْأَبِ، يَا كَرِيمَ اَلْجَدِّ إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى، رَفَعَكُمُ اَللَّهُ مِنْ أَنْ يُقَالَ: رَحِمَكُمُ اَللَّهُ، وَ اِفْتَقَرَ إِلَى ذَلِكَ غَيْرُكُمْ مِنْ كُلِّ مَنْ خَلَقَ اَللَّهُ.

ص: 235

أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنَ اَلْفَرِحِينَ بِمٰا آتٰاهُمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ (1) وَ تِلْكَ مَنْزِلَةُ كُلِّ شَهِيدٍ، مَنْزِلَةُ اَلْحَبِيبِ إِلَى اَللَّهِ، اَلْقَرِيبِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. زَادَكَ اَللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فِي كُلِّ لَفْظَةٍ وَ لَحْظَةٍ، وَ سُكُونٍ وَ حَرَكَةٍ، مَزِيداً يُغْبَطُ وَ يَسْعَدُ أَهْلُ عِلِّيِّينَ بِهِ، يَا كَرِيمَ اَلنَّفْسِ، يَا كَرِيمَ اَلْأَبِ، يَا كَرِيمَ اَلْجَدِّ إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى، رَفَعَكُمُ اَللَّهُ مِنْ أَنْ يُقَالَ: رَحِمَكُمُ اَللَّهُ، وَ اِفْتَقَرَ إِلَى ذَلِكَ غَيْرُكُمْ مِنْ كُلِّ مَنْ خَلَقَ اَللَّهُ.

ثُمَّ تَقُولُ: صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رِضْوَانُهُ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَاشْفَعْ لِي أَيُّهَا اَلسَّيِّدُ اَلطَّاهِرُ إِلَى رَبِّكَ فِي حَطِّ اَلْأَثْقَالِ عَنْ ظَهْرِي، وَ تَخْفِيفِهَا عَنِّي، وَ اِرْحَمْ ذُلِّي وَ خُضُوعِي لَكَ وَ لِلسَّيِّدِ أَبِيكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكُمَا.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

زَادَ اَللَّهُ فِي شَرَفِكُمْ فِي اَلْآخِرَةِ كَمَا شَرَّفَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا، وَ أَسْعَدَكُمْ كَمَا أُسْعِدَ بِكُمْ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَعْلاَمُ اَلدِّينِ وَ نُجُومُ اَلْعَالَمِينَ.

زيارة الشهداء رضوان اللّه عليهم

ثُمَّ تَتَوَجَّهُ إِلَى اَلْبَيْتِ اَلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنَ سَلاَماً لاَ يَفْنَى أَمَدُهُ، وَ لاَ يَنْقَطِعُ مَدَدُهُ، سَلاَماً تَسْتَوْجِبُهُ بِاجْتِهَادِكَ، وَ تَسْتَحِقُّهُ بِجِهَادِكَ. عِشْتَ حَمِيداً وَ ذَهَبْتَ فَقِيداً، لَمْ يُمِلْ بِكَ حُبُّ اَلشَّهَوَاتِ، وَ لَمْ يُدَنِّسْكَ طَمَعُ اَلنَّزِهَاتِ، حَتَّى كَشَفَتْ لَكَ اَلدُّنْيَا عَنْ عُيُوبِهَا، وَ رَأَيْتَ سُوءَ عَوَاقِبِهَا، وَ قُبْحَ مَصِيرِهَا، فَبِعْتَهَا بِالدَّارِ اَلْآخِرَةِ، وَ شَرَيْتَ نَفْسَكَ شِرَاءَ اَلْمُتَاجِرَةِ، فَأَرْبَحْتَهَا أَكْرَمَ اَلْأَرْبَاحِ، وَ لَحِقْتَ بِهَا اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّٰهُ عَلَيْهِمْ مِنَ

ص: 236


1- آل عمران 170:3.

اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَدٰاءِ وَ اَلصّٰالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولٰئِكَ رَفِيقاً * ذٰلِكَ اَلْفَضْلُ مِنَ اَللّٰهِ وَ كَفىٰ بِاللّٰهِ عَلِيماً (1) .

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَاسِمِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ حَبِيبِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَيْحَانَةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ مِنْ حَبِيبٍ لَمْ يَقْضِ مِنَ اَلدُّنْيَا وَطَراً، وَ لَمْ يَشِفِ مِنْ أَعْدَاءِ اَللَّهِ صَدْراً، حَتَّى عَاجَلَهُ اَلْأَجَلُ، وَ فَاتَهُ اَلْأَمَلُ، وَ هَنِيئاً لَكَ يَا حَبِيبَ حَبِيبِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، مَا أَسْعَدَ جَدَّكَ، وَ أَنْجَزَ مَجْدَكَ، وَ أَحْسَنَ مُنْقَلَبَكَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَوْنَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلنَّاشِئِ فِي حَجْرِ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ اَلْمُقْتَدِي بِأَخْلاَقِ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ اَلذَّابِّ عَنْ حَرِيمِ رَسُولِ اَللَّهِ صَبِيّاً، وَ اَلذَّائِدِ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اَللَّهِ مُبَاشِراً لِلْحُتُوفِ، مُجَاهِداً بِالسُّيُوفِ قَبْلَ أَنْ يَقْوَى جِسْمُهُ وَ يَشْتَدَّ عَظْمُهُ وَ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. مَا زِلْتَ مِنَ اَلْعُلاَ مُنْذُ يَفَعْتَ، تَطْلُبُ اَلْغَايَةَ اَلْقُصْوَى فِي اَلْخَيْرِ مُنْذُ تَرَعْرَعْتَ، حَتَّى رَأَيْتَ أَنْ تَنَالَ اَلْحَظَّ اَلسَّنِيَّ فِي اَلْآخِرَةِ بِبَذْلِ اَلْجِهَادِ وَ اَلْقِتَالِ لِأَعْدَاءِ اَللَّهِ، فَتَقَرَّبْتَ وَ اَلْمَنَايَا دَانِيَةٌ، وَ زَحَفْتَ وَ اَلنَّفْسُ مُطْمَئِنَّةٌ طَيِّبَةٌ، تَلْقَى بِوَجْهِكَ بَوَادِرَ اَلسِّهَامِ، وَ تُبَاشِرُ بِمُهْجَتِكَ حَدَّ اَلْحُسَامِ، حَتَّى وَفَدْتَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى بِأَحْسَنِ عَمَلٍ وَ أَرْشَدِ سَعْيٍ إِلَى أَكْرَمِ مُنْقَلَبٍ، وَ تَلَقَّاكَ مَا أَعَدَّهُ لَكَ مِنَ اَلنَّعِيمِ اَلْمُقِيمِ اَلَّذِي يَزِيدُ وَ لاَ يَبِيدُ، وَ اَلْخَيْرِ اَلَّذِي يَتَجَدَّدُ وَ لاَ يَنْفَدُ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ، تَتْرَى تَتْبَعُ أُخْرَاهُنَّ اَلْأُولَى.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اَلرَّحْمَنِ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، صِنْوَ اَلْوَصِيِّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَبِيكَ مَا دَجَى لَيْلٌ وَ أَضَاءَ نَهَارٌ، وَ مَا

ص: 237


1- النّساء 69:4-70

طَلَعَ هِلاَلٌ وَ مَا أَخْفَاهُ سِرَارٌ، وَ جَزَاكَ اَللَّهُ عَنِ اِبْنِ عَمِّكَ وَ اَلْإِسْلاَمِ أَحْسَنَ مَا جَازَى اَلْأَبْرَارَ اَلْأَخْيَارَ، اَلَّذِينَ نَابَذُوا اَلْفُجَّارَ، وَ جَاهَدُوا اَلْكُفَّارَ. فَصَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ يَا خَيْرَ اِبْنِ عَمٍّ لِخَيْرِ اِبْنِ عَمٍّ، زَادَكَ اَللَّهُ فِي مَا آتَاكَ، حَتَّى تَبْلُغَ رِضَاكَ كَمَا بَلَغْتَ غَايَةَ رِضَاهُ، وَ جَاوَزَ بِكَ أَفْضَلَ مَا كُنْتَ تَتَمَنَّاهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا جَعْفَرَ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَلاَماً يَقْضِي حَقَّكَ فِي نَسَبِكَ وَ قَرَابَتِكَ، وَ قَدْرِكَ فِي مَنْزِلَتِكَ، وَ عَمَلِكَ فِي مُوَاسَاتِكَ، وَ مُسَاهَمَتِكَ اِبْنَ عَمِّكَ بِنَفْسِكَ، وَ مُبَالَغَتِكَ فِي مُوَاسَاتِهِ، حَتَّى شَرِبْتَ بِكَأْسِهِ، وَ حَلَلْتَ مَحَلَّهُ فِي رَمْسِهِ، وَ اِسْتَوْجَبْتَ ثَوَابَ مَنْ بَايَعَ اَللَّهَ فِي نَفْسِهِ، فَاسْتَبْشِرْ بِبَيْعِهِ اَلَّذِي بَايَعَهُ بِهِ، وَ ذَلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ. فَاجْتَمَعَ لَكَ مَا وَعَدَكَ اَللَّهُ بِهِ مِنَ اَلنَّعِيمِ بِحَقِّ اَلْمُبَالَغَةِ إِلَى مَا أَوْجَبَهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَكَ بِحَقِّ اَلنَّسَبِ وَ اَلْمُشَارَكَةِ، فَفُزْتَ فَوْزَيْنِ لاَ يَنَالُهُمَا إِلاَّ مَنْ كَانَ مِثْلَكَ فِي قَرَابَتِهِ وَ مَكَانَتِهِ، وَ بَذَلَ مَالَهُ وَ مُهْجَتَهُ لِنُصْرَةِ إِمَامِهِ وَ اِبْنِ عَمِّهِ، فَزَادَكَ اَللَّهُ حُبّاً وَ كَرَامَةً حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي جِوَارِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ، فَمَا أَكْرَمَ مَقَامَكَ فِي نُصْرَةِ اِبْنِ عَمِّكَ، وَ مَا أَحْسَنَ فَوْزَكَ عِنْدَ رَبِّكَ، فَلَقَدْ كَرَّمَ فِعْلَكَ، وَ أَجَلَّ أَمْرَكَ، وَ أَعْظَمَ فِي اَلْإِسْلاَمِ سَهْمَكَ. رَأَيْتَ اَلاِنْتِقَالَ إِلَى رَبِّ اَلْعَالَمِينَ خَيْراً مِنْ مُجَاوَرَةِ اَلْكَافِرِينَ، وَ لَمْ تَرَ شَيْئاً لِلاِنْتِقَالِ أَكْرَمَ مِنَ اَلْجِهَادِ وَ اَلْقِتَالِ، فَكَافَحْتَ اَلْفَاسِقِينَ بِنَفْسٍ لاَ تَخِيمُ عِنْدَ اَلنَّاسِ، وَ يَدٍ لاَ تَلِينُ عِنْدَ اَلْمِرَاسِ، حَتَّى قَتَلَكَ اَلْأَعْدَاءُ مِنْ بَعْدِ أَنْ رَوَّيْتَ سَيْفَكَ وَ سِنَانَكَ مِنْ أَوْلاَدِ اَلْأَحْزَابِ وَ اَلطُّلَقَاءِ، وَ قَدْ عَضَّكَ اَلسِّلاَحُ، وَ أَثْبَتَتْكَ اَلْجِرَاحُ، فَغَلَبْتَ عَلَى ذَاتِ نَفْسِكَ غَيْرَ مُسَالِمٍ وَ لاَ مُسْتَأْسِرٍ، فَأَدْرَكْتَ مَا كُنْتَ تَتَمَنَّاهُ، وَ جَاوَزْتَ مَا كُنْتَ تَطْلُبُهُ وَ تَهْوَاهُ، فَهَنَّاكَ اَللَّهُ بِمَا صِرْتَ إِلَيْهِ، وَ زَادَكَ مَا اِبْتَغَيْتَ اَلزِّيَادَةَ عَلَيْهِ.

ص: 238

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَإِنَّكَ اَلْغُرَّةُ اَلْوَاضِحَةُ، وَ اَللُّمْعَةُ اَللاَّئِحَةُ، ضَاعَفَ اَللَّهُ رِضَاهُ عَنْكَ، وَ أَحْسَنَ لَكَ ثَوَابَ مَا بَذَلْتَهُ مِنْكَ، فَلَقَدْ وَاسَيْتَ أَخَاكَ، وَ بَذَلْتَ مُهْجَتَكَ فِي رِضَى رَبِّكَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اَلرَّحْمَنِ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، سَلاَماً يُرَجِّيهِ اَلْبَيْتُ اَلَّذِي أَنْتَ فِيهِ أَضَأْتَ، وَ اَلنُّورُ اَلَّذِي فِيهِ اِسْتَضَأْتَ، وَ اَلشَّرَفُ اَلَّذِي فِيهِ اِقْتَدَيْتَ، وَ هَنَّاكَ اَللَّهُ بِالْفَوْزِ اَلَّذِي إِلَيْهِ وَصَلْتَ، وَ بِالثَّوَابِ اَلَّذِي اِدَّخَرْتَ، لَقَدْ عَظُمَتْ مُوَاسَاتُكَ بِنَفْسِكَ، وَ بَذَلْتَ مُهْجَتَكَ فِي رِضَا رَبِّكَ وَ نَبِيِّكَ، وَ أَبِيكَ وَ أَخِيكَ، فَفَازَ قِدْحُكَ، وَ زَادَ رِبْحُكَ، حَتَّى مَضَيْتَ شَهِيداً، وَ لَقِيتَ اَللَّهَ سَعِيداً، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَخِيكَ، وَ عَلَى إِخْوَتِكَ اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، مَا أَحْسَنَ بَلاَءَكَ، وَ أَزْكَى سَعْيَكَ، وَ أَسْعَدَكَ بِمَا نِلْتَ مِنَ اَلشَّرَفِ، وَ فُزْتَ بِهِ مِنَ اَلشَّهَادَةِ، فَوَاسَيْتَ أَخَاكَ وَ إِمَامَكَ، وَ مَضَيْتَ عَلَى يَقِينِكَ حَتَّى لَقِيتَ رَبَّكَ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ، وَ ضَاعَفَ اَللَّهُ مَا أَحْسَنَ بِهِ عَلَيْكَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عُثْمَانَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَمَا أَجَلَّ قَدْرَكَ، وَ أَطْيَبَ ذِكْرَكَ، وَ أَبْيَنَ أَثَرَكَ، وَ أَشْهَرَ خَبَرَكَ، وَ أَعْلَى مَدْحَكَ، وَ أَعْظَمَ مَجْدَكَ، فَهَنِيئاً لَكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ اَلرَّحْمَةِ، وَ مُخْتَلَفَ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَ مَفَاتِيحَ اَلْخَيْرِ، تَحِيَّاتُ اَللَّهِ غَادِيَةٌ وَ رَائِحَةٌ، فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَ لَمْحَةٍ، وَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ دِينِ اَللَّهِ، وَ أَنْصَارَ أَهْلِ اَلْبَيْتِ مِنْ مَوَالِيهِمْ وَ أَشْيَاعِهِمْ، فَلَقَدْ نِلْتُمُ اَلْفَوْزَ، وَ حُزْتُمُ اَلشَّرَفَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

يَا سَادَاتِي يَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ، وَلِيُّكُمْ اَلزَّائِرُ اَلْمُثْنِي عَلَيْكُمْ بِمَا أَوْلاَكُمُ [اَللَّهُ] وَ أَنْتُمْ

ص: 239

لَهُ أَهْلٌ، اَلْمُجِيبُ لَكُمْ بِسَائِرِ جَوَارِحِهِ، يَسْتَشْفِعُ بِكُمْ إِلَى اَللَّهِ رَبِّكُمْ وَ رَبِّهِ فِي إِحْيَاءِ قَلْبِهِ، وَ تَزْكِيَةِ عَمَلِهِ، وَ إِجَابَةِ دُعَائِهِ، وَ تَقَبُّلِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ، وَ اَلْمَعُونَةِ عَلَى أَمْرِ دُنْيَاهُ وَ آخِرَتِهِ. فَقَدْ سَأَلَ اَللَّهَ تَعَالَى ذَلِكَ وَ تَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِكُمْ، وَ هُوَ نِعْمَ اَلْمَسْئُولُ وَ نِعْمَ اَلْمَوْلَى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ.

ثُمَّ تُسَلِّمُ عَلَى اَلشُّهَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ [وَ] تَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ اَللَّهِ، وَ أَنْصَارَ رَسُولِهِ، وَ أَنْصَارَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ أَنْصَارَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، وَ أَنْصَارَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ أَنْصَارَ اَلْإِسْلاَمِ. أَشْهَدُ لَقَدْ نَصَحْتُمْ لِلَّهِ وَ جَاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِهِ، فَجَزَاكُمُ اَللَّهُ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ، فُزْتُمْ وَ اَللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً. أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّكُمْ تُرْزَقُونَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمُ اَلشُّهَدَاءُ، وَ أَنَّكُمُ اَلسُّعَدَاءُ، وَ أَنَّكُمْ فِي دَرَجَاتِ اَلْعُلَى، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ عُدْ إِلَى مَوْضِعِ رَأْسِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى اَلْحَمْدَ وَ سُورَةَ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدَ وَ سُورَةَ اَلْحَشْرِ، أَوْ مَا تَهَيَّأَ لَكَ مِنَ اَلْقُرْآنِ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ اَلصَّلاَةِ فَقُلْ:

سُبْحَانَ ذِي اَلْقُدْرَةِ وَ اَلْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ ذِي اَلْعِزَّةِ وَ اَلْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ اَلْمُسَبِّحِ لَهُ بِكُلِّ لِسَانٍ، سُبْحَانَ اَلْمَعْبُودِ فِي كُلِّ أَوَانٍ، اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ، وَ اَلظَّاهِرُ وَ اَلْبَاطِنُ، وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ، ذَلِكُمُ اَللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اَللَّهُ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَتَعَالَى اَللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

اَللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى اَلْإِقْرَارِ بِكَ، وَ اُحْشُرْنِي عَلَيْهِ، وَ أَلْحِقْنِي بِالْعَصَبَةِ اَلْمُعْتَقِدِينَ لَهُ، اَلَّذِينَ لَمْ يَعْتَرِضْهُمْ فِيكَ اَلرَّيْبُ، وَ لَمْ يُخَالِطْهُمُ اَلشَّكُّ، اَلَّذِينَ أَطَاعُوا نَبِيَّكَ وَ وَازَرُوهُ،

ص: 240

وَ عَاضَدُوهُ وَ نَصَرُوهُ، وَ اِتَّبَعُوا اَلنُّورَ اَلَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَ لَمْ يَكُنِ اِتِّبَاعُهُمْ إِيَّاهُ طَلَبَ اَلدُّنْيَا اَلْفَانِيَةِ، وَ لاَ اِنْحِرَافاً عَنِ اَلْآخِرَةِ اَلْبَاقِيَةِ، وَ لاَ حُبَّ اَلرِّئَاسَةِ وَ اَلْإِمْرَةِ، وَ لاَ إِيثَارَ اَلثَّرْوَةِ، بَلْ تَاجَرُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ، وَ رَبِحُوا حِينَ خَسِرَ اَلْبَاخِلُونَ، وَ فَازُوا حِينَ خَابَ اَلْمُبْطِلُونَ، وَ أَقَامُوا حُدُودَ مَا أَمَرْتَ بِهِ مِنَ اَلْمَوَدَّةِ فِي ذَوِي اَلْقُرْبَى اَلَّتِي جَعَلْتَهَا أَجْرَ رَسُولِ اَللَّهِ (1) صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِيمَا أَدَّاهُ إِلَيْنَا مِنَ اَلْهِدَايَةِ إِلَيْكَ، وَ أَرْشَدَنَا إِلَيْهِ مِنَ اَلتَّعَبُّدِ، وَ تَمَسَّكُوا بِطَاعَتِهِمْ، وَ لَمْ يَمِيلُوا إِلَى غَيْرِهِمْ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي مَعَهُمْ وَ فِيهِمْ وَ بِهِمْ، لاَ أَمِيلُ عَنْهُمْ، وَ لاَ أَنْحَرِفُ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَ لاَ أَقُولُ لِمَنْ خَالَفَهُمْ: هَؤُلاَءِ أَهْدَى مِنَ اَلَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ صَلاَةً تُرْضِيهِ وَ تُحْظِيهِ، وَ تَبْلُغُهُ أَقْصَى رِضَاهُ وَ أَمَانِيِّهِ، وَ عَلَى اِبْنِ عَمِّهِ وَ أَخِيهِ، اَلْمُهْتَدِي بِهِدَايَتِهِ، اَلْمُسْتَبْصِرِ بِمِشْكَاتِهِ، اَلْقَائِمِ مَقَامَهُ فِي أُمَّتِهِ، وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ: اَلْحَسَنِ، وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلِيِّ اِبْنِ اَلْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ اَلْحُجَّةِ بْنِ اَلْحَسَنِ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مَقَامٌ إِنْ رَبِحَ فِيهِ اَلْقَائِمُ بِأَهْلِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ اَلْفَائِزِينَ، وَ إِنْ خَسِرَ فَهُوَ مِنَ اَلْهَالِكِينَ. اَللَّهُمَّ إِنِّي لاَ أَعْلَمُ شَيْئاً يُقَرِّبُنِي مِنْ رِضَاكَ فِي هَذَا اَلْمَقَامِ إِلاَّ اَلتَّوْبَةَ مِنْ مَعَاصِيكَ، وَ اَلاِسْتِغْفَارَ مِنَ اَلذُّنُوبِ، وَ اَلتَّوَسُّلَ بِهَذَا اَلْإِمَامِ اَلصِّدِّيقِ اِبْنِ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ أَنَا بِحَيْثُ تَنْزِلُ اَلرَّحْمَةُ، وَ تُرَفْرِفُ اَلْمَلاَئِكَةُ، وَ تَأْتِيهِ اَلْأَنْبِيَاءُ، وَ تَغْشَاهُ اَلْأَوْصِيَاءُ، فَإِنْ خِفْتُ مَعَ كَرَمِكَ، وَ مَعَ هَذِهِ اَلْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ أَنْ تُعَذِّبَنِي فَقَدْ ضَلَّ سَعْيِي، وَ خَسِرَ عَمَلِي، فَيَا حَسْرَةَ نَفْسِي، وَ إِنْ تَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي فَأَنْتَ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ.

ص: 241


1- اشارة الى قوله تعالى قل لا أسئلكم عليه أجرا إلاّ المودّة في القربى في سورة الشّورى (23:42).

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ قُلْ:

أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْكَرِيمُ وَ اِبْنَ اَلرَّسُولِ اَلْكَرِيمِ، أَتَيْتُكَ بِزِيَارَةِ اَلْعَبْدِ لِمَوْلاَهُ اَلرَّاجِي فَضْلَهُ وَ جَدْوَاهُ، اَلْآمِلِ قَضَاءَ اَلْحَقِّ اَلَّذِي أَظْهَرَهُ اَللَّهُ لَكَ، وَ كَيْفَ أَقْضِي حَقَّكَ مَعَ عَجْزِي وَ صِغَرِ جَدِّي، وَ جَلاَلَةِ أَمْرِكَ وَ عَظِيمِ قَدْرِكَ، وَ هَلْ هِيَ إِلاَّ اَلْمُحَافَظَةُ عَلَى ذِكْرِكَ، وَ اَلصَّلاَةِ عَلَيْكَ مَعَ أَبِيكَ وَ جَدِّكَ، وَ اَلْمُتَابَعَةُ لَكَ وَ اَلْبَرَاءَةُ مِنْ أَعْدَائِكَ وَ اَلْمُنْحَرِفِينَ عَنْكَ، فَلَعَنَ اَللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ فِي سِرِّهِ وَ جَهْرِهِ، وَ مَنْ أَجْلَبَ عَلَيْكَ بِخَيْلِهِ وَ رَجِلِهِ، وَ مَنْ كَثَّرَ أَعْدَاءَكَ بِنَفْسِهِ وَ مَالِهِ، وَ مَنْ سَرَّهُ مَا سَاءَكَ، وَ مَنْ أَرْضَاهُ مَا أَسْخَطَكَ، وَ مَنْ جَرَّدَ سَيْفَهُ لِحَرْبِكَ، وَ مَنْ شَهَرَ نَفْسَهُ فِي مُعَادَاتِكَ، وَ مَنْ قَامَ فِي اَلْمَحَافِلِ بِذَمِّكَ، وَ مَنْ خَطَبَ فِي اَلْمَجَالِسِ بِلَوْمِكَ سِرّاً وَ جَهْراً.

اَللَّهُمَّ جَدِّدْ عَلَيْهِمُ اَللَّعْنَةَ كَمَا جَدَّدْتَ اَلصَّلاَةَ عَلَيْهِ، اَللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَهُمْ دِعَامَةً إِلاَّ قَصَمْتَهَا، وَ لاَ كَلِمَةً مُجْتَمِعَةً إِلاَّ فَرَّقْتَهَا، اَللَّهُمَّ أَرْسِلْ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلْحَقِّ يَداً حَاصِدَةً، تَصْرَعُ قَائِمَهُمْ، وَ تَهْشِمُ سُوقَهُمْ، وَ تَجْدَعُ (1) مَعَاطِسَهُمْ (2).

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلَّذِينَ بِذِكْرِهِمْ يَنْجَلِي اَلظَّلاَمُ، وَ يَنْزِلُ اَلْغَمَامُ، وَ عَلَى أَشْيَاعِهِمْ وَ مَوَالِيهِمْ وَ أَنْصَارِهِمْ، وَ اُحْشُرْنِي مَعَهُمْ وَ تَحْتَ لِوَائِهِمْ.

أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْكَرِيمُ، اُذْكُرْنِي بِحُرْمَةِ جَدِّكَ عِنْدَ رَبِّكَ ذِكْراً يَنْصُرُنِي عَلَى مَنْ يَبْغِي عَلَيَّ وَ يُعَانِدُنِي فِيكَ، وَ يُعَادِينِي مِنْ أَجْلِكَ، وَ اِشْفَعْ لِي إِلَى رَبِّكَ فِي إِتْمَامِ اَلنِّعْمَةِ لَدَيَّ، وَ إِسْبَاغِ اَلْعَافِيَةِ عَلَيَّ، وَ سَوْقِ اَلرِّزْقِ إِلَيَّ، وَ تُوَسِّعُهُ عَلَيَّ، لِأَعُودَ بِالْفَضْلِ مِنْهُ عَلَى مُبْتَغِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ مَعَ اَلْكَفَافِ إِلاَّ مَا أَكْتَسِبُ بِهِ اَلثَّوَابَ، فَإِنَّهُ لاَ ثَوَابَ لِمَنْ

ص: 242


1- الجدع: قطع الانف، و قطع الاذن أيضا، و قطع اليد و الشّفة. الصّحاح - جدع - 1193:3.
2- المعطس: الانف لان العطاس منه يخرج. لسان العرب 142:6.

لاَ يُشَارِكُكَ فِي مَالِهِ، وَ لاَ حَاجَةَ لِي فِيمَا يُكْنَزُ فِي اَلْأَرْضِ، وَ لاَ يُنْفَقُ فِي نَافِلَةٍ وَ لاَ فَرْضٍ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَ أَبْتَغِيهِ مِنْ لَدُنْكَ حَلاَلاً طَيِّباً، فَأَعِنِّي عَلَى ذَلِكَ، وَ أَقْدِرْنِي عَلَيْهِ، وَ لاَ تَبْتَلِيَنِّي بِالْحَاجَةِ، فَأَتَعَرَّضَ بِالرِّزْقِ لِلْجَهَاتِ اَلَّتِي يَقْبُحُ أَمْرُهَا، وَ يَلْزَمُنِي وِزْرُهَا.

اَللَّهُمَّ وَ مُدَّ لِي فِي اَلْعُمُرِ مَا دَامَتِ اَلْحَيَاةُ مَوْصُولَةً بِطَاعَتِكَ، مَشْغُولَةً بِعِبَادَتِكَ، فَإِذَا صَارَتِ اَلْحَيَاةُ مَرْتَعَةً لِلشَّيْطَانِ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ إِلَيَّ مَقْتُكَ، وَ يَسْتَحْكِمَ عَلَيَّ سَخَطُكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ يَسِّرْ لِيَ اَلْعَوْدَ إِلَى هَذَا اَلْمَشْهَدِ اَلَّذِي عَظَّمْتَ حُرْمَتَهُ فِي كُلِّ حَوْلٍ بَلْ فِي كُلِّ شَهْرٍ، بَلْ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، فَإِنَّ زِيَارَتَهُ فِي كُلِّ حَوْلٍ (1) مَعَ قَبُولِكَ ذَلِكَ بَرَكَةٌ شَامِلَةٌ، فَكَيْفَ إِذَا قَرُبَتِ اَلْمُدَّةُ، وَ تَلاَحَقَتِ اَلْقُدْرَةُ.

اَللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ عُذْرَ لِي فِي اَلتَّأَخُّرِ عَنْهُ، وَ اَلْإِخْلاَلِ بِزِيَارَتِهِ، مَعَ قُرْبِ اَلْمَسَافَةِ إِلاَّ اَلْمَخَاوِفَ اَلْحَائِلَةَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ، وَ لَوْ لاَ ذَلِكَ لَتَقَطَّعَتْ نَفْسِي حَسْرَةً لاِنْقِطَاعِي عَنْهُ أَسَفاً عَلَى مَا يَفُوتُنِي مِنْهُ.

اَللَّهُمَّ يَسِّرْ لِيَ اَلْإِتْمَامَ، وَ أَعِنِّي عَلَى تَأَدِّيهِ وَ مَا أُضْمِرُهُ فِيهِ، وَ أَرَاهُ أَهْلَهُ وَ مُسْتَوْجِبَهُ، فَأَنْتَ بِنِعْمَتِكَ اَلْهَادِي إِلَيْهِ، وَ اَلْمُعِينُ عَلَيْهِ. اَللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ فَرْضِي وَ نَوَافِلِي وَ زِيَارَتِي، وَ اِجْعَلْهَا زِيَارَةً مُسْتَمِرَّةً، وَ عَادَةً مُسْتَقِرَّةً، وَ لاَ تَجْعَلْ ذَلِكَ مُنْقَطِعَ اَلتَّوَاتُرِ يَا كَرِيمُ.

ص: 243


1- اثبتناها من نسخة المجلسيّ.

فَإِذَا أَرَدْتَ اَلْوَدَاعَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَيْرَ اَلْأَنَامِ لِأَكْرَمِ إِمَامٍ وَ أَكْرَمِ رَسُولٍ، وَلِيُّكَ يُوَدِّعُكَ تَوْدِيعَ غَيْرِ قَالٍ وَ لاَ سَئِمٍ لِلْمُقَامِ لَدَيْكَ، وَ لاَ مُؤْثِرٍ لِغَيْرِكَ عَلَيْكَ، وَ لاَ مُنْصَرِفٍ لِمَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنْكَ، تَوْدِيعَ مُتَأَسِّفٍ عَلَى فِرَاقِكَ، وَ مُتَشَوِّقٍ إِلَى عَوْدِ لِقَائِكَ، وَدَاعَ مَنْ يَعُدُّ اَلْأَيَّامَ لِزِيَارَتِكَ، وَ يُؤْثِرُ اَلْغُدُوَّ وَ اَلرَّوَاحَ إِلَيْكَ، وَ يَتَلَهَّفُ عَلَى اَلْقُرْبِ مِنْكَ، وَ مُشَاهَدَةِ نَجْوَاكَ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ مَا اِخْتَلَفَ اَلْجَدِيدَانِ، وَ تَنَاوَحَ اَلْعَصْرَانِ، وَ تَعَاقَبَ اَلْأَيَّامُ.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

يَا مَوْلاَيَ مَا تَرْوَى اَلنَّفْسُ مِنْ مُنَاجَاتِكَ، وَ لاَ يَقْنَعُ اَلْقَلْبُ إِلاَّ بِمُجَاوَرَتِكَ، فَلَوْ عَذَرْتَنِي اَلْحَالَ اَلَّتِي وَرَائِي لَتَرَكْتُهَا وَ لاَسْتَبْدَلْتُ بِهَا جِوَارَكَ. فَمَا أَسْعَدَ مَنْ يُغَادِيكَ وَ يُرَاوِحُكَ، وَ مَا أَرْغَدَ عَيْشَ مَنْ يُمْسِيكَ وَ يُصْبِحُكَ!

اَللَّهُمَّ اُحْرُسْ هَذِهِ اَلْآثَارَ مِنَ اَلدُّرُوسِ، وَ أَدِمْ لَهَا مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ اَلْأُنْسِ وَ اَلْبَرَكَاتِ وَ اَلسُّعُودِ، وَ مُوَاصَلَةِ مَا كَرَّمْتَهَا بِهِ مِنْ زُوَّارِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ اَلْوَافِدِينَ إِلَيْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ سَاعَةٍ، وَ اُعْمُرِ اَلطَّرِيقَ بِالزَّائِرِينَ لَهَا، وَ آمِنْ سُبُلَهَا إِلَيْهَا.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ، وَ إِتْيَانِ مَشَاهِدِهِمْ، إِنَّكَ وَلِيُّ اَلْإِجَابَةِ، يَا كَرِيمُ (1).

ص: 244


1- نقلها المجلسي في البحار 38/231:101.

زيارة ثالثة يزار بها الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما و سلامه

تَقِفُ عَلَى بَابِ قُبَّتِهِ اَلشَّرِيفَةِ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَعْطِنِي فِي هَذَا اَلْمَقَامِ رَغْبَتِي عَلَى حَقِيقَةِ إِيمَانِي(1) بِكَ وَ بِرَسُولِكَ وَ بِوُلاَةِ أَمْرِكَ، اَلْحَرَمُ حَرَمُ اَللَّهِ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ وَ حَرَمُكَ، يَا مَوْلاَيَ أَ تَأْذَنُ لِي بِالدُّخُولِ إِلَى حَرَمِكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لِذَلِكَ أَهْلاً فَأَنْتَ لِذَلِكَ أَهْلٌ، عَنْ إِذْنِكَ يَا مَوْلاَيَ أَدْخُلُ حَرَمَ اَللَّهِ وَ حَرَمَكَ.

ثُمَّ تَدْخُلُ وَ تَجْعَلُ اَلضَّرِيحَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ تَسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهِكَ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْحَسَنِ اَلشَّهِيدِ سِبْطِ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْبَشِيرِ اَلنَّذِيرِ وَ اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ خِيَرَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ثَأْرَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ ثَأْرِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوِتْرُ اَلْمَوْتُورُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْهَادِي اَلزَّكِيُّ وَ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ، وَ أَقَامَتْ فِي جِوَارِكَ، وَ وَفَدَتْ مَعَ زُوَّارِكَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ مِنِّي مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ، فَلَقَدْ عَظُمَتْ بِكَ اَلرَّزِيَّةُ، وَ جَلَّ اَلْمُصَابُ فِي اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ فِي أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ أَجْمَعِينَ، وَ فِي سُكَّانِ

ص: 245


1- في نسخة «ه» و «ع»: الحال.

اَلْأَرَضِينَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ اَلطَّيِّبِينَ اَلْمُنْتَجَبِينَ، وَ عَلَى ذَرَارِيِّهِمُ اَلْهُدَاةِ اَلْمَهْدِيِّينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَ عَلَى تُرْبَتِكَ وَ عَلَى تُرْبَتِهِمْ، اَللَّهُمَّ لَقِّهِمْ رَحْمَةً وَ رِضْوَاناً، وَ رَوْحاً وَ رَيْحَاناً.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، يَا اِبْنَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، يَا اِبْنَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَهِيدُ يَا اِبْنَ اَلشَّهِيدِ، يَا أَخَا اَلشَّهِيدِ، يَا أَبَا اَلشُّهَدَاءِ. اَللَّهُمَّ بَلِّغْهُ عَنِّي فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ، (وَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ)(1)، وَ فِي هَذَا اَلْوَقْتِ، وَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَ سَلاَماً، سَلاَمُ اَللَّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْعَالَمِينَ، وَ عَلَى اَلْمُسْتَشْهَدِينَ مَعَكَ سَلاَماً مُتَّصِلاً مَا اِتَّصَلَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلشَّهِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ اَلشَّهِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعَبَّاسِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلشَّهِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشُّهَدَاءِ مِنْ وُلْدِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشُّهَدَاءِ مِنْ وُلْدِ اَلْحَسَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشُّهَدَاءِ مِنْ وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشُّهَدَاءِ مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ وَ عَقِيلٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى كُلِّ مُسْتَشْهَدٍ مَعَهُمْ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَلِّغْهُمْ عَنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَ سَلاَماً.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، أَحْسَنَ اَللَّهُ لَكَ اَلْعَزَاءَ فِي وَلَدِكَ اَلْحُسَيْنِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا فَاطِمَةُ، أَحْسَنَ اَللَّهُ لَكَ اَلْعَزَاءَ فِي وَلَدِكَ اَلْحُسَيْنِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَحْسَنَ اَللَّهُ لَكَ اَلْعَزَاءَ فِي وَلَدِكَ اَلْحُسَيْنِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنَ، أَحْسَنَ اَللَّهُ لَكَ اَلْعَزَاءَ فِي أَخِيكَ اَلْحُسَيْنِ. يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ أَنَا ضَيْفُ اَللَّهِ وَ ضَيْفُكَ، وَ جَارُ اَللَّهِ وَ جَارُكَ، وَ لِكُلِّ ضَيْفٍ وَ جَارٍ قِرًى، وَ قِرَايَ هَذَا اَلْوَقْتَ أَنْ تَسْأَلَ

ص: 246


1- لم تردّ في نسخة «ع» و «ه».

اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنِي فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، إِنَّهُ سَمِيعُ اَلدُّعَاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ اِنْتَقِلْ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ وَ قِفْ عِنْدَهُ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَرِيعَ اَلْعَبْرَةِ اَلسَّاكِبَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا قَرِينَ اَلْمُصِيبَةِ اَلرَّاتِبَةِ، بِاللَّهِ أُقْسِمُ لَقَدْ طَيَّبَ اَللَّهُ بِكَ اَلتُّرَابَ، وَ أَعْظَمَ بِكَ اَلْمُصَابَ، وَ أَوْضَحَ بِكَ اَلْكِتَابَ (1)، وَ جَعَلَكَ وَ جَدَّكَ وَ أَبَاكَ (وَ أُمَّكَ وَ أَخَاكَ وَ أَبْنَاءَكَ)(2) عِبْرَةً لِأُولِي اَلْأَلْبَابِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ تَسْمَعُ اَلْخِطَابَ، وَ تَرُدُّ اَلْجَوَابَ، فَصَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْمَيَامِينِ اَلطُّيَّابِ. وَ هَا أَنَا ذَا نَحْوَكَ قَدْ أَتَيْتُ، وَ إِلَى فِنَائِكَ اِلْتَجَأْتُ، أَرْجُو بِذَلِكَ اَلْقُرْبَةَ إِلَيْكَ، وَ إِلَى جَدِّكَ وَ أَبِيكَ، فَصَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا إِمَامِي وَ اِبْنَ إِمَامِي، كَأَنِّي بِكَ يَا مَوْلاَيَ فِي عَرَصَاتِ كَرْبَلاَءَ تُنَادِي فَلاَ تُجَابُ، وَ تَسْتَغِيثُ فَلاَ تُغَاثُ، وَ تَسْتَجِيرُ فَلاَ تُجَارُ، يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكَ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى رُوحِهِ وَ جَسَدِهِ، وَ بَلِّغْهُ عَنِّي تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ رَحْمَةً وَ بَرَكَةً وَ رِضْوَاناً، وَ خَيْراً دَائِماً وَ غُفْرَاناً، إِنَّكَ سَمِيعُ اَلدُّعَاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ فَقَبِّلْهُ وَ قُلْ:

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي (يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ)(3)، يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، لَقَدْ عَظُمَتِ اَلْمُصِيبَةُ، وَ جَلَّتِ اَلرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنَا وَ عَلَى أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَ أَلْجَمَتْ وَ تَهَيَّأَتْ لِقِتَالِكَ. يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ قَصَدْتُ حَرَمَكَ، وَ أَتَيْتُ مَشْهَدَكَ، أَسْأَلُ اَللَّهَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَكَ عِنْدَهُ، وَ بِالْمَحَلِّ اَلَّذِي لَكَ لَدَيْهِ، أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

ص: 247


1- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».
2- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».
3- لم تردّ في نسختي «ه» و «ع».

ثُمَّ (1) اِرْفَعْ رَأْسَكَ وَ صَلِّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ اَلصَّلاَةِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ صَلِّ عَلَى اَلْحُسَيْنِ اَلْمَظْلُومِ اَلشَّهِيدِ، قَتِيلِ اَلْعَبَرَاتِ، وَ أَسِيرِ اَلْكُرُبَاتِ، صَلاَةً نَامِيَةً زَاكِيَةً مُبَارَكَةً، يَصْعَدُ أَوَّلُهَا، وَ لاَ يَنْفَدُ آخِرُهَا، أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْلاَدِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمُرْسَلِينَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلشَّهِيدِ اَلْمَقْتُولِ، اَلْمَظْلُومِ اَلْمَخْذُولِ، وَ اَلسَّيِّدِ اَلْقَائِدِ، وَ اَلْعَابِدِ اَلزَّاهِدِ، اَلْوَصِيِّ اَلْخَلِيفَةِ، اَلْإِمَامِ اَلصِّدِّيقِ، اَلطُّهْرِ اَلطَّاهِرِ، اَلطَّيِّبِ اَلْمُبَارَكِ، وَ اَلرَّضِيِّ اَلْمَرْضِيِّ، وَ اَلتَّقِيِّ اَلْهَادِي اَلْمَهْدِيِّ، سِبْطِ اَلرَّسُولِ، وَ ثَمَرَةِ عَيْنِ اَلْبَتُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ كَمَا عَمِلَ بِطَاعَتِكَ، وَ نَهَى عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَ بَالَغَ فِي رِضْوَانِكَ، وَ أَقْبَلَ عَلَى إِيمَانِكَ، غَيْرَ قَابِلٍ فِيكَ عُذْراً، سِرّاً وَ عَلاَنِيَةً، يَدْعُو اَلْعِبَادَ إِلَيْكَ، وَ يَدُلُّهُمْ عَلَيْكَ. وَ قَامَ بَيْنَ يَدَيْكَ يَهْدِمُ اَلْجَوْرَ بِالصَّوَابِ، وَ يُحْيِي اَلسُّنَّةَ بِالْكِتَابِ، فَعَاشَ فِي رِضْوَانِكَ مَكْدُوداً، وَ مَضَى عَلَى طَاعَتِكَ وَ فِي أَوْلِيَائِكَ مَكْدُوحاً، وَ قَضَى إِلَيْكَ مَفْقُوداً. لَمْ يَعْصِكَ فِي لَيْلٍ وَ لاَ نَهَارٍ، بَلْ جَاهَدَ فِيكَ اَلْمُنَافِقِينَ وَ اَلْكُفَّارَ.

اَللَّهُمَّ فَاجْزِهِ خَيْرَ جَزَاءِ اَلصَّادِقِينَ اَلْأَبْرَارِ، وَ ضَاعِفْ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ، وَ لِقَاتِلِيهِ اَلْعِقَابَ، فَقَدْ قَاتَلَ كَرِيماً، وَ قُتِلَ مَظْلُوماً، وَ مَضَى مَرْحُوماً، يَقُولُ: أَنَا اِبْنُ رَسُولِ اَللَّهِ مُحَمَّدٍ، وَ اِبْنُ مَنْ زَكَّى وَ عَبَدَ. فَقَتَلُوهُ بِالْعَمْدِ اَلْمُعْتَمِدِ، قَتَلُوهُ عَلَى اَلْإِيمَانِ، وَ أَطَاعُوا فِي قَتْلِهِ اَلشَّيْطَانَ، وَ لَمْ يُرَاقِبُوا فِيهِ اَلرَّحْمَنَ.

اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ صَلاَةً تَرْفَعُ بِهَا ذِكْرَهُ، وَ تُظْهِرُ بِهَا أَمْرَهُ،

ص: 248


1- في نسخة المجلسيّ زيادة: ثمّ صلّ ركعتين عند الرّأس تقرأ فيهما ما أحببت وادع اللّه تعالى بما أردت، ثمّ امض و سلّم على عليّ بن الحسين، و على الشّهداء، و على اصحاب الحسين عليه السّلام بما ذكرناه أوّلا.

وَ تُعَجِّلُ بِهَا نَصْرَهُ. وَ اِخْصُصْهُ بِأَفْضَلِ قِسَمِ اَلْفَضَائِلِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، وَ زِدْهُ شَرَفاً فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَ بَلِّغْهُ أَعْلَى شَرَفِ اَلْمُكَرَّمِينَ، وَ اِرْفَعْهُ مِنْ شَرَفِ رَحْمَتِكَ فِي شَرَفِ اَلْمُقَرَّبِينَ فِي اَلرَّفِيعِ اَلْأَعْلَى، وَ بَلِّغْهُ اَلْوَسِيلَةَ وَ اَلْمَنْزِلَةَ اَلْجَلِيلَةَ، وَ اَلْفَضْلَ وَ اَلْفَضِيلَةَ وَ اَلْكَرَامَةَ اَلْجَزِيلَةَ.

اَللَّهُمَّ وَ اِجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَيْتَ إِمَاماً عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَ صَلِّ عَلَى سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ كُلَّمَا ذُكِرَ وَ كُلَّمَا لَمْ يُذْكَرْ.

يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ أَدْخِلْنِي فِي حِزْبِكَ وَ زُمْرَتِكَ، وَ اِسْتَوْهِبْنِي مِنْ رَبِّكَ وَ رَبِّي، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ جَاهاً وَ قَدْراً وَ مَنْزِلَةً رَفِيعَةً، إِنْ سَأَلْتَ أُعْطِيتَ، وَ إِنْ شَفَعْتَ شُفِّعْتَ، اَللَّهَ اَللَّهَ فِي عَبْدِكَ وَ مَوْلاَكَ، لاَ تُخْلِنِي عِنْدَ اَلشَّدَائِدِ وَ اَلْأَهْوَالِ لِسُوءِ عَمَلِي، وَ قَبِيحِ فِعْلِي، وَ عَظِيمِ جُرْمِي، فَإِنَّكَ أَمَلِي وَ رَجَائِي، وَ ثِقَتِي وَ مُعْتَمَدِي، وَ وَسِيلَتِي إِلَى اَللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكَ. لَمْ يَتَوَسَّلِ اَلْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اَللَّهِ بِوَسِيلَةٍ هِيَ أَعْظَمُ حَقّاً، وَ لاَ أَوْجَبُ حُرْمَةً، وَ لاَ أَجَلُّ قَدْراً عِنْدَهُ مِنْكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ، لاَ خَلَّفَنِيَ اَللَّهُ عَنْكُمْ بِذُنُوبِي، وَ جَمَعَنِي وَ إِيَّاكُمْ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ اَلَّتِي أَعَدَّهَا لَكُمْ وَ لِأَوْلِيَائِكُمْ، إِنَّهُ خَيْرُ اَلْغَافِرِينَ وَ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ أَبْلِغْ سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ اُرْدُدْ عَلَيْنَا مِنْهُ (1) اَلسَّلاَمَ، إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ. وَ صَلِّ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ اَلسَّلاَمُ وَ كُلَّمَا لَمْ يُذْكَرْ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ لِلزِّيَارَةِ، وَ اُدْعُ بَعْدَهُمَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَقِيبَ صَلاَةِ زِيَارَتِهِ اَلْأُولَى وَ شَرَحْنَاهُ، وَ زُرْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ وَ اَلشُّهَدَاءَ أَيْضاً عَلَى ذَلِكَ اَلْوَجْهِ اَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ وَ حَرَّرْنَاهُ، وَ كَذَلِكَ فِي اَلْوَدَاعِ وَ مَا جَرَى مَجْرَاهُ (2).

ص: 249


1- في نسخة «م»: التحية و السّلام.
2- نقلها المجلسي في بحار الانوار 34/222:101.

زيارة رابعة مختصرة يزار بها مولانا الحسين صلوات اللّه عليه

رُوِيَ: أَنَّ رَجُلاً أَتَى اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِقُرْبِ اَلظِّلاَلِ وَ نَزَلَ [وَ] عَلَيْهِ حِلْيَةُ اَلْأَعْرَابِ، ثُمَّ مَضَى نَحْوَ اَلضَّرِيحِ وَ عَلَيْهِ سَكِينَةٌ وَ وَقَارٌ حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ اَلظِّلاَلِ، ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ اَلضَّرِيحِ وَ قَالَ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ حُجَّتَهُ، سَلاَمَ مُسَلِّمٍ لِلَّهِ فِيكَ، رَادٍّ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَيْكَ، مُرَاعٍ حَقَّ مَا اِسْتَرْعَاكَ اَللَّهُ خَلْقَهُ وَ اِسْتَرْعَاكَ حَقَّهُ. فَأَنْتَ حُجَّتُهُ اَلْكُبْرَى، وَ كَلِمَتُهُ اَلْعُظْمَى، وَ طَرِيقَتُهُ اَلْمُثْلَى، وَ حُجَّتُهُ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا، وَ خَلِيفَتُهُ فِي اَلْأَرْضِ وَ اَلسَّمَاوَاتِ اَلْعُلَى. أَتَيْتُكَ زَائِراً، لِآلاَءِ اَللَّهِ ذَاكِراً، أَصْبَحَ ذَنْبِي عَظِيماً، وَ أَصْبَحْتَ بِهِ عَلِيماً، فَكُنْ لِي بِحَطِّهِ زَعِيماً، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

ثُمَّ حَطَّ خَدَّهُ عَلَى اَلضَّرِيحِ وَ قَالَ: أَتَيْتُكَ لِلذُّنُوبِ مُقْتَرِفاً، وَ بِهِنَّ مُعْتَرِفاً، فَكُنْ لِي إِلَى اَللَّهِ شَافِعاً، فَهَا أَنَا ذَا قَدْ جِئْتُ عَنْهُنَّ نَازِعاً، إِلَى اَللَّهِ أَتَنَصَّلُ، وَ بِكُمْ يَا آلَ مُحَمَّدٍ أَتَوَسَّلُ، اَلْآخَرَ مِنْكُمْ وَ اَلْأَوَّلَ، صَلَّى اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ سَلَّمَ وَ كَرَّمَ وَ أَجْزَلَ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ وَقَفَ وَ اَلضَّرِيحُ قِبْلَتُهُ فَصَلَّى وَ أَكْثَرَ مَا لَمْ أُحْصِهِ، ثُمَّ دَعَا وَ اِسْتَغْفَرَ، وَ سَجَدَ وَ عَفَّرَ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ:

إِلَهِي إِيَّاكَ قَصَدْتُ، وَ إِلَى وَلِيِّكَ وَ اِبْنِ وَلِيِّكَ وَفَدْتُ، نَازِلاً بعقوتك [بِعُقُوبَتِكَ](1)، عَائِذاً بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، فَارْحَمْ غُرْبَتِي، وَ أَقِلْ عَثْرَتِي، وَ اِقْبَلْ تَوْبَتِي، وَ أَحْسِنْ أَوْبَتِي، مَشْكُورَ اَلْبَصِيرَةِ، مَغْفُورَ اَلْعَلاَنِيَةِ وَ اَلسَّرِيرَةِ، مِنْ كُلِّ كَبِيرَةٍ وَ صَغِيرَةٍ.

اَللَّهُمَّ اِرْحَمْ ضَرَاعَتِي إِلَيْكَ، وَ تَقَبَّلْ شَفَاعَتِي بِهِ إِلَيْكَ، وَ اِقْضِ حَاجَتِي بِوَسِيلَتِي

ص: 250


1- بعقوتك: العقاة و العقوة: الساحة و ما حول الدّار. الصّحاح - عقّا - 2433:6.

بِهِ لَدَيْكَ، وَ اِجْعَلْهَا نَجَاتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ سُوءِ هَذِهِ اَلدَّارِ، وَ حَطِيطَةً لِذُنُوبِي وَ اَلْآصَارِ، يَا عَالِمَ اَلْخَفَايَا وَ اَلْأَسْرَارِ.

إِلَهِي إِنِّي اِمْتَطَيْتُ إِلَيْكَ اَلْمَهَانَةَ، وَ اِدَّرَعْتُ اَلْمَثَابَةَ، لَأْياً بَعْدَ لَأْيٍ (1)، فِي غُدُوِّي وَ مَسَائِي، إِلَى أَئِمَّتِي وَ أَوْلِيَائِي، فَابْعَثْنِي فِي أُسْرَتِهِمْ، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، يَوْمَ أُدْعَى مِنَ اَلْحَافِرَةِ، لِحُضُورِ اَلسَّاهِرَةِ، وَ مَوْقِفِ اَلْحِسَابِ وَ اَلْآخِرَةِ.

ثُمَّ عَفَّرَ خَدَّيْهِ يَتَضَرَّعُ وَ يَبْكِي وَ قَالَ: يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ، يَا ذَا اَلْحَوْلِ وَ اَلطَّوْلِ، نَجِّنِي مِنْ خَطَلِ اَلْعَمَلِ وَ اَلْقَوْلِ، وَ آمِنِّي يَوْمَ اَلْفَزَعِ وَ اَلْهَوْلِ.

ثُمَّ جَلَسَ وَ هُوَ يُهَيْنِمُ (2) بِمَا لَمْ أَفْهَمْهُ، ثُمَّ قَامَ فَوَقَفَ عِنْدَ رَأْسِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ قَالَ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى مَنِ اِتَّبَعَكَ وَ شَهِدَ اَلْمَعْرَكَةَ مَعَكَ، وَ اَلْوَارِدِينَ مَصْرَعَكَ، يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً، أَتَيْتُكَ زَائِراً يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ وَلِيِّهِ وَ وَصِيَّ نَبِيِّهِ، وَ اِنْصَرَفْتُ مُوَدِّعاً غَيْرَ سَئِمٍ وَ لاَ قَالٍ، فَاجْعَلْنِي مِنْكَ بِبَالٍ.

ثُمَّ اِنْصَرَفَ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا وَ مَضَى، وَ لَمْ أُكَلِّمْهُ وَ لاَ كَلَّمَنِي(3).

ص: 251


1- لأيا بعد لاي: بعد شدة و ابطاء. انظر الصحاح - أي - 2478:6.
2- يهينم: الهينمة: الصوت الخفي. انظر الصحاح - هنم - 2062:5.
3- نقلها المجلسي في بحار الأنوار 35/227:101.

زيارة خامسة مختصرة يزار بها أيضا مولانا الحسين عليه السّلام و فيها فضل كثير

بِحَذْفِ اَلْإِسْنَادِ عَنْ جَابِرٍ اَلْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ: أَنَّهُ قَالَ لِجَابِرٍ: كَمْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ؟

قَالَ: قُلْتُ: يَوْمٌ وَ بَعْضُ آخَرَ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: تَزُورُهُ؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَلاَ أُفَرِّحُكَ، أَلاَ أُبَشِّرُكَ بِثَوَابِهِمْ؟

قَالَ: قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: إِنَّ اَلرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَتَهَيَّأُ لِزِيَارَتِهِ فَتَبَاشَرَ بِهِ أَهْلُ اَلسَّمَاءِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَابِ مَنْزِلِهِ رَاكِباً أَوْ مَاشِياً وَكَّلَ اَللَّهُ بِهِ أَلْفَ مَلَكٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ.

قَالَ: فَإِذَا أَتَيْتَ قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قُمْتَ عَلَى اَلْبَابِ وَ قُلْتَ هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلٍّ مِنْهُنَّ كِفْلاً مِنْ رَحْمَةِ اَللَّهِ.

قَالَ: قُلْتُ: وَ مَا هُنَّ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟

قَالَ: تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ

ص: 252

سَيِّدِ(1) رُسُلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ (2) أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ خَيْرِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْحَسَنِ اَلرَّضِيِّ اَلطَّاهِرِ اَلرَّاضِي اَلْمَرْضِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ اَلْأَكْبَرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَصِيُّ اَلْبَرُّ اَلتَّقِيُّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ، وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْحَافِّينَ (3) بِكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ، وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ جَاهَدْتَ اَلْمُلْحِدِينَ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تَمْشِي إِلَيْهِ فَلَكَ بِكُلِّ قَدَمٍ تَرْفَعُهَا أَوْ تَضَعُهَا كَثَوَابِ اَلْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا مَشَيْتَ وَ وَقَفْتَ عَلَى اَلْقَبْرِ فَاسْتَلِمْهُ بِيَدِكَ وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ.

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى صَلاَتِكَ فَلَكَ بِكُلِّ رَكْعَةٍ تَرْكَعُهَا عِنْدَهُ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ أَلْفَ حَجَّةٍ، وَ اِعْتَمَرَ أَلْفَ عُمْرَةٍ، وَ أَعْتَقَ أَلْفَ رَقَبَةٍ، وَ كَمَنْ وَقَفَ أَلْفَ مَرَّةٍ مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ.

قَالَ: فَإِذَا أَنْتَ قُمْتَ مِنْ عِنْدِ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ نَادَاكَ مُنَادٍ لَوْ سَمِعْتَ مَقَالَتَهُ لَأَفْنَيْتَ عُمُرَكَ عِنْدَ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ هُوَ يَقُولُ: طُوبَى لَكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ، لَقَدْ غَنِمْتَ وَ سَلِمْتَ، وَ قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا سَلَفَ فَاسْتَأْنِفِ اَلْعَمَلَ.

قَالَ: وَ إِنْ مَاتَ فِي عَامِهِ أَوْ يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ لَمْ يَتَوَلَّ قَبْضَ رُوحِهِ إِلاَّ اَللَّهُ تَعَالَى، وَ تُقِيمُ مَعَهُ اَلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ مَنْزِلَهُ، وَ تَقُولُ اَلْمَلاَئِكَةُ:

ص: 253


1- في هامش نسخة «م»: حبيب اللّه.
2- في هامش نسخة «م»: وصيّ رسول اللّه.
3- في هامش نسخة «م»: المحدقين.

يَا رَبَّنَا عَبْدُكَ قَدْ أَتَى قَبْرَ وَلِيِّكَ، وَ قَدْ وَافَى مَنْزِلَهُ، فَأَيْنَ نَذْهَبُ؟ فَيَأْتِيهِمُ اَلنِّدَاءُ:

يَا مَلاَئِكَتِي قُومُوا بِبَابِ عَبْدِي فَسَبِّحُونِي وَ قَدِّسُونِي وَ هَلِّلُونِي، وَ اُكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إِلَى يَوْمِ يُتَوَفَّى، فَإِذَا تُوُفِّيَ ذَلِكَ اَلْعَبْدُ شَهِدُوا غُسْلَهُ وَ كَفْنَهُ وَ اَلصَّلاَةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا وَكَّلْتَنَا بِبَابِ عَبْدِكَ وَ قَدْ تُوُفِّيَ، فَأَيْنَ نَذْهَبُ؟ فَيَأْتِيهِمُ اَلنِّدَاءُ:

يَا مَلاَئِكَتِي قِفُوا بِقَبْرِ عَبْدِي سَبِّحُوا وَ قَدِّسُوا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، وَ اُكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ (1).

وَ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ كُلَّمَا زَارَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ عِنْدِهِ، أَنْ يَنْكَبَّ عَلَى الْقَبْرِ وَ يُقَبِّلُهُ وَ يَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَالِصَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ اَلظَّمَأِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا غَرِيبَ اَلْغُرَبَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ سَئِمٍ وَ لاَ قَالٍ، فَإِنْ أَمْضِ فَلاَ عَنْ مَلاَلَةٍ، وَ إِنْ أُقِمْ فَلاَ عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اَللَّهُ اَلصَّابِرِينَ، لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكَ، وَ رَزَقَنِيَ اَللَّهُ اَلْعَوْدَ إِلَى مَشْهَدِكَ، وَ اَلْمُقَامَ بِفِنَائِكَ، وَ اَلْقِيَامَ فِي حَرَمِكَ، وَ إِيَّاهُ أَسْأَلُ أَنْ يُسْعِدَنِي بِكُمْ، وَ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ (2).

ص: 254


1- اوردها ابن قولويه في كامل الزيارات: 206، و ابن المشهدي في مزاره: 626، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 36/229:101.
2- نقله المجلسي في بحار الأنوار 230:101.

ذكر فضل تربة الحسين عليه السّلام، و حدّ الموضع الذي تؤخذ منه،

اشارة

و مقدار ما يؤخذ منها، و كيفية أخذها و الاستشفاء بها، و ما في ذلك من قول و عمل

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «طِينُ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِيهِ شِفَاءٌ وَ إِنْ أُخِذَ عَلَى رَأْسِ مِيلٍ»(1).

وَ قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «مَنْ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ فَبَدَأَ بِطِينِ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ شَفَاهُ اَللَّهُ مِنْ تِلْكَ اَلْعِلَّةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ عِلَّةَ اَلسَّأْمِ»(2).

وَ قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «لَوْ أَنَّ مَرِيضاً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ حَقَّ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ حُرْمَتَهُ وَ وَلاَيَتَهُ، أُخِذَ لَهُ مِنْ طِينِ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِثْلَ رَأْسِ أَنْمُلَةٍ كَانَ لَهُ دَوَاءً»(3).

ذكر الموضع المأخوذ منه

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «يُؤْخَذُ طِينُ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنْ عِنْدِ اَلْقَبْرِ عَلَى سَبْعِينَ ذِرَاعاً»(4).

وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: مِقْدَارُ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ (5).

ص: 255


1- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 275، و المفيد في مزاره: 3/126، و الطبرسي في مكارم الاخلاق: 1175/360:1.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 275، و المفيد في مزاره: 4/126.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 278، و الطوسي في مصباحه: 675، و ابن المشهدي في مزاره: 505.
4- رواه الكليني في الكافي 5/588:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 279، و المفيد في مزاره: 7/128، و الطوسي في مصباحه: 676، و في التهذيب 144/74:6، و نقله المجلسي في البحار 53/131:101.
5- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 280، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 54/131:101.

وَ رُوِيَ: فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ (1). و اللّه أعلم.

ذكر قدر المأخوذ منها

عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنَ اَلطِّينِ فَحَرَّمَ اَلطِّينَ عَلَى وُلْدِهِ».

قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي طِينِ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ؟

قَالَ: «يَحْرُمُ عَلَى اَلنَّاسِ أَكْلُ لُحُومِهِمْ وَ يَحِلُّ لَهُمْ أَكْلُ لُحُومِنَا! وَ لَكِنِ اَلْيَسِيرُ مِنْهُ مِثْلُ اَلْحِمَّصَةِ»(2).

ذكر الكيفية في أخذها و الاستشفاء بها و عمل ذلك

رُوِيَ: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ: إِنَّ تُرْبَةَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنَ اَلْأَدْوِيَةِ اَلْمُفْرَدَةِ، وَ إِنَّهَا لاَ تَمُرُّ بِدَاءٍ إِلاَّ هَضَمَتْهُ.

فَقَالَ: «قَدْ كَانَ ذَلِكَ - أَوْ قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ - فَمَا بَالُكَ»؟

قَالَ: إِنِّي قَدْ تَنَاوَلْتُهَا فَمَا اِنْتَفَعْتُ بِهَا.

قَالَ: «أَمَا إِنَّ لَهَا دُعَاءً، فَمَنْ تَنَاوَلَهَا وَ لَمْ يَدْعُ بِهِ وَ اِسْتَعْمَلَهَا لَمْ يَكَدْ يَنْتَفِعُ بِهَا».

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَقُولُ إِذَا تَنَاوَلْتُ اَلتُّرْبَةَ؟

قَالَ: «قَبِّلْهَا قَبْلَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ ضَعْهَا عَلَى عَيْنَيْكَ، وَ لاَ تُنَاوِلْ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ حِمَّصَةٍ، فَإِنَّ مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا أَكَلَ مِنْ لُحُومِنَا، فَإِذَا تَنَاوَلْتَ فَقُلْ:

ص: 256


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 282، و الطّوسيّ في مصباحه: 674، و التّهذيب 133/71:6، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 54/131:101.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 285، و المفيد في مزاره: 8/128، و الطّوسيّ في مصباحه: 676، و التّهذيب 145/74:6، و ابن المشهديّ في مزاره: 507، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 101: 47/130.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اَلْمَلَكِ اَلَّذِي قَبَضَهَا، وَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اَلْمَلَكِ اَلَّذِي خَزَنَهَا، وَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اَلْوَصِيِّ اَلَّذِي حَلَّ فِيهَا، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَ أَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَاشْدُدْهَا فِي شَيْ ءٍ وَ اِقْرَأْ عَلَيْهَا (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) فَإِنَّ اَلدُّعَاءَ اَلَّذِي قَدَّمْنَاهُ هُوَ اَلاِسْتِئْذَانُ، وَ اَلْقِرَاءَةُ هِيَ خَتْمُهَا(1)، وَ تَقُولُ عِنْدَ أَكْلِهَا:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ رِزْقاً وَاسِعاً، وَ عِلْماً نَافِعاً، وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(2).

وَ يُرْوَى فِي أَخْذِ اَلتُّرْبَةِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَ هُوَ: أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ أَخْذَهَا فَقُمْ آخِرَ اَللَّيْلِ وَ اِغْتَسِلْ، وَ اِلْبَسْ أَطْهَرَ ثِيَابِكَ، وَ تَطَيَّبْ بِسُعْدٍ، وَ اُدْخُلْ وَ قِفْ عِنْدَ اَلرَّأْسِ، وَ صَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى مِنْهَا اَلْحَمْدَ مَرَّةً وَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً اَلْإِخْلاَصَ، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدَ مَرَّةً وَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً اَلْقَدْرَ، وَ تَقْرَأُ فِي اَلثَّالِثَةِ اَلْحَمْدَ مَرَّةً وَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً اَلْإِخْلاَصَ، وَ فِي اَلرَّابِعَةِ اَلْحَمْدَ مَرَّةً وَ اِثْنَيْ عَشَرَ مَرَّةً إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اَللّٰهِ وَ اَلْفَتْحُ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَاسْجُدْ وَ قُلْ فِي سُجُودِكَ أَلْفَ مَرَّةٍ: شُكْراً.

ثُمَّ تَقُومُ وَ تَتَعَلَّقُ بِالضَّرِيحِ وَ تَقُولُ: يَا مَوْلاَيَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، إِنِّي آخِذٌ مِنْ تُرْبَتِكَ بِإِذْنِكَ، اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَ عِزّاً مِنْ كُلِّ ذُلٍّ، وَ أَمْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَ غِنًى مِنْ كُلِّ فَقْرٍ، لِي وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ.

وَ تَأْخُذُ بِثَلاَثِ أَصَابِعَ ثَلاَثَ قَبَضَاتٍ، وَ تَجْعَلُهَا فِي خِرْقَةٍ نَظِيفَةٍ، وَ تَخْتِمُهَا

ص: 257


1- رواه المفيد في مزاره: 1/130، و الطّوسيّ في مصباحه: 677، و ابن المشهديّ في مزاره: 507، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 73/135:101.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 284، و المفيد في مزاره: 131 /ذيل حديث 1، و الطّوسيّ في مصباحه: 676، و الطّبرسيّ في مكارم الاخلاق 1176/360:1.

بِخَاتَمِ فِضَّةٍ فَصُّهُ عَقِيقٌ، نَقْشُهُ «مَا شَاءَ اَللَّهُ، لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ».

فَإِذَا عَلِمَ اَللَّهُ مِنْكَ صِدْقَ اَلنِّيَّةِ يَصْعَدُ مَعَكَ فِي اَلثَّلاَثِ قَبَضَاتٍ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ لاَ تَزِيدُ وَ لاَ تَنْقُصُ، تَرْفَعُهَا لِكُلِّ عِلَّةٍ، وَ تَسْتَعْمِلُ مِنْهَا وَقْتَ اَلْحَاجَةِ مِثْلَ اَلْحِمَّصَةِ، فَإِنَّكَ تُشْفَى إِنْ شَاءَ اَللَّهُ (1).

وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ حَدِيثٌ طَوِيلٌ جَلِيلٌ فِي فَضْلِ تُرْبَةِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ اَلاِسْتِشْفَاءِ بِهَا، مِنْ جُمْلَتِهِ: إِنَّ اَلشَّيَاطِينَ وَ اَلْجِنَّ يَحْسُدُونَ بَنِي آدَمَ عَلَيْهَا، وَ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى دُخُولِ حَرَمِ اَلتُّرْبَةِ، فَإِذَا أَخَذَهَا اَلْإِنْسَانُ وَ لَمْ يَصُنْهَا قَصَدُوهَا فَيَتَمَسَّحُونَ بِهَا، فَتَذْهَبُ أَكْثَرُ فَائِدَتِهَا، وَ لَوْ كَانَ مِنَ اَلتُّرْبَةِ شَيْ ءٌ سَالِمٌ مَا عُولِجَ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ بَرِئَ مِنْ سَاعَتِهِ، فَإِذَا أَخَذْتَهَا فَأَكِنَّهَا وَ أَكْثِرْ عَلَيْهَا ذِكْرَ اَللَّهِ تَعَالَى.

وَ قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ مَنْ يَأْخُذُ اَلتُّرْبَةَ لِيَطْرَحَهَا فِي مِخْلاَةِ اَلْبَغْلِ وَ اَلْحِمَارِ، وَ فِي أَوْعِيَةِ اَلطَّعَامِ، وَ فِي مَا يُمْسَحُ بِهِ اَلْأَيْدِي مِنَ اَلطَّعَامِ، وَ اَلْجِرَابِ وَ اَلْجُوَالِقِ. فَكَيْفَ يَسْتَشْفِي بِهَا مَنْ هَذِهِ حَالَتُهَا عِنْدَهُ؟! وَ لَكِنَّ اَلْقَلْبَ اَلَّذِي لَيْسَ فِيهِ اَلْيَقِينُ لاَ يَسْتَخِفُّ بِمَا فِيهِ صَلاَحُهُ يُفْسِدُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ»(2).

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: يُقْرَأُ فِي اَلْأُولَى مِنْ صَلاَةِ أَخْذِ اَلتُّرْبَةِ اَلْحَمْدُ وَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً قُلْ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِرُونَ، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدُ وَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً اَلْقَدْرُ، وَ يَقْنُتُ وَ يَقُولُ:

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عُبُودِيَّةً وَ رِقّاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ حَقّاً حَقّاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَ نَصَرَ عَبْدَهُ، وَ هَزَمَ اَلْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، سُبْحَانَ اَللَّهِ مَلِكِ اَلسَّمَوَاتِ

ص: 258


1- رواه ابن المشهديّ في مزاره: 510، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار: 80/137:101.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 281.

اَلسَّبْعِ وَ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا فِيهِنَّ وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ رَبِّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ سَلاَمٌ عَلَى اَلْمُرْسَلِينَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ.

وَ يَرْكَعُ وَ يَسْجُدُ وَ يُصَلِّي اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْآخِرَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى اَلْحَمْدَ وَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً اَلْإِخْلاَصَ، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدَ وَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً إِذَا جَاءَ نَصْرُ اَللَّهِ وَ اَلْفَتْحُ، وَ يَقْنُتُ كَمَا قَنَتَ فِي اَلْأَوَّلَتَيْنِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَ يَسْجُدُ وَ يَفْعَلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اَلرِّوَايَةِ اَلْأُولَى(1).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «إِذَا تَنَاوَلَ أَحَدُكُمُ اَلتُّرْبَةَ قَبَّلَهَا وَ وَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَ لْيُمِرَّهَا عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ وَ لْيَقُلْ:

اَللَّهُمَّ بِحَقِّ هَذِهِ اَلتُّرْبَةِ وَ مَنْ حَلَّ بِهَا وَ ثَوَى فِيهَا، وَ بِحَقِّ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَخِيهِ وَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَ بِحَقِّ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْحَافِّينَ بِهِ، إِلاَّ جَعَلْتَهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَ بُرْءاً مِنْ كُلِّ مَرَضٍ، وَ نَجَاةً مِنْ كُلِّ آفَةٍ، وَ حِرْزاً مِمَّا أَخَافُ وَ أَحْذَرُ. ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهَا».

قَالَ اَلرَّاوِي لِهَذَا اَلْحَدِيثِ: فَأَنَا أَسْتَعْمِلُهَا مِنْ دَهْرِيَ اَلْأَطْوَلِ كَمَا قَالَ وَ وَصَفَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَمَا رَأَيْتُ بِحَمْدِ اَللَّهِ مَكْرُوهاً(2).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «إِذَا أَخَذْتَ اَلطِّينَ فَقُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ، اَللَّهُمَّ بِحَقِّ هَذِهِ اَلتُّرْبَةِ اَلطَّاهِرَةِ، وَ بِحَقِّ هَذِهِ اَلتُّرْبَةِ اَلطَّيِّبَةِ، وَ بِحَقِّ هَذَا اَلْوَصِيِّ اَلَّذِي تُوَارِيهِ، وَ بِحَقِّ جَدِّهِ وَ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ، وَ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلَّذِينَ يَحُفُّونَ بِهِ، وَ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْعُكُوفِ عَلَى قَبْرِ وَلِيِّكَ، يَنْتَظِرُونَ نَصْرَهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، اِجْعَلْ لِي فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَ أَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَ عِزّاً مِنْ كُلِّ ذُلٍّ، وَ أَوْسِعْ بِهِ رِزْقِي،

ص: 259


1- رواه ابن المشهديّ في مزاره: 510، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 81/137:101.
2- رواه الطّوسيّ في اماليه 326:1، و الطّبرسيّ في مكارم الأخلاق 1179/361:1 دون ذيله، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 5/119:101.

وَ أَصِحَّ جِسْمِي» (1) .

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَيْضاً: «فَإِذَا اِحْتَاجَ اَلْإِنْسَانُ إِلَى اَلْأَكْلِ مِنَ اَلتُّرْبَةِ لِلاِسْتِشْفَاءِ، فَلْيَقُلْ: اَللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ اَلتُّرْبَةِ اَلْمُبَارَكَةِ، وَ رَبَّ اَلنُّورِ اَلَّذِي نَزَلَ فِيهَا، وَ رَبَّ اَلْجَسَدِ اَلَّذِي سَكَنَ فِيهَا(2)، وَ رَبَّ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْمُوَكَّلِينَ بِهِ، اِجْعَلْهُ شِفَاءً مِنْ كَذَا وَ كَذَا.

وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ رِزْقاً وَاسِعاً، وَ عِلْماً نَافِعاً، وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ سُقْمٍ، فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ عَنْكَ كُلَّ سُقْمٍ»(3).

ص: 260


1- الكافي 7/589:4، كامل الزيارات: 282، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 38/128:101.
2- في هامش نسخة «م»: فيه.
3- رواه الطوسي في مصباحه: 677.

الفصل العاشر في ذكر زيارات الحسين صلوات اللّه عليه المخصوصة بالأيام و الشهور،

اشارة

و تفصيل فضلها على الوجه المأثور و ما يتبعها من زيارة الشهداء أيضا على الإجمال و التفصيل و مجاز ما يتعلّق بتلك الأوقات من القول و الفعل الجميل نبدأ بزيارة أوّل الشهور من السنة الهجرية، و ننسوق باقي الزيارات على القاعدة المرضية، إن شاء اللّه تعالى.

ذكر زيارة عاشوراء و فضلها و كيفيتها

و عمل ذلك اليوم على التقريب

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَارِفاً بِحَقِّهِ، كَانَ كَمَنْ زَارَ اَللَّهَ فِي عَرْشِهِ»(1).

وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «وَجَبَتْ لَهُ اَلْجَنَّةُ»(2).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «إِنَّ مَنْ زَارَهُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَ بَاتَ عِنْدَهُ كَانَ كَمَنِ اُسْتُشْهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ»(3).

وَ يُرْوَى فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ اِخْتَصَرْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ

ص: 261


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 174، و المفيد في مزاره: 1/58، و الطّوسيّ في مصباحه: 713، و التّهذيب 120/51:6، و المصنّف في اقبال الاعمال: 568، و ابن المشهديّ في مزاره: 493.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 173، و المفيد في مزاره: 3/60، و الطّوسيّ في مصباحه: 713، و التّهذيب 121/51:6، و المصنّف في اقبال الاعمال: 568، و ابن المشهديّ في مزاره: 493.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 173، و المفيد في مزاره: 59 /ذيل حديث 2، و الطّوسيّ في مصباحه: 713، و المصنّف في اقبال الاعمال: 558، و ابن المشهديّ في مزاره: 493.

فَأَلْفَيْتُهُ كَاسِفَ اَللَّوْنِ، ظَاهِرَ اَلْحُزْنِ، وَ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ كَاللُّؤْلُؤِ، فَقُلْتُ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، مِمَّ بُكَاؤُكَ، لاَ أَبْكَى اَللَّهُ عَيْنَيْكَ؟

فَقَالَ لِي: «أَ وَ فِي غَفْلَةٍ أَنْتَ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ قُتِلَ فِي مِثْلِ هَذَا اَلْيَوْمِ»؟

فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، فَمَا قَوْلُكَ فِي صَوْمِهِ؟

قَالَ: «صُمْهُ مِنْ غَيْرِ تَبْيِيتٍ، وَ أَفْطِرْهُ مِنْ غَيْرِ تَشْمِيتٍ، وَ لاَ تَجْعَلْهُ صَوْمَ يَوْمٍ كَمَلاً، وَ لْيَكُنْ إِفْطَارُكَ بَعْدَ صَلاَةِ اَلْعَصْرِ بِسَاعَةٍ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ اَلْوَقْتِ مِنْ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ تَجَلَّتِ اَلْهَيْجَاءُ عَنْ آلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ اِنْكَشَفَتِ اَلْمَلْحَمَةُ عَنْهُمْ وَ مِنْهُمْ فِي اَلْأَرْضِ ثَلاَثُونَ صَرِيعاً فِي مَوَالِيهِمْ يَعِزُّ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَصْرَعُهُمْ، وَ لَوْ كَانَ فِي اَلدُّنْيَا يَوْمَئِذٍ حَيّاً لَكَانَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هُوَ اَلْمُعَزَّى بِهِمْ».

قَالَ: وَ بَكَى أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ حَتَّى اِخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِدُمُوعِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ لَمَّا خَلَقَ اَلنُّورَ خَلَقَهُ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فِي تَقْدِيرِهِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ خَلَقَ اَلظُّلْمَةَ فِي يَوْمِ اَلْأَرْبِعَاءِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، يَا عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ سِنَانٍ، إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَأْتِي بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا اَلْيَوْمِ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ فَتَلْبَسَهَا وَ تَتَسَلَّبَ».

قُلْتُ: فَمَا اَلتَّسَلُّبُ؟

قَالَ: «أَنْ تُحَلِّلَ أَزْرَارَكَ، وَ تَكْشِفَ عَنْ ذِرَاعَيْكَ كَهَيْئَةِ أَصْحَابِ اَلْمَصَائِبِ، ثُمَّ تَخْرُجُ إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ، أَوْ مَكَانٍ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ، وَ تَعْمِدُ إِلَى مَنْزِلٍ خَالٍ، أَوْ فِي خَلْوَةٍ حِينَ يَرْتَفِعُ اَلنَّهَارُ، فَتُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تُحْسِنُ رُكُوعَهُنَّ وَ سُجُودَهُنَّ، وَ تُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فِي اَلرَّكْعَةِ اَلْأُولَى (اَلْحَمْدَ) وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِرُونَ)، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ (اَلْحَمْدَ) وَ (اَلْإِخْلاَصَ). ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى (اَلْحَمْدَ) وَ سُورَةَ (اَلْأَحْزَابِ)، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ (اَلْحَمْدَ) وَ سُورَةَ (اَلْمُنَافِقِينَ)، أَوْ مَا يَتَيَسَّرُ مِنَ اَلْقُرْآنِ، ثُمَّ تُسَلِّمُ وَ تُحَوِّلُ وَجْهَكَ نَحْوَ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ تُمَثِّلُ لِنَفْسِكَ

ص: 262

مَصْرَعَهُ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَ أَهْلِهِ، وَ تُسَلِّمُ وَ تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَ تَلْعَنُ قَاتِلِيهِ، وَ تَبْرَأُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ، يَرْفَعُ اَللَّهُ لَكَ بِذَلِكَ فِي اَلْجَنَّةِ مِنَ اَلدَّرَجَاتِ، وَ يَحُطُّ عَنْكَ مِنَ اَلسَّيِّئَاتِ.

ثُمَّ تَسْعَى مِنَ اَلْمَوْضِعِ اَلَّذِي أَنْتَ فِيهِ - إِنْ كَانَ صَحْرَاءَ أَوْ فَضَاءً أَوْ أَيَّ شَيْ ءٍ كَانَ - خُطُوَاتٍ، تَقُولُ فِي ذَلِكَ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رِضًا بِقَضَاءِ اَللَّهِ، وَ تَسْلِيماً لِأَمْرِهِ. وَ لْيَكُنْ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ اَلْكَآبَةُ وَ اَلْحُزْنُ، وَ أَكْثِرْ مِنَ اَلذِّكْرِ لِلَّهِ وَ اَلاِسْتِرْجَاعِ فِي ذَلِكَ.

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ سَعْيِكَ وَ قَوْلِكَ هَذَا فَقِفْ فِي مَوْضِعِكَ اَلَّذِي صَلَّيْتَ فِيهِ ثُمَّ قُلْ: اَللَّهُمَّ عَذِّبِ اَلْفَجَرَةَ اَلَّذِينَ شَاقُّوا رَسُولَكَ، وَ حَارَبُوا أَوْلِيَاءَكَ، وَ عَبَدُوا غَيْرَكَ، وَ اِسْتَحَلُّوا مَحَارِمَكَ، وَ اِلْعَنِ اَلْقَادَةَ وَ اَلْأَتْبَاعَ، وَ مَنْ كَانَ لَهُمْ مُحِبّاً، وَ مَنْ أَوْضَعَ مَعَهُمْ أَوْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ لَعْناً كَثِيراً.

اَللَّهُمَّ وَ عَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْ صَلَوَاتِكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ، وَ اِسْتَنْقِذْهُمْ مِنْ أَيْدِي اَلْمُنَافِقِينَ اَلْمُضِلِّينَ اَلْكَفَرَةِ اَلْجَاحِدِينَ، وَ اِفْتَحْ لَهُمْ فَتْحاً يَسِيراً، وَ أَتِحْ لَهُمْ رَوْحاً وَ فَرَجاً قَرِيباً، وَ اِجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَ عَدُوِّهِمْ سُلْطَاناً نَصِيراً.

ثُمَّ اِرْفَعْ يَدَيْكَ وَ اُقْنُتْ بِهَذَا اَلدُّعَاءِ، فَقُلْ وَ أَنْتَ تُومِئُ إِلَى أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ:

اَللَّهُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنَ اَلْأُمَّةِ نَاصَبَتِ اَلْمُسْتَحْفَظِينَ مِنَ اَلْأَئِمَّةِ، وَ كَفَرَتْ بِالْكَلِمَةِ، وَ عَكَفَتْ عَلَى اَلْقَادَةِ اَلظَّلَمَةِ، وَ هَجَرَتِ اَلْكِتَابَ وَ اَلسُّنَّةَ، وَ عَدَلَتْ عَنِ اَلْحَبْلَيْنِ اَللَّذَيْنِ أَمَرْتَ بِطَاعَتِهِمَا، وَ اَلتَّمَسُّكِ بِهِمَا، فَأَمَاتَتِ اَلْحَقَّ، وَ جَارَتْ عَنِ اَلْقَصْدِ، وَ مَالَأَتِ اَلْأَحْزَابَ، وَ حَرَّفَتِ اَلْكِتَابَ، وَ كَفَرَتْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهَا، وَ تَمَسَّكَتْ بِالْبَاطِلِ لَمَّا اِعْتَرَضَهَا، فَضَيَّعَتْ حَقَّكَ، وَ أَضَلَّتْ خَلْقَكَ، وَ قَتَلَتْ أَوْلاَدَ نَبِيِّكَ، وَ خَيْرَ عِبَادِكَ، وَ حَمَلَةَ عِلْمِكَ، وَ وَرَثَةَ حِكْمَتِكَ وَ وَحْيِكَ.

اَللَّهُمَّ فَزَلْزِلْ أَقْدَامَ أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِكَ وَ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِكَ، وَ أَخْرِبْ

ص: 263

دِيَارَهُمْ، وَ اُفْلُلْ سِلاَحَهُمْ، وَ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَ فُتَّ فِي أَعْضَادِهِمْ، وَ أَوْهِنْ كَيْدَهُمْ، وَ اِضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ اَلْقَاطِعِ، وَ اِرْمِهِمْ بِحَجَرِكَ اَلدَّامِغِ، وَ طُمَّهُمْ بِالْبَلاَءِ طَمّاً، وَ قُمَّهُمْ بِالْعَذَابِ قَمّاً، وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً نُكْراً، وَ خُذْهُمْ بِالسِّنِينَ وَ اَلْمَثُلاَتِ اَلَّتِي أَهْلَكْتَ بِهَا أَعْدَاءَكَ، إِنَّكَ ذُو نَقِمَةٍ مِنَ اَلْمُجْرِمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ سُنَّتَكَ ضَائِعَةٌ، وَ أَحْكَامَكَ مُعَطَّلَةٌ، وَ عِتْرَةَ نَبِيِّكَ فِي اَلْأَرْضِ هَائِمَةٌ، اَللَّهُمَّ فَأَعِزَّ اَلْحَقَّ وَ أَهْلَهُ، وَ اِقْمَعِ اَلْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ، وَ مُنَّ عَلَيْنَا بِالنَّجَاةِ، وَ اِهْدِنَا إِلَى اَلْإِيمَانِ، وَ عَجِّلْ فَرَجَنَا، وَ انضمه [اِنْظِمْهُ] بِفَرَجِ أَوْلِيَائِكَ، وَ اِجْعَلْهُمْ لَنَا رِدْءاً وَ اِجْعَلْنَا لَهُمْ وَفْداً.

اَللَّهُمَّ وَ أَهْلِكْ مَنْ جَعَلَ قَتْلَ اِبْنِ نَبِيِّكَ عِيداً، وَ اِسْتَهَلَّ بِهِ فَرَحاً وَ مَرَحاً، وَ خُذْ آخِرَهُمْ كَمَا أَخَذْتَ أَوَّلَهُمْ، وَ أَضْعِفِ اَللَّهُمَّ اَلْعَذَابَ وَ اَلتَّنْكِيلَ عَلَى ظَالِمِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، وَ أَهْلِكْ أَشْيَاعَهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ وَ قَادَتَهُمْ، وَ أَبِرْ حُمَاتَهُمْ وَ جَمَاعَتَهُمْ.

اَللَّهُمَّ وَ ضَاعِفْ صَلَوَاتِكَ وَ رَحْمَتَكَ وَ بَرَكَاتِكَ عَلَى عِتْرَةِ نَبِيِّكَ، اَلْعِتْرَةِ اَلضَّائِعَةِ اَلخَائِفَةِ اَلْمُسْتَذَلَّةِ، بَقِيَّةِ اَلشَّجَرَةِ اَلطَّيِّبَةِ اَلزَّكِيَّةِ اَلْمُبَارَكَةِ وَ أَعْلِ اَللَّهُمَّ كَلِمَتَهُمْ، وَ أَفْلِجْ حُجَّتَهُمْ، وَ اِكْشِفِ اَلْبَلاَءَ وَ اَللَّأْوَاءَ، وَ حَنَادِسَ اَلْأَبَاطِيلِ وَ اَلْغَمَّ عَنْهُمْ، وَ ثَبِّتْ قُلُوبَ شِيعَتِهِمْ وَ حِزْبِكَ عَلَى طَاعَتِكَ وَ وَلاَيَتِكَ، وَ نُصْرَتِهِمْ وَ مُوَالاَتِهِمْ، وَ أَعِنْهُمْ، وَ اِمْنَحْهُمُ اَلصَّبْرَ عَلَى اَلْأَذَى فِيكَ، وَ اِجْعَلْ لَهُمْ أَيَّاماً مَشْهُودَةً، وَ أَوْقَاتاً مَحْمُودَةً مَسْعُودَةً، تُوشِكُ فِيهَا فَرَجُهُمْ، وَ تُوجِبُ فِيهَا تَمْكِينَهُمْ وَ نَصْرَهُمْ، كَمَا ضَمِنْتَ لِأَوْلِيَائِكَ فِي كِتَابِكَ اَلْمُنْزَلِ فَإِنَّكَ قُلْتَ - وَ قَوْلُكَ اَلْحَقُّ -: وَعَدَ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ كَمَا اِسْتَخْلَفَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اَلَّذِي اِرْتَضىٰ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (1).

ص: 264


1- النّور 55:24.

اَللَّهُمَّ فَاكْشِفْ غَمَّهُمْ يَا مَنْ لاَ يَكْشِفُ اَلضُّرَّ إِلاَّ هُوَ، يَا أَحَدُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ.

أَنَا يَا إِلَهِي عَبْدُكَ اَلْخَائِفُ مِنْكَ، وَ اَلرَّاجِعُ إِلَيْكَ، اَلسَّائِلُ لَكَ، اَلْمُقْبِلُ عَلَيْكَ، اَللاَّجِئُ إِلَى فِنَائِكَ، اَلْعَالِمُ بِكَ، فَإِنَّهُ لاَ مَلْجَأَ مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ.

اَللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ دُعَائِي، وَ اِسْمَعْ - يَا إِلَهِي - عَلاَنِيَتِي وَ نَجْوَايَ، وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ، وَ قَبِلْتَ نُسُكَهُ، وَ نَجَّيْتَهُ بِرَحْمَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ اَلْكَرِيمُ.

اَللَّهُمَّ وَ صَلِّ أَوَّلاً وَ آخِراً عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِرْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، بِأَكْمَلِ وَ أَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ مَلاَئِكَتِكَ وَ حَمَلَةِ عَرْشِكَ، بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.

اَللَّهُمَّ لاَ تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ، وَ اِجْعَلْنِي يَا مَوْلاَيَ مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ ذُرِّيَّتِهِمُ اَلطَّاهِرَةِ اَلْمُنْتَجَبَةِ، وَ هَبْ لِيَ اَلتَّمَسُّكَ بِحَبْلِهِمْ، وَ اَلرِّضَا بِسَبِيلِهِمْ، وَ اَلْأَخْذَ بِطَرِيقَتِهِمْ، إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمُ.

ثُمَّ عَفِّرْ وَجْهَكَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قُلْ:

يَا مَنْ يَحْكُمُ مَا يَشَاءُ وَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، أَنْتَ حَكَمْتَ وَ لَكَ اَلْحَمْدُ مَحْمُوداً مَشْكُوراً، فَعَجِّلْ يَا مَوْلاَيَ فَرَجَهُمْ وَ فَرَجَنَا بِهِمْ، فَإِنَّكَ ضَمِنْتَ إِعْزَازَهُمْ بَعْدَ اَلذِّلَّةِ، وَ تَكْثِيرَهُمْ بَعْدَ اَلْقِلَّةِ، وَ إِظْهَارَهُمْ بَعْدَ اَلْخُمُولِ، يَا أَصْدَقَ اَلصَّادِقِينَ، وَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

فَأَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ، بَسْطَ أَمَلِي، وَ اَلتَّجَاوُزَ عَنِّي، وَ قَبُولَ قَلِيلِ عَمَلِي وَ كَثِيرَهُ، وَ اَلزِّيَادَةَ فِي أَيَّامِي، وَ تَبْلِيغِي ذَلِكَ اَلْمَشْهَدَ، وَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدْعَى فَيُجِيبُ إِلَى طَاعَتِهِمْ وَ مُوَالاَتِهِمْ وَ نُصْرَتِهِمْ، وَ تُرِيَنِي ذَلِكَ قَرِيباً سَرِيعاً فِي عَافِيَةٍ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

ثُمَّ اِرْفَعْ رَأْسَكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قُلْ: أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَكَ فَأَعِذْنِي يَا إِلَهِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ ذَلِكَ.

ص: 265

فَإِنَّ هَذَا - يَا اِبْنَ سِنَانٍ - أَفْضَلُ مِنْ كَذَا وَ كَذَا حَجَّةً، وَ كَذَا وَ كَذَا عُمْرَةً تَتَطَوَّعُهَا وَ تُنْفِقُ فِيهَا مَالَكَ، وَ تَنْصِبُ فِيهَا بَدَنَكَ، وَ تُفَارِقُ فِيهَا أَهْلَكَ وَ وُلْدَكَ.

وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَللَّهَ يُعْطِي مَنْ صَلَّى هَذِهِ اَلصَّلاَةَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ مُخْلِصاً، وَ عَمِلَ بِهَذَا اَلْعَمَلِ مُوقِناً مُصَدِّقاً، عَشْرَ خِصَالٍ، مِنْهَا: أَنْ يَقِيَهُ اَللَّهُ مِيتَةَ اَلسَّوْءِ، وَ يُؤْمِنَهُ مِنَ اَلْمَكَارِهِ وَ اَلْفَقْرِ، وَ لاَ يُظْهِرَ عَلَيْهِ عَدُوّاً إِلَى أَنْ يَمُوتَ، وَ يَقِيَهُ اَللَّهُ مِنَ اَلْجُنُونِ وَ اَلْجُذَامِ وَ اَلْبَرَصِ فِي نَفْسِهِ وَ وُلْدِهِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَعْقَابٍ لَهُ، وَ لاَ يَجْعَلَ لِلشَّيْطَانِ وَ لاَ لِأَوْلِيَائِهِ عَلَيْهِ سَبِيلاً وَ لاَ عَلَى نَسْلِهِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَعْقَابٍ (1).

أما عمل تلك الليلة فقد ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي رضوان اللّه عليه في فضل الزيارات في شهر شعبان من المصباح الكبير حديثا يتضمّن المحافظة على العمل ليلة عاشوراء، مع ذكره الليالي الأربع، و لم يذكر رحمه اللّه تعالى في عمل ليلة عاشوراء شيئا»(2).

وَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: «مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ مِائَةَ رَكْعَةٍ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (اَلْحَمْدَ) مَرَّةً، وَ (قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ) ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَ يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ قَالَ: سُبْحَانَ اَللَّهِ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ، وَ اِسْتَغْفَرَ اَللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً، مَلَأَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَبْرَهُ مِسْكاً وَ عَنْبَراً، وَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ مَدِينَةٍ مِنْ نَعِيمِ اَلْجَنَّةِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلرِّجَالِ وَ اَلنِّسَاءِ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِلاَّ تَسَاقَطَ شَعْرُهُ، إِلاَّ مَنْ صَلَّى هَذِهِ اَلصَّلاَةَ، فَإِنَّ شَعْرَهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ لاَ يَتَغَيَّرُ».

وَ قَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: «وَ اَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ مَنْ صَلَّى بِهَذِهِ اَلصَّلاَةِ، وَ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ وَ اَلاِسْتِغْفَارِ، نَوَّرَ اَللَّهُ قَبْرَهُ، وَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ اَلْعَرُوسِ فِي

ص: 266


1- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 724، و المصنّف في اقبال الاعمال: 568، و ابن المشهديّ في مزاره: 687، و نقله المجلسيّ فى بحار الأنوار 309:101.
2- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 783.

قَبْرِهِ وَ هِيَ بِحَجَلَتِهَا، يُزَفُّ مِنْ قَبْرِهِ إِلَى اَلْجِنَانِ كَمَا تُزَفُّ اَلْعَرُوسُ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا»(1).

صَلاَةٌ أُخْرَى فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ، فَقَدْ وَجَدْتُهَا بِخَطِّهِ اَلْمَذْكُورِ أَيْضاً: تُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ) مَرَّةً وَ (قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ) خَمْسِينَ مَرَّةً، فَإِذَا سَلَّمْتَ مِنَ اَلرَّابِعَةِ فَأَكْثِرْ ذِكْرَ اَللَّهِ تَعَالَى وَ اَلصَّلاَةَ عَلَى رَسُولِهِ وَ آلِهِ، وَ كَثْرَةَ اَللَّعْنِ عَلَى ظَالِمِي أَهْلِ اَلْبَيْتِ وَ قَاتِلِي اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مَا اِسْتَطَعْتَ (2).

و أما فضل الزيارة و عمل ذلك اليوم فقد روى زيارة أخرى يزار بها الحسين عليه السّلام في يوم عاشوراء من القرب و البعد:

صَالِحُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنَ اَلْمُحَرَّمِ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ بَاكِياً، لَقِيَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ يَلْقَاهُ بِثَوَابِ أَلْفَيْ حَجَّةٍ، وَ أَلْفَيْ عُمْرَةٍ، وَ أَلْفَيْ غَزْوَةٍ، ثَوَابُ كُلِّ حَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ وَ غَزْوَةٍ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَ اِعْتَمَرَ وَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ مَعَ اَلْأَئِمَّةِ اَلرَّاشِدِينَ».

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا لِمَنْ كَانَ فِي بَعِيدِ اَلْبِلاَدِ وَ أَقَاصِيهَا وَ لَمْ يُمْكِنْهُ اَلْمَسِيرُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ؟

قَالَ: «إِذَا كَانَ كَذَلِكَ بَرَزَ إِلَى اَلصَّحْرَاءِ، أَوْ صَعِدَ سَطْحاً مُرْتَفِعاً فِي دَارِهِ، وَ أَوْمَأَ إِلَيْهِ بِالسَّلاَمِ، وَ اِجْتَهَدَ فِي اَلدُّعَاءِ عَلَى قَاتِلِيهِ، وَ صَلَّى مِنْ بُعْدٍ رَكْعَتَيْنِ، وَ لْيَكُنْ ذَلِكَ فِي صَدْرِ اَلنَّهَارِ وَ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ اَلشَّمْسُ، ثُمَّ لْيَنْدُبِ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ يَبْكِيهِ، وَ يَأْمُرُ مَنْ فِي دَارِهِ مِمَّنْ لاَ يَتَّقِيهِ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ، وَ يُقِيمُ فِي دَارِهِ اَلْمُصِيبَةَ بِإِظْهَارِ اَلْجَزَعِ عَلَيْهِ، وَ لْيُعَزِّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصَابِهِمْ بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ أَنَا اَلضَّامِنُ لَهُمْ

ص: 267


1- في اقبال الاعمال: 555.
2- اوردها المصنّف في اقبال الاعمال: 556.

إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جَمِيعَ ذَلِكَ».

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَنْتَ اَلضَّامِنُ ذَلِكَ لَهُمْ وَ اَلزَّعِيمُ؟

قَالَ: «أَنَا اَلضَّامِنُ وَ أَنَا اَلزَّعِيمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ».

قُلْتُ: وَ كَيْفَ يُعَزِّي بَعْضُنَا بَعْضاً؟

قَالَ: تَقُولُونَ: «أَعْظَمَ اَللَّهُ أُجُورَنَا بِمُصَابِنَا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ جَعَلَنَا وَ إِيَّاكُمْ مِنَ اَلطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ اَلْإِمَامِ اَلْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ. وَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَنْشُرَ يَوْمَكَ بِحَاجَةٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ يَوْمُ نَحْسٍ لاَ تُقْضَى فِيهِ حَاجَةُ مُؤْمِنٍ، فَإِنْ قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا، وَ لَمْ يَرَ رُشْداً. وَ لاَ يَدَّخِرَنَّ أَحَدُكُمْ بِمَنْزِلِهِ شَيْئاً، فَمَنِ اِدَّخَرَ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ شَيْئاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِي مَا اِدَّخَرَ وَ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِي أَهْلِهِ. فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُمْ أَجْرَ ثَوَابِ أَلْفِ حَجَّةٍ وَ أَلْفِ عُمْرَةٍ، وَ أَلْفِ غَزْوَةٍ كُلُّهَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ كَانَ لَهُ أَجْرُ ثَوَابِ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَ كُلِّ رَسُولٍ وَ وَصِيٍّ وَ صِدِّيقٍ وَ شَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ مُنْذُ خَلَقَ اَللَّهُ اَلدُّنْيَا إِلَى أَنْ تَقُومَ اَلسَّاعَةُ».

قَالَ صَالِحُ بْنُ عُقْبَةَ وَ سَيْفُ بْنُ عَمِيرَةَ: قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْحَضْرَمِيُّ:

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ إِذَا أَنَا زُرْتُهُ مِنْ قُرْبٍ، وَ دُعَاءً أَدْعُو بِهِ إِذَا أَنَا لَمْ أَزُرْهُ مِنْ قُرْبٍ وَ أَوْمَأْتُ مِنْ بُعْدِ اَلْبِلاَدِ وَ مِنْ دَارِي بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: «إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ - بَعْدَ أَنْ تُومِئَ إِلَيْهِ بِالسَّلاَمِ - فَقُلْ بَعْدَ اَلْإِيمَاءِ بَعْدَ اَلتَّكْبِيرِ هَذَا اَلْقَوْلَ - فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُو بِهِ زُوَّارُهُ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَ كَتَبَ اَللَّهُ لَكَ مِائَةَ أَلْفِ دَرَجَةٍ، وَ كُنْتَ كَمَنِ اُسْتُشْهِدَ مَعَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، حَتَّى يُشَارِكَهُ فِي دَرَجَاتِهِ، ثُمَّ لاَ تُعْرَفُ إِلاَّ فِي اَلشُّهَدَاءِ اَلَّذِينَ اُسْتُشْهِدُوا مَعَهُ، وَ كَتَبَ اَللَّهُ لَكَ ثَوَابَ زِيَارَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَ كُلِّ رَسُولٍ، وَ زِيَارَةِ كُلِّ مَنْ

ص: 268

زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مُنْذُ قُتِلَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ»(1).

وَ هَذَا شَرْحُ اَلزِّيَارَةِ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ثَأْرَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ ثَأْرِهِ وَ اَلْوَتْرَ اَلْمَوْتُورَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ، وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ، عَلَيْكُمْ مِنِّي جَمِيعاً سَلاَمُ اَللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ. يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ لَقَدْ عَظُمَتِ اَلرَّزِيَّةُ، وَ جَلَّتِ اَلْمُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنَا وَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ جَلَّتْ وَ عَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ فِي اَلسَّمَاوَاتِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً أَسَّسَتْ أَسَاسَ اَلظُّلْمِ وَ اَلْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً دَفَعْتْكُمْ عَنْ مَقَامِكُمْ، وَ أَزَالَتْكُمْ عَنْ مَرَاتِبِكُمُ اَلَّتِي رَتَّبَكُمُ اَللَّهُ فِيهَا، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ اَلْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتَالِكُمْ، بَرِئْتُ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَ مِنْ أَشْيَاعِهِمْ وَ أَتْبَاعِهِمْ وَ أَوْلِيَائِهِمْ.

يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ، وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ آلَ زِيَادٍ وَ آلَ مَرْوَانٍ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ بَنِي أُمَيَّةَ قَاطِبَةً، وَ لَعَنَ اَللَّهُ اِبْنَ مَرْجَانَةَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ شِمْراً، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَ أَلْجَمَتْ وَ تَنَقَّبَتْ وَ تَهَيَّأَتْ لِقِتَالِكَ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي لَقَدْ عَظُمَ مُصَابِي بِكَ، فَأَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي أَكْرَمَ مَقَامَكَ وَ أَكْرَمَنِي بِكَ أَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَأْرِكَ مَعَ إِمَامٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً بِالْحُسَيْنِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ إِلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ إِلَى فَاطِمَةَ وَ إِلَى اَلْحَسَنِ وَ إِلَيْكَ بِمُوَالاَتِكَ، وَ اَلْبَرَاءَةِ مِمَّنْ قَاتَلَكَ، وَ نَصَبَ لَكَ اَلْحَرْبَ،

ص: 269


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 174.

وَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَسَاسَ اَلظُّلْمِ وَ اَلْجَوْرِ عَلَيْكُمْ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَسَاسَ ذَلِكَ، وَ بَنَى عَلَيْهِ بُنْيَانَهُ، وَ جَرَى فِي ظُلْمِهِ وَ جَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَشْيَاعِكُمْ، بَرِئْتُ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَيْكُمْ مِنْهُمْ. وَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ ثُمَّ إِلَيْكُمْ بِمُوَالاَتِكُمْ وَ مُوَالاَةِ وَلِيِّكُمْ، وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ اَلنَّاصِبِينَ لَكُمُ اَلْحَرْبَ، وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ أَشْيَاعِهِمْ وَ أَتْبَاعِهِمْ.

إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ، وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، وَلِيُّ لِمَنْ وَالاَكُمْ، وَ عَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكُمْ، فَأَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِكُمْ وَ مَعْرِفَةِ أَوْلِيَائِكُمْ، أَنْ يَرْزُقَنِي اَلْبَرَاءَةَ مِنْ أَعْدَائِكُمْ، وَ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ أَنْ يُثَبِّتَ لِي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْقٍ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يُبَلِّغَنِي اَلْمَقَامَ اَلْمَحْمُودَ اَلَّذِي لَكُمْ عِنْدَ اَللَّهِ، وَ أَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَأْرِكُمْ مَعَ إِمَامٍ مَهْدِيٍّ ظَاهِرٍ نَاطِقٍ بِالْحَقِّ مِنْكُمْ.

وَ أَسْأَلُ اَللَّهَ بِحَقِّكُمْ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ، أَنْ يُعْطِيَنِي بِمُصَابِي بِكُمْ أَفْضَلَ مَا يُعْطِي مُصَاباً بِمُصِيبَتِهِ، مُصِيبَةً مَا أَعْظَمَهَا وَ أَعْظَمَ رَزِيَّتَهَا فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ فِي جَمِيعِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي فِي مَقَامِي هَذَا مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَوَاتٌ وَ رَحْمَةٌ وَ مَغْفِرَةٌ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَا مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ مَمَاتِي مَمَاتَ مُحَمَّدٍ وَ آلَ مُحَمَّدٍ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَ اِبْنُ آكِلَةِ اَلْأَكْبَادِ اَللَّعِينُ اِبْنُ اَللَّعِينِ عَلَى لِسَانِكَ وَ لِسَانِ نَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَ مَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ أَبَا سُفْيَانَ وَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَ ضَاعِفْ عَلَيْهِمْ مِنْكَ اَللَّعْنَةَ أَبَدَ اَلْآبِدِينَ، وَ هَذَا يَوْمٌ فَرِحَ (1) بِهِ آلُ زِيَادٍ وَ آلُ مَرْوَانَ بِقَتْلِهِمُ

ص: 270


1- في هامش نسخة «م»: فرحت.

اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، اَللَّهُمَّ فَضَاعِفْ عَلَيْهِمُ اَللَّعْنَةَ مِنْكَ وَ اَلْعَذَابَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ وَ فِي مَوْقِفِي هَذَا وَ أَيَّامِ حَيَاتِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ وَ اَللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ، وَ بِالْمُوَالاَةِ لِنَبِيِّكَ وَ آلِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ.

ثُمَّ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ أَوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ آخِرَ تَابِعٍ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلْعِصَابَةَ اَلَّتِي جَاهَدَتِ (1) اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ شَايَعَتْ وَ بَايَعَتْ وَ تَابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنْهُمْ جَمِيعاً. تَقُولُ ذَلِكَ مِائَةَ مَرَّةٍ.

ثُمَّ تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، وَ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ، وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ، عَلَيْكَ (2) مِنِّي سَلاَمُ اَللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ، وَ لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكُمْ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلَى أَصْحَابِ اَلْحُسَيْنِ اَلَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ اَلْحُسَيْنِ. تَقُولُ ذَلِكَ (مِائَةَ مَرَّةٍ).

ثُمَّ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظَالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنِّي، وَ اِبْدَأْ بِهِ أَوَّلاً، ثُمَّ اَلثَّانِيَ وَ اَلثَّالِثَ وَ اَلرَّابِعَ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ يَزِيدَ خَامِساً، وَ اِلْعَنْ عُبَيْدَ اَللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَ اِبْنَ مَرْجَانَةَ وَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَ شِمْراً وَ آلَ أَبِي سُفْيَانَ وَ آلَ زِيَادٍ وَ آلَ مَرْوَانَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ لَكَ اَلْحَمْدُ حَمْدَ اَلشَّاكِرِينَ لَكَ عَلَى مُصَابِهِمْ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى عَظِيمِ رَزِيَّتِي، اَللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي شَفَاعَةَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَوْمَ اَلْوُرُودِ، وَ ثَبِّتْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ اَلْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِ اَلْحُسَيْنِ اَلَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ.

قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ تَزُورَهُ

ص: 271


1- في هامش نسخة «م»: حاربت.
2- في هامش نسخة «م»: عليكم.

فِي كُلِّ يَوْمٍ بِهَذِهِ اَلزِّيَارَةِ مِنْ دَارِكَ فَافْعَلْ، فَلَكَ ثَوَابُ جَمِيعِ ذَلِكَ (1).

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ اَلطَّيَالِسِيُّ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ اَلْجَمَّالِ وَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى اَلْغَرِيِّ - بَعْدَ مَا خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - فَسِرْنَا مِنَ اَلْحِيرَةِ إِلَى اَلْغَرِيِّ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ اَلزِّيَارَةِ - قَالَ جَامِعُ هَذَا اَلْكِتَابِ هِيَ اَلزِّيَارَةُ اَلْخَامِسَةُ مِنَ اَلْفَصْلِ اَلسَّادِسِ - صَرَفَ صَفْوَانُ وَجْهَهُ إِلَى نَاحِيَةِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ لَنَا: نَزُورُ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنْ هَذَا اَلْمَكَانِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، مِنْ هَاهُنَا أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ أَنَا مَعَهُ.

قَالَ: فَدَعَا صَفْوَانُ بِالزِّيَارَةِ اَلَّتِي رَوَاهَا(2)عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ رَأْسِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ وَدَّعَ فِي دُبُرِهِمَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ أَوْمَأَ إِلَى اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِالسَّلاَمِ مُنْصَرِفاً بِوَجْهِهِ نَحْوَهُ، وَ وَدَّعَ فِي دُبُرِهَا، وَ كَانَ فِيمَا دَعَا فِي دُبُرِهَا:

يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ اَلْمُضْطَرِّينَ، يَا كَاشِفَ كَرْبِ اَلْمَكْرُوبِينَ، يَا غِيَاثَ اَلْمُسْتَغِيثِينَ، يَا صَرِيخَ اَلْمُسْتَصْرِخِينَ، يَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ، يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، وَ يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ اَلْأَعْلَى وَ اَلْأُفُقِ اَلْمُبِينِ، يَا مَنْ هُوَ اَلرَّحْمَنُ اَلرَّحِيمُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوَى، وَ يَا مَنْ يَعْلَمُ خَائِنَةَ اَلْأَعْيُنِ وَ مَا تُخْفِي اَلصُّدُورُ.

يَا مَنْ لاَ تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، يَا مَنْ لاَ تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ اَلْأَصْوَاتُ، وَ يَا مَنْ لاَ تُغَلِّطُهُ اَلْحَاجَاتُ، وَ يَا مَنْ لاَ يُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ اَلْمُلِحِّينَ، وَ يَا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ، وَ يَا جَامِعَ كُلِّ شَمْلٍ، وَ يَا بَارِئَ اَلنُّفُوسِ بَعْدَ اَلْمَوْتِ، يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، يَا قَاضِيَ

ص: 272


1- اوردها ابن قولويه في كامل الزّيارات: 176، و المفيد في مزاره: 80 (مخطوط)، و الطّوسيّ في مصباحه: 715.
2- في نسخة «م»: زار بها، و في نسخة «ع»: زارها، و اثبتنا ما في نسخة البحار.

اَلْحَاجَاتِ، يَا مُنَفِّسَ اَلْكُرُبَاتِ، يَا مُعْطِيَ اَلسُّؤْلاَتِ، يَا وَلِيَّ اَلرَّغَبَاتِ، يَا كَافِيَ اَلْمُهِمَّاتِ.

يَا مَنْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لاَ يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، وَ بِحَقِّ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ فَإِنِّي بِهِمْ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي مَقَامِي هَذَا، وَ بِهِمْ أَتَوَسَّلُ، وَ بِهِمْ أَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ، وَ بِحَقِّهِمْ أَسْأَلُكَ وَ أُقْسِمُ وَ أَعْزِمُ عَلَيْكَ، وَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، وَ بِالْقَدْرِ اَلَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، وَ بِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى اَلْعَالَمِينَ، وَ بِاسْمِكَ اَلَّذِينَ جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ، وَ بِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ اَلْعَالَمِينَ، وَ بِهِ أَبَنْتَهُمْ وَ أَبَنْتَ فَضْلَهُمْ مِنْ فَضْلِ اَلْعَالَمِينَ، حَتَّى فَاقَ فَضْلُهُمْ فَضْلَ اَلْعَالَمِينَ جَمِيعاً، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَ هَمِّي وَ كَرْبِي، وَ تَكْفِيَنِي اَلْمُهِمَّ مِنْ أُمُورِي(1) وَ تَقْضِيَ عَنِّي دُيُونِي(2)، وَ تُجِيرَنِي مِنَ اَلْفَقْرِ، وَ تُجِيرَنِي مِنَ اَلْفَاقَةِ (3)، وَ تُغْنِيَنِي عَنِ اَلْمَسْأَلَةِ (4)لِلْمَخْلُوقِينَ، وَ تَكْفِيَنِي هَمَّ مَنْ أَخَافُ هَمَّهُ، وَ جَوْرَ مَنْ أَخَافُ جَوْرَهُ، وَ عُسْرَ مَنْ أَخَافُ عُسْرَهُ، وَ حُزْنَ مَنْ أَخَافُ حُزْنَهُ (5)، وَ شَرَّ مَنْ أَخَافُ شَرَّهُ، وَ مَكْرَ مَنْ أَخَافُ مَكْرَهُ، وَ بَغْيَ مَنْ أَخَافُ بَغْيَهُ، وَ سُلْطَانَ مَنْ أَخَافُ سُلْطَانَهُ، وَ كَيْدَ مَنْ أَخَافُ كَيْدَهُ، وَ مَقْدُرَةَ مَنْ أَخَافُ (6) مَقْدُرَتَهُ عَلَيَّ، وَ تَرُدَّ عَنِّي كَيْدَ اَلْكَيَدَةِ، وَ مَكْرَ اَلْمَكَرَةِ.

اَللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنِي فَأَرِدْهُ، وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَ اِصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ وَ مَكْرَهُ وَ بَأْسَهُ

ص: 273


1- في نسخة «م» و «ع» و «ه»: امري، و اثبتنا ما في هامش نسخة «م».
2- في هامش نسخة «ه»: ديني.
3- لم تردّ في نسخة: «ه» و «ع».
4- في هامش نسخة «م»: إلى المخلوقين.
5- في نسخة «م»: و حزونة من اخاف حزونته.
6- في نسخة «م»: بلاءه و.

وَ أَمَانِيَّهُ، وَ اِمْنَعْهُ عَنِّي كَيْفَ شِئْتَ وَ أَنَّى شِئْتَ.

اَللَّهُمَّ اِشْغَلْهُ عَنِّي بِفَقْرٍ لاَ تَجْبُرُهُ، وَ بِبَلاَءٍ لاَ تَسْتُرُهُ، وَ بِفَاقَةٍ لاَ تَسُدُّهَا، وَ بِسُقْمٍ لاَ تُعَافِيهِ، وَ ذُلٍّ لاَ تُعِزُّهُ، وَ بِمَسْكَنَةٍ لاَ تَجْبُرُهَا.

اَللَّهُمَّ اِضْرِبْ بِالذُّلِّ بَيْنَ (1) عَيْنَيْهِ، وَ أَدْخِلْ عَلَيْهِ اَلْفَقْرَ فِي مَنْزِلِهِ، وَ اَلْعِلَّةَ وَ اَلسُّقْمَ فِي بَدَنِهِ، حَتَّى تَشْغَلَهُ عَنِّي بِشُغُلِ شَاغِلٍ لاَ فَرَاغَ لَهُ، وَ أَنْسِهِ ذِكْرِي كَمَا أَنْسَيْتَهُ ذِكْرَكَ.

اَللَّهُمَّ وَ خُذْ عَنِّي بِسَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ وَ رِجْلِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَمِيعِ جَوَارِحِهِ، وَ أَدْخِلْ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اَلسُّقْمَ، وَ لاَ تَشْفِهِ حَتَّى تَجْعَلَ لَهُ ذَلِكَ شُغُلاً شَاغِلاً عَنِّي وَ عَنْ ذِكْرِي.

وَ اِكْفِنِي يَا كَافِيَ مَا لاَ يَكْفِي سِوَاكَ، فَإِنَّكَ اَلْكَافِي لاَ كَافِيَ سِوَاكَ، وَ اَلْمُفَرِّجُ لاَ مُفَرِّجَ سِوَاكَ، وَ اَلْمُغِيثُ لاَ مُغِيثَ سِوَاكَ، وَ جَارٌ لاَ جَارَ سِوَاكَ، خَابَ مَنْ كَانَ جَارُهُ (2)سِوَاكَ، وَ مُعِينُهُ (3) سِوَاكَ، وَ مَفْزَعُهُ سِوَاكَ، وَ مَهْرَبُهُ إِلَى سِوَاكَ، وَ مَلْجَؤُهُ إِلَى سِوَاكَ (4)، وَ مَنْجَاهُ مِنْ مَخْلُوقٍ غَيْرِكَ (5).

أَنْتَ ثِقَتِي وَ رَجَائِي، وَ مَفْزَعِي وَ مَهْرَبِي، وَ مَلْجَئِي وَ مَنْجَايَ، فِيكَ أَسْتَفْتِحُ، وَ بِكَ أَسْتَنْجِحُ، وَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ وَ أَتَوَسَّلُ وَ أَتَشَفَّعُ. فَأَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، فَلَكَ اَلشُّكْرُ وَ لَكَ اَلْحَمْدُ، وَ إِلَيْكَ اَلْمُشْتَكَى وَ أَنْتَ اَلْمُسْتَعَانُ.

فَأَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي

ص: 274


1- في هامش نسخة «م»: نصب.
2- في هامش نسخة «م»: رجاءه.
3- في هامش نسخة «م»: و مغيثه.
4- في هامش نسخة «م»: غيرك.
5- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».

وَ هَمِّي وَ كَرْبِي فِي مَقَامِي هَذَا كَمَا كَشَفْتَ عَنْهُ، وَ فَرِّجْ عَنِّي كَمَا فَرَّجْتَ عَنْهُ، وَ اِكْفِنِي مَا قَدْ كَفَيْتَهُ، وَ اِصْرِفْ عَنِّي هَوْلَ مَا أَخَافُ هَوْلَهُ، وَ مَئُونَةَ مَا أَخَافُ مَئُونَتَهُ، وَ هَمَّ مَا أَخَافُ هَمَّهُ، بِلاَ مَئُونَةٍ عَلَى نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، وَ اِصْرِفْنِي بِقَضَاءِ حَوَائِجِي، وَ كِفَايَةِ مَا أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ آخِرَتِي وَ دُنْيَايَ.

يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، عَلَيْكُمَا مِنِّي سَلاَمُ اَللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ، وَ لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكُمَا، وَ لاَ فَرَّقَ اَللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا.

اَللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَحْيَا(1) مُحَمَّدٍ وَ ذُرِّيَّتِهِ، وَ أَمِتْنِي مَمَاتَهُمْ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِمْ، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ لاَ تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، أَتَيْتُكُمَا زَائِراً وَ مُتَوَسِّلاً إِلَى اَللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمَا وَ مُتَوَجِّهاً إِلَيْهِ بِكُمَا، وَ مُسْتَشْفِعاً بِكُمَا إِلَى اَللَّهِ فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَاشْفَعَا لِي، فَإِنَّ لَكُمَا عِنْدَ اَللَّهِ اَلْمَقَامَ اَلْمَحْمُودَ، وَ اَلْجَاهَ اَلْوَجِيهَ (2)، وَ اَلْمَنْزِلَ اَلرَّفِيعَ وَ اَلْوَسِيلَةَ.

إِنِّي أَنْقَلِبُ عَنْكُمَا مُنْتَظِراً لِتَنَجُّزِ اَلْحَاجَةِ وَ قَضَائِهَا وَ نَجَاحِهَا مِنَ اَللَّهِ بِشَفَاعَتِكُمَا لِي إِلَى اَللَّهِ، فَلاَ أَخِيبُ وَ لاَ يَكُونُ مُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً خَائِباً خَاسِراً، بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً رَاجِياً مُفْلِحاً، مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً، (وَ تَشَفَّعَا لِي عِنْدَ اَللَّهِ)(3) بِقَضَاءِ جَمِيعِ اَلْحَوَائِجِ.

أَنْقَلِبُ عَلَى مَا شَاءَ اَللَّهُ وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، وَ مُفَوِّضاً أَمْرِي إِلَى اَللَّهِ، مُلْجِئاً ظَهْرِي إِلَى اَللَّهِ، مُتَوَكِّلاً عَلَى اَللَّهِ، وَ أَقُولُ حَسْبِيَ اَللَّهُ وَ كَفَى، سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ دَعَا، لَيْسَ وَرَاءَ اَللَّهِ وَ وَرَاءَكُمْ يَا سَادَتِي مُنْتَهَى، مَا شَاءَ رَبِّي كَانَ، وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ،

ص: 275


1- في هامش نسخة «م»: حياة.
2- في نسخة «ه»: العظيم.
3- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».

وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ.

أَسْتَوْدِعُكُمَا اَللَّهَ وَ لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي إِلَيْكُمَا، اِنْصَرَفْتُ يَا سَيِّدِي يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَوْلاَيَ، وَ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ يَا سَيِّدِي، وَ سَلاَمِي عَلَيْكُمَا مُتَّصِلٌ، مَا اِتَّصَلَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ، وَ وَاصِلٌ ذَلِكَ إِلَيْكُمَا غَيْرَ مَحْجُوبٍ عَنْكُمَا سَلاَمِي إِنْ شَاءَ اَللَّهُ، وَ أَسْأَلُهُ بِحَقِّكُمَا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ وَ يَفْعَلَ فَإِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اِنْقَلَبْتُ يَا سَيِّدِي عَنْكُمَا تَائِباً حَامِداً لِلَّهِ، شَاكِراً لِلَّهِ، رَاجِياً اَلْإِجَابَةَ، غَيْرَ آيِسٍ وَ لاَ قَانِطٍ، آئِباً عَائِداً رَاجِعاً إِلَى زِيَارَتِكُمَا، غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكُمَا وَ لاَ عَنْ زِيَارَتِكُمَا، بَلْ رَاجِعٌ عَائِدٌ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ.

يَا سَادَتِي رَغِبْتُ إِلَيْكُمَا وَ إِلَى زِيَارَتِكُمَا بَعْدَ أَنْ زَهِدَ فِيكُمَا وَ فِي زِيَارَتِكُمَا أَهْلُ اَلدُّنْيَا، فَلاَ خَيَّبَنِيَ اَللَّهُ مِمَّا رَجَوْتُ وَ مَا أَمَّلْتُ فِي زِيَارَتِكُمَا، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ (1).

و هذا الدعاء قد تقدّم عقيب صلاة الزيارة الأولى لأمير المؤمنين عليه السّلام من الفصل السادس، و إنما أوردناه هاهنا لتباعد الموضعين، و ليسهل ذلك على الطالب له.

قَالَ سَيْفُ بْنُ عَمِيرَةَ: فَسَأَلْتُ صَفْوَانَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلْحَضْرَمِيَّ لَمْ يَأْتِنَا بِهَذَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، إِنَّمَا أَتَانَا بِدُعَاءِ اَلزِّيَارَةِ.

فَقَالَ صَفْوَانُ: وَرَدْتُ مَعَ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِلَى هَذَا اَلْمَكَانِ، فَفَعَلَ مِثْلَ اَلَّذِي فَعَلْنَا فِي زِيَارَتِنَا، وَ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ عِنْدَ اَلْوَدَاعِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى كَمَا صَلَّيْنَا وَ وَدَّعَ كَمَا وَدَّعْنَا.

ثُمَّ قَالَ لِي صَفْوَانُ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «تَعَاهَدْ هَذِهِ اَلزِّيَارَةَ وَ اُدْعُ بِهَذَا اَلدُّعَاءِ وَ زُرْهُ، فَإِنِّي ضَامِنٌ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى لِكُلِّ مَنْ زَارَ بِهَذِهِ اَلزِّيَارَةِ،

ص: 276


1- رواه المفيد في مزاره: 21 (مخطوط)، و الطّوسيّ في مصباحه: 718، و ابن المشهديّ في مزاره: 289.

وَ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ مِنْ قُرْبِ أَوْ بُعدٍ، أَنَّ زِيَارَتَهُ مَقْبُولَةٌ، وَ سَعْيَهُ مَشْكُورٌ، وَ سَلاَمَهُ وَاصِلٌ غَيْرُ مَحْجُوبٍ، وَ حَاجَتَهُ مَقْضِيَّةٌ مِنَ اَللَّهِ بَالِغاً مَا بَلَغَتْ، غَيْرُ مُحَجَّبَةٍ.

يَا صَفْوَانُ وَجَدْتُ هَذِهِ اَلزِّيَارَةَ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِهَذَا اَلضَّمَانِ عَنْ أَبِي، وَ أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ مَضْمُوناً بِهَذَا اَلضَّمَانِ، وَ اَلْحُسَيْنُ عَنْ أَخِيهِ اَلْحَسَنِ مَضْمُوناً بِهَذَا اَلضَّمَانِ، وَ اَلْحَسَنُ عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ مَضْمُوناً بِهَذَا اَلضَّمَانِ، وَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَضْمُوناً بِهَذَا اَلضَّمَانِ، وَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْ جَبْرَئِيلَ مَضْمُوناً بِهَذَا اَلضَّمَانِ، وَ جَبْرَئِيلُ عَنِ اَللَّهِ تَعَالَى مَضْمُوناً بِهَذَا اَلضَّمَانِ.

قَدْ آلَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِهَذِهِ اَلزِّيَارَةِ مِنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، وَ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ، قُبِلَتْ مِنْهُ زِيَارَتُهُ، وَ شَفَعْتُهُ فِي مَسْأَلَتِهِ بَالِغاً مَا بَلَغَتْ، وَ أَعْطَيْتُهُ سُؤْلَهُ، ثُمَّ لاَ يَنْقَلِبُ عَنِّي خَائِباً، وَ أَقْلِبُهُ مَسْرُوراً قَرِيراً عَيْنُهُ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَ اَلْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ وَ اَلْعِتْقِ مِنَ اَلنَّارِ، وَ شَفَّعْتُهُ فِي كُلِّ مِنْ شَفَعَ خَلاَ نَاصِبٍ لَنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ. آلَى اَللَّهُ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ وَ أَشْهَدَنَا بِمَا شَهِدَتْ بِهِ مَلاَئِكَتُهُ وَ مَلَكُوتُهُ عَلَى ذَلِكَ.

ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَرْسَلَنِي اَللَّهُ (1) إِلَيْكَ سُرُوراً، وَ بُشْرَى لَكَ وَ سُرُوراً، وَ بُشْرَى لِعَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ اَلْأَئِمَّةِ وَ شِيعَتِكُمْ إِلَى يَوْمِ اَلْبَعْثِ».

قَالَ صَفْوَانُ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «يَا صَفْوَانُ، إِذَا حَدَثَ لَكَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى حَاجَةٌ فَزُرْ بِهَذِهِ اَلزِّيَارَةِ مِنْ حَيْثُ كُنْتَ، وَ اُدْعُ بِهَذَا اَلدُّعَاءِ، وَ سَلْ رَبَّكَ حَاجَتَكَ تَأْتِكَ مِنَ (2) اَللَّهِ، وَ اَللَّهُ غَيْرُ مُخْلِفٍ وَعْدَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِمَنِّهِ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ»(3).

ص: 277


1- اثبتناها من نسخة المجلسي.
2- اثبتناها من نسخة المجلسي.
3- رواه الطوسي في مصباحه: 723.

قال علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس: هذه الرواية نقلناها بإسنادها من المصباح الكبير، و هو مقابل بخط مصنّفه رحمه اللّه، و لم يكن في الفاظ الزيارة الفصلان اللذان يكرران مئة مرة، و إنّما نقلنا الزيارة من المصباح الصغير، فاعلم ذلك.

فإذا فرغت من زيارة الحسين صلوات اللّه عليه في ذلك اليوم الذي أشرنا إليه، فزر الشّهداء بهذه الزيارة التي يأتي ذكرها:

فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: خَرَجَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَسِيرُ بِالنَّاسِ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ كَرْبَلاَءَ عَلَى مَسِيرَةِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى إِذَا صَارَ بِمَصَارِعِ اَلشُّهَدَاءِ قَالَ: قُبِضَ فِيهَا مِائَتَا نَبِيٍّ، وَ مِائَتَا وَصِيٍّ، وَ مِائَتَا سِبْطٍ شَهِيدٍ وَ أَتْبَاعُهُمْ.

فَطَافَ عَلَى بَغْلَتِهِ خَارِجاً رِجْلَيْهِ مِنَ اَلرِّكَابِ وَ أَنْشَأَ يَقُولُ: مُنَاخُ رِكَابٍ وَ مَصَارِعُ شُهَدَاءَ، لاَ يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ لاَ يَلْحَقُهُمْ مَنْ كَانَ بَعْدَهُمْ (1).

فَإِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ اَلشُّهَدَاءِ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَقِفْ عِنْدَ رِجْلَيِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ هُوَ قَبْرُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا، فَاسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ، فَإِنَّ هُنَاكَ حُرْمَةُ اَلشُّهَدَاءِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ أَوْمِ وَ أَشِرْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ خَيْرِ سَلِيلٍ، مِنْ سُلاَلَةِ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَبِيكَ، إِذْ قَالَ فِيكَ: قَتَلَ اَللَّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ يَا بُنَيَّ، مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى اَلرَّحْمَنِ وَ عَلَى اِنْتِهَاكِ حُرْمَةِ اَلرَّسُولِ، عَلَى اَلدُّنْيَا بَعْدَكَ اَلْعَفَا، كَأَنِّي بِكَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيكَ مَاثِلاً، وَ لِلْكَافِرِينَ قَائِلاً(2):

أَنَا عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ *** نَحْنُ وَ بَيْتِ اَللَّهِ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ

ص: 278


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 270، و الطّوسيّ في التّهذيب 138/72:6.
2- في نسخة «ع»: شعرا.

أَطْعَنُكُمْ بِالرُّمْحِ حَتَّى يَنْثَنِي *** أَضْرِبُكُمْ بِالسَّيْفِ أَحْمِي عَنْ أَبِي

ضَرْبَ غُلاَمٍ هَاشِمِيٍّ عَرَبِيٍّ *** وَ اَللَّهِ لاَ يَحْكُمُ فِينَا اِبْنُ اَلدَّعِيِّ

(مَنْ أَسْخَطَ اَلرَّحْمَنَ وَ أَرْضَى اَلْمُدَّعِي)(1)

حَتَّى قَضَيْتَ نَحْبَكَ، وَ لَقِيتَ رَبَّكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْلَى بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ، وَ اِبْنُ حُجَّتِهِ وَ أَمِينُهُ، حَكَمَ اَللَّهُ لَكَ عَلَى قَاتِلِكَ مُرَّةَ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ اَلنُّعْمَانِ اَلْعَبْدِيِّ - لَعَنَهُ اَللَّهُ وَ أَخْزَاهُ - وَ مَنْ شَرِكَهُ فِي قَتْلِكَ وَ كَانُوا عَلَيْكَ ظَهِيراً، أَصْلاَهُمُ اَللَّهُ جَهَنَّمَ وَ سَاءَتْ مَصِيراً، وَ جَعَلَنَا اَللَّهُ مِنْ مُلاَقِيكَ وَ مُرَافِقِيكَ، وَ مُرَافِقِي جَدِّكَ وَ أَبِيكَ وَ عَمِّكَ وَ أَخِيكَ وَ أُمِّكَ اَلْمَظْلُومَةِ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ قَاتِلِيكَ، وَ أَسْأَلُ اَللَّهَ مُرَافَقَتَكَ فِي دَارِ اَلْخُلُودِ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكَ أُولِي اَلْجُحُودِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، اَلطِّفْلِ اَلرَّضِيعِ، اَلْمَرْمِيِّ اَلصَّرِيعِ، اَلْمُتَشَحِّطِ بِالدِّمَاءِ، اَلْمُتَصَعِّدِ دَمُهُ فِي اَلسَّمَاءِ، اَلْمَذْبُوحِ بِالسَّهْمِ فِي حَجْرِ أَبِيهِ، لَعَنَ اَللَّهُ رَامِيَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ اَلْأَسَدِيَّ وَ ذَوِيهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، مُبْلَي اَلْبَلاَءِ، وَ اَلْمُنَادِي فِي عَرْصَةِ كَرْبَلاَءَ، اَلضَّرُوبِ مُقْبِلاً وَ مُدْبِراً، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ هَانِئَ بْنَ ثُبَيْتٍ اَلْحَضْرَمِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعَبَّاسِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلْمُوَاسِي أَخَاهُ بِنَفْسِهِ، اَلْآخِذِ لِغَدِهِ مِنْ أَمْسِهِ، اَلْمُفْدِي لَهُ اَلْوَاقِي، اَلسَّاعِي إِلَيْهِ بِمَائِهِ، اَلْمَقْطُوعَةِ يَدَاهُ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَيْهِ يَزِيدَ بْنَ رُقَادٍ الجنبي [اَلْجُهَنِيَّ]، وَ حَكِيمَ بْنَ اَلطُّفَيْلِ اَلطَّائِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَعْفَرِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلصَّابِرِ نَفْسَهُ مُحْتَسِباً، وَ اَلنَّائِي عَنِ

ص: 279


1- ما بين القوسين لم يرد في نسختي «ع» و «م».

اَلْأَوْطَانِ مُغْتَرِباً، اَلْمُسْتَسْلِمِ لِلْقِتَالِ، اَلْمُسْتَقْدِمِ لِلنِّزَالِ، اَلْمَكْثُورِ بِالرِّجَالِ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ هَانِئَ بْنَ ثُبَيْتٍ اَلْحَضْرَمِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عُثْمَانَ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، سَمِيِّ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، لَعَنَ اَللَّهُ رَامِيَهُ بِالسَّهْمِ خَوْلِيَّ بْنَ يَزِيدَ اَلْأَصْبَحِيَّ اَلْأَيَادِيَّ وَ اَلْأَبَانِيَّ اَلدَّارِمِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، قَتِيلِ اَلْأَبَانِيِّ اَلدَّارِمِيِّ لَعَنَهُ اَللَّهُ، وَ ضَاعَفَ لَهُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ اَلصَّابِرِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلزَّكِيِّ، اَلْوَلِيِّ اَلْمَرْمِيِّ بِالسَّهْمِ اَلرَّدِيِّ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ عُقْبَةَ اَلْغَنَوِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلزَّكِيَّ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِيَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ اَلْأَسَدِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَاسِمِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، اَلْمَضْرُوبِ هَامَتُهُ، اَلْمَسْلُوبِ لاَمَتُهُ، حَتَّى نَادَى اَلْحُسَيْنَ عَمَّهُ، فَجَلَى عَلَيْهِ اَلْحُسَيْنُ كَالصَّقْرِ، وَ هُوَ يَفْحَصُ بِرِجْلَيْهِ اَلتُّرَابَ وَ اَلْحُسَيْنُ يَقُولُ: بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ، وَ مَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ. ثُمَّ قَالَ:

عَزَّ وَ اَللَّهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلاَ يُجِيبُكَ أَوْ يُجِيبُكَ وَ أَنْتَ قَتِيلٌ جَدِيلٌ فَلاَ يَنْفَعُكَ، هَذَا وَ اَللَّهِ يَوْمٌ كَثُرَ وَاتِرُهُ، وَ قَلَّ نَاصِرُهُ، جَعَلَنِيَ اَللَّهُ مَعَكُمَا جَمِيعاً، وَ بَوَّأَنِي مُبَوَّأَكُمَا، وَ لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَكَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ اَلْأَزْدِيَّ، وَ أَصْلاَهُ حَمِيماً، وَ أَعَدَّ لَهُ عَذَاباً أَلِيماً.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ اَلطَّيَّارِ فِي اَلْجِنَانِ، حَلِيفِ اَلْإِيمَانِ وَ مُنَازِلِ اَلْأَقْرَانِ، اَلنَّاصِحِ لِلرَّحْمَنِ، اَلتَّالِي لِلْمَثَانِي وَ اَلْقُرْآنِ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ عَبْدَ اَللَّهِ اِبْنَ قطية [قُطْبَةَ] اَلنَّبْهَانِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، اَلشَّاهِدِ مَكَانَ أَبِيهِ، وَ اَلتَّالِي لِأَخِيهِ وَ وَاقِيهِ بِبَدَنِهِ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ عَامِرَ بْنَ نَهْشَلٍ اَلتَّمِيمِيَّ.

ص: 280

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ عَقِيلٍ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ بِشْرَ بْنَ خُوطٍ اَلْهَمْدَانِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَقِيلٍ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِيَهُ عَمْرَو بْنَ خَالِدٍ اِبْنِ أَسَدٍ اَلْجُهَنِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَتِيلِ اِبْنِ اَلْقَتِيلِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ أَسَدَ بْنَ مَالِكٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِيَهُ عَمْرَو بْنَ صَبِيحٍ اَلصَّيْدَاوِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ لَقِيطَ بْنَ نَاشِرٍ اَلْجُهَنِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سُلَيْمَانَ مَوْلَى اَلْحُسَيْنِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَهُ سُلَيْمَانَ اِبْنَ عَوْفٍ اَلْحَضْرَمِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَارِبٍ مَوْلَى اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُنْجِحٍ مَوْلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةَ اَلْأَسَدِيِّ، اَلْقَائِلِ لِلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي اَلاِنْصِرَافِ -: أَ نَحْنُ نُخَلِّي عَنْكَ، وَ بِمَ نُعَذِّرُ عِنْدَ اَللَّهِ مِنْ أَدَاءِ حَقِّكَ؟! لاَ وَ اَللَّهِ حَتَّى أَكْسِرَ فِي صُدُورِهِمْ رُمْحِي، وَ أَضْرِبَهُمْ بِسَيْفِي مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِي يَدِي، وَ لاَ أُفَارِقُكَ، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي سِلاَحٌ أُقَاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ وَ لَمْ أُفَارِقْكَ حَتَّى أَمُوتَ مَعَكَ وَ كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ شَرَى نَفْسَهُ، وَ أَوَّلَ شَهِيدٍ مِنْ شُهَدَاءِ اَللَّهِ قَضَى نَحْبَهُ.

فَفُزْتَ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ، شَكَرَ اَللَّهُ اِسْتِقْدَامَكَ وَ مُوَاسَاتَكَ إِمَامَكَ إِذْ مَشَى إِلَيْكَ وَ أَنْتَ صَرِيعٌ فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اَللَّهُ يَا مُسْلِمَ بْنَ عَوْسَجَةَ، وَ قَرَأَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىٰ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مٰا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (1) لَعَنَ اَللَّهُ اَلْمُشْتَرِكَيْنِ فِي قَتْلِكَ: عَبْدَ اَللَّهِ اَلضَّبَابِيَّ(2)، وَ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ خُشْكَارَةَ(3) اَلْبَجَلِيَّ.

ص: 281

فَفُزْتَ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ، شَكَرَ اَللَّهُ اِسْتِقْدَامَكَ وَ مُوَاسَاتَكَ إِمَامَكَ إِذْ مَشَى إِلَيْكَ وَ أَنْتَ صَرِيعٌ فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اَللَّهُ يَا مُسْلِمَ بْنَ عَوْسَجَةَ، وَ قَرَأَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىٰ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مٰا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (1) لَعَنَ اَللَّهُ اَلْمُشْتَرِكَيْنِ فِي قَتْلِكَ: عَبْدَ اَللَّهِ اَلضَّبَابِيَّ (2)، وَ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ خُشْكَارَةَ (3) اَلْبَجَلِيَّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَعْدِ(4) بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَنَفِيِّ، اَلْقَائِلِ لِلْحُسَيْنِ - وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي اَلاِنْصِرَافِ -: لاَ وَ اَللَّهِ لاَ نُخَلِّيكَ حَتَّى يَعْلَمَ اَللَّهُ أَنَّا قَدْ حَفِظْنَا غَيْبَةَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِيكَ، وَ اَللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي اُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُحْرَقُ (5) ثُمَّ أُذْرَى، يُفْعَلُ ذَلِكَ بِي سَبْعِينَ مَرَّةً مَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أَلْقَى حِمَامِي دُونَكَ، وَ كَيْفَ لاَ أَفْعَلُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا هِيَ مَوْتَةٌ أَوْ قَتْلَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ هِيَ اَلْكَرَامَةُ اَلَّتِي لاَ اِنْقِضَاءَ لَهَا أَبَداً، فَقَدْ لَقِيتَ حِمَامَكَ، وَ وَاسَيْتَ إِمَامَكَ، وَ لَقِيتَ مِنَ اَللَّهِ اَلْكَرَامَةَ فِي دَارِ اَلْمُقَامَةِ، حَشَرَنَا اَللَّهُ مَعَكُمْ فِي اَلْمُسْتَشْهَدِينَ، وَ رَزَقَنَا اَللَّهُ مُرَافَقَتَكُمْ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى بِشْرِ(6) بْنِ عُمَرَ اَلْحَضْرَمِيِّ، شَكَرَ اَللَّهُ لَكَ قَوْلَكَ لِلْحُسَيْنِ - وَ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي اَلاِنْصِرَافِ -: أَكَلَتْنِي إِذَنْ اَلسِّبَاعُ حَيّاً إِنْ فَارَقْتُكَ، وَ أَسْأَلُ عَنْكَ اَلرُّكْبَانَ، وَ أَخْذُلُكَ مَعَ قِلَّةِ اَلْأَعْوَانِ، لاَ يَكُونُ هَذَا أَبَداً.

اَلسَّلاَمُ عَلَى بُرَيْرِ بْنِ خُضَيْرٍ اَلْهَمْدَانِيِّ اَلْمَشْرِقِيِّ اَلْقَارِئِ اَلْمُجَدَّلِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ كَعْبٍ اَلْأَنْصَارِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى نُعَيْمِ بْنِ اَلْعَجْلاَنِ اَلْأَنْصَارِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ اَلْقَيْنِ اَلْبَجَلِيِّ، اَلْقَائِلِ لِلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - وَ قَدْ

ص: 282


1- الاحزاب 23:33.
2- اثبتناها من نسخة المجلسيّ.
3- لم تردّ في نسخة «ه».
4- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».
5- في نسخة «ه»: ثمّ أبعث ثمّ أحيا ثمّ اقتل ثمّ احرق.
6- في نسخة «ع»: بشير.

أَذِنَ لَهُ فِي اَلاِنْصِرَافِ -: لاَ وَ اَللَّهِ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً، أَ أَتْرُكُ اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ أَسِيراً فِي يَدِ اَلْأَعْدَاءِ وَ أَنْجُو؟ لاَ أَرَانِي اَللَّهُ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عُمَرَ بْنِ قَرَظَةَ اَلْأَنْصَارِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ اَلْأَسَدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحُرِّ بْنِ يَزِيدَ اَلرِّيَاحِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ اَلْكَلْبِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى نَافِعِ بْنِ هِلاَلٍ اَلْبَجَلِيِّ (1) اَلْمُرَادِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَنَسِ بْنِ اَلْكَاهِلِ اَلْأَسَدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَيْسِ بْنِ مُسْهِرٍ اَلصَّيْدَاوِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ وَ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اِبْنَيْ عُرْوَةَ بْنِ حُرَاقٍ الْغِفَارِيَّيْنِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَوْنٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ اَلْغِفَارِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى شَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلنَّهْشَلِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَجَّاجِ بْنِ زَيْدٍ اَلسَّعْدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَاسِطٍ وَ كرسي [كَرِشٍ] اِبْنَيْ زُهَيْرٍ اَلتَّغْلِبِيَّيْنِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى كِنَانَةَ بْنِ عَتِيقٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى ضَرْغَامَةَ بْنِ مَالِكٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حُوَيِّ بْنِ مَالِكٍ اَلضُّبَعِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمْرِو بْنِ ضُبَيْعَةَ اَلضُّبَعِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثُبَيْتِ اَلْقَيْسِيِّ.

ص: 283


1- في نسختنا: هلال بن نافع المجلي، و الصّواب ما اثبتناه كما نقله المجلسيّ في البحار.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ وَ عُبَيْدِ اَللَّهِ اِبْنَيْ يَزِيدَ بْنِ نَبِيطٍ اَلْقَيْسِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَعْنَبِ بْنِ عَمْرٍو اَلنَّمِرِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَالِمٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيْفِ بْنِ مَالِكٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ بِشْرٍ اَلْخَثْعَمِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى (بَدْرِ بْنِ مَعْقِلٍ)(1) اَلْجُعْفِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَجَّاجِ بْنِ مَسْرُوقٍ اَلْجُعْفِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَسْعُودِ بْنِ اَلْحَجَّاجِ وَ أَبِيهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُجَمِّعِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْعَائِذِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ شُرَيْحٍ اَلطَّائِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَيَّانَ بْنِ اَلْحَارِثِ اَلسَّلْمَانِيِّ اَلْأَزْدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جُنْدَبِ بْنِ حُجْرٍ اَلْخَوْلاَنِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ اَلصَّيْدَاوِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَعِيدٍ مَوْلاَهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ اَلْمُظَاهِرِ(2) اَلْكِنْدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زَاهِرٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ اَلْحَمِقِ اَلْخُزَاعِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَبَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ اَلشَّيْبَانِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَالِمٍ مَوْلَى بَنِي اَلْمَدِينَةِ اَلْكَلْبِيِّ.

ص: 284


1- في نسخة «ه» زيد بن معقل.
2- في نسخة «ع»: بن المهاصر.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَسْلَمَ بْنِ كَثِيرٍ اَلْأَزْدِيِّ اَلْأَعْرَجِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ سُلَيْمٍ اَلْأَزْدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ اَلْأَزْدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمْرِو بْنِ اَلْأُحْدُوثِ اَلْحَضْرَمِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي (تُمَامَةَ)(1) عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّائِدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَنْظَلَةَ (اَلشَّامِيِّ)(2).

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ (اَلْكَدِنِ اَلْأَرْجِيِّ)(3).

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ أَبِي سَلاَمَةَ اَلْهَمْدَانِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَابِسِ بْنِ شَبِيبٍ اَلشَّاكِرِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى شَوْذَبٍ مَوْلَى شَاكِرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى شَبِيبِ بْنِ اَلْحَارِثِ بْنِ سَرِيعٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَالِكِ بْنِ (عَبْدِ اَللَّهِ)(4) بْنِ سَرِيعٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْجَرِيحِ اَلْمَأْسُورِ سَوَّارِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ اَلْفَهْمِيِّ اَلْهَمْدَانِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُرْتَثِّ (5) مَعَهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْخُنْدُعِيُّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا خَيْرَ أَنْصَارٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ، بَوَّأَكُمُ اَللَّهُ مُبَوَّأَ اَلْأَبْرَارِ، أَشْهَدُ لَقَدْ كَشَفَ اَللَّهُ لَكُمُ اَلْغِطَاءَ، وَ مَهَّدَ لَكُمُ اَلْوِطَاءَ، وَ أَجْزَلَ لَكُمُ اَلْعَطَاءَ، وَ كُنْتُمْ عَنِ اَلْحَقِّ غَيْرَ بِطَاءٍ، وَ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ، وَ نَحْنُ لَكُمْ خُلَطَاءُ فِي دَارِ

ص: 285


1- في نسخة «ه»: ثمامة.
2- في نسخة «ه»: بن سعدة الشّيبانيّ.
3- في نسخة «ه»: بن الكدر الارحبي، و في «ع» بن الكدن الارحبي.
4- في نسخة «ع»: عبد.
5- ارتث: اي حمل من المعركة جريحا و به رمق. انظر: الصّحاح - رثث - 283:1.

اَلْبَقَاءِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1).(2).

و من عمل يوم عاشوراء المشار إليه قراءة مقتل الحسين صلوات اللّه عليه، و سنذكر الغرض من ذلك في آخر هذا الكتاب، على الوجه الذي تقرّر من الصواب، إن شاء اللّه.

فصل في زيارة الأربعين و شرح ما ورد في كيفيتها

يُرْوَى عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: عَلاَمَاتُ اَلْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلاَةُ إِحْدَى وَ خَمْسِينَ، وَ زِيَارَةُ اَلْأَرْبَعِينَ، وَ اَلتَّخَتُّمُ فِي اَلْيَمِينِ، وَ تَعْفِيرُ اَلْجَبِينِ، وَ اَلْجَهْرُ بِ بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ (3).

وَ قَالَ عَطَا: كُنْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ يَوْمَ اَلْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ، فَلَمَّا وَصَلْنَا اَلْغَاضِرِيَّةَ اِغْتَسَلَ فِي شَرِيعَتِهَا وَ لَبِسَ قَمِيصاً كَانَ مَعَهُ طَاهِراً، ثُمَّ قَالَ لِي: أَ مَعَكَ شَيْ ءٌ مِنَ اَلطِّيبِ يَا عَطَا؟ قُلْتُ: مَعِي سُعْدٌ، فَجَعَلَ مِنْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ مَشَى حَافِياً حَتَّى وَقَفَ عِنْدَ رَأْسِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ كَبَّرَ ثَلاَثاً ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا آلَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا خِيَرَةَ اَللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا سَادَةَ اَلسَّادَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا لُيُوثَ اَلْغَابَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا سَفِينَةَ اَلنَّجَاةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ

ص: 286


1- في نسخة «ه» و «ع» زيادة: و افضل تحيّاته.
2- اوردها المفيد في مزاره: 65 (مخطوط) باختصار، و المصنّف في اقبال الاعمال: 573، و ابن المشهديّ في مزاره: 707.
3- رواه المفيد في مزاره: 1/60، و الطّوسيّ في مصباحه: 730، و التّهذيب 122/52:6، و المصنّف في اقبال الاعمال: 589، و ابن المشهديّ في مزاره: 493، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 1/329:101.

اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِسْمَاعِيلَ ذَبِيحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ مُحَمَّدٍ اَلْمُصْطَفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَهِيدُ يَا اِبْنَ اَلشَّهِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلُ اِبْنَ اَلْقَتِيلِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ، وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ بَرِرْتَ وَالِدَيْكَ، وَ جَاهَدْتَ عَدُوَّكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ تَسْمَعُ اَلْكَلاَمَ وَ تَرُدُّ اَلْجَوَابَ، وَ أَنَّكَ حَبِيبُ اَللَّهِ وَ خَلِيلُهُ وَ نَجِيبُهُ، وَ صَفِيُّهُ وَ اِبْنُ صَفِيِّهِ. زُرْتُكَ مُشْتَاقاً فَكُنْ لِي شَفِيعاً إِلَى اَللَّهِ.

يَا سَيِّدِي أَسْتِشْفِعُ إِلَى اَللَّهِ بِجَدِّكَ سَيِّدِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ بِأَبِيكَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، وَ بِأُمِّكَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلِيكَ وَ ظَالِمِيكِ، وَ شَانِئِيكَ وَ مُبْغِضِيكَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ.

ثُمَّ اِنْحَنَى عَلَى اَلْقَبْرِ وَ مَرَغَ خَدَّيْهِ عَلَيْهِ وَ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى قَبْرِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ اِبْنَ مَوْلاَيَ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَكَ، لَعَنَ اَللَّهُ ظَالِمَكَ، أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ بِمَحَبَّتِكُمْ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ عَدُوِّكُمْ.

ثُمَّ قَبَّلَهُ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَ اِلْتَفَتَ إِلَى قُبُورِ اَلشُّهَدَاءِ فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلْمُنِيخَةِ بِقَبْرِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا شِيعَةَ اَللَّهِ وَ شِيعَةَ رَسُولِهِ وَ شِيعَةَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا طَاهِرُونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَهْدِيُّونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَبْرَارُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ اَلْحَافِّينَ بِقُبُورِكُمْ، جَمَعَنِي اَللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ تَحْتَ عَرْشِهِ.

ص: 287

ثُمَّ جَاءَ إِلَى قَبْرِ اَلْعَبَّاسِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَ قَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْقَاسِمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ. أَشْهَدُ لَقَدْ بَالَغْتَ فِي اَلنَّصِيحَةِ، وَ أَدَّيْتَ اَلْأَمَانَةَ، وَ جَاهَدْتَ عَدُوَّكَ وَ عَدُوَّ أَخِيكَ، فَصَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَى رُوحِكَ اَلطَّيِّبَةِ، وَ جَزَاكَ اَللَّهُ مِنْ أَخٍ خَيْراً.

ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ دَعَا اَللَّهَ وَ مَضَى(1).

زيارة أخرى للحسين صلوات اللّه عليه في اليوم المشار إليه،

رَوَاهَا صَفْوَانُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ حَذَفْنَا إِسْنَادَهُ اِخْتِصَاراً.

قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: تَزُورُهُ عِنْدَ اِرْتِفَاعِ اَلنَّهَارِ فَتَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى وَلِيِّ اَللَّهِ وَ حَبِيبِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى خَلِيلِ اَللَّهِ وَ نَجِيبِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَفِيِّ اَللَّهِ وَ اِبْنِ صَفِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحُسَيْنِ اَلْمَظْلُومِ اَلشَّهِيدِ اَلرَّشِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَسِيرِ اَلْكُرُبَاتِ وَ قَتِيلِ اَلْعَبَرَاتِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَ اِبْنُ وَلِيِّكَ، وَ صَفِيُّكَ وَ اِبْنُ صَفِيِّكَ، اَلْفَائِزُ بِكَرَامَتِكَ، أَكْرَمْتَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَ حَبَوْتَهُ بِالسَّعَادَةِ، وَ اِجْتَبَيْتَهُ بِطِيبِ اَلْوِلاَدَةِ، وَ جَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ اَلسَّادَةِ، وَ قَائِداً مِنَ اَلْقَادَةِ، وَ ذَائِداً مِنَ اَلذَّادَةِ، وَ أَعْطَيْتَهُ مَوَارِيثَ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ جَعَلْتَهُ عَلَى خَلْقِكَ مِنَ اَلْأَوْصِيَاءِ، فَأَعْذَرَ فِي اَلدُّعَاءِ، وَ مَنَحَ اَلنُّصْحَ، وَ بَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ، لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ اَلْجَهَالَةِ وَ حَيْرَةِ اَلضَّلاَلَةِ، وَ قَدْ تَوَازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ اَلدُّنْيَا، وَ بَاعَ حَظَّهُ بِالْأَرْذَلِ اَلْأَدْنَى، وَ شَرَى آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ اَلْأَوْكَسِ، وَ تَغَطْرَسَ وَ تَرَدَّى فِي هَوَاهُ، وَ أَسْخَطَكَ وَ أَسْخَطَ نَبِيَّكَ، وَ أَطَاعَ مِنْ عِبَادِكَ أَهْلَ اَلشِّقَاقِ وَ اَلنِّفَاقِ، وَ حَمَلَةَ اَلْأَوْزَارِ، وَ اَلْمُسْتَوْجِبِينَ اَلنَّارَ، فَجَاهَدَهُمْ صَابِراً مُحْتَسِباً، حَتَّى سُفِكَ فِي طَاعَتِكَ دَمُهُ، وَ اُسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ، اَللَّهُمَّ فَالْعَنْهُمْ لعنلا [لَعْناً] وَبِيلاً، وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً.

ص: 288


1- نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 329:101.

أَنَا يَا مَوْلاَيَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ زَائِرُكَ، جِئْتُكَ مُشْتَاقاً فَكُنْ لِي شَفِيعاً إِلَى اَللَّهِ.

يَا سَيِّدِي أَسْتَشْفِعُ إِلَى اَللَّهِ بِجَدِّكَ سَيِّدِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ بِأَبِيكَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، وَ بِأُمِّكَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِينُ اَللَّهِ وَ اِبْنُ أَمِينِهِ، عِشْتَ سَعِيداً وَ مَضَيْتَ حَمِيداً، وَ مِتَّ فَقِيداً مَظْلُوماً شَهِيداً، وَ أَشْهَدُ أَنَّ اَللَّهَ مُنْجِزٌ مَا وَعَدَكَ، وَ مُهْلِكٌ مَنْ خَذَلَكَ، وَ مُعَذِّبٌ مَنْ قَتَلَكَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اَللَّهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِهِ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، فَلَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالاَهُ وَ عَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاهُ.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي اَلْأَصْلاَبِ اَلشَّامِخَةِ، وَ اَلْأَرْحَامِ اَلطَّاهِرَةِ، لَمْ تُنَجِّسْكَ اَلْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا، وَ لَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِمَّاتِ ثِيَابِهَا. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعَائِمِ اَلدِّينِ، وَ أَرْكَانِ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ مَعْقِلِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْإِمَامُ اَلْبَرُّ اَلتَّقِيُّ، اَلرَّضِيُّ اَلزَّكِيُّ، اَلْهَادِي اَلْمَهْدِيُّ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ اَلتَّقْوَى، وَ أَعْلاَمُ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا، وَ أَشْهَدُ أَنِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَ بِإِيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِعِ دِينِي وَ خَوَاتِيمَ عَمَلِي، وَ قَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ، وَ أَمْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَأْذَنَ اَللَّهُ لَكُمْ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوِّكُمْ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ، وَ شَاهِدِكُمْ وَ غَائِبِكُمْ، وَ ظَاهِرِكُمْ وَ بَاطِنِكُمْ، آمِينَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ (1).

فإذا أردت وداعه فودّعه عليه السّلام بالوداع الذي ذكرناه عقيب زيارته

ص: 289


1- اوردها المفيد في مزاره: 83 (مخطوط)، و الطوسي في مصباحه: 730، و التهذيب 201/113:6، و المصنف في اقبال الاعمال: 589، و ابن المشهدي في مزاره: 745، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 332:101.

الأولى من الفصل التاسع، أو بغيره من وداعاته صلوات اللّه عليه.

وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ لِهَذِهِ اَلزِّيَارَةِ وَدَاعٌ مَخْصُوصٌ بِهَا، وَ هُوَ: أَنَّكَ تَقِفُ قُدَّامَ اَلضَّرِيحِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْحَسَنِ اَلزَّكِيِّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ اَلشَّهِيدَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ اِبْنَ مَوْلاَيَ. أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ، وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ.

أَتَيْتُكَ يَا مَوْلاَيَ زَائِراً وَافِداً رَاغِباً، مُقِرّاً لَكَ بِالذُّنُوبِ، هَارِباً إِلَيْكَ مِنَ اَلْخَطَايَا، لِتَشْفَعَ لِي عِنْدَ رَبِّكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ حَيّاً وَ مَيِّتاً، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ مَقَاماً مَعْلُوماً، وَ شَفَاعَةً مَقْبُولَةً. لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ حَرَمَكَ وَ غَصَبَ حَقَّكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ خَذَلَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ دَعَاكَ فَلَمْ يُجِبْكَ وَ لَمْ يُعِنْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ مَنَعَكَ مِنْ حَرَمِ اَللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ وَ حَرَمِ أُمِّكَ وَ أَخِيكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ مَنَعَكَ مِنْ شُرْبِ مَاءِ اَلْفُرَاتِ لَعْناً كَثِيراً يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً.

اَللّٰهُمَّ فٰاطِرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ عٰالِمَ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهٰادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبٰادِكَ فِي مٰا كٰانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (1) وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (2) .

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِ، وَ اُرْزُقْنِيهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَ حَيِيتُ يَا رَبِّ، وَ إِنْ مِتُّ فَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (3).

ص: 290


1- الزمر 46:39.
2- الشعراء 227:26.
3- اورده المصنف في اقبال الاعمال: 591، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 333:101.

ذكر فضل زيارة أول يوم من رجب و شرحها، و بعض عمل ذلك اليوم و الليلة على التقريب.

اشارة

نبتدئ بذكر فضل هذه الزيارة و شرحها لأنه الأهم، ثم نتبع ذلك بعمل أول ليلة من الشهر، و شيئا من عمل يومها إن شاء اللّه تعالى.

مَحْذُوفُ اَلْإِسْنَادِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ اَلْبَتَّةَ»(1).

شرح زيارته في ذلك اليوم، و يزار بها ليلة النصف من شعبان أيضا.

إذا أردت ذلك فاغتسل و البس أطهر ثيابك، وقف على باب قبته عليه السّلام مستقبل القبلة، و سلّم على سيّدنا رسول اللّه، و على أمير المؤمنين، و فاطمة، و الحسن، و عليه و على الأئمة من ذريته صلوات اللّه عليهم أجمعين، ثم ادخل وقف على ضريحه و كبّر اللّه تعالى (مائة مرة) وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ صَفِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حُجَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حَبِيبِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَفِيرَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ سَفِيرِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَازِنَ اَلْكِتَابِ اَلْمَسْطُورِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلتَّوْرَاةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ وَ اَلزَّبُورِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَلرَّحْمَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَرِيكَ اَلْقُرْآنِ، اَلسَّلاَمُ

ص: 291


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 182، و المفيد في مزاره: 1/48، و الطّوسيّ في مصباحه: 737، و التّهذيب 107/48:6، و المصنّف في اقبال الاعمال: 649، و ابن المشهديّ في مزاره: 485، و نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 22/97:101.

عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ حِكْمَةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَيْبَةَ عِلْمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْضِعَ سِرِّ اَللَّهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ ثَارِهِ وَ اَلْوِتْرَ اَلْمَوْتُورَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى اَلْأَرْوَاحِ اَلَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، لَقَدْ عَظُمَتِ اَلْمُصِيبَةُ وَ جَلَّتِ اَلرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنَا وَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ اَلْإِسْلاَمِ، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً أَسَّسَتْ أَسَاسَ اَلظُّلْمِ وَ اَلْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقَامِكُمْ، وَ أَزَالَتْكُمْ عَنْ مَرَاتِبِكُمُ اَلَّتِي رَتَّبَكُمُ اَللَّهُ فِيهَا.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، أَشْهَدُ لَقَدِ اِقْشَعَرَّتْ لِدِمَائِكُمْ أَظِلَّةُ اَلْعَرْشِ مَعَ أَظِلَّةِ اَلْخَلاَئِقِ، وَ بَكَتْكُمُ اَلسَّمَاءُ وَ اَلْأَرْضُ وَ سُكَّانُ اَلْجِنَانِ وَ اَلْبَرُّ وَ اَلْبَحْرُ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ عَدَدَ مَا فِي عِلْمِ اَللَّهِ، لَبَّيْكَ دَاعِيَ اَللَّهِ، إِنْ كَانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اِسْتِغَاثَتِكَ، وَ لِسَانِي عِنْدَ اِسْتِنْصَارِكَ، فَقَدْ أَجَابَكَ قَلْبِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي سُبْحٰانَ رَبِّنٰا إِنْ كٰانَ وَعْدُ رَبِّنٰا لَمَفْعُولاً (1).

أَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ، مِنْ طُهْرٍ طَاهِرٍ مُطَهَّرٍ، طَهُرْتَ وَ طَهُرَتْ بِكَ اَلْبِلاَدُ، وَ طَهُرَتْ أَرْضٌ أَنْتَ فِيهَا، وَ طَهُرَ حَرَمُكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالْقِسْطِ وَ اَلْعَدْلِ، وَ دَعَوْتَ إِلَيْهِمَا، وَ أَنَّكَ صَادِقٌ صِدِّيقٌ، صَدَقْتَ فِي مَا دَعَوْتَ إِلَيْهِ، وَ أَنَّكَ ثَارُ اَللَّهِ فِي اَلْأَرْضِ

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اَللَّهِ وَ عَنْ جَدِّكَ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ عَنْ أَبِيكَ أَمِيرِ

ص: 292


1- الاسراء 108:17.

اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ عَنْ أَخِيكَ اَلْحَسَنِ، وَ نَصَحْتَ وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، فَجَزَاكَ اَللَّهُ خَيْرَ جَزَاءِ اَلسَّابِقِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ صَلِّ عَلَى اَلْحُسَيْنِ اَلْمَظْلُومِ اَلشَّهِيدِ اَلرَّشِيدِ، قَتِيلِ اَلْعَبَرَاتِ وَ أَسِيرِ اَلْكُرُبَاتِ، صَلاَةً نَامِيَةً زَاكِيَةً مُبَارَكَةً، يَصْعَدُ أَوَّلُهَا وَ لاَ يَنْفَدُ آخِرُهَا، أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْلاَدِ أَنْبِيَائِكَ اَلْمُرْسَلِينَ، يَا إِلَهَ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَيْهِ وَ اَلْأَيْسَرَ، وَ دُرْ حَوْلَ اَلضَّرِيحِ فَقَبِّلْهُ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِهِ، وَ اِمْضِ وَ قِفْ عَلَى ضَرِيحِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ مِنَ اَللَّهِ، وَ اَلسَّلاَمُ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ أَنْبِيَائِهِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ، وَ جَمِيعِ أَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرَضِينَ، عَلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَوَّلِ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ خَيْرِ سَلِيلٍ مِنْ سُلاَلَةِ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَبِيكَ، إِذْ قَالَ: قَتَلَ اَللَّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ يَا بُنَيَّ، مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى اَلرَّحْمَنِ، وَ عَلَى اِنْتِهَاكِ حُرْمَةِ اَلرَّسُولِ، عَلَى اَلدُّنْيَا بَعْدَكَ اَلْعَفَا.

أَشْهَدُ أَنَّكَ اِبْنَ حُجَّةِ اَللَّهِ وَ اِبْنَ أَمِينِهِ، حَكَمَ اَللَّهُ لَكَ عَلَى قَاتِلِيكَ وَ أَصْلاَهُمْ جَهَنَّمَ وَ سَاءَتْ مَصِيراً، وَ جَعَلَنَا اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مِنْ مُلاَقِيكَ وَ مُرَافِقِيكَ، وَ مُرَافِقِي جَدِّكَ وَ أَبِيكَ، وَ عَمِّكَ وَ أَخِيكَ، وَ أُمِّكَ اَلْمَظْلُومَةِ اَلطَّاهِرَةِ اَلْمُطَهَّرَةِ، أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِمَّنْ قَتَلَكَ وَ قَاتَلَكَ (1)، وَ أَسْأَلُ اَللَّهَ مُرَافَقَتَكُمْ فِي دَارِ اَلْخُلُودِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ص: 293


1- في نسخة «ه»: و ممّن نصب لكم العداوة.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعَبَّاسِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى جَعْفَرٍ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عُثْمَانَ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَاسِمِ بْنِ اَلْحَسَنِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ اَلْحَسَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَسَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ عَقِيلٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَقِيلٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ بْنِ عَقِيلٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ اِبْنِ مُسْلِمٍ بْنِ عَقِيلٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ اَلْمُصْطَفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلشُّكْرِ وَ اَلرِّضَا، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ اَللَّهِ وَ رِجَالَهُ مِنْ أَهْلِ اَلْحَقِّ وَ اَلْبَلْوَى، وَ اَلْمُجَاهِدِينَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي سَبِيلِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ كَمَا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قٰاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمٰا وَهَنُوا لِمٰا أَصٰابَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ مٰا ضَعُفُوا وَ مَا اِسْتَكٰانُوا وَ اَللّٰهُ يُحِبُّ اَلصّٰابِرِينَ (1) فَمَا ضَعُفْتُمْ وَ لاَ اِسْتَكَنْتُمْ، حَتَّى لَقِيتُمُ اَللَّهَ عَلَى سَبِيلِ اَلْحَقِّ وَ نَصْرِهِ وَ كَلِمَةِ اَللَّهِ اَلتَّامَّةِ.

صَلَّى اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَبْدَانِكُمْ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً، فُزْتُمْ وَ اَللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً، وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً، أَبْشِرُوا بِمَوْعِدِ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ خُلْفَ لَهُ أَنَّهُ لاَ يُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ.

أَشْهَدُ أَنَّكُمُ اَلنُّجَبَاءُ وَ سَادَةُ اَلشُّهَدَاءِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ جَاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ قُتِلْتُمْ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ أَنَّكُمُ اَلسَّابِقُونَ اَلْمُجَاهِدُونَ.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَنْصَارُ اَللَّهِ وَ أَنْصَارُ رَسُولِهِ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ

ص: 294


1- آل عمران 146:3.

وَ أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ اِلْتَفِتْ إِلَى اَلشُّهَدَاءِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَنَفِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ اَلرِّيَاحِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ اَلْقَيْنِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عُقْبَةَ بْنِ سِمْعَانَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى بُرَيْرِ بْنِ خُضَيْرٍ(1).

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى نَافِعِ بْنِ هِلاَلٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُنْذِرِ بْنِ اَلْمُفَضَّلِ اَلْجُعْفِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمْرِو بْنِ قَرَظَةَ اَلْأَنْصَارِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِي ثُمَامَةَ اَلْصَّائِدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَوْنٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ اَلْغِفَارِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْأَزْدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ وَ عَبْدِ اَللَّهِ اِبْنَيْ عُرْوَةَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيْفِ بْنِ اَلْحَارِثِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَائِرِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَنْظَلَةَ بْنِ أَسْعَدَ اَلشَّامِيِّ.

ص: 295


1- في نسخة «ه»: حصين، و اثبتنا ما في نسخة المجلسيّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَاسِمِ بْنِ اَلْحَارِثِ اَلْكَاهِلِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو اَلْحَضْرَمِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَابِسِ بْنِ شَبِيبٍ اَلشَّاكِرِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَجَّاجِ بْنِ مَسْرُوقٍ اَلْجُعْفِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمْرِو بْنِ خَلَفٍ وَ سَعِيدٍ مَوْلاَهُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَيَّانَ بْنِ اَلْحَارِثِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُجَمِّعِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْعَائِذِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى نُعَيْمِ بْنِ عَجْلاَنَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عُمَرَ بْنِ أَبِي كَعْبٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ (عَوْنٍ اَلْحَضْرَمِيِّ)(1).

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَيْسِ بْنِ مُسْهِرٍ اَلصَّيْدَاوِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ فَرْوَةَ اَلْغِفَارِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى غَيْلاَنَ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْهَمْدَانِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عُمَرَ بْنِ كَنَّادٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَبَلَةَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ كَنَّادٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ اَلْأَزْدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَمَّادِ بْنِ حَمَّادٍ اَلْخُزَاعِيِّ اَلْمُرَادِيِّ.

ص: 296


1- في نسخة «ه»: عوف الخضرمي.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ مَوْلاَهُ مُسْلِمٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى بَدْرِ بْنِ رُقَيْطٍ وَ اِبْنَيْهِ عَبْدِ اَللَّهِ وَ عُبَيْدِ اَللَّهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى رُمَيْثِ بْنِ عَمْرٍو.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سُفْيَانَ بْنِ مَالِكٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ سَيَّارٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَاسِطٍ وَ كَرِشٍ اِبْنَيْ زُهَيْرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى كِنَانَةَ بْنِ عَتِيقٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِيعِ بْنِ زِيَادٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى نُعْمَانَ بْنِ عَمْرٍو.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جُلاَسِ بْنِ عَمْرٍو.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَامِرِ بْنِ (جُلَيْدَةَ)(1).

اَلسَّلاَمُ عَلَى زَائِدَةَ بْنِ مُهَاجِرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى شَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلنَّهْشَلِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى حَجَّاجِ بْنِ يَزِيدَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى (جُوَيْنِ)(2) بْنِ مَالِكٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى ضُبَيْعَةَ بْنِ عَمْرٍو.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ بَشِيرٍ(3).

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَسْعُودِ بْنِ اَلْحَجَّاجِ.

ص: 297


1- في نسخة «ه»: خليده.
2- في نسخة «ع»: جوير.
3- في نسخة «م»: ابن كثير.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ حَسَّانَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى جُنْدَبِ بْنِ حُجَيْرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ سَلْمَانَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى قَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَنَسِ بْنِ اَلْكَاهِلِ اَلْأَسَدِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحُرِّ بْنِ يَزِيدَ اَلرِّيَاحِيِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى ضَرْغَامَةَ بْنِ مَالِكٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى زَاهِرٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ اَلْحَمِقِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ يَقْطُرَ رَضِيعِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مُنْجِحٍ مَوْلَى اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى سُوَيْدٍ مَوْلَى شَاكِرٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلرَّبَّانِيُّونَ، أَنْتُمْ خِيَرَةٌ اِخْتَارَكُمُ اَللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ أَنْتُمْ خَاصَّةٌ اِخْتَصَّكُمُ اَللَّهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قُتِلْتُمْ عَلَى اَلدُّعَاءِ إِلَى اَلْحَقِّ، وَ نَصَرْتُمْ وَ وَفَيْتُمْ وَ بَذَلْتُمْ مُهَجَكُمْ مَعَ اِبْنِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَنْتُمُ اَلسُّعَدَاءُ، سَعِدْتُمْ وَ فُزْتُمْ بِالدَّرَجَاتِ اَلْعُلَى، فَجَزَاكُمُ اَللَّهُ مِنْ أَعْوَانٍ وَ إِخْوَانٍ خَيْرَ مَا جَازَى مَنْ صَبَرَ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، هَنِيئاً لَكُمْ مَا أُعْطِيتُمْ، وَ هَنِيئاً لَكُمْ مَا بِهِ حبيتم [حُيِّيتُمْ]، طَافَتْ عَلَيْكُمْ مِنَ اَللَّهِ اَلرَّحْمَةُ، وَ بَلَغْتُمْ بِهَا شَرَفَ اَلْآخِرَةِ (1).

ص: 298


1- اوردها المصنف في اقبال الاعمال: 712، و البلد الامين: 281 صدره، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 336:101.

قال علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني، جامع هذا الكتاب: قد تقدّم عدد الشهداء في زيارة عاشوراء برواية تخالف ما سطّرناه في هذا المكان، و يختلف في أسمائهم أيضا، و في الزيادة و النقصان، و ينبغي أن تعرف - أيّدك اللّه بتقواه - أنّنا تبعنا في ذلك ما رأيناه أو رويناه، و نقلنا في كلّ موضع كما وجدناه.

فإذا فرغت - وفّقك اللّه - ممّا ذكرناه فعد إلى عند رأس الحسين عليه السّلام فصلّ صلاة الزيارة و ما بدا لك من الصلوات، و أكثر لنفسك و لوالديك و لإخوانك من الدعاء، فإنّه يستجاب إن شاء اللّه تعالى.

فإذا أردت وداعه صلوات اللّه عليه فودّعه ببعض وداعاته المذكورة عقيب ما قدّمناه من زياراته.

و من عمل أول ليلة من رجب:

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُفَرِّغَ نَفْسَهُ أَرْبَعَ لَيَالٍ فِي اَلسَّنَةِ وَ هِيَ: أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَ لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَ لَيْلَةَ اَلْفِطْرِ، وَ لَيْلَةَ اَلنَّحْرِ(1).

وَ يُسْتَحَبُّ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ أَنْ تَقُولَ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِكٌ وَ أَنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقْتَدِرٌ، وَ أَنَّكَ مَا تَشَاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُنْ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَى اَللَّهِ رَبِّكَ وَ رَبِّي لِيُنْجِحَ لِي بِكَ طَلِبَتِي، اَللَّهُمَّ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنْجَحُ طَلِبَتِي(2).

وَ يُرْوَى: أَنَّ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلْأَوَّلَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ يَقُولُ وَ هُوَ سَاجِدٌ بَعْدَ

ص: 299


1- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 735 و 783.
2- اورده الطّوسيّ في مصباحه: 735، و المصنّف في الاقبال: 628.

فَرَاغِهِ مِنْ صَلاَةِ اَللَّيْلِ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ: لَكَ اَلْمَحْمِدَةُ إِنْ أَطَعْتُكَ، وَ لَكَ اَلْحُجَّةُ إِنْ عَصَيْتُكَ، لاَ صُنْعَ لِي وَ لاَ لِغَيْرِي فِي إِحْسَانٍ إِلاَّ بِكَ، يَا كَائِناً قَبْلَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ يَا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْ ءٍ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ اَلْعَدِيلَةِ عِنْدَ اَلْمَوْتِ، وَ مِنْ شَرِّ اَلْمَرْجِعِ فِي اَلْقُبُورِ، وَ مِنَ اَلنَّدَامَةِ يَوْمَ اَلْآزِفَةِ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَنْ تَجْعَلَ عَيْشِي عِيشَةً تقية [نَقِيَّةً]، وَ مِيتَتِي مِيتَةً سَوِيَّةً، وَ تَقْلِبَنِي مُنْقَلَباً كَرِيماً، غَيْرَ مُخْزٍ وَ لاَ فَاضِحٍ.

اَللَّهُمَّ صلي [صَلِّ] عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلْأَئِمَّةِ، يَنَابِيعِ اَلْحِكْمَةِ، وَ أُولِي اَلنِّعْمَةِ، وَ مَعَادِنِ اَلْعِصْمَةِ، وَ اِعْصِمْنِي بِهِمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَ لاَ تَأْخُذْنِي عَلَى غِرَّةٍ وَ لاَ عَلَى غَفْلَةٍ، وَ لاَ تَجْعَلْ عَوَاقِبَ أَعْمَالِي حَسْرَةً، وَ اِرْضَ عَنِّي فَإِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِلظَّالِمِينَ وَ أَنَا مِنَ اَلظَّالِمِينَ.

اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مَا لاَ يَضُرُّكَ وَ أَعْطِنِي مَا لاَ يَنْقُصُكَ، فَإِنَّكَ اَلْوَسِيعُ رَحْمَتُهُ، اَلْبَدِيعُ حِكْمَتُهُ، وَ أَعْطِنِي اَلسَّعَةَ وَ اَلدَّعَةَ، وَ اَلْأَمْنَ وَ اَلصِّحَّةَ، وَ اَلْبُخُوعَ (1) وَ اَلْقُنُوعَ، وَ اَلشُّكْرَ وَ اَلْمُعَافَاةَ، وَ اَلتَّقْوَى وَ اَلصَّبْرَ، وَ اَلصِّدْقَ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ، وَ اَلْيُسْرَ وَ اَلشُّكْرَ، وَ اُعْمُمْ بِذَلِكَ يَا رَبِّ أَهْلِي وَ وُلْدِي وَ إِخْوَانِي فِيكَ، وَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَ أَحَبَّنِي، وَ وَلَدْتُ وَ وَلَدَنِي مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ اَلْمُؤْمِنِينَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ (2).

قَالَ بَعْضُ اَلرُّوَاةِ: هَذَا اَلدُّعَاءُ بِعَقِبِ اَلثَّمَانِي رَكَعَاتٍ، وَ قَبْلَ اَلْوَتْرِ.

ثُمَّ تُصَلِّي اَلْوَتْرَ اَلثَّلاَثَ رَكَعَاتٍ، فَإِذَا سَلَّمْتَ قُلْتَ وَ أَنْتَ جَالِسٌ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ تَنْفَدُ خَزَائِنُهُ، وَ لاَ يَخَافُ آمِنُهُ، رَبِّ إِنِ اِرْتَكَبْتُ اَلْمَعَاصِيَ فَذَلِكَ ثِقَةٌ بِكَرَمِكَ، أَنْتَ تَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِكَ وَ تَعْفُو عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَ تَغْفِرُ اَلزَّلَلَ، وَ إِنَّكَ مُجِيبٌ لِدَاعِيكَ، وَ مِنْهُ قَرِيبٌ، فَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ مِنَ اَلْخَطَايَا، وَ رَاغِبٌ إِلَيْكَ فِي تَوْفِيرِ حَظِّي

ص: 300


1- البخوع: التّذلّل لعظمة اللّه تعالى.
2- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 735، و المصنّف في الاقبال: 632.

مِنَ اَلْعَطَايَا، يَا خَالِقَ (1) اَلْبَرَايَا، يَا مُنْقِذِي مِنْ كُلِّ شَدِيدَةٍ، يَا مُجِيرِي مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ، وَفِّرْ عَلَيَّ اَلسُّرُورَ، وَ اِكْفِنِي شَرَّ عَوَاقِبِ اَلْأُمُورِ، فَأَنْتَ اَللَّهُ عَلَى نَعْمَائِكَ وَ جَزِيلِ عَطَائِكَ مَشْكُورٌ، وَ لِكُلِّ خَيْرٍ مَذْخُورٌ(2).

وَ يُرْوَى عَنِ اَلْهَادِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ فَيَقُولُ:

يَا نُورَ اَلنُّورِ، يَا مُدَبِّرَ اَلْأُمُورِ، يَا مُجْرِيَ اَلْبُحُورِ، يَا بَاعِثَ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ، يَا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي اَلْمَذَاهِبُ، وَ كَنْزِي حِينَ تُعْجِزُنِي اَلْمَكَاسِبُ، وَ مُونِسِي حِينَ تَجْفُونِي اَلْأَبَاعِدُ وَ تُمِلُّنِي اَلْأَقَارِبُ، وَ مُنَزِّهِي بِمُجَالَسَةِ أَوْلِيَائِهِ وَ مُرَافَقَةِ أَحِبَّائِهِ فِي رِيَاضِهِ، وَ سَاقِيَّ بِمُؤَانَسَتِهِ مِنْ نَمِيرِ حِيَاضِهِ، وَ رَافِعِي بِمُجَاوَرَتِهِ مِنْ وَرْطَةِ اَلذُّنُوبِ إِلَى رَبْوَةِ اَلتَّقْرِيبِ، وَ مُبَدِّلِي بِوَلاَيَتِهِ عِزَّةَ اَلْعَطَايَا مِنْ ذِلَّةِ اَلْخَطَايَا، أَسْأَلُكَ يَا مَوْلاَيَ بِالْفَجْرِ وَ اَللَّيَالِي اَلْعَشْرِ، وَ اَلشَّفْعِ وَ اَلْوَتْرِ، وَ اَللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ، وَ مَا جَرَى بِهِ قَلَمُ اَلْأَقْلاَمِ بِغَيْرِ كَفٍّ وَ لاَ إِبْهَامٍ، وَ بِأَسْمَائِكَ اَلْعِظَامِ، وَ بِحُجَجِكَ عَلَى سَائِرِ اَلْأَنَامِ عَلَيْهِمْ مِنْكَ أَفْضَلُ (3) اَلسَّلاَمِ، وَ بِمَا اِسْتَحْفَظْتَهُمْ مِنْ أَسْمَائِكَ اَلْكِرَامِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ وَ تَرْحَمَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا وَ مَا بَعْدَهُ مِنَ اَلشُّهُورِ وَ اَلْأَيَّامِ، وَ أَنْ تُبَلِّغَنَا شَهْرَ اَلصِّيَامِ فِي عَامِنَا هَذَا وَ فِي كُلِّ عَامٍ، يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ وَ اَلْمِنَنِ اَلْجِسَامِ، وَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ مِنَّا أَفْضَلُ اَلسَّلاَمِ (4).

وَ رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ اَلْفَارِسِيِّ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ ثَلاَثِينَ رَكْعَةً، كُلَّ رَكْعَةٍ بِ (اَلْحَمْدِ) مَرَّةً، وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِرُونَ) مَرَّةً، وَ (قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ) ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ كُلَّ ذَنْبٍ صَغِيرٍ

ص: 301


1- في نسخة «م»: يا رزّاق البرايا.
2- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 736، و المصنّف في الاقبال: 633.
3- في نسخة «م»: الصّلاة و.
4- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 736، و المصنّف في الاقبال: 633.

وَ كَبِيرٍ، وَ كَتَبَهُ مِنَ اَلْمُفْلِحِينَ إِلَى اَلسَّنَةِ اَلْمُقْبِلَةِ، وَ بَرِئَ مِنَ اَلنِّفَاقِ (1).

و من عمل أوّل يوم من رجب

زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام، و قد تقدّم شرح ذلك، و أن تصلّي فيه و في أوّل يوم من كلّ شهر ركعتين، تقرأ في أوّل كلّ ركعة (الحمد) مرة، و (قل هو اللّه أحد) لكلّ يوم إلى آخره، و في الركعة الأخرى (الحمد) و (إنّا أنزلناه) مثل ذلك(2)، و يتصدّق بما يتسّهل فإنّه يشتري سلامة الشهر كله(3).

و يستحب صوم اليوم المذكور و جميع الشهر أيضا، فإن لم يتمكّن فليسبّح اللّه تعالى في كلّ يوم من أيامه إلى تمام الثلاثين بهذا التسبيح (مائة مرة) و هو: سبحان الإله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان الأعزّ الأكرم، سبحان من لبس العزّ و هو له أهل(4).

فإنه إذا فعل ذلك أدرك ثواب صيامه.

و ينبغي أن يدعو في هذا اليوم بالدعاء الذي قدّمناه لمسجد صعصعة بن صوحان رحمه اللّه، و غير ذلك من الأدعية المشهورة [التي] أعرضنا عنها كراهية الإطالة.

ذكر الأمر بزيارة الحسين عليه السّلام في النصف من رجب،

و الإشارة إلى

ص: 302


1- رواه المصنف في الاقبال: 629.
2- في نسخة «م»: و يقرأ بعد الصلاة: بسم اللّه الرحمن الرحيم و ما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين بسم اللّه الرحمن الرحيم و إن يمسسك اللّه بضر فلا كاشف له إلا هو و إن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده و هو الغفور الرحيم بسم اللّه الرحمن الرحيم سيجعل اللّه بعد عسرا يسرا ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه حسبنا اللّه و نعم الوكيل و أفوض أمري إلى اللّه إن اللّه بصير بالعباد لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير رب لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين.
3- اورده الطوسي في مصباحه: 470 و المصنف في الاقبال: 87، و الدروع الواقية: 43.
4- اورده الصدوق في اماليه: 433، و الطوسي في مصباحه: 751، و المصنف في الاقبال: 637.

كيفيتها، و بعض العمل في تلك الأوقات.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: فِي أَيِّ شَهْرِ تَزُورُ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ؟

قَالَ: «فِي اَلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ وَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ»(1).

فأمّا كيفية زيارته عليه السّلام في هذا الوقت فينبغي أن يزار صلوات اللّه عليه بالزيارة الجامعة في أيام رجب - و سيأتي ذكرها إن شاء اللّه تعالى في الفصل التاسع عشر من هذا الكتاب - أو يزار بما تقدّم في الفصل التاسع من الزيارات المنقولة لسائر الشهور، فإنّني لم أقف على زيارة مختصة بهذا الوقت المذكور.

و أمّا العمل في يوم النصف من رجب و ليلته فسنذكر جملة تليق بهذا الموضع و قاعدته:

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «صَلِّ لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (اَلْحَمْدَ) وَ سُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ اَلصَّلاَةِ قَرَأْتَ بَعْدَ ذَلِكَ (اَلْحَمْدَ) وَ (اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ) وَ سُورَةَ (اَلْإِخْلاَصِ) وَ (آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَ تَقُولُ:

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ، وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ(1). ثُمَّ اُدْعُ بِمَا شِئْتَ»(2).

وَ رُوِيَ أَنَّهُ يَقْرَأُ عَقِيبَ اَلاِثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً (اَلْحَمْدَ) وَ (اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ) وَ سُورَةَ (اَلْإِخْلاَصِ) وَ سُورَةَ (اَلْجَحْدِ)(3) سَبْعاً سَبْعاً، وَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي اَلْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ اَلذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً (4)

ص: 303


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 182، و الطّوسيّ في مصباحه: 743، و التّهذيب 108/48:6، و المصنّف في اقبال: 657، و ابن المشهديّ في مزاره: 485.
2- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 742، و المصنّف في اقبال الاعمال: 656، باختلاف في الدّعاء، و الكفعميّ في البلد الامين: 171.
3- في نسخة «ه»: الحجر.
4- الاسراء 111:17.

ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَقْدِ عِزِّكَ عَلَى أَرْكَانِ عَرْشِكَ، وَ مُنْتَهَى اَلرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ، وَ اِسْمِكَ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَعْظَمِ، وَ ذِكْرِكَ اَلْأَعْلَى اَلْأَعْلَى اَلْأَعْلَى، وَ كَلِمَاتِكَ اَلتَّامَّاتِ كُلِّهَا، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ. وَ أَسْأَلُكَ مَا كَانَ أَوْفَى بِعَهْدِكَ، وَ أَقْضَى لِحَقِّكَ، وَ أَرْضَى لِنَفْسِكَ، وَ خَيْراً لِي فِي اَلْمَعَادِ عِنْدَكَ وَ اَلْمَعَادِ إِلَيْكَ، أَنْ تُعْطِيَنِي اَلسَّاعَةَ اَلسَّاعَةَ كَذَا وَ كَذَا. وَ تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ (1).

وَ رُوِيَ: أَنَّهُ يُصَلِّي فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ [ثَلاَثِينَ](2) رَكْعَةً بِ (اَلْحَمْدِ) وَ (قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ) أَحَدَ عَشَرَ مرات [مَرَّةً]. وَ جَاءَ فِي ذَلِكَ فَضْلٌ عَظِيمٌ يَرْوِيهِ سَلْمَانُ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (3).

و أمّا عمل يوم النصف من رجب فإنّنا نذكر منه جملة كافية في هذا الباب، و اللّه الموفق للصواب:

فمن ذلك: الغسل مندوبا على ما سنذكره إن شاء اللّه تعالى، و أن يعمل الإنسان فيه على نظام النمط المعهود من الصيام و القراءة و دعاء أمّ داود.

قال علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحسني جامع هذا الكتاب: هذه أمّ داود كانت أمّ ولد للحسن المثنى رضوان اللّه عليه، و اسمها حبيبة، و كنيتها أمّ خالد، بربرية و قيل رومية، و كانت ذات صلاح و عبادة، و سداد و زهادة، و كان ولدها داود بن الحسن المثنى ابن السبط صلوات اللّه عليه - الذي هو جدّنا - قد حبسه سلطان زمانه، فخافت أن يقتله السلطان المشار إليه، فعظم جزعها عليه، فرآها الصّادق عليه السّلام على تلك الحال، فعلّمها هذا الدعاء،

ص: 304


1- رواه الطوسي في مصباحه: 742.
2- اثبتناها من الاقبال.
3- رواه المصنف في الاقبال: 656.

فدعت به ففرّج اللّه تعالى بذلك عن ولدها، فكان خروج هذا الدعاء على يدها، و قد ذكر ذلك العمري النسّابة رحمه اللّه.

و كان (داود هذا)(1) - رضوان اللّه عليه - موصوفا بالقرب من مولانا زين العابدين صلوات اللّه عليه، فإنّ زين العابدين عليه السّلام زوّجه ابنته كلثوم، فأعقب منها، و من هناك اجتمعت لنا ولادة الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهما.

فإذا أراد الانسان القيام بشروط هذا الدعاء المذكور فليسلك فيه سبيل الخبر المأثور،

وَ هُوَ: أَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَ اَلثَّالِثَ عَشَرَ وَ اَلرَّابِعَ عَشَرَ وَ اَلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ، وَ يَجْعَلُ غُسْلَهُ عِنْدَ اَلزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ اَلنِّصْفِ، ثُمَّ يُصَلِّي اَلظُّهْرَ وَ اَلْعَصْرَ، يُحْسِنُ رُكُوعَهُنَّ وَ سُجُودَهُنَّ، وَ يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ خَالٍ مِنَ اَلشَّوَاغِلِ.

فَإِذَا فَرَغَ مِنَ اَلصَّلاَةِ اِسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ وَ قَرَأَ (اَلْحَمْدَ) مِائَةَ مَرَّةٍ، وَ سُورَةَ (اَلْإِخْلاَصِ) مِائَةَ مَرَّةٍ، وَ (آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ) عَشْرَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ سُورَةَ (اَلْأَنْعَامِ) وَ (بَنِي إِسْرَائِيلَ) وَ (اَلْكَهْفَ) وَ (لُقْمَانَ) وَ (يس) وَ (اَلصَّافَّاتِ) وَ (حم اَلسَّجْدَةَ) وَ (حم عسق) وَ (حم اَلدُّخَانَ) وَ (اَلْفَتْحَ) وَ (اَلْوَاقِعَةَ) وَ (اَلْمُلْكَ) وَ (ن) وَ (إِذَا اَلسَّمَاءُ اِنْشَقَّتْ) وَ مَا بَعْدَهَا إِلَى آخِرِ اَلْقُرْآنِ.

فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَ هُوَ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ:

صَدَقَ اَللَّهُ اَلْعَظِيمُ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ، ذُو اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ، اَلرَّحْمَنُ اَلرَّحِيمُ، اَلْحَلِيمُ اَلْكَرِيمُ، اَلَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ، اَلْبَصِيرُ اَلْخَبِيرُ شَهِدَ اَللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قٰائِماً بِالْقِسْطِ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (2) وَ بَلَّغَتْ رُسُلُهُ اَلْكِرَامُ، وَ أَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ اَلشَّاهِدَيْنِ.

اَللَّهُمَّ لَكَ اَلْحَمْدُ، وَ لَكَ اَلْمَجْدُ، وَ لَكَ اَلْعِزُّ، وَ لَكَ اَلْقَهْرُ، وَ لَكَ اَلنِّعْمَةُ، وَ لَكَ

ص: 305


1- في نسخة «م» و «ه»: هذا داود.
2- آل عمران 18:3.

اَلْعَظَمَةُ، وَ لَكَ اَلرَّحْمَةُ، وَ لَكَ اَلْمَهَابَةُ، وَ لَكَ اَلسُّلْطَانُ، وَ لَكَ اَلْبَهَاءُ، وَ لَكَ اَلاِمْتِنَانُ، وَ لَكَ اَلتَّسْبِيحُ، وَ لَكَ اَلتَّقْدِيسُ، وَ لَكَ اَلتَّهْلِيلُ، وَ لَكَ اَلتَّكْبِيرُ، وَ لَكَ مَا يُرَى، وَ لَكَ مَا لاَ يُرَى، وَ لَكَ مَا فَوْقَ اَلسَّمَاوَاتِ اَلْعُلَى، وَ لَكَ مَا تَحْتَ اَلثَّرَى، وَ لَكَ اَلْأَرَضُونَ اَلسُّفْلَى، وَ لَكَ اَلْآخِرَةُ وَ اَلْأُولَى، وَ لَكَ مَا تَرْضَى بِهِ مِنَ اَلثَّنَاءِ وَ اَلْحَمْدِ وَ اَلشُّكْرِ وَ اَلنَّعْمَاءِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَبْرَئِيلَ أَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ، وَ اَلْقَوِيِّ عَلَى أَمْرِكَ، وَ اَلْمُطَاعِ فِي سَمَاوَاتِكَ، وَ مَحَالِّ كَرَامَاتِكَ، اَلْمُتَحَمِّلِ لِكَلِمَاتِكَ، اَلنَّاصِرِ لِأَنْبِيَائِكَ، اَلْمُدَمِّرِ لِأَعْدَائِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مِيكَائِيلَ مَلَكِ رَحْمَتِكَ، وَ اَلْمَخْلُوقِ لِرَأْفَتِكَ، وَ اَلْمُسْتَغْفِرِ اَلْمُعِينِ لِأَهْلِ طَاعَتِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى إِسْرَافِيلَ حَامِلِ عَرْشِكَ، وَ صَاحِبِ اَلصُّورِ اَلْمُنْتَظِرِ لِأَمْرِكَ، اَلْوَجِلِ اَلْمُشْفِقِ مِنْ خِيفَتِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى حَمَلَةِ اَلْعَرْشِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ عَلَى اَلسَّفَرَةِ اَلْكِرَامِ اَلْبَرَرَةِ اَلطَّيِّبِينَ، وَ عَلَى مَلاَئِكَتِكَ اَلْكِرَامِ اَلْكَاتِبِينَ، وَ عَلَى مَلاَئِكَةِ اَلْجِنَانِ، وَ خَزَنَةِ اَلنِّيرَانِ، وَ مَلَكِ اَلْمَوْتِ وَ اَلْأَعْوَانِ، يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَبِينَا آدَمَ بَدِيعِ فِطْرَتِكَ، اَلَّذِي أَكْرَمْتَهُ بِسُجُودِ مَلاَئِكَتِكَ، وَ أَبَحْتَهُ جَنَّتَكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أُمِّنَا حَوَّاءَ اَلْمُطَهَّرَةِ مِنَ اَلرِّجْسِ، اَلْمُصَفَّاةِ مِنَ اَللُّبْسِ اَلدَّنِسِ، اَلْمُفَضَّلَةِ مِنَ اَلْإِنْسِ، اَلْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ مَحَالِّ اَلْقُدْسِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى هَابِيلَ وَ شَيْثٍ، وَ إِدْرِيسَ وَ هُودٍ، وَ نُوحٍ وَ صَالِحٍ، وَ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ، وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ، وَ يُوسُفَ وَ اَلْأَسْبَاطِ، وَ لُوطٍ وَ شُعَيْبٍ، وَ أَيُّوبَ وَ مُوسَى، وَ هَارُونَ وَ يُوشَعَ، وَ مِيشَا وَ اَلْخَضِرِ، وَ ذِي اَلْقَرْنَيْنِ، وَ يُونُسَ، وَ إِلْيَاسَ وَ اَلْيَسَعِ، وَ ذِي اَلْكِفْلِ وَ طَالُوتَ، وَ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ وَ زَكَرِيَّا وَ شَعْيَا، وَ يَحْيَى وَ تُورَخَ، وَ مَتَّى

ص: 306

وَ إِرْمِيَا، وَ حَيْقُوقَ وَ دَانِيَالَ، وَ عُزَيْرٍ وَ عِيسَى، وَ شَمْعُونَ وَ جِرجِيسَ، وَ اَلْحَوَارِيِّينَ وَ اَلْأَتْبَاعِ، وَ خَالِدٍ وَ حَنْظَلَةَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِرْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَ رَحِمْتَ وَ بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْأَوْصِيَاءِ وَ اَلسُّعَدَاءِ وَ اَلشُّهَدَاءِ وَ أَئِمَّةِ اَلْهُدَى، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْأَبْدَالِ وَ اَلْأَوْتَادِ، وَ اَلسُّيَّاحِ وَ اَلْعُبَّادِ، وَ اَلْمُخْلَصِينَ وَ اَلزُّهَّادِ، وَ أَهْلِ اَلْجِدِّ وَ اَلاِجْتِهَادِ، وَ اُخْصُصْ مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ، وَ أَجْزَلِ كَرَامَاتِكَ، وَ بَلِّغْ رُوحَهُ وَ جَسَدَهُ مِنِّي تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ زِدْهُ فَضْلاً وَ شَرَفاً وَ كَرَماً حَتَّى تَبْلُغَهُ أَعْلَى دَرَجَاتِ أَهْلِ اَلشَّرَفِ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ وَ اَلْأَفَاضِلِ اَلْمُقَرَّبِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى مَنْ سَمَّيْتَ وَ مَنْ لَمْ أُسَمِّ مِنْ مَلاَئِكَتِكَ وَ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ أَهْلِ طَاعَتِكَ، وَ أَوْصِلْ صَلَوَاتِي إِلَيْهِمْ وَ إِلَى أَرْوَاحِهِمْ، وَ اِجْعَلْهُمْ إِخْوَانِي فِيكَ، وَ أَعْوَانِي عَلَى دُعَائِكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَيْكَ، وَ بِكَرَمِكَ إِلَى كَرَمِكَ، وَ بِجُودِكَ إِلَى جُودِكَ، وَ بِرَحْمَتِكَ إِلَى رَحْمَتِكَ، وَ بِأَهْلِ طَاعَتِكَ إِلَيْكَ، وَ أَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ بِكُلِّ مَا سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ شَرِيفَةٍ غَيْرِ مَرْدُودَةٍ، وَ بِمَا دَعَوْكَ بِهِ مِنْ دَعْوَةٍ مُجَابَةٍ غَيْرِ مُخَيَّبَةٍ.

يَا اَللَّهُ، يَا رَحْمَنُ، يَا رَحِيمُ، يَا حَلِيمُ، يَا كَرِيمُ، يَا عَظِيمُ، يَا جَلِيلُ، يَا مُنِيلُ، يَا جَمِيلُ، يَا كَفِيلُ، يَا وَكِيلُ، يَا مُقِيلُ، يَا مُجِيرُ، يَا خَبِيرُ، يَا مُنِيرُ، يَا مُبِيرُ، يَا مَنِيعُ، يَا مُدِيلُ، يَا مُحِيلُ، يَا كَبِيرُ، يَا قَدِيرُ، يَا بَصِيرُ، يَا شَكُورُ، يَا بَرُّ، يَا طُهْرُ، يَا طَاهِرُ، يَا قَاهِرُ، يَا بَاطِنُ، يَا سَاتِرُ، يَا مُحِيطُ، يَا مُقْتَدِرُ، يَا حَفِيظُ، يَا مُتَجَبِّرُ، يَا قَرِيبُ، يَا وَدُودُ، يَا حَمِيدُ، يَا مَجِيدُ، يَا مُبْدئُ، يَا مُعِيدُ، يَا شَهِيدُ، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِلُ، يَا مُنْعِمُ، يَا مُفْضِلُ، يَا قَابِضُ، يَا بَاسِطُ، يَا هَادِي، يَا مُرْسِلُ، يَا مُرْشِدُ، يَا مُسَدِّدُ، يَا مُعْطِي، يَا مَانِعُ، يَا دَافِعُ، يَا رَافِعُ،

ص: 307

يَا بَاقِي، يَا وَاقِي، يَا خَلاَّقُ، يَا وَهَّابُ، يَا تَوَّابُ، يَا فَتَّاحُ، يَا نَفَّاحُ، يَا مُرْتَاحُ، يَا مَنْ بِيَدِهِ (1) كُلُّ مِفْتَاحٍ، يَا نَفَّاعُ، يَا رَءُوفُ، يَا عَطُوفُ، يَا كَافِي، يَا شَافِي، يَا مُعَافِي، يَا مُكَافِئُ، يَا وَفِيُّ، يَا مُهَيْمِنُ، يَا عَزِيزُ، يَا جَبَّارُ، يَا مُتَكَبِّرُ، يَا سَلاَمُ، يَا مُؤْمِنُ، يَا أَحَدُ، يَا صَمَدُ، يَا نُورُ، يَا مُدَبِّرُ، يَا فَرْدُ، يَا وَتْرُ، يَا قُدُّوسُ، يَا نَاصِرُ، يَا مُونِسُ، يَا بَاعِثُ، يَا وَارِثُ، يَا عَالِمُ، يَا حَاكِمُ، يَا بَادِئُ، يَا مُتَعَالِي، يَا مُصَوِّرُ، يَا مُسْلِمُ، يَا مُتَحَبِّبُ (2)، يَا قَائِمُ، يَا دَائِمُ، يَا عَلِيمُ، يَا حَكِيمُ، يَا جَوَادُ، يَا بَارِئُ، يَا بَارُّ، يَا سَارُّ، يَا عَدْلُ، يَا فَاضِلُ، يَا دَيَّانُ، يَا حَنَّانُ، يَا مَنَّانُ، يَا سَمِيعُ، يَا خَفِيرُ، يَا مُغَيِّرُ(3)، يَا نَاشِرُ، يَا غَافِرُ، يَا قَدِيمُ، يَا مُسَهِّلُ، يَا مُيَسِّرُ، يَا مُمِيتُ، يَا مُحْيِي، يَا نَافِعُ، يَا رَازِقُ، يَا مُقْتَدِرُ، يَا مُسَبِّبُ، يَا مُغِيثُ، يَا مُغْنِي، يَا مُقْنِي، يَا خَالِقُ، يَا وَاحِدُ(4)، يَا حَاضِرُ، يَا جَابِرُ، يَا حَافِظُ، يَا شَدِيدُ، يَا غِيَاثُ، يَا عَائِدُ، يَا قَابِضُ (5)، يَا مَنْ عَلاَ فَاسْتَعْلَى فَكَانَ بِالْمَنْظَرِ اَلْأَعْلَى، يَا مَنْ قَرُبَ فَدَنَا وَ بَعُدَ فَنَأَى وَ عَلِمَ اَلسِّرَّ وَ أَخْفَى، يَا مَنْ إِلَيْهِ اَلتَّدْبِيرُ، وَ لَهُ اَلْمَقَادِيرُ، يَا مَنِ اَلْعَسِيرُ عَلَيْهِ يَسِيرٌ، يَا مَنْ هُوَ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ.

يَا مُرْسِلَ اَلرِّيَاحِ، يَا فَالِقَ اَلْإِصْبَاحِ، يَا بَاعِثَ اَلْأَرْوَاحِ، يَا ذَا اَلْجُودِ وَ اَلسَّمَاحِ، يَا رَادَّ مَا فَاتَ، يَا نَاشِرَ اَلْأَمْوَاتِ، يَا جَامِعَ اَلشَّتَاتِ، يَا رَازِقَ مَنْ يَشَاءُ، يَا فَاعِلَ مَا يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَ يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا حَيُّ حِينَ لاَ حَيَّ، يَا حَيُّ يَا مُحْيِيَ اَلْمَوْتَى، يَا حَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ بَدِيعَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ، يَا إِلَهِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِرْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ

ص: 308


1- في نسخة «م»: عنده.
2- في نسخة «م»: يا مستجيب.
3- في نسخة «م»: يا معيّن.
4- في نسخة «م»: راصد.
5- في نسخة «ه»: يا باسط.

مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ رَحِمْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَ اِرْحَمْ ذُلِّي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي، وَ اِنْفِرَادِي وَ وَحْدَتِي، وَ خُضُوعِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ اِعْتِمَادِي عَلَيْكَ، وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ.

أَدْعُوكَ دُعَاءَ اَلْخَاضِعِ اَلذَّلِيلِ اَلْخَاشِعِ، اَلْخَائِفِ اَلْمُشْفِقِ، اَلْمُهِينِ اَلْحَقِيرِ، اَلْجَائِعِ اَلْفَقِيرِ، اَلْعَائِذِ اَلْمُسْتَجِيرِ، اَلْمُقِرِّ بِذَنْبِهِ، اَلْمُسْتَغْفِرِ مِنْهُ، اَلْمُسْتَكِينِ لِرَبِّهِ، دُعَاءَ مَنْ أَسْلَمَتْهُ نَفْسُهُ، وَ رَفَضَتْهُ أَحِبَّتُهُ، وَ عَظُمَتْ فَجِيعَتُهُ، دُعَاءَ حَرِقٍ حَزِينٍ، ضَعِيفٍ مَهِينٍ، بِائِسٍ مُسْتَكِينٍ، بِكَ مُسْتَجِيرٍ.

اَللَّهُمَّ وَ أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِيكٌ، وَ أَنَّكَ مَا تَشَاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ، وَ أَنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ، فَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْحَرَامِ، وَ بِالْبَيْتِ اَلْحَرَامِ، وَ اَلْبَلَدِ اَلْحَرَامِ، وَ اَلرُّكْنِ وَ اَلْمَقَامِ، وَ اَلْمَشَاعِرِ اَلْعِظَامِ، وَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ، يَا مَنْ وَهَبَ لآِدَمَ شَيْثَ، وَ لِإِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ، وَ يَا مَنْ رَدَّ يُوسُفَ عَلَى يَعْقُوبَ، وَ يَا مَنْ كَشَفَ بَعْدَ اَلْبَلاَءِ ضُرَّ أَيُّوبَ، وَ يَا رَادَّ مُوسَى عَلَى أُمِّهِ، وَ زَائِدَ اَلْخَضِرِ فِي عِلْمِهِ، وَ يَا مَنْ وَهَبَ لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ، وَ لِزَكَرِيَّا يَحْيَى، وَ لِمَرْيَمَ عِيسَى، يَا حَافِظَ بِنْتِ شُعَيْبٍ، وَ يَا كَافِلَ وُلْدِ مُوسَى، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي كُلَّهَا، وَ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِكَ، وَ تُوجِبَ لِي رِضْوَانَكَ وَ أَمَانَكَ، وَ إِحْسَانَكَ وَ غُفْرَانَكَ، وَ جَنَّاتِكَ.

وَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَفُكَّ عَنِّي كُلَّ حَلَقَةٍ بَيْنِي وَ بَيْنَ مَنْ يُؤْذِينِي، وَ تَفْتَحَ لِي كُلَّ بَابٍ، وَ تُلَيِّنَ لِي كُلَّ صَعْبٍ، وَ تُسَهِّلَ لِي كُلَّ عَسِيرٍ، وَ تُخْرِسَ عَنِّي كُلَّ نَاطِقٍ بِشَرٍّ، وَ تَكُفَّ عَنِّي كُلَّ بَاغٍ، وَ تَكْبِتَ عَنِّي كُلَّ عَدُوٍّ لِي وَ حَاسِدٍ، وَ تَمْنَعَ مِنِّي كُلَّ ظَالِمٍ، وَ تَكْفِيَنِي كُلَّ عَائِقٍ يَحُولُ بَيْنِي وَ بَيْنَ حَاجَتِي، وَ يُحَاوِلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَ بَيْنَ طَاعَتِكَ، وَ يُثَبِّطَنِي عَنْ عِبَادَتِكَ.

يَا مَنْ أَلْجَمَ اَلْجِنَّ اَلْمُتَمَرِّدِينَ، وَ قَهَرَ عُتَاةَ اَلشَّيَاطِينِ، وَ أَذَلَّ رِقَابَ اَلْمُتَجَبِّرِينَ،

ص: 309

وَ رَدَّ كَيْدَ اَلْمُتَسَلِّطِينَ عَنِ اَلْمُسْتَضْعَفِينَ، أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ عَلَى مَا تَشَاءُ، وَ تَسْهِيلِكَ لِمَا تَشَاءُ كَيْفَ تَشَاءُ، أَنْ تَجْعَلَ قَضَاءَ حَاجَتِي فِي مَا تَشَاءُ.

ثُمَّ اُسْجُدْ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ عَفِّرْ خَدَّيْكَ وَ قُلْ: اَللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَ بِكَ آمَنْتُ، فَارْحَمْ ذُلِّي وَ فَاقَتِي، وَ اِجْتِهَادِي وَ تَضَرُّعِي، وَ مَسْكَنَتِي وَ فَقْرِي إِلَيْكَ يَا رَبِّ.

وَ اِجْتَهِدْ أَنْ تَسُحَّ عَيْنَاكَ وَ لَوْ بِقَدْرِ رَأْسِ اَلذُّبَابَةِ دُمُوعاً، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلاَمَةُ اَلْإِجَابَةِ (1).

و من عمل اليوم المذكور ما

رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «دَخَلَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ اَلْأَنْصَارِيُّ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي يَوْمِ اَلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ وَ هُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا سَمِعَ حِسَّهُ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى خَلْفِهِ أَنْ قِفْ، قَالَ عَدِيٌّ: فَوَقَفْتُ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَمْ أَرَ أَحَداً صَلاَّهَا قَبْلَهُ وَ لاَ بَعْدَهُ، فَلَمَّا سَلَّمَ بَسَطَ يَدَهُ وَ قَالَ:

اَللَّهُمَّ يَا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ وَ مُعِزَّ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي اَلْمَذَاهِبُ، وَ أَنْتَ بَارِئُ خَلْقِي رَحْمَةً بِي وَ قَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، وَ لَوْ لاَ رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ اَلْهَالِكِينَ، وَ أَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِي، وَ لَوْ لاَ نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ اَلْمَفْضُوحِينَ.

يَا مُرْسِلَ اَلرَّحْمَةِ مِنْ مَعَادِنِهَا، وَ مُنْشِئَ اَلْبَرَكَةِ مِنْ مَوَاضِعِهَا، يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالشُّمُّوخِ وَ اَلرِّفْعَةِ، فَأَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَتَعَزَّزُونَ، يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ اَلْمُلُوكُ نِيرَ اَلْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهَا، فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ. أَسْأَلُكَ بِكَيْنُونِيَّتِكَ اَلَّتِي اِشْتَقَقْتَهَا مِنْ كِبْرِيَائِكَ، وَ أَسْأَلُكَ بِكِبْرِيَائِكَ اَلَّتِي اِشْتَقَقْتَهَا مِنْ عِزَّتِكَ، وَ أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ اَلَّتِي اِسْتَوَيْتَ بِهَا عَلَى عَرْشِكَ، فَخَلَقْتَ بِهَا جَمِيعَ خَلْقِكَ فَهُمْ لَكَ مُذْعِنُونَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ».

قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْ ءٍ خَفِيَ عَنِّي ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا عَدِيُّ أَ سَمِعْتَ؟».

ص: 310


1- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 743، و المصنّف في الاقبال: 658، و الكفعميّ في البلد الأمين: 180.

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: «أَ حَفِظْتَ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: «وَيْحَكَ، اِحْفَظْهُ وَ أَعْرِبْهُ، فَوَ اَلَّذِي فَلَقَ اَلْحَبَّةَ وَ نَصَبَ اَلْكَعْبَةَ وَ بَرَأَ اَلنَّسَمَةَ، مَا هُوَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اَلْأَرْضِ، وَ لاَ دَعَا بِهِ مَكْرُوبٌ إِلاَّ نَفَّسَ اَللَّهُ كُرْبَتَهُ»(1).

ص: 311


1- رواه المصنف في الاقبال: 657.

ذكر فضل زيارة ليلة النصف من شعبان،

و الإشارة إلى صفتها و بعض العمل في تلك الليلة

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُصَافِحَهُ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ، وَ عِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ، فَلْيَزُرِ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّ أَرْوَاحَ اَلنَّبِيِّينَ تَسْتَأْذِنُ اَللَّهَ فِي زِيَارَتِهِ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ»(1).

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ نَادَى مُنَادٍ مِنَ اَلْأُفُقِ اَلْأَعْلَى: زَائِرِي اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اِرْجِعُوا مَغْفُوراً لَكُمْ، ثَوَابُكُمْ عَلَى رَبِّكُمْ وَ مُحَمَّدٌ نَبِيُّكُمْ»(2).

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ كَتَبَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ أَلْفَ حَجَّةٍ»(3).

و أمّا الزيارة في هذه الليلة فقد روي: أنّه يزار فيها بالزيارة التي قدّمناها في أول رجب، فتؤخذ من هناك.

و أمّا عمل هذه الليلة فهو كثير، و هي من الليالي الأربع التي يستحب إحياؤها، و نحن نذكر من عملها جملة كافية إن شاء اللّه تعالى.

أفضل الأعمال في هذه الليلة زيارة أبي عبد اللّه عليه السّلام، و قد قدّمنا الإشارة إليها،

وَ يُرْوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ أَنَّهُمَا قَالاَ: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ اَلْحَمْدَ (مَرَّةً)

ص: 312


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 179، و المفيد في مزاره: 1/50، و الطّوسيّ في مصباحه: 761، و التّهذيب 109/48:6، و المصنّف في الإقبال: 710، و ابن المشهديّ في مزاره: 573، و فيها باختلاف يسير.
2- رواه الكلينيّ في الكافي 9/589:4، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 179، و المفيد في مزاره: 2/51، و الطّوسيّ في مصباحه: 761، و التّهذيب 110/49:6.
3- نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 35/100:101.

وَ قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ (مِائَةَ مَرَّةٍ) فَإِذَا فَرَغْتَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ، وَ مِنْ عَذَابِكَ خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ، اَللَّهُمَّ لاَ تُبَدِّلِ اِسْمِي، وَ لاَ تُغَيِّرْ جِسْمِي، وَ لاَ تُجْهِدْ بَلاَئِي، وَ لاَ تُشْمِتْ بِي أَعْدَائِي، أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقَابِكَ، وَ أَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذَابِكَ، وَ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ، كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَ فَوْقَ مَا يَقُولُ اَلْقَائِلُونَ»(1).

وَ يُرْوَى عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي فَضْلِ هَذِهِ اَللَّيْلَةِ أَسْبَابٌ جَمِيلَةٌ جَلِيلَةٌ:

أَنَّ مَنْ سَبَّحَ اَللَّهَ تَعَالَى فِيهَا مِائَةَ مَرَّةٍ، وَ حَمِدَهُ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَ كَبَّرَهُ مِائَةَ مَرَّةٍ، غَفَرَ لَهُ مَا سَلَفَ مِنْ مَعَاصِيهِ، وَ قَضَى لَهُ حَوَائِجَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ مَا اِلْتَمَسَهُ، وَ مَا عَلِمَ حَاجَتَهُ إِلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ يَلْتَمِسْهُ، مِنَّةً وَ تَفَضُّلاً عَلَى عِبَادِهِ.

قَالَ أَبُو يَحْيَى: فَقُلْتُ لِسَيِّدِنَا اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: وَ أَيُّ شَيْ ءٍ أَفْضَلُ اَلْأَدْعِيَةِ؟

فَقَالَ: «إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ عِشَاءَ اَلْآخِرَةِ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى اَلْحَمْدَ وَ سُورَةَ اَلْجَحْدِ، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدَ وَ سُورَةَ اَلتَّوْحِيدِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ قُلْتَ: سُبْحَانَ اَللَّهِ (ثَلاَثاً وَ ثَلاَثِينَ مَرَّةً)، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ، وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ مَرَّةً، ثُمَّ قُلْ: يَا مَنْ إِلَيْهِ مَلْجَأُ اَلْعِبَادِ فِي اَلْمُهِمَّاتِ، وَ إِلَيْهِ يَفْزَعُ اَلْخَلْقُ فِي اَلْمُلِمَّاتِ، يَا عَالِمَ اَلْجَهْرِ وَ اَلْخَفِيَّاتِ، يَا مَنْ لاَ تَخْفَى عَلَيْهِ خَوَاطِرُ اَلْأَوْهَامِ وَ تَصَرُّفُ اَلْخَطَرَاتِ، يَا رَبَّ اَلْخَلاَئِقِ وَ اَلْبَرِيَّاتِ، يَا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ اَلْأَرَضِينَ وَ اَلسَّمَوَاتِ، أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَمُتُّ إِلَيْكَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، فَبِلاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ اِجْعَلْنِي فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ، وَ سَمِعْتَ دُعَاءَهُ فَأَجَبْتَهُ، وَ عَلِمْتَ اِسْتِقَالَتَهُ فَأَقَلْتَهُ، وَ تَجَاوَزْتَ عَنْ سَالِفِ خَطِيئَتِهِ،

ص: 313


1- رواه الكلينيّ في الكافي 7/469:3، و الطّوسيّ في مصباحه: 762، و التّهذيب 419/185:3، و المصنّف في الاقبال: 695، و ابن المشهديّ في مزاره: 573.

وَ عَظِيمِ جَرِيرَتِهِ، فَقَدِ اِسْتَجَرْتُ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِي، وَ لَجَأْتُ إِلَيْكَ فِي سَتْرِ عُيُوبِي.

اَللَّهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَ فَضْلِكَ، وَ اُحْطُطْ عَنِّي خَطَايَايَ بِحِلْمِكَ وَ عَفْوِكَ، وَ تَغَمَّدْنِي فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ بِسَابِغِ كَرَمِكَ، وَ اِجْعَلْنِي فِيهَا مِنْ أَوْلِيَائِكَ اَلَّذِينَ اِجْتَبَيْتَهُمْ بِطَاعَتِكَ، وَ اِخْتَرْتَهُمْ لِعِبَادَتِكَ، وَ جَعَلْتَهُمْ خَالِصَتَكَ وَ صَفْوَتَكَ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ سَعِدَ جَدُّهُ، وَ تَوَفَّرَ مِنَ اَلْخَيْرَاتِ حَظُّهُ، وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ، وَ فَازَ فَغَنِمَ، وَ اِكْفِنِي شَرَّ مَا اِسْتَقَلَّتْ، وَ اِعْصِمْنِي مِنَ اَلاِزْدِيَادِ فِي مَعْصِيَتِكَ، وَ حَبِّبْ إِلَيَّ طَاعَتَكَ، وَ مَا يُقَرِّبُنِي مِنْكَ وَ يُزْلِفُنِي عِنْدَكَ.

سَيِّدِي، إِلَيْكَ يَلْجَأُ اَلْهَارِبُ، وَ مِنْكَ يَلْتَمِسُ اَلطَّالِبُ، وَ عَلَى كَرَمِكَ يَعُولُ اَلْمُسْتَقِيلُ اَلتَّائِبُ، أَدَّبْتَ عِبَادَكَ بِالْكَرَمِ وَ أَنْتَ أَكْرَمُ اَلْأَكْرَمِينَ، وَ أَمَرْتَ بِالْعَفْوِ عِبَادَكَ وَ أَنْتَ اَلْغَفُورُ(1) اَلرَّحِيمُ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنِي مَا رَجَوْتُ (2) مِنْ كَرَمِكَ، وَ لاَ تُؤْيِسْنِي مِنْ سَابِغِ نِعْمَتِكَ، وَ لاَ تُخَيِّبْنِي مِنْ جَزِيلِ قَسْمِكَ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ لِأَهْلِ طَاعَتِكَ، وَ اِجْعَلْنِي فِي جُنَّةٍ مِنْ شِرَارِ بَرِيَّتِكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ اَلْكَرَمِ وَ اَلْعَفْوِ وَ اَلْمَغْفِرَةِ، [وَ] جُدْ عَلَيَّ بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ لاَ بِمَا أَسْتَحِقُّهُ، فَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِكَ، وَ تَحَقَّقَ رَجَائِي لَكَ، وَ عَلِقَتْ نَفْسِي بِكَرَمِكَ، وَ أَنْتَ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ وَ أَكْرَمُ اَلْأَكْرَمِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ اُخْصُصْنِي مِنْ كَرَمِكَ بِجَزِيلِ قَسْمِكَ، وَ أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَ اِغْفِرْ لِيَ اَلذَّنْبَ اَلَّذِي يَحْبِسُ عَلَيَّ اَلْخَلْقَ، وَ يُضَيِّقُ عَلَيَّ اَلرِّزْقَ، حَتَّى أَقُومَ بِصَالِحِ رِضَاكَ، وَ أَنْعَمَ بِجَزِيلِ عَطَائِكَ، وَ أَسْعَدَ بِسَابِغِ نَعْمَائِكَ، فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ،

ص: 314


1- في نسخة «م»: الرؤوف.
2- في نسخة «ه» و «ع»: ما حويت. و الكلمة لا تتفق مع السّياق، و اثبتنا ما في مصباح المتهجّد لأنّه اقرب الى الصّواب.

وَ تَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ، وَ اِسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَ بِحِلْمِكَ مِنْ غَضَبِكَ، فَجُدْ بِمَا سَأَلْتُكَ، وَ أَنِلْ مَا اِلْتَمَسْتُ مِنْكَ. أَسْأَلُكَ، لاَ شَيْ ءَ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ عِشْرِينَ مَرَّةً يَا رَبِّ يَا اَللَّهُ (سَبْعَ مَرَّاتٍ)، لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (سَبْعَ مَرَّاتٍ) مَا شَاءَ اَللَّهُ (عَشْرَ مَرَّاتٍ) لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، ثُمَّ تُصَلِّي عَلَى اَلنَّبِيِّ وَ آلِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ سَلْ حَاجَتَكَ، فَوَ اَللَّهِ لَوْ سَأَلْتَ بِهَا بِعَدَدِ اَلْقَطْرِ لَبَلَّغَكَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِيَّاهَا بِكَرَمِهِ وَ فَضْلِهِ.

وَ تَقُولُ: إِلَهِي تَعَرَّضَ لَكَ فِي هَذَا اَللَّيْلِ اَلْمُتَعَرِّضُونَ، وَ قَصَدَكَ اَلْقَاصِدُونَ، وَ أَمَّلَ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ اَلطَّالِبُونَ، وَ لَكَ فِي هَذَا اَللَّيْلِ نَفَحَاتٌ وَ جَوَائِزُ، وَ عَطَايَا وَ مَوَاهِبُ، تَمُنُّ بِهَا عَلَى مَنْ تَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ، وَ تَمْنَعُهَا مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ اَلْعِنَايَةُ مِنْكَ، وَ هَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ اَلْفَقِيرُ إِلَيْكَ، اَلْمُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ، فَإِنْ كُنْتَ يَا مَوْلاَيَ تَفَضَّلْتَ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَ عُدْتَ عَلَيْهِ بِعَائِدَةٍ مِنْ عَطْفِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ اَلْخَيِّرِينَ اَلْفَاضِلِينَ، وَ جُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ وَ مَعْرُوفِكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً، إِنَّ اَللَّهَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَمَا أَمَرْتَنِي، فَاسْتَجِبْ لِي كَمَا وَعَدْتَنِي، إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ(1).

و في هذه الليلة ولد مولانا صاحب الأمر صلوات اللّه عليه،

وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ اَلْإِنْسَانُ فِيهَا فَيَقُولُ:

اَللَّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنَا وَ مَوْلُودِهَا، وَ حُجَّتِكَ وَ مَوْعُودِهَا، اَلَّتِي قَرَنْتَ إِلَى فَضْلِهَا فَضْلاً، فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً، لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ، وَ لاَ مُعَقِّبَ لِآيَاتِكَ، نُورُكَ

ص: 315


1- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 762، و المصنّف في الاقبال: 695، و ابن المشهديّ في مزاره: 575.

اَلْمُتَأَلِّقُ، وَ ضِيَاؤُكَ اَلْمُشْرِقُ، وَ اَلْعَلَمُ اَلنَّيِّرُ فِي طخناء [طَخْيَاءِ](1) اَلدَّيْجُورِ، اَلْغَائِبُ اَلْمَسْتُورُ، جَلَّ مَوْلِدُهُ، وَ كَرُمَ مَحْتِدُهُ، وَ اَلْمَلاَئِكَةُ شُهَّدُهُ، وَ اَللَّهُ نَاصِرُهُ وَ مُؤَيِّدُهُ، إِذَا آنَ مِيعَادُهُ فَالْمَلاَئِكَةُ أَمْدَادُهُ، سَيْفُ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ يَنْبُو، وَ نُورُهُ اَلَّذِي لاَ يَخْبُو، وَ ذُو اَلْحِلْمِ اَلَّذِي لاَ يَصْبُو، مَدَارُ اَلدَّهْرِ، وَ نَوَامِيسُ اَلْعَصْرِ، وَ وُلاَةُ اَلْأَمْرِ، وَ اَلْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ مَا يَنْزِلُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ، وَ أَصْحَابُ اَلْحَشْرِ وَ اَلنَّشْرِ، تَرَاجِمَةُ وَحْيِهِ، وَ وُلاَةُ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ.

اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى خَاتَمِهِمْ وَ قَائِمِهِمْ، اَلْمَسْتُورِ عَنْ عَوَالِمِهِمْ، وَ أَدْرِكْ بِنَا أَيَّامَهُ، وَ ظُهُورَهُ وَ قِيَامَهُ، وَ اِجْعَلْنَا مِنْ أَنْصَارِهِ، وَ اُقْرُنْ ثَارَنَا بِثَارِهِ، وَ اُكْتُبْنَا فِي أَعْوَانِهِ وَ خُلَصَائِهِ، وَ أَحْيِنَا فِي دَوْلَتِهِ نَاعِمِينَ، وَ بِصُحْبَتِهِ غَانِمِينَ، وَ بِحَقِّهِ قَائِمِينَ، وَ مِنَ اَلسُّوءِ سَالِمِينَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلصَّادِقِينَ، وَ عِتْرَتِهِ اَلنَّاطِقِينَ، وَ اِلْعَنْ جَمِيعَ اَلظَّالِمِينَ، وَ اُحْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ يَا أَحْكَمَ اَلْحَاكِمِينَ»(2).

وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ اَلْفَضْلِ اَلْهَاشِمِيُّ قَالَ: عَلَّمَنِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ دُعَاءً أَدْعُو بِهِ لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ:

اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ، اَلْحَلِيمُ (3) اَلْعَظِيمُ، اَلْخَالِقُ اَلرَّازِقُ، اَلْمُحْيِي اَلْمُمِيتُ، اَلْبَدِيءُ اَلْبَدِيعُ، لَكَ اَلْجَلاَلُ، وَ لَكَ اَلْفَضْلُ، وَ لَكَ اَلْحَمْدُ، وَ لَكَ اَلْمَنُّ، وَ لَكَ اَلْجُودُ، وَ لَكَ اَلْكَرَمُ، وَ لَكَ اَلْأَمْرُ، وَ لَكَ اَلْمَجْدُ، وَ لَكَ اَلشُّكْرُ، وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ(4)يَا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ

ص: 316


1- تطخطخ اللّيل: أظلم و تراكم، يكون بغيم و بغير غيم لسان العرب 38:3.
2- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 773، و المصنّف في الاقبال: 705، و ابن المشهديّ في مزاره: 583.
3- في نسخة «م»: الحكيم.
4- في نسخة «ه»: يا فردّ.

لِي وَ اِرْحَمْنِي، وَ اِكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي، وَ اِقْضِ دَيْنِي، وَ وَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي، فَإِنَّكَ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ كُلَّ أَمْرٍ حَكِيمٍ تَفْرُقُ، وَ مَنْ تَشَاءُ مِنْ خَلْقِكَ تَرْزُقُ، وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلرَّازِقِينَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْقَائِلِينَ اَلنَّاطِقِينَ وَ سْئَلُوا اَللّٰهَ مِنْ فَضْلِهِ (1) فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْأَلُ، وَ إِيَّاكَ قَصَدْتُ، وَ اِبْنَ نَبِيِّكَ اِعْتَمَدْتُ، وَ لَكَ رَجَوْتُ، فَارْحَمْنِي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ»(2).

وَ رُوِيَ عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ: أَنَّهُ رَأَى أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَدْعُو لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَ هُوَ سَاجِدٌ:

«اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ اَلَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَ بِقُوَّتِكَ اَلَّتِي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ ءٍ، وَ خَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ، وَ ذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ، وَ بِجَبَرُوتِكَ اَلَّتِي غَلَبْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ ءٍ، وَ بِعِزَّتِكَ اَلَّتِي لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْ ءٌ، وَ بِعَظَمَتِكَ اَلَّتِي مَلَأَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَ بِسُلْطَانِكَ اَلَّذِي عَلاَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ بِوَجْهِكَ اَلْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ بِأَسْمَائِكَ اَلَّتِي عَلَتْ (3)أَرْكَانَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ بِعِلْمِكَ اَلَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، وَ بِنُورِ وَجْهِكَ اَلَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْ ءٍ، يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ، يَا أَوَّلَ اَلْأَوَّلِينَ، وَ يَا آخِرَ اَلْآخِرِينَ.

اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تَهْتِكُ اَلْعِصَمَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تُنْزِلُ اَلنِّقَمَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تُغَيِّرُ اَلنِّعَمَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تَحْبِسُ اَلدُّعَاءَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تُنْزِلُ اَلْبَلاَءَ (اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تَقْطَعُ اَلرَّجَاءَ)(4) اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَ كُلَّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُهَا.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذِكْرِكَ، وَ أَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى نَفْسِكَ، وَ أَسْأَلُكَ بِجُودِكَ (5)

ص: 317


1- النّساء 32:4.
2- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 774، و المصنّف في الاقبال: 698، و ابن المشهديّ في مزاره: 585.
3- غلبت: خ.
4- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».
5- في نسخة «م» زيادة: و كرمك.

أَنْ تُدْنِيَنِي مِنْ قُرْبِكَ، وَ أَنْ تُوزِعَنِي شُكْرَكَ، وَ أَنْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ خَاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خَاشِعٍ، أَنْ تُسَامِحَنِي وَ تَرْحَمَنِي، وَ أَنْ تَجْعَلَنِي بِقَسْمِكَ رَاضِياً قَانِعاً، وَ فِي جَمِيعِ اَلْأَحْوَالِ مُتَوَاضِعاً.

اَللَّهُمَّ وَ أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ اِشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ، وَ أَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ اَلشَّدَائِدِ حَاجَتَهُ، وَ عَظُمَ فِي مَا عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ.

اَللَّهُمَّ عَظُمَ سُلْطَانُكَ، وَ عَلاَ مَكَانُكَ، وَ خَفِيَ مَكْرُكَ، وَ ظَهَرَ أَمْرُكَ، وَ غَلَبَ قَهْرُكَ (1)، وَ جَرَتْ قُدْرَتُكَ، وَ لاَ يُمْكِنُ اَلْفِرَارُ مِنْ حُكُومَتِكَ.

اَللَّهُمَّ لاَ أَجِدُ لِذُنُوبِي غَافِراً، وَ لاَ لِقَبَائِحِي سَاتِراً، وَ لاَ لِشَيْ ءٍ مِنْ عَمَلِ اَلْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلاً غَيْرَكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَ تَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي، وَ سَكَنْتُ إِلَى قَدِيمِ ذِكْرِكَ (2) لِي، وَ مَنِّكَ عَلَيَّ.

اَللَّهُمَّ مَوْلاَيَ كَمْ مِنْ قَبِيحٍ سَتَرْتَهُ، وَ كَمْ مِنْ فَادِحٍ مِنَ اَلْبَلاَءِ أَقَلْتَهُ، وَ كَمْ مِنْ عِثَارٍ وَقَيْتَهُ، وَ كَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ، وَ كَمْ مِنْ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ لَسْتُ أَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ.

اَللَّهُمَّ عَظُمَ بَلاَئِي، وَ أَفْرَطَ بِي سُوءُ حَالِي، وَ قَصُرَتْ بِي أَعْمَالِي، وَ قَعَدَتْ بِي أَغْلاَلِي، وَ حَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بَعْدُ(3) أَمَلِي، وَ خَدَعَتْنِي اَلدُّنْيَا بِغُرُورِهَا، وَ نَفْسِي بِجِنَايَتِهَا(4) وَ مِطَالِي يَا سَيِّدِي فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لاَ يَحْجُبَ عَنْكَ دُعَائِي سُوءُ عَمَلِي وَ فَعَالِي، وَ لاَ تَفْضَحْنِي بِخَفِيِّ مَا اِطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي، وَ لاَ تُعَاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَا عَمِلْتُهُ (5) فِي خَلَوَاتِي مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَ إِسَاءَتِي، وَ دَوَامِ تَفْرِيطِي وَ جَهَالَتِي، وَ كَثْرَةِ

ص: 318


1- جندك: خ ل.
2- برّك: خ ل.
3- فقد امالي: خ ل.
4- في نسخة «م»: بخيانتها.
5- علمت: خ ل.

شَهَوَاتِي وَ غَفْلَتِي. وَ كُنِ اَللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي (فِي كُلِّ اَلْأَحْوَالِ)(1) رَءُوفاً، وَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ اَلْأُمُورِ عَطُوفاً.

إِلَهِي وَ رَبِّي مَنْ لِي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي، وَ اَلنَّظَرَ فِي أَمْرِي.

إِلَهِي وَ مَوْلاَيَ أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اِتَّبَعْتُ فِيهِ هَوَى نَفْسِي، وَ لَمْ أَحْتَرِسْ مِنْ تَزْيِينِ عَدُوِّي، فَغَرَّنِي بِمَا أَهْوَى، وَ أَسْعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ اَلْقَضَاءُ، فَتَجَاوَزْتُ بِمَا جَرَى عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ (2) حُدُودِكَ، وَ خَالَفْتُ بَعْضَ أَوَامِرِكَ، فَلَكَ اَلْحَمْدُ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَ لاَ حُجَّةَ لِي فِيمَا جَرَى عَلَيَّ فِيهِ (3) قَضَاؤُكَ، وَ أَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَ بَلاَؤُكَ.

وَ قَدْ أَتَيْتُكَ يَا إِلَهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي، مُعْتَذِراً نَادِماً مُنْكَسِراً، مُسْتَقِيلاً مُسْتَغْفِراً مُنِيباً، مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً، لاَ أَجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كَانَ مِنِّي، وَ لاَ مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِي، غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرِي، وَ إِدْخَالِكَ إِيَّايَ فِي سَعَةِ رَحْمَتِكَ.

إِلَهِي(4) فَاقْبَلْ عُذْرِي، وَ اِرْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي، وَ فُكَّنِي مِنْ شَدِّ وَثَاقِي. يَا رَبِّ اِرْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي، وَ رِقَّةَ جِلْدِي، وَ دِقَّةَ عَظْمِي، يَا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَ ذِكْرِي وَ تَرْبِيَتِي وَ بِرِّيِ وَ تَغْذِيَتِي، هَبْنِي لاِبْتِدَاءِ كَرَمِكَ، وَ سَالِفِ بِرِّكَ بِي.

يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ رَبِّي، أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي بِنَارِكَ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ، وَ بَعْدَ مَا اِنْطَوَى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ، وَ لَهِجَ بِهِ لِسَانِي مِنْ ذِكْرِكَ، وَ اِعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ، وَ بَعْدَ صِدْقِ اِعْتِرَافِي وَ دُعَائِي خَاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، هَيْهَاتَ أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُضَيِّعَ

ص: 319


1- في الاحوال كلّها: خ ل.
2- في نسخة «م»: نقض.
3- في جميع ذلك: خ ل.
4- في نسخة «ع» اللّهمّ.

مَنْ رَبَّيْتَهُ، أَوْ تُبَعِّدَ مَنْ أَدْنَيْتَهُ، أَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ، أَوْ تُسَلِّمَ إِلَى اَلْبَلاَءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَ رَحِمْتَهُ.

وَ لَيْتَ شَعْرِي يَا سَيِّدِي وَ إِلَهِي وَ مَوْلاَيَ، أَ تُسَلِّطُ اَلنَّارَ عَلَى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ سَاجِدَةً، وَ عَلَى أَلْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ صَادِقَةً، وَ بِشُكْرِكَ مَادِحَةً، وَ عَلَى قُلُوبٍ اِعْتَرَفَتْ بِإِلَهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً، وَ عَلَى ضَمَائِرَ حَوَتْ مِنَ اَلْعِلْمِ بِكَ حَتَّى صَارَتْ خَاشِعَةً، وَ عَلَى جَوَارِحَ سَعَتْ إِلَى أَوْطَانِ تَعَبُّدِكَ (1) طَائِعَةً، وَ أَشَارَتْ بِاسْتِغْفَارِكَ مُذْعِنَةً مَا هَكَذَا اَلظَّنُّ بِكَ، وَ لاَ أُخْبِرْنَا بِفَضْلِكَ عَنْكَ، يَا كَرِيمُ، يَا رَبِّ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلاَءِ اَلدُّنْيَا وَ عُقُوبَاتِهَا، وَ مَا يَجْرِي فِيهَا مِنَ اَلْمَكَارِهِ عَلَى أَهْلِهَا، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَلاَءٌ وَ مَكْرُوهٌ قَلِيلٌ مَكْثُهُ، يَسِيرُ بَقَاؤُهُ، قَصِيرٌ مُدَّتُهُ، فَكَيْفَ اِحْتِمَالِي لِبَلاَءِ اَلْآخِرَةِ، وَ جَلِيلِ (2) وُقُوعِ اَلْمَكَارِهِ فِيهَا، وَ هُوَ بَلاَءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَ يَدُومُ مَقَامُهُ، وَ لاَ يُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِهِ، لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَنْ غَضَبِكَ وَ اِنْتِقَامِكَ وَ سَخَطِكَ، وَ هَذَا مَا لاَ تَقُومُ لَهُ اَلسَّمَوَاتُ وَ اَلْأَرْضُ، يَا سَيِّدِي فَكَيْفَ بِي وَ أَنَا عَبْدُكَ اَلضَّعِيفُ، اَلذَّلِيلُ اَلْحَقِيرُ، اَلْمِسْكِينُ اَلْمُسْتَكِينُ.

يَا إِلَهِي وَ رَبِّي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ، لِأَيِّ اَلْأُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو، وَ لِمَا مِنْهَا أَضِجُّ وَ أَبْكِي، لِأَلِيمِ اَلْعَذَابِ وَ شِدَّتِهِ، أَمْ لِطُولِ اَلْبَلاَءِ وَ مُدَّتِهِ، فَلَئِنْ صَيَّرَتْنِي اَلْعُقُوبَاتُ مَعَ أَعْدَائِكَ، وَ جَمَعْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَهْلِ بَلاَئِكَ، وَ فَرَّقْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ، فَهَبْنِي - يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ وَ رَبِّي - صَبَرْتُ عَلَى عَذَابِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكَ؟! وَ هَبْنِي - يَا إِلَهِي - صَبَرْتُ عَلَى حَرِّ نَارِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ اَلنَّظَرِ إِلَى كَرَامَتِكَ؟ أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي اَلنَّارِ وَ رَجَائِي عَفْوُكَ؟!

ص: 320


1- توحيدك: خ ل.
2- في نسخة «ه» و «ع»: و حلول.

فَبِعِزَّتِكَ - يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ - أُقْسِمُ صَادِقاً، لَئِنْ تَرَكْتَنِي نَاطِقاً لَأَضِجَّنَّ إِلَيْكَ مِنْ بَيْنَ أَهْلِهَا ضَجِيجَ اَلْآمِلِينَ، وَ لَأَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُرَاخَ اَلْمُسْتَصْرِخِينَ، وَ لَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكَاءَ اَلْفَاقِدِينَ، وَ لَأُنَادِيَنَّكَ أَيْنَ كُنْتَ يَا وَلِيَّ اَلْمُؤْمِنِينَ، يَا غَايَةَ آمَالِ اَلْعَارِفِينَ، يَا غِيَاثَ اَلْمُسْتَغِيثِينَ، يَا حَبِيبَ قُلُوبِ اَلصَّادِقِينَ، وَ يَا إِلَهَ اَلْعَالَمِينَ.

أَ فَتُرَاكَ - سُبْحَانَكَ يَا إِلَهِي وَ بِحَمْدِكَ - تَسْمَعُ فِيهَا صَوْتَ عَبْدِ مُسْلِمٍ سُجِنَ فِيهَا بِمُخَالَفَتِهِ، وَ ذَاقَ طَعْمَ عَذَابِهَا بِمَعْصِيَتِهِ، وَ حُبِسَ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا بِجُرْمِهِ وَ جَرِيرَتِهِ، وَ هُوَ يَضِجُّ إِلَيْكَ ضَجِيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ، وَ يُنَادِيكَ بِلِسَانِ أَهْلِ تَوْحِيدِكَ، وَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ، يَا مَوْلاَيَ فَكَيْفَ يَبْقَى فِي اَلْعَذَابِ وَ هُوَ يَرْجُو مَا سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ؟

أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ اَلنَّارُ وَ هُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَ رَحْمَتَكَ؟

أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهِيبُهَا(1) وَ أَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ تَرَى مَكَانَهُ؟

أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفِيرُهَا وَ أَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ؟

أَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ (2) بَيْنَ أَطْبَاقِهَا وَ أَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ؟

أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبَانِيَتُهَا وَ هُوَ يُنَادِيكَ يَا رَبَّهُ؟

أَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْهَا فَتَتْرُكُهُ فِيهَا(3)؟

هَيْهَاتَ مَا ذَلِكَ اَلظَّنُّ بِكَ، وَ لاَ اَلْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ، وَ لاَ مُشْبِهٌ لِمَا عَامَلْتَ بِهِ اَلْمُوَحِّدِينَ مِنْ بِرِّكَ وَ إِحْسَانِكَ.

فَبِالْيَقِينَ أَقْطَعُ لَوْ لاَ مَا حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذِيبِ جَاحِدِيكَ، وَ قَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلاَدِ مُعَانِدِيكَ، لَجَعَلْتَ اَلنَّارَ كُلَّهَا بُرْداً وَ سَلاَماً، وَ مَا كَانَ (4) لِأَحَدٍ فِيهَا مَقَرّاً

ص: 321


1- في هامش نسخة «م»: لهبها.
2- في هامش نسخة «م»: يتغلغل.
3- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».
4- في هامش نسخة «م»: كنت تجعل.

وَ لاَ مُقَاماً، لَكِنَّكَ - تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ - أَقْسَمْتَ أَنْ تَمْلَأَهَا مِنَ اَلْكَافِرِينَ، مِنَ اَلْجِنَّةِ وَ اَلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَ أَنْ تُخَلِّدَ فِيهَا اَلْمُعَانِدِينَ، وَ أَنْتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً وَ تَطَوَّلْتَ بِالْإِنْعَامِ مُتَكَرِّماً أَ فَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لاٰ يَسْتَوُونَ (1).

إِلَهِي وَ سَيِّدِي فَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ اَلَّتِي قَدَّرْتَهَا، وَ بِالْقَضِيَّةِ اَلَّتِي حَتَمْتَهَا وَ حَكَمْتَهَا، وَ غَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَهَا، أَنْ تَهَبَ لِي فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ، وَ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ، وَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَ كُلَّ قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ، وَ كُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ، أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ، وَ كُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرْتَ بِإِثْبَاتِهَا اَلْكِرَامَ اَلْكَاتِبِينَ، اَلَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ مَا يَكُونُ مِنِّي، وَ جَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوَارِحِي، وَ كُنْتَ أَنْتَ اَلرَّقِيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَ اَلشَّاهِدَ لِمَا خَفِيَ عَنْهُمْ، وَ بِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ، وَ بِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ (2). وَ أَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ (3)، أَوْ إِحْسَانٍ فَضَّلْتَهُ (4)، أَوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ (5)أَوْ رِزْقٍ بَسَطْتَهُ (6)، أَوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ، أَوْ خَطَإٍ تَسْتُرُهُ.

يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ وَ مَالِكَ رِقِّي، يَا مَنْ بِيَدِهِ نَاصِيَتِي، يَا عَلِيماً بِضُرِّي(7) وَ مَسْكَنَتِي، يَا خَبِيراً بِفَقْرِي وَ فَاقَتِي، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَ قُدْسِكَ وَ أَعْظَمِ صِفَاتِكَ وَ أَسْمَائِكَ، أَنْ تَجْعَلَ أَوْقَاتِي بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَ بِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، وَ أَعْمَالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتَّى تَكُونَ أَعْمَالِي

ص: 322


1- السّجدة 18:32.
2- في نسخة «ع»: اسررته.
3- في هامش نسخة «م»: تنزله.
4- في هامش نسخة «م»: تفضّله.
5- في هامش نسخة «م»: تنشره.
6- في هامش نسخة «م»: تبسطه.
7- في هامش نسخة «م»: بفقري.

وَ إِرَادَتِي(1) كُلُّهَا وِرْداً وَاحِداً، وَ حَالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً.

يَا سَيِّدِي يَا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي، يَا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوَالِي، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، قَوِّ عَلَى خِدْمَتِكَ جَوَارِحِي، وَ اُشْدُدْ عَلَى اَلْعَزِيمَةِ جَوَانِحِي، وَ هَبْ لِيَ اَلْجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ، وَ اَلدَّوَامَ فِي اَلاِتِّصَالِ بِخِدْمَتِكَ، حَتَّى أَسْرَحَ فِي مَيَادِينِ اَلسَّابِقِينَ، وَ أُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي اَلْبَارِزِينَ (2)، وَ أَشْتَاقَ إِلَى قُرْبِكَ فِي اَلْمُشْتَاقِينَ، وَ أَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ اَلْمُخْلَصِينَ، وَ أَخَافَكَ مَخَافَةَ اَلْمُوقِنِينَ، وَ أَجْتَمِعَ فِي جِوَارِكَ مَعَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ مَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ، وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنِ عِبَادِكَ (3) نَصِيباً عِنْدَكَ، وَ أَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَ أَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ، فَإِنَّهُ لاَ يُنَالُ ذَلِكَ إِلاَّ بِفَضْلِكَ، وَ جُدْ لِي بِجُودِكَ، وَ اِعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ، وَ اِحْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ، وَ اِجْعَلْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً، وَ قَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً، وَ مُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجَابَتِكَ، وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَ اِغْفِرْ زَلَّتِي، فَإِنَّكَ قَضَيْتَ عَلَى عِبَادِكَ بِعِبَادَتِكَ، وَ أَمَرْتَهُمْ بِدُعَائِكَ، وَ ضَمِنْتَ لَهُمُ اَلْإِجَابَةَ.

فَإِلَيْكَ يَا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي، وَ إِلَيْكَ يَا رَبِّ مَدَدْتُ يَدَيِ، فَبِعِزَّتِكَ اِسْتَجِبْ لِي دُعَائِي، وَ بَلِّغْنِي مُنَايَ، وَ لاَ تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجَائِي، وَ اِكْفِنِي شَرَّ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ مِنْ أَعْدَائِي، يَا سَرِيعَ اَلرِّضَا اِغْفِرْ لِمَنْ لاَ يَمْلِكُ غَيْرَ(4) اَلدُّعَاءِ، فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تَشَاءُ.

يَا مَنِ اِسْمُهُ دَوَاءٌ، وَ ذِكْرُهُ شِفَاءٌ، وَ طَاعَتُهُ غِنًى، اِرْحَمْ مَنْ رَأْسُ مَالِهِ اَلرَّجَاءُ،

ص: 323


1- في هامش نسخة «م»: واورادي.
2- في نسخة «م»: المبادرين.
3- في هامش نسخة «م»: عبيدك.
4- في هامش نسخة «م»: إلاّ.

وَ سِلاَحُهُ اَلْبُكَاءُ. يَا سَابِغَ (1) اَلنِّعَمِ، (يَا دَافِعَ اَلنِّقَمِ)(2)، يَا نُورَ اَلْمُسْتَوْحِشِينَ فِي اَلظُّلَمِ، يَا عَالِماً لاَ يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، (وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ(3) رَسُولِكَ) وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَيَامِينِ مِنْ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً»(4).

وَ رُوِيَ عَنِ اَلْبَاقِرِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ [أَنَّهُ] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ (مِائَةَ رَكْعَةٍ) وَ قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ اَلْحَمْدَ (مَرَّةً) وَ قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ (عَشْرَ مَرَّاتٍ) لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَنْزِلَهُ فِي اَلْجَنَّةِ، أَوْ يُرَى لَهُ»(5).

و روي غير ذلك من العمل في هذه الليلة تركناه كراهة الإطالة، و في ما ذكرناه مقنع إن شاء اللّه تعالى.

ص: 324


1- في هامش نسخة «م»: سريع.
2- لم ترد في نسخة «ه» و «ع».
3- في هامش نسخة «م»: و صل اللّه على محمد و اله.
4- رواه الطوسي في مصباحه: 774، و المصنف في الاقبال: 706، و جمال الاسبوع: 542، و الكفعمي في البلد الأمين: 188.
5- رواه الطوسي في مصباحه: 768، و المصنف في الاقبال: 700.

ذكر فضل زيارته عليه السّلام في ليلة القدر

اشارة

و شرح كيفيتها، و جملة من عملها

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ - وَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ - نَادَى مُنَادٍ تِلْكَ اَللَّيْلَةَ مِنْ بُطْنَانِ اَلْعَرْشِ: إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لِمَنْ أَتَى قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ»(1).

و سيأتي في فضل زيارته في ليلة عيد الفطر حديث يتضمّن تعيين ثواب زيارته في ليلة ثلاث و عشرين من رمضان، فاعلم ذلك.

شرح الزيارة، و هي مختصة بهذه الليلة، و يزار بها في العيدين:

إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَاغْتَسِلْ وَ اِلْبَسْ أَطْهَرَ ثِيَابِكَ، وَ قِفْ عَلَى قَبْرِهِ وَ اِجْعَلِ اَلْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلصِّدِّيقَةِ اَلطَّاهِرَةِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ تَلَوْتَ اَلْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ صَبَرْتَ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِهِ مُحْتَسِباً حَتَّى آتَاكَ اَلْيَقِينُ. أَشْهَدُ أَنَّ اَلَّذِينَ خَالَفُوكَ وَ حَارَبُوكَ وَ خَذَلُوكَ وَ اَلَّذِينَ قَتَلُوكَ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ اَلنَّبِيِّ اَلْأُمِّيِّ، وَ قَدْ خَابَ مَنِ اِفْتَرَى.

لَعَنَ اَللَّهُ اَلظَّالِمِينَ لَكُمْ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ.

ص: 325


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 184، و المفيد في مزاره: 1/61، و الطّوسيّ في التّهذيب 6: 111/49، و المصنّف فى الاقبال: 212.

أَتَيْتُكَ يَا مَوْلاَيَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُسْتَبْصِراً بِالْهُدَى اَلَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، عَارِفاً بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَكَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَضَعُ خَدَّكَ عَلَيْهِ وَ تَتَحَوَّلُ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَ أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَى رُوحِكَ، وَ جَسَدِكَ اَلطَّاهِرِ، وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ يَا مَوْلاَيَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

وَ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تُقَبِّلُهُ، وَ تَضَعُ خَدَّكَ عَلَيْهِ، وَ تَنْحَرِفُ إِلَى عِنْدِ اَلرَّأْسِ فَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِلزِّيَارَةِ، وَ تُصَلِّي بَعْدَهُمَا مَا تَيَسَّرَ لَكَ.

ثُمَّ تَتَحَوَّلُ إِلَى عِنْدِ اَلرِّجْلَيْنِ فَتَزُورُ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ. وَ اِبْنَ مَوْلاَيَ وَ رَحْمَةُ - اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ. وَ تَدْعُو بِمَا تُرِيدُ.

وَ تَزُورُ اَلشُّهَدَاءَ مُنْحَرِفاً مِنْ عِنْدِ اَلرِّجْلَيْنِ إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلشُّهَدَاءُ اَلصَّابِرُونَ، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ جَاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ صَبَرْتُمْ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِ اَللَّهِ، وَ نَصَحْتُمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ حَتَّى أَتَاكُمُ اَلْيَقِينُ، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّكُمْ تُرْزَقُونَ، فَجَزَاكُمُ اَللَّهُ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ أَفْضَلَ جَزَاءِ اَلْمُحْسِنِينَ، وَ جَمَعَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ فِي مَحَلِّ اَلنَّعِيمِ.

ثُمَّ تَمْضِي إِلَى عِنْدِ اَلْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَيْهِ فَقُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ اَلْمُطِيعُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ جَاهَدْتَ وَ نَصَحْتَ وَ صَبَرْتَ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، لَعَنَ اَللَّهُ

ص: 326

اَلظَّالِمِينَ لَكُمْ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ وَ أَلْحَقَهُمْ بِدَرْكِ اَلْجَحِيمِ (1).

و أمّا عمل هذه الليلة فهو مشهور، و سنذكر منه جملة نختارها إن شاء اللّه تعالى.

رَوَى أَبُو بَصِيرٍ، عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَتَيِ اَلْعَنْكَبُوتِ وَ اَلرُّومِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَ عِشْرِينَ فَهُوَ - وَ اَللَّهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ - مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ، لاَ أَسْتَثْنِي فِيهِ أَبَداً، وَ لاَ أَخَافُ أَنْ يَكْتُبَ اَللَّهُ عَلَيَّ فِي يَمِينِي إِثْماً، وَ إِنَّ لِهَاتَيْنِ اَلسُّورَتَيْنِ مِنَ اَللَّهِ مَكَاناً»(2).

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ (أَلْفَ مَرَّةٍ) لَأَصْبَحَ وَ هُوَ شَدِيدُ اَلْيَقِينِ بِالاِعْتِرَافِ بِمَا خَصَّ بِهِ فِينَا، وَ مَا ذَاكَ إِلاَّ لِشَيْ ءٍ عَايَنَهُ فِي نَوْمِهِ»(3).

و من دعاء هذه الليلة:

يَا رَبَّ لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَ جَاعِلَهَا خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَ رَبَّ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ، وَ اَلظُّلَمِ وَ اَلْأَنْوَارِ، وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلسَّمَاءِ، يَا بَارِئُ يَا مُصَوِّرُ، يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ يَا اَللَّهُ، يَا رَحْمَنُ يَا اَللَّهُ، يَا قَيُّومُ يَا اَللَّهُ، يَا بَدِيعُ يَا اَللَّهُ، يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ لَكَ اَلْأَسْمَاءُ اَلْحُسْنَى، وَ اَلْأَمْثَالُ اَلْعُلْيَا، وَ اَلْكِبْرِيَاءُ وَ اَلْآلاَءُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ اِسْمِي فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ فِي اَلسُّعَدَاءِ، وَ رُوحِي مَعَ اَلشُّهَدَاءِ، وَ إِحْسَانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَ إِسَاءَتِي مَغْفُورَةً، وَ أَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُبَاشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَ إِيمَاناً يُذْهِبُ اَلشَّكَّ عَنِّي، وَ تُرْضِيَنِي بِمَا قَسَمْتَ لِي، وَ آتِنٰا فِي اَلدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنٰا عَذٰابَ

ص: 327


1- اوردها المفيد في مزاره: 74 (مخطوط)، و الشّهيد الأوّل في مزاره: 167، و ابن المشهديّ في مزاره: 749، و نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 2/350:101.
2- رواه الصّدوق في ثواب الاعمال: 136، و المفيد في المقنعة: 313، و الطّوسيّ في مصباحه: 571، و التّهذيب 261/100:3، و المصنّف في اقبال الاعمال: 211.
3- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 571، و المصنّف في الاقبال: 211.

اَلْحَرِيقِ، وَ اُرْزُقْنِي فِيهَا ذِكْرَكَ وَ شُكْرَكَ وَ اَلرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَ اَلْإِنَابَةَ وَ اَلتَّوْبَةَ وَ اَلتَّوْفِيقَ لِمَا وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ (1).

و من دعاء هذه الليلة - و هو من أدعية الركعات -:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ أَوْفَرِ عِبَادِكَ نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ أَوْ أَنْتَ مُنْزِلُهُ، مِنْ نُورٍ تَهْدِي بِهِ، أَوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُهَا، وَ مِنْ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ، وَ مِنْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ، وَ مِنْ بَلاَءٍ تَرْفَعُهُ، وَ مِنْ سُوءٍ تَدْفَعُهُ، وَ مِنْ فِتْنَةٍ تَصْرِفُهَا. وَ اُكْتُبْ لِي مَا كَتَبْتَ لِأَوْلِيَائِكَ اَلصَّالِحِينَ، اَلَّذِينَ اِسْتَوْجَبُوا مِنْكَ اَلثَّوَابَ، وَ أَمِنُوا بِرِضَاكَ عَنْهُمْ مِنْكَ اَلْعَذَابَ. يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ، وَ اِغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَ بَارِكْ لِي فِي كَسْبِي، وَ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَ لاَ تَفْتِنِّي بِمَا زَوَيْتَ عَنِّي(2).

و يستحب في هذه الليلة صلاة مائة ركعة، و الدعاء أيضا في خلالها على ما ورد، و هو مذكور في أماكنه(3).

ص: 328


1- اورده الطوسي في مصباحه: 572، و التهذيب 102:3 /ذ ح 35، و المصنف في الاقبال: 208.
2- اورده الطوسي في مصباحه: 494، و المصنف في الاقبال: 209.
3- اورده الطوسي في مصباحه: 497، و التهذيب 62:3.

ذكر فضل زيارته عليه السّلام في ليلة عيد الفطر

اشارة

و كيفيتها و جملة من عمل تلك الليلة و اليوم المذكور

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَ لَيْلَةَ اَلْفِطْرِ، وَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ أَلْفَ حَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ، وَ أَلْفَ عُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ، وَ قُضِيَتْ لَهُ أَلْفُ حَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ»(1).

وَ عَنِ اَلْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «ثَلاَثُ لَيَالٍ مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِيهِنَّ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ: لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَ لَيْلَةَ اَلْعِيدِ»(2).

و أما شرح هذه الزيارة فسنذكره في موضع الحاجة منه إن شاء اللّه تعالى، و نحذف ما قبل ذلك.

إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَتَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ أَوْ فِي عِيدِ اَلْأَضْحَى، فَقُمْ عِنْدَ بَابِ اَلْقُبَّةِ، وَ أَوْمِئْ بِطَرْفِكَ نَحْوَ اَلْقَبْرِ وَ قُلْ مُسْتَأْذِناً:

يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَبْدُكَ وَ اِبْنُ أَمَتِكَ اَلذَّلِيلُ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ اَلْمُصَغَّرُ فِي عُلُوِّ قَدْرِكَ، وَ اَلْمُعْتَرِفُ بِحَقِّكَ، جَاءَكَ مُسْتَجِيراً بِكَ، قَاصِداً إِلَى حَرَمِكَ، مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَامِكَ، مُتَوَسِّلاً إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى بِكَ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ؟ أَ أَدْخُلُ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ؟ أَ أَدْخُلُ يَا مَلاَئِكَةَ اَللَّهِ اَلْمُحْدِقِينَ بِهَذَا اَلْحَرَمِ، اَلْمُقِيمِينَ فِي هَذَا اَلْمَشْهَدِ؟

فَإِنْ خَشَعَ قَلْبُكَ وَ دَمَعَتْ عَيْنُكَ فَهُوَ عَلاَمَةُ اَلْقَبُولِ وَ اَلْإِذْنِ، فَأَدْخِلْ رِجْلَكَ

ص: 329


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 171 و 181، و المفيد في مزاره: 1/57، و الطّوسيّ في التّهذيب 6: 119/51، و ابن المشهديّ في مزاره: 491.
2- نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 36/101:101.

اَلْيُمْنَى وَ أَخِّرِ اَلْيُسْرَى وَ قُلْ: بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ، اَللَّهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْمُنْزِلِينَ.

ثُمَّ قُلْ: اَللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً، وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْفَرْدِ اَلصَّمَدِ، اَلْمَاجِدِ اَلْأَحَدِ، اَلْمُتَفَضِّلِ اَلْمَنَّانِ، اَلْمُتَطَوِّلِ اَلْحَنَّانِ، اَلَّذِي مِنْ تَطَوُّلِهِ سَهَّلَ لِي زِيَارَةَ مَوْلاَيَ بِإِحْسَانِهِ، وَ لَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيَارَتِهِ مَمْنُوعاً، وَ لاَ عَنْ ذِمَّتِهِ مَدْفُوعاً، بَلْ تَطَوَّلَ وَ مَنَحَ.

ثُمَّ اُدْخُلْ، فَإِذَا تَوَسَّطْتَ وَ صِرْتَ حِذَاءَ اَلْقَبْرِ فَقُمْ حِذَاءَهُ بِخُشُوعٍ وَ بُكَاءٍ وَ تَضَرُّعٍ وَ قُلْ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ أَمِينِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ - حَبِيبِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ حُجَّةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَصِيُّ اَلْبَرُّ اَلتَّقِيُّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ ثَارِهِ وَ اَلْوِتْرَ اَلْمَوْتُورَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى اُسْتُبِيحَ حَرَمُكَ وَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً.

ثُمَّ قُمْ عِنْدَ رَأْسِهِ خَاشِعاً قَلْبُكَ، دَامِعَةً عَيْنُكَ ثُمَّ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَطَلَ اَلْمُسْلِمِينَ.

يَا مَوْلاَيَ أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي اَلْأَصْلاَبِ اَلشَّامِخَةِ، وَ اَلْأَرْحَامِ اَلْمُطَهَّرَةِ، لَمْ تُنَجِّسْكَ اَلْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا، وَ لَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِمَّاتِ ثِيَابِهَا، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ

ص: 330

دَعَائِمِ اَلدِّينِ، وَ أَرْكَانِ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ مَعْقِلِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْإِمَامُ اَلْبَرُّ اَلتَّقِيُّ اَلرَّضِيُّ اَلزَّكِيُّ، اَلْهَادِي اَلْمَهْدِيُّ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ اَلتَّقْوَى، وَ أَعْلاَمُ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، يَا مَوْلاَيَ أَنَا مُوَالٍ لِوَلِيِّكُمْ، وَ مُعَادٍ لِعَدُوِّكُمْ، وَ بِإِيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِعِ دِينِي وَ خَوَاتِيمِ عَمَلِي، وَ قَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ، وَ أَمْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ، يَا مَوْلاَيَ أَتَيْتُكَ خَائِفاً فَآمِنِّي، وَ أَتَيْتُكَ مُسْتَجِيراً فَأَجِرْنِي، وَ أَتَيْتُكَ فَقِيراً فَأَغْنِنِي.

سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ أَنْتَ مَوْلاَيَ حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، آمَنْتُ بِسِرِّكُمْ وَ عَلاَنِيَتِكُمْ، وَ بِظَاهِرِكُمْ وَ بَاطِنِكُمْ، وَ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلتَّالِي لِكِتَابِ اَللَّهِ، وَ أَمِينُ اَللَّهِ اَلدَّاعِي إِلَى اَللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ، لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.

وَ صَلِّ عِنْدَ اَلرَّأْسِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي لَكَ صَلَّيْتُ، وَ لَكَ رَكَعْتُ، وَ لَكَ سَجَدْتُ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَ لاَ تَجُوزُ اَلصَّلاَةُ وَ اَلرُّكُوعُ وَ اَلسُّجُودُ إِلاَّ لَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَبْلِغْهُمْ عَنِّي اَلسَّلاَمَ وَ اَلتَّحِيَّةَ، وَ اُرْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُمُ اَلسَّلاَمَ.

اَللَّهُمَّ فَهَاتَانِ اَلرَّكْعَتَانِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى سَيِّدِيَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِ، وَ تَقَبَّلْهُمَا مِنِّي، وَ آجِرْنِي عَلَيْهِمَا بِأَفْضَلِ أَمَلِي وَ رَجَائِي فِيكَ وَ فِي وَلِيِّكَ يَا وَلِيَّ اَلْمُؤْمِنِينَ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تُقَبِّلُهُ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْمَظْلُومِ اَلشَّهِيدِ، قَتِيلِ اَلْعَبَرَاتِ، وَ أَسِيرِ

ص: 331

اَلْكُرُبَاتِ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَ اِبْنُ وَلِيِّكَ، وَ صَفِيُّكَ اَلثَّائِرُ بِحَقِّكَ، أَكْرَمْتَهُ بِكَرَامَتِكَ، وَ خَتَمْتَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَ جَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ اَلسَّادَةِ، وَ قَائِداً مِنَ اَلْقَادَةِ، وَ أَكْرَمْتَهُ بِطِيبِ اَلْوِلاَدَةِ، وَ أَعْطَيْتَهُ مَوَارِيثَ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ جَعَلْتَهُ حُجَّتَكَ عَلَى خَلْقِكَ مِنَ اَلْأَوْصِيَاءِ، فَأَعْذَرَ فِي اَلدُّعَاءِ، وَ مَنَحَ اَلنُّصْحَ، وَ بَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ حَتَّى يَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ اَلْجَهَالَةِ وَ خَيْبَةِ اَلضَّلاَلَةِ، وَ قَدْ تَوَازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ اَلدُّنْيَا، وَ بَاعَ حَظَّهُ مِنَ اَلْآخِرَةِ بِالْأَدْنَى، وَ تَرَدَّى فِي هَوَاهُ، وَ أَسْخَطَكَ وَ أَسْخَطَ نَبِيَّكَ، وَ أَطَاعَ مِنْ عِبَادِكَ أُولِي اَلشِّقَاقِ وَ اَلنِّفَاقِ، وَ حَمَلَةَ اَلْأَوْزَارِ اَلْمُسْتَوْجِبِينَ اَلنَّارَ، فَجَاهَدَهُمْ فِيكَ صَابِراً مُحْتَسِباً، مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ، لاَ تَأْخُذُهُ فِيكَ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، حَتَّى سُفِكَ فِي طَاعَتِكَ دَمُهُ، وَ اُسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ. اَللَّهُمَّ اِلْعَنْهُمْ لَعْناً وَبِيلاً، وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً.

ثُمَّ اِعْطِفْ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ - وَ هُوَ عِنْدَ رِجْلَيِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمَظْلُومُ اَلشَّهِيدُ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، عِشْتَ سَعِيداً وَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً شَهِيداً.

زيارة الشهداء رضوان اللّه عليهم

ثُمَّ اِنْحَرِفْ إِلَى قُبُورِ اَلشُّهَدَاءِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلذَّابُّونَ عَنْ تَوْحِيدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ، بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي فُزْتُمْ فَوْزاً عَظِيماً.

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى زِيَارَةِ اَلْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ فَقِفْ عَلَيْهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَلِيُّ اَلصَّالِحُ، وَ اَلصِّدِّيقُ اَلْمُوَاسِي، أَشْهَدُ أَنَّكَ آمَنْتَ بِاللَّهِ، وَ نَصَرْتَ اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ دَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ وَاسَيْتَ بِنَفْسِكَ، وَ بَذَلْتَ

ص: 332

مُهْجَتَكَ، فَعَلَيْكَ أَفْضَلُ اَلتَّحِيَّةِ وَ اَلسَّلاَمِ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا نَاصِرَ دِينِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَاصِرَ اَلْحُسَيْنِ اَلصِّدِّيقِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَاصِرَ اَلْحُسَيْنِ اَلشَّهِيدِ، عَلَيْكَ مِنِّي اَلسَّلاَمُ مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ.

ثُمَّ تُصَلِّي عِنْدَ رَأْسِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَ تَقُولُ مِثْلَ مَا قُلْتَ عِنْدَ رَأْسِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ تَرْجِعُ إِلَى مَشْهَدِ اَلْحُسَيْنِ وَ تُقِيمُ عِنْدَهُ مَهْمَا أَحْبَبْتَ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ تَجْعَلَهُ مَوْضِعَ مَبِيتِكَ.

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ فَقُمْ عِنْدَ اَلرَّأْسِ وَ أَنْتَ تَبْكِي وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ، سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ قَالٍ وَ لاَ سَئِمٍ، فَإِنْ أَنْصَرِفْ فَلاَ عَنْ مَلاَلَةٍ، وَ إِنْ أُقِمْ فَلاَ عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اَللَّهُ اَلصَّابِرِينَ.

يَا مَوْلاَيَ لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكَ، وَ رَزَقَنِي اَلْعَوْدَ إِلَيْكَ، وَ اَلْمُقَامَ فِي حَرَمِكَ، وَ اَلْكَوْنَ فِي مَشْهَدِكَ، آمِينَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

ثُمَّ قَبِّلْهُ، وَ أَمِرَّ وَجْهَكَ سَائِرَهُ عَلَيْهِ، وَ اِمْسَحْ عَلَى جَسَدِكَ سَائِرَهُ، فَإِنَّهُ أَمَانٌ وَ حِرْزٌ. وَ اُخْرُجْ مِنْ عِنْدِهِ اَلْقَهْقَرَى، وَ لاَ تُوَلِّهِ دُبُرَكَ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اَلْمَقَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَرِيكَ اَلْقُرْآنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَلْخِصَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَفِينَةَ اَلنَّجَاةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَلاَئِكَةَ رَبِّي اَلْمُقِيمِينَ فِي هَذَا اَلْحَرَمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ.

وَ تَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ، إِلَى أَنْ تَغِيبَ عَنِ اَلْقَبْرِ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ كُنْتَ كَمَنْ زَارَ اَللَّهَ فِي عَرْشِهِ (1).

ص: 333


1- اوردها المفيد في مزاره: 69 (مخطوط)، و الشهيد الأول في مزاره: 154 دون ذيله، و ابن المشهدي في مزاره: 601، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 1/352:101.

و أمّا العمل في هذه الليلة و يومها، فنحن نختار منه شيئا نذكره إن شاء اللّه تعالى.

و هي إحدى الليالي الأربع التي يستحب إحياؤها، فمن ذلك الغسل فيها،

وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَقُولَ عَقِيبَ صَلاَةِ اَلْمَغْرِبِ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ: يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ، يَا ذَا اَلطَّوْلِ، يَا مُصْطَفِياً مُحَمَّداً وَ نَاصِرَهُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَ نَسِيتُهُ أَنَا وَ هُوَ عِنْدَكَ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.

ثُمَّ تَقُولُ: أَتُوبُ إِلَى اَللَّهِ (مِائَةَ مَرَّةٍ).

وَ يُسْتَحَبُّ أَيْضاً اَلتَّكْبِيرُ عَقِيبَ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ - صَلاَةِ اَلْمَغْرِبِ، عِشَاءِ اَلْآخِرَةِ، وَ صَلاَةِ اَلْفَجْرِ، وَ صَلاَةِ اَلْعِيدِ - تَقُولُ: اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ اَلْحَمْدُ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا هَدَانَا، وَ لَهُ اَلشُّكْرُ عَلَى مَا أَوْلاَنَا(1).

وَ يُسْتَحَبُّ أَيْضاً: أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ اَلْفَرَاغِ مِنْ جَمِيعِ صَلَوَاتِهِ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى اَلْحَمْدَ (مَرَّةً) وَ قُلْ هُوَ اَللَّهِ أَحَدٌ (أَلْفَ مَرَّةٍ)، وَ فِي اَلثَّانِيَةِ اَلْحَمْدَ (مَرَّةً) وَ قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ (مَرَّةً) وَ يَدْعُو بَعْدَهُمَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ:

يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، يَا رَحْمَنُ يَا اَللَّهُ، يَا مَلِكُ يَا اَللَّهُ، يَا قُدُّوسُ يَا اَللَّهُ (2)، يَا سَلاَمُ يَا اَللَّهُ، يَا مُؤْمِنُ يَا اَللَّهُ، يَا مُهَيْمِنُ يَا اَللَّهُ، يَا عَزِيزُ يَا اَللَّهُ، يَا جَبَّارُ(3) يَا اَللَّهُ يَا مُتَكَبِّرُ يَا اَللَّهُ، يَا خَالِقُ يَا اَللَّهُ، يَا بَارِئُ يَا اَللَّهُ، يَا مُصَوِّرُ يَا اَللَّهُ، يَا عَالِمُ يَا اَللَّهُ، يَا عَظِيمُ يَا اَللَّهُ، يَا عَلِيمُ يَا اَللَّهُ، يَا عَالِمُ يَا اَللَّهُ، يَا كَرِيمُ يَا اَللَّهُ، يَا حَلِيمُ يَا اَللَّهُ، يَا سَمِيعُ يَا اَللَّهُ، يَا بَصِيرُ يَا اَللَّهُ، يَا قَرِيبُ يَا اَللَّهُ، يَا مُجِيبُ يَا اَللَّهُ، يَا جَوَادُ يَا اَللَّهُ، (يَا مَوْجُودُ يَا اَللَّهُ)(4)،

ص: 334


1- رواه الطّوسيّ في مصباحه: 592، و المصنّف في اقبال الاعمال: 271.
2- في نسخة «ه»: يا اللّه.
3- في نسخة «ه» و «ع»: يا حنان.
4- ما بين القوسين لم يرد في نسختي «م» و «ه».

يَا مَاجِدُ يَا اَللَّهُ، يَا أَمَلِي يَا اَللَّهُ، يَا وَفِيُّ يَا اَللَّهُ، يَا مَوْلَى يَا اَللَّهُ، يَا قَاضِي يَا اَللَّهُ، يَا سَرِيعُ يَا اَللَّهُ، يَا شَدِيدُ يَا اَللَّهُ يَا رَءُوفُ (1) يَا اَللَّهُ يَا رَقِيبُ يَا اَللَّهُ، يَا مُجِيبُ يَا اَللَّهُ، يَا مَلِيُّ يَا اَللَّهُ.

يَا حَفِيظُ يَا اَللَّهُ، يَا مُحِيطُ يَا اَللَّهُ، يَا سَيِّدَ اَلسَّادَةِ يَا اَللَّهُ، يَا أَوَّلُ يَا اَللَّهُ، يَا آخِرُ يَا اَللَّهُ، يَا ظَاهِرُ يَا اَللَّهُ، يَا بَاطِنُ يَا اَللَّهُ، يَا فَاخِرُ يَا اَللَّهُ، يَا قَاهِرُ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا وَدُودُ يَا اَللَّهُ، يَا نُورُ يَا اَللَّهُ، يَا رَافِعُ يَا اَللَّهُ، يَا مَانِعُ يَا اَللَّهُ، يَا دَافِعُ يَا اَللَّهُ، يَا فَاتِحُ يَا اَللَّهُ، يَا نَفَّاعُ يَا اَللَّهُ، يَا جَلِيلُ يَا اَللَّهُ، يَا جَمِيلُ يَا اَللَّهُ، يَا شَهِيدُ يَا اَللَّهُ، يَا شَاهِدُ يَا اَللَّهُ، يَا مُغِيثُ يَا اَللَّهُ، يَا حَبِيبُ يَا اَللَّهُ، يَا فَاطِرُ يَا اَللَّهُ، يَا مُطَهَّرُ يَا اَللَّهُ، يَا مَالِكُ يَا اَللَّهُ، يَا مُقْتَدِرُ يَا اَللَّهُ، يَا قَابِضُ يَا اَللَّهُ، يَا بَاسِطُ يَا اَللَّهُ، يَا مُحْيِي يَا اَللَّهُ، يَا مُجِيبُ (2) يَا اَللَّهُ، يَا بَاعِثُ يَا اَللَّهُ، يَا وَارِثُ يَا اَللَّهُ، يَا مُعْطِي يَا اَللَّهُ، يَا مُفْضِلُ يَا اَللَّهُ، يَا مُنْعِمُ يَا اَللَّهُ، يَا حَقُّ يَا اَللَّهُ، يَا مُبِينُ يَا اَللَّهُ.

يَا طَبِيبُ يَا اَللَّهُ، يَا مُحْسِنُ (3) يَا اَللَّهُ، يَا مُجْمِلُ يَا اَللَّهُ، يَا مُبْدئُ يَا اَللَّهُ، يَا مُعِيدُ يَا اَللَّهُ، يَا بَارِئُ يَا اَللَّهُ، يَا بَدِيعُ يَا اَللَّهُ، يَا هَادِي يَا اَللَّهُ، يَا كَافِي يَا اَللَّهُ، يَا شَافِي يَا اَللَّهُ، يَا عَلِيُّ يَا اَللَّهُ، يَا حَنَّانُ يَا اَللَّهُ، يَا مَنَّانُ يَا اَللَّهُ، يَا ذَا اَلطَّوْلِ يَا اَللَّهُ، يَا مُتَعَالِي يَا اَللَّهُ، يَا عَدْلُ يَا اَللَّهُ، يَا ذَا اَلْمَعَارِجِ يَا اَللَّهُ، يَا صَادِقُ يَا اَللَّهُ، يَا دَيَّانُ يَا اَللَّهُ، يَا بَاقِي يَا اَللَّهُ، يَا ذَا اَلْجَلاَلِ يَا اَللَّهُ، يَا ذَا اَلْإِكْرَامِ يَا اَللَّهُ، يَا مَحْمُودُ يَا اَللَّهُ، يَا مَعْبُودُ يَا اَللَّهُ، يَا صَانِعُ يَا اَللَّهُ، يَا مُعِينُ يَا اَللَّهُ، يَا مُكَوِّنُ يَا اَللَّهُ، يَا فَعَّالُ يَا اَللَّهُ، يَا لَطِيفُ يَا اَللَّهُ، يَا جَلِيلُ يَا اَللَّهُ، يَا غَفُورُ يَا اَللَّهُ، يَا شَكُورُ يَا اَللَّهُ، يَا نُورُ يَا اَللَّهُ، يَا حَنَّانُ يَا اَللَّهُ، يَا قَدِيرُ يَا اَللَّهُ.

يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ،

ص: 335


1- في نسخة «م»: يا رازق.
2- في نسخة «م»: يا مميت.
3- في نسخة «ه» و «ع»: يا مجيب.

يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، يَا رَبَّاهْ يَا اَللَّهُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَمُنَّ عَلَيَّ بِرِضَاكَ، وَ تَعْفُوَ عَنِّي بِحِلْمِكَ، وَ تُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ اَلْحَلاَلِ اَلطَّيِّبِ، مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَيْثُ لاَ أَحْتَسِبُ، فَإِنِّي عَبْدُكَ وَ لَيْسَ لِي أَحَدٌ سِوَاكَ، وَ لاَ أَحَدٌ أَسْأَلُهُ غَيْرَكَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، مَا شَاءَ اَللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ.

ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ:

يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، يَا رَبِّ يَا اَللَّهُ مُنْزِلَ اَلْبَرَكَاتِ، بِكَ تَنْزِلُ كُلُّ حَاجَةٍ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اِسْمٍ فِي مَخْزُونِ اَلْغَيْبِ عِنْدَكَ، وَ اَلْأَسْمَاءِ اَلْمَشْهُورَاتِ عِنْدَكَ، اَلْمَكْتُوبَاتِ عَلَى سُرَادِقِ عَرْشِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَقْبَلَ مِنِّي شَهْرَ رَمَضَانَ، وَ تَكْتُبَنِي فِي اَلْوَافِدِينَ إِلَى بَيْتِكَ اَلْحَرَامِ، وَ تَصْفَحَ لِي عَنِ اَلذُّنُوبِ اَلْعِظَامِ، وَ تَسْتَخْرِجَ يَا رَبِّ كُنُوزَكَ يَا رَحْمَنُ (1).

و يجتهد في تلك الليلة على الأعمال الصالحات، و اكتساب الخيرات، و التضرّع إلى ربه و مولاه في إصلاح آخرته و دنياه، حتى يصبح إن شاء اللّه تعالى.

فإذا أصبح يستحب له الغسل، و وقته من طلوع الفجر إلى صلاة العيد - بعد طلوع الشمس من يوم الفطر إلى قبل الزوال - فإذا دخل وقت صلاة العيد فليلبس أنظف ثيابه، و يمس شيئا من الطيب جسده، وَ لْيَدْعُ قَبْلَ تَوَجُّهِهِ فَيَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَ إِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي، وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. اَللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ إِلَهُنَا وَ مَوْلاَنَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا أَوْلاَنَا وَ حُسْنِ مَا بَلاَنَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِيُّنَا اَلَّذِي أَحْيَانَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ رَبُّنَا اَلَّذِي بَرَأَنَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ رَبُّنَا اَلَّذِي أَنْشَأَنَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي بِقُدْرَتِهِ هَدَانَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي خَلَقَنَا وَ سَوَّانَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي بِدِينِهِ حَبَانَا،

ص: 336


1- اورده الطّوسيّ في مصباحه: 592، و المصنّف في اقبال الاعمال: 272.

اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي مِنْ فِتْنَتِهِ عَافَانَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي بِالْإِسْلاَمِ اِصْطَفَانَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي فَضَّلَنَا بِالْإِسْلاَمِ عَلَى مَنْ سِوَانَا، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَكْبَرُ سُلْطَاناً، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَعْلَى بُرْهَاناً، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَجَلُّ سُبْحَاناً، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَقْدَمُ إِحْسَاناً، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَعَزُّ أَرْكَاناً، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَعْلَى مَكَاناً، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَسْنَى شَأْناً.

اَللَّهُ أَكْبَرُ نَاصِرٌ مَنِ اِسْتَنْصَرَ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي وَهَبَ اَلْمَغْفِرَةَ لِمَنِ اِسْتَغْفَرَ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي خَلَقَ فَصَوَّرَ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي أَمَاتَ فَأَقْبَرَ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَلَّذِي إِذَا شَاءَ أَنْشَرَ، اَللَّهُ أَكْبَرُ أَقْدَسُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ أَطْهَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ رَبُّ اَلْخَلْقِ وَ اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ، اَللَّهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا سَبَّحَ اَللَّهَ شَيْ ءٌ وَ كَبَّرَ، وَ كَمَا يُحِبُّ اَللَّهُ أَنْ يُكَبَّرَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ، وَ صَفِيِّكَ وَ نَجِيِّكَ، وَ صَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ خَلِيلِكَ وَ خَاصَّتِكَ، وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ اَلَّذِي هَدَيْتَنَا بِهِ مِنَ اَلضَّلاَلَةِ، وَ عَلَّمْتَنَا بِهِ مِنَ اَلْجَهَالَةِ، وَ بَصَّرْتَنَا بِهِ مِنَ اَلْعَمَى، وَ أَقَمْتَنَا عَلَى اَلْحُجَّةِ اَلْعُظْمَى، وَ سَبِيلِ اَلتَّقْوَى وَ أَخْرَجْتَنَا بِهِ مِنَ اَلْغَمَرَاتِ إِلَى جَمِيعِ اَلْخَيْرَاتِ، وَ أَنْقَذْتَنَا بِهِ مِنْ شَفَا جُرُفِ اَلْهَلَكَاتِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ وَ أَكْمَلَ، وَ أَشْرَفَ وَ أَكْبَرَ وَ أَطْهَرَ، وَ أَطْيَبَ وَ أَتَمَّ، وَ أَعَمَّ وَ أَعَزَّ، وَ أَزْكَى وَ أَنْمَى، وَ أَحْسَنَ وَ أَجْمَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ اَلْعَالَمِينَ.

اَللَّهُمَّ شَرِّفْ مَقَامَهُ فِي اَلْقِيَامَةِ، وَ عَظِّمْ عَلَى رُءُوسِ اَلْخَلاَئِقِ حَالَهُ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَقْرَبَ اَلْخَلْقِ مِنْكَ مَنْزِلَةً، وَ أَعْلاَهُمْ مَكَاناً، وَ أَفْسَحَهُمْ لَدَيْكَ مَجْلِساً، وَ أَعْظَمَهُمْ عِنْدَكَ شَرَفاً، وَ أَرْفَعَهُمْ مَنْزِلاً.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَئِمَّةِ اَلْهُدَى وَ اَلْحُجَجِ عَلَى خَلْقِكَ، وَ اَلْأَدِلاَّءِ عَلَى

ص: 337

سُنَّتِكَ، وَ اَلْبَابِ اَلَّذِي مِنْهُ تُؤْتَى، وَ اَلتَّرَاجِمَةِ لِوَحْيِكَ (اَلْمُسْتَنِّينَ بِسُنَّتِكَ)(1) اَلنَّاطِقِينَ بِحِكْمَتِكَ، وَ اَلشُّهَدَاءِ عَلَى خَلْقِكَ.

اَللَّهُمَّ اِشْعَبْ (2) بِهِمُ اَلصَّدْعَ، وَ اُرْتُقْ بِهِمُ اَلْفَتْقَ، وَ أَمِتْ بِهِمُ اَلْجَوْرَ، وَ أَظْهِرْ بِهِمُ اَلْعَدْلَ، وَ زَيِّنْ بِطُولِ بَقَائِهِمُ (3) اَلْأَرْضَ، وَ أَيِّدْهُمْ بِنَصْرِكَ، وَ اُنْصُرْهُمْ بِالرُّعْبِ، وَ قَوِّ نَاصِرَهُمْ، وَ اُخْذُلْ خَاذِلَهُمْ، وَ دَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُمْ، وَ دَمِّرْ عَلَى مَنْ غَشَّهُمْ، وَ اُفْضُضْ بِهِمْ رُءُوسَ اَلضَّلاَلَةِ، وَ شَارِعَةَ اَلْبِدَعِ، وَ مُمِيتَةَ اَلسُّنَّةِ، وَ اَلْمُتَعَزِّزِينَ بِالْبَاطِلِ، وَ أَعِزَّ بِهِمُ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَذِلَّ بِهِمُ اَلْكَافِرِينَ وَ اَلْمُنَافِقِينَ، وَ جَمِيعَ اَلْمُلْحِدِينَ وَ اَلْمُخَالِفِينَ، فِي مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَمِيعِ اَلْمُرْسَلِينَ وَ اَلنَّبِيِّينَ، اَلَّذِينَ بَلَّغُوا عَنْكَ اَلْهُدَى، وَ عَقَدُوا لَكَ اَلْمَوَاثِيقَ بِالطَّاعَةِ، وَ دَعَوُا اَلْعِبَادَ إِلَيْكَ بِالنَّصِيحَةِ، وَ صَبَرُوا عَلَى مَا لَقُوا مِنَ اَلْأَذَى وَ اَلتَّكْذِيبِ فِي جَنْبِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِمْ، وَ عَلَى ذَرَارِيِّهِمْ وَ أَهْلِ بُيُوتَاتِهِمْ وَ أَزْوَاجِهِمْ، وَ أَشْيَاعِهِمْ وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ وَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ اَلْمُسْلِمَاتِ، اَلْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ اَلْأَمْوَاتِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ وَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ اُخْصُصْ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ اَلْمُبَارَكِينَ اَلسَّامِعِينَ اَلْمُطِيعِينَ لَكَ، اَلَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً، بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ، وَ نَوَامِي بَرَكَاتِكَ،

ص: 338


1- في نسخنا: كما اسس من سنّتك، و اثبتنا ما في مصباح المتهجّد لاتفاقها مع السّياق.
2- اشعب: اصلح. الصّحاح - شعب - 156:1.
3- في نسخة «م»: بقائه.

وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ لْيَخْرُجْ إِلَى اَلْمُصَلَّى بِسَكِينَةٍ وَ وَقَارٍ وَ يَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ:

اَللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وَ تَعَبَّأَ وَ أَعَدَّ وَ اِسْتَعَدَّ لِوِفَادَةٍ إِلَى مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ، وَ طَلَبَ جَوَائِزِهِ وَ فَوَاضِلِهِ وَ نَوَافِلِهِ، فَإِلَيْكَ يَا سَيِّدِي وِفَادَتِي وَ تَهْيِئَتِي، وَ إِعْدَادِي وَ اِسْتِعْدَادِي، رَجَاءَ رِفْدِكَ وَ جَوَائِزِكَ وَ نَوَافِلِكَ، فَلاَ تُخَيِّبِ اَلْيَوْمَ رَجَائِي يَا مَوْلاَيَ يَا مَنْ لاَ يَخِيبُ عَلَيْهِ سَائِلٌ، وَ لاَ يَنْقُصُهُ نَائِلٌ. إِنِّي لَمْ آتِكَ اَلْيَوْمَ بِعَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ، وَ لاَ شَفَاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ، وَ لَكِنْ أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالظُّلْمِ وَ اَلْإِسَاءَةِ، لاَ حُجَّةَ لِي وَ لاَ عُذْرَ، فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَنْ تُعْطِيَنِي مَسْأَلَتِي، وَ تَقْلِبَنِى بِرَغْبَتِي، وَ لاَ تَرُدَّنِي مَجْبُوهاً وَ لاَ خَائِباً، يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ، أَرْجُوكَ لِلْعَظِيمِ، أَسْأَلُكَ يَا عَظِيمُ أَنْ تَغْفِرَ لِيَ اَلْعَظِيمَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اُرْزُقْنِي خَيْرَ هَذَا اَلْيَوْمِ اَلَّذِي شَرَّفْتَهُ وَ عَظَّمْتَهُ، وَ اِغْفِرْ لِي وَ اِغْسِلْنِي فِيهِ مِنْ جَمِيعِ ذُنُوبِي وَ خَطَايَايَ، وَ زِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ إِنَّكَ أَنْتَ (اَلْوَهَّابُ)(1).

فَإِذَا وَصَلْتَ اَلْمُصَلَّى فَقُمْ لِصَلاَةِ اَلْعِيدِ، وَ صِفَتُهَا: أَنْ تَسْتَفْتِحَهَا بِتَكْبِيرَةِ اَلْإِحْرَامِ، ثُمَّ تَتَوَجَّهَ وَ تَقْرَأَ اَلْحَمْدَ وَ سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى، أَوْ غَيْرَهَا مِنَ اَلسُّوَرِ، ثُمَّ تَرْفَعَ يَدَيْكَ بِالتَّكْبِيرِ وَ تَقُولَ:

اَللَّهُمَّ أَهْلَ اَلْكِبْرِيَاءِ وَ اَلْعَظَمَةِ، وَ أَهْلَ اَلْجُودِ وَ اَلْجَبَرُوتِ، وَ أَهْلَ اَلْعَفْوِ وَ اَلرَّحْمَةِ، وَ أَهْلَ اَلتَّقْوَى وَ اَلْمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا اَلْيَوْمِ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً، وَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذُخْراً وَ شَرَفاً وَ مَزِيداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ

ص: 339


1- في نسخة «م»: التّوّاب الرّحيم.

مِنْهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ (1).

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ اَلصَّالِحُونَ، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اِسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ اَلصَّالِحُونَ.

ثُمَّ تُكَبِّرُ ثَالِثَةً وَ رَابِعَةً وَ خَامِسَةً وَ سَادِسَةً مِثْلَ ذَلِكَ، تَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِهَذَا اَلدُّعَاءِ، ثُمَّ تُكَبِّرُ اَلسَّابِعَةَ وَ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَقُومُ إِلَى اَلثَّانِيَةِ فَتَقْرَأُ اَلْحَمْدَ وَ اَلشَّمْسِ وَ ضُحَاهَا أَوْ غَيْرَهَا، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَ تَدْعُو بِمَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ تُكَبِّرُ كَذَلِكَ ثَانِيَةً وَ ثَالِثَةً وَ رَابِعَةً، وَ تَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِالدُّعَاءِ اَلْمَذْكُورِ، ثُمَّ تُكَبِّرُ اَلْخَامِسَةَ وَ تَرْكَعُ بِهَا، فَإِذَا رَكَعْتَ وَ سَجَدْتَ وَ تَشَهَّدْتَ وَ سَلَّمْتَ فَسَبِّحْ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ وَ مَا تَشَاءُ مِنَ اَلدُّعَاءِ.

ثُمَّ تَدْعُو عَقِيبَ صَلاَةِ اَلْعِيدِ فَتَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ أَمَامِي، وَ عَلِيٍّ مِنْ خَلْفِي، وَ أَئِمَّتِي عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي، أَسْتَتِرُ بِهِمْ مِنْ عَذَابِكَ، وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ زُلْفَى، لاَ أَجِدُ أَحَداً أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْهُمْ، فَهُمْ أَئِمَّتِي، فَآمِنْ بِهِمْ خَوْفِي مِنْ عَذَابِكَ وَ سَخَطِكَ، وَ أَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ اَلْجَنَّةَ فِي عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ.

أَصْبَحْتُ بِاللَّهِ مُؤْمِناً مُوقِناً مُخْلِصاً، عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ وَ سُنَّتِهِ، وَ عَلَى دِينِ اَلْأَوْصِيَاءِ وَ سُنَّتِهِمْ، آمَنْتُ بِسِرِّهِمْ وَ عَلاَنِيَتِهِمْ، وَ أَرْغَبُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فِيمَا رَغِبُوا فِيهِ، وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا اِسْتَعَاذُوا مِنْهُ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ وَ لاَ مَنَعَةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ. تَوَكَّلْتُ عَلَى اَللَّهِ، حَسْبِيَ اَللَّهُ، وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُكَ فَأَرِدْنِي، وَ أَطْلُبُ مَا عِنْدَكَ فَيَسِّرْهُ لِي. اَللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي

ص: 340


1- في نسخة «ع» زيادة: و رحمة اللّه و بركاته.

مُحْكَمِ كِتَابِكَ اَلْمُنْزَلِ، - وَ قَوْلُكَ اَلْحَقُّ وَ وَعْدُكَ اَلصِّدْقُ -: شَهْرُ رَمَضٰانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ هُدىً لِلنّٰاسِ (1) فَعَظَّمْتَ شَهْرَ رَمَضَانَ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ اَلْقُرْآنِ اَلْكَرِيمِ، وَ خَصَصْتَهُ بِأَنْ جَعَلْتَ فِيهِ لَيْلَةَ اَلْقَدْرِ.

اَللَّهُمَّ وَ قَدِ اِنْقَضَتْ أَيَّامُهُ وَ لَيَالِيهِ، وَ قَدْ صِرْتُ مِنْهُ إِلَى مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، فَأَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي بِمَا سَأَلَكَ بِهِ مَلاَئِكَتُكَ اَلْمُقَرَّبُونَ، وَ أَنْبِيَاؤُكَ اَلْمُرْسَلُونَ، وَ عِبَادُكَ اَلصَّالِحُونَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَقْبَلَ مِنِّي كُلَّ مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ فِيهِ، وَ تَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِتَضْعِيفِ عَمَلِي، وَ قَبُولِ تَقَرُّبِي وَ قُرُبَاتِي، وَ اِسْتِجَابَةِ دُعَائِي، وَ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، وَ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ آمِنِّي يَوْمَ اَلْخَوْفِ مِنْ كُلِّ فَزَعٍ وَ مِنْ كُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، أَعُوذُ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، وَ بِحُرْمَةِ نَبِيِّكَ، وَ بِحُرْمَةِ اَلْأَوْصِيَاءِ أَنْ يَتَصَرَّمَ (2) هَذَا اَلْيَوْمُ وَ لَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُؤَاخِذَنِي بِهَا، أَوْ خَطِيئَةٌ تُرِيدُ أَنْ تَقْتَصَّهَا مِنِّي لَمْ تَغْفِرْهَا لِي.

أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْ تَرْضَى عَنِّي، وَ إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَ عَنِّي فَزِدْ فِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي رِضًا، وَ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْضَ عَنِّي فَمِنَ اَلْآنَ فَارْضَ عَنِّي يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ، اَلسَّاعَةَ اَلسَّاعَةَ اَلسَّاعَةَ، وَ اِجْعَلْنِي فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ، وَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، وَ فِي هَذَا اَلْمَجْلِسِ، مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ اَلنَّارِ، عِتْقاً لاَ رِقَّ بَعْدَهُ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ أَنْ تَجْعَلَ يَوْمِي هَذَا خَيْرَ يَوْمٍ عَبَدْتُكَ مُنْذُ أَسْكَنْتَنِي اَلْأَرْضَ، أَعْظَمَهُ أَجْراً، وَ أَعَمَّهُ نِعْمَةً وَ عَافِيَةً وَ أَوْسَعَهُ رِزْقاً، وَ أَبْتَلَهُ عِتْقاً(3) مِنَ اَلنَّارِ، وَ أَوْجَبَهُ مَغْفِرَةً، وَ أَكْمَلَهُ رِضْوَاناً، وَ أَقْرَبَهُ إِلَى مَا تُحِبُّ

ص: 341


1- البقرة 185:2.
2- أيّ ينقضي.
3- أيّ من المعتقين من النّار قطعا.

وَ تَرْضَى.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضَانٍ صُمْتُهُ لَكَ، وَ اُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ فِيهِ ثُمَّ اَلْعَوْدَ فِيهِ، حَتَّى تَرْضَى وَ يَرْضَى كُلُّ مَنْ لَهُ قِبَلِي تَبِعَةٌ، وَ لاَ تُخْرِجْنِي مِنَ اَلدُّنْيَا إِلاَّ وَ أَنْتَ عَنِّي رَاضٍ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ اَلْحَرَامِ، فِي هَذَا اَلْعَامِ، اَلْمَبْرُورِ حَجُّهُمُ، اَلْمَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، اَلْمَغْفُورِ ذَنْبُهُمُ، اَلْمُسْتَجَابِ دُعَاؤُهُمُ، اَلْمَحْفُوظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَ أَدْيَانِهِمْ وَ ذَرَارِيِّهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ وَ جَمِيعِ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِمْ.

اَللَّهُمَّ اِقْلِبْنِي فِي مَحَلِّي هَذَا، وَ فِي يَوْمِي هَذَا، وَ فِي سَاعَتِي هَذِهِ، مُفْلِحاً مُنْجِحاً، مُسْتَجَاباً دُعَائِي، مَرْحُوماً صَوْتِي، مَغْفُوراً ذَنْبِي. اَللَّهُمَّ وَ اِجْعَلْ فِيمَا شِئْتَ وَ أَرَدْتَ وَ قَضَيْتَ وَ حَتَمْتَ وَ أَنْفَذْتَ أَنْ تُطِيلَ عُمُرِي، وَ أَنْ تُقَوِّيَ ضَعْفِي، وَ تَجْبُرَ فَاقَتِي، وَ أَنْ تُعِزَّ ذُلِّي، وَ تُؤْنِسَ وَحْشَتِي، وَ أَنْ تُكْثِرَ قِلَّتِي، وَ أَنْ تُدِرَّ رِزْقِي فِي عَافِيَةٍ وَ يُسْرٍ، وَ خَفْضِ عَيْشٍ، وَ تَكْفِيَنِي كُلَّ مَا أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ آخِرَتِي، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فَأَعْجِزَ عَنْهَا، وَ لاَ إِلَى اَلنَّاسِ فَيَرْفُضُونِي، وَ عَافِنِي فِي بَدَنِي وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي، وَ بِأَهْلِ مَوَدَّتِي وَ جِيرَانِي، وَ إِخْوَانِي وَ ذُرِّيَّتِي، وَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالْأَمْنِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي.

تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ قَدَّمْتُهُمْ إِلَيْكَ أَمَامِي وَ أَمَامَ حَاجَتِي وَ طَلِبَتِي وَ تَضَرُّعِي وَ مَسْأَلَتِي، فَاجْعَلْنِي بِهِمْ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، فَإِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ فَاخْتِمْ بِهَا اَلسَّعَادَةَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، فَإِنَّكَ وَلِيِّي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ، وَ لاَ تُبْطِلَنَّ عَمَلِي وَ طَمَعِي وَ رَجَائِي لَدَيْكَ، فَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ، وَ قَدَّمْتُهُمْ إِلَيْكَ أَمَامِي وَ أَمَامَ حَاجَتِي وَ طَلِبَتِي وَ تَضَرُّعِي وَ مَسْأَلَتِي، فَاجْعَلْنِي بِهِمْ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ، فَإِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ، فَاخْتِمْ لِي بِهَا اَلسَّعَادَةَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

ص: 342

اَللَّهُمَّ وَ لاَ تُبْطِلْ عَمَلِي وَ طَمَعِي وَ رَجَائِي - يَا إِلَهِي - وَ مَسْأَلَتِي، وَ اِخْتِمْ لِي بِالسَّعَادَةِ وَ اَلسَّلاَمَةِ وَ اَلْإِسْلاَمِ، وَ اَلْأَمْنِ وَ اَلْإِيمَانِ، وَ اَلْمَغْفِرَةِ وَ اَلرِّضْوَانِ، وَ اَلشَّهَادَةِ وَ اَلْحِفْظِ. يَا مَنْزُولاً بِهِ كُلُّ حَاجَةٍ، يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ أَنْتَ لِكُلِّ حَاجَةٍ، فَتَوَلَّ عَاقِبَتَهَا، وَ لاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ بِشَيْ ءٍ لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ مِنْ أَمْرِ اَلدُّنْيَا، وَ فَرِّغْنَا لِأَمْرِ اَلْآخِرَةِ يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَحَنَّنْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ وَ سَلَّمْتَ وَ تَحَنَّنْتَ وَ مَنَنْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ(1).

وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَدْعُوَ عَقِيبَ صَلاَةِ اَلْعِيدِ فَتَقُولَ: يَا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لاَ تَرْحَمُهُ اَلْعِبَادُ، يَا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ لاَ تَقْبَلُهُ اَلْبِلاَدُ، يَا مَنْ لاَ يُحْتَقَرُ أَهْلُ اَلْحَاجَةِ إِلَيْهِ، يَا مَنْ لاَ يَخِيبُ اَلْمُلِحِّينَ عَلَيْهِ، يَا مَنْ لاَ يَجْبَهُ (2) بِالرَّدِّ أَهْلَ اَلدَّالَّةِ عَلَيْهِ، يَا مَنْ يَجْتَبِي صَغِيرَ مَا يُتْحَفُ بِهِ، وَ يَشْكُرُ يَسِيرَ مَا يُعْمَلُ لَهُ، يَا مَنْ يَشْكُرُ عَلَى اَلْقَلِيلِ وَ يُجَازِي بِالْجَزِيلِ، يَا مَنْ يَدْنُو إِلَى مَنْ دَنَا مِنْهُ، يَا مَنْ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ، يَا مَنْ لاَ يُغَيِّرُ اَلنِّعْمَةَ وَ لاَ يُبَادِرُ بِالنَّقِمَةِ، يَا مَنْ يُثْمِرُ اَلْحَسَنَةَ حَتَّى يُنْمِيَهَا، يَا مَنْ يَتَجَاوَزُ عَنِ اَلسَّيِّئَةِ حَتَّى يُعْفِيَهَا، اِنْصَرَفَتِ اَلْآمَالُ دُونَ مَدَى كَرَمِكَ بِالْحَاجَاتِ، وَ اِمْتَلَأَتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أَوْعِيَةُ اَلْطَلِبَاتِ، وَ تَفَسَّخَتْ دُونَ بُلُوغِ نَعْتِكَ اَلصِّفَاتُ، فَلَكَ اَلْعُلُوُّ اَلْأَعْلَى فَوْقَ كُلِّ عَالٍ، وَ اَلْجَلاَلُ اَلْأَمْجَدُ فَوْقَ كُلِّ جَلاَلٍ، كُلُّ جَلِيلٍ عِنْدَكَ صَغِيرٌ، وَ كُلُّ شَرِيفٍ فِي كَنَفِ (3) شَرَفِكَ حَقِيرٌ.

ص: 343


1- أورد المفيد في المقنعة 194 قطعة منه، و اورده الطّوسيّ في مصباحه: 595.
2- أيّ لا يستقبل.
3- في نسخة «م»: جنب.

خَابَ اَلْوَافِدُونَ عَلَى غَيْرِكَ، وَ خَسِرَ اَلْمُتَعَرِّضُونَ إِلاَّ لَكَ، وَ ضَاعَ اَلْمُلِمُّونَ إِلاَّ بِكَ، وَ أَجْدَبَ اَلْمُنْتَجِعُونَ إِلاَّ مَنِ اِنْتَجَعَ فَضْلَكَ.

بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ، وَ جُودُكَ مُبَاحٌ لِلسَّائِلِينَ، وَ إِغَاثَتُكَ قَرِيبَةٌ مِنَ اَلْمُسْتَغِيثِينَ. لاَ يَخِيبُ مِنْكَ اَلْآمِلُونَ، وَ لاَ يَيْأَسُ مِنْ عَطَائِكَ اَلْمُتَعَرِّضُونَ، وَ لاَ يَشْقَى بِنَقِمَتِكَ اَلْمُسْتَغْفِرُونَ. رِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصَاكَ، وَ حِلْمُكَ مُتَعَرِّضٌ لِمَنْ نَاوَاكَ، عَادَتُكَ اَلْإِحْسَانُ إِلَى اَلْمُسِيئِينَ، وَ سُنَّتُكَ اَلْإِبْقَاءُ عَلَى اَلْمُعْتَدِينَ، حَتَّى لَقَدْ غَرَّتْهُمْ أَنَاتُكَ عَنِ اَلنُّزُوعِ، وَ صَدَّهُمْ إِمْهَالُكَ عَنِ اَلرُّجُوعِ، وَ إِنَّمَا تَأَنَّيْتَ بِهِمْ لِيَفِيئُوا إِلَى أَمْرِكَ، وَ أَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوَامِ مُلْكِكَ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلسَّعَادَةِ خَتَمْتَ لَهُ بِهَا، وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّقَاوَةِ خَذَلْتَهُ لَهَا. كُلُّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى ظِلِّكَ، وَ أُمُورُهُمْ آيِلَةٌ إِلَى أَمْرِكَ، لَمْ يُهَنْ عَلَى طُولِ مُدَّتِهِمْ سُلْطَانُكَ، وَ لَمْ يُدْحَضْ لِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بُرْهَانُكَ.

حُجَّتُكَ قَائِمَةٌ لاَ تَحُولُ، وَ سُلْطَانُكَ ثَابِتٌ لاَ يَزُولُ، فَالْوَيْلُ اَلدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْكَ، وَ اَلْخَيْبَةُ اَلْخَاذِلَةُ لِمَنْ خَابَ مِنْكَ، وَ اَلشَّقَاءُ اَلْأَشْقَى لِمَنِ اِغْتَرَّ بِكَ، مَا أَكْثَرَ تَصَرُّفَهُ فِي عَذَابِكَ! وَ مَا أَطْوَلَ تَرَدُّدَهُ فِي عِقَابِكَ! وَ مَا أَبْعَدَ غَايَتَهُ مِنَ اَلْفَرَجِ! وَ مَا أَقْنَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ اَلْمَخْرَجِ! عَدْلاً مِنْ قَضَائِكَ لاَ تَجُورُ فِيهِ، وَ إِنْصَافاً مِنْ حُكْمِكَ لاَ تَحِيفُ عَلَيْهِ، فَقَدْ ظَاهَرْتَ اَلْحُجَجَ، وَ أَبْلَيْتَ اَلْأَعْذَارَ، وَ قَدْ تَقَدَّمْتَ بِالْوَعِيدِ، وَ تَلَطَّفْتَ فِي اَلتَّرْغِيبِ، وَ ضَرَبْتَ اَلْأَمْثَالَ، وَ أَطَلْتَ اَلْإِمْهَالَ، وَ أَخَّرْتَ وَ أَنْتَ مُسْتَطِيعٌ لِلْمُعَاجَلَةِ، وَ تَأَنَّيْتَ وَ أَنْتَ مَلِيٌّ بِالْمُبَادَرَةِ.

لَمْ تَكُنْ أَنَاتُكَ عَجْزاً، وَ لاَ إِمْهَالُكَ وَهْناً، وَ لاَ إِمْسَاكُكَ غَفْلَةً، وَ لاَ إِنْظَارُكَ مُدَارَاةً، بَلْ لِتَكُونَ حُجَّتُكَ اَلْأَبْلَغُ، وَ كَرَمُكَ اَلْأَكْمَلُ، وَ إِحْسَانُكَ اَلْأَوْفَى، وَ نِعْمَتُكَ اَلْأَتَمُّ، وَ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ وَ لَمْ تَزَلْ، وَ هُوَ كَائِنٌ وَ لاَ تَزُولُ.

نِعْمَتُكَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُوصَفَ بِكُلِّهَا، وَ مَجْدُكَ أَرْفَعُ مِنْ أَنْ يُحَدَّ بِكُنْهِهِ، وَ نِعْمَتُكَ

ص: 344

أَكْبَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى بِأَسْرِهَا، وَ إِحْسَانُكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُشْكَرَ عَلَى أَقَلِّهِ.

قَدْ قَصَّرَ بِيَ اَلسُّكُوتُ عَنْ تَحْمِيدِكَ، وَ فَهَّهَنِي(1) اَلْإِمْسَاكُ عَنْ تَمْجِيدِكَ، وَ قُصَارَايَ اَلسُّكُوتُ عَنْ تَحْمِيدِكَ (2) بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، لاَ رَغْبَةً يَا إِلَهِي بَلْ عَجْزاً.

فَهَا أَنَا ذَا يَا إِلَهِي أَؤُمُّكَ بِالْوِفَادَةِ، وَ أَسْأَلُكَ حُسْنَ اَلرِّفَادَةِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِسْمَعْ نَجْوَايَ، وَ اِسْتَجِبْ دُعَائِي، وَ لاَ تَخْتِمْ يَوْمِي بِخَيْبَتِي، وَ لاَ تَجْبَهْنِي بِالرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِي، وَ أَكْرِمْ مِنْ عِنْدِكَ مُنْصَرَفِي، وَ إِلَيْكَ مُنْقَلَبِي، إِنَّكَ غَيْرُ ضَائِقٍ عَمَّا تُرِيدُ، وَ لاَ عَاجِزٍ عَمَّا تُسْأَلُ، وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ (3).

و يستحب أيضا أن يدعو بدعاء الندبة، و سيأتي ذكره في الفصل السابع عشر عقيب زيارات صاحب الأمر عليه السّلام،

فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الدُّعَاءِ فَلْيَسْجُدْ وَ يَقُولُ:

أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَارٍ حَرُّهَا لاَ يُطْفَأُ، وَ جَدِيدُهَا لاَ يَبْلَى، وَ عَطْشَانُهَا لاَ يُرْوَى.

ثُمَّ يُقَلِّبُ خَدَّهُ اَلْأَيْمَنَ وَ يَقُولُ:

إِلَهِي لاَ تُقَلِّبْ وَجْهِي فِي اَلنَّارِ بَعْدَ سُجُودِي وَ تَعْفِيرِي لَكَ، بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ بَلْ لَكَ اَلْمَنُّ عَلَيَّ.

ثُمَّ يُقَلِّبُ خَدَّهُ اَلْأَيْسَرَ وَ يَقُولُ:

اِرْحَمْ مَنْ أَسَاءَ وَ اِقْتَرَفَ، وَ اِسْتَكَانَ وَ اِعْتَرَفَ.

ثُمَّ يَعُودُ الى اَلسُّجُودِ وَ يَقُولُ:

ص: 345


1- الفهه و الفهاهة: العيّ، أيّ التلعثم و عدم القدرة على الكلام. انظر: الصّحاح - فهه 2245:6.
2- في نسخة «م»: تمجيدك.
3- دعا به الامام السّجّاد في الصّحيفة: 313 و أورده الطّوسيّ في مصباحه: 328، و الكفعميّ في مصباحه: 433، و ابن المشهديّ في مزاره: 661، و المصنّف في جمال الاسبوع: 423.

إِنْ كُنْتُ بِئْسَ اَلْعَبْدُ فَأَنْتَ نِعْمَ اَلرَّبُّ، عَظُمَ اَلذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ اَلْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ، يَا كَرِيمُ، اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ (مِائَةَ مَرَّةٍ)(1).

و لا تقطع يومك هذا باللعب و الإهمال، و أنت لا تعلم أ مردود أم مقبول الأعمال، فإن رجوت القبول فقابل ذلك بالشكر الجميل، و إن خفت الرد فكن أسير الحزن الطويل.

ص: 346


1- اورد الكليني في الكافي 22/238:3 قطعة منه. و اورده ابن المشهدي في مزاره: 925.

ذكر فضل زيارة عرفة و مختار من العمل

اشارة

يستحب زيارته صلوات اللّه عليه ليلة عرفة و يومها، و قد ورد في ذلك فضل عظيم ينافس عليه الموفق العليم.

رُوِيَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، أَوْ قَالَ: مَنْ زَارَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ أَرْضَ كَرْبَلاَءَ وَ أَقَامَ بِهَا حَتَّى يُعَيِّدَ ثُمَّ يَنْصَرِفَ وَقَاهُ اَللَّهُ شَرَّ سَنَتِهِ (1).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ نَظَرَ اَللَّهُ إِلَى زُوَّارِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: اِرْجِعُوا مَغْفُوراً لَكُمْ مَا مَضَى، وَ لاَ يُكْتَبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ ذَنْبٌ سَبْعِينَ يَوْماً مِنْ يَوْمِ يَنْصَرِفُ (2).

وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَوْمَ عَرَفَةَ كَتَبَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ أَلْفَ حَجَّةٍ مَعَ اَلْقَائِمِ، وَ أَلْفَ عُمْرَةٍ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ عِتْقَ أَلْفِ أَلْفِ نَسَمَةٍ، وَ حُمْلاَنَ أَلْفِ أَلْفِ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ سَمَّاهُ اَللَّهُ عَبْدِيَ اَلصِّدِّيقُ آمَنَ بِوَعْدِي(3)... تَمَامَ الْحَدِيثِ. و الذي ورد في هذا المعنى كثير جدا.

شرح زيارة يوم عرفة:

إذا أتيت مشهده عليه السّلام فاغتسل للزيارة، و البس أطهر ثيابك، و اقصد

ص: 347


1- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 269، و المفيد في مزاره 3/56 و الطوسي في مصباحه: 659، و ابن المشهدي في مزاره: 489.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 171، و الطوسي في مصباحه: 659، و المصنف في اقبال الاعمال: 332، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 17/88:101.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 172، و المفيد في مزاره 1/53 و الطوسي في مصباحه: 658، و في التهذيب 113/49:6، و ابن المشهدي في مزاره: 487، و المصنف في اقبال الاعمال: 332، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 19/88:101.

حضرته الشريفة، وقف على الباب فكبّر اللّه تعالى وَ قُلْ:

اَللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً، وَ سُبْحَانَ اَللَّهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي هَدٰانٰا لِهٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لاٰ أَنْ هَدٰانَا اَللّٰهُ لَقَدْ جٰاءَتْ رُسُلُ رَبِّنٰا بِالْحَقِّ (1) اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْبَاقِرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، اَلسَّلاَمُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْخَلَفِ اَلصَّالِحِ اَلْمُنْتَظَرِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، عَبْدُكَ وَ اِبْنُ عَبْدِكَ وَ اِبْنُ أَمَتِكَ، اَلْمُوَالِي لِوَلِيِّكَ، اَلْمُعَادِي لِعَدُوِّكَ، اِسْتَجَارَ بِمَشْهَدِكَ، وَ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ بِقَصْدِكَ.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي هَدَانِي لِوَلاَيَتِكَ، وَ خَصَّنِي بِزِيَارَتِكَ، وَ سَهَّلَ لِي قَصْدَكَ.

ثُمَّ تَدْخُلُ وَ تَقِفُ مِمَّا يَلِي اَلرَّأْسَ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ مُحَمَّدٍ اَلْمُصْطَفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَدِيجَةَ اَلْكُبْرَى، اَلسَّلاَمُ

ص: 348


1- الأعراف 43:7.

عَلَيْكَ يَا ثَارَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ ثَارِهِ، وَ اَلْوَتْرَ اَلْمَوْتُورَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ، وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ أَطَعْتَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ حَتَّى آتَاكَ اَلْيَقِينُ، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ، يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، أُشْهِدُ اَللَّهَ وَ مَلاَئِكَتَهُ، وَ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ، أَنِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَ بِإِيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِعِ دِينِي، وَ خَوَاتِيمِ عَمَلِي (وَ قَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ وَ أَمْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ)(1) فَصَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ، وَ عَلَى أَجْسَادِكُمْ، وَ عَلَى شَاهِدِكُمْ وَ غَائِبِكُمْ، وَ ظَاهِرِكُمْ وَ بَاطِنِكُمْ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، وَ اِبْنَ إِمَامِ اَلْمُتَّقِينَ، وَ اِبْنَ قَائِدِ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ إِلَى جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ.

وَ كَيْفَ لاَ تَكُونُ كَذَلِكَ وَ أَنْتَ بَابُ اَلْهُدَى، وَ إِمَامُ اَلتُّقَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا، وَ خَامِسُ أَصْحَابِ (2) اَلْكِسَاءِ (3)، غَذَّتْكَ يَدُ اَلرَّحْمَةِ، وَ رَضَعْتَ مِنْ ثَدْيِ اَلْإِيمَانِ، وَ رُبِّيتَ فِي حَجْرِ اَلْإِسْلاَمِ. فَالنَّفْسُ غَيْرُ رَاضِيَةٍ بِفِرَاقِكَ، وَ لاَ شَاكَّةٍ فِي حَيَاتِكَ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ (وَ أَبْنَائِكَ)(4).

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَرِيعَ اَلْعَبْرَةِ اَلسَّاكِبَةِ، وَ قَرِينَ اَلْمُصِيبَةِ اَلرَّاتِبَةِ، لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً اِسْتَحَلَّتْ مِنْكَ اَلْمَحَارِمَ، وَ اِنْتَهَكَتْ فِيكَ حُرْمَةَ اَلْإِسْلاَمِ، فَقُتِلْتَ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ - مَقْهُوراً، وَ أَصْبَحَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِكَ مَوْتُوراً، وَ أَصْبَحَ كِتَابُ اَللَّهِ بِفَقْدِكَ مَهْجُوراً.

ص: 349


1- لم تردّ في نسخة «ه» و «ع».
2- في نسخة «م»: اهل.
3- في نسخة «ه»: العبا.
4- لم تردّ في نسخة «ع».

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى جَدِّكَ وَ أَبِيكَ، وَ أُمِّكَ وَ أَخِيكَ، وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ بَنِيكَ، وَ عَلَى اَلْمُسْتَشْهَدِينَ مَعَكَ، وَ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْحَافِّينَ بِقَبْرِكَ، وَ اَلشَّاهِدِينَ لِزُوَّارِكَ، اَلْمُؤْمِنِينَ بِالْقَبُولِ عَلَى دُعَاءِ شِيعَتِكَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا بَا عَبْدِ اَللَّهِ، لَقَدْ عَظُمَتِ اَلرَّزِيَّةُ، وَ جَلَّتِ اَلْمُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنَا وَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَ أَلْجَمَتْ وَ تَهَيَّأَتْ لِقِتَالِكَ، يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، قَصَدْتُ حَرَمَكَ، وَ أَتَيْتُ مَشْهَدَكَ، أَسْأَلُ اَللَّهَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَكَ عِنْدَهُ، وَ بِالْمَحَلِّ اَلَّذِي لَكَ لَدَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، بِمَنِّهِ وَ جُودِهِ وَ كَرَمِهِ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ صَلِّ عِنْدَ اَلرَّأْسِ رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فِيهِمَا مَا أَحْبَبْتَ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ وَ رَكَعْتُ وَ سَجَدْتُ لَكَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، لِأَنَّ اَلصَّلاَةَ وَ اَلرُّكُوعَ وَ اَلسُّجُودَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ لَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَبْلِغْهُمْ عَنِّي أَفْضَلَ اَلتَّحِيَّةِ وَ اَلسَّلاَمِ، وَ اُرْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُمُ اَلتَّحِيَّةَ وَ اَلسَّلاَمَ.

اَللَّهُمَّ وَ هَاتَانِ اَلرَّكْعَتَانِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى مَوْلاَيَ وَ سَيِّدِي وَ إِمَامِيَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي، وَ آجِرْنِي عَلَى ذَلِكَ أَفْضَلَ أَمَلِي وَ رَجَائِي فِيكَ وَ فِي وَلِيِّكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ صِرْ إِلَى عِنْدِ رِجْلَيِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ زُرْ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلَيِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ قُلْ:

ص: 350

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْحُسَيْنِ اَلشَّهِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلشَّهِيدُ اِبْنَ اَلشَّهِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمَظْلُومُ اِبْنَ اَلْمَظْلُومِ، لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ وَلِيِّهِ (1)، لَقَدْ عَظُمَتِ اَلْمُصِيبَةُ، وَ جَلَّتِ اَلرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنَا وَ عَلَى جَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَيْكَ مِنْهُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

ثُمَّ تَوَجَّهْ إِلَى اَلشُّهَدَاءِ فَزُرْهُمْ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ وَ أَحِبَّاءَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَصْفِيَاءَ اَللَّهِ وَ أَوِدَّاءَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ دِينِ اَللَّهِ وَ أَنْصَارَ نَبِيِّهِ وَ أَنْصَارَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْصَارَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنِ اَلْوَلِيِّ اَلنَّاصِحِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَنْصَارَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنِ اَلشَّهِيدِ اَلْمَظْلُومِ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي، طِبْتُمْ وَ طَابَتِ اَلْأَرْضُ اَلَّتِي فِيهَا دُفِنْتُمْ، وَ فُزْتُمْ وَ اَللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً، يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ مَعَكُمْ فِي اَلْجِنَانِ مَعَ اَلشُّهَدَاءِ وَ اَلصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ عُدْ إِلَى عِنْدِ رَأْسِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ اِسْتَكْثِرْ مِنَ اَلدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ وَ لِأَهْلِكَ وَ إِخْوَانِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ. فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ فَوَدِّعْهُ وَ اَلشُّهَدَاءَ بِبَعْضِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ وَدَاعِهِمْ.

ثُمَّ اِمْضِ إِلَى مَشْهَدِ اَلْعَبَّاسِ اِبْنِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، فَإِذَا أَتَيْتَهُ

ص: 351


1- في نسخة «م»: السّلام عليك يا صفيّ اللّه و ابن صفيّه.

فَقِفْ عَلَى قَبْرِهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْفَضْلِ اَلْعَبَّاسَ اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَوَّلِ اَلْقَوْمِ إِسْلاَماً، وَ أَقْدَمِهِمْ إِيمَاناً، وَ أَقْوَمِهِمْ بِدِينِ اَللَّهِ، وَ أَحْوَطِهِمْ عَلَى اَلْإِسْلاَمِ.

أَشْهَدُ لَقَدْ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَخِيكَ، فَنِعْمَ اَلْأَخُ اَلْمُوَاسِي، فَلَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَ لَعَنَ اَللَّهُ أُمَّةً اِسْتَحَلَّتْ مِنْكَ اَلْمَحَارِمَ، وَ اِنْتَهَكَتْ فِي قَتْلِكَ حُرْمَةَ اَلْإِسْلاَمِ، فَنِعْمَ اَلْأَخُ اَلصَّابِرُ اَلْمُجَاهِدُ اَلْمُحَامِي اَلنَّاصِرُ، وَ اَلْأَخُ اَلدَّافِعُ عَنْ أَخِيهِ، اَلْمُجِيبُ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِ، اَلرَّاغِبُ فِي مَا زَهِدَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ اَلثَّوَابِ اَلْجَزِيلِ، وَ اَلثَّنَاءِ اَلْجَمِيلِ، وَ أَلْحَقَكَ اَللَّهُ بِدَرَجَةِ آبَائِكَ فِي دَارِ اَلنَّعِيمِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

ثُمَّ اِنْكَبَّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ لَكَ تَعَرَّضْتُ، وَ لِزِيَارَةِ أَوْلِيَائِكَ قَصَدْتُ، رَغْبَةً فِي ثَوَابِكَ، وَ رَجَاءً لِمَغْفِرَتِكَ وَ جَزِيلِ إِحْسَانِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ رِزْقِي بِهِمْ دَارّاً، وَ عَيْشِي بِهِمْ قَارّاً، وَ زِيَارَتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً، وَ ذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً، وَ اِقْلِبْنِي بِهِمْ مُفْلِحاً مُنْجِحاً، مُسْتَجَاباً دُعَائِي بِأَفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ زُوَّارِهِ وَ اَلْقَاصِدِينَ إِلَيْهِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (1).

ثم قبّل الضريح و صلّ عنده صلاة الزيارة و ما بدا لك، فإذا أردت وداعه عليه السّلام فودّعه ببعض ما قدّمناه من وداعاته، و قد تقدّم في الفصل التاسع عقيب زيارة الحسين عليه السّلام الأولى زيارة العبّاس و فيها بعض هذه الألفاظ، و إنّما أعدناها اتباعا للمنقول، فاعلم ذلك(2).

ص: 352


1- أوردها المفيد في مزاره: 76 (مخطوط)، و الشهيد في مزاره: 170، و ابن المشهدي في مزاره: 667، و المصنف في الاقبال: 332، نقلها المجلسي في بحار الأنوار 1/365:101.
2- نقلها المجلسي في بحار الأنوار 365:101.

و من عمل يوم عرفة

أَنْ تَقُولَ:

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عَدَدَ اَللَّيَالِي وَ اَلدُّهُورِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عَدَدَ أَمْوَاجِ اَلْبُحُورِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ رَحْمَتُهُ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عَدَدَ اَلشَّوْكِ وَ اَلشَّجَرِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عَدَدَ اَلشَّعْرِ وَ اَلْوَبَرِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عَدَدَ اَلْحَجَرِ وَ اَلْمَدَرِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عَدَدَ لَمْحِ اَلْعُيُونِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ فِي اَللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَ فِي اَلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عَدَدَ اَلرِّيَاحِ فِي اَلْبَرَارِي وَ اَلْصُخُورِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي اَلصُّورِ(1).

فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ اَلْعَشْرِ هَذَا اَلتَّهْلِيلَ أَعْطَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ تَهْلِيلَةٍ دَرَجَةً فِي اَلْجَنَّةِ مِنَ اَلدُّرِّ وَ اَلْيَاقُوتِ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِائَةَ عَامٍ لِلرَّاكِبِ اَلْمُسْرِعِ، فِي كُلِّ دَرَجَةٍ مَدِينَةٌ فِيهَا قَصْرٌ مِنْ جَوْهَرٍ وَاحِدٍ لاَ فَصْلَ فِيهَا، فِي كُلِّ مَدِينَةٍ مِنْ تِلْكَ اَلْمَدَائِنِ مِنْ تَفَاصِيلِ اَلْعَطَاءِ لاَ يَهْتَدِي لَهُ وَصْفُ اَلْبُلَغَاءِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ أَضَاءَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ مِنْهُ نُوراً، وَ اِبْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَحُفُّونَهُ إِلَى بَابِ اَلْجَنَّةِ»(2).

ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. و هو عطاء عظيم جسيم حذفنا شرحه كراهيّة الإطالة.

فإذا زالت الشمس فاغتسل مندوبا، و تزوّد من صالح الأعمال، فإنه يوم دعاء و سؤال. فإذا صلّيت الظهرين و عقبت بما تشاء فابرز تحت السماء، و تخيّر لنفسك من الدعاء، و كبّر اللّه تعالى (مائة مرة) و احمده (مائة مرة) و أقرأ قل هو اللّه أحد (مائة مرة)، ثُمَّ اُدْعُ بِدُعَاءِ اَلْمَوْقِفِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ لِزَيْنِ اَلْعَابِدِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ هُوَ:

ص: 353


1- رواه الصّدوق في ثواب الاعمال: 97، و ابن المشهديّ في مزاره: 637، و المصنّف في الاقبال: 324.
2- اورده الصّدوق في ثواب الأعمال: 97، و ابن المشهديّ في مزاره: 637، و المصنّف في الاقبال: 324.

اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَللَّهُ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ، وَ أَنْتَ اَللَّهُ اَلرَّحْمَنُ اَلرَّحِيمُ، وَ أَنْتَ اَللَّهُ اَلدَّائِبُ فِي غَيْرِ وَصَبٍ وَ لاَ نَصَبٍ، وَ لاَ تَشْغَلُكَ رَحْمَتُكَ عَنْ عَذَابِكَ، وَ لاَ عَذَابُكَ عَنْ رَحْمَتِكَ، خَفِيتَ مِنْ غَيْرِ مَوْتِ، وَ ظَهَرْتَ فَلاَ شَيْ ءَ فَوْقَكَ، وَ تَقَدَّسْتَ فِي عُلُوِّكَ، وَ تَرَدَّيْتَ بِالْكِبْرِيَاءِ فِي اَلْأَرْضِ وَ فِي اَلسَّمَاءِ، وَ قَوِيتَ فِي سُلْطَانِكَ، وَ دَنَوْتَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ فِي اِرْتِفَاعِكَ، وَ خَلَقْتَ اَلْخَلْقَ بِقُدْرَتِكَ، وَ قَدَّرْتَ اَلْأُمُورَ بِعِلْمِكَ، وَ قَسَمْتَ اَلْأَرْزَاقَ بِعَدْلِكَ، وَ نَفَذَ كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْمُكَ، وَ حَارَتِ اَلْأَبْصَارُ دُونَكَ، وَ قَصُرَ دُونَكَ طَرْفُ كُلِّ طَارِفٍ، وَ كَلَّتِ اَلْأَلْسُنُ عَنْ صِفَاتِكَ، وَ غَشِيَ بَصَرَ كُلِّ نَاظِرٍ نُورُكَ، وَ مَلَأْتَ بِعَظَمَتِكَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ، وَ اِبْتَدَأْتَ اَلْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ نَظَرْتَ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ سَبَقَكَ إِلَى صَنْعَةِ شَيْ ءٍ مِنْهُ، وَ لَمْ تُشَارَكْ فِي خَلْقِكَ، وَ لَمْ تَسْتَعِنْ بِأَحَدٍ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِكَ، وَ لَطُفْتَ فِي عَظَمَتِكَ، وَ اِنْقَادَ لِعَظَمَتِكَ كُلُّ شَيْ ءٍ، وَ ذَلَّ لِعِزِّكَ كُلُّ شَيْ ءٍ.

أُثْنِي عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي، وَ مَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ فِي مَدْحِكَ ثَنَائِي مَعَ قِلَّةِ عَمَلِي، وَ قِصَرِ رَأْيِي، وَ أَنْتَ يَا رَبِّ اَلْخَالِقُ وَ أَنَا اَلْمَخْلُوقُ، وَ أَنْتَ اَلْمَالِكُ وَ أَنَا اَلْمَمْلُوكُ، وَ أَنْتَ اَلرَّبُّ وَ أَنَا اَلْعَبْدُ، وَ أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَ أَنَا اَلْفَقِيرُ، وَ أَنْتَ اَلْمُعْطِي وَ أَنَا اَلسَّائِلُ، وَ أَنْتَ اَلْغَفُورُ وَ أَنَا اَلْخَاطِئُ، وَ أَنْتَ اَلْحَيُّ اَلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَ أَنَا خَلْقٌ أَمُوتُ.

يَا مَنْ خَلَقَ اَلْخَلْقَ، وَ دَبَّرَ اَلْأُمُورَ فَلَمْ يُقَايِسْ شَيْئاً بِشَيْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَ لَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى خَلْقِهِ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ أَمْضَى اَلْأُمُورَ عَلَى قَضَائِهِ، وَ أَجَّلَهَا إِلَى أَجَلٍ قَضَى فِيهَا بِعَدْلِهِ، وَ عَدَلَ فِيهَا بِفَضْلِهِ، وَ فَصَلَ فِيهَا بِحُكْمِهِ، وَ حَكَمَ فِيهَا بِعَدْلِهِ، وَ عَلِمَهَا بِحِفْظِهِ، ثُمَّ جَعَلَ مُنْتَهَاهَا إِلَى مَشِيئَتِهِ، وَ مُسْتَقَرَّهَا إِلَى مَحَبَّتِهِ، وَ مَوَاقِيتَهَا إِلَى قَضَائِهِ.

لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ، وَ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَ لاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَ لاَ مُسْتَزَاحَ عَنْ أَمْرِهِ، وَ لاَ مَحِيصَ لِقَدْرِهِ، وَ لاَ خُلْفَ لِوَعْدِهِ، وَ لاَ مُتَخَلِّفَ عَنْ دَعْوَتِهِ، وَ لاَ يُعْجِزُهُ شَيْ ءٌ طَلَبَهَ، وَ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَحَدٌ أَرَادَهُ، وَ لاَ يَعْظُمُ عَلَيْهِ شَيْ ءٌ فَعَلَهُ، وَ لاَ يَكْبُرُ عَلَيْهِ شَيْ ءٌ

ص: 354

صَنَعَهُ، وَ لاَ يَزِيدُ فِي سُلْطَانِهِ طَاعَةُ مُطِيعٍ، وَ لاَ يَنْقُصُهُ مَعْصِيَةُ عَاصٍ، وَ لاَ يُبَدَّلُ اَلْقَوْلُ لَدَيْهِ، وَ لاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً.

اَلَّذِي مَلِكَ اَلْمُلُوكُ بِقُدْرَتِهِ، وَ اِسْتَعْبَدَ اَلْأَرْبَابُ بِعِزَّتِهِ، وَ سَادَ اَلْعُظَمَاءُ بِجُودِهِ، وَ عَلاَ اَلسَّادَةُ بِمَجْدِهِ، وَ اِنْهَدَّتِ اَلْمُلُوكُ لِهَيْبَتِهِ، وَ عَلاَ أَهْلُ اَلسُّلْطَانِ بِسُلْطَانِهِ وَ رُبُوبِيَّتِهِ، وَ أَبَادَ اَلْجَبَابِرَةُ بِقَهْرِهِ، وَ أَذَلَّ اَلْعُظَمَاءُ بِعِزِّهِ، وَ أَسَّسَ اَلْأُمُورَ بِقُدْرَتِهِ، وَ بَنَى اَلْمَعَالِيَ بِسُؤْدَدِهِ، وَ تَمَجَّدَ بِفَخْرِهِ، وَ فَخَرَ بِعِزِّهِ، وَ عَزَّ بِجَبَرُوتِهِ، وَ وَسِعَ كُلُّ شَيْ ءٍ بِرَحْمَتِهِ.

إِيَّاكَ أَدْعُو، وَ إِيَّاكَ أَسْأَلُ، وَ مِنْكَ أَطْلُبُ، وَ إِلَيْكَ أَرْغَبُ، يَا غَايَةَ اَلْمُسْتَضْعَفِينَ، وَ يَا صَرِيخَ اَلْمُسْتَصْرِخِينَ، وَ مُعْتَمِدَ اَلْمُضْطَهَدِينَ، وَ مُنْجِيَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ مُثِيبَ (1) اَلصَّابِرِينَ، وَ عِصْمَةَ اَلصَّالِحِينَ، وَ حِرْزَ اَلْعَارِفِينَ، وَ أَمَانَ اَلْخَائِفِينَ، وَ ظَهْرَ اَللاَّجِئِينَ، وَ جَارَ اَلْمُسْتَجِيرِينَ، وَ طَالِبَ اَلْغَادِرِينَ، وَ مُدْرِكَ اَلْهَارِبِينَ، وَ أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وَ خَيْرَ اَلنَّاصِرِينَ، وَ خَيْرَ اَلْفَاضِلِينَ، وَ خَيْرَ اَلْغَافِرِينَ، وَ أَحْكَمَ اَلْحَاكِمِينَ، وَ أَسْرَعَ اَلْحَاسِبِينَ.

لاَ يَمْتَنِعُ عَنْ بَطْشِهِ شَيْ ءٌ، وَ لاَ يُنْتَصَرُ مَنْ عَاقَبَهُ، وَ لاَ يُحْتَالُ لِكَيْدِهِ، وَ لاَ يُدْرَكُ عِلْمُهُ، وَ لاَ يُدْرَأُ مُلْكُهُ، وَ لاَ يُقْهَرُ عِزُّهُ، وَ لاَ يُذَلُّ اِسْتِكْبَارُهُ، وَ لاَ يُبْلَغُ جَبَرُوتُهُ، وَ لاَ تَصْغُرُ عَظَمَتُهُ، وَ لاَ يَضْمَحِلُّ فَخْرُهُ، وَ لاَ يَتَضَعْضَعُ رُكْنُهُ، وَ لاَ تُرَامُ قُوَّتُهُ.

اَلْمُحْصِي لِبَرِيَّتِهِ، اَلْحَافِظُ أَعْمَالَ خَلْقِهِ، لاَ ضِدَّ لَهُ، وَ لاَ نِدَّ لَهُ، وَ لاَ وَلَدَ لَهُ، وَ لاَ صَاحِبَةَ لَهُ، وَ لاَ سَمِيَّ لَهُ، وَ لاَ قَرِيبَ لَهُ، وَ لاَ كُفْوَ لَهُ، وَ لاَ شَبِيهَ لَهُ، وَ لاَ نضير [نَظِيرَ] لَهُ، وَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ، وَ لاَ يَبْلُغُ شَيْ ءٌ مَبْلَغَهُ وَ لاَ يَقْدِرُ شَيْ ءٌ قُدْرَتَهُ، وَ لاَ يُدْرِكُ شَيْ ءٌ أَثَرَهُ، وَ لاَ يَنْزِلُ شَيْ ءٌ مَنْزِلَتَهُ، وَ لاَ يُدْرَكُ شَيْ ءٌ أَحْرَزَهُ، وَ لاَ يَحُولُ دُونَهُ شَيْ ءٌ.

ص: 355


1- في نسخة «ع»: و مثبت.

بَنَى اَلسَّمَاوَاتِ فَأَتْقَنَهُنَّ وَ مَا فِيهِنَّ بِعَظَمَتِهِ، وَ دَبَّرَ أَمْرَهُ فِيهِنَّ بِحِكْمَتِهِ، فَكَانَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، لاَ بِأَوَّلِيَّةٍ قَبْلَهُ، وَ لاَ بِآخِرِيَّةٍ بَعْدَهُ، وَ كَانَ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ، يَرَى وَ لاَ يُرَى وَ هُوَ بِالْمَنْظَرِ اَلْأَعْلَى، يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ اَلْعَلاَنِيَةَ، وَ لاَ تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَ لَيْسَ لِنَقِمَتِهِ وَاقِيَةٌ. يَبْطِشُ اَلْبَطْشَةَ اَلْكُبْرَى، وَ لاَ تُحْصِنُ مِنْهُ اَلْقُصُورُ، وَ لاَ تُجِنُّ مِنْهُ اَلسُّتُورُ، وَ لاَ تُكِنُّ مِنْهُ اَلْخُدُورُ، وَ لاَ تُوَارِي مِنْهُ اَلْبُحُورُ، وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ. يَعْلَمُ هَمَاهِمَ (1) اَلْأَنْفُسِ وَ مَا تُخْفِي اَلصُّدُورُ وَ وَسَاوِسَهَا وَ نِيَّاتِ اَلْقُلُوبِ، وَ نُطْقَ اَلْأَلْسُنِ، وَ رَجْعَ اَلشِّفَاهِ، وَ بَطْشَ اَلْأَيْدِي، وَ نَقْلَ اَلْأَقْدَامِ، وَ خَائِنَةَ اَلْأَعْيُنِ، وَ اَلسِّرَّ وَ أَخْفَى، وَ اَلنَّجْوَى وَ مَا تَحْتَ اَلثَّرَى، وَ لاَ يَشْغَلُهُ شَيْ ءٌ عَنْ شَيْ ءٍ، وَ لاَ يُفَرِّطُ فِي شَيْ ءٍ، وَ لاَ يَنْسَى شَيْئاً لِشَيْ ءٍ.

أَسْأَلُكَ يَا مَنْ عَظُمَ صَفْحُهُ، وَ حَسُنَ صُنْعُهُ، وَ كَرُمَ عَفْوُهُ، وَ كَثُرَتْ نِعَمُهُ، وَ لاَ يُحْصَى إِحْسَانُهُ وَ جَمِيلُ بَلاَئِهِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَقْضِيَ حَوَائِجِيَ اَلَّتِي أَفْضَيْتُ بِهَا إِلَيْكَ، وَ قُمْتُ بِهَا بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ أَنْزَلْتُهَا بِكَ، وَ شَكْوَتُهَا إِلَيْكَ، مَعَ مَا كَانَ مِنْ تَفْرِيطِي فِي مَا أَمَرْتَنِي بِهِ، وَ تَقْصِيرِي فِي مَا عَنْهُ نَهَيْتَنِي.

يَا نُورِي فِي كُلِّ ظُلْمَةٍ، وَ يَا أُنْسِي فِي كُلِّ وَحْشَةٍ، وَ يَا ثِقَتِي فِي كُلِّ شَدِيدَةٍ، وَ يَا رَجَائِي فِي كُلِّ كُرْبَةٍ، وَ يَا وَلِيِّي فِي كُلِّ نِعْمَةٍ، وَ يَا دَلِيلِي فِي اَلظَّلاَمِ، أَنْتَ دَلِيلِي، إِذَا اِنْقَطَعَتْ دَلاَلَةُ اَلْأَدِلاَّءِ، فَإِنَّ دَلاَلَتَكَ لاَ تَنْقَطِعُ، لاَ يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ، وَ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ.

أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأَسْبَغْتَ، وَ رَزَقْتَنِي فَوَفَّرْتَ، وَ وَعَدْتَنِي فَأَحْسَنْتَ، وَ أَعْطَيْتَنِي فَأَجْزَلْتَ، بِلاَ اِسْتِحْقَاقٍ لِذَلِكَ بِعَمَلٍ مِنِّي، وَ لَكِنِ اِبْتِدَاءً مِنْكَ بِكَرَمِكَ وَ جُودِكَ.

فَأَنْفَقْتُ نِعْمَتَكَ فِي مَعَاصِيكَ، وَ تَقَوَّيْتُ بِرِزْقِكَ عَلَى سَخَطِكَ، وَ أَفْنَيْتُ عُمُرِي

ص: 356


1- الهمهمة: ترديد الصّوت في الصّدر. الصّحاح - همم - 2062:5.

فِيمَا لاَ تُحِبُّ، فَلَمْ تَمْنَعْكَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ، وَ رُكُوبِي مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ، وَ دُخُولِي فِي مَا حَرَّمْتَ عَلَيَّ أَنْ عُدْتَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ، وَ لَمْ يَمْنَعْنِي عَوْدُكَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ أَنْ عُدْتُ بِفَضْلِكَ فِي مَعَاصِيكَ.

فَأَنْتَ اَلْعَائِدُ بِالْفَضْلِ وَ أَنَا اَلْعَائِدُ فِي اَلْمَعَاصِي، وَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي خَيْرُ اَلْمَوَالِي لِعَبِيدِهِ وَ أَنَا شَرُّ اَلْعَبِيدِ.

أَدْعُوكَ فَتُجِيبُنِي، وَ أَسْأَلُكَ فَتُعْطِينِي، وَ أَسْكُتُ عَنْكَ فَتَبْتَدِئُنِي، وَ أَسْتَزِيدُكَ فَتَزِيدُنِي، فَبِئْسَ اَلْعَبْدُ أَنَا لَكَ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ، أَنَا اَلَّذِي لَمْ أَزَلْ أُسِيءُ وَ تَغْفِرُ، وَ لَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْبَلاَءِ وَ تُعَافِينِي، وَ لَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْهَلَكَةِ وَ تُنْجِينِي، وَ لَمْ أَزَلْ أُضَيَّعُ فِي اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ فِي تَقَلُّبِي فَتَحْفَظُنِي، فَرَفَعْتَ خَسِيسَتِي، وَ أَقَلْتَ عَثْرَتِي، وَ سَتَرْتَ عَوْرَتِي، وَ لَمْ تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتِي، وَ لَمْ تُنَكِّسْ بِرَأْسِي عِنْدَ إِخْوَانِي، بَلْ سَتَرْتَ عَلَيَّ اَلْقَبَائِحَ اَلْعِظَامَ، وَ اَلْفَضَائِحَ اَلْكِبَارَ، وَ أَظْهَرْتَ حَسَنَاتِيَ اَلْقَلِيلَةَ اَلصِّغَارَ، مَنّاً مِنْكَ وَ تَفَضُّلاً وَ إِحْسَاناً وَ إِنْعَاماً وَ اِصْطِنَاعاً.

ثُمَّ أَمَرْتَنِي فَلَمْ أَئْتَمِرْ، وَ زَجَرْتَنِي فَلَمْ أَنْزَجِرْ، وَ لَمْ أَشْكُرْ نِعْمَتَكَ، وَ لَمْ أَقْبَلْ نَصِيحَتَكَ، وَ لَمْ أُؤَدِّ حَقَّكَ، وَ لَمْ أَتْرُكْ مَعَاصِيَكَ، بَلْ عَصَيْتُكَ بِعَيْنِي وَ لَوْ شِئْتَ أَعْمَيْتَنِي، فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بِي. وَ عَصَيْتُكَ بِسَمْعِي، وَ لَوْ شِئْتَ أَصْمَمْتَنِي، فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بِي. وَ عَصَيْتُكَ بِيَدِي وَ لَوْ شِئْتَ لَكَنَّعْتَنِي(1)، فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بِي. وَ عَصَيْتُكَ بِرِجْلِي، وَ لَوْ شِئْتَ جَذَمْتَنِي، فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بِي. وَ عَصَيْتُكَ بِفَرْجِي، وَ لَوْ شِئْتَ عَقَمْتَنِي.

وَ عَصَيْتُكَ بِجَمِيعِ جَوَارِحِي، وَ لَمْ يَكُ هَذَا جَزَاؤُكَ مِنِّي.

فَعَفْوَكَ عَفْوَكَ، فَهَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ اَلْمُقِرُّ بِذَنْبِي، اَلْخَاضِعُ لَكَ بِذُلِّي، اَلْمُسْتَكِينُ

ص: 357


1- كنع كنوعا و تكنع: تقبض و انضمّ و تشنّج يبسا. لسان العرب - كنع - 314:8.

لَكَ بِجُرْمِي، مُقِرٌّ لَكَ بِجِنَايَتِي، مُتَضَرِّعٌ إِلَيْكَ، راجي [رَاجٍ] فِي مَوْقِفِي هَذَا، تَائِبٌ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِي وَ مِنِ اِقْتِرَافِي، وَ مُسْتَغْفِرٌ لَكَ مِنْ ظُلْمِي لِنَفْسِي، رَاغِبٌ إِلَيْكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي، مُبْتَهِلٌ إِلَيْكَ فِي اَلْعَفْوِ عَنِ اَلْمَعَاصِي، طَالِبٌ إِلَيْكَ أَنْ تَنْجَحَ لِي حَوَائِجِي، وَ تُعْطِيَنِي فَوْقَ رَغْبَتِي، وَ أَنْ تَسْمَعَ نِدَائِي، وَ تَسْتَجِيبَ دُعَائِي، وَ تَرْحَمَ تَضَرُّعِي وَ شَكْوَايَ، وَ كَذَلِكَ اَلْعَبْدُ اَلْخَاطِئُ يَخْضَعُ لِسَيِّدِهِ، وَ يَتَخَشَّعُ لِمَوْلاَهُ بِالذُّلِّ.

يَا أَكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِالذُّنُوبِ، وَ أَكْرَمَ مَنْ خُضِعَ لَهُ وَ خُشِعَ، مَا أَنْتَ صَانِعٌ بِمُقِرٍّ لَكَ بِذَنْبِهِ، خَاشِعٍ لَكَ بِذُلِّهِ؟! فَإِنْ كَانَتْ ذُنُوبِي قَدْ حَالَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ أَنْ تُقْبِلُ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ، وَ تَنْشُرَ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ، وَ تَنْزِلَ عَلَيَّ شَيْئاً مِنْ بَرَكَاتِكَ، أَوْ تَرْفَعَ لِي صَوْتاً، أَوْ تَغْفِرَ لِي ذَنْباً، أَوْ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَةٍ، فَهَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ مُسْتَجِيرٌ بِكَرَمِ وَجْهِكَ، وَ عِزِّ جَلاَلِكَ، مُتَوَجِّهٌ إِلَيْكَ، وَ مُتَوَسِّلٌ إِلَيْكَ، وَ مُتَقَرِّبٌ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ، وَ أَكْرَمِهِمْ لَدَيْكَ، وَ أَوْلاَهُمْ بِكَ، وَ أَطْوَعِهِمْ لَكَ، وَ أَعْظَمِهِمْ مِنْكَ مَنْزِلَةً وَ عِنْدَكَ مَكَاناً، وَ بِعِتْرَتِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلْهُدَاةِ اَلْمَهْدِيِّينَ اَلَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ، وَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ، وَ جَعَلْتَهُمْ وُلاَةَ اَلْأَمْرِ بَعْدَ نَبِيِّكَ. يَا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ(1)، يَا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيلٍ، قَدْ بَلَغَ مَجْهُودِي، فَهَبْ لِي نَفْسِيَ اَلسَّاعَةَ اَلسَّاعَةَ بِرَحْمَتِكَ.

اَللَّهُمَّ لاَ قُوَّةَ لِي عَلَى سَخَطِكَ، وَ لاَ صَبْرَ لِي عَلَى عَذَابِكَ، وَ لاَ غِنَى بِي عَنْ رَحْمَتِكَ، تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُ غَيْرِي، وَ لاَ أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي غَيْرَكَ، وَ لاَ قُوَّةَ لِي عَلَى اَلْبَلاَءِ، وَ لاَ طَاقَةَ عَلَى اَلْجَهْدِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالْأَئِمَّةِ اَلَّذِينَ اِخْتَرْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَ طَهَّرْتَهُمْ وَ أَخْلَصْتَهُمْ، وَ اِصْطَفَيْتَهُمْ وَ صَفَّيْتَهُمْ، وَ جَعَلْتَهُمْ هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، وَ اِئْتَمَنْتَهُمْ عَلَى وَحْيِكَ، وَ عَصَمْتَهُمْ عَنْ مَعَاصِيكَ،

ص: 358


1- في نسخة «ه»: عنيد.

وَ رَضِيتَهُمْ لِخَلْقِكَ، وَ خَصَصْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَ اِجْتَبَيْتَهُمْ وَ حَبَوْتَهُمْ، وَ جَعَلْتَهُمْ حُجَجاً عَلَى خَلْقِكَ، وَ أَمَرْتَ بِطَاعَتِهِمْ، وَ لَمْ تُرَخِّصْ لِأَحَدٍ فِي مَعْصِيَتِهِمْ، وَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ عَلَى مَنْ بَرَأْتَ، وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ فِي مَوْقِفِيَ اَلْيَوْمَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ خِيَارِ وَفْدِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِرْحَمْ صُرَاخِي وَ اِعْتِرَافِي بِذَنْبِي وَ تَضَرُّعِي، وَ اِرْحَمْ طَرْحِي رَحْلِي بِفِنَائِكَ، وَ اِرْحَمْ مَسِيرِي إِلَيْكَ. يَا أَكْرَمَ مَنْ سُئِلَ، يَا عَظِيماً يُرْجَى لِكُلِّ عَظِيمٍ، اِغْفِرْ لِي ذَنْبِيَ اَلْعَظِيمَ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ اَلْعَظِيمَ إِلاَّ اَلْعَظِيمُ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، يَا رَبَّ اَلْمُؤْمِنِينَ لاَ تَقْطَعْ رَجَائِي، يَا مَنَّانُ مُنَّ عَلَيَّ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، يَا مَنْ لاَ يَخِيبُ سَائِلُهُ لاَ تَرُدَّنِي، يَا عَفُوُّ اُعْفُ عَنِّي، يَا تَوَّابُ تُبْ عَلَيَّ وَ اِقْبَلْ تَوْبَتِي، يَا مَوْلاَيَ حَاجَتِيَ - اَلَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي، وَ إِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي - فَكَاكُ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ.

اَللَّهُمَّ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَنِّي تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ بِهِمُ اَلْيَوْمَ فَاسْتَنْقِذْنِي، يَا مَنْ أَمَرَ بِالْعَفْوِ، يَا مَنْ يَجْزِي عَلَى اَلْعَفْوِ، يَا مَنْ يَعْفُو، يَا مَنْ رَضِيَ اَلْعَفْوَ، يَا مَنْ يُثِيبُ عَلَى اَلْعَفْوِ، اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ - تَقُولُهَا عِشْرِينَ مَرَّةً - أَسْأَلُكَ اَلْيَوْمَ اَلْعَفْوَ، وَ أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ.

هَذَا مَكَانُ اَلْبَائِسِ اَلْفَقِيرِ، هَذَا مَكَانُ اَلْمُضْطَرِّ إِلَى رَحْمَتِكَ، هَذَا مَكَانُ اَلْمُسْتَجِيرِ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، هَذَا مَكَانُ اَلْعَائِدِ بِكَ مِنْكَ، أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَ مِنْ فَجْأَةِ نَقِمَتِكَ.

يَا أَمَلِي يَا رَجَائِي، يَا خَيْرَ مُسْتَغَاَثٍ، يَا أَجْوَدَ اَلْمُعْطِينَ، يَا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ، يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ، وَ ثِقَتِي وَ رَجَائِي وَ مُعْتَمَدِي، وَ يَا ذُخْرِي وَ ظَهْرِي وَ عُدَّتِي، وَ غَايَةَ أَمَلِي وَ رَغْبَتِي، يَا غِيَاثِي، يَا وَارِثِي، مَا أَنْتَ صَانِعٌ بِي فِي هَذَا اَلْيَوْمِ اَلَّذِي قَدْ فَزِعَتْ فِيهِ إِلَيْكَ اَلْأَصْوَاتُ؟!

ص: 359

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَقْلِبَنِي فِيهِ مُفْلِحاً مُنْجِحاً بِأَفْضَلِ مَا اِنْقَلَبَ بِهِ مَنْ رَضِيتَ عَنْهُ، وَ اِسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ، وَ قَبِلْتَهُ، وَ أَجْزَلْتَ حِبَاءَهُ، وَ غَفَرْتَ ذُنُوبَهُ، وَ أَكْرَمْتَهُ، وَ لَمْ تَسْتَبْدِلْ بِهِ سِوَاهُ، وَ شَرَّفْتَ مَقَامَهُ، وَ بَاهَيْتَ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَ قَلَبْتَهُ بِكُلِّ حَوَائِجِهِ، وَ أَحْيَيْتَهُ بَعْدَ اَلْمَمَاتِ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَ خَتَمْتَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ أَلْحَقْتَهُ بِمَنْ تَوَلاَّهُ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ وَافِدٍ جَائِزَةً، وَ لِكُلِّ زَائِرٍ كَرَامَةً، وَ لِكُلِّ سَائِلٍ لَكَ عَطِيَّةً، وَ لِكُلِّ رَاجٍ لَكَ ثَوَاباً، وَ لِكُلِّ مُلْتَمِسٍ مَا عِنْدَكَ جَزَاءً، وَ لِكُلِّ رَاغِبٍ إِلَيْكَ هِبَةً، وَ لِكُلِّ مَنْ فَزِعَ إِلَيْكَ رَحْمَةً، وَ لِكُلِّ مَنْ رَغِبَ إِلَيْكَ زُلْفَى، وَ لِكُلِّ مُتَضَرِّعٍ إِلَيْكَ إِجَابَةً، وَ لِكُلِّ مُسْتَكِينٍ إِلَيْكَ رَأْفَةً، وَ لِكُلِّ نَازِلٍ بِكَ حِفْظاً، وَ لِكُلِّ مُتَوَسِّلٍ عَفْواً، وَ قَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكَ، وَ وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ اَلَّذِي شَرَّفْتَهُ رَجَاءً لِمَا عِنْدَكَ (1)، فَلاَ تَجْعَلْنِي اَلْيَوْمَ أَخْيَبَ وَفْدِكَ، وَ أَكْرِمْنِي بِالْجَنَّةِ، وَ مُنَّ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ جَمِّلْنِي بِالْعَافِيَةِ، وَ أَجِرْنِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ اَلْحَلاَلِ اَلطَّيِّبِ، وَ اِدْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ اَلْعَرَبِ وَ اَلْعَجَمِ، وَ شَرَّ شَيَاطِينِ اَلْإِنْسِ وَ اَلْجِنِّ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تَرُدَّنِي خَائِباً، وَ سَلِّمْنِي فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ لِقَائِكَ، حَتَّى تُبَلِّغَنِي اَلدَّرَجَةَ اَلَّتِي فِيهَا مُرَافَقَةُ أَوْلِيَائِكَ، وَ اِسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِمْ مَشْرَباً رَوِيّاً لاَ أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ اُرْزُقْنِي شَفَاعَتَهُمْ، وَ تَوَفَّنِي فِي حِزْبِهِمْ، وَ عَرِّفْنِي وُجُوهَهُمْ فِي رِضْوَانِكَ وَ اَلْجَنَّةِ، فَإِنِّي رَضِيتُ بِهِمْ هُدَاةً.

يَا كَافِيَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لاَ يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِكْفِنِي شَرَّ مَا أَحْذَرُ، وَ شَرَّ مَا لاَ أَحْذَرُ، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى أَحَدٍ سِوَاكَ وَ بَارِكْ لِي فِي مَا رَزَقْتَنِي وَ لاَ

ص: 360


1- في نسخة «ه» زيادة: و رغبة إليك.

تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَ لاَ إِلَى رَأْيِي فَيُعْجِزَنِي، وَ لاَ إِلَى اَلدُّنْيَا فَتَلْفِظَنِي، وَ لاَ إِلَى قَرِيبٍ وَ لاَ بَعِيدٍ تَفَرَّدْ بِالصُّنْعِ إِلَيَّ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ.

اَللَّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ، اِنْقَطَعَ اَلرَّجَاءُ إِلاَّ مِنْكَ، فِي هَذَا اَلْيَوْمِ تَطَوَّلْ عَلَيَّ فِيهِ بِالرَّحْمَةِ وَ اَلْمَغْفِرَةِ.

اَللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ اَلْأَمْكِنَةِ اَلشَّرِيفَةِ، وَ رَبَّ كُلِّ حَرَمٍ وَ مَشْعَرٍ عَظَّمْتَ قَدْرَهُ وَ شَرَّفْتَهُ، وَ بِالْبَيْتِ اَلْحَرَامِ، وَ بِالْحِلِّ وَ اَلْإِحْرَامِ، وَ اَلرُّكْنِ وَ اَلْمَقَامِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِنْجَحْ لِي كُلَّ حَاجَةٍ مِمَّا فِيهِ صَلاَحُ دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، وَ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ مَنْ وَلَدَنِي مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ اِرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً، وَ اِجْزِهِمَا عَنِّي خَيْرَ اَلْجَزَاءِ، وَ عَرِّفْهُمَا بِدُعَائِي لَهُمَا مَا تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمَا، فَإِنَّهُمَا قَدْ سَبَقَانِي إِلَى اَلْغَايَةِ، وَ خَلَّفْتَنِي بَعْدَهُمَا، فَشَفِّعْنِيِ فِي نَفْسِي وَ فِيهِمَا وَ فِي جَمِيعِ أَسْلاَفِي مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ فَرِّجْ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، وَ اُنْصُرْهُمْ وَ اِنْتَصِرْ بِهِمْ، وَ أَنْجِزْ لَهُمْ مَا وَعَدْتَهُمْ، وَ بَلِّغْنِي فَتْحَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِكْفِنِي كُلَّ هَوْلٍ دُونَهُ، ثُمَّ اِقْسِمِ اَللَّهُمَّ لِي فِيهِمْ نَصِيباً خَالِصاً، يَا مُقَدِّرَ اَلْآجَالِ، يَا مُقَسِّمَ اَلْأَرْزَاقِ، اِفْسَحْ لِي فِي عُمُرِي، وَ اُبْسُطْ لِي فِي رِزْقِي.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَصْلِحْ لَنَا إِمَامَنَا وَ اِسْتَصْلِحْهُ وَ أَصْلِحْ عَلَى يَدَيْهِ، وَ آمِنْ خَوْفَهُ وَ خَوْفَنَا عَلَيْهِ، وَ اِجْعَلْهُ - اَللَّهُمَّ - اَلَّذِي تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ.

اَللَّهُمَّ اِمْلَأِ اَلْأَرْضَ بِهِ عَدْلاً وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً، وَ اُمْنُنْ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ أَرَامِلِهِمْ وَ مَسَاكِينِهِمْ، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ خِيَارِ مَوَالِيهِ وَ شِيعَتِهِ، أَشَدَّهُمْ لَهُ حُبّاً، وَ أَطْوَعَهُمْ لَهُ طَوْعاً، وَ أَنْفَذَهُمْ لِأَمْرِهِ، وَ أَسْرَعَهُمْ إِلَى مَرْضَاتِهِ، وَ أَقْبَلَهُمْ لِقَوْلِهِ، وَ أَقْوَمَهُمْ لِأَمْرِهِ، وَ اُرْزُقْنِي اَلشَّهَادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى أَلْقَاكَ وَ أَنْتَ عَنِّي رَاضٍ.

ص: 361

اَللَّهُمَّ إِنِّي خَلَّفْتُ اَلْأَهْلَ وَ اَلْوَلَدَ وَ مَا خَوَّلْتَنِي، وَ خَرَجْتُ إِلَيْكَ وَ إِلَى هَذَا اَلْمَوْضِعِ اَلَّذِي شَرَّفْتَهُ رَجَاءَ مَا عِنْدَكَ، وَ رَغْبَةً إِلَيْكَ، وَ وَكَّلْتُ مَا خَلَّفْتُ إِلَيْكَ، فَأَحْسِنْ عَلَيَّ فِيهِمُ اَلْخَلَفَ، فَإِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِكَ.

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْحَلِيمُ اَلْكَرِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ، سُبْحَانَ اَللَّهِ رَبِّ اَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ وَ رَبِّ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ رَبِّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ (1).

[دعاء آخر في يوم عرفة لزين العابدين صلّوات اللّه عليه]

وَ هُوَ:

اَللَّهُمَّ إِنَّ مَلاَئِكَتَكَ مُشْفِقُونَ مِنْ خَشْيَتِكَ، سَامِعُونَ مُطِيعُونَ لَكَ، وَ هُمْ بِأَمْرِكَ يَعْمَلُونَ، لاَ يَفْتُرُونَ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهَارَ يُسَبِّحُونَ، وَ أَنَا أَحَقُّ بِالْخَوْفِ اَلدَّائِمِ لِإِسَائَتِي إِلَى نَفْسِي، وَ تَفْرِيطِهَا إِلَى اِقْتِرَابِ أَجَلِي، فَكَمْ يَا رَبِّ مِنْ ذَنْبٍ أَنَا فِيهِ مَغْرُورٌ مُتَحَيِّرٌ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ أَكْثَرْتُ عَلَى نَفْسِي مِنَ اَلذُّنُوبِ وَ اَلْإِسَاءَةِ، وَ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ اَلْمُعَافَاةِ، وَ سَتَرْتَ عَلَيَّ وَ لَمْ تَفْضَحْنِي بِمَا أَحْسَنْتَ لِيَ اَلنَّظَرَ، وَ أَقَلْتَنِي اَلْعَثْرَةَ، وَ أَخَافُ أَنْ أَكُونَ فِيهَا مُسْتَدْرَجاً، فَقَدْ يَنْبَغِي أَنْ أَسْتَحْيِيَ مِنْ كَثْرَةِ مَعَاصِيَّ، ثُمَّ لَمْ تَهْتِكْ لِي سِتْراً، وَ لَمْ تُبْدِ لِي عَوْرَةً، وَ لَمْ تَقْطَعْ عَنِّي اَلرِّزْقَ، وَ لَمْ تُسَلِّطْ عَلَيَّ جَبَّاراً، وَ لَمْ تَكْشِفْ عَنِّي غِطَاءً، مُجَازَاةً لِذُنُوبِي. تَرَكْتَنِي كَأَنِّي لاَ ذَنْبَ لِي، كَفَفْتَ عَنْ خَطِيئَتِي، وَ زَكَّيْتَنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ.

أَنَا اَلْمُقِرُّ عَلَى نَفْسِي بِمَا جَنَتْ عَلَيَّ يَدَايَ، وَ مَشَتْ إِلَيْهِ رِجْلاَيَ، وَ بَاشَرَ جَسَدِي، وَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنَايَ، وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَ عَمِلَتْهُ جَوَارِحِي، وَ نَطَقَ بِهِ لِسَانِي، وَ عَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبِي.

ص: 362


1- اورده الطّوسيّ في مصباحه: 630، و ابن المشهديّ في مزاره: 661، و المصنّف في الاقبال: 358.

وَ أَنَا اَلْمُسْتَوْجِبُ - يَا إِلَهِي - زَوَالَ نِعْمَتِكَ، وَ مُفَاجَاةَ نَقِمَتِكَ، وَ تَحْلِيلَ عُقُوبَتِكَ، لِمَا اِجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعَاصِيكَ، وَ ضَيَّعْتُ مِنْ وَظَائِفِ حُقُوقِكَ. أَنَا صَاحِبُ اَلذُّنُوبِ اَلْكَبِيرَةِ اَلْكَثِيرَةِ اَلَّتِي لاَ يُحْصَى عَدَدُهَا وَ صَاحِبُ اَلْجُرْمِ اَلْعَظِيمِ، أَنَا اَلَّذِي أَحْلَلْتُ اَلْعُقُوبَةَ بِنَفْسِي، وَ أَوْبَقْتُهَا بِالْمَعَاصِي جُهْدِي وَ طَاقَتِي، وَ عَرَضْتُهَا لِلْمَهَالِكِ بِكُلِّ قُوَّتِي.

اَللَّهُمَّ أَنَا اَلَّذِي لَمْ أَشْكُرْ نِعْمَتَكَ عِنْدَ مَعَاصِيَّ إِيَّاكَ، وَ لَمْ أَدَعْهَا فِيكَ عِنْدَ حُلُولِ اَلْبَلِيَّةِ، وَ لَمْ أَقِفْ عِنْدَ اَلْهَوَى، وَ لَمْ أُرَاقِبْكَ يَا إِلَهِي أَنَا اَلَّذِي لَمْ أَعْقِلْ عِنْدَ اَلذُّنُوبِ نَهْيَكَ، وَ لَمْ أُرَاقِبْ عِنْدَ اَللَّذَّاتِ زَجْرَكَ، وَ لَمْ أَقْبَلْ عِنْدَ اَلشَّهْوَةِ نَصِيحَتَكَ، وَ رَكِبْتُ اَلْجَهْلَ بَعْدَ اَلْحِلْمِ، وَ غَدَوْتُ إِلَى (اَلظُّلْمِ)(1) بَعْدَ اَلْعِلْمِ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا حَلُمْتَ عَنِّي فِي مَا اِجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعَاصِيكَ، وَ عَرَفْتَ تضبيعي [تَضْيِيعِي ]حُقُوقَكَ، وَ ضَعْفِي عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ، وَ رُكُوبِي مَعْصِيَتَكَ، اَللَّهُمَّ إِنِّي لَسْتُ ذَا عُذْرٍ فَأَعْتَذِرَ، وَ لاَ ذَا حِيلَةٍ فَأَنْتَصِرَ. اَللَّهُمَّ قَدْ أَسَأْتُ وَ ظَلَمْتُ وَ بِئْسَ مَا صَنَعْتُ، عَمِلْتُ سُوءاً، لَمْ تَضُرَّكَ ذُنُوبِي، فَأَسْتَغْفِرَكَ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ، وَ سُبْحَانَكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظَّالِمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُهُ غَيْرِي، وَ لاَ أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي غَيْرَكَ. اَللَّهُمَّ فَلَوْ كَانَ لِي مَهْرَبٌ لَهَرَبْتُ، وَ لَوْ كَانَ لِي مَصْعَدٌ فِي اَلسَّمَاءِ لَصَعِدْتُ، أَوْ مَسْلَكٌ فِي اَلْأَرْضِ لَسَلَكْتُ، وَ لَكِنَّهُ لاَ مَهْرَبَ لِي وَ لاَ مَلْجَأَ وَ لاَ مَنْجَا وَ لاَ مَأْوَى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ.

اَللَّهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنَا، وَ إِنْ تَرْحَمْنِي فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنْتَ، بِمَنِّكَ وَ فَضْلِكَ وَ وَحْدَانِيَّتِكَ وَ جَلاَلِكَ وَ كِبْرِيَائِكَ وَ عَظَمَتِكَ وَ سُلْطَانِكَ، فَقِدْماً مَا مَنَنْتَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ وَ مُسْتَحِقِّي عُقُوبَتِكَ بِالْعَفْوِ وَ اَلْمَغْفِرَةِ.

ص: 363


1- في نسخة «م»: الظّلمة.

سَيِّدِي، عَافِيَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ عَافِيَتَكَ؟! وَ عَفْوَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ عَفْوَكَ؟! وَ رَحْمَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ رَحْمَتَكَ؟! وَ مَغْفِرَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ مَغْفِرَتَكَ؟! وَ رِزْقَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ رِزْقَكَ؟! وَ فَضْلَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ فَضْلَكَ؟!

سَيِّدِي، أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ اَلنِّعَمِ، وَ أَقْلَلْتُ لَكَ مِنَ اَلشُّكْرِ، فَكَمْ لَكَ عِنْدِي مِنْ نِعْمَةٍ لاَ يُحْصِيهَا غَيْرُكَ! مَا أَحْسَنَ بَلاَءَكَ عِنْدِي، وَ أَحْسَنَ فَعَالَكَ بِي. نَادَيْتُكَ مُطِيعاً مُسْتَصْرِخاً فَأَغَثْتَنِي، وَ سَأَلْتُكَ عَائِلاً فَأَغْنَيْتَنِي، وَ نَأَيْتُ عَنْكَ فَكُنْتَ قَرِيباً مُجِيباً، وَ اِسْتَعَنْتُ بِكَ مُضْطَرّاً فَأَعَنْتَنِي وَ وَسَّعْتَ عَلَيَّ، وَ هَتَفْتُ إِلَيْكَ فِي مَرَضِي فَكَشَفْتَهُ عَنِّي، وَ اِنْتَصَرْتُ بِكَ فِي دَفْعِ اَلْبَلاَءِ فَوَجَدْتُكَ - يَا مَوْلاَيَ - نِعْمَ اَلْمَوْلَى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ.

وَ كَيْفَ أَشْكُرُكَ يَا إِلَهِي؟! أَطْلَقْتَ لِسَانِي بِذِكْرِكَ رَحْمَةً لِي مِنْكَ، وَ أَضَأْتَ لِي بَصَرِي بِلُطْفِكَ حُجَّةً مِنْكَ عَلَيَّ، وَ سَمِعَتْ أُذُنَايَ بِقُدْرَتِكَ نَظَراً مِنْكَ، وَ دَلَلْتَ عَقْلِي عَلَى تَوْبِيخِ نَفْسِي، إِلَيْكَ أَشْكُو ذُنُوبِي فَإِنَّهُ لاَ مَجْرَى لِبَثِّهَا إِلاَّ إِلَيْكَ، فَفَرِّجْ عَنِّي مَا ضَاقَ بِي، وَ خَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي مِنْ أَمْرِ دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ أَهْلِي وَ مَالِي، فَقَدِ اِسْتَصْعَبَ عَلَيَّ شَأْنِي، وَ شَتَّتَ عَلَيَّ أَمْرِي، وَ قَدْ أَشْرَفْتُ عَلَى هَلَكَةِ نَفْسِي إِذَا لَمْ تُدَارِكْنِي مِنْكَ بِرَحْمَةٍ تُنْقِذُنِي بِهَا، فَمَنْ لِي بَعْدَكَ!؟

يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْكَرِيمُ اَلْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ أَنَا اَللَّئِيمُ اَلْعَوَّادُ بِالْمَعَاصِي، فَاحْلُمْ يَا حَلِيمُ عَنْ جَهْلِي، وَ أَقِلْنِي يَا مُقِيلُ عَثْرَتِي، وَ تَقَبَّلْ يَا رَحِيمُ تَوْبَتِي.

سَيِّدِي، وَ لاَ بُدَّ مِنْ لِقَائِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَكَيْفَ يَسْتَغْنِي اَلْعَبْدُ عَنْ رَبِّهِ؟ وَ كَيْفَ يَسْتَغْنِي اَلْمُذْنِبُ عَمَّنْ يَمْلِكُ عُقُوبَتَهُ وَ مَغْفِرَتَهُ؟

سَيِّدِي، لَمْ أَزْدَدْ إِلَيْكَ إِلاَّ فَقْراً، وَ لَمْ تَزْدَدْ عَنِّي إِلاَّ غِنًى، وَ لَمْ تَزْدَدْ ذُنُوبِي إِلاَّ كَثْرَةً، وَ لَمْ يَزْدَدْ عَفْوُكَ إِلاَّ سَعَةً. سَيِّدِي، اِرْحَمْ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَ اِنْتِصَابِي بَيْنَ يَدَيْكَ،

ص: 364

وَ طَلَبِي مَا لَدَيْكَ تَوْبَةً فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ - سَيِّدِي - مُتَعَوِّذاً بِكَ، مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ، بَائِساً فَقِيراً تَائِباً، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَ لاَ مُسْتَكْبِرٍ، وَ لاَ مُسْتَسْخِطٍ بَلْ مُسْتَسْلِمٌ لِأَمْرِكَ، لاَ آيِسٌ مِنْ رَوْحِكَ، وَ لاَ آمِنٌ مِنْ مَكْرِكَ، وَ لاَ أَنَا قَانِطٌ مِنْ رَحْمَتِكَ - سَيِّدِي - بَلْ مُشْفِقٌ مِنْ عَذَابِكَ، رَاجٍ لِرَحْمَتِكَ لِعِلْمِي بِكَ - يَا سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ - وَ أَنَّهُ لَنْ يُجِيرَنِي مِنْكَ أَحَدٌ، وَ لاَ أَجِدُ مِنْ دُونِكَ مُلْتَحَداً.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تُحَسِّنَ فِي رَامِقَةِ اَلْعُيُونِ عَلاَنِيَتِي، وَ تُقَبِّحَ فِي مَا أَخْلُو لَكَ سَرِيرَتِي، مُحَافِظاً عَلَى رِيَاءِ اَلنَّاسِ مِنْ نَفْسِي، مُضَيِّعاً مَا أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ مِنِّي، فَأُبْدِيَ لَكَ بِأَحْسَنِ أَمْرِي، وَ أَخْلُوَ لَكَ بِشَرِّ فِعْلِي، تَقَرُّباً إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ بِحَسَنَاتِي، وَ فِرَاراً مِنْهُمْ إِلَيْكَ بِسَيِّئَاتِي، حَتَّى كَأَنَّ اَلثَّوَابَ لَيْسَ مِنْكَ، وَ كَأَنَّ اَلْعِقَابَ لَيْسَ إِلَيْكَ، قَسْوَةً عَنْ مَخَافَتِكَ مِنْ قَلْبِي، وَ زَلَلاً عَنْ قُدْرَتِكَ مِنْ جَهْلِي، فَيَحِلُّ بِي غَضَبُكَ، وَ يَنَالُنِي مَقْتُكَ، فَأَعِذْنِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَ قِنِي بِوِقَايَتِكَ اَلَّتِي وَقَيْتَ بِهَا عِبَادَكَ اَلصَّالِحِينَ.

اَللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي مَا كَانَ صَالِحاً، وَ أَصْلِحْ مِنِّي مَا كَانَ فَاسِداً، وَ لاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لاَ يَرْحَمُنِي، وَ لاَ بَاغِياً وَ لاَ حَاسِداً.

اَللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي كُلَّ غَمٍّ، وَ فَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ، وَ ثَبِّتْنِي فِي كُلِّ مَقَامٍ، وَ اِهْدِنِي فِي كُلِّ سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ اَلْحَقِّ، وَ حُطَّ عَنِّي كُلَّ خَطِيئَةٍ، وَ أَنْقِذْنِي مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ وَ بَلِيَّةٍ، وَ عَافِنِي أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَ اِغْفِرْ لِي إِذَا تَوَفَّيْتَنِي، وَ لَقِّنِّي رَوْحاً وَ رَيْحَاناً وَ جَنَّةَ نَعِيمٍ أَبَدَ اَلْآبِدِينَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ (1).

و تدعو أيضا بما قدّمناه في صلاة الفطر، و هو: يا من يرحم من لا يرحمه العباد... الى آخره(2).

ص: 365


1- اورده المصنف في الاقبال: 366.
2- تقدم في صفحة: 335.

و روي: أن يعمل في يوم عرفة بعمل يوم النصف من رجب، و قدى تقدّم ذلك(1).

و ينبغي أن تقول إذ وجبت الشمس من يوم عرفة - و كنت عند الحسين عليه السّلام -: اللّهمّ أنت السّلام و منك السّلام و إليك يرجع السّلام(2). و تلح في الدعاء.

ص: 366


1- رواه المصنف في الاقبال: 421.
2- أورده الطوسي في التهذيب 57:6. و ابن المشهدي في مزاره: 525.

ذكر فضل زيارة عيد الأضحى، و الإشارة إلى كيفيتها

و جملة من العمل في ذلك اليوم

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَارَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لَيْلَةً مِنْ ثَلاَثٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ. قَالَ اَلرَّاوِي: فَقُلْتُ: أَيَّ اَللَّيَالِي؟ فَذَكَرَ لَيْلَةَ اَلْأَضْحَى»(1).

و قد تقدّم: أنّ من زاره في عرفة و أقام حتى يعيّد وقاه اللّه شر سنته(2).

و أما شرح زيارته عليه السّلام في هذا الوقت، فقد تقدّمت في زيارة عيد الفطر، و قبل ذلك في زيارة ليلة القدر، فلا حاجة إلى الإعادة.

و أمّا مختار العمل في يوم الأضحى: فالغسل مندوبا، و الدعاء عند الخروج إلى المصلى، و أن تصلّي صلاة العيد، و قد تقدّم وصف ذلك و تعيين وقته عند ذكر عمل يوم الفطر، فيقتدى بما هناك.

وَ يَدْعُو بِمَا دَعَا بِهِ مَوْلاَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَ هُوَ:

اَللَّهُمَّ كَمَا سَتَرْتَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَعْلَمْ فَاغْفِرْ لِي مَا تَعْلَمُ، وَ كَمَا وَسِعَنِي عِلْمُكَ فَلْيَسَعْنِي عَفْوُكَ، وَ كَمَا بَدَأْتَنِي بِالْإِحْسَانِ فَأَتِمَّ نِعْمَتَكَ بِالْغُفْرَانِ، وَ كَمَا أَكْرَمْتَنِي بِمَعْرِفَتِكَ فَاشْفَعْهَا بِمَغْفِرَتِكَ، وَ كَمَا عَرَّفْتَنِي وَحْدَانِيَّتَكَ فَأَلْزِمْنِي طَاعَتَكَ، وَ كَمَا عَصَمْتَنِي مِمَّا لَمْ أَكُنْ أَعْتَصِمُ مِنْهُ إِلاَّ بِعِصْمَتِكَ فَاغْفِرْ لِي مَا لَوْ شِئْتَ عَصَمْتَنِي مِنْهُ،

ص: 367


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 6/180، و المفيد في مزاره 1/53 و الطّوسيّ في التّهذيب 6: 112/49، و روى في مصباحه: 659.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 269، و المفيد في مزاره 3/56 و الطّوسيّ في مصباحه: 659، و ابن المشهديّ في مزاره: 489.

يَا جَوَادُ يَا كَرِيمُ، يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ (1).

فَإِذَا فَرَغَ مِنَ صَلَاةِ الْعِيدِ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَ سَبَّحَ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلَامُ فَلْيَدْعُ بِدُعَاءِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ وَ هُوَ:

اَللَّهُمَّ هَذَا يَوْمٌ مُبَارَكٌ وَ اَلْمُسْلِمُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ فِي أَقْطَارِ أَرْضِكَ، يَشْهَدُ اَلسَّائِلُ مِنْهُمْ وَ اَلطَّالِبُ وَ اَلرَّاغِبُ، وَ أَنْتَ اَلنَّاظِرُ فِي حَوَائِجِهِمْ، فَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ، وَ هَوَانِ مَا سَأَلْتُكَ عَلَيْكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ رَبَّنَا بِأَنَّ لَكَ اَلْمُلْكُ وَ لَكَ اَلْحَمْدُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ اَلْحَلِيمُ اَلْكَرِيمُ، اَلْحَنَّانُ اَلْمَنَّانُ، ذُو اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ، بَدِيعُ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ، مَهْمَا قَسَمْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ عَافِيَةٍ، أَوْ بَرَكَةٍ أَوْ هُدًى، أَوْ عَمَلٍ بِطَاعَتِكَ، أَوْ خَيْرٍ تَمُنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَ تَهْدِيهِمْ بِهِ إِلَيْكَ، أَوْ تَرْفَعُ لَهُمْ دَرَجَةً، أَوْ تُعْطِيهِمْ بِهِ خَيْراً مِنْ خَيْرِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، أَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي وَ نَصِيبِي مِنْهُ.

وَ أَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ بِأَنَّ لَكَ اَلْمُلْكُ وَ اَلْحَمْدُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ، وَ حَبِيبِكَ وَ صَفِيِّكَ، وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ اَلْأَبْرَارِ اَلْكِرَامِ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ اَلْأَخْيَارِ، صَلاَةً لاَ يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَ أَنْ تُشْرِكَنَا فِي صَالِحِ مَنْ دَعَاكَ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ مِنْ عِبَادِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ، وَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَ لَهُمْ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَعَمَّدْتُ بِحَاجَتِي، وَ بِكَ أَنْزَلْتُ اَلْيَوْمَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي وَ مَسْكَنَتِي، وَ أَنَا لِمَغْفِرَتِكَ وَ رَحْمَتِكَ أَوْثَقُ وَ أَرْجَى مِنِّي لِعَمَلِي، وَ لَمَغْفِرَتُكَ وَ رَحْمَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَوَلَّ قَضَاءَ كُلِّ حَاجَةٍ هِيَ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهَا، وَ تَيْسِيرِ ذَلِكَ عَلَيْكَ، وَ فَقْرِي إِلَيْكَ، وَ غِنَاكَ عَنِّي، فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ خَيْراً قَطُّ إِلاَّ مِنْكَ، وَ لَمْ يَصْرِفْ

ص: 368


1- اورده المصنّف في الاقبال: 339.

عَنِّي سُوءاً قَطُّ أَحَدٌ غَيْرُكَ، وَ لاَ أَرْجُو لِأَمْرِ آخِرَتِي وَ دُنْيَايَ سِوَاكَ.

اَللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وَ تَعَبَّأَ، وَ أَعَدَّ وَ اِسْتَعَدَّ لِوِفَادَةٍ إِلَى مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ وَ نَوَافِلِهِ، وَ طَلَبَ نَيْلِهِ وَ جَائِزَتِهِ، فَإِلَيْكَ كَانَتْ يَا مَوْلاَيَ اَلْيَوْمَ تَهْيِئَتِي، وَ إِعْدَادِي وَ اِسْتِعْدَادِي، رَجَاءَ عَفْوِكَ وَ رِفْدِكَ، وَ طَلَبَ نَيْلِكَ وَ جَائِزَتِكَ.

اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تُخَيِّبِ اَلْيَوْمَ مِنْ ذَلِكَ رَجَائِي، يَا مَنْ لاَ يُحْفِيهِ (1) سَائِلٌ، وَ لاَ يَنْقُصُهُ نَائِلٌ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ ثِقَةً مِنِّي بِعَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ، وَ لاَ شَفَاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ إِلاَّ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ وَ سَلاَمُكَ.

أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالْجُرْمِ وَ اَلْإِسَاءَةِ عَلَى نَفْسِي، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِكَ اَلَّذِي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ اَلْخَاطِئِينَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ عَلَى عَظِيمِ اَلْجُرْمِ أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ وَ اَلْمَغْفِرَةِ. فَيَا مَنْ رَحْمَتُهُ وَاسِعَةٌ، وَ عَفْوُهُ عَظِيمٌ، يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ عُدْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ، وَ تَعَطَّفْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ، وَ تَوَسَّعْ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا اَلْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وَ أَصْفِيَائِكَ وَ مَوَاضِعِ أُمَنَائِكَ فِي اَلدَّرَجَةِ اَلرَّفِيعَةِ اَلَّتِي اِخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ اِبْتَزُّوهَا وَ أَنْتَ اَلْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ، لاَ يُغَالَبُ أَمْرُكَ، وَ لاَ يُجَاوَزُ اَلْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ، كَيْفَ شِئْتَ وَ أَنَّى شِئْتَ وَ لِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَى خَلْقِكَ وَ لاَ إِرَادَتِكَ، حَتَّى عَادَ صَفْوَتُكَ وَ خُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلاً، وَ كِتَابَكَ مَنْبُوذاً، وَ فَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ أَشْرَاعِكَ، وَ سُنَنَ نَبِيِّكَ مَتْرُوكَةً.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ مَنْ رَضِيَ بِفِعَالِهِمْ، وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ.

ص: 369


1- يحفيه: اي يبالغ في الطّلب حتّى يجهده. انظر: لسان العرب - حفّا - 188:14.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، كَصَلَوَاتِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ تَحِيَّاتِكَ عَلَى أَصْفِيَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَ عَجِّلِ اَلْفَرَجَ وَ اَلرَّوْحَ وَ اَلنَّصْرَ وَ اَلتَّمْكِينَ وَ اَلتَّأْيِيدَ لَهُمْ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ اَلتَّوْحِيدِ وَ اَلْإِيمَانِ بِكَ، وَ اَلتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ وَ اَلْأَئِمَّةِ اَلَّذِينَ اِفْتَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ مِمَّنْ يَجْرِي ذَلِكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ، آمِينَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

اَللَّهُمَّ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاَّ حِلْمُكَ، وَ لاَ يَرُدُّ سَخَطَكَ إِلاَّ عَفْوُكَ، وَ لاَ يُجِيرُ مِنْ عِقَابِكَ إِلاَّ رَحْمَتُكَ، وَ لاَ يُنْجِي مِنْكَ إِلاَّ اَلتَّضَرُّعُ إِلَيْكَ وَ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ هَبْ لِي - يَا إِلَهِي - مِنْ لَدُنْكَ فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ اَلَّتِي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ اَلْعِبَادِ، وَ بِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ اَلْبِلاَدِ. وَ لاَ تُهْلِكْنِي يَا إِلَهِي غَمّاً حَتَّى تَسْتَجِيبَ لِي وَ تُعَرِّفَنِي اَلْإِجَابَةَ فِي دُعَائِي، وَ أَذِقْنِي طَعْمَ اَلْعَافِيَةِ إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي، وَ لاَ تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي، وَ لاَ تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي، وَ لاَ تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ.

إِلَهِي، إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يَضَعُنِي؟ وَ إِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يَرْفَعُنِي؟

وَ إِنْ أَكْرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يُهِينُنِي؟ وَ إِنْ أَهَنْتَنِي فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يُكْرِمُنِي؟ وَ إِنْ عَذَّبْتَنِي فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يَرْحَمُنِي؟ وَ إِنْ رَحِمْتَنِي فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ؟ وَ قَدْ عَلِمْتُ - يَا إِلَهِي - أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ، وَ لاَ فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ، وَ إِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ اَلْفَوْتَ، وَ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى اَلظُّلْمِ اَلضَّعِيفُ، وَ قَدْ تَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تَجْعَلْنِي لِلْبَلاَءِ غَرَضاً، وَ لاَ لِنَقِمَتِكَ نَصَباً، وَ مَهِّلْنِي وَ نَفِّسْنِي، وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَ لاَ تَبْتَلِيَنِّي بِبَلاَءٍ عَلَى أَثَرِ بَلاَءٍ، فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي وَ قِلَّةَ حِيلَتِي وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ.

أَعُوذُ بِكَ - يَا إِلَهِي - اَلْيَوْمَ مِنْ غَضَبِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعِذْنِي،

ص: 370

وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَجِرْنِي، وَ أَسْأَلُكَ أَمْناً مِنْ عَذَابِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ آمِنِّي، وَ أَسْتَهْدِيكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِهْدِنِي، وَ أَسْتَرْحِمُكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِرْحَمْنِي، وَ أَسْتَنْصِرُكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِنْصُرْنِي، وَ أَسْتَكْفِيكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِكْفِنِي، وَ أَسْتَرْزِقُكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اُرْزُقْنِي، وَ أَسْتَعِينُكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعِنِّي، وَ أَسْتَغْفِرُكَ لِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِغْفِرْ لِي، وَ أَسْتَعْصِمُكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِعْصِمْنِي، فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ لِشَيْ ءٍ كَرِهْتَهُ إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ.

يَا رَبِّ يَا رَبِّ، يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِسْتَجِبْ لِي جَمِيعَ مَا سَأَلْتُكَ وَ طَلَبْتُ إِلَيْكَ، وَ رَغِبْتُ فِيهِ إِلَيْكَ، وَ أَرِدْهُ وَ قَدِّرْهُ وَ اِقْضِهِ وَ اِمْضِهْ، وَ خِرْ لِي فِي مَا تَقْضِي مِنْهُ، وَ بَارِكْ لِي فِي ذَلِكَ، وَ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِهِ، وَ أَسْعِدْنِي بِمَا تُعْطِينِي مِنْهُ، وَ زِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَ سَعَةِ مَا عِنْدَكَ فَإِنَّكَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ، ثُمَّ صِلْ ذَلِكَ بِخَيْرِ اَلْآخِرَةِ وَ نَعِيمِهَا يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَ هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ (1).

و ينبغي أن يعقبها في هذا اليوم أيضا بما قدّمناه بعد صلاة الفطر من قوله:

يا من يرحم من لا يرحمه العباد، خاصّة و بدعاء الندبة أيضا، و سيأتي دعاء الندبة في الفصل السابع عشر إن شاء اللّه تعالى.

ص: 371


1- الصحيفة السجادية الكاملة: 349، و اورده الطوسي في مصباحه: 330، و المصنف في جمال الاسبوع: 427.

ذكر زيارة للحسين عليه السّلام مختصة بمن يزوره في أيام البعد عنه و يومئ إليه بالسّلام

عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ اَلصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ:

«يَا حَنَانَ بْنَ سَدِيرٍ، تَزُورُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً»؟

قَالَ: لاَ

قَالَ: «فَفِي كُلِّ شَهْرَيْنِ»؟

قَالَ: لاَ.

قَالَ: «فَفِي كُلِّ سَنَةٍ»؟

قَالَ: لاَ.

قَالَ: «مَا أَجْفَاكُمْ لِسَيِّدِكُمْ»؟

فَقَالَ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، قِلَّةُ اَلزَّادِ وَ بُعْدُ اَلْمَسَافَةِ.

قَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى زِيَارَةٍ مَقْبُولَةٍ وَ إِنْ بَعُدَ اَلنَّأْيُ»؟

قَالَ: وَ كَيْفَ أَزُورُهُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ؟

قَالَ: «اِغْتَسِلْ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ - أَوْ أَيَّ يَوْمٍ شِئْتَ - وَ اِلْبَسْ» أَطْهَرَ ثِيَابِكَ، وَ اِصْعَدْ إِلَى أَعْلاَ مَوْضِعٍ فِي دَارِكَ، أَوْ أَصْحِرْ، وَ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ بَعْدَ مَا تُبَيِّنُ أَنَّ اَلْقَبْرَ هُنَاكَ لِقَوْلِ اَللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّٰهِ (1) ثُمَّ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ اِبْنَ مَوْلاَيَ، وَ سَيِّدِي وَ اِبْنَ سَيِّدِي، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلُ اِبْنَ اَلْقَتِيلِ، اَلشَّهِيدُ اِبْنَ اَلشَّهِيدِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَنَا زَائِرُكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ بِقَلْبِي وَ لِسَانِي وَ جَوَارِحِي، وَ إِنْ لَمْ أَزُرْكَ بِنَفْسِي وَ اَلْمُشَاهَدَةِ، فَعَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، وَ وَارِثَ نُوحٍ رَسُولِ اَللَّهِ، وَ وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ

ص: 372


1- البقرة 115:2.

خَلِيلِ اَللَّهِ، وَ وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، وَ وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ وَ كَلِمَتِهِ، وَ وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اَللَّهِ وَ نَبِيِّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ وَارِثَ عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ وَ خَلِيفَتِهِ، وَ وَارِثَ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَصِيِّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، لَعَنَ اَللَّهُ قَاتِلَكَ، وَ جَدَّدَ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ وَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ.

أَنَا يَا سَيِّدِي مُتَقَرِّبٌ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ إِلَى جَدِّكَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إِلَى أَبِيكَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ إِلَى أَخِيكَ اَلْحَسَنِ، وَ إِلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ، - عَلَيْكَ سَلاَمُ اَللَّهِ وَ رَحْمَتُهُ - بِزِيَارَتِي لَكَ بِقَلْبِي وَ لِسَانِي وَ جَمِيعِ جَوَارِحِي، فَكُنْ يَا سَيِّدِي شَفِيعِي لِقَبُولِ ذَلِكَ مِنِّي، وَ أَنَا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ وَ اَللَّعْنَةِ لَهُمْ وَ عَلَيْهِمْ، أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَيْكُمْ أَجْمَعِينَ، فَعَلَيْكَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ وَ رَحْمَتُهُ.

ثُمَّ تَتَحَوَّلُ إِلَى يَسَارِكَ قَلِيلاً، وَ تُحَوِّلُ وَجْهَكَ إِلَى قَبْرِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَهُوَ عِنْدَ رِجْلَيْ أَبِيهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ اُدْعُ اَللَّهَ تَعَالَى بِمَا أَحْبَبْتَ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ وَ دُنْيَاكَ، وَ صَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَإِنَّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ ثَمَانٍ أَوْ سِتٌّ أَوْ أَرْبَعٌ أَوْ رَكْعَتَانِ، وَ أَفْضَلُهَا ثَمَانٍ.

ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ نَحْوَ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ تَقُولُ: أَنَا مُوَدِّعُكَ يَا مَوْلاَيَ وَ اِبْنَ مَوْلاَيَ، وَ سَيِّدِي وَ اِبْنَ سَيِّدِي(1)، يَا عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ، وَ مُوَدِّعُكُمْ يَا سَادَاتِي، يَا مَعْشَرَ اَلشُّهَدَاءِ، فَعَلَيْكُمْ سَلاَمُ اَللَّهِ وَ رَحْمَتُهُ وَ رِضْوَانُهُ وَ بَرَكَاتُهُ»(2).

ص: 373


1- في نسخة «ه»: و مودعك يا سيدي و ابن سيدي.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 7/288.

الفصل الحادي عشر في فضل زيارة الأئمة المطهرين [ائمة البقيع]:

اشارة

علي بن الحسين زين العابدين، و محمد بن علي الباقر، و جعفر بن محمد الصادق صلوات اللّه عليهم، و ذكر كيفيتها

اَلْوَشَّاءُ، عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ إِمَامٍ عَهْداً فِي أَعْنَاقِ أَوْلِيَائِهِ وَ شِيعَتِهِ، وَ إِنَّ مِنْ تَمَامِ اَلْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَ حُسْنِ اَلْأَدَاءِ زِيَارَةَ قُبُورِهِمْ، فَمَنْ زَارَهُمْ رَغْبَةً فِي زِيَارَتِهِمْ، وَ تَصْدِيقاً بِمَا رَغِبُوا فِيهِ كَانَ أَئِمَّتُهُمْ شُفَعَاؤُهُمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ»(1).

شرح الزيارة

إنّما أخّرنا زيارتهم صلوات اللّه عليهم عن عمل المدينة مقارنة لترتيبهم عند الربّ العليم، و ربّما كان ذلك أبلغ في الغرض المستقيم.

فإذا وصلت إلى مدينة الرسول صلوات اللّه عليه و آله، و فعلت ما أومأنا إليه، فاقصد زيارتهم صلوات اللّه عليهم بالبقيع، و احذر عواقب التضييع، و قف على باب قبتهم الشريفة، و استأذن عليهم بما قدّمناه في الفصل الثالث، و وسمناه عند الوقوف على باب مسجد النبي صلوات اللّه عليه و سلامه، أو بما جرى مجراه، ثم

اُدْخُلْ وَ قِفْ عَلَى مَحَلِّهِمُ الشَّرِيفِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَئِمَّةِ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ اَلتَّقْوَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمُ

ص: 374


1- رواه الكلينيّ في الكافي 2/567:4، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 122، و الصّدوق في الفقيه 2: 1577/345، و عيون اخبار الرّضا عليه السّلام 24/260:2، و علل الشّرائع: 3/459، و المفيد في مزاره: 2/159، و المقنعة: 474، و الطّوسيّ في التّهذيب 175/93:6.

اَلْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمُ اَلْقُوَّامُ فِي اَلْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلصَّفْوَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلنَّجْوَى، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَ نَصَحْتُمْ وَ صَبَرْتُمْ فِي ذَاتِ اَللَّهِ، وَ كُذِّبْتُمْ وَ أُسِيءَ إِلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمُ اَلْأَئِمَّةُ اَلرَّاشِدُونَ اَلْمُهْتَدُونَ، وَ أَنَّ طَاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ، وَ أَنَّ قَوْلَكُمُ اَلصِّدْقُ، وَ أَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجَابُوا، وَ أَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطَاعُوا، وَ أَنَّكُمْ دَعَائِمُ اَلدِّينِ وَ أَرْكَانُ اَلْأَرْضِ، لَمْ تَزَالُوا بِعَيْنِ اَللَّهِ يَنْسَخُكُمْ فِي أَصْلاَبِ كُلِّ مُطَهَّرٍ، وَ يَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحَامِ اَلْمُطَهَّرَاتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ اَلْجَاهِلِيَّةُ اَلْجَهْلاَءُ، وَ لَمْ تَشْرَكْ فِيكُمْ فِتَنُ اَلْأَهْوَاءِ، طِبْتُمْ وَ طَابَ مَنْبِتُكُمْ.

مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنَا دَيَّانُ اَلدِّينِ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا، وَ جَعَلَ صَلَوَاتِنَا وَ طَيَّبَ خَلْقَنَا بِمَا مَنَّ عَلَيْنَا بِهِ مِنْ وَلاَيَتِكُمْ، وَ كُنَّا عِنْدَهُ مُسَمَّيْنَ بِعِلْمِكُمْ، مُعْتَرِفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ، وَ هَذَا مَقَامُ مَنْ أَسْرَفَ وَ أَخْطَأَ وَ اِسْتَكَانَ وَ أَقَرَّ بِمَا جَنَى، وَ رَجَا بِمَقَامِهِ اَلْخَلاَصَ، وَ أَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقَذَ اَلْهَلْكَى مِنَ اَلرَّدَى، فَكُونُوا لِي شُفَعَاءَ. وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ اَلدُّنْيَا وَ اِتَّخَذُوا آيَاتِ اَللَّهِ هُزُواً وَ اِسْتَكْبَرُوا.

يَا مَنْ هُوَ ذَاكِرٌ لاَ يَسْهُو، وَ دَائِمٌ لاَ يَلْهُو، وَ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، لَكَ اَلْمَنُّ بِمَا وَفَّقْتَنِي وَ عَرَّفْتَنِي بِمَا ثَبَّتَّنِي عَلَيْهِ إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبَادُكَ، وَ جَحَدُوا مَعْرِفَتَهُمْ، وَ اِسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِمْ، وَ مَالُوا إِلَى سِوَاهُمْ. وَ كَانَتِ اَلْمِنَّةُ لَكَ وَ مِنْكَ عَلَيَّ مَعَ أَقْوَامٍ خَصَصْتَهُمْ بِمَا خَصَصْتَنِي بِهِ، فَلَكَ اَلْحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ مَذْكُوراً مَكْتُوباً، فَلاَ تَحْرِمْنِي مَا رَجَوْتُ، وَ لاَ تُخَيِّبْنِي فِي مَا دَعَوْتُ (1).

ثُمَّ اُدْعُ لِنَفْسِكَ بِمَا أَحْبَبْتَ (2).

ص: 375


1- في نسخة «م»: في مقامي هذا.
2- اورده الكليني في الكافي 559:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات: 54 ب 15، و الصدوق في الفقيه 2: -

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ فَقُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى أَئِمَّةِ اَلْهُدَى وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكُمُ اَللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ اَلسَّلاَمَ. آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جِئْتُمْ بِهِ وَ دَلَلْتُمْ عَلَيْهِ، اَللَّهُمَّ فَاكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ (1).

ثُمَّ اُدْعُ اَللَّهَ كَثِيراً، وَ اسْأَلْهُ أَنْ لاَ يَجْعَلَهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ.

و إن أردت البسط في زيارتهم صلوات اللّه عليهم، و قضاء الوطر من إهداء التحية إليهم، فعليك بالفصل الثامن عشر من هذا الكتاب، فإنّه قد احتوى على زيارات جامعة كافية في هذا الباب، و اللّه الموفّق للصواب.

ص: 376


1- اورده المفيد في مزاره: 163، و الطوسي في مصباحه: 657، و في التهذيب 80:6 /ب 28.

الفصل الثاني عشر في فضل زيارة مولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها

[روايات في فضل زيارته عليه السلام]

اِبْنُ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: مَا لِمَنْ زَارَ أَبَاكَ؟

قَالَ: «لَهُ اَلْجَنَّةُ، فَزُرْهُ»(1).

وَ فِي رِوَايَةِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُ سَأَلَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنْ فَضْلِ زِيَارَةِ أَبِيهِ فَقَالَ: «كَفَضْلِ زِيَارَةِ وَالِدِهِ» يَعْنِي رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (2).

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «إِنَّ اَللَّهَ يُجِيرُ بَغْدَادَ بِمَكَانِ قَبْرِ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ»(3).

[زيارته عليه السلام]

فإذا أردت زيارته عليه السّلام فينبغي أن تغتسل، ثم تأتي المشهد المقدّس و عليك السكينة و الوقار، فإذا أتيته فقف على بابه وَ قُلْ:

اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هِدَايَتِهِ لِدِينِهِ، وَ اَلتَّوْفِيقِ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ سَبِيلِهِ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَكْرَمُ مَقْصُودٍ، وَ أَكْرَمُ مَأْتِيٍّ، وَ قَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِابْنِ بِنْتِ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ أَبْنَائِهِ اَلطَّيِّبِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لاَ تُخَيِّبْ سَعْيِي، وَ لاَ تَقْطَعْ رَجَائِي،

ص: 377


1- رواه المفيد في مزاره: 2/165، و الطّوسيّ في التّهذيب 160/82:6، و ابن شهرآشوب في المناقب 4: 329، و السبزواري في جامع الأخبار: 136/87، و ابن المشهديّ في مزاره: 17.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 299، و المفيد في مزاره: 3/165، و المقنعة: 477، و الطّوسيّ في التّهذيب 161/82:6، و السبزواري في جامع الأخبار: 137/88، و ابن المشهديّ في مزاره: 19.
3- رواه المفيد في مزاره: 4/166، و الطّوسيّ في التّهذيب 162/82:6، و السبزواري في جامع الأخبار: 138/88، و المناقب لابن شهر آشوب 329:4، و ابن المشهديّ في مزاره: 19.

وَ اِجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ.

ثُمَّ تُقَدِّمُ رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى عِنْدَ اَلدُّخُولِ وَ تَقُولُ:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ.

فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَى بَابِ اَلْقُبَّةِ فَقِفْ عَلَيْهِ وَ اِسْتَأْذِنْ وَ قُلْ:

أَ أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، أَ أَدْخُلُ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، أَ أَدْخُلُ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ، أَ أَدْخُلُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَ أَدْخُلُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنَ، أَ أَدْخُلُ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنَ، أَ أَدْخُلُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ، أَ أَدْخُلُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ أَدْخُلُ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرَ اِبْنِ مُحَمَّدٍ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ.

فَإِذَا دَخَلْتَ فَكَبِّرِ اَللَّهَ (أَرْبَعاً) ثُمَّ تَقِفُ مُسْتَقْبِلَ اَلْقَبْرِ بِوَجْهِكَ وَ اَلْقِبْلَةُ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حُجَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ صَفِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ أَمِينِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ اَلْأَرْضِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ اَلدِّينِ وَ اِلتُّقَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَازِنَ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَازِنَ عِلْمِ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَائِبَ اَلْأَوْصِيَاءِ اَلسَّابِقِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَعْدِنَ اَلْوَحْيِ اَلْمُبِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ اَلْعِلْمِ اَلْيَقِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَيْبَةَ عِلْمِ اَلْمُرْسَلِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلصَّالِحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلزَّاهِدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلسَّيِّدُ اَلرَّشِيدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمَقْتُولُ اَلشَّهِيدُ،

ص: 378

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ وَ اِبْنَ وَصِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا مُوسَى اِبْنَ جَعْفَرٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اَللَّهِ مَا حَمَلَكَ، وَ حَفِظَتَ مَا اِسْتَوْدَعَكَ، وَ حَلَلْتَ حَلاَلَ اَللَّهِ، وَ حَرَّمْتَ حَرَامَ اَللَّهِ، وَ أَقَمْتَ أَحْكَامَ اَللَّهِ، وَ تَلَوْتَ كِتَابَ اَللَّهِ، وَ صَبَرْتَ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِ اَللَّهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ آبَاؤُكَ اَلطَّاهِرُونَ، وَ أَجْدَادُكَ اَلطَّيِّبُونَ، اَلْأَوْصِيَاءُ اَلْهَادُونَ، اَلْأَئِمَّةُ اَلْمَهْدِيُّونَ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلَى هُدًى، وَ لَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَنَّكَ أَدَّيْتَ اَلْأَمَانَةَ، وَ اِجْتَنَبْتَ اَلْخِيَانَةَ، وَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً مُجْتَهِداً مُحْتَسِباً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، فَجَزَاكَ اَللَّهُ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ أَفْضَلَ اَلْجَزَاءِ وَ أَشْرَفَ اَلْجَزَاءِ.

أَتَيْتُكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُقِرّاً بِفَضْلِكَ، مُحْتَمِلاً لِعِلْمِكَ، مُحْتَجِباً بِذِمَّتِكَ، عَائِذاً بِقَبْرِكَ، لاَئِذاً بِضَرِيحِكَ، مُسْتَشْفِعاً بِكَ إِلَى اَللَّهِ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، وَ بِالْهُدَى اَلَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، عَالِماً بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَكَ وَ بِالْعَمَى اَلَّذِي هُمْ عَلَيْهِ.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً بِزِيَارَتِكَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى، وَ مُسْتَشْفِعاً بِكَ إِلَيْهِ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، وَ يَعْفُوَ عَنْ جُرْمِي، وَ يَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِي، وَ يَمْحُوَ عَنِّي خَطِيئَاتِي، وَ يُدْخِلَنِي اَلْجَنَّةَ، وَ يَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَ يَغْفِرَ لِي وَ لآِبَائِي وَ لِإِخْوَانِي وَ أَخَوَاتِي وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا بِفَضْلِهِ وَ جُودِهِ وَ مَنِّهِ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تُقَبِّلُهُ، وَ تَعْفِرُ خَدَّيْكَ عَلَيْهِ، وَ تَدْعُو بِمَا تُرِيدُ.

ص: 379

ثُمَّ تَتَحَوَّلُ إِلَى اَلرَّأْسِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْأَمَامُ اَلْهَادِي، وَ اَلْوَلِيُّ اَلْمُرْشِدُ، وَ أَنَّكَ مَعْدِنُ اَلتَّنْزِيلِ، وَ صَاحِبُ اَلتَّأْوِيلِ، وَ حَامِلُ اَلتَّوْرَاةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ، وَ اَلْعَالِمُ اَلْعَادِلُ، وَ اَلصَّادِقُ اَلْعَامِلُ.

يَا مَوْلاَيَ أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكَ، وَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ بِمُوَالاَتِكَ، فَصَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ وَ أَجْدَادِكَ وَ أَبْنَائِكَ وَ شِيعَتِكَ وَ مُحِبِّيكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيِ اَلزِّيَارَةِ، تَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَةَ يس وَ اَلرَّحْمَنِ أَوْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ اَلْقُرْآنِ، ثُمَّ تَدْعُو بِمَا تُرِيدُ(1).

فإذا أردت وداعه صلوات اللّه عليه فاعلم أنّه يأتي في جملة وداع مولانا محمّد بن علي الجواد عليه السّلام في آخر الفصل الرابع عشر إن شاء اللّه تعالى.

ص: 380


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 9/14:102.

زيارة أخرى ثانية لمولانا أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السّلام

تستأذن بما تقدّم، ثم تدخل مقدّما رجلك اليمنى، فإذا دخلت فكبّر اللّه تعالى مائة تكبيرة، و تقف مستقبل الضريح وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنُّورُ اَلسَّاطِعُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْقَمَرُ اَلطَّالِعُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْغَيْثُ اَلنَّافِعُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ حُجَّتَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ فِي اَلظُّلُمَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا آلَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَهَاءَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَاصَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سِرَّ اَللَّهِ اَلْمُسْتَوْدَعَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صِرَاطَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا زَيْنَ اَلْأَبْرَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَلِيلَ اَلْأَطْهَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عُنْصُرَ اَلْأَخْيَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مِحْنَةَ اَلْخَلْقِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مزيد [مَنْ بَدَا] للَّهِ فِي شَأْنِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ سُلاَلَةَ اَلْوَصِيِّينَ، وَ شَاهِدَ يَوْمِ اَلدِّينِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ وَ آبَاءَكَ اَلَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِكَ، وَ أَبْنَاءَكَ اَلَّذِينَ مِنْ بَعْدِكَ، مَوَالِيَّ وَ أَوْلِيَائِي وَ أَئِمَّتِي.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَصْفِيَاءُ اَللَّهِ وَ خِيَرَتُهُ، وَ حُجَّتُهُ اَلْبَالِغَةُ، اِنْتَجَبَكُمْ (1) بِعِلْمِهِ، وَ جَعَلَكُمْ أَنْصَاراً لِدِينِهِ، وَ قُوَّاماً بِأَمْرِهِ، وَ خُزَّاناً لِحُكْمِهِ، وَ حَفَظَةً لِسِرِّهِ، وَ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِهِ، وَ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِهِ، وَ تَرَاجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَ شُهُوداً عَلَى عِبَادِهِ.

اِسْتَرْعَاكُمْ خَلْقَهُ، وَ آتَاكُمْ كِتَابَهُ، وَ خَصَّكُمْ بِكَرَائِمِ اَلتَّنْزِيلِ، وَ أَعْطَاكُمْ فَضِيلَةَ اَلتَّأْوِيلِ، وَ جَعَلَكُمْ تَابُوتَ حِكْمَتِهِ، وَ عَصَا عِزِّهِ، وَ مَنَاراً فِي بِلاَدِهِ، وَ أَعْلاَماً

ص: 381


1- في نسخة «ه» و «ع»: انتخبكم.

لِعِبَادِهِ، وَ أَجْرَى فِيكُمْ مِنْ رُوحِهِ، وَ عَصَمَكُمْ مِنَ اَلزَّلَلِ، وَ طَهَّرَكُمْ مِنَ اَلدَّنَسِ، وَ أَذْهَبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ، وَ آمَنَكُمْ مِنَ اَلْفِتَنِ.

بِكُمْ تَمَّتِ اَلنِّعْمَةُ، وَ اِجْتَمَعَتِ اَلْفُرْقَةُ، وَ اِئْتَلَفَتِ اَلْكَلِمَةُ، وَ لَكُمُ اَلطَّاعَةُ اَلْمُفْتَرَضَةُ، وَ اَلْمَوَدَّةُ اَلْوَاجِبَةُ، وَ أَنْتُمْ أَوْلِيَاءُ اَللَّهِ اَلنُّجَبَاءُ، وَ عِبَادُهُ اَلْمُكَرَّمُونَ.

أَتَيْتُكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

اَلصَّلاَةُ عَلَيْهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَصِيِّ اَلْأَبْرَارِ، وَ إِمَامِ اَلْأَخْيَارِ، وَ عَيْبَةِ اَلْأَنْوَارِ، وَ وَارِثِ اَلسَّكِينَةِ وَ اَلْوَقَارِ، وَ اَلْحِكَمِ وَ اَلْآثَارِ، اَلَّذِي كَانَ يُحْيِي اَللَّيْلَ بِالسَّهَرِ إِلَى اَلسَّحَرِ بِمُوَاصَلَةِ اَلاِسْتِغْفَارِ، حَلِيفِ اَلسَّجْدَةِ اَلطَّوِيلَةِ، وَ اَلدُّمُوعِ اَلْغَزِيرَةِ، وَ اَلْمُنَاجَاةِ اَلْكَثِيرَةِ، وَ اَلضَّرَاعَاتِ اَلْمُتَّصِلَةِ، وَ مَقَرِّ اَلنُّهَى وَ اَلْعَدْلِ، وَ اَلْخَيْرِ وَ اَلْفَضْلِ، وَ اَلنَّدَى وَ اَلْبَذْلِ، وَ مَأْلَفِ اَلْبَلْوَى وَ اَلصَّبْرِ، وَ اَلْمُضْطَهَدِ بِالظُّلْمِ، وَ اَلْمَقْبُورِ بِالْجَوْرِ، وَ اَلْمُعَذَّبِ فِي قَعْرِ اَلسُّجُونِ، وَ ظُلَمِ اَلْمَطَامِيرِ، ذِي اَلسَّاقِ اَلْمَرْضُوضِ بِحِلَقِ اَلْقُيُودِ، وَ اَلْجِنَازَةِ اَلْمُنَادَى عَلَيْهَا بِذُلِّ اَلاِسْتِخْفَافِ، وَ اَلْوَارِدِ عَلَى جَدِّهِ اَلْمُصْطَفَى، وَ أَبِيهِ اَلْمُرْتَضَى، وَ أُمِّهِ سَيِّدَةِ اَلنِّسَاءِ، بِإِرْثٍ مَغْصُوبٍ، وَ وَلاَءٍ مَسْلُوبٍ، وَ أَمْرٍ مَغْلُوبٍ، وَ دَمٍ مَطْلُوبٍ، وَ سَمٍّ مَشْرُوبٍ.

اَللَّهُمَّ وَ كَمَا صَبَرَ عَلَى غَلِيظِ اَلْمِحَنِ، وَ تَجَرَّعَ غُصَصَ اَلْكَرْبِ، وَ اِسْتَسْلَمَ لِرِضَاكَ، وَ أَخْلَصَ اَلطَّاعَةَ لَكَ، وَ مَحَضَ اَلْخُشُوعَ، وَ اِسْتَشْعَرَ اَلْخُضُوعَ، وَ عَادَى اَلْبِدْعَةَ وَ أَهْلَهَا، وَ لَمْ يَلْحَقْهُ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَوَامِرِكَ وَ نَوَاهِيكَ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، صَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً نَامِيَةً مُنِيفَةً زَاكِيَةً، تُوجِبُ لَهُ بِهَا شَفَاعَةَ أُمَمٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَ قُرُونٍ مِنْ بَرَايَاكَ، وَ بَلِّغْهُ عَنَّا تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوَالاَتِهِ فَضْلاً وَ إِحْسَاناً، وَ مَغْفِرَةً وَ رِضْوَاناً، إِنَّكَ ذُو

ص: 382

اَلْفَضْلِ اَلْعَمِيمِ، وَ اَلتَّجَاوُزِ اَلْعَظِيمِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيِ اَلزِّيَارَةِ، وَ تَقُولُ عَقِبَهَا وَ أَنْتَ قَائِمٌ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، بِحُرْمَةِ مَنْ عَاذَ بِكَ مِنْكَ، وَ لَجَأَ إِلَى عِزِّكَ، وَ اِسْتَظَلَّ بِفَيْئِكَ، وَ اِعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ، وَ لَمْ يَثِقْ إِلاَّ بِكَ، يَا جَزِيلَ اَلْعَطَايَا، يَا فَكَّاكَ اَلْأُسَارَى، يَا مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ مِنْ جُودِهِ وَهَّاباً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تَرُدَّنِي مِنْ هَذَا اَلْمَقَامِ خَائِباً، فَإِنَّ هَذَا مَقَامٌ تُغْفَرُ فِيهِ اَلذُّنُوبُ اَلْعِظَامُ، وَ تُرْجَى فِيهِ اَلرَّحْمَةُ مِنَ اَلْكَرِيمِ اَلْعَلاَّمِ. مَقَامٌ لاَ يَخِيبُ فِيهِ اَلسَّائِلُونَ، وَ لاَ يُجِبْهُ بِالرَّدِّ اَلرَّاغِبُونَ. مَقَامٌ مَنْ لاَذَ بِمَوْلاَهُ رَغْبَةً، وَ تَبَتَّلَ إِلَيْهِ رَهْبَةً، مَقَامُ اَلْخَائِفِ مِنْ يَوْمِ يَقُومُ فِيهِ اَلنَّاسُ لِرَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ لاَ تَنْفَعُ فِيهِ شَفَاعَةُ اَلشَّافِعِينَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمَنُ وَ كَانَ مِنَ اَلْفَائِزِينَ، ذَلِكَ يَوْمٌ لاَ يَنْفَعُ فِيهِ مَالٌ وَ لاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اَللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَ أُزْلِفَتِ اَلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَ قِيلَ هَذَا مَا كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ، مَنْ خَشِيَ اَلرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَ جَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ، اُدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ اَلْخُلُودِ.

اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْنِي مِنَ اَلْمُخْلَصِينَ اَلْفَائِزِينَ، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ اَلنَّعِيمِ، وَ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِوُلْدِي يَوْمَ اَلدِّينِ، وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ، وَ اُخْلُفْ عَلَى أَهْلِي وَ وُلْدِي فِي اَلْغَابِرِينَ، وَ اِجْمَعْ بَيْنَنَا جَمِيعاً فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

وَ سَلِّمْنِي مِنْ أَهْوَالِ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَ لِقَائِكَ حَتَّى تُبَلِّغَنِي اَلدَّرَجَةَ اَلَّتِي فِيهَا مُرَافَقَةُ أَحِبَّائِكَ اَلَّذِينَ عَلَيْهِمْ دَلَلْتَ، وَ بِالاِقْتِدَاءِ بِهِمْ أَمَرْتَ، وَ اِسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِمْ مَشْرَباً رَوِيّاً سَائِغاً هَنِيئاً، لاَ أَظْمَأُ بَعْدَهُ وَ لاَ أُحَلَّأُ عَنْهُ أَبَداً، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِمْ، وَ اِجْعَلْنِي فِي حِزْبِهِمْ، وَ عَرِّفْنِي وُجُوهَهُمْ فِي رِضْوَانِكَ وَ اَلْجَنَّةِ، فَإِنِّي رَضِيتُ بِهِمْ أَئِمَّةً وَ هُدَاةً وَ وُلاَةً، فَاجْعَلْهُمْ أَئِمَّتِي وَ هُدَاتِي وَ وُلاَتِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ لاَ تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، آمِينَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

ص: 383

و صلّ ما تختار و ادع بما تريد(1).

ص: 384


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 10/16:102.

زيارة ثالثة يزار بها صلوات اللّه عليه

تَسْتَأْذِنُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَ تَقِفُ عَلَى ضَرِيحِهِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ اَلْأَرْضِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْمُتَّقِينَ وَ وَارِثَ عِلْمِ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سُلاَلَةَ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَاهِدَ يَوْمِ اَلدِّينِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ وَ آبَاءَكَ اَلَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِكَ، وَ أَبْنَاءَكَ اَلَّذِينَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكَ، مَوَالِيَّ وَ أَوْلِيَائِي وَ أَئِمَّتِي وَ قَادَتِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَصْفِيَاءُ اَللَّهِ وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ حُجَّتُهُ اَلْبَالِغَةُ، اِنْتَجَبَكُمْ لِعِلْمِهِ، وَ جَعَلَكُمْ خَزَنَةً لِسِرِّهِ، وَ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِهِ، وَ تَرَاجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِهِ، وَ شُهُوداً لَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَ اِسْتَرْعَاكُمْ أَمْرَ خَلْقِهِ، وَ خَصَّكُمْ بِكَرَائِمِ اَلتَّنْزِيلِ، وَ أَعْطَاكُمُ اَلتَّأْوِيلَ، وَ جَعَلَكُمْ أَبْوَاباً لِحِكْمَتِهِ، وَ مَنَاراً فِي بِلاَدِهِ، وَ أَعْلاَماً لِعِبَادِهِ، وَ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ نُورِهِ، وَ عَصَمَكُمْ مِنَ اَلزَّلَلِ، وَ طَهَّرَكُمْ مِنَ اَلدَّنَسِ، وَ آمَنَكُمْ مِنَ اَلْفِتَنِ.

فَبِكُمْ تَمَّتِ اَلنِّعْمَةُ، وَ اِجْتَمَعَتْ بِكُمُ اَلْفُرْقَةُ، وَ بِكُمُ اِنْتَظَمَتِ اَلْكَلِمَةُ، وَ لَكُمُ اَلطَّاعَةُ اَلْمُفْتَرَضَةُ، وَ اَلْمَوَدَّةُ اَلْوَاجِبَةُ اَلْمُوَظَّفَةُ، وَ أَنْتُمْ أَوْلِيَاءُ اَللَّهِ اَلنُّجَبَاءُ، أَحْيَا بِكُمْ اَلصِّدْقَ، فَنَصَحْتُمْ لِعِبَادِهِ، وَ دَعَوْتُمْ إِلَى كِتَابِ اَللَّهِ وَ طَاعَتِهِ، وَ نَهَيْتُمْ عَنْ مَعَاصِي اَللَّهِ، وَ ذَبَبْتُمْ عَنْ دِينِ اَللَّهِ.

أَتَيْتُكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ، يَا اِبْنَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، وَ اِبْنَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، عَارِفاً بِحَقِّكَ وَ بِوَلاَيَتِكَ، مُصَدِّقاً بِوَعْدِكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، فَعَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ مِنِّي أَفْضَلُ اَلتَّحِيَّةِ وَ اَلسَّلاَمُ.

ص: 385

ثُمَّ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ أَمِينِكَ فِي عِبَادِكَ، وَ لِسَانِ حِكْمَتِكَ، وَ مَنْهَجِ حَقِّكَ، وَ مَقْصَدِ سَبِيلِكَ، وَ اَلسَّبَبِ إِلَى طَاعَتِكَ، وَ صِرَاطِكَ اَلْمُسْتَقِيمِ، وَ خَازِنِكَ، وَ اَلطَّرِيقِ إِلَيْكَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، فَرَطِ أَنْبِيَائِكَ، وَ سُلاَلَةِ أَصْفِيَائِكَ، دَاعِي اَلْحِكْمَةِ، وَ خَازِنِ اَلْعِلْمِ، كَاظِمِ اَلْغَيْظِ، وَ صَائِمِ اَلْقَيْظِ، وَ إِمَامِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ زَيْنِ اَلْمُهْتَدِينَ، اَلْحَاكِمِ اَلرَّضِيِّ، وَ اَلْإِمَامِ اَلزَّكِيِّ اَلْوَفِيِّ اَلْوَصِيِّ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ آبَائِهِ وَ وُلْدِهِ، وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِ، وَ اِجْعَلْنِي فِي حِزْبِهِ، وَ لاَ تَحْرِمْنِي مُشَاهَدَتَهُ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا مَنَنْتَ عَلَيَّ بِوَلاَيَتِهِ، وَ بَصَّرْتَنِي طَاعَتَهُ، وَ هَدَيْتَنِي لِمَوَدَّتِهِ، وَ رَزَقْتَنِي اَلْبَرَاءَةَ مِنْ عَدُوِّهِ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مَعَهُ وَ مَعَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ آبَائِهِ وَ وُلْدِهِ بِرَحْمَتِكَ، وَ مَعَ مَنِ اِرْتَضَيْتَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ بِوَلاَيَتِهِ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ، وَ خَيْرَ اَلنَّاصِرِينَ.

ثُمَّ تُصَلِّي عَلَيْهِ بِمَا تَقَدَّمَ فِي اَلزِّيَارَةِ اَلثَّانِيَةِ، وَ تُصَلِّي صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، وَ تَدْعُو بَعْدَهَا بِالدُّعَاءِ اَلَّذِي تَقَدَّمَ عَقِيبَ صَلاَةِ تِلْكَ اَلزِّيَارَةِ، ثُمَّ تَمْضِي فَتَقِفُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ عَظُمَ اَلْبَلاَءُ، وَ بَرِحَ اَلْخَفَاءُ وَ اِنْكَشَفَ اَلْغِطَاءُ، وَ ضَاقَتِ اَلْأَرْضُ، وَ مُنِعَتِ اَلسَّمَاءُ، وَ أَنْتَ يَا رَبِّ اَلْمُسْتَعَانُ، وَ إِلَيْكَ يَا رَبِّ اَلْمُشْتَكَى. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ، وَ عَرَّفْتَنَا بِذَلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، وَ فَرَّجَ عَنَّا كَرْبَنَا قَرِيباً كَلَمْحِ اَلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، يَا أَبْصَرَ اَلنَّاظِرِينَ، وَ يَا أَسْمَعَ اَلسَّامِعِينَ، وَ يَا أَسْرَعَ اَلْحَاسِبِينَ، وَ يَا أَحْكَمَ اَلْحَاكِمِينَ.

يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، يَا مُصْطَفَى يَا مُرْتَضَى، يَا مُرْتَضَى يَا مُصْطَفَى، اُنْصُرَانِي فَإِنَّكُمَا نَاصِرَايَ، وَ اِكْفِيَانِي فَإِنَّكُمَا كَافِيَايَ، يَا صَاحِبَ اَلزَّمَانِ اَلْغَوْثَ اَلْغَوْثَ اَلْغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي.

ص: 386

تَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ اَلنَّفَسُ.

ثُمَّ تَسْأَلُ حَاجَتَكَ فَإِنَّهَا تُقْضَى بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى(1).

ثم تزور الجواد صلوات اللّه عليه بما سيأتي في الفصل الرابع عشر، فإنّ ضريحه ملاصق لضريح الكاظم صلوات اللّه عليهما.

ص: 387


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 11/18:102.

الفصل الثالث عشر في فضل زيارة علي بن موسى الرضا صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها

اشارة

الذي ورد في فضلها كثير لا يحتمل هذا الكتاب بلوغ أقصاه، و لكنّا نشير إلى ما يفهم منه تفصيل معناه إن شاء اللّه تعالى.

عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِيَارَةُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَفْضَلُ أَمْ زِيَارَةُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ؟

فَقَالَ: «زِيَارَةُ أَبِي أَفْضَلُ، وَ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَزُورُهُ أُنَاسٌ كَثِيرٌ، وَ أَبِي لاَ يَزُورُهُ إِلاَّ اَلْخَوَاصُّ مِنَ اَلشِّيعَةِ»(1).

و كفى بهذا الحديث لمن فهم معناه، ففيه غنى عمّا سواه.

وَ يُرْوَى عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَارَنِي عَلَى بُعْدِ دَارِي وَ شُطُونِ (2) مَزَارِي أَتَيْتُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فِي ثَلاَثِ مَوَاطِنَ حَتَّى أُخَلِّصَهُ مِنْ أَهْوَالِهَا: إِذَا تَطَايَرَتِ اَلْكُتُبُ يَمِيناً وَ شِمَالاً، وَ عِنْدَ اَلصِّرَاطِ، وَ عِنْدَ اَلْمِيزَانِ»(3).

ص: 388


1- رواه الكليني في الكافي 1/584:4، و ابن قولويه في كامل الزيارات، 11/306، و الصدوق في الفقيه 2: 1598/348، و عيون اخبار الرضا عليه السّلام 26/261:2، و الطوسي في التهذيب 165/84:6، و ابن المشهدي في مزاره: 785.
2- الشطن: البعيد. الصحاح - شطن - 2144:5.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 4/304، و الصدوق في اماليه: 9/106، و عيون اخبار الرضا عليه السّلام 2/255:2، و الفقيه 1606/350:2، و الخصال: 220/167، و المفيد في مزاره: 2/168، و المقنعة: 479، و الطوسي في التهذيب 169/85:6، و ابن المشهدي في مزاره: 19.

وَ رُوِيَ: أَنَّهُ يَغْفِرُ اَللَّهُ لِزَائِرِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ(1).

وَ رُوِيَ: لَهُ اَلْجَنَّةُ (2).

وَ رُوِيَ: كَشُهَدَاءِ بَدْرٍ(3).

وَ رُوِيَ: أَنَّ زُوَّارَهُ أَعْلَى زُوَّارِ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ دَرَجَةً، وَ أَقْرَبَهُمْ حَبْوَةً (4).

وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ أَبِي اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِخَطِّهِ يَقُولُ: «أَبْلِغْ شِيعَتِي أَنَّ زِيَارَتِي تَعْدِلُ عِنْدَ اَللَّهِ أَلْفَ حَجَّةٍ، وَ أَلْفَ عُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ كُلُّهَا».

قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: أَلْفَ حَجَّةٍ؟

قَالَ: «إِي وَ اَللَّهِ أَلْفَ أَلْفِ حَجَّةٍ لِمَنْ يَزُورُهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ»(5).

و روي غير ذلك، من أراد محاسنه وقف عليها من كتاب كامل الزيارات لأبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قدّس اللّه روحه.

[و أمّا كيفية زيارته عليه السّلام]:

فَإِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَاغْتَسِلْ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مَنْزِلِكَ، وَ قُلْ حِينَ تَغْتَسِلُ: اَللَّهُمَّ طَهِّرْنِي وَ طَهِّرْ لِي قَلْبِي، وَ اِشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَ أَجْرِ عَلَى لِسَانِي مِدْحَتَكَ وَ اَلثَّنَاءَ عَلَيْكَ، فَإِنَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لِي طَهُوراً وَ شِفَاءً وَ نُوراً.

ص: 389


1- رواه الكلينيّ في الكافي 3/585:4، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 3/304 و 6/305، و الصّدوق في اماليه: 7/105، و الفقيه 1605/349:2، و عيون اخبار الرّضا عليه السّلام 19/259:2 و 27/161، و المفيد في المقنعة: 480، و ابن المشهديّ في مزاره: 19 و 787.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 2/303، و الصّدوق في ثواب الاعمال: 123، و عيون اخبار الرّضا عليه السّلام 7/256:2 و 12 و 13، و الطّوسيّ في التّهذيب 170/85:6.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 5/304.
4- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 308 /ذيل حديث 13.
5- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 9/306، و الصّدوق في آماليه: 3/104، و في الفقيه 1599/349:2، و عيون اخبار الرّضا عليه السّلام 10/257:2، و الطّوسيّ في التّهذيب 168/85:6.

وَ تَقُولُ حِينَ تَخْرُجُ:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَى اِبْنِ رَسُولِ اَللَّهِ، حَسْبِيَ اَللَّهُ تَوَكَّلْتُ عَلَى اَللَّهِ. اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَ إِلَيْكَ قَصَدْتُ، وَ مَا عِنْدَكَ أَرَدْتُ.

فَإِذَا خَرَجْتَ فَقِفْ عَلَى بَابِ دَارِكَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَ عَلَيْكَ خَلَّفْتُ أَهْلِي وَ مَالِي وَ مَا خَوَّلْتَنِي، وَ بِكَ وَثِقْتُ، فَلاَ تُخَيِّبْنِي يَا مَنْ لاَ يُخَيِّبُ مَنْ أَرَادَهُ، وَ لاَ يُضَيِّعُ مَنْ حَفِظَهُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِحْفَظْنِي بِحِفْظِكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَ.

فَإِذَا وَافَيْتَ سَالِماً إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى فَاغْتَسِلْ وَ قُلْ حِينَ تَغْتَسِلُ:

اَللَّهُمَّ طَهِّرْنِي وَ طَهِّرْ قَلْبِي، وَ اِشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَ أَجْرِ عَلَى لِسَانِي مِدْحَتَكَ وَ مَحَبَّتَكَ وَ اَلثَّنَاءَ عَلَيْكَ، فَإِنَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ، وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قُوَّةَ دِينِي اَلتَّسْلِيمُ لِأَمْرِكَ، وَ اَلاِتِّبَاعُ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ، وَ اَلشَّهَادَةُ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لِي شِفَاءً وَ نُوراً إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

ثُمَّ اِلْبَسْ أَطْهَرَ ثِيَابِكَ، وَ اِمْشِ حَافِياً وَ عَلَيْكَ اَلسَّكِينَةَ وَ اَلْوَقَارَ بِالتَّكْبِيرِ وَ اَلتَّهْلِيلِ وَ اَلتَّسْبِيحِ وَ اَلتَّحْمِيدِ، وَ قَصِّرْ خُطَاكَ، وَ قُلْ حِينَ تَدْخُلُ:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اَللَّهِ.

ثُمَّ صِرْ إِلَى قَبْرِهِ وَ اِسْتَقْبِلْ وَجْهَهُ بِوَجْهِكَ وَ اِجْعَلِ اَلْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَ قُلْ:

أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّهُ سَيِّدُ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ أَنَّهُ سَيِّدُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمُرْسَلِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ سَيِّدِ خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ، صَلاَةً لاَ يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ.

ص: 390

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِكَ وَ أَخِي رَسُولِكَ، اَلَّذِي اِنْتَجَبْتَهُ لِعِلْمِكَ، وَ جَعَلْتَهُ هَادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ اَلدَّلِيلَ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالاَتِكَ، وَ دَيَّانَ اَلدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَ فَصْلَ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَ اَلْمُهَيْمِنَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، وَ زَوْجَةِ وَلِيِّكَ، اَلطُّهْرِ اَلطَّاهِرَةِ اَلْمُطَهَّرَةِ، اَلتَّقِيَّةِ اَلرَّضِيَّةِ اَلزَّكِيَّةِ، سَيِّدَةِ نِسَاءِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ، وَ أُمِّ اَلسِّبْطَيْنِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ أَجْمَعِينَ، صَلاَةً لاَ يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ، اَلْقَائِمَيْنِ خَلْقَكَ، وَ اَلدَّلِيلَيْنِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَ بِرِسَالاَتِكَ، وَ دَيَّانَيِ اَلدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَ فَصْلَ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَبْدِكَ، اَلْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ، وَ اَلدَّلِيلِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَ بِرِسَالاَتِكَ، وَ دَيَّانِ اَلدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَ فَصْلِ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، سَيِّدِ اَلْعَابِدِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَبْدِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ، بَاقِرِ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ، عَبْدِكَ وَ وَلِيِّ دِينِكَ، وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ، اَلصَّادِقِ اَلْبَارِّ اَلتَّقِيِّ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ، وَ لِسَانِكَ فِي خَلْقِكَ، اَلنَّاطِقِ بِعِلْمِكَ، وَ اَلْحُجَّةِ عَلَى بَرِيَّتِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا اَلْمُرْتَضَى، عَبْدِكَ وَ وَلِيِّ دِينِكَ، اَلْقَائِمِ بِعَدْلِكَ، وَ اَلدَّاعِي إِلَى دِينِكَ وَ دِينِ آبَائِهِ اَلصَّادِقِينَ، صَلاَةً لاَ يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، اَلْقَائِمَيْنِ بِأَمْرِكَ، اَلْمُؤَدِّيَيْنِ

ص: 391

عَنْكَ، وَ شَاهِدَيْكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ دَعَائِمَ دِينِكَ، وَ اَلْقُوَّامَ عَلَى ذَلِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، اَلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ، اَلْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ، وَ حُجَّتِكَ اَلْمُؤَدِّي عَنْ نَبِيِّكَ، وَ شَاهِدِكَ عَلَى خَلْقِكَ، اَلْمَخْصُوصِ بِكَرَامَتِكَ، اَلدَّاعِي إِلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ وَ وَلِيِّكَ اَلْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ صَلاَةً نَامِيَةً (1) بَاقِيَةً، تُعَجِّلُ بِهَا فَرَجَهُ، وَ تَنْصُرُهُ بِهَا، وَ تَجْعَلُهُ مَعَهَا فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِحُبِّهِمْ، وَ أُوَالِي وَلِيَّهُمْ، وَ أُعَادِي عَدُوَّهُمْ، فَارْزُقْنِي بِهِمْ خَيْرَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ اِصْرِفْ عَنِّي هَمَّ نَفْسِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ أَهْوَالَ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ.

ثُمَّ تَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ اَلْأَرْضِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ رَسُولُ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدِ اَلْعَابِدِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِ عِلْمِ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ اَلْبَارِّ اَلْأَمِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ.

ص: 392


1- في نسخة «ه» و «ع»: تامّة.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ اَلشَّهِيدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَصِيُّ اَلْبَارُّ اَلتَّقِيُّ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ صَمَدْتُ (1) مِنْ أَرْضِي وَ قَطَعْتُ اَلْبِلاَدَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ، فَلاَ تُخَيِّبْنِي وَ لاَ تَرُدَّنِي بِغَيْرِ قَضَاءِ حَوَائِجِي، وَ اِرْحَمْ تَقَلُّبِي عَلَى قَبْرِ اِبْنِ أَخِي رَسُولِكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَتَيْتُكَ زَائِراً وَافِداً، عَائِذاً مِمَّا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي وَ اِحْتَطَبْتُ عَلَى ظَهْرِي، فَكُنْ لِي شَفِيعاً إِلَى رَبِّكَ يَوْمَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ مَقَاماً مَحْمُوداً، وَ جَاهاً وَجِيهاً.

ثُمَّ تَرْفَعُ يَدَكَ اَلْيُمْنَى وَ تَبْسُطُ اَلْيُسْرَى عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَ مُوَالاَتِهِمْ، وَ أَتَوَلَّى آخِرَهُمْ بِمَا(2) تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَهُمْ، وَ أَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ.

اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ، وَ اِتَّهَمُوا نَبِيَّكَ، وَ جَحَدُوا آيَاتِكَ، وَ سَخِرُوا بِإِمَامِكَ، وَ حَمَلُوا اَلنَّاسَ عَلَى أَكْتَافِ آلِ مُحَمَّدٍ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ يَا رَحْمَنُ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ رِجْلَيْهِ وَ قُلْ:

ص: 393


1- صمد: قصد و طلب. انظر: الصّحاح - صمد - 499:2.
2- في نسخة «م» و «ع»: كما.

صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ، صَبَرْتَ وَ أَنْتَ اَلصَّادِقُ اَلْمُصَدَّقُ، قَتَلَ اَللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ بِالْأَيْدِي وَ اَلْأَلْسُنِ.

ثُمَّ اِبْتَهِلْ بِاللَّعْنَةِ عَلَى قَاتِلِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ عَلَى قَتَلَةِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ عَلَى جَمِيعِ قَتَلَةِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

ثُمَّ تَحَوَّلْ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأُ فِي إِحْدَاهُمَا يس وَ فِي اَلْأُخْرَى اَلرَّحْمَنَ، وَ تَجْتَهِدُ فِي اَلدُّعَاءِ وَ اَلتَّضَرُّعِ، وَ أَكْثِرْ مِنَ اَلدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ وَ لِوَالِدَيْكَ وَ لِجَمِيعِ إِخْوَانِكَ، وَ أَقِمْ عِنْدَهُ مَا شِئْتَ، وَ لْتَكُنْ صَلاَتُكَ عِنْدَ اَلْقَبْرِ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

فإذا أردت وداعه عليه السّلام فقف عليه كما ذكرناه، و ودعه بالوداع الذي قدّمناه في الفصل التاسع من زيارات الحسين صلوات اللّه عليهما.

ص: 394


1- اوردها ابن قولويه في كامل الزيارات: 309، و الصدوق في الفقيه 223/363:2، و عيون اخبار الرضا عليه السّلام 267:2، و المفيد في مزاره: 169، و الطوسي في التهذيب 171/86:6، و ابن المشهدي في مزاره: 789 و 927.

الفصل الرابع عشر في فضل زيارة مولانا أبي جعفر محمّد بن علي الجواد صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها

اشارة

عَنْ زَيْدٍ اَلشَّحَّامِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: مَا لِمَنْ زَارَ أَحَداً مِنْكُمْ؟

قَالَ: «يَكُونُ كَمَنْ زَارَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ»(1).

و قد تقدّم فضل زيارتهم عليهم السّلام في مواضع متفرّقة فلا وجه للاكثار منه.

شرح زيارته عليه السّلام:

قد تقدّم في الفصل الثاني عشر ذكر الإذن في الدخول لزيارة الكاظم عليه السّلام، و هو في الحقيقة إذن عليهما،

فَإِذَا دَخَلْتَ وَ زُرْتَ الْكَاظِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ، تَقِفُ عَلَى قَبْرِ الْجَوَادِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمَا وَ تُقَبِّلُهُ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ اَلْبَرِّ اَلتَّقِيِّ، اَلْإِمَامِ اَلْوَفِيِّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلرَّضِيُّ اَلزَّكِيُّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَجِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَفِيرَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سِرَّ(2) اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ضِيَاءَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَنَاءَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا كَلِمَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَحْمَةَ اَللَّهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنُّورُ اَلسَّاطِعُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْبَدْرُ اَلطَّالِعُ، اَلسَّلاَمُ

ص: 395


1- رواه الكلينيّ في الكافي 1/579:4، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 3/150، و الصّدوق في الفقيه 2: 1580/346، و عيون اخبار الرّضا عليه السّلام 31/262:2، و المفيد في مزاره: 1/158، و الطّوسيّ في التّهذيب 174/93:6.
2- في نسخة «ه» و «ع»: يا ستر.

عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلطَّيِّبُ مِنَ اَلطَّيِّبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلطَّاهِرُ مِنَ اَلْمُطَهَّرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْآيَةُ اَلْعُظْمَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْحُجَّةُ اَلْكُبْرَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُطَهَّرُ مِنَ اَلزَّلاَّتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُنَزَّهُ عَنِ اَلْمُعْضِلاَتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَلِيُّ عَنْ نَقْصِ اَلْأَوْصَافِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلرَّضِيُّ عِنْدَ اَلْأَشْرَافِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ وَلِيُّ اَللَّهِ وَ حُجَّتُهُ فِي أَرْضِهِ، وَ أَنَّكَ جَنْبُ اَللَّهِ، وَ خِيَرَةُ اَللَّهِ، وَ مُسْتَوْدَعُ عِلْمِ اَللَّهِ، وَ عِلْمِ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ رُكْنُ اَلْإِيمَانِ، وَ تَرْجُمَانُ اَلْقُرْآنِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنِ اِتَّبَعَكَ عَلَى اَلْحَقِّ وَ اَلْهُدَى، وَ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَكَ وَ نَصَبَ لَكَ اَلْعَدَاوَةَ عَلَى اَلضَّلاَلَةِ وَ اَلرَّدَى، أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَيْكَ مِنْهُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ.

الصّلاة عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلزَّكِيِّ اَلتَّقِيِّ، وَ اَلْبَرِّ اَلْوَفِيِّ، وَ اَلْمُهَذَّبِ اَلنَّقِيِّ، هَادِي اَلْأُمَّةِ، وَ وَارِثِ اَلْأَئِمَّةِ، وَ خَازِنِ اَلرَّحْمَةِ، وَ يَنْبُوعِ اَلْحِكْمَةِ، وَ قَائِدِ اَلْبَرَكَةِ، وَ عَدِيلِ اَلْقُرْآنِ فِي اَلطَّاعَةِ، وَ وَاحِدِ اَلْأَوْصِيَاءِ فِي اَلْإِخْلاَصِ وَ اَلْعِبَادَةِ، وَ حُجَّتِكَ اَلْعُلْيَا، وَ مَثَلِكَ اَلْأَعْلَى، وَ كَلِمَتِكَ اَلْحُسْنَى، اَلدَّاعِي إِلَيْكَ، وَ اَلدَّالِّ عَلَيْكَ، اَلَّذِي نَصَبْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ، وَ مُتَرْجِماً لِكِتَابِكَ، وَ صَادِعاً بِأَمْرِكَ، وَ نَاصِراً لِدِينِكَ، وَ حُجَّةً عَلَى خَلْقِكَ، وَ نُوراً تُخْرَقُ بِهِ اَلظُّلَمُ، وَ قُدْوَةً تُدْرَكُ بِهَا اَلْهِدَايَةُ، وَ شَفِيعاً تُنَالُ بِهِ اَلْجَنَّةُ.

اَللَّهُمَّ وَ كَمَا أَخَذَ فِي خُشُوعِهِ لَكَ حَظَّهُ، وَ اِسْتَوْفَى مِنْ خَشْيَتِكَ نَصِيبَهُ، فَصَلِّ عَلَيْهِ أَضْعَافَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى وَلِيٍّ اِرْتَضَيْتَ طَاعَتَهُ، وَ قَبِلْتَ خِدْمَتَهُ، وَ بَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ آتِنَا فِي مُوَالاَتِهِ مِنْ لَدُنْكَ فَضْلاً وَ إِحْسَاناً، وَ مَغْفِرَةً وَ رِضْوَاناً إِنَّكَ ذُو اَلْمَنِّ اَلْقَدِيمِ، وَ اَلصَّفْحِ اَلْجَمِيلِ.

ص: 396

ثُمَّ صَلِّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلرَّبُّ وَ أَنَا اَلْمَرْبُوبُ، وَ أَنْتَ اَلْخَالِقُ وَ أَنَا اَلْمَخْلُوقُ، وَ أَنْتَ اَلْمَالِكُ وَ أَنَا اَلْمَمْلُوكُ، وَ أَنْتَ اَلْمُعْطِي وَ أَنَا اَلسَّائِلُ، وَ أَنْتَ اَلرَّازِقُ وَ أَنَا اَلْمَرْزُوقُ، وَ أَنْتَ اَلْقَادِرُ وَ أَنَا اَلْعَاجِزُ، وَ أَنْتَ اَلدَّائِمُ وَ أَنَا اَلزَّائِلُ، وَ أَنْتَ اَلْكَبِيرُ وَ أَنَا اَلْحَقِيرُ، وَ أَنْتَ اَلْعَظِيمُ وَ أَنَا اَلصَّغِيرُ، وَ أَنْتَ اَلْمَوْلَى وَ أَنَا اَلْعَبْدُ، وَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ وَ أَنَا اَلذَّلِيلُ، وَ أَنْتَ اَلرَّفِيعُ وَ أَنَا اَلْوَضِيعُ، وَ أَنْتَ اَلْمُدَبِّرُ وَ أَنَا اَلْمُدَبَّرُ، وَ أَنْتَ اَلْبَاقِي وَ أَنَا اَلْفَانِي، وَ أَنْتَ اَلدَّيَّانُ وَ أَنَا اَلْمُدَانُ، وَ أَنْتَ اَلْبَاعِثُ وَ أَنَا اَلْمَبْعُوثُ، وَ أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَ أَنَا اَلْفَقِيرُ، وَ أَنْتَ اَلْحَيُّ وَ أَنَا اَلْمَيِّتُ، تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُ - يَا رَبِّ - غَيْرِي وَ لاَ أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي غَيْرَكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِرْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَ وَحْشَتِي مِنَ اَلنَّاسِ وَ أُنْسِي بِكَ يَا كَرِيمُ، ثُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ بِرَحْمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَ تَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَ تَلُمُّ بِهَا شَعْثِي، وَ تُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي، وَ تُكْرِمُ بِهَا مَقَامِي، وَ تَحُطُّ بِهَا عَنِّي وِزْرِي، وَ تَغْفِرُ بِهَا مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِي، وَ تَعْصِمُنِي فِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي، وَ تَسْتَعْمِلُنِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِطَاعَتِكَ وَ مَا يُرْضِيكَ عَنِّي، وَ تَخْتِمُ عَمَلِي بِأَحْسَنِهِ، وَ تَجْعَلُ لِي ثَوَابَهُ اَلْجَنَّةَ، وَ تَسْلُكُ بِي سَبِيلَ اَلصَّالِحِينَ عَلَى صَالِحِ مَا أَعْطَيْتَهُمْ، وَ لاَ تَنْزِعُ مِنِّي صَالِحاً(1) أَعْطَيْتَنِيهِ أَبَداً، وَ لاَ تَرُدَّنِي فِي سُوءٍ اِسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ أَبَداً، وَ لاَ تُشْمِتْ بِي عَدُوّاً وَ لاَ حَاسِداً، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً، وَ لاَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لاَ أَكْثَرَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَرِنِي اَلْحَقَّ حَقّاً فَأَتَّبِعَهُ، وَ اَلْبَاطِلَ بَاطِلاً فَأَجْتَنِبَهُ، وَ لاَ تَجْعَلْهُ عَلَيَّ مُتَشَابِهاً فَأَتَّبِعَ هَوَايَ بِغَيْرِ هُدًى مِنْكَ، وَ اِجْعَلْ هَوَايَ تَبَعاً

ص: 397


1- في نسخة «م»: صالح ما.

لِطَاعَتِكَ، وَ خُذْ رِضَا نَفْسِكَ مِنْ نَفْسِي، وَ اِهْدِنِي لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ اَلْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. ثُمَّ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ (1).

فإذا أردت وداعه و وداع الكاظم عليهما السّلام فودعهما بما سنذكره آخر هذا الفصل إن شاء اللّه تعالى.

ص: 398


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 20:102 /ضمن الحديث 11.

زيارة ثانية يزار بها صلوات اللّه عليه

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَابِ اَلْأَقْصَدِ، وَ اَلطَّرِيقِ اَلْأَرْشَدِ، وَ اَلْعَالِمِ اَلْمُؤَيَّدِ، يَنْبُوعِ اَلْحِكَمِ، وَ مِصْبَاحِ اَلظُّلَمِ، سَيِّدِ اَلْعَرَبِ وَ اَلْعَجَمِ، اَلْهَادِي إِلَى اَلرَّشَادِ، اَلْمُوَفَّقِ بِالتَّأْيِيدِ وَ اَلسَّدَادِ، مَوْلاَيَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْجَوَادِ.

أَشْهَدُ - يَا وَلِيَّ اَللَّهِ - أَنَّكَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينِ، فَعِشْتَ سَعِيداً وَ مَضَيْتَ شَهِيداً، يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلتُّرْبَةَ وَ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَيْهَا، وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ لِلزِّيَارَةِ، وَ اُدْعُ بَعْدَهُمَا بِمَا تَشَاءُ (1).

ص: 399


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 12/22:102.

زيارة ثالثة يزار بها عليه السّلام

تَقِفُ عَلَيْهِ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهِكَ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اِبْنَ اَلْإِمَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ جَمِيعِ اَلْأَنَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُبَرَّأُ مِنَ اَلْآثَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلدَّاعِي إِلَى اَلْحَقِّ وَ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُزِيلُ لِلشَّكِّ وَ اَلْعَمَى وَ اَلرَّدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلدَّاعِي إِلَى اَلْخَيْرِ وَ اَلسَّدَادِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمَعْرُوفُ بِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْجَوَادِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَيْرِ اَلْأَنَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَئِمَّةِ اَلْكِرَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَازِنَ اَلْعِلْمِ وَ مَعْدِنَ اَلْحِكْمَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُؤَيَّدُ بِالْعِصْمَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ يَا مَوْلاَيَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ تَلَوْتَ اَلْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ صَبَرْتَ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِهِ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ. أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكَ، وَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ بِمُوَالاَتِكَ.

أَتَيْتُكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، عَائِذاً بِقَبْرِكَ، مُقِرّاً بِفَضْلِكَ، مُوَالِياً لِمَنْ وَالَيْتَ، مُعَادِياً لِمَنْ عَادَيْتَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، وَ بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَكَ، مُسْتَشْفِعاً بِكَ إِلَى اَللَّهِ لِيَغْفِرَ بِكَ ذُنُوبِي، وَ يَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِي، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ

ص: 400

رَبِّكَ (1).

ثم تنكب على القبر و تقبّله و تدعو بما تريد.

ص: 401


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 13/23:102.

ذكر الوداع له و للكاظم عليهما السّلام

تَقِفُ عَلَى قَبْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حُجَّتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَئِمَّةِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ اَلْمُطَهَّرِينَ وَ عَلَى أَبْنَائِكَ اَلطَّيِّبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ سَئِمٍ وَ لاَ قَالٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ يَا مَوْلاَيَ وَ أَسْتَرْعِيكَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمَ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اُكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهُ، وَ اُرْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي مَعَهُ وَ فِي زُمْرَتِهِ وَ زُمْرَةِ آبَائِهِ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ.

اَللَّهُمَّ لاَ تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ أَبَداً، وَ لاَ تُخْرِجْنِي مِنْ هَذِهِ اَلْقُبَّةِ اَلشَّرِيفَةِ إِلاَّ مَغْفُوراً ذَنْبِي، مَشْكُوراً سَعْيِي، مَقْبُولاً عَمَلِي، مَبْرُوراً زِيَارَتِي، مَقْضِيّاً حَوَائِجِي، قَدْ كَشَفْتَ جَمِيعَ اَلْبَلاَءِ عَنِّي.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْقَلِبُ مُفْلِحاً مُنْجِحاً، سَالِماً غَانِماً، بِأَفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ زُوَّارِهِ وَ مَوَالِيهِ وَ مُحِبِّيهِ.

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي يَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ وَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، اِجْعَلاَنِي فِي هَمِّكُمَا، وَ صَيِّرَانِي فِي حِزْبِكُمَا، وَ أَدْخِلاَنِي فِي شَفَاعَتِكُمَا، وَ اُذْكُرَانِي عِنْدَ

ص: 402

رَبِّكُمَا، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى أَهْلِكُمَا، لاَ فَرَّقَ اَللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا، وَ لاَ قَطَعَ عَنِّي بَرَكَتَكُمَا، وَ غَفَرَ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

ثُمَّ تَدْعُو بِمَا تُحِبُّ، ثُمَّ تَخْرُجُ وَ لاَ تَجْعَلُ ظَهْرَكَ إِلَى اَلضَّرِيحِ، وَ اِمْضِ كَذَلِكَ حَتَّى يَغِيبَ عَنْ مُعَايَنَتِكَ (1).

ص: 403


1- نقلها المجلسي في بحار الأنوار 13/23:102.

الفصل الخامس عشر في فضل زيارة مولانا أبي الحسن علي بن محمّد الهادي صلوات اللّه عليه، و ذكر كيفيتها

عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - فِي حَدِيثٍ اِخْتَصَرْنَاهُ -: أَنَّ مَنْ زَارَ إِمَاماً مُفْتَرَضَ اَلطَّاعَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ صَلَّى عِنْدَهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كُتِبَتْ لَهُ حَجَّةً وَ عُمْرَةً (1).

فإذا عزمت على زيارته عليه السّلام، و زيارة من مجاوريه، فاعمل من آداب السفر بما رسمناه في الفصل الأول و شرحناه.

فإذا وصلت إلى محله الشريف بسر من رأى فاغتسل عند وصولك غسل الزيارة، و البس أطهر ثيابك، و امش على سكينة و وقار إلى أن تصل الباب الشريف، فَإِذَا بَلَغْتَهُ فَاسْتَأْذِنْ وَ قُلْ:

أَ أَدْخُلُ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، أَ أَدْخُلُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَ أَدْخُلُ يَا فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ أَدْخُلُ يَا مَلاَئِكَةَ اَللَّهِ اَلْمُوَكَّلِينَ بِهَذَا اَلْحَرَمِ اَلشَّرِيفِ.

ص: 404


1- و المفيد في مزاره 2/173 التّهذيب 79:6 /ذيل الحديث 156.

ثُمَّ تَدْخُلُ مُقَدِّماً رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى، وَ تَقِفُ عَلَى ضَرِيحِ اَلْإِمَامِ أَبِي اَلْحَسَنِ اَلْهَادِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ (1) مُسْتَدْبِرَ اَلْقِبْلَةِ وَ تُكَبِّرُ اَللَّهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلزَّكِيَّ اَلرَّاشِدَ، اَلنُّورَ اَلثَّاقِبَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سِرَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبْلَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا آلَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَقَّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَلْأَنْوَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا زَيْنَ اَلْأَبْرَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَلِيلَ اَلْأَخْيَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عُنْصُرَ اَلْأَطْهَارِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَلرَّحْمَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رُكْنَ (2) اَلْإِيمَانِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَى اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَلصَّالِحِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَلِيفَ اَلتُّقَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ اَلدِّينِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْأَمِينُ اَلْوَفِيُّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَلَمُ اَلرَّضِيُّ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلزَّاهِدُ اَلتَّقِيُّ (3).

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْحُجَّةُ عَلَى اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلتَّالِي لِلْقُرْآنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُبَيِّنُ لِلْحَلاَلِ مِنَ اَلْحَرَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَلِيُّ اَلنَّاصِحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلطَّرِيقُ اَلْوَاضِحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّجْمُ اَللاَّئِحُ.

ص: 405


1- في نسخة «م»: مستقبل القبر و.
2- في نسخة «ه»: يا زين.
3- في نسخة «م» زيادة: السّلام عليك أيّها البدر المضيء.

أَشْهَدُ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ أَنَّكَ حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي بَرِيَّتِهِ، وَ أَمِينُهُ فِي بِلاَدِهِ، وَ شَاهِدُهُ عَلَى عِبَادِهِ. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ كَلِمَةُ اَلتَّقْوَى، وَ بَابُ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْحُجَّةُ عَلَى مَنْ فَوْقَ اَلْأَرْضِ وَ مَنْ تَحْتَ اَلثَّرَى. وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْمُطَهَّرُ مِنَ اَلذُّنُوبِ، اَلْمُبَرَّأُ مِنَ اَلْعُيُوبِ، وَ اَلْمُخْتَصُّ بِكَرَامَةِ اَللَّهِ، وَ اَلْمَحْبُوُّ بِحُجَّةِ اَللَّهِ، وَ اَلْمَوْهُوبُ لَهُ كَلِمَةُ اَللَّهِ، وَ اَلرُّكْنُ اَلَّذِي يَلْجَأُ إِلَيْهِ اَلْعِبَادُ، وَ تُحْيَى بِهِ اَلْبِلاَدُ.

أَشْهَدُ يَا مَوْلاَيَ أَنِّي بِكَ وَ بِآبَائِكَ وَ أَبْنَائِكَ مُوقِنٌ، مُقِرٌّ وَ لَكُمْ تَابِعٌ، فِي ذَاتِ نَفْسِي وَ شَرَائِعِ دِينِي، وَ خَاتِمَةِ عَمَلِي وَ مُنْقَلَبِي وَ مَثْوَايَ. وَ أَنِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالاَكُمْ، عَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكُمْ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَ عَلاَنِيَتِكُمْ، وَ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَبِّلْ ضَرِيحَهُ وَ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ اَلْأَيْسَرَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ اَلْوَفِيِّ، وَ وَلِيِّكَ اَلزَّكِيِّ، وَ أَمِينِكَ اَلْمُرْتَضَى، وَ صَفِيِّكَ اَلْهَادِي، وَ صِرَاطِكَ اَلْمُسْتَقِيمِ، وَ اَلْجَادَّةِ اَلْعُظْمَى، وَ اَلطَّرِيقَةِ اَلْوُسْطَى، نُورِ قُلُوبِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ وَلِيِّ اَلْمُتَّقِينَ، وَ صَاحِبِ اَلْمُخْلَصِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلرَّاشِدِ اَلْمَعْصُومِ مِنَ اَلزَّلَلِ، وَ اَلطَّاهِرِ مِنَ اَلْخَلَلِ، وَ اَلْمُنْقَطِعِ إِلَيْكَ بِالْأَمَلِ، اَلْمَبْلُوِّ بِالْفِتَنِ، وَ اَلْمُخْتَبَرِ بِالْمِحَنِ، وَ اَلْمُمْتَحَنِ بِحُسْنِ اَلْبَلْوَى وَ صَبْرِ اَلشَّكْوَى، مُرْشِدِ عِبَادِكَ، وَ بَرَكَةِ بِلاَدِكَ، وَ مَحَلِّ رَحْمَتِكَ، وَ مُسْتَوْدَعِ حِكْمَتِكَ، وَ اَلْقَائِدِ إِلَى جَنَّتِكَ، اَلْعَالِمِ فِي بَرِيَّتِكَ، وَ اَلْهَادِي فِي خَلِيقَتِكَ، اَلَّذِي اِرْتَضَيْتَهُ وَ اِنْتَجَبْتَهُ وَ اِخْتَرْتَهُ لِمَقَامِ رَسُولِكَ فِي أُمَّتِهِ، وَ أَلْزَمْتَهُ حِفْظَ شَرِيعَتِهِ، فَاسْتَقَلَّ بِأَعْبَاءِ اَلْوَصِيَّةِ نَاهِضاً بِهَا، وَ مُضْطَلِعاً بِحَمْلِهَا، لَمْ يَعْثُرْ فِي مُشْكِلٍ، وَ لاَ هَفَا فِي مُعْضِلٍ، بَلْ كَشَفَ اَلْغُمَّةَ، وَ سَدَّ اَلْفُرْجَةَ، وَ أَدَّى اَلْمُفْتَرَضَ.

ص: 406

اَللَّهُمَّ فَكَمَا أَقْرَرْتَ نَاظِرَ نَبِيِّكَ بِهِ فَرَقِّهِ دَرَجَتَهُ، وَ أَجْزِلْ لَدَيْكَ مَثُوبَتَهُ، وَ صَلِّ عَلَيْهِ وَ بَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوَالاَتِهِ فَضْلاً وَ إِحْسَاناً، وَ مَغْفِرَةً وَ رِضْوَاناً، إِنَّكَ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ.

ثُمَّ تُصَلِّي صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ فَقُلْ:

يَا ذَا اَلْقُدْرَةِ اَلْجَامِعَةِ، وَ اَلرَّحْمَةِ اَلْوَاسِعَةِ، وَ اَلْمِنَنِ اَلْمُتَتَابِعَةِ، وَ اَلْآلاَءِ اَلْمُتَوَاتِرَةِ، وَ اَلْأَيَادِي اَلْجَلِيلَةِ، وَ اَلْمَوَاهِبِ اَلْجَزِيلَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِينَ، وَ أَعْطِنِي سُؤْلِي، وَ اِجْمَعْ شَمْلِي، وَ لُمَّ شَعْثِي، وَ زَكِّ عَمَلِي، وَ لاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَ لاَ تُزِلَّ قَدَمَيَّ، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً، وَ لاَ تُخَيِّبْ طَمَعِي، وَ لاَ تُبْدِ عَوْرَتِي، وَ لاَ تَهْتِكْ سِتْرِي، وَ لاَ تُوحِشْنِي، وَ لاَ تُويِسْنِي، وَ كُنْ بِي رَءُوفاً رَحِيماً، وَ اِهْدِنِي، وَ زَكِّنِي، وَ طَهِّرْنِي، وَ صَفِّنِي، وَ اِصْطَفِنِي، وَ خَلِّصْنِي وَ اِسْتَخْلِصْنِي، وَ اِصْنَعْنِي وَ اِصْطَنِعْنِي، وَ قَرِّبْنِي إِلَيْكَ، وَ لاَ تُبَاعِدْنِي مِنْكَ، وَ اُلْطُفْ بِي، وَ لاَ تَجْفُنِي، وَ أَكْرِمْنِي وَ لاَ تُهِنِّي، وَ مَا أَسْأَلُكَ فَلاَ تَحْرِمْنِي، وَ مَا لاَ أَسْأَلُكَ فَاجْمَعْهُ لِي، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

وَ أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، وَ بِحُرْمَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ بِحُرْمَةِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِكَ - أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، وَ اَلْحَسَنِ، وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدٍ، وَ جَعْفَرٍ، وَ مُوسَى، وَ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيٍّ، وَ اَلْحَسَنِ، وَ اَلْخَلَفِ اَلْبَاقِي صَلَوَاتُكَ وَ بَرَكَاتُكَ عَلَيْهِمْ - أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَ تُعَجِّلَ فَرَجَ قَائِمِهِمْ بِأَمْرِكَ، وَ تَنْصُرَهُ وَ تَنْتَصِرَ بِهِ لِدِينِكَ، وَ تَجْعَلَنِي فِي جُمْلَةِ اَلنَّاجِينَ بِهِ، وَ اَلْمُخْلِصِينَ فِي طَاعَتِهِ.

وَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّهِمْ لَمَّا اِسْتَجَبْتَ لِي دَعْوَتِي، وَ قَضَيْتَ حَاجَتِي، وَ أَعْطَيْتَنِي سُؤْلِي(1)، وَ كَفَيْتَنِي مَا أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ص: 407


1- في نسخة «م»: و أمنيّتي.

يَا نُورُ يَا بُرْهَانُ، يَا مُنِيرُ يَا مُبِينُ، يَا رَبِّ اِكْفِنِي شَرَّ اَلشُّرُورِ، وَ آفَاتِ اَلدُّهُورِ، وَ أَسْأَلُكَ اَلنَّجَاةَ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي اَلصُّورِ.

وَ اُدْعُ بِمَا شِئْتَ وَ أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِكَ: يَا عُدَّتِي عِنْدَ اَلْعُدَدِ، وَ يَا رَجَائِي وَ اَلْمُعْتَمَدُ، وَ يَا كَهْفِي وَ اَلسَّنَدُ، يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ، وَ يَا قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ، أَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ بِحَقِّ مَنْ خَلَقْتَ مِنْ خَلْقِكَ وَ لَمْ تَجْعَلْ فِي خَلْقِكَ مِثْلَهُمْ أَحَداً، صَلِّ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَ اِفْعَلْ بِي كَذَا وَ كَذَا.

فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّنِي دَعَوْتُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَلاَّ يُخَيِّبَ مَنْ دَعَا بِهِ فِي مَشْهَدِي بَعْدِي»(1).

و أما وداعه عليه السّلام فسيأتي في جملة وداع ولده الحسن العسكري عليهما السّلام.

ص: 408


1- نقله المجلسي في بحار الأنوار 63:102.

الفصل السادس عشر في فضل زيارة مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات اللّه عليه، و ذكر كيفيتها و ما يلحق بها

اشارة

قد تكررت الإشارة إلى شيء من عامّ الأخبار الواردة في فضل زيارة الأئمة الأطهار، فلا وجه للإطالة منه و الإكثار، فاعلم ذلك.

فإذا أردت هذه الزيارة فليكن ذلك بعد عمل جميع ما قدّمناه في زيارة أبيه الهادي عليه السّلام و بسطناه، فإذا فرغت ممّا شرحناه

فَقِفْ عَلَى ضَرِيحِ مَوْلَانَا أَبِي مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ اَلْهَادِي اَلْمُهْتَدِي وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ أَوْلِيَائِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ حُجَجِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ وَ اِبْنَ أَصْفِيَائِهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اَللَّهِ وَ اِبْنَ خُلَفَائِهِ وَ أَبَا خَلِيفَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَئِمَّةِ اَلْهَادِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ اَلرَّاشِدِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ اَلْمُتَّقِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْفَائِزِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رُكْنَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا فَرَجَ اَلْمَلْهُوفِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ اَلْأَنْبِيَاءِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَازِنَ عِلْمِ وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلدَّاعِي بِحُكْمِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّاطِقُ بِكِتَابِ اَللَّهِ.

ص: 409

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَلْحُجَجِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا هَادِيَ اَلْأُمَمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَلنِّعَمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَيْبَةَ اَلْعِلْمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَفِينَةَ اَلْحِلْمِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلْإِمَامِ اَلْمُنْتَظَرِ، اَلظَّاهِرَةِ لِلْعَاقِلِ حُجَّتُهُ، وَ اَلثَّابِتَةِ فِي اَلْيَقِينِ مَعْرِفَتُهُ، وَ اَلْمُحْتَجَبِ عَنْ أَعْيُنِ اَلظَّالِمِينَ، وَ اَلْمُغَيَّبِ عَنْ دَوْلَةِ اَلْفَاسِقِينَ، وَ اَلْمُعِيدِ رَبُّنَا بِهِ اَلْإِسْلاَمَ جَدِيداً بَعْدَ اَلاِنْطِمَاسِ، وَ اَلْقُرْآنَ غَضّاً بَعْدَ اَلاِنْدِرَاسِ.

أَشْهَدُ يَا مَوْلاَيَ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ دَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ، وَ عَبَدْتَ اَللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ. أَسْأَلُ اَللَّهَ بِالشَّأْنِ اَلَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ زِيَارَتِي لَكُمْ، وَ يَشْكُرَ سَعْيِي إِلَيْكُمْ، وَ يَسْتَجِيبَ دُعَائِي بِكُمْ، وَ يَجْعَلَنِي مِنْ أَنْصَارِ اَلْحَقِّ وَ أَتْبَاعِهِ وَ أَشْيَاعِهِ وَ مَوَالِيهِ وَ مُحِبِّيهِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَبِّلْ ضَرِيحَهُ وَ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ اَلْأَيْسَرَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ صَلِّ عَلَى اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، اَلْهَادِي إِلَى دِينِكَ، وَ اَلدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ، عَلَمِ اَلْهُدَى، وَ مَنَارِ اَلتُّقَى، وَ مَعْدِنِ اَلْحِجَا، وَ مَأْوَى اَلنُّهَى، وَ غَيْثِ اَلْوَرَى، وَ سَحَابِ اَلْحِكْمَةِ، وَ بَحْرِ اَلْمَوْعِظَةِ، وَ وَارِثِ اَلْأَئِمَّةِ، وَ اَلشَّهِيدِ عَلَى اَلْأُمَّةِ، اَلْمَعْصُومِ اَلْمُهَذَّبِ، وَ اَلْفَاضِلِ اَلْمُقَرَّبِ، وَ اَلْمُطَهَّرِ مِنَ اَلرِّجْسِ، اَلَّذِي وَرَّثْتَهُ عِلْمَ اَلْكِتَابِ، وَ أَلْهَمْتَهُ فَصْلَ اَلْخِطَابِ، وَ نَصَبْتَهُ عَلَماً لِأَهْلِ قِبْلَتِكَ، وَ قَرَنْتَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِكَ، وَ فَرَضْتَ مَوَدَّتَهُ عَلَى جَمِيعِ خَلِيقَتِكَ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا أَنَابَ بِحُسْنِ اَلْإِخْلاَصِ فِي تَوْحِيدِكَ، وَ أَرْدَى مَنْ خَاضَ فِي تَشْبِيهِكَ، وَ حَامَى عَنْ أَهْلِ اَلْإِيمَانِ بِكَ، فَصَلِّ يَا رَبِّ عَلَيْهِ صَلاَةً يَلْحَقُ بِهَا مَحَلَّ اَلْخَاشِعِينَ، وَ يَعْلُو فِي اَلْجَنَّةِ بِدَرَجَةِ جَدِّهِ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ بَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوَالاَتِهِ فَضْلاً وَ إِحْسَاناً، وَ مَغْفِرَةً وَ رِضْوَاناً، إِنَّكَ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ،

ص: 410

وَ مَنٍّ جَسِيمٍ.

ثُمَّ تُصَلِّي صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَقُلْ:

يَا دَائِمُ يَا دَيُّومُ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا كَاشِفَ اَلْكَرْبِ وَ اَلْهَمِّ، يَا فَارِجَ اَلْغَمِّ، وَ يَا بَاعِثَ اَلرُّسُلِ، يَا صَادِقَ اَلْوَعْدِ، يَا حَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِحَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ، وَ وَصِيِّهِ عَلِيٍّ اِبْنِ عَمِّهِ، وَ صِهْرِهِ عَلَى اِبْنَتِهِ، اَلَّذِي خَتَمْتَ بِهِمَا اَلشَّرَائِعَ، وَ فَتَحْتَ اَلتَّأْوِيلَ وَ اَلطَّلاَئِعَ، فَصَلِّ عَلَيْهِمَا صَلاَةً يَشْهَدُ بِهَا اَلْأَوَّلُونَ وَ اَلْآخِرُونَ، وَ يَنْجُو بِهَا اَلْأَوْلِيَاءُ وَ اَلصَّالِحُونَ.

وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، وَالِدَةِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَهْدِيِّينَ، وَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلْمُشَفَّعَةِ فِي شِيعَةِ أَوْلاَدِهَا اَلطَّيِّبِينَ، فَصَلِّ عَلَيْهَا صَلاَةً دَائِمَةً أَبَدَ اَلْآبِدِينَ، وَ دَهْرَ اَلدَّاهِرِينَ.

وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالْحَسَنِ اَلرَّضِيِّ اَلطَّاهِرِ اَلزَّكِيِّ، وَ اَلْحُسَيْنِ اَلْمَظْلُومِ اَلْمَرْضِيِّ اَلْبَرِّ اَلتَّقِيِّ، سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ، اَلْإِمَامَيْنِ اَلْخَيِّرِينَ اَلطَّيِّبَيْنِ، اَلتَّقِيَّيْنِ اَلنَّقِيَّيْنِ اَلطَّاهِرَيْنِ، اَلشَّهِيدَيْنِ اَلْمَظْلُومَيْنِ اَلْمَقْتُولَيْنِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمَا مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَ مَا غَرَبَتْ، صَلاَةً مُتَوَالِيَةً مُتَتَالِيَةً.

وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدِ اَلْعَابِدِينَ، اَلْمَحْجُوبِ مِنْ خَوْفِ اَلظَّالِمِينَ، وَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْبَاقِرِ اَلطَّاهِرِ اَلنُّورِ اَلزَّاهِرِ، اَلْإِمَامَيْنِ مِفْتَاحَيِ اَلْبَرَكَاتِ، وَ مِصْبَاحَيِ اَلظُّلُمَاتِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمَا مَا سَرَى لَيْلٌ، وَ مَا أَضَاءَ نَهَارٌ، صَلاَةً تَغْدُو وَ تَرُوحُ.

وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ عَنِ اَللَّهِ، وَ اَلنَّاطِقِ فِي عِلْمِ اَللَّهِ، وَ بِمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ فِي نَفْسِهِ، وَ اَلْوَصِيِّ اَلنَّاصِحِ، اَلْإِمَامَيْنِ اَلْهَادِيَيْنِ اَلْمَهْدِيَّيْنِ، اَلْوَافِيَيْنِ اَلْكَافِيَيْنِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمَا مَا سَبَّحَ لَكَ مَلَكٌ، وَ تَحَرَّكَ لَكَ فَلَكٌ،

ص: 411

صَلاَةً تنما [تَنْمِي] وَ تَزِيدُ، وَ لاَ تَفْنَى وَ لاَ تَبِيدُ.

وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا، وَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى، اَلْإِمَامَيْنِ اَلْمُطَهَّرِينَ اَلْمُنْتَجَبَيْنِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمَا مَا أَضَاءَ صُبْحٌ وَ دَامَ، صَلاَةً تُرَقِّيهِمَا إِلَى رِضْوَانِكَ فِي اَلْعِلِّيِّينَ مِنْ جَنَّاتِكَ.

وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلرَّاشِدِ، وَ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْهَادِي، اَلْقَائِمَيْنِ بِأَمْرِ عِبَادِكَ، اَلْمُخْتَبَرَيْنِ بِالْمِحَنِ اَلْهَائِلَةِ، وَ اَلصَّابِرَيْنِ فِي اَلْإِحَنِ (1) اَلْمَائِلَةِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمَا كِفَاءَ أَجْرِ اَلصَّابِرِينَ، وَ إِزَاءَ ثَوَابِ اَلْفَائِزِينَ، صَلاَةً تُمَهِّدُ لَهُمَا اَلرِّفْعَةَ.

وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ يَا رَبِّ بِإِمَامِنَا وَ مُحَقِّقِ زَمَانِنَا، اَلْيَوْمِ اَلْمَوْعُودِ، وَ اَلشَّاهِدِ اَلْمَشْهُودِ، وَ اَلنُّورِ اَلْأَزْهَرِ، وَ اَلضِّيَاءِ اَلْأَنْوَرِ، اَلْمَنْصُورِ بِالرُّعْبِ، وَ اَلْمُظَفَّرِ بِالسَّعَادَةِ، فَصَلِّ عَلَيْهِ عَدَدَ اَلثَّمَرِ وَ أَوْرَاقِ اَلشَّجَرِ وَ أَجْزَاءِ اَلْمَدَرِ، وَ عَدَدَ اَلشَّعْرِ وَ اَلْوَبَرِ، وَ عَدَدَ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَ أَحْصَاهُ كِتَابُكَ، صَلاَةً يَغْبِطُهُ بِهَا اَلْأَوَّلُونَ وَ اَلْآخِرُونَ.

اَللَّهُمَّ وَ اُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ، وَ اِحْفَظْنَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَ اُحْرُسْنَا بِدَوْلَتِهِ، وَ أَتْحِفْنَا بِوَلاَيَتِهِ، وَ اُنْصُرْنَا عَلَى أَعْدَائِنَا بِعِزَّتِهِ، وَ اِجْعَلْنَا يَا رَبِّ مِنَ اَلتَّوَّابِينَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ إِنَّ إِبْلِيسَ اَلْمُتَمَرِّدَ اَللَّعِينَ قَدِ اِسْتَنْظَرَكَ لِإِغْوَاءِ خَلْقِكَ فَأَنْظَرْتَهُ، وَ اِسْتَمْهَلَكَ لِإِضْلاَلِ عَبِيدِكَ فَأَمْهَلْتَهُ بِسَابِقِ عِلْمِكَ فِيهِ، وَ قَدْ عَشَّشَ وَ كَثُرَتْ جُنُودُهُ، وَ اِزْدَحَمَتْ جُيُوشُهُ، وَ اِنْتَشَرَتْ دُعَاتُهُ فِي أَقْطَارِ اَلْأَرْضِ، فَأَضَلُّوا عِبَادَكَ، وَ أَفْسَدُوا دِينَكَ، وَ حَرَّفُوا اَلْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَ جَعَلُوا عِبَادَكَ شِيَعاً مُتَفَرِّقِينَ، وَ أَحْزَاباً مُتَمَرِّدِينَ. وَ قَدْ وَعَدْتَ نَقْضَ بُنْيَانِهِ، وَ تَمْزِيقَ شَأْنِهِ، فَأَهْلِكْ أَوْلاَدَهُ وَ جُيُوشَهُ، وَ طَهِّرْ بِلاَدَكَ مِنِ اِخْتِرَاعَاتِهِ وَ اِخْتِلاَفَاتِهِ، وَ أَرِحْ عِبَادَكَ مِنْ مَذَاهِبِهِ وَ قِيَاسَاتِهِ، وَ اِجْعَلْ دَائِرَةَ

ص: 412


1- الاحن: الاحقاد. الصّحاح - أحن - 268:5.

اَلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ، وَ أَبْسِطْ عَدْلَكَ، وَ أَظْهِرْ دِينَكَ، وَ قَوِّ أَوْلِيَاءَكَ، وَ أَوْهِنْ أَعْدَاءَكَ، وَ أَوْرِثْ دِيَارَ إِبْلِيسَ وَ دِيَارَ أَوْلِيَائِهِ أَوْلِيَاءَكَ، وَ خَلِّدْهُمْ فِي اَلْجَحِيمِ، وَ أَذِقْهُمْ مِنَ اَلْعَذَابِ اَلْأَلِيمِ، وَ اِجْعَلْ لَعَائِنَكَ اَلْمُسْتَوْدَعَةَ فِي مَنَاحِيسِ اَلْخِلْقَةِ، وَ مَشَاوِيهِ (1) اَلْفِطْرَةِ دَائِرَةً عَلَيْهِمْ، وَ مُوَكَّلَةً بِهِمْ، وَ جَارِيَةً فِيهِمْ كُلَّ مَسَاءٍ وَ صَبَاحٍ، وَ غُدُوٍّ وَ رَوَاحٍ، رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنَا بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ اَلنَّارِ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (2).

ثم ادع بما تحب لنفسك و لإخوانك.

ثُمَّ تَزُورُ أُمَّ اَلْقَائِمِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، وَ قَبْرُهَا خَلْفَ ضَرِيحِ مَوْلاَنَا اَلْحَسَنِ اَلْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَتَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَلصَّادِقِ اَلْأَمِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَوْلاَنَا أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلْحُجَجِ اَلْمَيَامِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى وَالِدَةِ اَلْإِمَامِ، وَ اَلْمُودَعَةِ أَسْرَارَ اَلْمَلِكِ اَلْعَلاَّمِ، وَ اَلْحَامِلَةِ لِأَشْرَفِ اَلْأَنَامِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلصِّدِّيقَةُ اَلْمَرْضِيَّةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ يَا شَبِيهَةَ أُمِّ مُوسَى، وَ اِبْنَةَ حَوَارِيِّ عِيسَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلتَّقِيَّةُ اَلنَّقِيَّةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلرَّضِيَّةُ اَلْمَرْضِيَّةُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا اَلْمَنْعُوتَةُ فِي اَلْإِنْجِيلِ، اَلْمَخْطُوبَةُ مِنْ رُوحِ اَللَّهِ اَلْأَمِينِ، وَ مَنْ رَغِبَ فِي وَصْلَتِهَا مُحَمَّدٌ سَيِّدُ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ اَلْمُسْتَوْدَعَةُ أَسْرَارَ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ وَ عَلَى آبَائِكِ اَلْحَوَارِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ وَ عَلَى بَعْلِكِ وَ وَلَدِكِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكِ وَ عَلَى رُوحِكِ وَ بَدَنِكِ اَلطَّاهِرِ.

أَشْهَدُ أَنَّكِ أَحْسَنْتِ اَلْكَفَالَةَ، وَ أَدَّيْتِ اَلْأَمَانَةَ، وَ اِجْتَهَدْتِ فِي مَرْضَاةِ اَللَّهِ، وَ صَبَرْتِ فِي ذَاتِ اَللَّهِ، وَ حَفِظْتِ سِرَّ اَللَّهِ، وَ حَمَلْتِ وَلِيَّ اَللَّهِ، وَ بَالَغْتِ فِي حِفْظِ حُجَّةِ اَللَّهِ،

ص: 413


1- في نسخة «ه» و «ع»: سابق، و في نسخة «م» غير مقروءة، و اثبتنا ما في نسخة المجلسيّ.
2- نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 67:102.

وَ رَغِبْتِ فِي وُصْلَةِ أَبْنَاءِ رَسُولِ اَللَّهِ، عَارِفَةً بِحَقِّهِمْ، مُؤْمِنَةً بِصِدْقِهِمْ، مُعْتَرِفَةً بِمَنْزِلَتِهِمْ، مُسْتَبْصِرَةً بِأَمْرِهِمْ، مُشْفِقَةً عَلَيْهِمْ، مُؤْثِرَةً هَوَاهُمْ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ، مُقْتَدِيَةً بِالصَّالِحِينَ، رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، تَقِيَّةً نَقِيَّةً زَكِيَّةً، فَرَضِيَ اَللَّهُ عَنْكِ وَ أَرْضَاكِ، وَ جَعَلَ اَلْجَنَّةَ مَنْزِلَكِ وَ مَأْوَاكِ، فَلَقَدْ أَوْلاَكِ مِنَ اَلْخَيْرَاتِ مَا أَوْلاَكِ، وَ أَعْطَاكِ مِنَ اَلشَّرَفِ مَا بِهِ أَغْنَاكِ، فَهَنَّاكِ اَللَّهُ بِمَا مَنَحَكِ مِنَ اَلْكَرَامَةِ وَ أَمْرَاكِ.

ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِيَّاكَ اِعْتَمَدْتُ، وَ لِرِضَاكَ طَلَبْتُ، وَ بِأَوْلِيَائِكَ إِلَيْكَ تَوَسَّلْتُ، وَ عَلَى غُفْرَانِكَ وَ حِلْمِكَ اِتَّكَلْتُ، وَ بِكَ اِعْتَصَمْتُ، وَ بِقَبْرِ أُمِّ وَلِيِّكَ لُذْتُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِنْفَعْنِي بِزِيَارَتِهَا، وَ ثَبِّتْنِي عَلَى مَحَبَّتِهَا، وَ لاَ تَحْرِمْنِي شَفَاعَتَهَا وَ شَفَاعَةَ وَلَدِهَا، وَ اُرْزُقْنِي مُرَافَقَتَهَا، وَ اُحْشُرْنِي مَعَهَا وَ مَعَ وَلَدِهَا كَمَا وَفَّقْتَنِي لِزِيَارَةِ وَلَدِهَا وَ زِيَارَتِهَا.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِالْأَئِمَّةِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالْحُجَجِ اَلْمَيَامِينِ مِنْ آلِ طه وَ يس، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اَلطَّيِّبِينَ، وَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ اَلْمُطْمَئِنِّينَ اَلْفَائِزِينَ، اَلْفَرِحِينَ اَلْمُسْتَبْشِرِينَ، اَلَّذِينَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، وَ اِجْعَلْنِي مِمَّنْ قَبِلْتَ سَعْيَهُ، وَ يَسَّرْتَ أَمْرَهُ، وَ كَشَفْتَ ضُرَّهُ، وَ آمَنْتَ خَوْفَهُ.

اَللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهَا، وَ اُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ إِلَيْهَا أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَ إِذَا تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهَا، وَ أَدْخِلْنِي فِي شَفَاعَةِ وَلَدِهَا وَ شَفَاعَتِهَا، وَ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، وَ آتِنٰا فِي اَلدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنٰا بِرَحْمَتِكَ عَذٰابَ اَلنّٰارِ ،

ص: 414

وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا سَادَتِي وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1).

و قد تقدّم في ذكر زيارة فاطمة بنت أسد رضوان اللّه عليها أكثر هذه الألفاظ، و إنما نقلنا ما وجدناه، و اللّه الموفق لما يرضاه(2).

ص: 415


1- اوردها ابن المشهدي في مزاره: 947، و نقلها المجلسي في البحار 70:102.
2- في هامش نسخة «م» وردت هذه الزيارة و لم ترد في «م» و «ه»، و لم نعلم هل هي من المؤلف أم من الناسخ: - زيارة حكيمة خاتون: السّلام على جدك المصطفى، السّلام على أبيك المرتضى، السّلام على الحسن و الحسين عليهما السّلام، السّلام على خديجة الكبرى، السّلام على فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السّلام على النفوس الفاخرة، و شفعائي في الآخرة، السّلام عليك يا بنت ولي اللّه، السّلام عليك يا بنت حجة اللّه، السّلام عليك يا أخت ولي اللّه، السّلام عليك يا عمة ولي اللّه، السّلام عليك يا بنت محمد التقي الجواد، السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته. أشهد أنك مضيت على بصيرة من أمرك، راضية مرضية، و تقية نقية زكية، فرضي اللّه عنك و أرضاك، و جعل الجنة مأواك و منزلك، و الصلاة و السّلام عليكم جميعا و رحمة اللّه و بركاته.

في ذكر وداع الإمامين العسكريين صلوات اللّه عليهما

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ اَرَدْتَ وَدَاعَ الْعَسْكَرِيَّيْنِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمَا، فَقِفْ عَلَى ضَرِيحِهِمَا وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا وَلِيَّيِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا حُجَّتَيِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا نُورَيِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى آبَائِكُمَا وَ أَجْدَادِكُمَا وَ أَوْلاَدِكُمَا، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمَا وَ أَجْسَادِكُمَا.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ سَئِمٍ وَ لاَ قَالٍ وَ لاَ مَالٍ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا سَلاَمَ وَلِيٍّ غَيْرِ رَاغِبٍ عَنْكُمَا، وَ لاَ مُسْتَبْدِلٍ بِكُمَا غَيْرَكُمَا، وَ لاَ مُؤْثِرٍ عَلَيْكُمَا.

يَا اِبْنَيْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَسْتَوْدِعُكُمَا اَللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكُمَا، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمَا اَلسَّلاَمَ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اُكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ، اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمَا، وَ اُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ ثُمَّ اَلْعَوْدَ إِلَيْهِمَا مَا أَبْقَيْتَنِي، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي مَعَهُمَا وَ مَعَ آبَائِهِمَا اَلْأَئِمَّةِ اَلرَّاشِدِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ تَقَبَّلْ عَمَلِي، وَ اِشْكُرْ سَعْيِي، وَ عَرِّفْنِي اَلْإِجَابَةَ فِي دُعَائِي، وَ لاَ تُخَيِّبْ سَعْيِي، وَ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنِّي، وَ اُرْدُدْنِي إِلَيْهِمَا بِبِرٍّ وَ تَقْوَى، وَ عَرِّفْنِي بَرَكَةَ زِيَارَتِهِمَا فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لاَ تَرُدَّنِي خَائِباً وَ لاَ خَاسِراً، وَ اُرْدُدْنِي مُفْلِحاً

ص: 416

مُنْجِحاً، مُسْتَجَاباً دُعَائِي، مَرْحُوماً صَوْتِي، مَقْضِيّاً حَوَائِجِي، وَ اِحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَ مِنْ خَلْفِي، وَ عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي، وَ اِصْرِفْ عَنِّي شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَ شَرَّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

ثُمَّ اِنْصَرِفْ مَرْحُوماً إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 417


1- نقله المجلسي في بحار الأنوار 72:102.

الفصل السابع عشر في زيارة مولانا صاحب الأمر صلوات اللّه عليه و ما يلحق بذلك

اشارة

إذا أردت زيارته صلوات اللّه عليه و سلامه فليكن ذلك بعد زيارة العسكريين عليهما السّلام، فإذا فرغت من العمل هناك، و بلغت من زيارتهما هناك،

فَامْضِ إِلَى السَّرْدَابِ الْمُقَدَّسِ، وَ قِفْ عَلَى بَابِهِ وَ قُلْ:

إِلَهِي إِنِّي قَدْ وَقَفْتُ عَلَى بَابِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ قَدْ مَنَعْتَ اَلنَّاسَ مِنَ اَلدُّخُولِ إِلَى بُيُوتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَقُلْتَ يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتَ اَلنَّبِيِّ إِلاّٰ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ (1) اَللَّهُمَّ وَ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ نَبِيِّكَ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا أَعْتَقِدُ فِي حَضْرَتِهِ، وَ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَكَ وَ خُلَفَاءَكَ أَحْيَاءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ، يَرَوْنَ مَكَانِي وَ يَسْمَعُونَ كَلاَمِي وَ يَرُدُّونَ سَلاَمِي عَلَيَّ، وَ أَنَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعِي كَلاَمَهُمْ، وَ فَتَحْتَ بَابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُنَاجَاتِهِمْ، فَإِنِّي أَسْتَأْذِنُكَ يَا رَبِّ أَوَّلاً، وَ أَسْتَأْذِنُ رَسُولَكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثَانِياً، وَ أَسْتَأْذِنُ خَلِيفَتَكَ اَلْإِمَامَ اَلْمَفْرُوضَ عَلَيَّ طَاعَتُهُ فِي اَلدُّخُولِ فِي سَاعَتِي هَذِهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَ أَسْتَأْذِنُ مَلاَئِكَتَكَ اَلْمُوَكَّلِينَ بِهَذِهِ اَلْقِطْعَةِ اَلْمُبَارَكَةِ اَلْمُطِيعَةِ اَلسَّامِعَةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلْمَلاَئِكَةُ اَلْمُوَكَّلُونَ بِهَذَا اَلْمَشْهَدِ اَلشَّرِيفِ اَلْمُبَارَكِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، بِإِذْنِ اَللَّهِ وَ إِذْنِ رَسُولِهِ وَ إِذْنِ خُلَفَائِهِ وَ إِذْنِ هَذَا اَلْإِمَامِ وَ إِذْنِكُمْ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ أَجْمَعِينَ أَدْخُلُ إِلَى هَذَا اَلْبَيْتِ مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ، فَكُونُوا مَلاَئِكَةَ اَللَّهِ أَعْوَانِي وَ كُونُوا أَنْصَارِي حَتَّى أَدْخُلَ هَذَا اَلْبَيْتَ وَ أَدْعُوَ اَللَّهَ بِفُنُونِ اَلدَّعَوَاتِ، وَ أَعْتَرِفَ لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَ لِهَذَا اَلْإِمَامِ وَ آبَائِهِ صَلَوَاتُ

ص: 418


1- الاحزاب 53:33.

اَللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالطَّاعَةِ.

و قد تقدّم هذا في الوقوف على مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و إنّما أعدناه هنا ليسهل على الزائر إن شاء اللّه تعالى.

ثُمَّ تَنْزِلُ مُقَدِّماً رِجْلَكَ اَلْيُمْنَى وَ تَقُولُ:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ.

وَ كَبِّرِ اَللَّهَ وَ اِحْمَدْهُ وَ سَبِّحْهُ وَ هَلِّلْهُ.

فَإِذَا اِسْتَقْرَرْتَ فِيهِ فَقِفْ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ وَ قُلْ:

سَلاَمُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ وَ صَلَوَاتُهُ عَلَى مَوْلاَيَ صَاحِبِ اَلزَّمَانِ، صَاحِبِ اَلضِّيَاءِ وَ اَلنُّورِ، وَ اَلدِّينِ اَلْمَأْثُورِ، وَ اَللِّوَاءِ اَلْمَشْهُورِ، وَ اَلْكِتَابِ اَلْمَنْشُورِ، وَ صَاحِبِ اَلدُّهُورِ وَ اَلْعُصُورِ، وَ خَلَفِ اَلْحَسَنِ اَلْإِمَامِ اَلْمُؤْتَمَنِ، وَ اَلْقَائِمِ اَلْمُعْتَمَدِ، وَ اَلْمَنْصُورِ اَلْمُؤَيَّدِ، وَ اَلْكَهْفِ وَ اَلْعَضُدِ، عِمَادِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ رُكْنِ اَلْأَنَامِ، وَ مِفْتَاحِ اَلْكَلاَمِ، وَ وَلِيِّ اَلْأَحْكَامِ، وَ شَمْسِ اَلظَّلاَمِ، وَ بَدْرِ اَلتَّمَامِ، وَ نَضْرَةِ اَلْأَيَّامِ، وَ صَاحِبِ اَلصَّمْصَامِ، وَ فَلاَّقِ اَلْهَامِ، وَ اَلْبَحْرِ اَلْقَمْقَامِ، وَ اَلسَّيِّدِ اَلْهُمَامِ، وَ حُجَّةِ اَلْخِصَامِ، وَ بَابِ اَلْمَقَامِ لِيَوْمِ اَلْقِيَامِ.

وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى مُفَرِّجِ اَلْكُرُبَاتِ، وَ خَوَّاضِ اَلْغَمَرَاتِ، وَ مُنَفِّسِ اَلْحَسَرَاتِ، وَ بَقِيَّةِ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ صَاحِبِ فَرْضِهِ، وَ حُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَ عَيْبَةِ عِلْمِهِ، وَ مَوْضِعِ صِدْقِهِ، وَ اَلْمُنْتَهَى إِلَيْهِ مَوَارِيثُ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ لَدَيْهِ مَوْجُودٌ آثَارُ اَلْأَوْصِيَاءِ، وَ حُجَّةِ اَللَّهِ، وَ اِبْنِ رَسُولِهِ، وَ اَلْقَيِّمِ مَقَامَهُ، وَ وَلِيِّ أَمْرِ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ كَمَا اِنْتَجَبْتَهُ لِعِلْمِكَ، وَ اِصْطَفَيْتَهُ لِحُكْمِكَ، وَ خَصَصْتَهُ بِمَعْرِفَتِكَ،

ص: 419

وَ جَلَّلْتَهُ بِكَرَامَتِكَ، وَ غَشَّيْتَهُ بِرَحْمَتِكَ، وَ رَبَّيْتَهُ (1) بِنِعْمَتِكَ، وَ غَذَّيْتَهُ بِحِكْمَتِكَ، وَ اِخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَ اِجْتَبَيْتَهُ لِبَأْسِكَ، وَ اِرْتَضَيْتَهُ لِقُدْسِكَ، وَ جَعَلْتَهُ هَادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ دَيَّانَ اَلدِّينِ بَعْدَكَ، وَ فَصْلَ اَلْقَضَايَا بَيْنَ عِبَادِكَ، وَ وَعَدْتَهُ أَنْ تَجْمَعَ بِهِ اَلْكَلِمَ، وَ تُفَرِّجَ بِهِ عَنِ اَلْأُمَمِ، وَ تُنِيرَ بِعَدْلِهِ اَلظُّلَمَ، وَ تُطْفِئَ بِهِ نِيرَانَ اَلظُّلَمِ، وَ تَقْمَعَ بِهِ حَرَّ اَلْكُفْرِ وَ آثَارَهُ، وَ تُطَهِّرَ بِهِ بِلاَدَكَ، وَ تَشْفِيَ بِهِ صُدُورَ عِبَادِكَ، وَ تَجْمَعَ بِهِ اَلْمَمَالِكَ كُلَّهَا، قَرِيبَهَا وَ بَعِيدَهَا، عَزِيزَهَا وَ ذَلِيلَهَا، شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا، سَهْلَهَا وَ جَبَلَهَا، صَبَاهَا وَ دَبُورَهَا، شَمَالَهَا وَ جَنُوبَهَا، بَرَّهَا وَ بَحْرَهَا، حُزُونَهَا(2) وَ وُعُورَهَا، يَمْلَأُهَا قِسْطاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً، وَ تُمَكِّنَ لَهُ فِيهَا، وَ تُنَجِّزَ بِهِ وَعْدَ اَلْمُؤْمِنِينَ حَتَّى لاَ يُشْرِكَ بِكَ شَيْئاً، وَ حَتَّى لاَ يَبْقَى حَقٌّ إِلاَّ ظَهَرَ، وَ لاَ عَدْلٌ إِلاَّ زَهَرَ، وَ حَتَّى لاَ يَسْتَخْفِيَ بِشَيْ ءٍ مِنَ اَلْحَقِّ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنَ اَلْخَلْقِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً تُظْهِرُ بِهَا حُجَّتَهُ، وَ تُوضِحُ بِهَا بَهْجَتَهُ، وَ تَرْفَعُ بِهَا دَرَجَتَهُ، وَ تُؤَيِّدُ بِهَا سُلْطَانَهُ، وَ تُعَظِّمُ بِهَا بُرْهَانَهُ، وَ تُشَرِّفُ بِهَا مَكَانَهُ، وَ تُعْلِي بِهَا بُنْيَانَهُ، وَ تُعِزُّ بِهَا نَصْرَهُ، وَ تَرْفَعُ بِهَا قَدْرَهُ، وَ تُسْمِي بِهَا ذِكْرَهُ، وَ تُظْهِرُ بِهَا كَلِمَتَهُ، وَ تُكْثِرُ بِهَا نُصْرَتَهُ، وَ تُعِزُّ بِهَا دَعْوَتَهُ، وَ تَزِيدُهُ بِهَا إِكْرَاماً، وَ تَجْعَلُهُ لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً، وَ تُبَلِّغُهُ - فِي هَذَا اَلْمَكَانِ مِثْلَ هَذَا اَلْأَوَانِ وَ فِي كُلِّ مَكَانٍ - مِنَّا تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، لاَ يَبْلَى جَدِيدُهُ، (وَ لاَ يَفْنَى عَدِيدُهُ)(3).

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ بِلاَدِهِ، وَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، اَلسَّلاَمُ

ص: 420


1- في نسخة «ه»: و زينته.
2- الحزن (بضمّ الحاء): الجبال الغلاظ، الحزن (بفتح الحاء): ما غلظ من الأرض في ارتفاع. انظر: الصّحاح - حزن - 2098:5، لسان العرب 114:13.
3- اثبتناها من نسخة المجلسيّ.

عَلَيْكَ يَا خَلَفَ اَلسَّلَفِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ اَلشَّرَفِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَلْمَعْبُودِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا كَلِمَةَ اَلْمَحْمُودِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَمْسَ اَلشُّمُوسِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيَّ اَلْأَرْضِ وَ عَيْنَ اَلْفَرْضِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ اَلزَّمَانِ وَ اَلْعَالِيَ اَلشَّأْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَاتَمَ اَلْأَوْصِيَاءِ وَ اِبْنَ اَلْأَنْبِيَاءِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُعِزَّ اَلْأَوْلِيَاءِ وَ مُذِلَّ اَلْأَعْدَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ (1)اَلْفَرِيدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْمُنْتَظَرُ، وَ اَلْحَقُّ اَلْمُشْتَهَرُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْوَلِيُّ اَلْمُجْتَبَى وَ اَلْحَقُّ اَلْمُشْتَهَرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْمُرْتَجَى لَإِزَالَةِ اَلْجَوْرِ وَ اَلْعُدْوَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْمُبِيدُ لِأَهْلِ اَلْفُسُوقِ وَ اَلطُّغْيَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْهَادِمُ لِبُنْيَانِ اَلشِّرْكِ وَ اَلنِّفَاقِ، وَ اَلْحَاصِدُ فَرْوَعَ اَلْغَيِّ وَ اَلشِّقَاقِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ اَلْفَرَائِضِ وَ اَلسُّنَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا طَامِسَ آثَارِ اَلزَّيْغِ وَ اَلْأَهْوَاءِ، وَ قَاطِعَ حَبَائِلِ اَلْكِذْبِ وَ اَلْفِتَنِ وَ اَلاِفْتِرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُؤَمَّلُ لِإِحْيَاءِ اَلدَّوْلَةِ اَلشَّرِيفَةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا جَامِعَ اَلْكَلِمَةِ عَلَى اَلتَّقْوَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحْيِيَ مَعَالِمِ اَلدِّينِ وَ أَهْلِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا قَاصِمَ شَوْكَةِ اَلْمُعْتَدِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَجْهَ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ يَهْلِكُ وَ لاَ يَبْلَى إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلسَّبَبُ اَلْمُتَّصِلُ بَيْنَ اَلْأَرْضِ وَ اَلسَّمَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ اَلْفَتْحِ وَ نَاشِرَ رَايَةِ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُؤَلِّفَ شَمْلِ اَلصَّلاَحِ وَ اَلرِّضَا، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا طَالِبَ ثَارِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ أَبْنَاءِ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ اَلثَّائِرُ بِدَمِ اَلْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاَءَ.

ص: 421


1- في نسخة «م» زيادة: الوحيد و القائم الرّشيد، السّلام عليك أيّها الامام.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمَنْصُورُ عَلَى مَنِ اِعْتَدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمُنْتَظَرُ اَلْمُجَابُ إِذَا دعى [دَعَا]، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اَلْخَلاَئِفِ، اَلْبَرَّ اَلتَّقِيَّ اَلْبَاقِيَ لِإِزَالَةِ اَلْجَوْرِ وَ اَلْعُدْوَانِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ مُحَمَّدٍ اَلْمُصْطَفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خَدِيجَةَ اَلْكُبْرَى، وَ اِبْنَ اَلسَّادَةِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ اَلْقَادَةِ اَلْمُتَّقِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلنُّجَبَاءِ اَلْأَكْرَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَصْفِيَاءِ اَلْمُهَذَّبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْهُدَاةِ اَلْمَهْدِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ خِيَرَةِ اَلْخِيَرِ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ سَادَةِ اَلْبَشَرِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْغَطَارِفَةِ (1) اَلْأَكْرَمِينَ، وَ اَلْأَطَائِبِ اَلْمُطَهَّرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْبَرَرَةِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، وَ اَلْخَضَارِمَةِ اَلْأَنْجَبِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْحُجَجِ اَلْمُنِيرَةِ، وَ اَلسُّرُجِ اَلْمُضِيئَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلشُّهُبِ اَلثَّاقِبَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ قَوَاعِدِ اَلْعِلْمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ مَعَادِنِ اَلْحِلْمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْكَوَاكِبِ اَلزَّاهِرَةِ، وَ اَلنُّجُومِ اَلْبَاهِرَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلشُّمُوسِ اَلطَّالِعَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَقْمَارِ اَلسَّاطِعَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلسُّبُلِ اَلْوَاضِحَةِ وَ اَلْأَعْلاَمِ اَللاَّئِحَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلسُّنَنِ اَلْمَشْهُورَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْمَعَالِمِ اَلْمَأْثُورَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلشَّوَاهِدِ اَلْمَشْهُودَةِ، وَ اَلْمُعْجِزَاتِ اَلْمَوْجُودَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ، وَ اَلنَّبَأِ اَلْعَظِيمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْآيَاتِ اَلْبَيِّنَاتِ، وَ اَلدَّلاَئِلِ اَلظَّاهِرَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْبَرَاهِينِ اَلْوَاضِحَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْحُجَجِ اَلْبَالِغَاتِ، وَ اَلنِّعَمِ اَلسَّابِغَاتِ.

ص: 422


1- الغطريف: السّيّد. الصّحاح - غطرف - 1411:4.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ طه وَ اَلْمُحْكَمَاتِ، وَ يس وَ اَلذَّارِيَاتِ، وَ اَلطُّورِ وَ اَلْعَادِيَاتِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ مَنْ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، وَ اِقْتَرَبَ مِنَ اَلْعَلِيِّ اَلْأَعْلَى.

لَيْتَ شَعْرِي أَيْنَ اِسْتَقَرَّتْ بِكَ اَلنَّوَى؟ أَوْ أَنْتَ بِوَادِي طُوًى؟ عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَى اَلْخَلْقَ وَ لاَ تُرَى، وَ لاَ يُسْمَعُ لَكَ حَسِيسٌ وَ لاَ نَجْوَى. عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ يُرَى اَلْخَلْقُ وَ لاَ تُرَى. عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ اَلْأَعْدَاءُ. بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ مَا غَابَ عَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَازِحٍ مَا نَزَحَ عَنَّا، وَ نَحْنُ نَقُولُ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ.

ثُمَّ تَرْفَعُ يَدَيْكَ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ أَنْتَ كَاشِفُ اَلْكُرَبِ وَ اَلْبَلْوَى، وَ إِلَيْكَ نَشْكُو غَيْبَةَ إِمَامِنَا وَ اِبْنِ بِنْتِ نَبِيِّنَا، اَللَّهُمَّ فَامْلَأْ بِهِ اَلْأَرْضَ عَدْلاً وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ أَرِنَا سَيِّدَنَا وَ صَاحِبَنَا وَ إِمَامَنَا وَ مَوْلاَنَا صَاحِبَ اَلزَّمَانِ، وَ مَلْجَأَ أَهْلِ عَصْرِنَا، وَ مَنْجَا أَهْلِ دَهْرِنَا، ظَاهِرَ اَلْمَقَالَةِ، وَاضِحَ اَلدَّلاَلَةِ، هَادِياً مِنَ اَلضَّلاَلَةِ، مُنْقِذاً مِنَ اَلْجَهَالَةِ، وَ أَظْهِرْ مَعَالِمَهُ، وَ ثَبِّتْ قَوَاعِدَهُ، وَ أَعِزَّ نَصْرَهُ، وَ أَطِلْ عُمُرَهُ، وَ اُبْسُطْ جَاهَهُ، وَ أَحْيِ أَمْرَهُ، وَ أَظْهِرْ نُورَهُ، وَ قَرِّبْ بُعْدَهُ، وَ أَنْجِزْ وَعْدَهُ، وَ أَوْفِ عَهْدَهُ، وَ زَيِّنِ اَلْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ، وَ دَوَامِ مُلْكِهِ، وَ عُلُوِّ اِرْتِقَائِهِ وَ اِرْتِفَاعِهِ، وَ أَنِرْ مَشَاهِدَهُ، وَ ثَبِّتْ قَوَاعِدَهُ، وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ، وَ أَمِدَّ سُلْطَانَهُ، وَ أَعْلِ مَكَانَهُ، وَ قَوِّ أَرْكَانَهُ، وَ أَرِنَا وَجْهَهُ، وَ أَوْضِحْ بَهْجَتَهُ، وَ اِرْفَعْ دَرَجَتَهُ، وَ أَظْهِرْ كَلِمَتَهُ، وَ أَعِزَّ دَعْوَتَهُ، وَ أَعْطِهِ سُؤْلَهُ، وَ بَلِّغْهُ يَا رَبِّ مَأْمُولَهُ، وَ شَرِّفْ مَقَامَهُ، وَ عَظِّمْ إِكْرَامَهُ.

وَ أَعِزَّ بِهِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أحيي [أَحْيِ] بِهِ سُنَنَ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ أَذِلَّ بِهِ اَلْمُنَافِقِينَ، وَ أَهْلِكْ بِهِ اَلْجَبَّارِينَ، وَ اِكْفِهِ بَغْيَ اَلْحَاسِدِينَ، وَ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ اَلْكَائِدِينَ، وَ اُزْجُرْ عَنْهُ إِرَادَةَ

ص: 423

اَلظَّالِمِينَ، وَ أَيِّدْهُ بِجُنُودٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ مُسَوَّمِينَ، وَ سَلِّطْهُ عَلَى أَعْدَاءِ دِينِكَ أَجْمَعِينَ، وَ اِقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَ أَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ وَقِيدٍ، وَ أَنْفِذْ حُكْمَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَ أَقِمْ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ، وَ اِقْمَعْ بِهِ عَبَدَةَ اَلْأَوْثَانِ، وَ شَرِّفْ بِهِ أَهْلَ اَلْقُرْآنِ وَ اَلْإِيمَانِ، وَ أَظْهِرْهُ عَلَى كُلِّ اَلْأَدْيَانِ، وَ اِكْبِتْ مَنْ عَادَاهُ، وَ أَذِلَّ مَنْ نَاوَاهُ، وَ اِسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ، وَ أَنْكَرَ صِدْقَهُ، وَ اِسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ، وَ أَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ، وَ سَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ.

اَللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ، وَ اِكْشِفْ بِهِ كُلَّ غُمَّةٍ، وَ قَدِّمْ أَمَامَهُ اَلرُّعْبَ، وَ ثَبِّتْ بِهِ اَلْقَلْبَ، وَ أَقِمْ بِهِ نُصْرَةَ اَلْحَرْبِ، وَ اِجْعَلْهُ اَلْقَائِمَ اَلْمُؤَمَّلَ، وَ اَلْوَصِيَّ اَلْمُفَضَّلَ، وَ اَلْإِمَامَ اَلْمُنْتَظَرَ، وَ اَلْعَدْلَ اَلْمُخْتَبَرَ، وَ اِمْلَأْ بِهِ اَلْأَرْضَ عَدْلاً وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً، وَ أَعِنْهُ عَلَى مَا وَلَّيْتَهُ وَ اِسْتَخْلَفْتَهُ وَ اِسْتَرْعَيْتَهُ، حَتَّى يَجْرِيَ حُكْمُهُ عَلَى كُلِّ حُكْمِ، وَ يَهْدِيَ بِحَقِّهِ كُلَّ ضَلاَلَةٍ.

وَ اُحْرُسْهُ اَللَّهُمَّ بِعَيْنِكَ اَلَّتِي لاَ تَنَامُ، وَ اِكْنِفْهُ بِرُكْنِكَ اَلَّذِي لاَ يُرَامُ، وَ أَعِزَّهُ بِعِزِّكَ اَلَّذِي لاَ يُضَامُ (1).

وَ اِجْعَلْنِي يَا إِلَهِي مِنْ عَدَدِهِ وَ مَدَدِهِ، وَ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ، وَ أَرْكَانِهِ وَ أَشْيَاعِهِ وَ أَتْبَاعِهِ، وَ أَذِقْنِي طَعْمَ فَرْحَتِهِ، وَ أَلْبِسْنِي ثَوْبَ بَهْجَتِهِ، وَ أَحْضِرْنِي مَعَهُ لِبَيْعَتِهِ وَ تَأْكِيدِ عَقْدِهِ بَيْنَ اَلرُّكْنِ وَ اَلْمَقَامِ عِنْدَ بَيْتِكَ اَلْحَرَامِ، وَ وَفِّقْنِي يَا رَبِّ لِلْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ، وَ اَلْمَثْوَى فِي خِدْمَتِهِ، وَ اَلْمَكْثِ فِي دَوْلَتِهِ، وَ اِجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي اَللَّهُمَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَاجْعَلْنِي يَا رَبِّ فِي مَنْ يَكِرُّ فِي رَجْعَتِهِ، وَ يُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِهِ، وَ يَتَمَكَّنُ فِي أَيَّامِهِ، وَ يَسْتَظِلُّ تَحْتَ أَعْلاَمِهِ، وَ يُحْشَرُ فِي زُمْرَتِهِ، وَ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ، بِفَضْلِكَ وَ إِحْسَانِكَ، وَ كَرَمِكَ وَ اِمْتِنَانِكَ، إِنَّكَ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ، وَ اَلْمَنِّ اَلْقَدِيمِ، وَ اَلْإِحْسَانِ اَلْكَرِيمِ.

ثُمَّ صَلِّ فِي مَكَانِكَ اِثْنَتَيْ عَشَرَ رَكْعَةً، وَ اِقْرَأْ فِيهَا مَا شِئْتَ وَ أَهْدِهَا لَهُ عَلَيْهِ

ص: 424


1- اي لا يناله فيه أيّ ضيم و ظلم. انظر: لسان العرب 357:12.

اَلسَّلاَمُ، فَإِذَا سَلَّمْتَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَسَبِّحْ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلسَّلاَمُ وَ مِنْكَ اَلسَّلاَمُ، وَ إِلَيْكَ يَعُودُ اَلسَّلاَمُ، حَيِّنَا رَبَّنَا مِنْكَ بِالسَّلاَمِ. اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ اَلرَّكَعَاتِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى وَلِيِّكَ وَ اِبْنِ وَلِيِّكَ وَ اِبْنِ أَوْلِيَائِكَ، اَلْإِمَامِ اِبْنِ اَلْأَئِمَّةِ، اَلْخَلَفِ اَلصَّالِحِ اَلْحُجَّةِ صَاحِبِ اَلزَّمَانِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَلِّغْهُ إِيَّاهَا، وَ أَعْطِنِي أَفْضَلَ أَمَلِي وَ رَجَائِي فِيكَ، وَ فِي رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ وَ فِيهِ.

فإذا فرغت من الصلاة فادع بهذا الدعاء، و هو

دُعَاءٌ مَشْهُورٌ يُدْعَى بِهِ فِي غَيْبَةِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هُوَ:

اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ، اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي.

اَللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَ لاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي بِوَلاَيَةِ مَنْ فَرَضْتَ عَلَيَّ طَاعَتَهُ مِنْ وُلاَةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، حَتَّى وَالَيْتُ وُلاَةَ أَمْرِكَ: أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ اَلْحَسَنَ وَ اَلْحُسَيْنَ وَ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَ جَعْفَراً وَ مُوسَى وَ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ اَلْحَسَنَ وَ اَلْحُجَّةَ اَلْقَائِمَ اَلْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، اَللَّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ، وَ اِسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ، وَ لَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ، وَ عَافِنِي مِمَّا اِمْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَ ثَبِّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ، اَلَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ، وَ بِإِذْنِكَ غَابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ، وَ أَمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَ أَنْتَ اَلْعَالِمُ غَيْرُ اَلْمُعَلَّمِ بِالْوَقْتِ اَلَّذِي فِيهِ صَلاَحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ فِي اَلْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهَارِ أَمْرِهِ وَ كَشْفِ سَتْرِهِ، وَ صَبِّرْنِي عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لاَ أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَ لاَ تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، وَ لاَ كَشْفَ مَا سَتَرْتَ، وَ لاَ اَلْبَحْثَ عَمَّا كَتَمْتَ، وَ لاَ أُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ،

ص: 425

وَ لاَ أَقُولَ: لِمَ؟ وَ كَيْفَ؟ وَ لاَ: مَا بَالُ وَلِيِّ اَلْأَمْرِ لاَ يَظْهَرُ وَ قَدِ اِمْتَلَأَتِ اَلْأَرْضُ؟ مِنَ اَلْجَوْرِ؟ وَ أُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّهَا إِلَيْكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَنِي وَلِيَّ أَمْرِكَ ظَاهِراً نَافِذَ اَلْأَمْرِ، مَعَ عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ اَلسُّلْطَانُ وَ اَلْقُدْرَةُ وَ اَلْبُرْهَانُ، وَ اَلْحُجَّةُ وَ اَلْمَشِيئَةُ، وَ اَلْحَوْلُ وَ اَلْقُوَّةُ، فَافْعَلْ بِي ذَلِكَ وَ بِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَلِيِّ أَمْرِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ظَاهِرَ اَلْمَقَالَةِ، وَاضِحَ اَلدَّلاَلَةِ، هَادِياً مِنَ اَلضَّلاَلَةِ، شَافِياً مِنَ اَلْجَهَالَةِ.

أَبْرِزْ - رَبِّ - مَشَاهِدَهُ، وَ ثَبِّتْ قَوَاعِدَهُ، وَ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَ أَقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ، وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ، وَ اُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ.

اَللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَ ذَرَأْتَ وَ بَرَأْتَ وَ أَنْشَأْتَ وَ صَوَّرْتَ، وَ اِحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ، بِحِفْظِكَ اَلَّذِي لاَ يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ، وَ اِحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَ وَصِيَّ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ، وَ مُدَّ فِي عُمُرِهِ، وَ زِدْ فِي أَجَلِهِ، وَ أَعِنْهُ عَلَى مَا وَلَّيْتَهُ وَ اِسْتَرْعَيْتَهُ، وَ زِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ، فَإِنَّهُ اَلْهَادِي اَلْمَهْدِيُّ، وَ اَلْقَائِمُ اَلْمُهْتَدِي، وَ اَلطَّاهِرُ اَلتَّقِيُّ، اَلزَّكِيُّ اَلنَّقِيُّ، اَلرَّضِيُّ اَلْمَرْضِيُّ، اَلصَّابِرُ اَلشَّكُورُ، اَلْمُتَهَجِّدُ.

اَللَّهُمَّ وَ لاَ تَسْلُبْنَا اَلْيَقِينَ لِطُولِ اَلْأَمَدِ فِي غَيْبَتِهِ، وَ اِنْقِطَاعِ خَبَرِهِ عَنَّا، وَ لاَ تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَ اِنْتِظَارَهُ، وَ اَلْإِيمَانَ بِهِ وَ قُوَّةَ اَلْيَقِينِ فِي ظُهُورِهِ وَ اَلدُّعَاءَ لَهُ وَ اَلصَّلاَةَ عَلَيْهِ، حَتَّى لاَ تُقَنِّطَنَا غَيْبَتَهُ مِنْ قِيَامِهِ، وَ يَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيَقِينِنَا فِي قِيَامِ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَ تَنْزِيلِكَ، وَ قَوِّ قُلُوبَنَا عَلَى اَلْإِيمَانِ (بِهِ)(1) حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَاجَ اَلْهُدَى، وَ اَلْمَحَجَّةَ اَلْعُظْمَى، وَ اَلطَّرِيقَةَ اَلْوُسْطَى، وَ قَوِّنَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَ ثَبِّتْنَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ، وَ اِجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَ أَعْوَانِهِ

ص: 426


1- اثبتناها من نسخة البحار.

وَ أَنْصَارِهِ وَ اَلرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَ لاَ تَسْلُبْنَا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا وَ لاَ عِنْدَ وَفَاتِنَا، حَتَّى تَتَوَفَّانَا وَ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ لاَ شَاكِّينَ وَ لاَ نَاكِثِينَ، وَ لاَ مُرْتَابِينَ وَ لاَ مُكَذِّبِينَ.

اَللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ، وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَ اُنْصُرْ نَاصِرِيهِ وَ اُخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَ دَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَ كَذَّبَ بِهِ، وَ أَظْهِرْ بِهِ اَلْحَقَّ، وَ أَمِتْ بِهِ اَلْجَوْرَ، وَ اِسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ اَلْمُؤْمِنِينَ مِنَ اَلذُّلِّ، وَ أَنْعِشْ بِهِ اَلْبِلاَدَ، وَ اُقْتُلْ بِهِ اَلْجَبَابِرَةَ وَ اَلْكَفَرَةَ، وَ اِقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ اَلضَّلاَلَةِ، وَ ذَلِّلْ بِهِ اَلْجَبَّارِينَ وَ اَلْكَافِرِينَ، وَ أَبِرْ(1) بِهِ اَلْمُنَافِقِينَ وَ اَلنَّاكِثِينَ وَ جَمِيعَ اَلْمُخَالِفِينَ وَ اَلْمُلْحِدِينَ، فِي مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا، وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا، حَتَّى لاَ تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَ لاَ تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً.

طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلاَدَكَ، وَ اِشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ، وَ جَدِّدْ بِهِ مَا اِمْتَحَى مِنْ دِينِكَ، وَ أَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، وَ غَيِّرْ مِنْ سُنَّتِكَ، حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً، لاَ عِوَجَ فِيهِ وَ لاَ بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ اَلْكَافِرِينَ، فَإِنَّهُ عَبْدُكَ اَلَّذِي اِسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَ اِرْتَضَيْتَهُ لِنَصْرِ دِينِكَ، وَ اِصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَ عَصَمْتَهُ مِنَ اَلذُّنُوبِ، وَ بَرَأْتَهُ مِنَ اَلْعُيُوبِ، وَ أَطْلَعْتَهُ عَلَى اَلْغُيُوبِ، وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ اَلرِّجْسِ، وَ نَقَّيْتَهُ مِنَ اَلدَّنَسِ.

اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ اَلْأَئِمَّةِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ عَلَى شِيعَتِهِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، وَ بَلِّغْهُمْ مِنْ أَيَّامِهِ مَا يَأْمُلُونَ، وَ اِجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَ شُبْهَةٍ وَ رِيَاءٍ وَ سُمْعَةٍ، حَتَّى لاَ نُرِيدَ غَيْرَكَ بِهِ، وَ لاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلاَّ وَجْهَكَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا، وَ غَيْبَةَ إِمَامِنَا، وَ شِدَّةَ اَلزَّمَانِ عَلَيْنَا، وَ وُقُوعَ اَلْفِتَنِ بِنَا، وَ تَظَاهُرَ اَلْأَعْدَاءِ [عَلَيْنَا]، وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا.

اَللَّهُمَّ فَافْرُجْ ذَلِكَ عَنَّا بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ، وَ إِمَامِ عَدْلٍ

ص: 427


1- البوار: الهلاك. لسان العرب 86:4.

تُظْهِرُهُ، إِلَهَ اَلْحَقِّ آمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظْهَارِ عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ، وَ قَتْلِ أَعْدَائِكَ فِي بِلاَدِكَ، حَتَّى لاَ تَدَعَ لِلْجَوْرِ - يَا رَبِّ - دِعَامَةً إِلاَّ قَصَمْتَهَا، وَ لاَ بَقِيَّةً إِلاَّ أَفْنَيْتَهَا، وَ لاَ قُوَّةً إِلاَّ أَوْهَنْتَهَا، وَ لاَ رُكْناً إِلاَّ هَدَمْتَهُ، وَ لاَ حَدّاً إِلاَّ فَلَلْتَهُ، وَ لاَ سِلاَحاً إِلاَّ أَكْلَلْتَهُ، وَ لاَ رَايَةً إِلاَّ نَكَسْتَهَا، وَ لاَ شُجَاعاً إِلاَّ قَتَلْتَهُ وَ لاَ جَيْشاً إِلاَّ خَذَلْتَهُ، وَ اِرْمِهِمْ - يَا رَبِّ - بِحَجَرِكَ اَلدَّامِغِ، وَ اِضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ اَلْقَاطِعِ، وَ بَأْسِكَ اَلَّذِي لاَ تَرُدُّهُ عَنِ اَلْقَوْمِ اَلْمُجْرِمِينَ، وَ عَذِّبْ أَعْدَاءَكَ وَ أَعْدَاءَ وَلِيِّكَ وَ أَعْدَاءَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِيَدِ وَلِيِّكَ وَ أَيْدِي عِبَادِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

اَللَّهُمَّ اِكْفِ وَلِيَّكَ وَ حُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ، وَ كَيْدَ مَنْ أَرَادَهُ، وَ اُمْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ، وَ اِجْعَلْ دَائِرَةَ اَلسَّوْءِ عَلَى مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً، وَ اِقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ، وَ أَرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ، وَ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَ خُذْهُمْ جَهْرَةً وَ بَغْتَةً، وَ شَدِّدْ عَلَيْهِمْ عَذَابَكَ، وَ اِخْزِهِمْ فِي عِبَادِكَ، وَ اِلْعَنْهُمْ فِي بِلاَدِكَ، وَ أَسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نَارِكَ، وَ أَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذَابِكَ، وَ أَصْلِهِمْ نَاراً، وَ اُحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً، وَ أَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ، فَإِنَّهُمْ أَضَاعُوا اَلصَّلاَةَ، وَ اِتَّبَعُوا اَلشَّهَوَاتِ، وَ أَضَلُّوا عِبَادَكَ، وَ أَخْرَبُوا بِلاَدَكَ.

اَللَّهُمَّ وَ أَحْيِ بِوَلِيِّكَ اَلْقُرْآنَ، وَ أَرِنَا نُورَهُ سَرْمَداً لاَ لَيْلَ فِيهِ، وَ أَحْيِ بِهِ اَلْقُلُوبَ اَلْمَيِّتَةَ، وَ اِشْفِ بِهِ اَلصُّدُورَ اَلْوَغِرَةَ، وَ اِجْمَعْ بِهِ اَلْأَهْوَاءَ اَلْمُخْتَلِفَةَ عَلَى اَلْحَقِّ، وَ أَقِمْ بِهِ اَلْحُدُودَ اَلْمُعَطَّلَةَ، وَ اَلْأَحْكَامَ اَلْمُهْمَلَةَ، حَتَّى لاَ يَبْقَى حَقٌّ إِلاَّ ظَهَرَ، وَ لاَ عَدْلٌ إِلاَّ زَهَرَ، وَ اِجْعَلْنَا يَا رَبِّ مِنْ أَعْوَانِهِ، وَ مُقَوِّيَةِ سُلْطَانِهِ، وَ اَلْمُؤْتَمِرِينَ لِأَمْرِهِ، وَ اَلرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَ اَلْمُسَلِّمِينَ لِأَحْكَامِهِ، وَ مِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَى اَلتَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ.

أَنْتَ يَا رَبِّ اَلَّذِي تَكْشِفُ اَلضُّرَّ، وَ تُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ، وَ تُنَجِّي مِنَ اَلْكَرْبِ اَلْعَظِيمِ، فَاكْشِفِ اَلضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ، وَ اِجْعَلْهُ خَلِيفَةً فِي أَرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ

ص: 428

لَهُ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ لاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ لاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ اَلْحَنَقِ وَ اَلْغَيْظِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ. فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ فَأَعِذْنِي، وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْنِي بِهِمْ عِنْدَكَ فَائِزاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ، آمِينَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَ حَرَمِهِ اَلشَّرِيفِ فَوَدِّعْهُ بِمَا نَذْكُرُهُ آخِرَ هَذَا اَلْفَصْلِ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 429


1- نقلها المجلسي في بحار الأنوار 2/83:102.

زيارة ثانية لمولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه

وَ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالنُّدْبَةِ، خَرَجَتْ مِنَ اَلنَّاحِيَةِ اَلْمَحْفُوفَةِ بِالْقُدْسِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحِمْيَرِيِّ رَحِمَهُ اَللَّهُ، وَ أَمَرَ أَنْ تُتْلَى فِي اَلسِّرْدَابِ اَلْمُقَدَّسِ وَ هِيَ:

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ

لاَ لِأَمْرِ اَللَّهِ تَعْقِلُونَ، وَ لاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، تَقْبَلُونَ، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ. سَلاَمٌ عَلَى آلِ يس ذَلِكَ هُوَ اَلْفَضْلُ اَلْمُبِينُ، وَ اَللَّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ لِمَنْ يَهْدِيهِ صِرَاطَهُ اَلْمُسْتَقِيمَ، قَدْ آتَاكُمُ اَللَّهُ يَا آلَ يس خِلاَفَتَهُ، وَ عَلَّمَ مَجَارِيَ أَمْرِهِ، فِي مَا قَضَاهُ وَ دَبَّرَهُ وَ رَتَّبَهُ وَ أَرَادَهُ فِي مَلَكُوتِهِ، فَكَشَفَ لَكُمُ اَلْغِطَاءَ. وَ أَنْتُمْ خَزَنَتُهُ وَ شُهَدَاؤُهُ، وَ عُلَمَاؤُهُ وَ أُمَنَاؤُهُ، وَ سَاسَةُ اَلْعِبَادِ، وَ أَرْكَانُ اَلْبِلاَدِ، وَ قُضَاةُ اَلْأَحْكَامِ، وَ أَبْوَابُ اَلْإِيمَانِ، وَ سُلاَلَةُ اَلنَّبِيِّينَ، وَ صَفْوَةُ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ عِتْرَةُ خِيَرَةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَ مِنْ تَقْدِيرِهِ مَنَائِحَ اَلْعَطَاءِ بِكُمْ إِنْفَاذُهُ مَحْتُوماً مَقْرُوناً، فَمَا شَيْ ءٌ مِنَّا إِلاَّ وَ أَنْتُمْ لَهُ اَلسَّبَبُ وَ إِلَيْهِ اَلسَّبِيلُ، خِيَارُهُ لِوَلِيِّكُمْ نِعْمَةٌ، وَ اِنْتِقَامُهُ مِنْ عَدُوِّكُمْ سَخْطَةٌ، فَلاَ نَجَاةَ وَ لاَ مَفْزَعَ إِلاَّ أَنْتُمْ، وَ لاَ مَذْهَبَ عَنْكُمْ يَا أَعْيُنَ اَللَّهِ اَلنَّاظِرَةَ، وَ حَمَلَةَ مَعْرِفَتِهِ، وَ مَسَاكِنَ تَوْحِيدِهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ.

وَ أَنْتَ - يَا مَوْلاَيَ وَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ بَقِيَّتَهُ - كَمَالُ نِعْمَتِهِ، وَ وَارِثُ أَنْبِيَائِهِ وَ خُلَفَائِهِ مَا بَلَغْنَاهُ مِنْ دَهْرِنَا، وَ صَاحِبُ اَلرَّجْعَةِ لِوَعْدِ رَبِّنَا اَلَّتِي فِيهَا دَوْلَةُ اَلْحَقِّ وَ فَرَجُنَا، وَ نُصْرَةُ اَللَّهِ لَنَا وَ عِزُّنَا.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَلَمُ اَلْمَنْصُوبُ، وَ اَلْعِلْمُ اَلْمَصْبُوبُ، وَ اَلْغَوْثُ وَ اَلرَّحْمَةُ اَلْوَاسِعَةُ، وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ.

ص: 430

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ اَلْمَرْأَى وَ اَلْمَسْمَعِ، اَلَّذِي بِعَيْنِ اَللَّهِ مَوَاثِيقُهُ، وَ بِيَدِ اَللَّهِ عُهُودُهُ، وَ بِقُدْرَةِ اَللَّهِ سُلْطَانُهُ. أَنْتَ اَلْحَلِيمُ اَلَّذِي لاَ تُعَجِّلُهُ اَلْمَعْصِيَةُ، وَ اَلْكَرِيمُ اَلَّذِي لاَ تُبَخِّلُهُ اَلْحَفِيظَةُ، وَ اَلْعَالِمُ اَلَّذِي لاَ تُجَهِّلُهُ اَلْحَمِيَّةُ، مُجَاهَدَتُكَ فِي اَللَّهِ ذَاتُ مَشِيئَةِ اَللَّهِ، وَ مُقَارَعَتُكَ فِي اَللَّهِ ذَاتُ اِنْتِقَامِ اَللَّهِ، وَ صَبْرُكَ فِي اَللَّهِ ذُو أَنَاةِ اَللَّهِ، وَ شُكْرُكَ لِلَّهِ ذُو مَزِيدِ اَللَّهِ وَ رَحْمَتِهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَحْفُوظاً بِاللَّهِ، اَللَّهُ نُورٌ أَمَامَهُ وَ وَرَاءَهُ، وَ يَمِينَهُ وَ شِمَالَهُ، وَ فَوْقَهُ وَ تَحْتَهُ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَخْزُوناً فِي قُدْرَةِ اَللَّهِ، اَللَّهُ نُورٌ سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اَللَّهِ اَلَّذِي ضَمِنَهُ، وَ يَا مِيثَاقَ اَللَّهِ اَلَّذِي أَخَذَهُ وَ وَكَّدَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اَللَّهِ وَ دَيَّانَ دِينِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اَللَّهِ وَ نَاصِرَ حَقِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ وَ دَلِيلَ إِرَادَتِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اَللَّهِ وَ تَرْجُمَانَهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَ تُبَيِّنُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَ تَقْنُتْ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَعَوَّذُ وَ تُسَبِّحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَ تُكَبِّرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَ تَسْتَغْفِرُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُمَجِّدُ وَ تَمْدَحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُمْسِي وَ تُصْبِحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي اَللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَ فِي اَلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي اَلْآخِرَةِ وَ اَلْأُولَى.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ حُجَجُ اَللَّهِ وَ رُعَاتُنَا، وَ هُدَاتُنَا وَ دُعَاتُنَا، وَ قَادَتُنَا وَ أَئِمَّتُنَا، وَ سَادَتُنَا وَ مَوَالِينَا. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ نُورُنَا، وَ أَنْتُمْ جَاهُنَا وَ أَوْقَاتُ صَلاَتِنَا، وَ عِصْمَتُنَا بِكُمْ لِدُعَائِنَا وَ صَلاَتِنَا وَ صِيَامِنَا وَ اِسْتِغْفَارِنَا وَ سَائِرِ أَعْمَالِنَا.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْمَأْمُونُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلْمَأْمُولُ،

ص: 431

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ بِجَوَامِعِ اَلسَّلاَمِ.

اِشْهَدْ يَا مَوْلاَيَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، لاَ حَبِيبَ إِلاَّ هُوَ وَ أَهْلُهُ، وَ أَنَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ اَلْحَسَنَ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ اَلْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ جَعْفَرَ اِبْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّدَ اِبْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَ أَنْتَ حُجَّتُهُ، وَ أَنَّ اَلْأَنْبِيَاءَ دُعَاةٌ وَ هُدَاةُ رُشْدِكُمْ، أَنْتُمُ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ وَ خَاتِمَتُهُ، وَ أَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لاَ شَكَّ فِيهَا، وَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا مَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً، وَ أَنَّ اَلْمَوْتَ حَقٌّ، وَ أَنَّ مُنْكَراً وَ نَكِيراً حَقٌّ، وَ أَنَّ اَلنَّشْرَ حَقٌّ، وَ اَلْبَعْثَ حَقٌّ، وَ أَنَّ اَلصِّرَاطَ حَقٌّ، وَ اَلْمِرْصَادَ حَقٌّ، وَ أَنَّ اَلْمِيزَانَ حَقٌّ، وَ اَلْحِسَابَ حَقٌّ، وَ أَنَّ اَلْجَنَّةَ حَقٌّ، وَ اَلنَّارَ حَقٌّ، وَ اَلْجَزَاءَ بِهِمَا لِلْوَعْدِ وَ اَلْوَعِيدِ حَقٌّ، وَ أَنَّكُمْ لِلشَّفَاعَةِ حَقٌّ، لاَ تُرَدُّونَ وَ لاَ تَسْبِقُونَ، بِمَشِيئَةِ اَللَّهِ وَ بِأَمْرِهِ تَعْمَلُونَ، وَ لِلَّهِ اَلرَّحْمَةُ وَ اَلْكَلِمَةُ اَلْعُلْيَا، وَ بِيَدِهِ اَلْحُسْنَى، وَ حُجَّةُ اَللَّهِ اَلنُّعْمَى.

خَلَقَ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ لِعِبَادَتِهِ، أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ عِبَادَتَهُ، فَشَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ، قَدْ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ، وَ سَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ.

وَ أَنْتَ يَا مَوْلاَيَ فَاشْهَدْ بِمَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ، تَخْزُنُهُ وَ تَحْفَظُهُ لِي عِنْدَكَ، أَمُوتُ عَلَيْهِ وَ أَنْشُرُ عَلَيْهِ، وَ أَقِفُ بِهِ وَلِيّاً لَكَ، بَرِيئاً مِنْ عَدُوِّكَ، مَاقِتاً لِمَنْ أَبْغَضَكُمْ، وَادّاً لِمَنْ أَحْبَبْتُمْ، فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ، وَ اَلْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ، وَ اَلْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ، وَ اَلْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ، وَ اَلْقَضَاءُ اَلْمُثْبَتُ مَا اِسْتَأْثَرَتْ بِهِ مَشِيئَتُكُمْ، وَ اَلْمَمْحُوُّ مَا لاَ اِسْتَأْثَرَتْ بِهِ سُنَّتُكُمْ.

فَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، عَلِيٌّ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ

ص: 432

حُجَّتُهُ، اَلْحَسَنُ حُجَّتُهُ، اَلْحُسَيْنُ حُجَّتُهُ، عَلِيٌّ حُجَّتُهُ، مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ، جَعْفَرٌ حُجَّتُهُ، مُوسَى حُجَّتُهُ، عَلِيٌّ حُجَّتُهُ، مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ، عَلِيٌّ حُجَّتُهُ، اَلْحَسَنُ حُجَّتُهُ، أَنْتَ حُجَّتُهُ، أَنْتُمْ حُجَجُهُ وَ بَرَاهِينُهُ.

أَنَا يَا مَوْلاَيَ مُسْتَبْشِرٌ بِالْبَيْعَةِ اَلَّتِي أَخَذَ اَللَّهُ عَلَيَّ شَرْطَهُ، قِتَالاً فِي سَبِيلِهِ اِشْتَرَى بِهِ أَنْفُسَ اَلْمُؤْمِنِينَ، فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ بِرَسُولِهِ وَ بِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ بِكُمْ يَا مَوَالِيَّ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، وَ مَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ، وَ بَرَائَتِي مِنْ أَعْدَائِكُمْ - أَهْلِ اَلْحَرْدِ(1) وَ اَلْجِدَالِ - ثَابِتَةٌ لِثَارِكُمْ أَنَا وَلِيٌّ وَحِيدٌ، وَ اَللَّهُ إِلَهُ اَلْحَقِّ جَعَلَنِي بِذَلِكَ، آمِينَ آمِينَ.

مَنْ لِي إِلاَّ أَنْتَ فِي مَا دِنْتُ وَ اِعْتَصَمْتُ بِكَ فِيهِ تَحْرُسُنِي فِي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ، يَا وِقَايَةَ اَللَّهِ وَ سَتْرَهُ وَ بَرَكَتَهُ أَغِثْنِي، أَدْنِنِي، أَدْرِكْنِي، صِلْنِي بِكَ وَ لاَ تَقْطَعْنِي.

اَللَّهُمَّ بِهِمْ إِلَيْكَ تَوَسُّلِي وَ تَقَرُّبِي، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ صِلْنِي بِهِمْ وَ لاَ تَقْطَعْنِي، بِحُجَّتِكَ اِعْصِمْنِي وَ سَلاَمُكَ عَلَى آلِ يس. مَوْلاَيَ أَنْتَ اَلْجَاهُ عِنْدَ اَللَّهِ رَبُّكَ وَ رَبِّي إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي خَلَقْتَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَ اِسْتَقَرَّ فِيكَ فَلاَ يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى شَيْ ءٍ أَبَداً، يَا كَيْنُونُ أَيَا مُكَوِّنُ، أَيَا مُتَعَالِ، أَيَا مُتَقَدِّسُ، أَيَا مُتَرَحِّمُ، أَيَا مُتَرَئِّفُ، أَيَا مُتَحَنِّنُ، أَسْأَلُكَ كَمَا خَلَقْتَهُ غَضّاً أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ، وَ كَلِمَةِ نُورِكَ، وَ وَالِدِ هُدَاةِ رَحْمَتِكَ، وَ اِمْلَأْ قَلْبِي نُورَ اَلْيَقِينِ، وَ صَدْرِي نُورَ اَلْإِيمَانِ، وَ فِكْرِي نُورَ اَلثَّبَاتِ، وَ عَزْمِي نُورَ اَلتَّوْفِيقِ، وَ ذَكَائِي نُورَ اَلْعِلْمِ، وَ قُوَّتِي نُورَ اَلْعَمَلِ، وَ لِسَانِي نُورَ اَلصِّدْقِ، وَ دِينِي نُورَ اَلْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ، وَ بَصَرِي نُورَ اَلضِّيَاءِ، وَ سَمْعِي نُورَ وَعْيِ اَلْحِكْمَةِ، وَ مَوَدَّتِي نُورَ اَلْمُوَالاَةِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ لَقِّنِّي نُورَ قُوَّةِ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ

ص: 433


1- الحرد: الغضب. لسان العرب 144:3.

أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ، حَتَّى أَلْقَاكَ وَ قَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَ مِيثَاقِكَ، فَلْتَسَعْنِي رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ.

رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ، بِمَرْأَى آلِ مُحَمَّدٍ وَ مَسْمَعِكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ دُعَائِي، فَوَفِّنِي مُنْجِزَاتِ إِجَابَتِي، أَعْتَصِمُ بِكَ، مَعَكَ مَعَكَ مَعَكَ سَمْعِي وَ رِضَايَ يَا كَرِيمُ (1).

ص: 434


1- اوردها ابن المشهدي في مزاره: 823، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 92:102.

زيارة ثالثة يزار بها مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه

تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ تَقُولُ بَعْدَهُمَا:

سَلاَمُ اَللَّهِ اَلْكَامِلُ اَلتَّامُّ اَلشَّامِلُ اَلْعَامُّ، وَ صَلَوَاتُهُ وَ بَرَكَاتُهُ اَلدَّائِمَةُ، عَلَى حُجَّةِ اَللَّهِ وَ وَلِيِّهِ فِي أَرْضِهِ وَ بِلاَدِهِ، وَ خَلِيفَتِهِ فِي خَلْقِهِ وَ عِبَادِهِ، وَ سُلاَلَةِ اَلنُّبُوَّةِ، وَ بَقِيَّةِ اَلْعِتْرَةِ وَ اَلصَّفْوَةِ، صَاحِبِ اَلزَّمَانِ، وَ مَظْهَرِ اَلْإِيمَانِ، وَ مُعْلِنِ أَحْكَامِ اَلْقُرْآنِ، مُطَهِّرِ اَلْأَرْضِ، وَ نَاشِرِ اَلْعَدْلِ فِي اَلطُّولِ وَ اَلْعَرْضِ، وَ اَلْحُجَّةِ اَلْقَائِمِ اَلْمَهْدِيِّ، اَلْإِمَامِ اَلْمُنْتَظَرِ اَلْمَرْضِيِّ اَلطَّاهِرِ، اِبْنِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَعْصُومِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ مُسْتَوْدَعِ حِكَمِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ اَلدِّينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُعِزَّ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْمُسْتَضْعَفِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ اَلْكَافِرِينَ اَلْمُتَكَبِّرِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ صَاحِبَ اَلزَّمَانِ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْحُجَجِ عَلَى اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ سَلاَمَ مُخْلِصٍ لَكَ فِي اَلْوَلاَءِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْإِمَامُ اَلْمَهْدِيُّ قَوْلاً وَ فِعْلاً، وَ أَنَّكَ اَلَّذِي تَمْلَأُ اَلْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً، عَجَّلَ اَللَّهُ فَرَجَكَ، وَ سَهَّلَ مَخْرَجَكَ، وَ قَرَّبَ زَمَانَكَ، وَ كَثَّرَ أَنْصَارَكَ وَ أَعْوَانَكَ، وَ أَنْجَزَ لَكَ وَعْدَكَ، فَهُوَ أَصْدَقُ اَلْقَائِلِينَ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ اَلْوٰارِثِينَ (1).

ص: 435


1- سورة القصص 5:28.

يَا مَوْلاَيَ حَاجَتِي كَذَا وَ كَذَا فَاشْفَعْ لِي إِلَى رَبِّكَ فِي نَجَاحِهَا.

وَ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ، وَ تَنْصَرِفُ وَ لاَ تُحَوِّلْ وَجْهَكَ حَتَّى تَخْرُجَ مِنَ اَلْبَابِ (1).

ص: 436


1- أوردها الكفعمي في البلد الأمين: 158، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 97:102.

زيارة رابعة يزار بها صلوات اللّه عليه و سلامه

قد تقدّم ذكر الاستئذان في أوّل زيارته عليه السّلام فأغنى ذلك عن الإعادة في كلّ زيارة،

فَإِذَا دَخَلْتَ بَعْدَ الْإِذْنِ فَقُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ خَلِيفَةَ رَسُولِهِ وَ آبَائِهِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَعْصُومِينَ اَلْمَهْدِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَافِظَ أَسْرَارِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اَللَّهِ مِنَ اَلصَّفْوَةِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَنْوَارِ اَلزَّاهِرَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَشْبَاحِ اَلْبَاهِرَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلصُّوَرِ اَلنَّيِّرَةِ اَلطَّاهِرَةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ كَنْزِ اَلْعُلُومِ اَلْإِلَهِيَّةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَافِظَ مَكْنُونِ اَلْأَسْرَارِ اَلرَّبَّانِيَّةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ خَضَعَتْ لَهُ اَلْأَنْوَارُ اَلْمَجْدِيَّةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ يُؤْتَى إِلاَّ مِنْهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَبِيلَ اَللَّهِ اَلَّذِي مَنْ سَلَكَ غَيْرَهُ هَلَكَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حِجَابَ اَللَّهِ اَلْأَزَلِيَّ اَلْقَدِيمَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ شَجَرَةِ طُوبَى وَ سِدْرَةِ اَلْمُنْتَهَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ يُطْفَأُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ اَلَّتِي لاَ تَخْفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا لِسَانَ اَللَّهِ اَلْمُعَبِّرِ عَنْهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَجْهَ اَللَّهِ اَلْمُتَقَلِّبَ بَيْنَ أَظْهُرِ عِبَادِهِ، سَلاَمَ مَنْ عَرَفَكَ بِمَا تَعَرَّفْتَ بِهِ إِلَيْهِ، وَ نَعَتَكَ بِبَعْضِ نُعُوتِكَ اَلَّتِي أَنْتَ أَهْلُهَا وَ فَوْقَهَا.

أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْحُجَّةُ عَلَى مَنْ مَضَى وَ مَنْ بَقِيَ، وَ أَنَّ حِزْبَكَ هُمُ اَلْغَالِبُونَ، وَ أَوْلِيَاءَكَ هُمُ اَلْفَائِزُونَ، وَ أَعْدَاءَكَ هُمُ اَلْخَاسِرُونَ، وَ أَنَّكَ حَائِزٌ كُلَّ عِلْمٍ، وَ فَاتِقٌ كُلَّ رَتْقٍ، وَ سَابِقٌ لاَ يَلْحَقُ.

رَضِيتُ بِكَ يَا مَوْلاَيَ إِمَاماً وَ هَادِياً، لاَ أَبْتَغِي بَدَلاً، وَ لاَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِكَ وَلِيّاً،

ص: 437

وَ أَنَّكَ اَلْحَقُّ اَلثَّابِتُ اَلَّذِي لاَ أَغْتَابُ وَ لاَ أَرْتَابُ لِأَمَدِ اَلْغَيْبَةِ، وَ لاَ أَتَحَيَّرُ لِطُولِ اَلْمُدَّةِ.

وَعْدُ اَللَّهِ بِكَ حَقٌّ، وَ نُصْرَتُهُ لِدِينِهِ بِكَ صِدْقٌ. طُوبَى لِمَنْ سَعِدَ بِوَلاَيَتِكَ، وَ وَيْلٌ لِمَنْ شَقِيَ بِجُحُودِكَ، وَ أَنْتَ اَلشَّافِعُ اَلْمُطَاعُ اَلَّذِي لاَ يُدَافَعُ، ذَخَرَكَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِنُصْرَةِ اَلدِّينِ، وَ إِعْزَازِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلاِنْتِقَامِ مِنَ اَلْجَاحِدِينَ.

اَلْأَعْمَالُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلاَيَتِكَ، وَ اَلْأَقْوَالُ مُعْتَبَرَةٌ بِإِمَامَتِكَ، مَنْ جَاءَ بِوَلاَيَتِكَ وَ اِعْتَرَفَ بِإِمَامَتِكَ قُبِلَتْ أَعْمَالُهُ، وَ صَدَقَتْ أَقْوَالُهُ، تُضَاعَفُ لَهُ اَلْحَسَنَاتُ، وَ تُمْحَى عَنْهُ اَلسَّيِّئَاتُ، وَ مَنْ زَلَّ عَنْ مَعْرِفَتِكَ، وَ اِسْتَبْدَلَ بِكَ غَيْرَكَ، أَكَبَّهُ اَللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي اَلنَّارِ، وَ لَمْ يَقْبَلْ لَهُ عَمَلاً، وَ لَمْ يَقُمْ لَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَزْناً.

أَشْهَدُ يَا مَوْلاَيَ أَنَّ مَقَالِي ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ، وَ سِرُّهُ كَعَلاَنِيَتِهِ، وَ أَنْتَ اَلشَّاهِدُ عَلَيَّ بِذَلِكَ، وَ هُوَ عَهْدِي إِلَيْكَ، وَ مِيثَاقِيَ اَلْمَعْهُودُ لَدَيْكَ، إِذْ أَنْتَ نِظَامُ اَلدِّينِ، وَ عِزُّ اَلْمُوَحِّدِينَ، وَ يَعْسُوبُ اَلْمُتَّقِينَ، وَ بِذَلِكَ أَمَرَنِي فِيكَ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ.

فَلَوْ تَطَاوَلَتِ اَلدُّهُورُ، وَ تَمَادَّتِ اَلْأَعْصَارُ، لَمْ أَزْدَدْ بِكَ إِلاَّ يَقِيناً، وَ لَكَ إِلاَّ حُبّاً، وَ عَلَيْكَ إِلاَّ اِعْتِمَاداً، وَ لِظُهُورِكَ إِلاَّ مُرَابَطَةً، بِنَفْسِي وَ مَالِي وَ جَمِيعِ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ رَبِّي.

فَإِنْ أَدْرَكْتَ أَيَّامَكَ اَلزَّاهِرَةَ، وَ أَعْلاَمَكَ اَلْقَاهِرَةَ، فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِكَ، مُعْتَرِفٌ بِأَمْرِكَ وَ نَهْيِكَ، أَرْجُو بِطَاعَتِكَ اَلشَّهَادَةَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ بِوَلاَيَتِكَ اَلسَّعَادَةَ فِي مَا لَدَيْكَ.

وَ إِنْ أَدْرَكَنِي اَلْمَوْتُ قَبْلَ ظُهُورِكَ، فَأَتَوَسَّلُ بِكَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ يَجْعَلَ لِي كَرَّةً فِي ظُهُورِكَ، وَ رَجْعَةً فِي أَيَّامِكَ، لِأَبْلُغَ مِنْ طَاعَتِكَ مُرَادِي، وَ أَشْفِيَ مِنْ أَعْدَائِكَ فُؤَادِي.

يَا مَوْلاَيَ وَقَفْتُ فِي زِيَارَتِي إِيَّاكَ مَوْقِفَ اَلْخَاطِئِينَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ اَلنَّادِمِينَ، أَقُولُ: عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَ عَلَى شَفَاعَتِكَ يَا مَوْلاَيَ مُتَّكَلِي وَ مُعَوَّلِي، وَ أَنْتَ

ص: 438

رُكْنِي وَ ثِقَتِي، وَ وَسِيلَتِي إِلَى رَبِّي، وَ حَسْبِي بِكَ وَلِيّاً وَ مَوْلًى وَ شَفِيعاً، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي هَدَانِي لِوَلاَيَتِكَ، وَ مَا كُنْتُ لِأَهْتَدِيَ لَوْ لاَ أَنْ هَدَانِي اَللَّهُ، حَمْداً يَقْتَضِي ثَبَاتَ اَلنِّعْمَةِ، وَ شُكْراً يُوجِبُ اَلْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَ عَلَى آبَائِكَ مَوَالِيَّ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمُهْتَدِينَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ عَلَيَّ مِنْكُمُ اَلسَّلاَمُ.

ثُمَّ صَلِّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، وَ قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي اَلزِّيَارَةِ اَلْأُولَى، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْهَادِينَ اَلْمَهْدِيِّينَ، اَلْعُلَمَاءِ اَلصَّادِقِينَ، اَلْأَوْصِيَاءِ اَلْمَرْضِيِّينَ، دَعَائِمِ دِينِكَ، وَ أَرْكَانِ تَوْحِيدِكَ، وَ تَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ، وَ حُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ خُلَفَائِكَ فِي أَرْضِكَ، فَهُمُ اَلَّذِينَ اِخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَ اِصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى عِبَادِكَ، وَ اِرْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ، وَ خَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَ جَلَّلْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ، وَ غَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ، وَ غَشِيتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ، وَ زَيَّنْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ، وَ أَلْبَسْتَهُمْ مِنْ نُورِكَ، وَ رَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ، وَ حَفَفْتَهُمْ بِمَلاَئِكَتِكَ، وَ شَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيِّكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِمْ صَلاَةً زَاكِيَةً نَامِيَةً كَثِيرَةً، طَيِّبَةً دَائِمَةً، لاَ يُحِيطُ بِهَا إِلاَّ أَنْتَ وَ لاَ يَسَعُهَا إِلاَّ عِلْمُكَ وَ لاَ يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ اَلْمُحْيِي اَلسَّبِيلَ، اَلْقَائِمِ بِأَمْرِكَ، اَلدَّاعِي إِلَيْكَ، اَلدَّلِيلِ عَلَيْكَ، وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ، وَ شَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ.

اَللَّهُمَّ أَعِزَّ نَصْرَهُ، وَ اُمْدُدْ فِي عُمُرِهِ، وَ زَيِّنِ اَلْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ.

اَللَّهُمَّ اِكْفِهِ بَغْيَ اَلْحَاسِدِينَ، وَ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ اَلْكَائِدِينَ، وَ اُزْجُرْ عَنْهُ إِرَادَةَ اَلظَّالِمِينَ، وَ خَلِّصْهُ مِنْ أَيْدِي اَلْجَبَّارِينَ.

اَللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ، وَ شِيعَتِهِ وَ رَعِيَّتِهِ، وَ خَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ، وَ جَمِيعِ أَهْلِ اَلدُّنْيَا، مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَ تَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَ بَلِّغْهُ أَفْضَلَ أَمَلِهِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ،

ص: 439

إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

ثُمَّ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ (1).

ص: 440


1- اوردها المفيد في مزاره: 90 (مخطوط)، و نقلها المجلسي في بحار الانوار 98:102.

زيارة خامسة مستحسنة يزار بها صلوات اللّه عليه و سلامه

تَقُولُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْحَقِّ اَلْجَدِيدِ، وَ اَلْعَامِلِ اَلَّذِي لاَ يَبِيدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحْيِي اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ مُبِيرِ اَلْكَافِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَهْدِيِّ اَلْأُمَمِ، وَ جَامِعِ اَلْكَلِمِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى خَلَفِ اَلسَّلَفِ، وَ صَاحِبِ اَلشَّرَفِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى حُجَّةِ اَلْمَعْبُودِ، وَ كَلِمَةِ اَلْمَحْمُودِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُعِزِّ اَلْأَوْلِيَاءِ، وَ مُذِلِّ اَلْأَعْدَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى وَارِثِ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ خَاتَمِ اَلْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَائِمِ اَلْمُنْتَظَرِ، وَ اَلْعَدْلِ اَلْمُشْتَهَرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلسَّيْفِ اَلشَّاهِرِ، وَ اَلْقَمَرِ اَلزَّاهِرِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى شَمْسِ اَلظَّلاَمِ، وَ بَدْرِ اَلتَّمَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى رَبِيعِ اَلْأَنَامِ، وَ فِطْرَةِ اَلْأَيَّامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى صَاحِبِ اَلصَّمْصَامِ [وَ] فَلاَّقِ اَلْهَامِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلدِّينِ اَلْمَأْثُورِ، وَ اَلْكِتَابِ اَلْمَسْطُورِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى بَقِيَّةِ اَللَّهِ فِي بِلاَدِهِ، وَ حُجَّتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، اَلْمُنْتَهَى إِلَيْهِ مَوَارِيثُ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ لَدَيْهِ مَوْجُودٌ آثَارُ اَلْأَصْفِيَاءِ، اَلْمُؤْتَمَنِ عَلَى اَلسِّرِّ، وَ اَلْوَلِيِّ لِلْأُمَمِ، اَلْمَهْدِيِّ اَلَّذِي وَعَدَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ اَلْأُمَمَ أَنْ يَجْمَعَ بِهِ اَلْكَلِمَ، وَ يَلُمَّ بِهِ اَلشَّعْثَ، وَ يَمْلَأَ بِهِ اَلْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً، وَ يُمَكِّنَ لَهُ، وَ يُنْجِزَ بِهِ وَعْدَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

أَشْهَدُ يَا مَوْلاَيَ أَنَّكَ وَ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ آبَائِكَ أَئِمَّتِي وَ مَوَالِيَّ فِي اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا وَ يَوْمَ يَقُومُ اَلْأَشْهَادُ، أَسْأَلُكَ يَا مَوْلاَيَ أَنْ تَسْأَلَ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي صَلاَحِ شَأْنِي، وَ قَضَاءِ حَوَائِجِي، وَ غُفْرَانِ ذُنُوبِي، وَ اَلْأَخْذِ بِيَدِي فِي دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، لِي وَ لِإِخْوَانِي وَ إِخْوَتِيَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ كَافَّةً، إِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1).

ص: 441


1- اوردها المفيد في مزاره: 93 (مخطوط)، و ابن المشهديّ في مزاره: 855، و نقلها المجلسيّ في بحار الانوار 101:102.

ثُمَّ صَلِّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ فِي أَرْضِكَ، وَ خَلِيفَتِكَ فِي بِلاَدِكَ، اَلدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ، وَ اَلْقَائِمِ اَلصَّادِعِ بِالْحِكْمَةِ، وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ وَ اَلصِّدْقِ، وَ كَلِمَتِكَ وَ عَيْبَتِكَ وَ عَيْنِكَ فِي أَرْضِكَ، اَلْمُتَرَقِّب اَلْخَائِفِ، اَلْوَلِيِّ اَلنَّاصِحِ، سَفِينَةِ اَلنَّجَاةِ، وَ عَلَمِ اَلْهُدَى، وَ نُورِ أَبْصَارِ اَلْوَرَى، وَ خَيْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَ اِرْتَدَى، وَ اَلْوَتْرِ اَلْمَوْتُورِ، وَ مُفَرِّجِ اَلْكَرْبِ، وَ مُزِيلِ اَلْهَمِّ، وَ كَاشِفِ اَلْبَلْوَى، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْهَادِينَ، وَ اَلْقَادَةِ اَلْمَيَامِينِ، مَا طَلَعَتْ كَوَاكِبُ اَلْأَسْحَارِ، وَ أَوْرَقَتِ اَلْأَشْجَارُ، وَ أَيْنَعَتِ اَلْأَثْمَارُ، وَ اِخْتَلَفَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ، وَ غَرَّدَتِ اَلْأَطْيَارُ.

اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِحُبِّهِ، وَ اُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَ تَحْتَ لِوَائِهِ، إِلَهَ اَلْحَقِّ آمِينَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

الصّلاة عليه صلّى اللّه عليه

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ صَلِّ عَلَى وَلِيِّ اَلْحَسَنِ وَ وَصِيِّهِ وَ وَارِثِهِ، اَلْقَائِمِ بِأَمْرِكَ، وَ اَلْغَائِبِ فِي خَلْقِكَ، وَ اَلْمُنْتَظِرِ لِإِذْنِكَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، وَ قَرِّبْ بُعْدَهُ، وَ أَنْجِزْ وَعْدَهُ، وَ أَوْفِ عَهْدَهُ، وَ اِكْشِفْ عَنْ بَأْسِهِ حِجَابَ اَلْغَيْبَةِ، وَ أَظْهِرْ بِظُهُورِهِ صَحَائِفَ اَلْمِحْنَةِ، وَ قَدِّمْ أَمَامَهُ اَلرُّعْبَ، وَ ثَبِّتْ بِهِ اَلْقَلْبَ، وَ أَقِمْ بِهِ اَلْحَرْبَ، وَ أَيِّدْهُ بِجُنْدٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ، وَ سَلِّطْهُ عَلَى أَعْدَاءِ دِينِكَ أَجْمَعِينَ، وَ أَلْهِمْهُ أَنْ لاَ يَدَعَ مِنْهُمْ رُكْناً إِلاَّ هَدَّهُ، وَ لاَ هَاماً إِلاَّ قَدَّهُ، وَ لاَ كَيْداً إِلاَّ رَدَّهُ، وَ لاَ فَاسِقاً إِلاَّ حَدَّهُ، وَ لاَ فِرْعَوناً إِلاَّ أَهْلَكَهُ، وَ لاَ سِتْراً إِلاَّ هَتَكَهُ، وَ لاَ عَلَماً إِلاَّ نَكَسَهُ، وَ لاَ سُلْطَاناً إِلاَّ كَبَسَهُ، وَ لاَ رُمْحاً إِلاَّ قَصَفَهُ، وَ لاَ مِطْرَداً إِلاَّ خَرَقَهُ، وَ لاَ جُنْداً إِلاَّ فَرَّقَهُ، وَ لاَ مِنْبَراً إِلاَّ أَحْرَقَهُ، وَ لاَ سَيْفاً إِلاَّ كَسَرَهُ، وَ لاَ صَنَماً إِلاَّ رَضَّهُ، وَ لاَ دَماً إِلاَّ أَرَاقَهُ، وَ لاَ جَوْراً إِلاَّ أَبَادَهُ، وَ لاَ حِصْناً إِلاَّ هَدَمَهُ، وَ لاَ بَاباً إِلاَّ رَدَمَهُ، وَ لاَ قَصْراً إِلاَّ أَخْرَبَهُ، وَ لاَ مَسْكَناً إِلاَّ فَتَّشَهُ، وَ لاَ سَهْلاً

ص: 442

إِلاَّ وَطِئَهُ، وَ لاَ جَبَلاً إِلاَّ صَعِدَهُ، وَ لاَ كَنْزاً إِلاَّ أَخْرَجَهُ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (1).

ص: 443


1- نقله المجلسي في بحار الانوار 102:102.

زيارة سادسة يزار بها مولانا صاحب الأمر صلوات اللّه عليه

إذا زرت العسكريين صلوات اللّه عليهما بالزيارة الثالثة من الفصل التاسع عشر، أو بغيرها من الزيارات،

فأت إلى السرداب وقف ماسكا جانب الباب كالمستأذن، و سم و انزل و عليك السكينة و الوقار، و صلّ ركعتين في عرصة السرداب وَ قُلْ:

اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ اَلْحَمْدُ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي هَدَانَا لِهَذَا، وَ عَرَّفَنَا أَوْلِيَاءَهُ وَ أَعْدَاءَهُ، وَ وَفَّقَنَا لِزِيَارَةِ أَئِمَّتِنَا، وَ لَمْ يَجْعَلْنَا مِنَ اَلْمُعَانِدِينَ اَلنَّاصِبِينَ، وَ لاَ مِنَ اَلْغُلاَةِ اَلْمُفَوِّضِينَ، وَ لاَ مِنَ اَلْمُرْتَابِينَ اَلْمُقَصِّرِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى وَلِيِّ اَللَّهِ وَ اِبْنِ أَوْلِيَائِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُدَّخَرِ لِكَرَامَةِ اَللَّهِ وَ بَوَارِ أَعْدَائِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلنُّورِ اَلَّذِي أَرَادَ أَهْلُ اَلْكُفْرِ إِطْفَاءَهُ فَأَبَى اَللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ بِكُرْهِهِمْ، وَ أَمَدَّهُ بِالْحَيَاةِ حَتَّى يُظْهِرَ عَلَى يَدِهِ اَلْحَقَّ بِرَغْمِهِمْ. أَشْهَدُ أَنَّ اَللَّهَ اِصْطَفَاكَ صَغِيراً، وَ أَكْمَلَ لَكَ عُلُومَهُ كَبِيراً، وَ أَنَّكَ حَيٌّ لاَ تَمُوتُ حَتَّى تُبْطِلَ اَلْجِبْتَ وَ اَلطَّاغُوتَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى خُدَّامِهِ وَ أَعْوَانِهِ عَلَى غَيْبَتِهِ وَ نَأْيِهِ، وَ اُسْتُرْهُ سَتْراً عَزِيزاً، وَ اِجْعَلْ لَهُ مَعْقِلاً حَرِيزاً، وَ اُشْدُدِ اَللَّهُمَّ وَطْأَتَكَ عَلَى مُعَانِدِيهِ، وَ اُحْرُسْ مَوَالِيَهُ وَ زَائِرِيهِ.

اَللَّهُمَّ كَمَا جَعَلْتَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ مَعْمُوراً، فَاجْعَلْ سِلاَحِي بِنُصْرَتِهِ مَشْهُوراً، وَ إِنْ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَ لِقَائِهِ اَلْمَوْتُ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً، وَ أَقْدَرْتَ بِهِ عَلَى خَلِيقَتِكَ رَغْماً، فَابْعَثْنِي عِنْدَ خُرُوجِهِ ظَاهِراً مِنْ حُفْرَتِي، مُؤْتَزِراً كَفَنِي، حَتَّى أُجَاهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي اَلصَّفِّ اَلَّذِي أَثْنَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ (1).

ص: 444

اَللَّهُمَّ كَمَا جَعَلْتَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ مَعْمُوراً، فَاجْعَلْ سِلاَحِي بِنُصْرَتِهِ مَشْهُوراً، وَ إِنْ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَ لِقَائِهِ اَلْمَوْتُ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً، وَ أَقْدَرْتَ بِهِ عَلَى خَلِيقَتِكَ رَغْماً، فَابْعَثْنِي عِنْدَ خُرُوجِهِ ظَاهِراً مِنْ حُفْرَتِي، مُؤْتَزِراً كَفَنِي، حَتَّى أُجَاهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي اَلصَّفِّ اَلَّذِي أَثْنَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ (1).

اَللَّهُمَّ طَالَ اَلاِنْتِظَارُ، وَ شَمِتَ بِنَا اَلْفُجَّارُ، وَ صَعُبَ عَلَيْنَا اَلاِنْتِظَارُ. اَللَّهُمَّ أَرِنَا وَجْهَ وَلِيِّكَ اَلْمَيْمُونِ فِي حَيَاتِنَا وَ بَعْدَ اَلْمَنُونِ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَدِينُ لَكَ بِالرَّجْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ هَذِهِ اَلْبُقْعَةِ، اَلْغَوْثَ اَلْغَوْثَ اَلْغَوْثَ يَا صَاحِبَ اَلزَّمَانِ، قَطَعْتُ فِي وُصْلَتِكَ اَلْخُلاَّنَ، وَ هَجَرْتُ لِزِيَارَتِكَ اَلْأَوْطَانَ، وَ أَخْفَيْتُ أَمْرِي عَنْ أَهْلِ اَلْبُلْدَانِ، لِتَكُونَ شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَ رَبِّي، وَ إِلَى آبَائِكَ مَوَالِيَّ فِي حُسْنِ اَلتَّوْفِيقِ، وَ إِسْبَاغِ اَلنِّعْمَةِ عَلَيَّ، وَ سَوْقِ اَلْإِحْسَانِ إِلَيَّ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، أَصْحَابِ اَلْحَقِّ، وَ قَادَةِ اَلْخَلْقِ، وَ اِسْتَجِبْ مِنِّي مَا دَعْوَتُكَ، وَ أَعْطِنِي مَا لَمْ أَنْطِقْ بِهِ فِي دُعَائِي، مِنْ صَلاَحِ دِينِي وَ دُنْيَايَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ.

ثُمَّ اُدْخُلِ اَلصِّفَةَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ عَبْدُكَ اَلزَّائِرُ فِي فِنَاءِ وَلِيِّكَ اَلْمَزُورِ، اَلَّذِي فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلَى اَلْعَبِيدِ وَ اَلْأَحْرَارِ، وَ أَنْقَذْتَ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ مِنْ عَذَابِ اَلنَّارِ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهَا زِيَارَةً مَقْبُولَةً ذَاتَ دُعَاءٍ مُسْتَجَابٍ، مُصَدِّقٍ بِوَلِيِّكَ غَيْرِ مُرْتَابٍ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ بِهِ وَ لاَ بِزِيَارَتِهِ، وَ لاَ تَقْطَعْ أَثَرِي مِنْ مَشْهَدِهِ وَ زِيَارَةِ أَبِيهِ وَ جَدِّهِ، اَللَّهُمَّ اُخْلُفْ عَلَيَّ نَفَقَتِي، وَ اِنْفَعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي فِي دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، لِي وَ لِإِخْوَانِي وَ أَبَوَيَّ وَ جَمِيعِ عِتْرَتِي.

أَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلَّذِي يَفُوزُ بِهِ اَلْمُؤْمِنُونَ، وَ يَهْلِكُ عَلَى يَدَيْهِ اَلْكَافِرُونَ اَلْمُكَذِّبُونَ، يَا مَوْلاَيَ يَا اِبْنَ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ جِئْتُكَ زَائِراً لَكَ وَ لِأَبِيكَ وَ جَدِّكَ، مُتَيَقِّناً اَلْفَوْزَ بِكُمْ، مُعْتَقِداً إِمَامَتَكُمْ.

ص: 445


1- الصّفّ 4:61.

اَللَّهُمَّ اُكْتُبْ هَذِهِ اَلشَّهَادَةَ وَ اَلزِّيَارَةَ لِي عِنْدَكَ فِي عِلِّيِّينَ، وَ بَلِّغْنِي بَلاَغَ اَلصَّالِحِينَ، وَ اِنْفَعْنِي بِحُبِّهِمْ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ (1).

و يلحق بهذا الفصل المشار إليه دعاء الندبة، و ما يزار به مولانا صاحب الأمر كل يوم بعد صلاة الفجر، و هي سابع زيارة له في هذا الكتاب، و العهد المأمور بتلاوته في حال الغيبة، و نحن نذكر بعد ذلك ما يعتمد عند الانصراف من حرمه الشريف صلوات اللّه عليه و سلامه.

[دعاء الندبة]

ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي قُرَّةَ: نَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سِنَانٍ اَلْبَزَوْفَرِيِّ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ - دُعَاءَ اَلنُّدْبَةِ، وَ ذَكَرَ أَنَّهُ اَلدُّعَاءُ لِصَاحِبِ اَلزَّمَانِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْعَى بِهِ فِي اَلْأَعْيَادِ اَلْأَرْبَعَةِ وَ هُوَ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

اَللَّهُمَّ لَكَ اَلْحَمْدُ عَلَى مَا جَرَى بِهِ قَضَاؤُكَ فِي أَوْلِيَائِكَ اَلَّذِينَ اِسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَ دِينِكَ، إِذْ اِخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ اَلنَّعِيمِ اَلْمُقِيمِ اَلَّذِي لاَ زَوَالَ لَهُ وَ لاَ اِضْمِحْلاَلَ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ اَلزُّهْدَ فِي دَرَجَاتِ هَذِهِ اَلدُّنْيَا اَلدَّنِيَّةِ وَ زِبْرِجِهَا(2)، فَشَرَطُوا لَكَ ذَلِكَ، وَ عَلِمْتَ مِنْهُمُ اَلْوَفَاءَ بِهِ، فَقَبِلْتَهُمْ وَ قَرَّبْتَهُمْ، وَ قَدَّمْتَ لَهُمُ اَلذِّكْرَ اَلْعَلِيَّ، وَ اَلثَّنَاءَ اَلْجَلِيَّ، وَ أَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلاَئِكَتَكَ، وَ كَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ، وَ رَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَ جَعَلْتَهُمُ اَلذَّرَائِعَ إِلَيْكَ، وَ اَلْوَسِيلَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ.

فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إِلَى أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْهَا، وَ بَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ، وَ نَجَّيْتَهُ وَ مَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ اَلْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَ بَعْضٌ اِتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَلِيلاً، وَ سَأَلَكَ لِسَانَ

ص: 446


1- اوردها ابن المشهديّ في مزاره: 943، و نقلها المجلسيّ في بحار الانوار 103:102.
2- في هامش نسخة «م»: و زخرفها.

صِدْقٍ فِي اَلْآخِرَةِ فَأَجَبْتَهُ وَ جَعَلْتَ ذَلِكَ عَلِيّاً، وَ بَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً، وَ جَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءاً وَ وَزِيراً، وَ بَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَ آتَيْتَهُ اَلْبَيِّنَاتِ، وَ أَيَّدْتَهُ بِرُوحِ اَلْقُدُسِ.

وَ كُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً، وَ نَهَجْتَ (لَهُ مِنْهَاجاً)(1) وَ تَخَيَّرْتَ لَهُ (أَوْصِيَاءَ)(2)، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ، مِنْ مُدَّةِ إِلَى مُدَّةٍ، إِقَامَةً لِدِينِكَ، وَ حُجَّةً عَلَى عِبَادِكَ، وَ لِئَلاَّ يَزُولَ اَلْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ، وَ يَغْلِبَ اَلْبَاطِلُ عَلَى أَهْلِهِ، وَ لاَ يَقُولَ أَحَدٌ: لَوْ لاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً مُنْذِراً، وَ أَقَمْتَ لَنَا عَلَماً هَادِياً، فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزَى.

إِلَى أَنِ اِنْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ إِلَى حَبِيبِكَ وَ نَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ كَانَ كَمَا اِنْتَجَبْتَهُ، سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ، وَ صَفْوَةَ مِنِ اِصْطَفَيْتَهُ، وَ أَفْضَلَ مَنِ اِجْتَبَيْتَهُ، وَ أَكْرَمَ مَنِ اِعْتَمَدْتَهُ. وَ قَدَّمْتَهُ عَلَى أَنْبِيَائِكَ، وَ بَعَثْتَهُ إِلَى اَلثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبَادِكَ، وَ أَوْطَأْتَهُ مَشَارِقَكَ وَ مَغَارِبَكَ، وَ سَخَّرْتَ لَهُ اَلْبُرَاقَ، وَ عَرَجْتَ بِرُوحِهِ إِلَى سَمَائِكَ، وَ أَوْدَعْتَهُ عِلْمَ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ إِلَى اِنْقِضَاءِ خَلْقِكَ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ، وَ حَفَفْتَهُ بِجَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ اَلْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلاَئِكَتِكَ، وَ وَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ. وَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ، وَ جَعَلْتَ لَهُ وَ لَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّٰاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبٰارَكاً وَ هُدىً لِلْعٰالَمِينَ * فِيهِ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ مَقٰامُ إِبْرٰاهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً (3) وَ قُلْتَ إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (4).

ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ - صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ - مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ قُلْ

ص: 447


1- في نسخة «ه» و «ع»: منهاجه.
2- في نسخة «ه» و «ع»: أوصياءه.
3- سورة آل عمران 96:3 و 97.
4- سورة الاحزاب 33:33.

لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ (1) وَ قُلْتَ مٰا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ (2) وَ قُلْتَ مٰا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاّٰ مَنْ شٰاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً (3)وَ كَانُوا هُمُ اَلسَّبِيلَ إِلَيْكَ، وَ اَلْمَسْلَكَ إِلَى رِضْوَانِكَ.

فَلَمَّا اِنْقَضَتْ أَيَّامُهُ أَقَامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ آلِهِمَا هَادِياً، إِذْ كَانَ هُوَ اَلْمُنْذِرَ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ، فَقَالَ - وَ اَلْمَلَأُ أَمَامَهُ -: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اَللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ اُنْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اُخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. وَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ. وَ قَالَ: أَنَا وَ عَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَ سَائِرُ اَلنَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى. وَ أَحَلَّهُ مَحَلَّ هَارُونَ مِنْ مُوسَى فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَ زَوَّجَهُ اِبْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ. وَ أَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ مَا حَلَّ لَهُ، وَ سَدَّ اَلْأَبْوَابَ إِلاَّ بَابَهُ. ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَ حِكْمَتَهُ، فَقَالَ:

أَنَا مَدِينَةُ اَلْعِلْمِ وَ عَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ اَلْمَدِينَةَ وَ اَلْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا.

ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ وَارِثِي، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي، وَ دَمُكَ مِنْ دَمِي، وَ سِلْمُكَ سِلْمِي، وَ حَرْبُكَ حَرْبِي، وَ اَلْإِيمَانُ مُخَالِطٌ لَحْمَكَ وَ دَمَكَ كَمَا خَالَطَ لَحْمِي وَ دَمِي، وَ أَنْتَ غَداً عَلَى اَلْحَوْضِ خَلِيفَتِي، وَ أَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَ تُنْجِزُ عِدَاتِي، وَ شِيعَتُكَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي اَلْجَنَّةِ وَ هُمْ جِيرَانِي، وَ لَوْ لاَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ اَلْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي.

وَ كَانَ بَعْدَهُ هُدًى مِنَ اَلضَّلاَلِ، وَ نُوراً مِنَ اَلْعَمَى، وَ حَبْلَ اَللَّهِ اَلْمَتِينِ، وَ صِرَاطَهُ اَلْمُسْتَقِيمَ، لاَ يُسْبَقُ بِقَرَابَةٍ فِي رَحِمٍ، وَ لاَ بِسَابِقَةٍ فِي دِينٍ، وَ لاَ يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ، يَحْذُو حَذْوَ اَلرَّسُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمَا وَ آلِهِمَا، وَ يُقَاتِلُ عَلَى اَلتَّأْوِيلِ، وَ لاَ تَأْخُذُهُ

ص: 448


1- سورة الشّورى 23:42.
2- سورة سبأ 47:34.
3- سورة الفرقان 57:25.

فِي اَللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَنَادِيدَ اَلْعَرَبِ، وَ قَتَلَ أَبْطَالَهُمْ، وَ نَاهَشَ ذُؤْبَانَهُمْ، وَ أَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقَاداً بَدْرِيَّةً، وَ خَيْبَرِيَّةً. وَ حُنَيْنِيَّةً، وَ غَيْرَهُنَّ، فَأَضَبَّتْ عَلَى عَدَاوَتِهِ، وَ أَكَبَّتْ عَلَى مُنَابَذَتِهِ، حَتَّى قَتَلَ اَلنَّاكِثِينَ، وَ اَلْقَاسِطِينَ، وَ اَلْمَارِقِينَ.

وَ لَمَّا قَضَى نَحْبَهُ وَ قَتَلَهُ أَشْقَى اَلْآخِرِينَ، يَتْبَعُ أَشْقَى اَلْأَوَّلِينَ، لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْهَادِينَ بَعْدَ اَلْهَادِي، وَ اَلْأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمِهِ، وَ إِقْصَاءِ وُلْدِهِ، إِلاَّ اَلْقَلِيلَ مِمَّنْ وَفَى لِرِعَايَتِهِ فِيهِمْ، فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَ سُبِيَ مَنْ سُبِيَ، وَ أُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ، وَ جَرَى اَلْقَضَاءُ لَهُمْ بِمَا يُرْجَى لَهُ حُسْنُ اَلْمَثُوبَةِ، وَ كَانَتِ اَلْأَرْضُ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ اَلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً، وَ لَنْ يُخْلِفَ اَللَّهُ وَعْدَهُ وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ.

فَعَلَى اَلْأَطَايِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمَا وَ آلِهِمَا فَلْيَبْكِ اَلْبَاكُونَ، وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ اَلنَّادِبُونَ، وَ لِمِثْلِهِمْ فَلْتُذْرَفِ اَلدُّمُوعُ، وَ لْيَصْرُخِ اَلصَّارِخُونَ (1)، وَ يَعِجُّ اَلْعَاجُّونَ.

أَيْنَ اَلْحَسَنُ أَيْنَ اَلْحُسَيْنُ؟! أَيْنَ أَبْنَاءُ اَلْحُسَيْنِ؟! صَالِحٌ بَعْدَ صَالِحٍ، وَ صَادِقٌ بَعْدَ صَادِقٍ. أَيْنَ اَلسَّبِيلُ بَعْدَ اَلسَّبِيلِ؟ أَيْنَ اَلْخِيَرَةُ بَعْدَ اَلْخِيَرَةِ؟ أَيْنَ اَلشُّمُوسُ اَلطَّالِعَةُ؟ أَيْنَ اَلْأَقْمَارُ اَلْمُنِيرَةُ؟ أَيْنَ اَلْأَنْجُمُ اَلزَّاهِرَةُ؟ أَيْنَ أَعْلاَمُ اَلدِّينِ وَ قَوَاعِدُ اَلْعِلْمِ؟

أَيْنَ بَقِيَّةُ اَللَّهِ اَلَّتِي لاَ تَخْلُو مِنَ اَلْعِتْرَةِ اَلْهَادِيَةِ؟ أَيْنَ اَلْمُعَدُّ لِقَطْعِ دَابِرِ اَلظَّلَمَةِ؟

أَيْنَ اَلْمُنْتَظَرُ لِإِقَامَةِ اَلْأَمْتِ (2) وَ اَلْعِوَجِ؟ أَيْنَ اَلْمُرْتَجَى لِإِزَالَةِ اَلْجَوْرِ وَ اَلْعُدْوَانِ؟ أَيْنَ اَلْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ اَلْفَرَائِضِ وَ اَلسُّنَنِ؟ أَيْنَ اَلْمُتَخَيَّرُ لِإِعَادَةِ اَلْمِلَّةِ وَ اَلشَّرِيعَةِ؟ أَيْنَ اَلْمُؤَمَّلُ لِإِحْيَاءِ اَلْكِتَابِ وَ حُدُودِهِ؟ أَيْنَ مُحْيِي مَعَالِمِ اَلدِّينِ وَ أَهْلِهِ؟

ص: 449


1- في نسخة «م»: و يضج الضاجون.
2- الامت: العوج. لسان العرب 5:1.

أَيْنَ قَاصِمُ شَوْكَةِ اَلْمُعْتَدِينَ؟ أَيْنَ هَادِمُ أَبْنِيَةِ اَلشِّرْكِ وَ اَلنِّفَاقِ؟ أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ اَلْفُسُوقِ وَ اَلْعِصْيَانِ وَ اَلطُّغْيَانِ؟ أَيْنَ حَاصِدُ فَرْوَعِ اَلْغَيِّ وَ اَلشِّقَاقِ؟ أَيْنَ طَامِسُ آثَارِ اَلزَّيْغِ وَ اَلْأَهْوَاءِ؟

أَيْنَ قَاطِعُ حَبَائِلِ اَلْكِذْبِ وَ اَلاِفْتِرَاءِ؟ أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ اَلْعِنَادِ وَ اَلْمَرَدَةِ؟ (أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ اَلْعِنَادِ وَ اَلتَّضْلِيلِ وَ اَلْإِلْحَادِ)(1) أَيْنَ مُعِزُّ اَلْأَوْلِيَاءِ وَ مُذِلُّ اَلْأَعْدَاءِ؟ أَيْنَ جَامِعُ اَلْكَلِمَةِ عَلَى اَلتَّقْوَى؟

أَيْنَ بَابُ اَللَّهِ اَلَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى؟ أَيْنَ وَجْهُ اَللَّهِ اَلَّذِي بِهِ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ اَلْأَوْلِيَاءُ؟ أَيْنَ اَلسَّبَبُ اَلْمُتَّصِلُ بَيْنَ اَلْأَرْضِ وَ اَلسَّمَاءِ؟ أَيْنَ صَاحِبُ يَوْمِ اَلْفَتْحِ وَ نَاشِرُ رَايَةِ اَلْهُدَى؟ أَيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ اَلصَّلاَحِ وَ اَلرِّضَا.

أَيْنَ اَلطَّالِبُ بِذُحُولِ (2) اَلْأَنْبِيَاءِ؟ أَيْنَ اَلْمُطَالِبُ بِدَمِ اَلْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاَءَ؟ أَيْنَ اَلْمَنْصُورُ عَلَى مَنِ اِعْتَدَى عَلَيْهِ وَ اِفْتَرَى؟ أَيْنَ اَلْمُضْطَرُّ اَلَّذِي يُجَابُ إِذَا دَعَا؟.

أَيْنَ صَدْرُ اَلْخَلاَئِفِ ذُو اَلْبِرِّ وَ اَلتَّقْوَى؟ أَيْنَ اِبْنُ اَلنَّبِيِّ اَلْمُصْطَفَى؟ وَ اِبْنُ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى؟ وَ اِبْنُ خَدِيجَةَ اَلْغَرَّاءِ؟ وَ اِبْنُ فَاطِمَةَ اَلْكُبْرَى؟

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي لَكَ اَلْوِقَاءُ وَ اَلْحِمَى، يَا اِبْنَ اَلسَّادَةِ اَلْمُقَرَّبِينَ، يَا اِبْنَ اَلنُّجَبَاءِ اَلْأَكْرَمِينَ، يَا اِبْنَ اَلْهُدَاةِ اَلْمَهْدِيِّينَ (3)، يَا اِبْنَ اَلْخِيَرَةِ اَلْمَهْدِيِّينَ، يَا اِبْنَ اَلْغَطَارِفَةِ اَلْأَنْجَبِينَ، يَا اِبْنَ اَلْأَطَايِبِ اَلْمُطَهَّرِينَ (4)، يَا اِبْنَ اَلْخَضَارِمَةِ اَلْمُنْتَجَبِينَ، يَا اِبْنَ اَلْقَمَاقِمَةِ اَلْأَكْبَرِينَ.

ص: 450


1- ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ه» و «ع».
2- ذحول: جمع ذحل و هو الثّأر. لسان العرب 256:11.
3- في نسخة «م»: المهتدين.
4- في نسخة «م»: المستظهرين.

يَا اِبْنَ اَلْبُدُورِ اَلْمُنِيرَةِ يَا اِبْنَ اَلسُّرُجِ اَلْمُضِيئَةِ يَا اِبْنَ اَلشُّهُبِ اَلثَّاقِبَةِ، يَا اِبْنَ اَلْأَنْجُمِ اَلزَّاهِرَةِ، يَا اِبْنَ اَلسُّبُلِ اَلْوَاضِحَةِ، يَا اِبْنَ اَلْأَعْلاَمِ اَللاَّئِحَةِ، يَا اِبْنَ اَلْعُلُومِ اَلْكَامِلَةِ، (يَا اِبْنَ اَلدَّلاَئِلِ اَلْمَشْهُودَةِ)(1) يَا اِبْنَ اَلسُّنَنِ اَلْمَشْهُورَةِ، يَا اِبْنَ اَلْمَعَالِمِ اَلْمَأْثُورَةِ، يَا اِبْنَ اَلْمُعْجِزَاتِ اَلْمَوْجُودَةِ، يَا اِبْنَ اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ، (يَا اِبْنَ اَلنَّبَأِ اَلْعَظِيمِ، يَا اِبْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ اَلْكِتَابِ لدالته [لَدَى اَللَّهِ] عَلِيٌّ حَكِيمٌ)(2).

يَا اِبْنَ اَلْآيَاتِ وَ اَلْبَيِّنَاتِ، وَ اِبْنَ اَلدَّلاَئِلِ اَلظَّاهِرَاتِ، يَا اِبْنَ اَلْبَرَاهِينِ اَلْبَاهِرَاتِ، يَا اِبْنَ اَلْحُجَجِ اَلْبَالِغَاتِ، يَا اِبْنَ طه وَ اَلْمُحْكَمَاتِ، يَا اِبْنَ يس وَ اَلذَّارِيَاتِ، (يَا اِبْنَ اَلطُّورِ وَ اَلْعَادِيَاتِ)(3)، يَا اِبْنَ مَنْ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى دُنُوّاً وَ اِقْتِرَاباً مِنَ اَلْعَلِيِّ اَلْأَعْلَى.

لَيْتَ شَعْرِي أَيْنَ اِسْتَقَرَّتْ بِكَ اَلنَّوَى؟ بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى؟ أَ بِرَضْوَى أَوْ غَيْرِهَا أَمْ ذِي طُوًى؟ عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَى اَلْخَلْقَ وَ لاَ تُرَى، وَ لاَ أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً وَ لاَ نَجْوَى. عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ اَلْبَلْوَى، وَ لاَ يَنَالَكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَ لاَ شَكْوَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَازِحٍ مَا نَزَحَ عَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شَائِقٍ يَتَمَنَّى، مِنْ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ، ذَكَرَا فَحَنَّا. بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ عَقِيدِ عِزٍّ لاَ يُسَامَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ أَثِيلِ مَجْدٍ لاَ يُجَازَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ تِلاَدِ نِعَمٍ لاَ تُضَاهَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَصِيفِ شَرَفٍ لاَ يُسَاوَى.

إِلَى مَتَى أَحَارُ فِيكَ يَا مَوْلاَيَ وَ إِلَى مَتَى؟ وَ أَيَّ خِطَابٍ أَصِفُ فِيكَ وَ أَيَّ نَجْوَى؟ عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجَابَ دُونَكَ وَ أُنَاغَى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَ يَخْذُلَكَ اَلْوَرَى،

ص: 451


1- ما بين القوسين لم يرد في نسختي «ه» و «ع».
2- ما بين القوسين لم يرد في نسختي «ه» و «ع».
3- ما بين القوسين لم يرد في نسختي «ه» و «ع».

عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَى. هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ اَلْعَوِيلَ وَ اَلْبُكَاءَ؟ هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُسَاعِدَ جَزَعَهُ إِذَا خَلاَ؟ هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَسَاعَدَتْهَا عَيْنِي عَلَى اَلْقَذَى؟ هَلْ إِلَيْكَ يَا اِبْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقَى؟ هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنَا بِغَدِهِ فَنَحْظَى؟ مَتَى نَرِدُ مَنَاهِلَكَ اَلرَّوِيَّةَ فَنَرْوَى؟ مَتَى نَنْتَفِعُ مِنْ عَذْبِ مَائِكَ فَقَدْ طَالَ اَلصَّدَى؟ مَتَى نُغَادِيكَ وَ نُرَاوِحُكَ فَنُقِرَّ عَيْناً؟ مَتَى تَرَانَا وَ نَرَاكَ وَ قَدْ نَشَرْتَ لِوَاءَ اَلنَّصْرِ؟ تُرَى أَ تَرَانَا نَحُفُّ بِكَ وَ أَنْتَ تَؤُمُّ اَلْمَلَأَ، وَ قَدْ مَلَأْتَ اَلْأَرْضَ عَدْلاً، وَ أَذَقْتَ أَعْدَاءَكَ هَوَاناً وَ عِقَاباً، وَ أَبَرْتَ اَلْعُتَاةَ وَ جَحَدَةَ اَلْحَقِّ، وَ قَطَعْتَ دَابِرَ اَلْمُتَكَبِّرِينَ، وَ اِجْتَثَثْتَ أُصُولَ اَلظَّالِمِينَ، وَ نَحْنُ نَقُولُ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ.

اَللَّهُمَّ أَنْتَ كَشَّافُ اَلْكُرَبِ وَ اَلْبَلْوَى، وَ إِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فَعِنْدَكَ اَلْعَدْوَى، وَ أَنْتَ رَبُّ اَلْآخِرَةِ وَ اَلدُّنْيَا، فَأَغِثْ يَا غِيَاثَ اَلْمُسْتَغِيثِينَ عُبَيْدَكَ اَلْمُبْتَلَى، وَ أَرِهِ سَيِّدَهُ يَا شَدِيدَ اَلْقُوَى، وَ أَزِلْ عَنْهُ بِهِ اَلْأَسَى وَ اَلْجَوَى، وَ بَرِّدْ غَلِيلَهُ يَا مَنْ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوَى، وَ مَنْ إِلَيْهِ اَلرُّجْعَى وَ اَلْمُنْتَهَى.

اَللَّهُمَّ وَ نَحْنُ عَبِيدُكَ اَلتَّائِقُونَ إِلَى وَلِيِّكَ اَلْمُذَكِّرِ بِكَ وَ بِنَبِيِّكَ، خَلَقْتَهُ لَنَا عِصْمَةً وَ مَلاَذاً، وَ أَقَمْتَهُ لَنَا قَوَاماً وَ مَعَاذاً، وَ جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَّا إِمَاماً، فَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَ سَلاَماً، وَ زِدْنَا بِذَلِكَ يَا رَبِّ إِكْرَاماً، وَ اِجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنَا مُسْتَقَرّاً وَ مُقَاماً، وَ أَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْدِيمِكَ إِيَّاهُ أَمَامَنَا، حَتَّى تُورِدَنَا جِنَانَكَ، وَ مُرَافَقَةَ اَلشُّهَدَاءِ مِنْ خُلَصَائِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ صَلِّ عَلَى جَدِّهِ مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ اَلسَّيِّدِ اَلْأَكْبَرِ، وَ عَلَى أَبِيهِ اَلسَّيِّدِ اَلْأَصْغَرِ، وَ جَدَّتِهِ اَلصِّدِّيقَةِ اَلْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، وَ عَلَى مَنِ اِصْطَفَيْتَهُ مِنْ آبَائِهِ اَلْبَرَرَةِ، وَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ، وَ أَكْمَلَ، وَ أَتَمَّ، وَ أَدْوَمَ، وَ أَكْبَرَ(1)، وَ أَوْفَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيَائِكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً لاَ غَايَةَ

ص: 452


1- في نسخة «ع»: و أكرم.

لِعَدَدِهَا، وَ لاَ نِهَايَةَ لِمَدَدِهَا.

اَللَّهُمَّ وَ أَقِمْ بِهِ اَلْحَقَّ، وَ أَدْحِضْ بِهِ اَلْبَاطِلَ، وَ أَدِلْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ، وَ أَذْلِلْ بِهِ أَعْدَاءَكَ، وَ صِلِ اَللَّهُمَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدِّي إِلَى مُرَافَقَةِ سَلَفِهِ، وَ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ، وَ يَمْكُثُ فِي ظِلِّهِمْ، وَ أَعِنَّا عَلَى تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ، وَ اَلاِجْتِهَادِ فِي طَاعَتِهِ، وَ اِجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ. وَ اُمْنُنْ عَلَيْنَا بِرِضَاهُ، وَ هَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ وَ رَحْمَتَهُ وَ دُعَاءَهُ وَ خَيْرَهُ مَا نَنَالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَ فَوْزاً مِنْ عِنْدِكَ، وَ اِجْعَلْ صَلاَتَنَا بِهِ مَقْبُولَةً، وَ ذُنُوبَنَا بِهِ مَغْفُورَةً، وَ دُعَاءَنَا بِهِ مُسْتَجَاباً. وَ اِجْعَلْ أَرْزَاقَنَا بِهِ مَبْسُوطَةً، وَ هُمُومَنَا بِهِ مَكْفِيَّةً، وَ حَوَائِجَنَا بِهِ مَقْضِيَّةً، وَ اِقْبَلْ تَقَرُّبَنَا إِلَيْكَ، وَ اُنْظُرْ إِلَيْنَا نَظْرَةً رَحِيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِهَا اَلْكَرَامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لاَ تَصْرِفْهَا عَنَّا بِجُودِكَ، وَ اِسْقِنَا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِكَأْسِهِ وَ بِيَدِهِ رَيّاً رَوِيّاً، هَنِيئاً سَائِغاً، لاَ ضَمَأَ بَعْدَهُ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (1).

ثم صلّ صلاة الزيارة، و قد تقدّم وصفها، ثم تدعو بما أحببت، فإنّك تجاب إن شاء اللّه تعالى.

ص: 453


1- أورده ابن المشهدي في مزاره: 831، و المصنف في جمال الاسبوع: 553، و اقبال الاعمال: 295، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 104:102.

ذكر ما يزار به مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه كل يوم بعد صلاة الفجر

اَللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلاَنَا صَاحِبَ اَلزَّمَانِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، عَنْ جَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا، وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا، حَيِّهِمْ وَ مَيِّتِهِمْ، وَ عَنْ وَالِدَيَّ وَ وُلْدِي وَ عَنِّي، مِنَ اَلصَّلَوَاتِ وَ اَلتَّحِيَّاتِ زِنَةَ عَرْشِ اَللَّهِ، وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَ مُنْتَهَى رِضَاهُ، وَ عَدَدَ مَا أَحْصَاهُ كِتَابُهُ، وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ وَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَهْداً وَ عَقْداً وَ بَيْعَةً فِي رَقَبَتِي.

اَللَّهُمَّ كَمَا شَرَّفْتَنِي بِهَذَا اَلتَّشْرِيفِ، وَ فَضَّلْتَنِي بِهَذِهِ اَلْفَضِيلَةِ، وَ خَصَصْتَنِي بِهَذِهِ اَلنِّعْمَةِ، فَصَلِّ عَلَى مَوْلاَيَ وَ سَيِّدِي صَاحِبِ اَلزَّمَانِ، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَشْيَاعِهِ، وَ اَلذَّابِّينَ عَنْهُ، وَ اِجْعَلْنِي مِنَ اَلْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ، فِي اَلصَّفِّ اَلَّذِي نَعَتَّ أَهْلَهُ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ: صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ (1) عَلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ، اَللَّهُمَّ هَذِهِ بَيْعَةٌ لَهُ فِي عُنُقِي إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ (2).

ص: 454


1- الصف 4:61.
2- نقله المجلسي في بحار الأنوار 110:102.

ذكر العهد المأمور به في زمان الغيبة

رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِهَذَا اَلْعَهْدِ كَانَ مِنْ أَنْصَارِ قَائِمِنَا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَخْرَجَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَبْرِهِ، وَ أَعْطَاهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَ مَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ». وَ هُوَ هَذَا:

اَللَّهُمَّ رَبَّ اَلنُّورِ اَلْعَظِيمِ، وَ اَلْكُرْسِيِّ اَلرَّفِيعِ، وَ رَبَّ اَلْبَحْرِ اَلْمَسْجُورِ، وَ مُنْزِلَ اَلتَّوْرَاةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ وَ اَلزَّبُورِ، وَ رَبَّ اَلظِّلِّ وَ اَلْحَرُورِ، وَ مُنْزِلَ اَلْقُرْآنِ اَلْعَظِيمِ، وَ رَبَّ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمُرْسَلِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، وَ بِنُورِ وَجْهِكَ اَلْمُنِيرِ، وَ مُلْكِكَ اَلْقَدِيمِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ اَلسَّمَاوَاتُ وَ اَلْأَرَضُونَ، يَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَ يَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.

اَللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلاَنَا اَلْإِمَامَ اَلْهَادِيَ اَلْمَهْدِيَّ، اَلْقَائِمَ بِأَمْرِكَ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ اَلطَّاهِرِينَ، عَنِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا، بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا، وَ عَنِّي وَ عَنْ وَالِدَيَّ مِنَ اَلصَّلَوَاتِ زِنَةَ عَرْشِ اَللَّهِ، وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَ مَا أَحْصَاهُ عِلْمُهُ، وَ أَحَاطَ بِهِ كِتَابُهُ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا وَ مَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي عَهْداً وَ عَقْداً وَ بَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لاَ أَحُولُ عَنْهَا وَ لاَ أَزُولُ أَبَداً.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ، وَ اَلذَّابِّينَ عَنْهُ، وَ اَلْمُسَارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَ اَلْمُحَامِينَ عَنْهُ، وَ اَلسَّابِقِينَ إِلَى إِرَادَتِهِ، وَ اَلْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

ص: 455

اَللَّهُمَّ إِنْ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ اَلْمَوْتُ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً، فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي، مُؤْتَزِراً كَفَنِي، شَاهِراً سَيْفِي، مُجَرِّداً قَنَاتِي، مُلَبِّياً دَعْوَةَ اَلدَّاعِي فِي اَلْحَاضِرِ وَ اَلْبَادِ.

اَللَّهُمَّ أَرِنِي اَلطَّلْعَةَ اَلرَّشِيدَةَ، وَ اَلْغُرَّةَ اَلْحَمِيدَةَ، وَ اُكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظِرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ، وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ، وَ سَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَ أَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَ اُسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، وَ أَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَ اُشْدُدْ أَزْرَهُ، وَ اُعْمُرِ اَللَّهُمَّ بِهِ بِلاَدَكَ، وَ أَحْيِ بِهِ عِبَادَكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ اَلْحَقُّ: ظَهَرَ اَلْفَسٰادُ فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ بِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِي اَلنّٰاسِ (1) فَأَظْهِرِ اَللَّهُمَّ لَنَا وَلِيَّكَ وَ اِبْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، اَلْمُسَمَّى بِاسْمِ رَسُولِكَ، حَتَّى لاَ يَظْفَرَ بِشَيْ ءٍ مِنَ اَلْبَاطِلِ إِلاَّ مَزَّقَهُ، وَ يُحِقَّ اَلْحَقَّ وَ يُحَقِّقَهُ.

وَ اِجْعَلْهُ اَللَّهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبَادِكَ، وَ نَاصِراً لِمَنْ لاَ يَجِدُ لَهُ نَاصِراً غَيْرَكَ، وَ مُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِكَ، وَ مُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أَعْلاَمِ دِينِكَ، وَ سُنَنِ نَبِيِّكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ اِجْعَلْهُ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ اَلْمُعْتَدِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ سُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِرُؤْيَتِهِ، وَ مَنْ تَبِعَهُ عَلَى دَعْوَتِهِ، وَ اِرْحَمِ اِسْتِكَانَتَنَا بَعْدَهُ. اَللَّهُمَّ وَ اِكْشِفْ هَذِهِ اَلْغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ بِحُضُورِهِ، وَ عَجِّلْ لَنَا (فَرَجَهُ وَ)(2) ظُهُورَهُ، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَرَاهُ قَرِيباً، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تَضْرِبُ عَلَى فَخِذِكَ اَلْأَيْمَنِ بِيَدِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَ تَقُولُ:

اَلْعَجَلَ، اَلْعَجَلَ، اَلْعَجَلَ، يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ اَلزَّمَانِ (3).

ص: 456


1- سورة الروم 41:30.
2- ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ه».
3- رواه الطوسي في مصباحه: 201، و الكفعمي في مصباحه: 550، و في البلد الامين: 82 و ابن المشهدي في مزاره: 951، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 111:102.

فإذا أردت الانصراف من حرمه الشريف فعد إلى السرداب المنيف، و صلّ فيه ما شئت، ثم قم مستقبل القبلة وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ اِدْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَ خَلِيفَتِكَ، وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ لِسَانِكَ اَلْمُعَبِّرِ عَنْكَ، وَ اَلنَّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ، وَ عَيْنِكَ اَلنَّاظِرَةِ بِإِذْنِكَ، وَ شَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ، اَلْجَحْجَاحِ (1)اَلْمُجَاهِدِ، اَلْعَائِذِ بِكَ، اَلْعَائِدِ عِنْدَكَ، وَ أَعِذْهُ مِنْ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَ بَرَأْتَ، وَ أَنْشَأْتَ وَ صَوَّرْتَ، وَ اِحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ، وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ، بِحِفْظِكَ اَلَّذِي لاَ يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَ اِحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَ آبَاءَهُ اَلسَّادَةَ، أَئِمَّتَكَ وَ دَعَائِمَ دِينِكَ، وَ اِجْعَلْهُ فِي وَدِيعَتِكَ اَلَّتِي لاَ تَضِيعُ، وَ فِي جِوَارِكَ اَلَّذِي لاَ يُخْفَرُ(2)، وَ فِي مَنْعِكَ وَ عِزِّكَ اَلَّذِي لاَ يَقْهَرُ، وَ آمِنْهُ بِأَمَانِكَ اَلْوَثِيقِ اَلَّذِي لاَ يُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ، وَ اِجْعَلْهُ فِي كَنَفِكَ اَلَّذِي لاَ يُرَامُ مَنْ كَانَ فِيهِ، وَ اُنْصُرْهُ بِنَصْرِكَ اَلْعَزِيزِ، وَ أَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ اَلْغَالِبِ، وَ قَوِّهِ بِقُوَّتِكَ، وَ أَرْدِفْهُ بِمَلاَئِكَتِكَ، وَ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ أَلْبِسْهُ دِرْعَكَ اَلْحَصِينَةَ، وَ حُفَّهُ بِالْمَلاَئِكَةِ حَفّاً.

اَللَّهُمَّ اِشْعَبْ بِهِ اَلصَّدْعَ، وَ اُرْتُقْ بِهِ اَلْفَتْقَ، وَ أَمِتْ بِهِ اَلْجَوْرَ، وَ أَظْهِرْ بِهِ اَلْعَدْلَ، وَ زَيِّنْ بِطُولِ بَقَائِهِ اَلْأَرْضَ، وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَ اُنْصُرْهُ بِالرُّعْبِ، وَ قَوِّ نَاصِرِيهِ، وَ اُخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَ دَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَ دَمِّرْ عَلَى مَنْ غَشَّهُ، وَ اُقْتُلْ بِهِ جَبَابِرَةَ اَلْكُفْرِ، وَ عُمُدَهُ وَ دَعَائِمَهُ، وَ اِقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ اَلضَّلاَلَةِ، وَ شَارِعَةَ اَلْبِدَعِ، وَ مُمِيتَةَ اَلسُّنَّةِ، وَ مُقَوِّيَةَ (3) اَلْبَاطِلِ، وَ ذَلِّلْ بِهِ اَلْجَبَّارِينَ، وَ أَبِرْ بِهِ اَلْكَافِرِينَ وَ جَمِيعَ اَلْمُلْحِدِينَ، فِي مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا، وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا، حَتَّى لاَ تَدَعَ مِنْهُمْ

ص: 457


1- الجحجاح: السّيّد، و الجمع الجحاجح - الصّحاح - ججح - 357:1.
2- اخفرته: اي نقضت عهده و غدرت به. الصّحاح - خفر - 649:2.
3- النّسخ متضاربة في تثبيت هذه الكلمة، ففي نسخة «م»: و موقعة، و في «ع»: و موقفية، و في «ه»: و موقوفة، و جميعها لا تناسب المعنى، و لعلّ ما في نسخه المجلسيّ و الموافق لما في المصادر هو الانسب، و هو ما أثبتناه.

دَيَّاراً، وَ لاَ تَبْقَ لَهُمْ آثَاراً.

اَللَّهُمَّ طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلاَدَكَ، وَ اِشْفِ مِنْهُمْ عِبَادَكَ، وَ أَعِزَّ بِهِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَحْيِ بِهِ سُنَنَ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ دَارِسَ حُكْمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ جَدِّدْ بِهِ مَا اِمْتَحَى مِنْ دِينِكَ، وَ بَدِّلْ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّى تُعِيدَ دِينَكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ جَدِيداً، غَضّاً مَحْضاً، صَحِيحاً لاَ عِوَجَ فِيهِ وَ لاَ بِدْعَةَ مَعَهُ، وَ حَتَّى تُنِيرَ بِعَدْلِهِ ظُلَمَ اَلْجَوْرِ، وَ تُطْفِئَ بِهِ نِيرَانَ اَلْكُفْرِ، وَ تُوضِحَ بِهِ مَعَاقِدَ اَلْحَقِّ، وَ مَجْهُولَ اَلْعَدْلِ، فَإِنَّهُ عَبْدُكَ اَلَّذِي اِسْتَخْلَصْتَه لِنَفْسِكَ، وَ اِصْطَفَيْتَهُ عَلَى غَيْبِكَ، وَ عَصَمْتَهُ مِنَ اَلذُّنُوبِ، وَ بَرَّأْتَهُ مِنَ اَلْعُيُوبِ، وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ اَلرِّجْسِ، وَ سَلَّمْتَهُ مِنَ اَلدَّنَسِ.

اَللَّهُمَّ فَإِنَّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، وَ يَوْمَ حُلُولِ اَلطَّامَّةِ، أَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ذَنْباً، وَ لاَ أَتَى حُوباً، وَ لَمْ يَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً، وَ لَمْ يُضَيِّعْ لَكَ طَاعَةً، وَ لَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً، وَ لَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَرِيضَةً، وَ لَمْ يُغَيِّرْ لَكَ شَرِيعَةً، وَ أَنَّهُ اَلْهَادِي اَلْمُهْتَدِي، اَلطَّاهِرُ اَلتَّقِيُّ اَلنَّقِيُّ، اَلرَّضِيُّ اَلْمَرْضِيُّ اَلزَّكِيُّ.

اَللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَ أَهْلِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ أُمَّتِهِ وَ جَمِيعِ رَعِيَّتِهِ مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَ تَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَ تَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ اَلْمَمَالِكِ، قَرِيبَهَا وَ بَعِيدَهَا، وَ عَزِيزَهَا وَ ذَلِيلَهَا، حَتَّى يَجْرِيَ حُكْمُهُ عَلَى كُلِّ حُكْمٍ، وَ يَغْلِبَ بِحَقِّهِ عَلَى كُلِّ بَاطِلٍ.

اَللَّهُمَّ اُسْلُكْ بِنَا عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَاجَ اَلْهُدَى، وَ اَلْمَحَجَّةَ اَلْعُظْمَى، وَ اَلطَّرِيقَةَ اَلْوُسْطَى، اَلَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا اَلْغَالِي، وَ يَلْحَقُ بِهَا اَلتَّالِي، وَ قَوِّنَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَ ثَبِّتْنَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ، وَ اُمْنُنْ عَلَيْنَا بِمُبَايَعَتِهِ، وَ اِجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ، اَلْقَوَّامِينَ بِأَمْرِهِ، اَلصَّابِرِينَ مَعَهُ، اَلطَّالِبِينَ رِضَاكَ بِمُنَاصَحَتِهِ، حَتَّى تَحْشُرَنَا يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فِي أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ مُقَوِّيَةِ سُلْطَانِهِ، وَ اِجْعَلْ ذَلِكَ لَنَا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَ شُبْهَةٍ، وَ رِيَاءٍ وَ سُمْعَةٍ، حَتَّى لاَ نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَ لاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلاَّ وَجْهَكَ، وَ حَتَّى تُحِلَّنَا مَحَلَّهُ، وَ تَجْعَلَنَا فِي اَلْجَنَّةِ مَعَهُ،

ص: 458

وَ أَعِذْنَا مِنَ اَلسَّآمَةِ وَ اَلْكَسَلِ وَ اَلْفَتْرَةِ، وَ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ، وَ تُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَلِيِّكَ، وَ لاَ تَسْتَبْدِلْ بِنَا غَيْرَنَا، فَإِنَّ اِسْتِبْدَالَكَ بِنَا غَيْرَنَا عَلَيْكَ يَسِيرٌ، وَ هُوَ عَلَيْنَا كَبِيرٌ.

اَللَّهُمَّ نَوِّرْ بِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ، وَ هُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَ اِهْدِمْ بِعِزِّهِ كُلَّ ضَلاَلَةٍ، وَ اِقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ، وَ أَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ، وَ أَهْلِكْ بِعَدْلِهِ جَوْرَ كُلِّ جَائِرٍ، وَ أَجْرِ حُكْمَهُ عَلَى كُلِّ حَاكِمٍ، وَ أَذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ.

اَللَّهُمَّ أَذِلَّ كُلَّ مَنْ نَاوَاهُ، وَ أَهْلِكْ كُلَّ مَنْ عَادَاهُ، وَ اُمْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ، وَ اِسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ، وَ اِسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ، وَ سَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ، وَ أَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلْمُصْطَفَى، وَ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى، وَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، وَ اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا، وَ اَلْحُسَيْنِ اَلْمُصَفَّى، وَ جَمِيعِ اَلْأَوْصِيَاءِ، مَصَابِيحِ اَلدُّجَى، وَ أَعْلاَمِ اَلْهُدَى، وَ مَنَارِ اَلتُّقَى، وَ اَلْعُرْوَةِ اَلْوُثْقَى، وَ اَلْحَبْلِ اَلْمَتِينِ، وَ اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ. وَ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَ وُلاَةِ عَهْدِكَ وَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَ مُدَّ فِي أَعْمَارِهِمْ، وَ زِدْ فِي آجَالِهِمْ، وَ بَلِّغْهُمْ أَقْصَى آمَالِهِمْ، دِيناً وَ دُنْيَا وَ آخِرَةً، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

ثُمَّ اُدْعُ اَللَّهَ كَثِيراً وَ اِنْصَرِفْ مَسْعُوداً إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 459


1- اورده الطوسي في مصباحه: 369، و المصنف في جمال الاسبوع: 513، و الكفعمي في البلد الامين: 18، و نقله المجلسي في بحار الانوار 112:102.

الفصل الثامن عشر في مختار الزيارات الجوامع الموضوعة لزيارة كل امام في سائر الشهور و الأيام و ما يلحق بها

اشارة

و فيه خمس زيارات مروية عن الأئمة عليهم السّلام على ما سنذكره.

[الزيارة لكل إمام عليهم السلام]

إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ مِنْ قَوْلِكَ عِنْدَ اَلْعَقْدِ عَلَى اَلْعَزْمِ وَ اَلنِّيَّةِ:

اَللَّهُمَّ صِلْ عَزْمِي بِالتَّحْقِيقِ، وَ نِيَّتِي بِالتَّوْفِيقِ، وَ رَجَائِي بِالتَّصْدِيقِ، وَ تَوَلَّ أَمْرِي، وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فَأَحُلَّ عُقْدَةَ اَلْخِيَرَةِ، وَ أَتَخَلَّفَ عَنْ حُضُورِ اَلْمَشَاهِدِ اَلْمُقَدَّسَةِ.

وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ خُرُوجِكَ وَ قُلْ بِعَقِبِهِمَا:

اَللَّهُمَّ أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَ جَمِيعَ خَزَانَتِي، اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلصَّاحِبُ فِي اَلسَّفَرِ، وَ اَلْخَلِيفَةُ فِي اَلْأَهْلِ وَ اَلْمَالِ وَ اَلْوَلَدِ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ اَلصُّحْبَةِ، وَ إِخْفَاقِ اَلْأَوْبَةِ. اَللَّهُمَّ سَهِّلْ لَنَا حُزْنَ مَا نَتَغَوَّلُ (1)، وَ يَسِّرْ عَلَيْنَا مستعزز [مُسْتَغْزَرَ] مَا نَرُوحُ وَ نَغْدُو لَهُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

فَإِذَا سَلَكْتَ طَرِيقَكَ فَلْيَكُنْ هَمُّكَ مَا سَلَكْتَ لَهُ، وَ لْتُقَلِّلْ مِنْ حَالٍ تَغُضُّ مِنْكَ، وَ لْتُحْسِنِ اَلصُّحْبَةَ لِمَنْ صَحِبَكَ، وَ أَكْثِرْ مِنَ اَلثَّنَاءِ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَ اَلصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

فَإِذَا أَرَدْتَ اَلْغُسْلَ لِلزِّيَارَةِ، فَقُلْ وَ أَنْتَ تَغْتَسِلُ:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، وَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اَللَّهُمَّ اِغْسِلْ عَنِّي دَرَنَ اَلذُّنُوبِ، وَ وَسَخَ اَلْعُيُوبِ، وَ طَهِّرْنِي بِمَاءِ اَلتَّوْبَةِ، وَ أَلْبِسْنِي رِدَاءَ

ص: 460


1- الغول: بعد المسافة، لانه يغتال من يمرّ به.

اَلْعِصْمَةِ، وَ أَيِّدْنِي بِلُطْفٍ مِنْكَ يُوَفِّقْنِي لِصَالِحِ اَلْأَعْمَالِ إِنَّكَ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ.

فَإِذَا دَنَوْتَ مِنْ بَابِ اَلْمَشْهَدِ فَقُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي وَفَّقَنِي لِقَصْدِ وَلِيِّهِ، وَ زِيَارَةِ حُجَّتِهِ، وَ أَوْرَدَنِي حَرَمَهُ، وَ لَمْ يَبْخَسْ حَظِّي مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ، وَ اَلنُّزُولِ بِعَقْوَةِ مَغِيبِهِ، وَ سَاحَةِ تُرْبَتِهِ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لَمْ يَسِمْنِي بِحِرْمَانِ مَا أَمَّلْتُهُ، وَ لاَ صَرَفَ عَنِّي مَا رَجَوْتُهُ، وَ لاَ قَطَعَ رَجَائِي فِي مَا تَوَقَّعْتُهُ، بَلْ أَلْبَسَنِي عَافِيَتَهُ، وَ أَفَادَنِي نِعْمَتَهُ، وَ آتَانِي كَرَامَتَهُ.

فَإِذَا دَخَلْتَ اَلْمَشْهَدَ فَقِفْ عَلَى اَلضَّرِيحِ اَلطَّاهِرِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ سَادَةَ اَلْمُتَّقِينَ، وَ كُبَرَاءَ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ أُمَرَاءَ اَلصَّالِحِينَ، وَ قَادَةَ اَلْمُحْسِنِينَ، وَ أَعْلاَمَ اَلْمُهْتَدِينَ، وَ أَنْوَارَ اَلْعَارِفِينَ، وَ وَرَثَةَ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ صَفْوَةَ اَلْأَوْصِيَاءِ، وَ شُمُوسَ اَلْأَتْقِيَاءِ، وَ بُدُورَ اَلْخُلَفَاءِ، وَ عُبَّادَ اَلرَّحْمَنِ، وَ شُرَكَاءَ اَلْقُرْآنِ، وَ مَنْهَجَ اَلْإِيمَانِ، وَ مَعَادِنَ اَلْحَقَائِقِ، وَ شُفَعَاءَ اَلْخَلاَئِقِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَبْوَابُ اَللَّهِ، وَ مَفَاتِيحُ رَحْمَتِهِ، وَ مَقَالِيدُ مَغْفِرَتِهِ، وَ سَحَائِبُ رِضْوَانِهِ، وَ مَصَابِيحُ جِنَانِهِ، وَ حَمَلَةُ فُرْقَانِهِ، وَ خَزَنَةُ عِلْمِهِ، وَ حَفَظَةُ سِرِّهِ، وَ مَهْبِطُ وَحْيِهِ، وَ أَمَانَاتُ اَلنُّبُوَّةِ، وَ وَدَائِعُ اَلرِّسَالَةِ.

أَنْتُمْ أُمَنَاءُ اَللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ، وَ عِبَادُهُ وَ أَصْفِيَاؤُهُ، وَ أَنْصَارُ تَوْحِيدِهِ، وَ أَرْكَانُ تَمْجِيدِهِ، وَ دُعَاتُهُ إِلَى كُتُبِهِ، وَ حَرَسَةُ خَلاَئِقِهِ، وَ حَفَظَةُ وَدَائِعِهِ (1) لاَ يَسْبِقُكُمْ ثَنَاءُ اَلْمَلاَئِكَةِ فِي اَلْإِخْلاَصِ وَ اَلْخُشُوعِ، وَ لاَ يُضَادُّكُمْ ذُو اِبْتِهَالٍ وَ خُضُوعٍ، أَنَّى وَ لَكُمُ اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي تَوَلَّى اَللَّهُ رِيَاضَتَهَا بِالْخَوْفِ وَ اَلرَّجَاءِ، وَ جَعَلَهَا أَوْعِيَةً لِلشُّكْرِ وَ اَلثَّنَاءِ، وَ آمَنَهَا مِنْ عَوَارِضِ اَلْغَفْلَةِ، وَ صَفَّاهَا مِنْ شَوَاغِلِ (2) اَلْفَتْرَةِ!

ص: 461


1- في هامش نسخة «ه»: شرائعه.
2- في نسخة «ه»: سوء.

بَلْ يَتَقَرَّبُ أَهْلُ اَلسَّمَاءِ بِحُبِّكُمْ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ، وَ تَوَاتَرَ اَلْبُكَاءُ عَلَى مُصَابِكُمْ، وَ اَلاِسْتِغْفَارِ لِشِيعَتِكُمْ وَ مُحِبِّيكُمْ.

فَأَنَا أُشْهِدُ اَللَّهَ خَالِقِي، وَ أُشْهِدُ مَلاَئِكَتَهُ وَ أَنْبِيَاءَهُ، وَ أُشْهِدُكُمْ - يَا مَوَالِيَّ - أَنِّي مُؤْمِنٌ بِوَلاَيَتِكُمْ، مُعْتَقِدٌ لِإِمَامَتِكُمْ، مُقِرٌّ بِخِلاَفَتِكُمْ، عَارِفٌ بِمَنْزِلَتِكُمْ، مُوقِنٌ بِعِصْمَتِكُمْ، خَاضِعٌ لِوَلاَيَتِكُمْ، مُتَقَرِّبٌ إِلَى اَللَّهِ بِحُبِّكُمْ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ. عَالِمٌ بِأَنَّ اَللَّهَ قَدْ طَهَّرَكُمْ مِنَ اَلْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ، وَ مِنْ كُلِّ رَيْبَةٍ وَ نَجَاسَةٍ، وَ دَنِيَّةٍ وَ رَجَاسَةٍ، وَ مَنَحَكُمْ رَايَةَ اَلْحَقِّ اَلَّتِي مَنْ تَقَدَّمَهَا ضَلَّ، وَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا زَلَّ، وَ فَرَضَ طَاعَتَكُمْ عَلَى كُلِّ أَسْوَدَ وَ أَبْيَضَ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ وَفَيْتُمْ بِعَهْدِ اَللَّهِ وَ ذِمَّتِهِ، وَ بِكُلِّ مَا اِشْتَرَطَ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ، وَ دَعَوْتُمْ إِلَى سَبِيلِهِ، وَ أَنْفَذْتُمْ طَاقَتَكُمْ فِي مَرْضَاتِهِ، وَ حَمَلْتُمُ اَلْخَلاَئِقَ عَلَى مِنْهَاجِ اَلنُّبُوَّةِ، وَ مَسَالِكِ اَلرِّسَالَةِ، وَ سِرْتُمْ فِيهِ بِسِيرَةِ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ مَذَاهِبِ اَلْأَوْصِيَاءِ، فَلَمْ يُطَعْ لَكُمْ أَمْرٌ، وَ لَمْ تُصْغِ إِلَيْكُمْ أُذُنٌ، فَصَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، لَقَدْ أُرْضِعْتَ بِثَدْيِ اَلْإِيمَانِ، وَ فُطِمْتَ بِنُورِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ غُذِّيتَ بِبَرْدِ اَلْيَقِينِ، وَ أُلْبِسْتَ حُلَلَ اَلْعِصْمَةِ، وَ اُصْطُفِيتَ وَ وُرِّثْتَ عِلْمَ اَلْكِتَابِ، وَ لُقِّنْتَ فَصْلَ اَلْخِطَابِ، وَ أُوضِحَ بِمَكَانِكَ مَعَارِفُ اَلتَّنْزِيلِ، وَ غَوَامِضُ اَلتَّأْوِيلِ، وَ سُلِّمَتْ إِلَيْكَ رَايَةُ اَلْحَقِّ، وَ كُلِّفْتَ هِدَايَةَ اَلْخَلْقِ، وَ نُبِذَ إِلَيْكَ عَهْدُ اَلْإِمَامَةِ، وَ أُلْزِمْتَ حِفْظَ اَلشَّرِيعَةِ.

وَ أَشْهَدُ - يَا مَوْلاَيَ - أَنَّكَ وَفَيْتَ بِشَرَائِطِ اَلْوَصِيَّةِ، وَ قَضَيْتَ مَا لَزِمَكَ مِنْ حَدِّ اَلطَّاعَةِ، وَ نَهَضْتَ بِأَعْبَاءِ اَلْإِمَامَةِ، وَ اِحْتَذَيْتَ مِثَالَ اَلنُّبُوَّةِ فِي اَلصَّبْرِ وَ اَلاِجْتِهَادِ، وَ اَلنَّصِيحَةِ لِلْعِبَادِ، وَ كَظْمِ اَلْغَيْظِ وَ اَلْعَفْوِ عَنِ اَلنَّاسِ، وَ عَزَمْتَ عَلَى اَلْعَدْلِ فِي

ص: 462

اَلْبَرِيَّةِ، وَ اَلنَّصَفَةِ فِي اَلْقَضِيَّةِ، وَ وَكَّدْتَ اَلْحُجَجَ عَلَى اَلْأُمَّةِ بِالدَّلاَئِلِ اَلصَّادِقَةِ، وَ اَلشَّوَاهِدِ اَلنَّاطِقَةِ، وَ دَعَوْتَ إِلَى اَللَّهِ بِالْحِكْمَةِ اَلْبَالِغَةِ، وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ، فَمَنَعْتَ مِنْ تَقْوِيمِ اَلزَّيْغِ، وَ سَدِّ اَلثَّلْمِ، وَ إِصْلاَحِ اَلْفَاسِدِ، وَ كَسْرِ اَلْمُعَانِدِ، وَ إِحْيَاءِ اَلسُّنَنِ، وَ إِمَاتَةِ اَلْبِدَعِ، حَتَّى فَارَقْتَ اَلدُّنْيَا وَ أَنْتَ شَهِيدٌ، وَ لَقِيتَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَنْتَ حَمِيدٌ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكَ تَتَرَادَفُ وَ تَزِيدُ.

ثُمَّ صِرْ إِلَى عِنْدِ اَلرِّجْلَيْنِ وَ قُلْ:

يَا سَادَتِي يَا آلَ رَسُولِ اَللَّهِ إِنِّي بِكُمْ أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ جَلَّ وَ عَلاَ، وَ بِالْخِلاَفِ عَلَى اَلَّذِينَ غَدَرُوا بِكُمْ، وَ نَكَثُوا بَيْعَتَكُمْ، وَ جَحَدُوا وَلاَيَتَكُمْ، وَ أَنْكَرُوا مَنْزِلَتَكُمْ، وَ خَلَعُوا رِبْقَةَ طَاعَتِكُمْ، وَ هَجَرُوا أَسْبَابَ مَوَدَّتِكُمْ، وَ تَقَرَّبُوا إِلَى فَرَاعِنَتِهِمْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْكُمْ، وَ اَلْإِعْرَاضِ عَنْكُمْ، وَ مَنَعُوكُمْ مِنْ إِقَامَةِ اَلْحُدُودِ، وَ اِسْتِئْصَالِ اَلْجُحُودِ، وَ شَعْبِ اَلصَّدْعِ، وَ لَمِّ اَلشَّعَثِ، وَ سَدِّ اَلْخَلَلِ، وَ تَثْقِيفِ اَلْأَوَدِ، وَ إِمْضَاءِ اَلْأَحْكَامِ، وَ تَهْذِيبِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ قَمْعِ اَلْآثَامِ، وَ أَرْهَجُوا عَلَيْكُمْ نَقْعَ اَلْحُرُوبِ وَ اَلْفِتَنِ، وَ أَنْحَوْا عَلَيْكُمْ سُيُوفَ اَلْأَحْقَادِ، وَ هَتَكُوا مِنْكُمُ اَلسُّتُورَ، وَ اِبْتَاعُوا بِخُمُسِكُمُ اَلْخُمُورَ، وَ صَرَفُوا صَدَقَاتِ اَلْمَسَاكِينِ إِلَى اَلْمُضْحِكِينَ وَ اَلسَّاخِرِينَ، وَ ذَلِكَ بِمَا طَرَّقَتْ لَهُمُ اَلْفَسَقَةُ اَلْغُوَاةُ، وَ اَلْحَسَدَةُ اَلْبُغَاةُ، أَهْلُ اَلنَّكْثِ وَ اَلْغَدْرِ، وَ اَلْخِلاَفِ وَ اَلْمَكْرِ، وَ اَلْقُلُوبِ اَلْمُنْتِنَةِ مِنْ قَذَرِ اَلشِّرْكِ، وَ اَلْأَجْسَادِ اَلْمُشْحَنَةِ مِنْ دَرَنِ اَلْكُفْرِ، وَ اَلَّذِينَ أَضَبُّوا عَلَى اَلنِّفَاقِ، وَ أَكَبُّوا عَلَى عَلاَئِقِ اَلشِّقَاقِ.

فَلَمَّا مَضَى اَلْمُصْطَفَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اِخْتَطَفُوا اَلْغِرَّةَ، وَ اِنْتَهَزُوا اَلْفُرْصَةَ، وَ اِنْتَهَكُوا اَلْحُرْمَةَ، وَ غَادَرُوهُ عَلَى فِرَاشِ اَلْوَفَاةِ، وَ أَسْرَعُوا لِنَقْضِ اَلْبَيْعَةِ، وَ مُخَالَفَةِ اَلْمَوَاثِيقِ اَلْمُؤَكَّدَةِ، وَ خِيَانَةِ اَلْأَمَانَةِ اَلْمَعْرُوضَةِ عَلَى اَلْجِبَالِ اَلرَّاسِيَةِ وَ أَبَتْ أَنْ تَحْمِلَهَا وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسَانُ اَلظَّلُومُ اَلْجَهُولُ، ذُو اَلشِّقَاقِ وَ اَلْعِزَّةِ بِالْآثَامِ اَلْمُؤْلِمَةِ، وَ اَلْأَنَفَةِ عَنِ

ص: 463

اَلاِنْقِيَادِ لِحَمِيدِ اَلْعَاقِبَةِ.

فَحُشِرَ سَفِلَةُ اَلْأَعْرَابِ، وَ بَقَايَا اَلْأَحْزَابِ، إِلَى دَارِ اَلنُّبُوَّةِ وَ اَلرِّسَالَةِ، وَ مَهْبِطِ اَلْوَحْيِ وَ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَ مُسْتَقَرِّ سُلْطَانِ اَلْوَلاَيَةِ، وَ مَعْدِنِ اَلْوَصِيَّةِ وَ اَلْخِلاَفَةِ وَ اَلْإِمَامَةِ، حَتَّى نَقَضُوا عَهْدَ اَلْمُصْطَفَى فِي أَخِيهِ عَلَمِ اَلْهُدَى، وَ اَلْمُبَيِّنِ طَرِيقَ اَلنَّجَاةِ مِنْ طُرُقِ اَلرَّدَى، وَ جَرَحُوا كَبِدَ خَيْرِ اَلْوَرَى فِي ظُلْمِ اِبْنَتِهِ، وَ اِضْطِهَادِ حَبِيبَتِهِ، وَ اِهْتِضَامِ عَزِيزَتِهِ، بَضْعَةِ لَحْمِهِ، وَ فِلْذَةِ كَبِدِهِ، وَ خَذَلُوا بَعْلَهَا، وَ صَغَّرُوا قَدْرَهُ، وَ اِسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُ، وَ قَطَعُوا رَحِمَهُ، وَ أَنْكَرُوا أُخُوَّتَهُ، وَ هَجَرُوا مَوَدَّتَهُ، وَ نَقَضُوا طَاعَتَهُ، وَ جَحَدُوا وَلاَيَتَهُ، وَ أَطْمَعُوا اَلْعَبِيدَ فِي خِلاَفَتِهِ، وَ قَادُوهُ إِلَى بَيْعَتِهِمْ مُصْلِتَةً سُيُوفَهَا، مُقْذِعَةً أَسِنَّتَهَا، وَ هُوَ سَاخِطُ اَلْقَلْبِ، هَائِجُ اَلْغَضَبِ، شَدِيدُ اَلصَّبْرِ، كَاظِمُ اَلْغَيْظِ، يَدْعُونَهُ إِلَى بَيْعَتِهِمُ اَلَّتِي عَمَّ شُؤْمُهَا اَلْإِسْلاَمَ، وَ زَرَعَتْ فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا اَلْآثَامُ، وَ عَقَّتْ سَلْمَانَهَا، وَ طَرَدَتْ مِقْدَادَهَا، وَ نَفَتْ جُنْدَبَهَا، وَ فَتَقَتْ بَطْنَ عَمَّارِهَا، وَ حَرَّفَتِ اَلْقُرْآنَ، وَ بَدَّلَتِ اَلْأَحْكَامَ، وَ غَيَّرَتِ اَلْمَقَامَ، وَ أَبَاحَتِ اَلْخُمُسَ لِلطُّلَقَاءِ، وَ سَلَّطَتْ أَوْلاَدَ اَللُّعَنَاءِ عَلَى اَلْفُرُوجِ، وَ خَلَطَتِ اَلْحَلاَلَ بِالْحَرَامِ، وَ اِسْتَخَفَّتْ بِالْإِيمَانِ وَ اَلْإِسْلاَمِ، وَ هَدَمَتِ اَلْكَعْبَةَ، وَ أَغَارَتْ عَلَى دَارِ اَلْهِجْرَةِ يَوْمَ اَلْحَرَّةِ، وَ أَبْرَزَتْ بَنَاتِ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ لِلنَّكَالِ وَ اَلسَّوْءَةِ، وَ أَلْبَسَتْهُنَّ ثَوْبَ اَلْعَارِ وَ اَلْفَضِيحَةِ، وَ رَخَّصَتْ لِأَهْلِ اَلشُّبْهَةِ فِي قَتْلِ أَهْلِ بَيْتِ اَلصَّفْوَةِ، وَ إِبَادَةِ نَسْلِهِ، وَ اِسْتِئْصَالِ شَأْفَتِهِ، وَ سَبْيِ حَرَمِهِ، وَ قَتْلِ أَنْصَارِهِ، وَ كَسْرِ مِنْبَرِهِ، وَ قَلْبِ مَفْخَرِهِ، وَ إِخْفَاءِ دِينِهِ، وَ قَطْعِ ذِكْرِهِ.

يَا مَوَالِيَّ، فَلَوْ عَايَنَكُمُ اَلْمُصْطَفَى وَ سِهَامُ اَلْأُمَّةِ مُغْرَقَةٌ فِي أَكْبَادِكُمْ، وَ رِمَاحُهُمْ مُشْرَعَةٌ فِي نُحُورِكُمْ، وَ سُيُوفُهَا مُولَعَةٌ فِي دِمَائِكُمْ، يَشْفِي أَبْنَاءُ اَلْعَوَاهِرِ غَلِيلَ اَلْفِسْقِ مِنْ وَرَعِكُمْ، وَ غَيْظَ اَلْكُفْرِ مِنْ إِيمَانِكُمْ، وَ أَنْتُمْ بَيْنَ صَرِيعٍ فِي اَلْمِحْرَابِ قَدْ فَلَقَ اَلسَّيْفُ هَامَتَهُ، وَ شَهِيدٍ فَوْقَ اَلْجِنَازَةِ قَدْ شُكَّتْ أَكْفَانُهُ بِالسِّهَامِ، وَ قَتِيلٍ

ص: 464

بِالْعَرَاءِ قَدْ رُفِعَ فَوْقَ اَلْقَنَاةِ رَأْسُهُ، وَ مُكَبَّلٍ فِي اَلسِّجْنِ قَدْ رُضَّتْ بِالْحَدِيدِ أَعْضَاؤُهُ، وَ مَسْمُومٍ قَدْ قُطِّعَتْ بِجُرَعِ اَلسَّمِّ أَمْعَاؤُهُ، وَ شَمْلُكُمْ عَبَادِيدُ تُفْنِيهِمُ اَلْعَبِيدُ وَ أَبْنَاءُ اَلْعَبِيدِ.

فَهَلِ اَلْمِحَنُ يَا سَادَتِي إِلاَّ اَلَّتِي لَزِمَتْكُمْ، وَ اَلْمَصَائِبُ إِلاَّ اَلَّتِي عَمَّتْكُمْ، وَ اَلْفَجَائِعُ إِلاَّ اَلَّتِي خَصَّتْكُمْ، وَ اَلْقَوَارِعُ إِلاَّ اَلَّتِي طَرَقَتْكُمْ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ، وَ أَجْسَادِكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَبِّلْهُ وَ قُلْ:

بِأَبِي وَ أُمِّي يَا آلَ اَلْمُصْطَفَى، إِنَّا لاَ نَمْلِكُ إِلاَّ أَنْ نَطُوفَ حَوْلَ مَشَاهِدِكُمْ، وَ نُعَزِّيَ فِيهَا أَرْوَاحَكُمْ عَلَى هَذِهِ اَلْمَصَائِبِ اَلْعَظِيمَةِ اَلْحَالَّةِ بِفِنَائِكُمْ، وَ اَلرَّزَايَا اَلْجَلِيلَةِ اَلنَّازِلَةِ بِسَاحَتِكُمْ، اَلَّتِي أَثْبَتَتْ فِي قُلُوبِ شِيعَتِكُمُ اَلْقُرُوحَ، وَ أَوْرَثَتْ أَكْبَادَهُمُ اَلْجُرُوحَ، وَ زَرَعَتْ فِي صُدُورِهِمُ اَلْغُصَصَ.

فَنَحْنُ نُشْهِدُ اَللَّهَ أَنَّا قَدْ شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُمْ وَ أَنْصَارَكُمُ اَلْمُتَقَدِّمِينَ فِي إِرَاقَةِ دِمَاءِ اَلنَّاكِثِينَ وَ اَلْقَاسِطِينَ وَ اَلْمَارِقِينَ، وَ قَتَلَةِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَوْمَ كَرْبَلاَءَ، بِالنِّيَّاتِ وَ اَلْقُلُوبِ، وَ اَلتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ تِلْكَ اَلْمَوَاقِفِ اَلَّتِي حَضَرُوا لِنُصْرَتِكُمْ، وَ عَلَيْكُمْ مِنَّا اَلسَّلاَمُ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ اِجْعَلِ اَلْقَبْرَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلْقِبْلَةِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ يَا ذَا اَلْقُدْرَةِ اَلَّتِي صَدَرَ عَنْهَا اَلْعَالَمُ مُكَوَّناً مَبْرُوءاً عَلَيْهَا، مَفْطُوراً تَحْتَ ظِلِّ اَلْعَظَمَةِ، فَنَطَقَتْ شَوَاهِدُ صُنْعِكَ فِيهِ بِأَنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ مُكَوِّنُهُ وَ بَارِئُهُ وَ فَاطِرُهُ، اِبْتَدَعْتَهُ لاَ مِنْ شَيْ ءٍ، وَ لاَ عَلَى شَيْ ءٍ، وَ لاَ فِي شَيْ ءٍ، وَ لاَ لِوَحْشَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْكَ إِذْ لاَ غَيْرُكَ، وَ لاَ حَاجَةٍ بَدَتْ لَكَ فِي تَكْوِينِهِ، وَ لاَ اِسْتِعَانَةٍ مِنْكَ عَلَى اَلْخَلْقِ بَعْدَهُ، بَلْ أَنْشَأْتَهُ لِيَكُونَ دَلِيلاً عَلَيْكَ بِأَنَّكَ بَائِنٌ مِنَ اَلصُّنْعِ، فَلاَ يُطِيقُ

ص: 465

اَلْمُنْصِفُ لِعَقْلِهِ إِنْكَارَكَ، وَ اَلْمَوْسُومُ بِصِحَّةِ اَلْمَعْرِفَةِ جُحُودَكَ.

أَسْأَلُكَ بِشَرَفِ اَلْإِخْلاَصِ فِي تَوْحِيدِكَ، وَ حُرْمَةِ اَلتَّعَلُّقِ بِكِتَابِكَ، وَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى آدَمَ بَدِيعِ فِطْرَتِكَ، وَ بِكْرِ حُجَّتِكَ، وَ لِسَانِ قُدْرَتِكَ، وَ اَلْخَلِيفَةِ فِي بَسِيطَتِكَ، وَ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلْخَالِصِ مِنْ صَفْوَتِكَ، وَ اَلْفَاحِصِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ، وَ اَلْغَائِصِ اَلْمَأْمُونِ عَلَى مَكْنُونِ سَرِيرَتِكَ، بِمَا أَوْلَيْتَهُ مِنْ نِعْمَتِكَ بِمَعُونَتِكَ، وَ عَلَى مَنْ بَيْنَهُمَا مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُكَرَّمِينَ وَ اَلْأَوْصِيَاءِ وَ اَلصِّدِّيقِينَ، وَ أَنْ تَهَبَنِي لِإِمَامِي هَذَا.

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ عَلَى سَطْحِ اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ بِمَحَلِّ هَذَا اَلسَّيِّدِ مِنْ طَاعَتِكَ، وَ بِمَنْزِلَتِهِ عِنْدَكَ، لاَ تُمِتْنِي فَجْأَةً، وَ لاَ تَحْرِمْنِي تَوْبَةً، وَ اُرْزُقْنِي اَلْوَرَعَ عَنْ مَحَارِمِكَ دِيناً وَ دُنْيَا، وَ اِشْغَلْنِي بِالْآخِرَةِ عَنْ طَلَبِ اَلْأُولَى، وَ وَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى، وَ جَنِّبْنِي اِتِّبَاعَ اَلْهَوَى، وَ الاعتراف [اَلاِغْتِرَارَ] بِالْأَبَاطِيلِ وَ اَلْمُنَى.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلِ اَلسَّدَادَ فِي قَوْلِي، وَ اَلصَّوَابَ فِي فِعْلِي، وَ اَلصِّدْقَ وَ اَلْوَفَاءَ ضَمَانِي وَ وَعْدِي، وَ اَلْحِفْظَ وَ اَلْإِينَاسَ مَقْرُونَيْنِ بِعَهْدِي وَ وَعْدِي، وَ اَلْبِرَّ وَ اَلْإِحْسَانَ مِنْ شَأْنِي وَ خُلُقِي، وَ اِجْعَلِ اَلسَّلاَمَةَ لِي شَامِلَةً، وَ اَلْعَافِيَةَ بِي مُحِيطَةً مُلْتَفَّةً، وَ لَطِيفَ صُنْعِكَ وَ عَوْنَكَ مَصْرُوفاً إِلَيَّ، وَ حُسْنَ تَوْفِيقِكَ وَ يُسْرَكَ مَوْفُوراً عَلَيَّ، وَ أَحْيِنِي يَا رَبِّ سَعِيداً، وَ تَوَفَّنِي شَهِيداً، وَ طَهِّرْنِي لِلْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَهُ.

اَللَّهُمَّ وَ اِجْعَلِ اَلصِّحَّةَ وَ اَلنُّورَ فِي سَمْعِي وَ بَصَرِي، وَ اَلْجِدَةَ وَ اَلْخَيْرَ فِي طَرَفِي، وَ اَلْهُدَى وَ اَلْبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَ مَذْهَبِي، وَ اَلْمِيزَانَ أَبَداً نُصْبَ عَيْنِي، وَ اَلذِّكْرَ وَ اَلْمَوْعِظَةَ شِعَارِي وَ دِثَارِي، وَ اَلْفِكْرَةَ وَ اَلْعِبْرَةَ أُنْسِي وَ عِمَادِي، وَ مَكِّنِ اَلْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَ اِجْعَلْهُ أَوْثَقَ اَلْأَشْيَاءِ فِي نَفْسِي، وَ أَغْلَبَهُ عَلَى رَأْيِي وَ عَزْمِي، وَ اِجْعَلِ اَلْإِرْشَادَ فِي عَمَلِي، وَ اَلتَّسْلِيمَ لِأَمْرِكَ مِهَادِي وَ سَنَدِي، وَ اَلرِّضَا بِقَضَائِكَ وَ قَدَرِكَ أَقْصَى عَزْمِي وَ نِهَايَتِي،

ص: 466

وَ أَبْعِدْ هَمِّي وَ غَايَتِي، حَتَّى لاَ أَتَّقِيَ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ بِدِينِي، وَ لاَ أَطْلُبَ بِهِ غَيْرَ آخِرَتِي، وَ لاَ أَسْتَدْعِيَ مِنْهُ إِطْرَائِي وَ مَدْحِي، وَ اِجْعَلْ خَيْرَ اَلْعَوَاقِبِ عَاقِبَتِي، وَ خَيْرَ اَلْمَصَائِرِ مَصِيرِي، وَ أَنْعَمَ اَلْعَيْشِ عَيْشِي، وَ أَفْضَلَ اَلْهُدَى هُدَايَ، وَ أَوْفَرَ اَلْحُظُوظِ حَظِّي، وَ أَجْزَلَ اَلْأَقْسَامِ قِسْمِي وَ نَصِيبِي.

وَ كُنْ لِي يَا رَبِّ مِنْ كُلِّ سُوءِ وَلِيّاً، وَ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ دَلِيلاً وَ قَائِداً، وَ مِنْ كُلِّ بَاغٍ وَ حَسُودٍ ظَهِيراً وَ مَانِعاً.

اَللَّهُمَّ بِكَ اِعْتِدَادِي وَ عِصْمَتِي، وَ ثِقَتِي وَ تَوْفِيقِي، وَ حَوْلِي وَ قُوَّتِي، وَ لَكَ مَحْيَايَ وَ مَمَاتِي، وَ فِي قَبْضَتِكَ سُكُونِي وَ حَرَكَتِي، وَ بِعُرْوَتِكَ اَلْوُثْقَى اِسْتِمْسَاكِي وَ وُصْلَتِي، وَ عَلَيْكَ فِي اَلْأُمُورِ كُلِّهَا اِعْتِمَادِي وَ تَوَكُّلِي، وَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَ مَسِّ سَقَرَ نَجَاتِي وَ خَلاَصِي، وَ فِي دَارِ أَمْنِكَ وَ كَرَامَتِكَ مَثْوَايَ وَ مُنْقَلَبِي، وَ عَلَى أَيْدِي سَادَتِي وَ مَوَالِي آلِ اَلْمُصْطَفَى فَوْزِي وَ فَرَجِي.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، وَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ اَلْمُسْلِمَاتِ، وَ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ مَا وَلَدَا، وَ أَهْلِ بَيْتِي وَ جِيرَانِي، وَ لِكُلِّ مَنْ قَلَّدَنِي يَداً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، إِنَّكَ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (1).

ص: 467


1- اورده ابن المشهدي في مزاره: 401، و نقله المجلسي في بحار الانوار 162:102.

دعاء يدعى به عقيب الزيارة لسائر الأئمة عليهم السّلام

اَللَّهُمَّ إِنِّي زُرْتُ هَذَا اَلْإِمَامَ مُقِرّاً بِإِمَامَتِهِ، مُعْتَقِداً لِفَرْضِ طَاعَتِهِ، فَقَصَدْتُ مَشْهَدَهُ بِذُنُوبِي وَ عُيُوبِي، وَ مُوبِقَاتِ آثَامِي، وَ كَثْرَةِ سَيِّئَاتِي وَ خَطَايَايَ، وَ مَا تَعْرِفُهُ مِنِّي، مُسْتَجِيراً بِعَفْوِكَ، مُسْتَعِيذاً بِحِلْمِكَ، رَاجِياً رَحْمَتَكَ، لاَجِئاً إِلَى رُكْنِكَ، عَائِذاً بِرَأْفَتِكَ، مُسْتَشْفِعاً بِوَلِيِّكَ وَ اِبْنِ أَوْلِيَائِكَ، وَ صَفِيِّكَ وَ اِبْنِ أَصْفِيَائِكَ، وَ أَمِينِكَ وَ اِبْنِ أُمَنَائِكَ، وَ خَلِيفَتِكَ وَ اِبْنِ خُلَفَائِكَ، اَلَّذِينَ جَعَلْتَهُمُ اَلْوَسِيلَةَ إِلَى رَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ، وَ اَلذَّرِيعَةَ إِلَى رَأْفَتِكَ وَ غُفْرَانِكَ.

اَللَّهُمَّ وَ أَوَّلُ حَاجَتِي إِلَيْكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي عَلَى كَثْرَتِهَا، وَ أَنْ تَعْصِمَنِي فِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي، وَ تُطَهِّرَ دِينِي مِمَّا يُدَنِّسُهُ وَ يَشِينُهُ وَ يُزْرِي بِهِ، وَ تَحْمِيَهُ مِنَ اَلرَّيْبِ وَ اَلشَّكِّ وَ اَلْفَسَادِ وَ اَلشِّرْكِ، وَ تُثَبِّتَنِي عَلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ وَ ذُرِّيَّتِهِ اَلنُّجَبَاءِ اَلسُّعَدَاءِ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ وَ رَحْمَتُكَ وَ سَلاَمُكَ وَ بَرَكَاتُكَ، وَ تُحْيِيَنِي مَا أَحْيَيْتَنِي عَلَى طَاعَتِهِمْ، وَ تُمِيتَنِي إِذَا أَمَتَّنِي عَلَى طَاعَتِهِمْ، وَ أَنْ لاَ تَمْحُوَ مِنْ قَلْبِي مَوَدَّتَهُمْ وَ مَحَبَّتَهُمْ، وَ بُغْضَ أَعْدَائِهِمْ، وَ مُرَافَقَةَ أَوْلِيَائِهِمْ، وَ بِرَّهُمْ.

وَ أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ مِنِّي، وَ تُحَبِّبَ إِلَيَّ عِبَادَتَكَ وَ اَلْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا وَ تُنَشِّطَنِي لَهَا، وَ تُبَغِّضَ إِلَيَّ مَعَاصِيَكَ وَ مَحَارِمَكَ وَ تَدْفَعَنِي عَنْهَا، وَ تُجَنِّبَنِي اَلتَّقْصِيرَ فِي صَلَوَاتِي وَ اَلاِسْتِهَانَةَ بِهَا وَ اَلتَّرَاخِيَ عَنْهَا، وَ تُوَفِّقَنِي لِتَأْدِيَتِهَا(1)، كَمَا فَرَضْتَ وَ أَمَرْتَ بِهِ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ رَحْمَتُكَ وَ بَرَكَاتُكَ، خُضُوعاً وَ خُشُوعاً، وَ تَشْرَحَ

ص: 468


1- في نسخة «ه»: و القيام بحقّها.

صَدْرِي لِإِيتَاءِ اَلزَّكَاةِ، وَ إِعْطَاءِ اَلصَّدَقَاتِ، وَ بَذْلِ اَلْمَعْرُوفِ، وَ اَلْإِحْسَانِ إِلَى شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، وَ مُوَاسَاتِهِمْ، وَ لاَ تَتَوَفَّانِي إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تَرْزُقَنِي حَجَّ بَيْتِكَ اَلْحَرَامِ، وَ زِيَارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ قُبُورَ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ.

وَ أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ تَوْبَةً نَصُوحاً تَرْضَاهَا، وَ نِيَّةً تَحْمَدُهَا، وَ عَمَلاً صَالِحاً تَقْبَلُهُ، وَ أَنْ تَغْفِرَ لِي وَ تَرْحَمَنِي إِذَا تَوَفَّيْتَنِي، وَ تُهَوِّنَ عَلَيَّ سَكَرَاتِ اَلْمَوْتِ، وَ تَحْشُرَنِي فِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ، وَ تُدْخِلَنِي اَلْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَ تَجْعَلَ دَمْعِي غَزِيراً فِي طَاعَتِكَ، وَ عَبْرَتِي جَارِيَةً فِي مَا يُقَرِّبُنِي مِنْكَ، وَ قَلْبِي عَطُوفاً عَلَى أَوْلِيَائِكَ، وَ تَصُونَنِي فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا مِنَ اَلْعَاهَاتِ وَ اَلْآفَاتِ، وَ اَلْأَمْرَاضِ اَلشَّدِيدَةِ وَ اَلْأَسْقَامِ اَلْمُزْمِنَةِ، وَ جَمِيعِ أَنْوَاعِ اَلْبَلاَءِ وَ اَلْحَوَادِثِ، وَ تَصْرِفَ قَلْبِي(1) عَنِ اَلْحَرَامِ، وَ تُبَغِّضَ إِلَيَّ مَعَاصِيَكَ، وَ تُحَبِّبَ إِلَيَّ اَلْحَلاَلَ، وَ تَفْتَحَ لِي أَبْوَابَهُ، وَ تُثَبِّتَ نِيَّتِي وَ فِعْلِي عَلَيْهِ، وَ تَمُدَّ فِي عُمُرِي، وَ تُغْلِقَ أَبْوَابَ اَلْمِحَنِ عَنِّي، وَ لاَ تَسْلُبَنِي مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَ لاَ تَسْتَرِدَّ شَيْئاً مِمَّا أَحْسَنْتَ بِهِ إِلَيَّ، وَ لاَ تَنْزِعَ مِنِّي اَلنِّعَمَ اَلَّتِي أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ، وَ تَزِيدَ فِي مَا خَوَّلْتَنِي وَ تُضَاعِفَهُ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً، وَ تَرْزُقَنِي مَالاً كَثِيراً وَاسِعاً، سَائِغاً هَنِيئاً، نَامِياً وَافِياً، وَ عِزّاً بَاقِياً كَافِياً، وَ جَاهاً عَرِيضاً مَنِيعاً، وَ نِعْمَةً سَابِغَةً عَامَّةً، وَ تُغْنِيَنِي بِذَلِكَ عَنِ اَلْمَطَالِبِ اَلْمُنَكَّدَةِ، وَ اَلْمَوَارِدِ اَلصَّعْبَةِ، وَ تُخَلِّصَنِي مِنْهَا مُعَافًى فِي دِينِي وَ نَفْسِي وَ وُلْدِي وَ مَا أَعْطَيْتَنِي وَ مَنَحْتَنِي، وَ تَحْفَظَ عَلَيَّ مَالِي وَ جَمِيعَ مَا خَوَّلْتَنِي، وَ تَقْبِضَ عَنِّي أَيْدِي اَلْجَبَابِرَةِ، وَ تَرُدَّنِي إِلَى وَطَنِي، وَ تُبَلِّغَنِي نِهَايَةَ أَمَلِي فِي دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، وَ تَجْعَلَ عَاقِبَةَ أَمْرِي مَحْمُودَةً حَسَنَةً سَلِيمَةً، وَ تَجْعَلَنِي رَحِيبَ اَلصَّدْرِ، وَاسِعَ اَلْحَالِ، حَسَنَ اَلْخَلْقِ، بَعِيداً مِنَ اَلْبُخْلِ وَ اَلْمَنْعِ، وَ اَلنِّفَاقِ وَ اَلْكِذْبِ، وَ اَلْبَهْتِ وَ قَوْلِ اَلزُّورِ، وَ تُرْسِخَ فِي قَلْبِي مَحَبَّةَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ شِيعَتِهِمْ، وَ تَحْرُسُنِي يَا رَبِّ فِي نَفْسِي وَ مَالِي وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي وَ أَهْلِ حُزَانَتِي

ص: 469


1- في نسخة «ه»: إلى محبّتك و تبعّدني.

وَ إِخْوَانِي وَ أَهْلِ مَوَدَّتِي وَ ذُرِّيَّتِي، بِرَحْمَتِكَ وَ جُودِكَ.

اَللَّهُمَّ هَذِهِ حَاجَتِي عِنْدَكَ وَ قَدِ اِسْتَكْثَرْتُهَا لِلُؤْمِي وَ شُحِّي، وَ هِيَ عِنْدَكَ صَغِيرَةٌ حَقِيرَةٌ، وَ عَلَيْكَ سَهْلَةٌ يَسِيرَةٌ، فَأَسْأَلُكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ عِنْدَكَ، وَ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ، وَ بِمَا أَوْجَبْتَ لَهُمْ، وَ بِسَائِرِ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ، وَ أَصْفِيَائِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ اَلْمُخْلَصِينَ مِنْ عِبَادِكَ، وَ بِاسْمِكَ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَعْظَمِ، لَمَّا قَضَيْتَهَا كُلَّهَا، وَ أَسْعَفْتَنِي بِهَا، وَ لَمْ تُخَيِّبْ أَمَلِي وَ رَجَائِي.

اَللَّهُمَّ وَ شَفِّعْ صَاحِبَ هَذَا اَلْقَبْرِ فِيَّ يَا سَيِّدِي، يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، يَا أَمِينَ اَللَّهِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَشْفَعَ لِي إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي هَذِهِ اَلْحَاجَاتِ كُلِّهَا، بِحَقِّ آبَائِكَ اَلطَّاهِرِينَ، وَ بِحَقِّ أَوْلاَدِكَ اَلْمُنْتَجَبِينَ، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ - تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ - اَلْمَنْزِلَةَ اَلشَّرِيفَةَ، وَ اَلْمَرْتَبَةَ اَلْجَلِيلَةَ، وَ اَلْجَاهَ اَلْعَرِيضَ.

اَللَّهُمَّ لَوْ عَرَفْتُ مَنْ هُوَ أَوْجَهُ عِنْدَكَ مِنْ هَذَا اَلْإِمَامِ، وَ مِنْ آبَائِهِ وَ أَبْنَائِهِ اَلطَّاهِرِينَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ وَ اَلصَّلاَةُ، لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعَائِي، وَ قَدَّمْتُهُمْ أَمَامَ حَاجَتِي وَ طَلِبَاتِي هَذِهِ. فَاسْمَعْ مِنِّي، وَ اِسْتَجِبْ لِي، وَ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ مَا قَصُرَتْ عَنْهُ مَسْأَلَتِي، وَ لَمْ تَبْلُغْهُ فِطْنَتِي، مِنْ صَالِحِ دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي، فَامْنُنْ بِهِ عَلَيَّ، وَ اِحْفَظْنِي، وَ اُحْرُسْنِي، وَ هَبْ لِي، وَ اِغْفِرْ لِي.

اَللَّهُمَّ وَ مَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، مِنْ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، أَوْ سُلْطَانٍ عَنِيدٍ، أَوْ مُخَالِفٍ فِي دِينٍ، أَوْ مُنَازِعٍ فِي دُنْيَا، أَوْ حَاسِدٍ عَلَيَّ نِعْمَةً، أَوْ ظَالِمٍ، أَوْ بَاغٍ، فَاقْبِضْ عَنِّي يَدَهُ، وَ اِصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ، وَ اِشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَ اِكْفِنِي شَرَّهُ وَ شَرَّ أَتْبَاعِهِ وَ شَيَاطِينِهِ، وَ أَجِرْنِي مِنْ كُلِّ مَا يَضُرُّنِي وَ يُجْحِفُ بِي، وَ أَعْطِنِي جَمِيعَ اَلْخَيْرِ كُلِّهِ، مِمَّا أَعْلَمُ وَ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ، وَ لِإِخْوَانِي وَ أَخَوَاتِي،

ص: 470

وَ أَعْمَامِي وَ عَمَّاتِي، وَ أَخْوَالِي وَ خَالاَتِي، وَ أَجْدَادِي وَ جَدَّاتِي، وَ أَوْلاَدِهِمْ وَ ذَرَارِيِّهِمْ.

وَ أَزْوَاجِي وَ ذُرِّيَّاتِي، وَ أَقْرِبَائِي وَ أَصْدِقَائِي، وَ جِيرَانِي وَ إِخْوَانِي فِيكَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّرْقِ وَ اَلْغَرْبِ، وَ لِجَمِيعِ أَهْلِ مَوَدَّتِي مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، اَلْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ اَلْأَمْوَاتِ، وَ لِجَمِيعِ مَنْ عَلَّمَنِي خَيْراً أَوْ تَعَلَّمَ مِنِّي عِلْماً. اَللَّهُمَّ أَشْرِكْهُمْ فِي صَالِحِ دُعَائِي وَ زِيَارَتِي لِمَشْهَدِ حُجَّتِكَ وَ وَلِيِّكَ، وَ أَشْرِكْنِي فِي صَالِحِ أَدْعِيَتِهِمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وَ بَلِّغْ وَلِيَّكَ مِنْهُمُ اَلسَّلاَمُ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

يَا سَيِّدِي يَا مَوْلاَيَ، يَا فُلاَنَ اِبْنَ فُلاَنٍ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ، أَنْتَ وَسِيلَتِي إِلَى اَللَّهِ وَ ذَرِيعَتِي إِلَيْهِ، وَ لِي حَقُّ مُوَالاَتِي وَ تَأْمِيلِي، فَكُنْ شَفِيعِي إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي اَلْوُقُوفِ عَلَى (قَضَاءِ حَاجَتِي، وَ اِصْرِفْنِي)(1) عَنْ مَوْقِفِي هَذَا بِالنُّجْحِ، وَ بِمَا سَأَلْتُهُ كُلِّهِ بِرَحْمَتِهِ وَ قُدْرَتِهِ.

اَللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي عَقْلاً كَامِلاً، وَ لُبّاً رَاجِحاً، وَ عِزّاً بَاقِياً(2)، وَ قَلْباً زَكِيّاً وَ عَمَلاً كَثِيراً، وَ أَدَباً بَارِعاً، وَ اِجْعَلْ ذَلِكَ كُلَّهُ لِي، وَ لاَ تَجْعَلْهُ عَلَيَّ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْعَى بِهَذَا اَلدُّعَاءِ أَيْضاً عَقِيبَ اَلزِّيَارَةِ لَهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ:

اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ ذُنُوبِي قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِي عِنْدَكَ، وَ حَجَبَتْ دُعَائِي مِنْكَ، وَ حَالَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، وَ تَنْشُرَ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ، وَ تَنْزِلَ عَلَيَّ بَرَكَاتِكَ، وَ إِنْ كَانَتْ قَدْ مَنَعَتْ أَنْ تَرْفَعَ لِي إِلَيْكَ صَوْتاً، أَوْ تَغْفِرَ لِي ذَنْباً، أَوْ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَةٍ مُهْلِكَةٍ، فَهَا أَنَا ذَا مُسْتَجِيرٌ بِكَرَمِ وَجْهِكَ، وَ عِزِّ جَلاَلِكَ، مُتَوَسِّلٌ إِلَيْكَ بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ، وَ أَكْرَمِهِمْ عَلَيْكَ، وَ أَوْلاَهُمْ بِكَ، وَ أَطْوَعِهِمْ لَكَ، وَ أَعْظَمِهِمْ مَنْزِلَةً وَ مَكَاناً عِنْدَكَ، مُحَمَّدٍ وَ بِعِتْرَتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلْأَئِمَّةِ اَلْهُدَاةِ اَلْمَهْدِيِّينَ،

ص: 471


1- في نسخة «ه»: قصّتي هذه و صرفي.
2- في نسخة «ه»: و عزما ثاقبا.

اَلَّذِينَ فَرَضْتَ عَلَى خَلْقِكَ طَاعَتَهُمْ، وَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ، وَ جَعَلْتَهُمْ وُلاَةَ اَلْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

يَا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَ يَا مُعِزَّ اَلْمُؤْمِنِينَ، بَلِّغْ مَجْهُودِي، فَهَبْ لِي نَفْسِي اَلسَّاعَةَ، وَ رَحْمَةً مِنْكَ تَمُنُّ بِهَا عَلَيَّ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ مَرِّغْ خَدَّيْكَ عَلَيْهِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مَشْهَدٌ لاَ يَرْجُو مَنْ فَاتَتْهُ فِيهِ رَحْمَتُكَ أَنْ يَنَالَهَا فِي غَيْرِهِ، وَ لاَ أَحَدٌ أَشْقَى مِنِ اِمْرِئٍ قَصَدَهُ مُؤَمِّلاً فَآبَ عَنْهُ خَائِباً.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ اَلْإِيَابِ، وَ خَيْبَةِ اَلْمُنْقَلَبِ، وَ اَلْمُنَاقَشَةِ عِنْدَ اَلْحِسَابِ، وَ حَاشَاكَ يَا رَبِّ أَنْ تَقْرُنَ طَاعَةَ وَلِيِّكَ بِطَاعَتِكَ، وَ مُوَالاَتَهُ بِمُوَالاَتِكَ، وَ مَعْصِيَتَهُ بِمَعْصِيَتِكَ، ثُمَّ تُؤْيِسُ زَائِرَهُ، وَ اَلْمُتَحَمِّلَ مِنْ بُعْدِ اَلْبِلاَدِ إِلَى قَبْرِهِ. وَ عِزَّتِكَ يَا رَبِّ لاَ يَنْعَقِدُ عَلَى ذَلِكَ ضَمِيرِي إِذْ كَانَتِ اَلْقُلُوبُ إِلَيْكَ بِالْجَمِيلِ تُشِيرُ.

ثُمَّ صَلِّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، فَإِذَا أَرَدْتَ اَلْوَدَاعَ وَ اَلاِنْصِرَافَ فَقُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ اَلنُّبُوَّةِ، وَ مَعْدِنَ اَلرِّسَالَةِ، سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ سَئِمٍ وَ لاَ قَالٍ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. سَلاَمَ وَلِيٍّ غَيْرِ رَاغِبٍ عَنْكُمْ، وَ لاَ مُنْحَرِفٍ عَنْكُمْ، وَ لاَ مُسْتَبْدِلٍ بِكُمْ، وَ لاَ مُؤْثِرٍ عَلَيْكُمْ، وَ لاَ زَاهِدٍ فِي قُرْبِكُمْ، لاَ جَعَلَهُ اَللَّهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ قُبُورِكُمْ، وَ إِتْيَانِ مَشَاهِدِكُمْ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ حَشَرَنِي اَللَّهُ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَ أَوْرَدَنِي حَوْضَكُمْ، وَ أَرْضَاكُمْ عَنِّي، وَ مَكَّنَنِي فِي دَوْلَتِكُمْ، وَ أَحْيَانِي فِي رَجْعَتِكُمْ، وَ مَلَّكَنِي فِي أَيَّامِكُمْ، وَ شَكَرَ سَعْيِي لَكُمْ، وَ غَفَرَ ذُنُوبِي بِشَفَاعَتِكُمْ، وَ أَقَالَ عَثْرَتِي بِحُبِّكُمْ، وَ أَعْلَى كَعْبِي بِمُوَالاَتِكُمْ، وَ شَرَّفَنِي بِطَاعَتِكُمْ، وَ أَعَزَّنِي بِهُدَاكُمْ، وَ جَعَلَنِي مِمَّنْ يَنْقَلِبُ مُفْلِحاً مُنْجِحاً، سَالِماً غَانِماً، مُعَافَا غَنِيّاً، فَائِزاً بِرِضْوَانِ اَللَّهِ وَ فَضْلِهِ وَ كِفَايَتِهِ، بِأَفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ

ص: 472

زُوَّارِكُمْ وَ مَوَالِيكُمْ، وَ مُحِبِّيكُمْ وَ شِيعَتِكُمْ، وَ رَزَقَنِيَ اَللَّهُ اَلْعَوْدَ ثُمَّ اَلْعَوْدَ ثُمَّ اَلْعَوْدَ، مَا أَبْقَانِي رَبِّي، بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَ إِيمَانٍ وَ تَقْوَى وَ إِخْبَاتٍ وَ رِزْقٍ وَاسِعٍ حَلاَلٍ طَيِّبٍ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ وَ ذِكْرِهِمْ وَ اَلصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ، وَ أَوْجِبْ لِيَ اَلْمَغْفِرَةَ وَ اَلرَّحْمَةَ، وَ اَلْخَيْرَ وَ اَلْبَرَكَةَ، وَ اَلنُّورَ وَ اَلْإِيمَانَ، وَ حُسْنَ اَلْإِجَابَةِ كَمَا أَوْجَبْتَ لِأَوْلِيَائِكَ اَلْعَارِفِينَ بِحَقِّهِمْ، اَلْمُوجِبِينَ طَاعَتَهُمْ، وَ اَلرَّاغِبِينَ فِي زِيَارَتِهِمْ، اَلْمُقَرَّبِينَ إِلَيْكَ وَ إِلَيْهِمْ.

بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي وَ مَالِي وَ أَهْلِي، اِجْعَلُونِي مِنْ هَمِّكُمْ، وَ صَيِّرُونِي فِي حِزْبِكُمْ، وَ أَدْخِلُونِي فِي شَفَاعَتِكُمْ، وَ اُذْكُرُونِي عِنْدَ رَبِّكُمْ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَبْلِغْ أَرْوَاحَهُمْ وَ أَجْسَادَهُمْ عَنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَ سَلاَماً، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1).

ص: 473


1- أورده المفيد في مزاره: 96، (مخطوط)، و الصدوق في عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 277:2، و الطوسي في التهذيب 201:6، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 169:102 صدره، و نقل ذيل له في صفحة: 133.

الزيارة الثانية يروى عن الباقر صلوات اللّه عليه

أَنَّهُ قَالَ: «مَا قَالَهَا أَحَدٌ مِنْ شِيعَتِنَا عِنْدَ قَبْرِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، أَوْ أَحَدٍ مِنَ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، إِلاَّ وَقَعَ فِي دَرَجِ نُورٍ، وَ طُبِعَ عَلَيْهِ بِطَبَائِعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى يُسَلَّمَ إِلَى اَلْقَائِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَيَلْقَى صَاحِبَهُ بِالْبُشْرَى وَ اَلتَّحِيَّةِ وَ اَلْكَرَامَةِ».

وَ هَذِهِ اَلزِّيَارَةُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ جَاهَدْتَ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ عَمِلْتَ بِكِتَابِهِ، وَ اِتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، حَتَّى دَعَاكَ اَللَّهُ إِلَى جِوَارِهِ، وَ قَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَ أَلْزَمَ أَعْدَاءَكَ اَلْحُجَّةَ مَعَ مَا لَكَ مِنَ اَلْحُجَجِ اَلْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ.

اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ، رَاضِيَةً بِقَضَائِكَ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَ دُعَائِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أَوْلِيَائِكَ، مَحْبُوبَةً فِي أَرْضِكَ وَ سَمَائِكَ، صَابِرَةً عَلَى نُزُولِ بَلاَئِكَ، شَاكِرَةً لِفَوَاضِلِ نَعْمَائِكَ، ذَاكِرَةً لِسَوَابِغِ آلاَئِكَ)(1)، مُشْتَاقَةً إِلَى فَرْحَةِ لِقَائِكَ، مُتَزَوِّدَةً اَلتَّقْوَى لِيَوْمِ جَزَائِكَ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيَائِكَ، مُفَارِقَةً لِأَخْلاَقِ أَعْدَائِكَ، مَشْغُولَةً عَنِ اَلدُّنْيَا بِحَمْدِكَ وَ ثَنَائِكَ.

ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَ اَلْمُخْبِتِينَ إِلَيْكَ وَالِهَةٌ، وَ سُبُلَ اَلرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ شَارِعَةٌ، وَ أَعْلاَمَ اَلْقَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَاضِحَةٌ، وَ أَفْئِدَةَ اَلْعَارِفِينَ مِنْكَ فَازِعَةٌ، وَ أَصْوَاتَ اَلدَّاعِينَ إِلَيْكَ

ص: 474


1- ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ه» و «ع».

صَاعِدَةٌ، وَ أَبْوَابَ اَلْإِجَابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ، وَ دَعْوَةَ مَنْ نَاجَاكَ مُسْتَجَابَةٌ، وَ تَوْبَةَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ، وَ عَبْرَةَ مَنْ بَكَى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ، وَ اَلْإِعَانَةَ لِمَنِ اِسْتَعَانَ بِكَ مَوْجُودَةٌ، وَ اَلْإِغَاثَةَ لِمَنِ اِسْتَغَاثَ بِكَ مَبْذُولَةٌ، وَ عِدَاتِكَ لِعِبَادِكَ مُنْجَزَةٌ، وَ زَلَلَ مَنِ اِسْتَقَالَكَ مُقَالَةٌ، وَ أَعْمَالَ اَلْعَامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ، وَ أَرْزَاقَكَ إِلَى اَلْخَلاَئِقِ مِنْ لَدُنْكَ نَازِلَةٌ، وَ عَوَائِدَ اَلْمَزِيدِ إِلَيْهِمْ وَاصِلَةٌ، وَ ذُنُوبَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ مَغْفُورَةٌ، وَ حَوَائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ، وَ جَوَائِزَ اَلسَّائِلِينَ عِنْدَكَ مُوَفَّرَةٌ، وَ عَوَائِدَ اَلْمَزِيدِ مُتَوَاتِرَةٌ، وَ مَوَائِدَ اَلْمُسْتَطْعِمِينَ مُعَدَّهٌ، وَ مَنَاهِلَ اَلظِّمَاءِ مُتْرَعَةٌ.

اَللَّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَ اِقْبَلْ ثَنَائِي، وَ اِجْمَعْ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَوْلِيَائِي، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ (1)، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمَائِي، وَ مُنْتَهَى مُنَايَ، وَ غَايَةُ رَجَائِي فِي مُنْقَلَبِي وَ مَثْوَايَ (2).

ص: 475


1- في نسخة «ه»: و تسعة من ذرية الحسين.
2- أوردها ابن قولويه في كامل الزيارات: 39، و المفيد في مزاره: 50 (مخطوط)، و الطوسي في مصباحه: 681، و ابن المشهدي في مزاره: 387، و الكفعمي في البلد الأمين: 295، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 176:102.

الزيارة الثالثة مروية عن أبي الحسن الثالث صلوات اللّه عليه

تستأذن بما قدّمناه في زيارة صاحب الأمر عليه السّلام، ثم تدخل مقدّما رجلك اليمنى على اليسرى و تقول:

بِسْمِ اَللَّهِ وَ بِاللَّهِ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ اَلضَّرِيحَ بِوَجْهِكَ وَ تَجْعَلُ اَلْقِبْلَةَ خَلْفَكَ وَ تُكَبِّرُ اَللَّهَ (مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ) وَ تَقُولُ:

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، كَمَا شَهِدَ اَللَّهُ لِنَفْسِهِ، وَ شَهِدَتْ لَهُ مَلاَئِكَتُهُ، وَ أُولُو اَلْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ اَلْمُنْتَجَبُ، وَ رَسُولُهُ اَلْمُرْتَضَى، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَ دِينِ اَلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ وَ أَكْمَلَهَا، وَ أَنْمَى بَرَكَاتِكَ وَ أَعَمَّهَا، وَ أَزْكَى تَحِيَّاتِكَ وَ أَتَمَّهَا، عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ، وَ نَبِيِّكَ وَ نَجِيِّكَ، وَ وَلِيِّكَ وَ رَضِيِّكَ، وَ صَفِيِّكَ وَ خِيَرَتِكَ، وَ خَاصَّتِكَ وَ خَالِصَتِكَ، وَ أَمِينِكَ اَلشَّاهِدِ لَكَ، وَ اَلدَّالِّ عَلَيْكَ، وَ اَلصَّادِعِ بِأَمْرِكَ، وَ اَلنَّاصِحِ لَكَ وَ اَلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِكَ، وَ اَلذَّابِّ عَنْ دِينِكَ، وَ اَلْمُوضِحِ لِبَرَاهِينِكَ، وَ اَلْمَهْدِيِّ إِلَى طَاعَتِكَ، وَ اَلْمُرْشِدِ إِلَى مَرْضَاتِكَ، وَ اَلْوَاعِي لِوَحْيِكَ، وَ اَلْحَافِظِ لِعَهْدِكَ، وَ اَلْمَاضِي عَلَى إِنْفَاذِ أَمْرِكَ، اَلْمُؤَيَّدِ بِالنُّورِ اَلْمُضِيءِ، وَ اَلْمُسَدَّدِ بِالْأَمْرِ اَلْمَرْضِيِّ،

ص: 476

اَلْمَعْصُومِ مِنْ كُلِّ خَطَأٍ وَ زَلَلٍ، اَلْمُنَزَّهِ عَنْ كُلِّ دَنَسٍ وَ خَطَلٍ، وَ اَلْمَبْعُوثِ بِخَيْرِ اَلْأَدْيَانِ وَ اَلْمِلَلِ، مُقَوِّمِ اَلْمَيْلِ وَ اَلْعِوَجِ، وَ مُقِيمِ اَلْبَيِّنَاتِ وَ اَلْحُجَجِ، اَلْمَخْصُوصِ بِظُهُورِ اَلْفَلَجِ، وَ إِيضَاحِ اَلْمَنْهَجِ، اَلْمُظْهِرِ مِنْ تَوْحِيدِكَ مَا اِسْتَتَرَ، وَ اَلْمُحْيِي مِنْ عِبَادَتِكَ مَا دَثَرَ، وَ اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِنْغَلَقَ، اَلْمُجْتَبَى مِنْ خَلاَئِقِكَ، وَ اَلْمُعْتَامِ لِكَشْفِ حَقَائِقِكَ، وَ اَلْمُوَضَّحَةِ بِهِ أَشْرَاطُ اَلْهُدَى، وَ اَلْمَجْلُوِّ بِهِ غِرْبِيبُ اَلْعَمَى، دَافِعِ جَيَشَانِ اَلْأَبَاطِيلِ، وَ دَامِغِ صَوْلاَتِ اَلْأَضَالِيلِ، اَلْمُخْتَارِ مِنْ طِينَةِ اَلْكَرَمِ، وَ سُلاَلَةِ اَلْمَجْدِ اَلْأَقْدَمِ، وَ مَغْرَسِ اَلْفَخَارِ اَلْمُعْرِقِ، وَ فَرْعِ اَلْعَلاَ اَلْمُثْمِرِ اَلْمُورِقِ، اَلْمُنْتَجَبِ مِنْ شَجَرَةِ اَلْأَصْفِيَاءِ، وَ مِشْكَاةِ اَلضِّيَاءِ، وَ ذُؤَابَةِ اَلْعَلْيَاءِ، وَ سُرَّةِ اَلْبَطْحَاءِ، بَعِيثِكَ بِالْحَقِّ، وَ بُرْهَانِكَ عَلَى جَمِيعِ اَلْخَلْقِ، خَاتِمِ أَنْبِيَائِكَ، وَ حُجَّتِكَ اَلْبَالِغَةِ فِي أَرْضِكَ وَ سَمَائِكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً يَنْغَمِرُ فِي جَنْبِ اِنْتِفَاعِهِ بِهَا قَدْرُ اَلاِنْتِفَاعِ، وَ يَجُوزُ مِنْ بَرَكَةِ اَلتَّعَلُّقِ بِسَبَبِهَا مَا يَفُوقُ قَدْرَ اَلْمُتَعَلِّقِينَ بِسَبَبِهِ، وَ زِدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ اَلْإِكْرَامِ وَ اَلْإِجْلاَلِ مَا يَتَقَاصَرُ عَنْهُ فَسِيحُ اَلْآمَالِ، حَتَّى يَعْلُوَ مِنْ كَرَمِكَ عَلَى مَحَالِّ اَلْمَرَاتِبِ، وَ يَرْقَى مِنْ نِعَمِكَ أَسْنَى مَنَازِلِ اَلْمَوَاهِبِ، وَ خُذْ لَهُ - اَللَّهُمَّ - بِحَقِّهِ وَ وَاجِبِهِ مِنْ ظَالِمِيهِ وَ ظَالِمِي اَلصَّفْوَةِ مِنْ أَقَارِبِهِ.

اَللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَ دَيَّانِ دِينِكَ، وَ اَلْقَائِمِ بِالْقِسْطِ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ، عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ إِمَامِ اَلْمُتَّقِينَ، وَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، وَ يَعْسُوبِ اَلدِّينِ، وَ قَائِدِ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِينَ، قِبْلَةِ اَلْعَارِفِينَ، وَ عَلَمِ اَلْمُهْتَدِينَ، وَ عُرْوَتِكَ اَلْوُثْقَى، وَ حَبْلِكَ اَلْمَتِينِ، وَ خَلِيفَةِ رَسُولِكَ عَلَى اَلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَ وَصِيِّهِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلدِّينِ. اَلصِّدِّيقِ اَلْأَكْبَرِ فِي اَلْأَنَامِ، وَ اَلْفَارُوقِ اَلْأَزْهَرِ بَيْنَ اَلْحَلاَلِ وَ اَلْحَرَامِ، نَاصِرِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ مُكَسِّرِ اَلْأَصْنَامِ، مُعِزِّ اَلدِّينِ وَ حَامِيهِ، وَ وَاقِي اَلرَّسُولِ وَ كَافِيهِ، اَلْمَخْصُوصِ بِمُؤَاخَاتِهِ يَوْمَ اَلْإِخَاءِ،

ص: 477

وَ مَنْ هُوَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، خَامِسِ أَصْحَابِ اَلْكِسَاءِ، وَ بَعْلِ سَيِّدَةِ اَلنِّسَاءِ، اَلْمُؤْثِرِ بِالْقُوتِ بَعْدَ ضُرِّ اَلطَّوَى، وَ اَلْمَشْكُورِ سَعْيُهُ فِي هَلْ أَتَى مِصْبَاحِ اَلْهُدَى، وَ مَأْوَى اَلتُّقَى، وَ مَحَلِّ اَلْحِجَى، وَ طَوْدِ اَلنُّهَى، اَلدَّاعِي إِلَى اَلْمَحَجَّةِ اَلْعُظْمَى، وَ اَلضَّاعِنِ إِلَى اَلْغَايَةِ اَلْقُصْوَى، وَ اَلسَّامِي إِلَى اَلْمَجْدِ وَ اَلْعُلَى، وَ اَلْعَالِمِ بِالتَّأْوِيلِ وَ اَلذِّكْرَى، اَلَّذِي أَخْدَمْتَهُ خَوَاصَّ مَلاَئِكَتِكَ بِالطَّاسِ وَ اَلْمِنْدِيلِ حَتَّى تَوَضَّأَ، وَ رَدَدْتَ عَلَيْهِ اَلشَّمْسَ بَعْدَ دُنُوِّ غُرُوبِهَا حَتَّى أَدَّى فِي أَوَّلِ اَلْوَقْتِ لَكَ فَرْضاً، وَ أَطْعَمْتَهُ مِنْ طَعَامِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ حِينَ مَنَحَ اَلْمِقْدَادَ قَرْضاً، وَ بَاهَيْتَ بِهِ خَوَاصَّ مَلاَئِكَتِكَ إِذْ شَرَى نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ لِتَرْضَى، وَ جَعَلْتَ وَلاَيَتَهُ إِحْدَى فَرَائِضِكَ، فَالشَّقِيُّ مَنْ أَقَرَّ بِبَعْضٍ وَ أَنْكَرَ بَعْضاً، عُنْصُرِ اَلْأَبْرَارِ، وَ مَعْدِنِ اَلْفَخَارِ، وَ قَسِيمِ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ، صَاحِبِ اَلْأَعْرَافِ، وَ أَبُو اَلْأَئِمَّةِ اَلْأَشْرَافِ، اَلْمَظْلُومِ اَلْمُغْتَصَبِ، وَ اَلصَّابِرِ اَلْمُحْتَسَبِ، اَلْمَوْتُورِ فِي نَفْسِهِ وَ عِتْرَتِهِ، وَ اَلْمَقْصُودِ فِي رَهْطِهِ وَ أَعِزَّتِهِ، صَلاَةً لاَ اِنْقِطَاعَ لِمَزِيدِهَا، وَ لاَ اِتِّضَاعَ لِمَشِيدِهَا.

اَللَّهُمَّ أَلْبِسْهُ حُلَلَ اَلْإِنْعَامِ، وَ تَوِّجْهُ تَاجَ اَلْإِكْرَامِ، وَ اِرْفَعْهُ إِلَى أَعْلَى مَرْتَبَةٍ وَ مَقَامٍ، حَتَّى يَلْحَقَ نَبِيَّكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ، وَ اُحْكُمْ لَهُ اَللَّهُمَّ عَلَى ظَالِمِيهِ، إِنَّكَ اَلْعَدْلُ فِي مَا تَقْضِيهِ.

اَللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى اَلطَّاهِرَةِ اَلْبَتُولِ، اَلزَّهْرَاءِ اِبْنَةِ اَلرَّسُولِ، أُمِّ اَلْأَئِمَّةِ اَلْهَادِينَ، وَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، وَارِثَةِ خَيْرِ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَ قَرِينَةِ خَيْرِ اَلْأَوْصِيَاءِ، اَلْقَادِمَةِ عَلَيْكَ مُتَأَلِّمَةً مِنْ مُصَابِهَا بِأَبِيهَا، مُتَظَلِّمَةً مِمَّا حَلَّ بِهَا مِنْ غَاصِبِيهَا، سَاخِطَةً عَلَى أُمَّةٍ لَمْ تَرْعَ حَقَّكَ فِي نُصْرَتِهَا، بِدَلِيلِ دَفْنِهَا لَيْلاً فِي حُفْرَتِهَا، اَلْمُغْتَصَبَةِ حَقُّهَا، وَ اَلْمُغَصَّصَةِ بِرِيقِهَا، صَلاَةً لاَ غَايَةَ لِأَمَدِهَا، وَ لاَ نِهَايَةَ لِمَدَدِهَا، وَ لاَ اِنْقِضَاءَ لِعَدَدِهَا.

اَللَّهُمَّ فَتَكَفَّلْ لَهَا عَنْ مَكَانِ دَارِ اَلْفَنَاءِ فِي دَارِ اَلْبَقَاءِ بِأَنْفَسِ اَلْأَعْوَاضِ،

ص: 478

وَ أَنِلْهَا مِمَّنْ عَانَدَهَا نِهَايَةَ اَلْآمَالِ وَ غَايَةَ اَلْأَغْرَاضِ، حَتَّى لاَ يَبْقَى لَهَا وَلِيٌّ سَاخِطٌ لِسَخَطِهَا إِلاَّ وَ هُوَ رَاضٍ، إِنَّكَ أَعَزُّ مَنْ أَجَابَ اَلْمَظْلُومِينَ وَ أَعْدَلُ قَاضٍ. اَللَّهُمَّ أَلْحِقْهَا فِي اَلْإِكْرَامِ بِبَعْلِهَا وَ أَبِيهَا، وَ خُذْ لَهَا اَلْحَقَّ مِنْ ظَالِمِيهَا.

اَللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلرَّاشِدِينَ، وَ اَلْقَادَةِ اَلْهَادِينَ، وَ اَلسَّادَةِ اَلْمَعْصُومِينَ، اَلْأَتْقِيَاءِ اَلْأَبْرَارِ، مَأْوَى اَلسَّكِينَةِ وَ اَلْوَقَارِ، خُزَّانِ اَلْعِلْمِ، وَ مُنْتَهى اَلْحِلْمِ وَ اَلْفَخَارِ، وَ سَاسَةِ اَلْعِبَادِ، وَ أَرْكَانِ اَلْبِلاَدِ، وَ أَدِلَّةِ اَلرَّشَادِ، اَلْأَلِبَّاءِ اَلْأَمْجَادِ، اَلْعُلَمَاءِ بِشَرْعِكَ، اَلزُّهَّادِ، مَصَابِيحِ اَلظُّلَمِ، وَ يَنَابِيعِ اَلْحِكَمِ، وَ أَوْلِيَاءِ اَلنِّعَمِ، وَ عِصَمِ اَلْأُمَمِ، قُرَنَاءِ اَلتَّنْزِيلِ وَ آيَاتِهِ، وَ أُمَنَاءِ اَلتَّأْوِيلِ وَ وُلاَتِهِ، وَ تَرَاجِمَةِ اَلْوَحْيِ وَ دَلاَلاَتِهِ، أَئِمَّةِ اَلْهُدَى، وَ مَنَارِ اَلدُّجَى، وَ أَعْلاَمِ اَلتُّقَى، وَ كُهُوفِ اَلْوَرَى، وَ حَفَظَةِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ حُجَجِكَ عَلَى جَمِيعِ اَلْأَنَامِ، اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ وَ سِبْطَيْ نَبِيِّ اَلرَّحْمَةِ، وَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ اَلسَّجَّادِ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِ عِلْمِ اَلدِّينِ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ اَلْأَمِينِ، وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ اَلْكَاظِمِ اَلْحَلِيمِ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا اَلْوَفِيِّ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْبَرِّ اَلتَّقِيِّ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْمُنْتَجَبِ اَلزَّكِيِّ، وَ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْهَادِي اَلرَّضِيِّ، وَ اَلْحُجَّةِ بْنِ اَلْحَسَنِ صَاحِبِ اَلْعَصْرِ وَ اَلزَّمَنِ، وَصِيِّ اَلْأَوْصِيَاءِ، وَ بَقِيَّةِ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلْمُسْتَتِرِ عَنْ خَلْقِكَ، وَ اَلْمُؤَمَّلِ لِإِظْهَارِ حَقِّكَ، اَلْمَهْدِيِّ اَلْمُنْتَظَرِ، وَ اَلْقَائِمِ اَلَّذِي بِهِ تَنْتَصِرُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ صَلاَةً بَاقِيَةً فِي اَلْعَالَمِينَ، تَبْلُغُ بِهَا أَفْضَلَ مَحَلِّ اَلْمُكَرَّمِينَ، اَللَّهُمَّ أَلْحِقْهُمْ فِي اَلْإِكْرَامِ بِجَدِّهِمْ وَ أَبِيهِمْ، وَ خُذْ لَهُمُ اَلْحَقَّ مِنْ ظَالِمِيهِمْ.

أَشْهَدُ يَا مَوْلاَيَ أَنَّكُمُ اَلْمُطِيعُونَ لِلَّهِ، اَلْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهِ، اَلْعَامِلُونَ بِإِرَادَتِهِ، اَلْفَائِزُونَ بِكَرَامَتِهِ، اِصْطَفَاكُمْ بِعِلْمِهِ، وَ اِجْتَبَاكُمْ لِغَيْبِهِ، وَ اِخْتَارَكُمْ لِسِرِّهِ، وَ أَعَزَّكُمْ بِهُدَاهُ، وَ خَصَّكُمْ بِبَرَاهِينِهِ، وَ أَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ، وَ رَضِيَكُمْ خُلَفَاءَ فِي أَرْضِهِ، وَ دُعَاةً إِلَى

ص: 479

حَقِّهِ، وَ شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ، وَ أَنْصَاراً لِدِينِهِ، وَ حُجَجاً عَلَى بَرِيَّتِهِ، وَ تَرَاجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَ خَزَنَةً لِعِلْمِهِ، وَ مُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ. عَصَمَكُمُ اَللَّهُ مِنَ اَلذُّنُوبِ، وَ بَرَّأَكُمْ مِنَ اَلْعُيُوبِ، وَ اِئْتَمَنَكُمْ عَلَى اَلْغُيُوبِ.

زُرْتُكُمْ - يَا مَوَالِيَّ - عَارِفاً بِحَقِّكُمْ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكُمْ، مُهْتَدِياً بِهُدَاكُمْ، مُقْتَفِياً لِأَثَرِكُمْ، مُتَّبِعاً لِسُنَّتِكُمْ، مُتَمَسِّكاً بِوَلاَيَتِكُمْ، مُعْتَصِماً بِحَبْلِكُمْ، مُطِيعاً لِأَمْرِكُمْ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكُمْ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكُمْ، عَالِماً بِأَنَّ اَلْحَقَّ فِيكُمْ وَ مَعَكُمْ، مُتَوَسِّلاً إِلَى اَللَّهِ بِكُمْ، مُسْتَشْفِعاً إِلَيْهِ بِجَاهِكُمْ، وَ حَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُخَيِّبَ سَائِلَهُ، اَلرَّاجِيَ مَا عِنْدَهُ، لِزُوَّارِكُمُ اَلْمُطِيعِينَ لَكُمْ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا وَفَّقْتَنِي لِلْإِيمَانِ بِنَبِيِّكَ، وَ اَلتَّصْدِيقِ لِدَعْوَتِهِ، وَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِطَاعَتِهِ، وَ اِتِّبَاعِ مِلَّتِهِ، وَ هَدَيْتَنِي إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَ مَعْرِفَةِ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَ أَكْمَلْتَ بِمَعْرِفَتِهِمْ اَلْإِيمَانَ، وَ قَبِلْتَ بِوَلاَيَتِهِمْ وَ طَاعَتِهِمُ اَلْأَعْمَالَ، وَ اِسْتَعْبَدْتَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ عِبَادَكَ، وَ جَعَلْتَهُمْ مِفْتَاحاً لِلدُّعَاءِ، وَ سَبَباً لِلْإِجَابَةِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَ اِجْعَلْنِي بِهِمْ عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ ذُنُوبَنَا بِهِمْ مَغْفُورَةً، وَ عُيُوبَنَا مَسْتُورَةً، وَ فَرَائِضَنَا مَشْكُورَةً، وَ نَوَافِلَنَا مَبْرُورَةً، وَ قُلُوبَنَا بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَ أَنْفُسَنَا بِطَاعَتِكَ مَسْرُورَةً، وَ جَوَارِحَنَا عَلَى خِدْمَتِكَ مَقْهُورَةً، وَ أَسْمَاءَنَا فِي خَوَاصِّكَ مَشْهُورَةً، وَ أَرْزَاقَنَا مِنْ لَدُنْكَ مَدْرُورَةً، وَ حَوَائِجَنَا لَدَيْكَ مَيْسُورَةً، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ أَنْجِزْ لَهُمْ وَعْدَكَ، وَ طَهِّرْ بِسَيْفِ قَائِمِهِمْ أَرْضَكَ، وَ أَقِمْ بِهِ حُدُودَكَ اَلْمُعَطَّلَةَ، وَ أَحْكَامَكَ اَلْمُهْمَلَةَ وَ اَلْمُبَدَّلَةَ، وَ أَحْيِ بِهِ اَلْقُلُوبَ اَلْمَيِّتَةَ، وَ اِجْمَعْ بِهِ اَلْأَهْوَاءَ اَلْمُتَفَرِّقَةَ، وَ اُجْلُ بِهِ صَدَى اَلْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، حَتَّى يَظْهَرَ اَلْحَقُّ عَلَى يَدَيْهِ فِي أَحْسَنِ صُورَتِهِ، وَ يَهْلِكَ اَلْبَاطِلُ وَ أَهْلُهُ بِنُورِ دَوْلَتِهِ، وَ لاَ يَسْتَخْفِيَ بِشَيْ ءٍ مِنَ اَلْحَقِّ مَخَافَةَ أَحَدٍ

ص: 480

مِنَ اَلْخَلْقِ.

اَللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ، وَ أَظْهِرْ فَلْجَهُمْ، وَ اُسْلُكْ بِنَا مَنْهَجَهُمْ، وَ أَمِتْنَا عَلَى وَلاَيَتِهِمْ، وَ اُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِمْ وَ تَحْتَ لِوَائِهِمْ، وَ أَوْرِدْنَا حَوْضَهُمْ، وَ اِسْقِنَا بِكَأْسِهِمْ، وَ لاَ تُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ، وَ لاَ تَحْرِمْنَا شَفَاعَتَهُمْ، حَتَّى نَظْفَرَ بِعَفْوِكَ وَ غُفْرَانِكَ، وَ نَصِيرَ إِلَى رَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ، إِلَهَ اَلْحَقِّ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.

يَا قَرِيبَ اَلرَّحْمَةِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكَ حَقّاً لاَ اِرْتِيَاباً، يَا مَنْ إِذَا أَوْحَشَنَا اَلتَّعَرُّضُ لِغَضَبِهِ آنَسَنَا حُسْنُ اَلظَّنِّ بِهِ، فَنَحْنُ وَاثِقُونَ بَيْنَ رَغْبَةٍ وَ رَهْبَةٍ اِرْتِقَاباً، قَدْ أَقْبَلْنَا لِعَفْوِكَ وَ مَغْفِرَتِكَ طُلاَّباً، فَأَذْلَلْنَا لِقُدْرَتِكَ وَ عِزَّتِكَ رِقَاباً، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اَلطَّاهِرِينَ، وَ اِجْعَلْ دُعَاءَنَا بِهِمْ مُسْتَجَاباً، وَ وَلاَءَنَا لَهُمْ مِنَ اَلنَّارِ حِجَاباً.

اَللَّهُمَّ بَصِّرْنَا قَصْدَ اَلسَّبِيلِ لِنَعْتَمِدَهُ، وَ مَوْرِدَ اَلرُّشْدِ لِنَرِدَهُ، وَ بَدِّلْ خَطَايَانَا صَوَاباً، وَ لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَ هَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، يَا مَنْ تُسَمَّى مِنْ جُودِهِ وَ كَرَمِهِ وَهَّاباً، وَ آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ إِنْ حَقَّتْ عَلَيْنَا اِكْتِسَاباً، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تُصَلِّي صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ ثُمَّ تَعُودُ وَ تَقِفُ عَلَى اَلضَّرِيحِ وَ تَقُولُ:

يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، إِنَّ بَيْنِي وَ بَيْنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذُنُوباً لاَ يَأْتِي عَلَيْهَا إِلاَّ رِضَاهُ، فَبِحَقِّ مَنِ اِئْتَمَنَكَ عَلَى سِرِّهِ، وَ اِسْتَرْعَاكَ أَمْرَ خَلْقِهِ، وَ قَرَنَ طَاعَتَكَ بِطَاعَتِهِ، وَ مُوَالاَتَكَ بِمُوَالاَتِهِ، تَوَلَّ صَلاَحَ حَالِي مَعَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ اِجْعَلْ حَظِّي مِنْ زِيَارَتِكَ تَخْلِيطِي بِخَالِصِي زُوَّارِكَ، اَلَّذِينَ تَسْأَلُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي عِتْقِ رِقَابِهِمْ، وَ تَرْغَبُ إِلَيْهِ فِي حُسْنِ ثَوَابِهِمْ.

وَ هَا أَنَا ذَا اَلْيَوْمَ بِقَبْرِكَ لاَئِذٌ، وَ بِحُسْنِ دِفَاعِكَ عَنِّي عَائِذٌ، فَتَلاَفَنِي يَا مَوْلاَيَ

ص: 481

وَ أَدْرِكْنِي، وَ أَسْأَلُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَمْرِي، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَقَاماً كَرِيماً، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ، وَ تَوَجَّهْ إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَ اِرْفَعْ يَدَيْكَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ لَمَّا فَرَضْتَ عَلَيَّ طَاعَتَهُ، وَ أَكْرَمْتَنِي بِمُوَالاَتِهِ، عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِجَلِيلِ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَكَ، وَ نَفِيسِ حَظِّهِ لَدَيْكَ، وَ لِقُرْبِ مَنْزِلَتِهِ مِنْكَ، فَلِذَلِكَ لُذْتُ بِقَبْرِهِ لِوَاذَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّكَ لاَ تَرُدُّ لَهُ شَفَاعَةً، فَبِقَدِيمِ عِلْمِكَ فِيهِ، وَ حُسْنِ رِضَاكَ عَنْهُ، اِرْضَ عَنِّي وَ عَنْ وَالِدَيَّ، وَ لاَ تَجْعَلْ لِلنَّارِ عَلَيَّ سَبِيلاً وَ لاَ سُلْطَاناً، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تَتَحَوَّلُ مِنْ مَوْضِعِكَ وَ قِفْ وَرَاءَ اَلْقَبْرِ، وَ اِجْعَلْهُ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ اِرْفَعْ يَدَيْكَ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ لَوْ وَجَدْتُ شَفِيعاً أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْأَخْيَارِ اَلْأَتْقِيَاءِ اَلْأَبْرَارِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ لاَسْتَشْفَعْتُ بِهِمْ إِلَيْكَ، وَ هَذَا قَبْرُ وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَائِكَ، وَ سَيِّدٍ مِنْ أَصْفِيَائِكَ، وَ مَنْ فَرَضْتَ عَلَى اَلْخَلْقِ طَاعَتَهُ، قَدْ جَعَلْتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِحُرْمَتِهِ عِنْدَكَ وَ بِحَقِّهِ عَلَيْكَ، لَمَّا نَظَرْتَ إِلَيَّ نَظْرَةً رَحِيمَةً مِنْ نَظَرَاتِكَ، تَلُمُّ بِهَا شَعْثِي، وَ تُصْلِحُ بِهَا حَالِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، فَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي لَمَّا فَاتَتِ اَلْعَدَدَ، وَ جَاوَزَتِ اَلْأَمَدَ، عَلِمْتُ أَنَّ شَفَاعَةَ كُلِّ شَافِعٍ دُونَ أَوْلِيَائِكَ تَقْصُرُ عَنْهَا، فَوَصَلْتُ اَلْمَسِيرَ مِنْ بَلَدِي قَاصِداً إِلَى وَلِيِّكَ بِالْبُشْرَى، وَ مُتَعَلِّقاً مِنْهُ بِالْعُرْوَةِ اَلْوُثْقَى، وَ هَا أَنَا يَا مَوْلاَيَ قَدِ اِسْتَشْفَعْتُ بِهِ إِلَيْكَ، وَ أَقْسَمْتُ بِهِ عَلَيْكَ، فَارْحَمْ غُرْبَتِي، وَ اِقْبَلْ تَوْبَتِي.

اَللَّهُمَّ إِنِّي لاَ أَعُولُ عَلَى صَالِحَةٍ سَلَفَتْ مِنِّي، وَ لاَ أَثِقُ بِحَسَنَةٍ تَقُومُ بِالْحُجَّةِ عَنِّي، وَ لَوْ أَنِّي قَدَّمْتُ حَسَنَاتِ جَمِيعِ خَلْقِكَ، ثُمَّ خَالَفْتُ طَاعَةَ أَوْلِيَائِكَ، لَكَانَتْ تِلْكَ اَلْحَسَنَاتُ مُزْعِجَةً عَنْ جِوَارِكَ لِي، غَيْرَ حَائِلَةٍ بَيْنِي وَ بَيْنَ نَارِكَ، فَلِذَلِكَ عَلِمْتُ أَنَّ أَفْضَلَ طَاعَتِكَ طَاعَةُ أَوْلِيَائِكَ.

ص: 482

اَللَّهُمَّ اِرْحَمْ تَوَجُّهِي بِمَنْ تَوَجَّهْتُ بِهِ إِلَيْكَ، فَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنِّي غَيْرُ وَاجِدٍ أَعْظَمُ مِقْدَاراً مِنْهُمْ لِمَكَانِهِمْ مِنْكَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ بِالْإِنْعَامِ مَوْصُوفٌ، وَ وَلِيُّكَ بِالشَّفَاعَةِ لِمَنْ أَتَاهُ مَعْرُوفٌ، فَإِذَا شَفَعَ فِيَّ مُتَفَضِّلاً كَانَ وَجْهُكَ عَلَيَّ مُقْبِلاً، وَ إِذَا كَانَ وَجْهُكَ عَلَيَّ مُقْبِلاً أَصَبْتُ مِنَ اَلْجَنَّةِ مَنْزِلاً.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا أَتَوَسَّلُ بِهِ إِلَيْكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالرِّضَا وَ اَلنِّعَمِ، اَللَّهُمَّ أَرْضِهِ عَنَّا، وَ لاَ تُسْخِطْهُ عَلَيْنَا، وَ اِهْدِنَا بِهِ وَ لاَ تُضِلَّنَا فِيهِ، وَ اِجْعَلْنَا فِيهِ عَلَى اَلسَّبِيلِ اَلَّذِي تَخْتَارُهُ، وَ أَضِفْ طَاعَتِي إِلَى خَالِصِ نِيَّتِي فِي تَحِيَّتِي يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى خِيَارِ خَلْقِكَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ كَمَا اِنْتَجَبْتَهُمْ عَلَى اَلْعَالَمِينَ، وَ اِخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ.

اَللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ وَ صَفْوَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، اَلتَّالِي لِنَبِيِّكَ، اَلْقَيِّمِ بِأَمْرِكَ، عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ صَلِّ عَلَى فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ شَنْفَيْ عَرْشِكَ، وَ دَلِيلَيْ خَلْقِكَ عَلَيْكَ، وَ دُعَاتِهِمْ إِلَيْكَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدٍ، وَ جَعْفَرٍ وَ مُوسَى وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْخَلَفِ اَلصَّالِحِ اَلْبَاقِي، مَصَابِيحِ اَلظَّلاَمِ، وَ حُجَجِكَ عَلَى جَمِيعِ اَلْأَنَامِ، خَزَنَةِ اَلْعِلْمِ أَنْ يَعْدَمَ، وَ حُمَاةِ اَلدِّينِ أَنْ يَسْقُمَ، صَلاَةً يَكُونُ اَلْجَزَاءُ عَلَيْهَا أَتَمَّ رِضْوَانِكَ، وَ نَوَامِي بَرَكَاتِكَ وَ إِحْسَانِكَ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ أَجْمَعِينَ، وَ ضَاعِفْ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ.

ثُمَّ تَدْعُو هَاهُنَا بِدُعَاءِ اَلْعَهْدِ اَلْمَأْمُورِ بِهِ فِي حَالِ اَلْغَيْبَةِ، وَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ اَلْفَصْلِ اَلسَّابِعَ عَشَرَ فِي هَذَا اَلْكِتَابِ.

ثُمَّ تَقُولُ أَيْضاً:

ص: 483

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ، رَاضِيَةً بِقَضَائِكَ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَ دُعَائِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أَوْلِيَائِكَ، مَحْبُوبَةً فِي أَرْضِكَ وَ سَمَائِكَ، صَابِرَةً عَلَى نُزُولِ بَلاَئِكَ، مُشْتَاقَةً إِلَى فَرْحَةِ لِقَائِكَ، مُتَزَوِّدَةً اَلتَّقْوَى لِيَوْمِ جَزَائِكَ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيَائِكَ، مُفَارِقَةً لِأَخْلاَقِ أَعْدَائِكَ، مَشْغُولَةً عَنِ اَلدُّنْيَا بِحَمْدِكَ وَ ثَنَائِكَ (1).

ص: 484


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 185:102.

الزيارة الرابعة من كلام الرضا عليه السّلام

اشارة

إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ أَحَدِهِمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ فَقِفْ عَلَى ضَرِيحِهِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَائِمِينَ مَقَامَ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلْوَارِثِينَ عُلُومَ اَلْأَصْفِيَاءِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى خُلَفَاءِ اَللَّهِ وَ خُلَفَاءِ رَسُولِهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَنْ هُمْ زِمَامُ اَلدِّينِ، وَ نِظَامُ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ صَلاَحُ اَلدُّنْيَا، وَ عُدَّةُ اَلْمُؤْمِنِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَصْلَ اَلْإِسْلاَمِ اَلنَّامِي، وَ فَرْعَهُ اَلسَّامِي. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَنْ بِهِمْ تَمَامُ اَلصَّلاَةِ وَ اَلزَّكَاةِ، وَ اَلصِّيَامِ وَ اَلْحَجِّ وَ اَلْجِهَادِ، وَ تَوَفُّرُ اَلْفَيْ ءِ وَ اَلصَّدَقَاتِ، وَ إِمْضَاءُ اَلْحُدُودِ اَلْمُسَمَّيَاتِ، وَ اَلْأَحْكَامِ اَلْمُبَيَّنَاتِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَنْ بِهِمْ تُمْنَعُ اَلثُّغُورُ وَ اَلْأَطْرَافُ، وَ تَجْرِي أُمُورُ اَلْخَلْقِ بِإِمَامَتِهِمْ عَلَى اَلْقَصْدِ وَ اَلْإِنْصَافِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلْمُحَلِّلُونَ حَلاَلَ اَللَّهِ، وَ اَلْمُحَرِّمُونَ حَرَامَ اَللَّهِ، وَ اَلْمُقِيمُونَ حُدُودَ اَللَّهِ، وَ اَلذَّابُّونَ عَنْ دِينِ اَللَّهِ، وَ اَلدَّاعُونَ إِلَى سَبِيلِ اَللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ وَ اَلْحُجَّةِ اَلْبَالِغَةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَنْ فَضْلُهُمْ كَالشَّمْسِ اَلْمُضِيئَةِ اَلطَّالِعَةِ، اَلْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَا اَلْعَالِمَ، وَ هِيَ فِي اَلْأُفُقِ بِحَيْثُ لاَ تَنَالُهَا اَلْأَيْدِي وَ اَلْأَبْصَارُ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلْبُدُورُ اَلْمُنِيرَةُ، وَ اَلسُّرُجُ اَلزَّاهِرَةُ، وَ اَلْأَنْوَارُ اَلسَّاطِعَةُ، وَ اَلنُّجُومُ اَلْهَادِيَةُ فِي غَيَاهِبِ اَلدُّجَا، وَ طُرُقِ اَلْبَلَدِ اَلْقَفْرِ، وَ لُجَجِ اَلْبِحَارِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَنْ حُبُّهُمْ كَالْمَاءِ اَلْعَذْبِ عَلَى اَلظَّمَأِ، وَ اَلْغِذَاءِ اَلْمَرِيءِ اَلنَّافِعِ عَلَى اَلطَّوَى، اَلدَّالُّونَ عَلَى اَلْهُدَى، وَ اَلْمُنَجُّونَ مِنَ اَلرَّدَى، وَ اَلنَّارُ عَلَى اَلْيَفَاعِ (1)

ص: 485


1- اليقاع: ما ارتفع من الارض. الصّحاح - يفع - 1310:3.

لِمَنِ اِهْتَدَى وَ اِصْطَلَى.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَدِلاَّءِ فِي اَلْمَهَالِكِ (1) اَلْمُفَارِقُ لَهُمْ هَالِكٌ، وَ اَللاَّزِمُ لَهُمْ لاَحِقٌ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ عُلُومُهُمْ كَالسَّحَابِ، اَلْهَاطِلِ، وَ اَلْغَيْثِ اَلْمَاطِرِ، وَ اَلسَّمَاءِ اَلظَّلِيلَةِ، وَ اَلْأَرْضِ اَلْبَسِيطَةِ، وَ اَلْعَيْنِ اَلْغَزِيرَةِ، وَ اَلْغَدِيرِ وَ اَلرَّوْضَةِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا مَنْ هُمْ كَالْأَمِينِ اَلرَّفِيقِ، وَ اَلْوَالِدِ اَلشَّفِيقِ، وَ اَلْأُمِّ اَلْبَرَّةِ بِالْوَلَدِ اَلصَّغِيرِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا فَرَجَ اَلْعِبَادِ فِي اَلدَّاهِيَةِ، وَ حُجَّتَهُمُ اَلْوَاضِحَةَ اَلشَّافِيَةَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أُمَنَاءَ اَللَّهِ فِي خَلْقِهِ، وَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَ خُلَفَاءَهُ فِي أَرْضِهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلدُّعَاةُ إِلَى اَللَّهِ، اَلذَّابُّونَ عَنْ حَرِيمِ اَللَّهِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُطَهَّرِينَ مِنَ اَلذُّنُوبِ، اَلْمُبَرَّئِينَ مِنَ اَلْعُيُوبِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَخْصُوصِينَ بِالْعِلْمِ اَلْمَوْسُومِ، وَ اَلْحِلْمِ اَلْمَعْلُومِ، وَ اَلْفَضْلِ كُلِّهِ، وَ أَهْلِ اَلْخَيْرِ وَ اَلْبَذْلِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا نِظَامَ اَلدِّينِ، وَ عِزَّ اَلْمُسْلِمِينَ، وَ غَيْظَ اَلْمُنَافِقِينَ، وَ بَوَارَ اَلْكَافِرِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ لاَ يُدَانِيهِمْ فِي فَضْلِهِمْ أَحَدٌ، وَ لاَ يُوجَدُ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ بَدَلٌ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلسَّادَةِ اَلْمَيَامِينِ، وَ مَنْ عَجَزَتْ عَنْ ذِكْرِ فَضْلِهِمُ اَلْبُلَغَاءُ، وَ قَصُرَتْ عَنْ إِدْرَاكِهِمُ اَلْفُصَحَاءُ، وَ تَحَيَّرَتْ فِي نَعْتِ فَضْلِهِمُ اَلْخُطَبَاءُ، وَ لَمْ تَنْتَهِ إِلَيْهِ اَلْحُكَمَاءُ، وَ تَصَاغَرَتْ عَنْ قَدْرِهِمُ اَلْعُظَمَاءُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ هُمْ كَالنُّجُومِ مِنْ يَدِ اَلْمُتَنَاوِلِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعُلَمَاءِ اَلَّذِينَ لاَ يَجْهَلُونَ، وَ اَلدُّعَاةِ اَلَّذِينَ لاَ يَنْكُلُونَ. اَلسَّلاَمُ عَلَى مَعْدِنِ اَلْقُدْسِ وَ اَلطَّهَارَةِ، وَ اَلنُّسُكِ وَ اَلزَّهَادَةِ، وَ اَلْعِلْمِ وَ اَلْعِبَادَةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَخْصُوصِينَ بِدَعْوَةِ اَلرَّسُولِ، وَ نَسْلِ اَلطُّهْرِ اَلْبَتُولِ. اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنْ لاَ يَسْبِقُهُمْ أَحَدٌ فِي نَسَبٍ، وَ لاَ يُدَانِيهِمْ فِي حَسَبٍ. اَلْبَيْتُ مِنْ قُرَيْشٍ،

ص: 486


1- في نسخة «ع»: المسالك.

وَ اَلذِّرْوَةُ مِنْ هَاشِمٍ، وَ اَلْعِتْرَةُ مِنَ اَلرَّسُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ اَلرِّضَا مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، شَرَفُ اَلْأَشْرَافِ، وَ اَلْفَرْعُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمُصْطَفَيْنَ بِالْإِمَامَةِ، اَلْعُلَمَاءِ بِالسِّيَاسَةِ، اَلْمُفْتَرِضِينَ اَلطَّاعَةَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اِخْتَارَهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى لِلْإِمَامَةِ، وَ شَرَحَ صُدُورَهُمْ لِذَلِكَ، وَ أَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ يَنَابِيعَ اَلْحِكْمَةِ، فَلَمْ يَعْيُوا بِجَوَابٍ، وَ لَمْ يَقْصُرُوا عَنْ صَوَابٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلسَّادَةُ اَلْمَعْصُومُونَ اَلْمُؤَيَّدُونَ، اَلْمُوَفَّقُونَ اَلْمُسَدَّدُونَ، يَا مَنْ أَمِنُوا اَلْعِثَارَ وَ اَلزَّلَلَ، وَ اَلْخَطَأَ وَ اَلْخَطَلَ، اَلشُّهَدَاءُ عَلَى اَلْخَلْقِ، وَ اَلْأُمَنَاءُ عَلَى اَلْحَقِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى آبَائِكُمُ اَلْأَكْرَمِينَ اَلَّذِينَ آتَاهُمُ اَللَّهُ فَضْلَهُ، وَ هَدَى بِهِمْ سُبُلَهُ، وَ أَوْضَحَ بِهِمْ مِنَ اَلدِّينِ مَنْهَجَهُ، وَ اِفْتَتَحَ بِهِمْ مُقَفَّلُهُ وَ مُرْتَجُهُ، ذَلِكَ فَضْلُ اَللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اَللَّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَبِّلِ اَلضَّرِيحَ وَ صَلِّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، وَ مَا بَدَا لَكَ مِنَ اَلصَّلَوَاتِ، ثُمَّ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ وَ قُلْ:

يَا شَامِخاً فِي بُعْدِهِ، يَا رَءُوفاً فِي رَحْمَتِهِ، يَا مُخْرِجَ اَلنَّبَاتِ، يَا مُحْيِيَ اَلْأَمْوَاتِ، يَا ظَهْرَ اَللاَّجِئِينَ، يَا جَارَ اَلْمُسْتَجِيرِينَ، يَا أَسْمَعَ اَلسَّامِعِينَ، يَا أَبْصَرَ اَلنَّاظِرِينَ، يَا صَرِيخَ اَلْمُسْتَصْرِخِينَ، يَا عِمَادَ مَنْ لاَ عِمَادَ لَهُ، يَا سَنَدَ مَنْ لاَ سَنَدَ لَهُ، يَا ذُخْرَ مَنْ لاَ ذُخْرَ لَهُ، يَا حِرْزَ مَنْ لاَ حِرْزَ لَهُ، يَا حِرْزَ اَلضُّعَفَاءِ يَا كَنْزَ اَلْفُقَرَاءِ، يَا عَظِيمَ اَلرَّجَاءِ يَا مُنْقِذَ اَلْغَرْقَى، يَا مُحْيِيَ اَلْمَوْتَى، يَا أَمَانَ اَلْخَائِفِينَ، يَا إِلَهَ اَلْعَالَمِينَ، يَا صَانِعَ كُلِّ مَصْنُوعٍ، يَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ، يَا صَاحِبَ كُلِّ غَرِيبٍ، يَا مُؤْنِسَ كُلِّ وَحِيدٍ، يَا قَرِيباً غَيْرَ بَعِيدٍ، يَا شَاهِدَ كُلِّ غَائِبٍ، يَا غَالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ، يَا حَيُّ حِينَ لاَ حَيَّ، يَا مُحْيِيَ اَلْمَوْتَى، يَا حَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ بَدِيعُ اَلسَّمَوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ، أَنْتَ اَلْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ.

ص: 487

ثُمَّ اُدْعُ بِمَا شِئْتَ.

ذكر الوداع:

تَقِفُ كَوُقُوفِكَ فِي اَلزِّيَارَةِ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أُمَنَاءَ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ حُجَّتَهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَ خُزَّانَ عِلْمِهِ، وَ مَوْضِعَ سِرِّهِ، وَ بَابَ نَهْيِهِ وَ أَمْرِهِ، وَ صِرَاطَهُ اَلْمُسْتَقِيمَ، سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ سَئِمٍ وَ لاَ قَالٍ وَ لاَ مَالٍ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْ غُدُوَّنَا إِلَيْكَ مَقْرُوناً بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَ رَوَاحَنَا عَنْكَ مَوْصُولاً بِالنَّجَاحِ مِنْكَ، وَ دُعَاءَنَا لَكَ مَقْرُوناً بِحُسْنِ اَلْإِجَابَةِ، وَ خُضُوعَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ دَاعِياً إِلَى رَحْمَتِكَ، وَ اِعْتَرَافَنَا بِذُنُوبِنَا شَفِيعاً إِلَى عَفْوِكَ، وَ اِنْقِطَاعَنَا إِلَيْكَ سَبَباً إِلَى غُفْرَانِكَ، وَ زِيَارَتَنَا لِأَوْلِيَائِكَ مَشْفُوعَةً بِالْقَبُولِ مِنْكَ، وَ مَرْجِعَنَا مِنْ هَذَا اَلْحَرَمِ اَلشَّرِيفِ إِلَى خَيْرِ مَرْجِعٍ، إِلَى جَنَابٍ مُمْرِعٍ، وَ سَعَةٍ وَ دَعَةٍ، وَ حِفْظٍ وَ أَمَانٍ، وَ سَلاَمَةٍ شَامِلَةٍ لِلنَّفْسِ وَ اَلْأَهْلِ وَ اَلْمَالِ وَ اَلْوَلَدِ وَ اَلدِّينِ وَ اَلْإِخْوَانِ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنَّا لِزِيَارَةِ سَادَاتِنَا وَ أَئِمَّتِنَا، وَ اَلْمَفْرُوضِ عَلَيْنَا طَاعَتُهُمْ، وَ اَلرُّجُوعُ إِلَيْهِمْ، وَ اَلْكَوْنُ مَعَهُمْ. اَللَّهُمَّ فَاشْهَدْ بِأَنَّا قَدْ أَجَبْنَا دَاعِيَكَ، وَ لَبَّيْنَا مُنَادِيَكَ، وَ اِمْتَثَلْنَا أَمْرَهُ، وَ اِقْتَفَيْنَا أَثَرَهُ، اَللَّهُمَّ فَاكْتُبْنَا مَعَ اَلشَّاهِدِينَ.

اَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ اَلْعَهْدِ مِنَّا لِزِيَارَتِهِمْ وَ ذِكْرِهِمْ، وَ اَلصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ، وَ اُرْزُقْنَا ذَلِكَ أَعْوَاماً كَثِيرَةً، وَ إِذَا تَوَفَّيْتَنَا فَاشْهَدْ بِأَنَّا سَامِعُونَ مُطِيعُونَ مُؤْمِنُونَ، مُصَدِّقُونَ غَيْرُ مُكَذِّبِينَ، مُقِرُّونَ غَيْرُ جَاحِدِينَ، وَ لِأَمْرِكَ مُسَلِّمُونَ، وَ بِحَبْلِكَ مُعْتَصِمُونَ، وَ لِأَئِمَّتِنَا طَائِعُونَ، وَ لِأَمْرِهِمْ وَ حُكْمِهِمْ خَاضِعُونَ، لاَ مُسْتَكْبِرِينَ وَ لاَ مُتَكَبِّرِينَ، وَ بِمَا رَضِيتَ لَنَا رَاضُونَ، وَ لِمَا أَعْطَيْتَنَا آخِذُونَ، وَ لِأَنْعُمِكَ شَاكِرُونَ، وَ زِدْنَا مِنْ فَضْلِكَ إِلَيْنَا، وَ أَلْهِمْنَا شُكْرَكَ لِمَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا، آمِينَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ، وَ اَلصَّلاَةُ وَ اَلسَّلاَمُ

ص: 488

عَلَيْكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ، مَا هَطَلَ غَمَامٌ، وَ هَتَفَ حَمَامٌ، وَ تَعَاقَبَتِ اَللَّيَالِي وَ اَلْأَيَّامُ.

ثُمَّ اُدْعُ كَثِيراً وَ اِنْصَرِفْ مَرْحُوماً إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

الزيارة الخامسة [لسائر الائمة]

تَقِفُ عَلَى ضَرِيحِ اَلْإِمَامِ اَلْمَزُورِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا رَافِعَ اَلسَّمَوَاتِ اَلْمَبْنِيّاتِ، وَ يَا سَاطِحَ اَلْأَرَضِينَ اَلْمَدْحُوَّاتِ، وَ يَا مُمَكِّنَ اَلْجِبَالِ اَلرَّاسِيَاتِ، يَا مُخْرِجَ اَلنَّبَاتِ، يَا مَنْ لاَ تَتَشَابَهُ عَلَيْهِ اَلْأَصْوَاتُ، أَنْ تُبَلِّغَ اَللَّهُمَّ سَلاَمِي إِلَى اَلنُّورِ اَلْمُخْتَرَعِ مِنَ اَلْأَنْوَارِ، وَ اَلْمُبْتَدَعِ مِنْ شُعَاعِ عَنَاصِرِ اَلْأَبْرَارِ، وَ مَالِكِ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ، مُحَمَّدٍ اَلرَّسُولِ اَلْمُخْتَارِ، سَيِّدِ مُضَرَ وَ نِزَارٍ، وَ صَاحِبِ اَلْفَضَائِلِ وَ اَلْمَنَاقِبِ وَ اَلْفَخَارِ، وَ مَنِ اِنْتَجَبَهُ وَ اِصْطَفَاهُ عَالِمِ اَلْعَلاَنِيَةِ وَ اَلْأَسْرَارِ، سُلاَلَةِ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ، وَ عُنْصُرِ اَلذَّبِيحِ إِسْمَاعِيلَ، اَلْمَخْدُومِ بِجَبْرَئِيلَ، صَاحِبِ اَلْآيَاتِ فِي اَلْآفَاقِ، اَلْمَحْمُولِ عَلَى اَلْبُرَاقِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلْعَادِلِ، وَ اَلصَّيِّبِ اَلْهَاطِلِ، صَاحِبِ اَلْمُعْجِزَاتِ وَ اَلْفَضَائِلِ، وَ اَلْبَرَاهِينِ وَ اَلدَّلاَئِلِ. اَلسَّيِّدِ اَلْحَلاَحِلِ، وَ اَلْبَطَلِ اَلْمَنَازِلِ، وَ اَلْيَعْسُوبِ لِلدِّينِ، وَ مَنْ هُوَ لِلْأَحْكَامِ فَاصِلٌ، وَ لِلرُّكُوعِ مُوَاصِلٌ، وَ لِلْمَارِقَةِ مِنَ اَلدِّينِ قَاتِلٌ.

اَلْإِمَامِ اَلْبَطِينِ اَلْأَصْلَعِ، وَ اَلْبَطَلِ اَلْأَوْرَعِ، وَ اَلْهُمَامِ اَلْمُشَفَّعِ، اَلَّذِي هُوَ عَنِ اَلشِّرْكِ أَنْزَعُ.

صَاحِبِ أُحُدٍ وَ حُنَيْنٍ، وَ أَبِي شَبَّرَ وَ شَبِيرٍ. اَلْمُهَذَّبِ اَلْأَنْسَابِ، اَلَّذِي لَمْ يَلْحَقْهُ عَمَهُ اَلْجَاهِلِيَّةِ، وَ لَمْ يَطْعَنْ فِي صَمِيمِهِ بِشَائِبَةٍ مُشَابٍ. حَلِيفِ اَلْمِحْرَابِ، اَلْمُكَنَّى بِأَبِي تُرَابٍ، اَلْمُودَعِ بِأَرْضِ اَلنَّجَفِ، اَلْعَالِي اَلنَّسَبِ وَ اَلشَّرَفِ، مَوْلاَيَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

ص: 489


1- أوردها الصّدوق في عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 216:1، و نقلها المجلسيّ في بحار الأنوار 187:102.

طَالِبٍ، عَلَيْهِ مِنِّي أَفْضَلُ اَلسَّلاَمِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلطَّاهِرَةِ اَلْحَمِيدَةِ، وَ اَلْبَرَّةِ اَلتَّقِيَّةِ اَلرَّشِيدَةِ، اَلنَّقِيَّةِ مِنَ اَلْأَرْجَاسِ، اَلْمُبَرَّأَةِ مِنَ اَلْأَدْنَاسِ، اَلزَّاكِيَةِ اَلْمُفَضَّلَةِ عَلَى نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّعِيدَةِ اَلْمَطْلُوبَةِ بِالْأَحْقَادِ، اَلْمَفْجُوعَةِ بِالْأَوْلاَدِ، اَلْحُورِيَّةِ اَلزَّهْرَاءِ، اَلْمُهَذَّبَةِ مِنَ اَلْخَنَاءِ، اَلْمُشَفَّعَةِ يَوْمَ اَللِّقَاءِ، اِبْنَةِ نَبِيِّكَ، وَ زَوْجَةِ وَلِيِّكَ، وَ أُمِّ شَهِيدِكَ، فَاطِمَةَ اَلاِنْفِطَامِ، مُرَبِّيَةِ اَلْأَيْتَامِ، اَلْعَارِفَةِ بِالشَّرَائِعِ وَ اَلْأَحْكَامِ، عَلَيْهَا مِنْ وَلِيِّهَا أَفْضَلُ اَلسَّلاَمِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلْمَعْصُومِ، وَ اَلسِّبْطِ اَلْمَظْلُومِ، اَلْمُضْطَهَدِ اَلْمَسْمُومِ، بَدْرِ اَلنُّجُومِ، وَ اَلْمُودَعِ بِالْبَقِيعِ، ذِي اَلشَّرَفِ اَلرَّفِيعِ، اَلسَّيِّدِ اَلزَّكِيِّ، وَ اَلْمُهَذَّبِ اَلنَّقِيِّ، أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلْقَتِيلِ، وَ اَلسَّيِّدِ اَلنَّبِيلِ، اَلَّذِي هُوَ لِلرَّسُولِ نَجْلٌ وَ سَلِيلٌ، وَ اَلَّذِي طَهَّرَهُ اَلْجَلِيلُ، وَ اَلَّذِي نَطَقَ بِفَضْلِهِ اَلتَّنْزِيلُ، وَ نَاغَاهُ جَبْرَئِيلُ. سَيِّدُ كُلِّ قَتِيلٍ، اَلَّذِي فَنَّدَهُ أَهْلُ اَلتَّحْرِيفِ وَ اَلتَّبْدِيلِ، اَلَّذِينَ زَخْرَفُوا دِينَهُمْ بِالْأَبَاطِيلِ، وَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اَلتَّحْرِيمِ وَ اَلتَّحْلِيلِ. أَشْبَاهِ أَهْلِ اَلْفِيلِ، عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اَللَّهِ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ، وَ قَبِيلاً بَعْدَ قَبِيلٍ. قَتِيلِ اَلطُّغَاةِ، وَ جَدِيلِ اَلْغُوَاةِ اَلظَّلَمَةِ اَلْبُغَاةِ، اَلْمُسْتَوْدَعِ بِأَرْضِ كَرْبَلاَءَ، اَلَّذِي صَلَّتْ عَلَيْهِ وَ تَوَلَّتْ دَفْنَهُ مَلاَئِكَةُ اَلسَّمَاءِ، اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلنُّورِ اَلسَّاطِعِ، وَ اَلْبَرْقِ اَللاَّمِعِ، وَ اَلْعَالِمِ اَلْبَارِعِ. سَلِيلِ اَلنُّبُوَّةِ، فَطِيمِ اَلْوَصِيَّةِ، خِدْنِ اَلتَّأْوِيلِ، وَ اَلزِّنَادِ اَلْقَادِحِ، وَ اَلضِّيَاءِ اَللاَّئِحِ، وَ اَلْبَحْرِ اَلرَّابِحِ، بُرْجِ اَلْبُرُوجِ، ذو [ذِي] اَلثَّفِنَاتِ (1)، رَاهِبِ اَلْعَرَبِ، اَلسَّجَّادِ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ، اَلْبَكَّاءِ

ص: 490


1- الثفنة: و هي ما يقع على الارض من الاعضاء إذا سجد الانسان، كالركبتين و الجبهة إذا غلظت بسبب السّجود و غيره من العبادات. انظر: الصّحاح - ثفن - 2088:5.

عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلصَّادِقِ اَلْمَقَالِ، اَلْمِفْضَالِ، اَلْمُجِيبِ عَنْ كُلِّ سُؤَالٍ، اَلْمُخْبِرِ عَنِ اَللَّهِ بِالْأَرْزَاقِ وَ اَلْآجَالِ، اَلَّذِي لاَ يَعْرِفُ اَلْكَذِبَ وَ لاَ اَلاِنْتِحَالَ، اَلْبَعِيدِ اَلشَّبِيهِ وَ اَلْمِثَالِ، اَلْإِمَامِ اَلْمَعْصُومِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِ اَلْعُلُومِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلصَّادِقِ، مُبَيِّنِ اَلْمُشْكِلاَتِ، وَ مُظْهِرِ اَلْحَقَائِقِ، اَلْمُفْحِمِ بِحُجَّتِهِ كُلَّ نَاطِقٍ، مُخْرِسِ أَلْسِنَةِ أَهْلِ اَلْجِدَالِ، مُسَكِّنِ اَلشَّقَاشِقِ، اَلْعَلِيمِ عِنْدَ أَهْلِ اَلْمَغَارِبِ وَ اَلْمَشَارِقِ، جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلتَّقِيِّ، وَ اَلْمُخْلِصِ اَلصَّفِيِّ، وَ اَلنُّورِ اَلْأَحْمَدِيِّ، وَ اَلشِّهَابِ اَلْمُضِيءِ. عُرْوَةِ اَللَّهِ اَلْوُثْقَى، اَلَّتِي مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَوَى، اَلنُّورِ اَلْأَنْوَرِ، وَ اَلضِّيَاءِ اَلْأَزْهَرِ، مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلرَّضِيِّ، وَ اَلشَّيْخِ اَلْعَلَوِيِّ، اَلْمُحْكَمِ فِي إِمْضَاءِ حُكْمِهِ فِي اَلنُّفُوسِ، اَلْمُسْتَوْدَعِ بِأَرْضِ طُوسَ، عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَابِ اَلْأَقْصَدِ، وَ اَلطَّرِيقِ اَلْأَرْشَدِ، وَ اَلْعَالِمِ اَلْمُؤَيَّدِ، يَنْبُوعِ اَلْحِكَمِ، وَ مِصْبَاحِ اَلظُّلَمِ، سَيِّدِ اَلْعَرَبِ وَ اَلْعَجَمِ، اَلْهَادِي إِلَى اَلرَّشَادِ، اَلْمُوَفَّقِ بِالتَّأْيِيدِ وَ اَلسَّدَادِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْجَوَادِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ مِنْحَةِ اَلْجَبَّارِ، اَلْمُخْتَارِ مِنَ اَلْمَهْدِيِّينَ اَلْأَبْرَارِ، اَلْمُخْبِرِ عَمَّا غَبَرَ مِنَ اَلْأَخْبَارِ، اَلَّذِي كَانَ لَهُ اَلْقُرْآنُ دِثَاراً وَ شِعَاراً، سَيِّدِ اَلْوَرَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْمَوْلُودِ بِالْعَسْكَرِ، اَلَّذِي حَذَّرَ بِمَوَاعِظِهِ وَ أَنْذَرَ، عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلْمُنَزَّهِ عَنِ اَلْمَآثِمِ، اَلْمُطَهَّرِ مِنَ اَلْمَظَالِمِ، اَلْحِبْرِ اَلْعَالِمِ، اَلَّذِي لَمْ تَأْخُذْهُ فِي اَللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، اَلْعَالِمِ بِالْأَحْكَامِ، اَلْمَغِيبِ وَلَدُهُ عَنْ عُيُونِ اَلْأَنَامِ. اَلْبَدْرِ اَلتَّمَامِ، اَلتَّقِيِّ اَلنَّقِيِّ، اَلطَّاهِرِ اَلزَّكِيِّ، أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِمَا

ص: 491

اَلسَّلاَمُ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْإِمَامِ اَلْعَالِمِ، اَلْغَائِبِ عَنِ اَلْأَبْصَارِ، وَ اَلْحَاضِرِ فِي اَلْأَمْصَارِ، وَ اَلْغَائِبِ عَنِ اَلْعُيُونِ، وَ اَلْحَاضِرِ فِي اَلْأَفْكَارِ، بَقِيَّةِ اَلْأَخْيَارِ، اَلْوَارِثِ ذَا اَلْفَقَارِ، اَلَّذِي يَظْهَرُ فِي بَيْتِ اَللَّهِ اَلْحَرَامِ ذِي اَلْأَسْتَارِ، وَ يُنَادِي بِشِعَارِ: يَا ثَارَاتِ اَلْحُسَيْنِ، أَنَا اَلطَّالِبُ بِالْأَوْتَارِ، أَنَا قَاصِمُ كُلِّ جَبَّارٍ. اَلْقَائِمِ اَلْمُنْتَظَرِ، اِبْنِ اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَفْضَلُ اَلسَّلاَمِ.

اَللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ، وَ سَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَ أَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَ اِجْعَلْنَا مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ، اَلذَّابِّينَ عَنْهُ، وَ اَلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، وَ اَلْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَقَبَّلْ مِنَّا اَلْأَعْمَالَ، وَ بَلِّغْنَا بِرَحْمَتِكَ جَمِيعَ اَلْآمَالِ، وَ اِفْسَحْ لَنَا اَلْآجَالَ. اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ اَلرِّضَا وَ اَلْعَفْوَ عَمَّا مَضَى، وَ اَلتَّوْفِيقَ لِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى.

ثُمَّ تُقَبِّلُ اَلتُّرْبَةَ وَ تَنْصَرِفُ مَغْبُوطاً، إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

و قد مضى في الفصل الخامس شرح زيارة يونس بن متى، و هي أيضا من الزيارات الجامعة، فتؤخذ من هناك.

ص: 492


1- اوردها ابن المشهدي في مزاره: 121، و نقلها المجلسي في بحار الانوار 191:102.

الفصل التاسع عشر في زيارات جامعة من وجه مذكور و مختصة من وجه آخر مأثور

اشارة

و فيه أربع زيارات:

الزيارة الأولى لسائر الأئمة عليهم السّلام، في أيام رجب خاصة

قَالَ أَبُو اَلْقَاسِمِ بْنُ رُوحٍ قَدَّسَ اَللَّهُ رُوحَهُ: مَنْ زَارَ بِهَذِهِ اَلزِّيَارَةِ أَحَدَ مَشَاهِدِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ لَمْ يَرْجِعْ إِلاَّ وَ قَدْ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ، وَ أُجِيبَ دُعَاؤُهُ فِي اَلدِّينِ وَ اَلدُّنْيَا.

فَإِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى قَبْرِ اَلْإِمَامِ اَلْمَقْصُودِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ قُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَشْهَدَنَا مَشْهَدَ أَوْلِيَائِهِ فِي رَجَبٍ، أَوْجَبَ عَلَيْنَا مِنْ حَقِّهِمْ مَا قَدْ وَجَبَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلْمُنْتَجَبِ، وَ عَلَى أَوْصِيَائِهِ اَلْحُجُبِ.

اَللَّهُمَّ فَكَمَا أَشْهَدْتَنَا مَشْهَدَهُمْ، فَأَنْجِزْ لَنَا مَوْعِدَهُمْ، وَ أَوْرِدْنَا مَوْرِدَهُمْ، غَيْرَ مُحَلَّئِينَ عَنْ وِرْدٍ فِي دَارِ اَلْمُقَامَةِ وَ اَلْخُلْدِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ.

إِنِّي قَصَدْتُكُمْ وَ اِعْتَمَدْتُكُمْ بِمَسْأَلَتِي وَ حَاجَتِي، وَ هِيَ فَكَاكُ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَ اَلْمُقِرُّ مَعَكُمْ فِي دَارِ اَلْقَرَارِ مَعَ شِيعَتِكُمُ اَلْأَبْرَارِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ.

ص: 493

أَنَا سَائِلُكُمْ وَ آمِلُكُمْ فِيمَا إِلَيْكُمُ اَلتَّفْوِيضُ، وَ عَلَيْكُمُ اَلتَّعْوِيضُ، فَبِكُمْ يُجْبَرُ اَلْمَهِيضُ، وَ يُشْفَى اَلْمَرِيضُ، وَ مَا تَزْدَادُ اَلْأَرْحَامُ وَ مَا تَغِيظُ.

إِنِّي لِسِرِّكُمْ مُؤْمِنٌ، وَ لِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ، وَ عَلَى اَللَّهِ بِكُمْ مُقْسِمٌ فِي رَجْعَتِي بِحَوَائِجِي وَ قَضَائِهَا، وَ إِمْضَائِهَا، وَ إِنْجَاحِهَا، وَ إِبْرَاحِهَا، وَ بِشُئُونِي لَدَيْكُمْ وَ صَلاَحِهَا، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ سَلاَمَ مُوَدِّعٍ، وَ لَكُمْ حَوَائِجَهِ مُودِعٌ، يَسْأَلُ اَللَّهَ إِلَيْكُمُ اَلْمَرْجِعَ، وَ سَعْيُهُ إِلَيْكُمْ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، وَ أَنْ يُرْجِعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِعٍ، إِلَى جَنَابٍ مُمْرِعٍ، وَ خَفْضِ عَيْشٍ مُوَسَّعٍ، وَ دَعَةٍ، وَ مَهْلٍ إِلَى حِينِ اَلْأَجَلِ، وَ خَيْرِ مَصِيرٍ وَ مَحَلٍّ فِي اَلنَّعِيمِ اَلْأَزَلِ، وَ اَلْعَيْشِ اَلْمُقْتَبَلِ، وَ دَوَامِ اَلْأَكْلِ وَ شُرْبِ اَلرَّحِيقِ وَ اَلسَّلْسَلِ، وَ عَلٍّ وَ نَهَلٍ، لاَ سَأَمَ فِيهِ وَ لاَ مَلَلَ، وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ حَتَّى اَلْعَوْدِ إِلَى حَضْرَتِكُمْ، وَ اَلْفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ، وَ اَلْحَشْرِ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ صَلَوَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ (1).

ص: 494


1- اوردها الطوسي في مصباحه: 755، و المصنف في اقبال الاعمال: 631، و نقلها المجلسي في بحار الانوار 195:102.

الزيارة الثانية مشتركة بين الإمامين المطهّرين علي بن محمّد الهادي، و الحسن بن علي العسكري عليهما السّلام

و لأجل اشتراكها بينهما لم نضعها في ما يختص بكلّ واحد منهما، و رأينا هذا الفصل أليق بذكرها.

فإذا أردت زيارتهما صلوات اللّه عليهما، فتستأذن عليهما بما قدّمناه في الفصل الخامس عشر، ثم تدخل مقدّما رجلك اليمنى،

فإذا وقفت على قبريهما صلوات اللّه عليهما فقف عندهما، و اجعل القبلة بين كتفيك، و كبّر اللّه (مائة تكبيرة) و قل:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا وَلِيَّيِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا حَبِيبَيِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا حُجَّتَيِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا نُورَيِ اَللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ اَلْأَرْضِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا أَمِينَيِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا سَيِّدَيِ اَلْأُمَّةِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا حَافِظَيِ اَلشَّرِيعَةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا تَالِيَيْ كِتَابِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا وَارِثَيِ اَلْأَنْبِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا خَازِنَيْ عِلْمِ اَلْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا عَلَمَيِ اَلْهُدَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا مَنَارَيِ اَلتُّقَى، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا عُرْوَتَيِ اَللَّهِ اَلْوُثْقَى.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا سَاكِنَيْ ذِكْرِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا حَامِلَيْ سِرِّ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا مَعْدِنَيْ كَلِمَةِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا اِبْنَيْ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا اِبْنَيْ وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا قُرَّتَيْ عَيْنِ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ اَلنِّسَاءِ.

ص: 495

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا يَا اِبْنَيِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَعْصُومِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى آبَائِكُمَا اَلطَّاهِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى وَلَدِكُمَا اَلْحُجَّةِ عَلَى اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمَا وَ أَجْسَادِكُمَا وَ أَبْدَانِكُمَا وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

بِأَبِي أَنْتُمَا وَ أُمِّي وَ أَهْلِي وَ مَالِي يَا اِبْنَيْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَتَيْتُكُمَا زَائِراً لَكُمَا، عَارِفاً بِحَقِّكُمَا، مُؤْمِناً بِمَا آمَنْتُمَا بِهِ، كَافِراً بِمَا كَفَرْتُمَا بِهِ، مُحَقِّقاً لِمَا حَقَّقْتُمَا، مُبْطِلاً لِمَا أَبْطَلْتُمَا، مُوَالِياً لَكُمَا، مُعَادِياً لِأَعَادِيكُمَا وَ مُبْغِضاً لَهُمْ، مُسَالِماً لِمَنْ سَالَمْتُمَا، مُحَارِباً لِمَنْ حَارَبْتُمَا، عَارِفاً بِفَضْلِكُمَا، مُحْتَمِلاً لِعِلْمِكُمَا، مُحْتَجِباً بِذِمَّتِكُمَا، مُؤْمِناً بِإِيَابِكُمَا(1)، مُصَدِّقاً بِدَوْلَتِكُمَا، مُرْتَقِباً لِأَمْرِكُمَا، مُعْتَرِفاً بِشَأْنِكُمَا وَ بِالْهُدَى اَلَّذِي أَنْتُمَا عَلَيْهِ، مُسْتَبْصِراً بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَكُمَا، وَ بِالْعَمَى اَلَّذِي هُمْ عَلَيْهِ.

أَسْأَلُ اَللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمَا أَنْ يَجْعَلَ حَظِّي مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاكُمَا اَلصَّلاَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَنْ يَرْزُقَنِي شَفَاعَتَكُمَا، وَ لاَ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا، وَ لاَ يَسْلُبَنِي حُبَّكُمَا وَ حُبَّ آبَائِكُمَا اَلصَّالِحِينَ، وَ أَنْ يَحْشُرَنِي مَعَكُمَا، وَ يَجْمَعَ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا فِي جَنَّتِهِ بِرَحْمَتِهِ وَ فَضْلِهِ.

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى قَبْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَقَبَّلْهُ، وَ تَضَعُ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَيْهِ وَ اَلْأَيْسَرَ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي حُبَّهُمْ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى وَلاَيَتِهِمْ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ ظَالِمِي آلِ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَ اِنْتَقِمْ مِنْهُمْ، اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ ضَاعِفْ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَ اِبْنِ نَبِيِّكَ، وَ اِجْعَلْ فَرَجَنَا مَقْرُوناً بِفَرَجِهِمْ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ أَتَيْتُ لِزِيَارَةِ هَؤُلاَءِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَعْصُومِينَ رَجَاءً لِجَزِيلِ اَلثَّوَابِ،

ص: 496


1- في نسخنا: بآبائكما، و اثبتنا ما في نسخة المجلسيّ لانه الصّواب و كما يقتضيه السّياق.

وَ فِرَاراً مِنْ سُوءِ اَلْحِسَابِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِأَوْلِيَائِكَ اَلدَّالِّينَ عَلَيْكَ، فِي غُفْرَانِ ذُنُوبِي، وَ حَطِّ سَيِّئَاتِي، وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ فِي هَذِهِ اَلْبُقْعَةِ اَلْمُبَارَكَةِ اَلشَّرِيفَةِ.

اَللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ مِنِّي وَ جَازِنِي عَلَى حُسْنِ نِيَّتِي، وَ صَالِحِ عَقِيدَتِي، وَ صِحَّةِ مُوَالاَتِي، أَفْضَلَ مَا جَازَيْتَ أَحَداً مِنْ عَبِيدِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَدِمْ لِي مَا خَوَّلْتَنِي، وَ اِسْتَعْمِلْنِي صَالِحاً فِي مَا آتَيْتَنِي، وَ لاَ تَجْعَلْنِي أَخْسَرَ وَارِدٍ إِلَيْهِمْ، وَ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ وَ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ اَلْحَلاَلِ اَلطَّيِّبِ، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ رُفَقَاءِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ حُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَ مَعَاصِيكَ حَتَّى لاَ أَعْصِيَكَ، وَ أَعِنِّي عَلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ أَوْلِيَائِكَ، حَتَّى لاَ تَفْقِدَنِي حَيْثُ أَمَرْتَنِي، وَ لاَ تَرَانِي حَيْثُ نَهَيْتَنِي.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ لِي وَ اِرْحَمْنِي، وَ اُعْفُ عَنِّي وَ عَنْ جَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَعِذْنِي مِنْ هَوْلِ اَلْمُطَّلَعِ، وَ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، وَ مِنْ ظُلْمَةِ اَلْقَبْرِ وَ وَحْشَتِهِ، وَ مِنْ مَوَاقِفِ اَلْخِزْيِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْ جَائِزَتِي فِي مَوْقِفِي هَذَا غُفْرَانَكَ، وَ تُحْفَتَكَ فِي مَقَامِي هَذَا عِنْدَ أَئِمَّتِي وَ مَوَالِيَّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَنْ تُقِيلَ عَثْرَتِي، وَ تَقْبَلَ مَعْذِرَتِي، وَ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي، وَ تَجْعَلَ اَلتَّقْوَى زَادِي، وَ مَا عِنْدَكَ خَيْراً لِي فِي مَعَادِي، وَ تَحْشُرَنِي فِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ تَغْفِرَ لِي وَ لِوَالِدَيَّ، فَإِنَّكَ خَيْرُ مَرْغُوبٍ إِلَيْهِ، وَ أَكْرَمُ مَسْئُولٍ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَ لِكُلِّ وَافِدٍ كَرَامَةٌ، وَ لِكُلِّ زَائِرٍ جَائِزَةٌ، فَاجْعَلْ جَائِزَتِي فِي مَوْقِفِي هَذَا غُفْرَانَكَ، وَ اَلْجَنَّةَ لِي وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ.

اَللَّهُمَّ وَ أَنَا عَبْدُكَ اَلْخَاطِئُ اَلْمُذْنِبُ اَلْمُقِرُّ بِذَنْبِهِ، فَأَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ يَا كَرِيمُ بِحَقِّ

ص: 497

مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ لاَ تَحْرِمْنِي اَلْأَجْرَ وَ اَلثَّوَابَ مِنْ فَضْلِ عَطَائِكَ، وَ كَرِيمِ تَفَضُّلِكَ.

يَا مَوْلاَيَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَ يَا مَوْلاَيَ أَبَا مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَتَيْتُكُمَا زَائِراً لَكُمَا، أَتَقَرَّبُ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ إِلَيْكُمَا وَ إِلَى أَبِيكُمَا وَ إِلَى أُمِّكُمَا بِذَلِكَ، أَرْجُو بِزِيَارَتِكُمَا فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، فَاشْفَعَا لِي عِنْدَ رَبِّكُمَا فِي إِجَابَةِ دُعَائِي، وَ غُفْرَانِ ذُنُوبِي، وَ ذُنُوبِ وَالِدَيَّ وَ إِخْوَانِيَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أَخَوَاتِيَ اَلْمُؤْمِنَاتِ.

يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، يَا رَحْمَانُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحْمَانُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِسْتَجِبْ دُعَائِي فِي مَا سَأَلْتُكَ، وَ صَلِّ بِذَلِكَ مَنْ بِمَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا.

يَا اَللَّهُ يَا كَرِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ اَلْحَلِيمُ اَلْكَرِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ، سُبْحَانَ اَللَّهِ رَبِّ اَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ وَ رَبِّ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ، وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ وَ رَبِّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ، وَ سَلاَمٌ عَلَى اَلْمُرْسَلِينَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ اَلصَّلاَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِّ وَ آلِهِ اَلطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

ثُمَّ تُصَلِّي عِنْدَ اَلضَّرِيحِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ، فَإِذَا فَرَغْتَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ دَعَوْتَ بِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَقِيبَ زِيَارَةِ اَلْجَوَادِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي اَلْفَصْلِ اَلرَّابِعَ عَشَرَ، وَ هُوَ قَوْلُهُ: اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلرَّبُّ وَ أَنَا اَلْمَرْبُوبُ... بِتَمَامِهِ.

وَ وَدَاعُ هَذِهِ اَلزِّيَارَةِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ اَلْفَصْلِ اَلسَّادِسَ عَشَرَ مِنْ هَذَا اَلْكِتَابِ، وَ اَللَّهُ اَلْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ (1).

ص: 498


1- اوردها الصدوق في الفقيه 368:2، و نقلها المجلسي في بحار الأنوار 73:102.

الزيارة الثالثة لهما عليهما السّلام

على صفة ما تقدّم،

تَقِفُ عَلَيْهِمَا وَ أَنْتَ عَلَى غُسْلٍ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَعْصُومِينَ مِنْ وُلْدِهِ اَلْمَهْدِيِّينَ، اَلَّذِينَ أَمَرُوا بِطَاعَةِ اَللَّهِ، وَ قَرَّبُوا أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ، وَ اِجْتَنَبُوا مَعْصِيَةَ اَللَّهِ، وَ جَاهَدُوا أَعْدَاءَهُ، وَ دَحَضُوا حِزْبَ اَلشَّيْطَانِ اَلرَّجِيمِ، وَ هُدُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا أَيُّهَا اَلْإِمَامَانِ اَلطَّاهِرَانِ اَلصِّدِّيقَانِ، اَللَّذَانِ اِسْتَنْقَذَا اَلْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُخَالَطَةِ اَلْفَاسِقِينَ، وَ حَقَنَا دِمَاءَ اَلْمُحِبِّينَ بِمُدَارَاةِ اَلْمُبْغِضِينَ. أَشْهَدُ أَنَّكُمَا حُجَّتَا اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَ سِرَاجَا أَرْضِهِ وَ بِلاَدِهِ، وَ تَجَرَّعْتُمَا فِي رَبِّكُمَا غَيْظَ اَلظَّالِمِينَ، وَ صَبَرْتُمَا فِي مَرْضَاتِهِ عَلَى عِنَادِ اَلْمُعَانِدِينَ، حَتَّى أَقَمْتُمَا مَنَارَ اَلدِّينِ، وَ أَبَنْتُمَا اَلشَّكَّ مِنَ اَلْيَقِينِ، فَلَعَنَ اَللَّهُ مَانِعَكُمَا اَلْحَقَّ، وَ اَلْبَاغِيَ عَلَيْكُمَا مِنَ اَلْخَلْقِ.

ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَيْنِ إمامي [إِمَامَايَ] قَائِدَايَ، وَ بِهِمَا وَ بِآبَائِهِمَا أَرْجُو اَلزُّلْفَةَ لَدَيْكَ يَوْمَ قُدُومِي عَلَيْكَ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلاَئِكَتِكَ أَنَّهُمَا عَبْدَانَ لَكَ، اِصْطَفَيْتَهُمَا وَ فَضَّلْتَهُمَا، وَ تَعَبَّدْتَ خَلْقَكَ بِمُوَالاَتِهِمَا، وَ أَذَقْتَهُمَا اَلْمَنِيَّةَ اَلَّتِي كَتَبْتَ عَلَيْهِمَا، وَ مَا ذَاقَا فِيكَ أَعْظَمُ مِمَّا ذَاقَا مِنْكَ، وَ جَمَعْتَنِي وَ إِيَّاهُمَا فِي اَلدُّنْيَا عَلَى صِحَّةِ اَلاِعْتِقَادِ فِي طَاعَتِكَ، فَاجْمَعْنِي وَ إِيَّاهُمَا فِي جَنَّتِكَ، يَا مَنْ حَفِظَ اَلْكَنْزَ بِإِقَامَةِ اَلْجِدَارِ، وَ حَرَسَ مُحَمَّداً صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْغَارِ، وَ نَجَّى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنَ اَلنَّارِ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّنِ اِعْتَقَدَ فِيهِمَا اَللاَّهُوتَ، وَ قَدَّمَ عَلَيْهِمَا اَلطَّاغُوتَ،

ص: 499

اَللَّهُمَّ اِلْعَنِ اَلنَّاصِبَةَ اَلْجَاحِدِينَ، وَ اَلْمُسْرِفِينَ اَلْغَالِينَ، وَ اَلشَّاكِّينَ اَلْمُقَصِّرِينَ، وَ اَلْمُفَوِّضِينَ.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَسْمَعُ كَلاَمِي، وَ تَرَى مَقَامِي، وَ عِلْمُكَ مُحِيطٌ بِمَا خَلْفِي وَ أَمَامِي، فَاحْرُسْنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ يُخْرِجُ دِينِي، وَ اِكْفِنِي كُلَّ شُبْهَةٍ تشكل [تُشَكِّكُ] يَقِينِي، وَ أَشْرِكْ فِي دُعَائِي إِخْوَانِي وَ مَنْ أَمْرُهُ يَعْنِينِي.

اَللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مَوْقِفٌ خُضْتُ إِلَيْهِ اَلْمَتَالِفَ، وَ قَطَعْتُ دُونَهُ اَلْمَخَاوِفَ، طَلَباً أَنْ تَسْتَجِيبَ فِيهِ دُعَائِي، وَ أَنْ تُضَاعِفَ فِيهِ حَسَنَاتِي، وَ أَنْ تَمْحُوَ فِيهِ سَيِّئَاتِي.

اَللَّهُمَّ فَأَعْطِنِي وَ إِخْوَانِي مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ شِيعَتِهِمْ، وَ أَهْلِ حُزَانَتِي وَ أَوْلاَدِي وَ قَرَابَاتِي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ مُزْلِفٍ فِي اَلدُّنْيَا، وَ مُحْظٍ فِي اَلْآخِرَةِ، وَ اِصْرِفْ عَنْ جَمْعِنَا كُلَّ شَرٍّ يُورِثُ فِي اَلدُّنْيَا عُدْماً، وَ يَحْجُبُ غَيْثَ اَلسَّمَاءِ، وَ يُعَقِّبُ فِي اَلْآخِرَةِ نَدَماً.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِسْتَجِبْ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ.

ثُمَّ تَخْرُجُ عَنْهُمَا وَ لاَ تُوَلِّ ظَهْرَكَ إِلَيْهِمَا، وَ اِمْضِ إِلَى اَلسِّرْدَابِ فَزُرْ صَاحِبَ اَلْأَمْرِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ اَلزِّيَارَاتِ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى.

ص: 500

الزيارة الرابعة جامعة للنبي و سائرهم صلوات اللّه عليهم من البعد خاصة

رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَزُورَ قَبْرَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ قَبْرَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ فَاطِمَةَ، وَ اَلْحَسَنِ، وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ قُبُورَ اَلْحُجَجِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ وَ هُوَ فِي بَلَدِهِ، فَلْيَغْتَسِلْ فِي يَوْمِ اَلْجُمُعَةِ، وَ لْيَلْبَسْ ثَوْبَيْنِ نَظِيفَيْنِ، وَ لْيَخْرُجْ إِلَى فَلاَةٍ مِنَ اَلْأَرْضِ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِيهِنَّ مَا تَيَسَّرَ مِنَ اَلْقُرْآنِ، فَإِذَا تَشَهَّدَ وَ سَلَّمَ فَلْيَقُمْ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ وَ لْيَقُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ اَلْمُرْسَلُ، وَ اَلْوَصِيُّ اَلْمُرْتَضَى، وَ اَلسَّيِّدَةُ اَلْكُبْرَى، وَ اَلسَّيِّدَةُ اَلزَّهْرَاءُ، وَ اَلسِّبْطَانِ اَلْمُنْتَجَبَانِ، وَ اَلْأَوْلاَدُ، وَ اَلْأَعْلاَمُ، وَ اَلْأُمَنَاءُ اَلْمُسْتَخْزَنُونَ، جِئْتُ اِنْقِطَاعاً إِلَيْكُمْ وَ إِلَى آبَائِكُمْ وَ وَلَدِكُمُ اَلْخَلَفِ عَلَى تركة [بَرَكَةِ] اَلْحَقِّ، فَقَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَحْكُمَ اَللَّهُ بِدِينِهِ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوِّكُمْ، إِنِّي مِنَ اَلْقَائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ، مُقِرٌّ بِرَجْعَتِكُمْ، لاَ أُنْكِرُ لِلَّهِ قُدْرَةً، وَ لاَ أَزْعُمُ إِلاَّ مَا شَاءَ اَللَّهُ، سُبْحَانَ اَللَّهِ بِأَسْمَاءِ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ».

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: اِفْعَلْ ذَلِكَ عَلَى سَطْحِ دَارِكَ (1).

ص: 501


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 77:102.

الفصل العشرون في زيارة قبور أولاد الأئمة الطاهرين، و كيفية زيارة قبور المؤمنين و غير ذلك من الأسباب المتعلّقة بهذا الكتاب

اشارة

نبتدئ في هذا الفصل بزيارة قبور أولاد الأئمة عليهم السّلام، ثم بزيارة سلمان رضوان اللّه عليه، ثم بما يختص بقبور المؤمنين، ثم بزيارة أبواب الحجّة عليه السّلام، ثم نتبع ذلك بذكر النائب عن غيره في الزيارة متطوعا أو مأمورا، و بما يقتضيه الفصل من أمور مجموعة، نختم ذلك بذكر مقتل الحسين عليه السّلام ان شاء اللّه تعالى.

ص: 502

ذكر زيارة قبور أولاد الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليهم

إذا أردت زيارة أحد منهم، كالقاسم بن الكاظم، أو العبّاس ابن أمير المؤمنين، أو علي بن الحسين المقتول بالطف، و من جرى في الحكم مجراهم،

تَقِفُ عَلَى قَبْرِ الْمَزُورِ مِنْهُمْ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلسَّيِّدُ اَلزَّكِيُّ، اَلطَّاهِرُ اَلْوَلِيُّ، وَ اَلدَّاعِي اَلْحَفِيُّ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُلْتَ حَقّاً وَ نَطَقْتَ حَقّاً وَ صِدْقاً، وَ دَعَوْتَ إِلَى مَوْلاَيَ وَ مَوْلاَكَ عَلاَنِيَةً وَ سِرّاً، فَازَ مُسْعِدُكَ، وَ نَجَا مُصَدِّقُكَ، وَ خَابَ وَ خَسِرَ مُكَذِّبُكَ وَ اَلْمُتَخَلِّفُ عَنْكَ. اِشْهَدْ لِي بِهَذِهِ اَلشَّهَادَةِ (1) لِأَكُونَ مِنَ اَلْفَائِزِينَ بِمَعْرِفَتِكَ وَ طَاعَتِكَ، وَ تَصْدِيقِكَ وَ اِتِّبَاعِكَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي وَ اِبْنَ سَيِّدِي، أَنْتَ بَابُ اَللَّهِ اَلْمُؤْتَى مِنْهُ وَ اَلْمَأْخُوذُ عَنْهُ، أَتَيْتُكَ زَائِراً، وَ حَاجَاتِي لَكَ مُسْتَوْدَعاً، وَ هَا أَنَا ذَا أَسْتَوْدِعُكَ دِينِي وَ أَمَانَتِي وَ خَوَاتِيمَ عَمَلِي وَ جَوَامِعَ أَمَلِي إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

زيارة أخرى يزارون بها أيضا سلام اللّه عليهم

تَقُولُ (2):

اَلسَّلاَمُ عَلَى جَدِّكَ اَلْمُصْطَفَى، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبِيكَ اَلْمُرْتَضَى اَلرِّضَا، اَلسَّلاَمُ

ص: 503


1- في نسخنا: عندك، و لم تردّ في نسخة المجلسيّ و الّتي هي أقرب للصّواب لعدم اتّفاق الكلمة مع سياق الزّيارة، أو لعلّ هناك تصحيف في هذه الكلمة حيث لعلّها كانت: عند اللّه، و اللّه تعالى أعلم.
2- في نسخة «م» زيادة: السّلام على رسول اللّه محمّد بن عبد اللّه خاتم النّبيّين، السّلام على سيّد الوصيّين، السّلام على الأئمّة المعصومين الرّاشدين، السّلام على الملائكة المقرّبين، السّلام عليك يا صاحب رسول اللّه الامين، السّلام عليك يا بقيّة اللّه من البررة الماضين.

عَلَى اَلسَّيِّدَيْنِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَى خَدِيجَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ أُمِّ اَلْأَئِمَّةِ اَلطَّاهِرِينَ.

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلنُّفُوسِ اَلْفَاخِرَةِ، بُحُورِ اَلْعُلُومِ اَلزَّاخِرَةِ، شُفَعَائِي فِي اَلْآخِرَةِ، وَ أَوْلِيَائِي عِنْدَ عَوْدِ اَلرُّوحِ إِلَى اَلْعِظَامِ اَلنَّخِرَةِ، أَئِمَّةِ اَلْخَلْقِ، وَ وُلاَةِ اَلْحَقِّ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلشَّخْصُ اَلشَّرِيفُ اَلطَّاهِرُ اَلْكَرِيمُ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ مُصْطَفَاهُ، وَ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّهُ وَ مُجْتَبَاهُ، وَ أَنَّ اَلْإِمَامَةَ فِي وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، نَعْلَمُ ذَلِكَ عِلْمَ اَلْيَقِينِ، وَ نَحْنُ لِذَلِكَ مُعْتَقِدُونَ، وَ فِي نَصْرِهُمْ مُجْتَهِدُونَ (1).

ص: 504


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 272:102.

ذكر زيارات تختص بأبي عبد اللّه سلمان الفارسي رضوان اللّه عليه

اشارة

تَقِفُ عَلَى قَبْرِهِ وَ تَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ وَ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ سَيِّدِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَعْصُومِينَ اَلرَّاشِدِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْمُقَرَّبِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اَللَّهِ اَلْأَمِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُوَدِّعَ أَسْرَارِ اَلسَّادَةِ اَلْمَيَامِينِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اَللَّهِ مِنَ اَلْبَرَرَةِ اَلْمَاضِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ أَطَعْتَ اَللَّهَ كَمَا أَمَرَكَ، وَ اِتَّبَعْتَ اَلرَّسُولَ كَمَا نَدَبَكَ، وَ تَوَلَّيْتَ خَلِيفَتَهُ كَمَا أَلْزَمَكَ، وَ دَعَوْتَ إِلَى اَلاِهْتِمَامِ بِذُرِّيَّتِهِ كَمَا وَقَّفَكَ، وَ عَلِمْتَ اَلْحَقَّ يَقِيناً، وَ اِعْتَمَدْتَهُ كَمَا أَمَرَكَ (1).

أَشْهَدُ أَنَّكَ بَابُ وَصِيِّ اَلْمُصْطَفَى وَ طَرِيقُ حُجَّةِ اَللَّهِ اَلْمُرْتَضَى، وَ أَمِينُ اَللَّهِ فِي مَا اِسْتَوْدَعْتَ مِنْ عُلُومِ اَلْأَصْفِيَاءِ. أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ اَلنَّبِيِّ اَلنُّجَبَاءِ اَلْمُخْتَارِينَ لِنُصْرَةِ اَلْوَصِيِّ. أَشْهَدُ أَنَّكَ صَاحِبُ اَلْعَاشِرَةِ، وَ اَلْبَرَاهِينِ وَ اَلدَّلاَئِلِ اَلْقَاهِرَةِ، وَ أَقَمْتَ اَلصَّلاَةَ وَ آتَيْتَ اَلزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ أَدَّيْتَ اَلْأَمَانَةَ، وَ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، وَ صَبَرْتَ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِهِ حَتَّى أَتَاكَ اَلْيَقِينُ.

لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ جَحَدَكَ حَقَّكَ، وَ حَطَّ مِنْ قَدْرِكَ، لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ آذَاكَ فِي مَوَالِيكَ، لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ أَعْنَتَكَ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ، لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ لاَمَكَ فِي سَادَاتِكَ، لَعَنَ اَللَّهُ عَدُوَّ

ص: 505


1- في نسخة «ع» و «ه»: اراك.

آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ، مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ.

صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ عَلَيْكَ يَا مَوْلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى رُوحِكَ اَلطَّيِّبَةِ، وَ جَسَدِكَ اَلطَّاهِرِ، وَ أَلْحَقَنَا بِمَنِّهِ وَ رَأْفَتِهِ إِذَا تَوَفَّانَا بِكَ وَ بِمَحَلِّ اَلسَّادَةِ اَلْمَيَامِينِ، وَ جَمَعَنَا مَعَهُمْ بِجَوَارِهِمْ فِي جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ.

صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى إِخْوَانِكَ اَلشِّيعَةِ اَلْبَرَرَةِ مِنَ اَلسَّلَفِ اَلْمَيَامِينِ، وَ أَدْخَلَ اَلرَّوْحَ وَ اَلرِّضْوَانَ عَلَى اَلْخَلَفِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَلْحَقَنَا وَ إِيَّاهُمْ بِمَنْ تَوَلاَّهُ مِنَ اَلْعِتْرَةِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ عَلَيْكَ وَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ تَقْرَأُ إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ صَلِّ مَنْدُوباً مَا بَدَا لَكَ.

فَإِذَا أَرَدْتَ وَدَاعَهُ رَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِالْوَدَاعِ اَلَّذِي نَذْكُرُهُ عَقِيبَ مَا يَأْتِي مِنْ زِيَارَاتِهِ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (1).

ص: 506


1- اوردها ابن المشهدي في مزاره: 287، و نقلها المجلسي في بحار الانوار 287:102.

زيارة أخرى لسلمان الفارسي رضي اللّه عنه

تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ عَلَى آلِهِ اَلْأَئِمَّةِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ أَجْمَعِينَ، وَ مَلاَئِكَتِهِ اَلْمُقَرَّبِينَ، وَ عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ، وَ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُخْلِصُ اَلنَّاصِحُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ خَلَطَهُ إِيمَانُهُ بِأَهْلِ اَلْبَيْتِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ بَاعَدَهُ إِسْلاَمُهُ مِنْ جُمْلَةِ اَلْكُفَّارِ وَ اَلْمُشْرِكِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ وَ وَصِيَّهُ، وَ صَاحِبَ رَسُولِهِ وَ صَفِيِّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلطَّائِعُ اَلْعَابِدُ، اَلْخَاشِعُ اَلزَّاهِدُ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ عِشْتَ حَمِيداً، وَ مَضَيْتَ سَعِيداً، لَمْ تَنْكُثْ عَهْداً، وَ لاَ حَلَلْتَ مِنَ اَلشَّرْعِ عَقْداً، وَ لاَ رَضِيتَ مُنْكَراً، وَ لاَ أَنْكَرْتَ مَعْرُوفاً، وَ لاَ وَالَيْتَ مُخَالِفاً، وَ لاَ خَالَفْتَ مُؤَالِفاً، وَ لاَ بِعْتَ دِينَكَ بِدُنْيَاكَ، وَ لاَ آثَرْتَ عَلَى مَا يَبْقَى مَا يَفْنَى.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى سُنَّةِ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَ وَلاَيَةِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَهْلِ اَلْبَيْتِ اَلطَّاهِرِينَ، وَ أَنَّكَ صِرْتَ إِلَى أَحْمَدِ جِوَارٍ، وَ أَسْعَدِ قَرَارٍ، فَهَنَّاكَ اَللَّهُ إِنْعَامَهُ اَلْمُؤَبَّدَ، وَ إِكْرَامَهُ اَلْمُجَدَّدَ، وَ جَعَلَكَ فِي زُمْرَةِ مَوَالِيكَ اَلطَّاهِرِينَ، وَ أَئِمَّتِكَ اَلْأَكْرَمِينَ، وَ نَفَعَنِي بِزِيَارَتِكَ وَ إِخْلاَصِي فِي مَحَبَّتِكَ، وَ جَمَعَ بَيْنَنَا فِي مُسْتَقَرِّ اَلرَّحْمَةِ، وَ مَحَلِّ اَلنِّعْمَةِ، إِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرٌ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلْهَادِينَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَ تُضَاعِفَ إِكْرَامَكَ وَ إِنْعَامَكَ، وَ تُرَادِفَ إِحْسَانَكَ وَ اِمْتِنَانَكَ عَلَى عَبْدِكَ سَلْمَانَ، اَلَّذِي شَرَّفْتَهُ بِالْإِسْلاَمِ وَ اَلْإِيمَانِ، وَ اَلْقُرْبِ مِنْ نَبِيِّكَ وَ وَصِيِّهِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، وَ أَنْ تَجْعَلَ زِيَارَتِي لَهُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِي، وَ تَمْحِصَةً لِعُيُوبِي، وَ زِيَادَةً فِي يَقِينِي، وَ مُؤَكِّدَةً لِإِيمَانِي، وَ أَنْ

ص: 507

تَحْمِدَنِي عَاقِبَةَ أَمْرِي فِي دُنْيَايَ وَ دِينِي، وَ تَغْفِرَ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ أَهْلِي، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، حَسْبِيَ اَللَّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ، نِعْمَ اَلْمَوْلَى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ.

ثُمَّ تَقْرَأُ إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ، فَإِنَّهُ مَرْجُوُّ اَلْإِجَابَةِ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 508


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 289:102.

زيارة ثالثة لسلمان رضي اللّه عنه

تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْوَلِيُّ اَلْمُؤْتَمَنُ، وَ اَلصَّفِيُّ اَلْمُخْتَزَنُ، وَ صَاحِبُ اَلْحَقِّ عَلَى طُولِ اَلزَّمَنِ. مُدْرِكُ عِلْمِ اَلْأَوَّلِينَ، وَ مُسِرُّ عِلْمِ اَلْآخِرِينَ، اَلْمَدْلُولِ عَلَى اَلرَّسُولِ بِالْآيَاتِ وَ اَلنَّعْتِ، وَ اَلصِّفَاتِ وَ اَلْوَقْتِ، حَتَّى أَتَاهُ بِالْبِشَارَةِ عِنْدَ محتصر [مُحْتَضَرِ] اَلنَّذَارَةِ، فَأَدَّى إِلَيْهِ بِشَارَةَ اَلْمُرْسَلِينَ بِهِ، وَ دَلاَلَتَهُمْ عَلَيْهِ، وَ رَأَى خَاتَمَ اَلنُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَ مَقَالِيدَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ فِي يَدَيْهِ، وَ بِأَوْصِيَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ اَلْقَائِمِينَ بِعَهْدِهِ، لَمَّا عَلَّمَهُ مِنَ اَلْأَخْبَارِ عَلَى سَالِفِ اَلْأَعْصَارِ، فَجَعَلَكَ اَلنَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ قَرَابَتِهِ، تَفْضِيلاً لَكَ عَلَى صَحَابَتِهِ، إِذْ كُنْتَ أَوَّلَهُمْ إِلَى مَعْرِفَتِهِ قُدُماً، وَ آخِرَهُمْ بِهِ نُطْقاً، وَ أَدْعَاهُمْ إِلَيْهِ حَقّاً.

فَقَدْ أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ، وَ لِآلاَءِ اَللَّهِ ذَاكِرِينَ، تَعَرُّضاً لِرَحْمَتِهِ، وَ اِعْتِرَافاً بِنِعْمَتِهِ، فَأَسْأَلُ اَلَّذِي خَصَّكَ بِصِدْقِ اَلدِّينِ، وَ مُتَابَعَةِ اَلْخَيِّرِينِ اَلْفَاضِلِينَ، أَنْ يُحْيِيَنِي حَيَاتَكَ، وَ يُمِيتَنِي مَمَاتَكَ، عَلَى إِنْكَارِ مَا أَنْكَرْتَ، وَ اَلرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفْتَ، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1).

ص: 509


1- نقلها المجلسي في بحار الانوار 290:102.

زيارة رابعة لسلمان رضي اللّه عنه و أرضاه

تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ سَلْمَانَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَابِعَ صَفْوَةِ اَلرَّحْمَنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ تَمَيَّزَ مِنْ أَهْلِ اَلْإِيمَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ خَالَفَ حِزْبَ اَلشَّيْطَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ نَطَقَ بِالْحَقِّ وَ لَمْ يَخَفْ صَوْلَةَ اَلسُّلْطَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ نابذه [نَابَذَ] عَبْدَةَ اَلْأَوْثَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَيْرَ مَنْ تَابَعَ اَلْوَصِيَّ زَوْجَ سَيِّدَةِ اَلنِّسْوَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ جَاهَدَ فِي اَللَّهِ غَيْرَ مُرْتَابٍ مَعَ اَلنَّبِيِّ وَ اَلْوَصِيِّ أَبِي اَلسِّبْطَيْنِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُ اَلْخَلْقِ مِنَ اَلْإِنْسِ وَ اَلْجَانِّ: أَنْتَ مِنَّا أَهْلَ اَلْبَيْتِ لاَ يُدَانِيكَ إِنْسَانٌ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَنْ تَوَلَّى أَمْرَهُ عِنْدَ وَفَاتِهِ اَلْحَسَنَانِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ جُوزِيتَ عَنْهُ بِكُلِّ إِحْسَانٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ فَقَدْ كُنْتَ عَلَى خَيْرِ أَدْيَانٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أَتَيْتُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ زَائِراً قَاضِياً حَقَّ اَلْإِمَامِ، وَ شَاكِراً لِبَلاَئِكَ فِي اَلْإِسْلاَمِ، فَأَسْأَلُ اَللَّهَ اَلَّذِي خَصَّكَ بِصِدْقِ اَلدِّينِ، وَ مُتَابَعَةِ اَلْخَيِّرِينَ اَلْفَاضِلِينَ، أَنْ يُحْيِيَنِي حَيَاتَكَ، وَ أَنْ يُمِيتَنِي مَمَاتَكَ، وَ يَحْشُرَنِي مَحْشَرَكَ، عَلَى إِنْكَارِ مَا أَنْكَرْتَ، وَ مُنَابَذَةِ مَا نَابَذْتَ، وَ اَلرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفْتَ، أَلاَ لَعْنَةُ اَللَّهِ عَلَى اَلظَّالِمِينَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ.

فَكُنْ لِي يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ شَاهِداً بِهَذِهِ اَلدَّعْوَةِ وَ اَلزِّيَارَةِ عِنْدَ إِمَامِي وَ إِمَامِكَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ جَمَعَ اَللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فِي مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَ جَعَلَنَا وَ إِيَّاهُمْ وَ جَمِيعَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ فِي جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ، بِمَنِّهِ وَ جُودِهِ.

ثُمَّ صَلِّ صَلاَةَ اَلزِّيَارَةِ وَ مَا بَدَا لَكَ، وَ اُدْعُ اَللَّهَ كَثِيراً لِنَفْسِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ.

ص: 510

فَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى اَلاِنْصِرَافِ عَنْ زِيَارَتِهِ فَقِفْ عَلَيْهِ لِلْوَدَاعِ وَ قُلْ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، أَنْتَ بَابُ اَللَّهِ اَلْمُؤْتَى مِنْهُ، وَ اَلْمَأْخُوذِ عَنْهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُلْتَ حَقّاً، وَ نَطَقْتَ صِدْقاً، وَ دَعَوْتَ إِلَى مَوْلاَيَ وَ مَوْلاَكَ عَلاَنِيَةً وَ سِرّاً.

أَتَيْتُكَ زَائِراً، وَ حَاجَاتِي لَكَ مُسْتَوْدَعاً، وَ هَا أَنَا ذَا مُوَدِّعُكَ، أَسْتَوْدِعُكَ دِينِي وَ أَمَانَتِي، وَ خَوَاتِيمَ عَمَلِي وَ جَوَامِعَ أَمَلِي إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي، وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلْأَخْيَارِ.

ثُمَّ اُدْعُ كَثِيراً وَ اِنْصَرِفْ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 511


1- وردها المفيد في مزاره: 97 (مخطوط)، و الطوسي في التهذيب 118:6، و ابن المشهدي في مزاره: 869 و نقلها المجلسي في بحار الانوار 290:102.

ذكر فضل زيارة قبور المؤمنين و صفتها

رُوِيَ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ اَلْأَوَّلِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَزُورَنَا فَلْيَزُرْ صَالِحِي مَوَالِينَا، يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ زِيَارَتِنَا»(1).

وَ رُوِيَ: أَنَّ زِيَارَتَهُمْ عَلَى اَلْوَجْهِ اَلْمَأْمُورِ بِهِ تُؤْمِنُ مِنَ اَلْفَزَعِ اَلْأَكْبَرِ(2).

وَ رُوِيَ: أَنَّ اَلْمَيِّتَ يَسْتَأْنِسُ بِزِيَارَةِ إِخْوَانِهِ، وَ يَسْتَوْحِشُ لِقِيَامِهِمْ عَنْهُ (3).

فَإِذَا أَرَدْتَ زِيَارَتَهُمْ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَوْمَ اَلْخَمِيسِ، وَ إِلاَّ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتَ.

وَ صِفَتُهَا: أَنْ تَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ وَ تَضَعَ يَدَكَ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولَ:

اَللَّهُمَّ اِرْحَمْ غُرْبَتَهُ، وَ صِلْ وَحْدَتَهُ، وَ آنِسْ وَحْشَتَهُ، وَ آمِنْ رَوْعَتَهُ، وَ أَسْكِنْ إِلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ، وَ أَلْحِقْهُ بِمَنْ كَانَ يَتَوَلاَّهُ.

ثُمَّ اِقْرَأْ إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ (سَبْعَ مَرَّاتٍ)(4).

وَ رُوِيَ فِي صِفَةِ زِيَارَتِهِمْ وَ ثَوَابِهَا حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ اَلْمُفَضَّلِ قَالَ: مَنْ قَرَأَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) عِنْدَ قَبْرِ مُؤْمِنٍ (سَبْعَ مَرَّاتٍ) بَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ مَلَكاً يَعْبُدُ اَللَّهَ عِنْدَ قَبْرِهِ، وَ يَكْتُبُ اَللَّهُ تَعَالَى لِلْمَيِّتِ ثَوَابَ مَا يَعْمَلُ ذَلِكَ اَلْمَلَكُ، فَإِذَا بَعَثَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ

ص: 512


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 319، و المفيد في مزاره 1/184.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 319، و 320، و المفيد في مزاره 2/185.
3- رواه الكلينيّ في الكافي 1/288:3، و ابن قولويه في كامل الزّيارات 321.
4- رواه الكلينيّ في الكافي 6/229:3 و 9، و ابن قولويه في كامل الزّيارات: 319، و المفيد في مزاره: 99 مخطوط، و في المقنعة: 75، و رواه الطّوسيّ في التّهذيب 105:6، و نقله المجلسيّ في بحار الانوار 102: 25/299.

قَبْرِهِ لَمْ يَمُرَّ عَلَى هَوْلٍ إِلاَّ صَرَفَهُ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِذَلِكَ اَلْمَلِكِ، حَتَّى يُدْخِلَ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ اَلْجَنَّةَ، وَ يَقْرَأُ مَعَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) سُورَةَ اَلْحَمْدِ، وَ اَلْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَ قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ، وَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ، كُلَّ سُورَةٍ (ثَلاَثَ مَرَّاتٍ) بَعْدَ قِرَاءَةِ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) (سَبْعَ مَرَّاتٍ)(1).

وَ رُوِيَ فِي صِفَةِ زِيَارَتِهِمْ أَيْضاً رِوَايَةٌ أُخْرَى ثَالِثَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: نَزُورُ اَلْمَوْتَى؟

فَقَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «نَعَمْ».

قُلْتُ: فَيَعْلَمُونَ بِنَا إِذَا أَتَيْنَاهُمْ؟

قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «إِي وَ اَللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ بِكُمْ، وَ يَفْرَحُونَ بِكُمْ، وَ يَسْتَأْنِسُونَ إِلَيْكُمْ».

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيَّ شَيْ ءٍ نَقُولُ إِذَا أَتَيْنَاهُمْ؟

قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «قُلْ:

اَللَّهُمَّ جَافِ اَلْأَرْضَ عَنْ جُنُوبِهِمْ، وَ صَاعِدْ إِلَيْكَ أَرْوَاحَهُمْ، وَ لَقِّهِمْ مِنْكَ رِضْوَاناً، وَ أَسْكِنْ إِلَيْهِمْ مِنْ رَحْمَتِكَ مَا تَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُمْ، وَ تُؤْنِسُ وَحْشَتَهُمْ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ»..

وَ إِذَا كُنْتَ بَيْنَ قُبُورِ اَلْمُؤْمِنِينَ فَاقْرَأْ قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ (إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً) وَ أَهْدِ ذَلِكَ لَهُمْ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اَللَّهَ يُثِيبُهُ عَلَى عَدَدِ اَلْأَمْوَاتِ (2).

ص: 513


1- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 322، و المفيد في مزاره: 99 مخطوط، و المقنعة: 75، و الطوسي في التهذيب 182/104:6، و ابن الراوندي في دعواته: 772/271، و ابن المشهدي في مزاره: 867.
2- رواه الصدوق في الفقيه 39/115:1، و ابن الراوندي في دعواته: 766/269، و نقله المجلسي في بحار الانوار 300:102.

زيارة أبواب الحجة صلوات اللّه و سلامه عليه منسوبة إلى أبي الحسين بن روح رضي اللّه تعالى عنه

تُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بَعْدَهُ، وَ عَلَى خَدِيجَةَ اَلْكُبْرَى، وَ عَلَى فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، وَ عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، ثُمَّ تُنَسِّقُ اَلْأَئِمَّةَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ إِلَى صَاحِبِ اَلزَّمَانِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَقُولُ:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا فُلاَنَ اِبْنَ فُلاَنٍ، أَشْهَدُ أَنَّكَ بَابُ اَلْوَلِيِّ، أَدَّيْتَ عَنْهُ، وَ أَوَيْتَ إِلَيْهِ، مَا خَالَفْتَهُ وَ لاَ خَالَفْتَ عَلَيْهِ، قُمْتَ خَاصّاً، وَ اِنْصَرَفْتَ سَابِقاً، جِئْتُكَ عَارِفاً بِالْحَقِّ اَلَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، وَ أَنَّكَ مَا خُنْتَ فِي اَلتَّأْدِيَةِ وَ اَلسِّفَارَةِ.

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ مِنْ بَابٍ مَا أَوْسَعَهُ! وَ مِنْ سَفِيرٍ مَا آمَنَكَ! وَ مِنْ ثِقَةٍ مَا أَمْكَنَكَ! أَشْهَدُ أَنَّ اَللَّهَ قَدِ اِخْتَصَّكَ بِنُورِهِ حَتَّى عَايَنْتَ اَلشَّخْصَ، فَأَدَّيْتَ عَنْهُ وَ أَدَّيْتَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ تَرْجِعُ فَتَبْتَدِئُ بِالسَّلاَمِ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى صَاحِبِ اَلزَّمَانِ، وَ تَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ:

جِئْتُكَ بِتَوْحِيدِ اَللَّهِ وَ مُوَالاَةِ أَوْلِيَاءِ اَللَّهِ، وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، وَ مِنَ اَلَّذِينَ خَالَفُوكَ يَا حُجَّةَ اَلْمَوْلَى، وَ بِكَ إِلَيْهِمْ تَوَجُّهِي إِلَى اَللَّهِ وَ تَوَسُّلِي.

ثُمَّ تَدْعُو وَ تَسْأَلُ اَللَّهَ مَا تُحِبُّ يُجِبْ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(1).

ص: 514


1- اوردها الطوسي في التهذيب 118:6، و نقلها المجلسي في بحار الانوار 292:102.

ذكر حال من يريد التطوّع بالزيارة عن ذي نسب أو سبب عند قبور الأئمة عليهم السّلام

إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَزُورَ أَحَدَ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ عَنْ ذِي نَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ، فَسَلِّمْ عَلَى اَلْإِمَامِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَلَى نَسَقِ اَلتَّسْلِيمِ اَلْمَأْمُورِ بِهِ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا سَلَّمْتَ مِنْهُمَا فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ لَكَ صَلَّيْتُ، وَ لَكَ رَكَعْتُ، وَ لَكَ سَجَدْتُ، لِأَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي اَلصَّلاَةُ إِلاَّ لَكَ.

اَللَّهُمَّ وَ قَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَ زِيَارَتِي وَ صَلاَتِي هَاتَيْنِ اَلرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةً مِنِّي إِلَى مَوْلاَيَ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ، فَتَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي وَ مِنْهُ، وَ أْجُرْنِي عَلَيْهِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(1).

ص: 515


1- اورده المفيد في مزاره: 100 مخطوط، و ابن المشهدي في مزاره: 859، و نقله المجلسي في بحار الانوار 262:102.

ذكر حال المتطوّع بالزيارة عن جميع إخوانه أو عن قوم يعنيهم بقلبه أو بلسانه

إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَزُرِ اَلْإِمَامَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِبَعْضِ زِيَارَاتِهِ، وَ اِقْصِدْ بِهَا اَلنِّيَابَةَ عَمَّنْ تُرِيدُ، وَ صَلِّ رَكْعَتَيِ اَلزِّيَارَةِ ثُمَّ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي زُرْتُ هَذِهِ اَلزِّيَارَةَ، وَ صَلَّيْتُ هَاتَيْنِ اَلرَّكْعَتَيْنِ، وَ جَعَلْتُ ثَوَابَهُمَا عَنْ جَمِيعِ إِخْوَانِيَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، وَ عَنْ جَمِيعِ مَنْ أَوْصَانِي بِالزِّيَارَةِ وَ اَلدُّعَاءِ لَهُ، اَللَّهُمَّ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي وَ مِنْهُمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

فَإِذَا فَعَلْتَ أَيُّهَا اَلزَّائِرُ ذَلِكَ وَ قُلْتَ لِأَحَدِهِمْ: قَدْ زُرْتُ وَ صَلَّيْتُ وَ سَلَّمْتُ عَلَى اَلْإِمَامِ عَنْكَ، كُنْتَ صَادِقاً فِي مَقَالِكَ (1).

ص: 516


1- نقله المجلسي في بحار الانوار 262:102.

ذكر حال المأمور بالنيابة في الزيارة

وَ إِنْ كُنْتَ نَائِباً عَنْ غَيْرِكَ فَقُلْ بَعْدَ اَلزِّيَارَةِ وَ اَلصَّلاَةِ وَ اَلدُّعَاءِ:

اَللَّهُمَّ مَا أَصَابَنِي مِنْ تَعَبٍ أَوْ نَصَبٍ، أَوْ سَغَبٍ أَوْ لُغُوبٍ، فَأْجُرْ فُلاَنَ اِبْنَ فُلاَنٍ عَلَيْهِ، وَ أْجُرْنِي فِي نِيَابَتِي عَنْهُ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ، أَتَيْتُكَ زَائِراً عَنْهُ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ.

وَ تَدْعُو لَهُ وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ كَذَلِكَ تَفْعَلُ فِي اَلْوَدَاعِ (1).

ص: 517


1- اورده المفيد في مزاره: 99 مخطوط، و المقنعة: 76، و الطوسي في التهذيب 105:6، و ابن المشهدي في مزاره: 859، و نقله المجلسي في بحار الانوار 263:102.

ذكر صفة من ينوب عن غيره في الزيارة

و هذه أقوال مبسوطة شافية في هذا الباب، و اللّه الموفّق برحمته للصواب.

إِذَا عَزَمْتَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَنْزِلِكَ، وَ كُنْتَ مُسْتَأْجِراً لِلنِّيَابَةِ فَقُلْ:

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ نَبِيعَ اَلدِّينَ بِالدُّنْيَا، أَوْ نَسْتَبْدِلَ اَلظُّلْمَةَ بِالضِّيَاءِ، أَوْ نَخْتَارَ اَلْأَعْدَاءَ عَلَى اَلْأَوْلِيَاءِ. اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْنَا مَعَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ اِجْمَعِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةَ لَنَا بِرَحْمَتِكَ، فَقَدْ عَلِمْتَ قِلَّةَ صَبْرِنَا عَلَى اَلْفَقْرِ.

وَ تَغْتَسِلُ فِي مَنْزِلِكَ، وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَا اِسْتَخْلَفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ خِلاَفَةً أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا إِذَا أَرَادَ سَفَراً» وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ زِيَارَةَ وَلِيِّ اَللَّهِ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ - وَ تَذْكُرُهُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ - وَ أَنْتَ تَعْلَمُ يَا رَبِّ أَنَّ اَلْفَقْرَ وَ اَلْفَاقَةَ حَمَلَتْنِي عَلَى أَنْ أَزُورَ عَنْهُ، غَيْرَ بَائِعٍ مِنْهُ دِينِي، وَ لاَ مُؤْثِرٍ حَالَهُ عَلَى طَاعَتِي لَكَ، وَ لَوْ لاَ أَنَّكَ بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ أَذِنْتَ أَنْ أَزُورَ عَنْهُ لَمَا زُرْتُ عَنْ سِوَايَ، وَ لَصَبَرْتُ عَلَى اَلْفَقْرِ وَ اَلْفَاقَةِ وَ اَلْمَسْكَنَةِ.

اَللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَ حَقِّقْ ظَنَّهُ، وَ أْجُرْنِي فِي زِيَارَتِي عَنْهُ، وَ لاَ تُخَيِّبْ رَجَاءَهُ فِيَّ، وَ حَقِّقْ أَمَلَهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا وَجَّهَنِي فِي هَذَا اَلْوَجْهِ طَلَباً لِمَرْضَاتِكَ، وَ تَقَرُّباً إِلَيْكَ.

اَللَّهُمَّ فَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ، وَ بَلِّغْنِي مَا تَوَجَّهْتُ لَهُ، وَ أَسْتَوْدِعُكَ اَلْيَوْمَ نَفْسِي وَ دِينِي، وَ خَوَاتِيمَ عَمَلِي، وَ وُلْدِي وَ وَالِدِي، اَلشَّاهِدَ مِنَّا وَ اَلْغَائِبَ، وَ جَمِيعَ أَهْلِ حُزَانَتِي وَ مَا مَلَّكْتَنِيهِ.

ص: 518

اَللَّهُمَّ اِحْفَظْنَا وَ اِحْفَظْ عَلَيْنَا، وَ اِجْعَلْنِي وَ إِيَّاهُمْ فِي وَدَائِعِكَ اَلَّتِي لاَ تَضِيعُ، وَ اِصْرِفْ عَنِّي وَ عَنْ رُفَقَائِي فِي طَرِيقِي كُلَّ مَحْذُورٍ، حَتَّى تَرُدَّنِي إِلَى وَطَنِي ظَافِراً بِمَا أَتَوَقَّعُهُ فِي هَذَا اَلْقَصْدِ مِنْ قَبُولِكَ زِيَارَتِي عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ، وَ إِعْطَائِكَ إِيَّاهُ مَأْمُولَهُ.

ثُمَّ تَخْتَارُ مِنَ اَلْأَدْعِيَةِ مَا أَحْبَبْتَ.

فَإِذَا سَلَّمَكَ اَللَّهُ وَ بَلَغْتَ مَوْضِعَ اَلْأَخْذِ فِي اَلزِّيَارَةِ، وَ أَرَدْتَ اَلاِغْتِسَالَ لَهَا فَقُلْ عِنْدَ اَلْغُسْلِ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي اِغْتَسَلْتُ هَذَا اَلْغُسْلَ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ، فَاجْعَلْهُ لَهُ نُوراً وَ طَهُوراً، وَ حِرْزاً وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ سُقْمٍ، وَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ، وَ مِنْ شَرِّ مَا يُخَافُ وَ يُحْذَرُ، وَ طَهِّرْ قَلْبَهُ وَ جَوَارِحَهُ، وَ عِظَامَهُ وَ لَحْمَهُ وَ دَمَهُ، وَ شَعْرَهُ وَ بَشَرَهُ وَ مُخَّهُ، وَ مَا أَقَلَّتِ اَلْأَرْضُ مِنْهُ، وَ اِجْعَلْهُ لَهُ شَاهِداً يَوْمَ فَقْرِهِ إِلَيْهِ وَ حَاجَتِهِ، وَ أْجُرْنِي عَلَى ذَلِكَ وَ طَهِّرْنِي مِنَ اَلذُّنُوبِ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ اِلْبَسْ أَطْهَرَ ثِيَابِكَ، وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ اَلنِّيَّاتُ لِمَنْ تَزُورُ عَنْهُ، وَ اِمْشِ بِسَكِينَةٍ وَ وَقَارٍ وَ تَأَنٍّ، وَ أَكْثِرْ مِنَ اَلتَّهْلِيلِ وَ اَلتَّمْجِيدِ، فَإِذَا دَنَوْتَ مِنْ بَابِ اَلْمَشْهَدِ فَقُلْ:

اَللَّهُمَّ هَذَا بَابٌ يُشْرَعُ إِلَى قَبْرٍ فِيهِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِكَ، اَللَّهُمَّ فَكَمَا فَتَحْتَهُ عَلَيَّ فَافْتَحْهُ عَلَى فُلاَنٍ، وَ رَزَقْتَهُ إِنْفَاذِي إِلَيْهِ فَلاَ تُغْلِقَنَّ أَبْوَابَ تَوْبَتِكَ عَنْهُ، وَ اِعْصِمْهُ مِنَ اَلذُّنُوبِ.

اَللَّهُمَّ وَ إِنَّ لَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَى زُوَّارِ هَذَا اَلْمَكَانِ لَحَظَاتٌ تُنِيلُهُمْ فِيهَا رَحَمَاتُكَ، فَبِحَقِّكَ عَلَى نَفْسِكَ، وَ بِحَقِّ أَوْلِيَائِكَ عَلَيْكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْ فُلاَنَ اِبْنَ فُلاَنٍ كَالشَّاهِدِ لِهَذَا اَلْمَكَانِ فِي نَيْلِ بَرَكَاتِكَ وَ رَحْمَتِكَ.

ص: 519

ثُمَّ اُدْخُلِ اَلْمَشْهَدَ وَ قُلْ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَنِي مِنْ عُمَّارِ مَسَاجِدِهِ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِخْتِمْ عَمَلَ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ بِأَحْسَنِهِ، وَ لاَ تُزِغْ قَلْبَهُ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهُ، وَ هَبْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهَّابُ.

ثُمَّ اُدْعُ لِنَفْسِكَ بِمَا أَحْبَبْتَ.

ثُمَّ مَلِّ إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَ سَبِّحْ تَسْبِيحَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ وَ قُلْ:

أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً عَبْدُ اَللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ.

ثُمَّ اُدْخُلْ وَ قِفْ عِنْدَ اَلرَّأْسِ وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَلاَئِكَتَكَ، أَنِّي أُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ اَلنُّبُوَّةِ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ، فَإِنَّهُ وَجَّهَنِي إِلَى هَذَا اَلْمَوْضِعِ اَلشَّرِيفِ عَنْ غَيْرِ اِسْتِكْبَارٍ مِنْهُ، لِقَصْدِهِ وَ اَلتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَ تَقْلِيبِ وَجْهِهِ عَلَى هَذِهِ اَلتُّرْبَةِ، إِلاَّ أَنَّ أَشْغَالاً صَدَّتْهُ، وَ عَوَائِقَ مَنَعَتْهُ، فَوَجَّهَنِي لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَ عَلَى جَمِيعِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمَرْضِيِّينَ.

اَللَّهُمَّ أَنْتَ عَالِمٌ أَنَّ فُلاَنَ اِبْنَ فُلاَنٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ أَئِمَّتُهُ وَ سَادَتُهُ، يَتَوَلاَّهُمْ، وَ يَتَبَرَّأُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ.

وَ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُسَلِّمُ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ عَلَى وَلِيِّكَ، فَبَلِّغْهُ عَنْهُ اَلسَّلاَمَ. اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ، إِنِّي أُسَلِّمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللَّهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اَللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ اَلْأَرْضِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثَ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ، آدَمَ وَ مَنْ دُونَهُ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْأَوْصِيَاءِ وَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

ص: 520

ثُمَّ تَنْكَبُّ عَلَى اَلْقَبْرِ وَ تَقُولُ:

أَتَيْتُكَ - بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي - زَائِراً وَافِداً إِلَيْكَ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ، مُتَوَجِّهاً بِكَ إِلَى اَللَّهِ، فَاشْفَعْ لَهُ عِنْدَ اَللَّهِ، فَقَدْ قَصَدَكَ هَارِباً مِنْ ذُنُوبِهِ، رَاجِياً اَلْخَلاَصَ مِنْ عُقُوبَةِ رَبِّهِ، يَا وَلِيَّ اَللَّهِ كُنْ لِفُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ شَافِعاً، وَ اِقْضِ حَاجَتَهُ فِي دِينِهِ وَ عُقْبَاهُ.

ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَ تُصَلِّي عِنْدَ اَلرَّأْسِ رَكْعَتَيْنِ وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ اَلْمُصْطَفَى، وَ عَلِيٍّ اَلْمُرْتَضَى، وَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، وَ بِحَقِّ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُوسَى اِبْنِ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ اَلْخَلَفِ اَلصَّالِحِ سَمِيِّ نَبِيِّكَ، اِحْفَظْ فُلاَنَ اِبْنَ فُلاَنٍ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ، وَ اِصْرِفِ اَلْأَسْوَاءَ عَنْهُ، وَ أَعْطِهِ أُمْنِيَّتَهُ وَ خَاصَّةً اَلْحَاجَةَ اَلَّتِي يُرِيدُ قَضَاءَهَا مِنْكَ فِي زِيَارَتِي هَذِهِ قَبْرَ وَلِيِّكَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

فَإِذَا أَرَدْتَ اَلْوَدَاعَ فَاغْتَسِلْ وَ زُرْ بِزِيَارَتِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ ثُمَّ قُلْ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ كَفَى بِكَ شَهِيداً، وَ أُشْهِدُ هَذَا اَلْإِمَامَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ، أَنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ اِئْتَمَنَنِي وَ سَأَلَنِي أَنْ أَزُورَ عَنْهُ قَبْرَ مَوْلاَهُ وَ مَوْلاَيَ، وَ أَدْعُوَ لَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ، فَأُشْهِدُكَ أَنِّي أَدَّيْتُ اَلْأَمَانَةَ، وَ بَذَلْتُ اَلْمَجْهُودَ، وَ زُرْتُ عَنْهُ قَبْرَ وَلِيِّكَ، وَ لَمْ أُشْرِكْ فِي زِيَارَتِي عَنْهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، فَاقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَ اُحْشُرْهُ فِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَوْرِدْهُ حَوْضَهُمْ، وَ اِجْعَلْهُ مِنْ حِزْبِهِمْ، وَ مَكِّنْهُ فِي دَوْلَتِهِمْ، وَ أَفْلِجْ حُجَّتَهُ، وَ أَنْجِحْ طَلِبَتَهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَلِّغْ أَرْوَاحَهُمْ وَ أَجْسَادَهُمْ عَنْ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ اَلسَّلاَمَ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ، وَ أْجُرْنِي فِي زِيَارَتِي عَنْهُ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

ص: 521

وَ تَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنَّ فُلاَنَ اِبْنَ فُلاَنٍ أَوْفَدَنِي إِلَى مَوْلاَهُ وَ مَوْلاَيَ لِأَزُورَ عَنْهُ، رَجَاءاً لِجَزِيلِ اَلثَّوَابِ، وَ فِرَاراً مِنْ سُوءِ اَلْحِسَابِ، اَللَّهُمَّ إِنَّهُ يَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِأَوْلِيَائِكَ اَلدَّالِّينَ عَلَيْكَ فِي غُفْرَانِكَ ذُنُوبَهُ، وَ حَطِّ سَيِّئَاتِهِ، وَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِهِمْ عِنْدَ مَشْهَدِ إِمَامِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، اَللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ مِنْهُ، وَ اِقْبَلْ شَفَاعَةَ أَوْلِيَائِكَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيهِ.

اَللَّهُمَّ جَازِهِ عَلَى حُسْنِ نِيَّتِهِ، وَ صَحِيحِ عَقِيدَتِهِ، وَ صِحَّةِ مُوَالاَتِهِ، أَحْسَنَ مَا جَازَيْتَ أَحَداً مِنْ عبديك [عَبِيدِكَ] اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ أَدِمْ لَهُ مَا خَوَّلْتَهُ، وَ اِسْتَعْمِلْهُ صَالِحاً فِي مَا آتَيْتَهُ، وَ لاَ تَجْعَلْنِي آخِرَ وَافِدٍ لَهُ يُوفِدُهُ.

اَللَّهُمَّ أَعْتِقْ رَقَبَتَهُ مِنَ اَلنَّارِ، وَ أَوْسِعْ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ اَلْحَلاَلِ اَلطَّيِّبِ، وَ اِجْعَلْهُ مِنْ رُفَقَاءِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ حُلْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَعَاصِيهِ حَتَّى لاَ يَعْصِيَكَ، وَ أَعِنْهُ عَلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ أَوْلِيَائِكَ، حَتَّى لاَ تَفْقِدَهُ حَيْثُ أَمَرْتَهُ، وَ لاَ تَرَاهُ حَيْثُ نَهَيْتَهُ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِغْفِرْ لَهُ وَ اِرْحَمْهُ، وَ اُعْفُ عَنْهُ وَ عَنْ جَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَعِذْهُ مِنْ هَوْلِ اَلْمُطَّلَعِ، وَ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، وَ مِنْ شَرِّ اَلْمُنْقَلَبِ، وَ مِنْ ظُلْمَةِ اَلْقَبْرِ وَ وَحْشَتِهِ، وَ مِنْ مَوَاقِفِ اَلْخِزْيِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اِجْعَلْ جَائِزَتَهُ فِي مَوْقِفِي هَذَا غُفْرَانَكَ، وَ تُحْفَتَهُ عِنْدَ إِمَامِي هَذَا أَنْ تُقِيلَ عَثْرَتَهُ، وَ تَقْبَلَ مَعْذِرَتَهُ، وَ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِهِ، وَ تَجْعَلَ اَلتَّقْوَى زَادَهُ، وَ مَا عِنْدَكَ خَيْراً لَهُ فِي مَعَادِهِ، وَ تَحْشُرَهُ فِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهِ

(1) نَقَلَهُ اَلْمَجْلِسِيُّ فِي بِحَارُ اَلْأَنْوَارِ 259:102.

ص: 522

عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ تَغْفِرَ لَهُ وَ لِوَالِدَيْهِ، فَإِنَّكَ خَيْرُ مَرْغُوبٍ إِلَيْهِ، وَ أَكْرَمُ مَسْئُولٍ اِعْتَمَدَ اَلْعِبَادُ عَلَيْهِ.

اَللَّهُمَّ وَ لِكُلِّ مُوفِدٍ جَائِزَةٌ، وَ لِكُلِّ زَائِرٍ كَرَامَةٌ، فَاجْعَلْ جَائِزَتَهُ فِي مَوْقِفِي هَذَا غُفْرَانَكَ لَهُ وَ لِي وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ.

اَللَّهُمَّ وَ أَنَا عَبْدُكَ اَلْخَاطِئُ اَلْمُذْنِبُ اَلْمُقِرُّ بِذَنْبِهِ، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ لاَ تَحْرِمَنِي بَعْدَ ذَلِكَ اَلْأَجْرَ وَ اَلثَّوَابَ، مِنْ فَضْلِ عَطَائِكَ، وَ كَرَمِ فَضْلِكَ.

ثُمَّ اِرْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ عِنْدَ اَلْمَشْهَدِ، وَ تُشِيرُ إِلَى اَلْإِمَامِ اَلْمَقْصُودِ وَ تَقُولُ:

يَا مَوْلاَيَ يَا إِمَامِي، عَبْدُكَ فُلاَنُ اِبْنَ فُلاَنٍ أَوْفَدَنِي زَائِراً لِمَشْهَدِكَ، مُتَقَرِّباً إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ إِلَيْكَ، يَرْجُو بِذَلِكَ فَكَاكَ رَقَبَتِهِ مِنَ اَلنَّارِ، فَاغْفِرْ لَهُ وَ لِوَالِدَيْهِ وَ لِجَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْحَلِيمُ اَلْكَرِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَسْتَجِيبَ لِي فِيهِ وَ فِي جَمِيعِ إِخْوَانِي وَ أَخَوَاتِي وَ وُلْدِي وَ أَهْلِي، بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ (1).

ص: 523


1- أورده الطوسي في التهذيب 116:6، و ابن المشهدي في مزاره: 861، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 256:102.

ذكر أحاديث مستحسنة تتعلق ببعض معاني هذا الكتاب

انتزعتها من كتاب كامل الزيارات تأليف أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قدّس اللّه روحه، و عليه خط إجازة تاريخها إلى سنة ثماني عشرة و ستمائة مائتان و اثنان(1) و خمسون سنة هلالية:

عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُقَبِّلُ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ هُوَ يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ اَلْحَسَنَ وَ اَلْحُسَيْنَ وَ ذُرِّيَّتَهُمَا مُخْلِصاً لَمْ تَلْفَحِ اَلنَّارُ وَجْهَهُ، وَ لَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ بِعَدَدِ رَمْلِ عَالِجٍ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَنْباً يُخْرِجُهُ (2)مِنَ اَلْإِيمَانِ»(3).

وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: «يَا عَلِيُّ لَقَدْ أَذْهَلَنِي هَذَانِ اَلْغُلاَمَانِ - يَعْنِي اَلْحَسَنَ وَ اَلْحَسَنَ - أَنْ أُحِبَّ بَعْدَهُمَا أَحَداً أَبَداً، إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُحِبَّهُمَا وَ أُحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا»(4).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ حَرَّمَ اَللَّهُ وَجْهَهُ عَلَى اَلنَّارِ»(5).

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ شَرِبَ اَلْمَاءَ فَذَكَرَ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ لَعَنَ قَاتِلَهُ، إِلاَّ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَ حَطَّ عَنْهُ مِائَةَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَ رَفَعَ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ دَرَجَةٍ، وَ كَأَنَّمَا(6) أَعْتَقَ مِائَةَ أَلْفِ نَسَمَةٍ، وَ حَشَرَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ثَلِجَ

ص: 524


1- لم تردّ في نسخة «ه».
2- في نسخنا: يخرج، و اثبتنا ما في كامل الزّيارات.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 51.
4- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 50، و ابن شهر آشوب في المناقب 383:3.
5- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 104.
6- في نسخنا: و كما، و اثبتنا ما في كامل الزّيارات.

اَلْفُؤَادِ»(1).

مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ [لِيَ] اَلْبَاقِرُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: «هَلْ تَأْتِي قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ؟».

قُلْتُ: نَعَمْ عَلَى خَوْفٍ وَ وَجَلٍ.

فَقَالَ: «مَا كَانَ مِنْ هَذَا أَشَدَّ فَالثَّوَابُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ اَلْخَوْفِ، وَ مَنْ خَافَ فِي إِتْيَانِهِ آمَنَ اَللَّهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ يَقُومُ اَلنَّاسُ لِرَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ اِنْصَرَفَ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ اَلْمَلاَئِكَةُ، وَ زَارَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ دَعَا لَهُ، وَ اِنْقَلَبَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اَللَّهِ وَ فَضْلٍ» تَمَامَ اَلْحَدِيثِ (2).

وَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَتَى قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ وَصَلَنَا، وَ حرم [حَرُمَتْ] غِيبَتُهُ، وَ حَرُمَ لَحْمُهُ عَلَى اَلنَّارِ، وَ أَعْطَاهُ اَللَّهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَنْفَقَهُ عَشَرَةَ آلاَفِ مَدِينَةٍ لَهُ فِي كِتَابٍ مَحْفُوظٍ، وَ كَانَ اَللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حَوَائِجِهِ، وَ حُفِظَ فِي كُلِّ مَا خَلَّفَ، وَ لَمْ يَسْأَلِ اَللَّهَ شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَاهُ وَ أَجَابَهُ، إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَهُ، وَ إِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ»(3).

وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: «تَأْتُونَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ»؟.

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَتَتَّخِذُونَ لَكُمْ سَفَراً؟».

قُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ: «أَمَا لَوْ أَتَيْتُمْ قُبُورَ آبَائِكُمْ وَ أُمَّهَاتِكُمْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ».

ص: 525


1- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 106، و الصّدوق في أماليه: 7/122، و روى الطّوسيّ في مصباحه: 658 قطعة منه.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 127.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزّيارات: 127.

قُلْتُ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، أَيَّ شَيْ ءٍ نَأْكُلُ؟

قَالَ: «اَلْخُبْزَ وَ اَللَّبَنَ»(1).

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: تَزُورُونَ خَيْرٌ مِنْ أَلاَّ تَزُورُوا، وَ لاَ تَزُورُونَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَزُورُوا».

قَالَ اَلرَّاوِي: فَقُلْتُ: قَطَعْتَ ظَهْرِي.

فَقَالَ: «تَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ يَذْهَبُ إِلَى قَبْرِ أَبِيهِ كَئِيباً حَزِيناً، وَ تَأْتُونَ أَنْتُمْ إِلَى قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِالسَّفَرِ! كَلاَّ حَتَّى تَأْتُونَ شُعْثاً غُبْراً»(2).

عَبْدُ اَللَّهِ اَلطَّحَّانُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ إِلاَّ وَ هُوَ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مِنْ زُوَّارِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، لِمَا يَرَى مَا يُصْنَعُ بِزُوَّارِ اَلْحُسَيْنِ مِنْ كَرَامَتِهِمْ عَلَى اَللَّهِ»(3).

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ لِزُوَّارِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَضْلاً عَلَى اَلنَّاسِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ».

فَقُلْتُ: وَ مَا فَضْلُهُمْ؟

قَالَ: «يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ قَبْلَ اَلنَّاسِ بِأَرْبَعِينَ عَاماً، وَ اَلنَّاسُ سَائِرُهُمْ فِي اَلْحِسَابِ وَ اَلْمَوْقِفِ»(4).

هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَمَّنْ تَرَكَ زِيَارَةَ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ.

قَالَ: «هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ»(5).

ص: 526


1- رواه الصدوق في ثواب الأعمال: 22/114، و الطوسي في التهذيب 77:6.
2- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 130، و المفيد في مزاره: 90، و ابن المشهدي في مزاره: 519.
3- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 135.
4- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 137.
5- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 193.

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّا نَكُونُ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ أَوِ اَلْحَائِرِ أَوِ اَلْمَوَاضِعِ اَلَّتِي يُرْجَى فِيهَا اَلْفَضْلُ، فَرُبَّمَا يَخْرُجُ اَلرَّجُلُ يَتَوَضَّأُ فَيَجِيءُ آخَرُ فَيَصِيرُ مَكَانَهُ.

فَقَالَ: «مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ يَوْماً وَ لَيْلَةً»(1).

هذا آخر ما انتزعناه من كتاب ابن قولويه رحمة اللّه عليه.

ص: 527


1- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 331.

صفة صلاة لزيارة الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما و سلامه

وَ هِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بِالْحَمْدِ، وَ قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ، وَ قُلْ يٰا أَيُّهَا اَلْكٰافِرُونَ، وَ تَدْعُو بَعْدَهَا فَتَقُولُ:

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ أَهْلَ طَاعَتِكَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ، بِأَنِّي أَشْهَدُ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ يَشْهَدُ بِمَا شَهِدْتُ بِهِ أَجْمَعَ فِي حَيَاتِي وَ بَعْدَ وَفَاتِي حَتَّى أَلْقَاكَ عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ فَاقَتِي.

وَ أَشْهَدُ أَنَّ اَللّٰهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُمٰاتِ إِلَى اَلنُّورِ وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيٰاؤُهُمُ اَلطّٰاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ اَلنُّورِ إِلَى اَلظُّلُمٰاتِ أُولٰئِكَ أَصْحٰابُ اَلنّٰارِ هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ (1).

وَ أَشْهَدُ أَنَّ اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْوٰاجُهُ أُمَّهٰاتُهُمْ وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اَللّٰهِ (2).

وَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلِيَّنَا اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاٰةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكٰاةَ وَ هُمْ رٰاكِعُونَ (3). وَ أَنَّ ذُرِّيَّتَهُمَا أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ (4)ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ وَ اَللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (5).

ص: 528


1- البقرة 257:2.
2- الاحزاب 6:33.
3- المائدة 55:5.
4- الانفال 75:8.
5- آل عمران 34:3.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَعْلاَمُ اَلدِّينِ، وَ أُولُو اَلْأَرْحَامِ [اَلْحُكَّامُ] عَلَى اَلْوَرَى، وَ اَلْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ اَلدُّنْيَا، اِنْتَجَبْتَهُمْ وَ اِصْطَفَيْتَهُمْ وَ اِخْتَصَصْتَهُمْ وَ أَطْلَعْتَهُمْ عَلَى سِرِّكَ، فَقَامُوا بِأَمْرِكَ، وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ دَعَوُا اَلْعِبَادَ إِلَى اَلتَّأْوِيلِ وَ اَلتَّنْزِيلِ، كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ دَاعٍ، خَلَّفَ فِيهِمْ دَاعِياً. فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ، وَ أَمَرْتَ بِمُوَالاَتِهِمْ، وَ لَمْ تَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ عُذْراً فِي تَرْكِهِمْ، وَ اَلاِنْحِيَازِ عَنْهُمْ، وَ اَلْمَيْلِ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَ جَعَلْتَهُمْ أَهْلَ بَيْتِ اَلنُّبُوَّةِ، وَ أَفْضَلَ اَلْبَرِيَّةِ، وَ مَعْدِنَ اَلرِّسَالَةِ، وَ مُخْتَلَفَ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَ مَهْبِطَ اَلْوَحْيِ وَ اَلْكَرَامَةِ، وَ أَوْلاَدَ اَلصَّفْوَةِ، وَ أَسْبَاطَ اَلرُّسُلِ، وَ أَقْرَانَ اَلْكِتَابِ، وَ أَبْوَابَ اَلْهُدَى، وَ اَلْعُرْوَةَ اَلْوُثْقَى، لاَ يَخَافُونَ فِيكَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، وَ لاَ يَقُومُ بِحَقِّهِمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَ لاَ يَهْدِي بِهُدَاهُمْ إِلاَّ مُنْتَجَبٌ.

اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ، وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَجْزَلِ بَرَكَاتِكَ، وَ بَوِّئْهُمْ مِنْ كَرَمِكَ بِأَكْرَمِ كَرَامَاتِكَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ.

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ أَحَبَّ اَلْأَشْيَاءِ إِلَيَّ، وَ أَبَرَّهَا لَدَيَّ، وَ أَهَمَّهَا إِلَيَّ حُبَّكَ وَ حُبَّ رَسُولِكَ، وَ حُبَّ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّيِّبِينَ، وَ حُبَّ مَنْ أَحَبَّهُمْ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَ حُبَّ مَنْ عَمِلَ اَلْمُحِبَّ لَكَ وَ لَهُمْ، وَ بُغْضَ مَنْ أَبْغَضَكَ وَ أَبْغَضَهُمْ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَ بُغْضَ مَنْ عَمِلَ اَلْمُبْغِضَ لَكَ وَ لَهُمْ، حَيّاً وَ مَيِّتاً، وَ اُرْزُقْنِي صَبْراً جَمِيلاً، وَ دِيناً سَلِيماً، وَ فَرَجاً قَرِيباً، وَ أَجْراً عَظِيماً، وَ رِزْقاً هَنِيئاً، وَ عَيْشاً رَغِيداً، وَ جِسْماً صَحِيحاً، وَ عَيْناً دَامِعَةً، وَ قَلْباً خَاشِعاً، وَ يَقِيناً ثَابِتاً، وَ عُمُراً طَوِيلاً، وَ عَقْلاً كَامِلاً، وَ عِبَادَةً دَائِمَةً. وَ أَسْأَلُكَ اَلثَّبَاتَ عَلَى اَلْهُدَى، وَ اَلْقُوَّةَ عَلَى مَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى.

اَللَّهُمَّ وَ اِجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ اَلْأَشْيَاءِ إِلَيَّ، وَ خَوْفَكَ أَخْوَفَ اَلْأَشْيَاءِ عِنْدِي.

وَ اُرْزُقْنِي حُبَّكَ وَ حُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، وَ مَا رَزَقْتَنِي وَ تَرْزُقُنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ لِي فَرَاغاً فِي مَا تُحِبُّ، وَ اِقْطَعْ حَوَائِجَ اَلدُّنْيَا بِالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِكَ، وَ إِذْ أَقْرَرْتَ عُيُونَ أَهْلِ

ص: 529

اَلدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمْ فَاجْعَلْ قُرَّةَ عَيْنِي فِي طَاعَتِكَ وَ رِضَاكَ وَ مَرْضَاتِكَ، بِرَحْمَتِكَ، إِنَّ رَحْمَتَكَ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ (1).

ص: 530


1- اورده الطوسي في مصباحه: 725 و لم يذكر الدعاء، و ابن المشهدي في مزاره: 688 ذكر الصلاة فقط، و نقله المجلسي في بحار الأنوار 2/285:101.

صفة صلاة أخرى عند رأس الحسين صلوات اللّه عليه

وَ هُمَا رَكْعَتَانِ بِالرَّحْمَنِ وَ تَبَارَكَ، فَمَنْ صَلاَّهُمَا كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ خَمْساً وَ عِشْرِينَ حَجَّةً مَقْبُولَةً مَبْرُورَةً مُتَقَبَّلَةً مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (1).

ص: 531


1- اورده المفيد في مزاره المطبوع: 103 و فيه سورة يس بدل تبارك، و كذا الطوسي في التهذيب 63:6، و نقله المجلسي في بحار الانوار 287:101.

صفة صلاة للحسين عليه السّلام

وَ هِيَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى عِنْدَ ضَرِيحِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ هِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، بِأَرْبَعِمِائَةِ مَرَّةً فَاتِحَةَ اَلْكِتَابِ، وَ أَرْبَعِمِائَةِ مَرَّةٍ قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ، تَقْرَأُ وَ أَنْتَ قَائِمٌ خَمْسِينَ مَرَّةً اَلْحَمْدُ، وَ خَمْسِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ، ثُمَّ تَرْكَعُ وَ تَقْرَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَشْراً، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَ تَقْرَؤُهُمَا عَشْراً، ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقْرَؤُهُمَا عَشْراً، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَ تَقْرَؤُهُمَا عَشْراً ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقْرَؤُهُمَا عَشْراً، فَذَلِكَ مِائَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.

فَإِذَا سَلَّمْتَ فَقُلْ:

يَا اَللَّهُ أَنْتَ اَلَّذِي اِسْتَجَبْتُ لِآدَمَ وَ حَوَّاءَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ حِينَ قٰالاٰ رَبَّنٰا ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنٰا وَ تَرْحَمْنٰا لَنَكُونَنَّ مِنَ اَلْخٰاسِرِينَ (1) وَ نَادَاكَ نُوحٌ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَ نَجَّيْتَهُ وَ أَهْلَهُ مِنَ اَلْكَرْبِ اَلْعَظِيمِ، وَ أَطْفَأْتَ نَارَ نُمْرُودَ عَنْ خَلِيلِكَ إِبْرَاهِيمَ فَجَعَلْتَهَا عَلَيْهِ بَرْداً وَ سَلاَماً.

وَ أَنْتَ اَلَّذِي اِسْتَجَبْتَ لِأَيُّوبَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ حِينَ نَادَاكَ أَنِّي مَسَّنِيَ اَلضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ اَلرّٰاحِمِينَ (2) فَكَشَفْتَ مَا بِهِ مِنَ اَلضُّرِّ وَ آتَيْتَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ وَ ذِكْرَى لِأُولِي اَلْأَلْبَابِ.

وَ أَنْتَ اَلَّذِي اِسْتَجَبْتَ لِذِي اَلنُّونِ حِينَ نَادَى فِي اَلظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّٰالِمِينَ (3) فَنَجَّيْتَهُ مِنَ اَلْغَمِّ.

ص: 532


1- سورة الاعراف 23:7.
2- سورة الانبياء 83:21.
3- سورة الانبياء 87:21.

وَ أَنْتَ اَلَّذِي اِسْتَجَبْتَ لِمُوسَى وَ هَارُونَ دَعْوَتَهُمَا حِينَ قُلْتَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمٰا فَاسْتَقِيمٰا (1) وَ أَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمَهُ، وَ غَفَرْتَ لِدَاوُدَ ذَنْبَهُ، وَ نَبَّهْتَ قَلْبَهُ وَ أَرْضَيْتَ خَصْمَهُ رَحْمَةً مِنْكَ، وَ فَدَيْتَ اَلذَّبِيحَ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ بَعْدَ مَا أَسْلَمٰا وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ (2) فَنَادَيْتَ بِالْفَرَجِ وَ اَلرُّوحِ.

وَ أَنْتَ اَلَّذِي نَادَاكَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ نِدٰاءً خَفِيًّا * قٰالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ اَلْعَظْمُ مِنِّي وَ اِشْتَعَلَ اَلرَّأْسُ شَيْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعٰائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (3) وَ قُلْتَ وَ يَدْعُونَنٰا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كٰانُوا لَنٰا خٰاشِعِينَ (4).

وَ أَنْتَ تَسْتَجِيبُ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصَّالِحَاتِ لِتَزِيدَنَّهُمْ مِنْ فَضْلِكَ، رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْوَنِ اَلدَّاعِينَ لَكَ، اَلرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ، وَ اِسْتَجِبْ لِي كَمَا اِسْتَجَبْتَ لَهُمْ، بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ طَهِّرْنِي بِطُهْرِكَ، وَ تَقَبَّلْ صَلَوَاتِي وَ حَسَنَاتِي بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وَ طَيِّبْ بَقِيَّةَ حَيَاتِي، وَ طَيِّبْ وَفَاتِي، وَ اِحْفَظْنِي فِي مَنْ أُخَلِّفُ، وَ اِحْفَظْهُمْ رَبِّ بِدُعَائِي، وَ اِجْعَلْ ذُرِّيَّتِي ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً تُحِيطُهَا بِحِيَاطَتِكَ مِنْ كُلِّ مَا حُطْتَ مِنْهُ ذُرِّيَّةَ أَوْلِيَائِكَ وَ أَهْلَ طَاعَتِكَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

يَا مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيبٌ، وَ مِنْ كُلِّ سَائِلٍ قَرِيبٌ، وَ لِكُلِّ دَاعٍ مِنْ خَلْقِهِ مُسْتَجِيبٌ، أَنْتَ اَللَّهُ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ، اَلْأَحَدُ اَلصَّمَدُ، اَلَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

وَ أَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ اَلَّتِي عَلَوْتَ بِهَا عَلَى عَرْشِكَ، وَ رَفَعْتَ بِهَا سَمَاوَاتِكَ، وَ فَرَشْتَ

ص: 533


1- سورة يونس 89:10.
2- سورة الصّافّات 103:37.
3- سورة مريم 3:19 و 4.
4- سورة الانبياء 90:21.

بِهَا أَرْضَكَ، وَ أَرْسَيْتَ بِهَا جِبَالَكَ، وَ أَجْرَيْتَ بِهَا اَلْبِحَارَ، وَ سَخَّرْتَ بِهَا اَلسَّحَابَ، وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ وَ اَلنُّجُومَ، وَ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهَارَ، وَ خَلَقْتَ بِهَا اَلْخَلاَئِقَ كُلَّهَا.

أَسْأَلُكَ بِعَظَمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، اَلَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ اَلسَّمَاوَاتُ، وَ أَضَاءَتْ بِهِ اَلظُّلُمَاتُ إِلاَّ صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ كَفَيْتَنِي أَمْرَ مَعَادِي وَ مَعَاشِي، وَ أَصْلَحْتَ شَأْنِي كُلَّهُ، وَ لَمْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَ أَصْلَحْتَ أَمْرِي وَ أَمْرَ عِيَالِي، وَ كَفَيْتَنِي أَمْرَهُمْ، وَ أَغْنَيْتَنِي وَ إِيَّاهُمْ مِنْ كُنُوزِكَ وَ خَزَائِنِكَ وَ سَعَةِ فَضْلِكَ، وَ أَنْبَطْتَ قَلْبِي مِنْ يَنَابِيعِ اَلْحِكْمَةِ اَلَّتِي تَنْفَعُنِي بِهَا، وَ تَنْفَعُ بِهَا مَنِ اِرْتَضَيْتَ مِنْ عِبَادِكَ، وَ جَعَلْتَ لِي مِنَ اَلْمُتَّقِينَ فِي آخِرَتِي إِمَاماً كَمَا جَعَلْتَ إِبْرَاهِيمَ إِمَاماً.

فَإِنَّ بِتَوْفِيقِكَ يَفُوزُ اَلْفَائِزُونَ، وَ يَتُوبُ اَلتَّائِبُونَ، وَ يَعْبُدُكَ اَلْعَابِدُونَ، وَ بِتَسْدِيدِكَ يَسْعَدُ اَلصَّالِحُونَ اَلْمُحِبُّونَ اَلْخَائِفُونَ لَكَ، وَ بِإِرْشَادِكَ نَجَا اَلنَّاجُونَ مِنْ نَارِكَ، وَ أَشْفَقَ مِنْهَا اَلْمُشْفِقُونَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ بِخِذْلاَنِكَ خَسِرَ اَلْمُبْطِلُونَ، وَ هَلَكَ اَلظَّالِمُونَ، وَ غَفَلَ اَلْغَافِلُونَ.

اَللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي مُنَاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَ مَوْلاَهَا، وَ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، اَللَّهُمَّ بَيِّنْ لَهَا هُدَاهَا، وَ أَلْهِمْهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا، وَ أَنْزِلْهَا مِنَ اَلْجِنَانِ عُلْيَاهَا، وَ طَيِّبْ وَفَاتَهَا وَ مَحْيَاهَا، وَ أَكْرِمْ مُنْقَلَبَهَا وَ مَثْوَاهَا، وَ مُسْتَقَرَّهَا وَ مَأْوَاهَا، أَنْتَ رَبُّهَا وَ مَوْلاَهَا(1).

ثُمَّ اُدْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى(2).

وَ مِنْ كِتَابِ اِبْنِ قُولَوَيْهِ اَلْمُتَقَدَّمِ ذِكْرُهُ (3).

قَالَ: حَدَّثَنِي اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ

ص: 534


1- نقله المجلسيّ في بحار الأنوار 287:101.
2- الى هنا أنتهت نسخة «م»، و ما بعدها ورد في نسخة «ه» و «ع» فقط.
3- لم نعثر على هذه الرّواية في كامل الزّيارات و ان كان المجلسيّ في بحار الأنوار نقلها عنه.

عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «كَأَنِّي بِالْقَائِمِ عَلَى نَجَفِ اَلْكُوفَةِ - وَ قَدْ لَبِسَ دِرْعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ - فَيَنْتَفِضُ هُوَ بِهَا فَتَسْتَدِيرُ عَلَيْهِ، فَيَغْشَاهَا بِحَدَاجَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، وَ يَرْكَبُ فَرَساً أَدْهَمَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ، فَيَنْتَفِضُ بِهِ اِنْتِفَاضَةً لاَ يَبْقَى أَهْلُ بِلاَدٍ إِلاَّ وَ هُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ مَعَهُمْ فِي بِلاَدِهِمْ.

فَيُنْشَرُ رَايَةُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، عَمُودُهَا مِنْ عَمُودِ اَلْعَرْشِ، وَ سَائِرُهَا مِنْ نَصْرِ اَللَّهِ، لاَ يَهْوِي بِهَا إِلَى شَيْ ءٍ إِلاَّ هَتَكَهُ اَللَّهُ، فَإِذَا هَزَّهَا لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ صَارَ قَلْبُهُ كَزُبَرِ اَلْحَدِيدِ، وَ يُعْطَى اَلْمُؤْمِنُ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، وَ لاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ دَخَلَتْ تِلْكَ اَلْفَرْحَةُ فِي قَبْرِهِ، وَ ذَلِكَ [حِينَ] يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ، وَ يَتَبَاشَرُونَ بِقِيَامِ اَلْقَائِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ، وَ ثَلاَثَمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً».

قُلْتُ: وَ كُلُّ هَؤُلاَءِ مَلاَئِكَةٌ؟

قَالَ: «نَعَمْ، اَلَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ فِي اَلسَّفِينَةِ، وَ اَلَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي اَلنَّارِ، وَ اَلَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى حِينَ فَلَقَ اَللَّهُ اَلْبَحْرَ، وَ اَلَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى حِينَ رَفَعَهُ اَللَّهُ إِلَيْهِ، وَ أَرْبَعَةُ آلاَفِ مَلَكٍ وَ أَرْبَعُونَ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُسَوِّمُونَ، وَ أَلْفُ مَلَكٍ مُرْدِفُونَ، وَ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ملك [مَلَكاً] بَدْرِيُّونَ، وَ أَرْبَعَةُ أَلْفٍ هَبَطُوا يُرِيدُونَ اَلْقِتَالَ مَعَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، وَ رَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ:

مَنْصُورٌ، فَلاَ يَزُورُهُ زَائِرٌ إِلاَّ اِسْتَقْبَلُوهُ، وَ لاَ يُوَدِّعُهُ مُوَدِّعٌ إِلاَّ شَيَّعُوهُ، وَ لاَ يَمْرَضُ مَرِيضٌ إِلاَّ عَادُوهُ، وَ لاَ يَمُوتُ مَيِّتٌ إِلاَّ صَلَّوْا عَلَى جِنَازَتِهِ وَ اِسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَ كُلُّ هَؤُلاَءِ فِي اَلْأَرْضِ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ اَلْقَائِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِلَى وَقْتِ خُرُوجِهِ»(1).

وَ مِمَّا رَوَيْنَاهُ وَ حَذَفْنَا إِسْنَادَهُ اِخْتِصَاراً، لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا اَلْكِتَابِ (2)، قِصَّةُ اِبْنِ

ص: 535


1- رواه النّعمانيّ في غيبته: 310، و نقله المجلسيّ في بحار الانوار 48/328:52 (عن كامل الزّيارات).
2- لم نعثر على هذه الرّواية أيضا في كامل الزّيارات.

كِشْمَرْدَ مَعَ أَبِي ظَاهِرٍ سُلَيْمَانَ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلْقَرْمَطِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ اَلشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا اَلْعَبَّاسِ بْنَ كِشْمَرْدَ، فِي دَارِهِ بِبَغْدَادَ، وَ سَأَلَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ اَلْكَاتِبِ رَحِمَهُ اَللَّهُ أَنْ يَذْكُرَ لَنَا حَالَهُ إِذْ كَانَ عِنْدَ اَلْهَجَرِيِّ بِالْأَنْبَارِ.

حَدَّثَنَا أَبُو اَلْعَبَّاسِ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ أُسِرَ بِالْهَبِيرِ مَعَ أَبِي اَلْهَيْجَاءِ بْنِ حَمْدَانَ، قَالَ: وَ كَانَ أَبُو ظَاهِرٍ سُلَيْمَانُ مُكْرِماً لِأَبِي اَلْهَيْجَاءِ، بِأَنْ كَانَ يَسْتَدْعِيهِ إِلَى طَعَامِهِ فَيَأْكُلُ مَعَهُ، وَ يَسْتَدْعِيهِ أَيْضاً بِاللَّيْلِ لِلْحَدِيثِ مَعَهُ.

فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ سَأَلْتُ أبي [أَبَا] اَلْهَيْجَاءِ أَنْ يُجْرِيَ ذِكْرِي عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ اَلْحَسَنِ، وَ يَسْأَلَهُ إِطْلاَقِي، فَأَجَابَنِي إِلَى ذَلِكَ، وَ مَضَى إِلَى أَبِي ظَاهِرٍ فِي تِلْكَ اَللَّيْلَةِ عَلَى رَسْمِهِ، وَ عَادَ مِنْ عِنْدِهِ وَ لَمْ يَأْتِنِي، وَ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَغْشَانِي عِنْدَ عَوْدِهِ مِنْ عِنْدِ سُلَيْمَانَ، فَتَسْكُنَ نُفُوسُنَا، وَ يُعَرِّفَنَا أَخْبَارَ اَلدُّنْيَا، فَلَمَّا لَمْ يُعَاوِدْنَا فِي تِلْكَ اَللَّيْلَةِ مَعَ سُؤَالِي إِيَّاهُ اَلْخِطَابَ فِي أَمْرِي اِسْتَوْحَشْتُ لِذَلِكَ، فَصِرْتُ إِلَيْهِ إِلَى مَنْزِلِهِ اَلْمَرْسُومِ، وَ كَانَ أَبُو اَلْهَيْجَاءِ مُبَرِّزاً فِي دِينِهِ، مُخْلِصاً فِي وَلاَيَتِهِ، مُتَوَفِّراً عَلَى إِخْوَانِهِ، فَلَمَّا وَقَعَ طَرْفُهُ عَلَيَّ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً، وَ قَالَ: وَ اَللَّهِ يَا أَبَا اَلْعَبَّاسِ لَقَدْ تَمَنَّيْتُ أَنِّي مَرِضْتُ سَنَةً وَ لَمْ أُجْرِ ذِكْرَكَ.

قُلْتُ: وَ لِمَ؟

قَالَ: لِأَنِّي لَمَّا ذَكَرْتُكَ لَهُ اِشْتَدَّ غَضَبُهُ وَ غَيْضُهُ، وَ حَلَفَ بِالَّذِي يَحْلِفُ بِمِثْلِهِ لَيَأْمُرَنَّ بِضَرْبِ رَقَبَتِكَ غَداً عِنْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ، وَ قَدِ اِجْتَهَدْتُ فِي إِزَالَةِ مَا عِنْدَهُ بِكُلِّ حِيلَةٍ، وَ أَوْرَدْتُ عَلَيْهِ كُلَّ لَطِيفَةٍ، وَ هُوَ مُصِرٌّ عَلَى قَوْلِهِ، وَ أَعَادَ يَمِينَهُ بِمَا خَبَّرْتُكَ عَنْهُ.

قَالَ: ثُمَّ جَعَلَ أَبُو اَلْهَيْجَاءِ يُطَيِّبُ نَفْسِي وَ قَالَ: يَا أَخِي لَوْ لاَ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّ لَكَ وَصِيَّةً، أَوْ حَالاً تَحْتَاجُ إِلَيْهِ لَطَوَيْتُ عَنْكَ مَا أَطْلَعْتُكَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّتِهِ، وَ سَتَرْتُ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ مِنْهُ، وَ مَعَ هَذَا ثِقْ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَ اِرْجِعْ فِي مَا يُهِمُّكَ مِنْ هَذِهِ اَلْحَالَةِ

ص: 536

اَلْغَلِيظَةِ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ يُجِيرُ وَ لاَ يُجَارُ عَلَيْهِ، وَ تَوَجَّهْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى بِالْعُدَّةِ وَ اَلذَّخِيرَةِ لِلشَّدَائِدِ وَ اَلْأُمُورِ اَلْعَظِيمَةِ، مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا اَلْأَئِمَّةِ اَلْهَادِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

قَالَ أَبُو اَلْعَبَّاسِ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَوْضِعِيَ اَلَّذِي أُنْزِلْتُ فِيهِ فِي حَالَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ اَلْإِيَاسِ مِنَ اَلْحَيَاةِ وَ اِسْتِشْعَارِ اَلْهَلَكَةِ، فَاغْتَسَلْتُ وَ لَبِسْتُ ثِيَاباً جَعَلْتُهَا كَفَنِي، وَ أَقْبَلْتُ عَلَى اَلْقِبْلَةِ، فَجَعَلْتُ أُصَلِّي وَ أُنَاجِي رَبِّي، وَ أَتَضَرَّعُ وَ أَعْتَرِفُ بِذُنُوبِي، وَ أَتُوبُ مِنْهَا ذَنْباً ذَنْباً، وَ تَوَجَّهْتُ إِلَى اَللَّهِ بِمُحَمَّدٍ، وَ عَلِيٍّ، وَ فَاطِمَةَ، وَ اَلْحَسَنِ، وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدٍ، وَ جَعْفَرٍ، وَ مُوسَى، وَ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيٍّ، وَ اَلْحَسَنِ، وَ اَلْحُجَّةِ لِلَّهِ فِي أَرْضِهِ، اَلْمَأْمُولِ لِإِحْيَاءِ دِينِهِ، صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

قَالَ: وَ لَمْ أَزَلْ فِي اَلْمِحْرَابِ قَلِقاً أَتَضَرَّعُ إِلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ أَسْتَغِيثُ بِهِ، وَ أَقُولُ: يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى، يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى رَبِّكَ وَ رَبِّي فِي مَا دَهِمَنِي وَ أَظَلَّنِي.

وَ لَمْ أَزَلْ أَقُولُ هَذَا وَ شِبْهَهُ مِنَ اَلْكَلاَمِ إِلَى أَنِ اِنْتَصَفَ اَللَّيْلُ، وَ جَاءَ وَقْتُ اَلصَّلاَةِ وَ اَلدُّعَاءِ، وَ أَنَا أَسْتَغِيثُ إِلَى اَللَّهِ وَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ بِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، إِذْ نَعَسَتْ عَيْنِي فَرَقَدْتُ، فَرَأَيْتُ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ لِي: «يَا اِبْنَ كِشْمَرْدَ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكَ عَلَى هَذِهِ اَلْحَالَةِ»؟

فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ أَمَا يَحِقُّ لِمَنْ يُقْتَلُ صَبَاحَ هَذِهِ اَللَّيْلَةِ - غَرِيباً عَنْ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ، بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ يُسْنِدُهَا إِلَى مُتَكَفِّلٍ بِهَا - أَنْ يَشْتَدَّ قَلَقُهُ وَ جَزَعُهُ؟!

فَقَالَ: «تَحُولُ كِفَايَةُ اَللَّهِ وَ دِفَاعُهُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلَّذِي يُوَعِّدُكَ فِي مَا أَرْصَدَكَ بِهِ مِنْ سَطَوَاتِهِ، اُكْتُبْ:

ص: 537

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ

مِنَ اَلْعَبْدِ اَلذَّلِيلِ فُلاَنِ اِبْنِ فُلاَنٍ، إِلَى اَلْمَوْلَى اَلْجَلِيلِ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ، وَ سَلاَمٌ عَلَى آلِ يس، وَ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيٍّ، وَ فَاطِمَةَ، وَ اَلْحَسَنِ، وَ اَلْحُسَيْنِ، وَ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدٍ، وَ جَعْفَرٍ، وَ مُوسَى، وَ عَلِيٍّ، وَ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيٍّ، وَ اَلْحَسَنِ، وَ حُجَّتِكَ يَا رَبِّ عَلَى خَلْقِكَ.

اَللَّهُمَّ إِنِّي لَمُسْلِمٌ، وَ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ اَللَّهُ إِلَهِي وَ إِلَهُ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ، لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ، أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِحَقِّ هَذِهِ اَلْأَسْمَاءِ اَلَّتِي إِذَا دُعِيتَ بِهَا أَجَبْتَ، وَ إِذَا سُئِلْتَ بِهَا أَعْطَيْتَ، لَمَّا صَلَّيْتَ عَلَيْهِمْ، وَ هَوَّنْتَ عَلَيَّ خُرُوجِي، وَ كُنْتَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ عِيَاذاً وَ مُجِيراً مِمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَوْ يَطْغَى.

وَ اِقْرَأْ سُورَةَ يس، وَ اُدْعُ بَعْدَهَا بِمَا أَحْبَبْتَ، يَسْمَعِ اَللَّهُ مِنْكَ وَ يُجِبْ، وَ يَكْشِفْ هَمَّكَ وَ كَرْبَكَ»

ثُمَّ قَالَ لِي مَوْلاَيَ: «اِجْعَلِ اَلرُّقْعَةَ فِي كِيلَةٍ مِنَ اَلطِّينِ وَ اِرْمِ بِهِ فِي اَلْبَحْرِ».

فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ، اَلْبَحْرُ بَعِيدٌ مِنِّي، وَ أَنَا مَحْبُوسٌ مَمْنُوعٌ مِنَ اَلتَّصَرُّفِ فِي مَا أَلْتَمِسُ!

فَقَالَ: «اِرْمِ بِهَا فِي اَلْبِئْرِ وَ فِي مَا دَنَا مِنْكَ مِنْ مَنَابِعِ اَلْمَاءِ».

قَالَ اِبْنُ كِشْمَرْدَ: فَانْتَبَهْتُ وَ قُمْتُ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، وَ أَنَا مَعَ ذَلِكَ قَلِقٌ غَيْرُ سَاكِنِ اَلنَّفْسِ، لِعَظِيمِ اَلْجُرْمِ وَ ضَعْفِ اَلْيَقِينِ مِنَ اَلْآدَمِيِّينَ.

فَلَمَّا أَصْبَحْنَا وَ طَلَعَتِ اَلشَّمْسُ اُسْتُدْعِيتُ، فَلَمْ أَشُكَّ أَنَّ ذَلِكَ لِمَا وُعِدْتُ بِهِ مِنَ اَلْقَتْلِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى أَبِي ظَاهِرٍ، وَ هُوَ جَالِسٌ فِي صَدْرِ مَجْلِسٍ كَبِيرٍ عَلَى كُرْسِيٍّ، وَ عَنْ يَمِينِهِ رَجُلاَنِ عَلَى كُرْسِيَّيْنِ، وَ عَلَى يَسَارِهِ أَبُو اَلْهَيْجَاءِ عَلَى كُرْسِيٍّ،

ص: 538

وَ إِذَا كُرْسِيٌّ آخَرُ إِلَى جَانِبِ أَبِي اَلْهَيْجَاءِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَلَمَّا بَصَرَنِي أَبُو ظَاهِرٍ اِسْتَدْنَانِي حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى اَلْكُرْسِيِّ، فَأَمَرَنِي بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي:

لَيْسَ عَقِيبَ هَذَا إِلاَّ خَيْراً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: قَدْ كُنَّا عَزَمْنَا فِي أَمْرِكَ عَلَى مَا بَلَغَكَ، ثُمَّ رَأَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نُفَرِّجَ عَنْكَ، وَ أَنْ نُخَيِّرَكَ أَحَدَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَجْلِسَ فَنُحْسِنَ إِلَيْكَ، وَ إِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ إِلَى عِيَالِكَ.

فَقُلْتُ لَهُ: فِي اَلْمُقَامِ عِنْدَ اَلسَّيِّدِ اَلنَّفْعُ وَ اَلشَّرَفُ، وَ فِي اَلاِنْصِرَافِ إِلَى عِيَالِي - وَ وَالِدَتِي عَجُوزٍ كَبِيرَةٍ - اَلثَّوَابُ وَ اَلْأَجْرُ.

فَقَالَ: اِفْعَلْ مَا شِئْتَ، فَالْأَمْرُ مَرْدُودٌ إِلَيْكَ.

فَخَرَجْتُ مُنْصَرِفاً مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَنَادَانِي فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ تَكُونُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟

فَقُلْتُ: لَسْتُ نَسَباً لَهُ، وَ لَكِنِّي وَلِيُّهُ.

فَقَالَ: تُمْسِكُ بِوَلاَيَتِهِ، فَهُوَ أَمَرَنَا بِإِطْلاَقِكَ وَ اَلْإِفْرَاجِ عَنْكَ، فَلَمْ يُمْكِنَّا اَلْمُخَالَفَةُ لِأَمْرِهِ.

ثُمَّ أَمَرَ فَجُهِّزْتُ، وَ أَصْحَبَنِي مَنْ أَوْصَلَنِي مُكَرَّماً إِلَى مَأْمَنِي، فَلِلَّهِ اَلْحَمْدُ(1).

قال السيّد العالم الفقيه رضي اللّه عنه علي بن موسى بن جعفر بن محمّد ابن طاووس الحسني، أدامه اللّه في العز و أبقاه: هذا آخر ما وقع اختيارنا عليه، و انصرفت الهمة إليه، قد وصل على الوجه الذي استحسناه، و اعتمدنا فيه على ما رويناه، أو نظرناه و لم نتصدّ لما لا يتعلّق بهذا الكتاب، كراهية الإضجار و الإطناب، حتى أنّ الظن تقوى أنّ جماعة ممّن يقف على مضمونه يستكثر ما بسطناه من فنونه، فإنّ شواغل الناس كثيرة، و النفوس المرفقة أو المتوفرة يسيرة، على أنّه قد أحتوى على آداب و زيارات و دعوات و زيادات ما بيّنا، مبسوط شاف،

ص: 539


1- نقله النوري في دار السّلام: 297.

و مختصر كاف، و مبسوط المورد، فينتفع به الناظر فيه على حسب شواغله، و تخلّيه إن شاء اللّه.

و نحن بعد ذلك طالبون إلى من وقف على ما كتبناه، و انتفع بشيء ممّا حواه، أن يشركنا في جميع دعائه، و يتعرّض بذلك إلى ثواب اللّه تعالى و جزائه،

فَقَدْ جَاءَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ [أَنَّهُ] قَالَ: «دُعَاءُ اَلْمُؤْمِنِ لِأَخِيهِ فِي ظَهْرِ اَلْغَيْبِ يَسُوقُ إِلَى اَلدَّاعِي اَلرِّزْقَ، وَ يَصْرِفُ عَنْهُ اَلْبَلاَءَ، وَ تَقُولُ لَهُ اَلْمَلاَئِكَةُ: وَ لَكَ مِثْلُهُ»

وفّقكم اللّه أيّها الإخوان و إيّانا لصالح الأعمال، و حرسنا جميعا من طاعة التسويف و الإهمال، و شغلنا بما هو أعود علينا يوم الحساب، و أليق بلب الصواب إن شاء اللّه تعالى.

ص: 540

الفهرس

مقدمّة التحقيق 5

مقدمّة المؤلّف 11

الفصل الأول: مقدمات السفر و آدابه 26

الفصل الثاني: صفة زيارة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) 42

الفصل الثالث: شرح زيارة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و ذكر عمل مسجده 44

ذكر العمل عند المنبر 50

ما يفعل بالروضة 51

زيارة الزهراء فاطمة صلوات اللّه عليها في الروضة 52

ذكر زيارة الزهراء (عليها السّلام) في بيتها و البقيع 53

ذكر ما يفعله الزائر عند مقام جبرائيل (عليه السّلام) بالمسجد 53

ذكر ما يفعل عند اسطوانة أبي لبابة 55

زيارة إبراهيم ابن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) 56

زيارة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السّلام) 58

زيارة حمزة بن عبد المطلب (رضى اللّه عنه) بأحد 60

ص: 541

زيارة قبور الشهداء في احد رضوان اللّه عليهم 62

ذكر المساجد المعظمة بمدينة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) 63

الفصل الرابع: الأمر بزيارة النبي (صلّى اللّه عليه و آله) من البعد 66

الفصل الخامس: فضل زيارة أمير المؤمنين (عليه السّلام) 73

ذكر ورود شريعة الكوفة 74

ذكر الصلاة و الدعاء على دكة القضاء 79

ذكر الصلاة و الدعاء في بيت الطشت المتصل بدكة القضاء 80

ذكر الصلاة و الدعاء في وسط المسجد 80

صلاة اخرى عند باب أمير المؤمنين (عليه السّلام) 85

صفة صلاة للحاجة عند باب أمير المؤمنين (عليه السّلام) 86

مناجاة أمير المؤمنين (عليه السّلام) 88

دعاء الامان لأمير المؤمنين (عليه السّلام) 91

صلاة الحاجة عند باب أمير المؤمنين (عليه السّلام) 97

ذكر الصلاة و الدعاء على دكة الصادق (عليه السّلام) 98

ذكر صلاة الحاجة في جامع الكوفة 99

ذكر زيارة مسلم بن عقيل (رضى اللّه عنه) 100

زيارة اخرى لمسلم بن عقيل (رضى اللّه عنه) 103

ذكر زيارة هانئ بن عروة المرادي (رضى اللّه عنه) 104

عمل مسجد السهلة 105

الصلاة و الدعاء في مسجد زيد بن صوحان 107

ذكر الصلاة في مسجد صعصعة بن صوحان 109

الصلاة و الدعاء في مسجد غني 110

الصلاة و الدعاء في مسجد جعفي 113

الفصل السادس: فضل زيارة أمير المؤمنين (عليه السّلام) 117

وداع أمير المؤمنين (عليه السّلام) 133

زيارة ثانية يزار بها أمير المؤمنين (عليه السّلام) 134

ص: 542

زيارة ثالثة يزار بها أمير المؤمنين (عليه السّلام) 140

زيارة رابعة يزار بها أمير المؤمنين (عليه السّلام) 146

زيارة خامسة يزار بها أمير المؤمنين (عليه السّلام) 149

الفصل السابع: زيارات أمير المؤمنين (عليه السّلام) المخصوصة بالأيام و الشهور 153

العمل في يوم الغدير 167

ذكر زيارة أمير المؤمنين (عليه السّلام) في ليلة السابع و العشرين من رجب 176

ما يستحب من العمل في السابع و العشرين من رجب 184

الفصل الثامن: فضل زيارة الحسن ابن أمير المؤمنين (عليهما السّلام) و كيفيتها 190

الفصل التاسع: مختار زيارات الإمام الحسين ابن أمير المؤمنين (عليهما السّلام) 192

زيارة علي بن الحسين (عليهما السّلام) 211

زيارة الشهداء 212

زيارة العباس ابن أمير المؤمنين (عليهما السّلام) 213

ذكر وداع الحسين (عليه السّلام) 217

وداع علي بن الحسين (عليهما السّلام) و الشهداء 219

زيارة ثانية يزار بها الحسين (عليه السّلام) 221

ذكر زيارة علي بن الحسين (عليهم السّلام) 235

زيارة الشهداء رضوان اللّه عليهم 236

الصلاة و الدعاء عند رأس الحسين (عليه السّلام) 240

زيارة ثالثة يزار بها الحسين بن علي (عليهما السّلام) 245

زيارة رابعة مختصرة يزار بها الحسين (عليه السّلام) 250

زيارة خامسة مختصرة يزار بها الحسين (عليه السّلام) 252

فضل تربة الحسين (عليه السّلام) و موضعها 255

كيفية أخذ التربة و الاستشفاء بها 256

الفصل العاشر: ذكر زيارة الحسين صلوات اللّه عليه المخصوصة بالأيام و الشهور 261

ذكر زيارة عاشوراء و فضلها و كيفيتها 261

زيارة الأربعين و شرح ما ورد في كيفيتها 286

ص: 543

ذكر زيارة ليلة النصف من شعبان 312

ذكر زيارة الإمام الحسين (عليه السّلام) في ليلة القدر 325

ذكر زيارة الإمام الحسين (عليه السّلام) في ليلة عيد الفطر 329

زيارة الشهداء رضوان اللّه عليهم 332

فضل زيارة عرفة و مختار من العمل فيها 347

شرح زيارة عرفة 347

دعاء آخر في يوم عرفة لزين العابدين (عليه السّلام) 362

فضل زيارة عيد الأضحى و الإشارة إلى كيفيتها 367

زيارة للحسين (عليه السّلام) من البعد 372

الفصل الحادي عشر: فضل زيارة أئمة البقيع (عليهم السّلام) 374

الفصل الثاني عشر: فضل زيارة الإمام موسى بن جعفر (عليهما السّلام) 377

زيارة ثانية للإمام موسى بن جعفر (عليهما السّلام) 381

زيارة ثالثة يزار بها الإمام موسى بن جعفر (عليهما السّلام) 385

الفصل الثالث عشر: زيارة علي بن موسى الرضا صلوات اللّه عليه و ذكر كيفيتها 388

كيفية زيارة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) 389

الفصل الرابع عشر: فضل زيارة الإمام الجواد (عليه السّلام) 395

شرح زيارة الإمام الجواد (عليه السّلام) 395

زيارة ثانية يزار بها الإمام الجواد (عليه السّلام) 399

زيارة ثالثة يزار بها الإمام الجواد (عليه السّلام) 400

وداع الكاظم و الجواد (عليهما السّلام) 402

الفصل الخامس عشر: فضل زيارة الإمام الهادي (عليه السّلام) و ذكر كيفيتها 404

الفصل السادس عشر: فضل زيارة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) و ذكر كيفيتها 409

ذكر وداع الإمامين العسكريين (عليهما السّلام) 416

الفصل السابع عشر: زيارة صاحب الأمر صلوات اللّه عليه 418

زيارة ثانية لصاحب الزمان صلوات اللّه عليه 430

زيارة ثالثة يزار بها صاحب الزمان صلوات اللّه عليه 435

ص: 544

زيارة رابعة يزار بها صاحب الزمان صلوات اللّه عليه 437

زيارة خامسة يزار بها صاحب الزمان صلوات اللّه عليه 441

زيارة سادسة يزار بها صاحب الزمان صلوات اللّه عليه 444

ذكر العهد المأمور به في زمان الغيبة 455

الفصل الثامن عشر: في مختار الزيارات الجوامع الموضوعة لزيارة كل إمام 460

دعاء يدعى به عقيب الزيارة لسائر الأئمة (عليهم السّلام) 468

زيارة ثانية لسائر الأئمة (عليهم السّلام) 474

زيارة ثالثة لسائر الأئمة مروية عن أبي الحسن الثالث (عليه السّلام) 476

زيارة رابعة لسائر الأئمة (عليهم السّلام) من كلام الرضا (عليه السّلام) 485

زيارة خامسة لسائر الأئمة (عليهم السّلام) 489

الفصل التاسع عشر: في زيارات جامعة و مختصة 493

الزيارة الأولى لسائر الأئمة (عليهم السّلام) في أيام رجب خاصة 493

الزيارة الثانية بين الإمامين الهادي و العسكري (عليهما السّلام) 495

الزيارة الثالثة بين الإمامين الهادي و العسكري (عليهما السّلام) 499

الزيارة الرابعة جامعة للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) و سائر الأئمة (عليهم السّلام) 501

الفصل العشرون: في زيارة قبور أولاد الأئمة الطاهرين و كيفية زيارة قبور المؤمنين 502

ذكر زيارة قبور أولاد الأئمة صلواة اللّه و سلامه عليهم 503

زيارة تختص بسلمان الفارسي رضوان اللّه عليه 505

زيارة اخرى لسلمان الفارسي (رضي اللّه عنه) 507

زيارة ثالثة لسلمان (رضي اللّه عنه) 509

زيارة رابعة لسلمان (رضي اللّه عنه) و أرضاه 510

ذكر فضل زيارة قبور المؤمنين و صفتها 512

زيارة أبواب الحجة صلوات اللّه و سلامه عليه منسوبة لأبي الحسين بن روح (رضي اللّه عنه) 514

حال من يريد التطوع بالزيارة عن ذي النسب أو سبب 515

ص: 545

ذكر حال المتطوّع بالزيارة عن جميع إخوانه 516

حال المأمور بالزيارة بالنيابة 517

ذكر صفة من ينوب عن غيره بالزيارة 518

ذكر أحاديث مستحسنة تتعلق ببعض معاني هذا الكتاب 524

صفة صلاة لزيارة الحسين بن علي (عليهما السّلام) 528

صلاة اخرى عند رأس الحسين (عليه السّلام) 531

صفة صلاة للحسين (عليه السّلام) 532

الفهرس 541

ص: 546

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.