أحكام القرآن

هوية الكتاب

المؤلف: أبي عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي

الناشر: دار الكتب العلميّة

الطبعة: 0

الموضوع : الفقه

تاريخ النشر : 1400 ه.ق

الصفحات: 320

المكتبة الإسلامية

أحكام القرآن

الجزء الأول

للإمام المعظم والمجتهد المقدم

أبي عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي المتوفی سنة 204 ه

جمعه الإمام الكبير الحافظظ النحرير الفقيه الأصولي أبوبكر أحمد بن الحسين ابن علي بن عبداللّه بن موسی البيهقي النيسابوري صاحب السنن الكبری المتوفی سنة 458 ه رضي اللّه عنهما

عرف الكتاب وكتب تقدمته

العلامة المحدث الكبير صاحب الفضيلة الشيخ

محمد زاهد بن الحسين الكوثري

وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية سابقاً

كتب هوامشه صاحب الفضيلة الشيخ

عبد الغني عبد الخالق

المدرس بكلية الشريعة الإسلامية

روجع علی النسخة المخطوطة الوحيدة المحفوظة

بدار الكتب الملكية المصرية تحت رقم 715 مجاميع طلعت

عني بنشره، وتصحيحة، ووقف علی طبع

دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

المحرر رقمي : محمد مهدي ملك محمد

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 2

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كلمة الناشر :

اشارة

( رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ... وَاللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ ) .

آل عمران - 193 - 195

الحمد لله المحمود بكل لسان ، المعبود فى كل زمان ، الذي لا يخلو من علمه مكان ولا يشغله شان عن شان ، جل عن الأشباه والأنداد ، وتنزه عن الصاحبة والأولاد ، أنزل على رسله كتبه ، وشرع الوسائل لنعمه الحسان ، فأظهر الحق ، وأزهق الباطل وأنزل القرآن رحمة للناس ، فاختص به أشرف خلقه وأفضلهم ، سيد الأولين والآخرين ، المبعوث من عدنان ، الرضى الأحكم ، والإمام الأقوم ، والرسول الأعظم للإنس والجان ، سيدنا ومولانا محمد بن عبد اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله ، وأصحابه ، وأنصاره صلاة تبلغهم أعلى الجنان فى دار الأمان.

وكما اختار - سبحانه - من خلقه لتبليغ رسالاته رسلا كذلك اختص من خلفه أئمة أفذاذا منّ عليهم بعقول جبارة جمعوا بها بين العلم والعمل ، والورع والتقوى فتفانوا فى تفسير كتابه الكريم ، وبيان أحكامه ، فبحثوا الناسخ والمنسوخ من آياته النيرة ، وأحكامه الباهرة ، فاستنبطوا منها الأحكام الصالحة لبنى الإنسان مدى الدهور والأزمان

ص: 3

فمن أولئك الأئمة الكرام ، الإمام الأكبر ، والمجتهد الأعظم ، محمد بن إدريس الشافعي ابن عم رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - الذي يلتقى معه فى عبد مناف. فاستخرج من القرآن الكريم ، والحديث النبوي الشريف ، أدلة أحكام مذهبه رضى اللّه تعالى عنه وبوأه المكان اللائق به فى أعلى الجنان.

هذا وإنى أثناء انكبابى على مراجعة «ترتيب» مسند هذا الإمام الجليل ، واشتغالي بنشره ، عثرت على كتاب عظيم القدر ، جم الفائدة ، غزير المادة ، درة نفيسة من الدرر العلمية ، ألا وهو «أحكام القرآن» للامام للشافعى رضى اللّه عنه. جمعه فخر رجال السنة الإمام البيهقي ، فاعتزمت نشره ، وضمه إلى مجموعتنا من الكتب النادرة مستعينا باللّه سبحانه وتعالى ، وذلك بالرغم مما هى عليه حالة سوق الورق من الأزمة وارتفاع الأسعار ، فراجعت نسختى على نسخة مخطوطة محفوظة بدار الكتب الملكية المصرية بالقاهرة تحت رقم 715 مجاميع طلعت.

وكان فضل العثور على هذه النسخة القيمة النادرة لحضرة الأخ الأديب البحاثة الفاضل الأستاذ فؤاد أفندى السيد الموظف بقسم الفهارس العربية بدار الكتب الملكية المصرية فجزاه اللّه عن العلم وأهله خير الجزاء. ثم بعد إتمامى مراجعة النسخة المذكورة دفعتها إلى أستاذنا وملاذنا مولانا العلامة القدير ، والمحدّث الكبير ، بقية السلف الصالح ، شيخ شيوخ هذا العصر بلا منازع ، صاحب الفضيلة الشيخ محمد زاهد ابن الحسن الكوثرى وكيل المشيخة الإسلامية فى الخلافة العثمانية سابقا ، ونزيل القاهرة الآن ، ليتكرم وينظر فيها بقدر ما تسمح له صحته الغالية فأجابنى - حفظه اللّه - إلى مطلبى ، ونظر فيها بقدر ما سمحت له صحته ، وكتب لها تقدمة علمية نفيسة فجزاه اللّه عن العلم وخدامه خير الجزاء ، وأدام عليه نعمة الصحة والعافية ، ثم استعنت على مراجعتهما أيضا بحضرة صاحب الفضيلة خادم السنة الشريفة الشيخ عبد الغنى عبد الخالق من علماء الأزهر ، والمدرس بكلية الشريعة بالأزهر الشريف ، فنظر فيها فضيلته وأولاها عنايته ، فأصبحت ولله الحمد إن لم تكن بالغة غاية الكمال فهى مصححة التصحيح التام.

هذا ومما زادنى تشجيعا على طبعها ونشرها مع غيرها من الكتب النادرة هو ما تلقاه مطبوعاتنا من العناية الفائقة من رجال العلم والبحث ومحبى الإطلاع على

ص: 4

نوادر المخطوطات العلمية ودرسها أمثال : أصحاب السعادة والعزة على باشا عبد الرازق ، عميد آل عبد الرازق الكرام ، والمشرع الكبير محمود بك السبع المستشار السابق لدى المحاكم الوطنية العليا المصرية ، والأمير الاى محمد بك يوسف مدير الشئون العربية بالقاهرة صاحب المكانة السامية فى الأقطار الإسلامية والعربية ، والشاعر الناثر الحسيب النسيب البحاثة الأستاذ أحمد خيرى ، من أعيان البحيرة والمربى الكبير محمد ابراهيم مروان بك ناظر مدرسة المعلمين بالقاهرة ، والأديب الكبير السيد عبد القوى الحلبي ، والأستاذ الدكتور محمد صادق ، والبحاثة الأستاذ محمد بن تاويت المعروف بالطنجي محقق «رحلة ابن خلدون» وغيرها من الكتب المفيدة - وغيرهم من ذوى المكانة والفضل فجزاهم اللّه على اهتمامهم بمطبوعاتنا النادرة من تراثنا الإسلامى العربي القديم وتشجيعهم لنا خير الجزاء.

ثم اننى ارتأيت أنه من الواجب علىّ أن أسجل على صفحات هذا الكتاب ترجمة وجيزة لإمامنا الشافعي رضى اللّه عنه وذلك على سبيل حصول البركة لأن ترجمته ترجمة وافية تستدعى كتابة عشرات المجلدات الضخمة لاوريقات صغيرة فأقول :

اسمه ونسبه وولادته :

هو الإمام أبو عبد اللّه محمد بن إدريس ، بن العباس ، بن شافع ، بن السائب ، بن عبيد ، بن عبد يزيد ، بن هاشم ، بن عبد المطلب ، بن مناف ، بن قصى ، القرشي المطلبي الشافعي الحجازي المكي ، ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يلتقى ، معه فى عبد مناف. ولد بغزة سنة 150 وقبل بعسقلان ، وهما من الأرض المقدسة ، ثم حمل إلى مكة وهو ابن سنتين.

نشأته :

نشأ - رضى اللّه عنه - يتيما فى حجر أمه فى قلة عيش ، وضيق حال ، وكان فى صباه يجالس العلماء ، ويكتب ما يستفيده فى العظام ونحوها.

روى عن مصعب بن عبد اللّه الزبيري أنه قال : كان الشافعي فى ابتداء

ص: 5

أمره يطلب الشعر وأيام العرب والأدب ، ثم أخذ فى الفقه. قال : وكان سبب أخذه فيه أنه كان يسير يوما على دابة له ، وخلفه كاتب لأبى ، فتمثل الشافعي ببيت شعر فقرعه كاتب أبى بسوطه ثم قال له : مثلك يذهب بمروءته فى مثل هذا أين أنت من الفقه؟ فهزه ذلك ، فقصد مجالسة مسلم بن خالد الزنجي مفتى مكة ، ثم قدم علينا يعنى «المدينة المنورة» فلزم مالكا رحمه اللّه.

قال الشافعي : كنت أنظر فى الشعر فارتقيت عقبة بمنى ، فإذا صوت من خلفى يقول : عليك بالفقه. وعن الحميدي قال : قال الشافعي : خرجت أطلب النحو والأدب ، فلقينى مسلم بن خالد الزنجي فقال يا فتى : من أين أنت؟ قلت : من أهل مكة. قال : أين منزلك؟ قلت : بشعب الخيف. قال : من أي قبيلة أنت؟ قلت : من عبد مناف. فقال : بخ ، بخ : لقد شرفك اللّه فى الدنيا والآخرة. ألا جعلت فهمك هذا فى الفقه فكان أحسن بك؟

شيوخه ، ورحلته إلى العراق :

أخذ الشافعي الفقه عن مسلم بن خالد الزنجي ، وغيره من أئمة مكة ، ثم رحل إلى المدينة المنورة ، فتلمذ على أبى عبد اللّه مالك بن أنس رضى اللّه عنه ، فأكرمه مالك ، وعامله - لنسبه وعلمه وفهمه ، وعقله ، وأدبه - بما هو اللائق بهما. وقرأ الموطأ على مالك حفظا ، فأعجبته قراءته ، فكان مالك يستزيده من القراءة لإعجابه بقراءته ، وكان سن الشافعي حين اتصل بمالك ثلاث عشرة سنة ، ثم ولى باليمن ، واشتهر بحسن السيرة ، ثم رحل إلى العراق ، وجد فى الاشتغال بالعلم ، وناظر محمد بن الحسن الشيباني صاحب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان وغيره ، ونشر علم الحديث وأقام مذهب أهله ، ونصر السنة ، وشاع ذكره وفضله ، وتزايد تزايدا ملأ البقاع فطلب منه عبد الرحمن ابن مهدى إمام أهل الحديث فى عصره ، أن يصنف كتابا فى أصول الفقه. وكان عبد الرحمن هذا ويحيى بن سعيد القطان يعجبان بعلمه ، وكان القطان وأحمد بن حنبل يدعوان للشافعى - رضى اللّه عنهم أجمعين - فى صلاتهما لما رأيا من اهتمامه بإقامة الدين ونصر السنة.

ص: 6

قدومه لمصر وتصنيفه للكتب :

قال حرملة بن يحيى : قدم الشافعي مصر سنة تسع وتسعين ومائة. وقال الربيع سنة مائتين. فصنف كتبه الجديدة كلها بمصر ، وسار ذكره فى البلدان ، وقصده الناس من الشام ، واليمن ، والعراق ، وسائر الأقطار للتفقه عليه والرواية عنه ، وسماع كتبه منه وأخذها عنه. قال الإمام أبو الحسين محمد بن جعفر الرازي : سمعت أبا عمر ، وأحمد بن على بن الحسن البصري ، قالا : سمعنا أحمد بن سفيان الطرائفى البغدادي يقول : سمعت الربيع بن سليمان يوما وقد حط على باب داره تسعمائة راحلة فى سماع كتب الشافعي.

مؤلفاته :

للشافعى مؤلفات كثيرة منها : «الأم طبع فى سبعة أجزاء كبيرة» ، و «جامعى المزني» الكبير والصغير. و «مختصريه» و «مختصر الربيع» و «مختصر البويطى» وكتاب «حرملة» وكتاب «الحجة» وهو القديم. و «الرسالة الجديدة والقديمة» و «الأمالى» و «الإملاء» وغير ذلك مما هو معروف. وقد ذكرها البيهقي جامع هذا الكتاب فى كتابه «مناقب الشافعي».

قال القاضي الإمام أبو الحسن بن محمد المروزي : قيل إن الشافعي رحمه اللّه صنف مائة وثلاثة عشر كتابا فى التفسير والفقه والأدب وغير ذلك.

تواضعه وشفقته :

قال الساجي فى أول كتابه فى الاختلاف : سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول : وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم على إن لا ينسب إلىّ منه حرف. قال النووي : فهذا إسناد لا يمارى فى صحته.

وقال الشافعي رحمه اللّه : وددت - إذا ناظرت أحدا - أن يظهر اللّه الحق على يديه.

ونظائر هذا كثيرة مشهورة. ومن ذلك مبالغته فى الشفقة على المتعلمين ونصيحته

ص: 7

لله وكتابه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم. وذلك هو الدين كما صح عن سيد المرسلين صلّى اللّه عليه وسلّم.

سخاء الشافعي :

قال الحميدي : قدم الشافعي من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف دينار فضرب خباؤه خارجا من مكة فكان الناس يأتونه فما برح حتى فرقها. وقال عمرو بن سواد : كان الشافعي أسخى الناس بالدينار ، والدرهم ، والطعام.

وقال البويطى : قدم الشافعي مصر وكانت زبيدة ترسل إليه برزم الثياب والوشي فيقسمها بين الناس. وقال الربيع : كان الشافعي راكبا على حمار فمر على سوق الحدادين فسقط سوطه من يده فوثب إنسان فمسكه بكفه وناوله إياه فقال لغلامه : ادفع إليه الدنانير التي معك فما أدرى أكانت سبعة أو تسعة ، قال : وكنا يوما مع الشافعي فانقطع شسع نعله ، فاصلحه له رجل ، فقال يا ربيع : أمعنا من نفقتنا شىء؟ قلت : نعم. قال : كم؟ قلت : سبعة دنانير. قال : ادفعها إليه.

قال أبو سعيد : كان الشافعي من أجود الناس وأسخاهم كفا ، كان يشترى الجارية الصناع التي تطبخ وتعمل الحلواء ويقول لنا اشتهوا ما احببتم فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون ، فيقول بعض أصحابنا : اعملي اليوم كذا. وكنا نحن نأمرها.

قال الربيع : كان الشافعي إذا سأله إنسان شيئا يحمار وجهه حياء من السائل ويبادر بإعطائه.

أقول : أين هذا السخاء وهذه الأخلاق من سخاء وأخلاق بعض علماء هذا العصر الذين جمعوا بين الشح وسوء الخلق ، وإيذاء الناس ، وحب الظهور على أكتاف غيرهم وإنزال «الضرر والضرار» بالمسلمين ، مؤثرين مصالحهم الشخصية ، على مصالح غيرهم ، غير حاسبين أي حساب ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى اللّه بقلب سليم. وأيضا أقول لمن يقلدون مذهب هذا الامام العظيم أن يتشبهوا بأخلاقه قبل أن يظهروا التصوف بخفض أصواتهم والتقرب من العلماء الأعلام بإظهار الورع والتقوى ، والإيقاع بين الناس بالدس والخديعة ( يُخادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) .... الآية

ص: 8

وأيضا اقتنائهم الكتب بالغش والتحايل مماطلين بدفع أثمانها ثم إعادتها لأصاحبها بعد شهور عدة. فليقلعوا عن هذه العادات القبيحة التي تزرى بالمدعين الانتساب إلى العلم ، وإلا اضطررنا بعد هذه الإشارة إلى ذكر أسمائهم والتنبيه عليهم حتى لا يقع الناس فى شراك تحايلهم وأعمالهم البعيدة عن كل عفة وشرف.

نعود إلى ترجمة إمامنا العظيم فنقول :

شهادة الأئمة للشافعى

قال مالك بن أنس - رضى اللّه عنه - للشافعى : إن اللّه عز وجل قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بالمعصية ، وقال شيخه سفيان بن عيينة - وقد قرأ عليه حديث فى الرقائق ، فغشى على الشافعي فقيل قد مات الشافعي ، فقال سفيان : إن كان قد مات فقد مات أفضل أهل زمانه.

وقال أحمد بن محمد بن بنت الشافعي : سمعت أبى وعمى يقولان : كان ابن عيينة إذا سئل عن شىء من التفسير والفتيا ، التفت إلى الشافعي وقال : سلوا هذا.

قال الحميدي صاحب سفيان : كان سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد ، وسعيد بن سالم ، وعبد الحميد بن عبد العزيز ، وشيوخ مكة يصفون الشافعي ويعرفونه من صغره مقدما عندهم بالذكاء والعقل والصيانة ، ويقولون لم نعرف له صبوة.

وقال يحيى بن سعيد القطان إمام المحدثين فى زمانه : أنا أدعوا اللّه للشافعى فى صلاتى من أربع سنين. وقال القطان حين عرض عليه كتاب الرسالة : ما رأيت أعقل أو أفقه منه.

وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدى المقدم فى عصره فى علمى الحديث والفقه حين جاءته رسالة الشافعي وكان طلب من الشافعي أن يصنف كتاب الرسالة فأثنى عليه ثناء جميلا وأعجب بالرسالة إعجابا كبيرا وقال : ما أصلى صلاة إلا أدعو للشافعى.

وبعث أبو يوسف القاضي إلى الشافعي حين خرج من عند هارون الرشيد يقرئه السلام ويقول : صنف الكتب ، فانك أولى من يصنف فى هذا الزمان.

ص: 9

وقال أبو حسان : ما رأيت محمد بن الحسن الشيباني يعظم أحدا من أهل العلم تعظيمه للشافعى رحمه اللّه ، وقال أيوب بن سويد وهو أحد شيوخ الشافعي ومات قبل الشافعي بإحدى عشرة سنة : ما ظننت انى أعيش حتى أرى مثل الشافعي.

وقال أحمد بن حنبل - وقد سئل عن الشافعي. لقد من اللّه به علينا ، لقد كنا تعلمنا كلام القوم ، وكتبنا كتبهم ، حتى قدم علينا الشافعي فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره ، وقد جالسناه الأيام والليالى فما رأينا منه إلا كل خير.

وقال أيضا : ما تكلم فى العلم أقل خطأ ولا أشد أخذا بسنة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من الشافعي. وقال : إذا جاءت المسألة ليس فيها أثر فافت بقول الشافعي. وقال : ما من أحد مس بيده محبرة وقلما الا وللشافعى فى عنقه منه.

وقال أحمد لاسحاق بن راهويه : تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله. يعنى الشافعي رضى اللّه عنه. وقال أحمد : كان الفقه قفلا على أهله حتى فتحه اللّه بالشافعي.

وقال داوود بن على الظاهري : كان الشافعي رضى اللّه عنه سراجا لحملة الآثار ونقلة الأخبار ومن تعلق بشىء من بيانه صار محجاجا.

وقال الحافظ : نظرت فى كتب هؤلاء المتابعة فلم أر أحسن تأليفا من الشافعي.

هذا ، وأقوال السلف فى مدحه غير محصورة.

سماته رضى اللّه عنه :

كان رضى اللّه عنه يخضب لحيته بالحناء ، وتارة بصفرة اتباعا للسنة ، وكان طويلا سائل الخدين ، قليل لحم الوجه ، خفيف العارضين ، طويل العنق ، طويل القصب «أي عظم العضد والفخذ والساق فكل عظم منها قصبة» حسن الصوت ، حسن السمت ، عظيم العقل ، حسن الوجه ، حسن الخلق ، مهيبا ، فصيحا ، إذا أخرج لسانه بلغ أنفه وكان كثير الأسقام ، وقال يونس بن عبد الأعلى : ما رأيت أحدا لقى من السقم ما لقى الشافعي.

وقال الربيع : كان الشافعي حسن الوجه ، حسن الخلق ، محببا الى كل من كان بمصر فى وقته من الفقهاء والنبلاء ، والأمراء كلهم يجل الشافعي ويعظمه. وكان مقتصدا فى لباسه ، ويتختم فى يساره ، نقش خاتمة «كفى باللّه ثقة لمحمد بن إدريس» ، وكان ذا معرفة تامة بالطب ، والرمي ، حتى كان يصيب عشرة من عشرة ، وكان أشجع الناس وأفرسهم

ص: 10

يأخذ بإذنه واذن الفرس والفرس يعدو ، وكان ذا معرفة بالفراسة وكان مع حسن خلقه مهيبا حتى قال الربيع ، وهو صاحبه وخادمه : واللّه ما اجترأت أن أشرب والشافعي ينظر الىّ هيبة له.

وفاته :

قال الربيع : توفى الشافعي رحمه اللّه تعالى ليلة الجمعة بعد المغرب ، وأنا عنده ودفن بعد العصر يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين. وقبره رحمه اللّه تعالى بمصر عليه من الجلالة ، وله من الاحترام ما هو لائق بمنصب ذلك الامام.

وقال الربيع : رأيت فى النوم أن آدم عليه السلام مات ، فسألت عن ذلك ، فقيل هذا موت أعلم أهل الأرض لأن اللّه تعالى علم آدم الأسماء كلها فما كان إلا يسير حتى مات الشافعي : ورأى غيره ليلة مات الشافعي قائلا يقول : الليلة مات النبي صلى اللّه عليه وسلم وحزن الناس لموته الحزن الذي يوازى رزيتهم به رضى اللّه عنه وأرضاه وأكرم نزله ومثواه.

هذا وأننى اختتم هذه الكلمة بالتضرع إلى اللّه - جل وعلا - أن يرحمنا ويغفر لنا ذنوبنا ، ويثبت أقدامنا ، ويسبغ رحمته وغفرانه علينا وعلى والدينا ومشايخنا والمسلمين والمسلمات بمنه وكرمه. وأن يتقبل منى ما أنشره من كتب السنة خالصا لوجهه الكريم إنه سميع الدعاء.

( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) كتبه ناشر الكتاب ، الفقير إلى اللّه سبحانه وتعالى ، راجى عفوه وغفرانه أبو أسامة السيد عزت ابن المرحوم السيد أمين ابن المرحوم محدث الديار الشامية ، وبدر بدور البلدة الدمشقية ، الحاوي لمرتبتى المعقول والمنقول ، الحائز لفضيلتى الفروع والأصول العالم العلامة المرحوم السيد سليم العطار الدمشقي ابن المرحوم السيد ياسين ابن شيخ فقهاء الديار الشامية ومحدثيها المحدّث الكبير السيد حامد ابن الشهاب أحمد العطار الحمصي الأصل الدمشقي الموطن.

ذو القعدة من سنة 1370

اغسطس من سنة 1951

ص: 11

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

كلمة عن أحكام القرآن

جمع الحافظ البيهقي من نصوص الإمام الشافعي رضى اللّه عنهما

الحمد لله منزل الكتاب ، الهادي إلى الصواب. والصلاة والسلام على خير من أوتى الحكمة وفصل الخطاب ، سيدنا محمد وآله وصحبه البررة الأنجاب. وبعد : فإن خاتم كتب اللّه المنزلة على أنبيائه المرسلين. خص به خاتم رسل اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه وعليهم أجمعين. وقد حوى من علوم الهداية ما لا يتصور المزيد عليه ، حتى استنهض همم علماء هذه الأمة ، فى التوسع فى تبيين تلك العلوم من ثنايا القرآن الكريم ، فألفوا كتبا فاخرة فى تفسير الذكر الحكيم ، على مناهج من الرواية والدراية ، وعلى أنحاء من وجوه العناية ، فمنهم من عنى بغريب القرآن ، فألف فى تبيين مفردات القرآن كتبا عظيمة النفع ، ومنهم من اهتم بمشكل الإعراب ، فتوسع فى تبيين وجوه الإعراب على لهجات شتى القبائل العربية ، ومنهم من نحا نحو توجيه وجوه القراءات المروية تواترا. وشواذ القراءات المروية فى صدد التفسير ، ومنهم من ألف فى مشكل معانى القرآن وأجاد ، ومنهم من خدم آيات المواعظ والأخلاق ، ومنهم من شرح آيات التوحيد والصفات ، ومنهم من أوضح آيات الأحكام ، فى الحلال والحرام ، ومنهم من خص جدل القرآن بالتأليف ، إلى غير ذلك من علوم أشار إليها كل من ألف فى علوم القرآن من العلماء الأجلاء ، ولا سيما ابن عقيلة المكي فى كتابه (1) «الزيادة والإحسان فى علوم القرآن» ومنهم من سعى فى جمع

ص: 12


1- به هذب الإتقان وزاد فى علومه قدر نصفه وهو محفوظ فى مكتبة على باشا الحكيم فى استنبول (ز)

هذه النواحي فى صعيد واحد ، فأصبح مؤلفه ضخما فخما تبلغ مجلداته مائة مجلد وأكثر. فكتاب «المختزن» فى تفسير القرآن الكريم للإمام أبى الحسن الأشعري أقل ما قيل فيه أنه فى سبعين مجلدا كما يقوله المقريزى ، ويقول أبو بكر بن العربي انه فى خمسمائة مجلد - وهذا مما يختلف باختلاف الحجم والخط - وتفسير «أنوار الفجر» لأبى بكر ابن العربي فى ثمانين ألف ورقة ، فلا يقل عن ثمانين مجلدا ضخما ، وتفسير الحافظ أبى حفص بن شاهين فى ألف جزء حديثى ، وتفسير «حدائق ذات بهجة» لأبى يوسف عبد السلام القزويني الحنفي وأقل ما قيل فيه أنه فى ثلاثمائة مجلد ، وكان مؤلفه وقف النسخة الوحيدة من هذا التأليف العظيم لمسجد أبى حنيفة ببغداد فضاعت عند استيلاء هلاكو ، ويقول الأستاذ البحاثة السيد عبد العزيز الميمنى الهندي أنه رأى جزءا منه فى إحدى فهارس الخزانات ، وتفسير أبى على الجبائي ، وتفسير القاضي عبد الجبار ، وتفسير ابن النقيب المقدسي ، وتفسير محمد الزاهد البخاري كل واحد منها فى مائة مجلد - والأخيران حنفيان - وتفسير «فتح المنان» للقطب الشيرازي الشافعي فى ستين مجلدا وهو محفوظ فى خزانتى على باشا الحكيم ومحمد أسعد فى الآستانة ، وتفسير ابن فرح القرطبي المالكي فى عشرين مجلدا ، وأما ما يبلغ عشرة مجلدات ونحوها من التفاسير فخارج عن حد الإحصاء ، وأما من اختط لنفسه أن يبين ناحية خاصة من القرآن فيكون عمله أتم فائدة ، وليس الخبر كالمعاينة ، ومن جمع بين علوم الراوية والدراية يكون بيانه أوثق ، وبالتعويل أحق ، ومن يكون مقصرا فى شىء منها يكون التقصير باديا فى بيانه مهما خلع عليه من ألقاب العلم.

ولأئمة الاجتهاد رضى اللّه عنهم استنباطات دقيقة من آيات الأحكام ؛ بها تظهر منازلهم فى الغوص ، وبها يتدرج المتفقهون على مدارج الفقه ، فتجب العناية بها كل العناية لتثمر ثمرتها كما ينبغى

ولعلماء علم التوحيد أيضا استنباطات بديعة من آيات الذكر الحكيم فترى من يقول بوجوب معرفة توحيد اللّه بالعقل ، يحتج بقوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) لإطلاق الآية وخلوها عن قيد بلوغ خبر الرسول فيكون آثما بالشرك إثما غير معفو عنه مطلقا بلغه خبر الرسول أم لم يبلغه لكفاية العقل فى معرفة توحيد اللّه عز وجل ، وترى من لا يقول بذلك يحتج بقوله تعالى ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) ويقول دل هذا على أنه لا عذاب بالإشراك قبل بلوغ

ص: 13

خبر الرسول بالتوحيد ، ونقض القائل الأول على الثاني احتجاجه بالآية قائلا : إنك حملت التعذيب على التعذيب فى الآخرة من غير دليل مع أن السباق والسياق يعينان أن المراد بالتعذيب فى هذه الآية هو التعذيب تعذيب استئصال ، وهو يكون فى الدنيا لا فى الآخرة ، لأن اللّه سبحانه مدّ عدم التعذيب إلى زمن بعث الرسول فيكون التعذيب واقعا بعد البعث وتمرد المرسل إليه عن قبول الرسالة ، وذلك فى الدنيا ، فيكون هذا العذاب عذاب الاستئصال فى الدنيا ، وقوله تعالى فى السياق ( وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً ) بيان لعذاب الاستئصال عند فسوق المأمور عن قبول الأمر ، فيكون دليلا آخر يفسر ما سبق ، على أن محققى أهل الكلام لا يقبلون توقف التوحيد على الرسالة لما يستلزم ذلك من الدور المردود.

ومما ألف فى أحكام القرآن على مذهب أهل العراق «أحكام القرآن» لعلى بن موسى بن يزداد القمي ، و «أحكام القرآن» لأبى جعفر الطحاوي - فى ألف ورقة - ، و «أحكام القرآن» لأبى بكر أحمد بن على الرازي المعروف بالحصاص - فى ثلاثة مجلدات و «تلخيص أحكام القرآن» للجمال بن السراج محمود بن أحمد القونوى ، و «التفسيرات الأحمدية» لملاجيون الهندي صاحب نور الأنوار - وهى على اختصارها نافعة.

ومما ألف فى أحكام القرآن على مذهب أهل المدينة «أحكام القرآن» لاسماعيل القاضي كبير المالكية بالبصرة ويتعقبه الجصاص ، و «مختصر أحكام القرآن» لاسماعيل القاضي تأليف بكر بن العلاء القشيري ، و «أحكام القرآن» لابن بكير ، و «أحكام القرآن» لأبى بكر بن العربي - وأسانيد تلك الأربعة فى فهرست ابن خير الأندلسى - و «أحكام القرآن» لابن فرس.

ومما ألف فى أحكام القرآن فى مذهب الإمام الشافعي رضى اللّه عنه كتاب «أحكام القرآن» للامام الشافعي نفسه كما يعزوه البيهقي إليه ، وإن لم نطلع عليه ، وكتاب «أحكام القرآن» جمع أبى بكر البيهقي من نصوص الإمام الشافعي فى الكتب - وهو هذا المنشور - وكتاب «أحكام القرآن» للكيا الهراسى رفيق الغزالي فى لطلب - نود تيسر نشره قريبا - وهى الكتب المهمة فى أحكام القرآن على المذاهب ، وقد طبع كتاب الجصاص ، وكتاب التفسيرات الأحمدية ، وكتاب ابن العربي

ص: 14

وكان فضل السبق بنشر كتاب «أحكام القرآن» فى مذهب الشافعي لأبى أسامة الأستاذ البحاثة السيد محمد عزت العطار الحسيني حيث بادر بنشر كتاب «أحكام القرآن» جمع أبى بكر البيهقي من نصوص الشافعي وهو كتاب بالغ النفع يعلم به مبلغ غوص هذا الإمام العظيم على المعاني الدقيقة فى القرآن الكريم ، ويتدرج به المتفقه على مدارج الاحتجاج فى المسائل الخلافية فيزداد علما ، وتتبين آراء باقى الأئمة فيها من كتب «أحكام القرآن» المؤلفة فى مذاهبهم ، وقد أجاد البيهقي صنعا حيث تتبع غاية التتبع نصوص الإمام الشافعي رضى اللّه عنه فى كتبه وكتب أصحابه من أمثال المزني ، والبويطى ، والربيع الجيزى ، والربيع المرادي ، وحرملة ، والزعفراني ، وأبى ثور ، وأبى عبد الرحمن ، ويونس بن عبد الأعلى وغيرهم ونقلها كما هى مع تأييد تلك المعاني المستنبطة بالسنن الواردة ، وللبيهقى تجلد عظيم ، وصبر كبير ، فى مناصرة الإمام الشافعي فى جميع ما ألف تقريبا ، وفضله فى ذلك مشكور عند الجميع ، مع كون مواضع النقد من كلامه مشروحة فى كتب المذاهب ، كافأ اللّه سبحانه البيهقي على هذا الجمع النافع وأثاب ناشره فى العاجل والآجل وفى الدنيا والآخرة.

أما البيهقي : فهو الحافظ الكبير الفقيه الأصولي النقاد أبو بكر أحمد بن الحسين ابن على بن عبد اللّه بن موسى البيهقي النيسابورى الخسروجردى الفقيه الشافعي.

ولد فى شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة فى قرية (خسروجرد) بضم الخاء وسكون السين وفتح الراء وسكون الواو وكسر الجيم وسكون الراء آخرها الدال المهملة من قرى بيهق (على وزن صيقل) وبيهق قرى مجتمعة فى نواحى نيسابور.

سمع الحديث من نحو مائة شيخ أقدمهم أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي وقد تنقل فى بلاد خرسان ورحل إلى العراق والحجاز والجبال لسماع الحديث وتخرج فى الحديث على الحاكم صاحب المستدرك. فمن شيوخه أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي ، والحاكم محمد بن عبد اللّه النيسابورى ، وأبو الحسن على بن أحمد بن عبدان الأهوازى ، وابو الحسين على بن محمد بن عبد اللّه بن بشران ، وابو عبد اللّه إسحاق بن محمد بن يوسف ابن يعقوب السوي ، والقاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيرى ، وابو احمد عبد اللّه بن محمد بن الحسن المهرجانى ، وابو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عثمان بن قتادة ، وغيرهم من شيوخ العلم فى خرسان والجبال والحرمين والكوفة والبصرة وبغداد.

ص: 15

قال الذهبي فى طبقات الحفاظ فى ترجمة البيهقي : هو الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان كان عنده مستدرك الحاكم فأكثر عنه وبورك له فى عمله لحسن مقصده وقوة فهمه وعمل كتبا لم يسبق إلى تحريرها منها : «الأسماء والصفات» وهو مجلدان (1) ، و «السنن الكبرى» عشر مجلدات (2). و «معرفة السنن والآثار» أربع مجلدات (3) و «شعب الايمان» مجلدان ، و «دلائل النبوة» ثلاث مجلدات ، و «السنن الصغير» مجلدان ، و «الزهد» مجلد ، و «البعث» مجلد ، و «المعتقد» مجلد و «الآداب» مجلد ، و «نصوص الشافعي» ثلاث مجلدات ، و «مناقب احمد» مجلد ، و «كتاب الاسراء» وكتب كثيرة لا أذكرها. ا ه

وقال اليافعي فى مرآة الجنان عن البيهقي هو : الإمام الكبير الحافظ النحرير الفقيه الشافعي واحد زمانه ، وفرد أقرانه فى الفنون من كبار أصحاب الحاكم أبى عبد اللّه بن البيع فى الحديث الزائد عليه فى أنواع العلوم له مناقب شهيرة وتصانيف كثيرة بلغت الف جزء نفع اللّه تعالى بها المسلمين شرقا وغربا وعجما وعربا لفضله وجلالته وإتقانه وديانته تغمده اللّه برحمته. غلب عليه الحديث واشتهر به ورحل فى طلبه إلى العراق والجبال والحجاز وسمع بخرسان من علماء عصره وكذلك بقية البلاد التي انتهى إليها ، وأخذ الفقه عن أبى الفتح ناصر بن محمد العمرى المروزي وهو أول من جمع نصوص الشافعي فى عشر مجلدات ا ه.

وقال إمام الحرمين : ما من شافعى إلا وللشافعى فى عنقه منة إلا البيهقي فإن له على الشافعي منة لتصانيفه فى نصرة مذهبه وأقاويله ا ه.

وقال عبد القادر القرشي فى طبقاته : فو اللّه ما قال هذا من شم توجه الشافعي وعظمته ولسانه فى العلوم. ولقد اخرج الشافعي بابا من العلم ما اهتدى إليه الناس من قبله وهو علم الناسخ والمنسوخ فعليه مدار الإسلام. مع أن البيهقي إمام حافظ كبير نشر السنة ونصر مذهب الشافعي فى زمنه.

وقال ابن العماد فى شذرات الذهب هو : الامام العلم الحافظ صاحب التصانيف. قال ابن قاضى شهبة. قال عبد الغافر : كان على سيرة العلماء قانعا من الدنيا باليسير متجملا فى زهده وورعه. وذكر غيره أنه سرد الصوم ثلاثين سنة.

ص: 16


1- طبع بمصر.
2- طبع بالهند.
3- لم يطبع ويوجد نسخة غير كاملة برواق المغاربة بالأزهر.

وقال فى العبر : توفى فى عاشر جمادى الأولى بنيسابور سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ونقل تابوته إلى بيهق وعاش أربعا وسبعين سنة ا ه.

وقال ابن خلكان : هو واحد زمانه ، وفرد أقرانه فى الفنون من كبار أصحاب الحاكم فى الحديث ثم الزائد عليه فى أنواع العلوم ، أخذ الفقه عن أبى الفتح ناصر المروزي ، غلب عليه الحديث واشتهر به. أخذ عنه الحديث جماعة منهم : زاهر الشحامي ومحمد الفراوي ، وعبد المنعم القشيري وغيرهم ا ه.

وأثنى عليه ابن عساكر فى تبيين كذب المفترى وقال : كتب الىّ الشيخ أبو الحسن الفارسي : الامام الحافظ الفقيه الأصولى ، الدين الورع واحد زمانه فى الحفظ ، وفرد اقرانه فى الإتقان والضبط من كبار أصحاب الحاكم أبى عبد اللّه الحافظ ، والمثكرين عنه ثم الزائد عليه فى أنواع العلوم ، كتب الحديث وحفظه من صباه ، وتفقه وبرع فيه ، وشرع فى الأصول ورحل إلى العراق والجبال والحجاز ثم اشتغل بالتصنيف وألف من الكتب ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء مما لم يسبقه اليه أحد ، جمع فى تصانيفه بين علم الحديث ، والفقه ، وبيان علل الحديث ، والصحيح ، والسقيم وذكر وجوه الجمع بين الأحاديث ، ثم بيان الفقه والأصول ، وشرح ما يتعلق بالعربية استدعى منه الأئمة فى عصره الانتقال الى نيسابور من الناحية لسماع كتاب المعرفة (وهو السنن الأوسط) وغير ذلك من تصانيفه فعاد الى نيسابور سنة احدى وأربعين وأربعمائة وعقدوا له المجلس لقراءة كتاب المعرفة وحضره الأئمة والفقهاء وأكثروا الثناء عليه والدعاء له فى ذلك لبراعته ومعرفته وإفادته.

وكان رحمه اللّه على سيرة العلماء قانعا من الدنيا باليسير متجملا فى زهده وورعه وبقي كذلك الى أن توفى رحمه اللّه بنيسابور يوم السبت العاشر من جمادى الأول سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وحمل الى خسروجرد ا ه.

هذا ومن أراد الإطلاع على ترجمته بتوسع فليراجع تقدمتنا على كتاب «الأسماء والصفات» المطبوع بالقاهرة رضى اللّه عنه وأرضاه وتغمده برضوانه فى أخراه؟

فى 19 ذى الحجة سنة 1370

محمد زاهد الكوثرى

ص: 17

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

وبه العون

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، الذي خلق الإنسان من طين ، وجعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ثم سواه ونفخ فيه من روحه ، وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة ، وبعث فيهم الرسل والأئمة مبشرين بالجنة من أطاع اللّه ، ومنذرين بالنار من عصي اللّه ، وخصبنا بالنبي المصطفى ، والرسول المجتبى ، أبي القاسم ، محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب صلى اللّه عليه وعلى آله ، الذين هداهم اللّه واصطفاهم من بنى هاشم والمطلب ، أرسله بالحق إلى من جعله من أهل التكليف من كافة الخلق بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى اللّه بإذنه وسراجا منيرا ، وأنزل معه كتابا عزيزا ، ونورا مبينا ، وتبصرة وبيانا ، وحكمة وبرهانا ، ورحمة وشفا ، وموعظة وذكرا. فنقل به من أنعم عليه بتوفيقه من الكفر والضلالة إلى الرشد والهداية ، وبين فيه ما أحل وما حرم ، وما حمد وما ذم ، وما يكون عبادة وما يكون معصية نصا أو دلالة ، ووعد وأوعد ، وبشر وأنذر ، ووضع رسوله صلى اللّه عليه وسلم من دينه موضع الإبانة عنه ، وحين قبضه اللّه قيض فى أمته جماعة اجتهدوا فى معرفة كتابه وسنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم ، حتى رسخوا فى العلم ، وصاروا أئمة يهدون بأمره ، ويبينون ما يشكل على غيرهم من أحكام القرآن وتفسيره.

وقد صنف غير واحد من المتقدمين والمتأخرين فى تفسير القرآن ومعانيه ،

ص: 18

وإعرابه ومبانيه ، وذكر كل واحد منهم فى أحكامه ما بلغه علمه ، وربما يوافق قوله قولنا وربما يخالفه ، فرأيت من دلت الدلالة على صحة قوله - أبا عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي المطلبي ابن عم محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى آله - قد أتى على بيان ما يجب علينا معرفته من أحكام القرآن. وكان ذلك مفرقا فى كتبه المصنفة فى الأصول والأحكام ، فميزته وجمعته فى هذه الأجزاء على ترتيب المختصر ، ليكون طلب ذلك منه على من أراد أيسر واقتصرت فى حكاية كلامه على ما يتبين منه المراد دون الإطناب ، ونقلت من كلامه فى أصول الفقه واستشهاده بالآيات التي احتاج إليها من الكتاب ، على غاية الاختصار - ما يليق بهذا الكتاب. وأنا أسأل اللّه البر الرحيم أن ينفعنى والناظرين فيه بما أودعته ، وأن يجزينا جزاء من اقتدينا به فيما نقلته ، فقد بالغ فى الشرح والبيان ، وأدى النصيحة فى التقدير والبيان ، ونبه علي جهة الصواب والبرهان ؛ حتى أصبح من اقتدى به على ثقة من دين ربه ، ويقين من صحة مذهبه ، والحمد لله الذي شرح صدرنا للرشاد ، ووفقنا لصحة هذا الاعتقاد ، وإليه الرغبة (عزت قدرته) فى أن يجرى على أيدينا موجب هذا الاعتقاد ومقتضاه ، ويعيننا على ما فيه إذنه ورضاه ، وإليه التضرع فى أن يتغمدنا برحمته ، وينجينا من عقوبته ، إنه الغفور الودود ، والفعال لما يريد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه محمد بن عبد الحافظ ، أنا أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه ، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبيدة ، قال : كنا نسمع من يونس بن عبد الأعلى تفسير زيد بن أسلم ، عن ابن وهب ؛ فقال لنا يونس : كنت أولا أجالس

ص: 19

أصحاب التفسير وأناظر عليه ، وكان الشافعي إذا أخذ فى التفسير كأنه شهد التنزيل.

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو الوليد الفقيه ، أنا أبوبكر حمدون قال : سمعت الربيع يقول : قلما كنت أدخل على الشافعي رحمه اللّه إلا والمصحف بين يديه يتتبع أحكام القرآن.

«فصل فيما ذكره الشافعي رحمه اللّه فى التحريص على تعلم أحكام القرآن»

(أخبرنا) أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ رحمه اللّه ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ؛ أخبرنا الشافعي رحمه اللّه فى ذكر نعمة اللّه علينا برسوله صلى اللّه عليه وسلم بما أنزل عليه من كتابه فقال : « ( وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ 41 : 41 - 42 ) ؛ فنقلهم به من الكفر والعمى ، إلى الضياء والهدى ، وبين فيه ما أحل لنا بالتوسعة على خلقه وما حرم لما هو أعلم به : [من] حظهم على الكف عنه فى الآخرة والأولى ، وابتلى طاعتهم بأن تعبدهم بقول ، وعمل ، وإمساك عن محارم وحماهموها ، وأثابهم على طاعته - من الخلود فى جنته ، والنجاة من نقمته - ما عظمت به نعمته جل ثناؤه ، وأعلمهم ما أوجب على أهل معصيته : من خلاف ما أوجب لأهل طاعته ؛ ووعظهم بالإخبار عمن كان قبلهم : ممن كان أكثر منهم أموالا وأولادا ، وأطول أعمارا ، واحمد آثارا ؛ فاستمتعوا بخلاقهم فى حياة دنياهم ، فأذاقهم عند نزول قضائه مناياهم دون آمالهم ، ونزلت بهم عقوبته عند انقضاء آجالهم ؛ ليعتبروا فى آنف الأوان

ص: 20

ويتفهموا بجلية التبيان ، وينتبهوا قبل رين الغفلة ، ويعملوا قبل انقطاع المدة ، حين لا يعتب مذنب ، ولا تؤخذ فدية ، و (تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ، وما عملت من سوء تودلو أن بينها وبينه أمدا بعيدا).

وكان مما أنزل فى كتابه (جل ثناؤه) رحمة وحجة ؛ علمه من علمه ، وجهله من جهله.

قال : والناس فى العلم طبقات ، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم فى العلم به ، فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم فى الاستكثار من علمه ، والصبر على كل عارض دون طلبه ، وإخلاص النية لله فى استدراك علمه نصا واستنباطا ، والرغبة إلى اللّه فى العون عليه - فإنه لا يدرك خير إلا بعونه - فإن من أدرك علم أحكام اللّه فى كتابه نصا واستدلالا ، ووفقه اللّه للقول والعمل لما علم منه - فاز بالفضيلة فى دينه ودنياه ، وانتفت عنه الريب ، ونورت فى قلبه الحكمة ، واستوجب فى الدين موضع الإمامة. فنسأل اللّه المبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها ، المديم بها علينا مع تقصيرنا فى الإتيان على ما أوجب من شكره لها ، الجاعلنا فى خير أمة أخرجت للناس - : أن يرزقنا فهما فى كتابه ، ثم سنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم وقولا وعملا يؤدى به عنا حقه ، ويوجب لنا نافلة مزيده. فليست تنزل بأحد من أهل دين اللّه نازلة إلا وفى كتاب اللّه الدليل على سبل الهدى فيها. قال اللّه عز وجل : ( الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ 14 - 1 ) وقال تعالى : ( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ 16 - 89 ) وقال تعالى : ( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 16 - 44 ) .

ص: 21

قال الشافعي رحمه اللّه : «ومن جماع كتاب اللّه عز وجل ، العلم بأن جميع كتاب اللّه إنما نزل بلسان العرب ، والمعرفة بناسخ كتاب اللّه ومنسوخه ، والفرض فى تنزيله ، والأدب ، والإرشاد ، والإباحة ؛ والمعرفة بالوضع الذي وضع اللّه نبيه صلوات اللّه عليه وسلم : من الإبانة عنه فيما أحكم فرضه فى كتابه ، وبينه على لسان نبيه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وما أراد بجميع فرائضه : أأراد كل خلقه ، أم بعضهم دون بعض؟ وما افترض على الناس من طاعته والانتهاء إلى أمره ؛ ثم معرفة ما ضرب فيها من الأمثال الدّوال على طاعته ، المبينة لاجتناب معصيته ؛ وترك الغفلة عن الحظ ، والازدياد من نوافل الفضل. فالواجب على العالمين الا يقولوا إلا من حيث علموا».

ثم ساق الكلام إلى أن قال : «والقرآن يدل على أن ليس فى كتاب اللّه شىء إلا بلسان العرب. قال اللّه عز وجل : ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ : 26 - 192 - 195 ) . وقال اللّه عز وجل : ( وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا : 13 - 37 ) . وقال تعالى : ( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها : 42 - 7 ) . فأقام حجته بأن كتابه عربى ، ثم أكد ذلك بأن نفى عنه كل لسان غير لسان العرب ، فى آيتين من كتابه ؛ فقال تبارك وتعالى : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ : 16 - 103 ) . وقال تعالى : ( وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ : 41 - 44 ) ».

ص: 22

وقال : « ولعل من قال : إن فى القرآن غير لسان العرب ؛ ذهب إلى أن شيئا من القرآن خاصا يجهله بعض العرب. ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبا ، وأكثرها ألفاظا ، ولا يحيط بجميع علمه إنسان غير نبى. ولكنه لا يذهب منه شىء على عامة أهل العلم ، كالعلم بالسنة عند أهل الفقه : لا نعلم رجلا جمعها فلم يذهب منها شىء عليه ، فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن. والذي ينطق العجم بالشيء من لسان العرب ، فلا ينكر - إذا كان اللفظ قيل تعلما ، أو نطق به موضوعا - أن يوافق لسان العجم أو بعضه ، قليل من لسان العرب ». فبسط الكلام فيه.

* * *

«فصل فى معرفة العموم والخصوص»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي رحمه اللّه : «قال اللّه تبارك تعالى : ( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ : 6 - 102 ) . وقال تعالى : ( خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ : 16 - 3 و 39 - 5 و 64 - 3 ) . وقال تعالى : ( وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللّهِ رِزْقُها (1) الآية : 11 - 6 ) . فهذا عام لا خاص فيه ، فكل شىء : من سماء ، وأرض ، وذى روح ، وشجر ، وغير ذلك - فاللّه خالقه. وكل دابة فعلى اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها ، وقال عز وجل : ( إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ

ص: 23


1- وما من دابة فى الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين (11 - 6).

أَتْقاكُمْ : 49 - 13 ) . وقال تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ... (1) * فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (2) الآية : 2 - 183 - 185 ) . وقال تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً الآية : 4 - 103 ) ».

قال الشافعي : «فبين فى كتاب اللّه أن فى هاتين الآيتين العموم والخصوص. فأما العموم منها ففى قوله عز وجل : ( إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا ) . فكل نفس خوطب بهذا فى زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقبله وبعده - مخلوقة من ذكر وأنثى ، وكلها شعوب وقبائل».

«والخاص منها فى قوله عز وجل : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ ) . لأن التقوى إنما تكون على من عقلها وكان من أهلها - : من البالغين من بنى آدم - دون المخلوقين من الدواب سواهم ، ودون المغلوب على عقولهم منهم ، والأطفال الذين لم يبلغوا عقل التقوى منهم. فلا يجوز أن يوصف بالتقوى وخلافها إلا من عقلها وكان من أهلها ، أو خالفها فكان من غير أهلها.

ص: 24


1- ( أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ، فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (2 - 184).
2- ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ، وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ، وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ، وَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ ، وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (2 - 185).

وفى السنة دلالة عليه ؛ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : «رفع القلم عن ثلاثة : النائم حتي يستيقظ ، والصبى حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق».

قال الشافعي رحمه اللّه : «وهكذا التنزيل فى الصوم ، والصلاة على البالغين العاقلين دون من لم يبلغ ممن غلب على عقله ، ودون الحيض فى أيام حيضهن».

قال الشافعي رحمه اللّه : «قال اللّه تعالى : ( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً ، وَقالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الآية : 3 - 173 ) . قال الشافعي رحمه اللّه : فإذا كان مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ناس غير من جمع لهم من الناس ، وكان المخبرون لهم ناس غير من جمع لهم ، وغير من معه ممن جمع عليه معه ، وكان الجامعون لهم ناسا - فالدلالة بينة. لما وصفت : من أنه إنما جمع لهم بعض الناس دون بعض ؛ والعلم يحيط أن لم يجمع لهم الناس كلهم ، ولم يخبرهم الناس كلهم ولم يكونوا هم الناس كلهم.

ولكنه لما كان اسم الناس يقع على ثلاثة نفر ، وعلى جميع الناس ، وعلى من بين جميعهم وثلاثة منهم - كان صحيحا فى لسان العرب ، أن يقال : ( قالَ لَهُمُ النَّاسُ ) . قال : وإنما كان الذين قالوا لهم ذلك أربعة نفر ؛ إن الناس قد جمعوا لكم ، يعنون المنصرفين من أحد ، وإنما هم جماعة غير كثيرين من الناس ، جامعون منهم غير المجموع لهم ، والمخبرون للمجموع لهم غير الطائفتين ، والأكثرون من الناس فى بلدانهم غير الجامعين والمجموع لهم ولا المخبرين».

وقال اللّه عز وجل : ( وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ : 2 - 24 ) . فدل كتاب اللّه عز وجل على أنه إنما وقودها بعض الناس ؛ لقوله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ : 21 - 101 ) ».

ص: 25

قال الشافعي رحمه اللّه : «قال اللّه عز وجل : ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ : 4 - 11 ) » وذكر سائر الآيات (1). ثم قال : «فأبان أن للوالدين والأزواج مما سمى فى الحالات ، وكان عام المخرج. فدلت سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أنه إنما أريد بها بعض الوالدين والأزواج دون بعض ؛ وذلك أن يكون دين الوالدين ، والمولود ، والزوجين واحدا ؛ ولا يكون الوارث منهما قاتلا ، ولا مملوكا. وقال تعالى : ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ، الآية : 4 - 11 ) . فأبان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أن الوصايا يقتصر بها على الثلث ، ولأهل الميراث الثلثان. وأبان : أن الدين قبل الوصايا والميراث ، وأن لا وصية ولا ميراث حتى يستوفى أهل الدين دينهم. ولو لا دلالة السنة

ص: 26


1- ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ، آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ) (4 - 11). (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) (4 - 12)

ثم إجماع الناس - لم يكن ميراث إلا بعد وصية أو دين ، ولم تعدو الوصية أن تكون مقدمة على الدين ، أو تكون والدين سواء ».

وذكر الشافعي رحمه اللّه فى أمثال هذه الآية : آية الوضوء ، وورود السنة بالمسح على الخفين ، وآية السرقة ؛ وورود السنة بأن لا قطع فى ثمر ولا كثر ؛ لكونهما غير محرزين ؛ وأن لا يقطع إلا من بلغت سرقته ربع دينار. وآية الجلد فى الزاني والزانية ، وبيان السنة بأن المراد بها البكران دون الثيبين. وآية سهم ذي القربى ، وبيان السنة بأنه لبنى هاشم وبنى عبد المطلب ، دون سائر القربى. وآية الغنيمة ، وبيان السنة بأن السلب منها للقاتل. وكل ذلك تخصيص للكتاب بالسنة ، ولو لا الاستدلال بالسنة كان الطهر فى القدمين ، وإن كان لابسا للخفين ؛ وقطعنا كل من لزمه اسم سارق ؛ وضربنا مائة كل من زنى وإن كان ثيبا ؛ وأعطينا سهم ذى القربى من بينه وبين النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قرابة ، وخمسنا السلب لأنه من الغنيمة.

* * *

«فصل فى فرض اللّه عز وجل فى كتابه واتباع سنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم»

أنا ، أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي رحمه اللّه تعالى : «وضع اللّه جل ثناؤه رسوله صلى اللّه عليه وسلم - من دينه وفرضه وكتابه - الموضع الذي أبان (جل ثناؤه) أنه جعله علما لدينه بما افترض من طاعته ، وحرم من معصيته. وأبان فضيلته بما قرر : من الإيمان برسوله مع الإيمان به. فقال تبارك وتعالي : ( آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ : 4 - 136 ) . وقال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ

ص: 27

لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ : 24 - 62 ) . فجعل دليل ابتداء الإيمان - الذي ما سواه تبع له - الإيمان باللّه ثم برسوله صلى اللّه عليه وسلم. فلو آمن به عبد ولم يؤمن برسوله صلى اللّه عليه وسلم - لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبدا ، حتى يؤمن برسوله (عليه السلام) معه».

قال الشافعي رحمه اللّه : «وفرض اللّه تعالى على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فقال فى كتابه : ( رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ : 2 - 129 ) . وقال تعالى : ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ : 3 - 164 ) ، وقال تعالى : ( وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللّهِ وَالْحِكْمَةِ : 33 - 34 ) ». وذكر غيرها من الآيات التي وردت فى معناها. قال : «فذكر اللّه تعالى الكتاب ، وهو القرآن ؛ وذكر الحكمة ، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وهذا يشبه ما قال (واللّه أعلم) بأن القرآن ذكر وأتبعته الحكمة ؛ وذكر اللّه (عز وجل) منته على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة. فلم يجز (واللّه أعلم) أن تعد الحكمة هاهنا إلا سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وذلك أنها مقرونة مع كتاب اللّه ، وأن اللّه افترض طاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وحتم على الناس اتباع أمره. فلا يجوز أن يقال لقول : فرض ؛ إلا لكتاب اللّه ، ثم سنة رسول اللّه صلى اللّه

ص: 28

عليه وسلم ، مبينة عن اللّه ما أراد دليلا على خاصه وعامه ؛ ثم قرن الحكمة بكتابه فأتبعها إياه ، ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم». ثم ذكر الشافعي رحمه اللّه الآيات التي وردت فى فرض اللّه (عز وجل) طاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم. منها : قوله عز وجل : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ : 4 - 59 ) فقال بعض أهل العلم : أولو الأمر أمراء سرايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وهكذا أخبرنا واللّه أعلم ، وهو يشبه ما قال واللّه أعلم - : أن من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة ، وكانت تأنف أن تعطى بعضها بعضا طاعة الإمارة ؛ فلما دانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالطاعة ، لم تكن ترى ذلك يصلح لغير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ فأمروا أن يطيعوا أولى الأمر الذين أمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، لا طاعة مطلقة ، بل طاعة يستثنى فيها لهم وعليهم. قال تعالى : ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ : 4 - 59 ) . يعنى إن اختلفتم فى شىء ، وهذا إن شاء اللّه كما قال فى أولى الأمر. لأنه يقول : ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ) يعنى (واللّه أعلم) هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم. ( فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ) يعنى (واللّه أعلم) - إلى ما قال اللّه والرسول إن عرفتموه ؛ وإن لم تعرفوه سألتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنه إذا وصلتم إليه ، أو من وصل إليه. لأن ذلك الفرض الذي لا منازعة لكم فيه ؛ لقول اللّه عز وجل : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ

ص: 29

يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ : 33 - 36 ) . ومن تنازع ممن - بعد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم - رد الأمر إلى قضاء اللّه ؛ ثم إلى قضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء نصافيهما ، ولا فى واحد منهما - ردوه قياسا على أحدهما.

وقال تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (1) الآية : 4 - 65 ) . قال الشافعي : «نزلت هذه الآية فيما بلغنا - واللّه أعلم - فى رجل خاصم الزبير رضى اللّه عنه فى أرض ، فقضى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بها للزبير رضي اللّه عنه ، وهذا القضاء سنة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، لا حكم منصوص فى القران. وقال عز وجل : ( وَإِذا دُعُوا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ 24 - 48 ) والآيات بعدها. فأعلم اللّه الناس أن دعاءهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليحكم بينهم ، دعاء إلى حكم اللّه ، وإذا سلموا لحكم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، فإنما سلموا لفرض اللّه». وبسط الكلام فيه.

قال الشافعي رضى اللّه عنه : «وشهد له (جل ثناؤه) باستمساكه بأمره به ، والهدى فى نفسه وهداية من اتبعه. فقال : ( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِراطِ

ص: 30


1- ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (4 - 95).

اللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ : 42 52 - 53 - ) . وذكر معها غيرها. ثم قال في شهادته له : إنه يهدى إلى صراط مستقيم صراط اللّه. وفيما وصفت -. من فرض طاعته : - ما أقام اللّه به الحجة على خلقه بالتسليم لحكم رسوله واتباع أمره ، فما سن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم فيما ليس لله فيه حكم - فحكم اللّه سنته». ثم ذكر الشافعي رحمه اللّه الاستدلال بسنته على الناسخ والمنسوخ من كتاب اللّه ؛ ثم ذكر الفرائض المنصوصة التي بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم معها ؛ ثم ذكر الفرائض الجمل التي أبان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن اللّه سبحانه كيف هى ومواقيتها ؛ ثم ذكر العام من أمر اللّه الذي أراد به العام ، والعام الذي أراد به الخاص ؛ ثم ذكر سنته فيما ليس فيه نص كتاب. وإيراد جميع ذلك هاهنا مما يطول به الكتاب ، وفيما ذكرناه إشارة إلى ما لم نذكره.

* * *

«فصل فى تثبيت خبر الواحد من الكتاب»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع ابن سليمان ، قال : قال الشافعي رحمه اللّه : «وفى كتاب اللّه عز وجل دلالة على ما وصفت. قال اللّه عز وجل : ( إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ : 71 - 1 ) . وقال تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ : 29 - 14 ) . وقال عز وجل : ( وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ : 4 - 163 ) . وقال تعالي : ( وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً : 7 - 65 ) . وقال تعالى : ( وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً : 7 - 73 ) . وقال تعالى : ( وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً : 7 - 85 ) . وقال جل وعز :

ص: 31

( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللّهَ وَأَطِيعُونِ : 26 - 160 - 163 ) . وقال تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم : ( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ 4 - 163 ) . وقال تعالى : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ 3 - 144 ) .

قال الشافعي : «فأقام (جل ثناؤه) حجته على خلقه فى أنبيائه بالأعلام التي باينوا بها خلقه سواهم ، وكانت الحجة على من شاهد أمور الأنبياء دلائلهم التي باينوا بها غيرهم ؛ وعلى من بعدهم - وكان الواحد فى ذلك وأكثر منه سواء - تقوم الحجة بالواحد منهم قيامها بالأكثر. قال تعالى : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ، فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ : 36 - 13 - 14 ) . قال : فظاهر الحجة عليهم باثنين ثم ثالث ، وكذا أقام الحجة على الأمم بواحد ؛ وليس الزيادة فى التأكيد مانعة من أن تقوم الحجة بالواحد إذا أعطاه اللّه ما يباين به الخلق غير النبيين. واحتج الشافعي بالآيات التي وردت فى القرآن فى فرض اللّه طاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ومن بعده إلى يوم القيامة واحدا واحدا ، فى أن علي كل واحد طاعته ؛ ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعلم أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم ، وشرّف وكرّم) إلا بالخبر عنه». وبسط الكلام فيه.

ص: 32

«فصل فى النسخ»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع قال : قال الشافعي رحمه اللّه : «إن اللّه خلق الناس لما سبق فى علمه مما أراد بخلقهم وبهم ، ( لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ : 13 - 41 ) وأنزل الكتاب [عليهم] ( تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ : 16 - 89 ) [و] فرض [فيه] فرائض أثبتها ، وأخرى نسخها ، رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم ، وبالتوسعة عليهم. زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه ، وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم : جنته والنجاة من عذابه. فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ ، فله الحمد على نعمه. وأبان اللّه لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب ، وأن السنة [لا ناسخة للكتاب] وإنما هى تبع للكتاب بمثل ما نزل نصا ، ومفسرة معنى ما أنزل اللّه منه جملا. قال اللّه تعالى : ( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ، قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ : 10 - 15 ) فأخبر اللّه (عز وجل) : أنه فرض على نبيه اتباع ما يوحى إليه ، ولم يجعل له تبديله من تلقاء نفسه وفى [قوله : ( ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي ) بيان ما وصفت : من أنه لا ينسخ كتاب اللّه إلا كتابه كما كان المبتدئ لفرضه : فهو المزيل المثبت لما شاء منه (جل ثناؤه) ؛ ولا يكون ذلك لأحد من خلقه لذلك (1) قال : ( يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ : 13 - 39 ) قيل يمحو فرض ما يشاء [ويثبت فرض ما يشاء] وهذا يشبه ما قيل واللّه أعلم. وفى كتاب اللّه دلالة عليه : قال

ص: 33


1- فى الرسالة : (ص 107) : «وكذلك». وما بين الأقواس المربعة مزيد من الرسالة.

اللّه عزوجل : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها : 2 - 106 ) . فأخبر اللّه (عز وجل) : أن نسخ القرآن ، وتأخير إنزاله لا يكون إلا بقرآن مثله. وقال : ( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ : 16 - 101 ) . وهكذا سنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : لا ينسخها إلا سنة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم». وبسط الكلام فيه.

قال الشافعي : «وقد قال بعض أهل العلم - فى قوله تعالى : ( قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي ) - واللّه أعلم - دلالة على أن اللّه تعالى جعل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، أن يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم ينزل به كتابا. واللّه أعلم».

(أخبرنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس - هو : الأصم - أنا الربيع : أن الشافعي رحمه اللّه قال : «قال اللّه تبارك وتعالى فى الصلاة : ( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً : 4 - 103 ) فبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن اللّه عز وجل تلك المواقيت ؛ وصلى الصلوات لوقتها ، فحوصر يوم الأحزاب ، فلم يقدر على الصلاة في وقتها ، فأخرها للعذر ، حتى صلى الظهر ، والعصر والمغرب ، والعشاء فى مقام واحد».

قال الشافعي رحمه اللّه : «أنا ابن أبى فديك ، عن ابن أبى ذئب ، عن المقبرىّ ، عن عبد الرحمن بن [أبى] سعيد الخدري ، عن أبيه قال : حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حتى كفينا ، وذلك قول اللّه عز وجل : ( وَكَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ : 33 - 25 ) . قال : فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بلالا ، فأمره فأقام الظهر فصلاها ، فأحسن صلاتها كما كان

ص: 34

يصليها فى وقتها ؛ ثم أقام العصر فصلاها هكذا ؛ ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ؛ ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا ، وذلك قبل أن يقول (1) اللّه فى صلاة الخوف : ( فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً : 2 - 239 ) قال الشافعي رحمه اللّه : «فبين أبو سعيد : أن ذلك قبل أن ينزل [اللّه] على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الآية التي ذكرت فيها صلاة الخوف [وهى] قول اللّه عز وجل : ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الآية (2) : 4 - 101 ) وقال تعالى : ( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ الآية (3) : 4 - 102 ) . وذكر الشافعي رحمه اللّه حديث صالح ابن خوّات عمن صلى مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة الخوف [يوم ذات الرّقاع]. ثم قال : وفى هذا دلالة على ما وصفت : من أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا سن سنة ، فأحدث اللّه فى تلك السنة نسخها أو مخرجا إلى سعة منها - : سن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سنة تقوم الحجة على الناس بها ، حتى يكونوا إنما صاروا من سنته إلى سنته التي بعدها -. قال : فنسخ اللّه تأخير الصلاة عن وقتها فى الخوف إلى أن يصلوها - كما أمر اللّه [فى وقتها] ونسخ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سنته فى تأخيرها ، بفرض اللّه فى كتابه ثم بسنته ، فصلاها فى وقتها كما وصفنا».

ص: 35


1- فى الرسالة [ص 181] : «أن ينزل» وما بين الأقواس زيادة عن الرسالة.
2- تمامها : ( إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً ) .
3- تمامها : ( وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً ) .

قال الشافعي رحمه اللّه : «أنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر - أراه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - فذكر صلاة الخوف فقال : «إن كان خوفا (1) أشد من ذلك : صلوا رجالا وركبانا ، مستقبلى القبلة وغير مستقبليها». قال : فدلت سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، على ما وصفت. من أن القبلة فى المكتوبة على فرضها أبدا ، إلا فى الموضع الذي لا يمكن فيه الصلاة إليها ، وذلك عند المسايفة والهرب ؛ وما كان فى المعنى الذي لا يمكن فيه الصلاة [إليها] وبينت السنة فى هذا أن لا تترك [الصلاة] فى وقتها كيف ما أمكنت المصلى».

«فصل ذكره الشافعي رحمه اللّه فى إبطال الاستحسان واستشهد فيه بآيات من القرآن»

(أنا) أبو سعيد بن أبي عمرو ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) قال : «حكم اللّه ، ثم حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ثم حكم المسلمين - دليل على أن لا يجوز لمن استأهل أن يكون حاكما أو مفتيا : أن يحكم ولا أن يفتى إلا من جهة خبر لازم - وذلك : الكتاب ، ثم السنة. - أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه ، أو قياس على بعض هذا. ولا يجوز له : أن يحكم ولا يفتى بالاستحسان ؛ إذ (2) لم يكن الاستحسان واجبا ، ولا فى واحد من هذه المعاني». وذكر - فيما احتج به - قول اللّه عز وجل : ( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً : 75 - 36 ) [قال] «فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علمت أن (السدى) الذي لا يؤمر ولا ينهى. ومن أفتى أو حكم بمالم يؤمر به فقد اختار (3) لنفسه أن يكون فى معانى السدي - وقد أعلمه عز وجل أنه لم يترك

ص: 36


1- فى بعض نسخ الرسالة : «خوف». ولا خلاف فى المعنى.
2- فى الأصل : إذا. والتصحيح من كتاب ابطال الاستحسان الملحق بالأم [ج 7 ص 271]
3- عبارة الام. : أجاس. وهى أوضح.

سدى - ورأى (1) أن قال أقول ما شئت ؛ وادعى ما نزل القرآن بخلافه. قال اللّه (جل ثناؤه) لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم : ( اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ : 6 - 106 ) ؛ وقال تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ : 5 - 49 ) ثم جاءه قوم ، فسألوه عن أصحاب الكهف وغيرهم ؛ فقال «أعلمكم غدا». (يعنى : أسأل جبريل عليه السلام ، ثم أعلمكم). فأنزل اللّه عز وجل : ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللّهُ : 18 - 23 - 24 ) . وجاءته امرأة أوس بن الصامت ، تشكو إليه أوسا ، فلم يجبها حتى نزل عليه : ( قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها : 58 - 1 ) وجاءه العجلاني يقذف (2) امرأته فقال : «لم ينزل فيكما» وانتظر الوحى ، فلما أنزل اللّه (عز وجل) عليه : دعاهما ، ولا عن بينهما كما أمر اللّه عز وجل» وبسط الكلام فى الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول ، فى رد الحكم بما استحسنه الإنسان ، دون القياس على الكتاب والسنة ؛ والإجماع (3).

* * *

«فصل فيما يؤثر عنه من التفسير والمعاني فى آيات متفرقة»

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي قال : «قال اللّه تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم : ( قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ : 46 - 9 ) . ثم أنزل اللّه (عز وجل) على نبيه صلى اللّه عليه وسلم : أن غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر. يعنى : «واللّه أعلم» ما تقدم

ص: 37


1- اى قال برأيه عن هوى.
2- فى الأصل : فقذف. والتصحيح عن الام.
3- فلينظر فى الام [ج 7 ص 271 - 277]

من ذنبه قبل الوحى ؛ وما تأخر أن يعصمه فلا يذنب ، يعلم [اللّه] ما يفعل به من رضاه عنه ، وأنه أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ، وسيد الخلائق».

وسمعت أبا عبد اللّه محمد بن إبراهيم بن عبدان الكرماني ، يقول : سمعت أبا الحسن محمد بن أبى إسماعيل العلوي ببخارا (1) ، يقول : سمعت أحمد بن محمد ابن حسان المصري ، بمكة ، يقول : سمعت المزني يقول : سئل الشافعي عن قول اللّه عز وجل : ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ : 48 - 1 - 2 ) قال : «معناه - ما تقدم - : من ذنب أبيك آدم - وهبته لك ؛ وما تأخر - : من ذنوب أمتك - أدخلهم الجنة بشفاعتك».

قال الشيخ رحمه اللّه : وهذا قول مستظرف ؛ والذي وضعه الشافعي - فى تصنيفه - أصح الروايتين وأشبه بظاهر الرواية ؛ واللّه أعلم.

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ قال : سمعت أبا بكر أحمد بن محمد المتكلم ، يقول : سمعت جعفر بن أحمد الساماقى ، يقول : سمعت عبد الرحمن بن عبد اللّه ابن عبد الحكم ، يقول : «سألت الشافعي : أي آية أرجى؟ قال : «قوله تعالى : ( يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ : 90 - 15 - 16 ) ».

(أنا) محمد بن عبد اللّه الحافظ ، أخبرنى أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى المتكلم ، أنا إسحاق بن إبراهيم البستي ، حدثنى ابراهيم بن حرب البغدادي : «أن الشافعي رحمه اللّه سئل بمكة فى الطواف ، عن قول اللّه عز وجل : ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ : 5 - 118 ) . قال : «إن تعذبهم فإنهم عبادك ؛ وإن تغفر لهم وتؤخر فى آجالهم : فتمن عليهم بالتوبة والمغفرة».

ص: 38


1- بالمد. وقد تقصر فيقال : بخارى. كما فى القامور. وعلى المد اقتصر البكري فى المعجم.

(أنا) أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمى ، قال : سمعت محمد ابن عبد اللّه بن شاذان ، يقول : سمعت جعفر بن أحمد الخلاطى ، يقول : سمعت الربيع بن سليمان يقول : «سئل الشافعي عن قول اللّه عز وجل : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ : 2 - 155 ) قال : «الخوف : خوف العدو ؛ والجوع : جوع شهر رمضان ؛ ونقص من الأموال : الزكوات ؛ والأنفس : الأمراض ، والثمرات : الصدقات ، وبشر الصابرين على أدائها».

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ أخبرنى ، أبو عبد اللّه الزبير بن عبد الواحد الحافظ الأسترآبادي قال : سمعت أبا سعيد محمد بن عقيل الفاريابي ، يقول : قال المزني والربيع : «كنا يوما عند الشافعي ، إذ جاء شيخ ، فقال له : أسأل؟ قال الشافعي : سل. قال : إيش الحجة فى دين اللّه؟ فقال الشافعي : كتاب اللّه قال : وماذا؟ قال : سنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال : وماذا؟ قال : اتفاق الأمة. قال : ومن أين قلت اتفاق الأمة ، من كتاب اللّه؟ فتدبر الشافعي (رحمه اللّه) ساعة. فقال الشيخ : أجلتك ثلاثة أيام. فتغير لون الشافعي ؛ ثم إنه ذهب فلم يخرج أياما. قال : فخرج من البيت [فى] اليوم الثالث ، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ فسلم فجلس ، فقال : حاجتى؟ فقال الشافعي (رحمه اللّه) : نعم ؛ أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، بسم اللّه الرحمن الرحيم ، قال اللّه عز وجل : ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ) (1) : 4 - 115. لا يصليه جهنم على

ص: 39


1- انظر الكلام على هذه الآية في تفسير الفخر الرازي [ج 3 ص 311 - 312]

خلاف [سبيل] المؤمنين ، إلا وهو فرض. قال : فقال : صدقت. وقام وذهب. قال الشافعي : قرأت القرآن فى كل يوم وليلة ثلاث مرات ، حتى وقفت عليه». وهذه الحكاية أبسط من هذه ، نقلتها فى كتاب المدخل.

(أنا) محمد بن عبد اللّه الحافظ قال : سمعت أبا محمد جعفر بن محمد ابن الحارث ، يقول : سمعت أبا عبد اللّه الحسين بن محمد بن الضحاك (المعروف بابن بحر) يقول : سمعت إسماعيل بن يحيى المزني ، يقول : «سمعت ابن هرم القرشي يقول : سمعت الشافعي يقول فى قول اللّه عز وجل : ( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ : 83 - 15 ) . قال : فلما حجبهم فى السخط : كان فى هذا دليل على أنهم يرونه فى الرضا».

(أنا) أبو عبد اللّه محمد بن حيان القاضي. أنا محمد بن عبد الرحمن ابن زياد : قال : أخبرنى أبو يحيى الساجي (أو فيما أجاز لى مشافهة) قال : ثنا. الربيع ، قال سمعت الشافعي يقول : «فى كتاب اللّه (عز وجل) المشيئة له دون خلقه ؛ والمشيئة : إرادة اللّه. يقول اللّه عز وجل : ( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللّهُ : 76 - 30 و 81 - 29 ) . فاعلم خلقه : أن المشيئة له».

(أنا) ، أبو عبد اللّه الحافظ ، أخبرنى أبو أحمد بن أبى الحسن ، أنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي ، نا أبو عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، حدثنى أبو عثمان محمد بن محمد بن إدريس الشافعي ، قال : سمعت أبى يقول ليلة للحميدى : «ما يحجّ عليهم (يعنى على أهل الإرجاء) بآية أحجّ من قوله عز وجل ( وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ : 98 - 5 ) ».

قرأت فى كتاب أبى الحسن محمد بن الحسن القاضي - فيما أخبره أبو عبد اللّه

ص: 40

محمد بن يوسف بن النضر : أنا ابن الحكم ، قال : سمعت الشافعي يقول فى قول اللّه عز وجل : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ. 30 - 27 ) . قال : معناه هو أهون عليه فى العبرة عندكم ، لما (1) كان يقول للشيء كن ؛ فيخرج مفصلا بعينيه وأذنيه ، وسمعه ومفاصله ، وما خلق اللّه فيه من العروق. فهذا - فى العبرة - أشد من أن يقول لشىء قد كان : عد إلى ما كنت. قال : فهو إنما هو أهون عليه فى العبرة عندكم ، ليس أن شيئا يعظم على اللّه عز وجل».

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان. أنا الشافعي ، أنا ابراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه : أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، قال : «أعظم المسلمين فى المسلمين جرما : من سأل عن شيء لم يكن محرما ، فحرم من أجل مسئلته.». قال الشافعي : «وقال اللّه عز وجل : ( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ - إلى قوله (عز وجل) - بِها كافِرِينَ (2) : 5 - 101 - 102 ) قال : كانت المسائل فيما لم ينزل - إذا كان الوحى ينزل - مكروهة ؛ لما ذكرنا : من قول اللّه عز وجل ، ثم قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وغيره : مما فى معناه. ومعنى كراهة ذلك : ان يسئلوا عما لم يحرم : فإن حرمه اللّه فى كتابه ، أو على لسان نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم حرم أبدا ، إلا أن ينسخ اللّه تحريمه فى كتابه ، أو ينسخ - على لسان رسوله - سنة بسنة».

(أنا) أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن فنجويه ، بالدامغان ، نا الفضل

ص: 41


1- كذا ولعل الصواب : مما.
2- تمام المحذوف : ( وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْها وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ* قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ ) .

ابن الفضل الكندي ، ثنا زكريا بن يحيى الساجي قال : سمعت أبا عبد اللّه (ابن أخى ابن وهب) يقول : سمعت الشافعي يقول : «الأمّة على ثلاثة وجوه : قوله تعالى : ( إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ : 43 - 22 ) ؛ قال : على دين. وقوله تعالى : ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ : 12 - 45 ) ، قال : بعد زمان. وقوله تعالى : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ : 16 - 120 ) ؛ قال : معلما.»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، حدثنى أبو بكر أحمد بن محمد بن أيوب الفارسي المفسر. أنا أبو بكر محمد بن صالح ابن الحسن البستاني بشيراز ، نا الربيع بن سليمان المرادي ، نا محمد بن إدريس الشافعي (رحمه اللّه) ، أنا ابراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن مرجانة : قال عكرمة لابن عباس : «إن ابن عمر تلا هذه الآية : ( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ : 2 - 284 ) ؛ فبكى ، ثم قال : واللّه لئن أخذنا اللّه بها لنهلكن.» فقال ابن عباس : «يرحم اللّه أبا عبد الرحمن ؛ قد وجد المسلمون منها - حين نزلت - ما وجد ؛ فذكروا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ فنزلت : ( لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها الآية (1) : 2 - 286 ) من القول والعمل. وكان حديث النفس مما لا يملكه أحد ، ولا يقدر عليه أحد.

ص: 42


1- تمامها : ( لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا. رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) .

«فصل فيما يؤثر عنه من التفسير والمعاني فى الطهارات والصلوات»

(أنا) محمد بن موسى بن الفضل ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي رحمه اللّه قال : «قال اللّه جل ثناءه : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) إلى قوله (1) عز وجل : ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا : 5 - 6 ) قال : وكان (2) بينا عند من خوطب بالآية : أن غسلهم إنما يكون بالماء ؛ [ثم] أبان اللّه فى [هذه] الآية : أن الغسل بالماء. وكان معقولا عند من خوطب بالآية : [أن الماء ما خلق اللّه تبارك وتعالى مما لا صنعة فيه للآدميين (3)]. وذكر الماء عاما ؛ فكان ماء السماء ، وماء الأنهار ، والآبار ، والقلات (4) ، والبحار. العذب من جميعه ، والأجاج سواء : فى أنه يطهر من توضأ واغتسل به».

وقال فى قوله عز وجل : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) «لم أعلم مخالفا فى أن الوجه المفروض غسله فى الوضوء : ما ظهر دون ما بطن. وقال : وكان معقولا : أن الوجه : ما دون منابت شعر الرأس ، إلى الأذنين واللحيين والذقن»

وفى قوله تعالى : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) ؛ قال : «فلم أعلم مخالفا [فى] أن المرافق فيما (5) يغسل. كأنهم ذهبوا إلى [أن] معناها : فاغسلوا أيديكم إلى أن تغسل المرافق.

ص: 43


1- تمام المحذوف : ( إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ) .
2- فى الام (ج 1 ص 2) : فكان
3- هذه عبارة الام. وفى الأصل : أن الماء ما خلق اللّه ما لا منفعة فيه للآدميين. وفيه خطأ ظاهر
4- جمع قلت [كسهم وسهام] وهو : النقرة فى الجبل تمسك الماء.
5- فى الام (ج 1 ص 22) : مما

وفى قوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) ؛ قال : «وكان معقولا فى الآية أن من مسح من رأسه شيئا فقد مسح برأسه ؛ ولم تحتمل الآية إلا هذا - وهو أظهر معانيها - أو مسح الرأس كله قال : فدلت السنة على أن ليس على المرء مسح رأسه كله. وإذا دلت السنة على ذلك فمعنى الآية : أن من مسح شيئا من رأسه أجزأه».

وفى قوله تعالى : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ؛ قال الشافعي : «نحن نقرؤها (وأرجلكم) ؛ على معنى : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم ؛ وامسحوا برؤسكم قال : ولم أسمع مخالفا فى أن الكعبين - اللذين ذكر اللّه عز وجل فى الوضوء - الكعبان الناتئان - وهما مجمع مفصل الساق والقدم - وأن عليهما الغسل. كأنه يذهب فيهما إلى اغسلوا أرجلكم حتى تغسلوا الكعبين». وقال فى غير هذه الرواية «والكعب إنما سمى كعبا لنتوئه فى موضعه عما تحته وما فوقه. ويقال للشىء المجتمع من السمن ، كعب سمن (1) وللوجه فيه نتوء ؛ وجه كعب ؛ والثدي إذا تناهدا كعب.».

قال الشافعي رحمه اللّه - فى روايتنا عن أبى سعيد : «وأصل مذهبنا أنه يأتى بالغسل كيف شاء ولو قطعه ؛ لأن اللّه تبارك وتعالى قال : ( حَتَّى تَغْتَسِلُوا : 4 - 43 ) (2) فهذا مغتسل وإن قطع الغسل ؛ فلا أحسبه يجور - إذا قطع الوضوء - إلا مثل هذا».

قال الشافعي رحمه اللّه : وتوضأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما أمر اللّه ، وبدأ بما بدأ اللّه به. فاشبه (واللّه أعلم) أن يكون على المتوضئ فى الوضوء شيئان [أن] يبدأ بما بدأ اللّه ثم رسوله صلى اللّه عليه وسلم به منه ، ويأتى على إكمال

ص: 44


1- ينظر هامش الام (ج 1 ص 23).
2- انظر الام (ج 1 ص 26).

ما أمر به (1) وشبهه بقول اللّه عز وجل : ( إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ : 2 - 158 ) . فبدأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالصفا ، وقال «نبدأ بما بدأ اللّه به». قال الشافعي رحمه اللّه : «وذكر اللّه اليدين معا والرجلين معا ، فأحب أن يبدأ باليمنى وإن بدأ باليسرى فقد أساء ولا إعادة عليه.

وفى قول اللّه عز وجل : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) ؛ قال الشافعي رحمه اللّه : «فكان ظاهر الآية أن من قام إلى الصلاة فعليه أن يتوضأ وكانت محتملة أن تكون نزلت فى خاص. فسمعت بعض من أرضى علمه بالقرآن ، يزعم : أنها نزلت فى القائمين من النوم ؛ وأحسب ما قال كما قال. لأن [فى] السنة دليلا على أن يتوضأ من قام من نومه (2). قال الشافعي رحمه اللّه : فكان الوضوء الذي ذكره اللّه - بدلالة السنة - على من لم يحدث غائطا ولا بولا ؛ دون من أحدث غائطا أو بولا. لأنهما نجسان يماسان بعض البدن. يعنى فيكون عليه الاستنجاء (3) فيستنجى بالحجارة أو الماء ؛ قال ولو جمعه رجل ثم غسل بالماء كان أحب إلى. ويقال إن قوما من الأنصار استنجوا بالماء فنزلت فيهم :

( فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ : 9 - 108 ) قال الشافعي رحمه اللّه : ومعقول - إذ ذكر اللّه تعالى الغائط فى آية الوضوء أن الغائط. التخلي ؛ فمن تخلى وجب عليه الوضوء». ثم ذكر الحجة من غير الكتاب ، فى إيجاب الوضوء بالريح ، والبول ، والمذي ، والودي وغير ذلك مما يخرج من سبيل الحدث (4)

ص: 45


1- فى الأصل المتوضئين. وما أثبتناه عبارة الام. وهو اظهر
2- انظر الام (ج 1 ص 10 - 11).
3- انظر الام (ج 1 ص 18)
4- انظر الام (ج 1 ص 13 - 17).

وفى قوله تعالى : ( أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ : 4 - 43 و 5 - 6 ) ؛ قال الشافعي : «ذكر اللّه عز وجل الوضوء على من قام إلى الصلاة ؛ فاشبه أن يكون من (1) قام من مضجع النوم.» وذكر طهارة الجنب ، ثم قال بعد ذلك : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) . فأشبه : أن يكون أوجب الوضوء من الغائط ، وأوجبه من الملامسة وإنما ذكرها موصولة بالغائط بعد ذكر الجنابة ؛ فأشبهت الملامسة أن تكون اللمس باليد والقبل غير الجنابة». ثم استدل عليه بآثار ذكرها (2). قال الربيع : اللمس بالكف ؛ ألا ترى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن الملامسة. والملامسة : أن يلمس الرجل الثوب فلا يقلبه وقال الشاعر (3) :

فألمست كفّى كفّه أطلب الغنى *** ولم أدر أنّ الجود من كفّه يعدى

فلا أنا ، منه ما أفاد ذوو الغنى *** [أفدت] واعدانى فبدّدت (4) ما عندي

هكذا وجدته فى كتابى وقد رواه غيره عن الربيع عن الشافعي (5) ، أنا أبو عبد الرحمن السلمى ، أنا : الحسين بن رشيق المصري إجازة ، انا أحمد بن محمد ابن حرير النحوي ، قال : سمعت الربيع بن سليمان يقول ؛ فذكر معناه عن الشافعي (6)

(انا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا : 4 - 43 ) . فأوجب

ص: 46


1- فى الأصل : كمن ، وما أثبتناه عبارة الأم.
2- انظر الأم (ج 1 ص 12 - 13).
3- هو بشار بن برد كما فى الأغانى (ج 3 ص 150)
4- انظر الأم : فبذرت وفى الأغانى فاتلفت.
5- انظر الأم (ج 1 ص 13).
6- انظر الأم (ج 1 ص 13).

(جل ثناؤه) الغسل من الجنابة ؛ وكان معروفا فى لسان العرب أن الجنابة : الجماع وإن لم يكن مع الجماع ماء دافق. وكذلك ذلك فى حد الزنا ، وإيجاب المهر ، وغيره وكل من خوطب : بأن فلانا أجنب من فلانة عقل أنه أصابها وإن لم يكن مقترفا». يعنى أنه (1) لم ينزل.

وبهذا الإسناد قال الشافعي : «وكان فرض اللّه الغسل مطلقا : لم يذكر فيه شيئا يبدأ به قبل شىء ؛ فإذا جاء المغتسل [بالغسل (2)] أجزأه - واللّه أعلم - كيفما جاء به - وكذلك (3) لا وقت فى الماء فى الغسل ، إلا أن يأتى بغسل جميع بدنه».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) . قال الشافعي : نزلت آية التيمم فى غزوة بنى المصطلق ، أنحل عقد لعائشة رضى اللّه عنها ، فأقام الناس على التماسه مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء. فأنزل اللّه (عز وجل) آية التيمم. أخبرنا بذلك عدد من قريش من أهل العلم بالمغازي وغيرهم». [ثم] روى فيه حديث مالك ؛ وهو مذكور فى كتاب المعرفة.

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، انا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي رحمه اللّه : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً )

قال : وكلّ ما وقع عليه اسم صعيد لم يخالطه نجاسة ، فهو : صعيد طيب يتيمم به. ولا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذى غبار ؛ فاما البطحاء

ص: 47


1- هذا من كلام الربيع كما صرح به فى الام (ج 1 ص 31)
2- زيادة عن الام (ج 1 ص 33)
3- فى الأصل : ولذلك. وهو خطأ والتصحيح عن الأم.

الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ - فلا يقع عليه اسم صعيد (1)».

وبهذا الإسناد قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الآية) وقال فى سياقها ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ [أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ] فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ] ) (2) فدل حكم اللّه (عز وجل) على أنه أباح التيمم فى حالين : أحدهما : السفر والأعواز من الماء. والآخر. المرض (3) فى حضر كان أو سفر. ودل [ذلك] على أن على المسافر طلب الماء ، لقوله : ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) وكان كل من خرج مجتازا من بلد إلى غيره ، يقع عليه اسم السفر قصر السفر أو طال. ولم أعلم من السنة دليلا على أن لبعض (4) المسافرين أن يتيمم دون بعض ؛ فكان ظاهر القرآن ان كل من سافر سفرا قريبا أو بعيدا يتيمم».

قال : وإذا كان مريضا بعض المرض : تيمم حاضرا أو مسافرا ، أو واجدا للماء أو غير واجد له (5) والمرض اسم جامع لمعان لأمراض مختلفة ؛ فالذى سمعت : أن المرض - الذي للمرء أن يتيمم فيه - : الجراح ، والقرح دون الغور كله مثل الجراح ؛ لأنه يخاف فى كله - إذا ما مسه الماء - أن ينطف ، فيكون من النطف التلف ، والمرض المخوف».

ص: 48


1- انظر الام : (ج 1 ص 43)
2- ما بين الأقواس المربعة زيادة عن الأم (ح 1 ص 29).
3- فى الأصل : المريض. وفى الام (ص 39) للمريض. وكلاهما خطأ والصحيح ما أثبتناه.
4- فى الأصل : بعض والتصحيح عن الام.
5- كذا بالأصل وبالأم (ج 1 ص 36). ولعل أو زائدة من الناسخ.

وقال فى القديم (رواية الزعفراني عنه) : «يتيمم إن خاف [إن مسه الماء (1)] التلف ، أو شدة الضنى». وقال فى كتاب البويطىّ : «فخاف ، إن أصابه الماء ، أن يموت ، أو يتراقى (2) عليه إلى ما هو أكثر منها ؛ تيمم وصلى ولا إعادة عليه. لأن اللّه تعالى أباح للمريض التيمم. وقيل : ذلك المرض : الجراح والجدري. وما كان فى معناهما : من المرض - عندى مثلهما ؛ وليس الحمىّ وما أشبهها - : من الرمد وغيره. - عندى ، مثل ذلك.»

قال الشافعي - فى روايتنا : «جعل اللّه المواقيت للصلاة ؛ فلم يكن لأحد أن يصليها قبلها ؛ وإنما أمر (3) بالقيام إليها إذا دخل وقتها ؛ وكذلك أمر (4) بالتيمم عند القيام إليها ، والإعواز من الماء. فمن تيمم لصلاة قبل دخول وقتها ، وطلب الماء لها - : لم يكن له أن يصليها بذلك التيمم.»

* * *

أخبرنا ، أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال. قال الشافعي (رحمه اللّه) : «وإنما قلت : لا يتوضأ رجل بماء قد توضأ به غيره. لأن (5) اللّه (جل ثناؤه) يقول ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ 5 - 6 ) فكان معقولا. أن الوجه لا يكون مغسولا إلا بأن يبتدأ له بماء (6) فيغسل به ، ثم عليه فى اليدين عندي - مثل ما عليه فى الوجه [من] أن يبتدىء لهما ماء فيغسلهما به. (7) فلو أعاد عليهما الماء

ص: 49


1- زيادة عن مختصر المزني بهامش الأم (ج 1 ص 54).
2- أي يتزايد.
3- انظر الأم (ج 1 ص 19).
4- انظر الأم (ج 1 ص 19).
5- فى الأصل أن ، والتصحيح عن الأم (ج 1 ص 25).
6- فى الأم : ماء.
7- عبارة الأم : «من أن يبتدى ، له ماء فيغسله به» ، ولا فرق من حيث المعنى المراد.

الذي غسل به الوجه - : كان كأنه لم يسوّ بين يديه ووجهه ، ولا يكون مسويا بينهما ، حتى يبتدىء لهما الماء ، كما ابتدأ للوجه. وأن (1) رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «أخذ لكل عضو ماء جديدا.».

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (رحمه اللّه) : «قال اللّه عز وجل : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (2) إلى : وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ : 5 - 6 ) . فاحتمل أمر اللّه (تبارك وتعالي) بغسل القدمين : أن يكون على كل متوضئ ؛ واحتمل : أن يكون على بعض المتوضئين دون بعض. فدل مسح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الخفين - : أنها (3) على من لا خفين عليه [إذا هو (4)] لبسهما على كمال طهارة. كما دل صلاة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) صلاتين بوضوء واحد ، وصلوات بوضوء واحد - : على أن فرض الوضوء ممن (5) قام إلى الصلاة ، على بعض القائمين دون بعض ، لا : (6) أن المسح خلاف لكتاب اللّه ، ولا الوضوء على القدمين (7).». زاد - فى روايتى ، عن أبى عبد اللّه ، عن أبى العباس ، عن الربيع ، عنه - : «إنما يقال : «الغسل كمال ، والمسح رخصة كمال ؛ وأيهما شاء فعل (8)».

ص: 50


1- كذا بالأصل وبالأم ؛ على أنه معطوف على قوله : لأن اللّه. ولعل الأصح : لأن. فليتأمل.
2- تمام المتروك : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) .
3- فى الأصل : «أنهما». وهو خطأ. والتصحيح عن الأم (ج 1 ص 27) ؛ وإنما أنت الضمير باعتبار أن المسح طهارة.
4- زيادة عن الأم ، يتوقف عليها فهم المعنى المراد.
5- فى الأم : «على من» ؛ ولا فرق فى المعنى.
6- فى الأصل : «لأن». وهو خطأ ظاهر ؛ والتصحيح عن الام.
7- كذا بالأصل وبالأم ، ولعل الأصح - الملائم لظاهر العبارة السابقة - : على بعض القائمين.
8- انظر اختلاف الحديث بهامش الام (ج 7 ص 60).

أنا ، أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) (1) الآية ، ودلت السنة على [أن (2)] الوضوء من الحدث. وقال اللّه عز وجل : ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ، حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ، وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) الآية (3). فكان الوضوء عاما فى كتاب اللّه (عز وجل) من (4) الأحداث ؛ وكان أمر اللّه الجنب بالغسل من الجنابة ، دليلا (واللّه أعلم) على : أن لا يجب غسل إلا من جنابة ؛ إلا أن تدل على غسل واجب : فنوجبه بالسنة : بطاعة اللّه فى الأخذ بها (5). ودلت السنة على وجوب الغسل من الجنابة ؛ ولم أعلم دليلا بيّنا على أن يجب غسل غير الجنابة الوجوب الذي لا يجزىء غيره. وقد روى فى غسل يوم الجمعة شىء ؛ فذهب ذاهب إلى غير ما قلنا ؛ ولسان العرب واسع».

ص: 51


1- تمامها : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ، وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ ، أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ - فَلَمْ تَجِدُوا ماءً - : فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ. ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ، وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 5 - 6 )
2- زيادة عن اختلاف الحديث (ص 177)
3- تمامها : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ، أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ ، أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ - فَلَمْ تَجِدُوا ماءً - : فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ؛ إِنَّ اللّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً : 4 - 43 )
4- فى الأصل : «عن». وما أثبتناه عبارته في اختلاف الحديث (ص 178).
5- فى الأصل : «فتوجبه السنة بطاعة اللّه والاخذ بها». والتصحيح عن اختلاف الحديث (ص 178).

ثم ذكر ما روى فيه ، وذكر تأويله ، وذكر السنة التي دلت على وجوبه فى الاختيار ، و [فى] النظافة ، ونفى (1) تغير الريح عند اجتماع الناس (2) ، وهو مذكور فى كتاب المعرفة (3).

* * *

وفيما أنبأنى أبو عبد اللّه (إجازة) عن الربيع ، قال : قال الشافعي : (رحمه اللّه تعالى) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ. قُلْ : هُوَ أَذىً ، فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ) الآية (4). فأبان : أنها حائض غير طاهر ، وأمرنا : أن لا نقرب حائضا حتى تطهر ، ولا إذا طهرت حتى تتطهر (5) بالماء ، وتكون ممن تحل لها الصلاة».

وفى قوله عز وجل : ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ) ، قال الشافعي : «قال بعض أهل العلم بالقرآن : فأتوهن من حيث أمركم اللّه أن تعتزلوهن ؛ يعنى فى (6) مواضع الحيض. وكانت الآية محتملة لما قال ؛ ومحتملة : أن اعتزالهن : اعتزال جميع أبدانهن ، ودلت سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : على اعتزال ما تحت الإزار منها ، وإباحة ما فوقها».

ص: 52


1- فى الأصل : «ومعنى». والتصحيح عن اختلاف الحديث (ص 179).
2- فلينظر فى اختلاف الحديث (ص 178 - 181).
3- للحافظ البيهقي رضى اللّه عنه.
4- تمامها : ( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ : فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ؛ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ : 2 - 222 ) .
5- فى الأصل : «تطهر». وما أثبتناه عبارة الام (ج 1 ص 50) ، وهى أظهر.
6- عبارة الأم (ج 1 ص 51) : «من». وهى أنسب.

قال الشافعي : «وكان مبينا (1) فى قول اللّه عز وجل : ( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) : أنهن حيّض فى غير حال الطهارة (2) ، وقضى اللّه على الجنب : أن لا يقرب الصلاة حتى يغتسل ، فكان مبينا : أن لا مدة لطهارة الجنب إلا الغسل (3) ، ولا مدة لطهارة الحائض إلا ذهاب الحيض ، ثم الغسل : لقول اللّه عز وجل : ( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) ، وذلك : انقضاء (4) الحيض : ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ ) ، يعنى : بالغسل ؛ لأن السنة دلت على أن طهارة الحائض : الغسل (5) ؛ ودلت على بيان ما دل عليه كتاب اللّه : من أن لا تصلى الحائض.» ، فذكر حديث عائشة (رضى اللّه عنها) ، ثم قال : «وامر النبي (صلى اللّه عليه وسلم) عائشة (رضى اللّه عنها) - : «أن لا تطوفى بالبيت حتى تطهرى» : - : يدل على أن لا تصلى (6) حائضا ؛ لأنها غير طاهر ما كان الحيض قائما. ولذلك (7) قال اللّه عز وجل : ( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) .»

قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ ، وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) الآيتين (8). فلما لم يرخص اللّه (9) فى أن تؤخر الصلاة

ص: 53


1- فى الأم : «بينا».
2- فى الأصل : «فى غير طهارة» ، والتصحيح عن الام.
3- عبارة الأصل : «لامره لطهارة الجنب لا الغسل» ؛ وهى خطأ ، والتصحيح عن الام
4- عبارة الام : «بانقضاء».
5- عبارة الام : «بالغسل».
6- عبارة الام : «أن لا تطوف حتى تطهر ، فدل». فيكون قوله : «وأمر إلخ» جملة فعلية.
7- عبارة الام : «وكذلك». وما فى الأصل أصح.
8- تمامهما. ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ، فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ : 8. 238 ، 239 ) .
9- عبارة الأم (ج 1 ص 51. «رسول اللّه». وهى خطأ.

 فى الخوف ، وأرخص : أن يصليها المصلى كما أمكنته رجالا وركبانا (1) ؛ وقال : ( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً : 4 - 103) ؛ وكان من عقل الصلاة من البالغين ، عاصيا بتركها : إذا جاء وقتها وذكرها ، [وكان غير ناس لها] (2) ؛ وكانت الحائض بالغة عاقلة ، ذاكرة للصلاة ، مطيقة لها ؛ وكان (3) حكم اللّه : أن لا يقربها زوجها حائضا ؛ ودل حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : على أنه إذا حرم على زوجها أن يقربها للحيض ، حرم عليها أن تصلى - : كان فى هذا دليل (4) [على] أن فرض الصلاة فى أيام الحيض زائل عنها فإذا زال عنها - وهى ذاكرة عاقلة مطيقة - : لم يكن عليها قضاء الصلاة. وكيف تقضى ما ليس بفرض عليها : بزوال فرضه عنها؟! وهذا ما لم أعلم فيه مخالفا».

* * *

أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ (رحمه اللّه) ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ ، أنا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي : «ومما نقل بعض من سمعت منه - : من أهل العلم - : أن اللّه (عز وجل) أنزل فرضا فى الصلاة قبل فرض الصلوات الخمس ؛ فقال : ( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ

ص: 54


1- عبارة الأم. «راجلا أو راكبا». وهى أنسب.
2- زيادة عن الأم للايضاح.
3- فى الأم : «فكان» ، وما هنا أصح. دفعا لتوهم أنه جواب الشرط ، الذي سيأتى بعد ، وهو قوله. «كان فى هذا».
4- عبارة الأم. «دلائل» ، وزيادة «على» عن الأم للايضاح.

إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً : 73 - 1 - 4 ) . ثم نسخ هذا فى السورة معه ، فقال : ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ (1) ؛ قرأ إلى : وَآتُوا الزَّكاةَ : 73 - 20 ) . قال الشافعي : ولما ذكر اللّه (عز وجل) بعد أمره بقيام الليل : نصفه إلا قليلا ، أو الزيادة عليه فقال : ( أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) ، فخفف ، فقال : ( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ، فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ : 73 - 20 ) : - كان (2) بينا فى كتاب اللّه (عز وجل) نسخ قيام الليل ونصفه ، والنقصان من النصف ، والزيادة عليه - : بقوله عز وجل : ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) . ثم احتمل قول اللّه عز وجل : ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) ، معنيين : أحدهما : أن يكون فرضا ثابتا ، لأنه أزيل (3) به فرض غيره. (والآخر) : أن يكون فرضا منسوخا : ازيل بغيره ، كما ازيل به غيره. وذلك لقول اللّه تعالى : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) الآية (4)

ص: 55


1- تمام المتروك. ( وَاللّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ؛ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ ؛ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ، عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ ؛ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) .
2- فى بعض نسخ الرسالة (ص 114). «فكان». فيكون جواب الشرط قوله فيما سبق. «فخفف». وعلى ما هنا - وهو الأظهر - يكون جواب الشرط قوله.«كان». فليتأمل.
3- فى الأصل. «أريد». وهو خطأ واضح ، والتصحيح عن الرسالة (ص 115)
4- تمامها. ( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.17 - 79 ) .

واحتمل قوله : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) : أن يتهجد بغير الذي فرض عليه : مما تيسر منه : فكان الواجب طلب الاستدلال بالسنة على أحد المعنيين ، فوجدنا سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) تدل على أن لا واجب من الصلاة إلا الخمس ، فصرنا : إلى أن الواجب الخمس ، وأن ما سواها : من واجب : من صلاة ، قبلها - منسوخ بها ، استدلالا بقول اللّه عز وجل : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) فإنها (1) ناسخة لقيام الليل ، ونصفه ، وثلثه ، وما تيسر. ولسنا نحبّ لأحد ترك (2) ، أن يتهجد بما يسره اللّه عليه : من كتابه ، مصليا [به] (3) ، وكيفما أكثر فهو أحب إلينا». ثم ذكر حديث طلحة بن عبيد اللّه ، وعبادة بن الصامت ، فى الصلوات الخمس (4).

أخبرنا أبو سعيد بن أبى عمرو ، ثنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال لنا الشافعي رحمه اللّه. فذكر معنى هذا بلفظ آخر (5) ؛ ثم قال : «ويقال : نسخ ما وصفت المزمل (6) ، بقول اللّه عز وجل : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) ، ودلوك الشمس : زوالها ؛ ( إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) : العتمة ، ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) : الصبح ، ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً* وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ

ص: 56


1- فى الرسالة (ص 116). «وأنها» ، ولعل ما هنا أصح.
2- كذا بالرسالة. وعبارة الأصل. «يترك» ، وهى خطأ ، أو لعل (أن) ناقصة من الناسخ. وعلى كل فعبارة الرسالة أحسن وأخصر.
3- الزيادة عن الرسالة.
4- انظره فى الرسالة (ص 116 - 117).
5- انظره فى الام (ج 1 ص 59).
6- عبارة الام (ج 1 ص 59) : «نسخت ما وصفت من المزمل». ولعل صحة العبارة ، نسخ ما وصفت من المزمل.

نافِلَةً لَكَ : 17 - 78 ، 79 ) ، فأعلمه أن صلاة الليل نافلة لا فريضة ؛ وأن الفرائض فيما ذكر : من ليل أو نهار. قال الشافعي : ويقال : فى قول اللّه عز وجل : ( فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ ) : المغرب والعشاء ؛ ( وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) : الصبح ، ( وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا ) : العصر ، ( وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) : الظهر. قال الشافعي : وما أشبه ما قيل من هذا ، بما (1) قيل ، واللّه أعلم».

* * *

وبه (2) قال : قال الشافعي : «أحكم اللّه (عز وجل) لكتابه (3) : أن ما فرض - : من الصلوات. - موقوت ؛ والموقوت (واللّه أعلم) : الوقت الذي نصلى فيه ، وعددها. فقال جل ثناؤه : ( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً : 4 - 103 ) .

* * *

وبهذا الإسناد [قال] : قال الشافعي : قال اللّه تبارك وتعالى : ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ، حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ : 4 - 43 ) . قال : يقال : نزلت قبل تحريم الخمر. وأيّما (4) كان نزولها : قبل تحريم الخمر

ص: 57


1- كذا بالأصل والام ؛ أي. بما قيل فى شرح الآية السابقة.
2- أي. بالإسناد السابق.
3- كذا بالأصل ، وفى الام (ج 1 ص 61) : «كتابه». ولعل الصواب «أعلم اللّه عز وجل فى كتابه».
4- فى الأصل : «وإنما» وهو خطأ وتحريف من الناسخ. والتصحيح عن الأم (ج 1 ص 60).

أو بعد [ه] فمن صلى سكران : لم تجز صلاته ؛ لنهى اللّه (عز وجل) إياه عن الصلاة ، حتى يعلم ما يقول ؛ وإن (1) معقولا : أن الصلاة : قول ، وعمل ، وإمساك فى مواضع مختلفة. ولا يؤدى هذا كما أمر به ، إلا من عقله (2)».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً : 5 - 58) ؛ وقال : ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ : 62 - 9) فذكر اللّه الأذان للصلاة ، وذكر يوم الجمعة. فكان بينا (واللّه أعلم) : أنه أراد المكتوبة بالآيتين (3) معا ؛ وسنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) الأذان للمكتوبات [ولم يحفظ عنه أحد علمته : أنه أمر بالأذان لغير صلاة مكتوبة (4)]».

* * *

أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد [فى قوله (5) : ( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ : 94 - 4 ) ؛ قال : «لا أذكر إلا ذكرت [معى (6)] : أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأشهد أن محمدا رسول اللّه». قال الشافعي : «يعنى

ص: 58


1- كذا بالأصل وبالأم ، ولعل الأصح : «وكان».
2- عبارة الأم : «ولا يؤدى هذا إلا من أمر به ممن عقله» وما هنا أوضح.
3- بالأصل : «بالاثنين». وهو تحريف من الناسخ ، والتصحيح عن الأم (ج 1 ص 71).
4- زيادة عن الأم لزيادة الفائدة.
5- زيادة للايضاح ، عن الرسالة (ص 16).
6- زيادة للايضاح ، عن الرسالة (ص 16).

(واللّه أعلم : ذكره عند الإيمان باللّه والأذان ؛ ويحتمل : ذكره عند تلاوة القرآن ، وعند العمل بالطاعة ، والوقوف عن المعصية».

فضل التعجيل بالصلوات واحتج فى فضل التعجيل بالصلوات - بقول اللّه عز وجل : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ : 17 - 78) ؛ ودلوكها : ميلها. (1) وبقوله : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) : 20 - 14) ؛ وبقوله : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ : 2 - 238) ؛ والمحافظة على الشيء : تعجيله.

وقال فى موضع آخر (2) : «ومن قدم الصلاة فى أول وقتها ، كان أولى بالمحافظة عليها ممن أخرها عن أول وقتها (3)».

وقال فى قوله ( وَالصَّلاةِ الْوُسْطى 2 - 238 ) - : «فذهبنا : إلى أنها الصبح. [وكان أقل ما فى الصبح (4)] إن لم تكن هي - : أن تكون مما أمرنا بالمحافظة عليه.».

وذكر - فى رواية المزني ، وحرملة - حديث أبى يونس مولى عائشة (رضى اللّه عنها) أنها أملت عليه : (حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى ، وصلاة العصر» ، ثم قالت : «سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (5)» قال الشافعي : «فحديث عائشة يدل على أن الصلاة الوسطى ، ليست صلاة

ص: 59


1- هذا من كلام الشافعي كما فى السنن الكبرى للبيهقى.
2- من الرسالة (ص 289).
3- عبارة الرسالة : «الوقت». وهى أحسن.
4- زيادة عن اختلاف الحديث بهامش الأم (ج 7 ص 208) ، يتوقف عليها فهم الكلام وصحته.
5- انظر السنن الكبرى للبيهقى (ج 1 ص 462)

العصر. قال : واختلف بعض أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، فروى عن على ، وروى (1) عن ابن عباس : أنها الصبح ؛ وإلى هذا نذهب. وروى عن زيد بن ثابت : الظهر ؛ وعن غيره : العصر». وروى فيه حديثا (2) عن النبي صلى اللّه عليه وسلم.

قال الشيخ (3) : «الذي رواه الشافعي فى ذلك ، عن على ، وابن عباس : فيما رواه مالك فى الموطأ عنهما فيما بلغه (4) ؛ ورويناه موصولا عن ابن عباس وابن عمر (5) ، وهو قول عطاء ، وطاووس ، ومجاهد ، وعكرمة (6)».«وروينا عن عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن على (رضي اللّه عنه) ، قال : «كنا نرى أنها صلاة الفجر ، حتى سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يوم الأحزاب : يقول : «شغلونا عن صلاة الوسطى ، صلاة العصر (7) ؛ حتى غابت الشمس ، ملأ اللّه قبورهم وأجوافهم نارا». وروايته فى ذلك - عن النبي صلى اللّه عليه وسلم صحيحة ، عن عبيدة السلماني ، وغيره عنه ، وعن مرة ، عن ابن مسعود. وبه قال أبىّ بن كعب ، وأبو أيوب ، وأبو هريرة ، وعبد اللّه

ص: 60


1- لعل ذكرها للتأكيد ، أو زيادة من الناسخ.
2- ينظر : أقائل هذا الشافعي؟ أم البيهقي؟. فليتامل.
3- أي : الحافظ البيهقي. وهذا من كلام أحد رواة هذا الكتاب عنه ، كما هى عادة أكثر المتقدمين.
4- انظر السنن الكبرى للبيهقى (ج 1 ص 461 - 462)
5- انظر السنن الكبرى للبيهقى (ج 1 ص 461 - 462)
6- انظر السنن الكبرى للبيهقى (ج 1 ص 461 - 462)
7- هذا اللفظ غير موجود فى حديث على برواية زر عنه. وإنما وجد فى حديثه برواية شتير العبسي عنه ، وفى حديث ابن مسعود وسمرة. راجع السنن الكبرى [ج 1 ص 460]

ابن عمرو (1) ، و [هو] (2) فى إحدى الروايتين ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبى سعيد الخدرىّ ، وعائشة رضي اللّه عنهم».

وقرأت [فى] كتاب حرملة ، عن الشافعي - فى قول اللّه عز وجل : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً : 17 - 18 ) ، فلم يذكر فى هذه الآية مشهودا غيره» والصلوات مشهودات ، فأشبه أن يكون قوله (3) مشهودا بأكثر مما تشهد به الصلوات ، أو أفضل ، أو مشهودا بنزول الملائكة». يريد (4) صلاة الصبح.

* * *

أنا أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي رحمه اللّه : «فرض اللّه (تبارك وتعالى) الصلوات ؛ وأبان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) عدد كل واحدة منهن ، ووقتها ، وما يعمل فيهن ، وفى كل واحدة منهن. وأبان اللّه (عز وجل) : أن (5) منهن نافلة وفرضا ؛ فقال لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) الآية (6). ثم أبان ذلك رسول اللّه

ص: 61


1- فى الأصل : «عمر». وهو خطأ بدلالة الكلام السابق واللاحق ، بل قد صرح البيهقي فى السنن الكبرى [ج 1 ص 461] باسم جده :
2- زيادة يقتضيها المقام ، وإن حذفت (فى) كان أحسن.
3- وأي : تأويل قوله ومعناه.
4- أي : الشافعي ، بقوله فيما تقدم : «غيره». وقوله. «يريد إلخ» من كلام البيهقي على ما يظهر.
5- قوله : «أن» ، غير مثبت فى الأم [ج 1 ص 86]
6- تمامها : ( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً : 17 - 79 )

(صلى اللّه عليه وسلم) فكان بيّنا (واللّه أعلم) - إذا كان من الصلاة نافلة وفرض ، وكان الفرض منها مؤقتا - أن لا تجزى عنه صلاة ، إلا بأن ينويها مصليا (1)».

* * *

وبهذا (2) الإسناد ، قال الشافعي : قال اللّه تبارك وتعالى : ( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (3) : 6 - 98 ) . قال الشافعي : وأحبّ أن يقول - حين يفتتح [قبل أم (4)] القرآن : أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، وأي كلام استعاذ به ، أجزأه».

وقال فى الإملاء - بهذا الإسناد : «ثم يبتدىء ، فيتعوذ ، ويقول : أعوذ بالسميع العليم ؛ أو يقول : أعوذ باللّه السميع العليم [من الشيطان الرجيم (5)) ؛ أو : أعوذ باللّه أن يحضرون. لقول اللّه عز وجل. ( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) ».

* * *

قال الشافعي - فى كتاب البويطىّ : «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَلَقَدْ

ص: 62


1- هذه عبارة الأم [ج 1 ص 86] ، وفى الأصل : «لا يجزى عنه أن يصلى صلاة إلا بأن ينويها مصليها». وعبارة الأم أسلم وأوضح.
2- بالأصل «فلهذا» ، وهو خطأ واضح.
3- زيادة عن الأم [ج 1 ص 92 - 93].
4- زيادة مقصودة قطعا.
5- زيادة مقصودة قطعا.

آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ : 15 - 87 ) . وهى : أم القرآن : أولها : (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)».

أنا أبو زكريا بن أبى إسحاق - فى آخرين - قالوا : أنا أبو العباس محمد ابن يعقوب ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا عبد المجيد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنى أبى [عن (1)] سعيد بن جبير [فى قوله (2)] : ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) ، [قال] : «هى أم القرآن». قال أبى : «وقرأها علىّ سعيد بن جبير ، حتى ختمها ، ثم قال : «بسم اللّه الرحمن الرحيم) الآية السابعة. قال سعيد : وقرأها علىّ ابن عباس ، كما قرأتها عليك ، ثم قال (بسم اللّه الرحمن الرحيم) الآية السابعة. قال ابن عباس : فذخرها [اللّه (3)] لكم ، فما أخرجها لأحد قبلكم».

قال الشافعي - فى رواية حرملة عنه : «وكان ابن عباس يفعله (يعنى (4) : يفتتح القراءة ببسم اللّه الرحمن الرحيم.) ، ويقول : انتزع الشيطان منهم خير آية فى القران. وكان يقول : كان النبي (صلى اللّه عليه وسلم) لا يعرف ختم السورة ، حتى تنزل : (بسم اللّه الرحمن الرحيم).».

ص: 63


1- زيادة لا بد منها ، عن [ج 1 ص 93] ومسند الشافعي بهامش الأم. [ص 53 - 54]
2- الزيادة للايضاح.
3- زيادة للايضاح ، عن السنن الكبرى للبيهقى [ج 2 ص 44].
4- الظاهر : أن هذا من كلام البيهقي رحمه اللّه.

أنا أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي [قال (1)] «قال اللّه (تبارك وتعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً 73 - 4 ) ، فأقلّ الترتيل : ترك العجلة فى القران عن الإبانة. وكلما (2) زاد على أقل الإبانة فى القران ، كان أحبّ إلىّ : ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيه تمطيطا».

* * *

قرأت فى كتاب «المختصر الكبير» - فيما رواه أبو إبراهيم المزنىّ ، عن الشافعي (رحمه اللّه) أنه قال ، أنزل اللّه عز وجل على رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) فرض القبلة بمكة ، فكان يصلى فى ناحية يستقبل منها البيت [الحرام] ، وبيت المقدس ، فلما هاجر إلى المدينة ، استقبل بيت المقدس ، موليا عن البيت الحرام ؛ سنة عشر شهرا - : وهو يحب : لو قضى اللّه إليه باستقبال البيت الحرام. لأن فيه مقام أبيه إبراهيم ، وإسماعيل ؛ وهو : المثابة للناس والأمن ، وإليه الحج ؛ وهو : المأمور به : أن يطهر للطائفين ، والعاكفين ، والركّع السجود. مع كراهية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما وافق اليهود فقال لجبريل عليه السلام : «لوددت أن ربى صرفنى عن قبلة اليهود إلى غيرها» ؛ فأنزل اللّه عز وجل : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ : 2 - 115 ) . - يعنى (واللّه أعلم) ، فثمّ الوجه الذي وجّهكم اللّه إليه (3) فقال جبريل عليه السلام للنبى (صلى اللّه عليه وسلم) «يا محمد أنا عبد مأمور

ص: 64


1- الزيادة للايضاح.
2- كذا بالأم [ج 1 ص 95] وفى الأصل «وكل ما» وهو خطأ واضح إلا أن تكون «كلما» من الكلمات التي يصح كتابتها متفرقة ، مثل «حيثما» ، و «كيفما»
3- انظر السنن الكبرى للبيهقى [ج 2 ص 13] وما رواه عن مجاهد فى تفسير ذلك

مثلك ، لا أملك شيئا ؛ فسل اللّه». فسأل النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ربه : أن يوجهه إلى البيت الحرام ؛ وصعد جبريل (عليه السلام) إلى السماء ؛ فجعل النبي (صلى اللّه عليه وسلم) يديم طرفه إلى السماء : رجاء أن يأتيه جبريل (عليه السلام) بما سأل. فأنزل اللّه عز وجل : ( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ؛ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ؛ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1) إلى قوله : فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي : 2 - 144 - 150 ) .».

«فى قوله : ( وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ 2 - 144 ) ، يقال : يجدون - فيما نزل عليهم - : أن النبىّ الأمىّ - : من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام : - يخرج من الحرم ، وتعود قبلته وصلاته مخرجه. يعنى (2) : الحرم».

وفى قوله تعالى : ( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ

ص: 65


1- تمام المتروك : ( وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ؛ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ؛ وَمَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ* وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ، وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ، وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ؛ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ* الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها. فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً ؛ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ. وَمَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ* وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) .
2- هذا من كلام الشافعي رضى اللّه عنه.

الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ؛ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ؛ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ : 2 - 150 ) ؛ قيل فى ذلك (واللّه أعلم) : لا تستقبلوا المسجد الحرام من المدينة ، إلا وأنتم مستدبرون بيت المقدس ؛ وإن جئتم من جهة نجد اليمن - فكنتم تستقبلون البيت الحرام ، وبيت المقدس - : استقبلتم المسجد الحرام. لا : أنّ إرادتكم (1) : بيت المقدس ؛ وإن استقبلتموه باستقبال المسجد الحرام. [و] (2) لأنتم كذلك : تستقبلون ما دونه [و] (3) وراءه ؛ لا إرادة أن يكون قبلة ، ولكنه جهة قبلة.».

«وقيل : ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) : فى استقبال قبلة غيركم.».

«وقيل : فى تحويلكم عن قبلتكم التي كنتم عليها ، إلى غيرها. وهذا أشبه ما قيل فيها (واللّه أعلم) - : لقول اللّه عز وجل : ( سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها (4) ؛ إلى قوله تعالى : مُسْتَقِيمٍ : 2 - 142 ) . فأعلم اللّه نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) : أن لا حجة عليهم فى التحويل ؛ يعنى : لا يتكلم فى ذلك أحد بشىء ، يريد الحجة ؛ إلا الذين ظلموا منهم. لا : أنّ لهم (5) حجة ؛ لأن عليهم (6) ؛ أن ينصرفوا عن قبلتهم ، إلى القبلة التي أمروا بها».

ص: 66


1- أي : قصدكم ووجهتكم ، وفى الأصل : «أراد بكم» ؛ وهو خطأ كما يدل عليه الكلام الآتي.
2- زيادة لا بد منها.
3- زيادة لا بد منها.
4- تمام المتروك : ( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ ) .
5- أي : الذين ظلموا.
6- أي : الرسول ومن معه.

«وفى قوله تعالى : ( وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ : 2 - 143 ) ؛ لقوله إلا لنعلم أن قد علمهم (1) من يتبع الرسول ؛ وعلم اللّه كان - قبل اتباعهم وبعده - سواء.».

«وقد قال المسلمون : فكيف بما مضى من صلاتنا ، ومن مضي منا؟. فأعلمهم اللّه (عز وجل) : أنّ صلاتهم إيمان (2) ؛ فقال : ( وَما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ ) الآية (3)».

«ويقال : إنّ اليهود قالت : البرّ فى استقبال المغرب ، وقالت النصارى : البرّ فى استقبال المشرق بكل حال فأنزل اللّه (عز وجل) فيهم : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ : 2 - 177 ) . يعنى (واللّه أعلم) : وأنتم مشركون ؛ لأن البرّ لا يكتب لمشرك.».

«فلما حوّل اللّه رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) إلى المسجد الحرام - :

ص: 67


1- كذا بالأصل ؛ ولم نعثر على مصدر آخر لهذا النص. وهو : إما أن يكون قد وقع فيه تحريف فقط ، أو تحريف ونقص. فعلى الاحتمال الثاني ، لعل الأصل : «قيل : فقوله : (إلا لنعلم) ، يعنى : إلا لتعلموا ؛ إذ قد علمهم». أي : بسبب تحويل القبلة. وهذا المعنى موافق للوجه المشهور الذي اختاره الطبري فى تفسيره (ج ٢ ص ٩) ، والذي صدر به الفخر الوجوه التي ذكرها ، فى تفسيره (ج ٢ ص ١١). وعلى الاحتمال الأول. لعل الأصل : «قيل : إلا لنعلم أن قد علمتم.». أي : بالفعل. وهذا المعنى جمع بين الوجه الأول والوجه الثاني الذي ذكره الفخر. وعلى كل : فلا يمكن أن نطمئن إلى تصحيح لهذا النص ، أو تبيين للمعنى المراد منه _ : ما دمنا لم نعثر له على مصدر آخر من مؤلفات الشافعي (رضى اللّه عنه) وغيره.
2- أي : لا حرج عليها ، ولن يضيع ثوابها. انظر فتح الباري (ج 1 ص 73).
3- تمامها : ( إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ : 2 - 143 ) .

صلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أكثر صلاته ، مما يلى الباب : من وجه الكعبة ؛ وقد صلى من ورائها والناس معه : مطيفين بالكعبة ، مستقبليها كلها ، مستدبرين ما وراءها : من المسجد الحرام.»

«قال : وقوله عز وجل : ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ : 2 - 144 و 150 ) ، فشطره وتلقاؤه وجهته : واحد فى كلام العرب.». (1) واستدل عليه ببعض ما فى كتاب الرسالة (2).

أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ : 2 - 150 ) . ففرض عليهم حيث ما كانوا : أن يولوا وجوههم شطره. و «شطره» : جهته ؛ فى كلام العرب. إذا قلت : «أقصد شطر كذا» : معروف (3) أنك تقول : «أقصد قصد (4) عين (5) كذا» ؛ يعنى (6) : قصد (7) نفس كذا. وكذلك : «تلقاءه وجهته (8)» ، أي : أستقبل

ص: 68


1- إلى هنا انتهى ما نقله البيهقي عن المختصر الكبير للمزنى.
2- ص 34 - 38 ؛ مما ذكره البيهقي عقيبه.
3- أي : فمعروف. فهو جواب الشرط.
4- أي : نحو وجهة ، فهو اسم لا مصدر. انظر تفسير الطبري (ج 2 ص 13) واللسان والمختار (مادة : قصد).
5- فى الأصل : «غير». وهو تحريف من الناسخ. والتصحيح مما سيأتى بعد ومن الرسالة (ص 34).
6- كذا بالرسالة ؛ وفى الأصل : «بمعنى».
7- أي : نحو وجهة ، فهو اسم لا مصدر. انظر تفسير الطبري (ج 2 ص 13) واللسان والمختار (مادة : قصد).
8- كذا بالأصل وبعض نسخ الرسالة ؛ أي : وكذلك تقول : قصدت تلقاءه وجهته. بدليل تفسير الشافعي إياه عقيبه. وإذن : فلا خطأ فى زيادة الواو فى قوله «وجهته» ، وإن خالفت نسخة الربيع التي خلت من الواو. إذ ليست معصومة من الخطأ.

تلقاءه وجهته. وكلها (1) بمعنى واحد : وإن كانت بألفاظ مختلفة.

قال خفاف بن ندبة :

ألا من مبلغ عمرا رسولا *** وما تغنى الرّسالة شطر عمرو

وقال ساعدة بن جؤيّة :

أقول لأمّ زنباع : أقيمى *** صدور العيس ، شطر بنى تميم

وقال لقيط الإيادىّ (2) :

وقد أظلّكم من شطر ثغركم *** هول له ظلم تغشاكم قطعا

وقال الشاعر :

إنّ العسيب بها داء (3) مخامرها *** فشطرها بصر العينين مسحور

قال الشافعىّ (رحمه اللّه) : يريد : [تلقاءها] (4) بصر العينين ونحوها - : تلقاء (5) جهتها.». وهذا كله - مع غيره من أشعارهم - يبيّن : أنّ شطر الشيء : قصد عين الشيء : إذا كان معاينا : فبالصواب ؛ وإن (6) كان

ص: 69


1- فى الرسالة : «وإن كلها».
2- فى عينيته المشهورة التي أنذر بها قومه غزو كسرى إياهم ، والتي صدر بها ابن الشجري مختاراته القيمة.
3- كذا ببعض نسخ الرسالة ؛ وفى الأصل : «هذا مخامرها» ، وهو تحريف مخل بالمعنى والوزن. وقد وقع فى رواية هذا البيت اختلاف كبير ، فارجع إلى ما كتبه الشيخ شاكر خاصا به ، فيما علقه علي الرسالة (ص36 - 37 و 487 - 488) فإنه مفيد.
4- زيادة عن الرسالة (ص 37).
5- هذا بدل من «تلقاءها» المتقدم. لبيان أن الضمير عائد إلى جهة العسيب.
6- فى الرسالة. «وإذا».

مغيّبا : فبالاجتهاد والتوجّه (1) إليه. وذلك : أكثر ما يمكنه فيه.»

«وقال اللّه تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ : 6 - 97 ) ؛ وقال تعالى : ( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ : 16 - 16 ) .

فخلق اللّه لهم العلامات ، ونصب لهم المسجد الحرام ؛ وأمرهم : أن أن يتوجّهوا إليه. وإنما توجّههم إليه : بالعلامات التي خلق لهم ، والعقول التي ركبها فيهم : التي استدلوا بها على معرفة العلامات. وكلّ هذا : بيان ونعمة منه جلّ ثناؤه». (2)

قال الشافعي : «ووجّه اللّه رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) - إلى القبلة (3) فى الصلاة - إلى بيت المقدس ؛ فكانت القبلة التي لا يحلّ - قبل نسخها - استقبال غيرها. ثمّ نسخ اللّه قبلة بيت المقدس ، [و] (4) وجّهه إلى البيت. [فلا يحلّ لأحد استقبال بيت المقدس أبدا لمكتوبة ، ولا يحلّ أن يستقبل غير البيت الحرام (5)]. وكلّ كان حقا فى وقته». وأطال الكلام فيه (6)

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا سفيان بن عيينة ، عن أبى نجيح ، عن مجاهد ، قال : «أقرب ما يكون

ص: 70


1- فى الرسالة : «بالتوجه» ؛ وهو أظهر وإن كان لا فرق من حيث المعنى.
2- انظر الرسالة (ص 38) ، والأم (ج 1 ص 80 - 81) : وفى عبارة الأم اختلاف وزيادة.
3- فى الرسالة (ص 121) : «للقبلة».
4- زيادة عن الرسالة ص 122).
5- زيادة عن الرسالة ص 122).
6- فلينظر فى الرسالة (ص 122 - 125).

العبد من (1) اللّه : إذا كان ساجدا ؛ ألم تر إلى قوله : ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ : 96 - 19 ) ؟». يعنى : افعل واقرب (2). قال الشافعي : «ويشبه ما قال مجاهد (واللّه أعلم) ما قال (3)».

فى رواية حرملة عنه - فى قوله تعالى : ( يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً : 17 - 107 ) . - : قال الشافعي : «واحتمل السجود : أن يخرّ : وذقنه - إذا خرّ - تلى الأرض ؛ ثم يكون سجود [ه] على غير الذقن».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «فرض اللّه (جلّ ثناؤه) الصلاة على رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) ، فقال : ( إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً : 33 - 56 ) . فلم يكن فرض الصلاة عليه فى موضع ، أولى منه في الصلاة ؛ ووجدنا الدلالة عن رسول اللّه

ص: 71


1- كذا بالأم (ج 1 ص 100) ومسند الشافعي (ص 14) أو بهامش الأم (ج 6 ص 62) وترتيب مسند الشافعي (ج 1 ص 93) ؛ وبالأصل : إلى».
2- كذا بالأم ؛ وفى المسند اقتصر على كلام مجاهد ، ولم يذكر تفسير الشافعي للاية الكريمة ، الذي أراد به أن يبين : أن القرب من اللّه لازم للسجود له. وعبارة الأصل وترتيب المسند : «ألم تر إلى قوله : افعل واقترب ؛ يعنى : اسجد واقترب.». ولعل الصواب ما أثبتناه : إذ يبعد أن يكون مجاهد قد تحاشى التلفظ بنص الآية الكريمة لعذر ما ؛ ولو سلمنا ذلك لما كان هناك معنى لأن يتحاشاه من رووا كلامه.
3- يعنى : ما قاله النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : مما أثبته الشافعي - فى الأم - قبل أثر مجاهد ، ولم يذكره البيهقي هنا - : من قوله فى حديث ابن عباس : «وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء ؛ فقمن : أن يستجاب لكم.». وقد أخرج البيهقي هذا الحديث فى السنن الكبرى (ج 2 ص 110).

(صلى اللّه عليه وسلم) ، [بما وصفت : من أن الصلاة على رسوله صلى اللّه عليه وسلم (1)]و فرض فى الصلاة ؛ واللّه أعلم». فذكر حديثين : ذكرناهما فى كتاب (المعرفة).

(وأنا) أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصبهانيّ (رحمه اللّه) ، أنا أبو سعيد ابن الأعرابي ، أنا الحسن بن محمد الزعفراني ، نا محمد (2) بن إدريس الشافعي ؛ قال : «أنا مالك ، عن نعيم بن عبد اللّه المجمر - : أن محمد بن عبد اللّه بن زيد الأنصاري - وعبد اللّه بن زيد هو : الذي [كان] (3) أرى (4) النداء بالصلاة. - أخبره (5) ، عن أبى مسعود الأنصاري ، أنه قال : أتانا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا اللّه أن نصلّى عليك بانبىّ اللّه ؛ فكيف نصلى عليك؟. فسكت النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ، حتى تمنينا أنه لم يسأله. فقال (6) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : قولوا : «اللّهمّ صلّ على محمد وعلي آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ؛ وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم (7) ، فى العالمين ، إنك حميد مجيد.».

ص: 72


1- زيادة لا بد منها. عن الأم (ج 1 ص 102).
2- فى السنن الكبرى للبيهقى (ج 2 ص 146) : «عبد اللّه بن نافع» ، ولا ذكر للشافعى فى الإسناد. فما هنا طريق آخر للزعفرانى عن الشافعي :
3- زيادة عن السنن الكبرى.
4- أي : أراه اللّه الأذان - فى المنام - قبيل تشريعه ، كما هو مشهور.
5- هذا القول كان فى الأصل متقدما على قوله «وعبد اللّه» ، والتعديل عن السنن الكبرى.
6- عبارة السنن الكبرى : «ثم قال» وهى أحسن.
7- فى الأصل : «على آل ابراهيم» ، والتصحيح عن السنن الكبرى ، ثم إن فرق البيهقي فيها - بين هذه الرواية ورواية مسلم التي أثبتت لفظ الآل ، يؤيد هذا التصحيح.

ورواه المزني وحرملة عن الشافعي ، وزاد فيه : «والسلام كما [قد] علمتم (1)». وفى هذا : إشارة إلى السلام الذي فى التشهد ، على النبىّ (2) (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ وذلك : فى الصلاة. فيشبه (3) : أن تكون الصلاة التي أمر بها (عليه السلام) - أيضا - فى الصلاة ؛ واللّه أعلم.

قال الشافعي (رحمه اللّه) - فى رواية حرملة - : «والذي أذهب إليه - من هذا - : حديث أبى مسعود ، عن النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم). وإنما ذهبت إليه : لأنى رأيت اللّه (عزّ وجلّ) ذكر ابتداء صلاته على نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) ، وأمر المؤمنين بها ؛ فقال : ( إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً : 33 - 56 ) ؛ وذكر صفوته من خلقه ، فأعلم : أنهم أنبياؤه ؛ ثم ذكر صفوته من آلهم (4) فذكر : أنهم أولياء أنبيائه ؛ فقال : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ : 3 - 33 ) . وكان حديث أبى مسعود - : أن ذكر الصلاة على محمد وآل محمد. - يشبه عندنا لمعنى الكتاب ؛ واللّه أعلم».

«قال الشافعي : وإني لأحبّ : أن يدخل - مع آل محمد (صلى اللّه عليه وسلم) -

ص: 73


1- الزيادة عن السنن الكبرى والمجموع للنووى (ج 3 ص 464).
2- انظر السنن الكبرى (ج 2 ص 147).
3- فى الأصل : «فيسن» ، وهو خطأ : كما يدل عليه كلام الشافعي السابق ، وكلامه الذي ذكره بعد ذلك ، ولم ينقله البيهقي هنا. انظر الأم (ج 1 ص 102) ،
4- فى الأصل : «ثم ذكر صفوته قلوبهم» ، وهو خطأ واضح.

أزواجه وذريته ؛ حتى يكون قد اتى ما روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم (1)

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : واختلف الناس فى آل محمد (صلى اللّه عليه وسلم (2)) فقال منهم قائل : آل محمد : أهل دين محمد (3). ومن ذهب هذا المذهب ، أشبه أن يقول : قال اللّه تعالى لنوح : ( احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ : 11 - 40) ؛ وحكى [فقال] (4) ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ ، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ * قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ؛ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) الآية (5). [فأخرجه بالشرك عن أن يكون من أهل نوح] (6)

«قال الشافعي (7) : والذي نذهب إليه فى معنى [هذه (8)] الآية : أن قول اللّه (عزّ وجلّ) : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) ؛ يعنى الذين (9) أمرنا [ك] (10) بحملهم معك. (فإن قال قائل) : وما دلّ على ما وصفت؟. (قيل) : قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ : 11 - 40) ؛ فأعلمه (11) أنه أمره : بأن يحمل من أهله ، من لم يسبق عليه القول : أنه (12) أهل معصية ؛

ص: 74


1- انظر فى ذلك السنن الكبرى (ج 2 ص 150).
2- انظر السنن الكبرى (ج 2 ص 151 - 152) والمجموع (ج 3 ص 466).
3- انظر فى المجموع (ج 3 ص 466) ما احتج به أصحاب هذا المذهب ، غير ما ذكر هنا.
4- زيادة للايضاح ، وعبارة السنن الكبرى (ج 2 ص 152) والمجموع (ج 3 ص 466) : «وقال إن ابني» ، ولا ذكر فيهما لقوله : «وحكى».
5- تمامها : ( فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ؛ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ) 11 - 45 - 46).
6- الزيادة عن السنن الكبرى والمجموع.
7- أي جوابا عن ذلك ، انظر السنن الكبرى والمجموع.
8- زيادة عن السنن الكبرى
9- كذا بالسنن الكبرى ؛ وفى الأصل والمجموع (ج 3 ص 467) : «الذي».
10- زيادة عن المجموع.
11- كذا بالأصل والمجموع ؛ وفى السنن الكبرى «فأعلمهم» وهو تحريف.
12- بالأصل والسنن الكبرى : «من» وهو خطأ ظاهر ، ويدل على ذلك أن عبارة المجموع - وهى منقولة عن السنن الكبرى - هكذا : «أنه أمره أن لا يحمل من أهله من سبق عليه القول من أهل معصيته».

ثم بين له فقال : ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) ..»

«قال الشافعي : وقال قائل : آل محمد : أزواج النبىّ محمد (1) (صلى اللّه عليه وسلم). فكأنه ذهب : إلى أن الرجل يقال له : ألك أهل؟ (2) ؛ فيقول : لا ؛ وإنما يعنى : ليست لى زوجة.»

«قال الشافعي (3) : وهذا معنى يحتمله اللسان ؛ ولكنه معنى كلام لا يعرف ، إلا أن يكون له سبب (4) كلام يدلّ عليه. وذلك : أن يقال للرجل : تزوجت؟ فيقول : ما تأهلت (5) ؛ فيعرف - بأول الكلام - أنه أراد : تزوجت أو يقول الرجل : أجنبت من أهلى ؛ فيعرف : أن الجنابة إنما تكون من الزوجة. فأما أن يبدأ الرجل - فيقول : أهلى ببلد كذا ، أو أنا أزور أهلى ، وأنا عزيز الأهل ، وأنا كريم الأهل. - : فانما يذهب الناس فى هذا : إلى أهل البيت.»

«وذهب ذاهبون : إلى أن آل محمد (صلى اللّه عليه وسلم) : قرابة محمد (صلى اللّه عليه وسلم) : التي ينفرد بها (6) ؛ دون غيرها : من قرابته (7).» «قال الشافعي (8) (رحمه اللّه) : وإذا عدّ [من (9)] آل الرجل : ولده

ص: 75


1- انظر ما يدل لذلك فى السنن الكبرى (ج 2 ص 150).
2- فى الأصل : «ألك أهلك».
3- أي : جوابا عن ذلك.
4- كذا بالأصل ، ولعل الأصح : «سابق» ، وعلى كل فالمراد : أن يكون له قرينة تدل عليه.
5- فى الأصل : «أن يقول الرجل : تزوجت ، فيقال : ما تأهلت» ولعل الصواب ما أثبتناه.
6- انظر المجموع (ج 3 ص 466) ، وما يدل لذلك فى السنن الكبرى (ج 2 ص 148 - 149).
7- أي التي لا ينفرد بها.
8- جوابا عن ذلك ، وبيانا للمذهب المختار عنده فى آل محمد : من أنهم بنو هاشم وبنو المطلب ، انظر المجموع (ج 3 ص 466) ، والأم (ج 2 ص 69).
9- هذه الزيادة أولى من تركها.

الذين إليه نسبهم ؛ ومن يأويه (1) بيته : من زوجه أو مملوكه أو مولي أو أحد ضمه عياله ؛ وكان هذا فى بعض قرابته من قبل أبيه ، دون قرابته من قبل امه ؛ وكان يجمعه قرابة فى بعض (2) قرابته من قبل أبيه ، دون بعض. - : فلم يجز أن يستعمل على ما أراد اللّه (عزّ وجلّ) من هذا (3) ، ثمّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ إلا بسنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : «إن الصدقة لا تحلّ لمحمد ، ولا لآل محمد ؛ وإن اللّه حرّم علينا الصدقة ، وعوّضنا منها الخمس» دلّ هذا على أن آل محمد : الذين حرّم اللّه عليهم الصدقة ، وعوّضهم منها الخمس. «وقال اللّه عز وجل : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى : 8 - 41 ) . فكانت هذه الآية فى معنى قول النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : «إنّ الصدقة لا تحلّ لمحمد ، ولا لآل محمد» ؛ وكان الدليل عليه : أن لا يوجد أمر يقطع العنت ، ويلزم أهل العلم (واللّه أعلم) ؛ إلا الخبر (4) عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم). فلما فرض اللّه على نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) : أن يؤتى ذا القربى حقّه ؛ وأعلمه : أنّ لله خمسه وللرّسول ولذى القربى ؛ فأعطى سهم ذى القربى ، في بنى هاشم وبنى المطلب - : دلّ ذلك على أن الذين أعطاهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) الخمس ، هم :

ص: 76


1- من «أوى» الثلاثي ، وهو يستعمل لازما ومتعديا ، أما «آوى» الرباعي : فلا يستعمل إلا متعديا على الصحيح ، انظر المصباح (مادة : أوى.).
2- فى الأصل : «وكان يجمعه قرابته وفى بعض» ، ولعل ما أثبتنا هو الصحيح فليتأمل.
3- أي : من لفظ «آل محمد» الذي ورد فى الحديث المتقدم.
4- فى الأصل : «بالخبر».

آل محمد الذين أمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بالصلاة عليهم معه ، والذين اصطفاهم من خلقه ، بعد نبيه (صلى اللّه عليه وسلم). فإنه يقول : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ : 3 - 33 ) ، فاعلم : أنه اصطفى الأنبياء (صلوات اللّه عليهم) ، [وآلهم] (1).».

* * *

قال الشيخ (رحمه اللّه) : قرأت فى كتاب القديم (رواية الزعفراني ، عن الشافعي) - فى قوله عز وجل : ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا : 7 - 204 ) . - : «فهذا - عندنا - : على القراءة التي تسمع خاصة؟ فكيف ينصت لما لا يسمع؟!».

وهذا (2) : قول كان يذهب إليه ، ثم رجع عنه فى اخر عمره (3) ، وقال : «يقرأ بفاتحة الكتاب ، فى نفسه ، فى سكتة الإمام». قال أصحابنا : «ليكون جامعا بين الاستماع ، وبين قراءة الفاتحة ؛ بالسنة (4)» ؛ «وإن (5) قرأ مع الإمام ، ولم يرفع بها صوته - : لم تمنعه قراءته فى نفسه ، من الاستماع لقراءة إمامه. فإنما أمرنا : بالإنصات عن الكلام ، وما لا يجوز فى الصلاة.». وهو مذكور بدلائله ، فى غير هذا الموضع.

ص: 77


1- زيادة : يقتضيها المقام.
2- قوله : «وهذا» إلخ ؛ الظاهر أنه من كلام البيهقي لا الزعفراني.
3- انظر مختصر المزني بهامش الأم (ج 1 ص 76).
4- أي عملا بالسنة التي أوجبت القراءة على كل من يصلى.
5- قوله : «وإن إلخ» ، الظاهر أنه من كلام الشافعي لا الأصحاب ، ويكون قوله : «قال أصحابنا» إلخ ، كلاما معترضا للتعليل للكلام السابق.

وقرأت فى كتاب السنن (رواية حرملة ، عن الشافعي ، رحمه اللّه) : قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ : 2 - 238 ) . قال الشافعي : من خوطب بالقنوت مطلقا (1) ، ذهب : إلى أنه : قيام فى الصلاة. وذلك : أن القنوت : قيام لمعنى طاعة اللّه (عزّ وجلّ) ؛ وإذا كان هكذا : فهو موضع كف عن قراءة ؛ وإذا كان هكذا ، أشبه : أن يكون قياما - فى صلاة - لدعاء ، لا قراءة. فهذا أظهر معانيه ، وعليه دلالة السنة ؛ وهو أولى المعاني أن يقال به ، عندى ؛ واللّه أعلم.»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : وقد يحتمل القنوت : القيام كله فى الصّلاة.

وروى عن عبد اللّه بن عمر : «قيل : أي الصلاة؟ قال : طول القنوت.». وقال طاوس : القنوت ، طاعة اللّه عزّ وجلّ (2).».

«وقال الشافعي (رحمه اللّه) : وما وصفت - : من المعنى الأول. - أولى المعاني به ؛ واللّه أعلم.»

«قال : فلما كان القنوت بعض القيام ، دون بعض - : لم يجز (واللّه أعلم) أن يكون إلا ما دلت عليه السنة : من القنوت للدعاء (3) ، دون القراءة».

«قال : واحتمل قول اللّه (عزّ وجلّ) : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) : قانتين

ص: 78


1- أي من سئل - من أهل اللغة - عن معنى لفظ القنوت من حيث هو بقطع النظر عن وروده فى كلام الشارع وكونه مأمورا به ، وعما ورد فى السنة من بيان المراد منه.
2- انظر الآثار التي أوردها فى ذلك الطبري فى تفسيره (ج 2 ص 352 - 353)
3- انظر فتح الباري (ج 2 ص 334). وانظر المعاني التي يستعمل فيها لفظ القنوت ، فى (ص 335) منه

فى الصلاة كلها ، وفى بعضها دون بعض. فلما قنت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى الصلاة ، ثم ترك القنوت فى بعضها (1) ؛ وحفظ عنه القنوت فى الصبح بخاصة (2) - : دلّ هذا على أنه إن كان اللّه أراد بالقنوت : القنوت فى الصلاة ؛ فانما أراد به خاصا.».

«واحتمل : أن يكون فى الصلوات ، فى النازلة. واحتمل طول القنوت : طول القيام. واحتمل القنوت : طاعة اللّه ؛ واحتمل السّكات (3)

«قال الشافعي. ولا أرخص فى ترك القنوت فى الصبح ، سأل : لأنه إن كان اختيارا (4) من اللّه ومن رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) : لم أرخص فى ترك الاختيار ؛ وإن كان فرضا : كان مما (5) لا يتبين تركه ولو تركه تارك :كان عليه أن يسجد للسهو (6) ؛ كما يكون ذلك عليه : لو ترك الجلوس فى شىء.».

قال الشيخ - فى قوله : «احتمل السكات». - : أراد : السكوت عن كلام الآدميين ؛ وقد روينا عن زيد بن أرقم : «أنهم كانوا يتكلمون فى الصلاة ؛ فنزلت هذه الآية. قال : فنهينا عن الكلام ، وأمرنا بالسكوت (7)».

ص: 79


1- راجع فى ذلك اختلاف الحديث بهامش الأم (ج 7 ص 285 - 287) ، والأم (ج 7 ص 129 و 231) ، والسنن الكبرى (ج 2 ص 200 - 201).
2- راجع فى ذلك اختلاف الحديث بهامش الأم (ج 7 ص 285 - 287) ، والأم (ج 7 ص 129 و 231) ، والسنن الكبرى (ج 2 ص 200 - 201).
3- انظر الأحاديث والآثار التي أوردها فى ذلك الطبري فى تفسيره (ج 2 ص 353 - 354).
4- أي : مندوبا
5- فى الأصل «ما».
6- قال فى الأم (ج 1 ص 116) «لأنه من عمل الصلاة وقد تركه».
7- انظر السنن الكبرى (ج 2 ص 248) وتفسير الطبري (ج 2 ص 354). وكلام ابن حجر فى الفتح (ج ٨ ص ١٣٨) المتعلق بهذا الحديث.

وروينا عن أبى رجاء العطاردىّ : أنه قال : «صلى بنا ابن عباس صلاة الصبح - وهو أمير على البصرة - فقنت ، ورفع يديه : حتى لو أن رجلا بين يديه لرأى بياض إبطيه ، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه ، فقال : هذه الصلاة : التي ذكرها اللّه (عزّ وجلّ) فى كتابه : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ ، وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ، وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) (1)

(أنا) أبو على الروذبارى ، أنا إسماعيل الصفار ، نا الحسن بن الفضل بن السمح ، ثنا سهل بن تمام ، نا أبو الأشهب ، ومسلم بن زيد ، عن أبى رجاء ؛ فذكره ، وقال : «قبل الركوع (2)».

(أخبرنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) . فقيل (واللّه أعلم) : قانتين : مطيعين ؛ وأمر رسول لله (صلى اللّه عليه وسلم) بالصلاة قائما ؛ وإنما (3) خوطب بالفرائض من أطاقها ؛ فإذا لم يطق القيام : صلى قاعدا.».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَثِيابَكَ

ص: 80


1- قد أخرجه البيهقي فى السنن الكبرى (ج 2 ص 205) مختصرا ، وأخرجه الطبري فى تفسيره (ج 2 ص 354) بالزيادة التي ذكرها البيهقي هنا عقب ذلك.
2- راجع فى السنن الكبرى «ج 2 ص 206 - 212» الأحاديث والآثار التي وردت فى أن القنوت قبل الركوع أو بعده.
3- عبارته فى الأم «ج 1 ص 69» «وإذا خوطب بالفرائض من أطاقها : فاذا كان المرء مطيقا للقيام فى الصلاة : لم يجز إلا هو ، إلا عند ما ذكرت ، من الخوف ، وإذا لم يطق القيام : صلى قاعدا ، وركع وسجد : إذا أطاق الركوع والسجود.».

فَطَهِّرْ : 74 - 4 ) قيل : صلّ (1) فى ثياب طاهرة ، وقيل غير ذلك. والأول : أشبه ، لأن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أمر : أن يغسل دم الحيض من الثوب.». يعنى (2) : للصلاة.

قال الشيخ : وقد روينا عن أبى عمر صاحب ثعلب ، قال : قال ثعلب - فى قوله عز وجل : ( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) . - : «اختلف الناس فيه ، فقالت طائفة : الثياب هاهنا : الساتر ؛ وقالت طائفة : الثياب هاهنا : القلب (3).».

(أخبرنا) على بن محمد بن عبد اللّه بن بشران ، عن أبى عمر ؛ فذكره.

* * *

(أخبرنا) أبو سعيد محمد بن موسى ، ثنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «بدأ اللّه (جلّ ثناؤه) خلق آدم (عليه السلام) من ماء وطين ، وجعلهما معا طهارة ؛ وبدأ خلق ولده من ماء دافق. فكان - فى ابتداء (4) خلق آدم من الطاهرين : اللذين هما الطهارة (5). - : دلالة (6) لابتداء خلق غيره : أنه من ماء طاهر

ص: 81


1- عبارة الام «ج 1 ص 47» «يصلى» وما هنا أولى وأنسب.
2- هذا من كلام البيهقي رحمه اللّه.
3- هذا هو التفسير الثاني الذي أشار إليه الشافعي رضى اللّه عنه.
4- عبارة الأم (ج 1 ص 47) : «ابتدائه» ؛ ولا فرق فى المعنى.
5- فى الأصل : «طهارة» ؛ وما أثبتناه - وهو الأحسن - من عبارة الأم التي وردت هكذا : «من الطهارتين اللتين هما الطهارة».
6- عبارة الأم : «دلالة أن لا يبدأ خلق غيره إلا من طاهر لا من نجس».

لا نجس (1).».

وقال فى (الإملاء) - بهذا الإسناد - : «المنى ليس بنجس : لأن اللّه (جلّ ثناؤه) أكرم من أن يبتدئ خلق من كرّمهم (2) ، وجعل منهم : النبيين والصديقين ، والشهداء والصالحين ؛ وأهل جنته. - من نجس : فإنه يقول : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ : 17 - 70 ؛ وقال جل ثناؤه : خَلَقَ الْإِنْسانَ (3) مِنْ نُطْفَةٍ : 16 - 4 ؛ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ (4) مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ) .».

«ولو لم [يكن (5)] فى هذا ، خبر عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : لكان ينبغى أن تكون العقول تعلم : أن اللّه لا يبتديء خلق من كرّمه وأسكنه جنته ؛ من نجس. [فكيف (6)] مع ما فيه : من الخبر ، عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : «أنه كان يصلى فى الثوب : قد أصابه المنى ؛ فلا يغسله ؛ إنما يمسح رطبا ، أو يحت (7) يابسا» : على معنى التنظيف (8).

ص: 82


1- فى الأم بعد ذلك : «ودلت سنه رسول اللّه على مثل ذلك» ؛ ثم ذكر حديث عائشة فى فرك المنى من ثوب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ وهو ما أشار إليه فى عبارة الإملاء الآتية.
2- فى الأصل : «كرمه» ؛ وقد راعينا فيما أثبتناه ، قوله : وجعل منهم ؛ وظاهر الآية الكريمة الذكورة بعد.
3- زيادة لا بأس بها.
4- زيادة لا بأس بها.
5- زيادة لا بد منها.
6- زيادة لا بد منها.
7- فى الأصل : «أو نعت» ، وهو تحريف من الناسخ.
8- انظر الأم (ج 1 ص 47 - 48).

مع أن هذا : قول سعد بن أبى وقاص ، وابن عباس ، وعائشة ، وغيرهم ؛ رضى اللّه عنهم (1).».

* * *

(أخبرنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ؛ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا : 4 - 43 ) . قال الشافعي : فقال بعض أهل العلم بالقرآن - فى قول اللّه عز وجل : ( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ) . - : لا (2) تقربوا موضع (3) الصلاة. قال : وما أشبه ما قال بما قال ؛ لأنه لا يكون (4) فى الصلاة عبور سبيل ، إنما عبور السبيل : فى موضعها ؛ وهو : المسجد (5). فلا بأس أن يمرّ الجنب فى المسجد مارّا (6) ، ولا يقيم فيه. لقول اللّه عزّ وجلّ : ( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ) .».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : «لا بأس أن يبيت المشرك فى كل مسجد إلا المسجد الحرام : فإن اللّه (عز وجل) يقول : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ

ص: 83


1- انظر الأم (ج 1 ص 48) ، وذيل الأم (ج 1 ص 49 - 50).
2- هنا فى الأم (ج 1 ص 46) زيادة : «قال». ولا داعي لها.
3- فى الأم : «مواضع».
4- فى الأم : «لأنه ليس».
5- كذا بالأم ، وعبارة الأصل : «وهى فى المسجد» ، ولعل الصواب عبارة الأم.
6- أي : عابرا.

نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا : 9 - 28 ) ؛ فلا ينبغى لمشرك : أن يدخل المسجد الحرام بحال (1).».

* * *

(أخبرنا) أبو سعيد [أنا أبو العباس (2)] ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «ذكر اللّه (تعالى) الأذان بالصلاة ، فقال : ( وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ : اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً : 5 - 58 ) ؛ وقال تعالى : ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ : فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ ، وَذَرُوا الْبَيْعَ : 62 - 9 ) . فأوجب اللّه عز وجل (واللّه أعلم) : إتيان الجمعة ؛ وسنّ رسول اللّه (صلي اللّه عليه وسلم) : الأذان للصلوات المكتوبات. فاحتمل (3) : أن يكون أوجب إتيان صلاة الجماعة فى غير الجمعة ؛ كما أمرنا (4) بإتيان الجمعة ، وترك البيع. واحتمل : أن يكون أذن بها : لتصلّى لوقتها.»

«وقد جمع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : مسافرا ومقيما ، خائفا وغير خائف. وقال (جلّ ثناؤه) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ ، فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ : فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ) الآية ، والتي بعدها (5). وأمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) من

ص: 84


1- انظر ما ذكره - بعد ذلك - فى الأم (ج 1 ص 46) ، فإنه مفيد.
2- زيادة يدل عليها الإسناد السابق واللاحق.
3- فى الأصل : «واحتمل». وما أثبتناه عبارة الأم (ج 1 ص 136) ، وهى أولى وأحسن.
4- عبارة الأم : «أمر» وهي أنسب.
5- تمام المتروك : ( وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ، فَإِذا سَجَدُوا : فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ ، وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا ، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ، وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً ، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ - إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ ، أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى - : أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ، وَخُذُوا ، حِذْرَكُمْ ، إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً* فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ : فَاذْكُرُوا اللّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ ، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ : فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ، إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً :4 - 102 و 103 ) .

جاء (1) الصلاة : أن يأتيها وعليه السكينة ؛ ورخص فى ترك إتيان صلاة (2) الجماعة ، فى العذر - : بما سأذكره فى موضعه.»

«فأشبه (3) ما وصفت - : من الكتاب والسنة. - : أن لا يحل ترك أن تصلّى كل مكتوبة فى جماعة ؛ حتى لا تخلو جماعة : مقيمون ، ولا مسافرون - من أن تصلّى فيهم صلاة جماعة (4).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «ذكر اللّه (تعالى) الاستئذان ، فقال فى سياق الآية : ( وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ : فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ : 24 - 59 ) ؛ وقال : ( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ : 4 - 6 ) . فلم (5) يذكر

ص: 85


1- فى الام : «أتى».
2- هذه الكلمة غير مثبتة فى الأم.
3- فى الأم : «وأشبه» ، وما هنا أحسن.
4- انظر ما استدل به لذلك - من السنة - فى الأم (ج 1 ص 136).
5- فى الأم (ج 1 ص 60) : «ولم».

الرشد - : الذي يستوجبون به أن ندفع (1) إليهم أموالهم. - إلا بعد بلوغ النكاح.»

«قال : وفرض اللّه الجهاد ، فأبان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أنه (2) [على (3)] من استكمل (4) خمس عشرة سنة ؛ بأن أجاز ابن عمر - عام الخندق - : ابن خمس عشرة سنة ؛ وردّه - عام أحد - : ابن أربع عشرة سنة.»

«قال : فإذا بلغ الغلام الحلم ، والجارية المحيض - : غير مغلوبين على عقولهما. - : وجبت (5) عليهما الصلاة والفرائض كلها : وإن كانا ابني أقلّ من خمس عشرة سنة (6) ؛ وأمر كل واحد منهما بالصلاة : إذا عقلها ؛ وإذا (7) لم يفعلا (8) لم يكونا كمن تركها بعد البلوغ ؛ وأدّبا (9) على تركها (10) أدبا خفيفا.».

ص: 86


1- فى الأم : «تدفع».
2- فى الأم : «به» وهو خطأ.
3- زيادة لا بد منها ، عن الأم (ج 1 ص 60).
4- فى الأصل : «استملك» : وهو تحريف ظاهر ، والتصحيح عن الأم.
5- فى الأم : «أوجبت» ؛ أي : حكمت بالوجوب.
6- فى الأم بعد ذلك : «وجبت عليهما الصلاة» ؛ وهى زيادة من الناسخ. تضر فى فهم المعنى كما لا يخفى.
7- عبارة الأم : «فإذا».
8- عبارة الأصل والأم : «يعقلا» ، وهى محرفة قطعا.
9- فى الأصل : «وأدبهما» ؛ وفى الأم : «وأؤدبهما» ، وهو مناسب لقوله : «أوجبت» ، وغير مناسب لقوله : «وأمر». وما أثبتناه مناسب لقوله : «وجبت» ولقوله : «وأمر». فليتأمل.
10- كذا بالأم ، وفى الأصل : «تركهما» ، وعبارة الأم أظهر.

«قال : ومن غلب على عقله بعارض أو مرض (1) أىّ مرض كان - : ارتفع (2) عنه الفرض. لقول (3) اللّه تعالى : ( وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ : 2 - 197 ) ؛ وقوله : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ : 13 - 19 و 39 - 9 ) : وإن كان معقولا : أن لا يخاطب (4) بالأمر والنهى إلا من عقلهما.».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «وإذا صلت المرأة برجال ونساء. وصبيان ذكور - : فصلاة النساء مجزئة ، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة. لأن اللّه (تعالى) جعل الرّجال قوّامين على النساء ، وقصرهن (5) عن أن يكنّ أولياء ، وغير ذلك. فلا (6) يجوز : أن تكون امرأة إمام رجل فى صلاة ، بحال أبدا.». وبسط الكلام فيه هاهنا (7) ، وفى كتاب القديم.

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي

ص: 87


1- فى الأم : بعارض مرض».
2- كذا بالأم ، وفى الأصل : «أن يقع» ، وهو تحريف من الناسخ.
3- عبارة الأم : «فى قول» ، وعبارة الأصل أصح أو أظهر ، فليتأمل.
4- فى الأصل : «وإن معقولا أنه أن لا يخاطب» ، وفى الام : «وإن كان معقولا لا يخاطب».
5- كذا بالأم (ج 1 ص 145) ، وفي الأصل : «وقصر بهن».
6- فى الام : «ولا» ، وما هنا أظهر.
7- فانظره فى الأم (ج 1 ص 145 - 146).

(رحمه اللّه) : «التقصير (1) لمن خرج غازيا خائفا : فى كتاب اللّه عز وجل (2). قال اللّه جلّ ثناؤه : ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؛ إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً : 4 - 101 ) .»

«قال : والقصر لمن خرج فى غير معصية (3) : فى السنة (4)

«قال الشافعي : فأما من خرج (5) : باغيا على مسلم ، أو معاهد ؛ أو يقطع طريقا ، أو يفسد فى الأرض ؛ أو العبد يخرح : آبقا من سيده ؛ أو الرجل : هاربا ليمنع دما (6) لزمه ، أو ما فى مثل هذا المعنى ، أو غيره : من المعصية. - : فليس له أن يقصر ؛ [فإن قصر : أعاد كل صلاة صلاها (7).] لأن القصر رخصة ؛ وإنما جعلت الرّخصة لمن لم يكن عاصيا : ألا ترى إلى

ص: 88


1- أي : القصر ، قال النيسابورى فى تفسيره (ج 5 ص 152) : «يقال : قصر صلاته ، وأقصرها ، وقصرها ، بمعنى». وقال فى فتح الباري (ج 2 ص 379) : «تقول : قصرت الصلاة (بفتحتين مخففا) قصرا ، وقصرتها (بالتشديد) تقصيرا ، وأقصرتها إقصارا. والاول أشهر فى الاستعمال». وانظر تفسير الطبري (ج 5 ص 157) ، وتفسير الآلوسى (ج 5 ص 119) ، والمختار.
2- انظر كلام الشافعي المتعلق بذلك فى الأم (ج 1 ص 159) وفى اختلاف الحديث بذيل الأم (ج 1 ص 161) أو بهامش الام (ج 7 ص 68) ، وتأمله.
3- عبارته فى الام (ج 1 ص 161) : «وسواء فى القصر : المريض والصحيح ، والعبد والحر ، والأنثى والذكر إذا سافروا معا فى غير معصية اللّه تعالى».
4- انظر كلام الشافعي المتعلق بذلك فى الأم (ج 1 ص 159) وفى اختلاف الحديث بذيل الأم (ج 1 ص 161) أو بهامش الام (ج 7 ص 68) ، وتأمله.
5- فى الأم : «سافر».
6- عبارة الأم : «حقا» ؛ وهى وإن كانت أعم من عبارة الأصل ، إلا أن عبارة الأصل أنسب لما بعدها. فليتامل.
7- الزيادة عن الام.

قول اللّه عزّ وجلّ : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ : 2 - 173 ) .؟.»

«قال : [و (1)] هكذا : لا يمسح على الخفين ، ولا يجمع الصلاة مسافر فى معصية. وهكذا : لا يصلّى لغير (2) القبلة نافلة ؛ ولا تخفيف (3) عمن كان سفره فى معصية اللّه عز وجل.»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : وأكره ترك القصر ، وأنهى عنه : إذا كان رغبة عن السنة فيه (4).». يعنى (5) : لمن خرج فى غير معصية.

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، قال : وقال الحسين بن محمد - فيما أخبرت عنه - : أنا محمد بن سفيان ، نا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله تعالى : ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ) . - قال : [نزل بعسفان] (6) : موضع بخيبر ، فلما ثبت : أن

ص: 89


1- الزيادة عن الأم
2- فى الأم : «إلى غير».
3- عبارة الام. «يخفف» ؛ وعبارته فى مختصر المزني (ج 1 ص 127). «ولا تخفيف على من سفره فى معصية».
4- انظر الام (ج 1 ص 159 ، ومختصر المزني (ج 1 ص 121).
5- هذا من كلام البيهقي رحمه اللّه.
6- هذه الزيادة لا بد منها : لأن قوله : «موضع بخيبر» ؛ ناقص محتاج إلى تكملة ولعل ما أثبتناه هو الصحيح المقصود : فقد ذكر فى تفسير الطبري (ج 5 ص 156) : أن آية القصر نزلت بعسفان ؛ فإذا لاحظنا : أن «عسفان» من أعمال «الفرع» (كما ذكر فى معجم البكري) ؛ وأن «الفرع» ولاية بالمدينة واقعة على بعد ثمانية برد منها (كما ذكر فى معجم ياقوت) ؛ وأن «خيبر» واقعة على بعد ثمانية برد من المدينة أيضا (كما ذكر البكري وياقوت) ؛ وأنها أشهر من «الفرع» - : صح أن يقال : إن عسفان موضع بخيبر (أي قريب منها) : وإن لم يكن من أعمال خيبر نفسها.

رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لم يزل يقصر مخرجه من المدينة إلى مكة ؛ كانت السنة فى التقصير. فلو أتمّ رجل متعمد : من غير أن يخطّئ من قصر ؛ لم يكن عليه شيء. فأما إن أتمّ : متعمدا ، منكرا للتقصير ؛ فعليه إعادة الصلاة (1)

وقرأت - فى رواية حرملة عن الشافعي - : «يستحب للمسافر : أن يقبل صدقة اللّه (2) ويقصر ؛ فإن أتمّ الصلاة - : عن غير رغبة عن قبول رخصة اللّه عزّ وجلّ. - : فلا إعادة عليه ؛ كما يكون - إذا صام في السفر - : لا إعادة عليه. وقد قال عزّ وجلّ : ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ : 2 - 184 ) . وكما تكون الرخصة فى فدية الأذى : فقد قال اللّه تعالي : ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ : فَفِدْيَةٌ ) الآية (3). فلو ترك الحلق والفدية ، لم يكن عليه بأس : إذا لم يدعه رغبة عن رخصة.».

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع

ص: 90


1- انظر كلام الشافعي المتعلق بذلك ، فى اختلاف الحديث بذيل الأم (ج 1 ص 166) أو بهامش الأم (ج 7 ص 75 - 76).
2- اقتباس من قول النبي (عليه السلام) فى حديث يعلى بن أمية المشهور الذي ذكره الشافعي فى الأم (ج 1 ص 159) وفى اختلاف الحديث بذيل الأم (ج 1 ص 161 - 162).
3- تمامها : ( مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ؛ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ : فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ؛ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ : فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ؛ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ؛ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ؛ وَاتَّقُوا اللّهَ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ : 2 - 196 ) .

ابن سليمان ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال : «قال اللّه عز وجل : ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ) الآية. قال : فكان بينا فى كتاب اللّه : أن (1) قصر الصلاة - فى الضرب في الأرض ، والخوف - تخفيف من اللّه (عزّ وجلّ) عن خلقه ؛ لا : أن فرضا عليهم أن يقصروا. كما كان قوله (2) : ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً : 2 - 236 ) ؛ [رخصة (3)] ؛ لا : أن حتما عليهم أن يطلقوهن فى هذه الحالة (4). وكما (5) كان قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ : 2 - 198 ) ؛ يريد (واللّه أعلم) : أن تتجروا فى الحج ؛ لا : أن حتما أن تتجروا (6). وكما (7) كان قوله : ليس عليكم جناح (8) : ( أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ

ص: 91


1- عبارته فى اختلاف الحديث - بهامش الأم : (ج 7 ص 68) - : «أن القصر فى السفر - فى الخوف وغير الخوف معا - رخصة ؛ لا : أن اللّه فرض أن تقصروا.».
2- عبارته فى اختلاف الحديث : «كما كان بينا فى كتاب اللّه أن قوله» ؛ وهى أنسب.
3- زيادة عن اختلاف الحديث ، والأم (ج 1 ص 159).
4- عبارة الأم : «الحال» ، وعبارته فى اختلاف الحديث : «لا أن حتما من اللّه أن يطلقوهن من قبل أن يمسوهن)».
5- قوله : «وكما» إلى قوله : «لا أن حتما أن تتجروا» ، غير موجود فى اختلاف الحديث.
6- عبارة الأم : «لا أن حتما عليهم أن يتجروا» ، وعبارة الأصل أنسب.
7- قوله : «وكما» إلى قوله : «غيرهم» ، مؤخر فى الأم ، عن القول الذي بعده.
8- كذا بالأصل وبالأم ، وليس هذا القول من الآية الكريمة ، وإنما أراد به الشافعي (رضى اللّه عنه) : أن يبين متعلق (أن تأكلوا) بالمعنى. وعبارته فى اختلاف الحديث «وكما كان بينا فى كتاب اللّه [أن] ليس عليكم جناح أن تأكلوا ، إلى جميعا وأشتاتا ، رخصه» ، وهى أسلم وأوضح. وعدم ذكر قوله : «رخصة» فى الأم والأصل ، لدلالة ما قبل عليه.

آبائِكُمْ : 24 - 61 ) ؛ (1) لا : أن حتما عليهم أن يأكلوا من بيوتهم ، ولا بيوت غيرهم. وكما (2) كان قوله : ( وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً : فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ : 24 - 60 ) ؛ فلو (3) لبسن ثيابهن ولم يضعنها : ما أثمن. وقول اللّه عزّ وجلّ : ( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) ؛ يقال : نزلت : (ليس عليهم حرج بترك الغزو ؛ ولو غزوا ما حرجوا).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «قال اللّه تبارك وتعالى (4) : ( وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ : 85 - 3 ) . [قال الشافعي] (5) أنا إبراهيم بن محمد ، حدثنى صفوان بن سليم ، عن نافع بن جبير ، وعطاء بن يسار - : أن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : «شاهد : يوم الجمعة ؛ ومشهود : يوم عرفة (6)

ص: 92


1- عبارته فى اختلاف الحديث : «لا أن اللّه تعالى حتم عليهم أن يأكلوا من بيوتهم ولا من بيوت آبائهم ، ولا جميعا ، ولا أشتاتا».
2- قوله : «وكما» إلى قوله : «حرجوا» ، غير موجود باختلاف الحديث.
3- قوله : «فلو» إلى قوله. «حرجوا». غير موجود بالأم.
4- فى الأم (ج 1 ص 167) زيادة آية النداء الآتية بعد.
5- زيادة عن الأم للايضاح.
6- أخرجه البيهقي فى السنن الكبرى (ج 3 ص 170) عن أبى هريرة موقوفا بلفظ : «الشاهد ، والمشهود» ، وعن على مرفوعا بلفظ : «الشاهد : يوم عرفة ويوم الجمعة ، والمشهود هو : اليوم الموعود : يوم القيامة» وأخرجه عن أبى هريرة أيضا مرفوعا بلفظ : «اليوم الموعود : يوم القيامة ، والشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة.».

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ : فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ : 62 - 9 ) . والأذان - الذي يجب على من عليه فرض الجمعة : أن يذر عنده البيع. - : الأذان الذي كان على عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ وذلك : الأذان الثاني (1) : بعد الزوال ، وجلوس الإمام على المنبر.».

وبهذا الإسناد. قال الشافعي : «ومعقول : أن السعى - فى هذا الموضع - : العمل ؛ لا (2) : السعى على الأقدام. قال اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى : 92 - 4 ) ؛ وقال (3) عز وجل : ( وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ : 17 - 19 ) وقال : ( وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً : 76 - 22 ) ؛ وقال تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى : 53 - 39 ) ؛ وقال : ( وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها : 2 - 205 ) . وقال زهير (4) :

ص: 93


1- عبارة الأم (ج 1 ص 173) : «الذي».
2- قوله : «لا السعى على الأقدام» غير موجود بالأم. وموجود بالسنن الكبرى (ج 3 ص 227).
3- قوله : «وقال» إلى «مشكورا» غير موجود بالأم ، وموجود بالسنن الكبرى.
4- فى لاميته الجيدة التي مدح بها هرم بن سنان والحارث بن عوف (انظر شرح ثعلب لديوان زهير : ص 96 - 115).

سعى بعدهم قوم لكى يدركوهم (1) *** فلم يفعلوا (2) ، ولم يلاموا (3) ، ولم يألوا

[وما يك (4) من خير أتوه : فإنّما *** توارثه آباء آبائهم قبل

وهل يحمل (5) الخطّىّ إلّا وشيجه *** وتغرس - إلا فى منابتها - النّخل] (6)

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً : 62 - 11 ) . قال (7) : ولم (8) أعلم مخالفا : أنها نزلت فى خطبة النبي (صلى اللّه عليه وسلم) يوم الجمعة (9).».

قال الشيخ : فى رواية حرملة وغيره - عن حصين ، عن سالم بن أبى الجعد ، عن جابر - : - «أن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) كان يخطب يوم الجمعة

ص: 94


1- فى الأصل : «يدركونهم» وزيادة النون خطأ لا ضرورة لارتكابه.
2- هذه رواية الديوان والأم (ج 1 ص 174) ، وفى الأصل : «يدركونهم» ، ولعل الناسخ روى بالمعنى ولم يتنبه إلى أن زيادة «هم» تخل بالوزن.
3- هذه رواية الأصل ، وهى موافقة لرواية ثعلب. ورواية الأم : «ولم يليموا» أي : لم يأتوا ما يلامون عليه. - وهى مواقفة لرواية الأصمعي والشنتمرى.
4- رواية الشنتمرى «فمايك» ، ورواية ثعلب : «فما كان».
5- رواية الديوان : «ينبت».
6- زيادة عن الربيع ، أثبتناها لجودتها.
7- كذا بالأم (ج 1 ص 176). وفى الأصل : «وقال».
8- فى الأم : «فلم».
9- انظر فى الأم (ج 1 ص 177) ما ذكره الشافعي فى سبب نزول الآية ، غير ما ذكر هنا.

قائما ، فانفتل (1) [الناس (2)] إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا. فأنزلت هذه الآية».

وفى حديث كعب بن عجرة (3) : دلالة على أن نزولها كان فى خطبته قائما. قال (4) : وفى حديث حصين (5) : «بينما نحن نصلى الجمعة» ؛ فإنه عبر بالصلاة عن الخطبة.

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ : 4 - 102 ) .قال الشافعي : فأمرهم - : خائفين ، محروسين. - : بالصلاة ؛ فدلّ ذلك على أنه أمرهم بالصلاة : للجهة التي وجوههم لها : من القبلة.».

«وقال تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً : 2 - 239 ) . فدلّ إرخاصه - فى أن يصلوا رجالا أو ركبانا - : على أن الحال التي أجاز لهم فيها : أن (6) يصلوا رجالا وركبانا من الخوف ؛ غير الحال الأولى التي

ص: 95


1- كذا بالأصل. أي انصرف ، وفى السنن الكبرى (ج 3 ص 197) : «فانتقل».
2- الزيادة عن السنن الكبرى.
3- حيث يقول فى عبد الرحمن بن الحكم : «انظروا إلى هذا الخبيث : يخطب قاعدا : وقد قال اللّه عز وجل : ( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً ) .» ، انظر السنن الكبرى (ج 3 ص 196 - 197) :
4- الظاهر أن القائل البيهقي.
5- أي : فيه دلالة كذلك على أن نزول الآية كان فى الخطبة قائما ؛ وقوله : فإنه إلخ : توضيح لوجه الدلالة.
6- فى الأصل ، «بأن» ، وما أثبتناه أولى ، وموافق لما فى الأم (ج 1 ص 197).

أمرهم فيها : بأن يحرس بعضهم بعضا. فعلمنا : أن الخوفين مختلفان ، وأن الخوف الآخر - : الذي أذن لهم فيه أن يصلوا رجالا وركبانا. - لا يكون إلا أشد [من] الخوف الأول (1). ودلّ : على أن لهم أن يصلوا حيث توجهوا : مستقبلى القبلة ، وغير مستقبليها فى هذه الحال ؛ وقعودا على الدواب ، وقياما على الأقدام (2). ودلت على ذلك السنة.». فذكر حديث ابن عمر فى ذلك (3).

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي - فى قوله عزّ وجلّ : ( فَإِذا سَجَدُوا : فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ : 4 - 102 ) -. قال : «فاحتمل (4) : أن يكونوا إذا سجدوا ما عليهم : من السجود كله ؛ كانوا (5) من ورائهم. ودلت السنة على ما احتمل القرآن من هذا ؛ فكان أولى معانيه ، واللّه أعلم».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : قال اللّه (تبارك وتعالى) فى شهر رمضان : ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ : 2 - 185 ) . قال : فسمعت من

ص: 96


1- انظر الام (ج 1 ص 190 و 197).
2- انظر الام (ج 1 ص 197) ومختصر المزني (ج 1 ص 144 - 145).
3- انظره فى الأم (ج 1 ص 197).
4- عبارته فى الأم (ج 1 ص 187) : واحتمل قول اللّه عز وجل : ( فَإِذا سَجَدُوا ) : إذا سجدوا ما عليهم : من سجود الصلاة كله. ودلت على ذلك سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، مع دلالة كتاب اللّه عز وجل».
5- كذا بالأصل ، ولعلها زائدة :

أرضى - : من أهل العلم بالقرآن. - يقول (1) : (لتكملوا [العدة] (2)) : عدة صوم شهر رمضان ؛ ( وَلِتُكَبِّرُوا (3) اللّهَ : عند إكماله ؛ عَلى ما هَداكُمْ ) ؛ وإكماله : مغيب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان. وما أشبه ما قال ، بما قال. واللّه أعلم.».

* * *

(أنا) أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل ، أنا أبو العباس ، [أنا الربيع (4)] ، أنا الشافعي ، [قال (5)] : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ؛ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ) الآية (6) ؛ وقال : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ) الآية (7) ؛ مع ما ذكر اللّه - : من الآيات. - فى كتابه.»

«قال الشافعي : فذكر اللّه الآيات ، ولم يذكر معها سجودا إلا مع الشمس والقمر ؛ وأمر : بأن لا يسجد لهما ؛ وأمر : بأن يسجد له. فاحتمل [أمره] (8) : أن يسجد له ؛ عند (9) ذكر الشمس والقمر. - : أن

ص: 97


1- فى الأم (ج 1 ص 205) : «أن يقول» ، ولعل «أن» زائدة من الناسخ.
2- زيادة عن الأم.
3- فى الأم : «تكبروا».
4- الزيادة عن الأم (ج 1 ص 214).
5- الزيادة عن الأم (ج 1 ص 214).
6- تمامها : ( إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ : 41 - 37 ) . وقد زاد فى الأم الآية التالية لها.
7- تمامها : ( بِما يَنْفَعُ النَّاسَ ، وَما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ - لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ : 2 - 164 ) .
8- الزيادة عن الأم (ج 1 ص 214).
9- قوله : عند إلخ ؛ متعلق بقوله : «أمره» ؛ فليتأمل.

أمر (1) بالصلاة عند حادث فى الشمس والقمر. واحتمل : أن يكون إنما نهى عن السجود لهما ؛ كما نهى عن عبادة ما سواه. فدلت سنة رسول اللّه (2) (صلى اللّه عليه وسلم) : على أن يصلّى لله عند كسوف الشمس والقمر. فأشبه (3) ذلك معنيين : (أحدهما) : أن يصلّى عند كسوفهما [لا يختلفان فى ذلك] (4) ؛ و [ثانيهما] : أن لا يؤمر (5) - عند آية كانت فى غيرهما - بالصلاة ؛ كما أمر بها عندهما. لأن اللّه لم يذكر فى شىء - : من الآيات. - صلاة. والصلاة - فى كل حال - طاعة [لله تبارك وتعالى] (6) ، وغبطة لمن صلاها. فيصلى - عند كسوف الشمس والقمر - صلاة جماعة ؛ ولا يفعل ذلك فى شىء : من الآيات غيرهما.».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : «أنا الثقة (7) : أن مجاهدا كان يقول :

ص: 98


1- كذا بالأصل ؛ وفى الأم (ج 1 ص 214) : «بأن يأمر» ؛ وما فى الأصل هو الظاهر.
2- كذا بالأم ، وفى الأصل : «فدل رسول اللّه» ، وما فى الأم أولى.
3- أي : غلب على الظن أن ذلك يدل علي مجموع أمرين. فليتأمل.
4- الزيادة عن الأم.
5- الزيادة عن الأم.
6- فى الأصل والأم : «وأن لا يؤمر» ، فزيادة «ثانيهما» للايضاح.
7- قال الإمام الحافظ أبو حاتم الرازي (رحمه اللّه) : «إذا قال الشافعي : أخبرنى الثقة عن ابن أبى ذئب ، فهو : ابن أبى فديك. وإذا قال : الثقة عن الليث بن سعد ، فهو : يحيى ابن حسان. وإذا قال : الثقة عن الوليد بن كثير ، فهو : عمر بن سلمة. وإذا قال : الثقة فهو : مسلم بن خالد الزنجي ، وإذا قال : الثقة عن صالح مولى التوأمه ، فهو : إبراهيم بن يحيى.». ا ه- انظر هامش الأم (ج 1 ص 223).

الرعد : ملك ؛ والبرق : أجنحة الملك يسقن السحاب (1). قال الشافعي : ما أشبه ما قال مجاهد ، بظاهر القرآن.».

وبهذا الإسناد ، أنا الشافعي : «أنا الثقة عن مجاهد : أنه قال : ما سمعت بأحد ذهب البرق ببصره. كأنه ذهب إلى قوله تعالى : ( يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ : 2 - 20 ) .»

«قال : وبلغني عن مجاهد أنه قال : وقد سمعت من تصيبه الصواعق وكأنه (2) ذهب إلى قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ : 13 - 13 ) . وسمعت من يقول : الصواعق ربما قتلت وأحرقت.».

وبهذا الإسناد ، قال : أنا الشافعي : «أنا من لا أتهم (3) ، نا العلاء ابن راشد ، عن عكرمة ، عن ابن العباس ، قال : ما هبّت ريح قطّ إلا جثا النبي (صلى اللّه عليه وسلم) على ركبتيه ، وقال : «اللّهمّ : اجعلها رحمه ، ولا

__________________

(1) كذا بالأم (ج 1 ص 224) ، وفى الأصل : «أجنحة لسقى السحاب» ، وقوله : لسقى ، محرف عن : «لسوق» ، إذ السحاب إنما يسقى من بخار البحر كما أشار إلى ذلك الطائي فى قوله :

كالبحر يمطره السحاب ، وليس من *** فضل عليه : لأنه من مائه

(2) فى الأم : «كأنه».

(3) قال الربيع بن سليمان (رحمه اللّه) : «إذا قال الشافعي : أخبرنى من لا أتهم ، يريد : إبراهيم بن يحيى. وإذا قال : بعض أصحابنا ، يريد : أهل الحجاز.» ، وفى رواية : «يريد : أصحاب مالك رحمه اللّه.». ا ه- انظر هامش الأم (ج 1 ص 223).

ص: 99

تجعلها عذابا. اللّهمّ : اجعلها رياحا ، ولا تجعلها ريحا.». قال ابن عباس (1) : فى كتاب اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّا (2) أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً : 54 - 19 ، و : أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ : 51 - 41 ؛ وقال : وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ : 15 - 22 ؛ و : أرسلنا (3) الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ : 30 - 46 ) .».

* * *

ص: 100


1- بيانا للحديث الشريف
2- الزيادة عن الأم (ج 1 ص 224).
3- هذا بيان للعامل فى قوله : «الرياح» ، وإلا فلفظ الآية الكريمة هكذا : (ومن آياته أن يرسل الرياح لواقح). وكثيرا ما يقع هذا فى عبارات القوم فليتنبه له.

«ما يؤثر عنه فى الزّكاة»

«ما يؤثر عنه فى الزّكاة (1)»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله عزّ وجلّ : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ : 107 - 4 - 7 ) . - قال الشافعي : «وقال (2) بعض أهل العلم : هى : الزكاة المفروضة (3).».

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ - : فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ : 9 - 34 ) فأبان : أنّ في الذهب والفضة زكاة (4). وقول اللّه عزّ وجلّ : ( وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ ) ؛ [يعنى] (5) - واللّه تعالى أعلم - : فى سبيله التي فرض : من الزكاة وغيرها.»

ص: 101


1- هذا العنوان كان فى الأصل واقعا قبل الإسناد الثاني ، فرأينا أن الأنسب تقديمه على الأول.
2- فى الرسالة (ص 187) : «فقال».
3- تفسير الماعون بالزكاة مأثور عن بعض الصحابة والتابعين : كعلى وابن عمر وابن عباس. (فى رواية عنه) ومجاهد وابن جبير (فى إحدى الروايتين عنهما) وابن الحنيفة والحسن وقتادة والضحاك. وذهب غيرهم : إلى أنه المتاع الذي يتعاطاه الناس. أو الزكاة والمتاع ، أو الطاعة ، أو المعروف أو المال. انظر تفسير الطبري (ج 30 ص203 - 206) والسنن الكبرى (ج 4 ص 183 - 184 وج 6 ص 87 - 88).
4- انظر الأم (ج 2 ص 2) فالكلام فيها أطول وأفيد.
5- الزيادة عن الأم.

«فأما (1) دفن المال : فضرب [من (2)] إحرازه ؛ وإذا حلّ إحرازه بشيء : حل بالدفن وغيره.». واحتج فيه : بابن عمر وغيره (3).

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، نا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «الناس عبيد اللّه (جلّ ثناؤه) ؛ فملّكهم ما شاء أن يملّكهم ، وفرض عليهم - فيما ملّكهم - ما شاء : ( لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ، وَهُمْ يُسْئَلُونَ ) (4). فكان فيما (5) آتاهم ، أكثر مما جعل عليهم فيه ؛ وكلّ : أنعم به (6) عليهم ، (جلّ ثناؤه). وكان (7) - فيما فرض عليهم ، فيما ملكهم - : زكاة ؛ أبان : [أنّ (8)] فى أموالهم حقا لغيرهم - فى وقت - على لسان رسوله (صلى اللّه عليه وسلم).»

ص: 102


1- فى الأم : «وأما».
2- الزيادة عن الأم.
3- كابن مسعود وأبى هريرة رضى اللّه عنهم ؛ انظر أقوالهم فى الأم (ج 2 ص 2 - 3) ؛ وانظر السنن الكبرى (ج 4 ص 82 - 83).
4- سورة الأنبياء : (23).
5- كذا بالأصل والأم (ج 2 ص 23) ؛ والمراد : وكان الباقي لهم من أصل ما آتاهم ، أزيد مما وجب عليهم إخراجه منه.
6- فى الأصل والأم : «فيه».
7- فى الأم : «فكان» ؛ ويريد الشافعي (رضى اللّه عنه) بذلك ، أن يقول : إن الأشياء التي قد ملكها اللّه للعباد ، قد أوجب عليهم فيها حقوقا كثيرة ؛ ومن هذه الحقوق : الزكاة. ثم لما كان فرض الزكاة - فى الكتاب الكريم - مجملا غير مبين ولا مقيد بوقت ولا غيره - : أراد الشافعي أن يبين لنا أن اللّه قد بين ذلك على لسان رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) ، فقال : «أبان» إلخ.
8- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 23).

«فكان (1) حلالا لهم ملك الأموال ؛ وحراما عليهم حبس الزكاة : لأنه ملّكها غيرهم فى وقت ، كما ملكهم أموالهم ، دون غيرهم.».

«فكان بيّنا - فيما وصفت ، وفى قول اللّه عزّ وجلّ : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ (2) : 9 - 103 ) . - : أن كل مالك تام (3) الملك - : من حرّ (4) - له مال : فيه زكاة.». وبسط الكلام فيه (5)

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي - فى أثناء كلامه فى باب زكاة التجارة (6) ، فى قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَآتُوا حَقَّهُ (7) يَوْمَ حَصادِهِ : 6 - 141 ) - : «وهذا دلالة على أنه إنما جعل الزكاة على الزرع (8)». وإنما (9) قصد : إسقاط الزكاة عن حنطة حصلت فى يده من غير زراعة.

* * *

ص: 103


1- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «وكان» : وما فى الأم أظهر.
2- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 23)
3- كذا بالأم ، وفى الأصل : «قام» ؛ وهو تحريف ظاهر.
4- فى الأصل : «خر» ، وهو تحريف ظاهر ، والتصحيح عن الأم.
5- انظره فى الأم (ج 2 ص 23 - 24).
6- من الأم (ج 2 ص 31).
7- انظر فى السنن الكبرى (ج 4 ص 132 - 133) الآثار التي وردت فى المراد بالحق هنا : أهو الزكاة؟ أم غيرها؟
8- انظر فى وقت الأخذ ، الرسالة (ص 195) والأم (ج 2 ص 31).
9- هذا من كلام البيهقي رحمه اللّه ، وقوله : «قصد» إلخ ، أي قصد الشافعي بكلامه هذا ، مع كلامه السابق الذي لم يورده البيهقي هنا.

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه (عزّ وجلّ) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ؛ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ) . قال الشافعي : والصلاة عليهم : الدعاء لهم عند أخذ الصدقة منهم.»

«فحقّ على الوالي - إذا أخذ صدقة امرى - : أن يدعو له ؛ وأحب أن يقول : آجرك (1) اللّه فيما أعطيت ، وجعلها لك طهورا ؛ وبارك لك فيما أبقيت (2)

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، وأبو سعيد بن أبى عمرو ؛ قالا : أنا أبو العباس ، أنا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ، وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ : 2 - 267 ) (3). يعنى (واللّه أعلم) : لستم بآخذيه (4) لأنفسكم ممن لكم عليه حق ؛ فلا تنفقوا مما (5) لم تأخذوا لأنفسكم ؛ يعنى : [لا (6)] تعطوا ما خبث عليكم (واللّه أعلم) : وعندكم الطيّب.».

* * *

ص: 104


1- فى الأم «أجرك» ، وكلاهما صحيح ، ومعناهما واحد. انظر المختار (مادة أجر).
2- فى الأم بعد ذلك : «وما دعا له به أجزأه إن شاء اللّه» ؛ وانظر ما ورد فى ذلك ، فى السنن الكبرى (ج 4 ص 157).
3- انظر سبب نزول هذه الآية ، فى السنن الكبرى (ج 4 ص 136).
4- فى الأم (ج 2 ص 49) : «تأخذون» ؛ ولا ذكر فيها لقوله : «لستم».
5- عبارة الأم : «ما لا تأخذون لأنفسكم».
6- زيادة عن الأم ، قد تكون متعينة.

«ما يؤثر عنه فى الصّيام»

قرأت - فى رواية المزني ، عن الشافعي - أنه قال : «قال اللّه جلّ ثناؤه : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ : لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ : 2 - 183 - 184 ) ؛ ثم أبان : أن هذه الأيام : شهر رمضان (1) ؛ بقوله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (2) ؛ إلى قوله تعالى : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ : فَلْيَصُمْهُ : 2 - 185 ) .».

«وكان بيّنا - فى كتاب اللّه عزّ وجلّ - : [أنّه (3)] لا يجب صوم ، إلا صوم شهر رمضان. وكان علم شهر رمضان - عند من خوطب باللسان - : أنه الذي بين شعبان وشوّال (4).».

وذكره - فى رواية حرملة عنه - بمعناه ، وزاد ؛ قال : «فلما أعلم اللّه الناس : أنّ فرض الصوم عليهم : شهر رمضان ؛ وكانت الأعاجم (5) : تعدّ الشهور بالأيام (6) ، لا بالأهلّة ؛ وتذهب : إلى أن الحساب - إذا عدت الشهور بالأهلة - يختلف. - : فأبان اللّه تعالى : أن الأهلة هى : المواقيت للناس

ص: 105


1- انظر الرسالة (ص 157) واختلاف الحديث بهامش الأم (ج 7 ص - 105).
2- تمام المتروك : ( هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ) .
3- زيادة لا بد منها.
4- انظر الرسالة (ص 157 - 158).
5- مراده بالأعاجم : الفرس والروم والقبط ؛ لا خصوص الفرس.
6- فتجعل بعض الشهور ثلاثين يوما ، وبعضها أكثر ، وبعضها أقل. انظر تفسير الشوكانى (ج 2 ص 342).

والحجّ (1) ؛ وذكر الشهور ، فقال : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ : 9 - 36 ) ؛ فدلّ : على أن الشهور للأهلة - : إذ جعلها المواقيت. - لا ما ذهبت إليه الأعاجم : من العدد بغير الأهلة».

«ثم بين رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ذلك ، على ما أنزل اللّه (عزّ وجلّ) ؛ وبين : أن الشهر : تسع وعشرون ؛ يعنى : أن الشهر قد يكون تسعا وعشرين. وذلك : أنهم قد يكونون يعلمون : أن الشهر يكون ثلاثين ؛ فأعلمهم : أنه قد يكون تسعا وعشرين (2) ؛ وأعلمهم : أن ذلك للأهلة (3)».

* * *

(أخبرنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه (تعالى) فى فرض الصوم : ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) ؛ إلى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ : فَلْيَصُمْهُ ؛ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً ، أَوْ عَلى سَفَرٍ : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ : 2 - 185 ) »

«فبيّن (4) - فى الآية - : أنه فرض الصيام عليهم عدّة (5) ، وجعل (6) لهم : أن يفطروا فيها : مرضي ومسافرين ؛ ويخصوا حتى يكملوا العدّة

ص: 106


1- انظر اختلاف الحديث (ص 303) ، وانظر سبب خلق الأهلة ، فى تفسير الطبري (ج 2 ص 107 - 108).
2- انظر الرسالة (ص 27 - 28).
3- انظر اختلاف الحديث (ص 302 - 303).
4- فى اختلاف الحديث (ص 76) : «فكان بينا».
5- كذا فى اختلاف الحديث ، وهو الملائم لما بعد. وفى الأصل : «عددا».
6- فى اختلاف الحديث ؛ «فجعل».

وأخبر أنه أراد بهم اليسر.»

«وكان قول (1) اللّه عزّ وجلّ : ( وَمَنْ كانَ مَرِيضاً ، أَوْ عَلى سَفَرٍ : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ؛ يحتمل معنيين :»

«(أحدهما) : أن لا يجعل عليهم (2) صوم شهر رمضان : مرضى ولا مسافرين ؛ ويجعل عليهم عددا - إذا مضى السفر والمرض - : من أيام أخر.»

«(ويحتمل (3)) : أن يكون إنما أمرهم بالفطر فى هاتين الحالتين : على الرخصة إن شاءوا ؛ لئلا يحرجوا إن فعلوا.».

«وكان فرض الصوم ، والأمر بالفطر فى المرض والسفر - : فى آية واحدة. ولم أعلم مخالفا : أن كل آية إنما أنزلت متتابعة ، لا مفرّقة (4). وقد تنزل الآيتان فى السورة مفرقتين (5) ؛ فأما آية : فلا ؛ لأن معنى الآية : أنها كلام واحد غير منقطع ، [يستأنف بعده غيره] (6)».

وقال فى موضع آخر من هذه المسألة : «لأن معنى الآية : معنى (7) قطع الكلام.»

ص: 107


1- كذا فى اختلاف الحديث (ص 77) ، وفى الأصل : «فى قول» ، وزيادة «فى» من النساخ.
2- كذا فى اختلاف الحديث ، وعبارة الأصل : «لهم» ، وهى محرفة.
3- كذا فى اختلاف الحديث ، وعبارة الأصل : «يحتمل». وهذا بيان للمعنى الثاني.
4- فى اختلاف الحديث : «متفرقة».
5- فى اختلاف الحديث : «مفترقتين».
6- الزيادة عن اختلاف الحديث ، للايضاح.
7- كذا فى اختلاف الحديث ، وبالأصل : «بمعنى».

«فإذ (1) صام رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى شهر رمضان - : وفرض شهر رمضان إنما أنزل فى الآية. - : علمنا (2) أن الآية بفطر المريض والمسافر رخصة.».

قال الشافعي (رحمه اللّه) : «فمن أفطر أياما من رمضان - من عذر (3) - : قضاهنّ متفرقات ، أو مجتمعات (4). وذلك : أن اللّه (عزّ وجلّ) قال : ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ؛ ولم يذكرهنّ متتابعات (5).».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ : 2 - 184) فقيل : (يطيقونه (6)) : كانوا يطيقونه ثم عجزوا (7) ؛ فعليهم - فى كل يوم - : طعام مسكين (8).».

ص: 108


1- فى اختلاف الحديث : «فإذا».
2- عبارة اختلاف الحديث : «أليس قد علمنا» ؛ وهى واردة فى مقام مناقشة بين الشافعي وغيره.
3- عبارته فى الأم (ج 2 ص 88) : «من عذر : مرض أو سفر ؛ قضاهن فى أي وقت ما شاء : فى ذى الحجة أو غيرها ، وبينه وبين أن يأتى عليه رمضان آخر. - متفرقات» إلخ. وانظر - فى مسئلة القضاء قبل رمضان التالي - السنن الكبرى (ج 4 ص 252).
4- انظر السنن الكبرى (ج 4 ص 258 - 260).
5- انظر ما ذكره بعد ذلك فى الأم : فإنه مفيد.
6- أي تأويل معناه ؛ وهو يتلخص فى أنه مجاز مرسل باعتبار ما كان.
7- انظر ما نقله المزني - فى المختصر الصغير (ج 2 ص 22 - 23) - عن ابن عباس والشافعي : مما يتعلق بهذا ؛ فإنه مهم. وانظر كذلك : السنن الكبرى (ج 4 ص 200 و 230 و 270 - 272) وتفسير الطبري (ج 2 ص 77 - 82).
8- انظر فى الأم (ج 2 ص 89) كلام الشافعي فى الفرق بين فرض الصلاة وفرض الصوم : من حيث السقوط وعدمه ، فهو الغاية فى الجودة.

فى كتاب الصيام (1) (وذلك : بالإجازة.) قال : «والحال (التي يترك بها الكبير الصوم) : أن يجهده الجهد غير (2) المحتمل. وكذلك : المريض والحامل : [إن (3) زاد مرض المريض زيادة بيّنة : أفطر ؛ وإن كانت زيادة محتملة : لم يفطر (4). والحامل] إذا خافت على ولدها : [أفطرت] (5). وكذلك المرضع : إذا أضرّ بلبنها الإضرار البيّن.». وبسط الكلام فى شرحه (6).

وقال فى القديم ([رواية] الزعفراني عنه) : «سمعت من أصحابنا ، من نقلوا (7) - إذا سئل [عن تأويل قوله تعالى] (8) : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) . - : فكأنه (9) يتأوّل : إذا لم يطق الصوم : الفدية».

ص: 109


1- أي : الكتاب الصغيرى ، وهو فى الجزء الثاني من الأم (ص 80 - 89) ، ومما يؤسف له : أن الكتاب الكبير لم يعثر عليه.
2- كذا بالأم (ج 2 ص 89) ؛ وفى الأصل : «عن» ، وهو محرف.
3- فى الأم : و «إن» ، ولعل الواو زائدة من الناسخ ، فليتأمل. وما بين المربعات هنا زيادة عن الأم.
4- انظر السنن الكبرى (ج 4 ص 242 - 243) وتفسير الطبري (ج 2 ص 87).
5- انظر فى الأم (ج 7 ص 233) : الخلاف فى أن على الحامل المفطر القضاء أم لا ، ومناقشة الشافعي لمن أوجبه كالإمام مالك. فهى مناقشة قوية مفيدة.
6- انظره فى الأم (ج 2 ص 89).
7- أي : من نقلوا عن بعض أهل العلم بالقرآن ؛ القول الآتي بعد.
8- الزيادة للايضاح.
9- فى الأصل : «فكان» ؛ والتصحيح عن الأم. وقد ورد هذا القول فيها مسندا للشافعى (رضى اللّه عنه) ولا ذكر للاية الكريمة قبله. وهو مروى بالمعنى عن ابن عباس كما فى تفسير الطبري (ج 2 ص 80).

وقرأت فى كتاب حرملة - فيما روى عن الشافعي رحمه اللّه - : أنه قال : «جماع العكوف : ما (1) لزمه المرء ، فحبس عليه نفسه : من شىء ، برّا كان أو مأثما. فهو : عاكف.»

«واحتجّ بقوله عزّ وجلّ : ( فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ : 7 - 138 ) ؛ وبقوله تعالى [حكاية] (2) عمن رضي قوله : ( ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ : 21 - 52 ) .» «قيل : فهل للاعتكاف المتبرّر ، (3) أصل فى كتاب اللّه  عزوجل؟.

قال : نعم (4) ؛ قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ : (5) وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ : 2 - 187 ) ؛ والعكوف فى المساجد : [صبر الأنفس فيها ، وحبسها على عبادة اللّه تعالى وطاعته].» (6)

ص: 110


1- قوله : ما لزمه إلخ ؛ فيه تجوز ، وظاهره غير مراد قطعا. إذ أصل العكوف : الإقامة على الشيء أو بالمكان ، ولزومهما ، وحبس النفس عليهما. انظر اللسان (مادة : عكف) ، وتفسير الطبري (ج 2 ص 104).
2- الزيادة للايضاح ؛ والمرضى قوله هنا هو الخليل ، عليه السلام.
3- أي : المتبرر به ؛ على حد قولهم : الواجب المخير أو الموسع ؛ أي : فى أفراده ، أو أوقاته.
4- فى الأصل : «يعنى» ، وهو تحريف من الناسخ.
5- أخرج فى السنن الكبرى (ج 4 ص 321) عن ابن عباس ، أنه قال : «المباشرة والملامسة والمس : جماع كله ؛ ولكن اللّه (عز وجل) يكنى ما شاء بما شاء» ؛ وانظر الخلاف فى تفسير المباشرة ، فى الطبري (ج 2 ص 104 - 106).
6- هذه الزيادة قد تكون صحيحة متعينة ؛ إذ ليس المراد : بيان أن العكوف المتبرر يكون فى المساجد ، أو لا يكون إلا فيها ، وإنما المراد : بيان أن العكوف فى المساجد متبرر به ؛ لأنه حبس للنفس فيها من أجل العبادة. ولو كان قوله : والعكوف فى المساجد (بدون الواو) ؛ مذكورا عقب قوله : نعم ، لما كان ثمة حاجة للزيادة : وإن كان الجواب حينئذ لا يكون ملائما للسؤال تمام الملاثمة ، فليتأمل.

«ما يؤثر عنه فى الحجّ»

وفيما أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) : أنبأنا أبو العباس ، حدثهم ، قال : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «الآية التي فيها بيان فرض الحج على من فرض عليه ، هى (1) : قول اللّه تبارك وتعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ : حِجُّ الْبَيْتِ ؛ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً : 3 - 97 ) . وقال تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ : 2 - 196) (2)

«قال الشافعي : أنا ابن عيينة ، عن ابن أبى نجيح ، عن عكرمة ، قال : لما نزلت : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً : فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) الآية (3). - قالت اليهود (4) : فنحن مسلمون ؛ فقال اللّه لنبيه (صلى اللّه عليه وسلم) : فحجّهم (5) ؛ فقال لهم النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) : حجّوا (6) ؛ فقالوا : لم يكتب علينا ؛ وأبوا أن يحجوا. فقال (7) اللّه تعالى : ( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ

ص: 111


1- فى الأصل : «فى قول». وفى الأم (ج 2 ص 93) : «قال». ولعل ما أثبتناه هو الظاهر.
2- انظر - فى كون العمرة واجبة - مختصر المزني (ج 2 ص 48 - 49) ، والأم (ج 2 ص 113).
3- تمام المتروك : ( وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ : 3 - 85 ) .
4- انظر - فى السنن الكبرى (ج 4 ص 324) - ما ذكره مجاهد.
5- فى السنن الكبرى : «فاخصمهم) يعنى بحجتهم)».
6- عبارة السنن الكبرى : «إن اللّه فرض على المسلمين حج البيت : من استطاع إليه سبيلا.».
7- بالأصل والأم والسنن : «قال» ، ولعل زيادة الفاء أظهر.

الْعالَمِينَ : 3 - 97 ) . قال عكرمة : ومن كفر - : من أهل الملل (1). - : فإن اللّه غنىّ عن العالمين.».

«قال الشافعي : وما أشبه ما قال عكرمة ، بما قال (واللّه أعلم) - : لأن هذا كفر بفرض الحج : وقد أنزله اللّه ؛ والكفر بآية من كتاب اللّه : كفر.».

«قال الشافعي : أنا مسلم بن خالد ، وسعيد بن سالم ، عن ابن (2) جريج ، قال : قال مجاهد - فى قول اللّه : ( وَمَنْ كَفَرَ ) . - قال : هو (3) فيما : إن حجّ لم يره برّا ، وإن جلس لم يره إثما (4)

«كان سعيد بن سالم ، يذهب : إلى أنه كفر بفرض الحجّ. قال (5) : ومن كفر بآية من كتاب اللّه عزّ وجلّ - : كان كافرا.»

«وهذا (إن شاء اللّه) : كما قال مجاهد ؛ وما قال عكرمة فيه : أوضح ؛ وإن كان هذا واضحا.».

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ

ص: 112


1- فى الأصل : «الملك» ؛ وهو تحريف ظاهر ، والتصحيح عن الأم والسنن الكبرى.
2- فى السنن الكبرى : «عن سفيان عن ابن أبى نجيح».
3- فى الأم : «هو ما إلخ» ، وفى السنن الكبرى : «من إن حج .. ومن تركه ..».
4- أخرجه فى السنن الكبرى أيضا عن ابن عباس ؛ بلفظ : «من كفر بالحج : فلم يرجحه برا ، ولا تركه إثما».
5- فى الأم : «قال الشافعي» ، والظاهر أن القائل سعيد. فليتأمل.

مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) . والاستطاعة - فى دلالة السنة والإجماع - : أن يكون الرجل يقدر على مركب وزاد : يبلّغه ذاهبا وجائيا ؛ وهو يقوى على (1) المركب. أو : أن يكون له مال ، فيستأجر به من يحج عنه. أو : يكون له من : إذا أمره أن يحجّ عنه ، أطاعه (2).». وأطال الكلام فى شرحه (3).

وإنما أراد به : الاستطاعة التي هي سبب وجوب (4) الحج. فأما الاستطاعة - التي هى : خلق اللّه تعالى ، مع كسب العبد (5). - : فقد قال الشافعي في أول كتاب (الرسالة) (6) :

«والحمد لله الذي لا يؤدّى شكر نعمة - من نعمه - إلا بنعمة منه : توجب على مؤدّى ماضى نعمه ، بأدائها - : نعمة حادثة يجب عليه شكره [بها] (7).».

وقال بعد ذلك : «وأستهديه بهداه (8) : الذي لا يضلّ من أنعم به عليه.».

وقال فى هذا الكتاب (9) : «الناس متعبّدون : بأن يقولوا ، أو يفعلوا

ص: 113


1- أي : على الثبوت عليه.
2- انظر السنن الكبرى (ج 4 ص 327 - 330 وج 5 ص 224 - 225).
3- انظره فى الأم (ج 2 ص 96 - 98 و 104 - 107) ومختصر المزني (ج 2 ص 39 - 41).
4- بالأصل : «وجود» ؛ وهو تحريف من الناسخ.
5- بالأصل : «العهد» ؛ وهو تحريف أيضا.
6- ص (7 - 8).
7- الزيادة عن الرسالة.
8- فى الأصل : «بهداية» ؛ والتصحيح عن الرسالة.
9- أي : كتاب أحكام القرآن.

ما أمروا : أن (1) ينتهوا إليه ، لا يجاوزونه. لأنهم لم يعطوا أنفسهم شيئا ، إنما هو : عطاء اللّه (جلّ ثناؤه). فنسأل اللّه : عطاء : مؤدّيا لحقه ، موجبا لمزيده.».

وكلّ هذا : فيما أنبأنا أبو عبد اللّه ، عن أبى العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي.

وله - فى هذا الجنس - كلام كثير : يدلّ على صحة اعتقاده فى التّعرّى (2) من حوله وقوّته ، وأنه لا يستطيع العبد أن يعمل بطاعة اللّه (عزّ وجلّ) ، [إلا بتوفيقه (3)]. وتوفيقه : نعمته الحادثة : التي بها يؤدّى شكر نعمته الماضية ؛ وعطاؤه : الذي به يؤدّى حقّه ؛ وهداه : الذي به لا يضلّ من أنعم به عليه.

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، نا الشافعي - فى قوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ : 2 - 197 ) . قال (4) : «أشهر الحج (5) : شوّال ، وذو القعدة ، وذو الحجّة (6). ولا يفرض الحج [إلا (7)] فى

ص: 114


1- فى الأصل : «وينتهوا» ؛ وهو خطأ.
2- فى الأصل : «التقرى» ؛ وهو تحريف من الناسخ.
3- زيادة لا بد منها.
4- انظر مختصر المزني (ج 2 ص 46 - 47) ، والشرح الكبير والمجموع (ج 7 ص 74 و 140 - 142).
5- انظر فى المجموع (ج 7 ص 145 - 146) مذاهب العلماء فى أشهر الحج.
6- أخرجه فى السنن الكبرى (ج 4 ص 342) عن ابن عمر وابن عباس وابن مسعود وابن الزبير ، بلفظ : «وعشر من ذى الحجة».
7- زيادة لا بد منها.

شوال كلّه ، وذى القعدة كلّه ، وتسع (1) من ذى الحجة. ولا يفرض : إذا خلت عشر ذى الحجة (2) ؛ فهو : من شهور الحجّ ؛ والحج بعضه دون بعض.».

وقال - فى قوله تعالى : ( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ : 2 - 196 ) - : «فحاضره : من قرب منه ؛ وهو : كل من كان أهله من دون أقرب المواقيت ، دون ليلتين (3)».

* * *

(وأنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) - فيما بلغه عن وكيع ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، عن عبد اللّه بن سلمة ، عن علىّ - فى هذه الآية : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ : 2 - 196 ) (4). - قال : «أن يحرم الرجل من دويرة أهله (5)».

ص: 115


1- انظر الاعتراض الوارد على هذا التعبير ، ودفعه - فى الشرح الكبير والمجموع (ج 7 ص 75 و 143).
2- قال عطاء (كما فى السنن الكبرى ج 4 ص 343) : «إنما قال اللّه تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) ؛ لئلا يفرض الحج فى غيرهن». وقال عكرمة : «لا ينبغى لأحد أن يحرم بالحج إلا فى أشهر الحج ؛ من أجل قول اللّه جل وعز : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) .» ، انظر ذلك وما روى عن عطاء أيضا فى مختصر المزني والأم (ج 2 ص 46 - 47 و 132).
3- عبارته فى مختصر المزني (ج 2 ص 59) : «من كان أهله دون ليلتين ، وهو حينئذ أقرب المواقيت» ؛ فتأملها وانظر ما ذكر فى لمجموع (ج 7 ص 175).
4- انظر فى السنن الكبرى (ج 4 ص 341) ما روى فى تفسير ذلك عن ابن مسعود وابن عباس.
5- أخرجه عن على وأبى هريرة - فى السنن الكبرى (ج 4 ص 341 وج 5 ص 30 بلفظ : «تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك» ؛ وانظر فى ذلك الشرح الكبير والتلخيص والمجموع (ج 7 ص 79 و 199 - 202).

(وأنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، نا الشافعي ، قال : «ولا يجب دم المتعة على المتمتع ، حتى يهلّ بالحج (1) : لأن اللّه (جلّ ثناؤه) يقول : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ : فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ : 2 - 196 ) . وكان بيّنا - فى كتاب اللّه عزّ وجلّ - : أن التمتع هو : التمتع بالإهلال من العمرة (2) إلى أن يدخل فى الإحرام بالحج ؛ وأنه إذا دخل فى الإحرام بالحج : فقد أكمل التمتع (3) ، ومضى التمتع ؛ وإذا مضي بكماله : فقد وجب عليه دمه. وهو قول عمرو بن دينار (4)

«قال الشافعي : ونحن نقول : ما استيسر - : من الهدى. - : شاة ؛ (ويروى عن ابن عباس) (5). فمن لم يجد : فصيام ثلاثة أيام : فيما بين أن يهلّ بالحجّ إلى يوم عرفة ؛ فإذا لم يصم : صام بعد منى : بمكة أو فى سفره ؛ وسبعة أيام بعد ذلك.»

«وقال فى موضع آخر : وسبعة فى المرجع. وقال فى موضع آخر : إذا رجع إلى أهله (6).».

* * *

ص: 116


1- قال سعيد بن المسيب (كما فى السنن الكبرى ج 4 ص 356) : «كان أصحاب النبي (صلى اللّه عليه وسلم) يتمتعون فى أشهر الحج ؛ فإذا لم يحجوا عامهم ذلك : لم يهدوا شيئا ،».
2- كذا بالأصل ؛ والمراد : الانتقال من الإهلال بالعمرة إلى الإهلال بالحج. إذ أصل الإهلال بالعمرة متحقق من قبل.
3- انظر مختصر المزني (ج 2 ص 56 - 57).
4- انظر السنن الكبرى (ج 5 ص 24).
5- وعطاء والحسن وابن جبير والنخعي ؛ كما فى السنن الكبرى (ج 5 ص 24).
6- انظر - فى هذا المقام - السنن الكبرى (ج 5 ص 24 - 26) ومختصر المزني (ج 2 ص 58 - 59) والمجموع (ج 7 ص 187 - 189).

(أنا) أبو زكريا بن أبى إسحاق ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا ابن عيينة ، نا هشام ، عن طاووس (1) - فيما أحسب (2) - أنه قال : الحجر (3) من البيت (4). وقال اللّه تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ : 22 - 29 ) ؛ وقد طاف رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) من وراء الحجر (5)

قال الشافعي - فى غير هذه الرواية - : «سمعت عددا - من أهل العلم : من قريش. - يذكرون : أنه ترك من الكعبة فى الحجر ، نحو من ستة أذرع (6).».

* * *

وقال - فى قوله : ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ :

ص: 117


1- فى السنن الكبرى (ج 5 ص 90) : «عن طاوس عن ابن عباس».
2- فى الأصل : «أحسن» ؛ وهو تحريف من الناسخ.
3- انظر المجموع (ج 8 ص 22 - 26) : ففيه فوائد جمة.
4- قال بعد ذلك - كما فى السنن الكبرى - : «لأن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) طاف بالبيت من ورائه ؛ قال اللّه تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) .» ؛ وقال أيضا (كما فى السنن الكبرى ج 5 ص 156) : «من طاف بالبيت فليطف وراء الحجر».
5- انظر فى الأم (ج 2 ص 150 - 151) كلام الشافعي المتعلق بذلك : فإنه جيد مفيد.
6- قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لعائشة : «إن قومك - حين بنو البيت - قصرت بهم النفقة ، فتركوا بعض البيت فى الحجر. فاذهبى فصلى فى الحجر ركعتين» ؛ انظر السنن الكبرى (ج 5 ص 158) وانظر فيها (ج 5 ص 89) ما روى عن يزيد بن رومان ، وانظر الأم (ج 2 ص 151).

2 - 196 ) (1). - : «أما الظاهر : فإنه مأذون بحلاق (2) الشعر : للمرض ، والأذى فى الرأس : وإن لم يمرض (3).».

* * *

(أنبأني) أبو عبد اللّه (إجازة) : أن أبا العباس حدّثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) - فى الحج : فى أن للصبى حجا : ولم يكتب عليه فرضه. - : «إن اللّه (جلّ ثناؤه) بفضل نعمته ، أثاب الناس على الأعمال أضعافها ؛ ومنّ على المؤمنين - : بأن ألحق بهم ذرياتهم ، ووفّر عليهم أعمالهم. - فقال : ( أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ : 52 - 21 ) .»

«فكما منّ على الذّرارى : بإدخالهم جنته بلا عمل (4) ؛ كان : أن منّ عليهم - : بأن يكتب عليهم عمل البرّ فى الحج : وإن لم يجب عليهم. - : من ذلك المعنى.». ثم استدل على ذلك بالسنة (5).

* * *

ص: 118


1- انظر سبب نزول هذه الآية ، فى السنن الكبرى (ج 5 ص 54 - 55).
2- كل من الحلاق والحلق : مصدر لحلق كما ذكر فى المصباح ، ونص عليه فى المجموع (ج 8 ص 199). ولم يذكر الحلاق مصدرا فى غيرهما من المعاجم المتدوالة ؛ وذكر فى اللسان : أنه جمع للحليق وهو الشعر المحلوق. وكلام الشافعي حجة فى اللغة.
3- انظر الأم (ج 2 ص 151).
4- فى الأصل : «بالأعمال» ؛ وهو خطأ وتحريف من الناسخ. والتصحيح عن الأم (ج 2 ص 59).
5- انظر .. فى ذلك .. الأم (ج 2 ص 95 و 151) والسنن الكبرى (ج 5 ص 155 - 156).

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ ، وَأَمْناً (1) ؛ إلى [قوله] (2) : وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ : 2 - 125 ) .»

«قال الشافعي : المثابة - فى كلاب العرب - : الموضع : يثوب الناس إليه ، ويؤوبون : يعودون إليه بعد الذّهاب عنه (3). وقد يقال : ثاب إليه : اجتمع إليه ؛ فالمثابة تجمع الاجتماع ؛ ويؤوبون : يجتمعون إليه : راجعين بعد ذهابهم عنه ، ومبتدئين. قال ورقة بن نوفل (4) ، يذكر البيت :

مثابا لأفناء القبائل كلّها *** تخبّ إليه اليعملات (5) الذّوابل (6)

وقال خداش بن زهير [النّصريّ] :

فما برحت بكر تثوب وتدّعى *** ويلحق (7) منهم أوّلون فآخر (8)»

ص: 119


1- تمام المتروك : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ؛ وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ : أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ ) .
2- الزيادة عن الأم.
3- فى الأم : «منه».
4- كذا بالأصل والأم ، وتفاسير الطبري (ج 1 ص 420) والطبرسي الشيعي (ج 1 ص 202) وأبى حيان (ج 1 ص 380) والقرطبي (ج 2 ص 110) والشوكانى (ج 1 ص 118). وروى فى اللسان والتاج (مادة : ثوب) عن الشافعي : منسوبا لأبى طالب. والذي تطمئن إليه النفس أن البيت لورقة ؛ ويؤكد ذلك خلو ديوان أبى طالب (المطبوع (بالنجف سنة ١٣٥٦ ه ) منه.
5- جمع يعملة ، وهى : الناقة السريعة.
6- كذا بالأصل وتفسير الشوكانى ، وفى الأم واللسان والقرطبي : «الذوامل» ، وفى التاج : «الزوامل» ، وفى تفاسير الطبري والطبرسي وأبى حيان : «الطلائح» ، والكل صحيح المعنى.
7- كذا بالأم ، وفى الأصل : «وتلحق».
8- وفى الأم : «وآخر».

«قال الشافعي : وقال اللّه تبارك وتعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً : وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ : 29 - 67 ) ؛ يعنى (واللّه أعلم) : [آمنا (1)] من صار إليه : لا يتخطّف اختطاف من حولهم.»

وقال (عزّ وجلّ) لإبراهيم خليله - عليه السلام - : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً ، وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ : 22 - 27 ) .»

«قال الشافعي : سمعت (2) [بعض من أرضى] (3) - من أهل العلم - يذكر : أن اللّه (عزّ وجلّ) لما أمر بهذا ، إبراهيم (عليه السلام) : وقف على المقام ، وصاح (4) صيحة : عباد اللّه ؛ أجيبوا داعى اللّه. فاستجاب له حتى من [فى (5)] أصلاب الرجال ، وأرحام النساء (6). فمن حج البيت بعد دعوته ، فهو : ممن أجاب دعوته. ووافاه من وافاه ، يقول (7) : لبّيك داعى ربّنا لبيك (8).».

وهذا - : من قوله : «وقال لإبراهيم خليله». - : إجازة ؛ وما قبله : قراءة.

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، قال : سألت الشافعيّ عمن قتل من الصيد شيئا : وهو محرم ؛ فقال : «من قتل من

ص: 120


1- الزيادة عن الأم.
2- فى الأم (ج 2 ص 120) : «فسمعت».
3- زيادة لا بد منها ، عن الأم.
4- فى الأم : «فصاح».
5- زيادة لا بد منها ، عن الأم.
6- انظر فى السنن الكبرى (ج 5 ص 176) ما روى عن ابن عباس فى هذا.
7- فى الأم : «يقولون» ؛ ولا خلاف فى المعنى.
8- انظر فى الأم ، كلامه بعد ذلك : فهو مفيد.

دوابّ (1) الصيد ، شيئا : جزاه بمثله : من النّعم. لأن اللّه (تعالى) يقول : ( فَجَزاءٌ : مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ : 5 - 95 ) ؛ والمثل لا يكون إلا لدواب (2) الصيد (3)

«فأما الطائر : فلا مثل له ؛ ومثله : قيمته (4). إلا أنا نقول فى حمام مكة - : اتباعا (5) للآثار (6) - : شاة (7).».

(أنا أبو سعيد بن أبى عمرو ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي - فى قوله عزّ وجلّ : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً : فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) . - : «والمثل واحد ؛ لا : أمثال. فكيف زعمت : أن عشرة لو قتلوا صيدا : جزوه بعشرة أمثال (8).؟!».

ص: 121


1- فى الأصل : «ذوات» ؛ وهو خطأ وتحريف من الناسخ والتصحيح عن الأم (ج 7 ص 221).
2- فى الأصل : «لذوات» ؛ وهو تحريف أيضا ؛ قال الشافعي فى الأم (ج 2 ص 165 - 166) : «والمثل لدواب الصيد ؛ لأن النعم دواب رواتع فى الأرض» إلخ ؛ فراجعه وانظر كلامه فى الفرق بين الدواب والطير : فهو جيد.
3- قال الشافعي : «والمثل : مثل صفة ما قتل.» ؛ انظر السنن الكبرى (ج 5 ص185 - 187).
4- انظر السنن الكبرى (ج 5 ص 206 - 207) ، وانظر الأم (ج 2 ص 166) فى الاستدلال على أن الطائر يفدى ولا مثل له من النعم.
5- أي : لا قياسا.
6- التي ذكرها عن عمر وعثمان وابن عباس وابن عمر وعاصم ابن عمر وعطاء وابن المسيب ؛ انظر الأم (ج 2 ص 166) والسنن الكبرى (ج 5 ص 205 - 206) ؛ وانظر ما نقله فى الجوهر النقي. عن صاحب الاستذكار : من فرق الشافعي بين حمام مكة وغيره ؛ ثم انظر المجموع (ج 7 ص 431).
7- انظر فى ذلك وفى الفرق بين الحمام وغيره ، مختصر المزني والأم (ج 2 ص 113 و 166 - 167 و 176) والسنن الكبرى (ج 5 ص 156).
8- كذا بالأم (ج 7 ص 19) وقال فى الأم (ج 2 ص 175) : «وإذا أصاب المحرمان - أو الجماعة صيدا : فعليهم كلهم جزاء واحد» ؛ ونقل مثل ذلك عن عمرو عبد الرحمن بن عوف وابن عمر وعطاء ؛ ثم قال (ص 175 - 176) : «وهذا موافق لكتاب اللّه عز وجل : لأن اللّه تبارك وتعالى يقول : ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ، وهذا : مثل. ومن قال : عليه مثلان ، فقد خالف القرآن».

وجرى فى كلام الشافعي - : فى الفرق بين المثل وكفارة القتل (1). - : أن الكفارة : موقتة ؛ والمثل : غير موقت ؛ فهو - بالدية والقيمة - أشبه.

واحتجّ - فى إيجاب المثل فى جزاء دواب (2) الصيد ، دون اعتبار القيمة - : بظاهر الآية ؛ [فقال] (3) :

«قال اللّه عزّ وجلّ : ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (4) ؛ و [قد] (5) حكم عمر وعبد الرحمن ، وعثمان [وعلى (6)] وابن عباس ، وابن عمر ، وغيرهم (7) (رضى اللّه عنهم) - فى بلدان مختلفة ، وأزمان شتّى - : بالمثل من النّعم» فحكم حاكمهم فى النعامة : ببدنة (8) ؛ والنعامة لا

ص: 122


1- راجع بتأمل ودقة ، كلامه فى الأم (ج 2 ص 158 - 161 وج 7 ص 19 - 20).
2- فى الأصل ذوات والتصحيح عن الأم.
3- زيادة مفيدة.
4- قال بعد ذلك ، فى مختصر المزني (ج 2 ص 107 - 108) : «والنعم : الإبل والبقر والغنم ، وما أكل من الصيد ، صنفان : دواب وطائر. فما أصاب المحرم : من الدواب ، نظر إلى أقرب الأشياء من المقتول ، شبها بالنعم ، ففدى به».
5- الزيادة عن المختصر.
6- الزيادة عن المختصر.
7- كزيد بن ثابت ، وابن مسعود ، ومعاوية ، وابن المسيب ، وهشام بن عروة. انظر السنن الكبرى (ج 5 ص 182).
8- قال الشافعي - بعد أن روى ذلك عن ابن عباس وكثير من الصحابة ، من طريق عطاء الخرسانى - : «هذا غير ثابت عند أهل العلم بالحديث ، وهو قول الأكثر : ممن لقيت. فبقولهم : إن فى النعامة بدنة ، وبالقياظ. قلنا : فى النعامة بدنة. لا بهذا». ا ه- أي : لأن الرواية عنهم ضعيفة ومرسلة ، إذ عطاء قد تكلم فيه أهل الحديث ، ولم يثبت سماعه عن ابن عباظ. انظر الأم (ج 2 ص 262) والسنن الكبرى (ج 5 ص 182) ثم المجموع (ج 7 ص 425 - 427).

لا تساوى (1) بدنة (2) ، وفى حمار الوحش : ببقرة ؛ وهو لا يساوى بقرة ؛ وفى الضّبع : بكبش (3) ؛ وهو لا يساوى كبشا ؛ وفى الغزال : بعنز (4) ؛ وقد يكون أكثر (5) ثمنا منها أضعافا ومثلها ، ودونها ؛ وفى الأرنب : بعناق (6) ؛ وفى اليربوع : بجفرة (7) ؛ وهما لا يساويان (8) عناقا ولا جفرة (9)

«فهذا يدلك (10) : على أنهم إنما (11) نظروا إلى أقرب ما قتل (12) - : من الصيد. - شبها بالبدن (13) [من النعم (14)] ؛ لا بالقيمة. ولو حكموا بالقيمة :

ص: 123


1- فى المختصر والأم (ج 7 ص 20) : «تسوى» ، وهى لغة قليلة (من باب تعب). وقد أنكرها جماعة من علماء اللغة ، وزعموا أنها عامية. ورد عليهم بأنها وردت فى بعض الآثار عن ابن عمر والأعمش ، فزعموا أن ذلك من تغيير الرواة. انظر المختار والمصباح وتهذيب النووي.
2- هى - في أصل اللغة - : ناقة أو بقرة أو بعير ذكر. والمراد بها هنا : البعير ذكرا كان أو أنثى ، بشرط أن تكون قد دخلت فى السنة السادسة. انظر تهذيب النووي.
3- انظر الأم (ج 2 ص 167 و 175) والسنن الكبرى (ج 5 ص 182 - 184).
4- انظر الأم (ج 2 ص 167 و 175) والسنن الكبرى (ج 5 ص 182 - 184).
5- فى المختصر : «أكثر من ثمنها أضعافا دونها ومثلها».
6- انظر الأم (ج 2 ص 167 و 175) والسنن الكبرى (ج 5 ص 182 - 184).
7- انظر الأم (ج 2 ص 167 و 175) والسنن الكبرى (ج 5 ص 182 - 184).
8- كذا بالمختصر والأم (ج 7 ص 20) ، وفى الأصل : «يسويان».
9- الجفرة : الأنثى من ولد المعز تفطم وتفصل عن أمها فتأخذ فى الرعي ، وذلك بعد أربعة أشهر. والعناق : الأنثى من ولد المعز من حين يولد إلى أن يرعى. قال الرافعي : «هذا معناهما فى اللغة. لكن يجب أن يكون المراد من الجفرة هنا : ما دون العناق ، فإن الأرنب خير من اليربوع. ». انظر تهذيب النووي.
10- فى المختصر : «فدل ذلك». وفى الأم (ج 7 ص 20) فهذا يدل.
11- هذه الكلمة غير موجودة بالمختصر.
12- فى المختصر : «يقتل».
13- كذا بالأصل والأم (ج 7 ص 20). وفى المختصر : بالبدل.
14- الزيادة عن المختصر.

لاختلفت أحكامهم (1) ؛ لاختلاف (2) أسعار ما يقتل فى الأزمان والبلدان (3).».

* * *

(أنا) أبو زكريا بن أبى إسحاق ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء - [فى] (4) قول اللّه عزّ وجلّ : ( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ؛ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ) . - قلت [له] (5) : من (6) قتله خطأ : أيغرم؟. قال : نعم ؛ يعظّم بذلك حرمات اللّه ، ومضت (7) به السنن.».

قال : «وأنا مسلم وسعيد (8) ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، قال : رأيت الناس يغرّمون فى الخطأ (9).».

وروى الشافعي - فى ذلك - حديث عمر ، وعبد الرحمن بن عوف

ص: 124


1- هذه الكلمة غير موجودة فى المختصر.
2- فى المختصر : «لاختلاف الأسعار ، وتباينها في الأزمان».
3- قال الشافعي فى الأم (ج 2 ص 167) : «ولقالوا : فيه قيمته ؛ كما قالوا فى الجرادة».
4- الزيادة للايضاح.
5- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 156) والسنن الكبرى (ج 5 ص 180).
6- فى الأم والسنن الكبرى : «فمن».
7- فى الأصل : «ومنعت» وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والسنن الكبرى.
8- أي : مسلم بن خالد ، وسعيد بن سالم ، كما في الأم (ج 2 ص 156).
9- انظر ذلك ، وما روى عن الحسن ، وابن جبير ، والنخعي - فى السنن الكبرى (ج 5 ص 180 - 181).

(رضي اللّه عنهما) : فى رجلين أجريا فرسيهما ، فأصابا ظبيا : وهما محرمان ؛ فحكما عليه : بعنز (1) ؛ وقرأ عمر - رضى اللّه عنه - : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ : 5 - 95 ) (2).

وقاس الشافعي ذلك فى الخطأ : على قتل المؤمن خطأ (3) ؛ قال اللّه تعالى : ( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً : فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ : 4 - 92 ) ؛ والمنع عن قتلها : عامّ ؛ والمسلمون : لم يفرقوا بين الغرم فى الممنوع - : من الناس والأموال. - : فى العمد والخطأ (4)

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «أصل الصيد : الذي يؤكل لحمه ؛ وإن كان غيره يسمى صيدا. ألا ترى إلى قول اللّه تعالى : ( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ ؛ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ : 5 - 4 ) .؟! لأنه معقول عندهم : أنه إنما يرسلونها على ما يؤكل (5). أو لا ترى إلى قول اللّه عزّ وجلّ :

ص: 125


1- فى الأم : (ج 2 ص 175) : «بشاة».
2- راجع أثر عمر وعبد الرحمن ، فى السنن الكبرى (ج 5 ص 180 - 181 ، و 203).
3- راجع كلامه فى الأم (ج 2 ص 155) : فهو جيد جدا.
4- راجع - فى ذلك أيضا - مختصر المزني (ج 2 ص 106 - 107) والمجموع (ج 7 ص 320 - 323)
5- قال فى الأم (ج 2 ص 212) : «فذكر (جل ثناؤه) إباحة صيد البحر للمحرم ، و (متاعا له) يعنى : طعاما ، واللّه أعلم. ثم حرم عليهم صيد البر ، فأشبه : أن يكون إنما حرم عليهم بالإحرام ، ما كان أكله مباحا له قبل الإحرام.» إلخ ، فراجعه.

( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ : 5 - 94 ) ؛ وقوله : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ؛ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً : 5 - 96 ) .؟! فدلّ (جلّ ثناؤه) : على أنه إنما حرم عليهم فى الإحرام - : [من (1)] صيد البرّ. - ما كان حلالا لهم - قبل الإحرام - : [أن (2)] يأكلوه (3).».

زاد فى موضع آخر (4) : «لأنه (واللّه أعلم) لا يشبه : أن يكون حرم فى الإحرام (5) خاصة ، إلا ما كان مباحا قبله (6). فأماما كان محرّما على الحلال : فالتحريم الأول كاف منه (7).».

قال : ولو لا أن هذا معناه : ما أمر (8) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : بقتل الكلب العقور ، والعقرب ، والغراب ، والحدأة ، والفأرة - : فى الحل

ص: 126


1- زيادة لا بد منها.
2- زيادة لا بد منها.
3- انظر المجموع (ج 7 ص 314).
4- قال فى الأم (ج 2 ص 155) : «فلما أثبت اللّه (عز وجل) إحلال صيد البحر ، وحرم صيد البر ما كانوا حرما - : دل على أن الصيد الذي حرم عليهم ما كانوا حرما) : ما كان أكله حلالا لهم قبل الإحرام ، لأنه» إلخ.
5- كذا بالأصل ومختصر المزني (ج 2 ص 116 ، وفى الأم : «بالإحرام» ، ولا خلاف فى المعنى.
6- فى الأصل : «قتله» ، والتصحيح عن مختصر المزني والأم (ج 2 ص 116 و 155).
7- قال فى الأم - بعد ذلك - : «وسنة رسول اللّه تدل على معنى ما قلت ، وإن كان بينا فى الآية ، واللّه أعلم».
8- انظر الأم (ج 2 ص 155) والسنن الكبرى (ج 5 ص 209 - 210)

والحرم. ولكنه إنما أباح لهم قتل ما أضر : مما لا يؤكل لحمه.». وبسط الكلام فيه (1).

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا مسلم : عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : لا يفدى المحرم من الصيد ، إلا : [ما] (2) يؤكل لحمه.».

(وفيما أنبأ) أبو عبد اللّه (إجازة) : أن العباس حدثهم : أنا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء [فى (3)] قول اللّه : ( عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَفَ : 5 - 95 ) ؛ قال : عفا اللّه عما كان فى الجاهلية. قلت : وقوله (4) : ( وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ : 5 - 95 ) ؛!.[قال : ومن عاد فى الإسلام : فينتقم اللّه منه (5)] ، وعليه (6) فى ذلك الكفارة (7).».

وشبّه الشافعي (رحمه اللّه) فى ذلك : بقتل الآدمي والزنا ، وما فيهما وفى الكفر - : من الوعيد. - فى قوله : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ )

ص: 127


1- راجعه فى الأم (ج 2 ص 208 و 218 و 221)
2- الزيادة عن السنن الكبرى (ج 5 ص 213)
3- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 157)
4- كذا بالأم ، وفى الأصل : «وفى قوله».
5- الزيادة عن الام ، والسنن الكبرى (ج 5 ص 180 - 181).
6- كذا بالأم والسنن الكبرى ، وفى الأصل : «أو عليه».
7- انظر فى الأم ، بقية الأثر.

إلى قوله (1) : ( وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً : 25 - 68 - 69 ) . - وما فى كل واحد منهما : من الحدود فى الدنيا.

[قال] (2) : «[فلما أوجب اللّه عليهم الحدود (3)] : دلّ هذا على أن النقمة (4) فى الآخرة ، لا تسقط حكما (5) غيرها فى الدنيا.».

* * *

(أنا) أبو زكريا بن أبى إسحاق ، نا أبو العباس الأصم ، نا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا سعيد ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، قال : كل شىء فى القرآن [فيه] (6) : أو ، أو (7) ؛ أيّة (8) : أيّة (9) شاء. قال ابن جريج : إلا قول اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً : 5 - 23 ) فليس بمخيّر فيها.»

«قال الشافعي : كما قال ابن جريج وغيره ، فى المحارب وغيره - فى هذه المسألة - أقول.».

ص: 128


1- تمام المتروك : ( وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَلا يَزْنُونَ ) . ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ : يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) .
2- زيادة مفيدة.
3- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 157).
4- فى الأصل : «النعمة» ، والتصحيح عن الأم.
5- فى الام : «حكم».
6- زيادة متعينة أو موضحة.
7- كآية كفارة اليمين ، والآيتين المذكورتين بعد.
8- أي : للمخاطب به أن يحقق أية خصلة اختارها.
9- كذا بالأصل والام (ج 2 ص 160) ؛ وفى السنن الكبرى (ج 5 ص 185 «أيه» ، ولا خلاف فى المعنى.

ورواه (أيضا) سعيد [عن ا] بن جريج ؛ عن عطاء : «كل شىء فى القرآن [فيه] : أو ، أو (1) ؛ يختار (2) منه صاحبه ما شاء».

واحتجّ الشافعي - فى الفدية - : بحديث كعب بن عجرة (3).

(وأنا) أبو زكريا ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا سعيد ، عن ابن جريج [قال (4)] : قلت لعطاء : ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ، يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ، هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ ؛ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ ، أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً : 5 - 95 ) ؛؟. قال (5) : من أجل أنه أصابه فى حرم (يريد : البيت (6).) ، كفارة ذلك : عند البيت.».

فأما الصوم : (فأخبرنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : فإن جزاه بالصوم : [صام (7)] حيث شاء ؛ لأنه لا منفعة لمساكين الحرم ، فى صيامه (8).».

ص: 129


1- فى الأصل : «إذ» (غير مكررة) ؛ والتصحيح عن الأم والسنن الكبرى.
2- فى السنن الكبرى : «فليختر».
3- من أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال له : «أي ذلك فعلت أجزاك». انظر الأم (ج ٢ ص ١٦٠) والسنن الكبرى (ج ٥ ص ١٨٥) والمجموع (ج ٧ ص ٢٤٧).
4- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 157) والسنن الكبرى (ج 5 ص 187).
5- كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وفى الأصل : «ما قال». فلعل «ما» زائدة من الناسخ ، أو لعل فى الأصل سقطا. فليتأمل.
6- الظاهر أن هذا من كلام الشافعي أو الرواة عن عطاء.
7- زيادة لا بد منها ، عن الأم (ج 2 ص 175).
8- راجع فى هذا المقام ، مختصر المزني والأم (ج 2 ص 110 و 162).

واحتجّ [فى الصوم (1)] - فيما أنبأنى أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) ، عن أبى العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي - فقال : «أذن اللّه للمتمتع : أن يكون صومه (2) ثلاثة (3) أيام فى الحجّ ، وسبعة إذا رجع. ولم يكن فى الصوم : منفعة لمساكين الحرم ؛ وكان على بدن الرجل. فكان (4) عملا بغير وقت : فيعمله حيث شاء.».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «الإحصار الذي ذكر [ه (5)] اللّه (تبارك وتعالى) فى القرآن (6). - فقال : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ : فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ : 2 - 196 ) . - نزل (7) يوم الحديبية (8) ؛ وأحصر النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) [بعدو (9)].»

فمن حال بينه وبين البيت ، مرض حابس - : فليس بداخل فى معنى الآية (10). لأن الآية نزلت فى الحائل من العدو ؛ واللّه أعلم (11)».

ص: 130


1- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 160).
2- فى الأم : «من صومه» ، ولعل ما فى الأصل هو الأظهر.
3- فى الأم : «ثلاث فى الحج».
4- كذا بالأم ، وفى الأصل : «وكان».
5- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 184 - 185).
6- قوله : «فى القرآن» ، غير موجود بالأم.
7- فى الام : «نزلت» ، ولعل ما فى الأصل هو المقصود المناسب. فليتأمل.
8- انظر الام (ج 2 ص 135 و 139).
9- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 184 - 185).
10- راجع - فى ذلك وفى الفرق بين المحصر بالعدو والمحصر بالمرض - مختصر المزني والام (ج 2 ص 119 - 120 و 136 و 139 و 142 و 185) والسنن الكبرى (ج 5 ص 214).
11- قوله : فمن حال» إلى هنا ، مروى عن الشافعي ، فى السنن الكبرى (ج 5 ص 219). فانظرها وانظر ما ذكره صاحب الجوهر النقي.

وعن ابن عباس : «لا حصر إلا حصر العدو (1)» ؛ وعن ابن عمر وعائشة ، معناه (2).

قال الشافعي : «ونحر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : فى الحلّ ؛ وقد قيل : نحر في الحرم.»

«وإنما (3) ذهبنا إلى أنه نحر فى الحلّ - : وبعض الحديبية فى الحلّ ، وبعضها فى الحرم (4). - : لأن اللّه (تعالى) يقول : ( وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ : 48 - 25 ) ؛ والحرم : كله محلّه ؛ عند أهل العلم.»

«فحيث ما أحصر [الرجل : قريبا كان أو بعيدا ؛ بعدوّ حائل : مسلم أو كافر ؛ وقد أحرم (5)] - : ذبح شاة وحلّ ؛ ولا قضاء عليه (6) - ؛ إلا (7)

ص: 131


1- انظر الام (ج 2 ص 139 و 185) والسنن الكبرى (ج 5 ص 219 - 220).
2- انظر ما روى عنهما ، فى الام (ج 2 ص 139 - 140).
3- قد ورد هذا الكلام ، فى السنن الكبرى (ج 5 ص 217 - 218) مع تقديم وتأخير. فلينظر.
4- قال الشافعي : «والحديبية موضع من الأرض : منه ما هو فى الحل ، ومنه ما هو فى الحرم. فإنما نحر الهدى عندنا فى الحل ؛ وفيه مسجد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : الذي بويع فية تحت الشجرة ؛ فأنزل اللّه تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) .». انظر الأم (ج 2 ص 135) والسنن الكبرى (ج 5 ص217 - 218) وانظر فيها ما نقله عن الشافعي بعد ذلك ، فى قوله : (ولا تحلقوا رؤوسكم) ؛ فإنه مفيد.
5- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 185).
6- انظر المجموع (ج 8 ص 355).
7- عبارة المختصر (ج 2 ص 117) : «إلا أن يكون واجبا فيقضى»

أن يكون حجه (1) : حجّة الإسلام ؛ فيحجّها (2). - : من قبل قول اللّه عزّ وجلّ : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ : فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) ؛ ولم يذكر قضاء (3).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه جلّ ثناؤه : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ (4) : 5 - 96 ) ؛ وقال : ( وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ : هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ. وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا (5) : 35 - 12 ) (6)

«قال الشافعي : فكلّ ما كان فيه : صيد (7) - : فى بئر كان ، أو فى

ص: 132


1- فى الأصل : «حج» ؛ وهو خطأ. والتصحيح عن الأم (ج 2 ص 135).
2- فى الأصل : «فحجها» ؛ وهو خطأ ؛ والتصحيح عن الأم ، والسنن الكبرى (ج 5 ص 218).
3- قال الشافعي - بعد ذلك ، كما فى الأم (ج 2 ص 135) والسنن الكبرى (ج 5 ص 218) - : «والذي أعقل فى أخبار أهل المغازي : شبيه بما ذكرت من ظاهر الآية. وذلك ، : أنا قد علمنا من متواطىء أحاديثهم : أن قد كان مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - عام الحديبية - رجال يعرفون بأسمائهم ؛ ثم اعتمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) عمرة القضية ، وتخلف بعضهم بالحديبية من غير ضرورة فى نفس ولا مال علمته. ولو لزمهم القضاء : لأمرهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - إن شاء اللّه - : بأن لا يتخلفوا عنه». ا ه.
4- زيادة مفيدة ، عن الأم (ج 2 ص 117).
5- زيادة مفيدة ، عن الأم (ج 2 ص 117).
6- انظر فى السنن الكبرى (ج 5 ص 208 - 209) ما روى عن عطاء والحسن.
7- هذا خبر كل ، فليتنبه.

ماء مستنقع (1) ، أو عين (2) ، وعذب ، ومالح ؛ فهو بحر. - : فى حلّ كان أو حرم ؛ من حوت أو ضربه : مما يعيش فى الماء [أكثر (3)] عيشه (4). فللمحرم والحلال : أن يصيبه ويأكله.»

«فأما طائره : فإنه (5) يأوى إلى أرض فيه ؛ [فهو (6)] من صيد البرّ : إذا أصيب جزى (7).».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، قال : وقال الحسين بن محمد الماسرجسى - فيما أخبرنى عنه أبو (8) محمد بن سفيان - : أنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه تعالى) - فى قوله تعالى : ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ

ص: 133


1- كذا بالأم (ج 2 ص 177) ؛ أي : الماء الذي اجتمع فى نهر وغيره ؛ وأما المستنقع (بفتح القاف) فهو مكان اجتماع الماء. وفى الأصل : «منتقع» ؛ ولم يرد إلا فى الوجه إذا تغير لونه. ولعله محرف عن «المنقع» (كمكرم) ؛ وإن كان لم يرد كذلك إلا فى المحض من اللبن يبرد ، أو الزبيب ينقع فى الماء. راجع اللسان ، والتاج ، وتهذيب النووي ، والمصباح.
2- عبارة الأم : «أو غيره ، فهو بحر. وسواء كان فى الحل والحرم يصاد ويؤكل ؛ لأنه مما لم يمنع بحرمة شىء. وليس صيده إلا ما كان يعيش فيه أكثر عيشه».
3- الزيادة عن الأم.
4- فى الأصل : «عيشة».
5- فى الأم : «فإنما».
6- الزيادة عن الأم.
7- عبارة الشافعي - على ما نقله عن الماوردي وغيره ، في المجموع (ج 7 ص 297) - هى : «وكل ما كان أكثر عيشه فى الماء - فكان فى بحر أو نهر أو بئر أو واد أو ماء مستنقع أو غيره - : فسواء ؛ وهو مباح صيده للمحرم فى الحل والحرم. فأما طائره : فإنما يأوى إلى أرض ؛ فهو صيد بر : حرام على المحرم.». وهى توضح عبارة الأصل والأم.
8- فى الأصل : «أبا» ؛ فليتأمل.

النَّاسُ : 2 - 199 ) . - قال : «كانت قريش وقبائل (1) لا يقفون بعرفات (2) وكانوا يقولون : نحن الحمس (3) ، لم نسبّ قطّ ، ولا دخل علينا فى الجاهلية ، وليس نفارق الحرم (4). وكان سائر الناس يقفون بعرفات. فأمرهم اللّه (عزّ وجلّ) : أن يقفوا بعرفة مع الناس.».

قال : وقال لى محمد بن إدريس : «الأيام (5) المعلومات : أيام العشر كلها (6) ؛ والمعدودات : أيام منى (7) فقط.». زاد (8) فى كتاب البويطيّ : «ويظن [أنه (9)] كذلك روى عن ابن عباس.».

ص: 134


1- فى الأصل : «قبائل وقباثل» ؛ والزيادة من الناسخ كما هو ظاهر ؛ ويؤكد ذلك قول عائشة (كما فى السنن الكبرى ج 5 ص 113) : «كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة».
2- انظر حد عرفة ، فى المجموع (ج 8 ص 105 - 109) ، وتهذيب النووي : ففيه فوائد جمة.
3- جمع «أحمس» (بسكون الحاء وفتح الميم) ؛ وقد فسره ابن عينية (كما فى السنن الكبرى ج 5 ص 114) : بأنه الشديد فى دينه ، زاد فى المختار : والقتال.
4- فى رواية أخرى عن عائشة : «قالت قريش : نحن قواطن البيت ، لا تجاوز الحرم.» ، وقال ابن عينية : «وكانت قريش لا تجاوز الحرم ، يقولون : نحن أهل اللّه لا نخرج من الحرم.» ، انظر السنن الكبرى.
5- عبارته فى مختصر المزني (ج 2 ص 121) : «والأيام المعلومات : العشر ، وآخرها يوم النحر. والمعدودات : ثلاثة أيام بعد النحر». وانظر ما قاله المزني بعد ذلك : فإنه مفيد جدا.
6- أخرجه فى السنن الكبرى (ج 5 ص 228) بدون ذكر «كلها».
7- فى السنن الكبرى : «أيام التشريق».
8- الظاهر أن هذا من كلام البيهقي ، لا من كلام يونس.
9- لعل هذه الزيادة متعينة ، فليتأمل.

«ما يؤثر عنه فى البيوع ، والمعاملات» «والفرائض ، والوصايا»

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ، وَحَرَّمَ الرِّبا : 2 - 275 ) . فاحتمل إحلال اللّه البيع ، معنيين :»

«(أحدهما) : أن يكون أحل كلّ بيع تبايعه المتبايعان (1) - : جائزى الأمر فيما تبايعاه. - عن تراض منهما. وهذا أظهر معانيه.»

«(والثاني) : أن يكون اللّه أحلّ البيع : إذا كان مما لم ينه عنه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : المبيّن عن اللّه (عزّ وجلّ) معنى ما أراد.»

«فيكون هذا : من الجملة (2) التي أحكم اللّه فرضها بكتابه ، وبيّن : كيف هي؟ على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم). أو : من العام الذي أراد به الخاصّ ؛ فبيّن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : ما أريد بإحلاله منه ، وما حرّم ؛ أو يكون داخلا فيهما. أو : من العام الذي أباحه ، إلا ما حرّم على لسان نبيه منه ، وما فى معناه. كما كان الوضوء (3) فرضا على كل متوضئ :

ص: 135


1- كذا بالأم (ج 3 ص 2) ، وفى الأصل : «متبايعان» ، وهو خطأ وتحريف من الناسخ ، أو يكون قوله : «جائزى» ، محرفا عن : «جائزا»
2- فى الأم : «الجمل» ، ولا فرق فى المعنى.
3- كذا بالأم ، وفى الأصل : «فى الضوء» ، والزيادة من الناسخ.

لا خفين (1) عليه لبسهما على كمال الطهارة.»

«وأىّ هذه المعاني كان : فقد ألزمه اللّه خلقه ، بما فرض : من طاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (2)

«فلما نهى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) عن بيوع : تراضى (3) بها المتبايعان. - : استدللنا على أن اللّه أراد بما أحلّ من البيوع : ما لم يدل على تحريمه على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ [دون ما حرم على لسانه (4)].».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، ثنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى : فَاكْتُبُوهُ ، وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ : 2 - 282 ) ؛ وقال جلّ ثناؤه : ( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ ، وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً : فَرِهانٌ (5) مَقْبُوضَةٌ ؛ فَإِنْ (6) أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً : فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ : 2 - 283 ) .»

ص: 136


1- فى الأصل : «خفان» ، وفى الأم : «خفيه» ، وكلاهما تحريف وخطأ.
2- فى الأم بعد ذلك : «وأن ما قبل عنه ؛ فعن اللّه عز وجل) قبل : لأنه بكتاب اللّه (تعالى) قبل.».
3- كذا بالأم ، وفى الأصل : «وتراضى» ، والزيادة من الناسخ.
4- الزيادة عن الأم.
5- فى الأم (ج 3 ص 122) : «فرهن» ؛ وهى قراءة سبعية مشهورة.
6- قوله : (فإن) إلخ ؛ لم يثبت فى الأم.

قال : وكان. (1) بيّنا - فى الآية - الأمر بالكتاب (2) : فى الحضر والسفر ؛ وذكر اللّه (عزّ وجلّ) الرهن : إذا كانوا مسافرين ، فلم (3) يجدوا كاتبا.»

«وكان (4) معقولا (5) ، (واللّه أعلم) فيها : أنهم (6) أمروا بالكتاب والرهن : احتياطا لمالك الحق : بالوثيقة ؛ والمملوك عليه : بأن لا ينسى ويذكر. لا : أنه فرض عليهم : أن يكتبوا ، أو يأخذوا رهنا (7). لقول اللّه عزّ وجلّ : ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً : فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ ) (8)

«قال الشافعي : وقول اللّه عزّ وجلّ : ( إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ ) ؛ يحتمل : كلّ دين ؛ ويحتمل : السّلف خاصة. وقد ذهب فيه ابن عباس : إلى أنه فى السلف (9) ؛ وقلنا (10) به في كل دين : قياسا عليه ؛

ص: 137


1- فى الأم : «فكان».
2- هو مصدر كالكتابة.
3- فى الأم : «ولم».
4- فى الأم : «فكان».
5- انظر مختصر المزني (ج 2 ص 215).
6- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «أنه» : وما فى الأم هو الصحيح أو الظاهر.
7- فى الأم : «ولا أن يأخذوا رهنا» ؛ ولا فرق فى المعنى. وانظر كلامه فى الأم (ج 3 ص77 - 78) : ففيه تأكيد وتوضيح لما هنا.
8- انظر ما قاله فى الأم ، بعد ذلك.
9- راجع ما روى عنه فى ذلك ، فى الأم (ج 3 ص 80 - 81) ، والسنن الكبرى (ج 6 ص 18).
10- عبارته فى الأم (ج 3 ص 81) : «وإن كان كما قال ابن عباس فى السلف : قلنا به» إلخ.

لأنه فى معناه (1).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (2) : 4 - 6 ) .»

«قال : فدلت الآية : على أن الحجر ثابت على اليتامى ، حتى يجمعوا خصلتين : البلوغ والرّشد.»

«فالبلوغ (3) : استكمال خمس عشرة سنة ؛ [الذكر والأنثى فى ذلك سواء (4)]. إلا أن يحتلم الرجل ، أو تحيض المرأة (5) : قبل خمس عشرة سنة ؛ فيكون ذلك : البلوغ (6)

«قال : والرشد (7) (واللّه أعلم) : الصلاح فى الدّين : حتى تكون الشهادة جائزة ؛ وإصلاح المال (8). [وإنما يعرف إصلاح المال (9)] : بأن يختبر اليتيم (10).».

ص: 138


1- قال فى الأم - بعد ذلك - : «والسلف جائز فى سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، والآثار ، وما لا يختلف فيه أهل العلم علمته».
2- فى الأم (ج 3 ص 191) زيادة : (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا).
3- راجع فى هذا المقام ، السنن الكبرى (ج 6 ص 54 - 57).
4- زيادة موضحة ، عن الأم.
5- فى مختصر المزني (ج 2 ص 223) : «الجارية».
6- انظر ما ذكره عقب ذلك ، فى الأم (ج 3 ص 191 - 192).
7- راجع السنن الكبرى (ج 6 ص 59).
8- فى المختصر : «مع إصلاح المال».
9- الزيادة عن الأم والمختصر.
10- فى المختصر : «اليتيمان» ؛ وهو أحسن. وانظر ما ذكره بعد ذلك ، فيه وفى الأم.

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «أمر اللّه : بدفع أموالهما إليهما (1) ؛ وسوّى فيها بين (2) الرجل والمرأة (3)

«وقال : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ : وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ؛ فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ : إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ (4) : 2 - 237 ) .»

«فدلت هذه الآية : على أنّ على الرجل : أن يسلم إلى المرأة نصف مهرها ؛ [كما كان عليه : أن يسلم إلى الأجنبيّين - من الرجال - ما وجب لهم (5).] وأنها (6) مسلّطة على أن تعفو عن مالها. وندب اللّه (عزّ وجلّ) : إلى العفو ؛ وذكر : أنه أقرب للتقوى. وسوّى بين الرجل والمرأة ، فيما يجوز : من (7) عفو كل واحد منهما ، ما وجب له (8)

«وقال تعالى : ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ؛ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً : فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (9) : 4 - 4 ) .»

ص: 139


1- أي : اليتيمين ؛ بقوله : ( فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) . وفى الأم (ج 3 ص 192) : «بدفع أموالهم إليهم». ولا فرق فى المعنى.
2- كذا بالأم ، وفى الأصل : «فيهما من» ، وهو تحريف.
3- انظر الأم (ج 3 ص 192).
4- ذكر فى الأم بقية الآية ، وهى : ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ، وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ، وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ، إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) . وهى زيادة يتعلق ببعضها بعض الكلام الآتي.
5- زيادة مفيدة ، عن الأم.
6- فى الأم : «ودلت السنة على أن المرأة مسلطة» إلخ. وكلاهما صحيح : وإن كانت دلالة السنة أعم وأوضح من دلالة الكتاب كما لا يخفى.
7- كذا بالأم ، وفى الأصل : «منه» ، وهو تحريف ،
8- انظر الأم (ج 3 ص 192).
9- الزيادة عن الأم.

«فجعل (1) عليهم : إيتاءهنّ (2) ما فرض لهنّ (3) ؛ وأحلّ (4) للرجال : كل (5) ما طاب نساؤهم عنه نفسا (6).».

واحتجّ (أيضا) : بآية الفدية فى الخلع ، وبآية الوصية والدّين (7). ثم قال : «وإذا (8) كان هذا هكذا : كان لها : أن تعطى من مالها ما (9) شاءت ، بغير إذن زوجها (10).». وبسط الكلام فيه (11).

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «أثبت (12) اللّه (عزّ وجلّ) الولاية على السفيه ، والضعيف ، والذي

ص: 140


1- فى الأم : «فجعل فى» ، والزيادة من الناسخ.
2- فى الأصل : «إيتاهن» ، وفى الام : «إيتائهن».
3- قال بعد ذلك ، فى الام : «على أزواجهن ، يدفعونه إليهن : دفعهم إلى غيرهم من الرجال : ممن وجب له عليهم حق بوجه.».
4- فى الام : «وحل» ، وما فى الأصل أنسب.
5- كذا بالأم ، وفى الأصل : «الاكل» ، والظاهر أنه تحريف ، أو قوله : «ما». محرف عن : «مما» ، فليتأمل.
6- راجع كلامه بعد ذلك فى الام (ج 3 ص 192).
7- انظر الام (ج 3 ص 193).
8- فى الام (ج 3 ص 193) : ، «فإذا» ، وهو أحسن.
9- فى الام : «من» ، ولا خلاف فى المعنى :
10- انظر - فى هذا وما قبله - السنن الكبرى (ج 6 ص 59 - 61) :
11- انظر الام (ج 3 ص 193 - 194).
12- أي : بقوله : ( فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً ، أَوْ ضَعِيفاً ، أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ - : فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ) : وفي الام (ج 3 ص 194) : «وأثبت» ، وفى المختصر (ج 2 ص 223) : «فأثبت».

لا يستطيع أن يملّ [هو (1)] وأمر وليّه بالإملاء عنه (2) ؛ لأنه أقامه فيما لا غناء له عنه - : من ماله (3). - مقامه.»

«قال : وقد قيل (4) : (الذي ( لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ ) يحتمل : [أن يكون (5)] المغلوب على عقله. وهو أشبه معانيه (6) ، واللّه أعلم.».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (رحمه اللّه) : «ولا يؤجّر الحرّ (7) فى دين عليه : إذا لم يوجد له شىء. قال اللّه جلّ ثناؤه : ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ : فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ : 2 - 280 ) (8).».

ص: 141


1- الزيادة عن الام والمختصر :
2- كذا بالمختصر (ج 2 ص 223) ؛ وفى الأصل والأم (ج 3 ص 194) والسنن الكبرى (ج 6 ص 61) : «عليه» ؛ وعبارة المختصر أولى وأظهر.
3- كذا بالأصل ، وهو صحيح واضح. وفي الأم : «فيما لا غناء به عنه من ماله» ؛ وفى المختصر : «فيما لا غنى به عنه فى ماله». ولعل فيهما تحريفا ؛ فليتأمل.
4- فى الأم : «قد قيل» ؛ وفى المختصر : «وقيل».
5- الزيادة عن الأم والمختصر.
6- زاد فى المختصر : «به» ؛ ولعلها زيادة ناسخ ؛ ثم قال : «فإذا أمر اللّه (عز وجل) : بدفع أموال اليتامى إليهم ؛ بأمرين - : لم يدفع إليهم إلا بهما. وهما : البلوغ والرشد.».
7- فى الأصل : «ولا يؤخر الحد» ؛ وهو تحريف خطير يوقع فى الحيرة. والتصحيح عن عنوان فى السنن الكبرى (ج 6 ص 49). ثم إن هذا القول إلى قوله : شىء ، نجزم بأنه سقط من نسخ الأم ، وأن موضعه البياض الذي ورد فى (ج 3 ص 179) ، كما يدل عليه كلامه الذي سننقله هنا بعد.
8- قال بعد ذلك فى الأم (ج 3 ص 179) : «وقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) «مطل الغنى ظلم». فلم يجعل على ذى دين سبيلا فى العسرة ، حتى تكون الميسرة. ولم يجعل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مطله ظلما ، إلا بالغنى. فإذا كان معسرا : فهو ليس ممن عليه سبيل ، إلا أن يوسر. وإذا لم يكن عليه سبيل : فلا سبيل على إجارته ، لأن إجارته عمل بدنه. وإذا لم يكن على بدنه سبيل - وإنما السبيل على ماله - : لم يكن إلى استعماله سبيل». ا ه- وهو فى غاية الجودة والوضوح.

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ، وَلا سائِبَةٍ ، وَلا وَصِيلَةٍ ، وَلا حامٍ : 5 - 103 ) (1)

«فهذه : الحبس التي كان أهل الجاهلية يحبسونها ؛ فأبطل اللّه (عزّ وجلّ) شروطهم فيها ، وأبطل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : بإبطال اللّه (عزّ وجلّ) إياها.»

«وهى (2) : أن الرجل كان يقول : إذا نتج فحل إبلى. (3) ، ثم ألقح ، فأنتج منه - : فهو (4) : حام. أي : قد حمى ظهره ؛ فيحرم ركوبه. ويجعل ذلك شبيها بالعتق له (5)

«ويقول فى البحيرة ، والوصيلة - على معنى يوافق بعض هذا.»

ص: 142


1- قال فى الأم (ج 6 ص 180) : «فلم يحتمل إلا : ما جعل اللّه ذلك نافذا على ما جعلتموه. وهذا ابطال ما جعلوا منه على غير طاعه اللّه عز وجل».
2- انظر - فى السنن الكبرى (ج 6 ص 163) - بعض ما ورد فى تفسيرها.
3- كذا بالأصل ، وفى الأم (ج 3 ص 275) : «إبله».
4- فى الأم : «هو» ، فيكون ابتداء مقول القول.
5- قال فى الأم (ج 6 ص 181) - عقب تفسير البحيرة والسائبة - : «ورأيت مذاهبهم فى هذا كله - فيما صنعوا - : أنه كالعتق».

«ويقول لعبده (1) : أنت حرّ سائبة : لا يكون لى ولاؤك ، ولا علىّ عقلك.»

«وقيل : إنه (أيضا (2)) - فى البهائم - : قد سيّبتك.»

«فلما كان العتق لا يقع على البهائم : ردّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ملك (3) البحيرة ، والوصيلة ، والحام ، إلى مالكه ؛ وأثبت العتق ، وجعل الولاء : لمن أعتق (4) [السائبة ؛ وحكم له بمثل حكم النسب (5).]».

وذكر فى كتاب : (البحيرة) (6). - فى تفسير البحيرة - : «أنها : الناقة تنتج بطونا ، فيشق مالكها أذنها ، ويخلى سبيلها ، [ويحلب لبنها فى البطحاء ؛ ولا يستجيزون الانتفاع بلبنها (7)].»

ص: 143


1- قال فى الأم (ج 4 ص 9) : «ويسيبون السائبة ، فيقولون : قد أعتقناك سائبة ، ولا ولاء لنا عليك ، ولا ميراث يرجع منك : ليكون أكمل لتبررنا فيك.» ، وقال أيضا فى الأم (ج 6 ص 181) : «ومعنى (يعتقه سائبة) هو : أن يقول : أنت حر سائبة ، فكما أخرجتك من ملكى ، وملكتك نفسك - : فصار ملكك لا يرجع إلى بحال أبدا. - : فلا يرجع إلى ولاؤك ، كما لا يرجع إلى ملكك.».
2- كذا بالأم (ج 3 ص 275) ، وهو المقصود الظاهر. وفى الأصل : «وقيل أيضا إنه» ، ولعل التقديم والتأخير من الناسخ.
3- كذا بالأم ، وفى الأصل : «تلك» ، وهو تحريف.
4- راجع في هذا المقام ، الأم (ج 4 ص 9 و 57 ، وج 6 ص 182 - 183).
5- زيادة للايضاح وتمام الفائدة ، عن الام (ج 3 ص 275).
6- من الام (ج 6 ص 181)
7- الزيادة للفائدة ، وللايضاح ، عن الام.

قال : «وقال بعضهم : إذا كانت تلك خمسة بطون (1). وقال بعضهم : [إذا كانت تلك (2)] البطون كلها إناثا.».

قال. «والوصيلة (3) : الشاة تنتج الأبطن ، فإذا ولدت آخر بعد الأبطن التي وقّتوا لها - : قيل : وصلت أخاها.»

«وقال (4) بعضهم : تنتج الأبطن الخمسة : عناقين عناقين فى كل بطن ؛ فيقال : هذا وصيلة : يصل (5) كل ذى بطن بأخ له معه.»

«وزاد بعضهم ، فقال (6) : وقد (7) يوصلونها : فى ثلاثة ابطن ، وفى (8) خمسة ، وفى سبعة (9).».

قال : «والحام : الفحل يضرب فى إبل الرجل عشر سنين ، فيخلى ، ويقال : قد حمى هذا ظهره ؛ فلا ينتفعون من ظهره بشىء.».

ص: 144


1- فى الام : «ثم زاد بعضهم على بعض ، فقال بعضهم : تنتج خمسة بطون ، فتبحر.».
2- الزيادة للايضاح عن الام.
3- قال فى الام (ج 4 ص 9) : «ويقولون فى الوصيلة - وهى من الغنم - : إذا وصلت بطونا توما ، ونتج نتاجها ، فكانوا يمنعونها مما يفعلون بغيرها مثلها.».
4- فى الأم (ج 6 ص 181) : «وزاد».
5- فى الأم : «تصل». ولا خلاف فى المعنى.
6- قوله : «وزاد بعضهم ، فقال» عبارة الام ، وعبارة الأصل : «قال» ،
7- فى الأم : «قد».
8- فى الأم : «ويوصلونها فى».
9- قال فى المختار : «فان ولدت فى الثامنة جديا ؛ ذبحوه لآلهتهم ؛ وإن ولدت جديا وعناقا ، قالوا : وصلت أخاها ؛ فلا يذبحون أخاها من أجلها ، ولا تشرب لبنها النساء ، وكان للرجال. وجرت مجرى السائبة».

قال : «وزاد بعضهم ، فقال : يكون لهم من صلبه ، أو ما (1) أنتج مما (2) خرج من صلبه - : عشر من الإبل ؛ فيقال : قد حمى هذا ظهره (3).».

وقال فى السائبة ما قدّمنا ذكره (4) ؛ [ثم قال (5)] : «وكانوا يرجون [بأدائه (6)] البركة فى أموالهم ؛ وينالون به عندهم : مكرمة فى الأخلاق (7) ، مع التّبرّر (8) بما صنعوا فيه.» وأطال الكلام فى شرحه (9) ؛ وهو منقول فى كتاب الولاة ، من المبسوط

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال

ص: 145


1- فى الأم «وما».
2- فى الأصل «فما» ، والتصحيح عن الأم
3- راجع كلامه فى الأم (ج 4 ص 9).
4- أي : ما يوافقه فى المعنى ؛ وهو كما فى الأم (ج 7 ص 181) : «والسائبة : العبد يعتقه الرجل عند الحادث - : مثل البرء من المرض ، أو غيره : من وجوه الشكر. - أو أن يبتدىء عتقه فيقول : قد أعتقتك سائبة (يعنى : سيبتك.) فلا تعود إلى ، ولا لى الانتفاع بولائك : كما لا يعود إلى الانتفاع بملكك. وزاد بعضهم ، فقال : السائبة وجهان ، هذا أحدهما ؛ والسائبة (أيضا) يكون من وجه آخر ، وهو : البعير ينجح عليه صاحبه الحاجة ، أو يبتدىء الحاجة - : أن يسيبه ، فلا يكون عليه سبيل.».
5- الزيادة للتنبيه والإيضاح.
6- الزيادة عن الأم.
7- قوله : فى الأخلاق ؛ غير موجود بالأم.
8- فى الأصل : «السرن» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
9- ارجع إليه فى الأم (ج 6 ص 181 - 183) فهو مفيد.

الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ : 8 - 75 ) .»

«نزلت (1) : بأن الناس توارثوا : بالحلف [والنّصرة (2)] ؛ ثم توارثوا : بالإسلام والهجرة. وكان (3) المهاجر : يرث المهاجر ، ولا يرثه - من ورثته - من لم يكن مهاجرا ؛ وهو أقرب إليه من ورثته (4). فنزلت : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ ) . - : على ما فرض (5) لهم ، [لا مطلقا (6)].».

* * *

(أخبرنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، قال : قال الحسين بن محمد - فيما أخبرت - : أنا محمد بن سفيان ، نا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي - فى قوله عزّ وجلّ : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ؛ وَلِلنِّساءِ

ص: 146


1- قوله : نزلت إلخ ؛ هو نص الرسالة (ص 589). وفى المختصر (ج 3 ص155 - 156) والأم (ج 4 ص 10) : «توارث الناس ... والهجرة ؛ ثم نسخ ذلك. فنزل قول اللّه ...».
2- الزيادة عن الأم والمختصر.
3- فى الرسالة : «فكان».
4- راجع فى ذلك ، السنن الكبرى (ج 6 ص 261 - 263).
5- كذا بالأصل والرسالة والمختصر ؛ وفى الأم : «على معنى ما فرض اللّه (عز ذكره) ، وسن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم».
6- الزيادة للتنبيه والإفادة ، عن الأم والمختصر. وارجع فى مسئلة الرد فى الميراث ، إلى ما كتبه الشافعي فى الأم (ج 4 ص6. 7 و 10) : لأنه كلام جامع واضح لا نظير له.

نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ : 4 - 7 ) (1). - : «نسخ بما جعل اللّه للذكر والأنثى : من الفرائض.»

وقال لى (2) - فى قوله عزّ وجلّ : ( وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ ) الآية (3). - : «قسمة المواريث ؛ فليتق اللّه من حضر ، وليحضر بخير ؛ وليخف : أن يحضر - حين يخلف هو أيضا - : بما حضر غيره (4).».

(وأنا) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تعالى : ( وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ : فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ، وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً : 4 - 8 ) .»

«فأمر اللّه (عزّ وجلّ) : أن يرزق من القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين : الحاضرون القسمة. ولم يكن فى الأمر - فى الآية - : أن يرزق

ص: 147


1- راجع سبب نزول هذه الآية ، وكيفية توارث أهل الجاهلية ، واحتجاج أبى بكر الرازي بالآية على توريث ذوى الأرحام ، وما رد به الشافعية عليه - فى تفسير الفخر الرازي (ج 3 ص 147 - 148).
2- هذا من كلام يونس أيضا.
3- انظر الكلام فى أنها منسوخة أو محكمة ، وفى المراد بالقسمة - فى السنن الكبرى (ج 6 ص 266 - 267) وتفسيرى الفخر (ج 3 ص 148 - 149) والقرطبي (ج 5 ص 48 - 49).
4- يحسن أن يرجع إلى ما روى فى السنن الكبرى (ج 6 ص 271) عن ابن عباس ، فى قوله تعالى : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا ... ذُرِّيَّةً ضِعافاً ) ؛ فإنه شبيه بهذا الكلام

من القسمة ، [من (1)] مثلهم - : فى القرابة واليتم والمسكنة. - : ممن لم يحضر.»

«ولهذا أشباه ؛ وهى : أن تضيف من جاءك ، ولا تضيف من لا (2) يقصد قصدك (3) : [ولو كان محتاجا (4)] ؛ إلا أن تطوّع (5).».

وجعل نظير ذلك : تخصيص النبي (صلي اللّه عليه وسلم) - : بالإجلاس معه ، أو ترويغه (6) لقمة - من ولى الطعام : من مماليكه (7).

قال الشافعي : «وقال لى بعض أصحابنا (يعنى : فى الآية.) (8) : قسمة المواريث ؛ وقال بعضهم : قسمة الميراث ، وغيره : من الغنائم (9). فهذا : أوسع.»

«وأحبّ إلىّ : [أن (10)] يعطوا (11) ما طابت به نفس المعطى. ولا يوقّت (12) ، ولا يحرمون.».

ص: 148


1- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 91).
2- فى الأم : «لم».
3- أي : جهتك وناحيتك.
4- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 91).
5- فى الأم : «تتطوع».
6- أي : تدسيمه.
7- أخرج الشافعي فى الأم (ج 5 ص 91) عن أبى هريرة : أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال : «إذا كفى أحدكم خادمه طعامه : حره ودخانه ؛ فليدعه : فليجلسه معه. فإن أبى : فليروغ له لقمة ، فليناوله إياها». انظر كلامه بعد ذلك ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 7 - 8)
8- هذا من كلام البيهقي رحمه اللّه.
9- انظر فى السنن الكبرى (ج 6 ص 267) ما روى عن ابن المسيب فى تفسير القسمة.
10- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 91).
11- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «يعطون».
12- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «لا بوقت».

«ما نسخ من الوصايا»

«ما نسخ من الوصايا (1)»

(أنا) أبو سعيد محمد بن موسى ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ - إِنْ تَرَكَ خَيْراً - : الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ : بِالْمَعْرُوفِ ، حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ : 2 - 180 ) .»

«قال : فكان (2) فرضا فى كتاب اللّه (عزّ وجلّ) ، على من ترك خيرا - والخير : المال. - : أن يوصي لوالديه وأقربيه.»

«وزعم (3) بعض أهل العلم [بالقرآن (4)] : أن الوصية للوالدين والأقربين الوارثين ؛ منسوخة (5)

«واختلفوا فى الأقربين : غير الوارثين ؛ فأكثر من لقيت - : من أهل العلم وممن (6) حفظت [عنه (7)]. - قال : الوصايا منسوخة ؛ لأنه إنما أمر بها : إذا كانت إنما يورث بها ؛ فلما قسم اللّه الميراث : كانت تطوّعا.»

ص: 149


1- هذا الكلام قد ورد فى الأصل متأخرا بعد قوله : قال الشافعي ؛ بلفظ : «نسخ منه الوصايا.» ؛ والتصحيح والتقديم عن الأم (ج 4 ص 27).
2- فى الأم : «وكان».
3- فى الأم : «ثم زعم».
4- الزيادة عن الأم.
5- انظر فى السنن الكبرى (ج 6 ص 226 و 263 - 265) ما روى فى ذلك ، عن ابن عباس وغيره.
6- فى الأم : «ممن».
7- الزيادة عن الأم.

«وهذا - إن شاء اللّه - كلّه : كما قالوا.».

واحتجّ الشافعي (رحمه اللّه) [فى عدم جواز الوصية للوارث (1)] : بآية (2) الميراث ، وبما (3) روى عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : من قوله : «لا وصية لوارث (4)».

واحتجّ (5) فى جواز الوصية لغير ذى الرحم (6) ، بحديث عمران ابن لحصين : «أن رجلا أعتق ستة مملوكين له : ليس له مال غيرهم ؛ فجزّأهم النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) ثلاثة أجزاء ، فأعتق (7) اثنين ، وأرقّ أربعة.».

[ثم قال (8)] : «والمعتق : عربى ؛ وإنما كانت العرب : تملك من

ص: 150


1- الزيادة للايضاح.
2- ذكر فى الأم منها قوله تعالى : ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ : إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ : فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ؛ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ : فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ : 4 - 11 ) .
3- فى الأصل : «ولما» ، وهو تحريف.
4- قال فى الأم (ج 4 ص 27) : «وما وصفت - : من أن الوصية للوارث منسوخة بآى المواريث ، وأن لا وصية لوارث. - : مما لم أعرف فيه عن أحد : ممن لقيت ، خلافا.». وقد تعرض لهذا الموضوع بتوسع فى الأم (ج 4 ص 40) ، فراجعه.
5- انظر كلامه قبل ذلك ، فى الأم (ج 4 ص 27) : فهو مفيد.
6- نقل فى السنن الكبرى (ج 6 ص 265) عن الشافعي : «أن طاوسا وقلة لم يجيزوا الوصيه لغير قرابة» ؛ وقد ذكر نحو ذلك فى الأم (ج 7 ص 18) وفى اختلاف الحديث (ص 381) ،
7- كذا بالأم (ج 4 ص 27 و 45 وج 7 ص 16 و 337) واختلاف الحديث (ص 371) والسنن الكبرى (ج 6 ص 265). وفى الأصل : «وأعتق».
8- الزيادة للتنبيه والإيضاح.

لا قرابة بينها وبينه. فلو لم تجز (1) الوصية إلا لذى قرابة : لم تجز (2) للمملوكين ؛ وقد أجازها لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (3).».

* * *

(أخبرنا) أبو سعيد بن (4) أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي فى المستودع : «إذا قال : دفعتها إليك ؛ فالقول : قوله. ولو قال : أمرتنى أن أدفعها إلى فلان ، فدفعتها ؛ فالقول : قول المستودع (5). قال اللّه عزّ وجلّ : ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً :

ص: 151


1- كذا بالأم (ج 4 ص 27) ، وفى الأصل : «يجز» ، وما فى الأم أنسب :
2- كذا بالأم (ج 4 ص 27) ، وفى الأصل : «يجز» ، وما فى الأم أنسب :
3- وقال أيضا (كما فى السنن الكبرى : ج 6 ص 266) : «فكانت دلالة السنة - فى حديث عمران بن حصين - بينة : أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أنزل عتقهم فى المرض وصية ؛ والذي أعتقهم : رجل من العرب ؛ والعربي إنما يملك من لا قرابة بينه وبينه : من العجم. فأجاز النبي (صلى اللّه عليه وسلم) لهم الوصية». وراجع الأم (ج 7 ص337 - 338).
4- فى الأصل : «عن» ، وهو تحريف.
5- قال فى الأم (ج 4 ص 61) : «وإذا استودع الرجل الرجل الوديعة ، فاختلفا - : فقال المستودع : دفعتها إليك ؛ وقال المستودع : لم تدفعها. - : فالقول : قول المستودص. ولو كانت المسألة بحالها - غير أن المستودع قال : أمرتنى أن أدفعها إلى فلان ، فدفعتها ؛ وقال المستودع : لم آمرك. - : فالقول : قول المستودع ؛ وعلى المستودع : البينة. وإنما فرقنا بينهما : أن المدفوع إليه غير المستودع ؛ وقد قال اللّه : ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ ) . فالاول : إنما ادعى دفعها إلى من ائتمنه ؛ والثاني : إنما ادعى دفعها إلى غير المستودع بأمره. فلما أنكر أنه أمره : أغرم له ؛ لان المدفوع إليه غير الدافص. ». ا ه- وهو كلام جيد مفيد ، ويوضح ما فى الأصل الذي نرجح أنه مختصر منه.

فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ : 2 - 283 ) ؛ وقال فى اليتامى : (1) ( فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ : فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ (2) : 4 - 6 ) .»

«وذلك : أن ولىّ اليتيم إنما هو : وصىّ أبيه ، أو [وصىّ] (3) وصاه الحاكم : ليس أن اليتيم استودعه (4). والمدفوع إليه : غير المستودع ؛ وكان عليه : أن يشهد عليه ؛ إن أراد أن يبرأ. [و (5)] كذلك : الوصىّ.».

* * *

ص: 152


1- انظر مختصر المزني (ج 3 ص 177) والأم (ج 7 ص 105).
2- ذكر فى الأم قبل ذلك ، قوله تعالى : ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ : 4 - 6 ) .
3- الزيادة عن الأم (ج 4 ص 61).
4- قال بعد ذلك ، فى الأم (ج 4 ص 61) : «فلما بلغ اليتيم : أن يكون له أمر فى نفسه ؛ وقال : لم أرض أمانة هذا ، ولم أستودعه. - : فيكون القول قول المستودش. - : كان على المستودع أن يشهد» إلى آخر ما فى الأصل. وارجع إلى ما ذكر فى الوكالة من كتاب المختصر (ج 3 ص6 - 7) : فإنه مفيد فى الموضوع.
5- الزيادة عن الأم (ج 4 ص 61).

«ما يؤثر عنه فى قسم الفيء» «والغنيمة ، والصّدقات»

(أنبأنى) أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) : أن [أبا] العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «[قال اللّه عزّ وجلّ (1)] : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ، فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبى ، وَالْيَتامى ، وَالْمَساكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ : 8 - 41 ) ؛ وقال : ( وَما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ : فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ (2) مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ (3) ؛ إلى قوله تعالى (4) : ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ ، مِنْ أَهْلِ الْقُرى - : فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبى ، وَالْيَتامى ، وَالْمَساكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ : 59 - 6 - 7 ) .»

«قال الشافعي : فالفىء والغنيمة يجتمعان : فى أن فيهما [معا (5)] الخمس (6) من جميعهما (7) ، لمن سماه اللّه له. ومن سماه اللّه [له (8)] - فى الآيتين معا -

ص: 153


1- الزيادة عن الأم (ج 4 ص 64).
2- أي : أعملتم وأجريتم على تحصيله ؛ من الوجيف ، وهو : سرعة السير.
3- تمام المتروك : ( وَلكِنَّ اللّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ؛ وَاللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .
4- هذا فى الأم مقدم على الآية السابقة ؛ وما فى الأصل أنسب كما لا يخفى.
5- الزيادة عن المختصر (ج 3 ص 179).
6- انظر ما كتبه على ذلك صاحب الجوهر النقي (ج 6 ص 294) ؛ ثم تأمل ما ذكره الشافعي فى آخر كلامه هنا.
7- ذكر فى السنن الكبرى (ج 6 ص 294) أن الشافعي قال فى القديم : «إنما يخمس ما أوجف عليه».
8- الزيادة عن الأم (ج 4 ص 64).

سواء مجتمعين غير مفترقين (1)

«ثم يفترق (2) الحكم فى الأربعة الأخماس : بما بيّن اللّه (تبارك وتعالى) على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) ، وفي فعله.»

«فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة (3) - والغنيمة هى : الموجف عليها بالخيل والركاب. - : لمن حضر : من غنى وفقير.»

«والفيء هو : ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب. فكانت سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - فى قرى : «عرينة» (4) ؛ التي أفاءها اللّه عليه. - : أنّ أربعة أخماسها لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) خاصة - دون المسلمين - : يضعه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : حيث أراه اللّه تعالى.».

وذكر الشافعي هاهنا حديث عمر بن الخطاب (رضى اللّه عنه) : أنه قال [حيث اختصم إليه العباس وعلى (رضى اللّه عنهما) فى أموال النبىّ صلى اللّه عليه وسلم (5)] : «كانت أموال بنى النّضير : مما أفاء اللّه على

ص: 154


1- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «متفرقين» ؛ ولعل ما في الأم هو الصحيح المناسب.
2- كذا بالأصل ؛ وفى الأم : «يتعرف». وما فى الأصل هو الظاهر ، ويؤيده عبارة المختصر : «ثم تفترق الأحكام».
3- فى المختصر (ج 3 ص 180) زيادة : «على ما وصفت من قسم الغنيمة».
4- فى الأصل : «غرنيه» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن معجم ياقوت. و «عرينة» : موضع ببلاد فزارة ؛ أو قرى بالمدينة ؛ وقبيلة من العرب. وفى المختصر : «عرتية» (بفتح التاء). وعليها اقتصر البكري فى معجمه.
5- الزيادة للايضاح. عن المختصر.

رسوله : مما لم يوجف عليه (1) المسلمون بخيل ولا ركاب (2). فكانت لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) خالصا (3) ، دون المسلمين. وكان (4) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : ينفق منها على أهله نفقة سنة ؛ فما فضل جعله فى الكراع والسلاح : عدّة في سبيل اللّه (5)

قال الشافعي (رحمه اللّه) : «هذا : كلام عربىّ (6) ؛ إنما يعنى عمر (7) (رضى اللّه عنه) - [بقوله (8)] : «لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) خالصا (9)». - : ما كان يكون للمسلمين الموجفين ؛ وذلك : أربعة أخماس.»

ص: 155


1- كذا بالأصل والمختصر والسنن الكبرى (ج 6 ص 296 ؛ وفى الأم : «عليها» ؛ ولا خلاف فى المعنى.
2- قال فى الأم (ج 7 ص 321) - ضمن كلام يتعلق بهذا ، ويرد به على أبى يوسف - : «والأربعة الأخماس التي تكون لجماعة المسلمين - لو أوجفوا الخيل والركاب - : لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) خالصا ، يضعها حيث يضع ماله. ثم أجمع أئمة المسلمين : على أن ما كان لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - من ذلك - فهو لجماعة المسلمين : لأن أحدا لا يقوم بعده مقامه.».
3- كذا بالأصل والأم والسنن الكبرى ؛ وفى المختصر (ج 3 ص 181) : «خاصة» ؛ ولا فرق بينهما.
4- فى الأم والمختصر والسنن الكبرى : «فكان».
5- انظر بقية الحديث ، فى الأم (ج 4 ص 64) والمختصر (ج 3 ص 181) والسنن الكبرى (ج 6 ص 296 وج 7 ص 59).
6- فى الأصل : «عن لى» ؛ وهو تحريف خطير. والتصحيح عن الأم (ج 4 ص 77).
7- هذا والدعاء غير موجودين بالأم.
8- زيادة مفيدة موضحة ، غير موجودة بالأم ، ويدل عليها قوله - على ما فى السنن الكبرى - : «ومعنى قول عمر : لرسول اللّه خاصة ؛ يريد» إلخ.
9- كذا بالأم ؛ وفى الأصل. «خاصا».

«فاستدللت بخبر عمر : على أن الكل ليس لأهل الخمس : [مما أوجف عليه (1)].»

«واستدللت (2) : بقول اللّه (تبارك وتعالى) فى الحشر : ( فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبى ، وَالْيَتامى ، وَالْمَساكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ ) ؛ على : أن لهم الخمس ؛ فإن (3) الخمس إذا كان لهم ، فلا (4) يشك : أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سلّمه لهم.»

«واستدللنا (5) - : إذ (6) كان حكم اللّه فى الأنفال : ( وَاعْلَمُوا : أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ؛ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ، وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبى ، وَالْيَتامى ، وَالْمَساكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ ) ؛ فاتفق الحكمان ، فى سورة الحشر وسورة الأنفال ، لقوم (7) موصوفين. - : أن ما لهم (8) من ذلك :

ص: 156


1- زيادة مفيدة ، عن الأم.
2- قال في الأم - أثناء مناقشته لبض المخالفين - : «لما احتمل قول عمر : أن يكون الكل لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ و: أن تكون الأربعة الأخماس التي كانت تكون للمسلمين فيما أوجف عليه ، لرسول اللّه ؛ دون الخمس. - فكان النبي يقوم فيها مقام المسلمين - : استدللنا» إلى آخر ما هنا ، مع اختلاف فى بعض الألفاظ ستعرفه.
3- فى الأم (ج 4 ص 78) : «وأن».
4- فى الأم : «ولا».
5- فى الأم : «فاستدللنا».
6- كذا بالأم ، وفى الأصل : «إذا» ، وما فى الأم أحسن.
7- هذا متنازع فيه لكل من «كان» و «واتفق». فتنبه لكى تفهم الكلام حق الفهم.
8- فى الأم : «وأنما لهم». والصحيح ؛ وأن ما لهم.

الخمس ؛ لا غيره (1).». وبسط الكلام فى شرحه (2)

قال الشافعي : «ووجدت اللّه (عز وجل) حكم فى الخمس (3) : بأنه على خمسة ؛ لأن قول اللّه عز وجل : (لله) ؛ مفتاح كلام : لله (4) كلّ شىء ، وله الأمر من قبل ، ومن بعد (5).».

قال الشافعي : «وقد مضى من كان ينفق عليه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : [من أزواجه ، وغيرهن لو كان معهن (6)].»

«فلم أعلم : أن (7) أحدا - : من أهل العلم. - قال : لورثتهم تلك النفقة : [التي كانت لهم (8)] ؛ ولا خالف (9) : فى أن تجعل (10) تلك النفقات : حيث كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، يجعل فضول غلّات تلك الأموال - : مما (11) فيه صلاح الإسلام وأهله (12).». وبسط الكلام فيه (13).

ص: 157


1- فى الأصل : «وغيره» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم.
2- انظر الأم (ج 4 ص 78).
3- أي : خمس الغنيمة ؛ كما عبر به فى الأم (ج 4 ص 77)
4- هذا القول غير موجود بالأم ؛ وقد سقط من الناسخ أو الطابع : إذ الكلام يتوقف عليه.
5- انظر في السنن الكبرى (ج 6 ص 338 - 339) : ما روى عن الحسن بن محمد ، ومجاهد ، وقتادة ، وعطاء ، وغيرهم.
6- زيادة مفيدة ، عن الأم (ج 4 ص 65)
7- هذا غير موجود بالأم.
8- زيادة مفيدة ، عن الأم (ج 4 ص 65)
9- فى الأم : «خلاف» ؛ وما فى الأصل أظهر وأنسب.
10- كذا بالأم ، وفى الأصل : «يجعل».
11- هذا بيان لقوله : حيث ؛ وفى الأم : «فيما» ، على البدل.
12- راجع فى السنن الكبرى (ج 6 ص 339) كلام الشافعي فى سهم الرسول.
13- انظر الأم (ج 4 ص 65).

قال الشافعي (رحمه اللّه) : «ويقسم (1) سهم (2) ذى القربى (3) على بني هاشم وبنى المطلب (4).».

واستدل : بحديث جبير بن مطعم - : فى قسمة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، سهم ذى القربى ، بين بنى هاشم وبنى المطلب. - وقوله : «إنما بنو هاشم وبنو المطّلب : شىء واحد (5).». وهو مذكور بشواهده ، فى موضعه من كتاب المبسوط ، والمعرفة ، والسنن.

* * *

قال الشافعي : «كلّ ما حصل - : مما غنم من أهل دار الحرب (6). - : قسم كله ؛ إلا الرجال البالغين : فالإمام فيهم ، بالخيار : بين أن يمنّ على من رأى منهم (7) أو يقتل ، أو يفادى ، أو يسبى (8)

ص: 158


1- قوله : ويقسم إلخ ، لم يذكر فى الأم (ج 4 ص 71) ؛ وإنما ذكر ما يدل عليه : من حديث جبير بن مطعم.
2- فى الأصل : «منهم» ، وهو تحريف.
3- راجع مختصر المزني (ج 3 ص 193 و 197 - 198).
4- انظر - فى الرسالة (ص 68 - 69) - كلامه المتعلق بذلك : فإنه جيد مفيد.
5- انظر الأم (ج 4 ص 71) والسنن الكبرى (ج 6 ص 340 - 345 و 365).
6- قال بعد ذلك - فى الأم (ج 4 ص 68) والمختصر (ج 3 ص 188) - : «من شىء : قل أو كثر ، من دار أو أرض ، وغير ذلك» ؛ زاد فى الأم : «من المال أو سبى».
7- قوله : على من رأى منهم ، غير موجود بالمختصر.
8- قال بعد ذلك - فى الأم - : «وإن من أو قتل : فذلك له ، وإن سبى ، أو فادى : فسبيل ما سبي» إلى آخر ما فى الأصل.

«وسبيل ما سبى (1) ، وما (2) أخذ مما فادى - : سبيل ما سواه : من الغنيمة.».

واحتجّ - فى القديم - : «بقول اللّه عز وجل : ( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا : فَضَرْبَ الرِّقابِ ، حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ : فَشُدُّوا الْوَثاقَ ؛ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ ، وَإِمَّا فِداءً ؛ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها : 47 - 8 ) ؛ وذلك - فى بيان اللغة - : قبل انقطاع الحرب.»

قال : «وكذلك فعل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى أسارى بدر : منّ عليهم ، وفداهم (3) : والحرب بينه وبين قريش قائمة (4). وعرض على ثمامة [ابن] (5) أثال [الحنفي] (6) - : وهو (يومئذ) وقومه : أهل اليمامة ؛ حرب لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم). - : أن يمنّ عليه (7).». وبسط الكلام فيه (8).

ص: 159


1- كذا بالأم والمختصر ؛ وفى الأصل : «يسبى» ، وما أثبتنا أنسب
2- عبارة المختصر : «أو أخذ منهم من شىء على إطلاقهم - سبيل الغنيمة».
3- يقال : «فداه ، وأفداه» ؛ إذا أعطى فداءه فأنقذه.
4- انظر السنن الكبرى (ج 6 ص 320 - 323) واختلاف الحديث (ص 87).
5- الزيادة عن السنن الكبرى واختلاف الحديث.
6- الزيادة عن السنن الكبرى واختلاف الحديث.
7- بل ومن عليه وهو مشرك ، ثم أسلم. قال فى اختلاف الحديث (ص 87) - بعد أن ذكر ذلك ، وروى أن النبي فدى رجلا من عقيل أسره الصحابة ، برجلين من أصحابه أسرتهما ثقيف ؛ وأنه قتل بعض الأسرى يوم بدر ، وفادى بعضهم بقدر من المال - : «فكان - فيما وصفت : من فعل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم). - : ما يدل على أن للامام إذا أسر رجلا من المشركين : أن يقتل ، أو أن يمن عليه بلا شىء ، أو أن يفادى بمال يأخذه منهم ، أو أن يفادى : بأن يطلق منهم ، على أن يطلق له بعض أسرى المسلمين.».
8- راجع الأم (ج 4 ص 69) والمختصر (ج 3 ص 188).

(أخبرنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه عز وجل : ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ : لِلْفُقَراءِ ، وَالْمَساكِينِ ، وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ، وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ، وَفِي الرِّقابِ ) الآية (1)

«فأحكم اللّه فرض الصدقات فى كتابه ؛ ثم أكّدها [وشدّدها (2)] ، فقال : ( فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ ) .»

«فليس لأحد : أن يقسمها (3) على غير ما قسمها اللّه (عزّ وجلّ) [عليه (4)] ؛ وذلك (5) : ما كانت الأصناف موجودة. لأنه إنما يعطى من وجد : كقوله : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) الآية (6) ؛ وكقوله : ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ : 4 - 12 ) ؛ وكقوله : ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ : 4 - 12 ) .»

ص: 160


1- تمام المتروك : ( وَالْغارِمِينَ ، وَفِي سَبِيلِ اللّهِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ. فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ ؛ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ : 1. 60 ) .
2- الزيادة عن المختصر (ج 3 ص 221).
3- انظر - فى السنن الكبرى (ج 7 ص 6) - ما رواه الشافعي وغيره عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
4- الزيادة عن الأم (ج 2 ص 61).
5- فى الأم : «ذلك».
6- تمام المتروك : ( وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ : مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ؛ نَصِيباً مَفْرُوضاً : 4 - 7 ) .

«فمعقول (1) - عن اللّه عزّ وجلّ - : [أنّه (2)] فرض هذا : لمن كان موجودا يوم يموت الميت. وكان معقولا [عنه (3)] أن هذه السّهمان : لمن كان موجودا يوم تؤخذ الصدقة وتقسم.»

«فإذا (4) أخذت صدقة قوم : قسمت (5) على من معهم فى دارهم : من أهل [هذه (6)] السّهمان ؛ ولم تخرج (7) من جيرانهم [إلى أحد (8)] : حتى لا يبقى منهم أحد يستحقها.».

ثم ذكر تفسير كل صنف : من هؤلاء الأصناف الثمانية ؛ وهو : فيما أنبأنى أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) ، قال : نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ ، أنا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه تعالى) :

«فأهل السّهمان يجمعهم : أنهم أهل حاجة إلى ما لهم منها كلهم ؛ وأسباب حاجتهم مختلفة ، [وكذلك : أسباب استحقاقهم معان مختلفة (9)] ؛ يجمعها الحاجة ، ويفرّق بينها صفاتها.»

«فإذا اجتمعوا : فالفقراء (10) : الزّمنى الضعاف الذين لا حرفة لهم ،

ص: 161


1- فى الأم (ج 2 ص 61) : «ومعقول».
2- الزيادة عن الأم ، وإثباتها أولى من حذفها.
3- الزيادة عن الأم ، وإثباتها أولى من حذفها.
4- فى الأم : «وإذا» ، وما فى الأصل أحسن.
5- فى الأصل : «فقسمت» ، وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
6- الزيادة عن الأم ، وإثباتها أولى من حذفها.
7- كذا بالأم ، وفى الأصل : «يخرج».
8- الزيادة عن الأم ، وإثباتها أولى من حذفها.
9- زيادة مفيدة عن الأم (ج 2 ص 71) والمختصر (ج 3 ص 221 - 222).
10- كذا بالأم والمختصر ، وفى الأصل : «فالفقر» ، والنقص من الناسخ.

وأهل الحرفة الضعيفة : الذين لا تقع حرفتهم موقعا من حاجتهم ، ولا يسألون الناس.» (1)

«والمساكين : السّؤّال (2) ، ومن لا يسئل : ممن له حرفة تقع منه موقعا ، ولا تغنيه ولا (3) عياله.».

وقال فى (كتاب فرض الزكاة (4)) : «الفقير (5) (واللّه أعلم) : من لا مال له ، ولا حرفة : تقع منه موقعا ؛ زمنا كان أو غير زمن ، سائلا كان أو متعففا.».

«والمسكين : من له مال ، أو حرفة : [لا (6)] تقع منه موقعا ، ولا تغنيه - : سائلا كان أو غير سائل (7)

«قال الشافعي : والعاملون عليها : المتولّون لقبضها من أهلها - :

ص: 162


1- قال بعد ذلك - في المختصر - : «وقال فى الجديد : زمنا كان أو غير زمن ، سائلا أو متعففا.».
2- ذكر مهموزا ، فى الأم والمختصر. وكلاهما صحيح.
3- فى الأصل : «ولا غنى له» ، وهو تحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر. وقال بعد ذلك _ فى المختصر _ : «وقال فى الجديد : سائلا ، أو غير سائل.».
4- من الأم (ج 2 ص 61).
5- كذا بالأم ، وفى الأصل : «الفقراء» ، وكل صحيح : ولكن ما فى الأم أنسب لقوله : والمسكين.
6- الزيادة عن الأم.
7- وقال فى الأم (ج 2 ص 69) : «الفقير : الذي لا حرفة له ولا مال ، والمسكين : الذي له الشيء ولا يقوم به». وانظر ما روى فى ذلك ، فى السنن الكبرى (ج 7 ص11 - 13).

من السّعاة ، ومن أعانهم : من عريف ، ومن (1) لا يقدر على أخذها إلا بمعونته (2). سواء (3) كانوا أغنياء ، أو فقراء.»

وقال فى موضع آخر (4) : «من ولّاه (5) الولىّ : قبضها ، وقسمها.» ؛ ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : «يأخذ من الصدقة ، [بقدر (6)] غنائه : لا يزاد عليه ؛ [وإن كان موسرا (7) : لأنه يأخذ على معنى الإجارة (8).]».

وأطال الشافعي الكلام : فى المؤلّفة قلوبهم (9) ؛ وقال فى خلال ذلك (10) : «وللمؤلفة قلوبهم (11) - فى قسم الصدقات - : سهم.».

«والذي أحفظ فيه - : من متقدّم الخبر. - : أن عدىّ بن حاتم ، جاء لأبى (12) بكر الصديق (رضي اللّه عنه) - أحسبه قال (13) - : بثلاثمائة

ص: 163


1- قوله : ومن ، غير موجود بالأم (ج 2 ص 61).
2- فى الأصل : «لمعونته» ، وفي الأم : «بمعرفته».
3- عبارة الأم : «وسواء كان العاملون عليها أغنياء أو فقراء ، من أهلها كانوا أو غرباء ، إذا ولوها : فهم العاملون.».
4- من الأم (ج 2 ص 72)
5- فى الأصل : «من لا ولاه» ، والتصحيح عن الأم ، والمختصر (ج 3 ص 223) وعبارته : «من ولاه الوالي قبضها ، ومن لا غنى للوالى عن معونته عليها».
6- الزيادة عن الأم.
7- انظر السنن الكبرى (ج 7 ص 15).
8- زيادة مفيدة عن المختصر والأم.
9- راجع الأم (ج 2 ص 72 - 73) ، والمختصر (ج 3 ص 224 - 227).
10- كما فى الأم (ج 2 ص 73) والمختصر (ج 3 ص 227).
11- انظر السنن الكبرى (ج 7 ص 19 - 20).
12- كذا بالأصل ، وفى الأم : «أبا» ، وفى المختصر والسنن الكبرى : «إلى أبى».
13- أي : من روى عنه الشافعي. ولا ذكر لهذا القول فى الأم والمختصر.

من الإبل ، من صدقات قومه. فأعطاه (1) أبو بكر (رضى اللّه عنه) [منها (2)] : ثلاثين بعيرا ؛ وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد ، بمن أطاعه من قومه. [فجاءه (3)] بزهاء ألف رجل ، وأبلى بلاء حسنا».

«قال : وليس فى الخبر - فى إعطائه إياها - : من أين أعطاه إياها؟. غير أن الذي يكاد يعرف (4) القلب - : بالاستدلال بالأخبار (واللّه أعلم). - : أنه أعطاه إياها ، من سهم (5) المؤلفة قلوبهم (6)

«فإما (7) زاده : ليرغبه (8) فيما صنع ؛ وإما (9) أعطاه (10) : ليتألف به غيره من قومه : ممن لا يثق منه (11) ، بمثل ما يثق به من عديّ بن حاتم.»

«قال : فأرى : أن يعطى من سهم المؤلفة قلوبهم - : فى مثل هذا المعنى. - : إن نزلت بالمسلمين نازلة. ولن تنزل إن شاء اللّه تعالى.». ثم بسط الكلام فى شرح النازلة (12).

ص: 164


1- فى الأصل : «فأعطاه فجاءه» ، والزيادة متقدمة عن موضعها من الناسخ.
2- الزيادة عن الام والمختصر والسنن الكبري.
3- الزيادة عن الام والمختصر والسنن الكبري.
4- كذا بالأصل والمختصر ، وفى الام والسنن : «أن يعرف» ، وكل صحيح : وإن كان حذف النون أفصح.
5- كذا بالأصل والمختصر والسنن الكبرى ، وفى الام : «قسم».
6- انظر ما عقب به على هذا ، فى الجوهر النقي (ج 7 ص 20) وتأمله.
7- كذا بالأم والمختصر والسنن الكبرى ، وفى الأصل : «وإنما».
8- فى المختصر : «ترغيبا».
9- كذا بالأم والمختصر والسنن الكبرى ، وفى الأصل : «وإنما».
10- هذا غير موجود بالمختصر.
11- فى السنن الكبرى : «به».
12- راجع الأم (ج 2 ص 73) ، والمختصر (ج 3 ص 228 - 229).

قال : «والرّقاب (1) : المكاتبون من جيران الصدقة (2).».

قال : «والغارمون (3) : صنفان ؛ (صنف) : دانوا (4) فى مصلحتهم ، أو معروف وغير معصية ؛ ثم عجزوا عن أداء ذلك : فى العرض والنقد. فيعطون فى غرمهم : لعجزهم (5)

«(وصنف) : دانوا (6) فى حمالات (7) ، وصلاح (8) ذات بين ، ومعروف ؛ ولهم عروض : تحمل حمالاتهم (9) أو عامّتها ؛ وإن (10) بيعت (11) : أضرّ ذلك بهم ؛ وإن لم يفتقروا فيعطى (12) هؤلاء : [ما يوفر (13) عروضهم ،

ص: 165


1- انظر السنن الكبر (ج 7 ص 21 - 22).
2- قال بعد ذلك ، فى الأم (ج 2 ص 61) : «فإن اتسع لهم السهم : أعطوا حتى يعتقوا ، وإن دفع ذلك الوالي إلى من يعتقهم : فحسن ، وإن دفع إليهم : أجزأه. وإن ضاقت السهمان : دفع ذلك إلى المكاتبين. فاستعانوا بها فى كتابتهم.».
3- انظر السنن الكبر (ج 7 ص 21 - 22).
4- كذا بالأصل والمختصر (ج 3 ص 229 - 230) ، وهو مشترك بين الإقراض ، والاستقراض ، والمراد هنا الثاني. وفى الأم (ج 2 ص61 - 62) : «أدانوا» ، وهو أحسن.
5- قال بعد ذلك فى المختصر - : «فإن كانت لهم عروض يقضون منها ديونهم : فهم أغنياء ، لا يعطون حتى يبرؤا من الدين ، ثم لا يبقى لهم ما يكونون به أغنياء.» ، وانظر ما ذكره فى الأم أيضا : ففيه فوائد جمة.
6- كذا بالأصل والمختصر (ج 3 ص 229 - 230) ، وهو مشترك بين الإقراض ، والاستقراض ، والمراد هنا الثاني. وفى الأم (ج 2 ص61 - 62) : «أدانوا» ، وهو أحسن.
7- أي : كفالات. وفى الأصل : «حملات» ، وهو تحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر.
8- كذا بالأصل والمختصر ، وفى الأم : «إصلاح».
9- أي : كفالات. وفى الأصل : «حملات» ، وهو تحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر.
10- كذا بالأصل والمختصر ، وفى الأم : «إن» ، وكل صحيح ، وإن كان إثبات الواو أولى.
11- فى الأصل : «يبعث» ؛ وهو تحريف.
12- كذا بالأم والمختصر ، وفى الأصل : «فتعطى».
13- فى المختصر : «وتوفر».

كما يعطى أهل الحاجة. من الغارمين (1)] ؛ حتى يقضوا غرمهم (2).».

قال : «وسهم (3) سبيل اللّه (4) : يعطى منه ، من (5) أراد الغزو (6) : من جيران الصدقة ؛ فقيرا كان أو غنيا (7).».

قال : «وابن السبيل (8) : من جيران الصدقة : الذين يريدون السفر فى غير معصية ، فيعجزون عن بلوغ سفرهم ، إلا بمعونة على سفرهم (9).».

وقال فى القديم : «قال بعض أصحابنا : هو : لمن مرّ بموضع المصّدّق : ممن يعجز عن بلوغ حيث يريد ، إلا بمعونة (10). قال الشافعي : وهذا مذهب ؛ واللّه أعلم.».

والذي قاله فى القديم - فى غير روايتنا - : إنما هو فى رواية الزعفراني عن الشافعي.

ص: 166


1- زيادة مفيدة ، عن الأم والمختصر.
2- كذا بالأم ، وفى الأصل : «عزمهم» ، وهو تحريف ، وفى المختصر : «سهمهم». وانظر _ فى الام والمختصر _ ما استدل به على ذلك : من السنة.
3- فى الام (ج 2 ص 62) : «ويعطى سهم سبيل اللّه من».
4- فى المختصر (ج 3 ص 232) - بعد ذلك - : «كما وصفت».
5- كذا بالأصل والمختصر ، وفى الام : «من غزا» ، والاول أحسن.
6- انظر السنن الكبرى (ج 7 ص 22).
7- قال بعد ذلك - فى الام - : «ولا يعطى منه غيرهم ، إلا أن يحتاج إلى الدفع عنهم : فيعطى من دفع عنهم المشركين.» ، قال فى المختصر : «لانه يدفع عن جماعة الإسلام».
8- انظر ما رواه فى السنن الكبرى (ج 7 ص 23) عن النبي ، وما علق به عليه.
9- انظر ما ذكر فى الام ، بعد ذلك.
10- فهو أعم من سابقه ، وانظر مختصر المزني (ج 3 ص 232 - 233) ، وتأمل ما اختاره.

«ما يؤثر عنه فى النّكاح ، والصّداق» «وغير ذلك»

(أنبأنى) أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «وكان مما خصّ اللّه به نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، قوله : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ : 33 - 6 ) .»

«وقال تعالى : ( وَما كانَ لَكُمْ : أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً (1) : 33 - 53 ) ؛ فحرّم نكاح نسائه - من بعده - على العالمين ؛ وليس هكذا نساء أحد غيره.».

«وقال اللّه عزّ وجلّ : ( يا نِساءَ النَّبِيِّ : لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ ؛ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ : فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ : 33 - 32 ) ؛ فأبانهنّ (2) به من نساء العالمين.»

«وقوله (3) : ( وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) ؛ مثل ما وصفت : من اتساع لسان العرب ، وأن الكلمة الواحدة تجمع معاني مختلفة. ومما (4) وصفت :

ص: 167


1- انظر سبب نزول هذه الآية فى السنن الكبرى (ج 7 ص 69).
2- كذا بالمختصر (ج 3 ص 255) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 73). وفى الأصل : «فأباهن» ؛ وفى الأم (ج 5 ص 125) : «فأثابهن». وكلاهما خطأ وتحريف.
3- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «ومن قوله» ؛ والزيادة من الناسخ.
4- كذا بالأصل والأم ؛ وهو معطوف على «مثل» ، أي : ونوع من ذلك. ولو عبر بما لكان أظهر.

من [أن (1)] اللّه أحكم كثيرا - : من فرائضه. - بوحيه ؛ وسنّ شرائع واختلافها ، على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) ، وفى فعله.»

«فقوله : (أمّهاتهم) ؛ يعنى (2) : فى معنى دون معنى ؛ وذلك : أنه لا يحل لهم نكاحهنّ بحال ، ولا يحرم (3) عليهم نكاح بنات : لو كنّ لهنّ (4) ؛ كما يحرم (5) عليهم نكاح بنات أمهاتهم : اللّاتى ولدنهم ، [أ (6)] وأرضعنهم.».

وذكر (7) الحجة فى هذا (8) ؛ ثم قال : «وقد ينزل القرآن فى النازلة : ينزل على ما يفهمه من أنزلت فيه ؛ كالعامة فى الظاهر : وهى يراد بها الخاصّ والمعنى دون ما سواه.

«والعرب تقول - للمرأة : تربّ أمرهم (9). - : أمّنا وأمّ العيال (10) ؛

ص: 168


1- زيادة متعينة ، عن الأم.
2- هذا غير موجود فى المختصر.
3- قال فى المختصر : «ولم تحرم بنات لو كن لهن : لأن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) زوج بناته وهن أخوات المؤمنين.».
4- فى الأصل : «لهم» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح من المختصر ، والأم (ج 5 ص 126) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 70).
5- كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وفى الأصل : «تحرم» ؛ وهو تحريف.
6- زيادة إثباتها أولى من حذفها ، عن الأم والسنن الكبرى.
7- فى الأصل : «وذلك» ؛ وهو تحريف.
8- انظر الام (ج 5 ص 126) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 70 - 71).
9- انظر الام (ج 5 ص 126) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 70 - 71).
10- أي : تسوسه وتدبره.

وتقول كذلك (1) للرجل : [يتولى (2)] أن يقوتهم (3). - : أم العيال ؛ بمعنى (4) : أنه وضع نفسه موضع الأمّ التي تربّ [أمر (5)] العيال. قال : تأبّط شرّا (6) - وهو يذكر غزاة غزاها : ورجل (7) من أصحابه ولى قوتهم. - : * وأمّ (8) عيال قد شهدت تقوتهم. - : *». وذكر بقية البيت ، وبيتين (9) أخوين معه.

قال الشافعي (رحمه اللّه) : «قلت (10) : الرجل يسمى أما ؛ وقد تقول العرب للناقة ، والبقرة ، والشاة ، والأرض - : هذه أم عيالنا ؛ على معنى : التي تقوت عيالنا».

__________________

(1) فى الأصل والأم (ج 5 ص 126) : «ذلك» ؛ ولعل الظاهر ما أثبتنا.

(2) الزيادة عن الأم.

(3) كذا بالأم ، وفى الأصل : «تقوتهم» ؛ وهو تحريف.

(4) كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «يعنى».

(5) الزيادة عن الأم.

(6) كذا بالأصل والام ، ذكر فى الصحاح والمحكم واللسان (مادة : حتر) أنه الشنفري ، وذكر ابن برى : أن الرجل المشار إليه هو تأبط شرا.

(7) هذه الجملة حالية ، وإلا : تعين النصب.

(8) كذا بالأم والصحاح واللسان ، وفى الأصل : «فأم». وهو بالنصب على الرواية المشهورة ، والناصب : شهدت. وروى بالخفض على واو رب.

(9) فى الأصل : «وذكر فى البيت وبنتين» ، وهو تحريف ظاهر. وبقية الشعر - على ما فى الام مع تغيير طفيف عن اللسان والصحاح - : إذا أطعمتهم أحترت وأقلت.

تخاف علينا العيل إن هى أكثرت *** ونحن جياع أي أول تألت

وما إن بها ضن بما فى وعائها *** ولكنها ، من خشية الجوع ، أبقت

 (10) كذا بالأم ، وفى الأصل : «وقلب» ، وفيه تحريف وزيادة لا داعي لها.

ص: 169

«وقال (1) اللّه عزّ وجلّ : ( الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ : ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ ؛ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ : 58 - 2 ) .»

«يعني : أن اللائي ولدنهم : أمهاتهم (2) بكل حال ؛ الوارثات [و (3)] الموروثات ، المحرّمات بأنفسهنّ ، والمحرّم بهنّ غيرهنّ : اللائي لم يكنّ قط إلا أمهات (4). ليس : اللائي يحدثن رضاعا للمولود ، فيكنّ به أمهات [وقد كنّ قبل إرضاعه ، غير أمهات له (5)] ؛ ولا : أمهات المؤمنين [عامة : يحرمن بحرمة أحدثنها أو يحدثها الرجل ؛ أو : أمهات المؤمنين (6)] حرمن (7) : بأنهنّ أزواج النبي (صلى اللّه عليه وسلم).».

وأطال الكلام فيه (8) ؛ ثم قال : «وفى (9) هذا : دلالة على أشباه له فى (10) القرآن ، جهلها من قصر علمه باللسان والفقه (11)

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «وذكر عبدا أكرمه ، فقال (12) : ( وَسَيِّداً ، وَحَصُوراً : 3 - 39 ) ».

ص: 170


1- فى الأم : «قال» ، وما فى الأصل هو الظاهر والأحسن.
2- هذا خبر «أن» ، فتنبه.
3- الزيادة عن الأم.
4- فى الأصل : «لامهات» ، وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الام.
5- الزيادة عن الأم.
6- الزيادة عن الأم.
7- كذا بالأم ، وفى الأصل : «حرمهن» ، وما فى الام أولى.
8- انظر الأم (ج 5 ص 126).
9- بالأم : «فى».
10- بالأم : «من».
11- انظر ما ذكره بعد ذلك ، فى الام (ج 5 ص 126) : ففيه فوائد جليلة.
12- فى الأم (ج 5 ص 129) : «قال» ؛ وما فى الأصل أحسن.

«والحصور : الذي لا يأتى النساء (1) ، [ولم يندبه إلى النكاح (2)].».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «حتم (3) لازم لأولياء الأيامى (4) ، والحرائر : البوالغ - : إذا أردن النكاح ، ودعوا (5) إلى رضىّ (6) : من الأزواج. - : أن يزوّجوهنّ ؛ لقول اللّه عزّ وجلّ : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ (7) : إِذا تَراضَوْا

ص: 171


1- قد رواه - فى السنن الكبرى (ج 7 ص 83) - بهذا اللفظ ، عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد ؛ وبلفظ : «لا يقرب» ؛ عن ابن مسعود.
2- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى ؛ وانظر كلامه السابق واللاحق فى الأم ، وكلامه فى المختصر (ج 3 ص 256).
3- فى الأم (ج 5 ص 127) : «فحتم».
4- كذا بالأم والسنن الكبرى (ج 7 ص 103) ؛ وفى الأصل : «الإماء».
5- كذا بالأم ؛ وفى الأصل والسنن الكبرى : «دعون» ؛ وما فى الأم أشمل.
6- كذا بالأصل والسنن الكبرى ؛ وفى الأم : «رضا».
7- قال بعض أهل العلم بالقرآن (كما فى الأم ج 5 ص 11) : « ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ ) يعنى : الأزواج ؛ ( النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) يعنى : فانقضى أجلهن ، يعنى : عدتهن ؛ ( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ ) يعنى : أولياءهن ( أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ ) : إن طلقوهن ولم يبتوا طلاقهن.» ؛ قال الشافعي : «وما أشبه ما قالوا من هذا بما قالوا ، ولا أعلم الآية تحتمل غيره : لأنه إنما يؤمر بأن لا يعضل المرأة ، من له سبب إلى العضل - : بأن يكون يتم به نكاحها. - : من الأولياء. والزوج إذا طلقها ، فانقضت عدتها : فليس بسبيل منها فيعضلها ، وإن لم تنقض عدتها : فقد يحرم عليها أن تنكح غيره ، وهو لا يعضلها عن نفسه. وهذا أبين ما فى القرآن : من أن للولى مع المرأة فى نفسها حقا ، وأن على الولي أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف.». ا ه- وهو كلام جيد يؤكد ويوضح ما سيأتى هنا. وانظر ما كتبه على هذا صاحب الجوهر النقي (ج 7 ص 104) وتأمله.

بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ : 2 - 232 ) (1)

«فإن شبّه على أحد : بأن (2) مبتدأ الآية على ذكر الأزواج. - : ففى (3) الآية ، دلالة : [على (4)] أنه إنما نهى عن العضل الأولياء (5) ؛ لأن الزوج إذا طلق ، فبلغت المرأة الأجل - : فهو أبعد الناس منها ؛ فكيف يعضلها من لا سبيل ، ولا شرك له [فى أن يعضلها (6)] فى بعضها؟!.»

«فإن قال قائل : قد يحتمل (7) : إذا قاربن بلوغ أجلهنّ ؛ لأنّ اللّه (تعالى) يقول للأزواج : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) (8) الآية (9).

ص: 172


1- انظر المختصر (ج 3 ص 257).
2- فى الأم (ج 5 ص 128) : «أن» ؛ وقال فى الأم (ج 5 ص 149) : «فإن قال قائل : نرى ابتداء الآية مخاطبة الأزواج ؛» ثم علل بالآية المذكورة.
3- هذا جواب الشرط ، وعبارته فى الأم (ص 149) : «فدل على أنه أراد غير الأزواج : من قبل أن الزوج - إذا انقضت عدة المرأة : ببلوغ أجلها. - لا سبيل له عليها.».
4- الزيادة عن الأم (ص 128).
5- فى الأصل : «للأولياء» ، وهو خطا وتحريف. والتصحيح عن الأم (ص 128).
6- الزيادة عن الأم (ص 128).
7- فى الأم (ص 128) : «تحتمل» ؛ وفيها (ص 149) : «فقد يحتمل ... إذا شارفن» ؛ ولا خلاف فى المعنى.
8- قال فى الأم (ج 5 ص 149) - بعد أن ذكر نحو هذا - : «نهيا : أن يرتجعها ضرارا ليعضلها.».
9- كذا بالأصل : وفى الأم (ج 5 ص 128) : ( أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) ؛ وبقية الآية : ( وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ؛ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ : فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ؛ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللّهِ هُزُواً ، وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ، وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ : مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ ، يَعِظُكُمْ بِهِ ؛ وَاتَّقُوا اللّهَ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ : 2 - 231 ) .

يعنى (1) : إذا قاربن بلوغ أجلهنّ.».

«قال الشافعي : فالآية تدل على أنه لم يرد بها هذا المعنى ، وأنها (2) لا تحتمله : لأنها إذا قاربت بلوغ أجلها ، أو لم تبلغه (3) - : فقد حظر اللّه (عزّ وجلّ) عليها : أن تنكح (4) ، لقول اللّه عزّ وجلّ : ( وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ : 2 - 235 ) ؛ فلا يأمر : بأن لا يمنع من النكاح ؛ من قد منعها منه. إنما يأمر : بأن لا يمتنع (5) مما أباح لها ، من هو بسبب [من (6)] منعها.»

«قال : وقد حفظ بعض أهل العلم : أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار ، وذلك : أنه زوّج أخته رجلا (7) ، فطلقها وانقضت (8) عدتها ، ثم :

ص: 173


1- هذا إلى قوله : الشافعي ؛ غير موجود بالأم (ص 128). وقوله : فالآية ، جواب الشرط ، فتنبه.
2- كذا بالأصل والأم (ص 128) ، وفى الأم (ص 149) : «لأنها».
3- كذا بالأصل والأم (ص 128) ؛ وفى الأم (ص 149) : «لان المرأة المشارفة بلوغ أجلها ولم تبلغه : لا يحل لها أن تنكح ، وهى ممنوعة من النكاح بآخر العدة ، كما كانت ممنوعة منه بأولها : فإن اللّه (عز وجل) يقول : ( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا ) ؛ فلا يؤمر : بأن يحل إنكاح الزوج ؛ إلا لمن قد حل له الزوج.». أو : (فلا يؤمر ... من إلخ). إذ عبارة الأم : (إلا من) ، وهى خطأ بيقين.
4- فى الأصل : «ينكح» ، والتصحيح عن الأم (ص 128).
5- كذا بالأم (ص 128). وفى الأصل : «لكل لا يمنع» ، وهو تحريف.
6- الزيادة عن الأم (ص 128).
7- هو ابن عم له ، كما فى الأم (ج 5 ص 11).
8- فى المختصر (ج 3 ص 257) : «فانقضت».

طلب نكاحها وطلبته ، فقال : زوجتك - دون غيرك - أختى (1) ، ثم : طلقتها ، لا أنكحك (2) أبدا. فنزلت : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ ) (3)

«قال : وهذه (4) الآية أبين آية في كتاب اللّه (عزّ وجلّ) : دلالة على أن ليس للمرأة الحرة : أن (5) تنكح نفسها.»

«وفيها : دلالة (6) على أنّ النكاح يتمّ برضا الولي مع المزوّج والمزوّجة (7).».

قال الشيخ (رحمه اللّه) : هذا الذي نقلته - : من كلام الشافعىّ (رحمه اللّه) فى أمهات المؤمنين ، إلى هاهنا. - بعضه فى مسموع لى (8) :

ص: 174


1- هذا فى المختصر مقدم على ما قبله.
2- كذا بالأصل والأم (ص 128) وفى المختصر : «أنكحكها» ؛ وفى الأم (ص 149) «أزوجكها» ؛ ولا فرق : إذا المحذوف مقدر.
3- راجع فى ذلك السنن الكبرى (ج 7 ص 103 - 104 و 138).
4- فى الأم (ص 149) : «فهذه».
5- فى المختصر : «أن تتزوج بغير ولى».
6- كذا بالأصل والام (ص 128) ؛ وفى الام (ص 149) : «الدلالة» ،
7- كذا بالأصل ؛ وفى الأم (ص 128) «الزوج والزوجة» ، وفى الأم (ص 149) : «والمنكحة والناكح» ، ثم قال فيها بعد ذلك وعلى أن على الولي أن لا يعضل. فإذا كان عليه أن لا يعضل فعلى السلطان التزويج إذا عضل : لأن من منع حقا : فأمر السلطان جائز عليه أن يأخذه منه «وإعطاؤه عليه».
8- فى الأصل : «بعضه لى في مسموع». والظاهر ما صنعنا ، وان التقديم من الناسخ.

قراءة على شيخنا ؛ وبعضه غير مسموع : فإنه لم يسمعه فى النقل. فرويت الجميع بالإجازة ؛ وباللّه التوفيق.

* * *

واحتج (أيضا) - فى اشتراط الولاية فى النكاح (1) - : بقوله عزّ وجلّ : ( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ : بِما فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ : 4 - 34 ) ؛ وبقوله (تعالى) فى الإماء : ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ : 4 - 25 ) .

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، نا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : «قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ ، وَالصَّالِحِينَ : مِنْ عِبادِكُمْ ، وَإِمائِكُمْ : 24 - 32 ) .»

«قال : ودلت (2) أحكام اللّه ، ثم رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) : على أن لا ملك للأولياء [آباء كانوا أو غيرهم (3) ؛] على أياماهم - وأياماهم : الثيّبات. - : قال اللّه عز وجل : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ : 2 - 232 ) ؛ وقال (تعالى) فى

ص: 175


1- كما فى الأم (ج 5 ص 11 و 149). وراجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 124) بعض ما ورد فى ذلك.
2- فى الأم (ج 5 ص 36) : «فدلت» ؛ وما فى الأصل هو الظاهر.
3- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 36) للايضاح والفائدة.

المعتدّات : ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ ) الآية (1) ؛ وقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : «الأيّم أحقّ بنفسها من وليّها ؛ والبكر تستأذن فى نفسها ؛ [وإذنها : صماتها (2).]». [مع ما (3)] سوى ذلك.»

«ودل الكتاب والسنة : على أن المماليك لمن ملكهم ، [وأنهم (4)] لا يملكون من أنفسهم [شيئا (5)].»

«ولم أعلم دليلا : على إيجاب [إنكاح (6)] صالحى العبيد والإماء - كما وجدت الدلالة : على إنكاح (7) الحرائر (8). - إلا مطلقا.»

«فأحبّ إلىّ : أن ينكح (9) [من بلغ] : من العبيد والإماء،ثم صالحوهم خاصة.»

«ولا يبين (10) لى : أن يجبر أحد عليه ؛ لأن الآية محتملة : أن تكون أريد بها (11) : الدلالة (12) ؛ لا الإيجاب.».

ص: 176


1- تمامها : ( بِالْمَعْرُوفِ ؛ وَاللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ : 2 - 234 ) .
2- زيادة للفائدة عن الأم (ج 5 ص 15 و 128 و 150). وراجع فيها كلامه المتعلق بذلك لفائدته العظيمة ؛ وراجع السنن الكبرى (ج 7 ص 115 و118 - 119 و 122 - 123).
3- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 36) ؛ وبعضها ضرورى ، وبعضها للايضاح أو الفائدة
4- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 36) ؛ وبعضها ضرورى ، وبعضها للايضاح أو الفائدة
5- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 36) ؛ وبعضها ضرورى ، وبعضها للايضاح أو الفائدة
6- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 36) ؛ وبعضها ضرورى ، وبعضها للايضاح أو الفائدة
7- كذا بالأم (ج 5 ص 36) ؛ وهو الظاهر والمناسب. وفى الأصل : «نكاح».
8- فى الأم : «الحر».
9- أي : يزوج.
10- فى الأم : «يتبين» ؛ ولا فرق.
11- أي : بالأمر الذي اشتملت عليه ، وهو : (انكحوا). أو فى الأم : «أن يكون أريد به».
12- أي : الندب.

وذهب فى القديم (1) : «إلى أن للعبد أن يشترى : إذا أذن له سيده.».

وأجاب عن قوله : ( ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً : عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ : 16 - 75 ) ؛ بأن قال : «إنما هذا - عندنا - : عبد ضربه اللّه مثلا ؛ فإن كان عبدا (2) : فقد يزعم : أن العبد يقدر على أشياء ؛ (منها) : ما يقرّ به على نفسه : من الحدود التي تتلفه [أ (3)] وتنقصه. (ومنها) : ما إذا أذن له فى التجارة : جاز بيعه وشراؤه وإقراره.»

«فإن اعتلّ بالإذن (4) : فالشرى (5) بإذن سيده أيضا. فكيف (6) يملك بأحد الإذنين ، ولا يملك بالآخر؟!.».

ثم رجع عن هذا ، فى الجديد ؛ واحتج (7) بهذه الآية (8) ، وذكر قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (9): 23 - 5 - 6 و 70 - 29 - 30 ) .

ص: 177


1- فى الأصل : «التقديم». وهو تحريف.
2- أي : غير حر.
3- زيادة موضحة منبهة.
4- أي : فى مسئلة التجارة.
5- أي : فى أصل الدعوى.
6- فى الأصل : «كما له» ؛ وهو محرف ، أو فيه نقص. فليتأمل.
7- كما فى الأم (ج 5 ص 38).
8- أي : التي أجاب عنها فى القديم.
9- زيادة لا بأس بها ، عن الأم.

[ثم قال (1)] : «فدل كتاب اللّه (عز وجل) : [على (2)] أن ما أباح (3) - : من (4) الفروج. - فإنما أباحه من أحد وجهين (5) : النكاح ، أو ما ملكت اليمين فلا يكون العبد مالكا بحال.». وبسط الكلام فيه (6).

* * *

(أنا) أبو زكريا بن أبى إسحق - فى آخرين - قالوا : نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع بن سليمان ، نا الشافعي : «أنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيّب : أنه قال - فى قول اللّه عز وجل : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ؛ وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ (7) وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (8) : 24 - 3 ) . - : إنها منسوخة ؛ نسخها قول اللّه

ص: 178


1- الزيادة للتنبيه.
2- زيادة لا بأس ، عن الأم.
3- فى الأم : «أباحه».
4- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «بالفرج» ؛ وهو تحريف على ما يظهر.
5- فى الأم : «الوجهين».
6- قال فى الأم - بعد أن ذكر آية العبد ، وحديث : «من باع عبدا وله مال : فما له للبائع ؛ إلا أن يشترطه المبتاع». - : «فدل الكتاب والسنة : أن العبد لا يكون مالكا مالا بحال ، وأن ما نسب إلى ملكه : إنما هو إضافة اسم ملك إليه ، لا حقيقة ... فلا يحل (واللّه تعالى أعلم) للعبد : أن يتسرى : أذن له سيده ، أو لم يأذن له. لأن اللّه (تعالى) إنما أحل التسرى للمالكين ؛ والعبد لا يكون مالكا بحال.».
7- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 153 - 154) : ما روى فى سبب نزول هذه الآية ، وفى تفسيرها.
8- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 10).

عز وجل : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ : 24 - 32 ) ؛ فهى (1) : من أيامى المسلمين.».

قال الشافعي (رحمه اللّه) - فى غير هذه الرواية (2) - : «فهذا : كما قال ابن المسيّب إن شاء اللّه ؛ وعليه دلائل : من القرآن والسنة.».

وذكر الشافعي (رحمه اللّه) سائر ما قيل فى هذه الآية (3) ؛ وهو منقول فى (المبسوط) ، وفى كتاب : (المعرفة).

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ : مِنَ النِّساءِ ؛ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ (4) ؛ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا : فَواحِدَةً ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ : 4 - 3 ) (5)

ص: 179


1- كذا بالأم والسنن الكبرى (ج 7 ص 154). وفى الأم (ج 7 ص 75) : «فهن». وفى الأصل : «فهو» ؛ وهو تحريف.
2- كما فى الأم (ج 5 ص 131) ؛ وانظر السنن الكبرى (ج 7 ص 154) والأم (ج 7 ص 75).
3- راجع الأم (ج 5 ص 10 - 11 و 131 - 132).
4- فى الأم (ج 5 ص 36) : «إلى قوله : (أن لا تعولوا).».
5- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 141 - 142) : ما روى عن عائشة فى ذلك. وقال الشافعي (كما فى السنن الكبرى ج 7 ص 149) : «فأطلق اللّه ما ملكت الأيمان : فلم يخد فيهن حدا ينتهى إليه. وانتهى ما أحل اللّه بالنكاح : إلى أربع ؛ ودلت سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - المبينة عن اللّه - : أن انتهاءه إلى أربع تحريم منه لأن يجمع أحد غير النبي (صلى اللّه عليه وسلم) بين أكثر من أربع. ».

«فكان بيّنا فى الآية (واللّه أعلم) : أن المخاطبين بها : الأحرار. لقوله عز وجل : ( فَواحِدَةً ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (1) ؛ [لأنه (2)] لا يملك إلا الأحرار. وقوله تعالى : ( ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا ) ؛ فإنما (3) يعول : من له المال ؛ ولا مال للعبد.».

* * *

وبهذا الإسناد ، عن الشافعي : أنه تلا الآيات التي وردت - فى القرآن - : فى النكاح والتزويج (4) ؛ [ثم (5)] قال : «فأسمى (6) اللّه (عز وجل) النكاح ، اسمين : النكاح ، والتزويج (7).».

ص: 180


1- كذا بالأم ؛ وفى الأصل زيادة : «الآية». والظاهر : أن موضع ذلك بعد القول السابق ، وأن التأخير من الناسخ. إذ لا معنى لذكر ذلك هنا مع أنه استدل بعد بالباقي من الآية على حدة.
2- الزيادة عن الأم.
3- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «إنما».
4- وهى - كما فى الأم (ج 5 ص 33) - : قوله تعالى لنبيه : ( فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها : 33 - 37 ) ؛ وقوله : ( وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها : 4 - 1 ) ؛ وقوله : ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ : 4 - 12 ) ؛ وقوله : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ : 24 - 6 ) ؛ وقوله : ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ : 2 - 230 ) ؛ وقوله : ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ : إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها : 33 - 50 ) ؛ وقوله : ( إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ : 33 - 49 ) ؛ وقوله : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) : ( مِنَ النِّساءِ : 4 - 22 ) .
5- زيادة لا بأس بها.
6- فى الأم (ج 5 ص 33) : «فسمى». وفى السنن الكبرى (ج 7 ص 113) : «سمى».
7- راجع المختصر (ج 3 ص 271 - 272).

وذكر (1) آية الهبة ، وقال : «فأبان (جل ثناؤه) : أن الهبة لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، دون المؤمنين.».

قال : «والهبة (واللّه أعلم) تجمع (2) : أن ينعقد (3) له [عليها (4)] عقدة (5) النكاح ؛ بأن تهب نفسها له بلا مهر وفى هذا ، دلالة : على أن لا يجوز نكاح ، إلا باسم : النكاح ، [أ (6)] والتزويج (7).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «قال (8) اللّه عز وجل : ( وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ : 4 - 23 ) (9) ؛ دون أدعيائكم : الذين تسمونهم أبناءكم (10).».

ص: 181


1- هذا من كلام البيهقي رحمه اللّه.
2- فى المختصر (ج 3 ص 272) : «مجمع».
3- كذا بالمختصر والأم (ج 5 ص 33) ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «يعقد».
4- الزيادة عن الأم.
5- فى الأصل : «عقيدة» ؛ وهو تحريف ، والتصحيح عن الأم.
6- الزيادة عن الأم والمختصر.
7- قال فى الأم ، بعد ذلك : «ولا يقع بكلام غيرهم : وإن كانت معه نية التزويج.» إلخ ؛ فراجعه.
8- عبارته فى الأم (ج 5 ص 22) : «فأشبه (واللّه تعالى أعلم) أن يكون قوله : (وحلائل)» إلخ. وهى متعلقة بكلام سابق يجب الرجوع إليه : لكى يفهم ما هنا الذي نجوز أن يكون به سقط.
9- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 160 - 161) ما روى عن ابن عباس والحسن فى هذا ، وما قاله البيهقي نفسه : فهو مفيد.
10- قال فى الأم - بعد ذلك ؛ وقبل القول الآتي - : «ولا يكون الرضاع فى شىء من هذا».

واحتج [فى] كل (1) بما هو منقول فى كتاب : (المعرفة) ؛ ثم قال : «وحرّمنا بالرضاع (2) : بما (3) حرم اللّه (4) : قياسا عليه ؛ وبما قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أنه «يحرم من الرضاع (5) : ما يحرم من الولادة. (6)

وقال - فى قوله عز وجل : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ : مِنَ النِّساءِ ؛ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ : 4 - 22 ) (7) ؛ وفى قوله عز وجل : ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ؛ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ : 4 - 23 ) . - : «كان أكبر ولد الرجل : يخلف على امرأة أبيه ؛ وكان الرجل : يجمع بين الأختين. فنهى اللّه (عز وجل) : عن أن يكون منهم أحد : يجمع فى عمره بين أختين ، أو ينكح (8) ما نكح أبوه ؛ إلا ما قد سلف فى الجاهلية ، قبل علمهم بتحريمه. ليس : أنه أقرّ فى أيديهم ، ما كانوا قد جمعوا بينه ، قبل الإسلام. [كما أقرهم

ص: 182


1- أي : فى تحريم حليلة الابن من الرضاعة ، وعدم تحريم حليلة المتبنى بعد طلاقها منه. انظر الأم (ج 5 ص 21 - 22).
2- فى الأم : «من الرضاع».
3- كذا بالأصل والأم ؛ وحذف الباء أولى.
4- أي : من النسب.
5- أخرجه فى السنن الكبرى (ج 7 ص 159 و 451 - 452) من طريق عائشة ، بلفظ : «الرضاغة».
6- فى الأم (ج 5 ص 21) : «النسب».
7- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 161 - 162) : ما روى فى سبب نزول هذه الآية.
8- كذا بالأم والسنن الكبرى (ج 7 ص 163) ؛ وفى الأصل : «وأن ينكح». وما فيهما أنسب. وراجع فى السنن : ما روى عن مقاتل بن سليمان. ومقاتل ابن حيان.

النبي (صلى اللّه عليه وسلم) على نكاح الجاهلية : الذي لا يحل فى الإسلام بحال. (1)]».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : «من تزوج امرأة ، فلم يدخل بها حتى ماتت ، أو طلقها [فأبانها (2)] - : فلا (3) بأس أن يتزوج ابنتها ؛ ولا يجوز له عقد نكاح أمها : لأن اللّه (عز وجل) قال : ( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ : 4 - 23 ) .» ؛ زاد فى كتاب الرضاع (4) : «لان الأم مبهمة التحريم في كتاب اللّه (عز وجل) : ليس فيها شرط ؛ إنما الشرط فى الربائب (5).». ورواه (6) عن زيد بن ثابت.

وفسر الشافعي (7) (رحمه اللّه) - فى (8) قوله عز وجل : ( وَالْمُحْصَناتُ

ص: 183


1- زيادة مفيدة ، عن الأم.
2- زيادة مفيدة ، عن الأم (ج 5 ص 133).
3- عبارته فى الأم (ج 5 ص 21 و 133) : «فكل بنت لها - وإن سفلت - حلال : لقول اللّه عز وجل : ( وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ : فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ : 4 - 23 ) .».
4- من الأم (ج 5 ص 21).
5- قال فى الأم (ص 133) : «وهو قول الأكثرين ، ممن لقيت : من المفتين.» ؛ زاد فى صفحة 5. : «وقول بعض أصحاب النبي». وقال (على ما فى السنن الكبرى : ج 7 ص 159) : «وهو يروى عن عمر وغيره».
6- أي : هذا التعليل. انظر الأم (ج 5 ص 21). وانظر أيضا كلامه فى الأم (ج 7 ص 25) : فهو مفيد.
7- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 167) ما روى عن ابن عباس ، وابن مسعود : مما يوافق تفسير الشافعي الآتي.
8- كذا بالأصل : على تضمين «فسر» معنى القول.

مِنَ النِّساءِ ؛ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ : 4 - 24 ) (1). - : «بأن (2) ذوات الأزواج - : من الحرائر ، والإماء. - محرّمات على غير أزواجهن (3) ، [حتى يفارقهن أزواجهن : بموت ، أو فرقة طلاق ، أو فسح نكاح. (4)] إلا السبايا : [فإنهن مفارقات لهن : بالكتاب ، والسنة ، والإجماع. (5)]».

واحتج - فى رواية أبى عبد الرحمن الشافعي ، عنه - : بحديث أبي سعيد الخدرىّ (رضى اللّه عنه) : أنه قال : «أصبنا سبايا (6) : لهن أزواج فى الشّرك ؛ فكرهنا : أن نطأهن ؛ فسألنا النبي (صلى اللّه عليه وسلم) عن ذلك ؛ فنزل : ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ ؛ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (7).».

ص: 184


1- قال فى الأم (ج 5 ص 134) : «... والآية تدل علي أنه لم يرد بالإحصان هاهنا : الحرائر ؛ فبين : أنه إنما قصد بالآية : قصد ذوات الأزواج. ثم دل الكتاب وإجماع أهل العلم : أن ذوات الأزواج» إلى آخر ما هنا.
2- فى الأصل : «بإذن» ؛ وهو تحريف.
3- قال فى السنن الكبرى (ج 7 ص 167 - 168) : «واستدل الشافعي (رحمه اللّه) - فى أن ذوات الأزواج : من الإماء ؛ يحرمن على غير أزواجهن ؛ وأن الاستثناء فى قوله : ( إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) ؛ مقصور على السبايا. - : بأن السنة دلت على أن المملوكة غير المسبية : إذا بيعت أو أعتقت لم يكن بيعها طلاقا ؛ لأن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) خير بريرة - حين عتقت - : فى المقام مع زوجها ، وفراقه. وقد زال ملك بريرة : بأن بيعت فأعتقت. فكان زواله المعنيين ، ولم يكن ذلك فرقة. قال : فإذا لم يحل فرج ذوات الزوج : بزوال الملك ؛ فهى إذا لم تبع : لم تحل بملك يمين ، حتى يطلقها زوجها.». ا ه. فراجعه ، وراحع ما نقله عن المذهب القديم ، وما عقب به عليه : فهو مفيد جدا.
4- زيادة مفيدة ، عن الأم (ج 5 ص 134).
5- زيادة مفيدة ، عن الأم (ج 5 ص 134).
6- انظر فى الأم كلامه ، فى أن السباء قطع للعصمة.
7- أخرجه مطولا ، في السنن الكبرى (ج 7 ص 167).

واحتج بغير ذلك أيضا (1) ؛ وهو منقول فى كتاب : (المعروفة).

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «قال اللّه عز وجل : ( إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ : فَامْتَحِنُوهُنَّ ؛ اللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ ؛ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ : فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ : لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ، وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ : 60 - 10 ) .»

«قال الشافعي : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ ) (2) : فأعرضوا عليهن الإيمان ، فإن قبلن ، وأقررن [به (3)] : فقد علمتوهن مؤمنات. وكذلك : علم بنى آدم الظاهر ؛ قال اللّه عز وجل : ( اللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ ) ؛ يعنى : بسرائرهن فى إيمانهن. (4)».

قال الشافعي : «وزعم (5) بعض أهل العلم بالقرآن : أنها نزلت فى مهاجرة [من (6)] أهل مكة - فسماها بعضهم : ابنة عقبة بن أبى معيط. (7) - وأهل مكة : أهل أوثان. و: أن قول اللّه عز وجل : ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ

ص: 185


1- انظر الأم (ج 5 ص 134 - 135).
2- يعنى : تأويل ذلك.
3- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 39).
4- قال فى الأم - بعد ذلك - : «وهذا يدل : على أن لم يعط أحد من بنى آدم : أن يحكم على غير ظاهر.». وراجع كلامه المتعلق بهذا المقام ، فى الأم (ج 6 ص 201 - 206 وج 7 ص 268 - 272) : فهو أجود ما كتب.
5- فى الأم (ج 5 ص 5) : «فزعم» ؛ وقد ذكر فيها قبله الآية السابقة.
6- زيادة لا بد منها عن الأم ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 170).
7- هى أم كلثوم كما فى المختصر (ج 5 ص 210) والأم (ج 4 ص 112 - 113)

 الْكَوافِرِ : 60 - 10 ) ؛ قد (1) نزلت في مهاجر (2) أهل مكة مؤمنا. وإنما نزلت فى الهدنة (3)

«وقال اللّه عز وجل : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ (4) ؛ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ : وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ؛ وَلا (5) تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ؛ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ : وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ : 2 - 221 ) .»

«قال الشافعي : وقد قيل فى هذه الآية : إنها نزلت فى جماعة مشركى العرب : الذين هم أهل الأوثان (6) ؛ فحرّم (7) : نكاح نسائهم ، كما حرّم (8) : أن ينكح (9) رجالهم المؤمنات (10)»

فإن كان هذا هكذا : فهذه الآية (11) ثابتة ليس فيها منسوخ.»

«وقد قيل : هذه الآية فى جميع المشركين ؛ ثم نزلت الرخصة [بعدها (12)] :

ص: 186


1- هذا غير موجود بالأم.
2- فى الأم : «فيمن هاجر من». وفى الأصل : «مهاجرى» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن السنن الكبرى.
3- التي كانت بين النبي وكفار مكة ، عام الحديبية. انظر الأم (ج 5 ص 39) ، وراجع أسباب النزول للواحدى (ص317 - 318).
4- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 171) : ما روي فى ذلك عن ابن عباس ومجاهد.
5- هذا إلخ غير موجود بالأم (ج 5 ص 5).
6- فى السنن الكبرى : «أوثان».
7- فى السنن الكبرى : «يحرم».
8- فى السنن الكبرى : «يحرم».
9- كذا بالأصل والسنن الكبرى ، وهو الأنسب للاية. وفى الأم : «تنكح».
10- راجع فى ذلك ، أسباب النزول للواحدى (ص 49 - 51).
11- كذا بالأصل والسنن الكبرى ؛ وفى الأم : «الآيات». أي : هذه وآية الممتحنة.
12- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.

فى إحلال نكاح (1) حرائر (2) أهل الكتاب (3) خاصة (4) ؛ كما جاءت فى إحلال ذبائح أهل الكتاب. قال اللّه عزوجل : ( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ؛ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ، وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ؛ وَالْمُحْصَناتُ : مِنَ الْمُؤْمِناتِ ، وَالْمُحْصَناتُ (5) : مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ؛ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ : 5 - 5 ) .»

«قال : فأيّهما كان : فقد أبيح [فيه (6)] نكاح حرائر أهل الكتاب (7)

«وقال : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ : فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ : مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ ؛ [إلى قوله (8)] : ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ ) الآية (9)»

ص: 187


1- فى الأصل : «النكاح» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم والسنن الكبرى.
2- فى السنن الكبرى : «الحرائر».
3- قال الشافعي (كما فى السنن الكبرى : ج 7 ص 173) : «وأهل الكتاب الذين يحل نكاح حرائرهم : أهل الكتابين المشهورين - : التوراة والإنجيل. - وهم : اليهود والنصارى من بنى إسرائيل ؛ دون المجوس. ». وراجع ما سيأتى فى باب الجزية.
4- راجع السنن الكبرى (ج 7 ص 171 - 172).
5- ذكر فى الأم (ج 7 ص 25) : أنه لم يختلف المسلمون فى أنهن الحرائر. وانظر الأم (ج 5 ص 5).
6- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 5).
7- انظر ما قاله بعد ذلك ، فى الأم.
8- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 8) ؛ وتمام المتروك : ( وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ. فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ، وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ : مُحْصَناتٍ ، غَيْرَ مُسافِحاتٍ ، وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ. فَإِذا أُحْصِنَّ ، فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ : فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ : مِنَ الْعَذابِ ) .
9- تمامها : ( وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ ؛ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ : 4 - 25 ) .

«قال : ففى [هذه (1)] الآية (واللّه أعلم) ، دلالة : على أن المخاطبين بهذا (2) : الأحرار (3) ؛ دون المماليك (4) - : لأنهم الواجدون للطّول ، المالكون للمال ، والمملوك لا يملك مالا بحال (5)

«ولا يحل نكاح الأمة (6) ، إلا : بأن لا يجد الرجل الحر بصداق (7) أمة ، طولا لحرة ، و: بأن يخاف العنت. والعنت : الزنا. (8)»

قال : «وفى إباحة اللّه الإماء (9) المؤمنات - على ما شرط : لمن لم يجد طولا وخاف العنت (10). - دلالة (واللّه أعلم) : على تحريم نكاح إماء (11) أهل الكتاب ، وعلى أن الإماء المؤمنات (12) لا يحللن إلا : لمن جمع الأمرين ، مع إيمانهن (13).». وأطال الكلام فى الحجة (14)

ص: 188


1- الزيادة عن الأم (ج 5 ص 8).
2- فى الأصل. «بهذه» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
3- انظر المختصر (ج 3 ص 284).
4- قال بعد ذلك - فى الأم ص 8 - : «فأما المملوك : فلا بأس أن ينكح الأمة ؛ لأنه غير واجد طولا لحرة» وفى الأصل بعض الاختصار والتصرف.
5- انظر ما قاله فى الأم ، بعد ذلك.
6- فى الأم زيادة : «إلا كما وصفت فى أصل نكاحهن».
7- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «لصداق» ، وهو تحريف.
8- انظر ما قاله فى الأم ، بعد ذلك.
9- فى الأصل : «لإماء» ، وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم (ج 5 ص 5).
10- قال فى الأم (ج 7 ص 25) - بعد أن ذكر نحو ما تقدم - : «وفى هذا ما دل على أنه لم يبح نكاح أمة غير مؤمنة» ا ه. وانظر بقية كلامه : فهو مفيد.
11- كذا بالأم ، وفى الأصل : «ما» ، وهو تحريف.
12- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 173 - 175) : ما ورد فى نكاحهن.
13- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 177) : ما رواه عن الشافعي ، وعن مجاهد والحسن وأبى الزناد.
14- انظر الأم (ج 5 ص 5).

قال الشافعي (رحمه اللّه) : «وإن كانت الآية نزلت فى تحريم نساء المسلمين على المشركين - : من (1) مشركى أهل الأوثان. - (يعنى (2) : قوله عز وجل : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا : 2 - 221 ) ) : فالمسلمات محرّمات على المشركين منهم ، بالقرآن : بكل (3) حال ؛ وعلى مشركى أهل الكتاب : لقطع الولاية بين المسلمين والمشركين ، وما لم يختلف الناس فيه. علمته (4).».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (5) - فى قول اللّه عز وجل : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ : 4 - 24 ) . - : «معناه (6) : بما أحله [اللّه (7)] لنا - : من النكاح ، وملك اليمين. - فى كتابه. لا : أنه أباحه بكل وجه (8).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه اللّه) : «قال اللّه تعالى تبارك وتعالى : ( وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ : مِنْ

ص: 189


1- فى الأم (ج 5 ص 5) : «وفى» ؛ وما هنا هو الظاهر.
2- هذا من كلام البيهقي.
3- فى الأم : «على كل».
4- كذا بالأم ، وفى الأصل : «عليه» ، وهو تحريف وخطأ.
5- كما فى الرسالة (ص 232 - 233).
6- هذا غير موجود فى الرسالة.
7- زيادة عن نسخة الربيع.
8- راجع فى الأم (ج 5 ص 4 - 5 و 66 و 133) كلامه المتعلق بهذا المقام.

خِطْبَةِ النِّساءِ (1) ؛ إلى قوله (2) : وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ : 2 - 235 ) .»

«قال الشافعي : بلوغ (3) الكتاب أجله (واللّه أعلم) : انقضاء العدّة (4)

«قال : وإذا أذن اللّه فى التعريض بالخطبة : فى العدّة ؛ فبيّن : أنه (5) حظر التصريح فيها (6). قال تعالى : ( و [لكِنْ] لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ) (7) ؛ يعنى (واللّه أعلم) : جماعا ؛ ( إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً : 2 - 235) (8) : حسنا لا فحش فيه. وذلك (9) : أن يقول : رضيتك (10) ؛ إن عندى لجماعا (11) يرضي من جومعه.»

«وكان هذا - وإن كان تعريضا - كان (12) منهيا عنه : لقبحه. وما

ص: 190


1- راجع فى الأم (ج 5 ص 141) والسنن الكبرى (ج 7 ص 177 - 178) ما روى فى ذلك : ففيه فوائد جمة.
2- فى الأم (ج 5 ص 32) : «أو أكننتم فى أنفسكم الآية». وتمام المتروك : ( عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ؛ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ، إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً ) .
3- فى الأم : «وبلوغ».
4- انظر ما قاله بعد ذلك فى الأم.
5- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «أن».
6- قال فى الأم ، بعد ذلك : «وخالف بين حكم التعريض والتصريح» إلخ. فراجعه وراجع أيضا كلامه فى الأم (ج 5 ص 118 و 142) لعظم فائدته.
7- راجع ما ورد فى ذلك ، فى السنن الكبرى (ج 7 ص 179) لأهميته.
8- فى الأم (ج 5 ص 32) زيادة : «قولا».
9- أي : ما فيه فحش.
10- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر المناسب لما بعد. وفى الأصل : «أن تقول يرضيك».
11- كذا بالأم ، وفى الأصل : «جماعا». وما فى الام أحسن.
12- هذا غير موجود بالأم ؛ وزيادته للتاكيد ودفع اللبس.

عرّض به مما سوى هذا - : مما تفهم (1) المرأة به : أنه يريد نكاحها. - : فجائز له ؛ وكذلك : التعريض بالإجابة [له (2)] ، جائز (3) لها (4)

«قال : والعدّة التي أذن اللّه بالتعريض بالخطبة فيها - : العدة من وفاة الزوج (5). ولا يبين (6) : أن لا يجوز ذلك فى العدّة من الطلاق : الذي لا يملك فيه المطلّق ، الرجعة.»

واحتج فى موضع آخر (7) - على أن السر : الجماع (8). - : بدلالة القرآن ؛ [ثم قال (9)] : «فإذا أباح التعريض - : والتعريض ، عند أهل العلم ، جائز : سرا وعلانية (10). - : فلا يجوز أن يتوهّم : أن السر : سرّ التعريض ؛ ولا بد من معني غيره ؛ وذلك المعنى : الجماع. قال (11) امرؤ القيس

ص: 191


1- فى الأم : «يفهم». ولا فرق فى المعنى.
2- الزيادة للايضاح ، عن الأم.
3- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «جاز».
4- انظر ما ذكره فى الأم ، بعد ذلك.
5- قال فى الأم - بعد ذلك - : «وإذا كانت الوفاة : فلا زوج يرجى نكاحه بحال.».
6- هذا إلخ ، مختصر بتصرف من عبارة الأم (ج 5 ص 32) وهى : «ولا أحب أن يعرض الرجل للمرأة ، فى العدة من الطلاق الذي لا يملك فيه المطلق الرجعة - : احتياطا. ولا يبين أن لا يجوز ذلك : لأنه غير مالك أمره فى عدتها ؛ كما هو غير مالكها : إذا خلت من عدتها.».
7- من الأم (ج 5 ص 142).
8- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 179) : ما روى فى ذلك.
9- الزيادة للتنبيه ؛ وعبارة الأم هى : «فالقرآن كالدليل عليه إذ أباح» فما في الأصل مختصر بتصرف.
10- في الأم زيادة ملائمة لما فيها ، وهى : «فإذا كان هذا» إلخ.
11- كذا بالأصل والأم (ص 118) والمختصر (ج 3 ص 280). وفى الأم (ص 142) : «وقال».

ألا زعمت بسباسة (1) ، اليوم (2) : أنّنى *** كبرت ، وأن لا يحسن السّرّ (3) أمثالى

كذبت : لقد أصبي (4) على المرء عرسه *** وأمنع عرسى : أن يزنّ (5) بها الخالي (6)

وقال جرير يرثى امرأته :

كانت إذا هجر الخليل (7) فراشها : *** خزن الحديث ، وعفّت الأسرار.»

قال الشافعي : فإذا علم : أن حديثها مخزون ، فخزن الحديث : [أن (8)] لا يباح به سرا ولا علانية. فإذا وصفها بهذا (9) : فلا معنى للعفاف (10) غير الأسرار ؛ [و (11)] الأسرار : الجماع.».

وهذا : فيما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي ؛ فذكره.

* * *

ص: 192


1- هى : امرأة من بنى أسد ؛ كما فى القاموس وشرحه (مادة : بس). وانظر شرح الديوان للسندوبى (ص 139). وفى الأصل : (لبسباسة) ، وهو تحريف مخل بالوزن.
2- كذا بالأصل والديوان وشرح القاموس. وفى الأم (ص 118 و 142) والمختصر (ج 3 ص 288) : «القوم». والظاهر أنه تحريف.
3- فى شرح القاموس وبعض نسخ الديوان : «اللّهو» والاستدلال إنما هو بالرواية الأولى.
4- فى الأصل : «أمسى» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر والديوان ، واللسان والتاج (مادة : خلى).
5- فى الأصل : «يرى». وهو تحريف.
6- هو : العزب الذي لا زوجة له.
7- كذا بالأصل والأم. وفى الديوان (ص 201) : «الحليل» ؛ ولا فرق فى المعنى المراد.
8- زيادة لا بد منها عن الأم (ص 142).
9- قوله : بهذا ، غير موجود بالأم.
10- فى الأصل : «لعفاف» ، وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
11- زيادة لا بد منها عن الأم (ص 142).

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) - فى قول اللّه عز وجل : ( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ : 2 - 222 ) . - : «يعنى (واللّه أعلم) : الطهارة التي تحل بها الصلاة لها - : [الغسل والتيمم (2)].».

قال الشافعي (3) (رحمه اللّه) : «وتحريم (4) اللّه (تبارك وتعالى) إتيان النساء فى المحيض (5) - : لأذى الحيض (6). - : كالدلالة على : [أن (7)] إتيان النساء فى أدبارهن محرّم (8).».

(أنا) أبو عبد اللّه ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (9) :

ص: 193


1- كما فى الأم (ج 5 ص 154).
2- زيادة مفيدة ، عن المختصر (ج 3 ص 293). وراجع الأم (ج 5 ص 7).
3- كما فى الأم (ج 5 ص 84).
4- عبارة الأم : «ويشبه أن يكون تحريم».
5- قال الشافعي - (على ما فى السنن الكبرى (ج 7 ص 191) والأم (ج 5 ص 155 - 156) - : «فخالفنا بعض الناس : فى مباشرة الرجل امرأته ، وإتيانه إياها وهى حائض. - فقال : قد روينا خلاف ما رويتم ، فروينا : أن يخلف موضع الدم ، ثم ينال ما شاء. وذكر حديثا لا يثبته أهل العلم بالحديث.».
6- انظر ما قاله فى الأم بعد ذلك.
7- الزيادة عن الأم.
8- قال فى المختصر (ج 3 ص 293) : «لأن أذاه لا ينقطع». وانظر السنن الكبرى (ج 7 ص 190 - 191).
9- كما فى الأم (ج 5 ص 84).

«قال اللّه عزوجل : ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ؛ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ : 2 - 223 ) (1)

«قال : وبيّن : أن موضع الحرث : موضع الولد ؛ وأن اللّه (عز وجل) أباح الإتيان فيه ، إلا : فى وقت الحيض. و ( أَنَّى شِئْتُمْ ) : من أين شئتم.»

«قال : وإباحة الإتيان فى موضع الحرث ، يشبه أن يكون : تحريم إتيان [فى (2)] غيره.»

«والإتيان (3) فى الدّبر - : حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان فى القبل. - محرّم : بدلالة الكتاب ، ثم السنة (4).».

* * *

«قال الشافعي (5) (فيما أنبأنى أبو عبد اللّه : إجازة ؛ عن أبى العباس ، عن الربيع ، عنه) - فى قوله عز وجل : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ : فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ : فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ : 23 - 5 - 7 ) . - :

ص: 194


1- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 194 - 199) : ما ورد فى سبب نزول هذه الآية. وفى مسئلة إتيان المرأة فى الدبر. وراجع كلام الشافعي أيضا فى هذا المقام ، فى الأم (ج 5 ص 156) : فهو مفيد جدا. وانظر المختصر (ج 3 ص1. 294).
2- زيادة حسنة ، عن الأم.
3- فى الأم : «فالإتيان».
4- راجع فى الأم : ما أورده من السنة ، وما ذكره بعد ففيه فوائد جمة.
5- كما فى الأم (ج 5 ص 84).

«فكان بيّنا - فى ذكر حفظهم لفروجهم ، إلا على أزواجهم ، أو ما ملكت أيمانهم - : تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الأيمان.»

«وبيّن : أن الأزواج وملك اليمين : من الآدميات ؛ دون البهائم. ثم أكّدها ، فقال : ( فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ : فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ ) .»

«فلا يحل العمل بالذّكر ، إلا : فى زوجة (1) ، أو فى ملك اليمين (2). ولا يحل الاستمناء. واللّه أعلم (3)».

و [قال (4)] - فى قوله : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً ، حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ : 24 - 33 ) . - :

«معناه (واللّه أعلم) : ليصبروا حتى يغنيهم اللّه. وهو : كقوله (عز وجل) فى مال اليتيم : ( وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ 4 - 6 ) : ليكفّ عن أكله بسلف ، أو غيره.».

قال : «وكان - فى قول اللّه عز وجل : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ) . - بيان : أن المخاطبين بها : الرجال ؛ لا : (5) النساء.»

ص: 195


1- كذا بالأصل والسنن الكبرى (ج 7 ص 199). وفى الأم : «الزوجة».
2- فى السنن الكبرى : «يمين».
3- راجع الأم (ج 5 ص 129).
4- زيادة حسنة ، عن الأم (ج 5 ص 84).
5- فى الأصل : «والنساء» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم.

«فدل : على أنه لا يحل [للمرأة (1)] : أن تكون متسرّية بما (2) ملكت يمينها ؛ لأنها : متسرّاة (3) أو منكوحة ؛ لا : ناكحة ؛ إلا بمعنى : أنها منكوحة (4).».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، أنا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (5) : «قال اللّه عز وجل : ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً : 4 - 4 ) ؛ وقال : ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ، وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ : 4 - 25 ) .».

وذكر (6) سائر الآيات التي وردت فى الصداق (7) ، ثم قال : «فأمر اللّه

ص: 196


1- زيادة موضحة ، عن الأم.
2- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «مشترية ما». وهو خطأ وتحريف.
3- فى الأصل : «مشتراة» ؛ والتصحيح عن الأم.
4- أي : على سبيل المجاز المرسل ، من باب إطلاق اسم الفاعل وإرادة اسم المفعول. وانظر ما ذكره بعد ذلك فى الأم (ج ٥ ص ٨٤ _ ٨٥).
5- كما فى الأم (ج 5 ص 51 و 142).
6- هذا من كلام البيهقي.
7- وهى قوله تعالى : ( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ ؛ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ : فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً : 4 - 24 ) ؛ وقوله : ( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ : 4 - 19 ) ؛ وقوله : ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ : وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً ؛ فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً : 4 - 20 ) ؛ وقوله : ( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ : بِما فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ، وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ : 4 - 34 ) ؛ وقوله : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً ، حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ : 24 - 33 ) .

(عز وجل) الأزواج : بأن (1) يؤتوا النساء أجورهنّ وصدقاتهنّ ؛ والأجر [هو (2)] : الصداق ؛ والصداق هو : الأجر والمهر. وهى كلمة عربية : تسمى بعدة (3) أسماء.»

«فيحتمل هذا : أن يكون مأمورا بصداق ، من فرضه - دون من لم يفرضه - : دخل ، أو لم يدخل. لأنه حق ألزمه المرء نفسه : فلا يكون له حبس شيء منه (4) ، إلا بالمعني الذي جعله اللّه [له (5)] ؛ وهو : أن يطلّق قبل الدخول. قال اللّه عز وجل : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ - : وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً. - : فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ (6) ؛ إِلَّا : أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ : 2 - 237).»

«ويحتمل : أن يكون يجب بالعقد (7) : وإن لم يسم مهرا ، ولم (8) يدخل.»

ص: 197


1- فى الأم (ص 142) : «أن».
2- الزيادة عن الأم.
3- كذا بالأم (ص 142). وفى الأصل والأم (ص 51) : «بعدد».
4- عبارة الأم (ص 142) : «ولا يكون له حبس لشىء منه».
5- زيادة حسنة ، عن الأم.
6- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 254 - 255) : ما روى عن ابن عباس وغيره.
7- فى الأم : «بالعقدة» ؛ ولا فرق.
8- كذا بالأم ؛ وفي الأصل : «وإن لم» ؛ ولا داعى للزيادة.

«ويحتمل : أن يكون المهر لا يلزم أبدا (1) ، إلا : بأن يلزمه المرء (2) نفسه ، أو يدخل بالمرأة : وإن لم يسمّ مهرا.»

«فلمّا احتمل المعاني الثلاث ، كان أولاها (3) أن يقال به : ما كانت عليه الدلالة : من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع.»

فاستدللنا (4) - : بقول اللّه عز وجل : ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ، أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ؛ وَمَتِّعُوهُنَّ : عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ : 2 - 236 ) (5). - : أن عقد النكاح [يصح (6)] بغير فريضة صداق (7) ؛ وذلك : أن الطلاق لا يقع إلا على من عقد نكاحه (8).».

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : «وكان (9) بيّنا فى كتاب اللّه (جل

ص: 198


1- هذا غير موجود بالأم (ص 142).
2- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «المهر» ؛ وهو تحريف.
3- كذا بالأصل والأم (ص 142) ، وهو الظاهر. وفي الأم (ص 51) : «أولاه».
4- فى الأم (ص 51) : «واستدللنا» ، وما أثبت أحسن.
5- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 244) : ما روى عن ابن عباس ، وابن عمر ، وغيرهما.
6- زياة لا بد منها ، عن الأم (ص 51). وعبارة الأم (ص 142) هى : «على أن عقدة النكاح تصح»
7- انظر الرسالة (ص 345).
8- فى الأم (ص 142) : «إلا على من تصح عقدة نكاحه». وانظر كلامه بعد ذلك (ص 51 - 52)
9- فى الأصل : «وكما» ؛ وهو محرف عما أثبتنا. وفى الأم (ص 52) : «فكان».

ثناؤه) : أن على الناكح الواطئ ، صداقا (1) : بفرض (2) اللّه (عز وجل) فى الإماء : أن ينكحن (3) بإذن أهلهن ، ويؤتين أجورهن. - والأجر : الصداق. - وبقوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ : فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ : 4 - 24 ) ؛ وقال عز وجل : ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً : إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ، إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ : أَنْ يَسْتَنْكِحَها ؛ خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ : 33 - 50 ) : [خالصة بهبة ولا مهر ؛ فأعلم : أنها للنبى (صلى اللّه عليه وسلم) دون المؤمنين.] (4)»

وقال مرة أخرى - فى هذه الآية - : «يريد (واللّه أعلم) : النكاح (5) والمسيس بغير مهر (6) فدل (7) : على أنه ليس لأحد غير رسول اللّه

ص: 199


1- فى الأم بعد ذلك ، زيادة : «لما ذكرت» ؛ أي : من الأحاديث والآيات التي لم تذكر هنا.
2- عبارة الأم : «ففرض» ؛ وهى تكون ظاهرة إذا كانت الفاء عاطفة. فتأمل.
3- فى الأصل : «ينكحوا» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
4- الزيادة عن الأم ؛ وهى وإن كان معناها يؤخذ مما سيأتى فى الأصل ، إلا أنا نجوز أنها قد سقطت منه : على ما يشعر به قوله : «وقال مرة أخرى فى هذه الآية».
5- كذا بالأصل والأم (ص 51). وفى الأم (ص 142) : «بالنكاح» ؛ ولعل الباء زائدة من الناسخ.
6- انظر ما ذكره بعد ذلك ، فى الأم (ج 5 ص 52).
7- هذا إلخ ، غير موجود بالأم (ص 52) ، وموجد بها (ص 142 - 143) إلا قوله : «فدل». ونرجح أنه سقط من نسخ الأم.

(صلى اللّه عليه وسلم) : أن ينكح فيمسّ ، إلا لزمه مهر. مع دلالة الآي قبله (1).».

وقال - فى قوله عز وجل : ( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) . - : «يعنى : النساء (2).».

[وفي قوله (3)] : ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ : 2 - 237 ) . - : «يعنى : الزوج (4) ؛ وذلك : أنه إنما يعفو (5) من له ما يعفوه (6).».

ورواه عن أمير المؤمنين : على بن أبى طالب (رضى اللّه عنه) وجبير ابن مطعم. وابن سيرين (7) ، وشريح (8) ، وابن المسيّب ، وسعيد بن جبير ،

ص: 200


1- انظر ما ذكره بعد ذلك ، فى الأم (ص 143).
2- راجع ما تقدم (ص 139 ، والأم (ج 3 ص 192 - 193).
3- زيادة لا بأس بها.
4- عبارته فى الأم (ج 5 ص 66) : «وبين عندى فى الآية : أن الذي بيده عقدة النكاح : الزوج.». وعبارته فى الأم (ج 5 ص 151) : «وفى الآية كالدلالة على أن الذي» إلخ.
5- فى الأم (ص 66) : «يعفوه» ؛ وعبارة المختصر (ج 4 ص 34) : «إنما يعفو من ملك».
6- قال بعد ذلك فى الأم (ص 66) : «فلما ذكر اللّه (جل وعز) عفوها عما ملكت : من نصف المهر ؛ أشبه : أن يكون ذكر عفوه لماله : من جنس نصف المهر. واللّه أعلم».
7- كذا بالأم (ص 66) ، ومسند الشافعي بهامش الأم (ج 6 ص 211). وفى الأصل : «وابن عباس» ؛ ولم نعثر عليه فيما لدينا من كتب الشافعي ؛ ولعل استقراءنا ناقص : إذ قد أخرجه عنه فى السنن الكبرى (ج 7 ص 251).
8- كما فى المختصر (ج 4 ص 34).

ومجاهد (1)].

وقال - فى رواية الزّعفرانىّ عنه - : «وسمعت من أرضى ، يقول : الذي بيده عقدة النكاح : الأب فى ابنته البكر ، والسيد فى أمته (2) ؛ فعفوه جائز (3).».

* * *

(وأنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (4) : «قال اللّه عز وجل : ( وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ : حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ : 2 - 241 ) ؛ وقال عز وجل : ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ، أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ؛ وَمَتِّعُوهُنَّ ) الآية (5)

«فقال عامة من لقيت - : من أصحابنا - : المتعة [هى (6)] : للتى [لم (7)] يدخل بها [قطّ (8)] ، ولم يفرض لها مهر ، وطلّقت (9). وللمطلقة

ص: 201


1- الزيادة عن المختصر. وقد روى هذا أيضا : عن طاور. والشعبي ، ونافع بن جبير ، ومحمد بن كعب. كما فى السنن الكبرى (ج 7 ص 251).
2- انظر الأم (ج 5 ص 191).
3- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 252) : ما ورد فى ذلك عن ابن عباس وغيره ؛ وما حكاه عن الشافعي فى القديم.
4- كما فى الأم (ج 7 ص 28).
5- تمامها : ( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ؛ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ ، حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) : (2 - 236).
6- الزيادة عن الأم ؛ وبعضها ضروري ، وبعضها حسن كما لا يخفى.
7- الزيادة عن الأم ؛ وبعضها ضروري ، وبعضها حسن كما لا يخفى.
8- الزيادة عن الأم ؛ وبعضها ضروري ، وبعضها حسن كما لا يخفى.
9- فى الأم : «فطلقت». وراجع الأم (ج 5 ص 62) : ففيها فوائد كثيرة.

المدخول (1) بها : المفروض لها ؛ بأن الآية (2) عامة على المطلقات (3).» ورواه عن ابن عمر (4).

وقال فى كتاب الصّداق (5) (بهذا الإسناد) - فيمن نكح امرأة بصداق فاسد - : «فإن (6) طلقها قبل أن يدخل بها : فلها نصف مهر مثلها ؛ ولا متعة [لها (7)] فى قول من ذهب : إلى أن لا متعة للتى (8) فرض لها : إذا طلقت قبل (9) أن تمسّ ولها المتعة فى قول من قال : المتعة لكل مطلقة.».

وروى (10) القول الثاني عن ابن شهاب الزّهرىّ (11) ؛ وقد ذكرنا إسناده فى ذلك ، فى كتاب : (المعرفة)

ص: 202


1- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «الدخول». وهو تحريف.
2- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «بالآية».
3- قال فى الأم بعد ذلك : «لم يخصض منهن واحدة دون أخرى ، بدلالة : من كتاب اللّه (عز وجل) ولا أثر.». وراجع بقية كلامه فهو مفيد جدا ؛ وراجع الأم (ج 7 ص 237).
4- أخرج الشافعي عنه - من طريق مالك عن نافع - أنه قال : «لكل مطلقة متعة ؛ إلا التي تطلق : وقد فرض لها الصداق ولم تمس ؛ فحسبها ما فرض لها.». انظر الأم (ج 7 ص 237 و 28) ، والمختصر (ج 4 ص 38) وقال فى السنن الكبرى (ج 7 ص 257) - بعد أن رواه من هذا الطريق أيضا - : «وروينا هذا القول : من التابعين ؛ عن القاسم بن محمد ، ومجاهد ، والشعبي.».
5- من الأم (ج 5 ص 61).
6- فى الأم : «وإن».
7- زيادة حسنة ، عن الأم.
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «التي». وهو تحريف.
9- فى الأم : «قبل تمس».
10- فى كتاب : (اختلاف مالك والشافعي) ؛ الملحق بالأم (ج 7 ص 237).
11- ورواه أيضا فى السنن الكبرى (ج 7 ص 257) عن أبى العالية ، والحسن.

وحمل المسيس المذكور فى قوله : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ : وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ؛ فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ : 2 - 237 ) . - : على الوطء (1). ورواه عن ابن عباس ، وشريح (2). وهو بتمامه ، منقول فى كتاب : (المعرفة) و (المبسوط) ؛ مع ما ذهب إليه فى القديم.

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (3) : قال اللّه عز وجل : ( وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ : 4 - 19) (4) ؛ وقال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ : 2 - 229 ) .»

«قال : وجماع (5) المعروف : إتيان ذلك بما يحسن لك ثوابه ؛ وكفّ المكروه.».

وقال فى موضع آخر (6) (فيما هو لى : بالإجازة ؛ عن أبى عبد اللّه) : «وفرض اللّه : أن يؤدى كلّ ما عليه : بالمعروف.»

ص: 203


1- انظر المختصر والأم (ج 5 ص 16 و 197).
2- راجع ما روى عنهما فى الأم ، والمختصر ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 254 - 255). وراجع أيضا الأم (ج 7 ص 18).
3- كما فى الأم (ج 5 ص 95).
4- انظر الأم (ج 5 ص 101).
5- قال قبل ذلك - فى الأم (ص 95) - : «وأقل ما يجب فى أمره : بالعشرة بالمعروف. - : أن يؤدى الزوج إلى زوجته ، ما فرض اللّه لها عليه : من نفقة وكسوة ؛ وترك ميل ظاهر : فإنه يقول جل وعز : ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ : 4 - 129 ) .
6- من الأم (ج 5 ص 77).

وجماع المعروف : إعفاء صاحب الحق من المئونة فى طلبه ، وأداؤه إليه : بطيب النفس. لا : بضرورته (1) إلى طلبه ؛ ولا : تأديته : بإظهار الكراهية لتأديته.»

«وأيّهما ترك : فظلم ؛ لأن مطل الغنىّ ظلم ؛ ومطله (2) تأخير (3) الحق. قال : وقال (4) اللّه عز وجل : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ؛ واللّه أعلم ؛ [أي (5)] : فما لهنّ مثل ما عليهنّ (6) : من أن يؤدّى إليهنّ بالمعروف.».

وفى رواية المزنىّ ، عن الشافعي (7) : «وجماع المعروف بين الزوجين : كفّ المكروه ، وإعفاء صاحب الحق من المئونة فى طلبه. لا : بإظهار الكراهية فى تأديته. فأيّهما مطل بتأخيره : فمطل الغنىّ ظلم.».

وهذا : مما كتب إلىّ أبو نعيم الأسفراينىّ : أن أبا عوانة أخبرهم عن المزني ، عن الشافعي. فذكره.

* * *

ص: 204


1- أي : باضطراره. وفى الأصل : «بضرورية». وهو تحريف ، والتصحيح عن الأم.
2- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «ومظلمة». وهو تحريف.
3- فى الأم «تأخيره» ولا فرق فى المعنى
4- كذا بالأصل. وهو الظاهر. وفى الأم : «فى قوله».
5- الزيادة عن الأم.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «لهن ما لهن عند ما عليهن» ، وهو محرف وغير ظاهر.
7- كما فى المختصر (ج 4 ص 41 - 42) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 291).

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «قال اللّه عز وجل : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً : 4 - 128 ) .»

«(أنا) ابن عيينة ، عن الزهريّ ، عن ابن المسيّب - : أن بنت (2) محمد بن مسلمة ، كانت عند رافع بن خديج ، فكره منها أمرا ؛ إما كبرا أو غيره ؛ فأراد طلاقها ، فقالت : لا تطلقنى ، وأمسكنى ؛ واقسم لى ما بدا لك (3). فأنزل اللّه عز وجل : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً ) (4) الآية (5)

* * *

(أخبرنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، نا الشافعي ، قال : «وزعم (6) بعض أهل العلم بالتفسير : أن قول اللّه عز وجل : ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ : 4 - 129 ) :

ص: 205


1- كما فى الأم (ج 5 ص 171).
2- فى الأم ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 296) : «ابنة».
3- كذا بالأم والسنن الكبرى ، وفى الأصل : «ما بداك». وهو تحريف.
4- راجع فى السنن الكبرى ، ما رواه عن ابن المسيب : فهو مفيد.
5- تمامها : ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ؛ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ؛ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا : فَإِنَّ اللّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) .
6- عبارته فى الأم (ج 5 ص 98) - بعد أن ذكر الآية الكريمة - : «فقال ... لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء بما فى القلوب». وعبارة المختصر (ج 4 ص 42) قريب منها. وانظر السنن الكبرى (ج 7 ص297 - 298).

أن تعدلوا بما فى القلوب (1) ؛ لأنكم لا تملكون ما فى القلوب (2) : حتى يكون مستويا.»

«وهذا - إن شاء اللّه عز وجل - : كما قالوا ؛ وقد تجاوز اللّه (عز وجل) لهذه الأمّة ، عما حدّثت به نفسها : ما لم تقل أو تعمل (3) ؛ وجعل المأثم : إنما هو فى قول أو فعل.»

«وزعم بعض أهل العلم بالتفسير : أن قول اللّه عز وجل : ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ (4) : 4 - 129 ) : - إن تجوّز (5) لكم عما فى القلوت - : فتتّبعوا أهواءها (6) ، فتخرجوا إلى الأثرة بالفعل : (فتذروها

ص: 206


1- عبارته في الأم (ج 5 ص 172) - وهى التي ذكر بقيتها فيما سيأتى قريبا - : «لن تستطيعوا إنما ذلك فى القلوب» ؛ ولا فرق فى المعنى.
2- عبارة الأم (ص 98) : «فإن اللّه تجاوز للعباد عما فى القلوب». وذكر معناها فى المختصر. ثم إن ما ذكر فى الأصل - من هنا إلى قوله الآتي : وعنه فى موضع آخر. - غير موجود فى كتب الشافعي التي بأيدينا على ما نعتقد.
3- هذا موافق لحديث أبى هريرة : «تجاوز اللّه لأمتى ما حدثت به أنفسها : ما لم تكلم به ، أو تعمل به.». وانظر السنن الكبرى (ج 7 ص 209 و 298) ، وفتح الباري (ج 11 ص 440). وأنظر أيضا ما ذكر فى سنن الشافعي (ص 73)
4- لكل من الطبري والنيسابورى - فى التفسير (ج 5 ص 203) - كلام واضح جيد ، يفيد فى المقام. فارجع إليه. ولو لا خشية الخروج عن غرضنا لنقلناه.
5- فى الأصل : «يجوز». وهو تحريف.
6- فى الأصل : «فتتبعوها أهواها». وهو تحريف. وعبارة الأم (ص 98) : «(فلا تميلوا) : تتبعوا أهواءكم ؛ (كل الميل) : بالفعل مع الهوى.». وقال فيها - بعد أن ذكر : أن على الرجل أن يعدل فى القسم لنسائة ؛ بدلالة السنة والإجماض. - : «فدل ذلك : على أنه إنما أريد به ما فى القلوب : مما قد تجاوز اللّه للعباد عنه ، فيما هو أعظم من الميل على النساء.».

كالمعلّقة). وهذا - إن شاء اللّه تعالى (1) - عندى (2) : كما قالوا.»

وعنه في موضع آخر (3) : «فقال (4) : ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ) : لا تتبعوا أهواءكم ، أفعالكم (5) : فيصير الميل بالفعل الذي ليس لكم : (فتذروها كالمعلّقة).»

«وما أشبه ما قالوا - عندى - بما قالوا ؛ لأن اللّه (تعالى) تجاوز عما فى القلوب ، وكتب على الناس الأفعال والأقاويل. وإذا (6) مال بالقول والفعل : فذلك كلّ الميل (7).».

* * *

(أنبأنى) أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) : أن أبا العباس (محمد بن يعقوب) حدثهم : أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، قال (8) : «قال اللّه عز وجل : ( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ : بِما فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) إلى قوله (9)

ص: 207


1- فى الأصل : «لعله». وهو محرف عما أثبتنا على ما يظهر.
2- فى الأصل : «وعندى». والزيادة من الناسخ.
3- من الأم (ج 5 ص 172)
4- هذا غير موجود فى الأم
5- كذا بالمختصر أيضا.
6- فى الأم ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 298) : «فإذا». وقال فى المختصر : «فإذا كان الفعل والقول مع الهواء : فذلك كل الميل.» إلخ ؛ فراجعه.
7- انظر ما ذكره فى الأم بعد ذلك ؛ وراجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 298 - 299) ما ورد فى ذلك : من الأحاديث والآثار.
8- كما فى الأم (ج 5 ص 100)
9- فى الأم : «إلى قوله سبيلا». وتمام المحذوف : ( وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ ؛ فَالصَّالِحاتُ : قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللّهُ ) .

( وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ (1) : فَعِظُوهُنَّ ، وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ (2). فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ : فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً (3) : 4 - 34 ) .»

«قال الشافعي : [قوله (4)] : ( وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ ) ؛ يحتمل : إذا رأى الدلالات - فى أفعال المرأة وأقاويلها (5) - على النشوز ، وكان (6) للخوف موضع - : أن يعظها ؛ فإن أبدت نشوزا : هجرها ؛ فإن أقامت عليه : ضربها.»

ص: 208


1- قال فى الأم (ج 5 ص 176) : «وأشبه ما سمعت فى هذا القول - : أن لخوف النشوز دلائل ؛ فإذا كانت : فعظوهن ؛ لأن العظة مباحة. فإن لججن - : فأظهرن نشوزا بقول أو فعل. - : فاهجروهن فى المضاجر. فإن أقمن بذلك ، على ذلك : فاضربوهن. وذلك بين : أنه لا يجوز هجرة فى المضجر. وهو منهى عنه - ولا ضرب : إلا بقول ، أو فعل ، أو هما. ويحتمل فى (تخافون نشوزهن) : إذا نشزن ، فأبن النشور. فكن عاصيات به - : أن تجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب.» ؛ ثم قال بعد ذلك بقليل : «ولا يجوز لأحد أن يضرب ، ولا يهجر مضجعا : بغير بيان نشوزها.» ا ه باختصار يسير. وانظر ما قاله بعد ذلك.
2- انظر كلامه عن ضرب النساء خاصة ، فى الأم (ج 6 ص 131) فهو مفيد فى المقام.
3- ارجع في ذلك ، إلى السنن الكبرى (ج 7 ص 303 - 305) ؛ وقف على أثر ابن عباس.
4- فى الأم (ج 5 ص 100) : «قال اللّه عز وجل». ولعل «قال» محرف عما زدناه للايضاح.
5- فى الأم : «فى إيغال المرأة وإقبالها». وما فى الأصل هو الظاهر ، ويؤكده قوله فى المختصر (ج 4 ص 47) : «فإذا رأى منها دلالة على الخوف : من فعل أو قول ؛ وعظها» إلخ.
6- فى الأم : «فكان». وما فى الأصل أحسن.

«وذلك : أن العظة مباحة قبل فعل (1) المكروه - : إذا رؤيت (2) أسبابه ، وأن لا مؤنة فيها عليها تضرّ بها (3). وإن العظة غير محرمة [من المرء (4)] لأخيه : فكيف لامرأته؟!. والهجر لا يكون (5) إلا بما (6) يحل به : لأن الهجرة محرمة - فى غير هذا الموضع - فوق ثلاث (7). والضرب لا يكون إلا ببيان الفعل»

«[فالآية فى العظة ، والهجرة ، والضرب على بيان الفعل (8)] : تدل (9) على أن حالات المرأة فى اختلاف ما تعاتب فيه وتعاقب - : من العظة ، والهجرة ، والضرب. - : مختلفة. فإذا اختلفت : فلا يشبه معناها إلا ما وصفت.»

«وقد يحتمل قوله تعالى : ( تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ ) : إذا نشزن ، فخفتم

ص: 209


1- فى الأم : «الفعل». والمؤدى واحد.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «وإذا رأيت». وهو خطأ وتحريف.
3- كذا بالأم. وعبارة الأصل : «فإن الأمور به فيها كلها بضربها». وهى محرفة خفية.
4- زيادة حسنة ، عن الأم.
5- فى الأم : «والهجرة لا تكون». ولا فرق بينهما.
6- كذا بالأم. وفي الأصل : «فيما». وهو تحريف.
7- كما يدل عليه حديث الصحيحين المشهور : «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث : يلتقيان ، فيعرض هذا ، ويعرض هذا. وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».
8- زيادة عن الأم : يتوقف عليها ربط الكلام ، وفهم المقام.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «يدل». وهو تحريف. وقال فى المختصر (ج 4 ص9. 47) - بعد أن ذكر الآية الشريفة - : «وفى ذلك ، دلالة : على اختلاف حال المرأة فيما تعاقب فيه ، وتعاقب عليه.» إلى آخر ما ذكرناه قبل ذلك.

لجاجتهن (1) فى النشوز - : أن يكون لكم جمع العظة ، والهجرة ، والضرب (2).».

* * *

وبإسناده ، قال : [قال] : الشافعي (3) (رحمه اللّه) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما : فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ؛ إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً : يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُما ) (4) الآية (5)

«اللّه أعلم بمعنى ما أراد : من خوف الشقاق الذي إذا بلغاه : أمره أن يبعث حكما من أهله ، وحكما من أهلها.»

«والذي يشبه (6) ظاهر الآية (7) : فما عمّ الزوجين [معا ، حتى يشتبه

ص: 210


1- كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «إذا نشزت فخفتم لحاجتهن». وهو تحريف.
2- انظر ما ذكره فى الأم بعد ذلك ، وما ذكره فيها (ج 5 ص 173) : فهو مفيد فى بحث القسم للنساء.
3- كما فى الأم (ج 5 ص 103).
4- راجع فى ذلك ، السنن الكبرى (ج 7 ص 305 - 307) : ففيها فؤائد كثيرة.
5- تمامها : ( إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً : 4 - 35 ) .
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «يشير». وهو تحريف.
7- قال فى الأم (ج 5 ص 177) : «فأما ظاهر الآية : فإن خوف الشقاق بين الزوجين : أن يدعى كل واحد منهما على صاحبه منع الحق ؛ ولا يطيب واحد منهما لصاحبه : بإعطاء ما يرضى به ؛ ولا ينقطع ما بينهما : بفرقة ، ولا صلح ، ولا ترك القيام بالشقاق. وذلك أن اللّه (عز وجل) أذن فى نشوز المرأة : بالعظة والهجرة والضرب ؛ ولنشوز الرجل : بالصلح.» إلخ فراجعه : فإنه مفيد ، ومعين على فهم ما هنا.

فيه حالاهما - : من (1) الإباية (2).]»

«[وذلك : أنى وجدت اللّه (عز وجل) أذن فى نشوز الزوج (3)] : بأن (4) يصطلحا (5) ؛ وأذن فى نشوز المرأة : بالضرب ؛ وأذن - فى خوفهما (6) : أن لا يقيما حدود [اللّه] (7) - : بالخلع (8).».

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : «فلما أمر فيمن خفنا الشقاق بينه (9) : بالحكمين ؛ دل (10) ذلك : على أن حكمهما [غير حكم الأزواج غيرهما (11)] : أن يشتبه (12) حالاهما فى الشقاق : فلا (13) يفعل (14) الرجل : الصلح (15)

ص: 211


1- عبارة الأم (ج 5 ص 103) : «الآية». وفيها تحريف ونقص ؛ ويدل على صحة ما أثبتناه ما سننقله قريبا عن الأم.
2- الزيادة عن الأم.
3- الزيادة عن الأم.
4- فى الأم : «أن».
5- فى الأم زيادة : «وسن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ذلك».
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «خوفها». وهو تحريف ،
7- الزيادة عن الأم.
8- انظر ما ذكره بعد ذلك ، فى الأم.
9- فى المختصر (ج 4 ص 48) : «بينهما». ولا فرق : فقد روعى هنا لفظ «من».
10- فى الأصل : «وذلك» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر.
11- الزيادة حسنة ، عن الأم والمختصر. وقال بعد ذلك ، فى الأم : «وكان يعرفهما بإباية الأزواج : أن يشتبه» إلى اخر ما فى الأصل. وهو تفسير للاباية والحكم.
12- فى المختصر : «فإذا اشتبه».
13- فى المختصر «فلم».
14- كذا بالأم والمختصر ، وفى الأصل : «يصل». وهو تحريف.
15- كذا بالأصل والمختصر. وفى الأم : «الصفح».

ولا الفرقة ؛ ولا المرأة : تأدية الحق ولا الفدية (1) ؛ ويصيران (2) - : من القول والفعل. - إلى ما لا يحل لهما ، ولا يحسن (3) ؛ ويتماديان (4) فيما ليس لهما : فلا (5) يعطيان حقا ، ولا يتطوعان [ولا واحد منهما ، بأمر : يصيران به فى معنى الأزواج غيرهما (6).].»

«فإذا كان هكذا : بعث حكما من أهله ، وحكما من أهلها. ولا يبعثهما (7) : إلا مأمونين ، وبرضا (8) الزوجين. ويوكلهما (9) الزوجان : بأن يجمعا ، أو يفرّقا : إذا رأيا ذلك (10).».

ص: 212


1- قال فى الأم ، بعد ذلك : «أو تكون الفدية لا تجوز : من قبل مجاوزة الرجل ماله : من أدب المرأة ؛ وتباين حالهما فى الشقاق. والتباين هو ما يصيران فيه» إلى آخر ما فى الأصل.
2- فى المختصر : «وصارا».
3- فى الأم زيادة : «ويمتنعان كل واحد منهما ، من الرجعة».
4- فى المختصر : «وتماديا ، بعث الإمام حكما» إلخ.
5- فى الام : «ولا». وما فى الأصل أحسن وأظهر.
6- الزيادة عن الأم.
7- فى الأم : «ولا يبعث الحكمان».
8- فى الأصل : «ورضى». وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «وتوكيلهما». وهو تحريف. وفى المختصر : «وتوكيلهما إياهما» ؛ أي : الحكمين.
10- نقل فى السنن الكبرى (ج 7 ص 307) عن الحسن ، أنه قال : «إنما عليهما : أن يصلحا ، وأن ينظرا فى ذلك. وليس الفرقة فى أيديهما» ؛ ثم قال البيهقي : «هذا خلاف ما مضى (أي : من أن لهما الفرقة.) وهو أصح قولى الشافعي رحمه اللّه. وعليه يدل ظاهر ما رويناه عن على (رضى اللّه عنه) : إلا أن يجعلاها إليهما. واللّه أعلم» ا ه. وقال فى الأم (ج 5 ص 177) تعليلا لذلك : «وذلك : أن اللّه (عز وجل) إنما ذكر : أنهما (إن يريدا إصلاحا : يوفق اللّه بينهما) ؛ ولم يذكر تفريقا.».

وأطال الكلام فى شرح ذلك (1) ، ثم قال فى آخره (2) : «ولو قال قائل : يجبرهما السلطان على الحكمين ؛ كان مذهبا (3)».

* * *

وبإسناده ، قال : قال الشافعي (4) : «قال اللّه عز وجل : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ : كَرْهاً ؛ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ : لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ ؛ إِلَّا (5) : أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ : 4 - 19 ) .»

«يقال (6) (واللّه أعلم) : نزلت فى الرجل : يكره المرأة ، فيمنعها - : كراهية لها. - حقّ اللّه (عز وجل) : فى عشرتها بالمعروف ؛ ويحبسها (7) - : مانعا حقها. - : ليرثها ؛ عن (8) [غير (9)] طيب نفس منها ، بإمساكه إياها على المنع.»

«فحرّم اللّه (عز وجل) ذلك : على هذا المعنى ؛ وحرّم على الأزواج :

ص: 213


1- انظر الأم (ج 5 ص 103 - 104) ، والمختصر (ج 4 ص 48 - 50).
2- ص 104
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «مذهبنا». وهو تحريف.
4- كما فى الأم (ج 5 ص 104 - 105).
5- فى الأم : إلى كثيرا».
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «قال». وهو تحريف.
7- عبارته فى الأم (ج 5 ص 178) - بعد أن ذكر قريبا مما تقدم - : «ويحبسها لتموت : فيرثها ، أو يذهب ببعض ما آتاها.».
8- فى الأم : «من».
9- زيادة متعينة ، عن الأم.

أن يعضلوا النساء : ليذهبوا ببعض ما أوتين (1) ؛ واستثنى : ( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) .»

«[وإذا أتين بفاحشة مبيّنة (2)] - وهى : الزنا. - فأعطين بعض (3) ما أوتين - : ليفارقن. - : حل ذلك إن شاء اللّه. ولم يكن (4) معصيتهن الزوج - فيما يجب له - بغير فاحشة : أولى أن يحل (5) ما أعطين ، من : أن يعصين اللّه (عز وجل) والزوج ، بالزنا.»

«قال : وأمر اللّه (عز وجل) - فى اللائي (6) : يكرههن (7) أزواجهن ، ولم يأتين بفاحشة. - : أن يعاشرن بالمعروف. وذلك : تأدية (8) الحق ، وإجمال العشرة.»

«وقال (9) تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ : فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً ،

ص: 214


1- قال فى الأم (ص 178) : «وقيل : فى هذه الآية ، دلالة : على أنه إنما حرم عليه حبسها - مع منعها الحق - : ليرثها ، أو يذهب ببعض ما آتاها.».
2- زيادة عن الأم : متعينة ، ويتوقف عليها ربط الكلام الآتي.
3- فى الأم : «ببعض» والظاهر أن الزيادة من الناسخ أو الطابع.
4- فى الأم : «تكن». ولا فرق.
5- فى الأم : «تحل». ولا فرق أيضا.
6- فى الأم : «اللاتي».
7- كذا بالأم. وفي الأصل : «يكرهن» ؛ وهو خطأ وتحريف. ويؤكد ذلك قوله فى الأم (ج 5 ص 178) : «وقيل : لا بأس بأن يحبسها كارها لها : إذا أدى حق اللّه فيها ؛ لقول اللّه عز وجل : ( وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ؛ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ ) » الآية.
8- فى الأم : «بتأدية» ؛ والمؤدى واحد.
9- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «قال». ولعل الحذف من الناسخ.

وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً : 4 - 19 ) .»

«فأباح عشرتهن - على الكراهية - : بالمعروف ؛ وأخبر : أن اللّه (عز وجل) قد يجعل فى الكره خيرا كثيرا.»

«والخير الكثير : الأجر فى الصبر ، وتأدية الحق إلى من يكره ، أو التطوّل عليه.»

«وقد يغتبط - : وهو كاره لها. - : بأخلاقها ، ودينها ، وكفاءتها (1) ، وبذلها ، وميراث : إن كان لها. وتصرف حالاته إلى الكراهية لها ، بعد الغبطة [بها (2)].».

وذكرها (3) فى موضع اخر (4) - هو : لى مسموع عن أبى سعيد ، عن [أبى] العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي. - وقال فيه :

«وقيل : «إن هذه الآية نسخت (5) ، وفى معنى : ( فَأَمْسِكُوهُنَ (6) فِي الْبُيُوتِ ، حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً : 4 - 15 ) نسخت (7) بآية الحدود (8) : فلم يكن على امرأة ، حبس : يمنع (9) [به (10)]

ص: 215


1- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «كفايتها». ولعله محرف أو أن الهمزة سهلت.
2- زيادة حسنة عن الأم.
3- أي : آية العضل السابقة كلها
4- من الأم (ج 5 ص 178 - 179).
5- فى الأم (ص 179) : «منسوخة».
6- ذكر فى الأم الآية من أولها.
7- فى الأم : «فنسخت».
8- الآية الثانية من سورة النور. وقد ذكرها فى الأم ، وذكر من السنة : ما سياتى فى أول الحدود. فراجعه ، وراجع الأم (ج 7 ص75 - 76) ، والرسالة (ص 128 - 129 و 246 - 247).
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «بمنع» ؛ وهو خطأ وتحريف.
10- زيادة حسنة عن الأم.

حقّ الزوجة على الزوج ؛ وكان عليها الحدّ.».

وأطال الكلام فيه (1) ؛ وإنما أراد : نسخ الحبس على منع حقها : إذا أتت بفاحشة ؛ واللّه أعلم.

* * *

(أنا) أبو سعيد محمد بن موسى ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (2) : «قال اللّه عز وجل : ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ؛ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً : فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (3) : 4 - 4 ) .»

«فكان فى [هذه (4)] الآية : إباحة أكله : إذا طابت به (5) نفسا ؛ ودليل : على أنها إذا لم تطب به نفسا : لم يحل أكله.»

«[وقد] (6) قال اللّه عز وجل : ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ ، وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً (7) - : فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ؛ [أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (8)؟!] : 4 - 20 ) .»

ص: 216


1- انظر الأم (ج 5 ص 179).
2- كما فى الأم (ج 5 ص 178).
3- راجع ما تقدم (ص 139 - 140) ، والأم (ج 3 ص 192 - 193).
4- زيادة حسنة ، عن الأم.
5- فى الأم : «نفسها».
6- هذه الزيادة عن الأم ؛ وقد يكون كلها أو بعضها متعينا ؛ فتامل.
7- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 233) : ما ورد فى تفسير القنطار.
8- زيادة حسنة ، عن الأم.

«وهذه الآية : فى معنى الآية التي [كتبنا (1)] قبلها. فإذا (2) أراد الرجل الاستبدال بزوجته ، ولم ترد هى فرقته - : لم يكن له أن يأخذ من مالها شيئا - : بأن يستكرهها عليه. - ولا أن يطلّقها : لتعطيه فدية منه.». وأطال الكلام فيه (3).

قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «قال اللّه عز وجل : ( وَلا (5) يَحِلُّ لَكُمْ : أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ؛ إِلَّا : أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللّهِ ؛ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللّهِ : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ : 2 - 229 ) .»

«فقيل (6) (واللّه أعلم) : أن تكون المرأة تكره الرجل : حتى تخاف أن لا تقيم (7) حدود اللّه - : بأداء ما يجب عليها له ، أو أكثره ، إليه (8). ويكون الزوج غير مانع (9) لها ما يجب عليه ، أو أكثره.»

«فإذا كان هذا : حلت الفدية للزوج ؛ وإذا لم يقم أحدهما حدود اللّه : فليسا معا مقيمين حدود اللّه (10)

ص: 217


1- الزيادة عن الأم لدفع الإيهام.
2- فى الأم : «وإذا». وما فى الأصل أحسن.
3- انظر الأم (ج 5 ص 178).
4- كما فى الأم (ج 5 ص 179).
5- ذكر فى الأم ، الآية من أولها.
6- فى الأصل : «فقيد» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «يقيم». وهو خطأ وتحريف.
8- فى الأصل : «أو أكثر وإليه» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
9- كذا بالأم : وفى الأصل : «دافع» ؛ وهو تحريف يخل بالمعنى المراد ، ويعطى عكسه.
10- أي : فيصدق بهذا ، كما يصدق بعدم إقامة كل منهما الحدود.

«وقيل (1) : و [هكذا قول اللّه عز وجل : ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) (2).] : إذا حل ذلك للزوج : [فليس بحرام على المرأة ؛ والمرأة فى كل حال : لا يحرم عليها ما أعطت من مالها. وإذا حل له (3)] ولم يحرم عليها : فلا جناح عليهما معا. وهذا كلام صحيح». وأطال الكلام فى شرحه (4) ؛ ثم قال (5) :

«وقيل (6) : أن تمتنع المرأة من أداء الحق ، فتخاف على الزوج : أن لا يؤدّى الحقّ ؛ إذا منعته حقا. فتحل الفدية.»

«وجماع ذلك : أن تكون المرأة : المانعة لبعض ما يجب عليها له ، المفتدية (7) : تحرّجا من أن لا تؤدى حقّه ، أو كراهية له (8). فإذا كان هكذا : حلت الفدية للزوج (9).».

* * *

ص: 218


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «قال» ؛ وهو تحريف ، أو أن ما أثبتناه ساقط من الأصل بدليل قوله فيما بعد : وهذا كلام صحيح.
2- هذه الزيادة عن الأم ؛ وقد يكون أكثرها متعينا. وعلى كل فالكلام قد اتضح بها وظهر.
3- هذه الزيادة عن الأم ؛ وقد يكون أكثرها متعينا. وعلى كل فالكلام قد اتضح بها وظهر.
4- انظر الأم (ج 5 ص 179).
5- ص 179.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «وقل». وهو تحريف.
7- فى الأصل : «الفذية» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم.
8- كذا بالأم. وعبارة الأصل : «أو كراهيته» ؛ وهى محرفة.
9- راجع فى هذا المقام ، السنن الكبرى (ج 7 ص 312 - 315).

«ما يؤثر عنه فى الخلع ، والطّلاق ، والرّجعة»

قرأت فى كتاب أبى الحسن العاصمىّ :

«(أخبرنا) عبد الرحمن بن العباس الشافعىّ - قرأت عليه بمصر - قال : سمعت يحيى بن زكريا ، يقول : قرأ علىّ يونس : قال الشافعي - : فى الرجل : يحلف بطلاق المرأة ، قبل أن ينكحها (1). - قال : «لا شىء عليه ؛ لأنى رأيت اللّه (عز وجل) ذكر الطلاق بعد النكاح.» ؛ وقرأ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ : 33 - 49 ) (2).».

ص: 219


1- راجع شيئا من تفصيل ذلك ، فى كتاب : (اختلاف أبى حنيفة وابن أبى ليلى) ؛ الملحق بالأم (ج 7 ص 147 و 149). ومن الغريب المؤسف : أن يطبع هذا الكتاب بالقاهرة : خاليا من تعقيبات الشافعي النفيسة ؛ ولا يشار إلى أنه قد طبع مع الأم. ومثل هذا قد حدث فى كتاب : (سير الأوزاعى).
2- قال الشافعي (كما فى المختصر : ج 4 ص 56) : «ولو قال : كل امرأة أتزوجها طالق ، أو امرأة بعينها ؛ أو لعبد : إن ملكتك فأنت حر. - فتزوج ، أو ملك - : لم يلزمه شىء ؛ لأن الكلام - الذي له الحكم - كان : وهو غير مالك ؛ فبطل.». وقال المزني : «ولو قال لامرأة لا يملكها : أنت طالق الساعة ؛ لم تطلق. فهى - بعد مدة - : أبعد ؛ فإذا لم يعمل القوى : فالضعيف أولى أن لا يعمل.» ؛ ثم قال (ص 57) : «وأجمعوا : أنه لا سبيل إلى طلاق من لم يملك ؛ للسنة المجمع عليها. فهى - من أن تطلق ببدعة ، أو على صفة - : أبعد.» ا ه. هذا ؛ وقد ذكر الشافعي فى بحث من يقع عليه الطلاق من النساء (كما فى الأم : ج ٥ ص ٢٣٢) : أنه لا يعلم مخالفا فى أن أحكام اللّه تعالى _ فى الطلاق والظهار والإيلاء _ لا تقع إلا على زوجة : ثابتة النكاح ، يحل للزوج جماعها. ومراده : إمكان ثبوت نكاحها ، وصحة العقد عليها. ليكون كلامه متفقا مع اعترافه بخلاف أبى حنيفة وابن أبى ليلى فى أصل المسألة ، فتامل.

قال الشيخ : وقد روينا عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه احتج في ذلك (أيضا) : بهذه الآية (1).

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (2) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ : 65 - 1 ) . قال : وقرئت (3) : (لقبل عدّتهنّ (4)) ؛ وهما لا يختلفان فى معنى (5).». وروى [ذلك (6)] عن ابن عمر رضي اللّه عنه.

قال الشافعي (رحمه اللّه) : «(7) وطلاق السّنّة - فى المرأة : المدخول

ص: 220


1- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 320 - 321) : أثر ابن عباس ، وغيره : من الأحاديث والآثار التي تؤيد ذلك. وانظر ما علق به صاحب الجوهر النقي ، على أثر ابن عباس ؛ وتأمله.
2- كما فى الأم (ج 5 ص 162).
3- فى المختصر (ج 4 ص 68) : «وقد قرئت».
4- أو : (فى قبل عدتهن) ؛ على شك الشافعي فى الرواية. كما فى الأم (ج 5 ص 162 و 191).
5- كذا بالأصل والأم ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 323). وعبارة المختصر : «والمعنى واحد».
6- الظاهر تعين مثل هذه الزيادة ؛ أي : روى الشافعي القراءة بهذا الحرف عنه. وقد روى أيضا : عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ، وابن عباض. ومجاهد. انظر الأم ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 323 و 327 و 331 - 332 و 337)
7- قال فى الأم (ج 5 ص 162 - 163) : «فبين (واللّه أعلم) فى كتاب اللّه (عز وجل) - بدلالة سنة النبي صلي اللّه عليه وسلم - : أن طلاق السنة [ما فى الأم : أن القرآن والسنة. وهو محرف قطعا] - فى المرأة المدخول بها التي تحيض ، دون من سواها : من المطلقات. - : أن تطلق لقبل عدتها ؛ وذلك : أن حكم اللّه (تعالى) : أن العدة على المدخول بها ؛ وأن النبي إنما يأمر بطلاق طاهر من حيضها : التي يكون لها طهر وحيض.» ؛ ثم قال (كما فى السنن الكبرى أيضا : ج 7 ص 325) : «وبين : أن الطلاق يقع على الحائض ؛ لأنه إنما يؤمر بالمراجعة : من لزمه الطلاق ؛ فأما من لم يلزمه الطلاق : فهو بحاله قبل الطلاق. وقد أمر اللّه» إلى آخر ما سيذكر بعد.

بها ، التي تحيض (1). - : أن يطلقها : طاهرا من غير جماع (2) ، فى الطهر الذي خرجت [إليه (3)] من حيضة ، أو نفاس (4).».

قال الشافعي (5) : «وقد أمر اللّه (عز وجل) : بالإمساك بالمعروف ، والتّسريح بالإحسان. ونهى عن الضرر.»

«وطلاق الحائض : ضرر عليها ؛ لأنها : لا زوجة ، ولا فى أيام تعتدّ فيها من زوج - : ما كانت في الحيضة. وهى : إذا طلقت - : وهى تحيض. - بعد جماع : لم تدر ، ولا زوجها : عدتها : الحمل ، أو الحيض؟.»

«ويشبه : أن يكون أراد : أن يعلما معا العدة ؛ ليرغب الزوج ، وتقصر المرأة عن الطلاق : إذا (6) طلبته.».

* * *

ص: 221


1- راجع فى الأم (ج 5 ص 163) كلامه فى طلاقها إذا كان الزوج غائبا ؛ وراجع أيضا فى الأم (ج 5 ص 193) كلامه فى طلاق السنة فى المستحاضة. فكلاهما مفيد جدا.
2- انظر كلامه فى الأم (ج 5 ص 165) قبيل آخر البحث.
3- لعل هذه الزيادة متعينة : لأن شرط الحذف لم يتحقق ؛ فتامل.
4- انظر كلامه فى المختصر (ج 4 ص 70). وراجع باب طلاق الحائض ، فى اختلاف الحديث (ص5. 318).
5- كما فى الأم (ج 5 ص 163).
6- فى الأم : «إن» ؛ وراجع بقية كلامه فيها.

(نا) أبو عبد اللّه الحافظ ، وأبو سعيد بن أبى عمرو - قالا : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «ذكر اللّه (عز وجل) الطلاق ، فى كتابه ، بثلاثة أسماء : الطلاق ، والفراق ، والسّراح (2). فقال جل ثناؤه : ( إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ (3) : 65 - 1 ) ؛ وقال عز وجل : ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ. فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ : 65 - 2 ) ؛ وقال لنبيه (صلى اللّه عليه وسلم) فى أزواجه (4) : ( إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها : فَتَعالَيْنَ : أُمَتِّعْكُنَّ ، وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً : 33 - 28 ) .».

زاد أبو سعيد - فى روايته - : قال الشافعي (5) : «فمن خاطب امرأته ، فأفرد لها اسما من هذه الأسماء. (6) - : لزمه الطلاق ؛ ولم ينوّ (7) فى الحكم ، ونوّيناه فيما بينه وبين اللّه عز وجل (8).».

* * *

ص: 222


1- كما فى الأم (ج 5 ص 240).
2- انظر المختصر (ج 4 ص 73).
3- انظر السنن الكبرى (ج 7 ص 321 - 322).
4- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 37 - 38) : حديث عائشة فى تخيير النبي أزواجه.
5- كما فى الأم (ج 5 ص 240) ؛ وقد ذكره إلى قوله : الطلاق ؛ فى السنن الكبري (ج 7 ص 340).
6- فى الأم زيادة مبينة ، وهى : «فقال : أنت طالق ، أو قد طلقتك ، أو قد فارقتك أو قد سرحتك.».
7- كذا بالأم ، وهو الظاهر وفى الأصل : «وإن لم ينوه». ولعل التحريف والزيادة من الناسخ.
8- قال فى الأم ، بعد ذلك : «ويسعه - إن لم يرد بشىء منه طلاقا - : أن يمسكها. ولا يسعها : أن تقيم معه ، لأنها لا تعرف : من صدقه ، ما يعرف : من صدق نفسه.».

(أنا) أبو زكريا بن أبى إسحق (فى آخرين) ، قالوا : أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «ثنا مالك ، عن هشام بن (2) عروة ، عن أبيه (3) ، قال : كان الرجل إذا طلّق [امرأته ، ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها - : كان ذلك له ؛ وإن طلقها ألف مرة. فعمد رجل إلى (4)] امرأة له : فطلقها ، ثم أمهلها ؛ حتى إذا شارفت انقضاء عدتها : ارتجعها ؛ ثم طلقها وقال : واللّه لا آويك (5) إلىّ ، ولا تحلّين (6) أبدا. فأنزل اللّه عز وجل : ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ؛ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ : 2 - 229 ) ؛ فاستقبل الناس الطلاق جديدا - من يومئذ - : من كان منهم طلّق ، أو (7) لم يطلّق.».

قال الشافعي (8) (رحمه اللّه) : «وذكر بعض أهل التفسير هذا».

ص: 223


1- كما في اختلاف الحديث (ص 312 - 313) وقد ذكره فى الأم (ج 5 ص 124).
2- فى الأصل : «عن» ؛ وهو تحريف.
3- قد أخرجه أيضا - فى السنن الكبرى (ج 7 ص 333) موصولا ، عن عائشة. وكذلك أخرجه عنها الترمذي والحاكم ، كما فى شرح الموطأ للزرقانى (ج 3 ص 218). فلا يضر إرساله هنا ؛ بل نص البخاري وغيره (كما فى السنن الكبرى) على أنه الصحيح.
4- الزيادة عن اختلاف الحديث ، والأم ، والموطأ ، والسنن الكبرى.
5- فى السنن الكبرى : «أؤويك».
6- أي : لغيرى. وفى بعض نسخ السنن الكبرى : «تخلين» ؛ فلا فرق. ويؤكد ذلك قوله فى رواية عائشة : «لا أطلقك : فتبينى منى ، ولا أؤويك إلى» إلخ. وقوله فى رواية أخرى عن عروة - كما فى السنن الكبرى (ج 7 ص 444) - : «لا آويك إلى أبدا ، ولا تحلين لغيرى» إلخ
7- فى الأم : «ولم» وهو أحسن.
8- كما فى اختلاف الحديث (ص 313) وانظر ما ذكره هذا البعض فى الأم.

قال الشيخ (رحمه اللّه) : قد روينا عن ابن عباس ، فى معناه (1)

(أنا) أبو سعيد ، ثنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (2) : «قال اللّه عز وجل : ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ : 16 - 106 ) .»

«قال : وللكفر أحكام : كفراق (3) الزوجة ، وأن (4) يقتل الكافر ، ويغنم ماله.»

«فلما وضع [اللّه (5)] عنه : سقطت [عنه (6)] أحكام الإكراه على (7) القول كلّه ؛ لأن الأعظم إذا سقط عن الناس : سقط ما هو أصغر منه ، وما يكون حكمه : بثبوته عليه.». وأطال الكلام فى شرحه (8).

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (9) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ؛ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ

ص: 224


1- انظر السنن الكبرى (ج 7 ص 337).
2- كما فى الأم (ج 3 ص 209). وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 7 ص 356) على ما ستعرف.
3- كذا بالأم ، وفى الأصل : «لفراق» ، وهو خطأ وتحريف.
4- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «فان» ، ولعله محرف.
5- زيادة حسنة ، عن الأم والسنن الكبرى.
6- الزيادة عن الأم.
7- كذا بالأم ، وهو الأظهر. وفى الأصل والسنن الكبرى : «عن».
8- انظر الأم (ج 2 ص 210). وراجع أيضا الأم (ج 7 ص69 - 70) ، والمختصر (ج 5 ص 233). وراجع الخلاف فى طلاق المكره ، فى الام (ج 7 ص 160).
9- كما فى الأم (ج 5 ص 225).

 تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ : 2 - 229 ) ؛ وقال تعالى : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ؛ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ : أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ؛ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ : إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً (1) : 2 - 228 ) .»

«قال الشافعي - [فى قول اللّه عز وجل (2)] : ( إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً ) . - : يقال (3) : إصلاح الطلاق : بالرجعة ؛ واللّه أعلم (4)

«فأيّما زوج حرّ طلق امرأته - بعد ما يصيبها - واحدة أو اثنتين ، فهو : أحق برجعتها : ما لم تنقض عدتها. بدلالة كتاب اللّه عز وجل (5)

وقال (6) - فى قول اللّه عز وجل : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ. وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً (7)

ص: 225


1- قال فى الأم (ج 7 ص 20) : «فظاهر هاتين الآيتين ، يدل : على أن كل مطلق : فله الرجعة على امرأته : ما لم تنقض عدتها. لأن الآيتين فى كل مطلق عامة ، لا خاصة على بعض المطلقين دون بعض. وكذلك قلنا : كل طلاق ابتدأه الزوج ، فهو يملك فيه الرجعة فى العدة.» إلخ ؛ فراجعه : فهو مفيد.
2- الزيادة عن الأم ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 367). ولعلها متعينة : بدليل أن عبارة السنن الكبرى : «أنا الشافعي إلخ».
3- كذا بالأصل والسنن الكبرى ، وهو الظاهر. وفى الأم : «فقال» ؛ ولعله محرف.
4- قال فى الأم ، بعد ذلك : «فمن أراد الرجعة فهى له : لأن اللّه (تبارك وتعالى) جعلها له.». وراجش. فى السنن الكبرى - ما روى عن ابن عباس ومجاهد ، فى هذه الآية.
5- قال فى الأم ، بعد ذلك : «ثم سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : فإن ركانة طلق امرأته البتة ، ولم يرد إلا واحدة. فردها إليه رسول اللّه. وذلك عندنا : فى العدة.» إلخ ؛ فراجعه.
6- كما فى الأم (ج 5 ص 229).
7- زيادة عن السنن الكبرى (ج 7 ص 368) وقد تناولها الشرح.

2 - 231 ) . - : إذا شارفن بلوغ أجلهن : فراجعوهن بمعروف ، [أ (1)] ودعوهن تنقضى (2) عددهن بمعروف. ونهاهم : أن يمسكوهن ضرارا : ليعتدوا ؛ فلا يحل إمساكهن : ضرارا (3).».

زاد على هذا ، فى موضع آخر (4) - هو عندى : بالإجازة عن أبى عبد اللّه ، بإسناده عن الشافعي. - :

«[والعرب (5)] تقول للرجل (6) - : إذا قارب البلد : يريده ؛ أو الأمر : يريده. - : قد بلغته ؛ وتقوله (7) : إذا بلغه.»

«فقوله فى المطلّقات : ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ (8) : 65 - 2 ) : إذا قاربن [بلوغ (9)] أجلهن.

ص: 226


1- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
2- كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وفى الأصل : «تقضى».
3- راجع - فى السنن الكبرى - ما روى فى ذلك ، عن مجاهد ، والحسن ، ومسروق ابن الأجدع.
4- من الأم (ج 5 ص 105 - 106) : فى خلال مناقشة قيمة.
5- الزيادة عن المختصر (ج 4 ص 87) ؛ وهي تؤخذ من الأم أيضا. وعبارته فى المختصر هى : «فدل سياق الكلام : على افتراق البلوغين ؛ فأحدهما : مقاربة بلوغ الأجل ، فله إمساكها أو تركها : فتسرح بالطلاق المتقدم. والعرب تقول ..... والبلوغ الآخر : انقضاء الأجل.». وقد ذكر نحوها فى الأم.
6- فى الأصل : «يقول الرجل» ؛ والتصحيح عن الأم والمختصر.
7- كذا بالأم والمختصر ؛ وفى الأصل : «وبقوله» ؛ وهو محرف.
8- الزيادة عن الأم (أثناء مناقشة ص 105)
9- الزيادة عن الأم (أثناء مناقشة ص 105)

فلا يؤمر بالإمساك ، إلا (1) : من كان يحل له الإمساك فى العدّة.»

وقوله (عز وجل) فى المتوفّى عنها زوجها : ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2) : 2 - 234 ) ؛ هذا : إذا قضين أجلهن.»

«وهذا (3) : كلام عربى ؛ والآيتان يدلان (4) : على افتراقهما بيّنا ؛ والكلام فيهما : مثل قوله (عز وجل) فى المتوفّى عنها : ( وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ : 2 - 235 ) : حتى تنقضى عدّتها ، فيحلّ نكاحها (5).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (6) - فى

ص: 227


1- فى الأم : «إلا من يجوز له».
2- فى الأم : «من معروف». وهو خطأ نشا عن التباس هذه الآية ، بآية البقرة الأخرى : 2. ؛ عند الناسخ أو الطابع.
3- عبارة الأم (ص 106) : «وهو كلام عربى : هذا من أبينه وأقله خفاء ؛ لأن الآيتين تدلان على افتراقهما : بسياق الكلام فيهما ؛ ومثل قول اللّه فى المتوفي ، فى قوله» إلخ : فكلام الأصل فيه تصرف واختصار.
4- فى الأصل : «والإتيان بدلات» ؛ وهو تحريف.
5- من الواجب : أن تراجع المناقشة المذكورة فى الأم (ج 5 ص 105 - 106). ليتأتى فهم هذا الكلام حق الفهم.
6- كما فى الأم (ج 5 ص 229 - 230) ؛ وأول كلامه هو : «أي امرأة حل ابتداء نكاحها. فنكاحها حلال ، متى شاء من كانت تحل له ، وشاءت. إلا امرأتين : الملاعنة - : فإن الزوج إذا التعن لم تحل له أبدا بحال. - والثانية : المرأة يطلقها الحر ثلاثا» إلى آخر ما فى الأصل.

المرأة : يطلقها الحرّ ثلاثا. - [قال (1)] : «فلا تحلّ له : حتى يجامعها زوج غيره ؛ لقوله (عز وجل) فى المطلقة (2) الثالثة : ( فَإِنْ طَلَّقَها : فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ : 2 - 230 ) (3)

«قال : فاحتملت (4) الآية : حتى يجامعها زوج غيره ؛ [و (5)] دلت على ذلك السنة (6). فكان أولى المعاني - بكتاب اللّه عز وجل - : ما دلت عليه سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (7)

«قال : فإذا (8) تزوجت المطلقة ثلاثا ، بزوج (9) : صحيح النكاح ؛

ص: 228


1- الزيادة : للتنبيه والإيضاح.
2- فى السنن الكبرى (ج 7 ص 373) : «الطلقة» ؛ ولا خلاف فى المعنى المراد.
3- قال الشافعي - كما فى الأم (ج 5 ص 165) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 333) -. «فالقرآن يدل (واللّه أعلم) : على أن من طلق زوجة له -. دخل بها ، أو لم يدخل. - : لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.». وراجع ما قاله بعد ذلك فى الأم (ص165 - 166) : الفائدة الكبيرة.
4- قال فى الرسالة (ص 159) : «فاحتمل (هذا القول) : أن يتزوجها زوج غيره ؛ وكان هذا المعنى الذي يسبق إلى من خوطب به : أنها إذا عقدت عليها عقدة النكاح ، فقد نكحت. واحتمل : حتى يصيبها زوج غيره ؛ لان اسم : (النكاح) ، يقع بالإصابة ، ويقع بالعقد.». ثم ذكر حديث امرأة رفاعة ، المشهور : الذي يرجح الاحتمال الثاني الذي اقتصر عليه فى الأصل.
5- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى (ج 7 ص 373).
6- راجع في الأم (ج 7 ص 26) : مناقشة جيدة حول هذا الموضوع.
7- انظر ما رواه من السنة فى ذلك ، فى الأم (ج 5 ص 229) والمختصر (ج 4 ص 92). وانظر أيضا السنن الكبرى (ج 7 ص373 - 375).
8- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل. «إذا».
9- فى الأم : «زوجا».

فأصابها ، ثم طلقها وانقضت عدّتها - : حل (1) لزوجها الأول : ابتداء نكاحها ؛ لقول اللّه عز وجل : ( فَإِنْ طَلَّقَها : فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (2).».

وقال (3) فى قول اللّه عز وجل : ( فَإِنْ طَلَّقَها (4) : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا : إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ : 2 - 230 ) . - : «واللّه أعلم بما أراد ؛ فأمّا (5) الآية فتحتمل : إن أقاما الرجعة ؛ لأنها من حدود اللّه.»

«وهذا يشبه قول اللّه عز وجل : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ : إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً : 2 - 228 ) (6) : إصلاح ما أفسدوا بالطلاق - : بالرجعة.».

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : «فأحب (7) لهما : أن ينويا إقامة حدود اللّه فيما بينهما ، وغيره : من حدوده (8).».

قال الشيخ : قوله : ( فَإِنْ طَلَّقَها : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا ) ؛ إن

ص: 229


1- كذا بالأم. وفي الأصل. «حلت» ؛ والظاهر أنه محرف ، فتامل.
2- ذكر فى الأم الآية كلها ، ثم استدل أيضا بحديث امرأة رفاعة. وانظر فى السنن الكبرى ج (ج 7 ص 376) : ما روى عن ابن عباس فى ذلك ، فهو مفيد.
3- فى الأم. «وفى» إلخ. ثم إنه قد وقع فى الأصل - قبل ذلك - زيادة مثل هذه الجملة كلها تتلوها نفس الآية السابقة. وهى زيادة من الناسخ بلا شك فلذلك لم نثبتها.
4- هذا لم يذكر فى الأم : اكتفاء بذكره فيها من قبل ، واقتصارا على موضع الشرح.
5- فى الأم. «أما».
6- فى الأم ، زيادة. «أي»
7- فى الأم. «وأحب».
8- فى الأم : «حدود اللّه».

أراد [به (1)] : الزوج الثاني : إذا طلقها طلاقا رجعيا - : فإقامة الرجعة ، مثل : أن يراجعها فى العدة. ثم تكون الحجة - فى رجوعها إلى الأول : بنكاح مبتدإ. - : تعليقه التحريم بغايته (2).

وإن أراد به : الزوج الأول ؛ فالمراد بالتراجع : النكاح الذي يكون بتراجعهما وبرضاهما جميعا ، بعد العدة (3). واللّه أعلم.

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (4) : «قال اللّه عز وجل : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ (5) : تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ؛ فَإِنْ فاؤُ : فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ : فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ : 2 - 226 - 227 ) .» «فقال الأكثر ممن روى عنه - : من أصحاب النبي (6) صلى اللّه عليه

ص: 230


1- زيادة حسنة ؛ أي : بالمراجع.
2- أي : فى قوله تعالى : ( فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) . فيكون لرجوعها إلى الاول دليل واحد. هذا ؛ وفى الأصل : «فغاية» ، وهو خطأ وتحريف.
3- فيكون لرجوعها إلى الاول دليلان.
4- كما فى الرسالة (ص 577 - 584) ؛ وكلام الأصل فيه اختصار كبير ، وتصرف يسير.
5- انظر فى الأم (ج 5 ص 248 - 252) كلامه فى اليمين التي يكون بها الرجل موليا : ففيه فوائد لا توجد فى غيره. وانظر فى الأم (ج 7 ص 21) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 380) مذهب ابن عباس فى ذلك.
6- كعلى ، وعثمان ، وعائشة ، وابن عمر ، وزيد بن ثابت ، وأبى الدرداء ، وأبى ذر ؛ وابن عباس فى رواية ضعيفة عنه. انظر الأم (ج 5 ص 247 - 248) ، والمختصر (ج 4 ص 94) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 376 - 378 و 380) ، وفتح الباري (ج 9 ص 346 - 347).

وسلم. عندنا : إذا مضت أربعة أشهر : وقف المولى ؛ فإما : أن يفىء ، وإما : أن يطلّق.»

«[وروى عن غيرهم - : من أصحاب النبي (1). - : عزيمة الطلاق : انقضاء أربعة أشهر (2)

«قال : والظاهر (3) في الآية أن من أنظره اللّه أربعة أشهر ، فى شىء - : لم يكن (4) عليه سبيل ، حتى تمضى أربعة أشهر. لأنه (5) [إنما (6)] جعل عليه : الفيئة أو الطلاق (7) - والفيئة : الجماع : إن كان قادرا عليه (8). - وجعل له الخيار فيهما : فى وقت واحد ؛ فلا (9) يتقدم واحد

ص: 231


1- كابن عباس فى الرواية الصحيحة عنه ، وعمر في رواية ضعيفة ، وابن مسعود فى رواية مرسلة ، وعثمان وزيد فى رواية أخرى عنهما مردودة. انظر الأم (ج 7 ص 21) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 378 - 380).
2- زيادة مفيدة عن الرسالة ، ونجوز أنها سقطت من الأصل.
3- عبارة الرسالة (ص 579) هى : «لما قال اللّه : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ ) ... ؛ كان الظاهر» إلخ.
4- فى نسخة الربيع زيادة : «له».
5- كذا بالرسالة (ص 581). وفى الأصل : «ولأنه» ؛ وللزيادة من الناسخ.
6- الزيادة عن الرسالة.
7- كذا بالرسالة ، وهو الأولى. وفى الأصل : «والطلاق».
8- قد ذكر هذا التفسير بدون الشرط ، فى الرسالة (ص 578). وقد ذكر بلفظ : «إلا لعذر» ؛ فى الأم (ج 5 ص 256) ، والمختصر (ج 4 ص 106). وانظر الخلاف فى تفسير ذلك ومنشأه ، فى السنن الكبرى (ج 7 ص 380) وفتح الباري (ج 9 ص 344).
9- فى بعض نسخ الرسالة : «لا» ، والمعنى عليها صحيح أيضا.

منهما صاحبه : وقد ذكرا (1) فى وقت واحد. كما (2) يقال له : افده ، أو نبيعه عليك. بلا (3) فصل.».

وأطال الكلام فى شرحه ، وبيان (4) الاعتبار بالعزم. وقال فى خلال ذلك : «وكيف (5) يكون عازما على أن يفىء فى كل يوم ، فإذا مضت أربعة أشهر ، لزمه الطلاق : وهو لم يعزم عليه ، ولم يتكلم به.؟ أترى هذا قولا يصح فى العقول (6) [لأحد (7)]؟!.».

وقال فى موضع آخر (8) - هو لى مسموع من أبى سعيد بإسناده. - :

«ولم زعمتم (9) : أن (10) الفيئة لا تكون إلا بشىء يحدثه - : من

ص: 232


1- فى الأصل : «ذكروا» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الرسالة (ص 581).
2- كذا بالرسالة ؛ وفى الأصل : «فيقال» ؛ وهو خطأ وتحريف.
3- كذا بالرسالة ؛ وفى الأصل : «فلا» ؛ وهو خطأ وتحريف.
4- عبارة الأصل : «مكان» أو «مظان». ولعل الصواب ما أثبتناه.
5- كذا بالأصل ونسخة الرسالة المطبوعة ببولاق. وفى سائر النسخ : «فكيف».
6- كذا بالأصل ونسخة الربيع (ص 584). وفى سائر النسخ : «المعقول».
7- الزيادة عن الرسالة. وراجع بقية الكلام فيها (ص7. 586) لفائدته.
8- من الأم (ج 7 ص 21) : فى خلال مناظرة أخري مع بعض الحنفية : من تلك المناظرات المفيدة التي ملأ بها كتابه الذي ألفه للرد على من خالفه فى مسئلة : الأخذ باليمين والشاهد ؛ والذي أتحفنا بفصل كبير منه فى الجزء السابع من الأم (ج 7 ص 6 - 31 و 79) ، وفى اختلاف الحديث (ص 352 - 360). والذي نرجوا : أن يهتم به ، ويرجع إليه كل من عنى بالدقائق الفقهية ، والموازنات المذهبية ، والمناقشات القوية البريئة ، والآراء الجلية السليمة ؛ التي تصدر عن دقة فى الفهم ، وسعة فى العلم.
9- راجع كلامه فى المختصر (ج 4 ص 113) : فهو يزيد ما هنا وضوحا وقوة.
10- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «بأن». والظاهر : أن زيادة الباء من الناسخ ؛ لأن التعدية بها هنا إنما تكون إذا كان الزعم بمعنى الكفالة : على ما أظن.

جماع ، أو فىء بلسان : إن لم يقدر على الجماع. - و: أنّ عزيمة الطلاق هو (1) : مضيّ الأربعة أشهر ؛ لا : شىء يحدثه هو بلسان (2) ، ولا فعل.؟»

أرأيت (3) الإيلاء : طلاق (4) هو؟ قال : لا. قلنا (5) : أفرأيت كلاما قط - : ليس بطلاق. - : جاءت عليه (6) مدة ، فجعلته طلاقا.؟!». وأطال الكلام فى شرحه (7) ؛ وقد نقلته إلى (المبسوط).

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (8) : «قال اللّه عز وجل : ( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ، ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا - : فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) الآية (9)

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : سمعت من أرضى - : [من (10)] أهل العلم

ص: 233


1- فى الأم : «هى» ؛ ولا فرق فى المعنى. وارجع إلى ما روى أيضا فى ذلك ، عن ابن المسيب وأبى بكر بن عبد الرحمن ، فى السنن الكبرى (ج 7 ص 378) ..
2- كذا بالأم ، وهو الأنسب. وفى الأصل : «بلسانه».
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «أو رأيت» ، والزيادة من الناسخ كما هو ظاهر.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «طلاقا» ، وهو تحريف.
5- فى الأم : «قلت».
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «عليك» ؛ وهو خطأ وتحريف.
7- راجعه كله فى (ص 21) لفوائده الجليلة.
8- كما فى الأم (ج 5 ص 262).
9- ذكر فى الأم إلى قوله : (ستين مسكينا). وتمام الآية : ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ؛ ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ، وَاللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ : 58 - 3 ) .
10- الزيادة عن الأم.

بالقرآن. - يذكر : أن أهل الجاهلية [كانو (1)] يطلّقون بثلاث : الظّهار ، والإيلاء ، والطلاق. فأقرّ (2) اللّه (عز وجل) الطلاق : طلاقا ؛ وحكم فى الإيلاء : بأن أمهل (3) المولى أربعة أشهر ، ثم جعل عليه : أن يفىء أو يطلق ؛ وحكم فى الظّهار : بالكفارة ، و [أن (4)] لا يقع به طلاق.»

قال الشافعي (5) «والذي (6) حفظت (7) - مما سمعت فى : (يعودون لما قالوا (8)). - : أن المتظاهر (9) حرّم [مسّ (10)] امرأته بالظّهار ؛ فإذا أتت عليه مدة بعد القول بالظّهار ، لم يحرمها : بالطلاق الذي يحرّم (11) به ، ولا بشىء (12) يكون له مخرج (13) من أن تحرم (14) [عليه (15)] به - : فقد وجبت (16) عليه كفارة الظّهار.»

ص: 234


1- الزيادة عن الأم.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «فأمر» ؛ وهو خطأ وتحريف.
3- كذا بالأم ، وهو المناسب لما بعد. وفى الأصل : «يمهل».
4- زيادة حسنة. وعبارة الأم هى : «فإذا تظاهر الرجل من امرأته يريد طلاقها ، أو يريد تحريمها بلا طلاق - : فلا يقع به طلاق بحال ؛ وهو متظاهر» إلخ فراجعه : فإنه مفيد.
5- كما فى الأم (ج 5 ص 265). وقد ذكر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 384). وذكر مختصرا فى المختصر (ج 4 ص 123)
6- فى الأم والسنن الكبرى : بدون الواو.
7- فى الأم : «علقت». وفى المختصر : «عقلت».
8- فى المختصر زيادة «الآية». وعبارته بعد ذلك هى : «أنه إذا أتت على المتظاهر مدة بعد القول بالظهار ، لم يحرمها بالطلاق الذي تحرم به - : وجبت عليه الكفارة.».
9- فى بعض نسخ السنن الكبرى : «المظاهر».
10- زيادة حسنه ، عن الأم.
11- أي : يقع تحريم الزوجة به. وفى السنن الكبرى : «تحرم» ؛ أي : الزوجة.
12- كاللعان. وفى الأم : «شىء».
13- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «فخرج» ، وهو تحريف.
14- كذا بالأم والسنن الكبرى ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «يحرم».
15- زيادة حسنه ، عن الأم.
16- فى الأم : «وجب».

«كأنهم يذهبون : إلى أنه إذا أمسك على نفسه أنه (1) حلال : فقد عاد لما قال ، فخالفه (2) : فأحلّ ما حرّم (3).».

قال : «ولا أعلم له معنى أولى به من هذا ؛ ولم (4) أعلم مخالفا : فى أن عليه كفارة الظّهار : وإن لم يعد (5) بتظاهر آخر.»

فلم يجز (6) : أن يقال ما (7) لم أعلم مخالفا : فى أنه ليس بمعنى الآية (8).».

قال الشافعي (9) : «ومعنى قول اللّه عز وجل : ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) : وقت لأن يؤدّى ما (10) أوجب اللّه (عز وجل) عليه : من الكفارة ؛ [فيها (11) قبل المماسّة (12). فإذا كانت المماسّة قبل الكفارة (13)] فذهب الوقت :

ص: 235


1- قوله : أنه حلال ؛ غير موجود بالمختصر.
2- فى السنن الكبرى : «مخالفة».
3- راجع فى الأم (ج 5 ص 244) كلامه فى شرح وتفصيل قول الرجل لامراته : أنت على حرام. فهو قريب من هذا البحث ، ومفيد جدا.
4- فى بعض نسخ السنن الكبرى : «لا».
5- فى الأصل : «يعتد بمتظاهر». وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والسنن الكبرى.
6- كذا بالأم والسنن الكبرى ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «أخر». ولعله محرف عن : «أجز».
7- فى الأم : «لما» ؛ على تضمين «يقال» معنى «يذهب».
8- راجع ما كتبه على هذا صاحب الجوهر النقي (ج 7 ص 384) : ففيه فوائد كثيرة
9- كما فى الأم (ج 5 ص 265). وقد ذكر بعضه فى المختصر (ج 4 ص 124) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 385).
10- فى المختصر : «ما وجب عليه قبل المماسة ، حتى يكفر».
11- أي : فى الوقت بمعنى المدة.
12- الزيادة عن الأم.
13- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.

لم تبطل الكفارة ، [ولم يزد عليه فيها (1)].». وجعلها قياسا على الصلاة (2)

قال الشافعي فى قول اللّه عز وجل : ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) ؛ قال (3) : «لا [يجزيه (4)] تحرير رقبة على غير دين الإسلام : لأن اللّه (عز وجل) يقول فى القتل : ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ : 4 - 92 ) .»

«وكان (5) شرط اللّه فى رقبة القتل [إذا كانت (6)] كفارة ، كالدليل (واللّه أعلم) : على أن لا تجزى (7) رقبة فى كفارة ، إلا مؤمنة.»

«كما شرط اللّه (تعالى) العدل فى الشهادة ، فى موضعين ، وأطلق الشهود فى ثلاثة موأضع (8)

ص: 236


1- الزيادة عن الأم والسنن والكبرى.
2- قال فى الأم : «كما يقال له : أد الصلاة فى وقت كذا ، وقبل وقت كذا. فيذهب الوقت ، فيؤديها : لأنها فرض عليه ؛ فإذا لم يؤدها فى الوقت : أداها قضاء بعده ؛ ولا يقال له : زد فيها لذهاب الوقت قبل أن تؤديها.». وانظر المختصر والسنن الكبرى.
3- كما ذكر فى السنن الكبرى (ج 5 ص 387). وعبارة الأم (ج 5 ص 266) هى : (فإذا وجبت كفارة الظهار على الرجل - : وهو واجد لرقبة ، أو ثمنها. - : لم يجزه فيها إلا تحرير رقبة ؛ ولا تجزئه رقبة على غير دين الإسلام» إلى آخر ما فى الأصل.
4- زيادة حسنة ، عن السنن الكبرى.
5- فى السنن الكبرى : «فكان».
6- هذه الزيادة موجودة فى الأم ؛ وقد وقعت فى الأصل متقدمة عن موضعها ، عقب قوله : فى القتل. وهو من عبث الناسخ. ووردت فى السنن الكبرى ، بلفظ : «إذا كان» ولا فرق فى المعنى.
7- كذا بالسنن الكبرى ، وهو الأحسن. وفى الأم : «يجزىء». وفى الأصل : «تحرير».
8- راجع تفصيل هذا المقام ، فى مناقشة قيمة ذكرت فى الأم (ج 7 ص 21 - 22).

«فلما كانت شهادة كلّها : اكتفينا (1) بشرط اللّه فيما شرط فيه ؛ واستدللنا : على أن ما أطلق : من الشهادات ؛ (إن شاء اللّه عز وجل) : على مثل معنى ما شرط (2)

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (3) : «قال اللّه عز وجل : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ : فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ) (4) الآية (5)

«قال : فلم (6) أعلم خلافا : [فى (7)] أن ذلك إذا طلبت المقذوفة

ص: 237


1- كذا بالأصل والأم. وفى السنن الكبرى : «استدللنا» إلى آخر ما سيأتى.
2- انظر ما قاله بعد ذلك ، فى الأم (ص 266 - 267). وانظر أيضا المختصر (ج 4 ص2. 128) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 387) ، وما رد به صاحب الجوهر النقي قياس الشافعي فى هذه المسألة ، وتأمله.
3- كما فى الأم (ج 5 ص 273).
4- راجع فى الأم (ج 6 ص 256 - 257) كلامه عن حقيقة المأمور بجلده : لفائدته. وراجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 408) ما روى فى سبب نزول هذه الآية ، وغيره. فهو مفيد فى الموضوع.
5- تمامها : ( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ؛ وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ : 24 - 4 ) .
6- فى الأم : «ثم لم».
7- زيادة حسنة ، عن الأم.

الحدّ (1) ، ولم (2) يأت القاذف بأربعة شهداء : يخرجونه (3) من الحد (4)

«وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ : فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ : أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) إلى آخرها (5)

«قال الشافعي : فكان بيّنا فى كتاب اللّه (عز وجل) : أنه (6) أخرج الزوج من قذف المرأة (يعنى (7) : باللّعان.) : كما أخرج قاذف المحصنة غير (8) الزوجة : بأربعة شهود يشهدون عليها ، بما (9) قذفها به : من الزنا.»

ص: 238


1- عبارة الأم هى : «إذا طلبت ذلك المقذوفة الحرة». والتقييد بالحرية فقط ، قد يوهم أن لا قيد غيرها. مع أن الإسلام أيضا معتبر عند الشافعي : كما صرح به فى الأم (ج 5 ص 110 و 285 و 288). ولعل هذا سبب الإطلاق فى الأصل : اتكالا على التقييد فى موضع آخر.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «لم» ؛ وهو خطأ. والنقص من الناسخ.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «يحرمونه». وهو تحريف. وراجع كلامه فى الأم (ج 7 ص 78) : فهو مفيد هنا.
4- فى الأصل بعد ذلك وقبل الآتي زيادة هى : «وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ ) يحرمونه من الحد». وهى من الناسخ على ما نعتقد.
5- أي : آيات اللعان. وفى الأم : «إلى قوله : (إن كان من الصادقين)». وتمام المتروك : ( وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ* وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ : أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ* وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ : 24 - 6 - 9 ) .
6- فى الأم : «أن اللّه».
7- هذا من كلام البيهقي. وفى المختصر (ج 4 ص 143) : «بالتعانه». وفى الأم : «بشهادته أربع شهادات» إلى : «من الكاذبين».
8- كذا فى الأم والمختصر. وفى الأصل : «عن الزوجية» ؛ وهو خطأ وتحريف.
9- فى المختصر : «مما». ولعله محرف عما هنا.

«وكانت فى ذلك ، دلالة : أن ليس على الزوج أن يلتعن (1) ، حتى تطلب المرأة المقذوفة حدّها.». وقاسها (أيضا) : على الأجنبية (2).

قال (3) : «ولما (4) ذكر اللّه (عز وجل) اللّعان على الأزواج مطلقا - : كان اللّعان على كل زوج : جاز طلاقه ، ولزمه الفرض (5) ؛ وعلى (6) كل زوجة : لزمها الفرض (7)

قال الشافعي (8) : «فإن قال (9) : لا ألتعن ؛ وطلبت أن يحدّ لها - : حدّ (10)

قال (11) : «ومتى التعن الزوج : فعليها أن تلتعن. فإن أبت : حدّت (12) ؛

ص: 239


1- كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «يتلعن». ولعله محرف عن : «يتلاعن» وإن كان خاصا بما إذا تحقق من الجانبين.
2- قال فى المختصر والأم : «كما ليس على قاذف الأجنبية حد ، حتى تطلب حدها».
3- كما فى الأم (ج 5 ص 273) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 395).
4- فى السنن الكبرى : «لما». وقال فى المختصر (ج 4 ص 143) : «ولما لم يخص اللّه أحدا من الأزواج دون غيره ، ولم يدل على ذلك سنة ولا إجماش. : كان على كل زوج» إلى آخر ما هنا. وقد ذكر أوضح منه وأوسش. فى الأم (ج 7 ص 22) فراجعه ، وانظر رده على من زعم : أنه لا يلاعن إلا حران مسلمان ، ليس منهما محدود فى قذف. وراجع أيضا ، كلامه فى الأم (ج 5 ص110 - 111 و 118 - 122).
5- راجع ما كتبه على هذا ، صاحب الجوهر النقي (ج 7 ص 395 - 396).
6- فى الأم والسنن الكبرى : «وكذلك على». وفى المختصر : «وكذلك كل».
7- انظر ما ذكره بعد ذلك ، فى الأم.
8- كما فى الأم (ج 5 ص 281).
9- فى الأم زيادة : «هو».
10- قال فى الأم ، بعد ذلك : «وهو زوجها ، والولد ولده».
11- كما فى الأم (ج 5 ص 281).
12- انظر ما ذكره فى الأم ، بعد ذلك. وانظر المختصر (ج 4 ص 146). وراجع كلامه المتعلق بهذا ، ورده على من خالف فيه - فى الأم (ج 5 ص 177 وج 7 ص 22 و 36).

لقول اللّه عز وجل : ( وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ : أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ ) الآية. والعذاب : الحدّ (1).».

* * *

(وأنبأنى) أبو عبد اللّه الحافظ ، ثنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (2) : «ولمّا حكى سهل بن سعد ، شهود المتلاعنين مع حداثته (3) ، وحكاه ابن عمر (4) - : استدللنا : [على (5)] أن اللّعان لا يكون. إلا بمحضر (6) من طائفة : من المؤمنين (7)

«وكذلك جميع حدود اللّه : يشهدها طائفة من المؤمنين ، أقلها (8) : أربعة. لأنه لا يجوز فى شهادة الزنا ، أقلّ منهم (9)

ص: 240


1- قال فى الأم ، بعد ذلك : «فكان عليها أن تحد : إذا التعن الزوج ، ولم تدرأ عن نفسها بالالتعان».
2- كما فى الأم (ج 5 ص 115) ، والمختصر (ج 4 ص 153 - 154).
3- انظر حديث سهل هذا ، فى الأم (ج 5 ص 111 - 112 و 277 - 278) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 398 - 401 و 404 - 405).
4- انظر حديثه فى الأم (ج 5 ص 112 - 113 و 279) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 401 - 402 و 404 و 409). ويحسن أن تراجع كلام الشافعي في حكم النبي بالنسبة لمسئلة اللعان ، فى الأم (ج 5 ص113 - 114) : فهو جيد مفيد ، خصوصا فى حجية السنة ، وبيان أنواعها. وقد نقله الشيخ شاكر فى تعليقه على الرسالة (ص150 - 156).
5- زيادة حسنة ، عن الأم والمختصر.
6- أي : بمكان الحضور. وفى الأم : «بمحضر طائفة» ؛ أي : بحضورها.
7- قال فى الأم والمختصر ، بعد ذلك : «لأنه لا يحضر أمرا : يريد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ستره ؛ ولا يحضره إلا : وغيره حاضر له.».
8- فى الأم والمختصر : «أقلهم» وكلاهما صحيح.
9- راجع الأم (ج 6 ص 122 - 123).

«وهذا : يشبه قول اللّه (عز وجل) فى الزانيين : ( وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ : 24 - 2 ) (1).».

وقال (2) - فى قوله عز وجل : ( فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ : 4 - 102 ) . - : «الطائفة : ثلاثة فأكثر.».

وإنما قال ذلك : لأن القصد من صلاة النبي (صلى اللّه عليه وسلم) بهم : حصول فضيلة الجماعة (3) لهم. وأقلّ الجماعة إقامة : ثلاثة (4). فاستحب (5) : أن يكونوا ثلاثة فصاعدا.

وذكر (6) جهة استحبابه : أن يكونوا أربعة فى الحدود. وليس ذلك : بتوقيف (7) ، فى الموضعين جميعا.

* * *

ص: 241


1- انظر ما قاله - فى الأم والمختصر - بعد ذلك : لفائدته الكبيرة.
2- كما فى المختصر والأم (ج 1 ص 143 و 194).
3- أي : صلاتها.
4- أي : أقل الجمع تقوما وتحققا ذلك ؛ على المذهب الراجح المشهور. فليس المراد بالجماعة الصلاة : لأن انعقادها لا يتوقف على أكثر من اثنين ؛ ولأنه كان الأولى حينئذ أن يقول : وأقلها. ولا يقال : إن «ثلاثة» محرف عن «اثنان» ؛ لأن التعليل حينئذ لا يتفق مع أصل الدعوي. كما لا يقال : إن «إقامة» محرف عن «إثابة» ؛ لأن ثواب الجماعة يتحقق بانعقادها كما هو معروف. ويقوى ذلك : أن الشافعي فسر الطائفة فى الآية (أيضا) - فى اختلاف الحديث (ص 244) - : بأنها الجماعة ، لا : الإمام الواحد. والمراد : الجمش. قطعا. فتدبر.
5- أي : الشافعي رضى اللّه عنه.
6- بل عن اجتهاد منه. وفى الأصل : «بتوقيت». وهو تحريف.
7- بل عن اجتهاد منه. وفى الأصل : «بتوقيت». وهو تحريف.

«ما يؤثر عنه فى العدّة ، وفى الرّضاع ، وفى النّفقات»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ (قرأت عليه) : أنا أبو العباس (1) ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (2) : «قال اللّه تعالى : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (3) : 2 - 228 ) .»

«قالت (4) عائشة (رضى اللّه عنها) : الأقراء (5) : الأطهار ؛ [فإذا طعنت فى الدم : من الحيضة الثالثة ؛ فقد حلّت (6)]. وقال بمثل (7) معنى

ص: 242


1- فى الأصل : «أنا الربيع ، أنا أبو العباس». والتقديم من الناسخ.
2- كما فى الرسالة (ص 562 - 568).
3- هذه قراءة الجمهور. وقرأ الزهري ونافع : بتشديد الواو ، بغير همس. وهو : جمع «قرء» : بفتح القاف وضمها : وإن كان الفتح هو المشهور الذي اقتصر عليه جمهور أهل اللغة. ولا خلاف : فى أنه يستعمل لغة ، فى كل : من الطهر والحيض. ولا خلاف كذلك : فى أنه يستعمل شرعا فيهما : وإن زعم خلافه الزاعمون ، وادعى عدم استعماله شرعا فى الطهر المدعون. وإنما الخلاف - عند الصحابة وفقهاء الأمة - : فى كونه ؛ فى العدة ، الطهر أو الحيض. وهو خلاف ناشىء عن الاختلاف فى الاستعمال اللغوي. وقد نص على ذلك ، الأئمة الثقات : الذين يؤخذ بكلامهم ، ويعتد بحكمهم.
4- فى الرسالة : «فقالت».
5- هذا جمع قلة ، والقروء جمع كثرة. وقد ورد فى الآية ، بدل الأول : توسعا. وهناك جمع ثالث في أدنی العدد ، وهو : أقرؤ.
6- هذه زيادة جيدة مفيدة ، عن الأم (ج 7 ص 245). وقد رويت بألفاظ مختلفة عن عائشة ومن معها.
7- كذا بالرسالة ؛ وفى الأصل : «كمثل» ؛ وهو تحريف.

قولها ، زيد بن ثانت ، وعبد اللّه بن عمر ، وغيرهما (1)

«وقال نفر - : من أصحاب النبي (2) صلى اللّه عليه وسلم. - : الأقراء : الحيض ؛ فلا تحلّ المطلقة (3) : حتى تغتسل من الحيضة الثالثة.»

ص: 243


1- كالقاسم بن محمد ، وسالم بن عبد اللّه ، وأبى بكر بن عبد الرحمن ، وسليمان بن يسار ، وسائر الفقهاء السبعة ، وأبان بن عثمان ، والزهري ، وعامة فقهاء أهل المدينة ، ومالك ، وأحمد فى إحدى الروايتين عنه. انظر الأم (ج 5 ص191 - 192 وج 7 ص 245) ، والمختصر (ج 5 ص 4) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 414 - 416) ، وشرح الموطأ للزرقانى (ج 3 ص 203 - 205) وزاد المعاد (ج 4 ص 185) ، وتهذيب اللغات للنووى (ج 2 ص 85).
2- كالخلفاء الأربعة ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وأبى بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبى الدرداء ، وأبى موسى الأشعري. وقد وافقهم على ذلك ، كثير من التابعين والمفتين : كابن المسيب ، وابن جبير ، وطاوز. والحسن ، وشريح ، وقتادة ، وعلقمة ، والأسود بن يزيد ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي ، وعمرو بن دينار ، ومجاهد ، ومقاتل ، والثوري ، والأوزاعى ، وأبى حنيفة ، وزفر ، وإسحق بن راهويه ، وأحمد فى أصح الروايتين عنه ؛ والشافعي فى القديم ، وأبى عبيد القاسم بن سلام : (وإن روى فى شرح القاموس - مادة : قرأ - : أنه رجع عنه بعد أن ناظره الشافعي وأقنعه.). أنظر الأم (ج 7 ص 245) ، واختلاف الحديث (ص 146) ، وشرح مسلم للنووى (ج 10 ص62 - 63) ، وتهذيب اللغات (ج 2 ص 85) ، وشرح الزرقانى على الموطأ (ج 3 ص 204) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 416 - 418) ، وزاد المعاد (ج 4 ص 184 - 185).
3- كذا بكثير من نسخ الرسالة. وفى الأصل : «فلا يحل للمطلقة» ولعله محرف. وفى الأم (ج 7 ص 245) : «لا تحل المرأة». وفى نسختى الربيع وابن جماعة : «فلا يحلوا المطلقة» (على حذف النون تخفيفا). أي : لا يحكمون بحلها. ولا نستبعد - مع صحته - : أنه محرف عما أثبت.

ثم ذكر الشافعي حجة القولين (1) ، واختار الأول (2) ؛ واستدل عليه : «بأن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) أمر عمر (رضى اللّه عنه) - حين طلق ابن عمر امرأته : حائضا. - : أن يأمره : برجعتها [وحبسها (3)] حتى تطهر ثم يطلقها : طاهرا ، من غير جماع. وقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : «فتلك العدة : التي أمر اللّه (عز وجل) : أن يطلّق (4) لها النساء.»

قال الشافعي : «[يعنى (5)] - واللّه أعلم - : قول اللّه عز وجل : ( إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ : 65 - 1 ) ؛ فأخبر النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) - عن اللّه عز وجل - : أن العدّة : الطّهر ، دون الحيض (6)

ص: 244


1- راجع كلامه فى الرسالة (ص 563 - 566) : ففيه فوائد جمة.
2- أنظر الرسالة (ص 569) ، والمختصر والأم (ج 5 ص 2 - 4 و 191 - 192). وراجع فى الأم (ج 5 ص 89) كلامه فى الفرق بين اختياره هذا ، وما ذهب إليه فى الاستبراء : من أنه طهر ثم حيضة. فهو مفيد هنا وفيما ذكر فى الرسالة (ص2. 572) : مما لم يذكر فى الأصل.
3- زيادة مفيدة ، عن الرسالة (ص 567).
4- فى الأم (ج 5 ص 162 و 191) : «تطلق». وحديث ابن عمر هذا ، قد روى من طرق عدة ، وبألفاظ مختلفة. فراجعه فى الأم والمختصر ، واختلاف الحديث (ص 316) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 323 - 327 و 414) ، وشرح الموطأ للزرقانى (ج 3 ص 200 - 202 و 218) ، وفتح الباري (ج 9 ص 276 - 285 و 391) ، وشرح مسلم للنووى (ج 10 ص 59 - 69) ، ومعالم السنن (ج 3 ص 231)
5- أي : الرسول. والزيادة عن الرسالة (ص 567) ، والجملة الاعتراضية مؤخر فيها عن المفعول.
6- قال الشافعي بعد ذلك (كما فى المختصر والأم : (ج 5 ص 3 و 191) : «وقرأ (فطلقوهن لقبل عدتهن) ؛ وهو : أن يطلقها طاهرا. لأنها حينئذ تستقبل عدتها.

====

ولو طلقت حائضا : لم تكن مستقبلة عدتها ، إلا من بعد الحيض.». ا ه. وانظر زاد المعاد (ج 4 ص 190) وأقول :

قوله تعالى : ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) - بقطع النظر عن كون ما روى فى الأم والمختصر ، والموطأ وصحيح مسلم ، عن النبي أو غيره ، من قوله : «فى قبل ، أو لقبل عدتهن» ؛ قراءة أخرى ، أو تفسيرا - : مؤول فى نظر أصحاب المذهبين جميعا ، على معنى : فطلقوهن مستقبلات عدتهن.

ص: 245

واحتج : «بأن اللّه (عز وجل) قال : ( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) ؛ ولا معنى للغسل (1) : لأن الغسل رابع (2).».

واحتج : «بأن الحيض ، هو : أن يرخى الرّحم الدم حتى يظهر (3) ؛

====

4. كذا بالرسالة (ص 566). وفى الأصل : «يطهر». وهو تحريف.

ص: 246


1- صدرنا به الكلام ؛ وترجع إلى ما ذكره فى الأم (ج 5 ص 162 - 163 و 191) ، وما ذكره كل : من الخطابي فى معالم السنن (ج 3 ص 231 - 232) ، والنووي فى شرح مسلم (ج 10 ص 62 و 67 - 68) ، وابن حجر فى الفتح (ج 9 ص 276 و 281 و 386) ، والزرقانى فى شرح الموطأ (ج 3 ص 202 و 218)
2- قال فى المختصر (ج 5 ص 4) : «وليس فى الكتاب ، ولا في السنة - للغسل بعد الحيضة الثالثة - معنى : تنقضى به العدة.».
3- فى الأصل : «رافع». وهو تحريف. والتصحيح عن الرسالة (ص 568). وراجع كلامه فيها لأن ما فى الأصل مختصر.

والطّهر هو : أن يقرى الرحم الدم ، فلا يظهر (1). فالقرء (2) : الحبس ؛ لا : الإرسال. فالطهر - : إذا (3) كان يكون وقتا. - أولى (4) فى اللسان ، بمعنى القرء ؛ لأنه (5) : حبس الدم.» وأطال الكلام فى شرحه (6).

* * *

(أنبأنى) أبو عبد اللّه (إجازة) : أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (7) : «قال اللّه جل ثناؤه (8) : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ. بِأَنْفُسِهِنَّ

ص: 247


1- كذا بالرسالة (ص 566). وفى الأصل : «يطهر». وهو تحريف.
2- كذا بالأصل ومعظم نسخ الرسالة (وعبارتها : ويكون الطهر والقرء إلخ). وفى نسخة الربيع بالياء. وكلاهما صحيح ، ومصدر لقرى ، بمعنى جمع : وإن كان يائيا. كما يدل عليه كلام الزجاج المذكور فى تهذيب اللغات (ج 2 ص 86) ، واللسان (ج 1 ص 126) ، وشرح القاموس (ج 1 ص 102). ومصدر الفعل اليائى ، ليس بلازم : أن يكون يائيا ؛ كما هو معروف. على أن القرء - مصدر «قرأ» - قد ورد بمعنى الجمع والحبس أيضا ؛ فلا يلزم إذن : أن يكون الشافعي قد أراد هنا مصدر اليائى. على أن كلام الشافعي نفسه - فى المختصر والأم (ج 5 ص 3 و 191) - يقضى على كل شبهة وجدل ؛ حيث يقول : «والقرء اسم وضع لمعنى ؛ فلما كان الحيض : دما يرخيه الرحم فيخرج ؛ والطهر : دما يحتبس فلا يخرج - : كان معروفا من لسان العرب : أن القرء : الحبس ؛ تقول العرب : هو يقرى الماء فى حوضه وفى سقائه ؛ وتقول : هو يقرى الطعام فى شدقه.». وانظر زاد المعاد (ج 4 ص 190).
3- كذا بالأصل وأكثر نسخ الرسالة ؛ وهو الظاهر. أي : إذا جرينا على أنه وقت العدة. وفى نسختى الربيع وابن جماعة : «إذ».
4- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «أوتى» ؛ وهو خطأ وتحريف.
5- كذا بالرسالة. أي : الطهر. وفى الأصل : «ولأنه» ؛ والزيادة من الناسخ.
6- فى صفحه (567 - 572) حيث ذكر بعض ما تقدم ، وغيره.
7- كما فى الأم (ج 5 ص 195).
8- فى الأم زيادة : «فى الآية الكريمة التي ذكر فيها المطلقات ذوات الأقراء».

ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (1) ؛ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ : أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ؛ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الآية (2)

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : فكان (3) بيّنا فى الآية - بالتنزيل (4) - : أنه لا يحل للمطلّقة : أن تكتم ما فى رحمها : من المحيض. فقد يحدث له (5) - عند خوفه انقضاء عدّتها - رأى فى نكاحها (6) ؛ أو يكون طلاقه إياها : أدبا [لها (7)].».

ثم ساق الكلام (8) ، إلى أن قال : «وكان ذلك يحتمل : الحمل مع المحيض (9) ؛ لأن الحمل : مما (10) خلق اللّه فى أرحامهن.»

«فإذا (11) سأل الرجل امرأته المطلّقة : أحامل هى؟ أو هل حاضت؟ - :

ص: 248


1- فى الأم بعد ذلك : «الآية».
2- تمامها : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ : إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً ؛ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ؛ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ : 2 - 228 ) .
3- فى السنن الكبرى (ج 7 ص 420) : «وكان».
4- كذا بالأم والسنن الكبرى ، أي : بما اشتملت عليه ، بدون ما حاجة إلى دليل آخر كالسنة. وعبارة الأصل هى : «فكان بينا الآية فى التنزيل» ؛ وفيها تقديم وتحريف.
5- كذا بالأصل. وفى الأم : «وذلك أن يحدث للزوج». والأول أظهر.
6- فى الأم : «ارتجاعها» ؛ والمعنى واحد.
7- زيادة حسنة ، عن الأم ، قال بعدها : «لا إرادة أن تبين منه».
8- حيث قال : «فلتعلمه ذلك : لئلا تنقضى عدتها ، فلا يكون له سبيل إلى رجعتها.».
9- فى الأم والسنن الكبرى : «الحيض» ؛ ومعناهما واحد هنا.
10- كذا بالأم. وفى الأصل : «ما». ولعله محرف.
11- فى الأم : «وإذا». وما فى الأصل أحسن.

فهى (1) عندى ، لا (2) يحل لها : أن تكتمه (3) ولا أحدا رأت أن (4) يعلمه.»

«[وإن لم يسألها ، ولا أحد يعلمه إياه (5)] : فأحبّ إلىّ : لو أخبرته به.».

ثم ساق الكلام (6) ، إلى أن قال : «ولو كتمته بعد المسألة ، [الحمل والأقراء (7)] حتى خلت عدّتها - : كانت عندى ، آثمة بالكتمان [: إذ سئلت وكتمت (8)] - وخفت عليها الإثم : إذا كتمت (9) وإن لم تسأل. - ولم (10) يكن [له (11).] عليها رجعة : لأن اللّه (عز وجل) إنما جعلها له حتي تنقضى عدتها. (12)».

وروى الشافعي (رحمه اللّه) - فى ذلك - قول عطاء ، ومجاهد (13) وهو منقول فى كتاب (المبسوط) و (المعرفة).

* * *

ص: 249


1- فى الأم : «فبين».
2- فى الأم : «أن لا».
3- فى الأم زيادة : «واحدا منهما».
4- عبارة الأم : «أنه يعلمه إياه».
5- زيادة متعينة ، عن الأم.
6- راجع الأم (ص 195)
7- زيادة حسنة مفيدة ، عن الأم.
8- زيادة حسنة مفيدة ، عن الأم.
9- فى الأم : «كتمته».
10- كذا بالأم. وفى الأصل : «لم» ؛ وهو خطأ ، والنقص من الناسخ.
11- زيادة حسنة مفيدة ، عن الأم.
12- قال فى الأم ، بعد ذلك : «فإذا انقضت عدتها فلا رجعة له عليها».
13- انظر الأم (ص 195 - 196) ، وفتح الباري (ج 9 ص 390) ، والسنن الكبرى. وانظر فيها أيضا ما روى عن عكرمة وإبراهيم النخعي.

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (1) (رحمه اللّه) : «سمعت من أرضى - : من أهل العلم (2) - يقول : إن أول ما أنزل اللّه (عز وجل) - : من العدد. - : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ : 2 - 228 ) ؛ فلم يعلموا : ما عدّة المرأة [التي (3)] لا قرء (4) لها؟ وهى : التي لا تحيض ، والحامل (5). فأنزل اللّه عز وجل : ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ : مِنْ نِسائِكُمْ ؛ إِنِ ارْتَبْتُمْ : فَعِدَّتُهُنَّ : ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ (6) ؛ [وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ : 65 - 4) ؛ فجعل عدّة المؤيسة والتي لم تحض : ثلاثة أشهر (7).] وقوله (8) : (إن ارتبتم) : فلم تدروا (9) : ما تعتدّ غير ذوات الأقراء؟ - وقال : ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ (10) أَجَلُهُنَّ : أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ : 65 - 4 ) (11)

ص: 250


1- كما فى الأم (ج 5 ص 196).
2- قد أخرجه فى السنن الكبرى (ج 7 ص 420) عن أبى بن كعب ، بلفظ مختلف
3- زيادة حسنة ، عن الأم.
4- فى الأم : «أقراء».
5- عبارة الأم : «ولا الحامل» (بالعطف على المرأة). وهى وإن كانت صحيحة ، إلا أنها توهم : أن الحامل من ذوات الأقراء ؛ مع أن أقراءها تهمل إذا ما تبين حملها كما هو مقرر ؛ فتأمل.
6- راجع فى الأم (ج 5 ص 194 - 195) كلامه عن هذا : فهو مفيد جدا.
7- الزيادة عن الأم ، ونرجح أنها سقطت هنا من الناسخ.
8- هذا الى قوله : الأقراء ، يظهر أنه من كلام الشافعي نفسه ، لا مما سمعه. انظر السنن الكبرى
9- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «يدروا». وهو تحريف فى الغالب.
10- راجع فى الرسالة (ص 572 - 575) : كلامه عن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ، وخلاف الصحابة فى ذلك. فهو مفيد فيما سيأتى قريبا.
11- انظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 421). حديث أم كلثوم بنت عقبة.

«قال الشافعي : وهذا (واللّه أعلم) يشبه (1) ما قالوا.».

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (2) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ (3) - : فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ : مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها : 33 - 49 ) (4)

«وكان (5) بيّنا فى حكم اللّه (عز وجل) : أن لا عدّة على المطلقة قبل أن تمسّ ، وأن المسيس [هو (6)] الإصابة. [ولم أعلم خلافا فى هذا (7)]».

وذكر الآيات فى العدة (8) ، ثم قال : «فكان بيّنا فى حكم اللّه (عز وجل) من يوم يقع الطلاق ، وتكون الوفاة.».

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (9) : «قال اللّه عز وجل : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ، وَيَذَرُونَ أَزْواجاً : وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ : مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ

ص: 251


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «فى هذا ... شبه» ؛ وهو تحريف.
2- كما فى الأم (ج 5 ص 197).
3- راجع فى مسئلة الطلاق قبل النكاح ، فتح الباري (ج 9 ص 306 - 312) : فهو مشتمل على أمور هامة ، تفيد فيما سبق (ص 219 - 220).
4- راجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 424 - 426) : ما روى عن ابن عباس وشريح ، فى هذا.
5- فى الأم : «فكان».
6- زيادة حسنة مفيدة ، عن الأم. وانظر فيها ما قاله بعد ذلك. وراجع ما تقدم (ص 202 - 203)
7- زيادة حسنة مفيدة ، عن الأم. وانظر فيها ما قاله بعد ذلك. وراجع ما تقدم (ص 202 - 203)
8- وهى - كما فى (ص 198) - : آيتا البقرة (228 و 234) ، وآية الطلاق (4).
9- كما فى الأم (ج 5 ص 205). وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 7 ص 427).

 غَيْرَ إِخْراجٍ ؛ فَإِنْ (1) خَرَجْنَ : فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ. فِي أَنْفُسِهِنَّ : مِنْ مَعْرُوفٍ : 2 - 240 ) .»

«قال الشافعي : حفظت عن غير واحد - : من أهل العلم بالقرآن. - : أن هذه الآية نزلت قبل نزول آية (2) المواريث ، وأنها منسوخة (3)

«وكان بعضهم ، يذهب : إلى أنها نزلت مع الوصيّة للوالدين والأقربين ، وأنّ وصيّة المرأة محدودة بمتاع سنة - وذلك : نفقتها ، وكسوتها ، وسكنها (4). - وأن قد حظر على أهل زوجها إخراجها ، ولم يحظر عليها أن تخرج (5)

«قال : وكان مذهبهم : أن الوصيّة لها : بالمتاع إلى الحول والسّكنى ؛ منسوخة (6)». يعنى : بآية المواريث (7).

ص: 252


1- فى الأم : «الآية».
2- فى الأم والسنن الكبرى : «آي».
3- فى الأم بعد ذلك ، كلام يفيد أنه قد وضح كلام من نقل عنهم. وراجع فى الرسالة (ص138 - 139) كلامه المتعلق بهذا المقام.
4- ذكر فى الأم (ج 4 ص 28) : أنه لم يحفظ خلافا عن أحد فى ذلك. وانظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص 430 و434 - 435) ما يتعلق بهذا البحث.
5- قال فى الأم ، بعد ذلك : «ولم يحرج زوجها ولا وارثه ، بخروجها : إذا كان غير إخراج منهم لها ؛ ولا هى : لأنها إنما هي تاركة لحق لها.». وقد ذكره بأوسع وأوضح فى الأم (ج 4 ص 28) فراجعه.
6- قال فى الأم (ج 4 ص 28) : «حفظت عمن أرضى ... أن نفقة المتوفى عنها زوجها ، وكسوتها حولا : منسوخ بآية المواريث.». ثم ذكر الآية.
7- عبارة الأم هى : «بأن اللّه تعالى ورثها الربع : إن لم يكن لزوجها ولد ؛ والثمن : إن كان له ولد.»

«و [بيّن (1)] : أن اللّه (عز وجل) أثبت عليها عدة : أربعة أشهر

ص: 253


1- هذه الزيادة عن الأم ، وبدونها قد يفهم : أن الناسخ للوصية بالمتاع ، آيتا الميراث والاعتداد بالأشهر. مع أنه آية الميراث فقط. ولأوضح ذلك وأزيده فائدة ، أقول فى اختصار : إن الآية تضمنت أمرين : الوصية بالمتاع ، والاعتداد بالحول. (أما الأول) : فلا خلاف (على ما أرجح) : فى أنه منسوخ ، وإنما الخلاف : فى أن الناسخ : آية الميراث ، أو حديث : «لا وصية لوارث». كما فى (الناسخ والمنسوخ) للنحاس (ص ٧٧). وهو خلاف لا أهمية له هنا. بل صرح الشافعي فى الأم _ بعد ذلك _ : بأنه لا يعلم خلافا فى أن الوصية بالمتاع منسوخة بالميراث. وصرح : بأنه الناسخ. ابن عباس وعطاء ، فيما روى عنهما : فى الناسخ والمنسوخ (ص ٧٣) ، والسنن الكبرى (ج ٧ ص ٤٢٧ و ٤٣١ و ٤٣٥). وقد يعترض : بأن الخلاف قد وقع بينهم : فى لزوم سكنى المتوفى عنها. فنقول : انهم قد اتفقوا على أن كلا _ : من النفقة والكسوة. _ قد نسخ : فى الحول كله ، وفيما دونه. ولما كان السكنى قد ذكر مع النفقة _ : بسبب أنه يصدق عليه اسم المتاع. _ : جاز أن يكونوا قد اتفقوا على أنه منسوخ مطلقا أيضا ، وجاز : أن يكونوا قد اختلفوا : فى أنه منسوخ كذلك ، أو في الحول فقط. فعلي الفرض الثاني ، يكون لزوم السكنى _ عند القائل به _ ثابتا. بأصل الآية : وعلى الفرض الأول ، يكون ثابتا : بالقياس على المطلقة المعتدة ، الثابت سكناها بآية : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ : ٦٥ _ ١) ، لأن المتوفى عنها فى معناها. أو بقول النبي للفريعة (أخت أبى سعيد الخدري) : «امكثى فى بيتك ، حتى يبلغ الكتاب أجله». أو : بهما معا. وحينئذ : فيكون الخلاف قد وقع فقط فى كون القياس والحديث يدلان على لزوم السكنى ، أم لا. وقد أشار الشافعي الى ذلك كله ، وبين أكثره فى الأم (ج ٤ ص ٢٨ وج ٥ ص ٢٠٨ _ ٢٠٩). (وأما الثاني) : فذهب الجمهور : إلى أنه منسوخ بآية الاعتداد بالأشهر. وهو المختار. وذهب بعضهم : الى أنه لا نسخ فى ذلك ، وانما هو نقصان من الحول. وذهب بعض آخر : الى أنه لا نسخ فيه ، ولا نقصان. وهما مذهبان فى غاية الضعف ، وقد بين ذلك أبو جعفر في الناسخ والمنسوخ (ص ٧٤ _ ٧٦).

وعشرا ؛ ليس لها الخيار فى الخروج منها ، ولا النكاح قبلها (1). إلا : أن تكون حاملا ؛ فيكون أجلها : أن تضع حملها : [بعد أو قرب. ويسقط بوضع حملها : عدة أربعة أشهر وعشر (2).]».

وله - فى سكنى المتوفّي عنها - قول آخر (3) : «أن الاختيار لورثته (4) : أن يسكنوها ؛ وإن (5) لم يفعلوا (6) : فقد ملكو المال دونه (7).». وقد (8) رويناه عن عطاء ، ورواه [الشافعي عن (9)] الشّعبىّ [عن علىّ (10)].

ص: 254


1- قال فى الأم ، بعد ذلك : «ودلت سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : على أن عليها أن تمكث فى بيت زوجها ، حتى يبلغ الكتاب أجله.».
2- زيادة حسنة مفيدة عن الأم ؛ وانظر ما قاله بعد ذلك : ففيه فوائد جمة. وانظر فى السنن الكبرى (ج 7 ص428 - 430) ما ورد فى ذلك : من الأحاديث والآثار.
3- كما فى الأم (ج 5 ص 209) ، والمختصر (ج 5 ص 30 - 31).
4- فى المختصر : «للورثة».
5- فى المختصر : «فإن». وهو أحسن.
6- فى الأم زيادة : «هذا».
7- قال فى الأم ، بعد ذلك : «ولم يكن لها السكنى حين كان ميتا لا يملك شيئا ؛ ولا سكنى لها : كما لا نفقة لها.». وانظر فى الأم (ج 5 ص 208) كلامه : فى الفرق بين المطلقة المعتدة والمتوفى عنها.
8- فى الأصل : «فإن». ولعله محرف عن نحو ما أثبتنا ، أو يكون فى الكلام حذف. فتأمل.
9- هذه الزيادة يتوقف عليها صحة الكلام وتوضيحه. وانظر السنن الكبرى (ج 7 ص435 - 436).
10- هذه الزيادة يتوقف عليها صحة الكلام وتوضيحه. وانظر السنن الكبرى (ج 7 ص435 - 436).

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) : «قال اللّه (عز وجل) فى المطلّقات : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ (2) ، وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا : أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ : 65 - 1).»

«قال الشافعي : والفاحشة (3) : أن تبذو (4) على أهل زوجها ، فيأتى من ذلك : ما يخاف (5) الشقاق بينها وبينهم.»

«فإذا فعلت : حلّ لهم (6) إخراجها ؛ وكان عليهم (7) : أن ينزلوها منزلا غيره (8).». وروي الشافعي معناه (9) - بإسناده - عن ابن عباس (10).

ص: 255


1- كما فى الأم (ج 5 ص 217).
2- راجع فى الأم (ج 5 ص 216 - 217) كلامه فى سكنى المطلقات : فهو مفيد جدا.
3- هذا إلى آخر الكلام ، غير موجود بالأم ؛ ونرجح أنه سقط من نسخها. ولم نعثر عليه فى مكان آخر من الأم وسائر كتب الشافعي.
4- في الأصل : «تبدوا» ؛ وهو تحريف
5- أي منه وبسببه. وكثيرا ما يحذف مثل هذا
6- أي : للأزواج المخاطبين فى الآية.
7- أي : للأزواج المخاطبين فى الآية.
8- قال فى الأم (ص 218) : «فاذا ابذت المرأة على أهل زوجها ، فجأء من بذائها ما يخاف تساعر بذاءة إلى تساعر الشر - : فلزوجها ، إن كان حاضرا : إخراج أهله عنها ؛ فإن لم يخرجهم : أخرجها إلى منزل غير منزله فحصنها فيه.» إلخ فراجعه فانه مفيد.
9- بلفظ : «الفاحشة المبينة : أن تبذو على أهل زوجها ، فإذا بذت : فقد حل إخراجها.». وانظر مسند الشافعي (بهامش الأم : ج 6 ص 220) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص431- 432).
10- ثم قال - كما فى الأم (ص 218) ، والسنن الكبرى (ص 432) - : «وسنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - فى حديث فاطمة بنت قيس - تدل : على أن ما تأول ابن عباس ، فى قول اللّه عز وجل : ( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) ؛ هو : البذاء على أهل زوجها ؛ كما تأول إن شاء اللّه تعالى». وانظر الأم (ج 5 ص 98) ، والمختصر (ج 5 ص27 - 29). وراجع قصة فاطمة ، فى السنن الكبرى (ص 432 - 434) ، وفتح الباري (ج 9 ص 386 - 390)

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «قال اللّه عز وجل : ( وَأُمَّهاتُكُمُ : اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ، وَأَخَواتُكُمْ : مِنَ الرَّضاعَةِ : 4 - 23 ) .»

«قال الشافعي : حرم (2) اللّه (عز وجل) الأمّ (3) والأخت : من الرّضاعة ؛ واحتمل تحريمهما (4) معنين.»

«(أحدهما) - : إذ (5) ذكر اللّه تحريم الأم والأخت من الرّضاعة ، فأقامهما (6) : فى التحريم ، مقام الأم والأخت من النسب. - : أن تكون الرّضاعة كلّها ، تقوم مقام النسب : فما حرم بالنسب حرم بالرّضاعة مثله.»

«وبهذا ، نقول (7) : بدلالة سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، والقياس على القرآن (8)

«(والآخر) : أن يحرم (9) من الرضاع الأمّ والأخت ، ولا يحرم سواهما.».

ص: 256


1- كما فى الأم. (ج 5 ص 20).
2- فى الأم : «وحرم» ، وقبله كلام لم يذكر هنا ، فراجعه.
3- كذا بالأصل ؛ ولم يذكر فى الأم. ولعله سقط من الناسخ : إذ قد ذكر فيها (ص 132).
4- فى الأصل : «تحريمها» ، وفى الأم : «فاحتمل تحريمها». وكلاهما محرف. والتصحيح عن الأم (ص 132) ، وقد ذكر هناك المعنيين الآتيين بأوسع مما هنا.
5- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «إذا».
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «فأقامها» ؛ وهو تحريف.
7- فى الأصل : «يقول» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم.
8- راجع ما تقدم (ص 182).
9- كذا بالأم ، وهو الظاهر المناسب : فتأمل. وفى الأصل : «تحرم».

ثم ذكر دلالة السنة ، لما اختار : من المعنى الأول (1).

قال الشافعي (2) (رحمه اللّه) : «والرّضاع اسم جامع ، يقع : على المصّة ، وأكثر منها (3) : إلى كمال إرضاع الحولين. ويقع (4) : على كل رضاع : وإن كان بعد الحولين (5)

«فاستدللنا (6) : أن المراد بتحريم الرّضاع : بعض المرضعين (7) ، دون بعض. لا (8) : من لزمه اسم : رضاع.».

وجعل نظير ذلك : آية (9) السارق والسارقة ، وآية (10) الزاني والزانية (11) وذكر الحجة فى وقوع التحريم بخمس رضعات (12).

ص: 257


1- أنظر الأم (ج 5 ص 20 - 21 و 133) ، والمختصر (ج 5 ص 48 - 49).
2- كما فى الأم (ج 5 ص 23 - 24) ، والمختصر (ج 5 ص 49 - 51)
3- هذا ليس بالمختصر.
4- فى المختصر : «وعلى».
5- فى المختصر ، بعد ذلك : «فوجب طلب الدلالة فى ذلك». وانظر الأم.
6- عبارة الأم (ص 24) : «فهكذا استدللنا بسنة رسول اللّه» ، أي : بما ذكره قبل ذلك : من حديث عائشة ، وابن الزبير ، وسالم بن عبد اللّه.
7- كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «الوصفين» ؛ وهو تحريف.
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «ومن» ؛ وهو خطأ وتحريف.
9- سورة المائدة : (38).
10- سورة النور : (2).
11- أنظر كلامه عن هذا ، فى الأم (ص 24) ، والمختصر (ص 50).
12- أنظر الأم (ص 23 - 24) ، والمختصر (ص 49 - 51). وأنظر السنن الكبرى (ج 7 ص453 - 457). وراجع بتأمل ما كتبه صاحب الجوهر النقي.

واحتجّ فى الحولين (1) بقول اللّه (عز وجل) : ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ، لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ : 2 - 233 ) .

[ثم قال (2)] : «فجعل (عز وجل) تمام الرّضاعة : حولين [كاملين (3)] ؛ وقال : ( فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما ، وَتَشاوُرٍ : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما : 2 - 233 ) ؛ يعنى (واللّه أعلم) : قبل الحولين.»

«فدلّ إرخاصه (جل ثناؤه) - : فى فصال المولود ، عن تراضي والديه وتشاورهما ، قبل الحولين - : على أن ذلك إنما يكون : باجتماعهما على فصاله ، قبل الحولين (4)

«وذلك لا يكون (واللّه أعلم) إلا بالنظر للمولود من والديه : أن يكونا يريان : فصاله (5) قبل الحولين ، خيرا من إتمام الرّضاع له لعلة

ص: 258


1- كما فى الأم (ص 24 - 25). وقد تعرض لذلك ، فى المختصر (ص51 - 52). وراجع فى هذا المقام ، السنن الكبرى (ج 7 ص1. 443 و 462 - 463).
2- تبيينا للدلالة ، وتتميما لها. وهذه الزيادة حسنة منبهة.
3- زيادة جيدة ، عن الأم.
4- من قوله : فدل ، إلى هنا - قد ورد هكذا فى الأصل. وهو صحيح فى غاية الظهور. وعبارة الأم هى : «فدل على أن إرخاصه (عز وجل) : فى فصال الحولين ؛ على أن ذلك إنما يكون باجتماعهما على فصاله قبل الحولين». والظاهر : أن فيها زيادة ونقصا ؛ فتأمل.
5- فى الأم : «ان فصاله قبل الحولين خير له».

تكون به ، أو بمرضعه (1) - : وإنه لا يقبل رضاع غيرها. - وما (2) أشبه هذا.»

«وما جعل اللّه (تعالى) له ، غاية - [فالحكم (3)] بعد مضيّ الغاية ، فيه : غيره قبل مضيّها. قال (4) اللّه عز وجل : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ : 2 - 228 ) ؛ فحكمهنّ (5) - بعد مضىّ ثلاثة أقراء - : غير حكمهن (6) فيها. وقال تعالى : ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (7) : 4 - 101 ) ؛ فكان لهم : أن يقصروا مسافرين ؛ وكان - فى شرط القصر لهم : بحال موصوفة. - دليل : على أن حكمهم فى غير تلك الصفة : غير القصر (8)».

ص: 259


1- فى الأم : «أو بمرضعته». وفى الأصل : «أو لمرضعه» ؛ وهو محرف عما أثبتناه وكلاهما صحيح على رأى الجمهور. ويتعين هنا ما فى الأم : على رأي الفراء وجماعة. أنظر المصباح (مادة : رضع).
2- فى الأم : «أو ما».
3- زيادة متعينة ، عن الأم. وعبارة المختصر (ص 52) هى : «وما جعل له غاية ، فالحكم بعد مضى الغاية : خلاف الحكم قبل الغاية.».
4- كلام الأم هنا ، قد ورد على صورة سؤال وجواب ؛ وقد تأخر فيه هذا القول ، عن القول الآتي بعد.
5- عبارة الأم هى : «فكن إذا مضت الثلاثة الأقراء ، فحكمهن بعد مضيها غير» إلخ. وعبارة المختصر : «فإذا مضت الأقراء ، فحكمهن بعد مضيها خلاف» إلخ.
6- فى الأصل : «حكمين» ، وهو تحريف.
7- فى الأم زيادة : «الآية».
8- أنظر كلامه بعد ذلك - فى الأم (ص 25) - عن حديث سالم ، وغيره ، فهو مفيد

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ (قراءء عليه) : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) : «قال اللّه عز وجل : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ : مَثْنى (2) ، وَثُلاثَ ، وَرُباعَ. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا : فَواحِدَةً ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا : 4 - 3 ) .»

«قال : وقول (3) اللّه عز وجل : ( ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا ) ؛ يدل (واللّه أعلم) : على (4) أن على الزوج (5) ، نفقة امرأته (6)

«وقوله : (ألّا تعولو) ؛ أي (7) : لا يكثر من تعولوا (8) ، إذا اقتصر

ص: 260


1- كما فى الأم (ج 5 ص 95).
2- فى الأم : «إلى تعولوا».
3- قال فى الأم (ج 5 ص 78) : «وفى قول اللّه فى النساء ... بيان : أن على الزوج مالا غنى بامرأته عنه : من نفقة وكسوة وسكنى.» إلخ. فراجعه : فإنه مفيد خصوصا فى مسئلة الإجارة الآتية قريبا. وراجع المختصر (ج 5 ص 67).
4- هذا غير موجود بالأم.
5- فى الأم : «الرجل».
6- قال فى الأم (ج 5 ص 66) - بعد أن ذكر نحو ذلك - : «ودلت عليه السنة» : من حديث هند بنت عتبة ، وغيره. وذكر نحو ذلك فى الأم (ص 79). وراجع الأم (ص77 - 78 و 95).
7- كذا بالأصل والمختصر (ص 66). ولا ذكر له فى السنن الكبرى (ج 7 ص 465). وعبارة الأم : «أن». والكل صحيح.
8- كذا بالأصل ، والسنن الكبرى ، والجوهر النقي. وفى الأم والمختصر : «تعولون». وما أثبتنا - وإن كان صحيحا - ليس ببعيد أن يكون محرفا. وقد روى فى السنن الكبرى (ج 7 ص 466) - عن أبى عمر صاحب ثعلب - أنه قال : «سمعت ثعلبا يقول - فى قول الشافعي : (ذلك أدنى أن لا تعولوا) أي : لا يكثر عيالكم. - قال : أحسن ؛ هو : لغة». وراجع ما كتبه على قول الشافعي هذا ، صاحب الجوهر النقي (ص465 - 466) : ففيه فوائد جمة.

المرء على واحدة : وإن أباح له أكثر منها (1).».

(أنا) أبو الحسن بن بشران العدل ببغداد ، أنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد اللغوي (صاحب ثعلب) - فى كتاب : (ياقوتة الصراط) ؛ فى قوله عز وجل : ( أَلَّا تَعُولُوا ) . - : «أي : أن لا تجوروا (2) ؛ و (تعولوا) : تكثر عيالكم.».

وروينا عن زيد بن أسلم - فى هذه الآية - : «ذلك (3) أدنى أن لا يكثر من تعولونه».

* * *

(أنبأنى) أبو عبد اللّه ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «قال اللّه (عز وجل) فى المطلّقات : ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ (5) : 65 - 6) ؛ وقال (6) : ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ : فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ ، حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ : 65 - 6) (7)

ص: 261


1- أنظر ما قاله فى الأم بعد ذلك.
2- هذا تفسير باللازم. وفى الأصل : «تحوروا» ؛ وهو تحريف.
3- كذا بالسنن الكبرى (ص 466). وفى الأصل : «وذلك». والظاهر أن الزيادة من الناسخ.
4- كما فى الأم (ج 5 ص 219) وقد ذكر بعضه فى المختصر (ج 5 ص 78) علي ما ستعرف.
5- راجع كلامه عن هذا ، فى الأم (ص 216 - 217).
6- كذا بالمختصر وفى الأصل : «الآية ، وقال». ولا معنى لهذه الزيادة كما هو ظاهر. وفى الأم : «الآية إلى فآتوهن أجورهن».
7- قال فى المختصر ، عقب ذلك : «فلما أوجب اللّه لها نفقة بالحمل ، دل : على أن لا نفقة لها بخلاف الحمل.».

«قال : فكان بيّنا (واللّه أعلم) - فى هذه الآية - : أنها فى المطلّقة (1) : لا يملك زوجها رجعتها ؛ من قبل : أن اللّه (عز وجل) لما أمر بالسّكنى : عامّا ؛ ثم قال فى النفقة : ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ : فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ ، حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) - دلّ ذلك (2) : على أن الصّنف الذي أمر بالنفقة على ذوات الأحمال منهن ، صنف : دلّ الكتاب : على (3) أن لا نفقة على غير ذوات الأحمال منهن. لأنه إذا وجب لمطلّقة : بصفة (4) : نفقة - : ففى ذلك ، دليل : على أنه لا يجب (5) نفقة لمن كانت (6) فى غير صفتها : من المطلّقات.»

«ولمّا (7) لم أعلم مخالفا - : من أهل العلم. - فى أن المطلّقة : التي يملك (8) زوجها رجعتها ؛ فى معانى الأزواج (9) - : كانت (10) الآية على غيرها : من المطلّقات (11).» وأطال الكلام فى شرحه ، والحجّة فيه (12).

ص: 262


1- فى الأم زيادة : «التي». وهو أحسن.
2- هذا غير موجود بالأم.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «على النفقة» ؛ وهو خطأ وتحريف.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «نصف» ؛ وهو خطأ وتحريف.
5- فى الأم : «تجب».
6- فى الأم : «كان» ؛ وهو صحيح أيضا.
7- فى الأم : «فلما» وعبارة المختصر : «ولا أعلم خلافا : أن التي يملك رجعتها ، فى معانى الأزواج».
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «تملك» ؛ ولعله محرف.
9- قال فى المختصر والأم - بعد ذلك - : «فى أن عليه نفقتها وسكناها ، وأن طلاقه وإيلاءه وظهاره ولعانه يقع عليها ، وأنها ترثه ويرثها».
10- فى المختصر : «فكانت».
11- قال فى الأم ، بعد ذلك : «ولم يكن من المطلقات واحدة تخالفها ، إلا : مطلقة لا يملك الزوج رجعتها.»
12- أنظر الأم (ص 219 - 220) ، والمختصر (ص 78 - 79). وراجع فى ذلك السنن الكبرى (ج 7 ص12. 475).

(أنا) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) (رحمه اللّه) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ : لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ؛ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ : رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2) : 2 - 233 ) ؛ وقال تبارك وتعالى : ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ : فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ، وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ. وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ : فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (3) : 65 - 6).»

«قال (4) الشافعي (5) : ففى كتاب اللّه (عز وجل) ، ثم فى سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - بيان : أن الإجارات (6) جائزة : على ما يعرف الناس (7). إذ قال اللّه : ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ : فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) ؛ والرّضاع يختلف : فيكون صبىّ أكثر رضاعا من صبى ، وتكون امرأة أكثر لبنا من امرأة ؛ ويختلف لبنها. فيقلّ (8) ويكثر.»

ص: 263


1- كما فى الأم (ج 5 ص 89 - 90).
2- ذكر فى الأم الآية كلها.
3- ذكر فى الأم الآية التالية أيضا.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «وقال» ؛ والزيادة من الناسخ على ما يظهر.
5- بعد أن ذكر (ص 89 - 90) حديث هند أم معاوية المشهور ، الذي روته عائشة. وراجع الأم (ص77 - 78 و 95) ، والمختصر (ج 5 ص 66 - 67) ، ومسند الشافعي (بهامش الأم : ج 6 ص 219 و 231) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 477).
6- فى الأم : «الإجارة».
7- راجع كلامه فى الرسالة (ص 517 - 518) : فهو مفيد هنا.
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «فقيل» ، وهو تحريف. وراجع كلامه المتعلق بهذا : فى الأم (ج 3 ص 250).

«فتجوز الإجارات (1) على هذا : لأنه لا يوجد فيه أقرب مما يحيط العلم به : من هذا وتجوز (2) الإجارات على خدمة العبد : قياسا على هذا ؛ وتجوز فى غيره - : مما يعرف الناس. - : قياسا على هذا.»

«قال : وبيان (3) : أن على الوالد : نفقة الولد ؛ دون أمه : متزوجة ، أو مطلّقة.»

«وفى هذا ، دلالة : [على (4)] أن النفقة ليست على الميراث ؛ وذلك : أن الأم وارثة ، وفرض النفقة والرّضاع على الأب ، دونها. قال (5) ابن عباس - فى قول اللّه عز وجل : ( وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ : 2 - 233 ) . - : من أن لا تضارّ والدة بولدها (6) ؛ لا (7) : أن عليها الرضاع.».

وبهذا الإسناد فى (الإملاء) : قال الشافعي : «ولا يلزم المرأة رضاع

ص: 264


1- فى الأم : «الإجارة».
2- فى الأصل : «ويجوز» ؛ ولعله محرف عما أثبتناه. وفى الأم : «فتجوز» ؛ وهو أحسن.
3- كذا بالأم. وهو معطوف على قوله السابق : «وبيان». وعبارة الأصل : «وبيان على» ؛ ولعل الزيادة من الناسخ
4- زيادة حسنة ، عن الأم.
5- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «وقال».
6- قد ذكر هذا الأثر أيضا ، فى الأم (ج 5 ص 95) : خلال مناظرة قوية بينه وبين بعض الحنفية ؛ فراجعها وراجع رده (ص 94) على أثر عمر الذي تمسك به الخصم ؛ وراجع ذلك أيضا وما روى عن مجاهد : فى السنن الكبرى (ج 7 ص 478) ، ثم تأمل ما ذكره صاحب الجوهر النقي.
7- نجوز : أن هذا تفسير من الشافعي لكلام ابن عباس.

ولدها : كانت عند زوجها ، أو لم تكن. إلا : إن شاءت (1). وسواء : كانت شريفة ، أو دنيّة ، أو موسرة ، أو معسرة. لقول اللّه عز وجل : ( وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ : فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى : 65 - 6 ) .».

وزاد الشافعي على هذا - فى كتاب الإجارة (2) - فقال :

«وقد ذكر اللّه (تعالى) الإجارة في كتابه ، وعمل بها بعض أنبيائه ؛ قال اللّه تعالى : ( قالَتْ إِحْداهُما : يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ : الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) . الآية (3).)

«فذكر (4) اللّه (عز وجل) : أن نبيا من أنبيائه (صلى اللّه عليه وسلم) أجّر (5) نفسه : حججا مسمّاة ، يملك (6) بها بضع امرأة (7)

«فدلّ : على تجويز الإجارة ، وعلى أن (8) لا بأس بها على الحجج : إذا (9) كان على الحجج استأجره. [وإن كان استأجره على غير حجج : فهو تجويز الإجارة بكل حال (10)].» «وقد قيل : استأجره على أن يرعى له ؛ واللّه أعلم.».

ص: 265


1- فى الأصل : «شاء». والصحيح ما أثبتنا. أي : إلى إن تبرعت. والاستثناء منقطع
2- من الأم (ج 3 ص 250).
3- ذكر فى الأم إلى (حجج) ثم قال : الآية. وتمام المتروك : ( قالَ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ : عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ؛ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً : فَمِنْ عِنْدِكَ ؛ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ : 27 - 27 ) .
4- فى الأم : «قد ذكر». وما فى الأصل أظهر.
5- فى الأم : «آجر».
6- فى الأم : «ملكه». وكلاهما صحيح.
7- قد تعرض لهذا الموضوع أيضا : فى الأم (ج 5 ص 144) فراجعه.
8- فى الأصل : «الارباس» ؛ وهو محرف عما ذكرنا. وفى الأم. «أنه لا بأس».
9- فى الأم : «إن»
10- زيادة مفيدة ، عن الأم.

«ما يؤثر عنه فى الجراح ، وغيره»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، قال (1) : «قال اللّه (عز وجل) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( قُلْ : تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ : أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ؛ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ : مِنْ إِمْلاقٍ (2) ؛ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ الآية : 6 - 151 ) ؛ وقال : ( وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ : 81 - 8 - 9 ) ؛ وقال : ( وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، قَتْلَ أَوْلادِهِمْ ، شُرَكاؤُهُمْ : 6 - 137 ) .»

«قال الشافعي : كان بعض العرب يقتل الإناث - : من ولده. - صغارا (3) : خوف العيلة عليهم (4) ، والعار بهن (5). فلما نهى اللّه (عز وجل) عن ذلك - :

ص: 266


1- كما فى الأم (ج 6 ص 2).
2- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 18) ما ورد فى ذلك : من السنة.
3- يقال : إن أول من وأد البنات قيس بن عاصم التميمي. كما ذكر فى فتح الباري (ج 10 ص 313) ؛ فراجع قصة قيس فيه. وراجع فى هذا المقام ، بلوغ الأرب (ج 1 ص 140 وج 3 ص42 - 53).
4- أي : على الآباء.
5- كذا بالأصل ؛ أي : بسبب البنات. وفى الأم : «بهم». أي بالآباء ، فالباء ليست للسببية. والمؤدى واحد.

من أولاد المشركين. - : دلّ ذلك (1) : على تثبيت النهى عن قتل أطفال المشركين : فى دار الحرب (2) وكذلك : دلّت (3) عليه السنة ، مع ما دلّ عليه الكتاب : من تحريم القتل بغير حقّ (4)

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (5) (رحمه اللّه) - فى قول اللّه عز وجل : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً : فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ؛ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ : 17 - 33). قال : «لا يقتل غير قاتله (6) ؛ وهذا يشبه ما قيل (واللّه أعلم) : قال اللّه عز وجل : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى : 2 - 178 ) ؛ فالقصاص إنما يكون (7) : ممن فعل ما فيه القصاص ؛ لا : ممن لا يفعله.»

ص: 267


1- هذا اللفظ غير موجود فى الأم.
2- راجع كلام الشافعي فى الرسالة (ص 297 - 300) : فهو مفيد فى الموضوع.
3- فى الأصل : «دلت صفة السنة مما». وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم.
4- ثم ذكر قوله تعالى : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ : 6 - 140 ) ؛ وقول النبي لابن مسعود - وقد سأله عن أكبر الكبائر - : «... أن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك». وانظر فتح الباري (ج 10 ص 344 وج 12 ص93 - 95 و 152 وج 13 ص 381 - 382).
5- كما فى الأم (ج 6 ص 3) وقد ذكر فيها الآية الآتية ، ثم قال : «قال الشافعي فى قوله : (فلا يسرف فى القتل).» إلخ.
6- قد ذكر هذا أيضا فى الأم (ج 6 ص 8) والسنن الكبرى (ج 8 ص 25) معزوا إلى غيره ، بدون تعيينه. ثم رواه فى السنن بمعناه : عن زيد بن أسلم ؛ فراجعه هو وأثر ابن عباس فى ذلك.
7- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «لكونهن» ؛ وهو خطأ وتحريف.

«فأحكم اللّه (عز وجل) فرض القصاص : فى كتابه ؛ وأبانت السنة : لمن هو؟ وعلى من هو؟». (1).

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (2) : «من العلم العامّ الذي لا اختلاف فيه بين أحد لقيته : فحدّثنيه (3) ، وبلغني عنه - : من علماء العرب. - : أنها كانت قبل نزول الوحى على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : تباين فى الفضل ، ويكون بينها ما يكون بين الجيران : من قتل العمد والخطإ.»

«وكان (4) بعضها : يعرف لبعض الفضل فى الدّيات ، حتى تكون دية الرجل الشريف : أضعاف دية الرجل دونه.»

«فأخذ بذلك بعض من بين أظهرها - من غيرها (5). - : بأقصد (6) مما كانت تأخذ به ؛ فكانت دية النّضيرىّ : ضعف (7) دية القرظىّ (8)

ص: 268


1- انظر ما ذكره بعد ذلك : من السنة (ص 3 - 4).
2- كما فى الأم (ج 6 ص 7).
3- كذا بالأم ، وهو الأحسن. وفى الأصل : «فحدثنى».
4- فى الأم : «فكان».
5- كيهود بنى النضير.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «ناقصة» ؛ والظاهر أنه محرف.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «ضعفى» ؛ وهو وإن كان لا يتعارض مع ما تقدم ، إلا أننا نجوز أنه محرف عما فى الأم.
8- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 25) : حديث ابن عباس ، المتعلق بذلك. فهو مفيد.

«وكان الشريف من العرب : إذا قتل يجاوز (1) قاتله ، إلى من لم يقتله : من أشراف القبيلة التي قتله أحدها (2) وربما لم يرضوا : إلا بعدد يقتلونهم.»

«فقتل بعض غنىّ (3) شأس بن زهير [العبسىّ] : فجمع عليهم أبوه (4) زهير بن جذيمة ؛ فقالوا له (5) - أو بعض من ندب عنهم - : سل فى قتل شأس ؛ فقال : إحدي ثلاث لا يرضينى غيرها ؛ فقالوا (6) : ما هى؟ فقال (7) : تحيون لى شأسا ، أو تملأون ردائى من نجوم السماء ، أو تدفعون لى غنيّا بأسرها : فأقتلها ، ثم لا أرى : أنى أخذت [منه (8)] عوضا.»

«وقتل كليب وائل : فاقتتلوا دهرا طويلا ، واعتزلهم (9) بعضهم (10)

ص: 269


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «فجاوز» ؛ وهو تحريف.
2- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 25) : أثر زيد بن أسلم فى ذلك.
3- يقال له : رياح بن الأشل الغنوي - كما فى تاريخ ابن الأثير ، وشرح القاموس - أو ابن الأسك كما فى الأغانى. وفى العقد الفريد : ابن الأسل. وهو محرف عن أحد ما ذكرنا.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «أبو ماهر بن خزيمة». وهو تحريف.
5- فى الأصل زيادة : «سل». وهى من الناسخ.
6- فى الأم : «قالوا».
7- فى الأم : «قال».
8- زيادة حسنة عن ، الأم. وراجع فى ذلك وما جر إليه : من مقتل زهير ؛ الأغانى (ط. الساسى : ج 10 ص8. 16) ، والعقد الفريد (ط. اللجنة : ج 5 ص133 - 137 وتاريخ ابن الأثير (ط. بولاق : ج 1 ص229 - 231) ، وأيام العرب فى الجاهلية (ص 230 - 241).
9- كذ بالأم. وفى الأصل : «وأعد لهم» ؛ وهو تحريف.
10- هو الحارث بن عباد البكري صاحب النعامة ، وقد قال : لا ناقة لى فيها ولا جمل.

فأصابوا ابنا له - يقال (1) له : بجير. - : فأتاهم ، فقال : قد عرفتم عزلتى ، فبجير (2) بكليب - وهو (3) أعزّ العرب - [وكفّوا عن الحرب (4)]. فقالوا : بجير (5) بشسع [نعل (6)] كليب. فقاتلهم (7) : وكان معتزلا.»

«قال : وقال (8) : إنه نزل فى ذلك [وغيره (9)] - : مما (10) كانوا يحكمون به فى الجاهلية. - هذا الحكم الذي أحكيه [كلّه (11)] بعد هذا ؛ وحكم اللّه بالعدل : فسوّى فى الحكم بين عباده : الشريف منهم ، والوضيع : ( أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ؟! وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ : 5 - 50 ) .»

«فقال (12) : إن الإسلام نزل : وبعض العرب يطلب بعضا بدماء

ص: 270


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «فقال له غير قاتلهم». وهو تحريف شنيع
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «فتحير» ، وهو تحريف
3- هذه الجملة كلها غير موجودة بالأم.
4- زيادة حسنة ، عن الأم.
5- فى الأصل : «بحر سسع» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.
6- زيادة حسنة ، عن الأم.
7- وهو مغضب ، بعد أن ارتجل لا ميته الجيدة المشهورة ، التي يقول فيها : قربا مربط النعامة منى* إن قتل الكريم بالشسع غالى وقد ألحق بتغلب هزيمة منكرة ، وأنزل بهم خسارة فادحة. فراجع ذلك كله بالتفصيل : فى أمالى القالي (ج 3 ص25 - 26) ، والأغانى (ج 4 ص 139 - 145) ، والعقد الفريد (ج 5 ص 213 - 221) ، وأيام العرب فى الجاهلية (ص 142 - 164) ، وأخبار المراقسة وأشعارهم (ص 22 - 41) وتاريخ ابن الأثير (ج 1 ص 214 - 221).
8- كذا بالأم ، وهو الظاهر. أي : من أخبر بما تقدم. وفى الأصل : «فيقال»
9- زيادة حسنة ، عن الأم.
10- كذا بالأم. وفى الأصل : «بما» ، وهو تحريف.
11- زيادة حسنة ، عن الأم.
12- كذا بالأم ، وهو الظاهر. أي : من أخبر بما تقدم. وفى الأصل : «فيقال»

وجراح ؛ فنزل فيهم : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى : الْحُرُّ بِالْحُرِّ ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ، وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى (1) الآية (2) : 2 - 178 ) .».

قال (3) : «وكان بدء ذلك فى حيّين (4) - : من العرب - : اقتتلوا قبل الإسلام بقليل ؛ وكان لأحد الحيّين فضل على الآخر : فأقسموا باللّه : ليقتلنّ بالأنثى الذكر ، وبالعبد منهم الحرّ. فلما نزلت هذه الآية : رضوا وسلموا.»

«قال الشافعي : وما (5) أشبه ما قالوا من هذا ، بما قالوا - : لأن اللّه (عز وجل) إنما ألزم كلّ مذنب ذنبه ، ولم يجعل جرم أحد على غيره : فقال : (الحرّ بالحرّ) : إذا كان (واللّه أعلم) قاتلا له ؛ (والعبد بالعبد) : إذا كان قاتلا له ؛ (والأنثى بالأنثى) : إذا كانت قاتلة لها. لا : أن يقتل

ص: 271


1- راجع الخلاف فيمن نزلت فيه هذه الآية : فى تفسير الطبري (ج 2 ص 60 - 62) فهو مفيد جدا. وانظر ما روى عن مقاتل وابن عباس : فى السنن الكبرى (ج 8 ص 26 و 40).
2- ذكر فى الأم إلى قوله : (ورحمة) ؛ ثم قال : «الآية والآية التي بعدها».
3- كما فى الأم (ج 6 ص 21) ، وقد روى مختصرا عن الشعبي : في أسباب النزول للواحدى (ص 33) ، وروى مطولا عن مقاتل بن حيان : فى السنن الكبرى (ص 26).
4- صرح أبو مالك - على ما رواه السدى عنه ، كما فى تفسير الطبري : ص 61 - : بأنهما من الأنصار. فالظاهر : أنهما الأوس والخزرج.
5- هذا إلى الحديث الآتي : قد ذكر مختصرا في السنن الكبرى (ص 26).

بأحد - : ممن [لم (1)] يقتله. - : لفضل المقتول على القاتل (2). وقد جاء عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : «أعدي (3) الناس على اللّه (عز وجل) : من قتل غير قاتله.»

«وما وصفت (4) - : من أن (5) لم أعلم مخالفا : فى أن يقتل الرجل بالمرأة (6). - دليل (7) : أن لو كانت هذه الآية [غير (8)] خاصة - كما قال من وصفت قوله : من أهل التفسير. - : لم يقتل ذكر بأنثى.».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، نا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (9) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى ) (10)

«فكان ظاهر الآية (واللّه أعلم) : أن القصاص إنما كتب على

ص: 272


1- زيادة متعينة ، عن الأم.
2- راجع كلامه المتعلق بهذا ، فى الأم (ج 6 ص 8) : ففيه زيادة مفيدة فيما سيأتى.
3- كذا بالأصل ، والأم (ص 3) ، وبعض الروايات فى السنن الكبرى (ص 26). وفى الأم (ص 21) وبعض الروايات فى السنن الكبرى : «أعتى».
4- أي : قبيل ما تقدم : مما ذكر فى الأم ، ولم يذكر بالأصل. وراجع كلامه في الأم (ص 18 - 19)
5- فى الأم : «أنى».
6- راجع فى السنن الكبرى (ص 27 - 28) : ما روى فى ذلك عن الزهري ، وابن المسيب ، وغيرهما. وراجع فى فتح الباري (ج 12 ص 160) : كلام ابن عبد البر ، فهو مفيد.
7- فى الأم زيادة : «على».
8- زيادة متعينة ، عن الأم.
9- كما في الأم (ج 6 ص 32 - 33).
10- فى الأم زيادة : «الآية».

البالغين (1) المكتوب عليهم القصاص - : لأنهم المخاطبون بالفرائض. - : إذا قتلوا (2) المؤمنين. بابتداء (3) الآية ، وقوله : ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ : 2 - 178 ) ؛ لأنه (4) جعل الأخوّة بين المؤمنين (5) ، فقال : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ : 49 - 10 ) ؛ وقطع ذلك بين المؤمنين والكافرين».

«قال : ودلّت سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : على مثل ظاهر الآية (6).».

[قال الشافعي (7)] : «قال اللّه (جل ثناؤه) فى أهل التوراة [: ( وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها : أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الآية : 5 - 45 ) .] (8)»

«[قال : ولا يجوز (واللّه أعلم) فى حكم اللّه (تبارك وتعالى) بين أهل التوراة (9)] - : أن كان حكما بيّنا. - إلا : ما جاز فى قوله : ( وَمَنْ

ص: 273


1- قال - كما فى المختصر (ج 5 ص 97) - : ولا يقتص إلا من بالغ ؛ وهو : من احتلم من الذكور ، أو حاض من النساء ، أو بلغ أيهما كان خمس عشرة سنة.».
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «اقتتلوا» ؛ وهو تحريف.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «تأييد» ؛ وهو تحريف.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «الآية» ؛ ويغلب على الظن أنه تحريف.
5- راجع كلام صاحب الجوهر النقي (ج 8 ص 28 - 29) وتأمله.
6- انظر ما ذكره فى الأم - بعد ذلك - : من السنة التي تدل على عدم قتل المؤمن بالكافر. وراجع المختصر (ج 5 ص6. 95) ، والمناقشات القيمة حول هذا الموضوع : فى اختلاف الحديث (ص 389 - 399) ، فهى معينة على فهم الكلام الآتي. وراجع فتح الباري (ج 12 ص212 - 214).
7- كما فى الأم (ج 6 ص 21). وقد زدنا هذا : لأن ما سيأتى وإن كان مرتبطا بالبحث السابق ، إلا أنه فى الواقع انتقال إلى بحث آخر ، وهو : عدم قتل الحر بالعبد.
8- زيادة متعينة عن الأم ، ونقطع بأنها سقطت من الناسخ.
9- زيادة متعينة عن الأم ، ونقطع بأنها سقطت من الناسخ.

قُتِلَ مَظْلُوماً : فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ (1) سُلْطاناً ؛ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ : 17 - 33 ) .»

«ولا يجوز فيها إلا : أن يكون (2) : كلّ نفس محرّمة القتل : فعلى من قتلها القود. فيلزم من (3) هذا : أن يقتل المؤمن : بالكافر المعاهد ، والمستأمن ؛ والمرأة والصبىّ (4) : من أهل الحرب ؛ [والرجل : بعبده وعبد غيره : مسلما كان ، أو كافرا (5)] ؛ والرجل : بولده إذا قتله.»

«أو : يكون قول اللّه عز وجل : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً ) : ممن دمه مكافىء (6) دم من قتله ؛ وكلّ (7) نفس : كانت تقاد بنفس : بدلالة كتاب اللّه ، أو سنة ، أو إجماع. كما كان قول اللّه عز وجل : ( وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى ) :

ص: 274


1- راجع كلامه المتعلق بولي المقتول : فى الأم (ج 7 ص 295) ، فهو فى غاية الأهمية.
2- فى الأم : «تكون».
3- فى الأم : «فى» ؛ وما فى الأصل أحسن.
4- فى الأم تقديم وتأخير.
5- الزيادة عن الأم. وهى المقصودة بالبحث ؛ ونرجح أنها سقطت من الناسخ.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «مطاف» ؛ ولعله محرف عن «مكاف» بالتسهيل. وقال فى المختصر (ج 5 ص 93) : «وإذا تكافأ الدمان من الأحرار المسلمين ، أو العبيد المسلمين ، أو الأحرار من المعاهدين ، أو العبيد منهم - : قتل من كل صنف مكافىء دمه منهم : الذكر إذا قتل : بالذكر وبالأنثى ؛ والأنثى إذا قتلت : بالأنثى وبالذكر.».
7- أي : كل نفس ثبت - بدليل شرعى آخر - : أنها تقتل إذا قتلت غيرها. وهذا بيان للمعنى المراد من النفس القاتلة - فى آية التوراة - على الاحتمال الثاني. ثم إن الآية الثانية مخصصة للأولى على كلا الاحتمالين : وإن كان التخصيص أوسع على الاحتمال الثاني. فتنبه.

إذا كانت قاتلة خاصة ؛ لا : أن ذكرا [لا (1)] يقتل بأنثى.»

«وهذا أولى معانيه به (واللّه أعلم) : لأن عليه دلائل ، منها : قول رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : «لا يقتل مؤمن بكافر (2)» ؛ والإجماع (3) : على أن لا يقتل المرء بابنه : إذا قتله ؛ والإجماع : على أن لا يقتل الرجل : بعبده ، ولا بمستأمن : من أهل [دار (4)] الحرب ؛ ولا بامرأة : من أهل [دار (5)] الحرب ؛ ولا صبىّ.»

«قال : وكذلك : ولا يقتل الرجل الحرّ : بالعبد ، بحال. (6)».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، وأبو زكريا بن أبى إسحاق ؛ قالا : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (7) : «أنا معاذ (8) بن موسى ، عن بكير (9)

ص: 275


1- زيادة متعينة ، عن الأم.
2- راجع هذا الحديث : فى اختلاف الحديث (ص 388 - 389) ، وفتح الباري (ج 1 ص 146 - 147 وج 12 ص 212) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 28 - 30 وج 9 ص 226) ؛ ثم راجع فيها (ج 8 ص 30 - 34) ما يعارضه.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «وبالإجماع» ؛ والزيادة من الناسخ.
4- زيادة حسنة ، عن الأم.
5- زيادة حسنة ، عن الأم.
6- ثم قال : «ولو قتل حر ذمى عبدا مؤمنا : لم يقتل به» ؛ ثم بين ما يجب فى قتل الحر العبد عمدا وخطأ. فراجعه. وراجض. فيما تقدم - كلامه فى المختصر (ج ص 95 - 96) : ففيه مزيد فائدة. وراجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص34 - 35) : ما ورد في ذلك ؛ وراجع كلام صاحب الجوهر النقي.
7- كما فى الأم (ج 6 ص 7) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 51). وقد أخرجه فى السنن أيضا من طريق آخر عن مقاتل : بلفظ مختلف ، وزيادة نافعة. فراجعه.
8- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «معاد». وهو تحريف.
9- فى الأصل : «بكر» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والسنن الكبرى.

ابن معروف ، عن مقاتل بن حيّان ؛ قال [معاذ (1)] : قال مقاتل : أخذت هذا التفسير عن نفر - حفظ معاذ منهم : مجاهدا ، والحسن ، والضّحاك ابن مزاحم. - (2) فى قوله عز وجل ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ : فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ) ؛ إلى آخر الآية : (2 - 178).»

«قال : كان كتب على أهل التوراة (3) : من قتل نفسا بغير نفس ، حقّ (4) : أن يقاد بها ؛ ولا يعفى عنه ، ولا يقبل (5) منه الدية. وفرض على أهل الإنجيل : أن يعفى عنه ، ولا يقتل. ورخّص لأمة محمد (صلى اللّه عليه وسلم) : إن شاء (6) قتل ، وإن شاء أخذ الدّية ، وإن شاء عفى. فذلك : قوله عز وجل : ( ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ) ؛ يقول : الدّية تخفيف من اللّه : إذ جعل الدية ، ولا يقتل. ثم قال : ( فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ : فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ ) ؛ يقول : فمن (7) قتل بعد أخذ (8) الدّية (9) : فله عذاب أليم.»

ص: 276


1- زيادة حسنة ، عن الأم.
2- فى الأم زيادة : «قال».
3- فى الأم زيادة : «أنه».
4- فى الأم زيادة : «له» ، والحذف أولى.
5- فى الأم : «تقبل».
6- أي : الولي.
7- فى السنن الكبرى : «من».
8- فى الأم : «أخذه» ؛ ولا فرق : إذا المحذوف مقدر.
9- قد روى نحو هذا عن مجاهد وعطاء : فى السنن الكبرى (ج 8 ص 53).

«وقال (1) - فى قوله عز وجل : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ (2) : 2 - 179 ) . - : يقول : لكم فى القصاص ، حياة ينتهى بها (3) بعضكم عن بعض ، أن يصيب : مخافة أن يقتل.».

(وأخبرنا (4)) أبو عبد اللّه ، وأبو زكريّا ؛ قالا : أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (5) : «أنا ابن عيينة ، أنا (6) عمرو بن دينار ، قال : سمعت مجاهدا ، يقول : سمعت ابن عباس ، يقول : كان (7) فى بنى إسرائيل القصاص ، ولم يكن (8) فيهم الدّية ؛ فقال اللّه (عز وجل) لهذه الأمة : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى : (9) الْحُرُّ بِالْحُرِّ ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ، وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى. فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ) (10) ؛ فإن (11) العفو : أن يقبل (12)

ص: 277


1- أي : مقاتل.
2- ذكر فى الأم إلى آخر الآية.
3- هذا غير موجود بالأم. وزيادته أولى.
4- أخرجه فى السنن الكبرى (ج 8 ص 51 - 52) عن يحيى بن ابراهيم بن محمد ابن يحيي المزكى ، عن أبى العباس إلى آخر السند. وأخرجه عن ابن عباس أيضا من طريق آخر عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عنه : بلفظ مختلف فيه اختصار ، وفيه زيادة. وأخرجه البخاري مزيدا - فى التفسير - : من طريق الحميدي عن سفيان وفى الديات : من طريق قتيبة بن سعيد عنه. انظر فتح الباري (ج 8 ص 123 وج 12 ص 168).
5- كما فى الأم (ج 6 ص 7).
6- فى الأم : «حدثنا».
7- رواية البخاري فى الديات : «كانت» ؛ وانظر ما كتبه فى الفتح على ذلك.
8- رواية الأم والبخاري : «تكن».
9- فى رواية البخاري - فى الديات - بعد ذلك : «إلى هذه الآية ؛ فمن عفى ...» ؛ وانظر تعليق ابن حجر على ذلك.
10- فى الأصل زيادة : «الآية» ؛ ولعلها من الناسخ.
11- كذا بالأصل. وفى السنن الكبرى ، ورواية البخاري - فى الديات - : «قال». ورواية البخاري الأخرى : «فالعفو».
12- فى الأم : «تقبل».

الدّية فى العمد ؛ [ ( فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ (1). ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ) ] (2) : مما كتب على من كان قبلكم ؛ ( فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (3).».

قال الشافعي (4) - فى رواية أبى عبد اللّه - : «وما قال ابن عباس فى هذا ، كما قال (واللّه أعلم). وكذلك : قال مقاتل. وتقصّى (5) مقاتل فيه : أكثر من تقصّى (6) ابن عباس.»

«والتنزيل يدلّ على ما قال مقاتل : لأن اللّه (جل ثناؤه) - : إذ ذكر القصاص ، ثم (7) قال : ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ : فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ) . - لم يجز (واللّه أعلم) أن يقال : إن عفى : إن (8) صولح على أخذ الدّية. لأن العفو : ترك حقّ بلا عوض ؛ فلم

ص: 278


1- بعد ذلك ، فى روايتى البخاري : «يتبع (أو أن يطلب) بالمعروف ، ويؤدى بإحسان». وفى رواية جابر : «فيتبع الطالب بمعروف ، ويؤدى - يعنى : المطلوب. - إليه بإحسان».
2- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى ، ورواية البخاري فى التفسير.
3- فى رواية البخاري - فى التفسير - زيادة : «قتل بعد قبول الدية». وانظر فى السنن الكبرى (ص 54) ما ورد - : من السنة. - فى ذلك. وما ورد فى الترغيب فى العفو.
4- كما فى الأم (ج 6 ص 7 - 8).
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «يقضى» ؛ وهو خطأ وتحريف.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «يقضى» ؛ وهو خطأ وتحريف.
7- قال المزني فى المختصر (ج 5 ص 106) : «احتج (الشافعي) فى أن العفو يوجب الدية : بأن اللّه تعالى لما قال : (فمن عفى ...) ؛ لم يجز أن يقال : عفا ؛ إن صولح على مال : لأن العفو ترك بلا عوض ؛ فلم يجط. : إذا عفا عن القتل الذي هو أعظم الأمرين. - إلا : أن يكون له مال فى مال القاتل : أحب ، أو كره ....»
8- فى الأم : «بأن» ، وما فى الأصل أحسن.

يجز إلا أن يكون : إن عفى عن القتل ؛ فإذا عفى (1) : لم يكن إليه سبيل ، وصار لعافى (2) القتل مال (3) فى مال القاتل - وهو : دية قتيله. - : فيتّبعه بمعروف ، ويؤدّي إليه القاتل بإحسان.»

«وإن (4) كان : إذا عفا عن (5) القاتل ، لم يكن له شىء - : لم يكن للعافى : أن (6) يتّبعه ؛ ولا على القاتل : شىء (7) يؤدّيه بإحسان (8)

«قال : وقد جاءت السنة - مع بيان القرآن - : [فى (9)] مثل معنى القرآن.». فذكر حديث أبى شريح [الكعبىّ (10)] : أن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : «من (11) قتل بعده (12) قتيلا ، فأهله بين خيرتين : إن

ص: 279


1- فى الأم : «عفا» ، وما فى الأصل أنسب لما بعد.
2- فى الأم : «للعافى» ؛ وما فى الأصل أولى.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «ما قال» ، وهو تحريف خطير.
4- فى المختصر : «ولو». وفى الأم : «فلو» ؛ وهو الأظهر.
5- قوله : عن القاتل ؛ غير موجود بالمختصر.
6- هذا غير موجود بالأم. وفى المختصر : «ما».
7- فى المختصر : «ما».
8- أنظر كلامه فى الأم (ج 7 ص 289 - 290) ؛ وراجع ما كتبه فى فتح الباري (ج 12 ص 169 - 170) على أثر ابن عباس : فهو مفيد فى كون الخيار فى القود أو الدية للولى - كما قال الشافعي والجمهور - أو للقاتل كما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك والثوري. ومفيد فى بعض المباحث السابقة : كقتل المسلم بالكافر ، والحر بالعبد.
9- زيادة حسنة ، عن الأم.
10- زيادة حسنة ، عن الأم.
11- فى الأم ، والمختصر (ج 5 ص 105) : «فمن».
12- فى الأصل : «بعبده» ، وهو تحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 52). وراجع لفظ روايته فى الرسالة (ص 452).

أحبّوا : قتلوه (1) ؛ وإن أحبّوا أخذوا العقل (2).».

قال الشافعي (3) : «قال اللّه عز وجل : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً : فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (4) : 17 - 33 ) ؛ وكان (5) معلوما عند أهل العلم - : ممن خوطب بهذه الآية. - أنّ ولىّ المقتول : من جعل اللّه له ميراثا منه (6).».

* * *

(وفيما أنبأني به) أبو عبد اللّه (إجازة) ، عن أبى العباس ، عن الربيع ، قال : قال الشافعي (7) : «ذكر اللّه (تعالى) ما فرض على أهل التوراة ، قال (8) : ( وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها : أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (9) ، وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ، وَالْأَنْفَ

ص: 280


1- فى غير الأصل : «قتلوا».
2- ثم تعرض لبعض المباحث السابقة ، وهو : عدم قتل اثنين فى واحد. فراجعه ، وراجع سبب هذا الحديث : فى الأم والمختصر ، والسنن الكبرى (2. 53) ، وقد أخرج البيهقي نحوه عن أبى هريرة ، وابن عمر. وأخرج حديث أبى شريح أيضا فى صفحة 2. : بلفظ فيه اختلاف. وراجع فتح الباري (ج 1 ص 142 و147 - و 148 وج 12 ص 165 - 168).
3- كما فى الأم (ج 6 ص 10).
4- فى الأم زيادة : (فلا يسرف فى القتل).
5- فى الأم : «فكان».
6- وذكر بعده حديث أبى شريح ، ثم حكى الإجماع : على أن العقل موروث كما يورث المال. فراجع كلامه (ص 11) لفائدته. وراجع المختصر (ج 5 ص 105) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص57 - 58).
7- كما فى الأم (ج 6 ص 44).
8- فى الأم : «فقال» ؛ وهو أحسن.
9- فى الأم بعد ذلك : «إلى قوله : (فهو كفارة له)».

بِالْأَنْفِ ، وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ ، وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ ، وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ : 5 - 45 ) (1)

«قال : و (2) لم أعلم خلافا : فى أنّ القصاص فى هذه الأمة (3) ، كما حكى (4) اللّه (عز وجل) : [أنه حكم به (5)] بين أهل التوراة.»

«ولم أعلم مخالفا : فى أنّ القصاص بين الحرّين المسلمين : فى النفس ، وما دونها (6) : من الجراح التي يستطاع فيها القصاص : بلا تلف يخاف على المستفاد منه : من موضع القود (7).».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، ثنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (8) (رحمه اللّه) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ : أَنْ (9)

ص: 281


1- فى الأم زيادة : وروى فى حديث عمر ، أنه قال : رأيت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يعطى القود من نفسه ، وأبا بكر يعطى القود من نفسه ؛ وأنا أعطي القود من نفسى.».
2- هذا إلى قوله : التوراة ؛ قد ذكر فى السنن الكبرى (ج 8 ص 64).
3- كذا بالأم ؛ وهو الصحيح. وفى الأصل والسنن الكبرى : «الآية» ، وهو تحريف
4- فى الأم : «حكم» ، وهو تحريف من الناسخ أو الطابع.
5- زيادة جيدة ، عن الأم والسنن الكبرى.
6- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 40) : أثر ابن عباس فى ذلك.
7- انظر كلامه بعد ذلك (ص 44 - 45) المتعلق : بالقصاص مما دون النفس.
8- كما فى الأم (ج 6 ص 91).
9- راجع فى معنى هذا : كلامه فى الأم (ج 6 ص 171) ، وما نقله عنه يونس فى أواخر الكتاب. ثم راجع كلام الحافظ فى الفتح (ج 12 ص 172) : فهو مفيد فى كثير من المباحث السابقة واللاحقة.

يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ؛ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً : فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ، وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (1) : 4 - 92 ) .»

«(2) فأحكم اللّه (جل ثناؤه) - فى (3) تنزيل كتابه - : [أنّ (4)] علي قاتل المؤمن ، دية مسلّمة إلى أهله. وأبان على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) : كم الدّية؟»

«وكان (5) نقل عدد : من أهل العلم ؛ عن عدد لا تنازع بينهم - : أنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قضى فى (6) دية المسلم : مائة من الإبل. وكان (7) هذا : أقوى من نقل الخاصّة ؛ وقد روى من طريق الخاصّة [وبه نأخذ ؛ ففى المسلم يقتل خطأ : مائة من الإبل.] (8)».

قال الشافعي (9) - فيما يلزم العراقيّين فى قولهم فى الدّية : إنها على أهل

ص: 282


1- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 72 و 131) ، والفتح (ج 12 ص 171 - 172) : ما روى عن القاسم بن محمد ، فى سبب نزول ذلك. فهو مفيد فيما سيأتى أيضا.
2- هذا إلى قوله : كم الدية ، ذكر فى السنن الكبرى (ص 72).
3- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «ورتل» وهو خطأ وتحريف.
4- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
5- فى الأم : «فكان».
6- فى الأم : «بدية».
7- فى الأم : «فكان».
8- زيادة مفيدة ، عن الأم. وأنظر ما رواه بعد ذلك : من السنة ، ثم راجع أثر سليمان بن يسار فى أسنان الإبل : فى الأم (ج 6 ص 99) ، والمختصر (ج 5 ص 128). وراجع السنن الكبرى (ج 8 ص72 - 76) ، وكلامه فى الرسالة (ص 549) ، ففيه مزيد فائدة.
9- كما فى الأم (ج 7 ص 277).

الورق : عشرة آلاف درهم. - : «قد روى عن (1) عكرمة عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : أنه قضى بالدّية : اثنى (2) عشر ألف درهم. وزعم عكرمة : أنه نزل فيه : ( وَما نَقَمُوا إِلَّا : أَنْ أَغْناهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ، مِنْ فَضْلِهِ : 9 - 74 ) .» (3).

قال الشيخ : حديث عكرمة هذا : رواه ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة : مرّة مرسلا (4) ، ومرة موصولا : بذكر ابن عباس فيه (5). ورواه (6) محمد بن مسلم الطّائفىّ ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : موصولا (7).

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (8) : «أمر (9) اللّه (تبارك وتعالى)

ص: 283


1- هذا غير موجود بالأم.
2- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «اثنا» ، ولعلة محرف. فتأمل.
3- راجع كلامه السابق ، ومناظرته لمحمد بن الحسن ، بعد ذلك (ص 278) ؛ والسنن الكبرى (ج 8 ص 80) ، وما رواه عن عمر : فى الأم (ج 6 ص 91 - 92) والسنن الكبرى (ج 8 ص 77 - 78) ، وما ذكره البيهقي عن الشافعي : من أن الدية لا تقوم إلا بالدنانير والدراهم. وكلام البيهقي عن تقويم عمر لها بغير ذلك.
4- فى الأصل : «ومرسلا مرة» ؛ والتقديم من الناسخ.
5- كما فى السنن الكبرى (ج 8 ص 79).
6- فى الأصل : «ومرة أو محمد» ؛ وهو تحريف
7- كما فى السنن الكبرى (ص 78) : فلا يضر إرساله هنا.
8- كما فى الأم (ج 6 ص 92).
9- فى الأم : «وأمر».

 - فى المعاهد : يقتل خطأ. - : بدية مسلّمة إلى أهله. ودلّت سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : على أن لا يقتل مؤمن بكافر ؛ مع ما فرق اللّه بين المؤمنين والكافرين (1)

«فلم يجز : أن يحكم على قاتل الكافر ، [إلا (2)] : بدية ؛ ولا : أن ينقص (3) منها ، إلا : بخبر لازم.»

«وقضي (4) عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان (رضى اللّه عنهما) - فى دية اليهودىّ ، والنصرانىّ - : بثلث دية المسلم وقضى عمر (رضى اللّه عنه) - فى دية المجوسيّ - : بثمانمائة درهم (5) ؛ [وذلك :ثلثا عشر دية المسلم ؛ لأنه كان يقول : تقوّم الدّية : اثنى عشر ألف درهم (6).]»

«ولم نعلم أن (7) أحدا قال فى دياتهم : بأقلّ (8) من هذا. وقد قيل : إن

ص: 284


1- راجع ما تقدم (ص 273) ، وراجع مناقشته العظيمة حول هذا الموضوع وما يرتبط به : فى الأم (ج 7 ص 291 - 295). فإنك ستقف على فوائد لا توجد فى كتاب آخر.
2- زيادة متعينة ، عن الأم.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «ينقضى» ، وهو تصحيف.
4- فى الأم : «فقضى».
5- راجع ذلك ، وغيره - : مما يعارضه. - فى السنن الكبرى والجوهر النقي (ج 8 ص100 - 103).
6- هذه الزيادة عن الأم ، ونرجح أنها سقطت من الناسخ.
7- هذا غير موجود بالأم.
8- فى الأم : «أقل». وكلاهما صحيح كما لا يخفى.

دياتهم أكثر من هذا. فألزمنا قاتل كلّ واحد - : من هؤلاء. - : الأقلّ مما اجتمع عليه. (1)».

وأطال الكلام فيه ، وناقضهم (2) : بالمؤمنة الحرّة ، والجنين (3) ؛ وبالعبد - : وقد تكون قيمته : عشرة دراهم. - : يجب فى قتل كل واحد منهم : تحرير رقبة مؤمنة ؛ ولم يسوّ بينهم : فى الدّية (4).

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (5) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) ؛ إلى قوله : ( فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ - : وَهُوَ مُؤْمِنٌ. - : فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (6) : 4 - 92 ) .» (7)

«قال الشافعي : [قوله : (من قوم) (8) ؛] يعنى : فى قوم

ص: 285


1- راجع فى المختصر (ج 5 ص 136) ما احتج به فى ديات أهل الكفر : فهو جيد.
2- يعنى : الحنفية. أنظر الأم (ج 7 ص 294).
3- راجع فيما يجب فى الجنين خاصة ، كلامه فى اختلاف الحديث (ص 20 و 384) ، والرسالة (ص 427 - 428 و 552 - 553).
4- راجع كلامه عن هذا كله : فى الأم (ج 6 ص 88 - 98) ، والمختصر (ج 5 ص 143 - 146). وراجع السنن الكبرى (ج 8 ص37 - 38 و 95 و 112 - 117).
5- كما فى الأم (ج 6 ص 30).
6- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 131) : ما روى عن ابن عباس فى تفسير ذلك.
7- في الأم زيادة : «الآية». وراجع كلامه فى الرسالة (ص301 - 302).
8- زيادة حسنة ، عن الأم. وانظر السنن الكبرى (ج 8 ص 130).

عدوّ لكم.».

ثم ساق الكلام (1) ، إلى أن قال : «وفى التنزيل ، كفاية عن التأويل : لأن اللّه (جل ثناؤه) - : إذ حكم فى الآية الأولى (2) ، فى المؤمن يقتل خطا : بالدّية والكفارة ؛ وحكم بمثل ذلك ، فى الآية بعدها (3) : فى الذي بيننا وبينه ميثاق ؛ وقال بين هذين الحكمين : ( فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ : وَهُوَ مُؤْمِنٌ ؛ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ) ؛ ولم يذكر دية ؛ ولم تحتمل (4) الآية معنى ، إلا أن يكون قوله : (من قوم) ؛ يعنى : فى قوم عدوّ لنا ، دارهم : دار حرب مباحة (5) ؛ وكان (6) من سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : إذا (7) بلغت الناس الدعوة ، أن يغير عليهم غارّيين. - :

ص: 286


1- حيث ذكر حديث قيس بن أبى حازم : «لجأ قوم إلى خثعم ، فلما غشيهم المسلمون : استعصموا بالسجود ، فقتلوا بعضهم ، فبلغ ذلك النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فقال : أعطوهم نصف العقل لصلاتهم.» الحديث فراجعه ، وراجع كلام الشافعي عليه - فى الأم والسنن الكبرى (ص 131) - لفائدته.
2- عبر بهذا : إما لأن بعض الآية يقال له : آية ، وإما لأنه يرى أنهما آيتان لا آية واحدة.
3- عبر بهذا : إما لأن بعض الآية يقال له : آية ، وإما لأنه يرى أنهما آيتان لا آية واحدة.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «يحمل» ، وهو تحريف.
5- فى الأم زيادة : «فلما كانت مباحة» ، وهذا الشرط بمنزله تكرار «أن». وقوله الآتي : «كان فى ذلك» إلخ : خبر «أن» بالنظر لما فى الأصل ؛ وجواب الشرط بالنظر لما فى الأم. فتنبه.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «وكانت» ، وزيادة التاء من الناسخ.
7- فى الأصل : «إذ» والنقص من الناسخ. وفى الأم : «أن إذا» ؛ ولعل «أن» زائدة.

كان فى ذلك ، دليل : على أن (1) لا يبيح (2) الغارة على دار : وفيها من له - إن قتل - : عقل ، أو قود. وكان (3) هذا : حكم اللّه عز وجل.»

«قال : ولا يجوز أن يقال لرجل : من قوم عدوّ لكم ؛ إلا : فى قوم عدوّ لنا. وذلك : أنّ عامّة المهاجرين : كانوا من قريش ؛ وقريش : عامة أهل مكة ؛ وقريش : عدوّ لنا. وكذلك : كانوا من طوائف العرب والعجم ؛ وقبائلهم : أعداء للمسلمين.»

«فإن (4) دخل مسلم في دار حرب ، ثم قتله مسلم - فعليه : تحرير رقبة مؤمنة ؛ ولا عقل له إذا قتله : وهو لا يعرفه بعينه مسلما.». وأطال الكلام فى شرحه (5).

* * *

قال الشافعي فى كتاب البويطىّ (6) : «وكلّ قاتل عمد - : عفى (7) عنه ،

ص: 287


1- فى الأم : «أنه».
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «تنسخ» ؛ وهو تحريف.
3- فى الأم : «فكان» ؛ وهو أحسن.
4- فى الأم : «وإذا». وما فى الأصل أحسن.
5- راجع كلامه فى الأم (ص 30 - 31) ، والمختصر (ج 5 ص 153).
6- فى الأصل : «البيوطى» ؛ وهو تصحيف.
7- راجع فى بحث العفو مطلقا ، كلامه فى الأم (ج 6 ص 11 - 14 و 77 - 78) ، والمختصر (ج 5 ص 105 - 107 و 112 - 113 و 123 - 125) : فهو مفيدا جدا

وأخذت منه الدّية. - : فعليه : الكفّارة ؛ لأن اللّه (عز وجل) : إذ جعلها فى الخطإ : الذي وضع فيه الإثم ؛ كان العمد أولى.»

«والحجة فى ذلك : كتاب (1) اللّه (عز وجل) : حيث (2) قال فى الظّهار : ( مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ ، وَزُوراً : 58 - 2 ) ؛ وجعل فيه كفارة. ومن قوله : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ : مُتَعَمِّداً ؛ فَجَزاءٌ : مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ : 5 - 95 ) ؛ ثم جعل فيه الكفارة (3).».

وذكرها (أيضا) فى رواية المزنىّ (4) - دون العفو ، وأخذ الدّية (5).

ص: 288


1- يعنى : القياس على ما ثبت به.
2- فى الأصل. «حين» ؛ وهو تصحيف.
3- قال المزني فى المختصر (ج 5 ص 153) : «واحتج (الشافعي) : بأن الكفارة فى قتل الصيد ، فى الإحرام والحرم - : عمدا ، أو خطأ. - سواء ، إلا : فى المأثم. فكذلك : كفارة القتل عمدا أو خطأ سواء ، إلا : في المأثم.». وانظر الأم (ج 7 ص 57) ، وما سيأتى فى أوائل الأيمان والنذور.
4- فى المختصر (ج 5 ص 153).
5- حيث قال : «وإذا وجبت عليه كفارة القتل : فى الخطأ ، وفى قتل المؤمن : فى دار الحرب ؛ كانت الكفارة فى العمد أولى». وقد ذكر نحوه فى السنن الكبرى (ج 8 ص 172) ، فراجعه ، وراجع بتأمل ما كتبه عليه صاحب الجوهر النقي.

«ما يؤثر عنه فى قتال أهل البغي ، والمرتدّ»

«ما يؤثر عنه فى قتال أهل البغي ، والمرتدّ (1)»

(وفيما أنبأنى) أبو عبد اللّه (إجازة) : أن أبا العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (2) : «قال اللّه عز وجل : ( وَإِنْ طائِفَتانِ - : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. - اقْتَتَلُوا : فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ؛ فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى : فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ، حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (3) الآية : 49 - 9 ) .»

«فذكر اللّه تعالى : [اقتتال (4)] الطائفتين ؛ والطائفتان الممتنعتان :

ص: 289


1- قال فى الأم (ج 1 ص 228 - 229) : «اختلف أصحابنا فى المرتد : فقال منهم قائل : من ولد على الفطرة ، ثم ارتد إلى دين - : يظهره ، أولا يظهره. - : لم يستتب ، وقتل. وقال بعضهم : سواء من ولد على الفطرة ، ومن أسلم : لم يولد عليها ؛ فأيهما ارتد - : فكانت ردته إلى يهودية ، أو نصرانية ، أو دين يظهره. - : استتيب ؛ فإن تاب : قبل منه ؛ وإن لم يتب : قتل. وإن كانت ردته إلى دين لا يظهره - : مثل الزندقة ، وما أشبهها. - : قتل ، ولم ينظر إلى توبته. وقال بعضهم : سواء من ولد على الفطرة ، ومن لم يولد عليها : إذا أسلم ؛ فأيهما ارتد : استتيب ؛ فإن تاب : قبل منه ؛ وإن لم يتب : قتل. وبهذا أقول». ثم استدل على ذلك ؛ فراجعه : فإنه مفيد فى بعض الأبحاث الآتية. وراجع كلامه قبل ذلك وبعده (ص 227 و1. 234). وراجع الأم (ج 6 ص148 - 149 و 155 - 156). ثم راجع كلامه عن أهل الردة بعد النبي : فى الأم (ج 4 ص134 - 135) ، والمختصر (ج 5 ص 157 - 158). وراجع السنن الكبرى (ج 8 ص175 - 178).
2- كما فى الأم (ج 4 ص 133 - 134).
3- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 172 و 192) ما روى فى سبب نزول ذلك عن أنس ؛ وما روى عن عائشة وابن عمر : فهو مفيد فيما سننقله عن الشافعي فى القديم.
4- زيادة متعينة ، عن الأم.

الجماعتان : كلّ واحدة تمتنع (1) ؛ وسمّاهم اللّه (عز وجل) : المؤمنين ؛ وأمر : بالإصلاح بينهم (2)

«فحقّ على كل أحد : دعاء (3) المؤمنين - : إذا افترقوا ، وأرادوا القتال. - : أن لا يقاتلوا ، حتى يدعوا إلي الصّلح (4)

«قال : وأمر اللّه (عز وجل) : بقتال [الفئة (5)] الباغية - : وهى مسمّاة باسم : الإيمان (6). - حتى تفىء إلى أمر اللّه (7)

«فإذا (8) فاءت ، لم يكن لأحد قتالها : لأن اللّه (عز وجل) إنما أذن فى قتالها : فى مدة الامتناع - : بالبغي. - إلى أن تفىء.»

«والفيء : الرّجعة عن القتال : بالهزيمة ، [أ (9)] والتوبة وغيرها.

ص: 290


1- فى الأم زيادة : «أشد الامتناع أو أضعف : إذ لزمها اسم الامتناع.».
2- انظر السنن الكبرى (ج 8 ص 172 - و 174) ، وصحيح البخاري بهامش الفتح (ج 1 ص 65).
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «من». ولعله محرف ، أو لعل فى الأصل سقطا. فتأمل.
4- فى الأم زيادة : «وبذلك قلت : لا يبيت أهل البغي ، قبل دعائهم. لأن على الإمام الدعاء - كما أمر اللّه عز وجل - قبل القتال».
5- زيادة حسنة ، عن الأم.
6- حكى الشافعي فى القديم : أن قوما أنكروا قتال أهل البغي ؛ وزعموا : أنهم أهل الكفر ، وليسوا بأهل الإسلام. ثم ذكر دليلهم ، ورد عليهم. فراجع كلامه ، وتعقيب البيهقي عليه : فى السنن الكبرى (ج 8 ص 188). فإنه جيد ؛ ولولا طوله لنقلناه.
7- قال الشافعي فى القديم (كما فى السنن الكبرى : ص 187) : «ورغب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى قتال أهل البغي». وانظر فى السنن الكبرى ما ذكره من السنة.
8- فى الأم : «فإن».
9- زيادة حسنة ، عن الأم.

وأىّ حال ترك بها القتال : فقد فاء (1). والفيء - : بالرجوع (2) عن القتال. - : الرجوع عن معصية اللّه إلى طاعته ، والكفّ (3) عما حرّم اللّه (عز وجل). وقال أبو ذؤيب (4) [الهذلىّ] - يعيّر نفرا من قومه : انهزموا (5) عن رجل من أهله ، فى وقعة ، فقتل (6). - :

لا ينسأ اللّه منّا ، معشرا : شهدوا *** يوم الأميلح ، لا غابوا (7) ، ولا جرحوا

ص: 291


1- قال فى المختصر (ج 5 ص 159) - بعد أن ذكر نحو ذلك - : «وحرم قتالهم : لأنه أمر أن يقاتل ؛ وإنما يقاتل من يقاتل. فاذا لم يقاتل : حرم بالإسلام أن يقاتل. فأما من لم يقاتل فإنما يقال : اقتلوه ؛ لا : قاتلوه.». وقد ذكر نحوه فى الام (ج 4 ص 143). فراجعه ، وراجع كلامه عن الخوارج ومن فى حكمهم ، والحال التي لا يحل فيها دماء أهل البغي - : فى الأم (ج 4 ص136 - 139 ، والمختصر (ج 5 ص 159 - 162).
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «الرجوع». وهو تحريف.
3- فى الأم : «فى الكف». وما فى الأصل أظهر.
4- كذا بالأصل والأم. ولم نعثر على البيتين فى ديوانه المطبوع بأول ديوان الهذليين. ثم عثرنا على أولهما - فى اللسان وشرح القاموس (مادة : ملح) - : منسوبا إلى المتنخل الهذلي ؛ وعلى ثانيهما - فيهما (مادة : وضح) - : منسوبا إلى أبى ذؤيب. وعثرنا عليهما معا ضمن قصيدة للمتنخل : فى ديوانه المطبوع بالجزء الثاني من ديوان الهذليين (ص 31). فلذلك ، ولارتباط البيتين فى المعنى. ولاضطراب الرواة فى شعر الهذليين عامة ، ولكون الشافعي أحفظ الناس لشعرهم ، وأصدقهم رواية له ، وأوسعهم دراية به - نظن (إن لم نتيقن) : أن البيتين مع سائر القصيدة ، لأبى ذؤيب.
5- كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «المفرجوا» ، ولعله محرف عن : «انفرجوا» ، بمعنى : انكشفوا.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «قتل» ، ولعله محرف.
7- «قال فى اللسان : «يقول : لم يغيبوا - : فنكفى أن يؤسروا أو يقتلوا. - ولا جرحوا ، أي : ولا قاتلوا إذ كانوا معنا.». وفى الأصل «عابوا». وهو تصحيف.

عقّوا (1) بسهم ، فلم يشعر بهم أحد *** ثمّ استفاءوا ، فقالوا : حبّذا الوضح.»(2)

 «قال الشافعي : فأمر (3) اللّه (تبارك وتعالى) - : إن (4) فاؤا. - : أن (5) يصلح بينهم (6) بالعدل ؛ ولم يذكر تباعة : فى دم ، ولا مال. وإنما ذكر اللّه (7) (عز وجل) الصّلح آخرا (8) ، كما ذكر الإصلاح بينهم أوّلا : قبل الإذن بقتالهم.»

«فأشبه هذا (واللّه (9) أعلم) : أن تكون (10) التّباعات (11) : فى الجراح والدماء ، وما فات (12) -. من الأموال. - ساقطة بينهم (13)

ص: 292


1- كذا بالأم وغيرها. وفي الأصل : «عفوا» ، وهو تصحيف. وراجر. فى هامش ديوان المتنخل - ما نقل عن خزانة البغدادي (ج 2 ص 137) : مما يتعلق بالتعقبة التي هى : سهم الاعتذار.
2- قال فى اللسان : «أي قالوا : اللبن أحب إلينا من القود ، فأخبر : أنهم آثروا إبل الدية وألبانها ، على دم قاتل صاحبهم.». وفى الأصل : «حبذا الوضح» وهو تحريف مخل بالوزن.
3- فى الأم : «وأمر» ، وهو أحسن. وهذا إلى قوله : ساقطة بينهم ، موجود بالمختصر (ج 5 ص 156) باختصار يسير.
4- هذا وما يليه ليس بالمختصر.
5- فى المختصر : «بأن».
6- فى الأم : «بينهما» ، ولا فرق من جهة المعنى.
7- هذا وما يليه ليس بالمختصر.
8- كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «آخر» ؛ والنقص من الناسخ.
9- هذا وما يليه ليس بالمختصر.
10- كذا بالأم والمختصر ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «يكون» ، ولعله محرف.
11- فى المختصر : «التبعات» (جمع : تبعة). والمعنى واحد.
12- فى المختصر : «تلف» ، والمراد واحد.
13- راجع السنن الكبرى (ج 8 ص 174 - 175).

«وقد يحتمل قول اللّه عز وجل : ( فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ ) : أن يصلح بينهم : بالحكم - : إذا كانوا قد فعلوا ما فيه حكم. - : فيعطي بعضهم من بعض ، ما وجب له. لقول اللّه عز وجل : (بالعدل) ؛ والعدل : أخذ الحقّ لبعض الناس [من بعض (1)].». ثم اختار الأول ، وذكر حجته (2).

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (3) : «قال اللّه عز وجل : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ ، قالُوا : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ ؛ وَاللّهُ يَعْلَمُ : إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ؛ وَاللّهُ يَشْهَدُ : إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (4) ؛ إلى قوله : فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ : 63 - 1 - 3 ) (5)

ص: 293


1- زيادة حسنة ، عن الأم.
2- أنظر الأم (ص 134). ثم راجع الخلاف فيه وفى قتال أهل البغي المنهزمين : فى الأم (ج 4 ص2. 144) ، والمختصر (ج 5 ص 162 - 165).
3- كما فى الأم (ج 6 ص 145 - 146).
4- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 198) : ما روى عن زيد بن أرقم ، فى سبب نزول ذلك.
5- فى الأم بعد ذلك : «فبين : أن إظهار الإيمان ممن لم يزل مشركا حتى أظهر الإيمان ، وممن أظهر الإيمان ، ثم أشرك بعد إظهاره ، ثم أظهر الإيمان - : مانع لدم من أظهره فى أي هذين الحالين كان ، وإلى أي كفر صار : كفر يسره ، أو كفر يظهره. وذلك : أنه لم يكن للمنافقين ، دين : يظهر كظهور الدين الذي له أعياد ، وإتيان كنائص. إنما كان كفر جحد وتعطيل.».

«فبيّن (1) فى كتاب اللّه (عز وجل) (2) : أن (3) اللّه أخبر عن المنافقين : أنهم (4) اتّخذوا أيمانهم جنّة ؛ يعنى (واللّه أعلم) : من القتل.»

«ثم أخبر بالوجه : الذي اتّخذوا به أيمانهم جنّة ؛ فقال : ( ذلِكَ : بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ، ثُمَّ كَفَرُوا ) : بعد الإيمان ، كفرا : إذا سئلوا عنه : أنكروه ، وأظهروا الإيمان وأقرّوا به ؛ وأظهروا التوبة منه : وهم مقيمون - فيما بينهم وبين اللّه تعالى - على الكفر.»

«وقال (5) جل ثناؤه : ( يَحْلِفُونَ بِاللّهِ ما قالُوا ؛ وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ : 9 - 74 ) ؛ فأخبر : بكفرهم ، وجحدهم الكفر ، وكذب سرائرهم : بجحدهم.»

«وذكر كفرهم فى غير آية ، وسمّاهم : بالنفاق ؛ إذ (6) أظهروا الإيمان : وكانوا على غيره. قال (7) : ( إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ : مِنَ النَّارِ (8) ؛ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً : 4 - 145 ) .»

ص: 294


1- عبارة الأم : «وذلك بين» ، وهى ملائمة لما قبلها مما نقلناه.
2- فى الأم زيادة : «ثم فى سنة رسول اللّه».
3- فى الأم : «بأن» ، وهو - على ما فى الأم - تعليل لقوله : «بين». فتنبه.
4- فى الأم : «بأنهم».
5- فى الأم : «قال اللّه». والظاهر : أن زيادة الواو أولى. فتأمل.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «إذا» ، والزيادة من الناسخ.
7- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «وقال».
8- راجع فى فتح الباري (ج 8 ص 184) : ما روى عن ابن عباس فى ذلك.

 - «فأخبر اللّه (1) (عز وجل) عن المنافقين - : بالكفر ؛ وحكم فيهم - : بعلمه : من أسرار خلقه ؛ ما لا يعلمه غيره. - : بأنهم (2) فى الدّرك الأسفل : من النار ؛ وأنهم كاذبون : بأيمانهم. وحكم فيهم [جلّ ثناؤه (3)] - فى الدنيا - : أن (4) ما أظهروا : من الإيمان - : وإن كانوا [به (5)] كاذبين. - : لهم جنّة من القتل : وهم المسرّون الكفر ، المظهرون الإيمان.»

«وبيّن على لسان (6) نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) : مثل ما أنزل (7) اللّه (عز وجل) فى كتابه.». وأطال الكلام فيه (8).

قال الشافعي (9) : «وأخبر (10) اللّه (عز وجل) عن قوم : من الأعراب ؛

ص: 295


1- لفظ الجلالة غير موجود بالأم.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «من». والظاهر أنه تحريف من الناسخ : ظنا منه أنه بيان لما.
3- زيادة حسنة ، عن الأم.
4- عبارة الأم : «بأن» ؛ وهى أحسن.
5- زيادة حسنة ، عن الأم.
6- في الأم : «لسانه».
7- عبارة الأم : «أنزل فى كتابه» ؛ وهى أحسن
8- حيث قال : «من أن إظهار القول بالإيمان ، جنة من القتل : أقر من شهد عليه ، بالإيمان بعد الكفر ، أو لم يقر ، إذا اظهر الإيمان : فإظهاره مانع من القتل.». ثم ذكر من السنة ما يدل على ذلك. فراجعه (ص146 - 147). وراجع كلامه فى الأم (ج 1 ص 229 وج 4 ص 41 وج 5 ص 114 وج 7 ص 74). وراجع السنن الكبرى (ج 8 ص 196 - 198).
9- كما فى الأم (ج 6 ص 157).
10- قال فى الأم (ج 7 ص 268) : «ثم أطلع اللّه رسوله ، على قوم : يظهرون الإسلام ، ويسرون غيره. ولم يجعل له : أن يحكم عليهم بخلاف حكم الإسلام ؛ ولم يجعل له : أن يقضى عليهم فى الدنيا ، بخلاف ما أظهروا. فقال لنبيه ...» ؛ وذكر الآية الآتية ، ثم قال - بدون عزو - : «(أسلمنا) يعنى : أسلمنا بالقول بالإيمان ، مخافة القتل والسباء.».

فقال : ( قالَتِ الْأَعْرابُ : آمَنَّا ؛ قُلْ : لَمْ تُؤْمِنُوا ، وَلكِنْ قُولُوا : أَسْلَمْنا ؛ وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ : 49 - 14 ) . فأعلم : أن (1) لم يدخل الإيمان فى قلوبهم ، وأنهم أظهروه (2) ، وحقن به دماءهم.».

قال الشافعي (3) : «قال مجاهد - فى قوله : (أسلمنا). - : أسلمنا (4) : مخافة القتل والسّبى (5)

قال الشافعي (6) : «ثم أخبر : أنه يجزيهم : إن أطاعوا اللّه ورسوله ؛ يعنى : إن أحدثوا (7) طاعة اللّه ورسوله.».

قال الشافعي (8) : «والأعراب لا يدينون دينا : يظهر ؛ بل : يظهرون الإسلام ، ويستخفون : الشّرك والتّعطيل. قال اللّه عز وجل : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ، وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ : وَهُوَ مَعَهُمْ : إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ : 4 - 106 ) (9).».

وقال (10) - في قوله تعالى : ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ ، أَبَداً ؛

ص: 296


1- فى الأم : «أنه».
2- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «أظهروا» ؛ ولعله محرف.
3- كما في الأم (ج 6 ص 157).
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «استسلمنا ؛ وهو من التحريف الخطير الذي امتلأ به الأصل.
5- فى الأم : «السباء». والمعنى واحد ، وهو : الأسر.
6- كما فى الأم (ج 7 ص 268) : عقب الكلام الذي نقلناه.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «أحد نوى» ؛ وهو تحريف خطير.
8- كما في الأم (ج 6 ص 157).
9- راجع ما قاله بعد ذلك (ص 157 - 158) : لفائدته.
10- كما فى الأم (ج 6 ص 158). وقد ورد الكلام فيها على صورة سؤال وجواب. وقد ذكر فى السنن الكبرى (ج 8 ص 199). وراجع فيها ما ورد فى سبب نزول الآية : فهو مفيد فى البحث.

وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ (1) : 9 - 84 ) . - : «[فأما أمره : أن لا يصلّى عليهم ؛] (2) : فإن صلاته - بأبى هو وأمي صلى اللّه عليه وسلم - : مخالفة صلاة غيره ؛ وأرجو : أن يكون قضى - : إذ أمره بترك الصلاة على المنافقين. - : أن لا يصلّى على أحد إلا غفر له ؛ وقضى : أن لا يغفر لمقيم (3) على شرك (4). فنهاه : عن الصلاة على من لا يغفر له.».

«قال الشافعي (5) : «ولم يمنع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - من الصلاة عليهم - : مسلما ؛ ولم يقتل منهم - بعد هذا - أحدا (6).».

قال الشافعي (7) - فى غير هذا الموضع - : «[وقد قيل - في قول اللّه عز وجل (8)] : ( وَاللّهُ يَشْهَدُ (9) : إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ : 63 - 1 ) . - : ما هم بمخلصين.».

ص: 297


1- فى الأم بعد ذلك : «إنهم كفروا باللّه ، إلى قوله : وهم كافرون.».
2- زيادة حسنة ، عن الأم والسنن الكبرى.
3- فى الأم : «للمقيم».
4- حيث قال سبحانه : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً : فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ : 9 - 80 ) . انظر الأم (ج 1 ص229 - 230). وراجع ما يتعلق بهذا : فى السنن الكبرى ، والفتح (ج 8 ص231 - 235).
5- كما فى الأم (ج 6 ص 158).
6- راجع ما ذكره بعد ذلك ، وما نقله عن الخلفاء الأربعة وغيرهم : من أنهم لم يمنعوا أحدا من الصلاة عليهم ، ولم يقتلوا أحدا منهم. وراجع الأم (ج 1 ص 230). والسنن الكبرى
7- كما فى الأم (ج 1 ص 229).
8- زيادة حسنة ، عن الأم.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «يعلم» ؛ وهو من عبث الناسخ.

(أنا) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) «قال اللّه عز وجل : ( مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ ، إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ (2) : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ؛ وَلكِنْ : مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً : فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ (3) 16 - 106 ) .»

«فلو (4) أنّ رجلا أسره العدوّ ، فأكره (5) على الكفر - : لم تبن منه امرأته ، ولم يحكم عليه بشىء : من حكم المرتدّ (6)»

«قد (7) أكره بعض من أسلم (8) - فى عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم - : على الكفر ، فقاله ؛ ثم جاء إلى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ، فذكر له ما عذّب به : فنزلت (9) هذه الآية ؛ ولم يأمره النبي (صلى اللّه عليه وسلم) باجتناب زوجته ، ولا بشىء : مما على المرتد (10).».

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ،

ص: 298


1- كما فى الأم (ج 6 ص 152).
2- راجع فى الفتح (ج 12 ص 254 - 255) : كلام ابن حجر عن حقيقة الإكراه مطلقا ، وشروطه ، والخلاف فى المكره. فهو نفيس مفيد. ثم راجع الأم (ج 2 ص 210 وج 7 ص 69).
3- الزيادة عن الأم.
4- فى الأم : «ولو». وما فى الأصل أحسن.
5- فى الأم : «فأكرهه». ولا فرق فى المعنى.
6- انظر الأم (ج 3 ص 209) ، وما سبق (ص 224) : فهو مفيد أيضا فيما سيأتى قريبا.
7- هذا تعليل لما تقدم ؛ ولو قرن بالفاء لكان أظهر.
8- كعمار بن ياسر. انظر حديثه فى السنن الكبرى (ج 8 ص208 - 209) ، والفتح (ج 12 ص 255).
9- عبارة الأم «فنزل فيه هذا».
10- راجع كلامه بعد ذلك لفائدته.

قال (1) : «وأبان اللّه (عز وجل) لخلقه : أنه تولّى الحكم - : فيما أثابهم ، وعاقبهم عليه. - : على ما علم : من سرائرهم : وافقت سرائرهم علانيتهم ، أو خالفتها. فإنما (2) جزاهم بالسرائر : فأحبط عمل [كل (3)] من كفر به.»

«ثم قال (تبارك وتعالى) فيمن فتن عن دينه : ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) ؛ فطرح عنهم حبوط أعمالهم ، والمأثم (4) بالكفر : إذا كانوا مكرهين ؛ وقلوبهم على الطّمأنينة (5) : بالإيمان وخلاف الكفر (6)

«وأمر بقتال الكافرين : حتى يؤمنوا ؛ وأبان ذلك [جل وعز (7) :] حتى (8) يظهروا الإيمان. ثم أوجب للمنافقين - : إذا أسرّوا الكفر. (9) - : نار جهنم ؛ فقال : ( إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ : 4 - 145 ) .»

«وقال تعالى : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ ، قالُوا : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ ) ؛ إلى قوله تعالى : ( اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً : 63 - 1 - 2 ) ؛ يعنى (واللّه أعلم) : من القتل (10)

ص: 299


1- كما فى كتاب : (إبطال الاستحسان) ، الملحق بالأم (ج 7 ص 267 - 268). وهو من الكتب الجديرة بالعناية والنشر.
2- فى الأم «إنما».
3- زيادة حسنة ، عن الأم.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «والمآثم».
5- كذا بالأم وفي الأصل «الاطمانينة» ، وهو تحريف.
6- راجع فى السنن الكبرى (ج 8 ص 209) : ما روى عن ابن عباس فى ذلك. وراجع كلام ابن حجر فى الفتح (ج 12 ص 255).
7- زيادة حسنة عن الأم.
8- هذا بيان للمعنى المراد من قوله : «حتى يؤمنو».
9- فى الأم «إذا». وما فى الأصل هو الظاهر.
10- راجع ما تقدم (ص 295 - 296).

«فمنعهم من القتل ، ولم يزل عنهم - فى الدنيا - أحكام الإيمان : بما أظهروا منه. وأوجب لهم الدّرك الأسفل : من النار ؛ بعلمه : بسرائرهم ، وخلافها : لعلانيتهم بالإيمان.»

«وأعلم (1) عباده - مع ما أقام عليهم : [من (2)] الحجّة : بأن ليس كمثله أحد فى شىء. - : أنّ علمه : بالسّرائر (3) والعلانية ؛ واحد. فقال : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ : وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ : 50 - 16 ) ؛ وقال عز وجل : ( يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ ، وَما تُخْفِي الصُّدُورُ : 40 - 19 ) ؛ مع آيات أخر : من الكتاب.»

«قال : وعرّف (4) جميع خلقه - فى كتابه - : أن لا علم لهم (5) ، لا ما علّمهم. فقال : ( وَاللّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ : لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً : 16 - 78 ) .» ؛ وقال : ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ - : مِنْ عِلْمِهِ. - إِلَّا بِما شاءَ : 24 - 255 ) .»

«ثم علّمهم بما آتاهم : من العلم ؛ وأمرهم : بالاقتصار عليه ، [وأن إلا يتولّوا غيره إلا : بما علّمهم (6)] فقال (7) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا : ما كُنْتَ تَدْرِي : مَا الْكِتابُ

ص: 300


1- فى الأم. «فأعلم» : وما فى الأصل أحسن.
2- الزيادة عن الأم.
3- في الأم «بالسر».
4- فى الأم «فعرف». وما فى الأصل أحسن.
5- هذا غير موجود بالأم.
6- الزيادة عن الأم.
7- فى الأم : «وقال». وما في الأصل أظهر.

وَلَا الْإِيمانُ؟ الآية (1) : 42 - 52 ) ؛ وقال تعالى (2) : ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ : إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (3) * إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللّهُ : 18 - 23 - 24 ) (4) ؛ وقال عز وجل (5) : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ : 17 - 36 ) .».

وذكر سائر الآيات : التي وردت فى علم الغيب (6) ؛ وأنه «حجب (7) عن نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) علم الساعة». [ثم قال (8)] :

«فكان (9) من جاوز (10) ملائكة اللّه المقرّبين ، وأنبياءه (11) المصطفين - : من عباد اللّه. - : أقصر علما (12) ، وأولى : أن لا يتعاطوا حكما

ص: 301


1- فى الأم زيادة : «لنبيه».
2- انظر ما تقدم (ص 37).
3- فى الأم زيادة : «وقال لنبيه : ( قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ ... 46 - 9 ) ؛ ثم أنزل على نبيه : أن قد غفر له ... فعلم ما يفعل به» ؛ إلى آخر ما تقدم (ص37 - 38) مع اختلاف أو خطأ فيه ؛ بسبب عدم تمكننا. - بالنسبة إليه وإلى كثير غيره - من بحثه وتأمله ، والرجوع إلى مصدره.
4- وهى قوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ ، إِلَّا اللّهُ : 27 - 65 ) ؛ وقوله : ( إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ الآية : 31 - 34 ) . وقوله : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها إلى مُنْتَهاها :79 - 42 - 44 ) .
5- فى الأم : «فحجب». وقد ذكر عقب الآيات السابقة.
6- وهى قوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ ، إِلَّا اللّهُ : 27 - 65 ) ؛ وقوله : ( إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ الآية : 31 - 34 ) . وقوله : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها إلى مُنْتَهاها :79 - 42 - 44 ) .
7- زيادة لا بأس بها.
8- فى الأم : «فحجب». وقد ذكر عقب الآيات السابقة.
9- فى الأم : «وكان». وهو مناسب لقوله : «فحجب».
10- فى الأم : «جاور». وهو تصحيف من الناسخ أو الطابع.
11- كذا بالأم. وفى الأصل : «وأنبيائه». وهو خطأ وتصحيف.
12- فى الأم زيادة : «من ملائكته وأنبيائه : لأن اللّه (عز وجل) فرض على خلقه طاعة نبيه ؛ ولم يجعل لهم بعد من الأمر شيئا.».

على غيب أحد - : [لا (1)] بدلالة ، ولا ظنّ. - : لتقصير (2) علمهم عن علم أنبيائه : الذين فرض (3) عليهم الوقف عما ورد عليهم ، حتى يأتيهم أمره (4).». وبسط الكلام فى هذا (5).

ص: 302


1- الزيادة عن الأم.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «ليقصر» ؛ وهو تحريف.
3- فى الأم زيادة : «اللّه تعالى».
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «أمر» ؛ والنقص من الناسخ.
5- فراجعه (ص 268) : فبعضه قد تقدم ذكره ، وبعضه لا يوجد فى غيره ؛ ويفيد فى بعض الأبحاث الآتية. ثم راجع كلامه : فى اختلاف الحديث (ص306 - 307) والأم (ج 1 ص 230 وج 4 ص 41 وج 5 ص 114 وج 7 ص 9 ر 74).

 «ما يؤثر عنه فى الحدود» (1)

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (2) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ : مِنْ نِسائِكُمْ ؛ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ؛ فَإِنْ شَهِدُوا : فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ (3) ، أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (4) * وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ : فَآذُوهُما ؛ فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا : فَأَعْرِضُوا عَنْهُما ؛ إِنَّ اللّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً : 4 - 15 - 16 ) .»

ص: 303


1- راجع فى فتح الباري (ج 12 ص 45) : الكلام عما يجب الحد به.
2- كما فى اختلاف الحديث (ص 250). وقد ذكر باختلاف : فى السنن الكبرى (ج 8 ص 210) ، والرسالة (ص128 - 129 و 245 - 246). وقال فى اختلاف الحديث (ص 249) : «كانت العقوبات فى المعاصي : قبل أن ينزل الحد ؛ ثم نزلت الحدود ، ونسخت العقوبات فيما فيه الحدود» ؛ ثم ذكر حديث النعمان بن مرة : «أن رسول اللّه قال : ما تقولون فى الشارب والسارق والزاني؟ - وذلك قبل أن تنزل الحدود - فقالوا : اللّه ورسوله أعلم. فقال رسول اللّه : هن فواحش ، وفيهن عقوبات ؛ وأسوأ السرقة : الذي يسرق صلاته.». ثم ساق الحديث (فراجعه فى السنن الكبرى : ج 8 ص209 - 210) وقال : «ومثل معنى هذا فى كتاب اللّه». ثم ذكر الآتي هنا.
3- فى اختلاف الحديث ، بعد ذلك : «الى آخر الآية».
4- انظر كلامه فى الأم (ج 5 ص 179).

«قال : فكان (1) هذا أول عقوبة (2) الزانيين (3) فى الدنيا (4) ؛ ثم (5) نسخ هذا عن الزّناة كلّهم : الحرّ والعبد ، والبكر والثّيّب. فحدّ اللّه البكرين : الحرّين المسلمين ؛ فقال : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي (6) : فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ : 24 - 2 ) .» (7).

واحتجّ (8) : بحديث عبادة بن الصّامت - فى هذه الآية : ( حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) . - قال : «كانوا يمسكوهنّ حتى نزلت آية الحدود ، فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : خذوا عنى (9) ؛

ص: 304


1- هذا إلى قوله : الدنيا ؛ غير موجود بالرسالة (ص 129). وعبارته فيها (ص 246) هى : «فكان حد الزانيين بهذه الآية : الحبس والأذى : حتى أنزل اللّه على رسوله حد الزنا». ثم ذكر آيتي النور والنساء الآتيتين ؛ ثم قال : «فنسخ الحبس عن الزناة ، وثبت عليهم الحدود».
2- فى اختلاف الحديث : «العقوبة للزانيين».
3- فى الأصل : «الزانين» ؛ وهو تحريف.
4- فى السنن الكبرى زيادة مبينة ، وهى : «الحبس والأذى».
5- عبارة الرسالة (ص 129) والسنن الكبرى ، هى : «ثم نسخ اللّه الحبس والأذى فى كتابه ، فقال». وراجع فى السنن ، ما روى فى ذلك عن ابن عباس ومجاهد والحسن : فهو مفيد.
6- يحسن أن تراجع فى اختلاف الحديث (ص 14 و 46 و 50) ، وجماع العلم (ص 57 - 58 و 120) : ما يتعلق بذلك ؛ لفائدته.
7- فى الرسالة (ص 129) ، بعد ذلك : «فدلت السنة على أن جلد المائة للزانيين البكرين» ؛ ثم ذكر حديث عبادة.
8- كما فى الأم (ج 7 ص 76). وانظر اختلاف الحديث (ص 252).
9- وردت هذه الجملة مكررة للتأكيد : في رواية الأم (ج 6 ص 119) والرسالة (ص 129 و 247).

قد جعل اللّه لهنّ سبيلا : البكر بالبكر : جلد مائة ونفى (1) سنة ؛ والثّيّب بالثّيب : جلد مائة والرّجم.».

واحتجّ (2) - : فى إثبات الرّجم على الثّيب ، ونسخ الجلد عنه (3). - : بحديث عمر (رضى اللّه عنه) فى الرجم (4) ؛ وبحديث أبى هريرة ، وزيد ابن خالد [الجهنىّ (5)] : «أن رجلا ذكر : أن ابنه زنى بامرأة رجل ، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : لأقضينّ بينكما بكتاب اللّه. فجلد ابنه مائة ، وغرّبه عاما ؛ وأمر أنيسا : أن يغدو على امرأة الآخر ؛ «فإن اعترفت : فارجمها (6)». فاعترفت : فرجمها (7).».

ص: 305


1- رواية الرسالة : «وتغريب عام». وراجع هذا الحديث وما جاء فى نفى البكر : فى السنن الكبرى (ج 8 ص 210 و221 - 223) ، والفتح (ج 12 ص 127 - 129). ثم راجع مناقشة الشافعي القيمة - مع من خالفه فى مسئلة النفي - : فى الأم (ج 6 ص119 - 120).
2- كما فى اختلاف الحديث (ص 250 - 251). وانظر الأم (ج 6 ص142 - 143).
3- راجع الخلاف فى ذلك : فى الفتح (ج 12 ص 97) فهو مفيد فيما سيأتى.
4- راجع هذا الحديث : فى الفتح (ج 12 ص 116 - 127) والسنن الكبرى (ج 8 ص 211 - 213 و 220). وراجع فيها (ص 211) ما روى عن ابن عباس : مما يدل على أن حد الثيب الرجم فقط.
5- الزيادة عن رواية الأم (ج 6 ص 119). وراجع هذا الحديث : فى الرسالة (ص 249) ، والفتح (ج 12 ص111 - 116) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 212 - 214 و 219 و 222).
6- هذا اقتباس من كلام النبي الموجه إلى أنيس. وعبارة الشافعي فى الأم (ج 6 ص 119) ، والرسالة (ص 132) ؛ هى : «فإن اعترفت رجمها».
7- قال الشافعي في الأم (ج 6 ص 119) - بعد أن ذكر هذا الحديث -. «وبهذا قلنا ؛ وفيه الحجة : فى أن يرجم من اعترف مرة : إذا ثبت عليها.» ؛ ثم رد على من زعم : أنه لا يرجم إلا من اعترف أربعا ؛ ومن زعم : أن الرجم لا بد أن يبدأ به الإمام ، ثم النار. فراجعه (ص 119 - 121) ، وراجع المختصر (ج 5 ص 166). وراجع فى ذلك كله السنن الكبرى (ج 8 ص219 - 220 و 224 - 228) ، وما ذكره صاحب الجوهر النقي (ص 226 - 228). وراجع الفتح (ج 12 ص 130 و 151).

قال الشافعي (1) : «كان ابنه بكرا ؛ وامرأة الآخر : ثيّبا. فذكر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - عن اللّه جلّ ثناؤه - : حدّ البكر والثّيّب فى الزنا ؛ فدلّ ذلك : على مثل ما قال [عمر (2)] : من حدّ الثّيّب فى الزنا.».

وقال فى موضع آخر (3) (بهذا الإسناد) : «فثبت (4) جلد مائة (5) والنّفى : على البكرين الزانييين ؛ والرّجم : على الثّيّبين الزانييين.»

«فإن (6) كانا ممن أريدا (7) بالجلد : فقد نسخ عنهما الجلد (8) مع الرجم.»

ص: 306


1- كما فى اختلاف الحديث (ص 251).
2- الزيادة عن اختلاف الحديث. أي : من الاقتصار على الرجم.
3- من الرسالة (ص 250).
4- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «فثيب» ؛ وهو تصحيف.
5- فى بعض نسخ الرسالة : «المائة».
6- فى الرسالة : «وإن». وما فى الأصل أحسن.
7- فى بعض نسخ الرسالة : «أريد». وكلاهما صحيح كما لا يخفى.
8- أي : الذي ذكر مصاحبا للرجم فى حديث عبادة. وراجع كلامه عن هذا البحث ، وإجابته عن ظاهر هذا الحديث - : فى اختلاف الحديث (ص 252 - 253) ، والأم (ج 6 ص 119 وج 7 ص 76) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 212) ، والرسالة - (ص131 - 132 و 247 - 250). - : ليتبين لك ما هنا.

«وإن لم يكونا أريدا (1) بالجلد ، وأريد به البكران (2) - : فهما مخالفان للثّيّبين ؛ ورجم الثّيّبين - بعد آية الجلد - : [بما (3)] روى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) عن اللّه (عز وجل). وهذا : أشبه (4) معانيه ، وأولاها به عندنا ؛ واللّه أعلم.».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (5) : «قال اللّه (تبارك وتعالى) فى المملوكات (6) : ( فَإِذا أُحْصِنَّ ، فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ : فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ : مِنَ الْعَذابِ : 4 - 25 ) (7)

ص: 307


1- فى بعض نسخ الرسالة : «أريد». وهو خطأ وتحريف ؛ أو يكون قد سقط لفظ : «ممن».
2- فيكون لفظ الآية : عاما أريد به الخصوص ؛ على هذا الاحتمال ؛ دون الاحتمال الأول.
3- زيادة متعينة ، عن الرسالة. أي : ثبت بذلك.
4- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «شبه» ؛ وهو خطأ وتحريف.
5- كما فى الرسالة (ص 133). وقد ذكر مختصرا فى اختلاف الحديث (ص251 - 252).
6- فى بعض نسخ الرسالة : «المملوكين» ؛ وهو تحريف. وفى اختلاف الحديث «الإماء».
7- قال فى اختلاف الحديث : «فعقلنا عن اللّه : أن على الإماء ضرب خمسين ، لأنه لا يكون النصف إلا لما يتجزأ. فأما الرجم فلا نصف له : لأن المرجوم قد يموت بأول حجر ، وقد لا يموت إلا بعد كثير من الحجارة».

«قال : والنّصف لا يكون إلا فى (1) الجلد : الذي يتبعّض. فأما الرّجم - : الذي هو (2) : قتل. - : فلا نصف له (3).».

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال (4) : «وإحصان الأمة : إسلامها. وإنما قلنا هذا ، استدلالا : بالسنة ، وإجماع أكثر أهل العلم.»

«ولمّا قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : «إذا زنت أمة أحدكم ، فتبيّن زناها : فليجلدها (5).» - ولم يقل (6) : محصنة كانت ، أو غير محصنة. - : استدللنا (7) : على أن قول اللّه (عزّ وجلّ) فى الإماء : ( فَإِذا

ص: 308


1- فى الرسالة : «من». وكلاهما صحيح.
2- أي : نهايته القتل. وفى بعض نسخ الرسالة : «فيه» ؛ أي : فى نهايته القتل ، كما أن فى بدايته العذاب والألم. وهو أنسب للتعليل الذي سننقل بعضه. وإذن : فليس بخطأ كما زعم الشيخ شاكر.
3- قال فى الرسالة ، بعد ذلك : «لأن المرجوم قد يموت فى أول حجر يرمى به : فلا يزاد عليه ؛ ويرمى بألف وأكثر : فيزاد عليه حتى يموت. فلا يكون لهذا نصف محدود أبدا» إلخ. فراجعه (ص 134). وراجع كلامه عن هذا فى الرسالة (ص276 - 277) : فهو يزيد ما هنا وضوحا.
4- ص 135 - 136.
5- راجع فى الأم (ج 6 ص 121 - 122) : هذا الحديث ، ورد الشافعي على من خالفه : فى كون الرجل يحد أمته. فهو مفيد فى بعض المباحث السابقة.
6- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «تقتل» ؛ وهو تحريف.
7- فى بعض نسخ الرسالة ، زيادة : «على أن الإحصان هاهنا : الإسلام ، دون النكاح والحرية والتحصين». وهى زيادة حسنة : إذا زيدت بعدها واو. ولعل الواو سقطت من الناسخ.

أُحْصِنَّ ) : إذا أسلمن - لا : إذا نكحن فأصبن بالنكاح (1) ؛ ولا : إذا أعتقن. - : و [إن (2)] لم يصبن.».

قال الشافعي (3) : «وجماع الإحصان : أن يكون دون المحصن (4) مانع من تناول المحرّم. والإسلام (5) مانع ؛ وكذلك : الحرّيّة مانعة ؛ وكذلك : الزوجيّة (6) ، والإصابة مانع ؛ وكذلك : الحبس فى البيوت مانع (7) ؛ وكلّ ما منع : أحصن. قال اللّه تعالى : ( وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ : لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ : 21 - 80 ) ؛ وقال عزّ وجل : ( لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً ، إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ : 59 - 14 ) ؛ أي (8) : ممنوعة.»

«قال الشافعي : وآخر الكلام وأوّله ، يدلّان : على أن معنى

ص: 309


1- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «النكاح» ؛ والنقص من الناسخ.
2- زيادة متعينة ، عن الرسالة. وهذا متعلق بقوله : أسلمن ؛ أي : أن إحصان الإماء يتحقق بإسلامهن ، ولا يتوقف على إصابتهن. فتنبه. وهذا قول الشافعي المعتمد ؛ وسيأتى قوله الآخر فيما رواه يونس عنه.
3- كما فى الرسالة (ص 136 - 137). وعبارتها هى : «فإن قال قائل : أراك توقع الإحصان على معان مختلفة. قيل : نعم ، جماع الإحصان» الى آخر ما هنا.
4- فى الرسالة : «التحصين». وما فى الأصل أحسن.
5- عبارة الرسالة : «فالإسلام». وهى أحسن وأظهر.
6- فى الرسالة : «الزوج». وما فى الأصل أنسب.
7- قد تعرض لهذا فى الأم (ج 5 ص 134) بأوضح من ذلك : فراجعه.
8- فى الرسالة : «يعنى».

الإحصان المذكور : عامّ (1) فى موضع دون غيره ؛ إذ (2) الإحصان هاهنا : الإسلام ؛ دون : النكاح ، والحرّية ، والتّحصّن (3) : بالحبس والعفاف. وهذه الأسماء : التي يجمعها اسم الإحصان (4).».

ص: 310


1- كذا بالرسالة (طبع بولاق). وهو الصحيح الظاهر. وفى الأصل : «عامة». وهو محرف عما أثبتنا. وفى نسخة الربيع وغيرها : «عاما» ؛ وهو خطأ وتحريف كما سنبين.
2- كذا بالرسالة (طبع بولاق) ونسخة ابن جماعة. وفى بعض النسخ : «لأن». وكلاهما صحيح. وفى الأصل كلمة مترددة بين : «إن» و «إذ». وفى نسخة الربيع : «أن» ؛ وهو خطأ وتحريف. فليس مراد الشافعي أن يقول (كما زعم الشيخ شاكر) : «إن آخر الكلام وأوله يدلان : على أن معنى الإحصان - الذي ذكر عاما فى موضز. وخاصا فى آخر - يراد به الإسلام ، وأنه المراد بالإحصان هنا دون غيره.». فهذا - على تسليم صحة الإخبار والحمل ، وبصرف النظر عن التكلف المرتكب - غير مسلم : إذ كون الإحصان يراد به الإسلام ، وأنه المراد هنا - لا تتوقف معرفته على ذلك كله ؛ بل : عرف باول الكلام. وبدلالة الحديث السابق. على أنه لو كان ذلك مراده : لكان الظاهر والأخصر ، أن يقول : «... يدلان على أن الإحصان ... يراد به الإسلام إلخ». وإنما مراده أن يقول : «إن الكلام كله قد دل : على أن معنى الإحصان قد يكون عاما ، وقد يكون خاصا. بدليل أنه فى الآية : الإسلام الذي هو عام ، دون غيره الذي هو خاص.». وأنت إذا تاملت السؤال الذي أجاب عنه الشافعي بقوله : جماع الإحصان إلخ ؛ وتاملت آخر كلامه ، وقوله الذي سننقله فيما بعد. _ : تأكدت من أن هذا هو مراده ؛ وتيقنت : أن نسخة الربيع قد وقع فيها الخطأ والتحريف ، دون غيرها : وعلمت : أن الشيخ متأثر بان هذه النسخة معصومة عن شىء من ذلك.
3- فى الرسالة. «والتحصين».
4- راجع بهامش الرسالة ، ما نقله الشيخ شاكر عن اللسان ومفردات الراغب : فهو مفيد.

قال الشافعي (1) - فى قوله عز وجلّ : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ (2) ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ : فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً الآية : 24 - 4 ) - : «المحصنات (3) هاهنا : البوالغ الحرائر (4) المسلمات (5).».

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، قال : وقال الحسين بن محمد - فيما أخبرت عنه ، وقرأته فى كتابه - : أنا محمد بن سفيان بن سعيد أبو بكر ، بمصر ، نا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي فى قوله عزّ وجلّ : ( وَالْمُحْصَناتُ : مِنَ النِّساءِ ؛ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ : 4 - 24 ) : «ذوات الأزواج : من النساء» ؛ ( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ : [مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ] : 4 - 24 ، مُحْصَناتٍ (6) غَيْرَ مُسافِحاتٍ : 4 - 25 ) :

ص: 311


1- كما فى الرسالة (ص 147).
2- قال فى الفتح (ج 12 ص 147) رميهن : «قذفهن ؛ والمراد : الحرائر العفيفات ؛ ولا يختص بالمزوجات ، بل حكم البكر كذلك : بالإجماع.».
3- فى نسخة الربيع : «فالمحصنات».
4- ذكر فى الرسالة إلى هنا ، ثم قال : «وهذا يدل : على أن الإحصان : اسم جامع لمعانى مختلفة.».
5- راجع كلامه عن هذا ، وعن الآية كلها : فى الأم (ج 5 ص 110 و 117 و 273 وج 6 ص 256 - 257 وج 7 ص 78 و 81) ؛ فهو مفيد أيضا فى بعض الأبحاث السابقة والآتية. ثم راجع السنن الكبرى (ج 8 ص5. 253). وانظر ما تقدم (ص 237)
6- قوله : (محصنات غير مسافحات) ؛ قد ورد فى الأصل : مشطوبا عليه ، ومكتوبا فوقه ما زدناه. ونرجح : أن كلا منهما مقصود بالذكر ، وأن ما حدث انما هو من تصرف الناسخ : لأنه ظن أن لفظ الآية الأولى هو المقصود فقط ؛ وفات عليه أن معنى اللفظين واحد ، وأن التفسير المذكور - من الناحية اللفظية - انما يلائم لفظ الآية الثانية [راجع القاموس : مادة عف] ، وأن النص هنا قد اكتفى بإثبات ما قصد شرحه : من الآيتين ؛ كما اكتفى بتفسير اللفظ الثاني. فتنبه. وراجع فى اواخر الكتاب ، ما رواه يونس أيضا عن الشافعي فى تفسير آية المائدة : (5) .

«عفائف (1) غير خبائث» ؛ (فإذا أحصنّ) قال : «فإذا نكحن» ؛ ( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ : 4 - 25 ) : «غير ذوات الأزواج».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (2) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما : جَزاءً بِما كَسَبا : 5 - 38 ) .»

«ودلّت سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (3) : أنّ المراد بالقطع فى السّرقة : من سرق من حرز (4) ، وبلغت سرقته ربع دينار. دون غيرهما (5) : ممن لزمه اسم سرقة (6).».

ص: 312


1- قال ثعلب (كما فى المختار) : «كل امرأة عفيفة ، فهى : محصنة ومحصنة. وكل امرأة متزوجة فهى محصنة بالفتح لا غير. وقرىء : (فإذا أحصن) - على ما لم يسم فاعله - أي : زوجن.».
2- على ما يؤخذ من الرسالة (ص 66 - 67)
3- فى الرسالة زيادة : «على».
4- راجع كلامه المتعلق بالحرز : فى المختصر (ج 5 ص 169 - 170).
5- كذا بالرسالة والأصل. والضمير فى كلام الرسالة ، عائد على السارق والزاني : لأن كلامها عام قد تناول أيضا آيتي النور والنساء. وأما هنا : فقد روعى فى تثنيته لفظ الآية ، أو الوصفان المذكوران. وإلا كان الظاهر إفراده. فتأمل.
6- قد تعرض لهذا البحث - بما تضمن فوائد جمة ، ومباحث هامة - : فى الرسالة - (ص 112 و223 - 224 و 233 و 547) ، واختلاف الحديث (ص 44 و 50) ، والأم (ج 5 ص 24 وج 7 ص 20). فراجعه ؛ ثم راجع السنن الكبرى (ج 8 ص254 - 256 و 259 و 262 - 266). وراجع فى الفتح (ج 12 ص79 - 89) : الكلام على تفسير الآية ، وشرح الأبحاث المتعلقة بها. فهو فى غاية الجودة والشمول.

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «قال اللّه عز وجل : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً : أَنْ يُقَتَّلُوا ، أَوْ يُصَلَّبُوا ، أَوْ (2) تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ : 5 - 33 ) (3)

«قال الشافعي (4) : أنا إبراهيم (5) ، عن صالح مولى التّوأمة ، عن ابن عباس - فى قطّاع الطريق - : إذا قتلوا وأخذوا المال : قتّلوا وصلّبوا ؛ وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال : قتّلوا ولم يصلّبوا ؛ وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا : قطّعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ؛ [وإذا هربوا : طلبوا ، حتى

ص: 313


1- كما فى الأم (ج 6 ص 139 - 140).
2- فى الأم : «الآية».
3- راجع فيمن نزلت فيه هذه الآية ، ما روى عن قتادة وابن عباس وغيرهما : فى السنن الكبرى (ج 8 ص 282 - 283). ثم راجع الخلاف فى ذلك : فى الفتح (ج 12 ص 90 وج 8 ص 190 وج 1 ص236 - 237). لفائدته فى بعض مسائل الجهاد الآتية.
4- كما فى السنن الكبرى أيضا (ص 283). وقد ذكر فى المختصر (ج 5 ص172 - 173).
5- هو ابن أبي يحيي كما فى السنن الكبرى. وقد وقع خطأ فى اسم أبيه ، بهامش صفحة 6. بسبب متابعتنا هامش الأم. فليصحح.

يوجدوا ؛ فتقام عليهم الحدود (1)] ؛ وإذا أخافوا (2) السبيل ، ولم يأخذوا مالا : نفوا من الأرض (3)

«قال الشافعي : وبهذا نقول ؛ وهو : موافق معنى كتاب اللّه (عز وجل). وذلك : أن الحدود إنما نزلت : فيمن أسلم ؛ فأما أهل الشرك : فلا حدود لهم ، إلا : القتل ، والسبي (4) ، والجزية.»

«واختلاف (5) حدودهم : باختلاف أفعالهم ؛ على ما قال ابن عباس إن شاء اللّه عز وجل.»

«قال (6) الشافعي (رحمه اللّه) : قال اللّه تعالى : ( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ : 5 - 34 ) ؛ فمن تاب (7) قبل أن يقدر عليه : سقط

ص: 314


1- الزيادة عن الأم. وعبارة المختصر ، هى : «ونفيهم إذا هربوا : أن يطلبوا حتى يوجدوا ؛ فيقام عليهم الحدود». وهذه الزيادة قد وردت مختصرة - بلفظ : «ونفيه أن يطلب». - فى رواية ثانية عن ابن عباس بالسنن الكبرى. وهى مفيدة ومؤيدة لرأى الشافعي فى مسئلة التوبة الآتية. فراجعها.
2- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «خافوا» ؛ وهو خطا ؛ والنقص من الناسخ. وهذا إلخ لم يرد فى المختصر. وقد ورد بدله - فى رواية ثالثة مختصرة عن ابن عباز. بالسنن الكبرى - قوله : «فإن هرب وأعجزهم : فذلك نفيه.».
3- انظر فى السنن الكبرى ، ما روى عن على وقتادة : فهو مفيد فى الموضوع.
4- فى الأم : «أو السباء» ؛ وهو أحسن.
5- هذا إلى آخره ذكر فى السنن الكبرى.
6- هذا إلى ابتداء الآية غير موجود بالأم.
7- قال فى الأم (ج 4 ص 203) : «فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم : سقط عنهم ما لله : من هذه الحدود ؛ ولزمهم ما للناس : من مال أو جرح أو نفس ؛ حتى يكونوا يأخذونه أو يدعونه.».

حدّ (1) اللّه [عنه (2)] ، وأخذ بحقوق بنى آدم (3)

«ولا يقطع من قطّاع الطريق ، إلا : من أخذ قيمة ربع دينار فصاعدا. قياسا على السّنة : فى السارق (4).».

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (5) : «ونفيهم : أن يطلبوا ، فينفوا من بلد إلى بلد. فإذا ظفر بهم : أقيم (6) عليهم أىّ هذه الحدود كان حدّهم (7).».

قال الشافعي (8) : «وليس لأولياء الذين قتلهم قطاع الطريق ، عفو :

ص: 315


1- فى الأم : «حق».
2- الزيادة عن الأم.
3- حكى الشافعي عن بعض أصحابه ، أنه قال : «كل ما كان لله - : من حد. - سقط بتوبته ؛ وكل ما كان للادميين لم يبطل». ثم اختاره. انظر السنن الكبرى (ج 8 ص 184). وراجع فيها : ما يؤيده : من قول على وأبى موسى ؛ وما يعارضه : من قول ابن جبير وعروة وإبراهيم النخعي.
4- قال فى الأم ، بعد ذلك : «والمحاربون الذين هذه حدودهم : القوم يعرضون بالسلاح للقوم ، حتى يغصبوهم (المال) مجاهرة ، فى الصحارى والطرق.» إلخ. فراجعه لفائدته. وقد ذكر نحوه فى المختصر (ج 5 ص 173)
5- كما فى الأم (ج 4 ص 203) : بعد أن ذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس ، وقبل ما نقلناه عنه فى بحث التوبة.
6- فى الأم : «أقيمت». والتأنيث بالنظر إلى المضاف إليه.
7- راجع فى الفتح (ج 12 ص 90) : الخلاف فى مسئلة النفي.
8- كما فى الأم (ج 4 ص 204). وراجع (ص 203) : كلامه المتعلق : بأن لا عقوبة على من كان عليه قصاص فعفى عنه ؛ وأن إلى الوالي : قتل من قتل على المحاربة ، لا ينتظر به ولى المقتول. ورده على من زعم : أن للولى قتل القاتل غيلة ، كذلك. وتبيينه : أن كل مقتول قتله غير المحارب ، فالقتل فيه إلى ولى المقتول. وانظر أيضا السنن الكبرى (ج 8 ص 57). ليتضح لك الكلام ، وتلم بأطرافه.

لأن اللّه حدّهم : بالقتل ، أو : بالقتل والصّلب ، أو : القطع. ولم يذكر الأولياء ، كما ذكرهم في القصاص - فى الآيتين - فقال : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً : فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً : 17 - 33 ) ؛ وقال في الخطإ : ( وَدِيَةٌ (1) مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ؛ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا : 4 - 92 ) . وذكر القصاص فى القتلى (2) ، ثم قال : ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ : فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ : 2 - 178 ) ».

فذكر - فى الخطإ والعمد - أهل الدم ، ولم يذكرهم فى المحاربة. فدلّ : على أن حكم قتل (3) المحاربة ، مخالف لحكم قتل غيره. واللّه أعلم.».

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (4) :

ص: 316


1- في الأصل والأم : «فدية». وهو تحريف ناشىء عن الاشتباه بما فى آخر الآية.
2- كذا بالأم. وهو الظاهر الموافق للفظ الآية. وفى الأصل : «القتل». وهو مع صحته ، لا نستبعد أنه محرف.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «قبل». وهو تصحيف.
4- كما فى الأم (ج 7 ص 86) : بعد أن ذكر قوله تعالى : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى ) الآيات الثلاث ؛ ثم حديث أبى رمثة : «دخلت مع أبى ، على النبي ، فقال له : من هذا؟ فقال : ابني يا رسول اللّه ، أشهد به. فقال النبي : أما إنه لا يجنى عليك ، ولا تجنى عليه.». هذا ؛ وقال فى اختلاف الحديث - فى آخر بحث تعذيب الميت ببكاء أهله : (ص 269) ؛ عقب هذا الحديث - : «فأعلم رسول اللّه ، مثل ما أعلم اللّه : من أن جناية كل امرئ عليه ، كما عمله له : لا لغيره ، ولا عليه.». وانظر السنن الكبرى (ج 8 ص 27 و 345 وج 10 ص 58).

أنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عمر بن أوس ؛ قال : كان الرجل يؤخذ بذنب غيره ، حتى جاء إبراهيم (صلى اللّه عليه وسلم ، وعلى آله) : فقال اللّه عز وجل : ( وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى : 53 - 37 - 38 ) .»

«قال الشافعي (1) (رحمه اللّه) : والذي سمعت (واللّه أعلم) - فى قول اللّه عز وجل : ( أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) . - : أن لا يؤخذ أحد بذنب غيره (2) ؛ وذلك : فى بدنه ، دون ماله. فإن (3) قتل (4) ، أو كان (5) حدا : لم يقتل به غيره (6) ، ولم يحدّ بذنبه : فيما بينه وبين اللّه (عز وجلّ). [لأن اللّه (7)] جزى العباد على أعمال (8) أنفسهم ، وعاقبهم عليها.»

ص: 317


1- كما ذكر فى السنن الكبرى (أيضا) مختصرا : (ج 8 ص 345).
2- فى السنن الكبرى ، بعد ذلك : «لأن اللّه عز وجل جزى العباد» إلى قوله : «عاقلته».
3- فى الأم : «وإن». وما فى الأصل أحسن.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «قيل». وهو تصحيف.
5- أي : كان ذنبه يستوجب الحد.
6- فى الأم زيادة : «ولم يؤخذ».
7- زيادة متعينة : وعبارة الأم : «لأن اللّه جل وعز إنما جعل جزاء» إلخ. وهى أحسن.
8- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «أعمالهم» ، ولا نستبعد تحريفه.

«وكذلك أموالهم : لا يجنى أحد على أحد ، فى (1) مال ، إلا : حيث خصّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : بأن جناية الخطإ - من الحر - على الآدميّين : على عاقلته (2)

«فأما [ما (3)] سواها : فأموالهم ممنوعة من أن تؤخذ : بجناية غيرهم.»

«وعليهم - فى أموالهم - حقوق سوى هذا : من ضيافة ، وزكاة ، وغير ذلك. وليس من وجه الجناية.».

* * *

ص: 318


1- كذا بالسنن الكبرى. وفى الأم : «فى ماله». وهو أظهر. وفى الأصل : «من مال» والظاهر أنه محرف.
2- راجع كلامه عن حقيقة العاقلة ، وأحكامها : في الأم (ج 6 ص 101 - 103) ، والمختصر (ج 5 ص 140). فهو نفيس جيد. وانظر فتح الباري (ج 12 ص 199) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص106 - 107).
3- زيادة حسنة ، عن الأم.

ص: 319

بعون اللّه سبحانه وتعالى وتوفيقه - تم طبع الجزء الأول -

من أحكام القرآن للامام الشافعى رضى اللّه عنه

ويليه الجزء الثاني وأوله: ما يؤثر عنه في السير والجهاد

ص: 320

المجلد 2

هوية الكتاب

المؤلف: أبي عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي

الناشر: دار الكتب العلميّة

الطبعة: 0

الموضوع : الفقه

تاريخ النشر : 1400 ه.ق

الصفحات: 246

المكتبة الإسلامية

أحكام القرآن

الجزء الثاني

للإمام المعظم والمجتهد المقدم

أبي عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي المتوفی سنة 204 ه

جمعه الإمام الكبير الحافظظ النحرير الفقيه الأصولي أبوبكر أحمد بن الحسين ابن علي بن عبداللّه بن موسی البيهقي النيسابوري صاحب السنن الكبری المتوفی سنة 458 ه رضي اللّه عنهما

عرف الكتاب وكتب تقدمته

العلامة المحدث الكبير صاحب الفضيلة الشيخ

محمد زاهد بن الحسين الكوثري

وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية سابقاً

كتب هوامشه صاحب الفضيلة الشيخ

عبد الغني عبد الخالق

المدرس بكلية الشريعة الإسلامية

روجع علی النسخة المخطوطة الوحيدة المحفوظة

بدار الكتب الملكية المصرية تحت رقم 715 مجاميع طلعت

عني بنشره، وتصحيحة، ووقف علی طبع

دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

المحرر رقمي : محمد مهدي ملك محمد

ص: 1

اشارة

ص: 2

«ما يؤثر عنه فى السّير والجهاد»

«ما يؤثر عنه فى السّير والجهاد (1) ، وغير ذلك»

(أنا) سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، [قال (2)] : «قال اللّه عزوجل : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ : 51 - 56 ) .»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : خلق اللّه الخلق : لعبادته (3) ؛ ثم أبان (جلّ ثناؤه) : أنّ خيرته من خلقه : أنبياؤه (4) ؛ فقال تعالى : ( كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ؛ فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ ) (5) : ( مُبَشِّرِينَ ، وَمُنْذِرِينَ : 2 - 214 ) ؛ فجعل النبيين (صلى اللّه عليهم (6) وسلم) من أصفيائه - دون عباده - : بالأمانة على وحيه ، والقيام بحجّته فيهم.»

ص: 3


1- راجع ما ذكره فى الفتح (ج 6 ص 2) عن معنى ذلك : فهو مفيد.
2- كما فى أول كتاب الجزية من الأم (ج 4 ص 82 - 83). والزيادة عن الأم. وقد ذكر أكثر ما سيأتى ، فى السنن الكبرى (ج 9 ص3 - 5) : متفرقا ضمن بعض الأحاديث والآثار التي تدل على معناه وتؤيده ، أو تتصل به وتناسبه.
3- قال البيهقي فى السنن - بعد أن ذكر ذلك - : «يعنى : ما شاء من عباده ؛ أو : ليأمر من شاء منهم بعبادته ، ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.».
4- يحسن أن تراجع كتاب (أحاديث الأنبياء) من فتح الباري (ج 6 ص 227) : فهو مفيد فى هذا البحث.
5- سأل أبوذر ، النبي : كم النبيون؟ فقال : «مائة ألف نبى ، وأربعة وعشرون ألف نبي» ؛ ثم سأله : كم المرسلون منهم؟ فقال : «ثلاثمائة وعشرون». انظر السنن الكبرى.
6- كذا فى الأم. وهو الظاهر الذي يمنع ما يشبه التكرار. وفى الأصل والسنن الكبرى : «نبينا ... عليه». وهو صحيح على أن يكون قوله : دون عباده ؛ متعلقا بأصفيائه ، لا يجعل. فتنبه.

«ثم ذكر من خاصّة صفوته ، فقال : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً ، وَآلَ إِبْراهِيمَ ، وَآلَ عِمْرانَ ؛ عَلَى الْعالَمِينَ : 3 - 33 ) فخصّ (1) آدم ونوحا : بإعادة ذكر اصطفائهما. وذكر إبراهيم (عليه السلام) ، فقال : ( وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً : 4 - 125 ) . وذكر إسماعيل بن إبراهيم ، فقال : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ : إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ ، وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا : 19 - 54 ) .»

«ثم أنعم اللّه (عزّ وجلّ) على آل إبراهيم ، وآل عمران فى الأمم ؛ فقال : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً ، وَآلَ إِبْراهِيمَ ، وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ؛ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .»

«ثم اصطفى (2) محمدا (صلى اللّه عليه وسلم) من خير آل إبراهيم ؛ وأنزل كتبه - قبل إنزال (3) القرآن على محمد صلى اللّه عليه وسلم - : بصفة فضيلته (4) ، وفضيلة من اتبعه (5) ؛ فقال : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ ، وَالَّذِينَ

ص: 4


1- هذا إلى قوله : (عليم) ؛ غير موجود بالسنن الكبرى.
2- فى الأم زيادة : «اللّه عز وجل ، سيدنا». وراجع نسبه الشريف ، فى الفتح (ج 7 ص 112 - 113)
3- فى الأم والسنن الكبرى : «إنزاله الفرقان». ولا فرق فى المعنى.
4- كذا بالأم. وفى السنن الكبرى : «بصفته». وفى الأصل. «ثم بضعه فضيله» ؛ والزيادة والتصحيف من الناسخ.
5- فى السنن الكبرى : «تبعه». وفى الأم زيادة : «به» ؛ أي : بسببه.

مَعَهُ : أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ، رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ؛ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) (1) : ( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّهِ وَرِضْواناً ؛ سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ. ذلِكَ : مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ؛ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ : كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ، فَآزَرَهُ ، فَاسْتَغْلَظَ ) (2) الآية : (48 - 29). وقال لأمته : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) الآية (3) : (3 - 110) ؛ ففضّلهم : بكينونتهم (4) من أمّته ، دون أمم الأنبياء قبله.»

«ثم أخبر (جلّ ثناؤه) : [أنه (5)] جعله فاتح رحمته ، عند فترة رسله ؛ فقال : ( يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا : يُبَيِّنُ لَكُمْ ، عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ؛ أَنْ تَقُولُوا : ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ ؛ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ : 5 - 19 ) ؛ وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ : يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ : 62 - 2 ) . وكان فى ذلك ، ما دل : على أنه بعثه إلى خلقه - :

ص: 5


1- فى الأم بعد ذلك : «الآية».
2- راجع فى السنن الكبرى ، أثر ابن مسعود المتعلق بذلك.
3- هذا غير موجود فى الأم.
4- كذا بالأم والسنن الكبرى. وهو الصحيح. وفى الأصل : «بكونيتهم» ؛ وهو محرف عما أثبتنا ، أو عن : «بكونهم».
5- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.

لأنهم (1) كانوا أهل كتاب (2) وأميين (3). - وأنه فتح [به] (4) رحمته.»

«وختم (5) [به (6)] نبوّته : قال (7) عز وجل : ( ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ؛ وَلكِنْ : رَسُولَ اللّهِ ، وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ : 33 - 40 ) (8)

«وقضى : أن أظهر دينه على الأديان ؛ فقال : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ

ص: 6


1- كذا بالأصل والأم والسنن الكبرى. ومراده بذلك : أن يبين وجه دلالة ما تقدم على أن نبينا بعث إلى جميع الخلق ؛ وذلك : لأنهم لا يخرجون عن كونهم أهل كتاب ، أو أميين. فليس قوله هذا تعليلا لبعثه - كما قد يرد على الذهن - : لأنه لا وجه له. وليس مراده أن يقول : إن ما تقدم دل على بعثته إلى الخلق ، وبين أصنافهم. وإلا لقال : وأنهم كانوا أهل كتاب وأميين. وليس مراده كذلك أن يقول : إن ما تقدم دل على إرساله إلى الناس كافة (بدون أن يكون قاصدا تبيين كيفية دلالته). إذ كان الملائم حينئذ لما ذكره - إن لم يقتصر عليه - أن يقول : سواء كانوا ، أو من كانوا إلخ. فتأمل.
2- فى السنن الكبرى : «الكتاب».
3- فى بعض نسخ السنن : «والأميين». وفى الأم : «أو أميين» ؛ وهو أحسن.
4- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
5- هذا معطوف على قوله : جعله فاتح رحمته. فتنبه.
6- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
7- فى الأم والسنن الكبرى : «فقال» ؛ وهو أظهر.
8- أخرج مسلم ، والبيهقي فى السنن ؛ عن أبى هريرة : أن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : «فضلت على الأنبياء ، بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لى الغنائم ، وجعلت لى الأرض طهورا ومسجدا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون.».

رَسُولَهُ : بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ : وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (1) : (9 - 34).».

* * *

«مبتدأ التّنزيل ، والفرض على النّبىّ» «صلى اللّه عليه وسلم ؛ ثمّ على النّاس»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، وأبو سعيد بن أبى عمرو ؛ قالا : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (2) (رحمه اللّه) : «لما بعث اللّه نبيّه (3) (صلى اللّه عليه وسلم) : أنزل عليه فرائضه كما شاء : ( لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) (4) ؛ ثم : أتبع كلّ واحد منها ، فرضا بعد فرض : في حين غير حين الفرض قبله.»

«قال : ويقال (5) (واللّه أعلم) : إن أول ما أنزل اللّه عليه - : من (6) كتابه. - : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ : 96 - 1 ) .»

ص: 7


1- انظر كلامه الآتي قريبا ، عن كيفية إظهار اللّه الدين الإسلامى ، على سائر الأديان.
2- كما فى الأم (ج 4 ص 83).
3- فى الأم : «محمدا».
4- اقتباس من آية الرعد : (41).
5- قد أخرجه عن عائشة ، فى السنن الكبرى (ج 9 ص 6). وراجع فيها وفى الفتح (ج 1 ص14 - 21) حديث عائشة أيضا : فى بدىء الوحى. ثم راجع فى الفتح (ج 8 ص 497 و 504 و 508) : الخلاف فى أول آية ، وأول سورة نزلت.
6- قوله : من كتابه ؛ غير موجود بالأم. وعبارة السنن الكبرى هى : «أول ما نزل من القرآن».

«ثم أنزل عليه [ما (1)] لم يؤمر فيه : [بأن (2)] يدعو إليه المشركين. فمرت لذلك مدة.»

«ثم يقال : أتاه جبريل (عليه السلام) عن اللّه (عز وجل) : بأن يعلمهم نزول الوحى عليه ، ويدعوهم إلى الإيمان به. فكبر ذلك عليه ؛ وخاف : التكذيب ، وأن يتناول (3). فنزل عليه : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ : بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ؛ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ : فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ؛ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ : 5 - 67 ) . فقال : يعصمك (4) من قتلهم : أن يقتلوك ؛ حتى تبلّغ (5) ما أنزل إليك. فبلّغ (6) ما أمر به : فاستهزأ (7) به قوم ؛ فنزل عليه : ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ : 15 - 94 - 95 ) (8)»

ص: 8


1- زيادة متعينة ، عن الأم.
2- زيادة متعينة ، عن الأم.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «يتفاول» ؛ وهو تصحيف.
4- هذا إلى قوله : (المستهزئين) ؛ ذكر فى السنن الكبرى (ج 9 ص 8). وراجع فيها حديث عائشة : فى سبب نزول الآية.
5- فى السنن الكبرى : «تبلغهم» ؛ ولا فرق فى المعنى.
6- هذا غير موجود بالأم ، وسقوطه إما من الناسخ أو الطابع.
7- كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «واستهزأ» ؛ وهو مع صحته ، لا نستعبد تصحيفه.
8- راجع فى السنن الكبرى ، حديث ابن عباس : فى بيان من استهزأ منهم ، وما حل بهم بسبب استهزائهم.

«قال : وأعلمه : من علم (1) منهم أنه لا يؤمن به ؛ فقال : ( وَقالُوا : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ، حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ : مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ ؛ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً ) ؛ إلى قوله : ( هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً : 17 - 90 - 93 ) .»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : وأنزل إليه (2) (عز وجل) - فيما يثبّته به : إذا (3) ضاق من أذاهم. - : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ : أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ، وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ : 15 - 97 - 99 ) .»

«ففرض عليه : إبلاغهم ، وعبادته (4). ولم يفرض عليه قتالهم ؛ وأبان ذلك فى غير آية : من كتابه ؛ ولم يأمره : بعزلتهم ؛ وأنزل عليه : ( قُلْ : يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ * لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ : 109 - 1 - 2 ) ؛ وقوله : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا : فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ ، وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ ) (5) ( تُطِيعُوهُ : تَهْتَدُوا ؛ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ : 24 - 54 ) ؛ وقوله : ( ما (6) عَلَى

ص: 9


1- فى الأم : «علمه» ؛ ولا فرق فى المعنى.
2- هذا غير موجود بالأم.
3- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «إذ» ؛ ولعل النقص من الناسخ.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «وعبادتهم» ؛ وهو تحريف خطير.
5- فى الأم : «قرأ الربيع الآية».
6- كذا بالأم ؛ وهو الصواب. وفى الأصل : «وما» ؛ والواو مكتوبة بمداد مختلف : مما يدل على أنه من تصرف الناسخ : ظنا منه أنه أريد تكرار الآية السابقة.

الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ : 5 - 99 ) ؛ مع أشياء ذكرت فى القرآن - فى غير موضع - : فى [مثل (1)] هذا المعنى (2)

«وأمرهم اللّه (عز وجل) : بأن لا يسبّوا أندادهم ؛ فقال : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ : فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْواً ، بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الآية : (6 - 108) ؛ مع ما يشبهها.»

«ثم أنزل (3) (جل ثناؤه) - بعد هذا - : فى الحال (4) الذي (5) فرض فيها عزلة المشركين ؛ فقال : ( وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا : فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ، حَتَّى ) (6) ( يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ؛ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ : فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى ، مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ : 6 - 68 ) .»

«وأبان لمن تبعه ، ما فرض عليهم : مما [فرض عليه (7)] ؛ قال (8) : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ : أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللّهِ ) (9) ( يُكْفَرُ

ص: 10


1- زيادة حسنة ، عن الأم.
2- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 8 - 9) : ما روى عن أبى العالية : فى بيان قوله تعالى : ( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ : 46 - 35 ) .
3- فى الأم زيادة : «اللّه».
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «الحان» ؛ وهو محرف عما أثبتنا ، أو عن «الحالة»
5- فى الأم : «التي». وكلاهما صحيح : لأن الحال يؤنث ويذكر ؛ وإن كان ما فى الأم أنسب : بالنظر إلى تأنيث الضمير الآتي.
6- هذا إلى قوله : «عليهم» ، غير موجود بالأم ، ونعتقد أنه سقط من نسخها.
7- زيادة متعينة ، عن الأم.
8- فى الأم ، «فقال» : وهو أظهر.
9- فى الأم : «قرأ الربيع إلى : (إنكم إذا مثلهم).».

بِها ، وَيُسْتَهْزَأُ بِها : فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ، حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ؛ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) الآية : (4 - 140).».

«الإذن بالهجرة»

«الإذن (1) بالهجرة»

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (2) (رحمه اللّه) : «وكان المسلمون مستضعفين بمكة ، زمانا : لم يؤذن لهم فيه بالهجرة منها ؛ ثم أذن اللّه لهم بالهجرة ، وجعل لهم مخرجا. فيقال : نزلت : (3) ( وَمَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً : 65 - 2 ) .»

«فأعلمهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أن قد جعل اللّه لهم [بالهجرة (4)] مخرجا ؛ قال (5) : ( وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ : يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ) الآية : (4 - 100) وأمرهم : ببلاد الحبشة (6). فهاجرت إليها [منهم (7)] طائفة.»

ثم دخل أهل المدينة [فى (8)] الإسلام (9) : فأمر رسول اللّه (صلى اللّه

ص: 11


1- كذا بالأم (ج 4 ص 83) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 9). وفى الأصل «الأذان» ، والزيادة من الناسخ.
2- كما فى الأم (ج 4 ص 83 - 84).
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «فنزلت» ؛ والظاهر أن الزيادة من الناسخ.
4- زيادة حسنة ، عن الأم.
5- فى الأم : «وقال» ؛ وهو عطف على قوله : «جعل». وما فى الأصل : بيان لما تقدم. والمؤدى واحد.
6- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 9) : حديث أم سلمة فى ذلك. وراجع الكلام عن هجرة الحبشة : فى فتح الباري (ج 7 ص129 - 132).
7- زيادة حسنة ، عن الأم.
8- زيادة حسنة ، عن الأم.
9- راجع فى السنن الكبرى (ص 9) : حديث جابر بن عبد اللّه فى ذلك.

عليه وسلم) طائفة - فهاجرت إليهم - : غير محرّم على من بقي ، ترك (1) الهجرة (2)

وذكر (3) اللّه (عز وجل) أهل الهجرة ، فقال : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ : مِنَ الْمُهاجِرِينَ ، وَالْأَنْصارِ : 9 - 100 ) ؛ وقال : ( لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ : 59 - 8 ) ؛ وقال : ( وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ : أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ ، وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللّهِ : 24 - 22 ) .»

«قال : ثم أذن اللّه لرسوله (صلى اللّه عليه وسلم) : بالهجرة (4) منها (5) ؛ فهاجر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إلى المدينة.»

«ولم يحرّم فى هذا ، على من بقي بمكة ، المقام بها - : وهى دار شرك. - وإن قلّوا (6) : بأن يفتنوا (7). [و (8)] لم يأذن لهم بجهاد.»

ص: 12


1- بل واستبقى بعض أصحابه ؛ كأبى بكر : فإنه استبقاه معه ، حتى هاجرا معا بعد أن أذن اللّه له. انظر حديث عائشة المتعلق بذلك : فى السنن الكبرى (ص9 - 10).
2- فى الأم ، زيادة : «إليهم».
3- عبارة الأم هى : «وذكر اللّه جل ذكره : (للفقراء المهاجرين) ، وقال : (ولا يأتل)» إلخ. ونرجح أن الزائد فى الأصل ، قد سقط من نسخ الأم.
4- عبارة الأم : «بالهجرة إلى المدينة ؛ ولم يحرم» إلخ. ولعل الزائد هنا سقط من نسخ الأم.
5- أي : من مكة. وفى الأصل : «فيها» ؛ وهو محرف عما أثبتناه.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «قالوا» : وهو تحريف.
7- ليس مراده : أن عدم التحريم بسبب أن يفتنوا. وإنما مراده : أن التحريم لم يحدث مع توقع أو تحقق ما كان مظنة لحدوثه ، لا لنفيه.
8- زيادة متعينة ، عن الأم.

«ثم أذن اللّه (عز وجل) لهم : بالجهاد ؛ ثم فرض - بعد هذا (1) - عليهم : أن يهاجروا من دار الشرك. وهذا موضوع (2) فى غير هذا الموضع.».

«مبتدأ الإذن بالقتال»

وبهذا الإسناد : قال الشافعي (3) (رحمه اللّه) : «فأذن لهم (4) بأحد الجهادين (5) : بالهجرة ؛ قبل [أن (6)] يؤذن لهم : بأن يبتدئوا مشركا بقتال»

«ثم أذن لهم : بأن يبتدئوا المشركين بقتال (7) ؛ قال اللّه عز وجل : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ : بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (8) ؛ وَإِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) (9) : (22 - 39) ؛ وأباح لهم القتال ، بمعنى : أبانه فى كتابه ؛ فقال : ( وَقاتِلُوا فِي

ص: 13


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «هذه» ؛ وهو تصحيف.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «موضعه» ؛ وهو محرف عما ذكرنا ؛ أو يكون قوله : «فى» ؛ زائدا من الناسخ. وإن كان المعنى حينئذ يختلف ، والمقصود هو الأول
3- كما فى الأم (ج 4 ص 84).
4- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «اللّه» ؛ وهو مع صحته ، لا نستبعد أنه محرف عما ذكرنا ، ويقوى ذلك قوله الآتي : «يؤذن».
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «بأخذ الجهاد» ؛ والتصحيف والنقص من الناسخ.
6- الزيادة عن الأم.
7- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 11) ما روى عن ابن عباس : فى نسخ العفو عن المشركين. فهو مفيد جدا.
8- زعم ابن زيد : أن هذه الآية منسوخة بآية : ( وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ ) : (7 - 180). ورد عليه : بأن ذلك إنما هو من باب التهديد. انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 189).
9- فى الأم زيادة : «الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ؛ الآية».

سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ، وَلا تَعْتَدُوا : إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (1)وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) ؛ إلى : ( وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ : حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ ؛ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ : فَاقْتُلُوهُمْ (2) ؛ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ : 2 - 190 - 191 ) .»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : يقال : نزل هذا فى أهل مكة - : وهم كانوا أشدّ العدوّ على المسلمين. - ففرض (3) عليهم فى قتالهم ، ما ذكر اللّه عز وجل»

«ثم يقال : نسخ هذا كلّه (4) ، والنهى (5) عن القتال حتى يقاتلوا ،

ص: 14


1- ذهب ابن زيد : إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً : 9 - 36 ) . وذهب ابن عباس : إلى أنها محكمة ، وأن معنى (ولا تعتدوا) : لا تقتلوا النساء والصبيان ، ولا الشيخ الكبير ، ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده. فمن فعل ذلك : فقد اعتدى. قال أبو جعفر فى الناسخ والمنسوخ : وهذا أصح القولين من السنة والنظر. فراجع ما استدل به (ص25 - 26) : فهو مفيد فى بعض المباحث الآتية.
2- ذهب بعض العلماء - كمجاهد وطاوس - : إلى أن هذه الآية محكمة. وذهب بعضهم - كقتادة - : إلى أنها منسوخة بآية البقرة التي ذكرها الشافعي. وهو ما عليه أكثر أهل النظر. انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص26 - 27).
3- فى الأم : «وفرض».
4- أي : من النهى عن قتال المشركين قبل أن يقاتلوهم ، والنهى عن القتال عند المسجد الحرام كذلك. وقد ذكر هذا فى السنن الكبرى (ج 9 ص4. بعد عنوان تضمن النهى عن القتال حتى يقاتلوا ، والنهى عنه فى الشهر الحرام - بلفظ : «نسخ النهى [عن] هذا كله ، بقول اللّه» إلخ.
5- هذا من عطف الخاص على العام.

والنهى (1) عن القتال فى الشهر الحرام - بقول اللّه عز وجل ( وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ : 2 - 193 ) .»

«ونزول هذه الآية : بعد فرض الجهاد ؛ وهى موضوعة فى موضعها.»

«فرض الهجرة»

«فرض الهجرة (2)»

وبهذا الإسناد : قال الشافعي (3) (رحمه اللّه) : «ولما فرض اللّه (عز وجل) الجهاد ، على رسوله (صلى اللّه عليه وسلم) : جهاد (4) المشركين ؛ بعد إذ كان أباحه ؛ وأثخن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى أهل مكة ورأوا كثرة من دخل فى دين اللّه عز وجل - : اشتدّوا (5) على من أسلم

ص: 15


1- الثابت بآية : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ : قِتالٍ فِيهِ ؛ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ : 2 - 217 ) . وقد ذهب عطاء : إلى أنها محكمة. وذهب ابن عبار. وابن المسيب ، وسليمان بن يسار وقتادة ، والجمهور - وهو الصحيح - : إلى أنها منسوخة بقوله تعالى. ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ.9 - 5 ) ؛ وبقوله : ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً : 9 - 36 ) انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 30 - 31). وقال فى السنن الكبرى (ج 9 ص 12) - بعد أن أخرج عن عروة : أن النبي حرم الشهر الحرام ، حتى أنزل اللّه : ( بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) . -. «وكأنه أراد قول اللّه عز وجل : ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ) . والآية التي ذكرها الشافعي (رحمه اللّه) : أعم فى النسخ ؛ واللّه أعلم» : ويحسن أن تراجع كلامه الآتي عن آية الأنفال : (39) ؛ وآيتي التوبة : (5 و 29). عقب كلامه عن إظهار الدين الإسلامى. فله نوع ارتباط بما هنا.
2- وقع هذا فى الأصل ، بعد قوله : الإسناد. وقد رأينا تقديمه : مراعاة لصنيعه فى بعض العناوين الأخرى.
3- كما فى الأم (ج 4 ص 84).
4- هذا بدل مما سبق. وفى الأم : «وجاهد». وما فى الأصل أحسن ؛ فتأمل.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «استدلوا» ؛ وهو تحريف.

منهم ؛ ففتنوهم عن دينهم ، أو (1) : من فتنوا منهم.»

فعذر اللّه (عز وجل) من لم يقدر على الهجرة - : من المفتونين. - فقال : ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ : 16 - 106 ) (2) ؛ وبعث إليهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أنّ اللّه (عز وجل) جعل (3) لكم مخرجا.»

«وفرض (4) على من قدر على الهجرة ، الخروج : إذا (5) كان ممن يفتتن (6) عن دينه ، ولا يمنع (7). فقال فى (8) رجل منهم توفّى - : تخلّف عن الهجرة ، فلم يهاجر. - : ( الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ) (9) ( الْمَلائِكَةُ : ظالِمِي

ص: 16


1- أي : أو بعضهم.
2- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 14) : ما روى فى ذلك عن عكرمة.
3- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «جاعل» ؛ ولعله محرف.
4- كذا بالأم ، وهو عطف على «فعذر» : وفى الأصل : «ففرض». وما فى الأم أظهر وأولى.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «إذ» ؛ والنقص من الناسخ.
6- فى الأم «يفتن». أي : يخشى عليه الميل والانحراف عن دينه ؛ بتأثير غيره.
7- في الأم : «يمتنع». وكلاهما مشتق من المنعة ؛ أي : ليس له : من قومه وعصيبته ؛ ما يحفظه من عدوان الغير وفتنته.
8- اقتبس هذا فى السنن الكبرى (ج 9 ص 12) بلفظ : «فى الذي يفتن عن دينه ، قدر على الهجرة ، فلم يهاجر حتى توفى». وراجع فيها ما روى عن ابن عباس : فى سبب نزول الآية.
9- كذا بالأم. وقد ورد فى الأصل : مضروبا عليه ، ومكتوبا فوقه بمداد مختلف «تتوفاهم». وهو من صنع الناسخ. وقد ظن أن المراد آية النحل : (28) ؛ بسبب عدم ذكر (إن). ولم يتنبه إلى آخر الآية ، وإلى أن الشافعي كثيرا ما يقتصر من النص على موضع الشاهد.

أَنْفُسِهِمْ ؛ قالُوا : فِيمَ كُنْتُمْ؟ قالُوا : كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ) الآية : (4 - 97). وأبان اللّه (عز وجل) عذر المستضعفين ، فقال : ( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ : مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ (1) ؛ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً ، وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولئِكَ عَسَى اللّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ) الآية : (4 - 98 - 99). قال : ويقال (2) : (عسى) من اللّه : واجبة (3)

«ودلّت سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : على أنّ فرض الهجرة - : على من أطاقها ، - إنما هو : على من فتن عن دينه ، بالبلدة (4) التي يسلم (5) بها.»

«لأن (6) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أذن لقوم بمكة : أن يقيموا بها ، بعد إسلامهم - منهم (7) : العباس بن عبد المطّلب ، وغيره (8). - :

ص: 17


1- قال ابن عباس : «كنت وأمي ممن عذر اللّه» انظر السنن الكبرى (ج 9 ص 13) ، والفتح (ج 8 ص 177 و 183).
2- هذا إلخ قد ذكر فى السنن الكبرى (ج 9 ص 13) ؛ وقد أخرجه فيها أيضا ، عن ابن عباس ، بلفظ : «كل عسى فى القرآن ، فهى واجبة».
3- فى السنن الكبرى : «واجب». وكلاهما صحيح كما لا يخفى. والمراد : أن متعلقها لا بد من تحققه ؛ لأن الرجاء من اللّه سبحانه محال.
4- فى الأم : «بالبلد الذي يسلم بها». وما فى الأصل أحسن.
5- فى الأصل : «ليسلم» ؛ وهو تحريف.
6- هذا إلى آخر الكلام ، مذكور في السنن الكبرى (ج 9 ص 15).
7- هذا غير موجود بالأم.
8- كأبى العاص ، انظر السنن الكبرى.

إذ لم يخافوا الفتنة. وكان يأمر جيوشه : أن يقولوا لمن أسلم : إن هاجرتم : فلكم ما للمهاجرين ؛ وإن أقمتم : فأنتم كأعراب المسلمين (1). وليس يخيّرهم (2) ، إلا فيما يحلّ لهم.».

«فصل فى أصل فرض الجهاد»

«فصل فى أصل فرض الجهاد (3)»

قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «ولمّا (5) مضت لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مدّة : من هجرته ؛ أنعم اللّه فيها على جماعات (6) ، باتّباعه - : حدثت لهم (7) بها ، مع (8) عون اللّه (عز وجل) ، قوّة : بالعدد ؛ لم يكن (9) قبلها.»

«ففرض اللّه (عز وجل) عليهم ، الجهاد - بعد (10) إذ كان : إباحة ؛

ص: 18


1- هذا غير موجود بالأم ؛ ولعله سقط من الناسخ أو الطابع.
2- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفي الأصل : «يخبرهم» ؛ وهو تصحيف.
3- انظر فى السنن الكبرى (ج 9 ص 20) ما ورد فى ذلك : من السنة. وراجع فيها (ص157- 161) : ما ورد فى فضل الجهاد ؛ فهو مفيد جدا.
4- كما فى الأم (ج 4 ص 84 - 85). وقد ذكر باختصار ، فى المختصر (ج 5 ص 180).
5- فى المختصر. «لما».
6- فى الأم : «جماعة».
7- عبارة المختصر : «لها مع» إلخ.
8- كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «عون مع» ؛ وهو من عبث الناسخ.
9- أي : العدد. وفي الأم والمختصر : «تكن» ؛ أي : القوة.
10- هذا إلى قوله : فرضا ؛ غير موجود بالمختصر.

لا : فرضا. - فقال تبارك وتعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ ) الآية (1) : (2 - 216) ؛ وقال (2) جل ثناؤه : ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ ، بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) الآية : (9 - 111) ؛ وقال تبارك وتعالي : ( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ (3) ، وَاعْلَمُوا : أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ : 2 - 244 ) ؛ وقال : ( وَجاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ : 22 - 78 ) ؛ وقال تعالى : ( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا : فَضَرْبَ الرِّقابِ ؛ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ : فَشُدُّوا الْوَثاقَ : 47 - 4 ) ؛ وقال تعالى : ( ما لَكُمْ : إِذا قِيلَ لَكُمُ : انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ ؛ اثَّاقَلْتُمْ ) (4) ( إِلَى الْأَرْضِ ) ؛ إلى : ( وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ) الآية : 9 - 38 - 39) ؛ وقال تعالى : ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً (5) ، وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) الآية : (9 - 41).»

«ثم ذكر قوما : تخلّفوا عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - : ممن كان يظهر الإسلام. - فقال : ( لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً : لَاتَّبَعُوكَ ) الآية : 9 - 42). فأبان (6) فى هذه الآية : أنّ عليهم الجهاد فيما

ص: 19


1- ذكر فى الأم إلى : ( وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ) ؛ وفى المختصر إلى : ( وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ) .
2- هذا إلى قوله : الآية ؛ ليس بالمختصر.
3- ذكر فى المختصر إلى هنا ، ثم قال : «مع ما ذكر به فرض الجهاد».
4- فى الأم ، بعد ذلك : «إلى قدير».
5- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 21) : ما روى فى ذلك ، عن المقداد ابن الأسود ، وأبي طلحة.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «فإن» ، وهو تحريف.

قرب وبعد ؛ مع إبانته (1) ذلك فى [غير (2)] مكان : فى قوله : ( ذلِكَ : بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ، وَلا نَصَبٌ ، وَلا مَخْمَصَةٌ - فِي سَبِيلِ اللّهِ ؛ إلى : أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ : 9 - 120 - 121 ) .»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : سنبيّن (3) من ذلك ، ما حضرنا : على وجهه (4) ؛ إن شاء اللّه عز وجل.»

«وقال (5) جل ثناؤه : ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللّهِ ؛ إلى : (6) لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ : 9 - 81 ) ؛ وقال : ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا : كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ : 61 - 4 ) ؛ وقال : ( وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ : 4 - 75 ) . مع ما ذكر به (7) فرض الجهاد ، وأوجب على المتخلّف (8) عنه.».

ص: 20


1- كذا بالأم. وفي الأصل : «إثباته» ، وهو مع صحته ، محرف عما ذكرنا.
2- الزيادة عن الأم.
3- أي : فى الفصل الآتي. وفى الأم : «وسنبين».
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «جهة» ؛ وهو تحريف.
5- عبارة الأم : «قال اللّه». وزيادة الواو أولى : لأنها تدفع إيهام أن هذا هو البيان الموعود.
6- فى الأم : «قرأ الربيع الآية».
7- كذا بالأم. وفى الأصل والمختصر. «ذكرته» ، وهو تصحيف. ويؤكد ذلك قول البيهقي فى السنن الكبرى (ج 9 ص 20) - بعد أن ذكر آية : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ ) . - : «مع ما ذكر فيه فرض الجهاد : من سائر الآيات فى القرآن.».
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «واجب على التخلف» ؛ وهو تحريف فى الكلمتين على ما يظهر.

«فصل فيمن لا يجب عليه الجهاد»

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (1) : «فلما (2) فرض اللّه (عز وجل). الجهاد - : دلّ (3) فى كتابه ، ثم (4) على لسان نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أن (5) ليس يفرض (6) الجهاد على مملوك ، أو أنثى : بالغ ؛ ولا حرّ : لم يبلغ.»

«لقول اللّه عز وجل : ( انْفِرُوا ) (7) ( خِفافاً وَثِقالاً ، وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ : 9 - 41 ) ؛ فكان (8) حكم (9). أن لا مال للمملوك ؛ ولم يكن مجاهد (10) إلا : وعليه (11) فى الجهاد ، مؤنة : من المال ؛ ولم يكن للمملوك مال.»

ص: 21


1- كما فى الأم (ج 4 ص 85). وقد ذكر باختصار فى المختصر (ج 5 ص 180).
2- هذا ليس بالمختصر.
3- في المختصر. «ودل».
4- في الأم : «وعلى». وما فى الأصل والمختصر أحسن.
5- عبارة الأم : «أنه لم يفرض الخروج إلى الجهاد» إلخ. وعبارة المختصر : «أنه لم يفرض الجهاد على مملوك ، ولا أنثى ، ولا على من لم يبلغ».
6- فى الأصل : «بفرض» ؛ وهو تصحيف.
7- ذكر فى المختصر من أول : (وجاهدوا).
8- عبارة الأم : «فكان اللّه عز وجل» إلخ. وعبارة المختصر : «فحكم أن لا مال للملوك» ؛ ثم ذكر الآية الآتية.
9- فى الأصل : «أحكم» ، وهو تحريف.
10- كذا بالأم. وفى الأصل : «مجاهدا» ؛ وهو خطأ وتحريف.
11- عبارة الأم : «ويكون عليه للجهاد».

«وقال (1) (تعالى) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ : 8 - 65 ) ؛ فدلّ : على أنه (2) أراد بذلك : الذّكور ، دون الإناث. لأن الإناث : المؤمنات. وقال تعالى : ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً : 9 - 122 ) ؛ وقال : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ : 2 - 216 ) ؛ وكل هذا يدلّ : على أنه أراد [به] (3) : الذّكور ، دون الإناث (4)»

«وقال عز وجل - : إذ أمر بالاستئذان. - : ( وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ : فَلْيَسْتَأْذِنُوا ، كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ : 24 - 59 ) ؛ فأعلم : أنّ (5) فرض الاستئذان ، إنما هو : على البالغين. وقال تعالى : ( وَابْتَلُوا الْيَتامى ، حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ : فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ : 4 - 6 ) ؛ فلم يجعل لرشدهم حكما : تصير به (6) أموالهم إليهم ؛ إلا : بعد البلوغ (7). فدلّ : على أن الفرض فى العمل ، إنما هو : على البالغين (8)

ص: 22


1- فى الأم : «وقد».
2- فى المختصر : «أنهم الذكور» ؛ ثم ذكر حديث ابن عمر.
3- زيادة حسنة ، عن الأم.
4- بحسن أن تراجع فى فتح الباري (ج 6 ص 49 - 52) : باب جهاد النساء ، وما يليه. فهو مفيد فى الموضوع.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «من» ؛ وهو خطأ تحريف.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «نفر به» ؛ ولعله محرف عما ذكرنا ، أو عن : «نقرب به» ، فتأمل.
7- انظر ما تقدم (ص 85 - 86). ثم راجح كلام الشافعي فى الأم (ج 1 ص 231) : فى الفرق بين تصرف المرتد والمحجور عليه. فهو مفيد فى مباحث كثيرة.
8- راجع فى الفتح (ج 6 ص 56) : باب من غزا بصبى للخدمة.

«ودلّت السنة ، ثم (1) ما لم أعلم فيه مخالفا - : من أهل العلم. - : على مثل ما وصفت (2).». وذكر حديث ابن عمر (3) فى ذلك (4)

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (5) (رحمه اللّه) : «قال اللّه (جل ثناؤه) في الجهاد : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ ، وَلا عَلَى الْمَرْضى ، وَلا ) (6) ( عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ - حَرَجٌ : إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ ما ) (7) ( عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ؛ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ؛ إلى : ( وَطَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ : فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ : 9 - 91 - 93 ) ؛ وقال عز وجل : ( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ : 24 - 61 ) .»

ص: 23


1- أي : ثم الحكم الذي لم أعلم إلخ. وفى الأصل : «بم» ؛ وهو تصحيف. والتصحيح عن الأم.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «وصفتم» ؛ وهو تحريف.
3- من رد النبي إياه فى أحد ، دون الخندق ، فراجعه مع غيره - : مما يفيد فى المقام. - : فى السنن الكبرى (ج 9 ص21 - 23). وراجع الأم (ج 4 ص 176 وج 6 ص 135) ، وسنن الشافعي (ص 114) والفتح (ج 7 ص275 - 276).
4- وذكر أيضا : أن النبي لم يسهم لمن قاتل معه - : من العبيد والنساء. - وأسهم للبالغين الأحرار : وإن كانوا ضعفاء. ثم قال : «فدل ذلك على أن السهمان إنما تكون فيمن شهد القتال : من الرجال الأحرار ؛ ودل ذلك : على أن لا فرض فى الجهاد ، على غيرهم.». وذكر نحوه فى المختصر (ج 5 ص180 - 181).
5- كما فى الأم (ج 4 ص 85). وقد ذكر مختصرا ، فى المختصر (ج 5 ص 181)
6- عبارة المختصر : «الآية ؛ وقال : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ ) .».
7- فى الأم : «الآية».

«قال الشافعي : وقيل (1) : الأعرج : المقعد. والأغلب : أن (2) العرج فى الرّجل الواحدة.»

«وقيل : نزلت [في (3)] أن لا حرج عليهم (4) : أن لا يجاهدوا.»

«وهو : أشبه (5) ما قالوا ، وغير (6) محتملة (7) غيره. وهم : داخلون فى حدّ الضّعفاء ، وغير خارجين : من فرض الحجّ ، ولا الصلاة ، ولا الصوم ، ولا الحدود. فلا (8) يحتمل (واللّه أعلم) : أن يكون أريد بهذه الآية ، إلا : وضع الحرج : فى الجهاد ؛ دون غيره : من الفرائض.».

وقال (9) فيما بعد غزوه (10) عن المغازي - وهو : ما كان على الليلتين

ص: 24


1- فى المختصر : «فقيل».
2- فى الأم : «أنه الأعرج» إلخ. وفى المختصر : «أنه عرج الرجل الواحدة». وما فى الأصل هو الأظهر.
3- الزيادة عن الأم. وقال فى المختصر : «فى وضع الجهاد عنهم ؛ ولا يحتمل غيره». ثم قال : «فإن كان سالم البدن قويه ، لا يجد أهبة الخروج ، ونفقة من تلزمه نفقته ، إلى قدر ما يرى لمدته فى غزوه - : فهو ممن لا يجد ما ينفق. فليس له : أو يتطوع بالخروج ، ويدع الفرض» إلخ ؛ فراجعه.
4- هذا ليس بالأم.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «يشبه» ؛ وهو تحريف.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «غير» وزيادة الواو أحسن : لإفادتها الترقي. ولعلها سقطت من الناسخ.
7- فى الأم : «محتمل». وما فى الأصل أحسن.
8- فى الأم. «ولا». وما فى الأصل أظهر.
9- كما فى الأم (ج 4 ص 86).
10- عبارة الأصل : «غزوة من المعادى ... الثلثين» ؛ وهى مصحفة. والتصحيح من ابتداء كلام الأم ؛ وهو : «الغزو غزوان : غزو يبعد عن المغازي ؛ وهو : ما بلغ مسيرة ليلتين قاصدتين : حيث تقصر الصلاة ، وتقدم مواقيت الحج من مكة. وغزو يقرب ؛ وهو ما كان دون ليلتين : مما لا تقصر فيه الصلاة ، وما هو أقرب - : من المواقيت. - إلى مكة. وإذا كان الغزو البيعيد : لم يلزم القوى» إلى آخر ما هنا.

فصاعدا. - : «إنه لا يلزم القوىّ السالم البدن كلّه : إذا لم يجد (1) مركبا وسلاحا ونفقة ؛ ويدع لمن يلزمه (2) نفقته (3) ، قوته : إلى (4) قدر ما يرى أنه يلبث فى غزوه (5). وهو (6) : ممن لا يجد ما ينفق. قال (7) اللّه عز وجل : ( وَلا عَلَى الَّذِينَ - : إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ، قُلْتَ : لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ. - : تَوَلَّوْا : وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ، حَزَناً : أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ : 9 - 92 ) (8).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (9)

ص: 25


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «تجد» ؛ وهو تصحيف.
2- فى الأم : «تلزمه».
3- كذا بالأم. وفى الأصل : «نفقة» ؛ وهو تحريف.
4- كذا بالأصل ؛ وهو الظاهر. أي : إلى نهاية الزمن الذي قدر أن يمكته فى غزوه. وعبارة الأم : «إذن» ؛ وهى إما محرفة ، أو زائدة. فتأمل.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «غزوة» ؛ وهو تصحيف.
6- عبارة الأم : «وإن وجد بعض هذا ، دون بعض : فهو» إلخ. وهى أكثر فائدة
7- كذا بالأصل ؛ وهو ظاهر. وعبارة الأم : «قال الشافعي : نزلت : (ولا على الذين)» إلخ ولعل بها سقطا.
8- راجع ما قاله بعد ذلك : فهو مفيد.
9- كما فى الأم (ج 4 ص 89). وقد ذكره فى السنن الكبرى (ج 9 ص 31 33 و 36) متفرقا : ضمن ما يلائمه ويؤيده : من الأحاديث والآثار التي يحسن الرجوع إليها : لكبير فائدتها.

(رحمه اللّه) : غزا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، فغزا معه بعض من يعرف نفاقه (1) : فانخزل (2) عنه (3) يوم أحد بثلاثمائة (4)

«ثم شهدوا (5) معه يوم الخندق : فتكلموا (6) بما حكى اللّه (عز وجل) : من قولهم : ( ما وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً : 33 - 12 ) .»

«ثم غزا (7) بنى المصطلق (8) ، فشهدها معه منهم (9) ، عدد : فتكلموا بما حكى اللّه (عز وجل) : من قولهم : ( لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ : لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ : 63 - 8 ) ؛ وغير ذلك مما حكى اللّه : من نفاقهم (10)»

ص: 26


1- هو : عبد اللّه بن أبى ابن سلول. انظر الفتح (ج 7 ص 243).
2- أي : انقطع ورجع.
3- هذا فى الأم متأخر عما بعده.
4- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «ثلاثمائة» ؛ والنقص من الناسخ
5- كذا بالأم والسنن الكبرى. وعبارة الأصل : «شهد معه قوم» ؛ وهى - مع صحتها - قد تكون محرفه ، أو ناقصة كلمة : «منهم».
6- أي : معتب بن قشير ، وأوس بن قيظي ، وغيرهما ؛ لما اشتد بالمسلمين الحصار. انظر الفتح (ج 7 ص 281).
7- فى الأم ، زيادة : «النبي».
8- هذا : لقب جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة الخزاعي. انظر الفتح (ج 7 ص 303).
9- هذا غير موجود بالأم.
10- راجع الفتح (ج 8 ص 455 - 460) : فهو مفيد فى بعض الأبحاث الماضية أيضا.

«ثم غزا (1) غزوة تبوك (2) ، فشهدها معه منهم (3) ، قوم : نفروا (4) به ليلة العقبة (5) : ليقتلوه ؛ فوقاة اللّه شرّهم. وتخلّف آخرون منهم : فيمن بحضرته. ثم أنزل اللّه (عز وجل) عليه (6) ، فى (7) غزاة تبوك ، أو منصرفه منها - ولم (8) يكن له (9) فى تبوك قتال (10) - : من أخبارهم ؛ فقال اللّه تعالى : ( وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ : لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ؛ وَلكِنْ كَرِهَ اللّهُ انْبِعاثَهُمْ ) ؛ قرأ (11) إلى قوله : ( وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ : 9 - 46 - 50 ) (12)

ص: 27


1- كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وهو الأحسن. وفى الأصل : «ثم غزاة» ؛ وهو مع صحته ، لا نستبعد أنه سقط منه ما زدناه.
2- هو : مكان بطرف الشام من جهة القبلة ، بينه وبين المدينة : أربع عشرة مرحلة ؛ وبينه وبين دمشق : إحدى عشر مرحلة. والمشهور : ترك صرفه ، للعلمية والتأنيث. ومن صرفه : أراد الموضع. انظر تهذيب اللغات (ج 1 ص 43) ، والفتح (ج 8 ص 77 - 78)
3- هذا فى الأم مؤخر عما بعده.
4- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «فغزوا بدليله» ؛ وهو تصحيف خطير.
5- هذه ليست عقبة مكة المشهورة بالبيعتين ؛ ولكنها عقبة أخرى : بين تبوك والمدينة. وكان من أمرها : أن جماعة من المنافقين ، اتفقوا على أن يزحموا ناقة رسول اللّه ، عند مروره بها : ليسقط عن راحلته فى بطن الوادي ، من ذلك الطريق الجبلي المرتفص. فأعلمه اللّه بمكرهم ، وعصمه من شرهم. انظر تفصيل ذلك : فى السيرة النبوية لدحلان (ج 2 ص 133). ثم راجع فى السنن الكبرى (ص32 - 33) : ما روى عن ابن إسحاق ، وعروة ، وأبى الطفيل.
6- هذا غير موجود بالأم.
7- هذا ليس بالسنن الكبرى.
8- هذا إلى قوله : قتال ؛ ليس بالسنن الكبرى.
9- هذا غير موجود بالأم.
10- كذا بالأم. وفى الأصل : «قبال» ؛ وهو تصحيف.
11- فى الأم : «فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين».
12- راجع فى السنن الكبرى (ص 33 - 36) : أحاديث عروة ، وكعب ابن مالك ، وأبى سعيد الخدري. ثم راجع الكلام عن حديث كعب ، فى الفتح (ج 8 ص79 - 88 و 237 - 239) : لفوائده الجليلة.

«فأظهر اللّه (عز وجل) لرسوله (صلى اللّه عليه وسلم) : أسرارهم ، وخبر السّمّاعين لهم ، وابتغاءهم (1) : أن يفتنوا من معه : بالكذب والإرجاف ، والتّخذيل لهم. فأخبر (2) : أنه كره انبعاثهم ، [فثبّطهم] (3) : إذ (4) كانوا على هذه النّيّة»

«فكان (5) فيها ما دلّ : على أن اللّه (عز وجل) أمر : أن يمنع من عرف بما عرفوا به ، من (6) أن يغزو (7) مع المسلمين : لأنه (8) ضرر عليهم.»

ص: 28


1- كذا بالأصل والأم ؛ وهو الظاهر والمناسب للفظ الآية الكريمة. وفى السنن الكبرى : «وأتباعهم» ؛ يعنى : استمرارهم على ذلك.
2- فى الأم : «فأخبره» ؛ وهو أحسن.
3- زيادة حسنة ، عن الأم.
4- كذا بالأصل والأم ؛ وهو الظاهر. وفى السنن الكبرى : «إذا» ؛ ولعل الزيادة من الناسخ أو الطابع.
5- كذا بالأصل والسنن الكبرى ؛ وهو الظاهر. وفى الأم : «كان» ولعله محرف.
6- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «لأن» ؛ ولعل اللام زائدة أو محرفة.
7- كذا بالأم يغزوا ؛ وهو المناسب لما قبله وما بعده. وفى الأصل والسنن الكبرى : «يغزوا» ؛ ومع كونه صحيحا ، قد تكون الواو زائدة.
8- هذه عبارة الأصل والأم ، والمختصر أيضا (ج 5 ص 181 - 182) ؛ وهى الصحيحة. وفى السنن الكبرى : «لأنه لا ضرر» ؛ والزيادة من الناسخ أو الطابع. ويؤكد ذلك قوله فى الأم - عقب الآية الآتية - : «فمن شهر بمثل ما وصف اللّه المنافقين : لم يحل للامام أن يدعه يغزو معه ؛ ولم يكن لو غزا معه : أن يسهم له ، ولا يرضخ. لأنه ممن منع اللّه أن يغزو مع المسلمين : لطلبته فتنتهم ، وتخذيله إياهم ؛ وأن فيهم من يستمع له : بالغفلة والقرابة والصداقة ؛ وأن هذا قد يكون أضر عليهم من كثير : من عدوهم».

«ثم زاد فى تأكيد بيان ذلك ، بقوله تعالى : ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللّهِ ) - (صلى (1) اللّه عليه وسلم) - [قرأ] (2) إلى قوله تعالى : ( فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ : 9 - 81 - 83 ) .». وبسط الكلام فيه (3).

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ : 9 - 123 ) .»

«ففرض اللّه جهاد المشركين ، ثم أبان : من (5) الذين نبدأ بجهادهم :

ص: 29


1- فى الأم : «قرأ الربيع إلى (المخالفين)». والجملة الدعائية ليست بالسنن الكبرى
2- زيادة حسنة ، عن السنن الكبرى.
3- فراجعه (ص 89 - 90) لفائدته.
4- كما فى الأم (ج 4 ص 90 - 91). وقد ذكر فى السنن الكبرى (ج 9 ص 37) إلى قوله : (الكفار).
5- كذا بالأم ، وهو الظاهر الصحيح. وفى الأصل : «من الذي يجاهدهم» إلخ. والنقص والتصحيف من الناسخ. ويؤكد ذلك قول البيهقي فى السنن - قبل الآية - : «باب من يبدأ بجهاده من المشركين». وهو مقتبس من كلام الشافعي ، كما هى عادته فى سائر عناوين كتابه. وراجع فى السنن : ما روى عن ابن إسحاق ، وما نقله عن الشافعي : مما لم يذكر هنا وذكر فى الأم.

من المشركين.؟ فأعلم (1) : أنهم الذين يلون المسلمين.»

«وكان معقولا - فى فرض (2) جهادهم - : أنّ أولاهم بأن يجاهد : أقربهم من (3) المسلمين دارا. لأنهم إذا قووا (4) على جهادهم وجهاد غيرهم : كانوا على جهاد من قرب منهم أقوى. وكان من قرب ، أولى أن يجاهد : لقربه من عورات المسلمين ؛ فإنّ (5) نكاية من قرب : أكثر من نكاية من بعد (6).».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (7) : «فرض اللّه (تعالى) الجهاد : فى كتابه ، وعلى لسان نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم). ثم أكّد النّفير (8) من الجهاد ، فقال : ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرى

ص: 30


1- فى الأم : «فأعلمهم» ؛ أي المخاطبين بالجهاد.
2- فى الأم زيادة : «اللّه».
3- فى الأم : «بالمسلمين». وما فى الأصل أحسن.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «قدروا» ؛ وهو - مع صحته - مصحف : بقرينة قوله : «أقوى».
5- كذا بالأصل ؛ وهو تعليل لترتب الحكم على العلة السابقة. وفى الأم : «وأن» ؛ وهو علة ثانية.
6- راجع ما ذكره بعد ذلك (ص 91 - 92) : فهو عظيم الفائدة.
7- كما فى الرسالة (ص 361 - 363) أثناء كلامه على الفرق : بين علم الخاصة ، وعلم العامة. مما تحسن مراجعته.
8- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «التفسير» ؛ وهو تصحيف.

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ ) (1) : (9 - 111) ؛ وقال : ( وَقاتِلُوا (2) الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ، كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) (3) : (9 - 36) ؛ وقال تعالى : ( فَاقْتُلُوا (4) الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) الآية : (9 - 5) ؛ وقال تعالى : ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الآية : (9 - 29).».

وذكر حديث أبى هريرة ، عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : «لا أزال أقاتل النّاس ، حتى يقولوا : لا إله إلا اللّه» الحديث (5).

ثم قال : [وقال (6)] اللّه تعالى : ( ما لَكُمْ : إِذا قِيلَ لَكُمُ : انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ ؛ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ.؟! أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ؟! فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا : يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ) الآية : (9 - 38 - 39) ؛ وقال تعالى : ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً ، وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) الآية : (9 - 41).»

ص: 31


1- ذكر فى الرسالة بقية الآية.
2- فى الرسالة : «قاتلوا».
3- ذكر فى الرسالة بقية الآية.
4- كذا بالرسالة والأصل. ثم زيدت فيه الفاء بمداد آخر. وهو من صنع الناسخ ، وتأثره بلفظ الآية. وقد نبهنا غير مرة. أن الشافعي كثيرا ما يحذف مثل ذلك : اكتفاء بمحل الشاهد :
5- بقيته - كما فى الرسالة - : «فإذا قالوها : عصموا منى دماءهم وأموالهم ؛ وحسابهم على اللّه». وهذا الحديث قد روى من طرق عدة ، وبألفاظ متقاربة وزيادة ، وقد اشتمل على مباحث هامة فراجعه ، وراجع الكلام عليه : فى الأم (ج 1 ص 227 وج 6 ص 3 وج 7 ص 276) ، والمختصر (ج 5 ص 183) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص176 - 177 و 196 و 202 وج 9 ص 49 و 182) والفتح (ج 1 ص 57 وج 6 ص 70 ج 12 ص 224 - 227).
6- هذه الزيادة متعينة.

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : فاحتملت (1) الآيات : أن يكون الجهاد كلّه ، والنّفير خاصّة منه - : [على (2)] كل مطيق (3) [له (4)] ؛ لا يسع أحدا منهم التخلّف عنه. كما كانت الصلاة (5) والحجّ والزكاة. فلم يخرج أحد (6) - : وجب عليه فرض [منها (7)]. - : أن (8) يؤدّى غيره الفرض عن نفسه ؛ لأن عمل (9) أحد فى هذا ، لا يكتب لغيره.»

«واحتملت (10) : أن يكون معنى فرضها ، غير معنى فرض الصلاة (11). وذلك (12) : أن يكون قصد بالفرض فيها (13) : قصد الكفاية ؛ فيكون من قام بالكفاية - فى جهاد من جوهد : من المشركين. - مدركا : تأدية الفرض ، ونافلة الفضل ؛ ومخرجا من تخلّف : من المأثم.».

قال الشافعي (14) : «قال (15) اللّه عز وجل : ( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ

ص: 32


1- كذا بالرسالة ؛ وهو الظاهر ، وفى الأصل : «فاحتمل» ، ولعله محرف.
2- زيادة متعينة ، عن الرسالة.
3- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «يطبق» ، وهو تصحيف.
4- زيادة حسنة ، عن الرسالة.
5- فى الرسالة : «الصلوات».
6- فى بعض نسخ الرسالة. زيادة : «منهم».
7- زيادة حسنة ، عن الرسالة.
8- كذا بالأصل ومعظم نسخ الرسالة. أي : بسبب أن يؤدى. فالباء مقدرة ، وحذفها جائظ. وشرطه متحقق. وفى نسخه الربيع : «من» ؛ أي : من أجل أن يؤدى. فكلاهما صحيح : وإن كان ما ذكرنا أظهر.
9- فى الرسالة (ط. بولاق) زيادة : «كل» ؛ وهو للتأكيد.
10- كذا بالرسالة ؛ وهو الظاهر ، وفى الأصل : «فاحتمل» ، ولعله محرف.
11- فى الرسالة : «الصلوات».
12- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «وكذلك» ؛ وهو تصحيف.
13- فى بعض نسخ الرسالة : «منها» ؛ وكلاهما صحيح.
14- كما فى الرسالة (ص 363 - 366) : مستدلا لتعين الاحتمال الثاني الذي أفاد : أن الجهاد فرض عينى ، لا فرض كفائى.
15- عبارة الرسالة : «ولم يسو اللّه بينهما (أي : بين المجاهد والقاعد.) فقال».

الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ، (1) وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ؛ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً ؛ وَكُلًّا وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى ) (2) : (4 - 95)»

«قال الشافعي : فوعد المتخلّفين عن الجهاد : الحسنى (3) على الإيمان ؛ وأبان فضيلة المجاهدين على القاعدين. ولو كانوا آثمين بالتخلّف - : إذا غزا غيرهم. - : كانت العقوبة بالإثم (4) - إن لم يعف (5) اللّه [عنهم] (6) - أولى بهم (7) من الحسنى.»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : وقال (8) اللّه تعالى : ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ :

ص: 33


1- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 23 - 24 و 47) ما روى فى ذلك : عن البراء ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس. ثم راجع الكلام عنه فى الفتح (ج 6 ص29 - 31 وج 8 ص 180 - 182) فهو مفيد جدا.
2- ذكر فى الرسالة إلى آخر الآية ، ثم قال : «فأما الظاهر فى الآيات : فالفرض على العامة». أي : جميع المكلفين. ثم بين للسائل : من أين قيل : إذا جاهد البعض خرج الآخرون عن الإثم ، وسقط الطلب عنهم.؟ فذكر ما أتى فى الأصل.
3- هذا فى بعض نسخ الرسالة ، مقدم عما قبله ؛ وفى بعضها : بزيادة الباء.
4- كذا بالرسالة ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «والإثم» ؛ وقد يكون محرفا مع صحته.
5- فى نسخة الربيع : «يعفوا» ؛ وهو تحريف لما لا يخفى.
6- زيادة حسنة ، عن الرسالة (ط. بولاق) وبعض النسخ الأخرى.
7- كذا بالرسالة. وفى الأصل : «منهم» ؛ وهو خطأ وتحريف.
8- هذا دليل آخر. وفى الرسالة : «قال». والكلام فيها على صورة سؤال وجواب.

لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (1) ؛ فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ : لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ (2) : 9 - 122).»

«فأخبر (3) اللّه (عز وجل) : أن المسلمين لم يكونوا لينفروا كافة ؛ قال (4) : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا ) (5) ؛ فأخبر : أن النّفير على بعضهم دون بعض [و (6)] أن التّفقّه إنما هو على بعضهم ، دون بعض.».

قال الشافعي (7) : «وغزا (8) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، وغزا (9)

ص: 34


1- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 47) حديث ابن عباس فى ذلك : لفائدته.
2- ذكر فى الرسالة بقية الآية ، ثم قال : «وغزا رسول اللّه ، إلى آخر ما سيأتي. وقد أخره البيهقي : لكونه دليلا مستقلا.
3- كذا بالأصل والرسالة (ط. بولاق) وبعض النسخ الأخرى. وهو الأظهر. وفى نسخة ابن جماعة : «وأخبر». وفى نسخة الربيع : «وأخبرنا». وفى بعض النسخ : «وأخبره ، أو فأخبره». ولعل الهاء زائدة من الناسخ.
4- هذا غير موجود فى نسخة الربيع. وحذفه وإن كان يرد كثيرا فى كلام البلغاء ؛ إلا أن إثباته فى المسائل العلمية أولى وأحسن.
5- هذا ليس بالرسالة.
6- زيادة متعينة ، عن الرسالة
7- كما فى الرسالة (ص 365 - 366).
8- كذا بالرسالة. وفى الأصل : بدون الواو. وزيادتها أولى ؛ ولعلها سقطت من الناسخ.
9- كذا بالأصل وجميع نسخ الرسالة. وقد أبى الشيخ شاكر إلا : أن يرسمه بالياء وتشديد الزاى ؛ على أنه من الرباعي المضاعف ؛ بمعنى : حمل غيره على الغزو. وزعم : أنه هو الصحيح ، وأنه لا يعارض رسم الربيع. وأكد ذلك : بأنه المناسب لقوله : «وخلف». وهذا منه : تحكم غريب ، وزعم جريىء ؛ لا نعقل له معنى ، ولا نجد له مبررا ؛ إلا : الرغبة فى إظهار المعرفة بالفرق بين الثلاثي والرباعي. وإلا : فالثلاثى معناه صحيح ، ومحقق للغرض. وهو : بيان أن النبي فى غزواته ، لم يكن يخرج بجميع أصحابه ؛ بل كان يكتفى بالبعض. وهذا لا ينازع فيه منصف. وأما الرباعي : فمعناه قد يوهم : أن بعض الصحابة كانوا يخرجون مع النبي ، إلى الغزو : كارهين له ، وغير راغبين فيه. وهذا لا يقول به أحد. ثم قد تمنع صحته : بأن كثيرا - : من النساء والصبيان والعبيد. - كانوا يخرجون للجهاد معه ؛ فهل يقال : إنه كان يحملهم عليه.؟!. ومناسبة أحد اللفظين لآخر : لا تصلح مرجحا لتعينه ، إلا بعد الاطمئنان إلى صحة معناه ، واعتقاد : أنه المراد للمتكلم. ثم نقول : إن الإطالة فى مثل هذه الأبحاث اللفظية التافهة ، عمل لا يليق بالتعليق على كتاب كالرسالة : يعتبر بحق أول مصدر أصولى ، وأجل أثر فنى ؛ قد احتوى على أهم المسائل العلمية ، وأعظم المشاكل الفقهية ؛ التي لا زالت بحاجة إلى حل وتوضيح ، وبسط وتفصيل. ولقد كان الأجدر بالشيخ (حفظه اللّه) ، والمرجو منه - : أن يعنى بها ، ويحقق شيئا منها ؛ ويترك ما أسرف فيه ، وما لا طائل تحته

معه من أصحابه جماعة (1) ؛ وخلّف آخرين (2) : حتى خلّف (3) علىّ بن أبى طالب (رضى اللّه عنه) فى غزوة تبوك.».

وبسط الكلام فيه ، وجعل نظير ذلك : الصلاة على الجنازة ، والدّفن : وردّ السلام (4).

* * *

====

5.

ص: 35


1- فى بعض نسخ الرسالة : «بجماعة». ويغلب على الظن أنه محرف ؛ ومن الجائز بالنظر إليه : أن يكون قوله : «معه» ؛ زائدا من الناسخ. فتأمل.
2- فى نسختى الربيع وابن جماعة : «أخرى».
3- أي : أمره بالتخلف بعد أن استعد للخروج ؛ وقال له : «أما ترضى : أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى.»؟. وفى الرسالة : «تخلف». وما فى الأصل أولى.
4- انظر الرسالة (ص 367 - 369) ، والمختصر (ج 5 ص 182 - 183). ثم راجع فى الأم (ج 4 ص 90) : الفصل القيم الخاص بهذه المسألة ، والمشتمل على مزيد من الفائدة ؛ والذي نرى : أن البيهقي لم ينقل هنا شيئا منه ، اكتفاء بما نقله عن الرسالة. وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 9 ص 47). ثم راجع كلام صاحب الجوهر النقي (ص 48) ، والخلاف فى أصل المسألة : فى الفتح (ج 6 ص 24) ؛ لتلم بجميع أطرافها.

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، وأبو سعيد بن أبى عمرو ؛ قالا : نا أبو العباس (هو : الأصمّ) ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «قال اللّه عز وجل : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ؛ قُلِ : الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ) ؛ [إلى (2)] : ( إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ : 8 - 1 ) ؛ فكانت غنائم بدر ، لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : يضعها حيث شاء. (3)»

«وإنما نزلت : ( وَاعْلَمُوا : أَنَّما غَنِمْتُمْ : مِنْ شَيْءٍ ؛ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبى : 8 - 41 ) ؛ بعد (4) بدر.»

«وقسم (5) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) كلّ غنيمة (6) بعد بدر -

ص: 36


1- كما فى سير الأوزاعى الملحق بالأم (ج 7 ص 308 - 309) : يرد على أبى يوسف ، فيما ذهب إليه : من أن الغنيمة لا تقسم فى دار الحرب. إلا أن أول كلامه قد ذكر فى خلال رده عليه فى مسئلة أخرى ، هى : أنه لا يضرب بسهم فى الغنيمة ، لمن يموت فى دار الحرب أو يقتل. فلذلك يحسن أن تراجع الموضوع من بدايته (ص303 - 305 و 307 - 309) : لتقف على تمام حقيقته. وانظر المختصر (ج 5 ص183 - 184).
2- زيادة متعينة. وقد ذكر فى الأم إلى قوله : (بينكم).
3- راجع فى السنن الكبرى (ج 6 ص 291 - 293) : ما روى فى مصرف الغنيمة فى ابتداء الإسلام ؛ فهو مفيد فى المقام.
4- فى الأم (ص 305) زيادة : «غنيمة».
5- هذا إلى قوله : بعد بدر ؛ ليس بالأم ، ونرجح أنه سقط من الناسخ أو الطابع
6- راجع ما ذكره النووي فى تهذيب اللغات (ج 2 ص 64) عن حقيقة الغنيمة والفرق بينها وبين الفيء. فهو جيد مفيد.

على ما وصفت لك : يرفع (1) خمسها ، ثم يقسم أربعة أخماسها : وافرا (2) ؛ على من حضر الحرب : من المسلمين (3)

«إلا : السّلب ؛ فإنه سنّ (4) : للقاتل [فى الإقبال (5)]. فكان (6) السلب خارجا منه.»

«وإلا : الصّفىّ (7) ؛ فإنه قد اختلف فيه : فقيل : كان (8) رسول اللّه

ص: 37


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «برفع» ؛ وهو تصحيف.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «واقرأ» ؛ وهو تصحيف.
3- راجع فى هذا المقام : الفتح (ج 6 ص 110 و 138 و 152) ، والسنن الكبرى (ج 6 ص 305 وج 9 ص 50 - 51 و 54 - 58). وتأمل ما ذكره صاحب الجوهر النقي.
4- أي : شرع وجوب إعطائه إياه ؛ وقد ثبت ذلك بالسنة. وفي الأم زيادة : «أنه» ؛ أي : سن النبي ذلك.
5- زيادة جيدة ، عن الأم. أي : فى حالة هجوم العدو وإقدامه ، دون فراره وإدباره. وراجع الكلام عن ذلك وما يدل عليه ؛ والكلام عن حقيقة السلب ، والخلاف فى عدم تخميسه - : فى الأم (ج 4 ص66 - 68 و 75). وراجع الرسالة (ص70 - 71) ، والمختصر (ص 183). ثم راجع السنن الكبرى (ج 6 ص305 - 312 وج 9 ص 50) ، والفتح (ج 6 ص 154 - 156).
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «وكان». ولكون التفريع بالفاء أغلب ، وفى مثل هذا المقام أظهر - : أثبتنا عبارة الأم.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «صفى» ؛ والنقص من الناسخ. والصفي والصفية - فى أصل اللغة - : ما يصطفيه الرئيس لنفسه : من الغنيمة ؛ قبل القسمة. انظر المصباح وراجع فيه ما نقله عن ابن السكيت وأبى عبيدة : لفائدته. وقد ذكر الشافعي : «أنه لم يختلف أحد من أهل العلم : فى أن ليس لأحد ما كان لرسول اللّه : من صفى الغنيمة.». انظر السنن الكبرى (ج 6 ص 305) ؛ وراجع فيها (ص303 - 305 وج 7 ص 58) : ما ورد فى ذلك من السنة.
8- هذا إلى قوله : وقيل ؛ غير موجود بالأم. ونرجح أنه سقط منها.

(صلى اللّه عليه وسلم) يأخذه : خارجا من الغنيمة. وقيل : كان يأخذه : من سهمه من الخمس.»

«وإلا : البالغين (1) من السّبى ؛ فإن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سنّ فيهم سننا : فقتل بعضهم ، وفادى ببعضهم (2) أسري المسلمين (3)».

«قال الشافعي (4) : «فأمّا (5) وقعة عبد اللّه بن جحش ، وابن الحضرمي - : فذلك : قبل بدر ، وقبل (6) نزول الآية (يعنى (7) فى الغنيمة). وكانت وقعتهم : فى آخر يوم من الشهر الحرام ؛ فتوقّفوا (8) فيما صنعوا : [حتى

ص: 38


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «الباء لغير» ؛ وهو تحريف.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «بعضهم» ؛ والنقص من الناسخ.
3- قال فى الأم ، بعد ذلك : «فالإمام فى البالغين : من السبي ؛ مخير فيما حكيت : أن النبي سنه فيهم ؛ فإن أخذ من أحد منهم فدية : فسبيلها سبيل الغنيمة ؛ وإن استرق منهم أحدا : فسبيل المرقوق سبيل الغنيمة ، وإن أقاد بهم بقتل ، أو فادى بهم أسيرا مسلما : فقد خرجوا من الغنيمة.». وقد ذكره فى الأم (ج 4 ص 156) بأوسع من ذلك وأفيد ؛ ونقل بعضه فى السنن الكبرى (ج 9 ص 63) : فراجعه ، وراجع فيها (ص63 - 68) ما يؤيده. وراجع المختصر (ص184 - 185) ، والأم (ج 4 ص 169 - 170) ، والفتح (ج 6 ص 93 وج 8 ص 63 - 64). ثم انظر ما تقدم (ج 1 ص158 - 159).
4- كما فى الأم (ج 7 ص 305) ، والمختصر (ج 5 ص 184). وقد ذكر فى السنن الكبرى (ج 9 ص 58).
5- عبارة غير الأصل : «وأما ما احتج به من» إلخ. وعبارة الأصل : «فأما ما». وقد تكون «ما» زائدة ، أو تكون العبارة ناقصة. والظاهر الأول.
6- عبارة المختصر : «ولذلك كانت وقعتهم فى آخر الشهر» إلخ.
7- هذا من كلام البيهقي.
8- فى الأم : «فوقفوا».

نزلت (1)] : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ : قِتالٍ فِيهِ (2)؛ قُلْ : قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) الآية : (2 - 217).».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (3) : «أنا سفيان (4) ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال (5) : لما نزلت هذه (6) الآية : ( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ : يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ : 8 - 65 ) ؛ فكتب (7) عليهم : أن لا يفرّ العشرون من المائتين ؛

ص: 39


1- زيادة متعينة ، عن الأم والمختصر والسنن الكبرى.
2- ذكر إلى هنا : فى الأم والمختصر. وذكر فى السنن الكبرى إلى : (كبير). وراجع فيها (ص68 - 69) هذه الوقعة.
3- كما فى الأم (ج 4 ص 92 و 160) ، والرسالة (ص 127 - 128) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 76). وهذا الحديث قد أخرجه البخاري من طريق على بن المديني عن سفيان ، بلفظ مختلف. وحكى سفيان فى آخره ، عن ابن شبرمة : أنه قاس الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، على الجهاد فى الحكم. أي : بجامع إعلاء كلمة الحق ، وإخماد كلمة الباطل. وأخرجه أيضا - باختلاف وزيادة - من طريق يحيي السلمى بسنده عن عكرمة عن ابن عباس. انظر الفتح (ج 8 ص 215 - 217) ، والسنن الكبرى.
4- فى الأم : «ابن عيينة».
5- هذا إلى آخر الحديث ، قد سقط من الأم (ص 160).
6- قوله : هذه الآية ؛ ليس فى رواية الأم والبخاري.
7- فى الرسالة : «كتب» ؛ وهو أحسن.

فأنزل اللّه عز وجل : ( الْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ؛ فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ : يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ : 8 - 66 ) ؛ فخفّف (1) عنهم ، وكتب : أن لا يفرّ مائة من مائتين.»

«قال الشافعي : هذا (2) : كما قال ابن عباس إن شاء اللّه ؛ مستغنى (3) فيه : بالتنزيل ، عن التأويل. لمّا (4) كتب اللّه : أن (5) لا يفرّ العشرون من المائتين ؛ فكان هكذا (6) : الواحد من العشرة (7). ثم خفّف اللّه عنهم : فصيّر الأمر : إلى أن لا يفرّ (8) المائة من المائتين. وذلك (9). أن لا يفرّ الرجل من الرجلين (10)».

ص: 40


1- فى الرسالة : «فكتب أن لا يفر المائة من المائتين».
2- فى الرسالة والأم (ص 160) : بالواو.
3- عبارة الرسالة : «وقد بين اللّه هذا فى الآية ؛ وليست تحتاج إلى تفسير». وعبارة الأم (ص 160) : «ومستغن بالتنزيل» إلخ.
4- هذا إلى آخر الكلام ، غير موجود بالأم (ص 92).
5- فى الأم : «من أن لا». وهو بيان لما ، واللام للتعليل. وما فى الأصل يصح أن يكون كذلك : على تقدير «من». ولكن الظاهر : أنه مفعول لكتب ؛ و «لما» حينية. وإن كان المراد يتحقق بكل منهما. وهو بيان : أن حكم الفرد لازم لحكم الجماعة.
6- كذا بالأصل ، وهو ظاهر. وفى الأم : «هذا». أي : فكان هذا حكم الواحد ؛ أي : يستلزمه. فهو اسم «كان».
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «الواحد» ؛ وهو تحريف.
8- فى الأم : «تفر».
9- كذا بالأصل والأم. أي : وذلك يستلزم.
10- راجع كلام الحافظ فى الفتح ، المتعلق بذلك : فهو فى غاية التحرير والجودة.

وروى الشافعي بإسناد آخر (1) عن ابن عباس ، قال : «من فرّ من ثلاثة : فلم يفرّ ؛ ومن فرّ من اثنين : فقد فرّ (2)

قال الشافعي (3) : «قال اللّه تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً : فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ * وَمَنْ (4) يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ ، أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ - : فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ : 8 - 15 - 16 ) .».

قال الشافعي (5) (رحمه اللّه) : «فإذا فرّ الواحد من اثنين فأقلّ (6) : متحرّفا لقتال (7) يمينا ، وشمالا ، ومدبرا : ونيّته العودة للقتال ؛ أو :

ص: 41


1- من طريق سفيان عن أبى نجيح عنه ؛ كما فى الأم (ج 4 ص 160). وقد ذكره بدون إسناد ، فى المختصر (ج 5 ص 185). وقد أخرجه فى السنن الكبرى (ج 9 ص 76) بلفظ مختلف ، عن سفيان من غير طريق الشافعي.
2- يعنى : الفرار المنهي عنه.
3- كما فى الأم (ج 4 ص 160) : قبل آية التحريض على القتال ، وما روى عن ابن عباس.
4- فى الأم : «الآية».
5- كما فى الأم : بعد أثر ابن عباس بقليل. وقد ذكر فى المختصر (ج 5 ص 185) : باختصار.
6- فى الأصل : «فأقبل» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح من عبارة الأم والمختصر : «فأقل إلا». وزيادة «إلا» غير متعينة هنا إلا إذا كان جواب الشرط هو قوله الآتي : فإن كان إلخ.
7- بعد ذلك فى الأم : «أو متحيزا ؛ والمتحرف له» إلخ. وقوله : يمينا ؛ إلى : للقتال ؛ ليس بالمختصر.

متحيّزا (1) إلى فئة : [من المسلمين] (2) : قلّت أو كثرت ، كانت بحضرته أو مبينة (3) عنه - : فسواء (4) ؛ إنما يصير الأمر فى ذلك إلى نيّة المتحرف (5) ، أو المتحيز (6) : فإن [كان (7)] اللّه (عز وجل) يعلم : أنه إنما تحرّف : ليعود للقتال ، أو (8) تحيّز لذلك - : فهو الذي استثنى اللّه (عز وجل) : فأخرجه من سخطه فى (9) التّحرّف والتّحيّز.»

«وإن كان لغير (10) هذا المعنى : فقد (11) خفت عليه أن يكون قد باء بسخط من اللّه ؛ إلا أن يعفو اللّه [عنه (12)].».

ص: 42


1- عبارة الأم : «والفار متحيزا».
2- زيادة حسنة ، عن الأم والمختصر. وراجع السنن الكبرى (ج 9 ص76 - 77).
3- كذا بالمختصر. وفى الأصل : «منه» ؛ وهو مصحف عنه. وفى الأم : «أو منتئية».
4- هذا جواب الشرط فتأمل ؛ وقد ورد في الأصل بدون الفاء ؛ والنقص من الناسخ ، والتصحيح من عبارة المختصر : «فسواء ؛ ونيته فى التحرف والتحيز : ليعود للقتال المستثنى المخرج من سخط اللّه ؛ فإن كان هربه على غير هذا المعنى خفت عليه - إلا أن يعفو اللّه - أن يكون» إلخ. وإن كان جواب الشرط بالنظر لها قوله : فإن كان إلخ. وفى الأم : «سواء» ، وهو خبر قوله فيها : «والمتحرف ... والفار».
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «المحترف» ؛ وهو تصحيف.
6- فى الأم : «والمتحيز».
7- زيادة متعينة ، عن الأم.
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «إن» ؛ وهو خطأ وتصحيف.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «والتحرف» ؛ وهو خطأ وتصحيف.
10- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «بغير» ؛ ولعله مصحف.
11- هذا ليس بالأم.
12- زيادة حسنة ، عن عبارة الأم التي وردت على نسق عبارة المختصر. وراجع ما ذكره بعد ذلك خصوصا ما يتعلق بالمبارزة : فهو عظيم الفائدة.

قال (1) : «وإن كان المشركون أكثر من ضعفهم : لم أحبّ (2) لهم : أن يولّوا عنهم ؛ ولا يستوجبون السّخط عندى ، من اللّه (عز وجل) : لو ولّوا عنهم على (3) غير التّحرّف (4) للقتال ، أو التحيز (5) إلى فئة. لأنا بيّنا (6) : أنّ اللّه (جل ثناؤه) إنما يوجب سخطه على من ترك فرضه ؛ و: أنّ فرض اللّه فى الجهاد ، إنما هو : على أن يجاهد المسلمون ضعفهم من العدوّ.» (7)

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ،

ص: 43


1- كما فى الأم (ج 4 ص 92) ؛ وأول الكلام فيها - بعد حديث ابن عباس ، والآية السابقة - : «فإذا غزا المسلمون أو غزوا ، فتهيئوا للقتال ، فلقوا ضعفهم من العدو - : حرم عليهم أن يولوا عنهم إلا متحرفين إلى فئة ؛ فإن كان المشركون» إلى آخر ما هنا.
2- فى الأصل : «أجد» ؛ وهو تصحيف خطير. والتصحيح عن الأم.
3- فى الأم : «إلى» ؛ وما فى الأصل أحسن.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «المتحرف» ؛ وهو تحريف.
5- فى الأم : «والتحيز». وما فى الأصل أحسن.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «لأن يسا إذ اللّه أن اللّه» ؛ والزيادة والتصحيف من الناسخ.
7- راجع ما ذكره بعد ذلك ، فى الأم (ص 92 - 93) : فقد فصل فيه الكلام عن نية المولى ، تفصيلا لا نظير له.

قال (1) : «قال اللّه (عز وجل) فى بنى النّضير - حين حاربهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - : ( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا : مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ؛ مِنْ دِيارِهِمْ ، لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ) ؛ إلى (2) : ( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ : 59 - 2 ) .»

«فوصف إخرابهم منازلهم بأيديهم ، وإخراب المؤمنين بيوتهم. ووصفه إياه [جل ثناؤه] : كالرضا (3) به.»

«وأمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : بقطع نخل من ألوان نخلهم ؛ فأنزل اللّه (تبارك وتعالى) - : رضا بما صنعوا (4). - : ( ما قَطَعْتُمْ : مِنْ لِينَةٍ ؛ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها - : فَبِإِذْنِ اللّهِ ، وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ : 59 - 5 ) (5) ؛ فرضى القطع ، وأباح الترك.»

«والقطع (6) والترك : موجودان (7) فى الكتاب والسنة ؛ وذلك :

ص: 44


1- كما فى الأم (ج 4 ص 174) : فى خلال جواب عن سؤال للربيع فى الموضوع الآتي. فراجعه.
2- فى الأم : «قرأ إلى».
3- كذا بالأم. وعبارة الأصل : «ووصفه إياهم بالرضى» ؛ وهى مصحفة.
4- في الأم زيادة موضحة : «من قطع نخيلهم».
5- راجع حديث ابن عمر فى ذلك ، والكلام عنه : فى السنن الكبرى (ج 9 ص 83) ، وشرح مسلم للنووى (ج 12 ص 50 - 51) ، والفتح (ج 6 ص 95 وج 7 ص 233 - 234 وج 8 ص 445).
6- فى الأم : «فالقطع».
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «موجود» ؛ وهو مع صحته ، قد يكون محرفا عما فى الأم الذي هو أولى.

أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قطع نخل بنى النّضير وترك ، وقطع نخل غيرهم وترك ؛ وممّن غزا : من لم يقطع نخله (1).».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (2) - فى الحربيّ : إذا أسلم : وكان قد نال مسلما ، أو معاهدا ، [أو مستأمنا (3)] : بقتل ، أو جرح ، أو مال. - : «لم يضمن (4) منه شيئا ؛ إلا : أن يوجد عنده مال رجل بعينه (5)»

واحتجّ : بقول اللّه عز وجل : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا : إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ : 8 - 38 ) ؛ (6) قال الشافعي : «وما (7) سلف : ما (8) تقضّى (9)

ص: 45


1- ثم ذكر حديثى عمرو ابن شهاب فى ذلك ، وقال : «فإن قال قائل : ولعل النبي حرق مال بنى النضير ، ثم ترك. قيل : على معنى ما أنزل اللّه ؛ وقد قطع وحرق بخيبر - وهى بعد بنى النضير - وحرق بالطائف : وهى اخر غزاة قاتل بها ؛ وأمر أسامة بن زيد : أن يحرق على أهل أبنى.». ثم ذكر حديث أسامة : فراجعه ؛ وراجع كلامه فى الأم (ج 4 ص 66 و 161 و 197 و 199 وج 7 ص212 - 213 و 323 - 324) ، والمختصر (ج 5 ص 185 و 187). ثم راجع السنن الكبرى (ج 9 ص85 - 86) ، وقصة ذى الخلصة فى الفتح (ج 6 ص 94 وج 8 ص 51 - 53). فإنك ستقف على فوائد جمة ، وعلى بعض المذاهب المخالفة ، وما يدل لها.
2- كما فى الأم (ج 6 ص 31). وما فى الأصل مختصر منه.
3- زيادة مفيدة تضمنها كلام الأم
4- عبارة الأم : «يضمنوا» ؛ وهى ملائمة لما فيها.
5- في الأصل : «يعينه» ؛ وهو مصحف. والتصحيح من عبارة الأم ، وهى : «إلا ما وصفت من أن يوجد ... فيؤخذ منه».
6- وبحديث : «الإيمان يجب ما قبله». وراجع الأم (ج 4 ص108 - 109) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 97 - 99).
7- فى الأم زيادة : «قد» ؛ وهى أحسن
8- هذا ليس بالأم ، وزيادته أحسن.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «يقتضى» ؛ وهو تصحيف.

وذهب. وقال : ( اتَّقُوا اللّهَ ، وَذَرُوا ما بَقِيَ : مِنَ الرِّبا : 2 - 278 ) ؛ ولم يأمرهم : بردّ ما مضى : [منه (1)].». وبسط الكلام فيه.

قال الشافعي فى موضع آخر (2) (بهذا الإسناد) - فى هذه الآية - : «ووضع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - بحكم اللّه - : كلّ ربا : أدركه الإسلام ، ولم يقبض. ولم يأمر أحدا - : قبض ربا فى الجاهليّة. - : أن يردّه.».

* * *

(أنا) أبو زكريا بن أبى إسحاق (فى آخرين) ؛ قالوا : أخبرنا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي (3) : «أنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن بن محمد ، عن (4) عبيد اللّه بن أبى رافع ، قال :

ص: 46


1- زيادة حسنة عن الأم. وإنما أمر : برد ما بقي منه ؛ كما نص عليه فى آخر كلامه (ص 32). فراجعه كله ؛ وراجع كلامه فى الأم (ج 4 ص 130 و 200 وج 5 ص 44 و 148) : لتعرف : كيف يكون ارتباط المسائل الفقهية بعضها ببعض.
2- من الأم (ج 7 ص 328 - 329).
3- كما فى الأم (ج 4 ص 166) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 146) : مستدلا على ما أجاب به - فى أمر المسلم : الذي يحذر المشركين من غزو المسلمين لهم ، أو يخبرهم ببعض عوراتهم. - : «من أنه لا يحل دم من ثبتت له حرمة الإسلام ، إلا : بقتل أو زنا بعد إحصان ، أو كفر بعد إيمان ، واستمرار على ذلك الكفر.». وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم عن جماعة من طريق سفيان بإسناده. وأخرجاه أيضا من غير طريقه : بشىء من الإختلاف. راجع السنن الكبرى (ص 147) والفتح (ج 6 ص87 - 88 و 116 ج 7 ص 366 - 367 وج 8 ص 447) وشرح مسلم للنووى (ج 16 ص 54 - 57).
4- في الأصل : «ابن». وهو تحريف.

سمعت عليّا (رضى اللّه عنه) ، يقول : بعثنا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - : أنا والزّبير (1) والمقداد. - فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ (2) ؛ فإن بها ظعينة (3) : معها كتاب. فخرجنا : تعادى بنا خيلنا ؛ فإذا نحن : بظعينة (4). فقلنا (5) : أخرجى الكتاب. فقالت : ما معى كتاب. فقلنا لها (6) : لتخرجنّ الكتاب ، أو لنلقينّ (7) الثّياب. فأخرجته من عقاصها (8) ؛ فأتينا به رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، فإذا فيه : من حاطب ابن أبى بلتعة ، إلى أناس (9) : من المشركين بمكة (10) ؛ يخبر : ببعض أمر

ص: 47


1- فى الأم تأخير وتقديم. وقد ذكر فى بعض الروايات - بدل المقداد - أبو مرثد الغنوي. ولا منافاة كما قال النووي.
2- موضع بين الحرمين : بقرب حمراء الأسد من المدينة. وقيل : بقرب مكة. وقد ورد فى الأصل : بالمهملتين. وهو تصحيف ، كما ورد مصحفا في رواية أبى عوانة : بالمهملة والجيم. راجع شرح مسلم ، والفتح ، ومعجم ياقوت.
3- هى - في أصل اللغة - : الهودج ؛ والمراد بها : الجارية. واسمها : سارة ، مولاة لعمران بن أبى صيفى القرشي. وقد وردت فى الأصل - هنا وفيما سيأتى - : بالطاء ؛ وهو تصحيف. وراجع ما ذكره النووي عن هذا الإخبار : فهو مفيد جدا.
4- رواية الأم : «بالظعينة» ؛ وهى أحسن.
5- فى الأم زيادة : «لها».
6- هذا ليس بالأم.
7- فى بعض الروايات : بالتاء. راجع كلام ابن حجر عنها.
8- شعرها المضفور ؛ وهو جمع عقيصة.
9- فى الأم : «ناس».
10- فى الأم والسنن الكبرى : «ممن بمكة».

رسول (1) اللّه (صلى اللّه عليه وسلم). فقال (2) : ما هذا يا حاطب؟. فقال (3) : لا تعجل على (4) ؛ إنى كنت امرأ : ملصقا (5) فى قريش ؛ ولم أكن من أنفسها ؛ وكان [من] (6) معك - : من المهاجرين. - : لهم قرابات يحمون بها قرباتهم ؛ ولم يكن لى بمكة قرابة : فأحببت - : إذ فاتنى ذلك. - : أن اتّخذ عندهم يدا ؛ واللّه : ما فعلته : شكّا فى دينى ؛ ولا : رضا (7) بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : إنه قد صدق. فقال عمر : يا رسول اللّه ؛ دعنى : أضرب عنق هذا المنافق (8). فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : إنه قد شهد بدرا ؛ وما يدريك : لعلّ اللّه (9) اطّلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ؛ فقد غفرت لكم (10). ونزلت (11) : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ) (12) : ( تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ : 60 - 41 ) ».

ص: 48


1- فى الأم والسنن الكبرى : «النبي».
2- فى الأم : «قال».
3- فى الأم : «قال».
4- فى الأم زيادة حسنة ، وهى : «يا رسول اللّه».
5- أي : حليفا ؛ كما صرح بذلك فى بعض الروايات.
6- زيادة متعينة ، عن الأم والسنن الكبرى وغيرهما.
7- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «رضى» ؛ وهو تصحيف
8- قد استدل فى السنن الكبرى (ج 10 ص 208) بهذا وعدم إنكار النبي - : على أنه لا يكفر من كفر مسلما عن تأويل.
9- فى الأم زيادة : «عز وجل قد».
10- أي : فى الآخرة. أما الحدود فى الدنيا : فتقام عليهم. راجع ما استدل به النووي ، على ذلك
11- فى الأم : «فنزلت».
12- ذكر فى الأم وصحيح مسلم ، إلى هنا.

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : «فى هذا الحديث (1) : طرح الحكم باستعمال الظّنون. لأنه لمّا كان الكتاب يحتمل : أن يكون ما قال حاطب ، كما قال - : من أنه لم يفعله : شكّا (2) فى الإسلام ؛ وأنه فعله : ليمنع أهله - ويحتمل : أن يكون زلّة ؛ لا : رغبة عن الإسلام. واحتمل : المعنى الأقبح - : كان القول قوله ، فيما احتمل فعله.». وبسط الكلام فيه (3)

* * *

(أنا) أبو سعيد محمد بن موسى ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ : بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ : 9 - 33 ) . (5)»

«قال الشافعي : فقد أظهر اللّه (جل ثناؤه) دينه (6) - : الذي بعث

ص: 49


1- فى الأم زيادة : «مع ما وصفتا لك».
2- فى الأم : «شاكا».
3- فراجعه (ص 166 - 167) ، فهو مفيد هنا ، وفى بعض المباحث الآتية ، وفيما سبق (ج 1 ص 299 - 302) ، وفى العقوبات والحدود والفرق بين ذوى الهيئة وغيرهم. وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 9 ص 147).
4- كما فى الأم (ج 4 ص 93 - 94) ، ولمختصر (ج 5 ص 195). وقد ذكر متفرقا فى السنن الكبرى (ج 9 ص 177 و 179).
5- راجع ما ذكره فى الأم - بعد ذلك - : من السنة. وراجع المختصر ، وأثرى جابر ومجاهد وحديث عائشة فى السنن الكبرى (ص180 - 181).
6- عبارة المختصر : «دين نبيه على سائر الأديان».

[به (1)] رسوله صلى اللّه عليه وسلم. - على الأديان : بأن أبان لكل من سمعه (2) : أنه الحقّ ؛ وما خالفه - : من الأديان. - : باطل (3)

«وأظهره : بأنّ جماع الشّرك دينان : دين أهل الكتاب ، ودين الأمّيّين (4). فقهر رسول اللّه (5) (صلى اللّه عليه وسلم) الأمّيّين : حتى دانوا بالإسلام طوعا وكرها ؛ وقتل من أهل الكتاب ، وسبى : حتى دان بعضهم بالإسلام ، وأعطى بعض الجزية : صاغرين ؛ وجرى عليهم حكمه (صلى اللّه عليه وسلم). وهذا (6) : ظهور الدّين كلّه.»

«قال الشافعي : وقد (7) يقال : ليظهرنّ اللّه دينه ، على الأديان : حتى لا يدان اللّه (8) إلا به. وذلك : متى شاء اللّه عز وجل. (9)»

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (10) : «قال اللّه عز وجل : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ : فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (11) : (9 - 5) ؛

ص: 50


1- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
2- فى المختصر ؛ «تبعه».
3- فى المختصر : «فباطل» ؛ وهو صحيح أيضا ؛ لأن الموصول لما أشبه الشرط فى العموم ، صح قرن خبره بالفاء.
4- فى المختصر : «أميين».
5- فى المختصر : «النبي».
6- عبارة المختصر : «فهذا ظهوره».
7- عبارة المختصر : «ويقال : ويظهر دينه على سائر» إلخ.
8- فى المختصر : «لله».
9- أخرج فى السنن الكبرى (ص 182) عن ابن عباس - فى هذه الآية - أنه قال : «يظهر اللّه نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) على أمر الدين كله : فيعطيه إياه ، ولا يخفى عليه شيئا منه. وكان المشركون يكرهون ذلك».
10- كما في اختلاف الحديث (ص 151). وقد ذكره فى السنن الكبرى (ج 9 ص 182).
11- فى اختلاف الحديث زيادة : «الآية».

وقال جل ثناؤه : ( وَقاتِلُوهُمْ : حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (1) وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ : 8 - 39 ) .».

قال فى موضع آخر (2) : «فقيل [فيه (3)] : (فتنة) : شرك ؛ (ويكون الدّين كلّه) : واحدا (لله).».

وذكر (4) حديث أبى هريرة ، عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : «لا أزال أقاتل الناس ، حتى يقولوا : لا إله إلا اللّه. (5)».

قال الشافعي (6) : «وقال اللّه تعالى : ( قاتِلُوا الَّذِينَ : لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ ، وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ - : مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ. - حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ : وَهُمْ صاغِرُونَ : 9 - 29 ) (7).».

وذكر حديث بريدة عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : فى الدّعاء إلى

ص: 51


1- يحسن أن تراجع فى الفتح (ج 8 ص 127 و 214 - 215) أثر ابن عمر في المراد بالفتنة : فهو مفيد فيما أحلناك عليه من أجله ، فيما سبق (ج 1 ص 289 - 290) ؛ وأن تراجع حديث أسامة بن زيد : فى السنن الكبرى (ج 8 ص 192 و 196).
2- من الأم (ج 4 ص 94).
3- زيادة حسنة عن الأم. وراجع فى الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 27) : أثر قتادة.
4- فى اختلاف الحديث والأم.
5- انظر ما تقدم (ص 31). وراجع أيضا الأم (ج 4 ص 156 وج 6 ص31 - 32).
6- كما فى اختلاف الحديث (ص 151 - 154).
7- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 185) : ما روى فى ذلك ، عن أبى هريرة ومجاهد.

الإسلام (1) ؛ وقوله : «فإن [لم (2)] يجيبوا إلى الإسلام : فادعهم إلى أن يعطوا الجزية ؛ فإن فعلوا : فاقبل منهم ودعهم ؛ [وإن أبوا : فاستعن باللّه وقاتلهم] (3).».

ثم قال : «وليست واحدة - : من الآيتين (4). - : ناسخة للأخرى ؛ ولا واحد - : من الحديثين. - : ناسخا للآخر ، ولا مخالفا له. ولكن إحدى (5) الآيتين والحديثين : من الكلام الذي مخرجه عامّ : يراد به الخاصّ ؛ ومن الجمل (6) التي يدلّ عليها المفسّر.»

«فأمر اللّه (تعالى) : بقتال المشركين حتى يؤمنوا ؛ (واللّه أعلم) : أمره بقتال المشركين : من أهل الأوثان (7). وكذلك حديث أبى هريرة :

ص: 52


1- من أنه كان إذا بعث جيشا : أمر عليهم أميرا ، وقال : «فإذا لقيت عدوا من المشركين : فادعهم إلى ثلاث خلال : ادعهم إلى الإسلام ؛ فإن أجابوك : فاقبل منهم ، وكف عنهم. وادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم - إن هم فعلوا - : أن لهم ما للمهاجرين ، وأن عليهم ما عليهم. فإن اختاروا المقام فى دارهم ، فأخبرهم : أنهم كأعراب المسلمين : يجرى عليهم حكم اللّه كما يجرى على المسلمين ؛ وليس لهم فى الفيء شىء ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.» إلى آخر ما سيأتي. وقد روى هذا الحديث بألفاظ مختلفة وبزيادة مفيدة : فراجعه فى السنن الكبرى (ج 9 ص 49 و 85 و 184) ؛ وراجع كلام صاحب الجوهر النقي ، وشرح مسلم للنووى (ج 12 ص37 - 40) : لعظيم فائدتهما.
2- الزيادة عن اختلاف الحديث ، والأم (ج 4 ص 95). وراجع كلامه فيها : فهو مفيد فى المقام.
3- الزيادة عن اختلاف الحديث ، والأم (ج 4 ص 95). وراجع كلامه فيها : فهو مفيد فى المقام.
4- كذا باختلاف الحديث. وفى الأصل : «بالاثنين» ؛ وهو تصحيف.
5- عبارة اختلاف الحديث : «أحد الحديثين والآيتين».
6- عبارة اختلاف الحديث «المجمل الذي يدل عليه».
7- فى اختلاف الحديث ، زيادة : «وهم أكثر من قاتل النبي».

[فى المشركين من أهل الأوثان] (1) ؛ دون أهل الكتاب. وفرض اللّه : قتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون - : إن لم يؤمنوا. وكذلك حديث بريدة (2) : [فى أهل الأوثان خاصّة] (3)»

«فالفرض فيمن (4) دان وآباؤه دين أهل الأوثان - : من المشركين. - : أن يقاتلوا : إذ قدر عليهم ؛ حتى يسلموا. ولا يحلّ : أن يقبل (5) منهم جزية ؛ [بكتاب اللّه ، وسنة نبيّه] (6)

والفرض فى أهل الكتاب ، ومن دان قبل نزول القرآن [كلّه (7)] دينهم - : أن يقاتلوا حتى يعطوا الجزية (8) ، أو يسلموا. وسواء كانوا عربا (9) ، أو عجما.».

ص: 53


1- زيادة حسنة أخذناها من كلامه فى اختلاف الحديث.
2- فى اختلاف الحديث : «ابن بريدة». وكلاهما صحيح : لأنه مروى عنه من طريق ابنه.
3- زيادة جيدة عن اختلاف الحديث ، قال بعدها : «كما كان حديث أبى هريرة : فى أهل الأوثان خاصة». وقد تعرض لهذا البحث فيه (ص39 - 40 و 56 و 157 - 158) ، وفى الأم (ج 4 ص 158) : بتوسع وتوضيح ؛ فراجعه. ويحسن أن تراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص166 - 167).
4- فى اختلاف الحديث : «فى قتال من».
5- فى اختلاف الحديث «تقبل».
6- زيادة مفيدة ، عن اختلاف الحديث.
7- زيادة مفيدة ، عن اختلاف الحديث.
8- يحسن أن تراجع فى الأم (ج 4 ص 101 - 103) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 193 - 196) : ما ورد فى مقدار الجزية.
9- كذا فى اختلاف الحديث ؛ وهو الظاهر والأولى. وفى الأصل : «أعرابا» ؛ ولعله محرف.

قال الشافعي (1) : «ولله (عز وجل) كتب : نزلت قبل نزول القرآن ؛ [المعروف (2)] منها - عند العامّة - : التّوراة والإنجيل. وقد أخبر اللّه (عز وجل) : أنه أنزل غيرهما (3) ؛ فقال : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ : بِما فِي صُحُفِ مُوسى * وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى : 53 - 36 - 37 ) . وليس يعرف (4) تلاوة كتاب إبراهيم. وذكر (5) زبور داود (6) ؛ فقال (7) : ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ : 26 - 196 ) .»

«قال : والمجوس : أهل كتاب : غير التّوراة والإنجيل ؛ وقد نسوا كتابهم وبدّلوه (8). وأذن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : فى أخذ الجزية منهم (9).».

ص: 54


1- كما فى اختلاف الحديث (ص 154). وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 9 ص 188) ، والمختصر (ج 5 ص 196).
2- الزيادة عن اختلاف الحديث.
3- أخرج فى السنن الكبرى ، عن الحسن البصري ، أنه قال : «أنزل اللّه مائة وأربعة كتب من السماء». وراجع فيها حديث واثلة بن الأسقع : فى تاريخ نزول صحف إبراهيم ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والقرآن.
4- في اختلاف الحديث «تعرف تلاوة كتب».
5- فى الأصل زيادة : «فى». وهى من الناسخ.
6- يعنى : فى قوله تعالى : ( وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً : 17 - 55 ) ، وقوله : ( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ : 21 - 105 ) . لا : فى الآية الآتية. لأن زبر الأولين كشمل سائر الكتب المتقدمة. انظر تفسير البيضاوي بهامش المصحف (ص 497) ، وراجع الأم (ج 4 ص 158).
7- فى السنن الكبري : «وقال». وهو أحسن.
8- راجع أثر على (كرم اللّه وجهه) : الذي يدل على ذلك ، فى اختلاف الحديث (ص 155 - 156) ، والأم (ج 4 ص 96) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 188 - 189).
9- ثم ذكر حديث بجالة عن عبد الرحمن بن عوف : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر. فراجعه وما إليه : فى السنن الكبرى (ص189 - 192) ؛ وراجع كلام صاحب الجوهر النقي عليه ، والفتح (ج 6 ص 162 - 163). ثم راجع الأم (ج 4 ص96 - 97 و 158) ، والمختصر (ج 5 ص 196 - 197) ، والرسالة (ص 429 - 432) : لتقف على حقيقة مذهب الشافعي ، ويتبين لك قيمة كلام مخالفه فى هذه المسألة.

قال الشافعي (1) : «ودان قوم - : من العرب. - دين أهل الكتاب ، قبل نزول القرآن : فأخذ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) من بعضهم ، الجزية» ؛ وسمّى منهم - [فى موضع (2)] آخر (3) - : «أكيدر دومة (4) ؛ وهو رجل يقال : من غسّان أو كندة (5).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (6) :

ص: 55


1- كما فى اختلاف الحديث (ص 155).
2- هذه الزيادة متعينة. وهذا من كلام البيهقي.
3- من الأم (ج 4 ص 96).
4- أي : دومة الجندل. وهو - على المشهور - : حصن بين المدينة والشام. انظر المصباح ، وتهذيب اللغات (ج 1 ص108 - 109). ثم راجع نسب أكيدر ، وتفصيل القول عن حادثته - فى معجم ياقوت.
5- ثم ذكر بعد ذلك : ما يؤكد أن الجزية ليست على الأنساب ، وإنما هى على الأديان ؛ وينقض ما ذهب إليه أبو يوسف : من أن الجزية لا تؤخذ من العرب. فراجعه ، وراجع الأم (ج 4 ص158 - 159 وج 7 ص 336) ، والمختصر (ج 5 ص 196) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 186 - 188). ثم راجع فى اختلاف الحديث (ص158 - 162) المناظرة القيمة فيما ذهب إليه بعضهم : من أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب ومن دان دينهم مطلقا ؛ وتؤخذ ممن دان دين أهل الأوثان : إلا إذا كان عربيا. فهى مفيدة فى المقام وفيما سيأتى.
6- كما فى الأم (ج 4 ص 104).

«حكم اللّه (عز وجل) فى المشركين ، حكمين (1). فحكم : أن يقاتل أهل الأوثان : حتى يسلموا ؛ وأهل الكتاب : حتى (2) يعطوا الجزية : إن (3) لم يسلموا.»

«وأحلّ اللّه نساء أهل الكتاب ، وطعامهم (4). فقيل : طعامهم : ذبائحهم (5)»

«فاحتمل : كلّ أهل الكتاب ، وكلّ من دان دينهم.»

«واحتمل (6) : أن يكون أراد (7) بعضهم ، دون بعض.»

«وكانت (8) دلالة ما يروى عن النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) ، ثم [ما (9)] لا أعلم فيه مخالفا - : أنه أراد : أهل التّوراة والإنجيل - : من بنى إسرائيل. - دون المجوس.»

ص: 56


1- فى الأم : «حكمان» ؛ على أنه خبر.
2- كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «أن» ؛ ولعله محرف. فتأمل.
3- فى الأم : «أو يسلمو». وراجع كلامه فى الأم (ج 4 ص155 - 156) ، والمختصر (ج 5 ص 183) : ففيه تبيين وتفصيل.
4- راجع الأم (ج 5 ص 6).
5- نسب ذلك إلى بعض أهل التفسير ، فى الأم (ج 4 ص 181). فراجع كلامه ؛ وانظر ما سيأتى - فى أوائل الصيد والذبائح - : من تفصيل القول فى ذبائح أهل الكتاب.
6- أي : إحلال اللّه نكاح نساء أهل الكتاب ، وطعامهم - كما صرح بذلك فى الأم.
7- عبارة الأم : «أراد بذلك بعض أهل الكتاب» إلخ.
8- فى الأم : «فكانت».
9- زيادة متعينة ، عن الأم.

«وبسط الكلام فيه (1) ، وفرق بين بنى إسرائيل ؛ ومن دان دينهم قبل الإسلام - : من غير بنى إسرائيل. - : بما «ذكر اللّه (عز وجل) - : من نعمته على بنى إسرائيل. - فى غير موضع من كتابه ؛ وما آتاهم دون غيرهم من أهل دهرهم.»

«فمن (2) دان دينهم - : من غيرهم. - قبل نزول (3) القرآن : لم (4) يكونوا أهل كتاب ؛ إلا (5) : لمعنى ؛ لا : أهل كتاب مطلق.»

«فتؤخذ منهم الجزية ، ولا تنكح نساؤهم ، ولا تؤكل ذبائحهم : كالمجوس (6). لأن اللّه (عز وجل) إنما أحلّ لنا ذلك : من أهل الكتاب

ص: 57


1- حيث قال : «فكان فى ذلك ، دلالة : على أن بنى إسرائيل : المرادون بإحلال النساء والذبائح.». ثم ذكر : أنه لا يعلم مخالفا فى تحريم نكاح نساء المجور. وأكل ذبائحهم. ثم مهد لبيان الفرق الآتي ، بما تحسن مراجعته. وذكر فى اختلاف الحديث (ص159 - 160) الإجماع أيضا : على أخذ الجزية من المجوس.
2- عبارة الأم : «كان من ...». وهى ملائمة لسابق كلامها ، وفيها طول واختلاف اللفظ. وما فى الأصل مختصر منها.
3- في الأم : «قبل الإسلام».
4- فى الأم : «فلم» ؛ وهو ملائم لسابق عبارتها.
5- فى الأصل : «وإلا». والزيادة من الناسخ ، والتصحيح من عبارة الأم ، وهى : «إلا بمعنى». ومراد الشافعي بذلك أن يقول : إن من دان دين بنى إسرائيل - : من غيرهم. - لا يقال : إنه من أهل الكتاب ؛ على سبيل الحقيقة. لأنه لم ينزل عليه كتاب. وإنما يقال ذلك على سبيل المجاص. من جهة أنه تشبه بهم ، ودان دينهم. فمن هنا لم يتحد حكمهم. وراجع فى الأم (ج 5 ص 6) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 173) - أثر عطاء : لنتأكد من ذلك.
6- راجع فى الأم (ج 4 ص 186) ، كلامه عن وطء المجوسية إذا سبيت : ففيه تفصيل مفيد.

الذين عليهم نزل.». وذكر الرّواية فيه ، عن عمر وعلىّ رضى اللّه عنهما (1).

قال الشافعي (2) : «والذي (3) عن ابن عباس : فى إحلال ذبائحهم ؛ وأنه تلا (4) : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ : فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (5) : (5 - 51) - : فهو لو ثبت عن ابن عباس (6) : كان المذهب إلى قول عمر وعلىّ (رضى اللّه عنهما) : أولى ؛ ومعه المعقول ، فأما : ( مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) ؛ فمعناها : على غير حكمهم.».

قال الشافعي (7) : «وإن (8) كان الصّابئون والسّامرة (9) : من

ص: 58


1- من أن نصارى العرب وتغلب ليسو أهل كتاب ، ولا تؤكل ذبائحهم. وراجع فى ذلك الأم (ج 4 ص104 - 105 و 194 وج 5 ص 106) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 216 - 217).
2- على ما فى الأم (ج 2 ص 196 وج 4 ص 194).
3- عبارة الأم (ج 2) : «وقد روى عكرمة عن ابن عباس : أنه أحل ذبائحهم ، وتأول ... وهو» إلخ.
4- فى الأصل : «تلى» ، وهو تصحيف.
5- يعنى : يكون مثلهم ، ويجرى عليه حكمهم.
6- يشير بذلك إلى ضعف ثبوته عنه. وقد بين ذلك فى الأم : بأن مالكا - وهو أرجح من غيره فى الرواية - قد رواه عن ثور الديلمي عن ابن عباض. وهما لم يتلاقيا : فيكون منقطعا. وراجع السنن الكبرى (ج 9 ص 217). وتتميما للمقام ، يحسن أن نراجع كلام الشافعي فى المختصر (ج 5 ص202 - 203) ، ونقل المزني عنه : حل نكاح المرأة التي بدلت دينها بدين يحل نكاح أهله ؛ واختيار المزني ذلك ، وتسويته - فى الحكم - بين من دان دين أهل الكتاب ، قبل الإسلام وبعده. وأن تراجع الأم (ج 3 ص 197 وج 4 ص 105 وج 5 ص 7 وج 7 ص 331).
7- كما فى الأم (ج 4 ص 105).
8- فى الأم : «فإن».
9- يحسن أن تراجع المصباح (مادة : سمر ، وصبي) ؛ واعتقادات الفرق للرازى (ص 83 و 90) ، وتفسير البيضاوي بهامش حاشية الشهاب (ج 1 ص 172 وج 6 ص 221) ، ورسالة السيد عبد الرزاق الحسنى : «الصابئة قديما وحديثا».

بنى إسرائيل ، ودانوا دين اليهود والنصارى (1) - : نكحت (2) نساؤهم ، وأكلت ذبائحهم : وإن خالفوهم فى فرع من دينهم. لأنهم [فروع (3)] قد يختلفون بينهم»

«وإن خالفوهم فى أصل الدّينونة (4) : لم تؤكل ذبائحهم ، ولم تنكح نساؤهم. (5)».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (6) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ : وَهُمْ صاغِرُونَ : 9 - 29 ) ؛ فلم يأذن اللّه (عز وجل) : فى أن تؤخذ الجزية ممّن أمر (7) بأخذها منه ، حتى يعطيها عن يد : صاغرا.»

ص: 59


1- فى الأم زيادة حسنة ، وهى : «فلأصل التوراة ، ولأصل الإنجيل».
2- كذا بالأم ؛ وهو الأنسب. وفى الأصل : «نكح» ؛ ولعله محرف.
3- زيادة جيدة ، عن الأم.
4- فى الأم : «التوراة».
5- قد تعرض لهذا البحث : بأوضح مما هنا ؛ فى الأم (ج 4 ص 158 و 186 - 187 وج 5 ص 6). فراجعه ؛ وراجع المختصر (ج 5 ص 197) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 173).
6- كما فى الأم (ج 4 ص 99).
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «أمرنا حدها» ؛ وهو تصحيف.

«قال : وسمعت رجالا (1) - : من أهل العلم. - يقولون : الصّغار : أن يجرى عليهم حكم الإسلام (2). وما أشبه ما قالوا ، بما قالوا - : لامتناعهم من الإسلام ؛ فإذا جرى عليهم حكمه : فقد أصغروا بما يجرى عليهم منه (3).».

قال الشافعي (4) : «وكان (5) بيّنا فى الآية (واللّه أعلم) : أن الذين (6) فرض قتالهم حتى يعطوا الجزية - : الذين قامت عليهم الحجّة بالبلوغ : فتركوا دين اللّه (عز وجل) ، وأقاموا على ما وجدوا عليه آباءهم : من أهل الكتاب.»

«وكان بيّنا : أنّ (7) اللّه (عز وجل) أمر بقتالهم عليها : الذين فيهم القتال ؛ وهم : الرجال البالغون (8). ثم أبان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مثل معنى كتاب اللّه (عز وجل) : فأخذ الجزية من المحتملين (9) ، دون

ص: 60


1- فى الأم : «عددا».
2- راجع الأم (ج 4 ص 130) ، والمختصر (ج 5 ص 197) ، والفتح (ج 6 ص 161). ويحسن أن تراجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 139) : أثرى ابن عباس وابن عمر.
3- راجع ما قاله بعد ذلك : فهو مفيد هنا ، وفيما سيأتى من مباحث الهدنة.
4- كما فى الأم (ج 4 ص 97 - 98) : بعد أن ذكر الآية السابقة.
5- فى الأم : «فكان».
6- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر المناسب. وفى الأصل : «الذي» ؛ ولا نستبعد أنه محرف.
7- عبارة الأم : «أن الذين أمر اللّه بقتالهم» إلخ. وهى أظهر وأحسن من عبارة الأصل التي هى صحيحة أيضا : لأن «الذين» مفعول للمصدر ، لا للفعل. فتنبه.
8- وكذلك الحكم : فى قتال المشركين حتى يسلموا. راجع الأم (ج 1 ص 227).
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «المحتملين» ؛ وهو تصحيف.

من دونهم ، ودون النساء.». وبسط الكلام فيه (1).

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (2) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ : فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ، بَعْدَ عامِهِمْ هذا ) (3) الآية : (9 - 28) ؛ فسمعت بعض أهل العلم ، يقول : المسجد الحرام : الحرم (4) وسمعت عددا - : من أهل المغازي (5). - يروون (6) : أنه كان فى رسالة النبي (7) (صلى اللّه عليه وسلم) : لا يجتمع مسلم ومشرك ، فى الحرم ، بعد عامهم هذا. (8)»

ص: 61


1- فراجعه (ص 98 - 99). وراجع السنن الكبرى (ج 9 ص 198)
2- كما فى الأم (ج 4 ص 99 - 100) : فى مسئلة إعطاء الجزية على سكنى بلد ودخوله.
3- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 185 و 206) : حديث أبى هريرة المتعلق بذلك ؛ وراجع الكلام عليه فى الفتح (ج 3 ص 314 وج 6 ص 175 وج 8 ص 219 - 223). وانظر ما تقدم (ج 1 ص83 - 84).
4- فى الأم زيادة : «وبلغني أن رسول اللّه قال : لا ينبغى لمسلم : أن يؤدى الخراج ؛ ولا لمشرك : أن يدخل الحرم.».
5- فى الأم : «العلم بالمغازي».
6- فى الأصل : «يرون» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح من الأم ، والمختصر (ج 5 ص 200).
7- مع على إلى أهل مكة. راجع السنن الكبرى (ج 9 ص 207) ، والفتح (ج 8 ص220 - 221).
8- راجع كلامه بعد ذلك (ص 100 - 101) : فهو مفيد جدا. ثم راجع الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 165 - 166) : فهو مفيد فى بيان المذاهب فى هذه المسألة والرد على بعض المخالفين : كأبي حنيفة. ويحسن أن تراجع فى الفتح (ج 6 ص 103 و170 - 171) : ما ورد فى إخراج المشركين واليهود من جزيرة العرب.

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (1) : «فرض اللّه (عز وجل) : قتال غير أهل الكتاب حتى يسلموا ، وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية وقال : ( لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها : 2 - 286 ) . فبذا (2) فرض على المسلمين ما أطاقوه ؛ فإذا عجزوا عنه : فإنما كلّفوا منه ما أطاقوه ؛ فلا بأس : أن يكفّوا عن قتال الفريقين : من المشركين ؛ وأن يهادنوهم.».

ثم ساق الكلام (3) ، إلى أن قال : «فهادنهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (4) (يعنى (5) : أهل مكة ، بالحديبية (6).) فكانت (7) الهدنة بينه وبينهم عشر سنين ؛ ونزل عليه - فى سفره - فى أمرهم : ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (8) * لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ : 48 - 1 - 2 ) . قال الشافعي : قال

ص: 62


1- كما فى الأم (ج 4 ص 109 - 110).
2- عبارة الأم هى : «فهذا فرض اللّه على المسلمين قتال الفرقين من المشركين ، وأن يهادنوهم». والظاهر : أنها ناقصة ومحرفة.
3- يحسن أن تراجع ما ذكره (ص 109 - 110) : ليتضح لك كلامه تماما.
4- فى الأم زيادة : «إلى مدة ؛ ولم يهادنهم على الأبد : لأن قتالهم حتى يسلموا ، فرض : إذا قوى عليهم.».
5- هذا من كلام البيهقي.
6- فى الأصل : «بالحديث». وهو تصحيف. وراجع فى هذا المقام ، السنن الكبرى (ج 9 ص7. 223) ، والفتح (ج 7 ص 318 - 319 وج 8 ص 412).
7- فى الأم ، والسنن الكبرى (ص 221) : «وكانت».
8- ذكر فى الأم إلى هنا.

ابن شهاب : فما كان فى الإسلام فتح أعظم منه.». وذكر (1) : دخول الناس فى الإسلام : حين أمنوا (2).

وذكر الشافعي (3) - فى مهادنة من يقوى (4) على قتاله - : أنه «ليس له مهادنتهم على النّظر : على غير جزية (5) ؛ أكثر من أربعة أشهر. لقوله عز وجل : ( بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ، إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا(6) فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) الآية وما بعدها : (9 - 1 - 4).».

قال الشافعي (7) : «لمّا قوى أهل الإسلام : أنزل اللّه (تعالى) على النبي (8) (صلى اللّه عليه وسلم) مرجعه من تبوك : ( بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) .».

ثم ساق الكلام (9) ، إلى أن قال : «فقيل : كان الذين عاهدوا النبىّ

ص: 63


1- أي : ابن شهاب ، فى بقية كلامه. وهذا من كلام البيهقي.
2- فى الأصل : «آمنوا» ؛ وهو خطأ وتصحيف. والتصحيح من الأم والسنن الكبرى (ص 223). وراجع فيها (ص117 - 122) وفى الجوهر النقي ، والفتح (ج 8 ص 9 - 11) بعض ما روى فى فتح مكّة ، والخلاف فى أنه كان صلحا أو عنوة.
3- كما فى الأم (ج 4 ص 111). وانظر المختصر (ج 5 ص 201).
4- أي : الإمام.
5- فى الأم : «الجزية».
6- فى الأم : «إلى قوله : ( أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) الآية وما بعدها».
7- كما فى الأم (ج 4 ص 111). وانظر المختصر (ج 5 ص 201).
8- فى الأم : «رسوله».
9- حيث ذكر : إرسال النبي هذه الآيات ، مع على ؛ وقراءته إياها على الناس فى موسم الحج. وبين : أن الفرض : أن لا يعطى لأحد مدة - بعد هذه الآيات - إلا أربعة أشهر. واستدل : بحديث صفوان بن أمية. فراجعه ، وراجع السنن الكبرى (ج 9 ص224 - 225).

(صلى اللّه عليه وسلم) : قوما موادعين ، إلى غير مدّة معلومة. فجعلها اللّه (عز وجل) : أربعة أشهر ؛ ثم جعلها رسول (1) اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) كذلك. وأمر اللّه نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى قوم - : عاهدهم إلى مدة ، قبل نزول الآية. - : أن يتمّ إليهم عهدهم ، إلى مدّتهم : ما (2) استقاموا له ؛ ومن خاف منه خيانة - : منهم (3) - نبذ إليه. فلم يجز : أن يستأنف مدّة ، بعد نزول الآية - : وبالمسلمين قوّة. - إلى أكثر من أربعة أشهر.»

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (4) : «من (5) جاء - : من المشركين. - : يريد الإسلام ؛ فحقّ على الإمام : أن يؤمّنه : حتى يتلو عليه كتاب اللّه (عز وجل) ، ويدعوه إلى الإسلام : بالمعنى الذي يرجو : أن يدخل اللّه به عليه الإسلام. لقول اللّه (عز وجل) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ؛ اسْتَجارَكَ. فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ (6) ؛ ثُمَّ أَبْلِغْهُ

ص: 64


1- فى الأم : «رسوله».
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «فاستقاموا» ؛ وهو خطأ وتصحيف. وراجع كلامه فى الأم (ج 7 ص292 - 293) : لفائدته هنا وفيما بعده. وراجع الفتح (ج 8 ص 221).
3- هذا ليس بالأم.
4- كما فى الأم (ج 4 ص 111) : قبل ما تقدم بقليل.
5- فى الأم : «ومن».
6- راجع كلامه فى الأم (ج 4 ص 125) ، والمختصر (ج 5 ص 199) : ففيه مزيد فائدة.

مَأْمَنَهُ : 9 - 6 ) (1). وإبلاغه مأمنه : أن يمنعه من المسلمين والمعاهدين : ما كان فى بلاد الإسلام ، أو حيث ما (2) يتّصل ببلاد الإسلام.»

«قال : وقوله (3) عز وجل : ( ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) ؛ [يعنى (4)] - واللّه أعلم - : منك ، أو ممّن يقتله (5) : على دينك ؛ [أو (6)] ممّن يطيعك. لا : أمانه (7) [من (8)] غيرك : من عدوّك وعدوّه : الذي لا يأمنه ، ولا يطيعك (9).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (10) : «جماع الوفاء بالنّذر ، والعهد (11) - : كان بيمين ، أو غيرها. - فى قول (12) اللّه تبارك وتعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : أَوْفُوا بِالْعُقُودِ : 5 - 1) ؛ وفى قوله تعالى : ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ، وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً : 76 - 7).»

ص: 65


1- فى الأم زيادة : «الآية». ثم قال : «ومن قلت : ينبذ إليه ؛ أبلغه مأمنه». وسيأتى نحوه قريبا.
2- هذا ليس بالأم.
3- هذا ليس بالأم.
4- الزيادة عن الأم.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «لعله» ؛ وكتب فوقه بمداد آخر : «معك». والأول مصحف عما فى الأم ؛ والثاني خطأ.
6- هذا ليس بالأصل ولا بالأم. وقد رأينا زيادته : ليشمل الكلام كل من يطيعه ؛ سواء أكان مؤمنا أم معاهدا. ويؤكد ذلك لا حق كلامه. وبدون هذه الزيادة يكون قوله : ممن يطيعك ؛ بيانا لقوله : ممن يقتله.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «أمانة» ؛ وهو تصحيف.
8- الزيادة عن الأم.
9- راجع كلامه بعد ذلك : لفائدته.
10- كما فى الأم (ج 4 ص 106).
11- فى الأم : «وبالعهد» ؛ وهو أحسن.
12- فى الأم : «قوله».

«وقد ذكر اللّه (عز وجل) الوفاء بالعقود : بالأيمان ؛ فى غير اية : من كتابه ؛ [منها (1)] : قوله عز وجل : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ : إِذا عاهَدْتُمْ ) ؛ ثم (2) : ( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ) ؛ إلى (3) قوله : ( تَتَّخِذُونَ (4) أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) الآية : (16 - 91 - 92) ؛ وقال (5) عز وجل : ( يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ ، وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ : 13 - 20 ) (6) ؛ مع ما ذكر به الوفاء بالعهد.»

«قال الشافعي : هذا (7) من سعة لسان العرب الذي خوطبت به ؛ فظاهره (8) عامّ على كل عقد. ويشبه (واللّه أعلم) : أن يكون اللّه (9) (تبارك وتعالى) أراد : [أن (10)] يوفوا بكل عقد - : كان (11) بيمين ، أو غير يمين. - وكلّ عقد نذر : إذا كان فى العقدين (12) لله طاعة ، أو لم (13) يكن له - فيما أمر بالوفاء منها - معصية (14).».

ص: 66


1- الزيادة عن الأم.
2- هذا ليس بالأم. ولعله زائد من الناسخ ، أو قصد به التنبيه على أن كل جملة دليل على حدة.
3- فى الأم : «قرأ الربيع الآية».
4- كذا بالأصل. وقد ضرب على النون بمداد آخر ؛ وأبدلت ألفا ، وزيد : «ولا». وهذا ناشىء عن الظن : بأنه أراد الآية : 4. .
5- فى الأم : «وقوله». وهو أحسن.
6- فى الأصل زيادة : «الآية» ؛ وهى من عبث الناسخ.
7- فى الأم : «وهذا».
8- فى الأم : «وظاهره».
9- عبارة الأم : «أراد اللّه».
10- زيادة متعينة ، عن الأم.
11- هذا إلى قوله : عقد ؛ ليس بالأم.
12- فى الأم : «العقد».
13- فى الأم : «ولم». وما فى الأصل أحسن.
14- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 230 - 232) : ما يدل لذلك وما قبله : من السنة.

واحتجّ : «بأنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) صالح قريشا بالحديبية : على أن يردّ من جاء منهم ؛ فأنزل اللّه (تبارك وتعالى) فى امرأة جاءته منهم : مسلمة ؛ (سمّاها (1) فى موضع آخر (2) : أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط.) : ( إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ (3) ؛ إلى : فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ) الآية : إلى قوله : ( وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا : 60 - 10). ففرض اللّه (عز وجل) عليهم : أن لا يردّوا (4) النساء ؛ وقد أعطوهم : ردّ من جاء منهم ؛ وهنّ منهم فحبسهنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : بأمر اللّه عز وجل (5).».

قال (6) : «عاهد (7) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قوما : من المشركين ؛ فأنزل اللّه (عز وجل) عليه : ( بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ، إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ : 9 - 10) (8).».

قال الشافعي (9) - فى صلح أهل الحديبية ، ومن صالح : من

ص: 67


1- هذا من كلام البيهقي.
2- من الأم (ج 4 ص 112 و 113). وانظر المختصر (ج 5 ص 201) ، وما تقدم (ج 1 ص 185)
3- ذكر فى الأم إلى : (إيمانهن).
4- فى الأم : «أن لا ترد».
5- راجع حديث عروة : فى السنن الكبرى (ج 7 ص 170 - 171 وج 9 ص 228 - 229) ، والفتح (ج 7 ص 319 وج 8 ص 449).
6- كما فى الأم (ج 4 ص 106).
7- فى الأم : «وعاهد».
8- فى الأم زيادة : «الآية ؛ وأنزل : ( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ : 9 - 7 ) ؛ ( إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً ) الآية : (9 - 4).». ثم ذكر الآتي : على صورة سؤال وجواب.
9- كما فى الأم (ج 4 ص 106).

المشركين. - : «كان صلحه لهم طاعة لله (1) ؛ إمّا : عن أمر اللّه : بما صنع ؛ نصّا ؛ وإما أن يكون اللّه (عز وجل) جعل [له : أن يعقد لمن رأى : بما رأى ؛ ثم أنزل قضاءه عليه : فصاروا إلى قضاء اللّه جل ثناؤه (2)] ؛ ونسخ [رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (3)] فعله ، بفعله : بأمر اللّه. وكلّ كان : طاعة (4) لله ؛ فى وقته.». وبسط الكلام فيه (5).

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (6) (رحمه اللّه) : «وكان بيّنا فى الآية : منع المؤمنات المهاجرات ، من أن يرددن إلى دار الكفر ؛ وقطع العصمة - : بالإسلام. - بينهنّ ، وبين أزواجهنّ. ودلّت السنة : على أنّ قطع العصمة : إذا انقضت عددهنّ ، ولم يسلم أزواجهنّ : من المشركين (7)

«وكان بيّنا فى (8) الآية : أن يردّ على الأزواج نفقاتهم ؛ ومعقول فيها : أنّ نفقاتهم (9) التي تردّ : نفقات اللّاتى (10) ملكوا عقدهنّ ؛ وهى : المهور ؛ إذا كانوا قد أعطوهنّ إيّاها.»

ص: 68


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «اللّه». ولعل الزيادة من الناسخ.
2- هذه الزيادة عن الأم ، وبعضها متعين كما لا يخفى.
3- هذه الزيادة عن الأم ، وبعضها متعين كما لا يخفى.
4- عبارة الأم : «لله طاعة».
5- حيث شرع يبين : ما إذا كان لأحد أن يعقد عقدا منسوخا ، ثم يفسخه. فراجعه (ص 106) : فهو جليل الفائدة.
6- كما فى الأم (ج 4 ص 114) : بعد أن ذكر آية المهاجرات.
7- راجع كلامه فى الأم (ج 4 ص 185 وج 5 ص 39 و 135 - 136) : فهو مفيد هنا وفى نهاية البحث.
8- فى الأم : «فيها».
9- فى الأصل زيادة : «غير» ؛ وهى من الناسخ.
10- فى الأم : «اللائي».

«وبيّن : أنّ الأزواج : الذين يعطون النفقات - : لأنهم الممنوعون من نسائهم. - وأنّ نساءهم : المأذون للمسلمين أن (1) ينكحوهنّ : إذا آتوهنّ أجورهنّ. لأنه لا إشكال عليهم : فى أن ينكحوا غير ذوات الأزواج ؛ إنما كان الإشكال : فى نكاح ذوات الأزواج ؛ حتى قطع اللّه عصمة الأزواج : بإسلام النساء ؛ وبيّن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أن ذلك : بمضىّ (2) العدّة قبل إسلام الأزواج.»

«فلا يؤدّى أحد (3) نفقة في (4) امرأة فاتت ، إلا ذوات (5) الأزواج (6)

«قال الشافعي : قال (7) اللّه (عز وجل) للمسلمين : ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ 60 - 10 ) . فأبانهنّ من المسلمين ؛ وأبان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أنّ ذلك : بمضىّ العدّة. وكان (8) الحكم فى إسلام الزوج ،

ص: 69


1- فى الأم : «بأن».
2- كذا بالأم. وفى الأصل هنا وفيما سيأتى : «بمعنى». وهو تصحيف. وبمناسبة ذلك ، نرجو : أن يثبت - فى آخر (س 8 من ص 251 ج 1) كلمتان سقطتا من الطابز. وهما : «أن العدة».
3- أي : من المسلمين للمشركين. وعبارة الأم - ولعلها أظهر - : «فلا يؤتى أحد» ؛ أي : من المشركين ؛ من جهة المسلمين.
4- عبارة الأم : «نفقته من».
5- فى الأصل : «ذات» ؛ ولعل النقص من الناسخ. فتأمل.
6- راجع المختصر (ج 5 ص 202) : لأهميته.
7- فى الأم : «وقد قال». ولعل ما فى الأصل أحسن.
8- عبارة الأم : «فكان». وهى أظهر.

الحكم فى إسلام المرأة : لا يختلفان (1)

«وقال (2) اللّه تعالى ؛ ( وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ ، وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا : 60 - 10 ) . يعنى (واللّه أعلم) : أنّ أزواج المشركات : من المؤمنين ؛ إذا منعهنّ (3) المشركون إتيان أزواجهنّ (4) - : بالإسلام (5). - : أدّوا (6) ما دفع إليهنّ الأزواج : من المهور ؛ كما يؤدّى المسلمون ما دفع أزواج المسلمات : من المهور. وجعله اللّه (7) (عز وجل) حكما بينهم.»

«ثم حكم [لهم (8)] - فى مثل ذلك المعنى - حكما ثانيا (9) ؛ فقال : ( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ : مِنْ أَزْواجِكُمْ ؛ إِلَى الْكُفَّارِ ، فَعاقَبْتُمْ ) ؛ كأنه (10) (واللّه أعلم) يريد (11) : فلم تعفوا عنهم إذا (12) لم يعفوا عنكم مهور

ص: 70


1- راجع أيضا فى الأم (ج 7 ص 202 - 203) : رده القوى على من فرق بين المسألتين ، وقال : إذا أسلم الزوج قبل امرأته. وقعت الفرقة بينهما : إذا عرض عليها الإسلام فأبت.
2- فى الأم : «قال». وما في الأصل أولى كما لا يخفى.
3- كذا بالأصل. وقد ورد لفظ «أزواجهن» مكررا من الناسخ. وفى الأم : «منعهم ... أزواجهم» ؛ وهو أظهر : وإن كانت النتيجة واحدة.
4- كذا بالأصل. وقد ورد لفظ «أزواجهن» مكررا من الناسخ. وفى الأم : «منعهم ... أزواجهم» ؛ وهو أظهر : وإن كانت النتيجة واحدة.
5- أي : بسبب إسلام الأزواج.
6- أي : أدى المشركون للأزواج. وعبارة الأم : «أوتوا» ؛ أي : الأزواج. وهى أنسب بالكلام السابق ؛ وعبارة الأصل أنسب بالكلام اللاحق.
7- لفظ الجلالة غير موجود بالأم.
8- زيادة حسنة ، عن الأم.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «ثابتا» ؛ وهو تصحيف.
10- هذا ليس بالأم ؛ ولعله سقط من الناسخ أو الطابع. وفى الأصل : «كان» ، وهو تحريف.
11- كذا بالأم. وفى الأصل : «يرد» ؛ والنقص من الناسخ.
12- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «إذ». ولعله محرف فتأمل.

نسائكم ؛ ( فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ ، مِثْلَ ما أَنْفَقُوا : 60 - 11 ) . كانه يعنى : من مهورهم ؛ إذا فاتت امرأة مشرك (1) : أتتنا (2) مسلمة ؛ قد أعطاها مائة فى مهرها ؛ وفاتت امرأة (3) مشركة إلى الكفار ، قد أعطاها (4) مائة - : حسبت مائة المسلم ، بمائة المشرك. فقيل : تلك : العقوبة.»

«قال : ويكتب بذلك ، إلى أصحاب عهود المشركين : [حتى (5)] يعطى المشرك (6) ما قصصناه (7) - : من مهر امرأته. - للمسلم الذي فاتت امرأته إليهم : ليس (8) له غير ذلك.».

ثم بسط الكلام فى التفريع : على (9) [هذا] القول ؛ فى موضع دخول النساء فى صلح النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) بالحديبية (10).

وقال فى موضع آخر (11) : «وإنما ذهبت : إلى أن النساء كنّ فى صلح

ص: 71


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «مشركة» ؛ وهو خطأ وتحريف.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «أتينا» ؛ وهو تصحيف.
3- أي : امرأة مسلم. ولو صرح به لكان أحسن.
4- أي : زوجها المسلم.
5- زيادة متعينة ، عن الأم.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «المشركين» ؛ وهو خطأ وتحريف.
7- أي : قطعناه عنه. وعبارة الأم : «ما قاصصناه به» ؛ وهى أظهر. أي : جعلناه فى مقابلة مهر المسلم.
8- هذه الجملة حالية. وراجع ما ذكره بعد ذلك : فيما إذا تفاوت المهران.
9- فى الأصل : «وعلى القول». ولعل الصواب حذف ما حذفنا ، وزيادة ما زدنا.
10- راجع الفصل الخاص بذلك (ص 114 - 117) : لاشتماله على فوائد مختلفة.
11- من الأم (ج 4 ص 113).

الحديبية ؛ بأنه لو لم يدخل ردّهنّ فى الصّلح : لم (1) يعط أزواجهنّ فيهنّ عوضا ؛ واللّه أعلم (2).».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (3) : «قال اللّه عز وجل : ( وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً : فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ؛ إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ : 8 - 58 ) . نزلت فى أهل هدنة (4) : بلغ النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) عنهم ، شىء : استدلّ به على خيانتهم.»

«فإذا جاءت دلالة (5) : على أنه لم يوف أهل الهدنة (6) ، بجميع ما عاهدهم (7) عليه - : فله أن ينبذ إليهم. ومن قلت : له أن ينبذ إليه ؛ فعليه : أن يلحقه بمأمنه ؛ ثم له : أن يحاربه ؛ كما يحارب من لا هدنة له (8).».

ص: 72


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «ولم» ؛ وهو خطأ وتحريف.
2- راجع ما ذكره بعد ذلك (ص 113 - 114) : ففيه تقوية لما هنا ، وفائدة فى بعض ما سبق.
3- كما فى الأم (ج 4 ص 107).
4- راجع كلامه (ص 108).
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «دلالته» ؛ وهو تحريف.
6- فى الأم : «هدنة».
7- فى الأم : «هادنهم». وهو أحسن.
8- راجع كلامه بعد ذلك ، وكلامه (ص 109) : لفائدته. وراجع المختصر (ج 5 ص 203).

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «قال اللّه (تبارك وتعالى) لنبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى أهل الكتاب : ( فَإِنْ جاؤُكَ : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (2) ؛ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ : فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً ؛ وَإِنْ حَكَمْتَ : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ : 5 - 42 ) .»

«قال الشافعي : فى (3) هذه الآية ، بيان (واللّه أعلم) : أنّ اللّه (عز وجل) جعل لنبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) الخيار : فى أن (4) يحكم بينهم ، أو يعرض عنهم (5). وجعل عليه (6) - : إن حكم. - : أن يحكم بينهم بالقسط والقسط : حكم اللّه الذي أنزل على نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) : المحض الصادق ، أحدث الأخبار عهدا باللّه (عز وجل). قال اللّه عز وجل : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ : بِما أَنْزَلَ اللّهُ ؛ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ ) (7) الآية : (5 - 49). قال : وفى هذه الآية ، ما فى التي قبلها : من أمر اللّه (عز وجل)

ص: 73


1- كما فى الأم (ج 6 ص 124). وقد ذكر باختصار فى السنن الكبرى (ج 8 ص245 - 246). وانظر المختصر (ج 5 ص167 - 168).
2- ذكر فى السنن الكبرى إلى هنا.
3- فى الأم والسنن الكبرى : «ففى».
4- فى السنن الكبرى : «الحكم». وما هنا أحسن.
5- راجع فى السنن الكبرى (ص 247) : حديث أبي هريرة.
6- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «له». وهو خطأ وتحريف.
7- ذكر فى الأم إلى : (إليك). وراجع تفسيره الأهواء ، وكلامه المتعلق بهذا المقام - : فى الأم (ج 5 ص 225 وج 7 ص 28). وانظر ما سيأتى فى الأقضية.

له ، بالحكم : بما أنزل اللّه إليه (1)»

«قال : وسمعت من أرضى - : من أهل العلم (2). - يقول فى قول اللّه عز وجل : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) : إن حكمت ؛ لا : عزما أن تحكم (3)

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال (4) : «أنا إبراهيم بن سعد (5) ، عن ابن شهاب ، عن عبيد (6) اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، عن ابن عباس - أنه قال : كيف تسألون أهل الكتاب عن شىء : وكتابكم الذي أنزل اللّه على نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أحدث الأخبار ، تقرءونه محضا : لم يشب (7).؟!

ص: 74


1- ذهب بعض الأئمة - : كابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والسدى ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وأبى حنيفة وأصحابه. - : إلى أن هذه الآية ناسخة للأولى. وهذا هو قول الشافعي الراجح (كما سيأتى). انظر السنن الكبرى (ص1. 249) ، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 129). ثم راجع رد الشافعي على هذا المذهب : في الأم (ج 6 ص 125 وج 7 ص 39) ، فهو جيد مفيد. وسيأتى شىء منه.
2- كما لك : موافقا النخعي ، والشعبي ، وعطاء. انظر السنن الكبرى (ص 246) ، والناسخ والمنسوخ (ص128 - 129).
3- راجع أثرى على وعمر ، وتعليق الشافعي عليهما : فى الأم (ص 125 - 126) ، والسنن الكبرى (ص 247 - 248). وانظر الفتح (ج 6 ص 162 - 163)
4- كما فى (ص 129 - 130) ، والسنن الكبرى (ص 249). وقد أخرج أثر ابن عباش. البخاري - ببعض اختلاف فى اللفظ - : من طريقى ابن عتبة ، وعكرمة. راجع الفتح (ج 5 ص 185 وج 13 ص 260 و 384).
5- كذا بالأم والسنن الكبرى وصحيح البخاري. وفى الأصل : «سعيد» ؛ وهو خطأ وتحريف.
6- كذا بالأم والسنن الكبرى وصحيح البخاري. وفى الأصل : «عبد» ؛ وهو خطأ وتحريف.
7- فى الأصل : «يسيب» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم وغيرها.

ألم يخبركم اللّه (1) فى كتابه : أنهم حرّفوا كتاب اللّه (عز وجل (2)) وبدّلوا ، وكتبوا كتابا (3) بأيديهم ، فقالوا (4) : ( هذا مِنْ عِنْدِ اللّهِ ؛ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) (5) : (2 - 79).؟! ألا ينهاكم العلم الذي جاءكم ، عن مسألتهم؟! واللّه : ما رأينا رجلا (6) منهم قطّ (7) : يسألكم عما أنزل اللّه إليكم.».

هذا : قوله فى كتاب الحدود ؛ وبمعناه : أجاب فى كتاب القضاء باليمين مع الشاهد (8) ؛ وقال فيه :

«فسمعت من أرضى علمه ، يقول : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ ) : إن حكمت ؛ على معنى قوله : ( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) . فتلك (9) : مفسّرة ؛ وهذه : جملة.»

«وفى قوله عز وجل : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا : 5 - 49 ) ؛ دلالة : على أنهم إن تولّوا : لم يكن عليه الحكم بينهم. ولو كان قول (10) اللّه عز وجل : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) ؛ إلزاما منه للحكم بينهم - :

ص: 75


1- فى الأم زيادة : «عز وجل».
2- هذا ليس بالسنن الكبرى. وعبارة الأم : «تبارك وتعالى».
3- فى الأم : «الكتاب».
4- في الأم : «وقالوا».
5- ذكر فى الأم إلى آخر الآية.
6- فى الأم : «أحدا».
7- هذا ليس بالأم.
8- من الأم (ج 7 ص 38 - 39). ويحسن أن تراجع أول كلامه.
9- كان الأولى أن يقول : فهذه. ولعله عبر بلام البعد : لأن الأولى هى المقصودة بالذات ، وشبهت بالأخرى.
10- فى الأم : «قوله».

ألزمهم الحكم : متولّين. لأنهم إنما يتولّون (1) : بعد الإتيان ؛ فأمّا : ما لم يأتوا ؛ فلا يقال لهم : تولّوا (2)

وقد أخبرنا (3) أبو سعيد - فى كتاب الجزية - : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (4) : «لم أعلم مخالفا - : من أهل العلم بالسّير. - : أنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لمّا نزل المدينة : وادع يهود كافّة على غير جزية ؛ [و (5)] أنّ قول اللّه (عز وجل) : ( فَإِنْ جاؤُكَ : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) ؛ إنما نزلت : فى (6) اليهود الموادعين : الذين لم يعطوا جزية ، ولم يقرّوا : بأن (7) تجرى (8) عليهم وقال بعضهم (9) : نزلت فى اليهوديّين الّذين زنيا (10)

«قال : والذي (11) قالوا ، يشبه ما قالوا ؛ لقول اللّه عز وجل : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ : وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها (12) حُكْمُ اللّهِ؟! : 5 - 43 ) ؛

ص: 76


1- فى الأم : «تولوا». وما فى الأصل أحسن.
2- راجع ما ذكره بعد ذلك : فهو مفيد فى بعض الأبحاث السابقة واللاحقة.
3- قد ورد فى الأصل بصيغة الاختصار : «أنا» ؛ فرأينا أن الأليق إثباته كاملا.
4- كما فى الأم (ج 4 ص 129). وقد ذكر بعضه فى المختصر (ج 5 ص203 - 204).
5- زيادة متعينة ، عن الأم والمختصر.
6- عبارة المختصر : «فيهم».
7- فى المختصر : «أن».
8- عبارة الأم والمختصر : «يجرى عليهم الحكم».
9- فى الأم : «بعض».
10- كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «رتبا» ؛ وهو تصحيف.
11- عبارة المختصر : «وهذا أشبه بقول اللّه». وهى أحسن.
12- فى المختصر : «الآية». وما سياتي إلى قوله : وليس للامام ؛ غير مذكور فيه.

وقال (1) : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (2) ... فَإِنْ تَوَلَّوْا ) ؛ يعنى (واللّه أعلم) : فإن (3) تولّوا عن حكمك [بغير رضاهم (4)]. فهذا (5) يشبه : أن يكون ممّن أتاك (6) : غير مقهور على الحكم.»

«والذين حاكموا إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - فى امرأة منهم ورجل : زنيا. - : موادعون (7) ؛ فكان (8) فى التوراة : الرّجم ؛ ورجوا : أن لا يكون (9) من حكم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم). فجاؤا (10) بهما : فرجمهما رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم).». وذكر فيه حديث ابن عمر (11).

قال الشافعي (12) : «فإذا (13) وادع الإمام قوما - : من أهل الشرك.

ص: 77


1- عبارة الأم : «وقوله». وهى أحسن.
2- ذكر فى الأم إلى : (يفتنوك) ؛ ثم قال : «الآية».
3- فى الأم : «إن». وما فى الأصل أحسن.
4- زيادة جيدة ، عن الأم.
5- فى الأم : «وهذا».
6- عبارة الأم : «أتى حاكما».
7- كذا بالأم. وعبارة الأصل : «موادعين» ؛ وهى إما مصحفة ، أو ناقصة كلمة : «كانوا».
8- فى الأم : «وكان».
9- أي : الرجم. وقد صرح به فى الأم ، بعد صيغة الدعاء.
10- كذا بالأم. وفى الأصل : «فجاءه» ؛ وهو تحريف.
11- مختصرا ؛ فى الحدود ، والقضاء باليمين والشاهد ، واختلاف العراقيين (ج 6 ص 124 وج 7 ص 29 و 150) ولم يذكره فى كتاب الجزية : على ما نعتقد. وراجع هذا الحديث ، وحديثى البراء وأبى هريرة : فى السنن الكبرى (ص246 - 247). ثم راجع الكلام عليه : فى الفتح (ج 12 ص136 - 141 وج 13 ص 398) ، وشرح مسلم (ج 11 ص 208 - 211) : فهو مفيد فى كثير من المباحث.
12- كما فى الأم (ج 4 ص 129 - 130).
13- عبارة الأم : «وإذا». ولعل عبارة الأصل أظهر.

ولم يشترط : أن يجرى عليهم الحكم ؛ ثم جاءوه متحاكمين - : فهو بالخيار : بين أن يحكم بينهم ، أو يدع الحكم. فإن اختار أن يحكم بينهم : حكم بينهم حكمه بين المسلمين (1). فإن (2) امتنعوا - بعد رضاهم بحكمه - : حاربهم.»

«قال : و (3) ليس للإمام الخيار فى أحد - : [من (4)] المعاهدين : الذين يجرى عليهم الحكم. - : إذا جاءوه فى حدّ لله (عز وجل). وعليه : أن يقيمه.»

«قال (5) : وإذا (6) أبى (7) بعضهم على (8) بعض ، ما فيه [له (9)] حقّ عليه (10) ؛ فأتى (11) طالب الحقّ إلى الإمام ، يطلب حقّه - : فحقّ لازم للإمام (واللّه أعلم) : أن يحكم [له (12)] على من كان له عليه حقّ : منهم ؛

ص: 78


1- قال فى الأم - بعد ذلك - : «لقول اللّه : ( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) .». ثم فسر القسط بما تقدم (ص 73).
2- هذا إلى قوله : حاربهم ؛ قد ذكر فى الأم بعد قوله : يقيمه ؛ بقليل ؛ وقبل ما بعده. ولعل تأخيره أولى.
3- هذا إلى قوله : يقيمه ؛ ذكر فى المختصر (ص 204) ، والسنن الكبرى (ص 248).
4- الزيادة عن الأم والمختصر والسنن الكبرى.
5- بعد أن ذكر آية الجزية ، وفسر الصغار بما ذكره هنا فى آخر الكلام.
6- فى الأم : «فإذا». وهو أحسن.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «أتى» ؛ وهو تصحيف.
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «إلى» ؛ وهو تصحيف.
9- زيادة حسنة ، عن الأم.
10- فى الأم تقديم وتأخير.
11- كذا بالأم. وفى الأصل : «فأبى» ؛ وهو تصحيف.
12- زيادة حسنة ، عن الأم.

وإن لم يأته المطلوب : راضيا بحكمه ؛ وكذلك : إن أظهر السخط (1) لحكمه. لما (2) وصفت : من قول اللّه عز وجل : ( وَهُمْ صاغِرُونَ : 9 - 29 ) . فكان (3) الصّغار (واللّه أعلم) : أن يجرى عليهم حكم الإسلام.».

وبسط الكلام فى التّفريع (4) وكأنه وقف - حين صنّف كتاب الجزية - : أنّ اية الخيار وردت فى الموادعين ؛ فرجع عما قال - فى كتاب الحدود - فى المعاهدين : فأوجب الحكم بينهم بما أنزل اللّه (عز وجل). إذا ترافعوا إلينا (5)

ص: 79


1- فى الأم : «السخطة». وهو لم يرد إلا اسما لسيف الدين ابن فارس ؛ كما فى التاج ، فلعله مصحف عن «المسخطة» ؛ أو قياسى : للمرة.
2- هذا إلى قوله : (صاغرون) ؛ ذكر فى المختصر عقب قوله : يقيمه.
3- هذا إلخ ذكر فى السنن الكبرى. وراجع فيها حديث الحسن بن أبى الحسن ، وكلام البيهقي المتعلق به. وراجع كلام أبى جعفر فى الناسخ والمنسوخ (ص3. 130) : فهو فى غاية القوة والجودة.
4- راجع الأم (ص 130 - 133) ، والمختصر (ص 204 - 205).
5- قال المزني فى المختصر (ص 204) : «هذا أشبه من قوله فى الحدود : لا يحدون ، وأرفعهم إلى أهل دينهم.» ؛ وقال (ص 168) : «هذا أولى قوليه به : إذ زعم أن معنى قول اللّه تعالى : ( وَهُمْ صاغِرُونَ ) : أن تجرى عليهم أحكام الإسلام ؛ ما لم يكن أمر حكم الإسلام فيه : تركهم وإياه.».

«ما يؤثر عنه فى الصّيد والذّبائح» «وفى الطّعام والشّراب»

قرأت فى كتاب : (السّنن) - رواية حرملة بن يحيى ، عن الشافعي - : قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( يَسْئَلُونَكَ : ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ؟. قُلْ : أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ، وَما عَلَّمْتُمْ : مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ؛ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ ؛ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ : 5 - 4 ) (1)

«قال الشافعي : فكان معقولا عن اللّه (عز وجل) - : إذ أذن فى أكل ما أمسك الجوارح. - : أنهم إنما اتّخذوا الجوارح ، لما لم ينالوه إلا بالجوارح - : وإن لم ينزل ذلك نصّا من كتاب اللّه عز وجل. - : فقال اللّه عز وجل : ( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ : مِنَ الصَّيْدِ ، تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ : 5 - 94 ) (2) ؛ وقال تعالى : ( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ : وَأَنْتُمْ حُرُمٌ : 5 - 95 ) ؛ وقال تعالى : ( وَإِذا حَلَلْتُمْ : فَاصْطادُوا : 5 - 2 ) .»

«قال (3) : ولمّا ذكر اللّه (عز وجل) أمره : بالذّبح ؛ وقال : ( إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ) (4) : ( 5 - 3 ) - : كان معقولا عن اللّه (عز وجل) : أنه إنما أمر به : فيما يمكن فيه الذبح والذّكاة ؛ وإن لم يذكره.»

ص: 80


1- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 235) : سبب نزول هذه الآية ؛ وحديث عدى بن حاتم ، وأثرى ابن عباس وقتادة المتعلقة بها.
2- راجع فى السنن الكبرى (ج 5 ص 202 وج 9 ص 235) ، تفسير مجاهد لهذه الآية.
3- فى الأصل : «وقال». ولعل الواو زائدة من الناسخ.
4- قد ورد فى الأصل مصحفا : بالزاي. وكذلك فيما سيأتى. وانظر فى أواخر الكتاب ، ما نقله يونس عن الشافعي فى ذلك.

«فلمّا كان معقولا فى حكم اللّه (عز وجل) ، ما وصفت - : انبغى (1) لأهل العلم عندى ، أن يعلموا : أنّ ما حلّ - : من الحيوان. - : فذكاة (2) المقدور عليه [منه (3)] : مثل (4) الذّبح ، أو النّحر ؛ وذكاة غير المقدور عليه منه : ما يقتل (5) به : جارح ، أو سلاح.».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (6) : «الكلب المعلّم : الذي إذ أشلى : استشلى (7) ؛ وإذا أخذ : حبس ، ولم يأكل. فإذا فعل هذا مرّة بعد مرّة : كان معلّما ، يأكل صاحبه ممّا حبس عليه - : وإن قتل. - : ما لم يأكل (8).».

ص: 81


1- عبارة الأصل هكذا : «اسعى». والظاهر أنها مصحفة عما ذكرنا.
2- فى الأصل : «بزكاة». وهو خطأ وتصحيف.
3- زيادة حسنة.
4- لعله إنما عبر بذلك : لئلا تخرج ذكاة الجنين التي هى : ذكاة أمه.
5- فى الأصل : «ينل». وهو إما محرف عما ذكرنا ، أو عن : «ينال». وراجع فى هذا المقام : الأم (ج 2 ص197 - 203) ، والمختصر (ج 5 ص 207 - 210) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 245 - 249) ، والفتح (ج 9 ص 475 - 482) ، والمجموع (ج 9 ص 80 - 92).
6- كما فى الأم (ج 2 ص 191). وانظر المختصر (ج 5 ص 205).
7- ورد فى الأصل : بالألف ؛ وهو تصحيف. أي : إذا دعى أجاب. والإشلاء : يستعمل أيضا : فى الإغراء على الفريسة ؛ خلافا لابن السكيت. وحمله على المعنى الأول هنا وأولى وأحسن. وانظر المجموع (ج 9 ص97 - 98).
8- انظر ما ذكره بعد ذلك (ص 192) : من الحكم فيما إذا أكل. وراجع فى المقام كله : السنن الكبرى (ج 9 ص235 - 238 و 241 - 245) ، والفتح (ج 9 ص 482 - 483) ، والمجموع (ج 9 ص 98 - 108) ، وشرح العمدة (ج 4 ص 197 - 199).

قال الشافعي (1) : «وقد تسمّى جوارح : لأنها تجرح ؛ فيكون اسما : لازما. وأحلّ (2) ما أمسكن مطلقا (3).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «وإذا (5) كانت الضّحايا ، إنما هو (6) : دم يتقرّب به (7) ؛ فخير الدماء : أحبّ إلىّ. وقد زعم بعض المفسّرين : أنّ قول اللّه عز وجل : ( ذلِكَ ؛ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللّهِ ) (8) : (22 - 32) - : استسمان الهدى (9) واستحسانه (10). وسئل (11) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أىّ الرّقاب

ص: 82


1- كما فى الأم (ج 2 ص 201).
2- فى الأم : «وأكل».
3- لكى تفهم ذلك حق الفهم ، راجع كلامه السابق واللاحق (ص 201 - 202).
4- كما فى الأم (ج 2 ص 188 و 189). وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 9 ص 272) ، والمختصر (ج 5 ص 211).
5- فى الأم (ص 189) : بالفاء. وفى السنن الكبرى : «إذا».
6- كذا بالأصل والأم والسنن الكبرى. وكان المناسب تأنيث الضمير ؛ ولعله ذكره : مراعاة للخبر.
7- فى الأم زيادة : «إلى اللّه تعالى».
8- فى الأم (ص 188) زيادة : (فإنها من تقوى القلوب).
9- راجع كلام النووي فى المجموع (ج 8 ص 356) عن معنى الهدى ، والمراد منه.
10- أخرج هذا التفسير البخاري ، عن مجاهد ؛ وأخرجه ابن أبى شيبة والشيرازي ، عن ابن عباس. انظر الفتح (ج 3 ص 348) ، والمجموع (ج 8 ص 356 و 395).
11- السائل : أبوذر. راجع حديثه فى السنن الكبرى.

أفضل؟ فقال (1) : أغلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها.»

«قال : والعقل مضطرّ إلى أن يعلم : أنّ كلّ ما تقرّب به إلى اللّه (عز وجل) : إذا كان نفيسا ، فكلّما (2) عظمت رزيّته على المتقرّب به إلى اللّه (عز وجل) : كان أعظم لأجره (3)

«وقد قال اللّه (عز وجل) فى المتمتّع : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ : 2 - 196 ) ؛ وقال ابن عباس : فما (4) استيسر - : من الهدى. - : شاة (5). وأمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أصحابه - : الذين تمتّعوا بالعمرة إلى الحجّ. - : أن يذبحوا شاة شاة. وكان ذلك أقلّ ما يجزيهم. لأنه (6) إذا أجزاه (7) أدنى الدم : فأعلاه خير منه (8).».

* * *

ص: 83


1- فى الأم بدون الفاء. وما فى الأصل أحسن.
2- فى الأم بدون الفاء. وما فى الأصل أحسن.
3- ذكر إلى هنا ، فى الأم (ص 188). وقوله : والعقل ؛ إلى آخر الكلام ؛ ليس بالسنن الكبرى ، ولا بالمختصر.
4- فى الأم بدون الفاء. وما فى الأصل أحسن.
5- وقد وافق ابن عباس فى ذلك : على ، والجمهور. وخالفه ابن عمر وعائشة ، والقاسم بن محمد ، وطائفة. انظر السنن الكبرى (ج 5 ص 24 و 228) ، والفتح (ج 3 ص 346 - 347) ، وما تقدم (ج 1 ص 116)
6- هذا مرتبط بأصل الدعوى ؛ فتنبه.
7- ذكر فى الأم : مهموزا.
8- ثم شرع يستدل : على أن الضحايا ليست واجبة ؛ فراجع كلامه (ص 189 - 190). وراجع فى هذا الموضوع : السنن الكبرى (ج 9 ص262 - 266) ، والفتح (ج 10 ص 2 - 3 و 12 - 13) ، والمجموع (ج 8 ص 382 - 386).

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (1) : «أحلّ اللّه (جل ثناؤه) : طعام أهل الكتاب ؛ وكان (2) طعامهم - عند بعض من حفظت (3) عنه : من أهل التفسير. - : ذبائحهم ؛ وكانت الآثار تدلّ : على إحلال ذبائحهم.»

«فإن كانت ذبائحهم : يسمّونها لله (عز وجل) ؛ فهى : حلال. وإن كان لهم ذبح آخر : يسمّون عليه غير اسم اللّه (عز وجل) ؛ مثل : اسم المسيح (4) ؛ أو : يذبحونه (5) باسم دون اللّه - : لم يحلّ هذا : من ذبائحهم. [ولا أثبت : أنّ ذبائحهم هكذا (6).]»

«قال الشافعي (7) : قد يباح الشيء مطلقا : وإنّما يراد بعضه ، دون بعض. فإذا زعم زاعم : أنّ المسلم : إن نسى اسم اللّه : أكلت ذبيحته ؛ وإن تركه استخفافا : لم تؤكل ذبيحته - : وهو لا يدعه لشرك (8). - :

ص: 84


1- كما فى الأم (ج 2 ص 196).
2- هذا إلى قوله : إحلال ذبائحهم ؛ ذكره فى السنن الكبرى (ج 9 ص 282). وقد أخرج فيها التفسير الآتي ، عن ابن عباز. ومجاهد ، ومكحول. وانظر الفتح (ج 9 ص 504). وراجع المجموع (ج 9 ص 78 - 80) : فهو مفيد فيما سبق أيضا (ص 57 و 59)
3- فى السنن الكبرى : «حفظنا».
4- نقل فى الفتح (ج 9 ص 503) نحو هذا بزيادة : «وإن ذكر المسيح على معنى : الصلاة عليه ؛ لم يحرم». ثم نقل عن الحليمي - من طريق البيهقي - كلاما جيدا مرتبطا بهذا ؛ فراجعه.
5- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «أو يذبحون» ؛ ولعل الحذف من الناسخ.
6- زيادة مفيدة ، عن الأم.
7- مبينا : أن كون ذبائحهم صنفين ، لا يعارض إباحتها مطلقة. انظر الأم.
8- فى الأم : «للشرك».

كان من يدعه : على الشّرك ؛ أولى : أن يترك ذبيحته (1)

«قال الشافعي : وقد أحلّ اللّه (جل ثناؤه) لحوم البدن : مطلقة ؛ فقال تعالى : ( فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها ) (2) : ( فَكُلُوا مِنْها : 22 - 36 ) ؛ ووجدنا بعض المسلمين ، يذهب : إلى أن لا يؤكل من البدنة التي هى : نذر ، ولا : (3) جزاء صيد ، ولا : فدية. فلمّا احتملت هذه (4) الآية : ذهبنا إليه ، وتركنا الجملة لا : أنها بخلاف (5) القرآن ؛ ولكنها : محتملة ومعقول : أنّ من وجب عليه شىء فى ماله : لم يكن له أن يأخذ منه (6) شيئا. فهكذا : ذبائح أهل الكتاب - : بالدّلالة. - مشبهة لما (7) قلنا.».

ص: 85


1- لكى تلم بأطراف هذا البحث ، ومذاهبه ، وأدلته - راجع السنن الكبرى والجوهر النقي (ج 9 ص 238 - 241) ، والمجموع (ج 8 ص 408 - 412) ، والفتح (ج 9 ص 492 - 493 و 498 و 502 - 503) ، وشرح العمدة (ج 4 ص 195).
2- أي : سقطت إلى الأرض ؛ كما قال ابن عباس ومجاهد. انظر السنن الكبرى (ج 5 ص 237) ، والفتح (ج 3 ص 348).
3- أي : ولا من البدنة التي هى جزاء صيد. وكذا التقدير فيما بعد. ولو عبر فيهما : بأو ؛ لكان أظهر ، وراجع معنى البدنة : فى المجموع (ج 8 ص 470).
4- كذا بالأصل والأم. وعلى كونه صحيحا وغير محرف عن : «هذا» ؛ يكون المفعول محذوفا تقديره : هذا المعنى وهذا التقييد.
5- فى الأم : «خلاف».
6- أي : من الشيء الواجب كالزكاة. ثم علل ذلك فى الأم ، بقوله : «لأنا إذا جعلنا له : أن يأخذ منه شيئا ؛ فلم نجعل عليه الكل : إنما جعلنا عليه البعض الذي أعطى.».
7- فى الأصل : «بما» ؛ والباء إما أن تكون مصحفة عن اللام ، أو زائدة من الناسخ. ويؤكد ذلك عبارة الأم ، وهى : «على شبيه ما قلنا». أي : أنها أطلقت ، ثم قيدت.

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) : «واجب (2) من أهدى نافلة : أن يطعم البائس الفقير (3) ؛ لقول اللّه تعالى : ( فَكُلُوا مِنْها ، وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ : 22 - 28 ) ؛ ولقوله (4) عز وجل : ( فَكُلُوا مِنْها (5) ، وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ : 22 - 36 ) . والقانع (6) هو : السّائل ؛ والمعترّ هو (7) : الزّائر ، والمارّ بلا وقت.»

ص: 86


1- كما فى اختلاف الحديث (ص 248). وقد ذكر بهامش الرسالة (ص 240).
2- كذا بالأصل ؛ وهو صحيح قطعا. وفى اختلاف الحديث : «أحب لمن» ؛ فهل هو تحريف ، أم قول آخر للشافعى؟ : الذي نعرفه : أن الأصحاب قد اختلفوا فى نافلة الهدى والأضحية (كما فى المهذب) : على وجهين (ذكرهما صاحب المنهاج فى الأضحية خاصة). فذهب ابن سريج وابن القاص والإصطخرى وابن الوكيل : إلى أنه لا يجب التصدق بشىء ؛ بل : يجوز أكل الجميس. (ونقله ابن القاص عن نص الشافعي) : لأن المقصود : إراقة الدم. وذهب جمهور الأصحاب : الى أنه يجب التصدق بشىء ؛ فيحرم أكل الجميع : لأن المقصود : إرفاق المساكين. ولعل نقل ابن القاص : لم يثبت عند الجمهور ؛ أو ثبت : ولكنهم رجحوا القول الآخر ، من جهة الدليل. هذا ؛ وصنيع بعض الكاتبين - : كالجلال المحلى. - شعر : أنه لا خلاف فى وجوب التصدق بشىء : من الهدى. انظر المجموع (ج 8 ص 413 و 416) ؛ وشرح المنهاج للمحلى (ج 2 ص 146 وج 4 ص 254).
3- كذا باختلاف الحديث ؛ وهو المناسب. وفى الأصل : «والفقير» ؛ ولعل الزيادة من الناسخ.
4- فى اختلاف الحديث : «وقوله».
5- هذه الجملة ليست فى اختلاف الحديث.
6- فى اختلاف الحديث : «القانع». وهذا التفسير ، وما سيأتي عن مختصر البويطى - ذكر فى السنن الكبرى (ج 9 ص 293).
7- هذا ليس فى اختلاف الحديث.

«فإذا أطعم : من هؤلاء ، واحدا (1) - : كان من المطعمين. وأحبّ (2) إلىّ ما أكثر : أن (3) يطعم ثلثا ، وأن (4) يهدى ثلثا ، ويدّخر ثلثا : يهبط (5) به حيث شاء (6)

«قال : والضّحايا : فى هذه السّبيل (7) ؛ واللّه أعلم.».

وقال في كتاب البويطىّ : «والقانع : الفقير ؛ والمعترّ : الزائر وقد قيل : الذي يتعرّض للعطيّة : منهما (8).».

ص: 87


1- فى الأصل : «واحد» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح من عبارة اختلاف الحديث ، وهى : «واحدا أو أكثر ، فهو».
2- فى اختلاف الحديث : «فأحب». وما فى الأصل أحسن.
3- كذا باختلاف الحديث ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «وأن» ؛ والزيادة من الناسخ.
4- فى اختلاف الحديث : «ويهدى» ؛ وهو أحسن.
5- فى اختلاف الحديث : «ويهبط». وما فى الأصل أحسن.
6- هذا : مذهبه الجديد ؛ ودليله : ظاهر الآية الثانية. والمذهب القديم : أن يتصدق بالنصف ، ويأكل النصف. ودليله : ظاهر الآية الأولى. انظر المجموع (ج 8 ص 413 و 415).
7- فى الأصل : «السبل» ؛ وهو تحريف. والتصحيح من عبارة اختلاف الحديث ، وهى : «من هذه السبيل». ولكى تفهم أصل الكلام ، وتتم الفائدة - يحسن : أن تراجع الكلام عن ادخار لحم الأضحية ؛ فى اختلاف الحديث (ص136 - 137 و 246 - 247) ، والرسالة وهامشها (ص 235 - 242) ، والسنن الكبرى (ج 5 ص 240 وج 9 ص 290 - 293) ، والفتح (ج 10 ص 18 - 22) ، والمجموع (ج 8 ص 418) ، وشرح مسلم (ج 13 ص 128 - 134) ، وشرح الموطأ (ج 3 ص 75 - 76).
8- فى السنن الكبرى : «منها» ؛ وهو تحريف. وفى بعض نسخها : «يتعرض العطية». ولبعض أئمة الفقه واللغة - : كابن عباظ. وعطاء ، والحسن ، ومجاهد ، وابن جبير. والنخعي ؛ والخليل. - أقوال فى ذلك كثيرة مختلفة ؛ بيد أنها متفقة فى التفرقة بينهما. فراجعها : فى السنن الكبرى (ص293 - 294) ، والفتح (ج 3 ص 348) ، والمجموع (ص 413).

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (1) : «وأهل (2) التفسير ، أو من سمعت [منه (3)] : منهم ؛ يقول فى قول اللّه عز وجل : ( قُلْ : لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ ، مُحَرَّماً : 6 - 145 ) . - : يعنى : ممّا كنتم تأكلون (4). فإنّ العرب : قد (5) كانت تحرّم أشياء :

ص: 88


1- كما فى الأم (ج 2 ص 207) : دافعا الاعتراض بالآية الآتية ؛ بعد أن ذكر : أن أصل ما يحل أكله - : من البهائم والدواب والطير - شيئان ؛ ثم يتفرقان : فيكون منها شىء محرم نصا فى السنة ، وشىء محرم فى جملة الكتاب : خارج من الطيبات ومن بهيمة الأنعام. واستدل على ذلك : بآية : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ :5 - 1 ) ؛ وآية : ( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ : 5 - 4 و 5 ) . وقد ذكر بعض ما سيأتى - باختلاف وزيادة - : فى الأم (ج 2 ص 217) ، والمختصر (ج 5 ص 214) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 314). وراجع فى الأم (ج 4 ص75 - 76) ما روى عن ابن عباس وعائشة وعبيد بن عمير - : مما يتعلق بهذا المقام. - وما عقب به الشافعي عليه. وانظر حديث جابر بن زيد ، والكلام عليه : فى السنن الكبرى (ج 9 ص 330) ، والفتح (ج 9 ص 518) ، والمجموع (ج 9 ص 7)
2- فى الأم : بالفاء. وعبارتها (ص 217) هى والسنن الكبرى والمختصر : «وسمعت بعض أهل العلم (أو أهل العلم) يقولون - ... محرما على طاعم بطعمه». زاد فى الأم والمختصر لفظ : «الآية».
3- زيادة حسنة عن الأم.
4- فى السنن الكبرى زيادة : «(إلا أن يكون ميتة) وما ذكر بعدها. قال الشافعي : وهذا أولى معانيه ؛ استدلالا بالسنة.». وهذا القول من كلامه الجيد عن هذه الآية ، فى الرسالة. وقد اشتمل على مزيد من التوضيح والفائدة. فراجعه (ص206 - 208 و 231). وراجع فيها وفى السنن الكبرى ، والأم (ج 2 ص 219) ، والفتح (ج 9 ص 519) - ما استدل به : من حديثى أبى ثعلبة وأبى هريرة. ويحسن. أن تراجع كلامه فى اختلاف الحديث (ص5. 47 و 49).
5- هذا ليس بالأم.

على أنها من الخبائث ؛ وتحلّ أشياء : على أنها من الطّيّبات. فأحلّت لهم الطيبات عندهم - إلا : ما استثنى منها. - وحرّمت عليهم الخبائث عندهم. قال اللّه تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ ، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ : 7 - 157 ) (1).». وبسط الكلام فيه (2).

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (3) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ؛ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ : ما دُمْتُمْ حُرُماً : 5 - 96 ) .»

«فكان شيئان حلالان (4) ؛ فأثبت تحليل أحدهما - وهو : صيد البحر وطعامه : مالحه (5) وكلّ ما قذفه : [وهو] حىّ (6) ؛ متاعا لهم : يستمتعون

ص: 89


1- قال - كما فى المختصر - : «وإنما خوطب بذلك العرب : الذين يسألون عن هذا ، ونزلت فيهم الأحكام ؛ وكانوا يتركون - : من خبيث المآكل. - ما لا يترك غيرهم.». وقد ذكر نحوه فى الأم (ص 217) ، والسنن الكبرى.
2- فراجعه (ص 207 - 209).
3- كما فى الأم (ج 2 ص 218) : مبينا : أن هناك أشياء محرمة - : كالدود والغراب والفأر. - : وإن لم ينص على تحريمها بخصوصها.
4- أي : عند العرب. وفى الأم : «حلالين». وما فى الأصل أحسن فتأمل.
5- هذا بدل وتفسير للطعام. وعبارة الأم : فيها زيادة قبل ذلك ، وهى : «وطعامه مالحه وكل ما فيه متاع». ولعلها محرفة كما سنبين. وفى بعض نسخ الأم : «وطعامه يأكله» إلخ. وهو تحريف. وقد فسر عمر طعام البحر : بما رمى به. وفسره ابن عباس : بنحو ذلك وبالميتة. راجع ذلك ، وما يتعلق به : فى السنن الكبرى (ج 5 ص 208 وح 9 ص 251 - 256) ، والفتح (ج 9 ص 485 - 490) ، والمجموع (ج 9 ص 30 - 35).
6- فى الأصل : «فيه» ؛ والتصحيح والزيادة من عبارة ابن قتيبة التي فى القرطين (ج 1 ص 145). ومراد الشافعي : بيان معنى الآية من حيث هى. واباحته أكل ميتة البحر ، ثبتت عنده : بالسنة التي خصصت مفهوم الآية ، ومنطوق غيرها.

بأكله. - وحرّم صيد البرّ - : أن يستمتعوا بأكله. - : فى كتابه ، وسنة نبيّه صلى اللّه عليه وسلم.» يعنى (1) : فى حال الإحرام».

«قال : وهو (جل ثناؤه) لا يحرّم عليهم - : من صيد البرّ فى الإحرام. - إلا : ما كان حلالا لهم قبل الإحرام ؛ واللّه أعلم. (2)».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (3) : «قال اللّه جل ثناؤه [فيما حرّم ، ولم يحلّ بالذكاة (4)] : ( وَما لَكُمْ : أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ ؛ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ، إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ؟! : 6 - 119 ) ؛ وقال تعالى : ( إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ) الآية (5)! (2 - 173 و 16 - 115) ؛ وقال فى ذكر ما حرّم : ( فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ ) (6) : ( غَيْرَ مُتَجانِفٍ ) (7) ( لِإِثْمٍ ؛ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ : 5 - 3 ) .»

ص: 90


1- هذا من كلام البيهقي.
2- ثم استدل على ذلك : بأمر النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : بقتل الغراب وما إليه. فراجعه ؛ وراجع المختصر (ج 5 ص 215) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص315 - 318) ، والفتح (ج 4 ص 24 - 28) ، وما تقدم (ج 1 ص 125 - 127) ، والمجموع (ج 9 ص 16 - 23).
3- كما فى الأم (ج 2 ص 225).
4- زيادة حسنة ، عن الأم.
5- فى الأم : «إلى قوله : (غفور رحيم).». وراجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص355 - 356) : أثر مجاهد فى ذلك ؛ فهو مفيد فيما سيأتى آخر البحث. وانظر الفتح (ج 9 ص 533)
6- أي : مجاعة. كما قال ابن عباس وأبو عبيدة. انظر الفتح (ج 8 ص 186 و 187).
7- أي : مائل.

«قال الشافعي : فيحلّ ما حرّم : من (1) الميتة والدّم ولحم الخنزير ؛ وكلّ ما حرّم - : مما لا (2) يغيّر العقل : من الخمر. - : للمضطرّ.»

«والمضطرّ : الرجل (3) يكون بالموضع : لا طعام معه (4) فيه ، ولا شىء يسدّ فورة جوعه - : من لبن ، وما أشبههه. - ويبلّغه (5) الجوع : ما يخاف منه الموت ، أو المرض : وإن لم يخف الموت ؛ أو يضعفه ، أو يضرّه (6) ؛ أو يعتلّ (7) ؛ أو يكون ماشيا : فيضعف عن بلوغ حيث يريد ؛ أو راكبا : فيضعف عن ركوب دابّته ؛ أو ما فى هذا المعنى : من الضّرر (8) البيّن.»

«فأىّ هذا ناله : فله أن يأكل من المحرّم ؛ وكذلك : يشرب من المحرّم : غير المسكر ؛ مثل : الماء : [تقع (9)] فيه الميتة ؛ وما أشبههه (10)

ص: 91


1- عبارة الأم : «من ميتة ودم ولحم خنزير». وراجع المجموع (ج 9 ص39 - 42).
2- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «لم» ، ولعله مصحف.
3- كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «يكون الرجل» ؛ ولعله من عبث الناسخ.
4- فى الأم تأخير وتقديم.
5- كذا بالأم ؛ وهو المناسب. وعبارة الأصل : «وبلغه» ؛ والظاهر : أنها محرفة عما ذكرنا ، أو سقط منها كلمة : «قد».
6- فى الأم : «ويضره». وما فى الأصل أحسن.
7- كذا بالأم. وعبارة الأصل : «أو يعتمد أن يكون». وهى مصحفة.
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «الضرب» ؛ وهو تصحيف.
9- زيادة جيدة ، عن الأم.
10- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 357 - 358) : ما روى فى ذلك ، عن مسروق وقتادة ومعمر. لفائدته.

«وأحبّ (1) : أن يكون آكله : إن أكل ؛ وشاربه : إن شرب ؛ أو جمعهما - : فعلى ما يقطع عنه الخوف ، ويبلغ [به (2)] بعض القوّة. ولا يبين : أن يحرم عليه : أن يشبع ويروى ؛ وإن أجزأه دونه - : لأنّ التحريم قد زال عنه بالضّرورة. وإذا بلغ الشّبع والرّىّ : فليس له مجاوزته ؛ لأنّ مجاوزته - : حينئذ. - إلى الضّرر ، أقرب منها إلى النّفع (3).».

قال الشافعي (4) : «فمن (5) خرج سفرا (6) : عاصيا لله (7) ؛ لم يحلّ له شىء - : مما حرّم (8) عليه. - بحال (9) : لأنّ اللّه (جل ثناؤه) إنّما (10) أحلّ ما حرّم ، بالضّرورة - على شرط : أن يكون المضطرّ : غير باغ ، ولا عاد ، ولا متجانف لإثم.»

«ولو خرج : عاصيا ؛ ثم تاب ، فأصابته الضّرورة بعد التّوبة - : رجوت : أن يسعه (11) أكل المحرّم وشربه.»

ص: 92


1- فى الأصل : «واجب» ؛ وهو خطأ وتصحيف. والتصحيح من عبارة الأم : «وأحب إلى».
2- زيادة جيدة عن الأم
3- راجع ما ذكره بعد ذلك ؛ والمختصر (ج 5 ص 216 - 217) : فهو جليل الفائدة ، وراجع المجموع (ج 9 ص 42 - 43 و 52 - 53).
4- كما فى الأم (ج 2 ص 226).
5- فى الأم : «ومن».
6- هذا ليس بالأم.
7- فى الأم زيادة : «اللّه عز وجل».
8- هذا : مذهب الجمهور. وجوز بعضهم : التناول مطلقا. انظر الفتح (ج 9 ص 533).
9- كذا بالأم ؛ وهو الصواب ، وفى الأصل : «لما» ؛ وهو تحريف.
10- كذا بالأم ؛ وهو الصواب ، وفى الأصل : «لما» ؛ وهو تحريف.
11- كذا بالأم. وفى الأصل : «أن ليسعه» ؛ وزيادة اللام من الناسخ.

«ولو خرج : غير عاص ؛ ثم نوى المعصية ؛ ثم أصابته ضرورة - : ونيّته المعصية. - : خشيت أن لا يسعه المحرّم ؛ لأنى أنظر إلى نيّته : فى حال الضّرورة ؛ لا : فى حال تقدّمتها ، ولا تأخّرت عنها.».

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (1) (رحمه اللّه) : «والحجة : فى أنّ (2) ما كان مباح الأصل ، يحرم : بمالكه ؛ حتى يأذن فيه مالكه. (يعنى (3) : وهو غير محجور عليه.) : أنّ (4) اللّه (جل ثناؤه) قال : ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ : بِالْباطِلِ ؛ إِلَّا : أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ : 4 - 29 ) ؛ وقال : ( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) (5) : ( 4 - 2 ) ؛ وقال : ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ ، نِحْلَةً ) الآية : (4 - 4). مع آي كثيرة (6) - فى كتاب اللّه عز وجل - : قد حظر فيها أموال الناس ، إلا : بطيب أنفسهم ؛ إلا : بما فرض (7) اللّه : فى كتابه ، ثم سنة نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ وجاءت به حجّة (8).».

ص: 93


1- كما فى الأم (ج 2 ص 214). والكلام فيها ورد على شكل سؤال وجواب.
2- فى الأم زيادة : «كل».
3- هذا من كلام البيهقي.
4- كذا بالأم ؛ وهو خبر المبتدإ. وفى الأصل : «لأن» ؛ وهو خطأ وتحريف.
5- فى الأم زيادة : «الآية».
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «كثير» ؛ وهو تحريف.
7- عبارة الأم : «فرض فى كتاب اللّه» إلخ. وهى أنسب.
8- أي : غير نص ؛ كالإجماع والقياس. وراجع ما ذكره بعد ذلك (ص215 - 216) : من السنة وغيرها ؛ فهو مفيد هنا وفى بعض مسائل الصداق والإرث. وراجع كذلك : السنن الكبرى (ج 6 ص91 - 97) ؛ وانظر ما تقدم (ج 1 ص 216).

قال (1) : «ولو اضطرّ رجل ، فخاف الموت ؛ ثم مرّ بطعام لرجل - : لم أر بأسا : أن يأكل منه ما يردّ من جوعه ؛ ويغرم له ثمنه.». وبسط الكلام فى شرحه (2).

قال (3) : «وقد قيل : إنّ من الضّرورة (4) : أن يمرض الرجل ، المرض : يقول له أهل العلم به - أو يكون هو من أهل العلم به - : فلما يبرأ من (5) كان به مثل هذا ، إلّا : أن يأكل كذا ، أو يشربه (6). أو : يقال [له (7)] : إنّ أعجل ما يبريك (8) : أكل كذا ، أو شرب كذا. فيكون له أكل ذلك وشربه : ما لم يكن خمرا - : إذا بلغ ذلك منها (9) : أسكرته. - أو شيئا : يذهب العقل : من المحرّمات أو غيرها ؛ فإنّ إذهاب العقل محرّم.».

ص: 94


1- كما فى الأم (ج 2 ص 216).
2- حيث قال : «ولم أر للرجل : أن يمنعه - فى تلك الحال - فضلا : من طعام عنده. وخفت : أن يضيق ذلك عليه ، ويكون : أعان على قتله ، إذا خاف عليه : بالمنز. القتل.». وقد ذكر نحوه فى المختصر (ج 5 ص 217). وراجع المجموع (ج 9 ص 43 و45 - 47).
3- كما فى الأم (ج 2 ص 226).
4- فى الأم زيادة : «وجها ثانيا». فراجع كلامه قبل ذلك ؛ وقد تقدم بعضه (ص90 - 93).
5- كذا بالأم. وعبارة الأصل : «قل من برى من» ؛ وهى إما محرفة عما ذكرنا ، أو عن : «قل من يبرى ممن».
6- فى الأم : «أو يشرب كذا».
7- زيادة حسنة ، عن الأم.
8- ذكر فى الأم مهموزا ؛ وهو المشهور.
9- كذا بالأم. أي : إذا تناوله منها. وفى الأصل : «ما». وهو إما محرف عما أثبتا ؛ أو يكون أصل العبارة : «ما يسكر». فتأمل. وراجع المجموع (ج 9 ص50 - 53).

وذكر حديث العرنيّين (1) : فى بول الإبل وألبانها ، وإذن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : فى شربها ، لإصلاحه لأبدانهم (2)

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (3) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ ، إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ ) (4) الآية : (3 - 93) ؛ وقال : ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا ، حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ : 4 - 160 ) ؛ (5) يعنى (واللّه أعلم) : طيّبات : كانت أحلّت لهم. وقال تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا ، حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ؛ وَمِنَ (6) الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ، حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما ؛ إِلَّا : ما حَمَلَتْ

ص: 95


1- نسبة إلى : «عرينة». انظر الكلام عنها فى المصباح (مادة : عرن). وما تقدم بالهامش (ج 1 ص 154).
2- راجع هذا الحديث ، والكلام عنه - : فى الأم ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 282 وج 10 ص 4) ، والفتح (ج 1 ص 233 - 237 وج 7 ص 321 - 322 وج 8 ص 190 وج 12 ص 90 - 91) ، وشرح مسلم (ج 11 ص 154) ، وشرح العمدة (ج 11 ص 154). فهو مفيد فى مباحث كثيرة ، وفى قتال البغاة وقطاع الطريق خاصة.
3- كما فى الأم (ج 2 ص 209 - 211). وقد ذكر أكثره : فى السنن الكبرى (ج 10 ص8 - 9) ؛ متفرقا. وقد نقله عنها فى المجموع (ج 9 ص70 - 71) بتصرف.
4- راجع فى السنن الكبرى ، ما روى عن ابن عباس : فى سبب نزول ذلك. وراجع أسباب النزول للواحدى (ص 84).
5- عبارة السنن الكبرى : «وهن يعنى» إلخ.
6- فى الأم : «إلى : (وإنا لصادقون).». وذكر فى السنن الكبرى إلى : (بعظم). وراجع فيها : أثر ابن عباض. وحديث عمر : فى ذلك.

ظُهُورُهُما ، أَوِ الْحَوايا ، أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ؛ ذلِكَ : جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ؛ وَإِنَّا لَصادِقُونَ : 6 - 146 ) .

قال الشافعي (رحمه اللّه) : الحوايا : ما حوى (1) الطعام والشراب ، فى البطن».

«فلم يزل ما حرّم اللّه (عز وجل) على بنى إسرائيل - : اليهود خاصّة ، وغيرهم عامّة. - محرّما : من حين حرّمه ، حتى بعث اللّه (تبارك وتعالى) محمدا (صلى اللّه عليه وسلم) : ففرض الإيمان به ، وأمر (2) : باتّباع نبىّ (3) اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وطاعة أمره : وأعلم خلقه : أنّ (4) طاعته : طاعته ؛ وأنّ دينه : الإسلام الذي نسخ به كلّ دين كان قبله ؛ وجعل (5) من أدركه وعلم دينه - : فلم يتّبعه. - : كافرا به. فقال : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ : الْإِسْلامُ : 3 - 19 ) (6)

«وأنزل (7) فى أهل الكتاب - : من المشركين. - : ( قُلْ : يا أَهْلَ

ص: 96


1- كذا بالأم والسنن الكبرى. أي : من الأمعاء. وفى الأصل والمجموع : «حول» ؛ وهو تصحيف على ما يظهر. والحوايا جمع : «حوية». وراجع في الفتح (ج 8 ص 205) تفسير ابن عباس لذلك ؛ وغيره : مما يتعلق بالمقام.
2- هذا إلى : أمره ؛ ليس بالسنن الكبرى.
3- فى الأم : «رسوله».
4- عبارة السنن الكبرى هى : «أن دينه : الإسلام الذي نسخ به كل دين قبله ؛ فقال» إلخ.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «وجمل» ؛ وهو تصحيف.
6- فى الأم زيادة : «فكان هذا فى القرآن».
7- فى الأم زيادة : «عز وجل».

الْكِتابِ ، تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ : أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللّهَ ، وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ) الآية ، إلى : ( مُسْلِمُونَ : 3 - 64 ) ؛ وأمر (1) : بقتالهم حتى يعطوا الجزية (2) : إن لم يسلموا ؛ وأنزل فيهم : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ : الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ : فِي التَّوْراةِ ، وَالْإِنْجِيلِ ) الآية (3) : (7 - 157). فقيل (واللّه أعلم) : أوزارهم (4) ، وما منعوا - : بما أحدثوا. - قبل ما شرع : من دين محمد صلى اللّه عليه وسلم (5)

«فلم يبق خلق يعقل - : منذ بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم. - : كتابيّ (6) ، ولا وثنىّ ، ولا حىّ بروح (7) - : من جنّ ، ولا إنس. - : بلغته دعوة محمد (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ إلّا قامت عليه حجّة اللّه : باتّباع دينه ؛ وكان (8) مؤمنا : باتّباعه ؛ وكافرا : بترك اتّباعه.»

ص: 97


1- فى الأم : «وأمرنا».
2- فى الأم زيادة : «عن يد وهم صاغرون» ؛ وهو اقتباس من آية التوبة : (29).
3- فى الأم والسنن الكبرى : «إلى قوله : ( وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ) .».
4- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «أو زادهم» ؛ وهو تصحيف.
5- راجع فى السنن الكبرى ، أثر ابن عباس : فى ذلك.
6- عبارة السنن الكبرى : «من جن ولا إنس بلغته دعوته».
7- فى الأم : «ذو روح».
8- عبارة السنن الكبرى : «ولزم كل امرئ منهم تحريم» إلخ.

«ولزم كلّ امرئ منهم - : آمن به ، أو كفر. - تحريم (1) ما حرّم اللّه (عز وجل) على لسان نبيّه صلى اللّه عليه وسلم - : كان (2) مباحا قبله فى شيء : من الملل ؛ أو (3) غير مباح. - وإحلال ما أحلّ على لسان محمد (صلى اللّه عليه وسلم) : كان (4) حراما فى شىء : من الملل ؛ [أو غير حرام (5)

«وأحلّ اللّه (عز وجل) : طعام أهل الكتاب ؛ وقد (6) وصف ذبائحهم ، ولم يستثن منها شيئا.»

«فلا يجوز أن تحرم (7) ذبيحة كتابىّ ؛ وفى الذّبيحة حرام - على (8) كلّ مسلم - : مما (9) كان حرم على أهل الكتاب ، قبل محمد

ص: 98


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «يحرم» ؛ وهو تحريف.
2- هذا إلى قوله : «مباح» ؛ ليس بالسنن الكبرى.
3- هذا إلى قوله : الملل ؛ غير موجود بالأم. ونرجح أنه سقط من الناسخ أو الطابع.
4- هذا إلى قوله : الملل ؛ ليس بالسنن الكبرى. وراجع فيها : حديثى جابر ومعقل ابن يسار.
5- هذه زيادة حسنة ملائمة للكلام السابق ؛ فرأينا إثباتها : وان كانت غير موجودة بالأم ولا غيرها.
6- عبارة السنن الكبرى : «فكان ذلك - عند أهل التفسير - : ذبائحهم ، لم يستثن» إلخ.
7- كذا بالأم ؛ بزيادة : «منها». وهو صحيح ظاهر فى التفريط. وملائم لما بعده. وعبارة الأصل والسنن الكبرى : «فلا يجوز أن تحل». والظاهر : أنها محرفة. وقد يقال : «إن مراده - فى هذه الرواية - أن يقول : إذا حدثت ذبيحة كتابى قبل الإسلام ، وادخر منها شىء محرم ، وبقي إلى ما بعد الإسلام - : فلا يجوز للمسلم أن يتناوله ؛ لأن الذبح حدث : والحرمة لم تنسخ بعد.». وهو بعيد ، ويحتاج الى بحث وتثبت من صحته.
8- هذا متعلق بقوله : تحرم. ولو قدم على ما قبله : لكان أحسن وأظهر.
9- كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وهو بيان لقوله : حرام. وفى الأصل : بما» ؛ وهو خطأ وتصحيف

(صلى اللّه عليه وسلم). ولا (1) يجوز : أن يبقى شىء (2) : من شحم البقر والغنم. وكذلك : لو ذبحها كتابىّ لنفسه ، وأباحها لمسلم (3) - : لم يحرم على مسلم : من شحم بقر ولا غنم منها ، شىء (4)».

«ولا يجوز : أن يكون شىء حلالا - : من جهة الذّكاة (5). - لأحد ، حراما على غيره. لأنّ اللّه (عز وجل) أباح ما ذكر : عامّة (6) لا : خاصّة.»

«و (7) هل يحرم على أهل الكتاب ، ما حرم عليهم [قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم (8)] - : من هذه الشّحوم وغيرها. - : إذا لم يتّبعوا محمدا صلى اللّه عليه وسلم.؟»

«قال الشافعي : قد (9) قيل : ذلك كلّه محرّم عليهم ، حتى يؤمنوا.»

ص: 99


1- هذا إلى آخر الكلام ، ليس بالسنن الكبرى.
2- أي : على الحرمة. وقوله : شىء ؛ ليس بالأم.
3- أي : أعطاه إياها ، أو لم يمنعه من الانتفاع بها.
4- هذا : مذهب الجمهور ؛ وروى عن مالك وأحمد : التحريم. راجع في الفتح (ج 9 ص 503) : دليل عبد الرحمن بن القاسم على ذلك ، والرد عليه. وراجع فى السنن الكبرى : حديث عبد اللّه بن المغفل الذي يدل على الإباحة.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «الزكاة لآخر» ؛ وهو تصحيف.
6- أي : إباحة عامة ، لا إباحة خاصة. وفى الأم : «عاما لا خاصا» ؛ وهو حال من «ما».
7- عبارة الأم : «فإن قال قائل : هل».
8- زيادة جيدة ، عن الأم.
9- فى الأم : «فقد».

«ولا ينبغى (1) : أن يكون محرّما عليهم : وقد نسخ ما خالف دين محمد (صلى اللّه عليه وسلم) : بدينه. كما لا يجوز - : إذا (2) كانت الخمر حلالا لهم. - إلا : أن تكون محرّمة عليهم - : إذ حرّمت على لسان بيّنا (3) محمد صلى اللّه عليه وسلم. - : وإن لم يدخلوا فى دينه.».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «حرّم المشركون على أنفسهم - : من أموالهم - أشياء : أبان اللّه (عز وجل) : أنها ليست حراما بتحريمهم (5) - وذلك مثل : البحيرة ، والسّائبة ، والوصيلة ، والحام. كانوا : يتركونها (6) فى الإبل والغنم : كالعتق ؛ فيحرّمون : ألبانها ، ولحومها ، وملكها. وقد فسّرته فى غير هذا الموضع (7). - : فقال اللّه جل ثناؤه : ( ما جَعَلَ اللّهُ : مِنْ

ص: 100


1- كذا بالأم. وفى الأصل كلمة غير واضحة ، وهى : «نبين». وهى محرفة عما ذكرنا ، أو عن : «يبين» أو «يتبين».
2- فى الأم : «إن» ؛ وهو أحسن.
3- هذا ليس بالأم.
4- كما فى الأم (ج 2 ص 211). وقد ذكر في السنن الكبرى (ج 10 ص 9) إلى قوله : وملكها. وانظر المجموع (ج 9 ص 71).
5- فى الأم زيادة : «وقد ذكرت بعض ما ذكر اللّه تعالى منها».
6- فى بعض نسخ السنن الكبرى : «ينزلونها» ؛ وهو صحيح المعنى أيضا.
7- انظر ما تقدم (ج 1 ص 142 - 145). وراجع فى السنن الكبرى (ص9 - 10) : حديث ابن المسيب ، وكلامه فى تفسير ذلك ؛ وحديث الجشمي ، وأثر ابن عباس المتعلق بذلك وبآية : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ : مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ ؛ نَصِيباً : 6 - 136 ) . ثم راجع الكلام عن حديث سعيد : فى الفتح (ج 6 ص353 - 354 وج 8 ص 196 - 198) ؛ فهو جليل الفائدة.

بَحِيرَةٍ ، وَلا سائِبَةٍ ، وَلا وَصِيلَةٍ ، وَلا حامٍ : 5 - 103 ) ؛ وقال تعالى : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ : سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ؛ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللّهُ : افْتِراءً عَلَى اللّهِ ؛ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ : 6 - 140 ) ؛ وقال عز وجل - : وهو يذكر ما حرّموا - : ( وَقالُوا : هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ : حِجْرٌ (1) ، لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ ؛ بِزَعْمِهِمْ ؛ وَأَنْعامٌ ) (2) : ( حُرِّمَتْ ظُهُورُها ؛ وَأَنْعامٌ : لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ ، عَلَيْهَا : افْتِراءً عَلَيْهِ ؛ سَيَجْزِيهِمْ : بِما كانُوا يَفْتَرُونَ * وَقالُوا : ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ : خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ، وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا ؛ وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً : فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ ؛ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ؛ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ : 6 - 138 - 139 ) ؛ وقال : ( ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ : مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ) ؛ إلى (3) قوله : ( إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ؛ والآية (4) بعدها : (6 - 143 - 145). [فأعلمهم جل ثناؤه (5)] : أنه لا يحرّم عليهم : بما (6) حرّموا.»

ص: 101


1- أي : حرام ؛ كما قال البخاري وأبو عبيدة. انظر الفتح (ج 6 ص 238 وج 8 ص 206).
2- فى الأم : «الى قوله : (حكيم عليم).» ؛ وهو تحريف. والصواب : «إلى قوله : (يفترون).». لأنه ذكر فيها الآية التالية ، إلى قوله : (أزواجنا) ؛ ثم قال : «الآية».
3- فى الأم : «الآية والآيتين بعدها».
4- فى الأصل : «والآيتين» ، وهو تحريف : لأن آية : ( وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا ) ؛ لا دخل لها فى هذا البحث بخصوصه ، وقد تقدم الكلام عنها. ويؤكد ذلك عبارة الأم السالفة.
5- الزيادة عن الأم.
6- أي : بسبب تحريمهم ، والمفعول محذوف. وعبارة الأم : «ما حرموا». والمآل واحد.

«قال : ويقال (1) : نزل (2) فيهم : ( قُلْ : هَلُمَ ) (3) ( شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ : أَنَّ اللّهَ حَرَّمَ هذا ؛ فَإِنْ شَهِدُوا : فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ : 6 - 150 ) . فردّ إليهم (4) ما أخرجوا - : من البحيرة ، والسّائبة ، والوصيلة ، والحام - وأعلمهم : أنه لم يحرّم عليهم ما حرّموا : بتحريمهم.»

«وقال تعالى : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ، إِلَّا : ما يُتْلى عَلَيْكُمْ : 5 - 1 ) ؛ [يعنى (5)] (واللّه أعلم) : من الميتة.»

«ويقال : أنزلت (6) فى ذلك : ( قُلْ : لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ ، مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ ، إِلَّا : أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ، أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ، أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ - : فَإِنَّهُ رِجْسٌ. - أَوْ فِسْقاً : أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ : 6 - 145 ) .»

«وهذا يشبه ما قيل ؛ يعنى : قل : لا أجد فيما أوحي إلى - : من بهيمة الأنعام. - محرّما (7) ، إلّا : ميتة ، أو دما مسفوحا منها (8) : وهى

ص: 102


1- هذا الى قوله : بتحريمهم ؛ ذكر فى السنن الكبرى (ص 10).
2- فى الأم : «نزلت».
3- قال البخاري : «لغة أهل الحجاز : (هلم) : للواحد والاثنين والجمع.» ؛ وذكر نحوه أبو عبيدة ، بزيادة : «والذكر والأنثى سواء». وأهل نجد فرقوا : بما يحسن مراجعته في الفتح (ج 8 ص 206). وانظر القرطين (ج 1 ص 174).
4- عبارة السنن الكبرى : «فرد عليهم ما أخرجوا ، وأعلمهم» إلخ ، ثم قال البيهقي : «وذكر سائر الآيات التي وردت فى ذلك».
5- زيادة حسنة ، عن الأم.
6- فى الأم : «أنزل».
7- عبارة الأم : «محرما ، أي : من بهيمة الأنعام.».
8- أي : من بهيمة الأنعام.

حيّة ؛ أو (1) ذبيحة [كافر (2)] ؛ وذكر تحريم الخنزير معها (3) وقد قيل : مما (4) كنتم تأكلون ؛ إلا كذا.»

«وقال تعالى : ( فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ : حَلالاً طَيِّباً ؛ وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ : إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ : الْمَيْتَةَ ، وَالدَّمَ ، وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ : 16 - 115 ) . وهذه الآية : فى مثل معنى الآية قبلها (5)».

* * *

قال الشافعي - فى رواية حرملة عنه - : «قال اللّه عز وجل : ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ، حِلٌّ لَكُمْ : 5 - 5 ) . فاحتمل ذلك : الذبائح ، وما سواها : من طعامهم الذي لم نعتقده (6) : محرّما علينا. فآنيتهم أولى : أن لا يكون فى النفس منها ، شىء : إذا غسلت.».

ثم بسط الكلام : فى إباحة طعامهم الذي يغيبون على صنعته : إذا لم

ص: 103


1- هذا بيان لقوله : (أو فسقا).
2- زيادة متعينة ، عن الأم
3- أي : بهيمة الأنعام.
4- فى الأم : «ما». وعبارة الأصل أولى : لأن عبارة الأم توهم : أن المفعول ما بعد «إلا» ؛ مع أنه ضمير محذوف عائد إلى «ما» ؛ والتقدير : «تأكلونه». وهذا القول هو ما ذكره عن بعض أهل العلم والتفسير ، فيما سبق (ص 88).
5- يحسن فى هذا المقام : أن تراجع فى الفتح (ج 8 ص 191) ، ما روى عن ابن عباس : فى سبب نزول قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ : 5 - 87 ) .
6- فى الأصل كلمة غير بينة ؛ وهى : «معصب» ؛ والظاهر أنها محرفة عما ذكرنا ، أو عن : «نظنه».

نعلم فيه حراما ؛ وكذلك الآنية : إذا لم نعلم نجاسة (1)

ثم قال - فى هذا ؛ وفى (2) مبايعة المسلم : يكتسب الحرام والحلال ؛ والأسواق : يدخلها ثمن الحرام. - : «ولو تنزّه امرؤ (3) عن هذا ، وتوقّاه - : ما لم يتركه : على أنه محرّم. - : كان حسنا (4). لأنه قد يحلّ له : ترك ما لا يشكّ فى حلاله. ولكنّى أكره : أن يتركه : على تحريمه ؛ فيكون. حهلا بالسّنة ، أو رغبة عنها.».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، أخبرنى أبو أحمد بن أبى الحسن ، أنا عبد الرحمن (يعنى : ابن أبى حاتم) ؛ أخبرنى أبى ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، يقول : قال لى الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله عز وجل : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ) (5) : (4 - 29). - قال :

ص: 104


1- يحسن أن تراجع فى هذا البحث ، المختصر والأم (ج 1 ص 4 و 7) ، والسنن الكبرى (ج 1 ص 32 - 33) ، والفتح (ج 9 ص 492) ، وشرح مسلم للنووى (ج 13 ص 79 - 80) ، والمجموع (ج 1 ص 261 - 265).
2- فى الأصل : «أو» ؛ والزيادة من الناسخ.
3- عبارة الأصل : «ولو تنزو امر». وهو تصحيف.
4- للشافعى فى الأم (ج 2 ص 195) : كلام جيد يتصل بهذا المقام ؛ فراجعه. وانظر السنن الكبرى (ج 5 ص334 - 335).
5- راجع فى السنن الكبرى (ج 5 ص 163) : أثر قتادة فى ذلك ؛ وغيره. مما يتعلق بالمقام.

«لا يكون فى هذا المعنى ، إلّا : هذه الثلاثة الأحكام (1) وما عداها فهو : ألا كل بالباطل ؛ على المرء فى ماله : فرض من اللّه (عز وجل) : لا ينبغى له [التصرّف (2)] فيه ؛ وشىء يعطيه : يريد به وجه صاحبه. ومن الباطل ، أن يقول : احزر (3) ما فى يدى ؛ وهو لك.».

وفيما أنبأنى أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) : أنّ أبا العباس محمد بن يعقوب ، حدّثهم : أنا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «جماع ما يحلّ : أن يأخذه (5) الرجل من الرجل المسلم ؛ ثلاثة وجوه : (أحدها) : ما وجب على الناس فى أموالهم - : ممّا ليس لهم دفعه : من جناياتهم ، وجنايات من يعقلون عنه. - وما وجب عليهم : بالزّكاة ، والنّذور ، والكفّارات ، وما أشبه ذلك»

«و [ثانيها (6)] : ما أوجبوا على أنفسهم : ممّا أخذوا به العوض : من البيوع ، والإجارات ، والهبات : للثّواب ؛ وما فى معناها (7)

«و [ثالثها (8)] : ما أعطوا : متطوّعين -. من أموالهم. - : التماس واحد من وجهين ؛ (أحدهما) : طلب ثواب اللّه. (والآخر) :

ص: 105


1- يقصد : الوجوه الثلاثة الآتية فى رواية الربيع. فتأمل.
2- زيادة حسنة : للايضاح.
3- أي : قدر. وفى الأصل : «احرز» ؛ وهو خطأ وتصحيف
4- كما فى الأم (ج 4 ص 147 - 148).
5- فى الأم : «يأخذه» وهو أحسن.
6- هذه الزيادة : للايضاح ؛ وليست بالأم أيضا.
7- فى الأم : «معناه» ، وكلاهما صحيح كما لا يخفى.
8- هذه الزيادة : للايضاح ؛ وليست بالأم أيضا.

طلب الاستحماد (1) إلى (2) من أعطوه إيّاه. وكلاهما : معروف حسن ؛ ونحن نرجو عليه : الثواب ؛ إن شاء اللّه.».

«ثم : ما أعطى الناس من أموالهم - : من غير هذه الوجوه ، وما فى معناها. - : واحد من وجهين ؛ (أحدهما) : حقّ ؛ (والآخر) : باطل فما أعطوه (3) - : من الباطل. - : غير جائز لهم ، ولا لمن أعطوه وذلك : قول اللّه عز وجل : ( وَ (4)لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ ، بِالْباطِلِ : 2 - 188 ) .»

«فالحقّ من هذا الوجه - : الذي هو خارج من هذه الوجوه التي وصفت. - يدلّ : على الحقّ : فى نفسه ؛ وعلى الباطل : فيما خالفه.»

«وأصل ذكره : فى القرآن ، والسّنة ، والآثار. قال (5) اللّه عز وجل - فيما ندب به (6) أهل دينه - : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ : مِنْ قُوَّةٍ ، وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ (7) ؛ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ : 8 - 60 ) ؛ فزعم

ص: 106


1- كذا بالأم ؛ وهو المقصود. وقد ورد فى الأصل مضروبا على الدال بمداد آخر ، ومثبتا بدلها همزة. وهو خطأ وتصحيف.
2- فى الأم : «ممن» ؛ وكلاهما صحيح على ما أظن.
3- فى الأم : «أعطوا» ؛ والضمير العائد على : «ما» ؛ مقدر فى عبارتها.
4- كذا بالأم. وقد ورد فى الأصل : مضروبا على الواو بمداد آخر. وهو خطأ ناشىء عن الاشتباه بآية النساء السابقة. ويحسن : أن تراجع فى السنن الكبرى (ج 6 ص91 - 95) ، بعض ما ورد : فى أخذ أموال الناس بغير حق.
5- هذا إلى قوله : الرمي ؛ ذكر في السنن الكبرى (ج 10 ص 13).
6- أي : كلف به. وفى الأم : «إليه» ؛ أي : دعا إليه.
7- ذكر فى الأم إلى هنا.

أهل العلم [بالتفسير (1)] : أنّ القوّة هى : الرّمى. وقال اللّه تبارك وتعالى : ( وَما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ ، مِنْهُمْ - : فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ، وَلا رِكابٍ : 59 - 6 ) .».

ثم ذكر : حديث أبى هريرة (2) ، ثم حديث ابن عمر : فى السّبق (3). وذكر : ما يحلّ منه ، وما يحرم (4).

ص: 107


1- زيادة جيدة ، عن الأم والسنن الكبرى. وراجع فيها حديث عقبة بن عامر الموافق لذلك ؛ وراجع الكلام عليه : فى شرح مسلم للنووى (ج 13 ص64 - 65) ، والفتح (ج 6 ص 58 - 59).
2- ولفظه : «لا سبق إلا : فى نصل ، أو حافر ، أو حف. أو : إلا فى حافر ، أو حف.».
3- ولفظه : «سابق بين الخيل التي قد أضمرت». وذكر قول ابن شهاب : «مضت السنة : [بأن السبق] فى النصل والإبل ، والخيل ، والدواب - حلال.». وانظر السنن الكبرى (ص16 - 17) ثم راجع الكلام على حديث ابن عمر : فى شرح مسلم (ج 12 ص 14 - 16) ، والفتح (ج 6 ص 46 - 48) وطره التثريب (ج 7 ص 207 - 242).
4- راجع كلامه عن ذلك ، وعن النضال - : فى الأم (ص 148 - 155) ، والمختصر (ج 5 ص 217 - 223) : فقد لا تظفر بمثله فى كتاب آخر.

«ما يؤثر عنه فى الايمان والنّذور»

«ما يؤثر عنه فى الايمان والنّذور (1)»

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (2) - فى قول اللّه عز وجل : ( وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ : أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى : 24 - 22 ) . - : «نزلت فى رجل حلف : أن لا ينفع رجلا ؛ فأمره اللّه (عز وجل) : أن ينفعه.».

قال الشيخ : وهذه الآية نزلت فى أبى بكر الصّدّيق (رضى اللّه عنه) : حلف : أن لا ينفع مسطحا ؛ لما كان منه : فى شأن عائشة (رضي اللّه عنها). فنزلت هذه الآية (3).

ص: 108


1- أي : فى بابهما. فلا يعترض : بعدم ذكر شىء هنا : خاص بالنذر. وراجع كلام الحافظ فى الفتح (ج 11 ص 415) عن حقيقة اليمين والنذر ؛ لجودته.
2- كما فى الأم (ج 7 ص 56) : بعد أن ذكر : أنه يكره الأيمان على كل حال ، إلا فيما كان طاعة لله : كالبيعة على الجهاد. وبعد أن ذكر : أن من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيرا منها - فالاختيار : أن يفعل الخير ، ويكفر. محتجا على ذلك : بأمر النبي به - : فى الحديث المشهور الذي رواه الشيخان ومالك وغيرهم. - وبالآية الآتية. وانظر المختصر (ج 5 ص 223) ، وكلامه المتعلق بذلك : فى الأم (ج 4 ص 107). ثم راجع السنن الكبرى (ج 10 ص30 - 32 و 36 و 50 - 54) ، وشرح مسلم للنووى (ج 11 ص 108 - 116) ، والفتح (ج 11 ص 416 و 484 - 493) ، وشرح الموطأ للزرقانى (ج 3 ص 64 - 65) : لتقف على تفصيل القول والخلاف : فى كون الكفارة : قبل الحنث ، أو بعده ، وعلى غيره : مما يتعلق بالمقام.
3- انظر السنن الكبرى (ص 36 - 37). ثم راجع الكلام على هذه الآية ، وعلى حديث الإفك - فى الفتح (ج 5 ص172 - 173 وج 7 ص 305 و 307 وج 8 ص 315 - 342) ، وشرح مسلم (ج 17 ص 102 - 118).

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال (1) : «قلت (2) للشافعى : ما لغو اليمين؟. قال : اللّه أعلم ؛ أمّا الذي نذهب إليه : فما قالت عائشة (رضي اللّه عنها) ؛ أنا مالك ، عن هشام ، عن (3) عروة ، عن عائشة (رضي اللّه عنها) : أنها قالت : لغو اليمين : قول الإنسان : لا واللّه ؛ وبلى واللّه (4)

«قال (5) الشافعي : اللّغو (6) فى كلام (7) العرب : الكلام غير المعقود

ص: 109


1- كما فى الأم (ج 7 ص 225 - 226) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 48). وقد ذكر بعض ما سيأتى ، فى المختصر (ج 5 ص 225). وقد أخرج البخاري قول عائشة ، من طريقين ، عن هشام ، عن عروة. وأخرجه أبو داود من طريق إبراهيم ابن الصائغ ، عن عطاء عنها : مرفوعا ، وموقوفا. انظر السنن الكبرى (ص 49) ، وشرح الموطأ (ج 3 ص 63).
2- فى الأم : «فقلت».
3- فى الأصل : «بن» ؛ وهو تصحيف. والتصحيح من عبارة الأم وغيرها : «هشام بن عروة عن أبيه».
4- قال الفراء (كما فى اللسان) : «كأن قول عائشة ، أن اللغو : ما يجرى فى الكلام على غير عقد. وهو أشبه ما قيل فيه ، بكلام العرب». وقد أخرج البيهقي عن عائشة أيضا : ما يؤكد ذلك. وقال الماوردي - كما فى شرح الموطأ ، والفتح (ج 8 ص 191) - : «أي : كل واحدة منهما - : إذا قالها مفردة. - لغو. فلو قالهما معا : فالأولى لغو ؛ والثانية منعقدة : لأنها استدراك مقصود.». وأخرج البيهقي عن ابن عباش. مثل قول عائشة.
5- فى الأم : «فقلت للشافعى : وما الحجة فيما قلت؟. قال : اللّه أعلم ؛ اللغو» إلخ.
6- هذا وما سيأتى عن الشافعي إلى قوله : وعليه الكفارة ؛ نقله فى اللسان (مادة : لعل) : ببعض اختصار واختلاف.
7- فى الأم والمختصر واللسان : «لسان».

عليه قلبه (1) ؛ وجماع اللّغو يكون (2) : فى الخطإ (3).».

وبهذا الإسناد - فى موضع آخر (4) - : قال الشافعي : «لغو اليمين - كما قالت عائشة (5) (رضي اللّه عنها) ؛ واللّه أعلم - : قول الرجل : لا واللّه ، وبلى (6) واللّه. وذلك : إذا كان (7) : اللّجاج ، والغضب (8) ،

ص: 110


1- أي : قلب المتكلم. وهذا غير موجود فى الأم والمختصر واللسان. وعبارة الأصل هى : «فيه». والظاهر : أنها ليست مزيدة من الناسخ ؛ وأنها محرفة عما ذكرنا. ويؤيد ذلك عبارة المختار والمصباح واللسان : «اللغو : ما لا يعقد عليه القلب». قال الراغب فى المفردات (ص 467) - بعد أن ذكر نحوه - : «وذلك : ما يجزى وصلا للكلام ، يضرب : من العادة. قال : ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ :2 - 225 و 5 - 89 ) .».
2- عبارة اللسان : «هو الخطأ».
3- ثم أخذ يرد على ما استحسنه مالك - فى الموطأ - وذهب إليه : «من أن اللغو : حلف الإنسان على الشيء : يستيقن أنه كما حلف عليه ، ثم يوجد على خلافه.». وراجع آراء الفقهاء فى هذه المسألة ، وأدلتهم - : فى الفتح (ج 11 ص438 - 439). وانظر النهاية لابن الأثير (ج 4 ص 61) ، والقرطين (ج 1 ص 77) ، وما رواه يونس عن الشافعي فى أواخر الكتاب.
4- من الأم (ج 7 ص 57).
5- حين سألها عطاء وعبد بن عمير ، عن آية : ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ ) ، كما ذكره قبل كلامه الآتي. وانظر السنن الكبرى (ص 49).
6- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : بدون الواو. ولعلها سقطت من الناسخ.
7- أي : وجد. وفى الأم والمختصر ، زيادة : «على» ؛ وهى أحسن.
8- روى البيهقي ، عن ابن عباس (أيضا) أنه قال : «لغو اليمين : أن تحنف وأنت غضبان.».

والعجلة (1) ؛ لا يعقد : على ما حلف [عليه] (2)

«وعقد اليمين : أن يعنيها (3) على الشيء بعينه : أن لا يفعل الشيء ؛ فيفعله ؛ أو : ليفعلنّه (4) ؛ فلا يفعله ؛ أو (5) : لقد كان ؛ وما كان.»

«فهذا : آثم ؛ وعليه الكفّارة : لما وصفت : من [أنّ (6)] اللّه (عز وجل) قد جعل الكفّارات : فى عمد (7) المأثم (8). قال (9) : ( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ : ما دُمْتُمْ حُرُماً : 5 - 96 ) ؛ وقال ( لا ) (10) ( تَقْتُلُوا الصَّيْدَ :

ص: 111


1- ذكر فى المختصر واللسان إلى هنا. وقد يوهم ذلك : أن ما ذكر هنا إنما هو : للتقييد. والظاهر : أنه : لبيان الغالب ؛ وأن العبرة : بعدم العقد ؛ سواء أوجد شىء من ذلك ، أم لا.
2- زيادة حسنة ، عن الأم.
3- أي : يقصدها ويأتى بها. وعبارة الأصل : «يعينها» ؛ وهى مصحفة عن ذلك ، أو عن عبارة الأم والمختصر : «يثبتها» ؛ أي : يحققها. وعبارة اللسان : «تثبتها» ؛ بالتاء : هنا وفيما سيأتى. وذكر فى المختصر إلى قوله : بعينه.
4- فى الأصل : «أو ليفعله» ؛ وهو تحريف. والتصحيح من الأم واللسان.
5- كذا بالأم واللسان. وهو الظاهر. وفى الأصل : بالواو فقط. ولعل النقص من الناسخ.
6- زيادة متعينة ، عن الأم.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «عمل» ؛ وهو تصحيف.
8- راجع كلامه فى الأم (ص 56) ، والمختصر (ص 223). وانظر السنن الكبرى (ص 37) ، وما تقدم (ج 1 ص287 - 288) : من وجوب الكفارة فى القتل العمد.
9- فى الأم : «فقال».
10- فى الأم : «ولا» ؛ وهو خطأ من الناسخ أو الطابع.

وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) ؛ إلى (1) قوله : ( هَدْياً : بالِغَ الْكَعْبَةِ ؛ أَوْ كَفَّارَةٌ : طَعامُ مَساكِينَ ؛ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ : صِياماً ؛ لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ : 5 - 95 ) . ومثل قوله فى الظّهار : ( وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً : مِنَ الْقَوْلِ ؛ وَزُوراً : 58 - 2 ) ؛ ثم أمر فيه : بالكفّارة (2)

«قال الشافعي (3) : ويجزى : بكفّار (4) ة اليمين ، مدّ - : بمدّ النبىّ صلى اللّه عليه وسلم. - : (5) من حنطة.»

«قال (6) : وما يقتات (7) أهل البلدان - : من شيء. - أجزأهم منه مدّ.»

ص: 112


1- عبارة الأم : «إلى : (بالغ الكعبة).».
2- راجع فى ذلك ، السنن الكبرى (ج 7 ص 387 و 390 و 393). وانظر ما تقدم (ج 1 ص234 - 236).
3- كما فى الأم (ج 7 ص 58) ، والمختصر (ج 5 ص 226) وقد ذكر أوله : فى السنن الكبرى (ج 10 ص 54).
4- عبارة غير الأصل : «فى كفارة». وهى أحسن.
5- قوله : من حنطة ؛ ليس بالمختصر ، ولا السنن الكبرى. وقد استدل على ذلك : «بأن النبي صلى اللّه عليه وسلم أتى بعرق تمر : فدفعه إلى رجل ، وأمره : أن يطعمه ستين مسكينا. والعرق : خمسة عشر صاعا ؛ وهى : ستون مدا.» ؛ ثم رد على ابن المسيب ، فيما زعمه : «من أن العرق : ما بين خمسة عشر صاعا إلى عشرين.». فراجعه : فى الأم والسنن الكبرى. وراجع الفتح (ج 1 ص 212 وج 11 ص 476 - 477) ، وشرح الموطأ (ج 3 ص 66)
6- كما فى الأم (ج 7 ص 58) ، والمختصر (ج 5 ص 226) وقد ذكر أوله : فى السنن الكبرى (ج 10 ص 54).
7- فى المختصر : «اقتات».

«[قال] (1) : وأقلّ ما يكفى (2) - : من الكسوة. - : كلّ ما وقع عليه اسم كسوة - : من عمامة ، أو سراويل ، أو إزار ، أو مقنعة ؛ وغير ذلك - : للرجل ، والمرأة ، والصبىّ (3). لأنّ (4) اللّه (عز وجل) أطلقه : فهو مطلق.»

«[قال (5)] : وليس له - إذا كفّر بالإطعام (6) - : أن يطعم أقلّ من عشرة (7) ؛ أو بالكسوة : أن يكسو أقلّ من عشرة.»

«[قال] (8) وإذا (9) أعتق فى كفّارة اليمين (10) : لم يجزه إلا رقبة

ص: 113


1- كما فى الأم ص 59). وقد ذكر بعضه فى المختصر (ص 228). واقتبس بعضه فى السنن الكبرى (ص 56). والزيادة للتنبيه.
2- فى المختصر : «يجزى».
3- ذكر إلى هنا فى المختصر ، بلفظ : «لرجل أو امرأة أو صبى».
4- عبارة الأم هى : «لأن ذلك كله يقع عليه اسم : كسوة ؛ ولو أن رجلا أراد أن يستدل بما تجوز فيه الصلاة : من الكسوة ؛ على كسوة المساكين - : جاز لغيره أن يستدل بما يكفيه في الشتاء ، أو فى الصيف ، أو فى السفر : من الكسوة. ولكن : لا يجوز الاستدلال عليه بشىء من هذا ؛ وإذا أطلقه اللّه : فهو مطلق.».
5- كما فى الأم (ص 58). والزيادة : للتنبيه. وعبارة الأم فيها تفصيل يحسن الوقوف عليه.
6- فى الأم : «بإطعام». وفى الأصل : «بالطعام». ولعله محرف عما أثبتنا : مما هو أولى.
7- راجع فى الفتح (ج 11 ص 476) : الخلاف فى جواز إعطاء الأقرباء ، وفى اشتراط الإيمان.
8- كما فى الأم (ص 59). والزيادة : للتنبيه.
9- فى الأم : «ولو».
10- فى الأم زيادة : «أو فى شىء وجب عليه العتق»

مؤمنة ؛ (1) ويجزى كلّ ذى نقص : بعيب لا يضرّ بالعمل إضرارا (2) بيّنا.». وبسط الكلام فى شرحه (3).

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) - فى قول اللّه عز وجل : ( مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ ، إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ : 16 - 106 ) . - :

«فجعل قولهم الكفر : مغفورا لهم ، مرفوعا عنهم : فى الدنيا والآخرة (5). فكان المعنى الذي عقلنا : أنّ قول المكره ، كما لم يقل (6) : فى الحكم. وعقلنا : أنّ الإكراه هو : أن يغلب بغير فعل منه. فإذا تلف (7)

ص: 114


1- عبارة الأم : «ويجزى فى الكفارات ولد الزنا ، وكذلك كل» إلخ.
2- في الأم : «ضررا».
3- فراجعه (ص 59 - 60). وانظر المختصر (ج 5 ص 229). ثم راجع السنن الكبرى (ج 10 ص57 - 59) ، والفتح (ج 11 ص 477 - 478). وانظر ما تقدم (ج 1 ص 236).
4- كما فى الأم (ج 7 ص 69). ويحسن أن تراجع أول كلامه. وقد ذكر بعضه فى المختصر (ج 5 ص232 - 233).
5- انظر ما تقدم (ج 1 ص 224 و 298 - 299) ، والفتح (ج 12 ص 257).
6- كذا بالأم ؛ أي : كعدمه. وفى الأصل : «يعقل». وهو محرف. ويؤكد ذلك عبارة المختصر : «يكن». ولو كان أصل الكلام : «أن المكره» إلخ ؛ لكان ما فى الأصل صحيحا : أي كالمجنون.
7- كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «حلف» ؛ وهو تصحيف.

ما حلف (1) : ليفعلنّ فيه شيئا ؛ فقد (2) غلب : بغير فعل منه. وهذا : فى أكثر من معنى الإكراه.».

وقد أطلق (3) الشافعي (رحمه اللّه) القول فيه ؛ واختار : «أنّ يمين المكره : غير ثابتة عليه ؛ لما احتجّ به : من الكتاب [والسّنة (4)].» قال الشافعي (5) : «و [هو (6)] قول عطاء : إنه يطرح عن الناس ، الخطأ والنّسيان. (7)».

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (8) -» فيمن (9) حلف لا يكلم رجلا ؛ فأرسل إليه رسولا ، أو كتب إليه كتابا» - : «فالورع : أن يحنث ؛ ولا يتبيّن (10) : أنه يحنث. لأنّ الرسول والكتاب ، غير الكلام : وإن كان يكون كلاما فى حال.»

ص: 115


1- فى المختصر زيادة حسنة ، وهى : «عليه».
2- عبارة المختصر : «فهو فى أكثر من الإكراه».
3- أي : عمم. حيث قال (ص 70) : «وكذلك : الأيمان بالطلاق والعناق والأيمان كلها ، مثل اليمين باللّه».
4- زيادة حسنة عن عبارته فى الأم (ص 70).
5- كما فى الأم (ص 68). وينبغى أن تراجع كلامه فيها.
6- زيادة متعينة عن الأم ، أي : وهو بطريق الأولى.
7- فى الأم زيادة : «ورواه عطاء». أي : مرفوعا ؛ بلفظ مشهور فى آخره زيادة : «وما استكرهوا عليه». انظر السنن الكبرى (ج 10 ص 61).
8- كما فى الأم (ج 7 ص 73). وذكر بعضه فى المختصر (ج 5 ص 236).
9- عبارة الأم - وهى ابتداء القول - : «فإذا حلف أن لا يكلم» إلخ.
10- عبارة الأم : «يبين لى أن». وعبارة المختصر : «يبين لى ذلك». وذكر المزني إلى قوله : الكلام ؛ ثم قال : «هذا عندى به وبالحق أولى : قال اللّه جل ثناؤه : ( آيَتُكَ : أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا ) ؛ إلى قوله : ( بُكْرَةً وَعَشِيًّا :19 - 10 - 11 ) . فأفهمهم : ما يقوم مقام الكلام : ولم يتكلم. وقد احتج الشافعي : بأن الهجرة محرمة فوق ثلاث ؛ فلو كتب أو أرسل» إلى آخر ما سيأتى.

«ومن حنّثه ذهب : إلى أنّ اللّه (عز وجل) قال (1) : ( وَما كانَ لِبَشَرٍ : أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ ؛ إِلَّا : وَحْياً ، أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً : فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ، ما يَشاءُ ) (2) : (42 - 51). وقال : إنّ اللّه (عز وجل) يقول للمؤمنين ، فى المنافقين : ( قُلْ : لا تَعْتَذِرُوا ؛ لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ ؛ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ : 9 - 94 ) ؛ وإنما نبّأهم من (3) أخبارهم : بالوحى الذي نزل (4) به جبريل (عليه السلام) على النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ ويخبرهم النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : بوحي (5) اللّه عز وجل.»

«ومن قال : لا يحنث ؛ قال : لأنّ (6) كلام الآدميّين لا يشبه كلام اللّه (عز وجل) : كلام (7) الآدميّين : بالمواجهة ؛ ألا ترى : أنه (8) لو هجر

ص: 116


1- هذا إلى قوله : بوحي اللّه ؛ اقتبسه - ببعض اختصار - فى السنن الكبرى (ج 10 ص 63) ؛ وذكر ما بعده إلى آخر الكلام ، وعقبه بحديثي أبى أيوب وأبى هريرة : فى النهى عن الهجرة. وفى طرح التثريب (ج 8 ص97 - 99) كلام جامع فى الهجرة ؛ فراجعه. وراجع فى السنن الكبرى (ج 1 ص 32) كلام الشافعي فى ذلك
2- فى الأم زيادة : «الآية».
3- في الأم : «بأخبارهم». وما هنا أحسن.
4- فى الأم وبعض نسخ السنن الكبرى : «ينزل». وهو أنسب.
5- فى بعض نسخ السنن الكبرى : «بوحي إليه».
6- فى الأم والسنن الكبرى : «إن». وهو أحسن.
7- كذا بالأم والسنن الكبرى. وهو استئناف بيانى. وفى الأصل : «وكلام». والظاهر أن الزيادة من الناسخ.
8- هذا ليس بالأم.

رجل رجلا - كانت (1) الهجرة محرّمة عليه فوق ثلاث ليال (2) - فكتب إليه ، أو أرسل إليه - : وهو يقدر على كلامه. - : لم يخرجه هذا من هجرته : التي يأثم بها (3)

قال الشافعي (4) (رحمه اللّه) : «وإذا حلف الرجل : ليضربنّ عبده مائة سوط ؛ فجمعها ، فضربه بها - : فإن كان يحيط العلم : أنه (5) إذا ضربه بها ، ماسّته (6) كلّها - : فقد برّ (7). وإن كان العلم مغيّبا ، [فضربه بها ضربة (8)] : لم يحنث فى الحكم ؛ ويحنث فى الورع.».

واحتجّ بقول اللّه عز وجل : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً : فَاضْرِبْ بِهِ ، وَلا تَحْنَثْ : 38 - 44 ) ؛ وذكر خبر المقعد : الذي ضرب فى الزنا ،

ص: 117


1- هذه الجملة اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه ؛ وليست جواب الشرط : إذ هو قوله : لم يخرجه ولو قال : والهجرة ؛ لكان أولى وأظهر. وكذلك : لو قال : فلو كتب ؛ كما صنع المزني. ويكون قوله : كانت ؛ جواب الشرط الأول.
2- هذا ليس بالأم
3- انظر ما ذكره بعد ذلك ، وقبل ما تقدم كله : لاشتماله على فوائد جمة.
4- كما فى الأم (ج 7 ص 73) ، والمختصر (ج 5 ص 237). وعبارته : «ولو».
5- عبارة المختصر : «أنها ماسته كلها بر».
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «ماسة». وهو تحريف.
7- فى الأم زيادة : «وإن كان يحيط العلم : أنها لا تماسه كلها ، لم يبر». وذكر نحوها فى المختصر ، ثم قال : «وإن شك : لم يحنث» إلخ.
8- زيادة حسنة من عبارة الأم ، وهى : «مغيبا : قد تماسه ولا تماسه ؛ فضربه» إلخ.

بإثكال (1) النخل (2)

* * *

«ما يؤثر عنه فى القضايا والشّهادات»

وفيما أنبأنى أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) : أنّ أبا العباس حدّثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (3) (رحمه اللّه) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ (4) ، فَتَبَيَّنُوا : أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ؛ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ ، نادِمِينَ : 49 - 6 ) ؛ وقال : ( إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ : فَتَبَيَّنُوا ، وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ : لَسْتَ مُؤْمِناً ) (5) : (4 - 94).»

«قال الشافعي : أمر (6) اللّه (جل ثناؤه) من يمضى أمره على أحد (7)

ص: 118


1- لغة (بالإبدال) : فى «عثكال» ؛ وهو والعثكول (بالضم) مثل شمراخ وشمروخ : وزنا ومعنى.
2- قال فى الأم - بعد ذلك - : «وهذا شىء مجموع ؛ غير أنه إذا ضربه بها : ماسته». وذكر نحوه فى المختصر. وراجع السنن الكبرى (ج 10 ص 64).
3- كما فى الأم (ج 7 ص 86).
4- نزلت فى الوليد بن عقبة : حينما أخبر النبي : أن بنى المصطلق قد منعوا الصدقة. انظر السنن الكبرى (ج 9 ص54 - 55).
5- راجع فى السنن الكبرى (ج 9 ص 115) : حديث ابن عباس فى سبب نزول ذلك ؛ لفائدته.
6- فى الأم : «فأمر» ، وهو أحسن.
7- كذا بالأم وفى الأصل : «على عباده أحد من» ؛ وهو من عبث الناسخ.

- : من عباده. - : أن يكون مستثبتا (1) ، قبل أن يمضيه.». وبسط الكلام فيه (2).

قال الشافعي (3) : «قال اللّه عز وجل : ( وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) (4) : (3 - 159) ؛ (5) و: ( أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ : 42 - 38 ) . قال الشافعي : قال الحسن : إن كان النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) عن مشاورتهم ، لغنيّا (6) ؛

ص: 119


1- فى الأصل «مستثنيا» ؛ وهو مصحف عما ذكرنا ، أو عن عبارة الأم : «مستبينا».
2- حيث قال : «ثم أمر اللّه - فى الحكم خاصة - : أن لا يحكم الحاكم : وهو غضبان. لأن الغضبان مخوف على أمرين : (أحدهما) : قلة التثبت ؛ (والآخر) : أن الغضب قد يتغير معه العقل ، ويتقدم به صاحبه على ما لم يكن يتقدم عليه : لو لم يكن يغضب.». ثم ذكر ما يدل لأصل الدعوى - : من السنة. - وشرحه : بما هو فى غاية الجودة. فراجعه ؛ وراجع المختصر (ج 5 ص 241) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص103 - 106) ، وشرح مسلم (ج 12 ص 15) ، والفتح (ج 13 ص 111 - 112).
3- كما فى الأم (ج 7 ص 86). وانظر المختصر (ص 241).
4- قال - كما فى الأم (ج 5 ص 151) - : «... فإنما افترض عليهم طاعته فيما أحبوا وكرهوا ؛ وإنما أمر بمشاورتهم (واللّه أعلم) : لجمع الألفة ، وأن يستن بالاستشارة بعده من ليس له من الأمر ماله ؛ و: على أن أعظم لرغبتهم وسرورهم أن يشاوروا. لا : على أن لأحد من الأدميين ، مع رسول اللّه ، أن يرده : إذا عزم رسول اللّه على الأمر به ، والنهى عنه.» إلخ ؛ فراجعه. وانظر كلامه : فى اختلاف الحديث (ص 184) ، والأم (ج 6 ص 206).
5- ذكر بعد ذلك - فى الأم - حديث أبى هريرة. «ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه ، من رسول اللّه» ؛ ثم قال : «وقال اللّه عز وجل : ( وَأَمْرُهُمْ ) » إلخ. وراجع السنن الكبرى (ج 7 ص45 - 46 وج 10 - 110) ، والفتح (ج 13 ص 260 - 264) : فستقف على فوائد جمة.
6- فى الأم والسنن الكبرى (ج 7) : تقديم وتأخير.

ولكنه أراد : أن يستنّ (1) بذلك الحكّام بعده.»

«قال الشافعي (2) : وإذا (3) نزل بالحاكم أمر (4) : يحتمل وجوها ؛ أو مشكل - : انبغى (5) له أن يشاور (6) : من جمع العلم والأمانة.». وبسط الكلام فيه (7).

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه (قراءة عليه) : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (8) (رحمه اللّه) : قال اللّه جل ثناؤه : ( يا داوُدُ : إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ؛ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ) ؛ الآية : (38 - 26) ؛ وقال (9) فى أهل الكتاب : ( وَإِنْ (10) حَكَمْتَ : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ : 5 - 42 ) ؛

ص: 120


1- كذلك بالأم والمختصر والسنن الكبرى. وفى الأصل : «يستعن». وهو تحريف.
2- كما فى السنن الكبرى أيضا (ج 10 ص 110 - 111). وراجع فيها : كتاب عمر إلى شريخ ، وكلام البيهقي المتعلق به.
3- فى الأم والسنن الكبرى : «إذا ... الأمر».
4- فى الأم والسنن الكبرى : «إذا ... الأمر».
5- فى بعض نسخ السنن الكبرى : «ينبغى».
6- فى الأم زيادة مفيدة ، وهى : «ولا ينبغى له أن يشاور جاهلا : لأنه لا معنى لمشاورته ؛ ولا عالما غير أمين : فإنه ربما أضل من يشاوره. ولكنه يشاور» إلخ.
7- فقال : «وفى المشاورة : رضا الخصم ؛ والحجة عليه». وينبغى أن تراجع كلامه عن هذا ، فى الأم (ج 7 ص 207) : فهو نفيس جيد. وأن تراجع فى السنن الكبرى (ص111 - 113) : ما ورد فى هذا المقام.
8- كما فى الأم (ج 7 ص 84).
9- كذا بالأم. وفى الأصل : بدون الواو ؛ والنقص من الناسخ.
10- ذكر فى الأم من قوله : ( فَإِنْ جاؤُكَ ) ؛ إلى آخر الآية.

وقال لنبيّه (1) صلى اللّه عليه وسلم : ( وَأَنِ ) (2) ( احْكُمْ بَيْنَهُمْ : بِما أَنْزَلَ اللّهُ ؛ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ ) ؛ الآية (3) : (5 - 49) ؛ وقال : ( وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ : أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ : 4 - 58 ) .»

«قال الشافعي : فأعلم اللّه نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) : أنّ فرضا عليه ، وعلى من قبله ، والناس - : إذا حكموا. - : أن يحكموا بالعدل (4) ؛ والعدل : اتّباع حكمه المنزل (5).».

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (6) - فى قوله عز وجل : ( وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ : 5 - 48 و 49 ) . - : «يحتمل : تساهلهم (7) في أحكامهم ؛ ويحتمل : ما يهوون وأيّهما كان

ص: 121


1- هذا قد ذكر فى الأم ، قبل قوله : فى أهل الكتاب. وهو أحسن.
2- كذا بالأم. وقد ورد فى الأصل : مضروبا عليه بمداد آخر ، ومضافا حرف الفاء إلى قوله : (احكم). وهو ناشىء عن ظن أن المراد آية المائدة : (48) .
3- ذكر فى الأم إلى : (إليك).
4- راجع فى السنن الكبرى (ج 10 ص 86 - 89) ، حديث على ، وغيره : مما يتعلق بالمقام. ويحسن : أن تراجع فى الفتح (ج 13 ص 118 و 121) كلام عمر بن عبد العزيش. وأبى على الكرابيسي ، وابن حبيب المالكي ؛ عن الآداب التي يجب أن تتوفر فيمن يتولى القضاء. فهو جليل الفائدة.
5- راجع ما ذكره بعد ذلك : فهو مفيد فى موضوع حجية السنة ؛ ذلك الموضوع الخطير : الذي يجب الاهتمام به ، والإلمام بتفاصيله. من أجل القضاء على الحرب الحقيرة التي يثيرها ضد الدين : جماعة الملحدين ، وطائفة المتنطعين ، وحثالة المأجورين. وقد وضعنا مؤلفا جامعا فيه : نرجو أن نتمكن قريبا من نشره ؛ إن شاء اللّه.
6- كما فى الأم (ج 7 ص 28).
7- أي : تسامحهم ، وعدم تطبيقهم أحكامهم على أنفسهم. فيكون المعنى الثاني : خاصا بقوانينهم الوضعية. وعبارة الأصل : «تسهلهم» ؛ وهى محرفة عما ذكرنا. أو عن عبارة الأم - هنا ، وفى (ج 5 ص 225) - : «سبيلهم» ؛ أي : شرائعهم المنسوخة. وإنما سميت أهواء : لتمسكهم بها ، بعد نسخها وإبطالها.

فقد نهى عنه ؛ وأمر : أن يحكم بينهم : بما أنزل اللّه على نبيّه صلى اللّه عليه وسلم (1).».

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (2). «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ : إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ : إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ (3) وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ * فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ؛ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً : 21 - 78 - 79 ) .»

«قال (4) الشافعي : قال الحسن بن أبى الحسن : لو لا هذه الآية ، لرأيت : أنّ الحكّام قد هلكوا ؛ ولكنّ اللّه (تعالى) : حمد هذا : بصوابه (5) ؛ وأثنى على هذا : باجتهاده (6).».

ص: 122


1- راجع ما ذكره بعد ذلك لارتباطه بكلامه الآتي قريبا عن شهادة الذمي.
2- كما فى الأم (ج 7 ص 85). وانظر المختصر (ج 5 ص 242).
3- راجع فى السنن الكبرى (ج 10 ص 118) : ما روى فى ذلك عن ابن مسعود ومسروق ومجاهد ؛ وحكم النبي : فى حادثة ناقة البراء بن عازب. ثم راجع الفتح (ج 13 ص110 - 121).
4- فى الأصل : «وقال» ؛ والظاهر أن الزيادة من الناسخ.
5- كذا بالأصل والسنن الكبرى. وفى الأم والمختصر : «لصوابه».
6- ثم ذكر حديث عمرو بن العاص وأبى هريرة : «إذا حكم الحاكم ، فاجتهد ، فأصاب : فله أجران. وإذا حكم ، فاجتهد ، فأخطأ : فله أجر.». قال (كما في المختصر) : «فأخبر : أنه يثاب على أحدهما أكثر مما يثاب على الآخر ؛ فلا يكون الثواب : فيما لا يسع ؛ ولا : فى الخطإ الموضوط. ». قال المزني : «أنا أعرف أن الشافعي قال : لا يؤجر على الخطإ ؛ - وإنما يؤجر : على قصد الصواب. وهذا عندى هو الحق». وراجع الكلام على هذا الحديث ، وما يتعلق به من البحوث : فى إبطال الاستحسان (الملحق بالأم : ج 7 ص274 - 275) ، والرسالة (ص 494 - 498) ، وجماع العلم (ص 44 - 46 و 101 - 102) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 118 - 119) ، ومعالم السنن (ج 4 ص 160) ، وشرح مسلم (ج 12 ص 13 - 14) ؛ وراجع الكلام عنه وعن أثر الحسن : في الفتح (ج 13 ص 119 - 120 و 247 - 248).

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (1) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ : أَنْ يُتْرَكَ سُدىً.؟! : 75 - 36 ) ؛ فلم يختلف أهل العلم بالقرآن - فيما علمت - : أنّ (السّدى) هو (2) : الذي لا يؤمر (3) ، ولا ينهى».

* * *

وممّا أنبأنى أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) : أنّ أبا العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (4) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ : 2 - 282 ) .»

«فاحتمل أمر اللّه : بالإشهاد عند البيع ؛ أمرين : (أحدهما) : أن

ص: 123


1- كما فى الأم (ج 7 ص 271) : فى بيان أنه لا يجوز الحكم ولا الإفتاء بما لم يؤمر به. وقد ذكر فيما سبق (ج ص 36) ، وذكره فى السنن الكبرى (ج 10 ص 113) ، وروى نحوه عن مجاهد. وراجع فيها (ص114 - 116) ما ورد فى ذلك : من الأحاديث والآثار وانظر الرسالة (ص 25) ، وطبقات السبكى (ج 1 ص 261) ، والفتح (ج 11 ص 404).
2- هذا ليس بالأم والرسالة والسنن الكبرى.
3- كذا بالأم والرسالة والسنن الكبرى. وفى الأصل : «يأمر» ؛ وهو خطأ وتحريف.
4- كما فى الأم (ج 3 ص 76 - 77). وقد ذكر بعضه بتصرف : فى المختصر (ج 5 ص 246).

يكون (1) دلالة : على ما فيه الحظّ بالشهادة (2) ؛ ومباح (3) تركها. لا : حتما ؛ يكون من تركه عاصيا : بتركه. (واحتمل (4)) : أن يكون حتما منه ؛ يعصى من تركه : بتركه.»

«والذي أختار : أن لا يدع المتبايعان الإشهاد ؛ وذلك : أنهما إذا أشهدا : لم يبق فى أنفسهما شىء ؛ لأنّ ذلك : إن كان حتما : فقد أدّياه ؛ وإن كان دلالة : فقد أخذا (5) بالحظّ فيها.»

«قال : وكلّ ما ندب اللّه (عز وجل) إليه - : من فرض ، أو دلالة. - : فهو بركة على من فعله. ألا ترى : أنّ الإشهاد فى البيع ، إذا (6) كان دلالة : كان فيه (7) : [أنّ] المتبايعين ، أو أحدهما : إن أراد ظلما : قامت البيّنة عليه ؛ فيمنع من الظلم الذي يأثم به. وإن كان تاركا (8) : لا يمنع منه. ولو

ص: 124


1- عبارة الأم : «تكون الدلالة» ؛ ولعل فيها بعض التحريف. وعبارة المختصر : «يكون مباحا تركه».
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «بالشهاد» ؛ والنقص من الناسخ.
3- كذا بالأصل والأم ؛ وهو خبر مقدم. ولو قال : «ويباح ، أو فيباح» ، لكان أولى وأظهر.
4- هذا شروع فى بيان الأمر الثاني. ولو قال : «وثانيهما» ؛ أو : «والآخر» كما فى المختصر ؛ لكان أحسن.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «أخذنا لحط» ، وهو تصحيف.
6- عبارة الأم : «إن كان فيه» ؛ أي فى البيع. وما فى الأصل أولى.
7- فى الأصل : «قيمة» ؛ وهو محرف عما ذكرنا والتصحيح والزيادة من الأم. أو محرف عن : «قيمته» ؛ مرادا منه : الفائدة. وهو بعيد من حيث الاستعمال.
8- أي : للاشهاد ؛ لا يمنع من الظلم. وفى الأصل : «كارها» ؛ وهو تحريف. لتصحيح عن الأم.

نسى ، أو وهم - : فجحد. - : منع من المأثم على ذلك : بالبيّنة ؛ وكذلك : ورثتهما بعدهما.؟!.»

«أو لا تري : أنهما ، أو أحدهما (1) : لو وكّل وكيلا : [أن (2)] يبيع ؛ فباع هو (3) رجلا ، وباع وكيله آخر - : ولم يعرف : أىّ البيعين أوّل (4)؟ - : لم يعط الأول : من المشتريين (5) ؛ بقول البائع. ولو كانت بيّنة ، فأثبتت (6) : أيّهما أوّل؟ - : أعطى الأول.؟!.»

«فالشهادة : سبب قطع المظالم ، وتثبيت (7) الحقوق. وكلّ أمر اللّه (جل ثناؤه) ، ثم أمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : الخير (8) الذي لا يعتاض منه من تركه (9)

«قال الشافعي (10) : والذي (11) يشبه - واللّه أعلم ؛ وإيّاه أسأل

ص: 125


1- كذا بالأم. وفى الأصل : «أو إحداهما» ؛ والزيادة من الناسخ.
2- زيادة حسنة عن الأم.
3- فى الأم : «هذا». وما فى الأصل أحسن.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «أوله» ؛ والزيادة من الناسخ.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «المشترى» ؛ والظاهر : أنه محرف عما ذكرنا ؛ فتأمل
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «فأثبت» ؛ ولعل النقص من الناسخ.
7- فى الأم : «وتثبت» ؛ وعبارة الأصل أحسن.
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «الحير» ، وهو تصحيف.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «بركة» ، وهو تصحيف.
10- فى بيان : أي المعينين : من الوجوب والندب ؛ أولى بالآية؟. وقد ذكر ما سيأتى إلى آخر الكلام - باختصار وتصرف - : فى السنن الكبرى (ج 10 ص 145).
11- فى السنن الكبرى : بدون الواو. وعبارة الأم : «فإن الذي» ؛ وهى واقعة فى جواب سؤال ، كما أشرنا إليه.

التوفيق - : أن يكون أمره (1) : بالإشهاد فى البيع ؛ دلالة ؛ لا : حتما له (2). قال اللّه عز وجل : ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ، وَحَرَّمَ الرِّبا : 2 - 275 ) ؛ فذكر : أنّ البيع حلال ؛ ولم يذكر معه بيّنة.»

«وقال فى آية الدّين : ( إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ ) (3) : (2 - 282) ؛ والدّين : تبايع ؛ وقد أمر اللّه (4) فيه : بالإشهاد ؛ فبيّن (5) المعنى : الذي أمر له : به. فدلّ ما بيّن اللّه فى الدّين ، على (6) أنّ اللّه أمر به : على النّظر والاختيار (7) ؛ لا : على الحتم (8) قال اللّه تبارك وتعالى : ( إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى : فَاكْتُبُوهُ ) (9) ؛ ثم قال فى سياق الآية : ( وَإِنْ

ص: 126


1- هذا إلى قوله : البيع ؛ ليس بالأم ، وموجود بالسنن الكبرى.
2- هذا ليس بالسنن الكبرى. وعبارة الأم : «يحرج من ترك الإشهاد. فإن قال [قائل] : ما دل على ما وصفت؟ قيل : قال اللّه» إلخ.
3- زيادة حسنة عن الأم ، ونجوز : أنها سقطت من الناسخ.
4- هذا ليس بالأم.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «فتبين» ، وهو تحريف : بقرينة ما سيأتى.
6- هذا فى الأصل قد ورد بعد قوله : فدل. وهو من عبث الناسخ. والتصحيح من الأم.
7- فى الأم : «والاحتياط» ، أي : بالنسبة للمستقبل ، وكل من اللفظين له وجه أحسنية كما لا يخفى.
8- فى الأم زيادة : «قلت». والظاهر : أنها جواب جملة شرطية قد سقطت من نسخ الأم ، تقديرها : فإن قيل : ما وجه ذلك من الآية (مثلا)؟ وما فى الأصل سليم مختصر.
9- ينبغى : أن تراجع فى السنن الكبرى ، آثار أبى سعيد الخدري ، وعامر الشعبي والحسن البصري : فى ذلك. لعظيم فائدتها.

كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ ، وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً : فَرِهانٌ (1) مَقْبُوضَةٌ ؛ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً : فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ ، أَمانَتَهُ : 2 - 283 ) ؛ فلمّا أمر - : إذا لم يجدوا (2) كاتبا. - : بالرّهن ؛ ثم أباح : ترك الرّهن ؛ وقال : ( فَإِنْ ) (3) ( أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً : فَلْيُؤَدِّ الَّذِي ) - : فدلّ (4) : على [أنّ (5)] الأمر الأوّل : دلالة على الحظّ ؛ لا : فرض (6) منه ، يعصى من تركه ؛ واللّه أعلم (7).».

ثم استدلّ عليه : بالخبر (8) ؛ وهو مذكور فى موضع آخر.

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (9) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَابْتَلُوا الْيَتامى ، حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ : فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ

ص: 127


1- فى الأم : (فرهن).
2- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل. «يجد» ، والنقص من الناسخ.
3- الزيادة عن الأم.
4- فى الأم والسنن الكبرى : «دل» ؛ وهو أحسن.
5- زيادة متعينة ، عن الأم والسنن الكبرى.
6- كذا بالأم. وفى الأصل والسنن الكبرى : «فرضا» ؛ وهو تحريف.
7- وقد تعرض لهذا المعنى (أيضا) : فى أول السلم (ص 78 - 79) : بتوسع وتوضيح ، فراجعه ، وانظر المناقب للفخر (ص 73).
8- أي : خبر خزيمة المشهور ، وقد ذكر محل الشاهد منه ، وبينه ، حيث قال : «وقد حفظ عن النبي : أنه بايع أعرابيا فى فرس. فجحد الأعرابى : بأمر بعض المنافقين ؛ ولم يكن بينهما بينة ، فلو كان حتما : لم يبايع رسول اللّه بلا بينة.». وراجع ما قاله بعد ذلك ثم راجع السنن الكبرى (ج 10 ص145 - 146).
9- كما فى الأم (ج 7 ص 74).

أَمْوالَهُمْ ) (1) ؛ وقال تعالى : ( فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؛ وَكَفى بِاللّهِ حَسِيباً : 4 - 6 ) .»

«ففى هذه الآية ، معنيان (2) : (أحدهما) : الأمر بالإشهاد. وهو (3) مثل معنى الآية التي قبلها (واللّه أعلم) : من أن [يكون الأمر] بالإشهاد (4) : دلالة ؛ لا : حتما. وفى قول اللّه : ( وَكَفى بِاللّهِ حَسِيباً ) ؛ كالدّليل : على الإرخاص فى ترك الإشهاد. لأنّ اللّه (عز وجل) يقول : ( وَكَفى بِاللّهِ حَسِيباً ) ؛ أي : إن لم يشهدوا (5) ؛ واللّه أعلم.»

«(والمعنى الثاني) (6) : أن يكون ولىّ اليتيم - : المأمور : بالدفع إليه ماله ، والإشهاد (7) عليه. - : يبرأ بالإشهاد عليه : إن جحده اليتيم ؛ ولا يبرأ

ص: 128


1- ذكر فى الأم إلى : (عليهم) ؛ ثم قال : «الآية». ولعل ما فى الأصل قصد به التنبيه على الحكمين.
2- أي : أنها تدل على كل منهما ؛ لا : أنها تتردد بينهما.
3- عبارة الأم : «وهو فى مثل معنى الآية قبله» ، أي : آية الاشهاد بالبيع السابقة. انظر هامش الأم.
4- فى الأصل : «الإشهاد». والظاهر : أنه محرف عما ذكرنا. والتصحيح والزيادة المتعينة عن الأم. وإلا : كان قوله : حتما ؛ محرفا.
5- فى الأم : «تشهدوا» ؛ وهو أنسب.
6- مراد الشافعي بهذا : أن يبين : أن فائدة الإشهاد قد تكون دنيوية وأخروية معا ؛ وذلك : فى حالة جحد اليتيم. وقد تكون أخروية فقط ؛ وذلك : فى حالة تصديقه. فتنبه ، ولا تتوهمن : أن فى كلامه تكرارا ، أو اضطرابا. ويحسن : أن تراجع تفسير البيضاوي (ص 103) : لتقف على أصل هذا الكلام.
7- فى الأم زيادة : «به» ؛ أي : بالدفع.

بغيره أو يكون مأمورا بالإشهاد عليه - : على الدّلالة. - : وقد يبرأ بغير شهادة : إذا صدّقه اليتيم. والآية محتملة المعنيين معا (1)

واحتجّ الشافعي (رحمه اللّه) - فى رواية المزنىّ عنه : فى كتاب الوكالة (2). - : بهذه الآية ؛ فى الوكيل : إذا ادّعى دفع المال إلى من أمره الموكّل : بالدّفع إليه ؛ لم يقبل [منه (3)] إلا ببيّنة : «فإنّ (4) الذي زعم : أنه دفعه إليه ؛ ليس هو : الذي ائتمنه على المال ؛ كما أنّ اليتامى ليسوا : الذين ائتمنوه على المال. فأمر (5) بالإشهاد.»

«وبهذا : فرق بينه ، وبين قوله لمن ائتمنه : قد دفعته إليك ؛ فيقبل (6) : لأنه ائتمنه.».

وذكر (أيضا) فى كتاب الوديعة (7) - فى رواية الربيع - : بمعناه.

* * *

وفيما أنبأنى أبو عبد اللّه (إجازة) : أن أبا العباس حدثهم ، قال : أنا الربيع ،

ص: 129


1- راجع ما ذكره بعد ذلك : فى تسمية الشهود ، وحكم الشهادات. لفائدته.
2- من المختصر (ج 3 ص 6 - 7).
3- زيادة حسنة ، عن المختصر.
4- فى المختصر : «وبأن» ، وكلاهما صحيح : وإن كان ما فى الأصل أحسن.
5- عبارة المختصر : «وقال اللّه .. : ( فَإِذا دَفَعْتُمْ ) ... ، وبهذا فرق بين قوله» إلخ «وبين قوله لمن لم يأتمنه عليه : قد دفعته إليك ، فلا يقبل : لأنه ليس الذي ائتمنه.».
6- فى المختصر : «يقبل». وما فى الأصل أحسن.
7- من الأم (ج 4 ص 61). وقد تقدم ذكره (ج 1 ص151 - 152).

قال : قال الشافعي (1) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ - : مِنْ نِسائِكُمْ. - : فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ) (2) : (4 - 15).»

«فسمّى اللّه فى الشهادة : فى الفاحشة - والفاحشة هاهنا (واللّه أعلم) : الزّنا (3). - : أربعة شهود. فلا (4) تتمّ الشهادة : فى الزّنا ؛ إلّا : بأربعة شهداء ، لا امرأة فيهم : لأنّ الظاهر من الشهداء (5) : الرجال خاصّة ؛ دون النساء (6).». وبسط الكلام فى الحجّة على هذا (7).

قال الشافعي (8) : «قال اللّه عز وجل : ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ؛ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ : 65 - 2 ) .»

ص: 130


1- كما فى الأم (ج 7 ص 75).
2- فى الأم زيادة : «فإن شهدوا ، الآية».
3- فى الأم زيادة : «وفى الزنا» ، أي : وفى القذف به ، كما فى آية النور : (4) الآتية قريبا.
4- فى الأم : «ولا». وما فى الأصل أحسن.
5- كذا فى الأم. وفى الأصل «الشهد» ، وهو تحريف.
6- قال فى شرح مسلم (ج 11 ص 192) : «وأجمعوا : على أن البينة أربعة شهداء ذكور عدول. هذا إذا شهدوا على نفس الزنا. ولا يقبل دون الأربعة : وإن اختلفوا فى صفاتهم ،».
7- حيث استدل : بآيتى النور : (4 و 13) ، وحديث أبى هريرة ، وأثرى على وعمر ، والإجماع. فراجع كلامه ، وراجع المختصر (ج 5 ص 246) ، واختلاف الحديث (ص 349) وشرح مسلم (ج 10 ص 131) ، والسنن الكبرى (ج 8 ص 230 و 234 وج 10 ص147 - 148).
8- كما فى الأم (ج 7 ص 76) وانظر المختصر.

«فأمر اللّه (جل ثناؤه) فى الطلاق والرّجعة : بالشهادة ؛ وسمّى فيها : عدد الشهادة ؛ فانتهى : إلى شاهدين.»

«فدلّ ذلك : على أنّ كمال الشهادة فى (1) الطلاق والرّجعة : شاهدان (2) لا نساء فيهما (3). لأنّ شاهدين لا يحتمل بحال (4) ، أن يكونا إلا رجلين (5)

«ودلّ (6) أنى لم ألق مخالفا : حفظت عنه - : من أهل العلم. - أنّ (7) حراما أن يطلّق : بغير بيّنة ؛ على : أنه (واللّه أعلم) : دلالة اختيار (8). واحتملت الشهادة على الرّجعة - : من هذا. - ما احتمل الطلاق.».

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : «والاختيار (9) فى هذا ، وفى غيره - : مما أمر فيه [بالشهادة (10)]. - : الإشهاد (11).».

ص: 131


1- فى الأم : «على» ؛ وكلاهما صحيح.
2- انظر ما قاله بعد ذلك.
3- فى الأم : «فيهم» ؛ وهو ملائم لسابق ما فيها : مما لم يذكر هنا.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «محال» ؛ وهو تصحيف.
5- فى الأم بعد ذلك : «فاحتمل أمر اللّه : بالإشهاد فى الطلاق والرجعة ؛ ما احتمل أمره : بالإشهاد فى البيوع. ودل» إلى آخر ما سيأتى.
6- فى الأصل : «وذاك» ؛ وهو خطأ وتحريف.
7- هذا مفعول لقوله : حفظت ؛ فتنبه.
8- فى الأم زيادة : «لا فرض : يعصى به من تركه ، ويكون عليه أداؤه : إن فات فى موضعه.».
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «واختيار» ؛ وهو محرف عما ذكرنا ، أو عن : «واختياري».
10- زيادة متعينة عن الأم ؛ ذكر بعدها : «والذي ليس فى النفس منه شىء».
11- كذا بالأم. وفى الأصل : «بالإشهاد» ؛ والزيادة من الناسخ.

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (1) : «قال اللّه تبارك : ( إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى : فَاكْتُبُوهُ ) ؛ الآية والتي بعدها : (2 - 282 - 283) ؛ وقال فى سياقها : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ : مِنْ رِجالِكُمْ ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ : فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ ) (2) ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ. - : أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما ، فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى ) (3)

«قال الشافعي : فذكر اللّه (عز وجل) شهود الزّنا ؛ وذكر شهود الطلاق والرّجعة (4) ؛ وذكر شهود الوصيّة» - يعنى (5) : [فى] قوله تعالى : ( اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ : 5 - 106 ) . - «: فلم يذكر معهم امرأة.»

«فوجدنا شهود الزّنا : يشهدون على حدّ ، لا : مال ؛ وشهود الطلاق والرّجعة : يشهدون على تحريم بعد تحليل ، وتثبيت تحليل ؛ لا مال : فى واحد منهما.»

ص: 132


1- كما فى الأم (ج 7 ص 77). وانظر المختصر (ج 5 ص 247) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 148).
2- راجع فى السنن الكبرى (ص 148 و 151) ، وشرح مسلم للنووى (ج 2 ص 65 - 68) : حديث ابن عمر وغيره ، الخاص : بنقصان عقل النساء ودينهن ، وسببه. وانظر الفتح (ج 5 ص 168).
3- فى الأم زيادة : «الآية».
4- يحسن : أن تراجع فى السنن الكبرى (ج 7 ص 373) ، أثرى ابن عمر وعمران بن الحصين.
5- فى الأصل : «بمعنى» ؛ والتصحيف والنقص من الناسخ. وهذا من كلام البيهقي.

«وذكر شهود الوصيّة : ولا مال للمشهود : أنه وصىّ.»

«ثم : لم أعلم أحدا - : من أهل العلم. - خالف : فى أنه لا يجوز فى الزّنا ، إلّا : الرجال. وعلمت أكثرهم (1) قال : ولا في طلاق (2) ولا رجعة (3) : إذا تناكر الزّوجان. وقالوا ذلك : فى الوصيّة. فكان (4) ما حكيت (5) - : من أقاويلهم. - دلالة : على موافقة ظاهر كتاب اللّه (عز وجل) ؛ وكان أولى الأمور : أن (6) يقاس عليه ، ويصار إليه.»

«وذكر اللّه (عز وجل) شهود الدّين : فذكر فيهم النساء ؛ وكان الدّين : أخذ مال من المشهود عليه.»

«فالأمر (7) - : على ما فرّق اللّه (عز وجل) بينه (8) : من الأحكام في الشّهادات. - : أن ينظر : كلّ ما شهد به على أحد ، فكان لا يؤخذ منه بالشّهادة نفسها مال ؛ وكان : إنما يلزم بها حقّ غير مال ؛ أو شهد به لرجل :

ص: 133


1- أخرج فى السنن الكبرى (ج 10 ص 148) عن الحسن البصري : عدم إجازة شهادة النساء على الطلاق ؛ وعن إبراهيم النخعي : عدم إجازتها أيضا على الحدود.
2- فى الأم : «الطلاق».
3- فى الأم : «الرجعة».
4- فى الأم : «وكان». وما فى الأصل أحسن.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «حكمت». وهو تصحيف.
6- فى الأم : «أن يصار ... ويقاس» وكذلك فى المختصر : بزيادة حرف الباء. وما فى الأصل أحسن.
7- فى الأم : «والأمر» ؛ وعبارة الأصل أظهر.
8- كذا بالأم. وهو الظاهر. وعبارة الأصل : «بينهم» ؛ ولعلها محرفة ، أو نقص بعدها كلمة : «فيه».

كان (1) لا يستحقّ به مالا (2) لنفسه ؛ إنما يستحقّ به غير مال - : مثل الوصيّة ، والوكالة ، والقصاص ، والحدود (3) ، وما أشبه ذلك. - : فلا يجوز فيه إلّا شهادة الرجال (4)

«وينظر : كلّ (5) ما شهد به - : ممّا أخذ به المشهود له ، من المشهود عليه ، مالا. - : فتجاز (6) فيه شهادة النساء مع الرجال ؛ لأنه فى معنى الموضع الذي أجازهنّ اللّه فيه : فيجوز قياسا ؛ لا يختلف هذا القول ، ولا (7) يجوز غيره. واللّه أعلم (8).».

* * *

ص: 134


1- فى الأم : «وكان» ؛ وكلاهما صحيح.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «مال» ؛ والظاهر : أنه محرف.
3- عبارة الأم : «والحد وما أشبهه».
4- فى الأم زيادة : «لا يجوز فيه امرأة» وراجع الأم (43 - 44 وج 6 ص 267).
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «كلما» ؛ ولعله جرى على رسم بعض المتقدمين.
6- فى الأصل : بالحاء المهملة ؛ وهو تصحيف. وفى الأم : «فتجوز».
7- فى الأم : «فلا» ، وهو أحسن.
8- ثم قال : «ومن خالف هذا الأصل ، ترك عندى ما ينبغى أن يلزمه : من معنى القرآن. ولا أعلم لأحد خالفه ، حجة فيه : بقياظ. ولا خبر لازم.». ثم بين : أنه لا تجوز شهادة النساء منفردات ، وذكر الخلاف في ذلك وما يتصل به. فراجع كلامه (ص 77 و79 - 80). وانظر كلامه (ص 10) ، والمختصر (ج 5 ص247 - 248). ثم راجع السنن الكبرى والجوهر النقي (ج 10 ص150 - 151) ، والفتح (ج 5 ص 168 - 170). ويحسن أن تراجع كلام الشافعي فى اختلاف الحديث (ص 349 و 352 و354 - 356) ، وفى الرسالة (ص 385 - 390) : فهو مفيد فى الموضوع عامة.

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (1) (رحمه اللّه) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ - : فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ؛ وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تابُوا : 24 - 4 - 5 ) .»

«فأمر (2) اللّه (عز وجل) : بضربه (3) ؛ وأمر : أن لا تقبل شهادته ؛ وسمّاه : فاسقا. ثم استثنى [له (4)] : إلّا أن يتوب. والثّنيا (5) - : فى سياق الكلام. - : على أول الكلام وآخره ؛ فى جميع ما يذهب إليه أهل الفقه ؛ إلّا : أن يفرّق بين ذلك خبر (6)

وروى الشافعي (7) قبول شهادة القاذف : إذا تاب ؛ عن عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه) ، وعن (8) ابن عباس (رضي اللّه عنه) ؛ ثم عن عطاء ، وطاوس ، ومجاهد (9). قال (10) : «وسئل الشّعبىّ : عن القاذف ؛ فقال :

ص: 135


1- كما فى الأم (ج 7 ص 81). وانظر (ص 41). وانظر المختصر (ج 5 ص 248) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 152).
2- عبارة الأم (ص 41) هى : «والحجة فى قبول شهادة القاذف : أن اللّه (عز وجل) أمر بضربه» إلى آخر ما فى الأصل. وراجع كلام الفخر فى المناقب (ص 76) : لفائدته.
3- عبارة الأم (ص 81) هى : «أن يضرب القاذف ثمانين ، ولا تقبل له شهادة أبدا».
4- زيادة حسنة ، عن الأم (ص 41). وقوله : ثم استثنى ، غير موجود فى الأم (ص 81).
5- كذا بالسنن الكبرى. وهو اسم من «الاستثناء». وفى الأصل : «وأتينا» ، وهو تحريف عما ذكرنا. وفى الام (ص 41) : «والاستثناء». وهذا إلخ غير موجود بالأم (ص 81).
6- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «خير» ؛ وهو تصحيف.
7- كما فى الأم (ص 41 و 81 - 82) وفى الأصل زيادة : «فى» وهى من الناسخ. وانظر المختصر.
8- فى الأصل : بدون الواو ، والنقص من الناسخ.
9- كما نقله ابن أبى نجيح ، وقال به.
10- كما فى الأم (ص 41).

يقبل (1) اللّه توبته : ولا تقبلون شهادته.؟! (2).».

* * *

(أنبأنى) أبو عبد اللّه (إجازة) : أنّ أبا العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (3) (رحمه اللّه) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ : إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ ، كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً : 17 - 36 ) ؛ وقال تعالى : ( إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ : وَهُمْ يَعْلَمُونَ : 43 - 86 ) ؛ وحكى (4) : أنّ إخوة يوسف (عليهم السلام) وصفوا : أنّ شهادتهم كما ينبغى لهم ؛ فحكى : أنّ كبيرهم قال : ( ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ ، فَقُولُوا : يا أَبانا ؛ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ؛ وَما شَهِدْنا إِلَّا : بِما عَلِمْنا ؛ وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ : 12 - 89 ) .»

«قال الشافعي : ولا يسع شاهدا (5) ، أن يشهد إلّا : بما علم (6).

ص: 136


1- كذا بالأصل والسنن الكبرى (ص 153) ، والمختصر. وفى الأم : «أيقبل»؟. والزيادة مقدرة فيما ذكرنا.
2- ثم رد على من خالف فى المسألة - : كالعراقيين. - بما هو الغاية فى الجودة والقوة. فراجع كلامه (ص41 - 42 و 81 - 82) ؛ والسنن الكبرى والجوهر النقي (ص 152 - 155). ثم راجع حقيقة مذهب الشعبي ، والخلاف مفصلا : فى الفتح (ج 5 ص160 - 163). وانظر الأم (ج 6 ص 214).
3- كما فى الأم (ج 7 ص 82). وقد ذكر متفرقا فى السنن الكبرى (ج 10 ص156 - 157). وانظر المختصر (ج 5 ص 249).
4- هذا إلى قوله : بما علم ؛ ليس بالمختصر. وعبارة السنن الكبرى - وهى مقتبسة - : «وقال في قصة إخوة يوسف ... : ( وَما شَهِدْنا ) » إلخ.
5- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «شاهد» ؛ وهو خطأ وتحريف.
6- راجع حديثى أنس وأبى بكرة ؛ فى شهادة الزور ؛ فى شرح مسلم للنووى (ج 2 ص81 - 82 و 87 - 88) ، والفتح (ج 5 ص 165 - 166). وراجع أثر ابن عمر المتعلق بالمقام : فى السنن الكبرى (ص 156).

والعلم : من ثلاثة وجوه ؛ (منها) : ما عاينه الشاهد (1) فيشهد : بالمعاينة (2). (ومنها) : ما سمعه (3) ؛ فيشهد : بما (4) أثبت سمعا من المشهود عليه (5). (ومنها) : ما تظاهرت به الأخبار - : ممّا (6) لا يمكن فى أكثره العيان (7). - وثبتت (8) معرفته : فى القلوب ؛ فيشهد (9) عليه : بهذا الوجه (10).». وبسط الكلام فى شرحه (11).

ص: 137


1- عبارة المختصر : «ما عاينه ؛ فيشهد به».
2- قال فى السنن الكبرى (ص 157) : «وهى : الأفعال التي تعاينها ؛ فتشهد عليها بالمعاينة». ثم ذكر حديث أبى هريرة : فى سؤال عيسى الرجل الذي رآه [عليه السلام] يسرق. وراجع طرح التثريب (ج 8 ص 285).
3- عبارة المختصر : «ما أثبته سمعا - مع إثبات بصر - من المشهود عليه».
4- فى الأم : «ما» ؛ وما هنا أولى.
5- فى السنن الكبرى زيادة : «مع إثبات بصر». وهى زيادة تضمنها كلام الأم فيما بعد : مما لم يذكر فى الأصل. وراجع فى السنن ، حديث أبى سعيد : فى النهى عن بيع الورق بالورق ؛ وكلام البيهقي عقبه.
6- هذا إلى قوله : العيان ، ليس بالمختصر.
7- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «القان» ، وهو تصحيف.
8- فى الأم والسنن الكبرى : «وتثبت». وعبارة الأصل والمختصر أحسن.
9- كذا بالأم والسنن الكبرى ، والمختصر ؛ ولم يذكر فيه قوله : بهذا الوجه. وفى الأصل : «فشهد» ؛ وهو خطأ وتحريف.
10- راجع فى السنن الكبرى ، حديث ابن عباس : فى الأمر بمعرفة الأنساب ؛ وكلام البيهقي عنه.
11- ففصل القول في شهادة الأعمى ، وبين حقيقة مذهبه ، ورد على من خالفه. فراجع كلامه (ص82 - 84 و 114 و 42) ، والمختصر ، والسنن الكبرى (ص 157 - 158). ثم راجع الفتح (ج 5 ص167 - 168).

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (1) (رحمه اللّه) - : فيما يجب على المرء : من القيام بشهادته ؛ إذا شهد. - : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ ، شُهَداءَ بِالْقِسْطِ ) ؛ الآية (2) : (5 - 8) ؛ وقال عز وجل : ( كُونُوا (3) قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ، شُهَداءَ لِلَّهِ : وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ، أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) ؛ الآية (4) : (4 - 135) ؛ وقال : ( وَإِذا قُلْتُمْ ، فَاعْدِلُوا : وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى : 6 - 152 ) ؛ وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ ) (5) : (70 - 33) ؛ وقال : ( وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ ؛ وَمَنْ يَكْتُمْها : فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) ؛ الآية : (2 - 283) ؛ وقال عز وجل : ( وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ : 65 - 2 ) .»

«قال الشافعي : الذي (6) أحفظ عن كلّ من سمعت منه : من أهل

ص: 138


1- كما فى الأم (ج 7 ص 84) ، والمختصر (ج 5 ص 249) : ولم يذكر فيه إلا آية البقرة. وانظر السنن الكبرى (ج 10 ص 158).
2- ذكر فى الأم إلى قوله : (للتقوى).
3- ذكر فى الأم من أول الآية إلى قوله : ( شُهَداءَ لِلَّهِ ) ، ثم قال : «إلى آخر الآية». وذكر فى السنن الكبرى نحو ذلك ، ثم ذكر آية البقرة فقط.
4- قد ورد فى الأصل : مضروبا عليه ؛ والظاهر أنه من عبث الناسخ : بقرينة ما فى الأم والسنن الكبرى. وراجع فيها أثرى ابن عباس ومجاهد : فى تفسيرها. ثم راجع الفتح (ج 5 ص 165).
5- راجع فى معالم السنن (ج 4 ص 168) ، وشرح مسلم (ج 2 ص 17) : حديث زيد بن خالد الجهني : فى خير الشهود. وراجع أيضا فى السنن الكبرى (ص 159) : أثرى ابن عباس وعمر. وانظر الجوهر النقي.
6- هذا إلى قوله : الشهادة ؛ ذكر فى السنن الكبرى. وفى الأم والمختصر : «والذي». وقوله : منه ؛ ليس بالمختصر.

العلم ؛ فى (1) هذه الآيات - : أنه فى الشاهد : قد (2) لزمته الشهادة ؛ وأنّ فرضا عليه : أن يقوم بها : على والديه (3) وولده ، والقريب والبعيد ؛ و: للبغيض (4) : [البعيد] والقريب ؛ و (5) : لا يكتم عن أحد ، ولا يحابى بها (6) ، ولا يمنعها أحدا (7).».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (8) (رحمه اللّه) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللّهُ : 2 - 282 ) ؛ يحتمل : أن يكون حتما على من دعي لكتاب (9) ؛ فإن تركه تارك : كان عاصيا.»

ص: 139


1- فى السنن الكبرى : «فى هذه الآية» ، وعبارة المختصر : «أن ذلك».
2- في الأم : «وقد». وما هنا أحسن.
3- كذا بالأم. وفى المختصر : «والده». وعبارة الأصل : «والدته ووالده» ، وهى - مع صحة معناها - مصحفة عما فى الأم.
4- هذا إلى قوله : والقريب ، ليس بالمختصر. وفى الأصل : «والبغيض» ، وهو تصحيف. والتصحيح والزيادة من عبارة الأم : «وللبغيض القريب والبعيد».
5- كذا بالأم. وفى المختصر : «لا تكتم» ، أي : الشهادة. وعبارة الأصل : «لا يكتم عن واحد» ، والظاهر - مع صحتها وموافقتها فى الجملة لعبارة المختصر - : أن تأخير الواو من الناسخ.
6- فى المختصر زيادة : «أحد».
7- كذا بالأم ، وفى الأصل والمختصر : «أحد». وهى - بالنظر لما فى الأصل - محرفة.
8- كما فى الأم (ج 3 ص 79 - 80) ؛ وهو مرتبط أيضا بما تقدم (ص 127).
9- فى الأم : «الكتاب» ؛ وهو مصدر أيضا : كالكتابة.

«ويحتمل : أن يكون [على (1)] من حضر - : من الكتّاب. - : أن لا يعطّلوا كتاب حقّ بين رجلين ؛ فإذا قام به واحد : أجزأ عنهم. كما حقّ عليهم : أن يصلّوا على الجنائز ويدفنوها ؛ فإذا قام بها من يكفيها : أخرج ذلك من تخلّف عنها ، من المأثم (2). وهذا : أشبه معانيه به ؛ واللّه أعلم.»

«قال : وقول اللّه عز وجل : ( وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ : إِذا ما دُعُوا ) (3) : (2 - 282) ؛ يحتمل ما وصفت : من أن لا يأبى (4) كلّ شاهد : ابتدئ (5) ، فيدعى : ليشهد.»

«ويحتمل : أن يكون فرضا على من حضر الحقّ : أن يشهد منهم من فيه الكفاية للشهادة (6) ؛ فإذا شهدوا : أخرجوا غيرهم من المأثم ؛ وإن ترك من حضر ، الشهادة : خفت حرجهم ؛ بل : لا أشكّ فيه ؛ واللّه (7) أعلم.

ص: 140


1- زيادة متعينة ، عن الأم ؛ ذكر قبلها : «كما وصفنا فى كتاب : جماع العلم.».
2- في الأم بعد ذلك : «ولو ترك كل من حضر الكتاب : خفت أن يأثموا ؛ بل : كأنى لا أراهم يخرجون من المأثم. وأيهم قام به : أجزأ عنهم.».
3- راجع فى السنن الكبرى (ج 10 ص 460). أثرى ابن عباس والحسن ، وما لقله البيهقي عن جماعة من المفسرين فى هذه الآية ؛ وما عقب به عليه. لفائدته الكبيرة.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : «يأتى». وهو تصحيف.
5- كذا بالأم. وفى الأصل : «ابسدى» ؛ وهو تصحيف. ولو قال بعد ذلك : فدعى ؛ لكان أحسن.
6- قال - كما فى المختصر (ج 5 ص 249) - : «وفرض القيام بها فى الابتداء ، على الكفاية : كالجهاد ، والجنائز ، ورد السلام. ولم أحفظ خلاف ما قلت ، عن أحد».
7- هذه الجملة ليست بالأم ؛ ولا يبعد أن تكون مزيدة من الناسخ.

وهذا : أشبه (1) معانيه [به] ؛ واللّه أعلم.»

«قال : فأمّا من سبقت شهادته : بأن شهد (2) ؛ أو علم حقّا : لمسلم ، أو معاهد - : فلا يسعه التّخلّف عن تأدية الشهادة : متى طلبت منه فى موضع مقطع الحقّ.».

* * *

(أنبأنى) أبو عبد اللّه (إجازة) : أن أبا العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (3) (رحمه اللّه تعالى) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ : مِنْكُمْ : 5 - 106 ) ؛ وقال (4) اللّه تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ : فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ : مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ : 2 - 282 ) .»

«فكان (5) الذي يعرف (6) من خوطب (7) بهذا ، أنه أريد به (8) :

ص: 141


1- عبارة الأصل : «شبه معانيه» ؛ وهو تحريف والتصحيح والزيادة من الأم.
2- أي : بالفعل من قبل. وفى الأم : «أشهد» ؛ أي : طلبت شهادته من قبل ، وقام بها : فى قضية لم يتم الفصل فيها ، بل يتوقف على شهادته مرة أخرى. ويريد الشافعي بذلك : أن يبين : أن الشهادة قد تكون فرضا عينيا بالنظر لبعض الأفراد.
3- كما فى الأم (ج 7 ص 80 - 81). وانظر المختصر (ج 5 ص249 - 250) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 161 و 166).
4- كذا بالأم وغيرها. وفى الأصل : «قال» ؛ والنقص من الناسخ.
5- كذا بالأصل والمختصر. وفى الأم : بالواو.
6- فى الأصل زيادة : «أن» ، وهى من الناسخ.
7- يعنى : من نزل عليه الخطاب : من بلغاء العرب.
8- فى المختصر : «بذلك الأحرار البالغون المسلمون المرضيون». ثم ذكر بعض ما سيأتى بتصرف كبير.

الأحرار ، المرضيّون ، المسلمون. من قبل : أنّ (1) رجالنا ومن نرضى : من (2) أهل ديننا ؛ لا : المشركون ؛ لقطع اللّه الولاية بيننا وبينهم : بالدّين. و (3) : رجالنا : أحرارنا (4) ؛ لا : مماليكنا ؛ الذين (5) : يغلبهم (6) من تملّكهم (7) ، على كثير : من أمورهم. و (8) : أنّا لا نرضى أهل الفسق منا ؛ و: أنّ الرّضا (9) إنما يقع على العدول (10) منا ؛ ولا يقع إلّا : على البالغين ؛

ص: 142


1- كذا بالأم والسنن الكبرى (ص 162). وفى الأصل : «لا حالنا» ؛ وهو تحريف عجيب.
2- كذا بالأصل والسنن الكبرى ؛ أي : بعضهم. ولم يذكر فى الأم ؛ وعدم ذكره أولى.
3- هذا إلى قوله : أمورهم ، ذكر فى السنن الكبرى (ص 161) بزيادة : «فلا يجوز شهادة مملوك فى شىء : وإن قل.» ، وقد ذكر نحوها فى الأم (ص 81).
4- فى الأم زيادة : «والذين نرضى : أحرارنا».
5- فى السنن الكبرى : «الذي» ؛ ولعله محرف.
6- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «نعيلهم» ؛ وهو تصحيف.
7- فى الأم والسنن الكبرى : «يملكهم». وراجع فيها أثر مجاهد فى ذلك ، وما نقله عن بعض المخالفين فى المسألة. ثم راجع الفتح (ج 5 ص 169).
8- هذا إلى قوله : العدول منا ، ذكر فى السنن الكبرى (ص 166). وراجع فيها : أثرى عمر وشريح.
9- كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «الرضى» ؛ وهو محرف عما ذكرنا أو عن : «المرضى» ؛ ومعناهما واحد. انظر الأساس.
10- فى الأم : «العدل». وراجع كلام الشافعي عن العدالة : فى الرسالة (ص 25 و 38 و 493) ، وجماع العلم (ص40 - 41). ثم راجع الفتح (ج 5 ص 157 و 159). ويحسن : أن تراجع فى السنن الكبرى (ص185 - 191) : من تجوز شهادته ومن ترد. وانظر الأم (ج 6 ص208 - 216) ، والمختصر (ج 5 ص 256).

لأنه (1) إنما خوطب (2) بالفرائض : البالغون ؛ دون : من لم يبلغ (3).». وبسط الكلام فى الدّلالة عليه (4).

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (5) (رحمه اللّه) : «فى (6) قول اللّه عز وجل : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ : مِنْ رِجالِكُمْ ) ؛ إلى : ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ : مِنَ الشُّهَداءِ ) (7) ، وقوله تعالى : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ : مِنْكُمْ : 65 - 2 ) ؛ دلالة (8) : على أنّ اللّه

ص: 143


1- عبارة السنن الكبرى (ص 161) هى : «وقول اللّه : ( مِنْ رِجالِكُمْ ) ؛ يدل : على أنه لا تجوز شهادة الصبيان (واللّه أعلم) فى شىء. ولأنه» إلخ.
2- أي : كلف بها.
3- فى السنن الكبرى زيادة : «ولأنهم ليسوا ممن يرضى : من الشهداء ؛ وإنما أمر اللّه : أن نقبل شهادة من نرضى.».
4- حيث رد على من أجاز شهادة الصبيان فى الجراح : ما لم يتفرقوا. فراجع كلامه (ص 81 و 44). وراجع الفتح (ج 5 ص 175) ، وشرح الموطأ (ج 3 ص 396).
5- كما فى الأم (ج 6 ص 127) وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 10 ص 162).
6- عبارة الأم : «قلت» ؛ وهى جواب عن سؤال. وعبارة السنن الكبرى : «قال اللّه».
7- ذكر فى الأم (ج 7 ص 116) أن مجاهدا قال فى ذلك : «عدلان ، حران ، مسلمان». ثم قال : «لم أعلم : من أهل العلم ؛ مخالفا : فى أن هذا معنى الآية.» إلخ ؛ فراجعه. وراجع كلامه (ص 97 وج 6 ص 246) : لفائدته فى المقام كله. وانظر اختلاف الحديث (ص 352) ؛ والسنن الكبرى ص 163.
8- فى الأم والسنن الكبرى : «ففى هاتين الآيتين (واللّه أعلم) دلالة» إلخ.

(عز وجل) إنما عنى : المسلمين ؛ دون غيرهم (1)

ثم ساق الكلام (2) ، إلى أن قال : «ومن أجاز شهادة أهل الذّمّة ، فأعدلهم عنده (3) : أعظمهم باللّه شركا : أسجدهم للصّليب ، وألزمهم للكنيسة (4)

«فإن (5) قال قائل : فإنّ اللّه (عز وجل) يقول : ( حِينَ الْوَصِيَّةِ :

ص: 144


1- فى السنن زيادة تقدمت ، وهى : «من قبل أن» إلى : «بالدين». وراجع ما كتبه صاحب الجوهر النقي على ذلك ، وتأمله. ثم راجع المذاهب فى هذه المسألة : فى معالم السنن (ج 4 ص171 - 172) ، والفتح (ج 5 ص 185).
2- حيث قال : «ولم أر المسلمين اختلفوا : فى أنها على الأحرار العدول : من المسلمين خاصة ؛ دون : المماليك العدول ، والأحرار غير العدول. وإذا زعم المسلمون : أنها على الأحرار المسلمين العدول ، دون المماليك - : فالمماليك العدول ، والمسلمون الأحرار - : وإن لم يكونوا عدولا. - : فهم خير من المشركين : كيفما كان المشركون فى ديانتهم. فكيف أجيز شهادة الذي هو شر ، وأرد شهادة الذي هو خير ؛ بلا كتاب ، ولا سنة ، ولا أثر ، ولا أمر : اجتمعت عليه عوام الفقهاء.؟!». وقد تعرض لهذا المعنى - : بتوضيح وزيادة. - فى الأم (ج 7 ص 14 و39 - 40) ؛ فراجعه. وانظر المختصر (ج 5 ص 250). وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ص 162) ، وعقبه : بأثر ابن عباس المتقدم (ص 74) ، وحديث أبى هريرة : «لا تصدقوا أهل الكتاب ، ولا تكذبوهم» ؛ وغيره : مما يفيد فى البحث.
3- كذا بالأم. وقد ورد بالأصل : مضروبا عليه ؛ ثم ذكر بعده : «عندهم» ؛ والظاهر أنه من صنع الناسخ. وما فى الأم أولى : فى مثل هذا التركيب.
4- لعلك بعد هذا الكلام الصريح البين ، من ذلك الإمام الأجل ، يقوى يقينك : بأن من أفحش الأخطاء ، وأحقر الآراء - ما يجاهر به بعض المتفيقهين المتبجحين : من أن بعض أهل الكتاب الذين لم يسلموا ، سيدخلون الجنة قبل المسلمين.
5- عبارة الأم : «فقال قائل» ؛ وهى أفيد.

اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ : مِنْكُمْ ؛ أَوْ آخَرانِ : مِنْ غَيْرِكُمْ : 5 - 106 ) ؛ أي (1) من غير أهل دينكم.»

«قال الشافعي : [فقد (2)] سمعت من يتأوّل هذه الآية ، على : من غير قبيلتكم (3) : من المسلمين (4).».

قال الشافعي (5) : «والتنزيل (6) (واللّه أعلم) يدلّ على ذلك : لقول اللّه تعالى : ( تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ : 5 - 106 ) ؛ والصلاة الموقّتة (7) : للمسلمين. ولقول (8) اللّه تعالى : ( فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ : إِنِ ارْتَبْتُمْ ، لا نَشْتَرِي

ص: 145


1- هذا إلى : دينكم ؛ ليس بالأم. ولا يبعد أن يكون من كلام البيهقي.
2- زيادة جيدة ، عن الأم ، ذكر قبلها كلام يحسن مراجعته. وفى السنن الكبرى (ص 164) : «وقد». وعبارة المختصر (ص 253) : «سمعت من أرضى يقول : من غير» إلخ.
3- فى بعض نسخ السنن الكبرى : «قبيلكم». وقد أخرج فيها نحو هذا التفسير - بزيادة جيدة - : عن الحسن وعكرمة. وراجع الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص132 - 133) ، ثم الفتح (ج 5 ص 268) : ففائدتهما قيمة. وانظر تفسير الفخر (ج 3 ص 460).
4- ثم ذكر نحو ما سيأتى عقبه.
5- كما فى الأم (ج 7 ص 29) : بعد أن ذكر نحو ما تقدم ، فى خلال مناظرة أخرى فى الموضوع.
6- عبارة السنن الكبرى : «ويحتج فيها بقول اللّه» - وهى عبارة المختصر ، والأم (ج 6 ص 127) - وذكر فيها إلى قوله : (ثمنا).
7- كذا بالأصل والسنن الكبرى. وفى الأم : «المؤقتة».
8- فى الأم والسنن الكبرى : «وبقول» ؛ وذكر فيها من أول قوله : (ولو كان).

بِهِ ثَمَناً : وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى : 5 - 106 ) ؛ وإنما القرابة : بين المسلمين الذين كانوا مع النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) : من العرب ؛ أو : بينهم وبين أهل الأوثان. لا : بينهم وبين أهل الذّمّة. وقول (1) [اللّه] : ( وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللّهِ : إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ : 5 - 106 ) ؛ فإنما يتأثّم من كتمان الشهادة [للمسلمين (2)] : المسلمون ؛ لا : أهل الذّمّة.»

قال الشافعي (3) : «وقد سمعت من يذكر : أنها منسوخة بقول اللّه عز وجل : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ : مِنْكُمْ : 65 - 2 ) (4) ؛ واللّه أعلم (5)

ثم جرى فى سياق كلام الشافعىّ (رحمه اللّه) أنه قال : «قلت له : إنما ذكر اللّه هذه الآية (6) : فى وصيّة مسلم (7) ؛ أفتجيزها : فى وصيّة مسلم

ص: 146


1- فى الأصل : «وقالوا» ؛ والظاهر : أنه محرف. والتصحيح والزيادة من الأم. وفى السنن : «ويقول اللّه» ، وفيه تصحيف.
2- زيادة جيدة أو متعينة ، عن الأم والسنن الكبرى.
3- كما فى الأم (ج 6 ص 128).
4- نسب النحاس ، القول بالنسخ ، إلى زيد بن أرقم ، ومالك ، وأبى حنيفة : (وإن خالف غيره ، فقال : بجواز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض.) ؛ والشافعي : وهو يعارض ما سيصرح به آخر البحث. وذكر فى الفتح : أن الناسخ آية البقرة : 4. - ولا تعارض - وأن القائلين بالنسخ احتجوا : بالإجماع على رد شهادة الفاسق ؛ والكافر شر منه. ثم رد عليه : بما ينبغى مراجعته. وانظر الناسخ والمنسوخ ، وتفسيرى القرطبي (ج 6 ص 350) والشوكانى (ج 2 ص 82).
5- فى الأم والسنن الكبرى ، زيادة : «ورأيت مفتى أهل دار الهجرة والسنة ، يفتون : أن لا تجوز شهادة غير المسلمين العدول.». وراجع فى السنن : تحقيق مذهب ابن المسيب.
6- أي : آية : ( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) ؛ التي احتج بها الخصم.
7- فى الأم زيادة : «فى السفر».

فى (1) السفر؟. قال : لا. قلت : أو تحلّفهم : إذا شهدوا.؟. قال : لا. قلت : ولم : وقد تأوّلت : أنها فى وصيّة مسلم.؟!. قال : لأنها منسوخة قلت : فإن نسخت فيما أنزلت فيه - : فلم (2) تثبتها فيما لم تنزل فيه؟! (3).».

وأجاب الشافعىّ (رحمه اللّه) - عن الآية - : بجواب آخر ؛ على ما نقل عن مقاتل بن حيّان (4) ، وغيره : فى سبب نزول الآية.

وذلك : فيما أخبرنا (5) أبو سعيد بن أبى عمرو ، قال : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (6) : «أخبرنى أبو سعيد (7) : معاذ بن موسى

ص: 147


1- عبارة الأم : «بالسفر». وراجع بيان من قال بجوازها حينئذ - : كان عباس وأبى موسى وعبد اللّه بن قير. وشريح وابن جبير ، والثوري وأبى عبيد ، والأوزاعي وأحمد - : فى الناسخ والمنسوخ (ص 131 - 132) ، والسنن الكبرى (ص 165 - 166) ، والفتح. لفائدته فى شرح المذاهب كلها.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «ثم نثبتها» ؛ وهو خطأ وتحريف.
3- أي : فتقول : بجواز شهادة بعضهم على بعض. مع أنه لا يكون - حينئذ - إلا : من طريق القياس : الذي يتوقف على ثبوت حكم الأصل ؛ وهو قد نسخ باعترافك.؟!. والطريقية مناظرته. ثم راجع كلامه فى الأم (ج 7 ص14 - 15 و 29) : فهو يزيد ما هنا قوة ووضوحا. وانظر المختصر (ص 253).
4- فى الأصل والأم - هنا وفيما سيأتى - : «حبان» ؛ وهو تصحيف. انظر الخلاصة (ص 330) ، والتاج (مادة : قتل).
5- ورد فى الأصل بصيغة الاختصار : «أنا» ؛ والأليق ما ذكرنا.
6- كما فى الأم (ج 4 ص 128 - 129). وقد ذكر فى تفسير الطبري (ج 7 ص 76) وذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 10 ص 165) : بعد أن أخرجه كاملا بزيادة (ص 164) ، من طريق الحاكم بإسناد آخر ، عن مقاتل.
7- كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وهو الصحيح. وفى الأصل : «أبو سعد ... بكر» ؛ وعبارة الطبري : «سعيد بن معاذ ... بكر». وكلاهما تحريف. انظر الخلاصة (ص 45) ، وما تقدم (ج 1 ص275 - 276).

الجعفرىّ (1) ؛ عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيّان (قال بكير : قال مقاتل : أخذت هذا التفسير ، عن : مجاهد ، والحسن ، والضّحّاك.) - : فى قول (2) اللّه عز وجل : ( اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ : مِنْكُمْ (3) ؛ أَوْ آخَرانِ : مِنْ غَيْرِكُمْ ) ؛ الآية. - : أنّ رجلين نصرانيّين : من أهل دارين (4) ؛ أحدهما : تميمىّ ؛ والآخر يمانيّ ؛ (وقال (5) غيره : من أهل دارين ؛ أحدهما (6). تميم ؛ والآخر : عدىّ.) - : صحبهما

ص: 148


1- فى بعض نسخ السنن الكبرى. «الجعفي».
2- عبارة الأم : «قوله تبارك وتعالى».
3- فى الأم بعد ذلك : «الآية» ؛ ولم يذكر فى الطبري. وذكر فى رواية البيهقي الأخرى : إلى هنا ؛ ثم قال : «يقول : شاهدان ذوا عدل منكم : من أهل دينكم ؛ ( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) ؛ يقول : يهوديين أو نصرانيين ؛ قوله : ( إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) ؛ وذلك : أن رجلين ...».
4- هى : قرية فى بلاد فارس ، على شاطىء البحر. أو : فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند. انظر معجمى البكري وياقوت.
5- ما بين القوسين ليس بالأم ولا الطبري ؛ وهو من كلام البيهقي.
6- عبارة الأصل : «أحدهما تميمى ، والآخر يمانى» ؛ وهى محرفة قطعا. والتصحيح عن رواية البيهقي والبخاري وأبى داود وغيرهم. وهما : تميم بن أوط. وعدى بن بداء (بفتح الباء والدال المشددة. وذكر مصحفا : بالذال ، في رواية البيهقي) أو ابن زيد. انظر أيضا تفسير القرطبي (ج 6 ص 346) ، وكتابى الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 133) وابن سلامة (ص 157) ، وأسباب النزول للواحدى [ص 159] ، وتفسير الفخر (ج 3 ص 460).

مولى (1) لقريش فى تجارة ، فركبوا (2) البحر : ومع القرشىّ مال معلوم ، قد علمه أولياؤه - من بين آنية ، وبز ، ورقة (3). - فمرض القرشىّ : فجعل وصيّته إلى الدّاريّين ؛ فمات ، وقبض (4) الداريّان المال (5) والوصيّة : فدفعاه إلى أولياء الميّت ، وجاءا ببعض ماله. فأنكر (6) القوم قلّة المال ، فقالوا للدّاريّين : إنّ صاحبنا قد خرج : ومعه (7) مال أكثر (8) مما أتيتمونا (9) به ؛ فهل باع شيئا ، أو اشترى [شيئا (10)] : فوضع فيه ؛ أو (11) هل طال مرضه : فأنفق على نفسه؟. قالا : لا. قالوا (12) : فإنكما خنتمونا (13). فقبضوا المال ، ورفعوا أمرهما إلى النبىّ (14) (صلى اللّه عليه وسلم) : فأنزل

ص: 149


1- هو رجل من بنى سهم ؛ كما فى رواية البخاري وأبى داود وغيرهما.
2- رواية البيهقي : بالواو.
3- كذا بالأم وغيرها. وفى الأصل : «من بين ابنه وبن ورقه» ؛ ثم ضرب على الكلمة الأخيرة ، وذكر بعدها : «ورق» بدون واو أخرى. وهو تصحيف وعبث من الناسخ. والبز : الثياب ؛ والرقة والورق : الدراهم المضروبة
4- رواية البيهقي : بالفاء
5- فى رواية البيهقي بعد ذلك : «فلما رجعا من تجارتهما : جاءا بالمال والوصية» إلخ
6- فى الأم والطبري : بالواو. ورواية البيهقي : «فاستنكر».
7- كذا بالأم وعبارة الأصل والطبري والبيهقي : «معه بمال» ؛ والظاهر - بقرينة ما قبل وما بعد - أنها محرفة عما ذكرنا ، أو عن : «معكما بمال». فتأمل.
8- عبارة البيهقي : «كثير» ؛ وما هنا أحسن.
9- عبارة الأم : «أتيتمانا» ؛ وعبارة البيهقي : «أتيتما» والكل صحيح.
10- زيادة حسنة عن الأم وغيرها.
11- عبارة البيهقي : «أم».
12- فى الأصل : «قال» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم وغيرها.
13- فى الأم والطبري : «خنتمانا». وعبارة البيهقي : «خنتما لنا» ؛ وهى محرفة عن : «خنتما مالنا».
14- عبارة الأم : «رسول اللّه».

اللّه تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : شَهادَةُ بَيْنِكُمْ ) (1) ؛ إلى آخر الآية (2). فلمّا نزلت (3) : ( تَحْبِسُونَهُما ) (4) ( مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ ) : أمر (5) النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) الدّاريّين ؛ فقاما بعد الصلاة : فحلفا باللّه ربّ السموات : ما ترك مولاكم : من المال ، إلّا ما أتيناكم به ؛ وإنّا لا نشترى بأيماننا ثمنا قليلا (6) : من الدّنيا ؛ ( وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى ؛ وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللّهِ : إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ ) . فلمّا حلفا : خلّى سبيلهما. ثم : إنهم وجدوا - بعد ذلك - إناء (7) : من آنية الميّت ؛ فأخذ (8) الدّاريّان ، فقالا : اشتريناه منه فى حياته ؛ وكذبا ؛ فكلّفا البيّنة : فلم يقدرا (9) عليها (10). فرفع (11) ذلك إلى النبىّ (12) (صلى اللّه عليه وسلم) : فأنزل اللّه عز وجل : ( فَإِنْ عُثِرَ ) ؛ يقول :

ص: 150


1- فى رواية الأم والبيهقي ، زيادة : «إذا حضر أحدكم الموت». وحكى القرطبي إجماع أهل التفسير : على أن هذه القصة هى السبب فى نزول هذه الآية. انظر تفسيرى الشوكانى (ج 2 ص 84) والفخر (ص459 - 460).
2- قال الخطابي فى معالم السنن (ج 4 ص 172) : «فيه حجة لمن رأى : رد اليمين على المدعى.».
3- عبارة الطبري : «نزل».
4- عبارة غير الأصل : «أن يحبسا من بعد الصلاة» ؛ أي : ما دل على ذلك.
5- عبارة الأم والطبري : «أمر ... فقاما». وعبارة البيهقي : «أمرهما ... فقاما».
6- هذا ليس فى رواية البيهقي.
7- هذه عبارة الأم والطبري والبيهقي. وفى الأصل «انا» ؛ وهو تحريف ؛ إلا : إن كان يصح تسهيله. وانظر المصباح.
8- عبارة الأم : «فأخذوا الداريين» وعبارة البيهقي : «وأخذوا الداريين».
9- فى بعض نسخ السنن الكبرى : «يقدروا».
10- هذه عبارة الأم والطبري والبيهقي. وفى الأصل : «عليه» ؛ ولعله محرف.
11- فى غير الأصل : «فرفعوا».
12- فى الأم : «رسول اللّه».

فإن اطّلع (على أنّهما استحقّا إثما) يعنى : الدّاريّين ؛ [أي (1)] : كتما حقّا ؛ (فآخران) : من أولياء الميّت ؛ (يقومان مقامهما - : من الّذين استحقّ عليهم الأوليان (2). - : فيقسمان باللّه) (3) : فيحلفان باللّه : إنّ مال صاحبنا (4) كان كذا وكذا ؛ وإنّ الذي نطلب - : قبل الدّاريّين. - لحقّ ؛ ( وَمَا اعْتَدَيْنا : إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ : 5 - 107 ) . فهذا (5) : قول الشاهدين أولياء الميّت (6) : ( ذلِكَ أَدْنى : أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها : 5 - 108 ) ؛ يعنى : الدّاريّين والناس ؛ [أن يعودوا لمثل ذلك (7)].»

«[قال الشافعي : يعنى : من كان فى مثل حال الدّاريّين (8)] : من

ص: 151


1- زيادة جيدة عن الأم ، وعبارة الطبري : «أن» ، والمعنى واحد. وعبارة البيهقي : «يقول : إن كانا كتما» إلخ.
2- راجع الكلام : عن معنى هذا وإعرابه ، ووجوه القراءات فيه ؛ فى القرطين (ج 1 ص 149) ، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 135) وتفسير الطبري (ص 73 - 79) ، والفخر (ص 463) ، والقرطبي (ص 358 - 359) ؛ والفتح (ج 5 ص 266) ، والتاج. والمقام لا يسمح لنا بأكثر من الإحالة على أجل المصادر.
3- فى رواية البيهقي ، زيادة : «يقول». وقوله : فيحلفان باللّه ؛ ليس فى الطبري
4- كذا بغير الأصل ؛ وهو الظاهر الملائم لما بعد. وفى الأصل : «صاحبهما» ؛ ولعله محرف.
5- عبارة الأم والطبري : بدون الفاء.
6- فى رواية البيهقي ، زيادة : «حين اطلع على خيانة الداريين ؛ يقول اللّه تعالى».
7- زيادة عن الأم ، نقطع : بأنها سقطت من الناسخ ؛ وقد ذكر الجزء الأول منها فى رواية الطبري والبيهقي.
8- زيادة عن الأم ، نقطع : بأنها سقطت من الناسخ ؛ وقد ذكر الجزء الأول منها فى رواية الطبري والبيهقي.

الناس. ولا أعلم الآية تحتمل معنى : غير جملة (1) ما قال (2)

«وإنما معنى ( شهادة بينكم ) : أيمان بينكم (3) ؛ كما (4) سمّيت أيمان المتلاعنين : شهادة ، واللّه تعالى أعلم.».

وبسط الكلام فيه ، إلى أن قال : «وليس فى هذا : ردّ اليمين ، إنما كانت يمين الدّاريّين : على ما ادّعى (5) الورثة : من الخيانة ؛ ويمين ورثة الميّت : على ما ادّعى الدّاريّان : أنه (6) صار لهما من قبله (7)

«وقوله (8) عز وجل : ( أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ : 5 - 108 ) ،

ص: 152


1- عبارة الأم : «غير حمله على ما قال» ؛ ولا يبعد أن يكون ما فى الأصل : محرفا ، أو زائدا من الناسخ.
2- قال فى الأم - بعد ذلك - : «وإن كان لم يوضح بعضه : لأن الرجلين - : اللذين كشاهدى الوصية. - كانا أمينى الميت ؛ فيشبه أن يكون : إذا كان شاهدان - : منكم ، أو من غيركم. - : أمينين على ما شهدا عليه ، فطلب ورثة الميت أيمانهما : أحلفا بأنهما أمينان ، لا : فى معنى الشهود.». ثم ذكر اعتراضا أجاب عنه بما سيأتى : مع تقديم زيادة سننبه عليها.
3- وهذا : مذهب الكرابيسي والطبري والقفال. راجع أدلهم وما ورد عليهم : فى تفسير الطبري ، والقرطبي (ص 348) والفتح (ص 269).
4- هذا إلى قوله : شهادة ؛ متقدم فى عبارة الأم ؛ وذكر فيها عقب قوله بينكم : «إذا كان هذا المعنى». وذكر هذه الزيادة فى السنن الكبرى ، مع أول الكلام هنا. وراجع فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 102) ما رواه يونس عن الشافعي.
5- عبارة الأم : «على ادعاء».
6- عبارة الأم : «مما وجد فى أيديهما ، وأقرا : أنه للميت ، وأنه» إلخ.
7- فى الأم بعد ذلك : «وإنما أجزنا رد اليمين ، من غير هذه الآية». وراجع كلامه عن هذا ، ورده على من خالفه : فى الأم (ج 7 ص34 - 36 و 217) ؛ فهو منقطع النظير. وانظر الأم (ج 6 ص78 - 79) ، والمختصر (ج 5 ص 255 - 256) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 182 - 184).
8- عبارة الأم : «فإن قال قائل : فإن اللّه. يقول : ( أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ ) .... فذلك» إلخ.

فذلك (واللّه أعلم) : أنّ الأيمان كانت عليهم : بدعوى الورثة : أنهم اختانوا ؛ ثم صار الورثة حالفين : بإقرارهم : أنّ هذا كان للميّت ، وادّعائهم شراءه منه. فجاز : أن يقال : ( أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ) : [تثنّى (1) عليهم الأيمان. بما يجب عليهم إن صارت لهم الأيمان ؛ كما يجب على من حلف لهم]. وذلك قوله (2) - واللّه أعلم - : ( يَقُومانِ مَقامَهُما ) . فيحلفان (3) كما أحلفا.»

«وإذا كان هذا كما وصفت : فليست هذه الآية : ناسخة (4) ، ولا منسوخة (5).».

قال الشيخ : وقد روينا عن ابن عباس (6) ، ما دلّ : على صحة ما قال مقاتل بن حيّان (7).

ص: 153


1- أي : تعاد عليهم مرة ثانية. وهذه الزيادة : عن الأم ؛ ونجوز : أن بعضها سقط من الناسخ. ولم يذكر فى الأم قوله : ( بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ) .
2- فى الأم : «قول لله».
3- فى الأم : بدون الفاء. وانظر المختار.
4- فى الأم : «بناسخة».
5- فى الأم زيادة : «لأمر اللّه (عز وجل) : بإشهاد ذوى عدل منكم ، ومن نرضى من الشهداء.». قال الخطابي : «والآية : محكمة لم تنسخ ؛ فى قول عائشة ، والحسن ، وعمرو بن شرحبيل. وقالوا : المائدة آخر ما نزل - : من القرآن. - : لم ينسخ منها شىء.» ؛ ولم يرتض فى آخر كلامه (ص 173) القول بالنسخ. وانظر تفسير القرطبي (ص 350) والفتح (ص268 - 269).
6- أي : (فى السنن الكبرى ص 165). وكذلك : رواه عنه البخاري وأبو داود ؛ والدار قطنى (على ما فى تفسير القرطبي : ص 346) ؛ والطبري (ص 75) ، والنحاس (ص 133) ، والواحدي فى أسباب النزول (ص 159).
7- قال فى السنن الكبرى - بعد أن ذكر نحو ذلك - : «إلا أنه لم يحفظ فيه دعوى تميم وعدى : أنهما اشترياه ؛ وحفظه مقاتل».

ويحتمل : أن يكون المراد بقوله تعالى : ( شَهادَةُ بَيْنِكُمْ - : إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ، حِينَ الْوَصِيَّةِ. - : اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ : مِنْكُمْ ؛ أَوْ آخَرانِ ) - : الشهادة نفسها (1). وهو : أن يكون للمدّعى اثنان ذوا عدل - : من المسلمين. - يشهدان (2) لهم بما ادّعوا على الدّاريّين. من الخيانة. ثم قال : ( أَوْ (3) آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) ؛ يعنى : إذا لم يكن للمدّعين : منكم ؛ بيّنة - : فآخران : من غيركم ؛ يعنى : فالدّاريّان -. اللّذان ادّعى عليهما. - يحبسان من بعد الصلاة. (فيقسمان باللّه) ؛ يعني. يحلفان على إنكار ما ادّعى عليهما ؛ على ما حكاه مقاتل ، واللّه أعلم (4).

ص: 154


1- وهو : اختيار ابن عطية ؛ كما فى تفسير القرطبي : (ص 348).
2- فى الأصل زيادة : «ان» ؛ وهى من الناسخ.
3- فى الأصل : بالواو فقط ؛ والنقص من الناسخ.
4- وذكر الخطابي : أن بعض من قال : بعدم النسخ ، وبعدم جواز شهادة الذمي مطلقا ؛ ذهب : إلى أن المراد بالشهادة - فى الآية - : الوصية ؛ «لأن نزول الآية إنما كان : فى الوصية ؛ وتميم وعدى إنما كانا : وصيين ؛ لا : شاهدين ؛ والشهود لا يحلفون ؛ وقد حلفهما رسول اللّه. وإنما عبر بالشهادة : عن الأمانة التي تجملاها ؛ وهو معنى قوله : ( وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللّهِ ) ؛ أي : أمانة اللّه. وقوله : ( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) ؛ معناه : من غير قبيلتكم ؛ وذلك : أن الغالب فى الوصية : أن الموصى يشهد : أقرباءه وعشيرتة ؛ دون الأجانب والأباعد.» انتهى ببعض تصرف واختصار. وهو مذهب الحسن وغيره ؛ كما ذكرنا (ص 145). وقيل : إن المراد بالشهادة : الحضور للوصية. انظر الناسخ المنسوخ للنحاس (ص 132) ، وتفسير القرطبي (ص 348). وراجع الطبقات (ج 2 ص 93).

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) : «والحجّة فيما وصفت - : من أن يستحلف الناس : فيما بين البيت والمقام ، وعلى منبر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، وبعد العصر. - : قوله (2) تبارك وتعالى : ( تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ ، فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ : 5 - 106 ) ؛ وقال المفسّرون : [هى (3)] صلاة العصر (4).». ثم ذكر. شهادة المتلاعنين ، وغيرها (5).

ص: 155


1- كما فى الأم (ج 7 ص 32). وانظر المختصر (ج 5 ص 254) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 177).
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «لقوله» ؛ والزيادة من الناسخ.
3- زيادة حسنة عن الأم.
4- كما قال أبو موسى الأشعري فى قصة الوصية. انظر السنن الكبرى ، ومعالم السنن (ج 4 ص 171). وراجع فى السنن الكبرى ، والفتح (ج 5 ص 180) حديث أبى هريرة : فى ذلك. وراجع المذاهب فى تفسيرها : فى الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص134 - 135) ، وتفسير القرطبي (ج 6 ص 353).
5- حيث ذكر آيتي النور : (5 - 6) ؛ ثم قال : «فاستدللنا : بكتاب اللّه (عز وجل) ؛ على تأكيد اليمين على الحالف : فى الوقت الذي تعظم فيه اليمين بعد الصلاة ؛ وعلى الحالف في اللعان : بتكرير اليمين ، وقوله : ( أَنَّ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) . وسنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى الدم : بخمسين يمينا ؛ وبسنة رسول اللّه : باليمين علي المنبر ، وفعل أصحابه ، وأهل العلم ببلدنا». ثم ذكر : من السنة والآثار ؛ ما يدل علي ذلك. ورد على من خالفه : فى مسألة اليمين على المنبر. فراجع كلامه (ص33 - 34). وانظر كلامه (ص 183) ، والسنن الكبرى (ص176 - 178) ، والمختصر. وراجع الفتح (ج 5 ص180 - 181) ، وشرح الموطأ (ج 4 ص 4).

وفيما أنبأنى أبو عبد اللّه (إجازة) : عن أبى العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي ، أنه قال (1) : «زعم بعض أهل التفسير : أنّ قول اللّه جل ثناؤه : ( ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ : مِنْ قَلْبَيْنِ ؛ فِي جَوْفِهِ : 33 - 4 ) - : ما جعل (2) لرجل : من أبوين ؛ فى الإسلام.

قال الشافعي : واستدلّ (3) بسياق الآية : قوله تعالى : ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ؛ هُوَ : أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ : 33 - 5 ) (4).».

قال الشيخ : قد روينا هذا (5) عن مقاتل بن حيّان ؛ وروى عن الزّهرىّ (6).

ص: 156


1- كما فى الأم (ج 6 ص 265) : فى أواخر مناقشة قيمة يرد فيها على من خالفه : فى إثبات دعوى الولد بشهادة القافة. ومن الواجب : أن تراجعها كلّها (ص263 - 266) وانظر المختصر (ج 5 ص 265) وراجع فى ذلك وبعض ما يتصل به ، السنن الكبرى (ج 10 ص 262 - 267) ، ومعالم السنن (ج 3 ص 275 - 276) ، والفتح (ج 6 ص 369 - 370 وج 12 ص 25 - 26 و 44 - 45). وفى شرح عمدة الأحكام (ج 4 ص72 - 73) ، كلام جيد : فى تحقيق مذهب الشافعي.
2- فى الأم زيادة : «اللّه».
3- أي : هذا البعض.
4- انظر ما سيأتى فى بحث الولاء.
5- فى كتاب آخر غير السنن الكبرى : كالمعرفة ، والمبسوط.
6- بمعناه : كما فى تفسير الطبري (ج 21 ص 75) ، وتفسير القرطبي (ج 4 ص 117). ورواه القرطبي عن مقاتل أيضا. وقد ضعفه الطبري ؛ وكذلك النحاس كما فى تفسير القرطبي. وانظر تفسير الفخر (ج 6 ص 517). وراجع فيه وفى غيره ، آراء الأئمة الأخرى فى ذلك ، وانظر طبقات الشافعية (ج 1 ص 251).

«ما يؤثر عنه فى القرعة ، والعتق ، والولاء ، والكتابة»

وفيما أنبأنى أبو عبد اللّه الحافظ (إجازة) : عن أبى العباس الأصمّ ، عن الربيع ، عن الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (1) : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ : أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ؟ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ : 3 - 44 ) ؛ وقال تعالى : ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَساهَمَ : فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ : 37 - 139 - 141 ) .»

«فأصل القرعة - فى كتاب اللّه عز وجل - : فى قصّة المقترعين (2) [على مريم] ، والمقارعين (3) يونس (عليه السلام) : مجتمعة. (4)»

ص: 157


1- كما فى الأم (ج 7 ص 336 - 337). وقد ذكر بعضه فى السنن الكبرى (ج 10 ص286 - 287). وتعرض لهذا باختصار : فى الأم (ج 5 ص 99).
2- فى الأصل : «المقرعين». وهو تحريف. والتصحيح والزيادة من الأم والسنن الكبرى.
3- كذا بالسنن الكبرى. وفى الأصل : «وللقارعين» ؛ وهو محرف عنه. وفى الأم «والمقارعى» ؛ على الحذف : بالإضافة اللفظية.
4- راجع ما روى فى ذلك : عن ابن عباس وقتادة ، والحسن ، وعكرمة ، ومجاهد ، والضحاك ، وغيرهم - فى السنن الكبرى ، وتفسير الطبري (ج 3 ص 163 و 183 - 185 وج 23 ص 63). ثم راجع الخلاف فى مشروعية القرعة : فى تفسير القرطبي (ج 4 ص 86 87) ، والفتح (ج 5 ص185 - 186) ، وطرح التثريب (ج 8 ص 48 - 49) ؛ فهو مفيد فيما سيأتى : من القسم للنساء فى السفر. وانظر الطبقات (ج 2 ص 209).

«ولا تكون (1) القرعة (واللّه أعلم) إلّا بين القوم (2) : مستوين فى الحجّة (3)

«ولا يعدو (واللّه أعلم) المقترعون على مريم (عليها السلام) ، أن يكونوا : كانوا سواء فى كفالتها (4) ؛ فتنافسوها : لمّا (5) كان : أن تكون (6) عند واحد (7) ، أرفق بها. لأنها لو صيّرت (8) عند كلّ واحد (9) يوما أو أكثر ، وعند غيره مثل ذلك (10) - : أشبه أن يكون أضرّ بها ؛ من قبل : أنّ الكافل إذا كان واحدا : كان (11) أعطف له عليها ، وأعلم

ص: 158


1- كذا بالسنن الكبرى. وفى الأم : «فلا تكون». وفى الأصل : «ولا يكون» ؛ ولعل مصحف.
2- فى الأم والسنن الكبرى : «قوم» ، وما فى الأصل أحسن.
3- كذا بالأم والسنن الكبرى ، وذكر فيها إلى هنا. وفى الأصل : «مستويين فى الجهة» ؛ وهو تصحيف.
4- قال فى الأم (ج 5) - بعد أن ذكر نحو ذلك - : «لأنه إنما يقارع : من يدلى بحق فيما يقارع». وراجع بقية كلامه : فقد يعين على فهم ما هنا.
5- أي : فى هذه الحالة ، وبسبب تلك العلة. لأنه لو كان وجودها عند كل منهم ، متساويا : فى الرفق بها ، وتحقيق مصلحتها - : لما كان هناك داع للقرعة التي قد تسلب بعض الحقوق ؛ لأنها إنما شرعت : لتحقيق مصلحة لا تتحقق بدونها. وعبارة الأصل والأم : «فلما» ؛ ونكاد نقطع : بأن الزيادة من الناسخ.
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «يكون عنه» ؛ وهو تصحيف.
7- فى الأم زيادة : «منهم».
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «صبرت» وهو تصحيف. ولا يقال : إن الصبر يستعمل بمعنى الحبس ؛ لأنه ليس المراد هنا.
9- فى الأم زيادة : «منهم».
10- فى الأم زيادة : «كان».
11- أي : كان كونه واحدا منفردا بكفالتها ؛ فليس اسم «كان» راجعا إلى «واحدا» ، وإلا : لكان قوله : «له» ؛ زائدا.

[له (1)] بما فيه مصلحتها - : للعلم : بأخلاقها ، وما تقبل (2) ، وما تردّ (3) ؛ و [ما (4)] يحسن [به (5)] اغتذاؤها. - وكلّ (6) من اعتنف (7) كفالتها ، كفلها : غير خابر بما يصلحها ؛ ولعله لا يقع على صلاحها : حتى تصير إلى غيره ؛ فيعتنف : من كفالتها ؛ [ما اعتنف (8)] غيره.»

«وله وجه آخر : يصحّ ؛ وذلك : أنّ ولاية واحد (9) إذا كانت (10) صبيّة : غير ممتنعة ممّا يمتنع منه من عقل - : يستر (11) ما ينبغى ستره. - : كان أكرم لها ، وأستر عليها : أن يكفلها واحد ، دون الجماعة.»

«ويجوز : أن تكون عند كافل ، ويغرم من بقي مؤنتها : بالحصص. كما تكون الصبيّة عند خالتها ، و (12) عند أمّها : ومؤنتها : على من عليه مؤنتها.»

ص: 159


1- زيادة حسنة : ليست بالأصل ولا بالأم.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : بالياء ؛ وهو تصحيف.
3- كذا بالأم. وفى الأصل : بالياء ؛ وهو تصحيف.
4- الزيادة عن الأم.
5- الزيادة عن الأم.
6- هذا معطوف على قوله : الكافل. وفى الأم : «فكل». وهو من تمام التعليل : فلا تتوهم أنه جواب «لما» ؛ فتقول : إن زيادة الفاء التي حذفناها ، زيادة صحيحة.
7- أي : ابتدأ ؛ أو : ائتنف (على عنعنة بعض بنى تميم). انظر شرح القاموس.
8- هذا : من إضافة المصدر إلى فاعله.
9- أي : المولى عليه المكفولة.
10- الزيادة عن الأم.
11- كذا بالأم. وفى الأصل : «لستر» ، وهو تصحيف ، والظاهر : أن ذلك صفة لقوله : من عقل ؛ لا لقوله : واحد.
12- الواو بمعنى : «أو». ولو عبر به لكان أظهر.

«قال : ولا يعدو الذين اقترعوا على كفالة مريم (عليها (1) [السلام]) : أن (2) يكونوا تشاحّوا على كفالتها - فهو (3) : أشبه ؛ واللّه أعلم - أو : يكونوا تدافعوا كفالتها ؛ فاقترعوا : أيّهم تلزمه (4)؟. فإذا رضى من شح (5) على كفالتها ، أن يمونها - : لم يكلّف غيره أن يعطيه : من مؤنتها ؛ شيئا. برضاه (6) : بالتّطوّع بإخراج ذلك من ماله.»

«قال : وأىّ المعنيين كان : فالقرعة تلزم أحدهم ما يدفعه عن نفسه ؛ أو تخلّص (7) له ما ترغب (8) فيه نفسه ؛ وتقطع (9) ذلك عن غيره : ممّن هو فى مثل حاله.»

«وهكذا [معنى (10)] قرعة يونس (عليه السلام) : لمّا وقفت بهم السّفينة ، فقالوا : ما يمنعها أن تجرى إلّا : علّة بها ؛ وما علّتها إلّا : ذو ذنب

ص: 160


1- هذه الجملة ليست بالأم ؛ والزيادة سقطت من الناسخ.
2- كذا بالأم. وفى الأصل : «بأن» ؛ والزيادة من الناسخ.
3- فى الأم : بالواو ؛ وهو أحسن.
4- كذا بالأم. وفى الأصل : بالياء ؛ ولعله مصحف.
5- أي : قبل القرعة.
6- كذا بالأم. وهو تعليل لقوله : لم يكلف. وفى الأصل : «يرضاه» ؛ وهو تصحيف.
7- فى الأصل : «أو يخلص» ؛ وهو تصحيف. وفى الأم : «وتخلص». وما ذكرناه أظهر ؛ والكلام هنا جار على كلا المعنيين.
8- عبارة الأم : «يرغب فيه لنفسه» ؛ وهى أحسن.
9- كذا بالأم. وفى الأصل : «ويقطع» ؛ وهو تصحيف.
10- زيادة عن الأم : ملائمة لما بعد.

فيها ؛ فتعالوا : نقترع. فاقترعوا : فوقعت القرعة على يونس (عليه السلام) : فأخرجوه منها ، وأقاموا فيها.»

«وهذا : مثل معنى القرعة فى الذين اقترعوا على كفالة مريم (عليها السلام) ؛ لأنّ حالة (1) الرّكبان كانت مستوية ؛ وإن لم يكن فى هذا (2) حكم : يلزم (3) أحدهم فى ماله ، شيئا : لم يلزمه قبل القرعة ؛ ويزيل عن أحد (4) شيئا : كان يلزمه - : فهو يثبت على بعض الحقّ (5) ، ويبيّن فى بعض : أنه بريىء منه. كما كان فى الذين اقترعوا على كفالة مريم (عليها السلام) : غرم ، وسقوط غرم»

«قال : وقرعة (6) النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) - فى كلّ موضع أقرع فيه - : [فى (7)] مثل معنى الذين اقترعوا على كفالة مريم (عليها السلام) ، سواء : لا يخالفه (8)

«وذلك : أنه (عليه السلام) أقرع بين مماليك : أعتقوا معا ؛ فجعل العتق : تامّا لثلثهم ؛ وأسقط عن ثلثيهم : بالقرعة. وذلك : أنّ المعتق

ص: 161


1- فى الأم : «حال».
2- أي : فى قرعة يونس.
3- فى الأصل زيادة : «من» ؛ وهى من عبث الناسخ.
4- فى الأم : «آخر» ؛ وهو أحسن.
5- فى الأم : «حقا».
6- هذا إلى قوله : لا يخالفه ؛ ذكر فى السنن الكبرى.
7- زيادة حسنة ، عن الأم والسنن الكبرى
8- فى السنن الكبرى : بالتاء ؛ وهو أحسن.

- فى مرضه - أعتق ماله ومال غيره : فجاز عتقه فى ماله ، ولم يجز فى مال غيره. فجمع النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) العتق : فى ثلاثة (1) ؛ ولم يبعّضه (2). كما يجمع : فى القسم بين أهل المواريث ؛ ولا يبعّض عل يهم.»

«وكذلك : كان إقراعه لنسائه : أن يقسم لكلّ واحدة منهنّ : فى الحضر ؛ فلمّا كان فى (3) السفر : كان منزلة (4) : يضيق فيها الخروج بكلّهنّ ؛ فأقرع بينهنّ : فأيّتهنّ خرج سهمها : خرج بها (5) ، وسقط حقّ غيرها : فى غيبته بها ؛ فإذا حضر : عاد للقسم (6) لغيرها ، ولم يحسب عليها

ص: 162


1- فى الأم : «ثلثه» ؛ وعبارة الأصل أحسن ؛ فتأمل
2- راجع فى السنن الكبرى (ص 285 - 287) : حديثى عمران بن الحصين ، وابن المسيب ؛ وأثر أبان بن عثمان : فى ذلك. وراجع شرح الموطأ (ج 4 ص81 - 82) ، وشرح مسلم (ج 11 ص 139 - 141) ، ومعالم السنن (ج 4 ص 77 - 78). وانظر ما تقدم (ج 1 ص150 - 151) ، والأم (ج 7 ص 16 - 17) والرسالة (ص 143 144). وقد ذكر في الأم - عقب آخر كلامه هنا - : حديث عمران وغيره ؛ وتعرض لكيفية القرعة بين المماليك وغيرهم ؛ ورد على من قال بالاستسعاء : ردا منقطع النظير. فراجع كلامه (ص337 - 340) ، وانظر المختصر (ج 5 ص 269 - 270). ثم راجع السنن الكبرى (ص273 - 285) وشرح الموطأ (ج 4 ص 77 - 80) ؛ ومعالم السنن (ص 68 - 72) ؛ وشرح ومسلم (ج 10 ص 135 - 139) ؛ وطرح التثريب (ج 6 ص 192 - 209) : فستقف على أجمع وأجود ما كتب فى مسألة الاستسعاء.
3- هذا ليس بالأم ؛ وزيادته أحسن.
4- كذا بالأم ، أي : فى حالة. وفى الأصل : «منزله» ؛ وهو تصحيف.
5- فى الأم ، زيادة : «معه».
6- كذا بالأم. وفى الأصل : «القسم» ؛ وهو تصحيف. وإلا : كان قوله : عاد ؛ محرفا عن «أعاد». أنظر المصباح.

أيام سفرها (1)»

«وكذلك : قسم خيبر : [فكان (2)] أربعة أخماسها لمن حضر (3) ؛ ثم أقرع : فأيّهم خرج سهمه على جزء مجتمع - : كان له بكماله ، وانقطع منه حقّ غيره ؛ وانقطع حقّه عن غيره.».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (4) : «قال اللّه عز وجل : ( وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ - : وَكانَ فِي مَعْزِلٍ. - : يا بُنَيَ (5) ؛ ارْكَبْ مَعَنا ) ؛ الآية (6) : 11 - 42). وقال (7) : ( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ : 6 - 74 ) ؛ فنسب إبراهيم

ص: 163


1- راجع - علاوة على ما نبهنا عليه فى بداية البحث - : حديث عائشة ، والكلام عليه ، والخلاف في القرعة بين النساء - فى السنن الكبرى (ج 7 ص 302) ، ومعالم السنن (ج 3 ص 218 - 219) ، وشرح مسلم (ج 10 ص 46 وج 17 ص 103 و 116). ثم راجع فى الأم (ج 5 ص 100) : رد الشافعي على من خالفه : فى القسم فى السفر. وانظر المختصر (ج 4 ص45 - 46).
2- زيادة عن الأم جيدة ، ولعلها متعينة. انظر قواميس اللغة : (مادة : قسم).
3- يحسن : أن تراجع الكلام المتعلق بغنائم خيبر ، فى معالم السنن (ج 3 ص 29 - 31) والفتح (ج 6 ص 123 و 126 و 128 و 138 - 139 و 147 - 150 و 152 وج 7 ص 336 و 339 و 341 و 344 - 345). فهو مفيد فيما مر : من مسائل الغنيمة والجهاد.
4- كما فى الأم (ج 4 ص 7) مبينا : أن النسب لا يتوقف ثبوته على الدين. وقد تعرض لذلك (ص 51) ومهد له : بما ينبغى مراجعته.
5- ذكر فى الأم إلى هنا.
6- فى الأصل : «إلى» ؛ وهو تحريف.
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «قال» ؛ والنقص من الناسخ.

(عليه السلام) ، إلى أبيه : وأبوه كافر ؛ ونسب [ابن] نوح ، إلى أبيه (1) : وابنه كافر.»

«وقال اللّه لنبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) - فى زيد بن حارثة - : ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ؛ هُوَ : أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ ؛ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ : فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ ، وَمَوالِيكُمْ : 33 - 5 ) ؛ وقال تعالى : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِ ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ : 33 - 37 ) (2) ؛ فنسب (3) الموالي إلى (4) نسبين : (أحدها) : إلى الآباء ؛ (والآخر) : إلى الولاء. وجعل الولاء : بالنّعمة.» «وقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (5) : إنّما الولاء : لمن

ص: 164


1- عبارة الأصل : «... وأبو كافر ؛ ونسب نوح إلى ابنه» ؛ وهى محرفة. والتصحيح والزيادة من الأم.
2- راجع ما كان يفعل - : من التبني وما إليه. - قبل نزول الآية الأولى ، وسبب نزول الثانية ؛ فى تفسيرى الطبري (ج 21 ص 76 وج 22 ص 10) ، والقرطبي (ج 14 ص 118 و 188) ؛ والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 207) ، والسنن الكبرى (ج 6 ص 263 وج 7 ص 161) ، وشرح مسلم (ج 15 ص 195) ، والفتح (ج 8 ص 366 و 370 وج 9 ص 104).
3- هذا إلى قوله : بالنعمة ؛ ذكر فى السنن الكبرى (ج 10 ص 295).
4- هذا ليس بالأم ؛ وزيادته أولى.
5- فى حديث بريرة ؛ وفى الأم زيادة : «ما بال رجال : يشترطون شروطا ليست فى كتاب اللّه؟! ما كان - : من شرط ليس فى كتاب اللّه. - : فهو باطل : وإن كان مائة شرط قضاء اللّه أحق ، وشرطه أوثق». وهذا الحديث : من الأحاديث الخطيرة الجامعة ، التي تناولت مسائل هامة مختلفة ؛ وقد اهتم العلماء قديما به : على اختلاف مذاهبهم ، وتباين مشاربهم فراجع الكلام عنه : في اختلاف الحديث (ص 33 و 196). والسنن الكبرى (ج 5 ص 336 وج 6 ص 240 وج 7 ص 220 وج 10 ص 336) ، ومعالم السنن (ج 3 ص 146 وج : ص 64 و 102) ، وشرح مسلم (ج 10 ص 139) ، والفتح (ج 5 ص 114 - 123 و 128 و 197 و 206 و 226 وج 9 ص326 - 337 وج 11 ص 497 وج 12 ص 31 و 37) ، وشرح الموطأ (ج 4 ص 90) ، وشرح العمدة (ج 3 ص 160 وج 4 ص 20) ، وطرح التثريب (ج 6 ص 232).

أعتق (1)

«فدلّ الكتاب والسنة : على أنّ الولاء إنما يكون : لمتقدّم (2) فعل من المعتق ؛ كما يكون النّسب : بمتقدّم ولاد (3) [من الأب] (4)

وبسط الكلام : في امتناعهم من تحويل الولاء عن المعتق ، إلى غيره : بالشّرط : كما يمتنع تحويل النّسب : بالانتساب إلى غير من ثبت له النّسب (5)

====

6.

ص: 165


1- فى الأم زيادة : «فبين رسول اللّه : أن الولاء إنما يكون للمعتق ؛ وروى عن رسول اللّه ، أنه قال : الولاء لحمة كلحمة النسب : لا يباع ، ولا يوهب.».
2- فى الأم : بالتاء ؛ وهو أنسب.
3- هذا يطلق : على الحمل ، وعلى الوضع. بخلاف الولادة : فإنها لا تطلق على الحمل (انظر المصباح واللسان) والمراد هنا ثانيهما ؛ وهو يستلزم أولهما.
4- زيادة عن الأم : جيدة ، وملائمة لما قبل.
5- ورد - : بما لا مطمع فى أجود منه وأكمل. - : على من قال (كالحنفية) : إذا أسلم الرجل على يدى الرجل ، فله ولاؤه : إذا لم يكن له ولاء نعمة. وعلى من نفى ثبوت الولاء : لمعتق السائبة ، وللمعتق غير المسلم. فراجع كلامه عن هذا كله ، وعن بيع الولاء وهبته وما إليه - : فى الأم (ج 4 ص7 - 10 و 51 - 60 وج 6 ص 183 - 188 وج 7 ص 208 - 209) ؛ وانظر المختصر (ج 5 ص 271) ، واختلاف الحديث (ص 200 - 201). ثم راجع الكلام عن هذا ، وعمن يدعى إلى غير أبيه ، أو يتولى غير مواليه - : فى السنن الكبرى والجوهر النقي (ج 10 ص 294 - 301) ، وشرح الموطأ (ج 4 ص 96 و 100) ، وشرح مسلم (ج 2 ص 51 وج 10 ص148 - 150) ، ومعالم السنن (ج 4 ص 103 - 104) ، والفتح (ج 5 ص 103 وج 6 ص 348 وج 12 ص 32 - 36 و 42) ، وشرح العمدة (ج 4 ص 19 و 75).

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (1) (رحمه اللّه) : «قال اللّه جل ثناؤه : ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ - : مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. - : فَكاتِبُوهُمْ : إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً : 24 - 33 ) (2).».

«قال الشافعي (3) : «فى (4) قول اللّه عز وجل : ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ ) (5) ؛ دلالة : على أنه إنما أذن : أن يكاتب من يعقل ما يطلب (6) ؛ لا : من لا يعقل أن يبتغى الكتابة (7) : من صبىّ ؛ ولا : معتوه (8).».

ص: 166


1- كما فى الأم (ج 7 ص 361) ، والمختصر (ج 5 ص 274)
2- ذكر فى الأم إلى قوله : (آتاكم) : ثم ذكر ما سيأتى عن عطاء : فى تفسير الخير. ويحسن أن تراجع ما ورد فى ذلك - : من السنة والآثار. - : فى السنن الكبرى (ج 10 ص317 - 318) ، وتفسير الطبري (ج 18 ص 99 - 100).
3- كما فى الأم (ج 7 ص 263). وقد ذكر بتصرف يسير فى السنن الكبرى (ج 10 ص 317).
4- فى الأم : «وفى». وفى السنن الكبرى : «فيه» ؛ وقد ذكر بعد الآية.
5-
6- كذا بالأصل والسنن الكبرى. وعبارة الأم : «من يعقل ؛ لا : من لا يعقل فأبطلت : أن تبتغى الكتابة» إلخ ؛ بزيادة جيدة ، هى : «ولا غير بالغ بحال». وما هنا أظهر.ذكر فى الأم إلى : (فكاتبوهم).
7- راجع كلام الحافظ فى الفتح (ج 5 ص 114) : عن معنى الكتابة ونشأتها ؛ فهو جيد مفيد.
8- أي : ولا من لا يعقل شيئا أصلا ؛ ويصح عطفه على «صبى». وانظر الأم (ص 366)

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (1) : «أنا عبد اللّه بن الحارث بن عبد الملك ، عن (2) ابن جريج : أنه قال لعطاء : ما الخير؟ المال؟ أو الصّلاح؟ أم (3) كلّ ذلك؟ قال : ما نراه (4) إلّا المال ؛ قلت : فإن لم يكن عنده مال : وكان رجل صدق؟ قال : ما أحسب ما خيرا (5)] إلّا : ذلك المال ؛ لا (6) : الصّلاح. قال (7) : وقال مجاهد : ( إن علمتم فيهم خيرا ) : المال ؛ كاينة (8) أخلاقهم وأديانهم ما كانت»

«قال الشافعي : الخير (9) كلمة : يعرف ما أريد بها (10) ، بالمخاطبة بها.

ص: 167


1- كما فى الأم (ج 7 ص 361 - 362) ؛ والسنن الكبرى (ج 10 ص 318).
2- هذا غير موجود بالأم ؛ وحذفه خطأ وتصرف من الناسخ أو الطابع : نشأ عن موافقة جد عبد اللّه ، لابن جريج فى الاسم. انظر الخلاصة (ص 164 و 207 و 408) ، وتفسير الطبري.
3- فى الأم : «أو» ؛ وهو أحسن.
4- هذه رواية الأم والسنن الكبرى والطبري. وفى الأصل : «يراه» ، وهو تصحيف بقرينة ما بعد.
5- زيادة حسنة ، عن الأم والسنن الكبرى.
6- قوله : لا الصلاح ؛ ليس بالأم. وعبارة الأصل والسنن الكبرى : «والصلاح». والظاهر : أنها محرفة عما ذكرنا ؛ ولا يعترض : بأن هذا التفسير بلفظه قد روى عن ابن دينار ؛ وروى عن عطاء نفسه من طريق آخر ، بلفظ : «أداء ومالا» - كما فى تفسير الطبري - : لأنا لا ننكر : أن أحدا يقول به ، ولا أن عطاء يتغير رأيه ؛ وإنما نستبعد : أن يتغير بمجرد إعادة السؤال عليه. ويقوى ذلك : خلو رواية الأم ، ورواية الطبري الأخرى : من هذه الزيادة.
7- أي : ابن جريج ؛ كما صرح به الطبري. وعبارة الام : «قال مجاهد».
8- ورد فى غير الأصل : مهموزا ؛ وهو المشهور.
9- فى الأم : «والخير».
10- فى الأم : «منها» ؛ وهو أحسن.

قال اللّه تعالى : ( إِنَ ) (1) ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، أُولئِكَ : هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ : 98 - 7 ) ؛ فعقلنا : أنهم خير البريّة : بالإيمان وعمل الصّالحات ؛ لا : بالمال.»

«وقال اللّه عز وجل : ( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ : مِنْ شَعائِرِ اللّهِ ؛ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ : 22 - 36 ) ؛ فعقلنا : أن الخير : المنفعة بالأجر ؛ لا : أنّ فى (2) البدن لهم مالا.»

«وقال اللّه (3) عز وجل : ( إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ : إِنْ تَرَكَ خَيْراً : 2 - 180 ) ؛ فعقلنا : أنه : إن ترك مالا ؛ لأنّ (4) المال : المتروك ؛ ولقوله : ( الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) .»

«فلمّا قال اللّه عز وجل : ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) : كان أظهر معانيها - : بدلالة ما استدللنا به : من الكتاب. - قوّة على اكتساب المال ، وأمانة (5) لأنه قد يكون (6) : قويّا فيكسب (7) ؛ فلا يؤدّى : إذا لم

ص: 168


1- الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
2- عبارة الأم : «لهم فى البدن».
3- هذا ليس بالأم ولا بالسنن الكبرى.
4- فى الأصل:«ولأن ... لقوله» ؛ وتقديم الواو من الناسخ. وعبارة الأم والسنن الكبرى :«لأن ... وبقوله».
5- وهذا اختيار الطبري. والحافظ فى الفتح (ج 5 ص 121). وراجع كلامه : لفائدته هنا.
6- كذا بالأم والسنن الكبرى. وعبارة الأصل : «لأنها قد تكون» ، وهو تصحيف
7- كذا بالأم. وفى الأصل : «فتكسب» ؛ وهو مصحف عنه. وفى السنن الكبرى : «فيكتسب».

يكن ذا أمانة. و: أمينا ، فلا يكون قويّا على الكسب : فلا يؤدّى. ولا (1) يجوز عندى (واللّه أعلم) - فى قوله تعالى : ( [إِنْ] عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) . - إلا هذا.»

«وليس الظاهر : أنّ (2) القول : إن علمت فى عبدك مالا ؛ لمعنيين (3) : (أحدهما) : أنّ المال لا يكون فيه ؛ إنما يكون : عنده ؛ لا (4) : فيه. ولكن : يكون فيه الاكتساب : الذي يفيده (5) المال. (والثاني) : أنّ المال - الذي فى يده - لسيّده : فكيف (6) يكاتبه بماله (7)؟! - إنما يكاتبه : بما (8) يفيد العبد بعد الكتابة (9). - : لأنه حينئذ ، يمنع ما [أفاد (10)] العبد : لأداء الكتابة.»

«ولعلّ من ذهب : إلى أنّ الخير : المال ؛ [أراد (11)] : أنه أفاد

ص: 169


1- هذا إلى قوله : إلا هذا ؛ ليس بالسنن الكبرى. والزيادة الآتية عن الأم.
2- أي : أن معناه والمراد منه. وفى السنن الكبرى : «من» ؛ أي : وليس المعنى الظاهر منه.
3- فى الأم والسنن الكبرى : بالباء.
4- قوله : لا فيه ؛ ليس بالسنن الكبرى.
5- فى الأم والسنن الكبرى : «يفيد» ؛ وما هنا أحسن.
6- هذا إلى قوله : لأداء الكتابة ؛ ليس بالسنن الكبرى.
7- فى الأصل : «بمال» ؛ وهو تحريف. والتصحيح من عبارة الأم ، وهى : «فكيف يكون أن يكاتبه بماله»
8- كذا بالأم. وفى الأصل : «لما» ؛ وهو تصحيف.
9- فى الأم : «بالكتابة» ؛ أي : بعد الكتابة بسببها. وهو أحسن. ولعل ما في الأصل محرف عنه.
10- زيادة متعينة ، عن الأم.
11- هذه الزيادة ليست بالأم ولا بالسنن الكبرى ؛ وهى جيدة ، لا متعينة : لأنه يصح إجراء الكلام على الحذف ؛ أي : ولعل مراد من إلخ.

بكسبه مالا للسّيد ؛ فيستدلّ : على أنه يفيد (1) مالا يعتق به ؛ كما أفاد أوّلا (2)

قال الشافعي (3) : «وإذا جمع القوّة على الاكتساب ، والأمانة - : فأحبّ إلىّ لسيده : أن يكاتبه (4). ولا ببين لى : أن (5) يجبر عليه ؛ لأنّ الآية محتملة : أن يكون (6) : إرشادا ، أو (7) إباحة ؛ [لا : حتما (8)]. وقد ذهب هذا المذهب ، عدد : ممن لقيت من أهل العلم (9).».

وبسط الكلام فيه ؛ واحتجّ - فى جملة ما ذكر - : «بأنه لو كان.

ص: 170


1- عبارة الأم : «على أنه كم يقدر مالا». وما هنا أوضح.
2- انظر ما ذكر بعد ذلك ، فى الأم.
3- مبينا : أنه لا يجب على الرجل أن يكاتب عبده الأمين القوى ؛ بعد أن نقل عن عطاء وابن دينار ، القول : بالوجوب ، فراجع كلامه والسنن الكبرى (ص 319).
4- فى الأم زيادة : «ولم أكن أمتنع - إن شاء اللّه - : من كتابة مملوك لى جمع القوة والأمانة ؛ ولا لأحد : أن يمتنع منه.».
5- عبارة الأم : «أن يجبر الحاكم أحدا على كتابة مملوكه» ؛ وهى أحسن.
6- فى الأم والسنن الكبرى (والكلام فيها مقتبس) : بالتاء. وهو أحسن.
7- فى الأم : بالواو فقط. وما هنا أولى وأحسن. والمسألة فيها ثلاثة مذاهب ؛ وراجع فى الفتح (ص 116) رد الحافظ على من قال بالإباحة ؛ ورد الإصطخرى على من قال بالوجوب - وهو قول آخر للشافعى - : للفائدة العظيمة.
8- زيادة حسنة ، عن السنن الكبرى ، وعن عبارة الأم وهى : «إباحة لكتابة : يتحول بها حكم العبد عما كان عليه ؛ لا : حتما. كما أبيح المحظور فى الإحرام : بعد الإحرام ؛ والبيع : بعد الصلاة. لا : أنه حتم عليهم أن يصيدوا ويبيعوا.». وانظر مناقب ابن أبى حاتم (ص 96).
9- كمالك والثوري. انظر تفسير الطبري ، وشرح الموطأ (ج 4 ص102 - 103).

واجبا : لكان محدودا : بأقلّ (1) ما يقع عليه اسم الكتابة ؛ أو : لغاية معلومة (2).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، نا الشافعي (3) : «أنا الثّقة (4) ، عن أيّوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كاتب عبدا له بخمسة وثلاثين ألفا ؛ ووضع عنه خمسة آلاف. أحسبه قال : من آخر نجومه (5)

«قال الشافعي : وهذا عندى (واللّه أعلم) : مثل قول اللّه عز وجل : ( وَلِلْمُطَلَّقاتِ : مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ : 2 - 241 ) . فيجبر (6) سيد المكاتب : على أن يضع عنه - : ممّا عقد عليه الكتابة. - شيئا ؛ [وإذا وضع عنه شيئا (7)] ما كان : [لم يجبر على أكثر منه (8)].»

ص: 171


1- فى الأصل : «فأقل» ؛ وهو تصحيف. والتصحيح من الأم.
2- فى الأصل : «أو لعام معلومه» ؛ وهو تصحيف. والتصحيح من الأم.
3- كما فى الأم (ج 7 ص 364) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 330). وراجع فيها (ص 329) وفى تفسير الطبري (ج 18 ص100 - 102) : ما ورد في تفسير الآية الآتية. وانظر المختصر (ج 5 ص 276)
4- هو : مالك رضى اللّه عنه. انظر شرح الموطأ (ج 4 ص103 - 104).
5- لفظ الموطإ هو : «من آخر كتابته» وانظر السنن الكبرى. وقد روى عن على (مرفوعا وموقوفا) : أنه يترك للمكاتب الربع.
6- يحسن أن تراجع بتأمل كلام صاحب الجوهر النقي (ص 329) : فهو - على ما فيه - مفيد فى المقام كله.
7- زيادة جيدة عن الأم ؛ ونجوز أنها سقطت من الناسخ. وراجع ما ذكر فى الأم بعد ذلك.

«وإذا أدّى المكاتب الكتابة كلّها ، فعلى السّيد : أن يردّ عليه منها شيئا (1) ، ويعطيه ممّا أخذ منه : لأنّ قوله عز وجل : ( مِنْ مالِ اللّهِ الَّذِي آتاكُمْ : 24 - 33 ) ؛ يشبه (واللّه أعلم) : آتاكم منهم (2) ؛ فإذا أعطاه شيئا غيره : فلم يعطه من الذي أمر : أن يعطيه منه.». وبسط الكلام فيه (3).

ص: 172


1- راجع ما قاله بعد ذلك.
2- كما روى بمعناه : عن ابن عباس وعطاء وغيرهما.
3- فراجعه (ص 365) : فإن ما هنا مختصر جدا.

«ما يؤثر عنه فى التّفسير ، فى آيات متفرّقة ، سوى ما مضى»

سوى ما مضى (1)»

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ - فى كتاب : «المستدرك (2)» - : أنا (3) أبو العباس (محمد بن يعقوب) : أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي : «أخبرنى يحيى بن سليم ، نا (4) ابن جريج ، عن عكرمة ، قال : دخلت على ابن عباس (5) - : وهو يقرأ فى المصحف ، قبل أن يذهب بصره ، وهو يبكى. - فقلت : ما يبكيك يا أبا عباس (6)؟ جعلنى اللّه فداك (7).

ص: 173


1- فى الجزء الأول (ص 37 - 42).
2- فى الجزء الثاني (ص 322 - 323) وقد أخرجه الذهبي فى «المختصر» ؛ وكذلك البيهقي فى السنن (ج 10 ص 92 - 93) : مستدلا به وبغيره ، على : أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، من فروض الكفاية. وأخرجه الطبري فى تفسيره (ج 9 ص62 - 67) : من طرق سبع كلها عن عكرمة ؛ ومن طرق ست عن غيره. وبعضها مختصر ، وبعضها فيه اختلاف وزيادة.
3- فى غير الأصل : «ثنا».
4- فى غير الأصل : «ثنا».
5- فى المستدرك زيادة : «رضى اللّه عنهما».
6- كذا ببعض نسخ السنن. وفى الأصل : «يا با عباس» ؛ وهو محرف عنه. ولعل من عادة الفوم : تكنية المرء بأبيه ، على سبيل التشريف والتكريم له. وفى بقية المصادر : «يا ابن عباس».
7- فى السنن : «فداءك».

فقال (1) : هل تعرف (أيلة) (2)؟ قلت (3) : وما (أيلة (4))؟ قال : قرية كان بها ناس : من اليهود ؛ فحرّم اللّه عليهم الحيتان : يوم السّبت ؛ فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم : شرّعا (5) - : بيض (6) سمان : كأمثال المخاض. - : بأفنيائهم وأبنياتهم (7) ؛ فإذا كان فى (8) غير يوم السبت : لم يجدوها ، ولم يدركوها إلّا : فى مشقّة ومونة (9) شديدة ؛ فقال بعضهم (10) - أو من قال ذلك منهم - : لعلّنا : لو أخذناها يوم السبت ،

ص: 174


1- فى المختصر : بدون الفاء. وفى السنن زيادة : «لى».
2- فى الأصل : «ايله» ؛ وهو تصحيف. وقال أبو عبيدة : هى : «مدينة بين الفسطاط ومكة : على شاطىء بحر القلزم ؛ تعد فى بلاد الشام». وقيل غير ذلك. فراجع معجمى البكري وياقوت ، وتهذيب اللغات.
3- فى السنن : «فقلت».
4- فى الأصل : «ايله» ؛ وهو تصحيف. وقال أبو عبيدة : هى : «مدينة بين الفسطاط ومكة : على شاطىء بحر القلزم ؛ تعد فى بلاد الشام». وقيل غير ذلك. فراجع معجمى البكري وياقوت ، وتهذيب اللغات.
5- أي : ظاهرة على الماء ، أو رافعة رءوسها.
6- فى المختصر والمستدرك : «بيضاء». أي : وهن كذلك. وفى بعض روايات الطبري : «بيضا سمانا» ؛ وهو أولى.
7- فى الأصل : «باقتيانهم واساتهم» ؛ وهو تصحيف عما ذكرنا. وهما جمع الجمع : «أفنية ، وأبنية» ؛ وإن لم يصرح بالأول. وفى السنن : «بأفنيائهم وأبنياتهم» ؛ وفى المستدرك والمختصر : «بأفنائهم وأبنيائهم». فأما «أفناء» فهو محرف قطعا : لأنه اسم جمع يطلق : على الخليط : من الناس أو القبائل. وأما «أفنياء ، وأبنياء» فالظاهر : أنهما محرفان ؛ إلا إن ثبت أنهما جمعا تكسير. وراجع فى ذلك بتأمل ، اللسان (مادة : بنى ، وفنى) ، والأساس (مادة : ف ن و).
8- هذا ليس بالسنن.
9- فى المستدرك والمختصر : «مئونة» (بفتح فضم) ؛ وفى السنن : «مؤنة» (بضم فسكون). فهى لغات ثلاث. انظر المصباح.
10- فى غير الأصل زيادة : «لبعض».

وأكلناها فى غير يوم السبت (1).؟! ففعل ذلك أهل بيت منهم : فأخذوا فشووا ؛ فوجد جيرانهم ريح الشّوىّ (2) ، فقالوا : واللّه ؛ ما نرى [إلّا] أصاب بنى فلان شىء (3). فأخذها آخرون : حتى فشا ذلك فيهم فكثر (4) ؛ فافترقوا فرقا ثلاثا (5) : فرقة : أكلت ؛ وفرقة : نهت ؛ وفرقة قالت : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً : اللّهُ مُهْلِكُهُمْ ، أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً : 7 - 164 ) ؟!. فقالت الفرقة التي نهت : إنّا (6) نحذّركم غضب اللّه ، وعقابه (7) : أن يصيبكم اللّه (8) : بخسف ، أو قذف ؛ أو ببعض ما عنده : من العذاب ؛ واللّه : لا نبايتكم فى (9) مكان : وأنتم (10) فيه. (قال) (11) : فخرجوا من البيوت (12) ؛ فغدوا (13) عليهم من الغد : فضربوا باب البيوت (14) : فلم يجبهم

ص: 175


1- جواب «لو» محذوف : للعلم به ؛ أي : لما أثمنا ؛ ظنا منهم - : بإيحاء الشيطان ؛ كما فى رواية الطبري. - : أن التحريم تعلق بالأكل فقط.
2- أي : المشوى ، والشواء (بالكسر) - وهو لفظ السنن - انظر اللسان (مادتى : حسب ، وشوى).
3- فى الأصل. «شيئا». والتصحيح والزيادة من المستدرك والمختصر.
4- فى غير الأصل : بالواو. وهو أظهر.
5- فى السنن : «ثلاثة» ؛ وكلاهما صحيح.
6- فى المستدرك والمختصر : «إنما».
7- فى بعض نسخ السنن : «وعتابه» ؛ ولعله تصحيف.
8- هذا ليس بالمستدرك ولا بالمختصر.
9- فى الأصل : «من» ؛ وهو تصحيف. وفى رواية الطبري : «لا نبايتكم الليلة فى مدينتكم». وفى المستدرك والمختصر : «لا نبأتكم من» ؛ وهو تصحيف.
10- فى المستدرك والمختصر : «أنتم».
11- فى المستدرك والمختصر : «وخرجوا».
12- فى غير الأصل : «السور»
13- فى الأصل : «فعدوا» ؛ وهو تصحيف. وعبارة غيره : «فغدوا عليه».
14- فى غير الأصل : «السور»

أحد ؛ فأتوا بسلّم (1) : فأسندوه إلى البيوت (2) ؛ ثم رقى منهم راق على السّور ، فقال : يا عباد اللّه ؛ قردة (واللّه) : لها أذناب ، تعاوى (3) (ثلاث مرّات). ثم نزل (4) من السّور : ففتح البيوت (5) ؛ فدخل الناس عليهم : فعرفت القرود (6) أنسابها : من (7) الإنس ؛ ولم يعرف (8) الإنس أنسابها (9) : من القرود. (قال) : فيأتى القرد إلى نسيبه وقريبه : من الإنس ؛ فيحتكّ به ويلصق ، ويقول الإنسان (10) : أنت فلان؟ فيشير برأسه (11) - أي : نعم. - ويبكى. وتأتى القردة إلى نسيبها وقريبها : من الإنس ؛ فيقول لها الإنسان (12) : أنت فلانة؟ فتشير برأسها - أي : نعم : - وتبكى فيقول (13) لها (14) الإنسان : إنّا حذّرناكم غضب اللّه

ص: 176


1- فى المستدرك والمختصر : «بسبب» ؛ وهو اسم للحبل ؛ كما فى قوله تعالى : ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ : 22 - 15 ) وانظر مفردات الراغب.
2- فى غير الأصل : «السور».
3- فى السنن : «تعادى» ؛ وهو صحيح المعنى أيضا. وقوله : ثلاث مرات ؛ ليس بالمختصر.
4- عبارة المختصر : «ثم نزل ففتح ودخل» إلخ.
5- فى غير الأصل : «السور».
6- فى المستدرك والمختصر : «القردة» بالتحريك.
7- قوله : من الإنس ، ليس بالمختصر.
8- فى السنن : بالتاء.
9- فى المستدرك والمختصر : «أنسابهم من القردة».
10- فى المختصر : «الإنسى».
11- فى بعض نسخ السنن : «رأسه».
12- هذا غير موجود فى المستدرك والمختصر.
13- هذا إلى قوله : العذاب ، ليس بالمختصر.
14- أي : لجميع القرود. وفى غير الأصل : «لهم الإنس» ، وهو صحيح وأحسن. وفى المستدرك زيادة : «أما».

وعقابه : أن يصيبكم : بخسف ، أو مسخ ؛ أو ببعض ما عنده : من العذاب.».

«قال ابن عباس : واسمع (1) اللّه (عز وجل) يقول (2) : ( أَنْجَيْنَا (3) الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ، وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا : بِعَذابٍ بَئِيسٍ ؛ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ : 7 - 165 ) ؛ فلا أدرى : ما فعلت الفرقة الثالثة؟. قال ابن عباس : فكم قد رأينا : من (4) منكر ؛ فلم ننه عنه. قال عكرمة (5) : ألا (6) ترى (جعلنى اللّه فداك) : أنهم (7) أنكروا وكرهوا ؛ حين قالوا : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً : اللّهُ مُهْلِكُهُمْ ، أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً؟! ) ؛؟!. فأعجبه قولى ذلك ؛ وأمر لى : ببردين غليظين ؛ فكسانيهما (8).».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ : (فى آخرين) ؛ قالوا : أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا سفيان ، عن الزّهرىّ ، عن عروة (9) ؛ قال : لم يزل

ص: 177


1- فى المستدرك والمختصر : «بالفاء». وفى السنن : «فأسمع» ؛ ولعل زيادة الهمزة من الناسخ أو الطابع.
2- عبارة المستدرك : «أن يقول» ؛ أي : قوله.
3- فى الأصل : بدون الفاء ، والنقص من الناسخ.
4- فى بعض نسخ السنن : «منكرا».
5- فى غير الأصل زيادة : «فقلت».
6- فى المستدرك والمختصر : «ما» على تقدير الهمزة. فالمعنى واحد.
7- فى غير الأصل زيادة : «قد».
8- قال الحاكم : «هذا صحيح الإسناد» ، ووافقه الذهبي.
9- قد أخرجه فى المستدرك (ج 2 ص 513 - 514) : موصولا عن عائشة ؛ من طريق الحميدي عن سفيان : بإسناده ، وباختلاف فى لفظه. ثم قال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ؛ ولم يخرجاه : فإن ابن عيينة كان يرسله بآخره.».

رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : يسأل عن السّاعة ؛ حتى أنزل عليه : ( فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها ) (1) : (73 - 43) ؛ فانتهى (2).».

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ : أخبرنى أبو عبد اللّه (أحمد بن محمد بن مهدىّ الطّوسىّ) : نا محمد بن المنذر بن سعيد ، أنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعىّ يقول - فى قول اللّه عز وجل : ( وَأَنْتُمْ سامِدُونَ ) (3) : (53 - 61). - قال : «يقال (4) : هو (5) : الغناء ؛ بالحميريّة. وقال

ص: 178


1- أي : فى أي شىء أنت من ذكر القيامة ، والبحث عن أمرها ؛ فليس السؤال عنها لك ، وليس علم ذلك عندك. انظر تفسيرى الطبري (ج 30 ص 31) والقرطبي (ج 19 ص 207) ؛ والقرطين (ج 2 ص 203)
2- انظر ما تقدم (ج 1 ص 301) ؛ وراجع بعض ما ورد فى أمارات الساعة : فى السنن الكبرى (ج 10 ص 118 و 203) ، وشرح مسلم (ج 1 ص 158 - 165 وج 18 ص 89) ، وطرح التثريب (ج 8 ص 253 - 260) ، والفتح (ج 1 ص 90 - 93 و 130 وج 8 ص 206 و 363 وج 11 ص 275 - 284 وج 13 ص 281 - 284).
3- أي : لا هون عن ذلك الحديث وعبره ، معرضون عن آياته وذكره. وما سيأتى فى تفسير ذلك لا يخرج عنه ، كما صرح به الطبري فى تفسيره (ج 27 ص 48).
4- كما روى عن ابن عباس وعكرمة. انظر السنن الكبرى (ج 10 ص 223) ، وتفسيرى الطبري (ص48 - 49) والقرطبي (ج 17 ص 123). وعبارة الأصل : «فقال» ، والظاهر : أنها محرفة عما ذكرنا ، أو عن : «فيقال».
5- يعنى : السمود ، كما أشار إليه الشافعي فيما بعد ، وكما صرح به في رواية اللسان. وفى بعض روايات الطبري : «السامدون : المغنون». وقال ابن قتيبة - كما فى القرطين (ج 2 ص 145) - : «أي : لاهون ، ببعض اللغات». وعبارة الأصل : «هو من الفنا» ، وهو تصحيف وزيادة من الناسخ : قد تقدمت عن موضعها ، فيما يظهر.

بعضهم (1) : غضاب مبرطمون (2)

«قال الشافعي : [من (3)] السّمود ؛ [و] كلّ ما يحدّث الرجل [به] (4) - : فلها عنه ، ولم يستمع إليه. - فهو (5) : السّمود.».

* * *

(أنا) أبو عبد الرحمن السّلمىّ ، قال : سمعت أبا الحسن بن مقسّم (ببغداد) ، يقول : سمعت أحمد بن على بن سعيد البزّار ، يقول : سمعت أبا ثور يقول : سمعت الشافعىّ يقول : «الفصاحة - : إذا استعملتها فى الطّاعة. - : أشفى وأكفى : فى البيان ؛ وأبلغ : فى الإعذار (6)

«لذلك : [دعا] موسي ربّه ، فقال : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي : 20 - 27 - 28 ) . وقال : ( وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً : 28 - 34 ) ؛ لما علم : أنّ الفصاحة أبلغ فى البيان.».

ص: 179


1- كمجاهد ، انظر ما روى عنه : فى تفسير الطبري ، واللسان (مادة : برطم).
2- من «البرطمة» - وهو لفظ مجاهد فى بعض الروايات - وهى : التكبر والانتفاخ من الغضب. وفى الأصل : «غضابا مبرطمسون» ، وهو تحريف. وقيل فى تفسير ذلك أيضا : «الغافلون ، والخامدون ، والرافعون رءوسهم تكبرا ، والقائمون فى حيرة بطرا وأشرا» ، وما إلى ذلك.
3- أي : مشتق منه ، ولعل زيادة ذلك وما بعده صحيحة.
4- زيادة حسنة للايضاح.
5- يعنى : لهوه وعدم استماعه ، إلا إن كان خصوص هذا الحديث يسمى سمودا : على سبيل المجاز المرسل.
6- فى الأصل : «الاغرار كذلك موسى» ، وهو تصحيف ونقص من الناسخ.

(أنا) أبو عبد الرحمن السّلمىّ ، سمعت علىّ بن أبى عمرو البلخيّ ، يقول : سمعت عبد المنعم بن عمر الأصفهانىّ ، [يقول] : نا أحمد بن محمد المكّىّ ، نا محمد بن إسماعيل ، والحسين بن زيد ، والزّعفرانىّ ، وأبو ثور ؛ كلّهم قالوا : سمعنا محمد بن إدريس الشافعىّ ، يقول : «نزّه اللّه (عز وجل) نبّه ، ورفع قدره ، وعلّمه وأدّبه ؛ وقال : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ : 25 - 58 ) .»

«وذلك : أنّ الناس فى أحوال شتّى (1) : متوكّل : على نفسه ؛ أو : على ماله ؛ أو : على زرعه ؛ أو : على سلطان ؛ أو : على عطيّة الناس. وكلّ مستند : إلى حىّ يموت ؛ أو : على شىء يفنى : يوشك أن ينقطع به. فنزّه اللّه نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) ؛ وأمره : أن يتوكّل على الحىّ الذي لا يموت (2)

«قال الشافعي : واستنبطت (3) البارحة آيتين - فما (4) أشتهى ، باستنباطهما ، الدّنيا وما فيها - : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ؛ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ

ص: 180


1- فى الأصل : «شىء» ، وهو تحريف.
2- راجع ما ورد فى التوكل ، وأقوال الأئمة عن حقيقته - : فى شرح مسلم (ج 3 ص 90 - 92 وج 15 ص 44) ، والفتح (ج 11 ص 241 - 242) ، والرسالة القشيرية (ص 75 - 80) ، وهى من الكتب النفيسة النافعة : التي يجب الإقبال عليها والانتفاع بها ، واحتقار من يطعن فيها وفى أصحابها. ولابن الجوزي فى مقدمة الصفوة (ص4 - 5) : كلام عن التوكل حسن فى جملته. وانظر تفسير القرطبي (ج 4 ص 189 وج 18 ص 161).
3- فى الأصل : «واستنبط» ، وهو تصحيف.
4- فى الأصل : «مما» ، وهو تصحيف.

إِذْنِهِ : 10 - 3 ) ؛ وفي كتاب اللّه ، هذا كثير : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ ، إِلَّا بِإِذْنِهِ؟! : 2 - 255 ) ؛ فتعطّل (1) الشّفعاء ، إلا بإذن اللّه (2)

«وقال فى سورة هود - عليه السلام - : (3) ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ، ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ - : يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً ، إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى : 11 - 3 ) ؛ فوعد اللّه كلّ من تاب - : مستغفرا. - : التّمتّع إلى الموت ؛ ثم قال : ( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ ، فَضْلَهُ ) ؛ أي : فى الآخرة.»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : فلسنا نحن تائبين على حقيقة (4) ؛ ولكن : علم علمه اللّه (5) ؛ ما حقيقة (6) التّائبين : وقد متّعنا فى هذه الدّنيا ، تمتّعا حسنا (7).؟.».

ص: 181


1- فى الأصل : «فسطل» ، والظاهر أنه مصحف عما ذكرنا.
2- راجع فى بحث الشفاعة وإثباتها ؛ شرح مسلم (ج 3 ص 35) ، والفتح (ج 13 ص 349 و 351). وراجع فيه (ص345 - 349) ، بحث المشيئة والإرادة ؛ لفائدته وارتباطه بالموضوع. وانظر ما تقدم (ج 1 ص 38 و 40) ، والسنن الكبرى (ج 10 ص 206) ، وطبقات الشافعية (ج 1 ص 240 و 258).
3- هذه هى الآية الثانية : من الآيتين اللتين أخبر الشافعي أنه استنبط حكمهما.
4- يعنى : على حقيقة : معلومة لنا ، وبينة لعقولنا.
5- أي : استأثر (سبحانه) به ، دون خلقه. وهذا جواب مقدم ، عن السؤال الآتي.
6- فى الأصل : «صحبة» ؛ وهو تصحيف.
7- يعنى : وأكثرنا لم يلتزم الطاعة ، ولم يكف عن المعصية. هذا غاية ما فهمناه فى هذا النص : الذي لا نستبعد تحريفه ، أو سقوط شىء منه. فلذلك : ينبغى أن تستعين على فهمه : بمراجعة بعض ما ورد فى الاستغفار والتوبة ، وما كتب عن حقيقتهما ، واختلاف العلماء فى حكمهما - : فى السنن الكبرى (ج 7 ص 156 وج 10 ص 153 - 155) وشرح مسلم (ج 17 ص23 - 25 و 59 - 65 و 75 و 82) ، والفتح (ج 11 ص 76 - 84) ، وطرح التثريب (ج 7 ص 264) ، والرسالة القشيرية (ص 45) ، وتفسير القرطبي (ج 4 ص 38 و 130) ، ومفردات الراغب. وأن تراجع تفسير المتاع : فى تفسيرى الطبري (ج 11 ص 124) والقرطبي (ج 9 ص 3). وانظر ما سيأتى فى رواية يونس : (ص 186).

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ ، قال : وقال الحسن بن محمد - فيما أخبرت عنه ، وقرأته فى كتابه - : أنا محمد بن سفيان ، نا يونس بن عبد الأعلى ، قال : وقال لى الشافعي (1) : «ما بعد عشرين ومائة - : من آل عمران. - نزلت فى أحد : فى أمرها (2) ؛ وسورة الأنفال نزلت : فى بدر (3) ؛ وسورة الأحزاب نزلت : فى الخندق (4) ، وهى : الأحزاب ؛ وسورة الحشر نزلت (5) : في النّضير».

ص: 182


1- فى المناقب لابن أبى حاتم (ص 19 مخطوط) - (المخطوط محفوظ عندى تفضل به على المغفور له مولانا الكوثرى. وسيقدم للطبع بعد الانتهاء من هذا الكتاب إن شاء اللّه عز وجل. : الناشر السيد عزت العطار الحسيني.) - : أن يونس دخل على الشافعي - وهو مريض - فطلب إليه : أن يقرأ عليه هذه الآية ؛ وأن يونس قال : «عنى الشافعي ... : ما لقى النبي وأصحابه».
2- راجع فى أسباب النزول (ص 89) ، والفتح (ج 7 ص 244) : أثر عبد الرحمن ابن عوف ، المؤيد لذلك. وهذا مذهب الجمهور ؛ وقيل : نزلت فى الخندق ، أو بدر. انظر تفسير الطبري (ج 4 ص45 - 46) والقرطبي (ج 4 ص 184).
3- كما صرح به سعد بن أبى وقاص : فيما روى عنه فى أسباب النزول (ص 172). وانظر تفسير القرطبي (ج 7 ص 361) ، وشرح مسلم (ج 18 ص 165).
4- يحسن أن تراجع تفسير القرطبي (ج 14 ص 113) : ففوائده جمة.
5- أي : بأسرها ؛ كما صرح به يزيد بن رومان : فيما رواه الطبري عنه فى التفسير (ج 8 ص 20). وانظر الفتح (ج 7 ص 234). وانظر فى تفسير القرطبي (ج 18 ص2 - 3) : الكلام عن أنواع الحشر.

قال : وقال الشافعي (1) : «إنّ غنائم بدر لم تخمّس البتّة (2) ؛ وإنّما نزلت آية الخمس : بعد رجوعهم من بدر ، وقسم الغنائم (3).».

قال (4) : وقال الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله تعالى : ( لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللّهِ : 5 - 2 ) . - : «يعنى (5) : لا تستحلّوها ، [وهى (6)] : كلّ ما كان لله (عز وجل) : من الهدى وغيره.» [وفى قوله] (7) : ( وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ : 5 - 2 ) : «من أتاه : تصدّونهم عنه.».

قال : وقال الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله عز وجل : ( شَنَآنُ قَوْمٍ : 5 - 2 ) . - : «على (8) خلاف الحقّ». وقوله عز وجل : ( إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ : 5 - 3 ) : «فما وقع عليه اسم الذّكاة - : من هذا. - فهو : ذكىّ (9).».

ص: 183


1- كما فى المناقب لابن أبى حاتم (ص 95) : عن غير طريق يونس.
2- راجع فى شرح القاموس (مادة : بت) ؛ كون هذه الكلمة : بالقطع أو بالوصل.
3- راجع ما تقدم (ص 36 - 37) ، والفتح (ج 6 ص 119 - 120).
4- كما فى المناقب لابن أبى حاتم (ص 94).
5- هذا ليس فى المناقب.
6- الزيادة من عندنا : للتوضيح ؛ وما ذكر بعدها : نص رواية المناقب. وعبارة الأصل : «كما قال اللّه عز وجل فى الهدى ( وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ) من أن يصدوهم عنه». وهى - كما ترى - مضطربة : لا يمكن الاطمئنان إليها ، ولا التعويل عليها. ونكاد نقطع : بأنها محرفة عما ذكرنا. ولكى تطمئن إلى ذلك : راجع أقوال الأئمة فى الشعائر : فى تفسيرى الطبري (ج 6 ص36 - 37) والقرطبي (ج 6 ص 37 - 38).
7- الزيادة من عندنا : للتوضيح ؛ وما ذكر بعدها : نص رواية المناقب. وعبارة الأصل : «كما قال اللّه عز وجل فى الهدى ( وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ) من أن يصدوهم عنه». وهى - كما ترى - مضطربة : لا يمكن الاطمئنان إليها ، ولا التعويل عليها. ونكاد نقطع : بأنها محرفة عما ذكرنا. ولكى تطمئن إلى ذلك : راجع أقوال الأئمة فى الشعائر : فى تفسيرى الطبري (ج 6 ص36 - 37) والقرطبي (ج 6 ص 37 - 38).
8- هذا بيان للقوم ؛ أي : لا يكسبنكم كرهكم قوما هذه صفتهم : الاعتداء عليهم ، وإلحاق الضرر بهم. فلا تتوهم : أنه تفسير للمفعول ؛ أو لآية المائدة الأخرى : 8. .
9- راجع فى المصباح (مادة : ذكى) ؛ ما نقله عن ابن الجوزي في تفسير الذكاة : فهو من أجود ما كتب وأنفعه. وانظر تفسير القرطبي (ج 6 ص50 - 52) ، وما تقدم (ص 80 - 81).

قال : وقال الشافعي : «الأزلام (1) ليس لها معنى إلّا : القداح (2).».

قال : وقال الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله عز وجل : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ : 4 - 5 ) . - : «إنّهم : النساء والصّبيان (3) ؛ لا تملّكهم ما أعطيتك - : من ذلك. - وكن أنت الناظر لهم فيه.».

قال : وقال الشافعي - فى قوله عز وجل : ( وَالْمُحْصَناتُ : مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ، مِنْ قَبْلِكُمْ : 5 - 5 ) . - : «الحرائر : من أهل الكتاب ؛ غير ذوات الأزواج (4). ( مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ : 5 - 5 ) :

ص: 184


1- قد ورد بالأصل : مضافا إليه - بمداد آخر - باء ، ثم كلمة : «الأزلام». وهو من تصرف الناسخ : بقرينة صنيع يونس السابق واللاحق.
2- يعنى : بالنظر للآية الكريمة. وإلا فقد تطلق على غير ذلك : كالوبار (وزن سهام) : دويبات لا ذنب لها. انظر اللسان والتاج : (مادتى : قسم ، وزلم) ؛ والمصباح : (مادة : وبر). ولابن قتيبة فى الميسر والقداح (ص38 - 42) والقرطبي فى التفسير (ج 6 ص 58 - 59) كلام جيد مفيد فى بحث القرعة السابق (ص 157). وانظر الفتح (ج 8 ص 192) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 249).
3- راجع فى تفسير الفخر (ج 3 ص 142 - 143) : ما روى فى ذلك ، عن ابن عباس والحسن وقتادة وابن جبير. وراجع بتأمل كلام البيضاوي فى التفسير (ص 103). ثم راجع الآراء الأخرى : فى تفسيرى الطبري (ج 4 ص164 - 166) والقرطبي (ج 5 ص 28) أيضا.
4- روى ذلك ابن أبى حاتم فى المناقب (ص 97) ، ثم ذكر : أنه لا يعلم مفسرا غير الشافعي ، استثنى ذلك. وانظر ما تقدم (ج 1 ص184 - 187) ، والأم (ج 4 ص 183). وراجع تفسيرى الطبري (ج 6 ص68 - 69) والقرطبي (ج 6 ص 79) ؛ وما ذكره الفخر فى التفسير (ج 3 ص 361) : من منشإ الخلاف بين أبى حنيفة والشافعي ، فى حل الأمة الكتابية.

عفائف (1) غير فواسق.».

قال (2) : وقال الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله عز وجل : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ) ؛ الآية (3) - قال : «إذا اتّقوا : لم يقربوا ما حرم عليهم (4).».

قال : وقال الشافعي (رحمه اللّه) - فى قوله عز وجل : ( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ) . (5) (5 - 105) - قال : «هذا : مثل قوله تعالى: ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ : 2 - 272 ) ؛ ومثل قوله عز وجل: ( فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ : حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ : 4 - 140 ) . ومثل هذا - فى القرآن - :

ص: 185


1- فى الأصل : «عفايف» ؛ وهو تصحيف. انظر شذا العرف (ص 109). يعنى : متزوجين نساء صفتهن ذلك. فهذا متعلق بقوله : «محصنين» ؛ لا تفسير له. ومراده بذلك : الإرشاد إلى أنه لا ينبغى للمؤمن العفيف : أن يتزوج غير عفيفة ؛ على حد قوله تعالى : ( وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ :1. 3 ) ولعل ذلك يرشدنا : إلى السر فى اقتصاره على بعض النص فيما تقدم (ج 1 ص 311) : وإن كان قد ذكر فى مقام بيان معانى الإحصان. وراجع القرطين (ج 1 ص117 - 118) ، وتهذيب اللغات (ج 1 ص 65 - 67).
2- كما فى المناقب لابن أبى حاتم (ص 99).
3- راجع فى أسباب النزول (ص 156) : حديثى أنس والبراء فى سبب نزولها. وانظر الفتح (ج 8 ص 193).
4- انظر القرطين (ج 1 ص 145) ، والأقوال الأربعة التي ذكرها القرطبي فى التفسير (ج 6 ص 296).
5- راجع فى أسباب النزول (ص 158) : حديث ابن عباس فى سبب نزول هذه الآية. وراجع فى السنن الكبرى (ج 10 ص91 - 92) : حديثى أبى بكر والخشني ، وأثر ابن مسعود : فى ذلك. ثم راجع تفسير القرطبي (ج 6 ص342 - 344).

على ألفاظ (1).».

قال : وقال الشافعي رحمه [اللّه] - فى قوله عز وجل : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ : لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ : 4 - 17 ) . - : «ذكروا فيها معنيين : (أحدهما) : أنه من عصى : فقد جهل ، من جميع الخلق (2). (والآخر) : أنه لا يتوب أبدا : حتى (3) يعمله ؛ وحتى يعمله : وهو لا يرى أنه محرّم. والأوّل : أولاهما (4).».

قال : وقال الشافعي (رحمه اللّه) ، - [فى قوله عز وجل (5)] : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ : أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً ؛ إِلَّا خَطَأً : 4 - 92 ) . - : «معناه : أنه ليس للمؤمن (6) أن يقتل أخاه ؛ إلّا : خطأ.».

ص: 186


1- أي : على ألوان فى التعبير ، وأصناف فى البيان ، وفى الأصل : «ألفاظه» ؛ وهو تحريف. وانظر كلامه فى الأم (ج 4 ص 169) : المتعلق بآية : ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى :53 - 38 ) ؛ وما تقدم (ج 1 ص 317).
2- أي : لأنه ارتكب فعل الجهلاء ، وتنكب سبيل العقلاء ؛ سواء أكان جاهلا بالحكم ، أم عالما.
3- عبارة الأصل : «حتى بعمله ، وحين يعلمه». وهى مصحفة قطعا ؛ ولعلنا وقفنا فيما أثبتنا.
4- بل نقل فى تفسيرى الطبري (ج 4 ص 202) والقرطبي (ج 5 ص 92) ، عن قتادة : أن الصحابة أجمعت عليه. فراجع قوله وغيره : مما يفيد فى المقام.
5- زيادة حسنة ، ولعلها سقطت من الناسخ.
6- أي : لا ينبغى له ، ويحرم عليه. انظر تفسير القرطبي (ج 5 ص 311). وراجع فيه وفى تفسير الطبري (ج 5 ص 128 - 129) تأويل العلماء لظاهر هذه الآية ، وسبب نزولها. وانظر الفتح (ج 12 ص 171 - 172) ، وما يتعلق بهذه الآية : فيما تقدم (ج 1 ص 281 - 288).

قال : وقال الشافعي - فى قوله عز وجل : ( قُلِ : اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ، وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ ) ؛ الآية : (4 - 127). - : «قول عائشة (رضى اللّه عنها) ، أثبت شىء فيه». وذكر لى - فى قولها - : حديث الزّهرىّ (1).

قال : وقال [الشافعي (2)] - فى قوله عز وجل : ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ : 5 - 89 ) . - : «ليس فيه إلّا قول عائشة : حلف الرجل على الشيء : يستيقنه ، ثم يجده : على غير ذلك (3).».

قلت : وهذا بخلاف رواية الربيع عن الشافعي : من قول عائشة. ورواية الربيع أصحّ : فهذا الذي رواه يونس عن الشافعي - : من قول عائشة. - : إنّما رواه عمر بن قيس ، عن عطاء ، عن عائشة (4). وعمر بن

ص: 187


1- هو - كما فى صحيح البخاري - : «أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال : رغبوا فى نكاحها ، ولم يلحقوها بسنتها : بإكمال الصداق. فإذا كانت مرغوبا عنها - فى قلة المال والجمال - : تركوها ، والتمسوا غيرها : من النساء. فكما يتركونها : حين يرغبون عنها ؛ فليس لهم أن ينكحوها : إذا رغبوا فيها ؛ إلا أن يقسطوا لها الأوفى : من الصداق ؛ ويعطوها حقها.». وقد أخرجه الشيخان من طريقه عن عروة ، ومن طريق أبى أسامة عن هشام عن أبيه ؛ والبيهقي من طريق وكيع عن هشام أيضا : بألفاظ مختلفة. انظر الفتح (ج 5 ص 81 و 253 وج 8 ص 166 و 184) ، وشرح مسلم (ج 18 ص154 - 156) ، والسنن الكبرى (ج 7 ص 130). ثم راجع تفسير القرطبي (ج 5 ص 11 و 403).
2- زيادة حسنة ، ولعلها سقطت من الناسخ.
3- هذا هو نحو ما استحسنه مالك فى الموطأ ، ونقلناه فيما سبق (ص 110) ؛ وأشرنا إلى رد الشافعي عليه. إلا أن مالكا لم ينسبه إلى قائل معين.
4- كما فى السنن الكبرى (ج 10 ص 49). وانظر ما روى فيها (ص 50) : عن مجاهد والحسن.

قيس : ضعيف. وروى من وجه آخر : كالمنقطع.

والصحيح عن عطاء وعروة ، عن عائشة - : ما رواه في رواية الربيع ؛ والصحيح : من المذهب أيضا ؛ ما أجازه فى رواية الربيع.

* * *

(قرأت) فى كتاب : (السّنن) - (1) رواية حرملة عن الشافعي رحمه اللّه - : قال : «قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ ، حُسْناً : 5 - 8 ) ؛ وقال تعالى : ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ : 31 - 14 ) ؛ وقال جل ثناؤه : ( إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ، وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ : لِتَعارَفُوا : 49 - 13 ) (2)

«وقال تبارك اسمه : ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ : مِمَّ خُلِقَ؟ * : خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ : 86 - 5 - 7 ) ؛ فقيل : يخرج من صلب الرجل ، وترائب (3) المرأة.»

«وقال : ( مِنْ نُطْفَةٍ : أَمْشاجٍ ؛ نَبْتَلِيهِ : 76 - 2 ) ؛ فقيل (واللّه أعلم) :

ص: 188


1- فى الأصل زيادة : «فى» ؛ وهى من الناسخ
2- روى الزهري : أن سبب نزول هذه الآية ، قولهم : «يا رسول اللّه ؛ نزوج بناتنا موالينا؟». انظر السنن الكبرى (ج 7 ص 136).
3- فى الأصل : «ونزايب» ؛ وهو تصحيف. وهذا القول مروى عن قتادة والفراء. وروى عن الحسن : أنه يخرج من صلب وترائب كل منهما. وقيل : يخرج من بين صلب الرجل ونحوه. انظر تفسيرى الطبري (ج 30 ص92 - 93) والقرطبي (ج 20 ص 7) ؛ واللسان (مادة : ترب). وانظر الأقوال : فى تفسير الترائب.

نطفة الرجل : مختلطة بنطفة المرأة (1). (قال الشافعي) : وما اختلط سمّته العرب : أمشاجا.»

«وقال اللّه تعالى : ( وَلِأَبَوَيْهِ : لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ : مِمَّا تَرَكَ ) ؛ الآية : 4 - 11).»

«فأخبر (جل ثناؤه) : أنّ كلّ آدمىّ : مخلوق من ذكر وأنثى ؛ وسمّى الذكر : أبا ؛ والأنثى : أمّا.»

«ونبّه (2) : أنّ ما نسب (3) - : من الولد. - إلى أبيه : نعمة من نعمه ؛ فقال : ( فَبَشَّرْناها : بِإِسْحاقَ ؛ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ : يَعْقُوبَ : 11 - 71 ) ؛ وقال : ( يا زَكَرِيَّا ؛ إِنَّا نُبَشِّرُكَ : بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى ؛ 19 - 7 ) .»

«قال الشافعي : ثم كان بيّنا فى أحكامه (جل ثناؤه) : أنّ نعمته لا تكون : من جهة معصيته (4) ؛ فأحلّ النكاح ، فقال : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ : مِنَ النِّساءِ : 4 - 3 ) ؛ وقال تبارك وتعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا : فَواحِدَةً ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ : 4 - 3 ) . وحرّم الزّنا ، فقال : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى : 17 - 32 ) ؛ مع ما ذكره : فى كتابه.»

«فكان معقولا فى كتاب اللّه : أنّ ولد الزّنا لا يكون منسوبا إلى

ص: 189


1- راجع فى تفسير القرطبي (ج 19 ص 118 - 119) : ما روى عن ابن عباس وابن مسعود وأبى أيوب ؛ وأقوال المبرد والفراء وابن السكيت. لفائدتهما هنا. (وانظر تفسير الطبري (ج 29 ص126 - 127).
2- فى الأصل : «وفيه» ؛ وهو تصحيف.
3- فى الأصل : «لنسب» ؛ وهو تصحيف.
4- فى الأصل : «معصية» ؛ والظاهر : أنه محرف ؛ بقرينة ما سيأتي.

أبيه : الزّانى بأمّه. لما وصفنا : من أنّ نعمته إنّما تكون : من جهة طاعته ؛ لا : من جهة معصيته.»

«ثم : أبان ذلك على لسان نبيّه صلى اللّه عليه وسلم (1)» ؛ وبسط الكلام فى شرح (2) ذلك.

* * *

(أنا) أبو عبد الرحمن السّلمىّ ، قال : حدثنا على بن عمر الحافظ (ببغداد) : نا عبد اللّه بن محمد بن أحمد بن [محمد بن] عبد اللّه بن محمد ابن العباس الشافعىّ ؛ حدثنا أبى ، عن أبيه : حدثنى أبى [محمد بن] عبد اللّه (3) بن محمد ؛ قال : سمعت الشافعىّ يقول (4) : «نظرت بين

ص: 190


1- كحديث : «الولد لصاحب الفراش ؛ وللعاهر الحجر» ؛ وكنفيه (صلى اللّه عليه وسلم) الولد ، عن الزوج الملاعن ؛ وإلحاقه : بأمه.
2- فى الأصل : «شروح» ؛ والزيادة من الناسخ. ولكى تقف على حقيقة هذه المسألة الخطيرة ، ومذاهب الأئمة فيها ، وما يتعلق بها أو يتفرع عنها - : ينبغى أن تراجع كلام الشافعي فى الأم (ج 4 ص 12 وج 5 ص136 - 140 و 234 و 281 - 282) ، واختلاف الحديث (ص 304 - 310) ؛ والمختصر (ج 3 ص 280 - 282 وج 4 ص 174) ؛ وكلام الفخر فى المناقب (ص 63 و 194 - 195). ثم راجع شروح الموطأ (ج 3 ص123 - 124 و 141 - 142) ومسلم (ج 10 ص 37 - 40 و 123) والعمدة (ج 4 ص 68 و 70) ؛ ومعالم السنن (ج 3 ص 268 - 274 و 278 - 280) ، وطرح التثريب (ج 7 ص 108 و 116 و 122 و 130) ، والفتح (ج 4 ص 205 - 206 وج 8 ص 17 - 18 و 313 - 315 وج 9 ص 366 و 371 - 374 وج 12 ص 23 - 31 و 104).
3- فى الأصل زيادة : «محمد) ؛ وهو متأخر عن مكانه بعبث الناسخ. والتصحيح والزيادة المتقدمة : من طبقات التاج السبكى (ج 1 ص 243 و 287).
4- كما فى المناقب للفخر (ص 70) : باختلاف يسير سننبه على بعضه.

دقّتى المصحف : فعرفت مراد اللّه (عز وجل) فى (1) جميع ما فيه ، إلّا حرفين» : (ذكرهما ، وأنسيت (2) أحدهما) ؛ «والآخر : قوله تعالى : ( وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها : 91 - 10 ) ، فلم أجده : فى كلام العرب ؛ فقرأت لمقاتل بن سليمان : أنّها : لغة السّودان ؛ وأنّ (دسّاها (3)) : أغواها. (4)».

قوله : «فى كلام العرب» ؛ أراد : لغته ؛ أو أراد : فيما بلغه : من كلام العرب. والذي ذكره مقاتل - : (5) لغة السّودان. - : من كلام العرب ؛ واللّه أعلم.

* * *

وقرأت فى كتاب. (السّنن) - رواية حرملة بن (6) يحيى ، عن الشافعي رحمه اللّه - : قال : «قال اللّه عز وجل : ( لا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ : لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) ، الآيتين : (60 - 8).»

ص: 191


1- رواية الفخر : «من ... إلا حرفين أشكلا على ؛ قال الراوي : الأول نسيته ، والثاني ...». وانظر الخلية (ج 9 ص 104) ، وتاريخ بغداد (ج 2 ص 63).
2- فى الأصل : بدون الواو ؛ ولعلها سقطت من الناسخ.
3- الأصل : «داساها» ؛ وهو تحريف.
4- قد أخرج هذا التفسير عن ابن عباس : فى المستدرك ومختصره (ج 2 ص 524) ، وتفسير القرطبي (ج 20 ص 77). وأخرجه البخاري عن مجاهد ، والطبري عنه وعن ابن جبير. انظر الفتح (ج 11 ص 404) ، وتفسير الطبري (ج 30 ص 136).
5- أي : على أنه لغتهم : هو : من كلام العرب ؛ أخذه أهل السودان عنهم ، واشتهر عندهم.
6- فى الأصل : «ابن أبى يحيى» ؛ والزيادة من الناسخ. انظر الطبقات للشيرازى (ص 80) والسبكى (ج 1 ص 257) والحسيبى (ص 5).

«قال : يقال (واللّه أعلم) : إنّ بعض المسلمين تأثّم من صلة المشركين - أحسب ذلك : لمّا نزل (1) فرض جهادهم ، وقطع الولاية بينهم وبينهم (2) ، ونزل : ( لا تَجِدُ قَوْماً - : يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. - : يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) ، الآية (3) : 58 - 22). - فلمّا خافوا أن تكون [المودّة (4)] : الصّلة بالمال ، أنزل (5) : ( لا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ : لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ، وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ - : أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ (6) ، إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّما يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ : قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ ، وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ، وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ - : أَنْ

ص: 192


1- فى الأصل زيادة : «من» ؛ والظاهر : أنها من الناسخ ؛ بقرينة قوله الآتي : «ونزل» ؛ فتأمل.
2- كما فى آيات آل عمران : (28 و 118) ؛ والمائدة : (51) ؛ وأول الممتحنة.
3- راجع ما ورد فى سبب نزولها : فى أسباب النزول (ص 310) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 27) ، وتفسير القرطبي (ج 18 ص 307).
4- هذه الزيادة : للايضاح ؛ وقد يكون أصل العبارة : «أن تكون الصلة بالمال محرمة».
5- راجع فى الفتح (ج 5 ص 147 - 148) : حديث أسماء بنت أبى بكر فى سبب نزول هذه الآية. ثم راجع الخلاف : فى كونها : محكمة أو منسوخة ؛ عامة أو مخصوصة - : فى الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 235) ، وتفسيرى الطبري (ج 28 ص 43) والقرطبي (ج 18 ص 59).
6- قال ابن العربي - كما فى تفسير القرطبي - : «أي : تعطوهم قسطا : من أموالكم ؛ على وجه الصلة. وليس يريد به : من العدل ؛ فإن العدل واجب : فيمن قاتل ، وفيمن لم يقاتل.». وانظر تفسيرى الفخر (ج 8 ص 139) والبيضاوي (ص 731).

تَوَلَّوْهُمْ ؛ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ : فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .»

«قال الشافعي (رحمه اللّه) : وكانت الصّلة بالمال ، والبرّ ، والإقساط ، ولين الكلام ، والمراسلة (1) - : بحكم اللّه. - غير ما نهوا عنه : من الولاية لمن نهوا عن ولايته : (2) مع المظاهرة على المسلمين.»

«وذلك : أنّه أباح برّ من لم يظاهر عليهم - : من المشركين. - والإقساط إليهم ؛ ولم يحرّم ذلك (3) : إلى من أظهر عليهم ؛ بل : ذكر الذين ظاهروا عليهم ، فنهاهم : عن ولايتهم. وكان الولاية : غير البرّ والإقساط (4)

«وكان النبىّ (صلى اللّه عليه وسلم) : فادى بعض أسارى بدر ؛ وقد كان أبو عزّة الجمحىّ : ممّن منّ عليه (5) - : وقد كان معروفا : بعداوته ، والتّأليب (6) عليه : بنفسه ولسانه. - ومنّ بعد بدر : على ثمامة بن أثال : وكان معروفا : بعداوته ؛ وأمر : بقتله ؛ ثم منّ عليه بعد إساره. وأسلم

ص: 193


1- كما فى قصة حاطب بن أبى بلتعة. انظر ما تقدم (ص 46 - 48) ، وأسباب النزول (ص 314 - 316) ، وتفسيرى الطبري (ج 28 ص 38 - 40) والقرطبي (ج 18 ص 50 - 52)
2- أي : مع كونه مظاهرا عليهم ؛ فهو فى موقع الحال من الضمير.
3- أي : إيصال ذلك إلى من أعان على إخراجهم ؛ انظر اللسان (ج 6 ص 198). وفى الأصل : «.. إلى ما ..» ؛ وهو تصحيف.
4- راجع كلام الحافظ فى الفتح (ج 5 ص 146) : المتعلق بذلك ؛ لفائدته.
5- وأخذ عليه عهدا بعدم قتاله ؛ ولكنه أخل بالعهد ، وقاتل النبي فى أحد : فأسر وقتل. انظر الأم (ج 4 ص 156) ؛ ثم راجع قصته وقصة ثمامة : فى السنن الكبرى (ج 9 ص65 - 66) : وانظر ما تقدم (ص 38 وج 1 ص 158 - 159) ، والفتح (ج 6 ص 152).
6- فى الأصل : «والثعاليب» ؛ وهو تحريف.

ثمامة ، وحبس الميرة عن أهل مكّة : فسألوا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ، أن يأذن له : أن يميرهم ؛ فأذن له : فمارهم.»

«وقال اللّه عز وجل : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ - : عَلى حُبِّهِ. - : مِسْكِيناً ، وَيَتِيماً ، وَأَسِيراً : 76 - 8 ) ؛ والأسرى (1) يكونون : ممّن حادّ اللّه ورسوله (2).».

* * *

(أنا) أبو عبد الرحمن السّلمىّ ، أنا الحسن بن رشيق (إجازة) ، قال (3) : قال عبد الرحمن بن أحمد المهدىّ : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعىّ (رحمه اللّه) ، يقول (4) : «من زعم - : من أهل العدالة. - : أنّه يرى الجنّ ؛ أبطلت (5)

ص: 194


1- فى الأصل : بالألف ؛ وهو تصحيف.
2- قال الحسن : «ما كان أسراهم إلا المشركين». وروى نحوه : عن قتادة وعكرمة. انظر الخلاف فى تفسير ذلك : فى تفسيرى الطبري (ج 29 ص129 - 130) والقرطبي (ج 19 ص 127). ثم راجع فى سير الأوزاعى الملحق بالأم (ج 7 ص316 - 317) ، والسنن الكبرى (ج 9 ص 128 - 129) - : رد الشافعي على أبى يوسف ، فيما زعم : «من أنه لا ينبغى : بيع الأسرى لأهل الحرب ، بعد خروجهم إلى دار الإسلام». ففائدته فى هذا البحث كبيرة. وانظر شرح مسلم (ج 12 ص67 - 69).
3- هذا قد ورد فى الأصل عقب قوله : المهدى ؛ وهو من عبث الناسخ.
4- كما فى مناقب الفخر (ص 126) ، وطبقات السبكى (ج 1 ص 258) (والحلية ج 9 ص 141) : وقد أخرجاه من طريق حرملة. وذكره فى الفتح (ج 6 ص 216) : مختصرا ؛ عن المناقب للبيهقى.
5- فى غير الأصل : «أبطلنا». قال فى الفتح : «وهذا محمول : على من يدعى رؤيتهم : على صورهم التي خلقوا عليها. وأما من ادعى : أنه يرى شيئا منهم - : بعد أن يتصور على صور شتى : من الحيوان. - : فلا يقدح فيه ؛ وقد تواردت الأخبار : بتطورهم فى الصور.». وانظر تفسيرى الفخر (ج 4 ص 165) والقرطبي (ج 7 ص 186) ؛ وآكام المرجان (ص 15).

شهادته - : لأنّ اللّه (عزوجل) يقول : ( إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ : مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ : 7 - 27 ) . - إلّا : أن يكون نبيّا (1).».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، قال : ثنا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه اللّه) ، قال (2) : «أكره : أن يقال للمحرّم : صفر ؛ [ولكن يقال له : المحرّم.] (3)»

«[وإنّما كرهت : أن يقال للمحرّم : صفر ؛ من قبل : أنّ أهل الجاهليّة (4)] كانوا يعدّون ، فيقولون : صفران ؛ للمحرّم وصفر ؛ وينسئون - : فيحجّون عاما فى شهر ، وعاما فى غيره (5). - ويقولون :

ص: 195


1- ينبغى أن تراجع الكلام : عن حقيقة الجن وأصلهم ، وأصنافهم وأحكامهم ، وبعثة نبينا إليهم ؛ ورد إمام الحرمين وغيره ، على من أنكر وجودهم : كبعض الفلاسفة ، والزنادقة والقدرية - : فى تفسير الفخر (ج 8 ص 234 - 242) ، وآكام المرجان (ص 3 - 54) ، والفتح (ج 6 ص 215 - 218 وج 7 ص 118) ، والمستدرك ومختصره (ج 2 ص 456) ، وتفسيرى الطبري (ج 8 ص 27 وج 29 ص 64 - 71) والقرطبي (ج 19 ص 1 - 16). - : لتؤمن : بدجل بعض المعاصرين المنكرين ؛ وتعتقد : أنهم رؤساء المقلدين ، بل زعماء المخرفين
2- كما فى السنن الكبرى (ج 5 ص 165).
3- زيادة جيدة ، عن السنن الكبرى.
4- زيادة جيدة ، عن السنن الكبرى.
5- أي : عاما فى صفر ، وعاما فى المحرم (مثلا). راجع فى السنن الكبرى (ص 166) : ما ذكره ابن عباس عما كان يفعله فى الجاهلية أبو ثمامة الكناني ؛ وما قاله مجاهد. وراجع أمالى القالي (ج 1 ص 4) ، والتاج (مادة : نسأ) ، والقرطين (ج 1 ص 195) ، وتفسيرى الطبري (ج 10 ص91 - 93) والقرطبي (ج 8 ص 137) ، والفتح (ج 3 ص 274). ثم انظر بتأمل بلوغ الأرب (ج 3 ص70 - 76) ، وكلام النووي فى شرح مسلم (ج 11 ص 168) ، وما نقله الفخر فى التفسير (ج 4 ص 431) عن الواحدي ؛ والحافظ فى الفتح (ج 8 ص 226) عن الخطابي - : مما يفيد : أن هذا التأخير لم يكن عندهم مختصا بشهر. - : لتدرك ما فى رسالة : (نظام النسيء عند العرب : ص 12) : من الضعف والتسرع فى الحكم.

إن أخطأنا موضع المحرّم ، فى عام : أصبناه فى غيره. فأنزل اللّه عز وجل : ( إِنَّمَا النَّسِيءُ : زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ ) ؛ الآية : (9 - 37).»

«وقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (1) : إنّ الزّمان قد استدار : كهيئته (2). يوم خلق اللّه السّماوات والأرض (3) ؛ السّنة : اثنا عشر شهرا ؛ منها أربع حرم : ثلاثة متواليات - : ذو القعدة ، وذو الحجّة ، والمحرّم. - ورجب : شهر مضر ، الذي بين جمادى وشعبان (4)

ص: 196


1- كما فى الصحيحين وغيرهما ؛ إلا أن فيها زيادة مفيدة لم تذكر هنا. فراجع الكلام عنه:فى الفتح : (ج 1 ص 117 وج 3 ص 372 وج 8 ص 56 و 225 وج 10 ص 5) ، وشرح مسلم (ج 11 ص167 - 172).
2- فى الأصل : «كهيئة» ؛ وهو تحريف.
3- ذكر فى السنن الكبرى إلى هنا.
4- ذكر فى شرح مسلم : «أن هذا التقييد مبالغة فى إيضاحه ، وإزالة للبس عنه : إذ كانت ربيعة تخالف مضر فيه : فتجعله رمضان» ؛ إلخ. فراجعه ؛ وراجع فيه وفى الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 31) والتاج. (مادة : حرم) : اختلاف الكوفيين والمدنيين : فى أول هذه الأشهر ؛ أهو المحرم؟ أم رجب؟ أم ذو القعدة؟.

«قال الشافعي : فلا شهر ينسأ (1). وسمّاه (2) رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : المحرّم.».

وصلّى (3) اللّه على سيّدنا : محمّد ؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 197


1- أي : بعد بيان اللّه ورسوله. وفى الأصل : «خلا شهر منسا» ؛ وهو خطأ وتصحيف. والتصحيح من السنن الكبرى.
2- أي : المحرم. وإذن : تكون تسميته : صفرا ؛ مكروهة.
3- هذا إلى آخره : آخر ما ذكر فى الكتاب. وهو من كلام البيهقي ، أو أحد النساخ. واللّه أعلم.

«كلمة الختام»

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

أما بعد الحمد والتعظيم لله ، والصلاة والتسليم على رسول اللّه ؛ وعلى آله الأطهار ، وأصحابه الأبرار ، وسائر الأئمة الأخيار - : فبفضل اللّه (تعالى) ومعونته ، وتوفيقه (سبحانه) وهدايته ؛ قد انتهبنا من التصحيح والتعليق على كتاب : «أحكام القرآن (1)» ؛ أحد الآثار الجليلة - : التي تركها لمن بعده : نبراسا يهتدى بنوره المتعلمون ، وقانونا يحتكم إلى حكمه المختلفون ؛ إمام الأئمة ، وعالم قريش والأمة ، ؛ الإمام المطلبي : محمد بن إدريس الشافعي ؛ رضى اللّه عنه ، ونفعنا بعلمه. - : الذي جمعه وصنفه ، وبوبه ورتبه ؛ شيخ المحدثين ، وكبير المصنفين ؛ الحافظ : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ؛ رحمه اللّه ، وأكرم مثواه.

وكنا قد ابتدأنا ذلك : فى يوم الجمعة المبارك ، الحادي عشر من المحرم سنة 1371 ه (12 من أكتوبر 1951 م).

إلا أننا لم نتمكن من مراجعة أصله كله : قبل تقديمه لطبعه ؛ بل : راجعنا من أول الملزمة الرابعة من الجزء الأول.

أما ما قبل ذلك : فالملزمة الثانية لم ننظرها إلا قبيل طبعها بساعات معدودة : ولا مصدر يرجع إليه ، أو يعول عليه. والملزمة الثالثة قد تمكنا من نظر تجارب طبعها ، والرجوع إلى ما أعان على تصحيح الكثير منها. وقد أصلحنا بعض الأخطاء التي وقعت فيها وفيما قبلها.

ولم نكون - قبل الشروع فى ذلك العمل الخطير - : فكرة مركزة خاصة ؛ ولم نرسم لتحقيقه : خطة محددة واضحة. بل سرنا فيه - بعد وجل شديد ، وتردد مديد - : حسب ما سمحت به ظروفنا الحرجة ؛ ومكنت منه شواغلنا الجمة ، مستلهمين اللّه : التوفيق والسداد. ومستمدين منه : العون والإرشاد.

ص: 198


1- يجب أن يكون معلوما : أن الشافعي قد وضع كتابا آخر بهذا الاسم : كثيرا ما نقل عنه أبو إبراهيم المزني فى مختصره ، وأبو العباس الأصم فى سننه

وإنا لنرجو أن نكون - بعملنا هذا - : قد أدينا واجبا ، وأرضينا ربا ، وخدمنا دينا.

وأن نكون : قد محونا خطأ ، وأثبتنا صوابا ، وملأنا فراغا ، وأزلنا اضطرابا ، وأبنا خفيا ، وكشفنا غامضا ، ومنعنا نقدا ، وقطعنا لوما.

وأن نكون : قد أحلنا القارئ : على ما أوجد وثوقا ، وأكد ثبوتا ، وزاد بيانا ، وقوى برهانا ؛ وعلى ما فصل مجملا ، وبسط مختصرا ؛ وتعرض لما ليس من غرض الكتاب ، التعرض له ، أو الاهتمام به : مما يتصل بالموضوع عن قرب أو بعد. وعلى ما أورد : من الاعتراض والنقد ؛ ما أظهر فضلا جديدا ، وأوجب تقديرا مزيدا : «فالضد يظهر حسنه الضد».

بيد أن ذلك مع الأسف - : لاعتبارات خاصة ، وأسباب قاهرة : لا نرى ضرورة لشرحها ، أو الإشارة إلى نوعها. - لم يتحقق إلا : فى دائرة ضيقة محدودة ، وبصورة متعبة غريبة.

ثم نرجو أن نكون : قد عرضنا نصه عرضا بينا جميلا ، ونسقناه - فى جملته - تنسيقا فنيا بديعا : يقر الناظر ، ويسر الخاطر ، ويبين مواقع جمله ، وارتباط كلمه.

وكنا قد التزمنا : أن نكمل بالهامش ، الآيات القرآنية الكريمة : التي اقتصرت الرواية على ذكر بعضها ، وأشارت إلى إرادة بقيتها. ثم اكتفينا - من أول مباحث الجراح - : بالتنبيه على رقم الآية وسورتها. ولم تمكنا صحتنا إلا من وضع فهرس إجمالي مختصر : لموضوعات الكتاب ومحتوياته. ونحن لا نؤمن : بأن الفهارس هى : كل ما يدل على المسائل المطلوبة ، ويوصل إلى المباحث المرغوبة. بل نؤمن - عن خبرة صادقة ، وتجربة واسعة - : بأن الاعتماد الكلي عليها ، فى البحث عن شيء من ذلك ، كثيرا ما فوت حقائق ثابتة ، وفوائد هامة ، أو سبب أحكاما خاطئة ، وآراء شاذة.

على أن الناشر الفاضل أبو أسامة السيد عزت العطار الحسيني (أعزه اللّه) قد قام بوضع فهرسين ؛ (أحدهما) : للآيات الشريفة (والآخر) : للاعلام والأماكن التي وردت فيه. ونحن - مع شكرنا إياه على وضعهما - قد رجوناه : أن يقتصر ، ما أمكن ، في ثانيهما.

* * *

وقد يؤخذ علينا : أننا قد أثبتنا - فى بعض المواضع - عبارة غير الأصل ؛ وزدنا - كذلك - ما لا تتحتم زيادته ، ولا تتعين إضافته. وأننا لم نلتزم تخريج أحاديثه ، ولا التعريف بأعلامه.

ص: 199

فنقول : إن هذا لا ضرورة له ؛ وذاك مما يتسامح فيه. على أن لنا فى زيادة ما زدنا ، وترك ما تركنا - : من الأعذار البينة العديدة ، والأسناد القوية السديدة. - ما سندلى به ونشرحه : عند الحاجة الملحة ، والضرورة الملجئة ؛ إن شاء اللّه.

ويكفى الآن ، أن نقول - فى صراحة تامة - : إن هذا أول عمل ، من نوعه ، قمنا به ؛ فلم يسبق لنا تصحيح كتاب غيره.

ولسنا (ولله الحمد) من الجهل والغرور : بحيث نتوهم : أنه عمل كامل من كل ناحية ، أو خال عن الأخطاء العلمية. فالكمال : لله وحده ، ومن طلبه : فقد طلب أمرا : بعيدا تناوله ؛ بل : مستحيلا تحققه.

ولكنا (ولله الفضل) نقول - فى وثوق واطمئنان - : إنه ليس فى الإمكان ، أبدع مما كان ، وإن أحدا - مهما قويت عقليته ، واتسعت ثقافته - لا يستطيع فى تلك المدة الوجيزة ، (دع : الأحوال الدقيقة ، والأعمال الأخرى الكثيرة) : أن يتحقق خيرا منه فى جملته ؛ وأن يقوم بأكثر مما قمنا به : من مراجعة نصه مراجعة دقيقة ، والبحث عن مكانه فى المظان الضخمة المختلفة ، ثم بيان أوجه الاختلاف فيه ، وتصحيح أخطائه ، وتكميل الناقص منه ، ثم النظر فى أهم المراجع المعتمدة : التي انتفعت بعلم الشافعي وتأثرت به ، أو اهتمت بالبحث عنه ، وتعرضت لنقده ، ثم الإحالة على المواضع : التي تعين على فهم عباراته ، وإدراك إشاراته ؛ ثم إعداد صورة لطبعه ، والنظر فى تجاربه ، ثم عمل ملحق بين بعض الأخطاء التي وقعت ، والتنبيهات التي فاتت.

وبالجملة : فهو عمل لا يقدر خطورته ، ولا يدرك صعوبته ؛ إلا امرؤ : قدر له أن يزاول مثله ، ويقدم - فى رغبة واخلاص - على تأديته.

وإنا نسأل اللّه «الذي ألهم بإنشائه ، وأعان على إنهائه» : أن يكتب القبول له ، ويحقق النفع به. إنه مجيب الدعاء ، ومحقق الرجاء؟

القاهرة - ميدان السيدة نفيسة رضى اللّه عنها

عبد الغنى عبد الخالق

غرة ذى القعدة سنة 1371 ه

فى يوم الأربعاء

23 من يولية سنة 1952 م

ص: 200

«بعض تصويبات واستدراكات»

«بعض تصويبات واستدراكات (1)»

«خاصة بالجزء الأول»

صفحة / سطر

17 / 9

18 / 22

19 / 3

20 / 11

21 / 9

11

19

21

7

13

14

15

19

20

4

9

10

(والمكثرين).

(الاطلاع).

(ملك) كما فى الأصل.

(وشفاء) كما فى الأصل.

(البر). فى الأصل : (البار) ؛ وهو تحريف.

(لعل الصواب : (التقرير والتبيان).

(محمد بن عبد الل، 9 الحافظ) كما فى الأصل كلام يونس مذكور فى (نوالى التأسيس : ص 58) وذكر بعضه فى مناقب الفخر (ص 70)

(فيما) : ليس بالأصل ، ولا داعى لزيادته. وراجع فى هذا الفصل ، الرسالة.

(ص 17 - 20 و 40 و 42 و 44 و 46 و 47).

(لنا). الصواب - كما فى الأصل والرسالة - : (منا) بالفتح فالتنوين المشدد.

[من] : زيادة بالرسالة. و: (على). فى الأصل والرسالة : (فى). وكلاهما صحيح.

(وحماهموها). والصواب : حذف الواو ؛ كما فى الرسالة.

(فأذاقهم). كذا بنسخة الربيع. وفى الأصل : فازفهم) وهو تصحيف عن ذلك ؛ أو عن : (فآزفتهم) أي : أعجلتهم. كما فى الرسالة (ط. بولاق).

(أنف) بضم الهمزة والنون. كما فى الأصل والرسالة. أي : المستقبل.

(وكان مما). فى الرسالة : (فكل ما).

(العون). كذا بالرسالة. وفى الأصل : (القول). وهو تصحيف.

(للقول). كذا بالرسالة. وفى الأصل : (فى القول). ثم ضرب على (فى)

ص: 201


1- قال الشافعي - كما فى الحلية (ج 9 ص 144) - : «إذا رأيتم الكتاب : فيه إصلاح وإلحاق ؛ فاشهدوا له بالصحة». ونحن قد تركنا التنبيه على بعض الأخطاء المطبعية المتكررة أو الظاهرة ؛ ولم نعد الخط الفاصل بين الأصل والهامش ، سطرا.

ص / س

21 / 12 و

22 / 13

23 / 15

24 / 16

17

1

3

5

1

3

4

7

10

1

3

5

6

7

10

وأضيفت اللام لما بعده. و: (لما). كذا بالأصل. وفى الرسالة : (بما).

ولعل الأحسن : (ووفقه اللّه فى القول والعمل ، لما).

: (المبتدئ) : توضع الهمزة فوق الياء. وقد تكرر هذا ونحوه فى الطبع. و: (المديم بها). كذا بالأصل. وفى طبقات السبكى (ج 1 ص 12 - 13) : (المان بها). وفى الرسالة : (المديمها). و: (على ما أوجبه : من شكره لها). كذا بالأصل والطبقات ؛ وهو صحيح. وفى الرسالة : (على ما أوجبه به : من شكره بها). وقوله : به ، زائد من الناسخ. وراجع بقية النص فى الطبقات ، وكلام ابن السبكى المتعلق به : لفائدته.

(وقولا). كذا بالرسالة. وفى الأصل والطبقات : (قولا). وهو تحريف.

(وفى ... الهدى). كذا بالرسالة. وفى الأصل : (فى ... المهدى).

وهو تحريف.

(الرا). ليس بالرسالة. وقد أضيف إلى الأصل بمداد آخر.

الصواب : (ومن جماع [علم] كتاب) كما فى الرسالة.

الصواب : (بالموضع) كما فى الرسالة.

(أ أراد). الصواب - كما فى الأصل والرسالة - : (ومن أراد). و: (كل).

فى الرسالة : (أكل). وهو أولى.

(شيئا) : ليس بالرسالة. وفى الأصل : (أشياء). وهو تحريف.

الصواب : (ولا نعلمه يحيط) كما فى الأصل والرسالة.

الصواب : (على عامتها) أي : العرب. كما فى الأصل والرسالة.

(أو بعضه قليل). فى الأصل : (أو بعضها قليل). وفى الرسالة :

(أو بعضها قليلا). وهو أحسن.

(فصل). راجع فى ذلك ، الرسالة (ص 53 - 66).

(أتقاكم).

الصواب : [إلى] : (فمن شهد). وعبارة الرسالة : (فمن كان منكم مريضا ...)

(قال). فى الأصل : (وقال).

(منها). فى نسخة الربيع : (منهما). وهو الظاهر.

(خوطب). فى الرسالة : (خوطبت). وهو الملائم لما بعد.

(منها). فى بعض نسخ الرسالة : (منهما). وهو الظاهر

ص: 202

صفحة / سطر

13

25 / 4

27 / 7

10

13

14

17

1

2

3

11

14

19

 (عقل). كذا بالأصل وبعض نسخ الرسالة. وهو صحيح متفق مع ما سبق.

وفى نسخة الربيع : (وعقل). والزيادة من الناسخ ؛ وما كتبه الشيخ شاكر (ص 57) موضع نظر.

(ممن). لعل أصل العبارة : (أو من) ، أو - كما فى الرسالة - : (ومن بلغ : ممن).

الصواب : (لهم ناسا) كما فى الرسالة.

(لما). كذا بالأصل. وفى الرسالة (ط. بولاق) : (بما) وكلاهما ظاهر.

وفى نسخة الربيع : (مما). وهو تصحيف.

([الذين] قال) كما فى الرسالة.

(وإنما كان الذين قالوا). كذا بالأصل. وفى أكثر نسخ الرسالة : (وإنما الذين قالوا). وكلاهما ظاهر صحيح. وفى نسخة الربيع : (وإنما الذين قال). وهو تحريف بلا شك. و: (إن الناس قد جمعوا لكم) : يوضع بين قوسين.

(والأكثرون). فى الرسالة : (والأكثر). وكذلك فى الأصل ؛ ثم أضيف إليه الزائد. وهو من صنع الناسخ. و: (والمجموع). الأحسن : (ولا المجموع) كما فى الرسالة.

الصواب : (تعد).

(مقدمة). فى الأصل : (مبداءة). وهو محرف عما فى الرسالة : (مبداة) بالضم فالفتح فالتشديد.

(وذكر الشافعي). راجع فى ذلك ، الرسالة (ص 66 - 73).

لعل أصل العبارة : (وإن كان حراثيبا) ؛ كما تدل عليه عبارة الرسالة (ص 73).

(واتباع). كذا بالأصل. والصواب : حذف الواو ، لأنه مفعول لقوله :

(فرض). وانظر فى ذلك ، الرسالة (ص 73 - 79).

الصواب : ( فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ : 4 - 171 ) كما فى الرسالة. وقد ورد فى الأصل هكذا : ( فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ) . ثم ضرب على الفاء بمداد آخر ، ظنا : أن آخره صحيح.

ص: 203

صفحة / سطر

28 / 1

29 / 9

30 / 16

31 / 2

32 / 3

9

14

1

14

5

13

7

8

9

13

14

 (فجعل دليل). فى الأصل : (فجمل دال). وهو مصحف عن : (فجعل كمال) كما فى الرسالة.

(ويزكيهم).

(تعد فى الأصل : (بهد). وهو تصحيف. وفى الرسالة : (يقال).

(بكتابه). فى الأصل والرسالة : (بها بكتابه). ولعل الزيادة من الناسخ ؛ فتأمل.

(ثم ذكر الشافعي). راجع فى ذلك ، الرسالة (ص 79 - 85).

(تعطى). فى الأصل : (تطع) ؛ ثم ضرب عليه بمداد آخر ، وكتب فوقه ما ذكر. ولعل محرف عن (تطيع). وفى الرسالة : (يعطى) وهو الظاهر.

(فى شىء) : ليس بالأصل ولا بالرسالة ، ولا داعى لزيادته.

(ومن تنازع - ممن بعد عن). فى الرسالة : بدون (عن). وهو أحسن ، فتأمل.

(قال الشافعي) : كما فى الرسالة (ص 86 - 88). والصواب : (باستمساكه بما أمره به) كما فى الأصل والرسالة.

الصواب : (ثم قال : وفى شهادته له : أنه). انظر الرسالة (ص 88).

(ثم ذكر الشافعي). راجع فى أكثر المباحث المذكور : ، الرسالة (ص 91 و 105 و 113 - 117 و 137 و 149 و 161 و 167 و 223 و 226).

(فصل). راجع فى ذلك ، الرسالة (ص 436 - 438).

(وكانت الحجة) : بفتح التاء. وفى نسخة الربيع زيادة : (بها ثابتة).

والصواب : (ودلائلهم) كما فى الأصل والرسالة.

لفظ (على) ليس بالأصل ولا بالرسالة ، وزيادته : للايضاح. و: (بعدهم.

... سواء) : وتحذف الشرطتان.

(تقوم. كذا بأكثر نسخ الرسالة. وفى بعضها : (إذ تقوم). وفى الأصل :

(بقوم). ولعله مصحف عن (يقوم).

لفظ (من) ليس بالأصل ولا بالرسالة ، وزيادته لا تضر. و: (إذا). كذا بالرسالة (ط. بولاق). وفى الأصل وسائر نسخ الرسالة : (إذ).

(واحتج الشافعي) : كما فى جماع العلم (ص 19 - 22).

ص: 204

صفحة / سطر

33 / 9

35 / 12

36 / 15

37 / 8

38 / 3

39 / 7

40 / 17

11

1

10

7

12

 (وإنما). كذا بالرسالة. وفى الأصل : (إنما).

(أتبع).

(و [فى]).

انظر حديث صالح ، فى الرسالة (ص 182) ، والأم (ج 1 ص 186).

(وغير). كذا بالأصل والرسالة (ط. بولاق). وفى نسخة الربيع (ص 185) ، والموطأ - بهامش الشرح (ج 1 ص 371 - 372) - : (أو غير).

(تترك). كذا بالرسالة. وفى الأصل : بالياء. وهو صحيح أيضا.

[ثم قال].

(ولا عن) بفتح النون.

(يعلم [اللّه]. هذه الزيادة نشأت عن ظن : أن (يعلم) صحيح. ثم عثرنا على النص فى إبطال الاستحسان - الملحق بالأم (ج 7 ص 267) - : فتبين أنه مصحف عن (فعلم) أي : النبي. فتعين التصحيح والحذف. وهذا النص وما رواه المزني ، ذكر فى الطبقات (ج 1 ص 241). وذيله ابن السبكى بما فيه فائدة.

(المزني والربيع). فى الطبقات (ج 2 ص 19) : (أو). وراجع الحكاية فيها ، وكلام ابن السبكى عنها.

كلام الشافعي عن الرؤية ، ذكر بمعناه : فى الحلية (ج 9 ص 117) ، ومناقب الفخر (ص 41) ، والطبقات (ج 1 ص 231). والاعتبار (ص 259)

كلامه عن المشيئة ، ذكره فى السنن الكبرى (ج 10 ص 206) بزيادة مفيدة وذكر فى الحلية (ج 9 ص 112). وانظر فى الطبقات (ج 1 ص 258) : ما رواه حرملة عن الشافعي فى ذلك. ثم انظر مناقب الفخر (ص 41 و 43) ، 16 (الحنظلي [حدثنى أبى]). زيادة لا بد منها عن مناقب ابن أبى حاتم (ص 62) والطبقات (ج 1 ص 227). و: (نا أبو عبد الملك). فى الأصل : (نا أبى عبد الملك). ثم (أثبت ما ذكر بمداد آخر. وصحة العبارة - مع مراعاة الزيادة السابقة - : (ثنا عبد الملك).

ص: 205

صفحة / سطر

17

41 / 21

42 / 1

44 / 3

45 / 10

46 / 13

15

2 و 3

7

10

20

2

14

16

20

6 و 7

الصواب : (يحتج) كما فى الحلية (ج 9 ص 115) ، والطبقات (ج 1 ص 227) وراجع توجيه الفخر فى المناقب (ص 46 - 47) : استدلال الشافعي ،

(القاضي). فى الأصل كلمة تتردد بين : (القاسمى) أو الفاسى. ثم أصلحت بما ذكر. فليراجع.

(ابن عبد الحكم) كما فى الأصل. وانظر الحلية (ج 9 ص 114).

(لما كان يقول للشىء : كن). عبارة الحلية : (إنما كان يقول لشىء لم يكن : كن) وقد ذكر هذا النص فى مناقب الفخر (ص 76 - 77) بلفظ : قد يساعد على فهم ما فى الأصل ، ويوضحه.

حديث ابن عباس ، أخرج فى المستدرك ومختصره (ج 2 ص 287) من غير طريق الشافعي - عن سالم بن عبد اللّه. وحكم بصحته.

(وجد). فى الأصل : (وجدوا). والظاهر : أنه تحريف.

(وكان حديث النفس). انظر هامش (ص 206) وراجع شرح مسلم (ج 2 ص 144 - 152) والفتح (ج 5 ص 99).

(تحتمل ... معانيها). كذا بالأم : وفى الأصل : (يحمل ... معنا). وراجع كلام الفخر فى المناقب (ص 60 - 61 و 157 - 158). وانظر فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 91) : ما فرق به الشافعي بين الاكتفاء بمسح بعض الرأس فى الوضوء ، وعدم الاكتفاء بمسح بعض الوجه فى التيمم.

(اغسلوا) : تحذف الهمزة.

(المتوضئ) : رقم (1) الذي فى أول الصفحة التالية ، متعلق به.

(ينظر) إلخ ؛ واختلاف الحديث (ص 204).

(فبدأ). كذا بالأم. وفى الأصل : بالواو. وراجع فى السنن الكبرى (ج 1 ص 85) : حديث جابر ، وأثر ابن عباس.

(فيه). زيادة عن الأم.

(التخلي). كذا بالأم. وفى الأصل : (الخلا).

(4) ... وانظر أيضا السنن الكبرى (ج 1 ص 114 - 117).

(أن تكون) إلخ. كذا بالأم. وفى الأصل : (أن يكون اللمس باليد والقتل وغير الجنابة). وفيه تحريف ظاهر ،

ص: 206

صفحة / سطر

8

47 / 14

48 / 19

49 / 21

50 / 12

51 / 18

52 / 19

53 / 20

56 / 11

57 / 14

15

8

18

15

21

10

13

6

18

19

21

الكلام عن اللمس ، ذكر مسندا إلى الشافعي : فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 42) والحلية (ج 9 ص 191) ، ومناقب الفخر (ص 74 - 75) : ببعض زيادة.

وذيله الفخر : بما فيه فائدة.

لعل الصواب : (ابن جرير النحوي) : كما فى الانتقاء (ص 83 و 84) ؛ ولم نعثر عليه فى النزهة ، ولا فى البغية.

(2) ... وانظر السنن الكبرى (ج 1 ص 124).

(فى الأم)

(انحل) : تحذف الهمزة. وهذا النص فى اختلاف الحديث (ص 94 - 95) وراجع فيه ، وفى السنن الكبرى (ج 1 ص 204 - 205) ، وشرح الموطأ (ج 1 ص 108 - 111) : حديث مالك.

فى الأصل : (يخالطه) وهو صحيح أيضا.

راجع فى مناقب الفخر (ص 75 و 89 و 155) الكلام عن تفسير الصعيد.

(1) ... وانظر فى ذلك ، السنن الكبرى (ج 1 ص 163 - 166).

(أو واجدا) : يوضع عليه رقم (5) المتأخر.

(إذا ماسه) كما فى الأصل والأم.

(1) ... وانظر فى ذلك ، السنن الكبرى (ج 1 ص 213 - 214).

(غير) : توضع الضمة فوق الراء.

(2) ... وانظر فى ذلك ، السنن الكبرى (ج 1 ص 213 - 214).

(1) ... وانظر فى ذلك ، السنن الكبرى (ج 1 ص 236 - 237).

(8) ... ثم انظر فى هذا المقام ، السنن الكبرى (ج 1 ص 281 - 282).

(وقد روى فى غسل الجمعة شىء). راجع فى المقام كله ، السنن الكبرى (ج 1 ص 293 - 296 وج 3 ص 189).

(ودلت سنة رسول اللّه). راجع السنن الكبرى (ج 1 ص 310 - 314).

(لأن السنة) إلخ. راجع السنن الكبرى (ج 1 ص 308 - 310).

(4) ... وفى السنن الكبرى (ج 1 ص 361).

(عبارة الأم) إلخ. ذكر فى السنن الكبرى (ج 1 ص 358) بلفظ (ما وصف فى المزمل). وراجع فيها حديث عائشة : لفائدته ..

(4) ... وراجع السنن الكبرى (ج 1 ص 389) حديث عمر فى ذلك.

ص: 207

صفحة / سطر

58 / 13

59 / 16

60 / 7

61 / 18

63 / 20

64 / 4

66 / 17

72 / 12

75 / 16

77 / 16

79 / 5

83 / 2

84 / 10

85 / 13

5

1

15

7

16

12

1

19

أثر مجاهد فى السنن الكبرى (ج 3 ص 209).

(كما فى السنن الكبرى) : ج 1 ص 433.

(وطاوس).

(انظر) إلخ ؛ وشرح الموطأ (ج 1 ص 285 - 286).

(راجع السنن) إلخ. وراجع فيها (ص 463) حديث حفصة ، وما يتعلق به.

(فلم يذكر) إلخ. راجع كلام الفخر فى المناقب (ص 163 - 164) : فهو فى المقام كله.

(وأي) : تحذف الواو. وراجع فى السنن الكبرى (ج 1 ص 463) :

حديث أبى هريرة فى ذلك.

أثر ابن عباس : (انتزع الشيطان) إلخ ؛ أخرجه بمعناه - منقطعا - : فى السنن الكبرى (ج 2 ص 50).

(بهامش الأم) : ج 6 إلخ 64 16

(3).

(استقبلتم) : تحذف الهمزة.

(فذكر حديثين). هما : حديثا أبى هريرة وكعب بن عجرة. فراجعهما فى الأم. وانظر السنن الكبرى (ج 2 ص 147 - 148).

(فكيف نصلى) تحذف الفتحة التي فوق الياء.

(على إبراهيم) الأولى : زيادة لفظ (آل) الذي حذفناه. لأنه ثابت فى إحدى روايتى الموطأ المعتمدة. وانظر شرحه (ج 1 ص 336 - 337).

(كلام) : تحذف الفتحة ، وتوضع بدلها كسرتان.

(رسول) : الأولى فتح اللام.

(وهو مذكور بدلائله) يكفى : أن ترجع فى هذا إلى ما كتبه الفخر فى تفسير الفاتحة ، وفى المناقب (ص 174 - 181).

(بحال).

(انظر) إلخ ، والسنن الكبرى (ج 2 ص 416 - 418).

(وقد جمع) إلخ. راجع السنن الكبرى (ج 3 ص 159 - 169).

(ورخص) إلخ. راجع السنن الكبرى (ج 3 ص 70 - 75).

(انظر ما استدل) إلخ. وانظر السنن الكبرى (ج 3 ص 55 - 59).

ص: 208

صفحة / سطر

86 / 7

87 / 11

88 / 10

89 / 16

90 / 11

91 / 16

94 / 16

96 / 10

98 / 13

100 / 18

20

2

7

11

20

9

 (فإذا بلغ الغلام) إلخ. راجع السنن الكبرى (ج 3 ص 83 - 84).

راجع فى مناقب الفخر (ص 104 - 105) : وجه استدلال الشافعي على عدم جواز إمامة المرأة ؛ وما ورد عليه ، ودفعه. س 22 : (فانظره) إلخ.

وانظر السنن الكبرى (ج 3 ص 90 و 130 - 131).

(وإنما جعلت الرخصة) إلخ. انظر السنن الكبرى والجوهر النقي (ج 3 ص 156).

(انظر) إلخ. ثم راجع السنن الكبرى (ج 3 ص 134 - 136).

(موضع بخيبر) إلخ. هذا النص ذكره ابن أبى حاتم فى المناقب (ص 92) هكذا ؛ باختلاف يسير فى آخره ؛ وذيله بقوله : «ليس هذا الجواب فى شىء من كتبه». وراجع فى مناقب الفخر (ص 100) ما رواه يونس أيضا عن الشافعي فى هذا : ففيه إيضاح وفائدة.

(انظر) إلخ. ثم راجع السنن الكبرى (ج 3 ص 139 - 140).

(اقتباس) إلخ. وراجع السنن الكبرى والجوهر النقي (ج 3 ص 134 و 141) (جناح) بالتنوين.

(نهم ... والقاعدة).

(انظره) إلخ ؛ والسنن الكبرى (ج 3 ص 260) ، وشرح الموطأ (ج 1 ص 371 - 372)

(ودلت على ذلك سنة رسول اللّه). راجع حديث صالح بن خوات : فى الأم (ج 1 ص 186) ؛ والسنن الكبرى (ج 3 ص 253 - 254) ، وشرح الموطأ (ج 1 ص 369 - 370).

(فدلت سنة رسول اللّه). راجع حديث ابن عباس فى الأم ، والسنن الكبرى (ج 3 ص 321) ، وشرح الموطأ (ج 1 ص 376 - 378).

(فيصلى عند كسوف) إلخ. راجع الكلام عن ذلك والخلاف فيه : فى اختلاف الحديث (ص 226 - 232).

أثر مجاهد الأول فى السنن الكبرى (ج 3 ص 363).

(ابراهيم بن أبى يحيى).

(وكثيرا) إلخ. وراجع السنن الكبرى (ج 3 ص 360 - 361).

ص: 209

صفحة / سطر

103 / 4 و 5

104 / 9

106 / 18

108 / 18

110 / 23

113 / 18

118 / 9

122 / 22

125 / 12

127 / 3

12 / 20,21

128 / 9

130 / 9

143 / 7

145 / 9

146 / 10

148 / 12

10

16

 (أن كل مالك إلخ. راجع فى مناقب الفخر (ص 103 - 104) الكلام عن زكاة الصبى : فهو مفيد جدا.

(وآتوا).

(ج) إلخ ؛ وج 7 ص 5 106 18

(انظر اختلاف) إلخ ؛ والسنن الكبرى (ج 4 ص 204 - 206).

(انظر) إلخ. وانظر الفرق بين الحج والصوم والصلاة : فى اختلاف الحديث (ص 360 - 364).

يوضع رقم (6) فوق آخر الكلام.

راجع ما فسر به الفخر فى المناقب (ص 41) أول خطبة الرسالة : لفائدته.

الصواب : أي : فى كتاب الرسالة ص 486).

(استدل) : تحذف الضمتان.

(واحتج فى إيجاب المثل) إلخ للشافعى فى الرسالة (ص 39 و 490 - 492) :

كلام جيد ، مفيد فى المقام كله.

(ثم حرم صيد ... إنما حرم عليه).

(ومن عاد فينتقم اللّه منه). روى يونس - كما فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 94) - أن الشافعي قال فى ذلك : «يكون له معنيان : يكون ما قضى عليه ، ويكون نقمة فى الآخرة.».

(فى ذلك) : تحذف (فى).

أثر عمرو بن دينار ، ورد محرفا فى ترتيب مسند الشافعي (ج 1 ص 336 339). ولا تتأثر بما كتب عليه : فهو خطأ.

راجع مناقب الفخر (ص 92 - 93) : اختلاف الأئمة فى تفسير الإحصار ، ودفاع الفخر عن رأى الشافعي.

(البطحاء) بالكسر.

(وهو كما فى الأم ج 6) إلخ.

ما رواه يونس ، ذكر أوله فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 99).

(أخرج الشافعي) إلخ. وانظر المختصر (ج 5 ص 90) ، والفتح (ج 5 ص 112 وج 9 ص 461).

ص: 210

صفحة / سطر

149

150 / 19

151 / 12

155 / 18

162 / 20

164 / 15

165 / 13

168 / 10

175 / 17

178 / 19

184 / 19

185 / 8

191 / 16

206 / 7

219 / 4

220 / 11

224 / 21

228 / 17

236 / 9

241 / 23

242 / 4

3

(غير) : بالكسر.

(وفى اختلاف الحديث) إلخ. وفى الرسالة (ص 143)

(وراجع الأم) إلخ ، والرسالة (ص 144 - 145).

(انظر) إلخ. وانظر الكلام عليه : فى معالم السنن (ج 3 ص 12 - 18)

والفتح (ج 6 ص 124 - 128).

(وانظر) إلخ. وراجع فى مناقب الفخر (ص 94 - 95) : الاعتراض على أن الفقير أشد حالا من المسكين ؛ والجواب عنه.

(حذف أن .. وأغلب).

(والاستقراض) تحذف الهمزة.

يحذف رقم (8) ، ويوضع بدله رقم (9) المتأخر.

(بعض ما ورد فى ذلك). وراجع فى مناقب الفخر (ص 107) توجيه احتجاج الشافعي بحديث : «أيما امرأة أنكحت نفسها» إلخ.

يزاد فى أوله : (7) فراجع كلامه (ص 38 - 39).

(لمعنيين).

(فأعرضوا) : تحذف الهمزة.

(أمرها).

(القلوب).

ما رواه يونس ، ذكر فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 96 - 97).

(وتأمله). وانظر مناقب الفخر (ص 108).

(انظر الأم ج 3).

(حديث امرأة).

(مواضع).

(راجع) إلخ. وانظر مناقب الفخر (ص 108).

(الطائفة ثلاثة فأكثر) راجع فى مناقب الفخر (ص 98 - 99) : اعتراض أبى بكر بن داود ، على هذا ؛ ورد الفخر عليه. لجودته وفائدته.

(والمطلقات) : بفتح اللام

ص: 211

صفحة / سطر

243 / 17

247 / 18

251 / 8

254 / 20

255 / 11

260 / 14

265 / 25

266 / 15

270 / 15

275 / 4

276 / 7

286 / 18

297 / 12

299 / 9

301 / 22

5

9

2

 (بعد أن ناظره) إلخ. راجع فى الطبقات (ج 1 ص 273 - 274) ما يتعلق بهذا.

(وانظر زاد المعاد) إلخ. ثم راجع كلام الفخر فى المناقب (ص 95 - 96) وما نقله عن على بن القاسم فى كلمة : (القرء). فهو جيد مفيد فى المقام كله ، ومؤكد لما قررناه.

يزاد فى آخر السطر كلمتان سقطتا من الطابع ؛ وهما : (أن العدة).

(أثبتنا).

(ولم نعثر) إلخ. ثم عثرنا على الجملة الأولى منه - مروية من طريق يونس - فى الطبقات (ج 1 ص 282).

(فإذا بذت)

(جمة). وراجع كلام الفخر فى المناقب (ص 88 و 96 - 97) : لفائدته

(إلا إن).

(وراجع) إلخ ، وتفسير الطبري (ج 8 ص 38).

(مما) : يوضع فوقه رقم (8).

(وكذلك لا).

(ج 5).

(أليم) : يوضع فوقه رقم (9) ؛ ويحذف رقم (8) المتكرر.

(غارين).

(9).

(والمأثم) : بفتح الآخر.

(إذا أسروا).

(اللّه) : بالضم.

ص: 212

«بعض تصويبات واستدراكات» «خاصة بالجزء الثاني»

صفحة / سطر

20 / 11

21 / 3

22 / 13

23 / 14

24 / 14

25 / 23

28 / 11

36 / 21

48 / 4

54 / 19 ، 20

55 / 16

71 / 21

80 / 4

81 / 21

89 / 9

92 / 6 ، 7

97 / 2

104 / 2

 (إثباته).

(دل فى كتاب). راجع فى مناقب الفخر (ص 98) : اعتراض أبى بكر ابن داود ، على استدلال الشافعي ، ورد الفخر عليه.

(وقد قال).

(فى السنن ج) إلخ ؛ وج 6 ص 55.

(أن يتطوع).

(31 -).

(وأتباعهم) : تحذف الهمزة. وس 21 (تكون الألف)

(مفيد) ، وانظر الطبقات (ج 2 ص 134) ، وشرح مسلم (ج 12 ص 53 و 70)

(قراباتهم).

(الذكر ... تشمل).

(ياقوت). وانظر شرح مسلم (ج 14 ص 49 - 50)

(راجع الفصل) إلخ. وراجع السنن الكبرى (ج 7 ص 185 - 189) : لتمام الفائدة.

(ذكيتم) : بتشديد الكاف.

(وانظر المجموع) إلخ ؛ ومناقب الفخر (ص 98) ، وما رواه يونس عن الشافعي ، فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 98).

رقم (6) يوضع فوق قوله : (قذفه).

(لله ... حرم ... بحال) : يوضع فوق الأول رقم (6) مكررا ، وفوق الثاني رقم (7) ، وفوق الثالث رقم (8).

(الآية) : بالفتح.

(2) ويوضع فوق الواو.

ص: 213

صفحة / سطر

105 / 2 ، 3

107 / 7

113 / 5

115 / 10 ، 11

126 / 15

156 / 16

167 / 15

187 / 19

179 / 1

182 / 15

185 / 5

188 / 21

192 / 7 و 10

194 / 4

200 / 4

205 / 9

3

20

9 ، 12

18

(لا ينبغى له [التصرف] فيه). زدنا ذلك : على ظن : أن النص كامل ، وأن فيه حذفا مقدرا ، أي : وتصرف فيه فى وجه آخر. ثم عثرنا عليه فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 103) هكذا : (... لا ينبغى له حبسه ، بشىء يعطيه : يريد به وجه اللّه تعالى ، ليس بمفترض عليه ...) ، مع اختلاف يسير فى أوله وآخره.

(يأخذ).

(يحل) : بضم اللام.

(أو خف).

(وطرح).

(237)

(فهو مطلق). وراجع فى مناقب ابن أبى حاتم (ص 99) : ما رواه يونس عن الشافعي فى ذلك.

(انظر السنن) إلخ. وانظر الكلام عن هذا الحديث : فى الطبقات (ج 2 ص 25 - 26).

(أمره) : بضم الراء.

(الشافعي). وفى شرح مسلم (ج 10 ص 40) : كلام جامع فى المسألة.

(ما [خيرا]) : تحذف (ما)

(9) كما فى الرسالة (ص 485) ، وقد أخرجه إلخ.

(استعملتها) : بفتح الميم. - (هرون) : بالضم.

(أحد) : بضم الحاء.

(يقربوا) الأفصح فتح الراء. انظر المصباح.

(7) ، الصواب : (2).

الصواب : (لا تجد قوما).

الصواب : (أخرجوه).

الصواب : (وثوق ... يحقق).

(والاعتبار إلخ) موقعه عقب قوله (س 20) : الحلية.

ص: 214

فهارس كتاب أحكام القرآن

1 - فهرست إجمالي للموضوعات.

2 - «للأعلام.

3 - «للآيات.

4 - «للبلدان.

«بيان عن طبعات بعض المصادر التي أحلنا عليها»

1 - آكام المرجان (ط. الخانجى).

2 - تفسير الطبري (ط. بولاق).

3 - تفسير الفخر (ط. الخيرية).

4 - الرسالة (ط. م الحلبي).

5 - شرح المحلى على المنهاج (ط. ع الحلبي).

6 - شرح الموطأ (ط. التجارية).

7 - فتح الباري (ط. الخيرية).

8 - مناقب الفخر (ط. العلامية)

9 - الناسخ والمنسوخ لأبى جعفر النحاس (ط. الخانجى)

ص: 215

فهرست موضوعات الجزء الأول

الصفحة / الموضوع

3 كلمة الناشر.

12 «الشيخ الكوثرى.

18 افتتاحية الكتاب.

20 تحريض الشافعي ، على تعلم أحكام القرآن

23 كلامه عن العموم والخصوص.

37 كلامه عن حجية السنة

31 كلامه عن حجية خبر الواحد.

36 إبطاله الأخذ بالاستحسان.

37 ما يؤثر عنه : من تفسير آيات متفرقة

38 كلامه عن آية الفتح ، وآية : ( يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ ) ؛ وآية : ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ ) .

39 تفسيره آية : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ : مِنَ الْخَوْفِ ) ؛ وإثباته حجية الإجماع بآية : ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ ) .

40 كلامه عن رؤية اللّه ، ومشيئته. ورده على المرجئة.

41 تفسيره آية : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ) ، وتبيينه المعنى فى كراهة السؤال زمن الوحى ، عما لم ينزل.

42 بيان معانى (الأمة) ؛ وحديث ابن عباس المتعلق بأية : ( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ ) .

43 ما يؤثر عنه فى الطهارات والصلوات : كلامه عن المياه والوضوء.

45 كلامه عن الاستنجاء والأحداث.

47 كلامه عن الجنابة والغسل ، والتيمم

49 كلامه عن الماء المستعمل.

50 كلامه عن المسح على الخف.

51 كلامه عن غسل يوم الجمعة.

52 كلامه عن آية المحيض ، وبيانه حرمة صلاة الحائض.

53 كلامه عن ابتداء فرض الصلاة ، وأن ما فرض منها موقوت.

57 كلامه عن صلاة السكران.

58 بيانه أن الأذان : للصلاة المكتوبة فقط.

59 بيان فضل التعجيل بالصلوات ، والصلاة الوسطى.

61 بيان أن النية ركن فى الصلاة.

62 كلامه عن الاستعاذة ، والبسملة.

64 كلامه عن ترتيل القرآن ، وفرض القبلة

71 كلامه عن السجود،وفرض الصلاة على النبي فى الصلاة.

74 بيان الآراء فى المراد من (آل محمد)والمختار عنده.

77 كلامه عن القراءة فى الصلاة.

87 كلامه عن القنوت

80 بيان أن القيام فى الصلاة على من أطاقه ، وتفسير آية : ( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ )

81 بيان أن المنى طاهر.

ص: 216

الصفحة / الموضوع

83  بيان أن الجنب لا يمنع من عبور المسجد ، وحكم مبيت المشرك فيه

84 كلامه عن حكم صلاة الجماعة ، والجمع فى الصلاة 85 كلامه عمن تجب عليه الصلاة.

87 بيانه بطلان إمامة المرأة للرجل.

88 كلامه عن القصر فى الصلاة

92 كلامه عن آية : ( وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ )

93 «««النداء للصلاة

94 ««خطبة الجمعة.

95 كلامه عن صلاة الخوف

96 كلامه عن آية : ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ )

97 كلامه عن صلاة الكسوف

99 الدعاء عند هبوب الريح.

101 ما يؤثر عنه فى الزكاة : تفسير (الماعون) ؛ زكاة الذاهب والفضة

102 بيانه أن كل تام الملك تجب الزكاة فى ماله.

103 زكاة الزروع.

104 الدعاء عند أخذ الصدقة ؛ وحرمة الإعطاء من الخبيث.

105 ما يؤثر عنه فى الصيام : بيان أن الأيام المعلومات شهر رمضان ، والكلام عنه وعن ثبوته بالأهلة.

106 الإرخاص بفطر المريض والمسافر.

108 قضاؤهما ما أفطراه من رمضان ، وتفسير آية : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ ) ، وبيان الحال التي يترك بها الكبير الصوم.

110 بيان معني العكوف.

111 ما يؤثر عنه فى الحج : بيان فرضية الحج.

113 تفسير الاستطاعة.

114 بيان أشهر الحج وميقاته.

116 متى يجب دم المتعة على المتمتع؟.

117 بيان أن الحجر من البيت ؛ والكلام عن آية : ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً ) .

118 بيان مشروعية حج الصبى.

119 الكلام عن آية : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ ) .

120 بيان الواجب على المحرم : إذا قتل صيدا.

125 تفسير الصيد ، ومباحث أخرى متعلقة به.

130 تفسير الإحصار.

134 الوقوف بعرفة ، والأيام المعلومات

135 مايؤثر عنه فى البيوع والمعاملات،والفرائض والوصايا: كلامه عن آية: ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ) .

136 كلامه عن آية الدين.

138 كلامه عن الحجر على اليتامى.

139 بيان أن للمرأة أن تعطى من مالها ما شاءت : بدون إذن زوجها.

140 الولاية على السفيه ومن إليه.

141 بيان أن الحر لا يؤجر فى دين عليه

ص: 217

الصفحة / الموضوع

142 كلامه عن حبس أهل الجاهلية : من البحيرة وما إليها.

146 كلامه عن آية : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ ) وبيانه أن آية : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ ) نسخت.

147 كلامه عن آية : ( وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ) .

149 ما نسخ : من الوصايا.

150 بيان عدم جواز الوصية للوارث وبيان جواز الوصية لغير ذى الرحم

151 بعض مباحث الوديعة.

153 ما يؤثر عنه فى قسم الفيء والغنيمة والصدقات : بيان ما يجتمع فيه الفيء والغنيمة ، وما يفترقان فيه وفيه مباحث هامة.

158 تقسيم سهم ذى القربى ، بيان أن كل ما غنم يجب تقسيمه ، إلا الرجال البالغين :

159 كلامه عن آية : ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ ) .

161 كلامه عن أهل السهمان ، وتفسير الفقير والمسكين.

162 تفسير العاملين على الصدقات.

163 الكلام عن المؤلفة قلوبهم.

165 تفسير الرقاب ، والغارمين :

666 سهم سبيل اللّه ، وابن السبيل.

167 ما يؤثر عنه فى النكاح والصداق ، وما إلى ذلك : بيان حرمة نكاح أمهات المؤمنين ، دون بناتهن.

171 تفسير (الحصور) ، وبيان أنه يجب على الأولياء تزويج الأيامى والحرائر البوالغ : إذا أردن النكاح ودعوا إلى الزوج المرضى.

174 بيان أن ليس للمرأة أن تنكح نفسها

175 بيان الدليل على اشتراط الولاية فى النكاح.

176 بيان عدم وجوب إنكاح صالحى العبيد والإماء.

178 بيان أن العبد لا يكون مالكا بحال ، وأن آية : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً ) منسوخة.

179 بيان أن المخاطبين بآية : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ) : الأحرار فقط.

181 بيان أنه لا يصح النكاح بالهبة.

182 الدليل على تحريم حليلة الابن من الرضاعة ، وعدم تحريم حليلة المتبنى بعد طلاقها منه.

183 بيان أن العقد على الأمهات لا يحرم البنات ، دون العكس.

184 بيان أن ذوات الأزواج - ما عدا السبايا - يحرمن على غير أزواجهن.

185 الكلام عن نكاح المشركات وحرائر أهل الكتاب.

188 متى يحل نكاج الأمة؟

190 الكلام عن خطبة النساء.

193 تحريم إتيان النساء فى المحيض.

194 تحريم إتيانهن فى الدبر.

ص: 218

الصفحة / الموضوع

195 تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الأيمان.

196 تحريم تسرى المرأة بملك يمينها.

197 معنى الصداق ، وبعض أحكامه.

200 تفسير من بيده عقدة النكاح.

201 تفسير المتعة ، وبعض أحكامها.

203 تفسير المعروف.

205 الكلام عن خوف المرأة نشوز زوجها أو إعراضه ، وعن العدل بين النساء.

208 الكلام عن نشوز المرأة.

110 ««بعث الحكمين.

213 ««عضل الأزواج نساءهم.

216 متى تحل الفدية للزوج؟

219 ما يؤثر عنه فى الطلاق والرجعة ، وما إلى ذلك : عدم وقوع الطلاق المعلق قبل النكاح.

220 طلاق السنة.

222 أسماء الطلاق

223 سبب نزول آية : ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ )

224 طلاق المكره.

225 إصلاح الطلاق بالرجعة.

228 بيان أنه لا تحل المطلقة ثلاثة لزوجها الأول ، إلا : أن يجامعها زوج غيره ، ويطقلها ، وتنقضى عدتها.

230 الكلام عن الإيلاء ، والرد على من زعم : أن عزيمة الطلاق : مضى الأربعة أشهر

233 الكلام عن الظهار ، وكفارته.

238 الكلام عن اللعان.

240 بيان أنه لا بد أن تشهد طائفة من المؤمنين - أقلها أربعة - اللعان ، وسائر الحدود.

242 ما يؤثر عنه فى العدة والرضاع والنفقات : بيان أن الأقراء : الأطهار ؛ والرد على المخالف.

248 تحريم كتمان المرأة ما فى رحمها : من الحيض.

250 عدة غير ذوات الأقراء.

251 لا عدة على المطلقة التي لم تمس ؛ وبيان المسيس ، ووقت العدة.

252 الكلام عن نفقة المتوفى عنها ، وسكناها

255 الكلام عن آية : ( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) .

256 بعض أحكام الرضاع

257 الدليل على وقوع التحريم بخمس رضعات.

258 الدليل على أن تمام الرضاعة حولان.

260 بيان وجوب نفقة المرأة ، على زوجها.

261 بيان أن لا نفقة على غير ذوات الأحمال : من المطلقات.

264 بيان أن نفقة الولد على أبيه دون أمه ؛ وأن النفقة ليست على الميراث ؛ وأنه لا يلزم المرأة رضاع ولدها.

266 ما يؤثر عنه فى الجراح ، وما إليه.

ص: 219

الصفحة / الموضوع

267 تحريم قتل أطفال المشركين فى دار الحرب ، وبيان أن القصاص إنما يكون ممن فعل ما يستوجبه.

268 بعض عادات العرب فى الديات والقصاص.

272 بيان أن القصاص مكتوب على البالغين : إذا قتلوا المؤمنين فقط.

275 عدم قتل الحر بالعبد.

276 الكلام عن العفو ، والديات

280 من هو ولى المقتول؟.

282 القتل الخطأ ، ومقدار الدية.

284 ما يجب على المؤمن : إذا قتل كافرا.

285 بيان أنه لا تباح الغارة على دار : فيها من يوجب قتله العقل ، أو القود

287 بيان وجوب الكفارة فى القتل العمد.

289 ما يؤثر عنه فى قتال أهل البغي والردة : كلامه عن آية : ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) . وفيه مباحث قيمة.

293 كلامه عن آية : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ ) وبيان أن ما أظهروا : من الايمان. وقاية لهم من القتل.

317 بيان أن لا يؤخذ أحد بذنب غيره

296 الكلام عن دين الأعراب.

297 سبب نهى اللّه نبيه عن صلاته على من مات : من المنافقين ، وعدم منع النبي غيره من الصلاة عليهم.

298 كفر المكره ، وعدم الحكم بردته وبينونة امرأته.

300 بيان أن علم الغيب خاص باللّه ، وأن علمه (سبحانه) بالسر والعلانية واحد.

303 ما يؤثر عنه فى الحدود.

304 عقوبة الزانيين قبل نزول الحدود ونسخها ، وحد البكرين الحرين المسلمين.

305 الدليل على إثبات الرجم على الثيب ونسخ الجلد عنه.

308 الكلام عن حد الأمة ، وإحصانها.

309 جماع الإحصان.

312 المراد بالقطع فى السرقة.

313 جزاء المحاربين وحدودهم

315 المراد بقاطع الطريق الذي يقطع والكلام عن نفى قطاع الطريق وبيان أن ليس للأولياء الذين قتلهم قطاع الطريق ، العفو.

ص: 220

فهرست موضوعات الجزء الثاني

الصفحة / الموضوع

3 ما يؤثر عنه فى السير والجهاد ، وما إلى ذلك : كلام جيد عن حكمة خلق اللّه عباده ، وبيان أن الأنبياء خيرة خلقة وأنه ختم بنبينا (صلوات اللّه عليه) النبوة.

7 مبتدأ التنزيل والفرض على النبي ، ثم على الناس.

11 الإذن بالهجرة.

13 مبتدأ الإذن بالقتال.

15 فرض الهجرة.

18 أصل فرض الجهاد.

21 من لا يجب عليه الجهاد.

26 ما كان يحدث من المنافقين فى الغزو.

29 من الذي يبدأ بجهاده من المشركين؟

30 بيان أن الجهاد فرض كفاية.

36 قسم الغنائم ، وفيه مباحث عدة.

44 إخراب بيوت الكفار ، وقطع نخلهم.

45 بيان عدم ضمان الحربي : إذا أسلم ، شيئا : من قتل ، أو جرح ، أو مال تلف.

46 حكم المسلم الذي يحذر المشركين من غزو المسلمين لهم ، أو يخبر ببعض عوراتهم. وقصة حاطب ابن أبى بلتعة.

49 إظهار الدين الإسلامى على كافة الأديان

51 الكلام عن آية الجزية ، وبيان : من الذي تقبل منه الجزية وتؤخذ؟ وفيه مباحث قيمة عن أهل الكتاب ومن إليهم.

61 كلامه عن آية : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) .

62 الكلام عن الهدنة.

68 منع المؤمنات المهاجرات من أن يرددن إلى الكفار ، ووجوب رد مهورهن إلى أزواجهن ، وبيان أن الحكم فى إسلام الزوج ، مثل الحكم فى إسلام الزوجة. وهو بحث مهم.

72 ما يجب عند إخلال أهل الهندنة بتعدانهم.

73 الحكم بين أهل الكتاب ، ورأيا الشافعي فى ذلك.

80 ما يؤثر عنه فى الصيد والذبائح ، والطعام والشراب.

81 ذكاة المقدور عليه ، وغيره. وحقيقة الكلب المعلم.

82 الكلام عن خير الدماء.

84 الكلام عن ذبائح أهل الكتاب.

86 وجوب الإطعام من هدى النافلة ، والأضحية.

ص: 221

الصفحة / الموضوع

88 الطيبات والخبائث عند العرب ، والحكم فى ذلك.

90 بيان ما يحل للمضطر ، وأن الرخصة لغير العاصي ، وما إلى ذلك.

95 طعام بنى إسرائيل وما حرم عليهم ، ونسخ تحريمه بالنسبة لهم ولغيرهم.

100 ما حرمه المشركون على أنفسهم.

103 استعمال آنية أهل الكتاب.

104 الكلام عن آية : ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) .

105 جماع ما يحل أن يأخذه الرجل من الرجل المسلم.

108 ما يؤثر عنه فى الأيمان : بيان أن من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها : فليكفر.

109 الكلام عن لغو اليمين.

111 وجوب الكفارة على عقد اليمين.

112 ما يجزى بكفارة اليمين.

113 أقل ما يكفى : من الكسوة والإطعام واشتراط الإيمان فى الرقبة.

114 يمين المكره ، وعدم ثبوتها.

115 حكم من حلف أن لا يكلم رجلا : فأرسل إليه رسولا ، أو كتب إليه كتابا.

117 حكم من حلف : ليضربن عبده مائة سوط ، فجمعها فضربه بها.

118 ما يؤثر عنه فى القضايا والشهادات.

119 وجوب التثبت فى الحكم قبل إمضائه.

120 مشاورة الحكام أهل العلم والأمانة.

121 وجوب الحكم بالعدل ، وتفسير آية : ( وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ ) .

122 بيان أن الحاكم المجتهد يثاب مطلقا.

123 تفسير (السدى) ؛ والكلام عن الشهادة فى البيع.

128 الإشهاد عند دفع الأموال لليتامى.

130 الشهادة فى الزنا ، والطلاق ، والرجعة ، والدين ، والوصية ، وبيان من تقبل شهادته فيها ، ومن ترد.

135 قبول شهادة القاذف : إذا تاب

136 لا شهادة إلا بما علم.

138 ما يجب على المرء : من القيام بشهادته إذا شهد.

139 بيان أن الشهادة فرض كفائى ، وأنها قد تتعين.

142 لا تقبل الشهادة إلا : من الحر المسلم البالغ العدل.

144 عدم جواز شهادة أهل الذمة ، والرد على المخالف. والكلام عن آية : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ ) وسبب نزولها. وقد تضمن مباحث هامة.

155 استحلاف الناس فيما بين البيت والمقام ، وعلى المنبر ، وبعد العصر

156 إثبات دعوى الولد بشهادة القافة.

ص: 222

الصفحة / الموضوع

157 ما يؤثر عنه فى القرعة ، والعتق ، والولاء ، والكتابة : بيان ثبوت القرعة بقصة مريم ويونس عليهما السلام.

158 من تكون بينهم القرعة؟

161 بيان الجامع بين القرعة على يونس ، والاقتراع على كفالة مريم ، وأن قرعة نبينا لا تخالف هذا الاقتراع.

163 بيان أن النسب لا يتوقف ثبوته على الدين

165 امتناع تحويل الولاء عن المعتق بالشرط ، كما يمتنع تحويل النسب.

166 الكلام عن آية : ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ ) ، وبيان : من الذي تصح كتابته؟.

167 بعض ما ورد فى تفسير : (الخير) ، وكلام جامع فى ذلك للشافعى.

170 بيان عدم وجوب مكاتبة العبد الأمين القوى ، وأنها مستحبة.

171 بيان وجوب وضع النجوم ، على السيد.

173 تفسير آيات متفرقة أخرى : أثر ابن عباس عن أهل (أيلة) الذين مسخوا قردة ، وبيان أن النهى عن المنكر فرض كفائى.

178 سؤال النبي (عليه السلام) عن الساعة. وتفسير آية : ( وَأَنْتُمْ سامِدُونَ ) .

179 كلام للشافعى عن الفصاحة.

180 كلام للشافعى عن التوكل ، وتفسير آيتي : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ، و: ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ) .

182 كلام للشافعى عن طريق يونس ، تناول آيات كثيرة ، وتضمن فوائد جليلة.

188 بيان أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه الزاني.

191 الكلام عن آية : ( وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) ، وآية ( لا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ ) وتحديد ما يجوز : من صلة المسلمين للمشركين.

194 بيان بطلان شهادة من يزعم رؤية الجن

195 بيان كراهية إطلاق (صفر) (على المحرم)

198 كلمة الختام.

ص: 223

فهرس الأعلام الخاص بالجزء الأول

آدم عليه السلام 38 ، 81

إبراهيم عليه السلام 64 ، 120

إبراهيم بن حرب البغدادي 38

إبراهيم بن سعد 41 ، 42

ابراهيم بن محمد 92 ، 99 ، 313 «هو ابن أبى يحيى»

ابنة محمد بن سلمة 205

أبى بن كعب 60

أحمد بن الحسين بن على بن عبد اللّه البيهقي الشيخ

أحمد بن عبد الرحمن بن وهب (أبو عبد اللّه) 42

أحمد بن محمد بن أيوب الفارسي المفسر «أبو بكر» 42

أحمد بن محمد بن جرير النحوي 46

أحمد بن محمد بن حسان المصري 38

أحمد بن محمد بن عبيدة «أبو بكر» 19

أحمد بن محمد بن يحيي المتكلم «أبو بكر» 38

أبو أحمد بن أبى الحسين 40

إسحاق بن ابراهيم البستي 38

إسماعيل «عليه السلام» 64 ، 65

إسماعيل الصفار 80

إسماعيل بن يحيى المزني

المزني أبو الأشهب 80

ابنة عقبة بن أبى معيط 185

امرأة أوس بن الصامت 37

امرؤ القيس 191

أنيس 305

(ب)

بجير 270

بشير بن سعد 72

أبو بكر الصديق «رضى اللّه عنه» 163 ، 164

بكير بن معروف 275 ، 276

بلال (رضى اللّه عنه) 34

البويطى 49 ، 62 ، 134 ، 287

(ث)

ثعلب 81 ، 261

الثقة مسلم بن خالد الزنجيد

ثمامة بن أثال الحنفي 159

(ج)

جابر بن عبد اللّه 94

جبريل «عليه السلام» 37 ، 64 ، 65

جبير بن مطعم 158 و 200

ابن جريج 63 ، 112 ، 124 ، 127 ، 128 ، 129

جرير 192

جعفر بن أحمد الخلاطى 39

جعفر بن أحمد الساماقى 38

جعفر بن محمد بن الحارث «أبو محمد» 40

ص: 224

(ح)

الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ

حرملة 59 ، 61 ، 63 ، 71 ، 73 ، 78 ، 90 ، 94 ، 105 ، 110

حسان بن محمد الفقيه «أبو الوليد» 19

الحسن البصري 276

أبو الحسن بن بشران 261

الحسن بن الفضل بن السمح 80

الحسن بن محمد الزعفراني الزعفراني

الحسين بن رشيق المصري 46

الحسين بن محمد الضحاك المعروف بابن بحر 40

الحسين بن محمد بن فنجويه «أبو عبد اللّه» 41 ، 311

الحسين بن محمد الماسرجسى 89 ، 133 ، 146

حصين 94 ، 95

(خ)

خداش بن زهير 119

خفاف بن ندبة 69

(ذ)

أبو ذؤيب الهذلي 291

ابن أبى ذئب 34

(ر)

رافع بن خديج 205

الربيع بن سليمان المرادي 20 ، 23 يرد بكثرة أبو رجاء العطاردي 80

(رسول اللّه محمد) صلى اللّه عليه وسلم - يرد بكثرة

(ز)

الزبير رضى اللّه عنه 30

الزبير بن عبد الواحد الحافظ الاسترابادى «أبو عبد اللّه» 39

زر بن حبيش 60

الزعفراني 49 ، 72 ، 77 ، 109 ، 166 ، 201

أبو زكريا بن أبى إسحاق 63 ، 117 ، 124 128 ، 129 ، 178 ، 223 ، 275 ، 277.

زكريا بن يحيى الساجي 42

أم زنباع 69

الزهري 205

زهير 93

زيد بن أرقم 79

زيد بن أسلم 19 ، 261

زيد بن ثابت 60 ، 183 ، 243

زيد بن خالد الجهني 305

(س)

ساعدة بن جؤية 69

سالم ابن أبى الجعد 94

سعد أبو عامر 41

سعد بن عبادة 72

سعد بن أبى وقاص 83

سعيد بن جبير 63 ؛ 200

سعيد بن سالم 112 ، 124 ، 127 ، 128 ، 129

سعيد بن مرجانة 42

سعيد بن المسيب 178 ، 200 ، 205

أبو سعيد : محمد بن موسى بن الفضل 43 ، 81 يرد بكثرة.

أبو سعيد بن الاعرابى 72

ص: 225

أبو سعيد الخدري 34 ، 35 ، 44 ، 61 ، 184

أبو سعيد بن أبى عمرو 36 ، 37 يرد بكثرة سفيان بن عيينة 58 ، 70 ، 111 ، 117 178 ، 205 ، 277 ، 283 ، 317

سهل بن تمام 80

سهل بن سعد 240

ابن سيرين 200

(ش)

شأس بن زهير 269 الشافعي - يرد بكثرة.

شريح 200 ، 203 ، 279

شعبة 115

العشبى 254

ابن شهاب الزهري 41 ، 42 ، 202

الشيخ 38 ، 60 ، 77 ، 79 ، 174 ، 220 ، 229 ، 283

(ص)

صالح بن خوات 35

صالح مولى التوأمة 313

صفوان بن سليم 92

(ض)

الضحاك بن مزاحم 276

(ط)

طاوس 60 ، 117

طلحة بن عبيد اللّه 56

(ع)

عائشة رضى اللّه عنها 47 ، 53 ، 59 ، 61 ، 83 ، 242

عاصم 60

عامر بن سعد 41

عبادة بن الصامت 56 ، 304

العباس بن عبد المطلب 154

ابن عباس 42 ، 60

يرد بكثرة أبو العباس الأصم 20 ، 23 يرد بكثرة عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدري 34

عبد الرحمن بن العباس الشافعي 219

عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم 38

عبد الرحمن بن عوف 122 ، 124

عبد الرحمن بن محمد الحنظلي 40

أبو عبد الرحمن الشافعي 184

عبد اللّه بن سلمة 115

عبد اللّه بن عمر ابن عمر

عبد اللّه بن عمرو 60 - 61

عبد اللّه بن يوسف الأصبهانى 72

أبو عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي

أبو عبد اللّه الحافظ (الحاكم) : يرد بكثرة

عبد المجيد 63

عبد الملك بن عبد الحميد الميموني 40

عبيدة السلماني 60

عثمان بن عفان رضى اللّه عنه 122 ، 284

العجلاني 37

عدى بن حاتم 163 ، 164

عروة 223

عطاء بن يسار 92 ، 124 ، 127 ، 129 249 ، 254

ص: 226

عكرمة 42 ، 60 ، 99 ، 111 ، 112 ، 220 ، 283

العلاء بن راشد 99

على رضى اللّه عنه 60 ، 115 ، 122 ، 145 ، 200 ، 254

على بن محمد بن عبد اللّه بن بشران 81

أبو على الروذبارى 80

عمر رضى اللّه عنه 122 ، 124 ، 125 154 ، 155 ، 156 ، 244 ، 284 306

عمرو بن أوس 317

أبو عمر 81

ابن عمر 36 ، 42 ، 60 ، 61 ، 78 ، 96 ، 102 ، 122 ، 131 ، 202 ، 220 ، 240 ، 243 ، 244

عمران بن الحصين 150

عمرو بن دينار 116 ، 124 ، 128 ، 277 ، 283 ، 317

عمرو بن مرة 115

أبو عوانة 204

ابن عيينة سفيان بن عيينة

(ف)

ابن أبى فديك 34

الفضل بن الفضل الكندي 41 - 42

(ق)

أبو القاسم محمد صلى اللّه عليه وسلم

(ك)

كعب بن عجرة 95 ، 129

كليب 269 ، 270

(ل)

لقيط الإيادى 69

(م)

مالك رضى اللّه عنه 36 ، 47 ، 60 ، 72 ، 223

مجاهد 58 ، 60 ، 70 ، 71 ، 98 ، 99 ، 112 249 ، 276 ، 277 ، 296

محمد : رسول اللّه : صلى اللّه عليه وسلم : النبي رسول اللّه.

محمد بن إبراهيم بن عبدان الكرماني أبو عبد اللّه 38

محمد بن إدريس الشافعي

محمد بن أبى إسماعيل العلوي أبو الحسن 38

محمد بن الحسن القاضي أبو الحسن 40

محمد بن الحسين السلمى أبو عبد الرحمن 42

محمد بن حيان القاضي أبو عبد اللّه 40

محمد بن سفيان بن سعيد أبو بكر 89 ، 133 ، 146 ، 311

محمد بن صالح بن الحسن البستاني 42

محمد بن عبد اللّه الحافظ الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ محمد بن عبد اللّه بن زيد الأنصاري 72

محمد بن عبد اللّه بن شاذان 39

محمد بن عبد الرحمن بن زياد 40

محمد بن عبد الواحد اللغوي أبو عمر 81 261

محمد بن عقيل الفاريابي (أو الفريابي) 39

ص: 227

محمد بن محمد بن إدريس الشافعي أبو عثمان 40

محمد بن مسلم الطائفي 283

محمد بن موسى الفضل أبو سعيد

محمد بن يوسف بن النضر أبو عبد اللّه 41

محمد بن يعقوب الأصم أبو العباس الأصم مرة 60

المزني 38 ، 39 ، 59 ، 64 ، 73 ، 105 ، 204 ، 288

أبو مسعود الأنصاري 72 ، 73

ابن مسعود 90

مسلم بن خالد الزنجي 98 ، 99 ، 112 ، 124 ، 127

مسلم بن زيد 80

ابن المسيب سعيد بن المسيب

معاذ بن موسى 275 ، 276

معقل بن يسار 276

المقبري 34

من لا أنهم إبراهيم بن أبى يحيى

(ن)

نافع بن جبير 92

نافع مولى ابن عمر 36

ابن أبى نجيح 58 ، 70 ، 111

أبو نعيم الأسفرايني 204

نعيم بن عبد اللّه المجمر 72

(ه)

ابن هرم القرشي 40

أبو هريرة رضى اللّه عنه 60 ، 305

هشام بن عروة 117 ، 223

(و)

وأثل 270

ورقة بن نوفل 119

وكيع 115

ابن وهب 19

(ى)

يحيى بن زكرياء 219

أبو يحيى الساجي 40

يحيى بن سعيد 178

أبو أيوب 60

يونس بن عبد الأعلى 19 ، 89 ، 133 ، 146 ، 219 ، 311

ابن يونس مولى عائشة 59

ص: 228

فهرس أعلام الجزء الثاني

(ا)

ابراهيم عليه السلام 163

ابراهيم بن سعد 74

أحمد بن على بن سعيد البزار 179

أحمد بن محمد المكي 180

أحمد بن محمد بن مهدى الطوس 178

أبو أحمد بن أبى الحسن 104

أخوة يوسف عليه السلام 136

(ب)

بريدة 51 ، 53

أبو بكر الصديق 108

بكير بن معروف 148

(ث)

الثقة 171

ثمامة بن أثال 193 ، 194

أبو ثور 179 ، 180

(ج)

جبريل 8 ، 116

ابن جريج 167 ، 173

(ح)

حاطب بن أبى بلتعة 47 ، 48 ، 49

حرملة بن يحيى 80 ، 188 ، 191

الحسن بن أبى الحسن 122

الحسن بن رشيق 194

الحسن بن محمد 46 ، 119 ، 148 ، 182

الحسين بن زيد 180

ابن الحضرمي 38

(ر)

الربيع بن سليمان المرادي 3 ، 7 ، 11 - يرد بكثرة

(ز)

الزبير 47

الزعفراني 180

أبو زكريا بن أبى إسحاق 46

الزهري ابن شهاب

زيد بن حارثة 164

(س)

أبو سعيد 11 ، 25 ، 49 ، 55 ، 59 ، 65 ، 73 76 ، 82 ، 90 ، 95 ، 109 ، 114 ، 147 155 ، 167 ، 171.

أبو سعيد بن أبى عمرو 3 ، 27 ، 36 ، 39 ، 43 ، 81 ، 88 ، 100 ، 108 ، 121 ، 139 ، 143 ، 147 ، 163 ، 166 ، 195

سفيان بن عيينة 39 ، 46

السلمى (أبو عبد الرحمن) 179 ، 180 ، 190 ، 194

ص: 229

(ش)

الشافعي 3 ، 7 ، 11 يرد بكثرة

الشعبي 135

ابن شهاب 63 ، 74 ، 156 ، 177

الشيخ (هو البيهقي) 108 ، 153 ، 156

(ض)

الضحاك 148

(ط)

طاوس 135

(ع)

عائشة رضى اللّه عنها 108 ، 109 ، 110 187 ، 188

العباس بن عبد المطلب 17

ابن عباس رضى اللّه عنه 39 ، 40 ، 41 ، 58 74 ، 83 ، 135 ، 153 ، 173 ، 177

أبو العباس الأصم 3 ، 7 ، 11 يرد بكثرة

عبد اللّه بن جحش 38

عبد اللّه بن الحارث بن عبد الملك 167

عبد اللّه بن محمد بن أحمد 190

أبو عبد اللّه الحافظ (الحاكم) 7 ، 30 ، 36

يرد بكثرة عبيد اللّه بن أبى رافع 46

عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة 74

عبد الرحمن (هو بن أبى حاتم) 104

عبد الرحمن بن أحمد المهدى 194

عبد المنعم بن عمر الاصفهانى 180

عروة 109 ، 177 ، 188

أبو عزة الجمحي 193

عطاء 135 ، 167 ، 187 ، 188

عكرمة 173 ، 177

على بن أبى طالب 35 ، 47 ، 58

على بن عمر الحافظ 190

على بن أبى عمر البلخي 180

عمر رضى اللّه عنه 48 ، 58 ، 135

ابن عمر رضى اللّه عنه 23 ، 77 ، 107 ، 171

عمر بن القيس 187

عمرو بن دينار 39 ، 46

(ك)

أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط 67

(م)

مالك (الامام) 109

مجاهد 135 ، 148 ، 167

مريم عليها السلام 157 ، 158 ، 160 ، 161

المزني 129

مسطح 108

مقاتل بن حيان 148 ، 153 ، 156

المقداد 47

ابن مقسم (ابو الحسن) 179

محمد : رسول اللّه : صلى اللّه عليه وسلم 4 ، 15 ، 16 يرد بكثرة

محمد بن أحمد بن عبد اللّه 190

محمد ابن إدريس الشافعي

محمد بن إسماعيل 180

محمد بن سفيان 182

ابنة محمد بن سلمة 205

محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم 178

ص: 230

محمد بن المنذر بن سعيد 178

محمد بن موسى أبو سعيد

محمد بن يعقوب الأصم أبو العباس

موسى عليه السلام 179

(ن)

نافع 171

ابن نوح عليه السلام 163

(ه)

أبو هريرة 31 ، 51 ، 52 ، 107

هشام بن عروة 109

(ى)

يحيى بن سليم 173

يونس عليه السلام 157 ؛ 160 ، 161

يونس بن عبد الأعلى 104 ، 182 ، 187

ص: 231

فهرس الآيات القرآنية - للجزء الأول

الصورة

ص: 232

الصورة

ص: 233

الصورة

ص: 234

الصورة

ص: 235

الصورة

ص: 236

الصورة

ص: 237

الصورة

ص: 238

الصورة

ص: 239

فهرس الآيات القرآنية للجزء الثاني

الصورة

ص: 240

الصورة

ص: 241

الصورة

ص: 242

الصورة

ص: 243

الصورة

ص: 244

الصورة

ص: 245

فهرس الجزء الأول للأماكن والبلدان

أحد 86

بخارى 38

البيت الحرام 64 ، 65 ، 66 ، 129 ، 130

بيت المقدس 64 ، 66 ، 70

الحديبية 130 ، 131

الحرم  129

الخندق 34

خيبر 89

الدامغان 41

ذات الرقاع 35

شيراز 42

العراقيين 282

عرفات 134

عسفان 89

القبلة 70

قرى عرينة 104

الكعبة 68 ، 117

المدينة المنورة 64 ، 66 ، 90

المسجد الحرام 66 ، 67 ، 68 ، 70 ، 83

مكة المكرمة 29 ، 38 ، 64 ، 90 ، 116

منى 116 ، 134

نجد اليمن 66

يوم الأحزاب 34 ، 60

فهرس الجزء الثاني

أحد 26 ، 182

بدر 36 ، 38 ، 48 ، 182 ، 193

تبوك 27 ، 35

بلاد الحبشة 11

الحديبية 62 ، 67 ، 71

الخندق 26 ، 182

خيبر 163

روضة خاخ 47

العقبة 27

المدينة المنورة 76

المسجد الحرام 61

مكة المكرمة 12 ، 15 ، 17 ، 47 ، 48 ، 62 194

ص: 246

«بعض تصويبات واستدراكات أخرى»

صفحة / سطر

الجزء الأول

64 / 21  (انظر السنن) إلخ ؛ والأسماء والصفات (ص 308).

67 / 20  (وغيره). ثم عثرنا عليه فى الأسماء والصفات (ص 123) ، بلفظ : «يقول : إلا أن قد علمتم.».

الجزء الثاني

205 / 0 (وذكر فى الحلية .. والاعتبار ..) ، والأسماء والصفات (ص 144).

206 / 8 (ويوضحه). وانظر الأسماء والصفات (ص 505).

10 / (بصحته) وانظر الأسماء والصفات (ص 210 - 211).

220 / 21 الصواب : (لأولياء).

ص: 247

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.