الأمر المعروف والنهي عن المنكر

هوية الكتاب

الأمر المعروف والنهي عن المنكر

تأليف

سماحة آية الله العظمى

السيد على العلامة الفاني

مدظله العالي

سنه 1395

رجب المرجب

محرر الرقمي: عليرضا حقاني فر

ص: 1

اشارة

ص: 2

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين واللعن على اعدائهم إلى يوم

الدين قبل البحث عن مسألة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من ناحيتها الفقهية يجد

ربنا التعرض الى امرين يكون الالتفات اليهما كمدخل لهذه المسألة:

الأول : الطبيعة البشرية لها ركائز ذائبية ذات أثار مختلفة لأن الطبيعة البشرية تشكل من قوة بهيمية بها يأكل الانسان ويشرب ويمشى ويتحرك ، وسبعيه بها يتحرش الانسان على بنی نوعه و یتغالب عليهم ويؤذي افراد جنسه ویتكالب معهم وقوة عاقلة بها يُعَدِل بين تلك القوى ويخرج من الضلالة الى الهدى فالعقل يمنع الانسان عن فعل الشر ويبعثه نحو فهل الخير، والتفاعل بين القوى مستمر مدى الحيوة وتغلب قوة على اخرى حیناً وتغلب تلك على هذه حينًا اخر والانفعالات النفسية الناشئة عن تفاعل القوى نؤثر في المجتمع البشري خيراً وشراً الا ان الاندفاع نحو الميول و الشهوات أقرب الى النفس والذا ترى الشر اكثر وجوداً من الخير وفاعله اكثر من فاعل الخير ولهذا السبب بعينه يكون دور الاعمال الصالحة في ميدان الوجود ابعاد من دور الاعمال الشنيعة، ويلزم من ذلك بحكم العقل السليم.. شدة الحاجة إلى ارتياد

ص: 1

بواعث الخير ود وافع الشتر و من اهم البواعث الى الخير ارشاد الناس الى مصالحهم ومن

اهم الدوافع عن الشرتبيههم على تبعات سيئاتهم ، وهذا هو الامر بالمعروف والنهي عن

المنكر والأول يشمل الواجبات والمندوبات والفضائل الانسانية والثاني يشمل المحرمات

والرذائل الاخلاقية، ولقد أجاد جمع من فقهائنا الامامية انا الله برهانهم كالشيخ والعلامة والشهيدين والفاضل المقداد حيث قالوا إن العقل مستقل بوجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير حاجة الى ورود الشرع ( على مافي الجواهر) نعم لنا في كفاية حكم العقل عن الشرع في الكشف عن الوجوب المولوي اشكال يأتي بيانه انشاء الله الثانى لابد على الانسان( اذ ارام الحقيقة )ان يرجع إلى عقله الفطري بعد تجريده عن الشبهات ویُتفن النظر في حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والغایة المقصورة منهما « وهى سعادة الانسان في النشأتين» ويتأمل فيما الزمان أحيانًا من المخاطر والمجازر ونقص الأموال والانفس ليدرك إدراكاًتاماً بانه لا يمكن القول بوجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على نحو الاطلاق وضمن اى تقدير بل يرى ان وجوبهما مشروط بشروط اربعة لعلل تذكر طى بيانها

الشرط الاول : العلم بما هو المعروف وبما هو المنكر عند الشارع العالم بمصالح افعال

ص: 2

العبادو مفاسدها ، لان الأمر بالمعروف لايتحقق في الخارج الأمع علم الآمر بالمعروف بما هو المعروف وكذلك النهي عن المنكر وانما قيدنا المعروف بالمعروف عند الشارع لقصور عقول العقلاء عن ادراك مصالح الأفعال ومفاسدها على النحو الاكمل بشهادة اختلافهم في مصاديقهما و اعتراف الكل بوقوع الاخطاء الكثيرة في الاراء البشرية اخلاقنا واقتصادياً وسياسيا وغير ذلك وهذا الشرط كماترى يقع في مرتبة وجود الموضوع لان مصادفة الأمر بشيء مع كونه معروفاً في الواقع أمر غير مضبوط ولا معلوم فالجاهل بالمعروف لا يعقل أن يأمر به امنا من الخطأ - هذا - والظاهر من معتبر معدة بن صدقه ان العلم بالمعروف شرط شرعى لوجوب الامريه فانتظر؛

الثاني: احتمال التأثير احتمالاً يعتد به العقلاء في اعمالهم لان الغاية المقصوده من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابد وان تكون مرجوة الحصول في الخارج اذ تلزم اللغوية في غير هذه الصورة فلو علم انسان من انسان انه لا يأتي بالمعروف وان امربه ولا يمكن الجائه عليه قهر ايضا ، اولا ينتهي عن المنكر وان نهى عنه أو دفع عنه يكون امر الأول بالمعروف كنهي الثاني عن المنكر لغواً محضاً وباطلاً قطعاً ويتضح ذلك بملاحظة أن مجرد إنشاء الأمر والنهي لا يفيد شيئًا فليس لهما موضوعية [حسب

ص: 3

المصطلح العلمى] بل وجوبهما عقلاً انما هو لترتب فصل المعروف خارجا على الأمرين

وترتب الانزجار عن المنكر كذلك على النهى عنه فاشتراط الفقهاء احتمال التأثير او جواز التأثير على اختلافهم في التعبير وعلى اختلافهم في مدى سعة مفهوم هذه الكلمة وضیقه لا يكون جزافاً في الرأي وفراراً عن الوظيفة بل هو موافق العقل السليم، نعم تعليم المعروف والمنكر وارشاد الناس إلى ما هو المعروف وما هو المنكر يقع تحت عنوان ارشاد الجاهل و تنبيه الغافل او عنوان بيان احكام الدين وحفظها عن الاندراس بالكلية «والعياذ بالله» ولكنه امر اخر لا يرتبط بمقامنا هذا ، وبالجملة اذا قلت لشخص لاتشرب الخمر، مع علمك بانه يشربه لأمحاله لويترتب على نهيك أثر بالبديهة وان ترتب عليه علمه بحرمه شربه اذا لم يسبق له العلم بذلك فلو تركت نهيه معتذراً بعدم التأثير كنت معذوراً عند العقلاء ولو عوتبت بترك النهي عن المنكر كان لك حتى الدفاع عن نفسك بعدم ترتب فائده فيذلك.

الثالث : الأ من عن ترتب المفسدة عليهما و الامر بالمعروف والنهي عن المنكره بان يكون المقام مقام اطمئنان على عدم استلزامهما اراقة الدماء وهتك الاعراض ونهب الأموال والضرب والتنكيل والزج في السجون الى غير ذلك

ص: 4

من المفاسد المترتبة عليهما أحياناً والدليل على ذلك أن وجوب الأمر بالمعروف والنهي

عن المنكر انما هو لفتح ابواب الصلاح وسدّ ابواب الفساد وفوز المجتمع الى السعادة الفردية والعائلية والنظامية فلو ترتب عليهما نقیض ما ذكر كان على العكس من الغاية الباعثه الى وجوبهما ومن البديهى انّ عله كل شى لاتنقلب الى العلية لنقيضه فلا يحكم العقل بحسنهما والحال هذه فان ذهب الى وهمك أن دفع الأفسد بالفاسد راجح بل واجب عقلاً وكيف لا يحكم العقل بلزوم قطع إصبع يترتب عليه حفظ البلدان بالكليّة ، قلنا انطباق هذه الكبرى على المقام موقوف على امرين :

الأول: اتحاد المورد كما فی المثال واما قطع اصبع احد لحفظ بدن اخر فممّا لا تنطبق عليه الكبري المذكورة.

إذ اىّ دليل دلّ على وجوب قطع اصبع البرئ لحفظ بدن العليل نعم لا كلام لنا في مورد رضا البرئ بذلك . الثاني: احراز ذلك خارجا حيث انّه قد يترتّب على نهي احدٍ عن سبّ مؤمن مثلاً قتل نفس محترمة.

الرّابع: استمرار تارك المعروف على التّرك وفاعل المنكر على الفعل فلو استرشداً بنفسهما

من الضلال وأتی الأول بالمعروف وترك الثاني المنكر لو یبق مجال للأمر والنّهي وكانا

ص: 5

بلا موجب . وفذلكة الكلام أن النظام الاجتماعي عدل أدبي یحكم العقل بحسنه ويرجح

ما یسبب وجوده والامر بالمعروف والنهي عن المنكر دعا متان لبناء النظام فيهما ينتظم الفرد وتنتظم العوائل ويتحقق النظام الاجتماعي من الناحية الادبيّة الّا ان جسنهما العقلى مشروط1- بالعلم بماهيّة المعروف والمنكر ٢- احتمال تأثيرهما في خروج المعروف عن ساحة العدم الى عرصة الوجود وبقاء المنكر في العدم، «وهذا التعبير تقريب الى الاذهان» 3 -عدم ترتب الفساد عليهما 4- تمادى التارك المعروف في تركه وفاعل المنكر في فعله . ولنشرع الآن بعون الملك المنّان في البحث عن هذة المسألة على ضوء الكتاب والسنة مع الاشارة الى اقوال العلماء وذلك في ضمن فصول اليك تفصيلها:الفصل الاول: في تعريف المعروف والمنكر.

الفصل الثاني : في الدليل على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكتاب والسنه مضافاً إلى الإجماع والعقل . الفصل الثالث: في تحقيق ان وجوبهما عيني اوكفایئ وانه مطلق او مشروط . الفصل الرّابع: في الاقسام المتصورة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر . الفصل الخامس: في التنبيه على امور.

الفصل السادس : في مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكرة.

ص: 6

الفصل الأول : في بيان المراد من المعروف ومنكر

قال العلامة في التحرير : المعروف كل فعل حسن إختص بوصف زائد على حسنه اذا عرف فاعله ذلك او دلّ عليه والمنكر كل قبيح عرف فاعله قبحه او دل عليه والحسن ما للقادر عليه المتمكن من العلم بحاله أن يفعله او مالم يكن على صفة تؤثّر في استخقاق

الذم والقبيح هو الذي ليس للمتمكن منه ومن العلم بقبحه أن يفعله والحسن شامل

للواجب والندب والمباح والمكروه والقبيح هو الحرام خاصة ، وفي المنتهنى و الشرايع ما يقرب مما ذكر وقد يطلق القبيح على ما فيه صفة لها تأثير في استحقاق الذّم كما يطلق الحسن[ في العرف العام ]على ماله دخل في استحقاق المدح فيختص بالواجب والمندوب وكيف كان فقد خرج عن التعريف بسبب جملة«بوصف زائد على حسنه» المكروه والمباح واختص المعروف بالواجب والمستحب مع انه لا يجب الأمر بالمستحب قطعاً. والتحقيق ان المعروف والمنكر يستعملان في غالب الموارد في العرف العام والكتاب والسنة وفي عرف علماء الاخلاق ويراد منهما المعنى الكنائي منهما بسبب وجود خصوصيّة المعنى اللغوي في المكنّى عنه فيستعمل ويراد من

ص: 7

ملزومه من فعل حسن او قول حسن او صفة حسنة وكذلك المنكر. توضيح ذلك: انّ المعروف اسم مفعول من عَرِفَ بفتح الراء وكسره بمعنى علم على اختلاف بينهما من جهة اخصّة المعرفة عن العلم وفي مقابل المعروف المنكرو من البديهي ان المنكر بالمعنى الكنائی معروف بالمعنى اللغوى ولكن يطلق المعروف ويراد منه ما يكون قابلاً للمعرفه بان يستحق الوجود في دار التحقق ويطلق المنكر ویراد منه ما يكون قابلاً للنكران، بان لا يستحق الوجود في دار التحقق وانت اذا لاحظت موارد استعمال كلمة المعروف في القرآن الكريم لم يبق لك مجال شكّ فيما ذكرنا ، فقد ورد في القران في موارد عديده كلمة المعروف واراد الله منه القول الحسن ، ففى سورة البقره «الایه ٢٣٥» اَنْ تَقُولُوا قَوَلا مَعْرُوفًا ، وفي سورة النساء «الایه 4 » وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً «الایه 9» وَقولُوا لَهُمْ قَوَلا مَعْرُوفًا . وفي سورة محمد« الایه 22» وَقُولٌ في مَعْرُوف.

وورد في القرآن واراد الله منه المعاشرة الطبية من حيث الأفعال والاخلاق ففي سورة لقمان« الایه14»، وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً .

وورد في القرآن واراد الله منه ما امربه بالامر اللزومي ففى سورة الممتحنة« الایه

ص: 8

13» وَلا يَعْصِیَنَكَ في مَعْرُوفٍ.

وورد في القرآن واراد الله منه كل ما امر به بالامر اللزومي أو الندبي ففي سورة النور« الایه 53» طاعة معروفة . وورد في القرآن واراد الله منه العطية ففى سورة البقرة« الایه ٢٣٧» مَتَاعًا بالمعروف « الایه 24» متاعٌ بالمعروفِ.

وورد واراد منه المشورة الحسنة ففي سورة الطلاق :«وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ»والعرض ليس الاستقصاء بل بيان ان ما يراد من هذه الكلمة «المعروف» في غالب موارد استعمالها ليس مدلوله اللغوى اذ من البديمي حسب التبادر الحاقي أن للمعروف ليس مشتركا لفظینا لجميع ما أريد منه في الاستعمالات الكثيرة بل المراد المعنى الكنائی الذي يفهم ببركة القرائن الموجودة في الكلام ولا اقل من المناسبة بين المسند والمسندالية.

ثم انه لو سلمنا ان تطبيق عنوان المعروف على الخير والاحسان والطاقة والقول الحسن والفعل الحسن ونحو ذلك انما هو من باب تطبيق عنوان عام على مصاديقه وان تطبيق عنوان المنكر على الشر والظلم والعصيان والقول الكذب ونحو ذلك أنما هو من باب تطبيق عنوان عام على مصاديقه ايضاً وان التطبيق حقيقى وبالمعنى اللغوی

ص: 9

لا انّه كنائی فمن الواضح ان المدار في فهم المراد التطبيقي في ايّ مورد من موارد استعمالها انّما هو الظهور العرفي المستند الى القرائن والتفاوت على القولين انّما هو في ان الفرائن على الأوّل قرائن على المراد الجّدى اعنى المعنى الكنائي وعلى الثّاني انها قرائن على المصتادیق المراد انطباق المعنى اللغوى عليها بل الظّاهر عدم الحاجة في تعريفهما بحب المدلول اللغوى ولذا يعرفون اللغويون المعروف بانّه خلاف المنكر والمنكر بانه خلاف المعروف يريدون بذلك الارجاع الى الارتكاز العرفي في معرفتهما وانهما يعرفان بالوجدان بسبب المضادة بينهما المرتكزة في الاذهان.

ثمّ أن الكتاب الكريم انّم انزل على الاسلوب العربي الجاري بين اهل اللسان وليس للقران مصطلح جديد كما انه لیس فی السنّه اصطلاح جديد فلا حقيقة شرعيّة بل ولا المشرعيّة في جميع موادّ اللّغة وهيئاتها وانّما اشتبه الأمر على القائل بالحقيقة الشرعيّة في بعض الموارد كالفاظ العبادات أوهى وألفاظ المعاملات بسبب تطبيق مفهوم عام لغوى كالصوم (الإمساك) على مصداق خاص جعلى [ الامساك القربی من عدة أمور] فتوهم الجعل في المفهوم لما رأى الجمل في المصداق، او بسبب اراده معنی كنائی خاص من لفظ وضع لمعنى يكون لازماً للملزومات عديده

ص: 10

ويترتب على ما ذكرنا ان اللازم في فهم المراد من كلمتي المعروف والمنكر الواردتين في الكتاب والسنّة الى العرف العام بمالديهم من القرائن المعيّنة للمراد التطبيقي أو كنائی وأما تعريفات القوم للمعروف والمنكر في المقام فهي واردة مورد تعيین ما هو الموضوع للحكم الشرعي والشاهد على ذلك انهم يُدرجون شرط وجوبه في اصل تعريفه مع انه من الواضح خروج الحكم عن حقيقة موضوعه فكيف بشرط الحكم فترى انهم يدرجعون فی التعريف اذا عرف فاعله« اجتهاداً» اودلّ عليه «تقليلاً» مع أن معرفة فاعل المعروف للمعروف ليست دخيلة في ماهية المعروف . مضافاً الى انهم لو يتفقوا على تعريف واحد والتعريف الذى نقلناه عن الفاضلين لم يرد في كتب القدماء بل ناقش فيه جمع من المتأخرين نعم لنا الاعتذار عن التعريف المذكور بالاعتذار العام المشهور و هو انه بيان اجمالى للموضوع قبل الدخول في البحث عن احكام.

ولنا ان نقول بان المعروف ( المبحوث عند في المقام) كل ما امر الله به مما فيه - الصلاح واجبًا كان ام مستحباً والمنكر كل ما نهى الله عنه مما فيه الفساد حراماً كان ام مكروهاً والامر بالأول تابع لمتعلقة فان كان واجباً فواجب وان كان مستحباً فمستحبُ والنهي عن الثاني تابع للمنهى عنه فان كان حراماً فواجب وان كان مكروهاً

ص: 11

فمستحب كيف لا ومن المعلوم عقلاً وشرعًا انّ الامر بالمستحبات راجح وقد ورد في الحديث من أمر بالمعروف ونهى عن منكر او دل على خير او اشاربه فهو شريك وقد وردان الدال على الخير كفاعله كما ان النهي عن المكروهات الشرعيّة راجع ويدل عليه اطلاق قوله في الحديث السابق ونهى عن منكر بناء على كون المكروه منكراً و قد افتي ابن حمزة باستحباب النهي عن المكروه واستجود عبارة الى الصلاح واستحسن ذلك في الجواهر الّا انه قال اطلاق المنكر على المكروه غير معروف وفيه اوّلا: ان المناط مفتّح وثانياً ان اطلاقه عليه من باب اطلاق الكلّى المشكّك على افراده المختلفة شدّة و ضعفاً و عدم اطلاق الفقهاء المنكر على المكروه لوسلّم لا يضّر بالصدق لما قلنا ولمعلومية المناط وقد يتشكل ذلك بأن هيئة الأمر الدّالة على الوجوب قرينة على ارادة حصّة خاصّة من المعروف وهي المعروف الواجب دون العكس اعنى حكومه اطلاق المعروف على ظهور الهيئة في الوجوب مجملها على مطلق الرّجحمان الشّامل للندب وذلك لا قوائية ظهور الهيئة في الوجوب من اطلاق المعروف وذلك نظير قولك لا تضرب احداً حيث ان ظهور الضرب في المولم حاكم على اطلاق كلمة احداً الشامل للأموات الموجب الحمل احداً على الاحياء وهذا الظهورا قوى من ظهور احداً في

ص: 12

الاطلاق الموجب لحمل الضرب على الأعّم غیر المولم غير المولم و ولا فرق في الحكومات بين حكومة الهيئة على المادة او المسند على المسنداليه او الصدر على الذيل او عكس المذكورات وقد اخذ صاحب الجواهر بالظهورين واحتمل وجوب الأمر في المندوب وإن لم يكن الاتيان بالمندوب واجباً و هذا الاشكال مدفوعٌ بان هيئة افعل وما بمعناها لم توضع الّا لحمل الذّات على المبدأ بمعنى إنشاء البعث بالنسبه الى متعلقها فلم توضع الهيئة ولو تستعمل ابداً في الوجوب ولا في النّدب ولا في الارشاد او التهكّم أو التعجيز وغير ذلك بل تلك الاوصاف تعرض البعث بسبب امور مفارقة عن مدلول الهيئة وهى الدواعى الى انشاء البعث فإذا قال المولى اغتسل للجمعة والجنابة لم يستعمل الهيئة الّأفی البعث لا على نحو عموم المجاز كما قد يتوهم زعمّا بان مدلول الهيئة الوجوب والجامع بينه وبين النّدب خارجٌ عن المدلول استعملت الهيئة فيه على نحو عموم المجاز اذلا داعى إلى ما ذكر الأ مزعمة وضع الهيئة للوجوب ويرد ذلك ان لازمه كون استعمالها وارادة الارشاد او النّدب او التهكم او التعجيز او غير ذلك ممّا هو كثيرٌ مجازاً ولا نقول بمجرد استبعاد ذلك حتى يدفع بان الاستبعاد ليس بدليل بل نقول بانه خلاف التبادر الحاقي من الهيئة فلنا أن نقول بان الهيئة دالّة على مجرد

ص: 13

البعث وهى موضوعة لحكم العقل بوجوب الاطاعة اذا صدرت عن المولى وتأخذ بهذا الحكم العقلى بالنسبة الى المعروف الواجب ونقول بانه حيث لا زيادة لحكم الفرع على الاصل لا يحكم العقل بوجوب الأمر بالمندوب وبذلك نجيب عن احتمال صاحب الجواهر ايضًا. ثم ان تقيد نا المعروف بما امرالله به وجوباً ام ندباً انما هولان مالیس بمعروف عند الشارع ليس بمعروف واقعاً وحكم العرف بمعروفيه خطاً فی التشخيص، إذ الشارع العالم بمصالح الأمور و مفاسد ها امر بما فية الصّلاح ونهي عما فيه الفساد وانّما أعمل المولویّه لايصال العباد إلى مصالحهم وابعادهم عن مفاسدهم فالامر و النّهى الشرعّيان إرشادان فی الواقع للعقل الى ما فيه الصلاح ومافيه الفساد على ما هو مذهب العدليّة ولذا دارت في الا لسنه أن الشرعّيات الطاف في العقليّات ويتخلّص هذا الفصل في امور«آ»، انّ المعروف والمنكر انّما يستعملان ویراد منهما للمعنی الكنائی منهما فی المقام كجملة كثيرة من استعمالاتهما الشرعية والعرفية.

«2» انهما وردا في القرآن بمالهما من المعنى لدى العرف العام . «٣» ان تعريفات القوم انما هي المزيد البصيرة فيما هم بصدده من بیان احكامهما و شرائط احكامهما«4» ان المختارلنا ان المعروف يشمل الواجب والمستحب والمنكر یشمل الحرام والمكروه

ص: 14

والامر بالمعروف الواجب واجب وبالمعروف المستحب مستحب والنهي عن المنكر الحرام واجب وعن المنكر المكروه مستحب .

الفصل الثاني: في الدليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لاشك في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بل الإجماع بقسميه عليه كما في الجواهر بل فی المنتهى ، لا خلاف بين العقلاء كافة في وجوبهما وقال الاردبيلي في مجمع الفائدة ان المساله صارت كالضرورية، فخرجت عن الفقهية ، وهو يرى ان وجوبهما لایحتاج الى الدليل ومعذلك فقد استدل القوم على وجبهما بالكتاب والسنة والإجماع و العقل اما الإجماع فقد مريبانه الّا انه مدركي لیس بنفسه حجه كاشفة عن رأى المعصوم وامّا العقل فاستدل الشيخ في كتاب الاقتصاد على ما حكى عنه في السرائر بقاعدة اللطف وانه لولا ذلك لا نسد باب اثبات الامامة وتقريب ذلك انه كما ان الامامة لطف اجتماعي من الله على عباده يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ايضا لطفاً اجتماعيّاً فكما يجب وجود الامام بين الأنام يبعثهم إلى المعارف والاحكام فكذلك يجب وجود الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر بينهم لحملهم على المعروف ودفعهم عن المنكر وتبعه على ذلك الشهيدان والفاضل المقداد بتقريب أن العقل انّما

ص: 15

يستقل بذلك من غير حاجة الى ورود الشرع ، نعم هو مؤكد ، وقال الشهيد في الدروس بان وجوبهما عقلى وشرعى وقد فهم بعضهم من هذا الكلام التفصيل بين الموارد و أن وجوبهما بالنسبة الى جملة من الموارد كاحراق النفس وما يشبهه عقلى وبالنسبة الى جملة اخرى شرعى ولكن ذهب جماعة كالسّيد والحلّى والحلبي والخواجه نصير الدين الطوسى والمحقق الكركي وفخر المحققين والعلامة في بعض كتبه إلى عدم دلاله العقل على وجوبهما بل في المختلف نسبه ذلك الى الاكثرو في السرائر نسبتة إلى الجمهور من المتكلمين والمحصلين من الفقهاء وانهما يجبان سمعاً وانه ليس في العقل ما يدل على وجوبهما لعدم وصول العقل إلى قبح ترك الأمر بذلك على وجه يترتب عليه العقاب بدون ملاحظة الشرع ، وقال في المنتهى ردّاً على القائلين بالوجود العقلى لووجبا بالعقل لما ارتفع معروف ولما وقع منكر أو كان الله مخلاً بالواجب التنالی بقسمیه باطلً فالمقدم مثله ، بيان الشرطية انّ الامر بالمعروف هو الحمل الى فعل المعروف والنهي عن المنكر هو المنع عنه ولو كانا واجبين بالعقل الكانا واجبين على الله تعالى لانّ كلّ واجب عقلى فانّه يجب على كل من حصل فيه وجه الوجوب ولو وجب على الله تعالى لزم احد الامرين واما بطلانهما فظاهر، اما الثاني فلانه تعالی حكيم

ص: 16

لايجوز عليه الاخلال بالواجب واما الاوّل فلانّه يلزم والا لجاء ونفى التكليف إنتهى وتحقيق المقام أن قاعده اللطف انّما تقتضي عدم منع الفيض من الله سبحانه واللطف في عالم التشريع انما هو بالتقنين وبيان المصالح والمفاسد وهذا انما يتّم بارسال الرسل وانزال الكتب من دون الجاءلان قوام حسن افعال المختارين انما هو بصدور افعالهم باختيارهم فما لم یتوسط الاختيار بين الفاعل وفعله لا يتصف فعله بحسن وقبح من نامحبة الصدور عن الفاعل وهذا بديهى بالنسبة الى الافعال القصدية كالعبادات طرّاً والعناوين القصدية الاخرى ومنها المعاملات اذ من الواضح أنّها انّما تتحقق بالقصد و هو امر اختيارى فمجرد قيام احد عند قدوم احد ولو بالالجاء ليس بتعظيم قطعاً فلا بد من ابقاء المكلف على اختياره بعد تشريح الأوامر والنواهي نعم العقوبات الدینویه كالمحدود والتعزيرات جرائم نظامية شرعها الشارع لقطع بذور الفساد فلاحظ قوله تعالی وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حيوهٌ ، حيث حمل الحیوه ( والمراد منها إدامه حيوة المجتمع وعدم ذهاب أرواحهم عبثاً وفوضى) على القصاص الذي هو الامانة وكيف كان فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا اريد منهما حمل المكلف على المعروف باليد ودفعه عن المنكر كذلك واعنى بذلك ما ينجرّ الى الالجاء فليس عند العقل ما يوجبه لمنافاته

ص: 17

مع التكليف المبني على الاختيار واليه يرجع ما قاله العلامة في المنتهى وان اريد منهما الأمر والنهي الانشائيان فقدتّم اللطف من ناحيتهما بالكتاب والسّنة الجامعين لجميع الأوامر والنواهى المتعلقة بافعال العباد، نعم یتمحض اشكال العلامة في الاحتمال الأول واعنى به الجاء المكلف قهراً على المعروف ودفعه قسرًا عن المنكر ولكن الظاهر من القائلين بالوجوب العقلى الاحتمال الثاني اعنى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان ولعله لذا يختلفون في جواز الجرح والقتل اذا توقف عليهما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (حملاً ودفعاً) فالشيخ وهو من القائلين بالوجوب العقلى ينكر ذلك ويقول ظاهر مذهب شيوخنا الامامية أن هذا الجنس من الانكار لا يكون الّا للائمه او لمن يأذن له الامام وخلاصة الكلام ان الترجحان العقلي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممالاريب فيه واما كشف العقل عن وجوبهما التعبدى المستلزم تركه للعتاب فلا، فلقد اجاد من قال بعدم وصول العقل الى قبح ترك الأمر بذلك على وجه يترتب عليه العقاب بدون ملاحظة الشرع والأمر سهلٌ بعد دلالة الكتاب والسنه على وجوبهما اما الكتاب ففي سورة التوبة (الایه ٧٢)«وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ

ص: 18

وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ » ، بتقريب ان الاية وردت مورد بيان صفات المؤمنين وانهم يعملون بالواجبات فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلوة ويوتون الزكاة اما ان هذه الأمور واجبة فالمعلومية وجوب الصلاة والزكاة وكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سياقهما و يمكن المناقشة بان مدح الفاعل على فعل وجعل مثوبة له انما يدل بالالتزام على رحجانه اما كونه على جهة الوجوب فلا واما السياق فليس من الظهورات العرفية المعتد بها في عالم تفهيم المقاصد مضافا الى كثرة اجتماع امور واجبه مع امور مستحبة في سياق واحد.

وفي سورة ال عمران «الایه 10» وَلَتَكُن مِنكُمْ أُمَّةً يَدْعُونَ إِلَى الْخَيرَ وَيَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ وَيَنهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَأولئك هم المفلحونَ ، وهنا الایه بلحاظ مفادلأم الامر تدل على البعث المولوى الموضوع لحكم العقل بوجوب اطاعتة إلا انها لأنك على وجوب العينى على كل احد ، نعم المنافشة فيها بان كلمة امه تشير الى جماعة مخصوصين وهم الائمه عليهم السلام مدفوعة بانها خلاف الظاهر لان الظاهر من التنوین كل جماعة على سبیل البدل لان شأن تنوين التكبير الاشارة الى الفرد المنتشر و هو الكلى البدلی فالایه تدل على وجوب وجود جماعة يقدمون على هذه الوظيفة في المجتمع الإسلامي واما

ص: 19

ان الائمة عليهم السلام هم المصداق الأكمل للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر فهو مسلم ولكن الانحصار بهم غير مسلم. وفي سورة آل عمران «الايه 106» «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ »الاية وهذه الاية لاتدل على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لما عرفت من ان مدح فاعل على فعل انّما یدلّ بالالتزام على رجحان هذا الفعل امّاكونه واجباً فلابل ورد في تفسير الإيه ان الفرائه الصحيحة ، أئمة ؛ لا ؛ أمة . وعليهذا تخرج الايه عن محل الكلام الا ان الحق ان الرواية ناظرة الی كونهم المصداق الاكمل للأوصاف المذكورة في الاية، وفي سورة ال عمران «الایه 110» يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الأخروياً مُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرَ وَیسارِعُونَ فِي الْخَیرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ.

وقد عرف أن المدح لازم اعم للوجوب لمناسبة مع الندب ايضاً مما ذكرنا علم ان الاية الوحيدة الدّالة على الوجوب انّما هي« الایه ١٠٠» من سورة ال عمران وببركتها تظهر دلاله سائر الآيات على الوجوب والحمد لله رب العالمين.

واما السنه : فالاخبار الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرةٌ جداً و هي على طوائف مختلفة من حيث المفاد ولا يخلوا غلبها عن الضعف في السند وكثيرٌ منها عن الضعف

ص: 20

فی الدلالة ومعذلك فمطلقاتها وهى شذرٌ قليلٌ مقيدة بالاخبار الدالة على التقيد فرأينا من اللازم تنويع الاخبار ضمن طوائف اربعة فنقول والتوفيق من الله وحده.

الطائفة الأولى: ما يدل على ذم من لا يعتقد وجوبهما فمنها ما رواه(1) أبو سعيد الزهری عن ابی جعفر وابيعبد الله : فال ویل تقوم لايدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لظهور الدين في العقائد ویحتمل الجرى العملي لكن الاحتمال لا يكفى للاستدلال ورجال السند كلهم ثقات الّا ان ابا سعيد الزهري مجهول لكن روي عنه داود بن فرقد هذه الرّواية فقط على مافي جامع الرّواة والرّاوى عنه عبد الله بن مسكان وهو من اصحاب الإجماع فالسند من قسم المصحح. ومنها ما(2) عن ابیجعفر قال بئس القوم قوم یعيبون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها ما(3) في صحيح حمران (على الاصح) ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويامر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم اليه من ينصحه ویقول هذا موضوع عنك . وهذه الطائفة تدل بالالتزام على وجوبهما والمدلول الالتزامي لبيٌّ لا يستفاد منه سنخ الوجوب وانه مطلق او مشروط وان وجوبه عينى او كفائي.

الطائفة الثانية: ما ورد فی الأثار المترتبة على تركهما ، فمنها ما (4)رواه محمدبن عرفة عن

ص: 21


1- الوسائل : الباب الأول من ابواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحديث «1»
2- الباب الاول الحديث «2»
3- الباب 41 الحديث6
4- الباب الاول الحديث 4

عن الرضا( عليه السلام) یقول لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أوليستعملن عليكم شراركم و محمد بن عرفة لم يوثق في الرجال وان امكن استفادة حسن حاله من رواية يونس بن عبد الرحمن عنه . ومنها (1)ما سمعه محمد بن عرفة عن الرضا«علیه السلام» يقول: اذا امتى تواكلت الامربالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله . ومنها(2) ، واذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الاخيار من اهل بیتی سلط الله عليهم شرارهم فیدعوا خيارهم فلا يستجاب لهم ، والراوى عن الإمام مجهول لكنه روى عنه البزنطي فالروایه مصححة به. ومنها مرسل مذكور في الباب الاول الحديث ١٨ وليس لهذه الطائفة اطلاق لفظى يتمسك به لنفى الشرائط ولسخ الوجوب من العينية (مع قطع النظر عن المقيلات وعن ما يدل على الكفائية).

الطائفة الثالثة ، مايدل على الوجوب: فمنها ما(3)رواه على بن ابراهيم في تفسيره ذیل الايه 33 و 34 من سورة الكهف عن بكر بن محمد الأزدي، وهو على ما قاله النجاشی وجه فى هذه الطائفة من بيت جليل في الكوفة وكان ثقة وعمر عمراً لطويلاً له كتاب عن ابيعبد الله ، قال سمعته يقول إیها الناس مروا بالمعروف وانها عن المنكرفان امر بالمعروف والنهي عن المنكر لو يقر با اجلاً ولم یباعد ارزقاً الخ وهذه الصحيحة ادل مافی الباب من حیث

ص: 22


1- الباب الاول الحديث 5
2- الباب 41 الحدیث 2
3- الباب الاول الحديث 24

الإطلاق بحسب الشرائط موكداً بانهما لم يقر با اجلاً ولو یباعدا ارزقاً الّا ان بطلان القول بالجبر وكثرة ما يترتب عليهما من المجازر والاخطار والحبس و الزّجر والجوع والعطش

يوجبان حمل التعليل على بيان الطبع الأوّلى لهما تحريصاً اليهما وان ابیت الا عن الاطلاق فهى من هذه الجهة معارضة بما سيأتي من الاخبار الدالّة على اشتراط وجوبهما بعدم

ترتب المفسدة عليهما ولا سيّما مورد الخوف على النفس ويقرب مضمون هذه الصحيحة

ما(1) رواه في الكافي بسند ضعيف والاهوازي بسند مصحّح عن حبشى او حسن (اواسم اخر) قال خطب امیر المؤمنين(علیه السلام) ، الى قوله : فامروا بالمعروف و نهوا ( انهوا )عنا المنكر واعلموا ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن يقربا اجلاً ولن بقیطعا رزقاً الخ.

ومنها ما(2) رواه في الكافي (المجلد الاول ص 342 طبع الحجر) عن عده من اصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن بعض اصحابنا عن بشربن عبدالله عن ابى عصمه قاضي مروعن جابر عن ابیجعفر(علیه السلام)، قال يكون في اخر الزمان قوم ینيع فيهم قوم مراء ون ينفرون ويسكنون حدثاء سفهاء لا يوحبون امراً بمعروف ولا نهياً عن منكر الّا اذا أمنوا الضرر يطلبون لا نفسهم الرّخص والمعاذير يتبعون زلّات العلماء وفساد عملهم يقبلون على الصلاة والصيام ما لویكلمهم في نفس ولامال ولو اضرّت الصلاة بسائر ما يعملون

ص: 23


1- الباب الاول الحديث7
2- الباب الثانی الحدیث 6

باموالهم وابدائهم لرفضوها كما رفضوا اسمى الفرائض واشرفها ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض الخ وهذه الرواية أظهر مافي البات دلا له واكدها وجوباً واصرحها اطلاقاً اذ يظهر منها لزوم تحمل الضرر في اقامه هذه الفريضة العظيمة بتوبیخ من یتركها في صورة الضّرر، الّا انّها في غاية الضعف من حیث السنداذ البرقة وهو ممن يعتمد على الضعفاء ويروى المراسيل وكان بسبب ذلك مورداً لطعن احمد بن محمد بن عيسى الاشعرى روى هذه الرواية عن بعض اصحابنا عن بشر بن عبدالله (بشیر خ ل ) عن ابی عصمه قاضی مرو و بشر وابی عصمه كلاهما مجهولان فالرواية مشتملة على جهات ثلثه من الضعف لو قلنا بان جابراً وهو الراوي عن الامام (علیه السلام)، هو ابن يزيد الجعفى الذى هو ثقة في نفسه كما هو المختار والّا فالوایه مشتملة على جهات اربعة من الضعف مضافاً إلى أنّها متروكه الظاهر بالنسبة الى الصلاة والصوم إذ من البديهيات الفقهيه ان وجوب الصلاة والصّوم يسقط في مورد خوف النفس فلابد وان تحمل على مورد الضرر اليسير كما عن صاحب الوسائل او القول بانّها واردة مورد توبیخ اشخاص لا يعتنون بالوظائف الشرعيّة الّا اذا كانت ملائمة مع طباعهم البشريّة الميّالة الى المال والراحة كما عن صاحب الجواهر او غير ذلك من

ص: 24

المحامل تورّعاً والا فلا بد من طرحها الضعف سند ها ولمخالفتها مع قواعد المذهب المستفادة من النصوص المتواترة الواردة في الصلاة والصوم وغيرهما من التكاليف الشرعيّة الساقط وجوبها عند الضرر هذا كله مضافاً الاما سيائي من الاخبار الدّاله على اشتراط وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدم الخوف على النفس والامن من المفسده. ومنها(1) ما رواه الصدوق في معانى الاخبار بسند ضعيف عن على بن الحسين، وتضيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنها (2)ما في الكافي عن ابیعبد الله(علیه السلام) ، قال قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) إن الله يبغض المؤمن الضعيف الذی لا دين له فقيل وما المؤمن الضعيف الذی لا دين له قال الذى لا ينهى عن المنكر و منها ما (3)فی معانی الاخبار عن جعفر بن محمد عن ابائه عليهم السلام قال قال النبى(صلی الله علیه وآله وسلم) : ان الله یبعض لمؤمن الذى لا زبرله وقال هو الذى لا ينهى عن المنكر، قال الصدوق وجدت بخط البرقي أن الزبر العقل ويمكن ان يقال ان البغض لازم اعم لترك الواجب ولا سيّما مع اشعار كلمة المؤمن انّ اللائق بشأنه النهي عن المنكر فتی ، وكيف كان فأحسن مافي الناب سنداً و دلاله معا صحيح الازدي الوارد في تفسير على بن ابراهيم فراجع الاخبار ١٢ و 15 و 16و 17،المذكورة في الباب الأول من ابواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجدها غير مسوفة للوجوب او سنخه او شرائطه.

ص: 25


1- الباب 41 الحديث
2- الباب 2 الحدیث 1
3- الباب الاول الحدیث 13

الطائفة الترابعة : ما يدل على شرائط وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر،فمنها(1) ما رواه في الكافي عن على بن ابراهيم عن هرون بن مسلم عن مسعدة بن صدقه عن ابیعبد الله (علیه السلام) : قال سمعته يقول وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو اجب على الامه جميعاً فقال لا فقیل له ولم قال انّما هو على القوى المطاع العالم بالمعروف من المنكر لاعلى الضعيف الذى لا يهتدى سبيلاً إلى اىّ من ايّ يقول من الحق الى الباطل والدليل على ذلك كتاب الله عز وجلّ قوله: وَلَتكُن مِنكُمْ أَمّه يَدْعُونَ الى الخيرو يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن المُنكَر فهذا خاص غير عام كما قال الله عز وجل و من قوم موسى امه يهدون بالحق وبه يعدلون ولم يقبل على امه موسى ولا على كل قومه وهم يومئذ امم مختلفة والامه واحدٌ فصاعداً كما قال الله عزوجل انّ ابراهيم كان امه قانتا لله بقول مطيعاً لله عز وجل وليس على من بعلیم ذلك في هذه الهدنة من حرج اذا كان لا قوة له ولاعداد ولاطاعة قال سمعدة وسمعت ابا عبد الله یقول و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) ان افضل الجهاد كلمة عدل عند امام جائر ما معناه قال هذا على ان يأمره بعد معرفته وهو معذلك يقبل منه والّا فلا، وليس في السند من يتامل في حقه الا مسعدة بن صدقه حيث لم يوثق في الرجال الا ان الظاهر

ص: 26


1- الباب الاول الحديث 23

كونه ثقه لان الطائفة عملت بإخباره كما قاله التقى المقدس المجلسى وفشاهد بالعيان مضافاً الى ان رواياته لأ تقتل عن روايات امثال جميل بل الظاهر رجحانها عليها لكونها امتن و

اقوی اضف اليه انّا لا نرى اثر الجعل في رواياته ويبعد كمال البعد وجود الداعي لمثلة على جعل امثال تلك الروايات المتعلقة بالفروع المعاضدة لغيرها من الاخبار ومضافاً الى عدم غمز النّجاشي في مذهبه فان كان مسعدة واحداً فلا يعتني بقول الكشی انه بترىّ ولا بقول الشيخ بانه عامى ان كان متعدداً فالراوى عن الصادق(علیه السلام) هو الذى لو يغمز في مذهبه

النّجاشي واذا اضفت الى ماذكر ما هو المختار من أن حجيّة الاخبار انّما هي ببناء العقلاً على اخذ قول الموثوق به رأيت من الواضح صحة الركون إلى روايات مسعدة ومن بشیاكله في انفهام و ثاقتة من تاريخ حياته فالظاهر او السند معتبر و أما الدلالة فالرواية ظاهرة كاالنص في اشتراط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقوة والطاعة والعلم بالمعروف والمنكر وانه لا حرج على من لاقوة له و لاعداد والا طاعة وياتي بعض التوضيح في الفصل الاتی انشاء الله ، ومنها(1) ما في الكافي باسناده عن يحيى الطويل قال قال ابوعبدالله انّما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ او جاهل فیتعلم فاما صاحب سوطٍ اوسيف فلا، ويحيى بن طويل وان لم يوثق في الرجال بل يقال انه مجهول الا انّ الرای

ص: 27


1- الباب 2 الحدیث 2

عنه ابن ابي عمير وقد اخترنا الاعتماد على روايات اصحاب الاجماع فالمخبر مصحح، ومنها

ما رواه(1) فی الكافي باسناده عن مفضل بن يزيد عن ابیعبد الله(علیه السلام) : قال قال يا مفضل من تعرض لسلطان جائر فاصابته بليّه لم يوجر عليها ولم يرزق الصبر عليها ومفضّل هذا وان لو يوثق في الرجال ان الراوي عنه ابي عمير فالخبر مصحح مضافاً الى انّ مخاطبة الامام له بالیضیحیه والوعظ تشعر بالوثاقة.ومنها(2) ما أورده الصدوق في عيون اخبار الرّضا( المخطوط عندنا) قال حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابورى العطار رضى الله عنه بنيسابور في شعبان سند (352) اثنين وخمسين وثلثماة قال حدثنا علي بن محمد بن فتيبة النيسابوري عن الفضل بن شاذان قال سأل المأمون الى ان قال - انه كتب الى المأمون وان محض الإسلام شهادة ان لا اله الا الله - الى ان قال، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان ان امكن ولم يكن خيفة على النفس المخ. امّا سد الحديث فالراوی عن المعصوم وهو فضل بن شاذان ثقه اذ قال فيه النجاشي ثقه ثقه اجل اصحابنا الفقهاء والمتكلمين له جلالة فیهده الطائفة وهو في قدره اشهر من ان نصفه و الراوى عن الفضل وهو على بن محمد فهو فاضل اعتمد عليه عمر والكشى في رجاله و الراوى عنه وهو عبد الواحد النيسابوري فهو من مشايخ الصدوق ره وقد ترضى

ص: 28


1- الباب«2» الحديث ٣
2- الباب الثاني الحديث ٨

عنه كثيراً ونقل هذا الحديث بعينه مع اختلاف بين المثنين بسند اخر ثم فال و حديث عبد الواحد بن محمد بن عبدوس رضي الله عنه عندى اصحّ ولا قوة الّا بالله وعليهذا الحدیث

معتبر لحصول الوثوق بصدق عبد الواحد من امثال تلك القرائن واما الدلالة فمن البديهى ان الامكان الوارد في هذا الحديث ليس المراد منه القدرة على النطق وان تجرد عن التأثير أو استلزم الضرو بل المراد منه النفوذ الخارجي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوله ولم يكن خيفة على النفس وان اوهم نفى الوجوب فصورة الخوف على النفس فقط و إثبات الوجوب مع الخوف على الطرف او المال الّا ان الظاهر منه بمناسبة الحكم والموضوع واعنى معلومية المناط، المثال مضافاً الى ان الخوف على الطرف [نقض الأعضاء ] خوف على النفس ايضاً وان البيت الاعن الاختصاص فلا عقد سلب له وان البيت عن ذلك فتظهر المثالية من خبر الاعمش الاتي . ومنها(1) ما عن الأعمش عن جعفربن محمد قال والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك ولو یخف على نفسه و لا على اصحابه، دلّ على تقيید الوجوب بما اذا لم يكن خوف على نفسه وعلى افراد المؤمنين فيظهر منه ان حديث العيون وارد مورد المثال الّا ان يقال بان النفس في حديث العيون اعم من نفس الأمر والناهي وسائر افراد المؤمنين فلا يستفاد منهما حكم نقص وطرف«وقف»والمال.

ص: 29


1- الباب الاول الحديث 22

الفصل الثالث :فی ان وجوبهما عینی اوكفائی وانه مطلق او مشروط وما هو شرائط وجوبهما

فالبحث يكون عن امرين . الأول: الحق انهما واجبان على الكفاية وفاقاً لجمع كثير من الفقهاء كالسيد المرتضى والحلبي والقاضي ابن البراج و ابن ادريس الحلي و العلامة والشهيدين والمحقق الخواجه نصير الدين الطوسي والاردبيلي و الفاضل الخراسانی و غيرهم رضوان الله عليهم ولسيرة العملية منهم ومن الشیعة المستمرة إلى زمن المعصومین عليهم السلام إذ لو يعهد من احد المعاملة مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معامله الواجبات العينية وتوهم أن هذا التكاسلهم عن اداء الحق ليس الّأسوء الظن و نعوذ بالله منه سولنا الاستدلال على الكفائية بامورٍ.

الأول: إنّ الواجبات الكفائیة انّما هي أمور لا تقبل التكرار او لاملاك لزوميّاً في تكرارها ، وهى اعم من الواجبات النظامية كالطبابة والتجارة او الواجابات الحسبية كا نفاذ غريق أو تكفين مؤمن ونحو ذلك أو ما علم من الشرع مطلوبيه من حيث ذاته لا من حيث صدوره من فاعل او نسبته الى احد كازالة النجاسة عن المسجد ورفع الوهن عن المصحف حيث لاربط للقسم الأخير باحدٍ بمعنى عدم خصوصيتّه في ملاكه من حیث الانتساب الى احد فالواجبات الكفائية انما هي ما تعلق الغرض بصرف وجودها في

ص: 30

من دون تكرارا و من دون لزوم تكرار ومن البديهي ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انّما شرعا لبروز المعروف إلى منصة الوجود وزوال المنكر عن دار التحقّق وذلك لا لاجل حصول الغرض فقط بل لعدم قابليّة المتعلق للتكّرار ايضاً.

الثاني: قوله تعالی ولتكن منكم أمه الخ إذ هو صريح الدلالة في كفایه قيام بعض المكلّفين

الثالث: معتبر مسعدة بن صدقة حيث أنّه ناص في عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل احد حيث قال فهذا خاص غير عامٍ . ثّم انّ الكل متفقون على سقوط

وجوبهما بقيام البعض عليهما و حصول الغرض فلا ثمرة لهذا النّزاع. نعم قال صاحب

الجواهران الثمرة انه على القول بالوجوب العيني يجب اقدام الكل ما لم يتحقق الغرض في الخارج فلا يسقط الوجوب بقيام بعض وعلى القول بالوجوب الكفائی فلا يجب اقدام الكلّ مجتمعاً فيسقط بقيام بعض ويرد علیه انّه ان حصل الغرض بقيام البعض لم يكن التارك

للاقلام عاصياً قطعاً وان لم يحصل الغرض كان على غير المقدم القيام حتماً فلا ثمرة اصلاً وقد يقال إنّ الثّمرة وجوب تحصيل العلم باقدام البعض بناء على الوجوب العيني وعدم وجوبه بناء على الوجوب الكفائی وفيه انه يكفي الوثوق الحاصل بالإمارات العرفية.

ثم ان القائلين بالوجوب العيني وهم الشيخ وابن حمزة وفخر الاسلام والشهيد في غاية المراد و

ص: 31

اليورى استدلوا على ذلك باصالة العينيّة وظهور الادلّه فى العينيّة وحيث انّ اصاله العينيّة لا معنى لها الّا الأصل اللفظى و هو ظهور الادله فترجع الى الظهور اللفظى اذ الاصل العملى انّما هو في جانب الكفائيّة وهو برائه ذمة الكل عن الوجوب لانّ القدر المیتقن هو الوجوب على البعض وان كان فيه اشكال من حيث ان العلم باشتغال الذمّة على كل احد معلوم وانّما الشّكّ في سنخ الوجوب وانه هل يسقط بفعل البعض ام لا و هذا الاختلاف لا يوجب وزراً زائداً في المقام حتى يرفع باصالة البرائه لاتفاق الكل بسقوطه بفعل البعض وثبوته على الكل بترك الكل نعم قد يتوهم القطع بكون المقام مجری اصالة الاشتغال بتقريب انّ الشّك انّما هو في سقوط هذا الواجب باقدام البعض ومقتضى الاشتغال لزوم اقدام من الكل ما لم يتحقق الغرض في الخارج و الجواب انّه لاريب في انّ الاشتغال انّما هو بقدر ما ثبت وعلى حبسه من حیث السنخ وبعد الشّك في انّ الثابت في العهده هل يكون على نحو يجب على كل مكلّف الاقدام على الفعل وان أقدم اخر عليه أم لأ كيف يقال بان الاشتغال يقتضي ذلك ولا دليل على وجوب اقدام الكل بعد القطع بسقوط الوجوب بحصول الواجب من

اقدام البعض و عدم لزوم تكراره من حيث حصول الملاك او من حيث عدم الزوم

ص: 32

تكراره فتدبر فانه لا تخلو عن دقّة. واما الاصل اللفظى فلابد وان يكون المراد منه أن

مقتضى مقابل الجمع بالجمع النحلال التكليف حسب تعدد المكلفين وهذا هو الوجوب العينى وفيه أن الانحلال انّما يتحقق إذا امكن الانحلال بالنسبة إلى متعلق التكليف ايضاً و بعد القطع بعدم قابلية المتعلق للتّكرار خارجاً او من حيث ملاك التكليف فكيف يمكن القول بالوجوب العينى وإن شئت فقل بان الفرق بين الواجب الكفائی والواجب العينى انّما هو بسقوط التكليف في الأوّل بحصول متعلقه من اىّ شخص كان بخلاف الثانی فلا بد من حصول المتعلق من كلّ واحد من احاد المكلّفين وقد اشار الى ما ذكرنا شيخ الفقهاء، في الجواهر قدس الله نفسه مع تفاوت في التقريب لا يضر بالمقصود ثمّ انه لو كان الأمر بالمعروف او النهى عن المنكر متوقفاً على اقدام ازيد من واحد كعشرة أو عشرين أو ازيد على نحو الاجتماع وجب الاجتماع فلا فرق في الوجوب بين الاقدام الفردي والجماعي. الامر الثاني : لاريب في ان وجوبهما ليس مطلقاً بل مشروطٌ والمشهور بين الفقهاء ان شرائطه اربع : الأول، علم الآمر بالمعروف بما هو معروف وعلم النّاهي عن المنكر بما هو منكر وقد ذهب اليه جمع من الفقهاء بل في المنتهى انّه لا خلاف بين الفقهاء وعللّوا ذلك كما في الشرايع بالأمن من الغلط وعدم التعريف فی

ص: 33

مقام الانكار والعكس وحيث أن الظاهر منهم كون ذلك شرطاً للوجوب لا للواجب اشكل عليهم الثانيان المحقق الكركی والشهيد الثاني بانّه لا دليل على هذا الشرط بل العلم بالمعروف شرط الحصول الأمر بالمعروف والعلم بالمنكر شرط الحصول النهي عن المنكر فالجاهل بهما وان لم یتمش منه الأمر بالأول والنهي عن الثاني الّا انّه يجب عليه العلم بهما حتى يتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شأن كل شرط المشروط واجب حيث يجب تحصيل الشرط لاتيان الواجب على وجهه كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة التي يجب على المحدث تحصيلها امتثالاً للأمر بالصلاة مع الطهارة ، انتهى الملخص من كلامهما و هذا متين لولا معتبر مسعد بن صدقة الصّريح في انّهما لا يجبان الّأعلى العالم بالمعروف والمنكر واما قول الفقهاءوليامن من الغلط فهو حكمة احتياطيّة للتشريع لا علّة عقليّة وذلك لا مكان الجواب عن قولهم بوجوب تحصيل العلم مع الطلاق ألواجب شرعاً والذي يسهل الخطب ان من یعلم دينة يعلم معروفه ومنكره فالثمرة مفقودة او قليلة ، الشرط الثانی: ، جواز التأثير اى امكانه بنظر العقل فلو علم عدم التأثير لم يجب اتفاقًا من الفقهاء ولو غلب على ظنّه عدم التأثير لم يجب على المشهور بينهم وذلك في مورد وجود امارة على عدم ترتيب الاثر اذ حينئذٍ لا یقع الأمر والنهي لا غيان

ص: 34

فلا بد من طريان الاحتمال العقلائي للتأثير ومن المعلوم انّه مع غلبة الظنّ على العدم لايأتي الاحتمال العقلائي ولهذا الشرط دليلان الأوّل : إن الأمر لا يتعلق الّا الى ما یساوى الغرض فلا يدعو الى الاعم من الغرض للّغوية ولا إلى الأخص من الغرض لعدم حصول الغرض ومن المعلوم ان امر الشارع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انّما هو لغرض حصول المعروف في الخارج وعدم حصول المنكر في الخارج فاذا علم شخص بانه لاتأثیر لامره ونهيه او غلب على ظنّه ذلك لم يجب عليه الاقدام عليهما اللّغوية. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى انه مع غلبة الظن على عدم التأثير يجب الاقدام اخذاً باطلاق الادّله وبناء منه على جريان الاحتمال العقلائی التأثير حينئذٍ، ويرد عليه أما بالنسبة الى المطلقات فبانها منصرفه عن هذا المورد فضلاً عما يأتي من الادلّة المقيّدة لها و اما بالنسبة الى جريان الاحتمال العقلائی بانّه كيف يغلب على ذهن عاقل الظّن على عدم التأثير ومع ذلك يحتمل احتمالأ يعتد به للتأثير.الثانی: قوله (علیه السلام) في معتبر مسعد بن صدقة ، انّما هو على القوى المطاع ، لان كلمة المطاع ظاهرة في اشتراط كون الأمرو النّاهي مطاعات حتّی یتعلق بهما الوجوب الشرعي بالأمر والنهي وتوضيح ذلك أنّه حيث لا اطاعة قبل الأمر والنهي فلابد وان يكون المراد من المطلع من له شأنيّة

ص: 35

الاطاعة وحيث ان عنوان المطاع عنوان اضافي لا يتحقق الّا بعد محقق المطيع يكون الكلام ظاهراً في اشتراط وجود حالة الانقياد «الطوع» في المأمور بالمعروف والنهي عن المنكر فلو لم تحرز هذه الحالة فيهما لم يجب امر الأول ونهى الثانی، ومن هذا البيان ظهر وجه دلالة قوله في مصحح یحیى الطويل - مؤمن فيتعظّ - على هذا الشرط لان قوله فيتعظ ظاهر في رجاء الاتعاظ المفقودة في صورة العلم او غلبة الظّن على عدم اتعاظه فلايجب وعظه في هذه الصورة : الشرط الثالث : أن يكون التارك للمعروف مصرّا علی الترك والفاعل المنكر مصراً على الفعل فلو استرشدا من انفسهما و عزما على ترك العصيان بان ظهرت منهما امارة على اطاعة الرحمن لم یبق مجال الامر الأول بالمعروف و نهى الثاني عن المنكر لان وجوبهما يكون في هذه الصورة سالبة بانتفاء الموضوع ، قال في الشرایع: الثالث أن يكون الفاعل له

[ المنكر] مصرّاً على الاستمرار فلولاح منه أماره الامتناع سقط الإنكار انتهى وقد قطع في الدروس بالسقوط لولاح منه امارة الندم واشكل علیه الشهيد الثاني بان الامارة علامة ضعيفة ، والتحقيق أن النهي عن المنكر یقع فی موردين، الاوّل ما اذا قصد الفاعل اتيان المنكر كما إذا تصدّی لقتل المؤمن أو شرب خمر، الثانی ، ما اذا كان مشتغلاً بالمنكر اتياً به ولا ريب في أن المورد الثاني

ص: 36

هو القدر المتقين من ادّله النهي عن المنكر و فیهذا المورد بعينه لولم يستمر الفاعل على المنكر بل تركه تلقاء نفسه كان النهي عن المنكر وفيهذا للورد بعينه لو لو يستمر الفاعل

علی المنكر بل تركه تلقاء نفسه كان النهي عن المنكر سالبة بانتفاء الموضوع كما قلنا لان المفروض أن الفاعل ترك المنكر بنفسه وانتهي بنهي الله فلاحاجه الى نهى غيره. و امّا المورد الأول فشمول الإطلاقات له إمّا بالخطاب استظهاراً منه الرفع والدفع معاً بمناسبة الحكم والموضوع وبدلالة ما ورد من تشبیه المعصوم (علیهم البسلام)المنكر بحیّه تريد قتل المؤمن والنهي عن المنكر بدفع الحیّه عن المؤمن وإمّا بالملاك بتقريب ان الغرض من النهي عن المنكر ابقاؤه في العدم وعلى اىّ حال فاذا لم يكن قاصدُ المنكر مستمراً على قصده بان صار فاسخاً لعزمه وعلمنا ذلك منه فمن المعلوم عدم وجوب نهيه عنه اذا المفروض انه لم يصدر منه سوى العزم على المعصية وقل النفسخ عزمه فلا موضوع للنهى وامّا اذا لم نعلم بل قامت أمارة على ذلك فوقع الكلام في سقوط وجوب النهي عن المنكر كما قطع به في الدّروس وعدم سقوطه كما يظهر من الشهيد الثاني بدعوى أن الأمارة علامة ضعيفة والذي ينبغي ان يقال انه ان قلنا بان العلم بفسخ العزيمة مسقط للتّكليف وكانت الامارة غير مفيدة للعلم

ص: 37

او الاطمينان الشخصي ولم نكن معتبرة شرعاً كان الشّكّ في سقوط التكليف بعد ثبوته و يكون المورد مورداً القاعدة الاشتغال قطعاً شأن كل تكليف يقيني يشكّ في سقوطه وقد يقال بان الأصل الجاري فی المقام هو استصحاب بقاء التكليف وقد يجاب عنه بانه مع وجود اصل يجرى مع الشّك اى يكون موضوعه الشكّ كاصالة الاشتغال لا معنى لجريان اصل يرفع الشكّ وهو الاستصحاب والتحقيق انه مع حكم العقل بالاشتغال لا مجال لتعبد الشارع بابقاء ما كان بل ولا يساعد العرف على الاستصحاب بناء على كونه اصلاً عقلائياً كما هو المختار لعدم الحاجة اليه مع حكم العقل بالاشتغال وبالجملة الشك في امتثال التكليف أو سقوطه بمسقط اخر موضوع لحكم العقل بلزوم والیغين بفراغ العهدة عنه ولذا قلنا بانه لو علم اجمالاً یتجاسة أحد اطراف ثوبه وغسل موضعاً منه بان العلم الاجمالي بنجاسه احداطراف الثوب قد أثر اثره و تنجز حال حصوله وصار موضوعاً لحكم العقل بوجوب غسل جميع اطراف الثوب ( محتملات المعلوم بالإجمال) امتثالاً للتكليف الموجود في البين ولا معنى

لا ستصحاب النجاسة بعد غسل موضع منه یحتمل كونه النجس بعينه بتوهم ان النجاسة كانت موجودة وفشكّ في زوالها بغسل موضع من الثوب لاحتمال انطباق المعلوم معه فنستصحبها حتى يستشكل بانه استصحاب الفرد

ص: 38

المردد لكن الاشكال انما هو في صحّة إنطباق القاعدة على المورد وذلك لان الشك في المقام وان كان في سقوط التكليف لكنه ليس شكّا فيه بعد ثبوته بل في سقوطه بانتهاء امد مقتضیه فالتعبير بالسقوط مسامحة وفي كل مورد يكون الشك في بقاء الحكم البقاء مقتضیه لا يمكن التمسّك بالمطلقات كما هو واضح لكون الشبهة مصداقيّة ولا باستصحاب الحكم

لان الشّك سببى مسبّب عن الشكّ في الموضوع ( العزم على المنكر) ولاتجرى قاعدة الاشتغال لان المفروض الشكّ في التكليف هذا الحين نعم يمكن المصير الى استضحاب الموضوع بان يقال كان هذا بانيًا على المعصية والان كما كان وعليهذا فلایمكن الاعتماد على كلّ أمارة بل لابد من إمارة نوعيّة اوالتي تفید الاطمينان الشخصي ولعل مراد

الشهيد من قوله لاح منه امارة الندم ما ذكرنا .

الشرط الرابع : الا من على النفس والطرف والمال وما یتعلق به عزا ًو ولداً وقد تسالمت كلمه الأصحاب على هذا الشرط ويمكن الاستدلال عليه بوجوه الأول: الاخبار المستفيضة

الواردة بان المؤمن لاينبغي له الدخول فيما لا يطيق ، أو ما يعنذر عنه ، أو ما يوجب ذلّه

وتقريب الاستدلال بها انّه لاريب في ظهورها في ان الشارع لا يرضى للمؤمن أن يوقع نفسه في الضرر وفيما يعجز عنه وما يوجب ذلّه ونسبه هذه الاخبار إلى ادلّه وجوب

ص: 39

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وان كانت العموم من وجد الّا ان الظاهرحكومة هذه الاخبار عليها لان لسانها لسان سائر الادلّة الحاكمة الناظرة الى الادلّة الأوليّة بلحاظ الورود مورد العناوين الثانوية الطّارية على متعلقات الاحكام الأوليّة وتقرب ذلك ان عنوان مالايطیق او ما يذل او ما يعتذر منه عنوان طارٍ على الافعال فبطرّوه يرتفع الحكم المتعلق بتلك الأفعال المطرّ وعليه هذا العنوان وإن شئت قلت عنوان عدم الاطاقة يطير و على الصّلاة فیسقط وجوبها بطروه ويطرو على الأمر بالمعروف فيسقط وجوبه كذلك ويمكن الجواب عن هذا الدليل بان الظاهر ان تلك الاخبار و ردت مورد الارشاد فلا يستفاد منها اللولويّة فلاحظ كلمة لا ينبغى ولك أن تجيب عنها بانّه لا يستفاد من لا ينبغي ازيد من الكراهة مضافاً الى انّ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ليسا ممّا يوجبان الذلّ اذ اىّ امرأ عزّ للمؤمن واىّ عزاً إرفع له من الامر بالمعروف والنهي عن المذكر (وقد فسرما لا يطبق بما يوجب الذّل أو الاعتذار) كما لاموجب للاعتذار عنهما اذ امتثال امر الله لیس موجباً للاعتذار. الثاني:مافي خبر مسعدة من قوله اذا كان لا قوة له ولا عدد ولا طاعة، بدعوى ظهور هذه الجملة في اشتراط القوة والعدد والطّاعة معاً بمقتضى الجمع بالواو المفيد للتشريك في الاشتراط وكون كلّ من القّوة

ص: 40

والعدد والطاعة جزءً الشرط الوجوب ومقتضى هذه الشرطية عدم السلتزام الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرراً على الآمر والناهي لأن من له القوة والعدد والطاعه يمكنه دفع الضرر عن نفسه اى ضرركان، ويمكن الجواب بان الرّواية وان كانت ظاهره في اشتراط لزوم الجمع بين تلك الامور في الوجوب ولكنها اوّلاً اشتراطها انّما هو في مورد الحاجه الیها اذ لو كان مطاعاً نافذاً أمره بنفسه من غير حاجه إلى العدد والقوة وجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فیفهم من ذلك أن مناط اشتراط هذه الأمور انّما هو حصول المعروف في الخارج وانعلام المنكر فالروايه ناظرة الى ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انّما يتحققان اذا اجتمعت اسباب نفوذهما الخارجي فلا يجبان مع فقدان اسباب النفوذ وليست ناظرة الى لزوم الامن من الضرر في الوجوب وثانياً لاتدل الشرطية على سقوط الوجوب عمن له القوة والعدد والطاعة اذا كان أمره ونهیه مستتبعين لزوال بعض العدد او المال او النتضرّر بغيرهما

فالانصاف انّه لا يظهر من الرّواية سقوط الوجوب اذا استلزم الاقدام على هذه الفريضة العظيمة ضروراً ولاسيّما اذا كان ماليّاً اوبدنّياً قابلاً للتّحمل . الثالث : قوله فی مصحّح یحیی فامّا صاحب سوط اوسیف فلا والتقریب ان صاحب السوط والسيف كناية عمن له القدرة وبإمكانه إعمالها في ايذاء الغير ضرباً

ص: 41

بالسوط والسيف فمثل هذا لایجب امره ونهيه حذراً من الوقوع في شبكة ايذائه وهذا و ان لم يدل على عموم المدعى الشامل للضرر المائي الا انّ العرف يفهم من هذا اللسان عد م الخصوصية بالنسبة الى اىّ ضرر ولاسيّما بالنسبة الى مثل السجن وهتك العرض يمكن الجواب عن هذا الدليل بانّ المقابلة بين صاحب سوط وبين مؤمن فيتعظ تدل على كون الشرطيّة مسوقة لبيان اشتراط جواز التأثير وان وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر انّما هو في صورة وجود حالة الانقياد والطوع واما وجوبهما على ارباب السلطان والجبابرة فلالان طغیانهم مانع عن الأئتمار بامر الأمر والانتهاء ینهى النّاهي وجينئذٍ لا فائدة فيهما بالنسبة اليهم فالخیر انسب بالشرط الثّاني من الشرط الرّابع، والانصاف أن التعبير عمن لا يطیع بصاحب السوط والسيف وهما التان، للايذاء لا يحسن الا اذا كان المراد بيان لزوم الاحتراز عن ایذائه فهذا التعبيرلا یحسن اذا لم يكن للضرر وللمتوقع منه مدخليّة في الشرط من حيث العنوان المنطوقی فالعنوان المنطوقی يدل على لزوم التحرّز عن المفسدة وسقوط الوجوب عند عدم الأمن عنها ويدل بالالتزام على اشتراط احتمال التأثيراى الاطاعة، بل لنا ان نقول بان النقابل بين الجملتين ناظرٌ إلى الشرطين لا أن الثانية مفهوم للأولى بتقريب ان الامام بصدد

ص: 42

بيان ان هذه الفريضة متوفقهً من حيث الوجوب باحتمال التأثير و عدم احتمال الضّرر وعبّر لذلك بصاحب سوطٍ اوسيف اذهما بنفسهما لادخل لهما في لزوم التحّرز فهذا التعبير انّما هو كنایهٌ عمن تكون له الغلبة وكانت العدّة [العتاد ] منهية له مضافاً الى ان عدم الاطاعة لازم اعمّ للتّغلب بالسوط والسيف لانّ له ملزومٌ اخر و هو تجلّد العاصي وان كان ضعيفاً، فالخبر قابل للاستناد. الرّابع، قوله في مصحح مفضل من تعرض لسلطان جائر فاصابته بليّة لو يوجر عليها ولم يرزق الصبر عليها، وتقريبا لاستدلال به انّ معنى التعرض للسلطان الجائر المقابلة معبر بالاعتراض والاستنكار فيما ياتي به من المنكرات اذ السلطان انّما يصیر جائزاً إذا كان منحرفاً عن جادّة الشرع مرتكباً لما نهى الله عنه وهذا هو النهي عن المنكر ويرشد الي ذلك

قوله فی خبر مسعدة ، كلمه حق عند امام جائر وان ابيت فاطلاق التعرّض شامل للتعرض له بالنهي عن المنكر و يمكن المناقشة بان الخبر ارشاد الى لزوم التّحرز عن السلطان الجائر وعدم التّعرض له بما يوجب الضرب والجرح والقتل والسجن مثلاً فلا نظر للخبر بسقوط وجوب تهيه عن المنكر ان الستلزم الضرر الّا ان الانصاف أن المناقشة في غير مجلها

بعد ما عرفت من شمول الطلاقه لمورد التعرض له بالنهي عن المنكر وأن المبغوض العقلي

ص: 43

وهو ايقاع النفس مورد الضّرر مبغوض شرعاً فالخبر ليس ارشاداً فقط مضافاً الی مافی خبر

مسعدة(1) من تفسير قول النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) كلمة حق الخ بقوله وهو مع ذلك يقبل منه والّأفلا الخامس : مافي خبر العيون(2)[ وقد مرّ سابقا اعتبارة] من قوله ولم يكن خيفةً على النفس و في خبر الاعمش ولم يخف على نفسه ولا على اصحابه والتقريب أن الخوف على النفس یشمل القتل ونقص الطرف والجرح والضرب والزّجّ في السجن ودعوى الاختصاص بالقتل مدفوعة بالاطلاق ومعلوميّة الملاك. السادس: الاجماع لاتفاقهم على اشتراط الأمن من المفسدة فراجع كلماتهم الّا انّ الاجماع وان كان محصّلا اذا اعتمد على مدرك يكون المداد في الحجّية مدركة لأنفسه للطوليّة بل اذا احتمال استناده الی مدرك لم يكن كاشفاً قطعيّاً عن رأى المعصوم(علیه السلام) ومن المعلوم استناد الجمعين الى ما ذكر[ بعضاً اوكلّاً] أوما یاتی. السّابع : قاعدة لأضرر الحاكمة على اطلاقات جميع ادلّه الاحكام ومنها مسئلتنا هذه وهذه القاعدة مورد لتسالم الفقهاء ومنصوص عليها بلفظها تارةً وبمفادها أخرى ولتوضيح القاعدة مجملاً نقول الاحكام الشرعية امّا ان تتعلق بالمتعلقات الضرريّة بمعنى تعلقها بحسب اصل جعلها بالعناوين الضرريّة نفساً كا لجهاد والحدود او مالاً كالزّكوة والخمس والدّيات والكفّارات او بما يستلزم

ص: 44


1- راجع الصفحه 26
2- راجع الصفحة ٢٨

المال في امتثال امره في الاغلب كالحجّ واما ان یتعلق بما ليس بعنوان ضرری بحسب

طبعه بل هو مطلق من هذه الجهه بمعنى ان امتثال أمره ربّما يكون ضررياً وربما لا يكون كذلك والقسم الأخير محكوم الطلاقه بقاعدة لاضرر وقد يتوهم ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن عموم لاضرر بالدليل الخاصّ وهو خبر جابر الوارد في توبيخ من يتركهما خوفاً من الضّرر ولكنّه في غاية الوهن والسقوط لان خبر جابر مرسل و مشتمل على بشر بن عبد الله المجهول وقاضى مرو المهمل في الرّجال [كما مر] مضافاً الی ضعف الدّلالة للقطع بسقوط وجوب الصّلاة والصّوم عند طروّ الضرّر (كما مریضاً) وما هذا شأنه لا يمكن تخصيص لأضرر به فضلاً عن معارضة الاخبار السابقه له فاندفعت وسوسة بعض من توهّم وجوب الوقوع في المخاطر والاضرار في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اعتماداً على هذا الخبر الضّعيف وبعض الاستحسانات الفرديّة.

الفصل الرابع: في الاقسام المنصورة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لأباس بتنويع اقسام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على فرض تعميم العنوان بما يشمل الجهاد للدعوة الى الإسلام فتقول والتوفيق من الله انّ هناك عناوين: الأوّل: الدعوة

ص: 45

الى الإسلام بالهجوم على الحكومات الجائرة والحرب معهم الى ان يتحقق النصرللمسلمين وتعلو كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها و هذه الدعوة عامّه لاتختص بمكان دون مكان وتهجميه لعدم اشتراط تهاجم الكفّار على بلاد المسلمين لكونها عبارة عن بسط الاسلام في كل مكان وتوحيد القيادة العالميّة وجعلها تحت سيطرة المسلمين وجعل الحكومات حكومة واحدة هي الحكومة الاسلاميّة ولأريب فی أن الدعاء الی الإسلام ابتداء امن مختصّات المعصوم(علیه السلام) ولأینوب منابه احد من نّوابه العام وقد یتسالم الفقهاء على ذلك واورد شيخ الفقهاء في الجواهر جملة وافرة من الاخبار تدل على اختصاص هذا المنصب (الدعاء إلى الإسلام جهاداً) بالامام ويظهر من بعضها ان المائز بيننا وبين الزيديّه ان الزيديّة قائلون بالجهاد من دون إذن الامام أو من دون اختصاصه بزمان خاصٍ تتوفر فیه بمشیّه الله اسباب نجاحه فقالوا ليس بيننا وبين جعفر خلاف الّا انه لايری الجهاد وفي معتبر بشير الدّهان ان القتال مع غير الامام المفترض طاعتة حرام ورجال السند كلهم ثقات ويظهر من بعض الاخبار انّ البشير كان مورداً للطف المعصوم(علیه السلام) ومن المعلوم انّ غير الموثوق به لا يكون له اهلية ذلك، وفي بعض الاخبار النهي عن الخروج قبل قيام القائم

(علیه السلام) والمراد من الخروج

ص: 46

المنهي عن الخروج بالسيف [ العتاد الحربي] مع الحكومات الإسلامية الجائرة فضلاً عن الخروج على الكفّار و ان شئت اخذت بالاطلاق، الثاني: الدعوة إلى الإسلام من دون هجوم ومحاربة ، بل بالاحتجاج الصحيح واقامه البرهان، وهذا النوع من الدعوة راجح عقلاً ممدوح شرعاً ولكنّه ليس بواجب ويدل على الأمرين[ الرجحان من غير الزام] صحيح الحلبي(1) المذكور في اصول الكافي وفيه - بعد قول حمران، انا اليوم لا أدعو أحداً - وما عليك أن تخلّى بين النّاس وبين ربهم فمن اراد الله ان يخرجه من ظلمة الى نورا خرجه - ثم قال - ولا عليك إذا آنست من احدٍ خيراً ان تنتبذ اليه نبذاً ، قلت أخبرنی عن قول الله عزّوجلّ ومن أحياها فكانّما احيى النّاس جميعاً قال من حرق او غرق، ثم سكت ثّم قال تأويلها الأعظم أن دعاها فاستجابت له والتقريب ان، اطلاق قول حمران أدخل الارض فادعو الرجل، يشمل دخول البلاد الكافرة والبلاد الاسلامية للدعاء إلى الإسلام والى التشيع ولذا أورده في الوسائل في باب الدعوة الی الإسلام. واصرح منه في الاطلاق ما في كتاب الزهد(2)، وادع الناس الى الإسلام و اعلم ان لك بكلّ من اجابك عتق رقبة من ولد يعقوب حيث دلّ على رجحان الدعوة الى الاسلام وعدم وجوبه بقرينة بيان الثواب دون العقاب و بقرينة

ص: 47


1- الباب ١٩ الحديث الاول
2- الباب 19 الحدیث 5

سائر الاخبار و صحیح(1) سليمان بن خالد قال قلت لا بيعبدالله ان لى اهل بيت و هم يسمعون منّى افأدعوهم إلى هذا الامر ؟ فقال نعم ان الله يقول في كتابه يا ايها الذین امنوا قوا انفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة، والأمر في الاخبار رمز الى التشيّع (المذهب الحق) كما هو ظاهر لدى المتتبّع في اخبارهم والمطلع على تعابيرهم والظاهر من الاستشهاد بالايه وان كان وجوب هذه الدعوة الا ان الظاهر ببركه سائر الاخبار الدالّه على جواز تخليه الناس هو الاستحباب مؤكّداً هذا الظهور بما هو المعلوم عقلاً من ان تحصيل العقائد الحقة من الوظائف العقلية لكل احدٍ و شرعاً من انّ الحجه قد تمّت من قبل الله تعالى وأنّه من حىّ فهو عن بینه ومن هلك فهو عن بنية وقد ورد في حديث ثابت(2) ابی سعيد قال قال لی ابو عبد الله(علیه السلام)یا ثابت مالكم وللناس كفّوا عن الناس ولا تدعوا احداً الى امركو الخ ويظهر من هذا الحدیث عدم وجوب الدعوة الى الايمان مطلقا كان المدعو اليه أجنبيّا ام قريباً:

الرابع : امر العشيرة والأقوام[ الاخرين] بالمعارف الحقه والواجبات الشرعيّة والاخلاق الحسنة ونهيهم عن العقائد السخيفة والمحرّمات الشرعيّة والرذائل الاخلاقية وهذا القسم ينقسم بحسب الحكم الى مندوب وهو الدعوة الى الاسلام

ص: 48


1- الباب 20 الحديث الاول
2- الباب 21 الحدیث 3

والايمان والمستحبات والاخلاق الحسنة والى واجب هو الامر بالواجبات و النهي عن المحرمات اما وجوب القسم الاخير فلا طلاق ادلّته واما استحباب القسم الأوّل فلما مرّ قریبا من الدّليل مضافاً الی موثق سماعة(1) عن ابی بصیر في قول الله عزّو جلّ قوا انفسكم وأهليكم ناراً، كيف نقى أهلنا؟ قال تأمرونهم وتنهونهم وفي موثقته الأخرى (2)عنه في قول الله عز وجلّ قوا انفسكم وأهليكم ناراً قلت كيف اقيهم قال تامرهم بما امرالله و تنها هم عن ما نهاهم الله فان أطاعوك كنت قد وقيهم وان عصوك كنت قد قضيت ما عليك وهذه الموثقة وان كانت مضمره[لم يذكر اسم الامام فيها] الّا ان الظاهر من الموثّقة السابقة وكون ابي بصیر من اصحاب الصادق(علیه السلام)ان المروى عنه هو عليه السلام ويظهر ما ذكرنا من خبر مولى آل سام فراجع .

الخامس: رفع البدع عن الشريعة الاسلامية ودفع اهلها عن ذلك وحفظ الشيعة عن الاغترار بالبدع فقد يقال بان أمره أكد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وانه يجب حتى في مورد الضرر لوجوب حفظ الشريعة عن الدخائل المدسوسه والاحكام المزيفّة مهما تكلف الأمر وفيه أن ما ورد فى الاخبار في شأن البدعة طوائف ثلثه ، الاولى: ما دل على ان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها الى

ص: 49


1- الباب 19 الحدیث
2- الباب ٩ الحدیث ٢

الى النار وهي كثيرةٌ فراجع الباب 40 من الوسائل (ج 11) وهذه الطائفة ناظرة الى عقوبة

المبتدع ولامساس لها بغيره. الثانية مادلّ على وجوب بيان الاحكام على ما هي عليه على العالم بها حفظاً لها عن الاندراس ولتعليمها للناس كضعيف محمد بن جمهورالعمی(1)(المجهول) مرفوعاً عن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) : اذا ظهرت البدع في امّتى فليظهر العالم علمه فمن لم يفمل فعليه لعنة الله وخبر يونس بن (2)عبد الرحمن( الضعيف بمحمد بن جمهور واحمد بن الفضل) روينا عن الصادقين عليهم السلام : انهم قالوا اذا ظهرت البدع فعلى العالم ان یظهر علمه فان لم يفعل سلب نور الإيمان مصحّح طلحة (3)بن زيد( هذا الحديث مصحح- بعبد الله بن المغيرة اذهو من اصحاب الاجماع) قال على عليه السلام: ان العالم الكاتم علمه يبعث أنتن اهل القيمة ريحاً تلعنه كل دابّة من دواب الارض الصّغار، وهذا باطلاقه يدل على وجوب اظهار العلم في موارد البدع واطلاق هذه الطائفة من حيث لزوم تحمل الضرّر ان سلم محكوم بقاعدة لأضرر وسائر الادلّة السابقة مضافاً الى ضعف سند الأولين منها . الثالثة: ما دل على لزوم الاجتناب عن المبتدعين و مباهتهم كيلا يطمعوا فی الفساد في الاسلام واظهار البرائة منهم والاكثار من سبّهم وهو صحيح(4) داود بن سرحان عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ، اذا رأيتم اهل

ص: 50


1- الباب 40 الحدیث الاول
2- الباب 40 الحدیث 9
3- الباب 40 الحدیث 2
4- الباب 39 الحديث الاول

الريب والبدع من بعدي فاظهر والبرائه منهم واكثروا من بسبّهم والقول فيهم والوقیعه

و باهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات وهذا ايضاً لايدلّ على لزوم تحمّل الضرر بل الظاهر منه قدرة المكلف على الاتيان بهذه الأمور وان كان له اطلاق فهو محكوم بقاعدة لاضرر وسائر الادلّة مضافاً الى انّه لا يظهر منه الوجوب إذ بيان الثواب يدل بالالتزام على اصل الرجحان لا الوجوب لان الثواب لازم اعّم له، والجواب على نحو الاختصار عن توهم وجوب تحمل الضرر في رفع البدع ودفع المبتدع عن الإبتلاع انّه قد تواتر عن عليه السلام انّه لم يدافع عن البدع الّا باظهار الحق فقط من دون ايجاد بلبلة بين المسلمين بما فيهم أهل البدع وانّه لما رأى عدم ارتداع الناس خلّي سبيلهم فراجع ما ورد في قصّه منعه عن صلاة تراويح و بیان انّه لاجماعة فى نافلة وسكوته عن إدامة المنع لما رأى استنكار الناس لانكاره ولاحظ ما بینه العلماء في سبب ذلك وانّه ليس الّا وجوب التحرز من المفسدة في مورد انكار البدع . السادس: الامر بالواجبات والنهي عن المحرمات وقد عرفت انّ ادلّتهما محكومة بقاعده لأضرر وسائر ما دلّ على سقوط وجوبهما عند الضرر من الأخبار

ص: 51

الخاصة ، والحمد لله رب العالمين. الفصل الخامس فى التنبيه على امور: الأول : الامر بالتوبة ليس بواجب لان وجوب التوبة عقلى وليس بشرعى وما ورد كتاباً و سنهً من الأمر بالتوبة انّما هو ارشاد لحكم العقل بوجوب الرجوع الى الله والعزم على ترك الطغيان وعدم العصيان والطاعة الله تعالى. الثاني : قد يقال بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا كان الضرر المترتّب عليهما اقلّ من الضّرر المترتب على تركهما بتقريب انّ قاعدة نفى الضّرر شاملة لضرر نفسه واضرارا لغیر معاً و بلسان واحد لعموم القاعده وعدم اختصاصه بفرد دون فرد و القرينة على العموم هي الامتنان من الله على العباد بعد ملاحظة انه لأفرق بين عبد واخر عند المولى المنان وهناك تقريبٌ آخر وهو ان ذلك من باب ارتكاب أقل القبحين كالكذب لانجاء المومن حيث أن النسبه بينهما عموم من وجه والترجيح للثاني

(انجاء المؤمن) قال المحقق العظيم الميرزا القمى قدس الله نفس الشريفة في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في جامع الشتات، ما تعربية، وقد يرد الاشكال (بالنسبة الى اشتراط عدم المفسدة) في ما اذا كان ضرر الأمر بالمعروف أقل من ضرر تركه كما إذا أريد قتل مؤمن او هتك عرضه وكان قادراً على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع جوازا الاتاثیر

ص: 52

لكنه بعد شتم و ذلّ و مقدار من الأذى ولايبعد أن نقول يجب في ذلك الحين لان حديث نفى الضرر عامّ وكما يشمل عدم نفى تحمله يشمل عدم جواز الاضرار بالغير ولا شكّ في أنّ انقاذ مهجة المسلم من القتل واجب وتركه اضرارٌ به وفهذه الصورهٌ وان ترتّب الضرر على الأمر بالمعروف الّا انّ ضرر المقتول اكثر وكما أن الضرر منفی فيما الأمقابل له يكون منفيّاً فيما قابله ضرر اكثر وإن شئت تقريب المطلب بوجه اخر نقول انه من باب ارتكاب القبیحين حيث يلزم فالكذب مثلاً قبيح اما لو توقف عليه استخلاص نبي او نفس محترمه وجب لكون اقلّ قبحاً و بعبارة اخرى الكذب حرام و تخليص النبي واجب والنسبه بينهما عموم من وجه وفي مادة الاجتماع اذا لم يكن بدَّ يجب مراعاة الاهم نظير من حبس في دار حيث يجب عليه الصلاة انتهى تعريب كلامه والجواب: اما عن الأول فلان عدم جعل الحكم الضررى امر وحرمه الأضرار بالغير امر اخر ووجوب حفظ النفس المحترمة امر ثالث ووجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر امر رابع وترى في كلامه قدس سره اختلاطاً عجیباً بين تلك الأمور مضافاً الى أن تضرّر شخص من اخر لا ربط له بشخص ثالث ما لم يدل دليل خاصّ على وجوب الدفع عليه وأمّا عن الثاني فلان التزاحم بين الحكمين في مقام الامتثال لاربط له تجدیت

ص: 53

نفى الضرر ولتوضيح الجواب لا بد من ملاحظة الأقسام المتصورة في مسألة تضرر بالغير

من الحكم المجعول في حقّ آخر فنقول : الأول من الاقسام ان يكون الحكم المجعول في حق شخصٍ موجباً التضرر الاخر كالسلطنة على المال اذا كان في اعمالها ضررٌ على الغير وامثله ذلك كثيرة منها ما اذ كان هناك منابع مائيه تحت الارض وكان استخراج الما مهن قطعه من الارض موجباً لنقصانه في قطعه اخرى ، فقد یتوهم حرمه لكونه موجباً لتضرر الغير ويدفعه أن الماء المباح بالأصل نسبته الى الجميع على حدّ سواء فاذا سبق الحدٌ الی حيازته على الاخر كان هو الاولى بتملكه من الاخر نعم لا يجوز اخذ الماء بعد وروده

في مجرى الاخر ومنها ما اذا رفع بنيانه وصار ذلك سبباً لمنع شروق الشمس على دار جاره مثلاً فقد یتوهم ايضاً عدم جوازه لتضرر الجار بقاعدة لاضرر وفيه انّ الجوّ الذي استغله برفع بنيانه كان من توابع ملكه وتضرر الجار انما هو مستندٌ الى قصور المالي وعجزه عن رفع بنيانه بمقدار يمكنّه من الاستفادة من نور الشمس ومنها ما اذا حفر بئرا في داره وتضرر الجار بسببه وهذا على قسمين قسم يكون فيه نقصان الماء على الجار وقد مرّحكم وقسم يكون موجباً لاضرار الجار كما اذا كان البئر معداً لالقاء المياه القذرة فيه وكانت المياه مسرية الى دار الجار وكانت السّرایه

ص: 54

ضررية وهذا حرام لالقاعدة لأضرر بل لحرمة الأضرار بالغير ونظير ذلك ما اذا غرس شجرة في داره وتسللت عروقها او اغصانها الى دار الغير اوارضه ونظير ما اذا رفع صوته بمقدار خرج عن المتعارف وصار موجباً لصداع الجار او ازدیاد مرضه فهذه الامور اذا كانت اسباباً خارجيّة لاضرار الجارأو اى شخص اخر حرمت شرعاً ومنعت عقلاًو كان التسبّب بها الى ما يوجب ضرر الناس مخالفاً للاخلاق الفاضلة الانسانية وماملخّص هذا التفصيل ان الضرر اذا كان مستنداً الى شخص یجرم عليه لحرمة الاضرار الثانی _ ما أذا كان الحكم المجعول في شخص ضررياً بالنسبه اليه وكان محكوماً بقاعدة لاضرر ولكن كانت الحكومة ضرريّة في حقّ الغير بمعنى انه لولا الحكومة كان الحكم الأوّلى رافعاً او دافعاً للضرر المتوجّه إلى الغير [من جهة اخرى غير مربوطة بهذا الشخص] كما في الامثلة التي ذكرها المحقق القمى قدس سره وحيث أن قاعدة لاضرر و تجری بالنسبة الى التضرر بالحكم الأوّلى من دون استلزام تضرر الغير من جهه انطباقها على المورد بل كان ذلك من جهة اخرى لم يكن مانع من جریانها وان شئت قلت بان قاعدة لأضرر و نافية للحكم الامثبتة نعم لو دلّ الدليل على وجوب دفع ضرر خاص عن شخص وجب دفعه كوجوب حفظ النفس

المحترمة والعرض الذي دل الدليل على وجوبهما وان استلزم امتثاله ضرراً ولو یصل

ص: 55

الى حد مسقط للتكليف بمقدار ما ثبت بالدليل فنقول بوجوب تحمل الضرر في هذا المورد لا الجريان قاعدة لاضرر بالنسبة الى الغير ولا لعلام محكومية وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقاعدة المذكورة بل للعلم بوجوب حفظ التنفس المحترمة مهما تكلف الأمر ولذا لو كان ضرر الغير ماليّاً لم نقل بوجوب النهي عن المنكر اذا كان ضرريّاً كما

لانقول بوجوب حفظه على نحو الاطلاق اذ الثاني محتاج الى الدليل غیر الثابت على نحو الاطلاق والأول موقوف على توهم احد امور الأول عدم جریان قاعدة لاضرر بالنسبة الى النّاهي عن المنكر الثاني جريان قاعدة لاضرر بالنسبه الی صاحب المال الثالث ان ترك النهي عن المنكر اضرار بالغير الرابع ان ذلك من باب ارتكاب احد القبيحين والاول مدفوع بعدم الموجب لعدم جريان القاعدة في المورد والثاني مدفوع بان القاعدة نافية للحكم لا مثبتة والثالث مدفوعٌ بان الاضرار بالغير انما يستند الى مصدر الضرر وليس هو التارك للنهي عن المنكر والرابع مدفوع بانّه لا ينطبق ذلك الّا فی مورد وحدة المورد . وامّا جواز التصرف في ملك الغير لانقاذ الغريق فهو للتزاحم بين حرمه التصرف في ملك الغير مع وجوب حفظ النفس وهما متوجهان الى شخص واحد و ترجيح الثاني على الأوّل انّما هو لا حراز

ص: 56

اهميته عليه وكذلك الامر في جواز الكذب الموجب لانجاء النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) وكذا وجوب تحمل الضرر في سبيل انجائه انما هو للاهمية والقطع بوجوب حفظ النفس المحزمة .

الثالث: ما اذا توجّه ضرر والى شخص واراد دفعه عن نفسه بايغاعه على غيره كما اذا انهدم حائط عليه واراد دفعه الى شخص اخر حفظاً لنفسه عن وقوعه عليه وهذا حرامٌ لا للتعارض بين الضررين ولا لمحكومية وجوب حفظ النفس بقاعدة لاضرر الجارية في حق غيره لعدم التعارض بين الضررين حسب الفرض من توجه الضرر اليه بحسب الطبع، ولعدم معنى محصل لجريان قاعدة لاضرر بالنسبة اليه وجعل لازمة القاء الضرر على الغيره بل لأن الأضرار بالغير حرام شرعاً. نعم لو وجب حفظ نفسه بما يوجب الضرر على الغير ضرراً مالياً او ما لم يصل إلى حدّ النفس جاز بل وجب لا هميّه حفظ النفس عن ماذكر، نظير السرقة من طعام الغير في المخمصة حيث تحل بل تجب تكليفاً وان ضمن قيمه وضعاً. الرابع: ما اذا توجه ضرر الى الغير بحسب طبع الضرر ولا يجب على احد تحمله عنه بتوهم جريان قاعدة لاضرر. وملخص الكلام ان لسان لأضرر لسان الرفع بالنسبة إلى كل حكم يكون امتثاله ضررياً على المكلف بهذا الحكم فهي ناظرة إلى الاحكام المجعولة في حق المكلّفين بالنّسبة الى انفسهم ولاربط للقاعدة بشخص اخر

ص: 57

الخامس : ما اذا تدافع الضرران بحسب الطبع و فیهذا القسم لابدّ من التصالح او ملاحظة

اقلّ الضّررين وذلك فيما لم يستند الضرر الى احد المتضرّرين بالضررين والمسألة محّررة في محلها من باب الضمان. الثالث : نقل الشيخ البهائی(قدس سره الشریف) عن بعض العلماء اعتبار شرطين اخرين الاول: ان يكون الأمر بالمعروف عاملاً به والناهي عن المنكر تاركاً له .الثاني : ان يكون عادلاً و الدليل على الاوّل قوله تعالى : اتأمُرُونَ النَّاسَ بالبرّو تنسون انفسكم وقوله تعالى ، كَبُرَ مَقْتَا عِندَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ وقوله عليه السلام في الخبر المروى فی الخصال(1): قال انّما يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر من كانت فيه ثلث خصال عامل بما يأمربه تاركٌ بما ينهى عنه عادل فيما يأمر عادل فيما ينهي رفيق فيما يأمر رفیق فيما ينهى ومافي نهج البلاغة (2)وأمروا بالمعروف وأتمروا به وانهوا عن المنكر و تناهوا عنه وانّما أمرنا بالنّهى بعد التناهي وماورد من قوله ولا يأمر بالمعروف من قدأمر أن يؤمر به ولا ينهي عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه والجواب المّا عن الایتین فبانّهما مسوقتان لتویيخ الأمر بالمعروف التارك له والنّاهي عن المنكر الفاعل له و امّا عن الاخبار فبانّ ما في نهج البلاغة مسوق لبيان وجوب الأمر بالمعروف ووجوب العمل به معاًلا لبيان اشتراط وجوب الأوّل بالعمل بالمعروف وكذا في جانب النهی عن

ص: 58


1- الباب 10 الحدیث 3
2- الباب 10 الحدیث 8

المنكر مضافاً الى انّ ما في نهج البلاغة وان كان من حيث الغرب المضمون الى الواقع و من حيث اشتماله على حكم ومعارف(م خ )لايمكن ان نصدر الّا عن المعصوم(علیه السلام) بحسب العادة(م ق)و من حيث بلوغه إلى مرتبة من البلاغة یعجز عن الوصول اليها البلغاء ولكنه انما يكون من جمع السيد الرضى (قدس سره) محذوف السند وان ذكر في اوّله بانّه جمعه من المشهورات الّا ان الحجة الاستنادية للفقيه في اسناد الحكم الله لا تقوم بهذا المقدار نعم الأطمينان الشخصي وان استند الى ماذكر وما لو يذكر أمر اخرو ما في الخبر الأخير مسوق لبيان ان طبيعة الحال تقتضى ما ذكر فيه ولا يستفاد منه الشرطيّة ولا المولويّة وما في الخصال ناظرٌ الى شرائط الكمال للآمر والناهي بقرينة قوله رفيق فيما يأمر الخ وانه ينبغي ان يكون الأمر والناهي متّصفا بتلك الاوصافات حیث انّها ابلغ في التأثير في النفوس مضافا الى انّه لو سلمنا دلالة الخبر على اللزوم فهو ناظرٌ الی شرائط الواجب لا الوجوب اذ الرفق فيما يأمر وما ينهي فعل اختيارى للآمر والناهی ولازم اشتراطه في الوجوب سقوط الوجوب عن درجه الاعتبار اذ مقتضى الشرطية المتوهمة انه اذا كنت رفيقا فيما تأمر (والرفق اختيارى غير واجب التحصيل حسب وقوعه في مرتبة الشرط للوجوب) يجب عليك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر،

ص: 59

والدليل على الثاني ان هدایه الشخص غيره الى امر انما هى فرع اهتداء الهادي به والجواب انه لاملازمه بين الأمرين إذا أريد من الاهتداء العمل. الرّابع: لاريب ولا اشكان في ان الالزام بالفعل وبالترك مرفوع عن الصّبي فهو غير ملزم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرعاً كسائر الواجبات المرفوع وزرتركها عنه والمحرمات المرفوع وزرفعلها عنه نعم امره بالمعروف و نهيه عن المنكر راجحٌ ومشروع على المختار من شرعيّة عبادته

وعليهذا فلا يجب على المكلفين امره بالمعروف و نهيه عن المنكر نعم يجب ردعه عن المبغوضات الذاتيّة وهى مالم تكن مفسدته متقومه بالصدور عن فاعل مّا مختار كقتل

مؤمن او هتك عرض او هدم مسجد او احراق مصحف ونحو ذلك وليس وجوب ردعه عن تلك الأمور من باب دخولها تحت عنوان النهي عن المنكر بل لانها بذواتها مبغوضة التحقق عند الشارع بحيث أوجب على المكلفين دفعها ورفعها عن صفحة الوجود كانت صادرة من المكلف ام لابل وان كانت صادرة من فاعل غير شاعر وان شئت قلت بان مبغوضيّة تلك الأمور وما أشبهها انما هي بالمعنى الاسم المصدرى لا المصدری الا ترى أن ازالة النجاسة هي المسجد تجب على كل مكلّف وان لم يصدر تنجيسه عن مكلف بل كان من الصبی او غير المميز او من الحيوان أو من

ص: 60

الطارة ريح وترى انه لو همت حيّة بقتل مؤمن وجب على مكلف دفعها عنه حفظاً لنفس المومن عن الهلاك لا لكون القاتل مكلّفاً و يجب نهيه عن المنكر فلو اراد صبی قتل مؤمن مثلا وجب دفعه عنه لذلك لالان نهى الصبي عن المنكر بعنوان النهي عن المنكر واجب فما في كنز العرفان من انّه لا يشترط التكليف في المأمور والنهي فيجب امر الصّبي ونهيه انّما هو من باب اشتباه عنوان بعنوان اخر.

الفصل السادس: في مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

قد تسالمت كلمه الأصحاب على ان لامر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب وان تلك المراتب تبتدء من الادنى الى الاعلى من القلب الى اللسان ثمّ اليد فاتّفقوا في جوازهما بالضرب واختلفوا في القتل والجرح ففى المنتهى لايجوز اجماعاً وعن السيد المرتضى (قدس سره) جواز هما بهما ايضاً بتغريب ان القتل والجرح من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيجوز وليسا من

باب الحدود والتعزيرات حتّى لا يجوز و فان المحقق القمي(قدس سره) في جامع الشتات ان القتل و الجرح ليسا من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يدخلان تحت أدلّتهما و قبل بيان مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابد من الإشارة الى انّه

لاريب في أن الغرض منهما حصول المعروف في الخارج وعدم حصول المنكر فيه فيحتاج الاوّل الى

ص: 61

التسبيب إلى الوجود والثاني الى جعل المانع عن الوجود ومن الواضح اختلاف مراتبها من حيث المصاديق فربّ كلمة توثر في فعل المعروف وتمنع عن فعل المنكر بل ربّما يأتمر

المأمور ویأتي بالمعروف بمجرد التنبيه والاشارة الى انه مما يرضى الله به ويوجب فعله الجنّة وان كان بكمال اللّين والهدوء وكلام لطيف ولكن ربما لا ياتمر الّا بتغليظ القول عليه وثالثة بايراد الضرب عليه وهكذا و كذلك الأمر في جانب النهي عن المنكر إذ ربما يكفي انقباض الوجه او الاعراض في فعل المعروف وترك المنكر ومن البديهي أن كبرى وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تنطبق على تلك المصاديق المختلفة من حيث المرتبة شدّة وضعفا فاذا تحقق الغرض بالفرد الادنى لابد من الاقتصاد عليه لعدم المقتضي للتصدّى للفرد الاعلى ووجود المانع عنه امّا الأوّل فلانطباق العنوان والملاك على الفرد الادنی فلا تصل المرتبة الى الفرد الاعلى واما الثاني فلان ايذاء المؤمن باللسان واليد حرامٌ ولاموجب لحلّه مع عدم انحصار مصداق الامر بالمعروف أوالنهی عن المنكر به وهذا معنى قولهم الايسر فالاير، أو الاسهل فالاسهل، وإن شئت التوضیح فنقول إن هناك عموم حرمه ايذاء المؤمن وهناك عموم وجوب الامر بالمعروف وانّهی عن المنكر و یتصادقان فی الجمله فی مورد فالنسبه بينهما عموم من وجه الّا ان العموم الثّاني

ص: 62

ابی لیلى الفقيه قال انى سمعت عليّا(علیه السلام) يقول يوم لقینا اهل الشام: ايها المؤمنون انّه من رأى عدوانا يعمل به ومنكراً يدعى اليه فانكره بقلبه فقد سلم وبرى والجواب انّه

لايدل على وجوب الانكار القلبى مضافاً الی ضعف سنده . ومنها ما في تفسير على بن إبراهيم مرسلاً فمن لم يعرف بقلبه معروفاً ولم ينكر منكراً قلب فجعل اعلاه اسفله

والجواب أنّه ضعيف السند . ومضمون هذه الاخبار أخبارٌ أخر ذكرها الفاضل النّوری

«مدة » في مستدرك الوسائل تشترك مع ما ذكر فی ضعف السند نعم فی مصحح ابن ابیعمیر(1) عن يحيى الطويل عن ابیعبد الله(علیه السلام)، قال حسب المؤمن غيراً اذا رأى منكراً أن يعلم الله عزوجل من قلبه انكاره وفي التهذيب - عزّاً - بدل غيراً و هذا الخبر ناظرٌ إلى عدم وجوب لتصدی لدفع المنكر خارجاً لاوجوب الانكار القلعي لانّه يدّل على أن الغيرة على الاحكام تحصل بمجرد الانكار القلبي أو أن المؤمن عزيزٌ عند الله اذا علم من قلبه إنكار المنكر وبين وجوب الانكار القلبي وهذا المعنى بونً بعيد ثمّ انّه لابد من حمل الخبر على مورد العجز عن دفع المنكر و النهي عنه باللسان أو اليد . وأمّا ماورد من ان الرّاضى بفعل قوم فهو منهم فلا بدّ وان بجمیل على ما لأينا في ما ورد من نفى العقوبة على النوايا الخبيثة مالم تبرز، منّه من الله على العباد ولاربط بمفاده بالمقام، والذي نحن نقول انّ إرتكاد تقبيح

ص: 63


1- الباب 5

المنكر في القلب وانغراس بغضه في النفس يؤثر فی أمرين الأول: اجتناب الشخص بنفسه عن ارتكاب المذكر. الثاني : نهى الغير عنه في صورة الامكان ولكن وجوب ذلك تعبّداً مما لا دليل عليه دليلاً قابلاً للاستناد سنداً ودلالةً وامّا الاعتقاد بوجوب الواجب وحرمة الحرام فهو امر كلىٌّ لا ربط له بخصوصيّات أفعال المكلفين فهو من لوازم الاعتقاد بالدّين (وقد مر ذلك) نعم هناك ابراز الانكار القلبي بانقباض الوجه و الاعراض عن التّارك للمعروف والفاعل للمذكر وما أشبه ذلك ممّا هو امارة على كراهيّة الشخص المسلم عمّن لا يعمل بالوظيفة الشرعيّة وهذا القسم مذكور في الاخبار ففي معتبر(1) السكونی عن امير المومنين(علیه السلام): أمرنا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) أن نلقى اهل المعاصى بوجوةٍ مكفهرةٍ وفي التهذيب : أدنى الإنكار أن نلقى اهل المعاصي بوجوه مكفهرة وفي صحيح(2) الحارث بن المغيرة في مقام توبیخ اصحابه، فتجالسونهم وتحدثونهم وفي خبر الحارث(3) بن المغيرة بعد قولة اذا لايقبلون منّا ، قال اهجروهم واجتنبوا مجالسهم ووالجواب أن المستفاد من هذه الاخبار وما يشبهها في الدلالة بيان مصداق عملى للنهي عن المنكر و هو ابراز الانزجار الباطنى بما هو فعل جارحى لأمجرد الانزجار القلبى وإن لم يظهر وكيف كان فقد تلخّص ممّا ذكرنا أنّ كلمات الفقهاء بالنسبة الى هذه المرتبة

ص: 64


1- الباب 6 الحدیث الاول
2- الباب 7 الحدیث 2
3- الباب 7 الحدیث3

[على حدّ تعبيرهم] وهى الانكار القلبى غير منقّحه ثمّ اقامة الدليل على وجوب هذه المرتبة في كمال الصعوبة اللهم الّا ان يقال بان تعاضد الاخبار يوجب الاطمينان بصدور

ما هو الاخصّ متناً منها وان كانت ضعيفة السند.

وأما اللسان واليد فيدل على تحقيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منهما مصحح يحیي(1) الطويل (با بن ابی عمیر) عن ابیعبدالله(علیه السلام) قال ما جعل الله بسط اللسان وكفّ اليد ولكن جعلهما يبسطان معاً ويكّفان معاً وهذا الخبر يذكر في باب الجهاد ایضاً ويستدل به على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد معاً و بمضمونه اخبار اخرى وهذا الخبر يدلّ على انّ اليد يستعان بها في سبيل احياء الاحكام الألهيّة اصولاً وفروعًا[ الجهاد] وفي سبيل احيائها في عالم التطبيق العملي (الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) كما أنّ شأن اللسان ايضاً كذلك. نعم ظاهر الخبر اتحاد رتبه اللسان واليد الا ان يقال بان سوقه يشهد بكونه في مقام بیان وحده المنزله لا الاتحاد في الرتبة والأمر سهل بعد ما عرفت من لا بديه الاكتفاء بالأيسر فالأيسر. ثمّ انّ القدر المتيقين من الاستعانة باليد انما هو الايلام بالضّرب واما الجرح والقتل فقد اختلفوا في جوازهما [كما قلنا] وحيث لادليل للمانع الّا

ص: 65


1- الباب الثالث الحديث ٢.

حكومة ادلّه حرمتهما على ادلّة وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا دليل للمجوز الا الاطلاق الاستلزامي لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحاكم على ادلّه حرمة

الجرح والقتل فلا بد من ان يقال بان القتل ليس من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قطعاً لانّ المقتول لا يأتمر ولا ينتهى بديهة نعم قد ثبت جواز القتل او وجوبه في بعض الموارد وليست تلك الموارد من موارد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فراجع النصوص الواردة فيها وحينئذٍ فلا تحتاج الى القول بانصراف ادلّه الامر بالمعروف والنهي عن المنكره القتل وان كان هذا القول في نفسه وجيهاً ، وامّا أجرح فالتحقيق جوازه لاطلاق اليد في مصحّح الطويل الشامل للجرح والاشكال بانّه ايلام محّرم مدفوع بان الثابت فی غالب موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقدارٌ من الإيذاء والتوهين نعم في شمول الاطلاق النقص الطرف اشكالٌ قوى لقوة انصراف الدليل عنه .

ارشاد لازمٌ

وحيث قد عرفت بان مراتب الأمر والنهي مختلفةٌ جدّاً فالتفت الى ملاك هذا الاختلاف واعلم انّ ملاكه ليس الّا لزوم حفظ الاحكام الشرعيّة عن الضياع في عالم التطبيق ووجوب الرّعاية العمليّة بالنسبة الى الواجبات والمحرّمات

ص: 66

والتسبيب الى ايجاد الواجبات وترك المحرمات بایّ سبب ممكن فليس للعاقل المكلّف بهذه الفريضة العظمى التي هي دعامة لبقاء الدين الإسلامي أن يتعلل بعجزة عن ادائها و عدم قدرته على إلزام العصاة والجبابرة الى ترك العصيان والطغيان بالسیطره والتغلّب، بل عليه أن يتوسّل الى ذلك بكل وسيلة ميسورة لديه من الوسائل، من التنبية والوعظ والمهجر والاعراض والكتابة والبيان منفرداً أو بمعونة إخوانه المؤمنين سراً و اعلاناً وحضراً و سفراً ثمّ انك اذ الأحظت أن الدّين ليس مقصوراً على جملة محدودة من الامور المعروفة والمنكرة (مع قطع النّظر عن المستحبات الكثيرة في الشريعة الإسلامية التي يكون الأمر بها ممدوحٌ عقلاً و مستحب شرعًا ، قطعاً) ايقنت بانه ليس لنا عذرٌ في التكاسل عن اقامه هذه الفريضة اغتراراً بما أسلفناه من اشتراطها بالأمن من المفسدة، إذ الدّقة الكاملة في الواجبات والمحّرمات الكثيرة توجب القطع بان الشرائط متوفّرة غالباً في غالبها بالنسبة الى اغلب المكلفين بل كلّهم على نحو الايجاب الجزئي، فالسكوت المطلق عن كل امر و نهي بالنسبة الى كلّ شخصٍ وشخصٍ ليس الا ناشئاً الغفلة او التغافل نعوذ بالله منهما وان شئت المثال والامثلة لا تحصى فلاحظ انّه هل ترى الخوف من الفساد في ما اذا نهيت فلّاحاً عن شتم امّه بلين وهدوه وهل لاتوجد

ص: 67

عندك قدرة في امر ولدك البالغ بالصوم والصلاة ، وهل يكون في تبديل حرف غلط من قراءة الفاتحه الى ما هو الصّحيح ، كتبديل الراء باللام من قول القائل الامّى الحمد والله ب_ الحمد لله خطر على النفس على نحو الايجاب الكلّى ثمّ إنّك اذا شفّعت نهى المقامر عن القمار باعطاء رأس مال للتّجاره له لرايت النجاح في النهي عن المنكر فبالله عليك ان تكون نشيطاً وفعّالاً ذاوعى كامل وذكاء شامل و جهد متواصل وايّاك وان تكون متكاسلاً عن الأقدام الى هذه المهمّة الجليلة لما قرع سمعك من كونها مشروطة بالأمن من المفسدة والزمان زمان الخوف أوانّها مشروطة باحتمال التأثير والزمان زمان عدم التاثير لانّه مع ملاحظة اختلاف مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكثرة موارد الحاجه اليهما وكثرة المكلفين بالمعروف والمنكر ترى نفسك مطمئنّه بامكان صدور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غالب المكلفين في غالب الأمكنة والازمنة بالنسبه الی كثير من التاركين للمعروف والعاملين بالمنكر بشتّى الاساليب في جملة وافرة من الواجبات والمحرمات ، نسأل الله التوفيق ، نعم التورط فيهما زعماً بان للنهي عن المنكر ميزةٌ خاصة هي وجوب الاقدام عليه مهما بلغ الأمر من الخطورة أوانّ

ص: 68

لبعض مصاديقه هذه الميزة امرٌ محظورٌ عقلاً و ممنوعٌ شرعًا وتوهم قيام الحجة عليه من خبر جابر الضعيف سنداً و دلالهً او مساعدة الاعتبار مدفوعٌ بانّه فما يأباه العقل السليم والشرع القويم فاقتصد في أمرك بالمعروف و نهيك عن المنكر حفظاً للشريعة المقدسة وحقناً للدماء والنفوس المحترمة والله الهادى الى سواء السبيل. هذا آخر ما دَرَّسناه في النجف الاشرف سنه1379ه_

المانها وحرّرناه وطبعناه في قم المقدسه١٣٩٥ه_

والحمد لله رب١٣٩٥ه_ العالمین

خط حجه كشفی

ص: 69

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.