الكتاب: عصمة الحجج
المؤلف : السيد علي الحسيني الميبدي اليزدي
تحقيق : الشيخ ستار الجيزاني
الناشر : مركز تراث سامراء
المطبعة دار الكفيل
الطبعة الأولى.
عدد النسخ: 1000 نسخة.
سنة الطباعة : 1440ه- / 2019م.
رقم الإصدار: 38
رقم الإيداع في دار الكتب و الوثائق ببغداد لسنة 2019م
:ISBN
جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامراء.
محرر الرقمي : سيد علي بطحائي
ص: 1
الكتاب: عصمة الحجج
المؤلف : السيد علي الحسيني الميبدي اليزدي
تحقيق : الشيخ ستار الجيزاني
الناشر : مركز تراث سامراء
المطبعة دار الكفيل
الطبعة الأولى.
عدد النسخ: 1000 نسخة.
سنة الطباعة : 1440ه- / 2019م.
رقم الإصدار: 38
رقم الإيداع في دار الكتب و الوثائق ببغداد لسنة 2019م
:ISBN
جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامراء.
محرر الرقمي : سيد علي بطحائي
ص: 2
ديوان الوقف الشرعي
العتبة العسکریة المقدسة
سِلسِلَةُ اِصْدَارَات مَا كُتِبَ في سامراء (10)
عصمة الحجج
تألیف
السَّيّد عَلِي الْحُسَيْنِي الميبدي اليَزديّ
ت 1313ه
تحقيق
الشيخ ستار الجيزاني
مراجعة و تدقيق
مرکز تراث سامرا
ص: 3
ص: 4
مقدمة المرکز
ص: 5
ص: 6
مقدمة المرکز
الحمد لله رب العالمين و صلى الله على خير خلقه اجمعين محمد و آله الطاهرين.
و بعد. فهذه رسالة شريفة في علم الكلام تتناول مسألة مهمة من مسائل هذا العلم ألا و هي ( العصمة)، و التي أخذت حيّزاً مهماً في التفكير الإنساني؛ لما لها من تداعيات مباشرة و مؤثرة على عقيدة و سلوكيات من آمن بها، و قد تعرض لها أصحاب الأقلام في مناسبات عدّة و لم تخلُ من ذكر في كتب العلماء، كالشيخ المفيد في أوائل مقالاته، و السيد المرتضى في تنزيه الأنبياء والشافي، و الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي، و العلّامة الحلّي في معظم كتبه الكلامية، فضلاً عن المفسرين في مقام تعرضهم لتفسير الآيات الكريمة المناسبة للمقام، و ممّن أدلى بدلوه في هذا المضمار و أجاد هو العلّامة السيد علي بن محمد علي الحسيني الميبدي اليزدي، فقد صنّف هذه الرسالة في سامراء المقدسة سنة 1285ه-.
و يبدو أن المصنف قد استقر في سامراء عدة أشهر (1) و كتب عدة رسائل فيها بمحضر أحد العلماء من أساتذته و هو الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين الطهراني الذي كان مرافقاً له في رحلته من كربلاء إلى سامراء لزيارة الإمامين
العسكريين علیهم السلام و استفاد من دروسه التي كان يلقيها في هذا السفر (2) و هذه من
ص: 7
الجهود العلمية التي سبقت هجرة السيّد المجدّد الشيرازي قدس سرّه إلى سامراء بست سنوات (1).
و المركز إذ يعتزّ بتقديم الإصدار العاشر من (سلسلة إصدارات ما كتب في سامراء)، و التي بلغ عددها نحو 300 عنواناً كتبت جميعاً في ربوع حوزة سامراء المباركة، و قد عملنا على تصنيفها و ترتيب أولويات طبعها و فضّلنا أن تكون الإصدارات متنوعة في أبواب المعرفة لتشمل الفقه وأصوله والفلسفة و علم الكلام و التفسير و علم الرجال و الأخلاق و التراثيات، كل ذلك إسهاماً من المركز للتدليل على التنوع المعرفي و الثراء العلمي الذي كان سائداً في تلك الفترة في حوزة سامراء، و التي هي غنيّة عن التعريف و لكنها بحاجة الى خطوات واعية و هادفة و حكيمة؛ لتعيد ألقَ تلك الحوزة التي وصفت في يوم من الأيام بأنها منافسةٌ لحوزة النجف الأشرف، فضلاً عن أنها ببركتها تأسست حوزة قم المقدسة على يد المؤسس الشيخ عبد الكريم الحائري (طاب ثراه) وقد تصدّى لتحقيق هذه الرسالة جناب الأخ العزيز العلّامة الفاضل الشيخ ستار الجيزاني (دام عزّه)
و أنجزها بوقت قصير جداً، مما يدل على همته العالية، فلله درّه وعليه أجره. ومن الواجب تقديم الشكر للإخوة الأعزاء في شعبة التحقيق للجهود الكريمة المبذولة بالمراجعة العلمية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة على سادة المعصومين محمد و آله الطاهرين.
الأقل كريم مسير
سامراء المقدّسة
2 / ع2/ 1440ه-
ص: 8
مقدمة التحقیق
ص: 9
ص: 10
مقدمة التحقیق
بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي القارئ الكريم أثر قيم، يتناول جانباً مهماً من جوانب الحجة الإلهية بوجهيها النبوة و الإمامة، بل يكاد يكون جوهر المسألة و روحها، والتي حاول الكثير تجريدها منها، و دفع البحث باتجاهات تقلل من قيمتها، لتهبط بها من مستوى المعتقد إلى كونها مسألة فرعية فقهية ليست من العقائد في شيء، بل حالها حال الكثير من المسائل الفرعية الأخرى التي قد لا يبتلى بها المكلف إلا نادراً، حتى قال بعضهم : ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات ولا من الأمور اللابدّيات بحيث لا يسع المكلف الإعراض عنها و الجهل بها، بل لعمري إن المعرض عنها لأرجي حالاً من الواغل فيها ) (1) وليس هذا إلا لأنهم جردوها عن العصمة، وألبسوها ثوب السياسة والمعارضة للسلطات القائمة.
يأتي هذا الأثر القيم ليعالج فيه المصنف الله مسألة العصمة، ويبحثها بتجرّد علمي متناولاً إياها من جوانب عدة، بعضها لغوية وأخرى قرآنية و ثالثة كلامية ورابعة روائية وخامسة فقهية، و غير ذلك مما يلمسه القارئ الكريم بوضوح، فيجد نفسه أمام موسوعة كبيرة في محتواها ثريّة بمادتها، و إنْ كانت صغيرة في حجمها يسيرة في حروفها، كل هذا بمنهج دقيق، و تناول عميق، لا يطلق الكلام فيه جزافاً، و لا اتباع هوى من دون تثبت و تحقيق.
ص: 11
نعم، إنّ المصنف الله لما كان مبناه على الاختصار؛ فقد اقتصر على المطالب التي يرى إنّها أساسية، و ترك كثيراً من البحوث و المطالب و الشبهات اعتماداً على ما حققه غيره من الأعلام في مطوّلاتهم ومختصراتهم، وإلّا لو أراد الاستيعاب لاحتاج أن يسطر أضعاف ما كتبه، بل عليه أن يوقف عمره لذلك، و قديماً قالوا: السعيد من اكتفى بغيره
ص: 12
المؤلف في السطور(1)
السيد علي بن محمد علي بن مير مرتضى بن مير سعيد بن مير أبو الهادي بن مير محمد كريم بن مير علي شرفا (شرف الدين) بن میر عبدالكريم بن مير عبدالله بن میر سلطان محمود بن مير عبد الكريم (الثاني) بن مير عبدالله بن مير عبدالكريم (الأول) بن مير محمد بن میر سید مرتضى بن مير سيد علي بن میر سید کمال الدین بن میر سید قوام الدين (المشهور مير بزرك رأس سلسلة السلاطين المرعشيين في طبرستان) بن میر سید عبدالله بن أبي عبدالله محمد بن أبي هاشم بن أبي الحسن علي (نقيب العلويين) بن أبي محمد الحسن النسابة المحدث بن علي المرعشي بن عبد الله بن محمد الأكبر بن حسن بن حسين الأصغر بن الإمام السجاد علي بن الإمام الشهيد الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليه و عليهم الصلاة والسلام، الحسيني الميبدي اليزدي
مَیبُد: بلدة من نواحي أصبهان بها حصن حصين، وقيل إنها من نواحي یزد.. و قال الإصطخري و من نواحي كورة إضطخر مبذ، فهي على هذا من نواحي فارس بينها و بين أصبهان فاشتبهت، و بين ميبد و مدينة يزد عشرة فراسخ، و من ميبذ إلى عُقْدَة (عقداً) عشرة فراسخ (2).
وفي «لغتنامه دهخدا» ما تعريبه مع اختصار: ميبد من مضافات یزد، من توابع أردكان، مجموعة 19 قرية حاضرتها ميبد، حده الشمالي والشرقي
«رستاق»، و الجنوبي « ندوشن » و«كذابات»، والغربي « عَقْدا »
ص: 13
يُنسب إلى ميبد جماعة من المحدثين و العلماء والأدباء و الشعراء، القدماء و المتأخرون، أشهرهم كمال الدين مير حسين بن معين الدين الميبدي (ت 904 ه-)، و سيدنا صاحب الترجمة، توجد تراجم بعض المعروفين منهم في موسوعة «دانشنامه مشاهير يزد» الفارسية 1 / 450 - 453 و 483 - 484
و 2 / 1512 - 1518 .
أسرة الميبدي :
السادة آل الميبدي من الأسر العلمية المعروفة في ميبد و یزد و کرمانشاه و طهران و المشهد الرضوي، لهم مكانة محمودة بين سائر الطبقات، معروفون بالعلم و التقوى و بعضهم خطباء يقومون بالوظائف الارشادية و بثّ التعاليم الدينية. كلهم ينتمون إلى السيد صاحب الترجمة أو أخيه، و هم من أولادهما وأحفادهما.
لهم بالإضافة إلى النسب العريق، صلات سببية وشيجة توصلهم إلى شخصيات كبيرة معروفة في تأريخ العلم و الدين.
نذكر فيما يلي المعروفين المتوفين من هذه الأسرة ومن يتصل بهم من قريب:
1 - السيد جواد الميبدي المتوفى سنة 1322ه-، و هو ابن السيد صاحب الترجمة، عالِم جليل و أديب شاعر ، أحرز مكانةً محترمةً في ميبد و شيراز ثم في
کرمانشاه .
2 - السيد محمد كاظم الميبدي المتوفى سنة 1330 ه-، ابن السيد صاحب الترجمة، اشتغل بالوعظ و الإرشاد في كرمانشاه، أديب شاعر يجيد كتابةَ أنواع الخطوط.
3 - السيد محمد رضا بن محمد علي الميبدي أخو السيد صاحب الترجمة،
ص: 14
محقق فصيح أديب شاعر، توجّه إلى سبزوار فقطنها مدةً، لازم في أثنائها درس الفيلسوف المعروف الحاج ملا هادي السبزواري، تجول في كثير من مدن إيران و كان أكثر إقامته بطهران.
4 - السيد حسن بن محمد على الميبدي، أخو السيد صاحب الترجمة، العالم المحقق المتوفى سنة 1304ه-، توفي بكرمانشاه و دفن في جوار ملا عبد الأحد الكزازي.
ه - السيد محمد بن السيد علي بن مير سعيد الميبدي، ابن عم سيدنا المترجم له. كان من أجلاء علماء عصره، قطع مراحله العلمية في النجف الأشرف ومن أساتذته بها السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي.
6 - السيد محمد بن رضا بن میر جان بن محمد علي بن مير سعيد الميبدي، المعروف ب «المهدوي» من بني أعمام السيد صاحب الترجمة، اشتغل بالوعظ و الإرشاد في «أبرقو» من نواحي فارس بينها و بين يزد.
7 - السيد أحمد بن السيد علي بن مير عبد العظيم بن مير أبو الهادي بن مير سعيد الميبدي المتوفى سنة 1334ه-، و هو من بني أعمام السيد صاحب الترجمة، يُعرَف ب- «أبرقوني»، عالم جليل و أديب بارع و شاعر مجيد، حضر في النجف الأشرف على السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، وكان يتخلص في شعره ب-«فلانی»، وله تصانيف منها «الهداية الأحمدية».
8- السيد أمين بن مير عبد العظيم بن مير أبو الهادي بن مير سعيد الميبدي من بني أعام السيد صاحب الترجمة، المعروف ب « میر عظیمی»، عالم فاضل له تصانيف منها «تذكرة المؤمنين». توفي بأبرقو و حمل نعشه إلى إقليد فدفن في جوار السيد عبد الرحمن
ص: 15
9 - السيد علي أكبر بن حسين بن مير عبد العظيم بن مير أبو الهادي بن مير سعيد الميبدي المتوفى سنة 1366ه-، عالم جليل أديب فاضل، وهو من بني أعمام السيد صاحب الترجمة، المعروف ب «مير عظيمي» أقام بأصبهان للتحصيل و حضر بها على الآخوند الكاشي و جهانگير خان القشقائي.
10 - السيد محمد بن السيد جواد بن السيد على صاحب الترجمة المتوفى سنة 1402ه-، من أعلام العلماء، كان فقيهاً أصولياً، انتقل في شبابه إلى العتبات المقدسة بالعراق، و حضر على العلمين الميرزا محمد تقي الشيرازي و الميرزا حسين النائيني، ثم عاد إلى وطنه فقام بالوظائف الشرعية و التدريس و إمامة الجماعة بها، أقام بعض السنين في قم مشتغلاً بالتدريس و رعاية شؤون الطلبة، و عاد في سنواته الأخيرة إلى كرمانشاه و بها توفي.
11 - السيد محمد باقر بن السيد جواد بن السيد علي صاحب الترجمة المتوفى سنة 1418ه-، اشتغل بالوعظ والإرشاد حين إقامته بقم و كرمانشاه، عالم جليل أديب شاعر متسم بالهدوء و حسن الأخلاق، وكان يتخلص في شعره
ب- «کوثر».
أراد والد السيد المترجم له في بداية أمره أن يمتهن التجارة اقتداءً بأسلافه، و لكنه أحب طلب العلم و الدخول في سلك رجال الدين، لأنه - كما يقول في بعض ما كتبه - من ذرية الرسول صلی الله علیه و آله و سلم و المناسب له أن يسير على طريقتهم و يتولى الإرشاد الديني أداءً الحق ساداته من آل البيت عليهم الصلاة والسلام.
نشأ في «ميبد » و قطع مراحل من دراساته الحوزوية بها، و يؤسفنا أن لا يسعفنا التأريخ بمعلومات عن دراساته في مسقط رأسه ولا نعرف التفاصيل
ص: 16
عن أساتذته الذين قرأ عليهم المقدمات و كيف قطع مرحلة السطوح.
هاجر في شبابه إلى كربلاء لإكمال التحصيل، و أقام بها سنين يحضر في الفقه والأصول العاليين على الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين الطهراني، و بعده حضر أبحاث المولى محمد حسين الفاضل الأردكاني، وقد أجازاه وصدّقا اجتهاده، و يبدو من الاجازتين أنه كان في تلك المرحلة من المتقدمين بين تلامذتهما و له عندهما شأن و احترام، حيث أثنيا عليه ثناءً بالغاً و عظّما مكانته العلمية.
قال أستاذه المولى محمد حسين الفاضل الأردكاني ضمن إجازته له:
«و من فاق على الأنام ببلوغ هذا المقام ونيل ذاك المرام، جناب السيد السند الحبر المعتمد، العالم العامل الفاضل الكامل، الأورع الأودع السميدع، نُور حدقة الفضل و الكمال و نور حديقة العلم و المجد و الجلال، منبع الفضائل ومعدن الوسائل وافتخار الأفاضل، فرع الشجرة الطيبة النبوية وغصن الدوحة العلية العلوية، ذو الطبع السليم و الفكر الحديد المستقيم، و القريحة الوقادة و الفكرة النقادة، و القوة القدسية و المنحة الإلهية، الجامع بين جودة التحرير وحسن التقرير، الخبير البصير، المهذَّب الصفي الذكي الألمعي...».
«فإنه دام فضله لم يزل من حداثة سنه و غضاضة غصنه، شمّر عن ساق الجد و الاجتهاد و غار في الأغوار والأنجاد، و اقتطف من رياض العلم الأثمار والأزهار والأوراد، و ارتشف من حياض الفضل ما يشفي اوار أوام الفؤاد، فاجتمع فيه من العلم أفنان و من الفضل و الكمال ألوان، وحاز من المعقول والمنقول الحظ الأوفى، و فاز من الفروع و الأصول بالقدح المعلّى، و غاص في بحارهما على فرائد، و اصطاد من بيدائهما الأوابد و الشوارد، فبرع في العلوم الشرعية كلها أصولها وفروعها، و فاق في المعارف الدينية بأقسامها و أنواعها،
ص: 17
فبلغ من الكمال ما يقصر دونه الأنُوق ولا يحاذى به العيوق، فهو الإمام لمن اهتدى و بصر لمن اقتدى، ولا يباريه من الأقران أحد و لا ينال ذروة مجده يد، فحق عليه أن يحمد الله سبحانه على ما امتنّ به عليه من المرتبة السنية و الموهبة السماوية، و الفضيلة التي تفوق الفضائل ويقصر عنها كف المتناول..».
لسيدنا الميبدي - كما يبدو من كتاباته ومنشئاته ورسائله - اطلاعٌ واسع في العلوم الرياضية والعلوم الغريبة و علم الحروف و النجوم و ما إليها، بالإضافة إلى تبحره في العلوم و المعارف الدينية، كالفقه والأصول و الكلام و التفسير و الحديث و أضرابها من المعارف الدارجة في الحوزات العلمية، وهكذا تدل على سيطرته على العلوم العقلية كالفلسفة.
أقام منذ سنة 1287ه- في كرمانشاه حيث عاد من العتبات المقدسة إلى إيران، و اشتغل بها بالتدريس و تربية الطلاب و الناشئين من المشتغلين بالعلم، و تولّى الإرشاد و التوجيه الديني و أصبح عالماً مرجوعاً إليه في المسائل الشرعية و المهام الاجتماعية، و استبصر بتوجيه منه جماعةٌ من النُّصيرية.
استفاد من وقته و ساعات عمره أكثر ما يمكن الاستفادة منها، فإنه - مع ما كان يتطلبه موقعه الديني من صرف الوقت في التوجيه و الإرشاد و القيام بشؤون العامة - ألّف و صنّف و كَتَبَ الكثير من مختلف الأبحاث والتحقيقات.
أُبعد نحو سنة 1299 ه- إلى أصبهان لأسباب سنذكرها، وبعد مدة مدة أُفرج
عنه و عاد إلى كرمانشاه و استمر في نشاطاته الدينية و العلمية و الاجتماعية على ما كان يتصدّاه قبل الإبعاد
ص: 18
قالوا فيه
ليس من الغريب أن يُشيد أصحاب التراجم و من ذكر السيد صاحب الترجمة مقامه العلمي و فضله في التحقيق و الإحاطة، بالإضافة إلى تبجيلهم موقعه من الدين و التقوى، فإن مؤلفاته و مصنفاته و منظوماته تشهد بتبحره في المسائل العلمية و توسعه في الاستقصاء و الفحص و دقة نظره فيما يتصداه في كتاباته.
قال الشيخ آقا بزرك الطهراني:
«فقیه کامل و عالم عارف.. بلغ مرتبة عالية في العلم و العمل، وتبحّر و برع، و أجازه أستاذه الأردكاني إجازة محترمة في غاية الثناء والتبجيل، مصرحاً ببلوغه مرتبة الإستنباط من الدليل. هبط كرمانشاه فصار مرجعاً لأهلها. مروجاً لأحكام الدين مشيداً لمعالمه . هدى خلقاً كثيراً من النُّصيرية إلى سواء السبيل».
و وصفه أعلام معاصريه في الإجازات التي كتبوها لولده السيد محمد جواد الميبدي. بأوصاف حميدة كقولهم:
«السيد السند الولي، مجتهد الزمان، قبلة الأنام، مجتهد الأيام، سلالة خير الأنام. شريعت مآب، عمدة العلماء، افتخار العلماء الأطياب وزبدة الفقهاء
الأنجاب، افتخار العلماء الكرام».
وصفه الخياباني في «علماء معاصرين » بما تعريبه:
السيد المكرَّم و المولى المعظَّم، جامع العلوم والفضائل، صاحب التصنيفات والتأليفات..». و وصفه الخياباني في «ريحانة الأدب» بما تعريبه :
«عالم رباني، و فقيه صمداني، و محقق مدقق..».
ص: 19
كان السيد ساعياً مجدّاً في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، حتى حين السفر كان لا يدع فرصة الوعظ و الإرشاد و إقامة صلاة الجماعة و إلقاء الخطب و الدعوة إلى الصلاح و الإصلاح.
لم يكن هذا دأبه مع العوام والعامة فقط، بل كان يجتمع بالطلاب و المتعلمين و ينصحهم و يرشدهم إلى ما فيه صلاح دينهم و دنياهم و يحبّذ إليهم الجد في التحصيل و المزيد من طلب العلم والعمل به.
لم يترك واجب الإرشاد الديني حتى في مجالس العظماء و أرباب المناصب الكبيرة، مع ترفّع عن قبول أعطياتهم و هباتهم التي كانوا يغدقونها عليه في مناسبات خاصة. يُذكر بهذا الصدد أنه لمّا توفي أخوه السيد حسن قدَّم له بعض الحكّام مبلغاً بعنوان الصرف في شؤون العزاء فردّه.
من اهتمامه بشأن الإصلاح الديني تأليف كتابه القيّم «إصلاح البلاد»، فإنه بثّ فيه كثيراً من التعاليم العملية الهادئة بهذا الصدد هي خلاصة تجاربه في كرمانشاه و المجتمع الذي عاش فيه.
إنه كان يجابه بالحق الصحيح، الخطباءَ و أهل المنبر و الذاكرين إذا سمع منهم ما لم تثبت صحته في التأريخ و الحديث، و قد أوذي بسبب صراحته في الردّ عليهم و إنكار ما ربما كانوا يتقولونه.
كما يبدو من بعض كتاباته إنه يشكو من عدم تقيد بعض الناس - عاميهم وعالمهم - بالأوامر الإلهية و عدم التورُّع في تحصيل الأموال و صرفها كيفما اتفق، و يحاول توجيههم بالنصائح و المواعظ و يُسرّ إذا رأى نجاحه في مهمة الإرشاد، كما أنه كان يستاء إذا وجد عدم القبول و التمادي في الضلال وعدم الرضوخ إلى
ص: 20
الحق.
كان يبذل فيه اهتمامه، الاصلاح الديني والأخلاقي، حتى يصرح في كتابه «إصلاح البلاد» أنه كان يُجري الحدود الشرعية على المعلنين بالفساد، كشرب
الخمر والسرقة و ما إليهما .
من جملة إصلاحاته، سعيه في دفع البدع و العقائد السخيفة المعروفة بين العوام و النساء، تلك العقائد و العادات التي لم يُعرَف منشأها و بعضها يخالف التعاليم الدينية و قَبِلها العوام كطقوس شرعية يقومون بها كقيامهم بواجب ديني عبادي.
كان شديداً غير مؤارب في مقابلته مع أعمال بعض المتشبهين بالعلماء و أهل المعرفة المتظاهرين بالقدس و التقوى، المفرّطين في حقوق الفقراء من الزكوات و الأخماس و غيرها باسم المصالحة الشرعية، و المتصرفين في الموقوفات بغير ما وقفت لها باسم التولية الشرعية.
لقد أثارت مكانة السيد العلمية و الاجتماعية في كرمانشاه، حفيظة بعض ضعفاء النفوس فسعوا في إبعاده إلى أصبهان، و لكن نفيه من البلد زاد في موقعه لدى العلماء وعاد إلى بلده معزَّزاً مكرّماً. فلنقرأ بهذا الصدد ما كتبه حفيد السيد صديقنا المكرَّم فضيلة السيد ناصر الحسيني الميبدي في مقدمته لرسالة «نبوة عیسی»
من جملة الوقائع التي اتفقت للسيد، اختلافه مع بعض علماء كرمانشاه في حكم شرعي، فقد اختلف مع أسرتين كان لها شأن اجتماعي كبير في تلك
ص: 21
الأصقاع، هما «بنو صالح» و «بنو زنگنه». هذا الاختلاف ثقل على علماء الأسرتين المنتميتين إلى البيت الملوكي «القاجار»، فأثاروا الحكومة ضدّ السيد، و بعد الاهانات بالنسبة إليه و إلى أتباعه، أبعد إلى أصبهان بأمر عبد الله ميرزا حشمة الدولة والي كرمانشاه آنذاك.
اختلف
عند وصول السيد إلى أصبهان، أمر حاكم أصبهان مسعود ميرزا ظل السلطان شيخ الإسلام آقا محمد حسين الهزار جريبي بامتحان هذا السيد الذي اختلف مع أسرتين كبيرتين لهما المكانة المرموقة في الأوساط العلمية و وقف أمامها غير هيّاب من موقعها الاجتماعي. فأوكل شيخ الإسلام مهمة الامتحان إلى العالم المعروف ميرزا هاشم الچهارسوقي أخ السيد محمد باقر الخوانساري صاحب «روضات الجنات»، فدعا الچهارسوقي أعلام أصبهان للحضور في مجلس الامتحان . في هذا المجلس الحافل أجاب سيدنا على كل سؤال وُجِّه إليه في الأصول والفقه و انجرت الأسئلة إلى عدة مجالس ظهرت فيها مقدرة السيد العلمية الفائقة.
وفي أواخر تلك المجالس استأذن السيد في توجيه سؤال إلى العلماء الحاضرين، و بعد أن أجيز له بالسؤال، سأل عن مسألة علمية عجز الحضور عن الإجابة عليها، فذكر هو الجواب عنها و كيفية حلّها بطريق مقبول تعجب منه الحضور. و عندها كتب الچهارسوقي رسالة إلى شيخ الإسلام مشيداً بمكانة السيد العالية في العلم والمعرفة، و قال من جملة ما كتب: «ظهر لنا أن السيد علي اليزدي جليل القدر في الفضل و الكمال و هو مظلوم من كل الجهات» على هذا المستند أصدر شيخ الإسلام حكماً عظّم فيه السيد و حكم بحرمة إبعاده من كرمانشاه و إخراجه من مسجده و حرمة ضرب و شتم أصحابه و اعتبر هذه كلها ظلماً به.
ص: 22
بعد هذا الحكم و الإشادة بمقامه العلمي و الديني، دعا ظل السلطان سيدنا للبحث مع علماء النصارى و الاحتجاج معهم في دار الحكومة، و دار الاحتجاج و المناظرة حول نبوة المسيح عيسى الا و هل هي شاملة لمختلف الأمم والعصور أم هي خاصة بعصر مخصوص، و انتهى البحث بإقحام العيسويين. و على أثر هذا المجلس و ما جرى فيه من المناظرات كتب السيد هذه الرسالة - توضيحاً و تثبيتاً لما ارتآه عند البحث - كما يصرح بذلك في مقدمتها.
أديب أريب له منشئات أدبية و خطب أنشأها مسجعة مقفاة لأيام الأعياد و بعض المناسبات الدينية، بعضها بتواريخ بين سنتي 1295 - 1306ه-. و مضامين الخطب مستمدة مما ورد في الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة المروية عن أهل البيت علیهم السلام ، و هي على طريقة أدباء القرون الإسلامية الأولى، استعملت في كثير منها ألفاظ لغوية غريبة تدل على تسلطه التام على المواد
اللغوية.
كان - كما يقول - يُنشئ بعض النثر و الشعر العربي و يَعرِضُه على أفاضل الأدباء في كربلاء، ليتمرن على اللغة العربية و يعرف مواقع القوة والضعف فيها، و بهذا تمكّن من الأخذ بزمام لغة القرآن الكريم و الاجادة فيها.
كان يتجنب قراءة المؤلفات الفارسية إلا كتب الأدعية و المواعظ، و يلتزم مطالعة وقراءة الكتب العربية و خاصة المهمة منها من الجانب الأدبي، و ذلك ليطلع على نكات و أسرار الأدب العربي الدقيقة و يقوى في فهمها.
و يعتبر هذا واجباً على العلماء لفهم كتاب الله تعالى و سنة نبيه علیهم السلام ، و هما أصل الثقافة الإسلامية و منهما تُعرف التكاليف الاعتقادية و الواجبات الشرعية،
ص: 23
والقصور في فهمهما بسبب عدم معرفة اللغة انحراف و ضلال.
يقول في أول بعض خطبه:
«الحمد لله الواجب الوجود، و فايض الجود على كل موجود، الذي هو من غير والد و لا مولود و غير مثيل في المعدود ، و لا نظير له في المعبود، جامع الصفات بلا حدود، و مصدر كل أثر محمود، و مبدع كل خير مقصود، و المنزّه عن النقص المردود، و المبرّأ عن أوهام العنود. جل جلاله، و عمّ نواله، و عدم مثاله بزعم الحسود، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةَ مُذْعن لا يعود، و لا يغريه الشك و الجحود، و لا يزال العظمة في الركوع و السجود..».
وقال في بداية شرح قصيدته الحجية:
«الحمد لله الذي شرح قصائدنا بأحسن المبادي، و أوضح ضمائرنا في الروائح و الغوادي لكل حادي، و أظهر من آفاق نفوسنا بدور القوادي في النوادي، و أفاض من أعين ألطافه الأيادي للصوادي، وزيّن هيولى الألباب بمعارف السوادي في البوادي بمصاحبة العوادي أفضل صلواته وأكمل تحياته هدية على النبي الهادي، الذي أفحم لسانه فصحاء ركوب الخوادي و بلغاء حلوب العوادي، لا تشبنَّه الهجنة و تشينهم الضوادي. وعلى آله و متابعيه ما استقر الصادي و صاد العادي».
لسيدنا الميبدي شعر فارسي كثير يتخلص فيه ب- «عاشق»، جمعه حفيده السيد ناصر الميبدي في ديوان خاص. أكثره ديني و في أهل البيت الله ، و قل ما يتصدى للأغراض الشعرية الأخرى.
كما له شعر عربي أدرج جملة منه في كتابه «الزوائد»، لا يخلو كثير منه من
ص: 24
الألفاظ الغريبة كنثره المصطنع، و هو كشعر العلماء في مقاصده و تراكيبه. هذا بالإضافة إلى أراجيزه المنظومة في مختلف الموضوعات .
قال في قصيدته «الحجية» التي يلتجئ فيها بالأئمة عليهم الصلاة والسلام لأن يرزق الحج:
هُدى الوصالِ بقلبي اليومَ مُنتَضِلُ *** ساعي الصفا بمصفَّى الشهدِ متصلُ
نارُ الجَوى بحشا قلبي قد اشتعلت *** رَشُّ السَّقايةِ في إخمادها عَجِلُ
عَجُ الملبين أهماني الدمع في *** دوابر الدهر و هي اليومَ تنفصلُ
بات اللهاميمُ قلبي في مناسكهم *** و اطَّوّفوا و بأسحار الدُّجى عَمِلوا
إلا الّذي غادرته النفسُ في زمنٍ *** لا يعرفُ الأَسدَ من أشبالها البَدِلُ
كرَّ الجديدانِ أياماً كواكبُها *** تعلو الشموسَ و ليلاً نجمُه أفِلُ
و ما رأيتُ بها بيضاءَ طالعةً *** إلا كثاني تَلِيل وهو مُنْخَجلُ
ما زلتُ أقرع سِنّي من صنائعها *** و من نتائج بالأرحام لا تصلُ
لا يُوجَد العدلُ إلا من ذُرى سببٍ *** و الظلمُ عن حيّز الأفلاكِ معتزل
قد كنت واريت أسراري بملحدة *** على أطائبها لم يعثُر الجَدِلُ
إذ طيف سرّي سَرى نحوي فأرقني *** أمحوضة النُّصح يبديها و يعتدل
ما تهتدي عتبات لو مِسئت بها *** عوارضَ الصَّفْح و الآماقُ تَنْهَمِلُ
تجاب سؤلك تعطى ما أملت بها *** تُشفى بأقدم داءٍ ليس يَنْدملُ
فإنها لن استعلت أناملهم *** بحرَ السخاءِ وسخَّت أنفساً بَخِلوا
لو صافح الناس في آن أكفهم *** يمطرن راحاتهم من لؤلؤ بَلِلُ
خزائن الفيض في أيديهم جعلت *** منازل الوحى و الآيات قد جعلوا
قوم حَيارى ادعوا فيهم الوهية *** لا ينقضون بما فاهوا و إن قتلوا
و آخرون ادعوا تفويض خالقهم *** إليهم الأمر فما كاد ينفعل
و فيهم زبرقان هم کواکبه *** من نوره الشمس في الأيام تكتحل
ص: 25
زوج ابنة المصطفى لولاه ما شرقت *** مضيئة في دجى الظلماء تنتقلُ
معاجن الخلق من تأييده اختمرت *** عم الورى بسُلافٍ سافه ثَمِلُ
راودت نفسي عن معنى شمائله *** ألفيتها بغطاء الجهل تشتملُ
و كيف تدركها الألباب ناضبة *** و أين تدنوه ما في نفسها تَشِلُ
ضرير ساحاته فاق الملوك بما *** في كفه من كنوز ليس يتّكِلُ
و کیف بی و أنا ابن ابنه نسباً *** و الجدُّ أحرى بإغنائي فيَكتَفِلُ
و ما أهم بما حازته سوقته *** لا أشبَّه دَوْحاً غصنُها عَصِلُ
شهود قولي عدول لستَ تنكرها *** و إن أرابَتْك عُذَّالي فأرتجلُ
ليت المعاق من ألحاظه طحرت *** بمقلتي في دياجي الليل تمتقلُ
هل الصَّبا نحوَه تصبو فتُبلغُه *** عني السلامَ و إمْلاً راعه الوَجِلُ
و هو اشتِمامي ثرياً ضمَّ أعظمَ مَن *** ساواه في قُعددٍ منه الورى اعتُقلوا
نبينا المصطفى الهادي و بضعته *** و من هُمُ معْ كتاب الله قد ثُقلوا
طوبى لمنتشتقي تربٍ به عَبِقَتْ *** ريحانةُ الخلد و الأَوْصَابُ تنقَصِلُ
فإن أولِّيَ وجهي شطرَ ذا الحرم *** ليغفر الله لي الذنب الذي عَثِلُ
فإن بدت ليَ ما أبديتُها كرماً *** من نحوه و إنِ الأخرى فلي الوَيلُ
لكن أخاطبه يا جَدُّ جُدْ صلةً *** فإنه لأولي الأرحام منجعل
و غُلَّتي اشتدّت الأيام ناقعةً *** كل الشراب سوى سُقیاک مُنفشِلُ
فانشر عليها نقيعاً سَحَّ من سُحْبٍ *** تكاثفت من علوم عذبُها رَتِلَ
و كتب على قطعة من الخط الكوفي حين أهديت إلى بعض الأساطين:
يا خطّ مالك لا تزال مبرقعاً *** تحت الشواد ببارق الصفحات
أو مَا رأيت ذؤابةَ الصبح انجلت *** بلحاظ نيّره عن السُّتُراتِ
فاعمد إلى لحظ الشيوخ مسارعاً *** إن السُّدولَ تزول باللحظاتِ
فهناك تبدو في البرية مشرقاً *** كالدرِّ تمسحه يدُ الرشحاتِ
ص: 26
ومن شعره الفارسي قوله من وزن يُعرف ب- «المثنوي»:
که ای بر خویش بسته تهمت عشق *** کجا داری خبر از حالت عشق
ترا زین دعوی بیجا چه مطلب *** ز آه و ناله وغوغا چه مطلب
همی نامی به گوشت خورده از عشق *** کجا نوری چراغت برده از عشق
تو را چون داغ حسرت بر جگر نیست *** از این دعوی ندانم مطلبت چیست
چرا این ناله بر خود میگذاری *** عبث عشاق را بد نام داری
کجا عاشق شب هجران دلبر *** گذارد سر به روی بالش پر
کجا مجنون به رختِ خواب خوابید *** میان بستر سنجاب خوابید
کجا فرهاد از اندوه شیرین *** بغیر از سنگ در شب داشت بالین
کجا تصری و خلوت خانه ای داشت *** غم تمثیل با افسانه ای داشت
کجا بهرام از عشق گلندام *** به یکجا لحظه ای می داشت آرام
چو عشقش رهزن ایمان و دین شد *** نمد پوشید و خاکستر نشین شد
کجا با درد عشق و جسم پر داغ *** هوس میکرد سیر گشتن باغ
کسی را می رسد لاف تعشق *** که از دنیا کند قطع تعلق
بود پیوسته چون خورشید تابان *** بکوه و دشت و بحر و بَر شتابان
تو سر بر بالش پر میگذاری *** بشب در رختخواب آرام داری
بملک کامرانی پادشاهی *** بگاهی می کشی یکبار آهی
کنی دائم باین معنی مباهات *** که منهم «عاشقم» هيهات هيهات
يغلب على مؤلفات العلّامة الميبدي الأصالة والتنوع، فإنه عندما يتصدى لموضوع علمي أو أدبي لا يكتفي فيه بالنقل وسرد الآراء فقط، بل يبحث عنه
من مختلف جوانبه و يشبعه دراسةً و تدقيقاً.
و هو في كتبه يتناول مواضيع شتى تدل على إحاطته بجوانب العلم
ص: 27
والمعرفة .
له نشاط ملحوظ في التأليف و التصنيف، و قد برز من قلمه ما يقرب من سبعين مؤلّفاً من كتب و رسائل و أراجيز يحتاج بعضها إلى سعة وقت في الجمع و الترصيف و البحث و التنقيب و تتبع واسع لتحصيل المواد.
إليك ما وقفنا عليه من مؤلفاته العربية والفارسية نثراً و نظماً:
1 - آداب زیارت امام رضا علیه السلام(زيارة فارسي)
نوى المؤلّف زيارة الإمام الرضا علیه السلام ، بعد أن أقام في كرمانشاه سنين، و مقدّمة السفره إلى المشهد الرضوي بدأ بتأليف هذا الكتاب في آداب و كيفية زيارة الإمام علیه السلام ، إلاّ أنّه لم يوفّق لإتمامه ظاهراً، حَسِب بعضُهم أنّ هذا الكتاب رحلة المؤلّف إلى مشهد؛ و ليس كذلك.
2 - أحكام تابع مصالح است (متفرقة فارسي)
جواب على سؤال حول الأحكام الشرعية المتغيّرة في الشرائع السماوية مع ما يقال: من أنّ المصالح و المفاسد في الأحكام معلَّلةٌ بالعلل الذاتية، و هذا يتمّ بعدم تغيّر ما هو ذاتي و كون الأحكام باقية على وتيرة واحدة في سائر الشرائع و الأديان الإلهية.
يحاول المؤلّف في الجواب إثبات أنّ الاعتبارات تختلف في جعل الأحكام، و لهذا يمكن تغيير الاعتبار في عصر دون عصر.
3- أحكام حيوان موطوءة (فقه فارسي)
مسائل فقهية تتعلّق بالحيوان الذي يطأه الإنسان، وبيان ما يجب فيه. تمّ في غرّة ربيع الآخر سنة 1303ه-.
4 - أحكام خمس.
ص: 28
أحكام روزه (فقه فارسي)
رسالة فتوائية في أحكام الصوم، لعلّها لم تتمّ.
6- أحكام ماء البئر (فقه عربي)
بدأ المؤلّف في هذه الرسالة بيان معنى «البئر» و أنه ما هو، ثمّ ذكر الأحكام المتعلّقة به، و أنّه هل يتنجّس ماؤه بملاقاة النجس أم لا يتنجس؟ وعلى فرض التنجس كيف يمكن تطهيره؟ فيه نقل بعض آراء الفقهاء ومناقشتها.
النسخة غير تامة و تحتوي على المقدمات و بعض المسائل، و الظاهر أنه لم يدوّن من الرسالة إلا هذا المقدار .
7- أحكام الميت (فقه فارسي)
كتاب فتوائي في خصوص الأحكام الواجبة و المستحبّة المتعلقة بالموتى، ذكر فيه ما يتعلّق منها بما قبل الموت و حينه و بعده و فلسفة الموت، في مقدّمة و ثمانية فصول و خاتمة، و النسخة غير تامة.
8- أحكام نماز . رسالة فارسية .
9 - اختصاص عموم النبوّة بمحمد صلی الله علیه و آله و سلم (عقائد عربي)
في أوّل هذه الرسالة يشرح المؤلّف معنى «النبي» لغةً واصطلاحاً، ثم يستدلّ على أنّ النبوّة العامّة تختصّ بنبيّ الإسلام محمد علي صلی الله علیه و آله و سلم، و أنّه وحده مرسل إلى البشر كافّة على امتداد العصور و الأزمان.
ألّفت الرسالة على أثر بحث جرى حول نبوّة عيسى علیه السلام في أصبهان مع بعض العلماء في مجلس بعض الأصدقاء، ودُوّن موضوع البحث بأمر ظلّ السلطان حاكم أصبهان، و تمّ تدوينه في 26 شعبان سنة 1302ه-، سُمّيت الرسالة أيضاً : «نبوّة عيسى علیه السلام».
عصمة الحجج
ص: 29
10 - المنظومة الإيرانية (شعر عربي)
أرجوزة في مائة بيت في فضل إيران وفضيلة أهلها، و الخيرات والبركات الحاصلة في هذه البقعة من الأرض.
11 - الأرجوزة البطيخية. تم نظمها في 28 صفر سنة 1289ه- في كرمانشاه.
طبعت بقم في مجموعة ستة أراجيز.
12 - الأُرجوزة الحمامية (شعر عربي)
أرجوزة في تسعة و تسعين بيتاً، نظم بها خواصّ الحمّام الصحّية و كيفية الدخول فيه و الأعمال التنظيفية التي تتمّ فيه، و هي في فصول، و تمّ نظمها يوم الجمعة 19 شعبان سنة 1285 ه- في سامراء.
13 - الأرجوزة السفرجلية (شعر عربي )
منظومة في ثلاثة وثلاثين بيتاً في فوائد السفرجل.
14 - الأرجوزة النيروزية (شعر عربي )
يستعرض الناظم باختصار في هذه الأرجوزة البالغة ثلاثة و ستون بيتاً بعضَ الحوادث التأريخية الحادثة في يوم النيروز و أشير إليها في جملة من الأحاديث، ثمّ تعيين وقته و الأعمال العبادية التي ينبغي العمل بها فيه . نظمت في الليلة الثالثة من ربيع الأول سنة 1293 ه- في كرمانشاه.
15 - إرشاد المستمع (تاريخ فارسي)
بحث تاريخي عقائدي حول ما يُروى: إنّ بعض مَن صحب رأس الحسين علیه السلام إلى الشام شربَ الخمر به: «فجعلوا يشربون بالرأس»، وقد وقعت شبهة للبعض في هذا الأمر، و يحاول المؤلّف رفع الشبهة. كُتب في شهر شعبان سنة 1303ه-، في مقدّمة و ثلاثة فصول.
ص: 30
16 - الاستخارة (1) (دعاء عربي)
يبدأ المؤلّف في رسالته هذه ببيان معنى الاستخارة، ثمّ يذكر بتفصيل أنواعها و شرائطها و آدابها و ما يمكن الاستخارة به، مستنداً في كلّ ذلك إلى الأحاديث المروية عن أهل البيت علیهم السلام، و ما جاء في أقوال بعض العلماء المتصدّين للموضوع. تمّ تأليفه في يوم الخميس 24 ذي الحجة 1287ه-، الكتاب في مقدّمة و ستة فصول وخاتمة.
17 - إسقاط همزة الوصل في الحكاية (نحو عربي)
يحاول المؤلّف في هذه الرسالة أن يثبت أنّ الهمزة في جملة «فقلت : اذكروني» الواردة في بعض أدعية الصحيفة السجادية، همزة وصل ليست بقطع كما ذهب إليه بعض العلماء. تمّ في 14 جمادى الآخرة سنة 1305 ه- في كرمانشاه.
18 - إصلاح البلاد (2)
20 - إقامة العزاء بعد الرجعة (عقائد فارسي)
يسأل سائل عن إقامة مجالس العزاء على المعصومين علیهم السلام، و زيارة قبورهم و مشاهدهم كما يمارسها الشيعة في هذه الأزمان هل تستمر بعد الرجعة و عودتهم إلى الدنيا أم ينتفي موضوعها بعد الرجعة؟
يذهب المؤلّف في هذه الرسالة إلى عدم انتفاء الموضوع و أنّ إقامة العزاء و الزيارة ستستمرّ .
21 - بديع اللغة (1)
26 - تحقيق محلّ الإقامة (فقه عربي)
استدلالي في معنى محل إقامة المسافر و ما يجب فيه من القصر أو الإتمام و تعيين المسافة لصدق السفر أو الإقامة مع مناقشات في الأدلة. ألف سنة 1308ه-، في کرمانشاه.
27 - تذكرة المتعلّمين (متفرّقة عربي)
في أقسام العلوم و أنواعها، النافع منها و الضار، و أيّ منها يجب تعلّمه أو يُجتنب منه، و فيه شواهد من الأحاديث و الروايات المروية عن أهل البيت علیهم السلام و قصص تاريخية مناسبة للموضوع. تمّ تأليفه في 14 صفر سنة 1300ه-.
28 - تفسير آيات من القرآن الكريم. متفرقات
29 - تفسير سورة القدر (تفسير عربي)
تفسير فيه تفصيل و بسط مع إيراد بعض الأحاديث المروية عن أهل البيت علیهم السلام، و فيه بحوث و نكات لم يتطرّق إليها المفسّرون كما يقول المؤلّف و هو في أطراف لم يوفَّق إلى إكمالها.
30- تكرار الإمام صلاة الجماعة (فقه عربي)
يستدلّ المؤلّف على صحة تكرار الإمام صلاة الجماعة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة، و كان مبتلىً بالتكرار في كرمانشاه؛ حيث لم يكن مسجده يسع لكلّ من يريد الائتمام به.
31- ثمار الأسفار (فقه عربي)
شرح استدلالي على كتاب الصلح من شرائع الإسلام للمحقق الحلّي، من تقرير بحث أُستاذه الذي سافر معه من كربلاء إلى سامراء (نظنّ أنّه يريد الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين) و درس لديه في السفر هذه القطعة من الشرائع.
ص: 33
32- چهارده مسأله شاذه (فقه فارسي)
يبحث المؤلّف استدلالاً في أربع عشرة مسألة فقهية شاذة أخطأ فيها بعض العلماء و يبيّن الوجه الصحيح فيها، و ذلك لئلا تتسبّب في تضليل المتفقهين الّذين يتتبعون الشواذّ من المسائل و الفتاوى للتبجّح بمعرفتها و ينحرفون بذلك عن جادة الصواب. تمّ تحريرها في 26 ذي القعدة سنة 1307ه-.
33- حاشية الحدائق الناضرة. للشيخ يوسف البحراني.
34 - حاشية شرائع الإسلام. للمحقق الحلي.
35- حكم الخلوة بالأجنبية (فقه عربي)
في هذه الرسالة الاستدلالية يُستدلّ على حرمة الخلوة بالأجنبية، أي لم يكن مع الرجل و المرأة شخص ثالث في مكان منعزل، مع نقل آراء بعض كبار الفقهاء و مناقشتها. تمّ تأليفها في 24 شوال سنة 1301ه-.
36 - حكم الذؤابة (فقه عربي)
بيان حكم «الذؤابة» المذكورة في أحاديث المعصومين علیه السلام، و تعيين نوعها من الشعور للرجال، و أنّ أيّ نوع من شعر الرأس مرغوب فيه شرعاً و أيّ نوع منه محظور.
37- الحلال والحرام في الشرائع الماضية وشريعة محمد صلی الله عليه و آله و السلم.
-38 حلق اللحية (1) (فقه عربي)
رسالة استدلالية في حرمة حلق اللحية، و يذهب المؤلّف إلى أنّ الفقهاء لم يبحثوا في هذه المسألة كما ينبغي مع أنها مبتلىً بها. تمّت في عاشر شوّال سنة 1301ه- .
ص: 34
39- الخطب. أكثرها منشأة لعيد الفطر.
40 - الخمس (فقه فارسي)
وهو مختصر فتوائي.
41 - دفع الوباء. رسالة.
42 - ديوان شعره الفارسي . جمعه حفيده السيد ناصر الميبدي .
43 - ردّ الشيخية (عقائد عربي)
رأى شخص في المنام أنّ المؤلّف يأمره بمتابعة عقائد الشيخية المنسوبين إلى الشيخ أحمد الأحسائي، و لكنّ المؤلّف ينصحه في هذه الرسالة بالتثبّت عمّن يأخذ دينه منه، و يستعرض عقائد هذه الفرقة باختصار لإثبات بطلان ما يقوله علماؤها. كتبه المؤلّف في نصفي نهار من شهر رجب سنة 1385 ه- في سامراء.
44 - الرسالة العملية (فقه-فارسي)
ذكرها صاحب الذريعة (1) .
45 - الزكاة (فقه فارسي)
كتاب فتوائي في الأحكام المتعلقة بالزكاة و تعيين ما يجب دفعه فيها، مع التأكيد على دفعها في وقتها، و في آخر الرسالة يشير المؤلف إلى أنواع الصدقات المستحب دفعها إلى الفقراء و المحتاجين، تمّت في ليلة الأحد 19 محرّم سنة 1299ه-.
46 - الزوائد (متفرقة عربي) ألَّف منه الزائدة الأولى فقط .
منتخبات حديثية، و بحوث أدبية و علمية عقلية و نقلية، و تفسير بعض الآيات الكريمة، و شرح أحاديث شريفة، و أشعار عربية أو فارسية أكثرها للمؤلّف و يتخلّص في الشعر الفارسي ب-:«عاشق».
ص: 35
الكتاب في ثمان زائدة (باب) بعدد أبواب الجنّة، في هذه النسخة نجد الزائدة الأولى فقط هى في الأشعار العربية والفارسية، وغيرها ممّا يناسبها في الحلاوة.
47 - سؤال وجواب (1) (فقه فارسي)
أكثر الأجوبة في هذا الكتاب فتوائية، وفي بعضها تفصيل، و يشير المؤلف إلى الأدلّة و بعض أقوال الفقهاء. أُدرجت الأسئلة في هذه المجموعة بنصّها و بعضها غير فقهية.
48 - سجدة الشكر (فقه عربي)
بدأت الرسالة بمعنى السجدة لغة و اصطلاحاً ، ثمّ جهة تشريع سجدة الشكر و أحكامها و آدابها و مواردها، مع شواهد من أحاديث أهل البيت، و نقل بعض أقوال الفقهاء. تمّت في رابع ذي القعدة سنة 1300ه-، والرسالة في أربعة فصول.
49 - شرح المنظومة البطيخية (2) (أدب عربي)
شرح اُرجوزة نظمها الشارح نفسه في اثنين و سبعين بيتاً في منافع البطيخ و خواصّه. أوّلها:
أتحف شيء اصطفاه الفاكهي *** واختار من باكورة الفواكه
أشار المؤلّف في هذا الشرح ، بالإضافة إلى النكات الأدبية، إلى المنافع الطبّية للبطيخ، ثمّ استطرد في أواخره إلى ذكر خواصّ فواكه و أطعمة أُخرى. أصل الاُرجوزة نُظم عصر يوم 28 صفر سنة 1289ه- في كرمانشاه، و بعد مدة كُتب هذا الشرح.
ص: 36
50- شرح حديث رأس مائة (حديث عربي)
شرح حديث مروي عن النبي صلی الله عليه و آله و سلم من طريق أهل السنّة، مفاده: أنّ في رأس كل قرن يتجدَّد الدين على يد عالم ديني. في هذا الشرح بعد فرض قبول الرواية، يتحدّث المؤلّف عنها ضمن ثلاثة أُمور ، وقد تمّ تأليفه في 28 ربيع الآخر سنة 1300ه-.
51 - شرح ديوان أبي العلاء المعري.
52 - شرح القصيدة الحَجّية (أدب عربي)
كان المؤلّف شديد الاشتياق إلى الحجّ منذ أن كان في الحادية و العشرين من عمره، و لكن لم تتوفّر له وسائل السفر و لم ينل ما كان يصبو إليه، فنظم قصيدة لامية في ستة و ثلاثين بيتاً يبثّ فيها أشواقه إلى زيارة بيت الله الحرام و يتوسل بالأئمة المعصومين علیهم السلام. خاصة الإمام أمير المؤمنين علیه السلام، لنيل ما يبتغيه،
مطلعها:
هدي الوصال بقلبي اليوم منتضلُ *** ساعي الصفا بمصفى الشهد متصلُ
في هذا الشرح الذي لا يخلو من بعض التفصيل، تطرّق الشارح إلى مسائل أدبية و ذكر بعض فضائل أهل البيت علیهم السلام،بالإضافة إلى البحث في مسائل كلامية و علمية أُخرى. تم تأليفه في 18 محرم سنة 1282 ه-.
53 - صحّة الحِيَل في دفع الربا (فقه عربي)
بحث استدلالي فيه شيء من التفصيل في إثبات أنّ الحِيَل الشرعية للفرار من الربا صحيحة ولا مانع منها ، كتبه المؤلّف ردّاً على بعض العلماء، جاء إلى إيران نحو سنة 1300 ه- بقصد زيارة الإمام الرضا علیه السلام، وكان يذهب إلى عدم صحّة هذه المعاملات.
ص: 37
54- عبادات المخالفين (فقه عربي)
يرى المؤلّف عدم صحّة عبادات غير الشيعة الإمامية من سائر الفرق الإسلامية، و هو بحث استدلالي استند فيه المؤلف إلى ما روي عن أئمّة أهل البيت علیهم السلام ، و إجماع الطائفة الشيعية على شرطية العقيدة بالولاية في صحّة العبادة.
55 - عصمة الحجج (1) (عقائد عربي)
وهو كتابنا هذا، وسيأتي الحديث عنه.
56 - علت غسل مس میت (فقه فارسي)
جواب على سؤال، عن علّة وجوب الغسل على مَن مسّ ميتاً آدمياً، و عدم وجوبه على مَن مسّ ميتة بقية الحيوانات. هذه الرسالة الاستدلالية لم يتمّ تأليفها.
57- القصيدة اللامية و هي القصيدة الحجية، نظمها في محرم سنة 1282ه-.
58- كشكول الميبدي (2)(متفرّقة عربي)
فيه أبحاث جيّدة في اُصول الفقه، و الفقه، و التأريخ، و الجغرافيا، و فوائد من العلوم العقلية و النقلية، و تفسير بعض الآيات الكريمة، و شرح روايات وأحاديث مروية عن الأئمة المعصومين علیهم السلام، كلّها مدوّنة على غير نظم أو ترتیب خاص.
59 - المجالس (متفرّقة عربي)
أكثر هذه المجالس مرتبة لأيّام شهر رمضان المبارك، فتذكر في صدر كلّ واحد منها آية قرآنية ثمّ تفسّر بما يقتضي، مع نقل ما يناسبها من الأحاديث والروايات،
ص: 38
و في آخرها ذكر لواقعة الطفّ و مصائب الإمام الحسين علیه السلام .
60 - المجلسية (أخلاق عربي).
كتاب طريف في موضوعه، يتحدّث المؤلّف فيه عن معنى المجلس و آداب الجلوس في المجالس العامة و الخاصة و بعض الأحكام المتعلّقة به، تتخلّله أبحاث أُصولية و فقهية و أخلاقية تتّصل بموضوع الكتاب، مع الاستفادة من أحاديث أهل البيت عليهم السلام و إرشاداتهم. تمّ تأليفه عصر 26 صفر سنة 1297ه-، في كرمانشاه، و الكتاب في مقدّمة و خمسة أبواب و خاتمة.
61 - مفتاح السلامة (1)(أخلاق فارسي)
بيان لكيفية حفظ سلامة الروح و البدن، كتبه المؤلّف تذكرة لنفسه، وأكثر بحوثه أخلاقية استفاد كلّيّاتها من الأحاديث المروية عن أهل البيت علیهم السلام .
62 - مقتل الحسين عليه السلام (سيرة المعصومين علیهم السلام-(عربي)
في أحداث كربلاء و استشهاد الإمام الحسين علیه السلام، مع تحليلات تاريخية لبعض الوقائع، كتبه المؤلّف بطلب من بعض المؤمنين و زاد عليه توضيحات في أكثر صحائف الكتاب.
63 - ملحق مفتاح السلامة (طبّ فارسي)
يعدّد المؤلّف في هذه الرسالة ما يمكن به دفع الوباء والطاعون، و قد وردت في أحاديث أهل البيت علیهم السلام و أمرت بها الشريعة الإسلامية، و هي ملحقة بكتاب مفتاح السلامة المؤلَّف لحصول مطلق السلامة من العاهات و الآفات و الأمراض و الأعراض النفسية و البدنية، و تمّ في العشرين من شهر شوال سنة 1307ه- .
ص: 39
64 - النحو (نحو عربي)
متن مختصر جدّاً في صفحتين في قواعد علم النحو الكلّيّة.
65 - النصائح.
66 - نقل مجلس (1)(شعر فارسي)
مثنوي عرفاني أخلاقي على غرار نان و حلوا للشيخ بهاء الدين العاملي، أشير في آخره إلى مقام ولاية أهل البيت علیهم السلام، و ضرورة تحصيلها و الالتزام بها، و هو في ثلاثمائة و عشرين بيتاً في ستة عشر دوراً و خاتمة، و تمّ نظمه في سنة 1317ه-.
67 - نماز جماعت. رسالة فارسية.
68 - هداية النُّصيرية (2)(عقائد فارسي)
تحقيق حول المذهب «النصيري» الذي اغترّ بظاهره بعض البسطاء فانجرف إلى اعتناق بعض عقائده جهلًا منه بواقع الأمر، و هو مذهب الغلاة المنتشرين في كرمانشاه وما والاها، و هم خارجون عن الإسلام، و يظنّ المغترّون أنهم مسلمون. كتبه المؤلّف في سنة 1303 ه- ضمن ثلاثة مطالب.
توفي قدس سرّه سلخ محرم الحرام سنة 1313ه- في كرمانشاه، و بعد تشییع حافل نقل جثمانه إلى النجف الأشرف و دفن في مقابر «وادي السلام».
من المراثي التي قيلت فيه هذه القصيدة الفارسية التي لم نعرف قائلها :
کس ز مرگ ندارد گریز در دنیا *** چه کافر و چه مسلمان چه منعم و چه گدا
ز جن و انس و ملك كل من عليها فان *** همه فناست بجز و وجه ربك الأعلى
ص: 40
دریغ و داد که گلچین مرگ در گلشن *** امان نداد گلی را که بشکفد بملا
هران گلی که در این گلستان دهر شکفت *** از تندباد اجل میرود بباد فنا
همیشه سرخ گل از تیره خاک ریزد سر *** گلی بخاک نهان کرد دهر دون ز جفا
و بهار تازه بروزی ببین که گشت خزان *** مه تمام بانی چگونه گشت خفا
فغان و آه که آسيد على كنز علوم *** کشید رخت ز دار فنا بدار بقا
بباغ خلد خرامید و پشت پائی زد *** به ملك و مال و زر و سیم این جهان فنا
پاکدامنی و زهد بود چون سلمان *** نظیر حضرت بوذر به علم و هم تقوی
جهان عز و شرف آسمان عز و جلال *** کزو تمامی دل مردگان بدند احیا
دَرِ سرای شریعت که بود ملجأ عام *** اجل زجور فرو بست و مهر زد بسرا
ز لطف داد خدا جاش در کنار رسول *** بلى مكان پسر هست پهلوی بابا
سفر ،نمود به اجداد خویش ملحق شد *** بجای چشمه كوثر ونخله طوبي
کسی که فیض علومش بخلق دهر رسید *** بمور و مار سپردند خاك بر سر ما
هزار حيف كه خاك سيه شدش بالين *** دریغ و داد که شد قبر بهر او مأوا
ز شمع قامت او بود این جهان روشن *** خموش شد که از شعله نیست هیچ بجا
کسی که دست فروماندگان گرفت او بود *** شود عنایت حق دستگیر او فردا
از آه من بفلك سوخت چون سپند کواکب
زاشك من همه سو شد روانه رود بدریا
مصادر الترجمة:
نقباء البشر : 4 / 1486 ، أعيان الشيعة : 88 307، مستدركات أعيان الشيعة: 207/8 ، الذريعة في مختلف الأجزاء، علماء معاصرين : 106 ، مؤلفين کتب چاپی 325،4، ریحانة الأدب : 6 / 50 ، دانشنامه مشاهیر یزد: 452/1 .
ص: 41
كتاب «عصمة الحجج»
وهو في معنى العصمة لغة واصطلاحاً، و إثبات عصمة الأنبياء و الأئمة علیهم السلام، من جميع الخطايا و الذنوب منذ الولادة حتى الوفاة، و يستدلّ المؤلّف قدس سرّه بالأدلّة العقلية و النقلية مع عرض بعض الآراء الكلامية في الموضوع. تمّ في سامراء المقدسة بخدمة الأستاذ (الظاهر أنه يريد الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين) في 27 ربيع الأول سنة 1285ه-.
والكتاب في ثمانية مواقع هي:
الموقع الأول: فی معنی العصمة.
الموقع الثانی: فی وجوب عصمة النبی و الامام.
الموقع الثالث: فی وجوب الاعتقاد بها.
الموقع الرابع: فی اعتبارها فی الاسلام و الایمان.
الموقع الخامس: فی حال منکرها.
الموقع السادس: فی دفع الاشکال عن أصالة العصمة فی الحجج علیهم السلام.
الموقع السابع: فی أنه هل یوجد معصوم غیر الحجج علیهم السلام أو لا.
الموقع الثامن: فی أنه هل یجوز خلو عصر من الأعصار عن المعصوم علیه السلام أو لا.
و الکتاب علی صغر حجمه قد استوعب مسألة العصمة، و بحثها من جوانب متعددة، و تنوع جهدُ المصنف و ابداعاته فی اللغة و التفسیر و الحدیث و الاصول و الفقه و الکلام و الحکمة، فلله درّه، کیف لا، و هو خرّیج مدرسة الامام الصادق علیه السلام، التی عرفت بثرائها و غناها و تنوعها و استیعابها.
ص: 42
و قد ترجم الکتاب الی الفارسیة بطلب جماعة من أحفاد السید فی سنة 1408 ه- بالمشهد الرضوی. و قد قام بالترجمة الشیخ محمد باقر بن الحسن الساعدی المشهدی، توجد نسخة منها فی مخطوطات مکتبة المیبدی (مشهد ایران).
اعتمدتُ في تحقيق الكتاب و تقويم نصه على ثلاث نسخ:
الأولى: النسخة الخطّية المحفوظة في المكتبة المرعشية في قم المقدسة، و هي نسخة كاملة، تقع في 80 صفحة، بخط المؤلف رحمه الله، كتبها في سامراء المقدسة، و قد جعلتها هي الأصل، و رمزت لها بالرمز (ش).
الثانية: نسخة يبدو أنها بخط المؤلف، لكنّها مسودة ناقصة الصفحة الأولى، تقع في 73 صفحة محفوظة في مكتبة مركز احياء التراث الإسلامي- قم، و قد رمزت لها بالرمز (ب).
الثالثة: نسخة بخط عبد الكريم بن محمد إسماعيل البروجردي، و قد كتبت في الرابع من شهر شعبان من 1297 ه- في حياة المؤلف، و هي نسخة كاملة تقع في 76 صفحة بخط جميل محفوظة في مكتبة مركز احياء التراث الإسلامي- قم، وقد رمزت لها بالرمز (ج).
ص: 43
منهجیة التحقیق
أولاً : المقابلة بين النسخ الثلاث، و أشير هنا إلى أنني لم أجد اختلافات مهمة أو ما يخل بالمعنى بين النسخ الثلاث، نعم أثبتُّ بعض ما وجدته و لم أشأ أن أثقل الهوامش فيه؛ لندرته و لعدم الاخلال بإغفاله.
ثانياً: تقويم النص الأصلي و ضبطه وفق ما تقتضيه القواعد الإملائية، وقد وضعت ما أراه مناسباً بين معقوفتين [ ] مما يقتضيه السياق.
و أشير هنا إلى انني قد أعرضت عن تغيير بعض ما وقع فيه المصنف، مما لا يخل بالمعنى من قبيل استعمال المصنف لفظة (أم ) في موارد كثيرة في حين انّ الأنسب استعمال لفظة (أو).
ثالثاً: تخريج الآيات القرآنية والروايات الشريفة و أقوال العلماء و الفقهاء و الأبيات الشعرية، من مصادرها الأصلية.
و أشير هنا إلى أنّ المصنف رحمه الله ، قد ينقل نصاً - سواء كان رواية أم قول عالم أم بيت شعر - مع اختلاف يسير عن المصدر الأصلي غير مخل بالمعنى، و مرجع ذلك إلى أحد أمور:
الأول: إما اعتماداً على نسخة أخرى للمصدر غير التي عزيت إليها.
الثاني: أو اعتماداً على حفظه أو الثالث: شهرة النص باللفظ الذي أثبتّه. و في أحيان أخرى نلاحظ أن المصنّف إما أن ينقل بحسب المعنى، أو بتصرف من نحو الاختصار، أو حذف ما لا يحتاج إلى نقله في موارد الاستشهاد، أو غير ذلك، وفي كل ذلك أشرت إلى ما أراه مهمّا فقط، و أغفلت أكثره؛ لعدم الإخلال بالمراد.
ص: 44
رابعاً: ترجمة الأعلام الوارد ذكرهم في الأصل، وكذا الملل و الفرق و المذاهب و التعريف بهم.
وفي الختام أتوجه بالشكر الجزيل و الثناء الجميل لكل من ساهم - بكثير أو قليل بإشارة أو عبارة في انجاز تحقيق هذا الكتاب، و أخص بالذكر إدارة مركز تراث سامراء التابع للعتبة العسكرية المقدسة، متمثلة بالمشرف العام على المركز سماحة الشيخ كريم مسير (اعزه الله) لتوفير نسخ الكتاب المخطوطة، و تيسير الوصول إليها و متابعته الدقيقة للعمل من بدايته إلى نهايته، و كادر المركز خصوصاً كادر شعبة التحقيق : الشيخ أياد حميد الطائي والشيخ جعفر الفتلاوي لما بذلوه من جهد حثيث في متابعة العمل، و إبداء الملاحظات اللازمة، وكذلك شكري لسماحة الشيخ محمد الكعبي الذي ساهم في مقابلة النسخ، و أخيراً ابنتي أم ملاك في صف الحروف و تنضيدها، و اليك أيها القارئ الكريم.
ستار الجيزاني
ص: 45
وجدت هكذا في الصفحة الأولى من الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
يا طالب العلم و الإيمان و الحجج (1) *** هذا كتاب لعصمة الحجج
إن كنت تطلبه (2) بالخوض في اللجج *** فأطلبه كذا بالسفك للمهج
الحمد لله كما هو أهله، و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.
الأحقر السيد محمد الحسيني الميبدي
ص: 46
الصورة
ص: 47
الصورة
ص: 48
الصورة
ص: 49
الصورة
ص: 50
الصورة
ص: 51
الصورة
ص: 52
مقدمة المصنف
ص: 53
ص: 54
مقدمة المصنف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العاصم حججه من محاضر الشيطان، و معاريض الفتن، القائم بهم نصباً لاهتداء عباده إلى أحكم السنن، فالصلاة الدائمة عليهم و على آلهم الروحانيين والجسمانيين ما دام استقرارهم في كل زمن، و بعد:
يقول الغوّاص في بحار المعاصي، علي بن محمد علي الحسيني اليزدي الميبدي : هذه وجيزة في تحقيق العصمة و لها مواقع ثمانية :
ص: 55
ص: 56
الموقع الأول
فى معناها
فنقول : العصمة في اللغة: المنع (1) ، قال الله تعالى ﴿لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمر الله﴾ (2)، و قال تعالى: ﴿ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الماء ﴾ (3)، و قال تعالى: ﴿ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (4)، و قال تعالى: ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ (5)أي : بنكاحها، سمّي عصمة؛ لأنّ المنكوحة تكون في حبال الزوج (6). و قال تعالى: ﴿وَ اعْتَصِمُوا بِالله هُوَ مَوْلاكُمْ ﴾ (7) أي : امتنعوا بطاعته عن معصيته، أو امتنعوا بالله من أعدائكم، بمعنى: اجعلوه عصمة لكم مما تحذرون (8)، و قال تعالى: ﴿وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله﴾ (9) أي: امتنعوا به من غيره، وفي بِحَبْلِ الله أقوال:
ص: 57
القرآن، و الدين، و الحجج علیهم السلام (1).
و قال تعالى حاكياً عن امرأة العزيز: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ (2)أي: امتنع طالباً للعصمة (3)، و قال أبوطالب علیه السلام ، في النبي صلی الله علیه و آله و سلم، تصديقاً لنبوته: صلی الله علیه و آله و سلم
لقد علموا أن ابننا لا مكذب *** لدينا و لا يعبأ بقول الأباطل
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى عصمة للأرامل (4)
:أي: حفظ لهم و وقاية يمنعهم من الضياع و الحاجة.
و قال الشاعر :
و قلت عليكم مالكاً إن مالكاً *** سيعصمكم إن كان في الناس عاصم (5)
أي: سيمنعكم. و منه عصام القربة، و هو وكاؤها الذي تشدّ به من خيط أو سير. و منه المعصم، كمقود: موضع السوار، لأنه يمنعه من الوقوع (6) (6)
(قال الشاعر :
بدا لي منها معصم حين جمرت *** و كفّ خضیب زینّت ببنان
ص: 58
فوالله ما أدري و إن كنت دارياً *** بسبع رمين الجمر أم بثمان (1) ) (2)
و قال المرتضى له أصل العصمة في وضع اللغة: المنع، يقال: عصمت فلاناً من السوء إذا منعت من فعله به (3)، و في القاموس: عصم يعصم: اكتسب، و منع، و وقى (4)، (و على جميع هذه التفاسير يعتبر فيها القهر والقسر؛ لأنه حقيقة المنع والامتناع ) (5) ، غير أن المتكلمين أجروا هذه اللفظة على من امتنع
ص: 59
باختياره عند اللطف الذي يفعله الله به؛ لأنه إذا فعل به ما يعلم أنه يمتنع عنده من فعل القبيح فقد منعه من القبيح، فأجروا لفظة المانع قهراً أو قسراً، و الظاهر انه حقيقة عندهم، و أهل اللغة يتعارفون (1) ذلك أيضاً ويستعملونه، لأنهم يقولون - فيمن أشار على غيره برأي فقبله منه مختاراً و احتمى بذلك من ضرر يلحقه و سوء يناله -:إنّه حماه من ذلك الضرر و منعه و عصمه منه،و إن كان ذلك على سبيل الاختيار.قاله المرتضى لا الله (2)
وهذا الذي ذكرناه أحد تفاسير العصمة، و هو المشهور عند أهل النظر، و قد تفسّر بأنها : معنى يضطر إلى الطاعة و يمنع من المعصية بحيث لا يتمكن من الأتيان بالمعاصي (3). واختلفوا في عدم التمكن كيف هو ؟
فقال قوم منهم : المعصوم هو المختص في نفسه، أو بدنه، أو فيهما، بخاصة (4)تقتضي امتناع إقدامه على المعاصي.
و قال قوم منهم : بل المعصوم مساوٍ في الخواص النفسية والبدنية لغيره، و إنما العصمة هي القدرة على الطاعة و عدم (5)القدرة على المعصية، و هذا قول الأشعری (6) نفسه - و إن كان كثير من أصحابه قد خالفه فيه – قاله عبد الحميد
ص: 60
ابن أبي الحديد في شرح النهج (1)، وهذا ما ذهب إليه الأقلون من أهل النظر، و هو باطل؛ لأنها لو كانت كذلك لما جاز الحمد على أفعال (2)المتصف بها، و لكان غير ممتثل لأوامر الله و نواهيه؛ لأنّه فرع التكليف و الذي هو فرع الاختيار، و هو لا يجتمع مع الاضطرار (3).
و قال بعض المعتزلة (4) : إنّ الله تعالى عصم أنبيائه بالشهادة لهم بالاعتصام،
ص: 61
كما ضلل قوماً بنفس الشهادة عليهم بالضلال (1).
و هذا التفسير أيضاً باطل؛ لأن الشهادة لا تجعل الشيء على ما هو به، و تتعلق به على ما هو عليه؛ لأنّ الشهادة هي الخبر، و الخبر عن كون الشيء لا يؤثر في كونه عليه (2)، فنحتاج أولا إلى أن يتقدم لنا العلم بأنّ زيداً معصوم، و نوضح عن معنى ذلك ، ثم تكون الشهادة من بعد مطابقة لهذا العلم، و هذا بمنزلة من سئل عن حد المتحرك ؟ فقال : هو الشهادة بأنّه متحرك، و المعلوم أنّه على هذه الصفة.
وتوضيح التفسير الأول: إنّ العصمة هي اللطف الخفي الذي يفعله الله تعالى بالمكلف، فيختار عنده الامتناع من فعل القبيح مع قدرته على ذلك، لخلوصه عن الخبائث النفسية، فيقال على هذا: إنّ الله تعالى عصمه بأن فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح، و يقال: إن العبد معصوم، أي ذو عصمة؛ لأنه
اختار عند هذا الداعي الذي فعل له الامتناع من القبيح (3) ، وهذا اللطف يتمّ بأمور أربعة كما قيل (4):
الأول: أنْ يكون لنفس الإنسان ملكة مانعة من الفجور داعية إلى العفّة.
و ثانيها: العلم بمثالب المعصية و مناقب الطاعة.
ص: 62
و ثالثها: تأكيد ذلك العلم بالوحي و البيان من الله تعالى.
و رابعها: إنّه متى صدر عنه خطأ من باب النسيان و السهو؛ لم يُترك مهملاً بل يُعاتب (1)و ينبه و يضيق عليه العذر.
قالوا: فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان الشخص معصوماً عن المعاصي لا محالة (2)؛ لأن العفّة إذا انضاف إليها العلم بما في الطاعة من السعادة، و ما في المعصية من الشقاوة، ثم أكد ذلك تتابع الوحي إليه و ترادفه و تظاهر البيان عنده و تمّم ذلك بخوفه من العتاب على القدر القليل؛ حصل من اجتماع هذه الأمور حقيقة العصمة (3).
و هذا التفسير هو المعتمد و حاصله كون المكلف بحيث لا يمكن أن يصدر عنه المعاصي من غير إجبار له على ذلك.
فإن قيل : أفتقولون فيمن لطف له بما اختار عنده الامتناع من فعل واحد قبيح إنه معصوم؟
قلنا : نقول ذلك مضافاً و لا نطلقه فنقول: إنّه معصوم من كذا، ولا نطلق فيتوهم أنه معصوم من جميع القبائح، و نطلق في الأنبياء و الأئمة علیهم السلام، العصمة بلا تقييد ؛ لأنّهم عندنا لا يفعلون شيئاً من القبائح، بخلاف (4)ما يقوله
ص: 63
المعتزلة من نفي الكبائر عنهم دون الصغائر (1).
فإن قلت: فعلى هذا لا يطلق العصمة على الملائكة والأطفال؛ لاضطرار الملائكة إلى الطاعات، وعدم تكليف الأطفال؟
قلنا : أمّا الملائكة فلا قاطع على كونهم مجبولين على فعل الطاعات وترك المعاصي، و من هنا أنكره المرتضى رحمه الله و قال: نحن نعلم على الجملة إنّ الملائكة اذا كانوا مكلفين (2) فلا بدّ من أن تكون عليهم مشاق في تكليفهم و لولا ذلك ما استحقوا ثواباً على طاعتهم، و التكليف إنّما يحسن في كل مكلف تعريضاً للثواب، و لا يكون التكليف شاقاً عليهم (3)، إلّا و تكون لهم شهوات فيما حضر عليهم ، و نفار عما أوجب، فإذن المشقة عامة لتكليف الأمة . انتهى (4)
و قد يشهد لهذا قول أمير المؤمنين علیه السلام الا في نهج البلاغة في الخطبة القاصعة: و لو أراد الله أن يخلق آدم علیه السلام من نور يخطف الأبصار ضياؤه، و يبهر العقول رواؤه، و طيب يأخذ الأنفاس عرفه لفعل، و لو فعل لظلّت له الأعناق خاضعة، و لخفّت البلوى فيه على الملائكة» (5). و لو سلم ذلك بملاحظة بعض الأخبار
ص: 64
و كلام (1)الأحبار، فإطلاق العصمة عليهم مجاز اصطلاحي و حقيقة لغوية. و منه يظهر الجواب عن إطلاقها على الأطفال، إلّا أنّ بينهما فرقاً من حيث إنّه لا يتصور المعصية هنا؛ لعدم التكليف بخلاف الملائكة .
(فإن قيل: فإذا كان تفسير العصمة ما ذكرتم فألا عصمَ اللهُ تعالى جميع المكلفين، و فعل بهم ما يختارون عنده الامتناع من القبائح ؟
قلنا : كلُّ مَن علم الله تعالى أنّ له لطفاً يختار عنده الامتناع من القبايح (2) فإنّه لا بد أن يفعل به (3)- وإن لم يكن نبياً ولا إماماً - لأنّ التكليف يقتضي فعل اللطف - على ما دل عليه في مواضع كثيرة – غير انه لا يمتنع (4) ان يكون في المكلفين من - ليس في المعلوم أنّ شيئاً (5)متى فعل اختار عنده الامتناع من القبيح (6)فيكون هذا المكلف لا عصمة له في المعلوم، و لا لطف و تكليف من لا لطف له يحسن و لا يقبح) (7)، و إنّما القبيح منع اللطف في من له لطف مع ثبوت التكليف) (8)
و من هنا قد يكون المكلف معصوماً من بعض القبائح دون بعض، وهذا
مما لا غبار عليه.
وقال العلّامة (9) في شرحه: إن القائلين بهذا التفسير أقوام:
ص: 65
فمنهم من فسّرها بأنّها الأمر الذي يفعله الله تعالى من الألطاف المقربة إلى الطاعات التي يعلم معها أنّ المكلف لا يقدم على المعصية، بشرط أن لا ينتهي ذلك الأمر إلى الالجاء.
و منهم: من فسرها بأنها ملكة نفسانية لا يصدر عن صاحبها المعاصي.
و آخرون قالوا: العصمة لطف يفعله الله تعالى لصاحبها (1)، فيكون معه داع إلى الطاعة وترك المعاصي (2) انتهى (3).
و يمكن ردّ الجميع إلى ما تقدم منا من التوضيح كما لا يخفى.
ص: 66
الموقع الثانی
في اشتراطها في الحجّة
فنقول: قد ثبت في البراهين الساطعة و الأدلة القاطعة، حسن التكليف (1)، و كونه لطفاً واجباً على الله تعالى، حيث إنّه يرشد إلى المصالح الخفية المطلوبة؛ فيقرب العبد إليها، و الى المفاسد الخفية المبغوضة؛ فيبعده عنها، و إلّا لكان الحكيم ناقضاً لغرضه، و هو طلب المصالح و كراهة المفاسد.
ثُمّ إنّه لا يتم إلا بتوسط الحجج، لعدم جريان العادة بإيصال التكاليف إلى
الناس بمخاطبة من الله تعالى؛ لعدم القابلية، كما يتصور في السلاطين و الرعايا و لا بخلق العلم الضروري فيهم إليها؛ لمفاسد لا يعلمها إلا الله وخواصه، فمن هنا خلق الله الحجج قطعاً لعذر المكلفين، و دفعاً لمفاسد أمورهم، فجعلها قسمين باطناً و ظاهراً:
فالباطن: هو العقل (2) ، و هو على ما يظهر من التتبع في الأحاديث - كما
ص: 67
ص: 68
أشار إليه صاحب الوسائل في كتاب الجهاد - : قوة إدراك الخير و الشر، و التمييز بينهما، و معرفة أسباب الأمور، و نحو ذلك، و العقل بهذا المعنى هو التكليف (1)، و إن كان قد يطلق في الأخبار على غير هذا المعنى كالملكة الداعية إلى اختيار الخير و المنافع ، و اجتناب الشر و المضار و كالتعقل بمعنى العلم،
و يقابل بهذا المعنى الجهل - كما فعله صاحب الكافي (2)- كما أنّه بالمعنى الأول يقابل الجنون.
وأمّا الظاهر فهو إما ناطق وإما صامت:
والناطق أقسام: الملائكة و الأنبياء و الأئمة الأوصياء و العلماء القائمون مقامهم صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين.
و الصامت : هو الكتب، وسائر المخلوقات الدالة على الصانع، وأكثر المعجزات الدالة على صدق الأنبياء علیهم السلام.
وقد أنكرت البراهمة (3) من الهند غير العقل من الحجج، فإنهم أنكروا
ص: 69
النبوة، و يتبعه إنكار الإمامة و الكتب، فقالوا كل ما يعرف بالعقل فلا يحتاج فيه إلى النبي و غيره، و كل ما لا يمكن للعقل إليه طريق فهو غير مقبول عند العقلاء، فإذن دعوة النبوة غير مقبولة أصلاً .
و هذه الشبهة باطلة بالضرورة، فلا تستحق الجواب، و ربّما تورد على أصل التكليف فيقال : التكليف لغو قبيح بعد حكم العقل، و يرجع حاصله إلى أنّ التكليف هو خلق العقل المميّز بين المحاسن و المقابح، و هذا مما يشهد ببطلانه المخالف و المؤالف، مع أنّ الجواب عنه واضح، فإن ما يوافق العقل قسمان:
أحدهما ما يستقل العقل بإدراكه.
والثاني: ما لا يستقل.
و الحاجة إلى غير العقل من الأنبياء إنّما هو في القسم الثاني، مثل الكلام و الرؤية و المعاد الجسماني، لئلا يكون للناس حجة على الله بعد الرسول، و مثل إزالة الخوف عند الإتيان بالحسنات، لكونه تصرفاً في ملك الله تعالى بغير إذنه، و الخوف عند تركها لكونه ترك الطاعة، و مثل استفادة الحسن و القبح في الأفعال التي تحسن تارةً و تقبح أخرى في مقام الشك، من غير اهتداء للعقل إلى مواقعها كالصدق و الضرب إلى غير ذلك من الأشياء المحتاجة إلى الحجّة المبينة لمصالحها و مفاسدها (1)، بل الحاجة في القسم الأول أيضاً ليتعاضد النقل فيما يدل عليه العقل، و هو أمر مطلوب عند العقلاء.
فإن قيل : العقل مستقل بمعرفة أحكام الأشياء بأسرها بعد التفاته إلى
ص: 70
مواقعها، فهو كافٍ.
قلنا: هذا مما لا دليل عليه، بل الدليل على خلافه، ألا ترى أنّ الجنابة يتصور وقوعها على وجوه شتّى، كحال الاحتلام والجماع والتفخيذ و الدلك بالأشياء اللينة و نحوها، مع أنه لا يهتدى إلى أحكام هذه، بل لا يهتدى إلى حكم جنسها، فإنّه لا يفرق بين خروج المني و خروج المذي بل خروج النخامة و نحوها كما لا يخفى، و كثرة المثال تورث الملال.
فإن قيل : المعاضدة في القسم الثاني لغو.
قلنا اللغو ما خلا عن الفائدة (1)، و فائدة هذا القسم تقوية الداعي في المكلف، وهو أمر يحسّنه العقلاء.
وأما مثبتو الحجة غير العقل فهم بين قائل بوجوب اشتراط العصمة، و بين نافٍ له، فالنافي له الأزارقة (2)
ص: 71
من الخوارج (1)، فجوزوا عليهم الذنوب، و عندهم كل ذنب كفر و هذا لا يلزم القول بصدور الذنب عنهم؛ لعدم الملازمة بين تجويز الذنب و صدوره كما لا يخفى و مثلهم الحشوية (2)- على ما قيل - إلا أنهم لا يجوزون الكفر لمغايرة الذنوب والكفر عندهم.
و أما القائلون بالاشتراط فهم - بعد اتفاقهم في عدم اشتراطها في العلماء، و في ثبوتها للملائكة و الصامت من الحجج - بين قائل بوجوب اشتراطها في النبي و الوصي، و قائل به في الأول دون الثاني، ثم اختلفوا فبين قائل باشتراط العصمة عن كل معصية عمداً و سهواً، قبل كونهم حجة و بعده، من أول عمرهم إلى آخره، كالإمامية من الشيعة، و قائل ببعض المذكورات، و سيجيء التفاصيل، إن شاء الله تعالى.
هذا، و اعلم انّ المكلف بالنسبة إلى أخذ الأحكام بالنهج العادي على ستة
ص: 72
أقسام؛ لأنّ أخذه:
إما أن يكون بطريق الوحي و خلق العلم الضروري، كما في الأنبياء و الملائكة.
و إما أن يكون بطريق الأخذ عمّن لا ينطق عن الهوى.
و إما أن يكون بالاجتهاد أو التقليد.
أو الاحتياط أو الأخذ عن الإمام،و هذا أيضاً على ثلاثة أقسام؛لأنه:
إما أن يأخذ عنه بلا واسطة.
أو بواسطة قاطع .
أو بواسطة ظن (1) مقطوع بحجيته.
و ليس الكلام ههنا إلّا في القسم الثاني و السادس، لأنهما في الحقيقة واحد بالنسبة إلى المقام.
فنقول:
قالت الإمامية رضوان الله تعالى عليهم لا بدَّ في من يأخذ عنه المكلف تكاليفه الشرعية من النبي و الوصي علیهما السلام أن يكون معصوماً عن القبائح كلها، من أول عمره إلى آخره، كما يشترط في الرسول الباطن عصمته عن الجنون و الإغماء و السكر و سائر أسباب الاختلال (2)، و استدلوا على ذلك بوجوه من العقل
ص: 73
و النقل و الإجماع.
أمّا العقل: فهو أنّ الحجة لو لم يكن معصوماً لانتفت فائدة البعث،
و اللازم باطل، فالملزوم مثله.
بيان الملازمة: أنّه إذا جازت المعصية عليهم لم يحصل الوثوق بأفعالهم و أقوالهم لجواز الكذب حينئذ عليهم ، و إذا لم يحصل الوثوق لم يحصل الانقياد لأمرهم و نهیهم، فینتفی فائدة بعثهم ، وهو محال (1)؛ لأنه نقض للغرض، و هو غير جائز على الله تعالى، فيجب في حجته على خلقه العصمةُ.
و حقيقة هذا الاستدلال هي قاعدة اللطف (2)، فقد ثبت بالبراهين العقلية اللطف وجوب اللطف على الله تعالى بالنسبة إلى عباده، و هو المقرب لفعل الطاعة
ص: 74
و المبعد عن فعل المعصية، و أعظم المقربات كون الواسطة بينه و بين خلقه في وصول الأحكام التكليفية ممن يوثق بقوله، و إلّا لكان العبد غير مقطوع العذر؛ لعدم الداعي الكافي في فعل التكاليف.
فإن قلت: إذا ثبت للمكلف متابعة شخص معيّن بالأدلة القاطعة لعذره كالمعجزة و نحوها، فيجب عليه المتابعة، سواءٌ كان ممّن يوثق بقوله أم لا، فلا يجب العصمة في الحجّة؟
قلنا هذا صحيح، إلّا أنّه لمّا كان اللازم على الله تعالى التعريض للعباد على التكاليف؛ كان الواجب عليه أمرهم بالأخذ من الموثق بقوله، لقبح الأمر بمتابعة الكاذب أو المحتمل الكذب في المقام، فالواجب عليه بقاعدة اللطف جعل حجّته معصوماً عن موانع الوثوق؛ لاستكمال الداعي في المكلف، و إنْ كان المكلف مع عدمه مقطوع العذر على الفرض المذكور.
فإن قلت: إذا كان من الثابت المقطوع الثبوت حجية بعض أقسام الظنون كالشاهد و اليد و قول المجتهد في حق العامّي - مع أنّ احتمال الكذب قائم فيها - فَلِمَ لا يجوز حجّية قول غير المعصوم المحتمل الكذب؟
قلنا : فائدة العصمة ليست منحصرة في الوثوق بالقول و نحوه، بل العمدة منها كونه مرجعاً للأنام مع اختلاف مشاربهم، و يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا ممَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (1) فلو كان حجّة الله ممن يجوز عليه الكذب؛ لكان كأحدهم ، و لما كان مستحقاً للمرجعية.
و الإشكال السابق بأنّ الدليل القاطع للعذر يحكم بمتابعته - و لو كان
ص: 75
الكذب محتملاً في حقّه - يدفعه قبحُ جعله مرجعاً مع مساواته لغيره.
و منه يظهر الجواب عما لو استشكل بأنّ هذا الدليل لا يقتضي العصمة الكلية، بل مقتضاه اعتبار الوثوق القولي؛ و ذلك لأن تقديمه قبيح، بل لا بُدَّ من الوثوق في أفعاله؛ لأنها حجة كأقواله.
و ينشعب من هذا الاستدلال شعبة أخرى و هي: إنّ اللطف واجب عليه تعالى و منه التكليف (1)، كما هو مقرر في موضعه (2)، و يجب في التكليف البيان، و البيان الكافي هو العلمي، و لا يحصل بقول غير المعصوم، لأنّ المراد بالتكليف التكليف الواقعي المرشد إلى المصالح و المفاسد، و غير المعصوم يحتمل في حقه بيان ما لا يطابق الواقع، و على هذا فلا يرد الإشكال السابق بأنّ الحجة المقطوع الحجية يجب اتباعه كالعلماء؛ (لأنّ المفروض أنّ التكليف الواقعي الأولي يجب بيانه دون الظاهري، لعدم وجوب البدل للمبدل منه كليّاً، و كلام العلماء و نحوه خارج بالدليل، و الفرق بين هذا و ما سبق: أنّ الوجوب على هذا من باب المقدمة للتكليف، و فيما سبق من باب المقدمة لتقوية الداعي في المكلف.
وقد يتمسك عليه بلزوم التناقض في أوامر الحكيم؛ لأنّ حجيته تقتضي كونه حسناً مأموراً باتباعه، و احتمال كذبه في أقواله و خطئه في أفعاله يقتضي قبح الأمر باتباعه وهذا محال (3).
ص: 76
و أما النقل، فمن وجوه من الكتاب و السنة:
أما الأول فآيات:
الأولى: قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَإذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّنِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ (1).
ويقرر وجه الاستدلال بتقريرين
أحدهما: و هو المذكور في مجمع البيان (2) وشرح الفاضل المقداد (3)على الباب الحادي عشر (4) - انّ الله سبحانه نفى أن ينال عهدُه - الذي هو الإمامة، كما يظهر من سؤال إبراهيم علیه السلام من الإمامة في ذريته - ظالماً، و مَنْ ليس بمعصوم فقد يكون ظالماً لنفسه أو لغيره.
وثانيهما: و هو ما قرره الشارح القوشجي (5): إنّ غير علي علیه السلام ، - المعصوم -
ص: 77
من الائمة الثلاثة كانوا كافرين، و الكافر ظالم؛ لقوله تعالى: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالُونَ ﴾ (1)، و الظالم لا يصلح للإمامة؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين﴾ (2)في جواب إبراهيم علیه السلام حين طالب الإمامة للذرية (3).
و هذا الدليل جارٍ في الأنبياء بطريق أولى، و التقرير الأخير أولى من الأول؛ لأنّه لا ملازمة بين غير المعصوم و الظلم؛ لجواز أنْ لا يعصي من دون ملكة الاجتناب.
و أجيب عن الاستدلال : بأنّ غاية الأمر ثبوت التنافي بين الظلم و الإمامة، و لا محذور إذا لم يجتمعا (4).
و رُدَّ هذا الجواب: بأنّ الآية مطلقة فيشمل جميع أوقات الظالم أعني:
زمان ظلمه و زمان توبته.
أقول: هذه المسألة من فروعات مسألة أصولية، و هي: أنّ إطلاق المشتق على من اتصف به وقتاً ما، ثم زال الاتصاف هل هو حقيقة أم لا؟(5) (5)
فذهب الأشاعرة (6) (6) إلى أنّه مجاز مطلقاً .
ص: 78
و المعتزلة والشيعة - كما قيل - إلى أنّه حقيقة مطلقاً (1) .
ثُمَّ فصّل القائلون بالحقيقة بتفاصيل لا يسعها المقام، لما أورد عليهم من الإشكال في بعض الأفراد.
أمّا على القول بالحقيقة ؛ فلا إشكال في إطلاق الظالم على هذا التائب، فلا يناله عهد الله.
وأما على قول الأشاعرة فهو مجاز لا يصار إليه إلّا لدليل، و لعلّ الدليل هنا هو التنافر العرفي، فهو قرينة على أنّ المراد من الظالم الذي كان و الكائن، لا الكائن فقط.
فإن قلت: أين هذا من البرهان المحتاج إليه في هذا المقام؟
قلت: الاستدلال في هذا المقام إنما هو بالظواهر، و لا يخاطب بالظواهر اللفظية الفلاسفة و أصحاب المنطق، بل الحجّة متفاهم العرف. ولا يخفى أنه ما ذكرناه.
ص: 79
ثم أقول:
ههنا كلام بديع لعله الأوضح، و هو أنّ الظالم ههنا وقع على جميع الذرية؛ لأنه لما قال إبراهيم علیه السلام : ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ بإتيان الجمع المضاف؛ قال الله تعالى في :جوابه ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ (1) فإنّه عبارة عن ذريتك، و هذا نظير قوله تعالى: ﴿وَ لِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَن كَفَرَ﴾ الآية (2)، فأنه أطلق الكفر على ترك الحج، إشعاراً بأنه كفر، فأطلق لفظ الظالمين على الذرية إشعاراً بظلمهم.
وعلى هذا فنقول : قد حكم الله تعالى بظلم جميع الذريّة، والمقطوع الخروج هو المعصوم ، ويبقى الباقي تحت العموم، و لا معصوم سوى من يقول الإمامية بحجيته، و أمّا غيرهم فهو - و إن كان مطيعا إلّا أنه - لم يرتِق معارج العصمة، و لا إشكال في إطلاق الظالم على غير المعصوم، بعد ما ظهر من كلام الله تعالى.
و ههنا وجه آخر و هو أنْ يقال: لمّا ابتلى اللهُ تعالى إبراهيم بالكلمات فأتمهن؛ جعله إماماً للأنام، جزاءً له على ذلك، و الدليل عليه أنّ قوله : ﴿جَاعِلُكَ﴾ عَملَ في قوله : ﴿إمَامًا﴾ و اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي؛ لا يعمل عمل الفعل (3)، فلو قلت: أنا ضارب زيد أمس. لم يجز (4)، فوجب أن يكون المراد أنه جعله إماماً، أمّا في الحال أو الاستقبال، و هذا هو الجزاء.
و حينئذ نقول: فعلى هذا يكون الإمامة وظيفة مَن أتم كلمات الله تعالى - أعني ما أراد منه من التكاليف - و غير المعصوم لا يُعلم منه إتمام الكلمات،
ص: 80
(1)؛ لأن العاصي ظالم لا محالة ، فلو كان الحجة غير معصوم لاستحق اللعن، و هو باطل بالإجماع.
الرابعة: قوله تعالى: ﴿وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ (2)لأنّ العاصي قد أغواه الشيطان، و إغواؤه الحجّة باطلٌ بالإجماع، و لأنّه لو كان كذلك، لكان من أحزاب الشيطان و متبّعيه، و هو قطعي البطلان، ضرورة كونه
ص: 81
من أحزاب الله تعالى.
و أمّا السُنّة:
فهي على حدِّ التواتر من الطرق العامّية و الخاصيّة، بل يدل عليه أغلب الأخبار الواردة في كتاب الحجّة من الكافي، و نحن نورد بعضاً منها:
ففي باب جامع في فضل الإمام في حديث عبد العزيز، عن الرضا علیه السلام: «إنّ العبد إذا اختاره الله تعالى لأمور عباده شرح صدره لذلك، و أودع قلبه ينابيع الحكمة، و ألهمه العلم إلهاماً ، فلم يعي بعده بجواب، و لا يحير (يحيد) فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد موفق، مسدّد من الخطأ و الزلل و العثار » (1).
و في خطبة أبي عبد الله علیه السلام ذكر من صفات الإمام علیه السلام، بالمعنى الأعم الشامل للأنبياء علیهم السلام، حيث قال:
«اختاره بعلمه، و انتجبه لطهره، بقية من آدم علیه السلام، و خيرة من ذرية نوح، و مصطفى من آل إبراهيم، و سلالة من إسماعيل، و صفوة من عترة محمد صلی الله علیه و آله و سلم، لم يزل مرعياً بعين الله، يحفظه و يكلؤه بستره، مطروداً عنه حبائل إبليس و جنوده، مدفوعاً عنه وقوب الغواسق، و نفوث كل فاسق، مصروفاً عنه قوارف السوء، مبرءاً من العاهات، محجوباً عن الآفات، معصوماً من الزلات، مصوناً من الفواحش كلها» الحديث (2)
ص: 82
و اما الإجماع:
فمحصّله (1) و منقوله (2)، غير خفی علی المحصلين، بل الضرورة عند الإمامية قائمة (3). هذا تمام الكلام في الاستدلال.
و قد أُورد عليه: بأنّ هذه الأدلة غير وافية بتمام ما يدّعيه الإمامية؛ لأنّ المدعى - كما تقدم - العصمة عن المعاصي كلها، صغيرها و كبيرها، قبل كونهم حجّة و بعده، عمداً و سهواً، مع أنّ ما ذكر من الأدلة لا يفي بذلك، فإنّ صدور الذنب عنه سيما الصغيرة سهواً لا يخلُ بالوثوق بقوله و فعله، و المتابعة قبل الحجّية غير واجبة، و بعدها إنّما يجب فيما يتعلق بالشريعة و تبليغ الأحكام، و بمجرد (4)صغيرة و لو عمداً؛ لا يُعدُ المرءُ من الظالمين على الإطلاق، و لا من الفساق، و لا من الذين أغواهم الشيطان، و لا من حزبه، سيما مع الإنابة، و الأخبار أيضاً لا تقتضي العصمة الكليّة، و التمسك بالإجماع على العصمة دوري عند الإمامية؛ لأنه إثبات العصمة بالعصمة، مع أن الصدوق رحمه الله (5) يعد نفي السهو عنهم من
ص: 83
أول مراتب الغلو (1)، و ظاهر كلام الطبرسي رحمه الله (2) في مجمع البيان اتفاق الإمامية على جواز السهو و النسيان عليهم في غير ما يؤدّونه عن الله تعالى، حيث قال - بعد قوله تعالى في سورة الأنعام: ﴿فَلا تَقْعُدُ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ﴾ (3) حین استدلّ الجُبّائي (4) بهذه الآية على بطلان قول الإمامية بأنّ النسيان لا يجوز
ص: 84
على الأنبياء علیهم السلام - : و أمّا السهو و النسيان؛ فلم يجوّزوهما عليهم فيما يؤدّونه عن الله تعالى، و أمّا ما سواه؛ فقد جوّزوا عليهم أن ينسوه أو يسهوا عنه ما ا لم يؤدِ ذلك إلى إخلال بالعقل، و كيف لا يكون كذلك و قد جوّزوا عليهم النوم و الإغماء، و هما من قبيل السهو، فهذا ظنٌ منه فاسد، و إنّ بعضَ الظن إثم (1).
و أقول : هذه الأدلة بتمامها وافية بالمراد بعد بيان وافٍ:
أمّا الدليل العقلي؛ فلأن الصغائر عمداً و سهواً، و الكبائر سهواً، مِن أقدح الأشياء في الوثوق، و لا يرتاب العقلاء بالنظر إلى عقولهم في قدحها؛ لأن الوثوق العقلي إنّما هو في قول مَن ليس فيه شيء من أسباب الاختلال، و ما ذكر من الأسباب يخلُّ بالوثوق قطعاً، كما يظهر لمن راجع الوجدان.
و أمّا اعتداد أهل العرف بأقوال أمثالهم، فهو من باب العسر لو بني على الدقة والتوقف واختلال أمر معاشهم، و هذا نظير دفع الضرر، فإنّ مظنونه و محتمله ممّا يجب الذب عنه كما قيل
(2)، إلا أنّ لزوم اختلال المعاش ألجأ الناس إلى عدم الاعتداد بالضرر المشكوك كالمشي تحت الحائط المشكوك الضرر بالخراب، و كالشرب من الماء المشكوك الضرر بالوباء و نحوه، إلى غير ذلك، بل ربما يلجأون إلى ارتكاب مظنون الضرر، بل المقطوع حين كونه أسهل من غيره.
و الإشكال السابق بأنه لو وجب اتباعه لم يخلْ به ما ذكر؛ يدفعه: أن تعيين هذا الشخص لوثوق الناس بقوله و فعله قبيح، و الناس المختلفة المشارب، المتشتتة الآراء، متنفرون عن مثل هذا الشخص، فلا يستكمل اللطف في حقهم، لضعف
ص: 85
الداعي حينئذ، و نحن نمثل لك مثلاً ربّما يشفي غليل صدرك، و هو أنّ أحداً لو نظر إلى مَن لا تحب أنْ يُنظر إليه مِن أقاربك حتى مثل الجواري، أو فعلَ ما يبغضك عنه سهواً؛ لا ترغب أنْ تنظرَ إليه، فكيف أن تطيعه، حتى أنّ في التكليف بإطاعته نوعُ مشقة، و لا يمكن ميل النفس إليه لو خليت و طباعها، و هذا مما يضعف الداعي في المكلف قطعاً، مع أن تقويته لطف واجب على الله تعالى.
و الحاصل: أنّ إيصال التكاليف إلى العباد لا بُدّ فيه مما يميل قلوب المكلفين به إليه ميلاً طبعياً اختيارياً لا التعسري، و هذا لا يتم إلاّ بعصمته مبلغ السابق.
و أمّا القول بأنّه لا يعدّ المرء من الظالمين و لا من الفساق و لا من الذين أغواهم الشيطان و لا من حزبه، بمجرد كبيرة سهواً أو صغيرة و لو عمداً؛ شططٌ من الكلام؛ لأن الأشخاص على تفاوت مراتبهم متفاوتة في العرف بالنظر إلى صدق هذه الأوصاف، فبعضهم لا يلوّث ذيل عصمته ألف معصية، كأكثر أبناء زماننا، و بعضهم يخلُّ به الفواحش دون المعاصي الخفيّة، و بعضهم يخلُّ به الكبائر دون الصغائر، إلى (1)أنّ بعضهم لو صدر منه الصغير من الذنوب لعُدَّ من الظالمين و الفاسقين، و لو قبل التكليف، كما هو واضح في متفاهم العرف.
و مِن هنا قد حققنا في بعض كلماتنا قوله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ للْعَبِيدِ ) (2) بأن الأولى أن لا يحمل على النسب؛ لأنّ الحق أنّ هذه الصيغة حقيقة في المبالغة، للتبادر و هو علامة الحقيقة، و الأصل وضعيته، فاستعمالها في غير المبالغة مجاز، لا يُصار إليه مع التمكن من الحمل على الحقيقة، و هنا الحمل ممكن؛ لأنّ مَن كان يسمّي نفسه بالرحمن و الرحيم، و دلّ على عدالته جميع الأدلة، لو فعل الظلم مرّة واحدة بأسهل ما يتصور؛ كان أظلم مِن الظالمين لو فعلوا ذلك
ص: 86
مراراً؛ لكثرة شناعته، و هو تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً، فهذه الصيغة استعلمت في معناها الحقيقي تنزيلاً، و إن كان المراد أنّهم لا يتصفون بهذه الصفات حقيقة فهو بديهي الفساد؛ لأنّ المشتق حقيقة فيمن تلبّس بالمبدأ و لو مرة واحدة كما لا يخفى، غاية ما في الباب أنّه متصف بهذه الصفات لكنّه معفو عن عقوبتها، كما أنّ القاتل سهواً معفو عن العقوبة الأخروية مع أنّه قاتل، بل مقتضى ما تقدم من العصمة كونه معاتباً عليها ليكون داعيه مؤكداً، حتى لا يصدر عنه مثل
ذلك.
فإن قلت: السهو و النسيان مما يعتري الإنسان قهراً، فلا يصحّ التكليف به، لأنه مشروط بالاختيار.
قلت: المقصود من ذلك أنّه مكلّف ببعض ما يمنعه عن السهو و النسيان و هو واضح.
وأما الأدلة النقلية (1)فحملها على مقتضى العقول هو المتعين؛ لاحتمالها وجوه التصرفات اللفظية، بخلاف العقل فإنّه لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، و لا يدخله المجاز، مضافاً إلى أنّ الخبر السابق (2)عام في جميع الزلات و هو المطلوب، و لا يتوقف صدقها على إثبات العصمة بعد موافقتها للعقل.
وأما الإجماع فلا يرد عليه الإشكال، بوجه من وجهيه (3)
امّا الأول؛ فلأنّ العصمة تتوقف على هذا الإجماع الخاص، و هو مشتمل على المعصوم بالاتفاق، سواء اعتبر في عصر النبي صلی الله علیه و آله و سلم أو فيما بعده، فحقيقة هذا
ص: 87
الاستدلال إثبات العصمة في مطلق الحجّة بإجماع خاص مشتمل على المعصوم من الخطأ (1)قطعاً.
و أمّا الإشكال الثاني؛ فهو مدفوع من أصله؛ لأنّ الصدوق رحمه الله إنّما قال ذلك نظرا إلى بعض الأخبار ، و لا يخفى عدم حجّية (2)ظواهرها في المقام، فاشتباهه بيّن كاشتباه مَن قال بمقالته، كالمحدّث القاساني (3)، و السيد الجزائري (4) ؛ لأنّ الإجماع واقع على أنّ اللفظ بعد حجيته ممّا يستحق التأويل لو خالف بعض أحكام العقل، لما تقدم من أنّ اللفظ مما يحتمل وجوهاً من التصرفات دون العقل، و عزلُ العقل في مقابل اللفظ شططٌ بحت.
و أمّا الطبرسي رحمه الله فكلامه ظاهر في الاشتباه؛ لأنه قاسَ السّهو و النسيان
ص: 88
بالنوم و الإغماء، فبجواز الأخيرين حكم بجواز الأولين، مع أنّ بينَ هذه الأمور بوناً بعيداً؛ للفرق البيّن بين السهو و النسيان و بين النوم و الاغماء، في الوثوق القولي و الفعلي، مُضافاً إلى أنّ ههنا كلاماً آخر و هو: أنّ حالة النوم و نحوه سواء في حقهم مع يقظتهم بالنسبة إلى ما يضر بالعصمة، كما يشهد به بعضُ الأخبار (1).
تتمة
هل يضرّ هَمُّ المعصية بالعصمة أم لا؟
فنقول: ههنا :مقامان
الأول: هل هو معصية أم لا؟
الثاني هل يخلُ بالعصمة - و إن لم يكن معصية - أم لا؟
أمّا المقام الأول: فالأخبار فيه مختلفة، فالمصرح به في كثير منها العفو عنه (2)، و يظهر من بعض آخر العقاب على القصد، مثل قول النبي صلی الله عليه و آله و سلم : «إنّما يحشر الناس على نياتهم (3) ، و قوله صلی الله علیه و آله و سلم : «نيّة الكافر شرٌّ من عمله» (4)، و ما ورد من تعليل خلود أهل النار في النار و خلود أهل الجنة في الجنة، بعزم كلِ من الطائفتين على الثبات على ما كان عليه من المعصية و الطاعة، لو خُلدوا في الدنيا (5)، و ما
ص: 89
ورد من أنّه : «إذا التقى المسلمان بسيفهما ؛ فالقاتل و المقتول في النار. قيل يا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال : لأنه أراد قتل صاحبه» (1)، و ما ورد في العقاب على فعل بعض المقدمات بقصد ترتب الحرام، كغارس الخمر (2)، والماشي لسعاية مؤمن (3)، و ما ورد في الصحيفة السجادية: «فأما العاصي أمرك، و المواقع نهيك، فلم تعاجله بنقمتك، لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الإنابة إلى طاعتك، و لقد كان يستحق في أول ما همَّ بعصيانك كلَّ ما أعددت الجميع خلقك مِن عقوبتك» (4). و فحوى ما دلّ على أنّ الرضا بفعل كالفعل، مثل ما عن أمير المؤمنين علیه السلام أنّ الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، و على الداخل إثمان: إثم الرضا و إثم الدخول. (5) و يؤيّده قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (6)، و قوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله﴾ (7)، و ما ورد أنّ: «من رضي بفعل؛ فقد لزمه و إن لم يفعل» (8)، و قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ
ص: 90
عُلُواً فِي الْأَرْضِ وَ لَا فَسَادًا ﴾ (1)
وقد حملَ بعضُ الأساطين (2) الأول على من ارتدع عن قصده بنفسه، و الأخبار الاُخر على من بقي على قصده حتى عجز عن الفعل لا باختياره، أو بحمل الأول على مَن اكتفى بمجرد القصد، و الثانية على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدمات، كما يشهد له حرمة الإعانة على المحرّم (3).
أقول: القصد هو عقد القلب على فعل من الأفعال، لا محض خطور الفعل بالبال، فإنّ الثاني مما لا يتعلق به القدرة، لأنّه ممّا يعتري الإنسان قهراً، فيقبح التكليف به، وذلك كخطور الرياء، و الزنا، و اللواط، و العقائد الفاسدة، و ما يمتنع أن يكون الله تعالى و رسوله و سائر حججه عليه، و كون العالم بلا فاعل و غير ذلك من الخطرات الفاسدة.
و أما الأول فالأخبار مختلفة في شأنه، و قد تليت عليك آياته فنقول
و أما القسمان الآخران :أعني الهمَّ الاختياري بالقلبي الاختياري،
و بالجارحي الاختياري، فلهما أيضا صورتان:
الأولى: أنْ يكون الهمّ في نفسه معصية نفسياً لا تبعياً، و لا إشكال في كونه معصية، كهمّ الأنبياء و سيجيء، و كقصد الكفر على ما قاله الشهيد في الروضة (1).
و الثانية: أنْ لا يكون كذلك، و هو محل الكلام؛ و الظاهر أنّه غير معاقب عليه، و الأخبار الأخيرة لا تدل عليه حتى نحتاج إلى الحمل؛ لأنّ النية تطلق على وجه المَنْويّ إطلاقاً شايعاً، و قد أشار إليه في القاموس حيث قال: (النية: الوجه الذي تذهب فيه) انتهى (2).
و الوجه هو الغرض من الفعل، فهو لا ينفك عنه، فالمراد بقوله صلی الله عليه و اله و سلم): «يحشر الناس على نياتهم» (3)على وجوه أعمالهم، وكذا قوله صلی الله علیه و آله و سلم : «نية الكافر شر من عمله » (4)و لا یخفی أنّ العزم علی الأعمال خلود الدهر قد يمكن أن يكون معصيةً في نفسه، و إنْ لم يكن الهمّ بالمعصية الجزئيةِ معصيةً؛ لأن حال العازم كذلك كحال المنكر .
و أما قوله صلی الله علیه و آله و سلم : ( لأنه أراد قتل صاحبه» (5)، فيمكن أن يكون لأجل أنّه يريد قتله ليكفره، و هو حكم بغير ما أنزل الله ، و مَن لم يحكم بما أنزل الله؛ فأولئك هم الكافرون، و الكافر في النار.
ص: 92
و أمّا الثواب و العقاب على بعض المقدمات؛ فيجوز أن يكون لكونه
محبوباً أو مبغوضاً نفسياً، و ان كان تبعياً على وجه المقدمية.
و أمّا قوله علیه السلام، في الصحيفة؛ فيحتمل أن يكون المراد أنّه و إنْ كان يستحق بالنظر إلى خبث باطنه، إلّا أنّه تعالى قد عفى عنه تفضلاً منه، كما هو مدلول الأخبار الأولة، و هو أيضاً مدلول فحوى قول أمير المؤمنين علیه السلام .
أو يقال: الرضا فعل من أفعال القلب غير الإرادة، و هو منهيّ عنه، و يدل على المغايرة أنا قد نقصد الرضا بشيء معلقاً على صدور فعل مِن شخص، كما يُقال: لو فعلت كذا، لرضيت عنك. مع أنّ الرضا غير موجود.
و أما قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُحِبُّونَ ...﴾ الآية (1)، فمعناها ما ذكرناه؛ لأنّ
محبة الشيء غير إرادته، كما هو ظاهر، و هو أيضاً مفاد قوله تعالى : ﴿إن تُبْدُوا ..﴾ الآية (2)؛ لأنّ المراد إبداء الأفعال القلبية و اخفاؤها، و قد مرّ الجواب عن قوله صلی الله علیه و آله و سلم : «من رضي بفعل فقد لزمه و ان لم يفعل» (3)، و أما الآية الأخيرة (4)؛ فهي ساکتة عن حال المريدين للعلو و الفساد ؛ لأنّ مفهوم الصفة أو اللقب ليس بحجة (5)، و أما ما حمله البعضُ المتقدّم (6)؛ فهو بعيد عن الصواب، خالٍ عن الشاهد، كما لا يخفى.
ص: 93
و أمّا المقام الثاني: فهو أنه هل يضرَّ بالعصمة أم لا؟
فنقول: يظهر من حديث الرضا علیه السلام في جواب المأمون؛ أنّه يخلُّ بالعصمة، حيث قال في الجواب عن سؤال همّ يوسف علیه السلام : «لكنه كان معصوماً، و المعصوم لا يهمّ بذنب، و لا يأتيه» (1) فهو من قبيل السهو و النسيان، وهما ينافيان العصمة كما تقدم، و ليسا من الذنوب على ما قيل (2).
و التحقيق؛ أنّه معصية في حقهم، كالسهو و النسيان، كما تقدم من معنى العصمة و أركانها ، مضافاً إلى أن قوله علیه السلام : «لا يهم بذنب و لا يأتيه»؛ أنّ الأول من قبيل الثاني، بالنظر إلى المعصوم، و مِن هنا قال المرتضى رحمه الله في بعض كلماته: (و من أكبر السوء و الفحشاء العزم على الزنا، ثم الأخذ فيه و الشروع في مقدماته) (3).
هذا ما ذهب إليه أصحابُنا الإمامية رضوان الله عليهم (4).
ص: 94
ص: 95
و أما غيرهم، فقد اختلفوا في مرتبة العصمة، و أنّها من أيّ معصية تجب؟
فإنّ ما يتوهم صدوره عن الأنبياء علیهم السلام من المعاصي إما أن يكون منافياً لما يقتضيه المعجزة، كالكذب فيما يتعلق بالتبليغ أو لا.
و الثاني: إمّا أن يكون كفراً أو معصيةً غيره، و هي إما أن تكون كبيرة كالقتل و الزنا، أو صغيرة منفّرة كسرقة لقمة، و التطفيف بحبة، أو غير منفرة ككذبة و شتمة و همّة بمعصية، كل ذلك إما عمداً أو سهواً بعد البعثة أو قبلها (1).
فممّن خالفهم في الأول القاضي (2)، فإنّه جوّز عليهم ما ينافي مقتضى المعجزة سهواً، زعماً منه أنّه لا يخلّ في التصديق المقصود بالمعجزة (3).
و في الثاني الأزارقة من الخوارج، بناءً على تجويزهم الذنب، مع قولهم بأنّ كل ذنب كفر. و وافقهم الشيعة في إظهاره تقية (4) ، و احترازاً عن إلقاء النفس إلى التهلكة (5)، و هذا من ضروريات مذهبهم، فلا يردّه الوجوه الاعتبارية، كالقول
ص: 96
بأنّ أولى الأوقات بالتقية ابتداء الدعوة (1)، لضعف الداعي و شوكة المخالف، و ذلك؛ لأنّ المصالح تختلف باختلاف المقامات.
و في الثالث أعني: الكبيرة عمداً بعد البعثة الحشويةُ (2) .
و في الرابع و الخامس، أعني الصغيرة المنفّرة و غير المنفّرة عمداً، إمام الحرمين من الأشاعرة (3)، وأبو هاشم (4)
ص: 97
من المعتزلة (1). و في البقية أقوامٌ لا يعتنى بقولهم.
و الشاهد على مدعاهم شيءٌ واحد و هو عدم الإخلال بالوثوق؛ فمنهم مَن يقول: لا يخلُّ به الصغيرة؛ لأنها مكفّرة باجتناب الكبيرة. و منهم من يقول: لا يخلُّ به ما صدر قبل البعثة لعدم المدخلية، إلى غير ذلك (2).
و الجميع مردودٌ؛ بما تقدم مِن الأدلة، فلا وجه للإعادة، إلّا أنّ الكلام في اشتراطها في الإمام و عدمه؛ يحتاج إلى بسط، فنقول:
اختلف العلماء في أنَّ الإمام هل يجب أن يكون معصوماً كالنبي صلی الله علیه و آله و سلم أم لا؟
فذهب الإمامية و الإسماعيلية (3)إلى وجوبه، و باقي الفرق إلى عدمه (4).
استدل الأولون بوجوه خاصة، سوى ما تقدم من الأدلة العامة:
الأول: أنّه لو لم يجب عصمته لزم التسلسل، وجه اللزوم أنّ المحوج إلى الإمام جوازُ الخطأ على الأمة في العلم و العمل، فلو جاز الخطأ على الإمام أيضاً لوجب له إمامٌ آخر ويتسلسل (5).
الثاني: أنّ الإمام حافظ للشريعة، فلو جاز الخطأ عليه؛ لم يكن حافظاً لها(6) (6).
ص: 98
الثالث: أنه لو أقدم الإمام على المعصية؛ لوجب إنكاره، و هو مضادٌ
لوجوب إطاعته، الثابت بقوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أُولِي الأمرِ مِنكُمْ﴾ (1)، و مفوتٌ للغرض من نصبه، أعني: الامتثال لما أمر به، و الاجتناب عمّا نهى عنه، و اتباعه فيما يفعله (2) .
الرابع: أنّه لو أقدم على المعصية؛ لكان أقلَّ درجة مِن العوام؛ لأنّه أعرف بمثالب المعاصي و مناقب الطاعات، فصدور المعصية منه أقبح من العوام (3).
و قد أجاب المخالفون عن الثلاثة الأول:
أمّا الأول: فبأنّا لا نسلم أنّ الحاجة إلى الإمام ما ذكرتم، بل ما ذكرنا في وجوب نصب الإمام؛ مِن وجوب إقامة الحدود، و استجلاب المنافع، و استدفاع المضار، إلى غير ذلك (4).
و أمّا الثاني: فبأنّه ليس حافظاً لها بذاته؛ بل بالكتاب والسُنّة، و إجماع الأمة، و اجتهاده الصحيح، فإن أخطأ في اجتهاده فالمجتهدون يردون، والآمرون بالمعروف يصدّون ، و إن لم يفعلوا أيضاً، فلا نقض للشريعة القويمة (5).
و أمّا الثالث: فبأن وجوب الطاعة؛ إنّما هو في ما لا يخالف الشرع، و أمّا في ما يخالفه فالرد و الإنكار، و إن لم يتيسر فسكوتٌ عن اضطرار (6).
أقول : ليت شعري، ما فصل بين النبوة والإمامة؟
ص: 99
و أي دليل يفرّق بينهما، مع أنّهما في مرتبة الإتحاد بالنسبة إلى العصمة؟
و ما أدري ما فعل بعلمائنا حيث فصلوا بين المقامين، و خصوا مقام عصمة الإمام بالأدلة الخاصة، و الحال أنّه لا وجه للتخصيص؛ لأنّ الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجّته، إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً، لئلا تبطل حجج الله و بيّناته، و هذا مجمع عليه بيننا (1)، و به الروايات متظافرة (2).
و محض اختلافهم في الوظيفة؛ لا يوجب اختلافهم في العصمة، فكما يشترط في النبي صلی الله عليه و آله و سلم العصمة لمكان إيصال التكاليف، فكذا يشترط في الإمام لمكان حفظ الشريعة، و كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم، و إن نقصوا شيئاً أتمه لهم (3)، و لأنْ يُعرفُ الحقّ من الباطل (4)؛ و الدليل على المقامين سواء، و كل ما يجري في الأنبياء يجري في الأئمة و بالعكس، و لا يرد العلماء فإنّهم نوّاب في وصول الأحكام، و لذا يراقبهم الإمام علیه السلام في الزيادة و النقصان على ما ورد به الخبر (5)؛ فلا يشترط فيهم العصمة لذلك.
فهذه الأدلة على فرض مغايرتها للأدلة السابقة، جارية في الأنبياء، و الراد لها ساقط عن مدارج أهل العلم، لجعله الإمام بمنزلة سائر الناس، و هذا القول باطلٌ، و يردّه جميع الأدلة السابقة.
ص: 100
الموقع الثالث
في وجوب اعتقادها
فنقول: قال العلّامة في الباب الحادي عشر: أجمع العلماء كافة على وجوب معرفة الله تعالى، و صفاته الثبوتية و السلبية، و ما يصح عليه و [ما] يمتنع {عنه}، و النبوة، و الإمامة . انتهى (1).
و المراد بالمعرفة التصديق العلمي و الاعتقاد، و ظاهر هذا الكلام و إن كان مُجملاً بالنسبة إلى اعتقاد العصمة؛ إلّا أنّ الشهيد الثاني رحمه الله (2)استظهر منه اعتقاد العصمة، حيث قال في وجه وجوبه: (لأنّ الغرض المقصود من الرسالة لا يتم إلّا به، فينتفي الفائدة التي باعتبارها وجب إرسال الرسل) انتهى (3).
ص: 101
و استدل عليه بعضُ الاساطين (1) بعمومات وجوب التفقه، و كون المعرفة أفضل من الصلاة الواجبة، و أنّ الجهل بمراتب سفراء الله تعالى - مع تيسّر العلم بها - تقصيرٌ في حقهم، و تفريط في حبّهم، و نقصٌ يجب -بحكم العقل - دفعه، بل مِن أعظم النقايص، و قد أمر (2)النبي صلی الله علیه و آله و سلم إلى ذلك، حيث قال - مشيراً إلى بعض العلوم الخارجة من العلوم الشرعية - :«إنّ ذلك علم لا يضرّ جهله» ثم قال: «إنّما العلوم ثلاثة: آيةٌ محكمة، و فريضةٌ عادلة، و سنةٌ قائمة، و ما سواهن فهو فضول» (3)، و قد أشار إلى ذلك رئيس المحدثين في ديباجة الكافي (4)، حيث قسّم الناس الى أهل الصحة و السلامة، و أهل المرض و الزمانة، و ذكر وضع التكليف عن الفرقة الأخيرة (5).
و يمكن أن يستدل عليه، بوجوب الاعتقاد بجميع ما جاء به النبي
صلی الله علیه و آله و سلم؛ لأنّ منها عصمة حججه، و إنْ كان مؤكداً لما ارتكز في العقول.
و قد خالف في المسألة جميع مَن جوّز التقليد الظني في الأصول الدينية، فإنّ الظن ليس من جنس الاعتقاد - على ما ذهب إليه المرتضى (6)، و القاضي (7)،
ص: 102
و أبو علي (1)-؛ لأنّه لا عقد فيه، بل رجحان أحد الأمرين المجوزين، و على فرض كونه من جنس الاعتقاد - كما هو مذهب أبي هاشم (2)لاشتماله على العقد الضعيف - لا يحصل التوافق؛ لأنّ المعتبر عند غيرهم الاعتقاد العلمي.
و ينبغي التنبيه لأمور:
الأول: هل المعتبر اعتقاد عصمة كل شخص منهم بأعيانهم، أو يكفي اعتقاد العصمة في كلي الحُجّة؟
لم أعثر في كتب القوم علی تصريح بذلك، إلّا أنّ الظاهر هو الأخير؛ لأنّ الأنبياء غير محصورين، وقد أُختلف في عددهم، فروي في بعض الأخبار: أن عددهم مائة ألف وأربعة و عشرون ألفاً، و في بعضها: أن عددهم ثمانية آلاف نبي، أربعة آلاف من بني إسرائيل، و أربعة آلاف من غيرهم. قاله
الطبرسي رحمه الله (3).
فلو اعتبر اعتقاد عصمة كل شخص بعينه؛ لم يكن لغير الحجج سبيل إليه، فيقبح التكليف به، و لا دليل على كفاية الظن هنا، لو قيل بالرجوع إلى أهل التاريخ - مع أنّ أكثر هم قاصرون عن ذلك، و مختلفون فيما يذكرون منهم - نعم كل من يعرفه بشخصه من الحجج يعتقد عصمته بشخصه، لكن من حيث إنّه حجّة لا من حيث خصوصية أخرى.
الأمر الثاني: الوجوب، قد يكون مطلقاً، و قد يكون مشروطاً (4)، و على
ص: 103
التقديرين؛ قد يكون عينياً، وقد يكون كفائياً (1)، فوجوب اعتقاد العصمة في الحجج؛ لا يخلو من هذه الأقسام الأربعة.
أما كونه مطلقاً؛ فهو الظاهر من كلمات الأكثرين حيث جعلوا حالها كحال سائر العقائد الواجبة، على نحو الإطلاق (2)، إلا أنّه يظهر من بعض الأعلام (3)كونه مشروطاً بما لو حصل، حيث قال: مقتضى عمومات وجوب المعرفة و غيرها؛ هو وجوب المعرفة و ما يتبعها، على كل قادر يتمكن من تحصيل العلم، فيجب الفحص حتى يحصل اليأس، فإن حصل العلم بشيء من هذه التفاصيل اعتقد و تدين، و إلا توقف و لم يتدين بالظن لو حصل له. انتهى . (4)
و لعله لا يخلو من وجه، لأنّ هذا و أمثاله مما يعتبر فيه العلم، و مع العجز لا يقوم الظن مقامه، لأنّ قيامه إنّما هو في ما لو كان المقصود منه محض كونه طريقاً، فإنّ العنوان حينئذ كونه طريقاً، و مع العجز عنه يقوم طريق شرعي آخر
ص: 104
مقامه، و أمّا إذا كان بعنوان خصوص كونه علماً ؛ فلا، كما فيما نحن فيه، و حيث لا يقوم الظن مقامه -:
فإمّا أن يكون التكليف بالعلم باقياً أم لا، فعلى الأول يلزم التكليف بما لا يُطاق؛ لأنّ حالها ليس كحال سائر العقائد، المقطوع بأنّ لها طريقاً، و أنّ غير الواصل مقصر لعدم معلومية ذلك، و على الثاني فالأمر واضح،إلّا أنّ الظاهر من كلمات القوم خلاف ذلك كما عرفت.
و أما كونه عينياً أو كفائياً؟ فالظاهر من كلام البعض المتقدم الأخير، حيث قال - في رد مَن زعم أنّ الاشتغال بالعلم المتكفل بمعرفة الله تعالى، و معرفة أوليائه أهم من الاشتغال بعلم المسائل العملية، بل هو المتعين، لأنّ العمل يصح عن تقليد فلا يكون الاشتغال بعلمه إلا كفائياً بخلاف المعرفة-: إنّ الانصاف يقتضي الإذعان بعدم التمكن من ذلك إلا للأوحدي من الناس؛ لأنّ المعرفة المذكورة لا يحصل إلا بعد تحصيل قوة استنباط المطالب من الأخبار، و قوة نظرية أخرى، لئلا يأخذ الأخبار المخالفة للبراهين العقلية، و مثل هذا الشخص مجتهد في الفروع قطعاً، فيحرُم عليه التقليد، و دعوى جوازه له للضرورة؛ ليس بأولى مِن دعوى جواز ترك الاشتغال بالمعرفة، التي لا يحصل غالباً إلّا بالأعمال المبتنية على التقليد (1).
و أما كلام الأكثرين، فهو ظاهر في الأول، و هو مقتضى السيرة المستمرة، بل لا يبعُد كونه ضرورياً، فضلاً عن كونه اجماعياً - كما هو ظاهر كلام العلّامة و غيره - و حينئذ فيسهل على المستدلين من العوام تحصيله.
و لعل مُراد الفاضل المتقدم: أنّ الأدلة لا تقتضي أزيد من ذلك، و إن كانت
ص: 105
المسألة خالية عن الإشكال.
نعم، لو أريد من اعتقادها الاعتقاد الحاصل من الاستدلالات الكلامية و دفع الشبهات؛ فكلامه في موقعه، و كلام القوم منزل عليه.
الأمر الثالث: المعتبر عصمتهم عما هو معصية في حقهم، فلو كان شيء معصية في شرع، ثمّ نسخ في شرع النبي اللاحق؛ لا يجب عصمته عنه، لعدم كونه معصية في حقه حينئذٍ.
فإن قلت: بعضُ الأفعال مما يتنفر عنه الطباع، فلو انقلب التكليف لزم صدور فعل ما يتنفر عنه عن الحجّة، و قد أنكرتم ذلك؟
قلت: أولاً: لم يثبت هذا القبيل من النسخ، لأنّ مثل ذلك ممنوعٌ في كل شرع.
و ثانياً: أن النسخ تابع لمصالح العباد، و قد ينقلب الطباع، بل لا يبعد أن يُدّعى: أن علة النسخ ذلك، و الوجدان شاهد عليه، ففي [بعض] (1) الأزمنة يتنفّر عن بعض الأشياء، و في بعض آخر يقبل إليه، كما نشاهد في طباع الناس في اللباس و غيره، فيتنفر عن بعضها في عصر و يستحب في بعض آخر، ألا ترى أنّ أهل الجاهلية كانوا يدفنون بناتهم في حياتهن، مع أنه قبيح في هذه الأزمنة.
و إن قيل: هذا الفعل لدفع العار، و تضييع الأنساب.
[قلنا ] فهو أثبت لمطلوبنا؛ لعدمه في زماننا، و موارد الشاهد كثيرة، و قد استقصينا الكلام فيه في بعض كلماتنا .
و قد ظهر من ذلك أنه لو كان شيءٌ معصيةً في حقه في زمان خاص أو
ص: 106
مكان خاص، ثم صار جائزاً؛ لا يجب العصمة عنه، و الإشكال المتقدم، يدفعه الجواب السابق.
الأمر الرابع: لا فرق في اعتقاد العصمة بين نبينا صلی الله علیه و آله و سلم و أئمتنا علیهم السلام و سائر حجج الله علیهم السلام السابقة، كما لا فرق بين الاعتقاد بنبوتهم و حجيتهم، و الأخبار بذلك متظافرة، ففي الكافي في حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله علیه السلام: «واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم، و أقر بمن سواه من الرسل، لم يؤمن ...»الحديث (1).
ص: 107
ص: 108
الموقع الرابع
في اعتباره في الإسلام و الإيمان
فنقول ههنا :مقامان
الأول: هل هما شيء واحد أم شيئان؟
الثاني: هل يعتبر فيهما، أو في أحدهما، اعتقاد عصمة الحجّة أم لا؟
أما الأول:فقد اختلفت كلمةُ عُلماء الإسلام في اتحادهما و عدمه: فقال الطبرسي رحمه الله : الإسلام و الإيمان بمعنى واحد عندنا، و عند المعتزلة، غير أنّ عندهم الواجبات من أفعال الجوارح من الإيمان، و عندنا الإيمان من أفعال القلوب الواجبة، و ليس من أفعال الجوارح (1)، و استدل بعضُهم على ذلك بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الْإِسْلَامُ﴾ (2)؛ لأنّ المراد بالإسلام هنا، التسليم لله و لأوليائه، و هو التصديق. و بقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (3)حيث استثنى المسلمين من المؤمنين؛ و هو دال على الاتحاد، لاتحاد المستثنى مع المستثنى منه (4).
ص: 109
و قال أكثر أهل العلم بالتغاير ، و أنّ الإسلام هو الانقياد و الإذعان بإظهار الشهادتين، سواءٌ اعترف مع ذلك بباقي المعارف أم لا، و الإيمان هو التصديق القلبي، فالإسلام على هذا أعمُّ مِن الإيمان (1) .
أقول: الإيمان في اللغة: التصديق، قال الأزهري (2): اتفّق العلماء على أنّ الإيمان هو التصديق، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ (3) :أي: ما أنت بمصدق لنا. و قال الشاعر (4) - على ما أنشده ابن الأنباري-:
و مِن قبل آمنا وقد كان قومنا *** يصلّون للأوثان قبل محمدا
معناه: آمنا محمداً. أي صدقناه. وعن النبي صلی الله علیه و آله و سلم أنه قال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته» (5)أي: تصدق.
ص: 110
و جاء بمعنى الثقة، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا﴾ (1)أي وثقوا بها،و يجوز أن يكون (أفعل) بمعنى : صار ذا كذا؛ فمعنى (آمن) صار ذا أمن على نفسه بإظهار التصديق، نحو أجرب و أغد و أصح، و مثله الإسلام، فمعنى أسلم صار ذا سلم، أي خرج عن أن يكون حرباً. هذا في أصل اللغة(2).
و أمّا في الشريعة : فلكل واحد منهما، اطلاقات كثيرة في لسان الأخبار و كلام الأخبار من العلماء الأخيار.
و جملة القول: أن الإسلام قد يطلق و يُراد به الفروعات مع ولاية الأئمة علیهم السلام، و هو الظاهر من الكافي في باب دعائم الإسلام،ففي حديث أبي حمزة،عن أبي جعفر علیه السلام قال : «الإسلام على خمس: الصلاة والزكاة والصوم و الحج والولاية، و لم ينادَ بشيء، كما نودي بالولاية » (3)، و مثله حديث زرارة (4)، و مثنى الحناط (5)، و الفضيل (6)، و أخبار أخر (7)، و زاد في حديث الفضيل: «فأخذ الناس بأربع و تركوا هذه؛ يعني الولاية»، وترك ذكر الصوم و الحج في حديث ابن العرزمي عن الصادق علیه السلام فقال: «أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة و الزكاة
ص: 111
و الولاية، لا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتها »(1) (1)، و في بعضها زيادة الجهاد(2).
و قد يطلق و يراد به الأصول الاعتقادية مع الفروعات، و هو الظاهر مِن بعض الأحاديث من الباب المذكور، ففي حديث ابن اليسع قال: «قلتُ لابي عبد الله علیه السلام : أخبرني بدعائم الإسلام، التي لا يسع أحد التقصير عن معرفة شيء منها، الذي مَن قصر عن معرفة شيء منها؛ فسُدَ عليه دينُه، و لم يقبل منه عمله، و من عرفها و عمل بها صلح له دينه، و قبل منه عمله، و لم يضق به مما هو فيه، لجهل شيء من الأمور جهله ؟ فقال علیه السلام : شهادة أن لا إله إلّا الله، و الإيمان بأنّ محمداً رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، و الاقرار بما جاء به مِن عند الله، و حق في الأموال الزكاة، و الولاية التي أمر الله عز وجل بها، و لاية آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم» الحديث (3).
وفي حديث عيسى بن السري قال: قلتُ لأبي عبد الله علیه السلام: «حدثنى عما بُنيت عليه دعائم الإسلام، إذا أنا أخذتُ بها زكى عملي، و لم يضرني جهلُ ما جهلتُ بعده؟ فقال: شهادة أن لا إله إلّا الله، و أنّ محمداً رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، و الإقرار بما جاء به من عند الله، و حق في الأموال من الزكاة، و الولاية التي أمر الله تعالى بها، ولاية آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم» (4)
وقد يطلق و يُراد به: الإقرار بلا عمل، ففي الكافي عن محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهما السلام قال : «الإيمان إقرار و عمل، و الإسلامُ إقرار بلا عمل » (5).
ص: 112
و قد يُطلق و يُراد به : ما يحقن به الدم، و يستحل الفروج، و هو الشهادتان؛ ففي حديث سماعة: «الإسلام شهادة أن لا إله إلّا الله ، و التصديق برسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، به حُقنت الدماء، و عليه جرت المناكح و المواريث » (1)، و في معناه أخبار أخر (2).
و كذا الإيمان، قد يُطلق و يُراد به الأصول و الفروع جميعاً، ففي الكافي، في باب دعائم الإسلام، في حديث يونس بن عبد الرحمن، عن عجلان بن أبي صالح قال: «قلتُ لأبي عبد الله علیه السلام: أوقفني على حدود الإيمان فقال علیه السلام: شهادة أنْ لا إله إلّا الله، و أنّ محمداً رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، و الإقرار بما جاء من عند الله تعالى، و صلاة الخمس، و أداء الزكاة، و صوم شهر رمضان، و حجّ البيت، و ولاية ولينا و عداوة عدونا، والدخول مع الصادقين» (3)، و هذا أيضاً معنى قوله علیه السلام في حديث محمد بن مسلم : «الإيمان إقرار و عمل» (4). و قد يُطلق و يُراد به: القول بإمامة الأئمة علیهم السلام؛ ففي الكافي في باب: أنّ الإسلام يُحقن به الدم (5)، ساق الحديث، إلى أن قال علیه السلام : «الإيمان معرفةُ هذا الأمر» (6)، و المراد الإمامة ، كما يظهر من تضاعيف الأخبار .
وقد يُطلق و ُراد به الاعتقاد الثابت في القلوب؛ حيث قال الإمام علیه السلام: إنّ الإيمان ما وَقَرَ في القلوب» (7)، و مثله قوله علیه السلام في حديث آخر: «الإيمان ما استقر في القلب، و أفضى به إلى الله عز وجلّ، و صدقه العمل بالطاعة لله،
ص: 113
و التسليم لأمره» (1).
و قد يُطلق و يُراد به: الأصول والفروع و الإقرار ؛ قال الإمام علیه السلام : «الإيمان هو الإقرار باللسان، و عقد في القلب، و عمل بالأركان» (2).
و قد يُعتبر فيه ترك المعاصي؛ ففي الحديث المذكور: «فإذا أتى العبدُ كبيرةً من كبار المعاصي، أو صغيرةً من صغار المعاصي، التي نهى اللهُ عزّ وجلّ عنها؛ كان خارجاً من الإيمان، ساقطاً عنه اسمُ الإيمان، و ثابتاً عليه اسمُ الإسلام، فإن تاب و استغفر؛ عاد إلى دار الإيمان» (3). و لهما أيضا إطلاقات أُخر؛ تظهر للمتتبع (4).
و أما في كلام العلماء؛ فقد يُطلق الإسلام على المعنى الشامل للإيمان، و قد يُطلق على المعنى الأخص (5).
و أما الإيمان فهو (6): عند الأشاعرة التصديق للرسول صلی الله علیه و آله و سلم، فيما علم مجيئه به ضرورة، فتفصيلاً فيما علم تفصيلاً و إجمالاً، فيما علم إجمالاً.
وقال الكرامية (7): هو كلمتا الشهادة.
ص: 114
و قال قوم: إنّه أعمال الجوارح.
وذهب الخوارج، و الغلاة (1)، وعبد الجبار إلى أنّه: الطاعات فرضاً كان أو نفلاً.
و ذهب الجبائي، و ابنه، و أكثر معتزلة البصرة إلى أنّه : الطاعات المفروضة
من الأفعال و التروك، دون النوافل.
و قال المحدثون (2)و بعضُ السلف كابن مجاهد: إنه تصديق بالجنان، و إقرار باللسان، و عمل بالأركان.
و قال طائفة: هو التصديق مع كلمتي الشهادة، و هو المروي عن أبي حنيفة(3)،
ص: 115
و هو الظاهر من التجريد (1).
ثم الحقُّ و التحقيقُ؛أنّ ههنا تكاليف، لا بُدّ من امتثالها،فمنها:
الإسلام: و البراهين الساطعة على وجوبه على كل مكلف؛ قاطعةٌ، و معناه المجمع عليه في زماننا هذا: الشهادتان بالتوحيد و النبوة، و هو المراد بالدين، فمن شهد بهما يحكم بإسلامه، و يترتب عليه أحكامه، و هو الظاهر من الأخبار المتكثرة (2)، المتقدم بعضُها، و هو الإيمان عند الكرامية.
و منها الايمان: و هو أيضاً مقطوع الوجوب، و معناه الاعتقاد بالأصول الخمسة؛ فهو من أفعال القلب دون الجوارح (3)، و يدل عليه وجوه من الكتاب و السنة:
أما الأول فآياتٌ نحو قوله تعالى: ﴿أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإيمان﴾ (4)، ﴿وَ لَمّا يَدْخُل الإيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ (5)، ﴿وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالأيمان﴾ (6)، و قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ (7)، ﴿وَ مَن يُؤْمِن بِالله و َيَعْمَلْ صَالِحًا﴾ (8)،
ص: 116
و قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ (1)؛ لأنّ الشيء لا يعطف على نفسه، و حمله على التفسيري؛ خلافُ الأصل في العطف، أعني : التغاير (2)؛ و من هنا قال الطبرسی رحمة الله في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَ أَقَامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكَاةَ﴾ (3):
(إنّ في ذكر الصلاة و الزكاة، و غير ذلك، بعد ذكر الإيمان؛ دلالة على أنّ الإيمان لا يتناول أفعال الجوارح، إذ لو تناولها؛ لما جاز عطف ما دخل فيه عليه، و مَنْ قال : إنّ المُراد فيه التفصيل و زيادة البيان؛ فقد ترك الظاهر) انتهى (4).
و منه الآيات الدالة على الختم (5) ، و الطبع على القلوب (6)، و كونها في أكنة (7)، و نحوها آيات أُخر كقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ﴾ (8)، ففي الكافي عن جميل قال: «سألت أبا عبد الله علیه السلام ، عن قول الله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (9) قال علیه السلام : الإيمان» (10).
ص: 117
و أما السنة: فكقوله صلی الله علیه و آله و سلم : «اللهم ثبّت قلبي على دينك» (1)، و قوله صلی الله علیه و آله و سلم لأسامة، و قد قتلَ مَن قال : لا إله إلا الله: «هلا اشفقت قلبه» (2).
و أما الأخبار السابقة؛ فهي منزّلة، بل ظاهرة في رسومهما و شواهدهما، على ما يشعر به لفظ الدعائم و الأثافي، فإنّ دعامة الشيء؛ ما يستقيم به (3)، و كذا الأثفية (4)، و هكذا قوله علیه السلام : حدود الإيمان ...» (5)، إلى غير ذلك، و لعلّ كثرة ذكر الرسوم و قلته؛ إنّما هو من باب مراتب الكمال، فأول المراتب مثلاً: بعضُ الأفعال مثل الصلاة و هكذا، و لعل هذا أظهر الوجوه، في نظري القاصر .
و من هنا، قد يُعتبر فيها أو في أحدهما؛ ترك المعاصي (6)، كما تقدم في بعض الأخبار، و قد يعتبر أشياءٌ اُخر نقطع بعدم مدخليتها إلّا أنها من مراتب الكمال، كقول أمير المؤمنين علیه السلام: «الإيمان له أركان أربعة: التوكل على الله تعالى، و تفويض الأمر إلى الله، و الرضا بقضاء الله، و التسليم لأمر الله عزّ وجلّ» (7)، و في حديث
ص: 118
سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا علیه السلام عن أبيه قال: «رفع إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قومٌ في بعض غزواته، فقال: مَن القوم؟ قالوا: مؤمنون، يا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم :قال و ما بلغ مِن إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء، و الشكر عند الرخاء، و الرضا بالقضاء. فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : حلماء، علماء، كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء» (1)، و في الكافي، في باب صفة الإيمان، عن جابر عن أبي جعفر قال علیه السلام: «سُئِل أميرُ المؤمنين علیه السلام عن الإيمان، فقال: إن الله عزّ وجلّ جعل الإيمان على أربع دعائم: على الصبر و اليقين، و العدل، و الجهاد و الصبر من ذلك على أربع شعب:
على الشوق و الإشفاق و الزهد و الترقب فمن اشتاق إلى الجنّة سَلا عن الشهوات، و مَن أشفق من النار رجع عن المحرمات، و مَن زهد في الدنيا؛ هانت عليه المصائب، ومَن راقب الموت سارع إلى الخيرات؛ و اليقين على أربع شُعب: تبصرة الفطنة، و تأول الحكمة، و معرفة العبرة، و سُنة الأولين، فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة، و من تأول الحكمة عرف العبرة، و من عرف العبرة عرف السنة، و من عرف السنة فكأنما كان من الأولين، و اهتدى إلى التي هي أقوم، و نظر إلى مَن نجا بما نجا، و من هلك بما هلك، و إنّما أهلكَ اللهُ تعالى مَن هلك بمعصيته، و أنجا من نجا بطاعته، و العدل على أربع شُعب : غامض الفهم، و غمر العلم، و زهرة الحكمة و روضة العلم؛ فمَن فهم؛ فسر جميع العلم، و مَن علم؛ عرف شرايع الحكمة، و من علم؛ لم يفرط في أمره، و عاش في الناس حميداً؛ و الجهاد على أربع شُعب: على الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و الصدق في المواطن، و شنئان الفاسقين. فمن أمَر بالمعروف؛ شد ظهر المؤمن، و مَن نهى عن المنكر ؛ رغم أنف المنافق و أمن كيده، و من صدق في المواطن؛ قضى الذي عليه، و من شنأ الفاسقين غضب لله، و من غضب لله ؛ غضب الله له؛ فذلك الإيمان
ص: 119
و دعائمه و شعبه (1) (1).
و في خطبة أمير المؤمنين علیه السلام لهمّام، من صفات المؤمن، ما ليس في غيرها (2) (2). و هكذا في الكافي في باب علامات المؤمن (3) (3)، و التطويل مانع عن الإيراد.
و من أقوى الأدلة على أنّ هذه مراتب ظهور الإسلام، أو الإيمان و شهوده؛ أنّ الإسلامَ هو شيءٌ واحدٌ، قطعاً يجب التدين به، و كذا الإيمان، مع أنه قد ورد أخبارٌ كثيرةٌ في ذكر مراتب الإيمان، كقول أبي عبد الله علیه السلام في حديث عبد العزيز: « يا عبد العزيز، إنّ الإيمان عشرُ درجات، بمنزلةِ السّلم، يصدر منه مرقاةً بعد مرقاة، فلا يقولن صاحبُ الأثنين لصاحب الواحدة: لست على شيءٍ، حتى ينتهي إلى العاشرة ، فلا تسقط مَن هو دونك؛ فيسقطك مَن هو فوقك، و إذا رأيتَ مَن هو أسفل منك بدرجة، فارفعه إليك برفق، و لا تحملن عليه ما لا يطيق؛ فتكسره، فإنّ مَن كسَر مؤمناً ؛ فعليه جبره » (4)، و في حديث سدير قال: قال لي أبو جعفر علیه السلام «إنّ المؤمنين على منازل : منهم على واحدة، و منهم على اثنتين، و منهم على ثلاث، و منهم على أربع، و منهم على خمس، و منهم على ست، و منهم على سبع؛ فلو ذهبتَ تحملُ على صاحب الواحدة ثنتين؛ لم يقوَ، و على صاحب الثنتين ثلاثاً؛ لم يقوَ، و على صاحب الثلاث أربعاً؛ لم يقوَ، و على صاحب الأربع خمساً؛ لم يقوَ، و على صاحب الخمس ستاً؛ لم يقوَ، و على صاحب الست سبعاً؛ لم يقوَ، و على هذه الدرجات» (5)، و في حديث ابن سيابة، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «ما أنتم ،و البراءة، يبرء بعضكم من بعض؟ إنّ المؤمنين بعضهم أفضل من
ص: 120
بعض، و بعضهم أكثر صلاةً من بعض، و بعضهم أنفذ بصراً من بعض؛ و هي الدرجات» (1) ، و في حديث عمار بن أبي الأحوص، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «إنّ الله عزّ وجل وضع الإيمان على سبعة أسهم: على البرّ، و الصدق و اليقين و الرضا، و الوقار، و العلم و الحلم ؛ ثُمّ قسّم ذلك بين الناس» الحديث (2).
و يظهر من الكليني: حملُ حديث التجزية (3)على ذلك، حيث ذكره في
بابه (4).
و من أعدل الشهود على المُدّعى ؛ قوله علیه السلام في حديث آخر: «و الإيمان دعوى لا يجوزُ إلا ببيّنة، و بيّنته عمله و نيّته، فإذا اتفقا فالعبد عند الله مؤمن» (5)، و في خبر جميل بن درّاج، قال: سألتُ أبا عبد الله علیه السلام عن الإيمان ؟ فقال علیه السلام : «شهادة أنْ لا إله إلا الله، و أنّ محمداً صلی الله علیه و آله و سلم رسول الله . قال : قلتُ: أليس هذا عمل ؟ قال علیه السلام :
ص: 121
بلى. قلتُ : فالعمل من الإيمان ؟ قال علیه السلام الهلال: لا يثبت لك الإيمان إلّا بالعمل»(1)، فهذا و أمثاله دالٌ على أنّ الأعمال شهود على الإيمان أو الإسلام، كما أنّ الكفر عبارة عن جحد ما أوجب الله تعالى معرفته من توحيده و عدله، و معرفة نبيه و ما جاء به من أركان الشرع (2)، و شاهده القول، وترك الأعمال الدينية.
و قد تحقق من جميع ما تقدم: أنّ الإسلام أعمُ من الإيمان، و أنّ الإيمان
أخص، و الأخبار في ذلك أيضاً متواترة (3)، و إيرادها يورث التطويل.
و به قال الشهيد رحمه الله في المقاصد العليّة، حيث قال: و المراد بالإسلام الانقياد و الإذعان بإظهار الشهادتين، سواءً اعترف مع ذلك بباقي المعارف أم لا، فهو [أعم] (4)من الأيمان، و ممّا يدلّ على التغاير بينهما؛ قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَ لَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَ لا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ (5)نفى عنهم الإيمان، و أثبت لهم الإسلام؛ و هو دالٌ على التغاير (6).
فإن قلت: لا دلالة في الآية على المغايرة؛ لأنّ المراد بنفي الإيمان نفي مطلق الدين، قال الطبرسي رحمه الله : و هم قومٌ من بني أسد أتوا النبي صلی الله علیه و آله و سلم في سنة جدبة، و أظهروا الإسلام، و لم يكونوا مؤمنين في السرّ، إنّما كانوا يطلبون الصدقة، و المعنى أنّهم قالوا صدّقنا بما جئت به. فأمره الله سبحانه أن يخبرهم بذلك؛ ليكون آية معجزة له، فقال تعالى: ﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا﴾ أي: لم تصدقوا على الحقيقة في الباطن: ﴿وَ لكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ أي: إنقدنا و استسلمنا، مخافة السبي و القتل
ص: 122
عن سعيد بن جبير و ابن زيد، ثم بيّن سبحانه أنّ الإيمان محلّه القلب دون اللسان، فقال: ﴿وَما يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ (1).
قلت: (2)هذا لا يدل على الإتحاد أيضاً؛ بل قوله تعالى: ﴿وَلكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ قد يدل عليها، بل نقول : الإسلام هو الإظهار فقط، و قد روى أنس صل الله عن النبي صلی الله علیه و آله و سلم قال: «الإسلام علانية، و الإيمان في القلب» و أشار إلى صدره (3)؛ فدلالة الآية على المغايرة واضحة، إلّا أنّ هذا ينافي ما تقدم من أنّ الأفعال شواهدٌ على الإسلام و الإيمان، و أنّهما من أفعال القلب.
و قد يستدل على الإتحاد (4)، بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرُ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقبل منه﴾. (5)
و فيه ما فيه؛ لأنّ المُراد بغير الإسلام الكفر، و لا شك في عدم قبوله، إلّا
أنّ ذلك لا ينافي كون قبوله مشروطاً بالإيمان، و في هداية الصدوق رحمه الله في توجيه الآية - بعد اختياره أعمية الإسلام - أنّه سُئِل الصادق علیه السلام الان ذلك، فقال علیه السلام : «هو الإسلام الذي فيه الإيمان» (6)، مضافاً إلى أنّ ذلك من دلالة المفهوم؛ و هو غير حجة عند المستدل - لأنه الطبرسي رحمه الله في المجمع - و هو لا يقول بالمفهوم (7)و ظهر أيضاً ممّا تقدم: عدم اعتبار أفعال الجوارح في نفس الإيمان.
و قد يستشكل بقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا
ص: 123
إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ (1)لأنّه لو لم يكن كذلك؛ لوجب أنْ يكون إبليس مؤمناً، بما معه من المعرفة بالله تعالى - و إن فسق بإبائه؛ و هذا ضعيفٌ ، لأنا إذا علمنا كفره - بالإجماع - علمنا أنّه لم يكن معه إيمان أصلاً، كما أنا إذا رأينا من يسجد للصنم؛ علمنا أنه كافر، و إن كان نفس السجود ليس بكفر.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الإسلام كما عرفت- تكليف، و الإيمان تكليف آخر، فبفعل الأول يخرج المكلف عن حدّ الكفر، و يجري عليه أحكام الإسلام من الطهارة - إلا ما خرج بالدليل - و حقن الدم و المناكح ، و المواريث، و نحوها، وربفعل الثاني يُثاب جزاءًا لإيمانه، و لفعل الطاعات و ترك المعاصي، و لا يُثاب على الأول فقط بالإجماع - و إن فعل بعض التكاليف؛ لأن جزائه على ذلك ما تقدم من الطهارة و غيرها.
قال الشهيد رحمه الله في المقاصد العليّة - في بيان اشتراط الإيمان في صحة الصلاة كالإسلام-: (و الدليل عليه إجماع الأصحاب على عدم دخول غير المؤمن الجنّة، فلو صحت الصلاة من غير المؤمن لأثيب عليها، و لزم وجوب دخول الجنة لإيصال الثواب إليه، إذ لا تقع إلّا فيها أجماعاً، و الأخبار من طرقنا متظافرة بذلك، و في بعضها: «إنّه لو قام عبد الله ألف عام بين الركن و المقام، لم يقبل منه شيء، و دخل النار خالداً فيها ) (2) . انتهى(3) (3). و التطويل يمنعنا عن ذكر الأخبار.
و قد يُستشكل ببعض الأخبار الدالة على ثواب الكفار و نحوهم، كما
روى في ثواب الأعمال، عن أبي الحسن موسى علیه السلام ، أنّه كان في بني إسرائيل رجل مؤمن، وكان له جارٌ كافر ، فكان الكافر يرفق المؤمن و يوليه المعروف في
ص: 124
الدنيا، فلمّا أنْ مات الكافر؛ بنى الله له بيتاً في النار من طين، فكان يقيه حرها، ،و يأتيه الرزق من غيرها، و قيل له: هذا بما كنت تدخل على المؤمن جارك، فلان ابن فلان من الرفق و توليه من المعروف في الدنيا» (1).
و في الكافي، في باب إدخال السرور على المؤمن، عن عبد الله بن مسكان، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول: «إنّ فيما ناجى الله عزّ وجلّ به عبده موسى علیه السلام قال: إنّ لي عباداً أبيحهم جنّتي، و ساق الحديث إلى أن قال: ثم قال: إنّ مؤمناً كان في مملكة جبّار، فولع به (2)؛ فهرب منه إلى دار الشرك، فنزل برجل من أهل الشرك فأظله و أرفقه و أضافه، فلما حضره الموت أوحى اللهُ عزّ وجلّ إليه: و عزتي وجلالي، لو كان لك في جنّتي مسكن لأسكنتك فيها، و لكنها محرمة على من مات بي مشركاً، و لكن يا نار: هيديه (3) و لا تؤذيه، و يؤتى برزقه طرفي النهار، قلتُ من الجنة ؟ قال علیه السلام : من حيث يشاء الله » (4)
و الحق أنّ المراد: أنّه كان تفضلاً منه، أو بأزاء ماله، لأنا لا ننكر استحقاق الكافر بأزاء مالِه في نحو المعاملات، وحرمانه من الجنّة -كما هو ظاهر الخبرين- شاهدٌ على المدعى؛ لأنّ الثواب في الجنة بالإجماع.
ثم اعلم: أنّ الاختلاف في الإيمان و الإسلام لا يغيّر التكاليف؛ لأنّ التكاليف الثابتة بالشرع، يجب على كل مكلف الإتيان بها، سواء كانت من أفعال الجوارح أو القلب أو ترك أحدهما، إلّا أنّ ههنا أحكاماً تتعلق بموضوع؛
ص: 125
و هو عنوان الإسلام أو عنوان الإيمان، فلو قلنا مثلا: لا يُعتبر في الإسلام كذا، أو في الإيمان كذا، لا يخرج ذلك الشيء عن حدّ التكليف، بل المقصود أنّه لا يعتبر في ذلك العنوان فيجري عليه أحكامه بدون ذلك الشيء.
و ههنا شيء آخر لا بدّ من التنبيه عليه، و هو: أن الإسلام و الإيمان من أفعال القلب، و إظهار الشهادتين أو الشهادات كاشفٌ عنهما، فلو عُلم من أحد الإسلام أو الإيمان؛ لا يكلف بالإقرار، ومن هنا يحكم بإسلام من هو في لباس الإسلام، و كذا الإيمان، و لو لم يسمع منه إقرار.
و منه أيضاً؛ عدم تعرض الأصحاب لوجوب الإقرار على المكلف، بعد دخوله في دائرة التكليف - مع قولهم باشتراط الإسلام و الإيمان كسائر شرائط الصحة -و السيرة المستمرة عليه، ألا ترى أنّ الأطفال لا يكلفهم أحدٌ بذلك، لِما يعلم منهم من العقائد الحقة، فهو نظير الكفر، فلو علم من أحد الكفر، بسبب فعل من الأفعال، كسجدة الصنم ؛ يحكم بكفره، ولو لم يعلم منه الإقرار
بالجحود.
قال الشيخ علاء الدين (1)، في الإشارة: الإيمان و إن كان في أصل الوضع عبارة عن التصديق، إلّا أنه يختص شرعاً بتصديق ما يجب اعتقاده: من وحدانية الله تعالى و عدله، و نبوة أنبيائه، و إمامة أوليائه، و ما يترتب على ذلك من تحليل حلاله، و تحريم حرامه، و بعثه و معاده. فالمؤمن هو المصدّق المعتقد لذلك بقلبه، لا المظهر له بلسانه، من دون اعتبار اعتقاده.
ص: 126
ثم قال: والكفر جحود ما وجب التصديق به، إلى أن قال: وجميع ما أشرنا إليه من أحكام الإيمان و الكفر ، معلومةٌ مقطوع عليها بالسمع خاصة، و هو إجماع الطائفة المحقة . انتهى (1).
و من هنا، قال أمير المؤمنين علیه السلام في بعض خطبه: «و بالصالحات يستدلُ على الإيمان» (2)، ولعل هذا هو السبب في قبول قول الكفار في كونهم من أي صنف، قال شيخنا في الجواهر (3)- بعد قول المحقق: (و لو ادعى أهل حرب أنّهم منهم) أي: الفرق الثلاثة، يعني: أهل الكتاب ، (و بذلوا الجزية، لم يكلفوا البينة) - لعله لكون الدين أمراً قلبياً، لا يُعرف إلّا من قبل صاحبه، و شعاراته الظاهرة ليست جزءًا منه. انتهى (4).
وإذا تحقق هذا المقام، فنقول في المقام الثاني:
لا يُعتبر في تحقّق الإسلام للمكلف - بعد الإذعان بإظهار الشهادتين - اعتقادُ عصمة الحُجج ؛ لعدم الدليل عليه، بل يدل على خلافه الأخبارُ المتقدمة المفسّرة لمعناه، و بعضُ آخر من الأخبار؛ ففي رواية سليمن (5)بن قيس، عن أمير المؤمنين علیه السلام: إنّ أدنى ما يكون به العبد مؤمناً: أنْ يعرّفه الله تعالى نفسه،
ص: 127
فيقرّ له بالطاعة، و يعرّفه نبيه فيقرّ له بالطاعة، و يعرّفه إمامه و حجته في أرضه و شاهده على خلقه فيقرّ له بالطاعة. فقلت له : يا أمير المؤمنين، و إن جهل جميع الأشياء إلّا ما وصفت؟ قال: نعم» (1). فإذا لم يعتبر في الإيمان فالإسلام أولى بعدم الاعتبار فيه.
و قال بعضُ مشايخنا (2): هي صريحة في المُدعى (3)؛ و فيه نظر، ستقف عليه.
و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «جُعلت فداك، أخبرني عن الدين الذي افترضه اللهُ تعالى على العباد، ما لا يسعهم جهله، و لا يقبل منهم غيره، ما هو ؟ فقال علیه السلام : أعد عليَّ . فأعاد عليه، فقال علیه السلام: «شهادةُ أن لا إله إلّا الله، و أنّ محمداً رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و حجّ البيت مَن استطاع إليه سبيلاً ، و صوم شهر رمضان، ثم سكتَ قليلاً، ثُمّ قال علیه السلام : و الولاية. مرتين، ثُمّ قال علیه السلام: هذا الذي فرض الله عزّ وجلّ على العباد، لا يسأل الرب العباد يوم القيامة، فيقول: ألا زدتني على ما فرضت عليك، و لكن من زاده، زاده الله، إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم سنَّ سُنّة حسنة، ينبغي للناس الأخذ بها» (4).
و في رواية إسماعيل، قال: سألتُ أبا جعفر عن الدين الذي لا يسع العباد جهله؟ فقال علیه السلام: «الدينُ واسعٌ، و إنّ الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهلهم.
فقلتُ: جُعلت فداك، أما أحدثك بديني الذي أنا عليه ؟ فقال : بلى. قلتُ:
أشهد أنْ لا إله إلّا الله، و أن محمداً عبده و رسوله، و الإقرار بما جاء به من عند
ص: 128
الله، و أتولاكم، و أبرء من عدوكم، و مَن يركب رقابكم، و تأمر عليكم، و ظلَمَكم حقكم . فقال علیه السلام: ما جهلت شيئاً، هو و الله الذي نحن عليه . فقلتُ : فهل سلم أحدٌ لا يعرف هذا الأمر؟ قال : لا ، إلّا المستضعفين» (1).
و في رواية محمد بن سالم، عن أبي جعفر علیه السلام ، الطويلة المروية في الكافي؛ ذكرَ بعثَ الأنبياء، إلى أنْ قال: «ثم بعثَ الله محمداً صلی لله علیه و آله و سلم و هو بمكة عشر سنين، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحدٌ يشهد: أن لا إله إلا الله، و أنّ محمد صلی الله علیه و آله و سلم رسول الله، إلّا أدخله الله الجنّة بإقراره و هو الإيمان و التصديق - و في بعض النسخ، إيمان التصديق - ولم يعذبْ اللهُ أحداً ممن مات و هو متبعٌ لمحمد صلی الله علىه و آله و سلم علی ذلك، إلّا مَن أشرك بالرحمن» (2).
فالظاهر من هذه الأخبار خصوصاً الأخير: أنّ حقيقة الإسلام لم يتغير بعد انتشار الشريعة، نعم ظهر في الشريعة أمور صارت ضرورية الثبوت من
النبي صلى الله عليه و اله و سلم، فيعتبر عدم إنكارها، و هو تكليف آخر.
فإن قلت: يظهر من ذيل الخبر الأخير اختلافه و تغيره بعد انتشار الشريعة، حيث قال علیه السلام : «فلما أذن اللهُ لمحمد صلی الله علیه و آله و سلم في الخروج من مكة إلى المدينة، بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلّا الله و أنّ محمداً صلی الله علیه و آله و سلم عبدُه و رسوله، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و حجّ البيت، و صيام شهر رمضان، و أنزل عليه الحدود، و قسمة الفرايض، و أخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها و بها النار، لمن عمل بها» (3).
قلتُ: الجواب ما تقدم؛ من أنّها مراتب كماله و ظهوره، بالتحقيق المتقدم،
ص: 129
و يشعر به لفظ (بُنيَّ) إلّا أنّ ههنا كلاماً، و هو: أنّ هذه الأخبار ناطقة باعتبار معرفة النبي صلی الله علیه و آله و سلم، و هي مشتملة على معرفته معصوماً، بناءً على ما استظهره الشهيد رحمه الله من عبارة العلّامة، حيث قال: لأنّ الغرض المقصود من الرسالة لا يتم إلا به، فينتفي الفائدة التي باعتبارها وجب إرسال الرسل. (1).
إلّا أن يقال: لا التفات لهذه الأخبار بالنظر إلى معانيها العرفية إلى معرفته
معصوماً، و هذا هو الحُجّة، و إن كان دقيق النظر على خلافه، و أما اعتباره في الإيمان؛ فالظاهر - من كلام العلّامة رحمه الله في الباب الحادي عشر - ذلك، حيث قال - بعد ذكر عدة أشياء تجب اعتقادها على المكلفين - : منها النبوة، و الإمامة . (2).
المشتملة على العصمة ، بناءً على ما استظهره الشهيد رحمه الله في كلامه السابق: (إنّ من جهل شيئاً من ذلك؛ خرج عن ربقة المؤمنين) . (3).
و قال الفاضل المقداد: وجوبها على كل مسلم، أي مقر بالشهادتين ليصير
بالمعرفة مؤمناً . (4).
و هو الظاهر من المحقق القمّي (5)، حيث قال: و الظاهر أنّ الإكتفاء في
ص: 130
الإسلام بالشهادتين؛ إنّما هو لاندراج غيرهما فيهما ، كما لا يخفى على المتأمل، فقد يختلف الحال، ففي زمان النبي صلی الله علیه و آله و سلم كان التكليف الأولي هو الإقرار بالشهادتين، وكان يحصل به الإيمان، لتضمنها إجمالاً لغيرهما . انتهى (1).
والظاهر من الأخبار المتقدمة؛ عدم اعتباره فيه أيضاً، و هو الظاهر من جماعة من علمائنا الأخيار، كالشهيدين في الألفية (2) ، و شرحها (3)، و المحقق الثاني (4)في الجعفرية (5)، وغيرهم (6).
و على هذا، فلا يُعتبر في عنوان الإيمان الاعتقادُ بالعصمة، كما هو الظاهر من هذه الأخبار، وكلام هؤلاء العلماء الأخيار (7).
ص: 131
و نظرُ بعضُ النائين عن ساحة النظر (1)في هذا الكلام، فطعن عليهم،
و قال: كأنهم ينكرون الضروري.
و لعمري، إنّ هذا لشيء عجاب؛ لأنّ الشيعة مجمعون على ذلك، بل هو من ضروريات مذهبهم، و ذلك لا ينافي عدم اعتباره في الإيمان، كما إنّ شجاعة أمير المؤمنين علیه السلام من الضروريات، و نحن نقطع بأن اعتقادها لا مدخل له في الإيمان، بل لا يجب على مَن لم يحصل له القطع ، و كذا كون أم الأئمة علیهم السلام فاطمة علیها السلام، ومع عدم المدخلية، و نظائره كثيرة لا يخفى على العارف الألمعي، بل لو كان أمثال ما ذكر مما (2)يجب اعتقاده؛ لكان غيرَ منافٍ لعدم اعتباره في الإيمان، فلعله تكليفُ آخر من أفعال القلب (3).
ص: 132
الموقع الخامس
في حال منكرها
فنقول : لا بُدَّ في ذلك من تحقيق أمور ثلاثة :
الأول: الضروري ما هو ؟
الثاني : ما حال منكره؟
الثالث: هل العصمة ضرورية أم لا؟
أما الأول: فاعلم إنّ الضروري قسمٌ من العلم، و هو ما لا يحتاج في حصوله إلى النظر و الفكر، كتصور الحرارة، و البرودة، و الوجود، و الشيء، و كالتصديق بأن الكل أعظم من الجزء ، و أنّ الشمس مشرقة، و أنّ النّار مُحرقة (1).
فإن حصول العلم بجميع ذلك؛ لا يحتاج إلى كسب و استدلال، لظهور حالها عند كل من يُعتنى بقوله من أهل الاستدلال الإجمالي و التفصيلي. و هو أقسام؛ لأنه إمّا أنْ يكون عقلياً أو عادياً أو دينياً أو مذهبياً:
أمّا الأول: فهو ما لا يحتاج إلى اقتحام الاستدلال، عند ذوي العقول
كالأمثلة السابقة و نحوها.
و أما الثاني: فهو ما لا يحتاج إلى الاستدلال عند أهل العرف، و إن كان
ص: 133
نظرياً عند العقل، كأغلب التجريبيات (1).
وأما الثالث: فهو ما لا يحتاج إلى الاستدلال من أحكام الدين عند أهل
الاستدلال من ذلك الدين، كوجوب الصلاة، و الصوم، و نحوهما.
و أما الأخير : فهو ما لا يحتاج إلى الاستدلال من أحكام المذهب عند أهله
من ذلك المذهب.
وقد يكون بعضُ أحكام الدين ضرورياً عند طائفة، فيشتبه ضروري الدين بضروري المذهب، كما لو صارت العصمة بالتفصيل السابق ضرورياً عن النبي صلی الله علیه و آله و سلم عند الشيعة، فإنكارها منهم إنكار لضروري الدين (2). و سبب
الضرورة أمور:
الأول : الوجدان و أشباهه.
الثاني: تواتر الأخبار إلى أنْ يحصل البديهة.
الثالث : التسامع (3)و التظافر .
و أغلب أسبابه من القسم الأخير، و منه أخبار البلدان كمكة و هند، و أخبار السلف كعاد و ثمود، و خلق آدم، و أكثر ما بلغ إلينا بالبديهة من دين نبينا هذا الباب، فإن علمنا بوجوب الصلاة في ديننا يحصل من ملاحظة فعل الناس و نسبتهم ذلك إلى الدين، و إن لم ينقل هذه الطبقة من سلفهم، و هكذا إلى زمان النبي صلی الله علىه و آله و سلم علی شرايط التواتر، بل و إن لم ينقله واحد بطريق واحد إليه أيضاً ، فضلاً عن التواتر، و كما أنّ الأفعال قد تصير ضرورية، فقد تصير العقائد
ص: 134
كذلك، ألا ترى إنّ الأمة عوامهم و خواصهم يقولون: إنّ بعد الموت حياةً و جنّةً و نارًا و حورًا و قصورًا، و يريدون بها ما يفهمون من ظواهرها ، فإذا ضممنا هذا إلى الظواهر الواردة في الكتاب و السنة المتجاوزة حد الإحصاء و الحصر؛ يحصل لنا القطع بأن ذلك دين نبينا صلى الله عليه و آله و سلم (1).
و على هذا فقد يكون الشيء ضرورياً عند شخص دون شخص، و في زمان دون زمان، و في مكان دون مكان، و قد يكون الضرورة في شيء دون شيء، كل ذلك لجواز وصول الأخبار المتواترة إلى شخص دون شخص الخ، أو حصول التسامع و التظافر بالنسبة إلى شخص دون شخص الخ، و هذا مما لا خفاء فيه و لا غبار عليه.
و أما الأمر الثاني : فمجمل القول، إن من انتحل الإسلام وجحدَ ما يُعلم من الدين ضرورة، فالكلام فيه تارةً في حكمه الوضعي، و تارةً في حكمه
التكليفي:
أما الأول: فالكلام إما في كفره أو في غيره من الأحكام:
أما كفره: فليس بمصرح به في كلام المتقدمين، بل الظاهر خلاف ذلك، ففي السرائر في تعداد النجاسات قال : وأسئار الكفار، على اختلاف ضروبهم: من مرتد، و كافر أصل، و كافر ملّة، و من حكمه حكمهم (2).
و لا ينافيه قوله في كتاب القذف: فإن قال له: يا كافر - و هو على ظاهر الإيمان - ضُربَ ضرباً وجيعاً تعزيراً له، بخطابه على ما قال، و إن كان المقول له جاحداً لفريضة عامة من فرايض الإسلام، فقد أحسن المكفر له، و أجر بالشهادة
ص: 135
بترك الإيمان. انتهى (1)، لجواز أن يكون مستحقاً لمثل هذا الشتم ليرتدع و إن لم يكن كافراً حقيقة.
و يشهد لهذا قوله : و أجر بالشهادة، و إلّا فالأجر إنّما هو على الشهادة بعد
كونها منشأ لأثر من قتله و نحوه.
وفي الوسيلة؛ لم يزد على الكافر و الناصب (2). و في الإشارة عدّ من أقسام النجاسات: الكافر على اختلاف جهات كفره (3). و في الناصريات: عندنا أنّ سؤر كل كافر - بأي ضرب من الكفر كان كافراً - نجس (4).
و من هنا أنكر بعضُ متأخري المتأخرين شمولَ الإجماعات المنقولة في كلماتهم على نجاسة الكافر مطلقاً لهذا الفرد، حيث قال في تعليل عدم الشمول: فإنّ ظاهر بعض كلماتهم؛ أنّ مرادهم من الكافر بالإطلاق غير فرق الإسلام، ألا ترى أنّ الفاضل قال في المنتهى - بعد دعوى الإجماع على نجاسة الكافر -: حكم الناصب حكم الكفار، لأنّه ينكر ما يعلم من الدين (5) ضرورة (6)، و كذا يشعر بذلك عبارة المعتبر (7)و غيره أيضاً، و مع ذلك يعاضده عدم التبادر، و تبادر الغير. انتهى (8) (8).
و أما المتاخرون؛ فكلامهم فيه على وجهين:
ص: 136
الأول : أنّه لا إشكال في كفره. قال شيخنا في الجواهر : بناءً على أنّ سببيته الكفر لاستلزامه إنكار الدين (و هو كفر بالضرورة الدينية) (1)و إلّا فلا دليل على تحقق الكفر به لنفسه، و من هنا؛ لم يحكم بالكفر بإنكار جديد الإسلام، و بعيد الدار و نحوهما، بل و كل من علم أنّ إنكاره لشبهة، بل قيل: و كل من احتمل وقوع الشبهة في حقه لعدم ثبوت الإستلزام المذكورفي شيء منها الذي هو المدار في حصوله، و لذا لو تحقق بإنكار غير الضروري كالمقطوع به بالنظر حكم بكفر منكره أيضاً مع فرض قطعه به، و لعلّ مُرادهم بالضروري ما يشمل ذلك أعني (2)إرادة اليقيني و لو بالبرهان - ، و إن (3)تخصيصهم الحكم بالضروري باعتبار الحكم الظاهري بكفره، إذا كان ناشئاً في بلاد الإسلام ممن لا يحتمل الشبهة في حقه، فبمجرد ظهور الإنكار منه ؛ يحكم بكفره، بخلاف النظري فلا يحكم بكفره ه بمجرد ذلك، حتى يعلم أنه أنكر حال كونه قاطعاً (4)، و عليه ينزّل إطلاق ما عن صلاة الروض (5)من الحكم بكفر منكر المجمع عليه (6).
و إلى بعض ما ذكرنا: يومي تقييد كشف اللثام (7)كفر منكر الضروري، بما إذا علم أنّه من ضرورياته، كما أنّ صريح ما في مجمع البرهان؛ من أنّ المراد بالضروري - الذي يكفر منكره - الذي ثبت عنده يقيناً أنه من الدين و لو بالبرهان، و ان لم يكن مجمعاً عليه، إذ الظاهر من دليل كفره هو إنكار الشريعة،
ص: 137
و إنكار صدق النبي صلی الله علیه و آله و سلم في ذلك الأمر، مع ثبوته يقيناً، و ليس كل من انكر مجمعا عليه بكافر، بل المدار على حصول العلم و الإنكار و عدمه، إلا أنه لما كان حصوله في الضروري غالباً جعل ذلك المدار و حكموا به انتهى ما في الجواهر و مجمع البرهان (1).
الثاني من وجهي كلامهم : إنّه كافر من دون البناء السابق، قال شيخنا السابق ذكره (2)بعد كلامه السابق : لكن قد يقال: إنّ ذلك كله مناف لما عساه الأصحاب ، كالمصنف و غيره من تسبيب إنكار الضروري الكفر بنفسه
يظهر من حيث أناطوه به، حتى نقل عن غير واحد منهم؛ ظهور الإجماع عليه من غير إشارة منهم إلى الاستلزام المذكور ، بل هو ظاهر عطفهم إياه على السبب الأول للكفر (3)، بل اقتصر بعضهم في ضابط أصل الكافر عليه، لاندراج الأول فيه عند التأمل، إلى غير ذلك مما يشهد لكون مرادهم بسببيته الكفر نفسه. انتهى كلامه (4).
و أقول في تحقيق المقام : الكفر في اللغة الستر، يُقال: كفر نعمة الله تعالى، و بها. إذا سترها بالجحد أو بالسكوت، و منه قوله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ (5)، و قيل : منه قوله تعالى: ﴿وَالله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ﴾ (6) (6)يعني : ستر نعمته، بأن لم يمتثل أمره شكراً لنعمته، و كفرُ الشیء ستره، و منه الكفارة؛ لأنها ساترة لما كانت عقوبة له، و الكافر: الليل،
ص: 138
و البحر، و الوادي العظيم، و النهر الكبير ، والسحاب المظلم، كلُّ ذلك لسترها الأشياء بعظمها أو ظلمتها (1)؛ إلا أنّ المراد بالكافر في المقام المعنى الشرعي، فكل مَن أطلق عليه في الشرع اسم الكافر يؤخذ به، و من لم يطلق لا يؤخذ به، و على هذا فلا بد من بيان مَن يطلق عليه، فنقول:
يطلق الكفر على كل من لم يتدين بدين الإسلام، على اختلاف ضروبهم،
و إن اختص كل ضرب منهم بأسم خاص:
فإن كان أظهر الإيمان؛ خُصَّ باسم المنافق، و إن أظهر الكفر بعد الإسلام؛ خُصَّ باسم المرتد، لرجوعه عن الإسلام، فإن قال: بالهين فصاعداً؛ خُصَّ باسم المشرك، و إن كان متديناً ببعض الأديان أو الكتب المنسوخة؛ خُصّ باسم الكتابي و إن كان يقول : بقدم الدهر واستناد الحوادث إليه؛ سُمّي باسم الدهري؛ و إن كان لا يُثبِتُ الباري؛ خُصَّ باسم المعطل (2).
و إطلاق الكفر على جميع هذه الفرق واضح، و به نطقت الأخبار، بل
الكتاب أيضا؛ قال الله تعالى في صفة المنافقين: ﴿ذُلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ﴾ (3)
أي: آمنوا بألسنتهم ظاهراً، ثم كفروا بقلوبهم، و عند خلوتهم بالمشركين، و قال تعالى: ﴿لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾ (4)، و أما قوله تعالى: ﴿إِنَّ الله جَامِعُ المُنَافِقِينَ و َالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ (5)فهو من ذكر العام بعد الخاص.
ص: 139
و قال تعالى في المُرتد : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ﴾ (1)، ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا ) (2)، و قال تعالى: ﴿يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (3)
و قال تعالى في المشركين: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا
أَشْرَكُوا بِالله﴾ (4)، ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ (5).
و قال تعالى في الكتابي ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَ الْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ و َلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ (6)
و قال تعالى في الدهري و أضرابه: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ (7).
و قال تعالى في المعطل : ﴿كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّه و الْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابُ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مَا كَسَبُوا وَ اللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (8)، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَاهُمْ وَ لَا أَوْلَادُهُم مِّنَ الله شَيْئًا﴾ (9)؛ وهذا هو الكفر
ص: 140
المطلق، وهو المقابل للإسلام.
و أمّا من تديّن بدين الإسلام؛ فهم طوائف و فرق، حتى قيل: إنهم أثنان و سبعون فرقة، خمسة و خمسون من أهل السنة، و ثمانية عشر من الشيعة، و قد أطلق على جميع فرق السنة اسم الكافر:
إمّا لإنكارهم الضروري، كما هو الظاهر من زكاة المنتهى (1)، و شرح فص
الياقوت (2)، على ما نقل عنهما .
و إمّا للأخبار المتواترة معنى؛ و لذا صرح جماعةٌ بكفرهم كابن نوبخت (3)
ص: 141
مسنداً إلى جمهور أصحابنا (1)، و الشيخ (2)في التهذيب (3)، و السيد (4) (4)، و الحلي (5)، و الفاضل في بعض كتبه (6)، و هو الظاهر من الظاهر من المفيد (7)،
ص: 142
و القاضي (1)-على ما قيل (2)- و هذا هو الكفر المقيد بالإمامة، و هو المقابل للإيمان.
و أما فرق الشيعة؛ فلا إشكال في إطلاق الكفر على الغُلاة منهم بالإجماع؛ لأنهم تحت المشرك حقيقة (3)، أو نافون للصانع رأساً، و كلاهما قد أطلق عليهما الكفر في الآيات السابقة، و لا مُنافاة بين التشيع و الكفر بكلا المعنيين السابقين، لأن الشيعة من شايع علياً، فإذا وجد فيه ما يُعتبر في الإسلام من التوحيد و غيره؛ فهو مسلم أو مؤمن و إلّا فلا، و ذلك ظاهر.
و لا يبعد أن يُدّعى ذلك في غير الإمامية، لأنّ مَن أنكر أحدهم فقد أنكر الجميع، فحالهم كحال السُّنة، ولا يُعدّ في كون الشخص مسلماً و کافراً، بالكفر المقابل للإيمان.
و أما الإمامية فالعدول منهم مؤمنون حقاً، و كذا الفاسق العاصي بفعل أو ترك، مع الإقرار بالمعصية؛ لعدم التنافي بين الإيمان و العصيان، لأن الأول فعل
ص: 143
القلب، و الثاني فعل الجوارح ، فلا منافاة بينهما لو اتصف بهما، نعم لو كان الإيمان فعل الجوارح لامتنع اجتماعهما، إلّا أنّه ليس الأمر كذلك، و لو أطلق عليه الكفر -كما في بعض الأخبار - فهو من باب اللُغة أو المجاز.
و أما المنكر لكون شيء من الأفعال أو التروك معصيةً –مع كونه معصية في الشرع- فهو على قسمين: لأنّه إما أن يكون ممن ثبتَ عنده ذلك من الشرع قطعاً أو لا؟ وعلى الثاني ليس بكافر؛ لأنه غير مقطوع العذر في ذلك، لعدم العلم الذي هو مناط التكليف في المقام، و أمّا على الأول؛ فهو محل النزاع.
و الظاهر أنّه بهذا العنوان، لم يطلق عليه الكفر، و هو مقتضى ما تقدم من معنى الإسلام و الإيمان ؛ و قولهم : منكر الضروري كافر. ليس بلفظ الخبر كما اعترف به الفاضل المحقق القمي (1)
نعم قد يُقال: إنه أطلق عليه في قوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ (2)و قوله تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَ الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ (3)و قوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ (4).
إلّا أنّ الظاهر أنّ الأول مختص ببعض الأحكام المقرونة للكفر، فروى البراء بن عازب، عن النبي صلی الله علیه و آله و سلم أنّ قوله تعالى: ﴿وَ مَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ
ص: 144
﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ (1)و بعده ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالُمونَ﴾ (2)و بعده ﴿ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (3) كلُّ ذلك في الكفار خاصة، أورده مسلم في الصحيح (4)-على ما في المجمع-، و به قال ابن مسعود، و أبو صالح، و الضحاك، و عكرمة، و قتادة (5).
و الثاني ظاهر في التولي عن الدين رأسا، و الثالث في المنافقين؛ لعدم جواز التبعيض في الإيمان و الكفر المطلق، و على أحد هذه الوجوه ينزّل الكفر الوارد في الكافي، في باب الكفر (6)، و هو الظاهر منها، كما لا يخفى.
و على هذا فإطلاق الكفر عليه؛ ممّا لا وجه له، إلّا أن يثبت الإجماع على كفره المقابل للإسلام أو الإيمان، فمقتضاه اعتباره في مفهوم أحدهما، أو يقال: بإستلزامه إنكار النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الدين.
و الأول غير مقطوع الثبوت، بعد عدم القطع بدخوله تحت الإجماعات المنقولة.
و أمّا الثاني فغير بعيد؛ لأنّ المفروض أنه قاطع بثبوته في الدين، و أنّه صادر عن النبي صلی الله علیه و آله و سلم، و أنّه غير مشتبه عليه، فلا يعقل إنكاره، إلا أن يكون النبي صلی الله علیه و آله و سلم قد كذب فيه، و هو ملازم لتجويز الكذب في غيره من أحكام الدين، التي منها ادعاء النبوة، لعدم الدليل على تخصيص هذا الكذب الخاص، و ذلك ملازم
ص: 145
لتجويز كذب الدين، فهو كافر مطلق؛ لعدم اتصافه بما يُعتبر في الإسلام - أعني الإذعان القطعي بالنبوة- ، ومن هُنا ورد في الكافي: «و لا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله تعالى» (1).
و أما سائر أحكامه الوضعية، فهي أشياء:
منها: كونه نجساً، وهو ظاهر على الاستلزام المذكور (2)، و أما على الاحتمال الآخر (3)فهو مشكل؛ لعدم ثبوت الكفر على هذا الفرض كما عرفت، و على فرض ثبوته، فلا دليل على نجاسة مُطلق الكافر، ألا ترى أنّ الفاضل صرح - في زكاة المنتهى، و شرح فص الياقوت- : بكفر المخالفين، لإنكارهم ضروري الدين (4)، و مع ذلك حكم بطهارتهم (5)، و لذا قيل (6)- في ردّ استدلال مَن يقول بنجاسة المخالفين بكفرهم- إنّه على تقدير إطلاق الكفر عليهم حقيقة، فلا دليل على النجاسة كليّة، و إن هو إلا مُصادرة محضة، و هو (7) الموافق للأصل.
و القياسُ على غير المنتحل مردودٌ ، والآيةُ (8)على فرض تماميتها غيرُ نافعة، لعدم تحقق الشرك مطلقاً، و عدم ثبوت الإجماع المركب (9).
ص: 146
و منها: عدم صحة صلاته. و هو أيضاً كسابقه، فإنه ظاهر على الاستلزام، لاشتراط الإسلام في الصلاة قطعاً، و من أجزائه الاعتقاد القطعي بالنبوة، و أمّا على الاحتمال فالإشكال؛ لعدم اشتراط غير الإسلام و الإيمان في صحة الصلاة، و هذا ليس بجزء منهما على هذا الفرض، فلعله من قبيل المعاصي غير المُعتبر تركها في صحة الصلاة، و هو واضح.
و منها: سببيته لاستحقاق القتل، و بينونة زوجته، و تقسيم أمواله، و غيرها من الأحكام، فأمر الكل واضح على الاستلزام (1)، و الإشكال على الاحتمال.
و أمّا الكلام في أحكامه التكليفية؛ فالواجب عليه التوبة بينه و بين الله، و معناها الاعتراف بما أنكر ، لوجوب التوبة عن الكفر (2)، لو كان هذا كفراً و عن جميع المعاصي إن كان منها، فإن قلنا بقبولها فهو، و إلّا فيجب عليه القتل، بمعنى التمكين مع إرادة الحاكم، و ليس عليه قتل نفسه؛ لأنه وظيفة الحاكم، نعم بعد الحكم حاله كحال غيره، و في وجوب إبراز أمره و التمكين - مع كونه - مخفياً - نظرٌ ؛ من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ (3)، و قوله صلی الله علیه و آله و سلم كما في السرائر: «من أتى هذه القاذورات فليستر بستر الله، فمن أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حدّ الله»، و قوله صلی الله علیه و آله و سلم لهزال بن شرحبيل حين أشار على ماعز بن مالك أن يعترف
ص: 147
بالزنا: «هلا سترته بثوبك يا هزال» (1)، وقول أمير المؤمنين علیه السلام – في بعض خطبه، كما في الكافي - : «و لو أنّ أهل المعاصي و كسبة الذنوب، إذا هم حذروا زوال نعم الله، و حلول نقمته، و تحويل عافيته، أيقنوا أنّ ذلك من الله جلَّ ذكره؛ بما كسبت أيديهم، فأقلعوا و تابوا و فزعوا إلى الله جلَّ ذكره بصدق من نياتهم، و إقرار منهم بذنوبهم و إساءتهم؛ لصفح لهم عن كل ذنب، و إذاً لأقالهم كلَّ عثرة، و لردّ عليهم كل كرامة نعمة، ثم أعاد لهم من صالح أمرهم ، و مما كان أنعمه به عليهم كل ما زال عنهم و فسد عليهم» (2). و مِن عدم الفرق بين الظهور . و الخفاء في الاستحقاق، فيجب عليه التمكين، و ما يتعلق به على التقديرين، ألا ترى أنه لو ثبت عند الحاكم، ثم منعه مانعٌ يقدر على دفعه؛ يجب عليه الدفع. والحقُ هو الأول؛ لما تقدم من الدليل و بطلان القياس، و عليه فلو خالف و اعترف بذلك، فهل يحرم ذلك عليه؟ وجهان:
ممّا روي أنّ العامرية و ماعز بن مالك اعترفا عند النبي صلی الله علیه و آله و سلم بالزنا، فلم ينكر ذلك، بل رجم كل واحد منها (3)، و هو فعل الأمة خلفاً و سلفاً، من دون نکیر.
و مِن عدم الدليل على الجواز في المقام بخصوصه، و المناط في الزنا غير منقح.
و كذا يجب عليه جميع التكاليف - على الحق من المذهب من تكليف الكفار بالفروع (4)
ص: 148
لو تاب و لم نقل بالقبول فكذلك؛ لأنه السبب في سلب القدرة عن نفسه، فهو غير معذور، و يحرم عليه الوقاع مع زوجته و النظر إليها، و التصرف في أمواله بدون أذن الورثة، إلى غير ذلك من أحكام المرتد (1) .
و أمّا الأمر الثالث: فهو أنّ وجوب اعتقاد العصمة في الحجج بالمعنى
المتقدم، هل هو ضروري ديني أم مذهبي أم لا؟
فنقول: أما كونه ضروريا دينياً عند الشيعة الإمامية فمما لا إشكال فيه على من راجع وجدانه، و وجدان اهل الاستدلال من المذهب، فهو غني عن الإثبات، فلو أنكرها واحد منهم ؛ يحكم بكفره و ارتداده على التفصيل المتقدم، و يجري عليه أحكام المرتد ، اللهم إلّا أن يدّعي الشبهة في حقه -مع إمكانها- كأن يكون بعيداً عن جمهورهم أو قريباً غافلاً، غير ملتفت إليها أو نحو ذلك، فإنّه لا يحكم بكفره حينئذ، لعدم الاستلزام المذكور، و أما مع عدم إمكان الشبهة في حقه -كان يكون قريباً منهم، ملتفتاً إليها، و يكون حاله كحال جمهورهم في الاطلاع على المذهب و أدلته - ؛ فلا يقبل منه قطعاً، لعدم حكم العادة بالاشتباه حينئذ و هو المحكم، و على هذا فلو نشأ بين العامّة و ثبت عنده الضرورة بالنسبة إلى المعنى المحقق عندهم، ثم أنكر الزائد على هذا المعنى، مع غفلته عن غيره؛ لم يكفّر بالنسبة إلى الزائد، بل المُعتبر إنكاره بالنسبة إلى المعنى الضروري، و هكذا
حتى أنه لو ثبت عنده من دليل غير معتبر مقطوعيتها بالمعنى المتقدم أو مرتبة من مراتبها ؛ اعتبر الإنكار بالنسبة إلى المقطوع، و لو كان من غير وجهه، بناءً على كون القطع متبعاً من أي سبب حصل (2)
ص: 149
واعلم أن الإنكار غير التوقف، فلو كان متوقفاً بعد ملاحظة الأدلة وعدم
تماميتها أو تعارضها مع فقد المرجح ؛ لم يحكم بكفره، و لا تقصيره لما تقدم من أنّ حال العصمة ليس كحال سائر العقائد، لأن وجوب تحصيلها مطلق، للقطع بأن لها طرقاً موصلة إليها (1)، بخلاف العصمة، لعدم القطع بذلك، فوجوب اعتقادها مقيدٌ بما لو حصل العلم لا مطلق، فالمتوقف غير القاطع؛ لا مقصر و لا كافر.
أمّا الأول؛ فلعدم إطلاق الوجوب، و أما الثاني؛ فلعدم صدق إنكار
الشريعة في حقه (2)، و هذه كلها واضحة بحمد الله تعالى وتوفيقه.
ص: 150
الموقع السادس
في دفع الإشكال عن أصالة العصمة في الحجج
حيث أورد عليها بأمور من النقل :
الأول: قوله تعالى في سورة طه: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ هُمَا سَوْآتُها وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَی ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ (1)، و في سورة البقرة: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هُذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين فَأَزَهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ (2)، و قريب منه في سورة الأعراف (3)، و قال تعالى أيضاً في سورة الأعراف في قصة آدم: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (4).
الثاني: قوله تعالى في نوح علیه السلام : ﴿إِنه لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ (5)بعد قوله تعالى : لما يلي ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ (6) فإنه يقتضي تكذيب قوله: ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ فكيف يجوز على نوح الكذب؟
ص: 151
الثالث: قوله تعالى في سورة الأنعام في حق إبراهيم علیه السلام: ﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هذَا رَبِّي﴾ الآية (1)، و قال أيضاً حكاية عنه: ﴿رَبِّ أَرِني كَيْفَ تُحْيِي الْمُوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى ﴾ (2)فإنها ظاهرة في الشك.
الرابع: قوله تعالى في سورة القصص، في حق موسى علیه السلام : ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لي فَغَفَرَ لَهُ﴾ (3)، و قال تعالى في سورة الشعراء حاكياً عنه في جواب فرعون: ﴿ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذَا وَأَنَا مِنَ الضّالِّينَ﴾ (4)، و قال تعالى في سورة الأعراف حاكياً عنه: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي﴾ (5) فإنها ظاهرةٌ في الشك.
الخامس: قوله تعالى في سورة يوسف في حقه علیه السلام: ﴿وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ (6).
السادس: قوله تعالى في سورة الأنبياء في حق يونس بن متى : ﴿وَ ذَا النُّونِ إِذ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ (7) لظهور صدر الآية في الشك، و ذيلها في ظلمه.
ص: 152
السابع: قوله تعالى في سورة الفتح في نبينا محمد صلی الله علیه و آله و سلم: ﴿ليَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ﴾ (1)، و قال أيضاً في سورة التوبة: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِم أَذِنْتَ هُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ (2)، و قال أيضاً في سورة الزمر: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَ كُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾ (3)، و قال تعالى في سورة بني إسرائيل: ﴿لا تَجعَلْ مَعَ اللَّه إِلها آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخَذُولًا ﴾ (4)، و قال تعالى فيها أيضاً: ﴿وَ لَوْلاً أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ (5)، و قال تعالى في سورة الأحزاب: ﴿وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾ (6)هذا ما ورد في القرآن.
و أما ما ورد في الأدعية المروية عن الأئمة عليهم السلام من الإقرار بالذنوب المتشتتة، ممّا يهتك العصم أو يحبس الدعاء أو يغيّر النعم أو ينزل النقم؛ فهو كثير، وإلى حد التواتر بالغ، كما روي عن الإمام موسى الكاظم علیه السلام ، أنّه كان يقول في سجدة الشكر: «ربِّ عصيتُك بلساني و لو شئتَ و عزتك لأخرستني، و عصيتُك ببصري، و لو شئتَ و عزتك لأكمهتني، و عصيتُك بسمعي، و لو شئت و عزتك
لأصممتني» (7) إلى آخر الدعاء.
ص: 153
و في الصحيفة الكاملة السجادية كثيرٌ من هذا القبيل، بل روي عن النبي صلی الله عليه و آله و سلم ما يشعر بذلك أيضاً، ففي الكافي عن الصادق علیه السلام : «إن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم كان يتوب إلى الله عزّ وجل كل يوم سبعين مرة» (1)، و روى العامّة في صحاحهم: أنه صلی الله علیه و آله و سلم قال: «إني لأستغفر الله و أتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (2)، و قد ورد النقل ببكائهم علیهم السلام على المعاصي في الأيام و الليالي، بل ورد أنّه كان يغشى عليهم من كثرة الخوف و البكاء على الذنوب، إلى غير ذلك مما لا تطيق إلى بيانها يدُ البيان، و لسان الأقلام، فالطوي على غرّها هو الوجه.
و الجواب عنها:
أمّا إجمالاً ، فنقول : إذا ثبت بأدلة العقل - التي لا يدخلها الاحتمال و المجاز و وجوه التأويلات - أنّ المعاصي لا تجوز على حجج الله تعالى؛ صرفنا كلَّ ما ورد ظاهره بخلاف ذلك من كتاب و سنة إلى ما يطابق الأدلة و يوافقها، كما نفعل مثل ذلك فيما يرد ظاهره مخالفاً لما تدلّ عليه العقول من صفاته تعالى، و ما يجوز عليه أو لا يجوز، و إنْ لم نعلم تفاصيل صرفها؛ لعدم وجوب معرفتها، كما هو الحكم في كل ما خالف المعلوم.
و أمّا تفصيلاً، فنقول : لكل منها تأويل يقتضي براءة ذيلهم عن لوث
المعاصي:
أمّا قصة عصيان آدم علیه السلام ، فقال{الإمام} الرضا علیه السلام -كما في العيون (3)و الاحتجاج (4) (4) في جواب المأمون لما سأله يا ابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، أليس مِن قولك:
ص: 154
إنّ الأنبياء معصومون؟
قال علیه السلام : بلى. قال: فما معنى قول الله: ﴿وَ عَصَى آدَمُ رَبَهُ فَغَوَى﴾ (1)؟ فقال علیه السلام : إنّ الله تعالى قال لآدم: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الجُنَّةَ وَ كُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ (2)فأشارهما إلى شجرة الحنطة: ﴿فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ و لم يقل لهما : لا تأكلا من هذه الشجرة، و لا مما كان من جنسها. فلم يقربا تلك الشجرة ، و إنما أكلا من غيرها، إذ وسوس الشيطان إليهما و قال: إنّما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ، و (ما نهاكما عن أنْ تقربا غيرها، و لم ينهكما عن الأكل منها؛ ﴿إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَ قَاسَمَهُمَا إنّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ (3). و لم يكن آدم و حواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذباً، ﴿فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ﴾ فأكلا منها ثقة بيمينه بالله، و كان ذلك من آدم قبل النبوة، و لم يكن ذلك بذنب كبير استحق دخول النار به، و إنّما كان من الصغائر الموهوبة، التي يجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلما اجتباه الله و جعله نبياً؛ كان معصوماً لا يذنب صغيرةً و لا كبيرةً، قال الله تعالى: ﴿وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجتبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَ هَدَى﴾ (4)، و قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (5).
قال الطبرسي رحمه الله (6)صاحب الاحتجاج: لعلّ {الإمام} الرضا علیه السلام أراد
ص: 155
بالصغائر الموهوبة؛ ترك المندوب و ارتكاب المكروه من الفعل، دون الفعل القبيح الصغير، بالإضافة إلى ما هو أعظم منه، لاقتضاء أدلة العقول و الأثر المنقول لذلك (1).
و أقول هذا الجواب بظاهره أشكل من الإشكال بالآية؛ لاشتماله على قبول وسوسة الشيطان، مع أنّ حزب الشيطان هم الخاسرون، مع أنّه(2) (2)لا يوسوس إلّا في القبيح - و على تسليم الصغيرة قبل النبوة، و على تسليم توبته مع أنها لا تكون إلّا عن قبيح - فقيل في دفع الإشكال (3): إنّ معنى عصى: خالف ما أمره ربُه. و المعصية مخالفة الأمر، سواء كان واجباً أو ندباً. قال الشاعر:
أمرتك أمراً جازماً فعصيتني (4)
و لا يمتنع أنْ يُسمى تارك النفل؛ عاصياً، كما يُسمّى بذلك تارك الواجب، يقولون : فلان أمرته بكذا و كذا من الخير فعصاني و خالفني. -و إن لم يكن ذلك واجباً - و لا شبهة أنّ لفظة : (غوى) يحتمل الخيبة. قال الشاعر (5):
فمَنْ يلقَ خيراً يحمد الناسُ أمره *** و مَن يغو لا يعدم على الغيّ لائماً (6)
ص: 156
فمعنى الآية: خالف آدم أمر الندب بالنسبة إلى غير الشجرة المنهية، كما هو ظاهر جواب الإمام علیه السلام - فخاب مِن ثوابه، أو خاب من الخلود الذي وعده الشيطان بأكل الشجرة.
ثم أقول: لا يخفى أنّ هذا لا يحتاج إلى التفصيل المذكور في الجواب، و لا يحتاج إلى أنْ يُقال: لم يُشاهدا قبل ذلك مَن يحلف بالله كاذباً، إلى آخره؛ لأنّ الفهم شرط التكليف، و على فرض إجماله لم يكن دليل على متابعة الشيطان بعد قوله : ﴿إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ ﴾ (1)و لا يجوز عليه الغفلة و السهو على الحق من المذهب.
و أما ما في بعض الأخبار: مِن أنّه ذكر النهي بعد الارتكاب، فهو مأول سيظهر وجهه، فلعلّ وجه التفصيل: أنّ آدم لما علم أنّه منهي عن الأكل من شجرة خاصة لمصلحة خاصة، لم يقربها، إلّا أنّ الشيطان لمّا أراد إغوائه بقوله: ﴿لأغِوِیَنّهُم أجمعینَ﴾ (2) زعم أنّه منهي عن الجنس، فوسوس إليه طمعاً في ذلك، و إنما قاسمهما تأكيداً لأمره على زعمه، و سوق الكلام بأسره إنّما يكون على ذلك؛ فزعم أنّ آدم غير عالم بكذبه في الحلف (فدلّاه بغروره) في زعمه، و زعم أنّه عصى ربه ثقة بيمينه، و لم يعلم أنّ مَن علّمه الله تعالى الأسماء؛ لا يغتر بغروره، بل نفسه أولى بالجهل، حيث إنّه كفر بربه جهلاً منه، و من هنا ورد في بعض الأخبار: إنّه خاب عن إغوائه ؛ فذهب إلى حواء» الحديث (3).
و كذا قوله: «وكان ذلك من ادم قبل النبوة». فإنّ المراد أنّ الشيطان زعم أنه لا يُبالي المعصيةَ قبل نبوته، و قبل نزول الوحي؛ فلذلك أقدم عليه؛ و هكذا
ص: 157
القول في توبته، فإنها توبة عن المعصية في زعمه.
و أمّا قوله: «فلما اجتباه الله و جعله نبياً إلى آخره؛ فلعله مسوق لما يوافق مذهب المأمون، بل لا يبعد أنْ يُدّعى ذلك في جميع الجواب. نعم، قد يُنافي ذلك ما في سورة الأعراف من قوله تعالى: ﴿أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَكُما إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الخَاسِرِينَ﴾ (1).
إلّا أنْ يُقال: لما كان فعله متابعة صورياً للشيطان في زعمه الفاسد، شدّد الله تعالى عليه الأمر في ذلك حتى لا يتابعه في التكاليف، فهذا التشديد لطف في حقّ آدم و لا استبعاد في إطلاق الظلم على مثل هذه المتابعة، و طلب المغفرة عليه، و على هذا فإزلال الشيطان أيضاً يكون على زعمه أو يكون إزلالاً ، حيث شدّد الله تعالى عليه بذلك، لا أنّه عصى؛ وهذا وجهٌ وجيه يصلحُ للإشكال بالآية و جواب الإمام علیه السلام . و نظيره ما سيجيء في دفع الإشكال عن قوله تعالى: ﴿ لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ ﴾ (2)مِن أنّ هذا الذنب إنما يكون باعتقاد الكفّار .
و أما قوله تعالى: جَعَلا لَهُ شُرَكَاء (3)؛ ففيه أقوال:
أما {الإمام} الرضا علیه السلام فقال أيضاً في جواب المأمون (4): إنّ حواء ولدت لآدم خمسمائة بطن، في كل بطن ذكر و أنثى، و إنّما آدم و حواء عاهدا الله و دعواه
ص: 158
و قالا : ﴿لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحِاً﴾ (1)من النسل خلقاً سوياً برياً من الزمانة و العاهة، كان ما آتاهما صنفين: صنفاً ذكراناً، و صنفاً إناثاً؛ فجعل الصنفان لله تعالى شركاء فيما آتاهما، و لم يشكراه كشكر أبويهما الله عزّ و جلّ، قال الله تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ يعني علیه السلام بصيغة
الجمع (2)
و قريبٌ منه ما نقله الطبرسي (3)رحمه الله : عن الجبائي، و قيل: الضمير في جعلا راجع إلى النفس و الزوج من كل شخص من أولاد آدم علیه السلام عن الحسن و قتادة، و هو قول الأصمّ، قال: و كانت عادتهم أن يأدوا البنات، فلما آتاهما -يعني: الأب و الأم - صالحاً، جعلا له شركاء فيما آتاهما، لأنّهم كانوا يسمّون عبد العزّى و عبد اللات و عبد مناف، ثُمَّ رجعت الكناية إلى جميعهم في قوله تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللهُ عَمَا يُشْرِكُونَ﴾ فالكناية في جميع ذلك غير متعلقة بآدم و حواء علیهما السلام، و لو كانت متعلقة بهما لقال : عمّا يشركان.
و قال أبو مسلم: تقدير الآية: الذي خلقكم - و الخطاب لجميع الخلق من نفس واحدة - يعنى آدم - و جعل مِن ذلك النفس زوجها، -و هي حواء- ثُمّ انقضى حديث آدم و حواء و خصّ بالذكر المشركين من أولاد آدم، الذين سألوا ما سألوا، و جعلوا له شركاء فيما آتاهما، قال : و يجوز أنْ يذكر العموم ثم يخصَّ البعض بالذكر، و مثله كثيرٌ في الكلام، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيَّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحِ طَيِّبَةٍ﴾ (4) فخاطب الجماعة
ص: 159
بالتسيير، ثُمّ خصَّ راكب البحر بالذكر، و كذلك هذه الآية أخبرت عن جملة البشر بأنّهم مخلوقون من آدم و حواء. ثم عاد الذّكر إلى الذي سأل الله تعالى ما سأل، فلمّا أعطاه إيّاه ادّعى له شركاء في عطيته، قال : و جائز أن يكون عنى بقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ (1)المشركين، و قيل: الضمير يرجع إلى آدم و حواء، و يكون التقدير في قوله تعالى: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء﴾ جعل أولادهما له شركاء، فحذف المضاف، و اقيم المضاف إليه مقامه، فصار (جعلا)، و هذا مثل قوله سبحانه : ﴿اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ﴾ (2)﴿وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً﴾ (3) و التقدير : و إذ قتل أسلافكم نفساً و اتّخذ أسلافكم العجل؛ فحذف المضاف (4).
و قال المرتضى رحمه الله : و قال قومٌ: معنى جعلا له شركاء، أي: طلبا من الله أمثالاً للولد (5)الصالح، فشركا بين الطلبتين و تكون الهاء في: قوله (6)راجعة إلى الصالح، لا إلى الله تعالى، و يجري مجرى قول القائل: طلبت مني درهماً، فلما أعطيتك أشركته بآخر. أي: طلبت آخر مضافاً إليه؛ و على هذا لا يمتنع أن يكون الخطاب و قوله : (جعلا) كله متوجهاً إلى آدم و حواء علیهما السلام (7).
و قيل في الآية وجوه أخر تأباها العقول و تنكرها، كما روى العامة: أن إبليس أتاها في غير صورته، فقال لها يا حواء، ما يؤمنك أنْ تكون في بطنك بهيمة، إلى أن قال: إن سألتُ اللهَ أنْ يجعله خلقاً سوياً مثلك، و يسهل عليك
ص: 160
خروجه، أتسميه : عبد الحارث؟ و لم يزل بها حتى غرّها؛ فسمته: عبد الحارث، برضى آدم علیه السلام ، و كان اسم إبليس عند الملائكة الحارث .
فإنّ البراهين الساطعة، بعد دلالتها على عصمة الحجج، تمنع عن القول بجواز الشرك و المعاصي، و طاعة الشيطان عليهم ، و قد تقدّم: أنا لو لم نعلم تأويل الآية؛ لعلمنا على الجُملة أن لها وجهاً يطابق دلالة العقل، فكيف و قد ذكرنا الوجوه الصحيحة الواضحة. و قد حكى البلخي عن جماعة من العلماء أنهم قالوا: لو صح الخبر؛ لم يكن في ذلك إلا اشراكاً في التسمية؛ و ليس ذلك بكفر أو معصية، و اختاره الطبري (2) .
و روى العياشي ، و القمي ، عنهم علیهم السلام : إنّه كان شركهما ؛ شرك طاعة ،
ص: 161
و لم يكن شرك عبادة (1). و زاد القمي قال : جعلا للحارث نصيباً في خلقِ الله، و لم يكونا أشركا إبليس في عبادة الله تعالى (2).
و أما قوله: ﴿إِنَهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ (3)، فقال المرتضى رحمه الله (4): فيه وجوه:
أولها (5)- و هو المروي عن الصادق علیه السلام ، كما في المجمع (6)، و العيون (7)، و العياشي (8): أنْ يكون المراد بقوله تعالى: ﴿لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾، أنّه ليس على دينك، و أراد أنه كان كافراً؛ لأنّه كان مخالفاً له، و جعل مَن اتبعه من اهله.
و يؤيده التعليل: ب- ﴿إِنَهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ و هذا كما قال النبي صلی الله عليه و آله و سلم: «سلمان منا اهل البيت» (9)و إنّما أراد على ديننا، كما قاله الطبرسي رحمه الله (10)
و ثانيها (11): أنّ المراد أنه ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم معك، لا أنه نفى النسب؛ لأنّه تعالى قد استثنى من أهله - الذين وعده أن ينجيهم - من سبق عليه القول (12).
ص: 162
و يدلُّ عليه أيضاً قول نوح علیه السلام: ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ ﴾ (1)و على هذا الوجه يتطابق الأمران و لا يتنافيان، و قد روي هذا الوجه عن ابن عباس، و سعيد بن جُبير، و الضّحاك ، و عكرمة (2).
و ثالثها: أنه لم يكن ابنه على الحقيقة، و إنّما ولد على فراشه و هذا بعيدٌ؛ لأنّ البنوة يقتضي الحقيقة؛ و لأنّ الأنبياء علیهم السلام يجب أن ينزهوا عن مثل ذلك؛ لأنه تعيّر و تشين، و قد نزّه الله تعالى أنبيائه عن ما دون ذلك توقيراً و تعظيماً عن ما ينفّر من القبول منهم، و روي عن ابن عباس أنّه قال: ما زنت امرأة نبيّ قط، و كانت الخيانة من امرأة نوح أنها كانت تنسبه إلى الجنون، و الخيانة مِن امرأة لوط أنها كانت تدل على أضيافه (3).
و رابعها (4): أنّه كان ابن امرأته و كان ربيبه و يؤيده قراءة مِن قرأ: ابنها (5).
و أما قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ (6)فقال الرضا علیه السلام في الجواب : إنّ ابراهيم علیه السلام وقع على ثلاثة أصناف: صنف تعبد الزهرة، و صنف تعبد القمر، و صنف تعبد الشمس؛ و ذلك حين خرج من السرب الذي أخفي فيه، ﴿فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ رأى الزهرة ، ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ على الإنكار و الإستخبار، ﴿فَلَمًا أَفَلَ﴾ الكوكب، ﴿قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ﴾ لأنّ الأفول من صفات المحدَث لا من صفات القديم، ﴿فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ على الإنكار و الإستخبار،
ص: 163
﴿فَلَمّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِي رَبِّ لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ﴾ فلمّا أصبح رأى الشمس بازغة، ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ ، قال : ﴿هَذَا أَكْبَرُ﴾ من الزهرة و القمر، على الإنكار و الاستخبار، لا على الإخبار و الإقرار ، ﴿فَلَمّا أَفَلَتْ﴾ قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس: ﴿يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضَ حَنِيفاً وَ مَا أَنَا مِنْ المُشْرِكِينَ﴾ (1)و إنّما أراد إبراهيم علیه السلام بما قال ؛ أن يبيّن بطلان دينهم، و يثبت عندهم أن العبادة لا تحقّ لما كان بصفة الزهرة و القمر و الشمس، و إنما تحقّ العبادة لخالقها، خالق السماوات و الأرض؛ و كان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله تعالى و آتاه، كما قال تعالى: ﴿وَ تِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ (2).
و ههنا وجه آخر وهو أنّه كان طالباً لربه، كما هو شأن المستدلين، مع قطعهم بما يستدلون عليه؛ و هذا ليس بكفر، فمن فكّر من الناس في مثله فهو بمنزلته، و هذا مروي عن أبي عبد الله
علیه السلام (3).
فإن قلت: كيف قال : ﴿هَذَا رَبی﴾ مُخبراً، و هو غير عالم بما يخبر به، و الإخبار بما لا يأمن المخبِر فيه أن يكون كاذباً؛ قبيحٌ.
قلنا: الجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أنه لم يقل ذلك مُخبراً، و إنما قاله فارضاً و مقدراً، على سبيل التأمل (4).
و الثاني: أنه إنّما أخبر بما في زعمهم، كما قال تعالى: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ
ص: 164
كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ (1).
و أمّا الجواب عنه : بأنّه إنّما أخبر عن ظنّه، و قد يجوز أنْ يظنّ المتفكر في حال فكره و نظره ما لا أصل له، ثم يرجع عنه بالأدلة (2)؛ فمما لا يصغى إليه.
و أما قوله تعالى: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتَى﴾ (3)، فقال الرضا علیه السلام في الجواب: إنّ الله تعالى كان أوحى إلى إبراهيم علیه السلام إني متخذ من عبادي خليلاً، إن سألني إحياء الموتى أجبته؛ فوقع في نفس إبراهيم علیه السلام أنّه ذلك الخليل، فقال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمُوْتَى قَالَ أَو َلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَ لَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ على الخِلة، ﴿قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ﴾ الجواب (4)
و في المحاسن (5)، و العياشي (6): سُئِل الرضاء علیه السلام : أكان في قلبه شكّ ؟ قال علیه السلام:لا، كان على يقين، و لكنّه أراد مِن الله الزيادة في يقينه.
أقول: و لا يبعُدُ تطابق هذا لما في الجواب؛ لأنّه لا معنى لإزدياد اليقين في مثل خليل الله .
و عن أبي عبد الله علیه السلام : أنه رأى جيفة تمزقها السباع، فيأكل منها سباع الهواء و دواب البحر، فسأل الله إبراهيم علیه السلام فقال : يا رب قد علمتُ أنك تجمعها من بطون السباع و الطير و دواب البحر، فأرني كيف تحييها، لأعاين ذلك. و به قال الحسن، و الضحاك، و قتادة.
ص: 165
و عن محمد بن اسحاق بن يسار: إنّ سبب السؤال؛ منازعة نمرود إياه في الإحياء، إذ قال : ﴿أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ﴾ و أطلق محبوساً، و قتل إنساناً، فقال إبراهيم علیه السلام : ليس هذا بإحياء، و قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المُوْتَى﴾ ليعلم نمرود ذلك.
و روي أنّ نمرود توعده بالقتل إنْ لم يحيي الله الميت، بحيث يشاهده، فلذلك قال : ﴿لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ أي: بأن لا يقتلني الجبّار (1).
و أمّا قوله تعالى: ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ (2)؛ فقال الرضا علیه السلام : «إن موسى علیه السلام ادخل مدينة من مدائن فرعون ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ ، و ذلك بين المغرب و العشاء ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَ هَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾، فقضى موسى علیه السلام على العدو بحكم الله، فوكزه فمات ﴿قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ يعني: الإقتتال، الذي وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى علیه السلام من قتله إياه؛ فهذا بيان السبب بأنّه مخالف الله تعالى، فهو مستحق للقتل (3)
وقال المرتضى رحمه الله : إنّه أراد تزيين قتلي له، وتركي لما ندبت إليه من تأخيره و تفويتي ما استحقه من الثواب، من عمل الشيطان (4).
فإن قلتَ: هذا القتل لا يخلو أنْ يكون مستحقاً أو غير مستحق، فإنْ كان غير مستحق؛ فالأنبياء لا يجوز عليهم ذلك عندكم، لا قبل النبوة ولا بعدها؛
ص: 166
وإن كان مستحقاً، فلا معنى لندمه عليه، و استغفاره منه (1).
قلت: الجواب أن القتل، و إن لم يكن حلالاً، لأنّ الحال كانت حال الكف عن القتال مع الكفار - إلّا أنّه إنّما وقع على سبيل تخليص المؤمن من يد مَن أراد ظلمه، و دفع مكروهه عنه ، و لم يكن مقصوداً في نفسه، وكل ألم وقع على هذا الوجه فهو حسن، سواء كان الفاعل مدافعاً عن نفسه أو عن غيره (2).
فإن قلتَ: فما معنى استغفاره، في قوله تعالى: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لي﴾ (3)؟
قلتُ: أمّا الرضا علیه السلام فقال في الجواب: «إن معناه أنّي وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة ، ﴿فَاغْفِرْ لي﴾ أي : استرني من أعداءك، لئلّا يظفروا بي فيقتلوني ﴿فَغَفَرَ لَهُ﴾ :أي: ستره من عدوه، إلا أنه أصبح في المدينة خائفاً» (4).
و أمّا المرتضى رحمه الله فقال : إنه مِن حيث حرم نفسه الثواب المستحق بفعل الندب (5).
فإن قلت: بعد وجوب دفع الشرّ عن المؤمن، لا معنى لندبية ترك القتل. قلتُ: يجوز أنْ يكون مخيراً بين دفعه بهذا الوجه و بغيره، إلّا أنّ غيره كان أولی.
فإن قلت : فما معنى قوله تعالى: ﴿فَعَلْتُهَا إِذا وَ أَنَا مِنْ الضَّالِّينَ﴾ ؟ (6)؟
ص: 167
قلتُ: أما الرضا علیه السلام فقال: «إن فرعون قال لموسى: ﴿وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ * قَالَ﴾ موسى: ﴿فَعَلْتُهَا إِذاً وَ أَنَا مِنْ الضَّالِّينَ﴾ (1)
عن الطريق؛ بوقوعي إلى مدينة من مدائنك» (2)
فكأنه علیه السلام او ورّى لفرعون؛ فقصد الضّلال عن الطريق، و فرعون إنّما فهم منه الجهل و الضّلال عن الحق، فإنّ الضّلال عن الطريق لا يصلح عذراً للقتل في نظر فرعون.
و يمكن أن يكون مراده أنّه من الضّالين في نظر فرعون و أصحابه، نظيرقوله تعالى في نبيه الله ﴿وَ وَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ﴾ (3)، يعني : عند قومك .
و قيل (4): إنّ معناه : لم أعلم بأن الوكزة تبلغ القتل (5)
و أمّا قوله تعالى: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾ (6)، فقال الرضا علیه السلام في الجواب: إنّ کلیم الله موسى بن عمران علِم أنّ الله تعالى عزّ أنْ يُرى بالأبصار، و لكنّه كلّمه الله و قربه نجيّاً، رجع إلى قومه فأخبرهم: أنّ الله كلّمه و قربه و ناجاه.
فقالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ﴾ لك حتى نسمع كلامه، كما سمعت.
و كان القوم سبعمائة ألف رجل ؛ فاختار (منهم سبعین ألف، ثم اختار) (7)منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين رجلاً لميقات
ص: 168
ربه؛ فخرج بهم إلى طور سيناء، فأقامهم في صفح (1) الجبل، و صعد موسى علیه السلام إلى الطور، و سأل الله أن يكلمه و يسمعهم كلامه؛ فكلمه الله، و سمعوا كلامه من فوق، و من أسفل و يمين و شمال و وراء و أمام؛ لأن الله أحدثه في الشجرة الزيتونة، ثم جعله منبعثاً منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ﴾ بأنّ هذا الذي سمعناه كلام الله ﴿حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾، فلمّا قالوا هذا القول العظيم، و استكبروا وعتوا، بعث الله عليهم صاعقةً فأخذتهم بظلمهم؛ فماتوا.
فقال موسی علیه السلام يا ربّ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم، و قالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم؛ لأنك لم تكُ صادقاً فيما ادعيت من مناجاة الله تعالى إياك ؟ .
فأحياهم الله و بعثهم معه، فقالوا: إنّك لو سألت الله أن يريك تنظر إليه لأجابك، و كنت تخبرنا كيف هو؛ فنعرفه حق معرفته.
فقال موسى علیه السلام: يا قوم، إن الله لا يُرى بالأبصار، و لا كيفية له، وإنما يُعرف بآياته، و يُعلم باعلامه، فقالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ﴾ حتى تسأله.
فقال موسی علیه السلام : يا ربّ، إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل، و أنت أعلم بصلاحهم. فأوحى الله إليه : يا موسى سلني ما سألوك، فلن أؤاخذك بجهلهم.
فعند ذلك قال موسى علیه السلام : (﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَ لَكِنْ انظُرْ إِلَى الجُبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ﴾ و هو يهوي ﴿فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُهُ لِلْجَبَل بآية من آياته جَعَلَهُ دَكَّاً وَ خَرَّ مُوسَى صَعِقَا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ يقول: رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي ﴿وَ أَنَا أَوَّلُ
ص: 169
المُؤْمِنِينَ ﴾ (1)منهم بأنك لا تُرى . إنتهى (2).
و هذا الجواب هو مُختار المرتضى رحمه الله، بل هو مختار الجمهور، على ما قاله الطبرسی رحمه الله (3)، و قوّوه بوجوه:
منها: قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ
بِظُلْمِهِمْ﴾ (4)
و منها: قوله تعالى: ﴿وَ إِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنظُرُونَ﴾ (5).
و منها: قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ (6)؛ لأنّ إضافة ذلك إلى السفهاء؛ تدلُّ على أنّه كان بسببهم و من أجلهم، و إنّما سألوا ما لا يجوز عليه تعالى.
فإن قلت: لو كان إنّما سأل الرؤية لقومه، لم يضف السؤال إلى نفسه، فيقول: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾ و لا كان الجواب مختصاً به، و هو قوله تعالى: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ ؟
قلنا: لا يمتنع الإضافة مع كون المسألة لأجل الغير؛ إذا كانت هناك دلالة تزيل الشبهة، و تؤمن من اللبس، و هو في المحاورات كثير، فلهذا يقول أحدنا
ص: 170
- إذا شفع في حاجة غيره للمشفوع إليه - : أسألك أن تفعل بي كذا، و تجيبني إلى كذا، و يحسن أنْ يقول المشفوع إليه: قد أجبتك ؛ و إنما حسُن هذا؛ لأنّ للسائل في المسألة غرضاً - و إن رجع إلى الغير - فتحققه كتحققه.
و سؤال الرؤية دون غيرها؛ لدلالة امتناعها عليه تعالى على امتناع غيرها بالأولى دون العكس، و قيل في الآية وجوه أخر لا تناسب مذهب الإمامية، فهم عنها معرضون (1) (1).
و أمّا قوله تعالى: ﴿وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا﴾ (2) ففيه وجوه من الجواب، كل واحد منها يقتضي براءة نبي الله علیه السلام من العزم على الفاحشة، و إرادة المعصية:
الأول : ما قاله الرضا علیه السلام الهلال في الجواب و هو: إنّ المعنى قد همّت به، و لولا أن رأى برهان ربّه؛ لهمّ بها كما همّت، لكنه كان معصوماً، و المعصوم لا يهم بذنب و لا يأتيه، و لقد حدثني أبي، عن أبيه الصادق علیه السلام، أنّه قال : همّت بأن تفعل ، و همّ بأن لا يفعل (3).
و هذا لا يغاير ما قاله الرضا علیه السلام ؛ لأنّ الهمّ بأنْ لا يفعل، لا يغاير الهم بالفعل معلقاً.
قال شيخنا البهائي (4): المراد قصدت مخالطته، و لولا أنْ رأى برهان ربّه؛
ص: 171
لقصد مخالطتها أيضاً ، فقوله تعالى: ﴿وَهَمَّ بِهَا﴾ جواب لولا، مقدمٌ عليها، أو دالٌ على الجواب المحذوف كما تقول : قتلتك لولا أنْ أخاف الله (1)، على اختلاف القولين بين النحاة في تقديم جواب لولا.
الوجه الثاني: أنّ الهمّ في ظاهر الآية متعلق بما لا يصح أنْ يعلق به العزم أو الإرادة على الحقيقة؛ لأنّه تعالى قال: ﴿وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا﴾ فعلق الهمّ بها، و ذاتاهما لا يجوز أنْ تُرادا لأن الموجود الباقي لا يصح ذلك فيه، فلا بُدَّ مِن تقدير محذوف يتعلق العزم به.
و قد يمكن أنْ يكون ما تعلق به همه إنّما هو ضربها، أو دفعها عن نفسه، كما يقول القائل: قد كنت هممت بفلان، و قد همّ فلان بفلان، أي: بأن يوقع فيه ضرباً أو مكروهاً (2).
فإن قيل : فأي معنى لقوله تعالى: ﴿لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ ، والدفع لها عن نفسه طاعة لا يصرف البرهان عنها ؟
قُلنا : فيه وجهان
الأول: أنه لما هم بدفعها وضربها؛ أراه الله برهاناً على أنّه إنْ أقدم على ما همّ [أ]هلكه أهلها أو قتلوه.
ص: 172
الثاني: أنّه لو اشتغل بدفعها عن نفسه لتعلقت به، فكان تمزّق ثوبه من قُدّام، و كان في علم الله تعالى أنّ الشاهد يشهد بأن الثوب لو تمزق مِن قُدّام لكان يوسف علیه السلام هو الخائن (1).
فإنْ قلت: قوله ﴿هَمَّ بها﴾ كقوله ﴿هَمَتْ بِهِ﴾ فلِمَ جعلتم همها متعلقاً
بالقبيح، و همه بها متعلقاً بما ذكرتم من الضرب و غيره ؟
قُلنا : العُمدة في ذلك شهادة الكتاب و الآثار به و إلّا فالظاهر غير دال على المدعى:
أمّا الكتاب: فالمواضع التي تشهد له قوله تعالى: ﴿و َقَالَ نِسْوَةٌ فِي المَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِين﴾ (2)، و قوله تعالى: ﴿وَ رَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ (3)، و قوله عزّ وجلّ حاكياً عنها: ﴿الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَهُ مَنْ الصَّادِقِينَ ﴾ (4)و في موضع آخر : ﴿ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لتُنَّنِي فِيهِ وَ لَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ (5)، و قوله تعالى: ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ (6)، ، و قول زوجها
﴿إِنَهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ (7)، هذا في هَمّها .
و أمّا همّه فقوله: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ (8)، و قول
ص: 173
النسوة ﴿حَاشَ للَّهَ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ (1)، و قول الشاهد: ﴿وَ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرِ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ﴾ (2)، و قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشَاءَ إِنَهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ﴾ (3) (4).
و أمّا الآثار: فواردة بإطباق مفسّري القرآن و متأوليه، على أنّها همّت بالفاحشة و المعصية دونه، فلنعم ما قال الرازي (5)في تفسيره:
إنّ الهمّ هو القصد، فوجب أنْ يحمل في حق كلّ أحد على القصد الذي يليق به، فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذة و التمتع، و اللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق، القصد إلى زجر العاصي عن معصيته، و إلى الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر (6).
الوجه الثالث : ما اختاره أبو علي الجبائي - و إن كان غيرُه قد تقدّمه - و هو أنْ يكون معنى همّ بها اشتهاها، و مآل طبعه إلى ما دعته إليه، و قد يجوز أن تسمّى الشهوة في مجاز اللغة همّا ، كما يقول القائل فيما لا يشتهيه: ليس هذا مِن همي،
ص: 174
و هذا أهم الأشياء اليَّ . و لا قبح في الشهوة؛ لأنها مِن فعل الله تعالى، و إنّما يتعلق القبح بتناول المشتهى.
و قد روي هذا التاويل عن الحسن البصري، قال: أمّا همّها فكان أخبث الهمّ، و أمّا همّه فما طبع عليه الرجال من الشهوة للنساء (1)
الرابع: إنّ مِن عادة العرب أنْ يسمّى الشيء باسم ما يقع في الأكثر عنده، و على هذا لا ينكر أنْ يكون المراد ب-(همّ بها) خطر بباله أمرها، و وسوس إليه الشيطان بالدعاء إليها، مِن غير أنْ يكون هناك همّ، أو عزم، فسمي الخطور بالبال همّا؛ مِن حيث كان الهمّ يقع في الأكثر عنده (2).
الخامس: ما روى الضّحاك ، عن ابن عباس أنّه قال : همّها القصد، و همّه أنّه تمنّاها أن تكون زوجة له (3)؛ و هذا بعيدٌ.
و على هذه الثلاثة الأخيرة فيجب أن يكون قوله تعالى: ﴿لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ (4)متعلقاً بمحذوف كأنّه قال: لولا أن رأى برهان ربه، لعزم أو فعل.
ثم المستفاد من قول الإمام علیه السلام : أن المُراد ببرهان الرب هنا، هو عصمة الأنبياء علیهم السلام و وجوب اجتناب المحارم، المدلول عليه بالأدلة العقلية و النقلية لا ما قاله المفسّرون: من أنّه سمع صوتاً (إياك و إياها) فلم يرتدع ، ثم سمعه ثانياً فلم يتنبه، ثم سمع ثالثاً، أعرض عنها فلم ينزجر، حتى تمثل له يعقوب علیه السلام عاضاً على أنملته.
ص: 175
و قيل: بدت كفٌ فيها مكتوب: ﴿وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ حَافِظِينَ ﴾ (1)فلم ينصرف، ثُمّ رأى فيها ﴿ و َلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ (2)، و أمثال ذلك؛ ممّا لا يتفوه به العاقل (3).
و أمّا قوله تعالى: ﴿وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً) (4)؛ ففيه أيضاً وجوه:
الأول: ما قاله الرضا علیه السلام في الجواب (5)، قال علیه السلام : «ذلك يونس بن متى علیه السلام ذهب مغاضباً لقومه ﴿فَظَنَّ﴾ بمعنى: استيقن ﴿أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه﴾ِ أَي : أَنْ لَن نضيق عليه رزقه، و منه قول الله تعالى: ﴿ وَ أَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ﴾ (6)أي: ضيق عليه و قتر ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ﴾ ظلمة الليل، و ظلمة البحر، و ظلمة بطن الحوت ﴿أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ بتركي هذه العبادة، التي قد قرّت عيني بها، في بطن الحوت، فاستجاب الله له، و قال عزّ وجلّ: ﴿فَلَوْلا أَنَهُ كَانَ مِنْ المُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (7).
و هذا هو المروي عن عطا، و جماعة من المفسرين (8)، قال شيخنا البهائي : و منه قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ مَنْ يَشَاءُ وَ يَقْدِرُ﴾ (9) (9)و المراد - والله -أعلم أنه علِم أنّا نرزقه من غير تقتير، سواءً كان مقيماً بين قومه أو مهاجراً
ص: 176
عنهم، قال رحمه الله : و هذا التفسير الذي فسره الإمام علیه السلام هو الحق الذي لا محيد عنه، فلا يُعبأ بما قيل: من انّ المراد فظنّ أنْ لن نقضي عليه بالعقوبة، من القدر بمعنى: القضاء، أو هو تمثيل لحاله بحال مَن ظنّ أن لن نقدر عليه، أو هي خطرة شيطانية، سبقت إلى و همه ؛ سُميت ظناً للمبالغة، و أمثال ذلك. إنتهى (1)
و أقول: هذا الكلام بعيدُ الصدور عن مثل الشيخ؛ لأنّ التأويل الصحيح لا ينافي تفسير الإمام علیه السلام، الجواز أن يكون قوله علیه السلام أحد وجوه الجواب، و من هنا قد يختلف الاخبار في تفاسير القرآن، و سيجيء صحّة بعض الوجوه، و علمهم بالوجه الحقّ؛ لا ينافي صحة الوجوه العرفية، التي يتحملها الكلام.
و اما تفسير قوله ﴿سُبْحَانَكَ إِنِي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ بما ذكر فقال البهائي رحمه الله هذا كلام منه لم اظفر به في شيء من التفاسير التي اطلعت عليها، و هو يؤيد ما قاله أهل الكشف و العرفان من أن القرب الذي حصل ليونس علیه السلام في بطن الحوت لم يحصل له قبل ذلك و لا بعده مثله، حتى جعلوا التقام الحوت معراجاً له، و نقلوا في ذلك حديثا عن النبي صلی الله علیه و آله و سلم انتهى (2)
أقول: هذا قد ينافي قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا أَنَهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (3)؛ لأنه في التأديب المدفوع بالتسبيح أظهر منه في القرب، و كونه عبادة خالصة لا ينافي ذلك، كما لا يخفى.
الوجه الثاني: أن يكون ﴿ظنّ﴾ بمعنى الاستفهام التوبيخي بالنسبة إلى المنكرين، و تقديره: أفظنّ أنْ لن نقدر عليه؟.
ص: 177
قاله ابن زيد، و أنكره علي بن عيسى و قال: لا يجوز حذف حرف الإستفهام من غير دليل عليه. و قد جاء في الكلام حذفه، على خلاف ما قاله؛ أنشد النحويون قول عمر ابن أبي ربيعة :
ثم قالوا: تحبها؟ قلت: بهراً *** عدد الرّمل و الحصى و التراب
و قوله بسبع رمين الجمر أم بثمان؟
أي: أتحبها؟ و أبسبع ؟ و على هذا فقوله تعالى: ﴿إني كُنتُ مِنْ الظَّالِمينَ﴾ معناه: من الذين يقع منهم الظلم؛ و إنّما قاله على سبيل الخشوع و الخضوع، لأنّ جنس البشر لا يمتنع منه وقوع الظلم.
و لم يكن في بطن الحوت على جهة العقوبة من الله تعالى؛ لأنّها عداوة للمعاقب، لكن كان ذلك على وجه التأديب، و هو قد يكون في غير التكليف، كتأديب الصبي، مع أنّ بقائه في بطن الحوت حيّاً معجزة له (1).
الوجه الثالث: أنْ يكون معناه: ظنّ أنْ لن نقضي عليه ما قضيناه تأديباً، و القدر بمعنى القضاء.
و هذا قول جماعة مِن المفسرين منهم الجبائي، قال: ضيق الله عليه الطريق، حتى الجأه إلى ركوب البحر، ثم قُذِف فيه، فابتلعته السمكة، و ظنه علیه السلام عدم القضاء التأديبي من حسن الظن بالله عزّ وجلّ (2).
و أما قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ (3) (3)؛ ففيه أيضاً وجوه:
ص: 178
الأول: ما قاله الرضا علیه السلام في الجواب، قال علیه السلام : «لم يكن أحدٌ عند مشركي أهل مكة؛ أعظم ذنباً من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، لأنّهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة و ستين صنماً، فلما جائهم صلی الله علیه و آله و سلم بالدعوة إلى كلمة الإخلاص؛ كبُر ذلك عليهم و عظُم ، و قالوا ﴿أَجَعَلَ الآهَةَ إِلَهَا وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَ انطَلَقَ الملأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلَى آلهتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الملة الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ﴾ (1)، فلما فتح اللهُ تعالى على نبيه صلی الله علیه و آله و سلم مكة؛ قال: يا محمد، ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ﴾ (2)عند مشركي أهل مكة، بدعائك إلى توحيد الله تعالى، فيما تقدّم و ما تأخّر؛ لأنّ مشركي مكة أسلم بعضهم - يعني : بعد الفتح - و خرج بعضُهم عن مكة، و مَن بقي منهم، لم يقدر على إنكار التوحيد عليه صلی الله عليه و آله و سلم إذا دعا الناس إليه ؛ فصار ذنبه عندهم مغفوراً بظهوره عليهم (3).
قال البهائي رحمه الله: هذا هو الوجه الصحيح ، و قد ذكر أصحاب السِيَر أنّ المشركين كانوا يقولون : إنْ مكّن الله تعالى محمدا صلی الله علیه و آله و سلم من بيته، و حكمه في حرمه؛ تبينّا أنّه نبي حق.
فلما يسر الله تعالى له صلی الله علیه و آله و سلم فتح مكة؛ دخلوا في دين الله أفواجاً، و أذعنوا بنبوّته، كما نطق به الكتاب العزيز ، و زال إنكارهم عليه في الدعوة إلى ترك عبادة الأصنام؛ فصار ذنبه عندهم مغفوراً، كما قرّره الإمام علیه السلام.
و لا يخفى أنّه إذا حمل الذنب المذكور في الآية على معناه الظاهري الذي فهمه أكثرُ المفسّرين؛ لم يصحّ تعليل الفتح بغفران الذنب، إلّا بتكلّف بعيد، كأنْ
ص: 179
يقال : لما كان الفتحُ مُتضمناً لجهاد العدو ؛ صحّ بهذا الإعتبار جعله سبباً لغفران الذنب المتقدم والمتأخر. إنتهى (1)
الوجه الثاني: ما نقله الطبرسي رحمه الله عن الأصحاب، وهو أنّ المراد: ليغفر الله ما تقدم من ذنب أمتك، وما تأخر بشفاعتك، و أراد بذكر التقدم و التأخر ما تقدم زمانه وما تأخر، كما يقول القائل لغيره : صفحتُ عن السالف و الآنف من ذنوبك . و حسُنت إضافة ذنوب أمته إليه للاتصال، و السبب بينه و بين أمته.
و يؤيد هذا الجواب ؛ ما رواه المفضّل بن عمر، عن الصادق علیه السلام قال: سأله رجلٌ عن هذه الآية، فقال: «و الله ما كان له ذنب، و لكن الله سبحانه ضَمِنَ له أَنْ يغفر ذنوب شيعة علي علیه السلام، ما تقدم من ذنبهم و ما تأخر». و روى عمر بن يزيد قال: «قلتُ لأبي عبد الله علیه السلام، عن قول الله سبحانه: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ﴾ ؟ قال : ما كان له ذنب و لا همَّ بذنب، و لكن الله حمّله ذنوب شيعته، ثم غفرها له» (2)
و يؤيّده، خبر زيد الشحّام الوارد في الكافي في باب الاستغفار، عن أبي عبد الله علیه السلام ، قال : «كان رسول الله صلی الله عليه و آله و سلم يتوب إلى الله عز و جل في كل يوم سبعين مرة قلتُ: أكان يقول : أستغفر الله و أتوب إليه ؟ قال علیه السلام : لا، و لكن كان يقول: أتوب إلى الله ...» الحديث (3)؛ لأنّ الظاهر منه أنّه كان يراجع ربه لأجل الغير.
و لا ينافي هذا؛ ما ورد في باب الاستغفار من الكافي، في حديث معاوية ابن عمار، عن الحرث بن المغيرة، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «كان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم يستغفر الله عزّ و جلّ كل غداة يوم، سبعين مرة، و يتوب إلى الله عزّ وجلّ، سبعين
ص: 180
مرة، قال: قلت: كان يقول : أستغفر الله و أتوب إليه ؟ فقال: كان يقول : أستغفر الله، استغفر الله، سبعين مرة، و يقول : و أتوب إلى الله، و أتوب إلى الله، سبعين مرة (1)» ؛ لأنّ الخبر الأول لبيان التوبة، و هذا لبيانهما ؛ فمحل الشاهد إنفراد التوبة عن الاستغفار، فهي لِما ذكرناه، و الاستغفار لأمر آخر من غير ذنب.
و يدلُّ على الأول؛ قول أبي عبد الله علیه السلام ، كما في الكافي: «أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم كان يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة، من غير ذنب» (2).
و على الثاني قوله علیه السلام : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم كان يتوب إلى الله و يستغفر، في كل يوم و ليلة من غير ذنب (3).
الوجه الثالث: ما ذكره المرتضى رحمه الله و هو: أنّ الذنب مصدر، و المصدر يجوز إضافته إلى الفاعل و المفعول معاً؛ فيكون هنا مضافاً إلى المفعول، و المراد ما تقدم مِن ذنبهم إليك، في منعهم إياك عن مكة، و صدّهم لك عن المسجد الحرام، و يكون معنى المغفرة على هذا التأويل : الإزالة و النسخ لأحكام أعدائه من المشركين عليه، أي: يزيلُ الله تعالى ذلك عنك، و يستر عليك تلك الوصمة، بما يفتح لك من مكة فستدخلها فيما بعد، و لذلك جعله جزاءً على جهاده، و غرضاً في الفتح، و وجهاً له (4)
الوجه الرابع : أنّ معناه؛ لو كان لك ذنبٍ قديم أو حديث، لغفرناه لك (5).
ص: 181
و قيل فيها وجوه أخر؛ و هي بين الضعيف كالرابع ممّا تقدم، و المخالف لمذهب الحق، فهي بالإعراض عنها حقيق (1).
و أمّا قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لهُمْ﴾ (2)؛ فقال الرضا علیه السلام في الجواب: «إنّ هذا مما نزل بإياك أعني و اسمعي يا جارة؛ خاطب الله تعالى بذلك نبيه صلی الله علیه و آله و سلم و أراد به أمته، و كذلك قوله : ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ (3)و قوله تعالى: ﴿وَ لَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ ﴾ » (4) (5).
أقول: و كذا قوله تعالى: ﴿وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا آخَرَ﴾ (6)و يقال فيها وجوه أخر غير صحيح، أو مورث للتطويل المستغنى عنه (7).
و أمّا قوله تعالى: ﴿وَ إِذْ تَقُولُ ) الآية (8)؛ فقال الرضا علیه السلام إنّ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قصد دار زيد بن حارثة بن شراحبيل الكلبي، في أمر أراده، فرأى امرأته تغتسل، فقال لها : سُبحان الله الذي خلقك ؛ و إنّما أراد بذلك تنزيه الله تعالى، عن قول مَن زعم: أنّ الملائكة بنات الله؛ فقال الله تعالى: ﴿فَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنْ الملائِكَةِ إنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً﴾ (9)فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لمّا رآها تغتسل:
ص: 182
سُبحان الذي خلقك أنْ يتخذ ولداً يحتاج إلى هذا التطهير و الإغتسال.
فلمّا عاد زيد إلى منزله؛ أخبرته امرأته بمجيء رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و قوله لها: سُبحان الله الذي خلقك. فلم يعلم زيدٌ ما أراد بذلك، فظنَّ أنّه قال ذلك؛ لما أعجبه من حسنها؛ فجاء إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقال : إنّ امرأتي في خلقها سوء، و إنّي أريد طلاقها . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : أمسك عليك زوجك، و اتق الله. وقد كان الله عرّفه عدد أزواجه، و أنّ تلك المرأة منهن، فأخفى ذلك في نفسه، و لم يبده لزيد، و خشي الناس أن يقولوا : إن محمداً يقول لمولاه: إنّ امرأتك ستكون لي زوجة؛ فيعيبونه بذلك» الحديث (1).
فإنْ قلت: هذا الجواب مشتملٌ على رؤيته صلی الله علیه و آله و سلم ابنة عمه حال الاغتسال، و هي محرمة عليه ؟
قلنا: فيه وجوه:
الأول: يمكن أن يكون المُراد؛ أنّه رأها تغتسل في الستر، و الرؤية تستعمل في ذلك كثيراً، يُقال: رأيت فلاناً في البيت. مع أنّه إنّما سمع كلامه من وراء الباب و نحوه.
و يشهد لهذا أنّ الإمام علیه السلام قال : هذا التطهير و الاغتسال. دون أن يقول: سبحان مَن خلقها كذا. و كذا قوله علیه السلام : «فظنّ أنّه قال ذلك لمّا أعجبه من حسنها».
الثاني: يمكن أن يكون جواز الرؤية في مثل ذلك من خصائصه صلی الله علیه و آله و سلم ، و إنْ لم يجز لغيره.
ص: 183
الثالث: أنْ يكون هذا مِن النظر الأول، فيكون حلالاً في حقه، كما هو كذلك في حقنا، و لا نُسلم كونه من الصغائر المنفّرة. و في الآية وجوه أخر عامية لا يناسب المقام (1).
إذا عرفت ما تقدم؛ ظهر لك أنّ هذه الآيات و نحوها، لا يضر بأصالة العصمة.
فإنْ قلت: لو كان الأمر كذلك ؛ لما كان مما يحسُن على الله تعالى أنْ يشهر - على الظاهر - هفوات أنبيائه بما سمعت، مع أنّه يواري أسماء الضالّين المضّلين بقوله تعالى: ﴿لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً﴾ (2)إلى غير ذلك.
قلتُ: قد سأل الزنديقُ أمير المؤمنين علیه السلام ، عن مثل ذلك، فقال علیه السلام: «سبّوح قدّوس ربّ الملائكة و الروح، تبارك و تعالى، و هو الحيّ الدائم، القائم على كل نفس بما كسبت» (3)؛
أما هفوات الأنبياء علیهم السلام و ما بيّنه الله تعالى في كتابه، و وقوع الكناية عن أسماء مَن اخترم (4)أعظم مما اخترمته (5)الأنبياء علیهم السلام ممّن شهد الكتاب بظلمهم، فإنّ ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله الباهرة، و قدرته القاهرة، و عزته الظاهرة؛ لأنه علم أنّ براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم، و إنّ منهم مَن يتخذ بعضهم إلهاً، كالذي كان مِن النصارى في ابن مريم علیه السلام، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي تفرد به عزّ و جلّ، ألم تسمع إلى
ص: 184
قول الله عزّ و جلّ في صفة عيسى علیه السلام حيث قال فيه، و في أمه: ﴿ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ﴾ (1)يعني : أنّ مَن أكل الطعام كان له ثقل، و مَن كان له ثقل، فهو بعيدٌ ممّا ادعته النصارى لابن مريم علیه السلام ، و لم يكن عن أسماء الأنبياء تجبراً أو تعزّزاً، بل تعريفاً لأهل الاستبصار، ثم ذكر علیه السلام وجهَ عدم ذكر المنافقين، و أنّه من فعل المغيّرين للقرآن، و لأجل التقية (2).
بقي الكلام في ما ورد في الأدعية عن الأئمة؛ و الجواب عنه من وجوه:
الأول: و هو العام الشّامل للإشكالات (3)، ما نقله بهاء الدين العاملي (4)، محمد عن بهاء الدين الأربلي علي بن عيسى (5)، قال رحمه الله في كتاب كشف الغمة: إنّ الأنبياء و الأئمة تكون أوقاتهم مستغرقة بذكر الله تعالى، و قلوبهم مشغولة به، و خواطرهم متعلقة بالملأ الأعلى، و هم أبداً في المراقبة -يعني: التوجه إلى المبدأ - (6)كما قال علیه السلام :« أعبد الله كأنك تراه، فإن لم تره فإنه يراك» (7)، فهم أبداً متوجهون إليه، و منقلبون بكليّتهم عليه ، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية، و المنزلة الرفيعة، إلى الاشتغال بالمأكل و المشرب، و التفرغ إلى النكاح، و غيره من المباحات عدوه ذنباً، و اعتقدوه خطيئة؛ فاستغفروا منه، ألا ترى أنّ بعض
ص: 185
عبيد أبناء الدنيا، لو قعد يأكل و يشرب و ينكح ، و هو يعلم أنه بمرأى من سيده و مسمع ؛ لكان ملوماً عند الناس، و مقصراً فيما يجب عليه من خدمة سيده و مالكه، فما ظنّك بسيد السادات و مالك الأملاك، و إلى هذا أشار علیه السلام بقوله: «إنّه ليغان (1)على قلبي، و إنّي لأستغفر بالنهار سبعين مرّة» (2)و قوله علیه السلام: حسنات الأبرار سيئاتُ المقربين (3)، هذا مُلخص كلامه (4)
وقد اقتفى أثره الفاضل البيضاوي (5) (5)، قال : إن هذا مشربٌ سُدَّ عن أهل اللسان موارده، و فتح لأهل السلوك مسالكه، و أحقُ مَن يعرب أو يُعبر عنه؛ مشايخُ الصوفية، و نحن بالنور المقتبس من مشكاتهم نذهب و نقول: لمّا كان قلب النبي صلی الله علیه و آله و سلم أتمَ القلوب صفاءً ، و أكثرها ضياءً، و أعرفها عرفاناً، و كان معيناً (مبيناً) مع ذلك لتشريع الملة؛ لم يكن له بُد مِن النزول إلى الرخص،
ص: 186
والالتفات إلى حظوظ النفس، مع ما كان ممتحناً به من الأحكام البشرية، فكان إذا تعاطى شيئاً من ذلك؛ أسرعت كدورةٌ ما إلى القلب، لكمال رقته، و فرط نورانيته، فإنّ الشيء كلّما كان أرقّ و أصفى؛ كان ورود المُكدّرات عليه أبين و أهدى، و كان صلی الله علیه و آله و سلم إذا أحس بشيء من ذلك عده على النفس ذنباً؛ فأستغفر منه. انتهى كلام البيضاوي ملخصاً (1).
أقول: و لعل الفاضل الإربلي أخذه من قول الصادق علیه السلام في مصباح الشريعة، في باب التوبة، قال علیه السلام : «و كلُّ فرقة من العباد لهم توبة؛ فتوبة الأنبياء علیهم السلام من إضطراب السّر، و توبة الأصفياء من التكدّر، و توبة الأولياء من [تلوين] الخطرات و توبة الخاص [من] الاشتغال بغير الله تعالى، و توبة العام من الذنوب» (2).
ثم أقول: لا محصّل لكلام الفاضلين؛ لأنّ الأنبياء و الأئمة علیهم السلام ما زالوا في طاعة الله و التوجه إليه، و لم ينحطوا عن تلك الرتبة العالية، و المنزلة الرفيعة إلى غيرها، فإنّ كلَّ مباح يقصد به وجه الله تعالى؛ ينقلبُ عبادةً، بل من أشرفها، و لا شك أنّ المباحات المذكورة لم تصدر منهم إلا على ذلك الوجه، فهي كسائر عباداتهم من دون تفاوت، و محض كون الشيء من حظوظ النفس لا يصير سبباً لكدورة القلب، و بُعْدِهِ عن المبدأ؛ لأنّ أعلى مراتب العبادة و أشقّها في نظرهم علیهم السلام ؛ ألذّ اللذائذ الروحانية و الجسمانية.
و على هذا فالاستغفار عن العبادة المطلوبة، و البكاء عليه قبيح، تعالت
ص: 187
شؤونهم علیهم السلام عن مثله، و تشبيه سيّد السّادات بهم غير مناسب؛ لأنّ ما يعتبره أهل العرف من الحياء لا يقرب من ساحته، ألا ترى ما قاله موسی بن عمران علیه السلام من إجلاله عن ذكره في بعض الحالات؛ فأمر بحسن الذكر في كل حال، و لعلّ مواقعة النساء من أشدّ ما يستحي عنه عبيد أبناء الدنيا، مع أنّه من أحب الأشياء عنده تعالى، و لا يخفى عليه شيء؛ لأنه سبب لبقاء النسل الذي خَلَقَ له ما في الأرض جميعاً، بل خَلَقَ له كلُّ شيء، بل افتخر في خلقه بقوله: ﴿فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ (1) و السرّ في ذلك: أنّ الحياء مِن القوى المخلوقة في الإنسان لأجل بعض مصالح النوع، فاعتبره الله تعالى في بعض الأشياء دون بعض؛ للمصلحة فأجراه في العرف، و ليس ذلك في عبادته و طاعته، على ما يظهر من تضاعيف الأدلة، بل هُنا كلام آخر رشيقٌ جداً، و هو: إنّ هذه المباحات من أعظم ما يريد الله تعالى مِن أمثالهم، حتى لا يشك أحدٌ في إلوهيتهم؛ كما تقدم في كلام أمير المؤمنين علیه السلام ، بل نقول : هذه الأشياء و إنْ كانت مباحة في نفسها، إلّا أنّ بيان إباحتها و جوازها قولاً أو فعلاً واجبٌ عليهم، فهي مِن هذه الجهة كسائر الواجبات. و على هذا فاقتباس البيضاوي مِن مشكاة مشايخ الصوفية؛ ليس إلّا إقتباس الأعمى من مثله، الهدايةَ إلى سواءِ السبيل.
و أما قوله : (حسناتُ الأبرار سيئاتُ المقربين)؛ فمعناه: أنّ حسنات الأبرار لكونها مقرونة بقلة المعرفة؛ فتعظم في نظرهم سيئات المقربين، لوفور معارفهم، فيقلّ في نظرهم بل يعدم.
و لا يخفى أن التوبات المذكورة في المصباح لا يشمل المقام؛ لأنّ هذه المذكورات ليست باضطراب و لا تكدر و لا من الخطرات أو الاشتغال بغير الله أو من الذنوب.
ص: 188
الوجه الثاني: ما ذكره في الاحتجاج في منازعات أمير المؤمنين علیه السلام مع اليهودي، قال علیه السلام في أوصاف النبي صلی الله علیه و آله و سلم: «و قد آمنه الله من عقابه، فأراد أن يتخشّع لربه ببكائه، و يكون إماماً لمن اقتدى به، إلى أنْ قال: و لقد كان يبكي حتى يُغشى عليه، فقيل له : يا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أليس الله قد غفر لك، ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال صلی الله علیه و آله و سلم : بلى، أفلا أكون عبداً شكوراً » (1).
و حاصل الجواب : أنّ البكاء و الاستغفار إنّما كانا لإظهار الخشوع،
و لأجل الشكر، و ليقتدي بهم المذنبون بالذنب الواقعي.
فإن قلت: هذا إنّما يتم، فيما أظهروه من البكاء و التوبة، و لا يتمّ فيما فعلوه في الخلوات.
قلتُ: ليس الأمر كذلك؛ لأنّ ما فعلوه في الخلوات، أظهر في التأسي للمنقول إليهم، فإن اللاحقين قد نقلوا أفعالهم، و لا يخفى أنّ هذه الأفعال في الخلوات أولى.
فإن قلت: مِن القبيح أنْ يستغفر العبد مِن غير ذنب سبعين مرة، أو مائة مرة، أو يبكي حتى يُغشى عليه مرة أو مرات، فما الوجه؟
قلنا: في ذلك وجوه:
الأول: أنْ يكون هذا من التعبديات لبعض المصالح، فلعلّه يترتب عليه نجاة المذنبين بالإقتداء بأئمتهم، و هو من أعظم المطالب، فلئن كان بعثهم لوصول العباد إلى المراتب العالية، ليقْرَبنَ من غير بُعد، كون بعض أفعالهم لذلك، ألا ترى أنه صلی الله علیه و آله و سلم بيّن أقسام العبادات بالفعل و القول، مع أنّ أكثرها غير واجبة عليه، كوضوء المؤمنين و صلاتهم و حجّهم، إلى غير ذلك، فلعلّ الله تعالى
ص: 189
أمرهم بذلك على هذا العنوان؛ حتى يتعلّم المذنبون كيفية الاستغفار و التضرع، فإنّ البيان الفعلي أسهل و أولى من القولي، خصوصاً لمن ليس مِن أهل الباطن، و هذا هو الظاهر من الحديث السّابق، و يؤيده قول أبي عبد الله علیه السلام ، كما في الكافي،
قال: «قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : الاستغفار ، و قول لا إله إلا الله خيرُ العبادة» (1).
الثاني: أنه لما كان كلُّ مرتبة من مراتب الامتثال، ليس إلا و يتصور فوقه رتبة عليا، و امتثال أولى؛ كان من الجائز أن يكون في نظرهم قصور في امتثالهم، و إنْ كان لا يتصور مِن البشر مثله، و لم يرد الله أكثر منه، و عَدّ هذا من الخطيئة غير بعيد، و تنظيره بما في العرف واضح، ألا ترى أن العبد الحسن السريرة، كُلما أحسن في خدمة المولى يتعذر عنه بالقصور، و إن لم يتصور من مثله، و لم يرد المولى أولى منه، بل و لو أراد أدنى منه.
الثالث: لا يخفى أنّ في مقام عبودية المولى، تكاليفَ شاقة عسرة غير محصورة، كلّف ببعضها بعضَ السوالف من الأمم، و لم يكلفْ ببعضها أحداً، فلعلّ بكائهم و توبتهم كان من أجل عدم تكلّفهم بها، فكأنّهم مذنبون بقصورهم عن تكلّفها، ألا ترى انّ العبد الحسن الفعال، كلما اشتغل في خدمات المولى -كمّاً و كيفاً- تحسّر على عدم صدور غيرها منه، حتى أنّه قد يبكي على قصور نفسه عن مرتبة التكليف بمثله، بل كثيراً ما يوبخ نفسه على ذلك.
الوجه الثالث: أنْ يكون بكاؤهم على ذنوب شيعتهم؛ ليغفر ذنوبهم، و ليرحموا، وقد تقدم (2)في غفران ذنب النبي صلی الله علیه و آله و سلم مثله، لأن ذنب الرعية قد يُحسب على السايس، و من هنا ورد في باب البكاء من الكافي مستفيضاً، من
ص: 190
قولهم علیهم السلام: «لو أن باكياً بكى في أمة ؛لرحموا» (1)، و في خبر آخر: «فلو أن عبداً بكى في أمة؛ لرحم الله عزّ و جلّ تلك الأمة ببكاء ذلك العبد» (2).
الوجه الرابع - و هو أظهر الوجوه، و هو الظاهر من تضاعيف الأخبار - أنْ يكون ذلك بعد إدعاء الذنوب، و الاعتراف بها، فإنّ الظاهر منها أنّ التوبة و البكاء عليها ، ممّا يقرب العبد إلى الله تعالى، و هو محبوب عنده، ففي باب الاستغفار من الكافي، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله علیه السلام : «إذا أكثرَ العبدُ من الاستغفار؛ رُفعت صحيفته و هي تتلألأ » (3)، و في باب البكاء: «فإذا اغرورقت العينُ بمائها؛ لم يرهق وجهَها قترٌ و لا ذلةٌ» (4)، و في حديث آخر: «و ما اغرورقت عينٌ بمائها من خشية الله تعالى؛ إلّا حرم الله عزّ وجلّ سائرَ جسده على النار، و لا فاضت على خده؛ فرهقَ ذلك الوجه قترُ و لا ذلّة» (5)، و قال أبو عبد الله علیه السلام : « أوحى الله عزّ و جلّ إلى موسى علیه السلام : إنّ عبادي لم يتقربوا إليّ بشيء أحبّ من ثلاث خصال. قال موسى علیه السلام يا ربّ، و ما هن؟ قال تعالى: يا موسى، الزهد في الدنيا، و الورع عن المعاصي، و البكاء من خشيتي. قال موسى علیه السلام : يا رب، فما لمن صنع ذا؟ فأوحى اللهُ عزّ وجلّ إليه : يا موسى، أما الزاهدون في الدنيا؛ ففي الجنّة، و أمّا البكائون من خشيتي؛ ففي الرفيع الأعلى، لا يشاركهم أحدٌ...» الحديث (6).
و في حديث آخر، أنّ أبا عبد الله علیه السلام كان يقول: «إنّ أقرب ما يكون
ص: 191
العبد من الرب عزّ و جلّ و هو ساجد باك» (1)
و في باب التوبة، عن أبي عبيدة، قال: سمعتُ أبا جعفر علیه السلام يقول: إن الله تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده [ من رجل أضلّ راحلته و زاده، في ليلة ظلماء فوجدها، فالله أشد فرحاً بتوبة عبده ] (2)من ذلك الرجل براحلته حين وجدها» (3)، و عن عبد القداح ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «إنّ الله عزّ و جلّ يفرح بتوبة عبده المؤمن، إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها » (4)، و قريب منه أخبار أخر (5)، و قد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾ (6).
و لا يخفى أن سيرة العباد و الزهاد، سلفاً و خلفاً على ذلك و إنْ لم يعلموا منهم ذنباً، و هو المتبادر من أمثال هذه التوبات و الاستغفار و البكاء.
ص: 192
الموقع السابع
في أنه هل يوجدُ معصوم غيرُ الحجج أم لا؟
فنقول: لما كانت العصمة أمراً خفيّاً لا يعلمه إلّا العالم بمضمرات القلوب، لا جرم کان الکاشف عنها منحصراً فیه و فی من علمه، بعد جوازه لکل أحد، فمن كشف الله تعالى عن عصمته فهو معصوم، و من لم يكشف عنه فهو تحت الجواز، و هو مقتضى ما تقدم من أنّ مَن يعلم الله تعالى في حقه لطف العصمة ؛ يجب عليه ذلك، و إلا لكان ناقضاً لغرضه و من هُنا استشكل الشارحُ القوشجي (1)، على المحقق الطوسي رحمه الله (2)،
ص: 193
في قوله باختصاص العصمة بعد النبي صلی الله علیه و آله و سلم في علي علیه السلام، مع قوله بكونها أمراً مخفيّاً، إلّا أنّ هذا الإشكال ليس في موقعه، لأنّ مراده أنّ مَنْ كشف اللهُ تعالى عن عصمته، فصارت قطعية من بين من ادّعى الخلافة؛ هو علي بن أبي طالب علیه السلام لا أنّه منحصر في الواقع.
إذا عرفت هذا، فممّن كشفَ الله تعالى عن عصمته، بحيث صارت ضرورية عند الشيعة الإمامية؛ إبنة نبينا الزهراء صلوات الله عليها، فإنّ كلّ أحد زاول طريقتهم؛ يراهم متفقين على ذلك، بحيث لا ينكرها أحدٌ منهم و لو أنكرها أحدٌ ؛ كفّروه، و أخرجوه عن ربقة الإيمان، و هو الظاهر من الكتاب و الأخبار الكثيرة:
أما الكتاب فآياتان:
الأولى: آية التطهير؛ قال الله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً﴾ (1).
قال الطبرسي رحمه الله: قد اتفقت الأمة بأجمعها على أنّ المراد بأهل البيت؛ أهل بيت نبينا صلی الله علیه و آله و سلم ، ثم اختلفوا، فقال عكرمة : أراد أزواج النبي صلی الله علیه و آله و سلم ، لأنّ أول الآية متوجهة إليهنّ، و قال أبو سعيد الخدري، و أنس بن مالك، و واثلة بن
الأسقع، و عايشة، و أم سلمة: إنّ الآية مختصة برسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و علي و فاطمة و الحسن و الحسين علیهم السلام ، و نحوه رواه عن جابر ، ثم قال رمه الله : و استدلت الشيعة على اختصاص الآية بهؤلاء الخمسة؛ بأن قالوا: إنّ لفظة (إنّما) محققة لما أثبت بعدها، نافية لما لم يثبت، فإنّ قول القائل: إنّما لك عندي درهم، و إنما في الدارزيد؛ يقتضي أنه ليس عنده سوى الدرهم، و ليس في الدار سوى زيد.
ص: 194
و إذا تقرّر هذا؛ فلا يخلو (الإرادة) في الآية أن تكون هي الإرادة المحضة، أو الإرادة التي يتبعها التطهير و إذهاب الرجس، و لا يجوز الوجه الأول؛ لأن الله تعالى قد أراد مِن كلّ مكلف هذه الإرادة المطلقة، فلا اختصاص لها بأهل البيت علیهم السلام دون سائر الخلق، و لأنّ هذا القول يقتضي المدح و التعظيم لهم بغير شك و شبهة ، و لا مدح في الإرادة المجردة؛ فثبت الوجه الثاني، و في ثبوته، ثبوت عصمة المعنيين بالآية عن جميع القبائح، و قد علمنا أنّ مَن عدا من ذكرناه من أهل البيت علیهم السلام غيرُ مقطوع على عصمته؛ فثبتَ أنّ الآية مختصة بهم، لبطلان تعلقها بغيرهم، و متى قيل: إنّ صدر الآية و ما بعدها في الأزواج؛ فالقول فيه : إنّ هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم، فإنّهم يذهبون من خطاب إلى غيره و يعودون إليه، و القرآن من ذلك مملوء، و كذلك كلام العرب و أشعارهم. إنتهى(1).
و قال العلّامة رحمه الله في التهذيب : و ُحملُ الآية على الزوجات باطل؛ لمخالفته الخبر المتواتر، من لفِ الكساء، و لأنه لو كان كذلك؛ لقال عنكن، و لأنّ نفي حقيقة الرجس يقتضي نفي جميع جزئياته أجمع، خصوصاً مع تأكيد التطهير، و هو غير ثابت في حق الزوجات؛ لوقوع الذنب منهنّ، فلم يبقَ لها محمل سوى المعصومين، و هم من ذكرناه؛ إذ لا قائل بغيرهم. إنتهى (2)
و وجه دلالة التطهير على العصمة الكلية؛ أنّه مطلق، و لا مانع من
حمله على العموم، فيجب حمله عليه، و معنى عموم التطهير: كونهم مطهرين من جميع الأنجاس الروحانية، و لا نعني بالعصمة إلّا هذا.
ص: 195
الآية الثانية: قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَ أَبْنَاءَكُمْ و نِسَاءَنَا وَ نِسَاءَكُمْ ﴾ (1)الآية.
وجه الدّلالة : أنّ المراد ب- ﴿وَ نِسَاءَنَا﴾ ،فاطمة علیها السلام، على اتفاق الأمة - و إن كان لفظ نسائنا أعم - ؛ لأنه لم تحضر المباهلة غيرها من النساء، و اختيارها على سائر النساء للدعاء؛ يدلُّ على عصمتها، لأنّ يد العاصي الفاعل للقبيح ليست قابلة لمثل هذا الدعاء، ففي الكافي، في كتاب الدعاء، عن عثمان بن عيسى، عمّن حدثه، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: قلت: آيتان في كتاب الله عزّ وجلّ أطلبهما فلا أجدهما؟ قال علیه السلام : و ما هما؟ قلت: قول الله عزّ و جلّ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (2)؛ فندعوه و لا نرى إجابة؟ قال علیه السلام: أفترى الله عزّ وجلّ أخلف وعده؟ قال: قلت: لا. قال علیه السلام : فمم ذلك؟ قلتُ : لا أدري. فقال علیه السلام : لكنّي أخبرك، مَن أطاع الله عزّ و جلّ فيما أمر ، ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه. قلتُ: و ما جهة الدعاء ؟ قال علیه السلام : تبدأ فتحمد الله، و تذكر نعمته عندك، ثم تشكره، ثم تصلي على النبي صلی الله علیه و آله و سلم ، ثم تذكر ذنوبك فتقرّ بها، ثم تستغفر منها، فهذا جهة الدعاء (3).
و أما الأخبار: فنذكر طرفاً منها :
فمنها ما رواه في المجمع ، عن النبي صلی الله علیه و آله و سلم قال : «إنّ الله يغضب لغضب فاطمة، و يرضى لرضائها» (4)؛ فإنّ الله لا يرضى بالقبائح بأسرها في جميع الأوقات.
ص: 196
و في الاحتجاج، في احتجاج أمير المؤمنين علیه السلام، على أبي بكر و عمر، بعدما سكت أبو بكر عن احتجاجه علیه السلام ، قال عمر : «يا علي، دعنا من كلامك، فإنّا لا نقوى على حجتك، فإن أتيت بشهود عدول و إلّا فهو فيء للمسلمين، لا حق لك و لا لفاطمة فيه. فقال امير المؤمنين علیه السلام يا أبا بكر، تقرأ كتاب الله تعالى؟ :قال نعم قال: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ﴾ الآية. فيمن نزلت، فينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم. قال علیه السلام: فلو أن شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بفاحشة، ما كنت صانعاً بها ؟ قال: كنت، أقيم عليها الحدّ، كما أقيم على نساء المسلمين. قال علیه السلام : كنت إذن عند الله من الكافرين. قال : و لم؟ قال علیه السلام : لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة، و قبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله ، و حكم رسوله، أن جعل لها فدكاً. الخبر» (1).
و في الكافي، في مولد فاطمة علیها السلام ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن علیه السلام قال: «إن فاطمة صدّيقة شهيدة، وأنّ بنات الأنبياء لا يطمثن» (2)، و فيه، عن المفضّل، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قلتُ لأبي عبد الله علیه السلام : « مَن غسّل فاطمة علیها السلام؟ قال علیه السلام : ذاك أمير المؤمنين علیه السلام . فكأني استعظمت ذلك من قوله ، فقال علیه السلام : كأنك ضقت بما أخبرتك به؟ قال: فقلتُ : قد كان ذاك جعلتُ فداك . قال : فقال علیه السلام : لا تضيقن فإنّها صدّيقة، و لم يكن يغسّلها إلا صدّيق، أما علمت أنّ مريم لم يغسّلها إلّا عيسى علیه السلام» (3).
فإن المراد بكونها صديقة؛ كونها معصومة على الظاهر، و قد يُشعر بذلك؛
ص: 197
حديث آخر من الباب، عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله علیه السلام قال : سمعته يقول : «لولا أنّ الله تبارك و تعالى خلقَ أمير المؤمنين علیه السلام لفاطمة عليها السلام ما كان لها كفؤ على ظهر الأرض من آدم فمن دونه» (1).
فهذه نُبذة من الأخبار، و هي بكثرتها، بل تواترها؛ غنية عن الذكر بحمد الله تعالى، و لم يقطع على عصمة غيرها من الأمة، فنطوي عن غرّ الكلام فيها.
ص: 198
الموقع الثامن
هل يجوز خلو عصر من الأعصار عن المعصوم أم لا؟
و قد اختلف كلام العلماء في ذلك؛ فقالت الأشاعرة: لا يجب البعثة في كل زمان (1)، و يتبعه عدم وجوب وجود الإمام علیه السلام ، بناءً على نفي الحُسن و القبح العقليين (2)، فعدم البعثة ليس بقبيح على الله تعالى.
و اتفقت كلمة الإمامية على وجوب البعثة، و يتبعه وجوب وجود الإمام - مع فقد المبعوث - ، و احتجّوا عليه بعد إجماعهم بأنّ الدليل الدال على وجوب البعثة، يعطي عمومية الوجوب في كل وقت؛ لأنّ الحث على الطاعة، و النهي عن القبائح لا يحصل إلا بالبعثة، فيكون لطفاً؛ فتكون واجبة في جميع الأوقات.
و حقيقة هذا الوجه: أن التكليف حسنٌ في كل وقت وجدَ مَن يصح
تكليفه، على ما هو مبرهن في المعقول ، و قد تقدّم (3)أن إيصاله إلى المكلفين لا يكون إلا بواسطة؛ و هو النبي صلی الله علیه و آله و سلم أو الوصي علیه السلام، و إذا ثبت دوام حُسن التكليف ؛ ثبت دوام لزوم الواسطة، سواءً كان واسطة بين الله و خلقه، أو حافظاً
ص: 199
للشريعة عن الاندراس، فهو واسطة في الحفظ (1)
قال الشيخ علاء الدين في الإشارة: إنّه مع استقرار الشريعة و استمرارها إلى قيام الساعة؛ يتعين وجوب إزاحة العلّة في حفظها بعد أدائها، كحفظها بمَن به أدائها في حال الأداء، و لا حافظ لها في الحقيقة إِلَا مَن حكمه في وجوب الاقتداء به، و إزاحة العلّة بوجوده حكم مؤديها، و هو الرئيس الذي لا يجوز خلوّ زمان التكليف من وجوده فيه؛ لأنّها إنْ لم تكن محفوظة، جاز دخول التبديل و التحريف فيها، و هو منافٍ لوجوب القطع على صحتها، و لإزاحة علّة مَن هو مكلف بها.
و أمّا سائر الأدلة و الحجج من الكتاب و السنة و الإجماع و القياس؛ فلا يكفي في ذلك، لتشابه جميعها، و بطلان الأخير (2).
إنتهى مجملا.
هذا من طريق العقل، و أما النقل؛ فالظاهر منه الأخبار المتواترة، و نحن نذكر طرفاً منها :
ففي الكافي، في باب الاضطرار إلى الحجة، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله علیه السلام أنّه قال للزنديق - الذي سأله من أين أثبت الأنبياء و الرسل ؟ - «قال: إنا لما أثبتنا أن لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنا و عن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكيماً متعالياً؛ لم يجز أن يشاهده خلقه، و لا يلامسوه فيباشرهم و يباشرونه، و يحاجهم و يحاجونه، ثبت أنّه له سفراء في خلقه، يعبرون عنه إلى خلقه و عباده، و يدلّونهم على مصالحهم و منافعهم، و ما به بقاؤهم، و في تركه فناؤهم، فثبت الآمرون و الناهون عن الحكيم العليم في خلقه، و المعبرون عنه
ص: 200
جلّ و عزّ، و هم الأنبياء و صفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب في شيء من أحوالهم، مؤيدين عند الحكيم العليم بالحكمة، ثم ثبت ذلك في كل دهر و زمان، فما أتت به الرسل و الأنبياء من الدلائل و البراهين، لكي لا تخلو أرض الله تعالى من حجّة، يكون معه علم، يدل على صدق مقالته و جواز عدالته» (1).
و في باب أنّ الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام: «عن العبد الصالح قال علیه السلام : «إن الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام،؛ حتى يعرف» (2)، و مثله خبران آخران (3). و الظاهر من الإمام : معناه الأعم الشامل للنبي صلی الله علیه و آله و سلم.
و فيه عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله علیه السلام : «الحجة قبل الخلق و مع الخلق، و بعد الخلق» (4).
و في باب أنّ الأرض لا تخلو عن حجة، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلتُ لأبي عبد الله علیه السلام : «تكون الأرض ليس فيها إمام؟ قال علیه السلام : لا. قلتُ: يكون إمامان؟ قال علیه السلام : لا ، إلّا و أحدهما صامت» (5) .
و عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : سمعته يقول: «إنّ الأرض لا تخلو إلا و فيها إمام، كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم و إن نقصوا شيئاً أتمه لهم» (6).
ص: 201
و قد يشكل ظاهر هذا الخبر؛ بأنّ وظيفة الإمام أنْ لا يُخلي بينهم و بين الزيادة و النقصان، مع أنّ ظاهره يعطي أنّ وظيفته نقص الزايد بعد زيادته، و إتمام الناقص بعد نقصه.
و يدفعه: أنّ الإرادة مقدرة، و التقدير : إرادة الزيادة أو النقصان، و محض زيادتهم أو نقصهم خطأ لا يصير سبباً للزيادة أو النقص في الدين، لأنّ الزيادة أو النقص في الدين؛ إنّما يكون بعد الاستقرار و الثبوت.
و عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «ما زالت الأرض إلا و لله فيها الحُجّة، يعرف الحلال و الحرام، و يدعو الناس إلى سبيل الله. (1)
و عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله علیه السلام، قال: «قلت له علیه السلام : تبقى الأرض بغير إمام؟ قال علیه السلام: لا » (2)
و عن أبي بصير، عن أحدهما علیهما السلام قال: «قال : إن الله لم يدع الأرض بغير عالم، و لولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل»
(3) و عنه أيضاً، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «إنّ الله أجلّ و أعظم مِن أنْ يترك الأرض بغير إمام عادل» (4).
و عن أبي إسحاق، عمّن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين علیه السلام ، إنّ أمير المؤمنين علیه السلام قال : «اللهم إنك لا تُخلي أرضك من حجّة لك على خلقك». (5)
ص: 202
وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر علیه السلام قال : قال علیه السلام: «و الله، ما ترك الله أرضاً منذ قبض الله تعالى آدم علیه السلام إلا و فيها إمام يهتدى به إلى الله، و هو حجته على عباده، و لا تبقى الأرض بغير إمام حجّة الله على عباده» (1).
و عن أبي علي بن راشد قال : قال أبو الحسن علیه السلام : «إنّ الأرض لا تخلو عن حجة، و أنا والله ذلك الحجة» (2).
و عن أبي حمزة، قال: قلت لأبي عبد الله علیه السلام: «تبقى الأرضُ بغير إمام؟ قال علیه السلام : لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت» (3). و مثله خبران آخران (4)
و عن أبي هراسة، عن أبي جعفر علیه السلام قال: «لو أنّ الإمام رُفع من الأرض ساعة؛ لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهله» (5)
و عن أبي الطيار، قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: «لو لم يبقَ في الأرض إلّا اثنان ؛ لكان أحدهما الحجّة » (6). و مثله أخبار أخر (7).
و ربّما يستدل بقوله صلی الله علیه و آله و سلم : « لا تجتمع أمتي على الخطأ» (8)؛ بناءً على كون اللام للجنس، لأنّ إتيانَ كل واحد من الأمة خطاً، و إنْ كان خطأُ كل واحدٍ منهم غير خطأ الآخر يوجبُ اجتماعهم على جنس الخطأ، فلا بُدَ مِن معصوم
ص: 203
حتى يصدق عدم الاجتماع على الخطأ، و قد يؤيد بقوله صلی الله علیه و آله و سلم : «لا يزال طائفة من أمتي على الحق» (1)؛ بناءً على كون اسم لا يزال، كلمة طائفة، لا ضمير الشان.
قاله المحقق القمي رحمه الله (2).
و أقول: إمّا أنْ يُراد من: (الطائفة) الجنس الذي لا ينافي حصوله في أي فرد على التبادل؛ فلا يدلّ على ما ذكر، سواءً كانت لفظة (طائفة) هي اسمها، أم كان ضمير الشأن.
و إمّا أنْ يُراد المعيّن؛ فيدل على التقديرين، فلا وجه للبناء المذكور، و الاستدلال عليلٌ، لأخصية الدليل مع عموم المدعى، أعني: جميع الأعصار.
قَطَرَ اللهُ تعالى عصارةَ محبةَ أوليائه في قلوبنا، بعد استغراقنا في بحار محبّته، و يسّرَ علينا السباحة في لُجج أحكامه بأيدي الأسباب قبل وصولنا إلى ساحته.
اللهُم إنك أعلمُ بما في ضميري من الحسرات، و صرتُ بقلب عاش: أمّا نهاره فحزن، وأمّا ليله فأنين، فكلما بدتْ لي عزيمةٌ إلى معالي الأمور رأيت باعی (3) قاصراً عن وصولها، لعدم الأسباب.
إلهي بكرمك، ما كان هكذا الظنّ بك، فلا تتركني سُدىً، و استعملني فيما یرضیک عنی و الأمور كلها بيدك، فمَنْ لي ، و مَن يرحمني إن لم ترحمني، و فضلَ مَن أَؤمّل إنْ عدمت فضلك يوم فاقتي.
سيدي، إنْ كان رباط أفكاري في ثغور شريعة جدي خالصاً لوجهك؛
ص: 204
فبوجهك أبعثني إلى الجهاد في سبيلك، و أذقني حلاوة الإخلاص في إقدامي إليك، بحق مَن عبدك مخلصاً حتى أتاه اليقين، آمين.
و قد وقع الفراغ من تصنيفه و تصحيحه، بيد مصنفه، الفقير إلى ربّه، علي الحسيني اليزدي المَيْبَدي، لثلاث بقين من شهر ربيع الأول، ثالث الشّهور من السنة الخامسة من العشر التاسع من المائة الثالثة من الألف الثاني، من الهجرة النبوية، في سرَّ مَن رأى، بمحضر الشيخ العلّامة، و أستاذي الفهّامة (1)، بختام خیر (2).
ص: 205
ص: 206
سورة البقرة
(2)
الآِیة رقمها رقم الصفحة
﴿وَ الْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ 254 78
﴿لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ 124 78-80
﴿إنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبُكُمْ بِهِ الله﴾ 284 90-93
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ 25 116
﴿خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبهمْ وَ عَلَى سَمْعِهِمْ وَ عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ 7 117
﴿وَ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ 34 124
﴿وَ اشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ 152 138
﴿كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا
لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ 264 140
ص: 207
﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ 85 144
﴿وَ لَا تَقْرَبَا هُذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلَهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ 35-36 151
﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المؤتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى﴾ 260 152-165
﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ 35 155
﴿اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ 92 160
وَ إِذْ قَتَلتَم نَفساً﴾ 72 160
﴿وَ إِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهُ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ﴾ 55 170
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾ 222 192
سورة آل عمران
(3)
﴿وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْل الله﴾ 103 57
﴿و لِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَن كَفَرَ﴾ 97 80-138
ص: 208
﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الْإِسْلَامُ﴾ 19 109
﴿وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ 85 123
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ 90 140
﴿يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ 100 140
﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوب الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بمَا أَشْرَكُوا باللّه﴾ 151 140
﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَ لَا أَوْلَادُهُم منَ اللّه شَيْئًا﴾ 10 140
﴿قُلْ أَطِيعُوا الله وَ الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ 32 144
﴿وَ الَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا
عَلَى مَا فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أُولئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِن ربّهم﴾ 135-136 147
﴿إنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعالَمينَ﴾ 33 155
﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَ أَبْنَاءَكُمْ وَ نِسَاءَنَا وَ نِسَاءَكُمْ﴾ 61 196
ص: 209
سورة النساء
(4)
﴿فَلاَ وَ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا ما قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا﴾ 56 75
﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ 59 99
﴿يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ 171 115
﴿إِنَّ الله جَامِعُ المُنافِقِينَ وَ الْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ 14 139
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفراً﴾ 137 140
﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِم﴾ 153 170
سورة المائدة
(5)
﴿وَ اللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ 67 57
ص: 210
﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوا وَ كَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ 78 81
﴿لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِم﴾ 41 139
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةِ﴾ 73 140
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَ الْإِنجِيلَ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِكُمْ وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَ كُفْرًا﴾ 68 140
﴿وَ مَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ 44 144
﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالمونَ﴾ 45 145
﴿فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ 47 145
﴿كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾ 75 185
سورة الأنعام
(7)
﴿فَلَا تَقْعُدُ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ 68 84
﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ 158 117
ص: 211
﴿إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ 25 117
الحَمْدُ لله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ 1 140
﴿فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هذَا رَبِّي﴾ 76 152-163
﴿يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجّهَتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضَ حَنِيفاً وَ مَا أَنَا مِنْ المُشْرِكِينَ﴾ 78-79 164
﴿وَ تِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ 83 164
سورة الأعراف
(7)
﴿تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلقَد جَاءَتْهُمْ رُسُله بالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾ 101 117
﴿يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شئتما وَ لَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَوَسْوَسَ لهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ 119-120 151
﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ 190 151
﴿قَالَ رَبِّ أَرِني أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي﴾ 143 152-168
ص: 212
﴿إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَ قَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ 20-21 155
﴿أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَ تَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الخَاسِرِينَ﴾ 22-23 158
﴿جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء﴾ 190 158
﴿لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً﴾ 189-190 159
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة﴾ 189 160
﴿وَ أَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ﴾ 143 170
﴿فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَفَتُهْلِكُنا بما فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنا﴾ 155 170
سورة التوبة
(9)
﴿انّما يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آمَنَ بِالله وَ الْيَوْمِ الآخِرِ وَ أَقَامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكَاةَ﴾ 18 117
﴿إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ 28 146
﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ 43 153
ص: 213
﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِم أَذِنتَ لَهُمْ﴾ 43 182
سورة یونس
(10)
﴿هُوَ الَّذِي يُسَيَّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيح طيبة﴾ 22 159
سورة هود
(11)
﴿لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ الله﴾ 43 57
﴿سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الماءِ﴾ 43 57
﴿أَلَا لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمينَ﴾ 18 81
﴿إِنَهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ 46 151-162
﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ 45 151
سورة یوسف
(12)
﴿وَ لَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ 32 58
ص: 214
﴿وَ مَا أَنتَ بِمُؤْمِن لَّنَا و َلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ 17 110
﴿وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا لَوْلا
أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ 24 152
﴿وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا﴾ 24 171
﴿وَ قَالَ نِسْوَةٌ فِي المَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ 30 173
﴿وَ رَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ 23 173
﴿الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ 51 173
﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمتُنَّنِي فِيهِ وَ لَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ 32 173
﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ 26 173
﴿إِنَهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ 28 173
﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ 33 173
﴿حَاشَ لِلَّهَ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ 51 174
﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ﴾ 27 174
ص: 215
﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشَاءَ إِنَهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ﴾ 24 174
﴿لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ 24 175
سورة الحجر
(15)
﴿وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ 40 81
سورة النحل
(16)
﴿وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالْإِيمَانِ﴾ 106 116
سورة الإسراء
(17)
﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهَ إِلهَاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ 22 153
ص: 216
﴿وَ لَوْلَا أَن ثَبّتناكَ لَقَدْ كِدتْ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ 74 153
﴿وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ 32 176
﴿إنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَ يَقْدِرُ﴾ 30 176
﴿وَ لَوْلا أَنْ ثَبَّتنَاكَ﴾ 74 182
﴿وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَه إِلهَاً آخَرَ﴾ 39 182
﴿فَأَصْفَاكُمْ رَبكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إنَاثاً إِنَكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً﴾ 40 182
سورة طه
(20)
﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ هُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجنَّةِ وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ 121-122 151
﴿وَ عَصَى آدَمُ رَبَهُ فَغَوَى﴾ 121 155
﴿وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَ هَدَى﴾ 121-122 155
﴿إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ﴾ 117 157
ص: 217
سورة الأنبياء
(21)
﴿وَ مَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهُ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ 29 64
﴿وَ ذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُماتِ أَن لَّا إِلهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ 87 152
﴿وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً﴾ 87 176
سورة الحج
(22)
﴿وَ اعْتَصِمُوا بِالله هُوَ مَوْلاكُمْ﴾ 78 57
سورة المؤمنون
(23)
﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ 14 188 سورة النور
(24)
﴿الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا َّلهُمْ عَذَابٌ ألیمٌ﴾ 19 90-93
ص: 218
﴿وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَکُمْ تُفْلِحُونَ﴾ 31 147
سورة الفرقان
(25)
﴿لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً﴾ 28 184
سورة الشعراء
(26)
﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذا وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾ 20 152-167
﴿وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ * قَالَ﴾
﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِينَ﴾ 19-20 168
سورة القصص
(28)
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لَا فَسَادًا﴾ 83 91
﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لي فَغَفَرَ لَه﴾ 15-16 152
ص: 219
﴿أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ 62 165
﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لي﴾ 16 167
سورة الأحزاب
(33)
﴿وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ
وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ 37 137-166
﴿إِنَما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تطهيراً﴾ 33 178
سورة الصافات
(37)
﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ 143-144 176-177
سورة ص
(38)
﴿لأغويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ 82 157
ص: 220
﴿أَجَعَلَ الآلهةَ إلهَا وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَ انطَلَقَ الملأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلَى آلهتكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا هَذَا
فِى المِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقُ﴾ 5-7 179
سورة الزمر
(39)
﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾ 65-66 153
﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ 65 182
سورة غافر
(40)
﴿اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ 60 196
سورة فصلت
(41)
﴿وَ مَا رَبُّكَ بِظَلَامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ 46 86
ص: 221
سورة الزخرف
( 43 )
﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا﴾ 69 111
سورة الفتح
( 48 )
﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ 4 117
﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ﴾ 2 153-158-178
﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مبيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ﴾ 1-2 179
سورة الحجرات
(49)
﴿إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ 6 81
﴿وَ لمّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ 14 116
﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَ لمّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ 14 122
ص: 222
سورة الذاريات
(51)
﴿فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَفَما وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المُسْلِمِينَ﴾ 35 -36 109
سورة المجادلة
(58)
﴿أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾ 22 116
سورة الحشر
(59)
﴿مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ 7 81
سورة الممتحنة
(60)
﴿وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ 10 57
ص: 223
سورة المنافقون
(63)
﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا﴾ 3 139
سورة التغابن
(64)
﴿وَ مَن يُؤْمِن بِاللَه وَ يَعْمَلْ صَالِحًا﴾ 9 116
سورة الانفطار
(82)
﴿وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾ 10 176
سورة الفجر
(89)
﴿وَ أَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ 16 176
سورة الضحى
(89)
﴿وَ وَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى﴾ 7 168
ص: 224
الأزارقة 96،94،72،71.
الأشاعرة 78،79 ، 95 ، 97 ، 114 ، 199.
الإسماعيلية .98
الإمامية 38 ، 64 ، 73،66 ،80 ، 83 ، 84 ، 91 ، 94 ، 95 ، 115،110،98 ،199،194،185،171،149،144،143،142
البراهمة 69 ، 70 .
الحشوية 72 ، 95، 97
الخوارج 72،71 ، 94 ، 96 ، 115 ، 128 ، 146.
الشيعة 32 ، 38 ، 66 ، 69 ، 72 ، 96 ، 132 ، 134 ، 136 ، 142،141
239،238،236،232،231،228،194،149،147،143
الغلاة 40 ، 115، 143 ، 146 .
الكرامية 114 ، 116 .
المعتزلة 60 ، 61 ، 62 ، 64 ، 84 ، 95 ، 97 ، 98 ، 109 .
ص: 225
ص: 226
1. القرآن الكريم
2. الاحتجاج، احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي من أعلام القرن السادس، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط3، 1421ه-.
3. الأربعون حديثا، محمد بن الشيخ حسين الجبعي العاملي المعروف بالبهائي (ت 1031)، مؤسسة النشر الإسلامي، ط3، 1431ه-.
4. إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري (ت 826) ، مكتبة المرعشي النجفي، ط3 ، 1433ه-.
5. أساس البلاغة، محمود بن عمر الزمخشري (ت538)، دار الكتب العلمية ، ط 3 ، 1419ه-.
.6 الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) ، دار التعارف للمطبوعات، 1431ه-.
7. إشارة السبق إلى معرفة الحق، علي بن الحسن الحلبي من اعلام القرن السادس الهجري، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1414ه-.
8. أصول الفقه، الشيخ محمد رضا المظفر (ت 1383)، منشورات دیوان الوقف الشيعي، ط 1، 2015م.
ص: 227
9. الأصول العامة للفقه المقارن، السيد محمد تقي الحكيم، مؤسسة آل البيت علیهم السلام ، ط 2 ، 1979م.
10. الاعتقادات، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت381ه-)، مؤسسة الإمام الهادي علیه السلام . ط1 ، 1389ه-.ش.
11. الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت460 ) ، دار الأضواء. ط2، 1406ه-.
12. أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين العاملي (ت 1373 ه-). دار التعارف للمطبوعات . ط 5 ، 1403ه-.
13. الألفية و النفلية، محمد بن مكي العاملي الشهيد الأول (ت786ه-). مكتب الإعلام الإسلامي، ط 1 ، 1408ه-.
14. الأمالي، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت460ه-)، دار الثقافة، ط 1، 1414ه-.
15. الأمالي، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت381ه-)، مؤسسة التاريخ العربي، ط 1، 1430ه-.
16. الأمالي، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت436ه-)، مكتبة المرعشي النجفي . ط 2 ، 1428ه-.
17. أمل الآمل، محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104ه-)، مكتبة الأندلس، ط 1، 1385ه-.
18. الانتصار الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت436ه-)، منشورات الشريف الرضي. 1391ه-.
ص: 228
19. الأنوار الجلالية في شرح الفصوص النصيرية، جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري (ت 826ه-)، مجمع البحوث الإسلامية، ط2، 1435ه-.
20. الأنوار النعمانية في بيان النشاة الإنسانية، السيد نعمة الله الجزائري (ت 1112ه-)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. ط1، 1431ه-.
21. أنوار الملكوت في شرح فص الياقوت، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت 726) ، مؤسسة الهدى للنشر و التوزيع . ط 1 ، 1428ه-.
22. أوائل المقالات في المذاهب المختارات، محمد بن محمد بن المعلم البغدادي المفيد (ت413 ه-)، مؤسسة التاريخ العربي.
23 بدائع الأفكار (طبعة حجري)، الميرزا (ت 1312ه- ) ، مؤسسة آل البيت.
24. البداية و النهاية، أبوالفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774ه-)، دار إحياء التراث العربي. 1417ه-
25. بحار الأنوار الجامعة لدرر الأخبار، العلامة المحدث محمد باقر المجلسي (ت 1111ه-)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. ط 1، 1429 ه-.
26. تاج العروس، أبو الفيض مرتضى الزبيدي (ت 1205ه-) دار الهداية. ط2
27. تاريخ بغداد أو مدينة السلام، أبو بكر الخطيب البغدادي (ت 463 ه-)، دار الكتب العلمية . ط 2 ، 1425ه-.
28. التبصير في الدين، أبو المظفر الاسفرايني (ت471ه-) دار اكتب العلمية . ط 2 ، 1408ه-.
ص: 229
29. تذكرة الواصلين في شرح نهج المسترشدين، نظام الدين أبو الفوارس الأعرجي الحسيني (ت (745 ه- ) ، (ق) 8 ه- ) العتبة العباسية المقدسة. ط1، 1436ه- .
30. تحف العقول عن آل الرسول، الشيخ الأقدم الحسن بن علي بن شعبة الحراني من أعلام القرن الرابع الهجري، مؤسسة النشر الإسلامي. ط8، 1429ه-.
31. تفسير العياشي، المحدث محمد بن مسعود بن عياش السمرقندي، (القرن الرابع الهجري)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. ط1، 1411ه-.
32. تفسير نور الثقلين، الشيخ عبد علي الحويزي(ت 1112ه-)، منشورات ديوان الوقف الشيعي . ط 1 ، 2015م.
33. تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي من أعلام القرن الثالث الهجري، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات . ط 1 ، 1428ه-.
34. تقريب المعارف في الكلام، تقي الدين أبو الصلاح الحلبي (ت 447ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي، 1404 ه-.
35. تلخيص المحصل المعروف بنقد المحصل، الخواجة نصير الدين الطوسي (ت 672 ه-)، دار الأضواء. ط 2 ، 1405ه-.
36. تمهيد الأصول في علم الكلام، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، مؤسسة الإمام الصادق . ط 1 ، 1437ه-
37. تنزيه الأنبياء، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت436 ه-)، المكتبة الحيدرية . ط 1 ، 1431ه-.
ص: 230
38. تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه- ) ، دار التعارف للمطبوعات. 1428ه-.
39. تهذيب الوصول إلى علم الأصول، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت726ه-)، مؤسسة الإمام علي علیه السلام . ط 1 ، 1421ه-.
40. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت 381ه-) ، طليعة نور . ط 5 ، 1431ه-.
41. جامع البيان (تفسير الطبري)، محمد بن جرير الطبري (ت310ه-)، دار الكتب العلمية . ط 4 ، 1426ه-.
42. جامع أحاديث الشيعة، السيد حسين البروجردي (ت1380ه-). 1422ه-.
43. جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، شيخ الفقهاء محمد حسن النجفي (ت 1266ه-)، دار إحياء التراث العربي. ط 1، 1430ه-.
44. الحدائق الناضرة في إحكام العترة الطاهرة، المحدث الشيخ يوسف البحراني (ت 1186ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي، ط3، 1436ه-.
45. الخصال، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت 381ه-)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. 1410ه-.
46. خزانة الأدب و لب لباب لسان العرب، عبد القادر بن عمر البغدادي (ت 1093 ه-)، مكتبة الخانجي بالقاهرة. ط1، 1403ه-.
47.الخلاف، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي. ط8، 1433 ه-.
ص: 231
48. الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، السيد علي خان الشيرازي (ت 1130 ه-)، مؤسسة الوفاء . ط 2 ، 1403ه-.
49. الدر المنثور في التفسير بالماثور، جلال الدين السيوطي (ت911ه-)، دار الكتب العلمية . ط 2، 1424ه-.
50 . دعائم الإسلام، القاضي أبو حنيفة النعمان المغربي، مؤسسة الأعلمي. ط 1، 1416ه-.
51. ديوان عمر بن أبي ربيعة، دار الكتاب العربي.
ط2، 1416ه-.
52 . الذخيرة في علم الكلام، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت 436 ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي. ط3، 1431ه-.
53. الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آقا بزرك الطهراني (ت 1389ه-). دار الأضواء، ط 3 ، 1983 ه-.
54. رسائل الكركي، المحقق علي بن الحسين الكركي (ت 940ه-)، مكتبة المرعشي النجفي. ط 1، 1409ه-.
55. رسائل المرتضى، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت 436 ه-) ، دار القرآن الكريم. 1405ه-.
56. روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان، الشيخ زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 965ه-) ، مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية. ط 1، 1422ه-.
57. روضات الجنات في أحوال العلماء و السادات، الميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري (ت 1313 ه- ) ، دار إحياء التراث العربي . ط 1 ، 1431ه-.
ص: 232
58. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، زين الدين الشهيد الثاني (ت 965 ه-) ، دار التفسير . ط 12، 1434ه-.
59. رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل، المحقق السيد علي الطباطبائي (ت 1231ه-)، دار الهادي. ط 1، 1412ه-.
60. الزاهر في معاني كلمات الناس، أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري (ت 328ه-)، دار الشؤون الثقافية العامة . ط 2 ، 1987م.
61. السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، ابن إدريس الحلي (ت598ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي. ط6 ، 1430ه-.
62. سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني (ت 275ه-)، دار الكتب العلمية ، ط 2 ، 1425ه- .
63. سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275ه-)، دار الكتب العلمية . ط 2 ، 1426ه-.
64 . سنن الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي (ت297ه-)، دار الكتب العلمية، ط 2 ، 1427ه- .
65. السيرة النبوية، عبد الملك بن هشام (ت218ه-)، مؤسسة النور للمطبوعات . ط 1 ، 1425ه-.
66 . سنن النسائي، احمد بن شعيب النسائي (ت303ه-)، دار الكتب العلمية، ط 2، 1426ه-.
67. الشافي في الإمامة، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت 436 ه- ) ، مؤسسة الصادق علیه السلام . ط 2، 1426ه-.
ص: 233
68. شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن العماد الحنبلي (ت1089ه-)، دار إحياء التراث العربي.
69. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، عبد الله بن عقيل الهمداني (ت 769 ه-)، منشورات ديوان الوقف الشيعي. ط 1 ، 2015م.
70. شرح الأصول الخمسة، القاضي عبد الجبار المعتزلي (ت 415ه-)، دار إحياء التراث العربي. ط 2، 1433ه-.
71 شرح تجريد الاعتقاد (حجري) القوشجي، منشورات رضي- بيدار- عزيزي بلا . علاء الدين علي بن محمد (ت879ه-).
72. شرح العقائد العضدية، جلال الدين الدواني (ت 756ه-) ، دار إحياء التراث العربي . ط 1 ، 1437ه-.
73. شرح العقائد النسفية، سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت 791ه-) ، دار إحياء التراث العربي. ط1، 1437ه-.
74. شرح المقاصد، سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت791ه-)، منشورات الشريف الرضي . ط 1 ، 1409ه-.
75 شرح المواقف، الشريف علي بن محمد الجرجاني. السعادة، ط1، 1325ه-
76. شرح نهج البلاغة، عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني المعتزلي (ت656ه-)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
ط2، 1425ه-.
77. الصحاح، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت393ه-)، دار العلم للملايين . ط 4 ، 1407ه-.
ص: 234
78. صحیح ابن حبان، علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (ت 739ه-)، دار الفكر. ط 1، 1417ه-.
.79. صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256ه-)، دار الكتب العلمية . ط 4 ، 1425ه-.
80. صحیح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت261ه-)، دار الكتب العلمية . ط 2 ، 1424ه-.
81. الصحيفة السجادية الكاملة للإمام زين العابدين علیه السلام ، مركز الغدير. ط 2، 1431ه-.
82. الطبقات الكبرى، محمد بن سعد بن منيع الزهري (ت 230ه-)، دار إحياء التراث العربي. ط 1 ، 1417ه-.
83 طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين عبد الوهاب السبكي (ت 771ه-)، دار الكتب العلمية. ط 1، 1420ه-.
84. علل الشرائع، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت381ه-)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. ط 2 ، 1428ه-.
85. عوالي اللئالي العزيزية، محمد بن علي الإحسائي (ت909ه-)، دار إحياء التراث العربي. ط 1 ، 1430ه-.
86. عيون أخبار الرضا، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت 381ه-)، مؤسسة آل البيت علیهم السلام . ط 1 ، 1431ه-
87. غنية النزوع إلى علمي الأصول و الفروع، حمزة بن زهرة الحلبي (ت 585 ه-) ، مؤسسة ألأمام الصادق. ط 1 ، 1418ه-.
ص: 235
88. الفصل في الملل و الأهواء و النحل، ابن حزم الظاهري (ت456ه-)، دار الندوة الجديدة . ط 1 ، 1437ه-.
89. الفصول الغروية في الأصول الفقهية (طبعة حجري)، الشيخ محمد حسن الأصفهاني(ت 1250ه-)، دار إحياء العلوم الإسلامية.
90. فرائد الأصول، الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (ت1281ه-)، منشورات ذوي القربي . ط 1، 1437ه-.
91. الفهرست، ابن النديم (ت 380ه-) ، دار إحياء التراث العربي. طا، 1427ه-.
92. فهرست كتب الشيعة وأصولهم، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسی (ت 460 ه-)، مكتبة المحقق الطباطبائي .
ط 1 ، 1420ه-.
93. فوائد الأصول، الشيخ محمد علي الكاظمي (ت1365ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي. ط12، 1438 .
94. الفوائد الرجالية أو رجال السيد بحر العلوم، السيد الطائفة محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (ت 1212 ه-)، منشورات مكتبة الصادق، ط 1 ، 1363ه- .
95. فوات الوفيات، محمد بن شاكر الكتبي (ت764ه-)، دار صادر. 1973م.
96. القاموس المحيط، محمد بن يعقوب الفيروزابادي (ت 817ه-) ، دار إحياء التراث العربي. ط 2، 1424ه-.
97 القوانين المحكمة، الميرزا أبو القاسم القمي (ت 1231ه-)،
ص: 236
البيضاء، ط 1، 1430ه-.
98. الكافي، لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني (ت329ه-)، دار التعارف للمطبوعات، 1430ه-.
99. كشف الغمة في معرفة الأئمة، علي بن عيسى الاربلي (ت693ه-)، دار المرتضى. ط1، 1427ه-.
100. كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون، حاجي خليفة (ت 1067ه-)، مؤسسة التاريخ العربي.
101. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت 726ه-)، منشورات ديوان الوقف الشيعي. ط 1، 2015م.
102. كفاية الأصول، محمد كاظم الخراساني الاخوند (ت1329ه-)، مؤسسة آل البيت . ط 4 ، 1427ه-.
103 . الكليات، أبو البقاء الكفوي (ت 1094ه-) ، مؤسسة الرسالة. ط2، 1419ه-.
104. الكنى والألقاب، المحدث الشيخ عباس القمي (ت1359ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي . ط 1 ، 1425ه-.
105. كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي (ت 449ه-)، مكتبة مصطفوي (حجري).
106. لسان العرب، ابن منظور ؛ (ت 711ه-) ، دار احياء التراث العربي. ط 2 107. اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، جمال الدين مقداد بن عبد الله
ص: 237
السيوري (ت 826ه-)، مجمع الفكر الإسلامي. ط3، 1438ه-.
108. المبسوط، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي. ط2، 1431ه-.
109 . مجمع البحرين، الشيخ فخر الدين الطريحي (ت 1085ه-)، المكتبة المرتضوية . ط 3، 1375ه-.
110. مجمع البيان في تفسير القرآن، أمين الإسلام الفضل الحسن الطبرسي (ت 548ه-)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات . ط 2 ، 1425ه-.
111. مجمع الفائدة و البرهان، المولى احمد الأردبيلي (ت993ه-)، منشورات جماعة المدرسين . ط 4 ، 1433ه-.
112. المحاسن، احمد بن محمد بن خالد البرقي (ت280ه-)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. ط 1، 1429ه-.
113. المحجة البيضاء المحدث المولى محمد محسن الفيض الكاشاني (ت 1091ه-) ، مؤسسة المحبين . ط 1 ، 1426ه-
114. مختلف الشيعة في إحكام الشريعة، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت 726ه-)، مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية. ط 2، 1423ه-.
115. مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، العلامة المحدث محمد باقر المجلسي (ت 1111ه-)، دار الكتب الإسلامية. ط 2 ، 1379ه-.ش.
116. المراسم العلوية في الأحكام النبوية، أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز الديلمي المعروف بسلار (ت 448 ه-)، دار الحق . 1414ه-.
117. مسائل الناصريات، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي
ص: 238
(ت 436 ه-)، مؤسسة الهدى. 1417ه-.
118. مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه-)، مؤسسة آل البيت . ط 4 ، 1429ه-.
119. مستند الشيعة في أحكام الشريعة، المولى احمد النراقي (ت1245ه-)، مؤسسة آل البيت . ط 1 ، 1429ه-.
120. مسند احمد، احمد بن محمد بن حنبل (ت 241)، دار الحديث. ط1، 1416ه-
121. مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق علیه السلام، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات . ط 1 ، 1400ه-.
122. المصباح المنير، احمد بن محمد الفيومي (ت770ه-)، دار الهجرة. ط2، 1414ه-
123. معاني الأخبار، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت381ه-)، دار المرتضى . ط 1 ، 1429ه-.
124. المعتبر في شرح المختصر، نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن المحقق الحلي ( ت 676ه-) ، مؤسسة سيد الشهداء علیه السلام. 1364ه-.
125. معجم أحاديث الإمام المهدي، مؤسسة المعارف الإسلامية. ط 2 ، 1428ه-
126. معجم مقاييس اللغة احمد بن فارس بن زكريا (ت 395ه-)، دار الفکر، ط2، 1399ه-
127. معجم المؤلفین، عمر رضا كحالة (ت 1408ه-)، دار إحياء التراث
ص: 239
العربي. 1376ه-.
128. معراج اليقين في شرح نهج المسترشدين، فخر المحققين محمد بن الحسن بن يوسف الحلي (ت771ه-)، العتبة العباسية المقدسة. ط 1، 1436ه-.
129. مفاتيح الجنان، المحدث الشيخ عباس القمي(ت 1359ه-). 130. مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، فخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت 604 ه-) ، دار الكتب العلمية . ط 2 ، 1425ه-.
131. مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة السيد محمد جواد العاملي (ت 1226ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي. ط3، 1436ه-.
132. المفردات في غريب القرآن، الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت 502 ه-)، دار إحياء التراث العربي. ط 1، 1423ه-.
133. المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية، زين الدين الشهيد الثاني (ت 965ه-)، مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية.
ط 1، 1420ه-.
134. مقالات الإسلاميين و اختلاف المصلين، أبو الحسن الأشعري (ت 330ه-) ، دار صادر . ط 1 ، 1427ه-.
135 . الملخص في أصول الدين، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت 436 ه-)، مرکز نشر دانشگاهي. ط1، 1381ه-.
136 . الملل و النحل، محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548ه-) دار الندوة الجديدة. ط 1 ، 1317 ه-.
137. مناهج اليقين في أصول الدين، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت726ه-)، دار الأسوة. ط2، 1430ه-.
ص: 240
138. منتهى المطلب في تحقيق المذهب، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت726ه-)، مجمع البحوث الإسلامية. ط2 ، 1429ه-.
139. المنقذ من التقليد، سديد الدين محمود الحمصي الرازي المتوفى أوائل القرن السابع، مؤسسة النشر الإسلامي . ط 2 ، 1435ه-.
140. من لا يحضره الفقيه، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت 381ه-)، دار التعارف للمطبوعات . ط 2، 1414ه-.
141. المهذب، القاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي (ت481ه-)، مؤسسة النشر الإسلامي . 1406ه-
142. موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الصادق علیه السلام . ط 1، 1420ه-.
143. موسوعة المرتضى الكلامية، العتبة العباسية المقدسة. 1436ه-.
144. الموطا، الإمام مالك بن انس الأصبحي (ت179ه-)،
دار الكتب العلمية . 1423ه- .
145. النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر، جمال الدین مقداد بن عبد الباب الحادي الله السيوري (ت 826ه-) ، منشورات ديوان الوقف الشيعي . ط 1، 2015م.
146. نفس الرحمن في فضائل سلمان، خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320ه-)، الأندلس. ط 1 ، 1432ه-.
147. نقباء البشر، آقا بزرك الطهراني (ت 1389ه-). دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1430ه-.
148 نهاية الإحكام في معرفة الأحكام، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي
ص: 241
(ت 726 ه-) ، دار الأضواء. ط 1 ، 1406ه-.
149. نهج البلاغة ، الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي (ت406ه-)، العتبة العلوية المقدسة. 1431ه-.
150. نهج الحق و كشف الصدق، جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت 726ه-)، دار الهجرة. ط4، 1414ه-.
151. الهداية في الأصول و الفروع، الشيخ الأقدم محمد بن علي الصدوق (ت 381ه-)، مؤسسة الإمام الهادي علیه السلام . ط2، 1426ه-.
152. هدية العارفين اسماء المؤلفين وآثار المصنفين، إسماعيل باشا البغدادي (ت 1399ه-)، مؤسسة التاريخ العربي.
153. الوافي، المحدث المولى محمد محسن الفيض الكاشاني (ت1091ه-)، مكتبة الإمام أمير المؤمنين علیه السلام . ط 1، 1430ه-.
154. الوافي بالوفيات، صلاح الدين الصفدي (ت764ه-)، دار الفكر. ط 1، 1425ه-.
155. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104ه-) مؤسسة آل البيت علیهم السلام . ط 2 ، 1429ه-.
156. الوسيلة إلى نيل الفضيلة، عماد الدين محمد بن علي الطوسي ابن حمزة، من أعلام القرن السادس الهجري، مكتبة المرعشي النجفي . ط 1 ، 1408ه-
157. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، شمس الدین احمد بن محمد بن خلكان (ت 681 ه-)، دار إحياء التراث العربي. ط 1، 1417ه-.
ص: 242
مقدّمة المركز...7
مقدمة التحقيق...11
المؤلف في سطور...13
كتاب (عصمة الحجج)...42
نسخ الكتاب...43
منهجية التحقيق...44
مقدمة المصنف...55
الموقع الأول: في معناها...57
الموقع الثاني: في اشتراطها في الحجّة...67
الموقع الثالث: في وجوب اعتقادها...101
الموقع الرابع في اعتباره في الإسلام والإيمان...109
الموقع الخامس: في حال منكرها...133
الموقع السادس : في دفع الإشكال عن
أصالة العصمة في الحجج ... 151
الموقع السابع : في أنّه هل يوجد معصوم غير الحجج أم لا؟... 193
الموقع الثامن : هل يجوز خلو عصر
من الأعصار عن المعصوم أم لا؟ ...199
فهرس الآيات القرآنية...207
المصادر...227
ص: 243
ص: 244
1. کتاب «رسالة حدوث العالم» تأليف الشيخ محمد باقر الاصطهاباناتي قدس سره (طبع لأول مرة).
2. كتاب «معالم العبر في استدراك البحار السابع عشر» للميرزا حسين النوري قدس سره ( طبع لأول مرة)
3. کتاب «مقدمة الذريعة إلى تصانيف الشيعة»، للشيخ آقا بزرك الطهراني قدس سره، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
4. کتاب «رسائل من إفادات المجدّد الشيرازي قدس سره» ، تحقيق الشيخ مسلم الرضائي (طبع لأول مرة).
5. کتاب «رسالة في أحكام الجبائر» ، بقلم السيد محمد الساروي، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
6. کتاب رسالة في «حكم الخلل الواقع في الصلاة» تقريراً لبحث السيد المجدّد الشيرازي قدس سره، بقلم الشيخ آقا رضا الهمداني قدس سره .
7. كتاب مآثر الكبراء في تاريخ سامراء»، للشيخ ذبيح الله المحلاتي قدس سره ( طبع لأول مرة) .
8. كتاب «مجموعة رجالية و تاريخية»، للشيخ آقا بزرك الطهراني قدس سره ( طبع لأول مرة )
9. كتاب «نزهة القلوب و الخواطر في بعض ما تركه الأوئل للأواخر»، تاليف الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني، الملقب بإمام الحرمين.
10. كتاب «الإمام علي الهادي علیه السلام عمر حافل بالجهاد و المعجزات» للشيخ علي الكوراني، أعده و خرج مصادره مركز تراث سامراء.
11 . کتاب «سامراء في الأرشيف الوثائقي العثماني»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
12 . کتاب «سامراء في السالنامات العثمانية»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة ) .
13 . كتاب «سامراء في لغة العرب»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
14. كتاب «سامراء في مجلة سومر» من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
15 . کتاب «قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء»، للأستاذ عبد الكريم الدباغ (طبع لأول مرة ) .
16 . كتاب «زيارة أئمة سامراء علیهم السلام» من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
17 . كتيب «دليل معرض فاجعة سامراء» من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة ) .
18 . كتيب «مناقب أئمة سامراء علیهم السلام من طرق العامة»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
19 . كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للشباب المؤمن»، من إعداد مركز تراث سامراء.
20. كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للمقاتلين في ساحات
الجهاد»، من إعداد مركز تراث سامراء.
21 . كتيب «قبسات من حياة أئمة سامراء علیهم السلام»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة) .
ص: 245
22. كتيب «تعريفي بمركز تراث سامراء»، من إعداد المركز (طبع لأول مرة).
23 . كتيب «دليل الزائر لمرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام في مدينة سامرّاء المقدسة»، إعداد مركز تراث سامراء.
الكتب التي ستصدر قريباً
1 - كتاب «الطهارة»، تأليف السيد إبراهيم الدامغاني قدس سره تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي قدس سره
2- ببلوغرافيا ( ما كتب في حوزة سامراء).
3- كتاب «العتبة العسكرية المقدسة في الأرشيف الوثائقي العثماني»، جمع وترجمة د. سامي المنصوري، تدقيق و مراجعة مركز تراث سامراء.
4 - كتاب وقائع المؤتمر العلمي الأول «الإمام الهادي علیه السلام عبق النبوة و عماد السلم المجتمعي».
5 - كتاب «سامرّاء في مجلة سومر/ ج 2»إعداد مركز تراث سامرّاء.
كتب قيد التحقيق والتأليف
1 - رسالة مقدمة الواجب، تأليف السيد هاشم بحر العلوم قدس سره، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي قدس سره
2 - مآثر الكبراء ج 5 ، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدس سره
3 - مآثر الكبراء ج 6 ، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدس سره
4 - مآثر الكبراء ج 7، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدس سره .
ه - مآثر الكبراء ج 8 ، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدس سره .
6 - نكت الرجال على كتاب منتهى المقال، تأليف آية الله السيد صدر الدين الصدر قدس سره
7 - البيع، تأليف آية الله السيد إبراهيم الدامغاني قدس سره، تقريراً لبحث آية الله المجدد السيد محمد حسن الشيرازي قدس سره .
-8- شرح اللمعتين، تأليف آية الله الشيخ عباس بن حسن كاشف الغطاء قدس سره علماء تتلمذوا في سامراء.
ص: 246