بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة

هوية الکتاب

رقم الإيداع في دارالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2977 لسنة 2018

مصدر الفهرسة: IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 :LC

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الاولى.

بيانات النشر: كربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (علیه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): كلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 1

المجلد 1

اشارة

رقم الإيداع في دارالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2977 لسنة 2018

مصدر الفهرسة: IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 :LC

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الاولى.

بيانات النشر: كربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (علیه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): كلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 2

سلسلة تحقيق المخطوطات

وحدة تحقيق الشروحات

بهجة الحدائق

في شرح

نهج البلاغة

لعلاء الدین محمد بن ابی تراب الحسنی کلستانة

المتوفی سنة 1110 ه

الجزء الأول

دراسة وتحقيق

م. د. غيداء كاظم السلامي

اصدار

مؤسسة علوم نهج البلاغة

في العتبة الحسينية المقدسة

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة

العتبة الحسينية المقدسة

الطبعة الأولى

1439 ه - 2018 م

العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام

مؤسسة علوم نهج البلاغة

هاتف: 07728243600 - 07815016633

الموقع الألكتروني: www.inahj.org

الإيميل: Info@Inahj.org

تنويه:

إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

«وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»

صدق الله العلي العظيم

سورة هود الآية 88

ص: 5

ص: 6

الإهداء

إلى من يرنو إليه نظري وفكري وقلبي

صباحاً ومساء حباً ورجاء في شفاعته

سيد الكائنات وخير البرية رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وآله).

إلى صاحب العلم والبلاغة، شهيد الحق الإمام علي (علیه السلام).

إلى ركنَي الأمان والحنان..... أبي وأمي

إلى شجرة العطاء...

إخوتي وأخواتي.

إلى النجمتين في سماء حياتي... ابنتيَّ

ص: 7

ص: 8

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعمائه العادّون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بُعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن والصلاة والسلام على خير خلقه وصفوة رسله أبي القاسم محمد وعلى آله موضع سره، ولجؤ أمره، وعيبة علمه، وموْئل حُكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه، وسلم تسليماً آناء الليل وأطراف النهار.

أما بعد:

يُعد حقل (الشروحات) من الحقول المعرفية المهمة التي رافقت الحركة العلمية للأحاديث الشريفة، لا سيما الأحاديث النبوية، فقد شهدت المكتبات الإسلامية العديد من الشروحات التي التصقت بالحديث النبوي الشريف لتنافس في ذلك الحركة العلمية للتفاسير، وكان العلماء المسلمين أرادوا خلق حالة من التوازن في بيان معارف القرآن والحديث النبوي الشريف، ثم تبعوا هذا النهج الفقهاء، فقاموا بشرح كثيرٍ من المصنفات الفقهية لأساطين الفقه في المذاهب الإسلامية السبعة.

وعليه: لم يكن كتاب نهج البلاغة ببعيد عن هذا الحقل المعرفي والمنهج العلمي فقد تتوّق للإنتهال من معينه الفياض بالعلوم والمعارف أساطين

ص: 9

العلماء في اللغة، والكلام، والفقه، والتاريخ، والسيرة، والفلسفة، والعقائد، والتربية، والاجتماع، والسلوك، وغيرها من العلوم، التي وجد فيها العلماء ضالتهم؛ بل لقد أصبحت هذه الشروحات لكتاب نهج البلاغة هي بحد ذاتها منهلاً لكثير من الدراسات الأكاديمية؛ لما تحتويه على معارف كثيرة ومتجددة، مما فسح المجال لحقول معرفية جديدة بالظهور، لا سيما والعالم يشهد حركة معرفية متسارعة.

وعليه: فما هذا الشرح الذي بین أيدينا الموسوم ب(بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة) للعالمٍ الجليل السيد علاء الدين محمد ابن أبي تراب الحسني

(كلستانة) إلا واحداً من تلك الشروح، التي انبرى أصحابها للإدلاء بدلوهم في معین علوم كتاب نهج البلاغة، وما هذا التحقيق لهذا المخطوط إلا واحداً من الدراسات الأكاديمية القيّمة لنيل شهادة الدكتوراه للأخت الباحثة غيداء كاظم السلامي، التي بذلت قصارى جهدها في دراسة هذا المخطوط ومقابلته على سبع نسخ خطية، ووضع الهوامش العلمية والإحالات المرجعية؛ فضلاً عن تزيین العمل بالكشاف العلمي، الذي الحق بهذه الدراسة.

فجزى الله الباحثة على ما بذلت من جهود كبیرة، ونسأل الله تعالى أن ينفعها بهذا العلم في يوم الجزاء «يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ٭ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (الشعراء: 88 - 89).

والحمد لله رب العالمين.

السيد نبيل الحسني الكربلائي

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 10

مقدمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سبحانَ مَنْ لَبِسَ البهْجَةَ والجَمَالَ، سُبحانَ مَنْ تردّى بالنُّورِ وَالوَقَارِ، سُبْحانَ مَنْ يَرَى أَثَرَ النَّملِ فِي الصَّفا، سُبحانَ مَنْ يَرَى أَثَرَ الطَّیْرِ فِي الهَوَاءَ،

سُبحانَ مَنْ هُو هَكذَا وَلا هكَذا غَیْرُه، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى أَشْرفِ مَنْ نَطَقَ بالضَّادِ سَيّدنا مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ الطَّيبینَ الطَّاهِرينَ....

أَمَّا بَعْدُ

فإنَّ من كرم الله عليَّ ومنته أن وفقني لدراسة موضوع يتعلق بالإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فبكلامه استعان كل واعظ بليغ، واحتج به كل عالم حکیم، لأن كلامه (عليه السلام) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي.

من المعروف أنَّ كلَّ دراسة في نهجه البليغ تعطي وتضيف للباحث أكثر مما يضيف لها، ولهذا كثرت الشروح على كلامه (عليه السلام) في نهجه الكريم، وتوالت الأقلام تصفُ حسن عباراته ودقائق نظمه، وعظمة حكمته، ودرر

ص: 11

ألفاظه، ومن أول الشروح ما كتبه قطب الدين الراوندي (ت 573 ه) أو أبي الحسن البيهقي (ت 565 ه) - على اختلاف القول بين صاحب ریاض العلماء وخاتمة المستدرك(1)- إلى آخر الشروح التي خرجت لتوجيه هذا السفر الخالد دراسة وتحليلا، وعلى اختلاف اللغات من عربية وفارسية وأوردية، وتكفي نظرة واحدة إلى كتاب الذريعة، باب شروح النهج لتبيان مقدار هذه الشروح وعدّتها.

وقد انضم السيد علاء الدین کلستانة الأصفهاني إلى كوكبة الشرّاح، فقدم شرحًا للنهج مستعينًا بما سبقه من الشرّاح أمثال القطب الراوندي، وابن أبي الحديد، وابن میثم البحراني، ومن عاصره، أمثال العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وشرح السيد كلامَ الإمام (عليه السلام) شرحًا وافيًا غير مخلٍ ولا مطنبٍ، فهو كما يصفه: (مختصر يذلل من الألفاظ صعابها، ويكشف عن عرائس المعاني على وجه الايجاز جلبابها)، وقد شبهه بأنه كالطلع لحدائق الحقائق الذي هو شرح واسع ومطول للشارح.

والحقّ أنَّ الخوضَ في غمارِ التحقيقِ ليسَ بالأمرِ الهينِ، ولاسيما أن المخطوط واسع تجاوز صحائفه الثلاثمائة صحيفة، مما تطلّب منّي مضاعفة الجهد والرجوع إلى أعداد كثيرة من المصادر المتنوعة بسبب الثقافة الموسوعية للمصنف فتعددت مصادره ما بين لغوية، وأدبيةٍ، وتاريخية، ودينية، وفلسفية وكلامية، وغير ذلك.

ص: 12


1- ریاض العلماء وحياض الفضلاء، عبد الله أفندي (ت 1130 ه): 2 / 421، وخاتمة المستدرك، حسن الطبرسي (ت 1320 ه): 1 / 184

وقد بذلتُ أوقاتًا طوالاً في مقابلة النسخ وإكمال الطمس والخرم، ومعالجة بعض الكلمات غير المقروءة، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإني حصلت على سبع نسخ خطية من داخل البلد، والخمس البقية خارج البلد - في إيران - مما تطلب الأمر إلى السفر وجلبها من إيران، وقد بذل المشرف الفاضل جهودًا مضنية لتسهيل هذا الامر؛ فقد استجلبها لي - مشكورًا - من مدينة قم المقدسة من مكتبتي (المرعشي، ودار إحياء التراث).

إلا أنّ الذي هوّن الأمر علىّ حبّي الشديد للتحقيق، ورغبتي في إحياء التراث كي يبصر النور وليفيد منه القارئون، والباحثون.

وبعد أن استوى التحقيق على سوقه من جمع نسخ خطية، ومقابلة، وتخریج، وما يلحق بها من مبادئ تحقيقية، توجهت حينها إلى الدراسة التي جاءت في قسمين:

القسم الأول: قسم الدراسة، ويشمل: المبحث الأول: حياة علاء الدين کلستانة (اسمه، نسبه،، کنیته لقبه، مولده، عصره، أساتذته، تلاميذه، مؤلفاته، أقوال العلماء فيه، وفاته).

أمّا المبحث الثاني فخصصته لموارد الشرح المتمثلة ب(الكتب) التي اعتمدها الشارح فقسمتها إلى (كتب المعجمات، کتب النحو، کتب اللغة، كتب التفاسیر، کتب الأحاديث، كتب الأنساب، كتب التاريخ). و (الأعلام) فذكرت الأعلام الذين رجع اليهم الشارح، وعلى اختلاف مواردهم.

في ما تناول المبحث الثالث منهج الشارح، فعرضت طريقة شرحه للألفاظ المتمثلة بالضدّ، والخلاف، والنقيض، والتقابل، ثم عرضت طريقة

ص: 13

ضبطه للكلمة المتمثلة بطريقتي (الوِزان)، و(وصف الكلمة)، بعد ذلك تكلمت على توجهاته الدلالية (الأضداد، الترادف، تعميم المعنى، الانسجام في المعاني التي يبينها).

ثم عرّجت على اهتماماته الصرفية، وإشارته للمذكر والمؤنث، وتوجيهه للضمائر، واشارته للقياسي وغير القياسي، وایراده لأكثر من رواية والترجيح بينهما، وتعليله للتسميات، وانتقاده لبعض الشارحين وردوده عليهم.

وتضمن المبحث الرابع شواهد الشرح المتمثلة ب(القرآن الكريم)، و(القراءات القرآنية)، و(الحديث النبوي الشريف)، و(الأمثال)، و(الشعر والرجز).

ثم جاء القسم الثاني وهو التحقيق، ويشمل منهج التحقيق، عرضت فيه الخطوات التي اتبعتها في التحقيق، وقدمتُ وصفًا لنسخ المخطوطة التي اعتمدت في التحقيق مع نماذج مصورة منها.

أتبعت الدراسة النص المحقق، وهو في شِقّينِ:

الأول: تحقيق المتن، فقمت بتحقيق المتن، وأظهرت الفرق بينه وبين متن ابن أبي الحديد، ونهج البلاغة لصبحي الصالح، واشرت إلى الفروق في الهامش، وقد اخترتهما من دون غيرهما؛ لأن المحققينِ قد رجعا إلى نسخ من مخطوطات نادرة.

والثاني: تحقیق شرح علاء الدين كلستانه.

وفي نهاية الأطروحة عرضت المصادر والمرجع العلمية التي اعتمدتها في

ص: 14

الدراسة والتحقيق، واتبعتها بمكملات التحقيق العلمية؛ فكانت الفهارس العلمية ل(القرآن الكريم، والحديث النبوي، والاشعار، والاعلام، والأمثال، والكتب، والقبائل، والاماكن والمدن).

وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والامتنان إلى الاستاذ المساعد الدكتور علي الاعرجي على نصائحه، ومتابعته، وعلى صبره الجميل فكان نعم العون، لما أبداه من ملاحظ سديدة.

وأخيرا أقول: إني بذلت ما بوسعي من جهد وأخلصت النية، أملاً في أن يكون عملي مرضیًّا لله ورسوله وأهل بيته الطاهرين، ولا أدعي أن عملي هذا بلغ الكمال، فإن كنت أصبت فذلك من الله فضلٌ ورحمة، وإن هفوت فإن حسبي توخي الصواب وصدق النية وإن جهدي جهد إنساني، والكمال لله وحده عليه توكلت واليه أنيب.

الباحثة

ص: 15

ص: 16

الدراسة

ص: 17

ص: 18

المبحث الأول: حياة علاء الدين كلستانة

اسمه ونسبه:

هو محمد بن الأمير محمد علي شاه المعروف بأبي تراب بن أبي المعالي بن مرتضى بن أمير منصور بن غیاث بن عبد العزيز بن نظام الدين بن إسماعيل بن شرف الدين صدر بن الأمير إسماعيل بن عماد الدين علي بن الحسن شرف شاه بن عماد الدين بن أبي الفتوح محمد بن أبي الفضل - الشهير بكلستانة - ابن علي بن الحسين بن علي بن الحسين الرئيس بن علي بن الحسين بن الحسين بن القاسم بن محمد - المعروف بالبطحائي - ابن القاسم بن الحسن بن زید بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الكلستاني البطائحي الحسني(1).

كنيته ولقبه:

لم نقف على كنيته، أما لقبه فهو علاء الدين، وكان أبوه يلقب بأبي تراب، وكان من أعيان كلستانة.

ص: 19


1- تكملة أمل الآمل، حسن الصدر: 3 / 427، والمعقبون من آل أبي طالب، مهدي رجائي الموسوي: 1 / 472

يلقب علاء الدين بكلستانة(1)وهو لقب لحقه من جده الأعلى الذي كان يلقب بکلستانة؛ لأنه أول من سكن من هذه الأسرة وهي أعمال أصفهان.

مولده:

لم تشر المصادر إلى تاريخ ولادته، إلا أنَّ الآبادي ذكر أن عمره يوم مات كان تسع وستون سنة(2)فإذا أثبتنا أنَّ وفاته كانت سنة 1110 ه نستطيع أن نقول إنه ولد سنة 1041 ه.

عصره:

عاش علاء الدین کلستانة خلال حكم الدولة الصفوية في إيران، إذ شهد في صغره ولاية صفي بن صفی میرزا ابن عباس الكبير التي كانت فترة حكمه (1038 ه - 1052 ه)، وشهد من بعده حکم عباس الثاني الذي كان من الفترة (1052 ه - 1077 ه)، وفي أواخر حياته شهد حکم الشاه صفي الثاني الذي حكم إيران من (1077 ه) إلى (1105 ه) والسنوات الخمس الأخيرة شهد فيها حكم ابنه الشاه سلطان التي كانت فترة حكمه (1105 ه - 1135 ه)(3).

وقد ألف الشارح كتابه حدائق الحقائق خلال حكم الشاه صفي الثاني الملقب ب(سلیمان) والدليل على ذلك ما ورد في كتاب الذريعة، إذ جاء فيه: ((... والحدائق هو شرحه الكبير لنهج البلاغة خرج في ثلاث مجلدات وإنه

ص: 20


1- (کُلُسْتان: روضة الأزهار) المعجم الذهبي (فارسي - عربي)، الدكتور محمد التونجي: 508
2- وقائع السنين والأعوام، الخاتون آبادي: 546
3- ينظر: تاريخ الدولة الصفوية في إيران، الدكتور محمد سهيل: 213، 221، 226، 228

لم يتم ألفه بعد شرحه الصغير التام الذي سماه (بهجة الحدائق) کما مرَّ في ج 3 ص 161 وصدره باسم الشاه سلیمان الصفوي، أوله [الحمد لله الذي رفع النا أعلام المجد بولاء حامل لواء الحمد...]))(1)وخلال حكم الشاه سلیمان الذي استمر حكمه ثمانية وعشرون سنة كانت إيران مستقرة نسبياً فلم تتعرض لأي غزو خارجي مهم، غير أنَّ شمال إيران - استراباد والدامغان وسمنان تعرض لغزوه ترکمانية في عامي (1086 - 1087)(2). بالتأكيد فإنَّ هذا الاستقرار كان له دور في عطاء الشارح وغيره من العلماء اضافة إلى أنَّ معظم حكام الدولة الصفوية أهتموا بالعلماء وأكرموهم ووفروا لهم ما يحتاجون لغرض التأليف ونشر علوم أهل البيت وفي مقدمتهم الشاه عباس الأول الذي جعل عاصمته أصفهان(3).

أساتذته:

تتلمذ علاء الدين على يد العلامة محمد باقر المجلسي (ت 1111 ه) صاحب بحار الأنوار(4)، وتجمعهما رابطة مصاهرة، يقال إن علاء الدين هو أخو زوجة المجلسي(5)، وقيل: خالها(6).

ص: 21


1- الذريعة الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آغا بزرك (ت 1389 ه): 6 / 284، 285
2- ينظر: تاريخ الدولة الصفوية في إيران: 227
3- ينظر: المصدر نفسه: 151
4- ينظر: تلامذة المجلسي، أحمد الحسيني: 57
5- ينظر: الكنى والألقاب، عباس القمي (1359 ه): 2 / 477، ومستدرك سفينة البحار علي النمازي الشاهرودي (ت 1405 ه): 5 / 259
6- ينظر: أعيان الشيعة، محسن الأمين (ت 1371 ه): 9 / 61

تلاميذه:

تتلمذ على يده:

- محمد هاشم بن أبي طالب الحسيني(1).

- السيد ربيع بن شرف جهان بن أبي الصلاح بن جعفر الحسني الأردستاني(2).

- محمد صادق بن محمد کاظم الخوانساري الأصفهاني(3).

- محمد نصير الكلبايكاني(4).

مؤلفاته

من مؤلفاته:

- بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة(5)وهو المخطوط الذي نحن بصدد تحقيقه.

- ترتيب مشيخة الفقيه(6).

ص: 22


1- ينظر: الذريعة: 4 / 70
2- ينظر: مستدرك أعيان الشيعة، حسن الأمين (1399 ه): 6 / 164، وتراجم الرجال، أحمد الحسینی: 1 / 212
3- ينظر: إجازات الحديث، المجلسي: 217
4- ينظر: تلامذة المجلسي: 131، 132
5- ينظر: جامع الرواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والاسناد، محمد الأردبيلي (ت 1101): 1 / 544، والذریعة: 6 / 284، 14 / 145، وأعيان الشيعة: 9 / 61، وشروح نهج البلاغة، حسين جمعه العاملي: 80، والغدير، الأميني (ت 1392 ه): 4 / 190، ومصادر نهج البلاغة وأسانیده: عبد الزهراء الحسيني الخطيب: 1 / 254، ومعجم رجال الحدیث: 12 / 197، ومعجم المؤلفين: 9 / 125، 126
6- تلامذة المجلسي: 58

- حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة، وهو شرح كبير، قيل إنه في ثلاثة مجلدات غير تام(1)(مخطوط)، وذكر بعضهم أنه شرح مبسوط في عشرين مجلداً(2).

- روضة الشهداء(3).

- روضة العرفاء ودوحة العلماء في شرح الأسماء الحسنی(4)، وذكرها بعضهم باسم شرح الأسماء الحسنی(5).

- شرح الرسالة الأهوازية الصادقية(6).

- منهج اليقين، وهو شرح الرسالة المُذَهَبَة للإمام الرضا (عليه السلام) التي أرسلها إلى المأمون(7).

أقوال العلماء فيه:

من العلماء الذين اثبتوا في كتبهم آراءهم في السيد علاء الدين:

1 - الميرزا محمد الأردبيلي، قال عنه: ((من سادات کلستانة جلیل القدر،

ص: 23


1- ينظر: الذريعة: 6 / 284، 285، ومعجم المؤلفين: 9 / 125، 126 ومصادر نهج البلاغة وأسانيده: عبد الزهراء الحسيني الخطيب: 1 / 255، وشروح نهج البلاغة، حسين جمعه العاملی: 80
2- ينظر: كشف الحجب والاستار، اعجاز حسین: 193
3- جامع الرواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والاسناد: 1 / 544، ومعجم رجال الحدیث: 12 / 198، وأعيان الشيعة: 9 / 61، ومعجم المؤلفين: 9 / 125، 126، وتلامذة المجلسي: 58
4- ينظر: الذريعة: 11 / 52، 295
5- أعيان الشيعة: 9 / 61، ومعجم المؤلفين: 9 / 125، 126
6- أعيان الشيعة: 9 / 61
7- ينظر: جامع الرواة: 1 / 544، وأعيان الشيعة: 9 / 61، ومعجم المؤلفين: 9 / 125، 126، وتلامذة المجلسي: 58، ومعجم رجال الحدیث: 12 / 198

عظیم الشأن، رفيع المنزلة، ثقةً ثقة، ثبت عين، عدل، ورع، زاهد، أورع أهل زمانه وأزهدهم، الجامع لجميع الخصال الحسنة، والعالم بالعلوم العقلية والنقلية، کُلف مرتين للصدارة فلم يقبل لكمال عقله، وغاية زهده)).(1)

2 - الشيخ عباس القمي (ت 1359 ه) قال عنه: ((هو السيد الأجل العالم الزاهد مولانا محمد بن أبي تراب))(2)

3 - قال عنه السيد محسن الأمين: ((جلیل القدر، عظيم الشأن عابد زاهد عالم بالعلوم العقلية والنقلية))(3)

4 - الزنوزي قال عنه: ((رجل عالم فاضل، کامل محقق، مدقق، متکلم، علامة منشيء بليغ إمامي))(4).

5 - قال عنه عمر رضا کحالة: ((عالم، مشارك في العلوم العقلية والنقلية))(5).

وفاته:

وردت أكثر من رواية في وفاته، فقيل: توفي في سنة (1100ه)(6)، وقيل:

ص: 24


1- جامع الرواة، محمد الاردبيلي: 1 / 544، ومعجم رجال الحدیث، السيد الخوئي (ت: 1413 ه): 12 / 197، 198
2- الكنى والألقاب، عباس القمي: 2 / 477
3- أعيان الشيعة: 9 / 61
4- ریاض الجنة: 4 / 281
5- معجم المؤلفين: 9 / 125، 126
6- ينظر: الكنى والألقاب: 2 / 477، وأعيان الشيعة: 9 / 61، والغدير: 4 / 190، ومستدرك سفينة البحار: 5 / 259، ومعجم المؤلفين: 9 / 135

في سنة (1110 ه)(1)، ومن المحدثين من ذكر أن تاريخ وفاته كان بعد سنة (1110ه)(2)، والرواية الأولى بعيدة عن الصحة؛ ذلك أن محمد بن علي الأردبيلي(3)المتوفي سنة (1101 ه) صاحب جامع الرواة الذي فرغ من کتابته سنة (1100 ه)(4)ذكر ما يشير إلى أنَّ السيد علاء الدين كان حياً يرزق في هذه السنة، إذ قال عنه: ((... کُلف مرتين للصدارة فلم يقبل لكمال عقله وغاية زهده مدَّ الله تعالى ظله العالي وصانه وأبقاه))(5).

وورد في مقدمة الكتاب أن الأردبيلي لما أراد كتابة نسخة عن نسخة الأصل من كتابه جامع الرواة جمع جماعة من العلماء ومنهم السيد علاء الدين إلى حجرته بالمدرسة المباركة فكتب كل واحد منهم شيئًا تقديراً منهم له، وتيمناً منه بخطوطهم، فكتب له السيد علاء الدين كلمة (الذي)(6).

ص: 25


1- ينظر: الذريعة: 4/ 69، 3 / 161، 6 / 284، 14 / 145
2- ينظر: تلامذة المجلسي: 58
3- محمد بن علي الاردبيلي الغروي الحائري من أهل أردبیل بإيران، عالم بالتراجم، إمامي، سكن مدينة النجف وكربلاء طوال حياته إلا بعض اسفاره إلى إيران وبقائه مدة بأصفهان للاستفادة من دروس علمائها، ولد سنة 1058، قرأ على العلامة المجلسي كثيراً من العلوم الدينية والمعارف اليقينية، فأجازة أجازة مبسوطة، وتتلمذ أيضاً على الشيخ جعفر بن عبد الله القاضي الكمرئي، من كتبه جامع الرواة الذي صنفه في خمسة وعشرين سنة، وتصحيح الاسانيد. ينظر: الاعلام، خير الدين الزركلي: 6 / 295، وتلامذة المجلسي: 67
4- ينظر: جامع الرواة: 1 / 3 (مقدمة الكتاب)
5- ينظر المصدر نفسه: 1 / 544
6- ينظر: جامع الرواة: 1 / 544

المبحث الثاني: أهمية الشرح وموارده

يحتل هذا الشرح أهمية من بين شروح نهج البلاغة؛ لكونه مختصراً تسهل قرأته على القراء بحيث يغني عن قراءة الشروح المطولة، وقد المحَ السيد إلى ذلك بقوله: ((مختصر يذلل من الألفاظ صعابها، ويكشف عن عرائس المعاني على وجه الإيجاز جلبابها)).

وقد استقى السيد علاء الدين موارده من كتب متنوعة، وهو أمر طبيعي بالنسبة لمن يتعامل مع كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) التي تفوق فضاءاته اللغوية كل مقدرة انسانية، ولا يمكن حصر أو تحديد الكميات ولا الكيفيات اللغوية الثرة التي يتضمنها النهج بجانب واحد (نحوي، أو دلالي، أو صوتي، أو صرفي، أو بلاغي) لأنه باختصار کلام کامل، الذي يتعامل مع هذا الكلام لابد أن يتزود بمجموعة من الكتب تعينه على کشف ومزایا كلامه (عليه السلام) وبيانها، ويستعين بآراء أعلام من أهل اللغة، لذا كانت موارده على شقين هما الكتب والاعلام.

أ. الكتب

لجأ الشارح إلى كتب متنوعة اعتمدها في شرحه، وكثيراً ما كان يصرح بها، ويمكن تصنيف هذه الكتب الى:

1 - كتب المعجمات:

من أكثر المعجمات التي اعتمدها الشارح معجم الصحاح، وقد صرح

ص: 26

به كثيراً وكان ينقل - في كثير من الاحيان - نصوصاً منه، من ذلك ما نقله الشارح(1)في بيانه لمعنى (ذَرَّی) قال: ((... وقال الجوهري: (ذَرَتِ الرِّيْحُ الترُّابَ

وَغَیرهُ، تَذَرُهُ وَتَذْرِيهِ ذَرْوًا وَذَرْيًا أي: سَفَتْهُ، وَمنْه قولهم: ذَرَّى الناسُ الحِنطةَ، وأَذْرَيتُ الشيءَ إذا ألقيتَهُ كإلقائِك الحَبَّ لِلزرعِ)(2)، وفي معنى الزبرج: ((قال الجوهري(3): ويقال: الذَّهَب))(4)واعتمده في ايضاح معنى (التواتر) قال: ((والتَواتر: التَّتَابع مطلقًا أو مع فترات کَمَّا ذكرهُ الجوهري))، وقال: إذا لَمْ يَكُنْ بَینَّ الأشياءِ فَترة فمتابعتها مواصلة ومداركة(5))) وفي مواضع أخرى، واعتمد على معجم العين من ذلك ما جاء في بيانه لمعنى (الناجذ)، ((... وقال في العين(6): ((هي السنّ بيَن الأنيابِ والأضراسِ))(7)، واعتمده في معنی کلمة (الكسر): ((... وقال في العين(8): ((الكَسرْ والكِسرْ، لُغتان الشَّقَّةُ السُّفْلى مِنَ الخباءِ، ومِنْ كُلِّ قُبَّة وغشاء يُرفع أحياناً ويرخى حَتَّى يُقال لِناحيتي الصحراء: كِسْراها))(9)، وفي معنى الاعتقام: ((... وقال في العين(10):

ص: 27


1- النص المحقق: 2/ 64
2- الصحاح، مادة (ذرا): 6 / 2345
3- الصحاح، مادة (زبرج): 1 / 318
4- النص المحقق: 1 / 304
5- ينظر: الصحاح، مادة (وتر): 2 / 843
6- العين، مادة (نجد): 6 / 95
7- النص المحقق: 2 / 8
8- العين، مادة (كسر): 5 / 307، 306
9- النص المحقق: 1 / 129
10- العين، مادة (عقم): 1 / 186

((الاعْتِقَامُ الدُّخُولُ فِي الأَمْرِ))(1)، ومواضع أخر ورجع إلى القاموُس المحيط في معنى (واتر)، قال: ((... وفي القاموس(2): واتر أي ((تَابَعَ))(3)، وفي بیان معنی (ثقل): ((... وقال في القاموس(4): الثَّقَلُ مُحرَّكة: مَتاعُ المُسافِرِ، وَحَشمُه، وَكُلُّ شَيءٍ نَفِيسٍ مَصُونٍ))(5)ورجع اليه في بيان معنی (طوح) قال: ((... وفي القاموس(6)طَوَّحَ بِزَيْدٍ: حَمَلَهُ عَلىَ رُكوبِ مَفَازةٍ مُهْلِكة))(7)وغيرها من المواضع. ومن المعجمات التي اعتمدها معجم المصباح المنير في بيان معنی (قدیم)، قال الشارح: ((... وقال في المصباح المنير(8): (أصل القديم في اللسان العربي: السابق؛ لأن القديم هو القادم فيقال الله تعالى قديم بمعنى أنه سابق الموجودات كلها))(9)، وفي معنى (الأمل) قال الشارح: ((... وقال في المصباح المنير(10): (أملته أملًا من باب طلب)))(11)، وفي بيان معنی (الذُلُل) قال: ((الذُلُل بضمتين جمع ذلول وهو ضدّ الصّعب کَرَسُل ورسول صرّح به

ص: 28


1- النص المحقق: 1 / 167
2- القاموس المحيط، مادة (وتر): 2 / 152
3- النص المحقق: 1 / 201
4- القاموس المحيط، مادة (ثقل): 3 / 342
5- النص المحقق: 2 / 74
6- القاموس المحيط، مادة (طوح): 1 / 238
7- النص المحقق: 2 / 196
8- المصباح المنير، مادة (قدم): 2 / 493
9- النص المحقق: 3 / 179
10- المصباح المنير، مادة (أملته) 1 / 22
11- النص المحقق: 3 / 145

في المصباح المنير(1)))(2)واعتمده أيضاً في معنى (المخيلة قال: ((... وقال في المصباح المنير(3): أخالت السحابة إذا رأيتها، وقد ظهرت فيها دلائل المطر، فحسبتها ماطرة))(4)، وفي مواضع أُخر.

2 - كتب النحو:

رجع الشارح إلى كتاب سيبويه (ت 180 ه) من ذلك قوله: ((... والتكرمة مصدر كرّمه كالتكريم، ولكن التفعيل في غير النّاقص قیاس مطرد والتفعلة كثيرة لكنها مسموعة وكذا في المهمُوز اللاّم نحو تخطئة، وتهنئة، وعن سيبويه أنَّ تَفْعِلَةٌ لازم في المهمُوز اللام كما في النّاقص وتكون التكرمة للموضِع الخاص لجلوس الرّجل من فراش أو سرير ممّا يُعَدُّ لاكرامه(5)))(6)، واعتمد مغني اللبيب في الاستدلال على أنَّ (إذ) تكون للمفاجأة إذا جاءت بعد (بين) أو (بینا) فقال: ((... ثم قال صاحب المغني: (وهل هي ظرف مكان أو زمان أو حرف لمعنى المفاجأة، أو حرف توكيد أي زائد؟ أقوال(7)))(8)، وفي موضع آخر قال الشارح: ((وكلمة (عن) بمعنی: (بعد)، ذكره ابن هشام

ص: 29


1- ينظر: المصباح المنير، مادة (ذل): 1 / 210
2- النص المحقق: 3 / 241
3- ينظر: المصباح المنير، مادة (الخيل): 1 / 186، 187
4- النص المحقق: 4 / 186
5- ينظر: کتاب سيبويه: 4 / 271
6- النص المحقق: 1 / 190
7- مغني اللبيب: 1 / 105
8- النص المحقق: 1 / 268

في المغني(1)))(2).

3 - كتب اللغة:

ضم الشرح عدداً من كتب اللغة منها: كتاب البَيان والتّبيين للجاحظ (ت 255 ه)، قال الشارح: في معرض حديثه عن بعض روایات الخطب: ((وقد ذكرها شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب (البَيان والتّبيين)(3)))(4)، ورجع إلى كتاب الكامل للمبرد (ت 285 ه) قال الشارح نقلاً عن ابن أبي الحديد (ت 656 ه): ((هذه الخطبة من مشاهير خطبه (عليه السّلَام) قد ذكرهَا كثير من النّاسِ، ورواها أبو العبّاس المبرد في أول الكامل(5)))(6)، ورجع الشارح كثيراً إلى كتاب النهاية لابن الأثير (ت 606 ه)، وكان يصرح به أحياناً أو باسم مؤلفه أحياناً أخرى من ذلك قول الشارح(7): ((وقال في النهاية في تفسير قوله (عليه السلام): ((أي: اجتمعت عليه وانطويت واندرجت))(8)، وقال في موضع آخر(9): ((قال في النهاية: ((وقد أولع الناس فيه بترك الهمز وتشديد الياء))(10)، ورجع أيضا إلى كتاب غريب

ص: 30


1- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 167
2- النص المحقق: 5 / 70
3- البيان والتبيين: 237، 238
4- النص المحقق: 2 / 43
5- ينظر: الكامل في اللغة والادب، المبرد: 1 / 20
6- النص المحقق: 2 / 124
7- النص المحقق: 1 / 324
8- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 132
9- النص المحقق: 2 / 66
10- النهاية في غريب لحديث والأثر: 4 / 352

الحديث لابن قتيبة (ت 276 ه) قال الشارح نقلاً عن ابن أبي الحديد(1): ((... حليته فقال: رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف(2)، ضخم البطن، أزيل الفخذين(3)، أبلج الثنايا(4)، بفخذه اليمين شامة، وذكر هذا الحديث بعينه عبدالله بن قتيبة في كتاب «غریب الحديث»(5)))(6).

4 - التفاسير:

من التفاسير التي رجع اليها الشارح تفسير الكشف والبيان في تفسير القرآن، للثعلبي (427 ه) جاء في شرح النهج: ((... وفي تفسير الثعلبي(7)أنَّه (صلى الله عليه وآله) قبض يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول حين زاغت الشمس))(8)، ورجع للتبيان في تفسير القرآن، للطوسي (ت 460 ه) من ذلك قول الشارح: ((... وفي التبيان(9)عن الزجاج في قوله تعالى: «وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا»(10)انَّه جعل (عدداً) بمعنى المصدر وقال: تقديره: وأحصى كلَّ

ص: 31


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 237
2- القنا في الأنف (هو ارتفاع في أعلاه بين القصبة والمارن من غير قبح) لسان العرب، مادة (قنا): 15 / 203
3- (ورجل أزيل الفخذين: مخرجهما متباعدهما) لسان العرب، مادة (زول): 11 / 317
4- أي مشرق مضيء الثنايا، ينظر: العين، مادة (بلج): 6 / 133، والصحاح، مادة (بلج): 1 / 300
5- غريب الحديث، ابن قتيبة: 1 / 359
6- النص المحقق: 2 / 47
7- ينظر: الكشف والبيان في تفسير القرآن، الثعلبي (427 ه): 2 / 290
8- النص المحقق: 1 / 211
9- ينظر: التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 10 / 159
10- الجن / 28

شيء إحصاءً)(1)، و رجع إلى تفسير الكشاف للزمخشري (ت 538 ه)، قال: ((... قال صاحب الكشاف(2)قوله تعالى: «بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ»(3)يحتملهما فعلى الأول إما من إضافة المصدر إلى الفاعل بأن تكون الكواكب مزينا للأفلاك، أو إلى المفعول بأن زين الله الكواكب وحسنها؛ لأنها إنما زینت السماء لحسنها في أنفسها وعلى الثاني فإضافتها إلى الكواكب بيانية))(4)واعتمد تفسیر مجمع البيان للطبرسي (ت 548 ه) من ذلك قوله: ((وروى الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان(5)عنه (عليه السَّلام) أنه قال: ((إنَّ الرجلَ ليعجبهُ شرِاكَ نعلِهِ فيدخل في هذه الآية(6)))، قال: (يعني أن من تكبر على غيره بلباس يعجبه، فهو ممَّن يريد علوا في الأرض)(7).

5 - كتب الاحاديث:

رجع الشارح إلى صحيحي مسلم والبخاري من ذلك قوله: ((ووصى وأوصى بمعنى والوصية في أمر الأنصار رواها من الجمهور البخاري (ت 256 ه)(8)

ص: 32


1- النص المحقق: 1 / 139
2- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، الزمخشري: 3 / 335
3- الصافات: 6
4- النص المحقق: 1 / 172
5- مجمع البيان: 7 / 464
6- «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» القصص / 83
7- النص المحقق: 1 / 300
8- روى البخاري: (أوصيكم بالأنصار فإنها كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الي هم فاقبلوا من محاسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم) صحيح البخاري: 4 / 226

ومسلم (ت 261 ه)(1)وغيرهما(2)، والوصية بهم الأمر بمراعاتهم والاحسان اليهم)(3)، واعتمد على كتاب (الاصول من الكافي) للشيخ الكليني (329 ه) قال: ((... وأما للتقية والخوف من ثوران الفتنة، وتفرق عسکره کما صرح به (عليه السلام) في خطبة طويلة رواها محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله) في الكافي(4)))(5)، و اعتمد على مؤلفات الشيخ الصدوق (ت 381 ه) منها كتابيه علل الشرائع ومعاني الاخبار ((إنما سميَّ انساناً؛ لأنه عهد إليه فنسيَّ، قال تعالى: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا»(6)ويدل عليه رواية الصدوق (رضي الله عنه) في العلل(7)ورواية معاني الأخبار(8)))(9)، وكتاب الخصال قال: (((ومن صدقك بهذا) أي: في هذا وكون هذا التصديق تكذيباً للقرآن لادعائه العلم الذي هو عند الله كما يظهر مما رواه الصدوق رحمه الله في الخصال(10))(11)، وكتاب (من لا يحضره الفقيه) جاء فيه: ((وفي رواية الصدوق (رضي الله عنه عن الصادق (عليه السلام) (من اجتنب

ص: 33


1- روى مسلم (... أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الأنصار كرشي وعيبتي، وإن الناس سيكثرون وقلون فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم) صحیح مسلم: 7 / 174
2- ينظر: المعجم الكبير، الطبراني: 9 / 33، وفتح الباري: 7 / 92
3- النص المحقق: 2 / 314
4- ينظر: الكافي، الكليني: 8 / 58 - 63
5- النص المحقق: 2 / 24
6- طه / 115
7- ينظر: علل الشرائع: 1 / 16
8- معاني الاخبار، الشيخ الصدوق: 48
9- النص المحقق: 1 / 187
10- ينظر: الخصال، الصدوق: 290
11- النص المحقق: 3 / 23

الكبائر كَفَّرَ الله عنه جميع ذنوبه(1))(2)، واعتمد على مؤلفات الشيخ المفيد (413 ه) منها كتاب (الإرشاد) قال في حديثه عن الخطبة الشقشقية: ((... وأسندها الشيخ المفيد (قدس الله روحه) في إرشاده(3)إلى أهل النقل))(4).

6 - كتب الانساب:

منها كتاب المعارف لابن قتيبة، قال الشارح نقلاً عن كلام ابن أبي الحديد(5): ((قال: (وروی عنه هذا الكلام بعينه أبو محمد بن قتيبة في كتاب المعارف(6)))(7). واعتمد على كتاب الاستیعاب لابن عبد البرّ (ت 463 ه) كثيرا من ذلك قول الشارح: ((... وجرى ذلك في المكاتيب من يومئذ، ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البرّ في كتاب الاستیعاب(8)))(9)، واعتمد على كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (279 ه) من ذلك خبر استقالة أبي بكر الصديق أشار الشارح انه ورد في هذا الكتاب قال: ((في أنساب الاشراف(10))(11).

ص: 34


1- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 3 / 575
2- النص المحقق: 1 / 220
3- ينظر: الارشاد، الشيخ المفيد: 1 / 287
4- النص المحقق: 1 / 246
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4 / 95
6- ينظر: المعارف، ابن قتيبة: 169
7- النص المحقق: 2 / 273
8- ينظر: الاستیعاب: 3 / 1151
9- النص المحقق: 1 / 264
10- أنساب الأشراف: 1 / 590، 591
11- النص المحقق: 1 / 268 - 269

7 - كتب التاريخ:

من الكتب التي كانت من موارد الشارح كتابا تاريخ الطبري (ت 310 ه)، والکامل لابن الاثير؛ وذلك لوجود بعض الحوادث التاريخية في كلامه (عليه السلام)، وقد ذكرهما في قوله: ((... فكونوا مع الذّين فيهم عبد الرَّحمن فسعد لا يخالف ابن عمَّه، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان فيوليها أحدهما الآخر فلو كان الاخران معي لم يغنيا شيئاً رَواهُ الطبري(1)وابن الاثير في الكامل(2)))(3).

ب / الأعلام:

رجع علاء الدين إلى آراء العلماء، فنقل عنهم وتنوع نقله عنهم ما بين مفسر، ولغوي، وفيلسوف، ومؤرخ نسَّابه وهم:

1 - النحاة:

رجع إلى سيبويه(4)، والفراء (207 ه)(5)، والأخفش (215 ه)(6)، والزجاج (311 ه)(7)وأبي علي الفارسي (377 ه)(8)، وابن هشام الأنصاري (761 ه)(9).

ص: 35


1- ينظر: تاريخ الطبري: 3 / 294
2- ينظر: الكامل في التاريخ: 3 / 67
3- النص المحقق: 1 / 284
4- ينظر: النص المحقق: 1 / 189، 243، 267، وغيرها...
5- ينظر: النص المحقق: 2 / 247، 249، وغيرها...
6- ينظر: النص المحقق: 1 / 168، 2 / 183، 3 / 116، وغيرها..
7- ينظر: النص المحقق: 1 / 138، 3 / 280
8- ينظر: النص المحقق: 3 / 250
9- ينظر: النص المحقق: 1 / 244

2 - اللغويون:

رجع إلى الخليل (175 ه)(1)، والأزهري(2)والجوهري (393 ه)(3)، ابن الأثير(4)، والفيروز ابادي(5).

3 - المفسرون:

الثعلبي(6)، والطوسي(7)، والزمخشري(8)، والطبرسي(9)، والرازي(10).

4 - الفلاسفة:

ابن سینا(11).

ص: 36


1- ينظر: النص المحقق: 1 / 286، 3 / 133، 135 وغيرها..
2- ينظر: النص المحقق: 1 / 178، 4 / 75، 78. وغيرها..
3- ينظر: النص المحقق: 1 / 169، 308، 2 / 64، 150
4- ينظر: النص المحقق: 1 / 158، 162، وغيرها..
5- ينظر: النص المحقق: 1 / 248، 4 / 94، واغيرها
6- ينظر: النص المحقق: 1 / 211
7- ينظر: النص المحقق: 1 / 150
8- ينظر: النص المحقق: 1 / 278، 3 / 155، وغيرها
9- ينظر: النص المحقق: 1 / 220، 300، وغيرها...
10- ينظر: النص المحقق: 1 / 146، 150، 269
11- ينظر: النص المحقق: 3 / 233

5 - المؤرخون والنسابة:

الواقدي (207 ه)(1)، وابن قتيبة(2)، والبلاذري(3)، والطبري(4)، وابن عبد البر(5).

6 - أصحاب الحديث:

البخاري(6)، ومسلم(7)، والكليني(8)، والشيخ الصدوق(9)والشيخ المفيد(10).

ص: 37


1- ينظر: النص المحقق: 1 / 270، وغيرها
2- ينظر: النص المحقق: 1 / 245، وغيرها..
3- ينظر: النص المحقق: 1 / 268، وغيرها
4- ينظر: النص المحقق: 1 / 268، وغيرها
5- ينظر: النص المحقق: 1 / 264، وغيرها
6- ينظر: النص المحقق: 2 / 120، 313
7- ينظر: النص المحقق: 2 / 72، 120، 313
8- ينظر: النص المحقق: 1 / 208، 2 / 25، وغيرها...
9- ينظر: النص المحقق: 1 / 187، 220، وغيرها..
10- ينظر: النص المحقق: 1 / 190، 246، وغيرها..

المبحث الثالث: منهج الشارح

شرح علاء الدين كلستانة النهج مرتين، المرة الأولى بشرح کبیر سماه (حدائق الحقائق) قيل إنه في ثلاثة مجلدات غير تام(1)(مخطوط)، وبعضٌ ذكر أنَّه شرح مبسوط في عشرين مجلداً(2))، وقد صرح الشارح في مقدمة (بهجة الحدائق) ما يدل على تقدم كتاب حدائق الحقائق، وأنه ألفه أولاً، ثم الف مختصرا له وهو بهجة الحدائق، إذ قال: ((أما بعد... فيقول المرتجي صفح ربه وغفرانه علاء الدين محمد بن أبي تراب الحسني المنتمي إلى کلستانة: إني لمَّا فرغت من تأليف بعض أجزاء حدائق الحقائق في شرح کلمات کلام الله الناطق وقضيت الوطر في شرح الخطبة الشقشقية من رفع الشبه وتسكين الشقاشق رأيت كثيراً من أهل الدهر قاصر الفطنة عن صعود مراقبه وارتقاء تلك الشواهق أو مقصور المهمة على مختصر خالٍ عن الإطناب غير مشتملٍ على الدقائقِ فقدمتُ مختصراً يذلُلُ مِنْ الألفاظ صِعابُها ويكشفُ عَنْ عرائسِ المعاني على وجه الإيجاز جلبابها... ولمَّا كانَ هذا المختصر کالطلعِ لحدائقِ الحقائقِ سَميته بَهجة الحدائق))(3)) وقد جاء هذا الشرح غنياً مع اختصاره واعتمد الشارح فيه على طريقة الشرح المزجي إذ مزج المتن بالشرح مع وضع

ص: 38


1- ينظر: الذريعة: 6 / 284، 285، وشروح نهج البلاغة، حسین جمعه العاملي: 80، ومعجم المؤلفين: 9 / 125، 126، ومصادر نهج البلاغة وأسانيده: عبد الزهراء الحسيني الخطيب: 1 / 255
2- ينظر: کشف الحجب والاستار، اعجاز حسین: 193
3- النص المحقق: 1 / 110

خط على المتن ليتميز من الشرح.

أما طريقة شرحه للألفاظ وطريقة وزانه للكلمات واهتماماته الصرفية والدلالية وإشارته إلى القياسي وغير القياسي من الكلمات، والمذكر والمؤنث فقد وردت في معرض شرحه وهي على النحو الآتي:

1 - طريقة شرحه للألفظ

اعتمد علاء الدين في شرحه للألفاظ على طرائق مختلفة منها:

أ - الضد:

وصفت كتب اللغة العلاقة الضدية من خلال تعريف معنى الضد، منها قول ابن فارس (ت 395 ه): ((المتضادان: الشيئان لا يجوز اجتماعهما في وقت واحد كالليل والنهار))(1)وحرص العرب على جمع الألفاظ المتضادة ومنهم الهمذاني (ت 327 ه) الذي خصص باباً للألفاظ المتضادة سماه باب الأضداد في كتابه الألفاظ الكتابية(2). ولا يخفى أن التضاد الوارد في نهج البلاغة يحقق ((بتناقضاته الدلالية والتركيبة تشكيلاً موسيقياً داخلياً بين الألفاظ تارة أو بين الجمل والتراكيب تارة أخرى، ليضاعف الشعور بإيقاعية اللغة في النص فضلاً عن العناصر الأخرى))(3)، ومن المواضع التي شرح فيها الألفاظ بهذه الطريقة:

في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَآَمَنَ فِيها مَحَلّتَهُ)) قال:

ص: 39


1- معجم مقاییس اللغة، مادة (ضد): 3 / 360
2- الالفاظ الكتابية، عبد الرحمن الهمذاني: 278
3- المستويات الجمالية في نهج البلاغة، نوفل أبو رغيف: 79

((والأَمن: ضِدّ الخَوف(1)))(2).

في بيانه لقول الإمام (عليه السلام): ((حَتَّى إذا اِرْتَوى مِن آجِنٍ)) قال: ((الريان ضِدُّ العَطْشَان(3)))(4).

في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((قَدْ ألْزَمَ نَفْسَهُ العَدْلَ فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيَ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ)) قال: ((والعَدْل ضِدُّ الجَوْرِ(5)))(6).

في توضيحه قول الإمام (عليه السلام): ((وَمَحَطُ حُفْرَتِهِ)) قال: ((والحَط ضِدُّ الرَفْع))(7).

في بيانه لقول الإمام (عليه السلام): ((بُعْدَاً لَهُمْ كَمَّا بَعُدَتْ ثَمُوُد)) قال: ((البُعْدُ بالضم ضِدُّ القُّرْب(8)))(9)، وتوجد مواضع كثيرة اعتمد الشارح فيها هذه الطريقة.

ب - الخلاف:

يقصد بالخلاف ((المضادة))(10)، وهي ((سمة لغوية منظمة وطبيعية

ص: 40


1- ينظر: الألفاظ الكتابية: 278
2- النص المحقق: 1 / 193
3- الصحاح، مادة (روی): 6 / 2363
4- النص المحقق: 2 / 61
5- الالفاظ الكتابية، عبد الرحمن الهمذاني: 278
6- النص المحقق: 3 / 153
7- النص المحقق: 5 / 157
8- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر، ابن الاثير (ت 606): 1 / 140
9- النص المحقق: 5 / 350
10- لسان العرب، مادة (خلف): 9 / 94

جداً))(1).

وقد شرح علاء الدين معاني الألفاظ عن طريق ذكر ما يخالفها على سبيل المثال:

شرحه لمعنى (الزهد) في قول الإمام (عليه السلام): (وَمِنْ عَجَائِبهِ (عَلَيهِ السّلَامُ) الَتّي انْفَرَدَ بِهَا وَاَمِنَ المُشارَكَةَ فْيِهَا أنَّ كَلامَهُ الْوارِدَ في الزُّهْد

وَاْلمَواعِظِ...) قال: ((((الزُّهْد: خِلافُ الرَّغبةِ))(2)))(3).

- شرحه لمعنى (أنس) في قول الإمام (عليه السلام): (حَتَّى إِذا أَنِسَ نَافِرُها...)) قال: ((الأَنَسُ بالفتح: ((خِلافُ الوَحْشَةِ))(4)))(5).

- توضيحه لمعنى (الذكر) في قول الإمام (عليه السلام): (ووانْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ وَالمَوَاعِظِ) قال: ((وَالذِكْرِ: خِلافُ النسيان(6)))(7).

- بيانه معنى (الصفو) في قول الإمام (عليه السلام): ((وَتَورِدُهُمْ صَفْوَهَا)) قال: (وَالصَّفْوُ: (خِلافُ الكَدر)(8)))(9).

ص: 41


1- علم الدلالة، بالمر: 109
2- الصحاح، مادة (زهد): 2 / 481
3- النص المحقق: 1 / 128
4- الصحاح، مادة (أنس): 3 / 906
5- النص المحقق: 3 / 62
6- الصحاح، مادة (ذكر): 2 / 664
7- النص المحقق: 3 / 133
8- الصحاح، مادة (صفا): 6 / 2401
9- النص المحقق: 3 / 167

- شرحه لمعنى (الرشد) في قول الإمام (عليه السلام): (سيرتهُ القَصْدُ، وسُنَتَهُ الرَّشْدُ) قال: (والرُّشد: (خِلافُ الغَيّ)(1)))(2).

ت - النقيض:

النقض ((يدل على نكث شيء))(3)وهو ((ضد الإبرام))(4)يقال: ((ناقضة في الشي مناقضة ونقاضاً: خالفه))(5)و ((تناقض الكلامان تدافعا كأنَّ واحدًا نقض الاخر وفي كلامه تناقض إذا كان بعضه يقتضي ابطال بعض))(6)، ومن المواضع التي بين فيها الشارح معاني بعض الألفاظ عن طريق ذكر نقائضها:

- في بيانه معنى (الجزع) التي وردت في قول الإمام (عليه السلام): ((فَإنْ أقَلُ يَقُولوُا حَرَصَ عَلَى المُلْكِ وَإِنْ أسُكُتْ يَقُولُوا: جَزَعَ مِنَ اْلمَوتِ)) قال الشارح: ((الجَزَعُ: ((نَقِيْضُ الصَّبْر))(7)))(8). في توضيحه معنى (الضراء) التي وردت في قول الإمام (عليه السلام): ((وَلاَ تَجْزَعُوُا مِنْ ضَرَائِهَا -

وَبُؤْسِهَا)) قال: ((والضَّرّاء الحالةُ التّي تَضُرّ، وهي نَقِيْضُ السَّرّاء التي تَسُر))(9).

ص: 42


1- الصحاح، مادة (رشد): 2 / 474
2- النص المحقق: 3 / 331
3- معجم مقاييس اللغة، مادة (نقض): 5 / 471
4- لسان العرب، مادة (نقض): 7 / 242
5- المصدر نفسه، مادة (نقض): 7 / 242
6- المصباح المنير، مادة (نقضت): 2 / 622
7- القاموس المحيط، مادة (جزع): 3 / 13
8- النص المحقق: 1 / 323
9- النص المحقق: 4 / 32

- في بيانه معنى (الهزيل) التي وردت في قول الإمام (عليه السلام): ((وتَسْتَخْلِصُ المُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمْ / و144 / اسْتِخْلاصَ الطَّیْرِ الحَبَّةَ(1)البَطِيْنَةَ

مِنْ بَیْنِ هَزِيلِ الحبِّ)) قال: ((والهَزِيلُ: نَقِيْضُ السَّمِيْن(2)))(3).

- في بيانه معنى (الرَواح) التي وردت في قول الإمام (عليه السلام): ((مَنْ رَائِحٌ إلى اللهِ كَالضَّمآنِ يَرِدُ المَاءَ! الجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ العَوَالِي)) قال: ((الرَّوَاح بالفتح: (نَقِيْضُ الصَّبَاحُ)(4)))(5). في توضيحه معنى (القيادة) التي وردت في قول الإمام (عليه السلام): ((وَأَقْرِبْ بِقَوْمٍ مِنْ الجَهْلِ بِاللهِ قَائِدُهُمْ مُعَاويَةَ)) قال: ((وَالقَوْدُ نَقِيْضُ السَّوْق، فهو من أمام وذَلكَ مِنْ خَلْف(6)))(7).

ث - التقابل:

((وجود لفظتين تحمل أحدهما عكس المعنى الذي تحمله الأُخرى، مثل: الخير والشر والنور والظلمة)(8)وهو من الطرائق التي اعتمدها الشارح عند بيانه لمعاني الألفاظ، مثال ذلك:

ما ورد في شرحه لمعنى (مبائن) في قول الإمام (عليه السلام): ((راكن أو مفارق مبائن)) قال: ((والمراد بالمفارق المبائن التارك للدين المعرض عنه وإن

ص: 43


1- (الجنة) في ر، م، تصحيف
2- لسان العرب، مادة (هزل): 11 / 696
3- النص المحقق: 4 / 104
4- لسان العرب، مادة (روح): 2 / 464
5- النص المحقق: 4 / 247
6- العين، مادة (قود): 5 / 196
7- النص المحقق: 5 / 348
8- ظاهرة التقابل في علم الدلالة، د. أحمد الجنابي، بحث منشور، مجلة آداب المستنصرية: 15

لم يكن له دنيا فيقابل المنقطع إلى الدنيا الساكن اليه لانهماكه في لذاتها...))(1).

2 - طريقةضبط الكلمة

حرص علماء العربية على ضبط الكلمات كي تتبين المعاني المرادة منها، هذا من جهة ومن جهة اخرى كي لا تختلط بألفاظ أخرى مقاربة لها بالبناء، لذلك قدموا طريقتين لضبط الكلمات وهما: طريقة الوِزان، وطريقة وصف الكلمة بحركاتها، وقد لجأ الشارح لهاتين الطريقتين في ضبط الكلمات.

أ - طريقة الوَزان:

وهي طريقة قديمة لجأ اليها أصحاب المعجمات بأن يضبطوا الكلمة على وزان كلمة مشهورة، وقد سلك الشارح هذه الطريقة في ضبط الكلمات من ذلك:

((وعَثَرَ كَضَرَبَ وَنَصَر وعَلِمَ وكَرُمَ وعَثراً وعِثَاراً بالكسر وعَثِير))(2).

((ويَزْعُم كَيَنصُر قريب من يظن))(3).

((ونَكَثَ العَهْدَ كَنَصَرَ نَكْثاً))(4).

((والكِعَام كَكِتاب...))(5).

ص: 44


1- النص المحقق: 5 / 63
2- النص المحقق: 1 / 273
3- النص المحقق: 1 / 330
4- النص المحقق: 1 / 298
5- النص المحقق: 2 / 168

((وَلَعِقَهُ كَسَمِعَهُ لَعِقَهُ لَحَسَهُ))(1).

ب - طريقة وصف الكلمة:

وهي من طرائق الضبط المعتمدة لدى اللغويين ذلك بأن يصفوا حركة كل حرف من الكلمة حرصاً على ضبط الكلمة وبيان معناها، وقد اعتمدها الشارح في شرحه مثال ذلك:

((والدُوَل بضم الدال وفتح الواو...))(2).

((والفِطَن بكسر الفاء وفتح الطاء جمع فِطنة بالكسر))(3).

((والسِنْخ الأصل، وفي بعض النسخ (أَشْبَاحها) جمع شبح بالشين المعجمة والباء الموحدة والحاء المهملة محركة وقد يسكن أي أشخاصها))(4).

((والشُرُك بضمتين جمع شِراك كَكِتاب وهي الطرائق))(5).

3 ۔ توجيهاته الدلالية

اهتم الشارح بدلالة الكلمات الواردة في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) وبيانها، فكان يقف عند الكلمات التي تكون من الأضداد ويذكر معانيها المتضادة، كما يذكر مرادف الكلمة، ووقف أيضاً عند الكلمات التي تعمم معناها وتوسع، وحرص على الانسجام بين معاني الجمل وان كانت مختلفة

ص: 45


1- النص المحقق: 3 / 8
2- النص المحقق: 1 / 317
3- النص المحقق: 1 / 139
4- النص المحقق: 1 / 160
5- النص المحقق: 1 / 236

عن طريق مناسبة أطراف المعاني التي يوضحها، وفي الآتي أمثلة لاهتماماته الدلالية:

أ - الأضداد:

عَرَّفَ أبو الطيب اللغوي (ت 351 ه) الأضداد قائلاً: ((والأضداد جمع ضد، وضد كل شيء ما نافاه، نحو البياض والسواد، والسخاء والبخل والشجاعة والجبن وليس كل ما خالف الشيء ضداً له))(1)، والشرط في الأضداد اتحاد اللفظ، فإن لم يتحد اللفظ لم يكن من الأضداد بل كان من الألفاظ المتقابلة المعاني، قال أبو الطيب: ((شرط الأضداد أن تكون الكلمة بعينها تستعمل في معنيين متضادين، من غير تغيير يدخل عليها))(2)، وذهب اللغويون الأوائل في الأضداد مذهبين: منهم من انكره أمثال ابن درستويه (ت 347 ه)، الذي وضع كتاباً في إبطال الأضداد(3)، ومنهم من اثبته وأيده كالأنباري، وابن فارس(4)، ومنهم من وضع شروطاً خاصة يجب توافرها فيه من أجل قبوله قال ابن دريد: ((إنَّ شرط الأضداد، أن يكون استعمال اللفظ في المعنيين في لغة واحدة))(5)وشرط الاتحاد الزمني كما قال بعض المحدثين: ((... المفروض في الضد لكي يصح وصفة بصفة التضاد، أن يكون ضداً مستعملاً في الزمان الواحد والبيئة اللغوية الواحدة))(6)ومن

ص: 46


1- الأضداد، أبو الطيب اللغوي: 1 / 455
2- الأضداد، أبو الطيب اللغوي: 1 / 455
3- ينظر: المزهر في علوم اللغة: 1 / 396
4- ينظر: علم الدلالة، أحمد مختار عمر: 195
5- الأضداد، أبو الطيب اللغوي: 1 / 455
6- الاضداد في اللغة، الدكتور محمد حسين ال ياسين: 104

أمثلة الأضداد التي ذكرها الشارح:

ما ورد في شرحه لكلام أمير المؤمنين (عليه السلام): ((وَمَنْ رَمىَ بِكُم فَقَدْ رَمىَ بِأفْوَقِ نَاصِلٍ)) قال الشارح: ((والناصل المنزوع النصل، يقال: أنصل السهم إذا نزع نصله فهو ناصل، وكذلك إذا جعل له نصلاً(1)))(2).

في أثناء شرحه لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): ((وَكَشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرَّيبِ)) قال الشارح: ((والسدفة من الأضداد يكون بمعنى الظلمة والضياء(3)))(4).

ما ورد في شرحه لكلام أمير المؤمنين (عليه السلام): ((فَأَسْرَعَ طَالِبَاً، وَنَجَا هَارِبَاً، فَأَفَادَ ذَخِیْرَةً)) قال: ((والإفادة من الأضداد، يقال أفدت المال أي: استفدته واعطيته(5)))(6).

ما ورد في شرحه لكلام أمير المؤمنين (عليه السلام): ((تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ مَخْشِيَّةً)) قال: ((والشوهاء العابسة ويكون بمعنى الجميلة ضّد(7)))(8)في موضع شرحه لقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): ((وَأَشْهَدُ أَنَّ

مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولَهُ، المُجْتَبَى مِنْ خَلَائِقِهِ، وَالمُعْتَامُ لِشَرْحِ حَقَائِقِهِ، وَالمُخْتَصُّ

ص: 47


1- ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد (الاصمعي، السجستاني، ابن السكيت): 246
2- النص المحقق: 2 / 321
3- ينظر: الاضداد، قطرب: 78، والاضداد، الانباري: 114، وثلاثة كتب في الاضداد: 35
4- النص المحقق: 3 / 73
5- ينظر: الاضداد، محمد بن قاسم الانباري: 410
6- النص المحقق: 3 / 76 - 77
7- ينظر: الاضداد، الانباري: 284، 285
8- النص المحقق: 3 / 320

بِعَقَائِلِ كَرَامَاتِهِ، وَالمُصْطَفَى لِكَرَائِمِ رِسَالَاتِهِ، وَالمُوَضَّحَةُ بِهِ أَشْرَاُط الْهُدَى، وَالمَجْلُوُّ بِةِ غِرْبِيبُ الْعَمَى)) قال الشارح: ((والأشراط من الأضداد يقع على الأشراف والأرذال(1)))(2)، وتوجد مواضع أخرى ذكر فيها الشارح الاضداد.

ب - الترادف:

اعتنى اللغويون الأوائل بموضوع الترادف لكونه شكلاً من أشكال الثراء اللغوي وإن لم يصرحوا بالمصطلح، قال سيبويه ((اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد))(3)، وكتبَ الأصمعي (ت 216 ه) كتاباً سماه ((ما اختلفت الفاظه واتفقت معانيه))، وبعضهم صرح بالمصطلح فسمى الرماني (ت 384 ه) كتابه ((الألفاظ المترادفة والمتقاربة المعنى)) واثبت كثيرٌ من أهل اللغة الترادف منهم: ابن السراج (ت 316 ه)، وابن جني (392 ه)، ووابن يعيش (ت 643 ه)، ومنهم من أنكر الترادف كابن الاعرابي (231 ه)، وثعلب (291 ه)، والأنباري (328 ه)، وابن درستویه، وابن فارس، وأبو هلال العسكري الذي ألف كتاباً في ((الفروق اللغوية))، وقد بين المحدثون أسباب وقوع الترادف وفصلوا الكلام فيها(4)، كما بينوا ندرة وقوع الترادف التام، قال بالمر: ((يمكن القول مع كل هذا انه ليست هناك مرادفات حقيقية وان ليس هناك لكلمتين نفس

ص: 48


1- ينظر: ثلاثة كتب في الاضداد: 234
2- النص المحقق: 5 / 332
3- کتاب سيبويه: 1 / 24
4- ينظر: فصول في فقه العربية، الدكتور رمضان عبد التواب: 316 - 322

المعنى تماماً))(1)وأيده في ذلك ستيفن أولمان إذ قال: ((والترادف التام بالرغم من عدم استحالته نادر الوقوع إلى درجة كبيرة فهو نوع من الكماليات التي لا تستطيع اللغة أن تجود بها في سهولة ويسر))(2)، فالكلمات مهما تقاربت في دلالتها يصعب أن تتطابق في ظلال معانيها، قال الدكتور محمود فهمي الحجازي: ((ففي ظل مبدأ نسبية الدلالة يندر أن تكون هناك كلمات تتفق في ظلال معانيها اتفاقاً كاملاً))(3)، ومع وجود بعض الآراء المنكرة للترادف التام فإنَّ الترادف ((واقع في العربية لا سبيل إلى إنكاره، وهو موضوع ينميه

- التطور ويدعمه الاستعمال ويشهد به الواقع اللغوي))(4)، ومن أمثلة المواضع التي ذكر فيها الشارح الكلمات المترادفة:

- ما ورد في قول الإمام (عليه السلام): ((وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا)) قال الشارح: ((فالإحصاء مرادف للعَدِ))(5).

- ما ورد في قول الرضي: ((... حَمْدًا للهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ ثَمَنَّاً لِنَعْمائهِ، وَمَعاذًا مِنْ بَلائِهِ))، قال الشارح: ((وقد قيل بترادف الحَمدِ والشكر؛ لأنَّه يوضح كلَّ مقام الاخر))(6).

- ما ورد في قول الرضي: ((إِذْ كانَ أَمِیْرُ الْؤُمِنِیْنَ (عليه السّلاَم) شرَعَ

ص: 49


1- علم الدلالة، بالمر: 104
2- دور الكلمة في اللغة، ستيفن أولمان: 97
3- مدخل إلى علم اللغة، محمود فهمي الحجازي: 79
4- الترادف، الدكتور حاكم الزيادي: 206
5- النص المحقق: 1 / 139
6- النص المحقق: 1 / 111

الفَصاحَةِ وَمَوْرِدَهَا)) قال الشارح: ((المشرع الطريق إلى الماَء للعطشى مرادف للمورد، أو قريب منه))(1).

- ما جاء في قول الرضي: ((وَرُبَّمَا بَعُدَ العَهْدُ أَيْضَاً بِمَا اُخْتِیَر؛ أَوَلاً فَأُعِيْدَ بَعْضُهُ سَهْواً أَو نِسْيَانَاً، لاَ قَصْدَاً أَو اعْتِمَادَاً)) قال الشارح: ((السهو والغفلة والنسيان خلاف الحفظ وهما مترادفان))(2).

ت - تعميم المعنى:

هو نوع من أنواع الانتقال الكمي الدلالي، ويقصد به: ((أن يصبح عدد ما تشیر إليه الكلمة أكثر من السابق، أو يصبح مجال استعمالها أوسع من قبل))(3)وهذا التعميم يتم بصورة غیر شعورية(4)، وقد انتبه اللغويون الأوائل على هذه الحالة الدلالية إذ عقد السيوطي مبحثاً في كتابه المزهرً بعنوان ((فيما وضع في الأصل خاصاً ثم استعمل عاماً))(5)وذكر بعض الباحثین المحدثین أنَّ حالة توسع المعنى (تعميم الدلالة) ((أقل شيوعاً في اللغات من التخصيص، وأقل أثراً في تطور الدلالات وتغيرها))(6)ومن المواضع التي ورد فيها تعميم المعنى:

في بيانه لمعنى (عقائل) التي وردت في قول الرضي: ((فَيَقْضِىِ الحَال أَنْ

ص: 50


1- النص المحقق: 1 / 121
2- النص المحقق: 1 / 133
3- علم الدلالة، د. أحمد مختار عمر: 243
4- دور الكلمة في اللغة، أولمان: 183
5- المزهر في علوم اللغة، السيوطي: 1 / 429
6- دلالة الألفاظ، إبراهيم أنيس: 154

يُعَاد؛ اسْتِظْهَاراً لِلإِخْتِيَار، وَغَیْرَهُ عَلَى عَقَائِلِ الكَلام) قال الشارح: ((والعقائل جمع عقيلة وهي في الأصل المرأة الكريمة النفيسة، ثم استعمل في النفيس الكريم من كل شيء من الذوات والمعاني)(1).

في شرح قول الإمام (عليه السلام): ((فَأَنْتُم غَرَضٌ لِنابِلٍ، وَأُكُلَةٌ لآكِلٍ، وَفرِيسَةٌ لِصَائِلٍ) قال الشارح: ((وفريسة الأسد مايفترسه أي: يصيده ويقتله، وأصل الفرس أن يدّق الأسد عنق ما يصيده ثم كثر حتى سمّي كل قتل فَرْساً))(2).

ث - الانسجام في المعاني التي يبيِّنها:

من الاساليب التي اعتمدها الشارح نظم سلسلة متوازية من المعاني بحيث يناسب فيها بين معنيين مختلفين لجملتين متناسقتين ايقاعياً من جمل الإمام (عليه السلام) وبذلك يقدم تناسبية متوازية بين أطراف المعاني من ذلك شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((عَهْدَكُمْ شِقَاقٌ، وَدِيَنُكُمْ نِفَاقٌ))، قال: ((ولعل المعنى عهدكم يثمر ما تثمره العداوة والخلاف، وكأنه شقاق، أو ما أنفقتم عليه وصار کالميثاق بينكم هو نقض العهود والخلاف، والدين أما المضاد للكفر فيناسب الوجه الأول أو العادة والشأن فيوافق الثاني))(3). فهو يناسب بين أطراف المعاني، فالطرف الأول من معنى الجملة الثانية (دِيْنِكُمْ نِفَاقٌ) الذي هو ضد الكفر متناسب مع الطرف الأول من الجملة الأولى (عَهْدَكُمْ شِقَاقٌ) أي عهدکم شقاق وليس عهداً، والطرف الثاني

ص: 51


1- النص المحقق: 1 / 132
2- النص المحقق: 2 / 21
3- النص المحقق: 2 / 15

من المعنى الخاص بالجملة الثانية قصد بالدين العادة والشأن أي عادتكم وشأنكم النفاق وهو متناسب مع ما تقدم قبله من معنى قوله (عليه السلام): ((عهدكم شقاق)) أي عادتكم نقض العهود، ويمكن توضيح ما تقدم بالمخطط الاتي:

توازي الجمل

عهدکم شقاق // دینکم نفاق

المعنى الأول: عهدكم شقاق ليس بميثاق // دینکم نفاق وكذب

المعنى الثاني: عادتكم ومیثاقكم نقض العهود // عادتكم وشأنكم النفاق

وبذلك يكون هناك توافق وانسجام بين التقابلات الايقاعية المتمثلة بجُمل الإمام (عليه السلام) التي من شأنها تحقيق شعرية النص من جهة وبين سلسلة المتوازيات المعنوية المتناسبة في ما بينهما التي قدمها الشارح.

4 - اهتماماته الصرفية:

لا يخلو شرح ابن علاء الدين من وقفات صرفية، فهو يذكر مواطن الإبدال، والقلب، والإعلال، والتعويض، في أكثر الااحيان، فيشير إليها ويذكر أمثلة توضيحية لها، ومن المواضع التي وردت في الشرح واحتوت على تحليل صر في هي:

1 - في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَمَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ، وَآجَالٍ تُفْنِيهِمْ، وَأَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ، وأَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيهِمْ)) قال الشارح: ((والياء في معايش لا تقلب همزة في الأكثر وكذا كلّ ما وقع بعد الف الجمع فيه واو أو ياء ليست بمدة زائدة سواء كانت أصلية كما في مقاوم ومرایب، أو زائدة

ص: 52

للإلحاق کجداول وعثاير، فيبقى على حالها، وإن كانت الواو والياء مدّة زائدة في المفرد قلبت همزة كما في تنائف وكبائر وكذا في صيغة فاعل ممّا أعلّ فعله نحو قائل وبائع بخلاف نحو عاور، وقد يهمز معایش تشبيهاً لمعيشة بفعيلة(1)))(2).

2 - في بيانه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَمُبَايِنْ بَیْنَ مَحَارِمِهِ، مِن كَبیرٍ أوَعَدَ عَلَيْهِ نيرانَهُ، أو صَغٍیرٍ أَرصَدَ لَهُ غُفرانَهُ)) قال الشارح: ((والنّيران جمع نار وهي من الواو؛ لأن تصغيرها نويرة والجمع نُوَرَّ وأنْوُر ونیرَانُ أيضاً انقلبت الواو ياءً لكسرة ما قبلَها))(3).

3 - في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((أَلا وإِنَّ التَقْوى مَطايَا ذُلُلٌ، حُمِلَ عَلَيْها أهَلُها وَأعطُوا أزِمَّتَهَا، فَأوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ)) قال الشارح: ((المطايا والمطيّ جمع مَطِيَّة، وهي ((النّاقة التّي يركب مطاهَا)) أي: ظَهرَها، وقيل: يمطي بها في السّير أي: يّمدَ، والمَطِيُّ يكونُ مفرداً أيضا ويذكر ويؤنث، وقيل: ويُذكَرُ المطّية، والمَطايا فعالى وأصله فعائل قلبت الياء الفاً، ثم قلبت

ص: 53


1- ينظر: المنصف، ابن جني: 1 / 307، 308، وشرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي (ت 686 ه): 3 / 134، ومنها قراءة نافع، وابن عامر، وعبد الرحمن الاعرج، وزید بن علي والاعمش بالهمزة في قوله تعالى: ((وَلَقَدْ مَكَنَاكُم فِي الأَرْض وَجَعَلْنَا لَكُم فيها مَعَايش قليلاً مَا تَشْكِرونَ)) الاعراف / 9، ينظر: التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 4 / 353، 354، جامع البيان عن تأویل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري: 8 / 165
2- النص المحقق: 1 / 203
3- النص المحقق: 1 / 217

الهمزة ياء (لخفائها) بين الألفين(1)))(2).

4 - في شرحه لقول الإمام (عليه السلام)): ((وَمِنْهُم مَنْ يَطْلُبُ الدُّنيْا بِعَمَلِ الآخِرةِ، وَلا يَطْلُبُ الآخِرَة بِعَمَلِ الدُّنيْا، قَدْ طَأمَنَ مِنْ شَخْصِه، وَقَارَبَ من خَطْوِهِ...)) قال الشارح: ((وطأمن بالهمز مقلوب طمأن أي:

سكن، وطامن نفسه، أي: سکّنه(3)))(4).

5 - في بيانه لقول الإمام (عليه السلام): ((إِنَّ بَني أُمَيّةَ لَيَفُوِّقُونَنِيْ تُراثَ مُحَمدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ) تَفوْيقاً، وَاللهِ لَئِنْ بَقَيْتُ لَهُم // 188 لأنْفُضَنَّهُم

نَفَضَ اللَّحامِ اْلوِذَام التَّرِبَةَ)) قال الشارح: ((التراث الميراث وأصل التاء واو(5)))(6).

5 - المذكر والمؤنث:

اعتنى الشارح ببيان الألفاظ من حيث التذكير والتأنيث، فكان حريصاً على إبانة اللفظة من حيث جنسها ومعناها، ومن أمثلة ذلك:

- ما ورد في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَخَلَفَ فِيْكُمْ مَا

ص: 54


1- ينظر: المنصف: 2 / 54، 55، 62
2- النص المحقق: 2 / 33
3- ذهب إلى هذا الرأي أبو عُمَر الجرمي، قال ابن جني: ((اعلم أن أبا عُمر الجرمي خالف سیبویه في هذه اللفظة فذهب إلى أن (أطمأنَّ) غیر مقلوب، وأن (طأمن) هو المقلوب كأن أصل هذا الفعل عنده أن يكون الميم قبل الهمزة)) المنصف: 2 / 104 وينظر: شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي: 1 / 22
4- النص المحقق: 2 / 165
5- ينظر: شرح شافية ابن الحاجب: 2 / 80
6- النص المحقق: 3 / 18

خَلَّفَتِ الأَنْبِياءِ فِي اُمَمِها - إِذْ لَمَ يتركُوُهُمْ هَمَلاً بِغیْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ وَلاَ عِلَمٍ قَائم - كِتَاب رَبّكُمْ - مُبَيَّناً حَلاَلَهُ وَحَرامَهُ) قال: ((والطريق يذكر ويؤنث تقول: الطّريق الأعظم والطّريق العظمی(1)))(2).

- في كلام لَهُ (عَلَيهِ الْسّلَامُ) يَعني بِهِ الزُّبَیرْ فِي حالٍ اقْتَضَتْ ذلِك...) قال الشارح: ((الحال يذكر ويؤنث(3)))(4).

- ما ورد في شرح قول الإمام (عليه السلام): ((ولا سُلْطانٍ مُبیْنٍ مَعَكُم)) قال الشارح: ((وبالسّلطان المبين الحجّة الدّالة على ما يزعمونه حقاً من جهة الشرع، أو العقل أو البينة الحجّة الشّرعية والسّلطان والبرهان العقلي وهو بمعنى الحجّة والبرهان لا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر وإنما يجمع إذا أريد به الوالي ويذكر ويؤنث(5)))(6).

- ما ورد في شرح قول الإمام (عليه السلام): ((وَهُوَ لِباسُ التَّقْوى، وَدِرْعُ اللهِ الْحَصِينَةُ، وَجُنَّتهُ اْلوَثِيقةُ)) قال الشارح: ((ودرعُ الحديد مؤنثة، وقيل يذكّر

ص: 55


1- (الطريق يؤنثه أهل الحجاز، ويذكره أهل نجد) المذكر والمؤنث، أبو حاتم السجستاني (255 ه): 147، وينظر: البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث، کمال الدين الانباري (ت 577 ه): 83
2- النص المحقق: 1 / 212
3- ينظر: المذكر والمؤنث، أبو حاتم السجستاني: 160، والمذكر والمؤنث، ابن التستري (ت 361 ه): 69، والبلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث: 83
4- النص المحقق: 1 / 330
5- المذكر والمؤنث، أبو حاتم السجستاني: 134، ينظر: المذكر والمؤنث، ابن التستري: 83، والبلغة: 82
6- النص المحقق: 2 / 196

ويؤنث(1)))(2)، وتوجد مواضع أخرى ذكر فيها الألفاظ من حيث التذكير والتأنيث.

6 - توجيهه للضمائر:

وقف السيد علاء الدين في مواضع عده تجاه الضمائر موقف المحلل والموجه لها، ولا يخفى أنَّ مسألة إحالة الضمائر ظهرت لدى النحويين العرب على أثر تصنيفهم للألفاظ إلى ألفاظ غير مبهمة وهي الألفاظ التي لها دلالة والتي تحيل بمفردها على خارجها في الواقع، وألفاظ أخرى مبهمة لها دلالة لكنها لا يعرف لها خارج إلاَّ متى توفر لها مفسر يفسرها سواء كان هذا المفسر مقامياً أم مقالياً(3).

إنَّ ضمائر الغيبة عموماً - التي وقف عند بعضها الشارح وأخذ يحملها على أوجه - تعد من وسائل التعبير عن عنصر مقالي، ((فهي تعوض بعض عناصر المقال وتنوب منابها مستجيبة بذلك إلى مبدأ الاقتصاد بتعويض عنصر أو جزء أكبر من الخطاب بعنصر آخر أكثر طواعية، وهي بالتالي مقطوعة الصلة بمفهوم الشخص))(4). إن تعویض الضمائر وإنابتها عن عناصر المقال تدعم النص، وتسهم بدور فعال في ترابطه(5)، وفي ((تحقق التماسك الدلالي للنص))(6)ومن

ص: 56


1- المذكر والمؤنث، أبو حاتم السجستاني: 161، والمذكر والمؤنث، ابن التستري: 75، والبلغة: 81
2- النص المحقق: 2 / 125
3- ينظر: أصول تحليل الخطاب، محمد الشاوش: 1 / 125
4- أصول تحليل الخطاب، محمد الشاوش: 2 / 1080
5- ينظر: دراسات لغوية تطبيقية في العلاقة بين البنية والدلالة، دكتور سعيد حسن بحيري: 134
6- نحو النص، الدكتور عثمان أبو زيد: 107

أمثلة مواضع الضمائر التي وقف عند إحالاتها الشارح ما يأتي:

1 - في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((فِعْلَ مَنْ قَدْ شَرِكَهُ الشَيْطَانُ في سُلْطَانِهِ، وَنَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلَى لِسَانِهِ)) قال الشارح: ((والضمير في (سلطانه) راجع إلى الموصول أي صار الشيطان شریكاً له في قدرته التي أعطاه الله وسلَّطه بها على جوارحه، أو إلى الشيطان أي كأنهم الأصل في سلطانه وقدرته على الاضلال وفي نفاذ امره في اتباعه))(1)، فهو يعطي للقارئ خيارين في حالة الضمير، الأول: أن تكون الإحالة إلى الموصول، والثاني: أن تكون الإحالة إلى الشيطان نفسه، والخيار الأول أقرب للصحة؛ لتواجد قرائن لفظية متقدمة كانت إحالتها جميعاً إلى المتحدث عنهم (الذوات) لا إلى الشيطان وهذه القرائن موجودة في قول الإمام (عليه السلام) المتقدم: ((فَنَظَرَ بِأَعْيُنِهِمْ، وَنَطَقَ بِأَلسِنَتِهِمْ، فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الخَطَلَ)) فالقرائن اللفظية (أعينهم، السنتهم) ترجع ضمائرها إلى الذوات، أما الأفعال (نظر، ونطق، وزين) فهي أفعال ضميرها المستتر يعود إلى الشيطان، کما یعود الضمير في (شرکه) إلى الشيطان، ونطق أيضاً فيه ضمير مستتر يعود إلى الشيطان.

2 - في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَظَهَرَتْ فِي الْبَدَائِعِ الَّتِي أَحْدَثَها آثارُ صَنْعَتِهِ وَأَعْلَامُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ لَهُ حُجَّةً، وَدَلِيلاً عَلَيْهِ،

وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً؛ فَحُجَّتُهُ بِالتَدْبِیرِ نَاطِقَةٌ، وَدَلالَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قائِمَةٌ)) قال الشارح: ((... والضمير في قوله (عليه السلام) (فحجته) يحتمل أن يعود إلى

ص: 57


1- النص المحقق: 1 / 330

الخلق الصامت كالضمير في (دلالته) ويحتمل أن يعود إلى الله سبحانه.))(1)جعل الشارح عودة الضمير تحتمل وجهين للخلق الصامت أو لله سبحانه تعالى وإن كان عوده الضمير للخالق أقرب للصحة لان سياق الكلام المتقدم ((وإن كان خلقاً صامتاً)) والكلام الذي بعده ((ودلالته على المبدع قائمة)) صريح وواضح في أنَّ المقصود الخلق.

3 - في قول الإمام (عليه السلام): ((.. فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِهِ)) وجه ابن کلستانة الضمير بقوله: ((والضمير في يذهب يمكن أن يرجع إلى (الاحد) فطمعه في العلاقة مع حقارتها يدل على دناءته وشدة خيانته، وأن يعود إلى القعب فيكون من قبيل قولهم: ذهب الاسير بأسره))(2).

7 - إشارته للقياسي وغير القياسي:

وقف الشارح على بعض الكلمات مبیناً نوعها من حيث كونها موافقه للقياس أو مخالفة له فيما يخص حالات الجمع أو النسبة أو غير ذلك، ومن هذه المواضع:

شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((... وَسَتْرِ العَورَة)) قال الشارح: ((والعورة في الثغر والحرب: خلل يخاف منه(3)، وكل شيء يستره الإنسان أنفه أو حياء أو مخافة فهو عورة والجمع عَوْرات بالسكون للتخفيف، والقياس

ص: 58


1- النص المحقق: 3 / 211
2- النص المحقق: 2 / 113
3- ينظر: الصحاح، مادة (عور): 2 / 760

الفتح؛ لأنَّه اسم، وهو لغة هذيل(1)))(2).

توضيحه لقول الإمام (عليه السلام): ((إذْ كَانَتِ الرَوياتُ لاَ تَلِيْقُ إلاَّ بِذَوِي الضَمَائِرِ، وَلَيْسَ بِذِي ضَمِیرٍ فِي نَفْسِهِ. خَرَقَ عِلْمُهُ بَاطِنَ غَيْبِ السَتَّراتِ)) قال الشارح: (والضمير الاسم من أضمرت في نفسي شيئاً، أي أخفيت وضمير الإنسان قلبه وباطنه ويجمع على ضمائر تشبيهاً بسريرة وسرائر، وإن كان القياس في باب فعيل إذا كان اسماً لمذكر أن يجمع على أَفْعِله وفعلان کرَغِيف وأَرْغِفَة ورِغْفَان)(3).

قول الشارح: ((واليمن إقليم معروف سمي بذلك؛ لأنه على يمين الكعبة، والنسبة إليه يمني على القياس وجاء يماني على غير القياس، وعلى هذا ففي الياء مذهبان: أحدهما هو الأشهر تخفيفها، ويقال: قوم يمانية، ویمانیون، مثل ثمانية وثمانون، وثانيهما: التثقيل وجوزهما بعضهم(4)))(5).

قول الشارح في معرض شرحه لبيت شعري: ((والبِيد بالكسر جمع بَيْداء وهي المَفَازة قالوا: والقياس بيداوات(6)))(7).

8 - ترجیحه للروايات:

ص: 59


1- ينظر: مجمع البحرین، فخر الدين الطريحي (ت 1080 ه)، مادة (عور): 3 / 416
2- النص المحقق: 4 / 326
3- النص المحقق: 4 / 93
4- ينظر: شرح شافية ابن الحاجب: 2 / 32
5- النص المحقق: 5 / 337
6- ينظر: شرح شافية ابن الحاجب: 2 / 158
7- النص المحقق: 1 / 266

حرص الشارح في أثناء شرحه إلى ذكر الكلمات التي حصل فيها اختلاف عما موجود عنده من نسخة النهج، لذلك كثيراً ما ترد عنده عبارات (وفي بعض النسخ) وكان يفاضل ويرجح بين العبارات من ذلك:

شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((فهو الْبّحْرُ الَّذِي لاَ يُسَاجَل)) قال: ((وفي بعضها (لا يساحِل)(1)بالحاء المهلة لا يؤتي ساحله، وقيل: لا يشابه في بعد الساحل، وهو بعيد))(2).

شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِي النَّارِ)) قال الشارح: ((وتقحّمت به النّاقة على صيغة التفعّل أي: ألقَتهُ في ورطة ومَهْلَكَة، وقحّم الفرسُ فارسَه إذا رماهُ فيها، وفي بعض النسخ (قحَمّتْ بهم) على صيغة التفعّيل(3)، والأصّح الأوّل))(4).

ما شرحه من قول الإمام (عليه السلام): ((تَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تُحْرِزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً)) قال: ((والإحراز الحفظ والصّيانَّة، وفي بعض النَّسخْ(5)(تحَوُزُون) بالواو من الحيازة وهو الجمع والضَّم أي: ما تجمعون به

ص: 60


1- معارج نهج البلاغة، علي بن زید البيهقي (ت 565 ه): 27، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 8، هامش: 2 في نسخة (نا، أ،)
2- النص المحقق: 4
3- (قحمَّت بهم) على صيغة (فَعَّلت) وهو فعل ماضي والمصدر منه على صيغة التفعيل تقيماً)
4- النص المحقق: 2 / 33
5- نهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 211، هامش 8، وفيه: (في نا: تحوزون)

أموركم وَيحفظونها عن الشَّتات والأوَّل أظهَر))(1).

9 - تعليله التسميات:

اعتنى الشارح بالوقوف على علة بعض التسميات سواء أكانت تسمية مدن أم غيرها، مثال ذلك:

ما ورد في شرح کلام الإمام (عليه السلام): ((وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الحَرَامِ)) قال: ((وسميت الكعبة حراماً؛ لأنَّ الله عز وجل حَرَّمَ أن يصاد بها أو يعضد شجرها أو يختلي خلاها أو يؤخذ لقطتها إلا على وجه أو يخرج الجني منها))(2).

في شرح قول الإمام (عليه السلام): ((ولاشعْبتَهُم مَصارِفُ الرّيِبِ، ولا أقْتسَمْتَهُم أخْيافُ الهِمَم)) قال الشارح: ((الشّعبة من كل شيء الطائفة منه(3))، وشعبَهُم أي فرّقهم، ومنه سمي الموت شَعوباً بالفتح؛ لأنَّه يفرق الخلائق(4)))(5).

- تعليله لتسمية مصر: قال: ((ومصر(6)هي المدينة المعروفة، قيل

ص: 61


1- النص المحقق: 2 / 146
2- النص المحقق: 1 / 222
3- ينظر: تاج العروس، مادة (شعب): 2 / 166
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شعب): 2 / 166
5- النص المحقق: 3 / 255
6- مصر مدينة معروفة، قيل إنهَّا سميت بمصر نسبة إلى مصر بن أنيم بن حام بن نوح عليه السلام، ويسمونه البعض مصرایم بن حام، ويرى ابن السكيت أنهَّا سميت بمصر؛ لأنها الحد فأهل هجر يكتبون في شروطهم (اشتري جميع الدار بمصورها، أي بحدودها)، واسمها باليونانية مقدونية، فتحها عمرو بن العاص أيام الخليفة عمر بن الخطاب. ينظر: البلدان: 115، ومعجم البلدان: 5 / 137، 138

سمیت؛ لأنَّه بناها المصر بن نوح وقد تصرف وتذكر(1)))(2).

- تعليله لتسمية اليمن، قال: ((سمي بذلك؛ لأنه على يمين الكعبة(3)))(4).

- تعليله لتسمية ثمود ((قيل سمیت ثمود؛ لقلة مائها من الثَمَد بالفتح ويحرك وهو (الماء القليل) لا مادة له(5)، أو ما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف وهو قوم صالح (عليه السلام) وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى))(6).

- تعليله لتسمية الصبر، قال: ((والصبر: الحبس(7)، وصبر النفس على الحقوق آداء لحقوق وصرف المال فيما يجب ويثبت وإنما سمي حبساً؛ لأنه

ص: 62


1- ذهب سيبويه، والفراء، والمبرد إلى أن (مصر) ممنوعة من الصرف؛ لأنها اسم بلد بعينه ثلاثي الاحرف، مؤنث بدليل قوله تعالى: ((ادخلوا مِصْرَ أن شاءَ الله آمنين)) البقرة / 99، وذهب ابن السراج أنها مما يذكر ويؤنث مع اتفاقه معهم بأنها ممنوعة من الصرف، وعلل ابن الوراق جواز تذكير أسماء البلدان مع أن الغالب فيها التأنيث أن تأنيثها غير حقيقي. ينظر: كتاب سيبويه: 3 / 242، ومعاني القرآن، الفراء: 1 / 42، 43، والمقتضب: 3 / 291، والأصول في النحو: 2 / 100، وعلل النحو، ابن الوراق: 629
2- النص المحقق: 2 / 315
3- ينظر: البلدان، أحمد الهمذاني (ت 340 ه): 91، والمخصص، ابن سيده (ت 458ه)، ج 3، القسم 13، السفر 12: 48
4- النص المحقق: 5 / 337
5- ينظر: الصحاح، مادة (ثمد): 2 / 451
6- النص المحقق: 5 / 350
7- الصحاح، مادة (صبر): 2 / 706، ولسان العرب: 4 / 438

خلاف مايميل اليه الطبع والنفس الأمارة بالسوء))(1).

10 - انتقاده بعض الشارحين وردوده عليهم

وقف الشارح بإزاء بعض شارحي النهج موقف المنتقد وكانت انتقاداته لهم تقوم على أسباب مختلفة فمنها ما كان يخص أسلوبهم في التعبير والشرح، ومنها ما كان يتعلق بتوجهاتهم الفلسفية.

ومن نقد الشارح القائم على مخالفته لأسلوب بعض الشراح في التعبير ما ورد في معرض شرح قول الإمام (عليه السلام): ((اَيْمُ اللهِ لأَفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضَاً أنَا مَاتِحُهُ، لاَ يَصْدُرون عَنْهُ، وَلاَ يَعُوُدُونَ إِليهِ)) وضَح الفرق بين (لأُفرِطَّنَ) في ضم الهمزة بمعنى لأملان، و(لأَفرُطن) بمعنی فرط القوم إذا سبقهم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء والرشاء، كما فعل ابن أبي الحديد في شرحه، واختلف معه في معنى (أنا ماتحه)، إذ قال: ((وأنا ماتحه، أي أنا المتصدي لإعداده، والمباشر لتهيئة أسبابه، أي: أقاتلهم على أبلغ وجه، وقول بعض الشارحين معناه: ((أنا خبير به، كما يقول من يدعي معرفة الدار: أنا باني هذه الدار(2)) لا يخلو عن بعد))(3)

وفي شرح قول الإمام (عليه السلام): ((حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ، وَضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ)) الناصح لاعتراه ريب في النّصح لاجماعكم واصرارکم على المخالفة لا كما زعمه بعض الشّارحين(4)من أنَّ استخراج وجه المصلحة

ص: 63


1- النص المحقق: 5 / 9
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 203
3- النص المحقق: 1 / 335
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 87

أمر ظني اجتهادي فإذا كثرت المخالفة جاز أن يتشكك الانسان فيما ظنه صلاحاَ، فإنّه (عليه السّلام) أجل من أن يحوم حول رأيه شكّ لمخالفة المخالفين))(1).

ومن نقده المتعلق بالمنحى الفلسفي الذي اعتنقه بعض الشارحين، قوله في معرض شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَفَتَقَ بَعْدَ الإِرْتِتَاقِ صَوَامِتَ أَبْوَابِهَا)) فتقت الثوب فتقا من باب قَتَلَ نقضت خياطته حتّى انفصل بعضه عن بعض، ورتقت الفتق رتقا من باب قتل أيضاً سددته فارتتق والأبواب الصامتة والمصمتة المغلقة منها، وفتق صوامت الأبواب إما ایجاد الأبواب فيها وخرقها بعد ما كانت رتقا لا باب فيها بل كانت جسماً متصلاً، وإما فتح الأبواب المخلوقة فيها حين ايجادها وافاضة الصورة السماوية عليها وهذه الأبواب هي التي تعرج فيها الملائكة وتهبط وتصعد الأعمال والأدعية والأرواح فيها وهي التي أشار إليها بقوله سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ»(2)أو التي تنزل منها الأمطار كما أشار إليه سبحانه بقوله: «فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ»(3)أي منصب ولا يخفى أن هذا الكلام كغيره من النصوص صريح في أن للسماء أبواباً وتأويلات بعض الشارحين(4)اقتداء بالفلاسفة ناشئة من وهن الإيمان

ص: 64


1- النص المحقق: 2 / 194
2- الاعراف / 40
3- القمر / 11
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 334، وبحار الانوار: 54 / 129، 130

ونقص الإذعان بما جاء به سید المرسلين (صلى الله عليه وآله الطاهرين)))(1).

ومن ردوده الكلامية ما ذكره في معرض شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((بِأَوَلِيْتِهِ وَجَبَّ أَنْ لاَ أَوْلَ لَهُ، وبِآخِرِّيَّتِهِ وَجَبَّ أَنْ لاَ آخِرَ لَهُ)) ((قال بعض الشارحین(2): يمكن أن يفسر هذا الكلام على وجهين: أحدهما: أنه سبحانه لما فرضناه أولا مطلقاً، تبع هذا الفرض أن يكون قديما أزلياً، وهو المعني بقوله: ((وَجَبَّ أَنْ لاَ أَوْلَ لَهُ))؛ لأنه لو لم يكن أزلياً لكان له محدث متقدم عليه فلا يكون أولاً مطلقاً ولما فرضناه أخراً مطلقاً تبع هذا الفرض أن يكون مستحيل العدم وهو المعنى بقوله: ((وَجَبَّ أَنْ لاَ أَوْلَ لَهُ))؛ لأنه لو عدم بعد استمرار الوجود لما عدم الا بضد يبقى بعده فلا يكون آخراً مطلقاً، هذا محصل كلامه ثم قال: ثانيهما: أن لا تكون الضمائر الأربعة راجعة إلى الباري سبحانه، بل يكون منها ضمیران راجعان إلى غيره، أي بأوليته الأول الذي فرضنا كون الباري سابقاً عليه، علمنا أن الباري لا أول له، وبآخريته الآخر الذي فرضنا أن الباري متأخر عنه، علمنا أن الباري لا آخر له، وانما علمنا ذلك؛ لأنه لو كان سبحانه أولاً لأول الموجودات وله مع ذلك أول لزم التسلسل، واثبات محدثین ومحدثين إلى غير نهاية، وهذا محال. ولو كان سبحانه آخرا لآخر الموجودات وله مع ذلك آخر لزم التسلسل، وإثبات أضداد يعدم ويعدمها غيرها إلى غير نهاية، وهذا أيضا محال، ولا يذهب عليك أن الوجه الأول على ما قرره موقوف على القول بأن العدم لا يكون إلا بوجود الضد وهو باطل والتزام التخصيص في كونه سبحانه آخر بعد

ص: 65


1- النص المحقق: 3 / 224
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 78

كل آخر بغير الفناء الذي يزعمونه ضد الأشياء وجودیا، وهو ينافي الآخرية الحقيقية الظاهرة من الكلام السابق اللهم إلا أن يوجه بأنه يصدق الآخرية بالنسبة إلى الفناء بعد إعادة الأشياء فيصدق بالنسبة إلى الجميع، ولو كان كل في وقت فيه مع التكلف ابتناؤه على وجودية الفناء وكونه قائماً بنفسه وفسادهما واضح وبعد الوجه الأخير ظاهر))(1).

ص: 66


1- النص المحقق: 4 / 44

المبحث الرابع: شواهد الشرح

1 - القرآن الكريم

القرآن الكريم هو دستور الاسلام الذي أُنزل على سيدنا وحبيبنا محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بلسان عربي مبين، قال تعالى: «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»(1)وهو ((على حد من الفصاحة تقصر عنه قوی البشر))(2)، فألفاظه ((هي لب كلام العرب وزبدته، وواسطته وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم، واليها مفزع حذاق الشعراء والبلغاء في نظمهم ونثرهم وما عداها، وعدا الألفاظ المتفرعَّات عنها والمشتقات منها، هو بالإضافة اليها كالقشور والنوى بالإضافة إلى أطايب الثمرة))(3).

إنَّ القرآن الكريم هو عماد الأدلة النقلية جميعاً، فالشاهد القرآني هو دلیل نقلي بنص المصحف ولفظه(4)لذلك ليس غريباً أن يكون الشارح قد اعتمد عليه كثيرا واستدل به في شرح وبيان معاني كلام أمير المؤمنين (عليه السلام).

طريقة استدلال علاء الدين واستشهادهِ بالآيات القرآنية لم تكن على

ص: 67


1- الزخرف / 3
2- دلائل الاعجاز: 8
3- المفردات في غريب القرآن: المقدمة: د، ه
4- ينظر: الشاهد القرآني عند النحاة حتى ق 4 الهجري، اطروحة دكتوراه، د. عبد الاله علي جويعد: 21

وتيرة واحدة، فهو يورد الآية كاملة في بعض المواضع - وهي قليلة - وفي بعضها الآخر يورد منها موطن الشاهد ويترك باقي الآية - وهو الغالب في شرحه - وموارد الاستدلال متعددة، ومتنوعة منها: -

1 - استدل بالآية الكريمة لغرض إثبات معنی نحوي، مثل:

استدلاله على أن (اللام) تأتي بمعنى (إلى) في قول الإمام (عليه السلام): ((أَحَالَ الأَشْيَاءَ لأَوْقَاتِهَا)) قال الشارح: ((... واللام في أوقاتها للتعليل کما ذكره بعض الشارحين(1)؛ لأن كل وقت يستحق مالا يستحقه غيره، أو بمعنی (إلى) كقوله تعالى: «بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا»(2)))(3).

استدلاله على أن (ثم) تأتي بمعنى (الواو) المفيدة للجمع المطلق في قول الإمام (عليه السلام): ((ثُمَّ اَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الأَجْوَاءِ، وَشَقَّ الأَرْجَاءِ،

وَسَكَائِكَ الهَواءِ)) قال الشارح: ((كلمة ثم هاهنا أما للترتيب الذكرى والتدرج في الكلام لا للتراخي في الزمان... واما بمعنى الواو المفيدة للجمع المطلق کما قيل في قوله تعالى: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى»(4)))(5).

2 - استدل بالآيات الكريمة لبيان اختلاف المعاني في المشترك اللفظي، مثل:

ص: 68


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، البحراني: 1 / 135
2- الزلزلة / 5
3- النص المحقق: 1 / 159
4- طه / 82
5- النص المحقق: 1 / 161 - 162

استدلاله بمعنى كلمة (الرجا) وهي الناحية، ومشترکها اللفظي (رجی) بمعنى (الامل أو الخوف: في اثناء شرحه لقول الإمام (عليه السلام): (وَشَقَّ

الأَرْجَاءِ)، قال الشارح: ((والأرجاء جمع الرجا مقصورا وهي ((النّاحية)) قال تعالى: «وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا»(1)، وأما الرجا من الامل أو الخوف كقوله تعالى: [مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا](2)))(3).

3 - استدل بالآيات الكريمة للرد على بعض الشارحين، مثل:

استدلاله على أنَّ المقصود بقول الإمام (عليه السلام): ((وَعُلْيَاهُنَّ سَقْفًا مَحْفُوظَاً وَسَمْكَاً مَرْفُوْعَاً)) السماء العليا وليست السماء الدنيا، قال الشارح: ((... ولعل المراد بحفظ العليا إمساكها عن النقض، والهدم، والسقوط، والخرق إلا بأمره سبحانه، وقول بعض الشارحين عن الشياطين بعيد، ولو كان وصفا للسماء الدنيا كان وجها لقوله تعالى: «إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ، وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ»(4)والتّخصيص في كلامه (عليه السلام) يناسب أن يكون المراد بالسماء في قوله تعالى: «وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا»(5)السّماء العلیا.))(6).

4 - لا يقتصر بالاستدلال على معنى الكلمة بآية واحدة، مثل:

ص: 69


1- الحاقة / 17
2- نوح / 13
3- النص المحقق: 1 / 162
4- الصافات / 6، 7
5- الانبياء / 32
6- النص المحقق: 1 / 170

استدلاله على معنى كلمة (السراج) في قول الإمام (عليه السلام): [(فَأَجْرَى فِيْهَا سِرَجَاً مُسْتَطِيْرًا وَقَمَرًا مُنِیْرًا) بالشمس، قال الشارح: ((والمراد بالسّراج الشّمس، قال تعالى: «وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا»(1)، وقال سبحانه: «تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا»(2)))(3).

5 - استدل بالآيات الكريمة لإثبات قاعدة نحوية، مثل:

استدلال على أنَّ التضعيف من أسباب تعدية الفعل، وذلك في شرحه قول الإمام (عليه السلام): ((ولقاه كلمة رحمته)) قال الشارح: ((... أي استقبله بها بتعليمه إياها، يقال: لقي زيد خيرا فيُعَّدى مفعولاً واحدًا، فإذا ضعفت العين عُدِّيَ إلى المفعولين، قال الله تعالى: «فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا»(4)))(5).

6 - استدل بالآيات الكريمة لإثبات حکم فقهي، مثل:

7 - استدلاله على الرخص والقطع في شرحه لقوله (عليه السلام): (((وَرَخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ))، قال الشارح: ((الرخصة في الأمر خلاف التشديد، وعزائم الله ما قطع الله على العبد بفعله، والعزم هو القطع على الأمر والجد

ص: 70


1- نوح / 16
2- فرقان / 61
3- النص المحقق: 1 / 173
4- الانسان / 11
5- النص المحقق: 1 / 195

فيه، والرخصة كقوله تعالى: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»(1)، والعزيمة كقوله: «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ»(2)))(3)، ومثله أيضا في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَوَاجِب فِي السُّنَّةِ أَخْذُهُ، مُرَخَّصِ فِي الكِتَابِ تَرْكُهُ)) قال الشارح: ((ويمكن أن يمثل بقوله تعالى: «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ»(4)حيث دلت السنة على أن القصر عزيمة وكذلك آية الصفا والمروة وبقوله تعالى: «قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا»(5)حيث دلت السنة على حرمة غير ما ذكر في الآية))(6).

استدلاله بالمحرمات المؤقتة في أثناء شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَبَیْنَ وَاجِبٍ بِوْقْتِهِ وَزَائِلٍ فِي مُسْتَقْبَلِهِ)) قال الشارح: ((والمحرمات في الأوقات المخصوصة، قال تعالى: «وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ؇ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ»(7)))(8).

7 - الاستدلال على جواز تعدي الفعل وإن حذف حرف الجر، مثل:

جواز تعدي الفعل (لأفرطن) في قول الإمام (عليه السلام): ((اَيْمُ اللهِ لَأَفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضًا أَنَا مَاتِحُهُ، لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ، وَلاَ يَعُودُونَ إِليْهِ)) على تقدير حرف

ص: 71


1- البقرة / 173
2- الاسراء / 78
3- النص المحقق: 1 / 212
4- النساء / 101
5- الأنعام / 145
6- النص المحقق: 1 / 216
7- المائدة 96
8- النص المحقق: 1 / 216

الجر، قال الشارح: ((والتقدير: (لأفرطن إلى حوض) فلما حذف الجار عدی الفعل بنفسه كقوله تعالى: «وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا»(1)، ولهم أي لأجلهم))(2).

8 - الاستدلال بآيات قرآنية تضمنها قول الإمام (عليه السلام)، مثل:

- الاستدلال على قول الإمام (عليه السلام): ((وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ سُبْحَانَهُ)) قال الشارح: ((... والعلم بأنَّ النصر من عند الله لا بالكثرة والقوة كما قال سبحانه: «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»(3)))(4).

9 - الاستدلال على صحة المعنى اللغوي، مثل:

- الاستدلال على صحة المعنى اللغوي للبلاء في قول الإمام (عليه السلام): ((أَلاَ وَإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهَ عَلَيْه وَآلهِ))): بأنه يكون في الخير والشر، قال الشارح: ((الابتلاء الاختبار والامتحان، يقال: بلوته وابلیته وابتليته، والاسم البلوى والبلية، والمعروف أن الابتلاء يكون في الخير والشر من غير فرق بين فعليهما، ومنه قوله تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»(5)))(6).

ص: 72


1- الأعراف / 155
2- النص المحقق: 1 / 335
3- ال عمران / 126
4- النص المحقق: 2 / 10
5- الأنبياء / 35
6- النص المحقق: 2 / 30

2 - القراءات القرآنية:

عرف الزركشي القراءات القرآنية بأنها: ((اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتابة الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرهما))(1)، ومسألة الاختلاف هي قوام القراءات، والمقصود بالاختلاف ليس لفظ الوحي نفسه، وإنما الاختلاف في نطق لفظ الوحي أو كتابته، لذلك فالبعض يجدها ((بين ما هو اجتهاد من القارئ، وبين ما هو منقول بخبر الواحد))(2).

ان اختلاف لهجات العرب يُعدُّ سبباً من أسباب نشوء القراءات القرآنية واختلافها ومن ثم تطورها إلى علم قائم بذاته(3)، وقد وصف (بلاشير) کتب القراءات بأنها ((وثائق هامة لدراسة اللهجات العربية))(4)وأكد قوله الدكتور عبده الراجحي بِعدِّها ((أصل المصادر جميعاً في معرفة اللهجات العربية))(5).

ومن المواضع التي وردت فيها القراءات القرآنية:

1 - في بيانه قول الإمام (عليه السلام): ((لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللهِ سَعْرَ نَارِ الحَربِ أَنْتُمْ))، قال: ((وسعرت النار والحرب کمنعت إذا أوقدتهما وهيجتهما،

ص: 73


1- البرهان في علوم القرآن، الزركشي (ت 794 ه): 1 / 318
2- البيان في تفسير القرآن، السيد الخوئي: 123
3- ينظر: الشواهد والاستشهاد في النحو، عبد الجبار علوان النايلة: 225
4- تاريخ الادب العربي، العصر الجاهلي، بلاشير: 1 / 78
5- اللهجات العربية في القراءات القرآنية، الدكتور عبده الراجحي: 93

وقرئ(1)قوله تعالى: «وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ»(2)بالتخفيف والتشديد، والتّشديد للمبالغة والعرض ذقهم بعدم القدرة على اسعارنا الحرب أو بأنهم يتهيجون الفتنة ولا يصبرون على الشدة ولا يقيمون مراسم الحرب ودفع الأعداء))(3).

2 - في أثناء بیانه لقول الإمام (عليه السلام): ((بل عباد مکرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون)) قال: ((ومكرمون بالتخفيف من الإكرام، وقرئ(4)بالتشديد من التكريم واللام في ما يقول عوض عن المضاف إليه، أي لا يسبقون الله عز وجل بقولهم بل هو تابع لقوله عَزَّ وَجَل كما أنَّ عملهم تابع لأمره، والغرض تنزيههم عن النقائص التي يكون في البشر وكذلك بعض الكلمات الآتية...)(5).

3 - في أثناء بیانه قول الإمام (عليه السلام): ((... وَجَاهَدَ فِي اللهِ أَعْدَاءهُ، غَیْرُ وَاهِنٍ وَلاَ مُعْذِّرٍ)) قال: ((والمعذر الذي يعتذر من تقصيره بغير عذر موهماً أنَّ له عذر، وقيل: هو المعتذر الذي له عذر، واختلف في تفسير قوله تعالى: «وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ»(6)على الوجهين، وقرأ ابن

ص: 74


1- من الذين قرأوا بالتشديد ابن ذكوان وحفص ورویس، وقرأ الباقون التخفيف، ينظر: تقريب النشر في القراءات العشر، ابن الجزري (ت 833 ه): 201
2- التكوير / 12
3- النص المحقق: 2 / 184
4- قرأها عكرمة بالتشديد، ينظر: معجم القراءات القرآنية، الدكتور. أحمد مختار عمر، الدكتور عبد العال سالم: 4 / 132
5- النص المحقق: 3 / 239
6- التوبة / 90

عباس(1): (وجاء المعذرون) بتخفيف الذال من أعذر وكان يقول: لعن الله المعذرين كأن المعذر عنده إنما هو غير المحق، وبالتخفيف من له عذر))(2).

4 - في أثناء بیانه لقول الإمام (عليه السلام): ((لَقَدْ اِسْتَهَامَ بِكُمْ الخَبِيْثُ. وَتَاهَ بِكُمْ الغَرُورُ)) قال: ((وفسر الغرور في قوله تعالى: «وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ»(3)بالشيطان وبكل شيء غرك حتى تعصي الله وتترك ما أمرت به، وقيل: (الغرور: الدنيا)، وقيل: (تمنيك المغفرة في عمل المعصية)، وقرئ في الشواذ بضم الغين(4)))(5).

3 - الاحاديث النبوية الشريفة

يشهد تاريخ اللغة العربية بأن ليس بعد القرآن الكريم كلام قط ((أعم نفعاً ولا أقصد لفظاً ولا أعدل وزناً، ولا أجمل مذهباً، ولا أكرم مطلباً، ولا أحسن موقعاً ولا أسهل مخرجاً، ولا أفصح عن معنى، ولا أبين عن فحوى من كلامه))(6)(صلى الله عليه واله وسلم)، لذلك كانت أحاديثه (صلوات الله عليه) منبعاً ثراً للاستشهاد، لأن علماء اللغة كانوا على يقين بأن ليس ((بعد القرآن كلاماً يسامي الكلام النبوي أو يدانيه، فصاحت وبلاغة معنى، وبراعة

ص: 75


1- قرأ الكسائي وعاصم الشنبودي وابن عباس وزيد بن علي والاعرج وأبو صالح وعیسی بن هلال وقتيبة ومجاهد وشعبة ويعقوب المعذرون بتخفيف الذال، والباقون بالتشديد. ينظر: تقريب النشر في القراءات العشر: 201، و معجم القراءات القرآنية: 3 / 35
2- النص المحقق: 4 / 197
3- لقمان / 33، وفاطر / 5
4- قراءة (سماك بن حرب، أبو حيوة، بن السميفع) معجم القراءات القرآنية: 5 / 94
5- النص المحقق: 4 / 324
6- البيان والتبيين، الجاحظ: 2 / 17، 18

ترکیب، وجمال أسلوب، وروعة تأثير))(1)، ومع علمهم ويقينهم بمكانة الحديث النبوي الشريف نجدهم وقفوا منه موقف الحذر فانقسموا بإزائه إلى فئات ثلاث(2): فئة جوزت الاستشهاد بالحديث، وفئة منعت الاستشهاد به بحجة أنَّ الرواة جوزوا النقل بالمعنى(3)، ووقوع اللحن فيما روي من الحديث؛ لأن كثيرا من رواته كانوا من غير العرب(4)، وفئة توسطت بينهما أما الشارح (ابن کلستانه) فهو يقدم. الحديث بين يديه شاهدا على إثبات المعنى الذي يختاره في أثناء شرحه لكلام أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن أمثلة مواضع استشهاده بالأحاديث النبوية الشريفة:

1 - في أثناء بیانه لمعنى (المروق) في قول الإمام (عليه السلام): ((وَالمَارِقَة مِنَ السَمَّاءِ العُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ...)) الذي يعني الخروج، قال الشارح: ((وسمیت الخوارج مارقة لقوله (صلى الله عليه واله): ((أنهم يمرقون من الدين کما يمرق السهم من الرمية(5)))(6).

2 - في أثناء بیانه لمعنى (الاقتطاع) في قول الإمام (عليه السلام):

ص: 76


1- نظرات في اللغة والنحو، طه الراوي: 20
2- ينظر: الشواهد والاستشهاد في النحو: 301، وموقف النحاة من الاحتجاج بالحديث، الدكتورة خديجة الحديثي: 20، 22، 25
3- ينظر: الاقتراح، السيوطي: 53
4- المصدر نفسه: 53
5- مسند أحمد بن حنبل (ت 241 ه): 1 / 88، وصحیح البخاري (ت 256 ه): 4 / 179، وصحیح مسلم (ت 261 ه): 3 / 111، وسنن ابن ماجه (ت 273 ه): 1 / 60، وسنن الترمذي (ت (279 ه): 3 / 326، وسنن النسائي (ت 303 ه): 7 / 119
6- النص المحقق: 1 / 180

((... وَاقْتَطَعْتَهُمْ عَنْ عِبَادتِهِ)) ويعني (الاخذ)، قال الشارح: ((الاقتطاع الاخذ، وفي الحديث: ((يقتطع بها مال امرئ مسلم(1)))(2).

3 - من بيانه لمعنی (رهينة) في قول الإمام (عليه السلام): ((ذِمَّتِي بِمَا أَقُولُ رَهِيْنَةٌ، وَأَنا بِهِ زَعِيْمٌ)) وتعني (المرهونة) قال الشارح: ((والرهينة المرهونة، وبمعنى الرهن، والهاء للمبالغة كالشتيمة والشتم، ومن الحديث: ((كل غلام رهينة بعقيقته(3)))(4).

4 - من توضيحه معنى كلمة (عِنان) في قول الإمام (عليه السلام): ((فَطِرْتُ بِعَنَانِهَا))، قال الشارح: ((وفي الحديث: ((خَیْرُ الناسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنانِ فرسهِ فِي سبيلِ اللهِ كُلَّما سَمَعَ هَيْعَة طَارَ إليها(5)))(6).

5 - اثناء شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((وَجَأَرْتُمْ جُؤَارَ مُتْبَتِّلِي الرَّهْبَان)) وتوضيحه لمعنى الرهبانية روى الحديث النبوي الشريف قائلاً: ((وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال: (لا رهبانية في الاسلام)(7)،

ص: 77


1- مسند أحمد: 1 / 377، وينظر: صحيح البخاري: 3 / 75، وينظر: سنن ابن ماجه: 2 / 778
2- النص المحقق: 1 / 200
3- ينظر: مسند أحمد: 5 / 7، 8، وسنن الدارمي (ت 255 ه): 2 / 81، والمعجم الكبير، الطبراني (ت 360 ه): 7 / 201، والسنن الكبرى، البيهقي (ت 458): 9 / 299
4- النص المحقق: 2 / 28
5- غريب الحديث، ابن سلام (ت 244 ه): 1 / 6، والفائق في غريب الحديث والأثر، الزمخشري (ت 538 ه): 3 / 415، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 288
6- النص المحقق: 2 / 199
7- المبسوط، السرخسي (ت 483 ه): 4 / 194، والنهاية في حديث الغريب والاثر، ابن الاثير: 2 / 280، وفتح الباري، ابن حجر العسقلاني (853 ه): 9 / 96، وجامع أحاديث الشيعة، البروجردي (ت 1383 ه): 20 / 21

والنهي عن الرهبانية لا يستلزم النهي عن الجؤار کجؤارهم وأصله من الرهبة الخوف))(1).

6 - استدل بصحة كلام الإمام (عليه السلام): (((وَحَذَّرَكُمْ عَدُوّا نَفَذَ فِي الصُّدُور خَفِّيًا، وَنَفَثَ فِي الآذانِ نَجِّياً...)) بقول النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في معرض شرحه إذ قال: ((والمراد دخوله في الصدور، وقد ورد في الحديث: ((إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم(2)))(3).

7 - أثناء بیانه معنى كلمة (مُناخ) في قول الإمام (عليه السلام): ((أَلاَ أَنْبَأْتَكُمْ بِنَاعِقِهَا وَقَائِدِهَا وَسَائِقِهَا وَمُنَاخِ رَكَبِهَا...)) قال: ((والمُنَاخ بضم الميم موضع الإناخة اسم مكان من أنَاخَ الرجلُ الجمل إناخة، قالوا ولا يقال في المطاوع: فناخ، بل يقال: فبرك وتنوخ، وقد يقال استناخ، وفي الحديث في صفة المؤمن: إن قيد انقاد وإن أُنيخ على الصخرة استناخ(4)))(5).

8 - في بيانه لمعنى كلمة (يسلمونها) التي وردت في قول الإمام (عليه السلام): ((فَإنَّ الصَابِرِينَ عَلَى نُزوُل الحقائِق هُمْ الذِين يَحفونَ بِرَايَاتِهِمْ، وَيكْتَنِفُونَها: حَفَافِيْهَا، وَوَرَاءِهَا وَأَمَامِهَا، لاَ يَتَأَخَرُونَ عَنْهَا فَيَسْلَمُوهَا، وَلاَ يَتَقَدَمُونَ عَلَيْها فَيَفْرِدُوهَا)) إذ قال: ((وأسلمته واعطيته وأسلم فلان فلاناً إذا

ص: 78


1- النص المحقق: 2 / 251
2- مسند أحمد بن حنبل: 3 / 156، وصحيح البخاري: 2 / 259، وسنن ابن ماجة: 1 / 566، وفتح الباري: 4 / 242
3- النص المحقق: 3 / 100
4- روى السيوطي: ((المؤمنون هينون لينون کالجمل الأنف: إن قيد انقاد، وإذا أنيخ على صخرة استناخ)) الجامع الصغير، السيوطي (ت 911 ه): 2 / 663
5- النص المحقق: 3 / 310

القاه إلى الهلكة، ولم يَحُمهِ من عدوه وهو عام في كل من أسلمته إلى شيء، لكن دخله التخصيص وغلب عليه الإبقاء في الهلكة ومنه الحديث: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)(1)، وأسلمه أي خذله))(2).

4 - استشهاده بالأمثال:

المثل هو ((قول يرتجل في حادثة معينة، فيعلق في أذهان سامعيه ويردد في الحوادث المشابهة، أو هو قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه))(3).

اعتمد الشارح في تأكيده معاني كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) على الأمثال، ويمكن عرض بعض الأمثال التي وردت في شرحه حسب طريقته في التقديم:

1 - أمثال يوردها بعبارة تميزها، نحو: (وفي المثل)، قال الشارح في بيان معنی (متلاطمًا) الذي ورد في قول الإمام (عليه السلام): ((فَأَجْرَى فِيْهَا مَاءً

مُتَلاَطِمَاً تَيَّارُهُ...)): ((اللَّطُمُ بالفتح في الأصل الضّرب على الوَجْه ببَاطن الرّاحة وفي المثل (لو ذاتُ سِوَارٍ لَطَمْتَني(4)))(5)، كما وردت هذه العبارة في اثناء شرحه لقول الإمام: ((وَامْضوُا فِي الَّذِي نَهَجهُ لَكُمْ وَقُومُوا بِمَا عَصَبَهُ

ص: 79


1- مسند أحمد بن حنبل: 2 / 91، وصحیح مسلم: 8 / 18، وصحیح بخاری: 3 / 98، وسنن ابن داود (ت 275 ه): 2 / 454، وسنن الترمذي: 2 / 440، والسنن الکبری: 6 / 94
2- النص المحقق: 4 / 245
3- مجمع الامثال، الميداني (ت 518 ه): 1 / 7
4- (مثل يقوله الكريم إذا ظلمه اللئيم) جمهرة الامثال، أبو هلال العسكري (ت 395 ه): 2 / 193
5- النص المحقق: 1 / 164

بِكُمْ فَعَلِيٌّ ضَامِنٌ لِفَلْجِكُمْ آجِلاً إنْ لَمْ تَمْنَحُوهُ عَاجِلاً))، قال: ((وفي المثل: (مَنْ يَأْتِ اْلحكمَ وَحْدَهُ يَفْلُجُ(1)))(2).

2 - يذكر قصة المثل، کما ورد في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((فَإنْ أقُلُ يَقُولوُا حَرَصَ عَلَى المُلْكِ، وَإِنْ أسْكُتْ يَقُولُوا: جَزِعَ مِنَ اْلمَوتِ. هَيْهاتَ بَعْدَ اللِّيتّا والَّتِي!)) إذ قال: ((قيل: تزوج رجل امرأة قصيرة سّيئة الخلق فقاسي منهَا الشدائد، ثم طلقها وتزوج طويلة فقاسي منها أضعاف القصيرة فطلقها، وقال: بعد اللتيا والتي لا أتزوج أبداً، فَصار مثلاً(3)))(4). وأمثال یورد قصتها بعد أن استشهد بها أمير المؤمنين (عليه السلام) کما في قوله (عليه السلام): ((وَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي هذِهِ اْلحُكُومَةَ أَمرِي، وَنَخَلتُ لَكُمْ مَخزوُنَ رَأيْي، لَوْ كَانَ يُطاعُ لِقَصِیْرٍ أَمْرٌ!))، فذكر الشارح قصة المثل قائلاً: ((وقصير وهو ابن سعد اللّخمي مولى جذيمة بن الابرش بعض ملوك العَربَ والكلام من قبيل المثل وأصله أن جذيمة كان قتل أبا الزّبا ملكة الجزيرة، فبعثت اليه بعد حين خدعة إني أريد التزوج وسألته القدوم عليها، فأجابها جذيمة إلى ذلك، وخرج في ألف فارس، وخلف باقي جنوده مع ابن أخته وكان قصير مولاه أشار عليه بأن لا يتوجه اليها، فلم يقبل رأيه فلما قرب جذيمة من الجزيرة استقبله جنود (الزبّاء) بالعدّة ولم ير منهم اکرامًا لهُ، فأشار عليه قصير بالرجوع عنها وقال: إنَّها امرأة ومن شأن

ص: 80


1- جمهرة الأمثال: 2 / 225، ولسان العرب، مادة (فلج): 2 / 347
2- النص المحقق: 2 / 108
3- ينظر: جمهرة الأمثال: 1 / 223، ومجمع الأمثال: 1 / 97
4- النص المحقق: 1 / 323

النساء الغدر، فلم يقبل فلما دخل إليها قتلته، فقال قصير: لا يُطاع لقصير أمر، فجرى مثلاً(1)لكلّ ناصح عُصَيِ وهو مصيب في رأيه))(2).

3 - أمثال لم يقدم لها عبارات تميزها کما فَعَلَ في أثناء شرحه لقول الأمام (عليه السلام): (لاَ نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا، وَلاَ نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا، وَلاَ نَتَخَوَّفُ قَارعَةً حَتّى تَحُلُّ بِنَا) فقال: ((الكَلام من قبيل: (إيَّاك أعني واسمعي يا جاره)(3)، وعدم الانتفاع بالعِلم لترك العَمَلِ، وعدم السؤال لعدم العلم بفضل العلم، مع عدم الرَّغبة في العمل بمقتضاه))(4).

4 - أمثال قدم الشارح أغراضها والمغزى منها، من ذلك ما ورد في شرحه لقول الإمام (عليه السلام): ((... كُلُّ وَاحد مِنْهُمَا حَامِلٌ ضُبٍ لِصَاحِبِهِ...)) قال: ((والعرب (تضرب) المثل بالضب في العقوق تقول: (أَعَقُ مِنْ ضَب)(5) وذلك أنه ربما يأكل حسوله))(6).

5 - استشهاده بالشعر

استشهد الشارح بأبيات شعرية في أثناء شرحه کلام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت لشعراء من مختلف العصور، يصرح بأسمائهم أحياناً، وفي

ص: 81


1- ينظر: جمهرة الأمثال: 2 / 394، ومجمع الأمثال: 1 / 244
2- النص المحقق: 2 / 192 - 193
3- المثل لسيار بن مالك الفزاري قاله لأخت حارثة بن لأم الطائي وذلك انه نزل بها فنظر إلى بعض محاسنها فهويها واستحيا ان يخبرها بذلك فجعل يشبب بامرأة غيرها) جمهرة الأمثال: 1 / 29، ونسبه الميداني لسهل بن مالك الفزاري، مجمع الأمثال: 1 / 50
4- النص المحقق: 2 / 161 - 162
5- جمهرة الامثال: 2 / 69، ومجمع الامثال: 1 / 509
6- النص المحقق: 5 / 39

أكثر الاحيان يكتفي بقوله: (قال الشاعر) من دون أن يذكر أسماءهم، كما أنه كان يذكر الابيات الشعرية التي استشهد بها شارحون آخرون في أثناء نقله نصوصهم، ومن المواضع التي استشهد بها الشارح:

1 - في معرض شرحه قول الإمام (عليه السلام): ((وَمُبَايِن بَیْنَ مَحارِمِهِ، مِنْ كَبیرٍ أوَعَدَ عَلَيهِ نِيْرَانَهُ، أَو صَغیْرٍ أَرصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ)): قال: ((الوعدُ يستعمل في الخير والشّر، يقال: وعدته خيراً، ووعدته شراً)) فإذا اسقطوا الخَیْر والشّر قالوا في الخير: الوعد والعدة، وفي الشّر الایعاد والوعيد) قال الشّاعر:

وإنّي وإن اوعدته أو وعدته ٭٭٭ لمُخلف ایعادي ومنجز موعدي(1)))(2).

2 - في أثناء شرحه قول الإمام (عليه السلام): ((كَرَاكِبِ الصَّعبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وإِنْ أسْلَسَ لَهَا تَقَحُّمُ)) قال: ((وَمِنَ الّشَاهِد عَلَى أَنَ أشْنَقَ بِمَعنْى شَنَقَ قَولُ عَدّي بِنْ زَيْدٍ الْعِبادي:

سَاءَهَا مَا بنَا تَبَيَّنَ فِي الْأَيْ ٭٭٭ دِي وَأشْنَاقُهَا إِلَی الْأَعْنَاقِ(3)))(4)

3 - في معرض شرحه قول الإمام (عليه السلام): ((وَلَوْ وَهَبَ مَا

ص: 82


1- البيت لعامر بن الطفيل، من البحر الطويل: دیوان عامر بن الطفيل: 360 وقد رود فيه: وإنِّي وإن أَوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ لأُخْلِفَ إِيعَادِي وأنجز موعدي، وينظر: تهذيب اللغة: 3 / 135، تاج العروس الزبيدي، مادة (ختأ): 1 / 143
2- النص المحقق: 1 / 217
3- دیوان عدي بن زید العبادي: 150، وروي الشطر الأول (وساءة ما بنا تبين في الأيدي) الأغاني: 2 / 405
4- النص المحقق: 1 / 306 - 307

تَنَفَّسَتُ عَنْهُ مَعادِنُ الجِبالَ، وَضَحِكَتْ عَنْهُ أصْدافُ البحار، مِنْ فلز اللّجُیَنْ وَالْعِقْيانِ، وَنُثارَة الدُّرِ وَحَصيْد المَرْجانِ، مَا أَثَر ذلِكَ في وجوده، ولا أنْفَدَ سَعَةَ ما عِنْدَهُ)) قال: ((والمرجان صغار اللّؤلؤ)، قال الجوهريّ: وقال قوم هو البُد يعني الحجر الأحمر، ومنه قول الشّاعر يرثی امرأة:

أدْمَى لَهَا الْمَرْجانَ صَفْحَةَ خَدِّهِ ٭٭٭ وَبَكى عَلَيْهَا اللّؤلؤ المكنون(1)))(2).

4 - في معرض شرحه قول الإمام (عليه السلام): ((وذَلِكَ إذا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ، وَشَمَرَتْ عَنْ سَاقٍ، وَضَاقَتْ الدُّنيا عَلَيْكُم ضِيقاً، تَسْتَطِيْلُونَ أَيَّامَ البَلاءِ عَلَيْكُمْ حَتَّى، يَفْتَحُ الله لِبَقيةِ الأَبرارِ مِنْكُم) قال: ((... وقيل: کشف عن الساق مثل في اشتداد الأمر وصعوبة الخطب، وأصله تشمير المخدرات عن سوقهن في الحرب، قال حاتم:

((أخو الحرب إنْ عَضَتْ بِهِ الحَربُ عَضَّها ٭٭٭ وإنْ شَمَرَّتْ عَنْ سَاقِها الحربُ شمرا(3)))(4).

5 - في معرض شرحه قول الإمام (عليه السلام): ((حدابير السنين)) قال الشارح: ((جمع حدبار وهي الناقة التي أنضاها السير، فشبه بها السنة التي فشا فيها الجدب، قال ذو الرمة:

ص: 83


1- البيت من البحر الكامل لمحمد بن هانئ الاندلسي في مدح معز الدولة،، دیوان ابن هانئ الاندلسي: 203، ومعجم الأدباء: 19 / 101
2- النص المحقق: 3 / 201
3- دیوان حاتم الطائي: 40، والاغاني: 17 / 244
4- النص المحقق: 3 / 314

حدابير ما تنفك إلا مناخةً على الخسف أو نرمي بها بلداً قفراً(1)))(2).

6 - اثناء شرحه لقول الإمام (عليه السلام): (وكأنَّي أنظر اليكم تَکِشُّون کَشِيشَ الضبابِ، لا تأخذونَ حقاً، ولا تمنعونَ ضیماً، قد خُليتم والطريق، فالنجاة للمقتحم، والهلكة للمتلوِّم) قال: ((کشیش الأفعى والضب صوت جلدهما عند الحركة، يقال: کشت الأفعی کفرّت وليس صوت فيها، وهو فحيحها أي: كأنكم لشدة خوفكم واجتماعكم من الجبن كالضباب المجتمعة التي تحك بعضها بعضاً إذا تحركت، قال الراجز:

كَشِيْشُ أَفْعَى أَجْمَعَتْ (لِعّضِّ) ٭٭٭ وهي تَحُكُّ بَعْضَها بِبَعْض(3).))(4)

ص: 84


1- البيت من البحر الطويل، دیوان ذي الرمة : 2 / 153. وفيه: حراجيج مَا تَنْفَك إلاَّ مُناخَةً عى الخَسْفِ أو نَرْمي بِها بَلَداً قفرا
2- النص المحقق: 4 / 195
3- الارجوزة غير منسوبة ومقدمتها: (كأنَّ صوت شخبِها المُرفضِّ) لسان العرب، مادة (کشش): 6 / 341، وقد وردت الارجوزة بأكثر من رواية إذْ نجد الجوهري يرويها: کشیش أفعى ازْمَعَتْ لِعَضًّ، الصحاح: 3 / 1018، ورواية الزبيدي والأزهري: کشیش أفعی ازْمَعَتْ بِعض، تاج العروس: 17 / 359
4- النص المحقق: 4 / 241

منهج التحقيق

1. بعد اختياري لمخطوطة الأصل بدأت بنسخها كما هي، وقد راعيت قواعد الرسم المعروفة إلا ما كان يقتضيه رسم المصحف الشريف، ذي الرسم العثماني وهو غير الاملائي.

2. نبهت على ما في النسخ الاخرى من الاختلاف بينها وبين الأصل، في مرحلة المقابلة، زيادة كانت أو نقصًا، أو تحريفًا، أو تصحيفًا، أو تقدیمًا وتأخيرًا، وأثبت ذلك في هوامش التحقيق.

3. خرجت الآيات القرآنية جميعها وحصرتها بين قوسين مزهرين، وأشرت في الهامش إلى موضعها من المصحف الكريم مبتدئتاً باسم السورة ثم رقم الآية، واشرت إلى الاخطاء التي وردت في المخطوطة.

4. خرجت القراءات التي وردت من كتب القراءات.

5. خرجت الأحاديث النبوية الشريفة من كتب الحديث، وذكرت في الهامش الروايات المختلفة.

6. رجعت في تخريج الأبيات الشعرية إلى دواوين الشعراء والى كتب الادب والمعجمات.

7. خرجت الأمثال التي وردت من كتب الامثال.

8. عرفت بالأعلام الذين ورد ذكرهم من النحاة واللغويين والشعراء، وغيرهم من كتب التراجم.

9. رجعت إلى المعجمات وكتب اللغة في تخريج معاني الكلمات.

ص: 85

10. جاء في المخطوط کلمات قد رسمت بغير ما هو مألوف لدينا في الوقت الحاضر، وقد وجدت أن لا مندوحة من ذكرها، فأهملتها وكتبتها بصورة الرسم اللغوي الحديث، ولم أُشر إلى ذلك، من ذلك: عثمن، معوية، حرث.

11. ميزت بخط أسود عريض كلام الإمام (عليه السلام) من کلام الشارح، كي يسهل الفرق بينهما لدى القارئ.

12. حصرت ما أضفته أو ما يقتضيه السياق بين عضادتين []، ونبهت على ذلك، کما استعنت بالعضادتين للإشارة إلى البياض الذي ورد في نسخ المخطوطة، كما حصرت الزيادة التي لا داعي لها التي تخل بالسياق، أو الكلمات الساقطة بين عضادتين [...].

13. اشرت إلى الطمس والخرم الوارد في المخطوطات واتممته من نسخة الاصل وقد حصرته بين عضادتين [...].

14. اثبت أرقام صفحات المخطوطة، ورمزت لوجه كل صفحة بحرف (و) ورقم صفحة المخطوط بحصرهم بين خطين مائلين على سبيل المثل / و180 /، کما رمزت إلى ظهر المخطوط بحرف (ظ) وحصرته مع رقم الصفحة بين خطين مائلين مثال ذلك / ظ 180 /.

15. راعيت علامات الترقيم المعتمدة في التحقيق.

16. الحقت في النهاية فهارس فنية للآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والاشعار، والاعلام، والامثال، والكتب، والقبائل، والاماكن والمدن.

ص: 86

نسخ المخطوط المعتمدة

1 - نسخة (أ) (الأصل)

وهي نسخة مكتبة (آية الله العظمی مرعشي نجفي) في مدينة قم المقدسة في إيران مثبت في بطاقة المخطوطة اسم الكتاب: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق، اسم المؤلف: سید علاء الدين محمد بن أبي تراب کلستانة الاصفهاني عدد الاوراق: 237 ورقة، تسلسل 1847، لم يثبت مقاسها وهو 24×16 ولا عدد سطور الصحيفة وهو 23 سطرًا، وهي مكتوبة بخط النسخ.

صفحة العنوان موجودة في المخطوط، کُتِبَ في أعلى الصفحة ((بهجة الحدائق وتفسیر خطب نهج البلاغة)) لكن وسط الصفحة مطموس والهوامش الجانبية واضحة كتب على الجانب الايسر ((شرح نهج البلاغة للعلامة السيد علاء الدين محمد کلستانة، وفي الصفحة التي بعدها وضع في الاعلى وسط المخطوط عنوان ((نهج البلاغة شرح نهج البلاغة)) وبعدها ((بسم الله الرحمن الرحيم)) وابتدأ السطر الاول ب ((الحمد لله الذي أبلج نهج البلاغة في مناهج البلاغ ليكون للمستبصرين علماً مستنيراً وفتح مغاليق أسرار المعاني بمقاليد)).

هذه النسخة تامة وقد اعتمدتها أصلاً، قال الشارح في نهاية الورقة الاخيرة ((تم الشطر الأول من كتاب بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق)) كما ذكر فيها تاريخ الانتهاء من تأليفه قال: ((وكان الفراغ من تأليفه في تاسع عشر شهر ربيع الاول من شهور سنة اثني وتسعين بعد الالف من

ص: 87

الهجرة، والحمد لله أولاً وآخراً والصلاة على سيد أنبيائه محمد وعترته الطيبين الطاهرين المعصومين)) وكان هذا الكلام نهاية المخطوطة.

جاءت المخطوطة على شكل وجهين في الصفحة الواحدة ما عدا الصفحة الأولى فجاءت على شكل وجه واحد.

2 - نسخة (ث)

هي نسخة مركز إحياء التراث الاسلامي في مدينة قم المقدسة في إيران برقم 2200، عدد صفحاتها 332، لم يثبت مقاسها وهوه،21 × 5، 15، ولا عدد سطور الصحيفة وهو 22 سطرًا، مكتوب في صفحة العنوان في الأعلى وسط الورقة (المجلد الأول من بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق للمولى الفاضل والحبر الكامل الحسب والنسب السيد مولانا علاء الدين الحسيني طاب ثراه وجعل الجنة مثواه) في الصفحة التي بعدها (بسم الله الرحمن الرحيم) في وسط الصفحة والسطر الاول (الحمد لله الذي أبلج نهج البلاغة في مناهج البلاغ ليكون للمستبصرین علماً مستنيراً)، وقد ورد في هذه الصفحة اسم المؤلف فقد ورد ((فيقول المرتجي صفح ربه وغفرانه علاء الدين محمد بن أبي تراب الحسني المنتمي إلى کلستانة إني لما فرغت من تأليف بعض أجزاء حدائق الحقائق في شرح کلمات کلام الله الناطق وقضيت الوطر في شرح الخطبة الشقشقية...) کما ورد في هذه الصفحة عنوان الكتاب قال الشارح: ((ولما كان هذا المختصر کالطلع لحدائق الحقائق سميته ببهجة الحدائق والله المؤيد لإصابة الصواب، وعليه التوكل في فتح الابواب)).

جاءت المخطوطة على شكل وجهين في الصفحة الواحدة ما عدا الصفحة

ص: 88

الأولى والاخيرة فجاءتا على شكل وجه واحد.

على هذه النسخة ختم میرا جلال الدين، وهي تكاد تخلو من الحواشي والتعليقات إلا في مواضع قليلة جداً.

هذه المخطوطة تامة قال فيها الشارح ((تم الشطر الأول من كتاب بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق))، وذكر فيها تاريخ الانتهاء من تأليفه قال: ((وكان الفراغ من تأليفه في تاسع عشر شهر ربيع الاول من شهور سنة اثني وتسعين بعد الالف من الهجرة، والحمد لله أولاً وآخراً والصلاة على سيد أنبيائه محمد وعترته الطيبين الطاهرين المعصومين)) وكان هذا الكلام نهاية المخطوطة.

3 - نسخة (ح)

وهي نسخة مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الاشرف، برقم عام : 92، لم يذكر اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ، عدد أوراقها: 314 ورقة، عدد سطور الورقة 23 سطراً، ومتوسط كلمات السطر الواحد (16) مقاسها: 23 × 16 سم.

صفحة العنوان ممزقة لم يبق منها إلاَّ جزء صغير ورد فيه اسم ((ابن کلستانة الاصفهاني)) وفي أعلى الصفحة الاولى من المخطوطة كتب عنوان ((بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة)) وأسفل منه كتب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أبلج نهج البلاغة في مناهج البلاغ ليكون للمستبصرین علماً مستنيراً وفتح مغاليق....)) وعنوان الكتاب يؤيده قول الشارح في الصحيفة الاولى: ((ولما كان هذا المختصر کالطلع لحدائق الحقائق سميته ببهجة الحدائق

ص: 89

والله المؤيد لإصابة الصواب، وعليه التوكل في فتح الابواب))، واسم المؤلف ورد أيضاً في الصفحة الاولى في نص العبارة ((فيقول المرتجي صفح ربه وغفرانه علاء الدين محمد بن أبي تراب الحسني المنتمي إلى کلستانة إني لما فرغت من تأليف بعض أجزاء حدائق الحقائق في شرح کلمات کلام الله الناطق وقضيت الوطر في شرح الخطبة الشقشقية...).

النسخة كتبت على شكل وجه واحد في كل صفحة، وهي تكاد تخلو من الهوامش إلا في موضعين، وعناوين النسخ كتبت باللون الاحمر، کما وضعت خطوط حمر على بعض الخطب وأحياناً تكون هذه الخطوط موجودة تحت الشرح.

وهذه النسخة غير تامة تنتهي في صحيفة 314، وآخر سطر فيها (تنبيههم على الخطأ وفي تفرجهم وعدم انقيادهم له عليه السلام، ولقطه كنصره اخذه من الأرض ولعل الغرض)).

4 - نسخة (ر)

وهي نسخة مكتبة (آية الله العظمی مرعشي نجفي) في مدينة قم المقدسة في إيران مثبت في بطاقة المخطوطة اسم الكتاب: بهجة الحدائق، اسم المؤلف: السيد علاء الدين محمد بن أبي تراب کلستانة عدد الاوراق: 273 ورقة، تسلسل 1089، ولم يثبت مقاسها وهو 5، 21 × 5، 16، ولا عدد السطور في الصحيفة وهو 26 سطرًا، صفحة العنوان غير موجودة في المخطوط، وكتب في أعلى الصفحة الاولى عنوان الكتاب ((بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة)) واسم المؤلف ((للعلامة السيد علاء الدين کلستانة)) وبعدهما مباشرةً ((بسم

ص: 90

الله الرحمن الرحيم)) جعله السطر الاول من المخطوط، والثاني ((الحمد لله الذي أبلج نهج البلاغة في مناهج البلاغ ليكون للمستبصرين علماً مستنيراً وفتح مغاليق أسرار)).

وعنوان الكتاب ورد في ضمن الصفحة الاولى إذ ورد نص عبارة: ((ولما كان هذا المختصر کالطلع لحدائق الحقائق سميته ببهجة الحدائق والله المؤيد لإصابة الصواب، وعليه التوكل في فتح الابواب)) کما ورد ذكر اسم المؤلف في الصفحة الأولى أيضاً من ضمن الكلام ونصه ((أما بعد فيقول المرتجي صفح ربه وغفرانه علاء الدين محمد بن أبي تراب الحسني المنتمي إلى کلستانة إني لما فرغت من تأليف بعض أجزاء حدائق الحقائق في شرح کلمات کلام الله الناطق وقضيت الوطر في شرح الخطبة الشقشقية...).

جاءت المخطوطة على شكل وجهين في الصفحة الواحدة ما عدا الصفحة الاخيرة جاءت على شكل وجه واحد.

على النسخة ختم مكتبة آية الله العظمی مرعشي نجفي، في وسط الصفحة الاولى في الاعلى وفي أوراق متفرقة كما ثبت في وسط الصفحة الاخيرة بالأسفل.

النسخة خالية من التعليقات والهوامش.

المخطوطة غير تامة انتهت بالسطر الاخير الذي نصه ((بالتحريك وبها سمیت شرط السلطان لانهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها كذا قال أبو عبيد وحكي عن بعض)).

ص: 91

5 - نسخة (ع).

وهي نسخة (كتاب خانة عمومي) مكتبة (آية الله العظمی مرعشي نجفي) في مدينة قم المقدسة في إيران مثبت في بطاقة المخطوطة اسم الكتاب: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام... الناطق، اسم المؤلف: سید علاء الدين محمد بن أبي تراب کلستانة اصفهاني، عدد الاوراق: 356 ورقة، تسلسل 6005، ومقاسها 5، 33×18. كتب في الصفحة الأولى (بهجة الحدائق مختصر حدائق الحقائق) في الصفحة التي بعدها کتب (بسم الله الرحمن الرحيم) في وسط الصفحة والسطر الاول (الحمد لله الذي أبلج نهج البلاغة في مناهج البلاغ ليكون للمستبصرین علماً مستنيراً)، وقد ورد في هذه الصفحة اسم المؤلف جاء فيها ((فيقول المرتجي صفح ربه وغفرانه علاء الدين محمد بن أبي تراب المنتمي إلى کلستانة إني لما فرغت من تأليف بعض أجزاء حدائق الحقائق في شرح کلمات کلام الله الناطق وقضيت الوطر في شرح الخطبة الشقشقية ...) کما ورد في هذه الصفحة عنوان الكتاب قال الشارح: ((ولما كان هذا المختصر كالطلع لحدائق الحقائق سميته ببهجة الحدائق والله المؤيد لإصابة الصواب، وعليه التوكل في فتح الابواب)) جاءت المخطوطة على شكل وجهين في الصفحة الواحدة.

6 - نسخة (م)

وهي نسخة (كتاب خانة عمومي) مكتبة (آية الله العظمی مرعشي نجفي) في مدينة قم المقدسة في إيران مثبت في بطاقة المخطوطة اسم الكتاب: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق، اسم المؤلف: سید علاء الدين محمد

ص: 92

بن أبي تراب کلستانة اصفهاني، عدد الاوراق: 229 ورقة، تسلسل 9137، ومقاسها 5، 16× 5، 29، لم يثبت عدد السطور في الصحيفة وهو 29 سطرًا. صفحة العنوان فيها تعليقات بخط إيراني، أُشِّر عليه بأنه خط حاج فرهاد میزا، واثبت عليها بخط مخالف لخط المخطوط (شرح صغير نهج البلاغة کلستانة).

الصفحة الاولى بعد صفحة العنوان بدأت (احصائها بثمن میسور وقريب التناول لا يعدمه أحد لعموم الموارد مع قلة العوائق عن الوصول إلى واحد من أفراده ولا)) وهي بذلك تكون مختلفة عن بقية النسخ لسقوط بدايتها، وبذلك لم يذكر فيها عنوان الكتاب ولا اسم المؤلف؛ لأنها من ضمن الكلام الساقط في البداية.

وعناوين النسخ كتبت باللون الأحمر، کما وضعت خطوط حمر على بعض الخطب وأحياناً تكون هذه الخطوط موجودة تحت الشرح.

على المخطوطة تعليقات وهوامش.

تمت هذه المخطوطة بعبارة ((تم الشطر الأول من كتاب بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق))، وذكر فيها تاريخ الانتهاء من تأليفه قال: ((وكان الفراغ من تأليفه في تاسع عشر شهر ربيع الاول من شهور سنة اثني وتسعين بعد الالف من الهجرة، والحمد لله أولاً وآخراً والصلاة على سيد أنبيائه محمد وعترته الطيبين الطاهرين المعصومين)) وكان هذا الكلام نهاية المخطوطة.

وقد صرح الشارح باسمه في نهاية هذه النسخة إذ قال: ((وأنا الغريق في

ص: 93

بحر العصيان علاء الدين محمد بن سليمان البطاحي في سنة 1102)).

7 - نسخة (ن)

وهي نسخة مكتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) العامة في النجف الاشرف مثبت في بطاقة معلومات النسخة اسم الكتاب: بهجة الحدائق، واسم المؤلف محمد بن أبي تراب کلستانة، برقم تسلسل: 3685 وتصنيف 167 / 4 / 14، وتاريخ الكتابة: 1092، والقطع 18 × 20 ومصدر الاقتناء: مکتبة مدرسة الجزائري، عدد الصفحات لم توثق في بطاقة العنوان وهي 446 صفحة.

لا توجد صفحة للعنوان، والصفحة الأولى من المخطوط خالية من العنوان أيضاً، وقد ذكر في الصفحة الاخيرة، كما أنَّ الصفحة الأولى لا تحمل اسم المؤلف، هذه المخطوطة تبدأ ب ((بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد حمداً لله الذي جعل الحمد ثمناً لنعمائه ومعاذاً من بلائه)) وهو السطر الاول منها، والصفحة الأولى كتبت على شكل وجه واحد أما بقية المخطوطة فقد جاءت على شكل وجهين في الصفحة الواحدة. وعناوين النسخ كتبت باللون الأحمر، كما وضعت خطوط حمر على بعض الخطب وأحياناً تكون هذه الخطوط موجودة تحت الشرح.

وعلى المخطوط ختم مكتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) العامة على الجانب الأيسر من الصفحة الأولى، وختم دار المخطوطات العراقية في الجانب نفسه والصفحة كما يوجد هذان في أوراق متفرقة من المخطوط وفي الصفحة الاخيرة أيضاً.

هذه النسخة تامة، قال الشارح في نهاية الورقة الاخيرة: ((تم الشطر

ص: 94

الأول من كتاب بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق)) کما ذکر فيها تاريخ الانتهاء من تأليفه قال: ((وكان الفراغ من تأليفه في تاسع عشر شهر ربيع الأول من شهور سنة اثني وتسعين بعد الالف من الهجرة، والحمد لله أولاً وآخراً والصلاة على سيد أنبيائه محمد وعترته الطيبين الطاهرين المعصومين))، وكان هذا الكلام نهاية المخطوطة.

ص: 95

ص: 96

نماذج من النسخ المصورة المعتمدة في التحقيق

ص: 97

ص: 98

الصحيفة الأولى والثانية من النسخة (أ)

الصحيفة الأخيرة من النسخة (أ)

ص: 99

الصحيفة الأولى والثانية من النسخة (ر)

الصحيفة الأخيرة من النسخة (ر)

ص: 100

الصحيفة الأولى والثانية من النسخة (ث)

الصحيفة الأخيرة من النسخة (ث)

ص: 101

الصحيفة الأولى من النسخة (ن)

الصحيفة الأخيرة من النسخة (ن)

ص: 102

الصحيفة الأولى من النسخة (م)

الصحيفتين الاخيرتين من النسخة (م)

ص: 103

الصحيفتين الأوليتني من النسخة (ع)

الصحيفتين الأخيرتين من النسخة (ع)

ص: 104

الخاتمة

بعد الانتهاء من قسم الدراسة الخاص بالاطروحة يمكن إيجاز أهم نتائجها:

1 - استبعاد رواية وفاة علاء الدين كلستانة في سنة (1100ه) بدليل ما ذكره محمد الأردبيلي في مقدمة كتابه (جامع الرواة).

2 - كان لعصر الشارح دور في إنماء شخصيته العلمية، إذ شهد عصراً مستقراً نسبياً من الصراعات الخارجية والحروب، واهتمام الولاة أنذاك بالعلم والعلماء وإظهار مكانة أهل البيت (عليهم السلام)، إضافة إلى أنَّ مجالسته لمحمد باقر المجلسي كان لها دور مؤثر أيضاً في توجهاته الفكرية.

3 - رجع علاء الدين كلستانة في شرحة إلى كتب متنوعة منها: (کتب المعجمات، وكتب النحو، وكتب اللغة، وكتب التفاسير، وكتب الأحاديث، وكتب الأنساب، وكتب التاريخ) وهذا دليل على سعة اطلاعه، وحرصه على إغناء الشرح بعلوم وجهود العلماء.

4 - کانت للشارح اهتمامات صرفية، ودلالية، ونحوية، وهذا يتضح من خلال وقفاته الصرفية والدلالية والنحوية في شرحه لكلام الإمام (عليه السلام).

5 - اهتم الشارح كثيراً في بيان معاني الكلمات؛ لذلك نجده يقف على معاني كل كلمة من كلمات الإمام (عليه السلام) حتى وإن كان معناها واضح ومعلوم للقارئ.

6 - شخصية الشارح كانت حاضرة في شرحه، إذ كان يرجح بين الروايات التي يعرضها، وأيضاً كان ينتقد بعض الشارحين ويرد عليهم.

ص: 105

ص: 106

بهجة الحدائق

في شرح

نهج البلاغة

لعلاء الدین محمد بن ابی تراب الحسنی کلستانة

المتوفی سنة 1110 ه

التحقیق

ص: 107

ص: 108

بسم الله الرحمن الرحيم

[الحمد](1)لله الذي أبلج(2)نهج البلاغة في مناهج البلاغ ليكون للمستبصرین علماً مستنيراً، وفتح [مغاليق أسرار المعاني](3)بمقاليد بدائع البيان على السنة حججهِ [وكلماته](4)التامة [فتحاً](5)يسيراً، [وانطق بقدرته](6)الباهرة [الصُمَّ](7)[الصَّياخید](8)، والشُم(9)الجلاميد(10)فَسبحت بحمده تسبيحاً لا يفقهُ [الاّ](11)من كان سميعاً بصيراً، والصلاة على شريعة [مناهل](12)النجاح، وشراع سفينة النجاة الذي ارسلهُ رحمةً للعاملين بشيراً ونذيراً وداعياً اليه بإذنه وسراجاً [مُنيراً](13)، وأنار طرائق العرفان بأنوار هدايته وجعله فيها سراجاً مستطيراً، وعلى الصارم [المنتضی](14)الذي سَلّ

ص: 109


1- [الحمد] خرم في ح
2- البلج: الوضوح والاشراق، ينظر: لسان العرب ابن نظور (ت 711 ه)، مادة (بلج): 2 / 215، 216
3- [مغاليق أسرار المعاني] خرم في ح
4- [وكلماته] طمس في ح
5- [فتحاً] طمس في ح
6- [ونطق بقدرته] طمس في ح
7- [الصمّ] طمس في ح
8- [الصياخید] خرم في ح، جمع صيخود وهي: (الصخرة الملساء الصلبة التي لا تحرك من مکانها، ولا يعمل فيها الحديد) تاج العروس، الزبيدي (ت 5 120 ه)، مادة: (صخد): 5 / 52
9- (الشميم: المرتفع)، تاج العروس، مادة (شمم): 16 / 393
10- جمع جلمود وهو (الصخر) الصحاح، الجوهري (ت 393 ه): 2 / 459
11- [إلا] طمس في ح
12- [مناهل] خرم في ح
13- [منيراً] خرم في ح
14- [المتضی] خرم في ح

سیف التأويل بحكم التنزيل على المارقين من ولايته فجاهدهم به جهاداً كبيراً وجعل [الله الإمامة كلمة](1)باقيةً في عقبه واعتد لمن اعتدى عليه سلاسل وأغلالاً وسعيراً، وعلى مفاتيح [الرحمة من عترته الذين](2)اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من كل دنسٍ تطهيراً، وتهدلت غصون عطفه [على محبيهم فأعدَّلهم](3)في جناتِهِ نعيمًا(4)ومُلكاً كبيراً، اللهم احشرنا تحت لوائهم يوم تدعو(5)كل [إناس بإمامهم واجعلهم لنا يوم](6)المصير نصيراً، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إلى معرفتهم وفجرت من قلوبنا [عيون](7)[مودتهم تفجيراً.

أما بعد...](8)

فيقول المرتجی صفح ربه وغفرانه علاء الدين محمد بن أبي تراب الحسني المنتمي إلى [كلستانة إني لمَّا فرغت من تأليف بعض أجزاء حدائق](9)الحقائق في شرح کلمات کلام الله الناطق وقضيت الوطر في [ شرح الخطبة الشقشقية من دفع الشبه](10)وتسكين الشقاشق رأيت كثيراً من أهل الدهر قاصر

ص: 110


1- [الله الإمامة كلمة] خرم في ح
2- [الرحمة من عترته الذين] خرم في ح
3- [على محبيهم فاعد لهم] خرم في ح
4- (نغيمًا) في ر، تصحيف
5- (ندعو) في أ، تصحيف
6- [اناس بإمامهم واجعلهم لنا يوم] خرم في ح
7- [عيون] طمس في ح
8- [مودتهم تفجيراً أما بعد] خرم في ح
9- [كلستانه إني لمَّا فرغت من تأليف بعض أجزاء حدائق] خرم في ح
10- [شرح الخطبة الشقشقية من دفع الشبه] خرم في ح

[الفطنة](1)[عن صعود مراقیه وارتقاء تلك الشواهق، أو مقصور](2)الهمة على مختصر خالِ عن الإطناب غير مشتمل على الدقائق [فقدمت](3)مختصراً يذلل من الألفاظ صعابها ويكشف عن عرائس المعاني على وجه الايجاز جلبابها، ثم أن منحني بعد حين بالتأييد من فضله الملك المنان، وصرف عني صوارف الدهر الخوان عطفت عنان العزم نحو ما اسسته آنفاً فوقیت بحق كل مقام من التدقيق، وخضتُ كل لجُةٍ خضراء من بحار المباحث المهمة ابتغاء للظفر بدرة التحقيق؛ ولما كان هذا المختصر کالطلع لحدائق الحقائق سميته بهجة الحدائق والله المؤيد لإصابة الصّواب وعليه التوكل في فتح الأبواب. قال السيد الجليل النبيل صاحب جلائل المفاخر وکرائم المآثر الرضي المرضي مؤلف الكتاب المستطاب طيب [الله](4)ثراه وجعل فرادیس الجنة مثواه:

(بِسْمِ اللهِ الرحْمَنِ الرَّحيِمِ أمّا بعدُ، حَمْدِا للهِ الذَّي جَعَلَ الحَمدَ ثمناً لنعمائِه، ومَعاذاً مِنْ بَلائِه)، الحَمْدُ في كلامه (رضي الله عَنْهُ) وإن كان يحتمل المعنى اللّغوي المشهور، إلاَّ أنَّ المناسب لأجزاء الكلام حمله على المعنى العُرفي، وهو الفعل المنبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنَّه منعم على الحامد، أو غيره سواء كانَ باللّسان أو الجنان أو الأركان(5)/ ظ 1 / وقد قيل بترادف الحَمدْ والشكر؛ لأنَّه

ص: 111


1- [الفطنة] طمس في ح
2- [عن صعود مراقیه وارتقاء تلك الشواهق أو مقصور] خرم في ح
3- [فقدمت] خرم في ح
4- [الله] ساقطة من أ
5- ينظر: الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري (ت بعد 395 ه): 48، 49، وينظر: کتاب التعريفات، الشريف الجرجاني (ت 816 ه): 76

يوضح كلَّ مقام الآخر، وثمن الشّيء ما استحقَ به ذلك الشّيء(1)ويجمع على أثمانِ وأثْمِنة وأَثمَن، والنَعْماء بالفتح والمَد ما أنعم به عليك، والصنيعة، والمنّة، والمسّرة، والمعاذ يحتمل المَصْدر مِنْ قولك: عُذْتُ بفُلانَ أي لجأت الَيْهِ، والمكان(2)، وهو المناسب للمقام، والبلاء في الأصل ((الاختبار))(3)ويكون مِنْحَة ومِحْنَة(4)، وقيلَ: ((يقال من الخَير أبلَيْتهُ إبلاء ومِنْ الشِرَّ بلوته بلاء))(5)؛ والمُراد به مقابل النّعمة بقرينة المقابلة والاستعاذة، وقَدْ حمد الله سُبحانَه بنعمة جليلة هي أنه رضي [عوضاً](6)عن نعمائه التي عجز العَادّوُن عن احصَائها بثمن میسُورٍ قریب التَناول لا يعدمه أحد لعمومة الموارد مع قلّة العوائق عن الوصول إلى واحد مِنْ افراده، ولا يصّد عنهُ رأساً في مقام الشّكْر، والاستِعَاذة حاجزٌ من الجاحدين(7)لعدم الاطلاع على الجنانِ، وقد عدَّ سُبْحانُه بفضلهِ الجَسيْم المُعترِف بالقصُور عن شُكْره شُکورا، والعالم بأنَّ الحَمدَ نعمة منه حامداً ورضى عن عَبْده وإن عظُمت النّعمة علَيْهِ بأنْ يقول: الحمدُ لله ربّ العالمین کما يظهرُ مِنْ الاخبار، وقّدم الحمد بجعله(8)ثمناً للنعماء؛ لأنّه سُبْحانه سَبقت رحمتُه غَضبَهُ، وعوّد عباده الابتداء بآلائه الجّمة.

ص: 112


1- ينظر: لسان العرب، مادة (ثمن): 13 / 82
2- ينظر: لسان العرب، مادة (عوذ): 3 / 498
3- الصحاح، مادة (بلا): 6 / 2285
4- (منحة ومنحة) في ث
5- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، عبد العظيم المنذري (ت 656 ه): 2 / 441، ولسان الميزان، ابن حجر (ت 852 ه): 1 / 490
6- [عوضاً] زيادة في ث، ح
7- (الجاحدين) تصحيف في م
8- (جعله) في ث

((ووَسيلاً إلى جِنانِه وسَبَباً إلى زيادَة إحسانه)) الوسیل جمع وسيلة وهي ((ما يتقرب به إلى الغير))(1)، والجِنان بالكسر جَمع جَنّة وَهي ((الحديقة ذات النّخل والشجر))(2)، قيل: وسُمِّي دارُ النعيم في الآخرة جنّة من الاجْتنَان وهو الستر؛ لتكاثف أشجارها وتظليْلها بالتفاف(3)أغْصانَهِا(4)، والسبب في الاَصْل ((الحَبْلُ الذّي يتوصل به إلى الماءِ، ثم استعيْرَ لكلّ ما يتوصّل به إلى شيء))(5)، ولعلّه لما أورد الجِنان بلفظ الجَمْعِ اشعَاراً بكثرة [عطائه](6)سُبْحانه وسبُوغ جزائه، أورد الوسيل كذلك رعاية للمُناسبة، [وفيه](7)اشارة إلى عموم مَوارد الحمد وتعدد أصنافه وهذا من القرائن على إرادۃِ المَعنْى العرفي، وفي بعض النّسخ (وسبيلاً إلى جنانه)(8)وَهُوَ أوضح وكون الحمدِ سبباً إلى زيادة الاِحسَان مغاير لكونه ثمَناً للنّعماء کما هو ظاهر عند ذي فطرة سليمة. ((والصَّلاةُ عَلى رسُوله نبيّ الرَّحْمة، وإمام الأئمة، وَسِراجِ الأمّة)) المشهُور أن الصَّلاة من الله رحمة حقيقةً، وقیل مجازاً ومن غيره طلبها، أو من الملائكة الاستغفار، ومن المؤمنين الدّعاءِ، والنبي إنسان أوحي اليهِ بشرع أمر بتبليغه، أو لم يؤمر فإنَّ أمر فرسُول أيضاً، أو أمر بتبليغه وإن لم يكن له كتاب، أو نسخ

ص: 113


1- الصحاح، مادة (وسل): 5 / 1841، وتاج العروس، مادة (وسل): 15 / 401
2- تاج العروس، مادة (جنن): 18 / 118
3- (بالتفات) في ث، تحریف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (جنن): 13 / 100
5- لسان العرب، مادة (سبب): 1 / 459، وتاج العروس، مادة (سبب): 2 / 65
6- [عطائه] طمس في أ
7- [وفيه] طمس في ح
8- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الروندي: 6 في نسخة (د) هامش: 3 وسبلاً)

لبعض شرع من قبله، فإنَّ كان فرسُول أيضاً، وقيل: هما بمعنى الرّسول على الأوّل(1)والأنسب بالنسبة على الأوّل الاشهر(2)وإن كان تأخير الرّسول لكونه أخصّ إلاَّ أنّه لعله قدمه؛ لأنَّ الانباء(3)[المشتق منه النبي لغة بعد الامر](4)يكون بعد الاخبار(5)، وقيل: النَّبي من النَّبْوة(6)بفتح النون وسکون الباء أي الرّفعة(7)، لكونه مرفوع الرّتبة على غيره، وكونه (صلىّ الله عليه وآله) نبي الرحمة، لأنَّه قائد إلى الرشاد المؤدي إلى الجّنة والرضوان، مطبوع بخلقٍ عظیم مبعُوث بالحنيفة [السمحة](8)السّهلة التي تكاليفها أسهل ورخصها أكثر مرفوع عن أمته عذاب الاستئصال في الدنيا لعلوّ رتبته وعذاب النّار في الاُخرى عن عَصاتهم بشفاعته وقد قبل الجزية دُون من قبله وفي الكلام اشارة إلى قوله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»(9)، والامام من يُقتدي به في أقواله وأفَعاله(10)، وقال سبحانه مخاطباً لإبراهيم (عليه السلام):

ص: 114


1- (وقيل: هما الرسول بالمعنى الأول) في ث
2- (وقيل: هما بمعنى الرّسول بالمعنى الأوّل والأنسب على الأوّل الاشهر) في ث، ح
3- (الابناء) في أ، ع، تصحيف
4- [المشتق منه النبي لغة بعد الامر] في م
5- (لأنَّ الانباء المشتق منه النبي لغة يكون بَعدَ الأمر) في، ث، ح
6- النبوة مشتق من الفعل (نبا) قال ابن دريد ((نبا ينبو نَبُوّاً، والنبوة: الارتفاع عن الشيء ومن ذلك قولهم: نبا السهم عن الهدف لأنه تنحّى عنه)) الاشتقاق، ابن دريد (ت 321 ه): 462
7- ينظر: تاج العروس، مادة (نبو): 20 / 213
8- [السحمة] ساقطة من ح، وفي ث: (السهلة)
9- الانبياء / 107
10- ينظر: الصحاح، مادة (أمم): 5 / 1865

«قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي»(1)وهو (صلّى الله عليه واله) إمَام الائمة؛ لأنَّه شهيد على الأنبياء (عليهم السلام)، وآدم ومن دونه تحت لوائه، وسَراج الأمة لقوله تعالى: «وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا»(2). / و2 / (المنتجَب مِنْ طينة الكَرَم، وسُلالةِ المجْد الأَقدَمِ، ومَغْرِس الفَخار المُعْرِق، وفَرْع العلاء المُثْمر المورِق) المُنتَجِب [بالجيم](3)المختار و((الطينة: الخِلقة والجبلة))(4)، والسُّلالة بالضم: ما استُلَ من شيء(5)أي استخرج، وسلالة المجد فرعه كما أنَّ طينة الكرم أصله، والمجد ((الشرف الواسع))(6)، أو الشرف بالإباء، وقيل: إذا قارن شرف الذّات حسن الفعال سمِّي مجداً، وغَرًسَّ الشجر کَضَرَبَ أثبَته في الأرض، والفخار بالكسر المفاخرة، وبالفتح الفخر وهو ادعاء العظَمْ والشرف(7)، والتمّدح بالخصَالِ، والموجود في أكثر النسخ بالكسر، ومغرس الفخار من اتّصف بالشَّرف والمکارم(8)وإن لم يفتخر کما روى عنه(9)(صلى الله عليه واله) ((أنا سيد ولد آدم وَلا فخر))(10)،

ص: 115


1- البقرة / 124
2- الاحزاب / 46
3- [بالجيم] اطمس في ح
4- لسان العرب، مادة (طان): 13 / 270
5- ينظر: تاج العروس، مادة (سلل): 14 / 350
6- لسان العرب، مادة (مجد): 3 / 395
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (فخر): 5 / 49
8- (المكان) في ع، تحریف
9- (انه) في ع، تحریف
10- سنن ابن ماجه، محمد بن یزید القزويني (ت 273 ه): 2 / 1440، والفائق في غريب الحديث، الزمخشري (ت 538 ه): 3 / 9، وشرح صحیح مسلم، النووي (ت 676 ه) 15 / 37، ومجمع الزوائد، الهيثمي (ت 807 ه): 10 / 376

ولعلّ في لفظ الغرس إيماء إلى ذلك والمعرق(1)الأصيل، و((فرع كلّ شيء أعلاَهُ))(2)، ويقال: ((هو فرع قومه للشريف منهم))(3)، والمراد التّشبيه بفرع الشّجر أي غصنه، والعلاء کَسماءِ الرّفعة، ويقال: عَلى فلان في الشرف یَعلی کرضى يرضى علاءً(4)، وأثمر الشّجر أي طلع ثمره، أو المثمر ما بلغ أن يُجني، وأورق الشجر أي خرج ورقهُ، ولعلَّ تأخير المورق لرعَاية السّجع مع أن الثمر مقدّم في الرّتبة على الوَرَق. (وعلى أهلِ بيته مصابيح الظُّلَم، وعِصَم الأمَم، ومَنَار الدِّين الْوَاضِحَة، ومثاقيلِ الفَضْل الرَّاجِحَة) المراد بأهل البيت فاطمة والأئمة (عليهم السّلام) وإن كان قد يطلق على [أصحاب الكساء](5)(عليهم السلام)(6)، والعِصَم جمع عِصْمَه وهيَ المنع والحفظ ويجمع العصَم على أعْصُمْ(7)وهي على أعصام وهم (عليهم السّلام) عصم [الامم](8)؛ لأنهّم يمنعُون الأمم ويحَفظُونهم عن الهلاك والضّياع بالهداية إلى طرق النّجاة، وبهم يفوز الفائزون بكرامة الله و[فضله](9)في الدّنيا وَالآخرة،

ص: 116


1- (المغرق) في م، تصحيف
2- القاموس المحيط، الفيروز آبادي (ت 817 ه)، (مادة (فرع):: 3 / 61
3- لسان العرب، مادة (فرع): 8 / 247
4- (علاه) في ع، تحریف
5- [أصحاب الكساء] خرم في م
6- ينظر، التبيان في تفسير القرآن، الطوسي (ت 460 ه): 8 / 340، ومجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي (ت 548 ه): 8 / 156 124
7- ينظر: معجم مقاییس اللغة، أحمد بن فارس (395 ه)، مادة (عصم): 4 / 331، وينظر: تاج العروس، مادة (عصم): 17 / 483
8- [الامم] خرم في م
9- [فضله] خرم في م

والمنار جمع منارة بالفتح فيهمَا وهي ((العَلامة))(1)، ومنار الحرم أعلامه التّي ضربت على أقطاره ونواحيه(2)و[أصلها](3)النور؛ ولذلك تجمع على مناور، ومن قال: منائر فقد شبه الأصلي بالزائِد(4)، فالوَجْه في تأنيث الواضحة واضح، و[المثاقيل جمع مثقال](5)وهو في الأصل ((مقدار من الوزن، أي شيء كان من قليل أو كثير))(6)، ومثقال ذرة: وزنها، ووصفها بالرّاجحة؛ لأنَّه لا يوازن بفضلهم فضل وقيل؛ لأنَّه إذا اعتبر فضل غيرهم ونسب بعضه إلى بَعْضٍ كانوا مثاقيل راجحة لذلك الفضل يعتبر رجحان بعضه على بعضٍ بالنسبة اليها وفيه ما تری.

(صلّى الله عليهم أجْمَعینَ، صَلَاةً تكونُ إزاءً لِفَضْلِهمْ، وَمكافَأَةً لِعَملِهِمْ، وكِفاءً لطيب فَرْعِهِمْ وأصْلِهِمْ، ما أنار فَجْرٌ سَاطِعٌ، وخَوَى نَجْمٌ طالعٌ) الإِزاء بالكسر المُحاذاة والمُقابلة، وفُلانٌ إِزاء لِفُلانٍ إذا كان (مقابلاً)(7)لهُ(8)، والمكافأة بالهمزة المجازاة والمُماثلة، وفلانٌ لا کِفاء له بالكسر أي لا نَظيرَ لَهُ(9)وهو في الاَصْل مصدر، وطابَ يطيبُ طيباً وطّيبةً أي: زکی، والطيب ضدّ

ص: 117


1- لسان العرب، مادة (نور): 5 / 241
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نور): 5: / 241
3- [اصلها] خرم في م
4- ينظر: المنصف، ابن جني (ت 392 ه): 1 / 309
5- [المثاقيل جمع مثقال] خرم في م
6- ينظر: لسان العرب، مادة (ثقل): 11 / 87
7- (مقاوماً) في أ، ث، ح، ر، والانسب للسياق ما اثبت في المتن
8- ينظر: العين، مادة (وزي): 7 / 399
9- ينظر: الصحاح، مادة (كفأ): 1 / 68

الخبيث، وأنار یکون لازماً ومتعدياً، وَالّسطوع الارتفاع(1)وسطوع الفجر في أوله قبلَ أن يَعتَرض، والتخصيْصِ للأولية، وخوی کرمی ((سقط))(2)، وطلعَ ظهر. (فإني كنتُ في عُنْفوان السنّ، وغضاضة الغُصْن ابتدأتُ بتأليفَ كتابٍ في خَصائِصِ الأئمة (عليهم السلام) يَشْتَمِل على محاسِن أخْبارِهِمْ، وجواهِر کَلَامِهِمْ حَدَاني عَلَيْه غرضٌ ذكرتُه في صَدْر الكتاب، وجعلتُه أمَام الكلام) الفاء جزاء الشرط في قوله إمّا بعد، وعنفوان كلّ شيء أوَّله(3)، وَالغَضاضَة بالفَتَح النّضارة والطَراوة(4)، وأغصان الشجّر أطرافُه مَا دَامت ثابته(5)فيهِ، والجَوْهر مُعَرَّب(6)کوهر، وحداني أي بعثني وحملني وهو من حدو الابل / ظ 2 / أي سوقها والغناء لها(7)وهو من أعظم البواعث على سوقها، (وفرغْتُ من الخصائِص التي تَخُصّ أميرَ المؤمنين عليّاً (عليه السلام)(8)، و[عاقتْ(9)عن إتمامِ](10)بقيَّة الكتابِ مُحاجزاتُ الأيّامِ، ومُماطَلَاتُ الزَّمان، وكنتُ قَد بَوَّبْتُ ما خرج مِنْ ذلك أبواباً، وَفَصَّلتُه فصولاً)، عاقني عن كذا أي صرفني وحبسني وعوائق الدهر الشواغل من أحداثة، والمحَاجَزة بالفتح

ص: 118


1- ينظر: تاج العروس، مادة (سطع): 11 / 208
2- معجم مقاییس اللغة، مادة (خوی): 2 / 225
3- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (عنف): 4 / 158
4- ينظر: الصحاح، مادة (غضض): 3 / 1095، ولسان العرب، مادة (غضض): 7 / 196
5- (نابتة) في أ، ع، تصحيف
6- المعرب من الكلام الاعجمي على حروف المعجم، الجواليقي (ت 540 ه): 98
7- ينظر: الصحاح، مادة (حدا): 6 / 2309، وينظر: تاج العروس مادة (حدا): 19 / 310
8- [عليه السلام] ساقطة من م
9- (وعافت) في أ، ع، تصحيف
10- [وعافت عن اتمام] خرم في م

((الممانعة))(1)، والمماطلة بالفتح التّسويف بالعدة والديّن وأصله من المطل وهو مد الحديد ليطول(2)، وخرج من ذلك أي تم تأليفه كأنَّه كان قبل ذلك كامناً في بيت أو وراء ستر. (فجاء فِي آخِرِها فَصْلٌ يتضمّن محاسنَ ما نُقل عنه (عليه السلام) من الكَلاَم القَصیر، في المواعِظِ والحِكَمِ والأمثالِ والآدب؛ دُونَ الخُطَبِ الطَّويِلة والكُتبِ المبْسُوطة) الموعظة ذكر ما يلين القلب من الثواب والعقاب ونحوهما(3)، والحِكمة بالكسر العِلم(4)، والأمثال جمع مَثَل بالتّحريك وهو في الأصل النّظير، كمثل ومثيل ومثلها، شبَهَ وشِبهَ وشَبيهٌ، ويقال: المَثل للقول السائر المُمثل مضربه بمورده ولا يضرب إلا ما فيه غرابة ولذلك حوفظ عليه من التْغيیر، ثم استعير لكل حالٍ، أو قصّة، أو صفةِ لها شأن وفيها غرابة، والأدب بالتحريك حسن التناول وتعلم الكتب وغيرها، وأدَّبهُ أي علّمه، والخُطب جمع خُطبة بالضَّم قيل: ((هي الكلام المنثور المسجّع))(5)، ولعلّه تعريف بالأعم مطلقاً بل من وجه، وقيل: يختص في العرف بالتّذكير بایّام الله وأمر الآخرة وعذاب النْار ونحو ذلك، وقيل: يكون في الموعظة وفي النكاح، وقيل: ما يقوله الخاطب على المنبر والظّاهر عدم الاختصاص، والمراد بالكتب [ماکتب](6)إلى ملك أو أمير أو عاملٍ ونحو ذلك.

(فاستحسنَ جماعةٌ من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصلُ المقدمّ ذِكْرهُ

ص: 119


1- الصحاح، مادة (حجز): 3 / 872
2- ينظر: لسان العرب، مادة (مطل): 11 / 624 في أ، ع، م: (لتطول)، وفي ح: (لطول)
3- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (وعظ): 6 / 126
4- ينظر: الصحاح، مادة (حکم): 5 / 1901
5- القاموس المحيط، مادة (خطب): 1 / 63
6- [ما كتب] ساقطة من ر

معْجَبین ببدائعِهِ، ومتعجِّبین من نواصِعه، وسألوني عِنْدَ ذلك أنْ اَبْتدِئَ بتأليف كتابٍ يحتوي على مُخْتَارِ كلامِ أمیر المؤمنین (عليّهِ السّلام) في جميعِ فُنونه، ومتشعِّبات غُصونه، من خُطَبٍ وكُتب، ومواعظَ وأدبٍ) استحسن الشيء أي عدّه حسناً، ومُعجَبِين ببدائعه [بفتح الجيم](1)على صيغة اسم المفعُول من قولهم: اعجب فلان برأيه وبنفسه فهو مُعْجَب بهما إذا صارا عنده محلاً(2)؛ لأن يتعجّب منهما، والاسم منه العُجب بالضمَّ، وعجبت من كذا وتعجبّت واستعجبت على صيغ المعلوم بمعنی، وفي بعض النسّخ ([معجّبين](3)ببدائعه) بالتشديد على صيغة الفاعل أي أنهم يعجبّوُن غيرهم بها، والناصع من كل شيء الخالص(4)، يقال: ((أبيض ناصع))(5)، ((ونصع الأمر: وضح))(6)والفُنُون(7)الأنواع جمع فن، وأما الفَنَنُ بالتحريك بمعنی الغُصْنُ فَجَمْعُهُ أَفْنَان ثم أفانين(8)، والتشعب کالانشعاب التفرق، يقال: انشعبت الطريق، وأغصَان الشجرة وتشعبت(9)ورويت الكلمة بهما؛ (عِلمًا إنّ ذلك يتضمّن من عَجَائب الْبَلاغةِ، وغَرَائبِ الْفَصَاحَةِ، وجواهِر العربية، وثواقبِ الکَلِم الدينية والدُّنياوِية؛ مالايوجدُ مجتمعاً في كلامٍ، ولا مجموع

ص: 120


1- [بفتح الجيم] ساقطة من، ث، ح
2- (محلين) في، ث، ح
3- [معجبين] ساقطة من ع
4- ينظر: الصحاح، مادة (نصع): 3 / 1290
5- المصدر نفسه، مادة (نصع): 3 / 1290
6- المصدر نفسه، مادة (نصع): 3 / 1291
7- (بالفنون) في ح
8- ينظر: العين، مادة (فن): 8 / 372
9- ينظر: لسان العرب، مادة (شعب): 1 / 499، 498

الأطراف في كتابٍ) علماً مفعول له لقوله: (سألوني) أو مصدر سّد مسد الحال أي عالمين، والجوهر ((كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به))(1)، ومن كل شيء ما وضعت(2)عليه جبلته(3)، وثواقب الكلم شرائفه شبهت بالشهاب الثاقب / و3 / الذي يثقب الظلم بنوره کما قيل، وفي بعض النسخ (یواقیت الكلم)(4)، وهي أنسب بالجواهر بالمعنى الأول، ولعل المراد بعدم کون کتاب جامعاً لأطرافها عدم اشتمال کتاب من کتب العربية على الضوابط الجامعة لها وهو مغایر لاشتمال كلام عليها (إذْ كانَ أمرُ المؤُمنين (عليه السّلام) مشرع(5)الْفَصَاحَة ومَورِدَها، ومَنْشَأ الْبَلاَغَةِ ومَوْلِدها؛ وَمنه (عَليه السّلام) ظهرت مَكْنُونُها، وعنه أخِذَتْ قوانينُها، وعلى أمثلتهِ حذا كلّ قائِل خطيبٍ، وبکلامِه استعان كلّ واعظٍ بليغ) المشرع الطريق إلى المَاء للعطشی(6)مرادف للمورد، أو قريب منه، فلو قال: ومصدرها والصدر رجوع الشاربة بعد الترويِ(7)لكان أحسن، ولعله راعى السجع والتأنيث في (ظهرت) لكون المكنون من جملة(8)ما اضيف اليها، و(الأمثِلة) بكسر المثلثة(9)جمع مِثال بالکسر،

ص: 121


1- تاج العروس، مادة (جهر): 6 / 225
2- (وصعت) في ح، تصحيف
3- ينظر: تاج العروس، مادة (جهر): 6 / 225
4- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 7، هامش: 6، في نسخة (نا)
5- (شرع) في ح
6- ينظر: الصحاح، مادة (شرع): 3 / 1236
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (صدر): 2 / 709، وفي ع: (القرى) تحریف
8- (حملة) في ر، تصحيف
9- المَثْلُ بالفتح: مصدر مثلتُ الشيء بالشيء إذا شبهته به، والمِثْلُ بالكسر: الشبه والمِثْلُ،.. والمُثْل بالضم: جمع مِثَال وهو الفِرَاش وجمع المِثال الذي يراد به النَّظیرُ.)) المثلث، البطليوسي: 2 / 153

وحذا على مثاله أي اقتدى به واقتفى أثره(1)، والمراد بالخطيب الفصيح لا كل خطیب [ويناسبه وصف الواعظ بالبليغ](2)، وإن كان نوع من التعميم فيه غير مضر (ومع ذَلك فقد سَبَق وقصّروا، وتَقَدّم وتأخّروا؛ لأنّ كلامه (عليه السّلَام) الكلامُ الذي عليه مَسْحةٌ من العلم الإلهيّ، وفيه عَبقْةٌ من الكلام النبوي) المراد أن كلامه (عليه السّلَام) مع التقدم على كل كلام في الإمامة لاقتفاء(3)البلغاء أثره فائق على كل كلام في الاحتواء على عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة ولم يبلغ(4)المقتفون أثره، ويقال: عليه مسحة من جمال أي أثر، وعبقه من مسك أي رائِحة بالفتح فيهما، والعبق ((لزوق الشيء بالشيء))(5)، ورجل عبِق بكسر الباء إذا تطيَّب بأدني طيب فبقی ریحه أياماً(6). (فأجَبتُهم إلى الابتداءِ بِذَلِكَ، عالماً بما فيه من عَظِيمِ النَّفْعِ، وَمَنْشُور الذِّكْرِ، ومَذْخُورِ الأجْرِ واعتمدتُ بِهِ أن أبیّن عن عَظِيم قَدْر أمر الْؤُمِنیْنَ (عَليهِ السّلام) في هذِهِ الْفَضِيلةِ، مُضَافةً إلى المحاسن الدّثِرة، والفَضائل الجمّة) مذخور الأجر ما يصل أجلا كما ينتفع بالذخيرة بعد حين، أو عظيم الأجر؛ لأنَّه لا يدخر إلا النفيس المختار. واعتمدت أي قصدت، والدَثرة بالفتح الكثيرة يقال: له مال دثر، ومالان دثر، وأموال دُثُر(7)، والجمة بمعناها

ص: 122


1- ينظر: القاموس المحيط، مادة (حذا): 4 / 316
2- [ويناسبه وصف الواعظ بالبليغ] ساقطة من أ، ع
3- (لافتقاء) في ر، تحریف
4- (يبلغه) في أ، ث، ح، والانسب ما اثبت في المتن
5- العين، مادة (عبق): 1 / 182
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (عبق): 1 / 182
7- ينظر: الصحاح، مادة (دثر): 2 / 655

والجموم هو الاجتماع والكثرة(1). (وأنّه انْفَرَدَ ببلوغ غايَتِها عن جَميع السَّلَفِ اْلأَوَّلینَ الَّذِينَ إِنَّما يُؤثَرُ عَنْهُمْ مِنْهَا القليلُ النَّادِرُ، والشَّاذّ الشارِدُ؛ فأمّا كلامُه

(عَليّه السَّلام) فهو الْبّحْرُ الَّذي لا يُساجَل، والجمّ الذي لا يُحَافَل، وأردْتُ أن يسوغَ لِي التمثُّل في الافتخار بقول الفَرَزْدَق(2):

أُولئِك آبائي فَجِئْنِي بمثْلِهِمْ ٭٭٭ إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَريرُ المَجَامِعُ(3)

تقييد الاوّلين ليس للتخصيص [بل](4)لبيان العّلة، وَيؤثر أي ينقل، والشاذ الخارج عن الجماعة(5)، وشرد البعير إذا نفر وذهب في الأرض، ولا یُسَاجَل بالجيم على صيغة المجهول كما في أكثر النسخ أي لا يُغالب في الامتلاء وكثرة المَاء من السجل وهو الدلو الملأى ماء(6)، وفي بعضها (لا يُسَاحِل(7)

ص: 123


1- ينظر: لسان العرب، مادة (جمم): 12 / 104
2- الفرزدق: هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، وكنيته: أبو فراس، شاعر من النبلاء، عظيم الاثر في اللغة، وهو من شعراء الطبقة الاولى، من الشعراء الاسلاميين، ولد في البصرة وأقام فيها، لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظة، توفي في بادية البصرة وقد قارب عمره المائة عام توفي سنة (110 ه)، ينظر: وفیات الاعیان، ابن خلکان (ت 681 ه): 6 / 86، وسير أعلام النبلاء، الذهبي (ت 748 ه): 4 / 590، والذريعة، آغا بزرك: 1 / 344، ومعجم المطبوعات العربية والمعربة، يوسف اليان سرکیس: 2 / 1443، 1444، والاعلام، خير الدين الزركلي: 8 / 93
3- ديوان الفرزدق: 85، وينظر: خزانة الادب، البغدادي: 9 / 116
4- [بل] ساقطة من أ
5- ينظر: لسان العرب، مادة (شذذ): 3 / 494
6- ينظر: لسان العرب، مادة (سجل): 11 / 325
7- معارج نهج البلاغة، علي بن زید البيهقي (ت 565 ه): 27، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 8، هامش: 2، في نسخة (نا، أ، ب)

بالحاء المهلة [أي](1)لا يؤتي ساحله، وقيل: لا يشابه في بعد الساحل، وهو بعيد، ولا يحافل أي لا يغالب في الكثرة، يقال: ضرع حافل أي ممتلئ كثير اللبن(2)، ويسوغ أي يجوز، والتمثل بالبيت انشاده في مقام ضرب المثل أي أردت أن يصدق تمثلي، بل أن يظهر صدقي عند الناس إذا تمثلت بالبيت مفتخراً، وما ذكره بعض الشارحين(3)من أن قوله: (يسوغ لي التمثل) مجاز في الاسناد، فإنّ السوغ حقيقة في الشراب فإسناده إلى التمثل مجاز ووجه العلاقة أنّ التمثل بمَا يريد إذا حسن بين الناس كان لذيذاً عنده فأشبه في لذاذته، وجريانه بين النّاس الماء الزلال / ظ 3 / في لذاذته، وسهولة جريانه في الحلق، فتكلف مستغنى عنه. (وَرأيت کلامهُ (عليهِ السَّلام) يدورُ على أقطاب ثلاثة: أوّلها الخُطَب وَالْأَوامِر، وثانِيها الكُتُب والرَّسَائلُ، وثَالِثُها الْحِكَم والمواعظ؛ فَأجْمَعْتُ بتوفِيقِ الله تَعالى على الابْتِداءِ بِاخْتِيارِ مَحَاسِنِ الخُطَبِ، ثُمَّ

مَحَاسِنِ الْكُتُبِ، ثُمَّ محاسِن الحِكَم وَالأدَبِ، مُفَرِداً لكلّ صِنْفٍ من ذلك باباً، ومُفَصِلاً(4)فيه أوراقاً لتكونَ لاستدراكِ ما عَسَاهُ يشذّ عَنِّي عاجِلًا، ويَقَعُ إليّ آجلا) القُطب قُطب الرّحى مثلثة(5)القاف والمعروف بالضم، وقد مَرَّ

ص: 124


1- [أي] ساقطة من أ، ع
2- ينظر: لسان العرب، مادة (حفل): 11 / 157
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 103
4- مفضلًا) في أ، ح، ع
5- ((القَطْبُ بالفتح: مصدر قطبتُ الشراب إذا مزجته، والقَطْبُ مصدر قَطَبَ ما بین عينيه إذا عبس، والقَطبُ أيضاً مصدر قطبَ العِل وهو أن يدخل إحدى العروتین في الاخرى ثم يثنيها فإن لم يثنها قيل: سلق... والقُطْبُ بالضم: نبات مثل السعدان له شوك... وقُطب الرحى: يفتح ويكسر ويضم)) المثلث، البطليوسي: 2 / 354، 355

تفسير الخطبة وَأخواتها، وأجمعت الأمر وعلى الأمر أي (عزمت عليه))(1)، وأحكمت النية نصّ عليه (الجوهري)(2)، وقول بعض الشّارحين: ((تقديره: أجمعت عازماً على الابتداء))(3)ممالا حاجة اليه، وقوله: (لتكون) يحتمل(4)أن تكون(5)تامة وناقصةً بتقدير الخبر، واستدركت الشيء حاولت ادراکه، وشَذَّ يَشُذُ وَيشِذُّ انفرد عن الجمهُور وندر، وعسى يستعمل في الطّمع والاشفاق(6)؛ فبالنظّر إلى الجزء الثّاني من الكلام من الأوّل، والى الأوّل من الثّاني. (وإذا جاء

ص: 125


1- الصحاح، مادة (جمع): 3 / 1199
2- إسماعيل بن حماد الجوهري، ويكنى أبا نصر، الفارابي اللغوي الاديب من فرسان الكلام وممن أتاه الله قوة بصيرة، وحسن سريرة وسيرة، أصله من بلاد الترك من (فاراب) دخل العراق صغيراً، وقرأ العربية على أبي علي الفارسي، وأبي سعيد السيرافي، كان يؤثر السفر على الوطن والغربة على السكن، فسافر إلى الحجاز وطاف ربيعة ومصر، واجهد نفسه في الطلب، ثم عاد إلى خراسان، ثم أقام في نيسابور فلم يزل مقيماً بها على التدريس والتأليف وتعليم الخط؛ ذلك أن خطة يضرب به المثل في الحسن، له الكثير من الكتب منها: تاج اللغة وصحاح العربية، والمقدمة في النحو، والعروض، وبيان الاعراب، وشرح ادب الكاتب، توفي بنيسابور سنة (393 ه). ينظر: إنباه الرواة على أنباء النحاة، القفطي (ت 624 ه): 1 / 229 ؉ 233، وسیر أعلام النبلاء، الذهبي (ت 748 ه): 16 / 479، 480، وهدية العارفين، البغدادي (ت 1339 ه): 1 / 209، والذريعة، آغا بزرك (ت 1389 ه): 6 / 145، والاعلام، خير الدين الزركلي: 1 / 313، ومعجم المؤلفين، عمر کحاله: 2 / 267
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد (ت 656 ه): 1 / 45، هذا النص ذكره ابن أبي الحديد عن قول القطب الراوندي وهو لم يوافقه الرأي، ونص القطب الراوندي: ((... وهو على اضمار فعل، كأنَّه قال: أجمعت عازماً على الابتداء)) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 18
4- (تحمل) في أ
5- (يكون) في، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
6- ينظر: شرح الرضي على الكافية، رضي الدين الاستراباذي (ت 688 ه): 2 / 445

شيءٌ من كلامهِ الخارجِ في أثناءِ حِوارٍ، أو جوابِ(1)، سؤال(2)، أو غرضٍ آخرَ من الأغراض في غَیْر الأنحاء التي ذكرتُها، وقرّرتُ القاعدةَ عليها، نَسَبْتَهُ إلى ألْيَق الأبواب بِهِ، وأشدَّها ملامحةً لغَرَضِهِ) أثناء الشيء ومثانيه تضاعيفه(3)جمع ثنِي بالكسر، والحِوار بالكسر مراجعة النطق کالمحاورة، ونسبته أي ضممته، والملاحة المشابهة، ويقال: ((فيه ملامح من أبيه أي مشابه))(4)، وفي بعض النسخ (ملاحمة)(5)أي ملائمة. (وربّما جاء فيما أختارُه من ذلك فصولٌ غيرُ مُتّسقة، وَمَحَاسنُ كَلِمٍ غير مُنتظمة لأنَّي أورِدُ النُّکَت واللُّمَعَ، ولا أَقصِد التَّتَاليَ والنَّسَقَ) اشار إلى حذفه بعض الكلمات مما يرويه من الخطب وغيرها؛ ولذلك ترى كثيرا منها كعقد [...](6)أنفصم نظامه، والنُكَتْ جمع نُکته بالضم فيهما وهي النقطة مأخوذة من النَكت بالفتح وهو أن تضرب الارض بقضيب فتؤثر فيها(7)، واللُمع جمع لمُعة بضمّهما وهي لغةً: قطعة من النَّبتْ(8)إذا أخذت في اليبس وصار(9)لها بیاض(10)وأصله من اللمعان وهو

ص: 126


1- (وجواب) في ح
2- (کتاب) في ح، وفي حاشية أ، ر: (السؤال)
3- ينظر: تاج العروس، مادة (ثني): 19 / 260
4- الصحاح، مادة (لمح): 1 / 402
5- معارج نهج البلاغة: 28، وفيه: (ویروی ملاحمة)، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 18، ملاحمة)، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 94، وفيهما: (وروي ملاحمة)
6- [أنظم] في ح، زيادة لا يرتضيها السياق
7- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (نکت): 5 / 475
8- (البنت) في ر
9- (فصار) في ح
10- تاج العروس، مادة (لمع): 11 / 442

الاضاءة والبريق؛ لأنّ البقعة من الأرض ذات الكلاء المذكور كأنّها تضيء دون سائر البقاع وعدى ذلك إلى محاسن الكلام وبليغه لتميزه عن سائر الكلام، فكأنه في نفسه ذو ضياء وتستنير(1)الأذهان به، [و](2)[تتالت الأمور تلا بعضها بعضاً](3)[وفي بعض النسخ التوالي](4)، والنَسَق محركة ما جاء من الكلام [وغيره](5)على نظام واحد[...](6)وتتالت الأمور وتلا بعضها بعضاً، والمتسق المنتظم.

(ومِنْ عجائِبه (عليّهِ السَّلام) التَّي انفرد بها، وأَمِنَ المشاركةَ فيها؛ أنّ كلامَه الواردَ في الزّهد والمواعظ والتَذكير والزَّواجر إذا تأمَّله [المتأمّل](7)، وفكّر فيه المُفَكّر، وخلعَ من قلبهِ أنّهُ كلامَ مثلِه، ممَّن عَظُم قَدْرُه ونفَذ أمرُه، وأحاطَ بالرّقاب مُلْكه، لم يعترضْه الشكّ في أنّه من كلامُ مَنْ لاحظّ له في غيرِ الزّهَادة، ولا شُغْلَ له بغيرِ العِبَادة، [...](8)قد قَبَع في كِسرْ بيتٍ، أو انقطع إلى سَفْح جبلٍ، لا يَسْمعَ إلا حسَّه، ولا يَرى إلا نفسَه).

ص: 127


1- (يستنير) في أ، ح، ر، ع، م، ن، والصواب ما اثبتناه
2- [و] ساقطة من ع
3- [وتتالت الامور تلا بعضها بعضاً] ساقطة من أ
4- [وفي بعض النسخ التوالي]، ساقطة من أ، ر، ع، م
5- [وغيره] في ح، ساقطة من أ، ث، ع، م
6- (وتتالت الامور تلا بعضها بعضاً، وفي بعض النّسخ التوالي، والنسق محركة ما جاء من الكلام وغيره على نظام واحد) في ح، وفي ر: (وتتالت الامور تلا بعضها بعضاً، والنسق محركة ما جاء من الكلام وغيره على نظام واحد)
7- [المتأمل] ساقطة من أ، ع
8- [و] زيادة في ع

((الزّهد: خلاف الرّغبة))(1)، يقال: زَهَدَ في الشيء [وعن الشيء](2)زُهداً بالضم وزَهادةً بالفتح، وقيل باختصاص الزُّهْد بالدينِ وَالزَّهادةُ بغيرهِ(3)، والموعظة / و4 / ذكر ما يلين القلب کما مرَّ، والتذكير [ذكر](4)ما يرفع الغفلة من الامور المعلومة كذكر الموت ونحوه، والزواجر الموانع عن العمل بمقتضى الشهوة والنسبة بين الامور المذكورة في الصدق عموم من وجه، والمُلك في النسخ بالضم والكسر [وهو بالكسر اسم من مَلَكَه مُلْكاً كضرَب فهو مالك وبالضم اسم من مَلَكَ على الناس أمرهم إذا تولى السلطنة فهو ملك و الثاني أنسب](5)، والحظ النصيب، وقَبَعَ الرجل کَمَنَع إذا ادخل رأسه في قميصه وقبع القنفذ إذا أدخل رأسه في جلده(6)، وکِسر البيت بالكسر أسفل شفة البيت التي تلي الأرض من حيث یکسر جانباه من عن يمينك ويسارك ذكره الجوهري عن ابن السكيت(7)قال: ومنه قيل: فلان مکاسري

ص: 128


1- الصحاح، مادة (زهد): 2 / 481
2- [وعن الشيء] ساقطة من ع
3- ينظر العين، مادة (زهد): 4 / 12
4- [ذكر] ساقطة من أ، ع
5- [وهو بالکسر اسم من ملكه ملكاً كضرب فهو مالك وبالضم اسم من ملك على الناس امرهم اذا تولى السلطنة فهو ملك والثاني انسب] ساقطة من، ث، ح
6- ينظر: الصحاح، مادة (قبع): 3 / 1260
7- يعقوب بن إسحاق بن السكيت، یکنی أبا يوسف، البغدادي النحوي المؤدب، كان أبوه مؤدباً، فتعلم يعقوب وبرع في النحو واللغة والادب، أخذ عن أبي عمرو الشيباني وطائفة، أدب أولاد الامير محمد بن عبدالله طاهر، ثم ارتفع محله فأدب أولاد المتوكل، المعتز والمؤيد، سأله المتوكل أيهما أحب اليه أولاده أم الحسن والحسين (عليهما السلام)، فأجابه ابن السكيت بأن قنبر خادم الإمام علي (عليه السلام) أحب اليه منهما، فأمر بقطع لسانه وقتله، له كتب كثيرة منها: اصلاح المنطق، وسرقات الشعراء، وشرح شعر زهير، وشرح المعلقات، وغریب القرآن، والابل، والاضداد، والاجناس، والامثال، والانساب، والانواء، والمذكر والمؤنث، وغيرها من الكتب، توفي سنة (244 ه): ينظر: وفيات الاعيان: 6 / 395، 396، وسیر أعلام النبلاء: 12 / 16 - 19، ومعجم المطبوعات العربية: 1 / 119، 120، وهدية العارفین: 2 / 536، 537، والاعلام: 8 / 195، ومعجم المؤلفین: 13 / 243

أي جاري، وکسر بيته إلى جانب کسر بيتي(1)، وقال في العين: ((الكَسُرْ والكِسْرُ، لغتانِ: الشُّقّةُ السُّفْلَی من الخِباء ومن كلّ قُبّة، وغشاءُ يُرفع أحياناً ويرخى حتى يقال لناحيتي الصَّحراء: كِسْراها))(2)، وسفح الجبل أسفله حيث يسفح فيه الماء [أي سيل عليه الماء](3)من أعلاه(4)، والحِسّ بكسر الحاء والحسيس ((الصوت الخفي))(5)والضمير في يسمع وحسه راجع إلى من أي: لا يسمع إلاَّ صوت نفسه لانقطاعه عن الخلق وعدم التفاته اليهم.

(ولا يكاد يوقِن بأنّه كلامُ مَنْ يَنْغَمِس في الحرب مُصْلِتاً سيفَه، فيَقُطُّ الرّقابُ، ويُجَدِّلُ الأبطالَ، ويعودُ به يَنْطُفُ دماً، ويقطُر مُهَجاً؛ وهو مع تلك الحالِ زاهدُ الزّهاد، وبَدَلُ الأبْدَال. وهذِه من فضائله العجيبة، وخَصائصه اللّطيفة، التي جَمَع بهابين الأضْداد، وألّف بين الأشْتَات، وكثيراً [ما](6)أذاکِرّ الإخوان بها، واستخرجُ عَجَبُهم منها؛ وهي موضع للعِبْرَة بها، والفِكْرَة

ص: 129


1- اصلاح المنطق، ابن السكيت (ت 244 ه): 18، 13 والصحاح، مادة (كسر): 2 / 806، وفيه: (وکسر)
2- العين، مادة (كسر): 5 / 307، 306
3- [أي يسيل عليه الماء] ساقطة من أ
4- ينظر: المخصص: 3 / 76، وينظر: لسان العرب، مادة (سفح ): 2 / 485
5- الصحاح، مادة (حسس): 3 / 916
6- ساقطة من أ، ع

فيها). الغمس في الشيء الدخول فيه والخوض، وأصله المقل في الماء(1)، وأَصْلَتَ سَيْفَهُ جَرَّدَهُ مِنْ غَمْدِّهِ(2)، والقطّ ((فصل الشيء عرضاً))(3)ومنه قط القلم، قال الجوهري في الحديث: كان سيف علي (عليه السلام) إذا اعتلى، قد، وأن اعترض قط(4)، وفي النهاية: اذا توسط قط(5)، والقدّ هو ((القطع طولاً))(6)، وقال بعض الشارحين: القطّ هو القطع طولًا(7)وهو سهو، ويجدل الأبطال [بالتشديد](8)أي يلقيهم على الجدالة وهي كسحابة: ((الأرض))(9)، وقيل [ارض](10): ((ذات رمل))(11)[رقيق](12)، وفي الحديث: ((أنا خاتم النبيين في أم الكتاب وإن آدم لمنجدل في طينته))(13)، والبَطّل محركة: الشجاع، لأنَّه يبطل جراحته فلا يكترث لها(14)، أو لأنَّه تبطل عنده دماء(15)

ص: 130


1- ينظر: الصحاح، مادة (غمس): 3 / 956
2- ينظر: العين، مادة (صلت): 7 / 105
3- المصدر نفسه، مادة (قطط): 3 / 1153
4- ينظر: الصحاح، مادة (قطط): 3 / 1153
5- النهاية في غريب الحديث والاثر (ت 606 ه)، مادة (قطط): 4 / 81، وفيه: (وإذا)
6- لسان العرب، مادة (قدد): 3 / 344
7- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي (ت 573 ه): 1 / 19، وفيه (القط القطع طولاً)
8- [بالتشدید] ساقطة من ر
9- لسان العرب، مادة (جدل): 11 / 104
10- [الارض] ساقطة من أ، ث، ح
11- لسان العرب، مادة (جدل): 11 / 104
12- [رقيق] ساقطة من أ، ث، ح
13- النهاية في غريب الحديث والاثر، مادة (جدل): 1 / 248
14- ينظر: العين، مادة (بطل): 7 / 431
15- (دما) في، ث، ح

الاقران، والنطفة الماء الكثير والقليل وهو بالقليل أخصّ(1)، وقد نَطًفَ الماء يَنْطُف وَيَنْطِف بالضم والكسر إذا قطرَّ قليلاً [قليلاً](2)، و((المُهجة: الدم))(3)، وقيل: ((دم القلب خاصة))(4)، ويقال: خرجت مهجته إذا خرج روحه، ولو كان المراد بالمهجة القلب(5)كان نسبة القطر اليها مجازا، والمراد بالابدال ((الزُّهاد))(6)، و((العُبَّاد)(7)، وبالأشتات الاوصاف المتفرقة(8)، واستخرج عجبهم بالتحريك، وفي بعض النسخ (تعجبهم) أي استخرجه من القوة إلى الفعل بالتنبيه على غرابة هذه الخصلة قيل: وروی (عُجْبهم) بالضم من قولهم: أُعجِب فلان برأيه وبنفسه، فهو مُعجب بهما(9)، أي اذاکرهم بها لتظهر محبتهم لها وميلهم اليها، وقيل: ((واستخرج عجبهم، أي أعرفهم أنهم عاجزون عن أمثالها فلا يبقى لهم حينئذٍ عجب بأنفسهم منها أي من أجل معرفتها))(10)، والبعد فيهما واضح والموجود في النسخ الصحيحة الأولان، والعِبرة بالكسر [في الأصل](11)ما يتعظ به الانسان ويعتبره؛ ليستدل به

ص: 131


1- ينظر: لسان العرب، مادة (نطف): 9 / 335
2- [قليلًا] ساقطة من، ث، ح، الصحاح، مادة (مهج): 1 / 342
3- لسان العرب، مادة (مهج): 1 / 342
4- الصحاح، مادة (مهج): 1 / 342
5- (الروح) في ث، ح
6- معجم مصطلحات الرجال والدراية، محمد رضا: 13
7- المصدر نفسه: 13
8- ينظر: تاج العروس، مادة (شتت): 3 / 76، 77
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 42
10- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 105
11- [في الاصل] ساقطة من أ، ع

على غيره(1)، والمراد اعتبارها بالتفكر فيها والاستدلال بها على عظم قدره (عليه السلام) (وربّما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظُ المردّد، أو(2)المعنى المكرّر؛ والعُذْر في ذلك أنّ روایاتِ کلامه (عليه السلام) تختلفُ اختلافاً شدیداً، فربّما اتّفق / ظ 4 / الكلامُ المختار في روايةٍ فَنُقِلَ على وجهه، ثم وُجِد بعد ذلك في روايةٍ أخرى موضوعاً غير وضْعِه الأوّل؛ إمّا بزيادة مختارة، أو لفظ أحسنَ عبارة؛ فيقضي(3)الحال أن يعاد؛ استظهاراً للاختيار، وغَيرْةً على عقائل الكلام). اللفظ المردد وهو المكرر، والمعنى المكرر ما أعيد بلفظ آخر والاختلاف في الروايات أما لتكرر صدور الكلام عنه (عليه السلام) في كل مقام بلفظ خاص، أو لسهو الرواة وعدم اهتمامهم بالرواية على وجهها، أو لنقلهم بالمعنى، أو نقل بعضهم إياها كذلك، و((الظهير: المعين))(4)واستظهر به أي استعان به واستظهر له أي استعان بغيره لحفظه واستظهر عليه أي بغيره لدفعه، ((والغَیْرَة بالفتح مصدر قولك: غَارَ الرَّجلُ على أهلهِ يَغار غَیْراً وَغَاراً))(5)، وهي حمية تعرض عن تخيل مشاركة الغير في أمر مرغوب، والعقائل جمع عقيلة ((وهي في الأصل المرأة الكريمة النفيسة))(6)، ثم استعمل في النفيس الكريم من كل شيء من الذوات والمعاني(7)وسيجيء

ص: 132


1- ينظر، لسان العرب، مادة (عبر): 4 / 531
2- (و) في ث، ر
3- (فتقضى) في ث، ح
4- الصحاح، مادة (ظهر): 2 / 731
5- الصحاح، مادة (غير): 2 / 776
6- لسان العرب، مادة (عقل): 11 / 463
7- المصدر نفسه، مادة (عقل): 11 / 463

في كلامه (عليه السّلامَ) قوله المختص بعقائل کراماتك.

(وربَّما بَعُدَ العهد أيضاً بما اختیر؛ أوّلا؛ فأعيد بعضُه سهواً أو نسياناً، لا قَصْداً أو اعتاداً. ولا أدّعِي مع ذلك إني أحيطُ بأقطارِ جميع كلامِه؛ حتى يشِذّ

عنّي منه شاذّ، ولا ينِدّ نادٌ، بل لا أبعِد أن يكون القاصِرُ عنّي فوق الواقع اليّ، والحاصلُ في رِبْقتي دونَ الخارج من يديّ؛ وما عليّ إِلا بذلُ الجهد، وبلاغ الوسع، وعلى الله سبحانه نَهْج السبيل، ورشاد الدليل إن شاء الله). السهو، الغفلة، والنسيان خلاف الحفظ وهما مترادفان، أو النسيان ذهاب الصورة عن الخزانة أيضاً والاعتماد هو القصد والأنسب بتغایر حرفي العطف التغاير في الاولين، والأَقطار جمع قُطر بالضم وهو الجانب والناحية(1)، ويَشِذُّ في النسخ بالكسر، ويجوز فيه الضم أي يذهب عني، ونَدَّ البعيرُ کفرَّ وشردَ وذهبَ على وجهه(2)والتعبير بالوقوع للتشبيه بالطائر ودون نقيض فوق، والمراد عدم الاستبعاد من قلة ما ظفر به، والجُهد بالضم ((الوسع والطاقة))(3)، وبالفتح ((المشقة))(4)وقيل: ((للمبالغة والغاية))(5)، وقيل: ((هما لغتان في الوسع والطاقة فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غير)) (6)والمضبوط في النسخ على تقديره بالضم وفي بعضها الجِدّ، والنَّهْج بالفتح الوضوح والايضاح يقال:

ص: 133


1- ينظر، الصحاح، مادة (قطر): 2 / 795
2- ينظر: الصدر نفسه، مادة (ندد): 2 / 543
3- لسان العرب، مادة (جهد): 3 / 133
4- المصدر نفسه، مادة (جهد): 3 / 133
5- المصدر نفسه، مادة (جهد): 3 / 133
6- المصدر نفسه، مادة (جهد): 3 / 133

((اعمل على ما نهجته لك))(1)، و((الرَّشاد خلاف الغي))(2)، وفي الكلام تسامح. (ورأيت من بعد تسميةَ هذا الكتاب ((بنهج البلاغة))؛ إذْ كان يَفتح للناظر فيه أبوابها، ويقرّب عليه طِلابَها، وفيه حاجة العالِم والمتعلم، وبُغيه البلِيغ والزاهد). النَّهْج بسكون الهاء ((الطريق الواضح))(3)ويكون بمعنی الوضوح والايضاح أيضا کما تقدم، والأول في التسمية أوضح، وأما النَّهَجُ بالتحريك فهو تواتر النفس من شدة الحركة أو فعل متعب(4)، والضمير في أبوابها و(طلابها) راجع إلى البلاغة، والطِلاب كکِتّاب المطالبة، والبِغية بكسر الباء وضمها مصدر قولك: بغيتها بغيه إذا طلبته وبمعنی ما یبتغی ویراد(5).

(ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التَّوْحيد والعدل، وتنزيه الله سبحانه عن شِبْهِ الخلْق، ما هو بِلال كلّ غُلّة، وشِفاءِ كُلّ عِلَّة، وجِلَاء كلّ شبهةٍ). الشبه بالتحريك المشابهة، والبلال مثلثة(6)ما يبل الحلق من ماء أو لبن(7)أو غيرهما، وفي النسخ بالفتح والكسر(8)، والغُلة بالضم ((حرارة

ص: 134


1- تاج العروس، مادة (نهج): 3 / 505
2- ينظر: الصحاح، مادة (رشد): 2 / 474
3- العين، مادة (نهج): 3 / 392
4- ينظر: الصحاح، مادة (نهج): 1 / 346
5- ينظر: العين، مادة (بغي): 4 / 453
6- ((بَلَالُ وبِلالُ وبُلالُ بَلالُ على زنة حذام وقطام: اسم لعلة الرحم... وبِلالُ بالكسر: اسم رجلٍ، ويقال ماذاق من الماء بِلالاً أي يبلُّ فاه... والبُلالُ بضم الباء جمع بُلاله وهي الرطوبة...)) المثلث، البطليوسي (ت 521 ه): 1 / 371، 372
7- ينظر: تاج العروس، مادة (بلل): 14 / 62
8- ورد بالكسر (البِلال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 49، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 96

العطش))(1)، والجِلاء بالكسر ازالة ما يعرض للسيف ونحوه من الكدر / و5 / والمراد جلاء الذهن عن كدر الشبه. (ومِنَ الله سبحانه استمدّ التوفيق والعِصْمة، واتنجّزُ التّسديد والمعونة، واستعيذه من خطأ الجَنَان قبل خطأ اللّسِان، ومِنْ زَلَة الكلِم قبل زلّة القَدَمِ، وهُو حَسْبِي وَنِعْمَ الوَكيلُ) استنجز الحاجة وتنجزها استنجحها(2)والعدة سأل انجازها أي احضارها و(الخطأ)(3)بالتحريك و(الخطاء)(4)بالمدّ أيضا ضدّ الصواب، وفي النسخ بالقصر، والجَنان بالفتح ((القلبُ))(5)و((الروّح))(6)وتقديم الجنّان لكون خطائه أفحش وأعظم، وكذلك زَلْة الكلم من [زلة](7)القدم، فإنَّ زلة اللسان قد لا ينهض صريعها، ولا يقال: عثرتها وهو حسبي أي محسبي وكافِيَّ، (ونعم الوكيل) معطوفٌ أما على جملة (هو حسبي) بتقدير المعطوفة [أما](8)خبرية بتقدير المبتدأ وما يوجبه أي مقولٌ في حقّه ذلك، أو بتقدير المعطوف عليها انشائية، أو على خبر المعطُوف عليها خاصة، وقيل الواو معترضة لا عاطفة مع أنَّ جماعة من النحاة(9)اجازوا عطف الانشائية على الخبرية وبالعكس واستشهدوا عليه بآياتٍ قرآنية وشواهد شعريّة ومن الله العصمة والتأييد.

ص: 135


1- الصحاح، مادة (غلل): 5 / 1784
2- (استنجز الحاجة وتنجزها استنجزها) في ع، وفي م: (استنجز الحاجة وتنجز استنجحها)
3- (الحظاء) في ح
4- (الحظاء) في ح
5- لسان العرب، مادة (جنن): 13 / 93
6- المصدر نفسه، مادة (جنن): 13 / 93
7- [زلة] ساقطة من أ، ع
8- [أما] ساقطة من أ، ع، م
9- (النجاة) في ر

باب المختار من خطب الإمام علي (عليه السلام)

بابُ المُختار من خطب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)وأوامره

الاختيار من كلامه (عليه السلام)؛ لكون بعض الكلمات في نظره أوفق بغرضٍ، أو أنْسبْ بمقام، أو لغرابة ظَنَّها في بعضها ونحو ذلك، ولكن لا يخلو من(1)سوءِ أدَب وفيه تفويت لكثير من الفوائد التي لا تَقتَبَس إِلَا مِنْ أنوارِهم (عَلَيهم السّلام)، وسأذكر(2)في شرح کل کلام إن شاء الله ما ظفرت به من تتمة الكلام(3)، أو ما يناسب المقام وعلى الله التوكل وبفضله الاعتصام (ويدخل في ذلك المختار من كلامه الجاري مجرى الحطب في المقامات المحصورة والمواقف المذكورة (و)(4)الخطوب الواردة). قد مَرَّ تفسير الخطبة في شرح الخطبة، والمَقامة بالفتح المجلس يجتمع اليه النّاس ويكون بمعنی الجماعة(5)، والمحصورة بالصّاد المهملة [كما في كثير من النسخ](6)المعدودة

ص: 136


1- (عن) في أ، ث، ح، ر، ع، م والمناسب للسياق ما أثبتناه
2- (وقد ذكرت) في ث، وفي ر: (وما ذكر)
3- (وقد ذكرتُ في شرح كلْ كلام من کتاب حدائق الحقائق ما ظفرت من تتمة الكلام) في ح
4- (في) في ع
5- ينظر: تاج العروس، مادة (قوم): 17 / 593
6- [كما في كثير من النسخ] ساقطة من أ، ر، ع، م، ومن هذه النسخ: المعارج نهج البلاغة: 33، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 106. وفيهما: (المحصورة)

فيناسب المذكورة، وبالمعجمة أي التي يحضرها النّاس، فيناسب المَقامات بالمعنى الأوّل، ويمكن أن يراد بالمذكورة ما اشتهرت في الألسُن وذُکِرَتُ بينَ النّاس لا في الكتابِ، والخُطُوب بالضم جمعُ خُطب بالسّكون وهو الأمر الذي يقع فيه المخاطبة والشّأنْ والحالُ، والواردة أي السّانحة والحادثة.

فَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (علیه السلام) يَذّكرُ فيها اِبتِداءَ خَلْق السّماءِ وَاْلأرضَّ وَخَلقَ آدَمَ (علیه السلام)

((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلونَ). الحَمْدُ في المشهور هو الثناء على الجميل الاختياري من نعمة أو غيرها(1)، والمدح هو الثناء على الجميل مطلقا، والشكر مقابلة النعمة قولاً وعملاً واعتقادا، فالحمد أعم من الشّكر متعلقاًة وأخصّ مورداً، والمدح أعم منه مطلقاً ومن الشّكر من وجه ونقيض المدح الذمّ وَالشّكر الكفران(2)، وقيل الحمد والشكر مترادفان، وهو الظاهر من كثير من الاخبار، وقيل بترادف الحمد والمدح أيضاً، وهو الاظهر من كلامه (عليه السّلاَمُ) في هذا المقام، ثم أنه (عليه السّلاَمُ) اعترف أولاً بالعجز عن القيام بالحمد في الحامدين لكونه(3)أكمل الأفراد کما ورد في الخبر(4)، وأبلغ في المقام، والمِدحة بالكسر الهيأة التي يكون المادح عليها في مدحه

ص: 137


1- ينظر: العين، مادة (حمد): 3 / 189
2- ينظر: الفروق اللغوية: 201، 202، وفروق اللغات في التمييز بين مفاد الكلمات، نور الدين الجزائري: 116
3- (لكون هذا الاعتراف من) في ث، ح
4- قال الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم): ((... وأعوذ بك لا أحصي ثناء عليك أنت أثنيت على نفسك)) مسند أحمد (ت 241 ه): 1 / 150، والسنن الكبرى (ت 303 ه): 1 / 98، وعمدة القارئ، العيني (ت 855 ه): 7 / 19

والاضافة للاختصاص الخاص أي المِدحة اللائقة بجلاله وعزّه والمراد عجز كل واحد / ظ 5 / من القائلين وقد اعترف به سیّد الحامدين (صلى الله عليه وآلهِ الطاهرين)، أو [المراد عجز الجميع](1)(وَلَا يْحُصىِ نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ)، وفي بعض النسخ (نِعمهُ)(2)، قال بعض الشّارحين: ((الاحصاء انهاءُ(3)العد، والاحاطة بالمعدود وهو من لواحق العدد ولذلك نسبه إلى العادين))(4)، وفيه تأمل؛ إذ الفرق بين العدْ والاحصاء وإن كان مناسباً للآية ولقوله (عليه السّلاَم) لكنه يخالف قول اللغوييّن صرح به الجوهري(5)وغيره(6)، ويؤيده ظاهر قوله تعالى: «لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا»(7)وقيل أحصاهم(8)أي قهرهم بقدرته، وعدّهم أي أحاطَ بهم علماً، ويكون معنى العدّ على هذا التّفسير قريباً مما زعمه معنى الاحصاء، وفي التبيان عن (الزّجاج)(9)في

ص: 138


1- [المراد عجز الجميع] ساقطة من أ، ر، م، ن، [المراد عجز الجميع ولو اجتمعوا متعاونين] ساقطة من ع
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 22، هامش: 4، وفيه (في ألف، ب: نعمه)
3- [انهاء] ساقطة من أ
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني (ت 679 ه): 1 / 107
5- ينظر: الصحاح، مادة (حصا): 6 / 2315
6- ينظر: معجم مقاییس اللغة، ابن فارس (ت 395 ه) مادة (عدَّ): 4 / 29
7- مریم / 94
8- (احصيهم) في ث، ح
9- إبراهيم بن السري بن سهل البغدادي النحوي، یکنی (أبا إسحاق) لقب بالزجاج لأن كان يخرط الزجاج، من أهل العلم بالأدب واللغة والنحو والدين، أخذ الادب والعلم من المبرد وثعلب، من كتبه: معاني القرآن، والاشتقاق، وخلق الانسان، والوقف والابتداء، مات سنة (311 ه). ينظر: الانساب: 3 / 141، واللباب في تهذیب الانساب: 2 / 62، وهدية العارفين: 1 / 5، ومعجم المطبوعات العربية: 1 / 963، 964

قوله تعالى: «وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا»(1)انَّه جعل عدداً بمعنى المصدر(2)، وقال: ((تقديره: واحصى كلَّ شيء إحصاءً))(3)، وكلام غيره من المفسرّین كالصّريح في عدم الفرق، ثم الظّاهر أن عدّ جملة لا يصدق حقيقة بدون الاحاطة بها طُرَّاً فالإحصاء مرادف للعَدِّ، والمراد والله [تعالى](4)يعلم انه لا يُعَدُ نعماءه الذّين شأنهم العدّ والاحصاء، أو المتعرضّون لهذا الخطب الجسيم، أو العَادّون لها في الجملة على التجّوز وينبغي حمل الاِحصاءِ على الاحاطة العلمية حتى يكون اقراراً بالقصور عن الشكر الجناني بعد الاعتراف بالعجز عن اللّساني، كما أنّه ينبغي حمل قوله (عليه السّلَامُ)، (ولاَ يُؤَدِّي حَقَّه الْمُجْتَهِدُونَ) على التقصير في الوظيفة الأركانية. (الَّذِي لاَ يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ، [ولا](5)يَنَالُه غَوْصُ الْفِطَن(6)). همّ بالأمر إذا عزم عليه والهِمة ما هُمّ [به](7)من أمرٍ والقصد والارادة وبعدُها تعلّقها بعليات الأمور، والنّيل الوصُول والاصَابة(8)والغوص الخَوضُ في الماءِ، والفِطَن بكسر الفاء وفتح الطاء جمع فِطنة بالكسر وهي الحذقة وجودة استعداد الذهن لتصور ما يراد

ص: 139


1- الجن / 28
2- ينظر: التبيان في تفسير القرآن، الطوسي (ت 460 ه): 10 / 159
3- المصدر نفسه: 10 / 159
4- [تعالی] ساقطة من ث، ر
5- [ولا] طمس في ح
6- (الفتن) في ع، تحریف
7- [به] ساقطة من أ، ع
8- ينظر: الصحاح، مادة (نال): 5 / 1838

عليه(1)والاسناد إلى البعد(2)، والغوص للمبالغة، والنّص على قصور ما هو في الحقيقة مناطُ النيْل والادراك، والغوص يتضمن تشبیه حركة الاذهان بنزول الغواص في الماء فيقابله ما قبله أي لا يصل اليه الاذهان في حركتها بأي جهة كانت (الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَنَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلاَ

أَجَلٌ مَمْدُودٌ.) الصفة تكون(3) مصدراً تقول: ((وصفتُ الشيء وصفا وصِفةً))(4)صرح به الجوهري، ويطلق على المعنى المصطلح بين النحاة(5)وما يقَربُ منه، والحدُّ في اللّغة ((المنعُ))(6)والحاجزُ بين شيئين، ومنتهى الشيء(7)، وفي عرف المنطقيين التعريفُ بالذاتي(8)، والنعتُ: الوصفُ بما فيه حُسْنٌ، ولا يقالُ في القبيح إلاّ بتكلْف(9)، والوصف أعم، و((الوقتُ المقدارُ من الدّهرِ وأكثر ما يستعمل في الماضي))(10)، والاجل ((غاية الوقت))(11)، و ((مدةُ الشيء))(12)، قال

ص: 140


1- ينظر: تاج العروس، مادة (فطن): 18 / 434
2- (البعيد) في ح، تحریف
3- (يكون) في أ، ع، م، تصحيف
4- الصحاح، مادة (وصف): 4 / 1438
5- (النجاة) في ر
6- الصحاح، مادة (جدد): 2 / 462
7- ينظر: تاج العروس، مادة (حدد): 4 / 410
8- ينظر: معجم مصطلحات المنطق، جعفر الحسيني: 119، 123، والمعجم الفلسفي بالألفاظ العربية، الدكتور جميل صليبا: 1 / 45
9- ينظر: الفروق اللغوية: 545
10- القاموس المحيط، مادة (وقت): 1 / 160
11- العين، مادة (أجل): 6 / 178
12- لسان العرب، مادة (أجل): 11 / 11

الشارح [عبد الحميد بن أبي الحديد](1): المراد بالصفة هاهنا كنهه وحقيقته، أي ليس لكنهه حدٌّ فَيُعْرَفُ بذلك الحدَّ قياساً على الأشياء المحدودة؛ لأنه ليس بمركب، وكُلّ محدود مرکبٌ(2)، والمراد بالنعتُ الموجود: الرسم أي لا يُدْرَكُ بالرسم کما يُدْرَكُ الاشياء برُسُومها وهو أن يعرفّ بلازم من لوازمها، وصفة من صفاتها، وقوله (عليه السّلَامُ): (وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أجَلٌ مَمْدُودٌ.) فيه اشارة إلى الردّ على من قال: إنا نعلم کنه الباري سبحانه في الآخرة فإن القائلين برؤيته سبحانه في الاخرة يقولون: انا نعرف حينئذ کَنهه فردّ (عليه السّلاَمُ) قولهم وقال: إنه لا وقت أبدا يُعرَفُ فيه حقیقته، وكَنهه وهو الحق؛ لأنَّ الرؤية تستلزم(3)کونه تعالى في جهة وفيه من البُعْد والتكلّف ما تری، وقال بعض الشارحين: المراد [ليس](4)لمطلقِ ما (تعتبره)(5)عقولُنا و6 / له من الصفات السّلبية والاضافية نهايةٌ معَقولَةٌ يقِفُ عندها فيكون حدّاً له، وليس لمطلق ما يوصفُ به أيضاً وصفٌ موجود يجمعه فیکون نَعْتاً لَهُ، ومنحَصِراً فيه(6)قال: وأما وصفه الحدْ بالمحدودِ فللمبالغة على طريقة قولهم: شعرٌ شاعرٌ، وقيل: معنى قوله: ((ليس لصفته حدٌ)) أي ليس لها غايةٌ بالنسبة إلى متعلقاتها كالعلم بالنسبة إلى المعلومات، والقدرة بالنسبة إلى

ص: 141


1- [عبد الحميد بن أبي الحديد] أساقطة من أ، ر، ع، م، ن
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، أبن أبي الحديد: 1 / 57
3- (يستلزم) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن
4- [ليس] ساقطة من أ، ع
5- (يعتبر) في أ، ع، (يعتبره) في ث، ح، ر، م، ن، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 115

المقدورات(1)(انتهى). ويمكن أن يقال: لعل المراد بالصفة المعنى المصدري، وبالحدّ النهاّيات والاطراف وهو الأظهر في كثير من الأخبار ویُحملَ النعّت الموجود على الصفات الزائدة كما قاله الاشاعرة، والوقتُ على الزمّانِ المنتهي في البداية، واَلأجلُ على المتناهي في النهاية ويكون اللام في قوله (عليه السّلَامُ): ((الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتهِ حَدٌّ)) مثلها في قولك: ليسّ لي لإكرامه درهمٌ، وتوصیفُ الحدَّ بالمحدود على المبالغة، أو المراد بمحدودية الحدّ معلومِيتَهِ، واحاطَة الذّهن به، أو لكون بعض الحدود محدوداً ببعضِهَا کالسطح بالخَطِّ، وتوصيفُ النعّت بالموجود للدلالة على جواز وصفهِ سبحانَهُ بالسُّلوبِ والاضافاتِ، أو الموجود بمعنی ما وصل(2)اليه العقول ووجد كنههَ وتوصيف الوقت بالمعدود بالنظر إلى الاجزاء کالساعاتِ والسّنين اِشْعاراً بأنَّه سبحانه لا يوصفُ بما يعرضه العدمُ والتناهي وتوصيفُ الاجل بالممدودِ أي إلى حد معينٍ ایماءٌ إلى ذلك، أو لأنَّ المعدود والممدود يعرضهما المقدار فلا يوصف سبحانه بهما ویکون حاصل المعنى أنه تعالى لا يوصف بصفات الأجسام من الحدود، والاطراف، ولا بالنعوت الزّائدة، ولا بالأوقات والآجال، ويحتمل أن يراد بالحد التعريف بالكنه، وبالنّعت الرسّم وأن يحمل الوقت على الماضي، والأجل على الآتي أي لا يوصف سبحانه بذاتي ولا عرضي ولا بالوجود في زمانٍ مَضى أو سَيَأتي. (فَطَر الْخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ،) ((الفَطْر: الابتداءُ والاختراعُ))(3)وأصله ((الشَّقُ))(4)،

ص: 142


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 115
2- (صل) في ر
3- الصحاح، مادة (فطر): 2 / 781
4- المصدر نفسه، مادة (فطر): 2 / 781

وقال ابن عباس(1): ((ما كنت أدري ما فاطرُ السموات والأرض حتى احتَكَمَ اليَ اعرابيّان في بئرٍ فقال أحدهما: أنا فَطَرتُها أي ابتَدأتُ حفرهَا))(2)، والمفطورُ على الاصل أما عَدَم الشيء كأنَّه انشَقَّ فخرج منه الشيء فيكون المضاف محذوفاً، أو [هو](3)نفسَه أي انصَدَعَ فظهر منه آثارُ(4)الوجودِ، وهو أما التكوين عن العدمِ المُحَضِ كما قيل أو يَعُّمَهُ، وغيره کایجادِ الصّوُرة وما یُشاكلُها (وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ)، نَشَرَهُ بَسَطَهُ، والريُح يجمع على رياحٍ، وأرياح، وعلى أرواح أيضاً؛ لأنَّ أصلها الواو قُلِبَت؛ لانكسارِ ما قبلَها(5)فإذا زالت الكسرةُ عادَّت، قيل عامةَ ما جاء في القرآن بلفظ الرياحِ للرحمة(6)

ص: 143


1- عبد الله بن عباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) کنی بأبيه العباس، وهو أكبر ولده، وأمة لبابه الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية، وهو ابن خالة خالد بن الوليد، ويلقب بحبر الأمة، لسعة علمه، ولد والنبي (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته بالشعب في مكة قبل الهجرة بثلاث سنين، فدعا له الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) بالفهم والعلم، استعمله الإمام علي (عليه السلام) على البصرة، ثم فارقها قبل مقتل الإمام (عليه السلام) إلى الحجاز، روی ابن عباس عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الأحاديث. وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف، وتوفي بها سنة (68 ه). ينظر: أنساب الاشراف (ت 279 ه): 4 / 27، 28، وأسد الغابة، ابن الاثير (ت 630 ه): 3 / 190 - 195، والوافي بالوفيات، الصفدي (ت 764 ه): 17 / 121، 122، والاعلام، خير الدين الزركلي: 4 / 95، ومعجم الرجال والحديث، محمد الانصاري: 2 / 92
2- التفسير الكبير، الفخر الرازي (ت 606 ه): 12 / 168
3- [هو] ساقطة من ع
4- (انار) في ر، تحریف
5- ينظر: العين، مادة (ريح): 3 / 292، وينظر: المخصص 5 / 2
6- ينظر: مفردات الفاظ القرآن، الراغب الاصفهاني (ت 425 ه): 370. والتطور الدلالي بين لغة الشعر ولغة القرآن، عودة خليل أبو عودة: 512

كقوله تعالى: «وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ»(1)وقوله عز وجل: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ»(2)، وبلفظ الريح للنقمة(3)كقوله تعالى: «وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ»(4)، وقوله سبحانه: «بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ»(5)ولعل النكتة الاشارة إلى قلة عذابه، أو ترادف الآئه، أو إلى استغناء العذاب عن الاعوان، أو الایماء إلى حقارة المقهوُرين، أو لكثرة وقوع ما عبر عنه بلفظ الجمعُ، وفي الحديث أنه (صلى الله عليه واله) كان يقول عند الهبوب: ((اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً))(6)، وفسر بما سبق، وقيل: زَعِمَت العربُ إن السحاب لا تلقحُ إلا من رياحٍ مختلفةٍ، ويمكن أن يراد بنشر الرياح في كلامه (عليه السّلاَم) أيضاً ذلك، وقال الفراء)(7): النشُر من الرياح: الطيبة اللينة التي

ص: 144


1- الحجر / 22
2- الروم / 46
3- ينظر: مفردات الفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: 370 والتطور الدلالي بين لغة الشعر ولغة القرآن، عودة خليل أبو عودة: 513
4- الذاريات / 41
5- الاحقاف / 24
6- الفائق في غريب الحديث، الزمخشري: 2 / 65، والنهاية في غريب الحديث والاثر، ابن الاثير: 2 / 272، ومجمع الزوائد، الهيثمي: 10 / 135
7- یحیی بن زیاد بن عبد الله بن منظور، الاسدي الكوفي النحوي، ويكنى أبا زكريا المعروف بالفراء، أديب نحوي لغوي عارف بأيام العرب، ولد بالكوفة سنة (144 ه)، وانتقل إلى بغداد، وصحب الكسائي، وأدب ابني المأمون، من مؤلفاته: معاني القرآن، والوقف والابتداء، والمنقوص والممدود، والمصادر في القرآن، وآلة الكتاب، مات في طريقه للحج سنة (207 ه). ينظر: فهرست ابن النديم: 73، 74، وسیر اعلام النبلاء: 10 / 118، 119، وکشف الظنون: 2 / 1577، ومعجم المؤلفين: 13 / 198 (ينشئ) في أ، ح، م، و(ينسي) في ر، ن، تصحيف

(تنشی)(1)السحاب(2)، ثم إنَّ من الريّاح التي نَشَرها الله سبحانه برحمته الرياح اللواقح، ومُهَيجِةُ السّحابِ الماطر، والحابسَة له / ظ 6 / بين السماء والارض، والعاصرة له حتى يمطر، والمجرية للجواري في البحار کما وقعت الاشارة اليها في الآيات والاخبار، وقد ورد النهي عن سبّها فإنها مأمورةٌ، وعن سَبّ الجبال، والسّاعات، واللّيالي، والأيّام، فيرجع إلى السّاب ويلحقه الاثم(3)(وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أرْضِهِ) وتَدَ الشيء بالتخفيف أي جعله محكما مُثبتاً بالوتد(4)، والصّخرة الحجرُ العظيم الصّلب، والمَيدانِ بالتحريك التحرك والاضطراب ومنه غُصُنٌ مَيّادٌ(5)؛ والغرضُ من خلقِ الجبال دفعُ المَيّدانِ؛ فلذلك جعَل موتوداً دون الارض تصريحاً بالغَرضَ ومبالغةً، واسکان الارض بالجبالِ مما اشار اليه سبحانه واختلف في وجه العلة، فالمشهور أن الأرض كانت لعدم مقاومة طبيعتها لقسر الماء كسفينة خفيفةٍ اُلقيت على وجه الماء تضطرب، وتميد وتميل فلمّا ثقلت بالجبال سکنت کالسفينة بالاحمال،

ص: 145


1- (ينشئ) في أ، ث، ح، م، و(ينسي) في ر، ن، تصحيف
2- معاني القرآن، الفراء (ت 207 ه): 1 / 381، وفيه: (والنشر)
3- ((قال رسول الله (صلى الله عليه واله): لا تسبوا الرياح فإنها مأموره، ولا تسبوا الجبال ولا الساعات ولا الايام ولا الليالي فتأتموا وترجع عليكم)) علل الشرائع، الشيخ الصدوق (ت 381 ه): 2 / 577، وللإستزاده في نهیه صلوات الله عليه واله ينظر: مسند أحمد: 2 / 268، وصحیح ابن حبان (ت 354 ه): 13 / 39، وکنز العمال، المتقي الهندي (ت 975 ه): 3 / 601، 602، ومستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري (ت 1320 ه): 6 / 176، 177
4- (بالوند) في ر، تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (مید): 3 / 412

واعترض (الفخر الرازي)(1)في تفسيره [عليه](2)بوجوه(3)فصلناها في حدائق الحقائق(4)وذكرنا وجه دفعها ويؤيد هذا الوجه بعض الاخبار، وذكر بعض الشارحين(5)في ذلك وجوها لا يخلو عن التزلزل، والاضطراب.

(أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتِهِ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإخْلاَصُ لَهُ) الدين تطلق على معان منها الاسلامُ، والطاعةُ، والعّادةُ، والشّأنَ، والجزاءُ، والملّةُ، وغيرها(6)، والمعرفة أما التصّورُ المقدمُ على النظر أو التصديق بالصانِع، والمراد بالتصّديق الاذعان بوجوب وجوده وتقدم النظر عليها لا ينافي أوّليِتُها إذ النظرُ من المقّدمات المقصودةِ بالعَرضَ أو المراد بالمعرفة التصديق الفطري وبالتصديق ما يحصل بالنظر والتدبّر في الآفاقِ والانفسِ وإنّما كان كمال التصّديق بالتوحيد؛ لأن إثبات

ص: 146


1- محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري الطبرستاني الرازي فخر الدين المعروف بابن الخطيب، الشافعي الفقيه، يكنى أبا عبد الله، ولد بالري، رحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخرسان، كان اوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الاوائل، له تصانیف كثيرة منها: معالم أصول الدين، ولوامع البينات في شرح اسماء الله تعالى والصفات، والبيان والبرهان في الرد على اهل الزيغ والطغيان، والبرهان في قراءة القرآن، والدلائل في عيون المسائل، وغيرها من الكتب، توفي بهراة سنة (606 ه). ينظر: وفيات الاعيان: 4 / 248، 249، وهدية العارفين: 2 / 107، 108، والاعلام: 6 / 313
2- [عليه] ساقطة من ع
3- ينظر: التفسير الكبير، فخر الدين الرازي (ت 606 ه): 19 / 3، 4
4- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 17، 18
5- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 40، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 118، 119
6- ينظر: الصحاح، مادة (دین): 5 / 2118

الشريك ينافي وجوبَ الوجودِ على ما قرر في دليل التوحيد(1)، أو لأنَّه ينافي الصانعية ولو على سبيل التجویز، والمراد بالاخلاص إمّا تنزيههُ سبحانه عن الجسميّة، والعرضيّة وأشباههِما، أو جعل العبادة خالصة لوجهه وهذا وان كان أقرب لفظاً إلاَّ أنه لا يناسبُ ما بعده من قوله (عليه السّلَام): (وکمالُ الْإخْلاَصِ لَهُ نَفْىُ الصِّفَاتِ عَنهُ) وجوزَ بعضُ الشارحينَ(2)أن يراد بالمعرفة التّامة التي هي غاية العارف في مراتب السّلوك وأوليتها في العقل لكونها علة غائية(3)وبَيَنَ الترتيب(4)بأن المعرفة تزدادُ(5) بالعبادة [و](6)تلّقى الأوامر بالقبول فيستعد السالك أولاً بسببها للتصديق بوجوده يقينا، ثم لتوحيده، ثم للإخلاص له ثم لنفي ما عداه عنه فيُغُرَقُ(7)في تيار بحار العظمة وكل مرتبةٍ کمالٌ لما قبلها إلى أن يتم المعرفةُ المطلوبةُ له بحسب ما في وسعه، وبكمال المعرفة يتم الدين وينتهي السّفر إلى الله تعالى (انتهى). وفيه مالا يخفی. واعلم أنه قد اتفق الجمهور عدا الكرامية(8)على أنه سبحانه لا يوصف

ص: 147


1- ينظر: کشف المراد في شرح تجرید الاعتقاد، الطوسي: 15
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 120
3- (غايته) في أ
4- (وبينه بأن) في ح
5- (يزداد) في أ، م، ن، تصحيف
6- [و] خرم في م
7- (فيعرق) في ر، تصحيف
8- وهم فرقة اسلامية أصحاب أبي عبد الله محمد بن کرام، وبلغ عدد طوائف هذه الفرقة اثنتي عشرة، واصولها ستة: العابدية والتونية والاسحاقية والزرينية والاسحاقية والواحدية ومن دعواهم إن الله تعالى إنما يقدر بقدرته على الحوادث التي تحدث في ذاته فأما الحوادث الموجودة في العالم فإنما خلقها الله تعالى بأقواله لا بقدرته. ينظر: الفَرق بين الفِرق، عبد القاهر البغدادي (ت 429 ه): 293، والملل والنحل، الشهرستاني (ت 548 ه): 1 / 108

بالحوادث، واختلفوا في الصفات القديمة فذهبت الإمامية(1)، والمعتزلة(2)إلا من شذ منهم، وجمهور الفلاسفة إلى نفيِ الصفات الزّائدة القديمة مطلقاً(3)، والاشاعرة(4)إلى الاتصاف بالمعاني القديمة من العلم، والقدرة، والارادة والحياة، والكلام، والسّمع والبصر(5)، وذهب أبو هاشم(6)إلى أن الله تعالى أحوالاً مثل العالمية، والقادرية والحيية وغيرها(7)، وتصريحه (عليه السّلاَم)

ص: 148


1- الامامية هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي عليه الصلاة والسلام نصاً ظاهراً وتعييناً صادقاً من غير تعريض بالوصف بل اشاره اليه بالعين، ومن طوائف الإمامية: الباقرية والنووسية، والافطحية، والشميطية، والاسماعيلية، والموسوية، والاثنا عشرية. ينظر: الملل والنحل 1 / 162 - 169، وينظر: نشأة الشيعة الإمامية، نبيلة عبد المنعم: 237
2- ويسمون أصحاب العدل والتوحيد ويلقبون بالقدرية والعدلية، واتفقوا بأن العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرها مستحق على ما يفعله ثواباً وعقاباً في الدار الاخرة، وبلغت فرق المعتزلة عشرين فرقة، منها: الواصلية والهذيلية والنظامية والخابطية والبشرية، والمزدارية والثمامية والجاحظية. ينظر: الفَرق بين الفِرف: 112 - 172، والملل والنحل: 1 / 43، 45، ونشوء المذاهب والفرق الاسلامية، حسن الشاكري: 88 - 97
3- ينظر: الملل والنحل، الشهرستاني: 1 / 44، وينظر: المعتزلة، زهدي جار الله حسن: 66
4- أصحاب أبي الحسن بن إسماعيل الاشعري، قالوا بصفات أزلية قائمة بذات الله تعالى من علم وقدرة وحياة وسمع وبصر والارادة الازلية متعلقة بجميع المرادات من افعاله الخاصة وافعال عباده من حيث انها مخلوقة له لا من حيث انها مكتسبة لهم. ينظر: الملل والنحل: 1 / 96
5- الملل والنحل، الشهرستاني: 1 / 94، 95
6- هو: عبد السلام بن أبي علي محمد الجبائي بن عبد الوهاب بن سلام أبو هاشم المعتزلي، كان ذكياً، حسن الفهم، ثاقب الفطنة، صانعاً للكلام مقتدرا عليه فيما به، ولد سنة (247 ه)، من تصانيفه: «الابواب الصغير»، و «الابواب الكبير»، و «الاجتهاد»، و «الانسان»، و «الجامع الصغير»، و «الجامع الكبير» وغيرها من الكتب، توفي سنة (321 ه). ينظر: الفهرست: 222، وهدية العارفين، إسماعيل باشا البغدادي (1339 ه): 1 / 569، الاعلام: 4 / 7، ومعجم المؤلفين: 5 / 230
7- ينظر: المعتزلة: 69

دليل على نفيها واکدها بالاستدلال بقوله عليه السّلَام: (لِشَهادَةِ) باللاّم، وفي بعض النسخ بالباء.

(كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَیْرُ الْمَوصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَیْرُ الصِّفَةِ)، واذا ثبت المغايرة فتلك الصفات ليست ممكنة لاستلزامه افتقار الواجب في استکمالهِ إلى الممكن (فتكون)(1)واجبة (فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ)، أي أثبت له قرينا / و7 / واجب الوجود، ويمكن استفادة بطلان الشق الأوّل من هذه المقدمة بأن يقال الصفة لا (تکون)(2)إلاَّ قريناً للموصُوف في الوجود والبقاء؛ لظهور بطلان كونه سبحانه عارياً عن صفاته الكمالية أزلاً ولأنه لا يقول به المثبتون أيضا إلا من لا يَعْبَأ بهم، والقرين للواجب في القِدم والازلية لا يكون إلا واجباً كما يدلُ عليه قوله (عليه السّلَام) في الخطبة الجامعة لإصول العلم في نفي قدم الكلام ولو كان قدیماً لكان اِلهاً ثانياً، ويمكن أن يكون كلامه (عليه السّلَام) اشارة إلى دليلين بأن يكون قوله (صلوات الله عليه) لشهادة كلّ صفة إلى آخره دليلاً مستقلا تقريره لو كانت له سبحانه صفة لكانت مُغايرة له والموصوف يحتاج في استكماله إلى صفته لكونه ناقصا بدونها، فيكون الواجب محتاجاً إلى الغير، والمحتاج إلى الغير لا يكون إلاَّ ممكناً فيلزم إمكان الواجب، ويكون قوله (عليه السّلاَم) (فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ) بضم مقدمة المُغايرة دليلاً آخر کما قررناه، ويدلُ على بطلان كون الصفة قريناً له واجبُ الوجود أن الصفة لا تقوم(3)بذاتها،

ص: 149


1- (فيكون) في أ، ث، ح، ر، تصحيف
2- (يكون) في أ، ث، ح، ر، م، تصحيف
3- (لا يقوم) في ر

ومالا يقوم بذاته لا يكون واجب الوجود وقد استدل اصحابنا على بطلان المعاني القديمة باستلزامها وجود قدیم سوى الله سبحانه وكل ممکن حادث بالاتفاق وأجَابَ بعض الاشاعرة بأن كل ممكن يكون مغایراً(1)له سبحانه، فهو حادث وأمّا المعاني(2)التّي اثبتناها(3) فلا هِي عَينه؛ لأنها مغايرة له في الوجود، ولا غيره؛ لأنّها صفته فلا استحالة في قدمها ولا يخفى أن هذا من الخرافات التي لا يُصّغي اليها عاقلٌ، ويبطله صريحاً كلامه (عليه السّلَام)، وقد فَرَعَ المحققّ الطوسي(4)(رحمه الله) نفي المعاني، والاحوال على وجوب الوجود وهو مبني على دليل الافتقار(5)ولا يحتاج إلى أخذ المقدمة القائِلة: بأن الواحد لا يكون قابلاً وفاعلاً، كما زعمه الشارح الجديد(6)وحَکَی العلامة (رحمه الله) عن فخر الرازي أنه قال: النصارى كفروا بأنهم اثبتوا قدماء ثلَاثة، وأصحابنا قد أثبتوا تسعة(7)وما استدلَت الاشاعرةُ به في إثبات

ص: 150


1- (معايراً) في ر، تصحيف
2- (المعافي) في ث، تحریف
3- (اثبتناه) في أ، ث، ح، ر
4- محمد بن الحسن بن علي الطوسي، يكنى أبا جعفر،، ولد سنة (385 ه)، انتقل من خراسان إلى بغداد سنة (408 ه) أقام بها أربعين سنة، تفقه اولا للشافعي، ثم أخذ الكلام وأصول القوم عن الشيخ المفيد، فلزمه ثم رحل إلى النجف فاستقر بها، احرقت كتبه عدة مرات، له كتب كثيرة منها: تهذیب الاحکام، والمفصح عن الإمامة، والايجاز، والغيبة، والتبيان الجامع لعلوم القرآن، والمجالس، وتلخيص الشافي، وغيرها من الكتب، توفي في النجف سنة (460 ه). ينظر: سير أعلام النبلاء: 18 / 334، 335، والوافي بالوفيات: 2 / 258، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن العماد الحنبلي (ت 1089 ه): 4 / 126، 127، والاعلام: 6 / 84، 85
5- ينظر، الرسائل العشر، الشيخ الطوسی: 80، 81
6- يقصد ابن أبي الحديد: ينظر: شرح نهج البلاغة: 1 / 68
7- نص ما حكاه العلامة الحلي (قال فخر الدين الرازي: النصارى كفروا بأنهم اثبتوا ثلاثة قدماء، وأصحابنا اثبتوا تسعة) نهج الحق وكشف الصدق: 64

المَعاني من قياس الغائب على الشاهد ومن الاحتياج إلى التأويل في إطلاق العالمِ عليه تعالى فبطلانه واضح، وقد اعترف بعضهم بأنَّ العمدة في إثبات الصّفات الزائدةّ عدم ارتكاب التأويل، وانَّ الاستدلالات العقلية على اثباتها مدخولةٌ، وقد تظافرت الاخبار في نفي الصفات عن الائمة الاطهار (سلام الله عليهم أجمعين).

(وَمَنْ قَرَنَهُ فقدْ ثَنَّاهُ، وَمَنْ ثَنًّاهُ فقدْ جزَّأَهُ، وَمَنْ جزَّأَهُ فقدْ جَهِلَه)، جَزَّأهُ بالهمزة والتشديد أي قَسَمهُ أَجزَّاءٌ كجزأه بالتخفيف أي من اثبت له سبحَانه قریناً هو صفته فقَد حَکَمَ باثنينيته لمغايرة(1)الذّات والصفة، ومن أثبت له هذا التعدد فقد جزَّأَهَ نوعاً من التجزئة، فإنّه أطلق لفظة الله مثلاً على الذّات والصّفة، فجعل مسّمى هذا اللفظ متجزئا كما في إطلاق الأسود على جسمٍ وسوادٍ، ومن جَزَّأهُ كذلك أو مطلقاً فقد جهِلهُ؛ لأنَّه اعتقدَهُ على خلافِ ما هو عليه وفي الحقيقة جعله ممکن الوجود، لأن الواجب لا يكون كذلك هذا ما [ذكره الشراح(2)في هذا المقام و](3)هو کما ترى، ويحتمل أن يكون المراد والله يعلم أنّ من أثبت له قريناً مطلقاً فقد جعل الواجب [متعددّا أي أثبت](4)ذاتین واجبي الوجود؛ لأنَّ الواجب لا يكون إلا ذاتاً لأنَّ الصّفة مفتقرة إلى موصوفهَا، ولا يقوم بذاتها، أو أثبت واجبين مطلقاً ومن أثبت

ص: 151


1- (لمعايرة) في ر، ن، تصحیف
2- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 49، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 69، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 122، 123
3- [ذكره الشراح في هذا المقام و] خرم في م
4- [متعددّا أي أثبت] خرم في م

فردین لهذا المفهوم فقد جعل الواجب مركبا بل جعلهما مركبين لاستلزام وجود الاثنين المشتركين في وجوب الوجود تشخصاً به يمتاز كل منهما عن(1)الاخر، والضمير في قوله (عليه السلام): (فقد ثناه) أما راجع إلى مفهوم واجب الوجود على نوع من الاستخدام [مع تجوز في التعليق](2)، أو يكون المراد بالتثنية إثبات الاثنين بدل الواحد وضم واحد [إليه](3)وحينئذ يكون اشارة إلى الدّليل المشهور في مقام التوحيد ويمكن أن يكون المراد بالتجزئة تجزئة الملك والصانعية على تقدير مضاف أو تعليق(4)مجازي فيكون المعنى من ثناه / ظ 7 / وأثبت له شریکاً جعل ملكهُ منقسماً بينه وبين شریکه وأسند بعض مقدوراته ومَصنُوعَاته إلى ذلك الشريك بالصّدور عنهُ بالفعل حتی [لا يلزم](5)تعطیله مطلقاً أو بالامكان حيث أثبت صَانعا يصحّ أن يصدر عنه بعض مصنُوعاته سبحانه، ومن جزأه كذلك فقد جهله فلا يكون(6)الغرض(7)الاستدلال على التوحيد ولعلّه (عليه السّلاّم) جعل اللازم الجهل به سبحانه لاستلزامه نفي المعرفة التي جعلها (عليه السّلَام) أوّل(8)الديّن ولو بنفي الكمال ([وَمَنْ جَهِلَهُ فقَدْ أشَارَ إِلَيْهِ]،(9)ومَنْ أَشارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ،

ص: 152


1- الصواب (من)
2- [مع تجوز في التعليق] ساقطة من أ، ر، ن
3- [اليه] ساقطة من ر
4- (اسناد) في ر، م، ن
5- [لا يلزم] ساقطة من أ
6- (فلا يكون) في ح
7- (العرض) في أ
8- (أو) في ث
9- [وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أشَارَ إلَيْهِ] ساقطة من أ، ث، ح ر، م، ن

وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ)، يحتمل أن يكون المراد بالاشارة [الاشارة](1)الحسّية أي من اشار اليه لزعمه أنه في جهة، أو جوّز الاشارة اليهِ فقد جعله محدودا بنهايات، [...](2)وأطراف کما هو شأن كلّ ذي جهة لاستلزام الاشارة للجسمّية، ومن جعله ذا حدودٍ ونهايات فقد جعله معدوداً ذا أجزاء وجعله مركباً ولو من الأجزاء الفرضية معروضاً للعدد ولو لمغايرة ذاته وعوارضه التي اثبتها له سبحانه والله سبحانه واحد لا يعرضه عدد کما سيجيء قوله (عليه السّلَام): ((واحد لا بتأويل عددٍ))، وقال بعض الشارحين: من جعله محدوداً فقد عدّه من الذّوات المحدثة(3)، ولا يخلو عن بعد، ويحتمل أن يكون المراد بالاشارة العقلية أي تصوره بکهنه، أو بوجهٍ جزئي حتى يكون محاطاً بالآلات الجزئية فيكون محدوداً بالمعنى المصطلحبين المنطقيين فيكون مركباً من جنس، وفصل معروضاً للعدد کما مرَّ، أو بمعنى أنَّه يكون له نهايةٌ عقلية ينتهي اليها وما كان كذلك لا يكون إلاَّ ممكناً معروضاً للعدد، أو يكون محدوداً محفوفاً بالغواشي المادية؛ لكونه مُدركَاً بالقُوى الجزئية فيكون معدودا؛ لكونه ممكنا. وقال بعضهم: ((كلّ محدود معدودٍ))(4)، لأنَّه مبدأ كثرة إذ العقل يِجَوّزُ وجود أمثاله (وَمَنْ قَالَ: ((فِيمَ)) فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَمَنْ قَالَ: ((عَلاَم؟)) فَقَدْ أخْلَى مِنْهُ) أصل (فِيمَ) وَ(عَلاَمَ) (فيما) وَ (عَلى ما) حُذِفَ الالف عن (ما) تخفیفاً وهذا في الاستفهام خاصة، وَضَمَّنهُ أي جعله مشمولاً بشيء داخلا

ص: 153


1- [الاشارة] ساقطة من أ
2- [فقد جعله محدودا ذا أجزاء وجعله مركباً] زيادة في أ
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 69
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 69

فيه ويشمل ذلك التضمين جعلَ الشيء محلا له أو مكانا يحيط به وكل منهما يتضمن نوعاً من الغلبة والاحاطةِ المُنافِيتَينِ لجلاله وعظمته سبحانه ولذلك جعل لازمَّاً مبطِلاً لِزُعم السّائل عن محله سبحانَه أو مكانه، (وأخْلَى مِنْهُ) أي جعل بعض الامكنة خاليَّاً منه مع أن نسبته إلى جميع الأمكنة(1)على السّواء کما هو شأن خالق الكل، وإبطال اللازم بمثل هذا كافٍ في مقام الخِطابة ولا يبعد کون بطلان اللازمین برهانياً فتدبر.

(كائنُ لاَ عَنْ حَدَث، مَوْجُودٌ لاعَنْ عَدَمٍ) لما كان الكون بمعنى الثبوت أعم من القدم، والحدُوث ويكون بمعنى الحدوث قيده (عليه السّلَام) بنفي الحدوث تخصيصاً، أو رفعاً للاشتباه، والوجود الإدراك، يقال: وجد المطلوبُ کَوَعَدَ ووَرَمَ يَجِدُه ويجدُه بضمّ الجيم، ولا نظير لها، ووجد من العدم على صيغة المجهوُل فهو موجود، والعدم بالتحريك كما في النسخ وبالضمّ وبضمتين الفقدان، قالوا: ((وقول المتكلمين وجد فانعدم لحن))(2)، والصّواب فَعُدِمَ على صيغة المجهوُل، و[يحتمل أن يكون](3)المراد بالفقرة الثانية [أما](4)تأكيد الأولى، والمراد من الأولى تعليم كيفية(5)اطلاق لفظ(6)الكون في حقْه سبحانه والاشعار بأن المراد منه ليس ما يسبق اليه بعض

ص: 154


1- الصواب: الأمكنة جميعها
2- القاموس المحيط، مادة (عدم): 4 / 148
3- [يحتمل ان يكون] ساقطة من أ، ر، ع، م، ن
4- [أما] ساقطة من ث، ح
5- (كفيه) في ن، تحریف
6- (لفط) في ن، تصحيف

الاذهان، وقيل المراد [بالأولى نفي الحدوث الذاتي](1)أو الاعم منه، ومن الزماني وبالثانية في الحدوث الذاتي(2)وهو تعسّف لعدم الاطلاق على الذاتي في عرف العَربْ، وإنّما ذلك من مصطلحات الفلاسفة ومن يحذو حذوهم. (مَع كلِّ شَيءٍ لاَ بِمُقَارَنَةٍ، وَغَیْرُ كلِّ شَءٍ لا بِمُزَايَلَةٍ) المراد بكونه تعالى مع كل شيء علمه بها أو حفظه لها أو تربيته إياها / و8 / أو تأثيره فيها على الاحتياج في البقاء أو الاعم منها، أو من بعضها وبالمقارنة المنفية المصاحبة المكانية أو الزمانية في مبدأ الوجود، أو مطلقاً كما قيل، أو الحالية والمحلية، أو الأعم وبالمغايرة المثبتة تنزهه سبحانه عن الحلول والاتحاد والمجاورة وعن شبه المخلوقين، وبالمزايلة المنفية المفارقة بعد نوع من المقارنة المتقدمة، وقيل المراد [بالمزايلة](3)بالمنفيتين(4)الحادثتان في وقت؛ فإن نسبتهما إلى أوقات وجود الاشياء على السواء، وقيل: المراد وعن الحاجة إلى غيره «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»(5)لا كفعل المخلوقين، فإنَّه [حركة و](6) تصرف(7)في المواد الموجودة بما أعطاهم الله من القوى والآلات. (بَصِیرٌ؛ إِذْ لا مَنْظُورَ إِلَيهِ مِنْ خلْقِهِ)، أي كان متصفاً بتلك الصفة كسائر الصّفات حين عدم المتعلقات فإنهْا قديمة، وإن كانت تعلقاتها [الخاصة](8)حادثة کما صرح

ص: 155


1- [بالأولى في الحدوث الذاتي] خرم في م
2- (الزماني) في ث، ر، م
3- [بالمزايلة] ساقطة من ث، ح، ع، م، ن
4- (لمنفيتين) في أ
5- يس / 82
6- [حركة و] ساقطة من أ، ر، ع، ن
7- (تصترف) في أ
8- [الخاصة] ساقطة من أ، ع، ن

به بعض الاخبار، وذلك لأنَّ العلم عبارة عما هو مناط انکشاف المنکشف على العالم، والسّمع كذلك بالنّسبة إلى المسموع والبصر إلى المبصر وتلك الصفات فينا کيفیات وقوى قائمة بذواتنا وليس كذلك في حقه سبحانه إنما مناط هذه الامور ذاته الاحدية المقدسة عن عروض الكيفيات والقوى والعوارض، فهو سبحانه موصوف بها بذاته بالنسبة إلى كل ما يقبل تعلقها به، (مُتَوَحِّدٌ؛ إِذْ لا سكَنَ) بفتح النون، وفي بعض النسخ بالرفع، والسّكن بالتحريك ما تسكن اليه النفس، وتطمئن، وكلمة (إذ) هاهنا تعليلية بخلاف السابقة(1)(يَستَأنِسُ بِهِ ولا يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ) الاستيناس الألفة، وذهاب التوحش، والظاهر من كلام الشارحين(2)أنهّم جعلوا الاستيحاش للفقدان من صفات السّكن کالاستیناس عند الوجدان، ولعل التوصيف حينئذ للإشعار بعلّة الحكم؛ فإن الاستیناس والاستيحاش يستلزمان الحاجة والنقص [وعلى هذا](3)فمقتضى(4)المقام(5)يستوحش بدون كلمة لا والظاهر انّهم جعلوهَا زائدة كما قيل في قوله تعالى: «مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ٭ أَلَّا تَتَّبِعَنِ»(6)وقوله تعالى: «مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ»(7)وقوله تعالى: «لِئَلَّا يَعْلَمَ

ص: 156


1- يقصد قوله (عليه السلام): ((بَصيٌر إذْ لَا مَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ خلّقِهِ))
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي حديد: 1 / 72، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 103 طه / 92
3- [وعلى هذا] ساقطة من ع
4- [فيقتضي] في ع
5- [المقام] ساقطة من أ، ر، ع، م، ن
6- طه / 92 - 93
7- الاعراف / 12

أَهْلُ الْكِتَابِ»(1)ويحتمل أن تكون(2)الجملة مستأنفة لدفع توهم ربما نشأ من الكلام السابق؛ فإنَّ نفي السّكن واثبات التوحید مظنة الاستيحاش عند الفقدان، فلا يكون من صفات السّكن، ويحتمل بعيدا من جهة المعنى أن يكون الكلام في قوة الاستدلال بنفي الاستيحاش فقط لظهور کونه نَقصاً وتسليم جواز الاستیناسِ مما شاء(3)فتدبرَ.

(أنْشَأ الْخَلْقَ إِنْشَاءً، وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً، بِلاَ رَوِيَّة أجَالَها، ولاَ تَجرِبَةٍ اسْتَفَادَها، وَلاَ حَركةٍ أحْدَثَهَا، ولا هَمامَةِ نَفْسٍ اضْطرَب فيها) الانشاء بمعنى: الخلق کما ذکره الجوهري(4)وغيره(5)حينئذٍ فالفرق بينه وبين الابتداء، بأن الانشاء «خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ٭ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ»(6)وقال: «خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ»(7)، وأمثالها كثيرة، وقال بعض الشّارحین(8): لم أجد لأهل اللغة فرقاً بين الانشاء والابتداء وهو الايجاد الذي لم يسبق بمثله إلا أنه يمكن أن يفرق هاهنا بينهُما صوناً لكلامه (عليه السّلَام) عن التكرار بأن يقال: المفهوم من الإنشاء هو الايجاد الذّي لم يسبق غير الموجد [الموجد](9)اليه، والمفهوم من الابتداء هو الايجاد الذي لم يقع من الموجد قبل، ولا يخفى أنه على

ص: 157


1- الحديد / 29
2- (يكون) في أ، ر، ع، تصحيف
3- (مما شاه) في ث، ح
4- الصحاح، مادة (نشأ): 1 / 77
5- ينظر: تاج العروس، مادة (نشأ): 1 / 265
6- الرحمن / 14، 15
7- فاطر / 11
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 132
9- [الموجد] ساقطة من ث، ع

تقدير الترادف كما يستفاد من كلام بعض أهل اللغة(1)یکون(2)[التأكيد](3)لدفع(4)توهم التجوز في لفظ الانشاء بأن يراد الايجاد من مادة مخلوقة لغيره، والرّؤية [التفكر](5)/ ظ 8 / في الامر وأصلها من المهموُز جرت في كلامهم غير مهموزة وتجمع على روايا(6)قال ابن الاثير(7): ومنه الحديث: ((شر الروایا روایا الكذب))(8)والاجالة الادارة من الجولان واجالة الرؤية حركة قوة المفكرة في تحصيل المبادئ والانتقال منها إلى المطالب، والله سبحانه منزه عنها؛ لتقدسهِ عن القوة وعن العلم بعد الجهل. والمُجرَب بفتح الراء من جربته الأمور واحكمته وايجاده سبحانه ليس بإعانة ولو مما خلقه قبل للتنزه عن الجهل وَ

ص: 158


1- ينظر: الألفاظ الكتابية، عبد الرحمن الهمذاني: 69
2- (تكون) في أ، ع، تصحيف
3- [التأكيد] ساقطة من ث
4- (لدهم) في ث، ح
5- [التفكر] ساقطة من ع
6- ينظر: الصحاح، مادة (روأ): 1 / 54
7- أبو السعادات المبارك بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري الملقب مجد الدين، هو شقيق عز الدین صاحب تاريخ الكامل، يعد من العلماء الافاضل أخذ علم النحو عن شيخه أبي محمد سعيد بن المبارك الدهان، ولد سنة (544 ه) بجزيرة عمر ونشأ بها، ثم انتقل إلى الموصل، اتصل بخدمة الامير قایماز إلى ان مات فاتصل خدمة صاحب الموصل عز الدين بن مسعود وولي ديوان الانشاء من مصنفاته: الجواهر اللآلي من املاء المولى الوزير الجلالي، المرصع في اللغة، النهاية في غريب الحديث والاثر، والانصاف في الجمع بين الكشف والكشاف، المصطفى والمختار في الادعية والاذكار، توفي في الموصل سنة (606 ه). ينظر: وفيات الاعيان: 4 / 141 - 143، وسير أعلام النبلاء: 21 / 488 - 491، وتاریخ الاسلام: 43 / 228 - 255. وکشف الظنون، حاجي خليفة: 1 / 618، وهدية العارفين، البغدادي: 2 / 2، 3
8- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 279

الافتقار ولا يجوز عليه الحركة لكونها حادثة مستلزمه للانتقال من حال إلى حالٍ، وهَمَامَة النفس بالفتح اهتمامها بالأمور، وقصدها اليه، والاضطراب الحركة، والحركة في الهمامة الانتقال من رأي إلى رأي أو من قصد أمر إلى قصد امر آخر بحصول صورة، وفي بعض النسخ(1)(ولا همِة نفس) بكسر الهاء، قال بعض الشارحين(2)في نفي الهامة: ردّ على الثنوية(3)والمجوس القائلين بها، وكلماتهم(4)الواهية مذكورة في كتب المقالات.

(أَحَالَ الْأَشْيَاءَ لِأَوْقاتها) بالحاء المهملة كما في كثير من النسخ أما من الاحالة بمعنى التحويل والنقل أي نقل كلا منها إلى وقتها، واللام في لأوقاتها للتعليل کما ذكره بعض الشارحين(5)؛ لأنَّ كل وقت يستحق مالا يستحقه غيره، أو بمعنى (الى) كقوله تعالى: «بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا»(6)أي نقل كل شيء وقدر خلقه في وقت يناسبه، وأما من قولهم: حال في متن فرسه أي وثب فعدى بالهمزة أي أقر الأشياء في أوقاتها، كمن أحال غيره على فرسه کما ذكره بعضهم(7)، ولكن استعمال الكلمة باللام غير معروفٍ، وفي بعض

ص: 159


1- معارج نهج البلاغة: 55، وفيه: (ویروی: ولا همِه)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 73
3- الثنوية هم أصحاب الأثنين الأزليين، يزعمون أنَّ النور والظلمة أزليان، فالنور عندهم هو مبدأ الخيرات، والظلمة هو مبدأ الشرور، وظهرت من الفرقة المانوية، والمزدكية، والديصانية، والمرقونية، والكينونية والصيامية والتناسخية. ينظر: الملل والنحل: 1 / 244 - 253، وشرح المقاصد في علم الكلام، التفاتزاني (ت 792 ه): 2 / 64
4- (كلاماتهم) في ع
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، البحراني: 1 / 135
6- الزلزلة / 5
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 73

النسخ الصحيحة ورواه أيضاً بعض الشارحین(1)(آجال) بالجيم أي أدار کأنَّه سبحانه حرك الاشياء ورددّها في العدم حتى حضر وقتها فأوجدها، وروی (أجَّل) بالجيم المشددة أي آخر. (وَلاءمَ بیْنَ مُخْتَلِفَاتِها) أي جعلها ملتئمة مؤتلفة كما ألف بين العناصر المتخالفة في الطباع وبين النفوس تقول: لاءمت بين القوم ملاءمة إذا أصلحت وجمعت، فإذا اتفق الشيئان فقد التأما ((وَغَرَّزَ غَرَائِزَها، وَأَلزَمَها أَسناخها) الغريزة الخلق والطبيعة صالحة كانت أو رديئة(2)والسِنْخ بكسر السين وسكون النْون الأصل، وفي بعض النسخ (أشباحها)(3)جمع شبح بالشين المعجمة والباء الموحدة والحاء المهملة محركةٌ وقد يسكن أي أشخاصها وتغريز الغرائز ايجادها أو(4)تخصيص كل منها(5)بغريزة خاصة بها من قبيل قولهم سبحانه من ضَّوء الأضّواء، أو من تغريز العود في الارض؛ ليثمر على ما قيل والضمير المنصوب في الزمها راجع إلى الأشياء كالسوابق فالمعنى جعلها بحيث لا يفارقها أصولها أو جعل الأشخاص لازمة للكليات على ما في بعض النسخ أو راجع إلى الغرائز أي جعل كل ذي غريزة، أو كل شخص بحيث لا تفارقه(6)غريزته غالباً أو مطلقاً (عَالِماً بَهِا قبلَ ابْتدَائِهَا، مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وانْتِهائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وأَحْنَائِهَا) العامل في عالماً وما بعدها

ص: 160


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، البحراني: 1 / 135
2- ينظر: العين، مادة (غرز): 4 / 382
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 71، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 23
4- (و) في ح
5- (من الأشياء) في ث، ح
6- (يفارقه) في أ، ث، ر، م، ن،، وفي ع: (يفارق) تصحيف

أما الزم لكونه(1)أقرب أو الافعال الثلاثة الأخيرة علىَ الترّتيب [أو الاربعة دون ما قبلها بقرينة الفصل](2)، أو العامل في الاول(3)قوله (عليه السلام) انشاء [وابتدأ](4)بقرينة قوله: قبل ابتدائها [وفي ما بعده ما بعده](5)والمراد بالحدود أما الأطراف أو التشخصات أو الحدود الذهنية وبالانتهاء الانتهاء اللازم للحدود أو انقطاع الوجود بانقضاء الزمان المعيّن لوجودها، [وبالقرائن](6)ما يقترن بها على وجه التركيب، أو المجاورة، أو العروض، والأحناء جمع حِنو بالكسر أي ((الجوانب))(7)أحناء الوادي [معاطفة، و](8)في كلامه (عليه السّلام) دلالة على جواز اطلاق العارف على الله سُبحانه. ((ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ، وَشَقَّ الْأَرْجَاءِ، وَسَكَائِكَ الْهَوَاءِ)) كلمة ثم(9)هاهنا أما للترتيب الذكرى والتدرّج في الكلام لا للتراخي في الزّمان، ويكون لوُجوه(10) منها الانتقال [الى التّفصْيل من الاجمال، ومنها](11)الاهتمام بتقدم المؤخّر، أو المقارن لوجه آخر ويستعمل الفاء كذلك، وأمّا بمعنی

ص: 161


1- (لكونها) في م
2- [أو الاربعة دون ما قبلها بقرينة الفصل] في ع، ساقطة من أ، ح، ر
3- (الجميع) في ث
4- [وابتدأ] ساقطة من أ، ح، ر، ع، م
5- [وفي ما بعده ما بعده] ساقطة من أ، ح، ر
6- [وبالقرائن] خرم في م
7- الصحاح، مادة (حنو): 6 / 2321
8- [معاطفة، و] خرم في م
9- [سَكَائِكَ الْهَوَاءِ)) كلمة ثم] خرم في م
10- ينظر: الجنى الداني في حروف المعاني، الحسن بن القاسم المرادي (749 ه): 426 - 429
11- [الى التّفصْيل من الاجمال، ومنها] خرم في م

[الواو](1)المفيدة للجمع [المطلق کما قيل في قوله تعالى: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ(2)لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى»(3)، وعلى التقديرين لا يدلّ على تقديم انشاء الخلق على ايجاد الماء والأرض والسّماء، والفتق بالفتح الفتح والشق(4)، والجو، ما بين السماء والارض، وقيل الفضاء الواسِع، والأرجاء جمع الرجّا مقصوراً وهي ((النّاحية))(5)/ و9 / قال تعالى: «وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا»(6)، وأمّا الرجّا من الامل أو الخوف(7)كقوله تعالى: «مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا»(8)أي لا تخافون عظمة الله فممدود والسُّكاك بالضم وكذا السّكاكة الهواء الملاقي أعنان السّماء(9)، [والسّكائك](10)جمع سكاكة، وفسّرهَا ابن الاثير ب((الجوّ ما بينَ السّماء والارض))(11)وقال: ((ومنه حديث علي))(12)(عليه السّلام)، والهواء بالمد ((ما بين [السماء](13)والارض))(14)،

ص: 162


1- [الواو] خرم في م
2- [المطلق كما قيل في قوله تعالى: ((واِنِي لَغَفارٌ] خرم في م
3- طه / 82
4- العين، مادة (فتق): 5 / 130
5- معجم مقاییس اللغة، مادة (رَجِیَ): 2 / 495
6- الحاقة / 17
7- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (رَجِیَ): 2 / 494
8- نوح / 13
9- ينظر: العين، مادة (سكك): 5 / 272، والصحاح، مادة (سكك): 4 / 1591
10- [والسكائك] خرم في م
11- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 385
12- المصدر نفسه: 2 / 385
13- [السماء] خرم في م
14- الصحاح، مادة (هوی): 6 / 2537

ويقال لكلّ خالٍ هواء، ومنه قوله تعالى: «وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ»(1)أي خالية من العقل، أو الخير، أو من كل شيء فزعاً(2)وخوفاً، أو من الطّمع في الخير، والمراد بفتق الأجواء ايجاد الاجسام في الأمكنة الحالية بناء على وجود المكان بمعنی البعد، وجواز الخلاء، أو المراد بالجوّ البعد الموهوم، أو أحد العناصر بناء على تقدّم خلق الهواء وهو الظّاهر ممّا ذكره عليّ بن إبراهيم(3)في تفسير قوله تعالى: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»(4)(5)والظاهر أنّه مضمُون الخبر(6)وقد اختلفت الرّوايات في أوّل ما خلَق الله والجمع بينَهُا بحمل بعضها على الأولية الاضافية، وحمل(7)الاختلاف في بعضهَا على اختلاف(8)التعبير عن الصّادر الأوّل کما حرر في حدائق الحقائق(9)وهذا الكلام لا يدّل صريحاً على أن

ص: 163


1- إبراهيم / 43
2- (فرغاً) في ر، تصحيف
3- علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، يكنى أبا الحسن، من مصنفي الإمامية، فقیه مفسر، أخذ عنه الكليني من مؤلفاته تفسير القرآن، والناسخ والمنسوخ، والمغازي، والشرائع، والانبياء، والتوحید، صار ضريراً في آخر عمر توفي في القرن الرابع الهجري. ينظر: الفهرست، الطوسي (ت 460 ه): 152، والوافي بالوفيات (20 / 6، ولسان الميزان، ابن حجر (ت 852 ه): 4 / 191، وهدية العارفين: 1 / 678، وایضاح المكنون 2 / 334، والكنى والالقاب، القمي (ت 1359 ه): 3 / 85، ومستدرك علم رجال الحدیث، علي الشاهرودي (ت 1405 ه): 5 / 278، معجم المؤلفين: 7 / 9
4- هود / 7
5- ينظر: تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي (ت 329 ه): 1 / 321
6- (الخير) في ع، تصحيف
7- (حمل) في ر
8- (واختلاف) في ر
9- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 30، 31

الصّادر الاوّل ماذا ولا على تقدّم الماء على الهواء بل العكس أظهر، وقوله (عليه السّلاَم): ((وشق الأرجاء)) كالتّفسير لفتق الأجواء، أو المراد بالأرجاء الأمكنة والفضاء، وبالأجواء عنصر الهواء، وقوله (عليه السّلام): ((وسکائك الهواء)) بالنّصب کما في كثير من النّسخ معطوف على فتق الأجواء أي انشأ سبحانك سکائك الهواء، والأظهر أن يكون بالكسر معطوفاً على الأجواء أي أنشاء سبحانهُ فتق سکائِك الهواءِ ((فَأَجْرَى فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِمَاً تَيَّارُهُ، مُتَرَاكماً

زَخَّارُهُ)) اللَّطم بالفتح في الأصل الضّرب على الوَجْه ببَاطن الرّاحة وفي المثل (لوذاتُ سِوَارٍ لَطَمْتَنى)(1)قالته امرأة لطَمّتُها [من ](2)لم تكن(3)لها بكفؤ، وتلاطمت الأمواج ضرب بعضها بعضاً كأنّه يلطّمه، والتّيار موج البحر(4)، ولجّته، ورَکُم الشيء يرکُمه [بالضم](5)إذا جمعهُ والقى بعضه على بعضٍ، وتراكم الشيء إِذَا اجتمع(6)، وزخر البحر إذا ((مدّ وكثر ماؤُهُ وارتفعت أمواجه))(7)أي إنه سبحانه خلق الماء المتَلاطم الزّاخر في الاجواء وخلّاه وطبعه أوّلاً فجرى في الهواء، ثم أمر الرّيح برده وشدةّ [كما يدلّ](8)عليه [قوله ](9)(عليه السّلام) بعد ذلك حتّى يظهر قدرته ((حَمَلَهُ عَلىَ مَتْن الرِّيحِ

ص: 164


1- (مثل يقوله الكريم إذا ظلمه اللئيم) جمهرة الامثال، أبو هلال العسكري: 2 / 193
2- [من] ساقطة من م
3- (يكن) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن
4- ينظر: الصحاح، مادة (تیر): 2 / 602
5- [بالضم] ساقطة من أ، ر، ع، ن
6- ينظر: الصحاح، مادة (ركم): 5 / 1936
7- لسان العرب، مادة (زخر): 4 / 320
8- [كما يدلّ] خرم في م
9- [قال] خرم في م

العَاصِفَةِ، والزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ)) المتن من كلّ شيء [ما ظهر منه](1)، والمتن من الأرض ((مَا ارتفع وصلب))(2)، والمتين القويّ، وعصفت الرّيح اشتدّ هُبوبها والزّعزعة بالزاي والعين المهملة (تحريك الشيء)(3)ليقلعه ويزيله، وريح زعزع وزعازع أي يزعزعُ الاشياء، وقصفه(4)كضربه قصفا(5)کسره، وقصف الرّعد وغيره اشتد صوته أي جعل الرّیح حال عصفها حاملة له فكان متحرکا بحركتها أو جعل الرّيح التي من شأنها العصْف والقَصْف حاملة له والأول أظهر وهذه الرّيح غير الهواء المذكور أولا كما يدل عليه(6)قول الصّادق (عليه السلام) في أجوبة مسائل الزنديق قال: (الرّيح على الهواء والهواء تمسكهُ القدرة)(7)، فيمكن أن يكون متقدّمة(8)في الخلق عليه أو متأخرة عنه أو مقارنة له ويمكن أن يكون المراد بهَا مَاتحرّكَ منهُ (فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ، وسُلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ، وَقَرَنَهَا إلى حَدِّهِ). أي أمر [الرّيح](9)أن تحفظ(10)الماء وتردّه بالمنع عن الجَريْ الذّي سبقت الاشارة إليه بقوله (عليه السّلام): فأجرى فيها

ص: 165


1- [ما ظهر منه] خرم في م
2- لسان العرب، مادة (متن): 13 / 399
3- ينظر: الصحاح، مادة (زعع): الصحاح: 3 / 1225
4- (قصوفه) في ث، تحریف
5- (کصفا) في ع
6- (على) في ر
7- الاحتجاج، الطبرسي (ت 548 ه): 2 / 100
8- (مقدمة) في ح
9- [الريح] خرم في م
10- (يحفظ) في أ، ث، ح، ع

مّاء [فكان](1)بل [الردّ قد خلىّ](2)وطبعه أي عن الجري الذّي يقتضيه طبعهُ وقواه على ضبطه كالشيء المشدوُد وجعلها مقرونة [الى انتهائه محيطة](3) به (الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتيِقٌ، وَالمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ) أي الهواء الذي هو محل الريح کما مرَّ في الخبر، [مفتوق أي مفتوح منبسط](4)من تحت الرّيح الحاملة للماء والماء دفيق من فوقها أي مصبوب مندفق والغرض [انه سبحانه بقدرته ضبط الماء المصبوب](5)بالرّيح الحاملة له کما ضبط الريح بالهواء المنبسط وهو موضِع العجب. (ثُمَّ أَنْشَأَ [سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا، وَأَدَامَ مُرَبَّها])(6)الظّاهر أن هذه الرّيح غير ما جعلها اللهِ محلا للماء بل مخلوقة من الماء، کما ورد في بعض الرّوايات، والاعتقام أن تحفر البئر فإذا قربت من الماء احتفرت بئراً صغيراً بقدر / ظ 9 / ما تجد طعم الماء فإن كان عذباً حفرت بقيتّهَا، ويكون اعتقم بمعنی صَار عقيمَّاً، ومنه الرّيح العقيم التّي لا تلقح شجراً ولا تثير سحاباً مَاطراً، وقال في العين: ((الاعْتِقَامُ الدُّخولُ فِي الأمْرِ))(7)، وقال بعض الشّارحين: (الشد والعقد))(8)، ولم نجده في كلام اللّغويين، والمَهب مصدر بمعنى الهُبوب، أو اسم مكان، ورُبَ یکون بمعنی جمع وزادَ ولزمَ وأقام والمعنى على ما ذكره بعض الشّارحين أنّ الله تعالى ارسلها بمقدار مخصُوصٍ

ص: 166


1- [فكان] ساقطة من أ
2- [الرد قد خلى] خرم في م
3- [الى انتهائه محيطة] خرم في م
4- [مفتوق أي مفتوح منبسط] خرم في م
5- [انه سبحانه بقدرته ضبط الماء المصبوب] خرم في م
6- [سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا، وَأَدَامَ مُرَبهَّا)] خرم في م
7- العين، مادة (عقم): 1 / 186
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 133

يقتضيه الحكمة ولم يرسلها مطلقاً، بل جَعل مهبها ضيقاً كما يُحتفر(1)البّئر الصغير في الكبير(2)، فالمَهب اسم مكان أو مصدر على التوسع(3)، وقيلا لمعنى جعلها عقيمة لا تلقح(4)، وهذا انَّما يصّح لو كان الاعتقام متعدّياً أو كان مهبها مرفوعاً لا منصوباً كما في النّسخ التي وقفنا عليها ويظهر من کلام بعض الشّارحين(5)أنه روی (اعقم) بدون التاء على صيغة الافعال فيصح المعنى المذكور، ويحتمل أن يكون بمعنی شدّ مهبها وعقده على مَا يقتضيه الحكمة والمصلحة، وقيل: على تقدير كون اعتقم بالتاء كما في النسخ المراد أنّه اخلى مهبّها من العوائق وإنه أرسَلها بحيث لا يعرف مهبّهَا وهو كما تری، ومعنى أدامة مربها إدامة جعلها ملازمة لتحريك الماء وَأدامه هبوُبها(6). (وَأَعْصَفَ مَجْرَاهَا، وَأَبْعَدَ مَنْشَاهَا) عصفت الرّيح أشتدّ هُبوبها، ومجراها جریانها، أو اسند إلى المحل مجازا، وأبعد مِنشأهَا أي انشأها من مبدأ بعيد، ولعلّه ادخل في شدّتها والمنشأ بالهمزة على الأصل، أو بالألف للازدواج وكلاهما موجود في النّسخ (فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ المَاءِ الزَّخَّار،ِ وَإثَارَةِ مَوْجِ

الْبِحَارِ، فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ، وعَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا باِلفَضَاءِ) ((الصّفق الضّرب الذّي يسمع له صوت))(7)، وكذلك التصّفيق، والتشديد يدل على

ص: 167


1- (تحُتفر) في ع، وفي ن (تحفر)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني:: 1 / 138
3- (توسع) في أ، ث، ح، ر،ع، م، ن، وما أثبتناه هو المناسب للسياق
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 79
5- ينظر: معارج نهج البلاغة: 58، وفيه: (ريحاً اعتقم واعقم واحد)، وبحار الانوار: 54 / 184 وفيه: (وروي اعقم)
6- ينظر: بحار الانوار: 54 / 184
7- الصحاح، مادة (صفق): 4 / 1507

الشدّة، والثوران الهيجان، والإثارة التهييج، والمخض: تحريك السقاء الذي فيه اللبن ليخرج زبده(1)، والعصف (بالفضاء)(2)يكون أشد لعدم المانع أي أشتدّ عصفه حتى اضمحلّ المانع. (تَرُدُّ أَوَّلَهُ على آخِرهِ، وَسَاجِيَهُ على مَائِرِهِ، حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ، وَرَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ) السّاجي هو ((السّاكن))(3)ومنه قوله (عليه السلام): ((ولا ليل داج ولا بحر ساج))(4)، ((ومار الشيء يمور مورا تحرِك وجاء وذَهَبَ))(5)وبه فسّر الأخفش(6)، وأبو عبيدة(7)قوله تعالى: «يَوْمَ

ص: 168


1- تاج العروس، مادة (محض): 10 / 150
2- (الفضا) في ث، ح
3- تاج العروس، مادة (سجر): 6 / 498
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 311
5- الصحاح، مادة (مور): 2 / 802، وتاج العروس، مادة (مور): 7 / 496
6- سعید بن مسعدة المجاشعي البلخي المعروف بالأخفش الاوسط، ويكنى أبا الحسن، أحد نحاة البصرة، أخذ النحو عمن أخذ سيبويه، ولقي من لقيه من العلماء، وكان أكبر منه سناً، وكان معلماً لولد الكسائي، من مؤلفاته: معاني القرآن، والمقاييس في النحو، والاشتقاق، والعروض، والاصوات، توفي سنة (215 ه). ينظر: فهرست ابن النديم (ت 438 ه): 58، وإنباه الرواة: 2 / 36 - 44، ووفيات الأعيان: 2 / 380، 381، والوافي بالوفيات: 15 / 161، 162، والاعلام: 3 / 101، 102
7- معمر بن المثنى التيمي البصري من تیم قریش لا من تیم الرباب، وهو مولى لهم، وکنیته أبا عبيدة، ولد في البصرة سنة (110 ه) من أئمة العلم بالأدب واللغة والاخبار والانساب، استقدمه هارون الرشيد إلى بغداد سنة (188 ه) وقرأ عليه أشياء من كتبه، صاحب مصنفات كثيرة جدا تصل المائتين منها: بيوتات العرب، والجمع والتثنية، ومجاز القرآن، وأدعية العرب، واسما الخيل، والانسان، والزرع، والشوارد، وغيرها من المؤلفات، توفي في البصرة سنة (209 ه). ينظر: فهرست ابن النديم: 58، ولسان الميزان: 7 / 395، وکشف الظنون: 1 / 26، وهدية العارفين: 2 / 466، 467، ومعجم المطبوعات العربية: 1 / 322، 323، والاعلام: 7 / 272

تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا»(1)(2)، وقال (الضّحاك): ((أي تموجُ موجاً))(3)، والعُباب بالضم معظم الماء وكثرته وارتفاعه، ويقال: جاؤوا بعبابهم أي بأجمعهم، وعبّ عَبابه(4)أي ارتفع وعبَ النبت اذا طال، ورُكام الماء بالضّم ما تراکم منه واجتمع بعضه فوق بعض، وقد ورد في الاخبار أنّ الارضَ مخلوقة من هذا الزبد، ثم ثار من الماء دخان فخلقت(5)منه السّماء ((فَرَفَعَهُ فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ، وجوٍّمُنْفَهِقٍ، فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعَ سَموَاتٍ)) أي رفع الله ذلك الزّبد بأن جعل بعضه دخانا في هواءٍ مفتوق مفتوح بخلق ما خلق سابقا، أو برفع ذلك الدّخان وفي جو متّسع، والانفاق الاتّساع والانفتاح(6)، وقد نطق الكلام المجيد والأخبار المتظافرة بأنَّ السّماء مخلوقة من الدّخان، وإنّها متأخّرة في الخلق عن الأرض وظاهر الآيات والاخبار إنّ السّموات سبع، والعرش والكرسي ليسا من جنس السّماء، لا كما تزعمه الفلاسفة بناء على أصول فاسدة. (جَعَلَ سُفْلاَهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً؛ وَعُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وسَمْكاً مَرْفُوعاً) الكف المنع، والسّقف معروف، وقال الجوهري(7)وغيره(8)السّقف اسم للسّماء، ولعلّ المعروف أنسب بالمقام، وسَمك البيت بالفتح سَقْفُهُ،

ص: 169


1- الطور / 9
2- ينظر: مجاز القرآن، أبو عبيدة: 2 / 231
3- ينظر: معارج نهج البلاغة: 206 والتبيان في أقسام القرآن، ابن قيم الجوزية (ت 751 ه): 169
4- (غبابه) في ر، تصحيف
5- (فحلقت) في ر، تصحيف
6- ينظر: لسان العرب، مادة (فهق): 10 / 315
7- ينظر: الصحاح، مادة (سقف): 4 / 1375
8- ينظر: العين، مادة (سقف): 5 / 81، وينظر: تاج العروس: 12 / 275

وسَمك الله السّماء سمكا رفعها، والمسمُوكات السَموات أي جعل السَماء السّفلى التي هي أقرب الينا، موجاً ممنوعاً من السَيلان أمّا بامساکه بقدرته، أو بأن خلق تحته وحوله جِسْماً جَامِداً يمنعه عن الانتشار وَالسَيلان، أو بأن اجمدها بعد ما كانت سَيالة وظاهر بعض الاخبار، وهذا الكلام اختصاص الحكم بسماء الدّنيا، فقول / و10 / بعض الشّارحين(1)أن جميع السّموات كانت كذلك فما وجه التخصيص لا وجه له، وحمل الكلام على تشبيه السَماء بالموج في الارتفاع واللّون الموهوم توهم والاستدلال على كونها موجاً بارتعاد الكواكب حساً ضعيف جداً، ولعلّ المراد بحفظ العليا إمساكها عن النقض، والهدم، والسّقوط، والخرق إلاّ بأمره سبحانه، وقول بعض الشّارحين عن الشّياطين بعيد ولو كان وصفاً للسّماء الدّنيا كان وجهاً لقوله تعالى: «إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ»(2)والتّخصيص في كلامه (عليه السّلام) يناسب أن يكون المراد بالسّماء في قوله تعالى: «وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا»(3)السّماء العُليا (بِغَیِرْ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا، وَلاَ دِسَارٍ يَنْظِمُها) العمد بالتحريك كما في النسخ جمع كثرة لعمود البيت، وكذلك العُمُد بضمتين وجمع القلة أعمدة كأسورة، وقال في العين: العُمُد بضمتين: ((جمع عِمادٍ، والأعمدة جمع عَمود من حديد أو خشب))(4)[وتذکیر الفعل لأنّه من أسماء الجمع](5)، والدَعم بالفتح أنَّ يميل الشيء فتدعمه

ص: 170


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 80
2- الصافات / 6، 7
3- الانبياء / 32
4- العين، مادة (عمد): 2 / 57
5- [وتذكير الفعل لأنّه من أسماء الجمع] ساقطة من أ، ر، ع، ن

بدعام کما تدعم عروش الكرم ونحوه ليصير له مساكاً ((والدّعامة: اسم الخشبة التّي يدعم بها))(1)، (ويَدْعَمُهَا) في أكثر النّسخ(2)بالتخفيف مفتوحة العين، وفي بعضها يدّعمها بتشديد الدّال على صيغة الافتعال من الادّعام وهو الإتكاء على ما ذكره أهل اللّغة(3)ولعلّ الأوّل أظهر، والدِّسَار بالکسر المسمّار وجمعه دُسُر(4)، ونظم اللُؤلُؤ جمعه في السّلك ومنه نظمت الشعر، والنظّام الخيط الذّي ينظم به وينظِمها بكسرِ الظاء والتخفيف، وفي بعض النّسخ (ينتظمها)(5)من الانتظام وَجاء متعدّياً والظّاهر أنَّ الضّمير المنصوب في يدعمهَا وينظمُها راجع إلى السّموات، وارجاعه إلى العليَا لا يخلو عن وجه، والى السّفلى بقرينه قوله (عليه السلام) بعد ذلك: «ثُمَّ زَیَّنَهَا بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ»؛ حيث إنّ الظّاهِر إرجاع الضّمير فيه إلى السّفلى ليكون أوفق بقوله تعالى: «إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ»(6)لا يخلو عن بعد وإن كان الظّاهر رجوع هذا الضّمير إلى السّفلى لما ذكروا، والزينة أما مصدر كالنسبة أو اسم لما یُزانَ(7)به کاللّيقة لما يلاقُ به أي يُصَلحُ [بِهِ](8)المدِادُ، قالَ

ص: 171


1- لسان العرب، مادة (دعم): 12 / 201
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 75
3- ينظر: الصحاح، مدة (دعم): 5 / 1919، ولسان العرب، مادة (دعم): 12 / 202، وتاج العروس، مادة (دعم): 16 / 241
4- ينظر: العين، مادة (دسر): 7 / 225، والمخصص: 3 / 26
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 56، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 75، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 147، وبحار الأنوار: 54 / 187
6- الصافات: 6
7- (یران) في ث، تصحيف
8- [به] ساقطة من أ، ر

صاحب الكشاف (في) قوله تعالى: «بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ»(1)يحتملهما فعلى الأوّل امّا من اضافة المَصدْرِ إلى الفاعل بأن يكون الكواكب مزينا للأفلاك، أو إلى المفعول بأن زيّن اللهُ الكواكب وحسّنها لأنّها انما زینت السّماء لحُسنها في أنفسها وعلى الثاني فاضافتها إلى الكواكب بيانية(2)وتنوين الزينة كما قرئت الآية [به](3)ليس موجوداً في النسخ وزينة الكواكب للسّماء أمّا لضوئها، أو (4)للأشكال الحاصلة منهَا كالثّريا والجوزاء ونحوهما، أو باختلاف أوضاعها بحركتها، أو لرؤية النّاس إيّاها مضيئة في اللّيلة الظّلماء، أو للجميع، وَلعلّ بعضها أوفق بقوله تعالى: «وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ»(5)ثم انّ الظاهر من التّخصيص(6)أنّ الكواكب في [السّماء](7)الدّنيا مركوزة أو متحركة بذاتها(8)كالحيتان في الماء ولا دليل على ما زعمته الفلاسفة كما فصّل في حدائق الحقائق(9)، والقول بتزيينها بالكواكب المركوزة فيما فوقها لرؤيتها فيْها خروج عن الظّاهر من غير دليل وقد اعترف بعضهم [بامكان](10)استقامة(11)الاحوال

ص: 172


1- الصافات / 6
2- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل، الزمخشري: 3 / 335
3- [به] ساقطة من ح
4- (و) في أ، ع
5- فصلت / 12. وفي أ: ((انا زینا...))
6- (التحصيص) في أ، وفي ث: (التحضيص)، تصحيف
7- [السماء] ساقطة من أ، ع
8- (بداتها) في أالافصح بنفسها
9- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 40، 41
10- [بامكان] ساقطة من أ، ر، ع، ن، وفي م: (مکان)
11- (باستقامة) في أ، ر، ع، م، ن

والاوضاع المشاهدة وإن لم يكن الحال ما زعمُوه (وَضِياءِ الثَّواقِبِ) المراد بها أمّا الكواكب فيكون كالتّفسير لزينة الكواكب والكواكب ثواقب أي مضيئة ومنه قولهم: استثقب النّار إذا استوقدت وحَسَبٌ ثاقب أي مضي شريف، والمضيء كأنّه يثقب الظّلمة بنوره أو المراد بها الشهب التي ترمي بها الشياطين فتثقبهم(1)أو تثقب(2)الهواء بحركتها، أو الهواء المظلمة بنورها، وتفصيل الكلام في حدوث الشهب أو كثرتها ببعثة النبي (صلى الله عليه وآله) وأنها من الكواكب أم لا مذكور في حدائق الحقائق(3).

(فَأَجْرَى فَيهَا سِرَجاً مُسْتَطِيراً، وَقَمَراً مُنِیراً) / ظ 10 / وفي بعض النسخ (وأجرى)(4)بالواو مکان الفاء، والمراد بالسرّاج الشّمس، قال تعالى: «وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا»(5)، وقال سبحانه: «تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا»(6)قيل لما كان اللّيل عبارة عن ظلّ الارض وكانت الشمّس سبباً لزواله كان شبيهاً بالسّراج في ارتفاع الظّلمة به، والمُستطير المنتشر الضوءِ واستطار تفرق وسطع وأنار الشيء واستنار أي أضاء وقيل ما بالذات من النّور ضوء وبالعرض نور ولذا قال تعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا»(7)،

ص: 173


1- (فيثقبهم) في ث، تصحيف
2- (یثقب) في ث، وفي ر: (تنقب)
3- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 42
4- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 56، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 75
5- نوح / 16
6- الفرقان / 61
7- يونس / 5

لأنّ النّور أضعف من الضّوء(1)، وظاهر الكلام مطابقاً لظاهر قوله تعالى: «وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ»(2)حركة الشمّس والقمر في الفلك بذاتیهما والضّمير المجرُور أمَا راجع إلى السّفلی کالمنصوب في (زيّنها) على ما هو الاظهر وحينئذٍ لا يطابق ما فهم من قوله تعالى: «وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ»(3)من أن لكلّ فلكاً آخر، فيمكن أن يكون المراد في الآية كونهما في فلك کما يفهم من كلام صاحب الكشاف(4)حيث جعل التنوين للعوض لا للتنكير أي كلّهم يسبحون في فلك، ويؤيد هذا [ظاهر](5)قوله (عليه السّلام) فِي: (فيِ فَلَكٍ دَائِرٍ) وأمّا راجع إلى السّموات بقرينة قوله تعالى: «وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا»(6)، والظّرف أمّا بدل عن فيها فيفيد حركة السّفلى على تقدير أن يكون الفلك الدائر عبارة عنها ويمكن أن يستفادَ حينئذ استناد إحدى الحركتين الخاصّة واليوميّة إلى الفلك والاخرى إلى الشمّس والقمر نفسهما(7)، وامّا في موضع الحال عن المنصوبين فيمكن أن يكون المراد بالفلك الدّائر فلكاً جزئياً للسّفلى يكونان مركوزين فيه وقِسْ على ذلك لو عاد الضمير إلى السّموات، والفَلَكُ بالتحريك كلّ شيء دائر منه فَلْكة المِغْزل

ص: 174


1- (الضوء: ما كان من ذات الشيء المضيء، والنور ما كان مستفاداً من غيره) الفروق اللغوية: 332
2- يس / 40
3- يس / 40
4- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل، الزمخشري: 2 / 571
5- [ظاهر] ساقطة من أ، ر، ع
6- نوح / 16
7- (نفسها) في ع

بالتّسكين، ويقال : فلّك ثَديُ المرأة تفليكاً إذا استدار (وَسَقْفٍ سَائِرٍ، وَرَقِيمٍ مَائِرٍ)، قد مَرَّ تفسير السّقف، والرّقيم في الأصل ((الكتاب))(1)فَعِيْل بمعنی مفعُول، قال ابن الاثير: منه حديث علي (عليه السلام): في صفة السّماء (سقف سائر ورقیم مائر یرید به وشي السماء بالنجوم)(2) والمائر المتحرك(3)وليس هذا بالمَورْ الذّي قال تعالى: «يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا»(4)، والكلمات الثلاثة تدل على حركة الفلك في الجملة، ولا ينافي حركة الكواكب حركة ذاتية كما هو مقتضى الظّواهر والله تعالى يعلم (ثُمَّ فَتَقَ مَا بَیْنَ الْسَموَاتِ الْعُلاَ، فَمَلأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلائِكَتِهِ) الظّاهر أنّ كلمة (ثم) للترتيب المعنوي فيكون فتق السّموات بعد خلق الشمّس والقمر بل بعد جعلها سَبْعاً، وخلق الكواكب فيْها ويحتمل أن يكون للتّرتيب الذكرى، والظّاهر في المقام أنّ فتقها فَصل بعْضُها عن بعضٍ وهذا غير الفتق الذّي فسّر به في الرّواية قوله تعالى: «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا»(5)من أنَّ السّموات والارض كانتا رتقاً بالاستواء، والصّلابة ففتق الله السَماء سبحانه(6)بالمطر، والأرض بالنبات والشجر، ويدل الكلام كغيره من الرّوايات على بطلان ما زعمت المتفلسفة من تماسَ الافلاك وعدم الفصل بينها بهواءٍ

ص: 175


1- الصحاح، مادة (رقم: 5 / 1936
2- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 256، وفيه: (ومنه حديث علي رضي الله عنه)
3- تاج العروس، مادة (مور): 7 / 496
4- الطور / 9
5- الانبياء / 30
6- (سبحانه) ساقطة من أ، ر، ع، م، ن

ونحوه، والأَطْوار جمع طَّوْرٍ بالفتح وهو في الاصل ((التّارة))(1)قالَ الله تعالى: «وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا»(2)قيل أي طوراً نطفة، وَطْوراً علقة، وطوراً مضغة، وقيل أي حالاً بعد حال، وقيل أي خلقكم مختلفين في الصّفات أغنياء وفقراء وزمنى واصّحاء، والمناسب لكلامه (عليه السّلام) في مقام التّفضيل ما يقرب من الأخير أي اصنافاً مختلفة في عباداتهم وسيجيء تفصيل أحوالهم وبيان كثرتهم في خطبة الأشباح إن شاء الله تعالى، وفي رواية الهروي ((3)/ و11 / عن الرّضا (عليه السّلام) أنّ الملائكة خُلقت قبل السّموات، فقبل(4): فتقها كانت في مكان [...](5)يعلمهُ الله تعالى(6)، والآيات القرآنية والأخبار المتضافرة صريحة في تجسم الملائكة وانکاره کما يظهر من كلام بعض الشّارحين(7)جرياً على أصول المتفلسفين یُعَدُّ(8)من إنکار ضروريات الدّين (مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ، وَرُكُوعٌ لاَ يَنْتَصِبُونَ، وصَافُّونَ لاَ يَتَزاَيَلُونَ، ومُسَبِّحُونَ لاَ يَسْأَمُونَ) السّجُود والرُّكوع بالضّم فيهما جمع ساجدٍ، وراكع وفاعل الصفة يجمع على

ص: 176


1- العين، مادة (طور): 7 / 446
2- نوح / 14
3- عبد السلام بن صالح الهروي بن سليمان بن أيوب ويكنى أبا الصلت، مولى عبد الرحمن بن سمرة، حافظاً للاحادیث، زاهداً، متعبداً، رحل في طلب العلم إلى البلاد، توفي سنة (236 ه). ينظر: تاریخ بغداد، الخطيب البغدادي (ت 463 ه): 11 / 48 - 52، والانساب، السمعاني (ت 562 ه): 5 / 638، 639، وسیر اعلام النبلاء: 11 / 446 - 448، والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، يوسف الاتباكي (ت 874 ه): 2 / 287
4- (فقيل) في ح، ر، ع، م، ن
5- [لا] زيادة في أ، ع، لا يقتضيها السياق
6- ينظر: عيون الاخبار، الصدوق (ت 381 ه): 1 / 123
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 156
8- (يقرب) في نسخة أ، ر، م

فعولٍ إذا جاء مصدره عليه أيضاً، والانتصاب القيام، والصف ترتیب لجمع على خط کالصّف في الصّلاة، وفي الحرب، وقال أبو عبيدة: ((كلّ شيء بين السّماء والأرض لم يَضُمّ قُطرَيْه فهو صّافٌ))(1)، ومنه قوله تعالى: «وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ»(2)أي نَشَرَتْ أجنحتها، وبالوجهين فسر قوله تعالى: «وَالصَّافَّاتِ صَفًّا»(3)فقيل: هم الملائكة المُصّطَفّوُنَ في السّماء کالمؤمنين في الصلاة، وقيل هم الملائكة تصفّ أجنحتَها في الهواء إذا أرادت النّزول إلى الأرض واقفة ينتظر ما يأمُرها الله تعالى، ولعلّ الأنسب بكلامه (عليه السّلام) هو الأوّل وفسرت في الآية بالمؤمنين المصطَفين في صلَواتهم وجهَادِهم، و (التزایل): التّباين، والتفارق، والتسبيح هو التنزيه والتقديس والتّبرئة من النّقائص، والسأمة الملالة والضجر، يقال: سئم کعلم یسأم سأماً سأمةً.

(لاَ يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ، وَلاَ سَهْوُ الْعُقُولِ، وَلاَ فَتْرَةُ الأَبْدَانِ، وَلاَ غَفْلَةُ النِّسْيَانِ) غشیه کعلمه إذا جاءه أي لا يعرضهم النّوم وغيره، والفترة الانكسَار والضعف، والنّسيان خلاف الذّكر والحفظ كالسّهو وربما يفرق بينهما بزوال الصّورة عن الخزانة في النّسيان، وظاهر الكلام اختصاص الاوصاف بهذا الصّنف ويمكن أن يكون التّخصيص بها أو ببعضها لأمرٍ آخر غير الاختصاص (وَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ، وَأَلسِنَةٌ إلى رُسُلِهِ، وَمُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ، وَأَمْرِهِ) الوحي في الأصل أن يلقي الإنسان إلى صَاحبه شيئاً بالاستتار والاخفاء، ويكون بمعنى الكتابة والاشارة والرّسالة والإلهام، والاختلاف

ص: 177


1- مجاز القرآن، أبو عبيدة: 2 / 166
2- النور / 41
3- الصافات / 1

التّردد ومنه الحديث: (من اختلف إلى المسجد أصاب احدى الثمان)(1)، والقضاء في الأصل القطع والفصل وقضاء الشيء أحكامه وامضاؤه والفراغ(2)[منه](3)ويكون بمعنى الخلق، وقال الازهري(4)القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه وكلّ ما احكم عَملهُ أو أتّم أو ختم أو أدي(5)أو أوجب أو أعلم أو أنفذ أو أمضى فقد قضى(6)، قال وجاءت هذه الوجوه كلّها في الحديث والألسنة إلى الرّسل هم الذين أشارَ سبحانه اليهم بقوله عزَّ شأنه: «اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا»(7)، ولعلّ الاختلاف بالأمر والقضاء أعّم من آداءِ الرِسَّالة، فيحمل على غيره تحصیلاً للتقابل، قال بعض الشارحين(8): المراد بالقضاء الأمور المقضّية، يقال هذا قضاء الله [أي مقضي الله](9)، ولا يراد به المصدر، فإنّ معنى ذلك هو سطر ما كان وما یکون في اللّوح المحفوظ بالقلم الالهّي، وذلك قد فرغ منه كما قال

ص: 178


1- الأمالي، الصدوق، (ت 381 ه): 474، والأمالي، الطوسي (ت 460 ه): 432
2- (الفراع) في ث، تصحيف
3- [منه] ساقطة من أ، ع
4- محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الهروي، ولد بهراة بخراسان، اشتهر بالفقه واللغة، ارتحل في طلب العلم بعد ان سمع من الحسين بن إدريس وسمع ببغداد من أبي القاسم البغوي، من مؤلفاته: تهذيب اللغة، ووفوائد منقولة من تفسير المزني، وعلل القراءات، والروح، مات سنة (370 ه). ينظر: سير أعلام النبلاء: 16 / 310 - 317، والوافي بالوفيات: 2 / 34، وکشف الظنون: 1 / 515، والاعلام: 5 / 311
5- (أودي) في ع
6- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (قضی): 9 / 211
7- الحج / 75
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 163، وفيه: (وبالقضاء الامور المقضية إذ...)
9- [أي مقضي الله] ساقطة من ع

صلى الله عليه وآله: ((جفْ القلم بمَا هو كائن)(1)، وفيه نظر واضح (وَمِنْهُمُ الْحَفَظةُ لِعِبَادِهِ، وَالسَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِه) يمكن أن يكون الحفظة للعبَاد غير الحافظين عليهم الذين أشار سبحانه اليهم بقوله: «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ٭ كِرَامًا كَاتِبِينَ ٭ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ٭»(2)وهم المشار اليهم بقوله تعالى: «لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»(3)أي بأمر الله / ظ 11 / من أن يقع في ركن، أو يقع عليهِ حائط، أو يصيبه شيء حتى إذا جاء القدر خلو بينه وبينه يدفعونه إلى المقادير وهما مَلكان يحفظانه بالليل(4)، وَملکان بالنّهار يتعاقبانه. هكذا ورد عن أبي جعفر (عليه السّلام) وعن أبي عبد الله (عليه السّلام) إن الآية إنّما نزلت (يحفظوُنه بأمر الله)(5) وفسرت الحفظة في هذه الآية بالكتبة، وقال في مجمع البيان: ((روي ذلك عن أئمتنا (عليه السلام)))(6)، ويمكن أن يكون المراد بها في كلامه (عليه السّلام) هم الكرام الكاتبون بتقدير مضاف وربما فهم من بعض الأخبار اتّحاد الكتبة والحفظة والسّدنة لأبواب الجنان هم المتولّون لأمور الجنان وفتح الأبواب وإغلاقها، وأصل السّدانة في الكعبة وبيت الاصنام. ((وَمِنْهُمُ الثَّابِتَهُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفلَى

أَقْدَامُهُم)) في بعض النسخ (في الأرض أقدامهم) وهو أظهر والجمع على ما في

ص: 179


1- مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 ه): 1 / 307، والمعجم الكبير، الطبراني (ت 360 ه): 11 / 178، ومجمع الزوائد: 7 / 189
2- الانفطار / 10، 11، 12
3- الرعد / 11
4- (باللبل) في ر، تصحيف
5- ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 6 / 15
6- المصدر نفسه: 6 / 19

الأصل أما باعتبار القَطعات والبقاع، أو لأنَّ كلا من الأرضين السبع موضع قدم بعضهم والوصف على الأوّل بالقياسِ إلى سائر الطّبقات وعلى الثاني بالقياس إلى السّماء، وَسيجيء بيان تعدد الأرضين وكونها سبعاً ان شاء الله تعالى. ((وَالمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْناقُهُمْ، وَالْخَارِجَةُ مِنَ الأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ،

وَالْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أكتَافُهُمْ(1))) المروق كالخروج لفظاً ومعنىً، يقال: مرق السَّهْمُ من الرّميّة إذا خرج من الجانب الآخر(2)، وسمّيت الخوارج مَارقة لقوله (صلى الله عليه وآله): ((إنَّهُم يَمرُقون من الدّين كما يَمْرقُ السّهم

من الرّمية))(3)وهي فعلية بمعنى المرميّة وتفسيرها بالقوس کما وقع لبعض الفضلاء لعلّه لتوهُّمِهَا الرَّمْية بسُكون الميم وتأويل الخروج منها بالخروج من القوس أو حملها بمعنی ما یُرمی به، والأقطار: الجوانب(4)، وأركانهم جوارحهم التي يقومون بها ويستندون اليها، ولعل مناسبة أكتافهم لقوائم العرش قربها منها أو انّها تشبهها في العظم وقائمة الشيء ما يقوم به والجمع کالمفرد بالهمزة دون الياء(5)على القياس ويمكن أن يكون الموُصوُفون بهذه الصّفات هم الحملة ويناسبهُ هذه المناسبة (نَاكِسِةٌ دُونَهُ أَبْصَارَهُمْ، مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ، مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزِّةِ، وَأَسْتَارُ الْقُدْرَةِ)

ص: 180


1- (أكنافهم) في ع
2- ينظر: الصحاح، مادة (مرق): 4 / 1554 وبحار الانوار 54 / 191
3- مسند أحمد: 1 / 88، وصحیح البخاري (ت 256 ه): 4 / 179، وصحیح مسلم (ت 261 ه): 3 / 111، وسنن ابن ماجه (ت 273 ه): 1 / 60، وسنن الترمذي (ت 279 ه): 3 / 326، وسنن النسائي (ت 303 ه): 7 / 119
4- ينظر: الصحاح، مادة (قطر): 2 / 795
5- (الباء) في ث، ع، تصحیف، ينظر: المبدع في التعريف، ابو حيان الاندلسي: 191

((النّاكس المطأطئ رأسه))(1)، وفي اسناده إلى الابصار دلالة على عَدمِ التفاتهم في النكس يميناً وشمالاً، والضّمير في (دونه وتحته) راجع إلى العرش، واللفاع ثوب يجللّ به الجسد كلّه كساء كان أو غيره، وَتلّفع بالثوب اذا اشتمل به(2)، والمراد بمن دونهم أمّا بعض الملائكة أو البشر أو الجنّ أو الأعّم، [وناكسة ومضروبة بالرفع على ما في بعض النّسخ وفي بعضها بالنّصب، ومتلفعين بالياء](3).

(لاَ يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بالتَّصْوِيرِ، وَلاَ يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ المَصْنُوعِينَ، وَلاَ يَحُدُّونَهُ بِالْأَماكِنِ، وَلاَ يُشِیرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ) لعل [...](4)المراد تقديس الملائكة عن اثباتهم لوازم الجسمّية والامكان له سبحانه صريحاً وتوبيخ المشبهّين من البشر ضمنا، والنظّائر جمع نظيرة وهي المثل والشّبه في الاشكال، والاخلاق، والاقوال، والافعال(5)، (والنظّير: المثل في كلّ شيء)(6)وفي بعض النّسخ (لا يشيرون اليه بالنّواظر) أي بالأبصار أي لا يجوزون عليه الرّؤية وفي بعضِها بالمواطن أي الامكنة.

(منها في صفة خلق آدم (عليه السلام):

ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الأَرْضِ وَسَهْلِهَا، وَعَذْبِهَا وَسَبَخِهَا، تُرْبَةً

ص: 181


1- الصحاح، مادة (نكس): 3 / 986
2- ينظر: تهذيب اللغة، الازهري، مادة (لفع): 2 / 402
3- [وناكسة ومضربة بالرّفع على ما في بعض النّسخ وفي بعضها بالنّصب، ومتلفعين بالياء] ساقطة من أ، ر، ع، ن، وفي ث، م: (متلفين بالباء)
4- [لعل] زيادة مكرره في ر
5- لسان العرب، مادة (نظر): 5 / 219
6- المصدر نفسه، مادة (نظر): 5 / 219

سَنَّهَا بِالْمَاءِ حَتَّى خَلَصَتْ، وَلاَطَهَا بِالْبَلَّةِ حَتَّى لَزَبَتْ)، الحَزَن بالفتح المكان الغليظ الخشن والحُزونة بالضّم الخشونة(1)، والسّهل ضدّه، والعَذب بالفتح الذي لا ملوحة فيه، والسبخة الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد(2)تنبت / و12 / إلا بعض الشجر(3)، وسّنَّ الماء بالمهملة صّبه من غير تفريق، وأمَا الصّب المتفرق المنقطع فهو الشن بالمعجمة(4)قالوا في قوله تعالى: «مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ»(5)المسنُون المتغيرّ(6)، ومنه قوله تعالى: «فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ»(7)في بعض التّفاسير، وقيل: المصُبوب(8)، وقيل: المحكوكَ من سَنَّ الحجر إذا احكمه(9)، والأظهر(10)في كلامه (عليه السلام) مَا ذكرناه أوّلًا، وقالَ بعض](11)الشّارحين:((سّنها بالماء أي ملّسَها))(12)، واستشهد(13)بقول عبد الرّحمن بن حسان(14)، وقد حكاهُ الجوهري قال: إنّ يزيد بن معاوية قال

ص: 182


1- ينظر، العين، مادة (حزن): 3 / 161
2- (يكاد) في م
3- ينظر: تاج العروس، مادة (سبخ): 4 / 267
4- ينظر: الصحاح، مادة (سنن): 5 / 2141
5- الحجر / 26
6- ينظر: المفردات في غريب القرآن، الراغب الاصفهاني: 245
7- البقرة / 259
8- ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن: 6 / 113، التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 6 / 331
9- ينظر: التفسير الكبير، الرازي: 19 / 180
10- (الاطهر) في ر، تصحيف
11- [بعض] ساقطة من ر، وفي ث: (بغص) تصحيف
12- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 86
13- ينظر: المصدر نفسه: 1 / 86
14- (عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الانصاري الخزرجي (ت 104 ه)، شاعر ابن شاعر كان مقيما في المدينة وتوفي فيها، اشتهر بالشعر في زمن أبيه) الاعلام 3 / 303

لأبيه: ألا ترى عبد الرّحمن بن حسَان يُشَبب باْبنَتِكَ؟ فقال معاوية: وما قالَ؟: قالَ: قال:

هي زَهْراءُ مِثل لُؤلُوءة اْلغَوّاصِ ٭٭٭ ميُزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونٍ(1)

فقال معاوية: صدق. فقال يزيد: وإذا مَا نَسْبتَها لَم تَجِدْها فِي سَناءٍ مِنَ اْلمَكارِمِ دُوْنٍ، قال: وصدق، قال: وأين قوله: ثُمَّ خَاصَرْتُها إلى اْلقُبَّةِ اْلخَضْراءِ

تمشي في مَرْمَرٍ مَسْنُونٍ فقال معاوية: كذب(2)، قوله خاصرتها بالخاء المُعجمة والصّاد المُهْملة، قال في العين: ((فُلانٌ مُخاصِر فلانٍ أي اخذ بيده في المشي بجنبه))(3)، ثم ذكر البيت، وخلصت [كنصرت](4)أي صارت طينة خالصة، وفي بعض النسخ (حتی خضلت) [كفر حت](5)بتقديم الضّاد المعجمة على اللاّم أي أبتلّت(6)يقال: ((بکوا حتى اخضلوا لحاهم أي بلّوها بالدّموع))(7)ولعلّه أظهر، (ولاطها بالبلْة) أي جعلها ملتصقاً بعضها ببعضٍ بسبب البلة،

ص: 183


1- هذه الابيات وما بعدها قالها حسان في رملة بنت معاوية كذا نسبها ابن قتيبة في (الشعر والشعراء) 1 / 474. ونسبها أبو فرج الاصفهاني إلى (وهب بن زمعة) المكنى أبو دهبل ينظر: الاغاني 7 / 91
2- ينظر: الصحاح، مادة (سنن): 5 / 2139، 2140
3- العين، مادة (خصر): 4 / 183
4- [كنصرت] ساقطة من ث، ر، ع، م، ن
5- [كفرحت] ساقطة من ر، ع، م، ن
6- ينظر: الصحاح، مادة (خضل): 4 / 1685
7- ينظر: لسان العرب، مادة (خضل): 4 / 208

ويقال: لاطَ الشيء بقلبي أي لصق به(1)، ولَزَبت بالفتح أي لزقت(2)، قال الله تعالى: «إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ»(3).

قيل اللاَّزب واللاَّزم بمعنى أبدلت من الميم الباء، (وقال ابن عبّاس: اللاّزب المُلتصق من الطّين الحّر الجيّد)(4)، (فَجَبَلَ مِنْها صُورَةٌ ذَاتَ أحْنَاءٍ وَوُصُولٍ، وَأعْضَاءٍ وَفُصُولٍ) جَبَل بالفتح أي خَلَقَ(5)، والأحناء الأطراف جمع حنو بالكسر، والوصول هي الفصول باعتبار (أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ، وَأَصْلَدَهَا حَتَّى صَلْصَلَتْ، لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ، وأجلٍ مَعْلُومٍ) أي جعلها جَامدة حتّى يكون أجزاؤها لازقة بعضها ببَعْض فلا يتفرق بسهولة، وأصلدهَا أي جعلها صلبة والصلد من الحجر ((الصلب الاملس))(6)، وصلصلت أي صارت صلصالاً، قال الله تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ»(7)قال أبو عبيدة: ((الصّلصال الطّين الحر خلط بالرمّل فصار يتصلصل إذا جفّ، فإذا طبخ بالنّار فهو فخار))(8)، ويتصلصل أي يصّوت، قيل: كانت الريح إذا مّرت به سمع له صلصله، فلذلك سمّاه الله تعالى صلصالاً، [وقيل الصلصال المتغّير](9)، وقيل الصّلصال الطّين اليابس

ص: 184


1- ينظر الصحاح، مادة (لوط): 3 / 1158، وينظر: لسان العرب، مادة (لوط): 7 / 395
2- ينظر الصحاح، مادة (لزب): 1 / 219
3- الصافات / 11
4- مجمع البيان: 8 / 299
5- ينظر: العين، مادة (جبل): 6 / 137
6- تاج العروس، مادة (صلد): 5 / 64
7- الحجر / 26
8- الصحاح، مادة (صلل): 5 / 1745، وينظر: مجاز القرآن، أبو عبيدة (ت 210 ه): 1 / 350
9- [وقيل الصلصال المتغّير] ساقطة من ع

يصلصل أي يصّوت إذا نقر(1)، واللّام في قوله (عليه السّلام) (لوقت) يحتمل أن يتعلق بمحذوف أي كائنة لوقت فينفخ(2)حينئذ روحه فيه، ويحتمل تعلّقه ب(جبل) أي خلق هذه الصّورة لوقت نفخ الروح أو ليوم القيامة ويمكن أن يكون الوقت مّدة الحياة، وَالأجل منتهاها، أو يوم القيامة، ووصف الوقت بالمعدود باعتبار الاجزاء.

(ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ) إضافة الروّح إلى ضميره سبحانه للّتشريف المفهوم من الاختصَاصِ كبيت الله کما صرحت به الرّواية، وفي بعض الرّوايات في الجواب عن كيفيّة(3)هذا النّفخ أن الرّوح متّحرك كالريّح مجانس لها، وإنّما اشتق اسمه منها وظاهرهَا كغيرها تجسّمُ الرّوح والأقوال في حقيقته متكثرة لا يسع المقام تفصيلها وأدّلة تجرده لا تخلو عن كلام (فَمَثّلَتْ إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ يُجِيلُها، وَفِكَرٍ يَتَصرَّفُ فيها(4)، وَجَوارِحَ يْخَتَدِمُهَا، وَأَدَوَاتٍ يُقَلِّبُهَا) مثلت بضم المثلْثة كما في النسخ ويكونُ بفتحها أي قامت منتصبة، ويقال: مثل إذا زال عن موضعه، والفاعل ضَمير الصّورة، و(إنساناً) منصوب على الخبرية بتضمين الفعل معنى الناقصة كما قيل في قوله تعالى: «فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا»(5)أو(6)الحالية كما قيل في مثله، وفي بعض النّسخ فمثلت بتشديد

ص: 185


1- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (صلَّ): 12 / 112
2- (فينفح) في ث، م، م
3- (كنفيه) في ر، تحريف
4- وردت (بها) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم: 1 / 85، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 21، ونهج البلاغة، تحقيق: هاشم الميلاني: 44
5- مريم / 17
6- (و) في ث، ر

المثلثّة على صيغة المؤنث المجهُول قال ابن الاثير: تقول(1): مثلت بالتخفيف والتّثقيل؛ إذا صورت / ظ12 / مثالاً، ومنه الحديث: رأيت الجنّة والنار ممثلين في الجدار(2). والإنسان على قول الجوهري هو: ((الانس)(3)أي ((البشر))(4)بزيادة الالف والنّون، قال: ويجمع على أناسي (فتكون)(5)(الياء عوضاً عن النّون وتقدير إنسانٍ فعلان، وإنّما زيد في تصغیره یاء کما زيد في تصغير رجل فقيل رویجل(6)، وقال في العين: ((سّمى الإنسان من النسيان والإنسان في الأصل إنسیان؛ لأنّ جماعته أناسي وتصغيره إنيسيان))(7)ترجع المدّة التي حذفت وهو الياء وكذلك إنسان العين جمعه أناسی(8)قال: ((أناسُيّ مَلحُودٌ لها في الحَواجب(9)))(10)يَصِفُ إبلًا غارَتْ عيونها من التعب والسّير، وقال الزوزني(11)

ص: 186


1- (يقول) في أ، ث، ع
2- النهاية في غريب الحديث والاثر: 4 / 295، وفيه: (يقال... رأيت الجنة والنار ممثلتين في قبة الجدار)
3- الصحاح، مادة (أنس): 3 / 904
4- المصدر نفسه، مادة (أنس): 3 / 904
5- (فيكون) في ث، ح، ع، م، تصحيف
6- ينظر: الصحاح، مادة (أنس): 3 / 904، 905
7- العين، مادة (نسي): 7 / 304
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نسي): 7 / 304
9- البيت من البحر الطويل وصدره: (إذا استوحشت آذانها استأنست لها) دیوان ذي الرمة 1 / 124
10- العين، مادة (نسي): 7 / 304
11- حسين بن أحمد بن حسين الزوزني، يكنى أبا عبد الله، عالم بالادب، قاضٍ، من أهل زوزن بين (هراة ونیسابور) من مؤلفاته: شرح المعلقات السبع، توفي سنة (486 ه). ينظر: کشف الظنون: 2 / 1703، ومعجم المطبوعات العربية: 1 / 981، 982، وهدية العارفين: 1 / 310، والاعلام: 2 / 231

أناسي جمع إنسان العين مشدّد والآخر يخفف(1)ويشدّد، وفي التبّيان عن ابن عبّاس أنه ((انّما سّمى إنساناً لأنّه عُهِدَ اليه فنسی))(2)، قال تعالى: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا»(3)ويدلّ عليه رواية الصّدوق(4)(رضي الله عنه) في العلل(5)ورواية معاني الأخبار وفيها أنَّ ((معنى النساء انهنَّ انس للرّجال))(6)، والذّهن الفطنة والحفظ، ولعلّ المراد بالأذهان هاهنا القوى المُدركة أو الجمع لتعدّد المتعلّقات، والإجالة الادارة والتحريك والفكر جمع فِكرة بالكسر وهي الاسم من التّفكر التّأمل، وفي بعض النّسخ (يتصّرف بها)(7)، فيمكن أن يراد بالفكر القوى أو المبادئ و(يختدمها) أي يستخدمها والأدوات الجوارح فالفقرة كالتفسير لسّابقها أو أعمّ منها ومن القوى (وَمَعْرِفَةٍ يَفْرُقُ بَهَا بَيْنَ الْحَقّ وَالْبَاطِلِ، وَالْأَذْوُاقِ وَالْمَشَامِّ، وَالْأَلوَانِ وَالْأَجْنَاسِ) يُفَرُق بضم الراء من قولهم: فرقت بين الشيئين افرق

ص: 187


1- (فحفف) في ر، تصحيف
2- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري: 14 / 37
3- طه / 115
4- الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، القمي، الملقب بالصدوق، وكنيته أبو جعفر، مفسر فقيه، أصولي، حافظاً للأحاديث، بصيراً بالرجال، ناقداً للأخبار، من أهل خرسان له مصنفات كثيرة وصلت الثلاثمائة، منها: الخصال، والشرائع، والفضائل، والمواعظ والحكم، والسلطان، ومن لا يحضره الفقيه، وغيرها من المؤلفات، ورد بغداد، وتوفي بالري سنة (381 ه). ينظر: الفهرست، الطوسي: 238، وايضاح المكنون: 2 / 12، ومعجم المطبوعات العربية: 1 / 43، 44، والذريعة: 1 / 67، ومعجم المؤلفين: 11 / 3
5- ينظر: علل الشرائع: 1 / 16
6- معاني الاخبار، الشيخ الصدوق: 48
7- منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 70، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 85

فرقاً وفرقانا، وفي بعض النّسخ (يفرّق) بالتشديد، والأذواق جمع ذوق وهو في الأصل اختبار الطّعم، ولعلّ المراد الطّعوم والمشام الرّوائح، والمراد بالمعرفة أمّا إدراك النّفس النّاطقة بناء على أنها هي المدركة مطلقاً أو أعمّ من إدراكها أو إدراك القوى الجزئية فالوحدة جنسّية. (مَعْجُوناً بطِينَةِ الْأَلوَانِ المُخْتَلِفَةِ، وَالْأَشْبَاهِ الْمُؤْتَلِفَةِ، وَالْأَضُدَادِ اُلْمُتَعَادِيَةِ، وَالْأَخْلَاطِ الْمُتَبَائِنَةِ(1)مِنَ الْحَرِّ وَالْبْرَدِ،

وَالْبَلَّةِ وَالْجُمودِ، والمَساَءَةِ والسُّرُو(2)معجوناً صفة لقوله (عليه السّلام): إنساناً أو حالٌ عنه، والطّينة أخّص من الطّين وطينة الإنسان خلقه وجبلّته والظّاهر أنّ المراد بالألوان الأنواع، والبِلّة بالكسر النّداوة، والاخِلاط جمع خِلط بالكسر وهو كل ما خالط الشيء وأخلاط الإنسان أمزجته(3)الأربعة، والظّاهِر أنّ البيان للّمجموع [مجملاً](4)(وَاسْتَأْدَى اللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى(5)الْمَلائِكَةَ وَدِيعتَهُ لَدَيْهِمْ، وَعَهْدَ وَصِيَّتِهِ إِلَيْهِمْ، في الْإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَهُ،

وَالْخنوعِ(6)لِتَكْرِمَتِهِ) استأدى وديعته أي طلب اداءها، والعهد المعهود المعروف الذي عاهدوا عليه أو الوصّية ومنه العهد الذي يكتب للُولاةِ وعهدت إليه أي أوصيته، أو رعاية الحرمّة والحفاظ، والإذعان الذل والخضوع وكذّا

ص: 188


1- (المتباينة) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم: 1 / 85، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 21، ونهج البلاغة، تحقيق: هاشم الميلاني: 44
2- (والمساءة والسرور) لم ترد في نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 21
3- (امرحبه) في ر
4- [مجملًا] ساقطة من أ، ر،ع، م، ن
5- (سبحانه الملائكة) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم: 1 / 86، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 21، ونهج البلاغة، تحقيق: هاشم الميلاني: 45
6- (الخشوع) في ع، تصحيف

الخنُوع والتكرمة مصدر [کرّمه](1)كالتكريم ولكن التفعيل في غير النّاقص قیاس مطرد والتفعلة كثيرة لكنها مسموعة وكذا في المهمُوز اللاّم نحو تخطئة، وتهنئة، وعن سيبويه(2)أنّ تفعله لازم في المهمُوز اللّام(3)كما في النّاقص(4)وتكون(5)التكرمة للموضِع الخاص لجلوس الرّجل من فراش أو سرير ممّا يُعَدَ لاكرامه، وودیعته سبحانه مَا أشار اليه بقوله عز وجل: «إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ٭ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ»(6)وكان ذلك بعدَ مَا أفسد بنو الجانّ في الأرض، فطهرها الله منهم وعهد إلى الملائكة في آدم (عليه السّلام) قبل خلقه کما ورد في الخبر و13 / (فَقالَ: «اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ»(7)وَقَبِيلَهُ) اختلفوا في هذا السّجود بعد الإجماع على انّه ليس للعبَادة فقيل كان آدم (عليه السّلام)

ص: 189


1- [کرمه] ساقطة من م
2- عمرو بن عثمان بن قنبر، ويكنى أبا بشر، الملقب سیبویه، مولى بني الحارث بن کعب بن عمرو بن علة امام النحاة، وأول من بسط علم النحو ولد في أحدى قرى شیراز سنة (148 ه)، وقدم البصرة فأخذ النحو عن الخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب وعیسی بن عمرو، وأخذ اللغة عن أبي الخطاب الاخفش وغيره، وسيبويه بالفارسية تعني رائحة التفاح، توفي شاباً سنة (180 ه)، صنف الكتاب الذي خط به علم النحو العربي، ينظر: المعارف: 544، واخبار النحويين البصريين، السيرافي (368 ه)، وانباه الرواة على انباه النحاة، القفطي (ت 625 ه): 2 / 346 - 360، ووفیات الاعیان، ابن خلکان (ت 681 ه): 3 / 463 ؊ 465، ومعجم المؤلفين: 8 / 10، والاعلام: 5 / 81
3- (باللام) في ع
4- ينظر: کتاب سيبويه: 4 / 271
5- (يكون) في أ، ر، ع، م، ن
6- سورة ص: 71، 72
7- البقرة / 34

كالقبلة وهو عبادة لله، وقيل السّجود هو الخضوع والانقياد، قال (تَرىَ الأكُمَ فِيْها سُجّداً لِلْحَوافِرِ)(1)[أي](2)الجبَال الصّغار كانت مذّللة لحوافر الخيُول ومنه قوله تعالى: «وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ»(3)، وقيل كان تعظيمًا لآدم (عليه السّلام) وتكرمة له وهذا هو المطابق للأخبار ولكلامه (عليه السّلام)، واختلفُوا أيضاً في أنّ إبليس هل كان من الملائكة أم لا، والمشهور بين أصحابنا واليه ذهب الشيخ المفيد(4)(رضي الله عنه) إنّه لم يكن من الملائكة بل كان من الجنّ قال: وقد جاءت به الأخبار متواترة عن أئمة الهُدى (سلام الله عليهم أجمعين) وهو مذهب الإمامية(5)واختار(6)شيخ الطَائفة في التّبيان أنه منهم قال: (وهو المروىّ عن أبي عَبْد الله (عليه السلام) والظاهر في تفاسيرنا)(7)، والأظهر في مقام الجمع بين الأدلة والروايات كما

ص: 190


1- البيت لزيد الخيل الطائي، من البحر الطويل، وصدره: بجيشٍ تضل البلق في حجراتهِ، دیوان زيد الخيل الطائي: 66
2- [أي] ساقطة من ر
3- الرحمن / 6
4- محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن لقمان بن سعيد العكبري البغدادي، ابن المعلم، الملقب بالشيخ الطوسي، ويكنى، أبا عبد الله، كان فقيهاً عالماً بالأخبار وعلم الرجال، وعلم الكلام، والتفسر والنحو والشعر، قوي النفس، كثر البر، صاحب مؤلفات كثیرة منها: الارشاد، وأوائل المقالات، وتهذيب الاحكام، والاستبصار فيما جمعه الشافعي من الاثار، وغيرها من المؤلفات، توفي سنة ( 413 ه). ينظر: فهرست، ابن النديم: 247، وسیر اعلام النبلاء: 17 / 344، 345، ولسان الميزان، ابن حجر (ت 852 ه): 5 / 368، وكشف الظنون: 1 / 71، وهدية العارفین: 2 / 61، 62
5- ينظر: أوائل المقالات، الشيخ المفيد: 133
6- (ولاختار) في ع
7- التبيان في تفسير القرآن: 1 / 150، 151

يستفاد من بعض الأخبار أنه كان منهم بالولاء وكان بينهم بعد إهلاك بني الجانّ، وفي بعضها أنّ الملائكة كانت ترى أنه منهم وكان الله سبحانه يعلم أنه ليس منهم فلّما أمر بالسّجود لآدم ظهر أنه لم يكن منهم، ثم أنّ الظاهر من كلامه (عليه السّلام) أنّ إبليس كان له في السّماء نسل وذرّية والذي يظهر من الأخبار أن الملائكة بعد إهلاك الجان صعدوا به وحده فليس اتباعه إلا من نسله، فيمكن أن يكون عدم التعرض لقبيله في الأخبار بناء على عدم الاعتناء، ويحتمل على ظاهر بعض الاخبار من أنّ حدوث الذّرية له كان [...](1)بعد اهباطهِ إلى الأرض أن يكون المراد بقبيله طائفة خلقها الله تعالى في السّماء غير الملائكة، وقد فسّر القبيل بالجنود والأعوان كما فسّر بالنّسل والذرية، ويمكن أن يكون إسناد الاباء من السّجدة إلى القبيل من قبیل إسناد العقر إلى ثمود وسيجيء في كلامه (عليه السّلام) (أيّها ألنّاس إنَّما يجمع النّاسَ الرّضَا والسّخطُ وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد، فعمّهم الله بالعذاب لمَا عمّوه بالرّضَاء، فقال سبحانه: «فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ»(2)، والقبيل في الأصل الجماعة تكون من الثلاثة فصَاعداً من قوم شتى مثل الروم والزنج والعرب فإن كانُوا من أبٍ واحدٍ فهم قبيلة وجمع القبيل قُبُل بضمتين، والقبيلة قبائل(3)، قال الاخفش في قوله تعالى: «وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا»(4): ((أي قبيلًا قبيلاً))(5)((اُعْتَرَتُهْمُ الْحَمِيَّةُ، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِمُ الشَّقْوةُ، وتَعَزُّزُوا بِخِلْقَةِ النَّارِ،

ص: 191


1- [كان] زيادة مكررة في ع
2- الشعراء / 157
3- ينظر: المخصص: 1 / 120
4- الانعام / 111
5- معاني القرآن، الاخفش: 2 / 501

وَاسْتَوْهَنُوا خَلْقَ الصُّلْصَالِ) اعترا(1)أي غشيه وقصده، ((الحمّية: الانفة والانكار))(2)، [...](3)يقال: فلان ذو حّميةٍ إذا كان ذا غضب وأَنَفة، والشِقوة بالكسر نقيض السّعادة(4)والفتح لغةً فيه(5)وفي النسخ بالکسر، والتعزز التكبر وحُدَ التكبر برفع النفس إلى منزلة لا تستحقها واستوهنه أي عده وهناً ضعيفاً وقد مرَّ تفسير الصلصال (فَأَعْطَاهُ اللهُ النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسَّخْطَةِ،

وَاسْتِتْمَاماً لِلْبَلِيَّةِ، وَإِنْجَازاَ لِلْعِدَةِ فقالَ: «إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ٭ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»(6)النَّظِرة بفتح النّون وكسر الظاء المعجمة (( التأخير والامهال))(7)، للسّخطة بالسّكون ((الغضب))(8)والبليّة والبلاء والبلوى واحد ويكون في الخير والشر(9)والابتلاء الامتحان والاختبار واستتمام البلّية واتمامها وتتميمها بمعنى، العِدة بالكسر الوعد والهاء عوض عن الواو وإنجار الوَعْد احضاره، ولعل المراد بانجار العدة أن يعطيه ما وعده من الثواب على عبادته فاستجاب دعوته لما سأل الله الانظار بقوله: «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»(10)، وقول

ص: 192


1- (اعتراه) في ث، وفي ح: (اعتراء)، تحریف
2- مجمع البيان: 9 / 209، وينظر: لسان العرب، مادة (حمي): 14 / 199
3- [و] زيادة في ح
4- ينظر الصحاح، مادة (شقا): 6 / 2394، وفيه: (الشَقَاء والشَقَاوة بالفتح نقيض السعادة)
5- جاء في الصحاح: ((وأشقاه الله يًشقيه فهو شَقِي بين الشِقوة بالكسر وفتحه لغةً) الصحاح: 6 / 2394
6- الحجر / 37، 38
7- لسان العرب، مادة (نظر): 5 / 219
8- تاج العروس، مادة (سخط): 10 / 277
9- ينظر: العين، مادة (بلي): 8 / 340
10- الحجر / 36

بعض الشارحين: معناهُ أنَّ الله تعالى قد وعده الابقاء(1)، لا يخلو عن بعد، ويحتمل على بعد أن يراد بالعدة مَا وعد الله في عمله، أو اطلع عليه بعض ملائكته من ثواب المُحسْنين وجزاء المسيئين [بعد الابتلاء ](2)بفتنة إبليس وحينئذ فَالسخطة والبليّة والعدة يعّم إبليس وسَائر المكلفين، ويوم الوقت المَعلوم، أمّا يوم القيامة كما يظهُر من بعض الرّواياتِ، أو يوم نفخ / ظ13 / الصّورُ مَا بين النّفخة الاوَلى والثّانية كما ورد في بعضها، أو يَوْم يذبحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الصّخرة التّي في بيت المقدس کما في بعضها، ولا منافاة بينها لجواز أن يراد بالانظار تأخير العذاب إلى يَومْ الدّين وعدم المُعاجلة في الدّنيا وأن يذبح مَا بين النّفختين، ولعلّ يوم الوقت معلومُ لله سبحانه من أعلمه إيّاه لا لأبليس فاندفعَ ما يتوهم من أنه اغراء بالقبيح؛ لأنه إذا علم المكلف آخر أجله أقدم على المعصية بقلب فارغ، فإذا قرب الأجل تاب فيقبل(3)اللهُ توبته على أن قبول التّوبة في إبليس ممنوع، وقيل: انّما يتم الاغراء لو جاز منه التوبة وقد علم الله انّه لا يتوبُ للاصرار أو النّسيان أو معلوم له بأنّه يوم المجازاة. (ثُمَّ اَسْكَنَ سُبحَانَهُ آدَمَ دارَاً أَرغَدَ فِيهَا عِيشَتَهُ، وآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ) أرغد عشيتَهُ أي جعلها رَغَداً وهو الواسِع الطّيب الذّي ليس فيه عناء وتعب والعيش الحياة، والعِيشة بالكسر الحالة التي يستمر بها الحياة، وفي بعض النسخ (عَيشَهُ)(4)بالفتح بدون التاء، والامن ضدّ الخوف

ص: 193


1- لم اجد هذا القول ولا معناه عند الشارحين
2- [بعد الابتلاء] ساقطة من أ، ع
3- (فتقبل) في ر، تصحيف
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 193

والمحلة مصدر قولك: حلّ بالمكان، والتعليق تجوز، والمراد بتلك الدّار الجنَة واختلف في أنها هل كانَتْ في الارض أم في السّماء؟ وعلى الثاني فهل [هي](1)جنّة الخلد أم غيرها؟ والأدلة لا تخلوا عن تعارض والتّفصيل في حدائق الحقائق(2)(وحذّره اِبِلْيِسَ وَعداوَتهِ) كما قال تعالى: «قُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى» (3)(فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيهِ بِدَارِ الْمُقَامِ، وَمُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِ، فَبَاعَ الْيَقِینَ بِشَكِّه، وَالْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ) اغتر أي طلب غفلته وأتاه على غرة منه والغِرة [بالكسر](4)(الغفلة)(5)، واغتر فلان بالشيء أي خُدع به(6)، ونَفِسْتُ عليه الشيء وبالشيء بالكسر نَفاسَته بالفتح إذا لم تره له أهلاً، ونفست به أيضا بالكسر أي تجلت به، والمقُام بالضم مصدر أقام اقامة، ولا مقام لكم أي لا اقامه لكم ويكون للموضع أيضاً(7)، وهذا الكلام يشعر بأنّ جنّته كانت جنّة الخلد، ولعل المراد بالأبرار الملائكة، والعزيمة والعزم في الأصل توطين النفس على الفعل والقطع عليه ويستعمل بمعنى الجد والصّبر والثبات على الأمر والقوّة(8)، والوهن هو ((الضّعف))(9)وهذا البيع كان بالأكل من الشجرة واختلفت الأقوال والأخبْار في الشجّرة و

ص: 194


1- [هي] ساقطة من أ، ر، ع، م، ن
2- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 66
3- طه / 117
4- [بالكسر] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م، ن
5- الصحاح، مادة (غرر): 2 / 768
6- ينظر: المصدر نفسه: 2 / 768
7- ينظر: الصحاح، مادة (قوم): 5 / 2017
8- ينظر: لسان العرب، مادة (عزم): 12 / 399، 400
9- القاموس المحيط، مادة (وهن): 4 / 276

وجه الجَمْع ما يدل عليه رواية(1)الهروي عن الرّضا (عليه السّلام) من أنهّا تحمل أنواعاً(2)، وظاهر هذا الكلام كغيره من الآيات وَغيرهَا صدور المعصية عن آدم (عليه السّلام) وذلك عمدة ما استند به المخطئوُن لأنبياء الله (عليهم السّلام)، وقد بسطنا القول في إزالة شبههم في حدائق الحقائق(3)(وَاسْتَبْدَلَ

بِالجَذَلِ وَجَلاً، وَبِالِاغْتِرَارِ نَدَماً) جذل كفرح لفظاً ومعنی(4)جذلًا محركة، والوَجَل بالتحريك ((الخوف))(5)، وعن الصّادق (عليه السّلام) إنّ آدم (عليه السّلام) بکی على الجنّة حتّى صار في خديه مثل الأودية(6)(ثُمَّ بَسَطَ اللهُ سُبُحانَهُ لَهُ في تَوُبَتهِ، وَلَقّاهُ كَلِمَةَ رَحمَتَهَ) بسط له أي وسع عليه وفي أسّماء الله الباسط؛ لأنه يبسط الرّزق لعباده ويوسّعه عليهم وويوسع عليهم الأمر بعد الضّيق ونقلهم من العسر إلى اليسر(7)، والضمير في توبة أمّا راجع إلى آدم (عليه السّلام) كالضمير في له أو اليه سبحانه کالضّمير في رحمته وكلمة (في) للظّرفية(8) المجازية، أو للّسببية وهي راجعة اليها، (ولقاه كلمة رحمته) أي استقبله بها بتعليمه إيّاها، يقال: لقي زيد خيراً فيعدّى إلى مفعول واحدٍ، فإذا ضُعّفت العين عدّى إلى المفعولين، قال الله تعالى: «وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا»(9)

ص: 195


1- (رواية) في ع، تحریف
2- ينظر: عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 274
3- ينظر: حدائق الحقائق: 70، 71
4- ينظر: الصحاح، مادة (جذل): 4 / 1654
5- العين، مادة (وجل): 6 / 182، والقاموس المحيط، مادة (وجل): 4 / 63
6- ينظر: معاني الاخبار، الشيخ الصدوق: 269
7- ينظر: اشتقاق أسماء الله الحسنی، الزجاجي (ت 337 ه): 99
8- (للطرفية) في ر، تصحیف
9- الانسان / 11

والكلمة تقع(1)على القليل والكثير(2)، يقولون: قال امرؤ القيس في كلمته أي قصيدته، فافرادها لا ينافي لفظ الجمع في قوله تعالى: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ»(3)، وقد ورد في الكلمات روايات / و14 / وفي عدّة منها أنّه توسل بالخمسة أصحاب الكساء(4)، وفي رواية في تفسير قوله تعالى: «فَأَتَمَّهُنَّ»(5)يعني (الى القائم (عليه السّلام) أثنی عشر امّاماً تسعة من ولد الحسين (عليه السّلام))(6)(ووعَدَهُ المَرَدَّ إلى جنَّتهِ) المردّ هو الرد وظاهره أنّ جنَّة آدم (عليه السّلام) هي جنّة الخلد، ولو تْم الدّليل على خلافة لا يأبی عن التّأويل (فَاَهْبَطهُ إلى دَارِ اَلبَليَّةِ وَتَناسلِ الذرّيَّةِ) البليّة والبلوى والبلاء واحد ویکون في الخير والشْر وأصلها الامتحان والاختبار کما مّر(7)، وقد تخصّ بالشرّ ولا يأبى عنه المقام وإن كان التّعميم أظهر، والنّسل الولد وتناسلوا أي ولد بعضهم من بعضٍ(8)(وذرأ الخلق يّذْرءَهُم ذرءً أي خلقهم ومنه الذّرية وهي نسل الثقلين) إلا أنّهم تركوا همزها وقيل: (الذّرء مختصّ بخلق الذّرية)(9)، [والظاهر](10)من العطف أنّ الاهباط كان بعد قبول التوبة،

ص: 196


1- (يقع) في ر، تصحيف
2- ينظر: الصحاح، مادة (كلم): 5 / 2023
3- البقرة / 37
4- ينظر: مجمع البيان، الطبرسي: 1 / 175
5- البقرة / 124
6- مجمع البيان: 1 / 375
7- ينظر: النص المحقق: 22
8- ينظر: لسان العرب، مادة (نسل): 11 / 660
9- المصدر نفسه، مادة (ذرأ): 1 / 79، 80
10- [والظاهر] ساقطة من أ، ع

وبه قال بعض المفسرّين(1) ويطابقه(2)ترتيب الكلام في سورة طه(3)وغيرها(4)، لكنه خلاف ظاهِر(5)الأخبار، والمشهور بين المفسّرين وظاهر قوله تعالى في سورة البقرة(6)وهو أقوى من دلالة الترّتيب، ويمكن أن يكون المراد بالاهَباطِ في كلامه (عليه السّلام) إبقاءهُ في الأرض للتكليف والتّناسل(7) لا النّزول قبل استقرار الأمر ومهبطه (سرنديب)(8)على ما يظهر من بعض الاخبار(9)و(أبو قبيس)(10)أو الصّفا على ما يدّل عليهِ بعضها ويمكن الجمع بحمل بعضها على المَسكن وقد اتفقت كلمة اهل الملل قاطبة سوى المجوُس على أنّ أوّل البشر هو آدم (عليه السّلام)، وزعمت الفلاسفة ومن يحذو

ص: 197


1- التبيان، الطوسي: 1 / 171، 172، وجوامع الجامع، الطبرسي: 2 / 505
2- (وبطائفه بترتيب) في أ
3- (فأكلا منها فبدت لهما سواءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى ادم ربه فغوى ٭ ثم اجتباه ربه فتاب علیه وهدى ٭ قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مي هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) طه / 122، 121
4- [وغيرها] ساقطة من أ، ر، ع، ن، وفي ث: (وغير)
5- (طاهر) في ر، تصحيف
6- البقرة / 38، 37
7- ينظر: مجمع البيان: 1 / 171
8- (هي جزيرة عظيمة في بحر هركند بأقصى بلاد الهند طولها ثمانون فرسخاً.... وفي سرنديب الجبل الذي هبط عليه ادم عليه السلام يقال له الرهون) معجم البلدان، الحموي: 3 / 216
9- ينظر: تفسير البحر المحيط : 2 / 92، الكامل في التاريخ، ابن الاثير: 1 / 36، 37
10- (أبو قبيس بلفظ التصغیر كأنَّه تصغیر قبس النار: وهو اسم الجبل المشرف على مكة، وجهة إلى قعيقعان ومكة بينهما، أبو قبيس من شرقيها قيل سمي باسم رجل من مذحج كان يكنى أبا قبيس؛ لأنَّه أول من بنى فيه قبة، قال أبو المنذر هشام: أبو قبيس الجبل الذي بمكة كناه ادم عليه السلام بذلك حین اقتبس منه هذه النار التي بأيدي الناس إلى اليوم من مرختین نزلتا من السماء على أبي قبيس) معجم البلدان: 1 / 80

حذوهم إلى أنّه لا أوّل لنوع البشر، والمجوس لا يعرفون آدم ونوحاً وأول البشر عندهم (کیومرث)(1)ولبعض الشارحين في هذا المقام حكاية تأويلات واهية تؤدي إلى ردّ القرآن وإنكار الاديَان ومن الله العصمة والتّأیید.

(وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْي مِيثَاقَهُمْ، وَعَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ)، الاصطفاء والاجتباء والاختيار نظائر وهو افتعال من الصّفوة للاتخاذ، وصفوة الشيء مثلثة(2)خياره وخلاصته أي أتخذ الصفوة للنّبوة(3)، وهذا من تشبيه المعقول بالمحسوس شبه خلوصهم من النّقائص والفساد بخلوص الصاّفي من الكدر وسائر الادناسِ، والولد محركة وبالضّمِ والكسر والفتح واحد وجمع(4)وفي النسخ بالتحريك، وقول بعض الشّارحين أنّ الولد لا يقال على الواحد والجمع؛ لأنه مصدر في الأصل(5)، فاسد، والوحي في الأصل أن يلقي الإنسان إلى صاحبه كلاماً بالاستتار والاخفاء [کما مرّ](6)، ويطلق على وحي النّبوة والإلهام والإشارة والكتابة، والميثاق العهد مفعال من الوثاق وهو في الاصلِ حبل أو قيد يشدّ به الاسير

ص: 198


1- (وتفسیر کیومرث هو الحي الناطق وقد ورد في تواريخ الهند والعجم ان کیومرث هو ادم عليه السلام) الملل والنحل 1 / 233
2- وهو من باب المثلث المتفق المعاني ((يقال: أخذتُ صَفْوَةَ الشيء وصِفْوَتُهُ وصُفْوَتُهُ: أي أخلصَهُ وأفضَلَهُ)) المثلث، البطليوسي: 2 / 213
3- (صفوة الانبياء للنبوة) في ح
4- ينظر: الصحاح، مادة (ولد): 2 / 553
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 100
6- [كما مر] ساقطة من أ، ر،ع، م، ن

والدابة(1)، والرِّسالة بالكسر وبالفتح اسم من الارسال وهو((التّوجيه))(2)، وفي النسخ بالكسر [...](3)والامانة الأمان والثقة، ويكون بمعنى ضّد الخيانة وما ائتُمِنت عليه، وفي بعض النسخ (وعلى تبليغ الرّسالة ذمامَهُم) والذِّمام بالكسر ((الحرمة))(4)وهي مالا تهتك، ولعل المعنى أخذ على اداء الوحي منهم ميثاقاً وعلى التبليغ أماناً يوم الميثاق أو في غيره أو أكدّ عليهم القيام بما أمُروا به (لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللهِ إِلَيْهِمْ، فَجَهِلُوا حَقَّهُ، وَاتَّخَذُوا الأَنْدَادَ مَعَهُ) العَهْد ما عاهدوا عليهِ واقّروا بأن لا يزولوا عنه، أو الوصّية ويكون بمعنى الحفاظَ ورعاية الحُرمة والمراد بعَهدْ الله اليِهَمْ ما أشار [إليه](5)سبحانه بقوله: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ(6)قَالُوا بَلَى»(7)أو(8)ما وصّاهم به من اَلعملّ / ظ14 / بطاعته والاجتناب عن مساخطه قال الله تعالى: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ »(9)أو ما فطرهم عليه وركزه في عقولهم من القوة على معرفته والعلم بوجوب عبَادته وحق الله ما يجب على العباد القيام به وَينبغي الوفاء به، وجهله عدم العمل بمقتضاه أو إنكاره، وعدم معرفته،

ص: 199


1- ينظر: تاج العروس، مادة (وثق): 13 / 472
2- المخصص: 3 / 225
3- [وبالفتح ایم من الارسال وهو التوجيه وفي النسخ بالكسر] مكررة في ر
4- الصحاح، مادة (ذمم): 5 / 1926
5- [إليه] ساقطة من ح
6- (بربهم) في أ، ع
7- الاعراف / 172
8- (و) في ث، ح
9- يس / 60

والأندَاد جمع نِد بالكسر وهو مثل الشيء الذّي يضادّه في أموره ويقال: نادّه أي خالفهُ(1)، والكلام إشارة إلى وجه الحكمة الالهيّة في بعث الانبياء (عليهم السّلام).

(وَاُجْتَالَتْهُمُ الشَّياطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، وَاقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ) اجتالتهم أي أدارتهم واستخفتهُم فجالوا معهم في الضّلال يقال: جَالَ واجتال إذا ذهبَ وَجاء، ((واجتال الشيء إذا ذهبَ به وسَاقه، والجائِل الزائل عن مكانه))(2)ولمّا كانت المعرفة هي العهد والفطرة ومن شأنها الثبات عليها جعلها (عليه السّلام) مكانا لهم، والاقتطاع(3)الأخذ وفي الحديث أو ((يقتطع بها مال امرئ مسلم))(4)أي يأخذه لنفسه، وواتر اليهم أي أرسلهم متفرقين بينهم فترة وزمان، ومنه مواترة الصّوم أن تصوم يوماً وتفطر يوماً وتقضيه(5)وترا وتراً، وأتبع بعضهم بعضاً، كما روى عن ابن عباس(6)في قوله تعالى: «ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا»(7)، وقال في العين: المتواترة:(8)المتابعة(9)، وفي القاموس:

ص: 200


1- لسان العرب، مادة (ندد): 3 / 420
2- لسان العرب، مادة (جول): 11 / 131
3- (والاقطاع) في م، وفي ر: (الاقتطاع)
4- مسند أحمد: 1 / 377، وينظر: صحيح البخاري: 3 / 75، وينظر: سنن ابن ماجه: 2 / 778
5- (يقتضيه) في أ، ع
6- ينظر: مجمع البيان: 7 / 191
7- المؤمنون / 44
8- (المواترة) في ر
9- نص الخليل: ((المواترة: المتابعة)) العين، مادة (وتر): 8 / 133

واتر أي ((تابَعَ))(1)وليَس کما ظنَّهُ الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(2)اقتصارا على ما في الصحاح(3)قالَ: وهذا ممّا تغلط فيه العَامة فتظنّه کما ظنّ القطب(4)الرّاوندي(5) أنّ المراد به المرادفة والمتابعة. (لِيَسْتَأْدَوهُمْ مِيثَاقَ

فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِىَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّواَ عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ، وَيُثِیرُوا لَهُمْ دَفائِنَ الْعُقُولِ) استيداء(6)الميثاق المطالبة بما عاهدوا عليه وفطرة الله هي الملّة التي خلق الله الناس علَيها ولأجلها وأمرهُم بالتّمسك بها قال الله تعالى: «فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا»(7)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلّ مولوُد يولد على الفطّرة حتى يكون [...](8)أبواه هما اللّذان

ص: 201


1- القاموس المحيط، مادة (وتر): 2 / 152
2- عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد عز الدين المدائني المعتزلي هو من الفضلاء المتشيعين والنبلاء المتبحرین، موالياً لأهل بيت العصمة والطهارة، ولد في المدائن سنة (586 ه)، وانتقل إلى بغداد، وخدم في الدواوين السلطانية، وكان على اطلاع واسع بالتاريخ وبرع في الانشاء، وله شعر جيد، من مؤلفاته: شرح نهج البلاغة، والفلك الدائر على المثل السائر، والقصائد العلويات، والعبقري الحسان في الادب، والاعتبار على الذريعة في اصول الشريعة، مات في بغداد، واختلف في سنة وفاته فقيل سنة (655 ه) وقيل سنة (656 ه) وهو الاشهر. ينظر: الوافي بالوفيات: 18 / 46، وکشف الظنون: 2 / 1586، وهدية العارفين: 1 / 507، وومعجم المطبوعات العربية: 1 / 29، والذريعة: 4 / 10، والاعلام: 3 / 289، ومعجم المؤلفين: 5 / 106
3- جاء في الصحاح: ((المواترة: المتابعة، ولا تكون المواترة بين الاشياء إلا إذا وقعت بينهم فترة، وإلا فهي مدركة ومواصلة، ومواترة الصوم: أن تصوم يوماً وتفطر يوماً أو يومين، وتأتي به وتراً وتراٍ، ولا يراد به المواصلة؛ لأنَّ أصله من الوتر)) الصحاح، مادة (وتر): 2 / 843
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 99، 100، وفيه: (کما ظنّ الرّاوندی)
5- قال القطب الراوندي: ((و ((واتر)) أي تابع)) منهاج البراع في شرح نهج البلاغة: 1 / 77
6- (استبداء) في أ، ع، تصحيف
7- الروم / 30
8- [يكون] زيادة مكررة في ع

یهودانه وينصّرانه ويمجّسانه(1)، أو ما سبق في يوم أخذ الذّرية والاشهاد، وقيل في تفسير الآية: المراد بالفطرة ما دّلهم عليه ابتداء خلقه للأشياء(2)؛ لأنّه خلقهم وركَبّهُم وَصورهم على وجه يدل على أن لهم صَانِعاً قادِراً عَالِماً حيّاً قدیماً واحدا لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء وإضافة الميثاق يحتمل اللامية والبيانيَة ونسيان النّعمة ترك القيام بواجب شكرها والحجّة والبُرهَان والاحتجاج أقامته وفيه إشارة إلى قوله تعالى: «لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ»(3)، وثار الغبار إذا سطع وارتفع وأثارهُ غيره وأثارة الدفينة اخراجها والإضافة في دفائن العقول، أما بمعنى في أي العلوم الحقه والعقائد اليقينّية الكامنة في العقول لترك النظر في الدلائل والبراهين، أو بمعنى اللاّم أي العلوم التّي يمكنها استخراجها، فكأنها(4)لها أو بيانية والمراد بدفائن العقول [العقُول](5)المنغمرة(6) في الجهالات المُستترة بها واثارتها إزالة الشّبهة وإزاحة الجَهالات عنها وحينئذ يمكن أن يراد بالعقول الصُور العقلية (وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ؛ مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفوعٍ، وَمِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ) المقدرة مثلثة(7)الدّال المقدرة أي القوة، وفي النسخ بالضم، وآية الشيء علامته، والسّقف سقف البيت واسم للسّماء والأوّل أنسب وان أريد بالسّقف السّماء،

ص: 202


1- ينظر: صحيح البخاري: 2 / 104 والفائق في غريب الحديث: 3 / 39
2- ينظر: الكشاف: 3 / 222
3- النساء / 165، وفي ع، تحريف: ((لئلا يكون على الناس حجة بعد الرسل))
4- (وكأنها) في أ، ن، وفي ع: (أو كأنها)
5- [العقول] ساقطة من أ، ث، ع
6- (المتغمرة) في ث
7- من الثلث المتفق المعاني، يقال: ((وقدوت عليه مَقْدَرَة ومَقْدِرَة ومَقْدُرَة)) المثلث، الطليوسي: 2 / 146

والمِهاد بالكسر ((الفراش))(1)والموضع يهيأ للصّبي واسم للأرض أيضا(2)، والوَضْع مقابل الرفع واراءة الآيات التنبيه على دلالتها وهي كالبَيان لإثارة دفائن العقول ویمکن / و15 / تعميم الأوّل على بعض الوجوه. (وَمَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ، وَآجَالٍ تُفْنِيهِمْ، وَأَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ، وأَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيِهُم) المعايش جمع معيشة وهي ما تعيش بها من المطعم والمشرب وما يكون به الحياة، والعيش الحياة وَالعيش الهنئ أن يأتيك الرّزق من غير كدّ وتعب، والياء في معايش لا تقلب همزة في الأكثر(3)وكذا كلّ ما وقع بعد الف الجمع فيه واو أو ياء لیست بمدة زائدة سواء كانت أصلية كما في مقاوم ومرایب، أو زائدة للإلحاق کجداول وعثائر، فيبقى على حالها وإن كانت الواو والياء مدّة زائدة في المفرد قلبت همزة کما في تنائف وكبائر وكذا في صيغة فاعل ممّا أعلّ فعله نحو قائل وبائع بخلاف نحو عاور، وقد يهمز معایش(4)تشبيهاً لمعيشة بفعلية(5)وكذا قد يهمز المنائر في جمع منارة تشبيهاً لها بفعاله، والفصيح المناور والتزم الهمز في مصائب تشبيهاً لمُصيبة بفعيلة(6)، ومنهم من يرى الهمز في معائش لحناً

ص: 203


1- لسان العرب، مادة (مهد): 3 / 410
2- ينظر المصدر نفسه: 3 / 411
3- ينظر: المنصف، ابن جني: 1 / 307، 308
4- (معا) في ع
5- ينظر المنصف، ابن جني 1 / 307، 308، وشرح شافيه ابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي: 3 / 134، ومنها قراءة نافع وابن عامر، وعبد الرحمن الاعرج، وزيد بن علي، والاعمش بالهمزة في قوله تعالى: ((ولقد مكناكم في الارض وجعلناكم فيها معايش قليلا ما تشکرون)) الاعراف / 9، ينظر: التبيان في تفسير القران، الطوسي: 4 / 353، 354، جامع البيان عن تاويل أي القران، محمد بن جریر الطبري: 8 / 165
6- شرح شافيه ابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي: 3 / 134 وفيه: (والتزم الهز في مصائب) وينظر: المبدع في التصريف: 192

واسناد الاحياء إلى المعائش(1)من قبل الإسناد إلى السبب العادي، ولعلّ المراد بالإحياء إبقاء الحياة، والأَجَلُ: غاية الوقت ومدّة الشيء(2)وإفناء الأول بالبلوغ، والثاني بالإنقضاء والإسنّاد من قبيل الإسنّاد إلى المقارن، والأوصّاب الأمراض جمع وصَب بالتحريك(3)، والهرم محركة ((أقصى الكبر))(4)يقال: هرم کفرح واهرمه الدّهر، وقيل ولعلّ المراد به لازمة من الوهن والضّعف وأحداث الدّهر نوائبه التّي تحدث يوماً فيوماً، وَالتتابع التّوالي والكلمة في النسخ بحذف أحدى التائين (وَلَمْ يُخْلِ اللهَ سُبحانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نّبيٍ مُرْسَلٍ، أَوْ كِتَابٍ مُنَزَلٍ، أَوْ حُجَّةٍ لاَزِمَةٍ، أَوْ مَحَجَّة قَائِمَةٍ) النّبي بالهمز من النباء وهو الخبر؛ لأنّ النبي مخبر عن الله سبحانه وبلا همز وهو الأكثر وهكذا في النسخ أمّا تخفيف من المَهمُوز بقَلْب الهمزة ياء، أو لأنَّ أصله من النَبْوة بفتح النون وسكون الباء أي الرفعة؛ لأن النبي مرفوع الرتبة على غيره من الخلق(5)، وقد سبق في شرح خطبة الكتاب الفرق بين النبي والمرسلِ والتّوصيف من قبيل التخصيص أو تأكيد على الترادف(6)، والحجّة ((البرُهان))(7)ولزومُها كونها بحيث لاترفع، والمراد بها الإمام المنصوص عليه، والمحجة ((جادة الطّريق))(8)، والقائمة الدّائمة

ص: 204


1- (المعاش) في م
2- ينظر: العين، مادة (أجل): 6 / 178
3- ينظر: لسان العرب، مادة (وصب): 1 / 797
4- لسان العرب، مادة (هرم): 12 / 607
5- ينظر: الصحاح، مادة (نبأ: 6 / 2500
6- ينظر: النص المحقق: 2
7- المصدر نفسه، مادة (حجج): 1 / 304
8- تاج العروس، مادة (حجج): 3 / 318

المستمرة التّي لا يترك(1)العمل، والمراد بها الشريعة والترديد لمنع الخلو کما اشعر به کما أول الكلام.

(رُسُلٌ لاَ تُقَصِّرُ بِهِمُ قِلَّةُ عَدَدِهِم، وَلاَ كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِینَ لَهُمْ) أي: هم رسل كذلك و((التقصير في الامر: التواني فيه))(2)وقصرّ به أي جعله مقصراٌ، وفي بعض النسخ (يقصر) بالياء المثناة من تحت.

(مِنْ سَابِقٍ سُمّي لَهُ مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ غَاِبرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَه) الغابر الماضي والآتي وهو من الأضداد(3)والمراد الثّاني بقرينة السّابق أي من نبي سابق عرف من يأتي بعدّهُ ببيان الله أو متأخر عرفه وبيّنه للنّاسِ نبي قبله کما بشر عیسی (علیه السلام) بنبينّا (صلى الله عليه وآله)، ويمكن أن يكون الفاعل في عرفه الضّمير الرّاجع إلى الله سبحانه أي متأخر بين الله له من كان قبله من الأنبياء (عليهم السّلام) وهذا أنسب بالقرينة السّابقة من وجه (عَلَى ذلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ، وَمَضَتِ الدُّهُورُ، وَسَلَفَتِ الآبَاءُ، وَخَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ)، قال بعض الشّارحين: (نسلت القرون أي ولدت))(4)، وقال بعضهم(5): ((أي درجت(6)ومضت مأخوذة(7)من نَسل ريش الطَائر ونسل الوبر اذا وقع))(8)

ص: 205


1- (تترك) في ر
2- الصحاح، مادة (قصر): 2 / 794
3- ينظر: الاضداد، الانباري: 129
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 102
5- (بعصهم) في ث، تصحيف
6- (ورجت) في ث
7- (ماخوذ) في ث، ر، ح
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 200

وسقطَ، والأظهر انّه من قولهم: نسل في العَدْو ينسل كيضرب إذا أسرَعْ(1)قال الله تعالى: «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ»(2)، والقرن ((الوقت من الزّمان))(3)، وقيل: عشرة، وقيل: عشرون وهكذا إلى ثمانين، وقيل مائة [سنةٍ](4)،(5)[قالوا: مسح رسول الله رأس غلام وقاْل: عِش قرناً، فَعاشَ مائة سنةٍ(6)، وقيل: مائة وعشرون سنة(7)](8)والدّهر ((الزّمان / ظ15 / الطّويل))(9)، أو الزّمان مُطلقاً أو ألف سنة، وسلف مثل طلب أي ((مضی))(10)، وسلفُ الرجل أباؤه [وقرابته](11)المتقدّمون، والخلف بالتسكين والتحريك من يجيء(12)بعد من مضى وخلف أي بقی، قال الله تعالى: «خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ»(13)(إلَی أَنْ بَعَثَ اللهُ

ص: 206


1- ينظر: الصحاح، مادة (نسل): 5 / 1830
2- يس / 51
3- تاج العروس، مادة (قرن): 18 / 444
4- [سنه] ساقطة من أ، ع
5- ينظر: الازمنة والأمكنة: 177
6- ينظر: الفايق في غريب الحديث: 3 / 79، والنهاية في غريب الحديث والاثر: 4 / 51
7- ينظر: الازمنة والأمكنة: 177
8- [قالوا: مسح رسول الله رأس غلام وقالْ: عِش قرناً، فَعاشَ مائة سنةٍ، وقيل: مائة وعشرون سنة] ساقطة من ث
9- ينظر: تاج العروس، مادة (دهر): 6 / 427
10- تاج العروس، مادة (سلف): 12 / 279
11- [قرابته] ساقطه من أ، ر، ع، ن
12- (یحي) في ح
13- مریم / 59

سُبْحانَهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ)(1)لِإنْجازِ عِدَتِهِ، وَتمْامِ(2)نُبُوَّتِهِ) البَعْث: ((الإرْسَال))(3)، وسمى نبيّاً محمداً (صلى الله عليه وآله) تعليمًا، أو الهاماً من الله تعالى، وتفاؤلاً بحمد الخلق له لكثرة خصاله الحميدة، وقیل لجدّه عبد المطلبّ، وقد سّماه يوم سابع ولادته لموت أبيه قبلَها سّميت أبنك محمداً وليس من أسماء آبائك ولا قومك، فقال: رجوت أن يحمد في السّماء والارضِ، وقد حَقق الله رجاءه، والعدة الوعد، وإنجازه إحضارهُ، والضمير راجع إلى الله [سبحانه](4)أمّا في نبوّته، فقال بعض الشّارحين: إنه راجع إلى محمّد صلی الله عليه وآله(5)، ولعلّ الأولى إرجاعه أيضاً إلى الله سبحانه أي بعثه ليتم به النّبوة ويختمها به (مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيَّین مِيثَاقُهُ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ، كَرِيماً مِيلَادُهُ) الشهرة وضوح الامر، والسمة ((العلامة))(6)يقال: وسمتهُ وَسْمًا وسِمَة إذا أثرت فيه، والميلاد الوقت الذّي يولد فيه، والمولد الموضِع كذا في الصّحاح(7)، ويظهر من كلام صَاحب القاموُسِ أن المولد للوقت أيضاً، وقد تضافرت الرّوايات بأخذ الميثاق على الانبياء بالإقرار بنبوّة نبيّنا (صلى الله عليه وآله)، وبولاية علّي بن ابي طالب (عليه السّلام)، والأئمَة من ذّريته (صلوات الله عليهم أجمعين) وسماته الكريمة وأعلام نبوتّه مذكورة في كُتُبِ المعّجزات

ص: 207


1- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 101
2- (إتمام) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 101، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 23
3- العين، مادة (بعث): 2 / 112
4- [سبحانه] ساقطة من أ، ث، ر، م
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 102
6- تاج العروس، مادة (وسم): 17 / 726
7- ينظر: الصحاح، مادة (ولد): 2 / 554

وغيرها من كتب الأخبار، وأمّا ميلاده (صلّى الله عليه وآله)، فالمشهور بين أصحابنا أنّه اليوم السّابع عشر من شهر ربيع الأوّل(1)، وذهب محمد بن يعقوب الكليني(2)(رضي الله عنه) إلى أنه اليوم الثاني عشر منه(3)وهو الذّي صححه الجمهور وکرم میلاده أبهر من الشمس في رابعة النّهار (وَأهْلُ اْلأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَأَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ، وَطَرَائقُ مُتَشَتِّتَةٌ) الملّة ((الدّين وَالشّريعة))(4)، والهوى مقصورة مَيل(5)النفس إلى شيء وَما أحبته والجمع الأهواء(6)، والطّرائق جمع طريقة وهي الحالة وَطريقة الرّجل مذهبُهُ(7)، والتشتت التّفرق والانتشار(8)والحمل أمّا مُبالغة أو على حذف مضاف أو تقدیر مبتدأ أي مللهم ملل متفرقة وهكذا وذكر الأهواء والملل يفيد فائدة التأكيد، أو الملل ما سّنه النبي وإن نسخ بعضها والأهواء مَا وضعُوه بميل طَبائعهم والطّرائق أعمّ منهما أو الأهْواء مَا وضعوه للأغراض الدُّنيْاوية، والطّرائق ما اتّبعوه لخطاء (بَیْنَ مُشَبِّهٍ للهِ بِخَلْقِهِ، أَوْ مُلْحِدٍ فِي اسْمِهِ، أَوْمُشِیرٍ إلى

ص: 208


1- ينظر: کنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي (ت 449 ه): 72
2- محمد بن یعقوب بن أسحاق الكليني الرازي، ويكنى أبا جعفر، فقيه إمامي، ثقة عارف بالأخبار، من أهل كلين (بالري)، من كتبه الكافي صنفه في عشرين سنة، والرد على القرامطة، ورسائل الائمة، توفي سنة (329 ه) في بغداد. ينظر: الفهرست، الطوسي: 210، 211، وإكمال الكمال، ابن ماکولا (ت 475 ه): 7 / 186، والذريعة: 6 / 179، 180، والاعلام: 7 / 145
3- ينظر: الكافي، الكليني: 1 / 439
4- الصحاح، مادة (ملل): 5 / 1821
5- (مثل) في ع، تصحيف
6- ينظر: لسان العرب، مادة (هوا): 15 / 372
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (طرق): 1 / 221
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شتت): 2 / 48

غَیْرِهِ) الإلحاد في الاَصل ((الميل والعدول عن الشيء))(1)، والانحراف عَنِ الاستقامَة ومنه للحد الذي يحفر في جانب القبر خلاف الضّريح الذي يحفر في وسطه(2)، ويطلق على المرِاءِ والجِدالِ ومن المشبهة لله بخلقه المجسّمة ومن جوّز عليه سُبحانه الحركة والانتقال والحلول في الأجسَام ومعانقة الاولياء، ومنهم طائفة من عبدة الأوثان يقولون: نعبد أصنامنا؛ لأن الله تعالى قد حل في هياكل رجال كانوا على هذه الصّور(3)، واليهود والنَّصارى أن أثبتوا الابن على الحقيقة وإلا فهم من الملحدين(4)في أسمائه، ومن هؤلاء عبدة الاوثان الذّين اشتقوا لأصنامهم أسماء من أسماء الله تعالى كاللاّت(5)من الله، والعزي(6)من العزيز(7)والمناة(8)من المنان(9)كما قيل، ومنهم من أطلق اسمه على غيره كمن يسمّي الصّنم الهاً(10) والمُسيلمة رحمن اليَمامة(11)، أو سمى الله

ص: 209


1- تاج العروس، مادة (لحد): 5 / 237
2- ينظر: لسان العرب، مادة (لحد): 3 / 388
3- ينظر: أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، محمد الازرقي: 1 / 126
4- (فمن الملحدين) في ر
5- صخرة مربعة كانت بالطائف اخذوا يعبدوها، وكان سدنتها من ثقيف بنو عتاب بن مالك، وكانت قريش وجميع العرب تعظمها وقد بنوا عليها بناء. ينظر: الاصنام، الكلبي: 16
6- وهي أعظم الاصنام عند قريش، كانوا يزورونها ويهدون لها ويتقربون عندها بالذبح، وكانت بوادي من نخلة الشامية يقال له حُراض. ينظر: الاصنام، الكلبي: 16
7- ينظر: الزاهر في معاني كلمات الناس: 109
8- من أقدم الأصنام، كان منصوباً على ساحل البحر بين المدينة ومكة، وكانت العرب جميعاً تعظمه، وتذبح حوله. ينظر الاصنام: 13
9- ينظر: معالم التنزيل في تفسير القرآن، البغوي: 2 / 218
10- ينظر: تفسير البيضاوي: 4 / 25
11- ينظر: الكشاف: 3 / 98

تعالی بمَا لا يجوز تسميته بِه کتَسميته أبا (العُزير) والمسيح من غير إرادة المعنى الحقيقي کا مرّ وهذه الوجوه ذكرُوهَا في تفسير قوله تعالى: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ»(1)، لكَن في كلامه (عليه السّلام) إدخال من زعم(2) الصّنم الهاً على الحقيقة في المشير إلى غيره أولى، ومن زعم(3) الأصنام شفعاء عندّ الله وقال: «مَا / و 16 / نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى»(4)، واقتصر على التّسمية فهو داخل في الملحد في اسمه وامّا المشيرون إلى غيره فمنهم عبدة الأوثَان لو قالوا بأن الجسم المنحوت خالق للعالم وقد استبعد طائفة أن يقول أحد(5) به للعلمِ الضرّوري بخلاَفه، ومنهم الثنوية القائلوُن بالنّور والظّلمة، ومنهم الدّهرية الذَّينَ قَالوُا: «مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ»(6) وكانوا يسبون الدَّهرَ إذا لم يدركوا ما املوا(7)، ومنهم عبدة الشمس والقمر والكَواكب ونحوهم من أصحاب الملل الباطلة(8) (فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَأَنْقَذَهُمْ

بِمَكَانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ) أنقذهم أي نجّاهم والظّاهر أنّ المكان هاهنا مصدر كان

ص: 210


1- الأعراف / 180
2- (رغم) في أ، ع تصحيف
3- (رغم) فيع، تصحيف
4- الزمر / 3
5- (أخذ) فيع، تصحيف
6- الجاثية / 26
7- ينظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم: 1 / 207، وينظر: البداية والنهاية، ابن کثیر: 1 / 143
8- ينظر: الملل والنحل، الشهرستاني: 2 / 259، 258

التّامّة (ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وآله(1) لِقَاءَهُ، وَرَضَيِ لَهُ مَا عِنْدَهُ) لقاء الله كناية عن المصر إلى دار البقاءِ والمشهوُر أن وفاته (صى الله عليه وآله) كان يوم الاثنن لليلتن بقيتا من صفر سنة عرة من الهجرة قبض مسمُوماً ذكره الشيخ رحمه الله في التهذيب(2)، وقال محمد بن يعقوب (رضي الله عنه): قبض (صلى الله عليه وآله) لاثنتي عر ليلةٍ مضت من ربيع الأوّل يوم الاثنن وهو ابن ثاث وستين سنةٍ(3)، وفي تفسر الثعلبي(4) انّه (صى الله عليه وآله) قبض يوم الاثنين [لليلتن](5) خلتا من ربيع الأوّل حن زاغت الشّمسِ(6) (وَأَكْرَمَهُ عَنْ دَارِ الدُّنْيا، وَرَغِبَ بِهِ عَنْ مَقامِ الْبَلْوى؛ فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ كَرِيماً (صَىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ)(7))، [و](8) في بعض النسخ فاكرمهُ بالفاء، ومقارنة البلوى مكان مقام البلوى [والبلوى](9) والبلية والباء واحد وأصلها الامتحان والاختبار كما سبق(10) والأنسب أن يراد بها الآفات والمصائب

ص: 211


1- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 101
2- ينظر: تهذيب الاحكام، الطوسي (ت 460 ه): 6 / 2
3- الاصول من الكافي، الكليني: 1 / 439
4- أحمد بن محد بن إبراهيم الثعلبي، ويكنى أبا إسحاق من أهل نيسابور، أحد أوعية العلم، كان بصیراً بالعربية، طويل الباع في الوعظ ، من مؤلفاته: الكشف والبيان عن تفسر القرآن، و العرائس في قصص الانبياء، توفي سنة (427 ه). ينظر: سر أعام النباء: 430 - 437، و كشف الظنون: 2 / 1131، و معجم المطبوعات العربية: 1 / 663، و الاعام: 1 / 212
5- [لليلتين] ساقطة من أ
6- ينظر: الكشف والبيان في تفسير القرآن، الثعلبي (427 ه): 2/ 290
7- (صلى الله عليه واله) لم تذكر في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 101
8- [و] ساقطة من أ. ر
9- [والبلوى] ساقطة من أ
10- ينظر: النص المحقق: 22

(وَخَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الأنْبِياءُ فِي أُمَمِها إذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلاً بِغَیْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ، ولاَ عَلَمٍ قَائِمٍ كِتَابَ رَبِّكُمْ(1)، مُبَيِّنا حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ) خلّف بالتشديد أي ترك وراءه، والهمل محركة ضوّال الإبل التي تركت مهملة لا رعاءَ لها ولا فيها من يصلحها ويهديها(2)، ومثلها النّفش إلا أنّ النّفش(3) لا يكون الّا ليلاً والهَمل يكونُ ليلاً ونَهاراً(4)، يقول: تركتها هملًا أي سُدىً إذا ارسلتها لَيْلًا ونهاراً بلاَ راع(5)، والطريق يذكر ويؤنث تقول: الطّريق الأعظم والطّريق العظمى(6)، والعلم محركة ((الجبل)(7) والمَنصُوب في الطّريق والمنار يهتدي بهَا، و(كتاب ربّكم) منصُوب على أنه عطف بيان لما في قوله (عليه السّلام): مَا خلفّت الانبياء وحينئذ يكون المراد بالطريق الواضح، والعلمِ القائم هو

القرآن، أو الشريعة التي كان تخليف القرآن سبباً في وضوحهَا، وظهورها، وَيكون مبنياً منصُوباً على أنّه حال من فاعل (خلّف)، وقي لالمراد بما خلّفَ هو الإمام (عليه السّلام) أي نصب فيكم وصيّاً ونصَّ عليه على سنن الانبياء (عليهم السلام) فيكون قوله (عليه السّلام): إذ لم يتركوهم هملاً اشارة

إلى الدّليل على وجوب نصب الإمامِ ومبنّياً حالاً من مَفعُول خلّف، وكتاب منصوبا عى أنّه مفعول مبنيّاً وكذا حلاله، وحرامهُ عى البدلّية من الكتاب،

ص: 212


1- (ربكم فيكم) في نهج البلاغة، صبحي صبحي الصالح: 24
2- ينظر: لسان العرب، مادة (همل): 11 / 710
3- (النفس) في أ، ع تصحيف
4- ينظر: الصحاح، مادة (نفش): 3 / 1022، ومفردات ألفاظ القرآن: 819
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (همل): 5 / 1854
6- ينظر: المذكر والمؤنث، أبو حاتم السجستاني (255 ه): 147
7- الصحاح، مادة (علم): 5 / 1990

وهذا الوجه وإن كان لا يخلوعن بعد لفظاً إلَا أنّه أقرب معنى فإنَّ بَیان الحلال والحرام، والفرائض، والفضائل وغيرها على الوجه التفصيلي هو وظيفة الإمام وشأنه (عليه السّلام)، ويحتمل أن يتكلّف على الوجه الأوّل لظهور الإشارة إلى نصب الإمام (عليه السلام) بأن يقال تبیینه (صلى الله عليه وآله) للحلال والحرام هو نصه على الإمام (عليه السّلام)، فالمبين هو الرّسول (صلى الله عليه وآله)، ولَكن بنصب الإمام (عليه السّلام) والمراد بالحلال أمّا المُباح، أو ما يشملَ المكروهُ (وَفَرائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ) أي واَجباته ومندُوَباته، أو مَا يشمل المكروهُ (وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ) النسخ على وجوه [نسخ](1) القرآن بالقرآن، وبالسنّة والسنّة بهاوبه والأمثلة مذكورة في محلّها (وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ) الرخصة / ظ 16 / في الأمر خلاف التشديد، وعزائم الله مَا قطعَ الله على العبدِ بفعله، والعزم هو القطع على الأمر والجد فيه(2)، والرّخصة كقوله تعالى: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»(3)، والعزيمة كقوله [تعالى](4): «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ»(5) (وخَاصَّهُ وعَامَّهُ) يمكن أن يراد [...](6) بالخاص مَالا يجري في سائر المكلّفين كقوله تعالى: «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ»(7) وان يراد [....](8) بالعَام

ص: 213


1- [نسخ] ساقطة من ح
2- ينظر: الصحاح، مادة (عزم): 5 / 1985
3- البقرة / 173
4- [تعالی] ساقطه من ث، ح، ن، م
5- الاسراء / 78
6- [به] زائدة في ح
7- الاحزاب / 50
8- [به العام] في ث، ح، م

المخصّص كقوله تعالى: [](1) والعام على الأوّل كقوله تعالى: «وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ»(2)، وَعلى الثّاني كقوله تعالى: «وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»(3) (وعِبَرَهُ وأَمْثَالَهُ) العِبرة بالكسر مَا يعتره الانسان ويستدلّ به على غیره، والمثل بالتحريك وبالكر كالشّبه بهمَا وقد مرّ بيانه في شرح خطبة الكتاب(4)، والكتاب الكريم مشحُون بالعبر من أحوال الماضین ودلائل القدرة، وضروب الأمثال «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا»(5) (وَمُرْسَلِهُ وَمَحْدُودَهُ) الإرسال الإطلاق و الإهمال(6)، والحدّ الفصل بن الشّيئين(7)، والظّاهر أنّ المراد بالمرسل والمحدُود المطلق والمقيد كقوله تعالى: «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ»(8)، وقوله سُبحانه: «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»(9) (ومُحْكَمَ

هُوَمُتَشَابِهَهُ) المحكم مأخوذ من احكمت اليء إذا اتقنته(10)، والمتشابَهِات من

الأشياء المُتَماثلات وذكروا في محكم القرآن ومتشابهة وجوهاً أظهرها ما روي

عن جابر أن المحكم ما يعلم تعين تأويله و المتشابه خلافه(11)، سمّي متشابهاً

ص: 214


1- [] بیاض في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن
2- النور / 32
3- البقرة / 282
4- ينظر: النص المحقق: 4
5- البقرة / 26
6- ينظر: لسان العرب، مادة (رسل): 11 / 285
7- ينظر: العين، مادة (حد): 3 / 19
8- النساء / 92
9- النساء / 92
10- ينظر: الزاهر في معاني كلمات الناس: 1/ 207
11- ينظر: أحكام القرآن، الجصاص (ت 370 ه): 2 / 4، و متشابه القرآن ومختلفه، ابن شهرآشوب (ت 588 ه): 1 / 2

لتماثل معانيه وتشابهها في الفهم، أمّا المحكم فكقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا»(1)، والمتشابه فكقوله تعالى: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»(2) (مُفَسِّراً جُمَلَه(3) ومُبَيِّناً غَوامِضَهُ) التّفسير الإبانة(4) وكشف المغطى والغامض من الكلام خلاف الواضح (بَیْنَ مَأخُوذٍ مِيثَاقُ عِلْمِهِ، ومُوَسَّعٍ عَلَى الْعِبَادِ فِي جَهْلِهِ) الظّرف(5) متعلّق بمحذوف تقديره حال كون الكتاب دائر أو هو دائر بن ما كلف العباد بعلمه كقوله تعالى: «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»(6) وبين مَا لم يكلفوا به كالمتشابهات ومقطَّعات أوائل السّور. (وبَیْنَ مُثْبَتٍ فِي اِلْكِتَابِ فَرْضُهُ، مَعْلُومٍ فِي السُّنَّةِ نَسْخُهُ) ذهب أصحَابنا وجمهُورالعامة إلى جوازنسخ القرآن بالسّنَة المتواترة(7)، وأنكره الشافعي(8) (9)، وهذا الكلام حجة عليهِ

ص: 215


1- يونس / 44
2- طه / 5
3- (مجمله) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 24
4- (التفسير الأول الانابة) في ح
5- (الطرف) في ر، تصحيف
6- محمد / 19
7- ينظر: أصول السرخسي، السرخسي (ت 490 ه): 2 / 67
8- محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن نافع بن السائب بن عبد الله بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف الشافعي، ويكنى أبا عبد الله، ولد سنة ( 150 ه) بعسقلان مات أبوه وهو صغر فنشأ يتيماً، سكن مع أمه في مكة وهو ابن سنتين، عرف بفطنته وذكاء، وحفظه، افتى وهو ابن عشرين عاماً، وهو أحد الامة الاربعة عند أهل السنة، من مؤلفاته: اختاف الحديث، واثبات النبوة والرد عى البراهمة، و الاماء الصغر، المبسوط في الفقه، مات في مر سنة (204 ه). ينظر: مروج الذهب ومعادن الجوهر، المسعودي (ت 346 ه): 3 / 436، و سر اعام النباء: 10 / 5، 6، و هدية العارفن: 2 / 9، و معجم المؤلفن: 9 / 32، و الاعام: 6 / 26
9- ينظر: الرسالة، الشافعي: 106

وأما بالآحاد فأكثر العلماء على عدمه، وقد مثلوا له بنسخ حبس الزانية(1) حتى تموت بالرّجم، والجلد والتغريب(2) والجز على تفصيل وخلاف وفيه کلام. (وَواجِبٍ فِي السُّنَّةِ أَخْذُهُ، مُرَخَّصٍ فِي الْكِتَابِ تَرْكُهُ) مثل له بعض الشّارحين بصوم عَاشُورا قال: ((كان وَاجباً بالسّنة، ثم نسخه صوم شهر رَمضان الواجب بنص الكتاب))(3)، وفيه نظر لعدم دلالة هذا الإيجاب على ذلك النسخ، وإنما النّاسِخ أمر آخر وإنّ قارن نزول الآية، ومثَل بعضهم بالتوجه إلى بيت المقدس حيث نسخ بالآية، و فيه نظر لبعد اطلاق الرخصة على إيجاب الترك، ويمكن أن يمثل بقوله تعالى: «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ»(4) حيث دلت السنّة على أنّ القصر عزيمة وكذلك آية الصفا والمروة(5) وبقوله تعالى: «قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا»(6) الآية حيث دلت السنّة على حرمة غير مَا ذكر في الآية، والمناقشة(7) في اطلاق الأخذ والترك هينّ ولا ضرورة في الحمل على النسخ المصطلحِ فتأمّل. (وَبَیْنَ واجِبٍ بوَقْتِهِ(8) وَزَائِلٍ فِي مُسْتَقْبَلِهِ) كالواجبَات المؤقتة والمُحرمات في الأوقات المَخصُوصة، قال تعالى: «وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا

ص: 216


1- (الرانية) في ث، ر
2- (التعريب) في ث، وفي ع: (التعزير)، تحریف
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 109
4- النساء / 101
5- «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ» البقرة / 158
6- الانعام / 145
7- (والمنافسة) في أ، (والمنافسة) في ر
8- (لوقته) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 102

دُمْتُمْ حُرُمًا»(1)، وفي بَعض النسخ لوقته باللّام بدل الباء (ومُبَايَنُ بَیَنْ مَحَارِمِهِ،

مِنْ كَبِیرٍ أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيَانَهُ، أَوْ صَغِیرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ) المُباينة المفارقة وباين وبين كذا وكذا أي جعلهم فارقاً له، والمحارم جمع محَرم بالفتح وهو الحرام و((الوعد يستعمل في الخر والشّر، يقال: وعدته شراً، و وعدته شراً))(2) (فإذا اسقطوا الخَیرْ والشّر قالوا في الخیر: الوعد والعدة، وفي الشّر الايعاد

والوعيد)(3) / و 17 / قال الشّاعر:

وإنِّ وإن أَوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ *** لمخْلِفَ إِيعَادِي ومنجز موعدي(4)

والنّيران جمع نار وهي من الواو؛ لأن تصغيرها نويرة والجمع نَور وأنورُ

ونیرَانُ أيضاً انقلبت الواو ياءً لكرة ما قبلَها(5)، وارصَدَ أي اعَدَّ وهَيّأ ورصدهُ أي ترقبه، والغفرانُ مصدرِ، يقال:غفر اللهُ لهُ غفراً ومغفرةً وغفراناً، وكلمة مباين في النسخ بالجّر على صيغة الفاعلِ و المفعول معاً، وقال بعض الشارحين: الواجب أن يكون مباين(6) بالرفع لا بالجّر فإنه ليس (بمعطوفٍ)(7) على ما قبله ألا ترى أنَ جميع مَا قبله يستدعي الشيّء وضّده، أو الشيء ونقيضه؛ وقوله عليه السلام(8): ((ومباين بن محارمه) لا نقيض له ولا ضّد

ص: 217


1- المائدة / 96
2- الصحاح، مادة (وعد): 2 / 551
3- المصدر نفسه، مادة (وعد): 2 / 551
4- البيت لعامر بن الطفيل، من البحر الطويل: ديوان عامر بن الطفيل: 360 وقد رود فيه: وإنِّي وإن أَوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ لأُخْلِفَ إِيعَادِي وأنجز موعدي
5- ينظر: التكملة: 403
6- (ومباين) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106
7- (معطوفاً) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106
8- (وقوله: ومباين) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106

له؛ لأنّه ليس القرآن العزيز على قسمين: أحدهما مباين بن محارمه، والآخر

غیّر مباين، فإنّ ذلك لا يجوز، فوجب رفع (مباين) وأن يكون خبر مبتدأ محذوفٍ(1)، وفيه نظر إذ (الظاهر)(2) من المباينة بن المحارم تقسيمها إلى قسمين وظاهر أن بعض الآيات ليس فيها ذلك فالمعنى أن الكتاب بن مباين وبین ما ليس كذلك ونظره الفقرة التّالية له، وقال بعضهم: ((ومباين بن محارمه عطف على المجرُورات السَّابقة والياء(3) مفتوحة وفي معنى الكلام وتقديره لطف فإن المَحارم لما كانت هي محال الحكم المسّمى بالحُرمة صَار المعنى: وبن حكم مباين محاله هو الحُرمة))(4)، ولا يخفى أنه على عى تقدير كسر الياء يمكن أن يكون الضمر في محارمه راجعاً إلى الكتَاب، أو إلى الله تعالى ويكون المعنى أنّ الكتاب بن ما يفرق بَین المحارم، وما ليس كذلك ثم انّ كلامه (عليه السّلام) يدل على انقسام الذّنب إلى كبر وصغر كما ذهب اليه طائفة من أصحابنا منهم المحقق و أكثر المتأخرين وهو المطابق لظاهر قوله

سبحانه: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا»(5)، وقوله عزّ وجل: «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ»(6) واللّمم صغائر(7) الذنوب(8) على المشهور

ص: 218


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106
2- (الظ) في ث، ح
3- (الباء) في ر، تصحيف
4- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 1 / 222
5- النساء / 31
6- النجم / 32
7- (صعائر) في أ
8- ينظر: الصحاح، مادة (لمم): 5 / 2032

ويدلّ على الانقسام كثير من الأخبار ولا ينافي ذلك اشتراك الذّنوب في مخالفة أمره سُبحانه، والنّهي عن استصغار الذنب؛ لأنّ غفران الصغائر إنّما هو تفضّل من الله سبحانه وإنجاز للوعد، لا أن(1) العبد يستحقّ العفو عنه وعقابه عَليْهَا ظلم کما زعمته المعتزلة، قال شيخ الطّائفة (رحمه الله) في التّبيان(2) بعد حكاية قول المعتزلة: ((فعلى مذهب المعتزلة من اجتنب الكبائر واوقع الصّغائر فإنّ الله يكفر الصغائر عنه ولا يَحسنَ مَع اجتناب الكبائر عندهم المؤاخذة بالصّغائر ومتي واخذه بها كانَ ظُلماً وعندنا انَّه يحسَنْ من الله تعالى اَنْ يؤاخذ العاصي بأيّ معصيته فَعلها ولا يجب عليه اسقاط عقاب معصيته لمكان اجتناب مِا هو أكبر منها غير انا نقول إنه تعالى وعد تفضّلا منه أنّ من اجتنب الكبائر يكفر عنه ما سَواها بأن يسقُط عِقابَها عنه تفّضُلا ولو واخذه بها لم يكن ظالماً ولم يعين الكبائر التّي إذا اجتنَبها كفر ما عداها لأنه لو فعل ذلك لكان اغراء بها عداها وذلكَ لا يَجُوز في حكمته تعالى))(3) (انتهی)، ولعلّ مراده (رضي الله عنه) بقوله قبل هذا الكلام المعاصي وإن كانت كلّها عندنا کبائر من حيث كانت معصيته لله تعالى فإنا نقول إنّ بعضها أكبر من بعض ففيها إذاً كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه نفي الصغر عن بعض الذنوب بمعنی عدم استحقاق من فارقها(4) العقاب وكون العقاب عليها ظلماً(5) لا عدم الانقسام إلى قسمَينْ وغفران بعضها تفضّلا منه سبحانه

ص: 219


1- (لأن) في، ث، ع
2- (البيان) في ع، تحریف
3- التبيان في تفسير القرآن: 3 / 183
4- (قارفها) في أ، ر، ع، م، تصحیف، وفي ث: (قاومها)، تحریف
5- (طلمًا) في ث، تصحيف

کما زعمهُ الطّبرسي(1) (رحمهُ الله) في كتاب مجمع اَلبيان(2) حيث اسند القول

بأن الذّنُوب كلّها كَبائر إلى اصحَابنا ولا يخفى عى من راجع الكتابن أن

التّباين في أكثر المواضِع كالأصلِ لهذا الكتاب ولو كان مراد الشّيخ (رحمه الله)

نفي الانقسام مطلقاً لم يكن لسقوط العقاب عما سوى الكبائر(3) تفضّلا وانّ

المؤاخذة ليس ظلماً، ولعدم تعين الكبائر / ظ 17 / التّي إذا اجتنَبها(4) المكلّف كفّر الله عنه ما عداهَا كما صرح به معنى، وكون المراد باجتناب الكبائر في الآية وفي كلامه اجتناب الذّنوب والمنهيّات بأسرهَا الاَ واحدة من المعاصي كانت أصغر من جميعها حتى يكون ذلك الاجتناب مكفراً لتلكَ السيئة، ويكون الجمع في الآية باعتبار تعّدد المكلّفین، أو تكرر صدُورُهَا من مكلف بعيد غاية البعد، وفي رواية الصّدوق (رضي الله عنه) عن الصّادق (عليه السّلام) (من اجتنب الكبائر كفّر الله عنه جميع ذنوبه)(5)، وذلك قوله عزّ

وجل: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا»(6)، ولَعلّ في قول الشيخ (رَحمِهُ الله) المعاصي وإن كانت كلّها

ص: 220


1- الفضل بن الحسن بن الفضل، أمن الدين، أبو عي الطَبْرَسي من علماء الإمامية، مفسر، محقق، ترجع نسبته إلى طَبْرس، من مؤلفاته: تفسر مجمع البيان، و تاج المواليد، و جوامع الجامع، الكاف الشاف من كتاب الكشاف، وغيرها، توفي سنة (548 ه)، ينظر: معجم المطبوعات العربية: 2 / 1227، وهدية العارفين: 1/ 820، والذريعة: 5 / 268، و الاعلام: 5 / 148
2- ينظر: مجمع البيان، الطبرسي: 3 / 70
3- ينظر: الكبائر، محمد الذهبي (ت 748 ه): 24
4- (اجتبها) في ر
5- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 3 / 575
6- النساء / 31

عندنا كبائر من حيث كانت معصيته لله ایماء إلى مَا ذكرنا من أنّ المراد نفي الظَّلم على تقدير المعاقبة لا مايفهم من ظاهر القول بأن اطلاق الكبر والصّغر اضافيّة والله تعالى يعلم، وقد قال بنفي الانقسام وكون الوصف اضافياً طائفة مِن العامة واسندوه إلى ابن عَباس وغيره من المفسرين، وقد فصّلنا الكلام فيه في كتاب حدائق الحقائق(1) ولا يذهب عليك أنّ ظاهر الآية وكلامه (عليه السّلام) لا يدل على خصوص ما ذهبت اليهِ المعتزلة كما زعمه بعض الشّارحین(2). (وبَیَن مَقْبُولٍ فِي أَدْنَاهُ، ومُوَسَّعٍ فِي أَقْصَاهُ) مثلوه بالقراءة فإنَّ القليل منها مقبُول، والكثير منها موسع مرّخصٍ في تركه وَمِنها (وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ) الفرض في اللّغة ((التوقيت))(3) و ((التقدير))(4) وأصلهُ من ((فرض القوس وهو الحز الذّي يقع فيه الوتر))، ويطلق على الواجب مطلقاً وعلى ما دّل القرآن على وجوبه، وقيل: الفرض آكد من الواجب، وقيل: الفرض الواجب بجعل جاعل؛ لأنه فرضه على صاحبه، والواجب قد يكون واجباً من غير جعل جاعل فالفرض على هذا هو الواجب الذي لم يستقل العقل في الحكم بوجوبه، والحَج بالفتح في اللغة القصد المتكرر أو مطلقاً(5)، والحِج بالكسر الاسم، وفي النسخ بالفتح(6)،

ص: 221


1- ينظر: مخطوط حدائق الحقائق: 112 - 119
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106
3- القاموس المحيط، مادة (فرض): 2 / 339
4- تاج العروس، مادة (فرض): 10 / 123
5- ينظر: العين، مادة (حج): 3 / 9
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106

وقيل الفتح والكسِر لغتان، وخصّ في الشرع بقصد معين ذي شروطٍ معلومة، ويمكن أن يحمل في كلامه (عليه السّلام) على المعنى اللغوي، والحرام کمافي بعض النّسخ ماله حرمة والحرمة كلّ ما لا يجوز انتهاكه وسمّيت الكعبة حراماً لأن الله عزّ وجل حرم أن يصّاد صيدها أو يعضد شجرَها أو يختلي خلاهَا أو يؤخذ لقطتها إلاّ على وجه أو يخرج الجاني منهَا (الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً

لِلْأَنَامِ) القبلة ((الجهة))(1) وكلّ ما يستقبل والحالة التي تقابل(2) الشيء غيره عليها كما أنّ الجلسة هي الحال التي يجلس عليها ثم صّارت علماً لما يستقبل في الصلاة(3) والظاهر من هذا الكلام كون القبلة عين الكعبة ولما كان(4) تكليف النّاسِ مطلقاً كما هو ظاهر اللّفظ بالتّوجه إلى عينها حقيقة من قبيل التكليف بما لا يطاق فإرادة الجهة بالنسبة إلى البعيد غير بعيدٍ، وعرّفها بعض الاصحاب بأنها السِّمت الذّي يحتمل كون البيت فيه ويقطع بعدم خروجه عنه لإمارة شرعية (يَرِدُونَهَ وُرُدَ الْأَنْعَامِ،وَيَأْلُهَونَ(5) إِليْهِ وُلُوَه(6) الْحَمَامِ) ورود الماء حضوره للشرب، والماء ورِد بالكسر والتشبيه في الشوق والازدحام، وقيل في عدم اطلاعهم على أسرار الحج و[و](7) ظائفه(8)، و الولوه کما(9) في

ص: 222


1- لسان العرب، مادة (قبل): 11 / 545
2- (يقابل) في ث، ح، م، تصحيف
3- ينظر: تاج العروس، مادة (قبل): 15 / 596
4- (کانت) في أ
5- (يو لهون) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106
6- (وله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106
7- [و] ساقطة من ث
8- (وطائفة) في أ، ع، و في ث: (وفطائفه)، تصحيف
9- (كما) في ح

النسخ التي رأيناها امّا مصدر آله المهموز لكن هذا المصدر غير مذکُورٍ في کلام أهل اللّغة، أو مصدر ولِه بالكسر بمعنى تحيّر، ويألهُون بمعنی يولهون، وأصل الهمزة الواو(1) کما ذکره القطب الرّاوندي(2) (رحمه الله (تعالى)(3))، وأورد عليهِ [الشارح](4) عبد الحميد بن أبي الحديد بأن ((فعولًا لا يُجوز أن يكون مصدراً من فَعِلت بالكسر))(5) وكان في نسخته (ولَهَ الحَمام)(6) بالتحريك، قال: الوله شدّة الوجد؛ حتّی یکاد العقل يذهب، ومن روی: (يألهون اليه ولوه الحَمام) فسّره بشيء آخر، وهو: يعكفون عليه / و 18 / عكوفُ الحمام. و أصل (الهَ) عبد، ومنه الآله، أي المعبُودِ. ولما كان العكوف على الشيء كالعبادة له لملازمته والانقطاع اليهِ قيل: اله فلان إلى كذا، أي عكف عليه كأنّه يعبده، قال: ولا يمتنع أن يكون مصدراً لالهَ المفتوح كقولك: دخل دخولاً(7) (انتهى)، وقد ذكر في القاموسِ (وله) ک((وعد))(8) فيكون وجهاً لكلام القطب الرّاوندي(9) (رحمه الله)، والحمام مثل في الشّوق

ص: 223


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 106
2- سعید بن هبة الله بن الحسن الراوندي، يكنى أبا الحسن، قطب الدین، عالم، أديب، أمامي، من تصانيفه: الخرائج والجرائح، تهافت الفلاسفة، و غریب النهاية، وتحفة العليل، وغيرها من المصنفات، توفي في بلدة (قم) سنة (573 ه). ينظر: هدية العرفين: 1 / 392، و الاعلام: 3 / 104، و معجم المؤلفين: 4 / 225
3- (تعالى) زيادة في ث
4- [الشارح] ساقطة من ث، ح
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 107
6- المصدر نفسه: 1 / 107
7- ينظر: المصدر نفسه: 1 / 107
8- القاموس المحيط، مادة (وله): 4 / 295
9- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 106

إلى وكره و فرخه، وقال في حياة الحيوان في طبع الحمام: ((انّه يطلب وكره ولو ارسل من الف فرسخ))(1) ويعود اليه بعدمَا اصطيد وغاب عنه عشر سنين(2) (جَعَلَهُ سُبْحانَهُ عَلَامَةً لِعَظَمَتِهِ(3)، وَإذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ) قد فصل (عليه السّلام) هذا المعنى في الخطبة القاصعة وسنقف عليه في شرحهَا أن شاء الله تعالى. (وَاخْتارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيهِ دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقُوا كَلِمَتَهُ) السماع جمع سامِع وهو من الأوزان(4) التّي يجمع عليهَا فاعل الصّفة غالباً، والمراد بالدّعوة أمّا التكليف الظّاهري، أو دعوة إبراهيم (عليه السّلام) بأمره سبحانه لما بنى البيت فنادى هلم إلى الحج فأجابه من أجاب في أصلاب الرجال لبيكَ داعَيِ الله مرّة ومرّات فحجوا كذلك، ومن لم يلب لم تحج کما روته العامة والخاصّة. وروي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) هذا الوجه في تفسير قوله تعالى: «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»(5) والضّمير في (اليه) أمّا راجع إلى ما يرجع اليه أخواته، أو إلى البيت والظّرف متعلّق بالفعل بتضمين معنى التّوجه أو بالدعوة وتصديق الكلمة أمّا تأكيد لإجابة الدّعوة، أو المراد به إطاعة التكليف الظّاهري والعكس لا يخلو عن بعد (وَوَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ، وَتَشَبَّهُوا بِمَلائِكَتِهِ الْمُطِيفِنَ

ص: 224


1- حياة الحيوان الكبرى، الدميري: 1 / 365
2- المصدر نفسه: 1 / 395
3- (علامة لتواضعهم لعظمته) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 106، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 25
4- (أوزان) في ع
5- الحج / 27

بِعَرْشِهِ) أطاف بالشيء ((أي: أحاطَ بِهِ، فَهو مُطيفٌ))(1) قاله في العين، (وأطاف به أي الم به وقاربه)(2)، وقد وردت الاخبار في حج الانبياء (عليهم السلام) (يُحْرِزُونَ الْأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ، وَيَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ) الاحراز الحيازة والجمع(3)، والمتجر بالفتح مصدر، أو اسمِ مکان والاضافة بَيانّیة(4) أو لاميّةٍ، والتبادر التّسارع(5)، والموعِد بالكسر يحتمل الوجهين والاضافة لاميّة (جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعالَی لِلْإِسْلَامِ عَلَماً، ولِلْعَائِذِينَ حَرَماً) العَلَمُ بالتحريك العلامة والجبل و كلُّ ما يُهتدى بهِ(6)، ولعلّ المراد [على الأوّل](7) كون البيت أي حجّه من علامات الاسلام کَما أن بعض العبَادات من علامات الايمان، فالعَطْف يحتاج إلى ارتكاب مَا يشبه الاستخدام لعَدم الحاجة إلى تقدير المضاف وجعل الحج حرماً للعائذين بَعيد، وفي بعض النّسخ و(للعَابدین) بالباءِ الموّحدة، والدّال المُهملة فلا يبعد حينئذٍ تقديره، ويمكن عود المنصوب إلى الحج فكونه علماً للإسلام وحرماً للعَابدين على ما في بعض النسخ، وعلى الاصل يمكن أن يراد بالعَائذين المستجيرون من العذاب ولو أريد بالعلم مَا يهتدى بهِ وعاد الضّمير إلى البيت، فالمعنى واضح على النّسختين، ولو عاد إلى الحج فكونه حرماً للعَائذين بالمعجمة كما سبق وقد

ص: 225


1- العين، مادة (طاف): 7 / 458
2- الصحاح، مادة (طوف): 4 / 1397
3- معجم لغة الفقهاء، محمد قلعجي: 48
4- (بیانید) في ر
5- ينظر: لسان العرب، مادة (بدر): 4 / 68
6- ينظر: العين، مادة (علم): 2 / 152، 153
7- [على الاول] ساقطة من ع

سبق بَيان كون البيت حرماً في تفسير البيت الحرام (فَرَضَ حَجَّهُ، وَأَوْجَبَ

حَقَّهُ(1)، وَكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ) قد مرّ بيان [الفرض](2) والواجب والكتاب الفرض والحكم، والوِفادة بالكسر الاسم من قولهم: وفد فلان على الأمير أي: قصده لزيارة، أو(3) استرفاد وأصله الورُود للرسَّالة(4)، والمجرُورات إمّا راجعة إلى الله سُبحَانه، أو إلى البيت والمال(5) واحد وقد ورد أنّ الحاج، والمعُتمر وفد الله إن سألُوه اعطاهم، وإن دعوه اجَابَهم، وإن شفعُوا شفعَهُم، وإن سكتُوا ابتدأهم، ويعوّضوُن بالدّرهم الف درهم (فَقَال(6): «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»(7) الحَج بالفتح مصدر، وبالكسر اسم، وقيل إنّه مصدر أيضا، وقرئ في [الآية](8) على الوجهين(9) ويوجدان / ظ 18/ في النسخ، والنّاس عام أبدل منه من استطَاعَ بدل البعض، وتفسير الاستطاعة موكوُل إلى محلّهِ وفي ذکر

ص: 226


1- (فرض حقه، وأوجب حَجَّه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 107، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 25
2- [الفرض] ساقطة من أ، ع
3- (و) في ع، تحریف
4- (فا لمال) في ث، ح
5- ينظر: الصحاح، مادة (وفد): 2 / 553
6- (فقال سبحانه في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 107، و نهج البلاغة، صبحي لصالح: 25
7- آل عمران / 97
8- [الآية] ساقطة من أ
9- قرأها بالكسر أبو جعفر وحمزة والكسائي وخلف و حفص، والباقون بالفتح. ينظر: الحجة في القراءات السبع، ابن خالويه: 88، وتقريب النشر في القراءات العشر، ابن الجزري (ت 833 ه): 182، 183

الكفر مكان التّرك تغليظ لا يخفي وقد ورد في الأخبار: من مات ولم يحجّ فليمت إن شاء يهودياً و إن شاء نصرانياً(1) وفي الآية ضروب من التأكيد في أمر الحج فصّلهَا المفسّرون(2).

(ومن خطبة له (عليه السلام) بَعدَ انصِرافه مِن صفيّن)

صفيّن كسّجين اسم الأرض التّي كانَتْ فِيْهَا الوقعة العُظمى وهي من أرض الشّام قرب الرقة بشاطئ الفرات(3) غير منصرف للتأنيث والعلميّة، والنّون فيهَا أصلّية )(أَحْمَدُهُ اسْتِتْمَماً لِنِعْمَتِهِ، واسْتِسلَاماً لِعِزَّتِهِ، وَاسْتِعْصَاماً مِنْ

مَعْصِيَتِهِ) استنم الشيء وتمّمه وأتّمه بمعنى وَ استتم النّعمة طلب اتمامها والظّاهر أنّ المراد بالحمد الشكر، وفي الكَلام ایماء إلى قوله تعالى: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(4)، والاستِسلام ((الانقياد))(5) والعزة: القوة والشدّة والغلبة(6)، والعصمة: المنع والحفظ(7) وكلّ من المَنصُوبَات الثلاثة مفعُول له القوله (عليه السّلام): احمده، وكون استتمام النعمة غاية للحمد ظاهر، وأمّا الانقياد للعزة فيمكن أنَّ يكون المراد به ظهوره وترتيب الاثر عليه، ويمكن أن يقال: الانقياد هو الطّاعة ولا ريب في حصولها بالحمد ويمكن أن يكون

ص: 227


1- نص الحديث (من لم يمنعه عن الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو مرض حابس فمات ولم يحج فليمت ان شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً) سنن الدارمي، عبد الله الدارمي: 2 / 28، 29
2- ينظر: الكشف والبيان عن تفسير القرآن، الثعلبي: 3 / 152، و تفسير الرازي (ت 606 ه): 8 / 162 - 164، و تفسير البحر المحيط، أبو حيان (ت 745 ه): 3 / 12
3- ينظر: معجم البلدان، یاقوت الحموي: 3 / 414
4- إبراهيم / 7
5- لسان العرب، مادة (سلم): 12 / 293
6- ينظر: الصحاح، مادة (عزز): 3 / 886
7- ينظر: الصحاح: مادة (عصم): 5 / 1896

من قبيل قعدت عن الحرب جبناً(1) فإن الانقياد القبلي من أسباب الشّكر والحمد، وما ذكره بعض الشارحین(2) من أنّ العبد يستعد بكمال الشّكر لمعرفة المشکُور(3) وهيَ مستلزمه للانقياد لعزته والخضوع(4) لعظمته وهو في ذلك ناظر إلى قوله تعالى: «وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»(5) فلا يخلو(6) عن بعد، ولمّا كان استتمام النعمة التي من جملتها الهدايات الخاصة والتوفيقات الالهيّة وكذا الانقياد للعزة من أسباب العصمة عن المعصية آخر الاستعصام عنهما وجعله بعض الشارحين(7) وسيلة إلى الغايتين السابقتين وهو كما ترى (وَأَسْتَعِينُهُ فَاقَةً إلى كِفَايَتِهِ؛ إِنَّهُ لاَ يَضِلُّ مَنْ هَدَاهُ، وَلاَيَئِلُ مَنْ عَادَاهُ، وَلاَ يَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاهُ) العون: ((الظهير على الامر))(8) واستعنت فلاناً وبفلان طلبت منه الاعانة، وَالفَاقة: ((الفقر والحاجة))(9) يقال: افتاق الرّجل، ولا يقال: فاق، وكفاية الرّجل القيام بمَا يحتاج اليه، وَوَءَلَ(10) کوعد التجأ إلى موضِع ونجا منه ما روي في حديثه (عليه السّلام) أنّ درعه كان صدراً بلا ظهر فقيل له لَواحترزت من ظهرك فقال: إذا امكنتُ مِن ظهري فلا وألت أي لانجوت،

ص: 228


1- (جنباً) في ح، تصحیف، وفي ث: (حبناً) تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 237
3- في شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 237. (المشكور وهو الله)
4- في شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 237 (الخشوع)
5- إبراهيم / 7
6- (تخ) في ع، اختصار كلمة (تخلو)
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 237
8- لسان العرب، مادة (عون): 13 / 298
9- المصدر نفسه، مادة (فوق): 10 / 319
10- (ووأل) في أ، ر، ع

ولعلّ المراد بالمُعادَات تترك(1) الاستعَانة ولمّا كان كمال الكافي وتمامُ الفاقة إلى کفایته بعدم ضلال من هداهُ الرّاجع إلى کمال عمله وعدم من افتقار من كفاه العائد إلى کمال قدرته وهلاك من أعرض عنه العَائد إلى انحصَار الكافي فيه عللّ (عليه السّلام) الاستعانة المعللّةِ بالفاقة بالأمُورِ الثّلاثة (فَإِنَّهُ أَرْجَحُ مَا وُزِنَ، وأفْضَلُ مَا خُزِنَ) قال بعض الشّارحين: الضّمير يعود إلى الحمد المّدلول عليه بالفعل(2)، وقال بعضهم: ((يعود إلى الله سُبحانه ولا كانت ذاتهُ(3) مقدّسة عن الوزن والخزن(4) اللذين هما من صفات الاجسَام فبالحرى أن يكون المقصود رجحان عرفانه في ميزان العقل إذ لا يوازنه عرفان مَا عَداهُ بل لا يخطر ببال العَارف عند الاخلاص سَواهُ))(5) ولَعلّ الأولى على فرض التقدير تقدير الفضل والجُود حتی یکون التّعليل لعدم افتقار من كفاه المتّصل بهذا الكَلام، ويمكن أن يكون التّعليل لمجمُوع الحمد والاستعانة (وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَ اللهُ(6) شَهَادَةً مْمُتَحَناً إخْلاصُها، مُعْتَقَدا مُصَاصُهَا) الشّهادة الإخبار بالشيء عن مشاهدة، أو ما يقوم مقام المشاهدة، ومنه الشهادة / و 19 / عند القاضي؛ لأّنها أخبار عن العلمِ، والامتحان الاختبار، و((الممتحن المصّفى المهذّب يقال: محنت الفضّة أي: صفيتها وخلّصتها بالنارِ))(7)،

ص: 229


1- (ترك) في ث، ر
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد: 1 / 115
3- (داته) في ث
4- (الحزن) في، ح، ر، وفي ث، ن: (الخرن)، تصحيف
5- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 237
6- (وأشهد أنَّ لا اله إلا الله وحده لا شريك له) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 114، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 26
7- لسان العرب، مادة (محن): 13 / 401

والمُصاصِ بالضّم ((خالص كلّ شيء))(1)، وفلان مُصَاصِ قومه أي أخلصهم نسباً(2) يستوى الواحدِ والأثنان والجمع والمؤنث أي اشهدُ شهادة امتحن اخلاصها فظهر خالصاً مصفى من الشّوائب اعتقد خالصها من حيث خلوُصها (نَتَمَسَّكُ بِهَا أبَداً مَا أَبْقَانَا، وَ نَدَّخِرُهَالِأَهَاوِيلِ مَا يَلْقَانَا) تمسّکت بالشيء وامتسکت به واستمسكت به وامسكت به کلّه بمعنى [...](3) اعتصمت به (وندّخرها) في كثير من النسخ(4) بالدّال المهملة المشدّدة على صيغة الافتعال، وفي بعضها بالمعجمة السّاكنة وفتح الخاء وهما بمعنی والأهَاويل جمع أهوال والأهوال جمع هول كأنعام و أَناعيم، والهَوْل المخافة من الأمر، والمراد بمَا یَلْقانَا شَدائد الآخرة أو ما هو أعمّ منهَا (فَإِنَّهَ عَزِيمَةُ الْإيمَانِ، وَفَاتِحَةُ الْإِحْسَانِ، وَمَرْضَاةُ الرحْمَّنِ، وَمَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ) عزائم الأمور ما وكدت رأيك عليهِ وقطعت على فعله، وعزائم الله فرائضه التّي أوجَبها والمراد بعزيمة الايمان ما لابدّ له منه، وفاتحة الشيء أوّله، والمرضاة والرّضا والرّضوان واحد والدحر الدفع بعنف على سبيل الاهانة و الاذلال، و الظّاهر أن المدحرة مصدر والحمل على المبالغة [لا](5) کما زعم بعض الشارحين(6) أنّها اسم مکان (وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ،

ص: 230


1- لسان العرب، مادة (مصص): 7 / 91
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (مصص): 7 / 91
3- [أي] في:ث، ح، ر، م، ن، زيادة لا يقتضيها السياق
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 114، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 239
5- [لا] ساقطة من ع
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 236

وَالْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، وَالْكِتَابِ الْمَسْطُورِ) المشهور الواضحِ تقول(1): شهرت الامر وشهراً فاشتهر أي وضح، والعلم بالتحريك كل ما(2) يهتدی به والعلامة والراية، وفي بعض النسخ (العِلم) بالكسرِ، والمأثور: المنقول، تقول(3): أثرت الحديث إذا ذكرته عن(4) غيرك، قال بعض الشارحين(5): العلم المأثور يجوز أن يعني [به](6) القرآن(7)؛ لأنّه المحكي، والعلم مايهتدى به، والمتكلمون يسمعون المعجزات أعلاماً، ويجوز أن يريد به أحد معجزاته غير القرآن؛ فإنها كثيرة ويؤكد هذا قوله بعده: (والكتاب المسطُور)، وإن جاز أن يكون تأكيداً على قاعدة الخطابة، وقال بعضهم: ((المأثور المقدم على غيره، والمأثور أيضاً المنقول))(8)، ((وكونه مأثورا إما إشارة إلى كونه مقدماً على سائر الأديان كما يقدم العلم ويهتدي به قوم بعد قوم، أو إلى نقله من قرن [الى قرن](9)))(10) (انتهى)، والظاهر أنه حمل العلم على معنى الراية وجعل العلم كالتفسير للدين وهذا وإن كان لا يخلو عن مناسبه إلا أن هذه التفسير لَيْسَ بمأثور في كتب اللّغة نعم يناسب معنى الايثار وهو الاختيار ومع ذلك كون

ص: 231


1- (يقول) في أ، ر، ع
2- (کلما) في أي ع
3- (يقول) في أ، ر، ع
4- (من) في أ، ع
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 117
6- [به] ساقطة من ع
7- (بالقرآن) في ع
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 236
9- [إلى قرن] ساقطة من أ، ع
10- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 240

هذا النّوع من التقدير إيثاراً لا يخلو عن شيء وعلى تقدير الصّحة فالأولى جعل العلمِ عبارة عن القرآن، أو غيره من المعجزات کما تقدم، والسطر ترتيب الحروف على وجه مخصوصٍ تقول(1): سطرت الكتاب اسطره سطراً أي كتبته، ((والسّطر: الصف من الشيء))(2) يقال: غرس سطرا وبنی سطرا(3) وأصله المصدر والقرآن مَسطور، لأنَّه مكتوب عند الله في الّلوح المحفُوظ(4)، أو لأنَّه يكتبه المؤمنون في الصّحائف، وَالألواح وبالوجهين فسر قوله تعالى: «وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ»(5) وقيل: القرآن مسطور؛ لأنَّه سطر حقائقه في ألواح النّفُوس، (وَالنُّورِ السَّاطِعِ، وَالضِّيَاءِ اللاَّمِعِ، والْأَمْرِ الصَّادِعِ) السّطوع الارتفاع(6)، ولمع البرق کمنع لمعاً ولمعاناً أي: أضاء، والوَصْف للتأكيد، والصدع والفرق والفصل نظائر وأصله ((الشق)(7)، وصَدع بالحق إذا تكلم به جِهارا(8)، و في الكلام إشارة إلى قوله تعالى: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ»(9) قيل أي أظهر وأعلن وصرح بما أمرت به غير خائف، وقيل: فافرق بين الحقّ والبَاطِل بما أمرت بهِ، وقيل: شق جماعَاتهم بالتوحيد. (إِزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ، وَاحْتِجَاجاً

ص: 232


1- (يقول) في أ، ر، ع
2- الصحاح، مادة (سطر): 2 / 684
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سطر): 2 / 684
4- ينظر: مجمع البيان 9 / 271، والتبيان في تفسير القرآن: 9 / 402، و الميزان في تفسير القرآن: 19 / 6
5- الطور / 2
6- ينظر: تاج العروس، مادة (سطع): 11 / 208
7- العين: 1 / 292
8- ينظر: الصحاح، مادة (صدع): 3 / 1242
9- الحجر / 94

بِالْبَيِّنَاتِ، وتَحْذيراً / ظ 19 / بِالْآيَاتِ، وتَخْوِيفاً للْمَثُلَاتِ(1)) زاح الباطل أي زال وذهبَ وازاحه غيره والشّبهة الباطِل يشبه الحق وسيجيء تفسيرها في كلامه (عليه السّلام)، والبيّنات الدلالات الواضحة الفاصلة بين القضية الصّادقة والكاذبة مأخوذة من إبانة احد الشيئين عن الآخرليزوُل التباسه به، والآية ((العلامة))(2)، أو التي فيها عبرة، أو التّي فيها الحجة، والآية من القرآن جماعة حروف وكلمات من قولهم خرج القوم بآیتهم أي بجماعتهم، والمراد بالآيات ما اشتمل من القرآن على الوعيد ونحوه، أو مَا نزل بالأمم المَاضين، والمَثُلات جمع مثله بفتح الميم وضم المثلثة فيهما وهي ((العقوبة))(3)، والأنسب أن يكون إزاحة الشّبهات عبارة عن إبطال الملل الباطلة، والآراء الفاسدة، والاحتجاج بالبينات عن الاستدلال على المطالب اليقينّية(4) والتّحذير بالآيات التخويف بما نزل بالأمم [مّما](5) يدل عليه الكتاب الكريم وغيره من العقوبات الدنياوية والتخويف بالمثلات عن الإنذار بالعقوبات الآخروية، والأخيرتان تحتملان العكس، (وَالنَّاسُ فِي فِتَنٍ انْجَذَمَ فِيهَا حَبْلُ

الدِّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوَارِى الْيَقِنِ) الفتن جمع فتنة وهي في الأصل ((الامتحان والاختبار))(6) تقول(7): فتنت الذهب إذا أدخلته النّار لتعلم جودته، ويكون

ص: 233


1- (بالمثلات) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 117، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 26
2- العين، مادة (أيا): 8 / 441
3- الصحاح، مادة (مثل): 5 / 1816
4- (التقينيه) في ر
5- [مما] ساقطة من أ، ع
6- الصحاح، مادة (فتن): 6 / 2175
7- (يقول) أ، ع، ر، ن

بمعنى الابتلاء بالشدائد والعذاب والكفر والقتال والضّلال واختلاف الناسِ في الآراء والفضيحة وغير ذلك، وانجذم بالجيم والذال المعجمة أي انقطع(1)، وفي بعض النّسخ بالزّاي(2) بمعناه ومنه قلم جزم للذّي لا حرف له، والحبل بالسّكون ((الرسن))(3) وكلّ ما يتوصل به إلى شيء والعهد والأمان والوصَال(4) وتزعزع أي تحّرك واضطرب تقول(5) زعزعته فتزّعزع، والسّواريجمع سَارية وهي الاسطوانة والظاهر أنّ الواو في قوله (عليه السّلام): (والنّاس في فتن) للحال والعامِل ارسله والفتن فتن الجاهلّية وحال البعثة، وانجذام حبل الدّين تشتت الأمُور واختلاف النّاس في آرائهم واضطراب دعَائم اليقين عدم ثبات أركان الدّين لغلبة الشرك وجوّز بعض الشارحين(6) أن یکون ابتداء کلام وغرضه (عليه السّلام) ذمّ اصحابه وذكر مساوئ أهل زمانه لينتهبُوا من رقدة الغفلة ويشمروا عن سَاق الجد؛ لإقامة مراسم الملة التّي من جملتها الجهاد الذّي هو من أهمّ المطالب في ذلك الزّمان، وأن يكون المراد بتزعزع سوارى اليقين موت أصحابه الذين(7) كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم، أو خوْفهم من الأعداء المارقين عن الدّين (وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ، وَتَشَتَّتَ الْأَمْرُ، وضَاقَ الْمَخْرَجُ، وعَمِىَ الْمَصْدرُ) النَجْر بفتح

ص: 234


1- ينظر: لسان العرب، مادة (جذم): 12 / 88
2- (بالراي) في أ، ث، ع، ن
3- العين: 3 / 236
4- ينظر: الصحاح، مادة (حبل): 4 / 1664
5- (يقول) في أ، ح، ر
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 241
7- (الدين) في أ، ع، تصحیف

النّون وسكون الجيم ((الأصل والطّبع))(1) وسوق الابل شديدا(2)، واختلافه اختلاف النّاس في مذاهبهم وآرائهم أو أصولهم وقواعدهم أو في الفطرة و الخلقة، وتشتت الامر تفرقة، ويمكن أن يراد به الاختلاف في الفروع، والمخرج محل الخروج من الشبهة الواردة، أو الفتن، أو الخروج منها وفي النسبة تجوّز کنسبة العمى إلى المصدر وهو محّل الرّجوع عن المقصِد أو الرّجوع نفسه(3) (فَالْهُدَى خَامِلٌ، والْعَمَى شَامِلٌ، عُصَيِ الرَّحَمْنُ، ونُصِرِ الشَّيْطَانُ، وخُذِلَ الإيمَانُ، فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ، وتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ، ودَرَسَتْ سُبُلُهُ، وعَفَتْ شُرُكُهُ) الحامل ((السّاقط الذي لا نباهة(4) له))(5)، وانهارت أي: تساقطت وانهدمت والانهيار كالانهيالُ لفظاً ومعنىً(6)، والدّعائِم جمع دِعامة بالكسر وهي ((عمادُ البيت الذي يقومُ عليه))(7) ويسمّى سيد القومُ دعامة(8)، ومعلم الشيء / و 20 / ما جَعل علامة له يستدّل بها عليه وقيل معالم الشّيء: اثارهُ، وتنكرت أي: تغيّرت إلى مجهولٍ، ودَرَسَ رسم الشَيء أي: ذّهب

ص: 235


1- لسان العرب، مادة (نجر): 5 / 193
2- ينظر: الصحاح، مادة (نجر): 2 / 823
3- ينظر: الصحاح مادة، (صدر): 2 / 710
4- (بناهه) في أ، ع، ر، م
5- لسان العرب، مادة (خمل): 11 / 221
6- (الانهيار: موضع لين ينهار،.... وكل ماسقط من أعلى جرف أو شفير ركبة في أسفلها، فقد تهور وتدهور) لسان العرب، مادة (هور): 5 / 268. و (يقال رمل هيل، وهائل، للذي لا يثبت مكانه حتى ينهال فيسقط) تاج العروس: 15 / 821
7- لسان العرب، مادة (دعم): 16 / 241
8- ينظر: تاج العروس، مادة (دعم): 16 / 241

وبطل وكذلك عفي، والشُرُك بضمتين جَمْع شراك كَکِتاب وهي الطّرائق(1)، وفي بعض النۀسخ (شَرَكَة) بالتحريك جمع شَرَكَة كذلك وهي ((معظم الطّريق ووسطه))(2) (أَطَاعُوا الشَّيْطَانَ فسَلَكُوا مَسَالِكَهُ، وَوَرَدُوا مَنَاهلهُ؛ بِهِمْ سَارَتْ

أَعْلَمُهُ، وقَامَ لِوَاؤُهُ.) الوروُد حضُور الماء للشَرب(3)، والنَهَل بالتحريك ((عين ماء ترده الابل في المراعي، وتسمى المنازل التّي في المفاوز على طرق السّفار مناهل؛ لأنّ فيها ماء))(4)، والأعلام جَمع علم وهو اللّواء، والانسب بقيام اللّواء أن يكون الباء في بهم للاستَعانة وإن كان مَا قبله يحتمل التعدية (فِي فِتَنٍ دَاسَتْهُمْ بِأَخْفَافِها، وَوَطِئَتْهُم بِأَظْلَفِهَا، وقَامَت عَلَى سَنَابِكهَا) الدوس بالفتح ((الوطء بالرجل))(5)، والخف للبعير والنعام بمنزلة القدم للإنسان، والحافر للخيل، والظِلف بالكسِر للبقر والشاة والظبي، والسنبك كقنفذ ((طرف مقدم الحافر))(6) بمنزلة برثن الأسد، وأصابعَ الانسان، ومخلب الطائر ومنسم البعير، قال بعض الشارحين(7): [الظرف](8) يحتمل أن يكون متعلقاً بقوله (عليه السلام): سارت أعلامه، وقام لواءه، ويحتمل التعلق بمقدر يكون خبراً ثانياً لقوله والناس، وهذه الفتن هي التي أشار اليّها أولاً، وإنّما أوردهَا ثانياً بزيادة أوصَاف فشبهها بأنواع الحيوان، ويحتمل أن يكون

ص: 236


1- ينظر: الصحاح، مادة (شرك): 4 / 1594
2- المصدر نفسه، مادة (شرك): 4 / 1594
3- ينظر لسان العرب، (ورد): 3 / 456
4- تاج العروس، مادة (نهل): 15 / 762
5- القاموس المحيط، مادة (دوس): 2 / 217
6- الصحاح، مادة (سبك): 4 / 1589
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 242، 243
8- [الظرف] ساقطة منع، وفي أ (الطرف) تصحيف

هناك اضهار أي داستهم باخفاف إبلها، وحينئذ يكون التجوز في نسبته الوطئ والدّوس والقيام اليّها فقط وهو المجاز [في الاسناد](1) (انتهى). وفيه تأمّل (فَهُمْ فِيهَا تَائِهُونَ حَائِرُونَ جَاهِلُونَ مَفتُونُونَ) التائه الضّال المتّحير فحائرون كالتّفسير له والمفتُون من أصابته الفتنة وقد مرّ تفسيرُها (فِي خَیْرِ دَارٍ وشَرِّ جِیرانٍ؛ نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ؛ بِأَرْضٍ عَالِمُهَا مُلْجَمٌ، وجَاهِلُهَا مُكْرَمٌ) الظاهر أن السّهود جمع سُهد بالضّم وهو السّهر والأرق(2) لا مَصدر سَهِدَ كفَرِح کما زعمه بعض الشّارحين(3)؛ لأنّ مصدر فَعِل بكسر العين لا يجيء على فعول بالضّم والجمع أنسَبَ بالدموع، والملجم الممنُوع عن الكلام وعّما یریده لخوف ونحوه(4)، واختلف الشارحون لهذا الكلام فقيل: المراد بخیر دار أرض الشّامِ، لأنّها الأرض المقدّسة، وشر جيران أصحاب معاوية ونومهم سهود؛ لأنهم لا ينامون اهتماماً بأمر القتال، وكحلُهم دموع لبكائهم على قتلاهم، والعالم هو [عليه السّلام](5)، والجاهِل معاوية(6)، وقيل خیر دار الكوفة وشرّ جيران أصحابه (عليه السلام) الذّين خذلوه وقعدوا عن نصره(7)، ونوم الناس مطلقاً سهود لخوفهم وابتلائهم بالفتن [و كحلهم دموع البكائهم على المقتولين أو نوم المتخاذلين سهود لخوفهم من معاوية [و](8)

ص: 237


1- [في الاسناد] ساقطة من ع
2- الصحاح، مادة (سهد): 2 / 492
3- ينظر شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 236
4- ينظر: تاج العروس، مادة (لجم): 17 / 639
5- [عليه السلام] ساقطة من أ، موجوده في ح، ر
6- ينظر: منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، قطب الدين الراوندي: 1 / 113
7- منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، قطب الدين الراوندي: 1 / 133
8- [و] ساقطة من أ، ع

أصَحابه](1) وكحلهم دموع للبكاء على القتلى، أو لنفاقهم(2) فإنه إذا تم نفاق المرء ملك عينه وبناء الوجهين على أن يكون الكلام بياناً لحال أهل زمانه (عليه السّلام) لا زمن البعثة، وقيل: خير دار دار الدنيا وهي دار فاضلة لمن قام فيها بأمر الله کما سيجيء في كلامه (عليه السّلام) و شر جيران أهلها الجهالأ والمخاذلُون لمن انتصر بهم على أعداء الدّين ونومهم سهود لوقوع الفتن بهم وكحلهم دموع لابتلائهم بالمصائب والارض مكانهم من الدّنيا والعالم الملجم بلجام الذل من قام فيهم بالأمر بالمعروف والجاهل المكرم الاشرار الجهال وهذا الوجه يصلح و صفا لكلا الزمانين. وقيل: (خير دار) مكة، (والجِيّران) قریش(3) وهذا لفظ النّبي (صلى الله عليه وآله) في وصف حال البعثة ((كنت في خير دارٍ، وشر جیران))، ثم حكى (صلى الله عليه وآله) ما جرى له مع عقبة بن أبي معيط، والحديث مشهور، (ونومهم سهود، وكحلهم / ظ 20 / دمُوع) مثل قولك: جودهم بخل، وأمنهُم خوف، أي لو استماحهم (صلى الله عليه وآله) النوم لجادوا عليه بالسّهوُد عوضاً عنه(4)، ولو استجادهم الكحل لكان كحلهم [...](5) الذي يصلُون به الدّمُوع، ثّم قال (عليه السّلام): (بأرض عالمها ملجم) أي: من عرف صدق [محمد](6)

ص: 238


1- [وكحلهم دموع لبكائهم على المقتولين أو نوم المتخاذلين سهود لخوفهم من معاوية وأصَحابه] ساقطة من ث
2- (لبقاقهم) في أ
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 118
4- والصواب عوضا منه
5- [كحلهم] مكررة في ع
6- [محمد] ساقطة من أ، ع

(صلى الله عليه وآله) وآمن به في تقية وخوفٍ. (وجاهلها مكرم) أي: من جحدنبوته وكذبه في عز ومنعة(1) وهذا الوَجْه أظهر الوجوه إلاَّ أنه يمكن أن يكون المراد بكون نومهم سهوداً و كحلهم دموعاً [في](2) بعض مَا سبق من شدة الفتن وتظاهرهَا والضمير في نومهم و کحلِهم يمكن أن يعود إلى الناس عامة والى الجيران أي انّهم كانوا يؤذون رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع ابتلائهم بالشدائد والبلايا والقتل والقتال أو إلى أصحاب الرّسول (صلى الله عليه وآله) خاصة، فيكون بیاناً لشدّة بلائه (صلى الله عليه وآله) وَابتلاء أصحابه وتَحملّهم اذى القوم، وقال بعض الشارحين: الظاهر [أن](3) هذا الذي أورده السّيد رضي الله عنه من هذه الخُطبة فصول ملتقطة ليست على نظامِها التّي خرجت عليه فإن كان كذلك فربما يلوح منها لو انتظمت مقاصد توضح ما اختلفوا فيه والله تعالى يعلم.(4)

(ومنهَا ويعني آل النّبي صلى الله عليه وآلهِ هُمْ مَوْضعُ سِرِّهِ، وَلَجَاء أَمْرِهِ،

وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ، ومَوْئِلُ حُكْمِهِ، وكُهُوفُ كُتُبِه، وجبَالُ دِينِهِ) اللّجا موضع الالتجاء كالملجأويقال: لجأت اليهِ والتجأت اليه لجاءً بالتحريك و ملجأً و((العيبة ما يجعل فيه الثياب))(5)، والموئِل بالكسر الملجأ الذّي ينجو من التجأ اليه(6)، والحُكم بالضّم العلم والفقه والقضاء بالعدل والمنع عن الجهلِ

ص: 239


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 118، 119
2- [في] ساقطة في ث، ح، ر
3- [أن] ساقطة من ا، ع، موجودة في ث، ح، ر
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 244
5- لسان العرب، مادة (عاب): 1 / 634
6- ينظر: الصحاح، مادة (وأل): 5 / 1838

والسّفه، ((والكهف کالبيت المنقور في الجبل والجمع الكهوُف، ويقال فلان کهف أي ملجأ))(1)، وجبال(2) الدّين عبَارة عما يستقر به الدّين ويحفظهُ عن الميدَان بأهله والتزَّلزل والاضطراب کما يستقر الأرض بالجَبال، أو عمّا بيهتدی النّاس به في طرق الدّين كما يهتدى النّاس في الفيافي بالجَبال وفي دلالة على علّو شأنهم ورفعة درجتهم والسنة المَجرورات أمّا راجعة إلى الله سبحانه، فالكتب هي الكتب السماوية وقد وردت في الأخبار أنها كما انزلت عندهم عليهم السّلام، وامّا عائدة إلى الرّسول (صلى الله عليه وآله)، فالمراد بها الكتاب الکریم کما أنزل والجفر والجامعة وغيرها كما يدلّ عليهِ كثير من الأخبار (بِهِمْ أقَامَ انْحِنَاء ظَهْرِهِ، وأَذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِه) (الارتعاد الاضطراب يقال: أرعده فارتعد والاسم الرِعدة))(3) بالكسر وبالفتح أيضاً، والفريصة(4) اللحمة بين الجنب(5) والكتف(6) التي [لاتزال](7) [...](8) ترتعد من الدّابة وجمعها فريص و فرائص(9) وارتعاد الفرائص(10) كناية عن الخوف، والضّمير المرفوع في أقام راجع إلى الله سُبحانه أو إلى الرسول (صلى الله عليه وآله)، والمجرُوران رَاجَعان

ص: 240


1- الصحاح، مادة (كهف): 4 / 1425
2- (حبال) في أ، ث، تصحيف
3- الصحاح، مادة (رعد): 2 / 475
4- (الفريضة) في ث، ر، تصحيف
5- (الحبّ) في ث، تحریف
6- (الكتب) في ر
7- [لاتزال] ساقطة من ث
8- [ولا] زيادة في ث، ح، ولا يقتضيها السياق
9- (فريض وفرائض) في ث، ر، تصحیف.، ينظر: الصحاح، (فرص): 3 / 1048
10- (الفرائض) في ث، ر

اليهِ (صلى الله عليه وآله) على مَا ذكره بعض الشّارحین(1) أو إلى الدّين(2) على ماهو الاقرب لفظاً ومعنىً ومنهَا في المنافقين في كثير من النسخ الصّحيحة ويعني قوماً آخرین بدل قوله في المنافقين، قال بعض الشارحين: اشارته هذه ليست إلى المنافقين كما ذكره السّيد (رضي الله عنه)، وانّما هي اشارة إلى من تغلب عليه، وجحد حقه كمعاوية وغيره، ولعل الرضي عرف ذلك و کنی عنه(3)، والظاهر أن مراده (عليه السّلام) من تقدم على آل الرّسول (صلى الله عليه وآله) وتعبير السّيد بأحدِ اللفظين لنوع من التقية. (زَرَعُوا(4) الفُجُورَ، وَسَقَوْهُ الغُرُورَ، وحَصَدُوا الثُبُورَ) الفُجُور الفسق والكذب وأصله الميل(5)، والغُرور بالضّم الخدعة(6)، وحصد الزرع كنصر وضرب قطعه بالمنجل، والثبور الهلاك والخُسران أيضا ولمّا كان فُسوقهم وميلهم عن الحق الصّريح أعنی إتباعه (عليه السّلام) مّما يزداد في نفسه وينتشر آثاره بغرُورهُم وغرور الشَّيطان ويثمر الهلاك والخسران في الدّنيا والآخرة شبهه (عليه السّلام) بالحب في نموّه وانتشار عروقه في الارض وازدياده بالسّقي وانتفاع الزاّرع به واستعار لفظ الزرع والسّقي والحَصْد. (لاَ يَقَاسُ بآلِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ(7) أَحَدٌ(8)، وَلَا

ص: 241


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 245
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 119
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 120
4- (فذرعوا) في ع
5- ينظر: لسان العرب، مادة (فجر): 5 / 67
6- ينظر: الصحاح، مادة (غرر): 2 / 769
7- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 119
8- (من هذه الأمة أحد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 119، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 27

يُسَّوى بِهِمْ من جَرَتْ / و 21 / نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً) قستُ الشيء بالشيء أي قدَّرتُهُ على مثاله وقاسه قدرَه، و((المقياس: المقدار))(1)، وسوّيته به وسَاویت بمعنی وفي بعض النسخ لا يُساوی بهُم وفي الجريان تشبيه للنّعمة بالماء السّائل في عمومه وشموله، والنّعمة النّعم(2) الدّنياوية والأخروية مِن بدء الايجاد فإنه لولاهم لما خلق الله أرضا ولا سماء، ولا جناً ولا اِنساً كما يدلّ عليهِ الاَخبار، ثم الحياة بالنّجاة من الأعداء للصّحابة وغيرهم بسيفه (عليه السّلام)، ثم الهداية إلى طرق(3) الرّشاد وقد انتهى المخالف والمؤالف اليه وأدعى أرباب العلوم الاقّتباس من شوارق أَنواره وأقرَّ كلّ ذي فَضِل بالاستفاضة من بحار علوم الطّاهرين من ذرّيته من بعده (سلام الله عليهم أجمعين) (هُمْ أَسَاسُ

الدِّينِ، وَعِمَادُ الْيَقِینِ، إليهم يَفِيءُ الغَالِي، وبِهُمْ يُلْحَقُ التَالِي) الاسَاس بالفتح

أصل البناء وأصل كلّ شيء كالأسّ مثلثة(4) والاسس محركة ويفيء أي يرجع(5) يقال: ((فلان سريع الفيء منغضبه))، والغلو مجاوزة الحدّ، والتالي المتأخّر، يقال: ما زلت اتلوه حتى اتليته أي تبعته حتى تقدمته وصّار خلفي(6) ولعلّ

ص: 242


1- العين، مادة (قیس): 5 / 189
2- (نعم) في أ، ر، وفي ث: (بالنعم)
3- والصواب طرائق
4- (الَأسُّ والِإسُّ والُأسُّ: الَأسُّ بفتح الهمزة: مصدر أَسَّ الشاة إذا زجرها،... ويقال للشاة إذ زجرت إس بكسر الهمزة، والأُسُّ بالضم خاصة: أصل البنيان ومنه اشتقَّ أُسُّ الحساب)) المثلث، البطليوسي: 1 / 316، 315
5- ينظر: لسان العرب، مادة (وفاء): 1 / 125
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (تلا): 6 / 2289، 2290

المراد لابد لكل أحد من التمسك بحبلهم فمن أفرط، أو فُرط يرجع إلى الطّريق الاوسط وهو الاقتداء بهم واتباع آثارهم (وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلَيةِ، وَفيهمُ الوَصِيَّةُ والوِراثَةُ) خصائص الشّيء لوازمه، والولاية بالكسر الإمارة والسّلطان، وأمّا الوَلاية بالفتح فهو النّصر والحُبّ(1) وهما مصدران(2)، وقال سيبويه بالفتح مصدر، وبالكسر اسم کالامارة والنقابة(3)، والوِراثة بالكسر يشمل وراثة الخلافة والعِلم والمَال والسّلاح، وفي الكلام ردّ لما رووه ((ونحن(4) معاشر الأنبياء لا نورث))(5)، والمراد بتخصيصهم بخصَائص الخلافة، والولاية نفيهمَا عن غيرهِم بنفي اللّوازم، والوصّية النّص على الطّاهِرين عليهم السّلام، وقد حكى الشارح عبد الحميد بن أبي حديد أبياتاً كثيرة لشعراء صدِر الاسلام يتضمّن تسميته (عليه السّلام) بوصّي رسول الله (صلى الله عليه وآله)(6). (الآنَ إِذْ رَجَعَ الحقُّ إلى أَهْلِهِ، ونُقِلَ إلى مُنْتَقَلِهِ) هكذا في أكثر النسخ(7)، وفي بعضها على ما ذكره بعض الشّارحين(8) (قد رجع) موضِع (إذ رجع)، وفي بعض النسخ (وكان قد رجع)(9)، والأمر على الاخيرين(10) واضح، وأما على

ص: 243


1- ينظر: لسان العرب، مادة (ولي): 15 / 407
2- ينظر: المهذب في علم التصريف 231، 232، 239
3- القول ذكره الجوهري في الصحاح، مادة (ولي): 6 / 2030، وينظر: کتاب سيبويه: 4 / 34
4- (نحو) في أ، ع
5- فتح الباري، ابن حجر: 12 / 6
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 123 - 129
7- المصدر نفسه: 1 / 120
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 248
9- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 110، هامش: (1)
10- (الاخير) في أن ع

الأصل فيحتمل أن يكون (الآن) مبتدأ و(إذ رجع) خبره بناء على جَواز کون (إذ) اسماً کما يظهر من [كلام](1) صاحب الكشاف(2)، والفاضل التفتازاني(3) في تفسير قوله تعالى: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا»(4) وذكر ابن هشام(5) في (المغني)(6) أنّه قيل في قولك: (بينما أنا قائم إذ جاء عمرو) أنّ (بين) مبتدأ و(إذ) خبره، والمعنى: حين أنا قائم حين جاء زيد(7)، ويحتمل أن یکون (الآن) ظرفاً(8) للفعل، و(إذ) زائدة للتوكيد نقل ذلك ابن هشام عن أبي

ص: 244


1- [کلام] ساقطة من ع
2- ينظر: الكشاف: 1 / 477
3- مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني الملقب بسعد الدين، من أئمة العربية والبيان والمنطق، ولد سنة (712 ه) بتفتازان من بلاد خرسان، وأقام بسرخس وأبعده تیمورلنك إلى سمرقند، فتوفي فيها توفي سنة (793 ه)، من كتبه تهذیب المنطق، والمطول، و مقاصد الطالبين، والنعم السوابغ في شرح الكلم النوابغ للزمخشري، والمختصر. ينظر: هدية العارفين: 2 / 429، 430، والاعلام: 7 / 219، ومعجم المؤلفين: 12 / 228، و معجم المطبوعات العربية: 1 / 635
4- ال عمران / 164
5- جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري، ولد بمصر سنة (708 ه)، تفقه للشافعي ثم تحنبل، اتقن العربية ففاق الاقران، بل الشيوخ، من مؤلفاته، الغاز نحوية، أوضح المسالك إلى الفية ابن مالك، مغني اللبيب، الجامع الصغیر، الجامع الكبير، وغيرها، توفي في مصر سنة (761 ه): ينظر معجم المطبوعات العربية: 1 / 273 - 276، و کشف الظنون 2 / 1021، و هدية العارفين: 1 / 265، و الاعلام: 4 / 147
6- (المعنى) في ث، ح، تصحيف
7- (حين أنا قائم أنا حين جاء زيد) في ر، وفي ث: (حين قائم أنا حين جاء زيد)
8- (طرفاً) في، تصحيف

عبيدة، وابن قتيبة(1) (2)، أو يكون للتحقيق کقد کما نقله عن بعضهم، و احتمال کون الظرف متعّلقا بها قبله وإذ(3) تعليلية(4) حتی یکون [المراد](5) بالوصية وَالوراثة ما ترتب عليه الأثر بعيد والمنتقل بالفتح اسم مكان من الانتقال، ويجيء المكان والزّمان من المزيد فيه على لفظ المفعول کالمصدرِ قياسا لا ينكسر فلا حاجة إلى ما تكلفه بعض الشارحين من أن في الكلام تقدير مضاف أي (إلى موضِع منتقله)(6) أي انتقاله، والمراد بموضِع الانتقال أمّا الموضع الذّي يليق بأن ينتقل الحق اليه ويستقر فيه، أو الموضع الذّي كان فيه بأمر الله فنقله الناقلون إلى غيره ظلماً، والأوّل أظهر.

ومن خطبة له (عليه السلام) المعروفة بالشقشقية

هذه الخطبة من مشاهير خطب أمير المؤمنين (عليه السّلام) وروتها العامة والخاصّة في كتبهم و(شرحُوها)(7)، وضبطوا کلماتها فمن أصحابنا رواهَا شيخ

ص: 245


1- عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، لقب بالدينوري لأنه كان حاکم دینور، برع في الادب ومعرفة الانساب والاخبار والعربية، أخذ عن أبي حاتم السجستاني وغيره،، وأخذ عنه أبو محمد عبد الله بن درستویه وغیره، من مؤلفاته، ادب الكاتب، والمعارف، و غریب القرآن، وغریب الحديث، وعيون الاخبار وغيرها من الكتب، مات سنة (276 ه) ينظر: الانساب: 4 / 452، و سیر اعلام النبلاء: 13 / 298 - 302، و معجم المطبوعات العربية: 1 / 211، و معجم المؤلفين: 6 / 150، و الاعلام: 4 / 137
2- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 105
3- (إد) في ر، تصحيف
4- (تعليلته) في ر
5- [المراد] ساقطة من م
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 121
7- (وسرحوها) في ح، تصحيف

الطّائفة (رضي الله عنه) / ظ 21 / مسندا في أماليه(1)، ورئيس المحدثين (رحمه الله) في كتابي العلل(2)، ومعاني الأخبار(3) بسندين، والقطب(4) الرّاوندي (رحمه الله) في شرحه(5) على ما وجدته بخطّ بعض الفضلاء بسند، واسندهَا الشيخ المفيد (قدس الله روحه) في ارشاده إلى أهل النّقل قال: رووها من طرق مختلفة عن ابن عبّاس(6)، ومن أهل الخلاف رَوَاهَا ابن الجوزي(7) في مناقبه وابن عبد ربّه(8) في

ص: 246


1- ينظر: الامالي، الطوسي: 372
2- ينظر: علل الشرائع، الشيخ الصدوق: 1 / 150
3- ينظر: معاني الأخبار: الشيخ الصدوق: 361
4- (الفطب) في أن تصحيف
5- ينظر: منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 118
6- ينظر: الارشاد، الشيخ المفيد: 1 / 287
7- عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن حمادي بن أحمد بن جعفر القرشي، التيمي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي الملقب جمال الدين، المكنى أبا الفرج، الواعظ الحافظ العلامة، المفسر الفقيه الاديب المؤرخ، ولد في بغداد سنة (510 ه) تقريباً، من مؤلفاته: المنتظم في تاريخ الملوك والامم، بستان الواعظين ورياض السامعين، ولمغني في علوم القرآن، ونزهة الاعين في علم الوجوه والنظائر، وغيرها من الكتب، مات في بغداد سنة (597 ه). ينظر: وفیات الاعیان: 3 / 140 - 142، و کشف الظنون: 2 / 2001، و معجم المؤلفين: 5 / 157، و الاعلام: 3 / 316، 317
8- أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن جدير بن سالم أبو عمر القرطبي مولى هشام بن عبد الرحمن الأموي، ولد سنة (246 ه) كان عالم الأندلس بالأخبار والاشعار، من مؤلفاته: الإرشاد في اللغة، و اللباب في معرفة العلم والأدب، والعقد الفريد، وغيرها من المؤلفات، مات بقرطبة سنة (328 ه). ينظر: سير أعلام النبلاء: 15 / 283، و الوافي بالوفيات: 8 / 8 -11، و هدية العارفين: 1 / 60، و معجم المطبوعات العربية: 1 / 162 - 163، و الاعلام: 1 / 207

الجزء الرابع من كتاب العقد(1)، وأبو علي (الجبائي(2))(3) في كتابه وابن الخشاب(4) في درسه على ما حكاه بعض الأصحاب والحسن [بن عَبْد الله](5) بن (سعيد)(6) العسكري(7) في كتاب النهاية لفظ الشّقشقة(8) ثم قال: ومنه حديث علي (عليه السلام) في خطبة له تلك شِقْشِقَه هَدَرَتْ ثمّ قرت(9)، وشرح كثيراً من ألفاظها

ص: 247


1- (العقل) في ع، تحریف. بحثت عن الخطبة الشقشقية في العقد الفريد ولم اجدها، وقد ذكر عبد الزهراء الحسيني الخطیب صاحب کتاب مصادر نهج البلاغة وأسانيده في 1 / 329، انها قد حذفت من کتاب العقد الفريد
2- (الجبائر) في ث، تحریف، وفي ح: (الحبائي)، تصحيف
3- محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، يكنى أبا علي، من أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكلام في عصره، واليه نسبة الطائفة (الجبائية)، له آراء ومقالات انفرد بها في المذهب، ولد سنة (235 ه) واشتهر بالبصرة، له تفسير مطول، مات سنة (1303). ينظر: الانساب: 2 / 17، و وفيات الأعيان: 4 / 297، والوافي بالوفيات: 4 / 55
4- ابن الخشاب: هو عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد، وكنيته أبو محمد ويعرف بابن الخشاب، من أهل بغداد مولداً ووفاةً، كان عارفاً بعلوم الدين مطلقاً، على شيء من الفلسفة والحساب والهندسة، مشهوراً بالأدب، والنحو، والتفسير، والحديث حفظ الكتاب العزيز بالقراءات المشهورة، من مؤلفاته «المرتجل» و «نقد المقامات الحريرية» و«الرد على التبريزي» و «شرح مقدمة الوزير ابن هبيرة»، ولد ابن الخشاب، عام (492 ه)، وتوفي عام (567 ه). ينظر: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلکان: 3 / 102 - 104، والاعلام: 4 / 67
5- [بن عبد الله] ساقطة من م
6- (مسعود) في ح تحریف
7- الحسن بن عبد الله بن سعید بن إسماعيل العسكري ویکنی، أبا أحمد فقيه أديب، ولد في عسکر مکرم، واليها نسبته، انتهت اليه الرئاسة والتحدث والاملاء للاداب والتدريس بخورستان، وكان يملي الناس بعسکر، وبتستر، ومدن ناحيته، من مؤلفاته: الحكم والامثال التصحيف، راحة الأرواح، الزواجر والمواعظ، مات سنة (382 ه): الانساب: 4 / 193، و سیر اعلام النبلاء: 16 / 413 - 415، و کشف الظنون: 2 / 956، و الاعلام: 2 / 196
8- (الشقشقية) في ر
9- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 490، وفيه: (علي في خطبة)

کما سنشير اليه إن شاء الله تَعالى، وقال: الفيروز آبادي(1) في القامُوسِ في تفسيرها (الشقشقة بالكسر: شيء کَالرية يخرجه البعير من فيه إذا هاج، والخطبة الشّقشقية العلوية لقوله لابن عّباس لما قالَ: لو اطّردت مقالتك من حيث أفضيت: يا ابن عّباس هَیهات تلك شقشقه هَدرت ثم قَرّتْ(2)، وقال الشّارح عبد الحميد بن أبي حديد: قد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانیف شيخنا أبي القاسم البلخي(3) إمام البغداديين(4) من المُعتزلة، وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق السيد الرّضي بمدّة طويلة. ووجدت أيضا كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبّة(5) أحد متکلّمي الإماميّة وهو الكتاب المعروف بكتاب «الانصاف». وكان أبو جعفر هذا

ص: 248


1- محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، مجد الدين الشيرازي الفيروز آبادي، ویکنی أبا طاهر، من أئمة اللغة والأدب، ولد بکارزین (شمال شیراز) سنة (729 ه)، وانتقل إلى العراق، ورحل إلى مصر والشام، ودخل بلاد الروم والهند، كان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير، من مؤلفاته: نزهة الأذهان في تاريخ اصفهان، و انواء الغيث في اسياء الليث، و القاموس المحيط، وغيرها من الكتب، مات في (817 ه). ينظر: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: 14 / 133، 134، و هدية العارفين: 2 / 180، 181، و معجم المؤلفين: 12 / 118، و الاعلام: 146، 147
2- القاموس المحيط: 3 / 251، وفيه: (لما قال له)
3- أبو القاسم البلخي قال عنه ابن النديم (كان يطوف البلاد . ويجول الأرض، حسن المعرفة بالفلسفة، و العلوم القديمة...، ورأيت شيئاً كثيراً في علوم كثيرة، مسودات ودساتير لم يخرج منها إلى الناس کتاب تام، وقيل إن بخرسان كتبه موجودة). الفهرست: 357
4- (البغداديتين) في أ، ر
5- هو محمد بن عبد الرحمن بن قبّة الرازي ويكنى بأبي جعفر، متکلم بغدادي كان معتزلًا، ثم انتقل إلى مذهب الشيعة الإمامية، توفي بحدود (600 ه) ومن مصنفاته: كتاب الانصاف في الإمامة، وكتاب الرد على أبي علي الجبائي، وكتاب الرد على الزيدية، وكتاب المستثبت في الرد على أبي القاسم البلخي. ينظر: هدية العارفين: 2 / 102، و معجم المؤلفين: 10 / 148، 149

من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي، ومات قبل أن يكون الرّضي موجوداً(1) ثم حکی عن شيخه مصدق بن شيث الواسطي إنّه قال: لما قرأت هذه الخطبة على الشيخ أبي محَمد عَبْد الله بن أحمد بن أحمد المعروف بابن الخشاب، قلت اله: أتقول أنها منحولة! فقال: لا والله، وإنّي لأعلم(2) أنهّا كلامه، كما أعلم أنك مصّدق. قال: فقلت له إنّ كثيرا من النّاسِ يقولون إنها من كلام الرضي، فقال لي: آنّی للرّضي ولغير الرّضي هذا النفس وهذا الاسلُوب! قد وقفنا(3) على رَسائل الرّضي، وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور(4)، ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صُنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة وقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرف أنها خطوط [من](5) هو(6) من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرّضي(7)، وقال الشارح: کمال الدين بن میثم البحراني(8):

ص: 249


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 170، وبحار الأنوار: 29 / 507، 508
2- هو مصدق بن شبيب بن الحسين الصلحي أبو الخير النحوي، من أهل واسط، من قرية تعرف بدوران من قرى الصلح، قدم بغداد، وقرأ بها على أبي محمد بن الخشاب النحوي، وعلي أبي الغنائم حبشي بن محمد الضرير الواسطي، ولد سنة (535 ه) وتوفي ببغداد سنة (605 ه). ينظر: إنباه الرواة على أنباه النحاة، القفطي: 3 / 274، 275
3- (وفقنا) في ر، ع
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 175 وينظر: بحار الانوار: 29 / 507 - 508
5- [من] ساقطة من أ، ع
6- (هي) في أ، ث، ح، ر، ع، م
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 175
8- هو میثم بن علي بن میثم البحراني، کمال الدين، فقیه شیعی، عالم بالأدب والكلام، من أهل البحرين، توفي في بلده سنة (679ه) من مؤلفاته: شرح نهج البلاغة، وشرح المائة كلمة، والقواعد. ينظر: هدية العارفين 2 / 486، و معجم المطبوعات العربية: 2 / 1822، و الاعلام: 7 / 336

وجدت هذه الخطبة بنسخة عليها خطّ الوزير أبي الحسن عليّ بن محمد بن الفرات(1) كان وزير المقتدر بالله وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة، والذي يغلب على ظني أنّ تلك النّسخة كانت کتبت قبل وجود ابن الفرات بمدة(2)، وأقول من الشواهد العادلة على بطلان دعوی من زعم أن الخطبة من کلام السّيد (رضي الله عنه) أن القاضي عبد الجبّار(3) المعروف بقاضي القضاة وهو من متعصبي المعتزلة قد تصدى في كتاب(4) المغني(5) لتأويل بعض كلمات الخطبة، ومنع دلالتها على الطّعن في خلافة من تقدم عليه ولم ينكر استناد الخطبة

ص: 250


1- علي بن محمد بن موسى أبو الحسن ابن الفرات، وزیر من الدهاة الفصحاء الادباء، مهد الدولة المقتدر بالله العباسي، ولد بالنهروان سنة (241 ه)، تولى الوزارة ثلاث مرات، سجن أكثر من مرة، مات في سنة (312 ه). ينظر: وفیات الاعیان: 3/ 421 - 244، و النجوم الزاهرة: 3 / 165، و الاعلام: 4 / 324
2- جعفر بن أحمد بن طلحة، أبو الفضل، المقتدر بالله ابن المعتضد بن الموفق من خلفاء بني العباس، ولد سنة (282 ه) ببغداد،، وأمة رومية، وقيل تركية اسمها شغب، وبويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المكتفي وكان صغيرا يبلغ ثلاث عشرة سنة، فاستصغره الناس، لذلك خلعوه، ونصبوا عبد الله المعتز، وبعد يومين رجع المقتدر بعد دفعه المال للمعتز، مات سنة (320 ه). ينظر: تاریخ بغداد، ی. الخطيب البغدادي (463 ه): 7 / 222 - 226، واللباب في تهذیب الانساب: 3 / 246، و تاریخ الخلفاء، السيوطي (ت 911 ه): 408، 409، و الاعلام: 2 / 121
3- عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل بن عبد الله الهمداني، ويكنى أبا الحسن، شيخ المعتزلة في عصره، فقيه أصولي متکلم، مفسر، كان مقلداً الشافعي في الفروع، ورد بغداد وحدث بها، ثم استدعاه الصاحب إلى الري فتولى قضاء فيها والتدريس، مات سنة (415ه) ينظر: سیر اعلام النبلاء: 17/ 268، 265، و هدية العارفين: 1/ 698 - 499، ومعجم المطبوعات العربية: 2/ 1299، و معجم المؤلفين: 5/ 78، و الاعلام: 3/ 273،2
4- (کباب) في ث
5- (المعنى) في أ، ث، ر، ع، تصحيف

اليه (عليه السّلام)، وذكر السّيد الاجل علّم الهدی (قدّس اللهُ رُوحه) کلامه في الشافي وبين بطلانه وهو أكبر من أخيه الرّضي (رضي الله عنه)، وقاضي القضاة متقدم عليهما ولو كان للقدح في استناد الخطبة اليه (عليه السلام) مساغ لما تمسّك قاضي القضاة بَالتّأويلات البعيدة في مقام الاعتذار وقدح في صحتها کما قدح في كثير من الروايات المشهورة وذلك وأضح عند من راجع كتابه وكفى للمنصف وجود الخطبة في كتابي العلل ومعاني الأخبار للصدوق (رحمه الله) وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة(1) وهي السنة التي تناثرت(2) فيها النجوم، وكان مولد الرضي (رضي الله عنه) سنة تسع وخمسين / و 22 / وثلاثمائة(3)، وكان مولد السّيد بعد وفاة الصّدوق (رحمه الله) بثلاثين سنة وإنكار استناد الكتب المعروفة إلى مصنّفيها من قبيل القدح في الضّروريات و منشأ انکار انتساب الخطبة اليه (عليه السّلام) استبعاد ذمّة (عليه السّلام) لمن تقدم عليه وتظلّمه منهم وليس ذلك الاّ لقلة تبع السّير والاثار أو رفض الإنصاف وقد ذكرنا من كلماته (عليه السّلام) في التظلّم وبث الشكوى في كتاب حدائق الحقائق(4) ما لا يجود مجتمعاً في کتاب ولا يبقى معه للمنصف شك، وارتياب، وقد اعترف الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(5) في شرح قوله (عليه السّلام): (وقد قال لي قائل: إنك على هذا

ص: 251


1- وفاة الشيخ الصدوق سنة (381 ه) ذكرها البغدادي في ايضاح المكنون: 2 / 12، وهدية العارفين: 2 / 52، واغا بزرك في الذریعة: 1 / 81، والزركلي في الاعلام: 6 / 274. وسنة (329 ه) التي ذكرها ابن کلستانة هي سنة وفاة والده علي بن الحسين بن موسی بن بابویه، ينظر: ایضاح المكنون: 1 / 126، والاعلام: 4 / 277
2- (ساثرت) في أنع، وفي ث: (سائرت)، وفي ر: (ساترت)، تحریف
3- ينظر: الاعلام: 6 / 99، ومعجم المؤلفين: 9 / 261
4- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 147، 148
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 243، وفيه: (وقد قال قائل)

الامر يا ابن أبي طالب لحريص بتواتر هذا المعنى عنه (عليه السلام) واعتذر عنه بوجوه تمجها اذان أولي الألباب، ومن الله نرجو الهداية والتأييد في جميع الأبواب. (أمَا وَاَللهِ لَقَدْ تَقَمَّصَها (فلانٌ)(1)) تقمّص الشيء أي اتخذه قميصا والتفعل بهذا المعنى مطاوع لفَعَّلَ الذّي هو لجعل الشيء ذا أصله إذا كان اسماً لا مصدراً يقال: ردَّيتَه الثوّب فتردّی أي جعلته ذا رداء فصارَ كذلك، و وسدْته الحجر أي جعلته وسَادَة له فتوسَّدَ، وصيغة(2) فعّل هذه تعدى إلى مفعولين ثانيهما بیان لأصل الفعل فالثوّب بيان الرّداء، والحجر بیان الوسادة؛ ولهذا(3) يتعدى هذا المطاوع إلى مفعول واحدٍ هو ثاني مفعولي فعّل، والضّمير في تقمّصها راجع إلى الخلافة التي سبق ذكرها كما يظهر من الرّوايات المُسندة التي اشرنا اليها(4)، وقال بعض الشارحين(5): لم يذكر المرجع [ها هنا](6) للعلم به [كقوله](7) سبحانه: «حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ»(8) أي الشمس، وكقوله عزّ وجل: «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ»(9) يعني الأرض، وفلان كناية عن أبي بكر، وفي بعض النسخ مصرحَ به، وكان في نسخه الشّارح عبد الحميد بن أبي الحديد بلفظ (ابن أبي قُحافة)(10) بضمّ القاف

ص: 252


1- (ابن أبي قحافة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 130
2- (صنعه) في أ، ث، ع
3- (ولذلك) في ث، ح، ر، تحریف
4- (فيها) في ث، ر، تحریف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 131، وينظر: بحار الانوار: 29 / 509
6- [ها هنا] ساقطة من أ، ع
7- [كقوله] ساقطة من أ، ع
8- سورة ص / 32
9- الرحمن / 26
10- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 130

وتخفيف الحاء المهملة، والظّاهر أن التعبير بلفظ الكناية نوع تقية من السّيد (رضي الله عنه) والنّسخ التي صحّحها وعرضت عليه كانت متعدّدة كما يظهر للمتتبع، فيمكن أن يكون عدل في بعضها عن الكناية لزوال الخوف، ويمكن أن يكون تقية من الناسخين، ويدل على أن الكناية ليست من لفظه (عليه السّلام) أن قاضي القضاة في المغني(1) [بعد] ذكر الفقرة تصدى لدفع دلالة تعبيره (عليه السّلام) عن(2) أبي بكر بلفظ ابن أبي قحّافة دون الألقاب المادحة على استخفاف به، فقال: قد كانت العادة في ذلك الزّمان أن يسمي احدهم صاحبه ویکنّیه ويضيفه إلى أبيه، حتى كانوا ربما قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا محمد فليس [في](3) ذلك استخفاف ولا دلالة على الوضِع وبإزاء هذه الاَخْبار المروية ما رويناه من الاخبار في تعظيمه (عليه السّلام) لهُما ويعضدها الاخبار عن الرّسول (صلى الله عليه وآله) في فضلهما(4)، وأجاب عنه السّيد الاجل (رضي الله عنه) في الشافي بأنّه ليس هذا النّوع من التّعبير صنع من يريد التعظيم والتّبجيل وقد كانت لأبي بكر عندكم من الألقاب الجميلة ما يقصد اليه من يريد تعظيمه كالصّديق وخليفة رسول الله(5) والعُدول عن مثلها بإضافته إلى أبيه لا يكون إلاَّ لنوع من التحقير، وما ذكره [...](6) من عادة العرب؛ فإنَّما هو فيمن لم يكن له مثل تلك الألقاب

ص: 253


1- (المعنى) في أ، ث، ع، م
2- (من) في أيع
3- [في] ساقطة من أ
4- ينظر: المغني في أبواب التوحيد والعدل، القاضي عبد الجبار: 20 / 295 (القسم الأول)
5- ينظر: الشافي في الإمامة: 3 / 268
6- [و] زائدة في أ، ع، لا يرتضيها السياق

عند النَّاس، وَمعاذ الله أنْ(1) بنادى الرَّسول (صَلىَ الله عليه وآله) باسمه إلا شاك، أو جاهل من عوام(2) الأعراب الذين لا يعرفون ما يجب في هذا الباب هذا كلامهما و مماكسة قاضي القضاة في التحقير المُستْفاد من التعبير مع وجود ماهو أذل(3) منه في الخُطبة لا يخلو عن غرابة وفي الكلام إيماء إلى عدم الاهلية لها وفي التدرج إلى الأصرح رعاية للبلاغة، والتعبير بتكلّف لبس القميص الشامل [الملاصق للبدن دون الرّداء ونحوه؛ للتنبيه على شّدة / ظ 22 / ](4) حرصه علَيها (وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى) الواو للحال، وقطب الرّحى هي الحديدة: التّي رُكبت في وَسط الحجر السَّفلي مِنْ حجري الرَّحي التي (تدور)(5) حولها العُليا(6)، أي: تقمص الخلافة مع علمه بأنَّي مدار أمرها، ولا ينتظم إلا بي، و لا عوض له عني، كما أن الرَّحي لا (تدور)(7) إلا بالقطب، و لا عوض لها عنه، وقال بعض الشَّارحين: ((عندي أنه أراد أمراً آخر، وهو أنّي من الخلافة في الصّميم، وفي وسطها وبحبوحتها، كما أن القطب وسط دائرة الرَّحی))(8)، والظَّاهر أن غرضْه(9) تطبيق الكلام

ص: 254


1- (أي) في أ، ع، تحریف
2- (طعام) في أ، ث، ع، وفي ح، م، ن: (طغام)
3- (أذل) في أتصحيف
4- (الملاصق للبدن للتنبيه دون الراء ونحوه على شدة) في أ، ث، ر، ع، م، وفي ن: (الملاصق دون الرداء ونحوه للبدن للتنبيه على شدة)
5- (يدور) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن تصحيف، والأنسب ما أثبتناه
6- ينظر: العين، مادة (قطب): 5 / 108، وينظر: لسان العرب، مادة: (قطب): 1 / 682
7- (يدور) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والأنسب ما أثبتناه
8- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 132
9- (عرضه) في ث، ح، تصحيف

على معتقده(1) من التفضيل لا نفي الأهلية ويشق عليه حينئنذٍ تفسير الكلمات الآتية على أنّ اعتبار الكون في الوسط لا ينافي ما ذكرنا في وجه التشبيه فليعتبر الجميع حتى يكون أتمّ، وأبلغ، ويوافق مَا بعده من الكلام في الدّلالة على نفي الاهلية؛ وإنّما لم يكشف (عليه السلام) القناع عن محض(2) الحق الصرّيح لنوع من التقية، كما يظهر لمن تدبر في كلماته (عليه السلام) في التظلم والشكوى، وقال قاضي القضاة في (المغني)(3) المراد بهذا الكلام أنه أهل لها، وإنَّه أصلح منه يبين(4) ذلك أن القطب من الرحي لا يستقل بنفسه ولابدّ في تمامه من الرّحی فنبه بذلك على أنّه أحّق وان كان قد تقمصها، وردّ عليه السّيد الأجّل في الشّافي(5) بأنَّ هذا التأويل مع أنه لا يجري في(6) غير هذا اللَّفظ من الألفاظ المرويَّة عنه (عليه السلام) فاسد لأنَّ مفاد هذا الكلام ليس إلاَّ التفرد في الاستحقاق وإنَّ غيره لا يقوم مقامه لا أنَّه أهل للأمر وموضع له قوله: (إنَّ القطب لا يستقلّ بنفسه) تأويل على عكس المراد؛ فإنَّ المستفاد من هذا الكلام عند من يعرف اللَّغة عدم انتظام دوران الرَّحی بدون القُطب لا عدم استقلال القطب بدون الرَّحي، وقال بعض الشَّارحين(7): قد جَمَعَ هذا التَّشبيه أنواعه الموجودة في كلام العرب وهي ثلاثة: تشبيه محله منها بمحل القطب من الرَّحي، وهو تشبيه المعقول بالمعقُول؛

ص: 255


1- (مقعده) في أي ع
2- (محص) في ح، ن
3- (المعنى) في ث، ح، تصحيف
4- (تبين) في أنع
5- ينظر: الشافي في الإمامة: 3 / 267، 268
6- (عن) في ث، ر
7- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 254

فإنَّ محل القطب هو كونه نظام أحوال الرَّحي وذلك أمر معقول، و تشبيه نفسه بالقطب وهو تشبيه المحسُوس بالمحسوسِ، و تشبيه الخلافة بالرَّحي، وهو تشبيه المعقول بالمحسُوس.

(يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلاَ يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ) الانحدار الانهباط عن موضع عال(1)، ورقي اليه کرضى صعد كارتقی وترقی، وانحدار السَّيل عنه (عليه السلام) كنايَّة عن افاضة العلوم، والكمالات والنعم الدُّنياوية والاخروية على المواد القابلة تشبيها لنفسه بالجبل(2) العالي والعلوم وغيرها بالسَّيل في العموم، والنفع والناس بالأراضي الهابطة، وقال بعض الشَّارحين المعنى إني فوق السَّيل بحيث لا يرتفع اليَّ(3) وهو کما ترى ثم انه (عليه السلام) ترقّی في الوصف بالعلوّ فقال: لا يرقى إلي الطَّير فإنَّ مرقى الطَّير أعلى من منحدر السَّيل فكيف [ما](4) لا يرقى اليه، والغرض باثبات أعلى مراتب الكمال الإشارة إلى بطلان خلافة [من](5) تقمصها؛ لقبح تفضيل المَفْضول، وترجيح المَرجوح. (فَسَدَلْتُ دوُنَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً) سَدل الثوب يسْدِلهُ بالضم أي: ((أرْخاه وأْرسَلَه))(6)، ودُونَ الشيء ((أمامه))(7)، وقريب(8) منه(9)،

ص: 256


1- ينظر: الصحاح، مادة (حدر): 2 / 625
2- (الحبل) في ع
3- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 122
4- [ما] ساقطة من ث، ر
5- [من] ساقطة من أ، ع
6- لسان العرب: مادة (سدل): 11 / 333
7- أساس البلاغة، مادة (دون): 289
8- (قرب) في أ، ع، تحریف
9- ينظر: الصحاح، مادة (دون): 5 / 2115

والمعنى: ضربت بيني وبينها حجاباً، وقطعت النَّظر عنها، والكشح بالفتح ((ما بين الخاصرة(1) الى الضّلِع الخلف))(2) وهو أقصر الأضلاع من لدن السَّرة إلى المتن، وهو موضع موقع السَّيف للمتقلد وفلان طوی ((كشحه)) / و 23 / عني أي: أعرَضَ مهاجراً ومال عني(3)، قال بعض الشَّارحين: ((من كان إلى جانبك الأيمن (ماثلاً)(4) فطویت کشحك الايسر فقد ملت عنهُ))(5) ثمَّ قال: ((وعندي أنهَّم أرادوا غير ذلك، وهو أنَّ من أجاع نفسه فقد طوی کشحه، كما أن من أكل وشبع فقد(6) ملأ كشحه))(7)، وَطَفِقْتُ أَرْتأِي بَیْنَ أَنْ أصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ، أَوْ أَصْبِرَ عَلَىَ طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ) طِفّقّ فِيْ فِعْلٍ أي: أخذ وشرع(8)، وفلان أرتأى في الأمر إذا فكر في طلب الأصلح ((وهو أفتعل من رؤية(9) القلب، أو من الرأي))(10)، والصولة الحملة والوثبةَ(11)، يقال:((رُبَّ قول أشَّد من صَوْلٍ))(12)، واليد الجَّذاء

ص: 257


1- (الحاصرة) في أ، ع، وفي ث: (الحاضرة)، تصحيف
2- العين، مادة (كشح): 3 / 57
3- ينظر: العين، مادة (كشح): 3 / 57، وينظر: الصحاح، مادة (كشح): 1 / 333
4- في النسخ جميعها (مثلا)، والتصويب من شرح نهج البلاغة، ابن ابی الحدید: 1 / 130
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 130
6- في المصدر نفسه: 1/ 130: ((من أكل وشبع ملا كشحه))
7- المصدر نفسه: 1 / 130
8- ينظر: تاج العروس، مادة (طفق): 13 / 300
9- (رونا) في ع
10- لسان العرب، مادة (رأي): 14 / 299
11- ينظر: تاج العروس، مادة (صال): 15 / 415
12- جمهرة الامثال: 1 / 47، (يضرب عند الكلام يؤثر فيمن يواجه به) مجمع الامثال: 1 / 302

بالجيم والذّال [..](1) المعجمة ((المقطوعة))(2)، والمكسورة أيضاً على ما ذكرهُ الجوهري(3)، وقال ابن الأثير في النهاية في حديث علي (عليه السَّلام): ((أصول بید جذَّاء(4)، کنَّی به عن قصورِ أصحابه، وتقاعدهم عن الغزو فإنَّ الجند للأمير کاليد، ويروى بالحاء المهملة، وفسَّره في موضعه باليد القصيرة التي لا تمد إلى مايراد(5)، قال: ((وكأنهَّا بالجيم أشبه))(6)، والنسخ التَّي عندنا متفقة على الجيم، والذّال المعجمة، والطُخية بالضم على ما في أكثر النسخ ((الظَّلمة))(7)، أو ((الغيم))(8)، وفي بعضها بالفتح، قال في القاموس: الطُّخية(9) ((الظُّلْمَةُ ويُثَلَّثُ))(10) ولم يذكر الجوهري سوى الضم، وفسَّره بالسَّحاب(11)، وفي النهاية الطخية(12) (الظلمة والغيم)(13)، والعمياء تأنيث

ص: 258


1- [والذال] زيادة مكررة في ع
2- لسان العرب، مادة (جذذ): 3 / 479
3- ينظر: الصحاح، مادة (جذذ): 2 / 561
4- وفي رواية ابن الأثير: ((أصول بید جذاء أي مقطوعة کنی به عن قصور أصحابه...)) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 250
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 356
6- المصدر نفسه: 1 / 356
7- (الدال) في م
8- المصدر نفسه:، مادة (طخا): 15 / 5
9- (الطُحيه) في ث، ح، ر، ن، تصحيف
10- القاموس المحيط، مادة (طخا): 4 / 356
11- ينظر: الصحاح، مادة (طخا): 6 / 2412
12- (الظحية) في ث، ح، ر، ن، تصحيف
13- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 116

الاعمى ووصف الطخية بها؛ لأنَّ الرَّائي لا يبصر فيها شيئاً يقال مفازة عماء أي لا يهتدي فيها الدَّليل، وهو مبالغة في وصف الظَّلمة بالشدة، وحاصل المعنى إنَّي [لمَّا](1) رأيت الخلافة في يد من لم يكن أهلًا لها كنت متردداً متفكراً بين قتالهم بلا أعوان، وبين الصَّبر على معاينة الخلق في ضلالة وجهالة في شَّدة (يَهْرَمُ فيهَا الكَبِرُ، وَيَشِيبُ فيهَا الصَّغِرُ، وَيَكْدَحُ فيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّه) هَرِمَ کفرح بلغ أقصى الكبر(2)، والشيَّب بالفتح بَياض الشعر، قيل: هو والمَشيبُ واحد(3)، و((قال الأصمعي(4): الشَيْبُ بَياضُ الشَعَرِ))(5)، ودخول الرَّجل في حَّدِ الشیَّب، وقال في العين(6): شاب الرجل شيباً وشيبة ورجل أشيب وقوم شيب ولا ينعت به بالمرأة بل يقال: شابَ رأسُها. والكدَحُ الکَدُ والعَمل والسَّعي(7)، والجمل(8) الثلاثة أوصاف للطُّخية(9) العمياء

ص: 259


1- [لما] ساقطة من أ، ع
2- ينظر: لسان العرب، مادة (هرم): 12 / 607
3- ينظر: الصحاح، مادة (شيب): 1 / 159
4- هو عبد الملك بن قریب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مظهر بن عبد شمس الأصمعي البصري، ویکنی (أبا سعید)، ولد بالبصرة، وعرف بعلمه باللغة والشعر ومعرفة الأخبار والبلدان، كان كثير التطواف في البوادي يقتبس علومها ويتلقى أخبارها، من مؤلفاته: خلق الانسان، و الاجناس، و الانواء، و الهمز، و المقصور والممدود وغيرها من المؤلفات، مات سنة (216 ه). ينظر: فهرست ابن النديم: 60، 61، و سير أعلام النبلاء: 10 / 175، 176، و تهذيب التهذیب، ابن حجر: 6 / 368، و هدية العارفين: 1 / 623، 624، و معجم المطبوعات العربية: 1 / 456، 457
5- الصحاح، مادة (شيب): 1 / 159
6- قول متصرف به، ينظر: العين، مادة (شيب): 6 / 292
7- ينظر: الصحاح، مادة (كدح): 1 / 398، وينظر: لسان العرب، مادة (كدح): 2 / 569
8- (الحمل) في ث، تصحيف
9- (للظحية) في ث، ر، ن. و في ع (للطحية)

وايجابها لهرم الكبير وشيبَ الصَّغير أمَّا لكثرة الشدائد فيها؛ فإنَّها ممَّا يسرع بالهرم والشيب، وأمَّا لطول مدّتها، وتمادي أیَّامَها ولياليها، وأمَّا للأمرين جميعاً، ولعلَّ الأوَّل أظهر وعلى الوجهين الأوّلين فسرَّ قوله تعالى: «يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا»(1)، وكدح المؤمن يمكن أن يراد به لازمه أعني التَّعب، ومقاساة الشدَّة في الوصول إلى حقه، وقيل يسعى فلا يصل إلى حقه فيمكن أن يراد بالكدح معناه، وقيل المراد إنَّ المؤمن المجتهد في الذَّب عن الحقَّ، والأمر بالمعروف يسعى فيه ويكدّ، ويقاسي الشَّدائد حتى يموت. (فَرَأَيْتُ أنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى، فَصَبَرْتُ وَفِي العَیْنِ قَذًى، وَفي الحَلْقِ شَجىً، أَرَى تُرَاثي نَهْباً) كلمة (ها) في (هاتا) للتَّنبيه و (تا)(2) للإشارة إلى المؤنَث أشير بهَا إلى الطخية(3) الموصوفة، وأحجي أي أولى وأجدَرُ(4) قال الشَارحان: هذا أحجی من كذا أي: أليق وأقرب بالحجي، وهو العقل(5)، وقال في النَّهاية: أحجی بمعنى أولى وأجدر(6) وأحق من قولِهم حجا بالمكان إذا أقام وثبت(7)، ولعل مَا ذكره أحجي، والقَذى جمع قذاة(8)، وهو ما يسقط في العين، وفي الشرَّاب

ص: 260


1- المزمل / 17
2- (نا) في ر، تصحيف
3- (الظحية) في أ، ث، ر، وفي ع، ح، ن (الطحية)
4- ينظر: لسان العرب، مادة (حجا): 14 / 167
5- تصرف علاء الدين كلستانه بنقل النص، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 130، وينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 253
6- وفي رواية ابن الأثير: (أجدر وأولى) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 348
7- المصدر نفسه:: 1 / 348
8- ينظر: لسان العرب، مادة (قذي): 15 / 173

أيضاً من تبن أو تراب أو وسخ(1) والشجي ما اعْتَرَض في الحَلْق ونَشِبَ مِن عَظْمٍ ونحوه(2)، و((الترُاث ما يخلفه الرَّجُل لورثته، والتاء فيه بدل من الواو))(3)، والنَّهَبْ السَّلْب والغارة والغنيمة(4)، والجُملة بيان لوجود القذي والشجي، والحاصل إنَّي بعد التَّردد في القتال استقر رأيي على أنَّ الصبر أجدَر؛ وذلك لأداء القتال إلى استئصال ال الرَّسُول (صلى الله عليه وآله)، وزوال كلمة الإسلام؛ لغلبة الأعداء / ظ 23 / کما صرَّح به (عليه السَّلام) في بعض أخبار التظَّلم، قال بعض الشَّارحين(5): اعلم أنَّ في الكلام تقديمًا وتأخيراً والتقدير: وَلا يَرْقى إليَّ الطَّیرُ، فَطفِقَتْ ارتأي بين كذا وكذا، فرأيتُ الصَّبرِ على هَاتا أحجي فَسَدَلْتُ دُونها ثوباً، وَطَوَيْتُ عَنْها کشحا، وصبرت وفي العَيْن قَذىً إلى آخر الفصل، لأنه لا يجوز أن يسدل دوُنَها ثوباً ويَطوْى عَنْها کشحا، ثم طفق يرتأي [بين](6) أن ينابذهم أو يصبر؛ ألا ترى [أنه](7) إذا سدل دونها ثوباً وطوى عنها کشحا فقد تركها، ومن يترك لايرتأي في المنابذة، والتقديم والتأخير طريق لا حبٍ، وسبيلَ مَهْيَعٌ في لغة العرب، قال الله سبحانه: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَیِّمًا»(8)

ص: 261


1- ينظر: الصحاح، مادة (قذي): 6 / 2460
2- ينظر: القاموس المحيط، مادة (شجا): 4 / 347
3- لسان العرب / مادة (ورث): 2 / 201
4- ينظر: لسان العرب، مادة (نهب): 1 / 773
5- قول متصرف به: ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 133
6- [بين] ساقطة من ث، ر
7- [انه] ساقطة من ع
8- الكهف / 1، 2

وهذا كثير (انتهى) والتقديم في الآية قول بعض المفسرين(1) لكن وجوده في الكلام ممَّا صرَّح به كثير، وأمَّا في كلامه (عليهِ السَّلام) فيمكن أن يقال: سدل الثوْب، وطيّ الكشح لم يكن على وجه البتَّ، وتصميم العزم على الترك بل المراد ترك العجلة، والمبادرة إلى الطلب من غير تدَّبر في عاقبة الأمر فأعرض (عليهِ السَّلام) عن الطَلب وصبر حتی نظر في الأمر وتفكر(2) في مصالح الصَّبر، والطّلب و مضارَّهَما(3) فلماَّ استقر رأيه على الصَّبرْ ترك المنابذة رأساً وأعرض عَنْها إعراضاً تاماً، ولعلَّ سدل الثوب وطي الكشح أنسب با عدا التَّرك(4) رأساً (حَتَّى مَضىَ الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَی بَهِا إِلَی فُلَان(5) بَعْدَهُ) مضى السبيله قال بعض الشَّارحين(6): تقديره: مضى على سبيله كقوله:

فَخَرَ صَريْعاً لِلْيَدَيْن وَلِلْفَم(7) وَ أدْلى بها إلى فلان أي: ألقاهَا اليه ودفعهَا، صرح به بعض المفسَّرين(8) في قوله تعالى: «وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ»(9)،

ص: 262


1- ينظر: مجمع البيان: 1 / 262، وينظر : أنوار التنزيل وأسرار التأويل: 3 / 272، وينظر: الاتقان: 1 / 33
2- (ويفكر) في أ، ع، تصحيف
3- (رماضارهما) في ر
4- (للترك) في ر
5- (ابن الخطاب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 139
6- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 139
7- البيت لربيعة بن مكدم، وصدره: *وهتكت بالرمح الطويل إهابه*، ينظر: الأغاني: 16 / 314، وينظر: نهاية الأرب في فنون الأدب: 15 / 371
8- ينظر: الكشف والبيان عن تفسير القرآن: 2 / 83، وينظر: التبيان في تفسير القرآن: 2 / 139، وينظر: جوامع الجامع، الطبرسي: 1 / 187
9- البقرة / 188

وتفسيره بالرَّشوة بيان لحاصل المعنى فلا حاجة إلى ما ارتكبه بعض الشَّارحين(1) من أنَّه من قبيل التَّشبيه بالرشوة، إذ الدفع كان على غير جهة الاستحقاق، والتَّعبير بلفظ فلان کما سَبَقَ، وفي نسخة ابن أبي الحديد(2) بلفظ ابن الخطَّاب، وإدلاؤه الَيْهِ بها نصبه إياه للخلافة وكان ابن أبي الخطَّاب يسمَّي نفسه خليفة أبي بكر، ويكتب إلى عماله من خليفة أبي بكر حتى جاءه لبيد بن ربيعة(3) وعدي بن حاتم(4) فقالا لعمرو بن العَاص(5) استأذن لنا على أمير المؤمنين فخاطبه عمرو بن العَاص بأمير المؤمنين، وجرى ذلك في المكاتيب

ص: 263


1- ينظر: منهاج البراعة، القطب الراوندي: 1 / 124
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 139
3- (هو لبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامري، أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية من أهل عالية نجد، أدرك الاسلام ووفد على النبي صلى الله عليه واله وسلم، ويعد من الصحابة،... وهو أحد أصحاب المعلقات الأعلام: 5 / 240، وينظر: معجم المؤلفين: 8 / 152
4- هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي، المكنى أبو طريف، أمير، صحابي، من الأجواد العقلاء، شهد فتح العراق، وشهد أيضاً وقعة الجمل، و صفين، والنهروان مع الإمام علي (عليه السلام)، سكن الكوفة وتوفي سنة (67 ه)، وقيل سنة (68 ه). ينظر: مشاهير علماء الأمصار، ابن حبان (ت 354 ه): 75، وينظر: سير أعلام النبلاء: 3 / 162- 165)، وينظر: الأعلام: 4 / 220
5- عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد السهمي القرشي، وكنيته أبو عبد الله، وأمه النابغة بنت حملة، سبية من بني جلان، ولد سنة (50 ق ه) كان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام، أسلم في هدنة الحديبية ولاه النبي (صلى الله عليه واله) إمرة جيش ذات السلاسل، فتح قنسرين ومصر، ولما وقعت الحرب بين الإمام علي (عليه السلام)، ومعاوية كان بجانب معاوية، ولاه معاوية من بعدها على مصر سنة (38 ه) توفي بالقاهرة سنة (43 ه). ينظر: أسد الغابة: 4 / 115 - 118، و الاعلام: 5 / 79

من يومئذ، ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البّر(1) في كتاب الاستیعاب(2)، ثمَّ تمثل (عليه السلام) بقول الاعشی:

شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَی كوُرِهَا *** وَيَوْمُ حَيَّانَ أخِي جَابِرِ(3)

تَمثَّل بالبَيْت وتَمثَل بَیْتاً أنشده، والأعشى هو أعشی قیس واسمُه میمون بن جندل(4)، وشتان من أسماء الأفعال بمعنی بَعُد [أو افترق](5) وفيه معنی التعجب أي مَا أشدَّ الافتراق وكذلك في غيره من أسماء الأفعال إذا كان بمعنى الخبر، ويقال: (([شتَّان ما هما](6)، وَشتَّانَ ماعمرٌو وأخوه))(7)،

ص: 264


1- هو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري الشهير بابن عبد البر القرطبي، وكنيته أبو عمر، وهو محدث، وحافظ، مؤرخ، عارف بالرجال والأنساب، مقرئ، فقيه، نحوي، ولد بقرطبة سنة (368 ه) وتوفي بشاطبة سنة (463 ه) من تصانیفه آداب العلم، الاجوبة المرعبة على المسائل المستغربة من صحيح البخاري، الاستذكار لمذاهب أئمة الأمصار، الاستیعاب في معرفة الأصحاب، وغيرها من الكتب . ينظر: هدية العارفين: 2 / 550، والأعلام: 8 / 240، ومعجم المؤلفين: 13 / 315
2- ينظر: الاستیعاب: 3 / 1151
3- ديوان الأعشى الكبير: 147، البيت من البحر السريع، قاله في هجاء علقمة بن علاثه ويمدح عامر بن الطفيل وينظر: الأغاني: 16 / 436، وينظر: خزانة الأدب: 6 / 259
4- وهو من بني قيس، يقال له أعشی بکر بن وائل، والأعشى الكبير، من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، وأحد أصحاب المعلقات، كان كثير الوفود على الملوك من العرب والفرس، غزير الشعر، لقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره، توفي سنة (7 ه). ينظر: الأعلام: 7 / 341
5- (أو افترق) ساقطة من أ، ر، ع، م، ن، وينظر: المقتصد في شرح الإيضاح، عبد القاهر الجرجاني: 1 / 575، ومعاني النحو: 4 / 39
6- [شتان ما هما] ساقطة من ع
7- الصحاح، مادة (شتت): 1: 255

وقال بعض اللَّغويين: ([يقال](1): شتَّان ما بينهما)(2)، وأنكره الاصمعي، والكور بالضم رَحْل البعير بأداته(3)، والضَّمير راجع إلى الناقة، (وحيان كان صَاحب حصن باليمامة، وكان من سادات بني حنيفة مطاعاً في قومه يصله کسری في كلَّ سنته، وكان في رفاهية ونعمة، مصوناً من وعثاء السَّفر، ما كان يسافر أبداً، وكان الأعشی بنادمه وكان أخوه جابر أصغر سنا منه، يروى أنّ حیان [...](4) عَاتب(5) الأعَشى في نسبته إلى أخيه فاعتذر بأن الروّي اضطرنّي إلى ذلك، فلم يقبل عذره، ومعنى البيت كما أفاده السَّيد الاجَّل المرتضی(6) (رضي الله عنه) إظهار البعد بين يومه، وبين يوم حيّان لكونه في شدة من حر الهواجر، وكون حيّان في راحة وخفض(7) وكذا غرضه (عليه السَّلام) بیان البون البعيد بين يومه صَابراً على القذى والشجي، وبين يومهم فائزين بما

ص: 265


1- [يقال] ساقطة من أ، ع
2- تاج العروس، مادة (شتت): 3 / 77، و ينظر: لسان العرب، مادة (شتت): 2 / 49
3- ينظر: الصحاح، مادة (كور): 2 / 810، وينظر : لسان العرب، مادة (كور): 5 / 154
4- [بن] زائدة لا يقبلها السياق
5- (عابت) في أ، ث، ع
6- علي بن الحسين بن موسی بن محمد بن إبراهيم، ويكنى أبا القاسم، متکلم، فقيه، أصولي، مفسر، ادیب، نحو، لغوي، شاعر، نقیب الطالبين، ولد في بغداد، من مؤلفاته: الشافي في الإمامة، و الامالي، و المسائل الناصرية، و تنزيه الأنبياء، مات سنة (436 ه) في بغداد. ينظر: کشف الظنون: 1 / 794، و معجم المطبوعات العربية: 1 / 1123، 1124، معجم المؤلفين: 7 / 81، و الاعلام: 4 / 278
7- ينظر: رسائل المرتضی: 2 / 109

طلبوه من(1) الدنيا، وهذا هو الظاهر المطابق للبيت التالي له، وهو ما تمثَّل به (عليه السَّلام) على ما في بعض النسخ، وهو قوله:

أرَمْي بِهَا الْبيْدَ(2) إذَا هَجَّرَتْ *** وَأنتَ بَيَن الْقَرِو وَالْعَاصر / و 24 /

والبِيد بالكسر جمع بَيْداء وهي المَفَازة قالوا والقياس بيداوات(3)، والهَاجِرَة نصفُ النَّهار عند شدة الحرّ(4) وقيل: ((من الزّوال إلى العصر))(5)؛ لأنَّ الناسَ يستكنّون في بيوتهم وكأنَّهم(6) قَدْ تهاجرُوا، والتّهجير والاهجار ((السّير في الهاجرة))(7) ويقال هجَر الرَاكب وهجر النّهار(8) وهّجر المكان أيضا على التجوز في الاسناد، و((القرو قدح من الخشب))(9)، ((وقيل: إناء صغير))(10) أو إجّانة للشرب(11)، والعَاصر الذي يعصر العنب للخمر، أي: أنا في شدة من حر الشمس أسوق ناقتي في الفيافي(12) وأنت في عيش وشرب

ص: 266


1- (في) في ر
2- (لبيد) في ع
3- ينظر: الصحاح، مادة (بید): 1 / 447، وينظر: لسان العرب، مادة (بید): 3 / 97
4- ينظر: الصحاح، مادة (هجر): 2 / 851
5- الأزمنة والأمكنة: 245
6- (فكأنهم) في ر، ث،، م
7- الصحاح، مادة (هجر): 2 / 851
8- (النار) في ر
9- الصحاح، مادة (قرا): 6 / 2460
10- لسان العرب، مادة (قرا): 15 / 174
11- ينظر: تاج العروس، مادة (قرو): 20 / 75
12- الفيافي: جمع فيف، وهي المفازة التي لا ماء فيها. ينظر: العين، مادة (فيف): 8 / 407، 408

وليس معنى البيت ما ذكره بعض الشارحين(1) من أنَّ غرض(2) الشاعر [ما](3) أبعد مابين يوم يبين يومي على كور الناقة أدأب وانصب وبين يومي منادما حيّان أخي جابر في خفض ودعة وزعم أن غرض التمثل اظهار(4) البعد بين يومه (عليه السَّلام) بعد وفاة الرَّسول (صلى الله عليه وآله) مقهوراً ممنوعاً عن حقه، وبين يومه في صحبة النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى ما زعمه یکون الاضافة في يوم حيَّان لملابسة ضعيفة (فَيَا عَجَبَا!

بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ، إِذْ عَقَدَهَا(5) لآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ!) أصل یا عجبا [یا عجبي](6) بإضافة العجب إلى ياء المتكلّم قلبت الياء الفاً؛ لأنَّ الألف والفتحة أخف من الياء والكسرة(7) كأنَّ المتكلَّم ينادي عجبه ويقول له: احضر(8) فهذا أوان حضُورك، و (بینا) هِيَ (بين) الظَرفية(9) اشبعَتْ فتحتها فَصارت الفاً، ويقع بعدها (إذا)(10) الفجائية(11) غالباً(12)، نصَّ سیبویه کما حكاه في

ص: 267


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 257
2- (وعرض) في ث، ر، تصحيف
3- [ما] ساقطة من أ، ع
4- (اطهار) في ح، ن، تصحیف
5- في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 29، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 1 / 139
6- [يا عجبي] ساقطة من ر
7- ينظر: أمالي ابن الشجري، (ت 542 ه): 2 / 74
8- (اخضر) في أ، ن، تصحيف
9- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 102، النحو الوافي: 2 / 267، ومعاني النحو: 2 / 180
10- (إذ) في ث، ر، م
11- (لفجائية) في ر
12- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 3 / 198

المغني(1) على أن (إذ) بعد (بینا) و (بینما) للمفاجأة، [...](2) قال [صاحب المغني](3): ((وهل هي ظرف زمان أو ظرف مكان أو حرف بمعنى المفاجأة أو حرف مؤکد أي زائد؟ أقوال))(4)، ثم فصل القول في عاملهَا على الظرفية(5)، والاستقالة طلب الاقالة وهو في البيع نسخة للنَّدم، ويكون في البيعة(6) والعَهْد أيضاً(7)، و تقول: قلتُه البيع بالكسر كما تقول أقلته، واستقالة أبي بكر قوله بعد ما بُويع: (أقيلوني فَلَسْتُ بِخَير كم وعلي فيكم) وقد روى خبر الاستقالة الطبري(8) في تاريخه(9)، والبلاذري(10) في أنساب

ص: 268


1- (المعنى) في أ، ث، ر، تصحيف
2- [ثم] زيادة في ح
3- [صاحب المغني] ساقطة من أ، ث، ر، ع، ن
4- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 105
5- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 105
6- (للبيعة) في ث، ر
7- ينظر: المخصص: 1 / 135، وينظر: لسان العرب، مادة (قال): 11 / 580
8- هم محمد بن جریر بن یزید بن خالد بن كثير الطبري الآملي، ویکنی (أبا جعفر)، علامة وقته، وإمام عصره، وفقیه زمانه، فهو مفسر، ومقرئ، و محدث، و مؤرخ، و فقيه أصولي، ولد سنة (244 ه) وطاف في الاقاليم وادرك الأسانيد العالية بمصر والشام والكوفة والبصرة والري، من مؤلفاته: الوصایا، ادب القاضي، جامع البيان في تفسير القرآن، و البسيط في الفقه وغيرها من المؤلفات، مات في سنة (310 ه). ينظر: فهرست ابن النديم: 291، و کشف الظنون: 2 / 1429، و هدية العارفين: 2 / 26، 27، معجم المؤلفين: 9 / 147
9- روى الطبري (ولیت علیکم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني) تاريخ الطبري: 2 / 450
10- أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري البغدادي، ويكنى (أبا جفر) وقيل (أبا بكر)، كان كاتباً بليغاً و شاعراً محسناً، ومؤرخ عارف بالانساب والاخبار والبلدان، وكان أحد النقلة من الفارسية إلى العربية، من كتبه: البلدان الصغير، و البلدان الكبير، و أنساب الاشراف، مات سنة (279 ه). ينظر: فهرست ابن النديم: 125، 126، و سیر اعلام النبلاء: 13 / 162، 163، و هدية العارفين: 1 / 51، و معجم المؤلفين: 2 / 201، 202.، (البلادري) في: أ، ع، م، ن

الاشراف(1)، والسّمعاني(2) في الفضائل، وأبو عبيدة في بعض مصنفاته على ما حکاه بعض أصحابنا، ولم يقدح الفخر الرازي في نهاية العقول في صحته وأن أجاب عنه بوجوه ضعيفة وكفی کلامه (عليه السَّلام) شاهداً على صحَّته وكون العقد لاخربين أوقات الاستقالة لتنزيل اشتراكهما في التحقق والوجود منزلة اتحاد الزَّمان أو لأنَّ الظَّاهر من حال المستقيل لعلمه بأنَّ الخلافة حقّ(3) لغيره بقاء ندمه وكونه متأسفاً دائماً خصُوصَاً عند ظهور إمارة الموت والظرف أعني قوله (عليه السَّلام) بعد وفاته ليس ظرفاً لنفس الفعل أعنی العقد بل لترتب الاثار على المعقود بخلاف قوله (عليه السَّلام) في حياته ولمَّا احتضر أبو بكر أحضر عثمان وأمره أن يكتب عهداً وكان يمليه عليه فلمَّا بلغ قوله أمَّا بعد أُغمِيَ(4) عليه فكتب(5) عثمان قد استخلفت علیکم عمر بن الخطَّاب فأفاق أبو بكر فقال: أقرأ فقرأه فكبر أبو بكر وقال: أراك خفتَ أن يختلف النَّاس إن مّت في غشيتي قال نعم قال: جزاك الله خيراً عن الإسلام

ص: 269


1- روى البلاذري (الا وإني قد وليتكم ولست بخيركم،... أيها الناس أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم) أنساب الأشراف: 1 / 590، 591
2- عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني المروزي الشافعي، ایکنی (أبا سعد)، مؤرخ، رحالة من حفاظ الحديث، مفسر، نسابه، فقيه، ولد بمرو سنة (506 ه)، من كتبه: طراز الذهب في ادب الطالب، و معجم البلدان، و الأنساب، وتاريخ مرو، و غيرها من الكتب، مات بمرو سنة (562 ه). ينظر: کشف الظنون: 1 / 370، و معجم المؤلفين: 6 / 4، و الاعلام: 4 / 55
3- (حتى) في ر
4- (اغمر) في ث، تحریف، وفي ر: (اعمي)، تصحيف
5- (فكبت) في ح تحریف

وأهله ثمَّ أتمّ العَهْد وأمره أن يقرأهُ على النَّاس، وتوّفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادي الآخرة من سنة ثلاث عشرة على ما ذكره الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(1)، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب(2) قول الاكثر إنه توفي عشيّ يوم الثلاثاء المذكور، وقيل ليلته وقيل عشي يوم الاثنين قال: ومكثَ في خلافته سنتين وثلاثة أشهرٍ إلاَّ خمس ليال [أو سَبْعَ ليال](3)، وقيل أكثر من ذلك إلى عشرين يوماً، والسَّبب على ما حكاه عن الواقدي انَّه اغتسل في يوم بارد فحمَّ (ومرض خمسة عشر يوماً)(4)، وقيلَ سُل، وقيل سمَّ(5) وغسلته زَوجَتَه أسماء بنت عميس(6)، وصلَّى عليه عمر بن الخطَّاب،

ص: 270


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 142
2- ينظر: الإستیعاب: 3 / 976، 977
3- [أو سَبْعَ ليال] ساقطة في أ، ع
4- محمد بن عمر بن واقد الواقدي الاسلمي مولى الأسلمين بني سهم و بني أسلم، ویکنی (أبا عبد الله)، عالماً محدثاَ عارفاً بالأخبار، ولد سنة (130 ه) من كتبه: المغازي، و المبعث، و أخبار مكة، و فتوح الشام، فتوح العراق وغيرها من الكتب مات سنة (207 ه) فهرست ابن النديم: 111، و سير أعلام النبلاء: 9 / 454 - 469، و کشف الظنون: 2 / 1237، و هدية العارفين: 2 / 10
5- [وقيلَ سمَّ، وقيل سُل] في ث، ح، ر
6- أسماء بنت عمیس بن معد بن تميم بن الحارث الخثعمي، صحابية كان لها شأن أسلمت قبل دخول النبي إلى دار الأرقم بمكة وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فولدت له عبد الله ومحمداً و عوفاً، ثم قتل جعفر شهيداً في وقعة مؤتة، فتزوجها الخليفة أبو بكر، فولدت له محمداً وبعد وفاة أبو بكر تزوجها الإمام علي (عليه السلام)، وصفت بأنها مهاجرة الهجرتين ومصلية القبلتين. ينظر: الأعلام: 1 / 306

دفن ليلاً في بيت عائشة. (لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا) اللاَّم جواب للقسم المقدر، وشَدَّ أي صَارَ شديداً، وكلمة ما مصدرّية والمصدر المُستفاد منها مع مَدْخُولها فاعل شدَّ، ولا يستعمل / ظ 24 / هذا الفعل إلاّ في التعجب صرّح به الشيخ الرَّضي(1) وقال: لا يستعمل من شدید فعل ثلاثي في غيره استغناءً ب (إشتدَّ) کما استغنی بافتقر(2) عن فَقر، وبارتفع عن رفع، فقالوا: افتقر فهو فقير، وارتفع فهو رفيع، واشتدَّ فهو شديد، وهو بالفتح على صيغة المعلوم في النسخ وإن جاز فيه الضَّم کسائر ما كان على (فَعُل) بضَّم العين إذا أريد به المَدْح أو التعَّجب لدلالة التغير في اللَّفظ على التغير في المعنى إلى المدح أو التعّجب (وتشطَّر) أمّا مأخوذ من الشّطر بالفتح بمعنى النّصف يقالُ فُلان شطَّر ماله أي: نصفه(3)، فالمعنى أخذ كلّ منهما نصفاً من ضْرَعَى الخلافة، وأمّا منه بمعنی خِلف النّاقة بالكسر أي: حلمة ضرعها محركَّة يقال: شطَّر ناقته تشطيراً إذا صرّ (خلفين)(4) من أخلافِها أي شدَّ عليها الصرِّار(5)، وهو خيط يشدّ فوق الخلف لئلا ترضع منه الولد(6)، وللنَّاقة أربعة أخلاف خلفان قادمان(7) وهما اللذان يليان السّرة، و خلفان آخران(8)، وسمّي (عليه السَّلام) خلفين منها ضرعاً الاشتراكهما في الحلب دفعة ولم نجد التشطَّر على صيغة التفعل في كلام

ص: 271


1- قول متصرف به، ينظر: شرح شافية ابن الحاجب، الرضي: 1 / 78
2- (بافقر) في أ، ع، ن
3- ينظر: الصحاح، مادة (شطر): 2 / 697
4- (حلفين) في أ، ح، ع، ن، تصحيف
5- (الضرار) في أ، ع، تصحیف، و ينظر: الصحاح، مادة (شطر): 2 / 697
6- ينظر: الصحاح، مادة (صرر): 2 / 711
7- (دمان) في ع
8- ينظر: لسان العرب، مادة (شطر): 4 / 407

اللَّغويين(1)، وفي رواية الشيخ المفيد (قدس الله رُوحه) في ارشاده(2) و شیخ الطّائفة (رحمه الله) في أماليه (شاطرا ضرعَیْها)(3) على صيغة المفاعلة، يقال: شاطَرتْ ناقتي إذا احتلبت شطراً وتركت الآخر، ((وشاطَرتُ فلاناً مالي إذا ناصفته))(4)، وقد ورد في عدة روايات أنَّه [قال](5) (عليه السلام) لعمر بن الخطاب بَعْدَ يوم السقيفة: ((اُحلب حَلباً لَكَ شطرهُ اشدُده له اليَومَ يردُده عَلَيْكَ غداً))(6) وقد مَهَّدَ عمر بن الخطَّاب أمر البيعة لأبي بكر يوم السَّقيفة ثم نصَّ أبو بكر عليه لمَّا حضر أجله وكان قد استقضاه في خلافته وجعله وزيراً في أمرِها مُساهما في وزرهَا فالمشاطَّرة (تحتمل)(7) الوجهين (فَصَيَّهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا، وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيها، وَالْاعْتِذَارُ مِنْهَا) وفي كثير من النّسخ الصَّحيحة ويكثر العِثارُ(8) وَالاعتذار بدون كلمة فيها، الحوزة بالفتح الناحية(9) وفيها دلالة على خروج الامر عن موضعه،

ص: 272


1- (اللعويين) في م
2- جاء على صيغة التَّفعل، في رواية الشيخ المفيد: (لشد ماتشطرا ضرعيها) الإرشاد: 1 / 288
3- الأمالي، الطوسي: 373
4- الصحاح، مادة (شطر): 2 / 697
5- [قال] ساقطة من ث، ح، وفي ر: (انه عليه السلام قال)
6- الاحتجاج، الطبرسي: 1 / 96، وينظر: أنساب الأشراف: 1 / 587، وينظر: الشافي في الإمامة: 3 / 240، وبحار الأنوار: 28 / 185
7- (يحتمل) في أ، ث، ح، ر، ع، م تصحيف
8- (العشار) في أ، ث، ع
9- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (حوز): 2 / 117

والحوزة أيضاً الطَّبيعة(1)، والغِلَظ كعنب(2) ((ضدّ الرِّقة))(3) يقال: غَلُظ الشيء کَکَرُمَ، وقیل کضَرَب أيضاً فهو غلیظ وغلاظ کغراب، وفي النسخ بضَّم الَّلام، والکَلَم بالفتح الجرح والاسناد(4) توسَّع کالوصف في قوله تعالى: «وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ»(5) وخشن کَکَرُمَ ضِدُّ لانَ وخشونة المسّ الايذاء والاضرار وهي غير ما يستفاد من الخشناء فإنَّه عبارة عن كون الحوزة بحيث لا ينالُ ما عندها ولا يفوز بالنجاح من قَصدهَا، والعَثْرَةُ بالفتح ((الزَلَّة))(6)، وعَثَر کَضَرَب ونَصرَ وعَلِم وکَرُم عَثراً وعِثاراً بالكسر وعَثِير انكبَّ على وجهه لما اصابَ رجله في المشي من حجر ونحوه، قال بعض الشارحين: يمكن أن يكون (من) في الاعتذار(7) منهَا للتعليل أي ويكثر اعتذار(8) النَّاسِ عن أفعالهم وحركاتهم(9)؛ لأجل تلك الحوزة وبعده واضح والظاهر [أن](10) المفاد على تقدير إرادة الناحية تشبيه المتولّي للخلافة بالأرض الخشناء في ناحية الطريق المستوي، وتشبيه الخلافة بالراكب السَّائر فيها أو بالناقة أي

ص: 273


1- ينظر: لسان العرب، مادة (حوز): 5 / 343
2- (العنب) في أ، ع، وفي ث: (كتب)
3- لسان العرب، مادة (غلظ): 7 / 449
4- ينظر لسان العرب، مادة (كلم): 12 / 524
5- هود / 58
6- الصحاح، مادة (عثر): 2 / 736
7- (الاعتدار) في م
8- (اعتدار) في م
9- ينظر، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 146
10- [ان] ساقطة من أ، ع

أخرجَها عن مسیرها المُستوى وهو من يستحقها إلى تلك الناحية الحزينة(1) فيكثر عثارها أو عثار مطيّتها فيها فاحتاجت إلى الاعتذار من عثراتها الناشئة(2) من خشونة الناحية وهو في الحقيقة اعتذار من النَّاحية، فالعاثر والمعتذر حينئذ هي الخلافة توسّعاً والضَّمير المجرور في (منهَا) راجع إلى الحوزة أو إلى العثرات المفهومة من كثرة العثار ومن صلة للاعتذار أو للصفة المقدرة صفة للاعتذار أو حالاً عن (يكثر) أي الناشئ أو ناشئاً منها وعَلى مَا في كثير من النَّسخ یکون الظَرف المتضمن / و 25 / لضمير المَوصوف أعني فيها محذوفاً والعثار والاعتذار على النَّسختين اشارة إلى الخطأ في الأحكام وغيرها، والرَّجوع عنها كقصة الحاملة والمجنونة، وميراث الجدّ وغيرها، وفي رواية الطَّبرسي (رحمه الله) في الاحتجاج ((يكثر فيها العِثارُ ويَقلَّ فيها الاعْتِذَارِ))(3)، فالمعنى انَّه كان يعثر كثيراً ولا يعتذر منها لعدم المبالاة أو للجهلِ أو لأنَّه لم يكن لعثراته عذر حتی یعتذر، فالمراد بالاعتذار ابِداء العُذر ممن كان معذوراً ولم يكن مقصَّراً (فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ، إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَم، وَإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ)، الصَّعبة من النوق غیر المنقادة(4)، وأَشْنَقَ بعيره أي جذب رأسَها بالزّمام ويقال أشنَق البعير بنفسه إذا رفع رأسه(5) يتعدى ولا يتعدى، واللَّغة المشهورة شنق كنَصر متعدّياً بنفسه ويستعملان باللام کما صرّح به في النهاية(6)

ص: 274


1- (الخزنة) في ث، ح، ر، م
2- (الناسية) في أ، ث، ر، ع، ن، تصحيف
3- روى الطبرسي: (ويكثر العثار فيها، والإعتذار منها) الإحتجاج: 1 / 285
4- ينظر: لسان العرب، مادة (صعب): 1 / 524
5- ينظر: الصحاح، مادة (شنق): 4 / 1504
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 505

وسيجيء في شرح کلام السيّد ان شاء الله(1) بعد تمام الخطبة، واللّام على ما ذكره السّيد للازدواج(2)، والخَرْم بالخاء المعجمة المفتوحة والرَّاء المهملة السَّاكنة الشق(3)، يقال: خرمَ فلاناً کضرب ((أي: شق وترة أنفه، وهي مابين منخريه، فخرم هو کفرح أي تخرمت وترته))(4) والأخرم الذّي قطعت وترة انفه أو طرف أنفه شيئاً لا يبلغ الجدع(5)، والمفعول محذوف وهو ضمير (الصَّعبة) كما يظهر من كلام بعض اللَّغويين أو أنفها كما يدلّ عليه كلام السَّيد، وابن الاثير، وبعض الشَّارحين (وأسْلَسَ لها) أي أرخى زمامها لها، والشيء السلس المنقاد(6)، و تقَّحم أي رمی(7) نفسه في مهلكة، والقحمة بالضم المَهلكة والوَرطَة(8)، وتقحَّم الإنسان الأمر أي رمی نفسه فيه من غير رويّة وتثبت(9)، وذكروا في بيان المعنى وجوهاً منها: أنَّ الضَّمير في صاحبَها يعود إلى الحوزة المكنَّی بها عن الخليفة أو أخلاقهِ والمراد بصاحبها [من يصاحبها](10) کالمستشار وغيره والمعنى أنَّ المصاحب للرَّجل المنعوت حاله في صعوبة الحالِ کراکب الناقة الصَعبة فلو تسرَّع إلى انكار القبائح من أعماله أدى إلى الشقاق

ص: 275


1- (ان شاء تعالى) في ث، ر
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 147
3- ينظر: الصحاح، مادة (خرم): 5 / 1910
4- تاج العروس، مادة (خرم): 16 / 199
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (خرم): 16 / 200
6- ينظر: لسان العرب، مادة (سلس): 6 / 106
7- (می) في أ
8- ينظر: لسان العرب، مادة (قحم): 12 / 464
9- ينظر: لسان العرب، مادة (قحم): 12 / 462
10- [من يصاحبها] ساقطة من أ، ع،

بينهما وفساد الحال، ولو سكت وخلاَّه وما يصنع [أدَّى](1) إلى خسران المال، ومنها أن الضمير راجع إلى الخلافة أو إلى الحوزة والمراد بصاحبهَا نفسه (عليه السَّلام) والمعنى أن قيامي في طلب الامر يوجب مقاتلة ذلك الرَّجل وفسادِ أمر الخلافة رأساً وتفرق نظام المسلمين وسكوتي عنه يورث التقحم في موارد الذّل والصَّغار ومنهَا أن الضَّمير راجع إلى الخلافة وصاحبهَا من تولى أمرها مراعياً للحقّ وَما يجب عليه والمعنى أنَّ المتوَلى للخلافة أن أفرط في احقاق الحق وزجر النَّاس عما یریدونه بأهوائهم أوجب ذلك نفار طبائعهم وتفرقهم عنه لشدَّة الميل إلى الباطِل وإن فرَّط في المحافظة على شرائطها القاه التفريط في موارد الهَلكَة(2) وَضَعْف هذا الوجِه وبعده عن المقام واضح وأقربها أوَّلها ويمكن فيه تخصيص الصَّاحب به (عليه السَّلام) فالغرض بيان مقاسَاته الشَّدائد في أيَّام تلكَ الحوزة الخشناء للمصاحبة، وقد كانت ترجع اليه (عليه السَّلام) بعد ظهور الشناعة في العثرات، وتستشيره في الأمور للأغراض (فمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللهِ بِخَبْطٍ وَشِمَاَسٍ، وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ) مُنِي على صيغة المجهُولِ أي أبتُلِي يقال مناهُ الله يَمينَه ويَمنُوُه أيضاً أي ابتلاهُ، والعَمر بالفتح والعُمر بالضم واحد وهما مَصْدَران يقول: عَمِرَ الرّجل بالكسر يَعْمَرُ بالفتح عَمْراً و عُمْراً على غير قياس لأنَّ قياس مصدر فَعِلَ إذا كان لازماً التحريك(3) أي عاش زماناً طويلاً كذا قال الجوهري(4) وقال غيره: عمَر الرَّجل كفرح

ص: 276


1- [أدى] ساقطة من ث، ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 259، 260
3- (بالتحريك) في ح اذا كان (فعل) لازما فقياس مصدره (فَعِلَ) سواء كان صحيحاً أم كان معتلا نحو فَزِح فَرَحاً / المهذب في علم التصريف، ص 232
4- ينظر: الصحاح، مادة (عمر): 2 / 756

ونَصَرَ وضَرَبَ، وهما وإن كانا بمعنى إلاَّ أنَّه لا يستعمل في القسم إلاَّ العمر بالفتح فإذا أدخلت عليه الَّلاَم(1) رفعته بالابتداء فقلت: لعُمر الله [كذا](2)، واللاَّم لتوكيد الابتداء والخبر محذوف والتَّقدير: لَعَمْرُ الله قَسَمي وإن لم تأْتِ باللاَّم نصبته نَصبْ المَصادر وقلت: عَمْرَ اللهِ مَا فَعَلْتُ كذاوالمعنى على التقديرين أحلف(3) ببقاء اللهِ وَدوامِه(4). والخَبْط بالفتح / ظ 25 / السَّير على غير معرفة وفي غير جادَّة(5)، والشِماس بالكسرِ النِفار يقال: شَمَسَ الفرسُ شُمُوساً وشِمَاساً أي [...](6) (منع ظَهره فهو فرس شَمُوسٌ بالفتح وبهِ شِمَاسٌ(7)، وقال في العين(8): ورجل شموس أي عَسِر وإنَّه لذو شَمَاسٍ شديد أي عسر وخلاف على من نازعه وشَمَسَ لي فلان إذ أبدا لك عداوته كأنه قد هم أن يفعل، والتلوّن في الإنسان أن لا يثبُت على خلق واحد، والاعتراض السَّير على غير استقامة كأنه يسير عرضاً ويفعل(9) ذَلكَ البعير الخابط، ويقال: اعترض الفرس في رسَنه أي لم يستقمْ لقائده واعترض فلان فلانا أي وقع فيه واعترَضتُ البعير ركبته وهو صَعبٌ والغرض بیان شدة ابتلاء النَّاس في خلافته بالقضَايا الباطلة لجهله واستبداده برأيه مع تسرعَّه إلى الحكم

ص: 277


1- (السلام) في أ، تحریف
2- [كذا] ساقطة من ث، ح، ر، م، ن
3- (أخلف) في أ، ث، ع، تصحيف
4- ينظر: الصحاح، مادة (عمر): 2 / 756
5- ينظر: تاج العروس، مادة (خبط): 10 / 229
6- [أي] زائدة مكررة في ع
7- ينظر: الصحاح، مادة (شمس): 3 / 940
8- قول متصرف به، ينظر: العين، مادة (شمس): 6 / 230
9- (وانما يفعل) في ث، ر

وايذائهم لحدَّته وبالخشونة في الأقوال والأفعال الموجبة لنفارهم عنه أو بالنفار عن الناسِ كالفرس الشَّموسِ، والتلوَّن في الآراء والأحكام لعدم ابتنائها على أساس ثابت و بالخروج عن الجادة المستقيمة التي شرعها الله لعباده، أو بالوقوع في النَّاس في مشهدهم ومغيبهم، أو بالحمل على الأمور الصَّعبة والتَّكاليف الشَّاقة، ويحتمل أن يكون الخبط والشماس والتلوَّن والاعتراض أوصافاً للنَّاسِ في مدَّة خلافته فإنَّ خروج الواليِ عن الجادة يستلزم خروج الرعية عنها أحياناً وكذا تلونه واعتراضه يوجب تلوّنهم واعتراضهم على بعض الوجوه، وخشونته تستلزم(1) نفارهم وقد فصل تلك الجمل موضعه (فَصَبْرَتُ عَلىَ طُولِ الْمُدَّةِ، وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ، حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جماعةٍ(2) زَعَمَ أَنِّ أحَدَدُهُم) المِحْنَة البلية التي يمتحن بها الإنسان أي يختبر بها(3)، والزعم بالضم والفتح والكسِر أيضاً قريب من الظن، وقال ابن الأثير: ((انَّما يقال زعموا في حديث لاسند له ولا ثبت فيه))(4)، وقالَ الزَّمحشري(5): ((هي ما لا يوثق به

ص: 278


1- (ستلزم) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن، والصواب ما أثبتناه
2- (ستةٍ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 157
3- ينظر: تاج العروس، مادة (محن): 18 / 526
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 303
5- محمود بن عمر بن محمد بن أحمد بن عمر الزمخشري، ويكنى (أبا القاسم) مفسر، فقیه، محدث، متکلم، نحوي، لغوي، بياني، أديب ناظم، ولد بز محشر من قرى خوارزم، وقدم بغداد وسمع الحديث والفقه، ورحل إلى مكة فجاور بها فسمي (جار الله)، من كتبه: ربيع الابرار ونصوص الأخبار، والفائق في غريب الحديث و اطواق الذهب وغيرها من الكتب، مات بجرجانية خوارزم سنة (538 ه). ينظر: وفیات الاعیان: 5 / 168 - 173، و سير أعلام النبلاء: 20 / 151 - 153، و کشف الظنون: 2 / 1574، و هدية العارفين: 2 / 402، 403، و معجم المؤلفين: 12 / 186

من الأحاديث))(1) وفي الرّواية عن الصَّادق (عليه السَّلام) (كل زعم في القرآن کذب)(2) وكانت مدَّة خلافته على ما ذكرها ابن عبد البّر في الاستيعاب ((عشر سنين وسّتة أشهر))(3)، قال: وقتِل يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجَّة سنة ثلاث وعشرين(4)، وقال الواقدي وغيره: لثلاث بقين من ذي الحجَّة طعنه أبو لؤلؤة فيروز(5) غلام المغيرة بن شعبة(6)، ثم ذكر القصة(7)، واشتهر بين الجمهُور من الشيعة أنَّه قتل في اليوم التاسع من ربيع الأوَّل وهو

ص: 279


1- لسان العرب، مادة (زعم): 12 / 267
2- الكافي، الكليني: 2 / 342. (رواه عن أبي عبد الله عليه السلام)
3- الاستیعاب: 3 / 1152
4- ينظر: المصدر نفسه: 3 / 1152
5- كان نهاوندياً فأسرته الروم أيام الفرس، وأسره المسلمون بعد فنسب إلى حيث سبي، عمل لدى المغيرة بن شعبة في الوقت الذي كان الخليفة عمر منع دخول العجم للمدينة، إلاَّ انه استأذنه بدخوله المدينة وبقائه فيها كونه نقاش نجار وحداد، ورأى فيه منافع لأهل المدينة فوافق الخليفة، وكان من أسباب کره فيروز للخليفة وقتله له انه كان قد شکی له من مبلغ الخراج الذي فرضه عليه المغيرة فرد الخليفة بأنَّه ليس بالكثير بالنسبة لعمله، فتوعد به، وتربص له عند دخوله المسجد في صلاة الصبح فطعنه ثلاث طعنات، ثم نحر نفسه. ينظر: تاريخ الطبري: 3 / 221، ومروج الذهب و معادن الجوهر: 2 / 320، و البداية والنهاية: 7 / 127، والأعلام: 5 / 45
6- هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، أبو عبد الله، أحد ولاة العرب، صحابي يقال له مغيرة الرأي ولد في الحجاز سنة (20 ق ه)، برحها في الجاهلية مع جماعة من بني مالك فدخل الاسكندرية وافدا على المقوقس، وعاد إلى الحجاز، فلما ظهر الاسلام تردد في قبوله إلى أن كانت سنة (5 ه) فأسلم وشهد الحديبية واليمامة وفتوح الشام، ولاه الخليفة عمر بن الخطاب على البصرة، وامره عثمان على الكوفة ثم عزله، ثم ولاه معاوية الكوفة فلم يزل إلى أن مات سنة (50 ه). ينظر: الاعلام 7 / 277
7- ينظر: الاستيعاب: 3 / 1152، 1153

مطابق لرواية عليّ بن طاووس(1) رحمه الله عن أبي الحسن علّي بن محمد العسكري (عليه السَّلام) قال ويدّل عليه روایات، ونفاه شيخنا المفيد قدَّس الله روحه، وابن إدریس(2) (3) وادعی اجماع أهل السَّير على خلافه، والمشهور قتل لأربع(4) بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين كما ذكره الاستيعاب(5) والجماعة التي اشار اليها (عليه السَّلام) مجلس الشورى وهم ستة على المشهور عليَّ (عليه السَّلام)، وعثمان، وطلحة(6)، والزبير(7)، وسعد بن أبي

ص: 280


1- رضي الدين علي بن موسی بن جعفر بن طاوس الحسني الحسيني، وكنيته أبو القاسم عرف بورعه وزهده من تصانيفه: (کشف المحجة)، و(كتاب الإجازات لكشف طرق المفازات فيما يحصى من الإجازات)، توفي سنة (664 ه). ينظر الذريعة: 1 / 123، والكنى والألقاب: 1 / 340
2- محمد بن إدريس بن أحمد بن إدريس العجلي الحالي، فقيه شيعي، وأصولي مجتهد من مؤلفاته: الحاوي لتحرير الفتاوي، و خلاصة الاستدلال، و السرائر وغيرها من المؤلفات، مات سنة (597 ه). ينظر: سير أعلام النبلاء: 21 / 332، 333، والوفي بالوفيات: 2 / 129، و هدية العارفين: 2 / 105، و معجم المؤلفين: 9 / 32
3- ينظر: السرائر، ابن إدريس الحلي: 1 / 418
4- (للأربعين) في أ، ع
5- ينظر: الاستیعاب: 3 / 1152
6- هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن کعب بن سعد بن تیم بن مرة بن کعب بن لؤي، يكنى أبا محمد، وكان يقال له: طلحة الخير، وطلحة الفياض، وطلحة الطلحات، وطلحة الجود، ولد سنة (28 ق ه)، وكان من المهاجرين الأولين، كان في الشام فتخلف عن معركة بدر، وشهد أحد والخندق، وكان يقال له ولأبي بكر القرينان؛ وذلك لأن نوفل بن الحارث وقال بعضهم أخاه عثمان - وكان من أشداء قريش - رأي طلحة وقد أسلم خارجاً مع أبي بكر من عند النبي صلى الله عليه واله وسلم فأمسكهما وشدهما في حبل، قتل يوم الجمل وهو يقاتل الإمام علي (عليه السلام) سنة (36 ه) ودفن في البصرة. ينظر: التاريخ الكبير، البخاري: 4 / 344، المعارف: 229، 228، 154، وأنساب الاشراف: 2 / 279، والاعلام: 3 / 229
7- هو الزبير بن العوام بن خویلد الاسدي القرشي، أبو عبد الله، وهو ابن عمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، ولد (28 ق ه)، شهد بدر وهو ابن تسع وعشرين سنة، قتل يوم الجمل في جمادي الآخرة سنة (36 ه) قتله عمرو بن جرموز بوادي السباع من البصرة. ينظر: الأنساب، السمعاني: 1 / 139، الاعلام: 3 / 43

وقاص(1)، وعبد الرحمن بن عوف(2)، وقال الطبري: لم يكن طلحة مَّمن ذكر في الشورى ولا كان يومئذ بالمدينة(3)، وقال أحمد بن اعثم(4) لم يكن طلحة يومئذ بالمدينة فقال عمر انتظروا بطلحة ثلاثة أيَّام فإن جاء والاَّ فاختارَوا رجلاً من الخمسة(5) (فَيَاَللهِ وَ لِلشُّورَى) الشوری کبشری مصدر بمعنی المشورة تقول(6): منه شاوَرْته في الامور واستشرته، واللام في فيا لله مفتوحة الدخولها على المستغاث أدخلت للدّلالة على اختصاص بالنداء للاستغاثة(7)

ص: 281


1- سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن مرة لبن کعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ويكنى أبا إسحاق ولد سنة (23 ق ه) وهو صحابي، أمير، شهد بدر، فتح العراق، ومدائن کسری، اسلم وهو ابن السابعة عشر ولاه عمر بن الخطاب الكوفة، ثم عزله، ثم ولاه عثمان بعده الكوفة، ثم عزله، مات في قصره بالعقيق سنة (55 ه). ينظر: المعارف: 241 - 242، وأنساب الأشراف: 10 / 12، والعبر في خبر من غبر، الذهبي: 1 / 60، والأعلام: 3 / 87
2- هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث، أبو محمد الزهري القرشي وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم، اسمه في الجاهلية (عبد الكعبة) وسماه الرسول صلى الله عليه واله وسلم عبد الرحمن ولد سنة (44 ق ه) و شهد بدراً، وأحد، توفي سنة (32 ه). ينظر: الاعلام: 3 / 32
3- ينظر: تاريخ الطبري: 3 / 294
4- أحمد بن اعثم الكوفي، ویکنی (أبا محمد)، مؤرخ شيعي، من كتبه: الفتوح، و تاریخ المعصومين، مات سنة (314 ه). ينظر: الذریعة: 3 / 220
5- ينظر: الفتوح، أحمد بن اعثم الكوفي: 2 / 328
6- (يقول) أ، ع
7- تفتح اللام عند دخولها على الاسم المستغاث للدلالة على الإستغاثة، وتكسر اللام مع المستغاث من أجله. ينظر: شرح جمل الزجاجي، ابن عصفور: 2 / 210

وأمَّا في وللشوری مکسورة دخلت على المُستغاث له والواو زائدة أو عاطفة على محذوف مستغاث لهُ أيضاً قال بعض الشارحين: ((كأنَّه قال: فيا لله العمر وللشوّرى أولى وللشوری ونحوه))(1)، والظاهر: فيا لله(2) لما أصابني منه أو لنوائب الدَّهر عَامَّة، / و 26 / وللشوری خاصة، والاستغاثة للتألم من الاقتران بمن لا يدانيه في الفضائل ولا يستأهل للخلافة كما يظهر من تتمَّة الكلام. وجملة القول في هذه القصَّة إنَّه لما طعن عمر بنَّ الخطاب، وأيقن بالموت قيل له: لو استخلفت فقال: لو كان أبو عبيدة حيَّا لأستخلفته، ولو كان سالم حیَّا لأستخلفته، فقال الرجل: وَلِّعبد الله ابنك، فقال: قاتلك الله استخلف رجلاً عجز عن طلاق أمرأته، ثم قال: عليکُم بالرَّهْطِ الذَّين مَات رسول الله [صلى الله عليه وآله](3) وهو راضٍ عنهم وسمّى الستة، وقال: قد رأيت أن أجعلها شُوری بینهم ليختاروا لأنفسهم، ثمَّ دعاهم فقال لهم: أكلكم يطمع فيْها! فسكتوا على غيظ، فأعاد، فقال زُبيْر: ما الذَّي يبعدنا عنها! وليتها أنت ولسنا دونك في قريش، ولا في السَّابقة والقرابة، فقال: الا أخبركم عن أنفسكم، قالوا: قل فإنا لو استعفيناك لم تعفُنا، فقال: أمَّا أنت یَا زبیر فَوَعْقَةُ(4) لَقِسَ(5)، مؤمن الرَّضا، کافر الغضب، يوماً انسان، ويوماً

ص: 282


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 261
2- (فيا الله) أ، ح،ع
3- [صلى الله عليه وآله] ساقطة من ح، ن
4- رجل وعِق: أي عسر، وبه وعقه وهي الشراسة، وشدة الخلق، وهو أيضاً الذي يضجر ويتبرم مع كثرة صخب وسوء خلق. ينظر: الصحاح، مادة (وَعِق): 4 / 1567، النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 207، ولسان العرب، مادة (وَعِق): 10 / 382
5- لقس (الذي لا يستقيم على وجه) لسان العرب، مادة (لَقِس): 6 / 208

شَيْطان، ثم أقبل على طلحة وكان له مبغضاً لما قاله يوم نصّ أبي بكر عليه فقال: أقول أم أسكت؟ قال: قل فإنك لا تقول من الخير شيئاً، قال: أمَّا انَّي أعرفك منذ اصيبت أصبعك يوم أحد واعلم البَأوَ(1) الذي حدث لك ولقد مات رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ساخطاً عليك للكلمة التَّي قلتها يوم انزلت آية الحجاب(2)، ثم أقبل على سعد فقال انَّما أنت صَاحب مِقنب(3) وقنص وقوس واسهم وما زُهْرُة(4) والخلافة، ثم مدح عبد الرحمن بالایمان و ذمه بالضّعف ثم أقبل على علي (عليه السَّلام) فقال: لله أنت لولا دعابة فيك أما وَالله لئن وليتهم لتحملنَّهم على المحَّجة البيضاءِ والحق الواضِح، ثمَّ أقبل على عثمان فقال: كأنَّي بك قد(5) قلّدتك قريش هذا الامر لحبّها إيَّاك فحملت بني أميَّة وبني أبي معيط على رقاب الناس فذبحوك على فراشك. هذا خلاصة مَا حكاه الشَّارح عبد الحميد بن أبي الحديد(6) عن کتاب السفيانية لأبي عثمان الجاحظ(7) قال، وقال شيخنا أبو عثمان لو قال

ص: 283


1- البأو: العجب، والفخر، والكبر، والتعظم. ينظر: أساس البلاغة، مادة (بأو): 29، ومعجم مقاییس اللغة، مادة (بأو): 1 / 328، و النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 91، وفي ر: (الباء)
2- الأحزاب / 53
3- المقنب: (ما بين الثلاثين إلى الأربعين من الخيل. والمقنب أيضا: شئ يكون مع الصائد يجعل فيه ما يصيده). الصحاح: 1 / 206، وينظر: لسان العرب، مادة (قنب): 1 / 690
4- وهي قبيلة سعد بن وقاص، وقبيلة زهرة بن کلاب، من قريش عدنانية، كانت منهم جماعة ببلاد الإشمونين، وما حولها من صعيد مصر. ينظر: معجم قبائل العرب، عمر كحاله: 2 / 482
5- (وقد) في ث، ر
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 159، 158
7- عمرو بن بحر بن محبوب الكناني، ويكنى (أبا عثمان)، مولى لأبي القلمس، لغوي، عرف بالبلاغة والفصاحة والبيان، تلميذ النظام البلخي، ولد بالبصرة، من مؤلفاته: البخلاء، و البيان والتبيين، و الابل، والاصنام، و تحصين الأموال وغيرها من المؤلفات، مات بالبصرة سنة (255 ه). ينظر: فهرست ابن النديم: 208، و وفیات الاعیان: 3 / 470 - 475، و معجم الأدباء: 16 / 74، و هدية العارفين: 1 / 802، 803، و الاعلام: 5 / 74

لعمر قائل كيف تقول لطلحة ما قلت وقد زعمت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله مات وهو راض عن السّتة لرماه بمناقضته ولكن من الذَّي كان جسر على عمر أن يقول له ما دون ذلك فكيف هذا، ثم دعا أبا طلحة الانصاري فقال: إذا عدْتم من حفرتي، فاختر خمسين رجلاً من الانصار حاملي سُيوفهم، واجمع هؤلاء السّتة في بيت ليختاروا واحداً منهم، فإن اتفق خمسة وأبي واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة وأبي اثنان فاضرب اعناقهما، وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة، فأنظر الثلاثة الَّتي فيها عبد الرحمن بن عوف، فإنَّ أصرَّت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقها، وإن مضت ثلاثة أيَّام ولم يتفقوا، فاضرب أعناق السَّتة، ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم، فلمَّا خرجوا من عنده قال علي (عليه السَّلام) للعبّاس عُدِل بالأمر عنيّ ياعمّ، قال: وما علمك، قال: قرن بي عثمان وقال: كونوا معَ الاكثر فإن رضي رجلان [رجلاً](1) ورجلان رجلًا، فكونوا مع الذّين فيهم عبد الرَّحمن فسعد لايخالف ابن عمَّه، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان فيوليها(2) أحدهما الآخر فلو كان [الاخران](3) معي يغنيا شيئاً رَواهُ الطبري(4) وابن الأثير في الكامل(5) وفي رواية القُطب الرَّاوندي (رحمه الله) انَّه

ص: 284


1- [رجلًا] ساقطة من ر، وفي ث: (كونوا مع الأكثر فإن رضي رجلان ورجلًا)
2- (فولها) في أ، ع، ن
3- [الاخران] ساقطة من ث، وفي ر: (الآخر)، تحریف
4- ينظر: تاريخ الطبري: 3 / 294
5- ينظر: الكامل في التاريخ: 3 / 67

قال (عليه السَّلام): ادخل في الشورى لتظهر مناقضة فعله(1) لروايته أنَّ النبوة والامامة لا يجتمعان في بيت، وقد أهلَّني اليوم للخلافة(2) (مَتَى اعْتَرَضَ

الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلُ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إلَی هَذه(3) النَّظائِر) اعترض الشيء صارع كالخشبة المعترضة في النَّهر، و(الرَّيب: الشك)(4)، والمراد بالأوَّل أبو بكر، وأُقرنَ اليهم على لفظ المجهُول أي اجُعْل قرينالهم ويجمع بيني وبينهم، وكان أبو بكر وطلحة [...](5) يقال لهما القرينان؛ لأنَّ عثمان بن عُبيد(6) الله أخا طلحة أخذهما(7) فقرنها بحبل(8)، والنظائر(9) الخمسة أصحاب الشوری / ظ 26 / أو الأربعة كما تقدَّم، والتَّعبير بالنظائر على المُماشاة؛ لأنَّه جعلهم عمر نظراء أو لكون كل منهم نظيراً للآخرين ونفى الریَّب لوضوح الامر، وقیَّام الحَّجة، وتنزيل ارتياب المرتابين بمنزلة العدم (لكنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَطِرْتُ إِذْ طارُوا) قال في النَّهاية: في حديث علي (عليه السلام) لكني أسففت اذِ أسفوا، أسف الطَّائر(10) إذا دنا من الأرض، وأسَفَ الرَّجل للأمر إذا قاربُه(11)

ص: 285


1- (فعلية) في ث، ر
2- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 128
3- (هذا) في ح
4- العين، مادة (ریب): 8 / 287
5- [لا] زيادة في أ
6- (عبد) في ث
7- (اخدهما) في ح، ن، وفي أ، ث، ع: (احدهما) تصحيف
8- ينظر: المعارف، ابن قتيبة: 229
9- (النطائر) في ح تصحيف
10- (الطائرین) في ث، ر
11- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 370، وفيه: (في حديث علي لكني...)

وطرِتُ أي ارتفعت استعمالا للكلّي في أكمل الأفراد بقرينة المُقابلة، قال بعض الشَارحين: أي لكني طلبت الأمر أن كان المنازع فيه جلیل القدر أو صغير المنزلة؛ لأنَّه حقي فلم استنکف من طلبه(1)، والاظهر إنيَّ جريت معهم على ما جروا، ودخلت في الشّورى مع انَّهم لم يكونوا نظراء لي، وتركت المنازعة رعاية للمصلحة (فَصَغَى رَجُلُ مِنْهُم لِضِغْنِهِ، وَمالَ الآخَرُ لِصِهْرِهِ، مَعَ هَنٍ وهَنٍ) صغى يصغي يصغُوا أي مال، وكذلك صغى بالكسر ومنها صغيت اليه إذا مِلْت بسمعك نحوه(2) والضِّغن بالكسر الحقْدِ و العداوة(3) يقال: ضغِن عليه بالكسر، والصِهْرُ بالكسر : ((حُرْمَة الخُتُونَةِ))(4) أي: خلطه تشبه القرابة يحدثها(5) التّزويج، وقال الخليل: الأصهار أهل بيت المرأة(6)، ومن العرب من يجعل الصّهر من الاحماء والاختان جميعاً، (وهن) على وزن أخ: كلمة كناية، ومعناه شيء وأصله هَنَوُ، تقول(7): هذا هَنُك، أي شيئُك)(8) قاله الجوهري، وقال الشيخ الرَّضي: ((الهن: الشيء المنكر الذّيْ يستهجن ذكره من العورة والفعل القبيح و(9) غير ذلك))(10) والذّي مال للضغن سعد بن أبي

ص: 286


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 158
2- ينظر: الصحاح، مادة (صغا): 6 / 2400، 2401
3- ينظر: العين، مادة (ضغن): 4 / 366
4- العين، مادة (صهر): 3 / 411
5- (ويحدثها) في ث، ر
6- ينظر: العين، مادة (صهر): 3 / 411
7- (يقول) في أ، ث، ر، ع، تصحيف
8- الصحاح، مادة (هنو): 9 / 2536
9- ورد في شرح الرضي على الكافية: 1 / 81: (أو غير ذلك)
10- شرح الرضي على الكافية: 1 / 81

وقاص؛ لأنَّه (عليه السَّلام) قتل أباه يوم بَدْر، ((وسعد أحد من قعد عن بيعة علي (عليه السَّلام) وقت رجوع الامر اليه))(1) كذا قال القطب الراوندي (رَحمُه الله)، ورَدّه الشَّارح عبد الحميد بن أبي الحديد بأنَّ أبا وقاص واسمه مالك بن أهيب(2) بن عبد مناف مَات في الجاهلية حتف أنفه(3) قال: والمراد به طلحة بن عبيد الله وضغنه؛ لأنَّه تیمي(4) وابن عم أبي بكر وكان في نفوسِ بني هاشم حنقٌ(5) شدید من بني تيم(6) لأجل الخلافة(7)، وبالعكس والرّواية التي جاءت (بأنَّ)(8) طلحة لم يكن حاضراً يوم الشورى إن صحت فذو الضَّغن هو سعدٌ؛ لأنَّ أمَّه حمنة بنت سفیان بن أمية بن عبد شمسِ(9)، و(الضغينة)(10) التَّي كانت عنده من قبل أخواله(11) الذين قتلهم علي (عليه السَّلام)، ولم يعرف أنَّه (عليه السَّلام) قتل أحداً من بني زهرة لينسب الضغن(12) اليهِ، والذَّي مال لصهره هو

ص: 287


1- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 127
2- (اُهبب) في م، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي حديد: 1 / 161
4- (يتمي) في أ، ث، ر، تحریف، وفي م (یّمّی)
5- (حنو) في ث، ح، ر، و في ع: (حتق)
6- (تميم) في ح
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ابی الحدید: 1 / 190، 191
8- (وإن) في ح
9- ينظر: المعارف، ابن قتيبة: 241، وأنساب الأشراف: 10 / 27، وسير أعلام النبلاء: 1 / 96
10- (الضعية) في أ، ث، ع، وفي ح: (الضغية)، و في ر، ن: (الصغينة)
11- حنظلة بن أبي سفيان قتله الخليفة علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم بدر. ينظر: المغازي، الواقدي: 1 / 147، والمعارف: 345
12- (الضعن) في أ، وفي ر (الصغن) تصحيف

عبد الرَّحمن [بن عوف](1)؛ لأنَّ أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت زوجة(2) عبد الرَّحمن(3)، وهي(4) أخت عثان من أمهِ(5) ((أرَوْی بنت کُرَیْز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس))(6)، وَلَعَّل المراد بالكناية رجاؤه أن ينتقل الأمر اليهِ بعد عثمان، وينتفع بخلافته، والانتساب الَيْهِ باکتساب الأموال والاستطالة والتَّرفع على النَّاسِ أو نوع من الانحراف عنه (عليه السَّلام) وقد عَدَّ من المنحرفين أو غير ذلك ممَّا هو (عليهِ السَلام) أعلم به، ويحتمل أن يكون الظَّرف متَّعلقاً بالمعطوُف [و المعطوف](7) عليه کلیهماَ فالكناية تشمل ذا الضَّغن أيضاً، والمشهور في كيفية انعقاد الخلافة لعثمان أنَّه لما اجتمع أهل الشورى أشهدهم طلحة على نفسه انَّه وهب حقه لعثمان العلمه بأنَه لا ينعقد الامر له فأراد تقوية عثان واضعاف(8) جانبه (عليه السَّلام) لضغنه(9) فلماَّ رأي زبير ذلك قال: وأنا أشهدُكم أني قد وهبت حقي لعلي (عليهِ السَّلام)؛ وذلك لما دخله من حمية النَّسب؛ لأنه كان ابن عمَّة أمير المؤمنين (عليه السَّلام) وهي صفية بنت عبد المطلب(10)، وَكانَ أبُو

ص: 288


1- [ابن عوف] ساقطة من أ، ر، ع، م، ن
2- (زوجة) في أن تصحيف
3- ينظر: سير أعلام النبلاء: 2 / 276
4- (وهو) في أ، ع، تحریف
5- ينظر: الأعلام: 5 / 231
6- الأنساب، السمعاني: 5 / 61
7- [والمعطوف] ساقطة من أ
8- (أصعاف) في ث، تصحيف
9- (لضعنه) في أ، ع، ن، وفي ث: (لصنعه)
10- صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية، عمة الرسول (صلی الله عليه واله وسلم)، وأخت حمزة بن عبد المطلب، أمها هالة بنت وهيب، لم يختلف في إسلامها، وهي من أوائل المهاجرات، تزوجها في الجاهلية الحارث بن حرب بن أمية، أخو سفیان بن حرب، وبعد موته تزوجها العوام بن خویلد، فولدت له الزبير وعبد الكعبة، ماتت سن (20 ه). ينظر: المعارف: 128، و أنساب الأشراف: 9 / 240، والأنساب: 1 / 139، وأسد الغابة: 5 / 492، 493، و سير أعلام النبلاء: 2 / 270، 271، و الاعلام: 3 / 206

طالب (عليه السَّلام) خالَهُ(1)، فبقي أربعة، فوهب سعد حقَّه لأبن عمَه عبد الرَّحمن وكان يعلم أنَّه لا يتم له فقال عبد الرَّحمن لعلي (عليه السَّلام) وعثمان: أيّكما يخرج نفسه ويكون اليهِ الاختيار؟ فلم يتكلم أحد منها / و 27 / فقال: إنَّي قد أخرجت نفسي على أن اختار أحدكما، فبدأ بعلي (عليه السَّلام) وقال: أبايعك على كتاب الله، وسنة رسوله، وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر، فقال (عليه السَّلام) بل على كتاب الله وسَّنة رسوله، ومبلغ علمي، فعدل الى(2) عثمان فقال: نعم، فعاد اليه (عليه السَّلام) فأجاب(3) بما ذکر حتى تم ثلاثة مرَّات، فصفق يده على يد عثمان [وقال: السَّلام عليك يا أمير المؤمنين](4)، فقال(5) (عليه السَّلام): والله ما فعلتها إلاَّ لأنَّكَ رجوت منه ما رجا صاحبکما من صَاحِبهِ، دَقَّ الله بينكما عِطْرَ مَنْشِمِ(6)، روى الشَّارح عبد الحميد بن أبي

ص: 289


1- ينظر: أنساب الاشراف: 9 / 240، والانساب: 1 / 139
2- (على) في أ، ع
3- (وأجاب) في أ، ع
4- [وقال السلام عليك يا أمير المؤمنين] ساقطة من أ، ع
5- (وقال) في أ، ع
6- (قال الأصمعي: منشم بكسر الشين، اسم أمرأة، كانت بمكة عطارة، وكانت خزاعة وجرهم أرادوا القتال تطيبوا من طيبها، وكانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم،، فكان يقال: (أشأم من عطر منشم، فصار مثلاً) الصحاح: 5 / 2041. وينظر: جمهرة الأمثال: 1 / 445، ومجمع الأمثال: 1 / 394، 395

الحديد عن أبي هلال العسكري قال: قال في كتاب الاوائل استجیبت دعوة علي (عليه السَّلام) فيها فما ماتا الاَّ متهاجرين متعاديين، قال: ولما بنی عثمان قصره وصنع طعاماً كثيراً ودعا النَّاسِ كان فيهم عبد الرَّحمن فنظر إلى البناء والطعام، وقال: يا ابن عفان لقد صدقنا عليك مَا كنَّا نكذب فيك، وإنَّي استعيذ بالله من بيعتك، فغضب عثمان، وقال: اخرجه عني ياغلام، فأخرجوُه وأمر النَّاسِ أن لا يجالسُوهُ، ثم مرض عبد الرَّحمن فعاده عثمان وكلَّمه فلم يكلمه حتى مات(1). (إِلیَ أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ، بَیَنْ

نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللهِ خَضْمَ الإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ) الحضن(2) بِكسر المهملة ((ما دون الابط إلى الكشح))(3) ومنه احتِضان الشيء أي: حملك إيَّاه في حضنِك، والنَفَجَ بالجيم الرّفع يقال: بعيرٌ مُنْتَفِج الجنبين إذا امتلأ من الأكل فارتفع جنباه، ورجل منتفج الجنبين إذا افتخر بما ليس فيه(4) وظاهر المقام التشبيه(5) بالبعير، وقال ابن الأثير:کنی به عن التعاظم والخيلاء(6)، قال: ويروى: نافخاً بالخاء المعجمة أي منتفخاً(7) مستعداً لأن يعمل عمله(8) من الشر(9)، والظاهر على هذه الرواية أنَّ المراد كثرة الأكل،

ص: 290


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 168، 167
2- (الحصن) في ث، ر، تصحيف
3- الصحاح، مادة (حضن): 5 / 2101
4- العين، مادة (نفج): 6 / 145، ونظر: لسان العرب، مادة (نفج): 3 / 64
5- (التسبيه) في ث، ح، تصحيف
6- ورد في النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 89: ((کنی به عن التعاظم والتكبر والخيلاء))
7- (منتفحاً) في أن تصحيف
8- (عليه) في ح
9- قول متصرف به، ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 90

و ((النثيل(1): الرَّوْث))(2)، و المعتَلَف بالفتح موضِع الاعتلاف وهو أكل الدابة العلف(3)، أي: كان همَّه الاكل والرَّجيع كالبهائم، وفي رواية الصّدوق رضي الله عنه (بين ثيلهِ(4) ومعتلفهِ) و حکی تفسيره عن الحسن(5) بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: الثَيْل قضيب الجَمْل، وإنَّما استعاره للرَّجل هاهنا والمعتلف الموضِع أي بين مطعمه ومنكحه(6)، وقال في القاموس(7): الثَيِل بالفتح و بالفتح والكسر وعاء قضيب البعير أو القضيب نفسه، والخَضْم ((الأكل بجميع الفم))(8) ويقابله القضم أي: ((بأطراف الاسنان))(9)، وقال في النهاية(10): في حديث علي (عليه السلام) فقام معه بنو أمية يخضمون(11) مَالِ الله خضم(12) الابل نبتة الربيع، الخضم الأكل بأقصى الأضراس، والقضم بأدناها، ومنه حديث أبي ذر (تأكلون خضماً، ونأكل قضماً))(13)، وقيل: الخضم

ص: 291


1- (النبثل) في ر
2- لسان العرب، مادة (نثل): 11 / 646
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (علف): 9 / 255
4- (مثلة) في ث، وفي ر: (الثلثه)
5- (الحسين) في أ
6- ينظر: معاني الأخبار، الصدوق: 363
7- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ثيل): 3 / 344
8- العين، مادة (خضم): 4 / 179، وينظر: الصحاح، مادة (خضم): 5 / 1913
9- الصحاح، مادة (قضم): 5 / 2013
10- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 44
11- (يحضمون) في أ، ث، ح، ر، ع، ن، تصحيف
12- (حضم) في ع
13- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 44

خاص بالشيء الرَّطب(1)، والقضم باليَابس(2)، والفعل خضِم کولم على قول الجوهري(3)، وابن الاثير(4)، وفي القاموسِ ((کسمع وضرب))(5) والمضارع موجود في النسخ الصَّحيحة على الوجهين، والنبتة بالكَسر والفتح النبات(6) وكلاهما مَوجُودان في النَّسخ وصرّح الشَّارحَان(7) بالکسر، و(تكون)(8) النِبتة بالكسر لضرب من فعل النبات، يقال: إنه لحسن النبتة صرح به في العين(9)، والكلام اشارة إلى تصرَّف عثمان، وبني أميَّة في بيت مال المسلمين، واعطائه الجوائز، واقطاعه القطائع کما روى أنه دفع إلى أربعة من قريش زوجهم بناته أربعمائة الف دينار، وأعطی مروان(10) مائة الف عند فتح أفريقيا،

ص: 292


1- ينظر: المخصص، مادة (خضم): 1 / 27، و لسان العرب، مادة (خضم): 12 / 182
2- ينظر: المخصص، مادة (قضم): 1 / 27، ولسان العرب، مادة (قضم): 12 / 487
3- لم يذكره الجوهري في مادة (خضم): 5 / 1913
4- لم يذكره ابن الأثير في النهاية 2 / 44
5- القاموس المحيط، مادة (خضم): 4 / 107
6- (البنات) في ع
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 128، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 250
8- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن، و الصواب ما أثبتناه
9- ينظر: العين، مادة (نبت): 8 / 130
10- مروان بن الحكم بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، يكنى أبا عبد الملك، وكان اليقب ب(خيط باطل) ولد سنة (2 ه) أول من ملك من بني الحكم واليه ينسب بنو مروان، جعله الخليفة عثمان كاتباً له، ولما قتل الخليفة عثمان خرج مروان إلى البصرة وقاتل في معركة الجمل، وشهد صفين وكان مع معاوية، ولما ولي معاوية، الخلافة ولاه المدينة سنة (42 ه) ثم عزله سنة (48 ه) وولی سعید بن العاص ثم ولاها لمروان سنة (54 ه) وعندما توفي معاوية بن یزید بن معاوية تولى مروان الحكم بعد ان خرج إلى الجابية شمالي حوران فبايعه اهل الاردن، ثم دخل الشام وحكم فيها وكانت مدة حكمة تسعة اشهر وثمانية عشر يوماً، مات مروان بالطاعون سنة (65 ه)، وقيل قتلته زوجته ام خالد. ينظر: الطبقات الکبری، ابن سعد: 5 / 30، و الاستیعاب: 3 / 1387، 1388، و اسد الغابة: 4 / 348، و فوات الوفيات: / 504، 503، و الاعلام: 7 / 207

ويروى خمس أفريقية، وكان [قد](1) أشترى الخمسَ فوهبه له، وولى الحكم بن أبي العاص صدقات قضاعة فبلغت ثلاثمائة الف فوهَبَها له حين أتاه بَها، وأعطى سعيد بن العاص مائة الف وغير ذلك ممَّا فصل في محله / ظ 27 / (إِلَی أَنِ انْتَكَثَ علَيْهِ فَتْلُهُ(2)، وَأجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ(3) بِهِ بِطْنَتُهُ(4)) الانتكاث الانتقاض يقال: نكث فلان العهدِ والحَبْل فانْتَکَثَ أيْ نَقَضَه فاتَقَضَ(5)، وفتل(6) الحَبلَ(7) برَمه وَلَّىَ شُقَيْهْ، والاجهاز(8) اتمام قتل الجريح واسراعه(9)،

ص: 293


1- [قد] ساقطة من أ، ع
2- الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي، عم الخليفة عثمان بن عفان، وأبو مروان بن الحكم، أسلم يوم فتح مكة اخرجه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من المدينة وطرده منها لأنه كان يتسمع ما يسره الرسول صلوات الله عليه إلى كبار الصحابة ويفشيه إلى الكفار، كما كان يحاكي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في مشيته وبعض حركاته، نزل الحكم هو وأولاده في الطائف وبقي فيها إلى أن ولي عثمان الخلافة فبعث اليه فرجع إلى المدينة وبقي فيها إلى أن مات في سنة (32 ه). ينظر: الاستیعاب: 1 / 259، وأسد الغابة: 2 / 33 - 35، و سير أعلام النبلاء: 2 / 107، والاعلام: 2 / 226
3- (كتب) في ث، تصحيف
4- (بطنه) في ع
5- ينظر: لسان العرب، مادة (نكث): 2 / 197
6- (قتل) في ث، تصحيف
7- (الحمل) في أ، ع
8- (والاحهاز) في ث، تصحیف، وفي ع: (والاجتهاز)، تحریف
9- ينظر: الصحاح، مادة (جهز): 3 / 870

وفيه ایماء إلى ما أصابه قَبْل القتل من طعن اسنة الالسنة(1) وسقوطه عن أعين النَّاسِ، وكبا الفرس سقط على وجهه کبَّا بهِ أسْقطُه(2)، والبطنة الكِّظة(3) أي: الامتلاء من الطَّعام امتلاء شديداً(4)، والحاصِل أنه استمرت أفعاله(5) المذكورة إلى أن رجع عليه حيله وتدابيره الفاسدة ولحقه وخامة العاقبة، فخرج عليه طائفة فقتلوه، واختلف في مقتله فقيل [قتل](6) قبل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وقيل يوم التروية رواهما في الاستيعاب عن الواقدي(7)، وقيل يوم الترَّوية سنة ست وثلاثين، وقيل أيَّام التَّشريق رواهما في الكامل(8) وفي تاريخ أحمد بن أعثم(9) يوم الجمعة لثمان عشرة [أيام أو سبع عشرة](10) مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وراهما في الاستیعاب(11) عن

ص: 294


1- (لالسنة) في ع
2- ينظر الصحاح، مادة (كبا): 6 / 2471
3- (الركضة) في ع
4- ينظر: لسان العرب، مادة (بطن): 13 / 52،53
5- (استمر افعالهم) في جميع النسخ، والمناسب للسياق ما أثبتناه
6- [قتل] ساقطة من ح، وفي ر (قل)
7- ينظر: الاستیعاب: 3 / 1044
8- ينظر: الكامل في التاريخ: 3 / 179
9- ينظر: الفتوح: 2 / 433
10- [أيام أو سبع عشرة] ساقطة من ح
11- هو علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف الحافظ المدائني، ويكنى (أبا الحسن)، مولى سمرة بن حبيب وقيل سمرة بن جندب، وقيل عبد الرحمن بن سمرة، أصله بصري، ثم انتقل إلى المدائن - وهي مدينة قديمة على دجلة - فنسب اليها، ثم انتقل إلى بغداد، كان عالماً بأيام الناس، صدوقاً، من مؤلفاته: صفة النبي، و رسائل النبي، و أخبار ثقيف، و اخبار الخليل، وغيرها من المؤلفات، مات سنة (225 ه). ينظر: المعارف: 538، و فهرست ابن النديم: 113، 114، و اللباب في تهذیب الانساب: 3 / 182، و هدية العارفين: 1 / 670 - 672

المدائني(1) ومدة خلافته اثني عشر سنة إلّا اثني عشر يوماً، أو إلّا ثمانية أيَّام أو قريب من ذلك(2) (فَما رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ يَنثالونَ عَلَيَّ(3) مِنْ كُلِّ جانِب) الرَّوع بالفتح (الفَزَع)(4) والخوف(5)، يقال: ((رُعْتُ فُلاناً وَرَوَّعتُهُ فَارْتَاعَ أي: افزعته فَفَزِعَ))(6)، ((وراعني الشيء أي: أعجبني))(7)، والظاهر في المقام الأوَل والثَوْلُ بالفتح هو صبُّ مَا في الإناء(8)، ((وَانثَالَّ انصبَّ))(9) وفي بعض النسخ الصحيحة، (والنَّاسُ إليَّ کَعُرفٍ الضَّبْع ينثالون)(10) وعرف الضبع والفرسِ وغيرهما باللضَّم ما نبت من الشعَّر الغليظ على عنقِها، والضَبُعُ الجنس من الحَيوان المعروف، والمذكّر منه ضِبعَان کسِرْحان، والانثى ضِبْعَانَةٌ والجَمْع للذكر والانثى ضِبَاعَ بالكسِرِ كَسبعٍ وَسِباعٍ(11)، وعرف الضَّبع مَّما يضرب به المثل في الازدحام أي: مَا أفزعني [حالة الاحالة](12) ازدحام النَّاسِ للبيعة؛ وذلك لعلمهم بقبح العدول عنه (عليه السَلام) إلى غيره (حَتَّى لَقَدْ

ص: 295


1- ينظر: الاستیعاب: 3 / 1044
2- ينظر: الاستیعاب: 3 / 1044
3- (... إلا والناس إلي) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 171
4- العين، مادة (روع): 2 / 242
5- ينظر: لسان العرب، مادة (روع): 8 / 136
6- الصحاح، مادة (روع): 3 / 1223
7- المصدر نفسه، مادة (روع): 3 / 1223
8- ينظر: القاموس المحیط، مادة (ثول): 3 / 344
9- المصدر نفسه: 3 / 344
10- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 119، هامش: 2، في نسخة (نا، ب، ص، الف)، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 171
11- ينظر: الصحاح، مادة (ضبع): 3 / 1247، 1248، وتاج العروس: 11 / 295
12- [حالة الا حالة] ساقطة من أ، ع

وُطِئَ الْحَسَنانِ، وَشُقَّ عِطْفايَ) الوَطْوء الدوُّسِ بالقدم(1)، (والوطأة موضع القدم)(2)، [و](3) الحسنان الحسن والحسين (عليهما السَّلام) على قول الشَّارحين(4) ويناسبه قوله (عليه السَّلام) في وصف البيعة وسيجيء في الكتاب (ثُمَّ تَداككتم عَلَيَّ تداك الابِل الهيم عَلى حيَاضِها يَومَ وروُدِها حَتَّى انْقَطَعت

النَّعْلُ وَسَقَط الرِداءِ وَوُطئَ الضَّعيْفُ) ونقل عن السَّيد الاجَّل المرتضى رضي الله عُنه انَّه قال: روى أبو عمر محمدّ بن عبد الواحد(5) غلام ثعلب(6) في قوله

ص: 296


1- ينظر، لسان العرب، مادة (وطأ): 195
2- الصحاح، مادة (وطأ): / 81
3- [و] ساقطة من ع
4- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1/، وينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 171، 129
5- محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم أبو عمر الزاهد المطرز الباوردي، المعروف بغلام ثعلب، أحد أئمة اللغة، صاحب ثعلب ورافقه؛ لذلك عرف بغلام ثعلب، ويلقب بالمطرز؛ لأنه كان يطرز الثياب، ينسب إلى الباورد وهي (أبيورد بخراسان) من مؤلفاته: المداخل وتفسير أسماء الشعراء، و غيرها من المؤلفات، مات ببغداد سنة (345 ه). ينظر: فهرست ابن النديم: 83، 89، و کشف الظنون: 2 / 1273، و الاعلام: 6 / 254
6- أحمد بن یحیی بن زیاد بن سيار النحوي الشيباني بالولاء، المعروف بثعلب، ویکنی أبا العباس، إمام الكوفيين في النحو واللغة، كان ثقة، حجه، صالحاً مشهوراً، سمع ابن الأعرابي والزبير بن بكار، وروى عنه الاخفش الأصغر، وابو بکر الانباري وغيرهم، من كتبه: الفصيح، و شرح دیوان الاعشی، و معاني الشعر، و اعراب القرآن وغيرها من الكتب، مات في بغداد سنة (291 ه). ينظر: إنباه الرواة على أنباه النحاة: 1 / 173 - 186، و معجم الأدباء: 5 / 102 - 146، وفيات الأعيان: 1 / 102 - 104، و الاعلام: 1 / 267، وفي م (تغلب)، وفي ر (یغلب)

(عليه السلام) انَّهما الاَّبهامان(1) وانشد للِشَّنْفرى(2): مهضومَة الكَشحَيْن خَرْماء الحَسَن، وروی(3) أنَّ أمير المؤمنين (عليه السَّلام) إنَّما كان يومئذ جالسَّا محتبياً وهي جلسة رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسَّماة بالقرفصاء وهي جمع الركبتين وجَمْع الذيل، فلَّما اجتمعُوا ليبايعوُه زاحموا حَّتى وطئوا ابهامیه، وشقّوا ذيله، قال ولم يعن الحسن والحسين (عليهما السَّلام) وهما رجُلان كسائر الحاضرين، وعْطِفاءُ(4) الرَّجلِ بالكسرِ جانِباه(5)، ويقال: ثَنَى فلانٌ عنِّي عطِفَه، أي أعرضَ عني، وعطف جانبه(6)، ولعلَّ المراد بشق العطفين شق جانبي قميصه (عليه السَّلام) أو ردائه (عليه السَّلام) لجوس الناس أو وضع الأقدام وزحامهم(7) حوله، وقال بعض الشارحین(8): المعنى خُدش جانباي لشدة الاصطكاك والزحام، وفي بعض النسّخ الصحيحة (وَشُقَّ عِطافِيِ)(9)، والعِطافُ کالرِداء الرداء وسمّي به؛ لوقوعه على عطفي الرجل(10)، وهو أنسب إلاَّ أنَّ الأوَّل أشهر رواية (مُجْتَمِعِینَ حَوْلِ كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ)

ص: 297


1- هو ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفري، شاعر من الطبقة الثانية، من أهل اليمن
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 265
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 265
4- (عطفا) في ث، ن
5- ينظر: الصحاح، مادة (عطف): 4 / 1405
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عطف): 4 / 1405
7- (ورخامهم) في ر
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 171
9- ينظر: لسان العرب، مادة (عطف): 9 / 201
10- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 119، هامش: 4 وفيه: (في نا: عطافي)

[الرَّبِيض](1) والرَّبِيضة الغنم المجتمعة في مَرْبَضِها بالكسرِ أي (مأواها)(2) من رَبَضَ بالمكان(3) کَضَرَبَ إذا لَصَقَ وأقام ملازماً له، ووجه التّشبيه ظاهر، وقال بعض الشَّارحين: (اشارة إلى بلادهم ونقصان عقولهم؛ لأنَّ الغنم توصف بقلة الفطنة)(4) (فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالَأْمْرِ نَكَثَتْ طائِفَةٌ، ومَرَقَتْ أُخْرَى، وفَسَق(5) آخَرُونَ) نهض کمنع قام، ونكثَ العَهْدِ كنصر نَكثاً بالفتح نقضه(6)، والاسم النِكث بالكسر، والمروق الخروج قال / و28 / ابن الأثير: في حديث الخوارج: (يمرُقون من الدّين مروق السَّهم من الرَّمية) أي: يَخرِقونه(7) ويتعدوَّنه کما يخرق السَّهم الشيء المرمى به ويخرج منه(8)، وفسق الرَّجل کَنَصَرَ وضَربَ فجر وأصله الخروج، يقال: فَسَقَتِ الرطبةُ إذا خرجت عن قشرها(9)، والمراد بالطَّائفة النَّاكثة أصحاب الجمل، وروی انَّه (عليه السَّلام) كانَ يتلو وقت مبايعتهم(10): «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ»(11) وبالمارقة أصحاب النَّهروان، والفاسقة أصحاب صفيّن، وقد ورد في الروايات العامیَّة

ص: 298


1- [الربيض] في ع
2- (مأویها) في أ، ح، ع، ر، تحریف، (مأوها) في ث
3- ينظر: الصحاح، مادة (رض): 3 / 1076
4- بحار الأنوار، المجلسي: 29 / 539، وينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 130
5- (قسط) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 31
6- ينظر: لسان العرب، مادة (نكث): 2 / 199
7- (يحرقونه) في ث، ر، تصحيف
8- وفي رواية ابن الأثير: ((... أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه...)) النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 320
9- ينظر: الصحاح، مادة (فسق): 4 / 1543
10- (متابعتهم) في أ، ع
11- الفتح / 10

والخاصیَّة عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال (عليه السَّلام): (ستقاتل بعدي النَّاكثين والقاسطين والمارقين)(1)، والخبر من أعلام النبَّوة، و((القُسُوطُ الجَوْر والعدولُ عن الحَّق))(2)، يقال قَسَطَ كضربَ قَسْطاً بالفتح، قال الله تعالى: «وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا»(3)((والقِسْطُ بالكسر العَدْلُ، تقول(4)منه: أَقْسَطَ [الرجلُ](5)فهو مُقْسِطٌ))(6)، قيل: والهمزة كقولهم: كَأَنَّهُمْ لَمْ يُسْمَعُوا الله(7)سُبْحانَهُ(8)يَقُولُ: «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»(9)الظاهر أنّ الضَّمير راجع إلى الخلفاء الثلاثة لا إلى الطوائف کما توهم إذ عرض الخطبة ذكرهم لا الطَّوائف، وهو المناسب لما بعد الآية سيما ضمير الجمع في سمعُوهَا ووعوها، والأصل عدم التجوز بإرادة بعض الطَّوائف، وإرادة الجميع أيضاً بعيد لما ذكروا الغرض تشبيههم في الاعراض عن الآخرة والاقبال على الدَّنيا وزخارفها للأغراض الفاسدة بمن أعرض عن نعيم الآخرة لعدم سماع الآية، وشرائط الفوز بثوابها، وجملة (يقول) في موضِع الحال، والمشار الَيها في الآية هي الجنَّة، والاشارة للتعظيم أي تلك التي بلغك وصفها، والدَّار

ص: 299


1- بحار الأنوار: 30 / 588، وينظر: کنز العمال: 16 / 194
2- الصحاح، مادة (قسط): 3 / 1152
3- الجن / 15
4- (يقول) في أ، ث، ر، ع، تصحيف
5- [الرجل] زيادة يتطلبها السياق، وقد وردت في نص الصحاح، مادة (قسط): 3 / 1152
6- الصحاح، مادة (قسط): 3 / 1152
7- (لم يسمعوا کلام) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 171
8- (حثيث) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 171
9- القصص / 83

صفة، والخبر جملة نجعلها، والعلوّ هو التكبر على عباد الله، والغلبة عليهم والاستكبار عن العبادة، والفساد الدّعاء(1)إلى عبادة غير الله أو أخذ المال، وقتل(2)النفس بغير حق، أو العمل بالمعاصي والظّلم على الناس والآية بعد قصّة قارون وقبلها(3)حكاية فرعون قيل(4)في العلو إشارة إلى فرعون لقوله تعالى: «إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ»(5)، والفساد إلى قارون لقوله عزّ وجل: «وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ»(6)ويمكن أن يكون الإشارة في كلامه (عليه السَّلام) بالأوَّل إلى الأوَّلين، وبالثاَّني إلى الثالث لكون بدعه أظهرا وبهما اليهم جميعاً لاتصافهم بهما أو إلى جميع من ذكر على احتمال بعيد كما ذكر وعَاقبة الشيء آخره، والمراد العاقبة الجميلة المحمودة، وفي الآية تشديد في الوعيد بتعليقه على الارادة، وروى الطَّبرسي رحمهُ الله في مجمع البيان عنه (عليه السَّلام) أنه قال: ((إن الرَّجل ليعجبه(7)شراك نعله فيدخل في هذه الآية))(8)، قال: (يعني أن من تكبر على غيره بلباسِ يعجبه، فهو ممَّن يريد علوَّاً في الارض)(9)، وعنه (عليه السَّلام) انه كان يمشي في الأسواق يرشد الضال، ويعين الضَّعيف،

ص: 300


1- (الدعا) في أ، ع
2- (قيل) في أ، ع، ن، تصحيف
3- (وقیلها) في ث، تصحيف
4- (قبل) في ع
5- القصص / 4
6- القصص/ 77
7- (لتعجبه) في ر
8- مجمع البيان: 7 / 464
9- المصدر نفسه: 7 / 464

ويمَّر بالبِياّع(1)والبقال فيفتح(2)عليه القرآن، ويقرأ «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»(3)، ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتَّواضِع من الولاة(4)، وأهل القدرة من سَائر الناسِ (بَلَى وَاللهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيا فِي

أَعْيُنِهِمْ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُها) وعي الحديث کرمی فهمه وحفظه، وحلا فلان بعيني وفي عَينيي بالكسر إذا أعجبك، وكذلك حلا بالفتح يحلو حلاوة، وقال ابن الاثير(5): ((في حديث علي (عليه السلام): (لكنهم حليت(6)الدنيا في أعينهم) تقول: حلي الشيء بعيني يحلا(7)إذا استحسنته، وحلا بفمي يحلو))، وراقني الشيء [يروقني](8)أي أعجبني والزّبرج ((الزّينة منَ وشٍيْ أو جَوهر أو نحوِ ذلك)(9): قال الجوهري: ويقال: الذّهب(10)، وقال ابن الاثير: في حديث علي (عليه السَّلام) ورَاقَهُم زبرجها الزبرج الزّينة والذهَّب والسَّحاب(11)(أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحبَّةَ، وَبَرَأ النَّسَمَةَ، لَوْلَا حُضُورُ / ظ 28 /

ص: 301


1- (البياء) في ث، تحریف
2- (ففتح) في أ، ر، ع، و في ث: (فيقح)، تحریف
3- القصص / 83
4- (الولادة) في أ
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 435 ونص ابن الاثير (وفي حديث...) بالواو
6- (حلبت) في ر
7- (محيلا) في أ، ع
8- [یروقني] ساقطة من ع
9- الصحاح، مادة (زبرج): 1: 318
10- نص الجوهري: ((ويقال: الزبرج الذهب)) الصحاح، مادة (زبرج): / 318
11- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 294

الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الحُجَّةِ بوجُوُدِ النَّاصِرِ) فلقت الشيء كضربته شققته، والحَبَّة بالفتح الحنطة والشَّعير ونحوهما(1)واما بالكسر فيزوُر البقُولِ وحبّ الريَّاحين ونحوهما ممَّا ليس بقُوت(2)، وبرأ أي: خلق، قيل فلمّا تستعمل فيغير الحياة فيقال: برأَ اللهُ النَّسَمَة، وخلق السّموات والأرض والنَّسمة محركة الانسان أو النَّفس والرّوُح وكثيراً ما كان (عليه السَّلام) [يُقسِمْ](3)باللّفظة، ولعَّل المراد بفلق الحبة شَقها بإخراج النَّبات منها، وقال ابن عبّاس، والضَّحاك في قوله تعالى: «فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى»(4)أنَّ المعنى خالقهما ومنشئهما(5)، وقيل: المراد ما في الحبّ والنوى من الشق(6)وهو بعيد، والقسم باللفظين لما في ذلك الفلق والخلق من لطائف الحكمة، وبدائع الصَّنعة وحضُور الحاضر أمَّا وجود من حضر للبيعة فما بعده كالتفسير، أو تحقق البيعة على ما قيل، أو حضوره سبحانه وعلمه کما قيل أيضاً، أو حضور الوقت الذي وقته الرَّسول (صلَّى الله عليه وآله) للقيام بالأمر (ومَا أَخَذَ اللهُ عَلَى [...](7)الْعُلَمَاءِ أنْ لا يُقَارُّوا(8)عَلىَ كِظَّةِ ظَالِمٍ، وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ) كلمة مَا مصدرية وجملة أن لا يقارّوا بعد التَّأويل بالمفرد في موضِع النَّصب مفعُول للآخر أو موصولة والعائد مقدر والجملة بيان لما أخذه الله بتقدير حرف الجّر أو بدل منه، أو

ص: 302


1- ينظر: الصحاح، مادة (حبب): 1 / 105
2- ينظر: لسان العرب، مادة (حبب): 1293، وتاج العروس: 1 / 396
3- [یُقسم] ساقطة من ث، ر
4- الأنعام / 95
5- ينظر: التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 4 / 208، 209
6- ينظر: تفسير البحر المحيط: 4 / 188
7- (على) مكررة في ر
8- (ألا يقاروا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 172

عطف بَيان والعُلماء أمَّا الائمة (سلام اللهُ عليهم) أو الأعم فيدل على وجوب الحكم بين الناس في الغيبة لمن جمع الشرائط والمقارة(1)على ما ذكره الجوهري أن تقر صَاحَبك وتسكن(2)وقال بعض الشارحين: ((اقرار كلّ واحِدِ صَاحبه على الأمر وتراضيهما به))(3)، والکِظَّةُ بالكسر ما یعتري الانسان من الامتلاء من الطعام(4)، والسَّغب بالتحريك ((الجُوع))(5)، وتلك المقارّة تّرك النهي عن الظلم والانتصاف للمظلوم (لَأَلْقَيْتُ حِبْلَهَا عَلىَ غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرِهَا بِكَأسِ أَوَّلِهَا) الضَّمائر راجعة إلى الخلافة للتقدم، أو دلالة المقام کما تقدم، والغارب ((ما بين السَنام والعنق))(6)أو مقدم السّنام والقاء الحبل عليه ترشيح لتشبيه الخلافة بالناقة التي يتركها راعيه لترعي حيث تشاء ولا يبالي من يأخذها وما يصيبها [وذكر الحبل](7)تخييل، والكأس اناء فيه شراب ولا يقال لها إذا خلا(8)، وقيل مطلقاً، وهي مؤنثة قال الله تعالى: «بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ٭ بَيْضَاءَ»(9)وسقيها بكأسِ أوَّلها ترکها والاعراض عنها لعدم الناصر، قال بعض الشارحين: التعبير بالسقي بالكأس لوقوع الناسِ بذلك الترك في

ص: 303


1- (المفازة) في أ، ث، ع
2- ينظر: الصحاح، مادة (قرر): 2 / 790، ونصه (وقارة مقارة أي قر معه وسكن)
3- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 254
4- ينظر: الصحاح، مادة (كظظ): 3 / 1178
5- معجم مقاییس اللغة، مادة (سغب): 3 / 77، وفي ع: (الحوع) تصحيف
6- الصحاح، مادة (غرب): 1 / 193
7- [وذكر الحبل] ساقطة من ح، ث، ر
8- ينظر: الصحاح، مادة (كأس): 3 / 969، والمخصص: 3 / 80، 79 ولسان العرب، مادة (كأس): 6 / 189
9- الصافات / 45، 46

طخية(1)عمياء وحيرة تشبیه(2)السّكر(3)(وَلَألْفَيْتُمْ دُنيْاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ) ألفَيتُم أي وجدتُم واضافة الدّنيا إلى ضمير المخاطبين لتمكنَّها في ضميرهم ورغبتهم فيها والاشارة للتحقير، والزّهد خلاف الرغبة والزّهيد القليل وصيغة التفضيل على الأوّل على غير القياسِ كأشهر وأشغل، والعنز بالفتح أنثى المعز، وعَفْطتها(4)مَا يخرجُ من أنفها عند النَثْرة(5)وهي منهَا شبه العَطْسة، كذا قال بعض الشارحين ويخدشه أنَّ المعروُف في العنز النفْطَة بالنّون وفي النَّعجة العفطة بالعين(6)، صرح به صاحب العين(7)والجوهري(8)، ومنه قولهم: ((ما له عافِطَةٌ ولاَ نافِطَةٌ))(9)((كقولهم: مَا له ثاغية ولا راغيَةُ أي لا شاه تثَغُو ولا ناقة ترغو))(10)والثُغاء والرغاء بالضم والمدّ فيها صوتهما، وقال بعض الشارحين: ((العفطة من الشاه کالعطاس من الانسان))(11)وهو غير معروف وقال ابن الاثير: في حديث علي (عليه السلام) من عَفطَة عنزٍ:

ص: 304


1- (طحية) في ث، ر، تصحيف
2- (يشبه) أ، ث، ح، ر، ع، ن، تصحيف
3- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 268
4- (وعطفتها) في ث، ر، تحریف
5- (النثرة للدواب: شبه العطس للناس، إلّا أنه ليس بغالب، ولكنه شيء يفعله بأنفه...) العين 8 / 219
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 173
7- ينظر: العين، مادة (عفط): 2 / 18
8- ينظر: الصحاح، مادة (عفط): 3 / 1143
9- المصدر نفسه، مادة (عفط): 3 / 1143
10- المصدر نفسه، مادة (عفط): 3 / 1143
11- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 254

أي ضرطة عنز(1). (قالوُا: وَقَام إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ / و29 / إلى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطَبَتِهِ، فَنَاوَلُه كِتَاباً فَأَقْبَلَ ينظر فِيهِ؛ فلمّا فرغ من قراءته

قَالَ لَهُ ابْنُ عباس رَحمةُ اللهِ عليهِ(2)يَا أَمِیر الْمُؤْمِنِیَن، لَوِ اطَّردتْ مَقَالتكَ(3)مِنْ حَيْثُ أَفضَيْتَ؟ فَقَالَ: هَيْهَاتَ يا ابن عباسٍ! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ

قَرَّتْ) أهل السَّواد ساکنوا القرى، وتسمى القرى سَواداً لخُضْرتها بالزّروع والأشجار، والعَرب تسمي الأخضر أسودّ(4)، ومنه قولهم: ((روضة مدهَامّة))(5)، أي: شديدة الخضرةِ كأنَّها سوداء، وأدهمّ كأحمر أسود(6)، وناوله أي أعطاهُ وأطردت مقالتك على صيغة الخطاب من باب الأفعال، ونصب المقالة على المفعولية كما في كثير من النسخ تقول(7): اطْرَدْتُ الشيء أي اتبعت بعضه بعضاً فاطَّرد(8)، وفي بعضها على صيغة المؤنث الغائب من باب الافتعال، ورفع المقالة على الفاعلية، والجزاء محذوف أي كان حسناً، والافضاء في الأصل الخروج إلى الفضاء أي: السّاحة ومَا اتَسع من الارض، قال بعض الشّارحين: كأنَّه يشبهه (عليه السَّلام) حيث سکت بمن خرج من خباء أو جدار إلى فضاء لأن النفس والقوى عند الانشاء والانشاد تجتمع إلى القلب

ص: 305


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 264
2- (رحمة الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 173
3- (خطبتك) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 33
4- ينظر: لسان العرب، مادة (دهم): 12 / 210، وينظر: تاج العروس، مادة (دهم): 16 / 260
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 264
6- ينظر: لسان العرب، مادة (دهم) 12 / 209
7- (يقول) في أ، ث، ح، ر، ع، تصحيف
8- ينظر: لسان العرب، مادة (طرد): 3 / 268

فإذا فرغ الانسان تفرقت وخرجت عن حَجْر الاجتماع واستراحت(1)، وهَيهات اسم يدّل على التبعيد، قال الشيخ الرَّضي (رحمه الله): وفيه معنى التعجب (2)فالمعنى مَا أبعد اطراد المقالة، والشقشقة بالكسر جلدة حمراء كالريّة يخرجها الجمل من جوفه ينفخ فيها (فتظهر)(3)من شدقه عند هياجه(4)، وأمَّا بالفتح فمصدر قولك: شقشَقَ الفحل شقشقة إذا هدر(5)، وهديره ترديده الصّوت في حنجرته(6)، واسناد الهدير إلى الشَّقشقة تجوّز وقَرَّت أي: سكنت، يقال(7): قرِرت بالكسر، وبالفتح أقر بالكسر، وفي الكلام اشعار بقلة الاعتناء بمثل هذا الكلام؛ أمَّا لعدم التأثير في السَّامعین کما ينبغي، أو لقلَّة الاهتمام بأمر الخلافة من حيث انَّها سلطنة أو لنوع من التقية في المبالغة في الشكوى أولغير ذلك. (قالَ: ابن عَباسٍ فَوَاللهِ مَا أَسِفْتُ عَلَى كَلاَمٍ قَطُّ كَأَسَفِي عَلَى ذِلك الْكَلاَمِ ألايَكونَ أمِیرُ المؤْمِنیْنَ (عَلَيه السَّلام) بلَغَ(8)مِنْهُ حَيْثُ أَرَادَ) الَأسَفُ بالتحريك أشدّ من الحُزن(9)، والفعل أسِفَ کَعلِم، وقطّ من الظُّروف الزمانية بمعنى أبداً(10)،

ص: 306


1- نص متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 174
2- شرح الرضي على الكافية: 3 / 90. وفيه: (ففيه معنى التعجب)
3- (فظهر) في ث، وفي ح: (فنطهر) تصحيف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (شقق): 10 / 185
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شقق): 10 / 185
6- ينظر: الصحاح، مادة (هدر): 2 / 853
7- (ويقال) في ث، ر
8- (أمير المؤمنين بلغ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 173
9- ينظر: الصحاح، مادة (أسِف): 4 / 1330
10- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 194، والنحو الوافي: 2 / 114

وهو من القطّ بمعنى القطِع(1)حكى الشَّارح عبد الحميد بن أبي الحديد عن ابن الخشاب: انه قال: لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له: وهل بَقِي في نفس ابن عمّك أمرٌ لم يبلغه لتتأسف والله ما رجِع عن الأوّلين ولا عن الآخرين(2). قوله (عليه السَّلام) في هذه الخُطبَة: (كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشَنَقَ لَهَا خَرَمَ وإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ) يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا شدَّدَ عَلَيْهِا(3)فِيجَذْبَ الزِّمامِ(4)وَهِي تُنِازِعُهُ رَأْسَهَا خَرَمَ أَنْفَهَا وَإِنْ أَرْخَى لَهَا شَيْئاً مَعَ صُعُوْبَتِها تَقحَّمَتْ بْه فَلَمْ يَمْلِكْهَا. يُقَالُ: أَشْنَقَ النَّاقَةَ إِذَا جَذَبَ رَأْسَهَا بِالزِّمَامِ فَرَفَعَهُ، وَشَنَقَهَا أَيْضاً، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ السَّكِيتِ في» إِصْلاَحِ الْمَنْطِقِ» وَإِنَّمَا قَالَ: (أَشْنَقَ لَهَا)، وَلَمْ يَقُلْ (أَشْنَقَهَا) لَأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي مُقَابِلَةِ قَوْلِهِ: (أسْلَسَ لَهَا) فَكَأَنَّهُ (عليهِ السَّلام)(5)قَالَ: إِنْ رَفَعَ لَهَا رَأْسَهَا بِالزِّمَامِ بِمَعنى(6)أَمْسَكَهُ عَلَيْهَا). إلى هاهنا كلام السّيد (رضي الله عنه) في كثير من النسخ، وفي بعضها زيادة قوله: وَفِي الْحَديثِ أَنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآلهِ) خَطَبَ النَّاسَ عَلَى نَاقة(7)قَدْ(8)شَنَقَ لَهَا وهِيَ(9)تَقْصَعُ (بِجِرَّتَهِا)(10)(11)، وَمِن الشَّاهِد عَلىَ أَنَّ أشْنَقَ بِمَعْنَى شَنَقَ قَوْلُ

ص: 307


1- ينظر: معجم مقاییس اللغة: 5 / 12
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 174، 175
3- (عليه) في أ، ح
4- (الزمان) في أ، تحریف
5- (فكأنه قال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 174
6- (يعني) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 174
7- (خطب على ناقة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 174
8- (وقد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 174
9- (فهي) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 174
10- (بحرتها) في ث، ح تصحيف
11- ينظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل: 4 / 186، وسنن الدارمي: 2 / 419، وسنن الترمذي: 3 / 294، والفائق في غريب الحديث: 1 / 177

عديِّ بنِ زَيْدٍ الْعبَاديّ(1):

سَاءَهَامَا بنَا تَبَيَّنَ فِي الْأَيْدِ ٭٭٭ وَ (إِشْنَاقُهَا)(2)إِلیَ الَأْعْنَاقِ(3)

أي: تَعليقها الجَرةَ بالكسرِ ((مَا يخرجه البعير من بطنه ثم يبلعه))(4)وتقصع ((بجرتّها))(5)أي: تردّها إلى جوفها، وقيل: أي تخرجها / ظ 29 / فتملأ فاهَا، وإنما تفعل ذلك إذا كانت مطمئنّة، وإذا خافت شيئاً لم تخرجها وأصله من تقصيع اليرّبُوع وهو اخراجه تراب قاصعَائه أي: حجرهُ، وقال الجوهري: قال أبو عبيد: قَصْعُ الجرة شِدَّةُ المضغ، وضمُّ بعَضِ الأسنان على بَعضٍ جعله من قَصع القَمْلة وَهو أن تهشِمها وتقتلها(6)، والعِبادي نسبة إلى عِباد بالكسر، وهي قبائل شتّی من بُطوُن العرب اجتمعوا على النصرانية بالحيرة(7)، وكان عدي في حبس النّعمان وقد غُلت يداهُ إلى عنقه فزارتهُ ابنة له صغيرة تسمى

ص: 308


1- هو عدي بن زید بن حماد بن أيوب من زید مناة تميم، كان يسكن بالحيرة وهو أول من تعلم الكتابة من بني أيوب، عمل ترجماناً لأبرواز ملك فارس، وكاتبة بالعربية، وروي عن ثعلب انه قال: عدي بن زید العبادي أمير المؤمنين في اللغة. ينظر: المعارف: 649، والشعر والشعراء: 1 / 219، وسير أعلام النبلاء: 12 / 19
2- (اسناقها) في ح، ث، تصحيف
3- دیوان عدي بن زید العبادي: 150، ولسان العرب: 10 / 188، وتاج العروس : 13 / 257، وروي الشطر الأول (وساءة ما بنا تبين في الأيدي) الأغاني: 2 / 405
4- لسان العرب، مادة (جرَّ): 4 / 130
5- (بحرتها) في ث، ح تصحيف
6- (تهشمها ويقتلها) في أ، وفي ث: (تهشمهما وتقبلهما)، وفي رواية الجوهري (یهشمها ويقتلها) الصحاح، مادة (قصع): 3 / 1266
7- ينظر: اللباب في تهذیب الانساب: 2 / 311، وفيات الأعيان، وأنباء أبناء الزمان: 1 / 206، والمختصر في أخبار البشر، أبو الفداء (ت 732 ه): 2 / 50

هنداً فلما رأته على تلك الحال بکت، وقالت: ما هذا الذي في يدك وعنقك يا أبه؟ فقال:

وَلَقَدْ غَمَنّي زِيَارَة ذي قُر ٭٭٭ بىْ لِقُربْنَا مُشْتَاقٍ

سَاءَها مَا بنا تبين في الاَيْدي ٭٭٭ وأشناقها إلى الاعناق

و(تبيّن) على لفظ الماضي أي ظهر، ويروى: (مَالها) باللاَم وضمير الغائبة، وأشناقها بالرّفع عطفاً على [ما](1)، ويروى بالجرّ عطفاً على الأيدي، قال بعض الشارحین(2)للرضيّ (رحمه الله): إذا كان الحديث قد ورد هكذا أن يحتج به على جواز (أشنق لها) فإنَّ الفعل فيه قد عُدّيَ باللاّم لا بنفسه، وقال في النّهاية في شَرحْ حدیثه (عليه السّلاَم): ((ويقال: شنَقَ لها وأشنَقَ لها ومنهُ حديث جابر فكان رسُول الله (صلى الله عليه واله) أوّلَ طالِعٍ فأشْرعَ ناقَتَهُ فَشَربتْ وَشَنق لها(3)، وأشَرعها أي: أدخلها في شريعة الماء.

[و] [مِن خُطْبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ الْسّلَامُ)]

ذكر هذه الكلمات شيخنا المفيد (قدسّ الله روحه) في الإرشَاد(4)، وقال: ومن كلامه (عليه السّلاَم) حين قتل طلحة والزبير وانفضّ أهل البصرة،

ص: 309


1- [ما] ساقطة من أ، ع
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 148
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 506. وفيه: (صلى الله عليه واله وسلم)
4- الإرشاد: 1 / 253، وفيه (...حين قتل طلحة وانفضّ أهل البصرة)

ورواها أيضاً بعض الشارحين(1)، وقال الشّارح عبد الحميد بن أبي الحديد: هذه الكلمات ملتقطة من خطبة طويلة مَنسُوُبة اليه (عليه السّلاَم) قد زاد فيها قوم أشياء حملتهم [عليها](2)أهواءهم لا توافق(3)ألفاظها طريقته (عليه السّلَام) في (الخطب)(4)، ولا تناسب فَصاحتُها فَصاحتَه، ولا حاجة إلى ذكرها ونحن نشرح هذه الألفاظ؛ لأنَّها كلامه (عليه السّلام) لا يشك في ذلك من له ذوق ونقد ومعرفة بمذاهب الفصحاء؛ ولأنَّ الرواية لها كثيرة؛ ولأنَّ الرّضي (رحمهُ الله) قد التقطها وصححها وحذف ما عداها(5). (بِنَا اهْتَدَيْتُمْ فِي الظَّلْمَاءِ، وَتَسَنَّمْتُمُ الْعَلْياء) الضّمير راجع إلى أهل بيت الرَّسالة ويشمل الرَّسول (صلى الله عليه وآله) والخطاب للحاضرين، ويعّم الحكم غيرهم، وَالظَلْماء بالفتح جهالة الجاهليَّة وغيرها، وتسنّم فلان النَّاقة إذا ركب سنَامَها، وتسَّنَم الشَّيء عَلاَهُ(6)، ((وَسَنَامُ كُلِّ شيَء: أعلاهُ))(7)والعَلْياء بالفتح ((كلّ مكان مشرف))(8)وموصوُف الظّلماء والعَلْياء محذوُف (وَبِنَا انْفَجَرْتُمْ(9)عَنِ السّرارِ) الانفجار السَّيلان، والمعنى خرجتم کما يخرج الماء من الارض، وأمَّا الانفجار

ص: 310


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 136، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 270
2- [عليها] ساقطة من أ، ع
3- (لا يوافق) في أ، ث، ح، ر، ع، م
4- (الحطب) في ح، تصحيف
5- قول متصرف به،: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 176
6- لسان العرب، مادة (سنم): 12 / 306
7- الصحاح، مادة (سنم): 6 / 2436
8- المصدر نفسه، مادة (علا): 6 / 2436
9- (افجرتم) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 34

بمعنى الدّخول في الفجر فليس في كلام اللّغويين، وفي بعض النسّخ الصَّحيحة (أفجرتم) على صيغة الأفعال أي دخلتم في الفجر، قال بعض الشارحين: هذه الرواية أصح وأفصح؛ لأن (انفعل) لا يكون إلاَّ مطاوع (فعل) نحو كسرته فانكسر إلاَّ ما شذَّ من قولِهم: (أغلَقتُ البابَ فانغَلقَ)، وأزعجته فانزعج، وأيضاً فإنَّه لا يقع إلاَّ حيث يكونُ علاج وتأثير نحو انكسر وانحطم؛ ولهذا قالوا: إنّ قولهم انعدم خطأ، وأمّا (أفعل) فيجيء لصيرُورة الشّيء على حال وأمر، نحو أغَدّ البعير، أي صَار ذا غدة، فأفجرتُم أي صرتم ذوي فجر(1)، وأمَّا (عن) فللمجاوزة على حقيقة معناها أي منتقلين، ومتجاوزين، والسِّرار بالكسر كما في النَّسخ وكذلك بالفتح اللّيلة أو اللّيلتان مِن آخر الشهّر(2)يستسر الهلال فِيْهما ويختفي بنور الشمس(3)(وُقِرَ سَمْعٌ لْمَ يَفْقَهِ الْوَاعِيَةَ؛ وَكَيْفَ يُراعِي النِّبْأَة مَنْ أَصَمّتْه الصَّيْحَةُ!) الوَقْرُ بالفتح الثِقْلَ في الأذن أو ذَهَابُ السَمْع / و30 / كله، يُقالُ: وقِرَتْ أذنُه على ما لم يسم فاعله، كما يقال: وقِرَتْ أي: صَمَّت، والقياسُ في مصدره التّحريك إلاَّ أنَّه جَاَءَ بالتّسكين(4)، والفقه بالكسر العلم والفهم(5)يقول: فقِه كفرِح(6)إذا فهم وفَقُه ككرمُ إذا صَار فقيهاً، والواعية ((الصّراخ والصّوت لا الصّاَرخة))(7)

ص: 311


1- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 177
2- (النهار) في أ
3- ينظر: العین، مادة (سر): 7 / 187، وينظر: الصحاح، مادة (سرر): 2 / 682، ولسان العرب، مادة (سرر): 4 / 357
4- ينظر: الصحاح، مادة (وقر): 2 / 848
5- ينظر: لسان العرب، مادة (فقه): 13 / 522
6- (كفرج) في أ
7- القاموس المحيط، مادة (وعى): 4 / 400

قال ابن الاثير ((في مقتل كعب بن الاشرف أو أبي رافع «حتّى سَمِعْنَا الوَاعِيَةَ» هو الصُّراخُ على الميّت ونَعْيه ولا يبنى منه فعل))(1)، وقال في القامُوسِ: ((وهم الجوهري))(2)يعني [في](3)قوله: الواعية الصارخة، فلا وجه لما تكلَّفه بعض الشَّارحين من أنَّه (عليه السَّلام) كنى بالواعية عن نفسه إذ صَاح فيهم بالموعظة الحَسنة والحثّ على الاُلفة وأن لا يشقوا عصَا المُسلمين فلم يقبلوا(4)(5)، والظّاهر أنَّه جعل التاء للمبالغة والجملة دعاء بالوقر على سمع لم ينتفع صاحبهّ به ولم يجب من دعا الىَ الله أو أخبار، والمعنى الأصّم حقّ الأصّم من كان كذلك، والنبأة بالتسكين ((الصّوت الخّفي))(6)، والمراد بالصّيحة القويُّ منهَا، ومُراعاة النبأة استماعها والقيام بحقها، ولعلّه (عليه السّلاَم) شبههم حيث لم ينتفعوا بالمواعظ الالّهية، والزَواجر النّبوية بمن أصّم أذنه صوت قوي فلا يسمع صوتاً [وسمى موعظة نفسه صوتاً](7)خفيّاً بالنّسبة [اليهما](8)أو جَعل هذه الموعظة خفيّا بالنّسبة إلى مَواعظه السّابقة، أو إلى الجميع ولا حَاجة إلى ما ذكره بعض الشَّارحين من أنّ المعنى وجدته الصّيحة أصّم كقولك: أحمدت فلاناً أي وجدته محمودا حتى لا يرد

ص: 312


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 208
2- القاموس المحيط، مادة (وعى): 4 / 400
3- [في] ساقطة من أ، ع
4- (يقتلوا) في أ
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 1 / 271
6- لسان العرب، مادة (نبأ): 1 / 164
7- [وسمي موعظة نفسه صوتاً] ساقطة من ر
8- [الیهما] ساقطة من أ، ع، وفي ث: (الى)

ان الاستفساد لا يجوز [على](1)الحكيم والمكلف لا يفسد بالموعظة(2)، قال: وبهذا(3)تأوَّل أصحابنا قوله تعالى: «وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ»(4)، ويرد عليهِ: أنّ هذا التأويل لا يجرى فيما بعد هذا الكلام، وهو قوله عزّ وجل: «وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً»(5)، وتأويل اللّاحق يجري في السّابقُ (رُبِطَ جنانُ لَمْ يُفَارِقهُ الْخَفَقانُ) الرّبط الشد، يقال: رَبَطَهُ (كضربه ونصره)(6)فهو ربيط، وَمُربوط(7)، ((والجَنان بالفتح القلب))(8)، والخفقان بالتحريك التّحرك والاضطراب، والظّاهر أنه دعاء بالسّكون والاطمئنان للقلوب التي ما زالت خائفة مضطربة من خشية اللهِ سبحانه أي: أعقبه الله سكينةً وثباتاً بخوفها وتقواها(9)، ويحتمل الاخبار، وفي بعض النسخ (رَبَطَ)(10)على صيغة المعلُوم كأنَّ تلك القلوب كانت تربط أنفسها. (مَازِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ، وَأَتَوَسَّمُكُمْ بِحِلْيَةِ الْمُغْتَرِّينَ) عاقبه الشيء آخره وما يتبعه، والغدر ضدّ الوفاء، والتوّسم التفّرس وهو معرفة الشيء بسماته وعلاماته(11)،

ص: 313


1- [على] ساقطة من أ، ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 177، 178
3- المصدر نفسه، ابن أبي الحديد: 1 / 178 وفيه: (وبهذا...)
4- الجاثية / 23
5- الجاثية / 23
6- (كنصره وضربه) في ث، ح، ر، م، ن
7- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ربط): 2 / 360
8- لسان العرب، مادة (جنن): 13 / 93
9- (بخوفه وتقواه) في ث، ح، ر
10- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 135
11- ينظر: الصحاح، مادة (وسم): 5 / 2052، ولسان العرب، مادة (وسم): 12 / 637

وحْلِيّةُ الرجل بالكسر ((صِفَته))(1)، والغِّرة بالكسر ((الغفلة))(2)، وَغرَّهُ غُرُوراً فَاغتر أي خَدَعَهُ فَخُدِعْ(3)والاضافة في عواقب الغدر أمّا بيانية أي: ما زلت منتظرا غدركم ونقضكم بيعتي عالماً بالسّمات والعلامات أنكم تغترّون بالشبه والاباطيل أولامّية أي منتظراً نزول الخزي والمصائب بكم لعلمي بأنكم ستغدرون(4)بأخبار من رسول الله (صلى الله عليه واله) أو بالتّفرس ومتفرسّاً فيكم أنكم تغتروّن والمخاطب أما بقايا أصحاب الجمل خاصّة أو مع المقتولين من هم كطلحة والزّبير، وقال بعض الشارحين(5): هذا كخطاب النّبيّ (صلى الله عليه واله) أهل القليب(6)وهم جيف منتنة يا عتبة بن ربيعة(7)يا شيبة(8)[بن ربيعة](9)يا عمر وبن هشام(10)(سَتَرنِي عَنْكُمْ جِلْبَابُ

ص: 314


1- الصحاح، مادة (حلا): 6 / 2318
2- لسان العرب، مادة (غرر): 5 / 16
3- ينظر: الصحاح، مادة (غرر): 2 / 769
4- (ستعذرون) في أ، ث، ع
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 178
6- (القلب) في أ،، ث، ع، ن
7- هو عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكنيته أبو الوليد، من سادات قريش في الجاهلية، كان ضخم الجثة عظيم الهامة، شهد بدراً مع المشركين وقُتل فيها سنة (2 ه). ينظر: الأعلام: 4 / 200
8- أخو عتبة بن ربيعة، قاتل المسلمين في غزوة بدر وقُتِل فيها سنة (2 ه) قتله حمزة بن عبد المطلب عم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم). ينظر: تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر: 38 / 259
9- [بن ربيعة] ساقطة من أ، ع
10- عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزومي القرشي، أشد الناس عداوة للنبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم)، وحاول أن يقتله أثناء صلاته صلوات الله عليه، وهو أحد سادات قريش ودهاتها في الجاهلية، كان يقال له أبا الحكم دعاه المسلمون أبا جهل. ينظر: السیرة النبوية، ابن هشام: 1 / 194، وسیر أعلام النبلاء: 1 / 171 والسیرة النبوية، ابن كثیر: 1 / 473، الأعلام: 5 / 87

الدِّينِ، وَبَصِّرَنِيكُمْ صِدْقُ اِلنِّيَّة) الجِلباب بالكسر الملحفة وقيل ثوب واسع للمرأة دون الملحفة، وقيل: إزار ورداء، وقيل: كالمقنعة تغطى بها المرأة رأسها / ظ 30 / وظهرها وصدرها(1)والظّاهر أن المعنى: سترني عن أعينكم فلم تعرفوا ما أقدر عليه من الغلظة والعنف جلباب ديني وخوفي من الله، فمنعني من العمل فيكم بالغلظة التي تستحقونها بما أعرفه من ضمائر كم من النفاق، وخبث السّيرة، فعملت فيكم بالرفق وهذا كقول المهذر وأنت لا تعرفني ولو شئت لعرفتك نفسي، وقال بعض الشّارحين(2): أوضح الوجوه فيه أنّ إظهاركم(3)الاسلام عصمكم مني مع علمي بنفاقكم، وإنّما أبصرت نفاقكم وبواطنكم الخبيثة بصدق نيتي كما يقال: المؤمن ينظر بنور الله، ولعلّ هذا الوجه أنسب بما رواه بعضهم ستركم عنّي جلبابُ الدّين(4)، وفسرّ بعض الشّارحين قوله (عليه السلام) ((وبصرنيكم صدق النّية)) بأنه إذا صدقتم نياتكم ونظرتم بأعين لم تطرف بالغش والحسد عرفتم عظيم منزلتي(5)وردّ بأنّه لو أراد هذا لقال وبصرّكم إيّاي(6)مع انّ التعليق بالشرّط خلاف الظّاهر والواو للعطف أو للحال بتقدير قد (اَقَمْتُ لَكُمْ عَلَى سَنَنِ الْحَقِّ فِي

ص: 315


1- ينظر: لسان العرب، مادة (جلب): 1 / 272
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 176
3- (اظهار) في أ، ع، تحرف
4- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 139
5- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 139
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد:: 1 / 178

جَوَادِّ الْمَضَلَّةِ؛ حَيْثُ تَلْتَقُونَ وَلاَ دَلِيلَ، و[...](1)تْحَتَفِرُونَ وَلَا تِمُيهُونَ) السَنَن بالتحريك ((الطّرَيقة))(2)، ((والجادة: معظم الطّريقة))(3)، والمضلّة بفتح الميم وكسر الضّاد كما في النّسخ وكذلك بفتحها الأرض يضل فيها الطّريق، واحتفار الأرض حفرهَا، واَماهَ الحافِر إذا بلغ الماء، وَمَاهت الركية ظهر ماؤها وكثر(4)، والهمزة في الماء بدل من الهاء أي وقفت على منهج الحق حيث تشعبت طرق الضّلال عن اليمين والشّمال وأنتم تائهون حائرون لا تجدون(5)دليلا، ولا تجدون سبيلاً، وتجتهدون في طلب ماء يدفع عنكم العطش، ويزيل الظّمأ فلا تجدون فأرشدتكم) إلى سواء الصّراط (الْيَومَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْماءَ ذَاتَ الْبَيَانِ) الاعجم الذي لا يقدر على التكلّمِ أَصلاً، والذّي لا يفصح وإن كان من العرب، والبهيمة عجماء لأنّها لا تتكّلم(6)، قال بعض الشارحين: المراد بهَا الرموز المندرجة في الخطبة فهي لغموضها لا نطق لها وهي جلية عند أولي الألباب فكانت(7)ذَواتِ اَلبيان كما قيل: ما الأمور الصّامتة الناطقة؟ فقيل(8): الدّلائل المخبرة، والعِبرَ الواعظة(9)، وقال بعضهم: المراد العِبَر الواضحة والمثلات التّي حلّت بالفاسقين وما هو واضح من فضله (عليه

ص: 316


1- (ولا) زائدة في أ، ع
2- الصحاح، مادة (سنن): 5 / 2138
3- المصدر نفسه، مادة (جدد): 2 / 452، ولسان العرب، مادة (جدد): 3 / 109
4- ينظر: لسان العرب، مادة (موه): 13 / 546
5- (لا يجدون) في أ، ث، ر، م، تصحيف
6- ينظر: الصحاح، مادة (عجم): 5 / 1980، 1981، وفي أ، ع: (يتكلم) تصحيف
7- (وكانت) في ا، ع
8- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 179
9- (الواضحة) في أ، ع، تحريف

السّلَام) عليهم وما ينبغي لهم أن يعتبروُه من حال الدّين واتباع أمر ربّ العالمين فهذه الأمور لا تنطق بلسَان المقال، وتفصح عن المقاصد ببيان الحال وانطاقها(1)التعبير عن مؤدّاهَا(2)(عَزَبَ(3)رَأَيُ أمْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنيِّ) عَزَبَ عنِي كنصر وضربَ ((بَعُدَ وغَاب))(4)، والكلام يحتمل الاخبار، والدعاء أي: أبعده اللهُ. (مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُه. لَمْ يُوجِسْ مُوسَى خِيفهً عَلَى نَفْسِهِ؛ أَشْفَقَ(5)مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ وَدُوَلِ الْضُّلاَلِ) من علبة الجهال ودول الضلال) الوُجْس كالوعْد الخوف «فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً»(6)أضمر والإشفاق الخوف، والدُوَل بضم الدال وفتح الواو وفي أكثر النسخ جمع دولة بالفتح أي: [غلبه](7)أحد الخصمين، وقيل: جمع دولة بالضم وهو المال الذّي يتداوله النّاسِ مّرة لهذا ومّرة لذاك وجمع الدَوْلَةُ في الحَربْ دول بكسر الدَّال، و: قيل الدَّولة والدُّولة يكونان في المالِ والحرب(8)، وفي بعض النّسخ و(دولة الضّلال) بفتح الدّال على لفظ المفرد أي: لم يعرض لي شكّ في الحقّ قطّ، ولعل الغرض ردع من شك من المخاطبين في قتال أهل الجمل؛ لأنّهم من أهل القبلة وتعريض بهم، ثم دفع (عليه السّلاَم) الوهم الناشئ في المقام أعني جواز الشك في الحق لمثله من لفظ الآية في موسى (عليهِ السَّلام) بأن خوفه لا ينافي اليقين الحاصِل له من قوله

ص: 317


1- (انطاق) في أ، وفي ع: (الانطاق)
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 1 / 274
3- (غرب) في ث، ر، تصحيف
4- الصحاح، مادة (عزب): 1 / 180
5- (بل أشفق) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 35
6- طه / 67
7- [غلبه] ساقطة من أ، ع
8- ينظر: الصحاح، مادة (دول): 4 / 1699، 1700

تعالى لما قال هو وهارون: «رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى»(1)فقال عزّ وجل: «لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى»(2)فهو (عليه السّلاَم) / و31 / وإن كان علم بإخباره سبحانه أنه لا يصيبه أذى من فرعون وسحر السّحرة، لكن لعّله لم يعلم أنه يغلب على السّحرة في هذا اليوم، فخاف [من](3)أن يؤخر سبحانه ابطال كيدهم لمصلحة أحاط بها علمه الشامل فتكون الغلبة للضلال حتّى حين، فأوحى الله عز وجل [اليهِ](4): «لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ٭ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا»(5)وبعد وروُدِ هذا الوجه عنه (عليه السّلاَم) لا يلتفت إلى ما ذكره المفسرّون في هذا المقام، وجوّز بعض الشّارحين أن (تكون)(6)كلمة (أشفق) صيغة التفضيل منصوبه على الصفة لخيفة، والتقدير: لم يُوجس موسى اشفاقا أشدّ من اشفاقه من غلبة الجهّال، ودول الضلال، والمقصود أن خوفه لم يكن على مجرّد نفسه، بل أشدّ خوفه على الديّن(7)، وتعسّفه واضح (الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا عَلىَ سَبِيلِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ) التواقف بتقديم القاف وقوف [كل](8)بإزاء الآخر، ولعلَّ الإبهام في الكلام مثله في قوله تعالى: «وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ»(9)

ص: 318


1- طه / 45
2- طه / 46
3- [من] ساقطة من أ، ع، ن
4- [اليه] ساقطه من أ، ع
5- طه / 69، 68
6- (یکون) في أ، ث، ر، ع، م، ن، والانسب للسياق ما اثبت في المتن
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 1 / 275
8- [كل] ساقطة من أ، ع، ن
9- سبأ / 24

وقال بعض الشّارحين: ((المواقفة مفاعلة من الطرفين والخطاب لمُقابليه في القتال والمراد أنّي واقف على سبيل الحقّ، وأنتم واقفون على سبيل الباطل)(1)، ولعّله استفاد التعيين من الكلام السّابق وعبرّ بالمواقفة بلفظ المفاعلة؛ لموافقة البابين في المعنى وعود اختلافهما إلى أمر لفظي (مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ) الظَمَأ بالتحريك شدة العطش [أوالعطش](2)، والاسم الظِمأ بالكسر(3)والكلامُ في موضع المثل (وعروض)(4)العطش عند عدم الوثوق من المشاهدات ونظيره غلبة الجوع في القحط والصّوم والمراد نفي شدة الظّمَأ والفرد الكامل منه، ولعل المعنى انكم أن وثقتم بقولي(5)وأيقنتم بالحق كنتم أبعد عن الريّب كما أنه لم يختلجني شك في وجوب قتالكم وإن كنتم من أهل القبلة وإنّي على الحقّ وأنتم على الباطِل.

ومن كلامٍ له (علیه السَلاَم)

لِما قبض رسول اللهِ (صلى اللهُ عليه وآله) وخاطبه العباس وأبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة المعروف بين أهل السّير مخاطبة أبي سفيان وإنّه (عليه السّلَام) أجابهُ بهذا الكلام أو غيره ممّا يدل على(6)أنه أراد تهيج الشرّ لا إقامة سنن الحقّ ومتابعة الرّشاد (أَيُّهَا االنَّاسُ؛ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجاةِ)، قال بعض الشارحين: شبه (عليه السّلَام) الفتنة بالبحر المُتلاطِم

ص: 319


1- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 1 / 275
2- [او العطش] ساقطة من أ، ع
3- ينظر: تاج العروس، مادة (ظمأ): 1 / 203
4- (وعروص) في ث، ح، تصحيف
5- (بقول) في أ
6- (عليه) في ث، ر

فاستعار لفظ الأمواج، وكنى بها عن حركة الفتنة وقيامها، ووجه المشابهة الاشتراك في كونهما سبباً للهلاك، واستعارَ السّفن لكلّ ما يكون وسيلة إلى الخلاصِ من الفتنة من مهادنة أو حيلة مخلصة أو صبر(1)، ولعّل الأظهر تشبيه الفتن بالأمواج فإنَّها تتضاعف(2)وتترادف [...](3)وينشأ بعضها من بعضٍ فالإضافة كإضافة اللجين إلى الماء، ويناسبه جمع الفتن، وقيل: المراد كونوا مع أهل البيت (عليهم السّلاَم) اشارة إلى قوله (صلى الله عليه وآله): (مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق)(4)وأورد عليه بأنه [...](5)لا شبهة في أنهم (عليهم السّلاَم) سفن النجاة ولكنّهم لم يرادوا بهذه اللّفظة؛ لانّ المراد هاهنا التّقية، واتباع الذين عقد لهم الأمر والكون معهم (عليهم السّلاَم) نقيض(6)ذلك، ويمكن دفعه بأنّ الكون معهم (عليهم السّلَام) [...](7)يعم التقية في موضعهَا والنهوض بالطلّب في محلّه، فالمعنى لا تخلفُوا عن أمري في الأمرين نعم لإبقاء الكلام على اطلاقه وجه غير بعيد (وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ، وضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ) ((التعْريج على الشيء الإقامة عليهِ، يقال: عَرج على المنزلِ إذا حُبسَ(8)مَطيّتَه

ص: 320


1- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 1 / 277
2- (يتضاعف) في ث، ر، تصحيف
3- [ما] زيادة في ر، م، لا يقبلها السياق
4- مجمع الزوائد: 9 / 168
5- [لا شبهة عليه بأنه] زيادة مكررة في أ، لا يقتضيه السياق
6- (يقتض) في أ، وفي ث: (نقبض)
7- [يقتض ذلك ويمكن دفعه بأن الكون معهم عليهم السلام] زيادة مكررة في أ
8- (جلس) في ع، تحريف

عليه))(1)، وأقام وعن الشيّء تركه بتضمين معنى العدول والاعراض، لا أنه يعدّی بعن کما زعمه بعض الشارحين(2)، والمنافرة المباعدة، والتِيجان بالكسر جمع التاج وهو ما يصاغ للملوك من الذّهب والجوهر وأصل الياء واو والتّعبير عن ترك المفاخرة بوضعه لاستلزام لبسه العظم والكبر والغرض ردع المخاطبين عن تهيج الشر للتعظم والتّجّبر / ظ 31 / والقصد إلى المبايعة للأغراض الفاسدة لا لتشييد أركان الدّين. (أَفْلَحَ(3)من نَهَضَ، بِجَنَاحٍ، أَوِاسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ، ((الفَلاحُ الفوز والنَجاة والبَقاء)(4)، مَنْ والفعل أفلح کالنّجاح [وأنجح](5)، والنّهوض القيام ونهض الطائر إذا بسط جناحه ليطير، والاستسلام الانقياد وأراحَ أي: جعل النّاس ونفسه في راحة ولم يُلقهم في المتاعب والمهالك، والكلام يحتمل الاخبار والدّعاء، والظّاهر أنّ المعنى فاز من قام في طلب المقصُود إذا تهَيَأ أسبابه ووجد أعوانا، والجناح عبارة عنها أو انقاد لما يجري عليهِ وقعد عن الطّلب رأساً إذا فقد أسبابه، وقد صَرح (عليه السّلاَم) في كثير من الكلمات التّظلّم بأنَّ قعوده عن الطَلب كان لفقد الأعوان، لا ما ذكره بعض الشارحين من أنه استعار النّهوض بالجناح للاعتزال أي نفض يديه كطائر ينهض بجناحيه(6)، واعتزل عن النّاسِ وساح

ص: 321


1- الصحاح، مادة (عرج): 1 / 328
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 185
3- (افلج) في ع، تصحيف
4- الصحاح، مادة (فلح): 1 / 392
5- [وانجح] ساقطة من أ، ع
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 183

(1)في الارض أو فارق الدنّيا ومات ولوبقي فيهم ترك المنازعة (مَاءٌ(2)آجنٌ ولُقمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا) الآجِنُ: المتغيّر الطعم والرائحة(3)، والفعل كضَرَبَ وفَرَحَ ونَصَرَ آجُنا وأجُونَا، والغصّة بالضم ما اعترض في الحلق(4)يقال: غصصت بالماء وباللّقمة كعلِمتْ فأنا غاصٌّ، أي: الخلافة والامارة مطلقاً کالماء واللّقمة تستتبع المتاعب والمشاق في الدّنيا ويناسبه التّألم بالماء واللّقمة عاجلا وفي أوّل الأمر أوانها تستتبع المشقة عاجلاً لو كانت حقّاً، [و](5)عاجلًا وآجلاً لو كانت بَاطلة، ويمكن أن يُراد [أن](6)ما انعقدت في السقيفة كالماء الأجن الذي يجد شاربه الألم من أوّل شربة، فيكون اشارة إلى المشقّة العاجلة وكاللقمة التي (تعترض)(7)في حلق آكلها فلا يكادُ يسيغها بعدَ ما ذاق لذة طَعمها(8)، فيكون اشارة إلى العذاب في الاخرة (ومْجُتَنِى الثَّمَرَةِ لِغَیِرْ وَقْتِ إِيِنَاعِهَا كَالزَّارِعِ بِغَیْرِ أَرْضِهِ) اجتنى الثمرة وجناها قطفَها(9)، وَأيْنَعَ الثمرة (نضجت)(10)وأدركت(11)أي من اجتنی ثمره في غير وقتها لا ينتفع بها كزارع

ص: 322


1- (وساخ) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن، تصحيف
2- (هذا ماء) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 35
3- ينظر: الصحاح، مادة (أجن): 5 / 2067
4- ينظر المخصص، مادة (غصص): 1 / 32
5- [و] ساقطة من أ، ع
6- [أن] ساقطة من أ
7- (يعترض) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن، تصحيف، والمناسب للسياق ما اثبتاه في المتن
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 182
9- ينظر: تاج العروس، مادة (جنى): 19 / 294
10- (نصجت) في أ، ث، ح، ع، تصحیف
11- ينظر: لسان العرب، مادة (ينع): 8 / 415

أرض لا يقدر على الاقامة فيها [أو](1)يخرجه عنها مالكها، ويمكن أن يكون المراد بالزّارع في غير أرضه من تقمص(2)الخلافة ولحقه والوبال في الآخرة، والتشبيه في مطلق [عدم ](3)الانتفاع وإن كان في كلّ من وجه أي الطلب في غير وقته، ومع عدم الأسباب كالزَرع في أرض الغير في عدم الجدوى والانتفاع (فَإِنْ أَقُلْ يَقُولوُا حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ وَإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا: جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ. هَيْهَاتَ بَعْدَ الليتا(4)والَّتِي!) الجزع ((نقيض الصَّبرْ))(5)(جزع)(6)كفرح، والَليّتا بفتح اللاّم، وتشديد الياء تصغير التّي، وجوّز بعضهم ضم اللّام، وفي النّسخ بفتحها، والليتا والتّي من أسماء الدّاهية(7)، الليتا(8)للصّغيرة، والتّي للكبيرة، قيل: تزوج رجل امرأة قصيرة سّيئة الخلق فقاسي منهَا الشدائد، ثم طلقها وتزوج طويلة فقاسي منها أضعاف القصيرة فطلقها، وقال: بعد الليتا(9)والتي لا أتزوج أبداً، فَصار مثلاً(10)، ومعنى الكلام ما أبعد ظنّ الجزع من الموت في حّقي بعدمَا ارتكبته من الشّدائد، والقيت نفسي فيها من الحروب والوقائِع. (وَاللهِ لَابْنُ أَبي طَالِبٍ آنَسُ بالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ) الأنس

ص: 323


1- [أو] ساقطة من م
2- (يقمص) في ر، م، تصحيف
3- [عدم] ساقطة من ث، م
4- (اللتيا) في ث، م
5- الصحاح، مادة (جزع): 3 / 1196
6- (حزع) في ح، تصحيف وفي ر، م، (حتى جزع)
7- ينظر: القاموس المحيط: 4 / 384، وتاج العروس، مادة (لتی): 20 / 142
8- (فاللتيا) في ث، م
9- (اللتيا) في ث، ع
10- ينظر: جمهرة الأمثال: 1 / 223، ومجمع الأمثال: 1 / 97

((ضدّ الوحشة))(1)، وتفسيره بالسرّور کما وقع لبعض الشارحين(2)من قبيل التفسير باللازم لاستلزام الأنس السّرور بعد الوصول، والأنس بالموت من حيث إنّه يوجب الخلاص عن سجن الدنيا ومقاسَاة الشدائد لا ينافي الرضّا بالحياة؛ لأنّها من قضاء الله إذ الأوّل مقتضى الطّبع مع قطع النظر عن مصالح الحياة والأمُور الخارجة، والثاني بحكم العقل وغرضه (عليه السّلَام) ردّ ما توهَموه من خوفه الطّبيعي من الموت والظاهر أنّ التّفضيل / و32 / من حيث الشدّة لا أن ميل الطفل طبيعي حيواني فانٍ، وميله (عليه السّلاَم) عقلي باقٍ کما زعمه بعض الشارحين(3)(بَلِ انْدَمْجَتُ عَلىَ مَكنُوُنِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمُ اضْطِرابَ الْأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِىِّ الْبَعِيدَةِ) ((دَمَجَ الشيءُ دُمُوجاً إذا دَخل في شيء واستحكم فيه))(4)وادمجته(5)إذا لففته(6)، وقال في النهاية في تفسير قوله (عليه السلاَم): ((أي: اجتمعت عليه وانطويت واندرجت))(7)، والکَنَّ [بالفتح](8)السّتر(9)، وبالكسر كلّ شيء وقي شيئا وستره وکننت الشيء اکننته إذا سترته واضمرته(10)وَباحَ بالشيءَ يَبُوحُ به إذا أعلنه وأظهرهُ،

ص: 324


1- تاج العروس، مادة (أنس): 8 / 188
2- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، قطب الدين الراوندي: 1 / 146
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 279
4- الصحاح، مادة (دمج): 1 / 315
5- (ادلجته) في ن، تحریف
6- ينظر: لسان العرب، مادة (دمج): 2 / 275، وفي أ، ع (لفضته)
7- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 132
8- [بالفتح] ساقطة من أ، ع
9- ينظر: الصحاح، مادة (كنن): 6 / 2188، وفي أ (بالستر)
10- ينظر: لسان العرب، مادة (كنن): 12 / 360، 361

والرِّشَاء بالكسرِ والمدّ الحبل والجمع أَرْشَيِةٌ(1)، والطّويّ ((البئر المطويّة))(2)وهو في الأصلِ صفة ولذلك يجمع على أطواء(3)كشِريف وأشراف ويتيم وأيتام، ثم نقل إلى الاسمية وتأنيث الصفة لأنه بئر، ولعل المعنى أن قعودي عن القتال ليس للجزع من الموت بل لأنطوائي على علم خصّني به الرّسولُ (صلى الله عليه وآله) الذي من جملته الأمر بترك المنازعة في مبدأ الأمر، ولو أخبرتكم بما تضمنه ممّا يجري في خلافة من تقدم علي وغلبته(4)بني أميّة وما يؤول اليه الأمر لاضطربتم کالحبل في البئر البعيدة وعلى هذا فالمانع من القتال بعض أجزاء هذا العلم والموجب للاضطراب بعض آخر ولا محذور إذ المجموع واحد باعتبار، ويحتمل أن يراد بالعلم مايؤول اليه الأمر على تقدير المنازعة من ذهاب الإسلام واستيصال أهله وغلبه الكفّار، وقيل: المراد يمنعني عن المنافسة(5)في الخلافة شغلي بما انطويت عليه من العلمِ بالآخرة ومَا شاهدته من نعيمها وبؤسها، ولو كشفتها لكم لاضطربتم خوفاً من الله وشوقاً إلى ثوابه ولذهلتم عن المنافسة(6)في الدنيا ويخدشه أن ذلك العلم لا يوجب القعود عن طلب الخلافة التّي أمره الله بهَا وإن كانت مطلوبة لبعض الناس من حيث إنّها أمارة وسلطنة(7).

ص: 325


1- ينظر: الصحاح، مادة (رشا): 6 / 2357
2- العين، مادة (طوي): 7 / 466
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (طوي): 6 / 466
4- (غلبتهم) في ر
5- (المنافسة) في أ، وفي ع (المناقشة)
6- المسافسة) في ث، ر، وفي م (المناقشة)
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 280

[ومن كلام لَهُ (عليه السلام)] لما اشيرعليه بان لا يتبع طلحة والزبير، ولا يرصد لهما القتال

اشار في الأمرِ بالرأي [أي](1)أمر بما رآه أصلح يتعدى ب (على) وباليد ب(إلى)، و((الإرصاد: الأعداد))(2)، يقال: رصدت فلاناً إذا قعدت على طريقه تترقبه وأرصدت له العقوبة إذا أعددتها له كأنك أقعدتها على الطّريق مترقبة له(3)قيل: أقبل (عليه السّلَام) یرید الطّواف وقد عزم(4)على قتالهما وكانا ذهَبا بعائشة إلى البصرة فقال بعض أصحابه: الرأي أن لا تطلبهم ولا تقاتلهم، وقيل كان ذلك بعد مَا نزل بالربذة(5)يطلبهما ليقاتلهما (وَاللهِ لَا أَكُونَ كَالضَّبُعِ تَنَامُ(6)عَلىَ طُولِ اللَّدْمِ؛ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا طَالِبُهَا وَيْخَتِلَهَا رَاصِدُها) الضبع الجنس المعروف مؤنثة سماعاً والذكر منها ضِبْعان کسرحان، والأنثى ضبعانة، وجمعها ضباع کسباع، وتنام أي تصبر تجوزاً أو على التضمين، واللدم صوت الحجر أو الشيء يقع بالأرضُ ليس بالشدید(7)قاله الاصمعي

ص: 326


1- [أي] ساقطة من ث، ر، م
2- لسان العرب، مادة (رصد): 3 / 177
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رصد): 3 / 177
4- (غرم) في م، تصحيف
5- الربذة: من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق على طرق الحجاز، وبهذا الموضع قبر أبي ذر الغفاري اقام بها إلى أن مات، خربت الربذة باتصال الحروب بين أهلها وبين ضرية ثم استأمن اهل ضرية إلى القرامطة فاستنجدوهم عليها فارتحل عن الربذة أهلها فخربت. ينظر: معجم البلدان: 3 / 24
6- (ثنام) في م، تصحيف
7- الصحاح، مادة (لدم): 5 / 2028، وفيه: (وليس بالصوت الشديد)

وقال: أبو عبيد يأتي صائد فيضرب بعقبه الأرض عند باب مَغارِهَا ضربا خفيفاً وذلك هو اللدم ويقول: خامري أمّ عامِر مِراراً بصوت ضعيف فتنام على ذلك الضبع فيجعل الحبل في عرقوبِهَا ويجرها فيخرجها(1)، وخامري أي استتري والزمي مكانك(2)، وأمّ عامر كنية لها(3)، والخَتَلَ والمُخاتلة المخادعة(4)، وراصدُها صَائدها المترقب لها، والمعنى لا أصبر حتى يتم كيدهم فلا أقدر على دفعه ويتسلطوا علّي (وَلكِنِّي أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَی الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْهُ،

وَبِالسَّامِعِ الْمُطيعِ العَاصِي الْمُرِيبَ، أبَداً حَتىَّ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمِي) المريب: الشاك(5)يقال: ((أرابَ الرجل أي صار ذا ريبة))(6)، وهِيَ: التهمة والشّك وهو في مقابلة السامع أي من يسمع الحق بسمع القبول ويأتي على يومي أي ينقضي مدة حياتي (فَوَا اللهِ مَازِلْتُ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي، مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ مُنْذُ قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ) حَتَّى ظ 32 / يَومِ النَّاسِ هذا) الاستئثار الإنفراد بالشيء ورجل مستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أشياء(7)حسنة فيمنعهم إيّاها وهم، مستأثر عليهم على لفظ المفعول وهذه من الكلمات الصّريحة في التظلم.

ص: 327


1- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 191، وينظر: حياة الحيوان الكبری، کمال الدين دميري (ت 808 ه): 1 / 506
2- ينظر: تاج العروس، مادة (خمر): 6 / 367
3- ينظر: الصحاح، مادة (عمر): 2 / 759
4- ينظر: تاج العروس، مادة (ختل): 14 / 192
5- ينظر: لسان العرب، مادة (ریب): 1 / 442
6- المصدر نفسه، مادة (ریب): 1 / 442
7- (شيئاً) في أ

ومن خطبة لهُ (عليه السَّلام)

(اتَّخَذُوا الشَّيْطَانَ لِأَمْرِهِمْ مِلاَكاً، وَاَتَّخَذَهُمْ لهُ أَشْرَاكاً) مِلاكٌ الأمر بالكسر ما ذيقوم به، ويقال: القلب ملاكُ الجسد، والاشراك أمّا جمع [شريك](1)[...](2)کشریف وأشراف أي عدّهم من شركائه في اضلال الخلق، وأما جمع شرك بالتّحريك كجبل وأجْبال أي جعلهم حبائل لاصطياد الناسِ (فبَاضَ وَفَرَّخَ فِي صُدُورِهِمْ، وَدَبَّ وَدَرَجَ في حُجُورهِمْ) بَاضَتْ الدجّاجة فهي بَائِضٌ وَبَيُوضٌ، ويقال: بَيُوض إذا أكثرت وفرخت الطّائرة(3)[](4)والبيضة وأفرخت وفرّخت صار لها فرخ وهو ولدها والأنثى فرخة، وفي الاخبار أن الشياطين [ليس](5)فيهم نتاج بل تبيض وتفرخ، ودبّ الصّبي مشي مشياً روُيداً(6)، ودرج أي: ((مشی))(7)، والدرّاجة [التي](8)يدرج عليها الصبى وهي كالعجلة الصغيرة(9)، قيل: الدرج أقوى من الدبيب وهو المناسب للكلام، وأمّا قولهم فلان أكذب من دبّ ودرج فمن درج مضى لسبیله أي: أكذب

ص: 328


1- [شريك] ساقطة من أ، ع، ن
2- [كشريك واشراك] في م
3- (الطائر) في ث، ح، م، وفي ر (الظائر) ينظر: الصحاح، مادة (بيض): 3 / 1068
4- [] بياض في ث، ح، م
5- [ليس] ساقطة من أ، ع
6- ينظر: الصحاح، مادة (دبب): 1 / 124، وتاج العروس، مادة (دبب): 1 / 478
7- الصحاح، مادة (درج): 1 / 313
8- [التي] ساقطة من أ، ع
9- ينظر: لسان العرب، مادة (درج): 2 / 266

الأحياء(1)والأموات، والحجور جمع حجر بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم وهو الحِضن(2)أي ما دون الأبط الى(3)الكشح وجانب الشيء ونشأ فلان في حجر فلان أي في ستره وحفظه(4)والكلام أمّا محمول على الحقيقة وإن الشيّطان إنما يفعل ذلك بمن اتبعه اتباعاً كاملاً فالفاعل في الفعلين المتأخرين غيره في السّابقين أو المراد الجنس مع قطع النظر عن الإفراد أو على التوسّع كناية عن شدة المُلازمة والمتابعة (فَنَظَرَ بأَعْيُنِهِمْ، وَنَطَقَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الْخَطَلَ) الزّلل بالتحريك ((الخطأ والذّنب))(5)وأصله من زَلّ كملَّ زليلاً ومزلة(6)بكسِر الزّاي إذا زلق قدمه في طين ونحوه(7)، والباء في ركب بهم(8)للتّعدية والاستعانة لايخلو عن بعد، والخطل بالتحريك ((المنطق الفاسِد المُضطرب))(9)، يقال: خطِل في كلامه بالكسر، وأخطل. (فِعْلَ مَنْ قَدْ شَرِكَهُ الشَيْطَانُ [في سُلْطَانِهِ](10)، وَنَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلَى لِسَانِهِ) اللّفظ منصوب على المصدر بتقدير فعلوُا أو عن بعض الأَفْعالِ السّابِقة لتضمنه معناه،

ص: 329


1- (الاحيا) في أ، ع
2- ينظر: لسان العرب، مادة (حجر): 4 / 167، وفي أ، ع (الحصن)
3- (أي) في أ، ع، ن
4- ينظر: لسان العرب، مادة (حجر): 4 / 167
5- لسان العرب، مادة (زلل): 11 / 306
6- (من ذل كمل ذليلا ومزلة) في أ، ر، ع، م
7- ينظر: لسان العرب، مادة (زلل): 11 / 306
8- (لهم) في أ، ع، ن
9- تاج العروس، مادة (خطل): 14 / 202
10- [في سلطانه] ساقطة من ث، م

وشركه کَعلمه صار شريكاً [لهُ](1)، والسُّلطان قدرة الملك ومن جعل له ذلك وإن لم يكن [...](2)ملكاً (قال الله تعالى: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلوُماً فَقَد جّعّلْنا لِوَلِيهّ سُلْطاناً)(3)والضّمير في (سلطانه) راجع إلى الموصول أي صَارَ الشيّطان [شریكاً](4)له في قدرته التّي أعَطاهُ الله وسُلطه بَها على جّوارحه أو إلى الشيّطان أي كأنّهُم الأصل في سُلطانه وقدرته على الاضلال [و](5)في نفاذ أمره في اتباعه.

[ومن كلام له (عليهِ السَلام)] يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك

(يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ بَايَعَ بِيَدِهِ وَلَمْ يُبَايِعْ بِقَلبِهِ؛ فَقَدْ أَقَرَّ بُالْبَيْعَةِ، وَادَّعَى الوَلِيجَةَ. فَلْيَأْت عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ، وَإِلَّا فَلْيَدْخُلْ فِيمَا خَرَجَ مِنْهُ) الحال يذكر ويؤنث(6)، ويزعُم کینصُر قريب من يظنّ قيل إنما يقال فيما لا يوثق به من الأحاديث کما سبق(7)، وَالوليجة ما أضمره الانسان في قلبه من الولوج بمعنی ((الدخول))(8)، والأمر المعروف البيّنة والبرهان أي إذا لم يقم بينه على الأمر الخفي فهو مؤاخذ بإقراره، حکی بعض الشارحين إنّه كان يقول:

ص: 330


1- [له] ساقطة من أ، ث، ع
2- [له] زيادة في أ، ع، وساقطة في ح، ث، ر، م، ن
3- الإسراء / 33
4- (شريكاً) ساقطة من ث، ر، م
5- [و] ساقطة من أ، ع، ن
6- ينظر: المذكر والمؤنث، السجستاني: 160
7- ينظر: صحيفة 22
8- العين، مادة (ولج): 6 / 182

تارة بايعت بيدي لا بقلبي، وتارة [أنّه](1)أكره(2)عليها، وتارة(3)أنّه وری تورية وأتي بمعاريض لا تحمل على ظاهرها(4)، وإنه (عليه السّلَام) لما استْأذن هو، وطلحة في العمرة وخرجا من عنده قال لأصحابه: (والله لا تّرُونهما إلا في فئة يقتلان فيها).

[ومن كلامٍ لهُ (عليهِ السَّلام)]

(وَقَدْ أَرْعَدُوا وَأَبْرَقُواُ ومَعَ هَذَيْنَ الأَمْرَيْنِ الْفَشَلُ) قال صاحب العَيْن: ((أَرْعَدَ لي فان وأَبْرَقَ إذا هدّد وأوعد من بعيد يريني علاماتٍ بأنّه يأتي إلى شراً))(5)وأنشد(6)أبيَاتا(7)ثم قال: ((ويقال: يرعد ویبرق لغتان))(8)وانکار الاصمعي(9)وقوله إن الصّحيح رعَد وبرق(10)ضعيف، وكفى حُجة عليه [...](11)وروده(12)في كلامه (عليه السّلَام) والفَشَل بالتحريك الجبن

ص: 331


1- [انه] ساقطة من ث، ر
2- (اکثر) في ع
3- (ونارة) في ر
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 194
5- العين، مادة (رعد): 2 / 34
6- (واشد) في ث، ر، م، تحریف
7- البيت للكميت وهو مجزوء الكامل: أبرق وأرعد یا یزید فما وعيدك لي بضائر. دیوان الكميت: 132
8- العين، مادة (رعد): 2 / 34
9- ينظر: الصحاح، مادة (رعد): 2 / 475
10- ينظر: لسان العرب، مادة (رعد): 3 / 180
11- [و] زيادة في أ، ع
12- (ودروه) في ر

والضّعف، قال بعض الشّارحين: الاشارة بهذا الكلام إلى طلحة والزّبير وسيجئ في كلامه (عليه السّلاَم) تهديدهم ووعيدهم إيّاهُ(1)(وَلَسْنَا نُرْعِدُ حَتى نُوقِعَ، وَلَا نُسِيلُ حَتى نُمْطِرَ) أوقعتُ بالقوم ووقعّتُ بهم إذا بالغت في قتالهم، وسال الماء سيلاناً وأساله غيره(2)/ و33 / أي لا ينفك تهديدنا عن الايقاع ولا يتقدّم عليه كما لا يتقدم السّيل على المطر فإن التّهديد قبله کما فعله الخُصوم من قبيل(3)ادّعاء اجراء السّيل من غير امطار أو(4)المراد لا نهدّد حتى نعلم الإيقاع ونوطن أنفسنا على الحرب لا كفعلهم من التّهديد مع الخوف، وقال بعض الشّارحين: المراد إذا أوقعنا(5)بخصمنا(6)أوعدنا [حينئذ](7)بالإيقاع غيره من خصومنا(8).

[ومن خطبةِ لهُ (عليهِ السَّلام)]

(ألَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ، وَاسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَرَجْلِهِ) هذا الفصلِ ملتقط من خطبة له (عليه السّلَام) لمّا بلغه أنّ طلحة والزّبير خلعَا بيعته، وهو غير منتظم وقد أورد السّيد (رضي الله عنه) فصلا آخر منها وما يظهر

ص: 332


1- نص متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 284
2- ينظر: لسان العرب، مادة (سیل): 11 / 350
3- (قيل) في ث، وفي ر، م: (قبل)
4- (و) في أ، ع
5- (أوقعتا) في م
6- (لخصمنا) في ث
7- [حينئذ] ساقطه من ث
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 200

من كلام بعض الشّارحين من أنّ المراد معاوية وأصحابه لعلّه سهو(1). وحزِب الرجل أصحابه، وجَلَبهُم(2)أي: ساقهم من موضِع إلى آخر، واستَجلْب(3)طلب أن يَجلَبْ(4)لَهُ، والخيل(5)الفرسان قال الجوهري: ((ومنه قوله تعالى: «وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ»(6)أي: بفُرسانك وَرجَّالَتِكَ وَالخَيْلُ أيضاً الخيُول، ومنه قوله تعالى: «وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا»(7)))(8)، وقال ابن الاثير: في الحديث (يَا خَيل الله اركبي) هذا على حذف المضاف أي: يا فرسان(9)خيل الله(10)، والرِّجْل بالفتح جمع راجل کالركّب جمع راكب، والمراد بالشيطان وحزبه أمّا إبليس وقبيله أو قائد الجيش واتباعه (تشبیهاً)(11)لهم بهم في الإضلال (وَإِنَّ مَعِي لِبَصِیرَتي؛ مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِيِ، وَلَا لُبِّس عَلَيَّ) البصيرة الاستبصار في الشيّء ويطلق على الحجة والبُرهان والتّلبيس التّدليس والتّخليط كالّلبس بالفتح إلاّ أنّ التشديد للمبالغة، وفي بعض النسخ الصحيحة (وَاِنَّ بَصِیرَتي لَمعَي) والمعنى ما ضللت من تلقاء

ص: 333


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 202
2- (وجبلهم) في أ، ع
3- (استحلب) في أ، ع، تصحيف
4- (یحلب) في أ، ع
5- (مع الخيل) في ر
6- الإسراء / 64
7- النحل / 8
8- الصحاح، مادة (خيل): 4 / 1691
9- (قربتان) في م
10- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 94، وفيه: (خيل الله اركبي)
11- (تسبيها) في ح، تصحيف

نفسي، ولا بإضلال غيري إيّاي والضّلال لا ينفك عن أحدهما و(أيْمُ اللهِ لَأَفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ، لَايَصْدُرونَ عَنْهُ، وَلَا يَعُودُونَ إِلِيْهِ) اَيْمُ اللهَ بفتح الهمزة وضمّ الميم ايمُنُ الله بضم الميم والنون (حذفوا)(1)[النّون](2)تخفیفا وهو اسم وضِع للقسم(3)، وألفه(4)ألف وصل عند أكثرهم(5)ولم يجيء في الأسماء الف وصل مفتوحة غيرها، وقیل جمع يمين(6)، وكانوا يحلفون باليمين يقولُون: يمين الله لا أفعل، ثم جمعوا اليمين على أيمن فحلفوا به، ثم حذفوا النّون کما حذفوا في لم يكن، والألف الف قطع وإنّما طرحت في الوصلِ لكثرة استعمالِهم، وفيها لغات كثيرة(7)، و (لُأفرِطَنَّ) في بعض النسخ الصّحيحة(8)بضمّ الهمزة أي: لأملانّ، من أفرط (مزادته)(9)إذا ملأها حتى

ص: 334


1- (حذف) في ث، وفي ح (حدفوا)، تصحيف
2- [النون] ساقطة من أ، ع
3- ينظر: المقتضب: 2 / 597
4- (والف) في ع
5- ينظر: المقتضب: 2 / 597، والمقتصد في شرح الإيضاح: 2 / 869
6- وهو مذهب الكوفيين: ينظر: الإنصاف في مسائل الخلاف، أبو بركات الانباري: 1 / 404، مسألة [59]، وشرح الرضي على الكافية: 4 / 306، وذهب البصريون إلى أنه ليس جمع يمين، ينظر: المقتضب: 2 / 597
7- ذكر الأنباري أكثر من عشر لغات وهي: (اِيْمُنُ الله، واَيْمُن الله، واَيْمُ الله، واِيمُ الله، واَمُ الله، ومُ الله، ومَ الله، ومِ الله، ولَيْمُنُ الله، ومُنُ الله، ومُنُ الله، ومُنْ رَبِّي، ومِنْ رَبِّي) الإنصاف: 1 / 409، مسألة [59]، كما ذكر منها المقتضب لغة الكسر (ایم الله) نقلاً عن يونس، ينظر: المقتضب: 2 / 597، وذكر ابن منظور نقلاً عن ابن سيده بعضاً منها، ولسان العرب: 13 / 462
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 285
9- (مرادته) في ث، ح، ر، م، تصحيف

فاض، وهو من الإفراط أي: تجاوز الحدّ(1)، وفي بعضها بفتح الهمزة وضمّ الراء من فرط القوم إذا سبقهم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء والرّشاء(2)، وفي الحديث: ((أنا فرطکم على الحوض)(3)أي: متقدّمكم، والتّقدير لأفرطّن لهم إلى حوض فلمّا حذفوا(4)الجار عدّى الفعل بنفسه كقوله تعالى: «وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا»(5)، ولهم أي: لأجلهم أو اللّام زائدة وليست للتّعدية كما قيل، والماتح بالتاء الفوقانية المسقي من البئر بالدّلو من أعلاهَا(6)والمايح(7)من ينزلها ليملأ الدّلو(8)، وقيل لأبي علي ما الفرق بين الماتح والمايح(9)؟ فقال: هما کاعجامهما، وهذا على الأصل فإنَّ المائحُ يستعمل بالهمزة، وأنا ماتحه، أي: أنا المتصدّي لإعداده، والمباشر لتهيئة أسبابه، أي: أقاتلهم على أبلغ وجه، وقول بعض الشّارحين معناه: ((أنا خبير به، كما يقول من يدّعي معرفة الدّار أنا باني هذه الدّار))(10)لا يخلوعن بعد، وصَدَرَ کنَصَر وضرب رجع عن الماء(11)، وَيَصْدُرُونَ في النسخ بضم الدّال والكلام

ص: 335


1- ينظر: الصحاح، مادة (فرط): 3 / 1148
2- ينظر: لسان العرب، مادة (فرط): 7 / 366
3- صحیح بخاری: 7 / 206، صحیح مسلم: 7 / 65، سنن ابن ماجه: 2 / 1440، المعجم الكبير: 2 / 168، فتح الباري: 8 / 291
4- (حذف) في ث، ح، ر
5- الأعراف / 155
6- ينظر: لسان العرب، مادة (متح): 2 / 588
7- (الماتح) في ث، ر، ع، وفي أ، ن (المانح)
8- ينظر: تاج العروس، مادة (متح): 4 / 198
9- (المانح والماتح) في أ، ر، ع، ن، وفي ث (الماتح والماتح)
10- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 203
11- ينظر: تاج العروس، مادة (صدر): 7 / 80

تهدید و وعید باسعار(1)نار حرب لا يفوزون فيها بنجاح، ولا يعودون اليها الاستئصَالهم، أو لا يعود [...](2)اليها من نجا منهم لما رأى من شدّتها.

ص: 336


1- (بأشعار) في ح، ن، ع، م تصحيف
2- [و] زيادة في أ، ع

المحتويات

ص: 337

ص: 338

المحتويات

مقدمة المؤسسة...9

مقدمة...11

الدراسة...17

المبحث الأول: حياة علاء الدین کلستانة...19

اسمه ونسبه:...19

کنیته ولقبه:...19

مولده:...20

عصره:...20

أساتذته:...21

تلاميذه:...22

مؤلفاته:...22

أقوال العلماء فيه:...23

وفاته:...24

ص: 339

المبحث الثاني: أهمية الشرح وموارده...26

أ. الكتب...26

1 - كتب المعجمات:...26

2 - کتب النحو:...29

3 - كتب اللغة:...30

4 - التفاسير:...31

5 - كتب الاحاديث:...32

6 - كتب الانساب:...34

7 - كتب التاريخ:...35

ب / الأعلام:...35

1 - النحاة:...35

2 - اللغويون:...36

3 - المفسرون:...36

4 - الفلاسفة:...36

5 - المؤرخون والنسابة:...37

6 - أصحاب الحديث:...37

المبحث الثالث: منهج الشارح...38

1 - طريقة شرحه للألفاظ...39

أ - الضد:...39

ب - الخلاف:...40

ص: 340

ت - النقيض:...42

ث - التقابل:...43

2 - طريقة ضبط الكلمة...44

أ - طريقة الوزان:...44

ب - طريقة وصف الكلمة:...45

3 - توجيهاته الدلالية...54

أ - الأضداد:...64

ب - الترادف:...48

ت - تعميم المعنى:...50

ث - الانسجام في المعاني التي يبيِّنها:...51

4 - اهتماماته الصرفية:...52

5 - المذكر والمؤنث:...54

6 - توجيهه للضمائر:...56

7 - إشارته للقياسي وغير القياسي:...58

8 - ترجيحه للروايات:...59

9 - تعليله التسميات:...61

10 - انتقاده بعض الشارحين وردوده عليهم...63

المبحث الرابع: شواهد الشرح...67

1 - القرآن الكريم...76

2 - القراءات القرآنية:...73

ص: 341

3 - الأحاديث النبوية الشريفة...75

4 - استشهاده بالأمثال:...79

5 - استشهاده بالشعر...81

منهج التحقيق...85

نسخ المخطوط المعتمدة...87

1 - نسخة (أ) (الأصل)...88

2 - نسخة (ث)...88

3 - نسخة (ح)...89

4 - نسخة (ر)...90

5 - نسخة (ع)...92

6 - نسخة (م)...92

7 - نسخة (ن)...94

نماذج من النسخ المصورة المعتمدة في التحقيق...97

الخاتمة...105

باب المختار من خطب الإمام علي (عليه السلام)...136

بابُ المُختار من خطب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وأوامره...136

فَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (علیه السلام) يَذّكرُ فيها اِبتِداءَ خَلْق السّماءِ وَاْلأرضَّ وَخَلقَ آدَمَ (علیه السلام)...137

(منها في صفة خلق آدم (عليه السلام):...181

(ومن خطبة له (عليه السلام) بَعدَ انصِرافهِ مِن صفيّن)...227

ومن خطبة له (عليه السلام) المعروفة بالشقشقية...245

ص: 342

[وَ] [مِن خُطْبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ الْسّلَامُ)]...309

ومن كلامٍ له (عليه السّلاَم)...319

[ومن كلام لَهُ (عليه السلام)] لما اشير عليه بان لا يتبع طلحة والزبير، ولا يرصد لهما القتال...326

ومن خطبة لهُ (عليه السَّلام)...328

[ومن كلام له (عليهِ السّلام)] يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك...330

[ومن كلامٍ لهُ (عليهِ السَّلام)]...331

[ومن خطبةٍ لهُ (عليهِ السَّلام)]...332

ص: 343

ص: 344

المجلد 2

هوية الکتاب

بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة

رقم الإيداع في دا رالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2978 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف LC:

BP38.08.S24 B3 2018

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر:

کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن أبي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965-، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دا رالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2978 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف LC:

BP38.08.S24 B3 2018

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر:

کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن أبي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965-، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 2

سلسلة تحقيق المخطوطات

وحدة تحقيق الشروحات (9)

بهجة الحدائق فی شرح نهج البلاغة

لعلاء الدین محمد بن أبی تراب الحسنی کلستانه المتوفی سنة 1110 ه

الجزء الثانی

دراسة وتحقیق

م. د. غیداء کاظم السلامی

إصدار

مؤسسة علوم نهج البلاغة

في العتبة الحسینیة المقدسة

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة

العتبة الحسينية المقدسة

الطبعة الأولى 1439 ه - 2018 م

العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام

مؤسسة علوم نهج البلاغة

هاتف: 07728243600 - 07815016633

الموقع الألكتروني:

www.inahj.org

الإيميل:

Info@Inahj.org

تنويه:

إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

«وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»

صدق الله العلي العظيم

سورة هود الآية 88

ص: 5

ص: 6

[(ومن كلام له (عليه السلام)] لابنه محمد بن الحنفية لما أعطاه الراية يوم الجمل)

الحنفية خولة(1) بنت جعفر بن قيس بن مسلمة نسبة إلى حنيفة / ظ 33 / كسفينة وهو أبوهذا الحيّ، قيل إنها سبيت في أيام أبي بكر في قتال خالد بن الوليد(2) وقيل في غارة بني أسد على بني(3) حنفية في خلافته سبوها

ص: 7


1- خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن یربوع بن الدول بن حنفية بن الجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل من سبي اليمامة، وقيل هي من سبايا بني حنيفة أيام الردة سباها خالد بن الوليد فتزوجها الامام علي (عليه السلام) وولدت له محمداً، الذي عرف بمحمد بن الحنفية. ينظر: المعارف: 210، و تاريخ اليعقوبي: 2 / 213، و تاریخ الاسلام، الذهبي: 6 / 181، 182، و الوافي بالوفيات: 4 / 75، و البداية والنهاية: 7 / 348
2- خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، وأمه لبابة بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، ويكنى أبا سليمان، لم يشهد بدراً ولا أحد، ولا الخندق، وكان في ذلك كله مع المشركين، اسلم سنة (8 ه) سنة صلح الحديبية، عرف بشجاعته وفروسيته، وحنكته في قيادة الجيش، قاتل المرتدين فقتل مسيلمة الكذاب، ويؤاخذ عليه قتله المالك بن النويرة، وزواجه من امرأته، وقتله لبني جذيمة إذ قال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عندما سمع بمقتلهم: ((اللهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد))، وافتتح خالد الحيرة في العراق، وتوجه للشام، عزله الخليفة عمر بن الخطاب، وولى مكانه أبا عبيدة الجراح، مات خالد بحمص في فراشه. ينظر: المعارف: 267، و فیات الاعیان: 6 / 14، و سير أعلام النبلاء: 1 / 366 - 384، و الاعلام: 2 / 300
3- [بني] ساقطة من ث، ر، ح

فباعوها من علي (عليه السّلَام) فبلغ قومها خبرها فقدموا المدينة فعرفوها فأخبروه (عليه السّلَام) بموضعَها منهم ومكانها لديهم فأعتقها وتزوّجها، وقيل سبيت في أيام الرسول (صلى الله عليه وآله) لما بعثه الى اليمن ويدّل على الأوّل بعض الرّوايات(1)، وعلى الثالث بعضها(2) (تَزُولُ الجِبَالُ وَلاَ تَزُلْ، عَضَّ عَلَى نَاجِذِكَ اعِرِ اللهَ جُمْجُمَتَكَ(3)) الكلام في معنی الشرط في صورة الاخبار أي: أن زالت الجبال فلا تزل أنت ولا تؤثر الفرار، و((النَّاجِذُ: آخر الأضراسِ))(4)، والنّواجذ أربعة بعد الارحاء(5)، ((ويَسمَّى الناجذر ضِرْسَ الحُلُمِ؛ لأنَّه ينبت بعد کمالِ العقلِ))(6)، وقال في العين: هي السنّ بين الأنياب والأضراس(7)، وفي القاموسُ هي ((أقصى الأضراس، وهي أربعة، أو هي الأنياب، أو التّي تلي الأنياب، أو هي الأضراس))(8) كلها والأمر بالعضّ على النّاجذ أمّا على الحقيقة، و سيجيء في كلامه (عليه السّلَام) في تعليم أدب الحرب (وعَضُّوا عَلَى النَّواجِذِ فإنَّهُ

ص: 8


1- ينظر: المعارف: 210، وفیات الاعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلکان: 4 / 170
2- ينظر: أنساب الاشراف، البلاذري: 2 / 200
3- (جمجمك) في م
4- الصحاح، مادة (نجد): 2 / 571
5- (الأرجاء) في ث، ر، تصحیف، و ينظر: لسان العرب، مادة (نجد): 3 / 513
6- الصحاح، مادة (نجد): 2 / 571
7- العين / مادة (نجد): 6 / 95، وفيه: (هو السن...)، وينظر: ومعجم مقاییس اللغة، مادة (نجد): 5 / 395
8- القاموس المحيط، مادة (نجد): 1 / 359

اَنْبا(1) لِلسِيُّوُفِ عن الهام) أي: أدفع لها عن الرّؤوس قيل إذا عضّ الانسان على الاسنان(2) اشتدّت عظام رأسه وتصلّبت أعصابه فلا يؤثر فيها السيّف تأثيرا بالغاً وقيل فائدته ذهاب الخوف، وربط الجأش وزوال الرعّدة الناشئة عن الخوف کالبرد أو على المجاز والمراد الجدّ في أمر الحرب ودفع الخوف والجبن(3) عن النفس، والجُمجُمة بالضم عظم الرأس المشتمل على الدّماغ واعادتها بذها في سبيل الله، ونظِيره قوله تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا»(4) قیل اومئ (عليه السّلَام) الى أنه لايقتل ولو قال بِعَ اللهِ كانَ مِشعراً بالقتل، ويمكن أن يكون أشعاراً بأنّ الشَّهادة تستلزم(5) الحياة القوله سبحانه: «بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ»(6) ويناسبه استلزام الإعارة نوعاً من الأخذ أي وطن نفسك على القتل المستلزم للحياة، وعلى الوجه الأوّل يكون الرضا بالبذل منزلا منزلة الأقباض (تِدْ فِي الأَرْضِ قَدَمَكَ، ارْمِ بِبَصَرَكَ أَقْصَى القَومِ، وَغُضَّ بَصَرَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ سُبْحَانَهُ) تِد أمر من وتَده کوعده [أي](7): اثبته کالوتد في الأرضِ(8)، وَالرمي بالبصر إلى الأقصى كناية عن عدم قصر الهمّة على رفع الأدنى فلا ينافي في غضَّ البصر، وقيل الغض عدم النظر إلى الأدنى لا مطلقاً فلا ينافي في النظر إلى الأقصى، ويمكن

ص: 9


1- (ابنا) في ر، ع
2- (الانسان) في أ، ث، تحریف
3- (الجين) في م
4- البقرة / 245، الحديد / 11
5- (يستلزم) في أ، ح، ر، ع، م، ن، وما اثبتناه انسب لسياق
6- ال عمران / 169
7- [أي] ساقطة من أ، ع
8- ينظر: لسان العرب، مادة (وتد): 3 / 444

أن يراد بالغض النظر لا بملاء العين بل بالمؤخر كما قال (عليه السّلَام) في موضع آخر: (والحَظُو(1) الشزر(2)) وهو بالفتح النظر بالمؤخر کما یکون عند الغضب(3)، وقيل هو النظر يمينا وشمالًا إذ(4) النظر (البالغ)(5) مواجهاً البريق السيّف ولمعان الدرّوع مما يوجب الخوف ويورث الجبن أويفهم منه العدوّ الجبن أوّلهما معاً ويمكن أن يكون الأمران جزئين أي: إذا نظرت الى الأدنى فإنَّ رؤية السيّوف وكلّ مخوف عن قريب(6) يورث الجبن وهذا غير الوجه الثاني ثم أمره (عليه السّلَام) بالتوكل والعلم بأنَّ النّصر من عند الله الا بالكثرة والقوّة كما قال سبحانه: «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»(7)؛ وذلك ممّا يؤكد الثبات.

[ومن كلامه (عليه السلام)] لما أظفره الله بأصحاب الجمل:

وقد قال له بعض أصحابه: وددت أن أخي فلاناً كان شاهدنا لیری مانصرك الله به على اعدائك، فقال (عَلَيهِ السّلَامُ)(8): (أهَوَى أخيكَ مَعَنَا؟

فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ شَهِدَنَا فِي عَسْكَرِنَا هذَا قَوْمٌ فِي أصْاَبِ الرِّجَالِ، وَأَرْحَامِ

ص: 10


1- (الخطو) في أ، ع، م، ن
2- (الشرز) في ث، ر، ع
3- ينظر: لسان العرب، مادة (شزر): 4 / 404
4- (إذا) في أ، ح، ر، ع، م
5- (البالع) في ح، ر، م
6- (عنقریب) في أ، ث، م، ن
7- ال عمران / 126
8- (فقال علي عليه السلام) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 209

النِّسَاءِ، سَيَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَانُ، وَيَقْوَى بِهِمْ الْإِيمَانُ) وددت كعلمت أي: تمنّيت وشهده کسمعه حضره، والهوى مقصوراً ميل النفس وإرادة القلب والجمع الأهواء(1)، والرُعّاف بالضّم الدّم يخرج من الأنف(2) ويكون مصدراً والفعل کنصر ومنع وعلم / و34 /، وسيرعُف في النسخ بضّم العين والاسناد الى الزّمان اسناد الى الظّرف أو الشرط والمعد بحسب المصلحة، ويدل الكلام على ترتيب الثواب على نية الخير وإن لم يكن مقدوراً للمكلّف؛ وذلك تفضّل منه سبحانه على عباده.

[ومن كلام له (عليه السلام)] في ذم البصرة وأهلها:

[هذاَ الفصلُ](3) وغيره مّما سيجيء في الكتاب ملتقط منّ خطبة خطبها (عليه السّلاَم) بالبصرة بعد فتحها وقد رواهَا الشارح کمال الدّين بن میثم(4)، وشرحناها في حدائق الحقائق (كُنْتُمْ جُنْدَ الْمَرْأَةِ، وَأَتْبَاعَ الْبَهِيمَةِ) المرأة عائشة، والبهيمة جملها.

ومن كلامه (عليه السّلاَم) في كتاب طويل

وكان طلحة يرجو اليمن، والزّبير يرجو العراق، فَلما عَلِما أنّ غَیرُ مُوَلّيِهُما استأذَنَاني للعمرة يردان الغَدْر فأَتيا عَائِشَةَ واستَخَفّاَهَا مع كلّ شيء في نَفَسَهَا عليَّ وَالنَّساءِ نَواقص الايمَانِ نواقص العُقولَ نَواقِصَ الحُظُوظ، فأمّا نقصان

ص: 11


1- ينظر: تاج العروس، مادة (هوی): 20 / 346
2- ينظر: لسان العرب، مادة (رعف): 9 / 123
3- [هذا الفصل] ساقطة من ر
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 289

إيمانهن فقعودهُنَّ عن الصّلَوة والصَّيام في أيّام حيضهنّ، وأَمّا نقصان عقولهنّ فلاشهادة لهنّ إلاَّ في الديّن وشهادة امرأتين برجل، وأمّا نقصان حظوظهنّ فمواريثهن على الأنصاف من مواریث الرّجال، وكفاك دلالة على نقصان عقلها ما روته أرباب السّير أنّها أخذت يوم الجمل كفّا من حصى فحصبت به أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلاَم) و صاحَتْ بأعلى صوتها شاهت الوجُوه کما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) یوم حُنين فقال لها قائل: «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى»(1)، و كونهم جند المرأة يدل على دناعتهم کما یدّل على نقصان عقلهم ثم ذمّهم (عليه السّلاَم) باتباع البهيمة، وقد كان الجمل راية عسكر البصرة قتلوا دونه کما یقتل الرّجال تحت راياتهم وكان شجعانهم يأخذون بخطام(2) الجمل، وكان لا يأخذ أحد به إلا قتل أو قطعت يده وروی أنه أخذ الخطام سبعون رجلًا من قريش قتلوا كلهم، وقد بين (عليه السّلاَم) اتباعهم إيّاها بقوله: (رَغَا فَأَجَبْتُمْ، وَعُقِرَ فَهَرَبْتُمْ) بالضم والمد ((صوت الإبل))(3) أو (صوت ذوات الخف)(4) أو صوت الإبل والنعام والضّبع(5)، يقال: رغا البعير يرغو رُغاءً إذا ضجَّ عند شد المحمل ونحوه، (والعقر الجرح)(6)، يقال: عقره كضربه، وقال في العين: عقرت الفرس

ص: 12


1- الانفال / 17
2- (بخطام) في ث، وفي ر، م: (الحطام)، تصحيف، الخطام (هو الحبل الذي يقاد به البعير) لسان العرب، مادة (خطم): 12 / 189
3- الصحاح، مادة (رغا): 14 / 329
4- الصحاح، مادة (رغا): 6 / 2359
5- ينظر: تاج العروس، مادة (رغو): 19 / 468
6- القاموس المحيط، مادة (عقر): 2 / 93

کسفت قوائمه بالسّيف، وكذلك يفعل بالناقة فاذا سقطت تنحر مستمکناً(1) منها(2)، والكَسْفُ قَطْعُ العرقوب(3)، وروى أنه (عليه السّلَام) لما رأى أنّ الجمل مّا دام قائماً لا(4) تُطفأ الحرب، وضع سيفه على عاتقه(5)، وعطف نحوه وأمر أصحابه بذلك، ومشی نحوه، والخطام(6) مع بنی ضبة فاقتتلوا(7) قتالًا شديداً، وقُتِل منهم جمّ غفير، وخلص علي (عليه السّلَام) في جماعة من النخع وهمدان إلى الجمل، فقال لرجل من النخع اسمه بُجيرُ(8): دونك الجمل يا بُجيرُ، فضرب عجز الجمل بسيفه، فوقع لجنبه، وضرب بجرانه الأرض، وهو باطن عنقه وعج عجيجاً لم يسمع بأشد منه، ففرت الرجال وتفرقت کما تطير الجراد في ريح عاصف، واحتملت عائشة بهودجها الى دار عبدالله بن خلف(9)، وأمر (عليه السّلَام) بالجمل أن يحُرَق ثم يُذرّيْ في الريّح(10)، وقال (عليه السّلَام) لعنه الله من دابة فما اشبهه(11) بعجل بنی

ص: 13


1- (مستمسيکن) في أ
2- العين، مادة (عقر): 1 / 149
3- ينظر: الصحاح، مادة (كسف): 4 / 1421
4- (ألا) في أ، ع، ن
5- (عانقه) في ث، ر
6- (الحطام) في م
7- (فاقتلوا) في أ
8- (بحير) في أ، ث، م، تصحیف
9- عبد الله بن خلف بن أسعد بن عامر الخزاعي، وهو والد طلحة الطلحات، كان كاتباً لعمر بن الخطاب على ديوان البصرة، ثم لعثمان بن عفان شهد يوم الجمل ضد الامام علي (عليه السلام) وقتل فيه سنة (36 ه). ينظر: المعارف: 419، الأعلام: 4 / 84
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 224
11- (اشبه) في أ، ع، ن

اسرائيل ثم قرأ: «وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا»(1)، وقال السّيد الأجل (رضي الله عنه) في شرح قصيدة السّيد الحميري(2) (رحمهُ اللهُ) رأى من هذا الجمل كل عجب؛ لأنه كان كلما قطعت قائمة من قوائمه ثبت على أخرى حتّى روى أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) نادى اقتلوا الجمل فإنّه الشيطان وإن محمد بن أبي بكر(3)، وعمّار بن یاسر(4) (رحمهما الله) تولَيا عقره (أخلَاقُكُمْ دِقَاقٌ، وَعَهْدُكُمْ شِقَاق، وَدِينُكُمْ نِفَاقٌ، وَمَاؤُكُمْ زُعَاقٌ) الاخلاق جمع خلق بالضم وضمتين وهو الطبيعة

ص: 14


1- طه / 97
2- هو إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة، المعروف بالسيد الحميري المكنى بأبي هاشم، ولد بعمان سنة (105 ه)، ونشأ بالبصرة، وتوفي ببغداد سنة (173 ه). ينظر: معجم المؤلفين: 2 / 294
3- محمد بن عبد الله (أبي بكر) بن عثمان بن عامر التيمي القرشي، ولد سنة (10 ه) في حجة الوداع، نشأ في المدينة في حجر الامام علي (عليه السلام) لما تزوج أمه (أسماء بنت عمیس) بعد وفاة أبيه، وكان يدعى (عابد قریش) شهد مع الإمام علي (عليه السلام) وقعتي الجمل وصفين، وولاه إمارة مصر قتل سنة (38 ه) قتله معاوية بن حديج الذي ولاه معاوية بن سفيان امرة جيش للدخول الى مصر. ينظر: أنساب الأشراف: 1 / 538، والوافي بالوفيات: 2 / 187، والأعلام: 6 / 219، 220
4- عمار بن ياسر بن عامر الكناني المذحجي العنبسي القحطاني، أبو اليقظان، ولد سنة (57 ق ه) وهو من نجباء الصحابة وأحد السابقين إلى الإسلام فكان ممن عذب في الله في أول الإسلام، وأمة (سمية بنت الخيط) أول شهيدة في الإسلام، وعمار ممن هاجر إلى الحبشة، وصلى القبلتين، وشهد بدراً والخندق واليمامة، وكان النبي (صلى الله عليه واله) يلقبه ب (الطيب المطيب)، وهو أول من بنى مسجداً في الإسلام (مسجد قباء)، ولاه الخليفة عمر الكوفة بعد أن عزل سعداً، فأقام زمناً وعزله، شهد الجمل وصفين مع الإمام علي وقتل في صفين سنة (37 ه) وله من العمر (93) سنة. ينظر: الوافي بالوفيات: 22 / 233، 232، العبر في خبر من غبر: 1 / 25، وفيات الأعيان: 2 / 329، الأعلام: 5 / 36، الوفيات: أحمد بن حسن الخطيب: 56، 57

والسّجية أي الصفة الباطنة(1)، والدّقيق ضد الجليل، وقال في العين: الدقة على أربعة / ظ 34 / أنحاء: الدقيق الطّحين، والدّقيق الأمر الغامِض، وَ الدّقيق الرجل القليل الخير، والدقيق الشيء الذي لا غلظ(2) فيه(3) ودقة الأخلاق دنائتها(4)، والشقاق بالكسر ((الخلافُ والعداوةُ))(5)، ولعل المعنى: عهدكم يثمر ما يثمره العداوة والخلاف(6)، وكأنَّه شقاق ليس بميثاق أو ما أنفقتم عليه، وصَار کالميثاق بينكم هو نقض العُهود والخلاف والدين أما المضادّ للكفر فناسب(7) الوجه الأول أو العادة والشأن فوافق(8) الثاني، والنفاق ابطان الكفر أو أن يظهر أحد غير ما أضمر(9)، وقال في النهاية: هو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستر کفره و يظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفاً، وهو مأخوذ من النافقاء(10) ((إحدى حِجَرة اليَربُوعَ، يكتمها ويُظهر غيرها، وهو موضِع يرقِّقه، فإذا أتى من قِبَل القاصِعاء، ضرب النافقاء برأسه، فانتَفقَ، أي: خرجَ))(11)، وقيل هو مأخوذ

ص: 15


1- ينظر: لسان العرب، مادة (خلق): 10 / 89
2- (غلط) في ث، تصحيف
3- ينظر: العين، مادة (دق): 5 / 18
4- (دقته أو لاخلاق دنائتها) في ث، ر
5- الصحاح، مادة (شقق): 4 / 1503
6- (والحلاف) في ر، تصحيف
7- (فیناسب) في ث، ح، ر، م
8- (فيوافق) في ث، ح، ر، م
9- ينظر: لسان العرب، مادة (نفق): 10 / 359
10- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (نفق): 5 / 98
11- تاج العروس، مادة (نفق): 13 / 464

من النّفق بالتحريك وهو سَرَب [يستتر فيه](1) لستره كفره(2)، الزُّعاق بالضمّ المالِح(3)، و((يقالُ طعام مزعوق(4) إذا كثر ملحه))(5)، والذّم بكون مائهم زعاقاً أما لسوء اختيارهم في بناء المدينة والاستيطان مع(6) قرب الموضع بالأُبلّة(7)، وهي بضم الهمزة والباء وتشديد اللام إحدى الجنّات الأربعة، والمدينة اليوم بها، وفيها العشَّاروُنَ، وقد قال (عليه السّلاَم) في هذه الخطبة سيكون في التي تسمى الابُلّة موضِع أصحاب العُشور، وأمّا التأثير ذلك الاستيطان في أخلاقهم بل وأفعالهم، وأمّا لاستلزامه المرض وسُوء المزاج، وفي ذلك الذّم فائدة تنفير كثير من الناسِ عن المقام معهم، وتفرّق جمعهم (الْمُقِيمُ(8) بَیَنْ أَظْهرِكُمْ مُرْتَهَنٌ بِذَنْبِهِ، وَالشاخِصُ عنْكُمْ مُتَدَارَكٌ برَحَمْةٍ مِنْ رَبِّهِ) الإقامة بين الأظهر اقامة بين القوم فإنَّهم لمحاماتهم عنه ودفعهم من أراده بسوء كأنَّهم مقبلون من جوانبه على عدوّه فهو بين أظهرهم(9)، والمُرتَهَن على

ص: 16


1- [يستتر فيه] ساقطة من ع
2- ينظر: تاج العروس، مادة (نفق): 13 / 493
3- ينظر: العين، مادة (زعق): 1 / 133
4- (فرعون) في ر
5- معجم مقاییس اللغة، مادة (زعق): 3 / 8
6- (منع) في ع، تحریف
7- وهي بلدة تقع على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، بينها وبين البصرة أربعة فراسخ، وهي أقدم من البصرة؛ لأنَّ البصرة مصرت في أيام الخليفة عمر بن الخطاب، وكانت الأبلة حينئذ مدينة فيها مسالح من قبل کسری. ينظر: البلدان، أحمد بن محمد الهمذاني: 260، معجم البلدان: 1 / 77
8- (والمقيم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 212، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 41
9- (اظهر كم) في أي ع

صيغة المفعول هو المرهُون المأخوذ لينوب مناب الحق، فلا يخرج من يد المِرتهِن على صيغة الفاعل إلاَّ أن يؤدي الحقّ، والشخوصِ کالخروج [الخروج](1)، وشَخَص المسافرُ کمنع ذهب الى بلد أو مکان(2)، والتَدارُك التّلاحق يقالُ: تدارك القوم إذا لحق(3) آخرهم بأوّلهم(4)، والتّدارك بالرحمة أن تلحقه الرحمة كأن المقيم بينهم فاتته(5) الرحمة، وتركته فابتلي بالإقامة ثم يفعل جميل استحق أن تدركه وتلحقه، فلحقته و خلصته من المصائب الدنيوية، أو الآخروية التّابعة لمجاورة الفاسقين، أو من عموم العذاب إيّاه إذا نزل(6) بالفاسقين، أو للجميع، ويمكن أن يراد بالشاخص من لم يحضرهم فالتّدارك بالرحمة عدم ابتلائه بالمقام في ذلك المقام والأوّل أظهر (كَأَنّي بِمَسْجِدِكُمْ

كَجُؤْجُؤِ سَفِينَةٍ، قَدْ بَعَثَ اللهُ عَلَيْهَا الْعَذَابَ مِنْ فَوْقِهَا وَمِنْ تَحْتِهَا، وَغَرَّقَ مَنْ

فِي ضِمْنِها) وفي رواية أخُرىْ (وَايْمُ اللهِ لَتُغْرَقَنَّ بَلْدَتُكُمْ حَتَّى كَأَنّ أَنْظُرُ إِلى

مَسْجِدِهَا كَجُؤْجُؤِ سَفِينَةٍ أَوْ نَعَامَةٍ جَاثِمَةٍ) وَفي روَايَةِ أخُرى (كَجُؤْجُؤِ طَیْرٍ فِي

لجّة بَحْرٍ) الجؤجؤ كهُدهُد ((الصّدر))(7) أو ((عظامه))(8)، وجُوجُؤ السّفينة صدرها(9)، وجثم الطّائر والنعام والإنسان كضرب ونصر تلبدَّ بالأرض ولزم

ص: 17


1- [الخروج] ساقطة من م
2- ينظر: العين، مادة (شخص): 4 / 165
3- (ألحق) في أ، ع
4- ينظر: لسان العرب، مادة (درك): 10 / 419
5- (فاتیه) في أ، ع
6- (ترك) في أ، ع
7- لسان العرب: مادة (جاجأ): 1 / 42
8- المصدر نفسه، مادة (جاجأ): 1 / 42
9- ينظر: المصدر نفسه، مادة (جاجأ): 1 / 42

مكانه فلم يبرح أو وقع على صدره وجثوم الطّائر كبروك الإبل(1)، قال بعض الشّارحین(2): الصّحيح أن المخبرَ به قد وقع فإنَّ البصرة قد غرقت(3) مرتين، مرة في أيّام القادر بالله(4)، ومرّة في أيّام القائم(5) بأمر الله، غرقت بأجمعهَا ولم يبق منها إلا مسجدهَا الجامع [...](6) بارزاً بعضها كجُوجُوءِ الطّائر حسب ما أخبر به أمير المؤمنين (عليه السّلاَم)، جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضِع المعروف الآن بجزيرة الفرس، ومن جهة الجبل المعروف / و35 / بجبل الشنام، وخربت دورها، وغرق(7) كل ما في ضمنها، وهلك كثير من أهلهَا. وأخبار هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة

ص: 18


1- ينظر: لسان العرب، مادة (جثم): 12 / 82
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 213
3- (عرفت) في ث، و في ر: (عرقت)، تصحيف
4- هو أحمد بن اسحاق بن المقتدر، ويلقب بالقادر بالله، ويكنى أبا العباس، و أمة دمنة، خليفة عباسي، ولد سنة (336 ه)، وولي الخلافة سنة (381 ه) بعد موت الخليفة الطائع الله ، ودامت خلافته أحدى وأربعين سنة، كان من علماء الخلفاء، صنف كتاب في الأصول، وكان يقرأ في كل يوم جمعة في حلقة اصحاب الحديث بجامع المهدي، مات في بغداد سنة (422 ه). ينظر: الكامل في التاريخ: 9 / 80 - 82، و فوات الوفيات: 1 / 111، 112، و تاریخ الخلفاء: 442 - 448، والاعلام: 1 / 95، 96
5- هو عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر جعفر العباسي البغدادي، ويلقب القائم بأمر الله، ويكنى أبا جعفر، أمه بدر الدجى أرمنية، وقيل قطر الندى، ولد سنة (391 ه)، بويع يوم موت أبيه سنة (422 ه)، مات سنة (450 ه) أثر نرف اصابه بعد فصده . ينظر: الكامل في التاريخ: 9 / 168، و سير أعلام النبلاء: 15 / 138 - 141، و تاریخ الخلفاء: .448 - 453
6- [بازاء] زيادة فيث، ر، لا يتطلبها السياق
7- (وعرق) في أ

يتناقلها(1) خلفهم(2) عن سلفهم(3) وقال بعضهم: ظاهر قوله (عليه السّلَام) في هذه الخُطبة (وَإنّي لأعَرِفَ مَوْضِعَ مُنَفَجِرَةٍ مِن قَرْيَتكُم) أن لا تكون(4) من ناحية أخرى بل من أرضهم(5)، ويمكن أن (تكون)(6) كلمة (من) للتبعيض، لا صلة للانفجار، و الانفجار هو السّيلان، فالمعنى إني لأعرف مجراهُ من قريتكم، والقول بأن المخبر به سيقع وإن(7) كان محتمّلا إلا أنّه يستدعي عمارة المدينة القديمة التّي فيها المسجد، وكون المراد ستغرق المدينة الجديدة على وجه لا(يبقى)(8) أرض بارزة سوى مسجد القديمة لا يخلو عن بعد (أَرْضُكُمْ قَرِيبَةِ مِنَ الْمَاءِ، بَعِيدَةٌ عن الْسَّمَاءِ(9))، قال بعض الشارحين: معنى قربها من الماء كونها قريبة من الغرق بالماء، وأما بُعدها عن السّماء فإنَّ أرباب علم الهيئة وصناعة التنجيم يذكرون أن أبعد موضع في الأرض عن السّماء [الأُبلّةُ](10)، وذلك موافق لقوله (عليه السّلَام). ومعنى البعد عن السّماء هاهنا هو بعد تلك الأرض المخصوصة عن دائرة معدّل النّهار والبقاع، يختلف في ذلك. وقد دّلت الأرصاد والآلات النّجومية على أن أبعد موضع في

ص: 19


1- (تتناقلها) في ث، ح، ر، وفي م (تثاقلها)
2- (خلقهم) في ث، وفي ح: (حلفهم) تصحيف
3- (سفلهم) في ث، تحریف
4- (يكون) أ، ع، ن
5- قول متصرف فيه، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 293
6- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن، تصحيف
7- (فان) في أ، ع
8- (يبقى) في أ، ح، ع، ر، ن، تصحيف
9- (من السماء) في أن ث، ح، ع
10- [الأبلة] ساقطة من ث، ر، م

المعمورة عن دائرة معدل النّهار هو الأُّبلة، وهو قصبة البصرة(1) انتهى. وفيه نظر واضح، وقيل المراد بعدهَا عن سماء الرحّمة، والجود الآلهي مستعدة لنزول العذاب ولا يخلو عن بعد ولعل الأظهر أن المراد کونها هابطة لقربها من البحر وهبوطها يدخل الماء بساتينهم إذا مدّ البحر، و انخفاض الأرض يعدها للعفونة في هوائها، واشتداد الحر، وحصول الأمراض، ومع ذلك مضنّة للغرق(2)، ولا يبعد أن (تكون)(3) العفونة مورثة لسوء الخلق، وضعف العقل، كما يشعر به قوله (عليه السلام) بعد هذا الكلام. (خَفَّتْ عُقوُلُكُمْ، وَسَفِهَتْ حُلُومُكُم) السّفه محركة ((ضدُّ الحِلْمِ، وأصله الخِفَّةَ والحركةُ))(4)، ومنه قولهم: (تسفّهت الرّيح الشَّجر أي: مالت به)(5)، ويقال: سفِه فلان بالكسر إذا كان مُضطرب الرأي(6)، (والسّفيه الجاهل)(7)، والحُوُم جمع حلم بالكسر، وهو ((العقل و الأناءة))(8)، وقد ظهرت خفة عقلهم في اتباع المرأة والبهيمة، والخروج عليه (عليه السّلاَم) (فَأَنْتُم غَرَضٌ لِنابِلٍ، وَأُكُلَةٌ لآكِلٍ،

وَفرِيسَةٌ لِصَائِلٍ) الغرض بالتحريك ((الهَدَفُ))(9)، والنّابل صاحب النبل كاللابن صَاحب اللّبن، و ((النبل بالفتح السِّهام العربية، وهي مؤنثة لا واحد

ص: 20


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 225، 226
2- (للعرق) في أ، م، تصحيف
3- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن، والصواب ما أثبتناه
4- الصحاح، مادة (سفه): 6 / 2234
5- المصدر نفسه، مادة (سفه): 6 / 2234
6- لسان العرب، مادة (سفه): 13 / 498
7- المصدر نفسه، مادة (سفه): 13 / 498
8- المصدر نفسه، مادة (حلم): 12 / 146
9- الصحاح، مادة (غرض): 3 / 1093

لها من لفظِها))(1)، وقيل واحِدَها نبلْة(2)، و(تقول)(3): نَبلْت فلاناً كنصرته إذا رَميْتَه بالَنْبلِ(4)، ((والُأكْلَةُ بالضّم اللُقُمة))(5) و فريسة الأسدما يفترسه أي: يصيده ويقتله، وأصل الفرس أن يدّق الأسد عنق ما يصيده(6)، ثم كثر حتى سمّي كل(7) قتل [فَرْساً](8)، وروى النهي عن فرس الذّبيحة، وهو کسر عظم رقبتها قبل أن تبردُ، والصّولة الحَملْة والوّثْبة(9)، وفي المثل: (رُبَّ قول أشدّ من صولٍ)(10)، وهذه الأوصاف مّما يترتب على خفة العقل والسّفه؛ الأن طمع القاصد بالأذي لطائفة إنما ينشأ من علمه بجهلهم بوجوه المصَالح والتّدابير، ويمكن أن يكون الأوّل من الثلَاثة إشارة الى كونهم مقصداً لمن يريد أذاهم، والثاني كناية عن كونهم معرضا؛ لأن يطمع في أموالهِم، والثالث عن كونهم بصدد أن يفترسهم من يقصد قتلهم واستئصالهم، ويحتمل أن يكون الكلام مسوقاً للدّعاء علَيهِمْ.

ص: 21


1- المصدر نفسه، مادة (نبل): 5 / 1823
2- لسان العرب، مادة (نبل): 11 / 642
3- (يقول) في أ، ث، ح.ع، ن، والسياق يقتضي ما أثبتناه
4- ينظر: الصحاح، مادة (نبل): 5 / 1826
5- المصدر نفسه، مادة (أكل): 6 / 1624
6- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (فرس): 4 / 485
7- (کما) في أ، ع
8- [فرسا] ساقطة من ر، م، ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (فرس): 4 / 485، والصحاح: 3 / 958
9- ينظر: لسان العرب، مادة (صول): 11 / 387
10- جمهرة الأمثال: 1 / 472، 476، و مجمع الأمثال: 1 / 302 (يضرب عند كلام يؤثر فيمن يواجه به)

[ومن خطبةٍ لهُ (عليه السلام)] فيما رده على المسلمين [قطائع عثمان]

(وَاللهِ لَوْ وجَدْتْهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النساءُ، وَمُلِكَ بهِ اْلإِمَاءُ؛ لَرَدَدْتُه؛ فَإِنَّ فِي الْعَدْل سَعَةً، وَمَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ، فالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ) قال الشّارح عبدالحميد بن أبي الحديد: القطائع: ما يقطعه الإمام بعض الرعيّة من أرض بیت المال ذاتِ الخراج، ويُسقِط عنه الخراج، ويجعل عليه ضريبة/ ظ 35 / يسيرة عوضاً عن الخراج، وقد كان عثمان أقطع كثيراً من بني أمية وغيرهم [من](1) أوليائه وأصحَابه قطائع من أرض الخراج على هذه الصّورة، وقد كان عمر أقطع قطائع، ولكن لأربابِ العناء في الحرب، والآثار المشهورة في الجهَاد، فعل ذلك ثمناً عما بذلوهُ من مهجهم في طاعة الله سبحانهُ، وعثمان أقطع القطائع صلة لرحمه، وميلاً إلى أصحابه من غير عناء في الحرب ولا أثر(2)، قال: ((وهذه الخطبة ذكرهَا الكلبي(3) مرويةٌ مرفوعة إلى أبي صالح عن ابن عباس أنَّ عليّاً (عليه السّلَام)](4) خَطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال: ألا أنَّ كُلَّ قَطِيْعَةٍ أَقْطَعَها عثمانُ، وَكُلَّ مّالٍ أعطاهُ مِنْ مّال الله

ص: 22


1- [من] ساقطة من ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 227
3- محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد الحارث الكلبي، ويكنى أبا نضر، عالماً بالتفسير والانساب كان جده بشر بن عمرو وبنوه: السائب وعيد وعبد الرحمن شهوداً الجمل وصفين مع الامام علي (عليه السلام)، قتل أبوه مع مصعب بن الزبير، وشهد محمد بن السائب دیر الجماجم مع عبد الرحمن بن الأشعث، مات سنة (146 ه). ينظر: المعارف: 535، 536، و وفیات الاعیان: 4 / 309 311، و العبر في خبر من غبر: 1 / 209
4- [(عليه السلام)] ساقطة من ع

فهوُ مَردود فْيِ بَيتْ المالِ، فَإنَّ الْحَقَّ الْقَدْيِمَ لا يُبطِلْهُ شَيء، ولو وجدتُه قَدْ تُزوِّجَ بهِ النسّاءِ، وَفُرّقَ في البُلْدان، لرَدَدَتَهُ اِلى حَالهِ؛ فَإنَّ في الْعَدْلِ سَعَةً، وَمَنْ ضَاقَ عَنْهُ الحق فَالْجَورُ عنه أضْيَق.(1)، قال: ((وقال الكلبي: ثم أمر (عليه السّلاَم) بكلّ سلاح وُجِد لعثمان في داره مّما يقّوي به على المسلمين فقبض، وأمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصّدقة، فقبضت، وأمر بقبض سيفه و درعه، وأمر أن لا يعرض لسلاح وُجِد له لم يقاتل به المسلمون، وبالكف عن(2) جميع أمواله التي وجدت في داره و في غير داره، وأمر أن (تُرتَجَع)(3) الأموال التّي أجاز بهَا عثمان حيث أُصيبَتْ وأصيب أصحابُها. فبلغ ذلك عمرو بن العاص، وكان بأيَلة من أرض الشام، فكتب إلى معاوية: ما کنت صانعاً فاصنع، إذ قشرك ابن أبي طالب عن كلّ مال تملکه کما یُقشر عن العصا لحاءها، وقال الوليد بن عقبة(4) - وهو أخو(5) عثمان من أمه - يذكر قبض علي (عليه السّلَام) نجائب عثمان وسيفه وسلاحهِ:

ص: 23


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 227
2- (من) في م
3- (ير تجع) في أ، ح، ع، ر، م، ن، تصحیف، وفي ث: (يرجع)
4- الوليد بن عقبة بن معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن مناف، وهو أخو الخليفة عثمان من أمه أروی بنت کریز بن ربيعة بن حبيب، يكنى أبا وهب، أسلم يوم فتح مكة عرف بمجونه ولهوه، کان شاعراً، بعثه الرسول (صلى الله عليه واله) الى صدقات بني المصطلق فرجع واخبره بأنهم خرجوا عليه فنزلت بحقه الآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الحجرات / 6، ولاه الخليفة عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص سنة 25 ه فشهد جماعة عند عثمان بشربه للخمر، فعزله وأقام عليه الحد، توفي سنة (61 ه). ينظر: الم عارف: 319، 318، والمغازي: 2 / 980، و الوافي بالوفيات: 27 / 276، 277، والأعلام: 8 / 122
5- (أخر) فيع، تحریف

بنى هَاشمٍ رُدُّوُا سِلاحَ ابْن أخْتِكُم *** وَلا تَنْهَبُوهُ لاَ تَحِلُّ مَنْاهِبُ

بنى هَاشِمٍ كَيفَ الهَوادِةُ بَينَنَا *** وَعِنْدَ عَلَيًّ دِرْعُهُ وَنَجائِبُهُ

قَتَلتم أخي كَيْما تَكُونوا مكانه *** كَمّا غَدَرَتْ يَوْماً بكسرى مَرازِبهُ

فأجابه: عبدالله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب(1) بأبيات طويلة من جملتها:

فلا تسئلونُا سَيْفَكُم إن سَيْفَكُم *** أضيع وألقاه لدى الروّع صاحِبهُ

وَشَبَّهْتَهُ كسرى وَقَدْ كانَ مِثْلهُ *** شَبِيهَاً بكِسرى هَديُه وضَرائِبهُ(2)

أي: كان كافراً کما کان کسری كافرا. وكان المنصور إذا أنشد هذا الشعر، يقول: لعن الله الوليد! هو الذي فرق بين [بني](3) عبد مناف بهذا الشعر(4) انتهي، واقتصاره (عليه السّلَام) علی رد قطائع عثمان دون ما أقطعه عن عمر بن [الخطاب](5) طائفة للجهاد أو غيره أمّا لعدم بقائه في أيديهم بقبض عثمان لموتهم أو غير ذلك، وأمّا للتقية والخوف من ثوران الفتنة، وتفرق عسکره

ص: 24


1- عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو الهياج الهاشمي، أمه فقمة بنت همام بن الأرقم الأسدي، تزوج رملة بنت الإمام علي (عليه السلام)، روي عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وعن الإمام علي (عليه السلام). ينظر: المحبر:، محمد بن حبيب البغدادي (ت 245 ه): 56، والاستیعاب: 3 / 921، و تاريخ مدينة دمشق: 29 / 72، وأسد الغابة، ابن الأثير (ت 630 ه)، والإصابة، ابن حجر (ت 582 ه): 4 / 101
2- نسبها المسعودي إلى الفضل بن العباس بن عتب بن أبي لهب، ينظر: مروج الذهب، ومعادن الجوهر، المسعودي: 2 / 347. مع اختلاف في ترتيب الأبيات، الأغاني: 5 / 82، 80، وهذه الأبيات من البحر الطويل
3- [بني] ساقطة من أ، ع، ن
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 228، 229
5- [الخطاب] ساقطة من أ، ع

کما صرح به (عليه السّلاَم) في خطبة طويلة رواها محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله) في الكافي(1) ذكر فيها (عليه السّلاَم) بعض البدع كتحويل المقام، وغصب فدك، وإنشاء التراويح، وأمُور غيرها فصلها (عليه السّلاَم)، وقال: لو حملت الناسِ على تركها، وحولتها إلى مواضعها إذاً لتفرق عني جندي حتّى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي، و فرض إمامتي(2)، ولم یکن عثمان عند النّاسِ كالشيخين حتّى يخاف (عليه السّلَام) من تغییر بدعه، كيف وقد خرج طائفة قليلة على عثمان و حصبوه على المنبر وحاصروه وقتلوه ولم ينصره أهل المدينة، والصحابة، وتركوه غير مدفون ثلَاثة أيام، ولم يقدر أولياؤه من بني أمية وغيرهم على دفنه في مقابر المسلمين، وقد كانوا يبايعونه [(عليه السّلَام)](3) في الشورى على سنة الشيخين، ولّما امتنع عنها (عليه السّلَام) وقبلها عثمان بایعه عبدالرحمن بن عوف عليها، وتابعهُ النّاس إلاّ قليل من الخواصّ، وليس الحال کَما يشعر به کلام الشّارح(4)، وصّرح به بعض الشارحين(5) من أنه لإختلاف(6) غرضهما، وجواز ما فعله عمر بن الخطاب، وأمّا ما علّل به (عليه السّلَام) ردّ(7) القطائع من اشتمال العدل على السّعة فواضح إذ به يتسق نظام العالم، ويصل كل ذي حقّ إلى حقه، وقد جعل الله لكل أحدٍ ما يسعه، وأمّا كون الجور أضيق على من ضاق

ص: 25


1- ينظر: الاصول من الكافي، الكليني: 8 / 58 - 63
2- ينظر: الاصول من الكافي: 8 / 59
3- [(عليه السلام)] ساقطة من ع
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 227
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 296
6- (لا خلاف) في ح،ر، م، تحریف
7- (ردع) في أ، ع، ن

عليه العدل، فإمّا لأنّ من لم يرض بحقه وضاق(1) / و 36 / عليه الاقتصار عليه فبالأوُلى أن يصعب عليه الصّبر على جور جرى عليه ولو فكر في نفسه وتأمل في صعوُبته صَار الصّبر على الحقّ هنيئاً لهُ، ورضى بالكفّ عن حقوق النّاسِ وإن تاقت(2) اليها نفسه للحرص والجشع، هذا لو أريد بالجور الجاري عليهِ ولو أريد الصادر منه فالضيق(3) الأشد(4) لما يلحقه من العذاب في الآخرة أو للمكافاة الدّنيوية التّي قلّ ما ينجو الظّالم عن الابتلاء بما يوازي(5) ظلمهُ وابتلاء به أو بأشد من ذلك، وأمّا لما ذكره الشّارح من ((أن الوالي إذا ضاقت عليه تدبيرات أمُوره في العَدلْ فهي [...](6) في الجَورْ أضيق(7) عليه؛ لأنّ الجائر في مظنة أن يُمنع ويُصدّ عن جوره))(8)، وهذا الوجه لا يصفوُ عن التّخصيص وغيره، وأمّا لما ذكره بعض الشارحين(9) من أن من نزل عليهِ عدل اعتقد أنه قد أخذ منه ما ينبغي أخذه منه، وإذا نزل(10) عليه جور اعتقد انه أخذ منه ما لا ينبغي أخذه ولا شك أن أخذه(11) [...](12) أصعب

ص: 26


1- (فضاق) في أ، ع، ن
2- (ناقت) في أتصيحف، وفي ح، ر، (ثاقب) تصحيف
3- (فاضيق) في ث
4- (الاسد) في ث، ح، ر، تصحيف
5- (يواري) في أ، ع، م، ن، تصحيف
6- [من] زائدة في ث
7- (الجواز ضيق) في أ، ع، ن
8- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 227، 228
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 295
10- (وان انزل) في ث، ر
11- (إذ اخذ) في ث
12- [ما لا ينبغي اخذه] زيادة في ث، ح، ر، ع، م، ن

على(1) النّفسِ، وأضيق من أخذ ما ينبغي وهو أمر وجداني، وأمّا لما ذكره أيضاً من أن الأوامر والنَّواهي الالهية سدّت على الجائر وجوه التّصرفات الباطلة ولا يخلو عن بعد، ثم أن من شعب السّعة في العدل والضيق في الجور أنّه إذا جرى أمور الولاة في العطايا وغيرِها على مناهج العدل دون طرق الإفراط والتفريط تقاعد الناس عن طلب الزيادة والطّمع فيما [في](2) أيدي(3) الناس ويقنع كلّ بحقه وما في يده، وإذا اشاع الجور هاج حرصهم وكثرت أطاعهم فيتمنون الزيادة في الصلات، والعطايا، ويريدون غصب الأموال وغيره وكثيرا ما يمنعهم عمّا حاولوا مانع يقهرهم أو قاهر يغلبهم أو لا(4) تساعدهم(5) الأسباب والوسائل، فلا يلحقهم إلَّا كدّ باطل واكتساب مشقة من غير طائل ولو تيسر لهم الوصول الى مرادهم فربَما انقلب المغلوب غالباً، والمقهور قاهراً فانتقم بأكثر من ظلامته، أو ينتقم له غيره لصداقه أو قرابة على وجه أبلغ، وربمّا طمع في أموالهم من كان فوقهم فلا يصدّه مانع الابتناء الأمور على الجور فيخرج عنهم أضعاف ما غصبوا وبقي عليهم وزر ما(6) اكتسبوا ولحقتهم الندامة في الدّنيا والآخرة.

ص: 27


1- (عن) في م
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 295
3- (فيما ابدی) في م
4- (لولا) في ث
5- (يساعدهم) في أ، ث، ح، ر، ع، م، ن، والصواب ما أثبتناه
6- (ورز ما) في ث، وفي أ، ع: (ربما)، وفي ن: (وز بما)

[ومن خطبة له (عليه السلام) لما بويع بمدينة]

هذه الخطبة قد رویت بألفاظ والتقط السّيد منها كلمات، ونورد ما ظفرنا به منها بعد تفسیر مَا ذكره منها (ذِمَّتِي بِمَا أَقَولُ رَهِينةٌ، وَأنَا بِهِ زَعِيمٌ) الذِمة بالكسر تكون بمعنى العهد والضّمان والحق والحرمة والأمَان(1)، وسمّي أهل الذمة لدخولهم في عهد المُسلمين وأمانهم، والرّهن مَا وضع عند أحد لينوب مناب ما أخذ منه(2)، والرَهينة المرهونة، وبمعنى الرهن والهاء للمبالغة كالشتيمة والشّتم، ومنه الحديث ((كلّ غلام رهينةٌ بعقيقته))(3)، والمرتهن الذي يأخذها، ويقال: رَهنتةُ لسَاني ولا يقال أرهَنتْهُ(4)، وكون الذمة رهينة كناية عن التّقلد(5) والضّمان(6)، و((الزَعِيمُ: الكفيلُ)(7)، وفي الحديث: ((الزّعيم غارم))(8) أي: ضامن، والغرض من الكلام ترغیب المخاطبين إلى الاستماع والثقة به (إِنَّ مَنْ صَرَّحتْ لَهُ الْعِبَرُ عَمَّا بَیْنَ يَدَيِهِ مِنَ

ص: 28


1- ينظر: لسان العرب، مادة (ذمم): 12 / 221
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رهن): 13 / 188
3- ينظر: مسند أحمد: 5 / 7، 8، و سنن الدارمي: 2 / 81، والمعجم الكبير: 7 / 201، و السنن الكبرى: 9 / 299
4- ينظر لسان العرب، مادة (رهن): 13 / 189. وفي أ، ع، ن: (الزمان) تحریف
5- (النقلة) في ث، تحریف
6- (والزمان) في أ، تحریف
7- الصحاح، مادة نفسه (زعم): 5 / 1942
8- مسند أحمد: 5 / 267، وسنن ابن ماجه: 2 / 804، والسنن الکبری: 6 / 72، وفتح الباري: 2 / 459

المَثُلاَتِ، حَجَزَهُ(1) التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ) الصرّیح الخالص من كل شيء والتصریح کشف الأمر وانکشافه لازم متعدّ، والعِبَرَ کالعِنَب جمع عِبرة بالکسر، وهىَ مَا يعتبره الإنسان ليستدلّ به على غيره و يتّعظ به، والمَثُلاَت جمع مَثَلة بفتح الميم وضمّ الثاء وسكونها وهي العُقُوبَةُ(2)، وحجزهُ يحجزه [ويحجزه](3) منعه(4) وكفه، والتقوى الاسم من قولك:

اتّقيت الشَيء أي: حذرته، وأصله تقَيا قلبوُه للفرق بين الاسم والصفة(5)، وقَحَمَ الإنسان في الأمر كنَصَرَ، وتَقَتَحَّمَهُ واقتحمه رمی(6) نفسه فيه من غير روية وَتثبيثُ، ((والقُحْمَةُ بالضم: المَهْلَكَةُ))(7)، والشُبْهَةُ بالضم / ظ 36 / ((الالتباسُ))(8)، وسيجيء في كلامه (عليه السّلاَم) أنه إنّما سُمّيت الشُبهْة شُبهة؛ لأنّها تشبه الحقّ، وفي الكلام دلالة على وجوب الاحتياطِ واستحبابه، وكون الشّبهات مظّنة للمثلات يناسب الأوّل (أَلاَ وَإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ) الابتلاء الاختبار والامتحان، يقالُ بَلَوْتُهُ وَاَبلَيْتُهُ [وَابْتَلَيِتُهُ](9)، والاسمُ البلوى والبَليّة،

ص: 29


1- (حجزته) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 230، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 43
2- ينظر: الصحاح، مادة (مثل): 5 / 1816، ولسان العرب، مادة (مثل): 11 / 615
3- [ويحجزه] ساقطة من ر
4- (يمنعه) في أ، ع، والانسب ما اثبتناه
5- ينظر: الممتع الكبير في التصريف، ابن عصفور: 345
6- (وهي) في م، تحریف
7- الصحاح، مادة (فحم): 5 / 2006
8- المصدر نفسه، مادة (شبه): 1 / 2236
9- [وابتليته] ساقطة من أ، ر

والمعروف أنّ الابتلاء يكون في الخير والشر من غير فرق بين فعليهمَا(1)، ومنه قوله تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»(2)، والهيئة بالفتح وبکسر صورة الشّيء وحاله وكيفيّته، وفي کلام دلالة على ارتداد أكثر الأمة عن الدين بعد سّید المرسلين، وموت من مات على تلك الحال ميتة الجاهلية كما ورد في الأخبار عن الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين)، (وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحقِّ

لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً، وَلَتُسَاطُنَّ سَوْطَ القِدْرِ؛ حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ

أَعْلاَكُمْ، وأَعْلاَكُمْ أَسْفَلَكُمْ) بلبلة الصّدر وساوسه، والبلابل هي الهموم والأحزان(3)، وفي الحديث: ((إنما عذابها في الدنيا البلابل والفتن))(4) يعني هذه الأمة، والبلبلة ((اختلاط(5) الألسنة))(6)، و((تفريق الآراء))(7)، وتبلبلت الألسن اختلطت، وغربلت الدقيق وغيره بالغربال بالكسر أي: نخلته حتى تميز الجيد من الرديء(8) وغربلت اللحم أي: قطعته، وقيل الغربلة القتل(9)، والمُغَرْبَلُ ((المقتولُ المنتفخُ))(10)، وعلى الأول يمكن أن يراد بالغربلة الاختلاط

ص: 30


1- ينظر: لسان العرب، مادة (بلا): 14 / 84
2- الأنبياء / 35
3- ينظر: العين، مادة (بل): 8 / 320، و لسان العرب، مادة (بلبل): 11 / 69
4- لم اجد الحديث في كتب الحديث، ووجدته في لسان العرب: 11 / 69، والوافي، الفيض الكاشاني: 26 / 43
5- (الاختلال) في أ، ع، تحریف
6- تاج العروس: مادة (بلل): 14 / 66، وفي ث: (الاسنة)
7- المصدر نفسه، مادة (بلل): 14 / 66
8- ينظر: لسان العرب، مادة (غربل): 11 / 491
9- ينظر: لسان العرب، مادة (غربل): 11 / 491
10- الصحاح، مادة (غربل): 5 / 1780، و لسان العرب، مادة (غربل): 11 / 491

إذ يختلط الدقيق بعضه ببعض عند غربلته فيكون كالتأكيد للفقرة السابقة وأن يراد التفريق(1) بين الخيار الأشرار أو(2) ذهاب خيارهم وبقاء أشراهم أو التقاط الأخيار للقتل والتعذيب، والسّوط الخلط(3) ساط القِدْر بالمِسواط(4)، ((والمسواط وهو خشبة يحرك بها ما فيها ليختلط))(5) والكلام إخبار عّما جرى على الأمة من أمراء الجور من بني أمية وغيرهم، وما عرض لهُم من تشّتت الآراء، والوساوس في [قتال](6) أهل القبلة يوم الجمل وغيره، والهموم التابعة للوقائع، وتميز الهادين عن الضالين، وقتل كثير من خيار الصحابة والتابعين في الحروب وأيّام الحجّاج وبعدها، وفناء الأخيار بالموت والقتل، وبقاء كثير من الأشرار، وانحطاط الأكابر، وارتفاع [الأراذل](7) على ما يقتضيه شيوع الجور والفساد. ([وَ](8) لَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصُرَّوا،

وَلِيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَّ كَانُوا سَبَقُوا) الظاهر بقرينة باقي الخطبة كما سيجيء [باقي](9) [في](10) الروايات أنّ المراد بمن قصّر ثم سبق من قعد عن نصرته (عليه السّلاَم) بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومالوا إلى غيره، أو

ص: 31


1- (بالتفريق) في ع
2- (و) في ث، م
3- ينظر: العين، مادة (سوط): 7 / 278
4- (المسوط) في ث، ح، ر، م
5- لسان العرب، مادة (سوط): 7 / 326
6- [قتال] ساقطة من أ، ع
7- [الأراذل] ساقطة من ر
8- [و] ساقطة من ع
9- [باقي] ساقطة من ح، ر
10- [في] ساقطة من أ، ع، ن

شكوا في أمره ممَّن كان لهم سوابق في الإسلام أو غيرهم، ثم هداهم الله إلى المحجة البيضاء، ونصروه في حروبه وأطاعُوه في أوامره ونواهيه فتسميتهم سابقين بالنّظر إلى السّابق، أو لما يؤول اليه الحال، وبالطائفة الثانية من أبطل سوابقه في الإسلام للتقصير في أمره (عليه السّلاَم)، وفي صيغه المبالغة دلالة على بطلان السّوابق بذلك التقصير، وفي بعض النسخ (سابقون) في الموضعين ويحتمل أن يراد كل من انقلب حَاله لتقلب الأحول في الأزمنة المُسْتقبلة. (واَللهِ

مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً، وَلا كَذَبَتُ كذْبْةً، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا المَقَامِ وَهَذَا الْيَومِ) حکی الجوهري عن ابن السّكيت : ((ما عَصَيْته وَشْمَةً أي: كلمةً، وما أصابتنا العامَ وشْمَةٌ أي: قطرةُ مطر))(1)، والمراد مَا كتمت كلمة ينبغي اظهارها أو يضار مّا يخبرهم به، والكذبة بالفتح کما في النسخ المرَّة من قولك: كذب کضرب(2) کذِّباً [وكذَّبا](3) وكذبةً [و](4) كذبة، والتنوين للتحقير(5) والمقام مقام الخلافة، واليوم يوم البيعة، وانکاره (عليه السّلاَم) على الخلفاء، وترك بيعتهم ستة أشهر أو(6) أقل مع اخبار الرّسول (صلىّ الله عليه وآله) إياه في أمر الخلافة دون اهماله دليل واضح على بطلانهم (أَلاَ وَإِنَّ الخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، وَخُلِعَتْ لُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِي النَّارِ.) الشُّمس بالضمّ وبضمتين جمع شُموسِ وهو النّفور من الفرس الذَّي يمنع ظهرهُ وَلا

ص: 32


1- الصحاح، مادة (وشم): 5 / 2052
2- (كدب كصرب) في ث، تصحيف
3- [كذباً] ساقطة من ع
4- [و] ساقطة من أ، ع
5- (للتحضير) في ر
6- (و) في ع

يستقّر لحدَّتِه(1)، وتقحّمت به النّاقة على صيغة التّفعل(2) أي: القَتهُ(3) في ورطة ومُهلكة(4)، وقحّم الفرسُ فارسَه إذا رماهُ فيها(5)، وفي بعض النسخ (قحَمّتْ بهم) على صيغة التفعّيل، والأصّح الأوّل (أَلاَ وَإِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ، حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، وَأُعْطُوا أزِمَّتَهَا، فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ) المطايا والمطيّ جمع مطيّة(6)، وهي ((النّاقة التّي تركب مطاهَا))(7) أي: ظَهرَها، وقيل: يمطى بها في السّير أي: يمدَ(8)، والمطي يكونُ مفرداً أيضا / و 37 / ويذكر ويؤنث، وقيل: ويُذكَرُ المطيّة، و المَطايا فعالي وأصله فعائل(9) قلبت الياء الفاً(10)، ثم قلبت الهمزة [ياء](11) (لخفائها)(12) بين الألفين(13)، والذلُلُ بضمتين والأذلة جمع ذَلُولُ ضدّ الصّعب منَ الذِّل بالكسر وهو الليّن(14)، وبالضمّ ضدّ العّز(15)،

ص: 33


1- ينظر: تاج العروس، مادة (شمس): 8 / 329
2- (التفعيل) في ث، ر، م
3- (التقته) في م
4- ينظر: لسان العرب، مادة (قحم): 12 / 464
5- ينظر: الصحاح، مادة (قحم): 5 / 2006
6- (نطية) في ن، تحریف
7- لسان العرب، مادة (مطا): 15 / 286
8- ينظر: الصحاح، مادة (مطا): 6 / 2494، 2495
9- (فعالي) في ر، وفي ث، م: (فعال)
10- (القاً) في ن، تصحيف
11- [ياء] ساقطة من أ، ع، ن
12- (لحفائها) في ث، تصحيف
13- ينظر: کتاب سيبويه: 4 / 390، والأصول في النحو: 2 / 403، المنصف في التصريف: 2 / 55، 54، وشرح شافية ابن الحاجب: 3 / 181
14- ينظر: لسان العرب، مادة (ذال): 11 / 257
15- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ذال): 11 / 256

والزِمام بالكسر ((المِقْودَ))(1) و ((الخيط الذي يشدّ في البرُة أو في الخِشَاشِ ثم يَشدُّ في طرفه المِقودُ))(2)، والزمُّ وهو الشدّ(3)، ولعّل الأزمّة هي حدود الشريعة والأوامر والنّواهي الإلهيّة، وهي اللجم المخلوُعة عن خيل الخَطايَا (حَقٌ وَباطلٌ، وَلِكُلٍّ أَهْلٌ، فَلَئِنْ أَمِرَ البَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ، وَلَئِنْ قَلِّ الحَقُّ فَلَرُبَّما وَلَعَلَّ؛ وَلَقَلَّما أَدْبَرَ شَيءٌ فَأَقْبَلَ) هذاَ الكَلامِ ليس متّصلاً بالكلام السَّابق بل مفصول بذكر ما تضمنّ الإنكار على من(4) تقدمهُ، والطّعن عليهم كما يظهر من الرّوايات وأمر الباطِل کَعِلم أي: كثر، ويقال: أَمِرَ أمرُ فلان أي: اشتّد وارتفع شأنه ونسبة الفعل إلى الباطل مجاز، وقال الشارح: ((يجوز أن يكون (فَعل) بمعنى (انفعل) كقوله:

قَدْ جَبَرَ الدِّيْنَ الإلهُ فَجَبَرْ(5) أي: فَانْجَرَ))(6). والحاصِل أن غلبة الباطِل على الحقّ کما غلب المتقمّصُون للخلافة عادة قديمة، والحق وإن قل وصار مقهوراً فلربّما عَاد غالباً، ولعّله رَجع قاهراً، لكن الإقبال بعد الإدبار مستبعد قليل، ((وأقول إنَّ في هذا الكلام الأدنى مِنْ مَواقِع الإِحْسَان مَا لا تَبْلُغُهُ مَواقعُ الاسْتِحْسَانِ، وإِنَّ حَظّ العَجَبِ مِنْهُ أَكْثَرُ(7) مِنْ حَظّ العُجْبِ بِهِ، وَفِيه

ص: 34


1- الصحاح، مادة (زمم): 5 / 1944
2- الصحاح، مادة (زمم): 5 / 1944
3- ينظر: لسان العرب، مادة (زمم): 12 / 272
4- (مر) في م، تحریف
5- قاله في مدح عمر بن عبيد بن معمر وتكملته * وعَّورَ الرَحمنُ من وَلَّی العَور * دیوان العجاج: 33
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 232
7- (أكبر) في ر، وفي م (الأكثر)

مَعَ (الحَالِ)(1) الّتِي وَصَفْنَا زَوَائِدُ مِنَ الفَصَاحَةِ لَا يَقُومُ بَهِا لِسانٌ، وَلَا يَطْلعُ

فَجَّها إنْسانٌ، وَلاَ يَعْرفُ مَا أَقُوله إلاَّ مَنْ ضَرَبَ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ بِحَقٍّ، وَجَرَى

فِيهَا عَىَ عِرْقٍ، «وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ»(2)))(3) يمكن أن يكون الأدنى صفة مادحة للكلام [...](4)، والإحسان مصدر قولك: فلان يْحُسِنُ الشيّء أي: يعلمه، والاستحسان عدّ الشيء حسنا أي: في هذا الكلام الذّي هو أقرب من غيره الى مواقع العلم لكونه من كلام أمير المؤمنين (عليه السّلاَم) من بدائع المعاني ما لا يقوم بحقّه الاستحسان، وقيل: الإحسان مصدر قولك أحسن الرجل إحسانا إذا فعل فعل حسناً، ومواقع الإحسان محاسن الكلام التي أجاد فيها القائل وأحسن مواقع الاستحسان سائر محاسن(5) کلام العرب أي: أن شيئاً(6) من محاسن کلام العرب، وما يقع عليه الاستحسان منها لا يوازي(7) هذا الكلام ولا يبلغه أو يشير بمواقع الاستحسان الى الفكر من الناس فإنَّها مجال الاستحسان أيضاً إذ الاستحسان من صفات المستحسن أي: أن الفكر لا يصل الى محاسن هذا الكلام(8)، والعَجَب بالتحريك مصدر عجبت من الشيء وذلك لعِظم موقع الشيء وخفاء سببه والعُجب بالضم الاسم من قولك: أُعجِبَ فلان برأيه وبنفسه لحسنه وفضله أي: التعجب من

ص: 35


1- (الخال) في ح، تصحيف
2- العنكبوت / 43
3- کلام الرضي في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 230
4- (للكلام) مكررة في أ
5- (مجلس) في أ، ع
6- (شئناً) في أ، ع
7- (لا يواري) في ث، ع، م
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 309

بدائعه أولى من الافتخار به لو كان القائل ممن يفتخر ببلاغة كلامه، وقيل: يعني أن تعجب الفصحاء من حسنه، وبدائعه أكثر من عجبهم باستخراج محاسنه؛ وذلك لأن فيه من المحاسن وراء ما يمكنهم التعبير عنه أموراً كثيرة فهم يجدونها وإن لم يمكنهم التعبير عنها فيكون تعجبهم من محاسنه أكثر من اعجابهم من أنفسهم بما يقدرُون على استخراجه منها، أو يريد بأكثر من عجبهم به أي: أكثر من محبتهم له وميلهم اليه(1). والفَجُّ ((الطريق الواسع بين الجبلين))(2) والمطلع على الفج من يعلو الجبل ويشرف عليه، وفي بعض النسخ (فحواها) بدل (فجّها) أي: معناها، والضرب السير في الأرض لابتغاء الرزق وغيره، والإسراع في السير(3)، والحق ضد الباطل، والسهم والنصيب، والعِرق(4) بالكسر ((أصل كلّ شيء))(5)، وعرق الشجر والبدن ويقال للإنسان وللفرس عرق في الكرم(6).

[ومن هذه الخطبة](7) (شُغِلَ مَنِ الجنَّةُ وَالنَّارُ أَمَامَهُ) / ظ 37 / أي: من كان عاقبه أمره في سفره لا محال أما حلول الجنة والخلود فيها، أو المصير الى النار والبقاء فيها كفاه من المشاغل الاستعداد للفوز بالأول والنجاة من الثاني، أو

ص: 36


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 309
2- الصحاح، مادة (فجج): 1 / 333
3- ينظر: الصحاح، مادة (ضرب): 1 / 168
4- (العرف) في أ
5- تاج العروس، مادة (عرق): 13 / 324
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عرق): 13 / 328
7- [ومن هذه الخطبة] ساقطة من ع، م، بیاض في ث

من كانت الجنة والنار نصب عينيه ولم يكن من الغافلين عن(1) عظم محلهما منعه ذلك التذكر عن الاشتغال بسائر المشاغل فالاشتغال بغيرهما لا يكون إلَّا عن الغفلة والجهل، فالمراد بكونهما أمامه تذکرهُ لهما و نظره بعين البصيرة [اليهما](2)، والكلام للحث على الاستعداد لذلك الفوز، والنجاة بالتنبيه على سببهما والتحريص على تحصيله وایراد الفعل على صيغة المجهول؛ لكون الغرض(3) مقصورا على ذكر الشغل، أو لظهور الفاعل وهو الله سبحانه، أو للتعظيم والإجلال ثم قسم (عليه السّلَام) الناس باعتبار ذلك الاشتغال الذي ندبهم اليه على ثلاثة أقسام بقوله: (سَاعٍ سَرِيعٌ نَجَا، وطَالِبٌ بَطِئٌ

رَجَا، ومُقَصِّرٌ فِي النَّارِ هَوَى) فالأولون هم السابقون المستبقون الى الخيرات، المسارعون إلى مغفرة من ربهم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض، والفرقة الثانية الطالبون للرضوان بالبطؤ والتأني والراجون للغفران [المرجون](4) لأمر الله، أما يعذبهم بذنوبهم، وأمّا يتوب عليهم بسعة رحمته وجزيل فضله، والثالثة الذين شقوا وسقطوا في دركات الجحيم لهم فيها زفيرٌ وشهيقٌ. وهوی کرمی هویّاً سقط إلى أسفل، والأقسام في الروايات الآتية خمسة (الْيَمِنُ وَالشِّمَالُ مَضَلَّةٌ، وَالطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ) قيل(5) اليمين والشمال طرفا الإفراط والتفريط، والمَضَلَّةُ وَ المُضِلَّة بفتح الضَّاد و کسرها(6)، وفي النسخ

ص: 37


1- (من) في أ، ر، ع
2- [اليهما] ساقطة من أ، ع
3- (العرض) في م
4- [المرجون] ساقطة من ر
5- (قبل) في ح
6- (وكسر) في أ

بالكسر الأرض يُضَلُّ فيها الطريق(1)، والطريق يذكر ويؤنث وعلى التذكير يجمع على أطرقة كرغيف وأرغِفة، وعلى التأنيث على أطرق(2) کيمين وأيمنٍ(3)، والجادة قيل: سواء الطريق، و وسطه(4)، ((وقيل: الطريق الأعظم الذي يجمع الطرق، ولابد من المرور عليه))(5)، والتوسَّط الموصوف به الطريق غير(6) ما يستفاد من لفظ الجادة على التفسير الأول (عَلَيْهَا بَاقِي الكِتَابِ وَ آثارُ النُبُّوَّةِ، وَمِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ، وَإِليْهَا مَصیرُ العَاقِبَةِ) باقي الكتاب مايبقى من أثر مشيه، وموضع قدمه(7) كأنَّه مشى على الطريق الوسطى وقيل: باقي الكتاب مالم ينسخ منه و الأول أنسب، ((والأَثَرُ بالتحريك ما بقي من رَسم الشيء))(8)، وقولهم قطع الله أثره ((دعاء عليهِ بالزّمانة؛ [لأنه](9) إذا زمن(10) انقطع(11) مشيه فانقطع أثره)(12)، ومنفذ الشيء مخرجه(13)،

ص: 38


1- ينظر: الصحاح، مادة (ضلل): 5 / 1748
2- (اطراق) في ث، وفي ع: (الطرق)
3- ينظر: لسان العرب، مادة (طرق): 10 / 220
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (جدد): 3 / 109
5- المصدر لسان العرب، مادة (جدد): 3 / 109
6- (من غير) في أ، ع
7- (قد) في أيع
8- الصحاح، مادة (أثر): 2 / 575
9- [لانه] ساقطة من ث، ر، م
10- (از من) في ث
11- (القطع) في ع
12- تاج العروس، مادة (أثر): 6 / 11
13- ينظر: الصحاح، مادة (نفذ): 2 / 572

وعاقبته ((آخره))(1)، وظاهر السّياق في الرّوايات المشتملة على ما حذف من الخطبة أنّ المراد بالطريق الوسطى الموصوفة بالصّفات المسطُورة التمسّك بالعترة الطّاهرة التّي أوصى الرّسول (صلى الله عليهِ وآله) بها، وقال: إنّها لا تفارق القرآن ولا يفارقها حتى یردا عليه(2) الحوض(3) وهم الحملة(4) لسّنته، والعلماء بآثاره واحکامه واليهم مصير النّاسِ في الدّنيّا عاقبة أمرهم عند قيام القائم (عليه السّلاَم)، وفي الآخرة عند قيام الحساب، وسيظهر اشتمال بعض الروايات الخُطبة على ذكر العترة، والقائم (عليهم السّلاَم) (هَلَكَ مَنِ أدَّعَى، وَخَابَ مَنِ افْتَرى) الخيبة ((الحِرمَان والخُسران))(5) والكلام يحتمل الدّعاء على من ادّعى مَا ليس أهلا له وافترى كذبا، ويحتمل الإخبار، والمراد باللّفظ العام من تقدم عليهِ وتقمّص الخلافة (مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ، هَلَكَ عِنْدَ

جَهَلَهِ النَّاسِ) بدأ(6) الأمر بدواً مثل قعد قعودا ظهر و ابدیته اظهَرتْهُ، وصَفْحَةُ(7) (كلِّ شيءٍ: جانبهُ)(8)، ومن الإنسان جنبه، وصفح الشّيء وجهه وناحيته، ومن الوجهِ والسَّيفُ عرَضه و وجه كلّ شيء عريض وصفيحته

ص: 39


1- العين: مادة (عقب): 1 / 179
2- (على) في ث، ر، م
3- منه قوله (صلى الله عليه واله وسلم): (إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتی یردا على الحوض) مسند أحمد: 3 / 14، وينظر: المعجم الكبير: 3 / 65، ومجمع الزوائد: 9 / 162، 163
4- (الجمله) في أ. ع
5- لسان العرب، مادة (خیب): 1 / 368
6- (يدا) في أ
7- (صفحته) في ث، ح، ر
8- الصحاح، مادة (صفح): 1 / 382

وضربت عنه صفحاً أعرضت عنه وتركته(1)، وبعض الرّوايات غير مشتملة على قوله (عند جهلة الناس)، قال الشارح: وهي أصح / و 38 /، والتأويل مختلف فالمعني على تقدير وجود الزّيادة من أبدى صفحته لنصرة الحقّ غلبه أهل الجهل؛ لأنَّهم العامّة، وفيهم الكثرة فيهلكَ(2) وعلى عدمها من کاشف الحقّ مخاصماً لهُ هلك، ولم يصرّح بالمراد من الصّفحة، ولعلَّه جعلها بمعنی الوجه، و يمكن أن يراد بها الجنب والنّاحية، ويكون ابداء الصفحة عبارة [عن](3) الإعراض والمخاصمة أو عن اظهار الباطن والمكنون في القلب؛ لأن ناحية الشّيء وجانبه يخفى على من قابله ولا يظهر ظُهور وجهه، وقال ابن الأثير في النّهاية في الحديث: (((من یُبدِ لَنا صَفْحَتَهُ نُقم عَلَيْهِ کِتَابَ الله أي: من يُظهِر لنا فعله الذّي كان يخفيه أقَمْنا عليهِ الحدّ))(4)، والمعنى على الرّواية الأولى من أعرض عن المخالفين وعن كلّ من عاند(5) الحق في جميع الموادّ النصرة الحقّ أو(6) کشف عما أضمر في قلبه من الحقّ وترك المداراة والتقية في موضعها هلك لغلبة الجهّال، أو لزعمهم أنّه على الباطل فكان عندهم من الهالكين ولا يطيعونه في أمر، و لعلّ غرضه (عليه السّلاَم) على هذا الاعتذار عن ترك التّصريح ببطلان الخلفاء، والكشف عن محض الحقّ في ذلك؛ لكون التصريح مودّياً إلى الفساد ورجوع عامّة الناسِ عن طاعته (عليه السّلاَم)،

ص: 40


1- ينظر: الصحاح، مادة (صفح): 1 / 382، 383
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 232
3- [عن] ساقطة من أ، ع
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 109
5- (عائد) في ث، ر، م، تحریف
6- (و) في أ، ع

وعلى الرواية الثانية من أعرض عن الحقّ ولم يرضَ به هلك والغرض ببيان

هاك المتقدمن عليه لإعراضهم عن الحَّق، وتركهم الانقياد له (عليه السّلام)،

وتسليم الخلافة اليه، ويناسب ذلك قوله (عليه السّلام): (وَكَفى بِالْمَرءِ جَهْلاً

أَن لاَ(1) يَعْرفَ قَدْرهُ) أي: منزلته ومرتبته التّي جعلَها اللهُ لهُ فيطلب ما ليس

في شأنه، كما لم يعرف الغاصبُون للخلافة قدرهم وادّعوا ما لم يكن في شأنهم. (لاَ يَهْلِكُ عَلَى التّقْوَى سِنْخُ أَصْلٍ، وَلَا يَظْمَأُ عَلَيْهِ زَرْعُ قَوْمٍ) السّنخ هو

الأصل، ولعّل المراد أنّ ملازمة التقوى وتأسيس الأمر عليه لو تضمن بعض

المضار الدّنيويّة في بعض الموادّ لا يؤدي الى الاستئصال و الفساد الشديد الأصيل الذّي ينجّر إليه العصيان والطّغيان، وليس الإضافة لمجرّد الاختلاف اللّفظي كما ذكره ابن الاثر في النّهاية(2)، والظّمأ بالتحريك ((العطش))(3)، أو أشد العطش(4) وهو أنسب يقال: ظمِئ كعلِم، والاسم الظِّمؤ بالكسر(5) (فَاسْتَتِرُوا بِبيُوتِكُم(6)، وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ) الاستتار التّغطي(7)، والاستتار بالبيوت الاختفاء فِيها، وذات اليء حَقيقته ونفسه(8)

ص: 41


1- (ألا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 231، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 45
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 408
3- ينظر: الصحاح، مادة (ظمأ): 1 / 61
4- ينظر: لسان العرب، مادة (ظمأ): 1 / 116
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ظمأ): 1 / 116
6- (في بيوتكم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 231، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 45
7- ينظر: الصحاح، مادة (ستر): 2 / 676
8- ينظر: تاج العروس، مادة (ذو): 20 / 390

قالوا: والمراد منه(1) مَا اضيف اليه، والبین الوصل والفراق(2) وهو من الاضداد(3) أي: اصلحُوا حقيقة وصلكم، أو الحال التّي بها يجتمع المُسلمون أو نفس كلّ شيء بينكم والوراء أكثر ما يستعمل بمعنى الخلف، وقد يكون بمعنى القدام(4)، وهذا الكلام على ما في الرّوايات الآتية مسبوق بقوله (عليه

السّلام): (اَلا وَإنَّ اَللهَ أَدَّبَ هذِه اْلأُمَّة بِالسَّيْفِ والسَوط، وليس لأحدٍ عند

الامام فيها هوادةٌ)، أو ما يقرب من هذا(5) اللّفظ، وبعد قوله (عليه السّلام) التوبة من ورائكم قوله: (من أبدْى صَفْحَتهُ لِلحَقّ هَلَكَ) بدون التتمة التّي سبق ذكرها، وهو نهي لهم عن الاجتماع في النّوادي من غیر ضرورة بل للمفاخرات والمشاجرات كما هو دأب العرب وهو المنشأ لهيجان كثیر من الفتن والثوران الرور، ولعّل النّهي يعمُّ الأوقات وإن كان [في](6) بعضها أكد (وَلاَ يَحْمَدْ حَامِدٌ إِلاَّ رَبَّهُ، ولاَ يَلُمْ لائِمٌ إِلاَ نَفْسَهُ) أي: اشتغلوا عن مدائح

النّاس والثّناء على العَشائر وذكر مفاخر الآباء، ومدائح القبائل بحمد الله [الذّي](7) هو مبدأ الأيادي والنّعم عن ذكر مساوئ النّاس، ونشر عيوبهم وذمّ القبيلة والعشرة بلوم أنفسكم لاكتساب السيئات المورثة للمصيبات كما

ص: 42


1- (به) في أ، ع
2- ينظر: العين، مادة (بين): 8 / 380، ولسان العرب: مادة (بين): 13 / 62
3- ينظر: الاضداد، الانباري: 75
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (بين): 8 / 380، الصحاح، مادة (وری): 6 / 2523، ومعجم مقاييس اللغة، مادة (ورى): 6 / 104، والمخصص، مادة (ورى): 4 / 134، و تاج العروس، مادة (وراء): 1 / 275
5- (هذه) في أ
6- [في] ساقطة من أ، ع
7- [الذي] ساقطة من ث، ر، م

قال عزّ وجلّ: «مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [وَمَا أَصَابَكَ](1) مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»(2)، وقال: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو / ظ 38 / عَنْ كَثِيرٍ»(3)، ولعّله ليس الغرض النّهى عن مدح المنعم من النّاس في مَوضعه أو ذمّ المرتكب للمنكر في محلّه مطلقا أو في خصُوص الزّمان لاقتضاء المصلحة هذا ما يتعلقّ بشرح الألفاظ التّي ذكرهَا السيد (رضى الله عنه) من الخُطْبة، وقد رواها محمد بن يعقوب الكليني (قدس الله روحُه) في الرّوضة(4) بالاسناد عن أبى عبدالله (عليه السّلام)، ورواها الشّارح أيضا قال: (وهذه الخطبة من جلائل خطبه (عليه السّلام)، ومن مشهوراتها، وقد

رواها النّاس كلّهم، وفْيها زيادات حذفها الرّضي، أمّا اختصارا أو خوفاً مِن

ايحاش السّامعين، وقد ذكرها شيخنا أبو عثان الجاحظ في كتاب (البَيان

والتّبين)(5) على وجهها، ورواها عن أبى عبيدة مُعْمَر بن المثنّى قال: أوّل

خطبة خطبها أمر المؤمنين (عليه السّلام) بالمدينة في خلافته حمد الله، وأثنى

عليه وصلّى على النّبي (صلّى الله عليهِ وآله)، ثم قال: (ألا لاْ يُرعِیَنَّ مُرعٍ إلاَّ

عَلى نَفْسه شُغِلَ مِنَ الجَنَّة والنَّارُ أمامهُ)(6) الى آخر ما رواهُ، ورواها ابن ميثم في شرحه(7) مرساً بلفظ أبسط ونذكرهَا أولا بلفظَ [(اَلحَمدُ للهِ أحّقَ مْحَمُوُدٍ

ص: 43


1- [وما اصابك] ساقطه من ر
2- النساء / 79
3- الشورى / 30
4- ينظر: الاصول من الكافي، الروضة: 8 / 67
5- ينظر: الاصول من الكافي، الروضة: 8 / 67
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 232
7- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 1 / 297

بِاْلحَمْدِ وَأَولاهُ باْلَمِجْدِ، اِلَاً واحِداً صَمَدَاً أَقامَ أركانَ العَرشِ فَأشْقَ لِضَوُءهِ شُعاعُ الشَّمْسِ خَلَقَ فَأتْقَنَ، وَاَقَامَ فَذَلَتْ لَهُ وَطأةَ المُستَمكِّنِ وأشّهَدُ اَنْ لْا اِلَهَ اِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَيْكَ لَهُ)](1) ثقة الاسلام (رضی الله عنه) لكونه أوثق من غیره ثم نشیر الى مّا يتعلق به الغرض من مواضع الاختلاف، قال: قال أبو عبد الله (عليه السّلَام): (إن أمر المؤمنین (عليه السّلَام) لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال: اَلحَمْدُ للهَ الذَّي عَلاَ فَاسْتَعْلى وَدَنَا فَتَعالى، وَارْتَفَعَ

فَوقَ كُلّ مَنْظَرٍ، وَأشَهَدُ أنْ لا اِلهَ اِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَيكَ لَهُ، وَأشَهْدُ أَنَّ مُحَمّداً

عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ خَاتَمُ النَبّيِيْنَ، وَحُجةُ اللهِ عَلَى اْلعَالْمَینَ، مُصَدِقاً لِلّرٌسُلِ اْلاَوّلينَ،

وَكانَ بِالْمُؤمِنْينَ رؤَوفاً رَحْيماً فَصَلىَّ اللهُ وَمَلاَئِكتُهُ عَلَيْهِ وَآلهِ.

أمّا بَعْدُ

أيَّهُا النَّاسُ إنَّ اْلبَغْي يقود أصحابه الى النار، وان أوَّلَ مَنْ بَغى عَلَى اللهِ

جَلَّ ذُكرُهُ عِنَاقُ بِنْتُ آدَم، وإنَّ أوَّلَ قَتْيلِ قَتَلَهُ اللهُ عناقٌ وكان مَجْلِسُهَا جَرْيّبَاً

مِنَ الأرضِ في جَريْبِ، وَكانَ [...](2) لهَا عِشُرْونَ أَصْبَعاً في كُلّ أَصْبَعٍ ظُفرَانِ(3)

مِثْلُ اْلمِنجَلَیْنِ(4)، فَسَلَّطَ اللهُ عليها(5) أسَداً كَاْلفيلِ، وَذِئباً كَالبَعْیِرِ، وَنَسراً مِثْلَ

ص: 44


1- (اَلحَمدُ للهِ أحّقَ مْحَمُوُدٍ بِاْلحَمْدِ وَأَولاهُ باْلِمَجْدِ، اِلَاً واحِداً صَمَدَاً أَقامَ أركانَ العَرشِ فَأشْقَ لِضَوُءهِ شُعاعُ الشَّمْسِ خَلَقَ فَأتْقَنَ، وَاَقَامَ فَذَلَتْ لَهُ وَطأةَ المُستَمكِّنِ وأشّهَدُ اَنْ لْا اِلَهَ اِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَيْكَ لَهُ)] ساقطة من أ، ر، ع، م
2- [جريب] زيادة في أ، ع، لا يقبلها السياق
3- (طفران) في ث، تصحيف
4- (المنحلين) في أ، ث، ع، تصحيف
5- (عليه) في أ، ث، ح، ر

البَغْلِ، فَقَتَلَوُهَا وَقَدْ قَتَلَ اللهُ اْلجَبابرَةُ عَلى أَفْضَلِ أَحْوالِهِمْ، وَآمِنَ مَا(1) كانوا

وأمات هَامانَ، وأهْلَكَ فِرْعَونَ وَقَدْ قَتَلَ عُثمانَ، إلَاَ وإِنَّ بَلِيَتَكُم قَدْ عادَتْ كَهَيْئَتِها يَوْمَ بَعَثَ اللهُ نَبِيَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ)، وَالذَّى بَعَثَهُ بِالحَقِ لَتُبَلبَلُنَّ بَلْبَلَةً، وَلَتُغَربلَنُ غَرْبَلَةً، وَلَتُسّاطُنَّ سّوْطَة الْقدْرِ، حَتّى يَعُودَ أسّفَلَكُم أعْلاَكُم وأعْلاَكُم أسّفْلَكُم، وَلَيَسْبِقَنَّ(2) سَابِقُونَ كانُوا سَبَقوُا، وَاللهِ مَا كَتَمتُ وشمة وَلا كَذَبْتُ، وَلَقَدْ نُبِئتُ بِذّا اَلمَقامِ وَهذّا اْليَوْمِ إلا وَ إنَّ اْلخَطايَا خَيْل شُمسٌ حُمِلَ عَلَيْها اَهْلُها وَ خُلِعَتْ لُجُمها وَتَقَحَمّتْ(3) بِهِم في النَّارِ اَلا وَ إنَّ التّقَوْى

مَطايا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَيْها أهلُها وَاعُطُوا أزِمَّتَها فَأوَرَدَتْهُمُ اْلجنَّةَ، وَفُتِحَتْ لَهُمْ

أبُوابُا، و وَجَدُدوا ريْحَها وَطْيِبَها، وَقْيلَ لَهُمُ، «ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ»(4)، ألَا

وَقَدْ سَبِقَنْي اِلىَ هَذاْ الأمرْ مَنْ لَمْ أشِكْهُ فيْهِ وَمَنْ لَمْ أهَبْهُ لَهُ، وَمَنْ لَيسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ إلاَّ بنبي يُبعَثُ إلا وَلا نَبِيّ بَعْدَ مُحَمّدٍ (صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ) أشْرَفَ مِنْهُ عَلى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانّارَ بهِ في نَار جَهَنّمَ حَقّ وَباطِلٌ، وَلِكُلٍ أهلٍ فَلَئنْ أمَرِ اْلباطِلُ لَقَديَّاً فَعَل، وَلَئِنْ قَلَّ اْلَقُّ فَلرُباَّ وَلَعَلَّ وَلَقَلَّما أدَبْرَ شَيْءٌ فأقْبَلَ، وَلَئِنْ رُدَّ عَلَيْكُم أمرُكُم إنّكُم لَسُعَداءُ وَما عَلَيَّ إِلاّ الجَهدُ، وَإنّ لأخْشى أن تَكُونُوا عَلى فَتْرَةٍ مِلْتُم عَنْيّ مَيْلَةً كُنْتُم فِيْها عْندي غَیرَ مَحْمُودي الرَّأي وَلَوْ

اَشْاءُ لَقُلْتُ عَفَا اللهُ عَمّا سَلَفَ، سَبَقَ الرَّجُلان، وَقَامَ الثَّالِثُ كَاْلغُرابِ هَمهُ

بَطْنُهُ، وَيلهُ لَو قُصَّ جَناحاهُ، وَقُطَعَ رَأسُه كَانَ خَیْراً لَهُ، شُغِلَ مَن اْلجَّنةِ والنَّارِ

ص: 45


1- (مما) في أ، ع
2- (لتسبقن) في ع، تصحيف
3- (فتقحمت) في ث، ح، ر
4- الحجر / 46

أمامهُ ثَلاَثة واثنتان خَمْسَةٌ لَيْسَ لَهُم سَادِسُ مَلَكٌ يَطْرُ بِجَنَاحَيْهِ وَ نبيٌّ آخَذَ الله

بضَبْعَيْه، وَساعٍ مُتهِدٌ، وَطالِبٌ يَرجُوُ، وَمُقَرٌّ فِي النَّار، اليمْنُ / و 39 /

وَالشِمّالُ مضَلة، وَالطَريقُ اْلوُسْطى هِىَ اْلجادّةُ، عَليْها بَاقي الكِتَاب وَآثارُ النّبُوةِ، هَلَكَ مِنَ ادَّعى، وَخابَ مَن اِفْرَى، إنَّ اَللهَ أدَّبَ هذهْ الاُمَّة بِالسَّيْف وَ السَّوْطِ وليس لأحد عند الامام فيهما هوادة، فاستتروا في بيوتكم، واصلحوا ذات بينكم، والتوبة من ورائكم من أبدى صفحته للحق هلك). الى هاهنا رواية الكافي(1)، وقال الشارح بعد حكاية ما رواه: (قال شيخنا أبو عثمان،

وقال أبو عبيدة: وزاد فيها في رواية جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السّلاَم)

إلا أن الأبرار عِترتي، وأطائب أرومتي، أحلم الناس صغاراً، وأعلم الناس

كباراً. ألا وإنَّا أهل بيتٍ مِنْ علم الله عِلمَنا، وبُحكم الله حكَمْنا، ومِنْ قولٍ

صادق سَمِعْنا، فأنَّ تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يُهلككم الله

بأيدينا. معنا رايةُ الحق؛ من تبعها لِحَق، ومن تأخر عنها غرق. ألا وبنا يدرك

تِرَةُ كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذلّ عن أعناقكم وبنا فُتح لا بِكُم، وبنا يُختَمُ لا بِكُم(2). ثم قال الشارح(3) في هذه التتمة اشارة الى المهدي الذي(4) يظهر في آخر الزمان وأكثر المحدثين على أنه من ولد فاطمة (عليها السلام)، وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه، وقد صرحوا بذكره في كتبهم، واعترف به شيوخهم إلا أنه عندنا لم يُخلق بعد، و سيخلق، والى هذا المذهب يذهب

ص: 46


1- ينظر: الاصول من الكافي، الكليني: 8 / 67، 68
2- (نخلع) في ث، ر،ع، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 237
4- (التي) في ث، ح، ر

أصحاب الحديث أيضاً(1) قال: وروى قاضي القضاة عن كافِي الكفأة أبي

القاسم إسماعيل بن عباد(2) بإسناد متصل بعي (عليه السّلاَم) أنه ذكر المهدي، وقال: إنه من ولد الحسن (عليه السّلاَم) وذكر حِليتَه فقال(3): رجل أجىَ الجبین(4)، أقنى الأنف(5)، ضخم البطن، أزيل الفخذين(6)، أبلج

الثنايا(7)، بفخذه اليمنى شامة، وذكر هذا الحديث بعينه عبدالله بن قتيبة في

كتاب «غريب الحديث»(8) توضيح بعض ما لم يسبق شرحه، البغي على أحد الظلم والاستطالة عليه والعدول عن الحق فيه ويكون بمعنى الكذب وعلى الأخیر لا يبعد أن يكون المراد التعريض بالخلفاء في ادعائهم(9) الخلافة لكونه

ص: 47


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 237
2- هو إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني، وكنيته أبو قاسم، وزير مؤيد الدولة بويه بن ركن الدولة، وهو أول من سمي بالصاحب من الوزراء لأنه صحب مؤيد الدولة من الصبى ويعرف أيضاً ب(كافي الكفاة) ولد سنة (326 ه)، باصطخر، وقيل بالطالقان، كان كاتباً، فصيحاً، أديباً، سياسياً، من تصانيفه «المحيط»، «الكافي»، «الإمامة»، «الوزراء»، «الأسماء الحسنى»، «الكشف عن مساوئ شعر المتنبي» توفي بالري في صفر سنة 385 ه ونقل الى اصفهان. ينظر: سر أعام النباء: 16 / 511، 512، 513. و الوافي بالوفيات: 9 / 76، 77، والذريعة: 2 / 64، معجم المؤلفن 2 / 274
3- (فيقال) في أ، ع
4- الرجل الذي انحسر الشعر عن جبهته. ينظر: الصحاح، مادة (جلا): 6 / 2303
5- القنا في الأنف (هو ارتفاع في أعاه بن القصبة والمارن من غر قبح) لسان العرب: 15 / 203
6- (ورجل أزيل الفخذين: مخرجهما متباعدهما) لسان العرب: 11 / 317
7- (ورجل أزيل الفخذين: مخرجهما متباعدهما) لسان العرب: 11 / 317
8- غريب الحديث: 1 / 359
9- (اذعانهم) في ع، تحريف

في قوة الكذب على الله، وقد ارتكبوه في أحكامهم سوى ذلك الدَّعوى كثيرا، وعلى (الوجه)(1) الأول ظاهر والمِنْجَل(2) كَالمِنْبَر حديدة يحصد بها الزرع وفي جعل عثمان تالياً لفرعون وهامان دلالة شافية على جميع ما يدعيه الإمامية في حقه وفي رواية ابن ميثم (إن الله أهلك فرعون وهامان، وقتل قارون بذنوبهم)(3) والظاهر عى روايته أن فرعون وهامان كنايتان عن أبي بكر وعمر، وقد كان عمر كالوزير لأبي بكر وحاملاً لأوزاره، وقارون كناية عن عثمان لكونه أشبه الثلاثة به في حرصه عى جمع المال وادّخار الذهب والفضّة، وقوله (عليه السّاَم): (ومن ليس له توبة إلاَّ بنبي يبعث) يحتمل أن يراد به أن صحة توبة غاصب الإمامة ليست من الأمور المحتملة في الشريعة المقدسة فلو فرض فإنَّما [يكون](4) ببعث(5) نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله)، ولا نبي بعده فلذلك أشرف الغاصب لها عى شفا جرف أي: شفير واد منخفض تجرفه السيول، وتذهب به هارٍ أي: مرف عى السقوط والتهدم، قالوا هارٍ أصله هائر، ووزنه (فعل) خفف(6) كحلف من حالفٍ، وشاكٍ من شائك،

وصاتٍ من صائت، والألف ليس بألف فاعل، والأصل هور، وصوت،

وشوك، وفي رواية ابن ميثم ((أشفى منه عى شفى جُرف))(7) أي: أشرف

ص: 48


1- (الوجوه) في أ، ث،ح، ر، وما اثبت ضرورة يقتضيها السياق
2- (المنحل) في ع، تصحيف
3- شرح نهج البلاغة،ابن ميثم البحراني: 1 / 297
4- [يكون] ساقطه من أ، ع
5- (بعث) في ث، م
6- (حفف) في أ تصحيف
7- شرح نهج البلاغة،ابن ميثم البحراني: 1 / 298

ولئن رد عليكم أمركم إنكم لسعداء أي: لئن رجعت اليكم أموركم، واللفظ

هكذا في رواية الشارح، قال: يعنى إن ساعدني الوقت، وتمكنت من أن

أحكم فيكم بحكم الله تعالى ورسوله، وعادت اليكم أيام شبيه بأيام رسول

الله (صلى الله عليه وآله) وسرة مماثلة لسرته في اصحابه؛ إنَّكم لسعداء.(1)

انتهى. وفي الكلام اشارة الى بدع الخلفاء (وإني لأخشى أن تكونوا على فرة)

أي: كالأمم(2) الذين كانوا في أزمنة الفرة، وهي الأزمنة التي لم يكن فيها

نبي يتمكن(3) الناس من الرجوع اليه، وأخذ الأحكام منه كجاهلية العرب

وغيرها، والتعبر بلفظ الخشية دون التصريح بارتدادِهم عن الدين لمتابعة

الخلفاء أمّا / ظ 39 / لنوع من التقية والخوف من انكارهم عليه رأسا، أو

لكون أمرهم قريباً من حال أهل الفترة والجاهلية وللمداراة والمجاملة، قال

(عليه السّلام): (ملتم ميلة كنتم فيها عندي غر محمودي الرأي ولو أشاء

لقلت) أي: لو شئت لصرحت بحقيقة حالكم وما حقت عليكم من كلمة

العذاب وبينت فضائح(4) من اتبعتموهم وما هو(5) مصر أمورهِم وأموركُم، ثم قال: (عفا الله عمّا سلف) وهو دعا لهم بالعفو عما ارتكبوا، و فيه اشارة الى قوله تعالى: «عَفَا اللهُ عَمَّ سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ الله مِنْهُ»(6) أي: إن أصررتم عى زعماتكم الباطلة واتباع أحد غري كنتم من أعداء الله

ص: 49


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 237
2- (كالاعم) في ر
3- (بتمكن) في أ، ع
4- (فضاع) في ث، م
5- (ما هو) في م
6- المائدة / 95

المستوجبين لعذابه، ثم اشار (عليه السّلاَم) الى نوع من التفصيل لذلك

الإجمال بقوله: (سبق الرجان وقام الثالث)، وهذه الألفاظ موجودة في

رواية ابن ميثم(1)، ورواية الشارح أيضاً بتغير يسیر قال: وأما قوله: (قد

كانت أمور لم تكونوا عندي فيها محمودين) فمراده أمر عثمان، وتقديمه في الخلافة عليه(2)، قال: من الناس [من](3) يحمِل ذلك على خلافة الشيخين أيضاً. ويبعد عندي أن يكون إرادة؛ لأن المدة قد كانت طالت(4)، ولم يبقَ من يعاتبه ليقول قد كانت أمور لم تكونوا عندي فيها محمودين، فإنَّ هذا الكلام يشعر بمعاتبة قوم عى أمر كان أنكره منهم. وأما بيعة عثمان، ثم ما جرى بينه وبن عثمان، فإن صرف الكلام الى ما قلناه بهذا الاعتبار أليق، ولسنا نمنع من أن يكون في كلامه (عليه السّلاَم) الكثر من التوجد(5)، والتألم لرف الخلافة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه؛ وإنما كلامنا الآن في هذه اللفظات(6) التي في هذه الخطبة على أنّ قوله (عليه السّلاَم): (سبق الرجان) والاقتصار عى ذلك فيه كفاية في انحرافه عنهما(7) انتهى. وهذا الكلام وإن كان مموها بنوع من الإنصاف حيث لم يشتمل على إنكار في انحرافه (عليه السّلاَم) عن أبى بكر وعمر إلا أنه في غاية الوهن لأمور منها:

ص: 50


1- ينظر: شرح نهج البلاغة،ابن ميثم البحراني: 1 / 298
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 236
3- [من] ساقطة من أ، ع
4- (طالب) في ث، ر، م
5- (التوحيد) في أ، ع، وفي ث: (التوحد)
6- (اللفظان) في أ،ع
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 236، 237

أن الأمور بلفظ الجمع يدل على أن ميلهم عنه (عليه السّلاَم) لم يكن مرة واحدة، ثم تركه التصريح [وفي](1) عدوله(2) إلى التعريض والألغاز(3) في الكلام دليل واضح على أن الغرض ليس بمقصور على ذم عثمان و معاتبه الناس في أمره وحده، وإذ لم يحترز (عليه السّلَام) من أن يقول في عثمان: قام الثالث كالغراب همته بطنه، ويحه لو قص جناحاهُ، وقطع رأسه كان خيراً له(4)، وهذا لفظ رواية الشارح، فأي حاجةٍ إلى أن يقول بعد ذمهم بارتكاب الأمور (غير المحمودة)(5): (أما إني لو أشاء لقلت) ثم ذكر الرجلين في طي هذا الكلام بلفظ اعترف الشارح بدلالة على الانحراف عنها حجة واضحة للفطن على أن مراده (عليه السّلَام) (توبیخ)(6) النّاس باتباعهما، وميلهم اليهما أيضاً. وأما قوله: إن المدة قد طالت فسخیف(7)؛ لأنّ ذلك أمر لا يبلی بطول المدة، وقوله: لم يبق من يعاتبه فاسد لبقاء [جم](8) (غفير)(9) من المتابعين في السقيفة البائعين أديانهم بالدّنيا الدنية إلى زمان الخطبة على أن معاتبه(10) الخلف بفعل السلف، وتوبيخ الاتباع بأعمال الرؤساء أمر في غاية

ص: 51


1- [وفي] ساقطه من ث، ح، ر، م
2- (عندله) في ث
3- (الالفاظ) في ر، م
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 233
5- (الغير المحمودة) في أنث، ح، ر، ع، م، والاصح بدون تعریف
6- (توبيح) في ح، تصحيف
7- (ضخيف) في ث، وفي ر: (فيحلف)، وفي م، (فيحف)
8- [جم] ساقطة من ر
9- (عفير) في حار تصحيف
10- (متابعة) في م

الشهرة، وكيف جاز أن يعاتب الله عز وجل في زمان محمد (صلى الله عليه وآله) قوما بما فعله آباء آبائهم في أيام موسی (علیه السّلَام) ويمنّ عليهم بما أنعم على آبائهم فيقول: «وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ»(1)، ويقول: «وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا»(2) ويقول: «وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ»(3)، وقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلَام) في بعض كلماته: (أيها الناس إنما يجمع الناس الرِضا والسخط، وإنما عقر ناقةَ ثمودَ رجلٌ واحدٌ فعمهم الله بالعذابِ لما عموهُ بالرّضا، فقال سبحانه: «فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ»(4)، ومن تأمل كلماته (عليه السّلاَم) بعين البصيرة، وكان من أهل المعرفة بمجاري أيامه لم يعرضه شك في أن اقتصاره (عليه السّلَام) / و 40 / على التلويح في أمر الرجلين والاجمال في ذمهما دون عثمان لم يكن إلاَّ لخوفه من ثوران الفتنة وتفرق الكلمة، فأشعر في طي الكلام، وأجمل بما يتنبه به البصير إتماماً للحجة، وإيضاحاً للحق بقدر الإمكان، وقد أشرنا إلى ذلك في اقتصاره (عليه السّلَام) على رد قطائع عثمان، وفي قوله (عليه السّلَام): (سبق الرجلان) إلغاز(5) لطيف يناسب مقام التقية، ويتضمن الكشف عن الحقّ لاحتمال الّلفظ أنّهما سبقا إلى الخير، وإنّه بعد عهدهما فلا حاجة إلى التعرض لشأنهما، وإنّهما سبقا إلى النار فقال ثالثهما،

ص: 52


1- البقرة / 61
2- البقرة / 72
3- البقرة / 50
4- الشعراء / 157
5- (على ردها) في أ، وفي ع (في ردها)

والأول يناسب زعم الجاهلين المتعصّبين، والثاني يوافق ذوق المرتابين والثالث رأي المتبصرين المهتدين، وأمّا تألمه (عليه السّلاَم) وشكواه فقد فصلناه في مقدمة شرح الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق(1)، (وقصّ الجناح) قطعه، وفي رواية الشارح ((ويحهُ لو قُصَّ جناحاه))(2)، وهو أما تحريف إذ الويح كلمة رحمة وتوجع(3) والمقام يأباه، أو الصحيح ما قيل من أن الویح والويل بمعنى واحد(4)، فهي كلمة العذاب في المقام کالويل، وفي رواية الشارح قبل قوله (عليه السّلَام): (شُغِلَ من الجنة والنَّار أمامه)(5) [...](6) قوله: (الا لا يرعينَّ مُرَعٍ إلاَّ على نفسهِ)(7)، والإرعاء الإبقاء(8) والرّفق، قال الشارح(9): أي من أبقى على الناس فإنما أبقى على نفسه، والظاهر أنه جعل الكلمة بمعنى النفي فيفيد معنى قوله تعالى: «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ»(10)، و يمكن أن يكون للنهي فيكون على(11) طريقة قوله (عليه السّلَام): (لا يحمد حامدٌ إلا ربهُ ولا يلمُ لائمٌ إلا نفسهُ) أي: لا تتعرضوا

ص: 53


1- ينظر: مخطوط حدائق الحقائق: 147، 148
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 233
3- ينظر: لسان العرب، مادة (ويح): 2 / 638
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ويح): 2 / 639، و تاج العروس، مادة (ويح): 4 / 252
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 232
6- [أمامه] زيادة في ع
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 232
8- (الايفاء) في ع
9- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 234. وفيه (من أبقى...)
10- الإسراء / 7
11- (عن) في ر، تحریف

لشأن(1) غيركم، واقتصروا على الاهتمام بأمر أنفسكم، فيناسب قوله بعده: (شُغِلَ من الجنة والنار أمامه)، والضَّبع بالفتح العضد أو الإبط(2)، والأخذ بضبعي(3) النبي كناية عن اختياره من بين الناس للرسالة، لاعن العصمة حتى يدل على نفي عصمة الإمام کما توهمه الشارح، بل على عدم عصمة الملك أيضاً على أنه يمكن دخول الإمام في السَّاعي المجتهد، ولا مانع من عصمة بعض أفراد هذا القسم أو جميعها بناء على كون غير الإمام من قسم الطالب، أو السكوت عن حكم الإمام لكونه في حكم النّبي وقد اعترف الشارح في الجزء السادس(4) بعصمته (عليه السّلاَم) وأن [لم](5) يقل بوجوب عصمة الإمام فالظاهر على ما زعمه ينافي في مذهبه أيضاً والظاهر أن (عِلْمِنا وَ حكْمِنا وَسمْعِنا) في رواية الصادق (عليه السّلَام) على لفظ الفعل، ويمكن أن يكون الجميع على لفظ المصدر، ويكون السمع بمعنى المسموع (والموتور(6) الذي قُتِل له قتیل فلم يدرك بدمه، تقول منه: وتَرهُ يترهُ وتراً وتِرّةً، ويقالُ: وتره حقه أي: نقصه)(7)، وكلاهما محتملان في المقام.

ص: 54


1- (الشأن) في ث، ر، م
2- ينظر: العين، مادة (ضبع): 1 / 284، و الصحاح، مادة (ضبع): 3 / 1247، و لسان العرب، مادة (ضبع): 8 / 216
3- (بصنعي) في أ، ع
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 298
5- [لم] ساقطة من ث، ح، ر
6- (الموتون) في ث، م، تحریف
7- الصحاح، مادة (وتر): 2 / 843

ومن كلام له (عليه السلام) في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بِأهلٍ

هذا الكلام رواه ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني (رضي الله عنه) في باب البدع والرأي والمقاييس من أصول الكافي(1) مسنداً عن أبي عبدالله (عَلَيهِ السّلاَم) [عن](2) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السّلَام) و مرفوعا عنه (عَلَيهِ السّلاَم) ورواه الشيخ الجليل المفيد (رحمه الله) في ارشاده(3) متصلا بقوله (عَلَيهِ السّلَام) (كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره) من الخطبة السابقة، وقال الشارح(4) إنه ذكره ابن قتيبة في (غريب الحديث)(5)، وفسر بعض ألفاظه ابن الأثير في النهاية(6) (إَنَّ أَبْغَضَ الْخَلَائِقِ إِلَی اللهِ(7) رَجُلَانِ: رَجُلٌ

وَكَلَهُ اللهُ إِلَی نَفْسِهِ؛ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ) ((وكلت أمري إلى فلان أي: الجأته اليه، واعتمدت فيه عليه))(8) ووكله إلى نفسه أي: ترکه ولم يقم بأمره، والجائر بالجيم الضال العادل عن الطريق(9)، وفي بعض نسخ الكافي(10) بالحاء

ص: 55


1- ينظر: الاصول من الكافي: 1 / 55، 56
2- [عن] ساقطة من أ، ع
3- ينظر: الإرشاد: 1 / 231
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 240
5- ينظر: غريب الحديث: 1 / 362
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 408
7- (الله تعالى في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 239، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 46
8- لسان العرب، مادة (وكل): 1 / 374
9- ينظر: تاج العروس، مادة (جور): 6 / 217
10- الكافي: 1 / 55 وحدته بالجيم

المهملة من الحيرة في الأمر هو عدم الاهتداء لسبیله(1)، وَالقَصْدُ ((العَدْلُ))(2) و((استقامة الطريق))(3)، وسبيل قصد، وقاصد، أي: مستقیم كأنَّه يقصد الوجه الذي يأمنه السالك لا يعدل عنه(4)، (مَشْغُوفٌ بِكَلَامِ بِدْعَةٍ، وَدُعَاءِ ضَلَالَةٍ) الشغاف کسحاب ((غلاف القلب وهو جلدة دونه کالحجاب))(5)، وقيل حبة القلب وسويداؤه(6) / ظ 40 / ((قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا))(7) أي دخل حبه تحت الشغاف أو وصل إلى حبة القلب فهي مشغوفة به(8)، وفي بعض النسخ مشعوف بالعين المهملة، يقال: شُعِفَتْ به وبحبه کفرحت أي: غشي الحب القلب من فوقه، وقرئ به قوله تعالى(9)، والبدعة(10) كل فعل أتی به المكلف(11) على غير الوجه الذي وردت به الشريعة وتضمن تغيير حکم

ص: 56


1- (بسبيله) في م
2- الصحاح، مادة (قصد): 1 / 522
3- تاج العروس، مادة (قصد): 5 / 189
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (قصد): 5 / 189
5- لسان العرب، مادة (شغف): 9 / 179
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شغف): 9 / 179
7- يوسف / 30
8- ينظر: لسان العرب: مادة (شغف): 1 / 179
9- (... قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين) یوسف / 30. قراءة ابي الرجاء، وقراءة عوف بالعين،... وعن الأعرج (شغفها) بالغين، ووجه هؤلاء أن الحب عمها، ينظر: تفسير الطبري 19158، 11161
10- اسم من الابتداع، سواء كانت محمودة، أم مذمومة،، ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة منه في اسناد الى الدين، وهي في مقابل السنة، وهي في عرف الشرع مذمومة. ينظر : رسائل الشريف المرتضى: 2 / 264، القاموس الفقهي، سعدي أبو حبيب: 32
11- (المتكلف) في أ، ع

شرعي ولو بالقصد والنية وليست إلاَّ محرمة، وقد تظافرت أخبار الخاصة والعامة بأنَّ كل بدعة ضلالة، وتقسيمها الى الخمسة(1) من بدع العامة وهو مبنيُّ على تخصيص السنة المقابلة للبدعة بما ورد فيه نص أو ما في حكمة بخصوصه، ودعاء الضلالة الدعوة اليها كالدعوة الى المأدبة والضلالة هي البدعة التي اخترعتها نفسه الأمَّارة بالسوء [و](2) حرّضه(3) عليها شيطانه المغوي فاشتد حبه لها وشوقه اليها، (فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ، ضَالٌ عَنْ هُدَى مَنْ كَانَ قَبلهُ مُضِلُّ لِمَنِ اقْتَدى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، حَمَّالٌ خَطَايَا غَیْرِهِ، رَهْنٌ(4) بخَطيئتهِ) الفتنة، تكون بمعنى الامتحان والاختبار(5)، وبمعنی الضَّلال والإضلال، والإثم والكفر والفضيحة والعذاب، والكل محتمل وبعضها أنسب، وهدى من كان قلبه سنن الأنبياء، وآثار الأوصياء، والأئمة (عَلَيهم السّلَام)، والإضلال بعد الوفاة بالبدع الباقية بين الناس وحمله الخطايا غيره لقوله (صلى الله عليه وآله): ((من سن سنة سيئة فله وزرها، و وزر من عمل بها الى يوم القيَامة))(6)، والمراد أنه يضاعف عليه العذاب لفعله الباعث لغيره على ارتكاب الخطايا، وهو يستحق تلك المضاعفة بمجرد فعله، وإلاَّ فلا تزر وازرة وزر أخرى، والرهن ما وضع عند أحد لينوب مناب ما أخذ منه كأنَّه جعل نفسه محبوسة باكتساب الخطيئة الذي هو في قوة أخذ

ص: 57


1- ينظر: معجم المصطلحات الفقهية، محمود عبد الرحمن: 1 / 362
2- [و] ساقطة من أ، ع
3- (حرصه) في أ، ث، ح، ر، ع، م
4- (وهن) في ث، ر، م
5- سبق الإشارة اليها في ص 61
6- عمدة القارئ، العيني (ت 855 ه): 24 / 34

مال الغير إذ لم يكن له ارتكابها فلا تنفك إلا بسلب اسم الإثم وأنَّی له بذلك، (وَرَجُلٌ قَمَشَ جَهْلاً، موُضِعٌ في جُهَّالِ الْأُمَّةِ، غَادٍ(1) فِي أَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ، عَمٍ بِمَا فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ) (القمش: جمع الشيء [من](2) هاهنا وهاهنا)(3)، وتقمش فلان أي: أكل ما وجد وان كان دونا ويقال لرذالة الناس: قماشٍ(4)، والموضع کالمكرم الذي يحمل ناقته على سرعة السير يقال: وضعت الناقة وأوضعها راكبها(5)، وقال ابن میثم: ((الموضع بفتح الضاد المطرح، وبكسرها المسرع))(6)، أي: ((ليس من أشراف الناس، ويفهم من هذا الكلام أنَّه خرج في حق شخص معين وإن عمه وغیره))(7)، وفيه أن الموضَع بمعنى المطرح وهو الذي لم يستحکم خلقه كالمخنث إنما هو من باب التفعيل على صيغة المفعول، وأما الموضع بالكسر فهو من باب الأفعال کما ذکرنا، والظاهر من سوق كلامه أنّهما من باب واحد بل أنهما من صيغة الأفعال؛ لعدم اشعاره بتشديد الكلمة والموجود في النسخ (موضع) مخففة بضم الميم وكسر الضاد کما ذکرنا. وفي الكافي ((قمش جهلا في جهال الناس وغاد(8)))(9) بالغين(10)

ص: 58


1- (عاد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 239، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 47
2- [من] ساقطة من أ، ع
3- الصحاح، مادة (قمش): 3 / 1016
4- ينظر: لسان العرب، مادة (قمش): 6 / 338
5- ينظر: الصحاح، مادة (وضع): 3 / 1300، و لسان العرب، مادة (وضع): 8 / 399
6- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 311
7- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 315
8- (عاد) في ث، وفي م: (غاده)
9- الاصول من الكافي: 1 / 55
10- (بالعين) في ث، ر، م، تصحیف

المعجمة والدال المهملة كما في بعض النسخ من قولك: غدوت اليه، أي: ذهبت اليه بالغدوة، وهي البكرة أو ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس(1)كناية عن شدة الاهتمام، وفي بعضها بالعين المهملة من العدو وهو الحضر شدة سير الفرس(2)، وهو يناسب قوله (عَلَيهِ السّلَام) موضع(3)، وفي بعضها غار من الغرور وهو ((الغفلة))(4)، وهو يناسب ما بعده، وموافق رواية الإرشاد(5)، والغبش بالتحريك ظلمة آخر الليل إذا خالطها بياض وبعده الغبس بالسين المهملة، وبعده الغلس(6)، وقيل: ((يكون الغبش في أول الليل))(7)أيضا، وأغباش الفتنة جهالاتها المشوبة بالشبه، ورجل عمِي(8)القلب بكسر الميم أي: جاهل، وامرأة عمية، وقوم عمون(9)، والهدنة بالضم الصلح، وأصله السكون(10)، وهو من لوازم الصلح وحاصل المعنى رجل جمع شبهاً متشتتة(11)وعقائد سخيفة فهو مسرع في سيره بين الجهال ويضنه اتباعه، ومن هو أجهل منه عالماً ساعِ / و41 / في ظلمات الفتنة طلباً

ص: 59


1- ينظر: القاموس المحيط، مادة (غدا): 4 / 368، 369
2- ينظر: الصحاح، مادة (غدا): 6 / 2421
3- (مواضع) في ع
4- ينظر: الصحاح، مادة (غرر): 2 / 768
5- ينظر: الإرشاد: 1 / 231، 232
6- ينظر: لسان العرب، مادة (غبش): 6 / 322، والأزمنة والأمكنة: 241
7- تاج العروس، مادة (غبس): 8 / 383
8- (غمش) في م
9- (عموم) في ث، وفي أ، ع: (عمیون)
10- ينظر: العين، مادة (هدن) / 4 / 26
11- (منشته) في أ، ع. تصحيف

المقاصده(1)أو هو غافل عما يرديه من مهالك الفتن جاهل بمنافع الصلح ووجوه مصالحه، وشرور الفتن فيثير الفتنة لجهله بمفاسدها، ويمكن أن يراد بما في عقد الهدنة مالا بد منه من الشروط والأسباب التي لا ينعقد بدونها، وروی عم(2)بما [في](3)غيب(4)الهدنة، أي: بالمصالح التي في طيها وضمنها، (قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسُ عَالِماً، وَلَيْسَ بِهِ) في رواية الكافي(5)والإرشاد(6)(قد سماه أشباه الناس عالما، ولم يغنِ فيه يوماً سالماً)، أي: لم يقم في العلم يوماً [تاماً](7)سالماً من النقص على أن يكون سالماً صفة ليوماً، أو حالاً عن ضمير الفاعل يقال: غني بالمكان كرضي أي: أقام وغني أي: عاش (بكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ، مَا قَلَّ مِنْهُ خَیِرٌ مِمَّا كَثُرَ)، بكر أي خرج للطلب بكرةً، وكل من بادر الى الشيء وأسرع اليه في أي وقت كان فقد بكر اليه وأبكر(8)، ويمكن أن يكون المراد اشتغاله بالطلب من أوّل عمره، (ومن جمعٍ) يروی منوّناً فالجملة صفة لجمع والمراد به المفعول أي: من مجموع أو المصدر نفسه، وغير منوّن فیکون مضافاً قيل يحتاج الكلام الى تقدير مثل كلمة (ما) فيكون الأولى مضافا اليها، والثانية مبتدأ والتقدير: (من جمع الشيء ما قل منه خير مما كثر)، لكنه لما كان اظهار (ما) الثانية يشبه التكرار کان حذفها أولى، وقيل: المقدر المحذوف أن

ص: 60


1- (لما قصده) في أ، ع
2- (عمر) في ث
3- [في] ساقطة من م
4- (عنت) في م، تحریف
5- الاصول من الكافي: 1 / 55
6- الإرشاد: 1 / 232
7- [تاماً] ساقطة من ث، ح
8- ينظر: الصحاح، مادة (بكر): 2 / 596

على طريقة قولهم: ((تسمع بالمعيدي خير من أن تراه))(1)أي: من جمع ما أن قل منه خیر مما كثر فالفعل في موضع المبتدأ، وخير خبره، وقالَ الشارح: كلمة (ما) على تقدير التنوين موصولة، وعلى عدمه مصدرية، أي: من جمع شيء قلته خير من كثرته(2)وفي رواية الكافي(3)، والارشاد(4)(بكر فاستكثر مما قل منه خير مما كثر) وتوجيهه ظاهر مما ذكر والظاهر أن المراد بما استكثر(5)منه(6)الشبه الباطلة، والآراء المضلة فكون القليل خيرا(7)على التهكم(8)أو على التسليم أو مجموع معلوماته التي باطلها أكثر من حقها، ويمكن أن يراد بها زهرات الدنيا، وزخرفها (حَتَّى إِذَا ارتَوَى مِنْ آجِنٍ(9)، واكْتَنز(10)مِن غَیِرِ طائلٍ. جَلَسَ بَیْنِ النَّاسِ قَاضِياً، ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبسَ عَلَى غَیْرِهِ) الريان ضد العطشان(11)يقال: روى الرجل كرضى وأرتوى، وتروى بمعنى، والآجن ((الماء المتغير الطعم واللون))(12)، واكتنز(13) كاجتمع ((اجتمع

ص: 61


1- جمهرة الأمثال: 1 / 266
2- نص متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 242
3- (بكر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر) الاصول من الكافي: 1 / 55
4- (بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر) الإرشاد: 1 / 232
5- (استكثرت) في ث، م
6- [منه] ساقطة من ث، م
7- (خير) في ث
8- (الهتكم) في أ، ر، ع
9- (من ماء أجن) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 47
10- (اكتتر) في ث، وفي ع: (أكثر)، وفي نهج البلاغة، صبحي الصالح: 47
11- ينظر: الصحاح، مادة (نهل): 5 / 1837
12- تاج العروس، مادة (أجن): 18 / 9
13- (كاكتنز) في أ، ع، وفي ث: (اكتز)

وامتلأ))(1)، وقال الشارح: ((أي: اتخذ العلم كنزا))(2)وهو غير مطابق لقول أهل اللغة(3)، والطائل ((النفع والفائدة))(4)، والتخليص والتلخيص متقاربان، والأمر المُلتبس والمُلبَس المشتبه (فَإِنَّ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ؛ هَيَّأَ [لَهَا](5)حَشْواً(6)رَثَّاً مِنْ رَأْيِهِ، ثُمَّ قَطَعَ بِهِ) ((أَبْهَمْتُ البابَ أي: أغلقتهُ(7)))(8)، والأمر المبهم الذي لا مأتي له(9)، وفي الإرشاد المهمات(10)، ((والمُهِمُّ الأمر الشديد))(11)كأنَّه يحزنك، ((والحَشْوُ والحَاشِيَةُ صغار الإبل لا كِبارَ فيها وكذلك من الناس))(12)، وحشو(13)الكلام فضله، والرث ((الخُلق البالي))(14)، والرأي أمّا الاعتقاد أو المعتقد، و(من) على الأول ابتدائية، وعلى الثاني تبعيضيه، وقطع به أي: جزم به كأنَّه قطع تفكره عند توهمه أو قطع القضية

ص: 62


1- الصحاح، مادة (كنز): 2 / 890
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 240
3- ينظر: العين، مادة (كنز): 5 / 231، 322، ومعجم مقاييس اللغة، مادة (كنز): 5 / 142، والقاموس المحيط، مادة (كنز): 2 / 189
4- لسان العرب، مادة (طول): 11 / 414
5- [لها] ساقطة من ع
6- (خسوا) في ع، تصحيف
7- (اغلقت) في ع
8- الصحاح، مادة (بهم): 5 / 1875
9- ينظر: المصدر نفسه،مادة (بهم): 5 / 1875، وفي ر، م، (لا ماتی به)
10- ورد في الإرشاد (المبهمات): 1 / 232
11- الصحاح، مادة (همم): 5 / 2061
12- المصدر نفسه، مادة (حشا): 6 / 2313
13- (خشو) في ع، تصحيف
14- معجم مقاييس اللغة، مادة (رث): 2 / 384

بالحشو من رأيه (فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ العَنْكَبُوتِ، لَا يَدْرى أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فِإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وَإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُوَن

قَدْ أَصَابَ) اللبس ((الخلط))(1)، وقال تعالى: «وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ»(2)فالإضافة الى الشبهات من اضافة المصدر الى المفعول كأنَّ الرجل خلط على نفسه، أو الفاعل كأنَّها خلطت وجه الأمر عليه، ويكون بمعنى الاختلاط فالإضافة الى الفاعل، والظاهر تشبيه الرجل بالذباب الواقع في بيت العنكبوت فآراؤه يشبه ما نسج العنكبوت في الوهن وعدم الانطباق / ظ 41 / على قانون مستقيم وهو لا يقدر على الاهتداء الى الحق كالذباب العاجز عن الخلاص.

(جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ) خَبَطَ البعیرُ [في الأرضِ](3)خَبْطاً: ((ضربها، ومنه قيل: خَبَطَ خَبطَ عشواء، وهي الناقة التي في بَصَرَها ضعفٌ تَخْبِطُ إذا مشتْ لا تتوقَّى(4) شيئاً))(5)،والخبط باليد كالرمح بالرَّجل أي: يخبط في جهالاته، أو بسببها كالماشي في الظلمة، والعَشى بالفتح والقصر

((مصدر الأَعْشَى وهو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار))(6)، أو ضعيف البصر فيهما(7)، أو(8) الأعمى، والعشوة مثلثة(9)الأمر الملتبس مأخوذ من

ص: 63


1- لسان العرب، مادة (لبس): 6 / 204
2- الأنعام / 9، وفي ع: (وللبسا) تحريف
3- [في الارض] ساقطة من ث، ر، م
4- (نتوقن) في ث، وفي ر، م: (تتوقن)
5- الصحاح، مادة (خبط): 3 / 1121
6- المصدر نفسه، مادة (عشا): 6 / 2427، ولسان العرب، مادة (عشا): 15 / 56
7- ينظر: لسان العرب، مادة (عشا): 15 / 75
8- (و) في ع
9- هو من باب المثلث المتفق المعاني (يقال: أوطأتني عَشْوَةٌ وعِشْوَةٌ وعُشْوَةٌ وأصل ذلك أن يمشي الانسان صاحبه في الظلمة حتى يوقعه في هُوَّةٍ يضرب مثلاً لمن يُعمي عليك الامر ويفرك حتى يوقعك في مكروه)) المثلث، البطليوسي: 2 / 252، 253

عشوة الليل وهي ظلمته، وقيل من أوله الى رُبعه(1)(لْمَ يَعَضَّ عَلىَ العِلْمِ بِضِرْسٍ قاطِعٍ. يُذرِى الرِّوَايَاتِ إِذْرَاءَ الرِّيحِ الَهشِيم) العض الإمساك بالأسنان، يقال: عضه كسمعه ومنعه وعضَ عليه، والضّرس السن، والعض بالضرس القاطع كناية عن اتقان(2)القوانین، والعلم بها على وجهه تشبيهاً بإجادة(3)المضغ، أو يشبه العلم بمطعوم يقدر ذو ضرس قاطع على ابانة قطعة منه لنفسه، فمن لم يكن له [لم](4)ينل(5)منه نصيباً، وذرت الريح الشيء وأذرته تذروُه وتُذريه إذا اطارته وأذهبته كذا في القاموس(6)، والنهاية(7)، وقال الجوهري: (ذَرَّت الرِّيحُ التُّرابَ وغَیرَه، تُذِّروهُ وَتَذْرِّيه ذَرْوِّا وَذْرَيَّا أي: سفته، ومنه قولهم: ذّرَّى الناس الحنطة، وأَذْرَيْتُ الشيءَ إذا ألقيتَه كإلقائك الحَبَّ للزرع)(8)، ويقال: ((طعنه فأَذْرَاهُ عن ظهر دابتَه، أي: ألقاه))(9)قال

ص: 64


1- ينظر: الصحاح، مادة (عشا): 6 / 2427
2- (ايقان) في ع، م
3- (بإحادة) في ث، ر، م
4- [لم] ساقطة من أ
5- (يبل) في ع، تصحيف
6- قال الفيروز آبادي: (وذرت الريح الشيء ذرواً وأذرته وذرته: أطارته وأذهبته.) القاموس المحيط: 2 / 330
7- قال ابن الاثير: (ويقال ذرته الريح وأذرته وتذروه وتذريه: إذا أطارته.) النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 159
8- الصحاح، مادة (ذرا): 6 / 2345
9- المصدر نفسه، مادة (ذرا): 6 / 2345

الشارح(1): أكثر الرواية (يُذرِى) من (أَذْرَى) رباعيا، وقد أوضحه قوله: (إذراء الريح)، فكأنه يقول: يُلقِى الروايات كما يُلقِى الإنسان الشيء على الأرض، والأجود الأصح (يذرو الرِّوايات ذَرْوَ الريح الهشيم)، وهكذا ذكر

ابن قتيبة في غريب الحديث(2)لما ذكر هذه الخطبة عن أمیر المؤمنین (عليه السّلاَم) قال تعالى: «فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ»(3)انتهى. كلام الشارح.

ويؤيد اتحاد اللفظین في المعنى ما في رواية الإرشاد (يذرى الروايات ذرو الريح الهشيم)(4)ووجه التشبيه صدور فعل بلا روية من غیر أن يعود به الى الفاعل نفع فإنه يمر بتصفحه على رواية بعد رواية من غیر انتفاع كالريح

تَذري(5)الهشيم من غیر شعور وانتفاع، أو افساده في الرِّوايات بالتوجيهات الباطلة وضرب بعضها ببعض، وخلطها بما يتوهمه طريقاً الى جمعها واخذها من أي موضع كان، والقائها الى غیر أهلها كمثل ما تفعله الريح (بالهشيم)(6)، [ولعله أظهر والهشيم](7)من النبات اليابس المتكسر (لا مَلىِءٌ وَاللهِ بإِصْدَار مَا ورَدَ عَلَيْهِ) ((المَلِيءّ بالهمزة الثقة [الغني](8)))(9)، أو الحسن القضاء من

ص: 65


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 240، 241
2- قال ابن قتيبة: (يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم) غريب الحديث: 1 / 360
3- الكهف / 45
4- الإرشاد: 1 / 232
5- (يرزي) في ث، وفي ر، م: (يذري)، تصحيف
6- (بالهسيم) في ح، تصحيف
7- [ولعله أظهر والهشيم] ساقطة من أ، ع
8- [الغني] ساقطة من ع
9- لسان العرب، مادة (ملأ): 1 / 159

الأغنياء، يقال: ملؤ الرجل ككرم فهو مَلِيء بن الملاءِ والملاءَةِ ممدودان(1)، وفي بعض النسخ (مليّ) بالياء المشدّدة، قال في النهاية: ((وقد أولع الناس فيه

بترك الهمز وتشديد الياء))(2)، والصدر بالتحريك رجوع المسافر من مقصده، والشاربة من الماء(3)، والورود الحضور وحضور الماء للشرب(4)، والمعنى لا يقدر على حل معضلة وبيان طريق الحق للسائلين كالعاجز عن إغناء من قصده من الوفود والمسافرين لفقره، أو عن تروية العطاش لعدم القدرة على الماء، والأول أنسب بالملاءةِ، قال الشارح: ((وفي كتاب ابن قتيبة تتمه هذا الكلام: ((ولا أهل لما فَرّط به))(5)، قال أي: ليس بمستحقٍّ للمدح الذي مُدح بهِ. والذي رواه ابن قتيبة من تمام الكلام أمر المؤمنین (عليه السّلَام) هو الصحيح الجيّد؛ لأنه(6)يُستقبح(7)في العربية أن (تقول)(8): لا زيد قائم، حتى (تقول)(9): ولا عمرو، أو (تقول)(10)ولا قاعد))(11)، وفي الكافي ((ولا هو أهلا لما منه فرط من ادعائه علم الحق))(12)، وفرط بالتخفيف أي سبق الى

ص: 66


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ملأ): 1 / 159
2- النهاية في غريب لحديث والأثر: 4/ 352
3- ينظر: لسان العرب، مادة (صدر): 4 / 448
4- سبق ذكره في صحيفة 62، تحقيق من 3 الى 50
5- غريب الحديث: 1 / 360
6- (لا) في ع
7- (يستفتح) في ث، تصحيف
8- (يقول) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والمناسب للسياق ما اثبتناه
9- (يقول) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والمناسب للسياق ما اثبتناه
10- (يقول) في أ، ث، ح، ر،ع، م، والمناسب للسياق ما اثبتناه
11- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 241
12- الاصول من الكافي: 1 / 56

الناس وفي رواية الإرشاد ((ولا يندم على ما منه فرط))(1)أي: لا يندم على التقصر وادعاء ما ليس له بأهل (لا يَحْسِبُ العِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ، ولا يَرَى

أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مِنْهُ مُذْهَباً لِغَیْرِهِ) في النسخ لا يَحسِب بكر السین من الحسبان بالكسر أي: لا يظن وجود العلم، أو لا يظنه موجوداً في شيء من المسائل التي أنكرها أي: جهلها، يقال: نَكِرَ فلان الأمر كَفِرَحَ، وانكرهُ / و42 / واستنكره أي: جهله، وفي بعض النسخ لا يَحسُب بالضم من الحُسبان

بالضم، والكسر بمعنى العد أي: لا يعدّ العلم في شيء أي(2)شيئاً في شيء من المسائل المجهولة له وعلى الأول لا حاجة الى هذا التقدير، ولا يرى أي: لا يعلم أو(3)لا يظن، والوراء يكون بمعنى القدَّام والخلف والثَّاني أظهر وأشهر(4)، والمذهب الطريق (وإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكتَتمَ بِهِ، لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْل نَفْسِهِ) الأمر المظلم الذي لا يُدرى من أين يؤتى كالبيت المظلم، وكتم الأمر واكتتمه بمعنى، فالباء(5)مثلها في قولِهِم أخذت بالخطام(6)أو كأنَّه يخفى نفسه ويسترها(7)به أي: إذا وردت عليه مسألة أو قضية معضلة لم يلتفت اليها كأنَّه لم يسمعها، لئلا يظهر للناس جهله بها، وهذا فيما جهله جهلاً بسيطاً وتحیّر عنه(8)

ص: 67


1- الإرشاد: 1 / 232
2- (أو) في ث، ر
3- (أي) في أ، ع
4- سبق الوقوف عليها
5- (فالتاء) في ر
6- (بالحظام) في ر
7- (بسرها) في ر
8- (فيه) في أ، ع

فلم يجد عنه مخرجاً بخلاف ما استفيد من الفقرة السابقة (تَصْرُخُ(1)مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ، وتَعجُّ مِنْهُ الْمَوَارِيثُ) الصَّراخ كغراب الصّوت أو شديده تقول(2): يصرخ كينصر والجور الظلم والعدول عن طريق ويعجّ كيفرّ ويملّ، أي: يرفع صوته، وفي النسخ بكسر العين وفي بعض النسخ [يضج](3)بالضّاد المعجمة والضجيج(4)رفع الصّوت عند الجزع(5)، والفعل (يضج) بالكسر وقد كثر ذلك العجيج والضجيج(6)إذا(7)حكم في ميراث الجد بسبعين قضية (إِلى اللهِ أشكو منْ مَعْشَرٍ يَعِيشوُنَ جُهَّالاً، ويَمُوتوُنَ ضُلَّالاً) تعلق الظرف بالفعل المتأخر أظهر، وفي بعض النسخ غير موجود، والظاهر تقديره والمعشر الجماعة، ولعل المراد به اتباع ذلك الرجل الذي سبق أوصافه والشكوى من تمكينهم إياه وتركهم الإنكار على قبائح أعماله، أو الكلام من قبيل الإجمال بعد التفصيل والتعبير أولا بالرجل، ثم بالمعشر من قبيل التفنن، وأوصاف المعشر أوصافه إذ ليس المراد بالرجل [فيه](8)فرداً معيناً في ظاهر اللَّفظ بل الجنس أو كل من وصف بالصفات المتأخرة من الجهل والضلال وغيرهما فيكون أعمّ من السابق مطلقاً، أو من وجه فيكون كالتعميم بعد التخصيص (لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الكِتابِ إِذا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوتِهِ، ولا سِلْعَةٌ

ص: 68


1- (تصرح) في ر، تصحيف
2- (بقوله) في ث، وفي أ، ح، ر، ع: (يقول)
3- [يضج] ساقطة من م، وفي أ، ث، ر: (يضح) تصحيف
4- (الضجيح) في ر، وفي ث، م (الصحيح) تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (ضج): 2: 312
6- (الضجيح) في ث، تصحيف
7- (إذ) في أ، ح، ع
8- [فيه] ساقطة من أ، ع

أَنْفَقُ بَيْعاً، ولا أغْلَى ثَمَناً مِنَ الكِتابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعَهُ ولا عِنْدَهُمْ انْكرُ مِنْ المَعْرُوفِ ولا أعْرَفُ مِنَ المُنْكَرِ) السِلْعَةُ بالكسر ((المتاعُ))(1)، والبَوار بالفتح ((الكساد))(2)، ويقال: بار المتاع، وبارت السوق(3)، والتلاوة ((القراءة والاتباع))(4)، ومن اتبع غيره في فعله يقال: تلاه(5)، والتلاوة حق التلاوة على الأول قراءة(6)الكتاب كما أُنزل من غير تغيير، ورعاية الترتيل من أداء الحروف عن مخارجها والوقف في موضعه وغير ذلك من محسنات القراءة، وعلى الثاني العمل بحكمة والإقرار بمتشابهة، والتوقف في تفسير ما أشكل منه، وترك تأويله بالرأي والهوى ورد علمه الى من أتاه الله علمه وهو مقابل تحريفه عن موضعه بأي معنى كان والظاهر في المقام التلاوة والتحريف المعنويان أو ما يعم التغيير اللفظي الموجب للمعنوي وعدمه، ونفاق المتاع کسحاب رواجه، ونفاق السوق قيامها ((ضد الكساد))(7)، والمعروف ((اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة الله تعالى والتقرب اليه والاحسان الى الناس وكلما ندب اليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات))(8)سمي معروفاً؛ لأن أرباب البصائر إذا رأوه عرفوه وصدقوا به ولا ينكرونه(9)والمراد

ص: 69


1- الصحاح، مادة (سلع): 3 / 1231
2- لسان العرب، مادة (بور): 4 / 86
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (بور): 4 / 86
4- القاموس الفقهي: 49
5- ينظر: الصحاح، مادة (تلا): 6 / 2289
6- (قراه) في م
7- لسان العرب، مادة (نفق): 10 / 357
8- لسان العرب، مادة (عرف): 9 / 240
9- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عرف): 9 / 240

بكون المعروف عندهم منكراّ أنه مستقبح عندهم فيما يظهرونه مع علمهم بحاله أو مجهول لهم فينكرونه ويزعمونه باطلاً، واعلم أنَّ الموجود في رواية الإرشاد في أول الكلام ((أن أبغض الخلق عند الله رجل وكله الى نفسه))(1)وموضع ما في المتن، ورجل قمش جهلاً قد قمش جهلاً فالأوصاف كلها لرجل / ظ 42 / واحد، وأمّا على ما في المتن وَالكافي(2)فقيل: المراد بالرجل الأول الضَّال في أصول العقائد كالمشبه والمجير ونحوهما، وبالثاني المتفقه في فروع الشرعيات وليس بأهل لذلك(3)، وقيل المراد بالأول من نصب نفسه لسائر المناصب الإفادة دون منصب القضاء، وبالثاني من نصب نفسه له ويمكن أن يقال: لعلَّ غرضه (عليه السّلَام) في المقام ذمّ الخلفاء، ويرشد الى ذلك كون هذا الكلام في رواية الإرشاد من تتمه الخطبة السّابقة وهي صريحة في ذمهم كما عرفت وكذا التتمة الموجودة فيها، وسيأتي إن شاء الله تعالى، والمراد بالرجل الأول من وضع [ديناً وملة](4)ودعا الناس اليه وبالثاني من ادّعى الخلافة الباطلة والقضاء بين جميع الأمة(5)، وهذا هو المناسب لقوله (عليه السّلَام) في أوصاف الثاني موضِعٌ في جُهَّال الرِّجال، فالمراد بالبدعة مثل تحريم المتعتين، ووضع التراويح، ونحو ذلك وبركوب العشوات، والخبط في الجهالات أمثال الأمر برجم الحامل والمجنونة وغير ذلك من الأمور المفصلة في شرح الخطبة الشقشقية من كتاب (حدائق الحقائق)، وأوصاف الرجلين

ص: 70


1- الإرشاد: 1 / 231
2- ينظر: الاصول من الكافي: 1 / 55
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 241
4- [ديناً وملة] طمس في ع
5- (القضاء بين جميع الأمة والخلافة الباطلة) في ث، ح. ر، م

توجد مجتمعة ومتفرقة في الثلاثة ونحو هذا الألغاز(1)في الكلام نوع من تقيته (عليه السّلَام)، ويعرف المراد من هو أهل له، وأمّا التتمة التي أشرنا اليها فهو قوله (عليه السّلَام): (أيَّها الناس عليكم بالطاعَة والمعرفَة بِمَنْ لا تُعْذَرُونَ بِجهالتهِ فإنَّ العِلم الذّي هبط بهِ ادمُ وجميعَ ما فُضَّلَتْ بهِ النبيونَ الى محمدٍ خاتَم النبيينَ في عِترة مَحمدٍ (صلَّى الله عليهِ وآلهِ) فأين يُتاه(2)بکم، بل أين تذهبونَ يا من نُسِخَ من أصلاب أصحاب السفينَة فهذهِ مثلُها فيکُم فإركبوها، فكما نجا في هاتيكَ من نجا كذلك ينجو في هذي من دخلها أنا رهينٌ بذلك قسماً حَقاً وما أنا من المُتَكَلِفينَ الويل لمن تخلفَّ، ثم الويل لمن تخلف أما بلغكم مَّا قال فيه نبيكم (صلى الله عليه و آله) حيث يقول في حجة الوداع: إني تاركٌ فيكمُ الثقلينِ مَا أن تمسكتُم بهما لن تَضِلوا بعدي کِتابُ الله وَعِترتي أهل بيتي، وإنَّهما لن يفترقا حتی یردا عليَّ الحوض، فأنظروا كيف تخلفوني فيهما، ألا هذا عذبٌ فراتٌ فأشربوا، وهذا ملح أجاجٌ فاجتنبوا) بيان أن يُتاه بکم من التيه بمعنى التحير والضلال، أي: أين يذهب الناس بكم متحيرين ضالين؟، بل أين تذهبون أنتم باختياركم(3) وتدعوكم(4)الى الضلال(5)أنفسكم الامّارة(6)بالسوء دون الشياطين والمضلّين سواكم؟، والنسخ الإزالة والتغيير وإقامة شيء مقام آخر أي: كنتم في أصلاب

ص: 71


1- (الغاد) في ث، وفي م
2- (تباه) في ر، وفي م: (تباه)
3- (باخیتارکم)، وفي م: (بخياركم)
4- (يدعوکم) في أ، ث، ر، ع، م. تصحيف
5- (الصلال) في ث
6- (الارة) في أ، ع

[أصحاب](1)سفينة نوح فأنزلتم عن تلك فاعتبروا بحال نجاة أجدادكم برکوب تلك السفينة، وغرق من تخلف عنها وقد روى في المشكاة عن أبی ذر(2)أنه قال: وهو أخذ(3)بباب الكعبة سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: ((ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك))(4)وتي وذي للإشارة الى المؤنث(5)وقسما حقا، أي: اقسم قسماً [حقاً](6)وما أنا من المتكلفين أي: المتصنعين والمّدعين للباطل، ورواية الثقلين من المتواترات بين العامة والخاصة، / و43 / وقد روى مسلم(7)في صحيحه(8)في فضائل علي (عليه السّلاَم)، وأورده صاحب (جامع الأصول) في فضائل أهل البيت (عليهم السّلَام) من كتاب (الفضائل المناقب) من

ص: 72


1- [أصحاب] ساقطة من ع
2- (در) في ث
3- (هو واخذ) في ث، ر
4- المعجم الأوسط، الطبراني: 5 / 355، والمستدرك، النيسابوري: 3 / 151، مجمع الزوائد: 9 / 169، وينظر: الجامع الصغير، السيوطي: 1 / 373
5- ينظر: شرح جمل الزجاجي: 2 / 450
6- [حقاً] ساقطة من ح، ث، ر، م
7- مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن کرشان القشيري النيسابوري الشافعي، وهو أحد الأئمة الحفاظ، ولد سنة 204 ه، رحل الى الحجاز والعراق ليسمع من ائمتها وقدم بغداد مرارا وأخذ عن البخاري وكان صديقه كما أخذ عن أحمد بن حنبل أقام بعد رحلاته العديدة بنيسابور، ومن مؤلفاته الجامع الصحيح، طبقات الرواة، رباعيات في الحديث، الاسماء والكنى، العلل، افراد الشاميين، وغيرها من الكتب، وتوفي سنة 261 ه. ينظر: وفيات الاعيان وأنباء أبناء الزمان: 5 / 194، 195، وهدية العارفين: 2 / 431، 432، ومعجم المؤلفين: 12 / 232، ومعجم المطبوعات العربية: 2 / 1744، 1745، والاعلام: 7 / 221، 222
8- ينظر: صحيح مسلم: 7 / 12

حروف الفاء عن يزيد بن حیان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد بن أرقم فلما جلسنا اليه قال له حصين: لقد لقيت یا زید خيراً كثيراً [رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسمعت حديثه، وغزوت(1)معه، وصليت خلفه، لقد لقيت یا زید خيراً كثيراً](2)حدثنا یا زید ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما حدثتكم فاقبلوا وما لا أحدثكم فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً فينا خطيباً بماء يدعی خماً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد ألا أيُّها الناس فإنَّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربِّي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلَاثاً الى آخر الخبر(3). قال ابن الاثير في النّهاية فيه: ((إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي سمَّاهما ثقلين؛ لأنَّ الأخذ بهما، والعمل بهما ثقيل. ويقال(4)لكل خير نفیس ثقل، فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيماً لشأنهما))(5)،

ص: 73


1- (عزوت) في أ، تصحيف
2- [رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً] ساقطة من ع
3- ينظر: جامع الاصول في أحاديث الرسول، ابن الأثير: 9 / 158
4- في نص ابن الاثير (وقال...) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 216
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 216

وقال في القاموس:(1)الثقل مُحرِّكة مَتاعُ المُسافر، وحَشَمه، وَکُلُّ شيَءٍ نَفِیس مَصُونٍ، منه الحديث: ((إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي))(2)، وقوله (عليه السّلَام): (ما أن تمسكتم) بدل من الثقلين وعدم افتراقهما؛ لكون لفظ القرآن كما أنزل ومعناه وتأويله عندهم (عليهم السّلَام) (وهذا عذبٌ فراتٌ) أي: سبيل الحق الذي أريتكموه، وهو التمسك بالعترة الطاهرة، عذبٌ وهو المستساغ من الشَّراب، ويقال للطعام أيضاً(3)، والفرات كغراب الماء العذب جداً(4)هذا، ملحٌ أجاجُ أي: سبيل الباطل، وهو العدول عنهم الى الخلفاء وغيرهم ملحٌ، وهو ضد العذب، والأُجاج الماء الملح المرُّ(5).

ومن كلام له (عليه السلام) في ذم اختلاف العلماء في الفُتيا

الفتيا بضم الفاء، والفتوى بالضم والفتح أسماء من قولك: استفتيت الفقيه في مسئلة(6)فأفتاني أي: أبانه(7)لي (تَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ القَضِيَّةُ فِي حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأيِهِ، ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ الْقَضِيَّةُ بِعَيْنِها عَلَى غَیْرِهِ؛ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِخِلاَف قوله، ثُمَّ يَجْتَمِعُ القُضَاةُ بِذلِكَ عِنْدَ الإِمَامِ الذَّي اسْتَقْضَاهُمْ،

ص: 74


1- في نص الفيروز آبادي (والثقل...) القاموس المحيط: 3 / 342
2- القاموس المحيط: 3 / 342
3- ينظر: لسان العرب، مادة (عذب): 1 / 583، وتاج العروس، مادة (عذب): 2 / 210
4- ينظر: الصحاح، مادة (فرت): 1 / 259، ومعجم مقاییس اللغة، مادة (فرت): 8 / 498، ولسان العرب، مادة (فرت): 2 / 65
5- ينظر: الصحاح، مادة (أجج): 1 / 297، ولسان العرب، مادة (أجج): 2 / 207
6- والصواب: مسألة
7- (ابانها) في ع

فَيُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِيعاً) القضاء في الاصلِ (القَطْع والفصل)(1)ويطلق على معانٍ، والقضيّة تكون(2)مصدراً واسمًا، والمناسب هاهنا هو الثّاني، والكلام صريح في بُطلان الآراء والمقاييس، وقد تضافرت(3)عليه الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم الصلَاة والسّلام) وفي بطلان قول من زعم أنَّ كلّ مجتهد مصیب وإنّ الحقّ بالنّسبة الى كل واحدِ من المجتهدين ما أدىّ اليه اجتهادهُ واستدل، (عليه السّلاَم) على ذلك تأكيداً للحجّة بقوله: (وإِلَهُهُمْ وَاحِدٌ،

وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ، وَكِتَابُهُمْ وَاحِدٌ، أَفَأَمَرَهُمُ اللهُ سُبْحانَهُ(4)بِالاخْتِلَافِ فَأَطَاعوُهُ! أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوُهُ! أَمْ أنْزَلَ اللهُ(5)دِيناً نَاقِصاً فَاستَعَآنَ بِهِمْ عَلىَ إِتَمامهِ! أَمْ كَانُوا شُرِكَاءَ لهُ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْضى! أَمْ أَنْزَلَ الله سُبْحانَهُ دِيناً تامّاً فَقَصَّرَ الرَّسوُلُ (صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلهِ) عَنْ تَبْلِيغِهِ وَأَدَائِهِ؛ واللهُ سُبْحانَهُ يَقُولُ: «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ»(6)، وَقالَ(7): فِيهِ تِبْيان كُلِّ شَيْءٍ، وَذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَأَنَّهُ لَا اخْتِلاَفَ فِيهِ، فَقاَلَ سُبْحَانَهُ: «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا»(8)، لعّل الأظهر أنّ الكلام دلیل / ظ 43 /

ص: 75


1- لسان العرب، مادة (قضی): 15 / 186
2- (يكون) في ح
3- تظافرت في نسخ المخطوطة
4- (تعالى) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 243
5- (الله سبحانه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 243، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 49
6- الأنعام / 38
7- (قال) لم ترد في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 243، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 49
8- النساء / 82

واحد، والشارح(1)جعله خمسة أدّلة أحدهما: أنّه لما كان الاله سبحانه واحداً وكذلك الرّسُول والكتاب وجب أن يكون الحكم واحداً؛ كالملك الذّي يرسل الى رعيته رسولاً بكتاب يأمرهم فيه بأوامر يقتضيها ملکه وأمرته، فإنَّه لا يجوز أن تتناقض(2)أوامره، ولو تناقضت لنسب الى السَّفه والجهل، ثانيها: أنَّ الاختلاف أما ما مأموراً به أو منهياً عنه(3)، والأول باطل؛ لأنّه ليس في الكتاب ما يمكن للخصم أن يتعلّق به في كون الاختلاف مأمورا به، والثاني يستلزم تحريم الاختلاف، ثالثها أنَّ دين الإسلام أمّا ناقص أو تامّ فإنَ كان الأول كان اللهُ سُبْحانه قد استعان بالمكلّفين على اتمام شریعته إما على سبيل النّيابة أو المشاركة له، وكلاهما [كفر](4)وإن كان الثاني فإمّا أن يكون الله سُبحانه أنزل الشرع تامّاً فقصر الرّسول (صلّى الله عليه وآلهِ) عن تبليغه أو لا والأوّل كفر والثاني يبطل الاجتهاد؛ لأنَّه إنما يكون فيما لم يتبين فأمّا مّا قد بيّن فلا مجال للاجتهاد فيه، رابعها أنه تعالى قال: «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ»(5)، وقال: فيه تبيان كل شيء(6)، وقال: «وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(7)، والآيات تدلّ على اشتمال الكتابِ العزيز على جميع الأحكامِ، وكلّ ما ليس في الكتاب (وجب)(8)أن لا يكون في الشرّع، خامسها

ص: 76


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 244
2- (يتناقض) في أ، ث، ح، ع، وفي ر، م: (يتناقص)
3- (مأمور به أو نهی عنه) في ث، وفي ح: (مأمورٌ به ومنهي عنه)
4- [كفر] ساقطة من ث، ر، وفي م (باطل)
5- الأنعام / 38
6- اشاره الى قوله تعالي: «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ» النحل / 89
7- الأنعام / 59
8- (وحب) في ح، تصحيف

أنّه تعالى قال(1): «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا»(2)فجعل الاختلاف دليلاً على أنّه ليس من عند اللهِ لكنه من عند الله سبحانه بالأدلّة القاطعة الدّالة على صحّةَ النّبوة فوجب أن لا يكون فيه اختلاف. انتهى، وفيه تأمّل، وبالجملة يدّل كلامه (عليه السّلَام) على اشتمال الكتَاب والشريعة على جميع مَا (تحتاج)(3)إليهِ الُأمة فيجب الرّجوع [في الأحكام](4)الى حفظة الشرّع الرّاسخين في العلم العالمين بوجوه الاستنباط وهم أولوا الأمر وأصحاب الحُكم، ولا يجوز الاستناد الى الآراء والمقاييس وإذا لم يمكن التوّصل الى حضرتهم للتقية والغيبة وجب الرّجوع الى قضاياهم ورواياتهم فيما ورد فيه حكم ورواه أصحابهم والمتأخرون عنهم على وجه يجوز العمل بها، والتّوقف فيما لم يوجد فيه أثر الى ظهور الدَّليل، وأمَّا الاختلاف النَّاشي من ظهور بعض الوجوه في الجمع بين الأخبار المتعارضة في الظَّاهر عند بعض من له أهلية الاستنباط وخفائه(5)عند غيره أو في وجوه المرجحات في العمل بالأخبار بعد بذل المجهود فالظاهر أَنَّه ليس ممَّا أنكره (عليه السَّلام)، وأمَّا ما يعود [الى](6)التقصير في بذل المجهود فهو مورد للتوبيخ سواء دخل تحت هذا الكلام أمّ لا فتشنيع بعض المتأخرين على كثير من أجلّه الأصحاب ونسبتهم الى العمل بالرأي والقياس بعيد عن الصواب (وإِنَّ الْقُرْآنَ ظاهِرُهُ

ص: 77


1- (انه قال تعالى) في ع
2- النساء / 82
3- (يحتاج) في أ، ث، ح، ر، ع، م. تصحيف
4- [في الاحكام] ساقطة من ع
5- (حفائه) في أ، ع
6- [الى] ساقطة من ع

أَنيِقٌ، وَباطِنُهُ عَمِيقٌ، لاَ تَفْنَى عَجَائِبُهْ، وَلاَ تَنْقَضِي غَرَائِبُه وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُماتُ إِلاَّ بِه) الأَنَقُ بالتّحريك (الفرح والسّرور)(1)، والأنَيق الحسن المعجُبْ(2)وعمق باطن القرآن كناية عن عدم قصر المراد منه على ما يفهم من ظاهره بل قد يكون المراد منه معنی أو معان سوى الظَّاهر والأخبار في هذا المعنى كثيرة فلا يجوز للنَّاس تفسير القرآن بما يفهمونه برأيهم بل يجب الرّجوع فيه الى العلماء ببواطن القرآن وهم الذّين لا يفارقهم القرآن ولا يفارقونه حتى یردوا الحوض کما نطق به رواية الثقلين وغيرها(3)، فكما ظهر من الكلام بطلان القول بالرأي في الأحكامِ، ظهر بطلان التَّفسير بالرأي وعجائب القرآن وغرائبه نکته ولطائفة ودقائق معانيه التي لا تفنی بتوارد الأذهان الثاقبة / و44 / والبصائر الخاطفة في الأزمان والأعوام المتعاقبة ولا (تكشف)(4)ظلمات الشبه والجهالات إلاَّ بسواطِع أنواره ولوامع أسراره.

[ومن كلام له (عليه السلام)] قَالَه للأشعث بن قیس

وهو على منبر الكوفة يخطب، فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث، فقال: يا أمير المؤمنينَ، هذه عليكَ لا لكَ(5)) اسم الاشعث(6)

ص: 78


1- الصحاح، مادة (أنق): 4 / 1447
2- المصدر نفسه، مادة (أنق): 4 / 1447
3- (غيرهما) في أ، ع
4- (يكشف) في أ، ث، ح، ر، ع، تصحيف
5- (لك فخفض اليه بصره (عليه السلام) ثم قال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 246، وفي نهج البلاغة، صبحي الصالح: 49 (لك فخفض (عليه السلام) اليه بصره ثم قال)
6- أشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمین بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة، يكنى أبا محمد ولد سنة (23 ق ه)، ومن المؤرخین من يسميه (معدي كرب) ويجعل الاشعث لقباً له، كالذهبي صاحب السیر، وكان أمیر كندة في الجاهلية والإسلام، شهد اليرموك فأصيبت فيها عينه، وشهد القادسية وجلولاء ونهاوند، وورد المدائن ثم عاد وولي الكوفة وتوفي فيها سنة ( 40 ه). ينظر: أسد الغابة: 1 / 97 - 99، سیر أعلام النبلاء: 2 / 38،، وتهذيب التهذيب: 1 / 33، والأعلام: 1 / 332

معدي كرب(1)وكان أبداً أشعث أي: مغبر الرأسِ فاشتهر به، و(أبوه)(2)قیس بن معد یکرب(3)كان يسمى الاشج؛ [لأنَّه](4)شجَّ في بعض حروبهم وأشعث من بني كندة وكان رئيسهم قال الشِّارح: كان الاشعث من المنافقين في خلافة عليّ (عليه السَّلام) وهو في أصحابه کما كان عبد الله بن أبي سلول(5)في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، كلّ واحد منهما رأس النفاق في زمانه) وكان هو أصل الفتنة وتفرق الكلمة في صفين حين خطب في قومه

ص: 79


1- (معد يكرب) في ث، ح، ر، م
2- (أبو) في أ، ث، ح، تحریف
3- قیس بن معد یکرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الكندي من قحطان، ملك جاهلي يماني كان صاحب مراباع حضرموت، يلقب بالأشج لأثر شج في وجهه، یکنی أبا حجية، وأبا الأشعث ولد سنة (20 ق ه) في مدينة (شبوه) بحضرموت وخلف أباه الملك، ويقال له السكسكي نسبة الى مخلاف السكاسك بأعالي حضرموت الغربية. ينظر: أسد الغابة: 1 / 97، والأعلام: 5 / 208
4- [لأنَّه] ساقطة من ث، ر، م
5- هو عبد الله بن أبي سلول الأنصاري من بني عوف بن الخزرج، وسلول امرأة من خزاعة، وهي أم أبي بن مالك بن الحارث، يكنى أبا الحباب وقد سمى الرسول (صلى الله عليه واله) ابنه (عبد الله) وكان ابن ابي سلول رأس المنافقين وكانت الخزرج قد اجتمعت على ان يتوجوه وسندوا اليه امرهم قبل مبعث النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فلما جاء الإسلام نفس على الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) النبوة واخذته العزة ولم يخلص الإسلام. ينظر: الوافي بالوفيات: 17 / 9، 10، والبداية والنهاية: 6 / 372، والإستیعاب: 3 / 940

وأقعدهم عن القتال فأتی عيون معاوية بالخبر اليه فطمع معاوية بعد اليأس والعزم على الفرار حتَّى رفعت المصاحف وانعقد التحكيم، والاعتراض المَنْع والحَجْب بين القائل وبين مراده واتمام الكلام والأصل فيه أنَّ الطَّريق إذا اعترض فيه بناء أو غيره منع السَّالك من سلوكه، والفصيح في ذكر الايراد اعترضه لا اعتراض علیه کما شاع في عبارات المصنفين والكلام الذَّي اعترضه الاشعث على ما رووه هو أنَّه (عليه السَّلام) كان يذكر على منبر الكوفة أمر الحكمين بعد أن انقضى حرب الخوارج فقام اليه رجل من أصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها فما ندري أيّ الأمرين أرشد فصّفق (عليه السَّلام) بإحدى يديه على الأخرى وقال: هذا جَزَاءُ مَن تَرَكَ العُقْدَةَ، وكان مراده (عليه السَّلام) هذا الجهل والحيرة جزاؤكم إذ تركتم الرأي والحزم(1)وهو اتباع أمري وأصررتم على إجابة أصحاب معاوية الى التّحكيم حين رفعوا المصّاحف وقد كان من إصرارهم أنْ سبّوا(2)مالك بن الحارث الأشتر(3)لما حرّضهم على القتال وسبّهم(4)، وضربوا بالسَّياطِ وجه دابته وضرب وجوه دوابهم وكاد أن يشتعل نار الحرب في عسكره (عليه السّلَام) وكان

ص: 80


1- (الحرم) في م
2- (سهوا) في ث، م
3- مالك بن الحارث بن يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن خزيمة بن سعد بن مالك النخعي، المعروف بالأشتر، أمير من كبار الشجعان كان سيد قومه عرف بفصاحته، أدرك الجاهلية، سكن الكوفة وكان له نسل فيها، شهد اليرموك وذهبت عينه فيها، شهد يوم الجمل وصفين مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ولاه الامام على (مصر) فقصدها لكنه مات في الطريق فقال عنه أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (رحم الله مالكاً فلقد كان لي كما کنت لرسول الله)). ينظر: المحبر: 303، الأعلام: 5 / 259، قبيلة النخع: 10 / 23
4- (وصبهم) في أ، تحريف

من أشدّهم في النهي عن القتال والتّحريص على التحكيم الأشعث فصاح بهم علي (عليه السّلَام) فكفّوا وقال في كلامهِ لهم: كُنْتُ أمْسِ أمير المؤمنين فأصبحت اليَومْ مَأمُوراً، وكُنْتُ نَاهياً فأصبحت منهیّا فعند ذلك أذعن (عليه السّلاَم) بما كلفُوه وانتهت الحال الى حيث انتهى، فلما سمِع الأشعث ذلك الكلام في الكوفة جهل مراده (عليه السّلَام) وتجاهل وحمله على أن المراد هذا جزائي حيث تركت الرأي والحَزم ورضيت بالتحكيم فقال: هذه لا ينفعك يا أمير المؤمنين بل يضّرك، وقيل كان مراده (عليه السّلَام) هذا ممّا يترتب على ترك العقدة ولو كان للخوف من الفتنة ولا محيص في مثل تلك الواقعة، (فَخفَض)(1)إليه بصرة، ثُمَّ قَالَ لَهُ (عليهِ السّلاَم): (وَمَا يُدْرِيكَ

مَا عَلَىَّ مِمَّا لِی! عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللهِ وَلَعْنَهُ اللَّاعِنِینَ، حَائِكٌ بن حَائِكٍ، مُنَافِقٌ بنْ كَافِرٍ) الخَفْضُ (ضدّ الرفع)(2)و (خفض)(3)البصر [يكون](4)عند التحّقير والغضب، وأدَرَيتهُ أي: اَعلْمتُه، والمراد بالحائك أمَّا معناه الظاهر، وقد قيل: إن الاشعث وأباه كانا ينسجان برود اليمن، وقيل إنَّ أهل اليمن يعيّرون بالحياكة وليس هذا ممّا يخصّ الاشعث، وقال خالد بن صفوان(5)ما أقول في

ص: 81


1- (فحفض) في ح، وفي ر: (و حفض) تصحيف
2- الصحاح، مادة (خفض): 3 / 1074
3- (حفض) في ح، تصحيف
4- [يكون] ساقطة من ث، ر، م
5- خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو ابن الأهتم التميمي المنقري، من فصحاء العرب المشهورين، ولد بالبصرة ونشأ فيها، وكان أيسر أهلها مالاً، له کلمات سائرة أدرك خلافة السفاح العباسي، وكان خطيباً وأشهر الناس على مدح الشيء وذمه سمي بالأهتم لأنَّ (قيس بن عاصم المنقري) ضربه بقوم فهتم فمه، كف بصره قبل وفاته، توفي سنة (133 ه). ينظر: المعارف: 403، 404 سير أعلام النبلاء: 6 / 226، والأعلام: 2 / 297

قوم ليس فيهم إلّا حائك برد، أو دابغ جلد، أو سائس قرد، ملكتهم امرأة، وأغرقتهم فأرة(1)، ودّل عليهم هُدهُد، وقيل في وجه التعيير إنَّه لنقصان عقول الحاكة(2)لمُعاملتهم النساء والصّبيَان، وَروی ((عن الصّادق / ظ44 / جعفر بن محمّد (عليهما السّلاَم) أنَّه قالّ: عقل أربعين معلّماً عقل حائك، [وعقل حائك عقل امرأة](3)، والمرأة لاعقل لها))(4). ((وعن موسی بن جعفر (عليهما السّلَام) (لاتستشيروا)(5)المعلّمين والحوكة فإنّ الله تعالى سلبهم عقولهم))(6)، وقيل: لأنهَّا مظَنّة الكذب والخيانة، وروى أنّ رسول الله (صلى الله عليه و آلهِ) دفع الى حائك من بني النجار [غزلاً] لينسج له صوفاً فكان يمطله ويأتيه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) متقاضياً فيقف على بابه ويقول: ردّوا علينا ثوبنا لنتجمّل به في النّاسِ ولم يزل يمطله حتى توفي رسول الله (صلى الله عليه وآلهِ وسلم)(7)، وقيل: لأنَّ ذهن الحائك عامة وقته متوجهه الى جهة صنعته مصبوب الفكر الى أوضاع(8)الخيُوط المتّفرقة

ص: 82


1- (قارة) في ث، م
2- (للحاكة) في ر
3- [وعقل حائك عقل امرأة] ساقطة من ع
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 324، ومستدرك الوسائل، میرزا حسن الطبرسي (ت 1320 ه): 13 / 97
5- (لا تستسروا) في أ، ر، ع، وفي ح (لا تستشروا) تحریف
6- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 324، وبحار الأنوار: 100 / 78، ومستدرك الوسائل، میرزا حسين الطبرسي: 13 / 98، 97
7- ينظر: شرح نهج البلاغة ابن میثم البحراني: 1 / 324، وبحار الأنوار: 100 / 78، ومستدرك الوسائل، میرزا حسين الطبرسی): 13 / 98
8- (او صاغ) في ث، وفي ر: (الوضاع)

مع احتياجه الى حركة يَديْه ورجلَيْهِ، وأمّا المراد بالحياكة مِشيَةٌ تعرف بها، قيل كان الاشعث إذا مشى يحرك منكبيه، و (يفحج)(1)بين رجليه(2)، وهذه المشية [هي](3)المعروفة بالحياكة والتعيير بها [تعبير](4)بنقصان العقل، وأمّا المُراد بها الكذب ونسج الكلام روی محمّد بن يعقوب قدّس الله روُحه في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السّلاَم) قال: ذكر الحائك عنده (عليه السّلاَم) إنَّهُ ملعُون فقال: إنَّما ذاك الذّي يحُوك الكذب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآلهِ)(5)، وقد سبق ذكر نفاقه وكفر أبيه واضح، ولفظة حائك ومنافق في بعض النسخ بالرّفع(6)فيكون خبر المحذوف، وفي بعضها بالنصب بتقدير حرف النّداء (وَاللهِ لَقَدْ أَسَرَكَ الْكُفْرُ مَرَّةً وَالْإِسْلاَمُ أُخْرَى، فَمَا فَدَاكَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَالُكَ وَلَا حَسَبُكَ) أمّا أسر الأشعث في الجاهليّة والكفر فروي الشّارح عن ابن الكلبي أنه قال في جمهرة النّسب إنّ مرادا لمّا قتلت قيسَاً الاشج أبا الاشعث [خرج](7)الاشعث طالباً بثأره في بني كندة فقاتلوا بني الحارث بن کعب فأسر الأشعث ففدى نفسه بثلَاثة الآف(8)بعير ولم يفد بها عربي

ص: 83


1- (يفحح) في ح، ث، ر، م، تصحيف
2- الرجل الفحج (هو الذي تتدالی صدور قدميه، وتتباعد عقباه، وتتفحج ساقاه) الصحاح، مادة (فحج): 1 / 333
3- ([هي] ساقطة من أ موجودة في ح، ر
4- (التعيير) ساقطة من م
5- ينظر: الاصول من الكافي: 2 / 340
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 246
7- [خرج] ساقطة من ث
8- (الآن) في ث، تحریف

قبلهُ(1)ولا بعده(2)، فعلى تقدير صّحة النّقل يكون المراد بقوله (عليه السّلَام) ما فداك من واحدة منهما، ما نّجاك من الوقوع(3)فيْها مالك وحسبك، والغرض تعييره(4)بضعف العقل، وقلّة التدبير فقد وقع في الأسر مع كونه ذا مال وحسب متمكّنا من القتال على وجه يكون له الغلبة على الخصوم، ورّبما يدّعي أن الظّاهر من نفي الفداء من الأسر هو الوقوع في الأسر لا عدم النجاة منه ولو لم يصّح النّقل كان الأمر واضحاً، وأمّا أسره في الإسلام فهو أنّه لمّا قبض رسول الله (صلى الله عليه وآلهِ وسلم) وارتدت بنو وليعة وهم الذّين قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لَتَنتَهُنَّ يا بني وليعة أو لأبعثهنَ اليكم رجلاً عدیل نفسي يقتل مقاتلتكم ويسبي ذراریکم، قال عمر بن الخطّاب: (فما تّمنّيت الإمارة الاّ يومئذ، وجعلت انصب له صدري رجاء أن يقول لي: هو هذا، فأخذ بيد علي (عليه السّلَام)، وقال: هو هذا)(5)وقد کان اسلامهم ضعيفاً، فلّما وصل اليهم وفاته (صلّى الله عليه وآلهِ وسلم) اظهروا الكفر وغنت بغناياهم وخضبن أيدهّن، ولما ولي أبو بكر الخلافة أمر زیاداً(6)على حضر موت وأمره بأخذ البيعة على أهلها واستيفاء صدقاتهم

ص: 84


1- (قيله) في ث، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 247
3- (الولوع) في ع
4- (يعتره) في ث، تحریف
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 248، وروى الطوسي (لَتَنتَهُنَّ یا بنی ولیعة أو لأبعثهنَ اليكم رجلاً كنفسي، طاعته كطاعتي، ومعصيته كمعصيتي، بعصاكم أو يقصعکم بالسيف) الأمالي: 546، وروى الهيثمي (لَتَنتَهُنَّ يا بني وليعة أو لأبعثهنَ اليكم رجلاً كنفسي يقتلهم ويسبي ذراريهم) مجمع الزوائد الهيثمي: 7 / 110
6- زیاد بن لبید بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية بن بياضة بن عامر بن زريق الأنصاري البياضي، يكنى أبا عبد الله، شهد العقبة فخرج الى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأقام معه بمكة حتى هاجر معه الى المدينة، فكان يقال له مهاجري أنصاري، شهد بدراً وأحداً والخندق والمشهد كلها مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واستعمله على حضرموت، وأقره عليها الخليفة أبو بكر (رضي الله عنه)، وولاه قتال أهل الردة من كندة، وهو الذي ظهر بالأشعث بن قيس فسیره الى الخليفة أبو بكر (رضي الله عنه)، توفي في حدود (50 ه). ينظر: أسد الغابة: 2 / 217، وأنساب الأشراف: 1 / 245، والوافي بالوفيات: 15 / 6، والإصابة: 2 / 484

فتابعوه إلاّ بنو وليعة(1)، فبيتهم(2)زياد في غفلة منهم فقتل كثيراً منهم ونهب وسبی فاستنصروا الأشعث فقال: لا أنصركم حتى تملكوني عليكم فملّكوه وتوجوہ کما يتوجّ الملك من قحطان، فخرج الى زياد في عسکر کثیف وكتب أبو بكر الى مهاجر بن أمية(3)أن يسير بمن معه وقد كان أميراً على صنعاء(4)الى زياد فلقوا الأشعث فهزموه ولجأ بقومه إلى الحصن فحاصرهم المُسلمون فنزل الأشعث ليلاً الى زياد والمُهاجر فسألهما الأمان على نفسه حتى يقدما

ص: 85


1- (ولبيعة) في ث
2- (فبيتهم) في ع، تصحیف
3- مهاجر بن أبي أمية سهيل أو حذيفة بن المغيرة المخزومي القرشي، صحابي، من القادة شهد بدراً، کامأسمه الوليد فسماه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (المهاجر)، وأخته (أم سلمة) زوجة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) تخلف المهاجر عن وقعة تبوك سنة 9 ه فعتب الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عليه ثم رضى عنه - بشفاعة أختة - واستعمله أميراً على صدقات کندة، والصدف، بعثه الخليفة أبو بكر (رضي الله عنه) الى اليمن لقتال المرتدين، فتولى إمارة صنعاء سنة (11 ه)، کما ارسله لنجدة زياد بن لبيد في حصاره لحصن (النجير) قرب حضر موت فأنجده وفتح الحصن سنة (12ه) وتوفي بعد هذه السنة. الأعلام: 7 / 310
4- (صنعا) في أ، ع

به على أبي بكر فيرى فيه رأيه على أن يفتح لهم الحصن(1)ويسلم اليهم قومه ومن في الحصن ليقتلوهم، وقيل كان في الأمان عشرة من أهل الاشعث فأمناهُ وأمضيا شرطه ففتح لهم الحصن فدخلوه وقد كان الأشعث أوهم قومه أنّه طلب الأمان / و45 / لنفسه ولهُم جميعاً فاستنزلوا كلّ ما فيه وأخذوا أسلحتهم وقالوا للأشعث: اعزل العشرة فعزلهم فتركوهم وقتلوا الباقين، وكانوا ثمانمائة وحملوا الأشعث الى أبي بكر موثقاً في الحديد وكذلك العشرة فعفا عنه وعنهم، فقال لأبي بكر: (استبقني لحرمك وزوجني أختك)(2)ففعل وزوجه أخته أمّ فروة بنت أبي قحافة(3)، وكانت عمياء فولدت له بنيناً ومنهم محمد بن الأشعث(4)وخرج يوم البناء(5)عليها الى سوق المدينة فما مّر بذات أربع إلاّ عقرها والتجأ الى دار من دور الأنصار فصاح به النّاس من كلّ جانب، وقالوا: قد ارتد الأشعث مرّة ثانية فأشرف عليهم من السّطح وقال: هذه وليمة البنا وثمن كلّ عقيرة في مالي فدفع أثمانها إلى أربابها(6)،

ص: 86


1- وهو حصن (النجير) قرب حضرموت لجأ اليه أهل الردة مع الأشعث بن قيس في أيام الخليفة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) معجم البلدان: 5 / 272
2- الإستیعاب: 1 / 138، وسير أعلام النبلاء: 4 / 99، والإصابة: 1 / 240
3- ورد خبر زواجهما في تاريخ اليعقوبي: 2 / 123، وتاريخ الطبري: 2 / 548، والإستیعاب: 1 / 134، وتاريخ الإسلام: 3 / 610، والوافي بالوفيات: 9 / 162
4- محمد بن الأشعث بن قيس بن معد یکرب بن معاوية بن جبلة الندي، يكنى أبا القاسم، وأمه فروة بنت أبي قحافة عثمان بن عمار، قائد، من أصحاب مصعب بن الزبير شهد معه أكثر وقائعه، قتل مع عبید الله سنة (67 ه) قبل مقتل المختار الثقفي بأيام. ينظر: الطبقات الکبری: 5 / 65، والأعلام: 6 / 39
5- (النباء) في أ، ع، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 325

وبقى الأشعث من بركات أبي بكر الى أن حضر صفين وكان من شهود کتاب التحكيم بعد اقعاده النّاس عن حرب معاوية كما تقدّم.

(وَإِنَّ أمْرَأً دَلَّ عَلَى قَوْمِهِ السَّيْفَ، وَسَاقَ إِلَيْهِم الْحَتْفَ، لَحَرِيٌّ أَنْ يَمْقُتَهُ الْأَقْرَبُ، وَلَا يَأْمَنَهُ الْأَبْعَدُ) قد عرفت دلالة السّيف على قومه، والحتف بالتاء المثنّاة مِن فوق (الهلاك)(1)، وفي بعض النّسخ(2)بالياء المثّناة من تحت وهو (الجور والظّلم)(3)وكون قتلهم جورا أمّا أنهَّم رضوا بالإسلام ولم يصرّوا على الكفر ولم يكونوا ممّن وُلد على فطرة الإسلام، أو لأنَّ الأمر لم يكن لأبي بكر فما فعله ظلم(4)وإن كان موافقاً لحكم الله فيهم، أو لأنَّه (عليه السّلاَم) يرى الحكم فيهم غير ذلك، أو لأن قتلهم والاستيلاء عليهم كان على وجهِ الغدر کما سبق، أو لأنَّه كان ظلماً باعتراف الأشعث وزعمه إذ لم يكن من المذعنين بالإسلام، والحُريّ مثقلاً، وكذلك الحري بالتخفيف الجدير اللائق(5)إلاَّ أنَّ المثقل يثنى ويجمع ويذكّر ويؤنث بخلاف المخفّف فيقع على الجميع، والمَقْتُ (أشدّ البُغْض)(6)، ولما كان الغدر والظّلم بالأقرب أفحش وأفضح جعل(7)(عليه السّلاَم) للأقرب المقت، وللأبعد الخوف قَالَ السَّيِدُ: (یریدُ

ص: 87


1- لسان العرب، مادة (حتف): 9 / 38
2- اشار الى رواية الياء ابن میثم البحراني في شرح نهج البلاغة: 1 / 323، وفيه: (وروي بالياء وهو الميل)
3- لسان العرب، مادة (حيف): 9 / 60
4- (اظلم) في ث، ر، م
5- ينظر: الصحاح، مادة (حرا): 9 / 2311
6- لسان العرب، مادة (مقت): 2 / 90
7- [جعل] ساقطة من ث، وفي م: (اسند)

(عَليهِ السَّلام) أنَّهُ أُسِرَ في الكُفْرِ مَرَّةً، وفي الْإِسْلامِ مَرَّةً. وأَمَّا قَوْلُهُ: (دَلَّ عَلَى قَوْمِهِ السَّيْفَ) فَأَرَاد به حَدِيثَّا كَانَ لِلأَشْعَثِ مع خالد بن الوليد باليمامة، غرَّ فِيْهِ قومَهُ، ومَكَرَ بهِمْ؛ حَتّى أَوْقَعَ بهم خالدٌ، وكان قوْمُهُ بَعْدَ ذلِكَ يُسَمُّونَهُ

عُرْف النَّارِ، وَهُوَ اسْمٌ للْغَادر عندهم). قال بعض الشّارحين: (العرف كلّ عالٍ مرتفع)(1)، والأعراف في القرآن سور بين الجنّة والنّار ولمّا كان من شأن كلّ مرتفع عالٍ أن يستر ما(2)وراءه، وكان الغادر يستر بمكره وحيلته أموراً كثيرة وكانَ هُوَ قَد غَرّ قَوْمَهُ بالباطِل، وغدر(3)بهم صدق عليه بوجه الاستعارة لفظ عرف النّار لستره(4)عنهم ما وراءه من نار الحرب أو نار الآخرة إذ حملهم على الباطل(5)انتهى. ويمكن أن يكون تسميته بالعرف بمعنى المرتفع لكونه شريفاً في قومه وإضافته الى النّار مستحقّا لها ويخدشه تسميته مطلق الغادر کما ذكره السيّد رضي الله عنه، وأن يكون من العرف بمعنی موج البحر تشبيهاً له في كونه مظنة للشر بتلاطم النّار في التهابها وشدّة توقّدها، وقالَ الشّارح(6)لم نعرف(7)في التواريخ أنّ الأشعث جرى له باليمامة مع خالد هذا ولا شبهه، وأين كندة واليمامة! كندة باليمن، واليمامة لبني حنيفة، ولا أعلم من أين نقل الرّضي هذا!، وأمَّا تسميته بعرف النّار فحکاه

ص: 88


1- لسان العرب، مادة (عرف): 9 / 241
2- (من) في أ، ع
3- (عذر) في أ، ث، ر، ع
4- (ليستره) في م
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 326
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 250
7- (تعرف) في أ، ث، ع

هو أيضاً عن الطّبري(1)قال: [أبو جعفر محمد بن جرير في التاريخ](2): كان المُسلمون يلعنون الأشعث، ويلعنه الكافرون أيضاً وسبايا قومه، وسمّاه نساء قومه عُرف النّار وهو اسم للغادر عندهم.

ومن خطبة له (عليه السَّلام)

(فَإِنَّكُمْ لَوْ عَايَنْتُمْ(3)مَا قَدْ عَايَنَ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ لَجَزِعْتُمْ وَوَهِلْتُمْ وَسَمِعْتُمْ وَأطَعْتُمْ وَلَكِنْ مَحجُوبٌ / ظ 45 / عَنْكُمْ ما قَدْ عايَنُوا وَقَرِيبٌ مَا يُطْرَحُ الحِجَابُ وَلَقَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُم، وَأُسَمِعْتُمْ إِنِ سَمِعْتُمْ وَهُدِيتُمْ إِنْ اهْتَدَيْتُمْ) عاين الشيء عياناً أي: رآه بعينه، والجزع (الحزن والخوف)(4)والوَهَل بالتحّريك الضّعف والخوف(5)والتكرير على بعض الوُجوه للتأكيد والمراد بما عاينَ من مات قبلهم الحقّ الذّي ظهر لهُم عياناً، وهو أنَّه (عليه السلاَم) على الحقّ، وإنَّهم على الباطل ومن أهل النّار بمخالفته وعدم الانقياد له وهذا بظاهره يشمل عذاب القبر، ومعاينة أمير المؤمنين [(عليه السّلَام)](6)عند الموت، والعلم بالمصير والعاقبة حينئذ وأخبارنا

ص: 89


1- قال الطبري (... فكان معهم يلعنه المسلمون، ويلعنه سبايا قومه، وسماه نساء قومه عرف النار کلام یمان يسمون به الغادر) تاريخ الطبري: 2/ 548
2- [قال أبو جعفر محمد بن جرير في التاريخ] لم ترد في جميع النسخ، وذكرت في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 250 وهي زيادة يتطلبها السياق
3- (لو قد عاينتم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 252، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 50
4- لسان العرب، مادة (جزع): 8 / 47
5- ينظر: لسان العرب، مادة (وهل): 11 / 737
6- [(عليه السلام)] ساقطة من ع

متضافرة بمعاينة الرسول [(صلى الله عليه وآله)])(1)والأئمة (عليهم السّلَام) عند الموت ذكر كثيرا منها ثقة الإسلام محمد بن يعقوب (رضي الله عنه) في كتاب الجنائز من الكافي(2)، والصّدوق (رضي الله عنه) في الفقيه وغيره من كتبه وكذلك غيرهما في كتبهم، وقال الشّارح(3)بعد حکاية القول بمعاينته (عليه السّلاَم) عند الموت عن الشيعة: (ويروى عنه (عليه السّلاَم) شعراً قاله للحارث الأعور الهمداني(4):

يَا حارِ هَمدْانَ مَنْ يَمُتْ يَرَنَي ٭٭٭ مِنْ مؤمِنٍ أوْ مُنَافِقٍ(5)قُبُلَا

يَعْرفَنْي طَرفْهُ وأعَرِفُهُ ٭٭٭ بِعَيِنَيْهِ وَاسْمِه وَمَا فَعَلاَ

أقُولُ لِلنَّارِ وَهَي تُوقَدُ لِلْ ٭٭٭ عَرْضِ ذَريْهِ لا تَقْرُبْي الرَّجُلا

ذَريْه لا تَقْرَبِيْهِ إِنَّ لَهُ ٭٭٭ حَبْلاً بِحَبْلِ الْوَصِيّ مُتِصَّلاً

قال: وليس هذا بمنكر أنّ صح انّه (عليه السّلاَم) قاله عن نفسه ففي الكتاب العزيز مَا يدلّ على أنّ أهل الكتاب لا يموت منهم ميّت حتّى يصدّق بعیسی بن مریم (عليه السّلاَم)، وذلك قوله تعالى: «وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا»(6)قال كثير من

ص: 90


1- [(صلى الله عليه وآله)] ساقطة من ح، ث، ر، م
2- ينظر: الاصول من الكافي، الكليني: 3 / 128
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 253
4- هو الحارث بن عبد الله بن کعب بن أسد الأعور الهمداني الخارفي الحوثي الكوفي، ويكنى أبا زهير، صاحب أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، توفي أيام ولاية عبد الله بن یزید الانصاري الكوفة سنة (65 ه). ينظر: تاریخ ابن معن الدوري: 1 / 218، وسير أعلام النبلاء: 4 / 152 - 155، والإصابة: 1 / 58، وأعيان الشيعة، محسن الأمين: 4 / 365
5- (مسافر) في ع
6- النساء / 159

المفسرّین(1): يعنّي أن كلّ ميّت من اليهُود وغيرهم من أهل الكتاب إذا احتضر رأي المسيح (عليه السّلاَم) فيصدق به من لم يكن في أوقات التّكّليف مصدقا به(2)و(ما) في قوله (عليه السّلَام): (ما يطرح الحجاب) مصدريّة وهي مبتدأ خبرهُ قريب، والفعل في بعض النسخ على صيغة المجهُول(3) فیکون (الحِجابُ) مرفوعاً، وفي بعضها معلوم، [و (الحجاب) منصوب فتكون (ما) موصولة](4)، والتَّبصِير (التعريف والایضاح)(5)، ومفهُوم الشرط أمّا عدم تحقق التّبصير(6)حقيقه لعدم تأثيره من حيث عدم قبول المادة، أو الجزاء محذوف أي: إن کنتم من أهل البصيرة فيجدیكم وينفعكم (بِحَقٍّ(7)أَقوُلُ لَكُمْ: لَقَدْ جَاهَرَتْكُمُ الْعِبَر، وَزُجِرْتُمْ بِمَا فِيهِ مُزْدَجَر، وَمَا يُبَلِّغُ عَنِ اللهِ بَعْدَ رُسُلِ السَّمَاءِ إِلَّا البَشَر) العِبرَ جَمع عبرة بالكسر وهي ما يتعظ به الإنسان ويعتبره ليستدلّ به على غيره، وجَاهرتكم أي: كشفت لكم السّتر واظهرت أنفسها وعاقبة الأمرِ عندكم والازدجار يكون لازماً ومتعدیا، ويُقال زجَره أي: منعه ونهاه، وازدجرهفازدجر، والمزدجر يحتمل المّكان والمصدر ومّا فيه مزدجر النّواهي الآلهية المؤكدة بالعقوبات والمواعيد وأخبار القرون السّالفة

ص: 91


1- ينظر: جامع البيان عن تأویل آي القرآن، محمد الطبري: (ت 310 ھ): 6 / 24، والكشف والبيان عن تفسير القرآن، الثعلبي (ت 427 ه): 3 / 412، والكشاف، الزمخشري: 1 / 580
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 253
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 252
4- [و (الحجاب) منصوب فتكون (ما) موصولة ساقطة من أ، ث، ر، ع
5- لسان العرب، مادة (بصر): 4 / 65
6- (التبصر) في ح
7- (وبحق) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 1 / 252، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 50

کما اشار اليها سبحانه بقوله: «وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ»(1)، وفي الكلام بيان لوجه التبصير والإسماع والهداية وبعد رسل السّماء أي: بعد تبليغ الملائكة وأدائهم الوحي الى من اصطفاه الله من البشر لحمل أعباء الرّسالة لا أنّ الملائكة يبلغون النّاس ثمّ الرسّل، والغرض أنَّ الحجّة قد تمّت ولم يبقَ(2)أمر منتظرٌ.

ومن خطبة له (عليه السَّلام)

(فَإِنَّ الْغَايَةَ أَمَامَكُمْ، وإِنَّ وَرَائَكُم السّاعَةَ تحْدُوكُمْ) المراد بالغاية أمّا الجنّة والنّار والثّواب والعقاب أو الأجل أو الموت، وكون الغاية أمامهم؛ لأنَّها(3)محّط رحالِهم(4) ومصيرهم(5)[في مسيرهم](6)فهم كالقاصد لها متوجهون(7)اليها وكون السّاعة / و46 / ورائهم لأنّهم في فرارهِم ونفارهم عن الموت والسّاعة كالهارب منها فتكون(8)خلفهم تحدوهم أي: تسوقهم کما پسوق(9)الراّعي إبله الى جهة لا تسرع اليها بطبعها، والحداء سَوْقُ الإبل والغِناءُ لها)(10)فتسرع عنده في سيرها أو هي وراءهم، لأنهَّا تجئ بعد يومهم

ص: 92


1- القمر / 4
2- (تبق) في أ، ع، تصحيف
3- (لأنه) في أ، ع
4- (حالهم) في ع
5- (مصبرهم) في ث، تصحيف
6- [في مسيرهم] ساقطة من أ، ع
7- (متوجهرن) في م
8- (فيكون) في أ، ع، م، تصحيف، وفي ث: (فكون)، تحریف
9- (تسوق) في ث، ر، م، تصحيف
10- الصحاح، مادة (حدا): 6 / 2309

وتجمعهم ليوم الجمع کما يسوق الراّعي إبله الى موردها ومبرکها وکون المصير الى الجنة والنّار أيضا في الأيّام المتأخرّة مع أنّه (عليه السّلاَم) جعل الغاية أمامهم لا ينافي ذلك لاختلاف الاعتبار أو لأنّ الأصل في الغاية الجنة والثواب وهما مطلوُبان بخلاف السّاعة؛ لأنّها بذاتها لا يرُغب اِلَيها، ولعلّ ما ذكر أولا أظهر وما حکی عن بعض الشّراح من أنّ المعنى الجنّة والنّار خلفكم(1)والسّاعة قدامكم فسهو، والوراء وإن كان يطلق على القدام إلاَّ أن كون السّاعة كالحادي يمنع عنه مع أن الأمام لا يكون بمعنى الخلف، وقيل حدو السّاعة تذکیرها بزواجر الموت وما بعده واز عاجها النّفوس الى الاستعداد للقاء الله والأُهبة للحساب (تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا، فَإنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ) التخففّ هو القاء الأثقال المانعة عن الإسراع في المشي واللّحوق بالسّابقين، ولعلّ المُراد بالأثقال في هذا المقام الأشغال والأعمال المانعة عن اللّحوق بالأبرار والوصول الى منازل الأخبار والنجاة للمخفيّن(2)بدلالة الأثر وشهادة العيان، ولعل توجيه التّعليل على هذا أن يقال: لما كان استقرار السّالفين من المتقيّن في المنازل المعدّة لهم موقوفاً على استعداد اللاّحقين بالأعمال الزّاكية للفوز بالكرامة حتى يجتمع الأبرار جملة وينفذ أمر الله في العدد المعلوم في علمه سبحانه دفعة واحدة فيُبلّغُ الملائكة الموکّلون بإنفاذ الأمر كلاّ منهم إلى مرتبته المعدّة له فكانت الملائكة منتظرين في إمضاء الأمر

ص: 93


1- معنى قوله (عليه السلام) (فإنَ الغاية أمامكم) فسروه بأنَّ الجنة والنار قدامكم، وليس کما ذكره ابن کلستانه بمعنى (خلفكم ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 187، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 331، 330
2- (للمحفين) في ث، وفي ع: (للمحقين)، تصحيف

في الأوّلين للحوق الآخرين ويمكن أن يجعل المنتظِرين على صيغة الفاعل ذلك الأمر الآلهي على نوع من التجوّز، ويحتمل أن يكون التخفف کناية عن قطع العلاقة عن الاستقرار في الدنّيا. والركون الى الإقامة فيها فإنّها (دَار مَمرٍ لا دَار مَقرّ) وليس المراد الإسراع إلى دار الآخرة كما يتوهم من ظاهر کلام الشّارحین(1)لعدم دخوله تحت القدرة، بل المراد توطين النّفس على ترك التوطّن في الدنيا وتهيئة الزّاد للمسير الى منزل لابدّ [...](2)من المصير اليه وهو الآخرة التّي خلق النّاس لها والانتظار بالأوّلين كناية عن كونهم کمن سبق من الرّفقة الى بلدة لا يؤذن لهُم في دخولها إلاَّ بالاجتماع ولحوق الآخرين أي: لابدّ لكم من تَركِ هذه الدّار ونزول دار القرار والاجتماع بين يدي الملك الجبّار فاستعدوا للرّحيل ولا تجعلوا الدّنيا منزل استيطان، ولعلّ هذا الوجه ألصق بأوّل الكلام، وكلام الشّارحين في هذا المقام لا يخلو عن خفاء وإيهَام، قال السيّد (رحمهُ الله): (وأَقول إِنَّ هذا الكَلاَمَ لَوُ وُزِنَ بَعْدَ كلام

اللهِ سُبْحَانه، وَبَعْد كَلاَمِ رَسُولهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ وسلم) بِكُلِّ كَلاَمٍ لَمَالَ بِهِ راجِحاً، وَبَرَّزَ عَلَيْهِ سَابِقاً.

فَأَمَّا قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السّلاَمُ) (تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا)، فَمَا سُمِعَ كَلاَمٌ أَقَلَ مِنْه مَسْمُوعاً وَلَا أَكْثَرُ مَحْصولاً، وَمَا أَبْعَدَ غَوْرَهَا مِنْ كَلِمَةٍ! وأنْقعَ نُطْفتَهَا(3)مِنْ حِكْمَةٍ!

ص: 94


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 255، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 331
2- [من المسير الى منزل لابد] زيادة في م، لا يقبلها السياق
3- (وانقطع نطقتها) في، م، تحریف

وقَدْ نَبَّهْنَا في كتاب (الخَصَائِص)(1)عَلىَ عِظَم قَدْرِهَا، وَشَرَف جَوْهَرِهَا) برز الفرس على الخيل تبریزاً إذا سبقَها(2)ومسموعْ الكلام كلماته ومحصوله فوائده، والنّطفة الماء الصّافي قَلَّ أو كَثُرِ، وقيل هي بالقليل [أخص](3)، ويسمى المنيّ نطفة لقلّته ونَقَع الماء العَطَشُ أي سكنه وأنقعني الماء، أي: أرواني، وفي بعض النّسخ (وأنفع نطقها) بالفاء في الكلمة الأولى، والنّطق بالقاف / ظ46 / مصدر قولك: نطقت بالكلام، والضّمير في (غورها) مبهم يفسّره ما بعده، والإبهام للتفخيم و(من) کلمة تميز عن مفرد هو الضّمير وكذلك الحال في الفقرة(4)الثانّية، والعِظم بكسر العين على ما في الأصل مصدر وبالضّم على ما في بعض النّسخ اسم من قولك: تعظّم فلان إذا تكبرّ(5).

ومن خطبة له (عليه السَّلام) هذه الخُطبة من خطب الجمل

كما ذكره الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(6)وذكر طائفة منها صريحة في التظلم (أَلَا وَإِنَّ الشَّيطَانَ قَدْ ذَمَرَ حِزْبَه، وَاسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ، لِيَعُودَ الجَوْرُ إِلَی أَوْطَانِهِ، وَيِرْجِعَ الْبَاطِلُ في نِصَابِه) الذّمر الحثُّ والحَضُّ مع لوم واستبطاءٍ، قال بعض الشارحين(7): يروي: (ذَمَر) بالتخفيف (وذمّر) بالتشديد، والتشديد

ص: 95


1- ينظر: خصائص الأئمة، الشريف الرضي: 112
2- ينظر: تاج العروس، مادة (برز): 8 / 11
3- [أخص] ساقطة أ، ث ر، ع، م
4- (الفطرة) في أ، ع، تحریف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (عظم): 12 / 409
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 257
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 256

دليل على التكثير، والحزب بالكسر (الطّائفة)(1)، وجَلبَه يْجَلُبُهُ يْجَلِبُهُ ساقَهُ من موضِع الى آخرٍ(2)، واستجلبه(3)طلب أن يجلب له، والجَلب بالتحريك الجماعة من النّاس والخَيل يجمعُ ويُجلَبُ(4)، وَالوطن (منزل الإقامة)(5)، وفي عود الجور الى أوطانه ورجوع الباطِل الى نصابه إشعار ببطلان السَّابقين، ونصاب الشيء أصله ومرجعه(6). (وَاللهِ مَا أَنْكَروُا عَلَيَّ مُنْكَراً، وَلاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نَصَفاً؛ وَإِنَّهُم لَيَطْلُبُونَ حَقَّاً هُمْ تَرَكُوه، وَدَماً هُمْ سَفَكُوُه؛ فَلَئنْ(7)كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ؛ فإِنَّ لَهُمْ لَنَصِيْبَهُمْ مِنْهُ، وَلَئن كَانُوا وَلُوهُ دُونِي، فَمَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ) المراد بمن أنكر طلحة والزُبَيّر وسائر أصحاب الجمل، وما أنكروه وهو أنَّه (عليه السّلاَم) قتل عثمان، وقد أنكر (عليه السلام) کونه منکراً، أمَّا الإستجابة القتل کما يدّل عليه قوله (عليه السّلاَم): (الله قتله و أنا مَعَهُ)، أو لأنَّه (عليه السّلاَم) لم يكن من قاتليه، وإن رضي بقتله کما رضي الله به، والنِّصف بالكسر اسم من الإنصاف وهو العدل(8)، وإيراد بعض الشّارحين على القُطب الراوندي(9)بأنَّه (لامعنى لقوله: (لاجعلوا بيني وبينهم

ص: 96


1- لسان العرب، مادة (حَزِبَ): 1 / 309
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (جلب): 1 / 268
3- (استجلب) في ع
4- ينظر: السان العرب، مادة (جلب): 1 / 268
5- تاج العروس، مادة (وطن): 18 / 576
6- ينظر: لسان العرب، مادة (نصب): 1 / 761
7- (فأن كنت) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 1 / 256
8- ينظر: الصحاح، مادة (نصف): 4 / 1433
9- قال الراوندي: (... والنصف النصفة) منهاج البراعة في شرح نهج البراعة: 1 / 188

إنصافا))(1)، بل المراد الذي ينصف خروج عن الإنصاف لاتساع عرصة المجاز(2)والمآل [هو](3)ما ذكره، والمراد بالحق ما يطلبه المدعّى وإن كان باطلا فيه شهادة على كونه حقاً حتي ينافي الإنكار السّابق، وقد ترك طلحة والزّبير اتباعهما مّا زعموه حقاً؛ لأنهم خذلوا عثمان وكانوا من قاتلیه کما ذكره جل أرباب السّير، ووَلُوهُ بضمّ اللاّم أي: قاموا به وتصدَّوُا له وأصله (القرب والدنو)(4)، والتبعة الشيء الذي يطلبه أحدٌ ويتبعه أثم وعقوبة، والتبعة في ذلك القتل على زعمهم واعترافهم ولتعرضهم له بالباطل (وإِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ) لكونهم أدخل وأحرصّ في قتله من كثير من محاصريه ومنابذيه والتّفصيل بالنسبة الى هؤلاء بالنّسبة اليه (عليه السّلاَم) إذْ لا حجة عليه، أو المُراد أنَّ ضرر حجتهم عليهم أعظم من جدواهَا لَهُم (يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ، ويُحْيُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ. يَا خَيْبَةَ الدَّاعِي! مَنْ دَعَا! وَإِلى ما أُجِيب!) فطم الاُمّ الصّبی کضرب أي: فصله عن الرّضاع، والبدعة التي أميتت ما سنّه عثمان من الاستئثار بالأموال وغيره، والخيبة والحرمان والخُسران ونداءها کنداء الحسرة في قوله تعالى: «يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ»(5)أي: احضري فقد حان حين حضورك، وما ذكره بعض الشّارحين من أنَّ تقديره: يا هؤلاء فحذف المنادي، ثم قال خيبة الدّاعي أي: خاب الدّاعي

ص: 97


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 257
2- (المحاز) في ث، تصحيف
3- [هو] ساقطة من ع
4- تاج العروس، مادة (ولي): 20 / 310
5- يس / 30

خيبة(1)فبعيد غاية البعدِ، والاستفهام تحقير للدّاعي وبيان لخيبته بالاشارة الى حقارة المدعوّ، أو حقارة نفسه، ولعلَّ الأوّل أقرب معنی / و47 /، ثم بالإشارة الى حقارة ما دُعي اليه وهو نصر الباطل وإحياء البدع (وإِنَّي لرَاضٍ بِحُجَّةِ اللهِ عَلَيْهِمْ، وعِلْمِهِ فِيهِمْ فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ السَّيْف، وَكَفَى بهِ شَافِياً مِنَ الْباطِلِ، وَنَاصِراً لِلْحَّقِ!) حجّة الله ما يدلّ عليه كلامه ويظهُر من سنّة رسوله الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والرضّا بها عدم تعديّها في الاحتجاج وعلم الله فيهم ما حكم به في شأنهم لاستحقاقهم إيّاه أي: لا أتعدّى فيما طلبوا من دم عثمان، والتّفضيل في العطاء ونحوهما ما أمر الله وقضى به فإنَّ لم برضوا به قاتلتهم وكفى بالسّيف أوجده ماحياً للباطِل ومشيّداً لأركان الحقّ (وَمِنَ الْعَجَبِ بعْثَتُهُمْ إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ إِلَی الِطّعانِ وَأَنْ أَصْبِرَ لِلْجلاَدِ. هَبِلَتْهُمُ الْهَبُول! لَقَدْ كُنْتُ وَمَا أُهَدَّدُ بِاْلحَرْبِ، وَلَا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ. وإِنِّي لَعَلَى يَقِینٍ مِنْ رَبِّي وَغَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِينِي) البروز الظّهور والخروج، والطّعان بالكسر التّطاعن والتّضارب بالرّماح کالجلاد بالسّيوف(2)، وهَبلته أمّه کفرح فقدته، والهَبول بالفتح (من النّساء [التي](3)لا يبقى لها ولد)(4)، و(لَقَدْ كُنُت وَمَا أُهَدَّدُ) أي: ما زلْت لا أهدّد كقوله تعالى: «وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا»(5)والواو زائدة كذا

ص: 98


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البراعة: 1 / 189
2- ينظر: لسان العرب، مادة (طعن): 13 / 266
3- [التي] ساقطة من أ، ع
4- لسان العرب، مادة (هبل): 11 / 686
5- النساء / 17

قال بعض الشارحین(1)، ويحتمل أن (تكون)(2)الواو للحال و(كنت) تامةّ لا ناقصة لاحتياجها الى تقدير الخبر وما ذكره أقرب معنی وفي قوله (عليه السّلاَم): (وإنّي لعلى يقين) تأكيد لصبره على الحرب والعجب من بعثهم.

ومن خطبة لهُ (عليه السَّلام)

هذه الخُطبة رواها محمد بن يعقوب الكليني (رضي الله عنه) في الكافي(3)بزيادة في أوّلها يتضمّن الحثّ على الأمر بالمعرُوف والنّهي عن المنكر (أمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الأمْرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاء إِلَی الْأَرْضِ كَقَطْرِ الْمَطَرِ إلى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قُسِمَ لَهَا

مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ) القَطْر بالفتح جمع قَطْرة أو جنس والجمع قِطار ککتاب، والمراد بالأمر ما قدر للخلائق من مال أو ولد أو غير ذلك أو التقدير الذي به يزيد وينقص ما قدّر لهم والأمر يشارك القطر في النّزول المصّرح به وفي البّث والتّفريق على المحالَ المُستعدّة للنّزول بحسب الحكمة الآلهية وفي عدم تساوى المحال في الاستعداد ونزول الأمر من السّماء لكون التّقدير في اللوح المحفُوظ، أو لأن الملائكة الموكلّين بإمضائه تنزل من السّماء وما ذكره بعض الشارحين من أنّ الحركات الفلكية لما كانت شرائط [معدّة](4)يصدر بواسطتها ما يحدث في الأرض كانت السّماء مبادئ على بعض الوجُوه لنزول الأمر)(5)فمبني على الأصُول الفاسدة ولا حاجة الى التجوز في السّماء

ص: 99


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 258
2- (يكون) في أ، ث، ح، ر، تصحيف
3- ينظر: الاصول من الكافي: 5 / 57
4- [معدة] ساقطة من ع، م
5- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 5

وارادة سماء الجود(1)منهَا (فَإِذا رَأَى أَحَدُكُمْ لَأِخِيْهِ غَفِیَرةً فِي أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ؛ فَلاَ تَكُونَنَّ لَهُ فِتْنَةً) الغفيرة الكثرة والزّيادة كما فسّر السّيد (رضى الله عنه)(2)والغفيرة في النّفس اتّصافها بالصّحة والقوة والجمال صفات الكمال، والظّاهر أنّ المراد بالفتنة الابتلاء بسخط القضاء وكراهة القدر وعدم الرّضا بقسم العليم الحكيم على حسب مصلحة العباد في المعاش والمعادِ، وفي رواية الكافي (فإن أَصَابَ أَحَدَكُم مصيبة في أهْلٍ أَومْالٍ أَوُ نَفْسٍ وَرَأى عِنْدَ أخْيهِ غَفِیْرَةً)(3)الى آخره / و47 / وقال بعض الشّارحين: (مصدر هذا الكلام النّهي عن الحسد)(4)، وذكر بعض الكلمات في ذّم الحسد والنّهي عنه داخل فيما ذكرنا (فَإِنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً تَظْهَرُ فَيَخْشَعُ لَهَا إِذَا ذُكِرَتَ وتُغرَى(5)بَهِا لِئَامُ النَّاسِ؛ كَانَ كَاْلفَالِجِ الْيَاسِرِ الَّذِي يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزةٍ مِنْ قِدَاحِهِ تُوْجبُ لَهُ الْمَغْنَم، وَتَرْفَعُ عنه الْمَغْرَمُ.) غشِي الرّجل الشّيء کَرِضَی إذا لابسه، والدَّناءة بالفتح الخسّة والسقوط، والخُشوُع والتذّلل والخضوع، أو الخشوع في الصّوت والبصر كالخضوع في البدن، (وتُغری بها لِئام) على صيغة المجهُول وتأنيث الضمير المجرور، ورفع اللّئام من أغريتُ الكلب بالصيد أي حرّشته وهَيّجتهُ ليصيده، أو من غری به کرضی أي (أوَلِعَ)(6)

ص: 100


1- (الجور) في ع، تحریف
2- قال الرضي: (أقول: الغفيرة ها هنا الزيادة والكثرة) ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 264
3- الاصول من الكافي: 5 / 57
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 266
5- (ونعرى) في ا، ث، ر، م، وفي ع: (يغرى) تصحيف
6- لسان العرب، مادة (غرا): 15 / 121

فالباء للسبية، والضّمير المجرور للدّناءة أي تولع بسبها لئام النّاس بالمَرء، وفي بعض النّسخ الصّحيحة (وتُغري به لِئام)(1) على لفظ المعلوم من الإغراء وتذكير الضمير المجرُور ونصب اللّئام والفاعل(2) الدّناءة والضّمير المجرُور للمرءَ المُسلم، واللّئام ضِدّ الکِرام(3)، وَالفالِج الغالب (الفائز)(4) يقال: فلج أصحابه وعلى أصحابه کنصر إذا غلبهم(5) والاسم الفلج بالضّم، و (الياسر المُقامر)(6)، والفّوز الظّفر، والقداح جمع قِدح بكسرهما وهو السهم قبل أن یراش(7) وينصل(8)، والغَنم بالفتح المصدر وبالضمّ الاسم، والمغنم والغنيمة وَ الغُنْم ما يصاب من الأموال(9)، والغُرُم آداء شيء لازم(10)، والمغَنم والمَغرم(11) بالفتح فيهمَا يكونان مصدرين واسمين والفعل فيهما كعلم والقداح الموجبة للمغنم السّبعة التي لها أنصباء وللمغرم الثّلاثة الباقية وقد جمعت أسماؤها في هذه الأبيات:

هِي فَذّو تَوأمٌ وَرَقيبٌ *** ثُم حِلْسٌ ونَافِسٌ ثمْ مُسْبِلٌ

ص: 101


1- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 190
2- (فالفاعل) في ث، ح، ر
3- ينظر: تاج العروس، مادة (لأم): 17 / 634
4- معجم مقاییس اللغة، مادة (فلج): 4 / 448
5- ينظر: لسان العرب، مادة (فلج): 2 / 348
6- تاج العروس، مادة (فلج): 3 / 460
7- (یراس) فيع، تصحيف
8- ينظر: الصحاح، مادة (قَدح): 1 / 394
9- ينظر: لسان العرب، مادة (غنم): 12 / 446
10- ينظر: المصدر نفسه، مادة (غرم): 12 / 437
11- (والمغنم) في ح

وَالمُعَلّ وَالوَغْدُ ثمَّ سَفْيحٌ *** وَمَنْيخٌ هذِهِ الثلاثَة تُهمَلْ

وَلِكُّلٍ مَّمِا(1) عَداها نَصْيبٌ *** مثله أن تُعَدَّ أوّل أوّل(2)

قيل: كانوا يعمدون إلى جزور فیجزروُنه ثمانية وعشرين ثم يجعلون القداح في كيس ويخرجها غير عارف بهَا ويدفع إلى كل واحدٍ منهم واحداً فيأخذ من فاز(3) بواحدٍ من السبعة نصيبه ويغرم أصحاب الثلاثة ثمن الجزور، وقيل: كانوا يدفعون ذلك الى الفقراء ولا يأكلون منه شيئا و كانوا يفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل معهم فيه ويسمّونه (البرَمَ)(4)، وقيل في كيفية اللعب بالأقداح غير ذلك وهي الأزلام التّي نهى الكتاب الكريم عنها. قال بعضّ الشارحين: (إن حملنا الخشوع على المعنى اللّغوي وهو غضّ الطّرف والتّطأمن كان(5) عطفاً على (تظهر)(6)، وإن حملناه على المعنى العرفي وهو الخضوع لله والخشية منه فالفاء للابتداء)(7) أي: بل يخشع له ويخضع له عند ذكرهَا ويَتضرّع اليه هربا من الوقوع في مثلها وخوفاً من وعيده على المعاصي ويكون قوله: (وتغري(8) بها لئام الناس) عطفاً على (يظهر) مؤخراً و [...](9) هذا الوجه لا يخلو عن بعد وقوله (عليه السلام): (كالفالج الياسر)

ص: 102


1- (ما) في ث، ر
2- البيت في البحر الخفيف، شذرات الذهب في أخبار من الذهب: 5 / 235. (3) (نار) في أ، ع، م، تحریف
3- (نار) في أ، ع، م، تحریف
4- (البرم: الذي لايدخل مع القوم في المَيْسرِ) لسان العرب، مادة (برم): 12 / 43
5- (کا کان) في ث
6- ورد في شرح ابن میثم البحراني: 2 / 6 (يظهر)
7- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 6
8- (تعری) في أ، ع، تصحيف
9- [على] زائدة في ع

من قبيل قوله تعالى: ((وَغَرَابِيبُ سُودٌ))(1) والتقّديم سنة شائعة في كلام العرب (وَكَذلِكَ الْمَرْءُ الْمُسِلمُ الْبَرِيء مِنَ الْخِيانَةِ يَنْتَظِرُ مِنَ اللهِ إِحدَى الْحْسنَييْنِ، إِمَّا دَاعِي اللهِ فَمَا عِنْدَ اللهِ خَیْرٌ لَهُ، وَإِمَّا رِزْقَ اللهِ؛ فَإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَمَالٍ؛ وَمَعَهُ دِينُهُ وَحَسَبُهُ) الظّاهر أنّ المراد بداعي اللهِ الموت وما ذكره بعض الشّارحين (من أنّه يحتمل أن يراد به الجوانب الالهَية، والخواطر الرّبانية التّي تسنح له فتجذبه الى طرف الزّهد الحقيقي)(2) بعيد عن الترّديد والحسب، وقيل هو في الأصل الشّرف بالإباء وما يعدّه الانسان من مفاخرهم، وقيل الحَسب والكرم يكُونان في الرجل وان لم يكن له إباء لهُم شْرف والشرف والمجد لا يكونان الاّ بالإباء(3)، وقيل الحسب / و 48 / الشرّف في الفعل والعمل الصّالح، والأنسب بالمقام الأخيران (إِنَّ الْمَالَ وَالبَنِینَ حَرْثُ الدُّنْيَا، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الْخِرَةِ؛ وَقَدْ يَجْمَعَهُمُا اللهُ تعالى لِأَقْوَامٍ)، الحَرْثُ [بالفتح ](4) (الزّرع)(5) و (كسب المال وجمعُه)(6) والأنسب بالمال والبنين أن يراد بالحرث الأول(7) الحاصِل وما يكتسب [وبالعمل الصالح المزروع(8) وما يكتسب

ص: 103


1- فاطر / 27
2- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 7
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 381. وفيه: (وما يعده الناس)
4- [بالفتح] ساقطة من م
5- الصحاح، مادة (حرث): 1 / 279
6- المصدر نفسه، مادة (حرث): 1 / 279
7- (الأول) ساقطة من أ، ر، ع، م
8- (للزروع) في ث، تحریف

منه](1)، ويمكن أن يراد بالثاني [المزروع أيضاً المعنى](2) الأول لشدة قرب العمل الصّالح من نعيم الآخرة وفي جَميع الأقوام دلالة على كثرة وقوع هذا الجمع وعدم ندرته (فَاحْذَرُوا مِنَ اللهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسهِ، وَاخْشَوْهُ خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ، وَاْعمَلوُا فْي غَیْرِ رِئَاءٍ، وَلَا سُمْعَةٍ، فَإنّهُ مَنْ يَعْمَلْ لِغَیْرِ اللهُ يَكِلْهُ اللهُ إِلَی مَنْ عَمِلَ لَهُ) التَعّذير التّقصير، ومنهُ المعذر لمن لا عُذر له بخلاف المُعذِر على صيغة الأفعال، والمضاف محذوف أي: ذات تقصير، والرّئاء والسُّمعة أن يفعل(3) ليراه الناس، ويسمعوا به، ولعل العمل لغير الله يعم كلّ ما لم يكن خالصاً لله، وقد ورد عن الصّادق (عليه السّلاَم) أنه قال: قال الله عز وجل: ((أنا خير شريك من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصاً))(4) (نَسْأَلُ اللهَ مَنازِلَ الْشُّهَدَاءِ، وَمُعَايَشَةَ السُّعَدَاء، وَمُرَافَقَةَ الْأنْبِيَاءِ،) الظّاهر أنّ المطالب الثلاثة صرف العمر في أسباب السّعادة، والختم بالشّهادة، ومرافقة الأنبياء في الآخرة، والواو لا يقتضي الترتيب، وقال بعض الشارحين: من حكم لهُ بالشّهادة غايته أن يكون سعيداً و السعيد غايته أن يكون في زمرة الأنبياء رفيقاً لهم(5) (أَيَهُّا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ وَإِنْ كانَ ذَا مالٍ عَنْ عَشرَتِهِ وَدِفَاعِهم عنهُ بِأَيْدِيهِمْ، وَأَلْسِنَتِهِمْ؛ وَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً مِنْ وَرَائِهِ، وأَلمُّهُمْ لِشَعَثِهِ، وأَعْطَفُهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَةٍ إذَا(6) نَزَلَتْ بِهِ، وَلِسَانُ الصِّدْقِ يْجَعَلُهُ

ص: 104


1- [وبالعمل الصالح المزروع وما يكتسب منه] ساقطة من م
2- [ايضاً المعنى] ساقطة من أ، ع، ر، م، [المزروع ايضا المعنى] ساقطة من ث
3- (تفعل) في أ، ث، ع، ر
4- الاصول من الكافي: 2 / 295
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 9
6- (آن نزلت) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 1 / 263

اللهُ لِلْمَرْءِ في النَّاسِ خَیْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ يُوَرَّثُهُ غَيْرَهُ) عشيرة الرّجل قبيلته، وقيل بنو أبيه الأدنون، والحيطة كبينة التّحنن(1)، وفي بعض النسخ حِيطة بالكسر والتخفيف أي: حياطة و رعاية، و الشعث بالتحريك (انتشار الأمر)(2) وَلّمَ اللهُ شَعَثَكَ أي: جمع أمرَكَ المنتشر، و عطف عليه أي: أشفق، وَالنّازلة الشدّيدة من شدائد الدّهر تنزل بالناسِ، ولسان الصّدق الذكر الجميل أو من يذكر المرء بالخير وفي الكلام على الوجهين ترغيب في الإنفاق على العشيرة فإنّه يستلزم الصّيت الحسن وأن يذكره النّاس بالإحسان وكذلك يذكره من أحسن اليه بإحسانه وبسائر صفاته الجميلة مِنْها. (ألَا لاَ يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لَا يَزِيدُهُ إِنْ أَمْسَكَهُ، وَلَا يَنْقُصُهُ إِنْ أَهْلَكَهُ) العُدول عن الشيء الانحراف عنه، والخصَاصة بالفتح (الفقر)(3) والخلل والثقب الصّغير وجملة يرى في موضع النّصب على الحال، وان يسدّها في موضع الجّر بدلاً من القرابة، والضمير المنصوب في لا يزيده يحتمل أن يعود الى الرجل أي لا ينفعه نفعا يعتدّ به لعدم حاجته اليه؛ ولأنه لا ينفقه بل هو في حفظه خازن لغيره ولا يضرّه أن(4) أهلكه أي: أنفقه وإن يعود الى الموصُول والزّيادة المنفية هي المعتبرة في نظر(5) العقل النّافعة لصَاحب المال، وحاصل الكلام الأمر بسدّ خلّة الأقرباء بالفضل من المال. (وَمَنْ يَقْبِضْ يَدَهُ عَنْ عَشیِرَتهِ فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْهُ عَنْهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ، وَتُقْبَضُ مِنْهُمْ عنْهُ أَيْدٍ كَثِیرَةٌ

ص: 105


1- ينظر: لسان العرب، مادة (حوط): 7 / 280
2- المصدر نفسه، مادة (شعث): 2 / 161
3- تاج العروس، مادة (خصص): 9 / 269
4- (أي) في أ، م
5- (نطر) في ح، تصحيف

وَمَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَسْتَدُمْ مِنْ قَوْمِهِ الْمَوَدَّةَ) حَاشِية الرَّجُل وناحيته وجانبه وكذلك خدمه واتباعه / ظ 48 /، ولين الحاشية على الأوّل خفض(1) الجناح، ومجانبة الفظاظة والخشونة، وعلى الثاني تعطّف خدم الرجل وتواضعهم للنّاسِ وإن لا يؤذوا ضيفاً وغَيْره وذلك من فروع حسن أخلاق الرّجل وهو من أسباب دوام المودّة، والأوّل أوضح، قَالَ السَّيِدُ (رَضي اللهُ عَنهُ): (الغَفِیرَةُ هاهنا الزِّيادَةُ، وَالْكَثرَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ للجمعِ الكِثرِ ألَجْمُّ الغفِر، وَالجّماءُ الغَفِير.(2) وَيُروى ((وعَفْوَةً منْ أهلٍ أَوْ مالٍ))، وَ العَفْوَةُ الْخِيار من الشَّيْءِ يقال: أكلْتُ عَفْوةَ الطعام، أي: خِيارَهُ(3) هذه الكلمات في بعض النّسخ بعد قوله (عليه السّلَام) (فّلا تكوُنَنَّ لّه فْتنَةً) وليست موجودة في بعضها هاهُنا ولا هناك (وَما أَحْسنَ المعنى الذِي أرَادهُ (عَليهِ السَّلام) بِقَوُلهِ: (ومن يَقْبِضْ يدهُ عَنْ عَشرتهِ...) إلى تمام الکلام فإِنَّ الْمُمْسْكَ خَیْرَهُ عَن عَشرَتهِ، إِنما يُمْسِكُ نَفْعَ

يَدٍ واحدةٍ، فإذا احْتَاجَ إِلَی نُصْرَتِهِمْ، وَاضْطَرَّ إِلى مرافَدَتِهِمْ، قعدُوا عن نصرِهِ،

وَتَثَاقَلوُا عن صَوْته: فَمٌنِعَ تَرَافُدَ الأيدي الكثرة، وَتَنَاهُضَ الأقدامِ الجَمّةِ) كلامه يشعر من المراد من اليد النّعمة والإحسان ويمكن إرادة الجارحة وإن كان المُراد بقبضها منع المعروف، والمرادفة المعاونة(4)، وتناهُض الأقدام تشاركها في القيام بنصره وأداء حقه.

ص: 106


1- (حفض) في أ، ر، تصحيف
2- ينظر: تاج العروس، مادة (غفر): 7 / 316
3- ينظر: لسان العرب، مادة (عفو): 10 / 76، 77
4- ينظر: تاج العروس، مادة (ردف): 12 / 226

ومن خطبة له عليهِ السَّلام)

(وَلَعَمْرِى ما عَلَىَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ خَالَفَ اْلحَقَّ، وَخَابَطَ الْغَيَّ منْ إِدْهَانٍ وَلا إِيهَان) الخبط المشي على غير استقامة وأصله من خبط البعير إذا ضرب الأرض بيده في مشيه ولم يحترز عما يعترض في طريقه(1)، قال بعض الشّارحين: كأنَّه عَليهِ السّلاَم جعل الرّجل والغي متخابطين يخبط(2) أحدهما في الآخر وذلك أشدّ مبالغة من أن يقول خبط في الغيّ؛ لأنّ من يخبط ويخبطه غيره يكونان أشدّ اضطراباً ممن يخبط ولا يخبطه غيره، والإدمان والمُداهنة کالمُصانعة، وقيل: أن تُظْهِر(3) خلاف مَا تُضمر(4) وأوهَنه أضْعفه، ولعلّ المعنى لا أصانعهم(5) في القتال ولَيسُوا بمضعفين لي وليس عليَّ في قتالهم عجز (فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَفِرُّوا إِلَ اللهَ مِنَ اللهِ) أي: فروّا من غضب الله وعذابه الى فضله ورحمته، ولا تلجؤوا إلى غيره، وما ذكره بعض الشّارحين من أنّ لهذا الفرار ثلث مراتب الفرار من بعض الآثار الى الآثار كالفرار من الغضب إلى الرّحمة، والتّرقي من مشاهدة الأفعال الى مصَادرهَا وهي الصّفات وعن مقام الصّفات الى الذّات(6) فتعّسفه(7) (واضح)(8) (وَامْضُوا في الذِي نَهَجَهُ لَكُمْ ولكم

ص: 107


1- سبق تخريج معناه في صحيفة رقم 15
2- (بخبط) في أ، ح، ر، ع، م، تصحيف
3- (يظهر) في ث، م، تصحيف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (دهن): 13 / 162
5- (صانهم) في أ، ع
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 14، 15
7- (فتعسف) في ع
8- (واصح) في ح، تصحيف

قُومُوا بِمَا عَصَبَهُ بِكُمْ، فَعَليٌّ ضَامِنٌ لِفَلْجِكُمْ آجِلاً إِنْ لَمْ تمْنَحُوهُ عَاجِلاً) نهج کمنع وضحَ وأَوضح، وعَصَبهُ بكم أي: ناطه وقرنه بکم کالعَصابَة يشدّ بها الرأس(1)، ويقال: عصَب الريق فاه أي لصق به(2)، والعَصْب أيضاً (الفَتْل(3)، والعَصّاب(4) الغزال)(5)، والفلج بالفتح (الظّفر والفوز)(6) وفي المثل (مَنْ

يَأْتِ اْلحكمَ وَحْدَهُ يَفلُجُ)(7) والاسم الفُلْج بالضّم، والمَنْح (العَطاء)(8) مَنَحَهُ

كمَنَعَهُ، (والاسم المِنْحَةُ بالكسر وهي العطية)(9).

ومن خطبة له (عليه السلام) وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن

وهما: عبيد الله بن عباس(10)،

ص: 108


1- ينظر: الصحاح، مادة (عصب): 1 / 183
2- ينظر: لسان العرب، مادة (عصب): 1 / 607
3- (القتل) في ث، تصحيف
4- (عضاب) في ر
5- لسان العرب، مادة (عصب): 1 / 604
6- القاموس المحيط، مادة (فلج): 1 / 203
7- جمهرة الأمثال: 2 / 220، و لسان العرب، مادة (فلج): 2 / 347
8- الصحاح، مادة (منح): 1 / 608
9- المصدر نفسه، مادة (منح): 1 / 408
10- عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، أمة لبابه بنت الحارث بن حزن الهلالية، يكنى أبا محمد، رأى النبي وسمع منه، كان أميراً، شریفاً، جواداً، استعمله الخليفة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) على اليمن، ولما بعث معاوية بسر بن ارطاة إلى اليمن قتل ولدا عبيد الله وهما عبد الرحمن، وقثعم، اختلفوا في سنة وفاته، فقيل توفي سنة (58 ه)، وقيل سنة (87 ه). ينظر: المحبر: 17، وتاريخ الطبري: 4 / 104، 105، والاستيعاب: 3 / 1009، وسير أعلام النبلاء: 3 / 513، 514

وسعيد بن نمران(1) لما غلب عليهما بسر بن أرطاة(2) فقام إلى(3) المنبر ضجراً بِتَثاقُل أصحابه عن الجهاد، ومخالفتهم له في الرأي فقال: (عَليهِ السّلاَم) هذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين (عليهِ السّلَام) بعَد فراغه من صفيّن وانقضاء أمر / و 49 / الحكمين والخوارج، والتواتر التّتابع(4) مطلُّقا أو(5) مع فترات کما ذكره الجوهري، وقال: إذا لم يكن بين الأشياء فترة فمتابعتها مواصلة ومداركة(6)، ويقال: (واتَرْتُ الكُتُبَ فَتَواتَرَتْ أي (جاءت)(7) بعضها في إثْر

ص: 109


1- سعید بن نمران الناعطي الهمداني، أدرك حياة النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، شهد اليرموك، وسار الى مدداً لأهل القادسية، وكان من أصحاب الإمام علي (رضي الله عنه) فاستكتبه، وضمه الى عبيد الله بن العباس حين ولاه اليمن، وهو من أصحاب حجر بن عدي وقد سيره زياد الى الشام معه فأراد معاوية قتله مع حجر فشفع له حمزة بن مالك الهمداني فخلى سبيله، فرحل إلى جرجان، ثم استقضاه مصعب بن الزبير عندما تولى الكوفة، ثم عزله مات سنة (70 ه). ينظر: الطبقات الکبری، ابن سعد: 6 / 84، والاستیعاب: 2 / 929، وأسد الغابة: 2 / 316، الإصابة: 3 / 212، و الأعلام: 3 / 103
2- بسر بن أرطاة، وقيل بن أبي أرطاة العامري القرشي، واسم أبي أرطاة عمير، وقيل عويمر بن عمران بن الحليس بن سیار بن نزار بن معيص بن عامر بن لؤي، وكنية بسر أبا عبد الرحمن، سیره معاوية إلى الحجاز واليمن ليقتل شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) فهدم من بيوتهم في المدينة وأغار علی همدان باليمن وسبيي نساءهم، فكن أول مسلمات سبين في الإسلام، شهد صفين مع معاوية، و ولاه معاوية على البصرة سنة (41 ه)، ثم ولاه البحر فغزا الروم سنة (50 ه) وقيل مات في دمشق، وقيل بالمدينة سنة (86 ه). ينظر: الاستیعاب: 1 / 156 - 165، و أسد الغابة: 1 / 180، 179، و سير أعلام النبلاء: 3 / 409، 410، والإصابة: 1 / 421، 422، والأعلام: 2 / 51
3- (على) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 280، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 57
4- (الشايع) في ع، تحریف
5- (و) في أ، ر، ع
6- نص متصرف به، ينظر: الصحاح، مادة (وتر): 2 / 893
7- (جائت) في ح

بَعْضٍ وِتْراً وِتراً)(1)، وقد طعن على السيّد في كلامه هذا وعدوا ذلك مِمَّا تغلط فيه الخاصّة(2)، وقد فسر بالتتابع(3) مطلقاً كما ذكرنا ولا دليل على عدم وقوع الفترات بين الاَخْبار ومع قطعِ النّظر عنهم فالمجال في التّوسعِ وسِيعٌ، وبُسر(4) بن أرطاة [أو أبي](5) أرطاة هو الذَّي بعثه معاوية وأمره أن يأخذ طريق الحجاز ومكةّ والمدينة حتى ينتهي إلى اليمن وأن يقتل شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلَام) حيث كانوا فأغار على أعماله (عليه السّلَام) وقتل من قتل، وقد ذكر قصته الشّارح عبد الحميد بن أبي الحديد(6) قال: ودعا عليهِ علياً (عليه السّلَام) بأن لا يُميتَهُ الله حتّى يسلبه عقله(7)، ولعنه [و](8) لعن معاوية وعمرو(9) فلم يلبث بعد ذلك إلَا يسيراً حتّى ذهب عقله(10) وكان (یهذي)(11) ويقول: أعطوني سيفاً أقتل به ولا يزال(12) يردد ذلك حتّى اتخذوا له سيفاً من خشب وكانوا يدنون منه المرفقة فلا يزالُ

ص: 110


1- الصحاح، مادة (وتر): 2 / 843
2- ينظر: درة الغواص في أوهام الخواص، الحريري: 62 - 68
3- (بالتبابع) في أوفي ع: (بالتیایع)
4- (یسر) في ث، تصحيف
5- [أو أبي] ساقطة من ث، ر، ع، م
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 2، 287 / 3 - 15
7- رواه ابن أبي الحديد عن أبي الحسن المدائني: ينظر شرح نهج البلاغة: 2 / 10
8- [و] ساقطة من ر، م
9- رواه ابن أبي الحديد عن أبي الحسن المدائني: ينظر شرح نهج البلاغة: 2 / 15
10- ينظر: أسد الغابة: 1 / 180، وسير أعلام النبلاء: 3 / 410، و الإصابة: 1 / 422
11- (يهدي) في ث، ح، ع، تصحيف
12- الافصح: ما يزال

يضربها حتى يغشى عليه فلبث كذلك [الى](1) أن مات(2) لعنهُ الله. وحکی في الاستيعاب(3) کشفه العورة في صفين اتباعا(4) لأثر عمرو بن العاص لمّا صرعه علي (عليهِ السّلَام). والضَّجَرُ بالفتح (القَلَقَ مِنَ الغَمّ)(5) يقال: ضجر به ومنه فهو ضجر بالكسر فيهما، والتثاقل ترك النّهوض بَعْدَ الاستنهاض (مَاهِيَ إلَّا الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا وَأَبْسُطُهَا، إِنْ لَمْ تَكُونْي(6) إِلَ أَنْتِ تُهَبُّ أَعَاصِرُكِ فَقَبَّحَكِ اللهُ!) الضمير راجع الى مَا علم من المقام أي: ما مملكتي الا الكوفة ويحتمل أن يكون للقصّة و(أقبضها) خبراً عن الكُوفة أو عن مبتدأ مقدر أي: أنا أقبضُها والمراد بالقبض والبسط وجوه التّصرف فيها كما يتصرف الانسان في ثوبه أي: ما أصنع بتصرّفي فِيها مع حقارتها ويحتمل أن يكون المراد عدم التّمكن التّام من التّصرف فيها لنفاق أهلها كمن لا يقدر على لبس ثوب مثلاً بل [على](7) قبضه وبسطه وفي قوله (عليهِ السّلاَم) (إن لم تكوني) التفات(8) إلى الخطاب كأنهَّا حضرت بعد ذكرهَا، والخبر محذوف أي: إن لم تكوني عُدّة لي وحظاً(9) من الملك كما قيل، أو إن لم تكوني موصوُفة بأحد من وصفي الانفراد والاجتماع مع غيرك إلاَّ بوصف الانفراد وجُمْلة

ص: 111


1- [الى] ساقطة من ر
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 15
3- ينظر: الاستیعاب: 1 / 165
4- (انباعا) في أ، تصحيف
5- الصحاح، مادة (ضجر): 2 / 719
6- (يكن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 280
7- [على] ساقطة من أ، ر، ع
8- (الثقات) في ع
9- (خطا) في أ، ر، ع، تصحیف، وفي ث: (وحطاً) تصحيف

(تهب أعاصيرك) في موضع الحال، ويحتمل أن يقدّر المستثنى منه حال من الأحوالِ أي: (إن لم تكوني على حالٍ إلاّ أن تهبَ فيك الأعاصير دون أن يكون فيك من يستعان به على العدّو)، والإعصار ريح تهبّ وتمتدّ من الأرض کالعُمود(1) نحو السماء، وقيل كلّ ريح فيْهَا العصار وهو الغبار الشّديد، والكوفة موضع الرّياح والأعاصير فيحتمل أن يكون المراد ذمّه بذلك، أو هبوب الإعصار فيها كناية عن اختلاط النفاق بآراء أهلها الفاسدة وإثارتها الفتن والفساد كما أن الإعصار يثير(2) التراب ويفسد الأرض وغيرها ويؤذي النْفوسَ، وقبحه الله بالتخفيف أي: نحَّاه عن الخير فهو من المقبوحين والتشديد(3) کما في النّسخ يدل على الشدّة وتمثَل:

لَعَمْرُ أَبيكَ الْخَيْرُ يَا عَمْرُو إِنَّنِي *** عَلَی وَضَرٍ مِنْ ذَا الْإِنَاءِ قَلِيلِ

تمثل أي أنشد، والوضر بالتحريك (الدَرَنَ والدَسَم)(4) وما يشمة الإنسان من ريح يجدها مِنْ طَعامٍ فاسد وغسالة القصعة وغيرها(5)، واللّطخ(6) من زَعفرانٍ ونحوه، أي لم بيق لي ما ينتفع به / ظ 49 /، وفي بعض النّسخ الالاّء باللاّم وهو کَسحاب (شجر مر دائم الخضرة)(7)، قيل: أي لا أنتفع من الدنيا إلاّ كما ينتفع(8) النّاظر إلى ذلك الشجر من حسن منظره دُون ثمره والأوّل

ص: 112


1- (کالعود) في ع
2- (تثير) في م
3- (والتسديد) في أ، ع، تصحيف
4- الصحاح، مادة (وضر): 2 / 846
5- ينظر: الصحاح، مادة (وضر): 2 / 846
6- (اللظح) في ر، م، تصحيف
7- تاج العروس، مادة (الاء): 1 / 107
8- (ينفع) في أ

أظهر، ثم قال (عليهِ السّلَام): (أُنْبِئْتُ بُسْراَ قَدِ اطَّلَعَ اليَمَنَ، وَإِنّ وَاللهِ لَأَظُنَّ

هَؤُلاءِ الْقَومَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ بِاجْتِماعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ؛ وَطَاعَتِهِمْ إِمامَهُم في الْبَاطِلِ، وَبِأَدَائِهمُ الْأَمَانَةَ إِلى

صَاحِبِهِمْ وخيانتكم، وَبِصَلَحِهِمْ في بِلَدِهِمْ وَفَسَادِكُمْ، فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ

عَلَى قَعْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِهِ.) أُنْبِئْتُ على صيغة الأفعال، وفي بعض النّسخ على صيغة التفعيل، والاطلاع الإشراف من مكانٍ عالٍ، والمراد غلبته وإغارته على أهلها ويُدالوُن منكم أي: يعطهم الله الغلبة علیکم وكانت الدّولة لهم، ولعلّ المُراد بالحقّ الذّي تفّرقوا عنه تصّرفهم في الفيء والغنائم وغيرها بإذن الإمام، فالتّفرق غير معصية الإمام في الحقّ وأداء الأمانة الوفاء بالعَهْد و البيعة أو مطلقاً، والصّلاح في البلاد ترك التعرض لأموال النّاس ونُفُوسهم وتهيج(1) الفتن، والقَعْبُ(2) بالفتح (قَدَح مِن خَشَب مُقَّعرٌ)(3)، والضّمير في (يذهب) يمكن أن يرجع إلى (الاحد) فطمعه(4) في العلاقة مع حقارتها يدّل [على](5) دناءته وشدّة خيانته، وأن يعود الى القعب(6) فيكون من قبل قولهم: ذهب الأسير بأسْرهِ (اللَّهُم إِنِّ قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّونِي، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي، فَأَبْدِلْني بِهِمْ خَرْاً مِنْهُمْ، وَأَبْدِلُهْمْ بي شَرّاً مِنّي! اللّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ

ص: 113


1- (وتهج) في ر، تحریف
2- (العقب) في م
3- الصحاح، مادة (قعب): 1 / 204
4- (فطعمه) في أ، ع، تحریف
5- [على] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
6- (العقب) في أ، ع، تحریف

كما يُمَاثُ اْلمِلْحُ في اْلمَاءِ) سئمت من الشّيء وسئمته(1)، ومَللْت منهُ مَلِلَتْه بكسر العين فيهما بمعنى وهو إعراض النّفس عن الشيّء وانقباضه لكلالٍ أوجهه منفرة، ومُث قلوبهم بضمِ الميم في أكثر النّسخ وفي بعضها بكسرها وهُما بمعنی تقول(2): مُثتُ(3) الشّيء في الماء أمُوثه و أمِيثه إذا دُفتَه فيه أي: بللته لَيِذُوبَ(4)، وَذلك الموث یکون بالابتلاء بالغم والبلايا، والمراد بمن هو خير منهم أمّا أصحاب مُطيعون سامعُون بُراء من النفاق والشّقاق ويناسبه تمنّي الفوارس من بني فراسِ أو النبيّون(5) والصّديقُون والشّهداء والصّالحُون و حَسُن أولئك رفيقا وقد مرّ في كلامه (عليه السّلاَم) (واللهُ لاَبن أبي طالبٍ آنسُ بالمَوتِ مِنَ الطّفلِ بِثَدي أُمِهِ)، والتّفضيل(6) في الصّيغتين(7) على التّسليم والبناء على [زعم](8) المخاطبين(9) ومَا يلوُحُ من أفعالهم أو الكلام من قبيل قوله تعالى: «أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(10)، وقوله عز وجل: «قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ»(11)،

ص: 114


1- (سمته) في أ
2- (يقول) في ر، م، تصحيف
3- (منثت) في أ
4- ينظر: لسان العرب، مادة (موث): 2 / 192
5- (البنيون) في ر، تصحيف
6- (التفصيل) في ث
7- (الضيغتين) في ر، تصحيف
8- [زعم] ساقطة من أ، ع
9- (المحاطبين) في ر، تصحیف
10- فصلت / 40
11- الفرقان / 15

والصيغة تكونُ(1) لأثبات الفضل فيكون المراد من فيه خير ومن فيه شرّ ويمكن حمل الكلمة الأولى [على الحقيقة](2) لعدم خلو الإنسان عن الخير بأسره وإن غلب شره وخلا عن خير يعتدّ به والدّعاء بتسلّط(3) أهل الشرّ عليهم لليأس من عودهم إلى الصّلاح کما دعا نوح (عليه السّلاَم) «رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا»(4)، وفيه فائدة رجوع من لم يطبع [الله](5) على قلبه منهم وينفعه الترهيب (أَمَا وَاللهِ لَوَدَدْتُ أَنَّ لي بِكُمْ أَلْفَ فارِسٍ مِنْ بَني فِرَاسِ بنِ غَنْمٍ) وددت بالكسر أي: تمنيّت، وبالفتح أحَببت، وفي النّسخ بالكسر، وبنو فراس(6) حي من بني كنانة مشهود بالشجّاعة منهم علقمة بن فراس(7) المشهُور بحامي الظّعن حيّا ومّيتاً عرض له فُرسان بني سليم / و 50 / ومعه

ص: 115


1- (يكون) في أ، ر، ع، م
2- [على الحقيقة] ساقطة من أ، ث، ع، م
3- (يتسلط) في ث، م
4- نوح / 26، 27
5- [الله] ساقطة من ر
6- هم بطن من كنانة يعود نسبهم إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان، كانوا على غاية من الشجاعة والفروسية، من ديارهم بزرة، أقاموا بمصر، وأوقعت بني فراس ببني سليم ببزرة. ينظر: معجم قبائل العرب: 3 / 911
7- علقمة بن فراس بن غنم بن ثعلبع بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركه، لقب ب(جذل الطعان) أي كأصل الشجرة لثباته للطعان وشهرة حامي الظعن التي نسبها اليه ابن کلستانه هي في الحقيقة لأحد أحفاده وهو ربيعة بن مکدم بن عامر بن جدبان بن جذيمة بن علقمة. ينظر: أنساب الأشراف: 11 / 89، 138، و جمهرة أنساب العرب: 188، و إكمال الكمال، ابن ماکولا (ت 475 ه): 2 / 65

ظعائن وهي الهوادج من أهله يحميها وحده فرماهُ نُبيشّة(1) بن حبيب(2) بسهم أصاب قلبه فنصب رمحه في الأرض واعتمد عليه وهو ثابت في سرجه لم يزل ولم يمل واشار الى الظّعائن بالرّواح فسرن حتی بلغن(3) بيوت الحي وبنو سليم قيام بإزائه يظنونه حيّا حتى قال قائل منهُم: لا أراه إلا ميّتاً، ولو كان حيا لتحّرك إنّه والله لماثل(4) ثابت(5) على هيئة واحدة لا يرفع(6) يده ولا يحرك رأسه فلم يقدم أحد منهم على الدنوّ منه حتى(7) رموا فرسه بسهم فوقع وهو ميّت، وفاتتهم الظّعائن، كذا قال بعض الشّارحین(8)، وقال بعضهم: هم الروّم(9) ولعلّ الصّحيح هو الأول.

هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ *** فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الحَمِيمِ(10)

ثم نزل (عليهِ السَّلام) من المنبر.

ص: 116


1- (بنيشة) في أ، ر، ع، م، تصحيف
2- نبیشة بن حبيب بن عبد العزى السلمي فارس عربي من الجاهلية، كان مع امرئ القيس حين خرج الى قيصر ملك الروم وهو الذي قتل ربيعة بن مكدم. ينظر: أنساب الأشراف: 11 / 65، والروض المعطار في خبر الأقطار، محمد الحميري (ت 900 ه): 490، والأعلام: 8 / 8
3- (بلعن) في ر، تصحيف
4- (لمائل) في ث
5- (رابت) في أ، ر، ع، م، تحریف، وفي ث: (وابت)
6- (لا ترفع) في أ، ع
7- (على) في أ، ع
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 288، 289
9- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 197
10- أساس البلاغة: 374، وروى العجز صاحب الأصفهاني، وابن منظور (رجال مثل أرمية الحميم) الأغاني: 21 / 148، ولسان العرب: 14 / 337

البيت لأبي جندب الهذلي في أبيات أوّلها:

أَلا يا أمُ ذَنباع أَقيِمْى *** صُدُوَر اْلعَيْسِ نَحو بَنى تَميْمٍ(1)

والعِيس بالكسر الإبل البيض يخالط بياضها شقرة(2)، قال السيّد: (الاْرْمِيَةُ: جمع رَمِىٍّ؛ وهو السحابُ. والحميمُ هاهنا: وقتُ الصَّيفِ، وإِنما خصَّ الشاعر سحاب الصيفِ(3) بالذِّكر لأنه أَشدُّ جفُولًا، وَأَسرعُ جُفُوفاً(4)، لأنه لا ماءَ فيهِ، وإنما يكون السحابُ ثَقْيلاً) وفي بعض النّسخ (ثَقِيلَ السَّیْرِ لامْتِلائِهِ بالماء؛ وذلك لا يكون [في الأكثرِ إلا](5) في أَزمْانِ الشّتاءِ؛ أراد(6)

وصفَهُمْ(7) بالسْرُّعةِ إذا دُعُوا، و الإغاثةِ إِذا اسْتُغِيثوا، والدليل(8) عليه(9) قَولهُ: هُنالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ

الجُفوُل بالضّم الِاسْراعُ(10) كالُخفوُف العجلة(11) وَالرَّمِىُّ كَغِنىَ (السَّحابَةَ

ص: 117


1- رواه الأصفهاني: (أقول لأم زنباع أقيمي صدور العيس شطر بني تميم) الأغاني: 21 / 148
2- ينظر: الصحاح، مادة (عیس): 3 / 954
3- (الضيف) في ر، تصحیف
4- (خفوفاً) في أ، ع، تصحیف، وفي ث، م: (جفولا)
5- [في الاكثر الا] ساقطة من ث
6- (آزاد) في م، تصحيف
7- (اراد الشاعر وصفهم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 281، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 58
8- (والذليل) في أن تصحيف
9- (والدليل على ذلك) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 281، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 58
10- ينظر: لسان العرب، مادة (جفل): 11 / 114
11- ینظر: لسان العرب، مادة (خف): 9 / 81

العظيمة القطر الشّديدةُ الوقع من سحائب الحميم والخَريف)(1)، والحَميمُ القيظ(2) والمَطرُ الذَّي يأتي في شدة الحر أيضاً.

وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلاَمُ)

(إِنَّ اَللهَ سُبحَانَهُ بَعَثَ(3) مَحُمَّداً صَلىَّ اَللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ(4) نَذِيراً لِلْعَالَن وَأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيِل، وَأنْتُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ عَلَىَ شَرِّ دِينٍ، وَفِي شَرِّ دَار، مُنِيخُونَ بَیْنَ حِجَارةٍ خُشْنٍ، وَحَيَّاتٍ صُمٍّ) النذير فعيل بمعنى مُفعِل كالبديع، ويكون مصدراً، يقال: اَنذَرهُ بالأمر نذير أي: اعلمه وخوفه وحذّره في إبلاغه، و(المعشر: الجماعة)(5) وهو في أكثر النّسخ منصوب بحذف حرف النّداء وهو أصحّ والجملة في موضع الحال، والمراد بشرِّ دار البوادي لأن أكثرهم(6) كانوا يسكنونها ثمّ فتح الله عليهم البلاد والرّيف(7)، والإناخة(8) بين الأحجار والحّيات کَالتفسير لهُ، وقيل الدّار دار الجاهلّية وهو بعيد وكَون المراد به البلاد من حيثُ إنّهم كانوا يعبدُون فيها الأصنام لا يخلوا عن بعد وَ(أَنخْتُ

الجَملَ فاسْتَناخَ: أَبْركتُهُ فَبَرَكَ)(9) والإناخة كناية عن الإقامة و(النّوخة:

ص: 118


1- الصحاح، مادة (رمی): 9 / 2363
2- (الفيظ) في ر، تصحيف
3- (إنَّ الله بعث) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 16، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 59
4- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 16
5- لسان العرب، مادة (عشر): 4 / 574
6- (أكثر) في ر، تحریف
7- (الزيف) في ر، تصحيف
8- (والاناحة) في ر، تصحيف
9- الصحاح، مادة (نوخ): 1 / 434

الإقامة)(1)، والحجارة والحيات أمّا محمُولة على الحقيقة وكذلك الصّمم في الحّيات أو الحّية(2) الصّماء التّي لا تنزجر كأنهَّا لا تسمع أو التّي سَّمها في غاية الحدّة لاستيلاء الحرارة واليبس(3) أو المراد بهماَ الأعداء الأشدّاء في الخصَامِ (تَشْرَبُونَ الكَدِرَ، وَتّأْكُلُونَ الْجَشِبَ، وَتَسْفِكُونَ دِمَاَءكُمْ(4)، وَتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُم. الْأَصْنامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، وَالْثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ.) الكدورة ضدّ الصّفا(5)، ومياه العرب أكثرها الآبار والغدران المكدّرة بالرياحِ و ورودهم عليها، والجَشِب بكسر الشّين الطّعام(6) الغليظ أو الذّي لا آدامَ معَهُ وطَعام أهل البرّ كل ما دبّ ودرج، ونَصْب(7) الشّيء اقامته، ومعصوبة أي: مقرونة بکم کالعصّابة بالرأس أو مفتولة كما تقدّم.

منهَا (فَنَظَرْتُ فَإذا لَيْسَ لِي مُعِنٌ إِلَّا أهَل بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْت، وَأَغْضَيْتُ عَلَىَ اْلقَذَى، وَشَرِبْتُ عَلَى الشَّجَى، وَصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَم / ظ

50 /، وَعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقم) هذا الفَصْل من كلام ذكر فيه [(عليه السّلاَم)](8) حاله بعد بيعة السّقيفة وهو من الكلمات الصرّيحة في التّظلم، وقد روى الجمهُور قوله (عليه السّلَام): ((لو وجدت أربعين ذوي عزمّ لناهَضْتهم

ص: 119


1- لسان العرب، مادة (نوخ): 3 / 65
2- (الحيات) في أ، ع
3- ينظر: لسان العرب، مادة (صمم): 12 / 344، 345
4- (دمائكم) في أ
5- ينظر: العين، مادة (کدر): 5 / 325
6- ينظر: تاج العروس، مادة (جشب): 1 / 367
7- (نضب) في ع
8- [(عليه السلام)] ساقطة من ع

أو لَقاتَلتهْم)) وكانت مدّة تأخرّه (عليه السّلَام) عن(1) البيعة على ما رواه البخاري(2) ومسلم(3) وغيرهما ستّة أشهر، [و](4) قيل غير ذلك، وضنِنْتُ به کعلمت وضَربت أي: نجلت لمكانه مني وموقعه عِندي، وفي النسخ بالكسر، والإغضاء(5): إطباق الجَفْن(6) و القذى(7) مايسقط في العين فيؤذيها(8) والشجي ما يعترض في الحلق فلا يسغ الانسان معه الشراب(9)، والكَظَم بالتّحريك مخرج النفس من الحَلق(10)، و (العَلْقَمُ شجرٌ مُرٌّ، ويقال للحنظل وكلِّ شيءُ مرٍّ عَلْقَمٌ)(11). ومنها (وَلْمَ يُبَايِعْ حتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً. فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ المُبَايِع(12)، وَخَزِيَتْ أَمانةُ المُبْتَاع!) البيعة والمبايعة المبايعة عبارة عن المعاقدة

ص: 120


1- (على) في أ، تحریف
2- ينظر: صحيح البخاري: 5 / 83، والبخاري هو: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي ويكنى أبا عبد الله، محدث، حافظ، فقیه، مؤرخ، ولد سنة (194 ه) رحل في طلب العلم إلى سائر الأمصار فذهب إلى الحجاز والشام ومصر، ومن مؤلفاته: الجامع الصحيح: التاريخ الكبير، خلق افعال العباد. الانساب: 1 / 293، وسیر اعلام النبلاء: 12 / 391، 392، و الوافي بالوفيات: 2 / 148، ومعجم المؤلفين: 9 / 52، 53، و الاعلام: 6 / 36
3- ينظر: صحیح مسلم: 5 / 154
4- [و] ساقطة من ع
5- (الاعضاء) في أ، ع، تصحيف
6- ينظر: لسان العرب، مادة (غضی): 15 / 128
7- (القدي) في ث، تصحيف
8- (فيوديها) في ع
9- سبق بيان معناهما عند اللغويين في صحيفة رقم 39
10- لسان العرب، مادة (كظم): 12 / 520
11- الصحاح، مادة (علقم): 5 / 1991
12- (المبائع) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 49، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 60

في النّصر والطّاعة (مأخوذة)(1) عن البيع وهذا الفصل من اقتصاص بيعة عمرو بن العَاصِ لمعاوية، والثمن الذي أعطاه معاوية ولاية مصر، والمبايع في أكثر النّسخ على صيغة الفاعل من باب المفاعلة، وفي بَعضِهَا (البايع) بغیر ميم و الظّاهر أن المراد به عمرو فإنَّه بایع معاوية وباع دينه ونفسه بالثمن الذّي هو ولاية مصر و المبتاع معاوية أي: الذَّي قبل البيع أو البيعة اسم فاعل من باب الافتعال، وخزی فلان أي: ذلّ وهان أو وقع في بلية وشهرة فذلّ بذلك وأخزاه الله أي: فضحه وأمانة المبتاع مَا أفاء اللهُ [...](2) على المُسلمين من المال والبلد وذلّتها إنَّها جعلت ثمناً للبيعة التّي علما ببطلانها أو المراد بالأمانة معناهَا الحقيقي بناء على زعم المبتاعين وفي الظّاهر وذلّتها بظهورِ الخيانة أو الذلّة لسُوء العاقبة وهو توبيخ للمبتاع کما قيل أو دعاء وهو المناسب للظّاهر من القرينة السابقة، وقال بعض الشّارحين: البايع يعني بغیر میم معاوية والمبتاع عمرو(3)، ولعله(4) جعل البيع بمعنى الاشتراء وهو من الأضداد والمبتاع اسم مفعُول واضافة الأمانة اليه بيانية أو لامية والمراد بالأمانة دينه الذي باعه بالدنيا أو نفسه أو معناهَا الحقيقي وبعده واضح روى أنّه لَما دعا معاوية عمرو بن العاص بإشارة عتبة بن أبي سفيان(5) في

ص: 121


1- (مأخوذة) في ح، تصحيف
2- [ما أفاء اللهُ] زيادة مكررة في أ، ث، ح، ر، ع
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 49
4- (لعله) في أ
5- عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، اخو معاوية بن أبي سفيان بن أبي حرب من أمه وأبيه، ويكنى أبا الوليد، ولد على عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وكان فصيحاً خطيباً، ولاه الخليفة عمر الطائف وصدقاتها، ثم ولاه معاوية مصر حين مات عمرو بن العاص، فأقام عليها سنة وتوفي بها ودفن في مقبرتها سنة (44 ه)، وقد شهد عتبة صفين مع معاوية، كما شهد الجمل مع عائشة. ينظر: الاستيعاب: 3 / 1026، 1025، و اسد الغابة: 3 / 361، 362، و الوافي بالوفيات: 19 / 292، والاعلام: 4 / 200

استعانته(1) به فإجابه عمرو بعد الترّدد، قال له معاوية: أدعُوك إلى جهاد(2) هذا الرّجل الذّي عصى الله(3) وشق عصا المسلمين، وقتل (الخليفة)(4) وأظهر الفتنة فقال عمرو: من هو؟ قال: علي، فقال: والله يا معاوية ما أنت وعلي حملي(5) بعير ليس لك هجرته ولا سابقته(6) ولا صحبته ولا جهاده و[لا](7) فقهه ولا علمه، فما تجعل لي إن شايعتك على حربه وأنت تعلم ما فيه من الغرر والخطر؟ قال: حُكمك، فقال: مصر طُعمة، فتلّكأ عليه [معاوية](8) وقال: إنَّي أكره أن تتحدث العرب عنك أنّك إنما دخلت في هذا الأمر لغرض الدنيا فقال: دعني عنك، وأنشأ يقول:

مُعاوِي لا أعُطْيِكَ دْينْي وَلَمْ أَنَلْ *** بِه مِنْكَ دُنيا فأنْظَرُنَ كَيْفَ تَصْنَعَ(9)

إلى آخر الابيات(10)، ثم [قال](11) عتبة بن أبي سفيان لمعاوية: أما ترضى

ص: 122


1- (واستعانته) في ر
2- (الجهاد) في ح
3- (الله) ساقطة من ر
4- (الحليفة) في ح، ر، تصحيف
5- (حمل) في ع
6- (سنابقته) في ث. وفي ر: (سابقه)
7- [لا] ساقطة من أ، ع
8- [معاوية] ساقطة من أ
9- البيت في البحر الطويل، عيون الأخبار: 1 / 277، وربيع الأخبار ونصوص الأخبار: 2 / 11، ومروج الذهب ومعادن الجواهر: 2 / 354
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 53، ينظر: وقعة صفين: 39
11- [قال] ساقطة من أ، ع

أن تشتري عمرو بمصر إن هي صَفت لك! لَيتك لا تُغلب على الشّام، فقال یا عتبة: بت عندنا الليلة فلّما جنّ الّليل على عتبة رفع صوته ليسمع معاوية وقال:

أيَّها المانِعُ سيفاً لم يهز *** إنَّما مِلْتَ عَلى خَزٍّ وَقَزُّ

إنَّما أَنْتَ خَروُف ماثِلٌ *** بين ضَرْعينِ وصُوفٍ لم يُجزُّ

أعْطِ عَمرواً إنَّ [عَمرواً](1) تَارِكٌ *** دِينَهُ اليَوْمَ لَدِنيا لْمَ تُزْ

أَعْطِه مْصِراً وَزدهُ مِثْلَها / و 51 / *** إنَّمِا مِصرٌ لِمَنّ عز فبز(2)

في أبيات فلما سمع معاوية قوله أرسل إلى عمرو، فأعطاه مصراً، فخرج عمرو من عنده، وقال له ابناه ما صنعت؟ قال: أعطاني مصر طعمة، فقالا: وما مصر في ملك العرب! قال: لا أشبع الله بطونكما إن لم تشبعكما(3) (فَخُذُوا للِحَرْبِ أُهبْتَهَا، وَأعِدُّوا [لَها](4) عُدَّتَهَا، فَقَدْ شَبَّ لَضَاهَا، وَعَلاَ سَنَاهَا)، وفي بعض النّسخ (وَاسْتَشْعِرُوا الصَّبرَ، فَإِنَّهُ أَدْعَى [إِلى](5) النَّصرْ)(6) الحرب مؤنَث وقد يذكرّ، الأهُبة بالضّم العدّة، وأعده لأمرٍ هَيأهُ له، والقرينة الثّانية کالتأكيد، وشَّبت النّار وشبت أوُقَدت لازم، متعدّ، وفي أكثر النّسخ بصيغة

ص: 123


1- [عمرواً] ساقطة من ع
2- البيت من البحر الرمل، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 54
3- ينظر: المصدر نفسه: 2 / 52، 54
4- [لها] ساقطة من أ، ع
5- [الى] ساقطة من أ، ع
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 49، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 27

المعلوم، واللَظَى (النّار)(1) أو لَهبها(2)، وعلا ارتفع، والسنا مقصورا (ضوء البرق)(3) أو مطلقاً، (والسناء من الرّفعة)(4) ممدُود واستشعروا الصّبر أي: اتخذوه شعاراً ككتاب وهو الثوب الذّي يلي الجسد؛ لأنَّه يلي شعره وشعار القوم في الحرب علامتهم التّي يتعارفون بها(5)، وذلك على التقديرين من أقوى أسباب النّصر أما على الاوّل فواضح، وأمّا على الثاني فلأن النداء به، وذكره يوجب تذکره وعدم الغفلة عنه، وقال بعض الشّارحين: (يحتمل أن یکون اشتقاقه من الشعّور أي: ليكن في شعوركم الصّبر)(6) وفيه غفلة.

ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)

هذه الخطبة رواها محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله) في الكافي(7)، وقال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: (هذه الخطبة من مشاهير خطبه (عليه السّلام) قد ذكرهَا كثير من النّاسِ، ورواها أبو العبّاس المبرد في أول الكامل(8))(9) (أَمَّا بِعْدَ؛ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبُوابِ الْجَنَةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أوْلِيَائِهِ) أي: الجهاد من أعظم الوَسائل الى الجنّة، وقد روي في الكافي عن

ص: 124


1- الصحاح، مادة (لفظی): 9 / 2482
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (لظی): 6 / 2482
3- المصدر نفسه، مادة (سنا): 6 / 2383
4- المصدر نفسه، مادة (سنا): 6 / 2383
5- المصدر نفسه، مادة (شعر): 2 / 699
6- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 28
7- الاصول من الكافي: 5 / 4
8- ينظر: الكامل في اللغة والأدب، المبرد: 1 / 20
9- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 61

النّبي (صلى الله عليه وآله) إنَّه قال: (للجنّة باب يقال له: باب المجاهدين يمضون اليه فإذا هو مفتوح وهم متقلّدون بسُيوُفهم والجمع [...](1) في الموقف والملائكة ترحب بهم)(2)، وعنه (صلى الله عليه وآله) إنَّه قال: (السّيوف مقاليد الجنّة والنّار)(3)، ولما كان بذل المهجة أعلى مراتب الطّاعة (كان هذا الباب الخواصّ الأولياء، (وَهُوَ لِبَاسُ الْتَّقوْى، وَدِرْعُ اللهِ الْحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ) التّقوى في الأصل الحذر والخشية وشاع في الخشية من الله، والحذر من سخطه، والمراد هاهنا أمّا المعنى(4) الشائع والجهاد ولما كان دافعاً للمضارّ عن الديّن وحافظاً للإيمان الذّي به قوام التّقوى وللمؤمنين کما يدفع مضرة البرد والحر عن الشّخص كان لباساً للتقوى، أو لأهلها على حذف المضاف، أو لما كان القائم بالجهاد حق القيام من يخشى الله ويتقیه کان الجهاد للتّقوی کالّلباسِ للرّجل حيث لا يتجرد عنه، أو للرّجل والاضافة الملابسه خفيّه وحينئذ يمكن أن يكون المضاف مقدراً، وَيحتمل أن يراد بالتقوى الحذر من العدوّ أي بالجهاد يتخلص(5) من شرّ الأعداء(6) كقوله تعالى: «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ»(7)، و(دِرْعُ الحديدِ مؤنَّثةٌ)(8)، وقيل يذكّر ويؤنث(9)،

ص: 125


1- [والجمع] زيادة، مكررة في أ
2- الاصول من الكافي: 5 / 2
3- المصدر نفسه: 5 / 2
4- (المانع) في ر، تحریف
5- (يتحلص) في أ، تصحيف
6- (من شر الاعداء الاعادي) في ح، وفي ث: (الاغداء) تصحيف
7- البقرة / 179
8- الصحاح، مادة (درع): 3 / 1206
9- ينظر: المذكر والمؤنث، السجستاني: 161

ودرعُ المرأة أي: قميصها مذكّر(1) والإضافة كإضافة بيت الله أو المضاف مقدرّ والأوّل أظهر أو من قبيل اضافة العطاء الى المعطي و الصّنعة إلى الصّانع؛ لكونه مفروضاً بأمره صيانة لعبَاده، والجُنّة بالضّم كلّ ما وقاك(2) واستترت به من سلاح وغيره(3)، والحصينة والوثيقة المحكمة(4) و حُصن ککرم أي: (منع)(5) (فَمَنْ تَرَكَهُ أَلْبَسَهُ اللهُ لِباسَ(6) الذُّلِّ)، وفي بعض النّسخ(7)، وفي رواية الكافي (فمن ترکه رغبة عنه)(8)، / ظ 51 / والرّغبة عن الشيء ضدّ الرّغبة فيه، وفي بعضها (ثوب الذّل)، والاضافة بيانية أي: ابتلاء بذل شامل له كالثوب (وَشَمِلَهُ الْبَاءُ، وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَ(9)) وفي رواية الكافي (وفارق(10) الرّضا، (وَدُیثَ)(11))(12) وبعَير مدیّث أي: مذللّ بالرّياضة(13) ضدّ

ص: 126


1- ينظر: المذكر والمؤنث، السجستاني، مادة (درع): 3 / 1206
2- (وقالت) في أ، تحریف، وفي ث: (وقال)
3- ينظر: الصحاح، مادة (جنن): 5 / 2094
4- ينظر: لسان العرب، مادة (حصن): 13 / 119
5- المصدر نفسه، مادة (حصن): 13 / 119
6- (ثوب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 60، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 61
7- منهاج البلاغة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 208، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 60، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 29. 60
8- الكافي: 5 / 4
9- (القماءة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 60، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 61
10- (مارق) في ث، تحریف
11- (دُبِثَ) في ح، تصحيف
12- الأصول من الكافي: 5 / 4
13- ينظر: لسان العرب، مادة (ديث): 2 / 149

صعب، ومنه الديّوث للذّي لا يغار على أهله(1)، وقيل هو سرياني مُعَّرب(2)، والصَغَار بالفتح الذلّ والهوان(3)، أو الصَاغِرُ الرّاضي بالذّل(4)، وقماء الرّجل کجمع وَکَرُم قماءً وقماءة بالفتح فيهما فهو قميءُ أي: صغر وذلّ(5)، والقمی بالقصر کما رواه بعض الشارحين(6) غير موجود في النسخ غير معروف في الّلغة (وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بالْأَسْدَادِ(7)، وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وَسِيمَ الْخَسفَ، وَمُنِعَ النِّصَفَ) الأسداد جمع سدّ أي: سدت على قلبه الطّرق، وعميت عليه المذاهب(8) كقوله تعالى: «وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا»(9)، وفي بعض النّسخ(10) (بالإسهاب)(11) يقالُ: أُسهبَ الرّجل على مَا لم يَسُم فاعله إذا ذهب عقله من لدغ الحيّة، وقيل مطلقاً قال بعض الشارحين: يمكن أن يكون من الإسهاب الذّي هو كثرة الكلام؛ لأنَّه

ص: 127


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (دِیث): 2 / 150
2- ينظر: المعرب من الكلام الاعجمي، الجواليقي (ت 540 ه): 79، ولسان العرب، مادة (دیث): 2 / 150، وتاج العروس، مادة (دیث): 3 / 213
3- ينظر: الصحاح، مادة (صغر): 2 / 713
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (صغر): 2 / 713
5- ينظر: تاج العروس، مادة (قمأ): 1 / 224
6- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 208
7- (بالاسهاب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 60، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 61
8- ينظر: تاج العروس، مادة (سدد): 5 / 12
9- الأنعام / 25
10- معارج نهج البلاغة: 116، و منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 208، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 60، و و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 29
11- (بالاسباب) في أ، تحريف

عوقب بأن يكثر كلامه فيما لا فائدة تحته(1)، ولَعَلَّه من قبيل الإسهاب(2)، والإدَالَةَ النَّصر يقال: أدالَ الله له أي: نَصَرَهُ وأَعطَاهُ الدوّلة، والغلبةُ، وأدالَ منهُ وعليهِ أي: جعله مغلوباً لخصمهِ(3)، وفي بعض أدعية سيّد العابدین (عليه السّلام): ((اللّهُمَّ أَدِلْ(4) لَنا ولا تُدِلْ مِنَّا))(5) و أدِيُل(6) الحَقُّ مِنه أي: جعل مغلوباً للحقّ فيصيبه وخامة العاقبة لخذلانه الحقّ، وقول بعض الشَّارحين: (أي: غلبه عليهِ عدوه)(7) توهَّم، والباء الدَّاخلة على التّضييع للسَّبية لا التَّعدية كالسَّابقين، وسِيمَ على صيغة الماضي المجهول أي: (کُلِّفَ والزِمُ)(8)، والخَسف: (الذلّ)(9)، وقيل: (المشقةَ)(10)، والخَسف أيضاً (النَّقصان)(11) وأما سیّما الخَسف بالألف المقصورة أي : علامته فمن توهم بعض الرّواة، والنِّصف بالكسر الإنصاف أي: العدل أو اسم منه ومنع النّصف أن لا يتمكن من الانتصاف والانتقام بل يظلمه عدوّه وغيره وإرادة الابتلاء بالظلم بعيد (ألَا وَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَی قِتَالِ هَؤُلَءِ الْقَوْمِ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَسِرًّا وَإِعْلَاناً، وَ قُلْتُ

ص: 128


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 62، وفيه: (كأنه عوقب)
2- (الاسباب) في ع
3- ينظر: الصحاح، مادة (دول): 4 / 1700
4- (أذل) في ث، ر، تصحيف
5- ورد الدعاء (... وأمكر لنا ولا تمكر بنا، وأدل لنا ولا تدل منا) الصحيفة السجادية: 44، وحاشية ابن إدريس على الصحيفة السجادية: 140
6- (أذيل) في ر، تصحيف
7- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 29
8- لسان العرب، مادة (وسم): 12 / 312
9- المصدر نفسه، مادة (خسف): 9 / 68
10- المصدر نفسه، مادة (خسف): 9 / 68
11- المصدر نفسه، مادة (خسف): 9 / 68

لَكُمْ؛ اغزُوهُمْ(1) قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ(2)؛ فَوَ الله ما غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دارِهِمْ إِلَّا

ذَلُّوا. فَتَوَاكَلْتُمْ وَ تَخَاذَلْتُمْ؛ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الْأَوْطاَنُ) الغَزو السَّيرُ الى العدوّ للقتال وأصله القَصد والطّلب، وقطّ لا يستعمل أبداً إلاّ بمعنى أبداً، وهو مشتق من القطّ وهو القَطُع كما (يقول)(3): لا أفعله البتة وهو مبني(4) لتضّمنه لام الاستغراق لزوماً لاستغراقه(5) جميع أزمنة الماضي، وأشهر لغاته(6) مفتوح القاف مضموم الطّاء المشدّدة وقد يخفف الطّاء وقد يضم القاف اتباعاً لضمة الطّاء(7) المشدّدة أو المخفّفة، وُعقر الدّار بالضم (أصلها)(8) و (وسطها)(9)، وتواكل القوم اتكل بعضهم على بعضٍ وترك الأمر اليه، وتخاذلوا أي: خذل(10) بعضهم بعضاً وهو ترك العون والنّصُرة، وشُنَّت أي صُبَّت من كلّ وجهٍ متَّفرقة وأمَّا الصَّب من غير تفریق فهو [السَّن](11) بالسّین المهملة(12)، والغارة الخَيل المُغيرة تهجم على

ص: 129


1- (اغروهم) في ث، تصحیف
2- (تغزو كم) في م
3- (يقول) في أ، ث، ح، ر، تصحيف، والانسب ما أثبتناه
4- (منهر) في م
5- (لاستغراق) في ر
6- (لغايه) في أ، ث، ح، ر،ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
7- (التاء) في ع
8- لسان العرب، مادة (عقر): 4 / 596
9- المصدر نفسه، مادة (عقر): 4 / 596
10- (خذ) في أ، ع
11- [السن] ساقطة من أ، ع
12- ينظر: الصحاح، مادة (سنن): 5 / 2141

القوم فتقتل(1) وتنهب وكلمة (على) في (مُلِکت علیکم) تفيد الاستعلاء بالقهر والغلبة أي: أخذوا الأوطان منکم بالاستيلاء والقهر (هذاَ(2) أَخُو غَامِدٍ، قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الْأَنْباَرَ، وَقَدْ قَتَلَ حَسّانَ بْنَ حَسَّان الْبَكْرِيَّ، وأَزَالَ

خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا) غامد(3) قبيلة من اليمن أبوهم غامد(4) وهي الأزَدُ أزَدَ شَنُؤَة(5) و اسم غامد عمر بن عبد الله بن الحارث بن کعب / و 52 / سمي غامداً؛ لأنَّه كان بين قومه شرّ(6) فتغمده وأصلح بينهم، وأخو غامد سفیان

ص: 130


1- (فيقتل) في أ، ث، ع، وفي ر، م: (فتصل)
2- (فهذا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 60، وفي نهج البلاغة، صبحي الصالح: 62 (وهذا)
3- (عامد) في ر، تصحيف
4- (عامد) في ر، تصحيف
5- الأزد من أعظم قبائل العرب وأشهرها، تنسب إلى الأزد بن غوث بن نبت بن مالك بن کهلان من القحطانية، وتنقسم إلى أربع أقسام: أزد شنوءة، وأزد السراة، وأزد غسان، وأزد عمان، وأزد شنوءة ترجع نسبتهم الى کعب بن الحارث بن کعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، وهي مخلاف باليمن، بينها وبين صنعاء اثنان وأربعون فرسخاً، والشناعة مثل الشناعة: البغض، والشنوءة على فعولة: التعزز وهو التباعد من الأدناس . ينظر: الأنساب: 1 / 138، معجم البلدان: 3 / 398، 369، واللباب في تهذيب الأنساب: 1 / 46، ومعجم قبائل العرب: 1 / 14، 15، والأعلام: 1 / 290
6- غامد بن عمر بن عبد الله بن کعب بن الحارث بن کعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد القحطاني جد جاهلي ياني، سمي غامداً؛ لأنَّه تغمَّد أمراً كان بينه وبين عشيرته فستره، فسماه ملك من ملوك حمير غامداً، بنوه قبائل وبطون كثيرة من وأولاده سعد، ومناة، وظبيان، ومالك، منازلهم إلى الآن في جبال السراة، جنوبي الطرائف، مائلة إلى الشرق بین تهامة ونجد، وكانت ديارهم تسمي (راة غامد) وتعرف اليوم ببلاد غامد. ينظر: أسد الغابة: 3 / 16، و لسان العرب، مادة (غمد: 3 / 326، و الأعلام: 5 / 116

بن عوف بن المغفل الغامدي(1)، والأنبار بلد بالعراق قديم ومواضع بين البرّ والريّف(2)، وحسّان(3) كان عاملا من قبله (عليه السَّلام) على الأنبار، والاسم غير منصرف فإنَّ الألف والنّون زائدتان، وهو من الحَسِّ لا من الحُسن(4)، والخَيل الفرسان وكذلك الأفراس، والمسالح جمع مَسلحة وهي الحدود التي ترتب(5) فيها ذَوُو الأسلحة لدفع العدّو کالثّغر(6) روي إنَّ معاوية دعا سفيان بن عوف وقال: إني باعثك في جيش كثيف ذي أداة وجلادة، فالزم جانب الفرات حتى تمرّ بهيت، فإنّ وجدت بهَا جنداً فاغر عليها، وإلاَّ فامضِ حتّى تغير على الأنبار، فإن لم تجد بها جنداً فامض إلى المدائن وَاتَّقِ أن تقرب الكوفة واعلم أنَّك إن(7) أغَرتَ على أهل الأنبار والمدائن فكأنك قد

ص: 131


1- سفیان بن عوف بن المغفل بن عوف بن عمر بن کلب بن ذهل بن سيار الأزدي الغامدي صحب النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، شهد فتح الشام أرسله معاوية في ستة الأف من أهل الشام ليغيروا على هيت والأنبار، فقتل وسبي، واستعمله معاوية على الصوائف، ثم سيره بجيش إلى الروم فأوغل فيها إلى أن بلغ أبواب القسطنطينية فتوفي (سنة 52 ه) في مكان يسمى الرنداق. ينظر: أنساب الأشراف: 2 / 441، 442، و تاريخ مدينة دمشق، ابن عساکر: 21 / 351، الإصابة: 3 / 106، 107، والأعلام: 3 / 105
2- الأنبار مدينة على الفرات في غربي بغداد بينهما عشرة فراسخ، يسمونها الفرس (فیروز سابور)، وكان أول من عمرهاسابور بن هرمز ذو الأكتاف، ثم جددها أبو العباس السفاح، وبنى بها قصوراً وأقام بها الى أن مات، وقيل سميت الأنبار لأنَّ الأكاسرة اتخذوها مخزناً للحنطة والشعير والقت والتين. ينظر: معجم البلدان: 1 / 257
3- لا يوجد له ذكر في كتب الرجال، وهو عامل أمير المؤمنين على الانبار وقتل شهيداً، ينظر: مستدرك علم رجال الحدیث، الشاهرودي: 2 / 330
4- ينظر: الصحاح، مادة (حسن): 5 / 2100
5- (يرتب) في أر، ع، و في ث، م: (تربت)
6- ينظر: تاج العروس، مادة (سلح): 4 / 92
7- (إذا) في ث، ر

أغَرتَ على الكوفة، فإنَّ هذه الغارات ترعب(1) قلوب أهلِ العراق ويفرح بها كل من له فينا هوى منهم ويدعو الينا كلَّ من خاف الدَّوائر فاقتل من لقيت من ليس على مثل رأيك وأخرب كلمّا(2) مررت به من القرى وانهب الأموال فإنَّه شبيه بالقتل، وهو أوجع للقلب، فخرج سفیان و مضى على شاطئ الفرات، وقتل(3) عامله (عليه السَّلام) في نحو من ثلاثين رجلًا وحمل الأموال وانصرف(4) (وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلىَ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ، فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلُبَهَا، وَقَلائِدَهَا وَرُعُاثَهَا، ما

تَمْتَنِع مِنْهُ إلَّ بِالاسْتِرْجَاعِ وَالاسْتِرْحَامِ. ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ، مَا نَال رَجُلاً مِنْهُم كَلْمٌ، وَلَا أُرِيقَ لَهُ دَمٌ؛ فَلَوْ أَنَّ اْمْرَأً مُسْلِماً ماَتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلوُماً، بلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً!) المعاهدة الأمية ذات العهد والأمان(5) واللَّفظ في النّسخ بكسر الهاء، وقيل استعماله بالفتح أشهُر وأكثر، وانتزع افتعل بمعنی فعل يقال: نَزعَتْ الشّيء وَانْتَزَعَتُهُ فاْنتَزَعَ أي: اقْتَلَعَتْهُ فاقْتَلَعَ،

والحِّجلُ بالكسر والفتح (الخَلخالُ)(6) ويوجدان في النسخ ومنه الفرس المحجَّل وهُوَ الذَي يرتفع البياض في قوائمه الى موضع القيد(7)، والقُلّب

ص: 132


1- (ترغب) في ث، ر، م، تصحيف
2- (کلمات) في ع
3- (قيل) في أيث، ع، تصحيف
4- ينظر: الغارات: 2 / 464، و أنساب الأشراف: 2 / 441،442
5- ينظر: الصحاح، مادة (عهد): 2 / 515
6- ينظر: الصحاح، مادة (حجل): 4 / 1666
7- ينظر: لسان العرب، مادة (حجل): 11 / 145

بالضم (سوار المرأة)(1)، وقيل: المصمت(2) منه، والرِّعاث بالكسر جمع رَعثة بالفتح وبالتحريك أيضاً وهي القرُط(3)، والاسترجاع قول «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»(4)، والاسترحام المناشدة بالرّحِم بكسر الحاء على ما قيل أو طلب الرّحمة والتّعطُفُ وحاصل المعنى عجزها عن الامتناع، و وافرين أي: تامین وفي رواية المبرد في الكال على ما نقل (مَوفورين)(5) والموفور أيضا التّام يقال: وَفَرْتُ الشَّيءَ وَفْراً وَوَفَرَ الشَّيْءُ نفسهُ وُفُورا يتعدّى ولا يتعدّى(6)، والمعنى لم ينل أحد منهم نقص(7) کما بیّنه (عليه السّلام) بقوله: (مّا نال رجلا منهُم کَلم)، والكلم بالفتح (الجَرح)(8)، والإراقة الصّبّ(9)، [و](10) الأسَفَ بالتّحريك أشدّ الحُزْن، واللَّومْ والمَّلامة العزل و التّوبيخ (فَيَا عَجَبَا

عَجباً! وَاللهَ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيَجْلِبُ الْهَمَّ، مِنَ اجْتِاَعِ هَؤُلَاءِ(11) عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَتَفَرُّقِكُم عَنْ حَقِّكُمْ! فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرْحاً، حِینَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمَى، يُغَارُ

ص: 133


1- المصدر نفسه، مادة (قلب): 1 / 688
2- يطلق على الذهب والفضة بالصامت، ينظر: الصحاح، مادة (صمت): 1 / 207
3- ينظر: المخصص، مادة (رعث): 1 / 43
4- البقرة / 156
5- الكامل، المبرد: 1 / 21
6- ينظر: الصحاح، مادة (وفر): 2 / 847
7- (نقض) في ث، ر، تصحيف
8- القاموس المحیط، مادة (كلم): 4 / 172
9- ينظر: المصدر نفسه: مادة (راق): 3 / 239
10- [و] ساقطة من أ، ع
11- (هؤلاء القوم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 60، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 62

عَلَيْكُمْ وَلَ تُغِیرُونَ(1)، وَتُغْزَوْنَ وَلَا تَغْزُونَ، وَيُعْصَى اللهُ وَتَرْضَوْنَ) أصل یا عجباً یا عجَبي أي: احضر فهذا أوان حضورك، وعجباً منصوب بتقدير الفعل على المصدريَّة، والجلب سوق الشّيء من موضع إلى آخر، ولعلَّ المراد يجلب الهم والحُزن لغير أرباب القُلوب والبصائر فهو في المرتبة بعد إماتة قلوبهم أو يصير سبباً لحزن / ظ 52 / بلا سبب کما يشعر به (الجلب)، والقبح الأبعاد، يقال: (قَبَحَهُ الله أي: نَحاهُ عنِ الخیرِ فهو من المقبوحين) والتَّرح كالفرح مصدرا وفعلاً (الهمّ)(2)، و(الهُبوط)(3) ونصبها(4) على الدُّعاء، والغرض الهدف وتتّمة الكلام بيان للغرض (فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّیرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الحَّرِّ قُلْتُمْ: هذِهِ حَمَارَّةُ الْقَيْظِ، أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الحَرُّ وَ إِذَا أَمَرْتُكمْ بِالسَّیرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُم هذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ، أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ؛ كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الحرِّ وَالْقُرِّ)، وفي بعض النسخ (فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الحَرِّ وَالبَرد تَفِرُّونَ؛ فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِن السَّيْفِ أَفَرُّ)(5) حمَارَّةَ القيظ بتخفيف الميم وتشديد الراء شدّة الحرُّ(6) کالصَّبارَة شدّة البرد، والقيظ الصَّيف، والقر بالضَّم البرد، وقيل يخص(7) الشّتاء، [والتسبيخُ بالخاء المعجمة التخفيف والتسكين والفِعلُ في أكثر النّسخ

ص: 134


1- (تعیزون) في م، تصحيف
2- (الحلب) في أ، ح، ر، ع، م
3- المصدر نفسه، مادة (ترح): 1 / 217
4- (نصبها) في ث، ر، ح، م
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 209
6- ينظر: لسان العرب، مادة (قيظ): 7 / 456
7- (يحض) في ث، تصحيف

على صيغة المجهُول أي: أمهلنا حتّى يخفف الله الحرّ عنا](1)، وفي بعضها بصيغة المعلوم [أي](2): حتى يخفف الحَرُّ شدّته عنَّا، والأوّل أكثر وأظهر والانسلاخ الانقضاء ومنه أسلاخ الشهر وانتم وَالله من السَّيف أفرّ أي: منكم من الحرّ والبَرد أو من كلّ فارّ من كلّ شيء فالحذف للتعميم (يَا أَشْبَاهَ

الرِّجَالِ وَلَا رِجَالَ، حَلُومُ الْطْفَال، وَعُقُولُ رَبَّاتِ الحِجالِ) كلمة (لا) لنفي الجنس والخبر محذوُف أي: موجود فیکم أو مطلقا، والحلوم کالأحلام جمع حلم بالكسر وهو (الاناءةَ)(3)، والتثبت في الأمور، وقيل: والعقل أيضاً، وربّ الشيء صَاحبه ومالكه ومستحقه وباللام لا يطلق لغير الله عز وجل، والحِجَالُ جمع حَجَلَةُ محركة، وهي بيتٌ یُزَيَّنُ بالثِياب والسُّتور للعروس(4)، وأمَّا الحجل بمعنى الخلخال فجمعه (أحجال وحُجُول)(5) (لَوَدِدْتُ أَنِّ لْمَ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً - واللهِ - جَرَّتْ نَدَماً وَأَعْقَبَتْ سَدَماً. قَاتَلَكُمُ اللهُ! لَقَدْ مَلَأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً، وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَجَرَّعْتُمُونِ نُغَبَ التَّهْمَمِ أَنْفَاساً) ودِدت كعلمت أي: تمنيّت، والسّدم محرّكة (الهمّ)(6) أو مع ندم أو غيظ(7)، وفي بعض النسخ (أعقبت ذمّاً)(8) أي: ذمّي إياكم أو إياها لاستتباعها الآثار

ص: 135


1- [والتسبيخُ بالخاء المعجمة التخفيف والتسكين والفِعلُ في أكثر النّسخ على صيغة المجهُول أي: أمهلنا حتّى يخفف الله الحرّ عنا] ساقطة من ع
2- [أي] ساقطة من ر
3- الصحاح، مادة (حلم): 5 / 1903
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (حجل): 4 / 1666
5- لسان العرب، مادة (حجل): 11 / 145
6- المصدر نفسه، مادة (سده): 12 / 283
7- ينظر: لسان العرب، مادة (سده): 12 / 283
8- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 210، هامش: 3، نسخة: نا، ب: (ذماً)

المذمومة، ومقاتله الله مجاز عن الَّلعن والإبعاد والابتلاء بالعذاب فإنَّ المقاتلة لا (تكون)(1) إلاّ لعداوة بالغة، والقيح ما يكون في القرحة من صديدها مالم يخالطهُ دم(2) أي: قرحتم قلبي (...)(3) حتى امتلات من القيح وهو كناية عن شَّدة التّألّم، وشَحَنتُ السفينة ملأتُها، قال الله [تعالى](4): ((في الفُلْكِ

المَشحُون))(5)، والغيظ: (الغضب)(6) أو سورته أو أشدَّهُ، وجعتموني أي: سقيتموني الجُرع والجُرعة بالضم الاسم من الحَسو والشّرب اليسير، وبالفتح المرَّة منه(7)، والنُغب جمع نغبة وهي كالجرعة بالضَّم لفظاً و معنی مفرداً أو جمعاً(8)، والتَّهمام الهمّ، ويفيد هذا الوزن المبالغة في مصدر الثلاثي كالتّلعاب والتّرداد والتاء مفتوح في هذا البناء إلاَّ في البيان والتلقاء(9)، ولم يجئ تفعال بالكسر إلا ستّة عشر اسماً منها المصدران(10) وأنفاساً أي: جرعة بعد جرعة وهو جمع نفس بالتحريك وهو الجرعة(11)، وقال الجوهري: قول الشّاعر:

عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاساً

ص: 136


1- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
2- ينظر: تاج العروس، مادة (قيح): 4 / 178
3- (قلبي) مكررة زيادة في أي ع
4- [تعالی] ساقطة من أ، ث، ع
5- يس / 41
6- القاموس المحيط، مادة (غیظ): 2 / 397
7- ينظر: لسان العرب، مادة (جرع): 8 / 46
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نغب): 1 / 790
9- کتاب سيبويه: 4 / 256، 257
10- شرح شافية ابن الحاجب، الرضي: 1 / 167، 168
11- ينظر: الصحاح، مادة (نفس): 3 / 984، 985

أي: (ساعة بعد ساعة)(1) (وَأَفْسَدْتُمْ عَليَّ رَأْيِي بْالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلَانِ، حَتَّى قَالَتْ(2) قُرَيْشٌ: ابْنَ(3) أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْب.) أي: لما تركتم نصرتي، وعصيتم أمري فسد ما دبرته / و 53 / في أمر العدوّ وقتالهم، ولم أظفر بالمراد من الآراء والتدابير، توهم النّاس أنَّ ذلك لقصور التّدبير ولم يعلموا أنَّه نتيجة الخذلان والعصيان، وقريش تنصرف کما في النسخ، ولا تنصرف بإرادة الحيّ والقبيلة(4) سميت بذلك؛ لاجتماعها بمكة بعد تفرقها في البلاد من قَرشه وتقرّشه إذا جمع من هاهنا وهاهنا(5)، أو لأنَّ (أباهم)(6) النضر بن کنانة(7) اجتمع في ثوبه يوماً فقالوا: تقّرش(8)، أو سُّمیت بمصّغر القرش وهو دابة بحرية يخافها دوابّ البحر كلّها و[تأكلها](9)، وروی

ص: 137


1- المصدر نفسه، مادة (نفس): 3 / 984
2- (حتى لقد قالت) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 61، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 63
3- (إنَّ ابن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 61، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 63
4- ينظر: معاني القرآن: 1 / 42
5- ينظر: العين، مادة (قرش): 5 / 39
6- (أبوهم) في أ، ث، ح، ر، ع، م
7- النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدرکه، من بني نزار، من عدنان، جد جاهلي، كنيته أبو نجلد، وقيل اسمه قيس، ومن النسابين من يرى أنه هو قريش، ولقب بالنضر لجماله، وأمه برة بنت مر بن أد، بنوه قبائل وبطون كثيرة، كانت مساكنهم حول مكة، وولده مالك، والصلت. وقریش ترجع الى مالك بن النضر فهو أبوها كلها، وأولاد الصلد صاروا إلى اليمن. ينظر: المعارف: 67، و الأنساب: 4 / 485، والأعلام: 8 / 33
8- ينظر: أنساب الأشراف: 11 / 81
9- [وتأكلها] ساقطة من أ، ع، ينظر: لسان العرب، مادة (قرش): 6 / 335، و عمدة القارئ: 6 / 388

عن ابن عّباس إنه أنشد في ذلك:

وقريشٌ هي التّي تسكن البحر *** وبها سُمِّيَتْ قُريش قُريشاً(1)

وقيل غير ذلك. (للهِ أَبُوهُمْ؛ وَهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشُّدُ لَهَا مِرَاساً وَأَقْدَمُ فِيهَا مُقَاماً مِنِّي! لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ؛ وَها أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّینَ! وَلَكِنَّه(2) لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطاَعُ!) للهِ أبُوك كلمة يستعملها العرب في المدح والتَّعجب وأصلها المدح(3) من قبيل نسبة الشيء الى العظيم الشريف ليكتسب شرفاً وعزَّاً أي: ما أحسن أبوك حيث أتي بمثلك!، والمراس مصدر مارسه(4) أي: زاوله وعالجه، والمَقام بفتح الميم وضمها مصدر ويجوز أن يكون بمعنى الموضع والنُّهوض القيام والضَّمائر الثلاثة راجعة إلى الحرب وهي مؤنثة وقد يذکر کما ذکر وذَرَّفتُ بالتَّشديد أي: زدتُ ولَّما لم يترتب الأثر على رأي الأمير مع عصيان الاتباع [نزل](5) منزلة العدم وفي رواية المبرّد في الكامل(6) انَّه لما خطب (عليه السَّلام) بهذه الخطبة قام(7) اليه رجل ومعه أخوه فقال: يا أمير المؤمنين إني وأخي هذا كما قال الله تعالى: «رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي»(8) فمرنا بأمرك، فو الله لَنَنتَهِینَّ اليه ولو حال بيننا

ص: 138


1- البيت منسوب الى المشرج بن عمرو الحميري في الاغاني 1 / 206، وهو الى الجمحي في البداية والنهاية 2 / 255، و مجمع الزوائد: 9 / 159
2- (ولكن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 61، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 64
3- ينظر: لسان العرب، مادة (أبی): 14 / 12، 13
4- (مراسه) في أ، وما أثبتناه هو الصواب
5- [نزل] ساقطة من ع
6- ينظر: الكامل، المبرد: 1 / 21
7- (قال) في أ، ع، تحریف
8- المائدة / 25

وبَينهُ جَمْرُ الغَضا، وَشَوْكُ القَتادِ فدعا لهما بخير(1)، وقال: أين تقعان أنتما ممَّا أريد! ثم نزل.

ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)

(أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ أدْبَرَتْ وَآذَنَتْ بِوَدَاع، وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وأشْرَفَتْ بِاطِّلاعٍ) إدبار الدّنيا سرعة تصرّ مها(2) وتطرق النّقص والفناء الى متاعها من صّحة وشباب وجاهٍ و مالٍ وذلك علة لإقبال الآخرة التّي يتلوهَا، والايذان الإعلام(3)، يقال: آذن إيذاناً وأذن تأذيناً إلا أنَّ المشدّد مخصُوصٍ في الاستعمال بأعلام الصّلاة(4)، والوَدَاع بالفتح الاسم من التَودِيعُ يقال: ودعه تودیعاً(5)، وودعه أيضاً بالتَّخفيف وهو تخليف المُسافر الناس خافضين وهم يودّعونه نفَّالا بالدّعة التَّي يصير(6) اليّها إذا رجع أي: يتركونه وسفره وفيه(7) معنى الدّعة والترّك(8) والاطلاع الاشراف من مكان عالٍ(9)، والمقبل إلى الانحدار أحرى بالوصول، ومّا ذكره بعض الشارحین(10) من أنَّ اسناد الاشراف الى ربّ الاخرة وعبرّ بها للتعظیم کما یکنی عن الفاضل

ص: 139


1- (بخبر) في ع
2- (تصرفها) في ح
3- ينظر: معجم مقاییس اللغة: 1 / 77
4- ينظر: تاج العروس، مادة (أذن): 18 / 14
5- ينظر: الصحاح، مادة (ودع): 3 / 1295
6- (تصير) في ث، ح، م
7- (ففيه) في ث، ح، ر
8- ينظر: لسان العرب، مادة (ودع): 8 / 385
9- ينظر: تاج العروس، مادة (طلع): 11 / 324
10- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 42

بمجلسه وحضرته وكيفية الاطلاع قرينة لذلك بعيد (أَلَا وَإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارَ، وغَداً السِّبَاق، وَالسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ وَالْغَايَةُ النَّار) المضمار مدّة تَضمِير الفرس وموضعه أيضاً(1) وهو (أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده الى القوت(2) وذلك في أربعين يوماً)(3)، والسّباق المُسابقة وليس جمعاً للسَّبقة بالضَّم أي: الذي يسبق اليه کما توهَّمه بعض الشارحين(4) فإنَّ جمعها أسباق (والسَبَقُة بالتحريك الخَطَر [أي المال](5) الذي يوضَع بين أهل السِّباقِ)(6)، وغاية كلّ شيء منتهاه ولا يعتبر في مفهومها أن يكون مَطلُوباً حَّتى يتكلف لكون النار غاية بأنَّها غاية عرضَّية(7) لمحبَّة(8) الدُّنيا، والانهماك في لذاتها کما / ظ 53 / يظهر من کلام بعض الشَّارحين(9)، بل النَّار غاية؛ لأنَّ المصير اليَّها منتهى السَّيئات(10)، ثم أنَّ كلمة المِضمار في بعض النسخ بالرفع على الخبرية وفي بعضها بالنَّصب فالظَّرف خبر، قال بعض الشارحين: فيه شك إذ المضمار زمان، واليوم(11)

ص: 140


1- ينظر: الصحاح، مادة (ضمر): 2 / 722
2- (القوة) في ر
3- الصحاح، مادة (ضمر): 2 / 722
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 41
5- [أي المال] ساقطة من ح
6- الصحاح، مادة (سبق): 4 / 1494
7- (صحیف. غرصية) في ث، ت
8- (بمحبة) في أ، ع
9- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، قطب الدين الراوندي: 1 / 210، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 39، 40
10- (السينات) في أ، وفي ع: (السبات) وفي ث، م: (السيات)
11- (النوم) في أ، ع

زمان، وكان الكلام إخبارا عن وقوع الزّمَان في الزَّمان وأجاب بأنَّ [بعض](1) أجزاء الزَّمان قد يخبر عنها بالزَّمان بمعنى أنها أجزاؤه، و الجزء في الكلّ(2) وهذا انما يستقيم على اعتبار تخصیص في المضمار وتعميم في اليوم بأنَّ يجعل المضمار عباره(3) عن عمر كلّ واحد من المكلفين، ويراد باليوم الحياة الدُّنيا ولا يتوهم [حينئذ](4) جواز الإخبار عن الزَّمان بالزَّمان على طريق الحمل إذا تغاير المفهوُمين(5) لعدم استقامة الحمل على تقدير [نصب](6) اليوم والمضمار نعم يستقيم على تقدير رفع المضمار(7) [والنسخ متَّفقه فيه](8)، والسِّباق في بعض النسخ بالنصب، وفي بعضها بالرفع فتكون الجملة معطوفة على مجموع الجملة السَّابقة لا على مدخول (إنَّ) وقال بعض الشَّارحين(9): رفعه وجَه له إلاَّ أن يكون مبتدأ خبره غداً ويكون اسم (إنَّ) ضمير الشَّأن، قال: وقال بعض الشَّارحين(10): يجوز أن يكون خبر (إنَّ) وهو ظاهر الفَساد لانحصار الحكم في المواطاة والاشتقاق ولا يصح شيء منهما في الحكم بالسباق على غدٍ فيمتنع أن يكون خبر (إنَّ) اللهم إلا على تقدير مضاف أي: (وإن غداً وقت

ص: 141


1- [بعض] ساقطة من أ، ع
2- نص متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 43
3- (بان يجعل المضمار على عبارة) في ر
4- [حینئذ] ساقطة من ح
5- (المفهومان) في ح
6- [نصب] ساقطة من أ، ع
7- (والمضمار نعم يستقيم على تقدير رفع المضمار) ساقطة من ح
8- [والنسخ متفقة فيه] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 43، وفيه: (وأمَّا رفعه...)
10- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، قطب الدين الراوندي: 1 / 218

السِّباق)(1)، والسَّبقة والغاية في بعض النسخ بالنَّصب، وفي بعضها بالرَّفع والألفاظ الأربعة في أكثر النسخ(2) بالنَّصب وهو الأظهر کما ظَهر ممَّا سبق (أَفَلَا تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ مَنِيَّتِهِ! أَلَا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤُسِهِ! أَلَا وَإنَّكَمُ(3) فِي أيَّامِ أَمَل، مِنْ وَرَائهِ أَجَل؛ فَمَنْ عَمِلَ [في](4) أيَّامِ أَمَلِه قَبْلَ حُضُورِ

أَجلِه، نَفَعَهُ(5) عَمَلُهُ، وَلْمَ يَضُرْرْهُ أَجَلُه. وَمَنْ قَصَرّ فِي أيَّامِ أَمَلَهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِه، فَقَدْ خَسِرَ عَمَلُه، وَضَرَّهُ أَجَلُه. أَلَا فَاعْمَلُوا فِي الرَّغْبَةِ، كَمَا تَعْمَلُونَ فِي الرَّهْبَةِ) المنيّة الموت فعيلة(6) من قَولِكِ: مَنى اللهُ عَلَيكَ خَیراً کرمی أي: قدَّر، والبُؤس الخضوع وشدَّة الحاجة(7) وفعله کسمع، والأمل (الرَّجاء)(8)، وأيَّام الأمل مدَّة العمر يرجي(9) فيها التوفيق لصَالح الأعمال والاستعداد للفوز بعوالي الدَّرجات، والأجل مدةَّ الشيء وغايتها، والأنسب هاهنا الثَّاني لاستغنائه(10) عن تقدير الانقضاء، وخَسِر كعلم نقص، وخسر التَّاجر غبُن ويُنسب الخُسران إلى التاجر والى التجارة؛ لأنَّها المناط والاسناد الى العمل من

ص: 142


1- نص متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 43
2- (والجميع في أكثر النسخ) في ح
3- (فإنكم) في ع
4- [في] ساقطة من أ، ع
5- (فقد نفعه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 73، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 65
6- (فعلية) في أ، ع
7- ينظر: لسان العرب، مادة (بؤس): 6 / 21
8- العين، مادة (أمل): 8 / 347
9- (برحی) في أ، وفي ح: (يرخی)، وفي ر (یرحی)، تصحيف
10- (لاستثنائه) في أ، (لاستغنانه) في ر، وما اثبتناه من ح هو الصواب

هذا القبيل، وفي الأمر بالعمل في الرغبة وهي حَالة الخلو(1) من الخوف والحذر عن بليه عاجلة يفزع الإنسان عندَها توبيخ للمكلَّف بغفلته عن ذكر الله وعبادَته في حالة الرَّخاء(2) كما أشار اليه سبحانه بقوله: «وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ»(3) وبقوله عزَّ وجل: «إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إذا مسه الشر جزوعاً * وإذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنُوعاً»(4) والاشارة اليه في القرآن كثير، والظَّاهر أنَّه ليس المراد الرَّهبة من [عقاب](5) الآخرة [إلا](6) لقلة ما يعمل الإنسان لها کالرّغبة وإن كان محتملاً (أَلَا وَإِنِّى لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا، وَلَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا) أي: لا ينبغي للعاقل التَّقصير في استعداد الوصول الى مثل هذا المرغوب والحذر عن(7) ذلك المرهوب والضّميران المجُروران يعودان الى(8) المفعول الأوَّل للفعل المنفي و التَّقدير : (لم أرَ کالجنَّة نعمة ولا كالنَار نقمة) (و نام) في محل النَّصب حتى يكون مفعولاً ثانياً له (أَلَا وَإنَّهُ مَنْ لَا يَنْفَعُهُ الْحَقُّ يَضُرُّرهُ

البَاطِل، وَمَنْ لَمْ يَسْتَقِمُ(9) / و 54 / بِهِ الْهُدَى، يُجَرُّ بِهِ الضَّلاَلُ) وفي بعض النّسخ

ص: 143


1- (الخلق) في ح
2- (الرجاء) في ع
3- يونس / 12
4- المعارج / 19، 20، 21
5- [عقاب] ساقطة من أ، ع
6- [إلا] ساقطة من ث، ح، ر، م
7- (من) في ع
8- (يعود الى) في ث، م
9- (من لا يستقيم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 73، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 65

(الى الرَّدی)(1) الباء في الموضعين للتَّعدية والجور الميل عن القصدِ ويقال: جار عن الطَّريق أي: مَال وضلّ والرَّدي الهلاك، قال بعض الشَّارحين(2) في بيان الملازمة الاولى وجود الحَّق مستلزم لمنفعته، فعَدم منفعته مستلزم لعدمه، وعدمه مستلزم لوجود الباطل؛ لأنَّ اعتقاد المكلَّف وعمله أمَّا أن يطابقا أوامر الله تعالى، أو ليس. والأوَّل هو الحَّق، والثاني هو الباطِل وظاهر أن عدم الأوَّل مستلزم لوجود الثاني، ووجود البَاطِل مستلزم لمضرَّته، فعدم منفعة الحَّق مُستلزم لمضَّرة الباطل، ويحتمل أن يكون المراد ردع المائلين إلى الحرام والبَاطِل إذا لم يفوزوا بما أرادوُه في متابعة الحَّق فإنَّ كثيراً من النَّاسِ إذا لم يتهيَّأ(3) لهم الأسباب في متابعة الحَّق لتحصيل المال وغيره من المقاصد الدُّنياوية وهذا هو المراد من عدم الانتفاع بالحَّق توسَّلوا الى تلك المقاصد بالظُّلم وغيره من طرق الباطِل وركوُب الباطِل وإن كان يقضى بهم إلى مقاصِدهم أحياناً إلاَّ أنّه لا يفوتهم وخامة العَاقبة ولحوق الضَّرر، أمَّا في الأجل فلأنَهُ سبحانه هو الحاكم(4) بين عباده العَالم بما كسبت أيديهم سرَّاً و جهاراً «وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»(5)، وأمَّا في العاجل فلأنَّه كثيراً ما ينقلب الزَّمان ويعُود المغلُوب غالباً، فيتضرر(6) الظَّالم بتلك الغلبة، وقلماَّ

ص: 144


1- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 211، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 73، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 47
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 47
3- (هیئ) في ع
4- (الحالم) في ر، تحریف
5- الزلزلة / 8
6- (فيتضر) في أ، ع

يقتصر من عَاد غالباً على أخذ الحَّق فقط ولو لم يساعد الدَّهر ذلك المظلُوم حتَّى ينتقم وتأخر انتصافه من الظَّالِم إلى يوم الحِساب فمن خواص الظُّلم الابتلاء وتسلط الأشرار والمصَائب الدُّنياويَّة كما هو المشاهد في كثير من الظَّلمة وكذلك سَائر المعاصي يتبعها سوء العَاقبة في الدُّنيا وهذا الحكم وإن لم يكن كلياً إلاَّ أنَّه كثير الوقوع بخلاف لحوق الضَّرر(1) في الأجل فإنَّهُ مطَّرد لا ينكسر فالغرض النَّهي عن الاغترار بارتكاب البَاطل لعدم الانتفاع باتباع الحَّق والرَّضا بما قَدر اللهَ ورضى لعبده، وأمَّا الملازمة الثانية فلأنه لا واسطة بين الهدى والضَّلال کما اشار اليه سبحانه بقوله: «فَمَاذَا(2) بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ»(3) فعاقبة ترك متابعة طريق الهدى ليس إلاّ الهلاك والرَّدي (أَلَا وَإِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْن(4)، وَذُلِلْتُمُ عَلىَ الزَّادِ؛ وَإِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ(5) عَلَيْكُم اتِّبَاعُ الَهوَى، وَطُولُ الَأْمَل، تَزَوَّدُوا(6) فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تُحْرِزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً) الظَّعن(7) بالفتح السَّير قال الله تعالى: «يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ»(8)، والمراد بالأمر بالظَّعن(9) أمّا الأوامر الواردة في الحث على

ص: 145


1- (الضّر) في أ، ع
2- (فما) في أ، ع، تحریف
3- يونس / 32
4- (بالطعن) في ع
5- [ما أخاف] ساقطة من ر
6- (فتزودوا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 73، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 65
7- (الطعن) في ع
8- النحل / 80
9- (الظعن) في ث، ح

الاستعداد للقاء الله والفوز بنعيم الآخرة كقوله تعالى: «سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»(1) أو الأمر بالظعن كناية عن لزوم الارتحال عن دار الدُّنيا وإنُّه كتب عَلَيها الفناء والزَّوال، وعلى أهلهَا الجلاء والمَوت وقد دلَّ سبحانه عباده بالزَّاد للسَّفر على أي المعنيين بقولَه: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى»(2) والهوى مقصوراً إرادة النَّفس وميلها(3) إلى المستلذات، والأمل الرَّجاء، والإحراز الحفظ والصّيانَّة(4)، وفي بعض النَّسخ(5) (تَحوُزُون)(6) بالواو من الحيازة وهو الجمع والضَّم أي: ما تجمعون به أموركم وَيحفظونها عن الشَّتات والأوَّل أظهَر، قَال السَّيدُ: (لَو(7) كَانَ كلامٌ يَأْخُذ بِالأعْنَاقِ إِلَی الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، ويَضْطَرُّ إِلَی عَمَلِ الآخِرَةِ لَكَانَ / ظ 54 / هَذَا الْكَلَامَ. وَكَفَى بِهِ قَاطِعاً لِعَلَائِقِ الآمال، وَقَادِحاً زِنَادَ الاتِّعَاظِ وِ الازْدِجارِ) الأخذ بالأعناق إلى الزُّهد جذب النُّفوسِ قهر إليه، والزُّهد في الشيء وعن الشيء خلاف الرغبة وليس في للظَّرفية وإن كان يحتملها، والاضطرار (الاحتياج إلى الشَّيء)(8) وَيقال اضطره اليه أي: الجأه فاضطُر بضم الطاء، وإضافة

ص: 146


1- الحديد / 21
2- البقرة / 197
3- (میله) في ح
4- ينظر: لسان العرب، مادة (حرز): 5 / 333
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 211، هامش 8، وفيه: (في نا: تحوزون)
6- (تجوزون) في ر، تصحيف
7- (قال الرضي (رحمه الله) وأقول إنه لو) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 73، وفي ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 65 (قال السيد الشريف (عليه السلام) وأقول إنه لو)
8- لسان العرب، مادة (ضرر): 4 / 483

العلائق تحتمل البيانية واللامية، والقدح استخراج النار من الزَّند والحجر(1)، والزَّند بالفتح العود الذي يقدح بهِ النَّار وهو الأعلى(2)، والزَّندة السَّفلى فيها ثقب وهي الأنثى فإذا اجتَمَعا قيل: زندان ولم يُقَل: زَندتَان والجمع زناد وأزنُد وأزناد(3)، والاتعاظ والازدجار قبول الوعظ والزَّجر. ومن أَعْجَبِهِ قولُه (عَليْهِ السَّلام): (أَلَا وَإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارَ وَغَداً السِّبَاقَ، والسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ وَالْغَايَةُ النَّار) فَإِنَّ فِيهِ [مَعَ](4) فَخَامَةِ اللِّفْظِ، وَعِظَم قَدْرِ الْمَعْنَى، وَصَادِقِ التَّمْثِيْل،

وَوَاقِعِ التَّشْبِيِه، سِرّاً عَجِيباً، وَمَعْنىً لَطِيفاً، وَهُوَ قَوْلهُ (عَليهِ السَّلام): (وَالسَّبْقَةُ

الْجَنَّةُ وَالْغَايَةُ النَّار) فَخَالَفَ بَینَ اللَّفْظَینِ لِاخْتِلَافِ الْمُعْنَيَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ (السَّبَقَة

النَّار) كَمَا قَالَ: (وَالسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ)؛ لِأنَّ الْسْتِبَاق إِنَّمَا يَكوُنُ إِلَب أَمْرٍ مَحْبُوبٍ،

وَغرَضٍ مَطْلُوبٍ، وَهذِهِ صِفَةُ الْجَنَّةِ، ولَيْسَ هذا المعْنَى موجُوداً في النَّار، نَعُوذُ

بِالله! مِنْهَا فَلَمْ يَزْ أَنْ يَقُولَ: (وَالسَّبَقَةُ النَّارُ) بلْ قَالَ: (وَالْغَايَةُ النَّار)؛ لِأَنَّ الغايَةَ قَدْ يَنْتَهِي إِليهَا مَنْ لَا يَسُرُّهُ [الانْتِهَاءِ إِليهَا، وَمَنْ يَسُرُّهُ](5) ذَلِكَ فَصَلَحَ أَنْ يُعَبَّرَ بِهَا عَنِ الْأَمْرَيْنِ مَعاً، فَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِع كَالْمصِیرِ وَالْمَآلِ، قَالَ اللهُ تَعَالَی: ((قُلْ تَمْتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَی النَّار))(6)، وَلَا يُجَوزُ فِي هَذَا الْمَوْضِع أَنْ يُقَال: فَإِنَّ (سَبَقتَكُمْ بسكوُن الباء إِلى النَّارِ). فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَبَاطِنُهُ عَجِيب،

ص: 147


1- ينظر: لسان العرب، مادة (قدح): 2 / 554
2- ينظر: المخصص، مادة (زند): 3 / 26
3- ينظر: لسان العرب، مادة (زند): 3 / 196
4- [مع] ساقطة من ث، ر
5- [الانْتِهَاءِ إِليهَا، وَمَنْ يَسُّرُهُ] ساقطة من ع
6- إبراهيم / 30

وَغَوْرُهُ بَعيدٌ(1)، وَكَذَلِكَ أكْثَرُ كَلَمِهِ (عَليهِ السَّلام) وفي بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَدْ

جَاءَ في رِوايَةٍ أُخْرَى (والسُّبْقَةُ الْجَنَّةُ)(2) بضمّ السّین، وَالسُّبْقَةُ عِنْدَهُمْ: اسْمُ لِمَا

يُجْعَلْ للِسَّابِقِ، إذَا سَبَقَ مِنْ مال أَوْ عَرَضٍ؛ وَالمَعْنَيان مُتَقَارِبَانِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا

يَكُونُ جَزَاءً عَىَ فِعْل الْأَمْرِ المذْمُوم، وَإِنَّمَا يَكُونُ جَزَاءً عَلَى فِعْلِ الْأَمْر الْمَحْمُود.

ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)

هذهِ الخُطبة خَطب بها أمير المؤمنين (عليه السَّلام) في غارة الضَّحاك بن قیس(3) بعد التحكيم قبل قتال أهل النَّهروان بعثهُ معاوية فأغار على نواحي الكوفة، ومر بالثَّعلبية(4)، وأغار على الحاجَّ وأخذ أمتعتهم، وقتل

ص: 148


1- (بعيد لطيف) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 74، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 66
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 212، هامش: 4، في نسخة: يد
3- الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن فهر القرشي الفهري، یکنی أبا أنيس، وقيل أبو عبد الرحمن، قيل ولد قبل وفاة النبي (صلى الله عليه واله) بسبع سنين أو نحوها، كان على شرطة معاوية، ثم صار عاملاً له على الكوفة بعد زیاد سنة ثلاث وخمسين، وعزله سنة سبع وخمسين وولى مكانه عبد الرحمن ابن أم حاکم، وضمه إلى الشام فكان مع معاوية إلى أن مات، وبقي مع ابنه يزيد وأبنة معاوية، وبايع الضحاك أكثر أهل الشام لابن الزبير، ودعاله، فأقتتل مع جند مروان في مرج رهط وقتل فيها سنة (64 ه). ينظر: الطبقات الکبری، ابن سعد: 7 / 411، 410، والتأريخ الكبير، البخاري: 4 / 332، و الإستیعاب: 2 / 745، 744، و أسد الغابة: 3 / 37، و سير أعلام النبلاء: 3 / 241 - 245، والوافي بالوفيات: 16 / 202، 203
4- الثعلبية من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيمية،... وقال الزجاجي: سميت الثعلبة بثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بم مضر، وهو أول من حفرها ونزلها) معجم البلدان: 2 / 78

عمرو بن عمیس(1) ابن أخي عبد الله بن مسعود(2) وأناساً من أصحابه، ورواها محمدّ بن يعقوب الكليني (رحمة الله) في الكافي قال: (أَيُّهَا النَّاسُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُم، الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَائُهُم كَلَمُكُمْ يُوهِي الصُّمَّ الصِّاَبَ وَفِعْلُكُمْ

يُطْمِعُ فِيكُمُ الْأَعْدَاءَ. تَقُولُونَ فْي المَجَالِسِ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإذَا جاَءَ الْقِتَالُ قُلْتُم؛ حِيْدِي حَيَادِ!) وهي الحجر وَالسَّقاء کوقی أي: انشق و أوهاه شَقَّه والصُّم الصَّلابَ الأحجَار(3)، و (الصَّخرة الصَّماء الَّتي ليسَ فِيْها صَدْعٌ وَلا خرق)(4)، وکَیت مثل ذيتَ كناية عن الكلام ولا تستعملان إلاَّ مكرّرتين بواو العَطف وهما مخَّففتان من کَيَّةَ وذَیَّةَ(5) بحذف اللاَّم وابدال التاء منها

ص: 149


1- عمر بن عميس بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم، وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود، كان من عمال الإمام علي (عليه السلام)، قتله الضحاك بن قيس في القطقطانة. ينظر: أنساب الأشراف: 2 / 438، و اللباب في تهذيب الأنساب: 3 / 179
2- عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن مضر الهذلي، يكنى أبا عبد الرحمن، صحابي، وأمة أم عبد بنت عبد ود بن سواء من هذيل، وهو من السابقين بالإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن الكريم بمكة، وكان خادم رسول الله (صلى الله عليه واله)، وصاحب سره ورفيقه في حله وترحلة وغزوته، يدخل عليه في كل وقت ويمشي معه، هاجر الهجرتين، وشهد بدراً وأحداً والخندق وبيعة الرضوين، وسائر المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، تولى بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) بيت مال الكوفة، ثم قد المدينة في خلافة عثمان (رضي الله عنه)، فتوفي فيها سنة (32 ه) عن عمر ستين عاماً. ينظر: أسد الغابة: 3 / 256 - 260، والوافي بالوفيات: 17 / 324، 325، والأعلام: 4 / 137
3- ينظر: الصحاح، مادة (صمم): 5 / 1967
4- تاج العروس، مادة (صمم): 17 / 416
5- (كيته وذيته) في أ، ع، وفي ث: (کیه ودية) تصحيف

کما في بنت(1) والوقف عليهما بالتاء مثلها(2)، وحاد عن الشيء أي: مالَ عنه وعدل وحیدی چیاد كلمة تقولها العرب عند الفرار، وقال الجوهري: حیدي حِياد كفَيحى فياح(3)، وفاحَتِ الغارة تفيح(4) أي: اتَّسعت، وفَياحِ مثل قطام / و55/ اسم للغارة(5)، وقال بعض الشارحين: حيادَ اسم للغارة والمعنی اعدلي عنَّا ايَّتها الحرب(6) [و](7) قال: (ويحتمل أن يكون حَياد من أسماء الأفعال کنزال فيكون قد أمر بالتنحي مرتين بلفظين مختلفين)(8) وقسم الشيخ الرَّضي (رحمه الله) صيغة فعال(9): المبنى الى أربعة أقسام وعد منها ما كانت صفة للمؤنث غير لازمة للنّداء وعدّ من ذلك القسم حَيادِ وفَياحِ(10)، وقال: (حیدِی حَیاد أي: أرجعي يا راجعة)(11)، وجعل حذف حرف النَّداء عن حِياد وأمثالِها دَلِيلاً على أنَّها أعلام للجنس(12)، وحينئذ لا يكون حياد اسماً للغارة ولا بمعنى الأمر وهي وأمثالها مبنية بالكسر (مَا غَرت دَعوَةُ مَن دَعَاكُم، وَلَا استَرَاحَ قَلبُ مَن قَاسَاکُم) العّزة في الأصل الغلبةٍ والقوة

ص: 150


1- (بیت) في ث، ر، تصحيف
2- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 3/ 153
3- ينظر: الصحاح، مادة (حید): 2/ 467
4- (تفتح) في ح، تصحيف
5- ينظر: تاج العروس، مادة (فوح): 4/ 161
6- نص متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 50
7- [و] ساقطة من أ، ث، ع
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 50
9- (صنعته فقال) في ح، تحریف
10- ينظر: شرح الرضى على الكافية: 3/ 111، 112
11- شرح الرضى على الكافية: 3/ 112
12- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 3/ 113

والشدَّة و اسناد المنفي الى الدَّعوة توسع، والمراد ذلَّة من دَعاهُم لعدم الاجابة والخذلان، واستراح أي: وجد الراحة وأصل الاستراحة رجُوع النَّفس الى الرَّجل بعد الإعياء(1) والمقاساة المكابدة(2) وتَحمَّل الشَّدة والاذي [أي](3): من قاسي الشَّدائد اللاّزمة لمعاشرتكم لم يسترح أبداً؛ لعدم انقطاع آثارها، أو لأنَّها تميت القلب فلا يجد راحة أبداً (أَعَالِيلُ بِأَضَالِيلَ؛ دِفَاعُ ذِي الدَّينِ المَطُول)، قال بعض الشَّارحين: أعاليل جمع اعلالِ، وهي جمع علة اسم لما يتعلّل به من مرض وغيره، وكذلك أضاليل جمع أضلال، جمع ضلة اسم من الضَّلال(4)، وأعاليل خبر لمبتدأ محذوف أي: إذا دعوتكم تعللتم وهي أعاليل باطلة ضالة عن سبيل الله، والباء متعلق بأعاليل، والدفاع المدافعة، والمَطُول كالمطال الكثير المَطَل(5) بالفتح، وهو التسويف بالعدة والدّين(6) أي: تدافعون کدفاعه، أو دفاعكم كدفاعه فنصبه بحذف الجار (لَا يَمنَعُ الضَّيمَ الذَّلِيلُ، وَلَا يُدرَكُ الحَقُّ إِلَّا بِالجِدِّ) الضَّیمُ (الظُّلم)(7)، والذّل المهانة، والمراد الرَّاضي بالذّل، وأمَّا ضدَّ الصّعوبة فالصفة منه ذَلوُل، والجدّ بالكسر الاجتهاد في الأمر، وضدّ الهزل(8) وهو أيضاً محتمل تنزيلًا لسعيهم في

ص: 151


1- (الاعباء) في ر، تصحيف
2- (المكايدة) في م، تصحيف
3- [أي] ساقطة من أ، ع
4- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1/ 222، 223، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 50
5- [المطل] ساقطة من ر
6- ينظر: لسان العرب، مادة (مطل): 11/ 624
7- تاج العروس، مادة ((ضيم): 17/ 431
8- ينظر: الصحاح، مادة (جدد): 2/ 452

دفع الأعداء منزلة الهَزل (أيَّ دارٍ بَعدَ دَارِکُم تَمنَعُونَ! وَمَعَ أيَّ إِمَامٍ بَعدِي تُقَاتِلُونَ!) المُراد بالدار أمَّا دار الاسلام الذّي أعزه اللهُ ورضيه لهُم دنيا أو مَواطَنُم أي: إذا أخرَجكُم العدوّ عنها ولم تدفعوهم فعن أيّ دار أو في أي دار تمنعونهم وتدفعون(1) أذاهُم؟، وفي بعض النسخ (تمتَّعون) بالتاء المشدَّدة بدل النون على صيغة التّفعيل(2) بحذف أحدى التائين أي: بأيّ دارٍ تنتفعون أو في أيّها تعيشون، والمقاتِلة مع الإمام قتال الأعداء بأمره و تحت لوائه (المَغرُورُ وَالله مِن غَرَرتُموهُ، وَمَن فَازَ بِکُم(3) [فَازَ](4) بالسَّهمِ(5) الأخیَب، وَمَن رَمَی بِکُم فَقَد رَمَی بِأَفوَقَ نَاصَلٍ) تعريف المغرُور يفيد الحصِر أو المراد المغرور الكامِل وغرَّه [کَمدَّه](6) خَدَعه وأطمعه(7) بالباطِل(8)، والتعبير عن الابتلاء بهم بالفوز من قبيل التهكم، والسّهم الأخيب (الذَّي لا نَصيب(9) له)(10) والخيبة موجود فيما كان نصيبه أقل، وقال ابن الاثير(11): السَّهم الاخيب

ص: 152


1- (يدفعون) في أ، ح، ع
2- (التفعل) في أ، ح، ع
3- (ومن فاز بکم فقد فاز) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 89، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 67
4- [فاز] ساقطة من أ
5- (فاز والله بالسهم) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 89، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 67
6- [كمده] ساقطة من أ، ع
7- (اطعمه) في أ
8- ينظر: الصحاح، مادة (غرر): 2/ 769
9- (لانصب) في ع
10- لسان العرب، مادة (خیب): 1/ 368
11- النهایة في غريب الحديث والأثر: 2/ 90. وفيه: (السهم الخائب...)

الخائب الذّي لا نصيب له من قداح الميسر وهي ثلاثة: المنيح، والسّفيح، والوغد، والخَيبة الحرمَان والخُسران، والأفوق المكسور الفُوق(1) بالضّم وهو موضع الوتر من السَّهم(2)، والنَّاصل الذّي لانصَل له، يقال: نصل السَّهم [إذا خرج منه النصل ذكره الجوهري](3) (4) و أنصَله أي: جعل فيه نصلًا، وَأزالهُ عنه وهو من الأضداد(5). (أَصبَحتُ وَاللهِ لا أُصَدِّقُ قَولَكُم وَلاَ أطمَعُ في نَصرِ کُم، وَلَا أُوعِدُ العَدُوَّ بِکُم. مَا بَالُكُم؟ مَا دَوَاؤُکُم؟ مَاطِبُّکُم؟ القَومُ رِجَالٌ أَمَثالُكُم.) (الوعد)(6) يستعمل(7) في الخير والشر يقال: وعدته /ظ 55/ خيراً ووعدته شراً فإذا اسقطوا الخَير والشر قالوا في الخير الوعد و العِدة وفي الشَّر الایعادُ والوعيد، والمعنى لا أهدِد الأعداء بکُم لعدم الطَّمع في نصرکم؛ أو لأنَّهم لا يخافونکُم ويعلمون بخذلانكم والبال الحال والشأن والخاطر والقلب، والطّب علاج الجسم والنَّفس والعادة أيضاً والاضافة على الأوَّل الى المَفعُول والمراد بالقوم الخُصوم. (أَقَولاً بِغَيرِ عِلمٍ، وَغَفلةً مِن غَيرِ وَرَعٍ، وَطَمَعاً في غَيرِ حَقٍّ!) نصب المصادر بالأفعال المقدرة والمراد بالقول بغير علم قولِهم: إنا سنفعل بالخصوم كذا وكذا مَع أنَّه ليس في قلوبُهم الحرب والقتال، أو قولهم: إنَّا مؤمنون مطيعُون للإمام مع انَّهُم لا يطيعُون، فالظَّاهر

ص: 153


1- [الفوق] ساقطة من ع
2- ينظر: لسان العرب، مادة (فوق): 10/ 319
3- [إذا خرج منه النصل ذكره الجوهري] ساقطة من ح
4- ينظر: لسان العرب، مادة (نصل): 11/ 662
5- ينظر: ثلاث كتب في الاضداد (الاصمعي، السجستاني، ابن السكيت): 246
6- (الوغد) في ح، تصحيف
7- (فيسعمل) في م، تحریف

من حالهِم انَّه قول من غير إذعَان وفي بعض النّسخ (بغير عمل)(1) أي: تقولوُن(2) ما لا تفعَلونُ في أمر الحَربِ أو الأعم، والمراد بالغفلة على ما ذكره بعض الشَّارحين الغفلة عن مصالح الحرب والمعاش وبالورع(3) لزوم الأفعال الجميلة الموجبة للفوز بجميل الثواب فإن الغفلة عن الأمور الدّنياوية مع ذلك الورع ليست بضارَّه(4) وفيه تأمَّل فإنَّ ما غفلوا عنه وتركوه ليس من الأمور الدنياوية المحضة حتى لا تضر الغفلة عنه لو لم تضر(5) الغفلة عنها، ويحتمل أن يكون المراد توبیخهم بالغفلة المحضة أي: تغفلون عما يصلحكم وليس لكم ورع يحجز كم عن المحارم حتَّی ينبهكم(6) عن رقدة الغفلة فلا يلزم کون الغفلة النَّاشئة عن الورع محمودة، وفي بعض النَّسخ (وعفة من غير ورع)، ولعلَّ المعنی: تظهرُون العّفة والزُّهد في الدنيا ولا تخافون من الله، ولو خفتم لأطعتم(7) إمامكم في قتال الأعداء وتوبيخهم بالطمع في غير [حق](8)؛ لأنَّ كثيراً منهم كانوا يطمعون التفضيل في العطاء كما كان يفعل معاوية وقد قعدوا عن نصره لأنَّهم لم يفوزوا بذلك منه (عليه السَّلام).

ص: 154


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 53. ذكرها في الشرح لا المتن
2- (يقولون) في ث، م، تصحيف
3- (بالورع) في ر
4- ينظر: شرح نهج البلاغة: 2 / 53
5- (يضر) في ث، ح، تصحیف، وفي ر: (تصر) تصحيف
6- (ينبهنكم) في ح، ر، تحریف
7- (لاطعم) في أ، ع، تحریف
8- [حق] ساقطة من أنع

[ومن كلام له (عَليهِ السَّلام)] في معنى قتل عثمان

(لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلاً، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً؛ غَیرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقولَ: خَذَلَه مَنْ أَنَا خَیرٌ مِنْهُ، وَمَنْ خَذَلَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: نَصَرَهُ مِنْ هُوَ خَیرٌ مِنِّي) [لعلَّ](1) المراد بالقاتل أعمّ من المباشر وهو معنی شائع في العرف، وخذله کَنَصَرهُ ترك نَصَرهُ، وحاصل الكلام تبريه(2) (عليه السَلام) عن قتله ونصره وإن خاذلیه خير من ناصر یه باتفاق الخاذلين والناصرين، والسَّبب في التبري عن قتله اطفاء ثائرة(3) الفتنة فإنَّ معاوية واصحابه لم يستندوا في الخروج عن ربقة طاعته (عليه السَّلام) إلاَّ بما أرجفوا(4) بين النَّاسِ من أنَّه (عليه السَّلام) أمر بقتل عثمان والتبري عن نصره الإظهار الحق، والكشف عن بطلانه، وترك نصره والنَّهي عن قتله يدلُّ على جواز قتله وتفضيل(5) الخاذلين يشعر برجحَانه، ولا واسطه بين النصر وتركه، وقد صرّح (عليه السَّلام) بأنَّه لم ينه عن قتله(6)، ولم ينصره، فكان من خاذليه، فلا معنى لقول بعض الشَّارحين إنَّه (عليه السَّلام) سلم تسليماً(7) جدل أنه كان من الخاذلين(8) وأمّا أنَّ خاذليه خير من ناصریه فبالاتفاق أمَّا

ص: 155


1- ([لعل] ساقطة من أ، ع
2- (تنزيه) في م، تحریف
3- (نائرة) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحیف
4- (أرجفوا: خاضوا في الأخبار السيئة من الفتنة ونحوها.) العين: 6 / 109
5- (تفصيل) في أ، ع، تصحيف
6- (قبله) في ر، تصحيف
7- (سلم) في أ، ح، ر، ع، وفي ث: (تسليم)
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 57

عندنا فلأنَّه (عليه السَّلام) وأهل بيته وشیعته جميعاً كانوا من الخاذلين، وأمَّا عند الجمهور فلأن جمهُور الصَّحابة وأعيان المهاجرين والأنصار لم ينصروه وإنما نصره مروان و شرذمة من بني أميَّة وغلمانه ومن حذا حذوهم وكانت عائشة تنادي اقتلوا (نعثلاً)(1) قتل الله نعثلًا، واخراج القميص وما قالت و 56 / في عثمان معروف عند أرباب السّير(2)، قيل وغرضه (عليه السَّلام) من ترجيح الخاذلين صرف الذّم عنهم بترك نصرته وانّه لو توجَّه هناك ذمّ لتوجّه الى النَّاصرين إذ الفاضل أولى بالابتاع من المفضول، وقيل المراد أنَّ نصره لا يصلح منشأ للأفضلية كما أنَّ خذله لا يورثُ المفضوليّة(3) ولا يخلو عن بعد(4)، وقد ورد في كلماته (عليه السَّلام) ممَّا يدل على رضاه بقتله كثير مثل قوله (عليه السَّلام): (ما سرني ولا سأني)، وقوله لما قيل لهُ: ارضيت بقتله؟ فقال: لم اَرضَ، فقيلَ: اسخَطتُ قتله؟ فقال: لم اسخط، ولعلَّ المراد بالرَّضا(5) المنفي ما بلغ حدَّ الأمر والمعاونة بقرينة نفي السخط فيكون المؤدَّی ما أمرت [وَلاَ](6) نهیت کما افاده هذا الكلام وقوله (عليه السَّلام): كنت رجلًا من المُسلمين وردَت إذ وَرَدَوُا وصَدرت إذ صَدَرُوا، وقوله (عليه السَّلام): (الله قتله وأنا معه) و تأويل هذه الكلمة بأنَّ الله توفَّاه بالقتل وسيوافيني(7)

ص: 156


1- (نعتلًا) في ح، تصحيف
2- ينظر: تاريخ الطبري: 3 / 477، و المحصول، الرازي: 4 / 343، و الكامل في التاريخ: 3 / 206
3- (المفصولية) في أ، ع، تصحيف
4- (و) في أ
5- (الرضا) في أ، ع
6- [ولا] ساقطة من أ، ع
7- (سيتوفاني) في أن ع

بالقتل أو(1) الموت کما زعمه قاضي القضاة باطل، اذ لو أراد ذلك لقال: وإياي معه، وأمثال ذلك كثير (وَأَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ، اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَة، وَجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الجَزَع، وَللهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ وَالْجَازِعِ) جمع الأمر بیانه على وجه يتضمن ما یعتَّد به منه على وجه الإجمال، وَاستأثرَ [الرَّجل](2) على أصحابه أي: اختار لنفسه أشياء حسنة والاسم الأثرة محركة، والاستيثار الاستبداد والانفراد بالشيء(3)، وقيل: (الأثرة اسم مِن آثَرِ يُؤثر إيثاراً إذا أعطى)(4) فالمراد تفضيل الأقارب و غيرهم في الفيء والعطاء وكونه مسيئاً في الاستيثار واضح لمخالفته لسنة الرَّسول (صَلَى الله عليه وآله)، وجزع کسَمِع نقیض صبر، وقيل حزُن وخاف أي: جزعتم لقتله فأسأتم بقرينة سابق الكلام ومَا سبق من كلامه (عليه السَّلام) ولو كان محلاً للجزع لنهى (عليه السَّلام) عنه، وقد روى بعض الشَّارحين(5) أن المخاطب بهذا الكلام بعض من أنكر بحضرته (عليه السَّلام) قعود من قعد عن(6) نصرة عثمان، وقيل: جزعتم للأثرة فقتلتموه وهو باطل لما ذكروا(7)؛ لأنَّه لا حرَج في الجزع للأثرة إذا كانت من المنكرات ولو لم يجز لهم المبادرة إلى قتله من دون أمره (عليه السَّلام)، وكان المراد ذلك لكان المناسب تخطئتهم بذلك لا بالجزع نفسه،

ص: 157


1- (و) في أ، ع
2- [الرجل] ساقطة من أ، ع
3- ينظر: لسان العرب، مادة (أثر): 4 / 8
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (أثر): 4 / 8
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 57
6- [عن] ساقطة من م
7- (ذكرو) في ح

والمراد بالحكم أما ما يجري على كل من المستأثر والجازع بقضاء الله الذّي لا رادّ له ووقوعه ذلك أو ثبوته في علمه سبحانه وفي اللّوح المحفوظ أو المراد النَّكال في الآخرة التابع للإساءة وهو واقع في علمه سبحانه، أو سيقع في الآخرة والأخير أظهر معنی(1).

ومن كلام له (عَلَيهِ السَّلام) قَالَه لاِبنِ العَبَّاسِ

لَّمَا انَفَذَهُ الى الزُّبیرْ يَسْتَفيئهُ الى طاعَتِه قَبْلَ حَرْبِ الجَمَلِ يستیفئه أي: يطلب رجوعه من فَاءَ إذا رَجَعَ، ومنه سمي الظّل بَعد الزُّوال فيئا(2) (لا تَلْقَينَّ طَلْحَةَ، فَإِنَّك إنْ تَلْقَهُ تَجِدَهُ كَالثَّوْرِ (عَاقِصاً)(3) قَرْنَه، يَرْكبُ الصَعْبَ ويَقُولُ: هَوَ الذلُول) في بعض النَّسخ (تُلفِه) موضع تجده، يقال: ألفيتهُ(4) على كذا أي: وجدته، وعقص شعره کضَرَب أي: ضفره(5) وفتله(6)، وهو ادخال أطراف الشعر في أصوله(7)، والَأعقَص من التيّوسِ وغيرها مَا التوى قَرَناه على أُذنَيه من خَلفه(8) وأمَّا عَقِص بالكسر فهو بمعنی بَخَلَ وَسَاءَ خُلقَهُ(9)، وقول بعض الشَّارحين توهّم(10)، وعَاقِصاً أمَّا مفعول ثانٍ لتجده والضَّمير

ص: 158


1- (معنی) في أن تصحيف
2- ينظر: الصحاح، مادة (فيأ): 1 / 63
3- (عاقضاً) في ح، تصحيف
4- (الفنة) في ع
5- (صفره) في م، تصحیف
6- (قتله) في ث، ر، تصحيف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (عقص): 7 / 56
8- ينظر: الصحاح، مادة (عقص): 3 / 1046
9- ينظر: المصدر نفسه،، مادة (عقص): 3 / 1046
10- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: / 225

المجرور عائد الى طلحة والقرن استعارة، وأما حال عن الثور والضَّمير راجع اليه والقرن حقيقة والمراد تشبيهه في شراسة الخلق واستقباله النصح بالرّد والخشونة بالثور الناطح لمن يستقبله، وقيل وجه الشّبه التواؤه في آرائه وانحرافه [عنه](1) (عليه السَّلام) كالتواء قرن الثور، والصَّعب غير المطيع / ظ 56 / ضَّد الذَّلول، وفي تعريف الذّلول نوع مبالغة (وَلَكِن الْقَ الزُّبَیرَ، فَإِنَّهُ أَلْیَنُ عَرِيكَةً، فَقُلْ لَهُ: يُقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ: عَرَفْتَنِي بِالحِجَازِ، وَأنْكَرْتَنِي

بِالعِرَاقِ، فَمَا عَدَا مَمَّا بَدَا!) قالَ السَّيد: هُوَ أوَّلُ مَنْ سُمِعت منه هذه الْكلمة - أَعْني: (فَمَا عَدا مِمَّا بَدَا!) قالَ السَّيد: هُوَ أوَّلُ مَنْ سُمِعت منه هذه الْكلمة - أَعْني: (فَمَا عَدا مِمَّا بَدَا). العريكة (الطبيعةُ)(2)، وفلان لينِّ العَرِيکَةِ إذا كان مطاوعاً منقاداً قليل الخلاف والنَّفور(3)، وفي قوله (عليه السَّلام) ابن خالك نوع من الاستعطاف والاستمالة بذكر الرحم كقول هارون (عليه السَّلام) وتركٌ للاستعظام والتَّرفع بالتعبير بأمير المؤمنين وانکره واستنكره وتناكره جهله، وانکاره خروجه عن الطَّاعة ونكث البيعة، وعداهُ(4) يعدُوهُ أي: جاوزه وتركه، وعدوته عن الأمر صرَفتُهُ و شغلته(5)، وبدا الأمر يبدو(6) وظهر وبدا له في الأمر ظهر له رأي بعد رأي، وذكر الشارحون في قوله (عليه السَّلام): (فما عَدا ممَّا بَدا) وجوهاً منها ما صرفك عما كان بدا منك أي: ظهر؟ أي: ما الذَّي صَّدك عن طاعتي بعد اظهارك لها؟، (ومن) هاهنا بمعنى (عن)

ص: 159


1- [عنه] ساقطة من أ، ع
2- الصحاح، مادة (عرك): 4 / 1599
3- ينظر: الصحاح، مادة (عرك): 4 / 1599، و معجم مقاییس اللغة، مادة (عرك): 4 / 291
4- (وعدا) في أ، وما أثبتناه مناسب السياق
5- ينظر: المخصص، مادة (ردّ): 3 / 102
6- (بيدو) في أ، ح، ر، ع

كقول(1) ابن قتيبة: حدَّثني فلان من فلان، ولَهَيتَ من كذا وضمير المفعول محذوف، كقوله تعالى: «وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا»(2)، ومنها أن (عدا) بمعنی جاوز و(من) لبيان الجنس، والمراد: ما الذّي جاوز بك عن بیعتي ممَّا بدا لك بعدها من الأمور التي ظهرت لك؟، ولعل الأنسب، ما صرفك عن البيعة والطاعة من الأمور التّي بَدَت لك؟ فيوافق الأوَّل في الجزء الأوَّل(3) والثاني في الثاني، ولا يجعل (من) بمعنى (عن)، ولا يقدّر الجارّ، وروی بعض الشارحين(4) عن الصَّادق جعفر بن محمد، عن أبيه عن جدّه (عليهم السَّلام) قال: سألت ابن عباس عن تلك الرّسالة، فقال، بعثني فأتيت الزبير، فقلت له: فقال إني أريد ما تريد - كأنَّه يقول: الملك - ولم يزدني على ذلك، فرجعت الى أمير المؤمنين (عليه السَّلام) فأخبرته.

ومن خطبة له (عليه السَّلام)

(أَيَّهَا النَّاسُ إِنَّا قَد أَصبَحنَا فِي دَهرٍ عَنُود، وَزَمَنٍ شَدِيدٍ، يُعَدُّ فيهِ المُحسِنُ مُسِيئاً، وَيَزدَادُ الظَّالِمُ فيه عُتُوّاً) عَنَدَ عن الطَّريق كنَصر أي: عدل ومال، والعنود والعَنيد فعُول و فعيل بمعنی فاعل، وقيل مفاعل(5) والزَّمن بالتَّحريك (اسمٌ لقليل الوقت وكثيرهِ)(6) کالزمان، والشديد فعيل من الشدَّة، أو هو

ص: 160


1- (قول) في أ، ع
2- الزخرف / 45
3- (والاول) في ح
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، أن أبي الحديد: 2/ 131، 132، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 61
5- ينظر: لسان العرب، مادة (عند): 3/ 307
6- الصحاح، مادة (زمن: 5/ 2131

بمعنى البخيل كما ذكره بعض الشَّارحين(1)، قال: ومنه قوله تعالى: «وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ»(2) وفي بعض النّسخ (وزمن کنوُد)(3) وهُوَ الكفُور قال الله تعالى: «إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ»(4)، قيل الكنود اللَّوام لربه تعالى ووصف الزَّان بالأوصَاف الذّميمة، في الحقيقة توصيف لأهله كما يدّل عليه الكلام، الاتي لا لأنَّه من الأسبَاب المعدَّة للخَير والشَّر كما زعمه بعض الشَّارحين(5)، وعدّ المحسِن مسيئاً أما لعدم الإذعان [بالحَّق](6)، أو لحملهم الأفعَال الجميلة على المحامل القبيحة، كزعم العَابد مرائياً، ونحو ذلك، والعتوّ الاستكبار ومجازة الحد(7) وعتوا الظالم لَعَدم النَّاهي عن المنكر مع ميل النّفوسِ الأمارة بالسّوءِ اليه، أو لأعانة أهله، ومعاضدتهم الظَّالمين (لَا نَنتَفِعُ(8) بِمَا عَلِمنَا، وَلَا نَسأَلُ عَمَّا جَهِلنَا، وَلَا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّى تَحُلُّ بِنَا) الكَلام من قبيل: (إيَّاك أعني واسمعي يا جارة)(9)، وعدم الانتفاع بالعِلم لترك(10) العمل، وعدم

ص: 161


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 140
2- العاديات / 8
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 138، هامش: 1، نسخة ج: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 114/4
4- العاديات / 6
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 64
6- [بالحق] ساقطة من ث، ر، م
7- ينظر: لسان العرب، مادة (عتا): 15/ 27
8- (تنتفع) في أ، ث، ع، ر
9- المثل لسيار بن مالك الفزاري قاله لأخت حارثة بن لأم الطائي وذلك انه نزل بها فنظر الى بعض محاسنها فهويها واستحيا ان يخبرها بذلك فجعل يثيب بامرأة غيرها) جمهرة الأمثال: 29/1، ونسبه الميداني لسهل بن مالك الفزاري، مجمع الأمثال: 1/ 50
10- (بالترك) في م

السؤال لعدم العلم بفضل العلم، مع عدم الرَّغبة في العمل بمقتضاه، والقارعة (الدَّاهية)(1) (يقال: قَرَعَهُ أمر إذا أتاه فجأة)(2) وحل بالمكان كمدَ، نزل به وترك الاحتراز عن القوارع هو ترك الاستعداد لدفعها قبل نزولهَا وذلك لعدم التّفكر في العواقب، والمراد بها أمَّا مصائب الدّنيا كإغارة العدّو وغَيرهَا أو يعم نکال الآخرة (فَالنَّاسُ(3) عَلىَ أَربَعَةِ أَصنَافٍ: مِنهُم مَن لاَيَمنَعُهُ الفَسَادَ فِي الأرضِ / و 57/ إلّا مَهَانَةُ نفسه وکَلاَلةُ حَدِّهِ، وَنضِيضُ وَفرِه) المهانة اسم أو مصدر من هان هوُناً بالضَّم كالهوان وهو الذّل والضَّعف أو هو اسم من قولك امتهنته أي: أضعفته، والمهين الحقير والميم على الثاني أصلية، وكلّ السّيف کَفَرّ إذا وقف عن القطع وفي بعض النّسخ (وکلال حده) بدون التاء، وحدّ السّيف حِدّتَهُ وحدّ الرّجل بأسه(4)، و الاضافة على التوسّع، ونَضَّ الماء نَضِيضاً: (سال قليلًا قليلاً)(5)، و(النَضِيض: الماءُ القليلُ)(6)، والوَفر (المال الكثير)(7)، والمراد (بنضيض)(8) وفرِه قلّة مَاله، قال بعض الشّارحين: الاضافة(9) مثلها [في](10)

ص: 162


1- لسان العرب، مادة (قرع): 8/ 265، و تاج العروس، مادة (قرع): 11/ 364
2- لسان العرب، مادة (قرع): 8/ 265
3- (والناس) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 138، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 69
4- ينظر: لسان العرب، مادة (جدد): 3/ 143
5- الصحاح، مادة (نضض): 3/ 1107
6- المصدر نفسه، مادة (نضض): 3/ 1108
7- المصدر نفسه، مادة (وفر): 2/ 847
8- (بتضیص) في ث، وفي ح، ر: (بنصيص)، تصحيف
9- (الاصافة) في ر، تصحيف
10- [في] ساقطة من أ

جرد قطيفه(1)، والمراد بالناس غير المتّقين الذين اشار اليهم [(عليه السَّلام)](2) بقوله: وبقي رجَال ولم يجعلهم(3) قسمًا من أهل الزَّمان لقلّتهم، والقسم الأوَّل من الأربعة المريد للدُّنيا المائل الى الفساد بطبعه المحروم عن نيل الدّنيا والاحتيال لتحصيلهَا لعدم القدرة وفقد الأسبَاب (وَمِنهُم المُصلِتُ(4) بِسَيفِهِ، وَالمُعلِنُ بِشَرِّهِ، وَالمُجلِبُ بِخَيلِهِ وَرَجلِهِ؛ قَد أشرَط نَفسَهُ، وَأَوبَقَ دِينَهُ؛ لِحُطَامٍ يَنتَهِزُهُ، أَو مِقنَبٍ یَقُودُه، أَو مِنبَرٍ يَفرَعُه، وَلَبِئسَ المُتجَرُ أَن تَرَى الدُّنيَا لِنَفسِكَ ثَمَناً، وَمِمَّا لَكَ عِندَ اللهِ عِوَضاً!) أصلَتَ السَّيف أي: (جَرَّدَهُ مِن غِمده)(5) وإصلات السّيف هو إعلان الشَّر والفساد، وفي بعض النسخ (بِسره) بالسين المهملة أي(6): باطنة الخبيث، [و](7) أجلب عليه أي: تجمع وتألب، وكذلك إذا صَاحَ بهِ واستَحثه وأجلبه أي: أعانَهُ(8)، والخيل الخيالة، ومنه الحديث: (يا خيل(9) الله اركبي)(10)، وقيل أي: فرسَان خيل الله أيضاً الخيول، ومنهُ قوله تعالى: «وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا»(11)، والرَّجل اسم جمع أو جمع

ص: 163


1- قول متصرف به، ينظر : شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 140
2- [عليه السلام] ساقطة من ع
3- (يحملهم) في م
4- (المضلت) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 138
5- الصحاح، مادة (صلت): 1/ 256
6- (الي) في ع
7- [و] ساقطة من ع
8- ينظر: لسان العرب، مادة (جلب): 1/ 272
9- (يا حبل) في ع، تصحيف
10- الفائق في غريب الحديث: 1/ 280
11- النحل / 8

للراجل کالركب(1) والصّحب وذكر الرّجل قرينة على الاستعمال الأوَّل للخيل [أو](2) حذف المضاف والمجلب(3) بالخيل [والرّجل](4) المجتمع(5) [بهم](6) أو الصّائح(7) من الجَلَبَة(8) وهي (الصّياح)(9) كما قيل في قوله تعالى: «وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ»(10)، وقال بعض الشَّارحين: أي المستعين على الأمر بالجمع(11)، وأشرط نفسه أي: أعلمها(12) وأعدّهَا للفَساد أو للحطام على التنازع(13)، (قالَ الأصمعيّ: ومنه سمِّي الشُرطُ لأنَّهم جعلوا لأنفسهم علامةً)(14)، (وقال أبو عبيدة: لأنَّهم أُعِدُّوا)(15)، وأوبن دينه أي: أهلكه، والحطام ما تكسر من اليبس(16)، والمراد به المال الذي لا يبقى، وينتهزه أي:

ص: 164


1- (کالراكب) في أ، ث، ر، ع، وما اثبتناه أنسب
2- [او] ساقطة من أ، ع
3- (المحلب) في أ، ث، ح، ر، ع، تصحیف
4- [والرجل] ساقطة من أ، ع
5- (المتجمع) في ح
6- [بهم] ساقطة من ث
7- (الصانح) في ث، تحریف
8- (الحلبة) في أ، ث، ر، تصحیف
9- تاج العروس، مادة (جلب): 1/ 370
10- الإسراء / 64
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 64، وفيه: (المستعين على الأمر بالجمع)
12- (أعملها) في ث، ر، تحریف
13- (الشارع) في ر، ع
14- الصحاح، مادة (شرط):3/ 1136
15- المصدر نفسه، مادة (شرط) :3/ 1136
16- ينظر: القاموس المحيط، مادة (حطم): 4/ 98

يسرع الى تناولهِ، والنُّهزة(1) بالضّم (الفُرصة)(2)، وانتهازها(3) اغتنامها، والمِقنب بالكسر جماعة الخيل والفُرسان، قيل هي دون المائة، وقيل ما بين الثلاثين الى الأربعين(4)، وقائد الجيش أميُرِهُم، ويفرعه(5) أي: يعلوه (وفَرعُ(6) كلِّ شيء أعلاه)(7)، والمتجر مصدر والمكان بعيد ومَالك عند الله أي: على تقدير الطَّاعة وهذا القسم هو المريد للدُّنيا المعلن بالعلو والفَساد القادر عليها البائع آخرته بدُنياه (وَمِنهُم مَن يَطلُبُ الدُّنيَا بِعَمَلِ الآخِرةِ، وَلَا يَطلُبُ الآخِرَة بِعَمَلِ الدُّنيَا، قَد طَأمَنَ مِن شَخصِهِ، وَقَارَبَ مِن خَطوِهِ، وَشَمَّرَ مِن ثَوبِهِ، وَزَخرَفَ مِن نَفسِهِ لِلأَمَانَةِ، وَأَتَّخَذَ سِترَ اللهِ ذَرِيعَةً إِلَى المَعصِيَةِ) عمل الدّنيا مَا يفعله المكلَّف فيها فالإضافة كمصارع مصراً، و ما يصير بانضمامِ القربة والتّوصل به الى الطّاعة طاعة فيناسبُ الاضافة السّابقة وطأمن بالهمز مقلوب طمأن(8) أي: سكن، وطامن منه أي: سكّنه، وقارَب من خطوه أي: لم يبعد بين قدميه في المشي اظهاراً(9) للوقار، ويقال: قارب في الأمر إذا اقتصد

ص: 165


1- (النهرة) في ر، تصحيف
2- الصحاح، مادة (نهز): 3/ 900
3- (ایثارها) في ر
4- ينظر: تاج العروس، مادة (قنب): 2/ 342
5- (ويقرعه) في ث، تصحيف
6- (قرع) في ث، ع، تصحيف
7- الصحاح، مادة (فرع): 3/ 1256
8- ذهب الى هذا الرأي أبو عُمر الجرمي، قال ابن جني: ((علم أن أبا عمرو الجرمي خالف سیبویه في هذه اللفظة فذهب الى ان (أطمأن) غیر مقلوب، وأن (طأمن) هو المقلوب كأن أصل هذا الفعل عنده أن يكون الميم قبل الهمزة)) المنصف: 2/ 104 و ينظر: شرح شافية ابن الحاجب: 1/ 22
9- (اطهارا) في أ، ح، تصحيف

وترك الغلو والتّقصير، والخَطو بالفتح کما في النّسخ مصدر وبالضّم بعد ظ 57/ ما بين القدمين في المشي(1)، وشمّر من ثوبه أي: (رفعه)(2)، ولعلّ ذلك لإظهار التّنزه والاحتراز من النجاسة والقذارة، وقال بعض الشَّارحين: أي: قصر ثوبه(3)، وهو غير معروف في اللّغة وعلى تقديره فهو للتّنزه، أو لرفض(4) اعادة المُستكبرين من العرب في اطالة الثّوب واتباع السّنة في قصره الى نصف الساق أو الى القدم، والزُّخرف بالضّم في الأصل (الذهب ثُمَّ يُشَبَّهُ به کلّ مُموَّهٍ [و](5) مُزوَّرٍ، والمُزخرف المزَيّنُ)(6)، والظَّرف أعني للأمانة متعّلق بالأفعال الأربعة أو الأخير أي: زيّن نفسه؛ لأن يتّخذه النَّاس أميناً في أمُور دينهم ودنياهم ويقتدوا بهِ، أو في أموالهم، وستر الله تلك الأمانة أو التقوى فإنَّ الله تعالى حرم على النَّاسِ تتبع عَورات أهلها وذكر عيوبهم، والذّريعة (الوسيلة)(7)، والمعصية التّي جعل ستر الله ذريعة اليها ما يطلبه من العلوّ في الدنيا و الرئاسة بغير حَّق، وهذا الصّنف(8) هو المُريد للدُّنيا المعدّ نفسه بالتّمويه والتّزوير لأمور دون الملك وإراقة الدماء والظّلم الظَّاهر (ومِنهُم مِن أقعَدَهُ(9)

ص: 166


1- ينظر: الصحاح، مادة (خطا): 6/ 2328
2- القاموس المحيط، مادة (شمر): 2/ 63
3- ينظر: منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، قطب الدين الراوندي: 1/ 232
4- (لرفص) في ر، تصحيف
5- [و] ساقطة من ث، ح، ر، م
6- الصحاح، مادة (زخرف): 1369/4
7- لسان العرب، مادة (ذرع): 8/ 96
8- (الضف) في م، تحریف
9- (أبعده) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 138، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 70

عَن طَلَبِ المُلكِ ضُؤولَةَ نَفسِهِ، وَانقِطَاعُ سَبَبِهِ، فَقَصَرَته الحَالُ عَلَى حَالِهِ، فَتَحَلَّى بِاسمِ القَنَاعَةِ، وَتَزَيّن بِلِبَاسِ أهلِ الزَّهَادَةِ، وَلَيسَ مِن ذَلِكَ فِي مَرَاحٍ وَلَا مَغدًى) الضُؤُولة بالضّم (الحقارة)(1) ورجلٌ ضَئِيل الجسم إذا كان ضعيفاً نحيفاً(2)، والسَّبب الحبل وكلّ ما يتوصل بهِ الى شيء، وقصرّته بالتشديد على صيغة المؤنث، وفي بعض النّسخ (قَصُرَ بِهِ) بالتخفيف مع الظَّرف والفاعل الحال على كلّ حالٍ لأنَّه يذكر ويؤنث، وتحلّى بالحَلي أي: تزین بهِ، (وَالمَراحُ بالفتح الموضع الذّي يَرُوح منه القوم أو يروحون اليهِ)(3) من الرَّواح، وهو اسم للوقت من زوال الشمس الى الليل نقيض الغداة أي: الصباح، ومنه المغدی(4)، و [أما](5) المراح أي: الموضِع الذّي تأوي الَيه الماشية باللّیل کما فسرّه بعض الشَّارحين(6) فهو بالضَّم، ومعنى الكلام ليس من ذلك في شيء كقولهم: (مَا ترك(7) فلان من أبيه مَغدىً ولا مَراحاً إذا أشبَهه في أحواله كلّها)(8)، ويمكن أن يكون الكلام إيماء إلى أنَّه لا يشبه يوم الرّجل يوم العباد والزّهاد في الصّيام وغیرہ کما لا يشبه ليلة لياليهم(9) في القيام وغيره والفرق بين هذا القسم والقسم الأوّل أنَّ الأوّل غرضه الفساد والظّلم، والثاني الملك

ص: 167


1- تاج العروس، مادة (ضأل): 15 / 417
2- ينظر: الصحاح، مادة (ضأل): 5/ 1747
3- الصحاح، مادة (روح): 1/ 369
4- المصدر نفسه، مادة (روح): 1/ 368
5- [اما] ساقطة من أ، ع
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 64
7- (سأترك) في ع
8- الصحاح، مادة (روح): 1/ 369
9- (ليالهم) في أ، ع

والسّلطان لو خليّا وما يطلبان وهما مختلفان من وجه ومهانة النّفس في الأوّل أقعده عن التزين(1) بلبَاس العباد بخلاف الضؤولة في الثاني، والأول خال عن ذلك التمويه بخلاف الثاني والأول يشمل من كان الظاهر من حاله الغِني بخلاف الثاني كما هو ظاهر الكلام (وَبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أبصَارَهُم ذِكرُ المَرَّجِع، وَأرَاقَ دُمُوعَهُم خَوفُ المَحشَر؛ فَهُم بَينَ شَريدٍ نَادٍّ، وَخَائِفٍ مَقمُوعٍ، وَساکِتٍ مَکعُومٍ، وَداعٍ مُخلِصٍ، وَ ثَکلَانُ مُوجَعٍ) غضّ طرفهُ كنصر أي أطرق ولم يفتح عينه للحياء أو الخوف(2)، والمرجِع بكسر الجيم مصدر أو اسم مکان(3)، والمراد به من اليه مصير العباد أو يوم القيامة أو الرّجوع اليهما والأولى حمل المرجع على المكان وإن يكون المراد بهِ هُوَ الله سبحانه وإن يكون غضّ البصر للحياء وأراق أي: صّب والمحشَر بفتح الشيّن وكسرها (المجمع)(4) أو الجمع، وفي النّسخ بالفتح، وشَرَدَ البعير کنَصَرَ نفر وذهب في الأرض وكذلك ند كفّر قمعه قهره وذَلّله وضربه بالمِقمَعَة بكسر الميم وهي (حديد المحَجِن يُضرَب بها رأس الفيل)(5) أو عمود من حديد، والكعام ککتاب شيء يجعل في فم البعير عند الهياج، وكعمتُ(6) [الوعاء](7) إذا شددت

ص: 168


1- (التربي) في أث،، ع
2- ينظر: لسان العرب، مادة (غضض): 7/ 197
3- ينظر: لسان العرب، مادة (رجع): 8/ 114
4- المصدر نفسه، مادة (حشر): 4/ 190
5- الصحاح، مادة (قمع): 3/ 1272
6- (كعمته) في ح، ر، ع
7- [الوعاء] ساقطة من ح، ر، ع

[بهِ فمه فهو مكعُومٌ وکَعَمتُ الوعاء(1) اذا شددتَ](2) رأسه(3)، الثُّكل بالضمّ فقد الولد أو(4) الحبيب(5)، يقال: امرأة ثاكل وثكلى، ورجل ثاکِل و ثَکلان(6)، والإيجاع الإيلام، والمُوجَع بفتح الجيم من أصّابه الألم وَالحاصل و 58/ أنّ القليل من أهل الدّهر قوم غضوا بصرهم الظّاهر عما حرّم الله أو(7) عن النّظر الى أكثر الأشياء لخشُوعهم أو غضُوا أبصَار قلُوبهم عن الالتفات الى غيره سبحانه أو الى مَا نهى الله عنه واشتغلوُا بالبُكاء لخوف المحشر فهم(8) دائروَن بين تارك للوطن أو مجامع النّاس للخوف من الظّالمين وكثرة الأذى، أو لقلّة صبره على مشاهدة المنكرات كما ذكره بعض الشّارحين(9) وغير شرید مقهوراً إذا أنكر منكراً أو طلب حقّاً خائف ممّا يجري عليه بعد ذلك وساکت عن الإنكار أو الطّلب قسراً و مشتغل بالدعّاء على وجه الإخلاصِ فصار ذلك همّه وشأنه، ومتألم من أذى الظّالمين، أو لما يرى من مصائب الدّين قد شغله ذلك عن غيره.

(قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّةُ، وَشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ، فَهُمْ في بَحْرٍ أُجَاجٍ أَفْوَاهُهُمْ

ص: 169


1- (الوغاء) في ح، ر، تصحيف
2- [به فمه فهو مكعُوم وكعمتُ الوعاء اذا شددت] ساقطة من ث، م
3- ينظر: الصحاح، مادة (كعم): 5/ 2023
4- (و) في ع
5- (الجيب) في ث، تحریف
6- ينظر: تاج العروس، مادة (ثكل): 14/ 87
7- (و) في ر
8- (فيهم) في ث، م
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم الحراني: 2/ 70

ضَامِزَةٌ(1)، وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ)، خمل ذکر فلان وصوته كنصر خمولًا خفِي، وأخمله(2) الله فهو خامل أي: ساقط لا نباهة له(3)، والتقية الحذر والخوف(4)، والماء الأُجاج بالضّم الملحِ المرّ(5) وشأن البحر الأجاج أنّ السّابح فيه مع شدة التعب لا يمكنه(6) الشرب منه وإن بلغ غاية العطش، وضمز بالزاي(7) کضرب ونصر سکت ولم يتكلّم(8)، وفي بعض النسخ (صامتة)، والقُرح بالضّم والفتح الجرح من عضَّ السلاح وما يخرج بالبدن، وقيل بالفتح مصدر وبالضّم اسم، وقيل بالفتح الآثار وبالضّم الآلم، والفعل كمنع جرح وكسمع خرج(9) به القروح وقرحَ قلوب هؤلاء لكثرة الظّلم، أو لكثرة المنكرات وسكوتهم(10) لعدم المغيث، أو لعدم تأثير الإنكار مع الخوف وسكوتهم يرجع الى التقية كما أنَّ قرح قلوبهم من فروع الذّلة، ففي الكلام نشر على ترتيب اللّف والفقرتان الأخيرتان بيان لكونهم في بحر أجاج کما أنّه متفرع على السّابقتين فإنهم مع قرح القلوب لا يقدرون على التظّلم و اظهار ما في صدورهم ولو كشفوا عنه لزاد قرح قلوبهم كما أنَّ العطشان في

ص: 170


1- (ضامرة) في ث، ر، تصحيف
2- (فاخمله) في أ، ع
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (خمل): 3/ 371
4- ينظر: لسان العرب، مادة (تقي): 15/ 402
5- ينظر: تاج العروس، مادة (أجج): 3/ 285
6- (يمكن) في ع
7- (ضمر بالزاي) في أ، وفي ث: (ضمر بالراي)، وفي ع: (ضمر بالضاد)
8- الصحاح، مادة (ضمز): 822
9- (حرح) في ث، وفي م: (حرج)، تصحيف
10- (سكونهم) في ح، ر، م، تصحيف

البحر الأجاج لا يقدر(1) على التروّي، ولو شُرب منه لأزداد عطشاً، وقال بعض الشّارحين: (وجه المشابهة أنَّ الدنيا كما لا تَصلح للاقتناء(2) والاستمتاع بها بل يكون سبباً للعَذاب في الآخرة كذلك البحر لا يمكن سابحه وإن بلغ به جَهد العطش مبلغه شربه والتّروي به)(3)، قال(4): وقوله أفواههم ضامرة أي: إنَّهم لما فطموا أنفسُهَم عن لذّاتها ومخالطة أهلَها فيما هم فيه من الانهماك فيها لا جَرم كانت أفواههم ضامرة لكثرة صيامهم بعيدة العهد بالمضغ، وقُلوبهم قرحة جوعاً، أو خَوفاً من الله، أو عطشاً الى رحمته ورضوانه، أو لما يشاهدُونه من كثرة المنكرات وعدم تمكنهم من انكارها، ومن روی (ضامزة)(5) بالزّاي المعجمة أراد سُکوتهم وقلّة كلامهم انتهى. وفيه من شوائب البعد ما لا يخفى ولم نجد ضامرة بالرّاء المهملة في النّسخ التّي ظفرنا بهَا. (قَد وَعَظُوا(6) حَتَّى مَلُّوا، وَقُهِرُوا حَتَّی ذَلُّوا، و قُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا) في كثير من النسخ (وُعِظُوا) على صيغة المعلوم أي: ذكروا للناس ما يلين قلوبهم من الثواب والعقاب ونهوهم عن المنكر حتى ملّوا لعدم التأثير، وفي بعض النّسخ (وَعِظُوا) على صيغة المجهُول أي: خوفهم النّاس وحذّروهم عن مجانبة ما هم عليه من الباطل للحوق الضّرر الدّنيوي أو الاخروي لزعمهم

ص: 171


1- (لا يقدرون) في ث، ر، م
2- (للاقتناء) في ث، وفي ر، م: (للافناء)، تحریف
3- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 70
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 70، وفيه: (وقوله: أفواههم ضامرة وقلوبهم قرحة أي أنهم...)
5- (ضامرة) في أ، ر، ع، م، تصحيف
6- (وعطوا) في م، تصحيف

أنَّهم على الحق وهؤلاء على الباطل حتی مّل هؤلاء من سماع الباطل واسناد القتل الى الجميع لجريانه على البعض أو الأكثر، ولشمول قصد القتل كافّتهم.

(فَلتَكُنِ الدُّنيَا أَصغَرَ فِي أعيُنِكُم(1) مِن حُثَالَةِ القَرَظِ، وَ قُرَاضَةِ الجَلَمِ(2)، وَ اتّعِظُوا بِمَن كَانَ قَبلَكُم قَبلَ أَن يَتَّعِظَ بكم مَن بَعدَكُم، وَارفُضُوهَا ذَمِيمةَّ، فَإِنَّهَا قَد رَفَضَت مَن كَانَ أَشغَفَ(3) بِهَا مِنکُم) القَرَظُ(4) بالتّحريك ورَقُ السَلَمِ يُدبَغُ بهِ الأدِيم(5)، وحُثَالَتُه بالضّم ثفله وما يسقط / ظ 58/ من قشر الشعير والأرُزَّ وغيرهما إذا نقي وَالرّديء من كل شيء حُثالة(6)، و(الجَلَم)(7) بالتحريك ما يجز به: أي يقطع الصّوف من الغنم وغيره(8)، وهو المقراض وقراضته ما يسقط بالقرض، والاتعاظ قبول الوعظ والعمل بما يقتضيه ومحل الاعتبار من أحوال الماضيين مفارقة ما كانوا يركنون اليها و يؤثرُونَها من نعيم الدّنيا وزخارفها وبقاء الحسرة والنّدامة، أو نزول العذاب وحلول الخزي على العاصيين، وتغيّر النعم وزوالها عمّن بدّل نعمة الله كفرا ولم يطيعوا أنبياء الله و أوصياءه. والرّفض التّرك والإعراض عن الشيء، والذّميم المذموُم،

ص: 172


1- (فلتكن الدنيا في أعينكم أصغر) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 139، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 72
2- (الحلم) في ع، تصحيف
3- (اشعف) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
4- (القرط) في أ، ع، تصحيف
5- ينظر: الصحاح، مادة (قرظ): 3/ 1177
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (حثل): 4/ 1666
7- (بالحلم) في ث، وفي ح، ع: (الحلم)، تصحيف
8- ينظر: لسان العرب، مادة (جلم): 12/ 102

والشغف(1) الحب الشّديد الذّي يحرق القلب أو يغشاه أو يمرضه، أي: لما ترك الدّنيا من ركن اليها منکم فاتركوها فإن الرّغبة في الزّاهد فيكم ذلّ نفس والحميّة يقتضي مكافأتها بإساءتها وإذا رفضت من كان (أشغف)(2) بها منكم فترفضكم لا محالة.

قال السَّيِدُ: (وهذه الخُطبَةُ رُبَّمَا نسبها من لا عِلمَ له إِلى معاوِية؛ وَ [هِيَ](3) من كلام أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) [الَّذِي](4) لاَيُشكُّ فِيه. وأين الذَّهبُ من الرَّغامِ! وَالعذبُ(5) منَ اَلأجَاجُ!) (الرَغَامُ بالفتح: التراب)(6)، ومنه إرغام الأنف إلصَاقهُ بالتراب(7)، والعَذب بالفتح الماء الطّيب الذّي لا ملوحة فيه(8)، والاجاج الملح المرّ. (وقد دَلَّ على ذلك الدَّليلُ الخِرّيت، ونقدهُ النَّاقِدُ البَصِيرُ، عَمرُو بن بحرٍ الجاحِظُ) دلالته [على](9) تصريحه بذلك كما سيأتي، والخريت(10) کسکیت الحاذق(11)، والنقد تمييز الدّرهم وغيره(12)، وجحظت

ص: 173


1- (الشعف) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
2- (أشعف) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
3- [هي] ساقطة من ع
4- (الذي) ساقطة من ث، ر
5- (أين الذهب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 139، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 74
6- الصحاح، مادة (رغم): 5/ 1934
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رغم): 5/ 1934
8- ينظر: لسان العرب، مادة (عذب): 1/ 583
9- [على] ساقطة من أ، ح، ع
10- (الحزيت) في ث،ر، تصحيف
11- ينظر: لسان العرب، مادة (خرت): 2/ 29
12- ينظر: تاج العروس، مادة (نقد): 5/ 282

عینه کمنعت أي: (خرجت مقلتها)(1) ولعلّه لُقّبَ بذلك لذلك (فإنهُ ذكر هذه الخطبة في كتاب «البَيانِ والتَبيينِ»(2)، وذكر من نَسَبَها إلى مُعَاويةَ. ثمَّ تكلّم من بعدها بكلام في معناها) أي: في المقصد المتعلّق بها وهو بيان قائِلها (جُملته) أي: مُجمله، يقال أجملت الحِسَابَ إذا ردّ الى الجملة (أنه قال: وهذا الكلام بكلام عَليٍّ (عَليهِ السَّلام) أشبهُ وَبمذهبهِ في تصنيف النَّاسِ) أي: بطريقته في تمييز النّاس بعضهم عن بعضٍ وجعلهم أصنافاً (وفي الإخبَارِ عَمَّاهُم عليهِ من القَهر والإذلالِ، ومن التقيَّةِ(3) والخوفِ أَليقُ. قالَ:) وهذه اللّفظة(4) ليست في بعض النّسخ فما بعدها يمكن أن يكون من كلام السّيد نفسه (ومتی وجدنا معاويَةَ في حال من الأحوال يسلُكُ في كلامه مسلك الزُهَّاد، ومذهبَ(5) العباد!).

[ومن خطبة له (عليه السَّلام)] عند خروجه لقتال أهل البصرة

قال عبدالله بن العباس: دخلت على أمير المؤمنين بذي قَارِ، وهو يخصِف نعله، فَقَال لي: مَا قيمةَ هذِهِ(6) النعل؟ فقلت: لا قيمةَ لهَا، قَالَ(7):

ص: 174


1- تاج العروس، مادة (حجظ): 10/ 461
2- ينظر: البيان والتبيين: 241، 242
3- (البقية) في ث، ر، تصحيف
4- (الخطبة) في ع
5- [ومن خطبة له (عليه السلام)] ساقطة من ث
6- (هذا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 147، و شرح نهج البلاغة صبحي الصالح: 73
7- (فقال) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 147. وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 73

وَالله لَهِيَ أحبُ إليَّ من إِمرَتكم، إلا أَن أقيم حقّاً، أَو أدفعَ باطلاً، ثم خرج فخطب الناس فقال: ذوُ قار موضع قريب من البصرة(1)، ويوم ذي قار يوم نصرت فيه العرب وهو أوّل انتصارهم على العجم(2)، ويخصف نعله أي: يخرزها من الخُصف الضّم والجمع، والنعل مؤنثة وهي الحذاء(3) أوَ ما وقيت به القدم من الأرض، والإمرة بالكسر اسم من الإمَارَة أو مصدر على قول الجوهريّ(4) (إِنَّ اللهَ سُبحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلىَّ اللهُ عَليهِ وَآله)(5) وَلَيسَ أحدٌ مِنَ العَرَبِ يَقرَأُ كِتاباً وَلَا یَدَّعِی نُبُوَّةً)، الواو للحال، وعدم ادعاء أحد من العرب النبوة حال بعثته (صلى الله عليه وآله) واضح ولم يعرف نبيّ من العرب إلا خالد بن سنان العَبسي(6) على ما ورد من طرق أصحابنا عن بشير النبال(7) عن الصّادق (عليه السّلام)، وذكره صَاحب الكامل(8) وغيره/ و 59/ من الجمهُور(9)، وهو الذي دفن نار الحرتين أو نار(10) الحدثان دعا

ص: 175


1- (وذو قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة بينها وبين واسط، وحنو ذو قار: على ليلة منه وفيه كانت الوقعة المشهورة بين بكر بن وائل والفرس.) معجم البلدان: 4/ 293
2- (الحذا) في أ، ح، ر، ع، م، وفي ث: (الخذا)
3- ينظر: فتوح البلدان: 2/ 365، و تاريخ اليعقوبي: 1/ 215، الكامل في التاريخ: 1/ 482
4- ينظر: الصحاح، مادة (أمر): 2/ 581
5- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 147
6- حکیم من أنبياء العرب في الجاهلية، كان في أرض بني عبس يدعو الناس الى دین عیسی. ينظر: الأنساب: 5/ 456، واللباب في تهذيب الأنساب: 3/ 296، و الأعلام: 2/ 296
7- ينظر: کمال الدین وتمام النعمة، الشيخ الصدوق: 660
8- ينظر: الكامل في التاريخ: 1/ 376
9- ينظر: مروج الذهب، المسعودي: 2/ 211، و الأنساب، السمعاني: 5/ 456، و الاصابة، ابن حجر: 2/ 309
10- (بار) في ث، ر، م، تصحيف

قومهُ فأبوا أن يؤمنوا كانت تأتيهم كلّ سنة فتأكل ما تليها من مواشيهم وما أدركت لهم، وكانت تخرج في وقت معلُوم، فقال: إن رددتها أتؤمنون بي؟ قالوا: نعم، فلمّا جاءت استقبلها بثوبه فردّها، ثم تبعها حتى دخلت کهفها، ودخل معها وجلسوا على باب الكهف فمكث حتّی طال عليهم مكثه، فقالوا: إنَّا لنراها(1) قد أكلته، فخرج وقال: أتجيبوني وتؤمنُون(2) بي؟ قالوا: نار خرجت ودخلت لوقت، فقال لهم: إنّي ميت بعد كذا فإذا أنا مّت فادفنوني وإنه ستجيء(3) عانه(4) من حمر(5) يقدمها(6) غير(7) أبتر(8) حتّى تقف(9) على قبري فانبشوني(10) وسلوني عمّا شئتم، فلمّا مات ودفنوه وجاءت العير، قالُوا: ما أمنتم به في حياته، فكيف تؤمنُون به بعد وفاته! فتركوه وفي هذه النّار قول الشاعر:

کنار الحرّتين لها (زفير)(11) *** تصم مّسامعَ الرّجُل السّميع(12)

وأمّا قراءة الكتاب، فيمكن أن يراد بها قراءته على النّاس من عند الله

ص: 176


1- (لنريها) في أ، ث، ح، ر، ع، م
2- (ويؤمنون) في أ، ح، ع، وما اثبتناه مناسب للسياق
3- (سيجيء) في أ، ح، ع، م، تصحيف
4- (غانة) في ث، تصحيف
5- (جمر) في ث، ر، م، تصحیف
6- (تقدمها) في أ، ع، تصحيف
7- (غير) في ث، وفي أ، ع، تصحیف
8- (أمتر) في ث، تحریف
9- (يقف) في ث، ح، ر، م، تصحيف
10- (فانیشوني) في ث، تصحيف
11- (رفير) في ث، ح، تصحيف
12- البيت لم ينسب لشاعر، ورد في نهاية الأرب في فنون الأدب، النويري: 1/ 113

سبحانه، وقال بعض الشّارحين: الكتاب الذّي يدعيه اليهود محرف ولا اعتماد على النّصارى لكفرهم وقولهم بالتثليث، [والنّافون للتثليث](1) في غاية القّلة فلا يفيد قولهم إنّ ما في أيديهم هو إنجيل عيسى، فإذن لا يكون ما يقرؤونه کتاباً من عند الله سُبحانه سلمناه، ولكن يحتمل أن يريد بالعرب جمهورهم فإنه لم يكن لأكثرهم [دین](2)، ولا كتاب وإنّما كان بعضهم يتمسكون بآثار من شريعة إسماعيل، وبعضهم برسوم لهم(3).

(فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُم مَحَلَّتَهُم، وبَلَّغَهُم مُنجَاتَهُم، فَاستقَامَت قَنَاتُهُم، وَاطمَأَنَّت صَفَاتُهُم) بؤاه الله منزلا أي: اسکنه إيّاه أي: ضربَ النّاسِ بسيفه ودَعاهم الى الاسلامِ حتّى أوصلهم اليه ففازوا بالنّجاة والمنجاة مصدرا، ومحل وهو أنسب بالمحلة و [الحلول](4) هو النّزول، والقناة: (الرّمح)(5) وهو إذا كان معوجاً لا يترتّب(6) عليه الأثر المَطلوب، وفسّر بعض الشّارحين القناة (بعمود الظّهر المنتظم للفقار)(7) ولم نجده في کلام اللغويين(8) وفسرّها بعضهم بالعَصَا المُستوية أو ما يشمل المعوجة(9)

ص: 177


1- [النافون للتثليث] ساقطة من ث، وفي م: (الناقون)، تصحيف
2- [دین] ساقطة من أ، ع
3- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 73
4- [الحلول] ساقطة من ع
5- لسان العرب، مادة (قنا): 15/ 203
6- (تترتب) في ح، تصحيف
7- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 72
8- (ولم نجده في كلام اللغويين) محذوفة في ح
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 148

والصَفَاةُ [بالفتح](1) الحجر(2) الصلد(3) الأملس شبه (عليه السّلام) حَالُهم قبل الإسلام في تزلزلهم للنّهب والغارة والخصومات بالصّخرة المتدحرجة الزّائلة عن مكانها. (أما وَالله إِن کُنتُ لَفِي سَاقَتِها حَتَّى وَلَّت بِحَذَافِيرِها؛ مَا عَجَزت(4) وَلاَ جَبُنتُ، وإِنَّ مَسِيِري هَذا لِمثلِهَا، فَلَأَنَقُبَنَّ البَاطِلَ حَتَّى يَخرُجَ الحَقّ مِن جَنبهِ) كلمة (إن) مخففة من المثقلة واللّام المفتوحة قرينة لها، وفي بعض النسخ (لقد كنت)(5)، والسّاقة جمع سائق کحائك وحاكة، وهم الذّين يسوقون جيش الغزاة ويكونون من ورائه يحفظونه ومنه ساقة الحاجّ(6)، وولّی وتولى أي: أدبر هارباً، وفي بعض النسخ (تولّت)(7)، وحَذَافِيرُ الشيء جوانبه(8)، وقيل: (أعاليه)(9) واحدها (حِذفَارٌ)(10)، وقيل: (حذفور)(11)، والمراد: أدبرت بأسرها، والجبن ضدّ الشجاعة، والنَقبِ (الثقب)(12) وفي

ص: 178


1- [بالفتح] ساقطة من أ، ث، ر، م
2- (الحجرة) في أ
3- ينظر: الصحاح، مادة (صفا): 6/ 2401
4- (ما ضعفت) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 147
5- معارج نهج البلاغة: 200
6- ينظر: الصحاح، مادة (سوق): 4/ 1499
7- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 234
8- ينظر: لسان العرب، مادة (حذفر): 4/ 177
9- المصدر نفسه، مادة (حذفر): 4/ 177
10- الصحاح، مادة (حذفر): 2/ 626
11- لسان العرب، مادة (حذفر): 4/ 177
12- تاج العروس، مادة (نقب): 2/ 443

بعض النسخ (لأبقرن) [كانصُرنّ](1)، والبقر الشق(2) شبه (عليه السّلام) الباطل بحيوان ابتلع جوهراً ثميناً فاحتيج الى شق بطنه في استخراج ما ابتلع.

(مَالِي وَلِقُرَيشٍ، وَاللهِ لَقَد قَاتَلتُهُم كَافِرِين، وَلَأُقَاتِلَنَّهُم مَفتُونِينَ؛ وَإِنّي لَصَاحِبُهُم بِالأَمسِ کَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ اليَومَ) مَالي ولهم أي: لا أداهنهم ولا اترحمُ عَلِيهم، وَالمفتون من أصابته الفتنة وهي تطلق على الامتحان والضّلال والكفر والإثم والفضيحة والعذاب / ظ 59/ وغير ذلك، والمراد بالمفتُون ما يقابل الكافر الأصلي الذّي لم يدخل في الاسلام ولم يظهره أصلا إذ لا شك في أنَّ من حاربه (عليه السّلام) کافر لقوله (صلى الله عليه وآله): (حربك حربي)(3) وغير ذلك من الأخبار والادلة وسيجيء تمام الکلام في ذلك في شرح بعض الكلمات الآتية إن شاء الله تعالى.

[ومن خطبة له (عليه السّلام)] في استنفار الناس إلى أهل الشام

روی انّه (عليه السّلام) خطب بهذه الخطبة بعد فراغه(4) من أمر الخوارج بالكوفة، وكان أمر الناس أن يلزموا معسكرهم بالنخيلة ويوطنوا على الجّهاد أنفسهم ويقلوا زيارة نسائهم وأبنائهم حتّى يسير بهم الى عدّوهم فتركوه وما معه إلا قليل من وجوههم وبقي(5) المعسكر خالياً فلما رأى ذلك دخل الكوفة

ص: 179


1- [كانصرن] ساقطة من أ، ث، ر، ح، م
2- ينظر: تاج العروس، مادة (بقر): 6/ 105
3- الأمالي، الصدوق: 156
4- (فراعه) في ح، تصحيف
5- (وهي) في ر

(أُفٍّ لَکمْ! لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَکمْ(1). أَرَضِیتُمْ بِالْحَیاةِ الدُّنْیا مِنَ الْآخِرَةِ عِوَضاً، وَ بِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً!) أُفٍّ بالضّم والتّشديد والتنوين كلمة تضّجر وتكره ولغاتها أربعون(2) منها كسر الفاء کما في بعض النسخ، وسِئمتُ الشيء ومنه تعلمت مللته، والعتاب المَلَامَة، والخَلف بالتّحريك كلّ من يجيء بعد من مضى، وقيل: الخَلَف بالتّحريك في الخير، وبالتّسكين في الشّر، يقال: خَلَف صدق بالتّحريك، وخلف سوء بالتّسكين(3)، فالتّحريك كما في النسخ على ظنّ المخاطبين المنبئ(4) رضاهُم عنه.

وفي الكلام اشارة الى قوله تعالى: «أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [فِي الْآخِرَةِ](5) إِلَّا قَلِيلٌ»(6) وعوضاً وخلفاً منصوبان على التّمييز ([...](7) إِذَا دَعَوْتُکمْ إِلَی جِهَادِ عَدُوِّکمْ دَارَتْ أَعْینُکمْ، کأَنَّکمْ مِنَ الْمَوْتِ فِی غَمْرَةٍ، وَ مِنَ الذُّهُولِ فِی سَکرَةٍ) دوران أعينهم(8) أمّا للخوف من العدّو والجبن، أو للحيرة وَالتردد بين مخالفته (عليه السّلام) وبين الإقدام على الحرب وفي كلیهما خطر عندهم، (والغَمرَةُ: الشّدة)(9)، (وغَمَرَات الموتِ:

ص: 180


1- (عنابكم) في ع، تصحيف
2- ينظر: تاج العروس، مادة (أفف): 12/ 84
3- ينظر: لسان العرب، مادة (خلف): 9/ 85
4- (المبني) في أ، ث، ر، تصحيف
5- [في الآخرة] ساقطة من أ، ع
6- التوبة / 38
7- [و] زيادة في م
8- (اعينكم) في أ، ع، وما أثبتناه مناسب للسياق
9- الصحاح، مادة (غمر): 2/ 772

شدائُده)(1)، والذّهول الغفلة والنّسيان(2)، والسَّكر بالفتح ضدّ الصّحو، والاسم بالضّم، وسكرة الموت شدّته وغشيته وكأنّه على التّشبيه، وفي الكلام اشارة الى قوله تعالى: «يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ»(3) (یرْتَجُ عَلَیکمْ حَوَارِی فَتَعْمَهُونَ، فَکأَنَ قُلُوبَکمْ مَأْلُوسَةٌ، فَأَنْتُمْ لَا تَعْقِلُونَ) يُرتَج على صيغة المجهول أي: يغلق، والحِوار بالكسر المحاورة وَالمخاطبة، والعَمَه محركة التَرُّددُ في الضّلال والتَّخير(4) في منازعة أو طريق(5)، والفعل كعلم، والأَلس بالفتح: اختلاط العقل والجنون، يقال: الس کعنی فهو مألوس(6) (مَا أَنْتُمْ لِی بِثِقَةٍ سَجِیسَ اللَّیالِی، وَ مَا أَنْتُمْ بِرُکنٍ یمَالُ بِکمْ، وَ لَا زَوَافِرُ عِزٍّ یفْتَقَرُ إِلَیکمْ) وثِق بفلان كوَرِث إذا ائتَمنهُ، وسجيس الليالي [أي](7): آخر الدّهر(8)، (ومنه قيل(9) للماء الرّاكد: سجيس؛ لأنّه آخِر مَا يبقى)(10) ويقال: لا آتيكَ سجيسَ الليَّالي، و (سجيس الأوجَس [أي](11)

ص: 181


1- الصحاح، مادة (غمر): 2/ 772
2- ينظر: لسان العرب، مادة (ذهل): 11/ 259
3- الأحزاب / 19
4- (التحير) في أ، ث، ع،، م تصحيف
5- ينظر: الصحاح، مادة (عمه): 6/ 2242
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ألس): 3/ 904
7- [أي] ساقطه من ع
8- ينظر: لسان العرب، مادة (سجس): 6/ 104. وفي ع (أواخر)
9- (قبل) في أ، ع
10- القاموس المحيط، مادة (سجس): 2/ 221
11- [أي] ساقطه من ح، ر

أَبداً)(1) ورکُن الشيء بالضّم (جانبه الأقوى)(2) وهو يأوي الى ركن شديد أي: عزّ ومنعة، ويمال بكم أي: يمال على العدّو بعزكم وقوتكم ويستند اليكُم كما قال بعض الشّارحين(3)، أو(4) یمال بكم أي: اليكُم نحو احسن به أي: اليه، وزافِرةُ الرّجل خَاصَّتَهُ وعَشيرَتُه(5)، وزوافر المجد أعمدته وأسبابه المقوية له، وقال بعض الشّارحين: ويجوز أن يكون زوافر(6) عِزّ أي: حوامل عزّ يقال: زفرت الحمل أزفره زفراً أي: حملته(7)، والزفر الحمل بكسرهما وزوافر(8) في أكثر النسخ بالجر عطفاً على المجرور، وفي بعضها بالنّصب عطفاً على الظّرف (مَا أَنْتُمْ إِلَّا کإِبِلٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا، فَکلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ) (الإبلُ لا واحدا من لفظها وهي مؤَّنثة؛ لأنّ أسماء الجموع التّي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازمٌ، وإذا صغّرتها أدخلتها الهاءُ فقلت أُبَيلةٌ وغُنَيمَةٌ)(9) كذا قال الجوهري، وقال الشّيخ الرّضي: (ما لا يجيء من تركيبه لفظيقع على المفرد و 60/ كالغنم [والإبل](10) والخيل والنفر والرهط والقوم فلا خلاف في أنّها اسم

ص: 182


1- الصحاح، مادة (سجس): 3/ 937، و مجمع الامثال، الميداني: 2/ 179
2- معجم مقاییس اللغة، مادة (رکن): 2/ 430
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 152
4- (أي) في ث، ر، م، تحریف
5- ينظر: الصحاح، مادة (زفر): 2/ 670
6- (روافر) في ث، ح، تصحيف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 152
8- (روافز) في أ، ر، تصحیف، وفي ث: (وروافر)
9- الصحاح، مادة (أبل): 4/ 1618
10- [والابل] ساقطة من ث، ر، م

جمع وليست بجمع)(1)، وفي القاموس: (الإبل واحد يقع على الجمع ليس بجمع ولا اسم جمع)(2)، وراعي الإبل من ولي أمرها وضلّ رعاتها أي: ضاع وهلك من يعلم حَالها والحيلة في جمعها فيتولى جمعها من لا يعلم حالها فكلمّا جمعها من جانب تفرقت من آخر، ويحتمل أن يكون من الضّلالِ ضدّ الهدى أي: لم يهتد من يرعَاهَا الى طريق جَمعها، والغرض ذمهم بتشتت الآراء و تفرق الأهواء (لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ سُعْرُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ!) اللّام جواب للقسم والتكرير للتأكيد والعَمر بالفتح العُمر ولا يقال في القسم إلّا بالفتح، ولعمرُ الله قسم ببقاء الله ودوامه وهو رفع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره لعُمر الله قسمي، أو ما أقُسمَ به، واللّام للتأكيد فإن لم تأت باللّام نصبته نصب المصادر كذا قال الجوهري(3)، وقال الشّيخ الرّضي (رحمهُ الله): يجوز نصبه بفعل القسم المضمر والنّصب أكثر من الرّفع، والسّعر بالفتح اسم جمع [لساعر](4) کسائر ما جاء على وزن فَعل وواحدة اسم فاعل كصحب وشرب على مذهب سيبويه ويذكر الضّمير الرّاجع اليه، وقال الأخفش: جمع تكسير(5) واحدة ذلك الفاعل وهو مقصور على السّماع فلا يقال: جلس و کتب(6) في جالس وكاتب(7)(8)، وسعرت النار والحرب کمنعت إذا أوقدتهما وهيجتهما، وقرئ

ص: 183


1- شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي: 2/ 204
2- القاموس المحيط: 3/ 325، 326
3- قول متصرف به، ينظر: الصحاح، مادة (عمر): 2/ 756
4- [لساعر] ساقطة من ع
5- (تكبير) في ر، تحریف، وفي ع: (تكثير)
6- (وكبت) في ث، ر، تصحیف
7- (كابت) في ث، ر، تصحیف
8- ينظر: شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي: 2/ 203

قوله تعالى: «وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ»(1) بالتخفيف والتشديد(2)، و التّشديد للمبالغة و (الغرض)(3) ذمهم بعدم القدرة على اسعار نار الحرب أو بأنّهم هيجون الفتنة ولا يصبرون على الشدّة ولا يقيمون مراسم الحرب ودفع الأعداء (تُکادُونَ وَ لَا تَکیدُونَ، وَ تُنْتَقَصُ أَطْرَافُکمْ فَلَا(4) تَمْتَعِضُونَ لَا ینَامُ عَنْکمْ وَ أَنْتُمْ فِی غَفْلَةٍ سَاهُونَ. غُلِبَ وَ اللَّهِ الْمُتَخَاذِلُونَ!) الكيد المكر والاحتيال، وربما سمي الحرب کیدا؛ لأن الحرب خدعة، ونقص لازم متعدّ، وامتعض بالمهملة ثم المعجمة إذا (غضب(5) وشق عليه)(6) وفي بعض النسخ (ولا تمتعضون) بالواو مکان الفاء ونام عنه إذا غفل ولم يقم به وتخاذل القوم لم ينصر بعضهم بعضاً (وَ ایمُ اللَّهِ؛ إِنِّی لَأَظُنُّ بِکمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَی وَ اسْتَحَرَّ الْمَوْتُ قَدِ انْفَرَجْتُمْ(7) عَنِ ابْنِ ابی طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأسِ) اَیَمُ الله بفتح الهمزة وضّم الميم مخفف ایمن الله والتقدير (ایم الله) قسمي وهو اسم وضع للقسم في الأشهر وحَمس(8) كفرح اشتّد، والوغى بالمعجمة كالوعي بالمهملة [بالفتح

ص: 184


1- التكویر/ 12
2- من الذين قرأوا بالتشديد ابن ذكوان وحفص ورویس، وقرأ الباقون التخفيف، ينظر: النشر في التقريب العشر، ابن الجزري (ت 833 ه): 1/ 398
3- (العرض) في ث، ح، ر، تصحيف
4- (ولا) في ح
5- (غضب) في ح، و (غصب) في ث، ر، ع، م
6- لسان العرب، مادة (معض): 3/ 1107
7- (انفر حتم) في ث، ر، تصحيف
8- (خمس) في ث، ع، تصحيف

والقصر فيهما](1) الأصوات والجلبة، ومنه قيل للحرب: وغی(2) لما فيها من الصّوت الجلبة، واستحر(3) الموت أي: اشتدّ وكثر وهو استفعل من الحر بمعنی [...](4) الشدّة كما ذكره ابن الاثير(5)، وقيل من الحرارة لشبه اشتداده بها واشتقاقه من الحرّية لخلوص الموت كما قال بعض الشّارحين بعيد، وانفرجتم أي: تفرقتم والتعدية ب(عن) لتضمين معنى البعد والعُدول ونحوهما وانفراج الرأس مَثل لشدّة(6) التّفرق، قال بعض الشّارحين: قيل: أوّل من تكلّم به أكثم بن صيفي في وصية له: يا بني لا تنفرجوا عند الشدائد انفراج الرأس فإنکم بعد ذلك لا تجتمعون على عزّ، وفي معناه أقوال أحدها: قال ابن درید: معناه أنّ الرأس إذا انفرج عن البدن لا يعود اليه، الثاني: قال المفضل: الرأس اسم رجل تنسب اليه قرية من قرى الشّام يقال لها: بیت الرأس وفيها يباع(7) الخمر وهذا الرّجل قد انفرج عن قومه ومكانه فلم يعد؛ فضرب به المثل، الثالث: قال بعضهم معناه أن الرأس اذا انفرج بعض عظامه عن بعض كان بعيدا عن الالتئام والعود الى الصّحة، الرابع قال بعض الشّارحين / ظ 60/: معناه انفرجتم عنّي [رأساً](8) وردّ عليه بأنَّ رأساً لا يعرف، الخامس، قال أيضا: المعنى انفراج رأس من أدنى رأسه الى غيره

ص: 185


1- [بالفتح والقصر فيهما] ساقطة من أ، ث، ر، ع
2- (وعی) في ح، ر، تصحيف
3- (استخر) في ع، تصحيف
4- [بمعنی] زائدة في ح، ر، تكررت مرتين
5- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/ 364
6- (الشدة) في ث، ر
7- (بياع) في أ، ع، م، تصحيف
8- [راسا] ساقطة من ع

ثم حرّف رأسه عنه وردّ بانّه لا خصوصية للرأس في ذلك، السّادس، قيل معناه: انفراج المرأة عن رأس ولدَها حالة الوضع فإنّه في غاية الشدّة ونحوه قوله عليه السّلام في موضع آخر: انفراج المرأة عن(1) قبلها(2) وبعده واضح (وَاللّهِ إِنَّ امْرَأً یُمَکِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ، یَعْرُقُ(3) لَحْمَهُ وَیَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَیَفْرِی جِلْدَهُ، لَعَظِیمٌ عَجْزُهُ، ضَعِیفٌ ما ضُمَّتْ عَلَیْهِ جَوانِحُ صَدْرِهِ) مكنه من نفسه وأمكنه أي: جعل له منها مکاناً ولم يدفعه، وعَرَقَ اللّحم كنصر أكله ولم يبق منه على العظم شيئاً(4)، وهَشَمَ العظم کضرب کسرهُ، وَفَرَيتُ الشيء کرمیته [قطعتُهُ](5)، وقيل: شققته فاسداً أو صالحاً(6)، والجوانح الأضلاع التي تحت الترائب وهي مما يلي الصّدر كالضّلوع ممّا يلي الظّهر والواحدة جانحة(7) وما ضمّت عليه هو القلب والمذكورات کنایات عن النّهب و الأسر والاستئصال وأنواع الإيذاء والأضرار(8).

(أَنْتَ فَکُنْ ذاكَ إِنْ شِئْتَ، فَأَمّا أَنَا فَوَاللّهِ دُونَ أَنْ أُعْطِیَ ذَلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِیَّةِ تَطِیرُ مِنْهُ فَراشُ الْهامِ، وَتَطِیحُ السَّواعِدُ وَالْأَقْدامُ، وَیَفْعَلُ اللّهُ بَعْدَ ذَلِکَ ما یَشاءُ) المخاطب بقوله (عليه السّلام) أنت كلّ من مکَّن عدوه من

ص: 186


1- (من) في ع، تحریف
2- هذه الأقوال متصرف بها وردت في شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 80، 81
3- (يغرق) في م، تصحيف
4- ينظر: الصحاح، مادة (عرق): 4/ 1523
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (فرا): 6/ 2454، [قطعته] ساقطة من ع
6- ينظر: تاج العروس، مادة (فری): 20/ 46
7- (حانحة) في أ، تصحیف، ينظر: تاج العروس، مادة (جنح): 4/ 29، 30
8- (الاضراس) في ث، تحریف، وفي ع: (الاصرار)، تصحيف

نفسه لو كان الكلام على الترتيب المذكور، وقال بعض الشّارحين: الرّواية وردت بأنّه (عليه السّلام) خاطب بذلك الأشعث بن قیس فإنّه قال لعلي (عليه السّلام) وهو يخطب ويلُوم النّاس على تقاعُدهم وتخاذلهم: هلا فعلت فعل ابن عفّان!، فقال (عليه السّلام): إنَّ فِعلَ ابنِ عَفّان لَمخزاةٌ(1) على مَن لا دين لهُ ولا وثيقَةَ مَعَهُ واِنَّ أمرَأَ اَمَکُن عدّوه من نفسه يهشم عَظمهُ ويفري جلدهُ لضعيف رأيه مأفون عَقله أنت فکُن ذاك إن أحببت(2) الى آخر الفصل، والأَفنُ (النَقص)(3)، ورجل أفين ومأفون أي: ناقص العقل وحينئذ فالمخاطب هو الأشعث والمشار اليه من فعل فعل ابن عفّان، والظّاهر أن خبر (أنا) الجملة التي خبرها (دون)، والمبتدأ قوله (عليه السّلام): (ضرب) و (ذلك) أو (ذاك) على ما في بعض النّسخ اشارة التي تمكين العدّو او فعل ما فعله عثمان ونحو ذلك والمَشرَفية بفتح الميم والرّاء سيُوف منسوبة الى المشارف(4)، وهي القرى التي تقرب(5) من المُدن، وقيل القرى التي بين بلاد الريف وجزيرة العرب، قيل لها ذلك لأنّها اشرفت على السّواد(6)، وفَرَاشُ الهام بفتح الفاء العظام الرّقيقة تلي القِحفَ وهو بالكسر [العظم](7) الذّي

ص: 187


1- (لمنخزاة) في أ، ع، تحریف
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 153، وفي ح، ع، م: (اجبت) تحریف
3- الصحاح، مادة (أفن: 5/ 2071
4- ينظر: لسان العرب، مادة (شرف): 9/ 174
5- (يقرب) في ث، ح، ر، م، تصحيف
6- [العظم] ساقطة من ث، ر، م
7- ينظر: معجم البلدان: 5/ 131، ولسان العرب، مادة (شرف): 9/ 174

فوق الدّماغ وكلّ عظم رقیق فراشه ومنه فراشة القُفلِ(1)، والهَام جمع هَامَة وهي (الرأس)(2) قال ابن الاثير: ذكرها الهروي في الواو والجوهري في الياء(3) وذكرها الفيروزابادي في الياء وقال في الواو: (الأهوم: العظيم الهامة)(4)، وتطيح أي: تسقط يقال: طاح يطيح ويطوح أي: سقط و هلك ويفعل الله [بعد ذلك](5) ما يشاء أي: من النّصر والخذلان قال تعالى: «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»(6).

(أَیُّهَا النّاسُ، إنَّ لی عَلَیکُمْ حَقّا وَلَکُمْ عَلَیَّ حَقٌّ، فَأَمّا حَقُّکُمْ عَلَیَّ فَالنَّصِیْحَةُ، لَکُمْ، وَ تَوْفیرُفَیْئِکُمْ عَلَیْکُم، وَ تَعْلِیْمُکُمْ کَیْلا تَجْهَلُوا، وَ تَأدیبُکُمْ کَیْما(7) تَعْلَمُوا) النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي ارادة الخير للمنصوح له وليس لهذا المعنى لفظ مفرد غيره، وأصل النّصح الخلوص(8)، (والفيء الغنيمة والخراج)(9) / و 61/ وتوفير الفيء بكثرة الجهاد وحسن تدبیر الأراضي الخراجية وما تعود منافعها الى المسلمين وتفريقه في وجوهه على الوجه المأمور به، (وکیلا تجهلوا) أي: لا تستمروا على الجهل ولا تقعوا في

ص: 188


1- ينظر: الصحاح، مادة (فرش): 3/ 1015
2- الصحاح: مادة، (هیم): 5/ 2063
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/ 283 وفيه: (ذكرها الهروي في الياء والواو والجوهري في الماء والياء)
4- القاموس المحيط، مادة (هوم): 4/ 193
5- [بعد ذلك] ساقطة من ع
6- ال عمران / 126
7- (کیلا) في ح
8- ينظر: الصحاح، مادة (نصح): 1/ 411
9- لسان العرب، مادة (فاء): 1/ 126

طرق(1) الضّلال، وقال بعض الشّارحين: المنة بعدم الجهل أظهر ولذلك يتأذى(2) الرجل من قولك: يا جاهل أشد من قولك: لست بعالم(3)، و (كي) في كيلا تجهلوا بمنزلة (أن) المصدّرية عملاً ومعنى إذا قّدرت اللّام قبلها، فإن لم تّقدر فتعليليه بمنزلة لام العلّة عملاً و معنی نحو: (کیما تعلموا) وكلمة (ما) مصدرية، وفي بعض النّسخ (تعملوا) بتقديم الميم وهو أظهر. (وَأَمّا حَقّی عَلَیْکُمْ فَالْوَفاءُ بِالْبَیْعةِ، وَالنَّصِیحَةُ فِی الْمَشْهَدِ وَالْمَغِیبِ، وَالاْجابَةُ حینَ أدْعُوکُم، وَالطّاعَةُ حینَ آمُرُکُم) الشّهود الحضُور والكلمةُ تحتمل(4) المصدر والمكان كالمغيب.

ومن خطبة له (عليه السَّلام) بعد التحكيم

هو نصب الحكمين عمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري(5) وكان

ص: 189


1- (طرف) في ع، تصحیف
2- (تنادی) في ث، وفي ر، م: (تناذی)، تحریف
3- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 83
4- (يحتمل) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
5- عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار ابن حرب، أبو موسى الأشعري من بني الأشعر من قحطان، وأمة ظبية بنت وهب بن عك أسلمت وماتت بالمدينة، صحابي من الولاة الفاتحين، ولد في زبيد (اليمن) قدم المدينة بعد فتح خیبر، واستعمله الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) على زبيد واليمن، وولاه الخليفة عمر بن الخطاب البصرة سنة (17 ه)، وافتتح أصبهان والاهواز، ولما ولي الخليفة عثمان اقره عليها، ثم عزله، ثم ولاه بعد أن طلب أهلها، وكان احد المحكمين بين الامام علي (عليه السلام) ومعاوية، وقد اقرأ أبو موسى أهل البصرة وفقههم في الدين، وكان أحسن الصحابة صوتا في التلاوة، توفي سنة (44 ه). ينظر: الانساب: 4/ 150، و سير أعلام النبلاء: 2/ 381 - 402، الإصابة: 181، 182، 183، الأعلام: 4/ 114، الوفيات: 61

ذلك لحيلة عمرو بن العاص بعد ليلة الحرير في رفع المصاحف لمّا لاحت امارات النّصر في أهل العراق، وهذا الفصل من خطبة خطب بها (عليه السّلام) بعد خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى الاشعري وافتراقهما، وقبل وقعة النّهروان(1) (الْحَمْدُ للَّهِ ِ وَإِنْ أَتَى الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ، وَالْحَدَثِ الْجَلِيلِ) الخَطب بالفتح (الأمر الذّي يقعفيه المخاطبة والشأن والحال)(2) و(قولهم جَلَّ الخطب أي: عظم الأمر و [الشأن](3) (4) والفادح الصعب الذّي يعجز الحامل عن حمله، وفدحه الدّينُ(5) أَثقَلَهُ، والحدث الأمر الحادث المنكر الذّي ليس بمعتاد والمراد بالخطب والحدث التّحكيم وما تفرع عنه والشّكوى من أهل الدّهر وإن اسند اليه الفعل ومايستفاد من فحوى النّهي عن سبّ الدّهر کما ورد في بعض الأخبار(6) ولا ينافي في الاسناد اللّفظي إذا لم يقترن باعتقاد أَن الدّهر هو الفاعل كما كانت العرب تزعمه وكانوا يذمون الدّهر ويسبونه عند النوازل والحوادث ويقولون: أَبادَهُمُ الدّهر، وقال رجل منهم فلان أكثر

ص: 190


1- وقعة حصلت بين جيش المسلمين بقيادة الإمام علي (عليه السلام) وبين الخوارج سنة (39 ه) قتل فيها زعيمهم عبد الله بن وهب السبائي وأكثر أصحابه، وقتل من جند الإمام اثنا عشر رجلاً، سميت الوقعة بالنهروان لأنها وقعت في منطقة النهروان وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي. ينظر: تاريخ اليعقوبي: 2/ 193، وتاريخ الاسلام: 3/ 588، ومعجم البلدان: 5/ 324، 325
2- لسان العرب، مادة (خطب): 1/ 360
3- [الشأن] ساقطة من ع
4- لسان العرب، مادة (خطب): 1/ 360
5- (الذين) في ث، ر، تصحیف، (الذي) في م
6- قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله). النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/ 144

ذنوباً من الدّهر، والغرض حمد الله سبحانه على السّراء والضّراء (وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ، لَيْسَ [مَعَهُ](1) إِلَهٌ غَيْرُهُ؛ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (صلى الله عليه وآله)(2).

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ الْعَالِمِ الْمُجَرِّبِ، تُورِثُ الْحَيْرَةَ، وَتُعْقِبُ النَّدَامَةَ) الناصح من أراد الخير للمنصوح کما سبق، والشفقة الخوف مع الاعتناء والحرص على صلاح المنصوح يقال: هو شفیق و مشفُق، والمُجَّرَب بفتح الرّاء کما في أكثر النّسخ العارف بالأموُر كأنّها أحكمته قال الجوهري: (فإنَّ كسرت الراء [...](3) جعلته فاعلا إلا أن العَرب تَكَّلَمَت به بالفتح)(4) ويظهر من كلام صاحب العين وغيره إنّه يكون بالفتح والكسر(5). (وَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي هَذِهِ الْحُكُومَةِ أَمْرِي، وَنَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي؛ لَوْ كَانَ يُطَاعُ لِقَصِيرٍ أَمْرٌ!) نَخَلتُ أي: اَخترت وصفیّت کما ينخل الدقيق(6)، وفي الحديث: (لا يقبل من الدّعاء الا الناخلة، أي المنخولة الخالصة، فاعله بمعنى مفعولة)(7)، ومحزون الرأي محتاره؛ لأنّه إنما يخزن(8) الخيار والظّاهر أن قوله (عليه السّلام): (قد کنت) ليس جواباً لحرف الشّرط؛ لأنّه (عليه

ص: 191


1- [معه] ساقطة من م
2- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 162
3- [الراء] زيادة مكررة في ح، ر، م
4- الصحاح، مادة (جرب): 1/ 98
5- ينظر: العين، مادة (جرب): 6/ 112، 113، ولسان العرب، مادة (جرب): 1/ 262
6- ينظر: لسان العرب، مادة (نخل): 11/ 651
7- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/ 33، وفيه: (لا يقبل الله من الدعاء...)
8- (يحزن) في ث، ر، ع، وفي أ، ح: (يخرن)

السّلام) قد بالغ في نفي التحكيم فأصروا عليه كما هو معروف بين أهل السّير، وقال بعض الشّارحين: الحّق أن جوابها محذوف، والتّقدير: «إني(1) أمرتكم ونصحت لكم فلو أطعتموني لفعلتم ما أمرتكم به»(2)، وقوله (عليه السّلام) بعد ذلك (فَأَبیتم) في تقدير استثناء نقيض ذلك التالي وتقديره (لكنكم أَبيتُم)، ولعل الأنسب على ذلك التّقدير تقدير / ظ 61/ قولنا لكان حسنا، أو لما أصابكم حسرة وندامته ونحو ذلك ويحتمل أن (تكون)(3) كلمة (لو) للتّمني فلا يحتاج الى تقدير جواب کما قيل، وقصير هو ابن سعد اللّخمي(4) مولى جذيمة بن الابرش(5) بعض ملوك العَربَ والكلام من قبيل

ص: 192


1- (ان) في ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 86
3- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
4- قصير بن سعد بن عمرو اللخمي، كان صاحب رأي ودهاء في الجاهلية، جدع أنفه وإذنه وذهب الى الزباء يشكو اليها من عمرو بن عدي، وكانت هذه خدعه منه ليثأر لجذيمة، فصدقته واعطته مالاً، فأمكن منها عمرو بن عدي ليثأر لمقتل خاله جذيمة. ينظر: تاریخ ابن خلدون: 2/ 261، و الأعلام: 5/ 199
5- هو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس التنوخي، وكان يقال له الأبرص لأصابته بهذا المرض، فلما ملك قالوا له: الأبرش، ولما اشتد ملکه وعظم قالوا له: الوضاح، جاهلي، ثالث ملوك الدولة التنوخية في العراق، وأفضلهم، وأبعدهم مغارا، وأشدهم حزما، كانت منازله بين الحيرة والعراق والأنبار وهيت ونواحيها طمح الى امتلاك مشارف الشام فغزاها وقتل ملكها عمرو بن الظراب أبا الزباء، فنصبت له الزباء مکیده انتقاماً لأبيها، قتل فيها نحو (366 ق ه). ينظر: الجاحظ: البرصان والعرجان والعميان والجولان: 116، والمحبر: 299، والمعارف: 108، وانساب الأشراف: 10/ 102، و تاریخ ابن خلدون: 2/ 262، والأعلام: 2/ 114

المثل وأصله أن جذيمة(1) [كان](2) قتل أبا الزّبا ملكة الجزيرة، فبعثت اليه بعد حين خدعة إني أريد التزوج وسألته القدوم عليها، فأجابها جذيمة الى ذلك، وخرج في ألف فارس، وخلف باقي جنوده مع ابن أخته وكان قصير مولاه اشار عليه بأن لا يتوجه اليها، فلم يقبل رأيه فلما قرب جذيمة من الجزيرة استقبله جنود (الزّبا)(3) بالعدّة(4) ولم ير منهم اكراماً له، فأشار عليه قصير بالرجوع عنها وقال: إنَّها امرأة ومن شأن النساء الغدر، فلم يقبل فلما دخل اليها قتلته، فقال قصير: لا يُطاع لقصير أمر، فجری مثلاً لكل ناصح عُصِىَ وهو مصيب في رأيه(5) (فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُخَالِفِينَ الْجُفَاةِ، وَالْمُنَابِذِينَ الْعُصَاةِ) الجفاء ترك البّر والصّلة وغلظ الطبع والبُعدٍ عن الشيء والكلّ غير بعيد، والمنابذة التنحي والمكاشفة في الحرب واظهار كلّ من الفريقين العزم على قتال الآخر والاخبارا بذلك اخباراً مکشُوفاً(6) (حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ، وَضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ) ارتابَ النّاصح أي: شكّ في أنّ رأيه نصح أو غشّ، وضنّ كعض وفرّ أي: بخل، والزَّند بالفتح العود الذّي تقدح به النّار، ويقال للسّفلى زَندةَ بالتاء، والقَدح بالفتح ایراء النّار واستخراجه والمراد بالناصِح نفسه (عليه السّلام) والكلام محمول على التجوز للمبالغة أي: لو كان غيري هو الناصح لاعتراه ريب في النّصح لاجماعكم واصراركم

ص: 193


1- (جديمة) في ث، تصحيف
2- [كان] ساقطة من ع
3- (الزنا) في ح، تصحيف
4- (لعدة) في م
5- ينظر: جمهرة الأمثال: 2/ 394، ومجمع الأمثال: 1/ 244
6- ينظر: لسان العرب، مادة (نبذ): 3/ 512

على المخالفة لا کما زعمه بعض الشّارحين من أن استخراج وجه المصلحة أمر ظني اجتهادي فإذا كثرت المخالفة جاز أن يتشكك(1) الانسان فيما ظنه صلاحاً(2)، فإنّه (عليه السّلام) أجل من أن يحوم حول رأيه شك لمخالفة المخالفين (فَكُنْتُ أَنَا وَإِيَّاكُمْ(3) كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ:

أَمَرْتُكُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ(4) اللِّوَى *** فَلَمْ تَسْتَبِينُوا النُّصْحَ إِلّا ضُحَى الْغَدِ)(5)

أخو هوازن هو دريد بن الصّمة من بني جشم بن معاوية بن بكر(6) هوازن قبيلة، والاضافة كقوله تعالى: «وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ»(7) ويراد بالإخوة الملابسة، وفي بعض النسخ (أمرتهم)(8) بضمير الغيبة [ويستبينوا على صيغة الغائب](9)، ويقرأ بضم الميم مع الاشباع، (وانعَرَجَ الشيءُ أي: انعَطَفَ،

ص: 194


1- (يتشکل) في أ، ح، ع، تحریف
2- (بمعزج) في ع، تحریف
3- (فكنت أنا وإياكم) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 2/ 162، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 78
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 87
5- البيت لدريد بن الصمة، من البحر الطويل وقد ورد في ديوانه: (امرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبنوا الرشد الاضحى الغدِ) دیوان دريد بن الصمة: 61، و جمهرة اشعار العرب: 211، وشرح دیوان الحماسة، التبريزي (502 ه): 2/ 306
6- دريد بن الصمة الجشمي البكري من هوازن من الشعراء المعمرين في الجاهلية، كان سيد بني جشم وفارسهم وقائدهم، ادرك الاسلام ولم يسلم استصحبته هوازن تيمناً به عندما خرجت لقتال المسلمين في معركة حنين، فقتل سنة (8 ه) على يد ربيعة بن رفيع بن أهبان السلمي. ينظر: الانساب: 3/ 291، و الوافي بالوفيات: 14/ 9، والأعلام: 2/ 229
7- الأحقاف / 21
8- [ویستبينوا على صيغة الغائب] ساقطة من أ، ث، ح، ع، و في ر: (ويراد بالاخوة ويستبينوا على صيغة الغائب وفي بعض النسخ امرتهم بضمير الغيبة الملابسة ويقرا بضم الميم)
9- معارج نهج البلاغة: 125

ومُنعَرَج الوادي بفتح الرّاء مُنعَطَفَهُ يَمَنَةً وَيَسرَةً)(1)، واللّوى ك(اليِ) ما التوى من الرّمل أي: اعوج، أو مسترقه، ولعلّه سمى الموضع بمنعرج اللّوى لانعطاف الكثيب من الرّمل، واستبان أي: أوضح، ووضح [لازم](2) متعد ک(بان) وبيّن وتبين وأبان أي: لم يعرفوا إني ناصح إلَّا ضحى الغد، وقد جرى في اليوم ما جرى فلم تنفعهم معرفتهم، وفي بعض النّسخ (الرّشد)(3) موضع النّصح، والرَّشد بالضّم الاهتداء أي: لم يعرفوا صحّة قولي. والبيت من قصيدة في الحماسة، والقصّة مذكورة في بعض الشّروح.

[ومن خطبة له (عليه السَّلام)] في تخويف أهل النهروان

(فَأَنَا نَذِیرٌ لَکُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَی بِأَثْنَاءِ هَذَا اَلنَّهَرِ، وَ بِأَهْضَامِ هَذَا اَلْغَائِطِ، عَلَی غَیْرِ بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ، وَ لاَ سُلْطَانٍ مُبِینٍ مَعَکُمْ، قَدْ طَوَّحَتْ بِکُمُ اَلدَّارُ وَ اِحْتَبَلَکُمُ(4) اَلْمِقْدَارُ) في بعض النسخ (وأنا نذیر) بالواو، وصرعی جمع صريع وهو المطروح على الأرض فعيل بمعنی مفعول، ويجمع على فعلی إذا كان من الآفات والمكاره التي يصاب بها / و 62/ الحيّ كالقتل وغيره، والأثناء جمع ثِني بالكسر، وهو من الوادي والجبل منعطفة ومن الثوب معاطفة وتضاعيفه(5) والمراد أطراف النّهر، والأهتمام جمع هِضم بالكسر

ص: 195


1- الصحاح، مادة (عرج): 1/ 328
2- [لازم] ساقطة من م
3- معارج نهج البلاغة: 126
4- (احتلكم) في ع، تحریف
5- ينظر: الصحاح، مادة (ثنی): 6/ 2294

أو بالفتح أيضاً وهو (المطمئن من الأرض)(1)، (وقيل: أسفل الوادي)(2) والغائِط(3) (المطمئنُّ من الأرضِ)(4) [من](5) الغوط و (هو عمق الأرض الأبعد)(6)، ولعلّ المراد بالبينة من الرب المعجزة الدّالة على صدق الدعوى، وبالسّلطان المبين الحجّة الدّالة على ما يزعمونه حقاً من جهة الشرع، أو العقل أو البينة الحجّة الشّرعية والسّلطان البرهان العقلي وهو بمعنى الحجّة والبرهان لا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر وإنما يجمع إذا أريد به الوالي يذكر(7) ويؤنث(8)، (وَطوَّحَهُ أي: تَوَّهَهُ وذهب [به](9) هَاهُنَا وَهَاهُنَا)(10)، وفي القاموس طوح بزيد (حمله على ركوب مَفازة مُهلكة)(11) والدَّار هي الدُّنّيا واحتبلكم أي: أوقعكم في الحبالة والمقدار والقدر قضاء الله المحيط بهم كالحبالة للصيد وقد أحاطَ بهم حتى لم يبق منهم عشرة كما سيجيء. (وَ قَدْ کُنْتُ نَهَیْتُکُمْ عَنْ هَذِهِ اَلْحُکُومَةِ؛ فَأَبَیْتُمْ عَلَیَّ إِبَاءَ اَلْمُنَابِذِینَ، حَتَّی صَرَفْتُ رَأْیِی إِلَی هَوَاکُمْ. وَ أَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ اَلْهَامِ؛ سُفَهَاءُ اَلْأَحْلاَمِ؛ وَ لَمْ آتِ - لاَ أَبَا لَکُمْ - بُجْراً وَ لاَ أَرَدْتُ لَکُمْ ضُرّاً)

ص: 196


1- المصدر نفسه، مادة (هضم): 5/ 2059
2- تاج العروس، مادة (هضم): 17/ 759
3- (الغانط) في ث، تحریف
4- الصحاح، مادة (غوط): 3/ 1147
5- [من] ساقطة من ح
6- لسان العرب، مادة (غوط): 7/ 365
7- (ويذكر) في ث، ح
8- ينظر: المذكر والمؤنث، السجستاني: 134
9- [به] ساقطة من م
10- الصحاح، مادة (طوح): 1/ 389
11- القاموس المحيط، مادة (طوح): 1/ 238

المنابذة التنحي(1) واظهار كل من الفريقين العزم على حرب الآخر کما مرَّ، و الواو للحال، والعامل صرفت، والمعاشر جمع معشر وهو الجماعة، والجمع يدلُ على عدم اتفاقهم، وتشتت آرائهم، والهام جمع هامة وهي الرأس، وخفتها كناية عن قلة العقل، فما بعده كالتأكيد أو عن الطيش وعدم الثبات في الرأي، والأحلام جمع حِلم بالكسر وهو الاناءة والعقل، ويقابله السفه بالمعنيين والأظهر في الكلام الثاني لا الأوّل كما يظهر من كلام بعض الشارحين(2)، والاضافة تجوز، و (لا أبالك كلمة تستعمل(3) في المدح كثيرا(4)، وفي الذّم أيضاً نحو (لا أمّ لك)، وفي معرض التعجب، ودفع العين نحو: لله درك، وبمعنی جد في أمرك وشمر لأن من له أب اتكل عليه في بعض أموره(5)، والظاهر في المقام الذّم أو التعجب، ويحتمل بعيد المدح تلطفاً ومماشاة، والبُجر بالضم كما في النسخ(6) (الشّر، والأمر العظيم)(7) و حاصل الكلام تخطئتهم في الرضا بالحكومة أولاً، والإنكار عليه (عليه السّلام) مع عدم الاختيار ثانياً.

[ومن كلام له (عليه السَّلام)] يجري مجرى الخُطبة

ص: 197


1- (السخي) في ح، ع، تحریف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 92
3- (يستعمل) في أ، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
4- ينظر: العين، مادة (أبو): 8/ 419، ولسان العرب، مادة (أبي): 14/ 11
5- ينظر: لسان العرب، مادة (أبي): 14/ 12
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 209، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 89
7- القاموس المحيط، مادة (بجر): 1/ 367

قال بعض الشّارحين: (هذه فصول أربعة، لا يمتزج بعضُها ببعض، التقطها السّيد من كلامه (عليه السّلام) بعد وقعة النهروان وقد ذكر فيه حاله منذ توفي رسول الله (صلى الله عليه و آله) الى أوان الكلام، وهو كلام طویل منتشر فجعل الفصول الملتقطة(1) سرداً يزعم(2) السّامع أنَّ مقصدها واحد(3) ونشير الى مقصد كل فصل (فَقُمْتَ بالأَمْرِ حِینَ فَشِلوا، وَنَطَقْتَ حِینَ تَتَعْتَعُوا) وفي بعض النسخ (وَنَطَقْتُ حِینَ تَعْتَعُوا، وَتَطَلَّعْتُ حِینَ تَقَبَّعُوا)(4) وهو أظهر کما سيظهر (وَمَضَیْتُ بِنُورِ اللّهِ حِینَ وَقَفُوا. وَکُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنانِها، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهانِها) هذا الفصل في ذكر مقاماته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيام عثمان لما أحدث الأحداث على ما ذكره بعض الشّارحين(5) أو يعم(6) الأيام السّابقة، والفشل الكسل والضّعف، والتّراخي والجبن(7) [والفعل كفرح](8) الجميع(9) مشترك في عدم القيام بالأمر والتطلع الظهور ضد التقبع وهو الاختفاء وأصله من

ص: 198


1- (المنتقلة) في ع
2- (تزعم) في ث، وفي ر، م: (بزعم)، تصحیف، وفي ح: (زعم)
3- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 224
4- في: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 244، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 224 (وتطلعت حين تقبعوا وتطلعت حين تعتوا)، وفي م: (تتبعوا)، (وتطلعت حين تقبعوا ونطقت حين تعتوا)، في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 224، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 80
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 224
6- (بعم) في أ، ع، تصحيف
7- (الحين) في ث، تصحيف
8- [والفعل كفرح] ساقطة من ر، م
9- (الجمع) في أ، ع، تحریف

قَبَعَ القُنفُذُ إذا أدخل رأسه في جلده(1)، والتعتعة في الكلام الترّدد فيه من حصرٍ أو عيٍّ(2)، والخفض ضد الرفع، ووقفوا / ظ 62/ أي: تحيروا في سلوك طريق الحقّ للجهل، وخفض(3) الصوت اشارة الى التواضع ونفي الكبر والإعجاب أو ربط الجأش وثبات القلب؛ لأنَّ رفع الصوت في المخاوف من الجبن والفزع، والفوت(4) السبق الى الشيء من دون ائتمار واستشارة(5)، ومنه قولهم: (فلان لا يُفتَاتُ(6) عليه أي: لا يُعمل شيءٌ من دَون أمره)(7)، والغرض(8) نفي الاحتياج الى الغير في استعلام الحقّ، والطيران(9) بالعنان كناية عن السّبق العقلي، والضّميران(10) في عنانها ورهانها راجعان الى الفضيلة المدلول عليها بالمقام، والظاهر أنَّ الظرف متعلق بمحذوف أي: طرت ممسكاً بعنانها، وفي الحديث: (خَیرُ النّاسِ رَجُلٌ مُمسِكٌ بِعِنانِ فَرَسِهِ فِی سَبِیلِ اللّهِ کُلَّما سَمِعَ هَیعَهً طارَ إِلَیها)(11)، والهيعة الصوت الذي يفزع منه(12) والمشبه به هو

ص: 199


1- ينظر: الصحاح، مادة (قبع): 3/ 1260
2- ينظر: تاج العروس، مادة (تعع): 11/ 46، وفي م (ادعی)
3- (حفض) في ر
4- (القوت) في ع، تصحيف
5- ينظر: الصحاح، مادة (فوت): 1/ 260
6- (يقتات) في ع، تصحیف
7- الصحاح، مادة (فوت): 1/ 260
8- (العرض) في ح، ر، تصحيف
9- (والطير) في أي ع
10- (الضمير) في ع
11- غريب الحديث، ابن سلام: 1/ 6، و الفائق في غريب الحديث والأثر: 3/ 415، و النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/ 288
12- ينظر: تاج العروس، مادة (هيع): 11/ 551

الفارس السابق في الفرسان لا الفرس کما يظهر من كلام بعض الشّارحین(1) والاستبداد بالشيء الانفراد به(2)، والرِهان بالكسر (المخاطرة)(3) والمسابقة على الخيل لا ما يرهن وتسبق علیه کما زعمه بعض الشّارحين(4) انعم الاستبداد بالرهان كناية عن الانفراد بأخذ الخطر الذّي يتراهن عليه، ويجمع رهن وهو ما وضع عندك لينوب(5) مناب [ما](6) أخذ منك على رهان وهو لا يناسب المقام (کَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّکُهُ(7) اَلْقَوَاصِفُ، وَ لاَ تُزِیلُهُ اَلْعَوَاصِفُ؛ لَمْ یَکُنْ لِأَحَدٍ فِیَّ مَهْمَزٌ، وَ لاَ لِقَائِلٍ فِیَّ مَغْمَزٌ؛ اَلذَّلِیلُ عِنْدِی عَزِیزٌ حَتَّی آخُذَ اَلْحَقَّ لَهُ، وَ اَلْقَوِیُّ عِنْدِی ضَعِیفٌ حَتَّی آخُذَ اَلْحَقَّ مِنْهُ).

هذا الفصل في ذكر حاله (عليه السّلام) أيام الخلافة الظاهرة على ما ذكره بعض الشّارحين(8) والقواصف الرّياح الشّديدة التي تكسر(9) السّفن ونحوها أو شديدة الصوت الرعد(10)، والريح العاصف والعاصفة الشّديدة، ولعلّ المراد بالعواصف أشد من القواصف لنفي التحريك عن الثاني والإزالة عن الأول، والمهمز والمغمز مصدران أو مكان من الهمز والغمز وهما بمعنی،

ص: 200


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 95
2- ينظر: تاج العروس، مادة (بدد): 4/ 346
3- لسان العرب، مادة (رهن): 13/ 189
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 95
5- (ليتوب) في ث، تصحيف
6- [ما] ساقطة من أ، ع
7- (یحرکه) في ر، تصحيف
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 225
9- (یکسر) في أ، ث، ع، تصحيف وفي ح (بكسر)
10- ينظر: الصحاح، مادة (قصف): 4/ 1416

أو الهمز (الغيبة والوقيعة في النّاس وذكر عيوبهم)(1) والغمز الاشارة بالعين خاصة، أو بالعين والحاجب واليد وفي فلان مغمز أي مطعن(2)، والهمّاز والهُمزَة (العَیّاب)(3)، والنفي لظهور الفساد، والذّليل(4) المغلوب المظلوم، وأخذ الحق كالعلة الغائية لاعزازه أو(5) انتهاء مدّة الاعزاز(6)، وبعده يكون عنده (عليه السّلام) كسائر النّاس وإعزازو الاعتناء بحاله(7) (رَضِینَا عَنِ اَللَّهِ قَضَاءَهُ، وَ سَلَّمْنَا(8) لِلَّهِ أَمْرَهُ. أَتَرَانِی أَکْذِبُ عَلَی رَسُولِ اَللَّهِ (صلی الله علیه وسلم)(9) وَ اَللَّهِ لَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ، فَلاَ أَکُونُ أَوَّلَ مَنْ کَذَبَ عَلَیْهِ) هذا الفصل من كلام له (عليه السّلام) قاله لما تفرس في قوم من أصحابه أنهم يتهمونه فيما يخبر به من(10) الملاحم والوقائع المستقبلة وقد كان منهم من واجَههُ(11) بذلك كما روى انه (عليه السّلام) لما قال: (سلوني قبل أن تفقدُوني)(12)، قام

ص: 201


1- لسان العرب، مادة (همز): 5/ 426
2- ينظر: تاج العروس، مادة (غمز): 8/ 118، 119
3- المصدر نفسه، مادة (همز): 8/ 175
4- (الدليل) في ر، م، تصحيف
5- (و) في أ، ع
6- (الاعزار) في ث، تصحيف
7- (بماله) في ع، تحریف
8- (وسلمناه) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 224
9- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 224
10- (عن) في ع، تحريف
11- (وجهه) في ع، تحریف
12- الغارات: 1/ 7، والأمالي، الشيخ الصدوق: 422، و رسائل الشريف الرضي: 1/ 391

اليه أنس النخعي(1) فقال: أخبرني(2) كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر، فقال: (عليه السّلام): والله لقد حدثني خليلي [أنَّ](3) على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك، وإن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك، وإن في بيتك سخلاً يقتل(4) ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان ابنه سنان بن أنس(5) قاتل الحسين (عليه السّلام) يومئذ طفلًا يحبو وأمثال ذلك كثيرة و (تُراني) في النسخ بضم التاء على لفظ المضارع المجهول من باب الأفعال، وأكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي: أفترى عليه، ولعل اقحام لفظه الأول ثانياً للمشاكلة أو لأن(6) من شأنه (عليه السّلام) السبقة الى كل ما يفعله هذا [على](7) ما ذكره بعض الشارحين(8) ولا يبعد أن يكون ما زعموا كذبه دعوى النص في الإمامة وهي أول ما ادّعی/ و63/ عليه بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) هذا هو المراد بالأولية(9) حينئذ ویکون المراد بقضاء الله وأمره انتقال الخلافة إلى غير أهلها وكونه (عليه السّلام) أول من صدق

ص: 202


1- لاتوجد له ترجمة فيما توافرت لدي من مصادر
2- (خبرني) في أ
3- [أن] ساقطة من أ، ع
4- (تقتل) في ح، ع، تصحيف
5- هو من احتز رأس الامام الحسين (عليه السلام) سنة (61 ه)، هرب إلى البصرة حين ثأر المختار لمقتل الامام، فهدم داره ولحق به، ثم عاود الفرار الى القادسية، فأمسك به جماعة الختار، وقتلوه. ينظر: أنساب الأشراف: 6/ 140، و المعجم الكبير: 3/ 117، و الإستیعاب: 1/ 393، و أسد الغابة: 2/ 21، وسير أعلام النبلاء: 3/ 299، والأعلام: 2/ 243
6- (لأنه) في أ، ع
7- [على] ساقطة من أ، ع
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 233
9- (بالأقلية) في أ

الرسول (صلى الله عليه وآله) مما(1) اعترف به طائفة من العامة و سيجيء الكلام فيه إن شاء الله تعالى. (فَنَظَرْتُ فِی أَمْرِی؛ فَإِذَا طَاعَتِی قَدْ سَبَقَتْ بَیْعَتِی؛ وَ إِذَا اَلْمِیثَاقُ فِی عُنُقِی لِغَیْرِی) قال بعض الشّارحين: هذه كلمات مقطوعة من كلام يذكر فيه حاله (عليه السّلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه كان معهودا اليه أن لا ينازع في الأمر، بل يطلب بالرّفق فإن حصل له وإلا أمسك(2)، وقوله (عليه السّلام) طاعتي أي: وجوب طاعتي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) قد سبقت بیعتي للقوم فلا سبيل لي الى الامتناع من البيعة؛ لأنه (صلى الله عليه وآله) أمرني بها وإذا الميثاق في عنقي لغيري أي: الميثاق بترك المنازعة(3) كان قد أخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) علّي فلم يجز لي أن اتعدى أمره، وقال بعضهم(4): فيه احتمالان: أحدهما: ما ذكر، وثانيهما أن يكون الكلام في تضجر(5) من ثقل(6) أعباء الخلافة وتكلف مداراة النّاس على اختلاف أهوائهم أي: نظرت فإذا طاعة الخلق لي واتفاقهم عليَّ قد سبقت بیعتهم لي، وإذا میثاقهم قد صار في عنقي فلم أجد بداً من القيام بأمرهم(7) ولم يسعني عِندَ الله إلاَّ النّهوض [بأمرهم](8) ولو لم يكن كذلك

ص: 203


1- (ما) في ر، ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 233
3- (المنارعة) في أ، م، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 97
5- (تضجرة) ث، ح، ر، م
6- (نقل) في أ، ع
7- (بامر) في أ، ع
8- [بأمرهم] ساقطة من ر

لترکت کما قال في الشقشقية: لالقيت حبلها على غاربها(1)، قال: (والأول أشهر بين الشّارحين)(2) وعلى هذا يكون الفصل في حكاية الحال بعد قتل عثمان، ولعل الأظهر أن يكون المراد بالطاعة طاعته لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وكذا الميثاق، وبالبيعة مُبايعته لأبي بكر أي: بيعتي مسبوقة بوجوب طاعة الله في ترك متابعتهم وميثاق الله عليَّ [في](3) عدم امتثال(4) أوامرهم فلم يلزمني القيام بلوازم تلك البيعة.

[ومن خطبة له (عليه السّلام)]

(إِنَّمَا سُمِّیَتِ اَلشُّبْهَةُ شُبْهَةً لِأَنَّهَا تَشْبَهُ اَلْحَقَّ، فَأَمَّا أَوْلِیَاءُ اَللَّهِ فَضِیَاؤُهُمْ فِیهَا اَلْیَقِینُ، وَ دَلِیلُهُمْ سَمْتُ اَلْهُدَی. وَ أَمَّا أَعْدَاءُ اَللَّهِ فَدُعَاءَهُمْ إِلَیْهَا اَلضَّلاَلُ، وَ دَلِیلُهُمُ اَلْعَمَی) الشُّبهة بالضم في الأصل الالتباس، والمراد بها أَمّا الباطل المشابه للحق كما هو المناسب للمقابلة، أو موضع الالتباس کما هو المناسب للتقسيم، والظاهر من اليقين ما قابل الظّن والشك فيدل على عدم جواز العمل بالظن، ولو ثبت في خصوص المقام بدليل قطعي جواز العمل بالراجح كان من قبيل اتباع اليقين، ويحتمل ارادة الأعم بقرينة مقابلة الضلال والعمى. والسَمَت بالفتح (سَمَت يَسمُتُ بالضم أي: قصد)(5)، والمراد بالدّعاء الدّاعي أو ما يدعون اليه (فَمَا یَنْجُو مِنَ اَلْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ، وَ لاَ یُعْطَی اَلْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ)

ص: 204


1- ينظر: شرح نهج البلاغة: 2/ 97
2- المصدر نفسه: 2/ 97
3- [في] ساقطة من أ، ع
4- (امثال) في أ، ع
5- الصحاح، مادة (سمت): 1/ 254

قال بعض الشّارحين: (هذا كلام أجنبي مما تقدم)(1)، وإنَّما جمعهما(2) السّيد على عادته في هذا الكتاب، وقال بعضهم: يحتمل أن يكونا فصلين وأن يكون الكلام متصلاً، وقد سبق لهذا(3) الكلام قبل الأوّل كلام يحسن تعلقه به(4) ولا يبعد أن يكون المراد أنّ الموت ممّا ينجل به الشبهات ويمتاز بعده الحق من الباطل ولا بد لكل أحد أن يلاقيه فأعداء الله لا ينفعهم الاغماض عن الحق واتباع الأهواء ويلحقهم لا محالة سوء العاقبة و وبال الأعمال.

[ومن خطبة له (عليه السّلام)]

روی بعض الشّارحين(5) أنه (عليه السّلام) خطب بها في غارة(6) النعمان بن بشير الانصاري(7) على عين التّمر(8) وذلك بعدما قدم هو وأبو هريرة

ص: 205


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 236
2- (جمعها) في أ، ع
3- (سبق في هذا) في ر
4- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 98
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 238
6- (غازة) في أ، تصحیف، وفي ث: (عارة) تصحيف
7- النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، يكنى أبو عبد الله أمير وخطيب وشاعر، ولد سنة (2 ه) من امراء معاوية فولاة الكوفة مدة، ثم ولي قضاء دمشق بعد فضالة بن عبيد (53 ه)، ثم ولي إمرة حمص، ولما دعا أهل حمص الى بيعة الزبير انقلبوا عليه فهرب من حمص لكنهم مسكوه وقتله خالد الكلابي سنة (65 ه)، وقيل قتل بعد وقعة راهط. ينظر: أنساب الأشراف: 2/ 445، و الغارات: 2/ 445، والاستیعاب: 4/ 1499، 1500، وسیر اعلام النبلاء: 3/ 412، و تقريب التهذيب: 2/ 248، و الاعلام: 8/ 36
8- بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة بقربها موضع يقال له شفاتا، منها يجلب القسب والتمر الى سائر البلاد، وهو بها كثير جدا، وهو على طريق البرية، وهي قديمة افتتحها المسلمون في أيام أبي بكر على يد خالد بن الوليد في سنة (12 ه) وكان فتحها عنوة فسبي نساءها وقتل رجالها) معجم البلدان: 4/ 176

من عند معاوية يسألانه (عليه السّلام) أن يدفع اليهم قتله عثمان وقد كان معاوية يعلم أنه (عليه السّلام) لا يدفعهم اليه وانّما أراد أن يكونا شاهدين له عند أهل الشام ويظهرا عذره فرجع أبو هريرة وأقام النعمان عنده (عليه السّلام) أشهراً ثم خرج فارا فلما [مرّ](1) بعين التمر أخذه مالك بن کعب الأرجتي(2) وكان عامل علي (عليه السّلام) / ظ 63/ عليها فحبسه ثم الح [عليه](3) قرطة بن کعب الانصاري(4) وهو كاتب عين التمر يجني خراجها فخلى سبيله فلحق بالشام ثم بعثه معاوية في ألفي رجل ليغير على شاطئ الفرات ويرعب أهل العراق فأقبل حتی دنا من عين التّمر وبها مالك بن کعب ومعه مائة(5) رجل او نحو ذلك(6) فأخبره(7) (عليه السّلام) بالخبر فلما وصل الكتاب صعد (عليه السّلام) المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم أمرهم

ص: 206


1- [مرّ] ساقطة في ع
2- عامل الامام علي (عليه السلام) على عين تمر. ينظر: الغارات: 2/ 447، و تاريخ اليعقوبي: 2:195، وفي ع: (الأرجي)
3- [عليه] ساقطة من أ، ع
4- هو قرظة (بالظاء) بن کعب الانصاري أحد بني الحارث بن الخزرج، حليف لبني عبد الاشهل من الأوس، ويكنى أبا عمرو، وهو أحد العشرة من الانصار الذين وجههم الخليفة عمر بن الخطاب الى الكوفة فنزلها وابتنی بهادارة في الانصار ومات بها، في زمن الخليفة علي (عليه السلام) فصلى عليه بالكوفة، ويقال انه هو الذي افتتح الري. ينظر: الطبقات الكبرى:6/ 17، و الكنى والألقاب: 1/ 162، و أعيان الشيعة 25/1
5- (مانة) في ث، تحریف
6- (دلك) في ث، تصحیف
7- (فاخبر) في ر

بالخروج فلم يخرجوا، فأرسل الى وجوههم وكبرائهم وأمرهم أن ينهضوا ويحثوا الناس على المسير فلم يفعلوا واجتمع منهم نفر يسير نحو ثلاثمائة رجل أو دونها فقام (عليه السّلام) فقال: (مُنِیتُ بِمَنْ لا یُطِیعُ إِذا أَمَرْتُ، وَلا یُجِیبُ إِذا دَعَوْتُ، لا أَبالَکُمْ! ما تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِکُمْ رَبَّکُمْ؟ أَما دِینٌ یَجْمَعُکُمْ، وَلا حَمِیَّةَ تُحْمِشُکُمْ!) منّى الرجل بكذا أي: ابتلی به ولكذا أي، وفق له على صيغة(1) المجهول، ومنيته ومنوته أي ابتليته على صيغ المعلوم، ولا أبا لك كلمة المدح أي: لا كافي لك غير نفسك والذّم أيضا كقولهم لا أملك، والتعجب أيضا نحو لله درك، والأوّل أكثر، والثاني أنسب بالمقام، وتُحمشکم بضم التاء کما في أكثر النسخ وبفتحها كما في بعضها أي: تغضبكم(2) و تهيجكم(3) تقول: احمشت النار إذا ألهبتها(4) (أَقُومُ فِیکُمْ مُسْتَصْرِخاً، وَأُنادِیکُمْ مُتَغَوِّثاً، فَلا تَسْمَعُونَ لِی قَوْلاً، وَلا تُطِیعُونَ لِی أَمْراً، حَتَّی تَکَشَّفَ الْأُمُورُ عَنْ عَواقِبِ الْمَساءَةِ، فَما یُدْرَكُ بِکُمْ ثارٌ، وَلا یُبْلَغُ بِکُمْ مَرامٌ) الصّراخ كغراب الصوت أو شديده، والمستصرخ المستغيث(5)، [والمصرخ المغيث](6)، والصارخ(7) المغيث والمستغيث وهو من الاضداد(8) كالصريخ وهو صوت المستصرخ والصارخ والمتغوث القائل واغوثاه، و تكشف أي: انكشف، والتكشف عن الشيء ارتفاع

ص: 207


1- (صیغ) في ث، ح، ر، م
2- (تغضيكم) في ث، تصحيف
3- (تهجكم) في أ، ع، وفي ث: (نهجكم)
4- ينظر: لسان العرب، مادة (حمش): 6/ 288
5- (المستغیب) في أ، ع، تصحيف
6- [والمصرخ المغيث] ساقطة من أ، ع
7- (الصارح) في ث، تصحيف
8- ينظر: الاضداد في كلام العرب، أبو الطيب اللغوي (ت 351 ه): 274

الحجاب عنه وظهوره(1)، والمساءة ضد المسرة(2) والاضافة للاستتباع أو بيانية، والثأر بالهمز، و يقلب الفاً كما في النسخ(3) طلب الدّم، ويقال: ثَأرتُ القتيل أي قَتَلتُ قاتِلَهُ(4)، (والمرام: المطلب)(5) (دَعَوْتُکُمْ إِلَی نَصْرِ إِخْوَانِکُمْ فَجَرْجَرْتُمْ جَرْجَرَهَ اَلْجَمَلِ اَلْأَسَرِّ، وَ تَثَاقَلْتُمْ تَثَاقُلَ(6) اَلنِّضْوِ اَلْأَدْبَرِ) المراد بالإخوان مالك بن کعب وأصحابه، والجرجرة صوت يردده(7) البعير في حنجرته وأكثر ما يكون عند الأعياء والتعب(8)، والسرّر بالتحريك قرحة کرکرة البعير(9) وهي الثفنة(10) التي تكون(11) في صدره، والتثاقل ترك النهوض بعد الاستنهاض، والنِضو بالكسر (المهزول من الإبل وغيرها)(12)، والدبر بالتحريك: (قرحة الدابة)(13) (ثُمَّ خَرَجَ إِلَیَّ مِنْکُمْ جُنَیْدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِیفٌ؛ کَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی اَلْمَوْتِ

ص: 208


1- ينظر: لسان العرب، مادة (كشف): 9/ 300
2- ينظر: الصحاح، مادة (سوأ): 1/ 55
3- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 245، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 100
4- ينظر: الصحاح، مادة (ثأر): 2/ 603
5- تاج العروس، مادة (روم): 16/ 308
6- (وتثاقل) في أ
7- (تررده) في ث، ر، م، تصحيف
8- ينظر: تاج العروس، مادة (جرر): 6/ 182
9- ينظر: لسان العرب، مادة (سرر): 4/ 360
10- الثفن في البعير: (ما يصيب الأرض من اذا برك، ويحصل فيه غلظ من أثر البُروك) لسان العرب، مادة (ثفن): 13/ 79
11- (يكون) في أ، ث، ع، تصحيف
12- لسان العرب، مادة (دبر): 4/ 273
13- المصدر نفسه، مادة (دبر): 4/ 273

وَ هُمْ یَنْظُرُونَ) قال السيد:(1) (مُتَذَائِبٌ أي مُضطَرِب؛ مِن قولهم: تَذَائبَ(2) الرِّيحُ، أي: اضطَرَبَ هُبُوبَها، وَمِنه سُمِّيَ الذِّئبُ(3) لاِضطِرابِ مِشيَته)(4) الجنيد مصغر الجند وشبههم [(عليه السّلام)](5) في كراهتهم المشي الى القتال [بمن](6) يساق قهراً الى الموت وهو يعاين الموت أو أسبابه فاستولى الخوف والرعب [عليه](7)، والمشية في كلام السيد(رضي الله عنه) بكسر الميم النوع من المشي کالجلسة.

[ومن (كلام) له (عليه السَّلام)] في الخوارج لما سمع قولهم: لا حكم إلا لله)

وفي بعض النسخ (لا حَکَمَ) بالتَّحريك بدون اللام(8) الجارة في (الله)،

ص: 209


1- (قال الرضي (رحمه الله) قوله (عليه السلام) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 237، (قال السيد الشريف: أقول: قوله (عليه السلام) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح
2- (تذائبت) في ح، (تذاءبت) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 237، في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 82
3- (الذئب ذئباً) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 237، و في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 82
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 237
5- [عليه السلام] ساقطة من أ
6- [بمن] ساقطة في أ، ع
7- [عليه] ساقطة من أ، ع
8- الافصح: من دون

وكذلك فيما [يجئ](1) من كلامه (عليه السّلام) (کَلِمَةُ حَقٍّ یُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ) [إضافة](2) الكلمة الى الحق لكون معناها حقاً، وقد اخذوها من قوله تعالى: «إِنِ الحُکْمَ إِلاَّ لِلَّهِ»(3) وهو يدل على نفي الحَكَم بالتحريك كما في بعض النسخ (نَعَمْ إِنَّهُ لاَ حُکْمَ إِلاَّ لِلَّه، وَ لَکِنَّ هَؤُلاَءِ یَقُولُونَ: لاَ إِمْرَةَ) الظاهر أنَّ المراد بالكلمة الحق قولهم: لا حكم إلا للهِ والباطل الذّي أريد بها المعنى الذّي قصدوه لا مايفهم من كلام بعض الشّارحين من أنَّ المعنى أنَ دعاء أصحاب معاوية إياكم إلى كتاب الله كلمة حق، لكن مقصودهم بها ليس کتاب الله بل غرض آخر باطل وهو فتور الحرب عنهم وتفرق أهوائكم(4) ونحو ذلك، ومعناها الحق حصر الحكم حقيقة فيه سبحانه کما قيل بناء على أنَّ / و 64/ حكم غيره إنَّما يجب اطاعته إذا أمر الله بإطاعته فالحكم المطاع هو ذلك الأمر وحينئذٍ يعمّ الحكم نحو ذلك الأمر والفصل بين المتخاصمين(5) وفيه تأمل، أو حصر الحكم الذّي يجب اطاعته من حيث إنَّه حکم به ذلك الحاكم فلا ينافي صدق الحكم من غير تجوز على حكم الرسول والإمام وقضاة العدل، قال الله تعالى: «فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ»(6)،

ص: 210


1- [يجئ] ساقطة من أ، ع
2- [اضافة] ساقطة من ع
3- الأنعام / 57
4- (اهوائهم) في أ، ع
5- (المخاصمين) في أ، ع وفي ر: (المتخاصمين)
6- المائدة / 42

وقال سبحانه: «إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ»(1)، وقال عزّ وجل: «يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ»(2)، وهذه الآيات و غيرها تدل على بطلان ما قصدوه من الكلمة ونفي الإمرة مطلقاً من لوازمه ويمكن أن يكون ذلك مقصودهم من الكلمة على وجه الخصوص لكنه غير معروف (وَ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِیرٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، یَعْمَلُ فِی إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَ یَسْتَمْتِعُ فِیهَا الْکَافِرُ، وَ یُبَلِّغُ اللَّهُ فِیهَا الْأَجَلَ) قال بعض الشّارحين: الألفاظ كلها ترجع الى إمرة الفاجر، قال: يعمل فيها المؤمن أي: لیست بمانعة للمؤمن من العمل؛ لأنَّه يمكن له أن يصلي ويصوم ويتصدّق، وإن كان الأميرُ فاجراً في نفسه، ويستمتع فيها الكافر أي: يتمتع بمدته، كما قال سبحانه: «قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ»(3) ويبلغ الله فيها الأجل؛ لأن إمارة الفاجر كإمارة البرّ في أن المدة المضروبة فيها ينتهي الى الأجل المؤقت(4) للإنسان(5)، وقال بعضهم: الضمير في امرته راجع الى الأمير مطلقا فالأمرة التي يعمل فيها المؤمن الامرة [البرة](6) والتي يستمتع فيها الكافرة(7) الفاجرة(8)، قال: وهذا أولى من قول بعض الشّارحين(9): إن

ص: 211


1- المائدة / 44، وفي ع ( البينون) تحریف
2- سورة ص / 26
3- إبراهيم /30
4- (المؤقت) في ع
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 243، 244
6- [البرة] ساقطة من م
7- (الكافر) في ث، ح، ر، م
8- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 103
9- يقصد شرح ابن أبي الحديد، ينظر: 2/ 243

الضمير يعود الى الفاجر(1) فإنَّ امرة الفاجر لیست مظنة تمكن المؤمن من عمله والمراد بعمل المؤمن في امرة البر عمله على وفق أوامر الله ونواهيه، واستمتاع(2) الكافر في إمرة الفاجر انهماكه في اللذات الحاضرة ويبلغ الله فيها الأجل أي في امرة الامير سواء كان براً أو فاجراً وفائدة هذه الكلمة تذكير العصاة ببلوغ الأجل وتخويفهم به(3) ويمكن أن يكون المعنى لابد في انتظام(4) دار التكليف واتساق أمور المعاش من أمير بر أو فاجر ليعمل المؤمن في الدّنيا ما يستوجب به جنات النعيم ويستمتع فيها الكافر ليكون حجة عليه يوم الجزاء ومن عمل المؤمن صبره على المكاره في إمرة الفاجر ومن استمتاع الكافر أنه يقرر على الكفر ويقبل منه الجزية في أمرة البرّ فلا يختصّ(5) العمل والاستمتاع بإحدى الأمرتين وعدم الاختصاص في تبليغ كلَّ شيء الى أجله المقدر له واضح و وقوع الظّلم في امرة الفاجر لا ينافي تحقق ما لابدَّ منه في انتظام دار التكليف (وَ یُجْمَعُ بِهِ الْفَیْءُ، وَ یُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَ تَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ(6)، وَ یُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِیفِ مِنَ الْقَوِیِّ، حَتَّی یَسْتَرِیحَ بَرٌّ، وَ یُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ) الضمائر المجرورة راجعة الى الأمير، والفيء ما يحصل في أيدي المسلمين(7) من أموال الكفار من غير قتال والغنيمة والخراج وكلمة حتى

ص: 212


1- (الفاجرة) في ر
2- (وباستمتاع) أ، ث، ح، ر، م
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 103
4- (انتظار) في ر
5- (يحتص) في أن تصحيف، وفي ث: (فا يختص)
6- (السبيل) في أي ع
7- (المؤمنين) في أ، ع

أمّا لبيان الغاية والمعنى يستمر تلك الحال حتى يستريح البر من الأمراء(1) وهو الظاهر أو مطلقا ويستريح الناس من الأمير الفاجر أو مطلقاً بالموت والعزل وفيهما(2) راحة للبرّ لأنَّ الآخرة خير له من الأولى ولا تجرى(3) الأمور غالباً على مراده و [لا](4) يستلذ کالفاجر بالانهماك في الشهوات وراحة للناس من الفاجر لخلاصهم من جوره وإن انتظم به نظام الكل في المعاش، وأمّا لترتب الغاية أي: حتى يستريح البرّ من الناس في دولة البرّ من الأمراء ويستريح الناس مطلقاً من بغي(5) بعض الفجار ومن الشرور والمكاره في دولة الأمير مطلقاً برا كان/ ظ 64/ أو فاجراً ولا ينافي ذلك إصابة المكروه من فاجر أحياناً کما سبق (وفي روايةٍ اُخری لمّا(6) سمع تحكيمهم قَال: حُکمَ الله أَنتَظِرُ فِيکُم)، قال الجوهري: (الخوارجُ يسمَّون المُحَكَّمة لإنكارهم أمر الحَكَمَينِ وقولِهم لا حُكمَ إلاّ لله)(7)، وفي القاموس: تحكيم الحرورية قولهم: لا حکم الا لله(8) ولعل المراد بالحكم المنتظر جریان القضاء بقتلهم وحلول وقته (وَ قَالَ أَمَّا الْإِمْرَهُ الْبَرَّةُ فَیَعْمَلُ فِیهَا التَّقِیُّ، وَ أَمَّا الْإِمْرَةُ الْفَاجِرَةُ فَیَتَمَتَّعُ(9)

ص: 213


1- (البراء) في م. تحريف
2- (وفيها) في ع
3- (يجري) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والصواب ما أثبتناه
4- [لا] ساقطة في ع
5- (نعي) في ح، ر، م، تحریف
6- (أنه (عليه السلام) لما) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 242، و في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 83
7- الصحاح، مادة (حکم): 5/ 1902
8- القاموس المحيط، مادة (حكم): 4/ 98، وفيه: (وتحكم الحرورية...)
9- (فيمنع) في ر، وفي م: (فتمتع)

فِیهَا الشَّقِیُّ إِلَی أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ، وَ تُدْرِکَهُ مَنِیَّتُهُ) يحتمل أن يراد بانقطاع المدة انقضاء الدولة بالعزل ونحوه فالواو بمعنى أو وأن يكون ادراك المنّية تفسيراً له، والمنية الموت؛ لأنها مقدرة بوقت مخصوص(1) من قولهم مَنَى اللهُ له وَمَنَاهُ أي قدَّرَ(2).

[ومن خطبة له (عليه السّلام)]

(إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ الصِّدْقِ، وَ لاَ أَعْلَمُ جُنَّةً أَوْقَى مِنْهُ، وَ لاَ يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ) الوفاء لزومُ العهد والوعدِ وهو ضد الغدر، وفسر بإنجاز المواعيد وقضاء الحقوق، والتوأم من جميع الحيوان المولود مع غيره في بطن، ويقال اتأمت المرأة إذا وضعت كذلك والظاهر أنَّ كون الوفاء توأم الصّدق التلازمهما غالبا أو مطلقاً مع التشارك في الفضل(3) وترتيب الآثار الجميلة والوفاء يتعلق بالإنشاء، والصّدق بالأخبار وليست النسبة بينهما العموم والخصوص لعدم الصدق وأن كان(4) الصدق يطلق على معنى الوفاء ومنه صادق الوعد، و(الجُنَّة) بالضم كل ما وقی واشنتر [به](5) من سلاح أو مطلقاً، والوقاية الصيانة والستر عن الأذى والوفاء يقي(6) من العار في الدّنيا، ومن النار في الآخرة، والغادر يلحقه شؤم الغدر ولا يعتمد على قوله: (من

ص: 214


1- (محضوض) في أ، ع، تصحيف
2- ينظر: لسان العرب، مادة (مني): 15/ 292
3- (الفصل) في أ
4- (وأركان) في ح
5- [به] ساقطة من أ، ع
6- (بقي) في ر، ع، تصحيف

علم بغدره)، والمرجِع بكسر الجيم أما مصدر أي: علم كيف الرجوع إلى الله، أو عن الغدر أي: علم عاقبته، أو اسم مكان أي: علم بكيفية المعاد، أو العاقبة في الدّنيا والآخرة (وَ لَقَدْ أَصْبَحْنَا فِي زَمَانٍ قَدِ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الْغَدْرَ كَيْساً، وَ نَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إِلَى حُسْنِ الْحِيلَةِ) لفظة قد في (قد اتخذ) غير موجودة(1) في بعض النسخ، والكَيَس الفِطنة(2) وجودة الرأي خلاف الحمق(3) والضمير في فيه راجع الى الغدر [أو الزمان](4) لا الاتخاذ کما يتوهم، والحيلة كالاحتيال الحذق وجودة النظر والقدرة على التصرف (مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ! قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَ دُونَهُ(5) مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ، فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَ يَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لاَ حَرِيجَةَ(6) لَهُ فِي الدِّينِ(7)) قيل: قاتلهم الله أي: لعنهم الله وقيل: قتلهم، وقيل: عاداهم، ورجل حول قلب کسكر أي: بصير بتحويل(8) الأمور وتقليبها وكذلك حولي(9) قلبي والوجه يكون بمعنی الجهة والحمل على المعنى المعروف لا يخلو عن وجه ويقال: هذا وجه الرأي أي: هو الرأي نفسه، والضّمير في دونه يعود الى وجه الحيلة أي: أقرب منه

ص: 215


1- (موجود) في أ، ع
2- (الفتنة) فيع، تحریف
3- ينظر: الصحاح، مادة (کیس) :3/ 972
4- [أو الزمان] ساقطة من ح
5- (دونها) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 246، و في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 83
6- (حريحة) في ث، تصحیف، و في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 242
7- (العين) في م، تحريف
8- (يصير تحویل) في ع
9- (حول) في ع

وقيل الوصول [اليه أو(1)](2) الى الحول القلب أي: أمامه، وفي بعض النسخ دونها فيعود الى الحيلة، ورأي عين أي: رؤية معاينه وهو منصوب على المصدر من يدع بتقدير موصوف أي: يتركها تركاً معاینا غير ناشئ عن غفلة، وقيل على الحالية أي: يتركها حال ماهي مرئية له وجوز بعضهم في قوله تعالى: «يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ»(3) أن يكون ظرفاً(4) للمكان كما يقول: ترونهم أمامكم(5) ونصبه عن فعله(6) السّابق لا وجه له وانتهاز الفرصة اغتنامها (والحريجة(7): التحرج(8) وهو التّحرز من الحرج والاثم)(9) على ما ذكره بعض الشّارحين فيكون مصدراً كالفضيحة لكن لم أجده في كلام أهل اللغة، والوزن مقصور على السّماع، وقال بعضهم: (الحريجة: التقوى)(10) والحرج في الأصل (الضيق)(11)، ويطلق على الإثم والحرام(12).

ص: 216


1- (و) في أ، ع
2- [اليه أو] ساقطة من ح
3- ال عمران/ 13
4- (طرفا) في ح
5- (امامهم) في ر، تحریف
6- (فعل) في أ، ع، تحریف
7- (الجريحة) في ع
8- (التجرح) في ح، ع، م
9- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 104
10- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 146
11- لسان العرب، مادة (حرج): 2/ 233
12- ینظر: الصحاح، مادة (حرج): 1/ 305، 306، و لسان العرب، مادة (حرج): 2/ 233

[ومن خطبة له (عليه السَّلام)]

(أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَخْوَفَ(1) مَا أَخَافُ عَلَیْکُمُ اِثْنَتَانِ: اتِّبَاعُ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ؛ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَی فَیَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الآْخِرَةَ) الهوى بالقصر العشق وارادة النفس، ولعل المراد ميل النفس الأمارة بالسوء الى متقضي طباعها من اللذات الى حد يخرج عن حدود الشريعة، والأمل بالتحريك (الرّجاء)(2)، والصّد المنع والصرّف (أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ وَلَّتْ (حذّاءَ)(3)، فَلَمْ یَبْقَ مِنْهَا / و 65/ إِلاَّ صُبَابَةٌ کَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ اصْطَبَّهَا(4) صَابُّهَا) ولى الشيء تولية أي أدبر کتولّى، وحذاء بالحاء المهملة والذال المعجمة كما في أكثر النسخ(5) أي: خفيفة(6) سريعة(7)، ومنه قيل للقطاة حذاء إذا خفّ ریش ذنبها(8)، وفي بعض النسخ جذاء بالجيم والجذا القطع أي: (قد انقطع دَرُّها وخيرها)(9)، وقيل: يكون بمعنی (الاسراع)(10)، والصّبابة بالضم:

ص: 217


1- (الخوف) في ع
2- القاموس المحيط، مادة (أمل): 3/ 330
3- (جذاء) في أ، ث، ح، ر، ع، تصحيف
4- (اصطبتها) في أ
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 254، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 251
6- (حفيفة) في أ، ر، تصحيف
7- (الحذذ: السرعة، وقيل السرعة والخفة) لسان العرب، مادة (حذذ): 3/ 482
8- ينظر: لسان العرب، مادة (حذذ): 3/ 483
9- مجمع البحرین، مادة (حذذ): 3/ 180
10- القاموس المحيط، مادة (جذ): 1/ 351

البقية اليسيرة من الشراب تبقى(1) في أسفل الاناء، واصطبها أي: صبّها ويكون اصطب مطاوعاً لصب و في الابهام اشارة الى عدم تعلق الغرض بالتعيين وإنما الغرض بيان تحقق الفعل (أَلاَ وَإِنَّ الاْخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا(2) بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الاْخِرَةِ وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ كُلَّ وَلَد سَيُلْحَقُ بأُمِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَ [لاَ](3) حِسَابَ، وَغَداً حِسَابٌ وَلاَ عَمَلَ) في بعض النسخ (ولكل واحدٍ منهما بنون)، والمعنى واحد(4) وأبناء الدّنيا المائلُون اِلَيهَا الرّاغِبُون فِيهَا رغبة الطّفل الى أُمِّهِ، وكذلك أبناء الآخرة، وعمل قائم مقام الخبر أي: اليوم يوم عمل ومدخول لا في بعض النسخ مرفوع في الموضعين، [وفي](5) بعضها مفتوح.

[ومن كلام له (عليه السَّلام)] وقد اشار عليه أصحابه بالاستعداد للحرب

بعد ارساله جریر بن عبد الله إلى معاوية أشار على فلان أي: بالرأي واليه، [أي ](6) باليد، و جریر بن عبد الله البجلي(7) كان عاملا لعثمان على ثغر

ص: 218


1- (يبقى) في أ، ث، ر، ع، م
2- (منها) في أ، ع
3- [لا] ساقطة من أ، ع
4- (ما حد) في ع
5- [وفي] ساقطة من أ، ع
6- [أي] ساقطة من أ، ع
7- (البحلي) في أن تصحيف، جریر بن عبد الله البجلي الاحمسي اليمني، يكنى أبا عمرو وهو من بجيلة وكان بدیع الجمال مليح الصورة الى الغاية طويلاً الى سنام البعير، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيه: (على وجهه مسحة ملك)، قدم جرير الى النبي (صلوات الله عليه) هو وجماعة من قومه في سنة عشر في رمضان فبايعه واسلم، شهد مع المسلمين يوم المدائن وفتوحات العراق وكان على الميمنة يوم القادسية، اصيبت عينه بسهم فذهبت عند قتاله أهل همذان عندما وجهه المغيرة بن شعبه اليها، نزل الكوفة وسكنها زمناً ثم انتقل الى قرقيسيا ومات بها سنة احدى وخمسين وقيل سنة واربع وخمسين. ينظر: المعارف: 292، البلدان: 460، وسير أعلام النبلاء: 2/ 531، 532، و الوافي بالوفيات 11/ 57 - 59

همدان(1) فلما صار الأمر اليه (عليه السّلام) طلبه فأجاب بالسمع والطاعة، وقدم اليه (عليه السّلام) فأرسله الى معاوية، وروى أنه كتب اليه مع جریر: أني قد عزلتك ففوض الأمر الى جرير والسّلام، وقال لجرير: صن نفسك عن خداعه فإن سّلم اليك الأمر وتوجه الي فأقم أنت بالشام وإن تعلل بشيء فارجع فلما جاءه تعلل بمشاورة [أهل الشام](2) وغير ذلك، فرجع جریر فكتب معاوية في إثره على ظهر كتابه (عليه السّلام) من ولاك حتى تعزلني والسّلام، وروى في صورة الكتاب غير ذلك وإن جرير لما أراد (عليه السّلام) أن يبعثه قال: والله يا أمير المؤمنين ما أدخر من نصرتي شيئا وما أطمع لك في معاوية، فقال (عليه السّلام): قصدي حجة أقمتها، وكانت اشارة الاصحاب لظنهم به ما ظنه جریر (إِنَّ اسْتِعْدادِی لِحَرْبِ أَهْلِ الشّامِ وَجَرِیرٌ عِنْدَهُمْ، إِغْلاقٌ لِلشّامِ، وَصَرْفٌ لِأَهْلِهِ عَنْ خَیْرٍ إِنْ أَرادُوهُ) أغلق الباب فانغلق واستغلق أي: جعله بحیث یعسر فتحه، والمراد بالخير الطاعة، والغرض

ص: 219


1- سمیت همذان نسبة الى همدان بن الفلوج بن سام بن نوح (عليه السلام)، وذكر بعض الفرس أن اسم همذان مقلوب انما هو نادمة ومعناه المحبوبة، وكان فتح همذان في جمادي الاولى على رأس ستة أشهر من مقتل الخليفة عمر بن الخطاب والذي فتحها المغيرة بن شعبة في سنة (24 ه). ينظر: البلدان: 460، ومعجم البلدان: 5/ 410
2- [اهل الشام] ساقطة من أ، ع

أنَّ الاستعداد للحرب في تلك الحال مخالف لغرض اتمام الحجة (وَلَکِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِیرٍ وَقْتاً لا یُقِیمُ بَعْدَهُ إِلاَّ مَخْدُوعاً أَوْ عاصِیاً، وَالرَّأْیُ عِنْدِی مَعَ الْأَناهِ فَأَرْوِدُوا، وَلا أَکْرَهُ لَکُمُ الْإِعْدادَ) التوقيت تحديد الوقت وتعيينه، وفي الكلام تجريد وذكر الوقت تمهيد للوصف، والمراد بصيرورته مخدوعاً(1) أن(2) يتوهم لشبهات معاوية وغيره أنَّه ليس في الإقامة عصيان، والأناة كالقناة اسم من التأني وهو (التثبت)(3)، يقال: آنیت وَ أنَيتُ على صيغة الأفعال والتفعيل وتأنيت واستأنیت، و أروِدوا على صيغة الأفعال أي: ارفقوا(4)، ومنه روید بمعنى (أَمهِل)(5) والنَّهي عن العجلة؛ لأنَّها مظنة الغفلة عن العواقب والضلال عن طرق الصواب، والإعداد التهيئة كالاستعداد التهيؤ، يقال: أعدّه لأمر كذا أي: هيأهُ له [...](6) واستعد له أي: تهیأ، ثم أنَّ الشّارحين ذكروا لدفع(7) توهم(8) التدافع بين هذا الكلام وبين ما سبق وجوهاً منها: أنَّه كره (عليه السّلام) استعداده(9) دون إعداد أصحابه(10)، ورد بأنَّ التعليل بالإغلاق والصّرف يقتضي کراهة الأمرين بل الثاني أولى بالكراهة؛ لأنَّ شياع

ص: 220


1- (محدوعاً) في ث، تصحيف
2- (أو) في ر
3- (الثبت) في أن لسان العرب، مادة (أني): 14/ 48
4- ينظر: لسان العرب، مادة (رود): 3/ 189
5- الصحاح، مادة (رود): 1/ 476
6- [منها] زائده في ع
7- (للدفع) في ر
8- (توقع هم) في أ
9- (استعداد نفسه) في ح
10- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1: 257

إعداد العسكر خيولهم وآلات [حربهم](1) أعظم من شياع استعداده وعده(2) لإمكان كتمانه، بخلاف استعداد العساكر العظيمة(3)، ويمكن توجيهه بأنَّ استعداده (عليه السّلام) ليس تهيّؤه وحده بل جمع العسكر وعرضهم(4) و (تحريضهم)(5) على القتال والخروج الى العدو ظ 65/ ونحو ذلك مما هو شأن الأمير والوالي واستعداد الأصحاب تهيئة كل منهم فرسه وسيفه وآلات حربه ونحو ذلك مما لا ينبغي لهم الغفلة عنه أبداً وليس الشياع في هذا أعظم [من](6) ذلك، ومنها أنَّ المكروه اظهار الإعداد دون الإعداد سراً، ومنها أنَّ المراد من قوله (عليه السّلام): (لا أكره لكم(7) الإعداد) تنبيههم على أنَّه ينبغي لهم أن يكونوا على يقظة(8) من الأمر حتى يكونوا حال اشارته اليهم قريبين من الاستعداد، ومنها أنَّ المراد رفع(9) توهم واهم فيه مداخلة ضعف [عن](10) مقارعة أهل الشام فيتداخلهم بذلك فشل وضعف عزيمة(11) وفي الأخيرين نوع من الوهن (وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هَذا الْأَمْرِ وَعَیْنَهُ، وَقَلَّبْتُ

ص: 221


1- [حريهم] ساقطة من أ
2- (حده) في أ، ث، ح، ر، م
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 254، 255
4- (وعرصهم) في ع
5- (وتحريصهم) في ث، ح، ر، ع
6- [من] ساقطة من أ
7- (لهم) في أ، ع
8- (يقطة) في ث، تصحیف، وفي ر: (نقظة)، تصحيف
9- (دفع) في أي ع
10- [عن] ساقطة من أ
11- (غريمة) في أ، (غطيمة) في ر، تحریف

ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ، فَلَمْ أَرَ لِی(1) إِلاَّ الْقِتالَ أَوِ الْکُفْرَ) وفي بعض النسخ (بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وآله))(2) الضرب يطلق على جميع الأفعال کما صرح به صاحب العين(3)، وضرب الأنف والعين مثل للعرب يراد منه الاستقصاء في البحث والتأملو التخصيص لكون الأنف والعين أبين أجزاء الوجه وأدخلها في معرفة الإنسان) بالوجه الذّي هو أدخل الأعضاء فيها، وقلب الظهر والبطن أو تقليبهما(4) على اختلاف النسخ التأمل في ظاهر الأمر وباطنه والمراد نفي الواسطة بين الكفر والقتال، قال بعض الشّارحين: ترکه القتال فسق أطلق عليه الكفر تغليظاً(5) في الزجر عنه(6) وفيه بعد، وقال بعضهم: مخالفة الأمر الصريح لا يتصور(7) [من](8) مثله (عليه السّلام) إلَّا عن عدم اعتقاد صحته(9)، وفيه تأمل اللهم إلا أن يحمل على الزام أحد المُحالين بنفي الآخر، فإن معصية الإمام وإن لم يكن على وجه الجحود(10) محال أيضا، ويمكن أن

ص: 222


1- (فلم أر فيه) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 254، (فلم أر لي فيه) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 85
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 254، هامش 1: (وفي الف، ب، انا: بما انزل مكان (ما جاء)
3- ينظر: العين، مادة (ضرب): 7/ 30، (بما جاء به محمد (صلى الله عليه)) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 254
4- (يقلبهما) في ح
5- (تعليظا) في أ، تصحيف
6- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 255
7- (يتصدر) في ع
8- [من] ساقطة من ث
9- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 113، 114
10- (الحجود) في أ، ث، ر، ح، م، والصواب ما أثبتناه

يكون مخالفة هذا الأمر بخصوصه مطلقاً أو من الإمام (عليه السّلام) كفراً لعود الضرر الشديد الى الإسلام وإن لم يكن على وجه الجحود(1) (إِنَّهُ قَدْ کانَ عَلَی الْنَّاسِ(2) والٍ أَحْدَثَ أَحْداثاً، وَأَوْجَدَ النّاسَ مَقالاً فَقالُوا، ثُمَّ نَقَمُوا فَغَیَّرُوا) المراد بالوالي(3) عثمان بن عفان، والحدث بالتحريك على ما فسره في النهاية (الأمر الحادث المنكر الذّي ليس بمعتاد(4) ولا معروف في السنة)(5)، وروى الحميري(6) (رحمه الله) في قرب الاسناد عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال: (حدثني زيد بن أسلم إنّ رسول الله (صلى عليه الله وآله) سئل عمن أحدث حدثاً أو أوى محدثاً ما هو فقال: من ابتدع بدعة في الإسلام أو مثل بغير حد أو من انتهب نهبة يرفع المسلمون اليها أبصارهم أو يدفع عن صاحب الحدث أو ينصره أو يعينه)(7) وأحداثه المشار اليها كثيرة، منها: تولية الفساق لقرابتهم منه كالوليد بن عقبة الذّي كان منه شرب الخمر وغيره، وردّ الحكم بن أبي العاص طرید رسول الله (صلى الله عليه وآله)

ص: 223


1- (الحجود) في أ، ث، ر، ح، م، والصواب ما أثبتناه
2- (الأمة) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2/ 254، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 85
3- (بالوال) في ع
4- (بمعناد) في أتصحيف، وفي ع: (بمعناه)
5- النهاية في غريب الحديث ولأثر: 1/ 351
6- عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري القمي، يكنى أبا العباس من فقهاء الشيعة كان شيخا ووجيهاً للشيعة بقم، ثم ذهب للكوفة فأخذ عنه أهلها، من كتبه (الإمامة)، و (العظمة والتوحيد)، و (فضل العرب)، و (قرب الاسناد)، و (المسائل والتوقعات)، و (کتاب الغيبة). ينظر: الفهرست، الطوسي: 167، و الذريعة، اغابرزك: 16/ 83، والأعلام: 4/ 76
7- قرب الإسناد، عبد الله بن جعفر الحميري: 104

وإيثار أهله بالأموال العظيمة كإعطاء مروان مائة ألف دينار، وروی خمس أفريقية وأربعة من قریش زوجهم بناته أربعمائة ألف دينار، وحَمي الحمی عن المسلمين واعطاء بيت مال(1) الصّدقة المقاتلة وغيرها وضرب عبد الله بن مسعود و كسر بعض أضلاعه وجمع الناس على قراءة زيد بن ثابت وإحراق(2) المصاحف وضرب عمار بن یاسر حتى حدث به الفتق ونفي أبي ذر وإيذائه، وتعطيل الحدّ على عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد فصلنا الكلام في الأحداث بما لا يزيد عليه في شرح الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق. وأوجد الناس مقالا أي: جعلهم واجدين للمقال، وأبدى لهم طريقا اليه بأحداثه، وقال بعض الشّارحين: (أوجد أي أغضب)(3) وفيه أنَّه يخلو المقال حينئذ عن الناصب، والتقدير غير مناسب، والمراد بالمقال طعنهم عليه في المشهد والمغيب، ونقموا كضربوا أي: عتبوا عليه وقد طعنوا عليه في وجهه وحصبوه على المنبر حتى خر مغشياً عليه وآل الأمر الى الحصار والقتل وغرضه (عليه السّلام) تبرئة نفسه من دم عثمان، وقد جعل معاوية اتهامه(4) (عليه السّلام) بدم عثمان وسيلة الى عصيانه، وبعث قوماً لينشروا ذلك في أهل الشام فتابعوه على العصيان وَردُوا جرير بن عبد الله مصرِّین على الخلاف.

ص: 224


1- (المال) في ر، والصواب ما أثبتناه
2- (احراز) في ع، تحریف
3- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1/ 258
4- (انهامه) في أ، ع

[ومن كلام له (عليه السَّلام)] لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية

وكان قد ابتاع سبيَ بَنِي ناجية من عامل أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) واعتقهم(1)، فلما طالبه بالمال خاس(2) به وهرب إلى الشام، بنو ناجية(3) ينسبون أنفسهم الى قريش، وقريش تدفعهم عنه / و 66/ وينسبونهم الى ناجية وهي أمهم وقد عدوا من المبغضين لعلي (عليه السّلام) واختلفت الرواية في سبيهم، ففي بعضها أنَّه لما انقضى أمر الجمل دخل أهل البصرة في الطاعة غير بني ناجية(4) فبعث اليهم علي (عليه السّلام) رجلاً من أصحابه في خيل ليقاتلهم فأتاهم وقال لهم: ما لكم عسکرتم وقد دخل في الطاعة غيركم

ص: 225


1- (اعتقه) في شرح ابن أبي الحديد: 3/ 94
2- (خاص) في ر، تحریف
3- بنو ناجية هم قوم رحلوا قبل الإسلام الى بلاد اخوالهم (بني جرم) في عمان... وسكنوا البصرة في ايام الفتوح وكان من زعمائهم فيها (الخريت بن راشد)، وخرج ثلاثمائة من بني ناجية بقيادة (الخريت بن راشد) الى الكوفة لنصرة الامام علي (عليه السلام)، فشهدوا معه الجمل وصفين ولكنهم خالفوه في التحكيم واصرفوا الى جهة الفرس، فبعث (عليه السلام) اليهم معقل بن قيس، ويعود تسميتهم بهذا الاسم نسبة الى ناجية بنت جرم بن ربان، من قضاعة من عمان تزوجها (الحارث) بعد أبيه (سامة بن لؤي) فولدت له (عبد البيت) فعرف بابن ناجية. ينظر: جمهرة أنساب العرب: 173، وإكمال الكال: 4/ 113، ومعجم قبائل العرب: 3/ 1166، والأعلام: 7/ 344، 345
4- (فاجية) في ر، تحریف

فأفترقوا ثلاث فرق، فرقة قالوا: كنا نصارى فأسلمنا ونبايع فأمرهم فاعتزلوا، وفرقة قالوا: كنا نصاری ولم نسلم وخرجنا مع القوم كرهاً فندخل(1) فيما دخل الناس ونعطيكم الجزية [كالنصاری](2)، فقال [لهم](3): اعتزلوا، وفرقة قالوا: كنا نصارى فأسلمنا ولم يعجبنا الإسلام فرجعنا فنعطيكم الجزية کالنصارى، فقال لهم: توبوا وارجعوا للى الإسلام فأبوا، فقاتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، فقدم بهم على أمير المؤمنين (عليه السّلام) وفي بعضها إن الأمير من قبل عليّ (عليه السّلام) كان معقل بن قیس(4) ولما انقضى أمر الحرب لم(5) يقتل من المرتدين من بني ناجية إلا رجلًا واحدا ورجع الباقون الى الإسلام واسترق من النصارى منهم الذين ساعدوا في الحرب وشهروا السيف على جيش الإمام، ثم أقبل بالأساری حتی مر على مصقلة بن هبيرة الشيباني وهو عامل لعليّ (عليه السّلام) على أردشير خرة(6) وهم خمسمائة انسان

ص: 226


1- (فيدخل) في أث،، ع، تصحيف
2- [کالنصاری] ساقطة من ح، ر، م
3- [لهم] ساقطة من ح، ر، ع
4- هو معقل بن قيس الرياحي، من بني يربوع، وكنيته أبا رميلة قائد من الشجعان الأجواد، أدرك عصر النبوة، أوفده عمار بن یاسر على الخليفة عمر بن الخطاب بشيرلً بفتح (تستر) وكان من أمراء الصفوف يوم الجمل، کما تولی شرطة زمن الإمام علي (عليه السلام) وقد وجهه الى بني ناجيه حين ارتدوا فرفع لهم راية الأمان، وقتل من قاتله وسبی منهم جماعة، ولما خرج المستورد بن علفة الخارجي جهز له معقلاً ثلاثة الاف مقاتل وسار لقتاله فتواجها على شاطئ دجلة فقتل كل منهما الآخر سنة (43 ه). ينظر: أنساب الأشراف: 2/ 415، 11/ 275، 12/ 160، و الأنساب: 4/ 227، و الإصابة: 6/ 241، و الأعلام: 7/ 271
5- (ما) في ع
6- أَردَشِير خُرَّه، اسم بلدة مركب معناه (بهاء أردشیر) سميت باسم الملك أردشير بن بابك بن ساسان وهو أحد ملوك الفرس الذي أمر ببنائها، وتسميها العرب (جور) وهي تلي (اصطخر) في العظم وفي أردشير خره، وهي شديدة الحر، كثيرة الثمار. ينظر: البلدان: 405، 406، و معجم البلدان: 1/ 146

فبكى اليه النساء والصبيان و تصایح(1) الرجال وسألوا أن يشتريهم ويعتقهم فابتاعهم(2) بخمسمائة ألف درهم فأرسل اليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) أبا حرة الحنفي(3) ليأخذ منه المال فأدى اليه ماءتي ألف درهم وعجز عن الباقي فهرب الى معاوية فقيل له (عليه السّلام): اردد الأساري في الرق، فقال ليس ذلك في القضاء بحق قد عتقوا(4) إذا اعتقهم الذي اشتراهم وصار مالي ديناً عليه فعلى الرواية الاولى كانوا من المرتدين عن الإسلام ولا يجوز سبي ذراريهم عندنا وعند الجمهور أيضاً إلاَّ أن أبا حنيفة قال بجواز استرقاق المرأة المرتدة إذا لحقت بدار الحرب(5) وأيضً [...](6) ما فيها من انه قدم بالأساری الى عليّ (عليه السّلام) يخالف المشهور من اشتراء(7) مصقلة في عرض الطريق وقد قال بعض الأصحاب بجواز سبي البغاة إلاَّ أنَّ الظاهر أنَّه مع اظهار الكفر(8) والارتداد لا يبقى حكم البغي، والصحيح ما في الرواية الثانية من أَّنَّ

ص: 227


1- (وتسامح) في أ، ع، تحریف
2- (فاتباعهم) في ث، ح، ر، ع، م
3- لا توجد له ترجمة غير ان الامام علي (عليه السلام) اختاره رسولاً الى مصقلة بن هبيرة الشيباني ليأخذ منه المال الذي عليه من عتقه لبني ناجية. ينظر: تاريخ الطبري: 1/ 364
4- (اعتقوا) في ر
5- ينظر: الفقه على المذاهب الأربعة، عبد الرحمن الجزيري: 5/ 642، 644
6- [ايضا] زائدة مكررة في ر
7- (اشتراه) في ح، ر
8- (الكفر) ساقطة من ر

الأساری کانت من النصارى، وخاَس به أي: غدر(1) وخان(2) وخاس بالوعد أي: أَخلف(3) (قَبَّحَ(4) اللَّهُ مَصْقَلَةَ! فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ، وَفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيدِ، فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّى أَسْكَتَهُ(5)، وَلا صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّى بَكَّتَهُ) قبحه الله بالتخفيف(6) کما في بعض النسخ أي: نحاه عن الخير(7)، فهو مقبوح، و قبحت البيضة کسرتها(8)، والتشدید کما في بعضها يفيد المبالغة، والسادة جمع سید وهو يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومتحمل الأذى من قومه والزوج والرئيس والمقدم، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قيل له: ما في أُمتك من سید؟ فقال: بلی مَن آتاهُ اللهُ [مالاً](9)، وَرزق(10) سماحة فأدّى شكره، وقلت شکایته في الناس(11)، والفِرار بالكسر الهَرَبُ، قال بعض الشارحين: كلمة (حتى) يحتمل أن تكون)(12) بمعنى اللام أي: أنَّه لم ينطق مادحه ليقصد اسکاته بهربه، فإن اسکاته لو قصد لا يتصور إلاَّ بعد انطاقه

ص: 228


1- (عذر) في ث، ح، ر، ع، تصحیف، وفي م: (اعذر)
2- (وحان) في ث، تصحيف
3- ينظر: لسان العرب، مادة (خاس): 6/ 75
4- (فقال فقبح) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 94
5- (اسکنه) في ع، تصحيف
6- (بالتحفيف) في أن تصحيف
7- ينظر: الصحاح، مادة (قبح): 1/ 393
8- ينظر: تاج العروس / مادة (قبح): 4/ 163
9- [مالًا] ساقطة من م
10- (أو رزق) في ر
11- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/ 417. وفيه: (فما في أُمتك من سيد؟ قال: مَن آتاهُ اللهُ مالاً، وَرزق سماحة، فأدّى شكره، وقلت شکایته في الناس)
12- (يكون) في أ، ح، ر، ع، م، تصحيف

فهو(1) لم يتمم فعله الذّي يطلب به انطاق مادحه فكانه قصد اسكاته بهربه، [وفيه مع عدم جریان مثل هذا التوجيه في الفقرة التالية ان المناسب حينئذ يسكته(2) على صيغة المضارع](3) ويحتمل أن يكون المراد أنَّه لسرعة اتباعه الفضيلة بالرذيلة كأنَّه جمع بين أمرين متنافيين(4)، [وقيل المراد لم ينطق مادحه في المدة المنهية الى الإسكات أي لم ينطقه أصلاً والمراد بالإسكات / ظ 66/ المنع عن النطق](5) والتبكيت (التقريع والتعنيف)(6) و (التوبيخ)(7) و (استقبال الرجل بما يكره)(8) (وَلَوْ أَقَامَ لَأَخَذْنَا مَيْسُورَهُ، وَانْتَظَرْنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ) الميسور مَا تيسر وقیل مصدر على مَفعُول(9) وقيل الغني والسّعة(10) والوُفُور بالضم مصدرُ وفُر المال ککرُم و وعُد أي تم وزاد، وفي بعض النسخ (موفورة)(11)

ص: 229


1- (وهو) في ث، ح، ر
2- (يسكنه) في ر، تصحيف
3- [فيه مع بعدم جریان مثل هذا التوجيه في الفقرة التالية ان المناسب حينئذ يسكته على صيغة المضارع] ساقطة من ح
4- (غايتين متنافيتين) في ح، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 116، 117
5- (وقيل المارد لم ينطق مادحه في المدة المنهية الى الإسكات أي لم ينطقه أصلاً والمراد بالإسكات المنع عن النطق) ساقطة من ح
6- تاج العروس، مادة (بكت): 3/ 16
7- (التونيج) في ث، وفي ر: (التوبيح)، تصحیف، تاج العروس، مادة (بكت): 3/ 16
8- تاج العروس، مادة (بكع): 11/ 28
9- ينظر: لسان العرب، مادة (یسر): 5/ 297
10- ينظر: المصدر نفسه، مادة (یسر): 5/ 296
11- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 261، و شرح نهج البلاغة، رابن میثم البحراني: 2/ 116، وفيهما: (ویروی موفورة)

وهو (الشيء التامُّ)(1) يقال: وفرت الشيء وفراً و وفر الشيء نفسه وفوراً(2) أي: انتظرنا(3) حصول الموفور في يده والغرض دفع عذره في الحرب وهو توهم التشديد عليه.

[ومن خطبة له (عليه السَّلام)]

(الْحَمْدُ لِلَّهِ غَیْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَ لَامَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ)، وَلَا(4) للتعدية، ولعل نفي القنوط واليأس والاستنكاف لانتفائها على تقدير النظر الصحيح وتنزيل القانط وغيره منزلة العدم بخلاف الحلو، والاستنكاف الأنفة والاستكبار(5)، قال الله تعالى: «وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا»(6)، ومستنكفٍ في(7) أكثر النسخ على صيغة اخواته في بعضها على صيغة الفاعل ولعل المراد على تقدير الصحة حمده سبحانه على رضاه بأن يعبده(8) العباد ويدعوه في حوائجهم صغيرها وكبيرها وقد جعل سبحانه ترك الدعاء استكبارا عن عبادته ولا تبرح أي: لا تزول ولا تفقد على صيغة المجهول أي: لا تعدم وهما متعدیان وعدم البراح والفقدان

ص: 230


1- الصحاح، مادة (وفر): 2/ 847
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (وفر): 2/ 847. وفيه: (... بنفسه وفوراً)
3- (انظرنا) في ح، تحریف
4- (الحارة) في أن تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (نكف): 9/ 340
6- النساء / 172
7- (على) في أ، ع
8- (يعيده) في م، تصحيف

مطرد على تقدير قابليته المحل(1) لاقتضاء(2) ذاته سبحانه الرحمة والإنعام وعدم الشرط لا ينافي الاقتضاء. (إِنَّ اَلدُّنْیَا دَارٌ مُنِیَ لَهَا اَلْفَنَاءُ، وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا اَلْجَلاَءُ) هذا الفصل مفصول عن السّابق التقطه السيد (رضي الله عنه) على عادته(3) من خطبة عيد الفطر وبينهما كلام طويل وكذلك الموصول المذكور والخطبة رواها الصدوق رحمه الله في الفقيه(4) ومنى على البناء للمفعول أي: قدر، ومنه المنية الموت؛ لأنَّها مقدرة بوقت مخصوص واللام في لأهلها أما صلة له أو لمقدر(5) والجملة [معطوفة](6) على الفعلية فيكون في محل الصفة أو على الاسمية واللام للانتفاع أي: نصيبهم منها الجلاء وهو بالفتح الخروج عن البلد والوطن ويقال: جَلوا عن أوطانهم وجَلوتُهُم أنا يتعدَّى ولا يتعدَّى وكذلك أَجلَوا وأَجلَيتَهُم(7). (وَ هِیَ حُلْوَةٌ(8) خَضِرَةٌ، وَ قَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ، وَ اِلْتَبَسَتْ بِقَلْبِ اَلنَّاظِرِ) الحلاوة والخضرة اشارة الى الجهات التي يميل(9) اليها القاصرون الغافلون عن العواقب وعجلت للطالب أي: قدمت له لحقارتها على العادة في تقديم اليسير للطالب، فإن كان قصيرة الهمة رضى به وقعد عن طلب المحزون وإلا لم يلتفت اليه وطلب ما هو خير له وأبقى، والالتباس

ص: 231


1- (محل) في ر
2- (الاقتضاء) في ر
3- (عبادته) في ع، تحريف
4- ينظر: من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 1/ 515
5- (المقدر) في ث، وفي ر: (و المقدر)
6- [مُعطوفة] ساقطة من ر، م
7- ينظر: الصحاح، مادة (جلا): 6/ 2304
8- (جلوة) في ع، تصحيف
9- (تميل) في أ، ث، ح، ر،ع، م، والصواب ما أثبتناه

الاختلاط والاشتباه والتباس الدنيا بالقلب خلطه المحاسن بالمساوئ لافتتانه بحسن منظرها والغفلة عن عاقبها والتعبير بالناظر لتقدم الخضرة. (فَارْتَحِلُوا عَنْهَا(1) بِأَحْسَنِ مَا یَحْضُرُکُمْ مِنَ اَلزَّادِ، وَ لاَ تَسْأَلُوا فِیهَا إِلاَّ اَلْکَفَافَ، وَ لاَ تَطْلُبُوا مِنْهَا أَکْثَرَ مِنَ اَلْبَلاَغِ) الارتحال السفر والانتقال والباء للمصاحبة والحضرة الحضور وقرب الرجل وفناؤه أي: بأحسن ما هو موجود عندكم حاضر لديكم من الزاد وهو التقوى قال الله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى»(2)، والزاد طعام يتخذ للسفر والكفاف [بالفتح](3) ما كف عن الناس وأغنى والبلاغ ما يتبلغ ويتوسل به إلى الشيء المطلوب.

[ومن كلام له (علیه السَّلام)] عند عزمه على المسير إلى الشام

(اَللّهُمَّ اِنّی اَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثاءِ السَّفَرِ، وَکابَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ، فِی الاَهْلِ وَالْمالِ(4)) وفي بعض النسخ (في النفس والأهل والمال)(5)، والوعثاء الشدّة والمشقَّة وأصله من الوعث وهو الرمل يشقّ ويتعسَّر فيه المشي، يقال:

ص: 232


1- (منها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 120، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 87
2- البقرة / 197
3- [بالفتح] ساقطة من ع
4- (في الاهل والمال والولد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 130، وفي نهج البلاغة، صبحي الصالح: 88
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 255، وفيه: (في النفس والاهل والمال والولد)

رَملَ أوعَثُ، وَرَملَةَ وَعثاء(1)، والكآبة [بالفتح والمد](2) تغير النفس/ و67/ بالانكسار من شدة الهم والحزن(3)، والمنقلَب بفتح اللام الانقلاب والرجوع، والمراد رجوع المسافر بأمر يحزنه لما أصابه في سفره، أو لعودة غير مقضى الحاجة أو لآفة(4) أصابت أهله أو ماله وسوء المنظر كالتأكيد له أو يخص كآبة المنقلب بالأولين (اللّهُمَّ أنتَ الصّاحِبُ فِی السَّفَرِ، وأنتَ الخَلیفَةُ فِی الأَهلِ، ولا یَجمَعُهُما غَیرُكَ، لِأَنَّ المُستَخلَفَ لا یَکونُ مُستَصحَبا، وَالمُستَصحَبُ لا یَکونُ مُستَخلَفا) المُستخلف من يتخذه المسافر خليفة له يقوم بأمره(5)، و (المستصحب)(6) من يتخذه صاحباً وانحصار هذا الجمع فيه سبحانه لتجرده عن الجسمية مع القدرة الكاملة على دفع المضار والعلم الشامل، فعلى تقدير عدم انحصار التجرد فيه سبحانه لا حاجة [فيه](7) الى ما ذكره بعض الشارحين من أنَّ المستحق لهذا الجمع بالذات هو الله سبحانه بناء على ما زعم من أن المناط مجرد التجرد(8) قال السيد: (وابتداءُ هذا الكلام مرويٌ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وَقَدقَفَّاهُ (عَلَيهِ السَّلام) بأبلَغ كلامٍ، وَتمَّمَهُ بِأَحسن تَمام، من قَوله: (لا يَجمَعُهُمَا غَيرُكَ) إِلَى آخر الفصل). قّفيته بفلان وفلانا أي: اتبعته

ص: 233


1- ينظر: لسان العرب، مادة (وعث): 2/ 202
2- [بالفتح والمد] ساقطة من ح
3- ينظر: لسان العرب،مادة (كأب): 2/ 694
4- (لافافة) في أ، وفي ع: (لافاقة)، تحريف
5- ينظر: الصحاح، مادة (خلف): 4/ 1354
6- (المستخلف) في ح، والسياق يقتضي (المستصحب) بدليل ما بعده
7- [فيه] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2/ 122

إياه(1)، وجعلته على قفاهُ وهو (مؤخر العنق)(2)، والتمام يكون مصدر تم الشَيء ك (فرَّ) وبمعنى ما يتم به والمناسب هو الثاني.

[ومن كلام له (علیه السَّلام)] في ذكر الكوفة

(کَأَنِّی بِكِ یَا کُوفَةُ تُمَدِّینَ مَدَّ اَلْأَدِیمِ اَلْعُکَاظِیِّ؛ تُعْرَکِینَ بِالنَّوَازِلِ، وَ تُرْکَبِینَ بِالزَّلاَزِلِ) كأنّي بالشّيء، أي: كأني واقف بك ناظر إليك(3)، والمدّ الجذب والبسط(4)، والأديم الجلد أو مدبوغه، وقيل: الأحمر منه(5)، وعُكاظ بالضم موضع بناحية مكة كانت العرب تجتمع(6) به في كل سنة ويقيمون به سوقاً مدة شهر(7)، وقيل كانت تقوم هلال ذي القعدة وتستمر عشرين يوماً، ويتعاكظون أي: يتفاخرون ويتناشدون(8)، (قال)(9) أبو ذويب:

إذا بُنِيَ القِبَابُ على عُكاظٍ *** وَقَامَ البَيعُ واجتمعَ الأُلوفُ(10)

وينسب إليه الأديم؛ لكثرة البيع فيه، والأديم العكاظي مستحكم

ص: 234


1- ينظر: لسان العرب، مادة (قفا): 15/ 194
2- ينظر: المصدر نفسه:، مادة (قفا): 15/ 192
3- ((واقف به ناظر اليه) في أ، ث، ع وفي ر: (واقف به ناظرا اليك)، والصواب ما اثبتناه
4- ينظر: لسان العرب، مادة (مدد): 3/ 396
5- ينظر: تاج العروس، مادة (أدم): 9/16
6- (يجتمع) في أ، ث، ح، ر،ع، م، والصواب ما اثبتناه
7- ينظر: معجم البلدان: 142/4
8- ينظر: تاج العروس، مادة (عكظ): 10/ 475
9- (قالوا) في ح، تحريف
10- دیوان الهذليين 1/ 98

الدباغ(1) شديد المدّ(2) وذلك وجه الشبه، والعرك(3) الدلك والحك(4)، وعركه أي: (حمل عليه الشر)(5)، وعركت القوم في الحرب إذا مارستهم حتى اتعبتهم(6)، والنوازل المصائب والشدائد(7)، والزلازل البلايا، وتركبين بها على صيغة المجهول [كالسابقتين](8)، أي: تجعلين مركوبة لها أو بها على أن يكون الباء للسببية كالسابقة والشدائد التي أصابت الكوفة وأهلها معروفة مذكورة في السير، (وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلاَّ اِبْتَلاَهُ اَللَّهُ بِشَاغِلٍ وَ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ(9)) روى عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه قال: (هذه مدينتنا ومحلتنا ومقر شيعتنا)(10). وعن جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) أنه قال: (تربة تحبنا ونحبها)(11)، وعنه عليه السلام](12): (اللَّهم إرم من رَماهَا وعَادٍ من عاداها)(13)، ومن الجبابرة الذين أرادوا بها سوء فرماه الله بقاتل

ص: 235


1- (الدماغ) في ر، تصحيف
2- ينظر: تاج العروس، مادة (عكظ): 10/ 476
3- (والعزل) في ر، تحريف
4- ينظر: تاج العروس، مادة (عرك): 13/ 612
5- المصدر نفسه، مادة (عرك): 13/ 612
6- (أتبعنهم) في أ، وفي ع: (اتبعثهم)، تحريف
7- ينظر: العين، مادة (نزل): 7/ 367
8- [كالسابقتين] ساقطة من ح، ر
9- (بقائل) في أ، ع، م، وفي ر: (بقانل)
10- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 156
11- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 156
12- [السلام] ساقطة من ح، يقتضيها السياق
13- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 156

زياد بن أبيه(1) همَّ أن يخرب الكوفة، ويستأصل أهلها فجمعهم حتى ملأ بهم المسجد والرحبة ليعرضهم(2) على البراءة من علي (عليه السّلام) وعلم أنهم سیمتنعون فيحتج بذلك على استئصالهم وإخراب ديارهم فبينا هم مجتمعون إذ خرج حاجبه وأمر الناس بالانصراف وقد رماه الله بالطاعون، وكان يقول: إني لأجد في النصف من جسدي حرّ النار، حتى مات، وروى أنه ابتلى بالفالج، ومنهم الحجاج(3) تولدت في بطنه الحيات واحترق(4) دبره حتى هلك، وأمثال ذلك مذكورة في السير.

[ومن خطبة له (علیه السّلام)] عِنْدَ اْلمَسِيْر اِلى الشَّامِ

روی انَّه (عَلَيهِ السّلامَ) خَطَب بها بالنخيلة خارجاً من الكُوفة متوجهاً

ص: 236


1- زياد بن أبيه، ويكنى أبا المغيرة، أمير من الدهاة، ولد في الطائف سنة (1 ه)، واختلفوا في نسبه فقيل: هو ابن عبيد الثقفي، وقيل هو ابن أبي سفيان، ولدته أمة (سمية) وهي جارية الحارث بن كلدة الثقفي، وتبناه عبيد الثقفي مولى الحارث بن كلدة وهو رومي الاصل، ولما امتنع زياد على معاوية، وتحصن ببلاد فارس الحقه بنسبه سنة (44 ه). اسلم زياد في عهد الخليفة أبو بكر، وكان كاتباً للمغيرة بن شعبة، ثم لأبي موسى الأشعري، أيام امارته للبصرة، وولاه معاوية البصرة والكوفة وغيرها من مدن العراق، توفي سنة (53 ه). ينظر: سير أعلام النبلاء: 3/ 6، و الوافي بالوفيات: 15/ 6 - 8، و الإصابة: 2/ 527، و الأعلام: 3/ 53
2- (لتعرضهم) في ر، تصحيف
3- الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل بن مسعود بن عمر بن متعب بن مالك بن كعب الثقفي، ويكنى أبا محمد الثقفي، كان أخفش، دقيق الصوت، وأول ولاية وليها (تباله)، هو الذي قتل ابن الزبير سنة (73 ه)، فولاه عبد الملك بن مروان الحجاز ثلاث سنين فوليها عشرين سنة، توفي سنة (95 ه) ينظر: المعارف: 395 - 398، و البداية والنهاية: 9/ 136، 138، و شذرات الذهب في أخبار من ذهب: 1/ 106،107
4- (احتر) في أ، ع، تحريف، وفي ث: (واحرف)

إلى صفين لخمس بقين من شوال سنة سبع وثلاثين (الْحَمْدُ للَّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَيْلٌ وَغَسَقَ، وَالْحَمْدُ للَّهِ كُلَّمَا لاحَ نَجْمٌ وَخَفَقَ، وَالْحَمْدُ للَّهِ غَيْرَ مَفْقُودِ الإِنْعَامِ، وَلا مُكَافَإِ الإِفْضَالِ) وقب الليل أي: (دخل)(1)، وغسق أي: اظلم(2) قال تعالى: «وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ»(3)، ولَاحَ أي: ظهر وفي بعض النسخ (طلع نجم)، وخفق النجم وأخفق إذا انحط في المغرب أو غاب(4)، وكافأته مكافاة وكفاء أي: جازيته وكل شيء ساوى شيئاً فهو(5) مكافئ له/ ظ 67/، الافضال الاحسان (أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَتِي، وَأَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هَذَا الْمِلْطَاطِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي) مقدِّمة (الجيش)(6) بكسر الدال أوله ومتقدموه وعن ثعلب فتح الدال والمضاف محذوف، والملطاط (بالكسر)(7) (حافة الوادي وشفيره وساحل البحر)(8) والمنهج الموطؤ والمشار إليه شاطئ الفرات ولزومه أن لا يفارقوه ولا يعدلوا عنه إلى موضع آخر (وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِهِ النُّطْفَةَ إِلَى شِرْذِمَةٍ مِنْكُمْ، مُوَطِّنِينَ أَكْنَافَ دِجْلَةَ، فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ، وَأَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ الْقُوَّةِ لَكُمْ) النُطفة بالضم الماء الصافي قل أو كثر، أو الماء مطلقاً وهو بالقليل أخص، والشّرذمة بالكسر (القليل من الناس)(9) والجار متعلق

ص: 237


1- العين، مادة (وقب): 5 / 228، والصحاح، مادة (وقب): 1/ 234
2- ينظر: الصحاح، مادة (غسق): 4/ 1537
3- الفلق / 3
4- ينظر: الصحاح، مادة (خفق): 4/ 1469، ولسان العرب، مادة (خفق): 10/ 81
5- (وهو) في رز
6- (الحيش) في ث، وفي ح: (الجيس)، تصحيف
7- (بكسر) في ح
8- لسان العرب، مادة (لطط): 7/ 390
9- لسان العرب، مادة (شرذم): 12/ 322

بمحذوف أي: متوجها إليهم، وأوطن المكان ووطنه واستوطنه اتخذه وطنا و (موطنين) على صيغة الأفعال في أكثر النسخ، وفي بعضها على صيغة التفعيل، والشرذمة الموطنين الذين سار بهم (عليه السّلام) قوم من أهل المدائن روى أنهم كانوا ثمانمائة رجل، والكنف بالتحريك الجانب والناحية(1)، ودِجلة(2) بالكسر والفتح، وفي النسخ بالکسر نهر بغداد، ونهض كمنع قام وأنهضه غيره اقامة، والأمدَاد بالفتح جمع مدد بالتحريك وهو المعين والناصر(3)، قَالَ السَّيد: (يعني (عليه السَّلام) بِالمِلطاط(4) السَّمتَ الذِي أَمَرَهم بلزومه وهو شَاطئ الفُرَات ويقال ذَلكَ أيضاً لِشَاطِئِ البحر، وَأَصله ما استَوَى مِنَ الأَرض، ويعني بالنُّطفَةِ مَاء الفُرَات، وهو من غريب العِبارتِ وعجيبها) قال بعض الشّارحين: (لا فرق بين شاطئ الفرات وشاطئ البحر وكلاهما أمر واحد وكان الواجب أن يقول الملطاط: السمت في الأرض ويقال أيضاً لشاطئ البحر)(5) وفيه ما فيه.

[ومن خطبة له (علیه السَّلام)]

الحَمدُ لله الَّذِي بَطَنَ خَفِيّاتِ الأُمُورِ،، وَدَلَّت عَلَيهِ أعلَامُ الظُهور) بِطَنتُ

ص: 238


1- ينظر: القاموس المحيط، مادة (كنف): 3/ 192
2- (والدجلة) في أ
3- ينظر: لسان العرب، مادة (مدد): 3/ 398
4- (بالملطاط ها هنا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3 / 158، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 89
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 159

الأمر أي: (عرفت باطنه)(1)، وبطنت الوادي أي: (دخلته)(2)، وفسر الباطن في أسمائه سبحانه(3) بالعالم بما بطن وبالمحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم(4) فلا يدركه بصر، ولا يحيط به وهم(5)، والمعنى على الأول أنَّه سبحانه نفذ علمه في الأمور الخفية، وعلى الثاني اختفى في خفيات الأمور ودخل بواطنها فلا يدرك بمشعر ولا يبلغ كنهه عقل، وهو أنسب بالفقرة التالية، والأَعلاَم جمع عَلَم بالتحريك وهو (الجبل)(6)، (والمنار)(7)، وأعلام الظهور الآيات الظاهرة الدالة على وجوده سبحانه كما قال عزّ من قائل: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»(8)، ويحتمل على بعد أن يراد بالظهور وجوده سبحانه (وَامْتَنَعَ عَلَی عَیْنِ الْبَصِیرِ)، وفي بعض النسخ (عَلىَ الأبصارِ) (فَلاَ عَیْنُ مَنْ لَمْ یَرَهُ تُنْکِرُهُ، وَلاَ قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَهُ یُبْصِرُهُ) يمكن أن يراد بالبصير ذو الحاسة(9) والعالم أيضاً، والتخصيص بالعين للإشعَار بأنَّه لا يمتنع على القلب وإن لم يبلغ كُنهه فيكون ما بعده كالتفصيل له، والمراد بنفي الإبصار ثانياً نفي إطلاع القلب على كنه حقيقته سبحانه والغرض أنَّه

ص: 239


1- لسان العرب، مادة (بطن): 13/ 55
2- المصدر نفسه، مادة (بطن): 13/ 55
3- قال تعالى: «هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ» الحديد / 3
4- (أوهام الخلائق وأبصارهم) في ح، (أبصار الخلائق واوماهم) في ر
5- ينظر: جامع البيان: 27/ 282، و الكشاف: 4/ 61، و التفسير الوسيط، الواحدي: 199/14، وتفسير البحر المحيط: 8/ 216
6- الصحاح، مادة (علم): 5/ 1990
7- لسان العرب، مادة (علم): 12/ 419
8- فصلت / 53
9- (الحاشة) في ع، تصحيف

سبحانه وإن كان باطناً محتجباً عن الأعين إلا أنه لاسبيل إلى إنكاره لدلالة أعلام الظهور كما أنَّ ظهوره للقلوب لا يوجب الاطلاع على حقيقته فخفاؤه لا يمنع الظّهور، وظهوره لا يرفع الخفاء، وحمل الكلام على أنَّه لا سبيل للعين الى إنكاره إذ حظ الحاسة إدراك المحسوس لا إنكار الوجود، وكذلك لا سبيل للقلب إلى المشاهدة، وإنما شأنه الإدراك بعيد غاية البعدِ (سَبَقَ فِی اَلْعُلُوِّ فَلاَ شَیْءَ أَعْلَی(1) مِنْهُ وَ قَرُبَ فِی اَلدُّنُوِّ فَلاَ شَیْءَ أَقْرَبُ مِنْهُ) علوّه سبحانه علو رتبته في العقل لتنزهه عن الحاجة والنقص ومشابهة الأعراض والاجسام، أو لإعطائه وافاضته الخيرات على العالمين أو لقهره(2) الأشياء، وغلبته عليها بالحكم والقدرة، ودنوه قربه إليهم بالتربية والعلم والقدرة والتحنن والرأفة، (فَلاَ اِسْتِعْلاَؤُهُ بَاعَدَهُ عَنْ شَیْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَ لاَ قُرْبُهُ سَاوَاهُمْ فِی اَلْمَکَانِ بِهِ) يمكن أن يراد بالبعد المنفي ما يقابل الدنّو المذكور، ويحتمل البعد المكاني والفاء للتعقيب أو للتفريع فإن هذا النفي يتفرع على جمعه سبحانه بين الاستعلاء والقرب بالمعاني السّابقة، وفي بعض النسخ الصحيحة (سوّاهم)/ و68/ على صيغة التَفعيل، (لَمْ یُطْلِعِ اَلْعُقُولَ عَلَی تَحْدِیدِ صِفَتِهِ، وَ لَمْ یَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفَتِهِ) اطلَّع على الشيء على صيغة افتعل إذا علمه وأصله الإشراف من موضع عالٍ، واطلعه عليه على صيغة افعل إذا جعله عالماً(3) وتحديد صفته الاحاطة العلمية بها أي: لم يجعل للعقول سبيلاً إلى العلم بكنه ذاته وصفاته التّي هي عين ذاته، أو لم يجعل لها سبيلاً إلى حصر كمالاته كما قيل، والحجب

ص: 240


1- (أعلا) في أ
2- (اقهره) في م، تحريف
3- ينظر: لسان العرب، مادة (طلع): 8/ 236

المنع أو الستر على القلب، أي: لم يستر واجب معرفته عنها، وواجب معرفته التصديق بوجوده وصفاته الکمالية والجلالية، والتصور الذي يتوقف عليه ذلك التصديق والمعرفة الواجبة الفطرية اللازمة التي لا تنفك عن أحدا والمراد وجوب الهامها على الله سبحانه أو الكسبية(1) الواجبة(2) تحصيلها على العباد بالنظر والتأمل في الآيات والبراهين، ولعل الأخير أنسب بقوله (عليه السّلام) (فَهُوَ اَلَّذِی تَشْهَدُ لَهُ أَعْلاَمُ اَلْوُجُودِ عَلَی إِقْرَارِ قَلْبِ ذِی اَلْجُحُودِ)، وفي بعض النسخ (قلوب ذوي الجُحود)، والجحد (والجحود الإنكار مع العلم)(3)، وظاهر الكلام أنَّ إنكار الجاحد مقصور على اللسان ولا ينكر أحدٌ وجُودَ الصانع بالقلب لظهور الأدلة، ويمكن أنَّ يكون المراد أنَّه لا يوجد الإنكار بالقلب بعد تخليه الذهن من الشبهة، وترك اتباع الاهواء(4) ومتابعة الأسلاف. (تَعَالَی اَللَّهُ عَمَّا یَقُولُهُ(5) اَلْمُشَبِّهُونَ بِهِ وَ اَلْجَاحِدُونَ لَهُ عُلُوّاً کَبِیراً) التّعالي(6) الارتفاع أي: جل شأنه عن التشبيه والانكار وتباعد عنهما غاية البعد والوصف بالكبر توسع.

ص: 241


1- (الكسبته) في ر
2- (الواجب) في أ، ث، ر، والمناسب للسياق ما اثبتناه
3- الصحاح، مادة (جحد): 1/ 448
4- (الهوى) في أ، ع، تحریف، وفي ث: (الاهو)
5- (قوله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 170
6- (والتعالي) في أ

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)]

هذه الخطبة رواها ثقة الإسلام (رضي الله عنه) في الكافي في باب البدع(1) باختلاف يسيرً (إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وَ أَحْکَامٌ تُبْتَدَعُ، یُخَالَفُ فِیهَا کِتَابُ اَللَّهِ، وَ یَتَوَلَّی عَلَیْهَا رِجَالٌ رِجَالاً؛ عَلَی غَیْرِ دِینِ اَللَّهِ) الفتنة الامتحان والاختبار وكثرة استعمالها في الاختبار بالمكاره ويستعمل في الضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب والقتال وغير ذلك، والأهواء جمع هوى بالقصر، أي: إرادة النفس وأكثر ما يستعمل في الباطل، والابتداع الانشاء والاختراع والضمير المؤنث المفرد يعود الى كل واحدٍ من الأهواء والأحكام أو اليهما؛ لأن مجموع أفرادهما جماعة، وتولاه أي: اتخذه وليا، والمراد بتولي الرجال متابعتهم ومعاضدتهم والائتمام بهم، (فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ یَخْفَ عَلَی اَلْمُرْتَادِینَ؛ وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ اَلْبَاطِلِ، اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِینَ) المَزج الخَلط، ومِزَاجُ الشَرَابِ ما يخلط به(2)، وفي الكلام أضيف إلى ما يُمزج، والارتياد (الطلب)(3)، والّلبس أيضاً الخلط(4)، (وَ لَکِنْ یُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ، فَیُمْزَجَانِ(5)، فَهُنَالِكَ یَسْتَوْلِی اَلشَّیْطَانُ عَلَی أَوْلِیَائِهِ، وَ یَنْجُو اَلَّذِینَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنی) الضِغثُ(6) بالكسر: (قُبضةُ حشیشٍ

ص: 242


1- ينظر: الاصول من الكافي: 1/ 54
2- ينظر: الصحاح، مادة (مزج): 1/ 341
3- تاج العروس، مادة (رود): 4/ 466
4- ينظر: لسان العرب، مادة (لبس): 6/ 202
5- (فيبر جان) في م، تحریف
6- (الصغث) في ر، تصحيف

مختلطة الرَطبِ باليابس)(1)، والخصلة الحسني التي قدر الله لأهل النجاة هي السعادة أو التوفيق للطاعة ومتابعة الحق.

[وَمِن كَلَامه (عَلَيهِ السَّلام)] لمَّا غَلَبَ أصحاب مُعاوية أضحابَه عَلى شَريعَة الفُرات بِصفين وَمَنعُوهُم الماءَ

الشريعة والمشرعة (مورد الإبل على الماء الجاري)(2)، وصفّين كسجينّ اسم الأرض التي كانت فيها الوقعة العظمى من أرض الشّام قرب الرقة بشاطي الفرات(3)، غير منصرف للتأنيث والعلمية والنون فيها أصلية (قَدِ اِسْتَطْعَمُوکُمُ اَلْقِتَالَ، فَأَقِرُّوا عَلَی مَذَلَّةٍ، وَ تَأْخِیرِ مَحَلَّةٍ، أَوْ رَوُّوا اَلسُّیُوفَ) وفي بعض النسخ (السيف مِنَ الدِماءِ ترَوَوا مِنَ الماءِ(4) استطعموكم القتال أي:

طلبوا منكم القتال كأنَّهم لمَا اضطروكم الى القتال إذ لا طاقة لكم على العطش، فجعلوا القتال مرغوباً لكم کما يرغب الإنسان الى الطعام الذي به قوام بدنه واقروا على مذلة أي: اعترفوا بها وإنَّه لا قدرة لكم على دفعهم واصبروا عليها و(5) اسکنوا أنفسكم في مكان الذّل و المقهورية وتأخير المحلة دناءة المرتبة

ص: 243


1- الصحاح، مادة (ضغث): 1/ 285، و ينظر: لسان العرب، مادة (ضغث): 2/ 164
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/ 460، و ينظر: الصحاح، مادة (شرع): 3/ 1236
3- سبق ذكرها في صحيفة 31
4- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 264، هامش: 2،(نسخة: الف: السیف)
5- (أو) في أنه، ر، ع

ورووا السيوف أي: اجعلوهارواء جمع ریی(1) ضد عطشی (فَالْمَوْتُ فِی حَیَاتِکُمْ مَقْهُورِینَ، وَ اَلْحَیَاةُ فِی مَوْتِکُمْ قَاهِرِینَ) لا يخفى علو رتبة الكلام واشتماله على الطائف البلاغة (أَلاَ وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ اَلْغُوَاةِ، وَ عَمَّسَ عَلَیْهِمُ اَلْخَبَرَ(2)، حَتَّی جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ اَلْمَنِیَّةِ) قاد الفرس ضد ساقه فالقود من أمام والسوق من خلف(3)، واللُمة بالضم والتخفيف / ظ 68/ (الجماعة)(4)، وقيل: (المثل في السن والتِّرب)(5)، وقال الجوهري: (الهاء عوضٌ عن الهمزة الذاهبة من وسطه)(6)، (وهو(7) مما أخذت عينه کسه ومُذ، وأصلها فُعلة من الملاءمة وهي الموافقة))(8)، والغواة: الضالون(9)، وعَمَّس بالمهملتين وتشديد الميم كما في النسخ أي: أهم وأخفى(10)، قال بعض الشارحين التشديد يفيد الكثرة(11)، ويظهر من كلام ابن الأثير إنّه بالتخفيف، قال بعد ذکر کلامه (عليه السّلام): (العَمس أن تُرِىَ أَنّكَ لا تَعرِف الأمر، وأَنت به عارفٌ)(12)،

ص: 244


1- (زني) في ر، تصحيف
2- (الخير) في ع، تصحيف
3- ينظر: تاج العروس، مادة (قود): 5/ 208، 209
4- العين، مادة (لمم): 8/ 323
5- لسان العرب، مادة (لم): 12/ 548
6- الصحاح، مادة (لأم): 5/ 2026
7- (وهي)، في ح تحریف
8- النهاية في غريب الحدیث والاثر: 4/ 274، وفيه: (وهو مما أخذت...)، تحریف
9- ينظر: الصحاح، مادة (غوی): 6/ 2450. و ينظر: القاموس المحيط، مادة (غوی): 4/ 372
10- ينظر: تاج العروس، مادة (عمس): 8/ 376
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 192
12- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/ 299

قال: (ویروی بالغين المعجمة)(1)، وهو موجود في بعض النسخ لكن بالتشديد وغمسه في الماء أي: (مقلة)(2)، (وغمس النجم أي: غاب)(3)، والغميس الليل المظلم والظلمة(4) والشيء (الذي لم يظهر للناس ولم يُعرف بعد)(5)، وفي بعض [النسخ](6) (ورمس عليهم) بالتشديد، والرمس كتمان الخبر(7)، والمراد بالخبر خزي الدنيا، أو عذاب الآخرة، أو الأمران جميعاً، والموت مقدمة لعذابهم فالأخيران أيضاً محتملان، والنحر: (أعلى الصدر)(8) أو موضع القلادة منه(9)، والغرض بالتحريك الهدف الذي يرمي فيه، (والمَنِيَّةُ: الموت؛ لأنها مقدرة)(10)، (يقال: مُنِی له أي: قُدِّر)(11)، روي أنَّه لما ملك أهل العراق المشرعة قال عمرو بن العاص لمعاوية: ما ظنك يا معاوية إن منعوك الماء كما منعتهم أمس؟ أتراك أن تضاربهم عليه کما ضاربوك عليه؟ ما أغنى عنك أن تكشف لهم السوءة!، فقال معاوية: دع عنك ما مضى، فما ظنك بعلّي؟ قال: ظني أنه لا يستحل منك ما استحللت منه، وقال له (عليه السّلام) بعض

ص: 245


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/ 299
2- الصحاح، مادة (غمس): 3/ 956
3- العين، مادة (غمس): 4/ 380
4- ينظر: لسان العرب، مادة (غمس): 6/ 157
5- المصدر نفسه، مادة (غمس): 2/ 157
6- [النسخ] ساقطة من أ، ع
7- ينظر: لسان العرب، مادة (رمس): 6/ 102
8- المصدر نفسه، مادة (نحر): 196/5
9- ينظر: المخصص، مادة (نحر) 1/ 20
10- الصحاح، مادة (منا): 6/ 2697
11- المصدر نفسه، مادة (منا): 6/ 2497

أصحابه امنعهم الماء يا أمير المؤمنین کما منعوك، فقال: لا خلوا بينهم وبين الماء، لا أفعل(1) ما فعله الجاهلون سنعرض عليهم كتاب الله، وندعوهم(2) الى الهدي فإن أجابوا، وإلا ففي حدّ السّيف مَا يغني(3) إن شاء الله)، فما أمسى النّاسُ حتّى رأوا سقاتهم وسقاة أهل الشام ورواياهم وروايا أهل الشام يزدحمون على الماء مايؤذي إنسان إنساناً.

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

قَدْ(4) تَقَدَّم مُخْتارَها بِروایَة وَ نَذَکِّرها هاهُنا بِروایة اُخری(5) لِتَغایر الرَوایَتَیْن: (أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَّرمَتْ وَآذَنَتْ بِانْقِضَاء(6)، وَتَنَكَّرَ مَعْرُوفُها وَأَدْبَرَتْ حَذَّاءَ) الصَّرمُ القطع(7)، ومنه الصَّارم للسيف القاطع(8) وتصرمت أي: تقطعت، وفنيت وآذنت أي: اعلمت، ويقال: آذنه الأمر وبه، والوَداع بالفتح الاسم من التوديع عند الرحيل، وتنكر أي: صار منكراً وهو ضد(9)

ص: 246


1- (افعله) في ع، تحریف
2- (تدعوهم) في أ، ع، م
3- (يعني) في أ، ث، ع، تصحيف
4- (وقد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 263
5- (ونذكر ما نذكره هنا برواية أخرى في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 263
6- (بانقضاء) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 263، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 3/ 263
7- ينظر: لسان العرب، مادة (صرم): 12/ 334
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (صرم): 12/ 335
9- (عند) في م

المعروف الذّي يعرفه الناس ويحسنونه(1)، وحذاء(2) في كثير من النسخ بالحاء المهملة أي خفيفة سريعة، ومنه قيل للقطاة حذاء وهي التي خف ریش ذنبها، وفي بعضها (جذاء) بالجيم أي مقطوعة أو سريعة، وقال الفراء: رحم حذاء [وجذاء](3) بالحاء، والجيم إذا لم توصل(4) وقال بعض الشارحين: (من رواه جذاء بالجيم، أراد منقطعة الدَّرّ والخير)(5) ولعله مما لا حاجة إليه. (فَهِیَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ، سُکَّانَهَا، وَ تَحْدُو بِالْمَوْتِ جِیرَانَهَا) حفزه(6) بالحاء المهملة والفاء والزاي كضربة أي: دفعه من خلفه، وحثه وأعجله(7)، وحفزة(8) بالرمح أي: (طعنه)(9) وعلى الأول شبه الفناء بالمقرعة(10) والعصا، وتحدوا أي: تبعث وتسوق من الحَدو، وهي (سَوقُ الإبل والغِناءُ لها)(11)، وهو من البواعث على سرعتها، والجار المجاور و الذي أجَرته من أن يُظلم، ولعل الأخير أنسب، ويمكن أن يراد بالجيران من كان انتفاعهم من الدنيا أو ركونهم اليها

ص: 247


1- (يحسونه) في ث، تحریف
2- (وهذا) فيع، تحریف
3- [وجذاء] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
4- لسان العرب، مادة (جذذ): 3/ 479، وفيه: (قال الفراء: رحم جذاءٌ وحَذاءٌ، بالجيم والحاء ممدودان، وذلك إذا لم توصل) رواء في ر، تحریف
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 264
6- (حفره) في ر، تصحیف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (حفز): 5/ 337
8- (خفره) في ر، تصحيف
9- لسان العرب، مادة (حفز): 5/ 338
10- (والمقرعة) في أ، ع
11- الصحاح، مادة (حدا): 6/ 2309

أقل، وبالسكان خلافهم فيناسب التعبير بالمجاور، (وَ قَدْ اءَمَرَّ مِنهَا(1) مَا کَانَ حُلْوا(2)، وَ کَدِرَ مِنْهَا مَا کَانَ صَفْوا، فَلَمْ یَبْقَ مِنْهَا إِلا سَمَلَةٌ کَسَمَلَةِ الْإِدَاوَةِ، اءَوْ جُرْعَةٌ کَجُرْعَةِ الْمَقْلَةِ، لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْیَانُ(3) لَمْ یَنْقَعْ) أمر الشيء أي: صار مراً، وكدر الماء كدراً کفرح ضد صفا و [نحو](4) [ذلك](5) [ويجوز](6) کدر بالضم کدورة إلا أنَّ الموجود في النسخ(7) هو الأول، والسّملة بالتحريك: القليل من الماء تبقى في الإناء(8)، والإدارة بالكسر (المطهرة)(9) والجُرعة بالضم کما في النسخ(10) الاسم من الشرب اليسير، وبالفتح المرة الواحدة منه(11)، والمَقلَةُ بالفتح حَصَاة القَسم توضع في الإناء إذا عدموا الماء في السفر ثم يصب عليه ما يغمر الحصاة فيعطي كل أحد سهمه(12)، ومزة أي: (مصه)(13)، والتمزز

ص: 248


1- (فيها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 263، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 92
2- (حلو) في أ
3- (الصذيان) في أن تصحيف
4- [ونحو] ساقطة من أ، ث، ع
5- [ذلك] ساقطة من أ، ث، ر، م
6- [ويجوز] ساقطة من ح، ر، م
7- شرح نهج البلاغة، ابن الحديد: 3/ 263، وشرح نهج، ابن میثم البحراني: 2/ 137
8- ينظر: الصحاح، مادة (سمل): 5/ 1732
9- المصدر نفسه، مادة (أدا): 6/ 2266
10- شرح نهج البلاغة، ابن الحديد: 3/ 263، وشرح نهج، ابن میثم البحراني: 2/ 137
11- سبق ذكره في صحيفة 91
12- ينظر: الصحاح، مادة (مقل): 5/ 1820
13- ينظر: المصدر نفسه، مادة (مزز): 3/ 896

مصه قليلاً قليلاً(1)، (والصَدَى / و 69/: العطش)(2) ونقع الرجل بالماء أي: روی، (ونقع الماء العطش نقعاً و نقوعاً أي: سکنه وفي المثل: (الرشف أنقع)(3))(4) أي: إنَّ الشراب الذي يمص قليلا أنقع للعطش وإن كان فيه بطؤ، وصيرورتها مرّاً وكدراً وقليلا، أما لقصر الأعمار في تلك الأزمان وقلة العمر يوجب المرارة والكدورة، أو لقلة عمر الدنيا وقرب انقضائها بقيام الساعة أو لانقضاء الشباب وقلة الاستمتاع بالملاذ، وقرب الأجل في كثير من الناس، (فَاءَزْمِعُوا عِبَادَ اللَّهِ الرَّحِیلَ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَقْدُورِ عَلَی اءَهْلِهَا الزَّوَالُ، وَ لاَ یَغْلِبَنَّکُمْ فِیهَا الْاءَمَلُ، وَ لاَ یَطُولَنَّ عَلَیْکُمْ فِیهَا الْاءَمَدُ(5) الأمر أي: أَجَمعتهُ، وعَزمتُ عَلَيهِ، أو ثبَّتُ عليه(6))، (وقال الفراء: أزمعت الأمر، وأزمعت عليه)(7)، وفي بعض النسخ (للرحيل) باللام وما في الأصل أظهر، والرحيل(8) اسم ارتحال القوم أي: انتقالهم عن مكانهم، وقدر الله ذلك عليه ککتب وضرب أي: قدره بالتشديد، والأمل: الرّجاء(9)، والأمد (الغاية والمنتهى)(10)، ولعل المعنی:

ص: 249


1- ينظر الصحاح، مادة (مزز): 3/ 896
2- المصدر نفسه، مادة (صدى): 6/ 2399
3- جمهرة الأمثال: 1/ 484، و مجمع الأمثال: 1/ 315
4- الصحاح، مادة (نقع): 3/ 1292
5- (فيها الامد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 263، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 93
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (زمع): 3/ 35
7- تاج العروس، مادة (زمع): 11/ 194
8- (والرحبل) في ر، تصحيف
9- سبق ذكره في صحيفة 93
10- القاموس المحيط: 1/ 275

لا تعدوا الزمان طويلاً لزعمكم الغاية بعيدة (فَوَ اَللَّهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِینَ اَلْوَالِهِ اَلْمِعْجَالِ، وَ دَعَوْتُمْ دُعَاءَ اَلْحَمَامِ، وَ جَأَرْتُمْ جُؤَارَ مُتَبَتِّلِی اَلرُّهْبَانِ، وَ خَرَجْتُمْ إِلَی اَللَّهِ مِنَ اَلْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ؛ اِلْتِمَاسَ اَلْقُرْبَةِ إِلَیْهِ فِی اِرْتِفَاعِ دَرَجَهٍ وَ غُفْرَانِ سَیِّئَهٍ أَحْصَتْهَا کَتَبَتُهُ وَ حَفِظَتْهَا رُسُلُهُ لَکَانَ قَلِیلاً فِیمَا تَرْجُونَ مِنْ ثَوَابِهِ وَ تَخْشَوْنَ مِنْ عِقَابِه) الحنين الشوق وشدة البكاء وصوت الطرب من(1) حزن أو فرح(2) (وترجيع الناقة صوتها إثر ولدها)(3)، والوله بالتحريك في الأصل ذهاب العقل والتحير من شدة الحزن(4)، يقال: رجل والهُ و [امرأة والهٌ](5) وَوالَهِهٌ وكل أنثى فارقت ولدها يقال لها: والهٌ ووالِهَةٌ(6)، والعُجول من الإبل الواله التي فقدت ولدها، ويقال: أعجلت الناقة إذا القت ولدها لغير تمام(7)، (والهَدِيلُ: صَوتُ الحمام)(8)، قالوا: كان فَرخٌ على عهد نوح (عليه السّلام) فمات عطشاً أو صاده جارح من الطير فما من حمامة إلا و هي تبكي عليه، والهديل علم له أيضاً(9)، ولعل المراد الدّعوة على وجه النوح والتضّرع، وجار کمنع جأراً وجؤراً صراخ تضرع(10) واستغاث رافعاً

ص: 250


1- (عن) في ث، ح، ر، تحریف
2- القاموس المحيط، مادة (حنن): 216/4
3- لسان العرب، مادة (حنن): 13/ 129
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (وله): 13/ 561
5- [وامراة واله] ساقطة من ع
6- ينظر: لسان العرب، مادة (وله): 13/ 561
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عجل): 11/ 426
8- الصحاح، مادة (هدل): 5/ 1848، والمخصص، مادة (هدل): 2/ 134
9- ينظر: الصحاح، مادة (هدل): 5/ 1848
10- (اتضرع) في ر

صوته بالدّعاء(1)، والمتبتل المنقطع عن النساء أو عن الدنيا(2)، والرّهبان جمع راهب(3)، وَرُهبَنَةُ(4) النصارى ما كانوا يتعبدون به من التّخلي من أشغال الدنيا وترك ملّاذهَا، والعزلة عن أهلها وتعمد مشاقها حتى إن منهم من كان يخصي نفسه، ويضع السلسلة في عنقه ويفعل بنفسه غير ذلك من أنواع التعذيب(5) وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال: (لا رهبانية في الاسلام)(6)، والنهي عن الرهبانية لا يستلزم النهي عن الجؤار کجؤارهم وأصله من الرهبة الخوف والخروج من الأموال تركها والالتماس الطلب، والإحصاء العدّ والضبط والوصف بالإحصاء والحفظ للتحذير.

(وَتاللّهِ(7) لَوِ انْماثَتْ قُلُوبُکُمُ انْمِیاثاً، وَسالَتْ عُیُونُکُمْ - مِنْ رَغْبَةٍ إِلَیْهِ أَوْ رَهْبَةٍ(8) مِنْهُ - دَماً ثُمَّ عُمِّرْتُمْ(9) فِی الدُّنْیا - ما الدُّنْیا باقِیَةٌ - ما جَزَتْ(10) أَعْمالُکُمْ - عَنْکُمْ وَلَوْ لَمْ تُبْقُوا شَیْئاً مِنْ جُهْدِکُمْ - أَنْعُمَهُ عَلَیْکُمُ الْعِظامَ، وَهُداهُ إِیّاکُمْ

ص: 251


1- ينظر: لسان العرب، مادة (جار): 4/ 112
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (بتل): 11/ 42، 43
3- ينظر: المصدر نفسه مادة (رهب): 1/ 437
4- (رهبة) في ث، ر، ع، م
5- ينظر: لسان العرب، مادة (رهب): 1/ 437، 438
6- المبسوط، السرخسي (ت 483 ه): 4/ 194، و النهاية في حديث الغريب والاثر، ابن الأثير: 2/ 280، وفتح الباري، ابن حجر العسقلاني (853 ه): 9/ 96، و جامع أحاديث الشيعة، البروجردي (ت 1383 ه): 20/ 21
7- (وبالله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 263
8- (ورهبط) في ر، تحریف، (أو رهبة) وفي شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/ 263، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 93
9- (غمزتم) في ر، تصحيف
10- (جرت) في ر، تصحیف

لِلْإِیمانِ) انماث الملح في الماء(1) أي: ذاب(2) ودماً تميز لنسبة السيلان الى العيون كقوله عزّ وجل: «وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا»(3) و (ما) في (ما الدنيا باقية) زمانية أي: عمرتم على تلك الحال مدة بقاء الدنيا و (ما) وفي (جزت)(4) نافيه، والجزاء المكافأة على الشيء، والجُهد بالضّم كما في النسخ (الوسع والطاقة، وبالفتح المشقة، وقيل المبالغة والغاية، وقيل هما لغتان في الوسع والطاقة، فأمّا في المشقة والغاية فالفتح لا غير)(5)، وجملة(6) (لم(7) تبقوا) معترضة وأنعمه منصوب؛ لأنَّه مفعول (جزت) و (العظام) صفة له، وفي الكلام دلالة على أنه يجوز أن يكون غاية العبادة الشكر كما أن السّابق يدل على العبادة خوفاً ورجاءً(8)، وقد قطع الأصحاب على ما حكاه الشهيد (رحمه الله) في القواعد بفساد العبادة التي كانت الغاية فيها الفوز بالثواب والخلاص من العقاب، قال: ولا يقدح في ذلك كون الطمع، ونحوه باعثاً على العبادة،؛ لأَنَّ الكتاب والسنة مشتملة / ظ 69/ على المرهبات من الحدود والتعزیرات، والذم، والايعاد بالعقوبات، وعلى المرغبات من المدح والثناء في العاجل، والجنة ونعيمها في الآجل(9)، والظاهر أَنهَّم جعلوا ضم قصد تحصيل الثواب

ص: 252


1- (الماء في الملح) في أ، والصواب ما اثبتناه
2- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2/ 280
3- القمر / 12
4- (وفي (ما جزت)) في ث، ح
5- ينظر: لسان العرب، مادة (میث): 2/ 192
6- (حملة) في ث، تصحيف
7- (لا) في، ح، ر
8- (رجاء) في أ
9- القواعد والفوائد، محمد بن مكي العاملي: 1/ 77

والخلاص من العقاب الى وجه الله أيضاً مفسداً، وما ذكره (رحمه الله) من کون الطمع ونحوه باعثاً على العبادة وغير مقصود بها لا يخلو عن خفاء وحمل كلامه (عليه السّلام) على كون ارتفاع الدرجة وغفران السيئة مطلوباً بالدعاء لا غاية له من حيث إنه عبادة بعيد مع إنه لا يجري في الخروج من الأموال والأولاد، وكذلك حمل ارتفاع الدرجة على الارتفاع المعنوي الذّي لا يشوبه تحصيل الثواب وغفران السيئة على الخروج عن الذّل المعنوي اللازم للعصيان من غير نظر الى خوف العقاب ولا ريب في انحطاط درجة العبادة المقصودة بها تينك الغايتين كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) بقوله: (ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنتك، ولَكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك)(1) لكن فسادها راساً وتكليف العوام بل أكثر الخواص بإخلاص العمل عن الغايتين مطلقا مع أن ظواهر الكتاب والسنة مشحونة بالترغيب والترهيب في غاية الخفاء، وقد استدل بعض الأصحاب على عدم فساد العبادة المذكورة بما رواه ثقة الاسلام (رضي الله عنه) في الكافي بطريق حسن عن هارون بن خارجة عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال: العباد ثلاثة: قوم عبدوا الله عزّ وجل خوفاً، فتلك عبادة العبيد، وقوم: عبدوا الله تبارك وتعالى طلباً للثواب، فتلك عبادة الأُجراء(2)، وقوم: عبدوا الله عزّ وجل حباً له، فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة(3)، فإنَّ وجود الفضل في المفضل عليه ينافي الفساد ولو تم الدليل على الفساد أمكن جعل

ص: 253


1- الوافي: 4/ 361
2- (الاحرار) في ع، تحریف
3- ينظر: الاصول من الكافي، الكليني: 2/ 84، وفيه: (إن العباد...)

صيغة التفضيل مثلها في قوله تعالى: «قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا»(1)، والله سبحانه يعلم حقيقة الحال وأمّا الشكر فلا أعرف أحد، قال بفساد العبادة بقصده مع أن صریح كلامه (عليه السّلام) عدم قيام العبادة الموصوفة جزاء لنعمة العظام والهداية إلى الایمان، ثم أنَّه استدل بهذا الكلام على عدم وجوب الثواب على فعل الطاعة؛ لأنَّهُ شكر النعمة فلا يقتضي ثواباً، والذي يظهر من اخبار ائِمتنا (سلام الله عليهم) وجوب الثواب علیه سبحانه من جهة الوفاء بالوعد لاستحقاق العبد وكلامه (علیه السلام) لا ينافيه بل يؤكده من وجه. وسيجيء تتمة هذا الكلام في شرح الخطبة الغراء.

[وَمِن خُطبةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)]

وفي بعض النسخ (ومنها)(2) وهو أظهر لإشعار ما في الأصل بالمغايرة وما سبق من خطبة الأضحى والخطبة بتمامها رواها الصدوق (رضي الله عنه) في الفقيه(3) في ذکر یوم النحر وصفة الأضحية، هي شاة يضحي بها، أي: يذبح ويطعم في الضحى وهي حين تشرق الشمس، وقال الأصمعي: فيها أربع لغات أُضحِيَةٌ وَإِضحيّة بالضم والكسر، والجمع أضاحي وضحية على فعيلة والجمع والجمع ضحايا وأضحاة، والجمع أضحى(4) وبها سمي يوم

ص: 254


1- الفرقان / 15
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 3
3- من لا يحضره الفقيه: 1/ 520، 521
4- ينظر: معجم مقاییس اللغة مادة (ضحى): 3/ 392

الأضحى ([وَمِنْ](1) تَمَامِ الأُضْحِیَةِ [...](2) اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا، وَسَلاَمَةُ عَیْنِهَا، فَإِذَا سَلِمَتِ الْأُذُنُ وَالْعَیْنُ سَلِمَتِ الْأُضْحِیَةُ وَتَمَّتْ، وَلَوْ کَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَی الْمَنْسَكِ) قيل استشراف الإذن التأمل فيها وتفقدها حتى لا تكون بها آفة من جدع ونحوه من استشرفت الشيء إذا رفعت بصرك تنظر إليه، وبسطت كفك فوق حاجبك كالمستظل من الشمس(3)، وقيل هو من الشرفة وهي خيار المال(4)، أي: تخيرها وطلبها شريفة بالتمام، والعَضبَاء الشاة المَكسورة القَرن الداخل أو مطلقاً(5)، وذكر القرن من قبيل التأكيد وتجر رجلها أي: للعرج أو للهزال والضعف، والمَنسَك بفتح السين كما في أكثر النسخ(6)، وبكسرها کما في بعضها(7) (المذبح)(8)، والنسيكة (الذبيحة)(9) وكل موضع للعبادة منسك(10)، والذي عليه الأصحاب عدم اجزاء العرجاء البين عرجها والمشهور عدم أجزاء التي انكسر قرنها الداخل وظاهر ما في الكتاب خلاف ذلك ولفظ الخطبة على ما في الفقيه هكذا: وإن كانت عضباء

ص: 255


1- [من] في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/4، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 94، ساقطة من أ، ع
2- [و] زائدة في ح
3- ينظر: الصحاح، مادة (شرف): 4/ 1380
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شرف): 4/ 1380
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عضب): 1/ 183
6- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 142
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/4، وفيه: (المَنسَكِ)
8- لسان العرب، مادة (نسك): 10/ 499
9- لسان العرب، مادة (نسك): 10/ 499
10- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نسك): 10/ 499

القرن أو تجر برجلها الى المنسك فلا تجزي(1) وهو ضد ما في الكتاب، وحذف الجزاء للاختصار وعدم تعلق الغرض بعيد/ و 70/ غاية البعد، فهو إما سهو من قلم السيد، أو النساخ، أو من الرواة، وعلى تقدير الصحة بحمل العضباء على التي انكسر قرنها الظاهر، أو التي بقي ثلث قرنها الداخل کما ذهب إليه الصفار(2) (رحمه الله ) ويحمل جر الرجل على غير البين من العرج أو الهزال لكنه لا يخلو عن خفاء والله تعالى يعلم.

[ومن كلام له (عليه السّلام)]

(فَتَدَاکُّوا عَلَیَّ تَدَاكَّ اَلْإِبِلِ اَلْهِیمِ یَوْمَ وِرْدِهَا(3)، وَ قَدْ(4) أَرْسَلَهَا رَاعِیهَا، وَ خُلِعَتْ مَثَانِیهَا، حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِیَّ، أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ [لَدَیَّ](5)).

ومن كلام له (عليه السّلام) تداكوا أي: دكَّ بعضهم بعضا، والدك هو: (الدق)(6)، وقيل: أصله الكسر، والمراد بالتداك الازدحام، والهِيم بالكسر

ص: 256


1- ينظر: من لا يحضره الفقيه: 1/ 520، 521 وفيه: (... برجليها الى المنسك فلا تجزی)
2- هو محمد بن الحسن بن فروخ الصفار مولی عیسی بن موسی بن طلحة بن عبيد الله بن عامر الأشعري، كان وجيهاً ثقةً راجحاً، قليل السقط في الرواية من كتبه: کتاب الصلاة، کتاب الوضوء، کتاب الجنائز، کتاب الطلاق، کتاب الصيد والذبائح، توفي في قم سنة 290 ه. ينظر: ایضاح المكنون 1/ 185، و هدية العارفين: 2/ 24، و معجم المؤلفين: 9/ 208، و أعيان الشيعة: 2/ 313، و معجم رجال الحدیث، الخوئي: 16/ 263
3- (وردها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 5، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 94
4- (وقد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 5، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 94
5- [لدی] ساقطة من أ
6- تاج العروس، مادة (دكك): 13/ 559

العطاش(1)، والوِرد بالكسر النصيب من الماء والاشراف عليه(2)، وفي بعض النسخ (ورودها) وهو حضورها(3) الماء لتشرب(4)، وارسلها [بالكسر](5) أي(6): أهملها وأطلقها، والثاني جمع مثناة بفتح الميم وكسرها وهي: (حبل من صوف أو شعر أو غيره)(7) تثنی وتعقل بها البعير، وقاتلي على صيغة الجمع مضافة الى ياء المتكلم، والكلام في وصف البيعة بالخلافة وسيجيء في الكتاب قول السيد (رضي الله عنه).

ومن كلام له (عليه السّلام) في وصف بیعته بالخلافة

وقد تقدم مثله بألفاظ مختلفة وهو اشارة الى هذا الكلام واللفظ المحكي هناك هكذا، (وَبَسَطْتُمْ [یَدِی](8) فَکَفَفْتُهَا، وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ تَدَاکَکْتُمْ عَلَیَّ تَدَاكَّ الاْبِلِ الْهِیمِ عَلَی حِیَاضِهَا یَوْمَ وِرْدِهَا، حَتَّی انْقَطَعَتِ الْنَّعْلُ، وَسَقَطَ الرِّدَاءُ، وَوُطِیءَ الضَّعِیفُ، وَبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَیْعَتِهِمْ إِیَّایَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِیرُ، وَهَدَجَ(9) إِلَیْهَا الْکَبِیرُ) ومثله ما تقدم في الشقشقية (فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) وعنوان الكلام في نسخة الشارح عبد

ص: 257


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (هيم): 17/ 773
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ورد): 5/ 309، 310
3- (حصورها) في ع، تصحيف
4- (انشرب) في م
5- [بالكسر] ساقطة من أ، ث، ر، ع
6- (هي) في ر، م
7- تاج العروس، مادة (ثنی): 19/ 256
8- [يدي] ساقطة من أ، ع
9- (هدج، الهدجان: مشية الشيخ) الصحاح، مادة (هدج): 1/ 349

الحميد بن أبي الحديد هكذا (ومن كلام له (عليه السّلام) في ذكر البيعة)(1) فظهر أنَّ ما ذكره بعض الشارحين من أنَّ الكلام اشارة الى صفة أصحابه بصفين لما طال منعه لهم من قتال أهل الشام من قبيل الغفلة، (وَقَدْ قَلَّبْتُ هَذَا الْأَمْرَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ، فَمَا وَجَدْتُنِي يَسَعُنِي إِلّا قِتَالُهُمْ أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله)، فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ، وَمَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الْآخِرَةِ) قلبت ظهر الأمر وبطنه، أي: اعطيت النظر والتأمل فيه حقهما، ووجدتني على صيغة المتكلم، وجملة (يسعني) مفعول ثانٍ، وقد مر وجه الترديد بين القتال والجحود في شرح مثل هذا الكلام لما اشار عليه أصحابه بالاستعداد الحرب أهل الشام، والضمير في (قتالهم) يعود الى الناكثين، والمعالجة المزاولة والمداواة(2)، ولعل المراد أنَّ تحمل مشاق القتال أهون وصيغة التفضيل مثلها في قوله تعالى: «قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ»(3)، وموتات الدنيا شدائدها وأهوالها ومتاعبها بقرينة موتات الآخرة، ويحتمل أن يراد بالأولى: أنواع الموت، وبالثانية: الشدائد التي هي أشد من المَوت.

[وَمِن كَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السَلاَم)] وَقَد استَبطَأ أصحابه إذِنَه لَهُم فِي القِتَالِ بِصِفَينَ

استَبطاه أي: عدّه بَطيئاً، وزعم أنَّ المصلحة في التعجيل، روي أنَّه (عليه

ص: 258


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 5
2- تاج العروس، مادة (علج): 3/ 436، 437
3- الفرقان / 15

السّلام) لما ملك الماء بصفين، وسمح بأهل الشام في المشاركة - کما سبق - مکث أياماً لا يرسل الى معاوية أحداً، ولا يأتيه من عنده أحد، قال له أهل العراق: يا أمير المؤمنین، خلفنا نساءنا وذرارينا بالكوفة، وجئنا الى أطراف الشام لنتخذها(1) وطناً، فأذن لنا في القتال، فإنَّ الناس يظنّون أنَّك تكرهُ الحربَ كراهية الموت، ومنهم من يظن أنَّك في شكٍ من قتال أهل الشام، فأجابهم (عليه السّلام): (أَمّا قَوْلُکُمْ: أَکُلَّ ذَلِكَ کَراهِیَةَ الْمَوْتِ! فَواللّهِ ما أُبالِی، دَخَلْتُ إِلَی الْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَیَّ) حرف الاستفهام غير موجودة في بعض النسخ و (كل) مرفوع، وكراهية بالتخفيف منصوب في النسخ التي عندنا، وقال بعض الشارحين: من رواه (أكُلَّ ذلك) بالنصب فمفعول فعل مقدر، أي: يفعل كل ذلك، وكراهية منصوب لأنَّه مفعول له، ومن رواه (أكُلُّ ذلك) بالرفع اجاز/ ظ 70/ في (كراهية) الرفع والنصب، أما الرفع فإنَّه يجعل (کل) مبتدأ، وكراهية خبره، وأما النصب فيجعلها مفعولاً له کما في الرواية الأولى، ويجعل خبر المبتدأ محذوفاً تقديره: أكل ذلك مفعول! أو تفعله كراهية للموت(2)! وفي الكلام تشبيه [للموت](3) بالسبع، وفي بعض النسخ أم خرج مكان أو خرج (وَأَمّا قَوْلُکُمْ شَکّاً فِی أَهْلِ الشّامِ! فَواللّهِ ما دَفَعْتُ الْحَرْبَ یَوْماً إِلاَّ وَأَنا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِی طائِفَةٌ فَتَهْتَدِیَ بِی، وَتَعْشُوَ إِلَی ضَوْئِی، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَها عَلَی ضَلالِها؛ وَإِنْ کانَتْ تَبُوءُ بِآثامِها)

ص: 259


1- (لنتخذ) في أ
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 10
3- [للموت] ساقطة من ر

عَشا(1) النّار واِلَيها عَشوا وعُشّوّا راهَا ليلًا من بعيد بصر ضعيف فقصدها، ويقال لكل قاصدٍ عاشٍ(2)، وفيه تعريض بضعف بصائر أهل الشام، وتبوء بآثامها أي: ترجع الى ربها متلبساً بمعاصيها، قال عز وجل: «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»(3).

[وَمِن كَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السَلَام)]

قال بعض الشارحين: هذا الكلام قاله (عليه السّلام) لما قدم عبد الله بن عامر الحضرمي(4) البصرة من قبل معاوية واستنهض أمير المؤمنين (عليه السّلام) أصحابه الى البصرة فتقاعدوا(5)، وذكر القصة بطولها، وقال بعضهم هذا من كلام له (عليه السّلام) يوم صفين حين أقر الناس بالصلح(6)، وذكر أول الكلام (وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وآله نَقْتُلُ آبَاءَنَا

ص: 260


1- (عشار) في ر
2- ينظر: لسان العرب، مادة (عشا): 15/ 57
3- المائدة / 29
4- عبد الله بن عامر بن کریز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، ويكنى أبا عبد الرحمن، ولد بمكة سنة (4 ه)، وولاه الخليفة عثمان البصرة سنة (29 ه) وهو ابن خمس وعشرين سنة، افتتح الداور، وبلاداً من دار ابجرد، وهاجم مرو الرود فافتتحها وبلغ سرخس فانقادت له، وفتح ابر شهر عنوة، وطوس وطخارستان ونیسابور، شهد الجمل مع عائشة، ولاه معاوية على البصرة ثلاث سنين، ثم صرفه عنها، فأقام بالمدينة ومات بمكة سنة (59 ه). ينظر: الطبقات الكبرى، ابن سعد: 5/ 44 - 49،، وانساب الاشراف: 2/ 423، و الغارات: 2/ 373 - 392، و تاريخ مدينة دمشق: 29/ 244، 251، والاعلام: 4/ 94
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 27
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 146

وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَأَعْمَامَنَا مَا يَزِيدُنَا ذَلِكَ إِلّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً؛ وَمُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ، وَصَبْراً عَلَى مَضَضِ الْأَلَمِ، وَجِدّاً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ) وفي بعض النسخ (على جهاد العدو)، واللقم بالتحريك معظم الطريق أو وسطه أو الجادة الواضحة منه(1)، والمضض بالتحريك (وجع المصيبة)(2) ومضض الألم لدغه (وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَالْآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا يَتَصَاوَلانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا أَيُّهُمَا(3) يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ) التصاول التواثب، (والصولة: والحملة الوثبة)(4)، والفحل الذكر من كل حيوان ويستعمل كثيراً في فحل الإبل، (والتخالس: التسالب(5))(6) والانتهاب كان كلًا منهما يريد أن يسلب الآخر نفسه، أي: روحه كما يسلب اللص ثوب أحد و(أي) بالضم موصولة عند سيبويه(7) والتقدير يختلس الذي يسقي صاحبه، واستفهامية على مذهب طائفة(8) مبتدأ خبره جملة (يسقي)، والمنون (المنية؛ لأنَّها تقطع المدد وتنقص العدد)(9) من الحبل أي: قطعة ومن السَّير فلانا أي: اضعفه وذهب بقوته(10)، وقال وهي

ص: 261


1- ينظر: تاج العروس، مادة (لقم): 17/ 654
2- المصدر نفسه، مادة (مضض): 10/ 155
3- (أيها) في أ
4- تاج العروس، مادة (صول): 15/ 415
5- (التثالب) في ر، م، تحريف
6- الصحاح، مادة (خلس): 3/ 923
7- ينظر: كتاب سيبويه: 2/ 399
8- ينظر: المقتضب: 2/ 568، و ينظر: المرتجل: 271
9- لسان العرب، مادة (منن): 13/ 416
10- ينظر: المصدر نفسه، مادة (منن): 13/ 415

الفّرراء المنون مؤنثة وتكون واحدة وجمعاً)(1) (فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا، وَمَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ الإِسْلامُ مُلْقِياً جِرَانَهُ، وَمُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ)، (مرة) منصوب على الظرفية والتقدير يكون الإدالة(2) مرة لنا من عدونا، ومرة تكون له منا(3)، ولعل الغرض(4) التنبيه على أنَّ إقدامهم على القتال يومئذ لم يكن عن ظن أو يقين بالغلبة، وكبت(5) اللهُ العَدوَّ أي: صرفه وردّه بغيظه وأذله أو كسره، وجِرَانُ البعير بالكسرِ: (مُقدَّم عنقه من مَذبَحه الى منحره)(6)، والقاه الجران يكون عند التمكن والاستقرار، وبوؤه الله منزلا أي: أسكنه وتبوأ أي: اتخذه وفيه تشبيه للإسلام بالرجل الخائف الشاخص من الوطن الذّي استقر بعد الخوف کما ان القاء الجران تشبيه بالبعير الشارد الذّي اطمأن بعد النفار (وَلَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ، مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ، وَلا اخْضَرَّ لِلْإِيمَانِ عُودٌ. وَايْمُ اللَّهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا [دَماً](7)، وَلَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً!) أتى فلان الأمر أي فعله، وقيام العمود تشبيها للدين بالبيت، وأخضر العود بالحديقة، وأَيمُ الله بفتح الهمزة، وضم الميم مخفف ايمن الله، والتقدير (ايم الله قسمي) وهو اسم وضع للقسم في الأشهر، والاحتلاب استخراج ما في الضرع من اللبن كالحلب والحلاب،

ص: 262


1- ينظر: المذكر والمؤنث، الفراء: 89
2- الإدالة: أي الغلبة، ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 141/2
3- (مرة لنا من عدونا ومرة لنا تكون له منا) في ر
4- (العرض) في ث، ح، تصحيف
5- (وكتب) في أ، ر، ع
6- الصحاح، مادة (جرن): 5/ 2091
7- [دماً] ساقطة من أ، ر، ع، م

والضمير المنصوب يرجع الى أفعالهم المدلول عليها بقوله (عليه السّلام) ما اتيتم، وفيه تشبيه بالناقة التي أصيب ضرعها بتفريط صاحبها أو غير ذلك، واتبعته الشيء أي جعلته تابعاً له لا حقاً به، واحتلاب الدم واتباع الندم استثمار ضد المقصود واكتساب الحرمان والخزي في العاجل والآجل.

[وَمِن كَلام لَهُ (عَلَیهِ السَلاَم)] لأصحابه

(أَمَّا إِنَّهُ /و 71/ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ، مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ، يَأْكُلُ مَا يَجِدُ، وَيَطْلُبُ مَا لا يَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ وَلَنْ تَقْتُلُوهُ) أما بالتخفيف حرف التنبيه وأصلها همزة الانكار، وما النافية فيفيد الاثبات، وقال بعض الشارحين: (يحتمل أن يكون أما مشددة، والتقدير: أما بعد إنه كذا)(1)، وهو سخيف غير موجود في النسخ و (ظهر)(2) على الرجل أي: غلبه(3)، والرَحب بالفتح الواسع، والبُلعوم بالضم كالبلعم مجرى الطعام في الحلق وهو المريء، ومندحق البطن أي: بارز البطن، (والدحوق من النوق التي تخرج رحمها بعد الولادة)(4) و اندحقت رحم الناقة أي خرجت، وقيل هو الواسع البطن من الدحق بمعنى الطرد والابعاد كأن جوانب بطنه قد بعد بعضها عن بعض فاتسعت، وأكل ما يجد عبارة عن كثرة أكله أو عن الاسراف والتبذير وطلب ما لا يجد عن الحرص أو عدم الظفر بالمقصد الأصلي والأمر بالقتل لا ينافي

ص: 263


1- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2/ 149
2- (طهر) في ح، تصحيف
3- (عليه) في ح، وفي م: (علبه)، تصحيف
4- الصحاح، مادة (دحق): 4/ 1473

العلم بعدم وقوعه وفيه بيان استحقاقه للقتل واتمام الحجة على المخاطبين واختلف في الرجل الموصوف فقيل هو زياد بن أبيه، وقيل الحجاج، وقيل المغيرة بن شعبة، وقيل معاوية(1)، وقد كان موصوفاً بكثرة الأكل، وروى أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث إليه يوماً يستدعيه فقيل له إنه يأكل، فبعث إليه ثانية فقيل، إنه يأكل، فقال: اللهم لا تشبع بطنه(2)، وكان يأكل حتى يمل ويقول: ارفعوا فو الله ما شبعت ولكن مللت وتعبت(3). وقال الشاعر:

وصاحب لي بطنه كالهاوية *** كأنَّ في أمعائه معاوية(4)

ولعل عدم التصريح باسمه (للاحتراز)(5) عن تقاعد الناس عن حربه إذا علموا أنَّه يبقى بعد أمير المؤمنين (عليه السّلام) فينتقم منهم (أَلا وَإِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَالْبَرَاءَةِ مِنِّي؛ فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي؛ فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ وَلَكُمْ نَجَاةٌ، وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلا تَتَبَرَّءُوا مِنِّي فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَسَبَقْتُ إِلَى الإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ (السَبُّ: الشَتمُ)(6)، يقال: سبه يسُبه بالضم سباً، والزكاة الطهارة

ص: 264


1- صرح القطب الراوندي بأن المقصود معاوية، ينظر: منهاج البراعة شرح نهج البلاغة: 1/ 276، و رجح ابن أبي الحديد معاوية من هؤلاء الاسماء، ينظر شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 43
2- (لا أشبع الله بطنه) في مسند أبي داود السجستاني: 359، و صحيح مسلم: 8/ 27
3- وردت هذه الرواية في شروح النهج، ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1/ 277، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 43، و شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2/ 149
4- البيت من بحر الرجز، نسبه الثعالبي لرجل يدعى محمد الضرير القزويني، في أخبار قزوين، ينظر: يتيمية الدهر 3/ 465، وورد بدون ذكر اسم الشاعر في مجمع الامثال: 1/ 90
5- (للاحترار) في ث، ح، تصحيف
6- الصحاح، مادة (سبب): 1/ 144

والنماء والبركة والمدح(1)، والبراءة والتبري ضد الولاء والحب، والفطرة ملة الإسلام وتسمى فطرة وهي الخلقة(2)؛ لأن الناس لو خلوّا وما خلقوا له لكانوا عليها، ويمكن أن يراد بالفطرة الخلقة(3) التي لم يطرأ عليها مخالفة أمر الله ونهيه وهي العصمة، أي: لم اخرج عن اتباع أمر الله منذ(4) ولدت، والمراد بالهجرة جنسها أو الهجرة الى المدينة، ثم إن الكلام صريح في الفرق بين سب الإمام والبراءة [منه في حال التقية المعبر عنها بالنجاة ويؤيده ما رواه الكشي(5) باسناده عن حجر بن عدي قال: قال لي علي (عليه السّلام): كيف تصنع [أنت](6) إذا ضربت وأمرت بلعني(7)؟ قال: قلت له: كيف اصنع؟ قال: العني ولا تتبرأ مني، فإني على دين الله(8)، وفيه دلالة على أنَّ اللعن في حكم السب، فيمكن أن يراد بالسب واللعن التلفظ بما لا يليق به (عليه السّلام)، وبالبراءة](9) الانحراف بالقلب كما هو ظاهر اللفظين، [لكن في بعض

ص: 265


1- ينظر: معجم مقاييس اللغة، مادة (زكى): 3/ 17
2- (الحلقة) في أ، ث، ح، ع، تصحيف
3- (الحلقة) في ث، تصحيف
4- (مد) في ث، تحريف
5- محمد بن عبد عمر بن عبد العزيز الكشي، يكنى: أبا عمرو، فقيه إمامي، تعود نسبته الى (كش) من بلاد ما وراء النهر، وكان معاصرا للعياشي، أخذ عنه، وتخرج عليه في داره بسمرقند، اشتهر بكتابه معرفة أخبار الرجال، توفي في حدود (340 ه). ينظر: هدية العارفين: 2/ 22، وأعلام: 6/ 311، و معجم المؤلفين: 11/ 85، و معجم المطبوعات العربية: 2/ 1561
6- [انت] ساقطة من أ، ع
7- (أن تلعني) في ح
8- بحار الأنوار: 39 / 324. وفيه: (امرت أن تلعني)
9- [منه في حال التقية المعبر عنها بالنجاة ويؤيده ما رواه الكشي باسناده عن حجر بن عدي قال: قال لي علي (عليه السّلام): كيف تصنع [أنت] إذا ضربت وأمرت بلعني؟ قال: قلت له: كيف اصنع؟ قال: العني ولا تتبرأ مني، فإني على دين الله، وفيه دلالة على أنَّ اللعن في حكم السب، فيمكن أن يراد بالسب واللعن التلفظ بما لا يليق به (عليه السّلام)، وبالبراءة ساقطة من ث

الروايات ما يدل على أنَّ المراد بالبراءة اللفظ، روى الكشي (رحمه الله) عن ميثم قال: دعاني أمير المؤمنين وقال لي: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية عبيد الله بن زياد الى البراءة؟ فقلت: يا أمير المؤمنين [...](1) أنا والله لا أبرأ منك، قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم إذاً تكون معي في درجتي(2). وَقد دعا عُبَيد اللهُ رَشيداً الهجري(3) الى البراءة فلم يظهر البراءة حتى قطع يديه ولسانه ورجليه(4)](5) وقد حمل بعض الشارحين البراءة على اللفظية، وقال: لما لم تطلق البراءة في الكتاب الكريم إلا في حق المشركين كقوله تعالى: «بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ

ص: 266


1- [عليه السلام] زيادة في ع
2- ينظر: اختيار معرفة الرجال: 1/ 295، 296
3- رشيد الهجري من أصحاب الامام علي (عليه السلام)، كان قد القي علم البلايا والمنايا، روي عن أبيه، عنه سيف بياع السابري، ونسب الى هجر وهي اسم لثلاثة مواضع: بلدة بأقصى اليمن، واسم لجميع أرض البحرين، و قرية كانت قرب المدينة، وقد أمر بقتله عبيد الله بن زياد بعد أن قطعوا لسانه وصلبوه على باب دار عمرو بن حريث. ينظر: الجرح والتعديل، الرازي: 3/ 507، و الانساب، السمعاني: 5/ 627، و تاريخ الكوفة، السيد البراقي: 339، و أعيان الشيعة: 6/7، و معجم رجال الحديث: 8/ 197
4- ينظر: اختيار معرفة الرجال: 1/ 290، و لسان الميزان: 2/ 461
5- [لكن في بعض الروايات ما يدل على أنَّ المراد بالبراءة اللفظ، روى الكشي (رحمه الله) عن ميثم قال: دعاني أمير المؤمنين وقال لي: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية عبيد الله بن زياد الى البراءة؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك، قال: إذا والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم إذا تكون معي في درجتي. وَقد دعا عُبَيد الله رَشيداً الهجري الى البراءة فلم يظهر البراءة حتى قطع يديه ولسانه ورجليه] ساقطة من ث

عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»(1) وقوله عز وجل: «أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ»(2) بالرفع، فيحمل النهي في كلامه (عليه السّلام) على أنَّ التحريم في البراءة أشد وإنَّ كان الحكم في كل من السب والبراءة التحريم(3) وفيه نظر فإن النهي في كلامه (عليه السّلام) عن البراءة في حال الإكراه، وقد صرح هذا القائِل بجواز كل من السب والتبري على وجه التقية، وإنه(4) يجوز للمكلف أن لا يفعلهما وإن قتل إذا قصد بذلك اعزاز الدين اللهم إلاَّ أن يحمل النهي على التنزيه ويقول بالكراهة في اظهار البراءة ويجعل الصبر على القتل مستحباً بخلاف السب إلا أنه لم يصرح بهذا الفرق(5)، ولم اطلع عليه في كلام غيره، ويمكن أن يقال بكراهة الأمرين(6) وشدتها/ ظ 71/ في الثاني، ويحمل الأمر بالسب في كلامه (عليه السّلام) على الجواز ولو على وجه الكراهة وبعده واضح ولم نعرف به قائلاً، وينافي ذلك ما رواه محمد بن يعقوب (رضی الله عنه) باسناده عن مسعدة بن صدقة قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السّلام): إنَّ الناس يروون أن علياً (عليه السّلام) قال على منبر الكوفة: أيها الناس إنكم ستدعون الى سبي فسبوني، ثم تدعون(7) الى البراءة مني فلا تبرأوا [مني](8)، فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على علّي (عليه السّلام)، ثم قال:

ص: 267


1- التوبة / 1
2- التوبة / 3
3- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 88
4- (فأنه) في أ، ع
5- (الاخرين) في ع، تحريف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 88
7- (يدعون) في أ، ر،ع، م، تصحيف
8- [مني] ساقطة من أ، ث، ح، ر، م

إنما قال إنكم ستدعون الى سبي، فسبوني، ثم ستدعون الى البراءة مني، وإني لعلى دين محمد (صلى الله عليه وآله)، ولم يقل ولا(1) تبرأوا مني، فقال له السائل: أرأيت أن أختار القتل دون البراءة!، فقال: والله ما ذلك عليه وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث اكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالإيمان فأنزل الله عز وجل: فيه «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ»(2) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) عندها: يا عمار إن عادوا فعد، فقد أنزل الله عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا(3)، وقريباً من ذلك روى العياشي في تفسيره عن معمر بن يحيى بن سالم(4)، ورواه الحميري في قرب الاسناد(5)، وقد روى أيضاً بألفاظ متقاربة ينافي ما في الكتاب من التصريح بالنهي عن البراءة، فروى بعض الشارحين عن صاحب كتاب الغارات(6) باسناده عن محمد بن علي الباقر (عليه السّلام) قال: خطب علي (عليه السّلام) على منبر الكوفة فقال: سيعرض عليكم سبي وستذبحون عليه فإن عرض عليكم سبي فسبوني، وإن عرض عليكم البراءة مني، فإني على دين محمد (صلى الله عليه وآله) ولم يقل: ((فلا تبرأوا مني))(7)، وعن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السّلام) قال: (قال علي (عليه السّلام): لَتُذبحُنَّ على سبي وأشار بيده الى

ص: 268


1- (لم) في أ، ع، تحريف
2- النحل / 106
3- ينظر: الاصول من الكافي، الكليني: 2/ 219
4- ينظر: التفسير، محمد بن مسعود العياشي (ت 320 ه): 2/ 271
5- ينظر: قرب الاسناد: 12
6- ينظر: الغارات: 1/ 85
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الجديد: 4/ 82

حلقه ثم قال: فإن أمروكم بسبي فسبوني، وإنَّ أمروكم أن تبرأوا منى فإني على دين محمد (صلى الله عليه وآله) ولم ينههم عن اظهار البراءة(1)، ولا يخفى أن الظاهر من الروايتين جواز اظهار البراءة، لكن وجه التفضيل لا يخلو عن خفاء إلا أن يحمل على بعض ما سبق وفيه ما سبق وذكر الشهيد (رحمه الله) في قواعده إنَّ التقية تبيح كل شيء حتى اظهار كلمة الكفر، ولو تركها حينئذ إثم إلاَّ في هذا المقام، ومقام التبرَّي من أهل البيت (عليهم السّلام) فإنه لا يأثم بتركها بل صبره أما مباح أو مستحب، خصوصاً إذا كان ممن يقتدى به(2) انتهى. ولا يخفى أنه لا يظهر من كلامه الفرق كما سبق، بل لا يبعد شمول كلمة الكفر للسب وإن قابلها بالتبرّي وما ذكره منافٍ لظاهر بعض الروايات السّابقة، وبالجملة المسألة والجمع بين الروايات في غاية الإشكال، ثم إنه ذكر بعض الشارحين في قوله (عليه السّلام) (إنه لي زكاة) وجهين: أحدهما: ما ورد في الأخبار النبوية أن سب المؤمن زكاة [...](3) له وزيادة في حسناته، و ثانيهما: أن يريد به أن سبهم لي لا ينقص في الدنيا من قدري بل أزيد به شرفاً وعلو قدر وشیاع ذكره(4)، وهكذا كان فإن الله تعالى جعل الأسباب التي حاولت الأعداء بها النقص منه عللاً لانتشار صيته في مشارق الأرض ومغاربها. وانتشار الصيت نماء وزيادة(5)، واستشكل في قوله (عليه السّلام) فإني ولدت على الفطرة بأن ميلاده (عليه السّلام) كان متقدماً على الاسلام،

ص: 269


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 82، وفيه: (والله لتذبحن...)
2- ينظر: القواعد والفوائد: 2/ 158، وفيه: (التقية تبيح...)
3- [من] زائدة في أ،ع
4- (ذكر) في ث، ح، ر، م
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الجديد: 4/ 86، 87

ولو أريد بالفطرة(1) ما يولد كل مولود عليه وإن كان أبواه يهودان وينصران ويمجسانه فذلك مما لا يختص به أحد مع أنّ الولادة على الإسلام ليست خاصة له (عليه السّلام) وأجيب بأن المراد بالولادة على الفطرة أنه لم يولد في الجاهلية لأنَّه (عليه السّلام) ولد لثلاثين عاماً مضت من عام الفيل، والنبي (صلى الله عليه وآله) أرسل لأربعين مضت من عام الفيل، وقد جاء في الأخبار الصحيحة أنَّه (صلى الله عليه وآله) مكث قبل الرسالة سنين عشراً يسمع الصوت ويرى الضوء ولا يخاطبه أحدٌ وكان ذلك ارهاصاً لرسالته فحكم تلك السّنين العشر حكم أيام رسالته (صلى الله عليه وآله) فالمولود فيها إذا كان في حجره و هو المتولي لتربيته كان مولوداً في أيام كأيام النبوة و ليس بمولود في الجاهلية ففارقت حاله حال من يدعي له الفضل من الصحابة(2)، ويقصد بالتبّري منه(3) (عليه السّلام) توليهم، وروى أن السنة التي ولد (عليه السّلام) فيها كان يسمع الهتاف من الأحجار والأشجار، وابتدأ فيها بالتبتل والانقطاع والعزلة في جبل حراء فلم يزل حتى كوشف / و 72/ بالرسالة وانزل عليه الوحي وقال لأهله ليلة ولادته وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات والقدرة الالهية التي لم يشاهدها قبلها (لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح اللهُ به علينَا أبواباً من النّعمة والرّحمة) وقيل المُراد الولادة على الفطرة التي لم تتغير(4) ولم تتبدل(5) بفساد العقائد باتباع الاباء ومتابعة

ص: 270


1- (الفطرة) في ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الجديد: 4/ 89
3- (عنه) في ع، تحريف
4- (يتغير) في أ، ر،ع، تصحيف
5- (يتبدل) في أ، ر، ع، تصحيف

الشبهات وإضلال المضلين وذلك أمر لا يعم كل مولود وإن كانت الولادة على الفطرة بمعنى الاستعداد للمعارف لو لم يمنع مانع من الامور المذكورة مشتركة بين الجميع(1) وأنت تعلم أنه لا بد في الوجه الأول بل في السبق الى الإيمان [و](2) الهجرة أيضاً [من](3) اعتبار عدم طریان المنافي وإلَّا فمجرد الولادة على الفطرة بالمعنى المذكور والسّبق الى الايمان والهجرة لا يوجب عدم جواز التبرّي، والوجه الثاني وإن كان لا يعم جميع المواليد(4) إلَا أنه ليس من الخصائص ويمكن أن يقال ليس الكلام في ذكر الخصائص وتعداد الفضائل وإنما المراد بیان عدم جواز التبرّي بأقل مراتب الفضائل وإلا فكان المناسب التمسك بالمزايا الباهرة كآية المباهلة والولاية [...](5) وخبر المنزلة والإخاء وأمثالها ولو أريد بالفطرة ما سبق من معنى العصمة لم يتوجه شيء مما ذكر، وأما السبق إلى الهجرة فقيل إنه [(عليه السّلام)](6) لم يسبق على جميع الصحابة وقد بات على فراشه (صلى الله عليه وآله) لما هاجر الى المدينة ومكث أياماً لرد الودائع التي كانت عنده (صلى الله عليه وآله) واجيب بأن المراد بالهجرة الجنس وأول هجرة هاجرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) خروجه الى بني عامر بن صعصعة(7) لما مات أبو طالب (عليه السّلام) و

ص: 271


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الجديد: 4/ 89
2- [و] ساقطة من ع
3- [من] ساقطة من ع
4- الصواب: المواليد جميعهم
5- [حتى] زيادة في ر
6- [عليه السلام] ساقطة من ع
7- بنو ((عامر بن صعصعة بن معاوية بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان من العدنانية)) معجم قبائل العرب: 2/ 703

أوحى إليه أن أخرج فقد مات ناصرك وكانت مدة تلك الغيبة عشرة أيام ولم يصحبه في تلك الهجرة إلا عليّ (عليه السّلام) وحده، ثم هاجر الى شيبان(1) وكان معه هو (عليه السّلام) وأبو بكر، وقد كان تخلفه (عليه السّلام) في الهجرة إلى المدينة [أسبق في الرتبة على السبق](2) اليها كما لا يخفى على ذوي البصائر، وقيل: إنه (عليه السّلام) لم يعلل عدم جواز التبرّي بالولادة على الفطرة وحدها، أو بالسبق إلى الهجرة وحدها بل علله بمجموع الأمور الثلاثة ولا ريب في أنها لم يجتمع في أحد إلاَّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأمّا السبق إلى الإيمان فمن خصائصه (عليه السّلام) عندنا وعند كثير من مشاهير العامة وطائفة منهم أنكروا سبقه (عليه السّلام) على أبي بكر تعصباً أو لعروض شبهه ضعيفة كما يظهر لمن نظر في الأخبار المروية في هذا الباب، وقد أورد صاحب الاستيعاب أخبار الفريقين، وقال: المروي عن سلمان، وأبي ذر، والمقداد، و خباب(3)، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم أن علياً (عليه السّلام) أول من أسلم، وفضله هؤلاء على غيره(4) وذكر بعض الروايات عن ابن عباس أنه (عليه السّلام) أول من آمن من الناس بعد

ص: 272


1- وهم بنو شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن أبي بكر بن وائل، حارب بنو شیبان قبائل ودولا، منها حرب البسوس بينهم وبين عمهم بني تغلب، ولهم حروب مع تميم، وأياد وکعب، کما حاربوا ملك الحيرة وملك الشام، والفرس، وشاكوا في وقعة الجمل وصفين وكانوا مع الامام علي (عليه السلام) ينظر: بنو شيبان، علي الكوراني، و عبد الهادي الربيعي: 7/ 8، 15، 27، 49
2- [أسبق في الرتبة على السبق] ساقطة من ع
3- (و حباب) في ث، وفي ر: (وحاب)، تحریف
4- ينظر: الاستیعاب: 3/ 1090

خديجة(1) وقال: (لا مطعن في إسنادها لاحدٍ لصحته وثقة نقله)(2)، فلو ثبت کان المراد في كلامه (عليه السّلام) السبق على الرجال، والروايات في مبلغ سنه (عليه السّلام) يومئذ مختلفة ففي بعضها أنه آمن وهو ابن ستة عشر، وفي بعضها خمسة عشر(3)، وفي بعضها ثلاثة عشر واثنی عشر وعشر وثمان، [و](4) في بعض الروايات عنه (عليه السّلام) أنه كان يقول لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين، وقال الشارح عبدالحميد بن أبي الحديد: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) مازال يدّعي السبق لنفسه ويصرح به(5)، (وقد قال غير مرة: أنا الصديق الأكبر، والفاروق الأول، أسلمت قبل إسلام أبي بكر وصليت قبل صلاته)(6) قال: وروى عنه هذا الكلام بعينه أبو محمد بن قتيبة في كتاب المعارف(7)، وهو غير متهم في أمره (عليه السّلام)، ومن الأبيات المروية في هذه الباب:

محمد النبيّ أخي وصنوي *** وحمزة سيد الشهداء عمي

وجعفر الذي يصبح ويمسي *** يطير مع الملائكة ابن أُمي

الى قوله:

سبقتكم الى الإسلام طُرًّا *** غلاماً ما بلغتُ أوان حُلمی(8)

ص: 273


1- ينظر: الاستیعاب: 3/ 1091
2- المصدر نفسه: 3/ 1092
3- (خمسة عشر) ساقطة من ر
4- [و] ساقطة في أ، ع
5- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 95
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 95
7- ينظر: المعارف: 169
8- البيت من البحر الوافر، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 95

[وَمِن كَلاَمٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلاَم)] كَلَّمَ بهِ الخَوارِج

الخوارج أصحابه (عليه السّلام) وأنصارهُ في الجمل وصفين قبل التحكيم، روي أنه (عليه السّلام) [كلمهم بهذا الكلام](1) لما اعتزلوا وتنادوا من كل ناحيةٍ لا حُكمَ إلا الله، الحكم لله يا عليّ لا لك، وقالوا: بان لنا خطاؤنا فرجعنا وتبنا، فأرجع اليه [أَنتَ](2) وتُب، وقال بعضهم: أشهد على نفسك بالكفر، ثم تب منه حتی نُطبعك (أَصابَکُمْ حاصِبٌ(3)، وَلا بَقِیَ مِنْکُمْ آبِراٌ. أَبَعْدَ إِیمانِی بِاللّهِ، وَجِهادِی مَعَ رَسُولِ اللّهِ (صلی الله علیه و آله(4) أَشْهَدُ عَلَی نَفْسِی بِالْکُفْرِ! لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنا مِنَ الْمُهْتَدِینَ) الحاصب الريح الشديد التي تثير الحصباء(5) وهي صغار الحصى(6)، وأصابه الخاصب كناية عن العذاب، وقيل أي: أصابکم حجارة من السماء، والحصبة (الحجارة)(7)، وسيجيء تفسير الآبر في كلام السيد (رضي الله عنه) (فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ، وَارْجِعُوا / ظ 72/ عَلَی أَثَرِ الْأَعْقَابِ) الأوَب، بالفتح، والإِياب(8) بالكسر (الرجوع)(9)،

ص: 274


1- [كلمهم بهذا الكلام] ساقطة من ر
2- [انت] ساقطة من أ، ع
3- (خاصب) في أ، ح، ر، ع، تصحيف
4- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 100
5- ينظر: لسان العرب، مادة (حصب): 1/ 320
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (حصب): 1/ 319
7- المصدر نفسه، مادة (حصب): 1/ 318
8- (الايان) في أ، تصحيف
9- لسان العرب، مادة (أوب): 1/ 217، 218

والأعقاب مؤخر الأقدام(1) وآثرها بالتحريك علامتها، والرجوع على العقب هو القهقرى(2) وهو شر أنواع الرجوع(3) فهو كالتأكيد والبيان للسّابق، قال بعض الشّارحين: هم أمر لهم بالإياب والرجوع الى الحق من حيث خرجوا منه و فارقوه قهراً(4) كأن القاهر يضرب في وجوههم ويردهم على أعقابهم والرجوع هكذا شر الأنواع، وقيل: هو دعاء عليهم بالذل وانعکاس الحال(5)، ثم اخبر عن ذلك بقوله (أَمَا إِنَّکُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِی ذُلًّا شامِلاً، وَسَیْفاً قاطِعاً، وَأَثَرَةً یَتَّخِذُها الظّالِمُونَ فِیکُمْ سُنَّةً) الشمول العموم والاحاطة أي: محيطاً بالمجمُوع، أو بكل واحِد، والإثرة بالتحريك الاسم(6) من قولك: فُلان يستأثر على أصحابه أي: يختار لنفسه أشياء حسنه ويخص نفسه بها(7)، و (الاستيثار: الانفراد بالشيء)(8)، أو من آثر يؤثر إيثاراً إذا أعطى أي: يفضل الظالمون غیرکم عليكم في نصیبکم، ويعطونهم دونكم وتفصيل ما أصابهم من الذل والقتل مذكور في شرح الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(9) قوله (عليه السّلام): (وَلاَ بَقَى مِنکُم آبِرٌ) يُروي بالراء، مِن قَولِهم: آبرٌ للَّذِي یَأبِرُ

ص: 275


1- ينظر: تاج العروس، مادة (عقب): 1/ 244
2- (العهقري) في ر، تصحيف
3- ينظر: تاج العروس، مادة (قهقر): 7/ 428
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 152
5- المصدر نفسه: 2/ 152
6- (الاثم) في أ، ع، تحریف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (أثر): 4/ 8
8- المصدر نفسه، مادة (أثر): 4/ 8
9- (قال الرضي (رحمه الله)) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 100، (قال الشريف) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 98

النَّخل، أي: يَصلِحَهُ، قال بعض الشارحين: يجوز أن يُراد به النمام(1) أي: من يفسد ذات البين، وَالمِئبَرة(2) النَميِمَةُ، وأبِرَ فلان، أي: نمَّ، والآبر أيضاً: من يبغي الغوائل خفية(3)، مأخوذ من أَبَرتُ الكَلب إذا أطعَمته الإبِرة في الخُبزِ، ويجوز أن يكون أصلها من هابرٌ أي: من يضرب بالسيف فيقطع، وأبدلت الهاءِ همزة كما قالوا في: (آل) وأهل(4)، وَيُروي: (آثِرٌ) الذَّي يأثرُ الحَدِيث أي: يحيکه وَیَرويهِ وَهُوَ أصَحُّ الوُجُوهِ عِندي كأنَّه (عليه السّلام) قال: (لاَ بَقِيَ منكم مُخبِرَ)، قيل يمكن أن يراد به سَاحي باطن خف البعير، وكانوا يسحون(5) أي: يقشُرون باطن الخف بحديدة ليقبض أثره يقال: رجل آثر، وبعير مأثور، ویُروی آبزٌ بالزاء(6) معجمة وهو الواثب والهالك أيضاً(7)، يقال له آبِزٌ ذكر الهالك في المقام استطراد [وَقالَ (عَلَيهِ السّلَام)](8) لَمَّا عَزَمَ عَلَی حَرْبِ اَلْخَوَارِجِ وَ قِیلَ [لَهُ](9): إِنَّهُم قَدْ(10) عَبَرُوا جِسْرَ اَلنَّهْرَوَانِ ،

ص: 276


1- (التهام) في أ، ث، ع، تصحیف
2- (المبرة) في م، تحریف
3- (خفية) في أ
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/ 101
5- (يسجون) في أ، ع
6- (بالزاي) في م
7- ينظر: لسان العرب، مادة (أبز): 5/ 304
8- [وَقالَ (عَلَيهِ السّلَام)] بياض في ث
9- [له] ساقطة من ر
10- (ان القوم قد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3/5، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 98

الجِسِر بالكسر القنطرة، والنَهرَوان بفتح النون والراء کما في النسخ(1) ويجوز بتثلث(2) الراء ثلاث قرى أعلى واوسط وأسفل بين واسط وبغداد(3)، روی أنه (عليه السّلام) لما خرج اليهم جَاءَهُ رجل من أصحابه فقال: البشری یا أمير المؤمنين إن القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك فأبشر فقد منحك الله أكنافهم، فقال: أنت رأيتهم قد عبروا؟ فقال: نعم، وَاللهِ مّا(4) عَبروُه وَلن يَعبروه وإنّ مَصارِعَهُم الى آخر كلامه (عليه السّلام)، ثم جاءه جماعة من أصحابه واحد بعد واحد كلهم يخبره بما أخبر به الأول، فركب (عليه السّلام) وسار الى النهر ليبين لهم صدق ما حكم به، فوجد القوم لم يعبروا النهر وكسروا جفون سيوفهم وعرقبوا خيولهم وحكموا تحكيمه واحدة بصوت له زجل(5)، وكان شاب من أصحابه، قال في نفسه لما سمع قوله (عليه السّلام): والله لأكوننَ قريباً مِنهُ فإن كانُوا عبروا لأجعلنّ سنان رمحي في عينه، أيدّعي علم الغيب، فلمّا وجدَهُم لم يعبروا نزل عن فرسه واخبره بما خطر لهُ، وسأله أن يغفر لهُ، فقال (عليه السّلام): إنّ الله هو الذّي يغفر الذّنوب جميعاً فاستغفره. (مَصَارِعُهُمْ دُونَ اَلنُّطْفَةِ؛ وَ اَللَّهِ لاَ یُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ، وَ لاَ یَهْلِكُ مِنْکُمْ عَشَرَةٌ) يعني بالنّطفة ماءَ النَّهر، وهو أي: اللفظ وفي بعض النسخ، وهي أي: الكلمة إذ لم يقصدُ بها المعنى أفصحُ کِنايَةٍ عَن الماء وَإِن كانَ كَثِيراً

ص: 277


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 3
2- (ملیث) في ث، وفي ع: (تثليث)، تصحيف
3- ينظر: معجم البلدان: 5/ 324، 325
4- (بما) في ع، تحریف
5- (رجل) في ث، ر، تصحيف

جَمّاً، الصرع الطّرح على الأرض، والمَصرَعُ يكون مصدراً وموضعاً(1)، والفعل کمنع والمراد مَواضع هلاكهم والإفلات والتفلت والإنفلات (التخلص من الشيء فجأة من غير تمكث)(2)، والنُطفة بالضم الماء الصّافِي أو مطلقاً [قل](3) أو كثر(4)، وقيل(5) بالقليل أخصّ(6) وهذا الخبر من المعجزات الباهرة، وروی أنه لما قتل الخوارج وجدوا المفلت منهم تسعة تفرقوا في البلاد کما سيجيء و وجد المقتول من أصحابه (عليه السّلام) ثمانية، ويمكن أن يكون خفي على القوم مكان واحد من المقتولين، أو يكون التعبير بعدم هلاك العشرة رعاية للمشاكلة والمماثلة بين القرينتين(7) والله يعلم.

[وَقَالَ (عَلَيهِ السّلَام)] لَمّا قَتَلَ الخَوارِجَ

فَقِیلَ(8) لَهُ: یَا أَمِیرَ اَلْمُؤْمِنِینَ هَلَكَ اَلْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ، فَقَالَ (عَلَیْهِ السَّلاَمُ)(9): (کَلاَّ وَ اَللَّهِ؛ إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِی أَصْلاَبِ اَلرِّجَالِ، وَ قَرَارَاتِ اَلنِّسَاءِ، وَ کُلَّمَا نَجَمَ

ص: 278


1- ينظر: الصحاح، مادة (صرع): 3/ 1242
2- تاج العروس، مادة (فلت): 3/ 101
3- [قل] ساقطة من أ، ع
4- (أكثر) في أ، ع، تحریف
5- (قتل) في أ، ع، تصحيف
6- سبق ذكره في صحيفة رقم 6، وفي ث: (احض) تصحيف
7- (القرينين) في ث، ح، تحریف
8- (وقيل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 11
9- (فقال (عليه السلام)) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 11/5، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 99

مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ حَتَّی یَکُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلاَّبِینَ) النُطفة مَاء الرَّجُل، والقرار والقَرارة بالفتح فيهما مّا قر فيه، أي: ثبَتَ وسکن، وفي الكلام كناية عن الأرحام، ونجم کنصر (ظهر و [طلع](1))(2)، والقرن كناية عن الرئيس وهوا و 73/ في الانسان موضع قرن الحيوان من رأسه، ويقال للجانب الأعلى من الرأس، وقطع القرن استیصال رؤسائهم وقتلهم، واللصوص بالضم جمع لص مثلثةٌ(3) والفتح أكثر، وهو السارق، والسّلب الاختلاسِ، وروى أن جماعة من الخوارج لم يحضروا القتال، ولم يظفر بهم أمير المؤمنين، وأمّا المفلتون من القتل فانهزم اثنان منهم الى عمان(4)، واثنان الى کرمان(5)،

ص: 279


1- [طلع] ساقطة من ع
2- تاج العروس، مادة (نجم): 17/ 679
3- ((والِلصُ والَّلصُّ بالكسر والضم: السارق)) المثلث، البطليوسي: 2/ 132
4- عُمان: تقع على ساحل اليمن شرق هجر بلد ذات نخل وزروع إلا أن حرها يضرب به المثل، يقال إنها سميت عمان بعمان بن إبراهيم الخليل وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيها: ((إني لأعلم أرضاً من أرض العرب يقال لها عُمان على شاطئ البحر الحجة منها أفضل أو خير من حجتين من غيرها))، وقيل: من تعذر الرزق فعليه بعُمان. ينظر: مسند أحمد: 2/ 30، و السنن الكبرى، البيهقي: 4/ 335، و معجم البلدان: 4/ 150، و الروض المعطار في خبر الأقطار، الحميري (ت 900 ه): 413
5- کرمان: ولاية مشهورة وناحية كبيرة معمورة ذات بلاد وقرى ومدن واسعة بين فارس و مکران وسجستان و خراسان، فشقيقتها مکران ومفازة مابین مکران والبحر من وراء البلوص، وغربيها ارض فارس، وشمالها مفازة خرسان، وجنوبيها بحر فارس، وعرفت هذه البلاد بكثرة نخيلها ومواشيها، وقيا انها تشبه البصرة في كثرة التمور وجودتها وسعة الخيرات، وقيل انها سمیت کرمان نسبة الى کرمان بن فلوج من بني ليطي بن یافث بن نوح عليه السلام. ينظر: البلدان: 413، و معجم البلدان: 4/ 454

واثنان الى سجستان(1)، واثنان الى الجزيرة، وواحد الى تل موزن(2)، فظهرت بدعهم الى البلاد وصاروا نحواً من عشرين فرقة وكبارهاست الأزارقة(3) أصحاب نافع بن الازرق(4) وهو أكبر الفرق غلبوا على الأهواز، وبعض بلاد فارس و کرمان في أيام عبد الله بن الزبير، والنجدات(5) رئيسهم نجدة بن

ص: 280


1- سجستان: هي ناحية كبيرة وولاية واسعة، ذهب بعضهم الى ان سجستان اسم للناحية وإن اسم مدينتها زرنج، وهي جنوب هراة، وأرضها كلها رملة سبخة، والرياح فيها لا تسكن ابداً، وفيها نخيل، ولا يقع بها الثلج، وارضها سهلة، لا يرى فيها جبل، وقال حمزة انها مشتقة من اسباه وسك اسم للجند وللكلب مشترك أي انها اسم لشيئين، ذلك أنها كانت بلدة اللجند. ينظر: معجم البلدان: 3/ 190
2- بلد قديم بين رأس العين وسروج، وبينه وبين رأس عين عشرة أميال، ويزعم ان جالینوس كان به، وهو مبني بحجارة عظيمة سود، يذكر أهله أن ابن التمشكي الدمستق خربه، وفتحه عياض بن غنم سنة (17 ه). ينظر: معجم البلدان: 2/ 45
3- الأزارقة: طائفة من الخوارج، ينسبون الى نافع بن الازرق، خرجوا معه من البصرة الى الاهواز، فغلبوا عليها وعلى كورها وما وراءها من بلدان فارس و کرمان في أيام عبد الله بن الزبير، وقد أرس اليهم عبد الله بن الحارث بن نوفل النوقلي الكثير من قادة الجيش لقتالهم امثال مسلم بن عیس بن کریز واخرون فاستطاع الازارقة قتلهم، فارسل اليهم بعد ذلك المهلب بن أبي صفرة فبقي في حرب الأزارقة تسع عشرة سنة الى ان فرغ من امرهم في أيام الحجاج، ومن بدع الازارقة تكفير الامام علي (عليه السلام)، وتكفير القعدة، وقتل أطفال ونساء المخالفين لهم. ينظر: المعارف: 622، والملل والنحل: 1/ 118 - 121
4- نافع بن الازرق بن قيس الحنفي البكري الوائلي الحروري، ویکنی ابا راشد، وهو رأس الازارقة واليه نسبتهم كان أمير قومه وفقيهم، من أهل البصرة، صحب في أول أمره عبد الله بن عباس، كان من أصحاب الثورة على الخليفة عثمان، وبعد قضية التحكيم اجتمعوا في حروراء، ونادوا بالخروج على الامام علي (عليه السلام)، قتل نافع یوم (دولاب) على مقربة من الاهواز سنة (65 ه)، وقام بعده عبيد الله بن الماحوز . ينظر: المعارف: 622، و میزان الاعتدال: 4/ 241، و لسان الميزان: 6/ 144، 145، و الاعلام: 7/ 351، 352
5- النجدات: طائفة من الخوارج يقال لهم العاذرية لانهم عذروا بالجهالات في أحكام الفروع، وهم أصحاب نجدة بن عامر الحنفي، وقد بايعته طائفة خالفت الازارقة، ثم اختلفو عليه فكفره قوم منهم اثر ما فعله ابنه في اهل القطيف، من نكح النساء السبايا قبل القسمة، وأكل الغنيمة قبل القسمة وكان نجدة قد عذر ما فعله ابنه وأصحابه بالقطيف بحجة انهم جهلوا الحكم بها، ومن آراء النجدات انه من نظر نظرة أو كذب كذبة صغيرة أو كبيرة، وأصر عليها فهو مشرك، ومن زنى وشرب وسرق غير مصر عليه فهو غير مشرك. ينظر: الملل والنحل: 1/ 122، 123، 124، و اللباب في تهذيب الانساب: 2/ 371

عامر الحنفي(1) والبيهسية(2) أصحاب أبي بهيس هيصم [...](3) بن جابر(4)(5)،

ص: 281


1- نجدة بن عامر الحروري الحنفي، من بني حنيفة من بكر بن وائل، رأس الفرقة النجدية واليه نسبتهم كان أول امره مع نافع بن الازرق، اذ خرج من اليمامة مع عسكره يريد اللحاق به فاستقبله أبو فديك وطائفة مخالفة للازارقة فاخبروه بما احدثه نافع، فبايعوه وسموه أمير المؤمنين، فخرج سنة (66 ه) أيام عبد الله بن الزبير في جماعة كبيرة فأتى البحرين فاستقر بها، ووجهه اليه مصعب بن الزبير جيوش عدة فهزمهم، وقد نقموا اصحابه امورا منها ما فعله ابنه بالطائف من اكل الغنيمة ونكح النساء السبايا قبل القسمية، ومن شرائه ابنة عمرو بن عثمان بن عفان وارسالها الى عبد الملك بن مروان فخلعوه ثم قتلوه، وقيل قتله اصحاب مصعب بن الزبير سنة (69 ه) ينظر: تاريخ الطبري: 20/5، و الملل والنحل: 1/ 122،123، و الانساب: 5/ 461، و اللباب في تهذيب الانساب: 2/ 371، و الاعلام: 8/ 10
2- البيهسية: طائفة من الخوارج ينسبون الى أبي بيهس وهو رأس هذه الفرقة، وزعموا انه لا يسلم احد حتى يقر بمعرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء به النبي (صلى الله عليه واله)،... فمن جملة ما جاء به الشرع وحكم به ما حرم الله به وجاء به الوعيد فلا يسعه الا معرفته بعينه وتفسيره والاحتراز عنه ومنه وما ينبغي ان يعرف باسمه ولا يضره الا يعرفه بتفسير حتى يبتلى به وعليه ان يقف عند ما لا يعلم ولا يأتي بشيء الا يعلم) الملل والنحلل: 1/ 125، 126. وينظر: المعارف: 622، وتهذيب التهذيب: 1/ 267
3- [في أيام عبد الله بن الزبير] زيادة في ث
4- (حابر) في أ، ح، تصحيف
5- هيصم بن جابر الضبعي من بني سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، يكنى أبا بيهس، رأس الفرقة البيهسية والية نسبتهم، كان من الازارقة، ثم كفر رأيسهم نافع الازرق، وتبعته جماعة، وكان ذلك ايام الوليد الاموي، وطلب الحجاج أبا بيهس فهرب الى المدينة فظفر به واليها عثمان بن حيان المري، فأعتقله وكان يبعث اليه ويسامره،، ثم نفذ حكم الوليد به فقطع يديه ورجليه ثم قتله سنة (94 ه). ينظر: أنساب الاشراف: 8/ 97، 98، و الملل والنحل: 1/ 125، 126، والاعلام: 8/ 105

وكان بالحجاز وقتل في زمن الوليد، والعجاردة(1) أصحاب عبد الكريم بن عجرد(2)، والأباضية(3) أصحاب عبد الله بن أباض(4) قتل في أيام مروان بن

ص: 282


1- العجاردة: طائفة من الخوارج، ينسبون الى عبد الكريم بن عجرد، خالفو الازارقة، وقيل البيهسية، ومن الآراء التي تبنوها: يجب البراءة من الاطفال الى ان يبلغوا، و يدعوا الى الاسلام ويجب دعاؤهم اليه اذا بلغوا، ومن يقتل منهم قبل ان يقر بالإسلام فهو كافر ولا يرث ولا يورث، وأطفال المشركين في النار مع آباءهم، ولا يرون المال فيئاً حتى يقتل صاحبه، وقد افترقت العجارة، فظهرت منها أصنافاً ولكل صنف مذهب منها: الصلتية والميمونة والحمزية والخلفية والاطرافية والمحمدية والشعبية والحازمية. ينظر: الملل والنحل: 1/ 128، 129، و الفصل في الملل والاهواء والنحل: 4/ 190، والانساب: 4/ 159
2- عبد الكريم بن عجرد زعيم طائفة كبيرة من الخوارج، واليه ينتسبون، وهو من أصحاب عطية بن الاسود الحنفي اليامي الذي ينسب اليه العطوية. ينظر: الفرق بين الفرق: 96،و الانساب: 4/ 159، و الوافي بالوفيات: 19/ 57، و لسان الميزان: 4/ 50
3- (الاباصية) في ث، تصحيف، والاباضية: طائفة من الخوارج، ينسبون الى عبد الله اباض، ويرون ان مخالفيهم من اهل القبلة كفار غير مشركين ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال ونيمة اموالهم من السلاح عند الحرب حلال، وما سواه حرام، وافترقت الاباضية فيما بينها أربع فرق، وهي: الحفصية، والحارثية، و اليزيدية، وأصحاب طاعة لا يراد الله بها. ينظر: الفرق بين الفرق: 103، 104، و الملل والنحل: 1/ 134
4- عبد الله بن إباض من بني مرة بن عبيد من بني تميم بن المقاعسي، وهو رأس الاباضية، واليه نسبتهم، كان معاصراً لمعاوية وعاش الى اواخر عبد الملك بن مروان، ويقال ان نسبة الاباضة الى اباض وهي قرية بالقرب من اليمامة نزل بها نجدة بن عامر، توفي عبد الله سنة (86 ه)، ينظر: المعارف: 622، و أنساب الاشراف: 12/ 351، و الاعلام: 4/ 62،61

محمد(1)، والثعالبة(2) أصحاب ثعلبة بن عامر(3)، وتفصيل خرافاتهم مذکور في كتب المقالات.

[وَقَالَ (عَليهِ السَّلام)](4): (لاَ تَقْتُلُوا(5) اَلْخَوَارِجَ بَعْدِی، فَلَیْسَ مَنْ طَلَبَ

ص: 283


1- مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، یکنی ابا عبد الملك، ويعرف بالجعدي نسبه الى مؤدبه الجعد بن درهم، وهو اخر ملوك بني اميه في الشام، ولد بالجزيرة سنة (72 ه) خاض حروباً عديدة فافتتح (قونیه)، وولاه هشام بن عبد الملك على اذربيجان، وارمينية، والجزيرة سنة (114 ه) وقد خلع ابراهيم بن الوليد بعد مقتل ابيه، فاستولى على عرش مروان سنة (127 ه) وعند حربه مع العباسيين هرب الى (بوصیر) قرية في الفيوم في مصر فقتله فيها عامر بن اسماعيل المرادي سنة (123 ه). ينظر: المعارف: 355، ووفيات الأعيان: 3/ 151، و 7/ 11، و الاعلام: 7/ 208، 209
2- الثعالبة طائفة من الخوارج اصحاب ثعلبة بن عامر، وقال البعض هم اصحاب ثعلبة بن مشکان، والاول اشهر، وكان عامر مع عبد الكريم بن عجرد، الا انه خالفه في حكم الاطفال إذ ذهب عامر انه على الاطفال ولاتهم صغارا وكبارا الى ان يتبين لهم انكارهم الحق، فلما اختلفا في ذلك كفر بن عجرد وصار اماماً، ثم تفرقت الثعالبة فمنهم من ذكر انها اصبحت ستة فرق وهي: المعبدية، والاخنسية، و الشيبانية، والرشيدية، و المكرمية، وفرقة قامت على امامة ثعلبة ولم تقل بامامة احد غيره، وزاد الصفدي المعمولية والمجهولية، وزاد عليهن الشهرستاني البدعية. ينظر: الفرق بين الفرق: 101، 102، 103، و الملل والنحل: 1/ 131،134، والوافي بالوفيات: 11/11، و نشوء الفرق و المذاهب الاسلامية، حسن الشاکری: 128 - 134
3- ثعلبة بن عامر رأس طائفة من الخوارج سمیت بالثعالبة نسبة اليه، كان مع عبد الكريم بن عجرد يداً واحدة الى أن اختلفا في أمر الاطفال فقال ثعلبة انا الى ولائهم صغاراً وكباراً الى أن نرى منهم انکار الحق والرضى بالجور فبرأ منه عبد الكريم وأصحابه فتفرقت الثعالبة سبع فرق. ينظر: الوافي بالوفيات: 11/11
4- وَقَالَ (عَليهِ السَّلام) بیاض في ث
5- (تقاتلوا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 62، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 99

اَلْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ کَمَنْ طَلَبَ اَلْبَاطِلَ فَأَدْرَکَهُ) یعنی(1) معاوية وأصحابه، لعل المراد لا تقتلوا الخوارج بعدي مادام ملك معاوية كما يظهر من التعليل، وقد كان يسبه (عليه السّلام) و يبرأ منه في الجُمع والأعياد ولم يكن انكاره للحق عن شبهة كالخوارج، ولم يظهر منهم من الفسوق ما ظهر منه، ولم يكن مجتهداً في العبادة وحفظ قواعد الشرع مثلَهُم، فكان أولى بالجَهادِ، وما ذكره بعض الشارحين في المقام لا يخلو عن ضعف.

[وَمِن كَلام لَه (عَلیهِ السَّلام)] لَمّا خوف مِنَ الغِيلَة

الغِيلة بالكسر فعلة من الاغتيال وهو القتل خدعة، أو في موضع لا يراهُ أحد(2)، روى أنه (عليه السَّلام) خُوّفَ من غيلة ابن ملجم لعنه الله مراراً، مرة لقيه الأشعث متقلدا سيفه، فقال له ما يقلدك السيف وليس بأوان حرب؟ فقال: اردت أن أنحر به جزُور القرية، فأتى الأشعث أمير المؤمنين فأخبره وخوفه وحثه على قتله، فقال (عليه السّلام): مّا قَتَلني بَعدُ. ومرة كان يخطب (عليه السّلام) فسمعوه وهو(3) يقول: وَالله لأريحنَّهُم منك، (فجاؤا)(4) به إليه (عليه السّلام) مُلبياً واخبروه بما سمعوا منه، فقال: فما قَتَلني بَعد، خلَّوا عَنهُ. (وَ إِنَّ عَلَیَّ مِنَ اَللَّهِ جُنَّةً حَصِینَةً، فَإِذَا جَاءَ یَوْمِی اِنْفَرَجَتْ عَنِّی وَ أَسْلَمَتْنِی؛ فَحِینَئِذٍ لاَ یَطِیشُ اَلسَّهْمُ، وَ لاَ یَبْرَأُ اَلْکَلْمُ) الجُنّة بالضم ما يستر به

ص: 284


1- (قال الرضي (رحمه الله) يعني) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 62، و (قال الشريف يعني) نهج البلاغة، صبحي الصالح: 99
2- ينظر: الصحاح، مادة (غيل): 5/ 1787
3- (فهو) في أ، ع
4- (فجارا) في ث، تحريف، وفي ح: (فحاؤا) في، تصحيف

من ترس وغيره، والحصين من الحصن وغيره المنيع، والمراد باليوم الأجل، وانفرجت عني أي: انكشفت وتركتني(1)، واسلمتَهُ اليه وسلمتَهُ أي: اعطيتهُ فسلمهُ، أي: تناوله، وطاش السَّهمُ أي: انحرف عن الهدف وجازه(2)، ويبرأ كيمنع في النسخ، يقال: برأ المريض يبرأ(3)، و يبرؤ كينصر برُءًا(4) بالضم، وبُروءاً، والكلم(5) بالفتح(الجَرح)(6).

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَیهِ السَّلام)]

(ألا وإنَّ(7) الدُّنیا دارٌ لایُسْلَمُ مِنْها إلاَّ فیهَا، وَلا یُنْجَی بِشَیْء کَانَ لَها) سَلِمَ من الآفةِ بالكسر إذا لم تصبه، ولما كانت السَّلاَمة والتخّلص من العِقاب، والآفات التي يتبع الذنوب إنّما تكتسب بالتوبة والأعمال الصّالِحات وصرف الأموال وجميع ذلك، إنّما يفعله الإنسان في دار التكليف فلا تكون(8) [السلامة](9) منها إلَّا فيها، وأما الشفاعة فاستحقاقها إنما يكون في الدنيا، وفي بعض النسخ إلا بها والباء للسببية المجازية وما كان لها ما قصد به الرئاء، وسائر الأغراض الدنياوية الباطلة دون وجه الله عز وجل(اُبْتُلِیَ اَلنَّاسُ بِهَا

ص: 285


1- ينظر: الصحاح، مادة (فرج): 1/ 334
2- ينظر: الصحاح، مادة (طيش): 3/ 1009
3- (نبراء) في ح
4- (برؤاً) في م
5- (الكلم) في ر
6- القاموس المحيط، مادة (كلم): 4/ 172
7- (ألا إنَّ) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 110
8- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
9- [السلامة] ساقطة من ث

فِتْنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَیْهِ، وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَیْرِهَا قَدِمُوا عَلَیْهِ، وَ أَقَامُوا فِیهِ) الابتلاء الامتحان والاختبار والفتنة بمعناه فهي بمنزلة المصدر للفعل و قیل و انتصابها على أنها مفعول له فيراد بها الأثر المترتب على الامتحان، أو تجرد الفعل عن معنى الاختبار، ويراد به کونهم في الدنيا بالقضاء الالهي وما أخذوه من الدنيا للدنيا ما فعلوه للأغراض الدنياوية وخروجهم منه عدم انتفاعهم به، وما أخذوه لغيرها ما أخلصوا فيه النية وابتغوا فيه الدار الآخرة وقدومهم عليه واقامتهم فيه وتمتعهم به أبداً وهذه الفقرة كالبيان للسابقة (فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِی اَلْعُقُولِ کَفَیْءِ اَلظِّلِّ، بَیْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّی قَلَصَ، وَ زَائِداً حَتَّی نَقَصَ) لمّا تَبيّنَ في السَّابقة أَنَّ الإقامة على غير الدنيا، ولا ينتفع بها فعل لها تفرع عليها كون الدنيا كفئ الظل، وفي بعض النسخ وأنّها بالواو وَ الفيء في الأصل الرجوع، ويقال للظل بعد الزوال فَيء لرجوعه من جانب الغرب الى الشرق(1)، قال بعض الشارحين: الاضافة إما من قبيل / ظ 73/ اضافة الشيء الى نفسه(2) كما هو شائع عند العرب، أو من اضافة الخاص الى العام فإنَّه الظل الزائد بعد الزوال وفيه أن الظل بعد الزوال لا يزال في الازدياد وهو لا يناسب المقام اللهم إلاَّ أن يحمل النقص على الانعدام کما سيأتي، ويحتمل أن يراد به المعنى الأصلي ويعبر برجوع الظل عن انتقاصه بارتفاع المضي فإن الظل يمتد(3) عند الطلوع غاية الامتداد فكأنه قطع المسافة الممتدة ورجع بالانتقاص عما قطعها فالمشبه به

ص: 286


1- ينظر: لسان العرب، مادة (فيأ): 1/ 126
2- قول متصرف به: ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 113
3- (تمتد) في أ، ع، تصحيف

رجوع الظل لا نفسه وسرعة الرجوع المستفادة مما بعده بيان لوجه التشبيه و (بينا) هي بين الظرفية اشبعت فتحتها، والسابغ التام الكامل(1)، وقلص أي: انقبض، ونقص ولما كان الظل لا ينفك عن الانتقاص لدوام حركة الشمس جعل زمان ظن السبوغ أو رؤيته ظرفاً لتغير حاله بالانتقاص وكلمة (حتى) أمّا زائدة، أو متعلقة بمحذوف، ويمكن أن يراد بالنقص ظهوره وتبينّه وادعاء أنه بين ذلك الزمان لسرعة تطرق الانتقاص الى الظل وقلة امتداد الزمان ويحتمل على بعد أن يراد بالقلص والنقص انعدامه رأساً، وقال بعض الشارحين: (تحقيق الظرفية هنا أن الظل دائر بين السبوغ والتقلص، والزيادة والنقصان)(2) وفيه ما فيه.

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَیهِ السَّلام)]

(وَاتَّقُوا(3) اللَّه عِبادَ الله، وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَلِكُم) الاتقاء وهو الحَذَر والمُبادِرة الى الشيء المُسارعة اليه والمُسابقة، والأجل الوقت المضرُوب المحدُود في المُستقبل ومنتهاه، والمُبادران أمّا كلّ واحدٍ من المُخاطبين وأجله فيمكن أن يكون الباء بمعنى (الى)، والأعمال بمنزلة قصبة الرهان، أو السبق بالتحريك كأنَّ الاجل يريد احراز العمل وأخذه بأن يحول بين المرء وبينه والمرء يريد احرازه قبل حلوله، أو للسببية فيكون القصبة والسبق الجنة والثواب كأنَّ

ص: 287


1- ينظر: لسان العرب، مادة (سبغ): 8/ 432
2- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2/ 158
3- (فتقوا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5 / 114، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 101

الأجل يحرزهما بمنع المرء من العمل، أو للتعدية تشبيهاً للأجل والعمل بفرسي الرهان أي: اجعلوا أعمالكم سابقة على آجالكم، ويحتمل أن يكون المبادر الآخر كل واحدٍ من الآخرين كقوله تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ»(1)، والآجال بمنزلة القصبة والسبق، والباء للسببية أو الملابسة، أي: اعملوا من الصالحات ما يَجعَلَكُم مُشتاقين الى آجالكم كقول سيد العابدين (عليه السَّلام): (وَأجعَل لَنا من صَالح الأعمال عملاً نستبطئ مَعهُ المصير اليكَ، ونحرص له على وَشكِ اللّحاق بِكَ)(2) (وَابْتَاعُوا مَا یَبْقَی لَکُمْ بِمَا یَزُولُ عَنْکُمْ، وَتَرَحَّلُوا فَقَدْ جُدَّبِکُمْ، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّکُمْ) الابتياع الاشتراء وما يبقى نعيم الآخرة كما أن ما يزول هي زخارف الدنيا، وترحل القوم وارتحلوا أي: انتقلوا عن مكانهم، و المراد انتقلوا في منازل القرب، أو لا يتخذوا الدنيا وطناً، والجِد بالكسر (العجلة)(3)، والاستعداد طلب العُدة بالضم وهي ما يعين على دفع الاعداء والنوازل والظفر بالمطالب، أو الاعداد، أي: أخذ العدة كأستجابَ وأجاب، وأظلكم أي: أقبل عليكم ودنا منکُم كأنَّه القى عليكم ظله (وَکُونُوا قَوْما صِیحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا، وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْیَا لَیْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا) الصيحة والصياح بالكسر الصوت بأقصى الطاقة(4)، والانتباه والتنبيه القيام من النوم والنوم هاهنا نوم الغفلة، والاستبدال طلب البدل، والمراد به الدار الآخرة (فَإِنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَخْلُقْکُمْ

ص: 288


1- ال عمران / 133
2- الصحيفة السجادية: 172
3- تاج العروس، مادة (جدد): 4/ 377
4- ينظر: تاج العروس، مادة (صيح): 4 / 130

عَبَثا، وَلَمْ یَتْرُکْکُمْ سُدیً، وَمَا بَیْنَ أَحَدِکُمْ وَبَیْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ یَنْزِلَ بِهِ) العبث بالتحريك (اللعب)(1)، أو ما لا غرض فيه، أو لاغرض صحيح فيه، وعبثاً أما حال أي: عابثاً، وأما مفعول له، أي: لم يخلقكم تلهياً بكم، قال الله سبحانه: «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ»(2)، وسدیً أي: مهملين لا تكلفون ولا تجازون، قال الله سبحانه: «أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى»(3)، وإن ينزل(4) به في موضع الرفع؛ لأنه بدل من الموت، والموت نازل أو منزول به ويستفاد مِنهُ دخول الجنة أو النار بنزول الموت، فالبرزخ إما تابع للموت وكذلك الموقف أو المراد جنة البرزخ وناره وحينئذ لا يضر الخروج الى الموقف كما لا يخفى، ويمكن أن يراد بالجنة والنار استعدادهما وإنه لا يمكن التخلص بعمل بعد الموت وكون المراد معاينتهما عند الموت، وإن كان الدخول مؤجلا لا يخلو عن بعد، وما ذكره بعض الشارحين من أنه يصلح متمسكاً لما ذهب إليه الحكماء(5) في الجنة والنار(6) فمني على انکار ما ثبت ضرورة من الدين (وَإِنَّ غَایَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ، وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ، لَجَدِیرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ / و74/ المراد بالغاية الزمان المحدود، أو المراد بنقصها تقريبها، والمراد بالنقص تأثير له ظهور في الجملة، وبالهدم ما كان أثره أبين فإنّ اللحظة

ص: 289


1- لسان العرب، مادة (عبث): 1/ 286
2- المؤمنون / 115
3- القيامة / 36
4- (تنزل) في ح
5- (الحكم) في ع، م
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 164

تنقص(1) كل غاية وأثر النقص في الساعة أنين من اللحظة، (واللحظة المرة من اللحظ)(2)، أي: النظر بمؤخر العين(3)، والمراد زمانها، والساعة الجزُء القليل من الليل والنهار(4) أو (الوقتُ الحاضُر)(5)، وقيل المراد بالساعة، وقت الموت، وفيه تأمل، والجدير والحريّ والقمين اللائق، والقِصَر كعِنَب كما في النسخ خلاف الطول كالقِصَر بالفتح وجديرة بالقصر أي: يليق بهذه الصفة والحكم بها عليها (وَإِنَّ غَائِبا یَحْدُوهُ الْجَدِیدَانِ، اللَّیْلُ وَالنَّهَارُ، لَحَرِیٌّ بِسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ) يحدوه أي يسوقه من حدو الابل وهو سوقها والغناء لها والليل والنهار بمنزلة التفسير للجديدين، والأوبة الرجعة(6) والمراد بالغائب(7) الموت(8)؛ ولعله لسبق العدم وعدم بقاء الانسان بذاته وخلقه للفناء، وسمي حلوله أوبة، وقيل: هو الانسان إذ الدنيا ليست موطناً له وهي دار غربته(9)، وإنَّما كان الغائب حقيقاً بسرعة الرجوع لسوق الجديدين لاستلزام التجدد والتعاقب دائماً عدم الانقطاع مع تجدد القوة (وَإِنَّ قَادِما یَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌّ لِأَفْضَلِ الْعُدَّةِ) قدم كعلم أي: رجع من سفره أو غيبته، والفوز النجاة والظفر بالخير، والشقوة ضد السعادة، والعُدة بالضم ما يعين

ص: 290


1- (ينقص) في أ، ر،ع، تصحيف، وفي ث: (تبقص) تصحيف
2- تاج العروس، مادة (لحظ): 10 / 490
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (لحظ): 10 / 488
4- ينظر: تاج العروس، مادة (سوع): 11/ 229
5- الصحاح، مادة (سوع): 3/ 1233
6- ينظر: لسان العرب، مادة (أوب): 1/ 219
7- (النائب) في ث، تحريف
8- (المون) في أ، ع
9- (غريبه) في ث، ع، م

على دفع المضار والظفر بالمطالب کما مر، والمراد بالقادم الذّي لا ينفك عن أحد الأمرين إما الموت فقدومه به ایراثه إياه، أو الانسان فهو ملازمته إياه ويوجد في بعض النسخ قوله (فَتَزَوَّدُوا فِی الدُّنْیَا مِنَ الدُّنْیَا مَا تَحْرُزُونَ(1) بِهِ أَنْفُسَکُمْ غَداً)(2)، وَقد مرّ في بعض الخطب وفيه بيان لأفضل العدة كما أن ما بعده تفصيل وبيان لما يحرزون به أنفسهم وعلى ما في أكثر النسخ یکون ما سيأتي بياناً لا فضل العدة (فَاتَّقَی عَبْدٌ رَبَّهُ نَصَحَ نَفْسَهُ، وَقَدَّمَ(3) تَوْبَتَهُ، وَغَلَبَ(4) شَهْوَتَهُ) الكلمات أوامر بلفظ الماضي، والنصح والنصيحة إرادة الخير للمنصوح له، قيل: لا يمكن التعبير عن هذا المعنى بلفظ آخر، وأصل النصح الخلوص، وما تقدم التوبة عليه إما الموت، أو(5) كل وقتٍ وفعل والغلبة على الشهوة العمل بحكم العقل (فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ، وَأَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ، وَالشَّیْطَانُ مُوَکَّلٌ بِهِ، یُزَیِّنُ لَهُ(6) الْمَعْصِیَةَ لِیَرْکَبَهَا، وَیُمَنِّیهِ التَّوْبَةَ لِیُسَوِّفَهَا، حَتَّی تَهْجُمَ(7) مَنِیَّتُهُ عَلَیْهِ أَغْفَلَ مَا یَکُونُ عَنْهَا) المراد بالأجل غاية العمر، أو الوقت المحدد من حيث إنه محدود، والأمل الرجاء، وخدعه کمنعه أي: ختله و أراد به المكروه من حيث لا يعلم ووكل فلان فلاناً إذا استكفاه آمرُهُ ثقة بكفایته شبه عدم منع الشيطان من الاضلال بالتوكيل فيه وركب الشيء

ص: 291


1- (فتزودوا في الدنيا ما تحرزون) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 114
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 211
3- (وقدم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 114، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 102
4- (وغلب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 114، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 102
5- (و) في أ، ع
6- (به) في أ، ع
7- (إذا هجمت) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 114، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 102

کعلم ركوباً و مركبا أي: أعلاه کارتكبه(1)، قيل(2): الركوب في الأصل مختص بالابل، ثم اتسع فيه فعم(3) كل دابة، ثم اتسع فاستعمل في غيرها(4)، والتمني تشتهي حصول الأمر المرغوب فيه وحديث النفس بما یكون وما لا يكون يقال: تمني الشيء ومناه غيره الشيء [و](5) به وذلك الشيء منية بالضم والكسر وأُمنيه بالضم، ولعل المراد بجعل التوبة لهُ كالأماني التي من شأنها أن لا ينالها الانسان غالباً، والتسويف المطل والتأخير(6) كأنه يقول سوف أفعل و الضمير المرفوع في (يسوفها) راجع إلى العبد، قال بعض الشارحين: قد روي (یسوفها) بفتح الواو، أي: يجعل الشيطان التوبة في أمنيته ليكون مسوّفاً إيّاها، أي: يعد من المُسوفين المخدوعين،(7) قال: وعلى رواية كسر الواو يجوز أن يعني لیسوف التوبة كأنّه جعلها مخاطبة يقول لها: سوف أوقعك(8) وعلى ما ذكره تكون(9) التوبة بمنزلة الغريم وايقاعه بمنزلة الحق والشائع في استعمال التسويف والمطل أن يكون المفعول بلا واسطة الغريم لا الحق يقال: سوفه ومطله بحقه، ويمكن أن يكون من قبيل الحذف و الايصال أي: يسوف نفسه

ص: 292


1- تاج العروس، مادة (رکب): 2/ 33
2- (قبل) في ع، تصحيف
3- (نعم) في ث، تحریف، وفي ع: (فيعم) في ع، تصحيف
4- تاج العروس، مادة (رکب): 2/ 34
5- [و] ساقطة من ع
6- ينظر: تاج العروس، مادة (سوف): 12 / 289، 290
7- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 114
8- ينظر: المصدر نفسه: 5/ 115
9- (يكون) في أ، ث، ح، ر،ع، م، تصحيف، وما اثبتناه مناسب للسياق

بالتوبة، أو(1) يسوف الشيطان إياه بها، أو يكون التسويف بمعنى التأخير مجازاً، و يهجم کينصر أي: يدخل أو بغير إذن، والمنية الموت وأغفل منصوب على الحالية (فَیَا لَهَا حَسْرَةً عَلَی کُلِّ ذِی غَفْلَةٍ أَنْ یَکُونَ عُمُرُهُ عَلَیْهِ حُجَّةً، وَأَنْ تُؤَدِّیَهُ أَیَّامُهُ إِلَی الشِّقْوَةِ) الضمير في لها مبهم يفسره الحسرة، وحسرة منصوب على التمييز، واللّام قيل للاستغاثة، أي: للحسرة على الغافلين ما أكثرك، وقيل بل لام الجر فتحت لدخولها على الضمير والمنادی محذوف / ظ 74/ تقديره: (يا قوم ادعوكم لها لتقصوا التعجب من هذه الحسرة) وإن في موضع النصب بحذف الجار(2) كأنَّه قيل: لماذا يقع الحسرة [عليهم](3)؟ فقال: علی کون أعمارهم حجة عليهم يوم القيامة (نَسْأَلُ اللّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ یَجْعَلَنَا وَإِیَّاکُمْ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ، وَلاَ تُقَصِّرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَایَةٌ، وَلاَ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَلاَ کَآبَةٌ) البَطَر (الطغيان عند النعمة)(4) وبطر الحق التكبر عنده(5)، وأبطره أي: جعله ذا بطر، والتقصير في الأمر: التواني فيه، وقصر عنه إذا تركه وهو يقدر عليه وتقصير الغاية به أن لا يبلغها كأنَّها جعله مقصرا لبعدها ويحل کيمد أي: ينزل، والكآبة تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن.

ص: 293


1- (و) في ع
2- (الحار) في م، تصحیف
3- [عليهم] ساقطة من ر، وفي ث: (عينهم)
4- لسان العرب، مادة (بطر): 4/ 69
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (بطر): 4/ 69

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)]

(الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ(1) لَهُ حَالٌ حَالاً، فَيَكُونَ أَوَّلاً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً، وَيَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً) تسبق في النسخ بالتاء الفوقانية والحال يذكر ويؤنث، وحال الشيء ما هو عليه وكذلك الحالة وعدم السبق المذكور إما لأنه سبحانه إنما يتصف بصفات الكمال ونعوت الجلال بذاته لا بأمر خارج عنه وليس محلاً(2) للحوادث بل ليست له صفة زائدة على ذاته بل کمال الإخلاص له نفي الصفات عنه كما تقدم في الخطبة الأولى فاتصافه سبحانه عبارة عن كون ذاته المقدسة منشأ للاعتبارات فلا يكون بعضها متقدمة على بعضٍ بل اتصافه بالجميع في الأزل وإن كانت فعلية الاضافة(3) في بعضها فيما لا يزال، وإما لأنَّه سبحانه لیس زمانياً وكذلك صفاته التي هي عين ذاته فلا يلحقها(4) التقدم والتأخر على ما قيل، والأول في أسمائه سبحانه أما بمعنی ما ليس قبله شيء، والآخر ما ليس بعده شيء کما روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)(5) في تفسير قوله تعالى: «هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ»(6) و يناسب هذا المعنى قول سيد الساجدين (عليه السلام) (الحَمدُ للهِ الأوّلُ بِلا أوّل كان

ص: 294


1- (يسبق) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 120
2- (محل) في أ، ع
3- (الاصافة) في ر، تصحيف
4- (تلحقها) في أ، ع، تصحيف
5- تفسير الكبير، الرازي: 29/ 209
6- الحديد / 3

قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده)(1)، و [الأول](2) الذي يبتدأ منه الأسباب، والآخر الذي ينتهي إليه المسببات، أو الأول خارجاً والآخر ذهناً على ما قيل، وفيه وهن، أو الأول المتقدم بالوجود والآخر الباقي بلا تغير بعد طریان الهلاك على الأشياء وإن بقيت بعد الاعادة ويناسبه قول سید الساجدين (عليه السّلام) في بعض الأدعية (الحمدُ لله الأوّلُ قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء)(3)، و(تدل)(4) بعض الروايات على أن عدم التغير مأخوذ في معنى الآخر، والظاهر الغالب على كل شيء، والباطن العالم بواطنها، أو الظاهر ما ظهر وجوده بالبراهين والآيات، والباطن ما احتجب کنهه عن الافهام أو ما لا يُدرك بالحواس الظاهرة بل بالعقل (كُلُّ مُسَمًّى بِالْوَحْدَةِ غَيْرُهُ قَلِيلٌ، وَكُلُّ عَزِيزٍ غَيْرُهُ ذَلِيلٌ) الوحدة يستعمل في حقه تعالى بأحد معنيين أحدهما: ما يستفاد منه في الشريك والشبيه، وثانيهما: مَا يَدّل على نفي الترّکُب ذهناً(5) وخارجاً و [في](6) الواحِد في حقّ غيره سبحانه يمكن أن يستعمل بمعنی مبدأ الكثرة وماله ثانٍ من نوعه أو جنسه، وبمعنى المتفرد في أمر من الأمور، والمتخلّى(7) في المكان ومن لم یکن له خدم(8) وأعوان وجليس ونحو ذلك، والمراد بالمسمى بالوَحدة ما يطلق عليه لفظ الواحد ولو

ص: 295


1- الصحيفة السجادية: 28
2- [الاول] ساقطه من أ، ع
3- الصحيفة السجادية: 556
4- (یدل) في أنث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما أثبتناه
5- (دهناً) في ر، تصحيف
6- [في] ساقطه من أ، ث، ع
7- (المتجلى) في ع
8- (حدم) في ث، تصحيف

بالاشتراك(1) فيمكن أن يكون المراد بالقليل ما يقابل الكثير، والمعنى إن اتصاف غیره تعالى بالوحدة لا ينفك عن الوصف بالقلة بخلاف ذاته المقدسة إذ لا يوصف بذلك المعنى المستلزم للقلة، وليس من شأنه الاتصاف بالقلة والكثرة، بل هو واحد بمعنى آخر، والتعبير بالمسمى بالوحدة دون الواحد للإشعار بأنَّ اطلاق اللفظ ليس بمعنى واحد، بل بحسب اشتراك الاسم وغيره(2) في أكثر النسخ منصوب في المواضع؛ لأنَّه معرب بإعراب مايلي ألا في الاستثناء على المشهور، وقيل انتصابه بالحالية أو الظرفية وفي بعضها [مرفوع](3) لأنَّه صفة لكل وفيه ضعف؛ لأنَّ الشائع وصف ما أضيف إليه كل دونه لأنَّه إنما يزاد(4) لإفادة العموم فعلى الوجه الذي ذكر يكون الاستثناء متصلاً أو الوصف للتخصيص(5) على النسختين أو منقطعا أن أريد بالمسمى بالوحدة مبدأ الكثرة أو الوصف للتوضيح وهذا / و75/ مبني على ان مبدأ الكثرة يجب أن يكون من جنس الباقي، أو نوعه كما قيل، ويمكن أن يراد بالقلة الحقارة فإنها کیا تستعمل(6) في [ما](7) يقابل(8) الكثرة تستعمل(9) في دقة الجثة ونحوها وحينئذ يمكن أن يراد بالوحدة ما یعم الانفراد ونفي

ص: 296


1- (باشتراك) في ر
2- (غير) في أ، ث، ح
3- [مرفوع] ساقطه من ر، م
4- (نراد) في ث، وفي ح، ر: (تزاد) تصحيف
5- (للتحصيص) في أ، وفي ث: (للتحضيص) تصحيف
6- (يستعمل) في أ، ث، ح، ر، ع، م
7- [ما] ساقطه من أ، ح، ع
8- (مقابل) في ع
9- (يستعمل) في أ، ث، ح، ر، ع، م

المماثل والمشارك في الوجود، أو الأخص والاستثناء والوصف على نحو ما تقدم والمعنى: أن انفراد غيره لا ينفك عن الحقارة بخلاف انفراده سبحانه كما كان قبل الايجاد؛ لتمام قدرته وعدم تطرق النقص إليه، ويحتمل أن يكون التعبير بالمسمى إشعاراً بأنَّ غيره لا يوصف بالوحدة الحقيقة بل بقلة الأجزاء والوحدة الاعتبارية، والله سبحانه يوصف بها على الحقيقة كما هو المناسب الرواية فتح بن یزید الجرجاني عن أبي الحسن (عليه السلام)(1) أو بقلة الأمثال والمشارك في الجنس والصفة كما هو مناسب لاحد معنيي الواحد في حقه سبحانه ولعل الوجهين أنسب بذلة كل عزيز غيره وعلى هذا فترك التعبير بالمسمى في القرائن من قبيل الاكتفاء في الاشعار، والتحرز عن التكرار، و العزة [القوة](2) والشدة والغلبة(3)، ويقال: عز فلاناً إذا صار عزیزاً بعد ذلة(4)، وبعض الوجوه في هذه القرينة وما بعدها يعلم ممّا سبق، (وَكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرُهُ ضَعِيفٌ، وَكُلُّ مَالِكٍ غَيْرُهُ مَمْلُوكٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ غَيْرُهُ مُتَعَلِّمٌ، وَكُلُّ قَادِرٍ غَيْرُهُ يَقْدِرُ، وَيَعْجَزُ) مُلكهُ أي: احتواهُ قادر على الاستبداد به وضعف كل قوی و مملوكية كل مالك غيره سبحانه لكونه مقهوراً ومملوكاً له أن لم يكن لغيره، والغرض أن (الموصوفين)(5) بهذه الصفات غيره إنَّما يوصفون بها بالإضافة وفي بعض الأوقات (وَكُلُّ سَمِيعٍ غَيْرُهُ يَصَمُّ عَنْ لَطِيفِ الْأَصْوَاتِ؛ وَيُصِمُّهُ

ص: 297


1- ينظر: التوحيد، الصدوق: 56، 57
2- [القوة] ساقطه من ر، م
3- ينظر: الصحاح، مادة (عزز): 3/ 886
4- ينظر: المصدر نفسه: (عزز): 3/ 885
5- (الموصوفون) في ح

كَبِيرُهَا، وَيَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا) صم فلان كعض(1) [يصمّ بفتحها](2) أي أنسد أذنه أو ثقل، والمراد بالصّمم عن لطيف الأصوات والعجز عن سماعة، واللطيف الصغير والدقيق(3) أي الخفي والوصف بالصغر والكبر تجوز، [ويصمه أي يجعله ذا(4) صمم، وذهابَ البعيدِ عدم سماعه لطيفاً كان أو كبيراً أو الغرض نفي العموم](5) وبيان التوقف على الشرط في حق غيره سبحانه(6) (وَكُلُّ بَصِيرٍ غَيْرُهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الْأَلْوَانِ وَلَطِيفِ الْأَجْسَامِ) عمی عنه کرضي أي خفي عليه ولم يدركه، ولطيف الأجسام ما صغر منها جداً كالذرة و نحوها أو ما لا لون له کالهواء على ما قيل (وَكُلُّ ظَاهِرٍ غَيْرُهُ غَير بَاطِنٌ، وَكُلُّ بَاطِنٍ غَيْرُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ) هكذا في جميع النسخ التي رأيناها وفيها ثلاثة معروضة على الأصل، وهكذا في نسخة الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(7)، ولعل الظاهر أنه لما كان صدق الظاهر والباطن عليه سبحانه باعتبارین مختلفين وليسا بمتضادين، أو في قوة النقيضين بخلاف غيره اجتمع الوصفان فيه دون غيره وظهوره سبحانه اما غلبته على جميع الأشياء وبطونه علمه(8) ببواطنها كانه دخل فيها، أو ظهوره سطوع براهینه و آیات وجوده في كل شيء

ص: 298


1- [كعض] ساقطه من ح
2- [يصم بفتحها] ساقطه من أ، ث، ر
3- ينظر: الصحاح: (لطف): 4/ 1426
4- (اذا) في ح
5- [ويصمه أي يجعله ذا (8) صمم، وذهابَ البعيدِ عدم سماعه لطيفاً كان أو كبيراً أو الغرض نفي العموم] ساقطة من ث
6- [سبحانه] ساقطه من ر
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 120
8- (عليه) في ح

وبطونه خفاء حقيقته عن الافهام أو احتجابه عن الحَواسِ، ويستفاد المعنيان من الروايات وكلمات الائمة (عليهم السلام) ولا ريب في أنَّهما لا يصدقان على غيره، وأما في حق غيره، فإنما يطلقان على معنيين متقابلين كظهور الوجود بوجه وخفائه، أو البروز على سطوح الأجسام والكون في داخلها ولا يطلق باعتبارين مختلفين فلا جرم لا يجتمعان في غيره، ولا يضرّ في هذا المقام جواز اطلاقهما على غيره أيضاً باعتبارین تعبير هما أحد كما توهم بعض الشارحين(1) وذكر رواية أخرى بدون لفظ غير في الموضعين واستشكل في النسخة المشهورة (لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَهُ لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ، وَلا تَخَوُّفٍ مِنْ عَوَاقِبِ زَمَانٍ، وَلا اسْتِعَانَةٍ عَلَى نِدٍّ مُثَاوِرٍ(2)، وَلا شَرِيكٍ مُكَاثِرٍ، وَلا ضِدٍّ مُنَافِرٍ، وَلَكِنْ خَلائِقُ مَرْبُوبُونَ، وَعِبَادٌ دَاخِرُونَ) السلطان قدرة الملك ويكون بمعنى الحجة والبُرهان، وتشديده تقويته، والتخوُف الخوف وعاقبة كل شيء آخرهُ وعواقب [الامور](3) ما يحدث فيها(4) بعد أمر، (والنِد بالكسر: المثل والنظير)(5)، والمناورة (المواثبة)(6) من الثورة (وهي الهيج)(7) و المكاثر الذّي يريد الغلبة بالكثرة، / ظ 75/ يقال: كاثروهم فكثروهم أي: غالبوهم فَغلبوهم، والضِد بالكسر المخالف والمثل هو من الاضداد(8)، وضاده أي: خالفه، والمنافرة:

ص: 299


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 175
2- (مساور) في أ، ع، وفي م (مشاور)
3- [الامور] ساقطة من ث، ح
4- (منها) في أ، ث، ر، ع، م، تحریف
5- الصحاح، مادة (ندد): 1/ 540
6- لسان العرب، مادة (ثور): 4/ 108
7- المصدر نفسه، مادة (ثور): 4/ 108
8- المصدر نفسه، مادة (ضدد): 3/ 263

المفاخرة ثم تحکیم واحدٍ ليقضي بينك وبين الخصم(1)، والرب يطلق على المالك والسيد والمدبر والمربي والمتمم والمنعم ولا يطلق في حق غيره تعالى إلاَّ مضافاً، ((والداخر: الذّليل المُهان))(2)، وعدم تعليل الخلق(3) بالأمور لاستلزامها النقص. (لَمْ يَحْلُلْ فِي الْأَشْياءِ فَيُقالَ: هُوَ فِيها كائِنٌ، وَ لَمْ يَنْأَ عَنْها فَيُقالَ: هُوَ مِنْها بائِنٌ) يمكن أن يكون المنفي هو الكون في المكان كما هو الشائع لغة في استعمال الحلول، أو ما اصطلح عليه المتكلمون(4) من الاختصاص الناعت أو التبعية في التحيز(5) والكون في الأشياء على الأول يستلزم الجسمية والاحتياج الى مكان، وعلى الثاني نوعاً من الاحاطة والغلبة مع التحيز(6) أو بدونه، ونأى عنه أي: (بعد)(7)، والنائن المفارق(8)، والمراد إما نفي البعد(9) المكاني الذي يسبق إليه الوهم من نفي الحلول أو نفي البعد بمعنى عدم الاطلاع بالعلم والاحاطة بالقدرة والتدبير والرحمة. (لَمْ یَؤُدْهُ خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ، وَ لاَ تَدْبِیرُ مَا ذَرَأَ، وَ لاَ وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ وَ لاَ وَلَجَتْ عَلَیْهِ شُبْهَةٌ فِیمَا قَضَی وَ قَدَّرَ، بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ، وَ عِلْمٌ مُحْکَمٌ، وَ أَمْرٌ مُبْرَمٌ) آدَهُ الأَمرُ

ص: 300


1- لسان العرب، مادة (نفر): 5/ 226
2- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2/ 107، وينظر: لسان العرب، مادة (دخر): 4/ 279
3- (الحق) في ر، م، تحریف
4- ينظر: شرح المقاصد في علم الكلام، التفتازاني (ت 792 ه): 2/ 69، وشرح المواقف، القاضي الجرجاني (ت 816 ه): 8/ 23
5- (التحیر) في ر، تصحيف
6- (التحير) في ر، تصحيف
7- لسان العرب، مادة (نأي): 15/ 300
8- (بعد) في أ، ع
9- ينظر: لسان العرب، مادة (نأي): 15 / 300

يُؤدُهُ أوداً و أوُوُداً، أي: (بلغ منه المجهود)(1)، وآدهُ الحمل أي: أثقله(2)، وذرأ أي: (خلق)(3) ووقوف العجز به لحوقه إياه، وولجت أي: دخلت(4)، والشُّبهة بالضمة الباطل المشابه للحق کما تقدم، وقضى أي: حکم، وقيل: أصل القضاء (القطع والفصل)(5)، وقيل: يستعمل في معانٍ مرجعها إلى (انقطاع الشيء وتمامهُ)(6)، وقدر أي: قضى، وقيل: القضاء والقدر أمران متلازمان أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء، والمتقن المُحكم وكذلك المبرم من أبرم الحبل أي: جعله طاقين ثم فتله(7)، ويظهر من الاخبار أن القضاء والقدر وغيرهما خصال تكون في خلق الأشياء وتفصيلها عند أهل العلم (الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ) المأمُول المَرجُّوِ وهو مرفوع على الخبرية لمبتدأ محذوف، والنِقَم کعِنَب جمع نِقمة بالكسر وكفرحة وهي المكافأة بالعقوبة أو الكراهة البالغة حد السّخط، والرهبة الخَوف والفزع، والنِعمة بالكسر المسرة والترفه وعدم انقطاع الرجاء عنه سبحانه في كل حال واضح واليأس من روح الله من أعظم الكبائر، وكذلك الأمن من مكر الله لاحتمال الاستدراج في النعم كما قال سُبحَانهُ: «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ»(8).

ص: 301


1- تاج العروس، مادة (أود): 4/ 338
2- ينظر: المصدر نفسه، (أود): 4/ 339
3- تاج العروس، (ذرأ): 1/ 156
4- ينظر: الصحاح، مادة (ولج): 1/ 347
5- لسان العرب، مادة (قضی): 15 / 186
6- المصدر نفسه، مادة (قضی): 15 / 186
7- (قتله) في ث، ح، ر، تصحيف
8- الأعراف / 182

[ومن كلام له (عليه السلام)] كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين

قال بعض الشارحين هذا الكلام خطب به أمير المؤمنين (عليه السلام) في اليوم الذي كان(1) عشية ليلة الهریر(2) في كثير من الروايات، وفي رواية نصر بن مزاحم(3) إنه خطب به أول أيام الحرب بصفين وذلك في صفر من سنة سبع وثلاثين(4) (مَعاشِرَ الْمُسْلِمِینَ؛ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْیَةَ وَتَجَلْبَبُوا السَّکِینَةَ) المعشر الجماعة واستشعار الخشية أن يجعلوا الخوف من الله عز وجل ملازماً لهم كالشِعار بالكسر وهو ما تحت الدثار من اللباس تلي شعر الجسد، وفائدة هذا الأمر الصبر على الحرب، وترك الفرار من الزحف وامتثال سائر الأوامر، ويحتمل أن يراد به إخفاء الخوف عن العدو إذا لم يمكن(5) سلبه عن النفس والأول أظهر والاستشعار يناسب الأول أيضاً؛ لكون الخشية من خفايا الأمور، والجِلباب بالكسر قيل هو القميص، وقيل ثوب واسع للمرأة

ص: 302


1- (كانت) في أ، ث، ح، ر، والصواب ما اثبتناه
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 178
3- بن مزاحم المنقري التميمي، يکنی (ابا الفضل)، وهو كوفي مستقيم الطريقة، صالح الامر، ادیب اخباري کان عطارا بالكوفة وولاه ابو السرايا سوقها، ثم سكن بغداد، من كتبه: مقتل الحسين (عليه السلام)، والمناقب، والجمل، ووقعة صفين، والغارات، ينظر: الفهرست، الطوسي: 254، 255، ومعجم رجال الحدیث، الخوئي 20/ 157، ومعجم المؤلفين: 92/13
4- حكاه ابن أبي الحديد عن نصر بن مزاحم، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد
5- (یکن) في ر

دون الملحفة، وقيل الملحفة(1)، وقيل هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها، وقيل الخمار، وقيل الازار، والرداء و تجلبب أي: اتخذه، والسكينة: (الوقار والتأني في الحركة والسير)(2)، والمراد شدة ملازمة الوقار والتأني فإنَّ الطيش والاضطراب يستلزمان الفشل وطمع العدو (وَعَضُّوا عَلَی النَّواجِذِ، فَإِنَّهُ أَنْبَی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ) عضضته وعضضت عليه کسمعت ومنعت مسكته بأسناني والنواجذ أقاصي الأضراس وهي أربعة بعد الأرحاء ويسمى الناجذ ضرس الحلم؛ لأنه ينبت(3) بعد [...](4) کمال العقل، وقيل هي(5) الضواحك أي التي تبدو عند الضحك، وقيل الانياب وقيل التي تليها وقيل الاضراس كلها ونبا السيف عن الضربية إذا لم يعمل فيها، والهام جمع هامة وهي رأس كل شيء والأمر أما محمولٍ على الحقيقة، لأن هذا العض تصلب الاعصَاب و76/ والعضلات وتدفع الاسترخاء فيكون تأثير السيف في الرأس أقل کما ذكره بعض الشارحين(6)، أو كناية عن شدة الاهتمام بأمر الحرب أو الصبر وتسكين القلب وترك الاضطراب فإنَّه أشد إبعاد السيف العدو عن الرأس، وأقرب الى النصر کما ذكره بعضهم(7)، والأول

ص: 303


1- [الملحفة] ساقطة من ر
2- النهاية في غريب الحدیث والاثر: 2/ 385، وينظر: تاج العروس، مادة (سکن): 18/ 291
3- (نبت) في ث، ر
4- [الكلام] زيادة في أ، ع
5- (هو) في أ
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 133
7- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1/ 290

أقرب لفظاً ومعنى إلاَّ أنَّ العلة لا تخلو(1) عن خفاء (وَأَکْمِلُوا اللَّأْمَةَ، وَقَلْقِلُوا السُّیُوفَ فِی أَغْمادِها قَبْلَ سَلِّها) الَأمَة بفتح اللام والهمزة الساكنة (الدرع)(2) ويجمع على لأَم ولُؤَمٍ کصُرد(3) [وكدر](4) على غير قياس كأنَّه جمع لُؤمَةٍ(5)، وقيل اللامة جميع الآت الحرب والسلاح، وما ذكره بعض الشارحين من أن الَّلأمة بالهمزة الممدودة [مع](6) تضعيف الميم جميع(7) آلات الحرب(8) فلم نجده في كتب اللغة واکمال اللامة على الأول أن يزاد عليها البيضة والسواعد ونحوهما، أو اتخاذها كاملة شاملة للجسد، والقلقلة التحريك(9)، والغِمد بالكسر جفن السيف(10)، وسل السيف إخراجه من الغمد، وقيل(11): سلها أي: قبل وقت الحاجة إلى سلها، وفائدة القلقلة التحرز من عدم خروجها أو صعوبة حالة الحاجة لصداء وغيره مما يعرض لها طول المكث في الجفن أو لعارض، (وَالْحَظُوا الْخَزْرَ، وَاطْعُنُوا الشَّزْرَ(12)) اللحظ النظر بمؤخر العين

ص: 304


1- (يخلو) في أ، ث
2- المخصص، مادة (لام): 2/ 70
3- (كقصاء) في ث
4- [وكدر] ساقطة من ح، ر
5- ينظر: الصحاح، مادة (لام): 5/ 2026، والمخصص: 2/ 70
6- [مع] ساقطة من ر، م
7- (جمع) في ر
8- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 133
9- ينظر: لسان العرب، مادة (قلل): 11/ 567
10- المصدر نفسه، مادة (غمد): 3/ 326
11- (قبل) في ث، م، تصحيف
12- (الشرز) في ث، ح

والخزر (بسكون الزاي: النظر بلحظ العين) ذكره في القاموس(1)، وقال بعض الشارحين: الذي أعرفه الخَزَرَ(2) بالتحريك فإن كان قد جاء مسكناً وإلاَّ فتسکینه جاز للسجعة(3)، والمشهور في الخزر بالتحريك الذي ذكره ضيق العين وصغرها أو أن يكون الإنسان خلقه كأنَّه ينظر بمؤخر العين(4) وطعنه کمنعه ونصره بالرمح ذكره بالقاموس(5) والعين مفتوحة في أكثر النسخ، وقال بعض الشارحين: العين مضمومة، يقال: طعنت بالرمح أطعُن، بالضم، وطعنت في نسبه أطعَن بالفتح(6)، وهو اقتصار على ما في الصحاح(7)، والشَزرُ بالفتح الطَعن عن اليمين والشمال(8)، وقال بعض الشارحين: أكثر ما يستعمل في الطعن عن اليمين خاصة(9)، وقال ابن الاثير في النهاية في حديث عليّ (عليه السّلام) (الخطو الشزر، واطعنوا اليسر) والشزر النظر بمؤخر العين وهو نظر الغضبان(10)، واليسر بالفتح (الطعن حذاء الوجه)(11)، والجزر والشزر صفتان لمصدرين محذوفين أي ألحظوا لحظاً خزر أو اطعنوا

ص: 305


1- القاموس المحيط، مادة (خزر): 2/ 19
2- (الخرز) في ث، ح، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 133
4- ينظر القاموس المحیط، مادة (خزر): 2/ 19
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شزر): 4/ 244
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 133
7- ينظر: الصحاح / مادة (طعن): 6/ 2157
8- ينظر: المصدر نفسه: 2/ 697
9- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 133
10- قول متصرف به، ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/ 470
11- النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/ 296، و لسان العرب، مادة (يسر): 5/ 295

طعنًا شزراً واللام للعهد وفائدة الأمر الأول واضحة فإن النظر بمؤخر العين بهيج الحمية والغضب ويدفع طمع العدو ويغفلة عن التعرض، وبملاء العين يورث الجبن وعلامة له عند العدو ويصير سبباً لتحرزه وأخذ أُهبته والتوجه الى القرن، وأمّا الأمر الثاني، فقيل: إنَّه يوسع لمجال على الطاعن وأكثر المناوشة للخصم في الحرب تكون عن يمينه وشماله ويمكن أن تكون(1) الفائدة أن احتراز العدو عن الطعن حذاء الوجه أسهل، والغفلة عنه أقل هذا على ما في الأصل، وما في النهاية(2) يخالفه(3) (وَنافِحُوا بِالظُّبَی وَصِلُوا السُّیُوفَ بِالْخُطا) المنافحة المضاربة والمدافعة(4)، والظُبي بالضم جمع ظُبةٍ بالضم أيضاً وهي طرف السيف وحده ويطلق على حد السيف والسنان وأصل الكلمة ظبوبوزن صُرد حذفت الواو [وعوضت](5) عنها الهاء(6)، [و](7) قيل(8) المعنى: قاتلوا بالسيوف وأصله أن يقرب أحد المتقاتلين الى الآخر بحيث يصل نفح كل منهما الى صاحبه أي ريحه نفسهُ، وقيل: أي ضاربوا بأطراف السيوف، وفائدته أن مخالطة العدو والقرب الكثير منه يشغل عن التمكن من حربه، وأيضاً لا يؤثر الضرب كما ينبغي مع القرب المفرط، و وصل الشيء بالشيء جعله متصلاً به، والخطی جمع خطوة بالضم فيهما

ص: 306


1- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والأنسب ما أثبتناه
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/ 296
3- (مخالف) في ع
4- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (نفح): 5/ 458
5- [وعوضت] ساقطة من ث
6- ينظر: لسان العرب، مادة (ظبا): 15 / 22
7- [و] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
8- (قبل) في ث، تصحيف

وهي ما بين القدمين، والمعنى: إذا قصرت السيوف عن الضربة فتقدموا تلحقوا ولا تصبروا حتى يلحقكم(1) العدو وهذا التقدم يورث القاء الرُّعب في قلب العدو، وروى أنَّه قيل له (عليه السّلام) في بعض الغزوات: ما أقصر سيفك؟ فقال: أطوله بخطوة(2)، وقد أخذ هذا المعنى الكثير من الشعراء، وفي رواية ابن الاثير (صلوا السيوف بالخطى، والرماح بالنبل)(3) أي إذا لم تلحقهم الرماح فارموهم بالسهام (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللَّهِ، وَمَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلّى اللَّه عَلَيه وَآلِه)(4) فَعَاوِدُوا الْكَرَّ، وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ؛ فَإِنَّهُ عَارٌ فِي الْأَعْقَابِ، وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ) المراد بكونهم بعين الله أنه سبحانه يراهم ويعلم أعمالهم و الباء مثلها في قولك أنت بمرأى مني ومسمع، أي: بحيث أراك وأسمع كلامك فيكون تمهيداً للنهي عن الفرار، وإنه سبحانه يحفظهم ويرعاهم وينصرهم على العدو لكونهم على الحق کما يناسب كونهم مع ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أمر الله بموالاته ونصره ومعاداة أعدائه، والكَرُّ (الرجوعُ)(5) والحملة ومعاودة الكر عند التحرّف للقتال أو التحيز الى فئة أو عند الفرار للجبن / ظ 76/ واغواء الشيطان لو كان، أو المراد لا تقتصروا(6) على حملة لليأس عن حصول الغرض بل عاودوا واحملوا كرة بعد اخرى، والعار (العيب)(7) و أكثر ما يستعمل في العيوب التي

ص: 307


1- (تلحقكم) في أ
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 180
3- النهاية في غريب الحديث والاثر: 193/5
4- (صلى الله عليه واله وسلم) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 132
5- الصحاح، مادة (كرر): 2/ 805
6- (لا يقتصروا) في أ، ث، ر
7- الصحاح، مادة (عور): 2/ 761

يعبر بها، والأعَقاب جمع عُقُب بالضم وبضمتين أي العاقبة(1)، والمعنى: أنَّ الفرار عار في عاقبة أمركم، وما يتحدث به النّاسِ في مستقبل الزمان على ما قاله الشارحان(2) أو جمع عقب ککَتِف أو عقَب(3) بالفتح أي الولد وولد الولد والمعنى أن الفرار مما يعيّر به أولادكم من بعدكم وحمل النار للمبالغة في ايجاب الفرار دخول النار قال الله تعالى: «وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»(4) (وَطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً وَامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً) طاب نفسي بالشيء، وطبت به نفساً و فعلته بطيبة نفسي إذا لم يكرهك عليه أحد، والتعدية بعن لتضمين معنى التجافي والتجاوز، ونفساً منصوب على التمييز وافراده مع عدم اللبس أولى، كما قال سبحانه: «فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا»(5) وليس بمتعین کما ذكره بعض الشارحين(6)، بل يجوز المطابقة صرح به الشيخ الرّضي وغيره، ولعل المعنى وطنوا أنفسكم على بذلها في سبيل الله وارضوا به وهونوا القتل على أنفسكم لإيراثه الحياة الباقية والسرور الدائم والسُجُح بضمتين بتقديم الجيم على الحاء المهملة (السهل)(7). (وَعَلَيْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ، وَالرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ) عليك به أي: الزمه و أسماء

ص: 308


1- المصدر نفسه، مادة (عقب): 1/ 184
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 136، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 181
3- (عقیب) في أ
4- الأنفال / 16
5- النساء / 4
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 137
7- القاموس المحيط، مادة (سجح): 1/ 227

الأفعال وإن كان حكمها في التعدي واللزوم حكم أفعالها(1)، إلا أن الباء تزاد في مفعولها كثيراً لضعفها في العمل فيعمد(2) الى حرف عادته ايصال اللازم الى المفعُول، وسواد الناس عامتهم والمشار إليه معظم القوم المجتمعين على معاوية، والرواق ککتاب الفسطاط والقبة، وقيل: (هو ما بين يدي البيت)(3)، وقيل: رواق البيت سماوية وهي الشقة التي تكون(4) دون العليا(5)، والمطنب المشدود بالإطناب، والمراد مضرب معاوية وكان في قّبة عالية وحوله صناديد أهل الشام (فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فِي كِسْرِهِ، وَقَدْ(6) قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَداً، وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلاً) ثبج الشيء بالتحريك [وتقديم المثلثة](7) (وسطه ومعظمه)(8)، وكَمِنَ كنَصِرَ وسَمِعَ أي: (استخفی)(9)، ومنه الكَمين للقوم یکمنون في الحرب وكسر الخِباء بالكسر الشقة السفلى يرفع أحياناً ويرخي أُخرى، والوثبة الطفرة(10)، ونَکَصَ كنصر وضرب أي: (رجع)(11)، والشيطان هو إبليس لا معاوية كما ذكره

ص: 309


1- (فتعمد) في ح
2- ينظر: النحو الوافي: 4/ 149
3- لسان العرب، مادة (روق): 10/ 113
4- (يكون) في ر، م
5- ينظر: لسان العرب، مادة (روق): 10/ 113
6- (وقد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 5/ 132، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 105
7- [وتقديم المثلثة] ساقطة من ر، م
8- لسان العرب، مادة (ثبج): 2/ 220
9- المصدر نفسه، مادة (كمن): 3/ 359
10- ينظر: تاج العروس، مادة (وثب): 2/ 461
11- الصحاح، مادة (نص): 3/ 1060

بعضهم(1) فإنَّه بارز في الصدر لا کامن في الكسر، وتقديم اليد للوثبة، وتأخير الرجل للنكوص لا ينافي في إرادة إبليس فإنَّهُ من المرافقين لمعاوية وأصحابه يثب بوثوبهم ويرجع برجوعهم ويمكن أن يراد بوثبته(2) طمعه(3) في غلبة أصحاب معاوية (وتحريضهم)(4) على القتال وبالنكوص(5) ما يقابله ويحتمل أن يراد بالشيطان عمر بن العاص کما قيل(6) إلا أن الأول أظهر وحمله على القوة الوهمية على ما في كلام بعض الشارحين(7) من الأوهام الفاسدة (فَصَمْداً صَمْداً! حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ، وَاللَّهُ مَعَكُمْ، وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) الصَمدَ بالفتح القصد ومنه الصَمَدُ بالتحريك لمن يُصمَدُ(8) في الحوائج(9) وناصب المصدر محذوف، والتأكيد للتحريص(10) على [ما](11) قصد العدو والصبر على الجهاد أو التقرب إلى الله وإخلاص النية في الأعمال التي من جملتها الجهاد و انجلى الشيء وتجلى أي: انكشف وظهر، وعمود

ص: 310


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1/ 292، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 182
2- (يوثبته) في ث، تصحيف
3- (طعمه) في أ، ع، تحریف
4- (وتحريصهم) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف
5- (للنكوض) في ر، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 182
7- ينظر: المصدر نفسه: 2/ 182
8- (يضمد) في ر
9- ينظر: الصحاح، مادة (صمد): 1/ 496
10- (للتحريص) في أ، ح، ر، تصحيف
11- [ما] ساقطة من أ، ث، ع، م

الحقّ تشبيه له بالصبح الساطع أي: الفجر الأول وهو يشبه(1) عمود البيت والفسطاط ولعل فيه اشعاراً بعدم الظهور لأكثر القوم کما ينبغي والواو للحال وأنتم الأعلون أي: الغالبون على الأعداء بالظفر أو بأنَّكم على الحق والله معكم أي بالنصر و الخياطة أو لأنكم أنصاره ولن يتركم أي لا ينقصكم الله جزاء أعمالكم بل يوفيكم أجورکم وقيل: لا يضيع أعمالكم من وَترتُ الرَّجُل إِذَا قتلت له حميماً أو(2) قريباً فافردته عنه و جعلته وتراً، وقيل: أصل الوتر القطع، ومنه الوتر المنقطع عنه غيره بانفراده عنه، ولعل حاصل المعنى أقصدوا ربكم بأعمالكم التي منها جهاد أعدائكم وأخلصوا / و 77/ نياتكم حتى ينجلي(3) لكم أنكم على الحق کما قال الله عز وجل: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ»(4) والجملة الحالية تفيد أنهم على الحق ومن أنصار الله وحزبه، أو اقصدوا أعداءكم بتصميم العزم حتى يظهر آية النصر وينجز الله لكم ما وعد من الظفر ووعده الحق، ويمكن أن يراد بالحق الطريقة المستقيمة وأن يكون الظفر سباً لظهوره للقوم.

ص: 311


1- (تشبيه) في أ، ع. (من) ساقطة من ح
2- (و) في ح
3- (تنجلي) فيع، تصحيف
4- العنكبوت / 69

[ومن كلام الله عليه السلام)] في معنى الأنصار

أي: في المقصد المتعلق بهم وفي أمرهم(1) قالوا لما انتهت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنباء(2) السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال (عليه السلام): ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير، قال (عليه السّلام): (فَهَلاَّ اِحْتَجَجْتُمْ عَلَیْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صلی الله علیه وآله)(3) وَصَّی بِأَنْ یُحْسَنَ إِلَی مُحْسِنِهِمْ وَ یُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِیئِهِمْ! قَالُوا: وَ مَا فِی هَذَا مِنَ اَلْحُجَّهِ عَلَیْهِمْ؟ فَقَالَ(4) (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لَوْ کَانَتِ اَلْإِمَامَةُ(5) فِیهِمْ لَمْ تَکُنِ اَلْوَصِیَّهُ بِهِمْ) انتَهت إِليهِ أي: بلغته، والسقيفة صفة لها سقف فعيلة(6) بمعنى مفعولة، وسقيفة بني ساعدة صفة كانوا يجتمعون فيها وأنباء(7) السقيفة ما جرى بين القوم يوم البيعة، ووصى وأوصى بمعنی والوصية في أمر الأنصار رواها من الجمهور مسلم(8) والبخاري(9)

ص: 312


1- (في المقصد المتعلق بهم وفي أمرهم) ساقطه من شرح ابن ابي الحديد 3/6
2- (ابناء) في أ، ث، تصحیف
3- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6/ 3
4- (فقال) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 3/6، في شرح نهج البلاغة، لصبحي الصالح: 106
5- (الامامة) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 3/6، في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 106
6- (فعليه) في ث، ر، تحریف
7- (ابناء) في ث، ر، ع، تحریف
8- روى مسلم (... إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الانصار کرشي و عيبتي، وإن الناس سیکثرون وقلون فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم) صحیح مسلم: 7/ 174
9- والبخاري هو: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي ویکنی أبا عبد الله، محدث، حافظ، فقیه، مؤرخ، ولد سنة (194 ه) رحل في طلب العلم الى سائر الأمصار فذهب الى الحجاز والشام ومصر، ومن مؤلفاته: الجامع الصحيح: التاريخ الكبير، خلق افعال العباد. الانساب: 1/ 293، وسیر اعلام النبلاء: 12/ 391، 392، و الوافي بالوفيات: 2/ 148، ومعجم المؤلفين: 9/ 52، 53، و الاعلام: 6/ 34، وقد روى البخاري: (أوصيكم بالأنصار فإنها کرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الي لهم فاقبلوا من محاسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم) صحیح البخاري: 4/ 226

وغيرهما(1) والوصية بهم الأمر بمراعاتهم والاحسان اليهم، ثم قال: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَیْشٌ؟ قَالُوا: اِحْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَهُ اَلرَّسُولِ (صلی الله علیه وآله)(2) فَقَالَ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)(3): اِحْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا اَلثَّمَرَةَ!) الاضاعة والتضييع بمعنى والمراد بالثمرة أما الرسول (صلى الله عليه وآله) والاضاعة(4) عدم اتباع نصه أو أمير المؤمنين [(عليه السلام)](5) وأهل البيت (عليهم السّلام) تشبيهاً له (صلى الله عليه وآله) بالأغصان أو إتباع الحق الموجب للتمسك به دون غيره كما قيل، والغرض الزام قریش بما تمسکوا به من الاختصاص به (صلى الله عليه وآله) فإن تم فالحق لمن هو أقرب وأخص وإلاَّ فالأنصار على دعواهم.

ص: 313


1- ينظر: المعجم الكبير، الطبراني: 6/ 33، وفتح الباري: 7/ 92
2- (صلى الله علي وسلم) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6/ 4
3- [عليه السلام] في ع، ساقطة من ح، أ، ر
4- (الاضافة) في ع
5- [(عليه السلام)] ساقطة من ث، ح، ر، م

[(ومن كلام له (عليه السلام)] لما قلد محمد بن أبي بكر مضر فملكت عليه وقتل)

القلادة ما يجعل في العنق، وقلدته(1) قلادة أي: جعلتها في عنقه ومنه تقليد الولاة(2) الاعمال والولايات كأنها قلادة لهم لأنَّهم مسؤولون عن خيرها وشرها ومصر(3) هي المدينة المعروفة، قيل سمیت؛ لأنَّه بناها المصر بن نوح [و](4) قد تصرف وتذكر(5)، وملك الشيء كضرب أي: احتواه قادراً على

ص: 314


1- (وقلدته قلادته قلادة) في أ، ع
2- (الولادة) في أ، ع، تحریف
3- مصر مدينة معروفة، قيل انها سميت بمصر نسبة الى مصر بن أنيم بن حام بن نوح عليه السلام، ويسمونه البعض مصرایم بن حام، و اسمها باليونانية مقدونية، فتحها عمرو بن العاص أيام الخليفة عمر بن الخطاب، وهي مدينة ذات ارث حضاري عظيم، كانت منزلا للفراعنة، وقد هاجر اليها جماعة من الانبياء، کما ولدوا ودفنوا بها جماعة منهم يوسف، و الاسباط وموسى وهارون (عليهم السلام)، وزعموا ان المسيح (عليه السلام)، ولد بأهناس، وبها نخلة مريم (عليها السلام). ينظر: البلدان: 115، ومعجم البلدان: 5/ 137، 138
4- [و] ساقطة من أ. ع
5- ذهب سيبويه، والفراء، و المبرد الى أن (مصر) ممنوعة من الصرف لأنها اسم بلد بعينه ثلاثي الاحرف، مؤنث بدليل قوله تعالى: «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» البقرة / 99، وذهب ابن السراج انها مما يذكر ويؤنث مع اتفاقه معهم بأنها ممنوعة من الصرف، و علل ابن الوراق جواز تذکیر أسماء البلدان مع ان الغالب فيها التأنيث أن تأنيثها غير حقيقي. ينظر: کتاب سيبويه: 3/ 242، ومعاني القرآن، الفراء: 1/ 42، 43، و المقتضب: 291/3، و الأصول في النحو: 2/ 100، و على النحو، ابن الوراق: 629

الاستبداد به و ملکه عليه أي: أخذه منه قهرا واستولى عليه روي أنه لما قوی أمر معاوية بعد وقعة صفين طمع في مصر وقد كان أعطاه طعمه لعمرو بن العاص ليشایعه في قتال أمير المؤمنين (عليه السّلام) فبعثه إليها في ستة آلاف فارس وكان فيها طائفة من يطلب بدم عثمان وكان محمد بن أبي بكر من قتلة عثمان وإن اختلف في أنه باشر القتل بنفسه فانضافوا إلى عمرو واجتمع مع محمد أربعة آلاف فلما قاتلوا (ظفر)(1) عمرو وهرب محمد والتجأ الى خربة واختفى فيها (فظفر)(2) به معاوية بن حديج الكندي(3) وقد كان يموت عطشا فقدمه وضرب عنقه وحشاه في جوف حمار میت وأحرقه(4) وقد كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) وجه لنصرته مع مالك بن کعب نحو(5) الفي رجل فسار بهم خمس ليال وورد الخبر إليه (عليه السّلام) بقتل محمد بن أبي بكر فجزع (عليه السّلام) عليه(6) جزعا [شديدا](7) تبين أثره في وجهه،

ص: 315


1- (طفر) في ث، ح، تصحيف
2- (فطفر) في ح، تصحيف
3- معاوية بن حندج بن قنبرة بن حارثة بن عبد شمش بن معاوية بن جعفر السكوني، یکنی أبا عبد الرحمن، وقيل: أبا نعیم، لقي الخليفة عمر بن الخطاب وروى عنه، غزا افريقيا ثلاث مرات وولي امرة غزو المغرب سنة (34 ه و 40 ه، و 50 ه) ذهبت عينة يوم دمقلة، وقيل اصيبت عندما غزا الحبشة مع ابن أبي سرح، ولاه معاوية امرة مصر، فقتل محمد بن أبي بكر، بأمر عمرو بن العاص، وكان أسب الناس للإمام علي (عليه السلام)، مات سنة (52 ه) في مصر. ينظر: الاستیعاب: 3/ 1414، 1413، و تهذیب الكمال: 28/ 162 - 167، و سير أعلام النبلاء: 3/ 37 - 40
4- ينظر: العبر في خبر من غبر: 1/ 45
5- (نحوا من) في ر، ع. م. ث
6- [عليه] ساقطة من ث
7- [شديدا] ساقطة من ث، ر، ع

وقال: رحم الله محمداً كان غلاماً حدثا إلى آخر الكلام. (وَ قَدْ أَرَدْتُ تَوْلِیَةَ مِصْرَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ؛ وَ لَوْ وَلَّیْتُهُ إِیَّاهَا لَمَّا خَلَّی لَهُمُ اَلْعَرْصَةَ، وَ لاَ أَنْهَزَهُمُ(1) اَلْفُرْصَةَ، بِلاَ ذَمٍّ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَکْرٍ، فَلَقَدْ کَانَ إِلَیَّ حَبِیباً، وَ کَانَ لِی رَبِیباً) تولية الرجل الولاية جعله والياً لها، ويجوز أن يكون المفعول الأول الولاية كما وقع في هذا الكلام، والعَرصَةُ: بُقعَةٍ واسعةٍ بين الدُور أو مطلقاً لا بناء فيها(2)، والفُرصَة بالضم في الأصل (الشُربُ والنَوبَةُ)(3) يقال: جاءت فُرصَتُكَ من البئر أي نُوبَتُكَ، وانتهز(4) الفُرصَة أي: اغتنمها(5) و انتهاز الفرصة أما بمنزلة التأكيد لتمكين العدو وعدم التدبير في دفعة كما ينبغي أو تخلية العرصة كناية عن الفرار، وانتهاز(6) الفرصة تمكين الأعداء والعكس محتمل إلا أن الترقي في النفي أولى ونفي الذم لدفع الايهام ولعل عدم استحقاقه للذم لكون هذا التمكين عن عجزه لا عن التقصير و التواني / ظ 77/، وكان إليَّ حبيباً أي: كنت أحبه ومن كان محبوباً له (عليه السّلام) لا ريب في أنَّه لا يستحق الذم، وربیب الرجل ابن امرأته من غيره وربيبه (عليه السّلام) يقتبس من أنواره على حسب استعداده، وأُم محمد بن أبي بكر هي أسماء بنت عمیس کانت عند جعفر بن أبي طالب(7) (عليهما السّلام)، وهاجرت معه الى الحبشة فولدت

ص: 316


1- (انهزمهم) في م
2- ينظر: الصحاح، مادة (عرص): 3/ 1044
3- الصحاح، مادة (فرص): 3/ 1048
4- (انتهزم) في أ، ع
5- ينظر: الصحاح، مادة (فرص): 3/ 1048
6- (وانهاز) في أ، ث، ح، ر، ع، ث
7- جعفر بن أبي طالب بن هاشم صحابي هاشمي من شجعان بني هاشم، أسلم قبل أن يدخل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) دار الأرقم، ويدعو فيها، هاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية، فسمي ذو الهجرتين وذو الجناحين، ويلقب بالطيار ذلك انه فقد يداه في معركة مؤتة فقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم): (لقد أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة) مات في نفس المعركة سنة (8 ه). ينظر: المعارف: 205، والانساب: 91/4، و الوفيات، أحمد الخطيب: 40، الاعلام: 2/ 125

له هناك عبد الله، ولما قتل جعفر يوم(1) مؤتة تزوجها أبو بكر، فولدت له محمداً، ثم تزوجها(2) أمير المؤمنين (عليه السّلام)، ونشأ محمد في حجره ورضع الولاء والتشيع ولم يكن يوالي أحداً غيره (عليه السّلام)، وكان جارياً عنده (عليه السّلام) مجری بعض ولده وكانت أم فروة(3) بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر أم الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) وذكر الكشي(4) (رحمه الله) وغيره روایات تدل على خلوص عقيدته ورفعة محله، وأما هاشم(5) فهو .

ص: 317


1- [يوم] ساقطه من ر
2- (یزوجها) في أ، ع، تصحیف
3- أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، زوجة الامام محمد الباقر (عليه السلام)، وأم ابنه جعفر الصادق (عليه السلام)، لذلك كان يقول ولدني أبو بكر مرتين. ينظر: انساب الاشراف: 3/ 147، الانساب: 507/2، وتهذيب الكمال: 5/ 74، 75، وسير أعلام النبلاء: 4/ 406
4- ينظر: اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، الشيخ الطوسي: 1/ 282
5- هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، بن عبد مناف بن زهرة القرشي، وهو ابن أخي سعد بن أبي وقاص، يكنى أبا عمرو ويعرف بالمرقال، نزل الكوفة، وأسلم يوم الفتح، وكان من الشجعان الابطال، بعثه الخليفة عمر بن الخطاب لمساندة عمه سعد في فتح الجلولاء فافتتحها وهزم الفرس، فقئت عينه يوم اليرموك، شهد صفين مع الامام علي (عليه السلام)، وكانت معه الراية وهو على الراجلة، فقطعت رجلاه فجعل يقاتل وهو بارك على الارض وقتل في هذه الوقعة سنة (37 ه). ينظر: الاستیعاب: 4/ 1546، 1547، و اکمال الكمال: 4/ 298، 299، واسد الغابة: 5/ 49، والبداية والنهاية، ابن کثیر: 7/ 79، 80، والاعلام: 8/ 66

إبن عتبة ابن أبي وقاص وهو المرقال(1) سمي به؛ لأنَّه كان يرقل في الحرب أي: يسرع، قتل بصفين بين يدي أمير المؤمنين (عليه السّلام) فدفنه بثيابه، و عتبة(2) أبوه هو الذّي کسر رباعية الرسول (صلى الله عليه وآله) يوم أحد، وشج وجهه وكلم شفته عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

[ومن كلام له (عليه السلام)] في ذم أضحابه

(کَمْ أُدارِیکُمْ کَما تُدارَی الْبِکارُ الْعَمِدَةُ، وَالثِّیابُ الْمُتَداعِیَةُ، کُلَّما حِیصَتْ(3) مِنْ جانِبٍ تَهَتَّکَتْ مِنْ آخَرَر) المداراة ملاينة الناس وحسن صحبتهم واحتمال المكروه منهم لئلا ينفروا، والبِکَار بالكسر جمع بَکر بالفتح کفرخ وفراخ وهو الفتى من الإبل بمنزلة الغلام من الناس(4)، ومن ذلك كان يخاطب أبو بكر بأبي الفصيل، والعمِدة بكسر الميم من العَمِد (الوَرَم والدَّبَر، وقيل: العَمِدَة التي كسرها ثقل حملها)(5)، وقيل التي قد انشدخت اسمتها من

ص: 318


1- (المرقال قال) في ع
2- عتبة بن أبي مقاص بن أهيب بن زهرة القرشي الزهري، أخو سعد، كان نجاراً، وهو الذي شج وجه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وكسر رباعيته يوم أحد، وقيل إن حاطب بن أبي بلتعة هو الذي قتله يوم أحد ثأراً لما فعل بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم). ينظر: الطبقات الکبری، ابن سعد: 2/ 45، و المعارف: 576، و الاستیعاب: 3/ 927، واسد الغابة: 3/ 368، و سیر اعلام النبلاء 2/ 44، و الاصابة: 5/ 197، 198
3- (حصیت) في ح، ر، ن
4- ينظر: الصحاح، مادة (بكر): 2/ 595
5- لسان العرب، مادة (عمد): 3/ 305

داخل ظاهرها صحيح وذلك لكثرة ركوبها(1)، والثياب المتداعية(2) الخلقة التي ينخرق(3) بعضها وكأنَّه(4) يدعو الباقي الى الانخراق، وحاص الثوب يحوصه حوصاً إذا خاطهُ(5)، وتهتكت أي: تخرقت (أکُلَّما أَظَلَّ(6) عَلَیْکُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَناسِرِ أَهْلِ الشّامِ أَغْلَقَ کُلُّ رَجُلٍ مِنْکُمْ بابَهُ، وَانْجَحَرَ انْجِحارَ الضَّبَّةِ فِی جُحْرِها، وَالضَّبُعِ فِی وِجارِها) أظل بالمعجمة أي: أقبل اليكم(7) ودنا منكم كأنَه القي عليكم ظله، وفي بعض النسخ(8) بالمهملة أي: أشرف، والمِنسَرُ کمِجلَس، وكمِنبَر کما في بعض النسخ(9) القطعة من الجيش تمرُّ قدام الجيش الكثير(10)، والجُحر بالضم [وتقديم الجيم](11) كل شيء يحتفره السباع والهوام لأنفسها وجحر الضب کمنع أي: دخله، وجحره غيره أدخله فانجحر وتجحر، وكذلك أجحره والضبع مؤنثة، ووجارها بالكسر حجرها. (الذَّلِیلُ وَاللّهِ مَنْ نَصَرْتُمُوهُ، وَمَنْ رُمِیَ بِکُمْ فَقَدْ رُمِیَ بِأَفْوَقَ ناصِلٍ، إِنَّکُمْ وَاللّهِ

ص: 319


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عمد): 3/ 305
2- (المتداعبة) في ع، تصحيف
3- (يتحرق) في ث، وفي ع: (يخرق)
4- (فكأنه) في ث، م
5- ينظر: لسان العرب، مادة (حاص): 7/ 18، (خاطه في ث، وفي: ع، (خاطبه)
6- (أطل) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 81، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 107
7- (علیکم) في ث
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 81، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 188
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 81
10- ينظر: الصحاح، مادة (نسر): 2/ 827
11- [وتقديم الجيم] في أ، ر، ساقطة من ح

لَکَثِیرٌ فِی الْباحاتِ، قَلِیلٌ تَحْتَ الرّایاتِ) رمى الشيء ورمی بالشيء إذا القاه، (وفقت السهم کسرت فوقه)(1)، وهو بالضم موضع الوتر منه فهو أفوق(2)، وقيل: (يقال: فاق السهم يفاق)(3) والنَاصل المنزوع النَصل، يقال: انصَلَ السَهمُ إذا نُزِعَ نَصلَهُ فَهو نَاصِلِ، وكذلك إذا جعل له نصلاً(4)، والبَاحة السَاحَة(5) و الراية العلم (وَإِنِّی لَعالِمٌ بِما یُصْلِحُکُمْ، وَ یُقِیمُ أَوَدَکُمْ،(6) وَلَکِنِّی وَاللهِ لا أَرَی إِصْلاحَکُمْ بِإِفْسادِ نَفْسِی) الاوَد بالتحريك (العوج)(7)، ولعل المراد بما يصلحهم اقامة مراسم السياسة من القتل والتعذيب کما هو عادة الجبابرة واعطاء الرؤساء ومن اقتضته مصلحة السّلطنة أكثر مما فرض الله لهم والعمل بالحيل والتدابير المخالفة لأمر الله ونحو ذلك مما يوجب العصيان (أَضْرَعَ اللّهُ خُدُودَکُمْ، أَتْعَسَ جُدُودَکُمْ! لا تَعْرِفُونَ الْحَقَّ کَمَعْرِفَتِکُمُ الْباطِلَ وَلا تُبْطِلُونَ الْباطِلَ کَإِبْطَالِکُمُ الْحَقَّ) الضَرَاعَة الذُلُّ والاستكانة(8)، والحد من الوجه من مؤخر العين الى الشدق، والتعس (الهلاك)(9) والانحطاط، وقيل:

ص: 320


1- القاموس المحيط، مادة (فوق): 3/ 278
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (فوق): 3/ 278
3- المصدر نفسه، مادة (فوق): 3/ 278
4- ينظر: الصحاح، مادة (نصل): 5/ 1830، و ثلاث كتب في الاضداد (الاصمعي، السجستاني، ابن السكيت): 246
5- ينظر: الصحاح، مادة (بوح): 1/ 356
6- (اودعكم) في أ، ع
7- ينظر: الصحاح، مادة (أود): 1/ 439
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ضرع): 3/ 1249
9- المصدر نفسه، مادة (تعس): 3/ 910

(أصله الكبّ وهو ضد الانتعاش)(1)، والجد البخت و الحظ(2)، والغرض الدعاء عليهم بالخزي والخيبة، والمراد بالحق أما أوامر الله تعالى وأمور الآخرة، وبالباطل زخارف الدنيا أو(3) الحق متابعته (عليه السّلام) ونصره والباطل عصيانه وخذله أو الحق الدلائل التي تدل على فرض طاعته (عليه السّلام) وَالباطل الشبه الفاسدة كشبهتهم في حظر قتال أهل القبلة، والمعرفة أما العلم، أو العمل بما يقتضيه من نصرة الحق وانكار المنكر.

[وقال (عليه السلام)] في سُحَرة اليَومِ الذي ضرب فيه

السَّحَر بالتحريك (قبيل الصبح)(4)، والسُحرة(5) بالضم السحر الأعلى واليوم الذي ضرب فيه. (مَلَکَتْنی عَیْنی وأنا جالِسٌ، فَسَنَحَ لی رسولُ اللَّهِ (صلی اللَّه علیه و آله)(6) فَقُلتُ: یا رسولَ اللَّهِ! ماذا / و 78/ لَقِیتَ مِن اُمَّتِكَ مِن الأوَدِ(7) واللَّدَدِ؟ فَقالَ: اُدْعُ عَلَیهِم، فَقُلتُ(8): أبدَلَنِی اللَّهُ بِهِم خَیراً لی(9) مِنهُم، وأبدَلَهُم بی شَرّاً لَهُم مِنّی) يَعني (عَلَيه السّلاَم) بِالأودِ(10) الاعوجاج

ص: 321


1- المصدر نفسه، مادة (تعس): 3/ 910
2- (الخط) فيع، ر، تصحیف
3- (و) في ع
4- لسان العرب، مادة (سحر): 4/ 350
5- (الصحرة) في ر
6- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الجديد: 6/ 89
7- (الاولاد) في ع
8- (فقال) في أ، ع
9- (لي) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الجديد: 6/ 89
10- (بالاولاد) في ع

وبِاللَّددَ الخِصام(1) وَهذَا مِن أفصَحِ الكَلامِ، ملك العين كناية عن غلبة النوم، وسنح لي أي: رأيته في النوم أو مربي(2) معترضا وأصل السانح في الظبي وغيره ما مرَّ من میاسرك إلى ميامنك ضد البارح(3) و (ذا) في (ماذا لقيت) بمعنى: الذي، والاستفهام للاستعظام، والباء في (بهم) و (بي) للمقابلة نحو: اشتريته به، وصيغة التفضيل في (شراً لهم) لا تدل على أن فيه (عليه السّلام) شراً، كقوله تعالى: «قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ»(4)، وبناء التفضيل فيهما على اعتقاد القوم فإنَّ أصحابه (عليه السّلام) لما لم يطيعوه حق الطاعة كأنَّهم زعموا فيه شرّاً وأهل [النار](5) لما اختاروا موجب النار زعموا فيها خيراً، والخصام في كلام السيد رضي الله عنه المخاصمة.

[ومن كلام الله عليه السلام)] في ذم أهل العراق

العِراق بالكسر (من عبادان الى موصل طولا، ومن القادسية الى حلوان عرضا(6) (يذكر ويؤنث)(7)، (والعِراقَانِ الكُوفةُ والبصرةُ)(8) روى أنه (عليه

ص: 322


1- ينظر: الصحاح، مادة (لدد): 1/ 532
2- (أو مرني) في م
3- ينظر: تاج العروس، مادة (سنح): 4/ 96
4- الفرقان / 15
5- [النار] ساقطة من ح
6- القاموس المحيط،، مادة (عرق): 3/ 263، و تاج العروس، مادة (عرق): 13/ 326
7- الصحاح، مادة (عرق): 4/ 1523
8- الصحاح، مادة (عرق): 4/ 1523، و تاج العروس، مادة (عرق): 13/ 327

السّلام) تکلم به بعد وقعة صفين (أَمّا بَعْدُ یا أَهْلَ الْعِراقِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ کَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، حَمَلَتْ فَلَمّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَماتَ قَیِّمُها، وَطالَ تَأَیُّمُهَا، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا) الاصل في الصفات أن يفرق بين مذكرها و مؤنثها بالتاء، والغالب في الصفات المختصة بالإناث الكائنة على وزن فاعل ومفعل أن [لا](1) يلحقها التاء أن لم يقصد فيها معنى الحدوث کحائض وطالق ومرضع ومطفل(2)، وهي الظبية معها طفلها وهي قريبة عهد بالنتاج وكذلك الناقة(3) وإن قصد فيها معنی الحدوث فالتاء لازمة نحو حاضت فهي حائضة، وطلقت فهي(4) طالقة(5)، وقد يلحقها التاء وإن لم يقصد الحدوث کمرضعة وحاملة، وربما جاءت مجردة من(6) التاء صفة مشتركة بين المذكر والمؤنث إذا لم يقصد الحدوث نحو: جمل(7) ضامر وناقة ضامر ورجل أو امرأة عانس(8)، والعانس من طال مكثه بين اهله غير متزوج، وأملصت أي: ألقت ولدها ميتاً، والمملاصِ معتادته(9)،

ص: 323


1- [لا] ساقطة من ث
2- وهذا مذهب البصريين والكوفيين، ذهب البصريون الى أن علامة التأنيث حذفت من هذه الاوصاف لأنَّهم قصدوا به النسب، وذهب الكوفيون الى أن الاصل في علامة التأنيث الفصل بين المذكر والمؤنث والاشتراك بينهما في هذه الاوصاف إذا لم يقع لم يفتقر الى ادخال علامة التأنيث، وهو رأي مردود عند الانباري. ينظر: کتاب سيبويه: 3/ 384، والانصاف في مسائل الخلاف، الانباري (577 ه): 2/ 758، مسألة [111]
3- ينظر: لسان العرب، مادة (طفل): 11/ 402
4- (وهي) في أ، ع
5- ينظر: المقتضب، المبرد: 3/ 138، و التكملة، أبو علي النحوي (377 ه): 344
6- (عن) في أ، ث، ح، ع، م، والصواب وأثبتناه
7- (حمل) في ث، ع
8- ينظر: التكملة: 345
9- ينظر: لسان العرب، مادة (ملص): 7/ 94

وقيم المرأة زوجها؛ لأنَّه يقوم بأمرها وما يحتاج إليه، وتأيم المرأة خلوها من الزوج، والأَیُم [من النساء](1) في الأصل التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً مطلقة(2) [كانت](3) أو متوفي عنها(4) وقد تخص(5) بالثيب وأبعدها أي: من لم يكن له قرابة الولد ونحوه، والتشبيه بالمرأة الموصوفة؛ لأنَّهم تحملوا مشاق الحرب فلما قرب الظفر ولاحت اماراته رضوا بالتحكيم، وحرموا الظفر وبقوا غير مذعنين(6) لإمام کالخوارج أو غير مطيعين لأميرهم أذلاء کالباقين، ومكثوا على تلك الحال وورث أعداؤهم الملك و تسلطوا عليهم، (أَمَا وَاللّهِ مَا أَتَیْتُکُمُ اخْتِیاراً، وَلَکِنْ جِئْتُ إِلَیْکُمْ (اتیتکم) سَوْقاً) (المراد)(7) بالسوق الاضطرار كأنَّ القضاء ساقه إليهم فإنَّه (عليه السّلام) خرج لقتال أهل الجمل واحتاج الى الاستنصار بأهل الكوفة، واتصلت تلك الفتنة بفتنة أهل الشام فاحتاج الى المقام بين أهل العراق وفي بعض النسخ (ولا جِئتُکُم شَوقاً)(8) بالشين المعجمية أي: لرغبته إليكم ولعله يتضمن الشوق من الميل

ص: 324


1- [من النساء] ساقطة من ح
2- (مطلقا) في أ، ع
3- [كانت] ساقطة من ث
4- ينظر: الصحاح، مادة (أيم): 5/ 1868
5- (مخص) في أ، ث، ر، ع، م
6- (مدعنين) في ث، ح، ر، م،، ث، تصحيف
7- (المراق) في ح، تحریف
8- مناهج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 301، وفيه: (وروي ولا جئتكم شوقاً)

ما لا يتضمنه(1) الاختيار (وَلَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّکُمْ تَقُولُونَ: عَلِیٌّ یَکْذِبُ(2)، قاتَلَکُمُ اللّهُ! فَعَلَی(3) مَنْ أَکْذِبُ! أَعَلَی(4) اللّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ! أَمْ عَلَی نَبِیِّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ(5) قد كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) كثيراً ما(6) يخبر عن الملاحم والكائنات ويومئ الى أمور أخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سلوني قبل أن تفقدوني(7) فيقول المنافقون من أصحابه: یکذب کما کان المنافقون الأولون(8) يكذبون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، وقاتلكم الله أي: قتلكم الله أو لعنكم الله (کَلاَّ وَاللّهِ؛ لَکِنَّهَا(9) لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا، وَلَمْ تَکُونُوا مِنْ أَهْلِها) (كلاَّ) يحتمل أن يكون للردع والانكار(10)، أي: ليس الأمر كما يقولون، ويحتمل أن يكون بمعنى حقاً كما قالوا في قوله تعالى: «كَلَّا وَالْقَمَرِ»(11)

ص: 325


1- (ما يتضمنه) في أ. ع
2- (علي يكذب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 101، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 109
3- (تعالى فعلی من) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 101، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 109
4- (على) في م
5- (صدق به) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 101
6- (من) في ر
7- سبق ذكره في صحيفة 109
8- (الاقلون) في ع
9- (لكنها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 101، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 109
10- ينظر: المعجم المفصل في دقائق اللغة العربية، الدكتور إميل بديع يعقوب: 326
11- المدثر / 32

«كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى»(1) فالمراد إثبات ما اخبر به (عليه السّلام)، واللَّهجَةٌ بالفتح (اللّسانُ)(2) ويتجوز بها عن الكلام والمراد أما لهجته (عليه السلام) أي: ما أخبركم به أمور غابت عقولكم الضعيفة عن ادراكها ولستم أهلاً لفهمها، أو لهجة رسول الله (صلى الله عليه و آله) [أي: سمعت كلامه (صلى الله عليه وآله)](3) [ولم تسمعوه](4) ولو سمعتموه لم يكونوا من أهله (وَیْلُ أُمِّهِ(5) کَیْلاً بِغَیْرِ ثَمَنٍ لَوْ کانَ لَهُ وِعاءٌ؛ وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِینٍ!) الويل / ظ 78/ (حلول الشر)(6)، و(كلمة عذاب)(7) أو (واد في جهنم)(8)، قال بعض الشارحين: الويل في الأصل دعاء بالشر أو خبر به، واضافته الى الام دعاء(9) عليها أن تصاب بأولادها(10)، والضمير راجع الى المكذب الذّي لم يفقه مقاله ولم يقتبس الحكمة منه كأنَّه قال: ويل لامهم، وقال بعضهم: الضمير راجع الى ما دل عليه الكلام من العلم الذي خص به الرسول (صلى الله عليه و آله)(11)، وهذه الكلمة تقال(12) للتعجب والاستعظام، يقال:

ص: 326


1- العلق / 6
2- الصحاح، مادة (لحج): 1/ 339
3- [أي: سمعت كلامه (صلى الله عليه و آله)] ساقطة من ث
4- [ولم تسمعوه] ساقطة من ع
5- (ویلامه) في م
6- لسان العرب، مادة (ويل): 11/ 737
7- المصدر نفسه، مادة (ويل): 11/ 737
8- المصدر نفسه، مادة (ويل): 11/ 738
9- (ودعاء) في ر
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 195
11- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 106
12- (يقال) في ث، ح، أ، ر، ث، تصحيف

وَیَلُمّهُ فارساً و (تكتب)(1) موصولة وأصلها (ويل أمَّه)(2) ومرادهم التعظيم والمدح، وإن كان اللفظ موضوعاً لضد ذلك(3)، وكيلا انتصب؛ لأنَّه مصدر في موضع الحال، أو تمييز، أي: أنا أكيل لكم العلم والحكمة كيلاً ولا اطلب لذلك ثمناً لو وجدت حاملا للعلم، وهذا مثل قوله (عليه السّلام): (ها إن بين جنبي علماً جماً لو أجد له حملةً!)(4)، وقيل: الكلمة تستعمل للترحم والتعجب، والضمير راجع الى الجاهل المكذب، فيكون المفاد الترحم عليهم لجهلهم، أو التعجب من قوة جهلهم [أو من](5) كثرة(6) كيله للحكم عليهم مع اعراضهم عنها، وقال ابن الاثير في النهاية: (قد یرد الويل بمعنی التعجب)(7)، (ومنه الحديث في قوله لأبي البصير: (ويل أمه مسعر حرب)(8) تعجباً من شجاعته وجرأته واقدامه، ومنه حديث عليّ (عليه السّلام): ويل أمه کیلا بغير ثمن لو أن له وعاء أي: يكيل العلوم الجمة(9) بلا عوض، إلاَّ أنه لا يصادف واعياً، وقيل: وي كلمة مفردة، ولامه كلمة مفردة، وهي

ص: 327


1- (يكتب) في ث، ح، أ، ر، ع، م، ث، تصحيف
2- (ویلامه) في م
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 106
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 106، 107
5- [أو من] ساقطة من ح
6- (كثر) في ر
7- النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/ 236
8- النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/ 236، وروي (ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد) في مسند أحمد: 4/ 331، و صحیح البخاري: 3/ 183، و المعجم الكبير: 10/ 525
9- (الحميه) في م، و (الحمة) في ث

كلمة تفجع وتعجب وحذفت الهمزة من أمه تخفیفاً، والقيت حركتها على اللام، وينصب ما بعدها على التمييز(1) و (الحين بالكسر الدهر، أو وقت مبهم يصلح لجميع الأزمان طال أو قصر يكون سنة أو أكثر)(2)، وقيل: غير ذلك والمعنى: لتعلمن ثمرة تكذیبکم وإعراضكم عما أبين لكم من العلم والحكمة وإني صادق فيما أقول [لكم](3)، أو ستعلمون(4) عاقبة أفعالكم بعد مفارقتي لكم فيكون إشارة الى الظلم والقتل وما أصابهم من بني أُمية، أو ستعلمون صدقي فيما أخبركم به من الأمور المستقبلة بعد حضور وقتها.

[ومن خطبة له (عليه السلام)] علم فيها الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)

(اللَّهُمَّ دَاحِيَ المَدحُوَّاتِ، ودَاعِمَ المَسمُوكاتِ، وجَابِلَ القُلُوبِ عَلَى فِطَرَتِها شَقِیِّهَا وسَعِيدِهَا) الدّحو (البَسطِ)(5)، يقال: (دحا الله الأرض يَدحُوها و بَدحَاها)(6) والمدحوات الأرضون السبع قال الله تعالى: «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا»(7)،

ص: 328


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/ 236، وفيه: (ويلمه...)
2- القاموس المحيط، مادة (حين): 4/ 217
3- [لكم] موجودة في ح، ساقطة من أ، ث، ر، ع
4- (سيعلمون) في ث، ح
5- لسان العرب، مادة (دحا): 14/ 251
6- القاموس المحيط، مادة (دحا): 4/ 327
7- النازعات / 30

والبسط لا ينافي الاستدارة، ودعم(1) الشيء كمنع أي: مال فأقامه و (الدِعَامَةُ: عماد البيت)(2)، وسَمَکَهُ سَمکَاً بالفتح فَسَمَكَ سموكاً رفعه فارتفع(3) و (المَسمُوکَاتُ السماواتُ)(4)، ودعامة السموات قدرته تعالى فلا ينافي قوله (عليه السّلام) في الخطبة الأولى بغير عمد يدعُمها وجبلهُ الله أي: خلقه وعلى الشيء طبعه عليه(5)، ومنه الجِبِلة بكسر الجيم والباء وتشديد اللام أي (الحلقة والطبيعة)(6)، والفطرة الحلقة التي يفطر عليها الانسان خالياً(7) من الأمر والديانات والعناية والأهوية وهي ما يقتضيه محض عقله، وشقيها بدل من القلوب أي: خالق(8) الشقي والسعيد على ما خلق (اِجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ، وَ نَوَامِيَ بَرَكَاتُكَ، عَلَيَّ مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ الْخَاتَمُ لِمَا سَبَقَ، وَ الْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ، وَ الْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ) الشّرف العلو والمجد، ونما الشيء ينمو أي: زاد، وما سبق الأديان أو الوحي و الرسالة، وقال بعض الشارحين: أي المِلَل(9) و (انغلق)(10) الباب إذا عسر فتحه وما (انغلق)(11) سیبل النجاة وطريق

ص: 329


1- (دعی) في أ، ع
2- الصحاح، مادة (دعم): 5/ 1919
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سمك): 4/ 1592
4- المصدر نفسه، مادة (سمك): 4/ 1592
5- ينظر: لسان العرب، مادة (جبل): 11/ 98
6- القاموس المحيط، مادة (جبل): 3/ 345
7- (حالياً) في ث، ر، تصحيف
8- (خالقي) في م
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 112.، وفي أ، ث، راع، م: (الملك)
10- (انعلق) في ح، ث، تصحیف
11- (انعلق) في ح، ث، تصحيف

الجنة والاهتداء الى قربه سبحانه، أو كل شبهة ومعضلة والإعلان الاظهار [واظهار](1) الحق بالحق بيان الصواب، والملة البيضاء اصولها وفروعها بطرق صحيحة [لا](2) كالذي يقيم دليلا باطلًا على دعوی صحیح، أو بالمعجزات الباهرة التي يمكن بها من اظهار الحق وقيل(3) بالحرب والخصومة، يقال: حَاقَّة فحَقّه أي: خاصَمَه(4) فغلبه(5)، وقيل: المراد انه (أظهر الحقّ بعضه ببعضٍ)(6) فإنَّ كُلّ جُزئي من الحقّ حقّ والدّين لمَ يَظهر دفعة وَإنّما بَنی اَلاِسلام على خمس ثم كثُرتَ فُروعه وبالأصل يظهر الفرع (وَ الدَّافِعِ جَيْشَاتِ الْأَبَاطِيلِ، وَالدَّامِغُ(7) صُؤُلاَتُ اَلْأَضَالِيلِ) الجيشة المرَة(8) من جاش البحر، أو القدر إذا غلا وارتفع(9)، والأباطيل جمع باطل على غير قياس والقياس بواطل(10)، وكذلك الأضاليل، والدامغ(11) المهلك من دمغه(12) کنصره ومنعه أي: (شجة حتى بلغت الشجة الدماغ)(13)، وهو مخ الرأس، وفي

ص: 330


1- [واظهار] ساقطة من ع
2- [لا] ساقطة من ع
3- (وقتل) في ح، تصحيف
4- (حاصمه) في م
5- ينظر: الصحاح، مادة (حاق): 4/ 1461
6- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 198
7- (الدامع) في ث، تصحيف
8- (المرأة) في ع
9- ينظر: تاج العروس، مادة (جيش): 9/ 77
10- ينظر: لسان العرب، مادة (بطل): 11/ 56
11- (الدامع) في ث، تصحيف
12- (دمعه) في ع تصحيف
13- لسان العرب، مادة (دمغ ): 8/ 424

بعض النسخ (والقامع) بدل الدامغ(1)، والقمع القهر والاذلال(2)، والصولة / و 79/ الحملة والوثبة والمقصود اطفاء نائرة الشرك، ودفع الطغيان والفتن التي كانت عادة(3) لأهل الجاهلية من الحروب والغارات ونحو ذلك (كَمَا حَمِّلَ فَاضْطَلَعَ، قَائِماً بِأَمْرِكَ مُسْتَوْفِزاً(4) فِي مَرْضَاتِكَ، غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ، وَلاَ وَاهٍ فِي عَزْمٍ، وَاعِياً لِوَحْيِكَ، حَافِظاً لِعَهْدِكَ. مَاضِياً عَلَى تَفَّاذِ أَمْرِكَ) الكاف للتعليل كما هو مذهب بعض النحاة(5)، قال الاخفش في قوله تعالى: «كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ»(6) أي: لأجل إرسالي فيكم رسولا منكم فاذكروني(7)، وللتشبيه على مذهب بعضهم(8) والظرف متعلق بالأمر[...](9) السابق، أي: اجعل شرائف صلواتك عليه(10) لأجل أنه حُمل فقام به، أو افعل كما فعل، فالتشبيه في معنى الفعل المطلق المشترك بين المتعلق والمتعلق، أو المعنى صل عليه صلاة مناسبة لفعله، وقيل: إنَّه متعلق بمضمون

ص: 331


1- (الدامع) في ث، تصحيف
2- ينظر: الصحاح، مادة (قمع): 3/ 1272
3- (عبادة) في ر، م
4- (مستوفرا) في ع تصحيف
5- ينظر: شرح الكافية الشافية: 1/ 365
6- البقرة / 151
7- ينظر: معاني القرآن، الاخفش: 1/ 344، و الجنى الداني في حروف المعاني، المرادي (5799): 84، و مغني اللبيب، ابن هشام الأنصاري (761 ه): 1/ 195
8- ينظر: شرح جمل الزجاجي، ابن عصفور(669 ه): 1/ 536، ورصف المباني في شرح حروف المعاني، المالقي (702 ه): 272، و شرح المكودي على الفية ابن مالك، المكودي (807 ه): 153، و معاني النحو، د. فاضل السامرائي: 3/ 52
9- [متعلق بالأمر] مكررة في م
10- [عليه] ساقطة من ع

الصفات السّابقة أي: فعل الأفعال المذكورة لأجل أنَّه حمل أو [كأنَّه](1) کما حمل واضطلع أي: قوى عليه من الضلع بالتحريك وهو (القوة واحتمال الثقيل)(2)، ومستوفزاً أي: مستعجلا من الوَفز بالفتح وبالتحريك(3) أي: (العجلة)(4) ويمكن أن يكون من قولِهم: (استونز(5) في قعدته إذا قعد قعودا منتصباً غیر مطمئن)(6)، فإنَّ هذه القعدة شأن من أهتم بأمر وينتظر القيام إليه متى أمر، و المرضاة الرّضا، ونكل عن الشيء نکولاً نكص وجبن(7)، والقُدم بالضم الأقدام، أو التقدم ويظهر من کلام صاحب النهاية أنه في كلامه (عليه السّلام) بالتحريك، وقال: (أي في تقدم)(8)، والواهي الضعيف، ورعاه يعيه أي: حفظه وجمعه، ووعَيت الحديث أي: فهمته وعقلته(9)، والعهد الوصية والتقدم الى المرء في الشيء والذمة والحرمة والمراد حفظ ما أوصى الله عز وجل وأمره به في تبليغ الرسالة وغيره ونفاذ الامر مضيّه، ويقال: أمرنا فذ أي ماضِ مطاع، والمعنى ماضياً على مضي أمرك أي: على وفقه(10) تابعاً له،

ص: 332


1- [كانه] ساقطة من ع، م، ث
2- الصحاح، مادة (ضلع): 3/ 1251
3- (التحريك) في ح
4- الصحاح، مادة (وفز): 901/3، وفي م: (الجعله)
5- (استوفر) في ث، ر، ع، تصحيف
6- الصحاح، مادة (وفز): 3/ 901
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نکل): 5/ 1835
8- النهاية في غريب الحديث والاثر: 4/ 26
9- ينظر: لسان العرب، مادة (وعي): 15/ 396
10- (رفقة) في أ، ع

وقال بعض الشارحين: (تقديره ماضياً مصرّاً على نفاذ أمرك)(1) (حَتَّی أَوْرَی قَبَسَ اَلْقَابِسِ، وَ أَضَاءَ اَلطَّرِیقَ لِلْخَابِطِ، وَ هُدِیَتْ بِهِ اَلْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ اَلْفِتَنِ(2) وَ أَقَامَ بِمُوضِحَاتِ(3) اَلْأَعْلاَمِ وَ نَیِّرَاتِ اَلْأَحْکَامِ) وَرَى الزَنَد کرعی ووَلی أي: (خرجت نَارهُ)(4)، واوريته أنا ووريته واستوريته، والقبس محركة شعلة نار تقتبس(5) أي: تؤخذ [...](6) من معظم النار(7) والقابس الذي يطلبه والمراد نور الحق وأضاء أي: استنار، ونور يتعدى ولا يتعدى، وفي بعض النسخ الطريق بالرفع، والخبط السير ليلاً على غير هدى، والمراد بالخابط الذّي يخبط لولا الاضاءة، وخاض الماء خوضادخله، أو مشى فيه وخاض الغمرة اقتحمها(8) وبعد خوضات الفتن أي: بعد أن خاضوا في الفتن أطوار، وفي بعض النسخ (الفتن والاثم)(9) والفتنة تطلق(10) على الضلال والكفر وعلى الفضيحة(11) وغير ذلك، والعلم بالتحريك ما يستدل به على الطريق من

ص: 333


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 112
2- (الفتن والآثام) في نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6/ 110، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 111
3- (بموضحات) في نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6/ 110
4- لسان العرب، مادة (وری): 10 / 388
5- (يقتبس) في ح، تصحيف
6- أي [تؤخذ] مكررة في ع
7- ينظر: القاموس المحيط، مادة (قبس): 2/ 239
8- (اقتحمتها) في م
9- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 110، وفيه: (الفتن والآثام)، وفي الهامش: 2 من نفس المصدر: مخطوط النهج: بالاثم، وبحار الانوار: 16/ 378، وفيه: (الفتن والاثم)
10- (يطلق) في أ، ث، ح، ر، ع، م
11- (على والفضيحة) في ح، وفي ر، أ، ع، م: (الكفر والفضيحة)، وفي ث: (والصيحة الفضيحة)

جبل(1) ومنارة وغيرهما [...](2)، وموضِحات الأعلام بالكسر ما يوضح الطريق منها، ونيرات الأحكام الواضحة الحقة منها كأنها ذوات النَّور (فَهُوَ أَمِینُكَ اَلْمَأْمُونُ، وَ خَازِنُ عِلْمِكَ اَلْمَخْزُونِ، وَ شَهِیدُكَ یَوْمَ اَلدِّینِ، وَ بَعِیثُكَ بِالْحَقِّ، وَ رَسُولُكَ إِلَی اَلْخَلْقِ) الأمين الثقة والمأمون(3) تأكید له أو الحافظ أو ضد الخائن أي: أمينك على الوحي والتبليغ، والظاهر أنَّ العلم المخزون سوی ما أمر الله بتبليغه كما قال سبحانه: «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ»(4)، والشهيد يوم الدين الذي يشهد بأعمال الأمة أو تبليغ الرسل، أو الجميع قال الله تعالى: «وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا»(5)، وقال عز وجل: «وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا»(6)، وبعثه کمنعه أي: ارسله (اَللَّهُمَّ اِفْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِی ظِلِّكَ، وَ اِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَیْرِ مِنْ فَضْلِكَ فسحَ له کمنع أي: وسعَ، والظاهر أنَّ المفسح مصدر، والتنوين للتعظيم، والمراد بالظل حقیقته أي: ما أشار إليه سبحانه بقوله: «وَظِلٍّ مَمْدُودٍ»(7)، أو البر والإحسان، أو القرب والجوار، فإنَّ الكون في ظل أحد يستلزم القرب

ص: 334


1- (حبل) في أ، ح، ر، ع
2- [وموضحات الاعلام بالكسر ما يوضح الطريق من حبل ومنارة وغيرهما] زيادة مكررة في ر
3- (فالمأمون) في ث، ح، ر، م
4- الجن / 26، 27
5- النساء / 41
6- البقرة / 183
7- الواقعة / 30

منه أو الراحة فإنَّ الظل يدفع الحر ومضَاعفات الخير بالفتح الثواب الذّي زاده الله ولا ينحصر في المثلين وغيره (اَللَّهُمَّ وَ أَعْلِ(1) عَلَی بِنَاءِ اَلْبَانِینَ بِنَاءَهُ، وَ أَکْرِمْ لَدَیْكَ مَنْزِلَتَهُ(2)، وَ أَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ) البِناء بالكسر المبنيّ وجمعه أبنية ويكون مصدراً، ويمكن أن يراد / ظ 79/ ببنائه ما شيد أركانه من الدين المبين أي: أظهره على الأديان كلها، أو منزله في الجنة كأنَّه (صلى الله عليه وآله) بناه باستحقاقه إياه لصالحات الأعمال، أو إعلاء البناء كناية عن الزيادة في التقرب الى حضرة القُدس والجلالة(3)، وكرم المنزل مصدراً كان أو مكاناً كونه محفوفاً بالتَعظيم والراحة والسرور، أو إكرام المنزل كناية عن إكرام الشخص، وقال بعض الشارحين أي: انزله المنزل المبارك الموعود(4) بقوله تعالى: «وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا»(5)، وفيه غفلة فإنَّ المخاطب به [هو](6) نوح (عليه السّلام)، وقبله قوله تعالى: «فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»(7) والمراد بنوره أما نوره الذي بعث به و اتمامه نشره في قلوب العالمين، أو نوره يوم القيامة واتمامه جعله بحيث

ص: 335


1- (وأعل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 110
2- (منزلته) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 110، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 112
3- (الجلال) في أن ث ر، ع، م
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2/ 202. وفيه: (إنزاله المنزل...)
5- المؤمنون / 29
6- [هو] ساقطة من أ، ع
7- المؤمنون/ 28

يطفي سائر [...](1) الأنوار(2)، ويعم(3) المحشر وأهله أو نوره في كمالاته وقربه واتمامه(4) زيادته (وَ اِجْزِهِ(5) مِنِ اِبْتِعَاثِكَ لَهُ مَقْبُولَ اَلشَّهَادَةِ؛ مَرْضِیَّ اَلْمَقَالَةِ، ذَا مَنْطِقٍ عَدْلٍ، وَ خُطْبَةٍ(6) فَصْلٍ) بعثه و ابتعثه بمعنى واجزه عوضاً من بعثه مقبول الشهادة أي: صدقه فيما يشهد به لتحمّله أعباء الرسالة وأذى الأمة، [و](7) (ذا) منصوب على الحالية والمنطق العدل الذي لا ميل فيه عن الحق، والخُطَّةِ بضم الخاء المعجمة والطاء المشددة المفتوحة على ما في النسخ(8) التي رأيناها الأمر والقصة والخطب والفصل الفاصل بين الحق والباطل أو المفصول من الباطل، والخطة مضافة الى الفصل في بعض النسخ موصوفة به في بعضها وحاصل المعنى واحد، ويظهر من كلام بعض الشارحين أنه كان في نسخته (و خطبة فصل)(9) بالباء الموحدة بعد الطاء الساكنة قال: (أي يخطب خطبة فاصله يوم القيامة)(10) وهذا هو المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى في الكتاب بقوله: «عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا»(11) (اَللَّهُمَّ اِجْمَعْ بَیْنَنَا

ص: 336


1- [الايام] زيادة في ر، لا يقبلها السياق
2- (الالوار) في ث، تحریف
3- (وتعم) في ر، م
4- (واتمام) في م
5- (واخره) في أ، ع
6- (خطبة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 110، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 112
7- [و] ساقطة من م
8- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1/ 298
9- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 114
10- المصدر نفسه: 6/ 114
11- الاسراء / 79

وَ بَیْنَهُ فِی بَرْدِ اَلْعَیْشِ وَ قَرَارِ اَلنِّعْمَةِ، وَ مُنَی اَلشَّهَوَاتِ، وَ أَهْوَاءِ اَللَّذَّاتِ، وَ رَخَاءِ اَلدَّعَةِ، وَ مُنْتَهَی اَلطُّمَأْنِینَةِ، وَ تُحَفِ اَلْکَرَامَةِ) العيش الحياة، وبرد العيش راحته، والعيش البارد عند العرب المني الذي لا حر فيه ولا حركة، والقرَار بالفتح الثبات والسكون(1) وقرار النعمة مستقرها كما ذكره بعض الشارحين(2)، ويمكن [حمله](3) على معناه الظاهر وإن كان المراد الجمع في دار السلام، والمُني جمع مُنية بالضم فيهما وهي ما تتمناه وتريده والشهوة الرغبة في الشيء وحبه، والهوى مقصور إرادة النفس وأهواء اللذات ما يستلذه الأنفس كأن اللذة تهواه، والرَخاء بالفتح سعة العيش والدعة السكون والخفض(4)، والطَمَأنينة بفتح الميم وسكون الهمزة السكون كالاطمئنان، والتحف بفتح الحاء جمع تُحفة بالضم وهي (البر واللّطف)(5).

ص: 337


1- ينظر: تاج العروس، مادة (قرر): 7/ 387
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6/ 114
3- [حمله] ساقطة من م
4- (الخفض) في ح، و(الحفص) في ر، م
5- الصحاح، مادة، (تحف): 4/ 1333

ص: 338

المحتويات

ص: 339

ص: 340

المحتويات

[(ومن كلام له (عليه السلام)] لابنه محمد بن الحنفية لما أعطاه الراية يوم الجمل)...7

[ومن كلامه (عليه السلام)] لما أظفره الله بأصحاب الجمل:...10

[ومن كلام له (عليه السلام) في ذم البصرة وأهلها:...11

ومن كلامه (عليه السّلامَ) في كتاب طويل...11

[ومن خطبة لهُ (عليه السلام)] فيما رده على المسلمين [قطائع عثمان]...22

[ومن خطبة له (عليه السلام) لما بويع بالمدينة]...28

و من كلام له (عليه السلام) في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهلٍ...55

ومن كلام له (عليه السّلام) في ذم اختلاف العلماء في الفُتيا...74

[ومن كلام له (عليه السلام) قَالَه للأشعث بن قیس...78

ومن خطبة له (عليه السَّلام)...89

ومن خطبة له (عليه السَّلام)...92

ومن خطبة له (عليه السَّلام) هذه الخُطبة من خطب الجمل...95

ومن خطبة لهُ (عليه السَّلام)...99

ومن خطبة له عليه السَّلام)...107

ومن خطبة له (عليه السلام) وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على

ص: 341

البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن...108

وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)...118

وبين خطبة له (عَليهِ السَّلام)...124

ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)...139

ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)...148

[ومن كلام له (عَليهِ السَّلام)] في معنى قتل عثمان...155

ومن كلام له (عَلَيهِ السَّلام) قَالَه لاِبنِ العَبَّاسِ...158

ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)...160

ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)] عند خروجه لقتال أهل البصرة...174

[ومن خطبة له (عليه السّلام)] في استِنفار النَّاسِ إِلَى أَهل الشام...179

ومن خطبة له (عليه السَّلام) بعد التحكيم...189

و من خطبة له (عليه السَّلام) في تخويف أهل النهروان...195

[ومن كلام له (عليه السّلام)] يجري مجرى الخُطبة...197

[ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)]...204

[ومن خطبة له (عَليهِ السَّلام)]...205

[ومن (کلام) له (عليه السَّلام) في الخوارج لما سمع قولهم: لا حكم إلا الله)...209

[ومن خطبة له (عليه السّلام)]...214

[ومن خطبة له (عليهِ السَّلام)]...217

[ومن كلام له (عليهِ السَّلام)] وقد اشار عليه أصحابه بالاستعداد للحرب...218

[ومن كلام له (عليهِ السَّلام)] لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إِلى معاوية...225

ص: 342

[ومن خطبة له (عليهِ السَّلام)]...230

[ومن كلام له (عليهِ السَّلام)] عند عزمه على المسير إِلى الشام...232

[ومن كلام له (عليهِ السَّلام) في ذكر الكوفة...234

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلاَم)] عِندَ المَسِير إلى الشَّامِ...236

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)]...238

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)]...242

[وَمِن كَلاَمهِ (عَلَيهِ السَّلامُ)] لمَّا غَلَبَ أَصحابُ مُعاوية أصحابَهُ عَلى شَريعَةِ الفُراتِ بِصفّينَ وَمَنَعُوهُمُ الماءَ...243

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)]...246

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)]...254

[ومن كلام له (عليه السّلام)]...256

ومن كلام له (عليه السّلام) في وصف بیعته بالخلاف...257

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ) وَقَدِ أستَبطَأ أصحابُهُ إذِنَه لَهُم فِي القِتَالِ بِصِفينَ...259

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلَام)]...260

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] لأصحابه...263

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] كَلَّمَ بهِ الخَوارِج...274

[وَقَالَ (عَلَيهِ السّلامَ)] لمّا قَتَلَ الخَوارِجَ...278

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] لمّا خُوِفَ مِنَ الغِيلَةِ...284

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)]...285

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)]...287

ص: 343

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)]...294

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] كانَ يَقُولَهُ لِأَصحابهِ فِي بَعضِ أَیّامِ صَفیَّنَ...302

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] في معنى الأنصار...312

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] لمَّا قَلدَّ محمَّد بِن أبي بَكر مِصرَ فَمُلِکَت عَلَيهِ وقتل)...314

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] في ذَمّ أصحَابهِ...318

[وَقَالَ (عَلَيهِ السّلامُ) في سُحَرة اليَومِ الذَّي ضُرِبَ فيه...321

[وَمِن کَلامٍ لَهُ (عَلَيهِ السّلامَ)] فِي ذَمّ أَهلِ العِراقِ...322

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلامُ)] عَلَّمَ فِيهَا الصَّلاة عَلَى النَّبيِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ)...328

ص: 344

المجلد 3

هوية الکتاب

ISBN 978-9933-582- 45-6 I789933582456 رقم الإيداع في دا رالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2979 لسنة 2018 مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 : LC المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني / بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر:

کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي:

الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن أبي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 1

اشارة

ISBN 978-9933-582- 45-6 I789933582456 رقم الإيداع في دا رالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2979 لسنة 2018 مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 : LC المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني / بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر:

کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي:

الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن أبي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 2

سلسلة تحقيق المخطوطات وحدة تحقيق الشروحات (9) بهجة الحدائق فی شرح نهج البلاغة لِعَلَاءِ الدِّیْن مُحمَّد بْنِ أبِیْ تُرَاب الحَسَنِیْ کلستانة المُتَوَفیْ سَنَة 1110 ه الجُزءُ الثَّالِثُ دِرَاسَة وَتَحقِیْق م. د. غَيْدَاء كَاظِمْ السَّلَامِيِ اِصْدَار مُؤسَسَةُ عُلُومَ نهج البلاغة فِي العَتَبةِ الحُسَيْنيَّةُ المُقَدَسَةِ

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة العتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1438 ه - 2017 م العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع الألكتروني:

www.inahj.org الإيميل:

Info@lnahj.org تنويه:

إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم «وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» صدق الله العلي العظيم سورة هود الآية 88

ص: 5

ص: 6

[وَمِن کَلاَمٍ له (عَلَیهِ السَلاَم)] قَالهُ لِمَروانِ بِن الحَکَم بِالْبَصرَة

(قَالوُا أُخِذَ مَرْوانَ بنَ الحَکم أَسیراً یَومَ اْلجَملَ، فَاسْتَشفَعَ اْلحَسَنَ وَاْلحُسَینَ(1)اِلی أَمیرِ اْلمُؤمِنْیَن (عَلَیْهِم السّلامُ)(2)فَکَلَّماهُ فَخَلَّی(3)سَبْیلَهُ، فَقَالا لَهُ: یُبایِعُكَ یا أَمیرَ اْلمُؤمِنینَ. فَقَالَ (عَلَیْهِ السَّلاَمُ): أَو لَمْ یُبَایِعْني بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ! لاَ حَاجَة لي في بَیْعتهِ، إِنَّها کَفٌّ یَهُودیَّةٌ، لَوْ بایَعَني بِیَدِهِ لغَدَر بِسَبَّتِهِ) الحكم(4)بن أبي العاص أبو مروان هو الذي طرده رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المدينة وسيره الى الطائف فلم يزل بها حتی ولي عثمان فردّه الى المدينة و استکتب(5)مروان ابنه وضمه إليه وفي سبب طرده أقوال، والضمير في (أنها) يعود(6)الى الكف المفهوم من البيعة لجريان العادة بأن يضع المبايع كفه في كف المبتاع والنسبة إلى اليهود لشيوع المكر، والغدر فيهم والغدر ضد الوفاء، والسَبة بالفتح (الأست)(7)وهي أخفى

ص: 7


1- (عليهما السلام) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 117، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 113
2- (عليه السلام) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 117، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 113
3- (فكلماه فيه فخلى) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 117، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 113
4- سبق ذكره في صحيفة 47
5- (واستكبت) في ث، ح، ر، م، تحریف
6- (تعود) في أ، ع، تصحيف
7- الصحاح، مادة (سبب): 1 / 144

الأعضاء أي: لو(1)بايع في الظاهر لغدر في الباطن وذكر السبة اهانة له (أَمَا إِنَّ لَهُ إِمْرَةً(2)کَلَعْقَهِ الْکَلْبِ أَنْفَهُ، وَهُوَ أَبُو اَلْأَکْبُشِ اَلْأَرْبَعَةِ(3)، وَسَتَلْقَی الْأُمَّةُ مِنْهُ وَمِنْ وِلَدِهِ یَوْماً أَحْمَرَ) الإِمرة بالكسر مصدر كالإمارة، وقيل اسم، ولعقه كسمعه لعقه لحسه / و80 /، والغرض قصر مدة امارته وكانت تسعة أشهر، وقيل [ستة أشهر](4)، وقيل أربعة أشهر وعشرة أيام، والكَبش بالفتح الحمل إذا اثنی أو(5)إذا اخرجت(6)رباعيته، وكبش القوم رئيسهم، قال بعض الشارحين: كل الناس فسروا الأكبش الأربعة ببني عبد الملك(7)الوليد(8)

ص: 8


1- (أو) في ث، تحریف
2- (أما انه أمرة) في أ، ع
3- (الابعة) في أ، ع
4- [ستة اشهر] ساقطة من ع
5- (و) في ث، تحریف
6- (حرجت) في ث، تصحيف
7- عبد الملك بن مروان بن أبي الحكم بن أبي العاص الاموي، يكنى أبا الوليد، کما یکنی أبا الذبان لشدة بخره الذي يسقط الذبان اذا قاربه، وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، ولد سنة (26 ه)، وبويع سنة (65 ه) بعد وفاة أبيه، فملك ثلاث عشرة سنة استقلالاً، وقبلها منازعا لابن الزبير تسع سنين، وقد سار عبد الملك إلى العراق فالتقى مصعب بن الزبير فقتله في سنة (72 ه)، اهتم بالترجمة وهو أول من نقش بالعربية على الدراهم، مات بدمشق سنة (86ه). ينظر: المعارف: 586، والتنبيه والاشراف: 270، 271، والاستیعاب: 4 / 1796، وتقریب التهذيب: 1 / 620، والاعلام: 4 / 165
8- الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الاموي الدمشقي، یكنا أبا العباس، امة ولادة بنت العباس العبسية، كان قليل العلم، لحن اللسان، فكان يلقب بالنبطي للحنة، بويع في بعهد من ابيه، تولى الخلافة سنة (86 ه) عندما مات أبوه، فتح بوابة الاندلس، وبلاد الترك، وأنشأ جامع بني أمية في دمشق، مات سنة (95 ه) ينظر: المعارف 359، وتاريخ اليعقوبي 2 / 283، والاستیعاب: 3 / 984، وسير أعلام النبلاء: 4 / 347، 348، وفوات الوفيات: 2 / 588، 589

وسلیان(1)ویزید(2)وهشام(3)، ولم يل الخلافة من بني أمية ولا من غيرهم أربعة أخوة إلاَّ هؤلاء(4)، وعندي أنه يجوز أن يعني به بنو مروان لصلبه وهم عبد الملك، وعبد العزيز(5)

ص: 9


1- سلیمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الاموي، يكنى أبا أيوب، وأمة ولادة أم أخيه الوليد، ولد بدمشق سنة (54 ه) وولي الخلافة يوم وفاة أخية الوليد سنة (96 ه)، وفي عهده فتحت جرجان، وطبرستان، وكانتا في أيدي الترك مات في سنة (99 ه) وهو معسكر في مرج دابق من أعمال قنسرین ممدا بجيش لاخيه مسلمة في حصاره اللقسطنطينية، وكانت مدة خلافته سنتان وثمانية أشهر إلا أياماً. ينظر: المعارف: 360، والتنبيه والاشراف: 275، ووفیات الاعیان: 2 / 420، و الاعلام: 3 / 130
2- یزید بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، يكنى أبا خالد، وأمه عاتكة بنت یزید بن معاوية بن أبي سفيان واليها ينسب، ولد سنة (71 ه)، بويع بالخلافة له سنة (101 ه)، فحكم بعد عمر بن عبد العزيز، وكان صاحب لهو وطرب وهزل، توفي بارض البلقاء، وقيل بعمان سنة (105 ه) وكان حكمة أربع سنوات وشهرا وحداً. ينظر: أنساب الاشراف: 8 / 244، 243، وتاريخ الطبري: 5 / 324، وفوات الوفيات: 2/ 937، وتاریخ الخلفاء: 268، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب: 1 / 128
3- هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، يكنى أبا الوليد وأمه فاطمة بنت هشام بن اسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة، ولد سنة قتل مصعب بن الزبير سنة (72 ه)، كان حازماً، صلباً وبخيلاً، وهو الذي قتل زید بن علي بالكوفة، توفي بالرصافة من ارض قنسرين سنة (125 ه). وكانت ولايته تسع عشرة سنة. ينظر: أنساب الاشراف: 8 / 367، 368، وتاريخ اليعقوبي 2 / 316، والتنبيه والاشراف :379، وفوات الوفيات: 2 / 579
4- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 118
5- عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الاموي، یکنی، أبا الاصبغ، ولد بالمدينة، وولي امرة مصر لأبيه مروان، في سنة (65 ه)، ولما وقع بمصر الطاعون غادر الى حلوان فأعجبته واتخذها سكناً له، وتوفي بها سنة (85 ه). ينظر: المعارف: 355، والعبر في خبر من غبر: 1 / 99، والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: 1 / 171 - 174، والاعلام: 4 / 28

وبشر(1)ومحمد(2)أما عبد الملك فولى الخلافة، وأما بشر فولى العراق، وأما محمد فولى الجزيزة، وأما عبد العزيز فولى مصراً، ولكل منهم آثار مشهورة، والولد بالتحريك مفرد وجمع، ولعل الحمل على الثاني أولى واليوم الاحمر الشديد، ويقال للسنة المجدبة سنة حمراء، وفي بعض النسخ (موتاً أحمر)(3)وهو كناية عن القتل.

[وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَلاَمُ)] لَمّا عَزَمُوا عَلى بِيعَة عُثْمانَ

(لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّی أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَیْرِی، وَوَ اَللَّهِ لَأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ اَلْمُسْلِمِینَ؛ وَلَمْ یَکُنْ فِیهَا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَیِّ خَاصَّةً، الْتِمَاساً لِأَجْرِ ذَلِكَ وَفَضْلِهِ، وَزُهْداً فِیمَا تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَزِبْرِجِهِ) صيغة التفضيل(4)هاهنا على نهج

ص: 10


1- بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الاموي القرشي، يكنى أبا مروان، ولي الكوفة، ثم ضمت اليه البصرة فوليها لأخيه عبد الملك سنة (74 ه)، وهو أول أمير مات بالبصرة، وكانت وفاته سنة (75 ه). ينظر: المعارف: 355، وسیر اعلام النبلاء: 4 / 145، 146، والاعلام: 2 / 55
2- محمد بن مروان بن الحكم بن العاص الاموي، ولاه اخوه عبد الملك الجزيرة، وارمينية واذربيجان، قاتل الخوارج، واشتهر بقوة البأس، وكانت له حروب مع الروم، وهو قاتل مصعب بن الزبير وابراهيم الأشتر بدير الجاثليق بين الشام والكوفة. ينظر: المعارف: 355، لسان الميزان: 5 / 375، والاعلام: 95
3- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 307، وفيه: (وروي: موتاً أحمر)
4- (التفصيل) في م

قوله تعالى: «قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ»(1)کما سبق مراراً، واستعمالها على هذا الوجه كثير في كلامه (عليه السّلام)، والضمير في (بها) راجع الى الخلافة السابقة في سابق الكلام، أو المعلومة بالمقام، والتسليم الانقياد، والجور الظلم، والجور عليه (عليه السّلام) خاصة غصب حقه، وفيه دلالة على أنَّ خلافة غيره جور مطلقاً فلا يدل على التفضيل(2)بل ينافيه، والتسليم على التقدير المفروض وهو سلامة أُمور المسلمين، وإن لم يتحقق مقدم الشرطية لرعاية مصالح الاسلام والتقية والتاسا مفعول له للتسليم، والالتماس هو الطلب والزهد خلاف الرغبة، والنفيس الجيد المرغوب فيه، أو المال الكثير والتنافس الرغبة فيه للانفراد به، والزُخرف بالضم (الذهب)(3)، (وكمال حسن الشيء)(4)، وزخرف الأرض (ألوان نباتها)(5)، و(الزبرج بالكسر: الزينة)(6)، والضمير المذكور راجع الى هذا الأمر وفيه دلالة على أن رغبة غيره فيه للدنيا.

[وَمِن كَلامٍ لَهُ (عَلَیهِ السَلاَمُ)] لَمَا بَلَغهُ اِتهامُ بَني أُميَةَ لَهُ بِالمُشارَكة فِي دَمِ عُثمَان

اتهمه بكذا ظن فيه ما نسب إليه وأصله من الوهم (أَوَ لَمْ يَنْهَ أُمَيَّةَ(7)

ص: 11


1- الفرقان / 15
2- (التفصيل) في م
3- تاج العروس، مادة (زخرف): 12 / 246
4- المصدر نفسه، مادة (زخرف): 12 / 246
5- المصدر نفسه، مادة (زخرف): 12 / 246
6- المصدر نفسه، مادة (زبرج): 3 / 387
7- (ميه) في ع، (بني أمية) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 136، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 114

عِلْمُهَا بِيِ عَنْ قَرْفِيِ! أَوَ مَا وَزَعَ الجُهَّالَ سَابِقَتِيِ عَنْ تُهمَتِيِ! وَ لَمَا وَعَظَهُم اَللّهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِيِ) قَرَفة كضَرَبه أي: أتَّهمُهُ(1)، ووزعه عنه صرفه وكفه(2)والسابقة الفضيلة والتقدم وفلان له مسابقة في هذا الأمر أي: سبق الناس إليه، والتهمة بفتح الهاء الاسم من اتهمه بكذا والمراد باللسان القَوْلُ (أَنَا حَجِيجُ المَارِقِينَ، وَخَصِيمُ المُرْتَابِينَ(3)الحجة الدليل والبرهان، والحجيج (المحاجج)(4)والمغالب(5)بإظهار الحجة، والمارقون الذين يخرقون الدين ويتعدونه كما يخرق السهم الشيء المرمي به ويخرج منه، والخصيم المخاصم، وارتاب أي: شك، وهذه المحاجة والمخاصمة أما في الآخرة أو في الدنيا والآخرة، والمارقون هم الخوارج أو كل جاحد، والمرتابون الشاكون في الدين أو [في](6)امامته (عليه السّلام) أو في الحقّ مطلقاً (عَلىَ(7)كِتَابِ اللهِ تَعَالى(8)تُعْرَضُ الْأَمثَالُ وبِما فِي الصُّدُورِ تُجَازَي الْعِبَادُ)، قال بعض الشارحين: روی مرفوعاً عن النبي (صلى الله عليه وآله) أَنه سئل عن قوله تعالى: «

ص: 12


1- ينظر: الصحاح، مادة (قرف): 4 / 1415
2- ينظر: تاج العروس، مادة (وزع): 11 / 507
3- (الناكثين المرتابين) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 136، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 114
4- (المحاحج) في ح، تصحيف
5- (الغالب) في ع
6- [في] ساقطة من أ، ع
7- (وعلى) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 136، ونهج البلا البلاغة، صبحي الصالح: 114
8- (تعالى) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 136، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 114

هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ»(1)، فقال: علي وحمزة وعبيدة(2)وعتبة وشيبة والوليد(3)، وكانت حادثتهم أول حادثة وقعت فيها مبارزة أهل الايمان لأهل الشرك، وكان المقتول الأول بالمبارزة الوليد بن عتبة(4)قتله علي (عليه السّلام) ضربه على رأسهِ (فبدرت)(5)عَينَاهُ عَلى وَجْنَتيه(6)فَقَال النّبي (صلى الله عليه وآله) فيه وفي أصحابه ما قال وكان علي (عليه السّلام) يكثر من قوله: (أنا حجيج المارقين)، ويشير(7)الى هذا المعنى واشار الى ذلك بقوله: (على كتاب الله تعرض الامثال)، يريد قوله تعالى: «هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ»(8)(9)، وقال بعضهم: لما كان في أقواله وأفعاله (عليه السّلام) ما يشبه الأمر بالقتل أو فعله فأوقع في نفوس الجهال شبهة القتل نحو(10)ما روى عنه (عليه السّلام): [الله](11)قتله وأنا معهُ، وکتخلفه في داره عن الخروج يوم قتل، فقال ينبغي أن يعرض ذلك على كتاب الله فإنَّه عليه تعرض الأمثال والأشباه فإن دلّ على كون شيء من ذلك قتلاً فليحكم

ص: 13


1- الحج / 19
2- (عبيد) في ح، ر، م
3- أسباب النزول، الواحدي (ت 468 ه): 317
4- (الولید بن عقبة) في ث، ح
5- (فَنَدَرتْ) في أ، ث، ح، ر، ع، م
6- (وجنته) في ح، وفي ر (وجنيه)
7- (تسير) في أ، ع
8- الحج / 19
9- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 137
10- (مثل) في أ، ع
11- [الله] ساقطة من أ، ع

به وإلا فلا، ولن يدل أبداً(1)، فليس لهم أن يحكموا به(2)، ويحتمل أن يراد بالأمثال الحجج أو الأحاديث ذكرهما في القاموس(3)/ ظ 80 / أي: ما احتج به في مخاصمة المارقين والمرتابين، وما يحتجون به في مخاصمتي ينبغي عرضه على كتاب الله حتى يظهر صحتها وفسادهما، أو ما يسندون إليّ في أمر عثمان وما يروى [...](4)في أمري وأمر عثمان يعرض على كتاب الله، وبما في الصدور أي بالنيات والعقائد خيرها وشرها أو بما يعلمه الله من مكنون الضمائر لا على وفق ما يظهره (المتخاصمان)(5)عند الاحتجاج ويستندان(6)إليه [من الحجة](7)في صحة العقائد وحسن الاعمال (يجازي)(8)الله العباد ويكافئهم.

[وَمِن خُطبَةِ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)]

(رَحِمَ اَللّهُ امْرَأً سَمِعَ حُكْماً وَعَي، وَدُعِيَ إِلَي رَشَادٍ فَدَنَا، وأَخَذَ بِحُجْزَهِ هَادٍ فَنَجَا) في بعض النسخ (رَحِمَ اَللهُ عَبْداً)(9)وَالحُكم بالضم العلم والفقه والكلام الحق الذي ينتفع به ومنه: (إنّ من الشّعر لَحُكماً)(10)، ووعى أي: حفظ

ص: 14


1- (بدلا) في م
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 207
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (مثل): 4 / 49
4- [أي] زائدة في ح
5- (المتخاصمون) في أ، ع، وفي ح،(المتحاصمان)، تصحيف
6- (يسندان) في ح
7- [من الحجة] ساقطة من ع
8- (نجازي) في ح، تصحيف
9- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 299
10- المغني، عبد الله بن قدامة (ت 620 ه): 12 / 43، وجامع أحاديث الشيعة، البروجردي (ت 1383 ه): 6 / 190، و (إن من الشعر حكماً) في مسند الامام أحمد بن حنبل: 1 / 269، و (إن من الشعر حكمة) في السنن الكبرى، البيهقي: 10 / 237، و (إن من الشعر لحكمة) في المجموع، النووي: 7 / 358

علماً أو علماً وعملاً، والرَشاد بالفتح الاهتداء، ودنا أي: قرب الى الداعي أو الى الحق، والحُجزة(1)بالضم موضع شد الإزار(2)، ثم قيل: للإزار حجزة للمجاورة، والأخذ بالحجزة مستعار للاعتصام والالتجاء والتمسك بأحد، ونجا أي: خَلَصَ من الضّلالة وعواقبها (ورَاقَبَ(3)رَبَّهُ، وَخَافَ ذَنْبَهُ، قَدَّمَ خَالِصاً، وَعَمِلَ صَالِحاً) المراقبة الترصد والحراسة والمحافظة ومراقبة الربّ الترصد لأمره والعمل به والإقبال بالقلب إليه، والخالِص العمل الذي لا يشوبه(4)رياءٍ(5)ونحوه، وتقديمه فعله قبل: إن يخرج الأمر من اليد، وبعثه الى دار القرار قبل الخروج إليه. (اكتَسَبَ مَذخُوراً، وَاجتَنَبَ مَحذُوراً، رَمَي غَرَضاً، وَاحرَزَ عِوَضاً) كَسَبْت الشيء واكتسبته بمعنى والادخار اتخاذ الشيء وحفظه لوقت الحاجة وإنما تدخر(6)النفائس والمراد صالحات الأعمال كما أنَّ المحذور وهو ما يحترز منه سيئات الأعمال، والغرض هو الهدف والمراد برمي الغرض اصابة الحق كمن رمى الغرض في المرماة ففاز بالسبق وهو المراد باحراز العوض وهو الفوز بالثواب أو المراد ان يقصد بفعله غرضاً

ص: 15


1- (بحجرة) في ث، ر، تصحيف
2- ينظر: تاج العروس، مادة (حجز): 8 / 42
3- (رقب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 138، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 115
4- (يسوبة) في ر، تصحيف
5- (دماء) في ر، تحريف
6- (يدخر) في أ، ث، ح، ع، تحريف، و (يدخو) في ر، تحريف

صحيحاً ولا يكون عابثاً(1)لاهياً كمن يرمى في عمياء لا يقصد شیئا على ما قيل، وقول بعض الشارحين: أي يرمي في أغراض الدنيا عن درجة الاعتبار، ويدخر في جوهر نفسه ملكات الخير(2)بعيد (كَابَرَ هَوَاهُ، وَكَذَّبَ مُنَاهُ. جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ، وَالتَّقْوَی عُدَّةً وَفَاتِهِ) المكابرة الاستنكاف عن قبول قول أحد والانقياد له وأصلها المغالبة في الكبر بمعنى العظمة والتجبر، وروی کاثر بالثاء المثلثة أي: غالب في الكثرة والهوى إرادة النفس، والمني جمع منية بالضم فيهما وهي ما يتمناه وتریده کما مَرَّ وتكذیب المعنی وعدم إطاعة النفس في إتباع الشهوات، والمطية الدابة التي تمطو في سيرها أي: تسرع، وقيل الناقة یرکب مطاها أي: ظهرها والعدة في الأصل مَا اَعددته وهيَأتهُ لحَوادث الدهرِ من مَال وسلاح وغير ذلك (رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ. وَلَزِمَا الْمَحجَّةُ(3)الْبَيْضَاءَ) الأغرّ (الابيَض من كل شيء)(4)وبياض الطريقة وضوحها والطريقة الغراء الشريعة المقدسة ولزم فلان الشيء کسمع أي لم يفارقه، والمحجة جادة الطريق ولكثرة المخاوف والمهالك في الخروج عن هذه الطريقة أمر (عليه السلام) بلزومها بعد الأمر بركوبها أي: سلوكها ولا يخفى أن الأوصاف في قوة الاَوامر (اغْتَنَمَ الْمَهَل، وَبَادَرَ الْأَجَلَ، وَتَزَوَّدَ مِنَ العَمَلِ) اغتنمه أي: اتخذه غنيمة، والمهل بالتحريك (التؤدة والرفق)(5)، وأمهله انظره والاسم المهلة،

ص: 16


1- (غائبا) في ر، م، تحریف
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 210
3- (لزم المحجة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 138
4- لسان العرب، مادة (غرر): 5 / 14
5- المصدر نفسه، مادة (مهل): 11 / 633

والمراد اغتنام الحياة التي هي مدة العمل، والمبادرة(1) المسابقة، أي: سَابق الى العمل قَبْلَ أَنْ يَحل الأجل فَيَحُولُ بَينهُ وَبينَ العملِ، أو سابق الى الأجل کما سبق في قوله (عليه السّلام) (سَابِقُوا آجالكُم بأَعْمالِكُم) وَتَزودُ أي: اتخذ الزاد والتزود من العمل أن يعمل عملا يفوز به الى حياة الأبد والثواب لا ما يكون وبالاً عليه.

[وَمِن كَلاَمِ لهُ (عَلَیه السَّلام)]

(إِنَّ بَنِي أُمَیَّةَ لَیُفَوِّقُونَنِي تُرَاثَ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وآلهِ(2)) تَفْوِیقاً، وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِیتُ لَهُمْ لَأنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ اَللَّحَّامِ) الوِذَام التَّرِبَةَ وَيُروَى(3)التِرَّابَ الوَذِمة وَهُو عَلى اْلقَلبْ قَولهُ(4)(عَلَيْهِ السّلَام): لَيُفَوِّقُونَني أيْ: يُعْطُونَني مِنَ اْلمالِ قليلاً قليلاً(5)كَفُواقِ النَّاقَة، وَهُوَ اْلحُلْبَةُ الواحَدةُ مِنْ لَبَنِهَا، وَالوِذَامَ(6):

ص: 17


1- (المبارد) في ر
2- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 140، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 116
3- (قال الرضي (رحمه الله) ويروى) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6 / 140، و(قال الشريف: ويروى) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 116
4- (وقوله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 140، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 116
5- (قليلًا) غير مكررة في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 140، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 116
6- (والوذام التربة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 140، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 116

جَمِعْ وَذّمَةٍ وَهِيَ اْلحُزَّةُ(1)مِنَ الكَرِشِ أوَ الكَبْدِ تَقَعُ في التّرُاب فَتَنْفَضُ، التراث الميراث وأصل التاء واو(2)، واللحام بائع(3)اللحم، والحُزة(4)بالضم: (هي القطعة من اللحم وغيره)(5)، وقيل: خاصة بالكبد(6)، وقيل: (قطعة من اللحم قطعت طولا)(7)، والكَرْش كَكَتْف كما في النسخ وبالكسر لكل مجتر بمنزلة المعدة / و81 / للإنسان وهي مؤنثة، ونَفَضَّ الثوب وغيره تحريكه ليسقط منه التراب وغيره، وروى أن سعيد بن العاص(8)لما كان أمير الكوفة من قبل عثمان بعث إليه (عليه السّلام) بهدية وكتب إليه كتاباً وكتب إنِّي لم أبعث الى أحد أكثر مما بعثت به إليك إلاَّ أمير المؤمنين فلما أتاه الكتاب وقرأه قال: لشد ما تحظر على (بنو)(9)أمية تُرَاثُ (مُحَمد صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ) أمَا وَاللهَ لئِنَ وَلَيِتُها لَأنْفَضّنَّها نَفضُ القصّابِ التِرَاَبَ اْلوَذمة، وقال ابن الاثير في النهاية(10): التراب جمع تِرَبْ تخفيف ترب يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب، والوذمة المنقطعة الأوذام وهي السيور الذي يشد بها عرى الدلو،

ص: 18


1- (الخُرة) في ث، م
2- ينظر: الاصول في النحو، ابن السراج (316 ه): 3 / 269، والتكملة: 571، والتصريف الملوكي: 149
3- (تابع) في ث، وفي ر: (نابع) تصحيف
4- (الخُرة) في ر، م
5- النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 377
6- ينظر: لسان العرب، مادة (حزز): 5 / 334
7- الصحاح، مادة (حزز): 3 / 873
8- (بن بن الغاص) في أ، وفي ث: (سعد بن العاص)
9- (بنو) في ح، تحريف
10- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 185، وفيه (... سأني شعبة عن هذا الحربي فقالت:...)

قال الاصمعي سألت شعبة عن هذا الحرف(1)فقال: ليس هو هكذا إنَّما هو نفض القصاب الوذام التربة وهي التي قد سقطت(2)في التراب، وقيل(3): الكروش كلها تسمى تربة؛ لأنها يحصل(4)فيها التراب من المرتع، والوذمة التي أخمل باطنها والكروش وذمةً؛ لأنها مخملة، ويقال: لخملها الوَذِم ومعنی الحديث لئن وليتم لاطهرنهم(5)من الدنس ولا طيبنهم من الخبث(6)، وقيل أراد بالقصاب السبعُ والتراب أصل ذراع الشاة، والسبع إذا أخذ الشاة قبض على ذلك المكان ثم نفضها(7). انتهى. والظاهر أنَّ المراد من النفض(8)منعهم من غصب الأموال وأخذ ما في أيديهم من الأموال المغصوبة ودفع بغيهم وظلمهم ومجازاتهم بسيئات أعمالهم.

[وَمِن كَلِماتِ كَانَ يَدعُو بِها (عَلَيهِ السَّلام)]

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّی فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ لي بِالْمَغْفِرَةِ(9).

ص: 19


1- (الحرب) في ث، ر، م
2- (سبقت) في أ، ع، تحریف
3- (فبل) في أ، ع
4- (تحصل) في أ، ع تصحيف
5- (لاظهر نهم) في أ، ع تصحيف
6- (الخت) في أ، (الحبت) في ر، في م: (الجبت)
7- (نقضها) في ع
8- (النقص) في أ، تصحيف
9- (علِّي بالمغفرة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 142، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 116

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَیْتُ مِنْ نَفْسِي، وَلَمْ تَجِدْ(1)لَهُ وَفَاءً عِنْدِي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيِ مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَیْكَ(2)ثُمَّ خَالَفَهُ قَلْبِي) الوأي: (الوعد)(3)والضمان، وما مصدرية، والمراد بعدم الوفاء بالوعد مخالفة النّذر والعهد ونحوه أو ترك الإنسان ما أضمر في نفسه من فعل الخير، ومخالفة القلب فيما يقرب(4)به إلى الله أن يقصد في عمل الخير رئاء وسمعة أو غرضاً(5)ينافي خلوصه لوجه الله تعالى أو(6)أن يقول باللسان إني أعمل صالحاً كان يعد مسلَّما بالإحسان أو غير ذلك ثم يخالفه(7)لميل القلب إلى تركه كما هو الظاهر مما في بعض النسخ (ما تقربت به إليك بلساني)(8)، والفرق بينه(9)وبين الوعد السابق بأن يحمل الأول على الوعد القلبي أو بتخصيص الثاني بما يتعلق بالعباد والأول بحقوق الله (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ، وَسَقَطَاتِ الْأَلْفَاظِ، وَشَهَوَاتِ الْجِنانِ(10)

ص: 20


1- (نجد) في ع، تصحيف
2- (إليك بلساني) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 142، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 116
3- لسان العرب، مادة (وأي): 15 / 376
4- (تقرب) في ر، م، تصحيف
5- (عرضا) في أ، ع، تصحيف
6- (و) في ع، تصحيف
7- (يخالف) في ع
8- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 309، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 142، ووشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 213
9- (بينه) ساقطة من ر
10- (وسهوات الجنان) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 142، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 117

وَهَفَوَاتِ اللِّسَانِ) الرمز الاشارة أو الایماء بالشفتين أو العينين أو الحاجبين أو الفم أو اليد أو اللّسان والمراد هاهنا الاشارة بالعين، واللحظ النظر بشق العين الذي يلي الصدغ، وهو أشد التفاتا من الشزر(1)، والملاحظة مفاعلة منه والغرض الإشارة بالعين للأغراض الخارجة عن حدود الشريعة کالاستهزاء بأحد وإيذائه والظلم عليه، والسَقطة(2)بالفتح العثرة والزلة، والشهوة الرغبة في الشيء وحبه، والجَنان بالفتح القلب وشهواته رغباته إلى الباطل، وفي بعض النسخ (سهوات الجنان)(3)بالسين(4)المهملة أي: السهوات الناشئة من التفريط وقلة المبالاة، وقال بعض الشارحين: أي الخواطر المخالفة لأمر الله التي لا يشعر القلب بتفصيلها وقد يستتبع حركة بعض الجوارح الى فعل خارج عن حدود(5)الله(6)، قال: وذلك وإن كان لا يوجب(7)أثرا في النفس ولا يؤخذ به إلا أنَّه ربما يقوى لقوة أسبابه وكثرتها فتقطع(8)العبد عن سلوك سبيل الله(9)، وفيه تأمل وهفوات اللسان زلاته، ويمكن أن يراد بالسقطات الأقوال الباطلة الناشئة عن تعمد أو يكون الهفوات كالتأكيد لها واستغفاره

ص: 21


1- (الشرز) في ث، ر، م، تصحيف
2- (والسقط) في أ، ع
3- نهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 309، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 142
4- (بالشين) في ر
5- (جدود) في م، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 214
7- (توجب) في أ، ع، تصحيف
8- (فيقطع) في أ، ع، تصحيف
9- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 214

(عليه السلام) من الأمور المذكورة مع عصمته عن الخطأ والزلل مؤول كاعتراف الأئمة (عليهم السّلام) في الأدعية بالمعاصي والآثام أما بأن يكون المطلوب في الاستغفار مغفرتها على تقدير وقوعها أي: لو صدر عني شيء منها فأغفره لي وصدق الشرطية لا يستلزم تحقق المقدم والمراد في الاعتراف الصريح لو لم تعصمني لفعلت ولا ينافيه الامتناع مع العصمة وأمَّا بأن يكون الكلام مسوقا لإنشاء الخضوع لا للإخبار بالوقوع صريحاً أو ضمنا أو بأن يحمل المعصية على ترك الأولى والاشتغال بالمُباحَات، أو بأن يكون المراد إني من جهة البشرية أهل لارتكابها أو بأن يكون الغرض تعليم الخلق، وفي بعضها نوع من الخفاء والله سبحانه يعلم مقاصد أوليائه.

[وَمِن كَلاَمٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)] قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير الى الخوارج

فقال(1)له: يا أمير المؤمنين إن سرت(2)في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر(3)بمرادك / ظ 81 / من طريق علم النجوم وروى أنَّ هذا القائل كان عفيف بن قیس(4)أخا الاشعث بن قيس وكان يتعاطى علم النجوم وظفر بمطلوبه

ص: 22


1- (وقد قال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 160، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 117
2- (ان سرت يا أمير المؤمنين) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 160، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 117
3- (ألا تظفر) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 160، وغير موجوده في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 117
4- ويقال له عفيف بن قيس بن معد يكرب الكندي،، ويقال عفيف بن معد یکرب، ويقال عفيفاً الكندي الذي له صحبه غير عفيف بن معد یکرب، وقيل انهما واحد، وذكر الصفدي ان عفيف بن قيس الكندي هو أخو الاشعث بن قیس لامه وابن عمه. ينظر: الاستیعاب: 3 / 1241، الوافي بالوفيات: 2 / 58، وتهذيب التهذيب: 7 / 210، ومعجم الرجال والحديث، محمد الانصاري: 1 / 151

کفرح أي فاز، فقال (عَلَيْهِ السَّلام): (أَتَزْعُمُ أَنَّك تَهْدِي إِلَی السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِیهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ، وَتُخَوِّفُ السَّاعَةِ(1)الَّتي مَنْ سَارَ فِیهَا حَاقَ(2)بِهِ الضُّرُّ! فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهذَا فَقَدْ کَذَّبَ الْقُرْآنَ، وَاسْتَغْنَی عَنِ اَلْاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِيِ نَیْلِ الَمحْبُوبِ وَدَفْعِ الْمَکْرُوهِ) يزعم کينصر أي: يقول أو هو قريب من معنی يظن(3)وأكثر ما يستعمل في الباطل والحديث الذي لا سند له، وحاق(4)به الأمر أي: لزمه ونزل به، والضُر بالضم: سوء الحال ومن صدقك بهذا أي: في هذا وكون هذا التصديق تكذيباً للقرآن لادعائه العلم الذي هو عند الله کما يظهر مما رواه الصدوق رحمه الله في الخصال(5)، ورواه الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(6)وفي خبر مسيره (عليه السّلام) إلى النهروان وقد انساق الكلام إلى قوله، فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): تدري ما في بطن هذه الدابة أذكر أو انثى، قال إن حسبت علمت، قال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): من صدقك على هذا القول کذّبَ بالقرآن(7)«إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ

ص: 23


1- (من الساعة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 160، وغير موجودة في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 117
2- (خاف) في ع، تصحيف
3- (بطن) في ح، تصحيف
4- (خاف) في ع، تصحيف
5- ينظر: الخصال، الصدوق: 290
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 160
7- (القرآن) في ع

الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»(1)، والظاهر على ما في هذه الرواية أنَّ المشار إليه المنافي للقرآن هو ادعائه علم ما في بطن الدابة أنه ذكر أو أنثى، وأما على ما في المتن فيمكن أن يكون المشار إليه دعواه علم الساعتين المنافي لقوله عز وجل: «وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا»(2)و(3)لقوله سبحانه: «قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ»(4)، وقوله عز وجل: «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ»(5)وما يفيد مثل ذلك المعنى، وأما ما ثبت من أخبار النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وسائر الائمة (عليهم السّلام) بما سيكون من الخمسة المذكورة في الآية الأولى وغيرها من الغائبات فإنَّما هو تعلم من ذي العلم کما صرح به أمير المؤمنين (عليه السّلام) في بعض كلماته لا يقال علم النجوم أيضاً من هذا القبيل وقد دل بعض الأخبار على أنَّ له أصلا وإنَّه مما علمه الله بعض أنبيائه فكيف يكون تصدیق المنجم تکذیباً للقرآن لأنا نقول لا يظهر مما ظفرنا(6)به من الأخبار أزيد من أن هذا العلم أصلاً وأما أن ما في أيدي الناس مما علمه الله عباده فلم نجده في الأخبار بل في بعضها ما يدل على خلافه كقول الصادق (عليه السّلام):

ص: 24


1- لقمان / 34
2- لقمان / 34
3- (أو) في أ، ث، ع
4- النمل / 65، وفي أ، ح، م (ومن في الأرض) تحریف
5- الانعام / 59
6- (طفرنا) في أ، تصحيف

(لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم)(1)، وقوله (عليه السّلام): (إنكم تنظرون في شيء منها كثيرة لا يدرك، وقليلة لا ينتفع به)(2)، وقوله (عليه السّلام) لما رد الله الشمس على يوشع بن نون(3)وعلى أمير المؤمنين (عليهما السّلام): (ضل فيها علماء النجوم)(4)(وإذا لم يكن ما ادعاه المنجم مطابقا لما هو الحق لم يكن من التعلم من ذي العلم بل هو دعوى الاطلاع على الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ويمكن أن يحمل الكلام على وجه آخر، وهو أنَّ قول المنجم بأنَّ صرف السوء ولحوق الضر تابع للساعة سواء قال بأنَّ الأوضاع العلوية مؤثرة تامة في السفليات ولا يجوز أن تخلف الآثار عنها، أو قال بأنها مؤثرات ناقصة، ولكن باقي المؤثرات أمور لا يتطرق إليها التغير، أو قال بأنَّها علامات تدل على وقوع الحوادث حتما وبالجملة إذا اعتقد عدم جواز تخلف الحوادث عن الأوضاع تأثير أو دلالة أو عدم وقوع التخلف لجريان عادة الله بذلك فهو مخالف لما ثبت من الدين من أنه سبحانه يمحو ما يشاء ويثبت وإنه يقبض ويبسط ويفعل ما يشاء ولم يفرغ من الأمر

ص: 25


1- الأصول من الكافي، الكليني: 8 / 352
2- المصدر نفسه: 8 / 195
3- يوشع بن نون بن افرائم بن يوسف بن يعقوب (عليهم السلام) تولى الامر بعد موسی، سار ببني اسرائيل الى بلاد الشام وقد كان عليه الجبابرة من ملوك العماليق، وغيرهم من ملوك الشام فكانت له معهم وقائع، وفي يوم العنصرة حبس الله تعالى الشمس استجابة لدعاء يوشع بن نون کي يخلص على بقية منهم اذ خشي ان يحول الليل قبل أن يقتلهم جميعاً، ويقال ان يوشع مات وله من العمر مائة وعشرون سنة. ينظر: المعارف: 44، والتنبيه والاشراف: 170، ووفیات الاعیان: 7 / 227، 228، وشذرات الذهب: 3 / 172
4- الوافي، الكاشاني: 26 / 516

کما قالت اليهود يد الله مغلولة والظاهر من حال المنجمين السابقين وكلماتهم جلهم أو كلهم أنَّهم لا يقولون بالتخلف وقوعاً أو امكاناً فيكون تصديقهم مخالفاً للتصدیق بالقرآن وما علم من الدين من هذا الوجه ولو كان منهم من يقول بجواز التخلف ووقوعه بقدرة الله واختياره(1)وبأنَّه يزول نحوسة(2)الساعات بالتصدق والدعاء والتوسل إليه سبحانه وينقلب السعد نحساً والنَحس سعداً كما يظهر من الاخبار، وبأنَّ الحوادث لا يعلم وقوعها بعد تحقق الأوضاع إلا إذا علم / و82 / أنَّ الله سبحانه لم يتعلق حکمته بتغيير دلالتها وتبدیل احكامها كان كلامه (عليه السّلام) مخصوصاً بمن قال بتحتم الدلالة أو التأثير كما سبق وحينئذ يكون محط الفائدة في الكلام قوله (عليه السلام): صرف عنه السوء وحاق به الضر أي: حتماً لا يقال حينئذ (تقل)(3)فائدة(4)علم النجوم بل ترتفع(5)وأي طريق إلى العلم بعدم تطرق التغيير إلى الاحكام فأي فائدة في تعليم الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) علم النجوم كما يظهر من بعض الاخبار لأنا نقول: لعل الله عز وجل جعل لهم سبيلاً بالوحي أو غيره إلى التخلف وعدمه، وقلة الفائدة أو عدمها في علم الناس وضعف العمل بها يستنبطونه من الأحكام لا فساد فيه على أن كثرة الوقوع لو كان إلى العلم بها سبيل للناس نوع من الفائدة، ولعله لابد من اعتبار

ص: 26


1- (واحتياره) في ع، م، تصحيف
2- (نحوسته) في ح، ر، م
3- (يقل) في أ، ح، ر، ع، تصحيف
4- (فانة) في ث، تحریف
5- (يرتفع) في أ، ر، ع، م، تصحيف

التحتم على الوجه الأول أيضاً حتى يظهر وجه الاستغناء عن(1)الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه ويمكن ارجاع المضادة للقرآن على هذا الوجه أيضاً إلى العلم فإنه إذا لم يكن العلم الذي علمه الله من علمه بمجرده مفيداً للعلم الحتمي بوقوع الكائنات من الخير والشر كان زعم الناس علمهم به من ادعاء علم الغيب وما خَصَّ بهِ سُبحَانَهُ (وينبغي(2)فِي قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ یُولِیَكَ الْحَمْدُ دُونَ رَبِّهِ لِأَنَكَ - بِزَعْمِكَ - أَنْتَ هَدَیْتَهُ إِلَی السَّاعَةِ الَّتِي نَالَ فِیهَا النَّفْعَ، وَأمِنَ الضُّرَّ) في قولك أي على [قولك أي بسبب قولك(3)](4)أو هي للظرفية المجازية ويوَليك بفتح الواو وتشديد اللام أو بسكون الواو وتخفيف اللام أي: يقربك من الحمد من الولي بمعنى [القرب](5)، أو [هو](6)من قبيل قولك: ولاه الأمير عمل كذا، وولاه بيع الشيء أي قلده إياه، والمقصود أن يجعلك ولياً للحمد وأهلاً لَهُ، والضَر في بعض النسخ بالفتح، وهو ضد النفع وبالضم سوء الحال، وقيل بالفتح مصدر وبالضم اسم (ثُمَّ أَقْبلَ (عَلَیهِ السَّلام) علَی الناسِ فقال: أَیُّهَا النَّاسُ، إِیَّاکُمْ وَتَعلُّم النُّجُومِ إِلَّا مَا یُهْتَدَی بِهِ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، فَإِنهَا تَدْعُو إِلَی الْکَهَانَةِ؛ المُنجِّمُ کَالْکاهِنِ، وَالْکاهِنُ کالسَّاحِرِ، والسَّاحِرُ کَالْکَافِرُ، وَالْکَافِرُ فِي النَّارِ؛ سِیرُوا عَلَی اسْمِ اللَّهِ) وفي بعض النسخ (وعونه) اشار سبحانه إلى الاهتداء بالنجوم في البر والبحر بقوله عز

ص: 27


1- (على) في أ، ع، تحریف
2- (تبتغي) في ح، وفي شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 160
3- (في قولك أو بسبب قولك) في ح، وفي ر: (في قولك أي على قولك أو بسبب قولك)
4- [قولك أي بسبب قولك ساقطة من ث
5- [القرب] ساقطة من ث
6- [هو] ساقطة من أ، ع

من قائل: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ»(1)، والكَهانة بالفتح کما في النسخ مصدر قولك: کهُن بالضم أي: (صار کاهناً)(2)، و(يقال: کهن یکهن کهانة، مثل: كتب يكتب كتابة إذا تكهن)(3)، والحرفة الكِهانة بالكسر(4)، وهو(5)عمل يوجب طاعة بعض الجان له بحیث (تأتيه)(6)بالأخبار(7)الغائبة، وهو قريب من السحر، قيل: قد كان في العرب کهنه کشقٍ(8)وسطيحٍ(9)وغيرهما فمنهم من كان يزعم أن

ص: 28


1- الأنعام / 97
2- الصحاح، مادة (کهن): 6 / 2191
3- المصدر نفسه، مادة (کهن): 6 / 2191
4- ينظر: لسان العرب، مادة (کهن): 13 / 362
5- (هي) في أ، ث، ر، ع، تحریف
6- (يأتيه) في أ، ث، ح، تصحيف
7- (الاخبار) في ث، ح
8- شق بن صعب بن شاکر بن رهم القسري البجلي الانماري الازدي، كاهن جاهلي، يذكر انه كان نصف انسان له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة لذلك سموه شقاً وهو من معاصري سطيح يقال انهما ولدا في يوم واحد وقد، كان يستدعي احياناً للاستشارة، او تفسير الاحلام، وقد عمر طويلا، يقال انه عاش ستمائة سنة، توفي سنة (55 ق ه). ينظر: وفیات الاعیان: 2 / 231، وکشف الظنون: 2 / 1524، والاعلام: 3 / 170
9- هو ربیع بن ربيعة بن مسعود بن عدي بن ذئب بن محجن، من بني مازن، من الازد، کاهن جاهلي غساني، من المعمرین، یعرف بسطيح؛ لانهم يقولون عنه بأنه كان منبسطاً مسطحاً على الارض لا يقدر على قيام ولا قعود، فما كان فيه عظم سوی رأسه، توفي في الشام سنة (52 ق ه). ينظر: اکمال الكمال: 6 / 2191، وتاريخ مدينة دمشق: 68 / 72، واللباب في تهذیب الانساب: 1 / 532، وکشف الظنون: 2 / 1524، والاعلام: 3 / 14

له تابعاً من الجن ورئياً يلقى إليه الاخبار، ومنهم من(1)كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب [و](2)يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف(3)کالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما [وفي بعض الاخبار أن الكهانة في وجوه شتی فراسة العين وذكاء القلب ووسوسة النفس وفطنة الروح مع قذف في قلبه لأن ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة وذلك(4)يعلمه الشيطان ويؤدية الى الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراق وكان الشيطان قبل ان يمنع عن استراق السمع يسترق الكلمة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيقذفها(5)الى الكاهن فإذا زاد(6)كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل ومذ منعت الشياطين(7)عن استراق السمع انها يؤدي(8)إلى کُهانها(9)أخبار مما يحدث في البعد من الحوادث من سارق سرق وقاتل قتل وما يتحدث الشياطين به ويحدثونه وهم بمنزلة الناس أيضاً صدوق وكذوب](10)، ودعوة علم النجوم إلى الكهانة أما لأنَّه يخبر أمر المنجم الى الرغبة في تعلم

ص: 29


1- (قد) في ح
2- [و] ساقطة من أ، ث، ر، ع
3- (العراق) فيع وفي ر: (الغراف)، تصحيف
4- (فذلك) في ث
5- (فقدفها) في ث
6- (راد) في ث
7- (الشيطان) في ث
8- (تؤدي) في ث، تصحيف
9- (كونها) في ث، تحریف
10- [وفي بعض الاخبار...] ساقطة من ح، ر، م

الكهانة و التكسب به أو ادعاء مايدعيه الكاهن والساحر(1)، قيل هو كلام أو كتابة أو رقية أو أقسام وعزائم ونحوها يحدث بسببها ضرر على الغير، ومنه عقد الرجل عن(2)زوجته والقاء البغضاء بين الناس، ومنه استخدام الملائكة والجن واستنزال الشياطين في كشف الغائبات وعلاج المصاب واستحضارهم وتلبسهم ببدن صبي أو امرأة وكشف الغائب على لسانه والظاهر أنه لا يختص بالضرر، ويظهر من بعض الأخبار أنَّ من السحر ما يشبه الطب(3)ومنه [...](4)[الخطفة والسرعة والمخاريق والخفة(5)ومنه ما يأخذه أولياء الشياطين عنه وان من تسبيح الملكين هاروت وماروت لو فعل الانسان كذا لكان كذا ولو عالج بكذا لصار كذا، اصناف سحر فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما وهما موضع ابتلاء وموقف / ظ 82 / فتنة ويقولان انما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم وإن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين ويسفك بها الدماء ويهدم بها الدور ويكشف بها الستور وأن أقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب فإنَّ الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك العلاج فأبرأ](6)ووجه الشبه في تشبيه المنجم بالكاهن إما لاشتراك في الإخبار عن الغائبات، أو في الكذب والإخبار بالظن والتخمين والاستناد إلى الإمارات

ص: 30


1- (والسحر) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والصواب ما اثبتناه
2- (على) في م
3- (الطيب) في ح، تحریف
4- [ما] زائدة في ح
5- (الحفة) في أ، ع، تصحيف
6- [الخطفة...] ساقطة من ر، [] بياض في ح

الضعيفة والمناسبات السخيفة، أو في العدول والانحراف عن سبيل الله وترغيب(1)الناس بالتمسك في نيل المأرب بأسباب خارجة عن حدود الشريعة وصدهم عن التوسل الى الله بالدعاء والصدقة والطاعة وتفويض الأمر إليه، أو في البعد عن رحمة الله، أو غير ذلك ولعل بعض الوجوه هو الوجه في التشبيهين(2)الأخيرين والمشبه به في التشبيهات أقوى ونتيجة المجموع دخول النار، ويمكن أن يكون قوله (عليه السّلام) والكافر في النار اشارة الى وجه الشبه والمراد إما الخلود، أو الدخول، ولعله أظهر وإن كان الكافر مخلداً، فتدبر. أقول قد ذكر السيد النبيل علي بن موسى المعروف بابن طاوس(3)(رحمه الله) هذه الرواية في رسالة النجوم وبالغ في تضعيفها وردها بالطعن في سندها ومتنها ولنذكر بعض كلماته بنوع من الاختصار وما يرد عليها تحقيقاً للمقام، قال بعد حكاية الرواية عن كتاب نهج البلاغة: رأيت فيما وقف(4)عليه في كتاب عيون الجواهر تأليف أبي جعفر محمد بن بابويه (رضوان الله عليه) حديث المنجم مسنداً قال: حدثني محمد بن علي ماجيلويه (رضی الله عنه) قال حدثني عمي محمد بن أبي القاسم عن(5)محمد بن علي القرشي عن نصر بن مزاحم المنقري عن عمر بن سعد عن يوسف بن یزید عن عبد الله بن عوف بن الأحمر، قال: لما أراد أمير المؤمنين (عليه السّلام) المسير الى النهروان أتاه منجم، وذكر حديثه يعني ذكره محمد بن

ص: 31


1- (وترغب) في ر
2- (التشبهين) في ح
3- ينظر: فرج المهموم، ابن طاووس: 57
4- (وقفت) في أ، ث، ر، ع، م
5- (على) في ع

بابويه ثم قال السيد (رحمه الله): إن في هذا الحديث عدة رجال لا يعمل علماء أهل البيت (عليهم السّلام) على روايتهم ويمنع [من](1)تجوز العمل بأخبار الآحاد من العمل بأخبارهم وشهادتهم، وفيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص مقاتل الحسين (صلوات الله عليه)، ولا يلتفت عارف بحاله الى ما يرويه أو يسند إليه(2)، قال: (وكان هذا الاسناد، وهذا الطعن مغنياً عن زيادة عليه ولكننا نستظهر في تفصيل الجواب)(3)، ثم قال: (واعلم أنه لو كانت هذه الرواية صحيحة على ظاهرها لكان مولانا علي (عليه السّلام) قد حكم في هذا على صاحبه الذي قد شهد مصنف نهج البلاغة أنَّه من أصحابه أيضاً بأحكام الكفار، أما بكونه مرتدا عن الفطرة فيقتله في الحال، أو برده عن غير الفطرة فيتوب، أو يمتنع من التوبة فيقتل(4)؛ لأنَّ الرواية قد تضمنت أن المنجم كالكافر، أو كان يجري عليه أحكام الكهنة، أو السحرة؛ لأنَّ الرواية تضمنت أنه كالكاهن والساحر وما عرفنا الى وقتنا هذا أنه حكم على هذا المنجم صاحبه بأحكام الكفار ولا السحرة ولا الكهنة ولا أبعده ولا غرره(5)بل قال: سيروا على اسم الله والمنجم من جملتهم؛ لأنَّه صاحبه وهذا يدلك(6)على تباعد الرواية من صحة النقل أو يكون لها تأويل غير ظاهرها موافق

ص: 32


1- [من] ساقطة من ح
2- ينظر: فرج المهموم، ابن طاووس: 57
3- المصدر نفسه: 58
4- (فقيل) في م، تحريف
5- (عزره) في أ، ث، ع، وفي ح: (عذره)
6- (بذلك) في ع، تحريف

للعقل(1). ويرد عليه أنه إن أراد بالطعن في الإسناد والحكم بضعف رواية الكتاب فلا وجه له؛ لأنَّها رواية مرسلة كسائر روايات الكتاب وأي طريق الى العلم بأنَّ في رحابها عمر بن سعد، وأي استبعاد في أن يكون كلامه (عليه السّلام) عند المسير الى الحرب وخطابه الجيش مروياً بطرق عديدة قد اطلع السيد الرضي (رضى الله) على طريق صحيح منها، وضعف سند الصدوق لا يدل على ضعف سنده مع أنَّ لفظ رواية الصدوق (رحمه الله) على ما في الخصال مخالف لرواية السيد (رضي الله عنه)، نعم هي في عداد المراسيل كالخطب وغيرها المذكورة في الكتاب وقد رواها الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(2)في شرح كلامه (عليه السلام) في تخويف أهل النهر عن ابن ديزيل صاحب كتاب صفين من غير اسناد ولا بأس بذكرها بلفظه لاشتماله على زيادات: قال عزم علي (عليه السّلام) على الخروج من الكوفة الى الحرورية وكان في أصحابه منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر على ثلاث ساعات مضين من النهار فإنَّك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصحابك أذى وضر شديد وإن سرت في الساعة التي / و83 / أمرتك بها ظفرت وظهرت وأصبت ما طلبت، فقال له علي (عليه السّلام): أتدري ما في بطن فرسي هذه أذكر أَم انثى، قال: إن حسبت علمت، فقال (عليه السّلام): فمن صدقك بهذا فقد كذب بالقرآن قال الله تعالى: ««إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ

ص: 33


1- ينظر: فرج المهموم، ابن طاووس: 58
2- نص متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة: 6 / 160

غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»(1)، ثم قال (عليه السّلام): إنَّ محمدا (صلى الله عليه وآله) ما كان يدعي(2)علم ما ادعيت علمه، أتزعم أنك تهدي الى الساعة التي تصيب(3)النفع من سار فيها، وتصرف عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها؟ فمن صدقك بهذا فقد استغنى عن الاستعانة بالله جل وعز في صرف المكروه عنه، وينبغي للموقن(4)بأمرك أن يوليك الحمد دون الله جل جلاله؛ لأنك بزعمك هديته الى الساعة التي يصيب(5)النفع من سار فيها، [وصرفته عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها](6)، فمن آمن بك في هذا لم امن عليه أن يكون كمن اتخذ من دون الله ضداً ونداً اللهم لا طير إلا طيرك، ولا ضير إلا ضيرك، ولا إله غيرك، ثم قال: بل نخالف(7)ونسير(8)في الساعة التي نهيتنا، ثم أقبل على الناس فقال: أيَّها الناس إياكم والتعلم للنجوم إلا ما يهتدي به في ظلمات البر والبحر، إنما المنجم كالكاهن، والكاهن كالكافر، والكافر في النار، أما والله إن بلغني إنَّك تعمل بالنجوم لأخلدنك السجن أبداً ما بقيت، ولأحرمنك العطاء ما كان لي سلطان، ثم سار في الساعة التي نهاه عنها المنجم فظفر بأهل النهر وظهر(9)

ص: 34


1- لقمان / 34
2- (تدعي) في أ، ث، ح، ر، ع، تصحيف
3- (يصيب) في ح، ر، تصحيف
4- (للموفق) في م، تحريف
5- (تصيب) في أ، ع، تصحيف
6- [وصرفته عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها] ساقطة من أ، ع
7- (يخالف) في ر، م. تصحيف
8- (وتسير) في م، تصحيف
9- (فظفر) في ر، تحريف

عليهم، ثم قال: لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها(1)المنجم لقال الناس سار في الساعة التي أمر بها المنجم وظفر وظهر، أما أنه ما كان لمحمد (صلى الله عليه وآله) منجم ولا لنا من بعده حتى فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر أيها الناس توكلوا على الله وثقوا به(2)فإنّه يكفي من سواه انتهى. وإن أراد بما ذكره الطعن في رواية الصدوق (رحمه الله) فهو متوجه إلا أن ظاهر كلامه أنَّ غرضه(3)دفع الرواية رأساً، وأما ما استند به من انَّه (عليه السّلام) لم يحكم بكفر المنجم الى آخر ما قال، فضعيف فإنَّ الظاهر من التشبيه بالكافر أنه ليس بكافر وإنما يدل على الاشتراك في وجه الشبه لا على صدق عنوان الكافر على المنجم أو مساواته له في جميع الأحكام حتى يقتله في الحال أو بعد أمتناعه من التوبة على أنه (عليه السلام) لم يشبهه بالكافر بل بالمشبه بالمشبه بالكافر وحينئذ فاجراء حكم الكافر عليه أبعد، وأما قوله ولا ابعده ولا عزره(4)ففيه أنَّه قد ظهر من رواية الشارح الايعاد بالحبس المؤبد، والتحريم من العطاء، ولم يعلم أنَّه أصر المنجم على العمل بالنجوم، حتى يستحق تعزيراً أو نكالاً، وعدم اشتمال رواية الكتاب على هذه الزيادة لا يدل على عدمها، فإنَّ عادة السيد (رضي الله عنه) الاقتصار على ما اختاره من الكلام بزعمه لا استيفاء النقل والرواية مع أن عدم النقل في مثل هذا الأمر لا يدل على العدم، وأما ما يشعر به [...](5)كلامه من أنَّ الرجل لم يكن من

ص: 35


1- [بها] ساقطة من م، وفي ر: (با) وفي ح: (به)
2- (بها) في أ، ع، تحريف
3- (عرضه) في ث، ح، تصحيف
4- (عرزه) في ر، وفي ع، م: غرره، تصحيف
5- [من] زائدة في ح

المردودين لكونه صاحبه، ففيه أنَّ الرجل على ما حكاه السيّد وغيره هو عفيف بن قيس أخو الأشعث، وهو رأس المنافقين من أصحابه، ومثير أكثر الفتن فلا [بعد](1)أن يكون صحابته كصحابة أخيه، وليس المراد من كونه من الاصحاب إلا أنَّه من الجيش(2)المشتمل على الشقي والسعيد، ثم قال: (ونحن نذكر حديث المنجم الذي عرض لمولانا علي (عليه السّلام) من دهاقين المدائن لما توجه الى الخوارج وما أظهر له مولانا (عليه السّلام) من المعرفة بعلم النجوم حتى أسلم الدهقان، وصار من أصحابه، وهي موافقة لما ذكرناه من حجج المعقول والمنقول، ومعارضة لهذه الرواية المرسلة البعيدة من كلامه (صلوات الله عليه) الباهر للعقول(3)، ويرد عليه: إنَّ رواية الدهقان التي ذكرها لا يدل على جواز تعلم النجوم او العمل بالنجوم حتى يعارض هذه الرواية، ولا يدل على أن العلم الذي في أيدي الناس هو العلم الذي له أصل بل ظاهرها خلاف ذلك، وقد قال الدهقان بعدما اشار (عليه السّلام) الى مقدمات غير معروفة في كلمات المنجمين ليس هذا العلم بما في أيدي أهل زماننا، هذا علم مادته من السماء، وقد كان غرضه (عليه السّلام) من إظهار المعرفة بهذا العلم أن يعلم الدهقان أنَّه ليس من الأمراء الجاهلين، وفي سند الرواية جهالة، وأما الحجج التي اشار اليها فلا دلالة في اكثرها على جواز العمل، والتعلم أصلا بل على أنَّ لهذا العلم(4)/ ظ 83 / أصلا، وما يدل على

ص: 36


1- (ينافي) في ع، وفي أ: (في)
2- (الجيس) في أ، وفي ث: (الحس)، وفي ح: (الحبس)، تصحيف
3- ينظر: فرج المهموم: 58
4- (العالم) في ع، تحريف

الجواز لا يخلو عن الضعف، ثم قال: ومما نذكره من التنبيه على بطلان هذه الرواية بتحريم علم النجوم، قول الراوي فيها إن من صدقك فقد كذب القرآن واستغنى عن الاستعانة بالله، وتعلم(1)أن الطلائع للحروب يدلون على السلامة من هجوم الجيوش وكثير من النحوس، ويبشرون بالسلامة وما الزم من ذلك أن نوليهم(2)الحمد دون ربهم ومثال ذلك كثير فيكون لدلالات النجوم أسوة بما ذكرناه من الدلالات على كل معلوم(3)قال: فإين هذه الرواية الضعيفة من احتجاجات مولانا علي (صلوات الله عليه) الشريفة التي تضيق مجال الاعتراض عليها ويقصر علوم العلماء غير النبي (صلى الله عليه وآله) عن الاهتداء اليها(4)، ويرد عليه أن الفرق بين الأمرين واضح فإنَّ ما يهدي إليه الطلائع ونحوهم ليست(5)أموراً يترتب [عليها](6)صرف السوء ونيل المحبوب حتماً، [بل](7)يتوقف على اجتماع أمور كارتفاع الموانع، ووجود الشرائط التي لا يتيسر الظفر بها إلا بفضل مسبب الأسباب وليست(8)كالهداية الى(9)الساعات التي يترتب على اختيارها والتوجه الى المآرب فيها نيل كل نفع وصرف كل محذور حتماً كما زعمه المنجمون ولا يخفى أن كل منعم

ص: 37


1- (نعلم) في ث، ح، ر، تصحيف
2- (توليهم) في ع، تصحيف
3- ينظر: فرج الهموم: 59
4- ينظر: فرج الهموم: 59
5- (ليس) في ث، تحريف
6- [عليها] ساقطة من أ، ع
7- [بل] ساقطة من أ، ع
8- (وليس) في أ، ث، ر، ع، م
9- (ارة) في ع

من الخالق والخلائق يستحق من الشكر المراد بالحمد في هذا المقام على حسب الانعام کما تدل(1)عليه الأخبار، وكلما كانت النعمة أكمل وأعمّ كان استحقاق منعمها للحمد أتم، فإذا كانت الهداية الى نيل المقاصد كلها على وجه لا يتخلف عنها سواء قالوا بالتأثير أو الدلالة كانت مغنية عن الاستعانة بالله حتماً، بل لو جاز التخلف لكن على سبيل خرق العادة، وكان في غاية الندرة كما يظهر من كلام بعض المتشرعة من المنجمين كانت تلك الهداية في قوة الإغناء وليست الهداية الى وجوه المنافع العادية التي يتيسر الاهتداء إليها بالعقل أو الحس من هذا القبيل، وأما تطرق الاعتراض الذي جعله دالاً على عدم صحة الرواية فإنَّما هو في الصحيح من الاعتراض، ثم قال: ومن التنبيه المظنون على بطلان ظاهر هذه الرواية أننا وجدنا في الدعوات الكثيرة التعوذ من أهل الكهانة والسحرة(2)، فلو كان المنجم مثلهم كان كمن تضمن بعض الأدعية التعوذ منه وما عرفنا في الأدعية تعوذاً من النجوم والمنجم الى وقتنا هذا(3)، ويرد عليه بعد الاغماض عن عدم التعويل على مثل هذا الظن أن التشبيه لا يستلزم المساواة في جميع الأحكام، والمشبه به لكونه أقوى يمكن اختصاصه بمزية، ثم الفرق بين المنجم والآخيرين واضح، فإنَّ الساحر يفرق(4)بين المرء وزوجه ويترتب على أفعاله أنواع الشر، وضرر الخلائق، وكذلك الكاهن لطاعة الجن له، وأما المنجم فإنَّما يعود ضرره الى نفسه بأصل

ص: 38


1- (يدل) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والصواب ما اثبتناه
2- (السحر) في ع
3- ينظر: فرج المهموم: 59
4- (تفرق) في ح، تصحيف

فعله، وإن ترتب ضرر الغير على اتباع أمره أحياناً فعدم التعوذ منه ولو كان شراً منهما فرضاً لا يدل على مقصوده، على أنه (رحمه الله) روى في رسالته الاستخارات دعاء يتضمن البراءة الى الله من اللجأ الى العمل بالنجوم وطلب الاختيارات بها، قال (رحمه الله): ((ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل ما هذا لفظه دعاء الاستخارة عن الصادق (عليه السّلام) تقوله(1)بعد فراغك من صلاة الاستخارة: اللهم إنك خلقت أقواماً يلجأون الى مطالع النجوم لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ اليك من اللجاء اليها ومن طلب الاختيارات بها وأتيقن أنك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل الى تحصيل فاعليها، وأنك قادر على نقلها في مداراتها في سيرها عن السعود العامة والخاصة الى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة الى السعود؛ لأنَّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب(2)، ولأنهَّا خلق من خلقك وصنعة من صنيعك وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله واستمد الاختيار لنفسه، وهم أولئك، ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك واسألك بما تملكه وتقدر عليه وأنت به ملىء وعنه غني وإليه غير محتاج / و84 / وبه غير مكترث من الخيرة الجامعة للسلامة والعافية والغنيمة لعبدك))(3)الى آخر الدعاء، ثم قال: (ومن التنبيه المظنون

ص: 39


1- (بقوله) في ث، ح، والانسب ما قاله ان طاووس الذي اثبته في المتن
2- مقتبسه من قوله تعالى: ((يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)) الرعد / 39
3- فتح الابواب، ابن طاووس: 198، 199

على بطلان ظاهر هذه الرواية أن الدعوات يتضمن كثيراً منها وغيرها من صفات النبي (صلى الله عليه وآله) أنه لم يكن كاهناً ولا ساحرا و ما وجدنا الى الآن ولا كان عالماً بالنجوم، فلو كان المنجم كالكاهن والساحر ما كان يبعد أن يتضمنه بعض الدعوات والروايات في ذكر الصفات(1)وضعفه قد ظهر مما سبق، وقد كان (صلى الله عليه وآله) عالماً من عند الله بما هو الحق من علم النجوم ولا يشك أحد في أنه (صلى الله عليه وآله) لم يكن دأبهُ العمل بالنجوم، وقد كان ذلك معلوماً عند الكفار ولم يكن يتهمه المشركون بأنَّه منجم وكانوا يتهمونه بالسحر والكهانة فورد في وصفه رداً عليهم أنه لم يكن كاهناً ولا ساحر، واذ قد خرجنا في هذا المقام عن سنن الاختصار استظهاراً للحق فلنذكر شئا من كلمات أئِمتنا (سلام الله عليهم) مما يؤيد ظاهر هذا الخبر، روى الصدوق (رضى الله عنه) في الخصال ( عن نصر بن قابوس قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول: المنجم ملعون، والكاهن ملعون، والساحر ملعون، والمغنية ملعونة، ومن أواها وأكل كسبها ملعون)(2)قال: وقال (عليه السّلام): المنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كافر، والكافر في النار(3)، وفيه عن الباقر عن آبائه (عليهم السّلام) قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن خصال(4)، وساق الحديث الى أن قال: (وعن النظر في النجوم)(5)، وفيه عن الصادق عن آبائه عن علي (عليه السّلام) قال: قال

ص: 40


1- ينظر: فرج المهموم: 59
2- الخصال: 297
3- ينظر: الخصال: 297، وفيه: (...والساحر كالكافر...)
4- قول متصرف به، ينظر: الخصال: 417، 418
5- الخصال: 418

رسول اله (صلى الله عليه وآله): أربعة لا تزال في أمتي الى يوم القيمة الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة.(1)، وروی أبو طالب الطبرسي في الاحتجاج عن هشام بن الحكم في خبر الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (عليه السّلام) عن مسائل فكان فيما سأله، ما تقول في علم النجوم؟، قال (عليه السّلام): هو علم قلَّت منافعه، وكثرت مضراته؛ لأنه لا يدفع به المقدور، ولا يتقی به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وأن أخبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه(2). وروى الصدوق (رحمه الله) عن عبد الملك بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام) إني قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة، فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي: تقضي؟ قلت: نعم، قال: أحرق كتبك(3). قوله (عليه السلام) يقضى(4)على صيغة المجهول على الظاهر، والغرض(5)استعلام اعتقاده بقضاء الحاجة في الطالع الخير فلما ظهر أنه يعتقده أمره بإحراق الكتب، وقيل: إنه على صيغة المعلوم أي تحكم بقضاء الحاجة أو بأن للنجوم تأثيراً، وهو بعيد، وروى السيد الجليل علي بن طاووس (رحمه الله) في رسالة

ص: 41


1- ينظر: الخصال: 226، وفيه: (عن جعفر بن محمد...)
2- ينظر: الاحتجاج، الطبرسي: 2 / 95
3- ينظر: من لا يحضره الفقيه: 2 / 267، وفيه: (... فقلت...)
4- (يقضى) في ع
5- (العرض) في ح

النجوم عن محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله)(1)في كتاب تعبير الرؤيا بإسناده عن محمد بن سام قال: قال أبو عبد الله (عليه السّلام) قوم يقولون: النجوم أصح من الرؤيا، وذلك كانت صحيحة حين لم يرد الشمس على یوشع بن نون، وعلي أمير المؤمنين (عليهما السّلام) فلما رد الله عز وجل الشمس عليهما ضل فيها علماء النجوم(2)، وفيها(3)قال: وجدت في كتاب عتيق عن عطا قال: [...](4)قيل لعلي بن أبي طالب (عليه السّلام): هل كان للنجوم أصل؟ قال: نعم، نبي من الأنبياء، قال له قومه: إنا لا نؤمن لك حتى تعلمنا (بدء)(5)الخلق وآجاله وساق (عليه السّلام) الكلام في كيفية تعليمهم الى قوله: فدعا الله عز وجل يعني داود (عليه السلام) فحبس الشمس عليهم فزاد في النهار، واختلطت الزيادة بالليل والنهار، فلم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط حسابهم، وقال علي (عليه السّلام): فمن ثم كره النظر في علم النجوم(6)، وروى ثقة الاسلام (رضي الله عنه) في الروضة عن هشام [بن](7)الخفاف في خبر طويل، قال: (ثم قال يعني أبا عبد الله مابال العسکرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب، فيحسب هذا لصاحبه بالظفر، ويحسب هذا لصاحبه بالظفر، ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر، فأين

ص: 42


1- [رحمه الله] ساقطة من ح
2- ينظر: فرج المهموم: 87
3- (وفيه) في ح
4- [قال] زائدة مكررة في أ
5- (بده) في ث، ح، تحریف
6- ينظر: فرج المهموم: 22، 23
7- [بن] ساقطة من أ، ث، ح

كانت النجوم؟ قال: فقلت: لا والله ما أعلم ذلك، قال: فقال: صدقت إن أصل الحساب حق، ولكن لا يعرف / ظ 84 / ذلك إلاَّ من عرف مواليد الخلق كلهم(1)، وروى السيد علي بن طاووس في رسالته النجوم من كتاب التوقيعات للحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى بإسناده قال: کتب معقلة بن اسحق إلى علي بن جعفر رقعة يعلمه فيها أن المنجم کتب میلاده ووقت عمره وقتا، وقد قارب ذلك الوقت وخاف على نفسه فأوصل علي بن جعفر رقعته الى الكاظم (عليه السّلام) فكتب إليه رقعة طويلة أمره فيها بالصوم والصلاة والبر والصدقة والاستغفار وكتب في آخرها فقد والله ساءني أمره فوق ما أصف على أني أرجو أن يزيد الله في عمره، ويبطل قول المنجم فما اطلعه الله على الغيب، والحمد لله(2). وروى الصدوق رضي الله عنه في الفقيه (عن ابن أبي عمير أنه قال: كنت أنظر في النجوم وأعرفها، وأعرف الطالع، فيدخلني من ذلك شيء، فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسی بن جعفر (عليهما السّلام)، فقال: إذا وقع في نفسك شيء فتصدق على أول مسكين ثم أمض، فإنَّ الله عز وجل يدفع عنك)(3)، فهذه الروايات يظهر من بعضها حرمة النظر في هذا العلم، ومن بعضها ذمه، وإنه كان له أصل لكن لا اعتماد على ما في أيدي المنجمين وأنهم لا يعرفون أصله، ومن بعضها أنه من الغيب الذي لم يطلع الله المنجم عليه، ومن بعضها أنه يندفع التشاؤم بالصدقة ونحو ذلك فيكون من قبيل الطيرة وقد استفيد ذلك من قول أمير المؤمنين (عليه

ص: 43


1- الكافي، الروضة: 8 / 352
2- ينظر: فرج الهموم: 114، 115
3- من لا يحضره الفقيه: 269

السّلام) في الرواية السابقة: (اللهم لا طير إلا طيرك) وإن كان يمكن أن يكون لدفع التشاؤم من استقباله المسير بعدم الظفر حيث قال: إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصحابك أذي وضر شديد، وفي بعض الأخبار ما يدل على جواز النظر فيها وفي بعضها ما لم يخرج من التوحيد وفي بعضها انه لا يضر بالدين وكثيره لا يدرك، وقليله لا ينفع، والجمع بينهما أما يحمل ما دلَّ على الخطر على اعتقاد التأثير للنجوم أو عدم تخلف الدلالة أو بذرته وما دل على الإباحة على اعتقاد کونها أمارات(1)يجوز تخلف المدلول عنها من غير ندرة لما يرفع دلالتها من الصدقة والتوكل وغير ذلك أو بحمل أخبار جواز على التقية لشيوع عمل السلاطين والجبابرة بالنجوم وتقرب(2)المنجمين إليهم بترویج هذا العلم وفي رواية الريان بن الصلت عن الرضا (عليه السّلام) ایماء الى هذا الوجه، أو بحمل أخبار الجواز على النظر المجرد عن العمل والإذعان بصحة ما في أيدي الناس ولا ريب في أن الأحوط الاجتناب مطلقاً سيما مع احتمال التقية في اخبار الجواز ولنذكر شيئاً من فتاوى الأصحاب في هذا الباب، قال شيخنا المفيد (قدس الله روحه) في كتاب المقالات على ما حكاه السيد ابن طاووس(3)(رحمه الله) بعدما ذكر أن الشمس والقمر وسائر النجوم أجسام نارية لا حياة لها ولا موت ولا تميز، (فإما الأحكام على الكائنات بدلائلها والكلام على مدلول حركاتها فإنَّ العقل لا يمنع منه ولسنا

ص: 44


1- ينظر: اوائل المقالات، الشيخ المفيد: 264
2- (يقرب) في ح، ر. تصحيف
3- ينظر: فرج المهموم، ابن طاووس: 38

ندفع أن يكون الله سبحانه اعلمه بعض انبيائه وجعله علماً على(1)صدقه غير إنا لا نقطع عليه، ولا نعتقد استمراره في الناس الى هذه الغاية، وأما ما(2)نجده من أحكام المنجمين في هذا الوقت واصابة بعضهم فيه فإنَّه لا ينكر أن يكون ذلك بضرب من التجربة وبدليل عادة، وقد يختلف أحياناً ويخطی المعتمد عليه كثيراً، ولا يصح اصابته فيه أبداً؛ لأنَّه ليس بجار مجری دلائل العقول، ولا براهين الكتاب، [ولا](3)أخبار الرسول (صلى الله عليه وآله) وهذا مذهب جمهور متکلمي أهل العدل واليه ذهب بنو نوبخت)(4)(رحمهم الله) من الإمامية، وأبو القاسم، وأبو علي من المعتزلة.)(5)انتهى، وبالغ السيد المرتضى (رضي الله عنه) في المسائل(6)السلارية وفي الغرر والدرر في ابطال تأثير الكواكب واصابة المنجمين في أحكامهم، وقال في جملة كلامه في الغرر والدرر: (لا خلاف بين المسلمين في ارتفاع الحياة عن الفلك، وما يشتمل عليه من الكواكب وإنها مسخرة مدبرة مصرفة؛ وذلك معلوم من دین

ص: 45


1- ينظر: فرج المهموم: 38. وفيه: (علما له)
2- ينظر: المصدر نفسه: 38، وفيه: (فأما)
3- [ولا] ساقطة من ح، يقتضيها السياق
4- (نوبخت لفظ فارسي مركب من كلمتين (نو) أي جديد و (بخت) أي الحظ فلما استعمله العرب ضموا النون لمناسبة الواو... وال نوبخت طائفة كبيرة خرج منها جماعات كثيرة من العلماء والادباء والمنجمين والفلاسفة والمتكلمين والكتاب والحكام والامراء وكانت لهم مكانة وتقدم في دولة بني العباس وأصلهم من الفرس وأول من أسلم منهم جدهم نوبخت الذي ينسبون اليه) الكنى والألقاب: 1 / 95.، وينظر: المعجم الذهبي (فارسي - عربي): 102
5- فرج الهموم: 38
6- (والمسائل) في ر

رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضرورة)(1)، وقال: ((قد أجمع المسلمون قدیمًا وحديثاً على تكذيب المنجمين والشهادة بفساد مذهبهم، وبطلان أحكامهم ومعلوم من دين الرسول (صلى الله عليه وآله) ضرورة التكذيب بما يدعيه المنجمون والازراء عليهم والتعجيز لهم وفي الروايات عنه (صلى الله عليه واله) / و85 / من ذلك ما لا يحصى كثرة وكذا [عن](2)علماء أهل بيته (عليهم السّلام) وخيار أصحابه فما زالوا يبرأون من مذهب المنجمين ويعدونها ضلالاً(3)ومحالًا وما أشتهر هذه الشهرة في دين الاسلام كيف يفتي بخلافه منتسب إلى الملة ومصل الى القبلة))(4)انتهى. وعمل السيد علي بن طاووس (رحمه الله) رسالة في تحقيق العمل بالنجوم وبالغ في الانكار على من اعتقد النجوم ذوات ارادة أو فاعلة أو مؤثرة واستدل بدلائل على ذلك وایده بكلام كثير من الأفاضل إلا أنه أنكر على السيد الأجل تحريمه، وذهب الى أنه من العلوم المباحات وإنها علامات ودلالاتها على الحادثات ولكن يجوز للقادر الحكيم أن يغيرها للبر والصدقة، وغير ذلك من الأسباب والدواعي على وفق حكمته وارادته، وقال العلامة (رحمه الله) في المنتهی التنجيم حرام وكذا تعلم النجوم مع اعتقاد [أنها](5)مؤثرة أو أن لها مدخلًا

ص: 46


1- أمالي المرتضی، غرر الفوائد ودرر القلائد: 2 / 385، ورسائل الشريف المرتضی: 2 / 303
2- [عن] ساقطة من أ، ع
3- (صلالا) في ر، تصحيف
4- أمالي المرتضى: 2 / 390، 391، وفيه: (... وكذلك عن علماء... يبرءون...)، رسائل الشريف الرضی: 2 / 310، 311
5- [أنها] ساقطة من أ

في التأثير بالنفّع والضّرر، وبالجملة كل من يعتقد ربط الحركات النَّفسانية والطّبيعية بالحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية كافر، وأخذ الأجرة على ذلك حرام، وأما من يتعلم النّجوم ليعرف قدر سير الكواكب وبعده وأحواله من التربيع والكسف وغيرها فإنَّه لا بأس به، ونحوه قال في التحرير والقواعد وقال الشهيد (رحمه الله) في قواعده: (كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم وموجدة ما فيه فلا ريب أنه كافر وأن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها، والله سبحانه هو المؤثر الأعظم كما يقوله أهل العدل فهو مخطئ إذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدلیل عقلي ولا نقلي وبعض الأشعرية يكفرون هذا کما یکفرون الأوّل)(1)، وأمّا مايقال: من أنَّ استناد الأفعال إليها کاستناد الإحراق الى النار وغيرها من العاديات بمعنى أنَّ الله تعالی اجرى عادته أنَّها(2)إذا كانت على شكل مخصوص بفعل ما ينسب إليها، ويكون ربط المسبات بها(3)کربط مسببات(4)الأدوية(5)والاغذية مَجازاً باعتبار الربط العادي لا الفعل الحقيقي فهذا لا يكفر معتقده، ولكنه مخطئ أيضاً وان كان أقل خطأ من الأوَّل؛ لأنَّ وقوع هذه الآثار عندها ليس بدائم ولا أكثري، وقال في الدروس: ويحرم اعتقاد تأثير النجوم مستقلة أو بالشركة والاخبار عن الكائنات بسببها أمَّا لو أخبر بجريان العادة أنَّ الله تعالى يفعل كذا عند كذا لم يحرم وإن كره على أن العادة فيها لا تطرد إلاَّ فيما قل، وأما علم النجوم

ص: 47


1- القواعد والفوائد، محمد بن بكر العاملي: 2 / 35
2- (أنه) في ر
3- [بها] ساقطة من ر
4- (مسببك) في ث، وفي ر: (مسبباب)، تصحیف
5- (الاودية) في ح، ر، م، تحریف

فقد حرمه بعض الأصحاب، ولعله لما فيه من التعرض للمحظور من اعتقاد التأثير، أو لأن أحكامه تخمينية، واما علم هيئة الأفلاك فليست حراماً بل ربما كان مستحباً لما فيه من الاطلاع على حكمة الله تعالى وعظم قدرته(1)، وقال الشيخ علي بن عبد العالي (رحمه الله): (التنجيم الإخبار عن أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية التي مرجعها الى القياس والتخمين)(2)، قال: (وقد ورد عن صاحب الشرع النهي عن تعلم النجوم بأبلغ وجوهه حتى قال أمير المؤمنين (صلوات الله علیه): إيّاكم وتعلّم النجوم إلاّ ما يهتدي به في بر وبحر فإنَّها تدعو الى الكهانة المنجم کالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر [لکالکافر، والكافر ](3)في النار، إذا تقرر ذلك فاعلم أن التنجيم مع اعتقاد أن للنجوم تأثيراً في الموجودات السفلية ولو على جهة المدخلية حرام، وكذا تعلم النجوم على هذا الوجه بل هذا الاعتقاد کفر في نفسه نعوذ بالله منه، أما التنجيم لا على هذا الوجه مع التحرز عن الكذب فإنَّه جائز فقد ثبت کراهية التزويج، وسفر الحج في العقرب، وذلك من هذا القبيل، نعم هو مكروه ولا ينجر إلى الاعتقاد الفاسد وقد ورد النهي عنه مطلقاً حسماً للمادة).(4)انتهى. والظاهر في نظرنا القاصر من الأخبار وغيرها أنَّ القول باستقلال النجوم في التأثير كفر، وبالتأثير الناقص کفراً، وفسق وكونها امارات محتمل، وهي أما مفيدة للعلم لكن

ص: 48


1- ينظر: القواعد والفوائد: 2 / 35، 36
2- ينظر: الدروس الشرعية في فقه الامامية: 3 / 165
3- [كالكافر والكافر] ساقطة من ع
4- جامع المقاصد، المحقق الكركي: 4 / 31. (وقد ورد من صاحب...)

افادتها العلم العادي بوقوع الحوادث مختص ببعض الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم ومن أخذها منهم الاختصاص الطريق الى العلم بعدم ما يرفع دلالتها من وحي، أو الهام إلهي، أو غير ذلك بهم، أو مفيدة للظن و(1)وقوع مدلولاتها مشروط بتحقق شروط وعدم موانع وما في أيدي الناس [ليس](2)بذلك العلم أصلاً أو بعضه منه لكنه غير معلوم بخصوصه ولا يفيد العلم قطعاً وافادته نوعاً من الظنّ / ظ 85 / مشكوك فيه، وإنَّ العمل بهذا الذي في أيدي الناس أما محرم، أو مكروه کراهة شديدة، ولعل الأظهر الأول، والنظر فيه وتعلمه دائر بين الكراهة الشديدة والحرمة ولا ريب في أنَّ الورع في الدين والتَّأسي بالنبي وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) يقتضي الاجتناب عن مثله، والتوكل على الله في المأمول والمحذور والتوصل الى الخيرة في الأمور بالتوكل والصدقة والدعاء وأعمال الخير ومن المعلوم الذي لا شك فيه أنه لم يكن من دأبهم وديدنهم استخراج الأحكام، والعمل بهذا العلم ولو كان خيراً لما بخلوا به على محبّيهم وكانوا يأمرونهم بمواظبته، وعلموهم القواعد الحقّة منه، وما ورد في السفر من الاجتناب عن حلول القمر في العقرب، وفي التزويج(3)من الاحتراز عنه وعن المحاق لا دلالة فيه على العموم مع أنه ورد أن الصدقة تدفعه، فلا ينبغي للمتورع التعدي فيه عن المأثور ومن ارتفع عن بصيرته غشاوة(4)الوسواس وَجَدَ اتباع هذا العلم واختيار الساعات

ص: 49


1- (أو) في ث، ر، ع، م
2- [ليس] ساقطة من ر
3- (الترويج) في ر، تصحيف
4- (غساوة) في ر، تصحيف

لمهمات الأمور في أكثر الناس من الدواعي العظيمة الى رفض التوكل والتوسل إلى الله بالبر والصدقة والدعاء ومع ما في ذلك من البعد والحرمان عن موجبات الرحمة والمغفرة ليس ظفرهم وفوزهم بمآربهم العاجلة أكثر وأظهر ممن ترکه و امثاله رأساً واستعان بالقادر العليم في أموره طراً، والحري بالمخلصين التحرز عن الالتفات إليه، والى سائر ما يتطير به مطلقاً، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) (إنَّ الطيرة على ما تجعلها، إن هونتها تهونت، وإن شددتها تشددت، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئا)(1)، وعنه (عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال النبي (صلى الله عيه وآله): أوحى الله عز وجل الى داود (عليه السلام) یا داود کما لا تضيق الشمس على من جلس فيها، كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها، وكما لا تضر الطيرة من لا يتطير منها، كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون، وكما أن أقرب الناس مني يوم القيامة المتواضعون، كذلك أبعد الناس مني يوم القيامة المتكبرون)(2)، وأما ما سبق في كلام الشهيد (رحمه الله) من استحباب النظر في علم الهيئة فإنما هو إذا ثبت مطابقة قواعده للواقع وعدم اشتماله على قاعدة مخالفة لما ظهر من الشريعة، وإلاَّ فيكون بعضها داخلاً في القول بغير علم أو فيما حرم اتباعه لمخالفة الشريعة ككثير من مسائل علم النجوم هذا ما انساق اليه الكلام في هذا المقام، ونرجو العصمة والتأييد في جميع الأمور من الله المَلك العّلام.

ص: 50


1- ينظر: الاصول من الكافي، الكليني: 8 / 197، 198، وفيه: (الطيرة على ما تجعلها...)
2- الأمالي، الصدوق: 328

[وَمِن كَلاَمٍ لهُ (عَلیهِ السَّلام) بَعدَ حَربِ الجَمل في ذمّ النِساء

(مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ؛ إِنَّ اَلنِّسَاءَ نَوَاقِصُ اَلْإِیمَانِ؛ نَوَاقِصُ اَلْحُظُوظِ، نَوَاقِصُ اَلْعُقُولِ(1). فَأَمَّا نُقْصَانُ إِیمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ اَلصَّلاَةِ وَاَلصِّیَامِ فِي أَیَّامِ حَیْضِهِنَّ، وَأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُاِمْرَأَتَیْنِ کَشَهَادَةِ(2)الرَّجُلٍ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوارِیثهُنَّ(3)عَلیَ الَأنْصَافِ مِنْ مَوَارِیثِ اَلرِّجَالِ. فَاتَّقُوا شِرَارَ اَلنِّسَاءِ وَکُونُوا مِنْ خِیَارِهِنَّ عَلَی حَذَرٍ، وَلَا تُطِيعُوهُنَّ فِي الْمَعرُوفِ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَر) الغرض من الكلام ذم عائشة وتوبيخ أهل الجمل، وارشاد الناس الى ترك طاعة النساء والمعاشر الجماعات، والحظ النصيب، وظاهر نقصان الإيمان بالقعود عن الصلاة والصيام أنَّ الأعمال من أجزاء الإيمان كما يظهر من بعض الأخبار، وقعودهن وإن كان بأمر الله إلاَّ أنَّ سقوط التكليف لنوع من النقص فيهن، وكذا الحال في الشهادة والميراث واتقاء شرار النساء الهرب منهن، والحذر من خيارهن مقارنتهن(4)من غير وثوق واعتماد على قولهن وفعلهن وترك طاعتهن في المعروف أما بالعدول الى فرد آخر من المعروف كالإحسان الى فقير [غير](5)من يأمرن به، أو فعل

ص: 51


1- (إن النساء نواقص الحظوظ، نواقص العقول، نواقص الايمان) في ر
2- (امرأتين منهم كشهادة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 172
3- (فمواريتهن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 172
4- معارنتهن) في ث، وفي ر، م: (مفازيهن) تحريف
5- [غير] ساقطة من ع

المعروف لكن على وجه يظهر منه أنه ليس اطاعة لهن بل لكونه معروفاً أو ترك بعض المستحبات، فيكون الترك حينئذ مستحباً كترك بعض المستحبات عند الملالة، وادبار القلب، أو المعروف الإحسان اليهن واكرامهن [...](1)واسعافهن بالحوائج زائداً على ما ينتظم به أمر المعاشرة ومقابلته بالمنكر للتشاكل اللفظي، أو لنوع من التخصيص في المعروف.

[وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ (عَلَیهِ السَّلام)]

(أَيُّهَا النَّاسُ، الزَّهَّادَةُ قِصَرُ الْأَمَلِ، وَ الشُّكْرُ عِنْدَ النِّعَمِ، والْوَرَعُ(2)عِنْدَ الْمَحَارِمِ فإِنَّ عَزَبَ(3)ذَلِكَ عَنْكُمْ فَلاَ يَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبَرْكُمْ، وَلاَ تَنْسَوْا عِنْدَ النِّعَمِ شُكْرَكُمْ) القصر بالفتح / و86 / [...](4)كعنب (خلاف)(5)الطول، ويوجدان في النسخ، والشكر شكر الله عز وجل أو يعم المخلوق، والورع كف النفس والتحرج(6)، وعزب(7)كنصر وضرب أي: بعد وذلك اشارة الى قصر الأمل، أو مجموع الثلاثة المفسر به الزهادة [...](8)أي: إن شق عليكم استجماع الثلاثة فلا تُفارقوا الأخيرين وحينئذ يكون الصبر للورع، أو

ص: 52


1- [له] زائدة في ر، م
2- والتورع) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 185، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 118
3- عزر) في ع، تحريف
4- [و] في أ، ث، ح، ر، زيادة على السياق
5- حلاف) في ح، تصحيف
6- الصحاح، مادة (ورع): 3 / 1297
7- غرب) في ث، ح، تصحيف
8- [أو الزهادة] زائدة في أ، ث، ح، ع، م

المراد بغلبة الحرام على الصبر قهره ورفعه وبنسيان الشكر تركه رأساً أي: إن لم يقدروا(1)على الشكر عند كل نعمة والصبر عن كل محرم فلا يتركهما مطلقاً فلا يكون أمراً بالآخرين بل(2)بأمرين آخرين، ولعل الأول أظهر. (فَقَدْ أَعْذَرَ اللّهُ إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ ظَاهِرَةٍ؛ وكُتُبٍ بَارِزَةِ الْعُذْرِ وَاضِحَةٍ) أعذر اليكم، أي: أبدى عذره أو ثبت عذره في تعذيبكم، والظرف متعلق بمعنى فعل مضمن، وقال في النهاية: ((لقد أعذر الله الى من بلغ به العمر ستين سنةٍ) أي: لم يبقِ فيه موضعاً للاعتذار حيث أمهله، وطول هذه المدة ولم يعتذر)(3)، وقال بعض الشارحين: أي: بالغ، يقال: أعذر فلان في الأمر أي: بالغ(4)، وأسفر الصبح، أي: أضاء وانكشف(5)، والحجج المسفرة: الرسل والأئمة (عليهم السلام)، أو ما يعم العقل وغيره، وكتب بارزة العذر، أي: الكتب التي بين الله فيها عذره في عقاب من عصاه، أو بين عذره بإنزال تلك الكتب والهداية الى طرق الصواب.

[وَمِنْ كَلَام لَهُ (عَلَیهِ السَّلام)] في صِفَةِ الدُّنيَا

(مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ، أَوَّلُهَا عَنَاءٌ، وآخِرُهَا فَنَاءٌ! فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ، وَفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ. مَنْ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ، وَمَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ) العَناء بالفتح

ص: 53


1- تقدروا) في أ، ث، ع، تصحيف
2- برا) في ر، تحريف
3- النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 196، 197
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 185
5- ينظر: لسان العرب، مادة (سفر): 4 / 370

(التعب)(1)والنصب وأول العناء للإنسان حين يتكون في مضيق الرحم وظلمته، أو حين يندفع منه بالعصر ويخرج متأذياً من الحر والبرد وكل شيء مسه ثم يتبع ذلك العناء ألم الجوع والعطش والاوجاع والأسقام وسائر مكاره الدنيا والفتنة تطلق(2)على الاعجاب بالشيء والابتلاء وهما أظهر في المقام من الضلال والاثم والعذاب وغيرها من معانيها، وحزن كفرح ضد فرح (وَمَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ، وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا وَاتَتْهُ، وَمَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ، وَمَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ) ساعاها أي: سابقها مفاعلة بمعنى المغالبة في السعي كأنَّ الدنيا تسعى ذاهبة عنه وهو يسعى مجداً في طلبها فكل منهما يطلب الغلبة في السعي [و](3)واتته أي: طاوعته ووافقته وأصله الهمزة فخففت، وقيل بالواو، وأبصر بها أي: جعلها من أسباب الهداية وآلة الملاحظة قدرة الله وصنعة وجوده واعتبر بآثار الماضين، واستدل بها على فنائها وزوالها، وأبصر اليها أي: مدّ بصره اليه، متولها بحبها مشتاقاً اليها وهذا ما نهى عنه سبحانه بقوله: «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ»(4)، واعمته أي عن طريق المقصود وادراك أنوار الله، وسبل الهداية، ويوجد في بعض النسخ(5): قال السيد (رضي الله عنه)(6)وإذا تأمل المتأمل قوله (عليه السلام):

ص: 54


1- تاج العروس، مادة (عنى): 19 / 712
2- يطلق) في أ، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما اثبتناه
3- [و] ساقطة من م
4- طه / 131
5- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 311، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 191، ووشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 227
6- رحمه الله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 191، (قال الشريف) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 119

من أبصر بها بصرته وجد تحته من المعنى العجيب(1)، والغرض البعيد ما لا تبلغ(2)غايته ولا يدرك غوره، ولا سيما(3)إذا قرنَ اليه قوله: «ومن أبصر إليها أعمته» فإنَّه يجد الفرق بين» أبصر بها» و» أبصر اليها» واضحاً نيراً وعجيباً باهراً.

[وَمِن خُطبَةٍ لَهُ (عَلَیهِ السَّلام)] عجيبة وفي بعض النسخ (تسمى الغراء)

وليس فيها في آخر الخطبة، ومن الناس من يسمي هذه الخطبة الغراء وهي البيضاء المتلألئة (الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَا(4)بِحَوْلِهِ، وَدَنَا بِطَوْلِهِ؛ مَانِحِ کُلِّ غَنِیمَةٍ وَفَضْلٍ، وَکاشِفِ کُلِّ عَظِیمَةٍ وَأَزْلٍ) الحول هو القدرة على التصرف وعلوه سبحانه كونه موجداً لكل موجود قادراً على ما يشاء قاهراً لكل ما سواه، والطول الفضل ودنوه قربه من كل مخلوق بإفاضة الوجود والخيرات على حسب استعداده ولما اشعر الحول بالبطش والانتقام كما أنَّ الطول يدل على الاكرام والانعام قابله به كما قابل العلو بالدنو، والمانح المعطي، يقال: منحه(5)كمنعه وضربه(6)، والاسم المِنحة بالكسر، والغنيمة الفيء والفوز

ص: 55


1- (العجب) في ح
2- (يبلغ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 191
3- (لا سيما) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 191
4- (الذي علا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 193، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 120
5- (مانحه) في أ
6- (وضرب) في أ، ع

بالشيء بلا مشقَّة، والمراد النعمة كما قال سبحانه: «وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ»(1)والفضل ضد النقص، والكشف رفع الشيء عما يواريه ويغطيه، والعظمية والمعظمة (النازلة الشديدة)(2)والأزل الضيق والشدة ولشمول العظمية والازل عبّر عن ازالتهما بالكشف وحسن المقابلة / ظ 86 / بين أجزاء الكلام واضح (أَحْمَدُهُ عَلَی عَوَاطِفِ کَرَمِهِ، وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ، وَأُومِن بِهِ أَوَّلاً بَادِیاً، وَأَسْتَهْدِیهِ قَرِیباً هَادِیاً، وَأَسْتَعِینُهُ قَاهِراً قَادِراً، وَأَتَوَکَّلُ عَلَیْهِ کافِیاً نَاصِراً) الخصال العواطف من أفراد الكرم هي التي تعود مرة بعد أخرى أو النعم التي كأنَّها مشفقة لكمالها، والنعم السوابغ أو السوابغ منها التامة المتسعة، وأولاً منصوب على الحالية، أي: حال اتصافه سبحانه بصفة الأولية والتقدم على الأشياء، وقال بعض الشارحين: منصوب على الظرفية، أي قبل كل شيء(3)، وهو ضعيف، وبادياً أي: ظاهراً من بدا الأمر يبدو بُدوّاً أي: ظهر أو مبدئاً من بدأ المهموز(4)بقلب الهمزة ياء، يقال: بدا الله الخلق، وأبدأهم أي: خلقهم ابتداء من غير احتذاء مثال، ولما كان الدليل القريب أجدر بالهداية، قال: (عليه السلام) استهديه قريباً ولكون الغلبة على من استعين عليه من الأعداء ونحوها من شرائط الإعانة كما أن القدرة على ايصال المنافع وغيره من شرائطه، قال: استعينه قاهراً قادراً والتوكل اظهار العجز والاعتماد على الغير، وكفاية الرجل القيام بأمره (وأشهد أن محمداً (صلى الله عليه وآله

ص: 56


1- النحل / 53
2- تاج العروس، مادة (عظم) 17 / 488
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 193
4- (مهمور) في ر

وَسَّلم)(1)عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ وَإِنَهْاءِ عُذْرِهِ وَتَقْدِیمِ نُذُرِهِ) انفاذ الأمر امضاؤه واجراؤه والأمر النافذ المطاع والإنهاء الابلاغ والمراد من العذر بيان ما يستحق به العاصي للعقاب، والنذر الانذار وهو الابلاغ ولا يكون ألا في التخويف (أُوصِيَكُمْ(2)عِبَادَ اللّهِ بِتَقْوَى اللّهِ الَّذِي ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ، وَوَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ، وَأَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ وَأَرْفع(3)لَكُمُ الْمَعَاشَ) المثل في الأصل بمعنى النظير، يقال: مثل ومَثل ومثيل كشبه وشبه وشبيهٍ ويطلق على القول السائر الممثل مضربه بمورده ولا يضرب إلاَّ ما فيه غرابة ثم استعير لكل حالٍ أو قصة أو صفة لها شأن وفيها غرابة وضرب مثلاً أي: وصف وبين قال الله عز وجل: «وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ»(4)أي: بينا لهم من كل ما يحتاجون اليه من الدلائل والعبر والأحكام وغيرها مما ينفعهم في الدين والدنيا، وتوقيت الوقت تحديده والأجل غاية الوقت المحدود، والريش والرِياش بالكسر (ما ظهر من اللباس)(5)، وقيل: الرياش جمع الريش، قال بعض الشَّارحين: (ويقال الرياش: الخِصب والغنى)(6)فيكون البسكم مجازاً، وأرفع أي: أوسع، وعيش رافع، أي: واسع والعيش الحياة، ويقال: عاش الرجل معاشاً ومعيشاً وكل منهما يكون اسماً ومصدراً.

ص: 57


1- (صلى الله عليه واله وسلم) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6 / 193
2- أو صينكم) في ح
3- ارقع) في أ، ح، (وأرفع) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 195، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 121
4- الروم / 58
5- لسان العرب، مادة (ريش): 6 / 309
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 195

(وَأَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ، وَأَرْصَدَ لَکُمُ الْجَزَاءَ، وَآثَرَکُمُ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ، وَالرِّفَدِ الرَّوَافِعِ، وَأَنْذَرَکُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ؛ فَأَحْصَاکُمْ عَدَدَاً، وَوَظَّفَ لَکُمْ مُدَداً، فِي قَرَارِ خِبْرَةٍ، وَدَارِ عِبْرَةٍ، أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِیهَا، وَمُحَاسَبُونَ عَلَیْهِا) العدّ والاحصاء بمعنى، والمراد احاطة علمه الشامل بهم بحيث لا يعزب(1)عنه أحد قال الله تعالى: «لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا»(2)والاحصاء منصوب على أنَّه مصدر من غير لفظ الفعل أو مفعول به من قولهم : حاط فلان كرمه، أي: جعل عليه حائطاً فالمعنى جعل الاحصاء حائطاً عليهم أي: محيطاً بهم، أو من حاطه يحوطه إذا جمعه أو مفعول له أي: للإحصاء، كذا قال بعض الشارحين(3)وفي بعض الوجوه بعد وجوز بعضهم أن يكون تمييزاً وهو مبني على قول الكوفيين في نحو: سفه نفسه، وغبن رأيه، والحسن الوجه بنصب(4)الوجه، وأرصد أي: أعدّ وهيَّأ(5)، تقول(6): رصدت فلاناً (إذا قعدت على طريقه تترقبه وأرصدت له العقوبة إذا أعددتها له)(7)كأنَّك جعلتها على طريقة مترقبة له، وآثر كم أي: أكرمكم ذكره في القاموس(8)وفيه إشارة الى قوله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ

ص: 58


1- يغرب) في أ، ر، وفي ث: (يعرب) تصحيف
2- مريم / 94
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 196
4- (ينصب) في أ، ر، ع، تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (رصد): 3 / 177
6- يقول) في ث، ح، ر
7- ينظر: لسان العرب: مادة (رصد): 3 / 177
8- ينظر: القاموس المحيط، مادة (أثر): 1 / 362

وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا»(1)وقال بعض الشارحين: أصل الايثار أن تقدم(2)غيرك على نفسك في منفعة أنت قادر على الاختصاص بها وهو في هذا الموضع مجاز مستحسن(3)والسّوابغ التامة المتسعة كما سبق، قال الله سبحانه: «وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً»(4)، والرفد كعنب جمع رِفدة بالكسر وهي (العطاء والصلة)(5)، ورفع عيشة بالضّم / و87 / أي: اتسع، وعيشة رافعة(6)أي: واسعة والعدد الاسم من العدّ وهو الاحصاء، وعدداً منصوب على التمييز، والاعادة لدفع توهم أنَّ المراد بالسابق الإحاطة بالأكثر فإنَّ الوهم يستبعد الإحاطة بالكل، والوظيفة ما يقدر لك في اليوم من طعام وغيره، والتوظيف تعيينها، والمُد كصُرد جمع مدة وهي الغاية من الزمان والبرهة من الدهر(7)وهو كالإعادة لتوقيت الآجال للتذكير فإنَّه من أعظم البواعث على التقوى، وقرار الشيء ما يقر فيه أي: يثبت(8)ويسكن(9)ويكون مصدراً، والخِبرة بالكسر العلم بالشيء، ويقال: خبرته خبره إذا بلوته [واختبرته](10)والإضافة

ص: 59


1- الإسراء / 70
2- (يقدم) في أ، ث، ح، ر، ع، وفي م: (يعدم)
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 196
4- لقمان / 20
5- لسان العرب، مادة (رفد): 3 / 181
6- (راففة) في ح، وفي ر، ث: (رافغة)، وفي م: (رافقة)، تصحيف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (مدد): 3 / 399
8- (مثبت) في أ، تحريف
9- ينظر: لسان العرب، مادة (قرر): 5 / 84
10- [واختبرته] ساقطه من ح، ر

من قبيل(1)إضافة الظرف الى المظروف أو الشيء الى العلة الغائية في تكوينه ووضعه والمعنى في مقام اختبار(2)الله خلقه وتكليفهم أو(3)اختبارهم الأمور(4)الموجودة فيه واهتدائهم بها الى ما يستفاد منها أو(5)تحصيلهم العلم والمعرفة بما كلفوا به وبعاقبة أمرهم [ومصيرهم](6)، والعبرة بالكسر ما يتعظ به الانسان ويعمل به ويعتبره ليستدل به على غيره، والاضافة كالسابق (فَإِنَّ اَلدُّنْیَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا رَدِغٌ مَشْرَعُهَا، یُونِقُ مَنْظَرُهَا، وَیُوبِقُ مَخْبَرُهَا) الرنق ككتف(7)الكدر، وقال الجوهري: (ماء رنْق بالتسكين: أي كدر)(8)وعيش رنِق يعني بالكسر أي كدر(9)، قال بعض الشَّارحين: وروي (رنْق) مشربها بالتسكين والرواية المشهورة رنِق بالكسر(10)، والمشرب يحتمل المحل والمصدر(11)ويطلق على الماء وفي الاسناد على بعض الوجوه تجوز، والمشرَع بفتح الراء مورد الشاربة، والمشرَع الردِغ بكسر الدال الذي كثر فيه الوحل والطين(12)، وقول بعض

ص: 60


1- (قبل) في ح
2- (اختيار) في ع، تصحيف
3- (و) في ث
4- (لامور) في ع
5- (و) في أ، ع
6- [ومصيرهم] ساقطة من ع
7- (وكتف) في أ، ع
8- الصحاح، مادة (رنق): 4 / 1485
9- ينظر: الصحاح، مادة (رنق): 4 / 1485
10- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 197
11- (مَشُرب) على وزن (مُفْعُل)، مصدر ميمي يدل على الحدث المجرد من الزمن، ينظر: المهذب في علم التصريف: ص 35 واخمال دلالته على المحل (اسم المكان هنا بعيدة
12- ينظر: الصحاح، مادة (ردغ): 4 / 1318

الشارحين: (مشرعها محل الشروع في تناولها)(1)، ضعيف، والمراد شوب لذات الدنيا وسرورها بالمصائب والأمراض والهموم والأحزان، ويونق: أي يعجب(2)وأصل الواو الهمزة، ومنظر الشيء [ما](3)نظرت إليه منه فأعجبك أو سائك ويوبق أي: يهلك،(4)، ومخبر الشيء ما يعلم من حاله، تقول: خبرته إذا بلوته وأختبرته، والمراد حسن ظاهر الدنيا مع خبث بَاطِنِها (غُرُورٌ حَائِلٌ، وَضَوْءٌ آفِلٌ، [وَظِلٌّ](5)زَائِلٌ، وسِنَادٌ مَائِلٌ) الغرور بالضَّم مصدر قولك: غره، أي: (خدعه واطمعه بالباطل فاغتر)(6)، وقال بعض الشَّارحين: ويروى غرور بفتح الغين(7)وهو ما يخدعك(8)، وفسر الغرور(9)في قوله تعالى: «وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ))(10)بالشيطان(11)، والحائل فاعل من حال بمعنی تحول وانتقل فإنَّ الدنيا تغر الخلق بزخارفها فيتوهمون بقاءها ثم تنتقل ويتحول کما

ص: 61


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 236
2- ينظر: الصحاح، مادة (أنق): 4 / 1447
3- [ما] ساقطة من ر
4- ينظر: الصحاح، مادة (وبق): 4 / 1562
5- [وظل] ساقطة من ع
6- القاموس المحيط، مادة (غرر): 2 / 101
7- العين) في أ، ث، ع، تصحيف
8- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 236
9- (العرور) في أ، ع، تصحیف
10- لقمان / 33
11- ينظر: مجمع البيان، الطبرسي: 8 / 95، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل: 4 / 218، وتفسير الميزان: 19 / 238

ذكره بعض الشارحين(1)، أو من (الحيلولة)(2)فإنَّها تحول بين المرء وما خلق له، وأفل (أي: غاب)(3)والتشبيه بالضوء لحسن منظرها في أعين الغافلين، أو لأنَّهم يهتدون بها الى مسالك تحصيلها على ما قيل، والأول أظهر، وبالظل لأنّه يأوي أهلها الى نعيمها تخلصاً من حر بؤسها، والسِناد بالكسر ما يستند إليه، أي: يعتمد [عليه](4)، وقال بعض الشارحين: (دعامة يسند بها السقف)(5)، وميل السناد اشرافه على السقوط (حَتَّی إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا، وَاطْمَأَنَّ نَاکِرُهَا، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا وَقَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا، وَأَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا) الأَنس بالفتح (خلاف الوحشة)(6)يقول (أنِس به بالكسر أُنساً، وفيه لغة أخرى أنست به أُنساً، مثل كفرت به کفراً)(7)، والفعل في النسخ بالكسر، والنافر من الدواب الذي فرّ وذهب، واطمأن أي: سكن، والناكر فاعل من نكرت الشيء كعلمته أي: جهلته وانكرته، أو من نکُر الأمر كکَرُم، أي: صعب وقمصت، أي: ضربت، وأصل القمص في الفرس وغيره (أن يرفع يديه ويطرحهما معاً ويعجن برجليه)(8)، والمراد بالأرجل أما الرجلان اطلاقاً للجمع على المثنى أو هما [...](9)اليدان، وقنصت بأحبلها أي: اصطادت بحبائلها، والمراد بها

ص: 62


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 236
2- الجيلولة) في ح، تصحيف
3- الصحاح، مادة (أفل): 4 / 1623
4- [عليه] ساقطة من أ، ع
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 198
6- الصحاح، مادة (أنس) :3 / 906
7- المصدر نفسه، مادة (أنس): 3 / 906
8- المصدر نفسه، مادة (قمص): 3 / 1054
9- [و] زائدة في أ، ح، ر، لا يرتضيها السياق

بؤسها وضراؤها (واقصدت الرجل إذا اطعنته أو رميته بسهم فلم تخطِ(1)مقاتله)(2)وحاصل المعنی(3)على ما ذكره بعض الشارحين: أنَّ الدنيا تغر الناس (بضوئها)(4)وظلها وبهجة منظرها الى غاية أن يستأنس بها من كان بعقله نافراً عنها، ويطمئن إليها من كان بمقتضى فطرته منکراً لها، فإذا كان ذلك منه طوعاً [لها](5)فعلت به أفعال العدو والخدوع(6)، والقمص إشارة الى امتناعها على الانسان عند حضور أجله کالدابة التي دفعت(7)برجليها مدبرة عن صاحبها، والقنص إشارة الى الشدائد والمضائق المتعلقة / ظ 87 / بالمعاش التي يتعسر المخرج منها كحبائل الصائد، أو المصائب والأمراض والآلام، أو الوبال والنكال التابع للركون(8)إليها والاقتصاد الى الهلاك الدنيوي بالموت وغيره، أو الآخروي باتباع الشهوات فيها، ويحتمل أن (تكون)(9)كلمة (حتى) للتعليل فيكون التمكن من القمص والقنص وغيرهما كالعلة الغائية لما تضمنته الجمل السابقة من غرورها، وأن یکون المراد بنافرها وناكرها ما كان مدبراً من مطالبها فيكون المراد بیان تبدلها

ص: 63


1- تحط) في ع، تصحيف
2- لسان العرب، مادة (قصد): 3 / 356
3- (المغني) في ر، تصحيف
4- بضوءها) في ح، تحریف
5- [لها] ساقطة من أ، ع
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 237
7- وقعت) في ح، تحریف
8- المركون) في ع
9- يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما اثبتناه

وعدم استقرار الراحة والسرور فيها(1)(وَأَعْلَقَت(2)اَلْمَرْءَ أَوْهَاقَ اَلْمَنِیَّةِ، قَائِدَةً لَهُ إِلَی ضَنْكِ اَلْمَضْجَعِ، وَوَحْشَةِ اَلْمَرْجَعِ، وَمُعَایَنَةِ اَلْمَحَلِّ وَثَوَابِ اَلْعَمَلِ) (أعلق أظفاره في الشيء أي: أنشبها)(3)وأعلقت المرء الأوهاق، أي: جعلها(4)عالقة به، والأوهاق جمع وهَقَ بالتحريك وهو الحبل تشد به الإبل والخيل لئلا تند(5)، وأوهاق الموت أسبابه، و (الضنك: الضيق)(6)، والمَضجَع بالفتح مصدر ضجع کمنع، أي وضع جنبه(7)على الأرض، أو اسم مكان منه، والمرجِع بالكسر مصدر أو اسم مكان، والمحل محل الجزاء ودار القرار والثواب هاهنا يعم جزاء السعيد والشقي (وَکَذَلِكَ اَلْخَلفُ بِعَقْبِ اَلسَّلَفِ؛ لا تُقْلِعُ اَلْمَنِیَّهُ اِخْتِرَاماً وَلَا یَرْعَوِی الْبَاقُونَ اِجْتِرَاماً) (الخلف)(8)(القرن بعد القرن)(9)وكل من بقي بعد من مضى من الآباء والاقرباء وهو السلف، والعقْب بالتسكين (بمعنی بَعْد، يقال جئت بعقب فلان أي بعده)(10)كذا قال [بعض](11)الشارحين، والموجود فيما حضرنا من كتب اللغة أن العقْب بالتسكين

ص: 64


1- منها) في ح، تحريف
2- واعلفت) في ر، تصحيف
3- الصحاح، مادة (علق): 4 / 1532
4- جعلتها) في أ، ث، ع
5- ينظر: لسان العرب، مادة (وهق): 10 / 386
6- العين، مادة (ضنك): 5 / 302
7- جبنه) في ر، تصحيف
8- (الحلف) في أ، ح، ر، ع، تصحيف
9- لسان العرب، مادة (خلف): 9 / 89
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 199، وفيه: (بمعنی بعد جئت...)
11- [بعض] ساقطة من ر

(الجري بعد الجري)(1)، وفي بعض النسخ يعقُب(2)السلف کیَنْصُر، أي: يتبع، وأقلع عن الأمر أي: كف وترك، والاخترام الاستئصال والاهلاك(3)أي: لا تترك المنية استئصالهم ولا يرعوي أي: لا ينكف ولا ينزجر(4)، وقيل: الارعواء الندم على الشيء والانصراف عنه، وتركه(5)، و(الجرم: الذنب)(6)والاجترام اکتسابه، أي: لا يرعوي الباقون عما هم عليه من اكتساب الآثام (یَحْتَذُونَ مِثَالاً، وَیَمْضُونَ أَرْسَالاً إِلَی غَایَةِ الاِنْتِهَاءِ،وَصَیُّورِ الْفَنَاءِ) [...](7)(احتذى مثاله أي: اقتدى به)(8)وأصله من حذوته إذا قعدت بحذائه(9)، أو من (حذوت)(10)النعل بالنعل إذا قدرت كل واحدة على صاحبتها((11)، والمثال صفة الشيء ومقداره، والأَرسال بفتح الهمزة جمع رسل بالتحريك وهو (القطيع من الإبل والغنم)(12)، أي: يمضون أفواجاً وفرقاً منقطعة

ص: 65


1- القاموس المحيط، مادة (عقب): 1 / 106
2- بعقب) في أ، ث، ح، ع، م، تصحيف
3- ينظر: الصحاح، مادة (خرم): 5 / 1910
4- يزجر) في ح، تحریف
5- لسان العرب، مادة (رعی): 1 / 328
6- المصدر نفسه، مادة (جرم): 12 / 91
7- [اي] زائدة في أ، ع
8- لسان العرب، مادة (حذا): 6 / 2311
9- المصدر نفسه، مادة (حذا): 6 / 2310
10- حذوث) في ح، تصحيف
11- لسان العرب، مادة (حذا): 6 / 2310
12- الصحاح، مادة (رسل): 4 / 1709

يتبع(1)بعضهم [بعضاً](2)، وصيور الأمر آخره وما يصير إليه.

(حَتَّی إِذَا تَصَرَّمَتِ الْأُمُورُ، وَتَقَضَّتِ(3)الدُّهُورُ، وَأَزِفَ النُّشُورُ، أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ الْقُبُورِ، وَأَوْکَارِ الطُّیُورِ، وَأَوْجِرَةَ السِّبَاعِ، وَمَطَارِحِ اَلْمَهالِكِ؛ سِراعاً إِلَی أَمْرِهِ، مُهْطِعِینَ إِلَی مَعَادِهِ) تصرمت أي: تقطعت وتفرقت(4)، [ونقضت](5)أي: انقضت وفنيت، وأزف کفرح أي: قرب ودنا(6)، والنشور أحياء الميت(7)، والضريح فعيل من الضرح وهو الشق في الأرض(8)، وأوكار الطيور أعشاشها(9)، والأوجرة جمع وِجار بالكسر وهو حجر السبع(10)وطرحه أي: رماه، (والاهطاع: الاسراع في العدو)(11)، والمعاد موضع الرجوع(12)ويحتمل المصدر والكلام نص في عود الأبدان بعد تصرمها وفنائها، وما حکاه بعض الشارحين(13)من التأويلات فمبني على نوع من الشك في أمر المعاد الجسماني الثابت بنص الكتاب والسنة والضرورة من الدين المبين.

ص: 66


1- تتبع) في أ، ع، تصحيف
2- [بعضا] ساقطة من أ، ع
3- وتقصت) في ث، وفي ح، ر: (ونقضت) تصحيف
4- ينظر: الصحاح، مادة (صرم): 5 / 1965
5- [ونقضت] ساقطة من م، وفي ر: (ويقضت)
6- ينظر: الصحاح، مادة (أزف): 4 / 1330
7- ينظر: العين، مادة (نشر): 6 / 252
8- ينظر: تاج العروس، مادة (ضرح): 4 / 134
9- ينظر: المصدر فسه، مادة (وكر): 7 / 600
10- ينظر: لسان العرب، مادة (وجر): 5 / 280
11- المصدر نفسه، مادة (هطع): 8 / 372
12- ینظر: المصدر نفسه، مادة (عود): 3 / 317
13- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 239

(رَعِیلاً صُمُوتاً، قِیَاماً صُفُوفاً، یَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَیُسْمِعُهُمُ الدَّاعِی؛ عَلَیْهِمْ لَبُوسُ الاِسْتِکَانَةِ(1)وَضَرَعُ الاِسْتِسْلاَمِ وَالذِّلَّةِ) [و](2)الرعيل القطيع من الخيل(3)واسترعلت الغنم، أي: تتابعت في السير، قال بعض الشارحين: (رعيلاً أي: مجتمعين)(4)، وقال ابن الاثير: يقال: لجماعة الفرسان رعلة، وجماعة الخيل رعيل، ومنه حديث علي (عليه السلام) [...](5)سراعاً الى أمره رعيلاً أي: رکاباً على الخيل(6)، ولا يخفى بعده عن المقام، ويمكن أن یکون اشارة الى تتابعهم(7)في السير حين تسوقهم(8)الملائكة الى المحشر لا يستطيعون التفرق والخروج من رقة السوق كالقطيع من الخيل، أو الى ذهاب العقل عنهم وتحيرهم للخوف، والصموت جمع صامت ویکون مصدراً بمعنى السكوت(9)وسكوتهم للدهشة والخوف، وقياماً / و88 / أي: قائمين على أرجلهم لعدم الرخصة في القعود، أو للخوف(10)، والصفوف القوم المصطفون أي القائمون في الصف ولا يستلزم وحدة الصف ويكون الصفوف جمع صف واختلاف الاحوال باختلاف الحالات فبعضها في السوق وبعضها

ص: 67


1- الاسکانة) في ع
2- [و] ساقطة من أ، ث، ر، ع
3- ينظر: تاج العروس، مادة (رعل): 16 / 286
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 238، وفيه: (رعيلًا: مجتمعين)
5- [و] زائدة في ع
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 235
7- تبایعهم) في أ، ع، وفي ر: (متابعهم)، وفي م: (تباعهم)
8- يسوقهم) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
9- ينظر: الصحاح، مادة (صمت): 1 / 256
10- للحذف) في ر، تحریف

بعده، وينفذهم(1)البصر أي [هم](2)مع كثرتهم لا يخفى منهم أحد عن ادراکه سبحانه فالبصر بصر الرحمن أو ينفذهم بصر الناظر من الخلق لاستواء الأرض واستقامة الصف ولا يبعد ازدياد قوة ابصار الخلائق يوم القيامة ويمكن ان يكون المراد بصر الملائكة الموكلين(3)بجمع الخلائق وهم المراد بالداعي على الظاهر وقول بعض الشارحين: (هو حكم القضاء عليهم بالعود واسماعهم عموم ذلك الحكم لهم)(4)في غاية البعد، واللبوس وما يلبس، واستكان أي: (خضع وذل)(5)، وهو افتعل من المسكنة اشبعت حركة عينه، والضرع بالتحريك الخشوع والضعف والاستسلام الانقياد(6). (قَدْ ضَلَّتِ الْحِیَلُ، وَانْقَطَعَ الْأَمَلُ، وَهَوَتِ الْأَفْئِدَةُ کَاظِمَةً، وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ مُهَیْنِمَةً، وَأَلْجَمَ اَلْعَرَقُ، وَعَظُمَ الشَّفَقُ) الحيلة جودة النظر والقدرة على التصرف(7)، وضلالها عدم اهتدائها إلى المطلوب أو ضلت أي: ضاعت وخفيت(8)وغابت وذلك لغلبة اليأس من الخلاص وشدة الخوف؛ ولذلك انقطع الأمل وهو الرجاء، ويمكن أن يكون المراد حیل الدنيا وآمالها، وهوت الافئدة أي: سقطت القلوب فلا تميل الى مآربها أو خلت من السرور والطمع في النجاة أو من العقول أو من كلّ شيء فزعاً وخوفاً کما قيل في قوله

ص: 68


1- ينفدهم) في ث، ر
2- [هم] ساقطة من أ، ع، و (البصر أي بصرهم مع كثرتهم) في ر، وفي م: (اي ابصرهم)
3- (المتوكلين) في أ، ع تحريف
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 242
5- تاج العروس، مادة (سکن): 18 / 292
6- ينظر: الصحاح، مادة (ضرع): 3 / 1249، ولسان العرب، مادة (ضرع): 8 / 221
7- ينظر: لسان العرب، مادة (حول): 11 / 185
8- خیفت) في أ، ع، تحریف

تعالى: «وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ»(1)[أو](2)ارتفعت عن مواضعها الى الحناجر کما اشار اليه سبحانه بقوله: «إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ»(3)والكَظْم الامساك على ما في القلب(4)، ومنه كَظْمُ الغيظ وأصله كظم البعير على جرته وهو تردیده إياها في حلقه(5)، والمراد صمتهم عن آمالهم للرعب والخوف والخشوع والخضوع، وقيل الأول في الصوت والثاني في البدن(6)وفيه إشارة الى قوله تعالى: «وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا»(7)والهيمنة(8)(الكلام الخفي لا يفهم)(9)، والمهينمة(10)ذات الهينمة، والجم العرق أي: وصل الى أفواههم فصار لهم بمنزلة اللجام، أو منعهم عن الكلام لكثرته ونزوله الى الأفواه، ولعلَّ الأول أظهر لفظاً(11)، والشَفق: بالتحريك الخوف)(12). (وَأُرْعِدَتِ الْأَسْمَاعُ، لِزَبْرَةِ الدَّاعِي إِلَی فَصْلِ الْخِطَابِ وَمُقَایَضَةِ الْجَزَاءِ، وَنَکَالِ الْعِقَابِ، وَنَوالِ الثَّوَابِ) أرْعِدَتْ الأسماع على صيغة الماضي المجهول، أي: أخذتها الرَّعدة بالكسر والفتح وهي الاسم من الارتعاد أي:

ص: 69


1- إبراهيم / 43
2- [أو] ساقطة من أ
3- غافر / 18
4- ينظر: لسان العرب، مادة (كظم): 12 / 520
5- ينظر: لسان العرب، مادة (كظم): 12 / 520
6- ينظر: المصباح المنير، مادة (خضع): 1 / 172
7- طه / 108
8- (الهينمة) في أ، ث، ر، ع، وفي ح، م،: (الهنيمة)
9- تاج العروس، مادة (هنم): 17 / 768
10- (المهيمة) في ر
11- (لفطاً) في أ، تصحيف
12- العين، مادة (شفق): 5 / 44

الاضطراب وتخصيصها بالإسماع لحدوثها من صوت الملك، وزبرة الدّاعي صوته على وجه الزجر والدفع(1)، وفصل الخطاب الفرق بين الحق والباطل واحقاق الحقوق، والمقايضة المعاوضة والمبادلة ومقايضة(2)الجزاء لا ينافي مضاعفة الحسنات تفضلاً، والنَكال بالفتح العقوبة التي تنكل الناس أي: تمنعهم عن فعل ما جعلت له جزاء(3)، والنوال العطاء، والكلام صريح في حشر الاجسام الثابت بالضرورة من دين الاسلام، وایراد التأويلات البعيدة کما وقع لبعض الشَّارحین(4)يشعر بالشك والارتياب. (عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً، وَمَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً، وَمَقْبُوضُونَ اخْتِضَاراً، وَمُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً، وَکَائِنُونَ رُفَاتاً، وَمُبْعوثُونَ أَفْرَاداً، وَمَدِینُونَ جَزاءً، ومُمَیَّزُونَ حِسَاباً) رفع كلمة عباد بالخبرية لمحذوف، والاقتدار القدرة، وقيل المقتدر أبلغ من القدير(5)وهو مبالغة في القادر، والمربوب المملوك، والاقتسار والقسر القهر والغلبة وفي الوصفين دفع لاستبعاد الحشر وزجر عن العصيان والقبض باليد الامساك والتناول والاحتضار الحضور والمراد حضور الموت أو الملائكة الموكلين يقبض الأرواح والحضور في المحشر لا يناسب الترتيب وتضمين الشيء وعاءً جعله فيه، والجَدَث بالتحريك (القبر)(6)والرُّفات بالضم (الحطام)(7)وهو

ص: 70


1- الزبر بالفتح: الزجر والمنع) لسان العرب، مادة (زجر): 2 / 667
2- مقانصة) في أ، ح، ع، تصحيف
3- لسان العرب، مادة (نکل): 11 / 677
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 201
5- ينظر: تفسير أسماء الله الحسنی، الزجاج (ت 311 ه): 59، اشتقاق أسماء الله الحسنی، الزجاجي (ت 337 ه): 48
6- الصحاح، مادة (جدث): 1 / 277
7- المصدر نفسه، مادة (رفت): 1 / 249

ما تكَسر من اليبس(1)، يقال: رفته کنصره وضربه أي: كسره ودقه ورفت الشيء أي: انكسر واندق لازم، متعد، والبعث الارسال وبعثه من منامه ايقظه، وفي أسماء الله الباعث؛ لأنه يبعث الخلق أي: يحييهم بعد الموت وكأنَّه من البعث من المنام، أو لأنَّه يرسلهم الى المحشر، والافراد جمع فرد وهو المنفرد وانفراد الخلق حين(2)البعث؛ لتفرقهم في الأرض وتباعد أكثر قبورهم فليس معهم أتباعهم وأنصارهم وأهلهم وأولادهم، أو لأنه لا يهتم أحد إلا بأمر نفسه فلا يغني مولى عن مولى شيئاً وإن صاحبه ورافقه في البعث والمحشر، أو لأنَّه لا يكون معهم أهلهم ومالهم، والدين الجزاء فجزاء مصدر انتصب من غير فعله ويمكن أن يكون الدين بمعنى القهر والغلبة والتمييز أما بمحاسبة كلّ أحد على حدّه أو بإحصائهم بحيث لا يفوت منهم أحد کما قال سبحانه: «لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا»(3)[على ](4)ما ذكره بعض الشَّارحين(5)فانتصاب حساباً بالمصدرية أو بتمييز المجرمين كما قال سبحانه: «وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ»(6)على ما ذكره بعضهم(7)/ ظ 88 / (قَدْ أُمْهِلُوا فِي طَلَبِ الْمَخْرَجِ، وَهُدُوا سَبِیلَ الْمَنْهَجِ(8)،وَعُمِّرُوا مَهَلَ اَلْمُسْتَعْتَبِ،

ص: 71


1- ينظر: تاج العروس، مادة (رفت): 3 / 54
2- خير) في ع، تحریف
3- مریم / 94
4- [على] ساقطة من ر
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 245
6- يس / 59
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 202
8- المهج) في أ، ع، تحریف

وَکشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّیَبِ) الغرض(1)بیان تمام الحجة على العباد في دار الدنيا، والامهال التأخير واعطاء المهلة، والمخرج الخروج عن ربقة الذل التابع للمعصية أو محله، والمراد به التوبة وفعل الطاعات المكفرة(2)للسيئات، والمنهج (الطريق الواضح)(3)، والاضافة للمبالغة أو على التجريد أو لتنزيل أسباب الهداية الخاصة بكل أحد منزلة الطرق المتشعبة من معظم الطريق، والمهل بالتحريك السكينة والرفق والتؤدة والاسم منه المُهملة بالضّم ویکون بمعنى التقدم في الخير، والعُتبی بالضَّم الرضا والرجوع عن الذنب والاساءة(4)، والاستيعاب(5)طلب العتبی تقول(6): منه استعتبت فلاناً إذا طلبت اليه أن يرضى عنك، ويقال: استعتبته أي: أعطاه العتبی ورضي عنه(7)، ولعلَّ المعنى عمروا مدَّة لأنَ يطلبوا رضاه الله سبحانه بالرجوع عن الاساءة والتوبة، فالمستعتب مصدر بمعنى الاستعتاب وعلى هذا يمكن أن يكون المهل بمعنى التقدم في الخير، أو المستعتب من أعطى الرضا عل صيغة الماضي المجهول أي: عمرهم الله ولم يأخذهم بأعمالهم؛ لأنَّ يعطيهم الرضا ويعفو عنهم لو تابوا ورجعوا عن عصيانه وانتصاب المهل على المصدرية على الظاهر لأنَّ التعمير في المعنى الامهال، وقال بعض الشَّارحين: (المستعتب(8)

ص: 72


1- لغرض) في ع
2- المكفر) في أ
3- الصحاح، مادة (نهج): 1 / 346
4- ينظر: الصحاح، مادة (عتب): 1 / 577، 578
5- الاستعتاب) في ث، وفي ح: (الاستعتباب)، تحریف
6- يقول) في ر، م، تصحيف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (عتب): 1 / 577، 578
8- المسعتب) في أ تحریف

المسترضى)(1)ولما كان من يطلب استعتابه ويقصد رجوعه عن غيّه يمهل ويداري طويلاً كانت مهلة الله سبحانه لخلقه مدّة أعمارهم ليرجعوا الى طاعته ويعملوا صالحاً يشبه ذلك فنزلت منزلته ويرد عليه أن المستعتب على صيغة المفعول من يطلب رضاه وهو الله سبحانه لا العبد اللهم إلاَّ أنَّ يجعل المستعتب والمسترضي مصدرين، والسُّدفة من الاضداد يكون بمعنى الظلمة والضياء(2)، وقيل: (هي اختلاط الضوء والظلمة معاً كوقت ما بين طلوع الفجر الى الاسفار)(3)ولا يخلوا عن مناسبة لمعنى الريّب وهو الشك، وقيل أسوء الشك، وقال بعض الشارحين: الريَّب الشبه(4)جمع [ريبة](5)وفساده واضح، وكشف سدف الرَّيب إزالة ظلم الشكوك والأوهام عن أبصار بصائر الخلق بأرسال الرّسل وإقامة الحج-ج الواضحة. (وَخُلُّوا لِمِضْمارِ الْجِیَادِ، وَرَوِیَّةِ الاِرْتِیَادِ، وَأَنَاةِ اَلْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ، فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ، وَمُضْطَرَبِ اَلْمَهَلِ) خلاّه للأمر تركه له، والمضار مدّة تضمير الفرس وهو أن يعلف حتى يسمن ثمّ يرد الى قوته الأوّل ليخف لحمه وذلك في أربعين يوماً ويطلق على تجويعه حتّى يهزل ويخفّ لحمه(6)، ويكون المضمار بمعنى غاية الفرس في السّباق، والموضع

ص: 73


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 203
2- ينظر: الصحاح، مادة (سدف): 4 / 1372، و الاضداد، قطرب: 78، والاضداد، الانباري: 114، وثلاث كتب في الاضداد: 35
3- الصحاح، مادة (سدف): 4 / 1372
4- [الشبه] ساقطة من ح
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 202، وفيه: (الريب الشبهة جمع ريبة)
6- ينظر: الصحاح، مادة (ضمر): 2 / 722

الذي يضمر فيه(1)، والجياد جمع جواد وهو الفرس الرّائع الجيد(2)، ومضمار الخلق أعمارهم التّي يتمكنون(3)فيها من الطاعة - وروّيت في الأمر بالتّشديد نظرت وفكرت، والاسم الروّية)(4)والارتياد (الطّلب)(5)والأناة كقناة التؤدة والانتظار(6)، واقتباس النَّار الأخذ من شعلتها واقتباس العلم أي: التّعلم مأخوذ منه، والاقتباس لا يكون إلاَّ بمهلة وانتظار، والمرتاد الطّالب، والأجل المدّة ويكون بمعنی غایتها، والمضطرب موضع الاضطراب وهو التّحرك والاضافة أمَّا بيانية أو لاميّة كأن المهل متّحرك في مدة العمر، ويمكن أن يجعل المضطرب مصدراً فيكون معطوفاً على(7)الأجل دون المُدّة. (فَیَالَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً، وَمَوَاعِظَ شَافِیَةً، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاکِیَةً، وَأَسْمَاعاً وَاعِیَةً، وَآراءً(8)عَازِمَةً(9)، وَأَلْبَاباً حَازِمَةً!) النداء للتعجب ولما كان المتعجب منه خصّ من بين أمثاله بالاستحضار لغرابته ادخلت عليه اللام والضمير مبهُم يفسره ما بعده، والمثل بالتّحريك في الأصل الشبه والنظير(10)واستعير لكلّ حال أو قصة لها شأن وفيها غرابة، والصّائبة غير العادلة عن الصّواب، ووعظه عظةً

ص: 74


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ضمر): 2 / 722
2- ينظر: لسان العرب، مادة (جود): 3 / 136
3- تمكنون) في أ، ث، ع، تصحيف
4- القاموس المحيط، مادة (روي): 4 / 337
5- تاج العروس، مادة (رود): 4 / 466
6- ينظر: العين، مادة (أنی): 8 / 401
7- و) في ع
8- ازاءاً) في م، تصحیف
9- عارمة) في ث، تحریف
10- سبق ذكره في صحيفة 4

وموعظة ذكره مایلین به قلبه، ولعلّ المراد بالأمثال والمواعظ ما ظهر من الكلمات السّابقة، وصادفه وجده ولقيه(1)، والزّكاة الطّهارة والنّماء والبركة(2)وزکی الرّجل صلح، ووعيت الحديث حفظته وفهمته و(الآرْاء)(3)بفتح الهمزة وسكون الرّاء جمع رأي وهو الاعتقاد ورأيت رأياً إذا نظرت بعينك أو بقلبك، والعزم الجد في الأمر والصبر والثّبات(4)، واللّب بالضّم (العقل)(5)، والحزم ضَبْط الأمر والأخذ فيه بالثقة، والحذر من فواته، ويقال: حزمت الشيء أي: شددته. (فَاتَّقُوا اللَّهَ تَقِیَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ، وَاقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ، وَوَجِلَ فَعَمِلَ، وَحَاذَرَ فَبَادَرَ، وَأَیْقَنَ فَأَحْسَنَ، وَعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ، وَحُذِّرَ فَازْدَجَرَ(6)) التقية والتُّقى بالضم الحذر(7)، (والاسم التقوى)(8)، والخشوع الخشية و(الخضوع)(9)، والاقتراف الاكتساب)(10)واقترف الذنّب أتاه وفعله أي: أن ارتكب معصية اعترف بها وأناب الى الله، والوجل (الخوف)(11)تقول(12):

ص: 75


1- لقبه) في أ، ع، تصحيف
2- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (زکی): 3 / 17
3- الارءاء) في ث، وفي ح: (الارءا)
4- سبق ذكره في صحيفة 22
5- لسان العرب، مادة (لبب): 1 / 730
6- فحذر، وزجر فازدجر) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 204، وشر نهج البلاغة، صبحي الصالح: 126
7- ينظر: لسان العرب، مادة (وقي): 15 / 402
8- المصدر نفسه، مادة (وقي): 15 / 402
9- الصحاح، مادة (خشع): 3 / 1204
10- تاج العروس، مادة (قرف): 12 / 430
11- تاج العروس، مادة (وجل): 15 / 771
12- تقل) في ث، تحریف

وجل كفرح، والحذر الاحتراز، أي: حاذر(1)عقاب رّبه فبادر الى طاعته قال الله تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ»(2)وأيقن أي: بالموت ولقاء الله فأحسن عمله وعبر أي: أُرِيَ العبر وهي ما يعتبر به الانسان / و89 / ويستدّل به على غيره ويتعظ فاعتبر واتعظ، والتحذير التخويف، وازدجر [أي: قبل الزَّجر وهو المنع ويكون ازدجر بمعنى زجر کما يكون مطاوعاً له، وفي بعض الرّوايات وازدجر فازدجر وهي مطابقة لهذا الاستعمال (وَأَجَابَ فَأَنَابَ، وَرَاجَعَ فَتَابَ، وَاقْتَدَی فَاحْتَذَی وَأُرِیَ فَرَأَی) الإنابة الرجوع الى الله تعالى بالتوبة وإصلاح العمل، ويمكن أن يكون المعنى أجاب داعي الله وآمن به، فرجع إليه بباطن أمره وامتثل أوامره(3)ونواهيه، والمراجعة أما ترك المناهي والتوبة الندم والعزم على عدم ارتكاب المعاصي وفعل الطاعات، أو المراجعة محاسبة النفس والنظر الى عاقبة الأمر في الطاعة والمعصية، أو مراجعة العقل والعمل بما يقتضيه، واقتدى أي: بأنبياء الله وأوصيائهم فاحتذى أي: حذا حذوهم وتابعهم في الأعمال والأقوال(4)،وارى أي: طريق الحق فعمل بما يقتضيه الاراءة وسلكه ولم يعدل عنه. (فَأَسْرَعَ طَالِباً، وَنَجَا هَارِباً؛ فَأَفَادَ ذَخِیرَةً، وَأطاب سَرِیرَةً، وعمَّرَ مَعاداً، واسْتَظْهَرَ زَاداً، لِیَوْمِ رَحِیلِهِ، وَوَجْهِ سَبِیلِهِ، وحالِ حَاجَتِهِ، وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ وَقَدَّمَ أمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ) الاسراع في طلب الثواب والنجاة والخلاص في الهرب من العقاب والإفادة من الاضداد،

ص: 76


1- حازه) في ع، تحريف
2- ال عمران / 133
3- بباطن امره ونواهيه) في ر
4- الافعال) في ع

يقال: أفدت المال أي: استفدته(1)وأعطيته(2)، والذخيرة المختار النفيس، والاطابة(3)التطهير(4)والسريرة(5)مایکتم والاطابة(6)تطهير الباطن من الشرك والشك والذمائم، وعمر المكان كنصر جعله أهلا، والمعاد المرجع والمصير، واستظهره حفظه واستظهر به استعان، والرحيل اسم ارتحال القوم عن المنزل ووجه كل شيء مستقبله، والمُقام بالضم الاقامة ويكون للموضع کالمَقام بالفتح. (فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهَ جِهَةَ مَا خَلَقَکُمْ لَهُ، وَاحْذَرُوا مِنْهُ کُنْهَ مَا حَذَّرَکُمْ مِنْ نَفْسِهِ، واسْتَحِقُّوا مِنْهُ ما أعَدَّ لَکُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِیعادَهِ، والْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ) الجهة الجانب والناحية وما خلق الله العباد له العبادة كما قال عز وجل: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(7)وانتصاب الكلمة أما بفعل مقدر](8)، أي: اتقوا الله وأقصدوا جهة ما خلقكم له، والتقوى

ص: 77


1- استفدت) في أ، ع
2- ينظر: الاضداد، محمد بن قاسم الانباري: 410
3- الاطاعة) في أ، ع، تحريف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (طاب): 1 / 567
5- السيرة) في أ، ع، تحریف
6- واطابتها) في ح، ر، م
7- الذاريات / 56
8- [أي: قبل الزَّجر وهو المنع ویکون ازدجر بمعنی زجر کما یکون مطاوعاً له، وفي بعض الرّوايات وازدجر فازدجر وهي مطابقة لهذا الاستعمال (وَأَجَابَ فَأَنَابَ، وَرَاجَعَ فَتَابَ، وَاقْتَدَی فَاحْتَذَی وَأُرِیَ فَرَأَی) الإنابة الرجوع الى الله تعالى بالتوبة واصلاح العمل، ويمكن أن يكون المعنى أجاب داعي الله وآمن به، فرجع إليه بباطن أمره وامتثل أوامره ونواهيه، والمراجعة أما ترك المناهي والتوبة الندم والعزم على عدم ارتكاب المعاصي وفعل الطاعات، أو المراجعة محاسبة النفس والنظر الى عاقبة الأمر في الطاعة والمعصية، أو مراجعة العقل والعمل بما يقتضيه، واقتدى أي: بأنبياء الله وأوصيائهم فاحتذى أي: حذا حذوهم وتابعهم في الأعمال والأقوال، واری أي: طريق الحق فعمل بما يقتضيه الاراءة وسلکه ولم يعدل عنه (فَأَسْرَعَ طَالِباً، وَنَجَا هَارِباً؛ فَأَفَادَ ذَخِیرَةً، وَأَطاب سَرِیرَةً، وعَمَّرَ مَعاداً، واسْتَظْهَرَ زَاداً، لِیَوْمِ رَحِیلِهِ، وَوَجْهِ سَبِیلِهِ، وحالِ حاجَتِهِ، وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ وَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ) الاسراع في طلب الثواب والنجاة والخلاص في الهرب من العقاب والإفادة من الاضداد، يقال: أفدت المال أي: استفدته وأعطيته، والذخيرة المختار النفيس، والاطابة التطهير والسريرة ما يكتم والاطابة تطهير الباطن من الشرك والشك والذمائم، وعمر المكان كنصر جعله أهلا، والمعاد المرجع والمصير، واستظهره حفظه واستظهر به استعان، والرحيل اسم ارتحال القوم عن المنزل ووجه كل شيء مستقبله، والمُقام بالضم الاقامة ويكون للموضع کالمَقام بالفتح (فَاتَّقُا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهَ جِهَةَ مَا خَلَقَکُمْ لَهُ، وَاحْذَرُوا مِنْهُ کُنْهَ مَا حَذَّرَکُمْ مِنْ نَفْسِهِ، واسْتَحِقُّوا مِنْهُ ما أَعَدَّ لَکُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِیعَادَهِ، والْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ) الجهة الجانب والناحية وما خلق الله العباد له العبادة كما قال عز وجل: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ » وانتصاب الكلمة أما بفعل مقدر،] ساقطة من ث

ملزوم لقصد العبادة فيدل المذكور على المحذوف، وأما على الظرفية أي: اجعلوا تقواكم في تلك الجهة أي: نظراً الى تلك الجهة لا للرياء والسمعة على ما ذكره بعض الشارحين(1)وكنه الشيء حقيقته وقدره وغایته واستحقاق ما أعد الله إنما يحصل بالعبادة وامتثال الأوامر والنواهي ومرجعه الى فعل الطاعات وعمل الصالحات التي وعد الله بها الثواب، وترك المحرمات التي يستحق بها العقاب، فالأول هو التنجز لصدق الميعاد، والثاني هو الحذر من هول المعاد، وتنجز الوعد سؤال انجازه أي: الوفاء به، ويقال: فلان يتنجز(2)الحاجة أي: يستنجحها أو(3)يطلب تعجيلها(4)، والمراد بصدق میعاده

ص: 78


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 248
2- ينتجز) في أ، ع
3- و) في ث، تحریف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (طاب): 3 / 898

تحققه وخروجه من القوة الى الفعل وميعاده قوله: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا»(1)وأمثاله والحذر بالجر معطوف على التنجز.

[منها](2)أي: من هذه الخطبة والظاهر أن الفصل للحذف(جَعَلَ لَکُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِي ما عَنَاهَا، وَأَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشاها، وَأَشْلَاءً جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا(3)) وعاه يعيه حفظه وجمعه وعناه الأمر [يعنيه](4)ويعنوه أهمه، والعشى بالفتح والقصر سوء البصر بالليل والنهار أو بالليل أو العمى، وتجلو أي: تكشف ولعله أقيم المجلو مقام [المجلو](5)عنه والتقدير لتجلو عن قواها عشاها كذا قال بعض الشارحين(6)، وقال بعضهم: كلمة (عن) زائدة أو بمعنى(بعد)(7)والمفعول محذوف والتقدير لتجلو الأذى بعد عشاها(8)وفيه بعد، والمراد جلا العشا عن البصر الظاهر بأن ينظر الى ما يعتبر به، أو عن بصر البصيرة والقلب بأن يفرق بين النافع والضار، والاشلاء جمع شِلو بالكسر وهو (العضو)(9)وفسره في القاموس ب(الجسد)(10)أيضا، وجمعها

ص: 79


1- الفتح / 29
2- [منها] بياض في ث
3- لاغضائها) في أ، وفي ع، (لاغصائها
4- [يعنيه] ساقطة من أ، ع، وفي ث: (يعينه)
5- [مقام المجلو] ساقطة من ث، و [المجلو] ساقطة من ر
6- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 251
7- ينظر: حروف المعاني، الزجاجي (ت 340 ه): 81
8- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 206
9- العين، مادة (شلو): 6 / 284
10- القاموس المحيط، مادة (شلو): 4 / 350 وفيه: (الشيلو بالكسر: الوُضُو والجسد)

للأعضاء على الثاني واضح، وعلى الأول يمكن حملها على الأعضاء الظاهرة الجامعة للباطنة كما قال بعض الشارحين(1). (مُلاَئِمةً لأِحْنَائِهَا فِي تَرْکِیبِ صُوَرِهَا وَمُدَدِ عُمُرِهَا، بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِها، وَقُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرْزَاقِهَا، في مُجَلِّلَاتِ نِعَمِهِ، وَمُوجِبَاتِ مِنَنِهِ، وَحَوَاجِزِ عَافِیَتِهِ) الملائمة الموافقة والاحناء جمع حِنو بالكسر وهو الجانب، وقال في النهاية: (ملائمة لأحنائها أي: معاطفها)(2)والغرض الاشارة الى الحكم والمصالح المرعية في تركيب الأعضاء وترتيبها وجعل كل منها في موضع يليق بها كما بين بعضها في / ظ 89 / علم التشريح، والظرف متعلق بالملائمة، وقال بعض الشارحين: كأنَّه قال: مركبة أو مصورة، فأتی بلفظه (في) کما تقول(3): ركب في سلاحه وبسلاحه أي متسلحا(4)، والأرفاق جمع رفق بالكسر وهو المنفعة(5)وفي القاموس هو (ما استعين به)(6)والأرفاق على هذا عبارة عن الأعضاء وسائر ما يستعين به الانسان، والباء للاستعانة، أو السبية بخلاف الأول، وروی (بأرماقها) والرمق (بقية الروح)(7)، والظرف أعني بأبدان متعلق [](8)والرود کالارتياد الطلب، ومنه ((الرّائد لا يكذب أهله))(9)أي: الذي يبعثه القوم أمامهم ليرود

ص: 80


1- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 207
2- النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 455
3- يقول) في ث، ح، ر، م
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 207
5- ينظر: الصحاح، مادة (رفق): 4 / 1482
6- القاموس المحيط، مادة (رفق): 3 / 236
7- الصحاح، مادة (رمق): 4 / 1484
8- [] بياض في ث، ح
9- مثل يضرب فيما يخاف من غب الكذب، جمهرة الامثال: 1 / 474، 472، ورواه الميداني والخویِّي: ((لا يكذب الرائد أهله)) مجمع الامثال: 2 / 183، وفرائد الحرائد في الامثال، يوسف بن طاهر الخویِّي (ت 549 ه): 481

لهم الكلاء والماء، ومجالات النعم على صيغة الفاعل هي التي تجلل الناس تغطيهم وتلبسهم الروح والراحة كما يتجلل الرجل بالثوب الشامل، ومنه السحاب المجلل أي: الذي يجلل الأرض بمائه أو بنباته کما يجلل الفرس(1)، وقيل: مجللات النعم التي تجلل الناس أي تعمهم من قولهم: سحاب مجلل أي الذي يطبق(2)الأرض(3)وفيه تأمل، وقال بعض الشارحين: من مجللات نعمه ستره عليهم قبائح أعمالهم أن يظهر وهو أحبس خواطرهم بعضهم لبعض بحيث لو اطلع كل على ما [ في ](4)ضمير صاحبه من الغل والحسد لأفنى بعضهم بعضاً، وخرب نظام وجودهم(5)، والظرف متعلق بمحذوف والموضع نصب على الحال، والمنن جمع منة وهي تستعمل بمعنى النعمة(6)، وتستعمل(7)كثيرا في التي تفسد الصنيعة(8)أي التي يعتد بها صاحبه ويظهرها للناس، أو يطلب الجزاء عليها، ويستعمل المن أيضا في هذا المعنی کما قال سبحانه: «لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى»(9)، والمراد بموجبات المنن على

ص: 81


1- ينظر: الصحاح، مادة (جلل): 4 / 1661
2- بطنق) في ر، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 207
4- [في] ساقطة من ع
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 251
6- ينظر: تاج العروس، مادة (منن): 18 / 546
7- يستعمل) في ث، ح، ر، م، تصحيف
8- ينظر: تاج العروس (منن): 18 / 546
9- البقرة / 264

صيغة الفاعل أما النعم التي توجب الشكر، أو التي لعظمها يستحق أن يعتد بها المعطى وإن لم يعتد(1)سبحانه بها، ولا يبعد أن يكون ذلك الاعتداد غیر مذموم في حقه سبحانه وإن كان مذموماً في حق غيره کالعظمة والكبرياء، وقال بعض الشارحين: من روی (موجَبات مننه) بفتح الجيم فالمراد ماسقط من نعمه وأفيض على العباد(2)وهو من الوجوب بمعنى السقوط، ويمكن أن يكون بمعنى النعم التي أوجبها الله سبحانه على نفسه لكونه الجواد المطلق، والحواجز الموانع، وحواجز العافية: ماتمنع(3)المضار وتدفعها(4)، وقال بعض الشارحين: قد فسر حواجز العافية بما يحجزها ويمنعها عن الزوال والعدم(5)، والأظهر أنها كالسابقتين صفة مضافة الى موصوفها أو یروی حواجز بلیته أي: ما يمنعها ويدفعها (وقَدَّرَ لَکُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْکُمْ، وَخَلَّفَ لَکُمْ عِبَراً مِنَ آثَارِ الْمَاضِینَ قَبْلَکُمْ، مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلَاقِهِمْ، وَمُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ) قدر الأعمار أي جعل لها قدرا مخصوصا، أو حكم بانتهائها إلى حد معين والامتنان بستر الأعمار لكون الاطلاع عليها واشتغال الخاطر بخوف الموت مما يبطل نظام الدنيا والتعيش فيها ويمكن أن يكون الغرض بیان حقيقة الحال وتنبيه الغافل عن انقضاء العمر لستر حده وانتهائه، وخلف العبر أي: ابقاها بعد ارتحال الماضين كأنَّها خليفة لهم، والعبرة ما يعتبره

ص: 82


1- (يعتد بها) في ر
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 251
3- يمنع) في أ، ح، ر، ع، م، تصحیف، والصواب ما أثبتناه
4- يدفعها) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف. والصواب ما أثبتناه
5- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 207

الانسان ويتعظ به، وآثر الشيء بقيته(1)، والمتاع المنفعة، والمستمتع على صيغة المفعول ما ينتفع به(2)، يقال: استمتعت بكذا، وتمتعت به بمعنی، والخلاق بالفتح (النصيب)(3)، قال الله تعالى(4): «فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ»(5)، والفُسحة بالضم (السعة)(6)وخنقه إذا عصر حلقه، والخِناق بالكسر ما يخنق به [من حبل](7)أو وتر ونحوهما(8)، ومستفسح خناقهم مدة إمهالهم في الدنيا. (أَرْهَقَتْهُمُ(9)الْمَنَایَا دُونَ الآمَالِ، وَشَذَّبَهُمْ عَنْهَا تَخَرَّمُ الآجَالِ، لَمْ یَمْهَدُوا في سَلَامَةِ الأبْدَانِ، وَلَمْ یَعْتَبِرُوا في أُنُفِ الاْوَانِ) المرهق على صيغة المفعول من باب الأفعال الذي أدرك ليقتل، وأرهقتهم المنايا أي: أدركتهم مسرعة، والمنايا جمع منية وهي الموت سمی بها لأنَّها مقدرة من قولهم: منی له كذا أي: قدر، وهذا دون ذاك أي:، اقرب منه، والمعنى: قبل وصولهم الى آمالهم، وشد بهم أي: طردهم وقطعهم وفرقهم وتخرمتهم(10)المنية أي: قطعتهم واستأصلتهم وأخذتهم، وتمهيد الأمر تسويته وإصلاحه، والأنف والأُنُف بضمتين أول

ص: 83


1- تقيته) في ر، تصحيف
2- ينظر: العين، مادة (متع): 2 / 83
3- المصدر نفسه، مادة (خلق): 4 / 151
4- سبحانه) في ر
5- التوبة / 69
6- الصحاح، مادة (فسح): 1 / 391
7- [من حبل] ساقطة من ر. م
8- ينظر: الصحاح، مادة (خنق): 4 / 1472
9- ارهفتهم) في ع
10- تحزمتهم) في ر

الأمر(1)، يقال: روضةٌ أنُف، إذا لم يرعها أحد(2)، (وكأس أنف إذا لم يشرب بها قبل ذلك، كأنَّه استؤنف شربها)(3)(والأوان: الحين والزمان)(4)، والمعنى قصروا في إصلاح معادهم حيث أمكنهم ذلك في سلامة الأبدان وامتداد الزمان. (فَهَلْ یَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ / و90 / إِلَّا حَوَانِيَ الْهَرَمِ، وَأَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ، وَأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلَّا آوِنَةَ الْفَنَاءِ) البَضاضة بفتح الباء الموحد (رقة اللون وصفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شيء)(5)وليست من البياض خاصته بل من رخوصة(6)الجسد وكونه ناعما ممتلياً، والشَباب بفتح الشين الحداثة، وكذلك جمع شاب، والحواني جمع حانية وهي العلة التي تحني(7)الظهر وغيره وتميله عن الاستقامة(8)، والهرم بالتحريك (كبر السن)(9)، وقيل: أقصى الكبر، والغَضارة بالفتح: طيب العيش والسعة والنعمة والخصب(10)، والنازلة الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس، والآونة جمع أوان وهو الحين والزمان والانتظار في المواضع عبارة عن الانتهاء وكون اللواحق غايات للسوابق (مَعَ قُرْبِ الزِّیَالِ، وَأُزُوفِ الاِنْتِقَالِ، وَعَلَزِ

ص: 84


1- ينظر: العين، مادة (أنف): 8 / 378
2- ينظر: لسان العرب، مادة (أنف): 9 / 14
3- لسان العرب، مادة (أنف): 9 / 14
4- العين، مادة (وان): 8 / 404
5- لسان العرب، مادة (بضض): 7 / 118
6- حوصه) في م
7- يحني) ث، ح، ر
8- ينظر: تاج العروس، مادة (حنو): 19 / 350
9- الصحاح، مادة (هرم): 5 / 2057
10- ينظر: لسان العرب، مادة (غضر): 5 / 23

الْقَلَقِ، وأَلَمِ الْمَضَضِ، وغُصَصِ الْجَرَضِ، وَتَلَفُّتِ الِاسْتِغَاثَةِ(1)بِنُصَرْةِ الْحَفَدَةِ وَالْأَقْرِبَاء، والْأَعِزَّة وَالْقُرَنَاءِ) الزِّيال(2)بالکسر المزايلة(3)وهي (المفارقة)(4)، والأُزوف القرب والدنوّ(5)، والظرف متعلق بالانتظار أي: بضاضة الشباب مع أنها تنتهي الى حواني الهرم ليست لها مدة طويلة تطيب بها النفس ولا عيش رغيد خال عن الآلام، وكذلك الصحة والبقاء والعلز بالتحريك خفة وهلع يصيب المريض والمحتضر والاسير والحريص(6)، والقلق الانزعاج وعدم الاستقرار، والمضض بالتحريك وجع المصيبة ومضة الشيء وامضه بلغ من قلبه الحزن به وغَصصت بالماء بالفتح والكسر(7)غصصاً بالتحريك إذا شرقت به ووقف في حلقك(8)فلم تكد تسيغه، وجرض بریقه کفرح، ابتلعه بالجهد على هم وحزن(9)، وقال ابن الاثير في النهاية في شرح قوله (عليه السلام): (الجَرض بالتحريك أن تبلغ الروح الحلق)(10)، والتلفت أبلغ من الالتفات، والباء في (بنصرة الحفدة) متعلق بالاستغاثة، أو بالتلفت(11)

ص: 85


1- الاستفاثة) في ث، وفي ع: (الاستغاثة)
2- الرنال) في ح، وفي ع (الزيال) تصحيف
3- المزابلة) في أ، ع
4- لسان العرب، مادة (زول): 11 / 317
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (أزف): 9 / 4
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (علز): 5 / 381
7- وغصصت بالماء بالفتح وبالكسر) في ث، وفي ر، م: (وغصصت بالفتح والكسر بالماء)
8- خلقك) في أ، ح، ع
9- ينظر: تاج العروس، مادة (جرض): 10 / 27
10- النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 261
11- التلف) في ر، م، تحریف

فيكون بمعنى (الى) [...](1)[و](2)اضافة التلفت تفيد الملابسة والحفدة الأعوان والخدم، وقيل: أولاد الأولاد، وقيل: البنات وأولاد الأولاد والاصهار، والعز خلاف الذل، وعززت عليه كضربت أي: کرمت. (فَهَلْ دَفَعَتِ الْأَقَارِبُ، أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ، وَقَدْ غُودِرَ فِي مَحَلَّةِ الْأمْوَاتِ رَهِیناً، وَفِي ضِیقِ الْمَضْجَعِ وَحِیداً) مفعول الدفع محذوف أي: هل دفعت الأقارب شيئاً من المضار والمحذورات، والنواحب جمع ناحية، والنحب والنحيب (أشد البكاء)(3)، وفي بعض الروايات (النوادب) والنُدبة بالضم اسم من ندب الميت أي: (بکاه وعدد محاسنه)(4)، والمغادرة الترك وغودر، أي: ترك والمحلة منزل القوم، والرهين المرهون والجملة في موضع الحال عن الدفع والنفع والمراد بكونه مرهوناً اما اقامته في محلة الاموات بحيث لا يمكن له الخلاص والخروج منها وأما كونه موثوقاً بذنوبه کالرهن الذي لا يمكن استيفاؤه الاّ بأداء الدين والمَضجع [بالفتح](5)موضع الضجع والاضطجاع أي وضع الجنب على الأرض أو النوم [...](6)الوحيد المنفرد (قَدْ هَتَکَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ، وَأَبْلَتِ النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ، وَعَفَتِ الْعَوَاصِفُ آثارَهُ، وَمَحَا الْحَدثَانُ مَعالِمَهُ) هتك الستر وغيره جذبه فقطعه [من](7)موضعه أو شق منه جزءا فبدا ما وراءه والمراد

ص: 86


1- [بمعنی] زائدة في م
2- [و] ساقطة من م
3- القاموس المحيط، مادة (نحب): 1: 130
4- المصدر نفسه،، مادة (ندب): 1: 131
5- [بالفتح] ساقطة من ر
6- [و] زيادة في ث، ح، ر، م
7- [من] ساقطة من أ

الخرق، والهامة كل ما يدب من الحيوان كالحشرات، وقيل: هي كل ذات سم يقتل، فأما مايسم ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور(1)، والجِلدة بالكسر، وبلي الثوب أي: خلق وأبلته اخلقته، والنهك (المبالغة في كل شيء)(2)، ونهك الطعام أي: بالغ في أكله، ونهك الضرع(3)استوفي [جميع](4)ما فيه(5)وجد الشيء جِدة بالكسر أي: صار جديدا، وعفت الريح المنزل درسته، وعفا المنزل يعفو درس يتعدى ولا يتعدى(6)، وعصفت الريح: اشتدت، والمحو: ازالة الأثر والحدثان(7)[بالتحريك مصدر بمعنى الحادثة على ما ذكره بعض الافاضل قال وليس تثنية الحدث بمعنى الليل والنهار کما يتوهم ولذا يقال: طوارق الحدثان دون الحدثين، نعم قد يطلق عليهما انتهى ولم نجده فيما حضرنا من كتب اللغة](8)ومعالم الشيء اثاره، وما جعل علامة له ويستدل به عليه (وَصَارَتِ الْأجْسَادُ شَجِبَةً(9)بَعْدَ بَضَّتِهَا، وَالْعِظامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا، وَالْأرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبائِها، مُوقِنَةً بِغَیْبِ أَنْبائِهَا، لَا تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ

ص: 87


1- ينظر: تاج العروس، مادة (همم): 17 / 765
2- لسان العرب، مادة (نهك): 10 / 500
3- الصرع) في ث، تصحيف
4- [جميع] ساقطة من أ، ع
5- ينظر: لسان العرب، مادة (نه): 10 / 500
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عفا): 15 / 72
7- ينظر: تاج العروس، مادة (محو): 20 / 176
8- [بالتحريك مصدر بمعنى الحادثة على ما ذكره بعض الافاضل قال وليس تثنية الحدث بمعنى الليل والنهار كما يتوهم ولذا يقال: طوارق الحدثان دون الحدثين، نعم قد يطلق عليهما انتهى ولم نجده فيما حضرنا من كتب اللغة] ساقطة من ر، م، بیاض في ح
9- شجية) في، أ، ث، ر، م، تصحيف

عَمَلِهَا، وَلَا یُسْتَعْتَبُ مِنْ سَیيِّءِ(1)زَلَلِها(2)) الشجبة(3)الهالكة(4)، يقال: شجب الرجل كفرح ونصر وشجبه الله يتعدى ولا يتعدى، وبضتها / ظ 90 / دقة لونها وصفاؤها [وامتلاؤها](5)والنخرة (البالية)(6)وارتهن الشيء أخذه رهناً وكل ما احتبس به شيء فرهين ومرتهن، والأعباء(7)جمع عِبء بالكسر وهو (الحمل)(8)بالكسر والثقل، وأعباء الأرواح ذنوبها وآثامها، والمراد بغيب أنبائها ما صارت اليه من جنة أو نار أي: أيقنت بما كان غائباً عنها قبل موتها على ما ذكره بعض الشارحين(9)أو المراد غيبة أحوالها وما صارت اليه عن أهل الدنيا، أو غيبة أخبار ما خلفته في الدنيا من الأولاد وغيرها عنها لانقطاعها عن الدنيا على ما ذكره بعضهم(10)، وعدم استزادتها من صالح العمل لأنَّ الآخرة ليست بدار تکلیف فلا يكلف أحد بعمل صالح كما أنه لا يطلب من أحد التوبة من عمل قبیح وهو المراد بالاستعتاب وقد مر تفسيره في شرح هذه الخطبة، وزللت كمللت زللاً بالتحريك أي: زلقت في

ص: 88


1- سنتي) في ث
2- ذللها) في م، تحريف
3- الشجية) في م، تصحيف
4- ينظر: القاموس المحيط، مادة (شجب): 1 / 85
5- [وامتلائها] ساقطة من م
6- لسان العرب، مادة (نخر): 5 / 198
7- الاعياء) في أ، ع، تصحيف
8- الصحاح، مادة (عبأ): 1 / 61
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 210
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 253

طين أو منطق وسيء الزلل قبائح الذنوب (أَوَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ(1)الْقَوْمِ والْآبَاءَ، وَإِخْوَانَهُمْ الْأقْرِبَاءَ، تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ، وَتَرْکَبُونَ قِدذَّتَهُمْ وَتَطَأوُنَ جَادَّتَهُمْ) أقرِباء الرجل بكسر الراء عشيرته الأدنون(2)، والأمثلة جمع مِثال بالکسر وهو شبيه الشيء ومقداره، واحتذى مثاله أي: اقتدى به، والقِدة بالكسر والدال المهملة (الطريقة)(3)کما في بعض النسخ(4)وفي بعضها (القُذة) بالضم والذال المعجمة [ المشددة](5)الواحدة من قذذ السهم، يقال: (حذو القذة بالقذة)(6)أي يقتفون آثارهم ويصيبكم ما أصابهم من مفارقة الدنيا ومقاساة شدائد الموت وما بعده مما سبق وليس المراد ما في كلام بعض الشارحين(7)أنكم تقتدون بهم في أفعالهم وتسلكون مسالكهم في غرورهم كما قال تعالى: «إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ»(8)والجادة معظم الطريق وفيها دلالة على كثرة المارة. (فَالْقُلُوبُ قَاسِیَةٌ عَنْ حَظِّهَا، لَاهِیَةٌ عَنْ رُشْدِهَا، سَالِکَةٌ فِي غَیْرِ مِضْمَارِهَا کَأَنَّ الْمَعْنِیَّ سِوَاهَا، وَکَأَنَّ الرُّشْدَ فِي إِحْرَازِ دُنْیَاهَا) قسی القلب غلظ وصلب والتعدية بعن على تضمين الاعراض ونحوه، ولهيت عن الشيء کرضيت أي: تركت ذكره وأعرضت عنه وسلوت

ص: 89


1- انباء) في أ، ع، تصحيف
2- الاذنون) في أ، ع، تصحیف
3- العين، مادة (قد): 5 / 17
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 210، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 250
5- [المشددة] ساقطة من رح، و في أ: (المشدة)
6- الصحاح، مادة (حذا): 6 / 2310. وفي ع: (القذ بالقذة)
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 210
8- الزخرف/ 23

عنه، والرُشد بالضم الاهتداء خلاف الغي(1)، وقيل: هو حسن التصرف في الأمر واجراؤه على حسن العاقبة، والمضمار مدة تضمير الفرس ومکانه(2)وغاية السباق کما سبق وفسر بالميدان وهو الأنسب هاهنا، والمعني بالتشديد كما في النسخ المراد والمقصود کالمعنيی بالتخفيف أي: كأن المأمور والمنهيُّ في أوامر الله ونواهيه والمخاطب بالمواعظ والزواجر والوعد والوعيد غير تلك القلوب وهذا الكلام مثل قوله (عليه السلام) (كَأَنَّ الْمَوْتَ فْيِهَا عَلى غَيْرِنا كُتِبَ وكأَنّ الْحق فِيهَا عَلى غَيْرِنَا وَجَبَ) وسيجئ هذا الكلام في آواخر الكتاب ونسبه بعض الشارحين(3)الى النبي (صلى الله عليه واله) والرشد الاهتداء خلاف الغي والإحراز الجمع وحرزه (حفظه)(4)، وقيل: (هو ابدال والأصل حرسه)(5)، (وَأعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلىَ الصرِّاطِ وَمَزَالِقِ دَحْضِهِ(6)، وَأَهَاوِيلِ زللهِ(7)، وَتَارَاتِ أَهْوَالِهِ) المجاز مصدر کالجواز أي: السير والسلوك(8)، والصراط جسر جهنم [یمر](9)عليه(10)جميع الخلق وبهذا المرور فسر الورود

ص: 90


1- ينظر: لسان العرب، مادة (رشد): 3 / 175
2- سبق ذكرها في صحيفة 93
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 210
4- تاج العروس، مادة (حرز): 8 / 45
5- المصدر نفسه، مادة (حرز): 8 / 45
6- دخطة) في ث، وفي ع: (رخصه) تحریف
7- ذلله) في م، تحریف
8- ينظر: الصحاح، مادة (جوز): 3 / 870
9- [يمر] ساقطة من ع
10- على) في ع، تحریف

في قوله [سبحانه](1): «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا»(2)، والأخبار به عن النبي (صلى الله عليه واله) والأئمة (عليهم السلام) متواترة وقد ورد أنه أدق من الشعر وأحد من السيف وإن من الناس من يمر عليه كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر(3)کالریح الهابه، ومنهم من يمر كالجواد، ومنهم من يجر(4)رجليه ويتعلق بيديه، ومنهم من يخر في جهنم على وجهه وروي أن النبي (صلى الله عليه واله) قال لعلي (عليه السلام): ((يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرائیل (عليه السلام) على الصراط فلا يجوز على الصراط إلاَّ من كانت معه براءة بولايتك))(5)وعبر عن الحجج (عليهم السلام) بالصراط؛ لأن من عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازا على الصراط الممدود على متن جهنم وما حكاه بعض الشارحين(6)عن الحكماء ومال اليه من تأويل الصراط بالوسط بين طرفي التفريط والافراط کالسخاوة بين التبذير والبخل والشجاعة بين التهور والجبن الى غير ذلك ففي معنى الانكار لما علم من الدين ضرورة فإنَّ الإيمان ليس مجرد الإذعان بالألفاظ وإنما / و91 / هو التصديق بالمعاني، وهذا التأويل من فروع انکار المعاد الجسماني، والمزلق

ص: 91


1- [سبحانه] ساقطة من ع، وفي أ: (قوله تعالى سبحانه)
2- مریم / 71، 72
3- تمر) في أ، ع، تصحيف
4- يحر) في ث، وفي أ، ع: (تجر) تصحيف
5- ينظر: معاني الاخبار، الصدوق: 36
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 255

المكان الذي تزل فيه القدم ولا تثبت، والدحض (الزلق)(1)ومكان دحض ودحْض بالتسكين والتحريك أي: زلق والأهاويل جمع أهوال جمع هول وهي الأمور المفزعة وتارات الأهوال دفعاتها يقال: فعل ذلك تارة بعد تارة أي: مرة بعد مرة والجمع تارات وتيراً، ولعل تعددها لتعدد ما يشاهد من الأمور المفزعة في الجحيم شيئا بعد شيء (فَاتَّقُوا الله(2)تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ، وَأَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ، وَأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ، وَأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ) التقية الحذر كالتُقاة بالضم، واللب العقل، والتفكر الشاغل عن الدنيا هو التفكر في المرجع والمعاد وأنصب أي: أتعب(3)، وسهِر کفرح لم ينم لیلًا، وأسهره منعه من النوم، والتهجد الاستيقاظ والنوم وهو من الاضداد(4)والتهجد لا يكون إلا بعد النوم بخلاف السهر، وقيل المتهجد الذي ينفي الهجود أي: النوم عن(5)نفسه كالمتحرج والمتأثم، وقال المبرد: التهجد السهر للصلاة أو لذكر الله، والغِرار بالكسر قلة النوم أو قليلة(6)، وغرار الصلاة نقصان ركوعها وسجودها(7)، ولعل المعنى لم يترك العبادة له نوما قليلاً فكيف بالكثير والظمأ العطش أو أشدّ العطش، والهواجر جمع هاجرة وهي نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو من عند زوالها إلى العصر؛ لأن

ص: 92


1- لسان العرب، مادة (زلق): 7 / 148
2- واتقوا الله عباد الله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 210، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 130
3- ينظر: الصحاح، مادة (نصب): 1 / 225
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (هجد): 2 / 555
5- من) في ع، تحریف
6- ينظر: تاج العروس، مادة (غرر): 7 / 304
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (غرر): 7 / 304

الناس يستكنون في بيوتهم كأنَّهم قد تهاجروا لشدة الحر وفي اسناد الانصاب والإظماء الى الخوف والرجاء دلالة على عدم بطلان العبادة لرجاء الثواب والخلاص من العقاب کما يدل عليه الخبر الصحيح المروي عنهم (عليهم السلام) من بلغه ثواب من الله على عمل فعمله التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن الحدیث کما بلغه وغير ذلك من الأخبار، ولعل الدلالة في هذا الكلام أظهر منها في قوله تعالى: «وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا»(1)، وقوله تعالى: «يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا»(2)ولاريب في أنَّ العبادة المجردة عن الغرضين أكمل وأعلى درجات العبادة وهي التي اشار اليها أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: (ما عبدتك طمعاً في جنتك، ولا خوفاً من نارك، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك)، وقال الشهيد (رحمه الله) في قواعده: (وأما غاية الثواب والعقاب فقد قطع الاصحاب بكون العبادة فاسدة بقصدها)(3)وقد(4)قطع به السّيد رضي الدين [بن](5)طاووس(6)(رحمه الله) ولا يخفى أن تجريد النية عن تلك الغاية في غاية الصعوبة على كثير من الخواص فضلاً عن عوام الناس، ولعل أمره (عليه السلام) بالاتقاء على هذا الوجه تخفیف ورحمة على من توجه اليه الخطاب وإن كان تجريد النية أعلى مراتب الإخلاص، والله تعالى يعلم ويحول في فکري الفاتر تفصيل للمقام وهو أنَّ الحامل على

ص: 93


1- الأنبياء / 90
2- السجدة / 16
3- القواعد والفوائد: 1 / 77
4- (فقد) في ر
5- [بن] ساقطة من ح
6- ينظر: إقبال الاعمال، ابن طاووس: 1 / 341، وفتح الأبواب، ابن طاووس: 222

الفعل والداعي إليه سواء تقدم في الوجود على الفعل أو تأخر عنه أما أن يكون أمراً مفرداً أو مركباً، وعلى الثاني فلا ريب في استناد الفعل إلى مجموع الأمرين أو الأمور لكن قد يكون كل من الجزئين أو الأجزاء بحيث ينتفي الفعل ويتركه الفاعل على تقدير انتفائه [...](1)ولا يكون الباقي کافياً في حصول الفعل منفردا وقد يستقل كل من الجزئين أو الاجزاء على تقدير الانفراد وإن استندت العلية إلى المجموع في صورة الانضمام وقد يستقل البعض كذلك دون غيره إذا تمهد هذا فيقول: لو تجردت النية عن غايتي الثواب والعقاب بل كان الداعي الى العبادة وجدان المعبود أهلا للعبادة ومستحقاً لها من غير أن ينضم اليه أمر آخر من نيل الثواب والخلاص من العقاب أو حصول القرب المعنوي ونحو ذلك من الأمور العائدة الى المكلف، فالعلة الغائية حينئذ أمر مفرد يستند اليه ایجاب الفعل ولا يبعد أن (تكون)(2)تلك المرتبة أعلى مراتب الإخلاص وهي التي اشير اليها في الكلام المروی عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولو تجردت النية عن تلك الغاية رأساً وكان الداعي / ظ 91 / للعبد الى العمل مجرد الخوف والرجاء فيحتمل أن يكون العبادة المقارنة لمثلها باطلة ويكون مراد الأصحاب على ما نقله الشهيد (رحمه الله)، وذهب اليه السيد الجليل (رضي الله عنه) هذا النوع من العبادة، لكن صحة هذا النقل حيث لم نظفر(3)به من كلام أحد من الأصحاب محل نظر وبطلان العبادة على هذا الوجه مخالف لظاهر آیات الترغيب والترهيب

ص: 94


1- [على] زائدة في ح
2- (يكون) في أ، ث، ح، ر، تصحيف
3- (يظفر) في ث، ر، م، تصحيف

وأخبار الخوف والرجاء وصريح بعض ما سبق من كلماته (عليهم السلام) وغيرها وينفيه الظواهر الواردة في نفي الحرج والبعث بالشريعة السمحة السهلة البيضاء ولو تركت النية من الأمرين بحيث تكون(1)الغاية مجموع الأمرين ولا يكون كل واحد من الجزئين كافياً في حصول الفعل باعثاً للعبد على العمل فيمكن ادخاله فيما حكى الحكم ببطلانه، والصحة فيه أظهر من السابق، وأظهر من هذا القسم أيضا ما لو كانت الغاية الباعثة على العمل كلا الأمرين بحيث يكفي كل واحد منهما في وجود الفعل لو فرض انتفاء الآخر بل الأظهر بعد التأمل في مجموع أدلة المقام ادخاله في القسم المثبت في الكلام المروي عنه (عليه السلام) وإن يكون المراد بالقسم المنفي بقوله (صلوات الله علیه): ((ما عبدتك طمعاً في جنتك، ولا خوفاً من نارك))، العبادة المقارنة للنية المجردة عن ملاحظة كون المعبود أهلا للعبادة أو المعللة بالمجموع على أول الوجهين هذا غاية ما خطر بالبال في مقام الجمع وتوجيه الكلام المنقول عن الأصحاب، وأما فساد العبادة بمدخلية غايتي الخوف والرجاء وعلى(2)[أي](3)وجه كان ويكلف(4)سائر الناس بالتجريد عنهما رأساً فلعله مما يقطع بفساده والله يعلم. (وَظَلَفَ الزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ، وَأَوْجَفَ الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ، وَقَدَّمَ الْخَوْفَ لِأَبانِهِ) ظلف کضرب أي: منع وكف(5)، قال

ص: 95


1- يكون) في أ، ث، ر
2- على) في أ، ث
3- [أي] ساقطة من ث
4- وتكليف) في أ، ث، ر، ع، م
5- ينظر: الصحاح، مادة (ظلف): 6 / 1398

بعض الشارحين: استعار [(عليه السلام)](1)لفظ الاطفاء للزهد وهو من أوصاف الماء ونسبته الى النار نسبة الزهد إلى الشهوات(2)، وكأنَّه توهم أن(3)الظلف بمعنى الاطفاء أو كان في نسخته اطفاء بدل قوله: (عليه السلام) ظلف، والزهد خلاف الرغبة، وأوجف دابته أي: حركها مسرعاً وحثها على السير والذكر منزَّل منزلة الدابة، واللسان منزلة السوط، وفي بعض النسخ الصحيحة (الذكر) بالرفع فالباء زائدة، وإِبان الشيء بكسر الهمزة وتشديد الباء الموحدة (حينه ووقته)(4)، ووقت الخوف معاينة الأهوال، وفي بعض النسخ (لأمانه)(5)أي: خاف ربه في الدنيا فعمل الصالحات ليكون أمناً في الآخرة. (وَتَنَكَّبَ الْمَخَالِجَ عَنْ وَضَحِ السَّبِيلِ، وَسَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ؛ وَلَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلاَتُ الْغُرُورِ، وَلَمْ تَعْمَ عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ الْأُمُورِ) تنکّب أي: (تنحي وأعرض)(6)، وخلج أي: جذب وشغل(7)، والمخالج (الطرق المتشعبة عن الطريق الأعظم)(8)كأنهَّا يجذب الانسان اليها، أو لأنهَّا تشغله عن السير لتوهم انتهائها الى المقصود فتلحقه الحيرة والوضح بالتحريك محجة الطريق أي جادته وأقصد المسالك أقومها، والنَهْج بسكون

ص: 96


1- [(عليه السلام)] ساقطة من ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 257، وفيه: (استعار لفظ...)
3- الى) في أ
4- تاج العروس، مادة (ابن): 18 / 6
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 331، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 211، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 254
6- لسان العرب، مادة (نکب): 1 / 771
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (خلج): 2 / 256
8- المصدر نفسه، مادة (خلج): 2 / 256

الهاء الطريق الواضح، ولعله كناية عن الجهة أو المراد بالمسالك الأعمال الصالحة المفضية الى مضاء وهو طريق الجنة والتقرب اليه سبحانه، وفتله(1)کضربه صرفه عن وجهه(2)، وغره(3)غرور أخدعه(4)وأطعمه بالباطل، وفاتلات الغرور وساوس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وعُمي عليه الأمر كرضي إذا التبس قال الله تعالى : «فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ»(5)(ظَافِرا بَفَرْحَةِ الْبُشَرْى، وَرَاحَةِ النُّعْمَى، فِي أَنْعَمِ نَوْمِهِ وَآمَنِ يَوْمِهِ) ظَفر الرجل [کفرح](6)فاز بالمطلوب، والفَرحة بالفتح والضم(7)المسرة، وفي النسخ بالفتح، والبُشرى بالضم البشارة أو البشري مصدر والبشارة اسم، والنُّعمي بالضم الخفض والدعة وما أنعم به عليك، وأنعم النوم أطيبه والمراد بالنوم أما الراحة في الجنة اطلاقاً لاسم الملزوم على لازمة على ما ذكره بعض الشارحين(8)أو الراحة في البرزخ لنحو ما ذكره، أو لأنَّ مکث الجسد في القبر يشبه النوم قال الله تعالى: «مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا»(9)، وورد في بعض الأخبار (نم نومة العروس)، ولا ينافيه اطلاق الانتباه على الموت لاستلزامه زيادة المعرفة وزوال الغفلة كما يومیٔ اليه قوله (عليه

ص: 97


1- وقتله) في ر، ع، تصحيف
2- ينظر : لسان العرب، مادة (فتل): 11 / 514
3- عز) في ث، تحريف
4- اجدعه) في ر، تصحيف
5- القصص / 66
6- [كفرح] ساقطة من ر
7- وبالضم) في ث، ح، ر
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 257
9- يس / 52

السلام): (الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا)(1)وآمن يومه أي آمن، أوقاته وأزمانه لأنَّه زال عنه الخوف من سوء العاقبة ونكال الآخرة. (قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ حَمِيداً، وَقَدَّمَ زَادَ الآجِلَةِ سَعِيداً، وَبَادَرَ من وَجَلٍ، وَأَكْمَشَ فِي مَهَلٍ، وَرَغِبَ فِي طَلَبٍ، وَذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ) المَعبر بفتح الميم و92 / کما في بعض النسخ الموضع المهيأ للعبور، وبالكسر ما یعبر به من سفينة ونحوها ووجه الشبه على الوجهين ظاهر، والحميد المحمود وزاد الآجلة التقوى، قال الله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى»(2)، والمبادرة المعاجلة والمسارعة أي : سارع إلى الأعمال الصالحة من خوف الله وعقاب الآخرة، وأكمش أي: (أسرع)(3)، والمهل بالتحريك التؤدة والرفق والسكينة، والاسم المهلة وأمهله رفق به ومهله تمهيلاً أجله، ولعل المراد أسرع الى طاعة ربه في أيام المهلة وهي الحياة الدنيا، أو اسرع الى الطاعة في سكينة ورفق لا في خرف وعجلة، ورغب في طلب أي: رغب فيما يطلب مثله وذهب عن هرب أي: فَرَّ مما يهرب من مثله على ما ذكره بعض الشارحين(4)، كان طلبه لله وما عنده عن رغبة وشوق لا عن كسل وترك ما يبعده عن الله عن هرب وتنفر لامع بقية ميل (وَرَاقَبَ فِي يَوْمِهِ غَدَهُ، وَنَظَرَ(5)قُدُماً أَمَامَهُ. فَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَنَوَالًا، وَكَفَى

ص: 98


1- خصائص الأئمة، الشريف الرضي: 112، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 1 / 45
2- البقرة / 197
3- الصحاح، مادة (كمش): 3 / 1018
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 213
5- وربما نظر) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 211

بِالنَّارِ عِقَاباً وَوَبَالاً! وَكَفَى بِاللّهِ مُنْتَقِماً وَنَصِيراً! وَكَفَىِ بِالْكِتَابِ حَجيجاً(1)وَخَصِيماً) الرقيب الحافظ والمنتظر وراقب الشيء حرسه أي: حرس أخرته عما يفسدها عليه، أو انتظره لعدم ركونه الى الدنيا، أو لعدم وثوقه ببقاء يومه ولحظة، ونظر قدماً أمامه أي [لم](2)ينثنِ ولم ينعطف في نظره الى ما بين يديه ولم يلتفت الى غيره، قال بعض الشارحين: (الدال مضمومة)(3)، ومن رواه بالتسكين جاز أن يعني به هذا ويكون قد خفف کما قالوا حُلْم وحُلُم. وجاز أن يجعله مصدرا من قَدم الرجل بالفتح، يقدَم قَدْماً، أي تقدم، قال الله تعالى: «يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(4)أي يتقدمهم الى ورود النار كأنَّه قال: «ونظر بين يديه متقدما لغيره وسابقا إياه الى ذلك»)(5)، والباء في كفى بالله زائدة، وفيه تنبيه على علة الحكم في الكلمات السابقة، والنوال (العطاء)(6)ونصب المنصوبات على التميز والمراد بالكتاب القرآن أو صحيفة الأعمال والحجيج المغالب بإظهار الحجة(7)وهي (الدليل والبرهان، يقال: حاججته فأنا محاج وحجيج)(8)، والخصيم المخاصم. (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللّهِ الَّذِي أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ، وَاحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ) أوصاه ووصاه توصية عهد اليه، والاسم الوصية والتقوى الاسم من أتقيته إذا حذرته، وأصله تقيا قلبوا الياء واواً للفرق بين

ص: 99


1- جحيمًا) في ر، تصحيف
2- [لم] زيادة يتطلبها السياق
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 213
4- هود / 98
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 213، وفيه: (الى وردها النار...)
6- العين، مادة (نول): 8 / 332
7- ينظر: لسان العرب، مادة (حجج): 2 / 228
8- المصدر نفسه، مادة (حجج): 2/ 228

الاسم والصفة(1)، واعذر [أي: أبدا عذرا](2)، وأحدث وثبت له عذر وما مصدرية أو موصولة والعائد محذوف، والانذار في الأصل الإعلام ويخص بمن يعلم القوم ويخبرهم بما يخاف هجومه عليهم من عدو وغيره والمعنى بين عذره في عقاب من يعصيه ولا يطيعه بإرسال الرسل وانزال الكتب واحتج أي: أقام الحجة ونهج أي: أوضح وأبان ویکون لازما يقال: نهج الطريق إذا وضح واستبان كأنهج والمقام يحتملها وإن كان الأول أظهر. (وَحَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ فِي الصُّدُورِ خَفِيّاً، وَنَفَثَ فِي الآذَانِ نَجِيّاً؛ فَأَضَلَّ وَأَرْدَى، وَوَعَدَ فَمَنَّى، وَزَيَّنَ سَيِّئَاتِ الْجَرَائِمِ، وَهَوَّنَ مُوبِقَاتِ الْعَظَائِمِ) العدو هو الشيطان وقد مرَّ في الخطبة الأولى في(3)وصف آدم (عليه السلام) قوله (صلوات الله عليه) وحذره إبليس وعداوته والنفوذ في الأصل (مخالطة السهم جوف الرمية وخروج طرفه من الشق الآخر وسائره فيه)(4)، والمراد دخوله في الصدور، وقد ورد في الحديث: ((إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم))(5)وخفاء(6)نفوذه واضح، ونصب خفياً على الحالية، أو على أنَّها صفة لمصدر محذوف، وتفسير بعض الشارحين(7)إياه بالنفس الامارة

ص: 100


1- ينظر: التكملة: 601، وشرح شافية ابن الحاجب: 3 / 294، ولسان العرب، مادة (وقي): 15 / 402
2- [اي ابدا عذرا] ساقطة من ع
3- و) في ح
4- تاج العروس، مادة (نفذ): 5 / 402
5- مسند أحمد بن حنبل: 3 / 156، وصحيح البخاري: 2 / 259، وسنن ابن ماجة: 1 / 566، وفتح الباري: 4 / 242
6- وخفاه) في ح
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 258

مبني على انكاره وجود الشيطان وكذلك الملك كما هو مسلك أكثر المتفلسفة وهؤلاء لما لم يسعهم انكار القرآن والإخبار صريحاً أولوا الشيطان بالنفس الأمارة والقوة الوهمية، كما أولوا الملائكة بالنفوس الفلكية والعقول التي زعموها، وهذا النوع من التأويل في المعنى رد لما ثبت من الدين ضرورة، والنفث في الأصل شبه النفح وأقل من التفل(1)(2)؛ لأنَّ التفل لا يكون إلَّا ومعه شيء من الريق، ونفث الشيطان القاؤه، وفي الحديث: ((إنَّ روح القدس نفث (3)في روعي))(4)أي: أوحى والقى في نفسي وخلدي، والنجي فعيل من ناجاه مناجاة أي: حدثه سراً، وقيل: النجي والنجوى / ظ 92 / بمعنى السر فيحتمل أن ينتصب على الحالية بتجوز، أو على الوصفية لمحذوف، وأردى أي: أهلك ومنى أي: حمل الانسان ع-لى التمني وهو تشهي حصول الأمر المرغوب فيه وحديث النفس بما يكون وما لا يكون، والمعنى: منى بالآمال الكاذبة قال الله تعالى: «يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا»(5)والجريمة الجرم(6)والموبقات المهلكات (حَتَّى إِذا اسْتَدْرَجَ قَرِينَتَهُ، وَاسْتَغْلَقَ رَهِينَتَهُ؛ أَنْكَرَ مَا زَيَّنَ، وَاسْتَعْظَمَ مَا هَوَّنَ، وَحَذَّرَ مَا أَمَّنَ) استدرجه أي: خدعه أو أخذه قليلاً قليلاً، وقرينته النفس الانسانية المطيعة له قال الله تعالى:

ص: 101


1- النقل) في ر، تصحيف
2- ينظر: الصحاح، مادة (نفث): 1 / 259
3- نفت) في ر، تصحيف
4- غريب الحديث، ابن قتيبة: 1 / 97، والفائق في غريب الحديث: 3 / 317، وفتح الباري: 1 / 18، 197، والجامع الصغير، السيوطي: 1 / 347
5- النساء / 120
6- الحرم) في ح، تصحيف

«وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا»(1) والرهينة الرهن يقال: هور هن بكذا ورهينة بكذا، وغلق الرهن إذا بقى في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تحصيله بالفك، واستغلقه أي: جعله كذلك والمراد وقعه في المعاصي حتى حقت عليه كلمة العذاب واستعظمه أي: عده عظيماً، وأمَّن أفعل من الأمان(1)، والأمن ضد الخوف وهو يتعدى الى مفعولين ويشير الى الافعال الثلاثة قوله عز وجل: «كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ»(2).

[منها](3)في صفة خلق الإنسان: (أَمْ هَذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ فِي ظُلُمَاتِ الْأرْحَامِ، وَشُغُفِ الْأسْتَارِ؛ نُطْفَةً دِهَاقاً، وَعَلَقَةً محَاقاً، وَجَنِيناً وَرَاضِعاً وَوَلِيداً وَيَافِعاً) قال بعض الشارحين: أم هاهنا إمَّا استفهامية على حقيقتها(4)كأنَّه قال: أعِظكم واذكركم بحال الشيطان وإغوائه، أم بحال الإنسان منذ ابتداء وجوده الى حين مماته، وإمَّا أن (تكون)(5)منقطعة بمعنى بل كأنَّه قال عادلًا وتاركا لما وعظهم به بل اتلو عليكم نبأ(6)هذا الإنسان الذي حاله كذا(7)، وقال بعضهم: أم معادلة لهمزة الاستفهام قبلها، والتقدير: اليس فيما أظهر

ص: 102


1- الافعال) في أ، تحريف
2- الحشر / 16
3- [منها] بياض في ث
4- حقيقها) في ح، تحريف
5- يكون) في أ، ث، ح، ر، تصحيف
6- بنا) في أ، ح، ر، تحريف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 216

الله لكم في عجائب مصنوعاته عبرة أم هذا الانسان وتقلبه في أطوار خلقته وحالاته الى يوم نشوره(1)، ولا يذهب على العارف بعادة السيد (رضي الله عنه) أنَّ فصله(2)بين الخطبة بقوله: (منها) علامة الحذف، فالتفسير على الوجه الصحيح فرع العلم بالمحذوف وبدونه من قبيل الرجم بالغيب، والشُغُف(3)بضمتين جمع شغاف(4)بالفتح وهو في الأصل غلاف القلب وحجابه استعير لموضع الولد، والنطفة ماء الرجل والمرأة أو ماء الرجل من نطف الماء إذا سال، والدِهاق بكسر الدال الذي أدهق أي: أفرغ إفراغاً شديداً(5)، وقال بعض الشارحين: (الدهاق: المملوءة)(6)من قولهم: (دهق الكأس، كجعله: ملأها)(7)ويروى دفاقاً من دفقت الماء أي: صببته، والعَلَقَة محركة القطعة من الدم الغليظ، أو الشديد الحمرة، أو الجامد، أو مطلقاً(8)، والمَحْقُ: المحو والابطال والنقص(9)، وسميت ثلاث ليال من آخر الشهر مُحاقاً لأنَّ القمر يقرب من الشمس فَتَمْحَقْهُ وتُبطل ضوءه(10)، واستعير للعلقة لأنَّها لم تتصور بعد فأشبهت ما ابطلت صورته، وفي الأوصاف تحقير للإنسان

ص: 103


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 261، وفيه: (من عجائب)
2- فضله) في ر، تصحيف
3- الشقف) في أ، تصحيف
4- شفاف) في ث، تحريف
5- ينظر: القاموس المحيط، مادة (دهق): 3 / 233
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 216
7- القاموس المحيط، مادة (دهق): 3 / 233
8- ينظر: تاج العروس، مادة (علق): 13 / 344
9- ينظر: لسان العرب، مادة (محق): 10 / 338
10- ينظر: المصدر نفسه، مادة (محق): 10 / 339

كما اشير إليه بالإشارة، والجنين الولد في البطن؛ لأنَّه مستتر في الرحم، والراضع الطفل يرضع أمه كيسمع والأم مرضعة والوليد المولود، ولعل المراد به الفطيم، واليافع الغلام الذي شارف الاحتلام ولما يحتلم، يقال: (أيفع الغلام فهو يافع)(1)وهو من النوادر(2)، قال في سر الادب في ترتيب أحوال الانسان: هو ما دام في الرحم جنين، فإذا ولد فوليد، ثم ما دام يرضع فرضيع، ثم إذا قطع عنه اللبن فهو فطيم، ثم إذا دب(3)ونما فهو دارج، فإذا بلغ طوله خمسة أشبار فهو خماسي، فإذا سقطت رواضعه فهو مثغور، فإذا نبت(4)أسنانه بعد السقوط فهو متغر، فإذا تجاوز العشر أو جاوزها فهو مترعرع وناشئ، فإذا كان يبلغ الحلم أو بلغه فهو يافع ومراهق، فإذا احتلم واجتمعت قوته فهو حزور، واسمه في جميع هذه الأحوال غلام، فإذا اخضر شاربه قيل قد بقل وجهه، فإذا صار ذا فتاءٍ فهو فتى وشارخ، فإذا اجتمعت لحيته وبلغ غاية شبابه فهو مجتمع، ثم ما دام بين الثلاثين والأربعين فهو شاب، ثم هو كهل الى أن يستوفي الستين / و93 /، وقيل إذا جاوز أربعاً وثلاثين الى احدى وخمسين، وإذا جاوزها فهو شيخ(5). (ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً، وَلِسَاناً لَافِظاً وَبَصَراً لَاحِظاً، لِيَفْهَمَ مُعْتَبِرَاً، وَيُقَصِّرَ مُزْدَجِراً) منحه كمنعه وضربه أعطاه، والاسم المِنحة بالكسر، الحفظ الحراسة وقلة الغفلة، ولفظ بالكلام نطق كتلفظ، ولحظ إذا نظر بمؤخر عينه، وهو أشد التفاتا من الشزر

ص: 104


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (يفع): 8 / 415
2- ينظر: نوادر أبو مسحل الاعرابي: 292
3- (ادب) في م
4- بنت) في ر، تصحيف
5- ينظر: فقه اللغة وسر العربية: 133، 134

والملاحظة مفاعلة منه، ولعل المراد مطلق النظر، والعِبرة في الأصل (العجب)(1)، واعتبر أي: تعجب ويستعمل العبرة فيما يتعظ به الإنسان ويعتبره ليستدل(2)به على غيره(3)ويقصر على صيغة الأفعال أي: ينتهي، وزجره فازدجر وانزجر، أي: منعه فامتنع، والمعنى: أعطاه القوى الثلاثة ليعتبر بحال الماضين وما نزل بساحة العاصين وينتهي عما يفضيه(4)الى أليم النكال، وشديد الوبال، أو ليفهم دلائل الصنع والقدرة ويستدل بشواهد الربوبية على وجوب الطاعة والانتهاء عن المعصية فينزجر عن الخلاف والعصيان ويتخلص عن الخيبة والخسران. (حَتَّي إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ، وَاسْتَوَی مِثَالُهُ، نَفَرَ مُسْتَكْبِراً، وَخَبَطَ سَادِراً(5)مَاتِحاً(6)فِي غَرْبِ(7)هَوَاهُ، كَادِحَاً سَعْياً لِدُنْيَاهُ) الاعتدال التناسب والاستقامة والتوسط بين حالين في كم أو كيف وقيام الاعتدال تمام الخلقة والصورة وتناسب الأعضاء وخلوها عن النقص والزيادة وكمال القوى المحتاج إليها في تحصيل المآرب، واستوى أي: اعتدل، والمِثال بالكسر المقدار وصفة الشيء، ويقال: استوى الرجل إذا بلغ اشده أي: قوته وهو ما بين ثماني عشرة الى ثلاثين، ونفرت الدابة كضرب، أي: فر وذهب، وخبط البعير كضرب إذا(8)ضرب بيديه الأرض ومشى لا يتوقى

ص: 105


1- لسان العرب، مادة (عبر): 4 / 531
2- ويستدل) في ر
3- ينظر: لسان العرب، مادة (عبر): 4 / 531
4- يقضيه) في أ، ر، تصحيف، وفي ث: (يقضبه)
5- صادراً) في ر، تحريف
6- مانحاً) في ث، تصحيف
7- غريب) في أ، ع، وفي ث: (عزب)
8- أي) في ر

شيئاً وسدر(1)كفرح (تحير)(2)، والسادر(3)[أيضاً](4)[الذي](5)لا يهتم ولا يبالى ما صنع)(6)، ولعل الأخير أنسب، والماتح بالتاء المثناة من فوق الذي يستقي الماء بالدلو من أعلى البئر والذي ينزل البئر ليملأ الدلو هو المائح، وسُئِلَ أبو علي عنهما، (فقال: هما كأعجامها)(7)، والغرب(8)بالمعجمة ثم المهملة الساكنة (الدلو العظيمة التي تتخذ(9)من جلد ثور)(10)شبه بها الهوى لسعة الأماني وما تشتهيه النفس الامارة بالسوء، وفي الكلام اشعار بالمشقة التي لا تخلو منها متابعة الهوى، وكدح في العمل كدّ وسعى وسعياً منصوب على أنَّه مفعول للكدح، كما قيل أو على المصدرية والغرض أنه لم يعمل بما أمر به ولم يحصل منه الغرض الذي خلق لأجله. (فِي لَذَّاتِ طَرَبِهِ، وَبَدَوَاتِ أَرَبِهِ لَا يَحْتَسِبُ(11)رَزِيَّةً، وَلَا يَخْشَعُ تَقِيَّةً؛ فَمَاتَ فِي فِتْنَتِهِ غَرِيزاً(12)، وَعَاشَ فِي

ص: 106


1- وصدر) في أ، ع، وفي ر: (ومصدر) تحريف
2- الصحاح، مادة (سدر): 2 / 680
3- والصادر) في أ، ع، تحريف
4- [أيضاً] ساقطة من ث
5- [الذي] ساقطة من ع، وفي أ: (التي)، تحريف
6- الصحاح، مادة (سدر): 2 / 680
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 203
8- والعزب) في أ، تصحيف
9- يتخذ) في ث، ح، تصحيف
10- لسان العرب،، مادة (غرب): 1 / 642
11- ثم لا يحتسب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 215، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 133
12- غريرا) في ر، م، وفي ث، ع: (عزيزا)، تصحيف

هَفْوَتِهِ يَسِيراً، لَمْ يُفِدْ عِوَضاً، وَلَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً(1)) الطَرب بالتحريك الحركة والشوق وخفة (تلحق)(2)الإنسان لحزن أو سرور، والمراد النوع الثاني بقرينه إضافة اللذة، والأرب بالتحريك (الحاجة)(3)ويراد به الفرح كالِإرب(4)بالكسر، ولعل المراد ببدوات الارب ما يخطر بباله ويبدو له، أي: يظهر من آرائه المختلفة باختلاف دواعيه وميله، والرَزِيْة فَعِيْلَة من الرزء بالهمزة بمعنى النقص(5)، وتسمى المصيبة رزية لما فيها [من انتقاص](6)أمر محبوب(7)و(تقلب)(8)همزتها ياء واحتساب الرزية الاعتداد بها افتعال من الحسب بمعنى العد كالاعتداد منه، والمراد أنه لا يبالي بما ينزل به من المصائب ولا ينتبه بها لكثرة خوضه في الملاهي أولا يطلب بها الأجر بالصبر والتسليم والقيام بها على الوجه المرسوم والخشوع والخضوع والتذلل(9)، وقد يخص الخشوع بالصوت والبصر والخضوع بالبدن، والتقية مصدر تقيت الشيء كرميته أي: حذرته وخفته(10)ولعل انتصاب اللفظ على أنه [مفعول له](11)و

ص: 107


1- مقترضاً) في ر، تصحيف
2- يلحق) في ح،، أ، ع، تصحيف
3- الصحاح، مادة (أرب): 1 / 87
4- الادب) في ر، م، تحريف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (رزأ): 1 / 85
6- [من انتقاص] ساقطة من أ، ع
7- ينظر: الصحاح، مادة (رزأ): 1 / 85
8- وبقلب) في ح، وفي ث، ر، م: (ويقلب) تصحيف
9- والخشوع والتذلل الخضوع) في أ، ث، ر، ع، م
10- حفته) في أ، ح، ر، ع، تصحيف
11- [مفعول له] ساقطة من ع، و[مفعول] ساقطة من أ

الفتنة يراد بها الضلال والاثم والكفر والجنون، والغرير(1)المغرور، يقال: غره(2)أي: خدعه وأطعمه بالباطل فهو غرير(3)ومغرور، والغار الشيطان والدنيا أو الفتنة، أي: مات في أيام الفتنة مخدوعاً بها غير عالم بما يراد به، وقال بعض الشارحين: (مات غريراً(4)، أي شاباً، ويمكن أن يراد به أنه غير مجرب للأمور)(5)، وفيه ما فيه، والهفوة (الزلة)(6)، (وهفا الشيء يهفو إذا ذهب)(7)، ومنه الهوافي للإبل الضوال(8)، (وهفا الطائر إذا طار والريح إذا هبت)(9)، والمراد عاش في ضلاله وغفلته عيشاً يسيراً / ظ 93 / أو(10)زماناً(11)يسيراً، ويروى أسيراً، فانتصابه على الحالية، والعاصي يقوده هواه والشيطان والنفس الأمارة الى الهلاك، ولم يفد أي: لم يستفد، يقال: أفاد(12)المال أي: استفاده وأعطاه وضمد أي: لم يكتسب عوضاً مما فاته من درجات الآخرة وعمره أو من نفسه التي أرادها واوقعها في المهالك ولم يقض أي: لم يؤدِ، قال

ص: 108


1- العزير) في أ، ث، ر، تصحيف
2- عزه) في ث، تصحيف
3- غزير) في أ، تصحيف، (عزير) في ث
4- عزيزاً) في أ، تصحيف، وفي ث: (عزيراً)
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 217
6- العين، مادة (هفا): 4 / 95
7- لسان العرب، مادة (هفا): 15 / 362
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (هفا): 15 / 362
9- لسان العرب، مادة (هفا): 15 / 362
10- و) في ع
11- زما) في ث
12- فاد) في ح

الله تعالى: «فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ»(1)وقال سبحانه: «فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ»(2)، والمفترض على صيغة المفعول ما أوجبه الله على العبد. (دَهْمَتْهُ فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ(3)جَمَاحِهِ، وَسَنَنِ مَرَاحِهِ (4)، فَضَلَّ سَادِراً، وَبَاتَ سَاهِراً فِي غَمَرَاتِ الآلاَمِ، وَطَوَارِقِ الْأَوْجَاعِ وَالْأَسْقَامِ) دهمه الأمر كسمع فجأة وغشيه، والفجعة الوجع(5)، أو أن يوجع(6)الإنسان بشيء يكرم(7)عليه فيعدمه(8)، وفجعات المنية أسباب الموت الموجعة للشخص، أو السالبة أهله وماله، والغُبّر بضم الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة المفتوحة جمع غابر بمعنى (الباقي)(9)، وجِمح الفرس جمِاحاً بالكسر استعصى راكبه فغلبه، وركب الفرس رأسه فلا يثنيه شيء، ويقال: جمح إذا كان فيه نشاط وسرعة(10)، والجماح من الأولين مذموم، ومن الثالث محمود، والمقام يحتمل الوجهين، والمراد بغير جماحه(11)بقايا هواه وشهواته وعتوه التي ذهب كثير منها، والسنن بالتحريك النهج والطريقة، والمراح ككتاب اسم من مرح الرجل كفرح إذا أشر بطر

ص: 109


1- الجمعة / 10
2- البقرة / 200
3- عبر) في ث، وفي م: (غير)، تصحيف
4- مزاحه) في أ، ع، وفي ح: (مراجه)، تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (فجع): 15 / 362
6- يرجع) في ر، تحريف
7- بكرم) في ث، تصحيف
8- ينظر: لسان العرب، مادة (فجع): 15 / 362، وفي ث: (فبعدمه)
9- الصحاح، مادة (غبر): 2 / 765
10- وشرعة) في ر، م، تصحيف
11- حماحه) في أ، تصحيف، وفي ث: (جماعه) تحريف

ونشط وتبختر، والمعنى هجمت عليه الأمراض والأوجاع وأسباب الموت في أثناء غفلته وعتوه واغتراره وظل سادراً أي، كان في جميع النهار متحيراً(1)، أو كالسكران(2)لشدة ما نزل به، والسدر بالتحريك كالدوار وكثيراً ما يعرض لراكب البحر، وقال بعض الشارحين(3): السادر هاهنا غير السادر الأول لأنه هاهنا المغمى عليه كأنَّه سكران من سدر البعير من شدة الحر وكثرة الطلا(4)بالقطران(5)، وسَهِرَ كَفَرِحَ أي: لم ينم ليلاً وبات ساهراً أي: كان في جميع أوقات(6)الليل كذلك وغمرة الشيء(7)التي شدته ومزدحمة وطوارق الاوجاع ما يأتي منها ليلاً قيل: سمي الآتي بالليل طارقا لحاجته الى دق الباب وكثيراً ما يشتد الاوجاع والاسقام ليلاً. (بَيْنَ أَخٍ شَقِيقٍ، وَوَالِدٍ شَفِيقٍ، وَدَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً، وَلَادِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً) الشقيق(8)كأمير الأخ كأنَّه شق نسبه من نسبه، وكل ما أنشق نصفين فكل منهما شقيق والشفقة بالفاء حرص الناصح على اصلاح المنصوح وخوفه عليه من أن يصيبه ألم، وفي بعض النسخ ولد شفيق ولعله أنسب من (حيث)(9)أنَّ الأكثر في العادة موت الأب قبل الابن إلا أن الاشفاق في الأب أتم والدعاء بالويل، قول النادب وا ويلاه ونحو

ص: 110


1- ينظر: لسان العرب، مادة (سدر): 4 / 355
2- (الشكران) في ر، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 217، وفيه (كثرة الطلا بالقطران)
4- (الطل) في ع
5- (الفطران) في ر، تصحيف
6- الصواب (أوقات الليل جميعها)
7- (التي) في ح
8- (الشقيف) في أ، تصحيف
9- (حيت) في ح، تصحيف

ذلك، والويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب، ومعنى النداء یا حزني أو ياعذابي أحضر فهذا وقتك وأوانك، والجزع الخوف والحزن، واللدم والالتدام ضرب النساء وجوههن وصدورهن في النياحة(1)، والقلق بالتحريك الانزعاج والاضطراب والداعية واللادمة الام والبنت والزوجة والأقارب، والغرض أن كون الرجل بين هؤلاء لم يدفع عنه هجوم الفجعات أو السدر والسهر مع اشفاقهم وحبهم (وَالْمَرْءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِیَة(2)، وَغَمْرَةٍ كَارِثَةٍ، وَأَنَّةٍ مُوجِعَةٍ، وَجَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ، وَسَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ) سكرة الموت شدته الذاهبة بالعقل ولها عنه غفل وترك ذكره والسكرة ملهية؛ لأنَّها تشغل الإنسان لشدتها عن الالتفات الى الأهل والمال، وفي بعض النسخ (ملهثه)(3)بالثاء المثلثة من لهث الكلب إذا أخرج لسانه من شدة العطش والحر، قال في النهاية: منه حديث علي (عليه السلام) في سكرة ملهثة)(4)أي: موقعة في اللهث، (والغمرة الشدة)(5)، والماء الذي يغمر الإنسان ويغطيه(6)، والكارثة الشديدة الشاقة(7)، وأن يئن [اناً](8)وأنيناً تأوه وموجعة أي: مؤلمة للسامعين، وجذب الشيء حوله عن موضعه والمراد جذب الملائكة الروح من البدن، قال الله تعالى:

ص: 111


1- ينظر: لسان العرب، مادة (لدم): 12 / 539
2- (ملهبة) في أ، ع، تصحیف
3- (ملهثة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 215، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 133
4- النهاية في غريب الحديث واثر: 4 / 161 وفيه (ومنه)
5- ينظر: لسان العرب، مادة (غمر): 5 / 92
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (غمر): 5 / 29
7- ينظر: لسان العرب، مادة (كرث): 2 / 180
8- [أناً] ساقطة من ح

«وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ»(1)أو اجتذاب الإنسان من الدنيا الى الآخرة، وأكرب أي: أسرع و(2)المكربة المورثة للكرب وهو الحزن يأخذ بالنفس، وساق(3)المريض سوقاً شرع في نزع الروح، / و94 / ويمكن أن يكون السوقه مصدر ساق الماشية تشبيها لإخراج الإنسان من الدنيا بسوق الماشية، والتعب الإعياء وضد الاستراحة، ويقال: أتعب القوم إذا تعبت ماشيتهم. (ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ مُبْلِساً، وَجُذِبَ مُنْقَاداً سَلساً) ادرجت الثوب والكتاب طويته وأدرجته فيه أي : لففته(4)به(5)ومبلساً، أي: أيساً من أهله وماله أو من الرجوع الى الدنيا والاستعتاب(6)من الزلل، ومنه سمى إبليس؛ لأنَّه يأس من رحمة الله، أو منكسراً حزيناً، أو ساكنا من الحزن أو الخوف، وجذب أي: من مكانه الى مغتسله وقبره، والسلس ككتف السهل اللين والاسم السلس محركة، وسلسه وانقياده عدم القدرة على الامتناع. (ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى الْأَعْوَادِ رَجِيعَ المرض، وَنِضِنْوَ(7)سَقَمٍ، [...](8)تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ، وَحَشَدَةُ الإخْوَانِ، إِلَى دَارِ غُرْبَتِهِ، وَمُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ) العود بالضم الخشب، والجمع أعواد وعيدان وفي الإلقاء اشارة الى الحقارة لسوء الحال، (والرجيع

ص: 112


1- الأنعام / 93
2- (أو) في أ، ح، ع
3- (ومساق) في ر
4- لفقته) في أ، تصحيف، وفي ر: - (الفقيه)
5- [فيه] في ر، تحريف
6- [و] ساقطة من ر
7- (وضنو) في ح، ن، تحريف
8- [و] زيادة في ح، ع، م، ن

من الدواب ما رجعته من سفر الى سفر)(1)، وهو الكال وكل شيء يرد فهو رجيع، والوصب(2)بالتحريك (المرض)(3)أو دوام الوجع ولزومه(4)، والنِضو بالكسر البعير المهزول، والسهم الذي فسد من كثرة ما رمى به(5)، ونصب الرجيع والنضو على الحالية، وحفد في العمل إذا خف وأسرع(6)، والمحفود (الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته)(7)، وحَفَدَ وحفدة جمع حافد كخدمٍ وكفرةٍ، وحشد القوم خفوا في التعاون أودعوا فأجابوا مسرعين أو اجتمعوا لأمر واحد، ومنقطع الزورة موضع انقطاع الزيارة والزيارة في الأصل القصد وخص بقصد المزور إكراما له واستيناساً به، ولعل الاستعمال في الأموات توسع تنزيلا لقصدهم منزله قصد الأحياء تعظيماً، أو لأنَّ الكرام كالأحياء يعلمون بمن يزورهم ويستأنسون(8)به، وحينئذ فوجه كون القبر منقطع الزورة واضح ولو كان المعنى الحقيقي أعم أمكن تنزيل الزورة بعد الموت منزلة العدم لقلتها في حق أكثر الأموات وارادة الخاص من العام وكون الاضافة الى الضمير من قبيل الاضافة الى لفاعل بعيد. (حَتَّي إِذَا انْصَرَفَ المُشَيِّعُ(9)، وَرَجَعَ المُتَفَجِّعُ، أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِهِ

ص: 113


1- العين، مادة (رجع): 1 / 226
2- (الوضب) في ر، م، تصحيف
3- الصحاح، مادة (وصب): 1 / 233، وفي ع: (الرخص)، تحريف
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (وصب): 1 / 233
5- ينظر: العين، مادة (نضو): 7 / 59
6- ينظر: لسان العرب، مادة (حفد): 3 / 153
7- لسان العرب، مادة (حفد): 3 / 154
8- (وليستأنسون) في أ
9- (المشبع) في أ، ح، ر، ن

نَجِيّاً، لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ، وَعَثْرَةِ الْاِمْتِحَانِ) شیّع فلاناً أي خرج معه ليودعه ويبلغه منزله أو مشي وراءه، وتفجع توجع للمصيبة، والنجی فعيل من ناجاه مناجاة أي: حدثه سراً، وقيل: النجي (السر)(1)، فيمكن أن ينتصب على أنَّه صفة لمصدر محذوف، والبهتة الدهشة والتحير(2)، وهي من لوازم مثل هذا السؤال، ويقال: بهته إذا أخذه بغتة، والعثرة في الأصل السقوط والكبوة، ويقال: للزلة(3)عثرة، وهي أيضاً من اللوازم العادية لمثل هذا الامتحان، وهذا الكلام صريح في إحياء الميت في القبر والسؤال کما نطقت به الأخبار المتواترة، ولبعض الشارحين(4)في هذا المقام کلمات في غاية السخافة (وَأَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُلُ الْحَمِيمِ، وَتَصْلِيَةُ الْجَحِيمِ، وَفَوْرَاتُ السَّعِيِرِ) الظاهر أنَّ المشار إليه القبر فالإشارة الى عذاب القبر وعالم البرزخ وقد تضافرت به الأخبار، وبلية في بعض النسخ منصوب على التمييز، ونزل الحميم مرفوع على الخبرية وفي بعضها مرفوع على الخبرية مضافة الى النزل وهي(5)قری الضيف، قال الله سبحانه: «فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ»(6)أي: ما أعد لهم من الطعام والشراب من حميم جهنم، والحميم في الأصل (الماء الحار)(7)، وتصلية اللحم إحراقه، تقول: صليت اللحم بالتخفيف إذا شويته، فإذا أحرقته قلت صلّيته

ص: 114


1- لسان العرب، مادة (نجا): 15 / 308
2- ینظر: الصحاح، مادة (بهت): 1 / 244
3- (الزلة) في ع
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 218 - 220
5- (وهو) في أ، ث، ر، ع، تحریف
6- الواقعة / 93
7- تاج العروس، مادة (حمم): 16 / 175

بالتشديد وأصليته(1)والجحيم النار الشديدة التأجج)(2)، (وكل نار بعضها فوق بعض)(3)، (وكل نار عظيمة في مهواة)(4)و(المكان الشديد الحر)(5)، وفارت القدر (جاشت)(6)(وفورة الحر: شدته)(7)، والسعير (النار)(8)و(لهبها)(9). (لاَ فَتَرْةٌ مُرِیحَةٌ(10)، وَلَادَعَةٌ مُزِیحَةٌ، وَلَا قُوَّةٌ [حَاجِزَةٌ](11)، وَلَا مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ، وَلَا سِنَةٌ مُسْلِیةٌ؛ بَیْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ؛ وَعَذَابِ السَّاعَاتِ؛ إِنَّا بِاللَّهِ عَائِذُونَ) الفترة السكون بعد حدة واللين بعد شدة(12)، والراحة ضد التعب واراحه الله فاستراح، / ظ 94 / والدعة (الخفض والسعة في العيش)(13)، ومنه ودع(14)الرجل [ككرم](15)فهو وديع أي: ساكن وزاح الشيء أي: بعد وذهب، وازاحه غيره، وفي بعض النسخ (مريحه) بالمهملة في الثاني وبالمعجمة في الأول،

ص: 115


1- ينظر: العين، مادة (صلا): 7 / 154، ولسان العرب، مادة (صلا): 14 / 467
2- العين، مادة (جحم): 3 / 87
3- القاموس المحيط، مادة (جحم): 4 / 87
4- الصحاح، مادة (حجم): 5 / 1883
5- المصدر نفسه، مادة (حجم): 5 / 1883
6- الصحاح، مادة (فور): 2 / 783 وفي أ، ع: (جاشيت)، تحريف
7- المصدر نفسه، مادة (فور): 2 / 783، وفي ح: (قورة)، تصحيف
8- لسان العرب، مادة (سعر): 4 / 365
9- المصدر نفسه، مادة (سعر): 4 / 365
10- وسورات الزفير لا فترة مريحة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 215، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 134
11- [حاجزة] ساقطة من ع
12- ينظر: القاموس المحيط، مادة (فتر): 2 / 107
13- المصدر نفسه، مادة (ودع): 3 / 92
14- ودع) في ث، تحريف
15- [ككرم] ساقطة من ح، وفي ث: (ككر)

والمعنى ليس للمعذبين راحه(1)وفصل بين تارات العذاب، قال الله: «لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ»(2)، وقال سبحانه: «لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ»(3)، وحجزه كضربه ونصره أي: منعه وكفه، والناجزة الحاضرة المعجلة(4)، أي: ليس لهم قوة يدفعون بها الألم والعذاب عن أنفسهم ولا يموتون حتى يفزعوا، والسنة (أول النوم)(5)أو (النعاس)(6)أو فتور يتقدم النوموالمسلية الكاشفة للهم(7)، تقول: سلاني من همي تسلية، وأسلاني أي: كشفه عني، والأطوار (التارات)(8)، قال الأخفش في قوله تعالى: «خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا»(9)أي: (طوراً علقة، وطورا مضغة)(10)، والموتات المرات من الموت، والمراد الآلام العظيمة الشاقة التي لا تقتصر(11)عن الموت والظرف(12)في موضع الخبر عن السوابق أي: ليس لهم بين تلك الأطوار، أو بينها وبين عذاب الساعات فترة ولا دعة أو عن محذوف، أي: هو دائر بين الأطوار أو في موضع الحال وعذاب الساعات أفراد العذاب الواقعة كل منها

ص: 116


1- (زاحه) في ح، تصحيف
2- الزخرف / 75
3- البقرة / 162
4- ينظر: الصحاح، مادة (نجز): 3 / 897
5- لسان العرب، مادة (وسن): 13 / 449
6- المصدر نفسه، مادة (وسن): 13 / 449
7- (اللهم) في ح
8- لسان العرب، مادة (طور): 4 / 507
9- نوح / 14
10- معاني القرآن: 2 / 751
11- (لا تقصر) في ث، ر،ع، تحريف
12- (الطرف) في أ، ر، ع، تصحيف

في ساعة، أو العذاب المتصل الممتد في الساعات غير المحصورة(1)، وعاذ بفلان واستعاذ به، أي: لجا إليه وهو العياذ أي: الملجأ. (عِبَادَ اللَّهِ الذِینَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا، وَعُلِّمُوا فَفَهِمُوا، وَأُنْظِرُوا فَلَهَوْا، وَسُلِّمُوا فَنَسُوا) الموصول صفة للمنادی والغرض التنبيه والتقريع بكفران النعم وتمام الحجة، وفي بعض النسخ ([أين الذين](2)عمرّوا)(3)فالغرض حث المخاطبين على الاتعاظ والاعتبار بحال الماضين، وعمر الرجل كعلم عَمْرا و(عِمْراً وعُمراً على غير قياس؛ لأنَّ قياس مصدره التحريك، أي: عاش زماناً)(4)، كذا قال الجوهري، وعمّره الله تعميراً أي: طوّل عمره، ونعم فلان کسمع أي: تنعم وترفه، والاسم منه النَعمة بالفتح، وانظروا أي: أمهلوا، ولِهيت عن الشيء بالكسر إذا تركت ذكره وأضربت عنه، ويقال: لهي عنه بالكسر أيضاً إذا غفل عنه واشتغل بغيره، فالمراد الغفلة المستندة الى التقصير والتهاون، وسلموا بالتخفيف أي: كانوا في عافية وصحة، وفي بعض النسخ (سُلِّمُوا)(5)على صيغة المجهول من باب التفعيل، والنسيان [...](6)خلاف الحفظ، قيل: وأصله (الترك)(7)ويراد به غير ما أريد باللهو رعاية للتفنن، والغرض بما

ص: 117


1- الغير المحصورة) في أ، ث ح، ع، م، وفي ر (الغير محصوره)
2- [أين الذين] ساقطة من ع
3- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 341، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 220، شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 267، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 135
4- الصحاح، مادة (عمر): 2 / 756
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 220
6- [و] زائدة في ح
7- الصحاح، مادة (نسا): 6 / 2508

عطف بالفاء بيان تمام النعمة في بعض القرائن وكفرانها في بعضها (أُمْهِلُوا طَوِیلاً، وَمُنِحُوا جَمِیلاً، وَحُذِّرُوا أَلِیماً، وَوُعِدُوا جَسِیماً) الامهال الرفق والانظار(1)، والاسم المُهلة بالضم، وطويلُا صفة ظرف أو مصدر محذوف، أي: زماناً أو امهالاً على التوسع، ومنحه أعطاه، والجمال الحسن ويقع على الصور والمعاني والمراد نعم الله التي لا تحصى في الدنيا، والأليم المحذر منه، والجسيم الموعود نكال الآخرة ونوالها، وجَسُم كَكَرُمَ (أي: عظم فهو جسيم)(2). (احْذَرُوا الذُّنُوب الْمُوَرّطَهَ، وَالْعُیُوبَ الْمُسْخِطَةَ) الورطة (الهواة العميقة)(3)و(أرض مطمئنة لا طريق فيها)(4)، وكل غامض واستعير للبلية التي يعسر(5)المخرج منها، وأورطه وورطه أي: أوقعه في الورطة، وفي بعض النسخ (المورطة) على صيغة التفعيل، والمراد بالورطة عقاب الآخرة أو ما يعم الخزي في الدنيا والعيوب تفسير للذنوب أو عللها والدواعي إليها التي ركبت في الانسان وإن كان ركوبها باختياره وسخط كفرح غضب وأسخطه اغضبه. (أُولِی الْأَبْصَارِ والْأَسْمَاعِ، وَالْعَافِیَةِ وَالْمَتَاعِ، هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلَاصٍ، أَوْ مَعَاذٍ، أَوْ مَلَاذٍ، أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ) الظاهر أنَّه نداء بعد الأول وكونه صفة بعد صفة يأباه الفصل، وعلى ما في بعض النسخ المذكور سابقاً ابتداء كلام بعد التذكير بما يوجب العبرة من حال السالفين، والمتاع المنفعة واسم للتمتع

ص: 118


1- ينظر: العين، مادة (مهل): 4 / 57
2- الصحاح، مادة (جسم): 5 / 1887
3- لسان العرب، مادة (ورط): 7 / 426
4- المصدر نفسه، مادة (ورط): 7 / 425
5- (تعسر) في ر، م تصحيف

والانتفاع، وناص ينوص / و95 / مناصاً فرَّ وذهب(1)، والمناص أيضاً (الملجأ والمفر)(2)، و(المحار: المرجع)(3)، قال سبحانه: «إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ»(4)وتخصيص أولي الأبصار والإسماع والعافية لكونهم أهل التكاليف التامة والعقول داخلة في الاشارة أمَّا بالأبصار والاسماع مجازاً، أو بالعافية وللتنبيه على وجوب الشكر والطاعة مقابل-ة لتلك العطايا الجزيلة وتخصيص أولي المتاع لكونهم مصروفين عن سلوك سبيل الله بمتاع الدنيا مع أن التمتع بالدنيا من أسباب وجوب الشكر، ويحتمل أن يراد بالمتاع ما يتمتع به من الأموال ونحوها التي يمكن صرفها في أبواب(5)الطاعة فيكون [في](6)ذكر المتاع أيضاً تنبيها على تمام الحجة وكمال شرائط التكليف، ويحتمل أن يكون الغرض في الجميع مجرد التنبيه على وجوب الشكر والتوبيخ بتركه الموجب لاستحقاق العقاب [الذي](7)لا مناص ولا خلاص منه، وفي العدول عن ذكر العقل الى السمع والبصر تنبيه على أنَّ وجوب الحذر لشدة ظهوره كالأمور المحسوسة. (أَمْ لا(8)فَأَنَّی تُؤْفَکُونَ، أَمْ أَیْنَ تُصَرُفُونَ، أَمْ بِمَاذَا تَغْتَرُّونَ! وَإِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الأرْضِ، ذَاتِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، قِيدُ قَدِّهِ، منعفِراً عَلَى خَدِّهِ) كلمة أم معادلة لهل الاستفهامية السابقة، وأفكه قلبه وصرفه، ومنه قوله عز وجل: «أَجِئْتَنَا

ص: 119


1- لسان العرب، مادة (نوص): 7 / 102
2- المصدر نفسه، مادة (نوص): 7 / 102
3- المصدر نفسه، مادة (حور): 4 / 218
4- الانشقاق / 14
5- (أبو) في ث
6- [في] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
7- [الذي] ساقطة من أ
8- (أم لا) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 220

لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا»(1)والمؤتفكات المدن المقلوبة(2)والاغترار بالشيء الانخداع به(3)، والحظ النصيب، ويقال بيني وبينه قيد رمح وقاد رمح أي قدر رمح(4)، (والقد: القامة)(5)، و(العفر بالتحريك التراب)(6)، وعفره في التراب تعفيراً أي: مرغه(7)، (وانعفر الشيء أي: تترب)(8)، وفي الانعفار على الخد الذي هو من محاسن الأعضاء وکرائمها تنبيه على سوء الحال بعد قلة النصيب (الْآنَ عِبَادَ اللهِ، وَالْخِنَاقُ مُهْمَلٌ، وَالرُّوحُ مُرْسَلٌ، فِي فَيْنَةِ(9)الِإِرْشَادِ، وَرَاحَةِ الْأَجْسَادِ(10)، وَمَهَلِ الْبَقِيَّةِ، وَأُنْفِ الْمَشِيَّةِ، وَإِنْظَارِ التَّوْبَةِ، وَانْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ) الآن اسم للوقت الذي أنت فيه وهو ظرف غیر متمکن(11)وقع معرفة ولم تدخل عليه الالف واللام للتعريف؛ لأنَّه ليس له ما يشركه، وهو ظرف لفعل محذوف أي: اعملوا الآن، والحال أنكم متمكنون مستكملون للشرائط أو ظرف للأفعال السابقة أي: تؤفكون وتصرفون وتغترون ويحتمل أن يكون مفعولاً به لفعل محذوف أي: أدركوا الآن، ولا تضيعوا الفرصة،

ص: 120


1- الاحقاف / 22
2- ينظر: القاموس المحيط، مادة (أفك): 3 / 292
3- ينظر: الصحاح، مادة (غرر): 2 / 768
4- ينظر: لسان العرب، مادة (قید): 3 / 373
5- المصدر نفسه، مادة (قدد): 3 / 345
6- المصدر نفسه، مادة (عفر): 2 / 751
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عفر): 2 / 751
8- المصدر نفسه، مادة (عفر): 2 / 751
9- فنية) في أ، تصحيف
10- وراحة الاجساد، وباحة الاحتشاد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 220، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 135
11- ينظر: شرح الرضي على الكافية : 3 / 230

وعباد الله منادى حذف عنه حرف النداء، وخنقه إذا عصر حلقه، والخِناق بالكسر ما يخنق به من حبل أو وتراً ونحو ذلك، وأهملت الشيء خليت(1)بينه وبين نفسه، واهمال الخناق الكف عن الأخذ به وهو كناية عن وجود الفرصة وعدم حضور ما يمنع من العمل وأرسله اطلقه واهمله، وارسال الروح عدم قبضه بعد والفَينة بالفتح (الساعة والحين)(2)، يقال: لقيته الفينة(3)بعد الفينة أي الساعة بعد الساعة(4)، والارشاد الهداية ويروى في فينة الارتياد أي: الطلب وراحة الأجساد عدم ابتلائها بموانع العبادة من الأمراض والآسقام والآلام وحضور الموت، والمهل بالتحريك المهلة وهي التباطئ والتأخير والرفق(5)، والبقية ما بقي من الأعمار، وأمرٌ أُنُف بضمتين أي مستأنف لم يسبق بقضاء وتقدير(6)وإنما هو على اختيارك، وروضة أنف أي: جديدة النبت لم ترع(7)، والمشية الإرادة وأصلها الهمزة، يقال: شاءه مشيئة أي: أراده والغرض بيان الاختيار ونفى المانع عن الطاعات بأنَّهم خلّى بينهم وبين ارادتهم ولم تسبق ارادتهم بإرادة تضادها وتمنعهم عما شاؤا، وقال بعض الشارحين: وأنف المشية أي: أول الإرادات للنفوس / ظ 95 / وذلك أنه ينبغي أن يكون أول زمان الإنسان وأوائل ميول قلبه الى طاعة الله ليكون ما يرد

ص: 121


1- (وخليت) في ح
2- تاج العروس، مادة (فين): 18 / 440
3- (الفنية) في ع، وفي أ، ث، ر: (الفيه)، وفي م: (الفيئة)
4- تاج العروس، مادة (فين): 18 / 440
5- ينظر: لسان العرب، مادة (مهل): 11 / 633
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (أنف): 12 / 94
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (أنف): 12 / 94

على لوح نفسه من الكمالات وارداً على لوح صافٍ عن كدر الباطل(1)وانظار التوبة الامهال لأجلها، والفُسحة بالضم (السعة)(2)، وفسح المكان ككرم وانفسح فهو فسيح(3)أي اتسع، والحوبة (الحاجة)(4)، [والحالة](5)وانفساح الحوبة سعة وقت الحاجة أي: العمل الذي يحتاج(6)إليه العبد لآخرته أو سعة الحالة لعدم نزول الموت وحلول العقاب، وفي بعض النسخ (الجوبة) بالجيم وهي(الفرجة في السحاب والجبال)(7)و(الحفرة)(8)أيضاً فيكون كناية عن عدم نزول القبر (قَبْلَ الضَّنْكِ وَالْمَضِيقِ، وَالرَّوْعِ وَالزُّهُوقِ، وَقَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ المُنتَظَرِ، وَأَخْذَةِ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرِ) الضنك (الضيق)(9)والظاهر أنَّ المضيق مصدر يفسر الضنك، ويحتمل أنْ يراد بالضنك ضيق الحال، وبالمضيق القبر، والروع الفزع والزهوق الاضمحلال والهلاك(10)وخروج النفس، والغائب المنتظر الموت، والعزيز الغالب القوى الذي لا يغلب والمقتدر والقادر والقدير بمعنى أو المقتدر أبلغ من القدير وهو من القادر، والمراد قبض الروح أو التعذيب (وفي الخبر أنه (عليه السلام) لمَّا خطب بهذه الخطبة أقشعرت لها

ص: 122


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 269
2- الصحاح، مادة (فسح): 1 / 391
3- (فسح) في أ،ع، تحريف
4- العين، مادة (حوب): 3 / 310
5- [والحالة] ساقطة من ع
6- محتاج) في أ، ث، ع، وفي ر: (محتياج)
7- الصحاح، مادة (جوب): 1 / 104
8- لسان العرب، مادة (جوب): 1 / 286
9- العين، مادة (ضنك): 5 / 302
10- ينظر: تاج العروس، مادة (زهق): 12 / 204

الجلود، وبكت العيون، ورجفت القلوب) اقشعر جلده أي اخذته قشعريرة أي: رعدة(1)ورجفت تحركت واضطربت شديداً، ومن الناس من يسمى هذه الخطبة الغرّاء هذه الفقرة موجودة في النسخ التي لم يوجد فيها [في](2)عنوان الخطبة قوله تسمى الغرّاء وهي البيضاء المتلألئة كما سبق.

[وَمِن كَلَام لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)] في ذكر عَمرُو بن العاص

العاص بن وائل(3)هذا كان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه واله)، والكاشفين له بالعداوة والأذى وفيه، وفي أصحابه نزل «إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ»(4)، ولقب في الاسلام بالأبتر لقوله: سيموت هذا الابتر غدا، فينقطع ذكره يعني رسول الله (صلى الله عليه واله)، وكان يَشْتُمُ رسول الله (صلى الله عليه واله) ويضع في طريقه الحجارة ليعثر بها إذا خرج ليلاً للطواف، وهو أحد القوم الذين روعوا زينب ابنة رسول الله (صلى الله عليه واله) في هودجها حتى أجهضت جنيناً ميتاً فلما بلغه (صلى الله عليه واله) لعنهم، وعمر وهجا(5)رسول الله (صلى الله عليه واله) هجاء كثيراً وكان يعلمه صبيان مكة فينشدونه ويصيحون(6)برسول(7)الله (صلى الله عليه واله)

ص: 123


1- (رغدة) في أ، تصحيف
2- [في] ساقطة من م
3- وايل) في أ، ث، ر، وفي ح، ع: (وابل)
4- الحجر / 95
5- (وهحا) في ث، تصحيف
6- (ويصبحون) في ث، ع، تصحيف
7- (رسول الله) في ث

إذا مرّ بهم رافعين أصواتهم بالهجاء في وجهه، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو يصلّى بالحِجْر: ((اللهم إنَّ عمرو بن العاص هجاني، ولست بشاعر، فالعنه بعدد ما هجاني)) رواه الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(1)عن الواقدي، وغيره من أهل الحديث، قال: وروى أهل الحديث أنَّ النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص، عمدوا الى سلا(2)جمل فرفعوه بينهم ووضعوه على رأس رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو ساجد بفناء الكعبة، فسال عليه، فصبر ولم يرفع رأسه، وبكى في سجوده ودعا عليهم، فجاءت ابنته فاطمة (عليها السلام) وهي باكية، فرفعته عنه وألقته وقامت على رأسه باكية فرفع (صلى الله عليه واله رأسه وقال: ((اللهم عليك بقريش))، قالها ثلاثاً ثم قال رافعاً صوته: ((إنِّي مظلوم(3)فانتصر(4))) قالها ثلاثاً، ثم قام(5)فدخل منزله وذلك بعد وفات عمه أبي طالب بشهرين.، قال: ولشدة عداوته أرسله أهل مكة الى النجاشي ليطرد أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) عن بلاده مهاجرة حبشة وليقتل جعفر بن أبي طالب عنده إن أمكنه فكان منه في أمر جعفر هناك ما هو مشهور في السير، وروى الطبرسي (رحمه الله) في الاحتجاج(6)، وحكاه الشارح (6) .

ص: 124


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 226
2- السلا: (الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي) الصحاح، مادة (سلا): 6 / 2381
3- مطلوم) في ث، تصحيف
4- (فانتظر) في ع
5- (قال) في أ، ث، ع، تحريف
6- ينظر: الاحتجاج، الطبرسي: 1 / 411، 412

عن الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات من كلام الحسن (عليه السلام) في جملة ما خاطب به / و96 / معاوية وعمرو بن العاص والوليد بن عقبة وعتبة بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة بعد كلامه لمعاوية وهو طويل وأما أنت يا ابن العاص فإنَّ أمرك سرك وضعتك أمك مجهولا من سفاح فتحاكم فيك أربعة من قريش فغلب عليك جزارها الأَمُهُم حسباً، وأخسهم منصباً، ثم قام أبوك فقال: إن محمداً الابتر فأنزل الله فيه ما أنزل وقاتلت رسول الله (صلى الله عليه واله) في جميع المشاهد وهجوته وأذيته بمكة، وكدته كيدك كلة، وكنت من أشد الناس له تكذيباً وعداوة. ثم خرجت تريد النجاشي مع أصحاب السفينة لتأتي بجعفر وأصحابه الى أهل مكة، فلا أخطاك ما رجوت ورجعك الله خائباً وأكذبك واشياً، جعلت حدَّك على صاحبك(1)عمارة بن الوليد، فوشيت به الى النجاشي حسداً لما ارتكب من خليليك، ففضحك الله وفضح صاحبك. فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية والاسلام. ثم إنك تعلم وكل هؤلاء الرّهط يعلمون أنّك هجوت رسول الله (صلى الله عليه واله) بسبعين بيتاً من الشعر، فقال (صلى الله عليه واله): اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة، فعليك إذا من الله ما لا يحصى من اللعن(2). (عَجَباً لابْنِ النَّابِغَةِ) نبغ الشيء أي: ظهره(3)، قال بعض الشارحين: (وسميت أم عمرو النابغة لشهرتها بالفجور وتظاهرها

ص: 125


1- (صاحب) في ع، تحريف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 232، 233
3- ينظر: تاج العروس، مادة (نبغ): 12 / 63

به)(1)، وقال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: ذكر الزمخشري في كتاب» ربيع الابرار(2) قال: كانت النابغة أم عمر و بن العاص أمة لرجل من عنزة، فسبيت فاشتراها عبد الله بن جذعان التميمي بمكة، فكانت بغياً ثم اعتقها، فوقع عليها أبو لهب بن عبد المطلب، وأمية بن خلف الجمحي، وهشام بن المغيرة المخزومي، وأبو سفيان بن حرب، والعاص بن وائل السهمي في طُهرٍ واحد، فولدت عمراً فادَّعاه كلهم فحُكِّمت أمه فيه، فقالت: هو من العاص بن وائل وذلك؛ لأنَّ العاص بن وائل كان ينفق عليها كثيراً، قالوا: وكان أشبه بأبي سفيان، قال: وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب «الانساب» أن عمراً اختصم فيه يوم ولادته رجلان: أبو سفيان بن حرب، والعاص بن وائل، فقيل: لتحكم أمُّه، فقالت: أمّه من العاص بن وائل، فقال أبو سفيان: أما إني لا أشك أني وضعته في رَحِم أمه، فأبت إلاَّ العاص. فقيل لها: أبو سفيان أشرف نسباً، فقالت: إن العاص بن وائل كثير النفقة عليَّ، وأبو سفيان شَحِيح. ففي ذلك يقول حسان بن ثابت لعمر و بن العاص حيث هجاه مكافئاً(3) له عن هجاء رسول الله (صلى الله عليه واله):

أبوك أبو سفيان لاشكَّ قد بدت *** لنا فيك منه بينات الدلائلِ ففاخر به إما فخرت ولاتكن *** تفاخر بالعاص الهجين بن وائل وإن التي في ذاك يا عمر و حُكمَتْ *** فقالت رجاءً عند ذاك لنائل مِنَ العاص عمرو تخبر الناس *** كلما تجمعت الأقوام عند المحافِلِ(4)

ص: 126


1- الغدير، الشيخ الاميني: 2 / 135
2- ربیع الابرار، الزمخشري: 4 / 275
3- (مكافتاً) في ر
4- البيت من البحر الطويل، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 226

(يَزْعُمُ لِأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً، وَأَنّي(1) امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ، أُعَافِسُ وَأُمَارِسُ! لَقَدْ قَالَ بَاطِلاً، وَنَطَقَ آثماً. أَمَا - وَشَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ -) زعم كنصر زعماً مثلثة(2)، أي: قال حقاً أو(3) باطلًا، وكذب أيضاً وأكثر ما يستعمل في الباطل وما يشك فيه، والدُعابة بالضم (المزاح)(4)، والمراد الدعابة الكثيرة أو العظيمة الخارجة عن حد الاعتدال، روي أنه كان يقول لأهل الشام إنما أخرنا عَليّناً لأنَّ فيه هزلاً لاجدّ معه وقد نسجه على مثال عمر بن الخطاب حيث قال يوم الشوري لما أراد صرف الأمر عنه (عليه السلام): الله أنت لو لا أنَّ فيك دعابة، ورجل تِلعابة بالكسر أي كثير اللعب، والمعافسة والعِفاس بالكسر المعالجة(5)، والملاعبة والممارسة المزاولة قال في النهاية: ويطلق على الملاعبة، ومنه حديث علي (عليه السلام) زعم أني كنت أعافس وأمارس، أي: ألاعب النساء(6)، والكذب على زنة كنف(7) في النسخ ويجوز/ ظ96 / بالكسر (إنَّهُ لَيَقُولُ فَيَكْذِبُ، وَیَعِدُ(8) فَيُخْلِفُ، وَيَسْأَلُ فَيُلْحِفُ، وَيُسْأَلُ فَيَبْخَلُ(9)، وَيَخُونُ

ص: 127


1- (الى) في م، تحريف
2- من المثلث المتفق المعاني (الزَّعْمُ والزِّعْمُ والزُّعْمُ: القول الذي يحتمل أن يكون حقاً وباطلاً وأكثر ما يستعمل في الباطل)) المثلث، البطليوسي: 2 / 67
3- (و) في ع
4- الصحاح، مادة (دعب): 1 / 125، وفي أ: (المزاج)
5- المصدر نفسه، مادة (عفس): 3 / 951
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 319
7- (كتف) في أ، ث، ع، م، تصحيف
8- (بعد) في ر، تصحيف
9- ويسأل فيبخل، ويسأل فيحلف) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 224، ونهج البلاغة، البلاغة، صبحي الصالح: 136

الْعَهْدَ، وَيَقْطَعُ الْإلَّ) ألحف أي: (الحّ)(1)، والإل بالكسر: العهد والقرابة والحلف والجار ذكره(2) في القاموس(3) ولعل المراد بقطع الال قطع الرحم أو تضييع الحليف والجار، وزعم بعض الشارحين أنه لا يطلق إلاَّ على العهد(4)، وقال: (لما اختلف اللفظان حسُن التقسيم بهما، وإن كان المعنى واحداً)(5)، (فَإِذَا كانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِرٍ وَآمِرٍ هُوَ! مَا لَمْ تَأخُذِ السُّيوفُ مَآخِذَهَا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ أَكْبَرُ مَكِيدَتِهِ أَنْ يَمْنَحَ الْقَوْمَ سَبَّتَهُ) المآخذ على لفظ الجمع، وفي بعض النسخ على صيغة الإفراد، وكلمة كان الأولى تامة والاشارة الى أخذ السيوف مأخذها وهو التحام الحرب ومخالطة السيوف الرؤوس وأكبر(6) بالباء(7) الموحدة وهو أولى مما في بعض النسخ بالثاء المثلثة، والمكيدة والكيد المكر والحيلة، ويمنح كيمنع أي: يعطي، والسبة الأست أي: العجز أو حلقة الدبر، أو المراد بإعطاء القوم سبته ما ذكره أرباب السير(8) وصار يضرب به المثل من كشفه سوءته شاغراً برجليه لما لقيه علي (عليه السلام) في بعض أيام صفين وقد اختلطت الصفوف واشتعل(9) نار الحرب فحمل (عليه السلام) عليه فألقى نفسه عن فرسه رافعاً رجليه كاشفاً عورته فانصرف

ص: 128


1- الصحاح، مادة (لحف): 4 / 1426
2- (دكره) في أ، تصحيف
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (إلَّ): 3 / 330
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 225
5- المصدر نفسه: 6 / 225
6- (أكتر) في أ، تصحيف
7- (بالياء) في ر، تصحيف
8- ينظر: الفتوح: 3 / 105، و الاستيعاب: 1 / 165
9- (اشتغل) في ث، ح

(عليه السلام) عنه لافتاً وجهه، وفي ذلك قال أبو فراس:

ولا خير في دفع الأذى بمذلة *** کما ردها يوماً بسوءته عمرو(1) وروى ابن عبد البر [...](2) في الاستيعاب(3) عن ابن الكلبي في كتابه في أخبار(4) صفين أن بسر بن أرطاه بارز علياً (عليه السلام) يوم صفين فطعنه علي (عليه السلام) فانكشف له فكف عنه کما عرض له مثل ذلك مع عمرو بن العاص، قال: ولهم فيها أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب منها فيما ذكر ابن الكلبي و المدائني قول الحارث بن النضر السهمي:

أفي كل يوم فارس ليس ينتهي *** وعورته وسط العجاجة بادية يكف لها عنه على سنانه *** ويضحك منه في الخلاء معاوية بدت أمس من عمرو فقنع رأسه ***وعورة بسر مثلها حذو(5) حاذية فقولا لعمرو ثم بسر ألا (انظرا)(6) *** سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية ولا تحمدا(7) إلا الحيا وخصاكما(8) *** هما كانتا والله للنفس واقية ولولاهما لم تنجوا من سنانه *** وتلك بما فيها عن العود ناهیة متى تلقيا الخيل المشيحة صبحة *** وفيها علي فاتركا الخيل ناحية وكونا بعيداً حيث لا يبلغ القنا *** نحوركما إن التجارب كافية(9) وروي أن معاوية قال لبسر بعد ذلك وكان يضحك: لا عليك يا بسر

ص: 129


1- البيت من البحر الطويل، ديوان أبو فراس الحمداني: 145
2- [في] مكررة زائدة في ح
3- ينظر: الاستيعاب: 1 / 165
4- (أحبار) في ث، تصحيف
5- (خذو) في أ، تصحيف
6- انظر) في ح
7- (محمدا) في أ
8- (حصاكا) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
9- ينظر البيت في البحر الطويل: الاستيعاب: 1 / 165

أرفع طرفك ولا (تستحي)(1) فلك بعمرو أسوة، وقد أراك الله منه وأراه منك فصاح فتى من أهل الكوفة ويلكم يا(2) أهل الشام أما تستحيون لقد علمكم عمر و كشف الأستاه(3)، ثم أنشد الأبيات، وروى أنه قال معاوية لعمرو يوماً بعد استقرار خلافته: يا(4) (أبا)(5) عبد الله لا أراك إلا ويغلبني قال: بماذا؟ قال: أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين فأرزيت(6) نفسك فرقاً من شبا سنانه، وكشفت(7) سوءتك له، فقال عمرو: وأنا منك أشد ضحكاً، إني لأذكر يوم دعاك الى البراز فانتفخ سحرك، وربا لسانك في فمك، وغصصت بريقك، وارتعدت فرائصك، وبدا منك ما أكره، فقال معاوية بعد ماجرى بينهما: الجبن والفرار من علي لا عار على أحد فيهما(8)، وكان بسر ممن يضحك من عمر و فلما اعلم أنه لا محيص حذا حذوه وصار مضحكة له أيضاً. (أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَيَمْنَعُني مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْمَوْتِ، وَإِنَّهُ لَيَمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِ الْحقِّ نِسْيَانُ الآخِرَةِ إِنَّهُ(9) لْمَ يُبَايِعُ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ لَهُ أَنْ يُؤْتِيَهُ أَتِيَّةً، وَيَرْضَخَ لَهُ عَلَى تَرْكِ الدِّينِ رَضِيخَةً) في بعض النسخ (إنه ليمنعني) على أن يكون

ص: 130


1- يستحي) في أ، ح، ر، ع، ورواه ابن ميثم البحراني (تستحي) شرح نهج البلاغة: 2 / 272 وهو الصواب
2- با) في ث، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 272، وفيه: (الاستار)
4- با) في ث، ح،
5- با) في ث، ح،
6- فازريت) في ث، ر
7- كشف) في أ، ث
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 252، 253
9- وإنه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 224

الضمير للشأن، والايتاء الاعطاء والاتية العطية، والرضخ العطاء القليل،(1)، والمراد بالآتية و الرضيخة مصر، ولعل التعبير [عنها](2) بالرضيخة لقلتها / و 97 / بالنسبة إلى ترك الدين وقد تقدمت الاشارة الى كيفية المبايعة والشرط.

[وَمِنْ خُطبَةِ لَهُ (عليهِ السَّلام)]

(وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الأَوَّلُ لَا شَيْءَ قَبْلَهُ، وَالْآخِرُ لَا غَايَةَ لَهُ، لَا تَقَعُ الْأَوْهَامُ لَهُ عَلَى صِفَةٍ، وَلَا تُعْقَدُ [...](3) الْقُلُوبُ مِنْهُ عَلىَ كَيْفِيَّةٍ؛ وَلَا تَنَالُهُ التَّجْزِئَةُ وَالتَّبْعِيضُ، وَلَا تُحِيطُ بِهِ الْأَبْصَارُ وَالْقُلُوبُ.) الأول ضد الآخر، وأصله أوعل على صيغة أفعل لقولهم: هذا أول منك، ويجمع على أوائل(4)، وقيل: أصله ووءل على فوعل قلبت الواو الأولى همزة ولم يجمع على أواول لاستثقالهم اجتماع واوین بينهما الف الجمع(5)، وأوليته سبحانه لكونه موجد الأشياء و محدثها ونفي القبلية تأكيد لرفع توهم الأولية الاضافية، ويدل على القدم والا لتقدم محدثه عليه، والآخر صفة على زنة فاعل، يقول: جاء آخراً أي: أخيرا و آخريته سبحانه لبقائه بعد فناء الأشياء أو لفنائها

ص: 131


1- ينظر: تاج العروس، مادة (رضخ): 4 / 271
2- [عنها] ساقطة من ع
3- [و] زيادة في ح
4- علي راي الغراء أن (وَأَلْتُ) یکون والاصل علي رأيه (أوْءَلُ) ثم ابدلت الهمزة واواً وادغمت الواو في الواو فصار (أوّل). ينظر المبدع في التصريف، لابي حيان: ص 217 (خلافا للغراء: اذ زعم أنه من (وَأَلْتُ) أو (أُلْتُ)، ص 217
5- (مبتدئ) في أ

بالنظر الى ذاتها أو لانتهاء المسبات إليه كما انه الأول الذي يبتدئ(1) منه الأسباب أو لآخريته ذهناً كما أنه الأول خارجاً والغاية المدى ونفيها کنفي القبلية والوقوع السقوط ونفي وقوع الأوهام على صفة له كناية عن عدم ادراكها إياها لأنَّها لا تدركه لعدم كونه محسوساً(2)، فكيف تدرك صفة له لو كانت ولتنزهه سبحانه عنها ولا يدل الكلام على وجودها وقد سبق في الخطبة الأولى قوله (عليه السلام): (وکمال توحيده) نفي الصفات عنه وأصل العقد عقد الحبل، أي شدّه، يقول: عقدته كضربته فانعقد واعتقدت كذا أي: عقدت عليه القلب، وَجَزّأْتُ الشيء قسمته وجعلته أجزاء، والتبعيض التجزئة، ولعل المراد بأحد اللفظين القسمة العقلية وبالآخر الخارجية، أو المراد بأحدهما التركيب و بالآخر الكمية واحاطة الأبصار الرؤية واحاطة القلوب الإدراك بالکنه.

[...](3) [منها](4): (فَاتَّعِظُوا عِبَادَ اللهِ بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ، وَاعْتَبِرُوا بِالآیِ السَّوَاطِعِ، وَازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ، وَانْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ وَالْمَوَاعِظِ) (الوعظ: النصح والتذكير بالعواقب)(5) (تقول)(6) وعظته کوعدته فاتعظ أي قبل

ص: 132


1- ينظر: المنصف: 2 / 12، و الصحاح، مادة (وأل): 5 / 1838، والمهذب في علم التصريف: 323. مبتديء) في أ
2- (محبوسا) في ر، م، تحریف
3- [و] زائدة في أ، ع
4- [منها] بیاض في ث
5- الصحاح، مادة (وعظ): 3 / 1181
6- (يقول) في ث، ح، تصحيف

الموعظة(1)، والعبر جمع عبرة وهي ما يتعظ به الإنسان ويعتبره ليستدل به على غيره وهي اسم من الاعتبار، وقال الخليل: العبرة: و الاعتبار بما مضى(2) أي: الاتعاظ والتذكر، والآي جمع آية وهي (العلامة)، والمراد آيات القرآن أو آيات الله في خلقه من دلائل وجوده وصنعه، وسطع الصبح والشعاع وغيرهما ارتفع، وقال بعض الشارحين: (السواطع: المشرقة المنيرة)(3)، و الازدجار افتعال من الزجر، وهو المنع والنهي، وانذره بالأمر انذاراً ونذرا بضم وبضمتين أعلمه وخوفه وحذره في إبلاغه(4)، وقيل: النذر اسم من الإنذار، وقال بعض الشارحين: النذر جمع نذير، وهو المخوِّف، والأحسن أن يكون النُّذر هاهنا هي الإنذارات(5) نفسها، لأن البوالغ(6) لا (تكون)(7) في الأكثر إلاَّ صفة للمؤنث(8)، والبالغة الواصلة، (وشيء بالغ أي: جيد)، والذكر خلاف النسيان فالانتفاع بالذكر العمل بمقتضى العلم، ويمكن أن يراد بالذكر القرآن، قال الله تعالى: «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ»(9)، قيل:

ص: 133


1- ينظر: الصحاح، مادة (وعظ): 3 / 1181
2- ينظر: العين، مادة (عبر): 2 / 129، وفيه: (والاعتبار)
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 275
4- ينظر: القاموس المحيط، مادة (نذر): 2 / 140
5- (الاندارات) في أ، ث، تصحيف
6- (البوالع) في ث
7- يكون) في أ، ث، ح، ر، تصحيف
8- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 275
9- القاموس المحيط، مادة (بلغ): 3 / 103

وسمي القرآن ذكراً من الذكر بمعنى الشرف(1)، والقرآن ذكر فتذكروه أي: جلیل نبيه(2) خطير فأجلّوُه واعرفوا له ذلك ولا يبعد حينئذ أن يراد بالمواعظ الاخبار (فَكأَنْ قَدْ عَلِقَتْکُمْ مَخَالِبُ الْمَنِيَّةِ، وَانْقَطَعَتْ مِنْکُمْ عَلَائِقُ الْأُمْنِيَّةِ) كاَّنَّ أما مخففة من كأن اسمها ضمير الشأن، أو مركبة من أن الناصبة للفعل وكاف التشبيه على ما ذكره بعض الشارحين(3)، وعلقه كعلمه وعلق به أي: تعلق ونشب واستمسك، والمخالب جمع مخِلب(4) بكسر الميم وهو للطائر، والسبع كالظفر للإنسان سمي به لأنَّ الحيوان يخلب / ظ 97 / به الجلد، أي: يقطعه ويمزقه(5)، وقيل: المخلب لما يصيد، والظفر لما [لا](6) يصيد، و منی له أي: قدّر ومنه المنية للموت لأنَّه مقدّر، والأمنية بالضم وكذلك المنية المراد، والعلاقة بالفتح والكسر (الحبّ اللازم للقلب)(7)، وقيل: (بالفتح: في المحبة ونحوها، وبالكسر في السوط ونحوه)(8) و انقطاع علائق الُأمنية اليأس من التمتع بالمال و متاع الدنيا لحضور الموت (وَدَهَمَتْكُمْ مُفْظِعَاتُ الْأُمُورِ، وَالسِّيَاقَةُ إِلَى الْوِرْدِ الْمَوْرُودِ) دهمه الأمر كسمع غشیه وفاجأه واقطع الأمر إذا اشتدت شناعته وجاوز الحد في القبح، والمراد بمفظعات الأمور سکرات الموت وما يتبعه من عذاب القبر وأهوال الآخرة، وساق الماشية وغيرها سوقاً وسياقة

ص: 134


1- ينظر: التبيان في تفسير القرآن: 9 / 202، و مجمع البيان: 9 / 84، والميزان: 18 / 105
2- (بنیه) في أ، ث، ع، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 276
4- فحلب) في ر، تصحيف
5- ينظر: العين، مادة (خلب): 4 / 269
6- [لا] ساقطة من م
7- القاموس المحیط، مادة (علق): 3 / 267
8- المصدر نفسه، مادة (علق): 3 / 267

بالكسر، (قال الخليل: السوق أن یکون خلف الدابة، والقود أن يكون أمامها آخذاً بقيادها)(1)، ووردت الماء إذا حضرته لتشرب، والوِرد بالكسر الماء الذي ترد عليه، والمراد الموت أو المحشر أو مصير الأمر في الآخرة، قال الله سبحانه: «فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ»(2)، ولعل الوصف بالمورود للدلالة على أنَّه لابد من وروده. (وَکُلُّ(3) نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ؛ سَائِقٌ يَسُوقُهَا إِلَى مَحْشَرِهَا؛ وَشَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا) الشهيد الشاهد كما يظهر من الكلام قيل(4) السائق والشاهد ملكان أحدهما يسوق الإنسان والآخر يشهد بعمله، وقيل: ملك جامع للوصفين، وقيل: السائق كاتب السيئات، والشهيد(5) کاتب(6) الحسنات، وقيل السائق نفسه أو قرينه، والشهيد جوارحه وظاهر الكلام التعدد والمغايرة فاندفع الثاني والأخير والشهادة عليها بأبي الثالث فبقى الأول.

[وَمِنْهَا فِي صِفَة الجَنة](7): (دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلاَتٌ، وَمَنَازِلُ مُتَفَاوِتَاتٌ، لاَ يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا، وَلَا يَظْعَنُ مُقِيمُهَا، وَلَا يَهْرَمُ خَالِدُهَا، وَلَا یَبْأَسُ(8) سَاکِنُهَا)

ص: 135


1- المصباح المنير: 2 / 581. ونص الخليل في العين: (قود: القود نقيض السوق، يقود الدابة من أمامها ويسوقها من خلفها. العين، مادة (قود): 5 / 196
2- (فكل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 275
3- (فكل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 275
4- (قبل) في ح، تصحيف
5- الشاهد) في م، تحريف
6- (کانت) في ث، تصحيف
7- [وَمِنْهَا فِي صِفَة الجَنة] بياض في ث
8- ییأس) في ع، تصحيف

الدرجات المراتب والطبقات وهي في النار دركات، والنعيم النعمة، والظعن(1) السير(2) خلاف الاقامة، وهرم كفرح أي: بلغ أقصى الكبر والغرض نفي الضعف والفتور اللازمين لطول المكث على حسب العادة في الدنيا، ولا يبأس بالباء الموحدة أي: لا يصيبه بؤس وهو الشدة والعسر، يقول: بئس الرجل كعلم وفي بعض النسخ (لا ييأس) بالياء [المشددة](3) المثناة من تحت من اليأس ضد الرجاء وقطع الأمل والأول أظهر.

[وَمِنْ خُطبَةٍ لَهُ (عَليْهِ السَّلام)]

(قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ، وَخَبَرَ الضَّمَائِرَ، لَهُ الْإحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَالْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَالْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) السريرة ما يكتم كالسر، وخبر الشيء كنصر علمه فهو خبير، صرح به في المصباح المنير(4)، وقال بعض الشارحين: (خبر الضمائر بفتح الباء: امتحنها واختبرها، ومن رواه بكسر الباء أراد علمها(5) وهو الذي يظهر من كلام الجوهري(6)، والضمير اسم من أضمرت في نفسي شيئاً أي: أخفيته، والظاهر أن المراد بالإحاطة العلم، والقوة ضد الضعف، والمراد القدرة على كل شيء واختصاص الأمور الثلاثة به سبحانه واضح.

ص: 136


1- (الطعن) في ع، تصحيف
2- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ظعن): 4 / 245
3- [المشددة] ساقطة من ا، ث، ر،ع، م
4- ينظر: المصباح المنير، مادة (خبرت): 1 / 162
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 278، وفيه: (... امتحنها وابتلاها، ومن رواه بكسر الباء أراد علم)
6- ينظر: الصحاح، مادة (خبر): 2 / 641

(فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِهِ، قَبْلَ إِرهَاقِ(1) أَجَلِهِ، وَفيِ فَرَاغِهِ قَبْلَ أَوَانِ شُغْلِهِ، وَفِي مُتَنَفَّسِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِکَظَمِهِ، وَلْيَمَهِّدْ لِنَفْسهِ وَقَدَمِهِ، وَلْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِهِ لِدَارِ إِقَامَتِهِ) المهل بالتحريك المهلة، وأرهقته أي: داینته وقربت منه، ومنه غلام مراهق أي: مقارب للحلم(2)، و(المرهق: الذي أدرك ليقتل)(3) ويحتمل أن يكون الإرهاق بمعنى الإعسار، (يقال: لا ترهقني لا أرهقك الله أي: لا تعسرني لا أعسرك الله)(4)، والأول أظهر، وأوان الشغل كناية عن الزمان الذي لا يتمكن فيه المكلف من العمل، والمتنفس زمان التنفس أو مکانه، وقال بعض الشارحين: في متنفسه أي سعة وقته، يقال: أنت في نفس من أمرك، أي في سعة(5) والكَظم بالتحريك مخرج النفس أو الفم(6)، والأخذ بالكظم ضيق الحال أو المراد قبض الروح ومهد الفراش مهداً کمنع بسطه ومهده تمهيداً بمعناه(7)، ويكون مهد بالتخفيف بمعنی کسب وعمل، وفي بعض النسخ (وليمَهِّدْ)(8) بالتشديد / و 98 / والقدم واحدة الأقدام والغرض

ص: 137


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رهق): 4 / 1487
2- المصدر نفسه، مادة (رهق): 4 / 1487
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رهق): 4 / 1478
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 279، وفيه: (وفي متنفسه أي في سعة وقته...)
5- ينظر: الصحاح، مادة (كظم): 5 / 2023
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (مهد): 1 / 339
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (مهد): 1 / 339
8- (ثبت) في أ، ع، تحریف

تهيئة موضع يمكن طيه ولا يتعسر وضع القدم عليه للحزونة والخشونة عند الخروج من الدنيا أو يثبت(1) عليه القدم عند العبور على الصراط، والتزود أخذ الزاد، والظعن(2) السير.

(فَاللهَ اللهَ أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ، وَاسْتَوْدَعَکُمْ مِنْ حُقُوقِهِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُکْکُمْ سُدًی؛ وَلَمْ يَدَعَکُمْ فِي جَهَالَةٍ وَلَا عَمىً) انتصاب اللفظة الجليلة بالفعل المقدر أي اتقوا ونحوه، ويجعل التكرير دليلاً على التقدير و استحفظكم أي: أمركم بحفظه، وإنَّ لا تضيعوه بترك العمل بما تضمنه أو المراد أعمّ منه، و[من] الصيانة عن الاندراس وتطرق التحريف ونحوهما، واستودعه أي: جعله موضعاً للوديعة، وأمره بحفظها وأسداه أهمله وابل سدیً أي: مهملة لا راعي لها (قَدْ سَمَّی آثَارَکُمْ، وَعَلِمَ أَعْمَالَكُمْ، وَكَتَبَ آجَالَكُمْ، وَأَنْزَلَ عَلَیْکُمُ الكِتَابَ تِبْیَاناً لِکُلِّ شَيْءٍ، وَعَمَّرَ فِيکُمْ نَبِيَّهُ أَزْمَاناً؛ حَتَّى أَكْمَلَ لَهُ وَلَكُمْ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ دِينَهُ الَّذِي رَضِىَ لِنَفْسِهِ) أثر الشيء بالتحريك بقيته وعلامته ومنه أثر القدم عند المشي، قال بعض الشارحين: هذا الكلام يفسر بتفسيرين: أحدهما: قد بين لكم أعمالكم خيرها وشرها كقوله تعالى: «وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ»(3)، وثانيهما(4) قد أعلى مآثركم، أي رفع منازلكم إن أطعتم، ويكون سمّى بمعنی اسمی کما كان في الوجه الأول

ص: 138


1- (الطعن) في ع، تصحيف
2- [من] ساقطة من ح
3- البلد / 10
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 280، وفيه: (يفسر بتفسيرين أحدهما: لقد بين لكم أعمالكم خيرها وشرها كقوله تعالى: [وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَيْنِ]، والثاني...)

بمعنى أبان وأوضح. والتِبيان بكسر التاء مصدر وهو أبلغ من البيان ولم يجيء بالكسر إلاَّ التبيان والتلقاء وإكمال الدين ببيان فرض الولاية أو به وبسائر ما يوجب النجاة من النار والفوز بالجنة قال الله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»(1) ورضاه سبحانه لهم في معنى رضاه له، وفي بعض النسخ لا توجد كلمة (دينه) فيكون سهواً من قلم النّساخ، أو الموصول عبارة عنه، أو محذوف والموصول صفة للكتاب. (وَأَنْهَى إِلَيْكُمْ عَلَى لِسَانِهِ مَحَابَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَمَكَارِهَهُ، وَنَوَاهِيَهُ وَأَوَامِرهُ، فَأَلْقَى إِلَيْكُمْ المَعْذِرَةَ، وَاتَّخَذَ عَلَيْكُمْ الْحُجَّةَ، وَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ، وَأَنْذَرَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) الإنهاء الإبلاغ(2)، وأنهيت الأمر الى الحاكم أعلمته به، والمعذرة الاسم من قولك: عذرته فيما صنع، والقاء المعذرة الى العصاة في عقابهم إعلامهم بالعقاب على تقدير العصيان على ألسنة الرسل، وبيان المنجيات والمهلكات وأنذركم، أي حذركم وأعلمكم، وبين يدي العذاب قدامه وأمامه، أي قدّم الوعيد والإنذار [على](3) العقاب. (فَاسْتَدْرِكُوا بَقِيَةَ أَيَّامِكُمْ، وَاصْبِرُوا لَها أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّهَا قَلِيلٌ فِي كَثِيرِ الْأَيَّامِ اِلَّتي تَكُونُ مِنْكُمْ [...](4) فِيهَا الْغَفْلَةُ، وَالتَّشَاغُلُ عَنِ المَوْعِظَةِ) استدرك الشيء وتداركه حاول ادراكه واستدراك البقية العمل فيه-ا بطاعة الله وصرفها فيما يبقى ثمرته، واصبروا أي احبسوا، قال الله تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ

ص: 139


1- المائدة / 3
2- ينظر: العين، مادة (نهى): 4 / 93
3- (وعلى) في ح
4- [على] زيادة في ح

يَدْعُونَ رَبَّهُمْ»(1)، ومنه القتل صبراً وهو أن يحبس ویرمی حتی يموت والحكم بقلة البقية في جنب الأيام التي مضت بالغفلة أما لأنَّ أكثر المخاطبين الكهول والمشائخ، أو لأنَّ ما لا يتيقن ادراكه لاحتمال هجوم الموت في كل ساعة وإن قبله في حكم العدم فبالحرى أن يعد قليلاً، أو لأنَّ ما يستدرك من البقية ليس إلاَّ ما فضل عما يمضي بالنوم والأكل والشرب ونحوها، والاشتغال بالمباحات(2) التي لا يخلو الإنسان منها، وقلته واضحة، ويحتمل أن تعم كلمة يكون الماضي والآتي، وحينئذ فالقلة أوضح، والتشاغل على صيغة التفاعل من قبيل(3) التغافل والتجاهل لأنَّ الإنسان يظهر الشغل(4) وليس مشغولاً وكونه على الأصل كأنَّه يشغل نفسه ونفسه يشغله لا يخلو عن بعد (وَلَا تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِکُمْ؛ فَتَذْهَبَ بِکُمُ الرُّخَصُ مَذَاهِبَ الظَّلَمَةَ، / ظ98 / وَلَا تُدَاهِنُوا فَيَهْجُمَ بِكُمُ الْإِدْهَانُ عَلَى المِعْصِيَةِ) الرخصة في الأمر خلاف التشديد والاستقصاء فيه، أي لا تساهلوا ولا تسامحوا أنفسكم في الصغائر، وما (تستحقره)(5) النفس من الذنوب فتتدرج بکم الى الكبائر والذنوب الموبقة، فالمراد بالرخص رخص النفس إلاَّ الرخص الشرعية، أو المراد بها مشتبهات الأمور فإنها حمي المحرمات ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه أو الأعم منها ومن المباحات على وجه الخوض، أو المراد بالرخصة ترك السنن والطاعات وارتكاب المكروهات وحمل الرخص على تقليد كل مجتهد

ص: 140


1- الكهف / 28
2- (بالمناحات) في ا، تصحيف
3- قبل) في أ، ع، تحریف
4- يشعل) في أن تصحيف
5- (يستحقره) في أن ح

فيما خفت وسهل على النفس کما جوزه بعض الشارحین(1) فاسد. والمداهنة والإدمان المصانعة والغش(2) واظهار خلاف ما يضمره الإنسان(3)، وهجم علیه کنصر دخل أو بغير أذن أو بغتة(4) بغير علم، والباء للتعدية وقد یکون متعدياً بنفسه، وكون المصانعة ومرافقة الناس فيما يشتهون داعياً الى معاونة الظلمة وترك النهي عن المنكر، وأصناف المعصية واضح، وكذلك الغش ومخادعة الناس، ولو حمل الإدهان على مصانعة النفس فينبغي أن يحمل على بعض الوجوه الأخيرة التي سبقت في الترخيص ويحمل الترخيص على الوجه الأول (عِبَادَ اللهِ: إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ، وَإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفٍسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ) أصل النصح الخلوص(5)، والنصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، قالوا: ولا يمكن التعبير عن هذا المعنى بكلمة غيرها، والغش ضد النصح وكون الرجلين أنصح واغش لأنَّ المنفعة والمضرة في الأمرين، أي الثواب والعقاب الدائمان أعظم المنافع والمضار، (وَالْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفٍسَهُ وَالْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ) غبنه كضربه خدعه في بيع أو رأي، غبناً بالتسكين والتحريك، أو الأول في الأول، والثاني في الثاني، فهو غبين ومغبون کما صرح [به](6) في القاموس(7) أو الأول في الثاني، والثاني في الأول

ص: 141


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 282
2- ينظر: العين، مادة (دهن): 4 / 27
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (دهن): 4 / 224
4- (بعتة) في أ، ع، تصحيف
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نصح): 1 / 252
6- [به] ساقطة من ح
7- ينظر: القاموس المحيط، مادة (غبن): 4 / 253

کما ذكره بعض الشارحين(1) ويظهر من كلام الجوهري(2)، وفي بعض النسخ الفعل على صيغة المجهول والاسم بعده مرفوع، ولعل المعنى على ما في الأصل أحقّ الناس بأن يسمي مغبوناً من غبن نفسه بأن يعمل عملاً يستحق به العقاب لا من غبنه غيره بأن يخدعه في مال ونحوه فينخدع کما يزعم الناس لعود الضرر بالظلم إلى الخادع واستحقاق الثواب إلى المنخدع، أو لأنَّ اللوم والحسرة عند نفسه إذا كان هو الخادع أشد مما إذا غبنه غيره لشيوع الاضرار من الأعداء، وعلى ما في بعض النسخ المغبون من أصابه الغبن في نفسه بهلاك الآخرة لا من غبن بضياع مال ونحوه کما یزعمه الناس وجعل النفس حينئذ مغبوناً توسع، ويمكن حمل ما في الأصل أيضاً على هذا الوجه إلاَّ أنَّ ذكر الفاعل لا يظهر له فائدة يعتد بها إلاَّ بتكلف، وغبطه كضربه وسمعه منی نعمته على أن لا يتحول عنه، والمعنى أحقّ الناس بأن يغبط(3) من سلم له دينه لا من سلم له الأهل والمال وتمتع من الدنيا بأنواع التمتع کما یزعم الناس (وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لَهِوَاهُ وَغُرُورِهِ) وعظته فوعظ واتعظ، أي قبل الموعظة، وخدعه أراد به المكروه من حيث لا يعلم فانخدع، واللام للتعليل، والخادع الشيطان والنفس، وكونها صلة بعيد والهوى ارادة النفس وغرّه(4) غروراً أطمعه(5) بالباطل والاضافة إلى المفعول، والمعنى السعيد من رأى حسن عاقبة المحسنين وابتلاء المسيئين في الدنيا وعلم

ص: 142


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 282
2- ينظر: الصحاح، مادة (غبن): 9 / 2172
3- (نعبط) في ح، (تعبط) في ر، تصحيف
4- و عزه) في ر
5- اطعمه) في أ، ع، م، تحریف

ثواب العباد وعقابهم في الآخرة فأحسن وأطاع واحترز(1) عما يتبع السيئة والإساءة من العقاب وسوء العاقبة من قبل أن يبتلى فعیت بر به غيره ولا حاجة الى التخصيص بسعادة الآخرة كما زعمه بعض الشارحين(2) (وَاعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاء شِرْكٌ، وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ؛ وَمَحٍضَرَةٌ لِلشَّيٍطَانٍ) الرئاء اسم من أريته فرأه، وهو اظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيراً، / و 99 / والشرك اسم [من](3) أشرك بالله، أي: کفر وكون الرئاء شركاً لأنَّ الغير يصير معبوداً للمرائي ولو في الجملة كما في صورة الضم، ولا يخلص(4) العمل لله سبحانه، وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل رئاء شرك أنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله(5)، وفي بعض الأخبار أنَّ ذكر العمل الخالص بجعله من الرئاء، روى عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال: (الابقاء على العمل أشد من العمل، قيل(6) وما الابقاء على العمل؟ قال: يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فكتبت له سراً ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية، ثم يذكرها فتمحي وتكتب له ریاء(7))(8) وأهل الهوى التابعون لإرادات النفس وشهواتها

ص: 143


1- (احترض) في م، تحریف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 285
3- [من] ساقطة من أ، ع
4- تخلص) في م، تصحيف
5- ينظر: الكافي: 2 / 293، وفيه: (كل رياء...)
6- قبل) في م، تصحيف
7- رئاء) في ث، ح
8- ينظر: الاصول من الكافي، الكليني: 2 / 299، وفيه: (ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية، ثم يذكرها فتمحي وتكتب له رياء)

ومنساة للإیمان، أي موضع نسيان الإيمان أي: تركه أو الغفلة عنه، ومحضرة الشيطان أي موضع حضوره والتاء تفيد(1) الكثرة كمسبعة للأرض التي يكثر فيها السباع (جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ. الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَكَرَامَةِ، وَالْکَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ وَمَهَانَةٍ) المجانية المباعدة، والشفا طرف (الشيء)(2) وشفيره(3) قال الله تعالى: «وَكُنْتُمْ [عَلَى](4) شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا»(5) والمنجاة النجاة، أي الخلاص أو موضعها، والشرف بالتحريك المكان المشرف المرتفع، والمهواة (الحفرة)(6)، وقيل: ما بين الجبلين ونحوه(7)، والمهانة اسم من أهانه أي: (استخف به)(8)، و(يقال: رجل فيه مهانة، أي: ذل وضعف)(9)، والغرض اشراف الصادق على النجاة والكرامة في الدنيا والآخرة والكاذب على سقوط الدرجة والمذلة (وَلَا تَحَاسَدُوا، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ کَمَا تِأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ، وَلَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الحَالِقَةُ) التباغض المعاداة(10)، والحالقة الخصلة التي تهلك وتستأصل کما یزیل الموسى

ص: 144


1- يفيد) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
2- السيء) في ح، تصحيف
3- ينظر: الصحاح، مادة (شفی): 6 / 2393
4- [على] ساقطة من أ، ح، ع
5- ال عمران / 103
6- تاج العروس، مادة (هوو): 20 / 344
7- ينظر: الصحاح، مادة (هوی): 6 / 2538
8- المصدر نفسه، مادة (هون): 6 / 2218
9- المصدر نفسه، مادة (هون): 6 / 2218
10- المطاراة) في ع، تحریف

الشعر من أصله(1)، وروي عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ما کاد جبرئيل يأتيني إلاَّ قال: يا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم(2) (وَاعْلَمُوا أَنَّ الأمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ، وَیُنْسِي الذِّكْرَ. فَأَکْذِبُوا الْأَمَلَ؛ فَإِنَّهُ غَرُورٌ، وَصَاحِبُهُ مَغْرُورٌ)، قال الجوهري(3) وغيره(4) الأمل هو الرجاء، وقال في المصباح المنير: (أملته أملًا من باب طلب)(5)، وهو ضد اليأس وأكثر ما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله ومن عزم على سفر إلى بلد بعيد يقول: أملت الوصول ولا يقول طمعت إلا إذا قرب منه، وقد يكون الأمل بمعنى الطمع، (والرجاء بين الأمل والطمع فإنَّ الراجي قد يخاف أن لا يحصل مأموله)(6)، ولهذا يستعمل بمعنى الخوف، فإنَّ قوي الخوف استعمل استعمال الأمل، وإلا استعمل استعمال الطمع، وأملته تأميلاً مبالغة وتكثير وهو أكثر استعمالاً من المخفف، ويقال لما في القلب مما ينال من الخير أمل، ومن الخوف ايجاس ولما لا يكون لصاحبه ولا عليه خطر، ومن الشر وما لا خير فيه وسواس ويسهی وینسي على صيغة الأفعال، أي: يورث السهو والنسيان، وفي بعض النسخ على صيغة التفعيل بمعناها، والسهو الغفلة والنسيان بمعناه، وقيل: أصله الترك(7) وهما ضد

ص: 145


1- ينظر: لسان العرب، مادة (حلق): 10 / 66
2- ينظر: الاصول من الكافي: 2 / 301، وفيه: (... جبرائيل يأتيني...)
3- الصحاح، مادة (أمل): 4 / 1627
4- العين، مادة (أمل): 8 / 347، ولسان العرب، مادة (أمل): 11 / 27، وتاج العروس، مادة (أمل): 14 / 30
5- المصباح المنير، مادة (أملته) 1 / 22
6- تاج العروس، مادة (أمل): 14 / 30
7- ينظر: لسان العرب، مادة (سها): 14 / 406

الحفظ، وفرقوا بين الساهي والناسي (بأنَّ الناس إذا ذكرته تذكر، والساهي بخلافه) ذكره في المصباح المنير(1) والظاهر أنَّ الذكر ذكر الله عز وجل وأحوال الآخرة وعلل اسهاء العقل بأنَّ الأمل أبداً مشغول الفكر بما يأمله ويرجوه وكيفية تحصيله وما يعمل به بعد حصوله، وذلك يستلزم الغفلة عما يعنيه ويهمه إذ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وأكذبه أي كذبه أو وجده كاذباً أو بين(2) كذبه، وأكذاب الأمل رده بذكر الموت والمعاد والإعراض عنه بالاشتغال بما خلق الإنسان له، و(الغَرور) بالفتح مبالغة في الغار(3)، وفي بعض النسخ(4) بالضم فالحمل للمبالغة، (وصاحبه مغرور)، أي يعود الضرر إليه.

[وَمِنْ خُطبَةٍ لَهُ (عَليهِ السَّلام)]

(عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ مِنْ أَحَبَّ عِبَادِ اللهِ / ظ99 / إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ، وَتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ) (العون: الظهير على الأمر)(5)، وأعانه عليه أي قوّاه وظاهره حتى غلب، وأعانه الإنسان على نفسه توفيقه وتسديده بالطافه حتى يعمل بمقتضى عقله، ويقهر النفس الأمارة بالسوء واستشعر الحزن، أي اتخذه شعار وهو بالكسر الثوب الذي يلي الجسد سمی به لقربه

ص: 146


1- المصباح المنير، مادة (سها): 1 / 293
2- (تبين) في ح تحریف
3- الغار: الغافل) العين، مادة (غر): 4 / 346
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 282
5- لسان العرب، مادة (عون): 13 / 298

من الشعر(1) والذي فوقه هو(2) الدثار(3) و تجلبب الخوف، أي اتخذه جلباباً وهو الإزار والرداء، وقيل: الملحفة، وقيل: هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها، والحزن على ما فاته(4) من الطاعة واكتسب من الإثم والخوف من البعد عن الله وعقابه (فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهَدَى فِي قَلْبِهِ، وَأَعَدَّ الْقِرَى لِيَوْمِهِ النَّازلِ بهِ، فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَعِيدَ، وَهَوَّنَ الشَّدِيدَ) زهر الشيء كمنع أي أضاء وصفا لونه، والمصباح (السراج)(5)، وقريت الضيف کرمیت قِری بالكسر والقصر اضفته أو أحسنت اليه(6)، والاسم القَراء بالفتح والمد، وقيل: قريته قرىً وقراءً، ويومه الذي سينزل به يوم القيامة، أو الموت، والمراد بالبعيد الأمل وتقريبه قصره بذكر الموت والاعراض عنه بالالتفات إلى النعيم الباقي أو الموت وتقريبه أن(7) يمثله بين عينيه صباحاً ومساءً ويعدّه قريباً من نفسه بالاستعداد له، وقيل: المراد رحمة الله فإنَّها بعيد من غير مستحقها وتقريبه الاشتغال بالطاعة واصلاح العمل كما قال سبحانه: «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ»(8) والمراد بالشديد المشاق من الطاعات ومجاهدة النفس وتهوينه الاشتغال به بشوق واقبال من النفس ليفوز بما أعد الله للمطيعين من الثواب أو شدائد الدنيا من المصائب والفقر ونحوه، وتهوينه تسهيله على

ص: 147


1- سبق ذكره في صحيفة 98
2- وهو) في ح
3- ينظر، الصحاح، مادة (دثر): 2 / 655
4- فاله) في ح، تحریف
5- العين، مادة (صبح): 3 / 126
6- الصحاح، مادة (قرا): 6 / 2461
7- أي) في ح
8- الأعراف / 56

الخاطر واستحقاره في جنب الثواب الموعود للصابرين أو عذاب الآخرة وتهوينه بالتوبة والطاعة الصادقة إياه (نَظَرَ فَأَبْصَرَ، وَذَکَرَ فَاسْتَكْثَرَ، وَارْتَوَی مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهَّلَتْ لَهُ مَوَارِدَهُ، فَشَرِبَ نَهَلاً وَسَلَك سَبِيلاً جَدَداً) نظر الى الشيء، أي تأمله بعينه والمعني توجه الى المصنوعات و آثار القدرة والدلائل فعلم بالمدلول أو رآه مجازا أو إلى العبر، وآثار الماضين فاعتبر واتعظ، ويقال: نظر في الأمر إذا تدبر فيه بعقله، وتفكر فالمعنی تدبر فأبصر(1) نور الحق أو علم به ويراد بالبصر الحاسة وبصر القلب وذكر أي ربه فاستكثر منه أو لم يغفل عن الموت ومايصير اليه، وروى من الماء كرضى فارتوی وتروّى أي صار ریان ضد عطشان، وعذُب الماء بالضم ساغ مشربه(2)، والفرات كغراب الماء العذب جداً [...](3) والوصف للتأكيد والموارد الطرق الى الماء من الورود وهو الحضور للشرب، ونهل البعير كتعب نهلاً بالتحريك (شرب الشرب الأول حتی روی)(4)، والجدد بالتحريك المستوى من الأرض والصلب الذي لا وعث فيه ولا غبار(5)، ولعل المعنى أرتوى من حب الله أو من المعارف الحقة التي سهلت له موارده بالهداية الالهية فسبق على أقرانه في أخذ نصيبه وسلك صراطاً مستوياً يؤديه الى مقصده (قَدْ خَلَعَ سَرَابِيلَ الشَّهَوَاتِ، وَتَخَلَّى من الْهُمُومِ(6)، إِلاَّ هَمَّاً وَاحِداً انْفَرَدَ بِهِ) خلعه کمنعه نزعه، إلّا أنَّ في الخلع

ص: 148


1- فانصر) في ر، تصحیف، وفي ع، وأبصر)
2- ينظر: تاج العروس، مادة (عذب): 2 / 210
3- [وا] زائدة في ع
4- المصباح المنير، الفيومي (نهل): 2 / 928
5- ينظر: الصحاح، مادة (جدد): 2 / 452
6- عن الهموم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 288

مهلة والسربال (القميص أو الدرع أو كل ما لبس)(1)، وتخلى منه وعنه ترکه، والهَمّ بالفتح الحزن وما همّ به الإنسان أي عزم عليه وانفرد به أي لم يشرك أحداً في همه ولم يظهره لأحبائه وفي كلامه (عليه السلام) في صفة المؤمن بُشْرُه في وجهه وحزنه في قلبه، أو انفرد واعتزل عن الناس ملابساً لهمه أو بسببه كقولهم: ظبية منفردة عن القطيع أو انفرد وامتاز عن امثاله بالحزن لغفلتهم وكونه تأكيداً للوحدة(2) بعيد والمعنى اعراضه عن هموم الدنيا واشتغاله بحزن الآخرة أو بما يعزم عليه(3) ويهتم به من التقرب إلى الله جل وعز (فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى وَمُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى، وَصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى، وَمَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَی) العمى عمى القلب أي الجهل والضلال قال الله تعالى: «فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ»(4)، ومشاركة أهل الهوى [و](5) متابعة الشهوات، والمغلاق والغلق بالتحريك ما يغلق به الباب ضد المفتاح، والرَدى بالفتح (الهلاك)(6)، يقول: (ردی کرضی ردیً)(7) (قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ، وَسَلَكَ سَبِيلَهُ، وَعَرَفَ مَنَارَهُ، وَقَطَعَ غِمَارَهُ، وَاسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِهَا، وَمِنَ (الْجِبَالِ)(8) بِأَمْتَنِهَا) المراد بطريقه التي أمر بسلوكها وتوصله إلى مقصودة، وكذلك سبيله، والمَنار بالفتح: موضع

ص: 149


1- القاموس المحيط، مادة (سربال): 3 / 395
2- الوحدة في ع
3- علبه) فيع، تصحيف
4- الحج / 46
5- [و] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
6- لسان العرب، مادة (ردي): 14 / 316
7- القاموس المحیط، مادة (ردی): 4 / 333
8- الجبال في ث، ع، م

النور خص بعلم الطريق، وأول من ضرب المنار على طريقه ليهتدي إذا رجع من مغازيه أبرهة(1) بن الحارث ملك من ملوك اليمن وبه سمي ذا المنار، والغِمار بالكسر جمع غمر بالفتح، وهو معظم البحر، والماء الكثير(2)، ولعل المراد بقطع الغمار خروجه عن فتن الدنيا ومضلاتها بسفن النجاة والهدايات الخاصة، وقال بعض الشارحين: (اشار بالغمار الى ما كان مغمورا فيه من مشاق الدنيا وهمومها والتألم بسبب فقدها ومجاذبة(3) أهلها لها فإنَّ العارف بمعزل عن ذلك والتألم بسببه)(4)، والعُروة بالضم من الكوز، والدلو المقبض(5)، وعروة الأحمال ما تشدبها ويستعار بكل ما يوثق به ويعول عليه، قال الله تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا»(6) والوثيق المحكم والحبل في الأصل (الرسن)(7)، وجمعه حبال كسهم وسهام ويستعار لكل ما يستمسك به، قال الله تعالى:

ص: 150


1- أبرهة بن الحارث الرائش بن شداد بن الملطاط بن عمرو ذي أبين بن ذي يقدم بن الصوار بن عبد شمس، من حمير، من اليمن، جاهلي، أبرهة بالحبشية تعني (وجه أبيض) كان مع أبيه في بعض حروبه بالعراق، وتولى الملك بعده، غزا أبرهة وفتح كأسلافه، ومات بغمدان ويقال أن ملكه كان مائة وثمانين سنة، ثم تولى الملك بعده ابنه افریقس، وقد سمي ابرهة بذي المنار؛ لأنَّه أول من ضرب المنارعلى طريق مغازيه ليهتدي بها إذا رجع. ينظر: المحبر: 364، و المعارف: 627، و مروج الذهب ومعادن الجوهر: 2 / 49، وجمهرة أنساب العرب: 438، والأعلام: 1 / 82
2- ينظر: العين، مادة (غمر): 4 / 416
3- مجازية) في ث، وفي ع، م: (مجادية)
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 293
5- ينظر، لسان العرب، مادة (عرا): 15 / 45
6- البقرة / 256
7- العين، مادة (حبل): 3 / 236

«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا»(1)، والمتانة الشدة والقوة وورد في الأدعية المأثورة (ياذا الحبل الشدید) ولعل المراد بأوثق العرى الإيمان، وبأمتن الحبال(2) اتباع أوامر الله ومتابعة سبيل الهدی. (فَهُوَ مِنَ الْيَقِيِن عَلىَ مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ، قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ للهِ سُبْحَانَه فِي أَرْفَعِ الْأُمُورِ؛ مِنْ إِصْدَارِ کُلِّ وَارِدٍ عَلَيْهِ، وَتَصْيِيِر کُلِّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلِهِ). نصب الشيء أي أقامه، وأرفع الأمور أشرفها وأعلاها، وصدر كنصر صدوراً وصدراً بالتحريك رجع من الماء. ریّان ضد الورود وهو الحضور للشرب، والمراد بالوارد السائل عن المعضلات واصداره بیان الجواب له بوجه شاف، أو المسألة نفسها وإصدارها بيانها، ويمكن أن يراد بإصدار الوارد نحو الانتصاف للمظلوم وردع المفسد وتنبيه الغافل والقيام بكل ما يوجب الفوز الى السعادة في الدنيا والآخرة، وتصيير الفرع الى الأصل استنباط الجزئيات من الكليات في الأحكام الشرعية والعقلية واستخراج النتائج من الدلائل، ولا يدل على حجية القياس فإنَّه لا أصل له. (مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ، کَشَّافُ عَشَوَاتٍ، مِفْتَاحُ مُبْهَمَاتٍ، دَفَّاعُ مُعْضِلَاتٍ، دَلِیلُ فَلَوَاتٍ) رفع الكلمات بالخبرية، والعشوة بالحركات الثلاث (الأمر الملتبس)(3) مأخوذ من عشوة الليل وهي (ظلمته)(4)، وقيل: (هي من أوله إلى ربعه)(5)، وروى بعض الشارحين: (غشوات) بالغين المعجمة، والغشوة

ص: 151


1- ال عمران / 103
2- الجبال في م، تصحيف
3- لسان العرب، مادة (عشا): 15 / 60
4- المصدر نفسه، مادة (عشا): 15 / 60
5- المصدر نفسه، مادة (عشا): 15 / 60

بالحركات الثلاث أيضاً، والغشاوة (الغطاء)(1) ولعلها بالكشف أنسب، وأبهمت الباب، أغلقته وأمر مبهم أي لا مأتی له، (وأصل العضل: المنع والشدة)(2)، تقول(3) أعضل [بي](4) الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل، ومنه قول عمر: (أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها أبو الحسن)(5)، قال في النهاية: أراد المسألة الصعبة أو الخطة الضيقة المخارج، ويريد بأبي الحسن علي بن أبي طالب، ومنه قول معاوية وقد جاءته مسألة مشكلة معضلة ولا أبا حسن(6)، وهو من وضع المعرفة موضع النكرة لأنَّ (لا) لا تدخل على المعارف و المسألة معضلة على صيغة اسم الفاعل والفلاة: المفازة)(7)، وقال في سر الأدب: إذا كانت الأرض مع الاتساع والاستواء بعيدة الأكناف والأطراف فهي السَّهب، والخرق ثم السبسب و السملق فإذا كانت مع هذه الأوصاف لا ماء فيها فهي الفلاة والمهمة، ولعل المعنی کونه هادياً في ظلمات الضلال کشافا للشبهات مفتاحاً لصعاب(8) المسائل دفاعاً للحجج الباطلة، دليلًا في فلوات

ص: 152


1- لسان العرب، مادة (غشا): 15 / 126
2- المصدر نفسه، مادة (عضل): 11 / 452
3- يقول) أ، ث، ر، ع، م، والصواب ما أثبتناه
4- [ب] ساقطة من ث
5- غريب الحديث، ابن قتيبة: 2 / 293، والفائق في غريب الحديث: 2 / 375، و النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 254
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 258، وفيه: (أراد المسألة الصعبة أو الخطة الضيقة المخارج، من الاعضال أو التعضيل، ويريد بأبي الحسن علي بن أبي طالب، ومنه قول معاوية وقد جاءته مسألة مشكلة فقال: معضلة: ولا أبا حسن)
7- الصحاح، مادة (فلا): 6 / 2456
8- لصعاف) في أ، ع، تحریف

الحيرة والجهالة. (يَقُولُ فَيُفْهَمُ، وَیَسْکُتُ فَيَسْلَمُ. قَدْ أَخْلَصَ للهِ فَاسْتَخْلَصَهُ، فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِينِهِ، وَأَوْتَادِ أَرْضِهِ) افهام القول لوضوح البيان و مناسبته الفهم المخاطب والسلامة في السكوت إذا كان في القول ضرر، وأخلص لله أي لم يشرك بعبادة ربه أحداً ولم يعمل رئاء ولا سمعه، بل أسقط غير الله عن ظ 100 / درجة الاعتبار واستخلصه أي استخصه(1)، واستخلاص الحق العبد تخصیصه من أمثاله بالرضا عنه، وافاضة الكمال وادنائه إلى حضرة القدس، والمعدن کمجلس منبت الجواهر والنفائس من الذهب وغيره سمي به لإقامة أهله فيه، أو لإثبات الله عز وجل إياها فيه من عدن بالبلد أي أقام، وقال في مختصر العين: (معدن كل شيء حيث يكون أصله فيه)(2)، وكونه معدناً للدين لخروج نفائس العلوم وغيرها منه، أو لأنَّه موضع اقامة الدين أو أهله الاقتباس الأنوار واستفادة العلوم، وأوتاد الأرض الذين لولاهم لمادت بأهلها وفسدت. (قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ فَكَانَ أوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ. يَصِفُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ، لَا يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلاَّ أَمَّهَا، وَلَا مَظِنَّةً إِلَّا قَصَدَهَا) الزمته الشيء أي جعلته غير مفارق عنه والعدل ضد الجور، وملكة تبعث على الأفعال الفاضلة خلقاً لا تخلقاً وعدداً من أصول الحكمة والشجاعة والعفة وما عداها من الفضائل من فروعه والهوى إرادة النفس کما مرّ، وفي بعض النسخ (أولَ)(3) منصوب والاسم نفي الهوى، وغاية كل شيء مداه و منتهاه، وأَمَة قصده أي لا يقنع ببعض الخير بل يستقصي غاياته ومظِنة الشيء بکسر

ص: 153


1- اشخصه) في ع
2- مختصر العين، أبو بكر الزبيدي: 1 / 299
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 288

الظاء موضع يظن وجوده فيه. (قَدْ أَمْکَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمامِهِ(1)، فَهُوَ قَائِدُهُ وَإِمَامُهُ، يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ، وَيَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ) أمكنه من الشيء مكنه فتمكن، وزمام البعير ککتاب مقوده، وقيل أصله الخيط الذي يشد في البرة أو الخشاش ثم يشد اليه المقود ثم سمي به المقود نفسه(2)، والبرة حلقه تجعل(3) في أنف البعير من صفر ونحوه(4)، والخِشاش بالكسر خشب يدخل عضم أنفه(5)، وتمكين الكتاب أي القرآن من نفسه تخليته ونفسه في الدلالة ثم اتباع أثره والعمل بمقتضاه لا تأويله على حسب الآراء والأهواء فيصير بمنزلة القائد والإمام، ويحل کيمد أي ينزل، وثقل المسافر بالتحريك متاعه وحشمه، قال بعض الشارحين: هذا الكلام ماله ظاهر و باطن، فظاهره شرح حال العارف وباطنه أن يشرح حال نفسه (عليه السلام) کما يدل عليه آخر الخطبة(6)، وحينئذ فالمراد بالآخر الذي يصفه بعض من تقدم عليه کما يدل عليه قوله (عليه السلام) بعد ذلك (كيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم) إلى آخر الخطبة، (وَآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً وَلَيْسَ بِهِ، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ، وَأَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ) آخر في بعض النسخ منصوب عطفاً على اللفظ وصيغة تسمّى أما للمطاوعة أي سماه الناس عالماً فتسمى أو للاتخاذ نحو تقمص

ص: 154


1- زمانه) في ع
2- الصحاح، مادة (زمم): 5 / 1944
3- يجعل) في أ، ث، ر، ع، م
4- الصحاح، مادة (برا): 6 / 2280
5- الصحاح، مادة (برا): 6 / 2280
6- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 291

وتردي أي اتخذه اسما، والضمير المجرور راجع إلى العالم، واقتبس [النار](1) أخذها من معظمها ويقال: اقتبس العلم إذا تعلمه، واقتباس الجهل أما على التهكم أو لأنَ الجاهل يزعمه علماً أو لأنَّه يأخذه كما يؤخذ العلم، والجهائل جمع جهالة كعلاقة، وعلائق على ما ذكره بعض الشارحين(2)، والمراد الجهل المركب وأما أضاليل فلم أجد مفرده صريحاً في كلامهم، وأردف الزمخشري في الأساس الأضاليل بالأباطيل(3) قال: ومن المجاز واقع في أضاليل وأباطيل وقد تمادى في أضاليل الهوى(4) وأباطيل جمع باطل على غير القياس کما صرحوا به، وقال الجوهري: (كأنَّهم جمعوا ابطيلا)(5)، ويحتمل أن يكون جمع الجمع فإنَّ كثيراً من الصيغ(6) تجمع(7) [...](8) على أفعال، ويجمع أفعال على أفاعیل کار جاف وأراجيف وأن يكون جمع أضلولة وهي ضد الهدى والمراد به(9) الأباطيل المضلة للناس الضالة عن الفهم السليم، (وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وَقَوْلِ زُورِ) الاشراك حبائل الصائد وما ينصب للطير، والحبائل جمع حبالة وهي (المصيدة)(10) وفي بعض النسخ (حبال

ص: 155


1- [النار] ساقطة من م
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 296
3- (الأباطيل) في ع
4- قول متصرف به، ينظر: اساس البلاغة: 566
5- الصحاح، مادة (بطل): 4 / 1635
6- الصيع) في ث، تصحيف
7- (يجمع) في أ، ر، ع، م، والصواب ما اثبتناه
8- يجمع) مكررة في ث
9- به) ساقطة من ح
10- العين، مادة (حبل): 3 / 236

غرور) جمع حبل وهو الرسن، ولعله أنسب والغرور مصدر غره أي خدعه وما اغتر به من متاع الدنيا وغيره، والزُور بالضم الكذب والباطل وقول زور على الاضافة. (قَدْ حَمَلَ الْكِتَاَب عَلَى آرَائِهِ، وَعَطفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوائِهِ، يؤمِّنُ مِنَ(1) الْعَظَائِمِ، وَيَهُوِّنُ كَبِيَر الْجَرَائِمِ) / و101 / الأرءاء بالهمزات على الأصل جمع رأي وهو الاعتقاد، وعطفت الشيء فانعطف أي أملته فمال، وعطفت العود فانعطف، والغرض جعل الكتاب والحق تابعاً للعقائد وارادات النفس بالتأويلات والشبه، والأمن ضد الخوف وامنته على صيغة الأفعال أي جعلته أمنا وأزلت خوفه والعظائم الذنوب العظيمة(2) وهوّنه أي سهله وخففه والجريمة والجرم الذنب ولعل تهوين كبائر الجرائم وكذلك الايران من العظائم بالإفراط في ذكر البشائر المطلقة نحو قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا»(3) والإعراض عن التذكير بالعقاب وما يوجب الخوف کما هو شأن الجهال من الواعظين (يَقُولُ: أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ - وَفِيهَا وَقَعَ - وَيَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ - وَبَیْنَهَا اضْطَجَعَ -) لعل المراد بالشبهات ما لم يظهر حله وحرمته أو لم يكن في غاية الظهور والوقوع السقوط والاعتزال التنحي عن الشيء والإعراض عنه والبدع مستحدثات الأمور والمراد مالم يدل على حله وشرعيته دلیل خاص أو عام واضطجع أي وضع جنبه على الأرض والغرض أنه يظهر للناس من نفسه الورع والتحرز عن الشبهات والبدع

ص: 156


1- (الناس من) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 295، و شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 192
2- (العطيمة) في م، تصحيف
3- الزمر / 53

على وجه الرئاء وقد وقع في الشبهات لجهله بها وزعمه أنها من الحلال البين کما هو الأنسب بلفظ الوقوع، أو ليل طبعه اليها مع علمه بها كما هو شأن المرائين والمخادعين، ويحتمل أن يكون المعنى: أنه يقول في نفسه ذلك وحاله على خلاف مايضمر في نفسه لجهالته، والأول أظهر وأنسب بلفظ الاضطجاع الدلالته على ركون الطبع وسكون النفس الى البدع ومن لطيف النكتة في هذا الكلام التعبير عن تورعه في الشبهات بالوقوف عندها وفي البدع باعتزالها فإنَّ الوقوف عند الشيء لا يدل على التنفر والاعراض الذي يدل عليه الاعتزال ثم التعبير عن كذبه بوقوعه فيما أظهر التورع عنه في الشبهات وبالاضطجاع بينها في البدع فإنَّ الوقوع في شيء لا يدل على الميل الذي يدل عليه الاضطجاع فروعي في حكاية القول ما يناسب حال (الرئاء)(1)، وفي حكاية الحال ما يلائم ظهور الكذب فلا تغفل (فَالصُّورَة صُورَةُ إِنْسَانٍ، وَالْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوانٍ، لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدى فَيَتَّبِعَهُ، وَلَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْهُ، فَذَلِكَ مَیِّتُ(2) الَأْحْيَاءِ) الحيوان بالتحريك كل ذي روح ناطقاً كان أو غيره يستوي فيه الواحد والجمع لأنَّه مصدر في الأصل، وأصله حييان والمراد غير الناطق منه، وصَدَّ عنه کمد أي أعرض وصَدَّ فلاناً عن كذا أي منعه وصرفه فيحتمل أن يكون المعنى يمنع نفسه أو غيره عنه و ميت الأحياء أي میت لجهله وعرائه(3) عن الكمال والآثار المطلوبة من الحياة وإن كان يعد(4)

ص: 157


1- الرياء) في أ، ح، ع، م
2- ذلك میت) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 295
3- وعرانه) في ر، تحریف
4- بعد) في ر، تصحيف

من الأحياء في الظاهر . (فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ! وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(1)، وَالَأْعْلاَمُ قَائِمَةٌ، وَالْآيَاتُ وَاضِحَةٌ، وَالْمَنَارُ مَنْصُوبَةٌ!) تؤفكون على صيغة المجهول أي تصرفون وتقلبون(2) والعلم ما بيهتدی به من منار وجبل(3)، والمراد الدلائل الدالة على الحق من المعجزات والنصوص ونحو ذلك، والآية العلامة، ويمكن أن يكون المراد بالآيات آيات القرآن الدالة على وجوب اتباع العترة وفضائلهم والمنار موضع النور خص بعلم الطريق كما تقدم، ولعل المراد به الإمام من أهل البيت (عليهم السلام) (فَأَيْنَ يُتَاهُ بِکُمْ! بَل کَیْفَ(4) تَعْمَهُونَ وَبَیْنَکُمْ عِتْرَةُ نَبیِّکُمْ؛ وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ(5)!) التِيه بالكسر المفازة التي لا علامة فيها يهتدي بها وتاه فلان إذا تحير وتاه به وتيههُ وتوههُ أي حيرهُ(6)، والعمه التردد على وجه التحير(7) تقول(8): عمه کسمع، وأرض عمهاء أي ليس فيها إمارة تدل على النجاة(9)، والواو للحال والعامل الفعل أو الفعلان المتقدمان وعترة الرجل نسله ورهطه الأدنون وقد فسر رسول الله (صلى الله

ص: 158


1- يؤفكون) في ر، تصحيف
2- ينظر: الصحاح، مادة (أفك): 4 / 1573
3- حبل) في أ، ح، ع، م، تصحيف وفي ث: (جل)، تحریف
4- و كيف) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 295، و شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 143
5- وأعلام الدين و السِنة الصدق في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 295، و شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 143
6- ينظر: لسان العرب، مادة (توه): 13 / 482
7- ينظر: القاموس المحیط، مادة (عمه): 4 / 288، وفي ث: (التحبر)
8- يقول في ث، ر، م
9- ينظر: القاموس المحيط، مادة (عمه): 4 / 289

عليه واله) عترته في الحديث المتفق عليه بين الفريقين: ((إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي))(1) وبين أهل البيت لما نزلت آية التطهير کما روته العامة والخاصة وقد فصلناها في شرح / ظ101 / الخطبة الشقشقية من حدائق الحقائق(2)، قال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: ولیس بصحيح قول من قال: إنهم رهطه وإن بعدوا، وإنما قال أبو بكر يوم السقيفة أو بعده: (نحن عترة رسول الله وبيضته التي تفقأت عنه على طريق المجاز لأنَّهم بالنسبة إلى الانصار عترة له لا في الحقيقة ألا ترى أن العدناني يفاخر القحطاني، فيقول: أنا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله) ليس يعني أنه ابن عمه على الحقيقة بل بالإضافة(3)، والأزمة جمع زمام وهو المقود أو الخيط المخصوص کما تقدم(4)، والمراد أنهم القادة للحق يدور معهم حيث ما داروا وألسنة الصدق أي هم كاللسان للصدق لا يتكلم إلاَّ بهم، أو هم المتكلمون به(5) ولا يظهر إلاَّ منهم كما يدل عليه وفي الكلام تصريح بعصمتهم (عليهم السلام) وتلويح إلى نفيها عن غيرهم [وإن غيرهم](6) ليس أهلًا للإمامة والمتابعة (فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ، وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ) قال بعض الشارحين: منازل القرآن منزلة الاكرام والتعظيم، ومنزلة التصور من دون تعظيم، ومنزلة الوجود اللساني بالتلاوة، ومنزلة الثبت في الدفاتر

ص: 159


1- سبق تخريج الحديث في صحيفة 76
2- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 323 - 330
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 297
4- ينظر صحيفة رقم 66
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 301
6- [وان غيرهم] ساقطة من ع

والكتب، وأحسن منازله الأولى(1)، فالمراد إذن الوصية بإكرامهم ومحبتهم کما يكرم القرآن بالمحبة والتعظيم، وقال بعضهم: المراد أن يجروا العترة في إجلالها وإعظامها والانقياد لها والطاعة لأوامرها مجرى القرآن، ويمكن أن يكون المراد بمنازل القرآن منازل العترة التي يدل(2) عليها القرآن والاضافة لكون القرآن مظهراً لها ودليلاً عليها، ولما كانت المراتب التي تظهر(3) من آیات القرآن متفاوتة، بعضها أجل وأرفع أمرهم (عليه السلام) بالإجلال الكامل وأن لا يقتصروا على ما دون تلك المرتبة، فإنَّ مرتبة فضلهم هي الأعلى وإن لم يكشف عنها قناع البيان في بعض المقامات المصلحة يعلمها الله، أو لأنَّ ما يظهر من صفات الكمال عن بعض الآيات أعلى وأجل مما يظهر من بعض وردوهم أمر من الورود وهو حضور الماء للشرب، (والهُيام بالضم: أشد العطش)(4) يقال ناقة هيمی، والجمع هِیمٌ بالكسر(5)، وذكر العطاش تأكيد والعرض الحث و(التحريض)(6) على الاستفاضة من علومهم وبرکاتهم والاقتباس من أنوارهم لأنَّهم ينابيع العلم ومعادن الكمال. (أَيُّهَا النَّاسُ: خُذُوهَا عَنْ خَاتمِ النَّبِيِّینَ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ وَسَلَّم(7))، إِنَّه يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَیْسَ بِمَيِّتٍ، وَیَبْلَی مِنَّا وَلَيْسَ بِبَالٍ) الضمير في خذوها راجع الى

ص: 160


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 298
2- (تدل) في ح، ر، تصحيف
3- (يظهر) في أ، ث، ر، تصحيف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (هيم): 12 / 627
5- ينظر: الصحاح، مادة (هيم): 5 / 2063
6- التحريص) في أ، ث، ح، ع، تصحيف
7- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 296، و (صلى الله عليه وآله) شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 143

مايفهم من المقام من الفائدة ونحوها التي تعلق غرضه (عليه السلام) بذكرها واختلف كلام الشارحين في الموت المنفى عنهم (عليهم السلام) فقيل: المراد أنهم أحياء عند ربهم منعمون مکرمون كما قال عز وجل: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ»(1) وكذلك المراد بنفي البلى بقاء الروح منعما مكرماً وإن عرض البلى للجسد ولا يخفى أن الظاهر من المقام اثبات مرتبة أعلى من هذه المرتبة العامة للشهداء من سائر الخلق وغير الشهداء أيضاً فإنَّ الجميع محفوفون بالكرامة والنعيم في البرزخ وبعده کما يدل عليه الأخبار، [وقد روى القطب الراوندي (رحمه الله)] في الخرائج باسناده عن الصفار قال: سُؤل الحسن بن علي (عليهما السلام) بعد مضي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أشياء فقال لأصحابه تعرفون أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا رأيتموه قالوا نعم قال فارفعوا هذا الستر فرفعوه فإذا هم بأمير المؤمنين (عليه السلام) لا ينكرونه فقال لهم علي (عليه السلام) إنه يموت من مات منا وليس بمیت ويبقى من بقي منا حجة عليكم](2) وقيل: المراد حياتهم بأبدانهم لأنَّ الله تعالى يرفعها بأعيانها إلى ملكوت السماوات حتى لو فرضنا أن محتفراً احتفر

ص: 161


1- ال عمران / 169 - 170
2- وقد ورى القطب الراوندي (رحمه الله) في الخرائج باسناده عن الصفار قال سؤل الحسن بن علي (عليهما السلام) بعد مضي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أشياء فقال لأصحابه تعرفون أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا رأيتموه قالوا نعم قال فارفعوا هذا الستر فرفعوه فإذا هم بأمير المؤمنين (عليه السلام) لا ينكرونه فقال لهم علي (عليه السلام) إنه يموت من مات منا وليس بمیت ویبقی من بقي منا حجة علیکم) ساقطة من ح، ر

الأجداث الطاهرة لم يجد الأبدان في الأرض وقد ورد في الخبر عن النبي (صلى الله عليه واله) ((إنَّ الأرض لم تسلط عليّ وإنها لا تأكل ليّ لحماً ولا تشرب ليّ دماً))(1)، / و 102 / وأما اثبات البلى في قوله (عليه السلام) يبلی من بلی منا فيجوز أن يراد به بلى الكفن لأنَّه کالجزء من الميت ومجاور له مشتمل عليه، ولا يخفى أنَّ هذا الوجه في حديث الموت ينطبق على ما ورد في أخبارنا من أن أجساد [الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام)](2) لا تبقى(3) في الأرض أكثر من ثلاثة أيام وإنما تزار مواضع آثارهم وإن كان ينافيه ظاهر أما [ما](4) ورد في نقل عظام يوسف (عليه السلام) ونحو ذلك ويمكن الجمع بالتخصيص وغيره، ولا حاجة إلى نفي الموت عنهم (عليهم السلام) کما زعمه بعض الغلاة وهو واضح، وأما حمل البلى على أنه بلى الكفن فلا يخلو من بعد، ويمكن أن يحمل على البلى بزعم الناس أو على الغيبة عن أعين الناس، والفقدان من محاضرهم وخفاء ذكرهم بين العامة وإن كانوا حاضرين في قلوب أحبائهم وأوليائهم يذكرونهم في شهودهم ومغيبهم، ولعل الظاهر على تقدیر رفع الأبدان الطاهرة إلى السماء تعلّق الأرواح بها في عالم البرزخ ولو فرض أن الرفع لنوع من الاحترام وجوّز عروض البلى للأجساد الطاهرة فأثبات البلى محمول على الظاهر وأما نفيه في قوله (عليه السلام) وليس ببال فيحمل على نفي البلى في القبر، أو نوع البلى العارض لسائر الأبدان في الأرض،

ص: 162


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 299
2- [الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام] ساقطة من ح، ر
3- (ولا يبقى في أ، وفي ث: (لا يبقى) وفي ر: (لا تبقى)، تصحيف
4- [ما] ساقطة من ح، موجودة في ر

ولعل ما يعرض لأبدانهم المطهرة مخالف بالنوع لذلك، وكذلك يؤول نفي الموت بما يناسب هذا المعنى، ولا بعد في أن يكون لأرواحهم المقدسة تعلق خاص بالأبدان لا يكون لغيرهم، وقيل المراد بنفي البلى بقاء الأجزاء الأصلية التي هي متعلّق التكليف عند أكثر المتكلمين، ويحمل اثباته على بلى الأجزاء الفاضلة، وأما أبدان سائر الناس فيبلى أجزاؤها الأصلية وغيرها بأسرها فلو فرض أن محتقراً احتفر الأجداث الطاهرة لوجد الأبدان المقدسة فيها، وإن لم يعلم أن أصولها قد انتزعت منها ونقلت إلى الرفيع الأعلى وحينئذ فيحمل نفي الموت على تعلق خاص للأرواح بالأجزاء الأصلية واثباته على انقطاع تعلقها بالمجموع منها، ومن الأجزاء الزائدة، وقيل المراد بنفي الموت والبلى بقاء ذكرهم الجميل بين الناس الى يوم القيامة ووجوب التمسك باذيال مودتهم ومتابعتهم واقتباس الأنوار من أخبارهم(1) واستفاضة العلوم من ينابيع آثارهم ونحو ذلك لكن قوله (عليه السلام) (إن أكثر الحق فيما تنکرون)، وقوله (عليه السلام): (لا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر) إلى آخره، ربما يشعر بأنَّ المراد اثبات مرتبة أجل من ذلك، والله يعلم ويمكن أن يكون المراد أن موتهم (کحياتهم)(2) في الاطلاع على ما يحدث في الدنيا وعرض أعمال العباد عليهم، وأفاضة الأنوار على محبيهم ومواليهم والاستغفار للمذنبين منهم، ودفع البلايا عنهم وسماع السلام وما يناجيهم به زوارهم والوافدون إلى مشاهدهم ونحو ذلك ويمكن أن يكون المراد ما يستفاد من بعض الأخبار من رجعة أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام)

ص: 163


1- (أخبار) في أ
2- (كحيوتهم) في ح

وسلطانهم وتمكنهم في الأرض والله تعالى يعلم مقاصد أوليائه. (فَلَا تَقُولُوا بِمَا لَا تَعْرِفُونَ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْحَقِّ فِيمَا تُنْکِرُونَ)، لعل المراد بما لا يعرفون(1) ما كانوا يزعمونه في شأن العترة من المراتب الناقصة لقصور افهامهم وعدم اطلاعهم على الدرجات الرفيعة والفضائل السنية التي أعطاهم الله من فضله والمراد بالإنكار الجحود فالغرض توبيخهم بجحود الحق في كثير من الأمور أو الجهل فيكون نهياً لهم عن التسرع إلى اعتقاد ما يفهمونه بآرائهم الناقصة (وَأَعْذِرُوا مَنْ لَا حُجَّةَ لَكُمْ عَلَيْهِ - وَأَنَا هُوَ -(2) عَذرته فيما - صنع(3)) عذراً كضربته ضرباً رفعت عنه اللوم فهو معذور أي غير ملوم، والاسم العُذر بالضم، وفي بعض النسخ (اعذروا) على صيغة الأفعال والمعنى واحد، أي لا تلوموا فيما يلحقكم من عذاب الله بتقصيركم من لا حجة لكم عليه حيث لم يقصر / ظ102 / في انذار کم وارشادکم بل حذر وانذر وهداكم إلى الصراط المستقيم، وأنا الذي لا حجة لكم عليه، وقد فصل ذلك وبينه بقوله (عليه السلام): (أَلَمْ أَعْمَلْ فِيکُمْ بِالثّقَلِ الْأَكْبَرِ وَأَتْرُكْ فِيكُمْ الثَّقلَ الْأَصْغَرَ! وركزت فيكم راية الإيمان ووقفتكم على حدود الحلال والحرام)، المراد بالثقل الأكبر القرآن، وبالأصغر بقية العترة وإن كان نفسه (عليه السلام) داخلاً فيه في الحديث النبوي والقرآن أكبر؛ لأنَّ العترة يتّبعونه وقد روت العامة والخاصة بطرق متكثرة عن النبي (صلى الله عليه واله): ((إني تارك فيكم الثقلین کتاب

ص: 164


1- (لا تعرفون) في أ
2- وهو أنا) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 296، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 143
3- عذرته فيما صنع) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 296، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 143

الله وعترتي أهل بيتي))(1)، قال بعض الشارحين: إنما سماهما بالثقلين؛ لأنَّ الثقل في اللغة متاع المسافر، وحشمه فكأن (صلى الله عليه واله)؛ لما شارف الانتقال إلى جوار ربه تعالى جعل نفسه كالمسافر والكتاب والعترة كمتاعه وحشمه لأنهما أخص الأشياء به(2)، وقال في النهاية: بعد ذكر الرواية سماهما ثقلين؛ لأنَّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، ويقال لكل خطير نفیس ثقل، فسماهما ثقلين إعظاماً لقدرهما، وتفخيماً لشأنهما(3)، ثم فسر الثقلين في حديث سؤال القبر بالجن والإنس (لأنَّهما قطان الأرض)(4) أي سكانها، ثم قال: (والثقل في غير هذا متاع المسافر)(5) والظاهر أنه لم (يجوز)(6) حمله على هذا المعنى ووجه غير ظاهر، وقال في القاموس : (الثَّقَل مُحرَّكة مَتاعُ المُسافر، وحَشَمَه وُكلُّ شيءٍ نَفیسٍ مصُونٍ، ومنه الحديث: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي»(7)) والاحتجاج بالعمل فيهم بالثقل الأكبر؛ لأنَّ العمل به ملازم للعدل في الأحكام ونحوها وفي آراءهم(8) العمل به في العبادات وغيرها نوع من الهداية وبترك الثقل الأصغر؛ لأنَّ بقية العترة هم الهداة بعده والدعاة إلى الجنة وركزت الرمح غرزته في الأرض ونصبته، والراية العلم، والمراد ایضاح معالم الایان لهم لأنَّ الراية مما يهتدي بها العسكر في الحرب

ص: 165


1- سبق تخريج الحديث في صحيفة 72
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 301
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 216
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 217
5- المصدر نفسه: 1 / 217
6- تجوز) في أ، ث، ح، ر
7- القاموس المحيط، مادة (ثقل): 3 / 342
8- (أراءتهم) في أ

ويعلمون بموقف الأمير أو نظم أمور الإيمان و جمع كلمة المسلمين بالجهاد وغيره؛ لأنَّ ركز الراية سبب(1) لثبات العسكر وعدم تفرقهم، ووقف کوعد يكون متعدياً کما یکون لازماً، تقول(2): وقفت الدابة أي دامت قائمة ووقفتها أنا كما تقول(3): وقفتّها بالتشديد، والحد الحاجز بين الشيئين وحد الشيء منتهاه، والتوقيف والوقف على الحدود الحفظ عن تجاوزها أو(4) أراءتها وتعليمها؛ لأنَّ الوقوف على الشيء يوجب الاطلاع عليه (وَأَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِيَةَ مِنْ عَدْليِ، وَفَرَشْتُکُمُ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْليِ وَفِعْلي، وَأَرَيْتُکُمْ کَرَائِمِ الْأَخْلَاقِ مِنْ نَفْسِي) الباس العافية جعلها شاملاً لهم محيطاً بهم كالثوب للشخص وفرشه كذا متعدياً إلى مفعولين أي أوسعه إياه، والمعنى جعلت المعروف لكم فراشاً مبسوطاً وهو اسم جامع لكل ماعرف من الخير والرفق والإحسان سمي به؛ لأنَّ الناس إذا رأوه لا ينكرونه، وفي آراءهم کرائم الأخلاق من نفسه (عليه السلام) اتمام الحجة في المتابعة فإنَّ المتخلق بها حري بالاقتداء والاتباع وهداية لهم إليها فإنَّ العمل أبلغ في الهداية من القول (فَلَا تَسْتَعْمِلُوا الرَّأْي فِيمَا لاَيُدْرِكُ قَعْرَهُ الْبَصَرُ، وَلَا يَتَغَلْغَلُ(5) إِلَيْهِ الفِکَرُ) الرأي العقل والتدبير ذكره في المصباح المنير(6) وهو أنسب مما في أكثر كتب اللغة من الاعتقاد

ص: 166


1- سب) في أ، ح
2- يقول في ث، ح، ر
3- يقول في أ، ث، ح، ر
4- و) في ح
5- تتغلغل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 296، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 163
6- المصباح المنير: 1 / 247

ونحوه، و قعر البئر عمقها، والمراد بالبصر بصر القلب أي نظره و خاطره، أو(1) حس العين على تشبيه المعقول بالمحسوس، وتغلغل الماء في أصول الشجر أي دخل و(الی) بمعنى (في) كما قيل في قوله تعالى: «لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»(2) أو على نوع من التضمين، والفِكرة والفِكر بالكسر فيهما الاسم من التفكر التأمل، والمصدر الفَكر بالفتح والغرض التنبيه على جلالة العترة الطاهرة وإن أمرهم صعب مستصعب لا تحتمله // و103 / العقول القاصرة لئلا يتسرعوا الى انکار مالا مبلغ اليه أكثر الأفهام من فضائلهم، وقال بعض الشارحين: (هذا الكلام نهي لهم عن الاشتغال بالخوض في صفات الله والبحث عن ذاته على غير قانون و اسناد(3) مرشد بل(4) بحسب الرأي والتخمين)(5). وبعده عن المقام واضح.

[منها](6): (حَّتى يَظُنُّ الظَّانَّ أَنَّ الدَّنْيَا مَعْقُولَةُ عَلىَ بَنِي أُمَيَّةَ؛ تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا؛ وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا؛ وَلاَ یُرْفَعَ عَنْ هذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَلَا سَيْفُهَا) الناقة المعقولة المشدودة بالعقال أي يظن الظان أنَّ الدنيا مسخرة لهم كالناقة المحبوسة بالعقال وتمنحهم أي تعطيهم والدر اللبن ويستعمل في كل خير، والايراد من الورود وهو حضور الماء للشرب، والصفو خلاف الكدر وصفو الدنيا

ص: 167


1- أي) في أ
2- الأنعام / 12
3- استاد) في أ، ح، ر، ع، م، تحریف
4- [بل] ساقطة من ر
5- ينظر : شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 303، وفيه: (نهي لهم...)
6- [منها] ساقطة من ث

عافيتها ولذاتها، والسوط المقرعة التي يضرب بها سميت [به](1)؛ لأنهَّا تخلط اللحم بالدم [و](2) من السوط بمعنى الخلطوعدم رفع السوط دوام السلطان والحكم (وَکَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ؛ بَلْ هِي مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً، ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً) المجة مرة من مج الشراب من فيه إذا قذفه ورمی به(3)، والعيش الحياة وما یعاش به ويتطعمونها أي يذوقونها، والبُرهة بالضم مدة من الزمان فيها طول(4)، وقيل: أعم، ولفظه کضرب رماه والجملة جماعة الشيء أي دولتهم المذكورة فيما حذفه السيد من الكلام أو المفهوم من المقام يتمتعون بها مدة ثم تخرج عنهم بحيث لا يبقى معهم شيء.

[وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلام)]

(أَمَّا بَعْدُ فإنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ(5) لْمَ يَقْصِمْ جَبَّارِي دَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ بَعْدَ تَمْهِيلٍ وَرَخَاءٍ؛ وَلَمْ يَجْبُرْ عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ الْأَمَمِ إِلاَّ بَعْدَ أَزْلٍ وَبَلاءٍ) القصم بالقاف کسر الشيء وابانته(6)، والفصم بالفاء كسره من غير ابانة(7)، والجبار المستكبر العاتي، وقَطُّ بفتح القاف وضم الطاء المشددة بمعنى الوقت الماضي عموماً(8)، تقول

ص: 168


1- [به] ساقطة من ث، ح
2- [و] ساقطة من أ، ث
3- ينظر: الصحاح، مادة (مجج): 1 / 340
4- ينظر: لسان العرب، مادة (بره): 13 / 476
5- سبحانه) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 144
6- ينظر: تاج العروس، مادة (قصم): 17 / 577
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (فصم): 17 / 538
8- ينظر: القاموس المحيط، مادة (قط): 2 / 380

ما فعلته قَطُّ، أي أبداً، مشتق من القط بمعنى القطع كما تقول لا أفعله البته، والتمهيل التأخير، وروي الابعد إرجاء ورخاء والإرجاء أيضاً التأخير، والرخاء سعة العيش، والجبر اصلاح الكسر، والمراد بجبر العظم دفع الجبابرة والظالمين وتقوية الأمة بعد الضعف وتوفيق ملوكهم للعدل والأزل بالفتح (الضيق والشدة)(1)، (وَفيِ دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ خَطْبٍ(2) وَاسْتَدْبَرْتُمْ(3) مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ. وَمَا کُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ، [ولا كل ذي سمعٍ بسميع](4) وَلاَ كُلُّ ذِي نَاظِرٍ بِبَصِيرٍ) يقال: هذا دون كذا أي أقرب منه، ودون النهر جماعة أي قبل الوصول اليه، والخطب الأمر الشديد ينزل، وقيل: الشأن والأمر صغر أو عظم(5) وفي نسخ الشارحين (ما استقبلتم من عتب)(6) وهو بالفتح الموجدة، والغضب قال بعضهم: سمي المشقة التي لاقوها(7) في مستقبل زمانهم من الشيب وولاة السوء وتنكر الوقت عتباً؛ لأن الزمان كأنَّه الواجد عليهم القائم في انزال مشاقه بهم مقام الإنسان ذي الموجدة يعتب على صاحبه(8)،

ص: 169


1- لسان العرب، مادة (أزل): 11 / 13
2- (عتب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 144
3- (وما استدبرتم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 144
4- [ولا كل ذي سمع بسميع] ساقطة من أ، ث، ح، ر، ع، م
5- ينظر: لسان العرب، مادة (خطب): 1 / 360
6- منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 155، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 305
7- (لاقو) في ح
8- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 305

قال: (وروي من عَتب بفتح التاء جمع عتبة يقال: لقد حُمِلَ فلان على عتبةٍ، أي على أمر كريه من البلاء، وفي المثل: ((ما في هذا الأمر رتبٌ ولا عتبٌ)) أي شدة)(1)، وقال بعضهم: (ما استقبلتم من عتب) بالتحريك أي عتابي لكم(2)، والخطب الذي استدبروه ماتصرم عنهم من الحروب والوقائع وما أصابهم من المشركين فيما مضى وقد كانوا مأمورين بأن يثبت(3) واحد منهم العشرة، ثم خفف الله عنهم وأيدهم بنصره، والمراد بالمعتبر موضع الاعتبار والاتعاظ والاستدلال بالشيء على مثله أو(4) هو مصدر، وروي (واستدبرتم من خِصْب) بكسر الخاء المعجمة وسكون الصاد المهملة (وهو كثرة العشب ورفاعة العيش)(5) خلاف الجدب وحينئذ يمكن أن يراد بالأمور المستقبلة والمستديرة جميعاً المواضي باعتبارين أي لكم / ظ 103 / فيما جرى عليكم من الشدة والرخاء کليها موضع العبرة والاتعاظ، ولعل الغرض من الكلام حثهم على الصبر والثقة على الله وإن لا يتزلزلوا لطول مدة الجبارين وسلطانهم ولا تتفرق(6) كلمتهم في الجهاد حتی یکشف الله عنهم البلاء ويقصم الجبابرة کما صبروا في أول الإسلام على البلايا، فكشفها الله عنهم ومنحهم بالظفر والنصرة على الأعداء، ولما كان الاغترار بالعقول والآراء من موانع الاعتبار،

ص: 170


1- المصدر نفسه: 6 / 305
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 309
3- (تبت) في ر
4- (و) في أ
5- لسان العرب، مادة (خصب): 1 / 355
6- يتفرق) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف والصواب ما اثبتناه

قال: (وما كل ذي قلب بلبيب) أي بعاقل ينتفع بعقله بل كثير من الناس کما قال عز وجل: «لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»(1).

(فيا عَجَبي(2)! وَمَا لَيِ لاَ أَعْجَبُ مِنْ خَطَأِ هَذِهِ الْفِرَقِ عَلىَ اخْتِلاَفِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا؛ لَا يَقْتَصُّونَ أَثَرَ نَبِيٍ، وَلَا يَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِيٍ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ، وَلَا يَعِفُّونَ عَنْ عَيْبٍ) في بعض النسخ (یا عجباً)(3) بقلب ياء المتكلم الفاً؛ لأنَّ الألف والفتح أخف من الياء والكسر(4) كأنَّ المتكلم ينادي عجبه فيقول: احضر فهذا أوان حضورك، و(الخطأ) مهموزاً(5) بدون المد كما في النسخ(6) ضد الصواب وقد يمد، واقتص اثره وقص وتقصص أي اتبعه(7)، وأثر الشيء بقيته وعلامته، واقتصاص أثر النبي العمل بسنته، وفسر الغيب بالخفي الذي لا يدركه الحس ولا يقتضيه بديهة العقل وهو قسمان: قسم لا دليل عليه وهو المشار اليه بقوله عز وجل: «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا

ص: 171


1- الأعراف / 179
2- (یا عجباً) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 144
3- (یا عجباً) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 144
4- ينظر: شرح الرضى على الكافية: 1 / 390
5- [مهموزاً] ساقطة من ح، وفي ث: (مهموز)
6- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 361، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 305
7- ينظر: الصحاح، مادة (قصص): 3 / 1051

إِلاَّ هُوَ»(1)، وقسم من نصب عليه دليل وهو الذي أشير اليه بقوله سبحانه: «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ»(2)، وفسروه بوجوه، فقيل: إنه ما جاء من عند الله، وقيل: هو الدار الآخرة والثواب والعقاب والحساب، وقيل: هو الله، وقيل: ماغاب عن الإفهام من متشابهات القرآن، وقيل: كل ما غاب عن الحواس مما يعلم بالدليل، وقيل: يؤمنون بالغيب أي بقلوبهم لا كالذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، وقيل: أي يظهر الغيب(3)، كقوله تعالى: «الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ»(4) أي يحفظون شرائط الإيمان في غيبة بعضهم والوجوه، وإن كانت محتملة في المقام أيضاً إلاَّ أنَّ بعضها بعيد، (ولا يعِفُّون) بكسر العين وتشديد الفاء من العفة أي لا يكفون، وفي بعض النسخ (لا يعْفون) بسكون العين والتخفيف، أي لا يصفحون، والعيب على الأول عيوب أنفسهم وعلى الثاني عيوب غيرهم، ويحتمل أن يكون المراد على الأول أنهم يغتابون الناس ولا يكفون عن عيوبهم کما ذكره بعض الشارحين(5) إلاَّ أنه بعيد (يَعْمَلُونَ فِي الشُّبُهَاتِ وَیَسِیرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ) كلمة في أما بمعنى الباء کما قيل في قوله: بصيرون في طعن الأباهر والكلى(6) أو للظرفية المجازية كأن الشبهات ظرف

ص: 172


1- الأنعام / 59
2- البقرة / 3
3- ذكرت هذه الوجوه في تفسير القرآن العظيم، الرازي: 1 / 37، و التبيان في تفسير القرآن، الطوسی: 1 / 55
4- الانبياء / 49
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 308
6- البيت لزيد الخيل الطائي، من البحر الطويل، وفيه: (يردون طعناً في الاباهر والكلى) وصدره: (ویر کب یوم الروع فيها فوارس) دیوان زيد الخيل: 27، و ينظر: الصحاح، مادة (في): 6 / 2458، و خزانة الأدب: 9 / 494، و تاج العروس، مادة (فيا): 20 / 62

للعمل، والمراد بالشبهة أما الباطل الذي يشبه الحق، أو ما كان وجه الحق فيه ملتبساً ولم يكن حلالاً بيناً ولا حراماً بیناً وهو حمى المحرمات کما ورد في الخبر، ويمكن أن يكون الالتباس لغير العامل وتشبيه الشهوات بالطريق توسع لكثرة اتباعها (المَعْرُوفُ فِيهمْ مَا عَرَفُوا، وَالمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْکَرُوا، مَفْزَعُهُمْ فِي المُعْضِلاَتِ(1) إِلَى أَنْفُسِهِمْ، وَتَعْوِيلُهُمْ فِي المُبهَماتِ عَلىَ آرَائِهِمْ) المعروف الطاعة والخير سمي به؛ لأنَّ الشارع يعرفه بالحسن ولا ينكره ضد المنكر، أي جعلوا حسن المعروف و قبح المنكر تابعاً لأهوائهم، وفزعت(2) اليه کفرحت، أي لجأت، والمفزع هاهنا مصدر بقرينة الجارة وعطف التعويل، والمعضلات المسائل التي ضاق المخرج منها كما سبق وعول عليه أي اعتمد وآتَّکل، والمبهمات الأمور التي لا مأتي لها و(آرائهم) في بعض النسخ بقلب الهمزة الفاً، والمعنى لا يرجعون في المشكلات إلى أهل العلم بل يعملون بما يقتضيه عقولهم الناقصة (کَأَنَّ کُلُّ امْرئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ، قَدْ أَخَذَ مِنْهَا فِيمَا یَرَی بِعُرًی ثِقَاتٍ، وَأَسْبَابٍ مُحْکَمَاتٍ) روی (كل امرئ) بالرفع بدون كلمة كأن والضمير في (منها) راجع الى النفس أو إلى المبهمات والمعضلات على بعد، و(یری) على صيغة المعلوم أي فيما يراه ويزعمه، وفي بعض النسخ على صيغة المجهول، والأول أظهر وكون / و104 / المعنى فيما يظهر من حاله بعيد، والعرى جمع عروة وهي مقبض الدلو والكوز ویستعار لكل ما يتمسك به

ص: 173


1- (المهمات) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 304، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 145
2- (فرعت) في ث، وفي ح، ع: (فرغت) تصحيف

کما مرّ(1) والثقة في الأصل مصدر وثِقت به أثِق بكسرهما أي ائتمنته، قال في المصباح المنير: (وهو وهي وهم ثقة، لأنَّه مصدر وقد يجمع في الذكور والإناث فيقال: (ثقات) کما قیل: (عدات))(2)، وفي بعض النسخ وثيقات، والوثيق المحكم والسبب الحبل ويستعار لكل ما يتوصل به الى أمر لأنَّ الحبل يتوصل به إلى الاستعلاء، وأحكمت الشيء [أي](3) أتقنته(4).

[وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (عَلَيْهِ السّلام)]

(أَرْسَلَهُ عَلَى حِين فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ، وَاعْتِزَامٍ مِنَ الْفِتَنِ؛ وَانْتِشَارٍ مِنَ الْأُمُور، وَتَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ) الضمير المنصوب راجع الى النبي (صلى الله عليه واله) والفَترة بالفتح انقطاع الوحي بين الرسولين ويسمى الزمان بينهما فترة(5)، والمراد أنه أرسله (صلى الله عليه واله) بعد مضي زمان يعتد به من الرسل السابقة وهو يوجب(6) وقوع الناس في الضلالة والفتنة، والهَجعة بالفتح النومة من الليل أو من أوله(7)، والمراد نوم غفلة الأُمم، واعتزمت على كذا وعزمت بمعنى أي أردت فعله وقطعت عليه والاعتزام لزوم القصد في المشي كأنَّه (عليه السلام) جعل الفتن على الأول

ص: 174


1- ينظر: صحيفة 178
2- المصباح المنير، مادة (وثق): 2 / 967
3- [أي] ساقطة من ث
4- أيقنه) في ث، تحریف
5- ينظر: الصحاح، مادة (فتر): 2 / 777، وفي ع: (فطرة)، تصحيف
6- يوحب) في م، تصحيف
7- ينظر: الصحاح، مادة (هجع): 3 / 1306

مریدة للشعث والهرج، وعلى الثاني مقتصدة في مشيها لاطمئنانها وأمنها مما يزيلها، وروي (واعترام) بالراء المهملة، قال في النهاية: (العُرام بالضم الشدة والقوة والشراسة)(1)، ومنه حديث علي (عليه السلام) على حين فترة من الرسل واعترام من الفتن أي اشتدادها(2)، وروي واعتراض(3) من اعترض الفرس إذا مشى عرضاً کما ذكره بعض الشارحين(4)، أو من اعترض البناء ونحوه في الطريق فمنع المار من سلوكه، أو من اعترض في الخيل إذا دخل بينهم، والتلظي التلهب والاضطرام واللظى من أسماء النار أو هو لهبها (وَالدُّنْيَّا کَاسِفَةُ النُّورِ، ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ؛ عَلَى حِينِ اصْفِرَارٍ مِنْ وَرَقِهَا، وَإِيَاسٍ مِنْ ثَمَرِهَا، وَاِغورارٍ مِنْ مَائِهَا) كسفت الشمس کضرب وكذلك القمر إذا احتجبا، و ذهب ضوؤهما وكسفهما الله، يتعدى ولا يتعدى والاضافة إلى النور توسع والغرور الخدعة والاطماع بالباطل، واصفرار ورق الدنيا كناية عن تغيرها وتنكرها والإياس القنوط واغورار الماء ذهابه في الأرض(5)، وقال عز وجل «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا»(6) وروى بعض الشارحين

ص: 175


1- النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 223
2- ينظر: النهاية في عريب الحديث والأثر: 3 / 223، وفيه (ومنه حديث علي على حين فترة من الرسل واعترام من الفتن أي اشتداد)
3- واعترا) في ر
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 310
5- ينظر: تاج العروس، مادة (غمر): 7 / 325
6- الملك / 30

(اعورار)(1) بالعين المهملة من عورت عين(2) الركية(3) إذا كبستها(4) حتی نضب الماء، ولعل المراد بكسف النور عموم الجهالة وشيوع الضلالة وبظهور الغرور تسلط الشياطين وتمكن الهوى والميل إلى الدنيا في القلوب و باصفرار ورق الدنيا وما بعده شمول الذلة وقلة التمتع بالمكاسب لكثرة الظلم والتخاصم الشائع بين القبائل في الجاهلية (قَدْ دَرَسَتْ أعلامُ الْهُدَى، وَظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَی؛ فَهِيَ مُتَجَهِّمَةُ(5) لَأِهْلِهَا، عَابِسَةُ فِي وَجْهِ طَالِبِهَا) درس الرسم كنصر عفا، ودرسته الريح يتعدى ولا يتعدى، والعلم مايهتدى به من حيل(6) ونحوه، وأعلام الهدى أئمة الدين والكتب وأدلة الأحكام، وفي بعض النسخ (درست منار الهدى) وهي جمع منارة أي علم الطريق والعلامة تجعل بين الحدين ومنه أعلام الحرم، والردى الهلاك وتجهمه وتجهم له أي استقبله بوجه کریه و عبس وجهه كضرب أي كلح(7). (ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ، وَطَعَامُهَا الْجِيفَةُ، وَشِعَارُهَا الْخَوْفُ، وَدِثَارُهَا السَّيْفُ) الفتنة تطلق على الضلال

ص: 176


1- منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 366، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 307
2- عن) في م، تحریف
3- الركبة) في ح، تصحيف
4- كسبتها) في أ، ث، ر، تحریف
5- متهجمة) في م، تحریف
6- حبل) في أ، ر، ع، وفي م: (جبل)، تصحيف
7- کلمح) في ح، تحریف

والإثم والكفر والفضيحة والعذاب والمراد بالجيفة ما كانوا يتناولونه في الجاهلية بالنهب والغارة والسرقة والقمار، أو ما كانوا يأكلونه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ به لغير الله أي ذبح على غير اسم الله، وكانوا يذبحون باسم اللات والعزى، والمنخنقة وهي التي ماتت بالخنق، والموقوذة وهي المضروبة بحجر أو خشب حتى تموت، والمتردية وهي التي سقطت من علو أو في بئر فماتت، والنطيحة وهي التي نطحتها أخرى، أي دفعتها بقرنها حتى ماتت، وما أكل السبع / ظ104 / إلاَّ ذكي قبل الموت، وما ذبح على النصب وهي الأصنام، أو الأحجار المنصوبة حول البيت كانوا يذبحون عليها و يعدون ذلك قربة، وما استقسم بالأزلام وهي القمار المعروف بينهم وكانوا ينحرون جزوراً و يستقسمونه بالأزلام وقد سبق شرحه ومن أطعمتهم الردية في الجاهلية وقد ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه العِلهز والهَبيد والأول طعام من الدم والوبر، والثاني الحنظل یکسر ويستخرج حبه وينقع لتذهب مرارته ويتخذ منه طبيخ، وروی (وطعامها الخيفة) بالخاء المعجمة وهو الخوف وهو مناسب لكون الثمر الفتنة، والشِعار بالكسر الثوب الملاصق للبدن وهو يلي الشعر، والدِثار بالكسر أيضاً ما يلبس فوقه، قال بعض الشارحين: لما كان الخوف يتقدم السيف والسيف يتلوه، جعل الخوف شعاراً لأنَّه الأقرب إلى الجسد، والسيف دِثاراً تالياً له(1)، وقال بعضهم: الخوف وإن كان من العوارض العقلية إلاَّ أنه كثيراً ما يستتبع(2)

ص: 177


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 308، وفيه: (... وجعل الدِثار تالياً له)
2- يستسع) في ر

اضطراب البدن وانفعاله بالرعدة فيكون شاملاً كالشعار للبدن الدثار والسيف يشتركان(1) في مباشرة المدثر والمضروب من فوقهما(2)، ويمكن أن يقال لما كان الخوف من الأمور الباطنة الحالة في القلب أشبه الشعار الملبوس تحت الدثار الملاصق للبدن والسيف وجرحه لما كان ظاهراً أشبه الدثار الذي يلبس فوق الشعار (فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللهِ، وَاذْکُرُوا تِیِكَ الَّتِي آبَاؤُكُمْ وإِخْوَانِكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ، وَعَلَيْهَا مُحَاسَبُونَ) الاعتبار الاتعاظ والاستدلال بالشيء على مثله، وتيك اشارة الى المؤنث الغائبة(3) والارتهان الاحتباس، وكل ما احتبس به شيء فرهينة ومرتهنة، والمشار اليها الدنيا التي تقدم ذكرها على ما ذكره بعض الشارحين(4) أو قبائح الأعمال التي اكتسبوها في الفترة وزمان الدعوة على ما ذكره بعضهم(5)، قال الله عز وجل: «كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ»(6)، وقال بعضهم يمكن أن يعني به الأمانة التي عرضت على الإنسان فحملها وهي العبادة، وهو مع بعده مبني على التفسير المذكور، نعم يمكن أن يكون المشار اليها الطاعة فلا يتوقف عليه. (وَلَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِکُمْ وَلَا بِهِمُ الْعُهُودُ، وَلَا خَلَتْ فِيمَا بَيِنَکُمْ وَبَيْنَهُمُ الْأَحْقَابُ وَالْقُرُونُ، وَمَا أَنْتُمُ الْيَوْمَ مِنْ يَوْمٍ كُنْتُمْ فِي أَصْلَابِهِمْ بِبَعِيدٍ) العَمر والعُمر بالفتح والضم مصدران لقولك: عمر الرجل كعلم، أي عاش زماناً إلاَّ أنّه لا يستعمل في

ص: 178


1- تشترکان) في م، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 313
3- ينظر: شرح الكافية الشافية: 1 / 130، وحاشية الصبان: 1 / 206
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 308
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 313
6- المدثر / 38، 39

القسم إلاَّ العَمر بالفتح والكلمة مرفوعة بالابتداء، واللام لتوكيد الابتداء والخبر محذوف، أي لعمري قسمي، وتقادم الشيء بمعنی قدم ککرم فهو قدیم، ويطلق القديم على ما لا أول لوجوده بل لم يزل موجوداً، ومنه قوله (عليه السلام) في الخطبة الجامعة لأصول العلم: ولو كان قدیماً لكان الهاً ثانياً، أي كلامه سبحانه وعلى ما سبق وجوده بزمان طويل وإن كان حادثاً بالمعنى المقابل للأول وهو المراد بتقادم العهد، وقال في المصباح المنير: أصل القديم في اللسان العربي: السابق؛ لأن القديم هو القادم، فيقال الله تعالى قدیم بمعنى أنه سابق الموجودات كلها(1) والعهد يكون بمعنى الحال والعلم(2) واللقاء، يقال فلان قريب العهد بكذا، أي قريب الحال والأمر كما عهدت، أي كما عرفت و عهدته بمكان كذا أي لقيته وكلمته، (لا) في قوله: (ولا بهم) مزيدة لتأكيد النفي كقوله تعالى: «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ»(3) فإنَّ [بعد العهد](4) أمراً اضافي يستلزم انتفاؤه عن أحد الطرفين، انتفاؤه عن الآخر [ويحتمل أن يكون المراد انه لم يبعد العهد بينكم وبين الاسلاف و كذلك بين الأسلاف وسلاف الاسلاف، أي ذلك سنة جارية في الاعصار والدهور، فبالحري(5) أن لا يذهل عنه أحد](6)، وخلت أي: مضت، والأحقاب جمع

ص: 179


1- ينظر: المصباح المنير، مادة (قدم): 2 / 493، وفيه: (فيقال لله...)
2- (اللعم) في أ، ع، تحریف
3- فصلت / 34
4- [بعد العهد] ساقطة من ح
5- (الجري) في م
6- [ويحتمل أن يكون المراد انه لم يبعد العهد بينكم وبين الأسلاف وكذلك بين الاسلاف وسلاف الأسلاف، أي ذلك سنة جارية في الاعصار والدهور، فبالحري أن لا يذهل عنه أحد] بیاض في ح

حُقُب بالضم وبضمتين، قيل: هو ثمانون سنة أو أكثر(1). [وقيل: (الدهر)(2)، وقيل: سنة(3)](4)، وقيل: ستون، والقُرون جمع قَرن بالفتح وفسر بعشرة سنين وعشرين وثلاثين إلى مائة و / و105 / عشرين، وقال بعض الشارحين: (القرون: الأُمم من الناس)(5)، وتفسيره بالزمان أولى، ويوم بالفتح على البناء وفي بعض النسخ بالجر من غير تنوین، ولعل الغرض أنه إذا لم تكونوا بعيداً من يوم كنتم في أصلابهم فكيف بعد عهدكم بهم حتى نسيتم شأنهم ولم تعتبروا(6) بما جرى عليهم (وَاللهِ مَا أَسَمَعَهُمْ(7) الرَّسُولُ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ) شَيْئاً إِلاَّ وَهَا أَنَا ذَا الْيوم مُسْمِعُکُمُوهُ، وَمَا أَسْمَاعُکُمُ الْيَوْمَ بِدُونِ أَسماعهم(8) بَالْأَمْسِ، وَلَا شُقَّتْ لَهُمُ الْأَبْصَارُ، وَ جُعِلَتْ(9) لَهُمُ الَأْفْئِدَةُ فِي ذَلِكَ الأوانِ(10) إِلَّا

ص: 180


1- ينظر: العين، مادة (حقب): 3 / 52، و الصحاح، مادة (حقب): 1 / 114
2- الصحاح، مادة (حقب): 1 / 114
3- ينظر: لسان العرب، مادة (حقب): 1 / 329
4- [وقيل الدهر] ساقطة من ث، [وقيل الدهر وقيل سنة] ساقطة من ع
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 309
6- (يعتبروا) في ح، م، تصحيف
7- (اسمعكم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 307، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 146
8- (أسماعكم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 307، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 146
9- (ولا جعلت) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 307، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 146
10- (الزمان) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 307، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 146

وَقَدْ أُعْطِيتُمْ مِثْلَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ) في بعض النسخ (أسمعكم)(1) على صيغة الخطاب موضع أسمعهم، وكذلك أسماعكم بالأمس موضع أسماعهم؛ فالخطاب للصحابة من أصحابه (عليه السلام) دون التابعين وما في الأصل أنسب بالسوق، والمعنى أنه لم يكن لهداية لهم أكمل من جهة الفاعل ولا القابل فلا عذر لكم من هذه الجهة، ثم لما احتمل المقام أن يدّعي مدع من المخاطبين العلم بأمر يقتضي العدول عن المتابعة لم يعلم به آباؤهم دفع (عليه السلام) ذلك التوهم بقوله: (وَاللهِ مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ شَيْئاً جَهِلُوهُ، وَلَا أُصْفِيتُمْ بِهِ وَحُرِمُوهُ) بُصّرتم على صيغة المجهول من باب التفعيل من البصر بمعنی العلم بقرينة الجهل، وأصفيتم به على صيغة المجهول، أي جعل لكم خاصة کما جعل الصفايا من المغنم لأمير الجيش وهي ما يصطفيه لنفسه من فرس وسيف ونحو ذلك قبل القسمة، وحرموه أيضاً على صيغة المجهول أي منعوا إياه، والحرمان كالإعطاء يتعدى إلى مفعولين، والغرض من مجموع الكلام الحث على العبرة بحال العاصين من السابقين والاقتداء بالمطيعين (وَلَقَدْ(2) نَزَلَتْ بِکُمُ الْبَلِيَّهُ جَائِلًا خِطَامُهَا، رِخْواً بِطَانْهُا) لعل المراد بالبلية استيلاء معاوية وبني أمية والحجاج، وجال فلان في البلاد إذا طاف غير مستقر(3)، وجال بسيفه إذا أداره على جوانبه(4)، والخطام ککتاب ما جعل في

ص: 181


1- (اسمعكم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 307، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 146
2- (وقد) في أ، ع
3- ينظر: الصحاح، مادة (جول) 4 / 1662
4- ينظر: العين،، مادة (جال): 6 / 182

أنف البعير لينقاد به سمي بذلك؛ لأن الخطم من كل دابة مقدم الأنف(1) ولعل المراد (بجولان)(2) خطامها كونها مالكة لنفسها، فإنَّ البعير إذا لم يكن له [من](3) يجذب(4) زمامه(5) ويقوده بل يسير ويرعی کما بیهوی يجول خطامه وقال بعض الشارحين: ([الناقة](6) اذا اضطرب خطامها استصعبت على راكبها)(7)، وبِطان البعير بالكسر الحزام الذي يجعل تحت بطنه(8) واذا استرخی البطان كان الراكب في معرض أنسب بالسوق، والمعنى أنه لم يكن لهداية لهم أكمل من جهة الفاعل ولا القابل فلا عذر لكم من هذه الجهة، ثم لما احتمل المقام أن يدّعي السقوط، ولعل الغرض من التشبيه كون تلك الدّولة جارية على حسب الأهواء خارجة عن نظام الشريعة، والراكن(9) اليها في معرض الهلاك في الآخرة وفي الدّنيا لقصر مدتها وعدم انتظامها. (فَلَا یَغُرَّنَّکُمْ مَا أَصْبَحَ فِيهِ أَهْلَ الْغُرُورِ، فَإِنَّمَا هُوَ ظِلٌّ مَمْدُودٌ إِلى أَجَلٍ مَعْدُودٍ) أهل الغرور المنخدعون بالباطل وما أصبحُوا فيه زخارف الدّنيا وزينتها والتشبيه بالظّل لعدم تأصّله في الوجود ولكونه ساكناً في بادي الرأي غير مستقر في الحقيقة

ص: 182


1- ينظر: الصحاح، مادة (خطم): 5 / 1914، 1910
2- (بحولان) في ح، تصحيف
3- [من] ساقطة من أ، ع
4- (محدب) في ث، وفي ر: (يحدث)، تحریف
5- (زمانه) في ر، تحریف
6- [الناقة] ساقطة من أ، ع
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 310
8- ينظر: الصحاح، مادة (بطن): 5 / 2079
9- (الزكن) في ر

وعند التأمل ولكونه زائلاً بسرعه لا يبقى مَدة يعتد بها العاقل، والأجل يكون بمعنی غاية الوقت ومدة الشيء، ولعل المراد الثاني والوصف [بالمعدود](1) باعتبار أجزائه من الأيام والشهور والسّنين وكونه منتهى غاية المدّ على تقدير مضاف أي ممدود الى انقضاء أجل معدود.

[وَمِنْ خُطبةٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلام)]

(الْمَعْرُوفُ(2) مِنْ غَيِرْ رُؤْيَةٍ، وَالْخَالِقُ مِنْ غَيِرْ رَوِیَّةٍ) الروية الاسم من قولك: رَؤَاْتُ في الأمر تروئةً(3) وتَرويئاً(4) إذا نظرت فيه(5) ولم تعجل بجواب، وأصلها الهمزة إلا أنها (جرت في كلامهم غير مهموزة(6))(7) کالبرية من برأ أي خلق، وقيل (مأخوذة)(8) من بری(9) وهو التراب فغير مهموزة(10)، (والذُرِّية من ذرأ الله الخلق أي خلَقهُم)(11) والذرية وهي البعير أو غيره

ص: 183


1- [بالمعدود] ساقطة من ع
2- (الحمد لله) غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 311، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 146
3- (ترواه) في ث، وفي ح: (ترويئة)، وفي م: (تروتة)
4- (تروينا) في ث
5- ينظر: العين، مادة (رؤا): 8 / 316
6- (مهموز) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والصواب ما أثبتناه
7- الصحاح، مادة (روی): 6 / 2364
8- (مأحوذه) في ح، تصحیف، وفي ع: (ماخوذ)
9- (یری) في ح
10- (مهموز) في م
11- اصلاح المنطق، ابن السكيت: 159

يستتر به الصائد فإذا أمكنه الرّمي رمی، وقيل مهمُوزة، وتنزّهه سبحانه عن الرؤية؛ لأنَّها (تستلزم)(1) نوعاً من الجهل و احتمال حصول رأي وعلم لم يكن في أول الأمر؛ ولأنَّها حركة القوة المفكّرة في تحصيل المبادئ والانتقال منها الى المطالب، وَاللهُ سبحانه بريء عن القوى والآلات (الَّذِي لَمْ يَزَلْ قَائِماً دَائِماً؛ إِذْ لا سَمَاءً ذَاتُ أَبْراجٍ، وَلَا حُجُبٌ ذَاتُ إِرْتَاجٍ، وَلَا لَيْلٌ داجٍ، وَلَا بَحْرٌ / وظ 105 / سَاجٍ) قد فسروا القائم بوجوه، قال ابن عباس (قیامه)(2) سبحانه علمه بالخلق وضبطه لأحوالهم أينما كانوا، وقیل (قیامه)(3) توكيله الحفظة عليهم، قال الله تعالى: «أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ»(4)، وقيل: حفظه للخلق وتدبيره لأمورهم، وقيل: مجازاته بالأعمال، وقيل: قهره لعباده واقتداره عليهم، وقيل: ثباته وعدم زواله، وقيل: براءته عن الاعياء والفتور والانتقال من حال إلى حالٍ(5)، والدائم في اللّغة الذي طال زمانه والثابت على حال(6) ووصفه سبحانه بالقائم بأي معنی کان قبل ايجاد الخلق؛ لأنَّه لا يحتاج في الاتصاف به إلى غيره ومنشأ الاتصاف ذاته وإن كانت فعلية الصّفة على بعض التّفاسير متوقفه على وجود الخلق، وكذلك وصفه بالدّائم من (ذاته)(7) مترتب على وجوب وجوده، والأبراج والبروج جمع بُرج بالضم

ص: 184


1- (يستلزم) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف والصواب ما اثبتناه
2- (فیامه) في ح، تصحيف
3- (فیامه) في ح، تصحيف
4- الرعد / 33
5- وردت هذه الوجوه في شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 319
6- ينظر: تاج العروس، مادة (دوم): 16 / 252
7- (داته) في ح، تصحيف

وهو من الحصن(1) ركنه(2)، ومن السّماء قيل: منزل القمر(3)، وقيل: باب السّماء(4)، وقيل: الكوكب العظيم سمّي برجاً لظهوره(5)، وقيل: واحد البروج الأثني عشر التي اصطلح عليها المنجمون(6)، وقد ورد الاحتراز عن السّفر والتزويج، والقمر في العقرب وهو يناسب المعنى الأخير إلَّا أنَّ الكلام في أنَّ المراد بمعنی بالعقرب مثلاً في الأخبار وفي كلام العرب الصّورة المتوهمة من أوضاع الكواكب المعينة أو الموضع المعين من الفلك الأعظم الذّي كان محاذياً لها حين رصدوا الكواكب، أولا ثم زالت الكواكب عنه بحركة الفلك الثامن کما يزعمونه، ولعّل الأظهر الأوّل، وحجبه کنصر أي منعه، ومنه قيل للستر(7) حجاب؛ لأنَّه يمنع المشاهدة، وقيل: للبواب حاجب لأنّه يمنع من الدخول(8)، والأصل في الحجاب الجسم الحائل ويستعمل في المعاني توسعاً کما يقال: العجز حجاب بين الرجل وما یرید وفسر الحجب بالأنوار الحاجبة المضروبة بين العرش وبين الملائكة كما يظهر من بعض الأخبار، وقيل: المراد بها السّموات عبّر عنها بلفظين والأرِتاج في بعض النّسخ بكسر الهمزة، وهو مصدر ارتج الباب أي (أغلقه)(9)، وفي بعضها بالفتح جمع رَتج بالتّحريك

ص: 185


1- (الحصين) في ث، تحریف
2- ينظر: الصحاح، مادة (برج): 1 / 299
3- ينظر: لسان العرب، مادة (برج): 2 / 212
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (برج): 2 / 212
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (برج): 2 / 212
6- ينظر: العين، مادة (برج): 6 / 114
7- (المستتر) في ع، تحریف
8- ينظر: القاموس المحيط، مادة (حجب): 1 / 52
9- تاج العروس، مادة (رتج): 3 / 379

أو رِتاج بالكسر، والأوّل (الباب العظيم)(1)، والثاني (الباب المغلق)(2) أو الذّي عليه باب صغير(3)، قال بعض الشّارحين: يُبعِد(4) رواية من رواه أرْتَاجَ بالفتح؛ لأنَّ فعالاً بالكسر قَلَّ أن يجمع على أفعال(5) ويمكن أن يكون جمع رتج بالتّحريك كما ذكرنا، واللّيل الدّاجي المظلم(6)، والبحر السّاجي (السّاكن)(7). (وَلاَ جَبَلٌ ذُو فِجَاجٍ، وَلاَ فَجٌّ ذُو اعْوِجَاجٍ، وَلاَ أَرْضٌ ذَاتُ مُهَادٍ، وَلَا خَلْقٌ ذُو اعْتِمَادٍ) الفَّج بالفتح الطّريق الواسع بين جبلين والمِهاد بالكسر الفراش واعتمدتُ على الشيء اتكأت عليه، وكل حيّ يعتمد على رجله في المشي وعلى غيرها ويمكن أن يراد به القوّة والتصرف (ذَلِكَ(8) مُبْتَدِعُ الْخَلْقِ وَوَارِثُهُ، وَإِلهُ الْخَلْقِ وَرَازِقُهُ؛ والشَّمْسُ اْلَقَمَرُ دَائِبَانِ فِي مَرْضَاتِهِ، يُبْلِیَانِ کُلَّ جِدِيدٍ، وَيُقَرِّبَانِ کُلَّ بَعِيدٍ).

ابدعت الشيء وابتدعته أي استخرجته واحدثته، والله سبحانه مبتدع الخلق أي مخترعه على غير مثال ووارثه؛ لأنَّه يفني(9) من في السموات ومن في الأرض ويبقى هو سبحانه مالكاً للموجودات لا مالك لها سواه، وإن كان

ص: 186


1- المصدر نفسه، مادة (رتج): 3 / 380
2- المصدر نفسه، مادة (رتج): 3 / 380
3- ينظر: الصحاح، مادة (رتج): 1 / 317
4- (ببعد) في أ، ث، ع، تحریف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 312، وفيه: (ويبعد رواية من رواه ذات ارتجاج...)
6- ينظر: تاج العروس، مادة (دجي): 19 / 400
7- المصدر نفسه، مادة (سجو): 19 / 508
8- (وذلك) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 311
9- (يعني) أ، ع، تصحيف

الملك له حين وجودهم ودأب في عمله إذا جدّ وتعب، ومرضاته أي رضاه ودوب الشّمس والقمر في رضاه سبحانه استمرار تحركهما على وفق ارادته وحكمته، وبلى الثوب کرضى أي خلق وأبلاه أخلقه وابلاء هما كلّ جديد أنه يبلي بمضي الأيام والشّهور وكذلك تقربهما كلّ بعيد (قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ، وَأَحْصَى آثَارَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ وَعَدَدَ أَنَفَاسَهُم(1) وَخَائِنَةَ أَعْيُنِهِمْ) الإحصاء هو العد وأثر الشيء بقيته وعلامته ويمكن أن يكون المراد آثار أقدامهم في الأرض عند المشي والأنفاس جمع نفس بالتّحريك، وفي بعض النّسخ (عَدَدَ) على صيغة الاسم واضافته إلى أنفاسهم، وخائنة الأعين مايسارق من النظر إلى ما لا يحل أو أن ينظر بريبة (وَمَا تُخْفِی صُدُورُهُمْ مِنَ الضَّمِيرِ، وَمُسْتَقَرَّهُمْ وَمُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الْأَرْحَامِ وَالظُهُورِ، إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى بِهِمُ الْغَايَاتُ) الضّمير اسم من قولك: أضمرت في نفسي شيئاً أي أخفيته، ويكون بمعنى القلب والباطن، والمستقَر والمستودع مكان الاستقرار والاستيداع(2) / و106 / والجار في قوله (عليه السلام): (من الارحام) بيان للمستقر والمستودع على سبيل اللّف والنّشر المرتب فإنَّ الكمال و حلول الرّوح إنّما هو في الرّحم دون الصّلب، ويحتمل العكس لطول المكث في الأصلاب وحينئذ فالظّرف أعني قوله [(عليه السّلام)](3): (إلى أن تتناهی) متعلق بقسم واحصى وعدّد، أو بالمستّقر والمستودع وتناهي الغايات بهم على الأول الموت، وعلى الثاني الولادة ويحتمل أن يكون المستقر مأواهم على وجه الأرض فإنَّ القرار على

ص: 187


1- (أنفسهم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 313
2- (الاستبداع) فيع، تصحيف
3- [عليه السلام] ساقطة من ث، ع

الأرض مقصود الخالق للتكليف والعبادة، والمستودع مرقدهم في الأرض بعد الموت فإنّ الانسان يودع(1) في القبر للحشر والحساب و كلمة (من) بمعنی (مذ) أي من زمان كونهم في الأرحام والظّهور الى انتهاء الغايات وهو الحشر في القيامة والقرار في الجنة أو النار، ويحتمل العكس في المُستقّر و المستودع لطول المكث والسّكون في القبر فهو المستقّر والإنسان مخلُوق للفناء والدّنيا دار ممرّ(2) لاَ دَار مقّر فوجه الأرض هو المستودع (هُوَ الَّذِي اشْتَدَّتْ نِقْمَتُهُ عَلَى أَعْدائِهِ فِي سَعَةِ رَحْمَتِهِ، وَاتَّسَعَتْ رَحْمَتُهُ لِأَوْلِيَائِهِ فِي شِدَّةِ نِقْمَتِهِ) النقمة ككلمته اسم من نقمت منه كضربت وانتقمت، أي عاقبت(3) وتجمع على نقمات ککلات، ويجوز نقل حركة القاف الى النون وعلى الوجهين موجود في النسخ في الموضعين، وكلمة (في) أمّا بمعنی (مع) کما قيل في قوله تعالى: «فَادْخُلِي فِي عِبَادِي»(4) أو للظرفية المجازية، والغرض أنّه لا يمنعه سعة الرّحمة عن العقاب ولا العقاب فيجمع على نِقَم كنعمة ونِعَم عن الرّحمة بل هو جامع للوصفين على ما ذكره بعض الشّارحين(5)، أو أن کِلاّ من الأمرين في حال الآخر لا کالمخلوق الذّي(6) لا يرحم إذا غضب، ولا ينقم إذا عطف فهو سبحانه يعاقب أعداءه ويشتد نقمته عليهم في الآخرة مع أنّه يشملهم نعمه في الدنيا فسعة الرحمة بالنّسبة اليهم أو مع شمول نعمته لأوليائه، وكذلك

ص: 188


1- (بودع) في ر، تصحیف، وفي ع: (يدع) تحریف
2- (من) في ع، تحریف
3- ينظر: لسان العرب، مادة (نقم): 12 / 590، وفي ر، م: (عاقب)
4- الفجر / 29
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 314
6- (والذي) في ر

تتسع رحمته لأوليائه في الآخرة وفي الدنيا في بعض الأحوال مع شدة نقّمته عليهم في الدّنيا حيث يبتليهم بالشدائد والفقر والأمراض، فالنقمة أيضاً بالنّسبة اليهم أو مع شدّة نقمته(1) على أعدائه، ولا يخفى أن اطلاق النّقمة على ابتلاء الأولياء لمصلحتهم لا يخلو عن بعد فلعل حملها على معاقبة الأعداء أولى، وعلى تقدير التّسامح فيه يمكن أن يكون المراد اشتداد النّقمة على الأعداء في الإمداد بالأموال والبنين وبهجة الدّنيا وَزخارفها على وجه الاستدراج وهو المراد بسعة الرّحمة، وقد قال عزّ وجل: «أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * «نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ»(2) فالرحمة على الأعداء في المعنى عين النقمة والغضب، وكذلك اشتداد النقمة في الدنيا على أوليائه بالابتلاء بالمصائب عين العطف والرّحمة حيث يستعدّون به للفوز بالنعيم وسعادة الآخرة، ويمكن أن يكون المعنى اشتداد النقمة على الأعداء [في الآخرة](3) إذا وسعت رحمته لأوليائه ففازوا بنعيم الجنة وشاهدهم أهل النار وايقنوا بالخيبة والحرمَان واتّساع الرّحمة للأولياء إذا اشتدّت نقمته على الأعداء فألقاهم في الجحيم وشاهدهم أهل الجنة وايقنوا بالنّجاة والسّعادة الأبدية فإنَّ ذلك من عظائم لذّاتهم كما يدّل عليه بعض الأخبار، ويحتمل بعيداً أن يكون المعنى اشتدت نقمته على الأعداء بالمعاقبة في الآخرة مع سعة رحمته إياهم في الدّنيا بالرّزق والمعافاة واتّسعت رحمته للأولياء بالعفو، مع شدّة نقمته عليهم بارتكاب الذّنوب والآثام، ولا يخفی

ص: 189


1- (نعمته) في ع، تصحیف
2- المؤمنون / 55، 56
3- [في الاخرة] ساقطة من ر، م

أنَّ في كلّ من الوجوه رجحان(1) من بعض الوجوه، والله سبحانه يعلم مقصد ولیّه وصفيه (صلوات الله و تحياته) (قَاهِرُ مَنْ عَازَّهُ، وَمُدَمِّرُ مَنْ شَاقَّهُ؛ وَمُذِلُّ مَنْ نَاوَاهُ وَغَالِبُ مَنْ عَادَاهُ، مَنْ تَوَکَّل عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنْ سَألَهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ أَقْرَضَهُ قَضَاهُ ومن شكرهُ جزاهُ) وفي بعض النسخ قاهر بالتنوين لا الاضافة وكذلك الثلاثة بعده، والعزّة(2) القوّة والغلبة](3) وعازنّي فعزّني أي غالبني فغلبني، والتّدمير الاهلاك والمشاقة والشقاق الخلاف والعداوة، وناوأه أي باعده وعَاداه، قيل: وأصله من ناء إليك ونؤت(4) اليه إذا / ظ106 / نهضتهما، وأصل الواو الهمزة ومعازة الله ومعاداته التجبر والتّكبر والخروج عن طاعته بعد ظهور الحقّ والتوكلّ اظهار العجز عن الأمر والاعتماد على الغير، قال الله تعالى في كفاية المتوكّلين «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ»(5)، وفي اعطاء السائلين «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»(6) وفي قضاء المقرضين «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً»(7) وفي جزاء الشاکرین «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(8) (عِبَادَ اللهِ زِنُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُوزَنُوا، وَحَاسِبُوهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَتَتَفَّسُوا قَبْلَ ضِيْقِ الْخِنَاقِ، وَانْقَادُوا

ص: 190


1- (وجهان) في ر
2- (للعزة) في ث
3- [والغلبة] ساقطة من ث، ر
4- (دنوت) في م، تحریف
5- الطلاق / 3
6- غافر / 60
7- البقرة / 245
8- إبراهيم / 7

قَبْلَ عُنْفِ(1) السِّيَاقِ) زنة النّفس اعتبار عملها حتى يعلم مقدارها من حيث السّعادة [والشّقاوة](2) عند ربّها، ومحاسبتها ضبط عملها للرّدع عن القبائح والحثّ على الصّالحات، وفي بعض النّسخ (حاسبُوا قَبلَ أنْ تحاسبوا) بدون حرف الجرّ، والخناق ككتاب الحبل ونحوه الذّي يعصر به الحلق(3)، ويقال: أخذه بخناقه أي بحلقه، والتنّفس(4) قبل ضيق الخناق تحصيل راحة الجّنة وبهجتها بالأعمال الصالحة في الدّنيا قبل حلول الموت وفوت الفرصة وقَود(5) الفرس ضد سوقه وسيَاقه والأول جذبه من أمامه، والثاني حثّه على السّير وإذا استصعب ولم يطع القائد يقدمّه ويسوقه بعنف وشدة، والسّياق أيضا نزع الرّوح كأن الرّوح تساق لتخرج من البدن، والمعنى انقادوا لأوامر الله قبل أن يسوقكم ملك الموت الى الآخرة، أو يقبض روحكم أو ملائكة العذاب الى النَار (وَاعْلمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُعَنْ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْهَا وَاعِظٌ وَزَاجِرٌ؛ لَمْ یَکُنْ لَهُ مِنْ غَيرهَا زَاجِرٌ(6) وَلاَ وَاعِظٌ) إعانة الله الإنسان على نفسه أن يوفقه بفضله، ويؤيده بلطفه حتى يقهر نفسه الأمارة بالسوء ولا يتبع(7) هواها ويختار طريق الخير ولا يبلغ الإعانة حد الاجبار كما هو ظاهر ينافي الاختيار والوعظ ذكر ما يلين القلب من الثواب والعقاب

ص: 191


1- (عنق) في م
2- [والشقاوة] ساقطة من ع
3- ينظر: الصحاح، مادة (خنق): 4 / 1472
4- (والنفس) في ر، م، تحريف
5- (قرد) في م
6- (لا زاجر) في شرح ابن أبي الحديد: 6 / 314، ونهج البلاغة، تحقيق صبح الصالح: 148
7- (تتبع) في ث، ح، تصحيف

وفناء الدّنيا ونحو ذلك.

[وَمِنْ خَطْبةٍ لَهُ (عَلَیهِ السَّلام)]

الشَبح بالتحريك وقد يسكن الشخص ويجمع على الشّبوح أيضاً والمراد الملائكة لتضمن الخْطبة ذكرهم ووصفهم وَمِن جَلَائل خَطَبةِ وكان سَألهُ سَائل أن يَصِفَ الله لَهُ حَتّى كَأنَّهُ يَراهُ عِيَاناً فَغَضِبَ لِذَلِكَ. العِيان بالكسر المعاينة، وفي بعض النسخ موضع هذا الكلام، وهي من جلائل الخطب روى مَسْعَدةُ بن صَدَقة عَن الصّادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال: خَطَبَ أمِيرُ المُؤمنْينَ (عليه السَّلام وَالصّلاةُ) بِهذِه الخُطبَة على منبرِ الكُوفة وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً أتَاهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمَير المؤْمنين صِفْ لَنَا رَّبَّنَا لِنَزدادَ لَهُ حُبّاً، وبِه مَعْرِفَةً فَغَضِبَ (عليه السّلامُ) وَنادي الصلاةُ جامِعَةً فَاجْتَمِع النَّاسُ عَلَيهَ حتّى غَصَّ المَسْجِدُ بأهْلِه فصَعَد المِنَبَر وَهُوَ مُغْضَبٌ مُتَغِيرُ(1) اللَّوِن فَحَمِدَ الله سُبْحَانَهُ وَصَلَىّ عَلَى النّبي (صَلَىّ الله علَيهِ وآله)، ثم قال: لعل(2) (غضبه)(3) (عليه السّلام) لعلمه بأنَّ غرض(4) السائل وصفه سبحانه بصفات الأجسام کما يزعم أكثر العوام ويناسبه بعض كلمات الخطبة، أو لأنَّه سأل بيان كنه حقيقته سبحانه، أو وصفه بصفات [أبلغ و](5) أرفع مما نطق به

ص: 192


1- (مغير) في ع، تحريف
2- (ولعل) في ا
3- (عضبه) في ح، تصحيف
4- (عرض) في ا، ر، تصحيف
5- [ابلغ و] ساقطة من ح

الكتاب والآثار لزعمه أنَّه لا يكفي في معرفة الله ويشعر بذلك بعض الفاظ الخطبة وجامعة في كلمة النّداء منصوب على الحاليّة أي عليكم الصّلاة على رفع الصّلاة كما حكى أو احضروا الصّلاة على نصبها جامعة لكلّ النّاس، وهذا النّداء للخطوب وعظائم السّوانح، وغصّ المسجد أي أمتلأ، ومغضب على صيغة المفعول أي فعل به ما يوجب غضبه. (الحَمْدُ للهِ الذي لَا يَفِرُهُ المَنْعُ(1)، وَلاَ يُكْديهِ الِأْعْطَاءُ وَالجُودُ؛ إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقَصٌ سِوَاهُ، وَكُلُّ مانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلَاهُ) وَفَرَّ الشيء كَوَعدَّ وفوراً أي تمّ وكمل(2)، ووفرته وفرا أي اتممته وأكملته(3) يتعدى ولا يتعدى ولذلك يقال للتام: وافر وموفور والمنع ضد الإعطاء وكدت الأرض تكدوا كدواً إذا أبطأ (نباتها)(4)، وكدا(5) الزّرع أي (ساءت)(6) نبتته ويعدى / و107 / بالهمزة، يقال: اکدى فلان الأرض أي جعلها كادية، فمعنى لا يكديه الإعطاء لا يجعله قليل الخير مبطئاً فيه؛ لأنَّه لا ينقص من خزائنه(7) شيء، وقال الجوهري: (أكديت الرجل عن الشيء، أي رددته عنه)(8)، فالمعنى لا يرده الإعطاء عن شأنه وعادته لأنه لا ينفد ما

ص: 193


1- (لا يفره المنع والجمود) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 316، وشرح نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 149
2- ينظر: الصحاح، مادة (وفر): 2 / 847
3- (كملته) في ع
4- (بناتها) في ا، ح، ع
5- (وكذا) في ح، ر،ع، م، تصحيف
6- (سائت) في ح
7- (حزائنه) في ث، وفي ر: (جزائنه)، تصحيف
8- الصحاح، مادة (كدى): 6 / 2472

عنده، وانتقص يكون متعدياً ولازماً كنقص والمنتقص(1) في النسخ على صيغة المفعول أي المنقوص والتعليل بالجملة الثالثة سواء كانت علّة للأولى ليكون(2) النشر على ترتيب اللف، أو للثّانية رعاية لمطابقة الإعطاء، والمنع في اللف والنشر واضح، وأمّا بالرّابعة ففيه خفاء ويمكن أن يكون من قبيل الاستدلال بنفي المعلول على عدم العلّة فإنّ الوفور بالمنع أو(3) أكداء الإعطاء علة للبخل التابع للخوف من الفاقة وهو علّة لترتب الذّم من حيث أنّه نقص أو لاقتضائه المنع وردّ السائل فنفي الذّم يدّل على عدم الوفور أو الأكداء المدّعى في الجملتين المتقدّمتين، ويحتمل أن تكون(4) جملة مستقّلة غير داخلة تحت التعليل مسوقة لدفع توهّم ينشأ من التعليل بعدم الانتقاص بالإعطاء فإنَّ للمتوّهم أن يقول: إذا لم ينقص من خزائنه شيء بالإعطاء فيجب أن لا يتصّف بالمنع أصلاً ولو اتصّف به لكان مذموماً مع أنّ من أسمائه المانع، فرد ذلك الوهم بأنَّ منعه سبحانه ليس للانتقاص بالإعطاء بل لقبح الإعطاء وعدم اقتضاء المصلحة إيّاه ومثل ذلك المنع لا يستتبع الذم أو استحقاقه ثم أنّه بقى في نفس الجملة كلام وهو أنه أن أريد بالمانع الذّي هو موضوع القضية من كان منعه في غير موقعه فكيف يستقيم الاستثناء وإن أريد الأعم فكيف يصح الحكم بكونه مذموماً، ويمكن الجواب باختيار الثّاني، ويراد بالمحمول من أمكن أن يلحقه الذّم ولا ريب أن نفى إمكان الذّم عنه سبحانه

ص: 194


1- (المنقص) في ر
2- (لتكون) في أ، ع، تصحيف
3- (و) في ع
4- (يكون) في ا، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه

أبلغ من نفي فعليّته، أو يقال: المانع لا يصدق على غيره سبحانه إلَّا إذا بخل بما افترض الله عليه وإذا أطلق عليه سبحانه يراد به مقابل المعطى فالمراد بالعنوان المعنى الّذي [...](1) يمكن تحققه في كلّ من الموردين ويدلّ عليه ما روى عن علي بن موسى الرّضا (عليه السّلام) أنه سئل عن الجواد فقال: ((إنَّ لكلامك وجهین فإنَّ كنت تسأل عن المخلوق فإنَّ الجواد هو الذي يؤدي ما افترض الله عليه و(البخيل)(2) هو الذي (يبخل)(3) بما افترض الله عليه وإن اردت الخالق فهو الجواد إن أعطى وهو الجواد إن منع؛ لأنَّه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له، وإن منعه منعه ما ليس له))، ويحتمل أن يكون ما بعد إذ علّة لاختصاص الحمد على الإعطاء به سبحانه أو(4) الفرد الكامل منه كما يفهم من اللّام ويناسبه تقديم اثبات الانتقاص والذّم للغير، بل مجرّد التّعرّض للغير، ولا يستبعد وقوع تحريف في الكلام من الروّاة أو النّساخ(5) وإن يكون لفظ كلامه (عليه السّلام) كل مانع موفور ما خلاه فأبدل الموفور بالمذموم أو مَدموم بالدّال المهملة وهو في الأصل السّمين الممتلئ شحماً كناية عن الموفور كما أنَّ الكد وفي السّابقة كناية عن الفقر والانتقاص وحينئذ فأمر التعليل فيها واضح كالقرينة السابقة، والتعليل في قوة التأكيد مع تضمنه لإثبات تفرده سبحانه بالصفة (هُوَ(6) المَّنانُ بِفَوائِدِ

ص: 195


1- [لا] زائدة في م
2- (النحيل) في ح، تصحيف
3- (ينحل) في ح، تصحيف
4- (و) في ث، ح
5- (النساح) في م، تصحيف
6- (وهو) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 316، وشرح نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 149

النِّعَمِ، وَعَوائِدِ المَزِيدِ وَالْقِسَمِ، عِيَالُهُ الخَلِقْ(1)، ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ، وَقَدَّرَ أَقْوَاتُهَمْ) المنّ يكون بمعنى الإنعام والإعطاء(2)، وبه فسرّ المنّان في أسمائه سبحانه، وبمعنى تعديد النعم، والصنائع وهو الذي يفسد الصنيعة(3) ويبطل الصدقة، وعليه حمل بعض الشّارحين كلامه (عليه السلام) قال: وهو صفة مدح للحق سُبحانه، وإن كانت صفة ذم لخلقه لاحتمال توقع الجزاء واستفادة الكمال في الخلق وتضّمنه التّطاول والكبر [و](4) هما(5) إنّما يلتقيان بالغنى عن ثمرة ما تطاول به لا بالمفتقر الى الجزاء، والله سبحانه لا يتوقع جزاء لإنعامه ولا يستفيد به كمالاً، بل يعدّ نعمه على عباده تذكيراً للشّكر كما قال سبحانه: «يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ»(6) (7)، ولعلّ الحمل على المعنى / ظ107 / الأول أوضح والفائدة الزّيادة تحصل(8) للإنسان من مَالٍ وغيره والعائدة المعروف والعطف، وقال بعض الشّارحين: (عوائد المزيد والقسم معتادهما)(9)، والمزيد الزّيادة، ولعل المراد به مالا يشوبه

ص: 196


1- (الخلائق) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 316، وشرح نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 149
2- ينظر: تاج العروس، مادة (منن): 546
3- (الصيغة) في أ، ع، تحريف
4- [و] ساقطة من ر
5- (هو) في م، تحريف
6- البقرة: 40، 47، 122
7- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 325
8- (تحصيل) في ح، تحريف
9- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 325

استحقاق العبد والقسم جمع قسمة [وهي الاسم من قسمه](1) كضربه وقسمه بالتّشديد أي جزّأهْ، وقيل: هو يقسم أمره قسماً أي يقدر وينظر فيه كيف يفعل، وعيال الرجّل بالكسر أهل بيته ومن يمونهم جمع عيِّل(2) وجمعه عيائل، كجيّد وجياد وجيائد، وضمن أرزاقهم كعلم أي كفّلها والتزمها وقدر أي جعل لكل منهم من القوت وهو مايقوم به البدن أو يمسك به الرّمق من المطعم على قدر ما يقتضیه الحكمة والمصلحة (وَنَهَجَ سَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْهِ، وَالطَّالِبِينَ مَا لَدَيْهِ، وَلَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجَوْدَ مِنْهُ بِمَا لَمْ يُسأِلْ) نَهَجْتُ الطّريق إذا أبنته(3) وَأوْضَحْتَهُ يقال: أعمل على ما نهجَته لَكَ ونهج السَّبِيلِ لصلاح المعاد كما أنَّ ضمان الأرزاق لصلاح المعاش وعدم الفرق بين ما سئل وبين ما لم يسئل بالنظر الى الجود لا ينافي في الحثّ على السؤال لكونه معدّات السّائل وعلل استحقاقه للإنعام والجود؛ لأن(4) نسبته(5) سبحانه الى الخلق على السّواء وإن استحقّ السّائل ما لم يستحقّه غيره بخلاف المخلوقين فإنَّ السّؤال يهتج(6) جودهم بالطّبع مع قطع النظر عن الاستعداد ويعطون السّائل حذراً من أن يذمهم الناس أو طمعاً في مدحهم دون غيره، وإن كان الاستعداد فيه أكد. (الأوَّلُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَالآخِرُ

ص: 197


1- [وهي الاسم من قسمه] ساقطة من ر، م
2- (عتيل) في م، تحريف
3- (انبته) في ث، ح، ر، م، تصحيف
4- (لأنه) في أ، ع
5- (نسبة) في م، تحريف
6- (يهيح) في ث، م، تصحيف

الذّي لَيْسَ لَهُ بَعْدٌ(1) فَيَكُونَ شْيَءٌ بَعْدَهُ)، قَالَ بعض الشارحين: وجوده تعالى ليس بزماني فلا يطلق عليه القبلية و البعدية كما يطلق على الزّمانيات(2)، فمعنى الكلام الأوّل الذّي لا يصدق عليه القبلية ليمكن أن يكون شيء ما قبله، والآخر الذي لا يصدق عليه البعدية الزّمانية ليمكن أن يكون شيء ما بعده، وقد يحمل على وجه آخر وهو أنّه لم يكن قد سبقه عدم، فيقال إنَّه مسبوق بشيء من الأشياء، أمّا المؤثر فيه أو الزّمان المقدّم عليه، وإنه ليس بذات يمكن فناؤها وعدمها فيكون بعده شيء من الأشياء أمّا الزّمان أو غيره(3)، ويمكن أن يكون المراد بالقبل الزّمان المتقدم سواء كان أمراً موجوداً أو موهوماً، وبالشيء موجود من الموجودات أي ليس قبله زمان حتّى يتصوّر تقدّم موجود عليه، وكذلك بقاء موجود بعده، وسيجي عن قريب(4) إن شاء الله تعالى تتمّة الكلام في أوّليته وآخريته سبحانه (وَالرَّادِعُ أنَاسِيَّ الْأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ) الأناسيّ بالتّشديد جمع انسان، (وإنسان العين: المثال الذّي يرى في السّواد(5))(6) ولا يجمع على أناس كما يجمع الإنسان بمعنى البشر عليه، وقيل: الأناسي جمع انسان العين مشدد والآخر يشدد ويخفف وقرئ «وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا»(7) بالتخفيف(8)، وقد سبق اشتقاق الإنسان من النّسيان أو

ص: 198


1- (لم يكن له) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 316
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 318، وفيه: (... البعدية والقبلية...)
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 318
4- (عنقريب) في أ، ث، ح، ر، ع، م
5- (الشواذ) في ع، تصحيف
6- لسان العرب، مادة (أنس) 6 / 13
7- الفرقان / 49
8- قرأها بالتخفيف (وأناسَيِ) الكسائي، ويحيى بن الحارث الذماري، ينظر: معجم القراءات القرآنية: 4 / 289

الإنس(1) في شرح الخطبة الأولى وردع أناسي الأبصار، أي منعه وردّه كناية عن عدم امکان احساسهَا لأنَّه(2) سبحانه ليس بجسم و لا في جهة، ونلت الشيء اصبته وادركته أي تبعته فلحقته، والمراد بالنيل الادراك التام و بالإدراك(3) غيره ويحتمل العكس وإن يكون العطف لتغاير اللفظين (مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ(4) فَيَخْتَلِفَ مِنْهُ الحالُ، وَلاَ كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْه الانتِقالُ) الدّهر الزّمان الطويل أو أعّم منه، وظاهر الكلام أنَّه سبحانه لم يمر عليه دهر؛ لأنَّه ليس بزماني كما أنّهَ ليس بمكاني فلا يلحقه اختلاف الأحوال اللازم للزّمانيّات، وما ليس بزماني لا يختلف حاله كما أنّ ما ليس بمكاني لا يجوز عليه الحركة، واللّام في الحال عوض عن المضاف اليه أي حاله، ويحتمل الجنس ويمكن أن يراد باختلاف الدّهر عليه جريانه على خلاف مراده أحياناً وعلى وفق إرادته أحياناً حتى يلحقه ما يلحق الخلق من الشّدة والرّخاء والنّعم والبؤس والصّحة والسّقم ونحو ذلك بل هو القادر المطلق / و108 / الذّي لا يجري الدّهر إلاَّ بأمره وارادته (وَلَوْ وَهَبَ مَا تَنَفَّسَت عَنْهُ مَعادِنُ الْجِبالِ؛ وَضَحِكَتْ عَنْهُ أَصْدافُ الْبِحَارِ؛ مِنْ فِلِزِّ اللُّجَيْنِ وَالْعِقْيَانِ، وَنُثَارَةِ الدُّرِّ وَحَصِيدِ المَرْجَانِ، مَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي جُودِهِ، وَلَا أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَهُ) التنّفس(5) عن الشي استعارة لإبرازه واخراجه كالحيوان يتنفس فيخرج من صدره ص: 199


1- العين، مادة (نسي): 7 / 304
2- [لانه] ساقطة من ر
3- (الاداك) في ع
4- (ذهر) في م، تصحيف
5- (النفس) في ح، تحريف

الهواء والتعبير بالتنّفس يناسب تكوّن المعدنيات من بخار الأرض كما قيل، والمعدن كمجلس منبت الجواهر من ذهب وغيره، وضحكت عنه أي تفتّحت وانشقت حتّى ظهر ويقال: للطلع حين ينشق الضحك بفتح الضّاد(1)، ويسمّى الضّاحك لأنَّه يفتح فاه ولطف تشبيه الصّدف بالفم والدّر بالسن واللّحمة التّي في الصّدف في دقّة طرفها ولطافتها باللّسان واضح، وقالوا: الصّدف حيوان ذو حسّ وحركة له شبه بالنبات حيث أنّ له عرقاً(2) يغرزه(3) في الأرض يعتذي(4) به، والفِلِزّ بكسر الفاء واللاّم وتشديد الزّاي الجواهر المعدنّية كالذّهب والفضّة والنّحاس(5)، وقيل: ما ينفيه الكير [أي ينحيه](6) من كل ما يذاب منها، واللجين مصغّر الفضّة(7)، والعقيان بالكسر (الذّهب الخالص)(8)، وقيل: (هو ذهب ينبت نباتاً وليس هو ممّا يحصل من الحجارة)(9)، ولا يناسب المقام إلا أن يكون ينبت في الجبال ومع ذلك الأنسب بالمقام الفرد الكثير الشّائع، ونثرت الشيء كنصرت رميته متفرّقاً، ونثارة الدّر بالضّم ما تناثر منه، والدّر جمع دّرة وهي (اللّؤلؤة العظيمة)(10)، وقيل:

ص: 200


1- ينظر: لسان العرب، مادة (ضحك): 10 / 460
2- (عرفا) في ر، تصحيف
3- (يغروه) في ث، تحريف
4- (يغتدى) في أ، وفي ث: (يفتدي)
5- ينظر: لسان العرب، مادة (فلز): 5 / 392
6- [اي ينحيه] ساقطة من ح
7- ينظر: لسان العرب، مادة (لجن): 13 / 379
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عقا): 15 / 81
9- معجم مقاييس اللغة، مادة (عقو): 4 / 77
10- القاموس المحيط، مادة (درر): 2 / 28

(اللؤلؤة)(1) وحصد الزّرع قطعه بالمنجل والحصيد المحصود، قال بعض الشّارحين: كان المراد المتبدد من المرجان کا يتبدّد الحب المحصود، ويجوز أن يعني المحكم من قولهم: شيء مستحصد أي مستحكم، قال ويروى: (وَحَصْباءِ المَرْجانِ) وَالحَصْباءِ: الحَصى والمرجان، صغار اللّؤلؤ(2)، قال الجوهريّ(3): وقال قوم هو البُسد يعني الحجر الأحمر، ومنه قول الشّاعر [يرثي امرأه](4).

أدْمَى لَها الْمَرْجانَ صَفْحَةَ خَدِّهِ *** وَبَكى عَلَيْهَا اللّؤلؤ المكنون(5) وانفده أي أفناه (وَلَكَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ الْأَنْعَامِ، مَا لَا تُنْفِدُهُ مَطَالِبُ الْأَنَامِ، لِأَنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَغِيضُهُ سُؤَالُ السَّائِلِينَ، وَلَا يُبخِّلُهُ(6) إِلْحَاحُ المُلِحِّينَ) دَخائر الأنعام ما بقي عنده من نعمه الجسام بعد العطاء المفروض، والمطلب مصدر، و يغيضه أي ينقصه جاء متعدياً کما جاء لازماً، يقال: غاض الماء، أي قل و(نضب)(7) وغاضه الله(8)، ولا يُبْخِّله على صيغة التفعيل(9)، أي لا يجعله بخيلاً، ويقال: بَخَلَهُ تَبْخِيلاً إذا رَماه بِهِ، وروي: (لا يُبخله) على صيغة الأفعال أي لا يجده بخيلاً، وألحّ في السؤال أي الحَفَ، والتّعليل أمّا

ص: 201


1- الصحاح، مادة (درر): 2 / 656
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 320
3- الصحاح، مادة (مرج): 1 / 341
4- ايرثی امرأه بياض في ث
5- البيت من البحر الكامل لمحمد بن هانئ الأندلسي في مدح معز الدولة، ديوان ابن هاني الاندلسي: 203، و شذرات الذهب: 3 / 43، ومعجم الأدباء: 19 / 101
6- (ينجله) في أ، ر، ع، م، تصحيف
7- (نصب) في ث، ح، تصحيف
8- ينظر: الصحاح، مادة (غیض): 3 / 1099، وفي ث: (وعاضه الله)
9- (لايُبخلَّهُ) على وزن (یُفعِّل)، والتفعيل منه التبخيل

للجملة الشرطية بتواليها فالوجة في التعليل بنفي التبخیل ظاهر إذ لو أثر العطاء المفروض في جوده لبخله الإلحاح فإنّه في الحقيقة معنى التأثير في الجود فنفيه(1) يدل على نفيه، وأمّا البقاء مالا ينفده المطالب من ذخائر(2) الأنعام فوجه التّعليل أنّ العادة قد جرت بلحوق البخل لمن ينفد ماعنده بالطلب وإن أمكن عقلاً عدمه بأن يسمح بكلّ ماعنده فنفي(3) التبخيل(4) يدّل على نفي الانفاد (فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صَفَتِهِ فَائَتمَّ بِهِ، وَاسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَایَتِهِ، وَمَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمُهُ، مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ، وَلَا فِي سُنَّةِ النَّبيّ (صَلّى الله عَلَیْه وَآلهِ)(5) وَأَئمَّةِ الْهُدَى أَثَرُهُ، فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ، فَإنَّ ذَلِكَ مُنْتَهَی حَقِّ اللهِ عَلَيْكَ) الإتمام(6) الاقتداء، والموتمّ المقتدى، والموتم به الذّي يقتدى به، والأثر بالتّحريك نقل الحديث وروايته(7)، ووكل الأمر اليه وکلا و وکولًا سّلمه وتركه، والكلام صريح في المنع من الخوض في صفاته سبحانه والبحث عمّا لم يرد منها في الكتاب والسّنة وما ذكره بعض الشّارحين(8) من أنّه انکار على من يقول: لم فرض الله على العباد خمس صَلوات وهلا كانت

ص: 202


1- (ففيه) في أ، ث، ر، تحریف
2- (دخائر) في أ، ر، تصحيف
3- (فبقی) في ح، وفي ث، ر (ففي)
4- (التبحيل) في أ، تصحیف، وفي ر: (النجيل)، تحریف
5- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 6 / 320
6- (الاهتمام) في أ، ر، ع، تحریف، وفي ث: (الأيتام)
7- ينظر: لسان العرب، مادة (أثر): 4 / 6
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 323، نقلًا عن الراوندي، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 382، وفي الحقيقة الراوندي لم ينكر صراحةً، ولم یکن كلامه في معرض الانکار، بل كان في صفات الراسخين بالعلم وطاعتهم المطلقة

سّتاً أو أربعاً، / ظ108 / ولمَ جعل الظهر أربع ركعات والصبح ركعتين وهلا عکس الحال، ففساده واضح، ثم أنه لاريب في أنّ اثبات صفة له سبحانه لم يرد في الكتاب والسّنة أصلا والبحث عنها داخل في المنهي(1) عنه وإن كان من البحث مرجعه إلى تفسير ألفاظ الكتاب والسّنة وايضاح المعاني ودفع الشّبه لیس داخلاً فيه، وأما ما كان حاصله تفصيل اجمال وبيان معنی محتمل لوجوه واثبات بعضها ونفي البعض بالوجوه العقلّية و(2) المستنبطة من الأخبار على وجه يحتمل الصّحة والفّساد لخفاء الطّرق ووجوه الدّلالة کما هو الغالب في الأبحاث المسطورة في أساطير القوم فالظّاهر دخوله فيما نهی عنه ولاشك في أنَّ الكّف عنه والاقتصار على القدر المأثور أولى وأسلم. (وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ(3) اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضرْوُبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ الْإِقْرَارُ بجُمْلَةِ(4) مَا جَهِلُوا تَفْسِيَرهُ مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللهُ تَعالى(5) اِعْترِافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوِلِ مَا لْمَ يُحِيطُوا بِهِ عِلْمًاَ، وَسَمَّى تَرْكَهُمْ التَّعَمُّقَ فِيْمَا يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كنهِهِ رُسُوخاً، فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا تقَدِّرْ(6) عَظَمَةَ اللهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِك فَتَكُونَ مِنْ الهَالِكينَ). الرّاسخ في الأمر الثّابت فيه(7)، واقتحم المنزل أي دخله بغته ومن غير روية(8)، والسّدد جمع

ص: 203


1- (المنتهى) في ر
2- (أو) في أ، ث، ع
3- (من) في ع، تحریف
4- (بحملة) في أن تصحيف
5- (تعالى) غير موجوده في من شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 320
6- (نقدر) في ح، تصحیف
7- ينظر: العين، مادة (رسخ): 4 / 196
8- ينظر: المصدر نفسه، مادة (قحم): 3 / 54

سّدة كغرف وغرفة، وهي (باب الدّار)(1) وضرب الباب نصبه ودون الشيء أقرب منه، وقبل(2) الوصول اليه والمتعمق(3) في الأمر الذّي يبالغ فيه ويطلب أقصى غايته، وقدر الشيء مبلغه وتقدير الشيء أن تجعل له قدراً وتقيسه(4) بشيء، أي لا تجعل مقدار عظمة الله مَا يبلغ إليه عقلك فإضافة القدر الى العقل لأنَّه هو الحاكم فيه، أو لا تجعل لعظمة الله مقداراً قليلاً كمقدار عقلك ولا تقسها بعقلك والظّاهر أنّ المراد بإقرار الرّاسخين في العلم ومدحهم ما تضمنه قوله تعالى: «فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ»(5) فإقرارهم قولهم: «آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا»(6) ومدح الله تعالى إيّاهم ذکر کلامهم المتضمّن للإیمان والتّسليم في مقام المدح أو تسمية ترك تعمقهم رسوخاً في العلم فیکون العطف في قوله (عليه السّلام) و سمی ترکهم التعمق للتفسير أو الإشارة إلى أنهم أولوا الألباب بقوله: «وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ»(7) وحينئذ فالمراد بالمتشابه ما يشمل صفة الله سبحانه ونحو ذلك مما استأثر الله عزّ وجل بعلمه وعلى هذا فمحل الوقف في الآية إلاَّ الله حتّى يستفاد اختصاص العلم

ص: 204


1- القاموس المحيط، مادة (سد): 1 / 301
2- (وقيل) فيع، تصحيف
3- (التعمق) في ر
4- (وتقيه) في ث، (ويقتسه) في م، تحریف
5- ال عمران / 7
6- ال عمران / 7
7- ال عمران / 7

المخصوص به سبحانه، والرّاسخون مبتدأ وخبره جملة (يقولون)، وهو بظاهره مناف لما يدّل عليه الأخبار من أنّهم (عليهم السّلام) يعلمون تأويل [ما](1) تشابه من القرآن ففي الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: ((نَحنُ الرّاسِخون في العِلم، ونَحن نعلَم تأويله))(2) وعن یزید(3) بن معوية عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله عَزّ وجّل: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»(4) فَرسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله) أفضل الرّاسخين في العلم قد علمّه الله عزّ وجل جميع ما أنزل عليه من التّنزيل والتأويل، وَما كان الله لينزل عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله، وأوصياءه من بعده يعلمونه كلّه الحديث(5)، وعلى هذا فالوقف على العلم وهو المشهور بين المفسّرين، ويكون قوله: (يقولون) حالاً من الرّاسخين أو استئنافاً موضحاً لحالهم ويمكن الجمع بأن يحمل حكاية قول الرّاسخين على اعترافهم وتسليمهم قبل أن يعلّمهم الله تأويل ما تشابَه من القرآن فكأنَّه سبحانه بين أنَّهم لما آمنوا بجملة(6) ما أنزل من المحكمات والمتشابهات ولم يتبعوا ما تشابه منه كالذّين في قلوبهم زيغ بالتّعلق بالظاهر أو بتأويل باطل فأتاهم الله علم التأويل وضمّهم إلى نفسه في الاستثناء والاستئناف في / و 109 / قوة دفع

ص: 205


1- [ما] ساقطة من أ
2- الأصول من الكافي: 1 / 213
3- (برید) في أ، ث، ح، ر، ع، تصحيف
4- ال عمران / 7
5- ينظر: الاصول من الكافي: 1 / 213، وفيه: (... أوصياؤه من بعده يعلمونه کله الحديث)
6- (بحملة) في أ، ر، تصحيف

الاستبعاد عن مشاركتهم لله عز وجل في ذلك العلم وبيان أنَّهم إنّما استحقوا إفاضة ذلك العلم باعترافهم بالجهل و قصورهم عن الاحاطة بالمتشابهات من تلقاء أنفسهم وإن علموا التأويل بتعليم إلهي وسيجيء في كلامه (عليه السّلام) أنّه لما أخبر ببعض المغيّبات، قال له رجل: أعُطِيْتَ يا أمير المؤمنين علم الغيب، فقال (عليه السّلام) للرّجل وكان كلبياً: يا أخا کَلْبٍ ليس هو بعلم غیبٍ وإنّما هو تعلّم من ذي علمٍ، ويمكن أن يكون اقرارهم وتسليمهم بعد علمهم بالمتشابهات للتّعليم الالهي نظراً إلى عجزهم عن ادراكها من دون التعليم وما هو شأنهم لو خلاهم الله وأنفسهم وإن سمّى الله عزّ وجّل رأفة هم ذلك المستفاد من التّعليم علماً أو يمكن أن يقال: إنَّ للآية ظهراً وبطناً أحدهما: أن يكون المراد بالمتشابه مثل العلم بكنه الواجب وما استأثر الله عزّ وجل بعلمه من صفته وغيرها والوقف حينئذٍ على الله وإليه يشير ظاهر الخطبة، وثانيهما: أنَّ يراد به ما علم الرّاسخون في العلم تأويله وإليه الاشارة في الأخبار والوقف حينئذ على العلم ویکون القارئ مخيراً في الوقف على أحد الموضعين ويمكن أنَّ لا يكون الإقرار والمدح في الخطبة اشارة الى ما تضمّنته(1) الآية بل الى اقرارهم بالعجز عن معرفة صفته والغيب المحجوب فيما بينهم وبين الله عزّ وجل ومدح الله سبحانه إيّاهم في الملأ الأعلى ونحوه ويكون المراد بالمتشابه ما علموا تأويله ويكون موضع الوقف في الآية العلم والوجوه وإن كان بعضها لا يخلو عن بعد إلاَّ أنَّها غاية ما خطر لي في مقام الجمع والله سبحانه يعلم حقيقة الحال ولبعض الشارحین(2) في تحقيق معنی

ص: 206


1- (تضمنه) في م، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 331 - 336

حجب الغيوب وبيان الرّسوخ في العلم كلمات اعرضنا عن ذكرها لسخافتها (هُوَ الْقَادِرُ الذِي(1) إِذَا ارْتَمَتِ الَأْوهَامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدَرِتهِ، وَحَاوَلَ الْفِكْرُ المُبَرَّأُ مِنْ خَطْرِ الوَسَاوِسِ [...](2) أَنْ يقَعَ عَلَیْهِ في(3) عَمِيقَاتِ غیُوبِ(4)، مَلَكُوتِهِ، وَتَوّلَهَّتِ الْقُلوُبُ إِليْهِ لِتَجْرِي(5) فيِ كَيْفِيَّةِ صِفَاتِهِ، وَغَمَضَتْ مُدَاخِلُ الْعُقُولِ فيِ حَيْثُ لَا تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ لِتَنَالَ(6) عِلْمِ ذَاتِهِ) ارتمى القوم، أي تراموا بالنبال والأوهام خطرات القلب وفي اصطلاح المتكّلمين إحدى القوى الباطنة شبه(7) (عليه السّلام) جولان الأفكار وتعارضها بالترامي، والمنقطع موضع الانقطاع ويحتمل المصدر، وحاولت الشيء ارَدتَه، والخطر بالتسكين مصدر خطر له خاطر أي عرض في قلبه(8)، وروی من خطرات الوساوس والوسوسة(9): حديث النفسو الشيّطان بما لا خير فيه ولا نفع(10)، والاسم

ص: 207


1- (الذي) ساقطة من ع
2- [و] زائدة في أي ع
3- (في) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 324، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 151، وفي ح: (من)
4- (عيوب) في ح، وفي ع: (عبوب)
5- (ليجري) في أ، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما اثبتناه
6- (لتناول) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 324، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 151
7- (اشبه) في ر، م، تحریف
8- ينظر: لسان العرب، مادة (خطر): 4 / 249
9- (الوسة) في ر
10- ينظر: العين، مادة (وسوس): 7 / 335، و ينظر: القاموس المحيط، مادة (وس): 2 / 257

الوسَواس، والملكوت (العزّ والسّلطان)(1) وهو اسم مبني من الملك کالجبروت (والرهبوت من الجبر والرهبة)(2)، وتولهّت إليه أي اشتد عشقها وحنتْ(3) إليه(4)، والولَه بالتحريك التّحير وذهاب العقل من حزن(5) أو من فرح أو حُزن ولتجري في كيفية صفاته أي ليجد(6) مجری ومسلكاً في ذلك، وغَمض الشيء بفتح الغين(7) کما في بعض النّسخ وبضمّها كما في بعضها، أي (خفي)(8) مأخذه، والغامض من الكلام خلاف الواضح ومداخل العقل طرق الفكر وفاعل تنال ضمير العقول أي إذا دقت و (غمضت)(9) طرق العقول ووصلت إلى حدّ لا تبلغه الصّفات لدّقة تلك الطّرق وخفائها، أو إذا دقت وانتهت العقول الى أنّها لا تعتبر مع ملاحظة ذات الحقّ صفة من صفاته على ما ذكره بعض الشّارحين(10) طالبة(11) بذلك أن تصل إلى علم ذاته، وفي بعض النسخ (لتنال علم ذلك) وما في الأصل أظهر. (رَدَعَها وَهي تجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الْغُيُوبِ، مُتَخَلِّصَةً إِلَيْهِ سُبَحْانَهُ، فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ مُعْتَرِفَةً بأَنَّهُ

ص: 208


1- القاموس المحيط، مادة (ملك): 3 / 320
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 359
3- (وخنت) في ث، تصحيف
4- (اليها) في ح
5- ينظر: الصحاح، مادة (وله): 6 / 2256
6- (لنجد) في أ، ع، تصحیف، وفي ث: (بعد)، تحریف
7- (العين) في أ، ع، تحریف
8- (حفي) في ث، ح
9- (عمصت) في ح، ر، تصحيف
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 326
11- (طالبته) في ر، م، تحریف

لَا یُنَالُ بجَوْرِ الاعْتِسَافِ کُنْهُ مَعِرفَتِهِ، وَلَا تَخْطُرُ بِبَالِ أَولِى الرِّوِیَّاتِ خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلَالِ عِزَّتِهِ) الردّع الردّ(1) والكفّ(2)، والجملة جزاء للشرط(3) السابق والضمير المنصوب راجع إلى الأوهام وغيرها ممّا سبق، وردع الجميع ردع العقل والواو للحال، وتجوب أي يقطع و المهاوي جمع مهواة وهي الحفرة(4)، أو (ما بين الجبلين)(5)، ويراد بها المملكة، والسّدف جمع سدفة وهي القّطعة من الليل المظلم وهي من الأضداد تطلق على الضياء والظلمة، // ظ109 / وخلصّته تخليصاً نحيّته فتخلّصَ ومتخلصّه(6) إليه أي متوجهة إليه بكليتها متنحية عن غيرها و جهة كمنعه أي ضرب جبهته(7) وردّه، والجور العدول عن الطّريق(8)، والاعتساف قطع المسافة على غير جادة معلومة(9) والمراد بجور اعتسافها شدّة جولانها في ذلك المسلك الذي لا جَادة له ولا يفضي إلى المقصود والخاطرة المنفية هي المطابقة للواقع وتقدير الشيء أن تجعل له قدراً أو أن تقيسه بشيء (الَّذِي ابْتَدَعَ الخلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ امْتَثَلَهُ، وَلَا مِقْدَارٍ احْتَذَی عَلَيْهِ مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ کَانَ قَبْلَهُ) الابتداع الانشاء والاحداث، ومثال الشيء بالكسر صورته وصفته ومقداره، وامتثله أي تبعه ولم يتجاوز عنه، واحتذى

ص: 209


1- (لرد) في ث
2- ينظر: الصحاح، مادة (ردع): 3 / 1218
3- (الشرط) في ع، تحریف
4- المصباح المنير، مادة (هوی): 2 / 643
5- تاج العروس، مادة (هوی): 20 / 345
6- (متخلصته) في ح، ر، م، تحریف
7- (جهته) في ح، تحریف
8- ينظر: تاج العروس، مادة (جور): 6 / 217
9- ينظر: المصدر نفسه، مادة (عسف): 12 / 386

عليه أي اقتدي به والجار في قوله (عليه السّلام): (من خالق) متعلق بمحذوف هو صفة لمقدار أو لمثال(1) و(2) مقدار کنا شيء مثلًا والمراد بنفي امتثال المثال انّه لم يمثل لنفسه مثالاً قبل شروعه في خلق العالم ليخلق العالم على هيئته کالبناء يخط خطوطاً في الأرض، ويفرض رسوماً ثم يبني بحسبها(3) وبنفي(4) احتذاء المقدار انه لم يقتدِ بخالق کان قبله كالتلميذ يعمل(5) على حذو ما صوّر له (الاستاذ)(6)، ويحتمل أن يكون الثاني كالتأكيد للأوّل فيكون الظرف صفة للمثال والمقدار معاً ويكون المراد بالأوّل نفي الاقتداء بالغير في التّصوير، وبالثاني في التقدير، ويحتمل أن يكون المراد بالمثال ما يرتسم في الخيال من صورة المصنوع وهيأته وإن لم يكن على حذو فعل فاعل آخر التنزهه عن الصّور والخواطر والآلات (فالظرف)(7) صفه لمقدار کما في الوجه الاوّل، ووصف الخالق بالمعبود(8)؛ لأنَّه من لوازمه، أو لأنَّه لو كان كذلك لكان هو المعبود فنفي(9) معبود غيره يدل على نفي خالق کان قبله. (وَ أَرَانَا مِنْ مَلَکُوتِ قُدْرَتِهِ، وَعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ وَاعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنْ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ؛ مَا دَلَّنا باضْطِرَارِ قِيامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ)

ص: 210


1- (المقدار أو المثال) في ر، م
2- (أو) في م
3- (بحسها) في م، تحريف
4- (ويبقى) في ر، م، تحریف
5- (بعمل) في ر، تصحيف
6- (الاستاد) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما اثبتناه
7- (فالطرف) في ح، ر، م، تصحيف
8- (المعبود) في ع
9- (ففي) في أ، ع، تحریف

الملكوت العزّ والسّلطان کما سبق، والمِساك بالكسر ما يمسك به(1)، وفيه دلالة على احتياج الباقي في بقائه إلى المؤثر والموصول مفعول [ثاني](2) لأرانا واضطرار قيام الحجة عبارة عن افادتها العلم القطعي بعد تحقق الشّروط وارتفاع الموانع کالتّعصب والعناد والتّعلق بالشبه والجار في قوله (عليه السّلام) (على معرفته متعلّق (بدّلنا) (وَظَهَرَتْ(3) فيِ(4) الْبَدَائِعِ الَّتِي أَحْدَثَها آثارُ صَنْعَتِهِ وَأَعْلَامُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ کُلُّ مَا خَلَقَ لَهُ حُجَّةً(5)، وَدَلِيلًا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً؛ فَحُجَّتُهُ بِالتَدْبِيرِ نَاطِقَةٌ، وَدَلالَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قائِمَةٌ) البديع يكون بمعن المُبتدع والمحدث كقوله تعالى: «بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»(6)، وبمعنى المبتدع أيضاً كما في هذا المقام وأعلام الحكمة ما يدل عليها ويهدي إليها كالجبل يهتدي به، والضمير في قوله (عليه السّلام) (فحجته) يحتمل أن يعود الى الخلق الصّامت كالضمير في دلالته ويحتمل أن يعود الى الله سبحانه (فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ، وَتَلَاحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ المُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ، لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ(7) ضَمِیِرْهِ عَلىَ مَعْرِفَتِكَ، وَلْمَ يُبَاشْرِ

ص: 211


1- ينظر: تاج العروس، مادة (مسك): 13 / 641
2- [ثاني] ساقطة من ع
3- (فظهرت) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 326، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 152
4- [في] غير موجوده في نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 152
5- (حجةً لهُ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 329، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 152
6- الانعام / 101
7- (عیب) في ع، تصحيف

قَلْبَهُ الْيَقِينُ بِأَنَّهُ لَا نِدَّ لَكَ، وَكَأنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِينَ مِنَ(1) الْمَتْبُوعِيَن؛ إِذْ يَقُولُونَ: «تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ»(2) في بعض النّسخ (وأُشهد) بالواو والمشبّه به في الحقيقة هو الخلق وادخال الباء على التّباين تنبيه على وجه الخطأ لأنَّ التباين والتّلاحم [منافیان(3) وجوب الوجود لعدم انفکاکهما(4) عن التركيب، والتّلاحم](5) التّلاصق، والحِقاق بالكسر جمع حُقَة بالضّم وهي في الأصل وعاء من خشب(6)، وحقاق المفاصل النُّقر التي(7) يرتكز فيها العظام واحتجابها استتارهَا بالجلد واللحم، والجار في قوله (عليه السلام): (لتدبير حکمتك) متعلق بالمحتجبة أي المستورة للتّدبير الذّي اقتضته الحكمة، قيل ومن حكمة(8) احتجابها أنها لو خلقت ظاهرة ليست رباطاتها فيتعذر(9) / و110 / تصرف الحيوان وكانت معرضة للآفات أو بالتباين والتّلاحم، وقال بعض الشارحين: ومن روی ((المحتجّة)) أراد أنّها كالمستدلة على التّدبير الحكمي من لدنه سبحانه(10)، والعقد الشّد، وفاعل الفعل الموصول أي المشبّه و(غيب) منصوب على

ص: 212


1- (عن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 328
2- الشعراء / 97، 98
3- (نامان) في أ، تحریف
4- (انفکاکها) في ح، ر، م، تحریف
5- [منافیان وجوب الوجود لعدم انفكاكهما عن التركيب والتلاحم] ساقطة من ع
6- تاج العروس، مادة (حقق): 13 / 83
7- [التي] ساقطة من ح
8- (حكمته) في ر
9- (فتعذر) في ث، وفي ح، ر: (فيعذر)، تحریف
10- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 324

المفعولية وهو كل ماغاب، والضمير اسم من أضمرت في نفسي شيئاً واضافة [الغيب إلى الضمير من اضافة](1) الصفة إلى الموصوف أو المراد (بغيب)(2) الضمير حقيقة عقيدته وباطنها لا ما يظهرها من عقيدته لغيره أو يظهر له بحسب توهمه، وفي بعض النسخ (لم يُعقد) على صيغة المجهول وغيبُ بالرفع، والمباشرة لمس البشرة والفاعل اليقين وفي بعض النسخ قلبه بالرفع على أنّه الفاعل وما في الأصل أظهر، والند المثل وإن في الآية (مخففة)(3) من المثقلة (ویدل)(4) الكلام على أن التسوية في الآية يشمل هذا التّشبيه ولا يخص التّسوية في استحقاق العبادة (کَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ، إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ وَنَحَلُوكَ حِلْيَةَ المَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهِمْ، وَجَزَّؤُك تَجْزِئَةَ المُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ، وَقَدَّرُوكَ عَلَى الْخَلِقْ(5) المُخْتَلِفَةِ الْقُوَى بِقَرَائِحٍ عُقُولهِمْ) عدل فلاناً بفلان أي سوّى بينهما وجعله عديلاً له، ونحلوك أي أعطوكَ(6)، وحلية المخلوقين صفات الممكنات والأجسام والتعبير بالنحلة والحلية لزعم هؤلاء أنها كمال له عزّ وجّل، و جزؤك أي اثبتوا لك أجزاء وخواطرهم ما يخطر ببالهم من الأوهام الفاسدة، ولعل التقدير على الخلق(7) أن يجعل له سبحانه قدراً كقدر الخلق بإثبات صفات الخلق له تشبيهاً بفعل من يقطع ثوباً على قدر ثوب أو

ص: 213


1- [الغيب إلى الضمير من اضافة] ساقطة من ع
2- (يغيب) في ح، تصحيف
3- (محففه) في ح، تصحيف
4- (وبدل) في ح تصحيف
5- (الخلقة) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 328، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 152
6- ينظر: الصحاح، مادة (نحل): 5 / 1826
7- (للخلق) في ر

يضع شيئا مساوياً لشيء فيطبقه(1) عليه ويجعله بقدره و(قرائح عقولهم) ما يستنبطونه بآرائهم والقريحة في الأصل (أول ما يستنبط من البئر)(2). (فَأَشْهَدُ(3) أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بكَ وَالْعادِلُ بِكَ کَافِرٌ بِما تَنَزَّلَتْ بهِ مَحْکَماتُ آیاتِكَ، وَنَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُحَجِ بَیِّناتِكَ) في بعض النّسخ واشهد بالواو وساواه به وساوى بينهما أي سوی وعَدل بك أي جعل لك عديلاً وشريكاً، ومحكمات الآیات نصوص الكتاب وشواهد الحجج الأدّلة العقلية ونطقها دلالتها القطعية أو الشواهد الانبیاء الهُداة المبينّون(4) للحجج التي هي الأدلة واضافة الحجج الى البينات للمبالغة (وَإنِّكَ(5) أنَتَ اللهُ الذي لْم تَتَناهَ في العُقُولِ فَتَكوُنَ في مَهَبِّ فِكَرِهَا مُكيّفاً(6)، ولَا فِي روِيّات خَواطِرِهَا مَحدُوداً مُصَرفاً)(7) التناهي في العقول أن تحيط بالمعقولِ(8) بأن تدركه بالكنه أو بحيث لا يكون له صفة وراء ما ادركته ولعل ادراك العقل على أحد الوجهين لا يتصور إلاَّ فيما تعرضه الكيفيات أو التناهي في العقل أن يدرك الشيء مرتسماً في القوى الجزئية وهي مهب الفكر التّي يرتسم فيها التّصور وتزول کالريّح الهابّة تمر بشيء ويحتمل أن يكون المهب مصدراً أي في هبوب الفكر، وقال

ص: 214


1- (فطبقه) في ث، ر
2- الصحاح، مادة (قرح): 1 / 396
3- (واشهد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 328، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 152
4- (المبنيون) في ح، تصحيف
5- [إنكَ] غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 328
6- (مکنفة) في ث، ر
7- (تناهي) في ر
8- (العقول) في ح

بعض الشارحين: (مهاب الفكر جهاتها)(1)، والرّوية اسم من رويت في الأمر إذا نظرت وفكّرت، وروّيات الخواطر ما يخطر بالبال بالنظّر والفكر والمحدود المحاط بالحدود، والمراد بالحدود ما يلزم(2) الإحاطة(3) التّامة(4) أو الصفات والكيفيات التّي لا يتعداها المعلوم والمصرّف القابل للتّغير والحركة على ما ذكره بعض الشارحين(5) أو المحكوم عليه بالتجزئة والتّحليل والترّكيب. (قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأحكَمَ تَقديرهُ، وَدَبَّرهُ فَألطَفَ تَدبيَرهُ، وَوَجَّهَهُ لوِجَهتِهِ فَلَمْ یَتَعَدَّ حُدُودَ مَنزلَتِهِ، وَلَمْ يقصرْ دوُنَ الانتِهاءِ الى غَايَتهِ، وَلَمْ يَسْتَصْعبْ إذْ أمَرَ بِالمَضيّ علَى إرادَتِهِ، وَكيَفَ(6) وَإنَّما صَدَرَتِ الأمُوْرُ عَنْ مَشِيئّتهِ!) قدّر ما خلق أي جعل لكل شيء مقداراً مخصوصاً على حسب ما اقتضته الحكمة، أو هّيأ كل شيء لما أراد منه من الخصائص والأفعال، / ظ110 / أو قدّره للبقاء إلى أجل معلوم وأحكم أي أتقن، والتدبير في الأمر النظر الى ما تؤول اليه عاقبته وفسّر اللّطيف في أسمائه سبحانه بالذّي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدّرها له من خلقه يقال: لطف به وله بالفتح إذا رفق به، ويقال: لطُف الشيء بالضّم إذا صغر ودق، ولعلّ ألطاف التّدبير جعله لطيفا دقيقاً أي دبّر الأمور بتدبيرات دقيقة أو لمّا دبّر أمور الخلق

ص: 215


1- بحار الانوار: 54 / 125
2- (ما يلزمه) في ر
3- (الاخاطة) في ث، تصحيف
4- (الطامة) في ر، تحریف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 328
6- (فكيف) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 330، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 153

على وجه الرّفق فكأنه جعل التّدبير ذا رفق، والضّمير في (تقديره وتدبيره) راجع الى الله سبحانه أو الى ما خلق وكذلك الضميران في (غايته ومنزلته)، وجّهه أي أرسله، والوِجْهة بالكسر الناحية أو كلّ مکان استقبلته، وقصر السهم عن الهدف إذا لم يبلغه، وقصُرت عن الشيء أي عجزت عنه(1)، ودون الشيء أي [أمر](2) قريباً منه وقبل الوصول اليه، والمعنى وقف كل شيء في الحدّ الذّي قدّره له بحكمته غير قاصر ولا مجاوز عنه، واستصعب الأمر علينا أي صعب والصعب غير المنقاد ومضى الشيء کرمی مضيّاً ومضّوا أي نفذ ولم يمتنع(3)، وصدر كقعد أي رجع وانصرف کرجوع الشاربة عن الماء، والمسافر عن مقصده ولمّا كانت الأمور لإمكانها محتاجة في الوجود الى مشيئته(4) فكأنهّا توجهت اليها فرجعت فائزة بمقصدها، والمشيئة(5) الإرادة وأصلها المشيئة بالهمزة (المنشئُ أَصْنَافَ الأشَياءِ بِلَا رَوِيَّةِ فكرٍ آلَ إِلِيهَا، وَلَا قَرِيحَةِ غريزَةٍ أضَمَرَ عَلَيْهَا، ولَا تَجرِبةٍ أفَادَها مِنْ حَوادثِ الدّهُوُرِ، ولَا شَريكٍ أعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجائِبِ الأمُوُرِ) إن شاء الله أي ابتدأ خلقه، والروّيّة اسم من روّيت في الأمر اذا نظرت وفكرت کما مرّ(6) وآل إلى الشيء أي رجع، والقريحة في الأصل أوّل ما يستنبط من البئر کما مرّ(7) وقولهم لفلان: قريحة

ص: 216


1- (منه) في ح، تحریف
2- [أمر] ساقطة من أ، ث، ر، ع
3- (يمنَّع) في ر
4- (مشیته) في أ، ث، ح، ر، ع
5- (المشيته) في أ، ر، وفي ث، ح، ع: (المشيه)
6- ينظر: صحيفة 13
7- ينظر: صحيفة 192

جيّدة(1) يراد بها (استنباط العلم بجودة الطّبع)(2)، ويطلق على الطّبع والغريزة الطّبيعة وقريحة الغريزة ما يستنبطه الذّهن، وقيل قوة الفكر للعقل، واضمر عليها أي اخفاه في نفسه محتوياً عليها، والتجربة الاسم من جرّبت الأمر أي اختبرته مرّة بعد أخرى، وافدته مالا أعطيته وأفدَتْ منه مالاً أخدت، وحکی الجوهري عن أبي زيد: (أَفَدْتُ المال أعطيته غيري وأفدته استفدته)(3)، و تنزهه سبحانه عن الروّية والقريحة والتجربة لعدم انفكاكها عن الجهل السّابق وظهور أمر بعد الخفاء(4) والحاجة وابتداع العجائب أحداثها (فَتَمَّ خَلقُهُ(5) وَأَذْعَنَ لِطاعَتِهَ، وأجابَ الى دَعْوَتِهِ، لَمْ يَعْترَضُ دُونَهُ ريثُ المُبْطِئِ، ولَا أَنَاةُ المُتَلِکَئِ) يمكن أن يراد بالخلق المعنى المصدريّ ويكون الضّمير راجعاً اليه سبحانه کالضّمير في طاعته ودعوته أو إلى ما خلق المذكور سابقاً وحينئذ يكون الضّمير في (أذعن وأجاب) راجعاً إلى الخلق على الاستخدام أو إلى ما خلق ويمكن أن يراد به المخلوق و تمام مخلوقاته بإفاضته عليها ما يليق بها وتستعد له، وإذعان ما خلق لطاعته واجابته الى دعوته أما بمعنی دخوله في رق الحاجة والإمكان وتصريف القدرة أو بمعناه الظّاهر بأن يكون لكلّ مخلوق شعور يذعن به ولسان يحب(6) به کما هو ظاهر قوله عزّ

ص: 217


1- (جدة) في ر
2- الصحاح، مادة (قرح): 1 / 396
3- الصحاح، مادة (فيد): 2 / 521
4- (الخفا) في ر، م
5- (فتم بأمره) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 330، و نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 103
6- (نحب) في ر، تحریف، وفي م: (يجب)

وجّل: «تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»(1) وقد اشار سبحانه إلى هذه الطّاعة والاجابة بقوله: «فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ»(2) واعترض الشيء صار عارضاً كالخشبة المعترضة في النّهر وعرض لي في الطّريق عارض من جبل ونحوه أي مانع يمنع من المضي واعترض بمعناه ومنه اعتراضات العلماء، لأنها تمنع من التمسك بالدّليل، واعترض الشيء [دون](3) الشيء أي [...](4) حال بينه [وبينه](5)، ودونه قريب منه وقبل الوصول اليه، والريث: (البطؤ)(6) في المثل: (رُبّ عجلة وهبت ريثاً)(7)، والأناة كقناة اسم من تأنّي في الأمر أي تمكث ولم يعجل(8)، وتلكّأ توقف وإبطاء، والمعنى نفي الرّيث والأناة عن الأشياء في اجابة الدّعوة والأذعان للطّاعة أو عنه سبحانه من جهة الفاعليّة.

(فأقامَ منَ الأشَياءِ أوَدَهَا، ونَهَجَ حُدوُدَهَا ولاءَمَ بِقُدرَتِهِ / و111 / بَینَ مُتَضَادِّهَا، وَوَصَلَ أسبابَ قرائنهَا وَفَّرقَهَا أجْناساً، مُختَلِفاتٍ في الحُدُودِ وَ الأقدارِ، وَالغَرائِزِ والهَيئاتِ) الأوَّد بالتّحريك الاعوَجاج(9)، واقامة الأوَّد إعداد

ص: 218


1- الإسراء / 44
2- فصلت / 11
3- [دون] ساقطة من ع
4- [أي] زائدة مكررة في أ، ح، ع
5- [وبينه] ساقطة من ث
6- معجم مقاییس اللغة، مادة (ريث): 2 / 464
7- روي (رب عجلة تهب ريثاُ) (يضرب للرجل يشتد حرصه على الحاجة فيخرق فيها ويفارق التؤدة في التماسها) جمهرة الامثال 1 / 482، وينظر: مجمع الامثال: 1 / 306
8- ينظر: تاج العروس، مادة (أنی): 19 / 173 وفي أ، ع: (يجعل)، تحریف
9- ينظر: العين، مادة (أود): 8 / 96

كل شيء لما ينبغي له أو ايجاد الموانع عن الفساد الذّي يقتضيه الأشياء لو خليّت وطباعها، ونهج أي اوضح ويكون بمعنى وضح، وحدّ الشيء منتهاه وأصل الحدّ المنع والفصل بين الشيئين، ونهج الحدود ایضاحه لكل شيء غايته وتسيرها له أو المعنى جعل لكل شخص ونوع مشخصاً ومميزا واضحاً [...](1) يمتاز به عن غيره فإنّ من أعظَم المصالح وأغربها امتياز الأنواع والأشخاص بعضها عن بعضٍ کامتیاز کل فرد من أفراد الإنسان عن غيره في الهيئة والصّوت والحركات والصّفات وكذلك كلّ صنف من الأصناف کما اشار اليه سبحانه بقوله: «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»(2) ولَاءَمَ بين الشيئين على صيغة المفاعلة(3) أي جمع وكذلك لَامَ کَمَنَعَ وجَمَعَ المتضادة كجمع العناصر المتباينة في الكيفيّات لحصول المزاج، والسّبب في الأصل الحبل، ويقال لكل ما يتوصّل به إلى شيء، والقرينة فعيله(4) بمعنى مفعولةُ قرائن الأشياء ما اقترن منها بعضها ببعضٍ ووصل أسبابها ملزوم لاتّصالها، وقال بعض الشّارحين: (القرائن النفوس المقرونة بالأبدان، واعتدال المزاج سبب بقاء الرّوح أي وصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها))(5)، والجنس(6) الضّرب من الشيء وهو أعّم من النّوع، والظّاهر إنّه ليس المراد بالأجناس

ص: 219


1- [و] زائدة في ح
2- الحجرات / 13
3- لاءَمَ على وزن فاعل لا مفاعلة، والمفاعلة منها: ملائمة
4- (فعلية) في ر
5- بحار الأنوار: 4 / 283
6- (الحبس) في ث، ح، ر تصحيف

والحدُود مصطلح المنطقيين(1) وغيرهم وإن كان المقام لا يأباه و الغرائز الطّبائع والقوى النّفسانية (بَدایَا خَلَائَقَ أَحَكَمَ صُنْعَها وَفَطَرهَا عَلى ما أرادَ وَابْتَدَعَهَا) البدايا جمع بدية وهي الحالة العجيبة، يقال: أبدأ الرجل إذا جاء بالأمر المعجب(2)، والبدية أيضاً الحالة المبتدأة المبتكرة، ومنه قولهم: فعله بادئَ بَدئ على فعيل أي أوّل كلّ شيء(3) والمبتدأ محذوف أي هي عجائب مخلوقات [أو مخلوقات](4) مبتدأة بلا انتقاء مثال، وأحكم صنعها أي أتقن بحيث يترتب عليها الآثار المرادة منهَا والفطر (الابتداء والاختراع)(5) والابتداع كالتّفسير له.

مِنْهَا في صِفَةِ السَّماء: (وَنَظَمَ بِلَا تَعلِيْقٍ رَهَواتِ فُرَجِهَا، وَلاحَمَ صُدُوعَ انفِراجِهَا، وَوَشَجَ بَينَهَا وَبَيْنَ أزْواجِهَا) نظم اللؤلؤ كضرب أي جمعه في سلك وألفّه، والرّهوة (المكان المرتفع والمنخفض أيضاً)(6)، وبه فسرّها بعض الشّارحین(7) فنظمها تسويتها، وقال ابن الأثير في النّهاية في حديث علّي (عليه السّلام): (ونظم رهَوات فُرَجها، أي المواضع المتفتحة(8) منها(9))(10) وهو

ص: 220


1- (المنطقتين) في أ، ر، وفي ح: (المنطقين)
2- ينظر: تاج العروس، مادة (بدأ): 1 / 111
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 331
4- [أو مخلوقات] ساقطة من ع
5- الصحاح، مادة (فطر): 2 / 781
6- تاج العروس، مادة (رهو): 19 / 485
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 333
8- (المنفتحة) في ث، ر، م، تصحيف
9- (منه) في م
10- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 285

مأخوذ من قولهم : رها رجليه رهوً أي فتح، وفي الكلام دلالة على أنّ السّماء كانت ذات فُرَج وصُدوع فنظمها سبحانه من غير أن يعلق(1) بعضها ببعض بخيط ونحوه كما يفعل الإنسان، وقد مرّ في الخطبة الأولى(2) أنّه سبحانه رفع الزبد الحاصل من تلاطم الماء (فخلق)(3) منه السّماء، ودلت الآية والأخبار على أنَّ مادة السّماء هي الدّخان وهو المرفُوع من الزّبد (والظاهر)(4) أنَّ قطع الدّخان تكون ذات فرُج وصُدوع، وما ذكره بعض الشّارحين حيث أول الفرج بتباين أجزاء المركبّ لولا التركيب والتأليف أو بالفواصل بين السّموات لولا أنّ الصّانع خلقها أكراً متماسة(5)، فلا وجه له وقد تظافرت الأخبار بوجود الفواصل بين السّموات ولا عبرة بكلمات الفلاسفة في ذلك من غير دليل، ولاحمت الشّيء بالشيء إذا الصقته به وملاحمه الصّدوع الصاق الأجزاء ذوات الصّدوع بعضها ببعض واضافة الصدوع الى الانفراج من اضافة الخاص الى العامّ، ووشّج بالتشديد أي شبّك(6)، والضّمير في (بينها) راجع الى ما يرِجع اليه الضّمائر السّابقة كما يفهم من كلام الشّارحين، قال بعضهم: (أراد بأزواجها نفوسها التّي هي الملائكة السّماوية بمعنى قرائنها وكلّ قرين زوج : / / ظ 111 / أي ربط ما بينها وبين نفوسَها بقبول كل جُرم

ص: 221


1- (تعلق) في ع، تصحيف
2- ينظر: صحيفة: 16
3- (فحلق) في ح، تصحيف
4- (وظاهر) في، ث، ح، ر
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 346
6- ينظر: تاج العروس، مادة (وشج): 3 / 509

سماويّ (لنفسه)(1) التّي لا يقبلها غيره)(2)، ولا يخفي أنّ تفسير الأزواج بالنفوس مبني على مذهب الفلاسفة، وقد نقل السّيد الأجل علم الهدى (قدسّ الله روحه) اجماع المُسلمين على أنّ الأفلاك لاشعور لها ولا ارادة، بل هي أجسام جمادية يحّركها خالقها، ويمكن أن يراد بالأزواج الملائكة الموكّلوُن بها والقانطون فيها(3)، وقال بعضهم: (والمراد بأزواجها: أقرانها وأشباهها)(4) فالمعّبر عنها بالأزواج [بعضها](5) ولا يخلو عن بعد، ويمكن أن يراد بالأزواج الكواكب، ويحتمل أن يرجع الضّمير في (بينها) الى الصّدوع ويكون المراد أزواجّها ما قرن بها وشبّكَ فيها وَالله تعالى يعلم. (وَذَلَّلَ للهابطِينَ بِأمِرهِ، وَالصًّاعِدينَ بِأعَمالِ خلقهِ حزُوُنَةَ مِعراجَهَا، وَنَاداهَا بَعدَ إِذْ هِيَ دُخَانٌ فَالتَحَمتْ عُرى أشْراجِهَا) ذَللَ البعير جعله ذَلولاً وهو ضد الصّعب الذّي لا ينقاد منَ الذِّل بالكسر وهو اللّين، والحزونة خلاف السّهولة(6) والمِعراج [والمعرج](7) السّلم و(المصعد)(8)، وقد أوّل بعض الشّارحين صعود الملائكة بأعمال الخلق بكونها منقوشة في النّفوس الفلكيّة التي هي عبارة عن الملائكة السّماويّة بزعمه وهبوطها بتوسّطها بين الخلق ومبدعهم في افاضة الكمالات اللّائقة

ص: 222


1- (لنفسها) في ث، ح، ر، تحريف
2- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 346
3- ينظر: رسائل الشريف المرتضى: 2 / 303، و بحار الأنوار: 54 / 128، 129
4- وفيه: شرح نهج البلاغ-ة، اب-ن أبي الحديد: 6 / 333، وفيه: (وأزواجها: أقرانها وأشباهها)
5- [بعضها] ساقطة من ح
6- سبق ذكرها في صحيفة: 19
7- [والمعرج] ساقطة منع
8- العين، مادة (عرج): 1 / 222

بهم(1)، ولا يخفي أنّ ارتكاب أمثال هذه التأويلات في المعنى انكار للأمور الثابتة بالضرورة من الدّين ونداء السّماء ما أشار اليه سبحانه بقوله: «ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ»(2) و الظّاهر أنّ هذا النّداء عبارة عن الانشاء والابداع من غير كلفة وتعذر كما تقول للمأمور: أفعل فيفعله من غير توقّف وتلبث، ومثله قوله تعالى لما يبدعه: «كُنْ فَيَكُونُ»(3) وقيل: إنّ الله سبحانه خاطبهما على الحقيقة واقدرهما على الجواب، قال بعض الشّارحين(4): روي (بعد إذ هي دخان) بإضافة (بعد) [الى](5) (إذ)، وروي بضم (بعد) أي وناداها بعد ذلك إذ هي دخان، والأوّل أحسن وأصوب؛ لأنّها على الضم تكون دخاناً بعد نظم رهوات فرجها ملائمة صدوعَها، والحال يقتضي أن دخانيتها قبل ذلك لا بعده، والتحمت أيالتزقت والتأمَتْ، والعروة في الأصل مقبض الكوز والدلو وغيرهما، وعرى العيبة(6) التي يضّم(7) بعضها الى بعض وتشدّ وتقفل (والشَرَج)(8) بفتحتين عرى العيبة، والجمع أشراج كسبَب وأسباب وأشرجت العيبة أي داخلت بين أشراجها، وقال بعض الشّارحين: قد يطلق الأشراج

ص: 223


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 346
2- فصلت / 11، وفي ر: «ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ» فصلت / 11
3- البقرة / 117
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 334
5- [الى] ساقطة من أ، ع
6- العيبة (ما يجعل فيه الثياب) لسان العرب، مادة (عيب): 1 / 634
7- (بضم) في ر، تصحیف
8- (الشرح) في ح، تصحیف

على حروف العيبة التي تحاط به، وهذا الالتحام عبارة عن تمام خلقها وفيضان الصّورة السّماوية(1) (وَفَتقَ بَعدَ الإرتتاقِ صَوامِتَ أَبْوابَهِا) فتقت(2) الثوب فتقاً من باب قتل نقضت خياطته حتّى انفصل بعضه عن بعضٍ، ورتقت الفتق رتقاً من باب قَتَلَ أيضاً سددته فارتتق والأبواب الصامتة والمصمتة المغلقة منها وفتق صوامت(3) الأبواب إمّا ايجاد الأبواب فيها وخرقها بعد ما كانت رتقاً لا باب فيها بل كانت جسماً متصلاً، وإمّا فتح الأبواب المخلوقة فيها حين ايجادها وإفاضة الصّورة السّماوية عليها وهذه الأبواب هي التي تعرج فيها الملائكة وتهبط وتصعد الأعمال والأدعيّة والأرواح فيها وهي التي اشِار اليها بقوله سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ»(4) أو التي تنزل منها الأمطار كما اشار اليه سبحانه بقوله: «فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ»(5) أي منصب ولا يخفى أنّ هذا الكلام كغيره من النّصوصِ صريح في أنّ للسّماء أبواباً وتأويلات بعض الشّارحين(6) اقتداء بالفلاسفة ناشئة من وهن الإيمان ونقص الإذعان بما جاء به سيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله الطّاهرين) (وَأَقَامَ رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثّواقِبِ / و112 / عَلى نِقَابِهَا) الرصد بالتّحريك جمع راصد كخادم وخدم أو اسم جمع كما قيل ویكون مصدراً كالرّصد

ص: 224


1- ينظر: بحار الأنوار: 54 / 129
2- (فبقت) في ر، تصحيف
3- (صوات) في ر، م
4- الاعراف / 40
5- القمر / 11
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 334، وبحار الانوار: 54 / 129، 130

بالفتح، والرّاصد القاعد على الطريق منتظراً لأحد للاستلاب أو المنع والمرصَاد (الطّريق)(1) والمكان يرصد فيها العدو، وأرصَدْت له أي أعدَدت(2)، والثواقب التي تثقب(3) الشياطين أو الهواء أو يثقب الجوّ بضوءه، ويقال: استثقبت النّار إذا استوقدت، والنِقاب بالكسر جمع نَقب بالفتح وهو الثقب والخرق(4) والمراد اقامة الشهب الثواقب لطرد الشياطين عن استراق السّمع کما اشار اليه سبحانه بقوله: «وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا»(5) وتأويل بعض الشّارحين الشياطين بالأوهام والنقاب بكون السّماء بحيث لا يمنع تعلّق العلوم بما وراها من الأجسَام والمجّردات(6)، فمن الأوهام الفاسدة وليس الكلام صريحاً في كون ذلك المنع مقارناً لإيجاد السّماء حتّى يُنافي ما يدل على حدوثه ويحتمل تخلّل الرّخصة بين المنعين، ووجود الشّهب في الزمان السّابق لا ينافي في حدوث المنع بها فلا تغفل. (وَاَمسَكَها مِنْ أنْ تَمُورَ في خرقِ الهَواءِ بِأيَدِهِ، وَأمَرهَا أنْ تَقِفَ مُستَسْلَمِةً لأمِرْهِ) مَارا الشيء موراً (تحّرك)(7) أو بسرعة أو تردّد في عرض أو ماج واضطرب، والخرق يكون بمعنى(8) الثقب في الحائط، والشق في الثوب

ص: 225


1- الصحاح، مادة (رصد) 2 / 474
2- ينظر: لسان العرب، مادة (رصد): 3 / 177
3- (تنقب) في ر، تصحيف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (نقب): 1 / 766
5- الجن / 9
6- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 347
7- الصحاح، مادة (مور): 2 / 820
8- (معنى) في ح

وغيره وهو مصدر في الأصل من خرقته إذا قطعته ومزقته وشققته ويكون بمعنى القفر والأرض الواسعة تخرق فيها الرّياح أي تهب وتشتّد(1) والهواء يقال للجسم الذي هو أحد العناصر، ويقال لكلّ خال هواء ومنه قوله تعالى: «وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ»(2) أي خالية من العقل أو الخَيرْ والمراد بالمور في خرق الهواء أمّا الحركة الطّبيعية أو القسرية في الفواصل التّي تحدث بحركتها في الجسم الذّي هو أحد العناصر اذ لا دليل على انحصاره في الذّي بين السّماء والأرض أو حركتها في المكان الخالي الموهوم أو الموجود طبعاً أو قسراً، والأَيد بالفتح (القّوة)(3)، والظّرف متعلّق بالإمساك والاستسلام والانقياد والمراد بالأمرين الارادة أو بالأوّل نوع من الخطاب (وَجَعَلَ شَمْسَها آيةً مُبْصَرِةً لِنَهارِهَا، وَقَمَرَهَا آيةً مَمْحوَّةً مِنْ لَيْلِهَا، فَاجَراهُمَا(4) في مَنَاقِلِ مجُريهُمَا، وَقَدَّرَ سَيَرهُمَا في مَدَارِجِ درجيهمَا(5)، ليُمَيّزَ بَيَنْ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ بهِمَا، وَلِيَعلَمَ عَدَدُ السّنْينَ والحسابُ بِمَقَادِيِرهمَا). الآية العلامة، والمبصر(6) في الأصل المُدرك بالبصر وفسرت المبصرة في قوله تعالى: «وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً»(7) بالبينة

ص: 226


1- ينظر: الصحاح، مادة (خرق): 4 / 1466
2- إبراهيم / 43
3- الصحاح، مادة (أيد): 2 / 443
4- (واجراهما) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 332؛ ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 155
5- (درحيهما) في ث، و(درجهما) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 332، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 155
6- (المبصرة) في ث، ح، تحريف
7- الإسراء / 12

الواضحة وبالمضيئة التي يبصر بها وبالمبصرة للنّاس(1) من أبَصرْته فبصرُ وبالمُبصر أهله كقولهم: أجبن الرّجل إذا كان أهلهُ جُبَنَاءَ، والمحو اذهاب الأثر وطمس النّور، وفسّر محو القمر بكونه مظلماً في نفسه غير مضيء بذاته كالشمس وبنقصان نوره بالنّظر الى الشمس؛ لأنَّه لا يبصُرْ به كما لا يبصر ما الكتاب وينقص نوره شيئاً فشيئاً الى المحاق، وروى أن ابن (الكوّاء)(2) سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن اللّطحة(3) التّي في وجه القمر، فقال: ذاك محو آية اللّيل، ويمكن أن يكون لها مدخل في نقصان ضوء القمر(4) كما هو الأنسَبْ بسَوق الكلام، وبعض الوجوه أظهر في المقام، وقال بعض الشّارحين: كلمة (من) في قوله (عليه السلام): من ليلَها لابتداء الغاية أو لبيان الجنس ويتعلق بممحوة أو يجعل، وقيل: أراد من آيات ليلها(5)، وفيه تأمل. والمنقل في الأصل الطّريق في الجبل، والمدرج المسلك ودرج أي مشى، والدّرج بالتّحريك الطّريق ودرجَيْهما في بعض النّسخ على لفظ التثنية، وفي البعض مفرد ومناقلهما ومدارجهما منازلهما والظّاهر أن التّميز والعلم غايتان للأفعال السّابقة لا [للأخير](6)، أو الآخرين حسب كما يستفاد من مجموع الآيتين فيكون الكلام إشارة اليهما جميعاً قال الله سُبحانه: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ

ص: 227


1- ينظر: مجمع البيان: 6 / 226، و الميزان في تفسير القرآن: 13 / 50
2- (الكوا) في ث، ح، تحريف
3- (اللطح: كاللطخ إذ جف وحك ولم يبق له اثر،... ويقال: لطح به إذا ضرب به الارض) لسان العرب، مادة (لطح): 2 / 578
4- ينظر: بحار الأنوار: 54 / 131
5- ينظر: بحار الأنوار: 54 / 131
6- [للأخير] ساقطة من ر

وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ»(1) وقال عزّ وجلّ: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ»(2) ويحتمل أن يكون التَّميز غاية للأوّل والعلم غاية للأخير أو الأخيرين فيكون نشراً على ترتيب اللّف ولا (يخفى)(3) أنَّ كلامه (عليه السّلام) يؤيد تفسير الآيتين المفردتين في الآية الأولى بالشّمس والقمر لا باللّيل والنّهار وإن كان المراد بالآيتين أوّلا اللّيل والنّهار، وقيل المراد جعلناهما ذوي آيتين فيكون عبارة عن الشّمس والقمر في الموضعين، و(الحساب) بالرّفع حساب الأعمار والآجال التّي تحتاج اليها النّاس في معاملاتهم وأمور دينهم ودنياهم ومقاديرهما مقادير سيرهما و تفاوت أحوالهما، (ثَمَّ عَلَقَ فِي جَوهَا فَلَكَهَا، وَنَاطَ بِهَا زينتهَا، مِنْ خَفِّياتِ دراريهَا، وَمَصَابيحِ كَواكِبِهَا)، لعل كلمة (ثم) هاهنا للتّرتيب الذكري وعلق الشّوك بالثوب كعلم وتعلّق إذا نشب به واستمسك، وعلّقت الشيء بغيره فتعلّق، ولعلّ المراد أقر فلكها في مكانه من الجوّ بقدرته ولا ينافي نفي التعليق في نظم الأجزاء كما سبق في قوله (عليه السلام) (ونَظَمَ بلَا تَعليقٍ رَهواتِ فَرجها) ولا وجه لوجه الجمع الذّي(4) ذكره بعض الشّارحين(5) والجوّ الفضاء الواسع أو ما بين السّماء والأرض، والفلك بالتّحريك مدار النّجوم، قال بعض الشّارحين: أراد بالفلك دائرة معدل

ص: 228


1- الإسراء / 12
2- یونس / 5
3- (يحفى) في ح، تصحيف
4- (الذكري) في ع، تحريف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 350

النّهار وهي الدّائرة العُظمى في الفلك الأعظم وهي في الاصطلاح النظري تسمى فلكاً(1)، وقال بعضهم: (أراد بالفلك اسم الجنس وهو أجسامها المستديرة التّي يصدق عليها هذا الاسم)(2) وهما كما ترى ويمكن أن يكون الفلك عبارة عن السّماء الدّنيا ووجه كونها مدار النّجوم على ما هو الظّاهر من قوله عزّ وجلّ: «إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ»(3) واضح وكذلك تعليقها في الجوّ وقد سبق في شرح الخُطبة الأولى أنّه لا دليل لأهل الهيئة على النظام المخصوص الذّي زعموه في الكواكب والأفلاك وفصّلنا القول في ذلك في حدائق الحقائق(4)، ولو أريد بتزيين السّماء الدّنيا بالكواكب رؤيتها فيها وإن كان بعضها أوْ جميعها بناء على عدم شمولها للقمر مركوزة فيها فوقها ويناسبه اضافة الزّينة في تتمة الكلام الى مطلق السّماء أمكن أن يراد بالفلك ما ارتكز فيه من السّموات كوكب يتّحرك بحركته وبالجوّ الفضاء الواسع الموهوم أو الموجُود الذّي هو مكان الفلك ووجه اضافته اليها واضح فإنَّ الفلك من جملتها وكذلك اضافة الفلك الیها ويحتمل [...](5) حينئذ على بعد أن يراد بفلكها المُحيط بها المحّرك لجملتها فإنَّ مدار الحركة المخصُوصة عليه، فتأمل. ويمكن على نوع من الاستخدام أو بدونه أن يراد بضمير السّماء الذّي أحاط بجميع ما ارتكزت فيه الكواكب المدير(6) لها وحينئذ كون فلكها

ص: 229


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 335، وفيه: (... فإنها الدائرة...)
2- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 350
3- الصافات / 6
4- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 40، 41
5- [أن] زائدة في ح لا يرتضيها السياق
6- (المدبر) في ر، تصحيف

في جوَّها ظاهر والله تعالى يعلم، وفي بعض النسخ (علّق في جوّها فلكاً) بدون الضّمير وهو يناسب كون الكواكب في فلك واحد وناط أي علّق، والدراري جمع دّري وهو المضيء كأنَّه نسب الى الدّر تشبيهاً بصفائه، و(قال الفّراء: الكوكب الدرّي عند العرب هو العظيم المقدار، وقيل هو أحد الكواكب الخمسة السّيارة)(1)، ولا يخفى أنّ وصف الدّراري بالخفيات ينافي القولين ظاهر أو الكواكب النّجوم (وَرَمى مُستَرقِي السَّمعِ بِثَواقِبِ شُهبِهَا) الاستراق افتعال من السّرقة، واستراق السّمع الاستماع مختفياً(2)، والشهاب ككتاب الذّي ينقض في اللّيل(3)، وهو في الأصل (شعله)(4) نار ساطعة(5) ووصف الشّهب بالثواقب لأنّها تثقب(6) الشياطين أو الهواء بحركتها أو الظّلمة بنُورها أو لإضاءتها من قولهم: استثقبت النّار إذا استوقدت كما سبق، ومنه قولهم حسب ثاقب أي مضيء شريف، وفي الكلام اشارة الى قوله عزّ وجلّ: «إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ»(7)، وقوله عزّ وجلّ: «وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا»(8)، وقوله سبحانه «إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ»(9)، وتفصيل القول في الشهب

ص: 230


1- لسان العرب، مادة (درر): 4 / 282
2- (مخفيا) في أ، ع، وفي ر: (مختفيات)
3- ينظر: لسان العرب، مادة (شهب): 1 / 510
4- (شلعة) في ح، تحريف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (شهب): 1 / 510
6- (يثقب) في ع
7- الحجر / 18
8- الجن / 9
9- الصافات / 10

مذكور في شرح الخطبة الأولى من حدائق الحقائق(1) (وأجراهَا على أذلالِ تسخيرَها، من ثباتِ ثَابِتِهَا، وَمسَيْرِ سَائِرِهَا، وَهُبُوطِهَا وَصُعُودِهَا، وَنُحُوُسِهَا وَسُعُوْدِهَا) الإِذلال جمع ذِّل بالكسر، يقال: / و 113 / أمور الله جاريةٌ اذلالها بالنّصب وعلى اذلالها أي مجاريها، ويقال: دعه على اذلاله أي على حاله بلا واحد وثبات الثوابت بالنّسبة إلى سير السَّيارَات، والمراد بالهُبوط أمّا مقابل الشّرف على ما فصله المنجّمون في السّبعة السّيارة، أو التوجّه الى حضيض الحامل، أو التدوير أو التوّجهُ إلى الغرُوب فإنَّه الهُبوط حسّاً ويقابله الصّعود، والنّحوس ضدّ السّعودِ، يقال: سعد يومنا کنفع سعداً وسُعوداً بالضّم أي يمن والاسم السّعادة، وهذا الكلام يدل على أنَّ لعلم النّجوم أصلاً لكنْ لا دلالة فيه على صحّة ما في أيدي المنجّمين، وعلى جواز النّظر في هذا العلم والعمل بما استفيد منها، وقد سبق تفصيل القول في ذلك في شرح قوله (عليه السلام) لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج.

[منها في صفَة الملائكة (عليهُم السّلام)](2): (ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لإسْکَانِ سَمَاواتِهِ، وَعِمَارَةِ الصَّفِيحِ الْأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِهِ، خَلْقاً بَدِیعاً مِنْ مَلَائِكَتِهِ، مَلأَ(3) بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا، وَحَشَا بِهِمْ فُتُوقَ(4) أَجْوَائِهَا) الظّاهِر أنَّ كلمة (ثُمَّ) هاهنا للترّتيب الحقيقي، فيكون خلق السماوات قبل خلق الملائكة، وفي رواية

ص: 231


1- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 42
2- [منها في صفَة الملائكة (عَليهُم السّلام)] بیاض في ث
3- (وملأ) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 335، نهج البلاغة، تحقیق صبحي الصالح: 155
4- (فتق) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 335

الهروي عن الرضا (عليه السلام) أنَّ الملائكة خُلقت قبل السماوات(1) ويمكن الجمع بالتخصّيص في هذا الكلام بالقاطنين في السّماوات غير المفارقين عنها وعمارة المنزل جعله أهِلاً ضدّ الخراب الذي لا أهل له، والصّفيح السّطح على ما ذكره بعض الشّارحين(2) ووجه كلّ شيء عريض، والصّفيح أيضاً (من أسماء السّماء)(3)، ولذلك توهّم بعض الشّارحين(4) أنّ الصّفيح(5) الأعلى عبارة عن سطح الفلك الأعظم مع أن تتمّة الكلام واضحة(6) الدّلالة على اسكان الملائكة في فتوق أجواء السّماوات وقد سبق في الخطبة الأولى قوله (عليه السلام): (ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَاواتِ العُلى فَمَلأهُنَّ أَطْواراً مِنْ مَلَائكَتهِ)، وَالظاهر أنَّ الصّفيح الأعلى جنس شامل للسّماوات، ويقابله الصّفيح الأسفل وهو الأرض والّذي يظهر من مجموع الرّوايات أنَّ السّماوات ليست متلاصقة على ما ذهبت اليه الفلاسفة من غير دليل يعتمد عليه، وإنّ السّطِح المحدب(7) من كل سماء أرض للقبّة الّتي هي فوقه، وبذلك يتّضح معنى قوله عز وجل:

ص: 232


1- ينظر: عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق: 1 / 123، و التوحيد، الشيخ الصدوق: 320، و الاحتجاج، الطبرسي: 2 / 195، و مسند الامام الرضا، عزيز الله عطاردي: 1 / 343
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 338
3- لسان العرب، مادة (صفح): 2 / 516
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 338
5- (الفصيح) في ث، وفي م: (الصفح)، تحريف
6- (واضح) في ح
7- (المحدث) في ح

«اللَّهُ الَّذِي [خَلَقَ](1) سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ»(2)، وقد بيّن ذلك أبو الحسن (عليه السلام) فيما رواه العيّاشي باسناده عن أبي الحسن (عليه السلام) أنّه (بسط كفّه، ثم وضع اليمني عليها، فقال: هذه الأرض الدّنيا، والسّماء الدّنيا عليها قبّة، والأرض الثّانية فوق السماء الدنيا، والسماء الثّانية فوقها قبّة، والأرض الثّالثة فوق السماء الثّانية، والسماء الثّالثة فوقها، حتّى ذكر الرّابعة والخامسة والسّادسة، فقال: والأرض السّابعة فوق السّماء السّادسة، والسّماء السّابعة فوقها قبّة، وعرش الرّحمن فوق السّماء السّابعة، وهو قوله: «سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ»(3) وإنّما صّاحب الأمر النّبي وهو على وجه الأرض وإنّما ينزلُ الأمر من فوق بين السّماواتِ والأرضين)(4) ويظهر أنَّ السّطوح المحدّبة للسّماوات السّبع مساكن الملائكة ومعابدهم يعبدُون الله فيها بأنواع العبَادة منهم سُجُود لا يركعون، ورکوعٌ لا ينتصبون، وصافّوُنَ لا يتزايلَون، ومسبّحون لايفترون، ولا ريب أنَّ بعد وجود الفواصل بینها یشكل القول بأنَّ الحركة اليومّية لسائر الأفلاك بتبعية الفلك الأعظم بل مع قطع النّظر عنه مع مَا زعمُوا من أنّها كرات حقيقة ليست في سُطوحها خشونة وتضريس وانها عارية عن الميل المستقيم كما يظهر لمن تأمل وأمعن النظر، وقد صرح أبو علي بن سينا(5) في رسالة

ص: 233


1- [خلق ] ساقطة من م
2- الطلاق / 12
3- الطلاق / 12
4- مجمع البيان: 10 / 50، وينظر: تفسير الألوسی: 28 / 144
5- الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي، يكنى أبا علي، ويلقب بالشيخ الرئيس، ولد سنة 370 اصله من بلخ ومولده في احدى قرى بخاري، نشأ وتعلم فيها، طاف البلاد وناظر العلماء، وتقلد الوزارة في همذان وثار عليها عسكرها ونهبوا بيته فتوارى، ثم ذهب الى اصفهان وصنف اكثر كتبه فيها وعاد في اخر ايامه الى همذان فمرض في الطريق ومات سنة (428 ه) وهو صاحب تصانیف متنوعة، فهو فيلسوف وشاعر وطبيب ومن كتبه: الاشارات والتنبيهات، الحدود، والشفاء، و القانون، و المعارج، و اسرار الحكمة المشرقية، والطير، و مفاتيح الخزائن في المنطق وغيرها من الكتب. ينظر: وفيات الأعيان وانباء ابناء الزمان: 2 / 157، وهدية العارفين: 1 / 308، 309، والاعلام: 2 / 241، 242، ومعجم المؤلفين: 4 / 20

المبدأ(1) والمعاد(2) وعلى تقدير الاضطرار إلى القول باستناد الحركة اليومية إلى كرة غير الحوامل للكواكب وأفلاكها الجزئية لا حرج في اثبات کرات متعددة بعدد الأفلاك المكوكبة تكون(3) محركة لها بالحركة اليومية ولا يخفى على الفطن أنَّ الجمع بين كلمات الفلاسفة وما يظهر من الشريعة المقدسة بل وسائر الأديان في كثير من المواضع (أعز من بيض الأنوق)(4) ودونه خرط (القتاد)(5) (6)، ومن رام ذلك فقد تجشم تأويلات واهية تشمئز منه العقول السّليمة والافهام المستقيمة، / / ص 222 وليت شعري ما الحامل لصاحب الشّريعة على السّتر على تلك الحقائق التي يزعمها هؤلاء حكمة من أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً، ولماذا بخلوا بالكشف عن هذه العلوم التّي بينها هؤلاءِ

ص: 234


1- (مبدأ) في ر
2- ينظر: المبدأ والمعاد، ابن سینا: 78، 79، 93، 94، 95
3- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
4- جمهرة الامثال: 1 / 505، و مجمع الامثال: 2 / 64، والمثل يضرب في عزة الشيء وبعد مناله
5- (القباد) في ح، وفي ر: (القياد)، تصحيف
6- جاء في مجمع الامثال ((دون ذلك خرط القتاد)، الخرط قشرك الورق عن الشجرة اجتذاباً بكفك، والقتاد شجر له شوك... يضرب للأمر دونه مانع) مجمع الأمثال: 1 / 276

لكل ذكي وغبي(1) ومن الله العصمة والتأييد، والملكوت كرهبوت(2) العزّ والسّلطان، وفلان بدع(3) في هذا الأمر أي هو أول من فعله والبديع بمعنى المفعول ما أحدث وفيه معنى التعجب، (والفروج الأماكن الخالية)(4)، والفَج الطريق الواسع بين (جبلين)(5) وحشوتُ الوسادة بالقطن جعلتها محشوة به مملوة منه، والفتق الشق والجو الفضاء الواسع وما بين السماء والأرض، وقد عرفت أنَّ السطح المحدب من كل سماء أرض للتي فوقها، وهذا الكلام صريح في تجسم الملائكة وإن ما بين السماوات مملؤة منها، وقال بعض الشارحين: استعار لفظ الفروج، والفجاج والفتوق لما يتصور بين أجزاء الفلك من التباين لولا الملائكة الذين هم أرواح الافلاك وبها قام وجودها وبقاء جواهرها محفوظة بها، ووجه المشابهة ظاهر(6)، وأما فجاجها وفروجها فإشارة(7) الى ما يعقل بين أجزائها وأجوائها المنتظمة من التباين لولا الناظم لها بوجود الملائكة فيكون حشو تلك الفروج بالملائكة كناية عن نظامها بوجودها، وجعلها مدبرة لها وهذا من التأويلات الباردة التي اشرنا اليها، وقد تقدم دعوى السيد الأجل (قدس الله روحه) اجماع المُسلمين على أنّ

ص: 235


1- (كرهيوت) في أ، تصحيف
2- (غني) في ا، ع، م، تصحيف
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 338
4- (يدع) في ر، م، تصحيف
5- (حلين) في ح، تحريف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 333، و شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 355
7- (واشارة) في أ،ع، وفي م: (اشارة)، وما اثبتناه أنسب

الأفلاك لاشعور لها ولا ارادة بل هي أجسام جمادية يحركها خالقها(1) (وَبَيَنْ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ المُسَبِّحِينَ مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ الْقُدْسِ، وَسُتُرَاتِ الْحُجُبِ وَسُرَادِقَاتِ المَجْدِ، وَ وَرَاءَ ذَلِكَ الرَّجِيجِ الَّذِي تَسْتَكُّ مِنْهُ الْأَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَرْدَعُ الْأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَى حُدُودِهَا) الفجوة الفُرجة والموضع المُتَّسِع بين الشّيئين، وزجل المسبّحين صوتهم الرّفيع العالي، والحظيرة بالحاء المهملة والظّاء(2) المعجمة في الأصل الموضع الّذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم والإبل يقيها البرد والريح، والقُدس بالضم وبضمتين (الطُهر)(3) اسم ومصدر، والسُترُات بضمتين جمع سُترة بالضم وهي [ما](4) يُستر به کالستارة(5) والحِجاب ما احتجب به، والسرادق (الذي يمد فوق صحن البيت)(6)، والبيت من الكرسف(7)، والمجد الشرف والعظمة، والرجيج(8) الزلزلة والاضطراب، ومنه رجیج(9) البحر وتستك منه الاسماع أي تصم(10)، وفسروا السبحات بالنور والبهاء والجلال والعظمة، وقيل: سبحات الوجه محاسنه؛ لأنَّك إذا رأيت الوجه الحسن قلت سبحان الله،

ص: 236


1- ينظر: صحيفة: 199
2- (الطاء) في ر، م، تصحيف
3- الصحاح، مادة (قدس): 3 / 960
4- [ما] ساقطة من م
5- (كالسيارة) في أ، ع، تصحيف
6- تاج العروس، مادة (سردق): 13 / 212
7- (الكرسف: القطن) الصحاح، مادة (كرسف): 4 / 1921
8- (الرجيح) في ث، م، تصحيف
9- (رجیح) في ث، تصحیف
10- ينظر: الصحاح، مادة (سكك): 4 / 1590

ولعل المراد بها الأنوار التي تحجب الأبصار ويعبر عنها بالحجب وردعه کمنعه كفه ورده، والخاسئ من الكلاب والخنازير المبعد لا يترك أن يدنو من الناس، وقيل الخاسئ الصاغر القمي، ويقال: خسأتُ الكلب أي طردته وابعدته والضمير في حدودها راجع إلى السبحات، وقال بعض الشارحين: أي تقف الأبصار حيث تنتهي(1) قوتها؛ لأنَّ قوتها متناهية، فإذا بلغت حدودها وقفت(2) والظاهر من الكلام أن حظائر(3) القدس وسترات الحجب وسرادقات المجد بين أطباق السماوات وهي المواضع المعدة للملائكة المسبحين وإن أصواتهم الرفيعة العالية ملأت أطباق السماوات، فيكون المراد بها غير الحجب والاستار التي يظهر من بعض الأخبار وفي رواية صحيحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن (الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزء من نور الستر)(4)، ولعل المراد من سبحات النور في هذه الخطبة الحجب والاستار التي تظهر(5) من هذه الرواية وغيرها وفي بعض الروايات أن بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب، والله تعالى هو المحيط بعوالم ملکوته، ولبعض

ص: 237


1- (ينتهي) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والصواب ما اثبتناه
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 339. وفيه: (... تنتهي...) وهو الصواب
3- (خطائر) في أ، ح، م، تصحيف
4- الكافي: 1 / 98، وينظر: تفسير القرآن العظيم: 4 / 290، فتح الباري: 13 / 355
5- (يظهر) في أ، ث، ح، ر، ع، م، والصواب ما أثبتناه

الشارحين(1) في معنى الزجل والرجيج(2) والحجب وغيرها تأويلات سخيفة يظهر حالها ما ذكر من أمثالها (([...](3) أَنْشَأهُمْ(4) عَلَى صُوَرٍ مُختَلِفَاتٍ، وَأَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ / و114 / أُوليِ أَجْنِحَةٍ تُسَبِّحُ جَلَالَ عِزَّتِهِ)) اثبات الصّور والأقدار والأجنحة لهم واضح الدّلالة على تجسمهم وفيه اشارة الى قوله تعالى: «أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ»(5)، وقال بعض الشّارحين بناء على زعمه الفاسد: باختلاف صورهم كناية عن اختلافهم بالحقائق وتفاوت أقدارهم تفاوت مراتبهم في الكمال والقرب منه، ولفظ الأجنحة مستعار لقواهم(6) التي بها جبلوا على المعارف الالهية وتفاوتها بالزّيادة والنّقصان(7) کما قال تعالى: «أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ»(8) وتسبّح بالتّشديد من التّسبيح وهو التّنزيه والتّقديس والتّبرئة من النّقائص، والجلال العظمة، والعزّة القوة والشدة والغلبة والجملة صفة لأولي الاجنحة لا للأجنحة كما توهّم بعض الشّارحين(9)، وفي بعض النّسخ (تّسْبَحُ خِلال(10) عِزّته) بتخفيف

ص: 238


1- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 355
2- (الزجيج) في ث، ع، وفي م: (الرجيح)، تصحيف
3- [و] في شر نهج البلاغة: لابن أبي الحديد،6 / 336
4- (وأنشأهم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحدید: 6 / 336، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 156
5- فاطر / 1
6- (لقولهم) في ر، م، تحريف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 356 وفيه: (اختلاف صورهم...)
8- فاطر / 1
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 356
10- (جلال) في ع، تصحيف

الباء في تسبح من السّباحة في الماء، وخِلال بكسر الخاء المعجمة وهو وسط الشيء، أو جمع خلل بالتحريك (كجبل)(1) وجبال(2)، والخلل (الفرجة بين الشّيئين)(3) وفي بعضها (تَسْبَحُ خلال بحار عزّته) بزيادة لفظ (البحار)، ولعلّ المراد بسباحتهم على تقدير الصّحة سيرهم في أطباق السماوات أو عروجهم ونزولهم لإداء الرّسالة وإمضاء أوامرهُ سبحانه، أو سيرهم في مراتب القرب بالعبادة والتّسبيح والتّقديس ((لَا يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنعِهِ، ولَا يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ؛ «بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ]»(4) انتحل الشيء وتنحّله إذا ادّعاه لنفسه وهو لغيرهِ، ولعلّ المعنى أنّهم لا يدّعُون الالهية كما يدّعيه بعض البشر لهم أو لأنفسهم فيكون نفياً لادّعَاء الاستبداد، والجملة التالية نفياً لدعوى المشاركة أو الأولى نفي لادعائهم الخالقيّة فيها لهم مدخل في وجوده بأمر الله، والثّانية فيما خلقهُ الله بمجرّد أمره وارادته، ومكرمون بالتخفيف من الإكرام، وقُرِئَ بالتّشديد(5) من التكّريم واللاّم في بالقول عوض عن المضاف إليه، أي لا يسبقون الله عزّ وجلّ بقولهم بل هو تابع لقوله عزّ وجلّ كما أنَّ عملهم تابع الأمره، والغرض تنزيههم عن النّقائص التي تكون(6) في البشر وكذلك بعض

ص: 239


1- (كحبل) في ح، ر، م، تصحيف
2- (حبال) في م، تصحيف
3- الصحاح، مادة (خلل): 4 / 1687
4- الأنبياء / 26، 27
5- قرأها عكرمة بالتشديد، ينظر: معجم القراءات القرآنية: 4 / 132
6- (يكون) في أن ث، ح، ر، والصواب ما اثبتناه

الكلمات الآتية (جَعَلَهُمُ فِيمَا(1) هُنَالِكَ أَهْلَ الَأْمَانَةِ عَلىَ وَحْیِهِ، وَحَمَّلَهُمْ إِلىَ المُرْسَلِینَ وَدَائِعَ [...](2) وَنْهَیِهِ) الظاهر أنَّ هذا الوصف مخصوص ببعض الملائكة كما قال الله عزّ وجلّ: «اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا»(3)، وفي الكلام نوع من التّجوز أو الاستخدام(4)، و(ما هنالك) عبارة عن مراتب الملائكة أو الأشغال والأمور المفوضة اليهم، أو عن أربابها و أصحابها والوحي في الأصل أن يلقي أحداً إلى غيره شيئاً بالاستتار والإخفاء ويكون بمعنی الكتابة والاشارة والرّسالة والإلهام، وفي قوله (عليه السّلام) حمّلهم إلى المرسلين تضمين معنى البعث(5) أو الإرسال أو التوّجه، وللمتفلسفة في توجيه الوحي والإرسال إلى البشر تأویلات سخيفة لا ينبغي ذكرها والإصغاء اليها (وَعَصَمَهمْ مِنْ رَيْبِ الشُّبُهَاتِ، فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِهِ. وَأَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ المَعُونَةِ، وَأَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ السَّكِینَةِ) الضمّير أمّا راجع الى مطلق الملائكة فيدل(6) على عصمة الجميع، أو إلى سكّان السّماواتِ، أو المؤتمنين على الوحي والرّسالة فيستفاد عصمة غيرهم مِنْ غيره، والرّيب الشكّ و(7) التّهمة، أو الشّك مع التّهمة، والزِيّغ العدول عن الحقّ، والمرضاة ضدّ

ص: 240


1- (جعلهم الله فيا) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 336، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 156
2- [امره] في أ، و في شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد. 6 / 336، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 156
3- الحج / 75
4- والافصح: الاستعمال
5- (الشعب) في أ، تحریف
6- (فدل) في ث، ع، تحریف
7- (أو) في أ، ث، ر، ع، م

السّخط مصدر وأمددته بمدد أي أعنته وقوّيته به والفائدة ما استفدته من طريقة مال أو علم، والمعونة اسم من استعان به فأعانه، وهي مفعلة بضّم العين، وقيل: الميم أصلية مأخوذة من الماعون فيكون فعولة(1)، والماعون المعروف، وقيل: (الطّاعة)(2)، وقيل: ما يتعاور في العادة وأصله أثاث البيت كقدر وقصعة وفاس(3)، ولعلّ المراد تأييدهم بأسباب الطاعات والقربات والمعارف و الشعار من اللّباسِ / ظ114 / ما يلبس تحت الّدثار، وهو يلي شعر الجسد، و استشعره(4) [لبسه وأشعره](5) غَيرهُ البسه إيّاه وكّل ما الزقَتهُ بشيء ء فقد أشعرته به، وجوز بعض الشّارحين: أن يكون من الشعور بمعنى الادراك، يقال: أشعرة الأمر وبه أي أعلمه، والتّواضع التّخاشعُ والتّذلل، وأخبت الرّجل إذا خضعَ الله وخشع قلبُه(6)، والسّكينة الطّمأنينة والوقار والرّزانة والمَهابة، ولعل المراد على الأخير مَهابته سبحانه، والغرض عدم انفكاكهم عن الخوف والخشوع (وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلاً إِلَى تَمَاجِيدِهِ، ونَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَى أَعْلَامِ تَوْحِيدِهِ) الذُلل بضمتين جمع ذلول وهو ضدّ الصّعب كرسل ورسول صرّح به في المصباح المنير(7)، ومجّده أي عظّمه وأثنى عليه، وفتح الأبواب المذكورة كناية عن سهولة التمجيد لعدم معارضة

ص: 241


1- ينظر: لسان العرب، مادة (معن): 13 / 410
2- المصدر نفسه، مادة (معن): 13 / 409
3- ينظر: لسان العرب، مادة (معن): 13 / 410
4- (واستشعر) في ث
5- [لبسه وغيره] ساقطة منع
6- ينظر: الصحاح، مادة (خبت): 1 / 247
7- ينظر: المصباح المنير، مادة (ذل): 1 / 210

شيطان أو نفس أمّارة بالسّوء والجمع للدلالة على الأنواع بخلاف التّوحيد والمنار، جمع منارة بالفتح فيهما، (وهي العلامة)(1)، ومنار الحرم أعلامه المضروبة على أقطاره(2)، وأصلها النّور ولذلك تجمع على مناور، وأما (المنابر)(3) فعلى تشبيه الأصلي بالزائد(4) ووجه التأنيث الواضحة واضح، والأعلام جمع علم بالتحريك وهو الجبل الطّويل أو عام ونصب المنار لهم على الأعلام عبارة عن غاية ظهورها لهم لعدم معارضة الشكوك والشبهات كما يكون للبشر، (لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُؤْصِرَاتُ الآثَامِ، وَلَمْ تَرْتَحِلْهمْ عُقَبُ اللَّياليِ وَالأَيَّامِ) الإصر بالكسر: (الثقل)(5)، والموصرات المثقلات وعدم الاثقال للعصمة، ورحل البعير وارتحله حطّ عليه الرحل(6) وهو مركب للبعير، وفي الحديث: أنَّ النَبي (صّلى الله عليه واله) سجد فركبه الحسن (عليه السلام)، فأبطأ في سجوده، فلّما فرغ سئل عنه، فقال: إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله، أي جعلني كرّاحلة، فركب على ظهري، ذكره في النّهاية(7) والارتحال أيضاً الإزعاج والاشخاص، والعُقبة بالضّم (النوبةّ)(8) والجمع عُقَب مثل

ص: 242


1- سبق ذكره في صحيفة: 3
2- لسان العرب، مادة (نور): 5 / 241
3- (المناير) في ث، وفي ر، م: (المنار)
4- ينظر: لسان العرب، مادة (نور): 5 / 241
5- العين، مادة (أصر): 7 / 147
6- (دخل) في ر، م
7- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 209. وينظر: غريب الحديث، ابن قتيبة: 2 / 358
8- الصحاح، مادة (عقب): 1 / 185

غُرفة وغُرَف، والعقبة(اللّيل والنّهار)(1) لأنهّما يتعاقبان، قال بعض الشّارحين: أي لم يؤثر فيهم ارتحال اللّيالي والايّام، كما يؤثر ارتحال الإنسان البعير في ظهره(2)، وهذا على الوجه الأوّل، وعلى الوجه الثاني، فالمعنى: لم يزعجهم تعاقب الليل والنّهار، ولم يوجب رحيلهم عن الوجود والغرض تنزيهَهُم عمّا يعرض البشر من ضعف القوى أو القرب من الموت بكرور الأزمنة، (وَلَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِيمَةَ إِيمَانِهِمْ، وَلَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ يَقِينِهِمْ) النّوازع في بعض النسخ بالعين المهملة من نزع في القوس إذا جذبها ومدّها، ونوازع الشّكوك (الشبهات)(3)، وقال بعض الشّارحين: (أي شهواتها، والنازعة المحرّكة)(4)، وبعده واضح، وفي بعض النسخ بالغين المُعجمة كما في النّهاية(5) من نزغ الشيطان بين القوم أي أفسد ويقال: نزغه الشيطان، أي وسوس إليه، والعزيمة ما وكدت رأيك وعزمك عليه، والعزم الجدّ(6) والصّبر، والمعترك: موضع العراك والمعاركة، أي: القتال، واعتركوا في المعركة اعتلجوا، والابل في الورد: ازدحمت(7)، والظن يكون بمعنى الاعتقاد الراجح غير الجازم وبمعنى الشك، وقيل: هو خلاف(8) اليقين فيشملهما والمقام

ص: 243


1- العين، مادة (عقب): 1 / 179
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 340
3- (أجذبها) في ع، تحريف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 340، وفيه: (شهواتها النازعة المحركة)
5- القاموس المحيط، مادة (عرك): 3 / 313
6- (الحد) في ع، تصحيف
7- ينظر: الصحاح، مادة (عرك): 4 / 1599
8- (حلاف) في ع، تصحيف

يحتمل الكل، ومَعْقِدُ الشيء مثل مجلِس موضع عقده وهو الشدّ يقال: عقدت الحبل(1) والبيع والعهد ويكون مصدراً والغرض(2) نفي تطرق الشبه، والشكوك الى عقائدهم اليقينية (وَلَا قَدَحَتْ قَادِحَةُ الْإِحَنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلَا سَلَبَتْهُمُ(3) الْحَيَرْةُ مَا لاَقَ مِنْ مَعْرفَتِهِ بِضَمَائِرِهِمْ، وَسَكَنَ مِنْ عَظَمِتِهِ وَهَيْبَةِ جَلَالتهِ(4) فِي أَثْناءِ صُدُورِهِمْ) قَدَحَ بالزند(5) کَمَنَعَ رام الايراء به وهو استخراج النار، والمِقْدح والمِقْدحة بكسر الميم الحديدة، والقداح والقداحة الحجر، ويحتمل أن يكون من القدح بمعنى الطّعن(6) لكنه بعيد، والإحِّن جمع أحِنة کسدر وسدرة، وهي (الحقد والغضب)(7) أي لا يثير الغَضْب واضمار العداوة فتنة فيما بينهم لبرأتهم / و 115 / عن القوة الغضبية، والحيرة عدم الاهتداء الى وجه الصواب، وأصله أن ينظر الإنسان الى شيء فيغشاه(8) ضوءه فيصرف بصره عنه، ولاق الشيء بغيره لزق ومنه ليقه الدواة لأنه يلصق المداد بها(9)، والغرض نفي الحيرة عنهم (كالأحنة)(10) لأنهَّا لا تكون إلا عن الشبه

ص: 244


1- (الحل) في أ،ع، تحريف
2- (العرض) في أ، ر،ع، تصحيف
3- ولاسبلتهم) في أ، تحريف
4- (وما سكن) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 336، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 157
5- (الزبد) في ر، م، تصحيف
6- ينظر: الصحاح، مادة (قدح): 1 / 394
7- القاموس المحيط، مادة (أحن): 4 / 195
8- (فيعشاه) في أ، ح، ر، ع، تصحيف، وفي ث: (فيغشاء)
9- ينظر: تاج العروس، مادة (ليق): 13 / 433
10- (كالأخته) في ح

والوساوس، ويحتمل أن يكون المراد بالحيرة الوله لشدة الحب وكمال المعرفة وسيجيء اثبات الوله لهم في الكلمات الآتية وفي دعاء سيد الساجدين (عليه السلام) (ولا يغَفُلوُنَ عن الوَله اليك)(1) والمعنى أنَّ شدة ولههم لا يوجب نقصاً في معرفتهم وغفلة عن ملاحظة العظمة والجلال كما يورث الوله في البشر نوعاً من الغفلة، وأثناء [الشّيء](2) تضاعيفه وجاء في أثناء الأمر أي في خلاله جمع ثنى بالكسر (وَلَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعُ بِرَيْنِها عَلَى فِكْرِهِمْ) في بعض النسخ (فَتَقَترَعَ) بالقاف من الاقتراع بمعنى ضرب القرعة والاختيار، والغرض نفي تناوب الوساوس وتواردها عليهم، [وفي بعضها](3) فتفترع بالفاء وهو افتعال من فرعه أي علاه، والأول أنسب بالطمع، والرين بالنون كما في بعض النسخ (الطبع والدنس)(4) والتغطية(5)، ورَان ذنبه(6) على قلبه ريناً، أي غلب ورانت النفس أي خبثت(7)، وقيل: أصل الرين الغلبة، ثم أطلق المصدر على الغطاء، وفي بعض النسخ برينها بالباء الموحدة، والرَيب الشك والتّهمة، أو الشك مع التّهمة كما سبق(8) والفكر والفكرة إعمال النظر

ص: 245


1- الصحيفة السجادية: 33، 34
2- [الشيء] ساقطة من ر، م
3- [وفي بعضها] ساقطة من ع
4- تاج العروس، مادة (رين): 18 / 252
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رين): 18 / 253
6- (دبنه) في ح، وفي ر، م: (دينه)، تحريف
7- ينظر: تاج العروس، مادة (رين): 18 / 253
8- (يريبها) في أ، ع، وفي ث: (برتها)، وفي ح، ر: (بربها)، تحريف

في الشيء. (مِنْهُمْ(1) مَنْ هُوَ فِي خَلْقِ الْغَمامِ الدُّلَّحِ، وَفِي عِظَمِ الْجِبالِ الشُمَّخِ، وَفِي قَتْرَةِ الظَّلَامِ الْأَيْهَمِ(2)) الضمير راجع الى مطلق الملائكة والغمام كما في بعض النسخ جمع غمامة أو(3) هي السّحابة أو هي في الأصل (السّحابة البيضاء)(4) وتطلق على غيرها، وبعض النسخ الغمائم وهي أيضاً جمع غمامة، والدّلح جمع دالح وهو الثّقيل من السّحاب لكثرة مائه(5)، والدلح أن يمشي البعير بالحمل وقد أثقله(6)، والشّامخ من الجبال المرتفع العالي، ومنه قيل للمتكبرّ قد شمخ بأنفه، والقُترة بالضم (بيت)(7) الصّائد الذي يتستر به عند تصيده من خص ونحوه ويجمع على قتر مثل غرفة وغرف، ويطلق على حلقة الدرع(8)، والكوّة النافذة، والظّلام ذهاب النّور، والأيهم الذي لا يهتدي فيه(9) ومنه فلاة يهماء(10)، وهذا النوع من الملائكة خزان المطر وزواجر السحاب و لعله شامل لمشيعي الثّلج والبرد والهابطين مع قطر المطر إذا نزل وان كان السحاب

ص: 246


1- (ومنهم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 336، شرح نهج البلاغة: صبحي الصالح: 157
2- (الابهم) في ر، م، تصحيف
3- (و) في أ، ث، ح، ر، م
4- القاموس المحيط، مادة (غم): 4 / 157
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (دلح): 1 / 220
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (دلح): 1 / 220
7- (وأصل القتير رؤوس مسامير حلق الدروع تلوح فيها) لسان العرب، مادة (قتر): 5 / 72، وينظر: القاموس المحيط: 2 / 113
8- (الدرع) طمس في ح، وفي أ، ع: (بهماه)، وفي م: (بهاء)
9- ينظر: القاموس المحيط، مادة (يهم): 4 / 194
10- (يهماه) في أ

مكانهم قبل النزول والموكلون بالجبال للحفظ وسائر المصالح و الساكنون في الظلمات لهداية الخلق وحفظهم أو غير ذلك. (وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الْأَرْضِ السُّفْلَى؛ فَهِيَ كَرَايَاتٍ بِيضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ الْهَوَاءِ، وَتَحْتَها رِيحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُهَا عَلَى حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ المُتَنَاهِيَةِ) تُخُوم الأرض بضم التاء معالمها و(حدودها)(1) وهي جمع تخوم بالضم أيضاً، وقيل: واحدها تخُم بالضّم، وتَخم بالفتح، وقيل: التخم(2) حدّ الأرض والجمع تخوم مثل فَلس وفُلُوسِ(3)، وقال ابن الاعرابي وابن السَكيت الواحد تُخَوم والجمع تُخُم مثل رَسُول ورُسُل(4)، وفي النُسخ بضم التاء، و(الرَاية علم الجيش)(5)، قيل: (أصلها الهمز لكن العرب آثرت تركه تخفيفاً)(6)، وانكره بعضهم وقال: (لم يسمع الهمز)(7)، ومخارق الهواء المواضع التي تمكنت فيها تلك الرايات بخرق الهواء والرَيح الهفافة الطيَبة(8) السَاكنة، قال بعض الشَارحين: أي ليست مُضْطَربة فتموج تلك الرَايات، بل هي ساكنة تحبسها حيث انتهت)(9) (قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغالُ عِبادَتِهِ، وَوَصَّلَتْ حَقائِقُ الْإیِمانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ،

ص: 247


1- الصحاح، مادة (تخم): 5 / 1877
2- (التحم) في ر
3- ينظر: الصحاح، مادة (تخم): 5 / 1877
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (تخم): 5 / 1877، وإصلاح المنطق: 282
5- المصباح المنير، مادة (روی): 1 / 246
6- المصدر نفسه،، مادة (روی): 1 / 246
7- المصدر نفسه،، مادة (روی): 1 / 246، وينظر: لسان العرب، مادة (ريا): 14 / 246
8- (الطبية) في أ، وفي ع: (الطبيعة)، تصحيف
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 340، وفيه: (ليست مضطربة...)

وَقَطَعَهُمُ الْإِيقانُ بِهِ إِلَى الْوَلَه إِلَيْهِ، وَلَمْ تُجاوِزْ رَغَباتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلَى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ) الاشغال جمع شُغُل بالضم وبضمتين وبالفتح وبفتحتين وهو ضد الفراغ واستفراغها إيّاهم جعلهم فارغين إلا منها، وحقائق الإيمان الاعتقادات اليقينية ووصلها / 115 / بينهم وبين المعرفة جعلهم (متصلين)(1) بها، وفي بعض النسخ (وسّلت) بالسّين المشددة، يقال: وسّل الى الله توسيلاً وتوسّل أي عمَل عملاً تقرب(2) [به](3) اليه، ولعل المراد بحقائق الإيمان شواهد الصنع والعلم والقدرة، وبمعرفته المعرفة الكاملة أو اللائقة به سبحانه وقطعهم الإيقان الى الوله أي صرفهم (عما)(4) سوى الوله ووجههم اليه، وهو في الأصل التحير من شدة الوجد(5) أو(6) ذهاب العقل(7)، والمراد عدم الالتفات الى غيره سبحانه والرغبة الارادة والسؤال والطلب والحرص على الشيء والطمع فيه وعدم تجاوز رغباتهم كونها مقصورة على الله عز وجل والظاهر أن هذه الأوصاف لا يختص بالقسم السابق من الملائكة فالضمائر راجعة الى الملائكة مطلقاً كالضمائر(8) الآتية. (قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ، وَشِرَبُوا بِالْكَأْسِ الرَّوِيَةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَتَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ(9) قُلُوبِهِمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ،

ص: 248


1- (متضلين) في ح، تصحيف
2- (اتقرب) في ث
3- [به] ساقطه من ر
4- (غما) في ح، تصحيف
5- (الوجدان) في ع، تحريف
6- (و) في ع
7- (الغفل) في ر، تصحيف
8- (كما الضمائر) في ح
9- (سويداه) في ث، و (سويداوات): في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 336

فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ(1) ظُهُورِهِمْ، وَلْمَ يَنْفِدْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِليْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ، وَلَا أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِيمْ الزُّلْفَةِ رَبِقَ خُشُوعِهِمْ) الباء في بالكأس أما للاستعانة وليست زائدة لأنَّ الكأس لا يشرب وإنّما يشرب ماؤها أو بمعنى من لأنَّ الشرب مبتدأ منها أو بمعناها على تضمين الالتذاذ، والكأس الإناء يشرب فيه أو ما دام الشّراب فيه، وهي مؤنثة(2)، والرّوية المروية التّي تزيل العطش رأساً، وسويداء القلب وسوداؤه (حبّته)(3)، و(الوشيجة)(4) في الأصل(عرق الشجرة)(5)، ويقال: وشجت العروق والأغصان، أي اشتبكت(6)، وحنيت الشيء أي عطفته وعوّجته، وأنفد(7) الشيء أفناه(8)، ومادة التضرّع الداعي اليه وأطلق (على)(9) الأسير إذا حل أسره، والرِّبقة بالكسر في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها(10)، وعدم نفاد مادّة التضّرع فيهم لعدم تطرّق النّقص الى علمهم بعظمة الله وحاجتهم، وعدم انتهاء مراتب المعرفة والقرب الداعيين لهم الى التضرع والعبادة ومع ذلك لا يتطرق الضعف الى قواهم فبقدر صعودهم في مدارج

ص: 249


1- (اعندال) في ر، تصحيف، وفي ع: (عند آل) تحريف
2- المذكر والمؤنث، السجستاني: 143
3- (جنته) في أ، ع، تصحيف، تاج العروس، مادة (سود): 5 / 34
4- (الوشجة) في أ، ر،ع، وفي ح: (الوشبحة)، تصحيف
5- تاج العروس، مادة (وشج): 4 / 508
6- ينظر: تاج العروس، مادة (وشج): 4 / 509
7- (أنفذ) في ث، تصحيف
8- ينظر: العين، مادة (نفد): 8 / 50
9- (عن) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تحريف، والصحيح ما اثبتناه
10- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ربق): 3 / 234

الطّاعة يزداد قربهم وكلّما ازداد قربهم ازداد علمهم بعظمة الله فلذلك لا ينقص تضرّعهم وخشوعهم، بل يزداد على طول الطّاعة كما اشار اليه (عليه السلام) في آخر الفصل (وَلَمْ يَتَوَلهمُ الْإِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ، وَلَا تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكَانَةُ الْإِجْلَالِ نَصِيبَاً فِي تَعْظِيْمِ حَسَناتِهمْ) تولّاه أي اتّخذه وليّاً، وتولّى الأمر أي تقلّده وعدم تولّي الإعجاب كناية عن عدم الاستيلاء والإعجاب استعظام ما يعدّه الإنسان فضيله لنفسه، ويقال: أعجب زيد بنفسه على البناء للمفعول إذا ترفّع وسر(1) بفضائله، وأعجبني حسن زيد إذا عجبت منه واستكثره عدة كثيراً وما سلف منهم طاعتهم السّابقة والاستكانة الذل والخشوع(2)، قيل: افتعال من المسكنة، وقيل من السكون اشبعت حركة عينه(3)، يقال: استَكَن زید واستكان، وقيل استفعال من الكينة وهي الحالة السّيئة، ويقال: كان مكين إذا خضع وذكره في القاموس(4) في الكون أيضاً، وقيل: في توجيهه أن المستكين بخضوعه يتغير من كون الى كون كالمستحيل يتغير من حال الى حال، وقال أبو علي الفارسي: عندي إنه استفعال لا افتعال، واستكانة الإجلال خضوعهم الناشئ عن ملاحظة جلال الله وعظمته (وَلَمْ تُجْرِ الّفَتراَتُ فِيهِمْ عَلى طُولِ دُؤُوبِهِمْ، وَلَمْ تَغِضْ رَغَباتُهُمْ فَيُخُالِفُوا عَنْ رَجاءِ رَبِهمْ) الفترة مرة من الفتور وَهَوَ السُّكوُن بعَدَ حِدَّةٍ، واللين بعد شدة(5)، ودأب في أمره كمنع دؤباً جد وتعب، وغاض الماء غيّضا

ص: 250


1- (ومر) في ث، وفي ر: (وستر)، تحريف
2- ينظر: تاج العروس، مادة (سكن): 18 / 286. وفي أ، ث، ع: (الخضوع)
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (سكن): 4 / 235
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (كون): 4 / 264
5- ينظر: العين، مادة (فتر): 8 / 114

و مغاضاً قلٌ ونقص (وَلَمْ تَجِفَّ لِطُولِ المُنَاجاةِ أسَلَاتُ أَلسِنَتِهِمْ، ولَا مَلكَتْهُمُ الأشَغَالُ فَتَنقَطِعَ بِهَمِسِ الجُوُّارِ(1) إلَيِهِ أصّواتُهِمْ) المناجات المخاطبة سراً، وأسلة اللّسان ظرفه ومستدقه، والهمس الصّوت الخفي، والجّؤار(2) كغراب رفع الصّوت بالدعاء والتضرع والاستغاثة(3)، قال بعض الشارحين: أي ليس لهم اشغال(4) / و116 / خارجة عن العبادة، فيكون لأجلها أصواتهم المرتفعة خافية ساكنة(5)، وفي بعض النسخ بهمس الخبر، وفي بعضها بهمس الحنين، وتوجيههما يحتاجٌ إلى تكلف (وَلَم تَختَلِفُ(6) فِي مَقَاوِمِ الطَّاعَةِ مَنَاكِبهُمْ، وَلْمَ یَثْنُوا إِلَی رَاحَةِ التَّقْصِيرِ فِي أَمْرِهِ رِقَابَهُمْ) مَقَاوِمَ الطَّاعَةِ صفوف العبادة جمع مقام، والمنكب کمجلس مجتمع رأس الكتف والعضد(7)، وعدم اختلاف المناكب عدم تقدم بعضهم على بعض في الصف أو عدم انحرافهم وقد ورد في الحديث: ((سَوّوُا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم))(8) وكان في نسخة بعض الشارحين(9) مقادم بالدال المهملة موضع الواو قال استعار لفظ المقادم

ص: 251


1- (الجؤار) في شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد. 6 / 337
2- (الجواز) في ع، تصحيف
3- ينظر: الصحاح، مادة (جار): 2 / 607
4- (اشغان) في أن تحريف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 341، وفيه: (ليست لهم...)
6- (مختلف) في ث، ح، و(تختلف) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 337، نهج البلاغة، تحقيق: صبح الصالح: 159
7- ينظر: الصحاح، مادة (نکب): 1 / 228
8- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 97، ومجمع البحرين: 5 / 53
9- اشار اليها محقق منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 392، هامش (1) نسخة: الف

من ريش الطائر وهي عشر في كل جناح لما سبق وجوبه من طاعة الله وكان أهم عباداته كمعرفته والتوجه اليه ولفظ المناكب وهي أربع ريشات بعد المقادم في كل جناح لذواتهم وفيه مع (غاية)(1) البعدان المذكور في كتب اللغة بالمعنى الذي ذكره إنما هو القوادم لا المقادم، وثنيت الشيء ثنياً عطفته، وثناه أي كفه وثنيته أيضاً صرفته إلى حاجته، وراحة التقصير الراحة الحاصلة باقلال العبادة أو ترکها بعد التعب. (لاَ(2) تَعْدُوا عَلىَ عَزِيمَةِ جِدِّهِمْ بَلاَدَةُ الْغَفَلَاتِ، ولَا تَنْتَضِلُ فِي هَمِهِهِمْ(3) خَدائِعُ الشَهَواتِ.) عدا عليه أي قهره وظلمه، والعزيمة ما وكدت رأيك وعزمك عليه، والتبلد ضد التجلد والتحير، وبلُد الرجل بالضم بلاده فهو بليد أي غير ذكي ولا فطن(4)، وانتضل القوم وتناضلوا إذا رموا للسبق(5)، والهمة ما هم به من أمر ليفُعَل وخدائع الشهوات وساوسها الصارفة عن العبادة و انتضاها تواردها وتتابعها (قَدِ اتَخَذُوُا ذَا الْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَوْمِ فَاقَتِهِمْ، وَيَمَّمُوهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إِلَى المَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهِمْ) ذو العرش هو الله عز وجل، قال سبحانه: «إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا»(6)، والفاقة الحاجة والفقر، ويوم فاقتهم يوم يَقبِض أرواحهم كما يظهر من بعض الأخبار ولا يبعد أن يكون لهم نوع من الثواب

ص: 252


1- (عاية) في ح، تصحيف
2- (ولا) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 337، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 159
3- (هممهم) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 2 / 337
4- ينظر: الصحاح، مادة (بلد): 2 / 449
5- ينظر:: الصحاح، مادة (نضل): 5 / 1831
6- الإسراء / 42

على طاعتهم بازدياد القرب وافاضة المعارف وذكره سبحانه وتعظيمه(1) إياهم وغير ذلك فالإشارة إلى يوم جزائهم، ويمموه أي قصدوه، والانقطاع إلى أحد صرف الوجه عن غيره والتوجه إليه وعند انقطاع الخلق [أي](2) کما ينقطع الخلق والضمير في رغبتهم كالضمير في فاقتهم، أو راجع الى الخلق، أو إليهما على التنازع. (لَا يَقْطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِم الاِسْتِهْتَارُ بِلزُومِ طَاعَتهِ، إِلاَّ إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِهِ وَمَخَافَتِهِ) الأمد(3) المنتهى، ويرجع فعل متعد ولازم، تقول: رجع زيد ورجعته أنا، واهتر فلان بكذا واستهتر فهو مهتر به، ومُستهترٌ على صيغة المفعول، أي مولع به لا يتحدث بغيره، ولا يفعل غيره(4)، [ولزوم الشيء عدم مفارقته والانفكاك عنه والمادة مشتقة من مد البحر وغيره](5) إذا زاد(6) وكل ما اعنت به قوماً في حرب وغيره فهو مادة لهم، والمراد بالمادة المعين والمقوي، وكلمة (من) في قوله (عليه السلام): (من قلوبهم) ابتدائية أي إلى مواد ناشئة من قلوبهم غير منقطعة، وفي قوله عليه وسلام): (من رجائه) بيانية، فتكون المواد عبارة عن الرجاء والخوف الباعثين لهم على لزوم الطاعة، ويحتمل أن (تكون)(7) الأولى بيانية والثانية صلة للانقطاع كما في الكلام الآتي، والغرض اثبات دوام

ص: 253


1- (تعضيمه) في ح
2- [أي] ساقطة من ر
3- (الامداد) في ح، تحریف
4- ينظر: تاج العروس، مادة (هتر): 7 / 605
5- [ولزوم الشيء عدم مفارقته والانفكاك عنه والمادة مشتقة من مد البحر وغيرها] ساقطة من ث
6- (أراد) في ر، تحریف
7- (يكون في أ، ث، ح، ر،ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه

خوفهم ورجائهم الموجب لعدم انفكاكهم عن الطاعة بل لزيادتها كما يشعر به لفظ المواد. (لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ فَیَنَوا(1) فِي جِدِّهِمْ، وَلْمَ تَأْسْرِ هُمُ الْأَطْماعُ فَيُؤثِرُوا وَشِيْكَ السَّعْيِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ) (السّبب)(2) في الأصل الحبل الذي يتوصل به الى الماء، وثم استعير لكل ما يتّوصّل به إلى غيره، والشفقة: الخوف، والونی: (الضعف والفتور)(3)، / ظ116 / قال الله تعالى: «وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي»(4)، وحذف نون الجمع لجواب ما فيه معنى النفي بالفاء، ولم تأسرهم أي لم تجعلهم أسيرا وهو المشدود والمقيد والمسجون، والإيثار الاختيار، والوشيك القريب والسريع والمعنى: ليسوا مأسورين في (ربقه)(5) الطمع حتى يختار، والسّعي القريب في تحصيل المطمُوع الدنياوي الفاني على اجتهادهم الطّويل في تحصيل السّعادة الباقية كما يفعلهُ البشر (وَلَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضى مِنْ أَعْمَالِهمْ، وَلَوِ اِسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقاتِ وَجَلِهِمْ) استعظم الشيء إذا رآه عظيماً، واستعظام العمل العجب المنهي عنه، ونسخ الشيء ازالته وابطاله وتغيره، والمراد بالرجاء ما تجاوز الحد المطلوب منه ويعبر عنه بالاغترار وشفقات الوجل تارات الخوف ومراته. (وَلَمْ(6) يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاستِحْواذِ الشِّيْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ یُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقاطُعِ، وَلاَ تَوَلَّاهُمْ غِلُّ

ص: 254


1- (فتوا) في م، تحریف
2- (السب) في ح، تحریف
3- الصحاح، مادة (ونی): 6 / 2531
4- طه / 42
5- (ريقة) في ث، وفي ح: (زبقة)، تصحيف
6- (لم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 337، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 159

التَّحَاسُدِ) الاختلاف في الرّب أمّا في الاثبات والنّفي، أو في التّعيين، أو في الصّفات كالتّجرد والتّجسُم وكيفية العلم وغير ذلك، أو في استحقاقه کمال العبادة على ما زعمه بعض الشّارحين(1) و(اسْتَحْوَذَ عليهُم الشّيطانُ) أي استولى، وهو ما جاء على الأصل من غير اعلال، والتّقاطع ضدّ التّواصُل أي التعادي وترك البرّ والاِحسان وَتَوَلّيْتُ الأمر أي قمت به، وتولّيت فلاناً اتّخذته وليّاُ أي ناصراً ومحبّاً، والغّل الحقد والشحناء(2)، وفي اسناد التولي الى الغلّ بيان للشناعة بأبلغ وجه (ولَا شَعبتَهُمْ(3) مَصَارِفُ الرَّيْبِ، وَلاَ أقْتَسَمْتَهُمْ أَخيافُ الْهِمَمِ) الشّعبة من كل شيء الطائفة منه(4)، وشعبَهُم أي فرّقهم، ومنه سُمي الموت شَعوباً بالفتح لأنَّه يفرق الخلائق(5)، وفي بعض النّسخ (تَشعّبتّهُم) على صيغة التفعل، والأظهر ما في الأصل، والرّيب جمع رِيبة بالكسر وهو [الشك أو](6) هو مع التّهمة ومصارفها وجوهها وطرقها من الأمور الباطلة التّي ينصرف إليها الأذهان عن الشبّه کما ذكره بعض الشارحين(7) أو وجوه انصراف الأذهان عن الحقّ بالشبه أو الشّكوك والشبه أنفسها، واقتَسَمُوا المال بينهم أي تقاسموه، والاسم القسمة وأخياف الهمم أي الهمم المختلفة، وأصله من الخيف بالتحريك، وهو زرْقُه إحدى العينين وسواد الأخرى في الفرس

ص: 255


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 1393
2- ينظر: تاج العروس، مادة (غلل): 15 / 550
3- (ولا تشعبتهم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 337، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 160
4- ينظر: تاج العروس، مادة (شعب): 2 / 166
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شعب): 2 / 199
6- [الشك أو] ساقطة من ع
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 363

وغيرها(1)، ومنه قيل لإخوة الأم أخياف لأنَّ آبائهم شتی(2)، والهِمّة بالكسر ما عزمُت عليه لتفعله(3) وقيل: أول العزم، والغرض نفي الاختلاف بينهم والتعادي والتفرق بعروض الرّيب واختلاف الهمم أو نفي الاختلاف عنهم وبيان أنهم فرقة واحدة لبرأتهم عن الرّيبة واختلاف الهمم (فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمانٍ لَمْ یَفَكَّهُمْ مِنْ رِبْقَتِهِ زَیْغٌ وَلَا عُدُولٌ، وَلَا وَناً وَلَا فُتُورٌ) الربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها لتمسكها، والزيغ الجور والعدول عن الحق، والوني الضعف، وفي التّفريع دلالة على أنَّ الصّفات السّابقة من فروع الإيمان أو لوازمه والظاهر أنَّ المراد به الفرد الكامل، فظهر الوجه في كون الفتور والضّعف من أسباب الفك من ربقته (وَليْسَ فِي أَطْباقِ السَّماواتِ(4) مَوْضِعُ إِهَابٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ، يَزْدَادُوْنَ عَلَى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً، وَتَزْدَادُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً) الطّبق محركة في الأصل الشيء على مقدار الشيء مطبقاً له من جميع جوانبه کالغطاء له، ومنه يقال: أطبقوا على الأمر إذا اجتمعوا عليه متوافقين غير متخالفين وأطبقت عليه الحمّی فهي مطبِقة بالكسر، وأطبق عليه الجنون فهَو مطبِق بالكسر أيضاً والسماوات أطباق لأنَّ كل سماء طبق لما تحتها، والإهاب ككتاب (الجلد)(5)،

ص: 256


1- ينظر: الصحاح، مادة (خيف): 4 / 1359
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (خيف): 4 / 1359
3- ينظر: تاج العروس، مادة (همم): 17 / 764
4- (السماء) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 337، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 160
5- العين، مادة (أهب): 4 / 99

وقيل: إنما يقال له قبل أن يدبغ ويجمع على أُهُبٍ ککُتُبٍ، وأَهَبٍ بفتحتين(1) وليس في كلامهم نظيره الأعماد وعمدَ، والحافد المسرع والخفيف في العمل ويجمع [على](2) حفد بالتحريك، ويطلق على الخدم لإسراعهم في الخدمة والعزّة القوّة والغلبة، والعِظم بکسر العين خلاف / و 117 / الصغر مصدر عظم(3) كصغر وفي بعض النسخ (عُظمًا) بالضّم وهو اسم من تعظّم أي تكبرّ وما في الأصل أظهر، قال بعض الشّارحين(4): اعلم أنّ للسّماء ملائكة مباشرة لتحريكها، وملائكة أعلى رتبه من أولئك هم الآمرون لهم بالتحريك، فيشبه أن يكون الاشارة بالسّاجدين منهم إلى الأمرين، والسّجود كناية عن کمال عبادتهم کناية بالمستعار، ويكون الاشارة بالسّاعين المسرعين إلى المتولين للتّحريك، فإمّا زیادتهم بطول الطّاعة علماً بربهم فلمّا ثبت أن حركاتهم إنّما هي شوقيه للتشبه بملائكة أعلى رتبةً منهم في كمالهِم بالمعارف الالهية وظهور ما في ذواتهم بالخروج من القوّة إلى الفعل انتهى. [ولا يذهب على المستبصر المستمسك بأذيال العترة الطاهرة (عليهم السلام) أن تجشم أمثال هذه التأويلات السخيفة الواهية إنما ينشأ من الميل إلى الاصول الفاسدة المأخوذة من الفلاسفة والركون إلى عقائدهم الباطلة ولا فرق في المعنى بين الانکار الصريح للاصول الثابتة من الدين القويم وبين تحريفها وتأويلها إلى أمثال هذه الوجوه المموهة التي يقطع كل عارف باللسان بأنها ليست مرادة في كلام

ص: 257


1- الصحاح، مادة (أهب): 1 / 89
2- [على] ساقطة من أ، ع
3- (کعظم) في ح
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 364

الله(1) عز وجل ولا في كلام حججه (صوات الله عليهم أجمعين) ومن الله نستمد العصمة والتأييد، إنه هو الولي الحميد](2).

[وَمِنْهَا](3) في صِفَةِ الأرض وَدَحْوِهَا عَلىَ الماءِ: (كَبَسَ الَأْرْضَ عَلىَ مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ، وَلَجُجِ(4) بِحَارٍ زَاخِرَۃٍ) دحو الأرض بسطها على الماء، يقال: دحا یدحو ویدحي أي بسط ووسع وقد ورد في أخبارنا أنّ الأرض دحیت من تحت الكعبة ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة، وإنّ صيّام ذلك اليوم يعدُل صيام ستين شهراً وما حكاهُ بعض الشّارحين عمّن زعمهُ من [العارفين](5) من أنّ (الاشارة بالكعبة إلى كعبة وجود واجب الوجود التّي هي مقصد وجوه المخلصين التّي جعلت هذه الكعبة في عالم الشّهادة مثالاً لها ودَحوهَا من تحتها عبارة عن وجودها عن ذلك المبدأ)(6)، فمن التأويلات الواهية الناشئة عن عدم الاذعان بظواهر الشّريعة من غير دليل صارف، وكبسَ الرّجل رأسه في قميصه إذا أدخله فيه، وكبس البئر والنّهر إذا طمّهما بالترّاب وملأهما، قال بعض الشّارحين: كبس الأرض، أي أدخلها [في](7) الماء بقوة، واعتماد شديد(8)، ومور الأمواج تحركها، أو بسرعة، أو تردّدها في

ص: 258


1- (الكلام عز وجل) في ث
2- [ولا يذهب على المستبصر المستمسك...] ساقطة من ح
3- [منها] بياض في ث
4- (لحج) في ح، تصحيف
5- [العارفين] ساقطة من ع
6- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 372
7- [في]، زيادة يقتضيها السياق، غير موجودة في النسخ
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 348، وفيه: (كبس الأرض أي ادخلها في الماء...)

عرض(1) أو اضطرابها، وَ(استفحل الأمر: أي تفاقم واشتدّ)(2)، وقال بعض الشّارحين: (أمواج مستفحلة: أي هائجة هيجان الفحول)(3)، وقال بعضهم: (أي صائلة)(4)، واللُجّة بالضم (معظم الماء)(5)، ومنه بحر لجي، وزخر البحر إذا مدّ و (كثر ماؤه وارتفعت أمواجه)(6) (تَلْتَطِمُ أَوَاذِيُّ أَمْوَاجِها، وَتَصْطَفِقُ مُتَقاذِفاتُ أَثْباجِهَا، وَتَرْغُو زَبَداً کَالْفُحُول عِنْدَ هِيجِهَا) اللَّطم ضرب الخدّ بالكفّ مفتوحة، ومنه المثل: (لو ذات سِوَار لَطَمتْنَي) قالته امرأة لطمتها امرأة غير كفوها، والتطمت الأمواج(7) ضرب بعضها بعضاً، والأذي بالمدّ والتّشديد الموج الشّديد والجمع أواذي(8)، والصّفق الضرب يسمع له صوت، والصّرف والرّد واصطفقت الأمواج أي ضرب بعضها بعضاً وردّها، واصطفقت الأشجار إذا اهتزت بالرّيح، والتّقاذف التّرامي بقوّة، وثج البحر بالتّحريك معظمه ووسطه(9)، وقيل أصله: (ما بين الكاهل الى الظّهر)(10)، والمراد أعالي الأمواج، والرُّغاء بالضم صوت الإبل، ورغى اللبن صارت له

ص: 259


1- (غرض) في أنع، تصحيف
2- تاج العروس، مادة (فحل): 15 / 568
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 348
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 369، و بحار الأنوار: 54 / 142
5- تاج العروس، مادة (لحج): 3 / 470
6- تاج العروس، مادة (زخر): 6 / 457
7- (الامواح) في ر، تصحيف
8- ينظر: تاج العروس، مادة (أذى): 19 / 149
9- ينظر: تاج العروس، مادة (ثبج): 3 / 306
10- المصدر نفسه، مادة (ثبج): 3 / 306

رغوة أي زبد وهو(1) بالتحريك الذّي يظهر فوق السّيل والبحر المتلاطم، قال بعض الشّارحين: زبداً منصوب بمقدر أي ترغو قاذفةً زبداً(2)، والفحل الذّكر من كل حيوان وأكثر ما يستعمل في الإبل، وهاج الفحل ثار واشتهى الضّراب (فَخَضَعَ جِماحُ المَاءِ المُتَلَاطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِها، وَسَکَنَ هَيْجُ ارْتِمائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِها، وَذَلَّ مُسْتَخْذِياً إِذْ تَمَعَّکَتْ عَلَيْهِ بِكَوَاهِلِهَا) خضع أي ذلّ، وجماح الماء غليانه من جمح الفرس إذا غلب فارسه ولم يملکه(3)، / ظ 117 / و تلاطم الأمواج أن يضرب بعضها بعضاً، وهيج الماء ثورانه وفورته، والارتماء التّرامي والتّقاذف وارتماء الماء تلاطمه وأصل الوطأ الدوْس بالقدم، والکْلَکْل (الصّدر)(4) کالكِلْکَال، وذلّ أي هان وصار ذليلًا ويحتمل أن يكون بمعنى صار ذلولاً، وهو ضدّ الصعب، وفي بعض النّسخ كلّ موضع ذلّ أي عرض له الكلال من کَلَّ السَّيْف إذا لم يقطع، والمستخذي مليناً كما في النسخ الخاضع والمنقاد(5) وقد يهمز على الأصل، وقيل لأعرابي في مجلس أبي زيد: كيف تقول استخذات؟ ليتعرف منه الهمزة، فقال: مستعار من تمعكت الدّابة أي تمرغت في التّراب(6)، والمعك الدّلك في التراب(7)، والكاهل ما العرب لا

ص: 260


1- (ورغى اللبن صارت له رغوة أي زبد وهو) ساقطة من ح، وفي ر: (ورغى اللبن صارت له رغوة أي زبد وهو)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 348
3- ينظر: الصحاح، مادة (جمع): 1 / 360
4- لسان العرب، مادة (كل): 11 / 596
5- ينظر: الصحاح، مادة (خذا): 6 / 2326
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (خذا): 6 / 2326
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (معك): 4 / 1609

تستخذئ(1) بالهمزة(2)، وقيل: أصله من خذا يخذو أي (استرخى) ويجوز خذي كرضي، وتمعكت بين الكتفين(3) (فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخابِ أَمْوَاجِهِ سَاجِياً مَقْهُوراً، وَفِي حَكَمَةِ الذُّلِّ مُنْقاداً أَسِيْراً) الاصطخاب افتعال من الصخب وهو كثرة الصّياح واضطراب الأصوات(4)، والساجي الساكن(5) والحكمة محرّكة حديدة في اللّجام تكون على حنك الفرس تمنعه عن مخالفة راكبه(6)، قال بعض الشّارحين(7): في هذا الموضع اشكال وهو أنَّ لقائل أن يقول: كلامه (عليه السلام) يشعر بأن هيجان الماء وغليانه وموجه سكن بوضع الأرض عليه وهذا خلاف ما نشاهده و يقتضيه(8) العقل؛ لأن الماء السّاكن إذا جعل فيه جسم ثقيل اضطرب وتموّج، وصعد علوا، فكيف الماء المتموج يسكن بطرح الجسم الثّقيل فيه؟ والجواب أنّ الماء إذا كان تموّجه من قبل ريح هائجة جاز أن يسكن هيجانه بجسم يحول بينه وبين تلك الرّيح ولذلك اذا جعلن في الإناء ماء وروحناه بمروحة فإنَّه يتحرك، فإن جعلنا على سطح الماء جسماً يملأ حافات الإناء، وروحناه بالمروحة فإن الماء لا يتحرك؛ لأنَّ ذلك الجسم قد حال بين الهواء المجتلب بالمروحة وبين سطح

ص: 261


1- (لا يستخدئ) في أ
2- الصحاح، مادة (كهل): 5 / 1814
3- ينظر: الصحاح، مادة (خذا): 6 / 2326
4- ينظر: لسان العرب، مادة (صخب): 1 / 521
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سجی): 14 / 371
6- ينظر: لسان العرب، مادة (حكم): 12 / 144
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 353
8- (ونقيضه) في ع

الماء، فمن الجائز أن يكون الماء في الأوّل هائجاً لأجل ريح محرّكة له، فإذا وضعت الأرض عليه حال بين سطح الماء وبين تلك الرّيح، وقد مرّ في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ذكر هذه الرّيح فقال: ريحاً اعتَقَمَ مَهَبّهَا، وَأدَامَ مرّبَها فَمخَضَتهُ مَخَض السِّقاءِ وَعَصِفَتْ بِهِ عَصْفَها بالفضاء انتهى. وأقول ما ذكره السّائل من تموّج الماء وصعوده إذا وضع فيه جسم ثقيل فليس غرضه (عليه السلام) نفيه ولا نفي تموّج الماء مطلقاً وإنما الغرض نفي التموّج الشّديد الذي كان للماء إذ حمله سبحانه على متن الرّيح العاصفة، والزّعزع العاصفة بقدرته الكاملة وأنشأ ريحاً لمخضه مَخضْ السّقاء فكانت كرة الماء تندفق من جميع الجوانب وترد الريح أوله على آخره وساجيه على مائرة كما أشار إليه (عليه السلام) في الخطبة الأولى(1) ولاريب أنّ في مثل تلك الحال يكون التموّج في غاية الشدّة، ثمّ لما كبس الأرض بحيث لم يحط الماء بكرة الأرض من جميع جوانبها فلا ريب في انقطاع الهبوب والتموّج من ذلك الجانب المماسّ(2) للأرض من الماء وهذا ما ذكره المجيب، وأيضاً لما منعت الأرض سيلان الماء من ذلك الجانب إذ ليس الأرض كالهواء المتفق المتحرّك الّذي كان ينتهي اليه ذلك الحدّ من الماء كان ذلك أيضاً من أسباب ضعف التموّج وقلّة التّلاطم، وأيضاً لما تفّرقت كرة الماء في أطراف الأرض ومال الماء بطبعه الى المواضع المنخفضة من الأرض وصار البحر الواحد المجتمّع بحاراً عديدة، وإن اتّصل بعضها ببعض وأحاطت السّواحِل بأطراف البحار بحيث منعت الهبوب إلاّ من جهة السطح الظاهر سكنت الفورة الشديدة

ص: 262


1- ينظر: صحيفة 16
2- (الماس) في ر

بذلك التفرّق وقلّة العمق وانقطاع الهبوب، فكلّ ذلك من أسباب السكون لا الذّي اشار إليه (عليه السّلام) هذا ما يقتضيه الجري على قواعد الطّبيعيين، ويمكن أن يكون لخلق الأرض وكبسها في الماء نوع آخر من التأثير في سكون الماء لا تصل إليه عقولنا والله تعالى يعلم، وقال بعض الشّارحين(1): مقتضى الكلام / و118 / أنّه تعالى خلق الماء قبل الأرض وسكن بها مستفحل أمواجه، وهذا ما شهد به البرهان العقلي، فإن الماء لما كان حاوياً لأكثر الأرض كان سطحه الباطن الماس لسطحه الظّاهر مكاناً لها وظاهر أنّ للمكان تقدّما طبيعياً باعتبار ما على المتمكّن فيه وإن كان اللّفظ يعطي تقدّم خلق الماء على خلق الأرض تقدماً زمانياً كما هو المقبول عند السامعين انتهى. أقول حمل [مثل](2) هذا الكلام على التّقدم الذّاتي وارتكاب أمثال هذه التأويلات من الأوهام الفاسدة التي يقطع ببطلانها كلّ من له أدنى معرفة لكن المقتفين(3) لآثار ابن سينا(4) والمتبعين لسنّته وسنّة أمثاله من الفلاسفة

ص: 263


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 372
2- [مثل] ساقطة من ح
3- (المقتضين) في ث، وفي ر: (المقنقين)، تحريف
4- هو الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، يكنى أبا علي، ويلقب بالشيخ الرئيس، ولد سنة (370 ه) في أحدى قرى بخاري، وهو فيلسوف وطبيب وشاعر طاف البلاد، وناظر العلماء واتسعت شهرته، تقلد الوزارة في همذان وثار عليها عسكرها ونهبوا بيته فتواری، ثم صار الى اصفهان وصنف فيها أكثر كتبه، تكلم في الالهيات، والنبويات، والمعاد، والشرائع ما لم يتكلم بها سلفه فصنف نحو مائة كتاب منها (الشفاء) في الحكمة، و(أسرار الحكمة المشرقية) و (الاشارات)، و(الطير) في الفلسفة، و (القانون) في الطب، و(كتاب الملح في النحو) في النحو. توفي في همذان سنة (428 ه). ينظر: وفيات الاعيان: 2 / 157، و هدية العارفين: 1 / 308، 309 ومعجم المؤلفين: 4 / 20، والاعلام: 2 / 241، 242

العادلين عن اتباع الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لمّا لم يمكنهم الإنكار الصريح لما ورد في الشّريعة مخالفاً لآرائهم الفاسدة للخوف من القتل والتّكفير التجأوا الى التأويل، فأوّلوا الأرض بالسّماء والسماء بالأرض(1)، وأضلّوا كثيرا من النّاس عن سواء السّبيل والحامل لهذا الرّجل على التأويل العليل انكار الحدوث الزّماني الّذي أجمع عليه المليّون قاطبة، ثم أنّ البحار مطلقاً لما كانت مستقرة في المواضع الغائرة المنخفضة من الأرض وكان سطح الماء أخفض من سطح الأرض الأبعاض الظّاهرة من الأرض وكانت احاطة الماء بالأرض غير تامّة وليست كإحاطة كرة الهواء بمجموع الأرض والماء کانت الأرض للماء بمنزلة الإناء والمعتبر في التمكن لاسيّما في العرف هو الاستقرار والاعتماد ولاريب في أنّ الماء لميله الى المركز مستقر على الأرض ولمواضع الماء باعتبار الغور والانخفاض نوع من الإحاطة بالماء، فلو اعتبر التقدم باعتبار التمكن مع ضعفه كانت الأرض أقدم م-ن هذا الوجه، والأمر في مثل ذلك هيّن فتدبّر واعلم أنّ الخارج من الأرض عن الماء على زعم بعض أهل الهيئة قريب من النّصف وعلى ما ذكره بعضهم يزيد على الرّبع تقريباً، ولعل مراد الأولين ما خرج عن المحيط، ومراد هؤلاء ما خرج عن الماء مطلقاً، وزعم طائفة من المتأخرين أنّهم ظفروا بقطعة مكشوفة في وسط البحر المحيط توازي ثلثي القطعة المكشوفة المشهورة وإنّ المحيط كالمنطقة للأرض، وعلى هذا فالأرض أولى بأن يعتبر مكانا كما لا يخفى ثمّ أنّ الظّاهر على ما ذهب إليه الطّبيعيّون من أنّ العلّة في سكون الأرض وغوصه في الماء قوة ثقله وانطباق مركز ثقله على مركز العالم عدم تساوي جانبي الأرض في الثقل

ص: 264


1- ينظر: الشفاء، (الطبيعيات)، ابن سينا: 2 / 58 -63

لكثرة الجبال(1) في الجانب المغمور في الماء أو لغير ذلك و إلاَّ لأحاطت كثرة(2) الماء بمجموع الأرض أو كانت الخارجة من الماء رؤوس(3) الجبال(4) والمواضع المرتفعة فقط في جميع الجوانب على نسبة واحدة، ولا بد من القول بحركة الأرض إذ دب(5) على وجههَا ذرّة فضلًا عن غيرها من أنواع الحيوان ولا ضير فيه بعد(6) قيام البرهان لكن الكلام فيه وقد فصلّنا القول في ذلك شرح الخطبة الاولى من حدائق الحقائق(7) (وَسَكَنَتِ الَأْرْضُ مَدْحُوَّةً فِي لَجَّةِ تَيَّارِهِ، وَرَدَّتْ مِن نَخْوَةِ بَأْوِةِ وَاعْتِلَائِهِ، وَشُمُوخِ أَنْفِه وَسُمُوِّ غُلَوَائِهِ) دحو الأرض بسَطها وتوسيعها كما سبق قال الله تعالى: «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا»(8)، والكرويّة لا تنافي(9) في البسط کما توهمه بعض الشّارحين(10) ويحتمل أن يكون مدحوّة هاهنا من الدّحي بمعنى القذف والرّمي كما جوزه بعض الشّارحين(11) واللُّجة معظم الماء، والتيّار الموج، وقيل التيار أعظم الموج ولجّته أعمقه، والنخوة الافتخار والتّعظم والأنفة والحميّة(12) والباء والرفعة والتعظم والكبر

ص: 265


1- (الحبال) في أ، ث، ح، ر، ع، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
2- (كرة) في أ، ث، ع، تحريف
3- (روس) في ث
4- (الحبال) في أ، تصحيف، وفي ث: (الجيال) تصحيف
5- (إذا دب) في ث، وفي ح: (إذ أدت)
6- (بعدم) في أ
7- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 17 -21
8- النازعات / 30
9- (ينافي) في أ، ث،ح، ر، تصحيف
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 372
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 349
12- ينظر: لسان العرب، مادة (نخا): 15 / 313

والاعتلاء التّيه والترّفع وشمخ بأنفه أي تكبر، ومن شمخ الجبل إذا ارتفع والسّمو العلوّ والغُلَوا بضّم الغين وفتح اللّام النشاط وتجاوز الحدّ(1) وغلواء الشباب أوّله وثرته، والغرض بيان سكون الأرض في الماء المتلاطم ومنعها إيّاه عن تموجّه وهيجانه (وَكَعَمَتْهُ عَلَى كِظَّةِ جِرْيَتِهِ، فَهَمَدَ(2) بَعْدَ نَزَقاتِهِ، وَبَعْدَ(3) زَيَفَانِ(4) وَثَبَاتِهِ) كعمت البعير أي شددت / ظ 118 / فإذا هَاجَ بالكعَام ككتاب وهو شيء يجعل في فيه، والكِظّة بالكسر ما يعتري المُمتلئ من الطعام، والجِريّة بالكسر حالة الجريان أو مصدر، وكظة الجِريّة ما يشاهِد من الماء الكثير في جريانه من الثقل، وهمدت الرّيح سكنت قال الله تعالى: «وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍب»(5) وهمود النار ما يتبعه خمودَها، ونزق الفرس كسمع ونصر وضرب نزقاً ونُزوقاً نزا، ووثب والنزقات دفعاته، ونزق الغدير امتلأ الى رأسه، وعلى هذا فالهمود بمعنى الغور، ولعلّ [الأوّل](6) أظهر(7)، والزَيفان بالتحريك التبختر في المشي من زاف البعير نزيف(8) إذا تبختر(9)، وفي بعض النّسخ (ولبَد

ص: 266


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (غلا): 15 / 123
2- (فمهد) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6 / 347
3- (ولبد بعد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 347، نهج البلاغة، تحقيق: صیحي الصالح: 161
4- (زیقان) في ث، تصحیف
5- الحج / 5
6- [الأول] ساقطة من أ، ع
7- (الاظهر) في أ، ع
8- (يزيف) في ث، ر
9- ينظر: لسان العرب، مادة (زاف): 9 / 143

بَعُد زيفان وثباته) يقال: لَبَدَ بالأرض كَنَصَرَ إذا لزمها واقام، ومنه اللّبد ككتف لمن لا يبرح منزله ولا يطلب معاشاً(1)، وذكر بعض الشارحين أنه روی (ولبّد بعد زَفَيان وثباتِهِ)(2) بتقديم الفاء على الياء وهو شدّة هبُوب الرّيح(3)، يقال: زفت الرّيح السّحاب اذا طردته(4)، والزّفيان بالفتح (القوس السّريعة الارسال للسّهم)(5)، والوثبة الطّفرة(6) والقيام.

(فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ المَاءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنَافِهَا، وَحَمَلَ شَواهِقَ الْجِبَالِ الْبُذَّخِ(7) عَلَى أَكْتَافِهَا، فَجَّرَ يَنَابِيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ أنُوفِهَا(8)) هيج الماء وثورانه وفورته، وأكنافها أي جوانبَها ونواحِيها، وشَواهق الجبال عَواليها وَالباذخ العالي ومنه شرف باذخ، والينبُوع ما انفجر من الأرض عن الماء من نبع الماء أي خرج من العين، ولعله اعتبر فيه الجريان بالفعل فيكون من اضافة الخاص الى العام أو التكرير للتخصيص بالعيون الكثيرة الماء لأنَّ أثر القدرة فيْها أظهر، وقيل: (الينبوع الجدول الكثير الماء)(9)، فالوجه واضح، وعرنين

ص: 267


1- ينظر: القاموس المحيط، مادة (لبد): 1 / 334
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 350
3- ينظر: لسان العرب، مادة (زفف): 6 / 136
4- ينظر: تاج العروس، مادة (زفى): 19 / 493
5- المصدر نفسه، مادة (زفى): 19 / 493
6- (الظفرة) في ر، تصحيف
7- (الشمخ البذخ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 347، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 162
8- (من عرانين انوفها) ساقطة من شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 347
9- لسان العرب، مادة (نبع): 8 / 345

الأنف أوّله (تحت مجتمع الحاجبين)(1)، والظّاهر أنَّ الضمير راجع الى الأرض كالضمائر السّابقة واللاحقة والتخصيص لأن العيون في العوالي أكثر وأثر القدرة فيها أظهر ونفعها أتمّ (وَفَرَقَها في سِهُوُبِ بيدها وأخادِيدِهَا، وعدَّلَ حَركاتِهَا(2) بِالرَّاسِيَاتِ مِنْ جَلاَمِيدِهَا، وَذَوَاتِ الشَّنَاخِيبِ(3) الشُمِّ(4) مِنْ صَيَاخِيدِها) السّهب (الفلاة)(5) البعيدة الأكناف والأطراف، والبِيد بالكسر جمع بيداء، وهي الفلاة التي يبيد سالكها أي يهلك، والأَخاديد جمع أخدود وهو الشق في الأرض(6)، والمراد بأخاديدها مجاري الأنهار، وقد ورد في الحديث: ((أنهار الجنة تجري في غير أخدُود))(7) أي في غير شق في الأرض بل على سطح جمع شُنخوب(8) بالضم أي (رؤوس (الجبال)(9) العالية)(10)، والشمّ المرتفعة العالية(11)، والصّياخيد جمع صيخود وهي الصخرة الشّديدة(12)

ص: 268


1- تاج العروس، مادة (عرن): 18 / 375
2- (وفرقها في سهوب بيدها وأخاديدها، وعدل حركاتها) ساقطة من شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 347
3- (الشناخب) في ث، ح
4- (الصُّمِّ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 347
5- الصحاح، مادة (سهب): 1 / 150
6- ينظر: لسان العرب، مادة (خدد): 3 / 161
7- غريب الحديث، ابن قتيبة: 2 / 208، و الفائق في غريب الحديث: 1 / 309، و النهاية في غريب الحديث ولأثر: 2 / 13
8- (شنحوب) في ث، تصحيف
9- (الحبال) في ح، تصحيف
10- لسان العرب، مادة (شنخب): 1 / 507
11- ينظر: الصحاح، مادة (شمم): 5 / 1962
12- ينظر: الصحاح، مادة (صخد): 2 / 495

(فَسَكَنتْ(1) مِنَ المَيَدَانِ بِرُسُوبِ(2) الْجِبَالِ فِي قِطَع أَدِيمِهَا، وَتَغَلْغُلِهَا مُتَسِّرَبَةً فِي جَوْبَاتِ(3) خَيَاشِيمِهَا، وَرُكُوبَهِا أَعْنَاقَ سُهُولِ الَأْرَضِيَن وَجَرَاثِیمِهَا) الميدان بالتحريك التحرك والاضطرابوهو المستفاد من الأرض ولا يسيل في الأطراف، ولعل تعديل الحركات بالرّاسيَات أي الثّابتاتِ وهي (الجبال)(4) جعلها عديلاً للحركات بحيث لا يغلبها القوة المحركة فيستفاد سكونها فالباء صلة لا سببية(5)، أو المعنى سوّى الحركات في الجهات أي جعل الميول متساوية بالجبال فسكنت لعدم المرجح، فالباء سببية، والجلاميد جمع جلمد(6) و جلمود أي الصخور(7)، والشناخيب أكثر المصادر على هذا الوزن كالجولان والخفقان والضربان، ورسب في الماء كنصر وكرم رسوباً ذهب سفلاً، وجبل راسب أي ثابت، والقِطَع كَعِنَبَ جمع قطعة بالكسر (وهي الطّائفة من الشيء)(8) قال بعض الشارحين: (ويروي في (قُطْع أديمها))(9) بسكون الطاء، والقِطَع طِنْفِسَة الرّحل(10) كأنه جعل الأرض ناقة وجعل لها قطعاً وجعل الجبال في ذلك القِطع، والأديم الجلد المدبُوغ، وأديم السّماء والأرض ما ظهر

ص: 269


1- (فسكتت) في ح
2- (لرسوب) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 347
3- (جربات) في ح
4- (الحبال) في أ، ح، تصحيف
5- (سببیته) في أ
6- (جلميد) في ح، تحريف
7- ينظر: الصحاح، مادة (جلمد): 2 / 459
8- تاج العروس، مادة (قطع): 11 / 383
9- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 351
10- ينظر: الصحاح، مادة (قطع): 3 / 1267

منهما، ورسوب الجبال في قطع أديمها دخولها في أعماقها، والتغلغل الدخول يقال: تغلغل الماء في الشجر أي / و119 / تخلّل في(1) أصوله وعروقه، والسّرب بالتّحريك (بيت في الأرض) لا منفذ له فإنَّ كان له منفذ فهو النّفق، يقال: تسرب الوحشي وانسرب في حجره أي دخل(2)، والجوبة: الحفرة، والفرجة و(الخيشوم: أقصى الأنف)(3)، والسّهل من الارض ضد الحزن، وجرثومة الشيء بالضم (أصله)(4)، وقيل التراب المجتمع في أصول الشجر(5)، ولعلّه أنسب، ولعل المراد بجراثيمها المواضع المرتفعة منها، ومفاد الكلام أن الأرض كانت متحركة مضطربة قبل خلق الجبال فسكنت بِها وقد فصلنا الوجوه التي ذكرها لكون الجبال علّة لسكون الأرض في شرح الخطبة الأولى من حدائق الحقايق لكن الظاهر من الريح(6) وفائدة التنسم ترويح(7) القلب حتى لا يتأذى بغلبة الحرارة وفيه بقاء الحياة(8) ومرافق الدار ما يستعين به أهلها ويحتاج اليه في التعيش واخراج أهل الأرض على تمام مرافقها ايجادهم واسكانهم في الأرض بعد تهيئة ما يصلحهم لمعاشهم والتزود الى معادهم ومن جملة تلك المرافق سكون الأرض وكونها خارج عن الماء

ص: 270


1- (و) في ح
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سرب): 1 / 147
3- الصحاح، مادة (خشم): 5 / 1912
4- لسان العرب، مادة (جرثم): 12 / 95
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (جرثم): 12 / 95
6- لسان العرب، مادة (نسم): 12 / 573
7- (ترويج) في ع، تصحيف
8- (الحيوان) في أ، ث، ح، ر، ع، م

على حد خاص من الصلابة والرخاوة غير صقيل يتأذى(1) أهلها بانعکاس الأشعة قابلة لانفجار العيون وحفر الآبار ونزول الأمطار وتكون المعادن وتولد أنواع الحيوان والحياة بعد الموت حتى يتحدد(2) فيها الحبوب والثمار والأعشاب ونحو ذلك مما لا يحصيه إلا الله عز وجل ((ثُمَّ لَمْ يَدَع جُرُزَ الْأَرْضِ الَّتِي تَقْصُرُ مِيَاهُ الْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا، ولَا تَجَدُ جَدَاوِلُ الأنْهَارِ ذَرِیعَةً إِلَى بُلُوغِهَا، حَتَّى أَنْشَأَ لَها(3) نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْیِی مَوَاتَهَا، وَتَسْتَخْرِجُ نَبَاتهَا)) الجُرُز بضمتين ((الأرض التي لا نبات بها ولا ماء))(4)، والرابية (ما ارتفع من الأرض)(5)، وكذلك الرُبوة بالضم، والجَدول كجعفر النهر الصغير، والذَريعة الوسيلة، وناشئة السحاب أول ما ينشأ منه(6) أي يبتدئ ظهوره، ويقال: نشأت السحابة إذا ارتفعت، والمَوات بفتح الميم (الأرض التي لم تحي بعد)(7) واستخراج نباتها احياؤها ([...](8) أَلَّفَ(9) غَمامَها بَعْدَ افْتراقِ لِمُعِهِ، وَتَبَایُنِ قَزَعِهِ(10) / ظ 119 / حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لَجُةُ الْمُزْنِ فِيهِ، وَالْتَمَعَ بَرْقُهُ فِي كُفَفِه، وَلَمْ یَنَمْ وَمیضُهُ

ص: 271


1- (تتأذي) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
2- (يتجدد) في ث، م، تصحيف
3- (انشأها) في ع، تحریف
4- النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 260
5- الصحاح، مادة (ربا): 6 / 2350
6- ينظر: الصحاح، مادة (نشأ): 1 / 77
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نشأ): 1 / 78
8- [و] زائدة في أ، ع
9- (الفت) فيع، تحریف
10- (فرغه) في ث، وفي م: (فرعه)، تصحیف، (فزعه) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحدید: 6 / 347

فِي كَنَهْورِ رَبابِهِ، وَمُتَرَاكِمَ سَحابِهِ، أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِكاً، قَدْ أَسَفَّ هَیْدَبُهُ، تَمْرِیهِ(1) الْجُنُوبُ(2) دِرَرَ أَهَاضِيِبهِ، وَدُفَعَ شَآبِيبِهِ.) الغَمام جمع غَمامة بالفتح فيهما وهي السحابة البيضاء، واللُمع كصرد جمع لمُعة بالضم وهي في الأصل قطعة من النبت(3) إذا أخذت في اليبس كأنها تلمع وتضئ من بين سائر البقاع، والقَزَعُ جمع قَزَعَة بالتحريك فيهما وهي القِطْعَة مِنْ الغَيْمِ(4) وتباين القزع تباعدها، والمَخض بالفتح تحريك السقاء الذي فيه ليخرج زبده، وتمخضت أي تحركت، واللّجة معظم الماء(5)، والمُزْنُ جمع مُزْنَة بالضم فيهما وهي الغَيْمِ(6)، وقيِل: (السَّحَابَة البيضاء)(7) والضمير راجع الى المزن أي تحركت فيه اللّجة المستودعة فيه واستعدت للنزول، والتمع البرق ولمع أي أضاء، وكففه حواشيه [وجوانبه](8)، وطرف كل شيء كفّة بالضّم لأنَّ الشيء إذا انتهى إلى ذلك كفّ عن الزيادة(9)، وعن الأصمعي كل ما استطال كحاشية الثوب والرمل فهو کُفة بالضم وكل ما استدار کكفة الميزان فهو کِفة بالكسر(10)

ص: 272


1- (مری) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 347
2- (الخنوب) في م، تصحيف
3- (الينت) في ر، تصحيف
4- ينظر: العين، مادة (قزع): 1 / 132
5- ينظر: لسان العرب، مادة (لحج): 2 / 354
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (مزن): 13 / 406
7- المصدر نفسه، مادة (مزن): 13 / 406
8- [وجوانبه] ساقطة من ع
9- ينظر: القاموس المحيط، مادة (كفف): 3 / 191
10- النص بنقل الجوهري (وكان الأصمعي يقول: كل ما استطال فهو كفة بالضم، نحو كفة الثوب وهي حاشيته، وكفة الرمل وجمعه كفاف، وكل ما استدار فهو کِفة بالكسر نحو: كفة الميزان) الصحاح، مادة (كفف): 4 / 1422

ويجوز فيه الفتح، ووميض البرق لمعانه ولم ينم أي لم ينقطع ولم يفتر، والكنهور کسفرجل قطع من السحاب كالجبال، وقيل المتراكم منه(1)، والرباب کسحاب الأبيض منه(2)، وقيل السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب، وقد يكون أبيض وقد يكون أسود جمع ربابة، والمتراكم والمرتكم المجتمع، وقيل الميم بدل من الباء كأنه ركب بعضه بعضاً، و (السح الصب، والسيلان من فوق)(3) والمتدارك من الدرك بالتحريك وهو اللحاق، يقال: تدارك القوم إذا لحق آخرهم أولهم، وأسف الطائر إذا دنا من الأرض، ومنه قوله (عليه السلام) في الشقشقية(4): (ولكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا) وهيد به ما تهدب منه أي تدلی کما يتدلى هدب العين و مرى الناقة يمرّ بها أي مسح ضرعها حتی درّ لبنها، وعدّى هاهنا الى مفعولين، وروی تمرّي بدون الضمير والجنوب [بالفتح](5) الريح مهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا وهي أدرّ للمطر، والدرّر کعنب جمع درة بالكسر أي الصب والاندفاق(6)، وقيل الدرر الدار كقوله تعالى: «دِينًا قِيَمًا»(7) أي قائمًا، والهضب المطر ويجمع على أهضاب ثم على أهاضيب كقول وأقوال وأقاويل، والدفعة والدفقة بالضم فيهما من المطر ما أنصب بمرة وكذلك الدفعة من السقاء والإناء، والشآبيب

ص: 273


1- ينظر: لسان العرب، مادة (كنهر): 5 / 153، 154
2- ينظر المصدر نفسه، مادة (ربب): 1 / 133
3- القاموس المحيط، مادة (سح): 1 / 227
4- (الشقشقة) في ا، ع
5- [بالفتح] ساقطة من ح
6- تاج العروس، مادة (درر): 6 / 400
7- الأنعام / 161

جمع شؤبوب وهو ما ينزل من المطر دفعة بشدة (فَلَمَّا أَلْقَتِ السَّحابُ بَرْكَ بِوَانَیْهَا، وَبَعَاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْءِ(1) المَحْمُولِ عَلَيْهَا، أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الْأَرضِ النَّباتَ، وَمِنْ زعْرِ الْجِبَالِ الأعشابَ) البرك (الصدر)(2)، (والبواني: قوائم الناقة)(3) وأركان البينة وقال بعض الشارحين(4): بَوانيها بفتح النون تثنية بِوان على (فِعال) بكسر الفاء وهو عمود الخيمة، والجمع بُون، ومن روی بوانيها أراد لواصقها من قولهم: قوس بانية إذا التصقت بالوتر. والرواية الأولى أصحّ انتهى. وفي النسخ الصحيحة التي عندنا على صيغة الجمع واضح کما ذكرنا وذكر هذا الكلام في النهاية، وفسّر البواني ب(أركان البيّنة)(5)، وفسر في القاموس ب(قوائم الناقة)(6) والاضافة على التقادير الأدنى ملابسة وبناء الكلام على تشبيه السحاب بالناقة المحمول عليها أو الخيمة التي جر عمودها، والبعاع كسحاب (ثقل السحاب من المطر)(7) واستقلت أي نهضت وارتفعت واستقلت به حمله ورفعه، والعبء(8) الحمل والثقل بالكسر في الجميع والحوامد من الأرض التي لا نبات بها، والزعر بالتحريك (قلة الشعر في الرأس)(9)، ورجل أزعر والازعر الموضع القليل

ص: 274


1- (الغبء) في ث، م، تصحيف
2- الصحاح، مادة (برك): 4 / 1574
3- تاج العروس، مادة (بنی): 19 / 223
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 352
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 121
6- القاموس المحيط، (بني): 4 / 305
7- تاج العروس، مادة (بعع): 11 / 24
8- (الغبء) في ح، ر، م، تصحيف
9- المخصص، مادة (زعر): 1 / 69

النبات(1) والجمع زُعُر كأحمر وحمر(2)، والمراد القليلة النبات من (الجبال)(3) تشبيهاً بالرؤوس القليلة الشعر والعُشب(4) بالضم الكلاء الرطب. (فَهِيَ تَبْهَجُ بِزِينَةِ رِياضِها، وَتَزْدهِي بِما أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطَ(5) أَزَاهِيرِها، وَحِلْيَةِ ما سُمِطَتْ بِهِ مِنْ ناضِرِ أَنْوَارِها، وَجَعَلَ ذَلِكَ بَلَاغَاً للأَنام ورزقاً(6) لِلأَنْعام) بهج(7) کمنع سّر، وافرح قال بعض الشارحين: (من رواه بضم الهاء أراد يحسن، ويملح من البهجة)(8) (أي الحسن)(9) والروضة / و120 / من العشب الموضع الذي يستنقع فيه الماء واستراض الماء أي استنقع وتزدهي أي تتكبر وتفتخر افتعال من الزهو وهو الكبر والفخر، والرَيْط جمع رَيطَة بالفتح فيهما وهي كل ملاءة ليست بلفقين(10) أي قطعتين كلها نسج واحد وقطعة واحدة(11)، وقيل: كل ثوب رقيق [ليّن](12)، والملاءة (الازار)(13) ونحوه،

ص: 275


1- [والازعر الموضع القليل النبات] ساقطة من ح
2- [كأحمر وحمر] ساقطة من ح
3- (الحبال) في أ، ح، ر، تصحيف
4- (الشعب) في أ، ع، تحریف
5- (ربط) في أ، ع، م تصحيف
6- [للانام ورزقا] غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 348
7- (بهج) في ح
8- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 352
9- المصدر نفسه: 6 / 352
10- (بلفظين) في ح، تحریف
11- لسان العرب، مادة (ريط): 7 / 307
12- [لين] ساقطة من م
13- تاج العروس، مادة (ملا): 1 / 252

وقيل ما كانت ذات لفقين(1)، والازاهیر جمع أزهار جمع زَهرة بالفتح فيهما وهي النبات ونوره، وقيل الأصفر منه، وأصل الزهرة الحسن والبهجة، والجلية بالكسر ما يتزين به من مصوغ الذهب والفضة والمعدنیات و سمطت به أي علقت(2) على صيغة التفعيل المجهول فيهما، وفي بعض النسخ الصحيحة شمطت بالشين المعجمة، والشميط من النبات ما خالط سواده النَّورَ الأبيض وأصله الشَمط بالتحريك، وهو بياض الرأس يخالط سواده(3) والنَضارة الحسن والطراوة، والنَّورَ بالفتح (الزهر)(4) أو (الأبيض منه)(5)، والبَلاغ بالفتح ما يتبلغ به ويتوسل إلى الشيء المطلوب (وَخَرَقَ الْفِجاجَ فِي آفاقِها، وَأَقامَ المَنارِ لِلسَّالِکِینَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِها) الفج الطريق الواسع بين جبلين وخرق الفجاج خلقها على الهيئة المخصوصة، والآفاق (النواحي)(6) والمنار جمع منارة وهي العلامة و أصلها النور، ولذلك يجمع على مناور وأما منائر فعلى تشبيه الأصلي بالزائد، والمراد بالمنار مايهتدى به السالكون من الجبال(7) والتلال ويحتمل أن يكون المراد النجوم كما قال عز وجل: «وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ»(8) وقد مرّ في كلامه (عليه السلام) عند مسيره الى

ص: 276


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ملا): 1 / 252
2- ينظر: القاموس المحیط، مادة (سمط): 2 / 366
3- ينظر: تاج العروس، مادة (شمط): 10 / 313
4- المصدر نفسه / مادة (نور): 7 / 565
5- المصدر نفسه / مادة (نور): 7 / 565
6- العين، مادة (أفق): 5 / 227
7- (الحبال) في أ، ح، ر، تصحيف
8- النحل / 16

الخوارج: (إياكم وتعلم(1) النجوم إلا ما يهتدى به في برٍ أو بحرٍ)، والجادة وسط الطريق ومعظمه.

(فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ، وَأَنْفَذَ أَمْرَهُ، اخْتَارَ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خِيرَةً مِنْ خَلْقِهِ، وَجَعَلَهُ أَوَّلَ جِبِلَّتِهِ وَأَسْکَنَهُ جَنَّتَهُ، وَأَرْغَدَ فِيهَا أُكُلَهُ) مهد الشيء وسعه و بسطه ومهد الأمر سواه و أصلحه(2)، ولعل المراد في المقام اتمام خلق الأرض على ما تقتضيه المصلحة في نظام أمور سكانها، ويحتمل أن يراد بتمهيد الأرض جعلها مهاداً أي فراشاً كما قال عز وجل «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا»(3) و(4) جعلها مهدا أي مستقرا کالمهد للصبي، كما قال عز وجل: «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا»(5) وقريء في الأول مهداً، وفي الثاني مهاداً، وانفاذ الأمر امضاؤه واجراؤه، والخيرة(6) کعنبه قيل اسم من اختار الرجل من القوم وعليهم وكذلك الخِيرة بالكسر، وقيل: مصدر بمعنى الاختيار وبالكسر اسم مثل الفدية والافتداء(7) ويكونان مصدرين بمعنى واحد، تقول: خار الرجل على غيره خيرة وخيرة أي فضله، وقال الأصمعي: (الخَيْرة بالفتح والاسكان ليس بمختار)(8) وخيرة أما منصوب على الحالية، أو المصدرية،

ص: 277


1- (وتعلمه) في ر، م، تحریف
2- (اصلاحه) في ح، تحریف
3- (يقتضيه) في ث، ح، ر، م، تصحیف
4- (أو) في أ، ث، ح، ر، ع
5- الزخرف / 10
6- (والحيرة) في ع، تصحيف
7- ينظر: المصباح المنير: 1 / 185
8- المصدر نفسه: 1 / 185

والجِبِلَّة بكسر الجيم والباء وتشديد اللام الحلقة والطبيعة، وقيل في قوله تعالى: «وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ»(1) والجبلَّة الأولين أي ذوي الجبلة ويحتمل أن يكون من قبيل الخلق بمعنى المخلوق وقيل: الجبلة الجماعة من الناس والمراد بأول الجبلة أول شخص من نوع الإنسان، والجنة الحديقة ذات النخل والشجر وقد فصلنا القول في جنة آدم (عليه السلام) في حدائق الحقائق(2) والرغيد من العيش الواسع الطيب، وارغد الله عيشه أي جعل عيشه واسعاً طيباً، والأُكُل بضمتين الرزق والحظ قال الله تعالى: «وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا»(3)، (وَأَوْعَزَ إِلَيْهِ فِيماً نَهَاهُ عَنْهُ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ فِي الِإْقْدَامِ عَلَیْهِ التَّعَرَّضَ لِمَعْصِيَتِهِ، وَالمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ) أوعزت(4) إلى فلان في فعل أو ترك أي تقدمت وأمرت والمراد النهي عن أكل الشجرة بقوله عز وجل: «وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ»(5) وتعرض له أي تصدى وخاطر بنفسه وماله أي أشفاهما على خطر، والقاهما في المملكة، والضمير في منزلته راجع إلى آدم (عليه السلام) وإن عاد الضمير في معصيته اليه سبحانه على ما هو الظاهر، ويحتمل أن يعود إليه سبحانه والملابسة واضحة، (فَأَقْدَمَ عَلَى مَا نَهاهُ عَنْهُ مُوَافَاةً لِسَابِقِ عَلْمِهِ. فَأَهْبَطَهَ / ظ 120 / بَعْدَ التَّوْبَةِ؛ لِيَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسلِهِ، وَلِيُقِيمَ الْحُجَّةَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ)، قال بعض الشارحين: يجب(6) أن ينصب

ص: 278


1- الشعراء / 184
2- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 66
3- البقرة / 35
4- (اوغرت) في ح، م، تصحيف
5- البقرة / 30
6- (بحيث) في ح، تحریف

موافاة على المصدرية المحضة كأنَّه قال: فوافي بالمعصية موافاة، وطابق بها ((سابق العلم)) مطابقة(1)، والكلام صريح في أنَّ الإحباط كان بعد التوبة وهو الظاهر من قوله (عليه السلام) في الخطبة الاولى ثم بسط الله سبحانه له في توبته ولقاه كلمة رحمته ووعده المرد الى جنته، فأهبطه الى دار البلية وتناسل الذرية ويؤيده ترتيب الكلام في (سورة طه) وغيرها والذي يظهر من كثير من الأخبار وإليه ذهب أكثر المفسرين ويدل عليه ظاهر الكلام في (سورة البقرة) تقدم الأهباط، وقد مرّ في شرح الخطبة الأولى(2) أنه يمكن أن يراد بالاحباط الابقاء في الأرض للتكليف والتناسل والإخبار بأنَّها دار المقر لا الأمر بالنزول حين تزلزل الحال واقامة الحجة به على عباده بالبعث والرسالة أو ليعرف العباد أنه سبحانه يعاقبهم بالخطايا كما أخرج أبويهم بمعصية واحدة من الجنة كما ذكره بعض الشارحين، وقد فصلنا القول في خطيئة(3) آدم (عليه السلام) وإنها لا تنافي العصمة في شرح الخطبة الأولى من حدائق الحقائق(4) (وَلْمَ یَخْلِهِم بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِمَّا يُؤَکِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِيَّتِهِ، وَيَصِلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بِالْحُجَجِ عَلَى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، وَمْتَحَمِّلِي وَدَائِعِ رِسَالَاتِهِ، قَرْناً فَقَرْناً؛ حَتَّى تَمَّت بِنَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ (صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وآله)(5) حُجَّتُهُ، وَبَلَغَ المَقْطَعَ عُذُرُهُ وَنذُرُهُ) کون حجج الأنبياء مؤكدة يدل على تمام الحجة قبل بعثهم (عليهم السلام) أما لكون معرفة الرب فطرية، أو

ص: 279


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 4
2- (خطبة) في ر، م، تحریف
3- سبق ذكره في صحيفة 23
4- ينظر: مخطوطة حدائق الحقائق: 70، 71
5- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 7 / 3

لوضوح آیات الصنع في الدلالة على الخالق جل ذكره أو للأمرين، والتعاهد والتعهد الإتيان والاصلاح، قال في المغرب(1) تعهد الصنيعة وتعاهدها اتاها وأصلحها وحقيقته جدد العهد بها، وقال ابن فارس: تعهدته حفظته؛ ولا يقال تعاهدته لأن التفاعل لا يكون إلا بين اثنين(2)، ورد بمنع الحصر، وفسحة مجال التجوز والتشبيه، وقال الفارابي: تعهدته اصلح(3) من تعاهدته)(4)، وفي بعض النسخ الصحيحة (تعدهم)، و الخيرة اسم من الاختيار والمراد المختار جنس استعمال موضع الجمع بقرينه المضاف وقد سبق الاختلاف في تفسيره، والقرن أهل كل زمان مأخوذ من الاقتران فكأنه(5) المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم، وقيل أربعون سنة، وقيل ثمانون، وقيل مائة، (وقال الزجاج: الذي عندي والله أعلم أن القرن أهل كل مدة كان فيها نبي أو طبقة من أهل العلم سواء قلت السنون أو كثرت)(6)، وقيل:

كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد)(7)، وقيل غير ذلك، ومقطع الشيء آخره كأنَّه قطع من هناك، وعذر الله (ما بين للمكلفين من الأعذار في عقوبته لهم أن عصوه (وندره)(8) ما أنذرهم به من الحوادث ومن انذرهم على لسانه من

ص: 280


1- (المعرب) في م، تصحيف
2- ينظر: مجمل اللغة، ابن فارس: 488، و معجم مقاییس اللغة: 4 / 169
3- (أصلح) في ح، تحریف
4- ينظر: ديوان الادب، میزان اللغة ومعيار الكلام، الفارابي: 1 / 554، 555
5- (وكأنه) في ث، ر، م
6- المصباح المنير: 2 / 500، نقلا عن الزجاح
7- تاج العروس، مادة (قرن): 18 / 444
8- (وندره) في ح، تصحيف والصواب ما ذكره ابن أبي الحديد

الرسل)(1) على ما ذكره بعض الشارحين، وفيه تأمل، وقيل: العذر والنذر مصدران بمعنى الأعذار والانذار، وعذر الله محوه للإساءة أو اعلام العاصي قبل المعصية بأنَّه يعاقبه، ونذره تخويفه بعقاب الآخرة والهلاك في الدنيا کما جرى على الأمم السالفة، والمراد ختم الرسالة وتمام التكليف بنبينا محمد (صلى الله عليه واله).

(وَقَدَّرَ الْأَرْزَاقَ فَکَثَّرهَا وَقَلَّلَهَا، وَقَسَّمَهَا، عَلَى الضِّيقِ وَالسَّعَةِ، فَعَدَّلَ فِيهَا لِيَیْتَلِيَ مَنْ أَرَادَ بِمَیْسُورِها وَمَعْسُورِهَا، وَلِيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ الشُّكْرَ وَالصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وَفَقِيرِهَّا) تقدير الأرزاق قسمتها ولما كان المتبادر من القسمة البسط على التساوي بيَّن (عليه السلام) ما أراده بذكر التكثير والتقليل، ثم لما كان ذلك موهماً للجور دفع الوهم بذكر العدل ونبه على وجه الحكمة بذكر الابتلاء والاختبار، وقال بعض الشارحين: (وروی فعدل بالتشديد)(2)، والتعديل التقويم والمآل واحد والابتلاء الامتحان، والميسور و / و121 / المعسور مصدران بمعنى العسر واليسر كالمفتون بمعنى الفتنة، والمجلود بمعنی الجلادة، ويمتنّع(3) عند سيبويه مجيء المصدر على مفعول، قال: الميسور الزمان الذي يوسر فيه، والاختبار الامتحان والمراد به في حقه سبحانه صورة الاختبار لأنه العالم بالأسرار لاستعلام أمر مخفي، وذكر الغني والفقير نشر على ترتيب اللف على الظاهر والضمير فيهما الى الأرزاق والاضافة الملابسة يسيره ويحتمل العود الى الاشخاص المفهوم من المقام أو إلى الدنيا أو إلى الأرض

ص: 281


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 6
2- بحار الأنوار: 54 / 151
3- (وتمتنع) في أ، ع، تصحيف. وفي ح: (وتمنع)

وقد سبق ذكرها، ولعل أحداهما(1) أنسب ببعض الضائر الآتية (ثُّمَ قَرَنَ بِسَعتِهَا عَقَابِيلَ فَاقَتِهَا، وَبِسلَامَتِهَا طَوَارِقَ آفاتِهَا، وَبِفُرَجِ(2) أَفْرَاحِهَا(3) غُصَصَ أَتْرَاحِهَا) العقابيل [جمع عُقبول وعُقبولة بالضم وهي](4) قروح(5) صغار تخرج بالشفة غب الحمى وبقايا(6) المرض(7) والفاقة [...](8) الفقر والحاجة وفي تشبيه الفاقة أو آثارها بالعقابيل لطف لكونها مما يقبح(9) في المنظر ويخرج في العضو الذي لا يتيسر ستره عن الناس ويشتمل على فوائد خفية، وكذلك الفقر وما يتبعه، وطوارق الآفات متجددات المصائب وما يأتي منها بغتة من الطروق وهي الإتيان بالليل، وقيل أصل الطروق من الطرق وهو الدق رسمي الآتي بالليل طارقاً لحاجته الى دق الباب، والفرج جمع فرجة وهي (التَّفَصِّي من الهَمّ)(10) وفرجة الحائط أيضاً، والفرح(11) السرور والنشاط، والغُصة بالضم ما اعترض في الحلق(12)، وتقول(13): غَصِّصِتُ بالماء بالكسر إذا

ص: 282


1- (أحديهما) في، ث، ح، ر
2- (وبفرح) في ح، تصحيف
3- (أفراجها) في ث، تصحيف
4- [جمع عُقبول وعُقبولة بالضم وهي] ساقطة من ح
5- (فروح) في ر، م، تصحيف
6- (بقاء) في م، تحريف
7- ينظر: الصحاح، مادة (عقبل): 5 / 1772
8- [و] زيادة في م
9- (بقح) في ح، تصحيف
10- لسان العرب، مادة (فرج): 2 / 341
11- (الفرج) في أ
12- (الخلق) في ح، تصحيف
13- (يقول) في ر، م، تصحيف

وقف في حلقك فلم(1) تكد تسيغه، والتَرَح بالتحريك الهم والهلاك والانقطاع أيضاً (وَخَلَقَ الْآجَالَ فَأَطالَها وَقَصَّرَها، وَقَدَّمَهَا وَأَخَّرَها، وَوَصَلَ بِالْمَوْتِ أَسْبَابَها، وَجَعَلَهُ خَالِجاً لِأَشطانِها، وَقاطِعاً لِمَرَائِرِ أَقْرَانِها) الأَجَل محركة مدة الشيء وغاية الوقت في الموت وحلول الدين وتعليق الإطالة والتقصير على الأول واضح، وأما التقديم والتأخير فيمكن أن يكون باعتبار أن لكل مدة غاية وحينئذ يرجع التقديم الى التقصير والإطالة الى التأخير ويكون العطف للتفسير تأكيداً، ويحتمل أن يكون المراد بالتقديم جعل بعض الأعمار سابقاً على بعضٍ وتقديم بعض الأمم على بعض مثلاً فيكون تأسيساً، ويمكن أن يراد بتقديم الآجال قطع بعض الأعمار لبعض الأسباب كقطع الرحم مثلاً، كما ورد في الأخبار، وبتأخيرها مدها لبعض الأسباب فيعود الضمير في قدمها وآخرها الى الآجال بالمعنى الثاني على وجه الاستخدام، أو نوع من التجوز في التعليق كما اشرنا(2) إليه، ويحتمل وجهاً آخر لا يخلو عن بعد، فتأمل، والسبب في الأصل الحبل يتوصل به الى الماء ونحوه ثم توسعوا فيه واتصال أسباب الآجال أي أسباب انقضائها، أو أسباب نفسها على المعنى الثاني بالموت واضح، ويحتمل أن يكون الأسباب عبارة عن الآجال بالمعنى الأول وخالجاً أي جاذباً، والشَطَّن(3) بالتحريك (الحبل)(4)، وأشطان الآجال التي يجذبها الموت هي الأعمار وشبهت بالأشطان لطولها وامتدادها، والمرائر

ص: 283


1- (ولم) في أ، ع
2- (أشار) في م، تحريف
3- (الشطر) في أ، وفي ع: (الشجر)، تحريف
4- العين، مادة (شطن): 6 / 236

مرير ومريرة (وهي الحبال المفتولة على أكثر من طاق)(1) ذكره في النهاية، وقيل: الحبال(2) الشديدة الفتل(3)، وقيل(4): الطوال الدقاق منها(5)، والَأقْرَان جمع قَرَن بالتحريك وهو في الأصل حبل يجمع به البعيران(6) ولعل المراد بالمرائر أقران الآجال الأعمار التي يرجى(7) امتدادها لقوة المزاج والبينة ونحو ذلك (عَالِمُ السِّرَّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِینَ وَنَجْوَى الْمُتَخافتينَ، وَخَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ، وَعَقْدِ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ، وَمَسَارِقِ إِيمَاض الْجُفونِ) كلمة (من) بيانية، والضمائر الصور الذهنية المكنونة في المدارك، والنجوی اسم يقام [مقام](8) المصدر، يقال: نجاه نجواً ونجوىً إذا ساره(9)، قال في النهاية ومنه حديث علي (عليه السلام) دعاه رسول الله (صلى الله عليه واله) یوم الطائف فانتجاه، / ظ 121 / فقال الناس: طال نجواه، فقال: ما انتجيته ولكن الله انتجاه(10)، والتخافت(11) والمخافته(12) (اسرار المنطق)(13)، والخواطر ما يخطر في

ص: 284


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 317
2- (الحال) في ر، م، تحریف
3- ينظر: تاج العروس، مادة (فتل): 7 / 476، وفي ر، م: (القتل) تصحيف
4- (ومثل) في ر
5- ينظر: تاج العروس، مادة (فتل): 7 / 476
6- ينظر: العين، مادة (قرن): 5 / 141
7- (یرحی) في أ، وفي ح: (برحی)، تصحيف
8- [مقام] ساقطة من م
9- ينظر: تاج العروس، مادة (جو): 20 / 221
10- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 25
11- (التخاف) في ر، م، تحریف
12- (المخافه) في ث، ر، م، تحريف
13- الصحاح، مادة (خفت): 1 / 248

القلب من تدبير أمر ونحو ذلك، يقال: خطر ببالي وعلى بالي خطراً و خطوراً من باب ضرب وقعد، ورجم الظنون كل ما يسبق إليه الظن من غير برهان أو مسارعته وتفسيره بالقول بالظن كما في بعض الشروح(1) كما ترى والحديث المرجم الذي لا يدري أحق هو أم باطل وعُقدة كل شيء بالضم الموضع الذي عقد منه وأحكم، والعزيمة ما عقدت قلبك و وكدت رأيك عليه، ومسارق العيون النظرات الخفية كأنَّها تسترق النظر لإخفائها، وأومضت المرأة إذا سارقت النظر(2) وأومض البرق إذا لمع لمعاً خفيفاً ولم يعترض في نواحي الغيم، والجَفْنُ بالفتح غِطاء(3) العين من أعلى وأسفل وجمعه جُفُون وأجْفُن وأجْفَان، والغرض احاطة علمه سبحانه بكل معلوم كليّ وجزئي رداً على من قصر علمه على البعض كالكليات، وقد قال عز من قائل: «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(4)، ((وَمَا ضَمِنْتَهُ(5) أَكْنانُ الْقُلُوبِ، وَغَيابَاتُ الْغيُوبِ، وَمَا أَصْفَتْ لِاسْتَرِاقِهِ مَصائِخُ الْأَسْمَاعِ، وَمَصَائِفِ الذَّرِّ، وَمَشاتِي الْهَوَامِّ)) الکِن بالكسر [اسم](6) لكل ما يستتر فيه الإنسان لدفع الحر والبرد من الابنية ونحوها(7) وستر كل شيء

ص: 285


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 415، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 20
2- (النطر) في أ، تصحيف
3- (عطاء) في أ، ع، تصحيف
4- الأنعام / 59
5- (ضمنه) في م، تحريف
6- [اسم] ساقطة من ح
7- ينظر: تاج العروس، مادة (كنن): 18 / 484

ووقاؤه والجمع أكنة وأكنان، قال الله تعالى: «وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا»(1) قال بعض الشارحين: (ويروى أكنة القلوب)(2) وأكنان القلوب وأكنتها غُلَفها وأغطيتها قال الله تعالى: «وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ»(3) وغيابة كل شيء ما يسترك منه وغيابة البر قعره، قال الله تعالى: «وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ»(4)، وأصغى أي استمع وأصغى إليه أي مال بسمعه نحوه، واستراق السمع الاستماع في خفيه و صاخ وأصاخ له أي استمع، ومصائخ الاسماع خروقها التي تستمع بها، و(الذر(5): صغار النمل)(6) ومصائفها المواضع التي يصيف فيها [أي يقيم فيها](7) بالصيف(8) ومشاتي(9) الهوام مواضع إقامتها بالشتاء، تقول: شتوت بالمكان والهامة كل ذات سم يقتل، فأما ما يسم ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور وقد يقع الهوام على ما يدب من الحيوان كالحشرات. (وَرَجَعِ الْحَنينِ مِنَ الْمَولَهاتِ، وَهَمْسِ الْأَقْدَامِ، وَمُنْفَسَح الثَّمَرَة مِنْ وَلَائِجِ غُلُفِ الْأَکْمَامِ) الحنين شده البكاء وصوت الطرب من(10) حزن أو فرح ورجع الحنين ترجيعه وترديده، وقيل: أصل الحنين

ص: 286


1- النحل / 81، وفي ح: ((وجعل لكل لكم من الجبال اكناناً)) تحريف
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 21
3- الأنعام / 25
4- يوسف / 10
5- (الذرة) في م، تحريف
6- العين، مادة (ذر): 8 / 175
7- [اي يقيم فيها] ساقطة من م
8- (بالصف) في أ، ع، تحريف
9- (شاتي) في م، تحريف
10- (عن) في أ، ث، ح، ر، م، تحريف

ترجيع الناقه صوتها أثر ولدها، والموهات النوق(1) كل أنثى حيل بينها وبين أولادها، وفي الحديث: (لا توله والدة بولدها)(2) أي لا تفرق بينهما بالبيع، وفي بعض النسخ (الوالهات) يقال: ولهت توله، وولهت تله فهي واله وواهه وولهتها أنا، وأصل الوله زوال العقل والتحير من شده الوجد، والهمس أخفي ما یکون من صوت القدم أو كل صوت خفي، والفُسحة بالضم السعة، وانفسح المكان اتسع، والمنفسح موضع السعة، ومنفسح الثمرة موضع نموها في الاكام، قال بعض الشارحين(3): و يروی متفسّخ(4) الثمرة بالخاء المعجمة، وتشديد السين وبناء بعد الميم، مصدراً من تفسخت الثمرة إذا انقطعت، والوليجة الدخيلة والبطانة(5) وقال بعض الشارحين: ((الولائج: المواضع الساترة والواحدة ولجة، وهو كالكهف يستتر(6) فيه المارة من مطر أو غيره))(7) والغُلُف بضمتين وبضمه جمع غلاف ککتاب ويوجد في بعض النسخ على الوجهين، والکِم بالكسر وعاء الطلع وغطاء النور وجمعه أكمام وأكمه و کمام و كلمه (من) على ما في الأصل للبيان أو التبعيض وعلى الرواية المحكية صلة أو بيانية (وَمُنْقَمَعِ الْوُحُوشِ مِنْ غِيرَانِ الْجِبالِ وَأْوْدِيَتِها، وَمُخْتَبئِ الْبَعُوضِ بَیْنَ سُوقِ الْأَشْجَارِ وَأَلْحِيَتِها) انقمع الرجل إذا دخل البيت مستخفياً

ص: 287


1- (النوف) في ح، تصحيف
2- المبسوط، السرخسي (ت 483 ه): 13 / 139، و المجموع، النووي (ت 676 ه): 9 / 360
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 22
4- (منفسح) في ح، تصحيف
5- ينظر: الصحاح، مادة (ولج): 1 / 347، 348
6- (تستتر) في أ، ر، ع، م، تصحيف
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 22

و المنقمع على زنة المفعول موضع / و122 / الاختفاء وفي بعض النسخ الصحيحة متقمع(1) الوحوش على زنة المفعول من باب التفعل والمعنى واحد، والغِيران جمع غار وهو ما ينحت في الجبل شبه المغارة [فإذا اتسع](2) قيل: كهف، وقيل: الغار الحجر يأوي إليه الوحشي(3) أو كل (مطمئن من الأرض)(4)، أو المنخفض(5) من الجبل(6)، والبعوض البق، وقيل: صغاره واحدته بهاء ومختبئ البعوض موضع استتاره واختفائه، والسوق جمع ساق قال الله عز وجل: «فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ»(7)، و(اللِحاء ككِساء: قشر الشجر)(8) (وَمَغْرِزِ الْأوْراقِ مِنَ الْأَفْنانِ، وَمَحَطَ الْأَمْشاجِ مِنْ مَسَارِبِ الْأَصْلَابِ) غرزه في الأرض كضربه إذا أدخله وثبته ومغرز الأوراق موضع وصلها كأنَّه غرز أصولها في الأفنان وهي جمع فَنَن بالتحريك أي الغصن، وجمع الجمع أفانين، والحط الحدر من علو الى أسفل، والأمشاج قيل: مفرد كأعشار وأكباش(9)، وقيل: جمع مشج بالفتح أو مشج بالتحريك أو مشيج [على](10) فعيل أي المختلط(11) قيل في قوله تعالى:

ص: 288


1- (منقمع) في ث، ر، تصحيف
2- [فاذا اتسع] ساقطة من م
3- ينظر: تاج العروس، مادة (غور): 7 / 326
4- المصدر نفسه، مادة (غور): 7 / 325
5- (المنحفض) في أ تصحيف، وفي ر: (المتحفض)، تحريف
6- (الحبل) في أ، ح، ر، والصواب ما اثبتناه
7- سورة ص / 33
8- تاج العروس، مادة (لحي): 20 / 145
9- (أكياش) في أ، ث، م، تصحيف
10- [على] ساقة من أ، ع
11- ينظر: تاج العروس، مادة (مشج): 3 / 487

«إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ»(1) أي أخلاط من الطبائع التي تكون في الإنسان من الحرارة [والبرودة](2) والرطوبة واليبوسة وقيل من الاجزاء المختلفة في الاستعداد ولذلك يتصور کل جزء منها بصورة عضو، وقيل: أمشاج أي أطوار طوراً نطفة، وطوراً علقة، وطوراً مضغة، وقيل: أمشاج أي أخلاطٍ من ماء الرجل وماء المرأة(3) وهما مختلفان في الطبع والمزاج والرقة والغلظ أو في اللون فنطفة الرجل بيضاء ونطفة المرأة خضراء وحمراء تختلط(4) بدم الحيض ولا يخفى أنّ الوجوه الأخيرة لا (تخلو)(5) عن البعد في كلامه (عليه السلام) فإنَّ المناسب اتصافها بالوصف في الأصلاب لابعد الانحطاط الى الأرحام وهو مرجح للوجوه المتقدمة في تفسير الآية الشريفة، والمسارب المواضع التي ينسرب(6) منها المني أي يسيل على ما ذكره بعض الشارحين(7) أو المواضع التي ينسرب فيها المنى أي يختفي(8) من قولهم: انسرب الوحشي إذا دخل في حجره واختفى على ما يظهر من كلام بعضهم، أو مجارى المنى من الشرب بالفتح بمعنى الطريق، و المراد اوعيتها من الاصلاب أو مجاريها وتفسير المسارب بالاخلاط التي يتولد منها كما زعمه بعض الشارحين(9)

ص: 289


1- الإنسان / 2
2- [وبالبرودة] ساقطة منع
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (مشج): 1 / 207
4- (تحتلط) في أ، ر، تصحيف
5- (يخلو) في أ، ث، ح، ر، تصحيف
6- (سرب) في ث، وفي ح: (تنسرب)، تصحيف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 22
8- (يخفى) في، ع، أ
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 22

بعيد والمراد بمحط الأمشاج مقر النطفة من الرحم أو من الأصلاب على بعض الوجوه في المسارب [(فتكون)(1) کلمة (من) تبعیضیه](2)، ولعل الأول أظهر. (وَناشِئَةِ الْغُيُومِ ومُتَلَاحِمِها، وَدُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ فِي مُتَرَاکِمِها) الناشئة من السحاب، أو ما ينشأ منه ولم يتكامل اجتماعه، أو المترفع منه من قولهم: نشأ السحاب إذا(3) ارتفع، والغيم السحاب ومتلاحم الغيوم ما التصق منها بعضها ببعض، والدرور السيلان، والقطر بالفتح المَطُر و الواحدة قَطْرة مثل تمر و تمرة والجمع قطرات بالتحريك، والسَحاب جمع سحابة كسُحب بالضم وبضمتين وسحائب و متراكمها المجتمع، المتكاثف(4) منها من ركمت الشيء اركمه بالضم إذا جمعته والقيت بعضه على بعضٍ وفي بعض النسخ (ومتراكمها) بالواو العاطفة موضع حرف الجرْ (ومَا تَسْفِي(5) الَأْعَاصِيُر بِذُیُولِهَا، وَتَعْفُو الْأَمْطَارُ بِسُیُولِها) سفت الريح التراب تسفيه أي ذرته(6) ورمت به أو حملته، والإِعصار بالكسر الريح التي تهب صاعداً من الأرض نحو السماء كالعمود، وقيل : التي فيها نار، وقيل: التي فيها العصار وهو الغبار الشديد، وذيولها(7) أطرافها التي تجرها على الأرض وعفت الريح الأثر إذا طمسته و محته وعفى الأثر إذا انمحي واندرس يتعدى ولا يتعدی. (وَعَوْمِ

ص: 290


1- (فيكون) في ح، تصحيف
2- [فتكون كلمة من تبعيضية] ساقطة من أ، ث، ر، ع، م
3- (إدا) في م، تصحیف
4- (المتكائف) في ث، ر
5- (تستی) في ح، ر، م، تصحيف
6- (ذوته) في ث، وفي م: (در ته)، تصحيف
7- (ذبولها) في ح، تصحيف

بَناتِ الْأَرْضِ فِي كُثْبانِ الرِّمَالِ، ومُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الْأَجْنِحَةِ بِذُرَى شَناخِيبِ الْجِبَالِ) العوم السباحة وسير السفينة، والإبل بنات الأرض بتقديم (الباء)(1) على ما في أكثر النسخ الحشرات والهوام التي تكون(2) في الرمال وغيرها كاللحكة / ظ 122 / والغطاية(3) وغيرهما وحركتها في الرمال لعدم استقرارها تشبه السباحة، وفي بعض النسخ نبات(4) الأرض بتقديم النون فالمراد حركة عروقها في الرمال كأرجل السابحين وأيديهم في الماء والكثيب (التل من الرمل) والجمع أكثبة وكثب وكثبان(5) وأصل الكثب (الجمع والاجتماع)(6) والمستقر موضع الاستقرار ويحتمل المصدر وذُروة الشيء بالضم والكسر أعلاه، والشُنخوب والشُنخوبة بالضم رأس الحبل (وَتَغْرِيدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ الْأَوْكَارِ وَمَا أَوعَتْهُ(7) الَأْصْدَافُ، وَ(حَضَنَتْ)(8) عَلَيْهِ أَمْوَاجُ الْبِحَارِ، وَمَا غَشِيَتْهُ سُدْفَةُ لَيْلٍ، أَوْ ذَرَّ عَلَيْهِ شَارِقُ نَهارٍ) غرد الطائر كفرح وغرد تغريداً رفع صوته وطرب به ذوات المنطق من الطيور ما [له](9) صوت وغناء كان

ص: 291


1- (البا) في ح
2- (يكون) في أ، ث تصحيف
3- (الغطابة) في ر، تصحيف
4- (بنات) في أ، ر، تصحيف
5- (الكيثب) في ر، تحريف
6- القاموس المحيط، مادة (كتب): 1 / 122
7- (أوعثه) في ح، و(أوعبته) في: شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد: 7 / 19، و نهج البلاغة: صبحي الصالح: 167
8- (خضنت) في ح، تصحيف
9- [له] ساقطة من م

غيره أبكم لا يقدر على النطق، والدياجير جمع ديجور وهو(الظلام)(1) والمظلم والاضافة على الثاني من اضافة الخاص الى العام، والوكر بالفتح (عش الطائر)(2) وما أوعته الاصداف أي ما حفظته وجمعته من اللآلئ، والحِضن(3) بالكسر ما دون الابط الى الكشح أو الصدر والعضدان وما بينهما، وحضن(4) الصبي كنصر جعله في حضنه(5) وما حضنته(6) الأمواج العنبر والمسك(7) وغيرهما وغشيته أي غطته وسترته، والسُدفة بالضم الظلمة، وذرت الشمس أي طلعت وشرقت الشمس واشرقت أي اضاءت (وَمَا اعْتَقَبَتْ عَلَيْهِ أَطْبَاقُ الدَّيَاجِيرِ، وَسُبُحَاتُ النُّورِ) اعتقبت أي تعاقبت وجاءت واحدة بعد واحدة، والأطباق جمع طَبق بالتحريك وهو غطاء كل شيء، والديجور الظلام كما تقدم(8) و[الدياجير](9) وتارات الظلمة تستر(10) الاشياء كالأغطية، وسبحات النور مرآته وسبحات(11) وجه الله أنواره، وقال بعض الشارحين: ليس يعني بالسبحات هاهنا ما يعني به في قوله: (سبحات وجه ربنا) لأنه هناك بمعنى

ص: 292


1- تاج العروس، مادة (دجر): 6 / 394
2- لسان العرب، مادة (وكر): 5 / 292
3- (الحصن) في ح، ع، تصحيف
4- (حصن) في أ، ع، تصحيف، وفي ح: (خضن)، تصحيف
5- (حصنه) في ع، تصحيف
6- (حصنته) في ع، تصحيف
7- (السمك) في أ، ث، تحريف
8- ينظر: الصحيفة نفسها
9- [الدياجير] ساقطة من ح
10- (وتستر) في ح
11- (وسبحان) في ر، تصحيف

الجلالة وهاهنا بمعنى ما يسبح عليه النور، أي يجري من سبح الفرس وهو جريه(1)، والمتعاقبان النور والظلمة أي ما تغطيه ظلمة بعد نورونور بعد ظلمة، ويحتمل أن يراد تعاقب أفراد كل منهما والأول أظهر (وَأَثَرِ كُلِّ خَطْوَةٍ، وَحِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ، وَرَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ، وَتَحْرِيكِ كُلِّ شَفَةٍ، وَمِسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ، وَمِثْقالِ كُلِّ ذَرَّةٍ، وَهَمَاهِمِ كُلِّ نَفْسِ هَامَّةٍ) الأثر بالتحريك بقية كل شيء وأثر القدم علامته التي تبقى في الأرض، وخطا يخو خطوا مشى والمرة خطوة ويجمع على خطوات كشهوة وشهوات، وأما الخُطوة بالضم فهو ما بين القدمين والجمع خطوات كغرفة وغرفات، والحس والحسيس الصوت الخفي، ورجع الكلمة (ما ترجع به من الكلام الى نفسك وتردده في فكرك)(2) على ما ذكره بعض الشارحين، أو جواب الكلمة على ما ذكره بعضهم(3) أو ترديد الصوت وترجيعه عند التلفظ بالكلمة على قياس ما فسر البعض قوله (عليه السلام) ورجع الحنين من المولهات كما سبق وارجاع النفس للتلفظ بكلمة بعد الوقف على كلمة والرجع يكون لازماً ومتعدياً تقول(4): رجع هو ورجعته أنا والمستقر موضع الاستقرار والنسمة محركة الإنسان أو كل دابة فيها روح ومستقر النسمة أما الصلب أو الرحم أو القبر أو مكانه في الدنيا أو في الآخرة أو الأعم، ومثقال الذرة وزنها ويطلق المثقال على واحد مثاقيل الذهب وهو مقدار درهم وثلاثة اسباع درهم ذكره الفيروز آبادي(5)، وقال

ص: 293


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 24
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 24
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 370
4- (يقول) في ث، ح، وفي ر: (يفول) تصحيف
5- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ثقل): 3 / 342

بعض الشارحين: ومما يخطئ فيه العامة قولهم للدينار: مثقال، وإنما المثقال وزن [...](1) كل شيء، قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ»(2) (3) والهمهمة (الصوت الخفي)(4) أو ترديد الصوت في الحلق أو تردد الصوت في الصدر من الهم وكل نفس هامة أي ذات همة وتعزم على أمر والوصف للتعميم، (وَمَا عَلَيْها مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ، أَوْ سَاقِطِ وَرَقَةٍ، أَوْ قَرَارَةِ نُطْفَةٍ، أَوْ نُقاعَةِ دَمٍ وَمُضْغَةٍ، أَوْ نَاشِئَةِ خَلْقٍ وَ / و 123 / سُلَالَةٍ) الضمير راجع الى الأرض وإن لم يسبق ذكرها ويعتمد في مثله على فهم المخاطب كقوله تعالى: «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ»(5) أي على الأرض، وقوله عزّ وجل: «حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ»(6) أي الشمس وقوله عز وجل: «كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ»(7) أي النفس أو الروح [والروح يؤنث](8)، والنطفة ماء الرجل و الماء الصافي قل أو كثر وقد عبر (عليه السلام) عن النهر بالنطفة في قوله (عليه السلام): مصارعهم دون النطفة ويطلق على (قليل ماء يبقى(9) في دلو أو قربة)(10) والأول أظهر في

ص: 294


1- [وزن] زيادة مكررة في ح
2- النساء / 40
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 24
4- لسان العرب، مادة (همم): 12 / 622
5- الرحمن / 26
6- سورة ص / 32
7- القيامة / 26
8- [والروح يؤنث] ساقطة من ح
9- (تبقى) في ر، م
10- القاموس المحيط، مادة (نطف): 12 / 505

المقام، و(قرارتها)(1) موضعها الذي تستقر فيه وأصل القرارة المطمئن من الأرض يستقر فيه ماء المطر وجمعها القرار(2)، ونُقاعة كل شيء بالضم (الماء الذي ينقع فيه)(3) وفي كلام الشارحين (النقاعة (نقرة)(4) يجتمع فيها الدم)(5) وهو المناسب للمقام، والمُضغة بالضم القطعة من اللحم(6) قدر ما يمضغ وناشئة الخلق الصورة التي ينشئها(7) سبحانه في البدن أو الروح التي ينفخها فيه، والسُلالة بالضم ما استل واستخرج من شيء وفي الكلام اشارة الى قوله تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ»(8) (لْمَ تَلْحَقْهُ(9) فِي ذَلِكَ كَلْفَةٌ، وَلاَ اعْتَرَضَتْهُ فِي حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَاِرضَةٌ، وَلاَ اعْتَوَرَتْهُ فِي تَنْفِيذِ الْأُمُورِ وَتَدَابِيِر المَخْلُوقِينَ مَلَالَةٌ وَلَا فَتْرَةٌ) المشار إليه بكلمة ذلك أما العلم بالجزئيات المذكورة وأما خلق الأشياء المذكور قبل تفصيل

ص: 295


1- (فرارتها) في ح، تصحيف
2- ينظر: لسان العرب، مادة (قرر): 5 / 85
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نقع): 8 / 362
4- (نفرة) في ح، تصحيف
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 25
6- ينظر: تاج العروس، مادة (مضغ): 12 / 60
7- (تنشئها) في ح، تصحيف
8- المؤمنون / 12 - 14
9- (يلحقه) في: شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد: 7 / 19، و نهج البلاغة: صبحي الصالح: 167

المعلومات والكلفة المشقة [والمشقة](1) من فروع العجز المنزه عنه سبحانه واعترضته أي منعته وأصل الاعتراض أن تسير فتعرض لك في الطريق عارض كالجبل ونحوه يمنعك عن المسير ويصير كالخشبة المنصوبة في عرض النهر بمنع الماء عن الجريان ومنه اعتراضات الفقهاء المانعة عن الوصول الى المطلوب والعارضة ما يستقبلك من شيء يمنعك عن مسيرك والمراد نفي(2) الخصلة أو الحالة المانعة عن الحفظ واعتوروا الشيء إذا تداولوه وتناوبوه، وقال بع-ض الشارحين: اعتورته أي: احاطت به(3) والنافذ الماضي في أموره وتنفيذ الأمور اجراؤها وامضاؤها والتدبير النظر في عاقبة الأمر أو الفعل عن روية وفكر والمراد امضاء الأمور على وفق المصلحة والعلم بالعواقب، ومللته وملِلت منه بالكسر أي سئمت وضجرت و فتر عن العمل فتوراً كقعد انكسرت حدته ولان بعد شدته (بَلْ نَفذَ فِيهُم(4) عِلْمُهُ، وَأَحْصَاهُمْ عَدَّهُ(5)، وَوَسِعَهُمْ عَدْلُهُ، وَغَمَرَهُمْ فَضْلُهُ، مَعَ تَقْصِيرهِمْ عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ) نفذ السهم نفوذاً إذا خرق الرمية وخرج طرفه من الشق الآخر وسائره فيه، والرمية ما يرمى من الحيوان ذكراً كان أو أنثى وأصلها فعيلة بمعنى مفعولة(6)، والمراد أحاطه العلم بظواهر الأشياء وبواطنها، وفي بعض النسخ

ص: 296


1- [والمشقة] ساقطة من أ، ع
2- (بنفي) في م
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 370، وفيه: (اعتورته: احاطت به)
4- (نفذهم) في: شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد: 7 / 19، و نهج البلاغة: 7 / صبحي الصالح: 167
5- (عدده) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 7 / 19
6- (والرمية ما ير مى من الحيوان ذكراً كان أو أنثى وأصلها فعيلة بمعنى مفعولة) ساقطة من ح

(نفذهم علمه) على الحذف والايصال، والعد مصدر عددته، والاسم العدد، وفي بعض النسخ (عدده) فالإضافة لأدنى ملابسة واحصاء العد أو العدد الاحاطة بالمعدود وغمرهم أي غطاهم وسترهم كما يغمر البحر ما غاص فيه، وكنه الشيء نهايته وحقيقته وما هو أهله أن يعبد حق عبادته ويعرف حق معرفته وتقصيرهم غير قصورهم عن كنه العبادة والمعرفة (اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ الْجَمِيلِ، وَالتَّعْدَادِ الْكَثِيرِ إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُولٍ، وَإِنْ تُرْجَ فَأکرَمُ(1) مَرْجُوٍّ) التَعداد بالفتح مصدر للمبالغة والتكثير وقال الكوفيون(2) أصله التفعيل الذي يفيد المبالغة قلبت ياؤه الفاً، والتِفْعال بالکسر شاذ ولم يجيء غير التلقاء والتبيان(3)، والمراد تعداد النعم والفواضل / ظ 123 / والوصف الجميل ذكر الفضائل فيفيد اختصاص الحمد والشكر به سبحانه، والأمل ضد اليأس وأكثر ما يستعمل فيها يستبعد حصوله، (ومن عزم على سفر الى بلد بعید يقول: أملت الوصول، ولا يقول: طمعت إلاَّ إذا قرب)(4)، (والرجا بين الأمل والطمع)(5) وقد يكون الأمل بمعنى الطمع، [...](6) ذكر

ص: 297


1- (فخيُر) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 25، و نهج البلاغة: الصالح: 168
2- نقل الرضي رأي الكوفيين بقوله: ((قال الكوفيون: إنَّ التفعال أصله التفعیل الذي يفيد التكثير، قلبت ياؤه الفاً فأصل التكرار التكرير...)) شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الاستراباذي: 1 / 167
3- ينظر: المصدر نفسه: 1 / 167
4- المصباح المنير، مادة (املته): 1 / 22
5- المصدر نفسه، مادة (املته): 1 / 22
6- [و] زائدة في ح

ذلك في المصباح المنير(1) وكثير من أهل اللغة فسروا الأمل بالرجاء(2) وخير خبر مبتدأ محذوف وكذلك أكرم أي فأنت خير مأمول وأنت أكرم مرجو وفي بعض النسخ (فخير مرجو) (اللُّهُم وَقَدْ(3) بَسَطْتَ ليِ فِيماَ لاَ أَمْدَحُ بِهِ غَيِرْكَ، وَلَا أُثْنِي بِهِ عَلَى أَحَدٍ سِوَاكَ، وَلَا أُوَجِّهُهُ إِلَى مَعادِنِ الْخَيْبَةِ وَمَوَاضِعِ الرِّيَبةِ، وَعَدَلْتَ بِلِسَانِي عَنْ (مَدَائحِ)(4) الآْدَمِيَّيَن؛ وَ الثَّناءِ عَلىَ الْمَرْبُوبِيَن الْمَخْلُوقِيَن) البسط النشر والتوسيع، وكلمة (في) أما زائدة أو للظرفية المجازية والمفعول محذوف أي بسطت لي القدرة أو الكلام فيها لا أمدح به غيرك، والغرض(5) شكره سبحانه على فضيلة البلاغة والتوفيق على قصر المدح على الله جل شأنه، والخيبة الحرمان والخسران ومعادن الخيبة المخلوقون؛ لأنَّ عطاياهم قليلة فانية أو لأنَّهم لا يعطون غالباً، وإن أعطوا أعطوا قليلاً نكداً ومنوا طويلاً، وذموا كثيراً، وهم مواضع الريبة أي التهمة والشك لعدم الوثوق بإعطائهم والله سبحانه لا يمنع إلاَّ لمصلحة تعود الى السائل ويدخر مع ذلك له أضعاف ما سأل في الدار الباقية والمربوب من له مرب أو مالكٍ أو مدبرٍ أو سيدٍ أو منعمٍ (اللَّهُمَّ وَلِكُلِّ مُثْنٍ عَلىَ مَنْ أَثنَى عَلَيْهِ مَثوبَةٌ مَنْ جَزَاءٍ، أَوْ عَارِفَةٌ مِنْ عَطَاءٍ(6)؛ وَقَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلاً عَلَى ذَخَائِرِ الرَّحْمَةِ وَكُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ) والمثوبة

ص: 298


1- المصباح المنير، مادة (املته): 1 / 22
2- ينظر: العين، مادة (أمل): 8 / 347، و ينظر: القاموس المحيط، مادة (أمل): 3 / 303
3- (فقد) في ث، وفي: شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد: 7 / 25
4- (مذائح) في ح، تصحيف
5- (العرض) في أ، ح، ر، تصحيف
6- ينظر: تاج العروس، مادة (ربب): 2 / 4

الثواب والجزاء المكافاة على الشيء والعارفة الإحسان ودليلاً على ذخائر الرحمة [أي هادياً إلى أسباب الرحمة](1) بالتوفيق والتأييد(2) وذخائر(3) الرحمة عظائم العطايا، وأصل الذخيرة المختار من كل شيء، أو ما يعده الرجل ليوم حاجته(4) (اللَّهُمَّ، وَهَذَا مَقامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوحِيدِ الَّذِي هُوَ لَكَ، وَلْمَ يَرَ مُسْتَحِقاً لَهِذِهِ الْمَحَامِدِ وَالْمَمَادِحِ غَيْرَكَ، وَبي فاقَةُ إِلَيْكَ لَا يَجْبُرُ مَسْكَنَتَها إِلَّا فَضْلُكَ، وَلَا يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِها إِلَّا منَّكَ وَجُودُكَ فَهَبْ لَنا فِي هَذَا الْمَقامِ رِضَاكَ، وَأَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الْأَيْدِي إِلَى سِوَاكَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ) المقام مكان القيام والمصدر لا يبعد عن المقام، والمَحمَدة بفتح العين وكسرها مصدر حمده كسمعه، والفاقة الحاجة والفقر، والجبر في الأصل إصلاح العظم المكسور، المسكنة الخضوع والذلة وقلة المال وسوء الحال، وقيل: المسكين من أسكنه الفقر أي قلل حركته والخلاف في أن الفقير والمسكين أيها أسوء حالاً معروف، ونعشه رفعه ومنه النعش لسرير الميت لأنه يرفع والخَلة(5) بالفتح الفقر والحاجة(6) والمن والعطاء ومد الأيدي كناية عن الطلب واظهار الحاجة، والقدير مبالغة في القادر والمقتدر أبلغ من منه.

ص: 299


1- [أي هادياً إلى أسباب الرحمة] ساقطة من أ، ع
2- (التأيد) في ر
3- (دخائر) في م، تصحيف
4- ينظر: تاج العروس، مادة (ذخر): 6 / 234
5- (والحلة) في أ، ح، ع، تصحيف
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (خلل): 3 / 370

[ومن كلام له (علیه السلام)] لمَّا أريد على البيعة بعدقتل عثمان

هكذا في النسخ التي عندنا، قال بعض الشارحين: في أكثر النسخ (لما أراده الناس على البيعة) ووجدت في بعضها (أداره الناس على البيعة) يعني بتقديم الدال فمن روى الأول جعل (على) متعلقة بمحذوف، تقديره (موافقاً)، ومن روى الثاني(1) جعلها متعلقة بالفعل الظاهر [نفسه](2)، (تقول)(3) أدرت فلانا على كذا، أي عالجته(4) (دَعُونيِ والْتَمِسُوا غَيِرْي؛ فإِنّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ؛ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلَا تَثْبُتْ عَلَيْهِ الْعُقُولُ، وَإِنَّ الْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ) الالتماس هو الطلب، والتلمس الطلب مرة بعد أخرى ولا تقوم له القلوب أي لا تقاومه(5)، ولا طاقة لها به وهو المراد بعدم ثبات العقول عليه كأنّها تزلق أقدامها ولا تستقر(6) عليه، وأغامت / و 124 / السماء وغامت وأغيمت وتغيمت وغيمت(7) تغيمًا(8) بمعنى، والمحجة جادة الطريق

ص: 300


1- (الناس) في ح
2- [نفسه] ساقطة من ر، م
3- (يقول) في أ، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما أثبتناه
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 27
5- (يقاومه) في ح، تصحيف، وفي ر: (يقادمه) تحريف
6- (يستقر) في أ، تصحيف
7- (تغيمت) ساقطة من ر
8- (تعيمًا) في ر، تصحيف

وتنكرت أي صارت مجهولة، ويقال: تنكر الأمر إذا تغير عن حال تسرك(1) الى حال تكرهها، والمخاطبون بهذا الخطاب الطالبون للبيعة بعد قتل عثمان وقد كانوا خرجوا عليه ونقموا سيرته لما استبد بالأموال ومنعهم ما كان يعطيهم عمر بن الخطاب وكان يفضل الرؤساء وأكابر كل قوم جلباً لقلوبهم(2) ولا يسوي بينهم في القسم والعطاء كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسوي بينهم ولا يفضل عربياً على عجمي ولا شريفاً على وضيع، والقوم لما اعتادوا التفضيل في أيام عمر بن الخطاب ولا ريب أن الطبائع (مجبولة)(3) على حب المال فالممنوعون عن حقهم في أيام عثمان نقموا عليه وحاصروه وقتلوه وكان الرؤساء والأشراف منهم طالبين لمثل ما كان يعطي عثمان بني أمية واضرابهم وأما بنو أمية فقد اعتادوا التفضيل والاستبداد بالأموال فالوجوه والأشراف رغبوا في بيعته (عليه السلام) طامعين أن يفضلهم في العطاء، ولذلك نكث طلحة والزبير ونقموا التسوية في العطاء في اليوم الثاني من بيعته (عليه السلام) وقالا: آسيت بيننا وبين الأعاجم، وكذلك عبد الله بن عمر، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم، ورجال من قريش وغيرها، وتخلف هؤلاء عن القسم ولم يأخذوا ما كان (عليه السلام) يعطيهم، وقال سهل بن حنيف الأنصاري(4): يا أمير المؤمنين هذا غلامي بالأمس وقد أعتقته اليوم، فقال

ص: 301


1- (تسر له) في ر، تحريف
2- (لقلبهم) في ر، تحريف
3- (مجبول) في ث، ح
4- سهل بن حنيف الانصاري، يكنى أبا سعيد، وقيل أبا عبد الله، وقيل أبا الوليد، وهو والد أبي أمامة، وكان مع رسول الله (صلى الله صلى عليه واله وسلم) يوم أحد وجعل ينضخ بالنبل عن وجه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وشهد مع الامام علي (عليه السلام) صفين، توفي سنة (38 ه). ينظر: الوافي بالوفيات: 16 / 6، 7

(عليه السلام) نعطيه كما نعطيك، وجرى بعد ذلك ما جرى من الكلام بينه (عليه السلام) وبين طلحة والزبير وخرجا عن المدينة وقامت [...](1) فتنة الجمل كما هو مذكور في كتب السير وحكى بعض ما جرى في ذلك الشارح عبد الحميد بن ابي الحديد في شرح هذا الكلام(2) عن أبي جعفر الاسكافي(3) فهؤلاء القوم لما طلبوا البيعة بعد قتل عثمان قال لهم (عليه السلام): دعوني والتمسوا غيري اتماماً للحجة عليهم وأعلمهم باستقبال أمر له وجوه وألوان لا يصبرون(4) عليه وإنه بعد البيعة لا يجيبهم(5) الى ما طمعوا فيه ولا يصغي الى قول القائل وعتب(6) العاتب بل يقيمهم على المحجة البيضاء ويسير فيهم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون ما طلبوا حين البيعة بقولهم: نبايعك على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر، وقال لطلحة والزبير لما(7) قالا له وقت البيعة: نبايعك على إنا شركاؤك في هذا الأمر ولكنكما شريكان في الفيء لا استأثر عليكما ولا على عبد حبشي مجدع بدرهم، فما دونه لا أنا ولا ولداي هذان فإن أبيتم إلاَّ لفظ الشركة فأنتا عونان لي عند العجز والفاقة، لا

ص: 302


1- [فيه] زائدة في ح
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 29
3- محمد بن عبد الله، أبو جعفر الأسكافي، من متكلمي المعتزلة، واحد أئمتهم، تنسب اليه الطائفة (الاسكافية) وهو بغدادي أصله من سمر قند، ومن كتبه (نقض العثمانية)، توفي سنة (240 ه) ينظر: الوافي بالوفيات: 11 / 129، و الأعلام: 6 / 221
4- (يصيرون) في ر، م، تصحيف
5- (لايحبهم) في أ، ث، ح، ر، م، تحريف
6- (وعبت) في ح
7- [لما] ساقطة من ح

عند القوة والاستقامة والأمر المستقبل الذي لا تقوم(1) له القلوب ولا تثبت(2) عليه العقول الرضا بالحق وتصديقه والعمل به و وجوهه وألوانه فروعه من المشاق و الشبه والشكوك وأسباب الفتن والغيم المحيطة(3) بالآفاق حركة الاطماع والأهواء وغفلة الناس عن الحق ونسيانهم سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما عودهم الخلفاء وعروض الشبه بتمادي الأيام والمحجة [...](4) المتنكرة(5) طريقة الحق وسنة الرسول (صلى الله عليه وآله). (وَاعْلَمُوا أنيِّ إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ، وَعَتْبِ الْعَاتِبِ) ركبت بکم أي جعلتكم راكبين والإصغاء الاستماع وأصغي إليه مال بسمعه نحوه، والعتب اللوم ومذاكرة الموجدة، وفي بعض النسخ (وعيب(6) العايب) بالياء المثناة من تحت، ولا ريب أن القائل مخالفٌ له (عليه السلام) والعایب(7) عليه مخالف لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) فلا يصغي إلى قوله و عتبه (وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ، وَلَعَلِّي أَسْمَعُکُمْ وَأَطْوَعُکُمْ لَمِنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً؛ خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً تركهم إياه (عليه السلام) عدم طاعتهم له واختيار غيره للبيعة حتى لا يتم شرائط الخلافة لعدم الناصر وهذا مثل قوله (عليه السلام) في الشقشقية: / ظ 124 / ((لولا حضور الحاضر، وقيام

ص: 303


1- (تقول) في ح، تحریف
2- (يثبت) في أ، ث، ح، ع، وفي ر: (ثبت)
3- (المحيط) في أ، ث، ر
4- [و] زائدة في ح
5- (المنكرة) في ر، تحریف
6- (رعیب) فيع، تحریف
7- (العاتب) في ر، م، تصحيف

الحجة بوجود الناصر، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها))، وليس الغرض ردعهم عن البيعة الواجبة، بل اتمام للحجة، وابطال لما علمه (عليه السلام) من دعوى الإكراه في البيعة كما ادعاه طلحة والزبير بعد النكث فأراد (عليه السلام) بمثل هذا الكلام في الملأ من الناس أن يظهر أنه لم يبايع من بايع إلا عن طوع وشدة رغبة استظهاراً للحق مع أن المرء حريص على ما منع، والطبع نافر عما سورع الى اجابته، ووليتموه أمركم أي جعلتموه ولياً للخلافة والياً عليكم، والوزير من يحمل عن الملك ثقل التدبير من الوزر بمعنى (الثقل)(1)، ويسمى السلاح وزراً لثقلة على لابسه، قال الشارح عبد الحميد بن أبي حديد: (هذا الكلام يحمله أصحابنا على ظاهره، ويقولون إنه (عليه السلام) لم يكن منصوصاً(2) عليه بالإمامة من جهة الرسول (صلى الله عليه وآله) وإن كان أولى الناس بها وأحقهم بمنزلتها، لأنه لو كان منصوصاً عليه بالإمامة من جهة الرسول (صلى الله عليه وآله) لما جاز أن يقول: (دعوني والتمسوا غيري)(3) إلى آخر الكلام، ثم ذكر تأويل الإمامية بأن الخطاب للطالبين منه (عليه السلام) أن يسير فيهم بسيرة الخلفاء، ويفضل بعضهم على بعض في العطاء، أو بأنَّ الكلام خرج مخرج التضجر والتسخط لأفعال الذين(4) عدلوا عنه (عليه السلام) قبل ذلك للأغراض الدنياوية والأطماع الفاسدة، أو بأنَّه خرج مخرج التهكم كقوله

ص: 304


1- الصحاح، مادة (وزر): 2 / 845
2- (منصوباً) في أ، ع، تحريف
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 28
4- (الدين) في م، تصحيف

تعالى: «ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ»(1) أي بزعمك، [ثم قال](2): وأعلم أن ما ذكروه ليس ببعيد لو دل عليه دليل فإما إذا لم [...](3) يدل عليه دليل فلا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره وإلاَّ لم يبق وثوق بكلام الله عز وجل ولا بكلام رسوله (صلى الله عليه وآله)(4) ولا يخفى على الفطن أنه بعد(5) الاغماض عن الأدلة القاطعة الدالة على أنه (عليه السلام) كان منصوصاً عليه بالإمامة من الله ومن رسوله (صلى الله عليه وآله) لا فرق بين المذهبين في وجوب التأويل ولا يستقيم الحمل على ما زعمه ظاهراً من اللفظ إلاَّ على القول بأنَّ امامته كان مرجوحاً، وإن كونه وزيراً أولى من كونه أميراً وظاهر أنه ينافي القول بالتفضيل الذي ذهب إليه الشارح وأصحابه من المعتزلة فإنَّه (عليه السلام) إذا كان أحق بالإمامة وأولى بمنزلتها كما اعترف به وبطل تفضيل المفضول على ما هو الحق، وذهب إليه الشارح وأصحابه كيف يجوز للناس أن يعدلوا عنه (عليه السلام) الى غيره، وكيف يجوز له (عليه السلام) أن يأمر الناس بأن يدعوه وأن يلتمسوا غيره وأن يكون أسمع وأطوع منهم لكل من ولوه أمرهم وأن يقول: إني لكم وزيراً خيراً مني لكم أميراً، مع عدم ضرورة تدعو الى ترك الإمامة والإعراض عنها من بقية وخوف وعدم الأعوان ونحو ذلك ومع وجود الضرورة كما جاز ترك الإمامة الواجبة بالدليل المذكور جاز ترك المنصوص عليها، فالتأويل واجب على التقديرين ولا نعلم أحداً قال بتفضيل

ص: 305


1- الدخان / 49. وقد وردت الآية في (ر) محرفة: (ذق انك أنت العزيز الحكيم)
2- [ثم قال] ساقطة من أ، ع
3- [يكن] زائدة في م
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 29
5- (يعد) في أ، تصحيف

الغير عليه (عليه السلام) ورجحان العدول إلى أحد سواه في ذلك الزمان وإن قال قوم من العامة بتفضيل أبي بكر يوم السقيفة فوجب التأويل ولم يجز(1) اجراء الكلام على الظاهر الذي زعمه على شيء من المذاهب المعروفة على أنَّ الظاهر للمتأمل في أجزاء الكلام حيث علل (عليه السلام) الأمر بالتماس الغير باستقبال أمر لا تقوم له القلوب وتنكر المحجة، وإنه إن أجابهم حملهم على محض الحق هو أن السبب في ذلك الأمر وجود المانع دون عدم النص وإنَّه لم يكن متعيناً للإمامة، أو لم يكن أحق و أولى به ونحو ذلك، ولعل الوجه في قوله: لعلي أسمعكم و أطوعكم هو أنه إذا تولى الغير أمر الإمامة ولم تتم(2) الشرائط في خلافته (عليه السلام) لم يكن (عليه السلام) ليعدل عن مقتضى التقية بخلاف سائر الناس حيث يجوز الخطأ عليهم، وأما قوله (عليه السلام): (فأنا لكم وزيراً خيراً مني لكم أميراً) فلعل المراد بالخيرية فيه موافقة الغرض أو سهولة الحال في الدنيا فإنه (عليه السلام) على تقدير الإمامة وبسط / و125 / اليد ونفاذ الحكم وجب عليه اجراء الحق المحض وحملهم على المشاق فلا يحصل للطامعين شيء من آمالهم ويصعب عليهم الحال بخلاف صورة الوزارة فإنَّ الوزير يشير بالرأي مع امكان التأثير في الأمير وعدم الخوف ونحوه من شرائط الأمر بالمعروف، ولعل الأمير(3) الذي يولونه الأمر يرى في كثير من الأمور ما يطابق آمال القوم ويوافق أطماعهم

ص: 306


1- (يجر) في ث، م، تصحيف
2- (يتم) في أ، ث، ع، وفي م: (تنم)، تصحيف
3- (الأمر) في م، تحریف

ولا يعمل با يراه أو يشير به الوزير (فتكون)(1) وزارته (عليه السلام) أوفق بمقصود القوم وما زعموه فائدة لطلب البيعة وأملوه منها ويسهل عليهم الخطب فيكون حاصل الكلام إنَّ ما قصدتموه من بيعتي لا يتم لكم ووزارتي أوفق بغرضكم، والغرض منه اتمام الحجة أو بعض الوجوه المذكورة سابقاً، والله سبحانه يعلم حقيقة الحال.

[ومن خطبة له (علیه السلام)]

قال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السيرة وهي متداولة منقولة مستفيضة خطب بها علي (عليه السلام) بعد انقضاء أمر النهروان وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي رحمه الله، ثم ذكر بعض الألفاظ المتروكة ومنها (فَأنْظُرُوا أهْل بَيتُ نبيكُم(2) فَإنَّ لبِدوا فألبدوا وإن أسْتَنصَرُوكُم فَأنصُرُوهُم، فَليَفُرِجَنَّ اللهُ بِرَجُلٍ مِنَّا أهْلَ البَيْتِ يأتي بابن خيرة الإماءِ(3) لا يعطْيهُم إلاَّ السَّيف هرجاً هرجاً موضوعاً على عاتقه يمانية حتى تقول: قريش: لو كان هذا من ولد فاطمة لَرحِمَنا يُغريه اللهُ ببني أُمَيَةَ حَتْىَ يَجعَلَهُم حُطَاماً وَرُفاتاً «مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا»(4)، ثم قال: فإن قيل: من هذا الرجل المدعو به والذي قال (عليه السلام) عنه بأبي ابن

ص: 307


1- (فيكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما أثبتناه
2- (نبيتكم) في م، تحريف
3- (الامام) في ر، تحريف
4- الأحزاب / 61، 62

خيرة الاماء؟ قيل: أما الإمامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر وإنه ابن أمةٍ اسمها نرجس، وأما أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لام ولد وليس بموجود الآن وذكر كلمات أخرى من الخطبة وتفصيلها في حدائق الحقائق(1) إن شاء الله تعالى.

(أمَّا بَعدَ(2)، أَيهُّا النَّاسُ فَأنَا(3) فَقَأْتُ عَيْن الْفِتْنَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرئ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا، وَاشْتَدَّ كَلبُهَا) فقأت العين أي شقشقتها أو قلعتها بشحمها أو ادخلت الإصبع فيها، وفقأ عين الفتنة اطفاء نارها، ويحتمل حذف المضاف أي فقأت عين أهلها والأول أظهر، والمراد بالفتنة فتنة الجمل والنهروان على ما يظهر من الكلام الذي حكاه الشارح في جملة الكلمات التي حذفها السيد (رضي الله عنه) من الخطبة وهو قوله (عليه السلام): (وَ[لَو](4) لمَ أك فيكُم مَا قوتِلَ أصحاب الجَمَلِ و النَهْرَوانِ، وَأيم الله لَو لاَ أَنَّ تَتَكَلْوا فَتَدعُواْ العَمَلَ لَحَدَّثتکُم بِما قَضَى اللهُ عَزَّ وَجَلّ عَلى لِسان نَبِيَكُم (صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَآلهِ) لمِن قَاتَلهُم مُبُصِراً لِضَلالهِم عَارِفاً بالهدى) الذي نحن عليه) وعدم اجتراء أحد غيره (عليه السلام(5)) على اطفاء تلك الفتنة لأنَّ الناس كانوا يهابون قتال أهل القبلة، ويقولون كيف نقاتل من يؤذن

ص: 308


1- وفي م: (الحائق)
2- (أما بعد حمد الله، والثناء عليه) في: شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد: 7 / 36، و نهج البلاغة: صبحي الصالح: 170
3- (فإني) في: شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد: 7 / 36، و نهج البلاغة: صبح الصالح: 170
4- [لو] ساقطة من ث
5- (تعالى) في ع، تحريف

كآذاننا ويصلي بصلواتنا وكانوا يستعظمون حرب عائشة وطلحة والزبير لما زعموا أنَّ لهم مكاناً في الإسلام وحرب أهل النهروان لأنَّ كثيراً منهم كانوا من القراء(1) والزهاد وأهل العبادة في الظاهر وقد كانت اشتدت شوكة أهل الجمل واتفقت كلمة أهل النهروان في القتال، ويحتمل أن تعم(2) الفتنة كل من خالفهُ (عليه السلام) من الناكثين والقاسطين والمارقين وغيرهم كما يظهر من بعض الكلمات التي نحكيها إن شاء الله تعالى في شرح قوله (عليه السلام) لرجل قام إليه فسأله عن الفتنة، وقال: هل سألت عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ وعدم اجتراء الناس لقوة الشبهات في البعض وشدة / ظ 125 / الشوكة في البعض واجتماع الأمرين في البعض، و(الغيهب: الظلمة)(3) وموج الظلمة عمومها وشمولها تشبيهاً لها بالبحر، والكلَب بالتحريك داء يعرض الانسان من عض الكلب الكلب فلا يعض انسانا إلاَّ كلب وجنون الكلاب المعتري من أكل لحم الإنسان والعطش والمراد شرها واذاها، ولَعل موج غيهبها اشارة الى عموم الضلال وكثرة الشبهة وقوتها واشتداد كلبها إلى شدة شوكة أهلها وشمول شرهم وظلمهم لأهل الحقّ (فَاسْأَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَسْأَلُونَني عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَلَا عَنْ فِئَةٍ تَهدِّي مائَةً وَتُضِلُّ مائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَقَائِدِهَا وَسَائِقِهَا وَمُنَاخِ رِكَابِهَا وَمَحَطِّ رِحَالِهَا(4) وَمَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلًا وَیَموُتُ(5) مِنْهُمْ مَوْتاً.) فقده

ص: 309


1- (الفقراء) في ع، تحریف
2- (يعم) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
3- الصحاح، مادة (غهب): 1 / 196
4- (رجالها) في م، تصحیف، وفي شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 36
5- (ومن يموت) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 36، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 170

كضربه أي عدمه ولم يجده، والفئة الطائفة والجماعة(1) ولا واحد لها من لفظها وجمعها فئات، وقد تجمع بالواو والنون والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطها، وأنبأتكم أي أخبرتكم، وفي بعض النسخ (نبأتكم(2)) على صيغة التفعيل وناعقها الداعي لها أو(3) إليها، يقال: نعق بغنمه كمنع وضرب أي صاح بها لتعود إليه وزجرها، ونعق الغراب أي(4) صاح، [و](5) القود ضّد السوق فهو من أمام وذاك من خلف، والمُناخ بضم الميم موضع الاناخة اسم مكان من أناخ الرجل الجمل اناخة، قالوا: ولا يقال في المطاوع: فناخ، بل يقال: فرك وتنوخ، وقد يقال استناخ، وفي الحديث في صفة المؤمن: ((إن قيد انقاد، وإن أنيخ عى الصخرة استناخ))(6)، والركاب الإبل التي يسارع عليها، والواحدة راحلة ولا واحد لها من لفظها والجمع الركب مثل الكتب، ويقال: زيت(7) ركابي لأنه يحمل من الشام عى الإبل، والرَحل بالفتح كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعر و حلس(8) ورسنٍ(9)

ص: 310


1- (الجما) في ر، تحریف
2- (بمناتکم) في ر، تحریف
3- (و) في م
4- (و) في ح
5- [و] ساقطة من ح
6- روى السيوطي: ((المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف: إن قيد انقاد، وإذا أني-خ على صخرة استناخ)) الجامع الصغير: 2 / 663
7- (ريت) في ع، تصحيف
8- (وهو كساء رقيق يكون تحت البرذعة) الصحاح، مادة (حلس): 3 / 919
9- (الرسن: الحبل) لسان العرب، مادة (رسن): 13 / 180

والجمع أرحل ورحال مثل أسهم وسهام ومن قولهم في القذف: هو ابن ملقى أرحِل الركبان، ورحلت البعير أي شددت عليه رحله، وحططت الرحل انزلته عن الإبل، وجوز بعض الشارحين(1) أن يكون المحط مصدراً کالمرد في قوله تعالى: «وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ»(2)، وكذلك المناخ، ولعل المكان أظهر، وفي بعض النسخ (من يموت منهم) بزيادة اسم الموصول ودعوى التعرض لكل سؤال والجواب عن كل معضلة(3) مع الخروج عن العهدة من خصائصه (عليه السلام) وروى الزمخشري(4) أن قتادة دخل الكوفة والتف عليه الناس، فقال: سلوا عَّما شئتم، وكان أبو حنيفة حاضراً وهو غلام حدث، فقال: سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكراً أم أنثى؟ فسألوه، فأفحَم، فقال أبو حنيفة: كانت أنثي بدليل قوله تعالى: «قَالَتْ نَمْلَةٌ»(5)، وذلك أنَّ النملة مثل الحمامة والشاة في وقوعهما على الذكر والأنثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم: حمامة ذكر وحمامة أنثى، وقال ابن الحاجب في بعض تصانيفه: إن مثل الشاة والنملة والحامة من الحيوانات تأنيث لفظي ولذلك كان قول من زعم أن النملة في قوله تعالى: «قَالَتْ نَمْلَةٌ»(6) أنثى لورود تاء التأنيث في قالت وهماً لجواز أن يكون مذكراً في الحقيقة و ورود تاء التأنيث کورُودَها في فعل المؤنث اللفظي ولذلك قيل إن افحام قتادة خير من جواب أبي حنيفة،

ص: 311


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 38
2- غافر / 43
3- (مضلة) في م، تحریف
4- ينظر: الكشاف، الزمخشري: 3 / 141، 142
5- النمل / 18
6- النمل / 18

وذكر الشيخ الرضي (رضي الله عنه) للتاء أربعة عشر معنى(1) منها (الفصل بين الآحاد المخلوقة)(2)، كنخل ونخلة، ونمل ونملة، و(آحاد المصادر)(3) کضرب وضربة واخراج واخراجه من [أجناسهما](4)، قال: (وهو قياس في كل واحد من الجنسين المذكورين)(5)، وجاءت قليلًا للفرق بين الأحاد المصنوعة كلبن(6) ولبنة وأجناسها، وقال: ففي قوله: «قَالَتْ نَمْلَةٌ»(7) يجوز أن (تكون)(8) النملة مذكراً والتاء للوحدة، فتكون(9) تاء قالَتْ لتاء الوحدة في نملة لا لكونها مؤنثاً حقيقياً وقد فصل الشارح عبدالحميد بن أبي الحديد نبذة من أخباره(10) (عليه السلام) كإخباره عن الضربة التي تخضب منها لحيته (عليه السلام)، وإخباره عن موضع قتل الحسين (عليه السلام) لمَّا مرَّ بكربلاء، وأخباره بملك معاوية الأمر بعده وعن الحجاج وعن يوسف بن عمر وما أخبر به من أمر الخوارج / و 126 / بالنهروان وما قدمه إلى أصحابه من قتل من يقتل منهم وصلب من يصلب منهم، وأخباره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وأخباره بعدة الجيش الوارد

ص: 312


1- ينظر: شرح الرضى على الكافية: 3 / 324 - 329
2- المصدر نفسه: 3/ 320
3- المصدر نفسه: 3 / 325
4- طمس في ح
5- شرح الرضي على الكافية: 3 / 325
6- (کلبه) في ث، وفي ع: (كلین)، تصحيف
7- النمل / 18
8- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
9- (فیکون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 39

عليه من الكوفة لما شخص (عليه السلام) الى البصرة، وأخباره عن عبد الله بن الزبير، وعن هلاك البصرة بالغرق والزنج، وعن بني بويه وقوله فيهم ويخرج من ديلمان بني(1) الصياد وكان أبوهم صياد السمك وعن ملك بني العباس ونحو ذلك، والتفصيل بوجه أبسط في حدائق الحقائق إن شاء الله عز وجل (وَلَوْ قَدْ فَقَدْتُموُنِي وَنَزَلَتْ(2) کَرَائِهُ الُأْمُورِ، وَحَوَازِبُ الخُطُوبِ، لأَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ، وَفَشِلَ کَثِیرٌ مِنَ الْمَسْؤولِينَ) الكريهة (النازلة)(3)، ويكون بمعنی: (الشدة في الحرب)(4)، و کرائة الأمور المصائب التي تكرهها النفوس، والحوازب (جمع حازب وهو الأمر الشديد)(5) وحزبه أمر إذا اشتد عليه ودهمه وضغطه، والخَطب بالفتح الشأن والحال والأمر الذي يقع فيه المخاطبة، والإطراق السكوت والاقبال بالبصر إلى الصدر(6)، واطراق السائل لصعوبة الأمر وشدته حتى إنه يبهته عن السؤال ويتحير كيف يسأل، والفشل الجبن والفزع والضعف، (وَذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُکُمْ، وَشَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ؛ وَضَاقتِ(7) الدُّنْيَا عَلَيْکُمْ ضِيقاً، تَسْتَطِیلُونَ أَيَّامَ(8) الْبَلَاءِ عَلَيْکُمْ، حَتَّى، يَفْتَحَ اللهُ لِبَقِيَّةِ الأبْرَارِ مِنْکُمْ.) الاشارة الى النزول والاطراق والفشل، وقلصت

ص: 313


1- (بنو) في ث، ح
2- (ونزلت بكم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 36، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 170
3- تاج العروس، مادة (كره): 19 / 86
4- المصدر نفسه، مادة (كره): 19 / 86
5- لسان العرب، مادة (حزب) 1 / 309
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سكت): 10 / 217
7- (كانت) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 36
8- (أيام البلاء) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 171

بالتشدید کما في النسخ التي عندنا أي اجتمعت وانضمت والحرب إذا كانت في موضع واحد تکون(1) أشد وأصعب، ويكون التشديد للمبالغة وهي بالتخفيف بمعنی ارتفعت، يقال: قلص ماء البئر إذا ارتفع وكثر(2) فالمراد شدة الحرب و كثرتها، ويقال: قلصت بالتشديد بمعنی استمرت في المضي، ويقال: قلص قميصه فقلص تقليصاً، أي شمره لازم متعدّ، وحينئذ يكون المعطوف کالتفسير، وفي بعض النسخ (قلصت حربكم عن ساق) بدون كلمة شمرت، وقال بعض الشارحين: و روي (إذا قلصت عن حربكم) بالتخفيف أي إذا انكشفت کرائة الأمور، وحوزاب الخطوب عن حربكم(3)، وشمرت عن ساق أي كشفت عن شدة ومشقة كما قيل في قوله تعالى: «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ»(4)، وقيل: في قوله تعالى: «وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ»(5)، أي آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة، وقيل: کشف الساق مثل في اشتداد الأمر وصعوبة الخطب، وأصله تشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب، قال حاتم(6):

أخو الحرب إن عضّت بهِ الحربُ عضّها *** وإنْ شمرَّتْ عن ساقِها الحربُ شمّرا(7) وقيل: يكشف عن الساق أي عن أصل الأمر وحقيقته بحيث يصير عياناً

ص: 314


1- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تحریف
2- ينظر: لسان العرب نفسه، مادة (قلص): 7 / 80
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 42
4- القلم / 42
5- القيامة / 29
6- (خاتم) في أ، ع، تصحيف
7- دیوان حاتم الطائي: 40، و الاغاني: 17 / 244

مستعاراً من ساق الشجر، وساق الإنسان، ويحتمل أن يكون المراد تشبیه الحرب بالمجد في أمر فإنَّ الإنسان إذا جدّ في السعي شمر عن ساقه ورفع ثوبه لئلا يمنعه، والضِيق بالکسر کما في بعض النسخ مصدر ضاق كالضَيق بالفتح و في بعض النسخ (وكانت الدنيا عليكم ضيقةً) بدل قوله: (وضاقت الدنيا علیکم ضيقاً) واستطالة الأيام عدها طويلة، ويوم البؤس والشدة يطول على الأنسان کما قيل: فأيام الهموم مقصصات، وأيام السرور تطير طيراً، والبقية اسم من قولك: بقي من الشيء كذا، والمراد ببقية(1) الأبرار الذين يسلمون من بني أمية في دينهم وأعمارهم ويفتح الله لهم بهلاكهم وزوال دولتهم على ما ذكره بعض الشارحین(2) وزعم أن المراد ببقية الأبرار بنوا العباس الذين أزالوا ملك بني أمية، ولابد حينئذ من ارتكاب تجوز في اطلاق بقية الأبرار فإنَّ بني العباس لم يكونوا من الأبرار وإن كانت بني أمية شراً منهم فيحمل كونهم براً على الاضافي أو على أنّهم من أولاد الأبرار وإن لم يكونوا أبراراً [في](3) أنفسهم على أنَّ الفتح لبقية الأبرار لا يستلزم أن يكون على أيديهم وقد ورد في الخبر أن الله / ظ 126 / لا يزال يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق(4) لهم فيحتمل أن يكون المراد من بقي من أهل البيت (عليهم السلام) أو الأعم منهم ومن خُلّص المؤمنين، ولعل الأظهر أن صاحب الأمر (عليه السلام) (إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ

ص: 315


1- (بقية) في أ، وفي ح: (بتقية)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 393
3- [في] ساقطة من ع
4- (لا خلاف) في ر، تصحيف

شَبَّهَتْ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ؛ یُنْکَرْنَ مُقْبِلاتٍ، وَیُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ، يَحُمْن(1) حَوْمَ(2) الرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً، وَیُخْطِئْنَ بَلَداً) في بعض النسخ (شُبِهَت) على صيغة المجهول من التفعيل أي أشكل أمرها والتبس على الناس، يقال: أمر مشبه كمعظم أي مشکل و في بعضها شبهت على صيغة المعلوم، ولعل المعنى جعلت نفسها أو الأمور الباطلة شبيهة بالحق ونهبت أي أعلمت بالبطلان كأنها أيقظت القوم من النوم والغرض أنَّ الفتن في أول الأمر تلتبس وتجعل الباطل شبيهاً بالحق حتى يضل الناس وفي آخر الأمر يظهر حالها وينكشف للناس أنهم كانوا على الباطل وقد توقف كثير في فتنة الجمل والنهروان وقعدوا عن الحرب ثم بان لهم الضلال بعد أن وضعت الحرب أوزارها و(3) ندموا حين لم ينفعه الندم وأيقن الكثير في فتنة صفين بأنَّ معاوية على الباطل بعد قتل عمار بن یاسر والفقرة التالية كالبيان للسابقة، وينكرن أي لا يعرف حالهن، وحام الطائر حول الماء إذا طاف ودار لینزل عليه، وحوم الرياح أي کحوم الرياح وفي الكلام تشبیه بهبوب الريح بحوم الطائر واصابة البلد دون آخر، بیان لذلك الحوم. (أَلَا إِنَّ(4) أَخْوَفِ الْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْکُمْ فِتْنَةُ بنيِ أُمَيَّةَ، فَإِنَهَّا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ عَمَّتْ خُطَّتُهَا، وَخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا، وَأَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا، وَأَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِيَ عَنْها.) كلمة أخوف من صيغ التفضيل الواردة لتفضيل المفعول نحو اعذر وألوم واشهر، وقياس (أفعل) أن يكون للفاعل وتشبيه الفتنة

ص: 316


1- (يحمس) في ث، تحریف
2- (حرم) فيع، تحریف
3- (أو) في ع
4- (إلآ وإن) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 36، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 171

بالأعمى لكونها سالكة غير سبيل الحق كالأعمى الخارج عن الجادة في مشيه، والخُطة بالضم شبه القصة والأمر والخطب (و(خص) الشيء (خصوصاً) من باب قعد خلاف عم فهو (خاص) و (اختص) مثله و(الخاصة) خلاف العامة والهاء للتأكيد، وعن الكسائي: الخاص والخاصة واحد)(1) وخصصته بالشيء من باب قعد أيضاً واختصصته به لازم متعد و عموم خطة تلك الفتنة لكونها رئاسة عامة وسلطنة شاملة وخصوص البلية لكون خط أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم منها أوفر وقد هتكوا حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقتلوا الحسين (عليه السلام) وسبوا ذراريه وأصاب الشيعة منهم ما أصابَ واصابه البلاء من أبصر فيها الحزن المبصر من مشاهدة أفعالهم الشنيعة وقصدهم إياه بأنواع الأذى بخلاف الجاهل المنقاد لهم. (وَأَيْمُ الله لَتَجِدُنَّ بَنِي أُمَیَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سُوءٍ بَعْدِي كَالنَّابِ الضَّرُوسِ، تَعْذِمُ بِفِيهَا، وَتَخْبِطُ بِيَدِهَا، وَتَزْبِنُ بِرِجْلِهَا وَتَمْنَعُ دُرَّهَا) اليمين القسم مؤنث(2) لأنهم(3) كانوا يتماسحون بأيمانهم فيتحالفون، وایمُن بضم الميم اسم استعمل في القسم والتزم(4) رفعه کما التزم رفع لعمر الله، و همزته همزة وصل عند البصريين قالوا: أولم يأت في الأسماء همزة وصل مفتوحة غيرها، وعند الكوفيين قطع لأنَّه جمع مين عندهم قالوا: وكانت العرب (تحلف)(5) باليمين فقالوا: يمين الله لا أفعل واليمن يجمع علی ایمن، ثم حلفوا به فقالوا ایمن الله، وقد يختصر، فيقال ایمُ

ص: 317


1- المصباح المنير، مادة (الخص): 1 / 171
2- ينظر: المذكر والمؤنث، السجستاني: 174
3- (كأنهم) في ر، تحریف
4- (الترم) في أ، ر، تصحيف
5- (بها) في أ، تحریف

الله، وثانياً فيقال مُ الله بضم الميم وكسرها، وفيه لغات والأَرباب جمع رب، وهو يطلق على المالك والسيد والمدبر والمربي والمتمم والمنعم ولا يطلق غير مضاف إلاَّ على الله عزّ وجلّ، قالوا ولا يجوز استعماله بالألف واللام للمخلوق بمعنى المالك؛ لأنَّ اللام للعموم والمخلوق لا يملك جميع المخلوقات وفيه شيء، وبعضهم يمنع أن يقال: هذا ربّ العّبدْ وفي الخبر وكذا في هذه الخطبة ما فيه حجة عليهم والسَوء بالفتح مصدر ساءه يسوءه إذا فعل به(1) ما يكره فاستاء(2) هو والسُوء بالضم الاسم منه وهو رجل سوء بالفتح والاضافة، و(الناب: الناقة / و127 / المسنة)(3)، والضروس السيئة الخلق تعض(4) حالبها(5)، وعدم الفرس كضرب إذا أكل بجفاء أو عضَّ، وخبط البعير إذا ضرب بيده الأرض شديداً(6) ووطئ(7) الشيء شديداً، والخبط باليدين كالرمح بالرجلين (والزبن: الدفع)(8)، ومنه الزبانية، وزبنت الناقة إذا ضربت بثنات رجلها عند الحلب(9)، فالزبن بالثنات، والركض بالرجل والناقة زبون إذا كان ذلك من عادتها، والدر اللبن ويقال: لكل خير على التوسيع. (لَا يَزَالُونَ بِکُمْ

ص: 318


1- (تخلف) في ح، تصحيف
2- (فاستاه) في م، تحریف
3- القاموس المحيط، مادة (ناب): 1 / 130
4- (تفض) في ث، تحریف
5- ينظر: تاج العروس، مادة (ضرس): 8 / 334
6- (الشديد) في أ، ع
7- (أو وطی) في أ، ع
8- الصحاح، مادة (زبن): 5 / 2130
9- المصدر نفسه، مادة (زبن): 5 / 2130

حَتَّى لَا يَتْرُکُوا مِنْکُمْ إِلَّا نَافِعاً لَهُمْ؛ أَوْ غَيْرَ ضَائِرٍ بِهُمْ. وَلَا يَزَالُ بَلَاؤُهُمُ حَتَّى(1) لَا يَكُونَ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلَّا کَانتِصارِ(2) الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ؛ وَالصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ) ما زلت بزيدٍ(3) أي ما زلت أفعل، و المعنى لا يزالون يؤذونكم بأنواع الأذى حتى لا يبقى منكم إلا من ينفعهم في مقاصدهم ويساعدهم في مآربهم أو لا يضرهم في دنياهم بإنكار المنكرات عليهم وهدم دولتهم، والضائر المضر، يقال: ضاره الأمر يضوره ويضيره إذا اضره، وكلمة (بهم) غير موجودة في بعض النسخ، والانتصار الانتقام، والصاحب التابع(4) و المستصحب المتبوع، والغرض نفي إمكان الانتصار على ما جوزه بعض الشارحين(5)، والأظهر أن المراد إثبات انتصار الأذلاء والمقهورين كالغيبة والذم مع الأمن من الوصول إلى المغتاب مع اظهار الانقياد والطاعة في الحضور كما يظهر من قوله (عليه السلام) في كلام له سيجيء (عن قریب)(6) و حتی یکون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيده إذا شهد أطاعه، وإذا غاب اغتابه، وهذا الاثبات في الحقيقة يؤول الى النفي (تَرِدُ عَلَیْکُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوهاءَ مَخْشِيَّةً، وَقِطَعاً جَاهِليَّةً، لَيْسَ فِيهَا مَنَارُ هُدَىً، وَلَا عَلَمٌ یُرَی، نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهَا بِمنجاةٍ(7)، وَلَسْنَا فِيهَا بِدُعَاۃٍ) شاهت الوجوه أي قبحت (وشوهه الله فهو مشوه وهي

ص: 319


1- (بلاؤهم عنکم حتی) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 36، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 171
2- (إلا مثل انتصار) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 36
3- (یزید) في ر، ع، تصحيف
4- (التتابع) في أ، ع، تحریف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 45
6- (عنقریب) في أ، ث، ح، ر
7- (بنجاۃ) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 37

شوهاء(1) ولا يقال للمذكر أشوه)(2) كذا قال بعض الشارحين أخذ من كلام الجوهري(3)، وفي النهاية (رجل أشوه وامرأة شوهاء)(4) وكذا في القاموس(5) والشوهاء العابسة ويكون بمعنى الجميلة ضّد(6) وفي بعض النسخ (فتنتهم شوهاً بلفظ الجمع في الكلمتين، والمخشية المخوفة المرعبة(7) والقطع كعنب جمع قِطعة بالكسر وهي الطائفة من الشيء، ولعل الغرض الاشارة إلى اختلاف أنواعها ووردوها دفعات كقطع السحاب ونحوه، والجاهلية الحالة التي كانت العرب عليها قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر والتعصب والاخلاق الذميمة، وتتمة الكلام بیان الوجه الشبه، والمنار في الأصل موضع النور، ويقال للعلم، والحد الموضوع بين الشيئين(8)، والعلم الجبل أو الطويل منه يهتدي به والوصف للإشعار بوجود الحجة وهو الإمام من أهل البيت (عليهم السلام) وأهل البيت منصوب على الاختصاص نحو قولهم: نحن [معشر](9) العرب بالنّصب، وفي بعض النسخ بالرفع، والمنجاة موضوع النجاة أي الخلاص أو مصدر، وفي بعض النسخ

ص: 320


1- (شوها) في ر، م
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 45
3- ينظر: الصحاح، مادة (شوه): 6 / 2238
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 511
5- ينظر: القاموس المحيط : مادة (شوه): 4 / 287
6- ينظر: الاضداد، الانباري: 284، 285
7- (المرغبة) في ر، م، تصحيف
8- ينظر: لسان العرب، مادة (نور): 5 / 241
9- [معشر] ساقطة من ر

(بنجاة)(1) و (الغرض)(2) الخلاص من لحوق الآثام وشمول الضلال والتابعة في الدعوة إلى الباطل کما يظهر في الفقرة التالية لا الخلاص من القتل وأنواع الأذى بشهادة قصة الحسين والعترة الطاهرة (عليهم السلام)، (ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اللهُ عَنْکُمْ کَتَفْريجِ الْأَدِيمِ، بِمَنْ يَسُومُهُمْ خَسْفاً، وَيَسُوقُهُمْ عُنْفاً، وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ، وَلَا يُحْلِسُهُمْ(3) إِلاَّ الْخَوْفَ) فرج الله الغم أي کشفه، والأديم [الجلد](4) وتفريج الأديم كشفه عن اللحم حتى يظهر ويخرج من تحته، ولعل تشبيه الفتنة بالأديم للصوقها وشمولها ويحتمل أن يكون المراد بالأديم الجلد الذي يلف الانسان فيه للتعذيب؛ لأنه يضغط شديداً إذا جف، وفي تفريجه استراحة كاملة، ويسومهم أي يكلفهم ويلزمهم، والخسف النقصان والذل والهوان، وأصله أن يحبس الدابة على غير علف(5)، والعُنف بالضم ضد الرفق وكذلك بالفتح کما في بعض النسح، والمصبرة الممزوجة بالصبر المر، وجوز بعض الشارحين(6) أن (تكون)(7) المصبرة بمعنى المملؤة الى أصبارها(8) أي جوانبها جمع صُبر بالضم وفي المثل/ ظ 127 / (أخذها بأصبارها)(9) أي

ص: 321


1- (بنحاة) في أ، ع، تصحيف
2- (العرض) في ح، ر، م، تصحيف
3- (يجلسهم) في أ، ع، تصحيف
4- [الجلد] ساقطة من ح
5- ينظر: لسان العرب، مادة (خسف): 9 / 68
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 45
7- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصحيح ما أثبتناه
8- (اصبادها) في م، تحریف
9- ينظر: مجمع الامثال: 2 / 149، ورد فيه: ((أخذ الشيء بأصباره))، و الصحاح، مادة (صبر): 2 / 707

تامة، والحِلس بالکسر کساء رقيق يکسي على ظهر البعير تحت البرذعة، وأحلس البعير أي ألبسه الحلس، والحلس أيضا ما يبسط في البيت تحت حر الثياب(1)، والغرض أنهم يجعلون الخوف شعاراً لهم لاصقاً بهم، وهذا الكلام أخبار عن ظهور دولة بني العباس وانقراض مُلك بني أمية، وقد أذاقوهم كأس العذاب طعوماً مختلفة وأروهم الموت ألواناً شتی کما هو مذكور في كتب السير (فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَیْشٌ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنَنِي مَقَاماً وَاحِداً، وَلَوْ قَدْرَ جَزْرِ(2) جزُورٍ(3)؛ لَأِقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ الْيَوْمَ بَعْضَهُ فَلَا يُعْطُونَني(4)) الباء للبدل، ولو بمعنى أن المصدرية لوقوعها بعد فعل دالٍ على معنى التمني، ومقاماً أي في مقام، والجزور من الإبل خاصة يقع على الذكر والأنثى(5)، ولفظ الجزور أنثى، فيقال: رعت الجزور، قاله ابن الانباري(6)، وقيل: الجزور الناقة التي تجزر وجزرت الجزور من باب قتل(7) أي نحرتها، وما أطلب اليوم بعضه أي الطاعة، والانقياد يعني يتمنون أن يروني فيطيعوني(8) اطاعة [كاملة، وقد رضيت منهم اليوم بأن يطيعوني اطاعة](9) ناقصة فلم يقبلوا، وقد ذكر أرباب

ص: 322


1- ينظر: الصحاح، مادة (حلس): 3 / 919
2- (جرر) في ر، وفي م: (حرر)، تصحیف
3- (حزور) في م، تصحيف
4- (يعطوننِيهِ) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 37، ويعطونيه) في: نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 172
5- ينظر: الصحاح، مادة (جزر): 2 / 612
6- رواه الفيومي في المصباح المنير: 1 / 98
7- (قيل) في أ، ث، ع، تصحيف
8- (فيضعوني) فيع، تحریف
9- [كاملة، وقد رضيت منهم اليوم بأن يطيعوني اطاعة] ساقطة من م

السير إن مروان بن محمد وهو آخر ملوك بني أمية، قال يوم الزاب(1) لما شاهد عبد الله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بإزائه في صف خراسان لوددت أنّ علي بن أبي طالب تحت هذه الراية بدلاً من هذا العي، ويحتمل أن يكون هذا التمني عند قيام القائم (عليه السلام)(2)، قال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(3) بعد حكاية ما يدل على قيام القائم (عليه السلام) من هذه الخطبة وقد ذكرناه في أول شرح الخطبة: فإن قيل: فمن یکون من بني أمية موجوداً في ذلك الوقت حتى يقول (عليه السلام) في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل [منهم](4) حتی يودوا لو أن علياً (عليه السلام) كان المتولي الأمورهم عوضاً عنه، قيل: أما الإمامية(5)، فتقول(6) بالرجعة، ويزعمون أنَّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أمية وغيرهم، وينتقم القائم من أعداء آل محمد [(صلى الله عليه وآله)](7) المتقدمين والمتأخرين. وأما أصحابنا فيزعمون أنه سيخلف الله في آخر الزمان رجلاً من ولد فاطمة (عليها السلام) و ليس موجوداً الآن، وإنه ينتقم ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وإنه إنما

ص: 323


1- (التراب) في ر، تحریف
2- ينظر: الكامل في التاريخ، ابن الأثير: 5 / 230
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 48
4- [منهم] ساقطة من ح
5- جاء في الكافي: ((یكون من ظهري الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً و ظلماً تكون له غيبه وحيرة يضل فيها أقوام ويهتدي آخرون..)) الكافي، الكليني: 1 / 388، وينظر: علل الشرائع: 1 / 4، و الامالي، الطوسي: 292
6- (فيقول) في أ، ث، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
7- [(صلى الله عليه وآله)] ساقطة من ع

يظهر بعد أن يستولي على كثير من بلاد الإسلام ملك من أعقاب بني أمية، وهو السفياني الموعود به في الصحيح من ولد أبي سفيان بن حرب بن أمية، وأنَّ الإمام الفاطمي يقتله ويقتل(1) أشياعه وغيرهم، وحينئذ ينزل(2) المسيح (عليه السلام) من السماء، وتبدو أشراط الساعة، و(تظهر)(3) دابة الأرض، ويبطل التكليف، ويتحقق(4) قيام الأجساد عندنفخ الصور، کما نطق به الكتاب العزيز أنتهى. ولا يخفى أنَّ القول بالرجعة التي يقول بها أصحابنا الإمامية لا ينافي القول بالسفياني الذي حكاه عن أصحابه وظهور بني أمية وأخبارنا ناطقة به وعلى هذا تكون(5) الاشارة في الكلام السابق إلى ظهور(6) القائم (عليه السلام) لا ملوك بني العباس والله تعالى يعلم.

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(فتباركَ اللهُ الذِي لاَ يبلغهُ بُعدُ الهممِ، ولاَ ينالهُ حِسُّ(7) الفطنِ، الأولُ الَّذِي لا غايةَ له فينتهي، ولاَ آخرِ لهُ فينقضِيَ) قیل تبارك مشتق من البروك(8)،

ص: 324


1- (تقتل) في ع، تصحيف
2- (تنزل) في أ، ع، تصحيف
3- (يظهر) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
4- (تحقیق) في أ، ع، تحریف
5- (يكون) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
6- (طهور) في م، تصحيف
7- (حدس) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 49، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 173
8- قال ابن دريد: ((برك الجمل بروكاً فهو بارك،... والبركة: النماء والزيادة)) الاشتقاق: 247

يقال: برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه(1)، وبروك الطير على الماء لزومه له، ومنه البركة لدوام الماء فيها فيكون اشارة الى عظمته تعالى باعتبار دوام بقائه، وقيل: من البركة وهي كثرة الخير وزيادته، يقال: بارك الله لزيد وعلى زید وبارك الله زيداً متعدياً بنفسه، ومنه قوله تعالى «أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا»(2) فمعنی تبارك تكاثر خيره وزادت نعمته واحسانه على وجه الإخبار والتمجيد وجعله بعض الشارحين(3) بمعنى الدعاء، ولا يخلو عن بعد، وقيل: معناه تزاید وتعالى في ذاته وصفاته / و 128/ وأفعاله عن أن يقاس بأحدٍ فیکون اشارة الى فضله واحسانه وتعاليه في ذاته وصفاته، ولا يستعمل إلاَّ الله تعالى والهمة أول العزم أو العزم القوي، ويقال: فلان عالي الهمة، وبعيد الهمة على اختلاف الاعتبار في جهة التشبيه إذا كانت إرادته تتعلق(4) بالأمور العالية البعيدة التناول، ونيل الشيء اصابته والوصول إليه، والحِس بالكسر الادراك والشعور، يقال: احسست الشيء وحسست به، ويكون بمعنى (الحركة)(5)، والفطنة (الحذق)(6)، يقال: رجل فطن بخصومته إذا كان عالماً بوجوهها، وفي بعض النسخ (حدس الفطن) وهو السرعة في السير والمضي على طريقة مستمرة، ويكون بمعنى الظن والتخمين والتوهم، في الأمور وغاية الشيء مداه ونهايته و الظاهر أن المراد نفي المبدأ، وهو

ص: 325


1- ينظر: لسان العرب، مادة (برك): 10 / 399
2- النمل / 8
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 1 / 49
4- (يتعلق) في أ، ث، ع، م، تصحیف، وفي ر: (تعلق)
5- لسان العرب، مادة (حسس): 6 / 50
6- تاج العروس، مادة (فطن): 18 / 434

غايته باعتبار حركة الفكر الى جهة الأزل(1) [والفعلان](2) منصوبان بتقدير أن الناصبة، ووجه بعض الشارحين التغاير بين مدخول الفاء وما قبله بأنَّ المراد لا أول له بالإمكان فيكون مسبوقاً بالعدم بالفعل، ولا آخر له بالفعل فينقضي بالفعل، وفيه تأمل لعدم الترتب إذا لم يعتبر الامكان في مدخول الفاء وعود الاشكال على اعتباره [ويمكن أن يقال إنَّ الانتهاء اصرح في الدلالة على العدم من ثبوت الغاية وكذلك الانقضاء من وجود الاخر فادخل الفاء على ما هو أوضح فساداً فتدبر](3) (فاستودعهمْ فِي أفضلِ مستودعٍ، وأقرهُمْ فِي خيرٍ مستقرٍّ، تناسختهمْ کرائمُ الأصلابِ إلى مطهراتِ الأرحامِ) المستودع على صيغة المفعول المكان الذي يجعل فيه الوديعة، يقال: استودعته وديعة إذا استحفظته إياها، والمستقر موضع الاستقرار، والكلام في وصف الأنبياء (عليهم السلام)، والمستودع حظائر(4) القدس ومحال كرامة الله التي اسكنهم الله فيها قبل حلول الأبدان، والمستقر أبدانهم الزكية، أو منازل الآخرة، أو المستودع الأصلاب والمستقر الأرحام لكون الأصلاب بمنزلة المنازل للمسافر بالنسبة إلى الأرحام، أو بالعكس لطول مدة الاستقرار في الأصلاب بالنسبة إلى الأرحام، والنسخ النقل، يقال: نسخت الكتاب وانتسخته إذا نقلته، والمنقول منه النُسخة بالضم، والتناسخ التناقل ومنه التناسخية(5) لزعمهم انتقال

ص: 326


1- (الاول) في ر، م، تحریف
2- [والفعلان] ساقطة من ث، وفي م: (العلان)، تحریف
3- [ويمكن أن يقال أن الانتهاء اصرح في الدلالة على العدم من ثبوت الغاية وكذلك الانقضاء من وجود الاخر فادخل الفاء على ما هو أوضح فساداً فتدبر] بياض في ح
4- (خطائر) في ر، ث، ع، تصحيف
5- التناسخية: جماعة تؤمن بانتقال الارواح من بدن إلى آخر، والتناسخ قدم راسخ في بعض الملل واشدها اعتقاداً تناسخية الهند. ينظر: الملل والنحل: 2 / 255

الأرواح من بدن الى بدن، وقيل من تناسخ الأزمان أي تداولها وانقراض قرن بعد آخر، والكلام دليل على طهارة آباء الأنبياء وأمهاتهم (عليهم السلام) من السفاح والكفر کما ذهب إليه أصحابنا (رضوان الله عليهم). (كلَّمَا مَضى سلفٌ(1)، قامَ منهمْ بدينِ اللهِ خلفٌ، حتَّى أفضتْ کرامةُ اللهِ سبحانهُ(2) إلى محمدٍ (صلى الله عليه وآله)) السَلف بالتحريك كل من مضى وتقدم من الآباء والقرابات وغيرها، يقال: سلف الشيء سالفاً أي مضى وقيل: السلف جمع سالف، ثم جمع على أسلاف، والخلف بالتحريك العوض والبدل وكل من يجيئ(3) بعد من مضى، إلاَّ أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر، يقال: خَلفُ صِدْق و خلف سوءٍ، والدین مايتعبد الله عز وجل به وأصله واحد، وإنما (تختلف)(4) بعض الأحكام باختلاف المصالح في الأزمان، وأفضت أي انتهت، والكرامة والكرم ضد اللوم، والمراد بكرامة الله النبوة، واصطفاء محمد (صلى الله عليه وآله) من بين الأنام لتبليغ الأحكام. (فأخرجهُ منْ أفضلِ المعادنِ منبتاً، وأعزِ الأروماتِ(5) مغرساً، منَ الشجرةِ التي صدعَ منهَا أنبياءهُ، وانتجب منهَا أمناءهُ) العدن الإقامة، يقال: عدن بالمكان بعدن

ص: 327


1- (منهم سلف) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 50، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 173
2- (سبحانه وتعالى) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 50، و نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 173
3- (تجيء) في ر، م، تصحيف
4- (مختلف) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
5- (الاومات) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 50

کیضرب إذا قام به ولزمه، ومعدن كل شيء مركزه، ومنه جنة عدن [...](1) لأنَّها جنة اقامة، والمنبت کمجلس موضع [هكذا في النسخ التي عندنا وقال بعض الشارحين في أكثر النسخ، لما اراده الناس على البيعة ووجدتها في بعضها ادارة الناس على البيعة، يعني بتقديم الدال فمن روى الاول جعل على متعلقه بمحذوف تقديره موفقاً، ومن روى الثاني جعلها متعلقه بالفعل الظاهر نفسه، يقول: ادرت فلاناً على كذا أي عالجته، دعوني والتمسوا غيري فانا مستقبلون امراً له وجوه والوان](2) النبت(3) ويكون مصدراً كالمقام وهو شاذ، والقياس فتح العين، والأرومة كالاكولة (الأصل)(4) وغرس الشجر کضرب اثبته في الأرض، والمغرس بالكسر موضع [و](5) مصدر، والصدع في الأصل / ظ 128/ شق الشيء الصلب وهو يستلزم ظهور شيء تحته، وانتجب أي اختار، قيل: المراد بأفضل المعادن طينة النبوة، وقيل: مكة، شرفها الله عز وجل، وقيل قبيلته وعشيرته، وروى عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال إنَّ الله اصطفى من العرب معداً، واصطفى من معد بني النضر بن كنانة،

ص: 328


1- [عدن] مكررة زائدة في ث
2- [هكذا في النسخ التي عندنا وقال بعض الشارحين في أكثر النسخ، لما اراده الناس على البيعة ووجدتها في بعضها ادارة الناس على البيعة، يعني بتقديم الدال فمن روی الاول جعل على متعلقه بمحذوف تقديره موفقاً، ومن روى الثاني جعلها متعلقه بالفعل الظاهر نفسه، يقول: ادرت فلاناً على كذا أي عالجته، دعوني والتمسوا غيري فانا مستقبلون امراً له وجوه والوانا زيادة في ث
3- (البنت) في ث، ح، ر، تصحيف
4- لسان العرب، مادة (أرم): 12 / 14
5- [و] ساقطة من ر

وإنه اصطفی هاشمآً من بني النضر، واصطفاني من بني هاشم(1)، ولعل المراد من الشجرة طينة النبوة ومن المعدن و الأرومة البيت والعشيرة، أو الصنف الأشرف من أصناف الأنبياء فيكونان أخص من الشجرة أو المعدن مكة، والأرومة أحد الأمرين، ويمكن أن يجعل الشجرة(2) أخص، ويراد بها إبراهيم (عليه السلام) إلا إنَّه يستلزم التخصيص في الأنبياء والأمناء والله تعالى يعلم أمناؤه من أئتمنه على تبليغ الرسالة، أو الأوصياء والأئمة عليهم (عليهم السلام) لاتحاد أصل الطينة أو الأعم فيكون من ذكر العام بعد الخاص، (عترتهُ خيرُ العترِ، وأسرتُهُ خيرُ الأُسرِ، وشجرتُهُ خيرُ الشجرِ، نبتتْ في حرمٍ، وبسقتْ(3) في كرمٍ، لها فروعٌ طوالٌ، وثمرةٌ لا تنال(4)) عترة الرجل أخص أقاربه و (عن ابن الإعرابي أنَّ (العترة) ولد الرجل وذریته وعقبه من صلبه ولا تعرف العرب غير ذلك)(5)، وقال ابن الأثير: المشهور المعروف أن عترة النبي (صلى الله عليه وآله) أهل بيته الذين حرمت عليهم الزكاة(6)، والصحيح ما حكاه عن البعض من أنَّ المراد أولاده، وعلي وأولاده (عليهم السلام) والأسرة العشيرة وأهل البيت لأنَّ الرجل يتقوى بهم من الأسر

ص: 329


1- قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم): (أنَّ الله اصطفی کنانة من ولد إسماعيل، واصطفی قریشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) صحیح مسلم: 7 / 58، وسنن الترمذي: 5 / 245، والجامع الصغیر: 1 / 256
2- (سبقت) في ث، ع، تحریف
3- (الشجر) في أ، ع، تحریف
4- (وثمر لا يُنال) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 50، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 174
5- المصباح المنير: 2 / 391
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 177

بمعنی: (القوة)(1) والعترة أخص من الأسرة، والظاهر أن المراد بالشجرة أما إبراهيم (عليه السلام)، أو هاشم، أو نفسه (صلى الله عليه وآله) على الاضافة البيانية، والحرم مكة، وجوز بعض الشارحين(2) أن يراد به حرم العزّ والمنعة، والباسق المرتفع في علوه، ويقال: بسق النخل بسوقاً إذا طال(3) والمراد بالفروع والثمر أهل البيت والأئمة (عليهم السلام) الذين لا يتيسر الأحد أن ينال مآثرهم و(مفاخرهم)(4) ويصل إلى درجاتهم أو إلى معرفة شأنهم وحقيقة أسرارهم، أو المراد بالفروع الآباء والأقارب وبالثمر الرسول (صلی الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) على بعض الوجوه في الشجرة (فهو إمامُ منْ اتقَى، وبصيرةُ منْ اهتدَى، سراجٌ لَمعَ ضوْءهُ، وشهابٌ سطعَ نورهُ، وزندٌ برقَ لمعهُ) الإمام من يؤتم به أي يقتدي به، والبصيرة العلم والخبرة، وسطع(5) الصبح والغبار والبرق والرائحة أي ارتفع، والزَند بالفتح العود الذي تقدح به النار أي يوري(6)، والسفلى زندة فيها ثقب وهي الأنثى، وإذا اجتمعا قيل: زندان ولا يقال: زندتان تغليباً للتذكير، وبرق الشيء كقتل برقاً وبريقاً وبروقاً أي لمع (سيرتهُ القصدُ، وسنتهُ الرُّشدُ، و کلامهُ الفصلُ، وحكمهُ العدلُ، أرسلهُ على حينِ فترةٍ منَ الرسلِ، وهفوةٍ عنْ العملِ، وغباوةٍ منَ الأممَ) السيرة الطريقة، والقصد استقامة الطريقة وضد الافراط، والسنة

ص: 330


1- لسان العرب، مادة (أسر): 4 / 20
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 51
3- ينظر: الصحاح، مادة (بسق): 4 / 1450
4- (مفاحرهم) في ح، تصحيف
5- (سطح) في م، تحریف
6- (توري) في ح تصحيف

الطريقة، والسيرة والرشد خلاف الغي، والفصل الفاصل بين الحق والباطل قال الله تعالى: «إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ»(1)، وقيل: الفصل الحق من القول، والفترة ما بين الرسولين من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة والهفوة الزلة والاسراع، وهفا(2) الطائر إذا طار، وهفت الريح إذا هبت، والغباوة(3) الجهل وقلة الفطنة (اعملوا - رحمكمُ اللهُ - على أعلامٍ بينةٍ، فالطَّريقُ نهجٌ يدعو إلى دارِ السلام، وأنتمْ فِي دارِ مستعتبٍ علَى مهلٍ وفراغٍ، والصحفُ منشورةٌ، والأقلامُ جاريةٌ، والأبدانُ صحيحةٌ، والألسنُ مطلقةٌ، والتوبةُ مسموعةٌ، والأعمالُ مقبولةٌ) العلم بالتحريك مايهتدي به من (جبل)(4) ونحوه والمراد ما يهتدي به الى طرق النجاة واعملوا على أعلام أي ملتزمين بها كأنَّها مرکب يحملكم(5) إلى مقاصدكم، والفاء للتعليل وكان في نسخ الشارحين، والطريق نهج بالواو الحالية، والنَهج بالفتح الواضح، والسَّلام(6) في الأصل السَّلامة، تقول(7): سلم كعلم سلاماً وسلامة، ومنه قيل للجنة دار السَّلام؛ لأنهَّا دار / و 129 / السَّلامة من الآفات، والاستعتاب طلب العتبی أي الرضا بالرجوع عن الأساءة، والظاهر أنَّ المستعتب مصدر، ويحتمل المكان، والمهل بالتحريك السكينة والرفق، وأمهله إذا رفق به ومهله إذا أجله، والمراد بالفراغ الفراغ(8)

ص: 331


1- الطارق / 13
2- (هفاء) أ، ع، تحریف
3- (العناوة) في أ، ع، تحریف
4- (حبل) في أ، ث، ح، ر تصحيف
5- (بحملكم) في م، تصحيف
6- (السلم) في ر، تحریف
7- (يقول) في ث، ر، م، تصحيف
8- (الفراع) في أن تصحيف

عن(1) عوائق الموت وما بعده، و موانع العمل، والصحف صحف الأعمال، ونشرها ضد طيّها، والمراد کونها لم تطو بعد بانقضاء وقت العمل، والأقلام أقلام كتبه الأعمال، واطلاق الألسن عدم خرسها بثقل المرض وسكره الموت ومعاينة الأهوال.

ص: 332


1- (من) في ث، تحریف

المحتويات

ص: 333

ص: 334

[وَمِنْ كَلاَمٍ لُه (عَلَيْهِ السّلاَم)] قَالهُ لِمَروانِ بِن الحَكَم بِالْبَصرَة...7

[وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ (عَلَيْهِ السّلاَمُ) لمّا عَزَمُوا عَلى بِيعَة عُثمْانَ...10

[وَمِنْ کَلامٍ لَهُ (عَلَيْهِ السّلاَمُ) لَمّا بَلَغهُ اِتّهامُ بَني أُميَةَ لَهُ بِالمُشارَكةَ فِي دَمِ عُثمانَ...11

[وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلام)]...14

[وَمِنْ کَلاَمٍ لَهُ (عَلَیْهِ السَّلام)]...17

[وَمِنْ کَلِماتٍ کَانَ يَدعُو بِها (عَلَيْهِ السَّلام)]...19

[وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلام)] قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج...22

[وَمِنْ كَلاَمٍ لهُ (عَليهِ السَّلام)] بَعْدَ حَربِ الجَمل في ذمّ النِساء...51

[وَمِنْ کَلَامٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)]...52

[وَمِنْ كَلَامٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)] في صِفَةِ الدُّنيَا...53

[وَمِنْ خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)] عجيبة وفي بعض النسخ (تسمى الغراء)...55

[وَمِنْ كَلَام لَهُ (عَلَيهِ السَّلام) في ذكر عَمُرو بن العاص...123

[وَمِنْ خُطبَةِ لَهُ (عليهِ السَّلام)]...131

ص: 335

[وَمِنْ خُطبَةٍ لَهُ (عَليْهِ السَّلام)]...136

[وَمِنْ خُطبَةٍ لَهُ (عَليهِ السَّلام)]...146

[وَمِنْ خُطبَةٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلام)]...168

[وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلام)]...174

[وَمِنْ خُطبةٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلام)]...183

[وَمِنْ خَطْبةٍ لَهُ (عَلَيهِ السَّلام)] (تُعْرَف) بِخْطبةِ الأشْباحِ...192

[ومن كلام له (عليه السلام)] لمَّا أريد على البيعة بعد قتل عثمان...300

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...307

[و من خطبة له (عليه السلام)]...324

ص: 336

المجلد 4

هوية الکتاب

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية ببغداد 2980 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 : LC

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر: کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات کلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية ببغداد 2980 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 : LC

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر: کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات کلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 2

سلسلة تحقيق المخطوطات

وحدة تحقيق الشروحات

بهجة الحدائق

فی شرح

نهج البلاغة

لعلاء الدین محمد بن ابی تراب الحسنی کلستانه

المتوفي سنة 1110 ھ

الجزء الرابع

دراسة وتحقيق

م. د. غيداء كاظم السلامي

اصدار

مؤسسة علوم نهج البلاغة

في العتبة الحسينية المقدسة

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة

العتبة الحسينية المقدسة

الطبعة الأولى

1439 ه - 2018 م

العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام

مؤسسة علوم نهج البلاغة

هاتف: 07728243600 - 07815016633

الموقع الألكتروني:

www.inahj.org

الإيميل:

Info@lnahj.org

تنويه:

إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

«وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»

صدق الله العلي العظيم

سورة هود الآية 88

ص: 5

ص: 6

[(ومن خطبة له عليه السَّلام)]:

(بعثهُ والنَّاسُ ضلالٌ في حیرةٍ، وخابطون(1)في فتنةٍ، قداستهوتهم الأهواء واستزلتهم الكبرياء، واستخفتهم(2)[الجاهلية](3)الجهلاء) الواو للحال، والخابط من يمشي في الليل بغير مصباح فيتحير ويضل، وفي بعض النسخ (حاطبون)(4))(5)وهو تشبيه بمن يجمع الحطب، يقال: حاطب ليل لمن يجمع بين الخطأ والصواب، ويتكلم بالغث [والسمين](6)كما أنَّ حاطب(7)الليل لا يبصر ما يجمع في حبله، والهوى العشق يكون في الخير والشر وغلب استعماله في الميل المذموم، واستهواه الشيطان إذا ذهب به في المهاوي والمهالك، واستفعال من هوى(8) يهوى إذا ذهب، وقيل أي ذهب بهواه وعقله، وقال

ص: 7


1- (حاطبون) في أ، ع، تصحيف، وفي شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 53، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 175
2- (استخهم) في ث
3- [الجاهلية] ساقطة من ع
4- (خاطبون) في ر، م، تصحيف
5- (حاطبون) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 53، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 175
6- [السمين] ساقطة من ث
7- (خاطب) في م، تصحيف
8- (هو) في ر، تحریف

بعض الشارحين: استهوتهم الأهواء: أي دعتهم إلى أنفسها(1)، والزلل الزلق في طين أو منطق أو فعل، وأزاله غيره واستزله، والكبرياء التجبر والعظمة والرفعة في الشرّف أي جعلهم الميل الى العظمة والرفعة ذوی زلل وخطأ وفي بعض النسخ (واستزلهم الكبراء) بتذكير الفعل أي اضلتهم طاعة ساداتهم وأكابرهم كما قال عز وجل: «وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا»(2)، واستخفتهم أي حملتهم على الخفة(3)والطيش والجهل، والجاهلية الحالة التي كانت العرب عليها قبل الإسلام کما تقدم والوصف للتأكيد نحو ليل ألليَّل ووتد واتد وشعر شاعر (حيارى في زلزالٍ منْ الأمرِ، وبلاءٍ من الجهلِ فبالغَ (صلى الله عليه وآله) فِي النصيحة

ومضى على الطريقةِ، ودعا الى الحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ) الحَيارى بالفتح جمع حيران، والزَلزال بالفتح کما في النسخ مصدر (زلزلةَ)(4)وكذلك بالكسر، وقيل: بالفتح اسم وبالكسر مصدر، و(الزلزلة في الأصل: الحركة العظيمة والازعاج الشديد)(5)، والزلازل الشدائد، وفي بعض النسخ (بلبال) من الجهل وهو الهم، ووسوسة الصدر(6)والنصيحة ارادة الخير للمنصوح له،

ص: 8


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 53، وفيه: (استهوتهم الأهواء: أي دعتهم الى نفسها)
2- الأحزاب / 67
3- (الحفة) في ح، تصحيف
4- (زلزلزله) في ح
5- لسان العرب، مادة (زلل): 11 / 308
6- ينظر: تاج العروس، مادة (بلل): 14 / 66

وأصل النصح في اللغة (الخلوص)(1)، ومضى على الطريقة أي سلك سبيل الحق من غير عدول وانحراف، والحكمة الدليل الموضح للحق المزيح للشبهة، والموعظة الحسنة الكلمات المقنعة والعبر النافعة ولفظة الحسنة غير موجودة، وفي بعض النسخ والكلام اشاره الى قوله تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ»(2).

[ومن أخرى](3): (الحمدُ للهِ الأولِ فلَا شيءَ قبلهُ، والآخرِ فلَا شيءَ بعدهُ، والظاهرِ فلاَ شيءَ فوقهُ، والباطنِ فلاَ شيءَ دونهُ) يحتمل أن يكون المراد بنفي کون شيء قبله اثبات الأولية الحقيقية وسلب الاضافية، وذلك واضح سواء حمل القبلية على الزمانية، أو الذاتية، وأما البعدية فهو كذلك لو أريد به البقاء ذاتاً لكون بقائه سبحانه بنفس الذات بخلاف باقي الأشياء، ويحتمل أن يكون المراد في المقام نفي كون شيء قبله وبعده، لا نفي كونه معه زماناً، وإن صدق ذلك النفي في جانب القبلية، ويحتمل على القول بانعدام العالم بأسره قبل القيامة كما هو مذهب كثير من المتكلمين، وهو صريح کلامه (عليه السّلام) في الخطبة الجامعة لاصول العلم - كما سيجيء إن شاء الله تعالى - أن يكون المراد القبلية والبعدية باعتبار هذا الوجود، وإن كانت الأشياء معه زماناً باعتبار الوجود بعد الاعادة، ويحتمل أن يكون المراد على ما يقوله كثير من الحكماء والمتكلمين من أنه سبحانه لیس زمانياً نفي القبلية والبعدية والمعية الزمانيات والله تعالى يعلم، والظاهر أما بمعنى البين أي

ص: 9


1- المصدر نفسه، مادة (خلص): 4 / 231
2- النحل / 125
3- [ومن اخری] بیاض في ث، ر، م

الذي / ظ 129 / عرفت وجوده بطرق الاستدلال وآیات الأنفس والآفاق ولا شيء [بعده](1) فوقه، أي لا يواري وجوده شيء ولا يحجبه فالباطن بمعنی الخفي بكنه حقيقيته ولا شيء أخفى منه، وأما بمعنى الغالب أي الذي ظهر فوق كل شيء بقدرته وعلا عليه، والباطن الغائر في الأشياء بعلمه، وقال بعض الشارحين: الظاهر هاهنا العالم فلذلك حسن تأكيده بسلب فوقية الغير له(2)، والباطن العالم بمواطن الأمور فهو بهذا الاعتبار أقرب الأشياء اليها فلا شيء دونه أي أقرب اليها منه.

[منها في ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله)](3)(مستقرَّهُ خیُر مستقرٍ، ومنبتُهُ أشرفُ منبتٍ، فِي معادنِ الكرامةِ ومماهدِ السلامةِ، قدْ صرفتْ نحوهُ أفئدةُ الأبرارِ، وثنيتْ اليهِ أزَّمةُ(4)الأبصارِ) المستقر موضع الاستقرار، والمنِبت بالكسر وهو شاذ ولعل المراد بالمنبت مكة، وبالمستقر(5)(المدينة)(6)شرفهما الله تعالى، ويمكن أن يراد بالمنبت الصلب، وبالمستقر الرحم، وقال بعض الشارحين: (اشار بالمستقر الى مكة)(7)، قال: (ويحتمل أن يريد محلة من جود الله وعنايته)(8)، وعدن بالبلد يعدن ويعدن أي أقام، ومهده کمنعه بسطه، والمهد

ص: 10


1- [بعده] ساقطة من أ، ث، ر، م
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 400
3- [منها في ذکر رسول الله (صلى الله عليه وآله)] بياض في ث
4- (أزفة) في م، تحریف
5- (المستقر) في ح، ر، م
6- (مدينة) في ح، والسياق يقتضي التعريف
7- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 401
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 401

والمهاد الفراش، قال بعض الشارحين: (ولما قال: (معادن) قال بحكم القرينة والازدواج (مماهد) وإن لم يكن الواحد (ممهداً) كما قالوا: الغدايا والعشايا، ومأجورات ومأزورات(1)، ويعني بالسلامة البراءة من العيوب، أي في نسب طاهر غير معيب(2)، ويحتمل أن يراد بمعادن الكرامة ومحاهد السلامة مکارم الأخلاق، ومحاسن الآداب التي نشأ (صلى الله عليه وآله) عليها وهي الممهدة للسلامة من سخط الله عز وجل والأبرار الاخيار والمحسنون جمع بَر بالفتح وجمع البار برره، وصرف أفئدة الأبرار تعظيم له (صلى الله عليه وآله) وتوفيق لهم في الاستضاءة بأنوار هدايته وثنيت أي عطفت، والزِمام بالکسر ما يجعل في أنف البعير ليقاد به من الزم وهو الشد والمراد بالإبصار البصائر أو العيون لأنَ ذلك شأن العظماء (دفن به(3)الضغائنَ(4)، وأطفأَ بهِ النوائرَ(5)، ألفَ بهِ إخواناً، وفرَّقَ بِهِ أَقراناً، أعزَّ بِهِ الذِّلَّةَ، وأذلَّ بِهِ العزَّةِ، كلامُهُ بيانٌ وصمتهُ(6)لسانٌ) دفن أي ستر وواری، والضغينة والضغن الحقد، وفي الكلام اشعار بأنَّ الحقد لا يزول بسهولة، وإنَّما يختفي(7) ويستتر، وقد اختفت أحقاد أهل الجاهلية وغيرهم بزواجز الشريعة، وإن كانت تبرز أحياناً، وطفئت النار کسمع ذهب

ص: 11


1- (ماذورات) في ح، م، تحریف
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 55
3- (دفن الله به) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 55، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 176
4- (الصغائن) في ث، تصحيف
5- (الثوائر) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 176
6- (صمته) في ر
7- (يحتفي) في أ، ث، ر، تصحيف

لهبها، والنائرة (العداوة)(1)(والشحناء مشتقه من النار)(2)، ونائرة الفتنة هيجها ونارت الفتنة تنور إذا انتشرت، واطفاء النائرة تسكين الشر والفتنة، وألف بينهم أي أوقع الألفة بينهم والمراد بالإخوان(3)المتحابون(4)بذلك(5)التأليف، وإن تباعدوا قبله، قال الله عز وجل: «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا»(6)ويحتمل أن يكون المراد تألیف المتباغضين من الاخوان بالأمر(7)بصلة الرحم والمواعظ البالغة والمتفارقين من الأحباب بالأمر بالتواد فالوصف باعتبار الماضي والظاهر أن الأقران جمع قِرن بالكسر وهو الكفؤ والنظير وأكثر ما يستعمل في الكفؤ في الشجاعة والحرب، والذلة ذلة الاسلام وأهله، والعزة عزة الشرك وأهله أي أعز به الإسلام وأذل به الشرك كما ذكره بعض الشارحين، ويحتمل أن يكون المعنى أعز به كثيراً من الأذلة بين القوم بسبب الفقر ودناءة النسب، فإنَّ العزة في الإسلام بالتقوی کما قال عز وجل: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»(8)، وأذل به كثيراً من الأغنياء والرؤساء وغيرهم وكلامه بیان أي مبين لما انغلق من الأحكام وصمته لسان لأَنَّه كان يعلم بسكوته أن ما سكت عنه مما لا ينبغي الخوض فيه وتركه أحرى، أو لأنَّ سكوته عن فعل القوم وعدم انکاره کان دليلاً على الإباحة.

ص: 12


1- (العدالة) في ح، تحریف
2- المصباح المنير، مادة (نور): 2 / 630
3- (بالاخواز) في ر، تصحيف
4- (المتجابون) في ر، تصحيف
5- (بدلك) في م، تصحيف
6- ال عمران / 103
7- (الامر) في ع
8- الحجرات / 13

[ومن كلام / و130 / له (عليه السَّلام):]

(ولئنْ أمهلَ اللهُ الظالمَ فلنْ يفوتَ أخذهُ، وهوَ لهَ بالمرصادِ، علَى مجازِ طريقهِ، وبموضعِ الشَّجَى منْ مساغِ ريقِه) أمهلته إمهالا أخرت طلبه وانظرته ومهلته تمهیلاً مثله قال الله عز وجل: «فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا»(1)وفات الشيء فوتاً وفواتاً والأصل فات وقت فعله ومنه (فاتت)(2)الصلاة إذا خرج وقتها وفاته الأمر ذهب عنه، والأخذ التناول والعقوبة والإيقاع بالشخص وأخذه في أكثر النسخ مرفوع فيكون فاعلاً للفعل على الاستعمال الأول، وقال بعض الشارحين: (المفعول محذوف تقديره: ((فلن يفوته)))(3)، ورصدت فلاناً كنصرته إذا قعدت له على الطريق ورقبته والمرصاد الطريق والمكان يرصد فيه العدو: «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ»(4)أي مراقبك فلا يخفى عليه شيء من أفعالك ولا تفوته، والمجاز موضع السير ومصدر، والشجي ما ينشب ويعترض في الحلق من عظم وغيره فلا ينفد فيه، وموضع الشجي هو الحلق ومساغ(5)ريقه موضع اساغته، (تقول)(6): اسغت الشراب أي أوصلته الى المعدة، وساغ الشراب نفسه سهل مدخله في الحلق، وسغت الشراب

ص: 13


1- الطارق / 17
2- (فات) في ث، ح، تحریف
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 58
4- الفجر / 14
5- (ساغ) في ح، تحریف
6- (يقول) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه

يتعدى ولا يتعدی، قاله بعض الشارحين(1)، ويحتمل أن يكون المعنى منزلته منزلة الشجي من موضع السوغ أو السوغ، والغرض أنَّه يأخذه إذا شاء أخذ عزيز مقتدر والكلام تهديد لأهل الشام وتثبيت لقلوب الأصحاب برجاء الظفر، أو تعريض للأصحاب ويناسبه قوله (عليه السّلام): بعد ذلك أخاف ظلم رعيتي (أمَّا والَّذِي نفسِيِ بيدهِ، ليظهرنَّ هؤلاءِ القومُ عليكُم، ليسَ لأنَّهمْ

أولى بالحقِّ منكمْ، ولكنْ لإسراعهمْ الى باطلِ صاحبهمْ(2)وإبطائكمْ(3)، ولقدْ أصبحتِ الأممُ تخافُ ظلمَ رعاتِهَا، وأصبحتُ أخافُ ظلمَ رعيتِي) ظهر عليه أي غلبه، وباطل صاحبه أمر معاوية وطاعته، وفي بعض النسخ (باطلهم) موضع باطل صاحبهم أي طريقتهم وطاعة سلطانهم وراعي القوم من ولي أمرهم اسم فاعل من رعیته إذا حفظته والقوم رعيته، (استنفرتُكُمْ للجهادِ فلمْ تنفرُوا، وأسمعتكمْ فلمْ تسمعُوا، ودعوتكُمْ سِراً وجَهراً فلمْ تستجيبُوا، ونصحتُ لكمْ فلمْ تقبلُوا. شهودٌ كغيابِ، وعبيدٌ كأربابِ) الاستنفار الاستنجاد والاستنصار، ونفر کضرب كما في النسخ، وفي لغته كنصر، ونفر الى الشيء إذا أسرع ودعوتهم سراً دعوة كلّ لا بمحضر أصحابه على رؤوس الاشهاد، والنصيحة ارادة الخير للمنصوح له، وشهده کسمعه حضر فهو شاهد والجمع شهود وشهد والهمزة غير موجودة، وفي بعض النسخ وكونهم کالغياب لعدم السماع والانتفاع، وكونهم عبيدا؛ لأنَّ شأنَّ الرعية الطاعة

ص: 14


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 58
2- (باطلهم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 55
3- (وإبطائكم عن حقي) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 57، في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 177

والانقياد وهم کالأرباب في الاستكبار وترك الطاعة والرب المالك والسّيد، وقال بعض الشارحين: يريد أنَّ أخلاقهم أخلاق العبيد من الخلاف، ودناءة الأنفس، وفيهم مع ذلك كبر السادات، والأرباب وتيههم، فقد جمعوا خصال السوء كلها(1)، (أتلُوا عليكمُ الحكمَ فتنفرونَ منهَا، وأعظكمْ بالموعظةِ البالغةِ فتتفرَّقونَ عنهَا، وأحثكُمْ عَلى جهادِ أهلِ البَغي فمَا آتِى عى آخرِ قولِي حتَّى أراكمْ متفرقینَ أيادِي سَبَا. ترجعونَ الى مجالسكمْ، وتتخادعون عنْ مواعظكُم) في بعض النسخ (الحكمة) بإفراد اللفظ، والمراد بالحكمة الكلام النافع لهم في معاشهم ومعادهم وكل كلام حق، والوعظ النصح والتذكير بالعواقب والبالغة الجيدة الكافية لأهلها، والحث الحضّ(2)و (التحريض)(3)، و(4)البغي الظلم والعدول عن الحق، والمراد بأهل البغي أهل الشام، وأيادي سبا وكذلك [...](5)(أيدي سبا)(6)مثل يضرب للمتفرقين وهما اسمان جعلا [اسماً](7) واحداً مثل: معدی کرب ولا يقع إلاَّ حالًا ذكره الجوهري(8)، وسبأ في الأصل أبو عرب اليمن كلها وهو ابن يشجب(9)بن يعرب بن قحطان

ص: 15


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 61
2- (الخص) في أ، تصحيف
3- (التحريص) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تحريف، والصواب ما اثبتناه
4- (أو) في أ، ع
5- [و] زائدة في أ
6- مجمع الأمثال: 1 / 287
7- [اسمًا] زيادة يقتضيها السياق
8- ينظر: الصحاح، مادة (سبي): 9 / 2371
9- (بشحب) في ث، وفي ع: (يشحب)، تصحيف

[وهو](1)في الأصل مهموز يصرف ولا يصرف وتسمى به القبيلة والبلد، وروي انَّه سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن سبأ أرجل أم امرأة، فقال: هو رجل من العرب ولد عشرة / ظ 130 / يتأمن منهم ستة، وتشأم منهم أربعة فأما الذّين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعرون وانمار وحمير(2)، فقال رجل من القوم: ما أنمار؟ فقال الذّين منهم خثعم وبجيلة وأما الذّين تشأموا فعاملة وجذام ولخم وغسان وقد تفرق أولاد الرّجل أشد تفرق فيضرب بهم المثل كما قال عزّ وجلّ: «فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ»(3)، وقصة تفرقهم مذكورة في مجمع البيان(4) وغيره، وقال الشيخ الرضي: (الأيدي كناية عن الأبناء والأسرة؛ لأنهم في التقوى والبطش بهم بمنزلة الأيدي، ويجوز أن يكون في الأصل انتصابه على الحال على حذف المضاف، وهو (مثل) ويجوز أن يكون (على)(5)المصدر والتقدير: مثل تفرق أيدي سبا والزم ياء (أيدي) السكون، وسکن همزة سبأ، ثم قلبت الفاً، وقد يستعمل: أيدي سبأ بالتنوين، فيكون أيدي، وأيادي مضافين الى سبأ، لكن يلزم سکون یائهما(6)وقلب همزة سبأ)(7)، وقال بعض الشارحين(8): (تخادعون)(9)

ص: 16


1- [وهو] ساقطة من ح
2- (خمیر) في أ
3- سبأ / 19
4- ينظر: مجمع البيان: 8 / 209
5- (على) خرم في ح
6- (بائهما) في ث، م، تصحیف
7- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 3 / 141، 142
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 61
9- (تخادعون) طمس في ح

عن مواعظكم أي تمسكون عن الاتعاظ والانزجار، وتقلعون عن ذلك من قولهم كاد فلان أن يعطي ثم خدع (أي أمسك(1)وأقلع ويجوز أن يريد تتلونون وتختلفون في قبول الموعظة، من قولهم: خلق فلان خلق خادع، أي متلوّن (وسوق)(2)خادعة أي مختلفة متلونة، ولا يجوز أن يراد باللفظة المعنى المشهور منها؛ لأنَّه إنَّما يقال: فلان يتخادع(3)لفلان، (إذا كان)(4)يريه انَّه منخدع له وليس بمنخدع في الحقيقية، وهذا لا يطابق معنى الكلام. انتهى، وفيه تأمل، وقال بعضهم: لما كانت)(5)المخادعة)(6)هي الاستغفال عن المصلحة، قال يتخادعون: أي أنهم إذا رجعوا عن مجلس وعظه أخذ كل منهم يستغفل (صاحبه)(7)عن تذكر الموعظة ويشغله(8)بغير ذلك من الأحاديث وإن لم يكن عن قصد خداع بل (تقع)(9)منهم صورة المخادعة(10)(ولعله)(11)، يمكن أن يكون المراد إذا رأى أحد من صاحبه الميل الى قبول الموعظة والرغبة الى الجهاد ختله وصرفه (عن عزمه)(12)بالخديعة من المعنى

ص: 17


1- (أي أمسك) طمس في ح
2- (وسوق) طمس في ح
3- (ينخادع) في أ، ر، وفي ع: (يخادع)
4- (إذا كان) طمس في ح
5- (كانت) طمس في ح، وفي أ: (كان)
6- (المخادعة) طمس في ح
7- (صاحبه) طمس في ح
8- (تشغله) في م، تصحيف
9- (يقع) في أ، ث، ح، تصحیف، وفي ر: (نقع)
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 313
11- (ولعله) طمس في ح
12- (عن عزمه) طمس في ح

المشهور وهو الختل وارادة المكروه بالغير من حيث لا يعلم والله تعالى يعلم (أقوِّمكمْ(1)(غدوةً)(2)وترجعونَ إلَّي عشيةً؛ كظهرِ الحنيةِ(3)عجزَ المُقوِّمُ، وأعضلَ المُقوَّمُ) قومت الشيء أي عدلته فهو قویم (ومستقیم)(4)، والغُدوة بالضم ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس، والعشي والعشية من صلاة المغرب الى (صلاة)(5)العتمة، وقيل: آخر النهار، وقيل: من زوال الشمس الى الصباح، والحنية على فعيلة (القوس)(6)، والحني القسي (وحناه)(7)يحنيه أي عطفه، ويحنوء(8)لغة، وأعضل الأمر، وأعضل بي على صيغة المعلوم إذا اشتد، ومنه قول عمر: (أعوذ بالله من كل (معضلة)(9)وليس لها أبو حسن)، وقول معاوية وقد جاءته مسألة مشكلة: (معضلة ولا أبا حسن) ذكرهما في النهاية(10). ([أيهَّا](11)[القومُ](12)الشاهدةُ أبدانهمْ، الغائبةُ عنهمْ عقولهمْ، المختلفةُ أهواؤهمْ، المبتلى بهمْ أمراؤهُم، صاحبكمْ (يطيعُ)(13)اللهَ

ص: 18


1- (اقدمكم) في ث، تحریف
2- (غدوه) طمس في ح
3- (الجنة) في ر، تحریف
4- (والمستقيم) طمس في ح
5- (صلاة) طمس في ح
6- العين، مادة (حنو): 3 / 302
7- (وحناه) طمس في ح
8- (يحنوه) في أ، ح، ع، تحریف
9- (معضلة) طمس في ح
10- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 254، وفيه: (... وليس لها أبو حسن)
11- [أيها] ساقطة من ث، طمس في ح
12- [القوم] ساقطة من أ، ث، ح، ر، ع، م
13- (يطيع) طمس في ح

وأنتمْ تعصونَهُ، وصاحبُ أهلَ الشامِ يعصي اللهَ وهمْ يطيعونَهُ، لوددتُ واللهِ أنَّ معاويةَ صارفني (بكمْ صرفَ)(1)الدنيا بالدرهمْ، فأخذَ منِّي عشرةٍ منكمْ وأعطانِي رجلاً منهمْ)، الشهود الحضور وغيبه عقولهم تركهم (العمل)(2)بما يقتضيه عقولهم لو خلوها وطباعها أو انطفاء نورها باتباع الأهواء والشهوات فعبر عن الوجود (بالقوة بالغيبة)(3)و(4)الغيبة عبارة عن العدم، والهوى ارادة النفس وميلها الى شيء، وصرفت الذهب بالدراهم أي بعته، وقيل: (الصرف فضّلَّ)(5)الدرهم على الدرهم في الجودة، واسم الفاعل صيرفي وصيرف وصراف للمبالغة.

(يا أهلَ الكوفةِ منيتُ (منكمْ بثلاثٍ)(6)واثنتیِنِ، صمٌّ ذَوُو اسماعٍ، وبكمٌ ذوو كلامٍ، وعمىٌ ذوو أبصارٍ، لا أحرارُ صدقٍ عندَ (اللِّقاءِ)(7)، ولَا إخوانُ ثقةٍ عندَ البلاءِ، تَرِبَتْ(8)أيديكمْ! يا أشباهَ الإبلِ، غابَ عنهَا رعاتَهُا! كُلُّما جمُعتْ من جانبٍ (تفرقتْ)(9)من آخرَ) مني فلان بكذا على صيغة المجهول أي / و131 / ابتلى به، ولكذا أي وفق وتفريق الخصال الثلاث لشدة (التناسب

ص: 19


1- (بکم صرف) طمس في ح
2- (العمل) طمس في ح
3- (بالقوة بالغيبة) طمس في ح
4- (و) في أ، ث، ح، ع، م
5- (الصرف فضل) طمس في ح
6- (منکم بثلاث) طمس في ح
7- (اللقاء) طمس في ح
8- (برثت) في أ، ع، تحریف
9- (تفرقت) طمس في ح

بینها)(1)، أو لأنها ايجابية على ما ذكره بعض الشارحین(2)وصممهم عدم استماعهم(3)الى الحق وعدم انتفاعهم بسماعه فكأنهم فاقد (الاله)(4)، وكذلك البكم والعمى والحُر بالضم خلاف العبد، والخيار من كل شيء والصِدق بالكسر الشدة، يقال: هو رجل صدق (وصديق)(5)صدق مضافين وكذلك امرأة صدق وحمار شدید، ولعله مأخوذ(6)من الصدق خلاف الكذب، كأنه صادق في (الرجولية)(7)والصداقة ونحوهما، والمراد باللقاء ملاقاة الأحباب أو لقاء العدو على ما حمله بعض الشارحين(8)، ووثق به (کورث)(9)ثقة وموثقاً ائتمنه، وترب الرجل كتعب أي افتقر كأنَّه لصق بالتراب وتربت يداك أي لا أصبت خيراً وكأنَّه دعاء (على)(10)المخاطب بالفقر والخسران حتی لا يكون في (يده)(11)إلَّا التراب وهو على الدعاء على ما ذكره الجوهري، وقال في النهاية: هذه الكلمة جارية على ألسنة العرب، لا يريدون بها الدعاء على المخاطب، ولا وقوع الأمر بها كما يقولون: قاتله الله، وقيل: معناه: لله

ص: 20


1- (التناسب بينها) طمس في ح
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 62
3- (اسماعهم) في م، تحریف
4- (الاله) طمس في ح
5- (صدیق) طمس في ح
6- (مأخود) في م، تصحيف
7- (الرجولية) طمس في ح
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 2 / 407
9- (کورث) طمس في ح
10- (على) طمس في ح
11- (بده) في ح، ر، تصحيف

درك)(1)، قال: (وكثيراً (ترد)(2)للعرب ألفاظ ظاهرها الذم، وإنَّما يريدون بها المدح كقولهم: لا أب لك ولا أم (لك)(3)وهوت أمه، ولا أرض لك ونحو ذلك)(4)، والأنسب بالمقام الدعاء وإن كان للمدح على وجه التلطف وجه (ورعاتها)(5)أي المواظبون عليها العارفون بشأنها فكلما جمعها غيرهم من جانب تفرقت من آخر لعدم انقيادها لهم، ((والله)(6)لكأني بكم فيما أخال أن لو حَمِسَ الوغى، وحمى الضرابُ، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قُبُلها، (إني)(7)لعلى بينةٍ من ربي، ومنهاج من نبيي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقُطُهُ لَقَطاً) كأن هاهنا للتقريب، قال المطرزي(8)في قولهم: كأني بك تنحط الأصل، كأني أبصرك تنحط، ثم حذف الفعل وزيدت الباء، ويحتمل

ص: 21


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 184، وفيه: (... ولا وقوع الامر به...)
2- (یرد) في أ، ث، ح، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
3- (لك) طمس في ح
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 184، 185
5- (ورعاتها) طمس في ح
6- (والله) طمس في ح
7- (أني) طمس في ح
8- ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي الخوارزمي، يكنى أبا الفتح ولد في جرجانية خوارزم، سنة (538 ه)، أديب نحوي عالم باللغة من فقهاء الحنفية، وشيخ المعتزلة، دخل بغداد حاجاً سنة (601 ه)، من مؤلفاته: الايضاح في شرح مقامات الحريري، والمصباح في النحو، والمغرب في ترتيب المعرب، ومختصر اصلاح المنطق لابن السكيت، والاقناع في اللغة، توفي في خوارزم سنة (610 ه)، ورُثِي بأكثر من ثلاثمائة قصيدة. ينظر: وفيات الاعيان: 5 / 369، 370، وسير أعلام النبلاء: 22 / 28، وفوات الوفيات: 2 / 541، وكشف الظنون: 2 / 1747، معجم المؤلفين: 13 / 71، والاعلام: 7 / 348

أن يكون (الباء)(1)[متعلق بملتصق ونحوه نحو به داء أو بمعنى في وحاصل المعنى اعلم تلك الحالة الاتية فيكم كمن شاهدها وعاينها](2)وخال الشيء يخال أي ظنه، وتقول: خِلت أخال بالكسر وهو أفصح وأكثر استعمالاً(3)، وأخَال بالفتح وهو القياس، ولغة بنى أسد(4)في النسخ وما مصدرية أي في ظني (وحَمِسَ)(5)كفرح أي (اشتد)(6)، والوغى (الصوت والجلبة)(7)، ويقال للحرب: وغي لما فيها من الأصوات والأواغي، وحمي النهار (والتنور)(8)كرضي أشتدّ حرهما، والضراب المضاربة بالسيف وأنفراجهم تفرقهم، والقُبل والقُبُل بضم وبضمتين نقيض (الدبر)(9)، قال بعض الشارحين: (تسليم المرأة لقبلها وانفراجها عنه وقت الولادة أو وقت الطَّعان)(10)والأظهر الأوَّل (و)(11)التشبيه في العجز والدناءة والغرض ارجاع(12)القوم الى الانفة والحمية وبينة الرّبّ آياته وحججه التامة الواضحة الفاصلة بين

ص: 22


1- (الباء) طمس في ح
2- [متعلق بملتصق ونحوه نحو به داء أو بمعنى في وحاصل المعنى اعلم تلك الحالة الاتية فيكم كمن شاهدها وعاينها] بياض في ح
3- (وحمس) طمس في ح
4- ينظر: لسان العرب، مادة (خال): 11 / 226
5- ينظر: لسان العرب، مادة (خال): 11 / 226
6- المصدر نفسه، مادة (حمس): 6 / 57
7- الصحاح، مادة (وغي): 6 / 2526
8- (والتنور) طمس في ح
9- (الدبر) طمس في ح
10- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 407
11- (و) طمس في ح
12- (ارحاء) في ع، تصحيف

الحق والباطل، والمنهاج وكذلك المنهج الطريق الواضح، ومنهاج النبي سنته وملته البيضاء(1)(و)(2)التنوين في البينة، والمنهاج للتعظيم، ولعل التعظيم يفيد شدة وضوح الحق عنده وكونه على يقين والغرض (من الكلام)(3)تنبيههم على الخطأ وفي تفرجهم وعدم انقيادهم له (عليه السَّلام)، ولقطه كنصره أخذه من الأرض ولعلَّ الغرض التنبيه على غلبة طرق الضلال وإنه يحتاج الاهتداء الى طريق الحق الى الاجتهاد والاهتمام حتى يتميز منهاج الحق عن طرق الضلال المتكثرة المتشتتة. وقال بعض الشارحين: يريد أنه يلتقط طريق الهدى من بين طرق الضلال كما يسلك الانسان طريقاً دقيقة، قد اكتنفتها الشوك والعوسج من جانبيها(4) كليهما، فهو يلتقط المنهج التقاطاً(5)، وفيه شيء.

(أنظرُوا أهلَ بيتِ نبيكمْ فالزمُوا سمتهمْ، واتبعُوا أثرهمْ، فلنْ يخرجوكمْ منْ هدًى، ولنْ يعيدوكمْ فِي ردىً، فإنْ لبدُوا فالبُدوا، وإنْ نهضُوا فانهضُوا، ولاَ

تسبقوهمْ فتضلُّوا، ولاَ تتأخرُوا عنهمْ فتهلكُوا.)(نظره)(6)كنصره ونظر اليه أي تأمله بعينه وهو على تشبيه المعقول بالمحسوس / ظ 131 / ،أو المراد باللفظ

ص: 23


1- (البصاء) في م، تحريف
2- (و) طمس في ح
3- (من الكلام) طمس في ح
4- (حانبيها) في م، تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 62
6- (نطره) في أ، ث، ر، ن، تصحيف

النظر(1)بعين القلب، ولزمه كعلمه إذا لم يفارقه، والسمت (الطريق)(2)وهيئة أهل الخير وأثر الشيء بقيته وعلامته ومنه أثر المشي في الأرض واتباع الأثر الاقتداء والطاعة والفاء للتعليل، والردى الهلاك والتعبير بالإعادة لأنَّ القوم كانوا في ضلالة، أو لأنَّ الضلالة مقتضى النفس، والهوى وفي الكلام تعريض بغير أهل البيت (عليهم السلام)، ولبد بالمكان كنصر إذا لزمه وأقام به، ومنه اللبد ككتف، وصرد لمن لا يبرح منزله ولا يطلب معاشاً، ونهض كمنع نهوضاً أي قام والمراد باللبود والنهوض القعود عن طلب الخلافة والقيام به على ما ذكره بعض الشارحين(3)أو الاعم والمراد بأهل البيت الائمة المعصومين (عليهم السلام) الذي أوصى الرسول (صلى الله عليه واله) بالتمسك بهم في حديث الثقلين وغيره والسبق عليهم طلب الخلافة لهم بغير أمرهم أو ارتكاب كل بدعة والتأخر عنهم مخالفة أمرهم وترك الاقتداء بهم وشأن المتقدم على الدليل في الأسفار الضلال كما أن عاقبة المتأخر عن القوم الهلاك بأيدي اللصوص وغير ذلك، (لقدْ رأيتُ أصحابَ محمدٍ (صلَّى اللهُ عليهِ واله) فمَا أرَى أحداً يشبههمْ(4)، لقدْ كانُوا يصبحونَ(5)شعثاً غبراً؛ قدْ(6)باتُوا سجداً وقياماً، يراوحونَ بینَ جباههمْ وخدودهِمْ، ويقفونَ عَلَى مثلِ الجمْر منْ ذكرِ

ص: 24


1- (النظر) في أ، تصحيف
2- القاموس المحيط، مادة (سمت): 1 / 150
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 408
4- (يشبههم منكم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 62، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 178
5- (يصيحون) في ع، تحريف
6- (وقد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 62، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 178

معادهمْ، كأنَّ بینَ أعينهمْ ركبَ المعزَى، منْ طولِ سجودهمْ) اشبهه وشابهه أي ماثلة، والأشعث الذي تشتت أمره وتفرق(1)، والأغبر الذي أشبه لونه لون الغبار،(2)والغبر بالتحريك (الأرض)(3)وكونهم شعثاً غبراً أما لفقرهم فيكون مدحاً لهم بالصبر على الفقر، أو لتركهم زينة الدنيا ولذاتها على ما ذكره بعض الشارحين(4) وينبغي التقييد بعدم القدرة أو التخصيص ببعض الأفراد أو لقشف العبادة وقيام الليل وصوم النهار وهجر الملاذ فتكون(5)الغبرة كناية عن صفرة اللون والأظهر الأول، وفي الحديث: ((رب أشعث أغبر ذي طمرين لايُؤبَهُ لهُ، لو أقسم على الله لأبرَّه))(6)ومن(7)أدركه الليل فقد(8)بات نام أو لم ينم، والسجد جمع ساجد كالقيام جمع قائم أو القيام مصدر أجرى مجراه، والتخصيص بالليل لكون العبادة فيه أحمز(9)وأبعد من الرئاء، والمراوحة بين (الجبهة)(10)والخد وضع كل على الأرض تارة حتى يستريح الآخر وكأنه يستريح وليس الغرض الاستراحة وذلك في سجدة الشكر، وإن كان وضع

ص: 25


1- ينظر: تاج العروس، مادة (شعث): 3 / 225
2- (العبر) في ع، تصحيف
3- تاج العروس، مادة (غبر): 7 / 288
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 2 / 408
5- (فيكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
6- المبسوط، السرخسي: 9 / 92، والنهاية في غريب الحديث والاثر: 5 / 147
7- (من) في ن، تحريف
8- (لقد) في ع، تحريف
9- (أخمز) في أ، وفي ث: (أحمد)، وفي ع: (أحمز)، وفي ر، م، ن: (أخمر)، تصحيف
10- (الجهة) في أ، ر، ن، تحريف

الجبهة(1)شاملًا لسجود الصلاة، والجمر بالفتح جمع جمرة بالتاء وهي النار المتقدة، ووقوفهم على مثل الجمر قلقهم واضطرابهم من خوف المعاد وعذاب النار، والمِعزى بكسر الميم خلاف الضأن من الغنم كالمعز والمراد بين أعينهم (جباههم)(2)العلاقة المجاورة أو الموضع حقيقة للإرغام به في السجود والأول أظهر (إذا ذكرَ اللهُ هملتْ أعينهمْ حتَّى تبلَّ جيوبهمْ، ومادُوا كمَا يميدُ(3)الشجرُ يومَ الريحِ العاصفِ، خوفاً منْ العقابِ، ورجاءً للثوابِ) هملت كضربت ونصرت أي سالت وفاضت(4)، وهملت السماء إذا دام مطرها في سكون(5)، والبِلة(6)بالكسر (النداوة)(7)، ويقال: بله بالماء كمد بلًا وبله، وجيب القميص ونحوه بالفتح طوقة، ومادوا أي تحركوا واضطربوا والشجر كل ماله ساق صلب يقوم به على الأرض كالنخل ونحوه والواحدة شجرة، والفعل مؤنث في كثير من النسخ، والريح العاصف والعاصفة الشديدة، وخوفاً أما مفعول له لقوله (عليه السلام) مادوا فقط فيكون سيلان العين للحب والشوق أو للفعلين جميعاً أو للجميع على بعد، ولعل فيه منافرة للإخلاص الكامل وقد تقدم الكلام في ذلك في شرح الخطبة الغراء.

ص: 26


1- (الجبهة) في ن، تصحيف
2- (حباههم) في أ، ر، ن، تصحيف
3- (تميد) في أ، ر، ع، م، ن، والانسب ما اثبتناه
4- ينظر: لسان العرب، مادة (همل): 11 / 710
5- ينظر: لسان العرب، مادة (همل): 11 / 710
6- (بالبلة) في م، تحريف
7- القاموس المحيط، مادة (بلل): 3 / 337

[ومن كلام له (علیه السلام)]

(واللهِ لاَيزالونَ حتَّى لاَ يدعُوا للهِ(1)محرماً إلاَّ استحلوهُ، وَلا عقداً إلاَّ حلوُه، وحتَّى لاَ يبقَى بيتُ مدرٍ ولاَ وبرٍ إلاَّ دخلهُ ظلمهمْ، ونبا بِهِ سوءُ رعتهمْ) الكلام في شرح حال بني أمية، وقال بعض الشارحين: تقدير الكلام: لايزالون / و132 / ظالمين، فحذف الخبر، وسدت (حتى) وما بعدها مسد الخبر، ولا يصح ما ذهب اليه بعض المفسرين من أن (زال) بمعنى تحرك وانتقل، فلا تكون(2)محتاجه الى الخبر بل تكون(3)تامة؛ لأنَّ تلك مستقبلها بالواو، ولا (تكون)(4)بالألف إلا ناقصة(5)، وحكى في القاموس عن أبي علي ((زال يزول ويزال قليلة))(6)، ولعل الأظهر على التقدير الأول تقدير مسلطين ونحو ذلك فيكون الكلام أخباراً ببقاء ملكهم الى أوان تحقق الأمور الآتية، وعلى ما ذكره يكون بياناً لغاية ظلمهم، والمحارم كل ما حرمه الله، وفي بعض النسخ (مُّحرماً) بضم الميم والتشديد ولا يدعو الله أي لا يتركوا، ويحتمل تعلق الظرف(7)بالمحرم، والمراد بالعقد ما أسسه الشرع لينتظم به أمر الخلق في معاشهم ومعادهم، والمدر بالتحريك (قطع الطين اليابس)(8)،

ص: 27


1- (الله) في م
2- (يكون) في أ، ث، ع، ر، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
3- (يكون) في أ، ث، ع، ر، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
4- (يكون) في أ، ث، ع، ر، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 64
6- القاموس المحيط، مادة (زال): 3 / 391
7- (الطرف) في أ، ن، تصحيف
8- لسان العرب، مادة (مدر): 5 / 162

وقيل: (العلك الذي لا رمل فيه)(1)، والعرب تسمي القرية مدره لأنَّ بنيانها غالباً من المدر، وفلان سيد مدرته أي قريته، والوَّبر بالتحريك للإبل كالصوف للغنم، والشعر للمعز والمراد شمول بغيهم لأهل البدو والحضر، ونبا(2)الشيء ينبو نبوّا أي بعد(3)، ونبا(4)الطبع عن الشيء نفر ونبا بفلان منزله إذا لم يوافقه وكذلك فراشه، والرِعة بكسر الراء اسم من قولك ورع الرّجل كورث ووجل، وراعته بالكسر وورعاً بالفتح وورعاً بالتحريك أي اتقى تقوى(5)، وسوء الرعة كناية عن ظلمهم، وفي بعض النسخ سوء رعيهم مصدر قولك رعاه(6)إذا حفظه، ومنه قيل للأمير والحاكم راعٍ لقيامه بتدبير الناس وسياستهم وهم رعيته ولعله أوضح.

(وحتَّى يقومَ الباكيانِ يبكيانِ: باكٍ يبكِي لدينهِ، وباكٍ يبكِي لدنياهُ، وحتَّى تكونَ نصرةُ أحدكمْ منْ أحدهمِ كنصرةِ العبدِ منْ سيدهِ، إذا شهدَ أطاعهُ، وإذا غابَ اغتابهُ(7)قيام الباكين لعموم ضررهم وشموله لدين الناس ودنياهم، والنصرة الاسم من قولك: نصره على عدوه، ونصرة أحدكم أيانتصاره وانتقامه، وقد تقدم قوله (عليه السلام) حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلا مثل انتصار العبد من ربه، والغرض عدم القدرة

ص: 28


1- المصدر نفسه، مادة (مدر): 5 / 162
2- (بناء) في أ
3- ينظر: تاج العروس، مادة (نبو): 20 / 215
4- (بنا) في أ، تصحيف
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ورع): 11 / 505
6- (رعاء) في م، تحريف
7- (اعتابه) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 64

على الانتقام إلاَّ بالاغتياب في المغيب، وقيل: المصدر مضاف الى المفعول في الموضعين، وتقدير الكلام: حتى تكون(1) نصرة أحد هؤلاء الولاة لأحدكم كنصرة العبد الشيء(2)الطريقة والمضاف محذوف في الموضوعين أي من جانب أحدهم ومن جانب سيده وفيه ما فيه، والاغتياب ذكر المرء بما يسوءه (وحتَّى يكونَ أعظمكمْ فيهَا عناءً(3)أحسنكمْ بالله ظناً، فإنَّ أتاكمُ اللهُ بعافيةٍ فاقبلُوا، وإنِ ابتليتمْ فاصبرُوا، فإنَّ العاقبةِ للمتقینَ) أعظمكم بالرفع في بعض النسخ، وفي بعضها بالنصب ورفع أحسنكم وهو أظهر، والضمير المؤنث راجع الى الدولة، أو الفتنة المفهومة من الكلام، والعناء التعب، والباء في بعافية للتعدية أي أتاكم عافية وقبولها الشكر عليها، والابتلاء في الأصل الامتحان والاختبار(4)، يقال: بلوته وابليته وابتليته، وعاقبة كل شيء آخره، والعاقبة للمتقين أي العاقبة الحسنة، أو المراد مطلق العاقبة، فإن ماله عاقبه سيئة كأنَّه منقطع من وسطه، والتقوى الاسم من قولك: اتقيت الشيء أي حذرته، وقال الله عز وجل: «إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ»(5)، وفي التعليل في كلامه (عليه السلام) دلالة على أنَّ الصبر على البلاء هو الركن الأعظم من أركان التقوى والله الموفق.

ص: 29


1- (يكون) في أ، ر، ن، تصحيف
2- (الشيء) في ث، ر، م، تصحيف
3- (غناءً) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 64
4- ينظر: لسان العرب، مادة (بلا): 14 / 84، وفي ث: (الاختيار) تصحيف
5- يوسف / 90

[ومن خطبة له (علیه السلام)]:

(نحمدهُ علَى مَا كانَ، ونستعينهُ منْ أمرنَا علَى مَا يكونُ، ونسألهُ المعافاةَ فِي الأديانِ، كمَا نسألهُ المعافاةَ(1)فِي الأبدانِ) المراد بالحمد هو الشكر والتخصيص؛ لأنَّ الشكر مترتب على الوقوع كما أن طلب العون يكون لما يكون، والعافية دفاع(2)الله عن العبد والسلامة، وعافاه الله من المكروه معافاة وعافية أي وهب له العافية من العلل والبلايا، / 132 / وقيل: المعافاة أن يعافيك الله تعالى من الناس ويعافيهم منك، والتشبيه لشدة اهتمام الجمهور وإن كان المشبه أهم عند أولى الألباب (أوصيكمْ بالرفضِ لهذهِ الدنيَا التاركةَ لكمْ وإنْ لمْ تحبُوا تركهَا، والمبليةِ لأجسامكمْ وإنْ كنتمْ تحبونَ تجديدهَا) أوصى فلاناً، ووصاه توصية أي عهد إليه وذكره تذكيراً وأمره، والاسم الوصية والوصاية بالفتح، والرفض الترك والتاركة فاعلة للمستقبل أو شاملة للأوقات فأن زوال كل لذة ونعمة فرد من أفراد الترك والاضافة الى ضمير الدنيا من اضافة المصدر الى المفعول، أي لا تحبكم الدنيا مع حبكم إياها، ولا يعاملكم بما يقتضيه حبكم إياها، أو الى الفاعل، أي يترككم البتة وإن كنتم كارهين ولا يبالي بسخطكم ولاريب أن الأحرى ترك محبوب شأنه ذلك، وقال بعض الشارحين: من أكبر المصالح ترك محبوب لابد من مفارقته تركاً باستدراج النفس واستغفالها كيلا يقدحها(3)مفارقته دفعه مع تمكن محبته

ص: 30


1- (المعاة) في م، تحريف
2- (فادع) في ر، م، تحريف
3- (يفدحها) في أ، ث، ع، تصحيف

من جوهرها فيبقی کمن نقل الى موضع(1)ظلماني شديد(2)الظلمة(3)وبِلي الثوب کرضي بِلي بالكسر والقصر وبلاء بالفتح والمد خلق وأبلاه اخلقه والابلاء(4)في القبر وبعد الموت أو شامل لتوابع(5)الامراض والهرم وكرور الايام، وفي بعض النسخ لأجسادكم والاضافة في تجديدها کترکها (فإنَّما مثلكمْ ومثلهَا كسفرٍ سلكُوا سبيلاً، فكأنَّهم قدْ قطعوُه، وأمُّوا علماً فكأنهمْ قدْ بلغوُه. وكمْ عسّى المجرِى الى الغايةِ أنْ يجريَ اليهَا حتَّى يبلغهَا! ومَا عسَى

أنْ يكونَ بقاءُ منْ لهُ يومٍ لا يعدوُهُ، وطالبٌ حثيثٌ يحدوهُ(6)فِي الدنيا(7)حتَّى يفارقها(8)) الفاء للتعليل وما بعدها علة لكون الدنيا تارکه لهم وحقيقاً بالرفض، وفي بعض النسخ (وإنما) بالواو، والمثل بالتحريك في الأصل بمعنی النظير، ثم استعير لكل صفة وحال أو قصة لها غرابة وشأن، والسَفر بالفتح جمع سافر کرکب وراكب، والغرض تشبیه حالهم بالمسافرين وحال الدنيا بالسبيل في قرب انقضاء السفر والوصول الى الغاية، فكأنهم في حال كونهم غير قاطعين للسبيل قاطعون له لشدة قرب احدى الحالتين من الأخرى،

ص: 31


1- (مرضع) في ث، تحریف، وفي ر: (الموضع)
2- (لشديد) في ر
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 3، 4
4- (والابلاه) في ر، تحریف
5- (التوابع) في أ
6- (يحدوه ومزعج) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 66، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 180
7- (في الدنيا عن الدنيا) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 66
8- (يفارقها رغمًا) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 66، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 180

وأموا أي قصدوا، والعلم بالتحريك المنار والجبل في الطريق يهتدي به، وكم عسى وما عسی استفهام في معنى التحقير لمدة الجري والبقاء والغاية نهاية السير، واجراء الفرس ارساله وحمله على السير، وعدا الأمر وعنه أي جاوزه وتركه، والحثيث المسرع الحريص(1)والطالب الحثيث هو الموت وأسبابه، وحدوته(2) على السير أي حثثته وبعثته عليه ومنه الحداء للغناء المعروف للإبل (فلاَ تنافسُوا فِي عزِّ الدنيَا وفخرهَا، ولاَ تعجبُوا بزينتهَا ونعيمهَا، ولا تجزعُوا منْ ضرائهَا وبؤسهَا، فإنَّ عزَّها وفخرَها(3)الیَ انقطاعٍ، [وإن](4)زينتهَا ونعيمهَا الَی زوالٍ وضراءهَا وبؤسهَا الى نفادٍ، وكلُّ مدةٍ فيهَا الَی انتهاءٍ، وكلُّ

حيٍّ فيهَا الَی فناءٍ) المنافسة الرغبة في الشيء والانفراد به لنفاسته وجودته في نوعه ومن لوازم المنافسة المحاسدة والمباغظة، وفي بعض النسخ (تَنَافَسوا) على صيغة التفاعل، وحاصل المعنى واحد، وعجب بالشيء كعلم إذا عظم موقعه عنده وعده عجيباً، والجَزَعُ محركة نقيض الصبر، والضراء الحالة التي تضر، وهي نقيض السراء التي تسر وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما(5)ويراد بالضراء الزمان والشدة(6)، وكل ضرر في الأموال والأنفس وبئس الرجل کسمع بُؤساً بالضم إذا اشتدت حاجته ومتعلق الظروف راجع وائل ونحو ذلك، والنفاد الفناء والذهاب، يقال: نفد کسمع، (أوَ ليسَ لكمْ فِي آثارِ الأولينَ

ص: 32


1- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (حث): 2 / 29
2- (وحدوته) في ح، ع، ن تصحيف
3- (فخرها وعزها) في م
4- [وإن] غير موجوده في من شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 66
5- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 82
6- ينظر: لسان العرب، مادة (ضرر): 4 / 483

مزدجرٌ، وفِي آبائكمُ الماضيين(1)تبصرةٌ(2)ومعتبرٌ؛ إنْ كنتمْ تعقلونَ! أوَلْم ترُوا الى

الماضيینَ منكمْ لاَ يرجعونَ، والَی الخلفِ الباقي(3)لَا يبقونَ!)الأثر محركة بقية الشيء(4)وعلامته، و133 / ونقل الحديث والأثر على صيغة الفاعل المخبر، والمقام يحتمل الوجوه، والزجر المنع والنهي يقال: زجره وازدجره فأنزجر وازدجر والمزدجر[...](5)يحتمل المكان والمصدر، والكلمة غير موجودة في كثير من النسخ فالخبر تبصره ومعتبر، والتبصرة مصدر بصره تبصيراً، أي جعله بصيراً، وعرفه وأوضحه، والمعتبر يحتمل المكان أي موضع الاعتبار والمصدر وهو أنسب والاعتبار الاتعاظ قال الله تعالى: «فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ»(6)، والعبرة اسم منه، قال الخليل: العبرة والاعتبار بما مضى(7)أي التذكر والاتعاظ ويكون العبرة والاعتبار بمعنى الاعتداد بالشيء في ترتيب الحكم، والخَلَف بالتحريك كما في النسخ، وكذلك بالتسكين كل ((من يجيء بعد من مضى إلاَّ أنه بالتحريك في الخير(8)وبالتسكين في الشر، يقال: خلَف صدق، وخلْف سوء))(9)، وفي المقام أعم، ويكون بالتحريك بمعنى العوض

ص: 33


1- (الاولين) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 66
2- (نبصرة) في ر، تصحيف
3- (الباقين) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 66، وشرح نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 181
4- (السيء) في ع، تصحيف
5- [والمراد] زائدة في ر
6- الحشر / 2
7- ينظر: العين، مادة (عبر): 2 / 129
8- (الخبر) في ر، تصحيف
9- مجمع البحرین، (خلف): 5 / 52

والبدل ولا يبقون أي دائما (أوَلستمْ ترونَ أهلَ الدنْيا يمسونَ ويصبحونَ علَى

أحوالِ شتَّى: فميتٌ يُبكَى وآخر يعزَّى(1)، وصريعٌ مبتلًى، وعائدٌ يعودُ، وآخرُ بنفسهِ يجودَ، وطالبٌ للدنْيا والموتُ يطلبهُ، وغافلٌ وليسَ بمغفولِ عنهُ؛ وعلَى

أثرِ الماضِي مَايمضِيِ الباقِي!) شت الأمر كفر شتاتاً إذا تفرق وأشياء شتی [أي متفرقة وقوم شتي](2)أي [...](3)متفرقون، وبكيته(4)وبكيت عليه بمعنی والعزاء الصبر أو حسن الصبر وعزاه(5)تعزیه قال له: أحسن الله عزاك أي رزقك الصبر الحسن، وصرعه أي طرحه على الأرض، والصريع من الأغصان ما تهدل وسقط إلى الأرض، ومنه قيل للقتيل: صريع)(6)، والمراد بالصريع أما المشرف على القتل أو القتيل فيكون ابتلاؤه قبل قتله، أو المريض العاجز عن القيام، وعدت المريض أي (زرته)(7)، والفعل يفيد الاشتغال بالفعل بالعيادة وكونه مشتقاً من العود مفيداً للتكرار بعيد، ويجود فلان بنفسه إذا كان يخرجها وهي تفارقه كما يدفع الانسان ما في يده ويبذله إذا(8)جاد به وغافل أي عن الموت وما يراد به وما يصيبه من المكاره والمصائب وليس بمغفول

ص: 34


1- (يغري) في ر، تصحيف
2- [اي متفرقة وقوم شتی] ساقطة من ع
3- [وقوم شتی أي] زيادة مكررة في ر
4- (وبكيه) في أ، تحریف
5- (عزاء) في ر، تحریف
6- المصباح المنير، مادة (صرعته): 1 / 338
7- المصباح المنير، مادة (عاد): 2 / 436
8- (أي) في ر، تحریف

عنه فإن الكتبة(1)تحفظ(2)عمله والله سبحانه رقيب عليه، وفلان يمضي على أثر فلان أي يحذو حذوه كأنه يضع القدم على أثر قدمه، و(ما) في ما يمضي مصدرية، أو زائدة، والمعنى شأن الباقين في الأمور المذكورة ما شاهدتموه من أحوال الماضيين، أو المراد يذهب الباقون کما مضى من مضى وعاقبة الجميع الفناء، وقال بعض الشارحين: أي على أثر من سلف يمضي من خلف، فتزودوا فإنَّ خير الزاد التقوى)(3).

(ألاَ فاذكرُوا هادمَ(4)اللذاتِ، ومنغصَ الشهواتِ، وقاطعَ الأمنياتِ، عندَ المساورةِ للأعمالِ القبيحةِ، واستعينُوا اللهَ علَى أداءِ واجبِ حقِهِ، ومَا لاَ يحصَى منْ أعدادِ نعمهِ وإحسانِه) المراد بالذكر الاحضار في القلب، وهادم اللذات الموت، [و](5)المنغص(6)المكدر، يقال: نغص الله عليه العيش وانغص أي کدر(7)، والأمنيات والأماني جمع أمنية وهي الاسم من تمنيت الشيء أي اردته، وقيل: مأخوذ من المني وهو القدر؛ لأنَّ صاحبه يقدر حصوله، ويقال: الأماني للأحاديث التي تمنى من تمنيته أي اختلقته(8)ولا أصل له، وساوره أي واثبه(9)والمراد الإقبال اليها عن شهوة شديدة وميل قوي وواجب حق الله

ص: 35


1- (الكبته) في أ، ر. تصحيف
2- (يحفظ) في ث، ر، م، تصحیف
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 68، وفيه: (على أثر من سلف...)
4- (هاذم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 66
5- [و] ساقطة من ث
6- (المنعص) في ر، تصحيف
7- ينظر: الصحاح، مادة (نغص): 3 / 1059
8- ينظر: تاج العروس، مادة (منو): 20 / 201، 203، 204
9- تاج العروس، مادة (سور): 6 / 552

شكره وطاعته، والظاهر أنَّ الموصول معطوف على الضمير المجرور أي حق مالا يحصى من أعداد نعمه والعطف في قوة اقامة الدليل على وجوب حق الله سبحانه على عباده، والعدد الاسم من العدوهو الإحصاء وقد مر الكلام في العد والإحصاء في شرح قوله (عليه السلام) في الخطبة الأولى (لا يحصى نعماء العادون)(1).

[ومن أخرى](2)(الحمدُ للهِ الناشِر فِي الخلقِ فضلهُ، [...](3)والباسطِ / ظ 133 / فيهمْ بالجودَيده. نحمدهُ فِي جميعِ أمورهُ، ونستعينهُ علَى رعايةِ حقوقهِ) النشر (التفريق)(4)والبسط، وفيه دلالة على تساوي نسبة الفواضل الى الخلق وإن كان يصيب كلاً منهم ما يستحقه ويستعد له، وبسط اليد كناية عن الاعطاء؛ لأن البخيل يقبض على ما في يده، وقال بعض الشارحين: (يده هاهنا نعمته، يقال لفلان: عندي يد، أي نعمة وإحسان)(5)، والأمور جمع أمر، بمعنى: الحالة، ويكون بمعنى (الحادثة)(6)، والمراد الأمور المتعلقة به سبحانه بالصدور عنه من النعم والبلايا والحمد على الجميع؛ لأنَّ فعله سبحانه لا يكون إلا جميلاً مطابقاً لمقتضى الحكمة، وأما الأمر ضد النهي فيجمع على أوامر فرقاً بينه وبين الأمر المذكور، وقال في المصباح المنير: من الائمة من يصححه، ويقول أن الأمر مأمور به، ثم حول المفعول الى

ص: 36


1- ينظر: صحيفة رقم 8
2- [ومن اخری الحمد لله الناشر في الخلق فضله] مكررة في ن
3- [ومن اخری] بياض في ث
4- تاج العروس، مادة (نشر): 7 / 525
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 69
6- لسان العرب، مادة (أمر): 4 / 27

فاعل، وقيل أمر عارف وأصله معروف وعيشه راضية، والأصل مرضية الى غير ذلك، ثم جمع فاعل على فواعل (فأوامر) جمع (مأمور)(1)ورعاية حقوق الله شكره وطاعته سبحانه (ونشهدُ أنْ لاَ إلهَ غیرهُ، وأنَّ محمداً عبدهُ

ورسولهُ، أرسلهُ بأمرهِ صادعاً، وبذكرهِ ناطقاً، فأدَّى أميناً، ومضَى رشيداً، وخلَفَ فينَا رايةَ الحقِّ، منْ تقدَّمهَا مرقَ، ومنْ تخلَّفَ عنهَا زهقَ، ومنْ

لزمهَا لحقَ) قيل: الصدع: (الشق)(2)و (التفريق)(3)، وقوله تعالى: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ»(4)، أي شق جماعتهم بالتوحيد او فرق بين الحق والباطل(5)، وقال بعض الشارحين: استعار لفظ الصادع للرسول (صلى الله عليه واله) لأنَّه شق بأمر الله بيضة الشرك وقلوب المشركين، فأخرج ما كان فيها من الكفر والجهل(6)، وقيل: أصله الإبانة والاظهار، واصدع بما تؤمر أي اجهر به من صدع بالحجة إذا تكلم به جهاراً(7)والظاهر تعلق الظرف بالصدع کما بعده بالنطق، والرشد اصابة الصواب وهو خلاف الغي والضلال، وقيل: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه، وفسر الرشيد في أسمائه سبحانه بالذي أرشد الخلق الى مصالحهم فعيل بمعنى مفعل(8)، وقيل: أي تنساق تدبيراته الى غاياتها على سنن السداد من غير اشارة مشير ولا تسديد

ص: 37


1- ينظر: المصباح المنير، مادة (الامر): 1 / 21
2- الصحاح، مادة (صدع): 3 / 1241
3- المصدر نفسه، (صدع): 3 / 1242
4- الحجر / 94
5- ينظر: المصباح المنير، مادة (صدعته): 1 / 335
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 7
7- ينظر: منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 412
8- ينظر: لسان العرب، مادة (رشد): 3 / 175

مسدد(1)، وخلف المسافر ثقله بالتشديد أي خلاه وراء(2)ظهره، والراية العلم والمراد براية الحق كتاب الله والعترة الطاهرة (صلوات الله عليهم أجمعين) کما يدل عليه رواية الثقلين المعروفة بين العامة والخاصة، ومرق السهم من الرمية كعقد إذا خرج من المرمي به وخرقه، والمراد خروج من تقدمها ولم يقِتد بها من الدين كما قال (صلى الله عليه واله) في الخوارج: ((إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية)) وزهق(3)الشيء كمنع بطل وهلك، وزهق الباطل أي اضمحل، ويقال: زاهق للسهم(4)الذي يقع وراء الهدف ولا يصيب، والغرض ضلال المفرط والمفرط، ولزمه كعلمه إذا لم يفارقه ولحق أي أصاب الحق. (دليلهَا مكيثُ الكلامِ، بطيءُ القيامِ، سريعٌ إذا قامَ، فإذا أنتمْ ألنتمْ لهُ رقابكمْ، وأشرتمْ إليهِ بأصابعكمْ، جاءهُ(5)الموتُ فذهبَ بهِ، فلبثتمْ

بعده ما شاء الله، حتى يطلعَ اللهُ لكمْ منْ يجمعكمْ ويضمُّ نشركمْ) الضمير راجع الى راية الحق، والمراد بالدليل نفسه (عليه السلام) وهو شجرة العترة والعالم بالكتاب وهادي الامة، والمكث (اللبث)(6)، والمكيث (الرزين)(7)، ومکيث الكلام الذي لا يبادر القول ولا يتكلم من غير روية، أو من كان كلامه متیناً غیر سخيف، وبطؤ القيام كناية عن ترك العجلة والطيش في

ص: 38


1- ينظر: لسان العرب، مادة (رشد): 3 / 175
2- (وراه) في ر، تحریف
3- (ورهق) في ر. تصحيف
4- (السهم) في ع
5- (جاته) في م، تحریف
6- الصحاح، مادة (مکث): 1 / 293
7- المصدر نفسه، مادة (مکث): 1 / 293

امضاء الأحكام والتأني(1)والتثبت في الأمور، والسرعة إذا قام انتهاك(2)الفرصة والمبادرة الى وجه المصلحة (ب) وإلانة الرقاب كناية عن الطاعة والانقياد والاشارة إليه بالأصابع والإجلال وعظم الموقع في القلوب ومدة لبثهم أيام بني أمية على ما قيل والصواب أنها ما بين رحلته (عليه السلام) الى ظهور القائم من أهل البيت (عليهم السلام) وطلع الكوكب والشمس طلوعاً / و134 / ظهروا طلعه الله أظهره، والنشر المنشور المتفرق أو التعليق تجوز (فلا تطمعُوا في غیرْ مقبلِ، ولا تيأسُوا منْ مدبرٍ، فإنَّ المدبرَ عسىَ أنْ تزلَّ(3)إحدى(4)قائمتيهِ وتثبتَ الاخرى، فترجعَا حتَّى تثبتَا جميعاً) الأظهر أن يكون المراد بغير المقبل من أثر الخلوة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ولم يقبل على طلب الخلافة، فالمراد بترك الطمع تفویض الأمر اليهم والرضا بما رضوا به والصبر على(5)قيامهم بالطلب بأمر الله، وقيل: المراد من انحرف عن الدين من السلاطين بارتكاب منکر أي لا تطمعوا في كونه أميراً قائماً بالحق؛ لأنه ليس أهلاً لذلك، وفي بعض النسخ (فلا تطعنوا في عين مقبل) أي من أقبل من أهل البيت على طلب الأمر فلا تردوه ولا تقاتلوه بل أعينوه على طلب الحق وقوله (عليه السلام) فلا تيأسوا(6)أو لا تأيسوا بتقديم الهمزة

ص: 39


1- (الثاني) في أ، تصحيف
2- (انتهاز) في ث، ر، م، ن، وفي ع: (انتهاء)، تحریف
3- (نزل) في ر، تصحيف
4- (تزل به احدى) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 69، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 182
5- (الى) في أ، ث، ع، ن
6- (يتأسوا) في ر، تصحيف

على ما في بعض النسخ [أي ](1)من أدبر عن طلب الخلافة ممن هو أهل لها فلا تيأسوا(2)من عودة واقباله على الطلب بل انتظروا وتأهبوا لنصره فإنَّ الإدبار والقعود عن الطلب ربما كان لفقد بعض الشروط كقلة الناصر وزوال إحدى القائمتين كناية عن ذلك، كما أن ثبات الأخرى كناية عن وجود بعضها ولا تنافي بين النهيين(3)لأنَّ عدم اليأس هو التجویز والطمع فوق التجویز، وقيل: النهي عن الطمع في حالة عدم الشروط والاعراض عن الطلب [...](4)لذلك والنهي عن الاياس لجواز حصول الشرائط وتكاملها، وقيل: الاياس الشك في الإمام الحق، أو زعم أنه على الباطل الاضطراب الأمر واختلال الحال في الظاهر والنهي لأنَّ اضطراب الأمر لا يدل(5)[على البطلان](6)، وعسى أن ينتظم الأمر بعد الاضطراب إذا شاء الله.

(إلاَّ إنَّ مثلَ آل محمدٍ (صلَّى اللهُ عليهِ والهِ) كمثل نجومِ السماءِ، إذا خوى نجمٌ طلعَ نجمٌ، فكأنكمْ قدْ تكاملتْ منَ اللهِ فيكمُ الصنائعُ، وأراكمْ مَا كنتمْ تأملونَ) خوی کرمی أي سقط، والتشبيه بالنجوم أما في الاهتداء والاستنارة(7)، أو في أنَّ الأرض لا تخلو(8)من حجة وهاد منهم (عليهم السلام) كما أنَّ المشاهد

ص: 40


1- [ای] ساقطه من ر، م
2- (يتأسوا) في ر، تصحيف
3- (النهين) في ر، ن
4- [هو] زيادة في ع
5- (بدل) في ث، تصحيف
6- [على البطلان] ساقطة من أ، ع
7- (الاستبارة) في ث، وفي م: (الاستارة)
8- (لايخلو) في أ، ث، ع، ر، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه

من السماء لا تخلو(1)من النجوم فتكون الشرطية تفسيراً لوجه التشبيه، وكأنَّ للتقريب کما قاله الكوفيون(2)نحو قولهم: كأنك بالفرج آت، وكأن الشتا مقبل، وتكاملت أي كملت وتمت، ويمكن أن يراد بالصيغة معناها الظاهر والصنيعة العطية والكرامة والإحسان(3)، وتأملون أي ترجون(4)وحاصل الكلام البشارة بقرب ظهور القائم (عليه السلام) والظفر على الأعداء واضمحلال الظلم والضلال وهذا التقريب مثله في قول الله عز وجل: «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ»(5)، وقوله تعالى: «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا»(6)، وظاهر الكلام حيث وجه البشارة الى المخاطبين أن المراد رؤية المأمول في الرجعة التي تظافرت الأخبار في اثباتها عن الأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين).

[[ومن أخرى](7)تشتمل(8)على ذكر الملحمة](9)(الأوَّلُ(10)قبلَّ كلِّ أولٍ، والآخرُ بعدَ كلِّ آخرٍ) ظاهر الكلام ان الغرض اثبات الأولية والآخرية

ص: 41


1- (لايخلو) في أ، ث، ع، ر، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
2- مغني اللبيب: 1 / 211
3- (الاححان) في أ، تحریف
4- (ترجعون) في ع، تحریف
5- القمر / 1
6- المعارج / 6، 7
7- [ومن اخرى] ساقطة من ث
8- (يشتمل) في ع، تصحيف
9- [ومن أخرى تشتمل على ذكر الملحمة] ساقطة من م
10- (الحمدُ للهِ الاولِ) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 78، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 182

الحقيقيتين(1)له سبحانه، وإنَّ المراد من اللفظين ليس المعنى الاضافي کما يراد في غيره سبحانه ولا خفاء في الأول سواء أريد به الأولية الذاتية، أو الزمانية، وأما الآخر ففيه خفاء على بعض الوجوه لخلود أهل الجنة والنار بالاتفاق، وليس في كلام الشارحين في هذا المقام ما يكشف الغطاء ويزيل الاشتباه، وما قيل من أنَّ الباري عز اسمه موجود قبل كل شيء يشير العقل إليه ويفرضه أول الموجودات، وكذلك هو موجود بعد كل شيء يشير العقل إليه ويفرضه آخر جميع الموجودات فأذن الباري سبحانه بالاعتبار الأول يكون أولاً قبل كل ما يفرض أولاً وبالاعتبار الثاني يكون آخراً بعد كل ما يفرض أخراً فهو / ظ 134 / کما تری، وقد فسر الأول في أسمائه سبحانه بالسابق على جميع الموجودات ذاتاً؛ لأنه علة العلل وزماناً لأنَّ الحق حدوث ما سواه(2)والآخر بالباقي بعد فنائها بالنظر الى ذاته والى ذواتها، أو على الحقيقة على ما ذهب إليه كثير من المتكلمين من انعدام العالم بأسره قبل قيام الساعة وبقائه سبحانه لا شيء معه كما كان قبل ايجاد الأشياء وهو صریح كلامه (عليه السلام) في الخطبة الجامعة لأصول العلم کما سیجئ إن شاء الله تعالى ومناسب لما في بعض الأدعية المأثورة الآخر بعد فناء الأشياء وما في بعض الأخبار الأخر بعد فناء العالمين وقد أنكر طائفة بناءً على زعمهم بداهة امتناع اعادة المعدوم، وتعويلاً على أدلة لاتسمن ولا تغني من جوع، وفسر الأول بالذي يبتدئ منه الأسباب، والآخر بالذي ينتهي إليه المسببات، والأول بالسابق خارجاً، والآخر بالآخر ذهناً، وحينئذ نقول يمكن أن يراد بالآخر

ص: 42


1- (الحقيقيين) في أ، تحریف
2- (سواء) في ر، تحریف

الباقي الدائم فيكون المراد ببعديته(1)سبحانه بعد كل آخر بقاؤه بذاته بخلاف غيره فلا ينافي ذلك خلود غيره، ويمكن أن يراد به على القول بانعدام العالم الباقي زماناً بعد فناء غيره والعراء عن الوجود الابتدائي على الحقيقية فلا ينافيه خلود غيره سبحانه بعد الاعادة، ويمكن أن يراد به الآخر في سلسلة الاحتياج لافتقار الكل إليه، وأن يراد به الآخر في الوجود العلمي؛ لأنَّ الجميع طرق العلم [إليه](2)وإن كان بعض الوجوه أظهر وأقرب. (بأوليتهِ(3)(وجبَ)(4)أنْ لَا أوَّلَ لهُ، وبآخريَّتهِ وجبَأنْ لَاآخرَ لهُ)، قال بعض الشارحين(5): يمكن أن يفسر هذا الكلام على وجهين: أحدهما: أنه سبحانه لما فرضناه أولاً مطلقاً، تبع هذا الفرض أن يكون قدیماً أزلياً، وهو المعنى بقوله: ((وجب أن لا أول)) له لأنه لو لم يكن أزلياً لكان له محدث متقدم عليه فلا يكون أولاً مطلقاً ولما فرضناه أخراً مطلقاً تبع هذا الفرض ان يكون مستحيل العدم وهو المعنى بقوله وجب أن لا آخر له؛ لأنه لو عدم بعد استمرار الوجود لما عدم الا بضد يبقى بعده فلا يكون اخراً مطلقاً، هذا محصل كلامه ثم قال: ثانيهما: أن لا تكون(6)الضمائر الأربعة راجعة الى الباري سبحانه، بل يكون منها ضمیران راجعان الى غيره، أي بأوليته [الأول](7)الذي فرضنا

ص: 43


1- (بتعديته) في أ، تصحیف
2- [اليه] ساقطه من ر
3- (وبأوليته) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 78
4- (وحب) في أ، ن، تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 78
6- (يكون) في أ، ث، ر، تصحيف
7- [الأول] ساقطة من ث، وفي ع: (الاولة)

کون الباري سابقاً عليه، علمنا أنَّ الباري لا أول له، وبآخريته الآخر الذي فرضنا أنَّ الباري متأخر عنه، علمنا أنَّ الباري لا آخر له، وإنَّما علمنا ذلك؛ لأنه لو كان سبحانه أولاً لأول الموجودات وله مع ذلك أول لزم التسلسل، وإثبات محدِثين ومحدَثين الى غير نهاية، وهذا محال. ولو كان سبحانه آخراً لآخر الموجودات وله مع ذلك آخر لزم التسلسل، وإثبات أضداد يعدم ويعدمها غيرها الى غير نهاية، وهذا أيضاً محال(1)، ولا يذهب عليك أنَّ الوجه الأول على ما قرره موقوف على القول بأنَّ العدم لا يكون إلاَّ بوجود الضد وهو باطل والتزام التخصيص في كونه سبحانه آخر بعد كل آخر بغير الفناء الذي يزعمونه ضد الأشياء وجودياً، وهو ينافي الآخرية الحقيقية الظاهرة من الكلام السابق اللهم إلاَّ أن يوجه(2)بأنه يصدق الآخرية بالنسبة الى الفناء بعد إعادة الأشياء فيصدق بالنسبة الى الجميع، ولو كان كل في وقت وفيه مع التكلف ابتناؤه على وجودية الفناء وكونه قائماً بنفسه وفسادهما واضح وبعد الوجه الأخير ظاهر، وقال بعضهم: لما أراد بأوليته كونه مبدأ لكل شيء، وبآخریته کونه غاية ينتهي اليها كل شيء في جميع أحواله، كان بذلك الاعتبار يجب أن لا يكون له أول هو مبدئه، ولا آخر يقف عنده وينتهي(3)، وهذا القائل قد شرح آخريته سبحانه في موضع آخر بكونه آخر مراتب السالكين في منازل العرفان إذ معرفته هي الدرجة القصوى وآخر المنازل، والظاهر أنَّ مراده في هذا المقام بكونه غاية ينتهي اليها كل شيء في جميع أحواله أنَّه آخر

ص: 44


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 79
2- (توجه) ث، ر، م، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 11

سلسلة الاحتياج، / و135 / ویکون حاصل الكلام على هذا التفسير وما يقرب منه أنَّه سبحانه لما كان أولاً حقيقياً، [وآخراً حقيقياً](1)وجب أن لا يتقدم عليه شيء، ولا يتأخر عنه شيء، وهو في المعنى تفسير للأولية الحقيقية، وتأكيد للكلام السابق، ويمكن أن يكون المراد أنَّه لما كان أوليته سبحانه وآخريته بمعنی سبقه على الأشياء زماناً، وبقاؤه بعد فناء الأشياء أو مبدائيته للجميع وانتهاء الكل اليه في الحاجة ونحو ذلك لوجوبه الذاتي وجب أنْ لا يكون لوجوده نهاية أزلا وابداً فظهر التغاير بين الأولية وإن لا أول له، وبين الآخرية وإن لا آخر له ولا حاجة الى التمسك بأن العدم إنما يكون بطریان(2)الضد ونحو ذلك والله تعالى يعلم مقاصد أوليائه.

(وأشهدُ أنْ لا الهِ إلاَّ اللهُ شهادةً يوافقُ فيهَا السرُّ الاعلانَ، والقلبُ اللسانَ) قيل الشهادة الاخبار بالشيء ولهذا يعدی بالباء فالصفة في الكلام مخصصة، وقيل: الخبر القاطع، وقيل: اسم من المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً فالصفة موضحة، أو المراد أعم مما يسمى شهادة في الظاهر أو مطلق الاخبار على التجوز والغرض [ثبوته](3)تبرئة الشهادة من شائبة النفاق، ويمكن أن يراد بالموافقة التامة الكاملة لا المأخوذة في التسمية فالغرض وصفها بالإخلاص الكامل والصفة مخصصة. (أيُّها الناسُ لاَ يجرمنكُمْ شقاقِي، ولاَ يستهوينكُمْ عصياني، ولاَ تتراموْا بالأبصارِ عندمِا تسمعونهُ مِنّي، فوَ الَّذِي

ص: 45


1- [وآخرا حقيقياً] ساقطة من أ، ع
2- (بطربان) في ر، تصحيف
3- [ثبوته] ساقطة من أ، ث، ر، ع، ن

فلقَ الحبةَ، وبرأَ النسمةَ، إنَّ الَّذي أنبئكمْ بهِ عنِ النَّبيّ(1)(صلىَّ الله عليه وآله) مَا كذبَ المبلغُ، ولاَ جهلَ السامعُ) قيل في قوله تعالى: «وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ»(2)أي لا يحملنكم ويحدوكم عداوتي على مخالفة ربکم فيصبكم من العذاب مثل ما أصاب من قبلکم فمعنى الكلام لا يحملنكم عداوتي على أن تكذبوني أو تكذيبي، وقيل: أي لا يكسبنکم معاداتي أن يصيبكم وإن بصلتها ثاني مفعولي جرم فانه يعدی الى مفعولين ککسب فالمعنى لا يكسبنكم شقاقي تکذيبي وحذف المفعول في الكلام كثير، وقال بعض الشارحين: ((يجرمنكم أي يحق عليكم))(3)من جرم(4)بمعني وجب وحق وأنكره الفراء وإن اثبته بعضهم، والشقاق والمشاقة الخلاف والعداوة، ولا يستهوينكم عصياني أي لا يذهب بهواكم وعقلکم، أو لا يهوینکم ویزلکم من قولهم: هوی من شاهق إذا تردی منه ويشبه به من زل عن الطريق المستقيم، يقال: اهويته واستهويته بمعنی کما يقال: أزله واستزله واجابه واستجابه، أو لا يدعونكم الى اتباع الهوى، وقيل: استهواه(5)أي حيرة، وقيل: اهلكه ولا تتراموا بالأبصار أي لا ينظر بعضكم الى بعض اشعاراً(6)بأن كلامي کاذب، وفلق الحبة: أي شقها(7)، قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ

ص: 46


1- (النبي الامي) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 79، نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 183
2- هود / 89
3- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 10
4- (حرم) في ن، تصحيف
5- (استهواء) في ر، تحریف
6- (استعارا) في م، تحریف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (فلق): 10 / 309

وَالنَّوَى»(1)، قيل: المراد شقهما بإخراج النبات والشجر(2)، وقيل: المراد الشقان (3)اللذان في الحنطة والنواة(4)، والأول أظهر، [...](5)وبرأ أي (خلق)(6)، قال ابن الاثير: وقلما يستعمل في غير الحياة، فيقال برأ الله الانسان، وخلق الله السموات والأرض(7)، والنسمة محركة الانسان، وقيل كل دابة فيها روح [وكان (علیه السلام) يقسم بهذه اللفظة كثيراً، وقال بعض الشارحين(8): انه من مبتدعاته (عليه السلام)](9)والمراد بالمبلغ الرسول (صلى الله عليه واله) وبالسامع نفسه (عليه السلام) (لكأنَّي أنظرُ الى ضليلٍ قدْ نعقَ بالشَّام، وفحص براياتهِ في ضواحِي كوفانَ، فإذا فغرتْ فاغرتُهُ، واشتدتْ شكيمتُهُ، وثقلتْ فِي الأرضِ وطأتُهُ، عضَّتِ الفتنةُ أبناءَها بأنيابهَا، وماجت الحربُ بأمواجهَا، وبدا مِنَ الأيامِ كلوحهَا(10)، ومِنَ الليالِي كدوحُهَا) الضليل کسکیت الكثير الضلال وقد عبَّر (عليه السلام) عن امری القيس بالملك الضليل، ونعق بغنمه کمنع وضرب صاح بها وزجرها ونعق الغراب إذا صاح، والمراد بنعيقه

ص: 47


1- الأنعام / 95
2- ينظر: مجمع البيان: 4 / 117، وتفسير الميزان: 7 / 287
3- (الشقاق) في م، تحریف
4- ينظر: الكشاف، الزمخشري: 2 / 37
5- [وكان (عليه السلام) يقسم بهذه اللفظة كثيراً، وقال بعض الشارحين: من مبتدعاته (عليه السلام)] في ر، ن جاء ذكرها مقدم
6- العين، مادة (برأ): 8 / 289
7- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 111
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 80
9- [وكان (عليه السلام) يقسم بهذه اللفظة كثيراً، وقال بعض الشارحين: من مبتدعاته (عليه السلام)] سبق ذكرها في ر، ن، بعد قوله: (والاول اظهر)
10- (کلوجها) في ر، تصحيف

جمعه / ظ 135 / العساکر، أو ظهور شوكته وبطشه و(فحص عنه کمنع)(1)أي (بحث)(2)وكشف، قيل: هو مأخوذ من فحصت القطاة إذا حفرت في الأرض موضعاً تبيض فيه(3)، وذلك الموضع مفحص بالفتح وافحوص(4)، قال بعض الشارحين: كأنهم جعلوا ضواحي كوفان مفحصاً لراياتهم(5)، وضاحية المدينة ما تنحى عن المساكن وكان بارزاً، والمراد رساتیق(6)كوفان ونواحيها، وکُوفان بالضم كما في النسخ وقد يفتح کوفة هي في الأصل الرملة الحمراء و(كل رمله يخالطها حصباء)(7)، وبذلك سميت البلدة، وقيل هي من الكيف بمعنى القطع سمیت، لأنَّ أبرويز(8)أقطعها لبهرام، أو لأنهَّا قطعة من البلاد، والأصل کُیفه قلبت الياء واواً(9)، وقيل: غير ذلك، وفغر

ص: 48


1- القاموس المحيط، مادة (فحص): 2 / 310
2- المصدر نفسه، مادة (فحص): 2 / 311
3- ينظر: لسان العرب، مادة (فحص): 7 / 63
4- (وافحص) في ث، وفي ر: (وافحوض)، تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 81
6- (رسانيق) في ر، تصحيف
7- معجم البلدان: 4 / 491، وينظر: القاموس المحيط، مادة (كوف): 3 / 192
8- أبرويز بن هرمز، وأبرويز في العربية بمعنى المظفر، كان من أشد ملوك الفرس بطشاً وأنفذهم رأياً في البأس والنجدة، وجمع الاموال، وقد قتل قتلة أبيه (هرمز)، وغزا الشام، وبلغ مصر، وحاصر الروم بالقسطنطينية، تزوج ابنة ملك الروم (مریم) فأنجبت له ابنه (شیروية) الذي حين أشتد بأسه قتل اباه (أبرويز)، وكانت مدة حكم أبرویز ثماني وثلاثين سنة. ينظر: المعارف: 665، وتاريخ الطبري: 1 / 590، والتنبيه والاشراف: 89، والكامل في التاريخ: 1 / 472، 473
9- ينظر: المصدر نفسه، مادة (كوف): 3 / 193، وتاج العروس، مادة (كوف): 12 / 469، وتاريخ الكوفة، البراقي: 126

الفم کمنع (انفتح)(1)، وفغرته فتحته يتعدى ولا يتعدى، والفاغرة(2)فاعلة منه، أي إذا انفتح فوه کما یفتح الأسد فاه عند الافتراس، والتأنيث للفتنة کما ذكره بعض الشارحين(3)، والشكيمة في الأصل حديدة(4) معترضة في اللجام في فم الدابة(5)، ويقال: فلان شديد الشكيمة إذا كان عسر الانقياد شدید النفس أبياً قوياً(6)، قيل: لأنَّ قوة الشكيمة [تدل](7)على قوة الفرس(8)، والوطئ في الأصل (الدوس بالقدم)(9)والوطأة الضغطة، والاخذة الشديدة)(10)، (وموضع القدم)(11)، وثقل وطأته شدة ظلمه، وجوره وعضه وعض عليه أمسكه بأسنانه ولزمه، والناب السن خلف الرباعية، وأبناء الفتنة أهل ذلك الزمان ومن اصابته الفتنة فالمراد بعضها إياهم شدة الاضرار بهم، أو الموقدون لنار الفتنة فالمراد لزومها إياهم وتمسكها بهم، والأول أنسب بالعض بالناب، والثاني بإضافة الأبناء إليها، ويمكن على الثاني أن يحمل عض أبنائها على رجوع الضرر عليهم، لكن لا يخلو عن بعد عن السياق. وماج البحر موجاً

ص: 49


1- الصحاح، مادة (فغر): 2 / 727
2- (الفاعزة) في ع، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 81
4- (جديدة) في ع، تصحيف
5- ينظر: العين، مادة (شکم): 5 / 300
6- ينظر: لسان العرب، مادة (شکم): 12 / 324
7- [تدل] زيادة يتطلبها السياق
8- ينظر: لسان العرب، مادة (شکم): 12 / 324
9- تاج العروس، مادة (وطأ): 1 / 278
10- المصدر نفسه، مادة (وطأ): 1 / 278
11- المصدر نفسه، مادة (وطأ): 1 / 278

اضطرب، والأمواج جمع موج والموجة أخص منه وجمعها موجات کروضه وروضات، وبدأ يبدو إذا ظهر، والکُلُوح بالضم (العبوس)(1)، والکُدوح بالضم جمع کَدح بالفتح وهو (الخدش)(2)وأثر الجراحة والعض ونحو ذلك. (فإذا أينعَ زرعُهُ، وقامَ علَى ينعِهِ، وهدرتْ شقاشِقُهُ، وبرقتْ بوارِقُهُ، عقدتْ راياتُ الفتنِ المعضلةِ، واقبلنَ كالليلِ المظلمِ، والبحرِ الملتطمِ) أينع الزرع على صيغة الأفعال کما في كثير من النسخ، وكذلك ينعك منع وضرب ينعاَ إذا نضج وحان قطافه وقام على ينعه أي [على](3)حاله ونضجه، قال بعض الشارحين:

والاحسن أن يكون ينع هاهنا جمع يانعك صحب وصاحب ذكر ذلك ابن کیسان(4)، واليانع الثمر الناضج، وایناع زرعه وقيامه على ينعه کناية عن انتظام أمره وظهور شوكته، وهدرت كضربت أي صوتت، والشِقشِقة بالكسر شيء كالرية يخرج من فم البعير إذا هاج، ويقال للخطيب: ذو شقشقه تشبيها له بالفحل، وهدير شقاشقه ظهور طغيانه وبأسه، وبرق کنصر أي لمع وبوارقه سيوفه ورماحه، والمعضلة المشكلة العسرة العلاج والتشبيه بالليل المظلم في عدم الاهتداء الى طريق الخلاص، أو الحق والتطمت أمواج البحر إذا ضرب بعضها بعضاً، ثم أنه اختلف في هذا الضليل الموصوف، فقيل: إنه السفياني الموعود، وقال الشارح عبد الحميد ابن أبي الحديد:هذا

ص: 50


1- معجم مقاییس اللغة، مادة (كلح): 5 / 134
2- الصحاح، مادة (خدش): 1 / 398
3- [على] ساقطة من أ، ع
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 82

كناية عن عبد الملك بن مروان لأنَّ هذه الصفات والامارات فيه أتم منها في غيره؛ لأنَّه قام بالشام حين دعا الى نفسه، وهو معنی نعیقه وفحصت راياته بالكوفة تارة حين شخص بنفسه الى العراق، وقيل مصعباً، وتارة لما استخلف الامراء على الكوفة كبشر بن مروان أخيه وغيره، وتفاقمت الفتن مع الخوارج وعبد الرحمن بن الاشعث فلما اكمل عبد الملك وهو معنی اینع زرعه هلك وعقدت رايات الفتن المعضلة بعده کحروب اولاده مع بني المهلب و کحروبهم مع زيد بن علي (عليه السلام) وکالفتن الكائنة بالكوفة أيام يوسف بن عمر وخالد القسري وعمر بن هبيرة وغيرهم وما جرى فيها من الظلم / و136 / واستيصال الأموال، وذهاب النفوس(1)، قال: وقد قيل: إنه كناية عن معاوية وما حدث في أيامه من الفتن، وما حدث بعده من فتنة يزيد وعبيد الله بن زياد، وواقعه الحسين (عليه السلام) والأول أرجح، لأنَّ معاوية في أيام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قد نعق بالشام، ودعاهم الى نفسه، والكلام يدل على انسان ينعق فيما بعده(2)، والله تعالى يعلم. (هَذا، وكمْ يخرقُ الكوفةَ منْ قاصفٍ، ويمرُّ عليهَا منْ عاصفٍ!، وعنْ

قليلٍ تلتفُّ القرونُ بالقرونِ، ويحصدُ القائمُ، ويحطمُ المحصودُ!) خرق الشيء کضرب أي جابه ومزقه، وخرق الثوب شقه، وقصفت العود فانقصف مثل کسرته فانكسر وزناً ومعنىً، وعصفت الريح كضربت اشتدت فهي عاصف وعاصفة، وجمع الأولى عواصف، والثانية عاصفات والقاصف والعاصف كناية عما يجري على أهلها من الشدائد، ويمكن أن يكون المراد بمرور

ص: 51


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 81
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 81

العاصف خرابها بعد القواصف وبقاءها كذلك أياماً فإنَّ الجدران والسقوف من موانع هبوب الرياح، وكلمة عن مرادفه لبعد کما قالوا في قوله تعالى: «عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ»(1)، و «لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ»(2)، وقال الشيخ الرضي: (أي طبقاً متجاوزاً في الشدة عن طبق آخر دونه في الشدة، فيكون كل طبق أعظم في الشدة مما قبله، وقوله عن طبق صفة طبقاً(3)، قال: (والأولى إبقاء الحروف على معناها ما أمكن)(4)، والتف النبات والشجر بعضه ببعض اختلط، والتف بثوبه اشتمل به، والقَرن بالفتح الجيل(5)من الناس، وأهل كل زمان، قال بعض الشارحين: هذا كناية عن الدولة العباسية التي ظهرت على دولة بني أمية(6)، ولعل الأظهر إنه اشارة الى ما سيكون في آخر الزمان، وحصد الزرع والنبات كنصر وضرب قطعه وحطمه كضربه کسره، وقيل: إنه خاص باليابس وحصد القائم وحطم المحصود كناية عن الاستيصال التام وعموم البلاء، وقال بعض الشارحين: كناية عن قتل الأمراء من بني أمية في الحرب، ثم قتل المأسورين منهم صبراً، وهكذا وقعت الحال مع عبد الله بن علي، وأبي العباس السفاح، وقال بعضهم: (كني بالتفاف بعضهم ببعض عن اجتماعهم في بطن الأرض)(7)، و (بحصدهم عن موتهم، أو قتلهم، وبحطم

ص: 52


1- المؤمنون / 40
2- الانشقاق / 19
3- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 4 / 320، وفي ر: (صفة طبقات)
4- المصدر نفسه: 4 / 320
5- (الجبل) في ع، تصحيف
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 82، وفيه: (وهذا كناية...)
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 12

محصودهم عن فنائهم وتفرق أوصالهم في التراب)(1)، ويحتمل أن يكون التفافهم كناية عن اجتماعهم في موقف الحساب، أو طلب بعضهم مظالمهم من بعض، وحصدهم عن ازالتهم عن الموقف وسوق أهل النار [الى النار](2)وحطمهم عن تعذيبهم في النار الحطمة والله تعالى يعلم. [ومن أخرى تجري هذا المجرى](3)(وذلكَ يومٌ يجمعُ اللهَ فيهِ الأولیَن والآخرينَ لنقاشِ الحسابِ وجزاءُ الأعمالِ، خُضُوعاً، قياماً، قدْ ألجمهمُ العرقُ، ورجفتْ بهمُ الأرضُ، فأحسنهمْ حالاً، منْ وجدَ لقدميهِ مَوْضِعاً، ولنفسِهِ مُتَّسَعاً) النقاش والمناقشة في الحساب الاستقصاء والتدقيق فيه، والخضوع جمع خاضع من الخضوع بمعنى الذلة والاستكانة، قيل: (الخضوع قريب من معنى الخشوع إلاَّ أنَّ الخشوع أكثر ما يستعمل في الصوت، والخضوع في الأعناق)(4)، والقيام جمع قائم أي قائمين، أو مصدر أقيم مقام اسم الفاعل على ما قيل في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا»(5)، وألجمهم العرق أي سال منهم حتى بلغ موضع اللجام من الدابة فمنعهم عن الكلام، وفي الحديث: ((يبلغ العرق بهم ما يلجمهم))(6)، ورجفت الأرض أي تحركت واضطربت شديداً، والباء للتعدية ومن أسماء البحر الرجاف لكثرة اضطرابه(7)، ولنفسه متسعاً

ص: 53


1- المصدر نفسه: 3 / 12
2- [الى النار] ساقطة من ع
3- [ومن أخرى تجري هذا المجری] بیاض في ث
4- المصباح المنير، مادة (خضع): 1 / 172
5- الفرقان / 64
6- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 234
7- ينظر: تاج العروس، مادة (رجف): 12 / 221

أي موضعاً يسعه(1)فلم يكن في شدة لضيق المكان، وفي بعض النسخ (ولنفسه) بالتحريك أي وجد مكاناً يقدر فيه على التنفس بسهولة والأخبار في وصف أهوال يوم القيامة وسوء أحوال الناس فيه إلاَّ من رحمه الله كثيرة، وما ذكره بعض الشارحين من أنَّ قيام الناس بين يدي الله (كناية عن کمال براءتهم من حولهم، وقوتهم إذن وتيقنهم(2)أن لا سلطان إلا سلطانه)(3)والجام العرق کناية عن بلوغهم / ظ 136 / الغاية من الجهد إذ غاية التاعب أن يكثر عرقه(4)، وما حكاه عن بعضهم من أن (المراد بالأرض الراجفة والمرتجة أرض القلوب عن نزول خشية الله عليها، وشدة أهوال يوم القيامة)(5)، والمراد بقوله (عليه السلام): (من وجد لقدميه موضعاً) إلى آخره من وجدت قدماً عقله موضعاً من معرفة الله تعالى وعبادته ومن وجد لنفسه متسعاً في [حظائر](6)قدس الله وسعة رحمته(7)، ثم قال: وحمله على ظاهر الشريعة ممكن(8)فمبني على الميل عن النهج القويم واتباع آراء الفلاسفة ومن يحذوا حذوهم في الانکار أو الشك فيما نطقت به الآيات والاخبار وثبت من دين نبينا محمد (صلى الله عليه واله) ضرورة من المعاد الجسماني وقيام الناس لرب العالمين والحساب

ص: 54


1- (بسعه) في ع، تصحيف
2- (ويتقهم) في أ، وفي ع، ن (ويتفهم)
3- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 13
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 13
5- المصدر نفسه: 3 / 13
6- [حظائر] ساقطة من ر، وفي ث: (حطائر) تصحيف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 13
8- قول متصرف به: ينظر : شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3/ 13

والصراط والميزان والجنة والنار أعاذنا الله من اتباع الشياطين والانحراف عن مناهج الدين المبين ووفقنا لما يحبه ويرضاه إنه جواد کریم.

[منها](1): (فتنٌ كَقِطَعِ الليلِ المظلمِ، لَا تقومُ لَها قائمةُ، ولَا تردُّ لَها رايةٌ، تأتيكمْ مزمومةً مرحولةً، يحفزُها قائدُها، ويجهدُهَا راكبهَا) القطع كعنب جمع قِطعة بالكسر وهي الطائفة من الشيء كسِدرة وسِدر ولقحه ولقح وقال بعض الشارحين(2): جمع قِطْع بالكسر، وهو الظلمة، قال تعالى: «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ»(3)، وهو سهو، ولا تقوم لها قائمة أي لا تنهض ولا تثبت لدفع تلك الفتن ومقابلتها فئة قائمة، وقيل: لا تثبت لها قائمة فرس أي لا سبيل الى قتال أهلها، وقيل: قلعة أو بُنية قائمة بل تنهدم(4)، وقيل أي لا يمكن مقابلتها بما يقاومها ويدفعها والتأنيث لمقابلة الفتنة ولا ترد لها راية أي لا تنهزم رایه من راياتها أو لا تعود رایه لدفعها ومحاربة أهلها، والزمام ککتاب مايقاد به البعير، وقيل: الزمام في الأصل الخيط الذي يشد في البرة، أو في الخشاش، ثم يشد إليه المقود ثم سمي به المقود نفسه، والبرة حلقة تجعل في أنف البعير تكون من(5) صفر ونحوه، والخشاش من خشب و(الرحلَّ مرکب للبعير)(6)

ص: 55


1- [منها] بياض في ث
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 84، وفيه: (قِطْع بالكسر...)
3- هود / 81
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 84
5- (في) في أ، ع، تحریف
6- لسان العرب، مادة (رحل): 11 / 274

أصغر من القتب(1)، ومزمومة(2)مرحولة أي كاملة تامة الأدوات کالناقة ذات الزمام، والرحل المستعدة للركوب، والحفز بالزاي الحث والاعجال ويجهدها راكبها أي يحمل عليها في السير فوق طاقتها يقال: جهد دابته واجهدها والمراد جد أهلها واجتهادها في اضرامها رجلاً وفرساناً فقائدها راجلها وراكبها فارسها (قومٌ(3)شديدٌ كلبهمْ، قليلٌ سلبهمْ، يجاهدهمْ فِي اللهِ قومٌ أذلةٌ عندَ المتكبرينَ، فِي الأرضِ مجهولونَ، وفِي السماءِ معروفونَ) الكَلَب بالتحريك الشدة من برد وقحط وعدو وغيره(4)، وشبه الجنون المعتري من عض الكَلب الكلِب ودفعت عنك كلب فلان أي شره وأذاه(5)، والسَلَب بالتحريك ما يأخذه أحد القرنين في الحرب من قرنه مما يكون عليه(6)من سلاح وثوب ودابة وغيرها وهو فعل بمعنى مفعول، وفي الله أي لله وأولها الشيخ الرضي إلى الظرفية بتقدير مضاف، والمجاهدون طائفة من المؤمنين لا يعرفهم الناس لخمولهم ويعرفهم الملائكة لعلو قدرهم، وما قيل من أنَّهم الملائكة المعروفون في السماء وإنَّ كان لا يأبی عنه لفظ القوم، وقد قال سبحانه في الجن: «وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ»(7)، لكن يأبی عنه قوله (عليه السلام): أذلة عند المتكبرين، واختلفوا في المراد من القوم أهل الفتنة، فقال بعض الشارحين:

ص: 56


1- القَتَب: (رحل صغير على قدر السنام) الصحاح، مادة (قَتَبَ): 1 / 198
2- (ومن مومة) في ر. تحريف
3- (اهلها قوم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 84، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 185
4- ينظر: الصحاح، مادة (كلب): 1 / 214
5- (الازاء) في ر، تحریف
6- (علبه) في ع، تصحيف
7- الاحقاف / 29

إنَّ الكلام إنذار بملحمة تجري في آخر الزمان، وقد انذر(1)(النبي صلى الله عليه واله) بنحو ذلك)(2)، وقال(3)بعضهم: الكلام اشارة الى صاحب الزنج وأصحابه(4)، وأيده بما رواه من قوله (عليه السلام) في خطبة البصرة هم جيل كأنهم الشياطين سود ألوانهم، منتنه أرواحهم، شديدة كلبهم، قليل سلبهم، طوبى لمن قتلوه، ينفر لجهادهم قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل ذلك الزمان، مجهولون في الأرض، معروفون في السماء، ثم قال (عليه السلام): ويحك يا بصرة من جيش لا رهج له ولاحس) وقد ذكرنا / و137 / هذه الخطبة وفسرنا الفاظها في حدائق الحقائق، (فويلٌ لكِ يا بصرةُ عندَ ذلكَ منْ جيشٍ مِنْ نِقمِ اللهِ! لاَ رهجَ لهُ ولاَ حسًّ، وسيبتلى أهلكِ بالموتِ الأحمرَ، والجوعِ الأغبرِ!) النِقم کعنب كما في النسخ، وککلِم أيضاً جمع نِقمة (5)بالكسر، وكفرحة وهي (المكافاة بالعقوبة)(6)، والرَّهَجُ بالتحريك (الغبار)(7)، والحِس بالكسر الصوت والحركة وإن يمر بك قريباً فتسمعه ولا تراه، قال بعض الشارحين(8): الخطاب لأهل البصرة بما سيقع بها من فتنة الزنج، وظاهر أنه لم يكن لهم غبار ولا أصوات، إذ لم يكونوا أهل خيل ولا قعقعة لجم فإذن لا رهج لهم ولا حس، وظاهر كونهم من نقم الله للعصاة وإن عمت الفتنة،

ص: 57


1- (أندر) في أ، ن، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 85
3- (وفال) في أن تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 14
5- (نغمة) في أ، تصحيف
6- القاموس المحيط، مادة (نقم): 4 / 183
7- العين، مادة (رهج): 3 / 389
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 15

إذ قلما تخص العقوبة النازلة بقوم بعضهم كما قال تعالى: «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً»(1)وحكي في تفسير الموت الأحمر والجوع الأغبر أن الأول (اشارة الى قتلهم بالسيف من قبل صاحب الزنج، أو من قبل غيرهم ووصف الموت بالحمرة كناية عن شدته، وذلك أنَّأشد الموت ما كان بسفك الدم(2)، ثم قال: (وأقول قد فسره (عليه السلام) بهلاكهم من قبل الغرق)(3)في الخطبة المروية بقوله (عليه السلام): ثم الموت الأحمر، وهو الغرق (وهو أيضا في غاية الشدة، وكذلك وصف الأغبر لأنَّاشد الجوع ما أغبر معه الوجه، لقلة مادة الغذاء ورداءته فلذلك سمي أغبر، وقيل: لأنَّه يلصق بالغبراء وهي الأرض(4)وقال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: کنی بهذا الجيش عن طاعون يصيبهم حتى يبیدهم(5)، وقال: (وقد فسر قوم هذا الكلام بواقعة صاحب الزنج، وهو بعيد؛ لأنَّ جيشه كان ذا حس ورهج، ولأنَّه أنذر البصرة بهذا الجيش عند حصول تلك الفتن، ألا تراه يقول: (فویل لك يا بصرة عند ذلك)، ولم يكن عند خروج صاحب الزنج فتن شديدة على الصفات التي ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام)(6)، قال: والموت الاحمر كناية عن الوباء والجوع الأغبر كناية عن المحل، وهو انقطاع المطر وسمي

ص: 58


1- الأنفال / 25
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 15
3- المصدر نفسه: 3 / 15
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 15
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 85
6- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 85

الموت أحمر لشدته، ومنه الحديث: ((كنا إذا أحمر البأس اتقينا برسول الله(1)(صلى الله علیه واله) ووصف الجوع بالأغبر؛ لأنَّ الجائع يرى الآفاق كلها كأن عليها غبرة وظلاماً(2)ولا يذهب عليك أن قوله (عليه السلام) في هذه الخطبة: فويل لكِ یا بصرة عند ذلك لا يناسب أن يكون المراد بقوله: قوم شدید کلبهم صاحب (الزنج) وأصحابه کما زعمه بعض الشارحين(3)وإن كان لا يأباه لفظ الخطبة المروية وإن الظاهر من الموت الأحمر وإن كان هو القتل مع قطع النظر عن التفسير المنقول في الخطبة الأخرى بالغرق إلا أنه بعد وقوعه يتعين(4)الحمل عليه والأظهر في وصف الجوع بالأغبر أنه لمناسبة الوصوف باصفرار لون الجائع، ويبس بشرته، وذهاب الطراوة عن وجهه، والله تعالى يعلم.

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(انظروا(5)الى الدُّنيا نظرَ الزاهدينَ فيهَا، الصادقیَن عنهَا، فإنَهَّا، واللهِ عمَّا قليلٍ تزيلُ الثاويَ الساكنَ، وتفجعُ المترفَ الآمنَ، لا يرجعُ مَا تولَّی منهَا فأدبرَ، ولاَ يدرَى ما هوَ آتٍ منهَا فينتظرَ) الزهد في الشيء وعن الشيء ترکه وعدم الرغبة فيه، وكذلك الزهادة على ما قيل وفلان يتزهد (أي يتعبد)(6)، وقال

ص: 59


1- الفائق في غريب الحديث: 1 / 277، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 479
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 85
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 15
4- (تعين) في ر، وفي م (بتعين)
5- (أيها الناس انظروا) في: نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 186
6- ينظر: لسان العرب، مادة (زهد): 3 / 197

الخليل: الزهادة في الدنيا والزهد في الدين(1)وصدف عن الشيء كضرب (أي أعرض)(2)، وكلمة عن بمعنی بعد، أو يتعلق بالتجاوز ونحوه کما تقدم وما زائدة، وقيل: إنَّها بعد حرف الجر نكرة مجرورة والمجرور بعدها بدل منها، وثوى المكان وبالمكان کرمی إذا أقام فيه(3)، وفجعه کمنعه أي أوجعه، وقيل: الفجع أن يوجع الإنسان بشيء، يكرم عليه فيعدمه، وأترفته النعمة أي أطغته(4)، والمترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء ولا يمنع، والآمن ضد الخائف من الأمن والأمان، وتولى أي أعرض ولا يدري ما هو آتِ منها، أي من فرح وترح، أو صحة، أو مرض، أو موت، أو حياة، وغير ذلك.

(سرورهَا / ظ 137 / مشوبٌ بالحزنِ، وجلدُ الرجالِ فيهَا الى الضعفِ والوهنِ، فلا تغرنكُمْ كثرةُ ما يعجبكمْ فيهَا لقلة ما يصحبكمْ منهَا) الجلد بالتحريك (الصلابة)(5)و (القوة)(6)، والظرف متعلق براجع ومنتهی ونحو ذلك وغره أي خدعه وأطمعه بالباطل فاغتر، وتقول: أعجبني هذا الشيء إذا رأيته حسناً جميلاً وسررت به، وكذلك إذا حملك على التعجب، والمراد (بما يصحبكم منها) الكفن، ونحوه أو التمتع والانتفاع بلذاتها وزخارفها فإنَّ متاع الدنيا قليل، ولعل الأول أظهر. (رحمَ اللهُ أمرأً تفكرَ فاعتبرَ، واعتبرَ

ص: 60


1- نص الخليل: (الزهد في الدين خاصة، والزهادة في اِلأشياء كلها) العين، مادة (زهد): 4 / 12
2- لسان العرب، مادة (صدف): 9 / 187
3- ينظر: الصحاح، مادة (ثوی): 6 / 2296
4- (اطغثه) في أتصحيف، وفي ر: (اطعنته) تحریف
5- تاج العروس، مادة (جلد): 4/ 395
6- المصدر نفسه، مادة (جلد): 4 / 395

فأبصرَ، فكان مَا هوَ كائنٌ مِنَ الدُّنيا عنْ قليلٍ لمْ يكنْ، وكأنَّ مَا هوَ كائنٌ مِنَ الآخرةِ عَمَّا قليلٍ لمْ يزلْ، وكلُّ معدودٍ منقضٍ، وكُلُّ متوقَّعٍ آتٍ، وكُلُّ اتٍ قريبٌ دانٍ) المراد بالتفكر التفكر في حال الدنيا وما يؤول إليه أمرها، كمن يمر بالخربة فيقول: أين ساكنوك؟ أين بانوك؟، والاعتبار الاتعاظ والاستدلال من أمر على آخر من جنسه، والبصر العلم وبصرت بالشيء علمته، قال الله تعالى حكاية عن السامري: «بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ»(1)، والغرض إصابة الحق والانتقال الى وجوب العمل للآخرة والاعراض عن الدنيا وعن قليل قد مرَّ عن قريب، وكذلك عما قليل وانقضى الشيء أي فنى وانصرم، وفي بعض النسخ (منتقص) على صيغة الفاعل أو المفعول، والانتقاص يكون لازماً ومتعدياً، وكذلك النقص، يقال: نقصه وانتقصه فنقص وانتقص؛ أي كل معدود يلحقه النقص بالعدّ، والداني كالتفسير للقريب.

[منها](2): (العالمُ منْ عرفَ قدرهُ، وكفَى بالمرءِ جهلًا ألاَّ يعرفَ قدرهُ، وإنَّ أبغضَ(3)الرجالِ الیَ اللهِ لعبدٌ) وفي بعض النسخ (وإنَّ من أبغضِ الخلقِ

الى اللهِ(4)لعبداً وكلهُ اللهُ الیَ نفسهِ، جائرٌ عنْ قصدِ السبيلِ، سائرٌ بغیِرِ دليلٍ) قدر كل شيء مبلغه ومقداره، والمراد بقدر الرجل الدرجة التي جعلها الله له في الوجود وبين الخلق وكشفت عنه الشريعة المقدسة، وقوله (عليه السلام):

ص: 61


1- طه / 96
2- [منها] بياض في ث
3- (وإنَّ من أبغض) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 88، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 187
4- (الله تعالى) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 88، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 187

(كفى بالمرء جهلاً) تنبيه على كمال ذلك وعظم محله، ووكل الأمر إليه كوعد أي فوضه اليه واكتفى به، والمراد بذلك التفويض سلب التوفيق، وجار عن الطريق أي مال وعدل، والقصد الوسيط بين الطرفين والدليل هداية الله سبحانه وعلى ما في بعض النسخ (جائراً) و(سائراً)(1)منصوباً بأن على أنهما صفتان لعبد(2)(إن دُعيَ الیَ حرث الدنيا عمل، والى حرثِ(3)الآخرةِ كسلَ، كأنَّ مَا عَمِل لهُ واجبٌ عليهِ، وكأنَّ مَا ونَى فيهِ ساقطٌ عنهُ) الحرث الكسب والزرع وجمع المال، قيل: وأصله إلقاء البذر في الأرض، ويقال للزرع الحاصل منه، وكسِل عن الشيء كفرِح أي تثاقل عنه وفتر، وونى فيه أي قصر وفتر.

منها: (وذلكَ زمانٌ لا ينجُو فيهِ إلاَّ كُلُّ مؤمنٍ نُؤمةٍ، إن شهد لم يُعرف، وإن غابَ لمْ يفتقدْ، أولئكَ مصابيحُ الهُدى، وأعلامُ السُّرى، ليسُوا(4)بالمساييحِ(5)ولا المذاييعِ البُذرِ، أولئكَ يفتحُ اللهُ لهمْ أبوابَ رحمتهِ، ويكشفُ عنهمْ ضراءِ نقمتِهِ) النومة في بعض النسخ بهمزة مفتوحة بعد النون المضمومة(6)، وفي بعضها بهمزة ساكنة، وفي بعضها بواو مفتوحة(7)، - وقال ابن الأثير في

ص: 62


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 88، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 444، وشرح نهج البلاغة، البحراني: 3 / 18، وبحار الانوار 2 / 58
2- (لعبداً) في أ، ث، ر، ع، ن
3- (وأن دعي الى حرث) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 88، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 187
4- (ليس) في ث
5- (المسباييح) في أ، وفي ث: (بالمسابيح)
6- ينظر: بحار الانوار 66 / 273
7- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 444، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 89، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 19

النهاية - في النون مع الواو في حديث علي (عليه السلام): (أنه ذكر آخر الزمان والفتن، ثم قال: خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومةٍ النومة بوزن الهمزة. الخامل(1)الذكر: الذي لا يؤبه له)(2)، وقيل الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله، وقيل: النومة بالتحريك: الكثير النوم، وأما الخامل(3)الذي لا يؤبه له، فهو بالتسكين(4)، ومن الأول حديث ابن عباس: قال لعلي (عليه السلام): ما النومة؟ قال: الذي يسكت في الفتنة، فلا يبدو [منه](5)شيء انتهى(6)، ولم يذكر الجوهري النومة بالهمزة، وقال: رجلُ: نُوْمة بالضم ساكنة الواو، أي لا يؤبهُ له، ورجل نوَمة بفتح الواو، أي نوّم، وهو الكثير النوم(7)، وقال في القاموس: هو نائم ونؤم ونؤمة كهمزة وصرد(8)، / و138 / ثم قال: (ونومة كهمزة وأمير: مغفل أو خامل(9)(10)، والأول بالهمزة، والثاني بالواو، وفي النسخة التي عندنا، والشهود الحضور، وافتقده أي طلبه عند غيبته، والجملتان كالتفسير للنومة على الظاهر فيكون المراد بها الحامل(11)، والسُرى

ص: 63


1- (الحامل) في أ، ث، ر، ع، م تصحيف
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 131
3- (الحامل) في أ، ث، ع
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 131، وفيه: (... أمل الخال)
5- [منه] زيادة يقتضيها السياق، ذكرها ابن الاثير في النهاية: 5 / 131
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 131
7- ينظر: الصحاح، مادة (نوم): 5 / 2047
8- القاموس المحيط، مادة (نوم): 4 / 183، وفيه: (نؤوم)
9- (حامل) في ع، تصحيف
10- القاموس المحيط، مادة (نوم): 4 / 184
11- (الحامل) في ث، ع، تصحیف

كالهُدى السير عامة الليل(1)، وأعلام السرى كلّ ما يهتدي به في ذلك السير. وليسوا بالمسابيح سيجئ تفسيره، والضراء الحالة التي تضر نقيض السراء والمراد انه ببركاتهم تنزل(2)الخيرات وتندفع الشرور والآفات (أيهَّا النَّاسُ سيأتي عليكم زمانٌ يُكفأ فيهِ الاسلامُ كمَا يُكفأ الإناءُ بمَا فيهَ. أيَّها الناسُ إنَّ اللهَ تعالى قد(3)أعاذكمْ منْ أنْ يجورَ عليكمْ، ولْم يُعذكمْ منْ أنْ يبتليكمْ، وقدْ قالَ

جلَ منَ قائلٍ: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ»(4)، كفأه كمنعه كبهُ وقلبهُ، والابتلاء في الأصل الامتحان والاختبار(5)، وابتلاه(6)أي اصابه ببلاء، والآية وكلامه (عليه السلام) يحتملهما، ومرجع الاصابة بالبلاء الى الاختبار، وإن مخففة من المثقلة بقرينة اللام، وزعم الكوفيون أنَّها نافية واللام بمعنى إلاَّ(7).

قوله (عليه السلام): (كل مؤمن نؤمةٍ) فإنَّما أراد به الخامل(8)الذكر القليل الشر، والمساييح: جمع مسياح(9)، وهو الذي يسيح بين الناس بالفساد والنائم، والمذاييع جمع مذياع، وهو الذي إذا سمع لغيره بفاحشةٍ

ص: 64


1- ينظر: العين، مادة (سري): 7 / 291
2- (ينزل) في ر، تصحيف
3- (إنَّ الله قد) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 90، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 188
4- المؤمنون / 30
5- (الاختيار) في أ تصحيف
6- (ابتلاء) في ر، تحريف
7- [إلا] ساقطة في ر
8- (الحامل) في ع، ث، تصحيف
9- (مسباح) في ر، ع، تصحيف

أذاعها، ونوه بها. والبذر: جمع بذور، وهو الذي يكثر سفهه ويلغو منطقه، والمسياح كمفتاح مبالغة في السيح وهو [السعي]1بالشر والنميمة(1)، وأصل السيح ((الذهاب في الأرض))(2)، قيل: ((وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط على وجه الأرض))(3)، وحكى ابن الاثير في النهاية في شرح كلامه (عليه السلام): إنَّه من التسيح(4)في الثوب وهو أن يكون فيه خطوط مختلفة(5)، والنميمة: (نقل الحديث من قوم الى قوم على جهة الافساد والشر)(6)، وإذاعة الشر، إظهاره وإفشاؤه وقد يبني مفعال وكذلك فعَّال وفعول من أفعل نحو: مهوان من اهان وحسّاسٍ ودرّاك من أحسّ وأدرك، ونوه به أي شهره وعرفه، والبذر (التفريق)(7)، والبث(8)، ويقال: بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب أي أفشيته وفرقته، قال بعض الشارحين: الذي يذيع(9)الاسرار، وليس كما قال الرضي (رحمه الله): فقد يكون الانسان بذوراً وإن لم يكثر سفهه(10)ولم يَلْغِ منطقه(11)بأن يكون علنةً مذياعاً من غير

ص: 65


1- ينظر: معجم مقاييس اللغة، مادة (سيح): 3 / 120
2- العين، مادة (سيح): 3 / 273
3- النهاية في غريب الحديث والاثر : 2 / 432
4- (التسييح) في أ، تحريف، وفي ر: (التسبيح)
5- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 432
6- تاج العروس، مادة (نمم): 17 / 707
7- المصدر نفسه، مادة (بذر): 6 / 67
8- المصدر نفسه، مادة (بذر): 6 / 67
9- (بذيع) في ر، تصحيف
10- (سفيه) في ر، تحريف
11- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 90، وفيه: (رحمه الله تعالى)

سفه ولا يذهب عليك أنَّ كثرة الإذاعة وافشاء الأسرار كما هو مفاد صيغة المبالغة لا ينفك عن كثرة السفه واللغو في المنطق.

[ومن خطبةِ له (عليه السلام)] وقد تقدم مختارها بخلاف هذه الرواية

(أمَّا بعدُ فإنَّ اللهَ سبحانهُ(1)بعثَ محمداً (صلىَّ الله عليهِ والهِ) وليسَ أحدٌ من العربِ يقرأ كتاباً، ولا يدَّعِي نبوَّةٍ ولاَ وَحياً، فقاتلَ بمنْ أطاعهُ منْ عصاهُ، يسوقهُم الَی منجاتهمْ، ويبادرُ بهمُ الساعةَ أنْ تنزلَ(2)بهمْ) قد سبق في شرح ما أورده السيد (رضي الله عنه) من هذه الخطبة ما يتعلق بقوله (عليه السلام): (ليس أحد من العرب يقرأ كتاباً، ولا يدعي نبوة ولا وحياً)، والمنجاة محل النجاة، ويحتمل المصدر، والأول أظهر، ويبادر بهم الساعة أي يسارع إلى هدايتهم وارشادهم حذراً من أن تنزل بهم الساعة فتدركهم على الضلالة، ويقعوا في مهاوي الهلاك وأليم العذاب. (يحسرُ الحسیرُ، ويقفُ

الكسیرُ(3)فيقيمُ عليْه حتَّى يلحقهُ غايتهُ، إلاَّ هالكاً لَا خیَر فيهِ، حتَّى أراهمْ منجاتهمْ، وبوّأهمْ محلتهمْ، فاستدارتْ رحاهُمْ، واستقامَتْ قناتهُمْ) حَسِر البعير کفرِح أي (أعيا)(4)، والكسير المكسور، والاقامة على الحسير والكسير مراقبة من تزلزل اعتقاده، أو عرضت له شبهة من الامة في سلوك الطريقة القويمة لضعف في البصيرة، أو وسوسة من الشيطان بالنظر في أمره على وجه

ص: 66


1- (سبحانه وتعالى) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 93
2- (ينزل) في ع، تصحيف
3- (الكثير) في ر، تحریف
4- لسان العرب، مادة (حسر): 4 / 188

الرأفة والاشفاق وهدايته الى الصراط المستقيم حتى يبلغه الغاية التي هي الغرض من الايجاد والتكليف إلاَّ من أصر على / ظ 138 / الشقاق والنفاق فلم يمكن هدايته وإبلاغه إلى طريق الرشاد، وقيل: الغرض من الكلام وصفه (صلى الله عليه واله) بالشفقة على الخلق في الأسفار الى الغزوات ونحوها: أي(1): أنه كان يسير في آخرهم ويفتقد المنقطع منهم عن إعياء، أو(2)انكسار مركوب فلا يزال يلطف بهم ويدبر أمرهم حتى يبلغه أصحابه إلاَّ من لا يمكن إيصاله ولا يرجى لحوقه، ولعل الوجه الأول أظهر، وإن كان الثاني بما سيذكر من استدارة الرحى واستقامة القناة لا يبعد أن يكون أنسب، ومنجاتهم أي نجاتهم أو محل نجاتهم، والمحل أنسب بالمحلة، وبوأهم أي أسكنهم، ومحلتهم منزلهم وغاية سفرهم على الوجهين واستدارة، رحاهم انتظام أمرهم، فإنَّ الرحي إنَّما تدور(3)بتكامل الآلات والأدوات، وقال بعض الشارحين: ((استعار لهم لفظ الرحى لاجتماعهم وارتفاعهم على غيرهم كما ترتفع(4)القطعة من الأرض عن تالف التراب ونحوه))(5)وهو كما تری، والقناة الرمح والعصا، وقناة الظهر التي ينتظم الفقار.

(وايمُ اللهِ لقدْ كنتُ في(6) ساقتِهَا حتَّى تولتْ بحذافيرهَا، واستوسقتْ فِي

ص: 67


1- (أنه) في أ
2- (و) في ر
3- (يدور) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
4- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 22
5- (يرتفع) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
6- (من ساقتها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 93، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 189

قيادِهَا، مَا ضعفتُ ولاَ جبنتُ، ولاَ خنتُ ولاَ وهنتُ. وايمُ اللهِ لأبقرنَّ الباطلَ حتَّى أخرجَ الحقَّ مِنْ خاصرتِهِ) ايم الله اسم وضع للقسم كما تقدم، والساقة جمع سائق كحاكة وحائك، وساقة الجيش الذين يسوقون(1)الغزاة ويكونون من ورائه يحفظونهم والضمير راجع الى الجاهلية المدلول عليها بالمقام، أو المذكورة في محذوف من سابق الكلام وتولت أي أدبرت، وحذافير الشيء جوانبه، وقيل: أعاليه، واحدها حذفار، وقيل: حذفور والمعنى أدبرت بأسرها، واستوسقت أي اجتمعت، والقِياد والمِقود بالكسر فيهما ما يقاربه والخيانة أن يؤتمن الانسان فلا ينصح، والوهن والضمير راجع الى الجاهلية كالسابقين فالمراد بالقياد قياد الذل، أو الى الملة الاسلامية كما قيل: أي حتى أدبرت الجاهلية، وانتظم أمر الدعوة الاسلامية والخيانة أن يؤتمن الانسان فلا ينصح، والوهن الضعف، والبقر الشق أي أشقن جوف الباطل كالحيوان المبتلع جوهراً ثميناً لاستخراجه، والخاصرة ما بين أسفل الاضلاع وعظم الورك.

[ومن خطبةِ لهُ (علیه السلام)]

(حتَّى بعثَ اللهُ محمداً (صلَّى اللهُ عليهِ والهِ) شهيداً وبشیراً ونذيراً، خیرَ البريَّةِ طفلاً، وأنجبهَا كهلاً، أطهرَ المطهَّرينَ شيمةً، وأجودَ المستمطرينَ ديمةً) الشهيد الشاهد والأمين في شهادته والذي لا يغيب عن علمه شيء وهو (صلى الله عليه واله) شهيد على الأنبياء (عليهم السلام) يشهد لهم بتبليغ الرسالة وعلى أمته بالإيمان وغيره والبشارة الخبر السار؛ لأنه يظهر أثر السرور في

ص: 68


1- (يسوفون) في ر، تصحيف

البشرة والانذار التخويف والتحذير، والنجيب من كل نوع من الحيوان الفاضل النفيس منه(1)، يقال: نَجُب الرجل ککرُم وزناً ومعنی، [و](2)الكهل (من جاوز الثلاثين ووخطّه الشيب)(3)أي خالطه، وقيل: من بلغ الأربعين، وقيل: من جاوز أربعاً وثلاثين الى إحدى وخمسين، (وعن ثعلب في قوله تعالى: «وَكَهْلًا»(4)، قال: ينزل عیسی بن مریم (عليهما السلام) الى الأرض کهلاً ابن ثلاثين سنةً)(5)، والشِيمة بالكسر (الطبيعة والجِبلّة)(6)والجَود بالفتح (المطر الغزير)(7)، يقال: (جاد المطر جوداً فهو جائد)(8)، وجاد الشيء جودة أي صار جيداً، وجاد الرجل بما له جوداً فهو جواد، ولعل الأظهر أن الأجود أفعل من الأول (والاستمطار (الاستستقاء)(9)والاستنجاد، ومنه قوله الفرزدق: استمطروا من قريش كل منخدع

أي سلوه أن يعطي كالمطر، والدِيمة بالكسر: (المطر الدائم في سكون)(10)والمراد بالديمة عطاياه وافاضاته (صلى الله عليه واله) [أو فيوضه](11)

ص: 69


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 17
2- [و] ساقطة من ر
3- الصحاح، مادة (کهل): 5 / 1813
4- ال عمران / 46
5- المصباح المنير، مادة (الكهل): 2 / 543
6- المصدر نفسه، مادة (الشيمة): 1 / 329
7- الصحاح، مادة (جود): 2 / 461
8- المصدر نفسه، مادة (جود): 2 / 461
9- لسان العرب، مادة (مطر): 5 / 179
10- لسان العرب، مادة (دوم): 12 / 219
11- [أو فيوضه] ساقطة من ر

سبحانه وما أعطاه الله من الدرجات العالية على ما في بعض النسخ وأجود المستمطرين على صيغة اسم الفاعل (فمَا أحلولتْ لكمْ الدُّنيَا فِي لذاتِهِا، ولاَ تمكنتمْ / و139 / منْ رضاعِ أخلافِهَا إلاَّ منْ بعدهِ. صادفتُمُوها(1)جائِلًا خطامُهَا(2)، قلقاً وضينُهَا) أحلولى الشيء صار حلواً ضد المر وجاء متعدياً، قالوا: ولم يجيء افعوعل متعدياً إلاَّ هذه الكلمة، واعروريت الفرس أي ركبته عرياناً، والرَّضاع بفتح الراء مصدر رضِع الصبي أمُهُ بالكسر أي امتص ثديها، والاخِلاف جمع خِلف بالكسر وهو حلمة ضرع الناقة(3)، أو (الضرع لكل ذات خف وظلف، وقيل: مقبض يد الحالب من الضرع)(4)، وقيل: هو للناقة كالضرع للشاه، والجملتان كنايتان عن انتفاعهم وتمتعهم من الدنيا وصادفته أي وجدته، والجائل الدائر المتحرك والذي يذهب ويجيء ومنه الجولان في الحرب، وخِطام البعير بالكسر الحبل الذي يقاد به، والقلق المتحرك الذي لا يستقر في مكانه، و (الوضين بطان(5)منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير)(6)، كالحزام(7)للسرج والغرض عدم تمكنهم من الانتفاع بالدنيا وصعوبتها عليهم وعدم انقيادها لهم كما

ص: 70


1- (وصادفتموها) في ر
2- (حظامها) في ر، تصحيف
3- لسان العرب، مادة (خلف): 9 / 92
4- المصدر نفسه، مادة (خلف): 9 / 92
5- (بظان) في ر، تصحيف
6- لسان العرب، مادة (وضن): 13 / 450
7- (کالخرام) في ث، ر، تصحيف

تستصعب(1)الناقة على راكبها إذا كانت جائلة الخطام(2)ليس زمامها في يد راكبها قلقة الوضين لا يثبت رحلها تحت راكبها (قدْ صارَ حرامهَا عندَ أقوامٍ بمنزلةِ السدرِ المخضودِ، وحلالَها بعيداً غیرَ موجودٍ، وصادفتموهَا واللهِ ظلاً ممدوداً إلَی أجلٍ معدودٍ) السدر بالكسر: (شجر النبق)(3)، والواحد سدرة، والخضد عطف العود اللين، يقال: (خضدت العود فانخضد، أي ثنيته فانثنی من غير کسر)(4)، وخضدت الشجر أي (قطعت شوکه)(5)، والسدر المخضود الذي أنثنی(6)أغصانه من كثرة الحمل(7)، أو(8)الذي قطع شوکه ونزع، قيل: نظر المسلمون الى وادِ بالطائف فأعجبهم سدره، وقالوا: يا ليت لنا مثل هذا، فنزل قوله تعالى: «فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ»(9)(10)وصيرورة الحرام عندهم کالسدر المخضود كناية عن أكلهم إياه برغبة كاملة ومیل شدید، كقوله (عليه السلام) في الخطبة الشقشقية: (يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع)(11)، والظل الممدود الدائم الذي لا ينسخه الشمس، أو الطويل

ص: 71


1- (يستصعب) في أ، ر، ع، م، تصحیف، وفي ث: (يستضعف)
2- (الحظام) في ر، تصحیف
3- القاموس المحيط، مادة (سدر): 2 / 46
4- الصحاح، مادة (خضد): 2 / 468
5- المصدر نفسه، مادة (خضد): 2 / 469
6- (انثنى) في ر، تصحيف
7- (الجمل) في ث
8- (و) في ث، ر
9- الواقعة / 28، 29
10- ينظر: أسباب نزول الآيات، الواحدي: 270، وتفسير مجمع البيان: 9 / 363
11- ينظر: صحيفة 47

المنبسط لعلو الشاخص وعظمه وقد ورد في الخبر أن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها وكلما كان ذو الظل أطول وأعظم كان ظله الى البرد أقرب، والأجل مدة الشيء وغاية الوقت ووصف المدة بالمعدود باعتبار أجزائها (فالأرضُ لكمْ شاغرةٌ، وأيديكمْ فيهَا مبسوطةٌ، وأيدِي القادَةِ

عنكمْ مكفوفةٌ، وسيوفكمْ عليهَا مسلطةٌ، وسيوفهمْ عنكمْ مقبوضةٌ) شغرت الأرض أي (لم يبقَ بها أحد يحميها، ويضبطها)(1)، وشغر البلد شغوراً كعقد إذا خلا من حافظ(2) يمنعه، (وبلدة شاغرة برجلها إذا لم تمنع من غارة أحد)(3)وكون الأرض لهم شاغرة خلوها عن منازع وقاهر يقهرهم(4)ويمنعهم عن التصرف فيها كيف شاؤا، وقال ابن الاثير في النهاية: قيل الشغر(5): البعد، وقيل: الاتساع(6)، ومنه حديث علي (عليه السلام): فالأرض لكم شاغرة، أي واسعة(7)وقال بعض الشارحين(8): يعني أن الأرض بهؤلاء السكان فيها صورة خالية عن معنی کما قال الشاعر:

ما أكثر الناس لا بل ما أقلهمُ ٭٭٭ الله يعلم أني لم أقل فنداً

ص: 72


1- القاموس المحيط، مادة (شغر): 2 / 60
2- (حافط) في أ، تصحيف
3- القاموس المحيط، مادة (شعر): 2 / 60
4- (بقهرهم) في ر، تصحيف
5- (الشعر) في ث، ر، تصحيف
6- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 482
7- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 483
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 98

إني لأفتحُ عيني ثم أغمضها(1)على كثير، ولكن لا أرى أحداً(2) هو کما تری وبسط اليد التسلط كما أنَّ كفها عدم القدرة، والقادة(3)ولاة الأمر المستحقون للإمارة والرئاسة وتسلط السيوف إشارة إلى واقعة الحسين (عليه السلام)، وما كان من بني أمية وغيرهم من القتل وسفك الدماء.

(ألاَّ أنَّ(4)لكل دمٍ ثائراً، ولكل حقٍ طالباً، باللهِ يَا بني / ظ 139 / أميةَ عمَّا قليلٍ لتعرِفُنَّها فِي أيدِي غيركمْ، وفِي دارِ عدوِّكُمْ.) ثأر(5)بهِ وثأره(6)ثأراً کمنع طلب دمهُ وقتل قاتله، والثائر الذي لا يبقي على شيء حتى يدرك ثأره(7)، والثأر الدم وقاتل الحميم وإنَّ الثَّائرَ فِي دِمائنَا(8)كالحاكمِ في حِق نفسهِ، وهوَ اللهُ الَّذِي لاَ يعجزُهُ مِنْ طلبَ، ولاَ يفوتُهُ منْ هربَ. فأقسم أيضاً وكون الثائر کالحاكم في حق نفسه استيفاؤه الحق بنفسه البتة من غير افتقار الى الاثبات، وحکم حاکم(9)والضمير في (تعرفنها)(10)راجع الى الإمارة، أو الى الدنيا كالضمائر المتقدمة والكلام اخبار بانتقال الدولة عن بني أمية واخر

ص: 73


1- وردت في ديوان دعبل، (حين افتحها)
2- البيت لدعبل الخزاعي، من البحر البسيط، دیوانه: 84، 85
3- (الفادة) في ر، تصحيف
4- (الا وإِنَّ) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 96، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 190
5- (دمائها) في ع، تحریف
6- (تأر) في ر، تصحيف
7- (تأره) في ر، تصحيف
8- (تاره) في ر، تصحيف
9- (خاکم) في أ، تصحيف
10- (تعرفها) في ث، ر، تحریف

الأمويين(1)مروان بن محمد بن مروان فر يوم الزاب عن عبدالله [بن علي بن عبدالله](2)بن العباس في الحرب وقتل بأرض مصر.

(ألاَّ إِنَّ أبصرَ الأبصارِ مَا نفذَ في الخیرِ طرفُهُ! ألاَ إنَّ أسمعَ الأسماعِ مَا وعَى(3)التَّذكیَر وقبلهُ! أيُّها الناسُ، استصبحُوا منْ شعلةِ مصباحٍ واعظٍ مُتَّعظٍ، وامتاحُوا منْ صفو عینٍ قدْ روقتْ من الكدرِ) طَرف العين بالفتح نظرها يطلق على الواحد وغيره؛ لأنَّه مصدر، ويقال: طرف بعينه إذا حرك(4)جفنيها، والمرة منه طرفه ونفوذ الطرف(5)في الخير(6)روية خيار الأشياء وهي كناية عن اتباع محاسن الأشياء كما قال عز وجل: «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ»(7)، ووعي الحديث کرمی أي حفظه وتدبره، والمصباح السراج، واستصبح به أي أسرج به، والشعلة مضافة إلى المصباح وهو الي واعظ ويظهر بعض الشروح أنه روی بتنوين مصباح، والمراد بالمصباح نفسه (عليه السلام) ووصف الواعظ بالاتعاظ(8)؛ لأن الموصوف أحرى(9)بأن يقبل قوله، والامتياح(10)

ص: 74


1- (الاموتين) في أ، ث، تصحيف
2- [علي بن عبد الله] ساقطة من ر، م
3- (وعن) في م، تحریف
4- (جرك) في م، تصحيف
5- (الظرف) في ع، تصحيف
6- (الخبر) في ع، تصحيف
7- الزمر / 18
8- (بالاتعاذ) في ث، تحریف
9- (اخری) في أ، ر، تصحيف
10- (الامتياج) في ث، ر، تصحیف، وفي م: (الاحتياج)، تحریف

نزول البئر وملؤ الدلو منها(1)، وصفو الشيء وصفوته ما صفی منه وراق الشراب يروق روقاً إذا صفا وروقته أنا ترويقاً، ووصف العين بالجملة لإفادة عدم اشتمالها على الكدر دفعاً لما توهمه اضافة الصفو اليها، والمراد بالعين أيضاً نفسه (عليه السلام). (عبادَ الله لاَ تركنُوا الَی جهالتكمْ، ولاَ تنقادُوا لأهوائكمْ(2)، فإنَّ النازلَ بهذا المنزلِ نازلٌ بشفا جرفٍ هارٍ، ينقلُ الرَّدى عنْ ظهرهِ منْ موضعٍ الى موضعٍ، لرأيٍ يحدثُهُ بعدَ رأيٍ يريد أنْ يُلْصِقَ مَا لاَ يَلْتَصِقُ، ويُقرِّب مَا لاَ يتقاربُ!) ركن الى الشيء مال إليه واعتمد عليه، وفيه لغات(3)رکن کعلم وعليه ما في الأصل كقوله تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ»(4)ورکن کنصر، قال الازهري: وليست بالفصيحة(5)، ورکن کمنع وهي من تداخل اللغتين(6)وفي بعض النسخ (لا تركنوا الى جهالكم) جمع جاهل، والهوى ارادة النفس والعشق يكون في الخير والشر، والشفا شفير الشيء وجانبه، والجُرُف بضمتين كما في النسخ، والجُرف بالضم ما تجرفه السيول وأكلته من الأرض، و(الهار: الساقط الضعيف)(7)، يقال: هار البناء یهور هوراً إذا سقط فهو هائر وهارٌ وهارٍ بالرفع والجر، أما هائر فهو الأصل وأما هارٌ بالرفع فعلى حذف الهمزة، وأما هارٍ بالجر فعلى نقل الهمزة الى بعد

ص: 75


1- ينظر: الصحاح، مادة (ميح): 1 / 408
2- (الى أهوائكم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 136
3- ينظر: لسان العرب، مادة (رکن): 13 / 185
4- هود / 113
5- تهذيب اللغة، مادة (رکن): 10 / 189، وفيه: (وليست بفصیحة)
6- ينظر: الخصائص: 1 / 375
7- لسان العرب، مادة (هار): 5 / 268

الراء، کما قالوا في شائك السلاح، أي حديد السلاح: شاكٍ(1)، ولاث النبات أي (التف بعضه ببعض)(2)فهو لاثٍ، ثم عمل به ما بالمنقوص نحو قاض وداعٍ، والرَدی جمع رَداة بالفتح فيهما وهي (الصخرة)(3)أي ينقل الصخور عن ظهره من موضع الى موضع ولا يخفف عن نفسه بوضعها بل هو في تعب دائماً، وفسره بعض الشارحين: ب(الهلاك)(4)، والصاق ومالا يلتصق وتقريب مالا يتقارب اثبات الباطل بحجج باطلة وتقربه الى الافهام بمؤیدات فاسدة. (فاللهَ اللهَ أنْ تشكُوا الَی منْ لاَ يُشكِى شجوَكمْ، ولاَ ينقضُ برأيهِ مَا قدْ أبرمَ لكمْ.) [نصب الكلمة الجليلة بفعل مقدر، والمعنى اتقوا الله في ذلك الشكوى](5)وشكا أمره الى الله شکوی وشكاية(6)رفعه إليه ليزيل همه، أو يدفع عنه / و140 / الظلم وأشكاه أي أزال شکایته، والهمزة للسلب نحو أعربته(7)أي أزلت عربه وهو فساده، والشجو الهم والحزن و(8)الغرض النهي عن اتباع إمام لا يقدر على كشف المعضلات وحل المشكلات في المعاش والمعاد لقلة البصيرة وانحطاط الدرجة في العلم والعجز عن القيام بلوازم الأمامة کما

ص: 76


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (هار): 5 / 268
2- القاموس المحیط، (لوث): 1 / 174
3- لسان العرب، مادة (ردی): 14 / 319
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 137
5- [نصب الكلمة الجليلة بفعل مقدر، والمعنى اتقوا الله في ذلك الشكوی] بیاض في ر، م
6- (وشكابة) في ر، تصحيف
7- (اعربية) في ر، تحریف
8- (أو) في أ، ع

سبق منهم، وأبرم الحبل أي جعله طاقين ثم(1)فتله وابرم الأمر أي أحكمه ونقض الابرام حل الأشكال وكل عقد والغرض التحذير عن اتباع من لا يقدر على حلّ ما أبرمه الشيطان، وكل داع الى الباطل في صدورهم، وفي بعض النسخ (ومن ينقض برأيه) بدون كلمة (لا) فالمعنى لا تتبعوا من ينقض برأيه الفاسد ما أحكمه الشرع وفرضه عليكم ولعله أوضح. (إنهُ ليسَ علَى الإمامِ

إلاَّ مَا حُمِّلَ منْ أمرِ ربِّهِ: الابلاغُ فِي الموعظةِ، والاجتهادُ فِي النصيحةِ، والإحياءُ للسُّنَّةِ، وإقامةُ الحدودِ علَى مستحقِّيهَا(2)، واصدارُ السُهُمانِ علىَ أهلهَا) السُهُمان بالضم جمع سهم وهو (الحظ)(3) والنصيب(4)، واصدار السهم على أهله [ارجاعه](5)وايصاله إليهم من الصدور وهو رجوع الشاربة عن الماء بعد الارتواء، ولعل الغرض من النفي في الكلام ازالة الأطماع الفاسدة والتوقع للتفضيل في العطاء المعهود من السابقين (فبادرُوا العلمَ منْ قبلِ تصويحِ نبتِهِ، ومنْ قبلِ أنْ تشغلُوا بأنفسكم عنْ مستثارِ العلمِ منْ عندِ أهلهِ، وانهُوا عنْ المنكرِ وتناهُوا عنهُ، فإنَّما أمرتُمْ بالنهيِ بعدَ التناهِي) بادر الأمر(6)مبادرة وابتدره وبدر(7)غيره إليه أي عاجله، وصوح النبات إذا يبس وتشقق(8)، أو إذا

ص: 77


1- (ثم) في أ، ع، تحریف
2- (مستحيفها) في ر، تحریف
3- تاج العروس، مادة (سهم): 16 / 376، وفي ث: (الخط) تصحيف
4- المصدر نفسه، مادة (سهم): 16 / 376
5- [وارجاعه] ساقطة من ر، م
6- (العلم) في ر، م
7- (وابتدر وبدره) في م
8- الصحاح، مادة (صوح): 1 / 384

جف أعلاه، وتصویح(1)نبت(2)العلم كناية عن ذهاب العالم، كما قال (عليه السلام): (سلوني قبل أن تفقدوني) والاستثارة الانهاض، والتهيج والمستثار مصدر بمعناه والتناهي والانتهاء الكف والترتيب بين الأمر بالنهي، والأمر بالتناهي لا بين النهي والتناهي حتى يلزم الاشتراط وتقديم الأمر بالتناهي لكون اصلاح المرء نفسه أهم من الاعتناء بإصلاح غيره، ولما ورد من أن الموعظة إذا خرجت من القلب أثرت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز(3)الآذان، ويمكن أن يعتبر الترتيب بين النهي والتناهي لذلك فالمراد بالأمر الأمر الاستحساني والله تعالى يعلم.

[وفي خطبة له (عليه السلام)]

(الحمدُ للهِ الَّذِي شرعَ الاسلامَ فسهلَ شرائعهُ لمنْ وردهُ. وأعزَّ أركانهُ علَى منْ غالبهُ، فجعلهُ أمناً لمنْ عَلِقَهُ، وسِلماً لمنْ دخلهُ، وبُرهاناً لمنْ تكلَّم بهِ،

وشاهداً لمنْ خاصمَ به(4)، ونُوراً لمنِ استضاءَ(5)بهِ) الشَرع بالفتح والشريعة ما شرع الله لعباده من الدين أي سنه وافترضه عليهم، وشرع الله لنا كذا أي اظهره وأوضحه، والشريعة مورد الإبل على الماء الجاري، وكذا المشرعة، قال الازهري: ولا تسميها العرب مشرعه إلاَّ إذا كان الماء غير منقطع کماء

ص: 78


1- (تضویح) في ث، تصحيف
2- (بنت) في أ، ر، تصحيف
3- (يتجاوز) في م، تصحيف
4- (عنه) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 139، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 192
5- (تضاء) في م، تحریف

الأنهار، ويكون ظاهراً معيناً ولا يستقي منه برشاء فإن كان من ماء الأمطار فهو الکَرَع بفتحتين(1)، والناس في هذا الأمر شَرَع بفتحتين، وشْرَع بسكون الراء للتخفيف أي سواء ووردت الماء کوعدت إذا حضرته لتشرب، ورکن الشيء (جانبه)(2)، أو الجانب الأقوى منه(3)والعزو والمنعة وما يتقوى به من ملك وجند وغیرہ کما يستند الى الركن من الحائط عند الضعف، والعز: (القوة والشدة والغلبة)(4)، وأعزه أي جعله عزيزاً، وغالبه أي حاول أن يغلبه، واعزاز أركانه على من غالبه تأییده حتى يقهر من نازعه، والأمن ضد الخوف، وعلقه وعلق به کفرح إذا نشب به واستمسك والتعليق بالمصدر للمبالغة، والسِلم بالکسر کما في النسخ وكذلك بالفتح الصلح وكونه سلما لمن دخله أنَّ من دخله لا يحارب(5)والبرهان الحجة والدليل، (وفهماً لمنْ عَقَلَ، ولباً لمنْ تدبَّرَ، وآيةً لمنْ توسمَ، وتبصرةً لمنْ عزمَ، وعبرةً لمنْ اتعظَ، ونجاةً لمنْ صدق، وثقةً لمنْ توكلَ، وراحةً لمنْ فوضَ، وجنةً لمنْ صبرَ) عقلت الشيء عقلاً كضربت أي تدبرته، وعقل كعلم لغة فيه، والموجود في النسخ هو الأول، / ظ 140 / ويمكن أن يراد بمن عقل من كان [من](6)أهل العقل وهو قوة بها يكون التميز بين الحسن والقبيح، وقيل: غريزة يهيأ بها الإنسان لفهم الخطاب، واللُب بالضم العقل، والآية: العلامة، والتوسم:

ص: 79


1- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (شرع): 1 / 425
2- لسان العرب، مادة (رکن): 13 / 185
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رکن): 13 / 185
4- تاج العروس، مادة (عزز): 8 / 100
5- (يجارب) في ث، م، تصحيف
6- [من] ساقطة من، أ، ع

التفرس وهو التثبت والنظر، والعزم الجد والصبر وتوكيد الرأي على الطاعة والوفاء بعهد الله، والعِبرة بالكسر ما يتعظ به الإنسان ويعتبره ليستدل به على غيره، والمراد بالثقة ما يؤتمن ويعتمد عليه، يقال: وثِقت به أثِق بكسر هما ثقة ووثوقاً أي أئتمنه ووثُق الشيء بالضم وثاقه فهو وثيق، أي ثابت محكم، وتوكل أي فوض الأمر وسلم، والجُنة بالضم كل ما وقی من سلاح وغيره (فهوَ أبلجُ(1)المناهجِ، واضحُ الولائجِ، مشرفُ المنارِ، مشرقُ الجوادِّ، مضيءُ المصابيحِ، كريمُ المضمارِ، رفيعُ الغايةِ، جامعُ الحلبةِ، متنافسُ السبقة، شريفُ الفرسانِ) البلوج الاشراق(2)وصبح أبلج أي: (مشرق مضيء)(3)، والمنهج والمناهج الطريق الواضح، والولائج جمع وليجة وهي المدخل الى الوادي(4)وغيره(5)، والمشرف العالي، والمنار جمع منارة وهي (العلامة) وأصلها منورة موضع النور والاشراق الاضاءة، واشراق الجواد وضوح الطرق، والمضمار موضع تضمير الفرس، أو زمانه وهو أن يعلف حتى يسمن ثم يرد الى القوت، وذلك في أربعين يوماً، والغاية منتهى السباق(6)، أو الراية المنصوبة في آخر المسافة وهي خرقة تجعل(7)على قصبة وتنصب في آخر المدى يأخذها(8)

ص: 80


1- (أبلح) في م، تصحيف
2- الصحاح، مادة (بلج): 1 / 300
3- المصدر نفسه، مادة (بلج): 1 / 300، وفيه: (مشرق ومضيء)
4- (الواذي) في أ، تصحيف
5- ينظر: تاج العروس، مادة (ولج): 3 / 510
6- (السياق) في م، تصحيف
7- (يجعل) في أ، ث، ر، ع، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
8- (يأخدها) في أ، ن، وفي ر: (باخدها)، تصحيف

السابق من الفرسان، والحَلبة بالفتح: خیل تجمع للسباق(1) من كل أوب أي ناحية لا تخرج(2)من اصطبل واحد)(3)، ويقال للقوم إذا جاءوا من كل أوب للنصرة، قد أحلبوا(4)وكون الحَلبة(5)جامعة عدم خروج أحد منها، والتنافس الرغبة في الشيء النفيس الجيد في نوعه، والسبقة بالسكون - كما في النسخ - مصدر سبقت، والسَبق بالتحريك: ما يجعل من المال رهناً على المسابقة، والفُرسان بالضم جمع فارس کالفوارس وقد فسر (عليه السلام) ما أبهم من الأمور المذكورة فقال: (التصديقُ منهاجُهُ، والصالحاتُ منارهُ، والموتُ غايتهُ، والدنُّيَا مضمارُهُ، والقيامةُ حلبتهُ(6)، والجنَّةُ سبقتهُ) الصالحات الأعمال الصالحة وكونها مناراً لإضاءتها وإشراقها؛ ولأنه يُهتدى بها من يهتدي، وكون الموت غاية؛ لأنه نهاية المُدة، أو لأنه الفائدة المطلوبة من السباق؛ لأن الدنيا سجن المؤمن وبه الخلاص والفوز بالسعادة الابدية، والدنيا مضمار؛ لأنها دار ممر لا دار مقرّ(7)وفيها يستعد الفائزون للجنة والدرجات العالية، وكرم ذلك المضار لكونه جامعاً لجهات المصلحة التي خلق لأجلها وهي: اختبار(8)العباد، وفوز الفائزين، ولا ينافي ذلك ما ورد في ذم الدنيا؛ لأنه يرجع [الى

ص: 81


1- (للسياق) في ع، تصحيف
2- (یخرج) في ر، م، تصحيف
3- الصحاح، مادة (حلب): 1 / 114
4- (أجلسو) في ع، تحریف
5- (الحلية) في أ، تصحيف
6- (جلسته) في ث، ر، وفي م: (جلسة)، تحریف
7- (مفر) في ر، صحیف
8- (اختيار) في أ، ع، تصحيف

ذم](1)من ركن إليها، وقصر النظر عليها، وقد أوضح (عليه السلام) [...](2)هذا المعنى في كلام له وقد سمع رجلًا يذم الدنيا کما سيجيء إن شاء الله تعالى. والقيامة جلسة أي ذات جلسة وموضعها الذي يجتمع الكل فيها من كل ناحية والجنة سبقته أي جزاء سبقته، ويحتمل أن يكون إسكان الباء في الموضعين من قلم النساخ، وقد مرَّ في كلامه (عليه السلام) (الا وإنَّ اليوم المضمار، وغداً السباق) والسبقة الجنة والغاية النار.

[منها في ذكر النَّبِي (صلَّى اللهُ عليهِ والهِ)](3): (حتَّى أورى قَبساً لقابسٍ، وأنارَ علماً لحابسٍ، فهوَ أمينكَ المأمونُ، وشهيدكَ يومَ الدِّينِ، وبعيثكَ نعمةً، ورسولكَ بالحقِ رحمةً.) وری(4)الزند کرمی إذا خرجت ناره(5)وأوراه غيره إذا استخرج ناره، والقبس(6)الشعلة، والقابس طالب الاستصباح منها أي حتى أظهر نور الحق للطالبين، والعلم بالتحريك المنار والجبل وإنارة العلم أن يوقد عليه النار ليهتدي المهتدي بالليل، ولعل المراد بإنارة العلم تعيين الإمام والنص عليه، والحابس الذي حبس ناقته لا يدري كيف يهتدي المنهج وهو أمينك أي من ائتمنته على الوحي وتبليغ الرسالات، وهو المأمون أي في نفس الأمر حقاً وشهیدك يوم الدين أي على أمته وعلى / و141 / الأنبياء (عليهم السلام) کما تقدم، والبعيث المبعوث أي من بعثته نعمه على العباد

ص: 82


1- [الى ذم] ساقطة من، ر، م
2- [في] زيادة في ر
3- [منها في ذكر النَّبِي (صلىَّ اللهُ عليهِ والهِ) بیاض في ث
4- (وروی) في ر، تحریف
5- (ناره) في ر، تصحيف
6- (العابس) في م، تحریف

بهدايتهم الى الجنة والحق ورسولك رحمة كما قال عز وجل: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»(1)، قيل: أي (ما بعثت به سبب لإسعادهم وموجب اصلاح معاشهم ومعادهم، وقيل: كونه رحمة للكفار أمنهم من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال)(2).

(اللهمَّ اقسمْ لهُ مقسماً من عدلكَ، واجزهِ(3)مضاعفاتِ(4)الخیِرِ منْ فضلكَ اللهمَّ. أعلِ(5)علىَ بناءِ البانیَن بناءهُ، وأكرمْ لديكَ نزلهُ، وشرِّف عندكَ منزلته(6)، وآتِهِ الوسيلة، وأعطه السناء والفضيلة) المقسَم بفتح السين النصيب ويحتمل المصدر، والتنوين للتعظيم، أو المراد أعطه مقسماً يستحقه كما هو مقتضى العدل، وقوله: ((واجزه مضاعفات الخير)) دعاء(7)له بأن يعطيه أضعاف ما يستحقه من الإنعام والإحسان بالتفضل، وفي بعض النسخ (مضعفات الخير)(8)على صيغة المفعول من باب التفعيل، وضعف الشيء إذا

ص: 83


1- الأنبياء / 107
2- أنوار التنزيل وأسرار التأويل: 4 / 61
3- (واجره) في ث، تصحيف
4- (مضعفات) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 140، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 193
5- (واعل) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 140
6- (منزله) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 140، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 193
7- (دعا) في م
8- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 140، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 451، وشرح نهج البلاغة، البحراني: 3 / 33

زاد(1)وضعفته، واضعفته، وضاعفته بمعنى وضعف الشيء، قيل: هو مثله وضعفاه(2)مثلاه، وقال الخليل: التضعيف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين أو أكثر(3)، وكذلك الأضعاف والمضاعفة، وقال الأزهري: ((الضِعف في كلام العرب المِثل))(4)هذا هو الأصل، ثم استعمل الضعف في المثل وما زاد وليس للزيادة حد، قال: ((وجاز في كلام العرب هذا ضعفه أي مثلاه وثلاثة أمثاله؛ لأن الضعف زيادة غير محصورة))(5)، والبِناء بالكسر مصدر بناه يبنيه نقیض(6)هدمه، والمبنى أيضاً ويجمع على أبنية، والمراد بناؤه قواعد دينه أو كمالاته (صلى الله عليه واله) التي بناها لنفسه بالأعمال والعبادات أو إعلاء(7)البناء كناية عن رفع الدرجة، والنُزُل بضمتين ما هُيء للضيف أن ينزل من طعام ونحوه(8)، والمنزلة ((الدرجة))(9)، ((وموضع النزول))(10)، والمنزل الموضع أي شرف مقامه في حضرة القدس والوسيلة درجة رفيعة في الجنة أعدت له (صلى الله عليه واله)، وهي في الأصل ما يتوسل به الى الشيء

ص: 84


1- (راد) في ر، تصحيف
2- (وضعفاء) في ر، ع، وفي م: (وصعفاه)، تصحيف
3- العين، مادة (ضعف): 1 / 282
4- تهذيب اللغة، مادة (ضعف): 1 / 480
5- المصدر نفسه، مادة (ضعف): 1 / 480، 481
6- (بفيض) في ر، تصحيف
7- (أعلاه) في ر، م، تحریف
8- ينظر: لسان العرب، مادة (نزل): 11 / 658
9- المصدر نفسه،، مادة (نزل): 11 / 658
10- المصدر نفسه،، مادة (نزل): 11 / 658

ويتقرب به، والسناء بالمد الرفعة، وفي الحديث: ((بشر أمتي بالسناء))(1)أي بارتفاع القدر والمنزلة عند الله تعالى. (واحشرنَا فِي زمرتِهِ، غیرَ خزايَا

ولاَ نادمینَ، ولاَ ناكبینَ، ولَا ناكثینَ، ولَا ضالِّینَ، ولَا مفتونینَ(2)وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلاَّ أنا کررناه هاهنا لما في الروايتين من(3)الاختلاف ((الزُمرة بالضم: الفوج))(4)، ((والجماعة في تفرقة))(5)، وخزي کرضي ((وقع في بلية(6)وشهرة فذل بذلك))(7)، والنعت خزیان وخزي كعطشان وعطشی والجمع خزايا أي غير خزایا بقبائح الذنوب وفضائح الأعمال بالتوفيق للترك في الدنيا، أو الستر في الآخرة، ولا نادمين أي على التفريط في جنب الله والعمل بطاعته، ونكب عن الطريق كنصر وفرح أي عدل عنه(8)أي ولا عادلين عن الصراط المستقيم بالميل إلى الافراط والتفريط، والنَكث بالفتح نقض العهد، والاسم النِكث بالكسر، يقال: نکث کضرب ونصر أي ولا ناقضين(9)لعهود الله ومواثيقه. قال الله تعالى: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ

ص: 85


1- المستدرك، النيسابوري: 4 / 318، والمبسوط، السرخسي: 7 / 5، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 414
2- (ولا مضلين، ولا مفتونين) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 140، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 193
3- (في) في أ، ع، تحریف
4- تاج العروس، مادة (زمر): 6 / 470
5- المصدر نفسه، مادة (زمر): 6 / 470
6- (بليته) في ر، م، ن، تحریف
7- القاموس المحيط، مادة (خزي): 4 / 324
8- ينظر: الصحاح، مادة (نکب): 1 / 228
9- (ناقصين) في ر، م، تصحيف

لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ»(1)، وذلك العهد يوم الميثاق أو على ألسنة الرسل والأوصياء (عليهم السلام) وبنصب الحجج والبراهين. وفتنه کضربه إذا امتحنه وقد كثر استعمال الفتنة في الاختبار بالمكروه، ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر والقتال والعذاب والإحراق والإزالة والصرف عن الشيء والفضيحة والاضلال وغير ذلك.

[منها في خطاب أصحابه](2): (وقدْ بلغتمْ منْ كرامةِ اللهِ(3)لكمْ بمنزلةٍ تكرمُ بِها إماؤكمْ، وتوصلُ بِها جيرانكمْ ويفضلكمْ منْ لاَ فضلَ لكمْ عليهِ، ولَا يد لكمْ عندهُ، ويهابكمْ منْ لا يخاف لكمْ سطوةً، ولَا لكمْ عليهِ إمرةٌ) الوصل ضد القطع والهجران، يقال: وصله وصلاً / ظ 141 / وصلةً، والهاء عوض عن الواو وصلة الرحم وغيره كناية عن الإحسان إليهم والتعطف عليهم والرفق بهم كأنه بالإحسان اليهم قد وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة ونحوها، والجار الذي اجرته من أن يظلم، والمجاور في المسكن والحليف والناصر والجمع جِيران وجِيرة بالكسر فيهما، واليد النعمة والإحسان، وهابه کخافه وزناً ومعنی، والسطوة: (البطش بشدة)(4)، يقال: سطا عليه وبه(5)سطواً وسطوة إذا قهره وأذله(6)، والإمرة والإمارة الولاية، قال بعض

ص: 86


1- يس / 60
2- [منها في خطاب أصحابه] بیاض في ث
3- (الله تعالى) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 140، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 193
4- المصباح المنير، مادة (الاسطوانة): 1 / 276
5- [به] ساقطة من ر
6- ينظر: المصباح المنير، مادة (الاسطوانة): 1 / 276

الشارحين: هذا خطاب لأصحابه الذين أسلموا مدنهم(1)ونواحيهم الى جيوش معاوية التي كانت تُغير على أطراف أعماله (عليه السلام) کالأنبار وغيرها، قال (عليه السلام): إنَّ الله أكرمكم بالإسلام بعد أن كنتم مجوساً أو عباد أصنام، وبلغتم من كرامة الله إياكم بالإسلام منزلة عظيمة تكرم بها إماؤكم، ومن كانت مظنة المهانة والذلة [و](2)توصل بها من التجأ إليكم من مُعاهد أو ذمّي ويحفظ دماؤهم وأموالهم ويعظمكم من لا فضل لكم عليهم، ولا نعمة لكم عندهم(3)کالروم والحبشة فإنَّهم عظموا مسلمي العرب لتقمصهم لباس الدين ولزومهم ناموسه واظهارهم شعاره. ويهابكم من لا سطوة لكم عليهم، ولا لكم عليهم إمرة، كالملوك الذين في أقصى البلاد کالهند والصين، وذلك؛ لأنَّه شاع وذاع إنَّ المسلمين قوم صالحون، إذا دعوا الله استجاب لهم، وأنهم يقهرون الأمم بالنصر من السماء وبالملائكة(4). (وقدْ ترونَ عهودَ اللهِ منقوضةً فَلَا تغضبونَ، وأنتمْ لنقضِ(5)ذممِ آباؤكمْ تأنفونَ، وكانتْ أمورُ اللهِ عليكمْ تردُ، وعنكمْ تصدرُ، وإليكمْ ترجعُ، فمكَّنتمْ الظلمةَ منْ منزلتكمْ، وألقيتمْ إليهمْ أزمتكمْ، وأسلمتمْ أمورَ اللهِ فِي أيديهمْ، يعملونَ

بالشبهاتِ، ويسیرونَ فِي الشهواتِ) الواو في (وأنتم) للحال، والذمم جمع ذمة والذِمة والذِمام بالكسر فيهما العهد والأمان والضمان والحرمة والحق، قيل سمي الذمام لأنَّه يذم الرجل على اضاعته، وأنف کفرح استنكف والغرض

ص: 87


1- (مدتهم) في ع، تصحيف
2- [و] ساقطة من ع
3- (عندي) في أ، ع، تحریف
4- ينظر: شرح نهج اللاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 143، 144
5- (لنقص) في ر، م، تصحيف

توبيخهم على تركهم انكار المنكرات وعدم غضبهم منها وهو الرضا بالمنكر حقيقة، وسيجيء في كلامه (عليه السلام) أنَّ الراضي بفعل قوم کالداخل فيه معهم، والمراد بنقض(1)العهود ما ظهر من الناكثين والقاسطين والمارقين وأهل الشام وغيرهم من نقض البيعة وقتل(2)المسلمين والإغارة عليهم والخروج عن طاعة الإمام وغير ذلك من المنكرات ولا ريب أنَّ السكوت عن انکار تلك المنكرات مع الاستنكاف عن نقض ذمم الاباء يدل على أنَّ عهود الله أضعف عندهم من عهود آبائهم وهو في معنى الكفر وكانت أمور الله عليكم ترد أي وأنتم المخاطبون بالأوامر والنواهي فلا يليق بكم السكوت عن نقض العهود على ما يظهر من كلام بعض الشارحين(3)، أو وكنتم قبل(4)ذلك في أيام الرسول (صلى الله عليه واله) موارد أمور الله ومصادرها مطيعين له منکرین للمنكرات فلماذا تركتم الطاعة؟ ورضيتم بالمنكرات ونقض العهود! ولا يبعد تخصيص الورود بالسؤال والصدور بالجواب والرجوع بالتحاكم، ويمكن(5)تعميم الورود والصدود وإن يراد بالرجوع رجوع النفع والضر في الآخرة والدنيا. وقال بعض الشارحين: كانت أمور الله عليكم ترد أي بتعليمي لكم وعنكم تصدر الى من تعلمونه إياها، ثم إليكم ترجع بأن يتعلمها بنوكم وإخوتكم(6)، والمراد بالظلمة أئمة

ص: 88


1- (بنقص) في م، تصحيف
2- (قيل) في ر، تصحيف
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 144
4- (قيل) ذلك في أ، ع، تصحيف
5- (تمكن) في ر، تصحيف
6- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 144

الضلال، وزَمَّه(1)أي شدة وزمام البعير ککتاب، الخيط الذي يشد في البرُة أو في الخشاش ثم يشد في طرفه المقود، وقد يسمى المقود زماماً، والبرة حلقة من صفر ونحوه تجعل في أنف البعير، والخشاش من الخشب كما تقدم(2)، والشبهة الباطل الشبيه بالحق والسير في الشهوات العمل بما (يقتضيه)(3)الهوى و(تميل)(4)إليه النفس الامارة بالسوء، (وايمُ اللهِ لوِ فرقوكمْ تحتَ كُلِّ كوكبٍ، لجمعكُم / و142 / اللهُ لشرِّ يومٍ لهُمْ) أي لو فرقتكم بنو أمية لدفع ما سینزل عليكم من البلاء تحت کل کوکب لم ينفعكم ذلك، وجمعكم الله ليوم هو شر الأيام لهم فيعمكم البلاء وهو يوم ظهور المسودة، أو ظهور المهدي (عليه السلام) والجمع في الرجعة.

[ومن خطبة له (عليه السلام) في بعض أيام صفين]

صفين كسجين موضع قرب الرقة بشاطئ الفرات كانت به الوقعة العظمی غرة صفر سنة سبع وثلاثين، ومن ثم احترز(5)الناس من السفر في صفر وفي بعض النسخ (الصفين) معرفاً باللام وبدونها أكثر (وقدْ رأيتُ

ص: 89


1- (ورمه) في م، تصحيف
2- [كما تقدم] ساقطة من ر
3- (يقتصیه) في ن، تصحيف
4- (يميل) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
5- (خرز) فيع، تحریف

جولتكُمْ(1)وانحيازكُمْ عنْ صفوفكمْ، تحوزكمُ(2)الجفاةُ الطغامُ(3)، وأعرابُ أهلَ الشامِ، وأنتمْ لهاميمُ العربِ، ويأفيخُ الشرفِ، والأنفُ المقدَّمُ، والسنامُ الأعظمُ.) جال(4)في الحرب وفي البلاد جولة أي طاف، وانحاز عنه أي عدل وانحاز القوم أي تركوا مراكزهم، والجفاة جمع جاف من الجفاء وهو ضد البر(5)، ويقال: الجفاء غالب على أهل البدو أي الفضاضة، والغلظ في العشرة(6)، والحرق في المعاملة، وترك الرفق، قيل: هو (مأخوذ من جفا الثوب يجفو(7)إذا غلظ)(8)، والطَغام(9)بالفتح الأوغاد والأراذل والحمق(10)، والعَرب بالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الأمصار، أو عام والأعراب(11)منهم سكان البادية لا واحد لها، ويقال للواحد: إعرابي، وقال الازهري(12): الأعراب أصحاب نجعة وارتياد للكلأ سواء كانوا من العرب أو من مواليهم ومن نزل بلاد [...](13)الريف واستوطن المدن والقرى وغيرها ممن ينتمي الى

ص: 90


1- (حولتكم) في ث، تصحيف
2- (تحوركم) في ث، (تجوزكم) في ر، م، تصحيف
3- (الطعام) في ر، تصحیف، وفي ع: (الغطام) تحریف
4- (حال) في أ،، ع تصحيف
5- ينظر: الصحاح، مادة (جفا): 6 / 2303
6- (العسرة) في م، تصحيف
7- (یجف) في م، تحریف
8- المصباح المنير، مادة (جفا): 1 / 104
9- (الطعام) في أ، ع، تصحيف
10- ينظر: تاج العروس، مادة (طغم): 17 / 441
11- (العراب) في م، تحریف
12- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (عرب): 2 / 360، 361
13- [العرب] زيادة في أ، ع

العرب فعرب وإن لم يكن فصيحاً، ويقال: العرب العاربة هم الذين تكلموا بلسان يعرب بن قحطان، وهو اللسان القديم، والعرب المستعربة هم الذين تكلموا بلسان إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام) وهو لسان الحجاز وما والاها(1)، واللهامیم جمع لهموم وهو: (الجواد من الناس والخيل)(2)واليأفيخ جمع یافوخ (وهو الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل)(3)، ويافوخ الليل (معظمه)(4)، وقيل: إن (أصله يفخ)(5)، والجمع (يوافيخ)(6)، والغرض من الكلام تبكيت الاصحاب وتوبيخهم باختيار الفرار والرضا بالمهانة مع أنهم أهل الشرف في العرب وبمنزلة اليافوخ الذي هو أرفع الأعضاء والأنف الذي به حسن الوجه وهو المقدم على سائر الأعضاء، والسنام الذي هو أعلى بالنسبة الى سائر الأعضاء من الجمل. (ولقدْ شفى و حاوحَ صدرِي أنْ رأيتكمْ بآخرةٍ، تحوزونهمْ كمَا حازوكمْ، وتزيلونهمْ عنْ مواقفهمْ كمَا أزالوكمْ، حَسّاً بالنضالِ(7)، وشجراً بالرماحِ، تركبُ أولاهمْ آخراهم(8)كالابلِ الهيمِ المطرودةِ، تُرمى عن حياضهَا، وتذادُ عنْ مواردهَا) (الوحوحة: صوت معه بحح)(9)

ص: 91


1- ينظر: المصباح المنير: 2 / 400
2- تاج العروس، مادة (لهم): 17 / 670
3- المصدر نفسه، مادة (أفخ): 4 / 257
4- المصدر نفسه، مادة (أفخ): 4 / 257
5- المصدر نفسه، مادة (أفخ): 4 / 257
6- المصدر نفسه، مادة (أفخ): 4 / 257
7- (بالنصال) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 145، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 195
8- (اخريهم) في ث، ر، م، تصحیف
9- تاج العروس، مادة (وحح): 4 / 245 وفي ر: (بحج) وفي ع: (نحج)

يصدر عن المتألم، والمراد بوحوحة الصدر حرارته وحرقته من الغيظ، وبآخرةٍ بالتحريك أي أخيرا، يقال: جاء بأخره وأخرةً وأخيراً وأُخُر بضمتين، والحوز الجمع وضم الشيء والسوق اللين والشديد ضد، والمراد السوق الشديد وإن كان الجمع ملزوماً لنوع من الغلبة، وحسَّسناهم حساً بالفتح أي استأصلناهم قتلاً، ويقال: حس البرد الکلاء إذا ذهب به، والنصال بالمهملة جمع نصل وهو نصل السهم والسيف وغيرهما، وفي بعض النسخ(1)بالمعجمة مصدر ناضلته إذا راميته(2)والأول أنسب، وشجرت زيداً بالرمح طعنته وموصوف الأولى والأخرى الكتيبة والطائفة ونحوهما، والهِيم بالكسر العطاش، والرمي عن الحياض بيان للطرد ولا تطرد الإبل عن حياضها إلاَّ بطرد شدید وزجر عنيف، والذود(3)الصد والمنع، ومواردها المواضع التي تردها للشرب من الأنهار وغيرها، والكلام تأليف لقلوبهم بعد التوبيخ والزجر حذراً من النفار(4)وتحريص على الإقدام.

[ومن خطبة له (عليه السلام) وهي من خطب الملاحم]

الملحمة هي (الحرب)(5)أو الوقعة العظيمة في الحرب، وموضع القتال(6)،

ص: 92


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 145، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 195
2- (میته) في أ
3- (النور) في ر، تصحيف
4- (النقار) في ر، تصحیف، وفي ع: (النهار)، تحریف
5- لسان العرب، مادة (لحم): 12 / 537
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (لحم): 12 / 537

(مأخوذ من / ظ 142 / اشتباك الناس واختلاطهم فیها کاشتباك لحمة الثوب بالسدی)(1)، وقيل: (هو من اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها)(2)(الحمدُ للهِ المتجلِّي لِخلقهِ بخلقهِ، وَالظاهر لقلوبهمْ بحجتهِ، خلقَ الخلقَ منْ غیرِ رويَّةٍ، إذْ كانتِ الروياتُ لاَ تليقُ(3)إلاَّ بذوِي الضمائرِ، وليسَ بذِي ضمیرٍ فِي نفسهِ. خرقَ علمُه باطنَ غيبِ الستراتِ، وأحاطَ بغموضِ عقائدِ السريراتِ) التجلي هو الانكشاف، والخلق الثاني يحتمل المصدر والمخلوق، والروية الفكر والتدبر وما يرويه الإنسان في نفسه من القول والفعل أي يزور ويفكر وهي كلمة جرت على ألسنتهم بغير همز تخفيفاً وأصلها الهمز(4)، يقال: (روأت في الأمر)(5)أي نظرت فيه، والضمير الاسم من أضمرت في نفسي شيئاً، أي أخفيت وضمير الإنسان قلبه وباطنه ويجمع على ضمائر تشبيهاً بسريرة وسرائر، وإن كان القياس في باب فعيل إذا كان اسماً لمذكر أن يجمع على أفعلة وفعلان کرغيف وأرغفة ورغفان(6)، والمراد بالضمير أما القلب، أو ما يضمر من الصور، والظرف أما صفة أي كائن في نفسه، أو المعنى ليس بذي ضمير في حد ذاته إذا تأمل فيه متأمل بصحيح النظر، والسُترة بالضم ما یستر به كائناً ما كان والغامض من الأرض المطمئن ومن الكلام وغيره خلاف الواضح والعقيدة ما عقد عليه القلب وقد يخص بما يدين الإنسان

ص: 93


1- المصدر نفسه، مادة (لحم): 12 / 537
2- المصدر نفسه، مادة (لحم): 12 / 537
3- (يليق) في ر، تصحيف
4- ينظر: لسان العرب، مادة (روي): 14 / 350، وفي ث: الهمر
5- المصدر نفسه، مادة (روي): 14 / 350
6- ينظر: کتاب التكملة، أبو علي الفارسی: 437

به، والسريرة كالسر الذي يكتم، والغرض من الكلام واضح.

[منها في ذكر النبي (صلى الله عليه واله)](1): (اختارهُ منْ شجرةِ الأنبياءِ، ومشكاةِ الضياءِ، وذؤابةِ العلياءِ، وسرةِ البطحاءِ، ومصابيحِ الظلمةِ، وينابيعِ(2)الحكمةِ) المشكاة قيل کوة غير نافذة يجعل فيها المصباح(3)، وقيل: عمود القنديل الذي فيه الفتيلة(4)، وقيل: القنديل، والذُؤابة بالضم والهمزة(5)(الناصية)(6)، أو منبتها من الرأس(7)، وقيل: الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة فإذا كانت ملوية فهي عقيصة(8)، [وفي النسخ بالواو، وقال الفيروز آبادي: (الأصل الهمز، ولكنه جاء على غير قياس)(9)](10)، والعَلياء بالفتح والمد (كل مكان مشرف)(11)، و(السماء)(12)، و(رأس الجبل)(13)، والسُرة بالضم ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة، والسرر بالتحريك والسُر بالضم ما

ص: 94


1- [منها في ذكر النبي (صلى الله عليه واله)] بياض في: ث
2- (يبابيع) في ع، تصحيف
3- ينظر: تاج العروس، مادة (شکی): 19 / 582
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شکی): 19 / 582
5- (الهمز) في ث
6- لسان العرب، مادة (ذأب): 1 / 379
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ذأب): 1 / 379
8- ينظر: المصباح المنير، مادة (ذاب): 1 / 211، وفي ث: (عقيضه) تصحيف
9- القاموس المحيط، مادة (ذاب): 1 / 69
10- [وفي النسخ بالواو، وقال الفيروز آبادي: (الأصل الهمز، ولكنه جاء على غير قیاس)] ساقطة من ر، م
11- لسان العرب، مادة (علا): 15 / 90
12- المصدر نفسه، مادة (علا): 15 / 90
13- المصدر نفسه، مادة (علا): 15 / 90

تقطعه، وسرة البطحاء وسطها(1)تشبيها بسرة الانسان والبطحاء والابطح (مسيل واسع فيه دقاق الحصى)(2)، وقيل: ((بطحاء الوادي وابطحه حصاه اللين في بطن المسيل))(3)، وكانت بنو كعب بن لؤي(4)يفتخرون(5)على بني عامر بن لؤي(6)بأنهم سكنوا البطاح، وسكنت بنو عامر الجبال المحيطة(7)بمكة، وسكن معها بنو فهر بن مالك(8)رهط أبي عبيدة بن الجراح(9)

ص: 95


1- ينظر: تاج العروس، مادة (سرر): 6 / 514
2- الصحاح، مادة (بطح): 1 / 356
3- النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 134، وتاج العروس، مادة (بطح): 4 / 13
4- (يفتحرون) في ث، تصحيف
5- کعب بن لؤي بطن من غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، من العدنانية، وكان كبيرهم کعب بن لؤي يكنى أبو هصيص، وهو خطیب، عظيم القدر عند العرب، وهو أول من سنَّ الاجتماع يوم الجمعة. ينظر: الاعلام: 5 / 228، ومعجم قبائل العرب: 3 / 987
6- عامر بن لؤي: بطن من قريش، من العدنانية، وهو: بنو عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بم مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (عمرو) بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن العدنان) معجم قبائل العرب: 2 / 713
7- (المحيط) في ث
8- فهر بن مالك: بطن من كنانة من العدنانية، وهو: بنو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وقريش كلهم ينسبون اليه) معجم قبائل العرب: 3 / 929
9- هو: عامر بن عبد الله بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة أبو عبيدة، اشتهر بكنيته ونسبته الى جدهِ فيقال: أبو عبيدة بن الجراح، أمه أميمة بنت غنم بن جابر من بني الحارث، شهد بدراً واحداً والمشاهد كلها مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهو من السابقين إلى الإسلام، هاجر الى الحبشة والى المدينة وكان يدعى (القوي الأمين)، ولاه الخليفة عمر بن الخطاب قيادة الجيش الزاحف الى الشام بعد خالد بن الوليد فتم له فتح الديار الشامية، وبلغ الفرات شرقاً وآسيا الصغری شمالاً، وكان أهتم؛ ذلك انه نزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من المغفر يوم احد فانتزعت ثنيتاه، توفي بطاعون عمواس سنة (18 ه)، ودفن بغور بيسان. ينظر: أنساب الاشراف: 1 / 223، 224، وأسد الغابة: 3 / 84، 85، وسیر أعلام النبلاء: 1 / 5، والأعلام: 3 / 252

وغيره، قال الشاعر:

فحللت منها بالبطاح ٭٭٭ وحل غيرك بالظواهر(1)

وقال بعض الطالبين:

وأنا ابن معتلج البطاح إذا غدا ٭٭٭ غيري، وراح(2)على متون ظواهر

والمصباح السراج أُضيف إليها؛ لأنَّها محيطة به وكالمكان له، أو لأنَّه المزيل لها فله نوع اختصاص بها، والينبوع العين، وقيل: الجدول الكثير الماء ونبع الماء إذا خرج من العين، قال بعض الشارحين استعار (عليه السلام) لفظ الشجرة لصنف الانبياء (عليهم السلام) وفروعها اشخاصهم وثمرتها العلوم والكمالات ومشکاة الضياء لآل إبراهيم (عليه السلام) وذؤابة العلياء لقريش، وسرّة البطحاء(3)لمكة شرفها الله تعالى، والمصابيح والينابيع هم الانبياء (عليهم السلام)(4).

[منها](5): (طبيبٌ دوارٌ بطبِّه، قدْ أحكمَ مراهمهُ، وأَحمى مواسمهَ، يضعُ

ص: 96


1- البيت للكميت بن زيد، وورد في ديوانه فحللت معتلج بالبطاح وحل غيرك بالظواهر الكميت: 130، والاغاني: 17 / 13، ولسان العرب، مادة (ظهر): 4 / 524، وتاج العروس، مادة (ظهر): 7 / 169
2- (وواح) في أ، تحریف
3- (البطخاء) في أ، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 39، 40
5- [منها] بیاض في ث

من ذلكَ حيثُ الحاجةُ إليهِ، من قلوبٍ عميٍ، وآذانٍ صمٍ، وألسنةٍ بكمٍ، متتبعٌ بدوائهِ مواضعَ الغفلةِ، ومواطنَ الحیرةِ) والمراد بالطبيب نفسه، والدوران بالطب(1)إتيان(2)المرضى وتتبعهم؛ وإن كانوا تاركين لطلب الدواء الذي هو شأنهم، فهو تفضل منه عليهم وفيه تعريض بالأصحاب بقعودهم عما يجب عليهم، أو(3)المراد: بیان کمال الطبيب [فإنَّ الطبيب](4)الدوار أكثر تجربة من غیره کما قيل، والمرهم كمقعد طلاء لين يطلى به الجرح مشتق من الرِهمة(5) بالكسر وهي (المطر الضعيف)(6)للينه / و143 / وأحكامها اتقانها ومنعها عن الفساد، والوسم: (أثر الكي)(7)، والمِيسم بكسر الميم (المكواة)(8)، ويجمع على (مواسم ومیاسم)(9)وأحماها أي: أسخنها، والمراد تهيئتها، ولعل احکام المراهم اشارة الى البشارة بالثواب وإزالة اليأس من روح الله كما أنَّ إحماء المواسم إشارة الى الانذار من العقاب والردع عن(10)الامن من مكر الله، أو(11)

ص: 97


1- (بالطلب) في ث، تحریف
2- (إيتان) في أ، تصحيف
3- (و) في ع
4- [فإنَّ الطبيب] ساقطة من أ، ع
5- قال ابن دريد: ((... والرِّهم جمعٌ، والواحدة رِهمة، وهو المطر اللين السهل. أرهمت السماء إرهاماً. وأحسب المَرهَم من هذا اشتقاقه)) الاشتقاق: 113
6- لسان العرب، مادة (رهم): 12 / 257
7- المصدر نفسه، مادة (وسم): 12 / 635
8- المصدر نفسه، مادة (وسم): 12 / 636
9- المصدر نفسه، مادة (وسم): 12 / 636
10- (على) في ر، تحریف
11- (و) في أ، ر

الأول عبارة عن الأمر بالمعروف، والثاني(1)[عن النهي](2)عن المنكر واقامة الحدود وما بعد حيث مرفوع لأنها تضاف إلى الجملة في الأغلب، والقلوب العمي هي التي تجهل الحق ولم تستبصر بأنوار الهداية، والآذان الصم التي لم تسمع المواعظ ولم تنتفع بها، والألسنة البكم(3)التي لا تنطق [بالحق](4)وشهادة(5)التوحيد وما جاء به النبي (صلى الله عليه واله) وتلاوة القرآن والأمر بالمعروف ونحو ذلك فيعالجها الطبيب بمراهم الهداية والتذكير ومواسم الانذار والتخويف، (لمْ يستضيئوا بأضواءِ الحكمةِ، ولمْ يقدحُوا بزنادِ

العلومِ الثاقبةِ، فهم في ذلكَ كالأنعامِ السائمةِ، والصخورِ القاسيةِ) قدح بالزند کمنع رام الايراء به واستخرج النار منه، والمقدح والمِقدحة بكسر الميم فيهما الحديدة، والقداح والقداحة الحجر، والزَند بالفتح العود الذي يقدح به النار وهو الأعلى والسفلى زنده بالهاء ويجمع على زناد مثل: سهم وسهام، وثقبت النار اتقدت، وثقب الكوكب اضاء، ووصف العلوم بالثاقبة على التشبيه بالنار والكوكب، أو بالسهام النافذة، والمعنى: لم يتفكروا ولم يتعلموا ما يخرجهم من ظلمات الجهالة والغواية(6)وذلك اشارة الى ذلك، والسائمة من الإبل وغيرها الراعية(7)، ضد المعلوفة وأسامها ارعاها، والصخرة الحجر العظيم الصلب،

ص: 98


1- (الناهي) في ر، م، تحریف
2- [عن النهي] ساقطه من ر، م
3- (اليكم) في ث، وفي ر، م: (الابكم) تحریف
4- [بالحق] ساقطة من ر، م
5- [بشهادة] في م
6- (الغوايد) في ر، تحریف
7- ينظر: تاج العروس، مادة (سوم): 16 / 372، وفي ث: (الراغبة)، تصحيف

وقسا يقسو قسوة اذا اشتد وغلظ ولم ينفعل بسهولة (قدِ انجابتِ السرائرُ لأهلِ البصائرِ، ووضحتْ محجةُ الحقِّ لخابِطِهَا، وأسفرتْ الساعةُ عن وجههَا،

وظهرتْ العلامةُ لمتوسِّمِهَا) انجابت السحابة أي انكشفت والسرائر الأسرار المكتومة، ولعل المراد بها ما أضمره المعاندون للحق والمنافقون في قلوبهم من اطفاء(1)نور الله وهدم أركان الشريعة، والخروج عن الطاعة، وقيل: اشارة الى انکشاف ما يكون بعده لنفسه القدسية [و](2)لأهل البصائر من استيلاء بني أمية وعموم ظلمهم، أو انکشاف أسرار الشريعة لأهلها، والمحجة جادة الطريق، والخابط السائر على غير هدى، ويقال: خبط في عمياء إذا ركب أمراً بجهالة، ولعل المراد أنَّ ضلال الضالين ليس لخفاء(3)الحق بل للإصرار على الشقاق والنفاق، فالهالك يهلك عن بينه، والحي يحي عن بينه، وسفر الصفح کضرب وأسفر أي أضاء وأشرق وأسفرت المرأة كشفت عن وجهها فهي سافر، والساعة القيامة أو الوقت الذي تقوم فيه القيامة، والتوسم التفرس والتخيل، والمراد بأسفار الساعة وظهور العلامة قرب القيامة بعدم بقاء نبي ينتظر بعثته وظهور الفتن والوقائع التي هي من أشراطها.

(مالِي أراكمْ أشباحاً بلا أرواحٍ، وأرواحاً بلا أشباحٍ، ونُساكاً بلَا

صلاحٍ، وتجاراً بلَا أرباحٍ، وأيقاظاً نُوَّماً، وشهوداً غيباً، وناظرةً عُمياً(4)،

ص: 99


1- (اطفا) في أ
2- [و] ساقطة من ع
3- (لخقاء) في أ، تصحيف
4- (عمياء) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 151، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 151

وسامعةً صماً(1)، وناطقةً بكمًا(2)!) هذا النوع من الاستفهام يتضمن تفظيعاً(3)لشأن المخاطبين، أي لا يجوز العقل اتصاف أحد بما أری فیکم لشناعته، فما لي أراكم كذا، وقد يكون لنوع من التلطف، أو رعاية الأدب، وهو غير مناسب للمقام، [و](4)الشبح(5)بالتحريك سواد الإنسان وغيره تراه من بعيد، والمراد من كونهم أشباحاً بلا أرواح تشبيههم بالجمادات والأموات في عدم الانتفاع، بالعقل وعدم تأثير المواعظ والتذكير فيهم کما قال عز وجل: «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ»(6)، وأما كونهم أرواحاً بلا أشباح، فقيل: المراد بیان نقصهم لأَّن الروح بلا جسد ناقصة عن الاعتماد والتحريك عاطلة / ظ 143 / عن الأفعال، وقيل: اشارة الى خفتهم وطيشهم في الأفعال(7)، وقيل: المراد أن منهم من هو كالجماد، والأموات کما ذکر ومنهم من له عقل وفهم ولكن لا قوة له على الحرب فالجميع عاطل عما يراد منهم، وقيل: المراد أنهم إن خافوا ذهلت عقولهم، وطارت ألبابهم، فكانوا كأجسام بلا أرواح وإن أمنو تركوا الاهتمام بأمورهم وضيعوا(8)

ص: 100


1- (صماء) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 151، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 151
2- (بكماء) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 151، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 151
3- (تقطیعان) في ث، تحریف، وفي ر: (تفطيعاً)، تصحيف
4- [و] ساقطة من ر
5- (الشيخ) في ر، تحریف
6- المنافقون / 4
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 152
8- (ضيقوا) في ث، تصحيف

الفرص(1)ومصالح الاسلام حتى كأنهم أرواح لا تعلق لها بالأجسام، والنساك العباد وسُئِلَ ثعلب عن الناسك فقال: مأخوذ من النسيكة وهي سبيكة الفضة المصفاة كأن الناسك صفَّی نفسه لله تعالى، والمراد كونهم منافقين أو(2)مرائين غير مخلصين لله فيعبدون الله لمصالح دنياهم وإن تزهدهم ليس عن علم وليس عملهم على الوجه المأمور به کما روي عن النبي (صلى الله عليه واله): (الزاهد الجاهل مسخرة الشيطان)(3)، أو أنهَّم يعملون بالفروع وقد تركوا الأصول ومهمات الشريعة فلم يعرفوا الإمام حق المعرفة، ولا يقومون بالجهاد ورفع المنكرات ودفع الأعداء، وكونهم تجاراً بلا أرباح لعدم ترتب(4)الثواب على أعمالهم كما قال (عليه السلام): (كم من صائم ليس له من صيامه إلاَّ الظمأ كم من قائم ليس له من قيامه إلاَّ العناء)، وایقاظا أي في الظاهر نوّماً حقيقةً، وكذلك التوالي وموصوف الناظرة وما بعدها الطائفة، أو نحوها (رايةُ ضلالةٍ قدْ قامتْ علَى قطبهَا، وتفرقتْ بشعبهَا، تكيلكمْ(5)بصاعهَا، وتخبطكمْ بباعهَا، قائدهَا خارجٌ منَ الملةِ، قائمٌ علَى الضلةِ) قال بعض الشارحين: هذا كلام منقطع عمَّا قبله، التقطه الرضي (رضي الله عنه) من كلامه (عليه السلام) على عادته وهو إشارة الى ما يحدث في آخر الزمان من الفتن كظهور السفياني وغيره(6)والراية العلم، والقطب: حديدة تدور

ص: 101


1- (الفرض) في ع، م
2- (لو) في أ، تحریف
3- عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور الاحسائي: 1 / 272
4- (تربت) في ر، تحریف
5- (تليلكم) في ع، تحریف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 152

عليها الرحي، وملاك الأمر ومداره وسيد القوم وقيامها على قطبها کناية عن انتظام أمرها باجتماع كلمة الجيش وطاعتهم لقائدها أو استقلالها بنفسها کالرحي الدائرة القائمة على قطبها، وقيل: المراد بالقطب (الرئيس الذي يدور عليه أمر الجيش)(1)، وتفرق وشعبها انتشار فتنتها في الآفاق وتولد فتن أُخر عنها، وقال بعض الشارحين: (الشَعب بالفتح القبيلة العظيمة، وليس التفرق للراية نفسها بل لنصارها وأصحابها، فحذف المضاف، ومعنی تفرقهم، أنهم يدعون الى تلك الدعوة المخصوصة في بلاد متفرقة، أي تفرق ذلك الجمع العظيم في الأقطار، داعين إلى أمر واحد)(2)، ثم قال: (ویروی ((بشعبها)) جمع شعبة)(3)، والموجود في النسخ التي ظفرنا بها (شُعَبها) بضم الشين، وفتح العين، وهو أظهر، وتکیلکم بصاعها أي تأخذكم للإهلاك زمرة زمرة فلا تقدرون على الخروج من يدها کالكيّال يأخذ ما يكيله جملة جملة أو يقهركم أربابها على الدخول في أمرهم ويتلاعبون بكم يرفعونكم ويضعونكم کما يفعل كيال البُريه إذا کاله بصاعه، أو تكيل لكم بصاعها على حذف اللام كما في قوله تعالى: «وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ»(4)أي تحملكم على دينها ودعوتها وتعاملكم بما تعامل به من استجاب لها أو تفرز لكم من فتنها شيئاً ويصل الى كل منكم نصيب منها، والخَبط بالفتح (ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها)(5)، وخبط البعير الأرض بيده خبطا أي ضربها،

ص: 102


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 152
2- المصدر نفسه،: 7 / 153
3- المصدر نفسه،: 7 / 153
4- المطففين / 3
5- لسان العرب، مادة (خبط): 7 / 281

والكلام على الوجهين يفيد الذلة، والانقهار والعدول عن اليد الى الباع وهو قدر مد اليدين مبالغة واضحة، وقال في النهاية: (وفي حديث الدعاء: ((أعوذ بك أن يتخبطني الشيطان)) أي يصرعني ويلعب بي)(1)وقائدها أميرها لا حاملها وفي بعض النسخ (عن الملة) موضع (من الملة)، والقيام على الضلة الاصرار على الضلال،(فلاَ يبقَى يومئذٍ منكمْ إلاَّ ثفالةٌ(2)كثفالةِ القدرِ، أوْ نفاضةٌ كنفاضةِ العكمِ(3)، تعرككمْ عركَ الأديمِ، وتدوسكمْ دوسَ الحصيدِ، وتستخلصُ المؤمنَ منْ بينكمْ / و144 / استخلاصَ الطیرِ الحبةَ(4)البطينةَ منْ بینَ هزيلِ الحبِّ) الثُفل بالضم والثافل ما استقر تحت الشيء من کدره(5)وثُفالة القدر بالضم ما سفل فيه من الطبيخ(6)وهي كناية عن الأرذال ومن لا ذكر له بين الناس للحقارة فيبقى يومئذ قليل من هؤلاء لعدم الاعتناء بقتلهم والالتفات اليهم، والنُفاضة بالضم ما سقط من النفض وهو تحريك الثوب ليسقط منه ما لزق به من التراب ونحوه(7)، و (العِكم بالكسر: العدل)(8)، و(نمط تجعل المرأة فيه ذخيرتها)(9)، قال في النهاية: العكوم الأحمال التي تكون فيها الأمتعة وغيرها، واحدها عِكم بالكسر، ومنه حديث

ص: 103


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 8
2- (سقالة) في أ، تحريف
3- (العكم) في ع، تحریف
4- (الجنة) في ر، م، تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (ثفل): 11 / 84
6- (الطبيح) في ث، تصحیف، وفي م: (الطيخ)، تحریف
7- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نفض): 7 / 240
8- الصحاح، مادة (عكم): 5 / 1989 وفي ر، م: (العذل)
9- المصدر نفسه، مادة (عكم): 5 / 1989

علي (عليه السلام): (نفاضة [كنفاضة](1)العِكم)(2)، ولعل المراد ما يبقى في العدل بعد التخلية من غبار أو بقية زاد لا يعبأ به فيفض، وعرکه کنصره دلکه وحکه، والأديم الجلد، أو المدبوغ منه، وداس الرجل الحنطة دقه ليخرج الحب من السنبل، قيل: كأنَّه مأخوذ من داس الأرض دوساً إذا شدد وطأة عليها بقدمه، والحصيد الزرع المحصود أي المقطوع واستخلصه لنفسه أي استخصه، والغرض تخصيص المؤمن بالقتل والاهتمام بإيقاع المكروه به، والبطينة السمينة تشبيهاً بالرجل العظيم البطن، والهزيل نقيض السمين، والمراد بالمؤمن أما أهل الولاية فإنَّ كثيراً من القوم بل الأكثر كانوا قائلين بتقديم الخلفاء وكثير منهم كانوا من أهل النصب والنفاق أو المراد الكامل الإيمان (أينَ تذهبُ(3)[بكمُ](4)المذاهبُ، وتتيهُ بكمُ الغياهبُ، وتخدعكمُ الكواذبُ؟ ومنْ أينَ تؤتونَ، [وأنَّى تؤفكونَ](5)! فلكلِّ أجلٍ كتابٌ، ولكلِّ غيبةٍ(6)إيابٌ(7)الباء في الموضعين للتعدية والمذاهب الطرق والعقائد كأنَّ الطرق الباطلة والآراء الفاسدة لشدة اهتمامهم بسلوكها واتباعها هي الفاعلة لإذهابهم فاسند اليها، وتاه يتيه تَيهاً وتِيهاً بالفتح والكسر أي تحير وضل، والغيهب الظلمة، والشديد السواد من الليل، وخدعه ختله وأراد به المكروه

ص: 104


1- [كنفاضة] ساقطة من ر، وفي ث: (نقاضة كنقاضة) تصحيف
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 285
3- (يذهب) في ر، تصحيف
4- [بكم] ساقطة من أ
5- [وانی تؤفكون] ساقطة من ر
6- (عيبة) في ع، تصحيف
7- (أيات) في ر، م، تصحيف

من حيث لا يعلم، والكواذب الأماني الباطلة والأوهام الفاسدة، (ومن أين تؤتون؟) أي من أي جهة وطريق يأتيكم من يضلكم من الشياطين، أو تلك الأمراض وأفكه أي قلبه وصرفه عن الشيء، ومنه قوله تعالى: «قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا»(1)و(أنی) یكون بمعنى أين ومتى وكيف(2)(وأنی تؤفكون)، أي أنی تصرفون عن قصد السبيل، وأين تذهبون؟ وقال بعض الشارحين: (أي متى يكون انصرافكم عما أنتم عليه من الغفلة)(3)، والأجل مدة الشيء وغاية الوقت، وقوله (عليه السلام): (فلكل أجل كتاب)، أي لكل أمد ووقت حکم مكتوب على العباد، وفي بعض النسخ (ولكل أجل) بالواو والإِياب بالكسر الرجوع قال بعض الشارحين: أظن هذا الكلام منقطعاً عما قبله كالفصل المتقدم ويحتمل على بعد أن يكون متصلاً بما هو مذکور هاهنا، وقال بعضهم الكلام تهدید بالإشارة الى قرب الموت وإنهم بمعرض أن يأخذهم على غفلتهم فيكونوا من الأخسرين أعمالاً (فاستمعُوا من ربانيكمْ، وأحضروهُ قلوبكمْ، واستيقظُوا إِنْ هتفَ بكمْ) (الرباني:، (المنسوب الى الرب بزيادة الألف والنون للمبالغة، وقيل: هو من الرب بمعنى التربية)(4)، والرباني يربى المتعلمين بصغار العلوم قبل(5)كبارها(6)

ص: 105


1- الأحقاف / 22
2- ينظر: حروف المعاني، الزجاجي: 61
3- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 46
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 181
5- (قيل) في أ، ر، تصحيف
6- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 181

وهو (المتأله العارف بالله عز وجل)(1)، أو (الذي يطلب بعلمه وجه الله)(2)، (وقيل: العالم العامل المعلم)(3)والمراد بالرباني نفسه (عليه السلام)، واحضار القلب إياه الإقبال التام الى كلامه ومواعظه، وايقظته من نوم فاستيقظ أي نبهته فتنبه وكلمة (إِن) بكسر الهمزة في بعض النسخ(4)وبفتحها في بعضها(5)أي استيقظوا لهتافه بكم وهو الصياح والمراد الأتعاظ بالتذكير البالغ واجابة الدعوة الجازمة(6). (وليصدقْ رائدٌ أهلهُ، وليجمعْ شملهُ، وليحضْر ذهنهُ،

فلقدْ فلقَ لكمْ الأمرَ فلقَ الخرزةِ، وقرفهُ قرفَ الصمغةِ) (الرائد: الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث)(7)وفي المثل (لا يكذب / ظ144 / الرائد أهله)، ولعل المراد بالرائد نفسه (عليه السلام) فإنَّه الهادي الى ما به حياتهم وصلاح معاشهم ومعادهم أي وظيفتي الصدق فيما أخبركم به مما تردون عليه من الأمور المستقبلة في الدنيا والآخرة من الفتن وأهوال يوم القيامة، كما أنَّ وظيفتكم الاستماع واحضار القلب والاستيقاظ للهتاف والشمل ما تشتت من الأمر أي تشعب وتفرق والمراد الأفكار والغرائم(8)، والذهن الفهم والعقل وحفظ القلب والفطنة أي يجب علي التوجه الى

ص: 106


1- تاج العروس، مادة (ربب): 2 / 5
2- لسان العرب، مادة (ربب): 1 / 404
3- المصدر نفسه، مادة (ربب): 1 / 404
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 153، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 41، وبحار الانوار: 34 / 241
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 454
6- (الجازحة) في ر، تحریف
7- لسان العرب، مادة (رود): 3 / 187
8- (العزائم) في أ

نصحكم وتذكيركم بقلب فارغ عن الوساوس والشواغل (وإقبال تام)(1)الى هدایتکم، ويحتمل أن يكون المراد بالشمل حينئذ من تفرق من القوم في مهاوي الضلالة والفاعل في فلق هو الرائد، وقال بعض الشارحين: الرائد لما كان هو الذي يبعثه القوم لطلب الكلأ والماء اشبهه الفكر في كونه مبعوثاً من قبل النفس في طلب مرعاها وماء حياتها من العلوم وسائر الكمالات فکنی به عنه وأهله على هذا البيان هو النفس فكأنه (عليه السلام) قال: فلتصدق أفكاركم ومتخيلاتكم نفوسكم، وصدقها إياها تصرفها على حسب اشارة العقل من دون التفات الى مشاركة الهوى(2)، قال: ويحتمل أن يريد بالرائد أشخاص من حضر عنده فإنَّ كلا منهم له أهل وقبيلة يرجع اليهم فأمره أن يصدقهم أمر تبلیغ ما سمع على وجه الذي ينبغي والنصيحة والدعوة إليه کما یرجع طالب الكلأ والماء الواجد لهما الى قومه فيبشرهم به ويحملهم اليه، وقوله: وليجمع شمله: أي ما تفرق وتشعب من خواطره في أمور الدنيا ومهماتها، وليحضر ذهنه: [أي](3)يوجهه الى [ما](4)أقول(5)انتهى. وفلقت الشيء: شققته، والخرزة بالتحريك الجوهر وما ينظم، وقرفه قرف الصمغة. أي قشره(6) کما تقشر(7)الصمغة عن عود الشجر وتقلع، ويقال: تركته على

ص: 107


1- (طمس) في ن
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم الحراني: 3 / 46، 47
3- [أي] ساقطة من ر، م
4- [ما] ساقطة من ث
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم الحراني: 3 / 47
6- (القرِف بالكسر: القشر، وجمعه قروف) تاج العروس، مادة (قرف): 12 / 427
7- (يقشر) في ث، ر، م

مثل مقرف الصمغة أي على خلو؛ لأنَّ الصمغة إذا قلعت لم يبق لها أثر، والمعنى أوضح لكم أمر الفتن أو طريق الحق ایضاحاً تاماً فأظهر لكم باطن الأمر کما تری(1)باطن الخرزة بعد شقها ولم يدخر عنكم شيئاً بل ألقى الأمر بكليته اليكم. (فعندَ ذلكَ أخذَ الباطلُ مآخذهُ، وركبَ الجهلُ مراكبهُ، وعظمتِ الطاغيةِ، وقلتِ الداعيةُ)، وفي بعض النسخ (الراعية) بالراء، قال بعض الشارحين: (قوله (عليه السلام): (فعند ذلك) متصل بقوله: (من بين هزيل الحب)، أي: فعندما تفعل بكم تلك الفتن، وراية الضلال ما تفعل أخذ الباطل مآخذه(2)، فيكون التشويش من السيد (رضي الله [عنه](3)، ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلى الأمر المذكور في الكلام المتصل بهذا الكلام وأخذ الشيء مآخذه، أي: تمكن واستحکم وبلغ کل مبلغ، ومثله ركب مراكبه، والطاغية الطغيان فاعله بمعنى المصدر کما قيل في قوله تعالى: «لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ»(4)، أو صفة فاعل محذوف أي الفئة الطاغية والداعية أيضاً الدعوة، أو الفرقة الداعية الى الله عز وجل، وكذلك الراعية الرعاية أو الطائفة الناصحة الحامية للدين وأهل الرعاية، (وصالَ الدهرُ صيالَ السبعِ العقورِ، وهدرَ فنيقُ الباطلِ بعدَ كظومٍ، وتواخَى الناسُ علَى الفجورِ، وتهاجرُوا علَى الدينِ، وتحابُوا علَى الكذبِ، وتباغضُوا علَى الصدقِ) الصولة الحملة والوثبة، يقال: (صال على قرنة صولا وصيالاً)(5)، والسبع المفترس

ص: 108


1- (نری) في أ، ع، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم الحراني: 3 / 47
3- [عنه] زيادة يتطلبها السياق
4- الواقعة / 2
5- القاموس المحيط، مادة (صال): 4 / 4

من الحيوان والعقور الذي يجرح ويفترس وهو من أبنية المبالغة، وصولة الدهر كناية عن كثرة الشرور والبلايا فيه، أو المعنی: صال أهل الدهر، والفنيق الفحل من الإبل(1)، وهدر أي (ردد صوته في حنجرته)(2)في غير شقشقة(3)، والكظوم (الإمساك)(4)، و(السكوت)(5)، وتواخى الناس أي اتخذ كل صاحبه أخاً، والأصل تآخي بالهمزة أبدلت واواً كأزر ووازر(6)، والفجور الانبعاث في المعاصي والمحارم والتهاجر التقاطع والمراد بالدين الطاعة والعبادة، ويحتمل أن يراد به الملة. (فإذا كانَ ذلكَ كان الولد غيظاً، والمطرُ

قيضاً، وتفيضُ اللئامُ فيضاً، وتغيضُ الكرامُ / و 145 / غيضاً، وكانَ أهلُ ذلكَ الزمانِ ذئاباً، وساطنيهِ سباعاً، وأوساطهُ أكالاً، وفقراؤهُ أمواتاً) الغيظ الغضب، أو أشده، أو سورته، وكون الولد غيظاً لكثرة العقوق، أو لاشتغال كل امرئ بنفسه فيتمنى أن لا يكون له ولد، والمطر قيضاً بالضاد المعجمة أي كثيراً، يقال: بئر مقيضة أي كثيرة الماء قيل: إنَّه من علامات تلك الشرور أو من أشراط الساعة، وقيل: إنَّه أيضاً من الشرور إذا جاوز الحد فيخرب(7)الأبنية بالسيول وتواتر الأمطار ويفسد الزروع والثمار، وفي بعض النسخ (قيظاً)(8)بالظاء المعجمة وهو صميم الصيف من طلوع الثريا الى

ص: 109


1- ينظر: تاج العروس، مادة (فتق): 13 / 408
2- الصحاح، مادة (هدر): 2 / 853
3- ويأتي بمعنى: (صوَّت في غير شقشقة) تاج العروس، مادة (هدر): 7 / 614
4- لسان العرب، مادة (كظم): 12 / 520
5- المصدر نفسه، مادة (كظم): 12 / 520
6- ينظر: تاج العروس، مادة (أخو): 19 / 144، وفي ر، م: (ورازر)
7- (فيحرب) في ث، تصحیف، وفي ع: (فتخرب) تصحيف
8- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 454، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 155، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 41

طلوع سهيل، ويقال: قاظ يومنا أي اشتد حره، وهو المطابق لما ذكره في النهاية، قال: ((ومنه حديث اشراط الساعة أن يكون الولد غيظاً، والمطر قيظاً؛ لأن المطر إنَّما يراد للنبات، وبرد الهواء والقيظ ضد ذلك))(1)، وحينئذ يحتمل أن يكون المراد تبدل المطر بشدة الحر، أو قلة المطر، أو كثرته في الصيف دون الربيع والشتاء، أو المراد أنه يصير سبباً لاشتداد الحر لكثرته في الصيف إذ يثور به الأبخرة ويفسد الهواء ويتولد منه الطاعون والأمراض، أو يصير سبباً على خلاف مجرى العادة لشدة الحر والله تعالى يعلم، وتفيض اللئام أي: تكثر، وتغيض الكرام أي: تقل، أو(2)المراد قدرة اللئام وضعف الكرام وأهل ذلك الزمان أي أكابر الناس ومن هو أعلى مرتبة من الأوساط وأدنى مرتبة من السلاطين، والأُكَّال بضم الهمزة وتشديد لكاف الآكلون فمأكولهم من هو أدنى منهم، أو أموال أذانيهم وأنفسهم بالباطل لشيوع الربا والسرقة والحيل بينهم، وقال بعض الشارحين: روي ((أَكالاً)) بفتح الهمزة وتخفيف الكاف، يقال: ما ذقت أكالا أي طعاماً(3)، قال: وفي هذا الموضع إشكال؛ لأنه لم ينقل هذا الحرف(4)إلاَّ في الجحد خاصة كقولهم: ما بها صافر، أي أحد، فالأجود الرواية الأخرى وهي (آکالاً) بمد الهمزة على ((أفعال)) جمعٍ أُكل، وهو ما أکِل كقفل وأقفال، وقد روي ((أكالاً)) بضم الهمزة على ((فعال))،

ص: 110


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 132
2- (و) في ر
3- ينظر: بحار الأنوار: 34 / 248، والمقصود بالشارحين أبن أبي الحديد، ينظر: شرح نهج البلاغة: 7 / 156
4- (الجرف) في ع، تصحيف

وقالوا: إنه جمع ((أكل)) للمأكول كعِرْق وعُراق، وظِئْر وظُؤارٍ(1)إلا أنه شاذ عن القياس ووزن أحدهما مخالف لوزن ((أُكال)) لو كان جمعاً، أي صار أوساط الناس طُعمه للولاة وأصحاب السلاطين، كالفريسة للأسد(2)انتهى. وعلى رواية آکالاً بمد الهمزة على ما ذكره لا يبعد أن يكون المعنی مأكل السلاطين وارزاق الجند على ما ذكره في القاموس(3)(وغارَ(4)الصدقُ، وفاضَ الكذبُ، واستعملتِ المودةُ باللسانِ، وتشاجرَ الناسُ بالقلوبِ، وصارَ الفسوقُ نسباً، والعفافُ عجباً، ولُبِسَ الاسلامُ لُبْسَ الفروِ مقلوباً) غار الماء إذا ذهب في الأرض وفاض أي كثر حتی سال کالوادي، وفي بعض النسخ (وفار الكذب) بالراء المهملة من فار القدر إذا جاش، والتشاجر التنازع والتخالف، واستعمال المودة باللسان مع تخالف القلوب هو النفاق، والفسق الترك لأمر الله تعالى والخروج عن طريق الحق والزنا ويجمع على فسوق(5)كحمل وحمول ويكون الفسوق مصدراً بمعنى الزنا والانبعاث في المعاصي ومعنى الكلام على ما ذكره الشارحان: إنه يصير الفاسق في ذلك الزمان صديقا للفاسق حتی یکون ذلك كالنسب بينهم، ولعل الأقرب أن يجعل الفسوق بمعنی الزنا لمناسبه النسب ومقابلة العفاف، فإنَّه وان كان في الأصل الكف عما لا يحل إلاَّ أنه شاع استعماله في كف الفرج وصيرورة العفاف عجباً سواء كان بالمعنى الأول، أو الثاني لقلته بين الناس، والُلبس بالضم مصدر لبس الثوب

ص: 111


1- (طئر وطوار) في م، تصحيف
2- ينظر: ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 156
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (أكل): 3 / 329
4- (عار) في ع، تصحيف
5- (فسق) في م، تحریف

کسمع ووجه القلب أنه لما كان الغرض الأصلي من الإسلام أن يكون باطناً ينتفع به القلب، ويظهر فيه منفعته فقلب المنافقون غرضه واستعملوه بظاهر ألسنتهم دون قلوبهم أشبه قلبهم له لبس الفرو إذ كان أصله أن يكون خمله / ظ145 / ظاهراً لمنفعة الحيوان الذي هو لباسه فاستعمله الناس مقلوباً(1)كذا ذكره بعض الشارحين، ويحتمل أن يكون الوجه اظهار الناس نياتهم وأفعالهم الحسنة بزعمهم لغيرهم رئاء وقد أحب الله اخفاءها، کما قال (عليه السلام): (أفضل الزهد [اخفاء الزهد](2)والله تعالى يعلم.

[ومن خطبةٍ له (عليه السلام)]

(كلُّ شيءٍ خاشعٌ لهُ، وكلُّ شيءٍ قائمٌ بهِ، غِني كلِّ فقیرٍ، وعزُّ كلِّ ذليلٍ، وقوةُ كلِّ ضعيفٍ، ومفزعُ كلِّ ملهوفٍ) الخشوع والخضوع بمعنى وهو التواضع والتطامن، وقيل الخضوع في البدن، والخشوع في الصوت والبصر، ولعل المراد بخشوع كل شيء مقدوريته [ومقهوریته](3) للإمكان والحاجة، أو الخشوع في كل نوع من العباد والجمادات بمعنى: فيكون من قبيل استعمال المشترك في أكثر من معنى بقرينة إسناده الى كل شيء على ما قيل، وقيام كل شيء به عبارة عن وجوده وظهور الاثار منه بإيجاده واقداره وكونه سبحانه غني كل فقير؛ لأنه يعطي كل محتاج من الممكنات ما يستحقه على وفق المصلحة كما أنه يعز كل ذلیل ماسور في ربقة الإمكان ويقوي كل ضعيف

ص: 112


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 49
2- [اخفاء الزهد] ساقطة من م
3- [ومقهوريته] ساقطة من م

لا يقدر في ذاته وبنفسه على شيء فيعطيه(1)من القدرة ما يصلح به شأنه وتقتضيه(2)المصلحة فالفقر والذل والضعف منبعث عن الامكان الذي لا يخرج رقبه مخلوق عن ربقته، أو لأنَّه سبحانه يدخر لكل فقير في(3)الدنيا من ذخائر إنعامه وكنوز نواله في الاخرة ما يغنيه على حسب استحقاقه کما انه يعز كل ذليل بين الناس، ويقوي كل ضعيف يوم الجزاء حتى ينتصف ممن ظلمه وقهره، والعزيز الغالب القوي الذي لا يغلب، والعزة في الأصل القوة والشدة والغلبة، وقيل العزيز هو الخطير الذي يقل وجود مثله ويشتد الحاجة ويصعب الوصول إليه بأي معني كان، ولاريب أنه سبحانه معز كل ذليل، وفي بعض أدعية سيد الساجدين (عليه السلام): (واعصمني من أن أظن بذي عدم خساسةً، أو أظن بصاحب ثروة فضلاً، فإنَّ الشريف من شرفته طاعتك، والعزيز من أعزته عبادتك)(4)والمفزع الملجأ والمستغاث، يقال: فزعت إليه فافزعني، أي: لجأت واستغيث إليه فأغاثني، ويكون أفزع بمعنی خوّف من الفزع بمعنى الخوف، والملهوف المكروب، والمظلوم المضطر يستغيث ويتحسر وكونه سبحانه مفزع كل ملهوف، أما لأن النفوس مفطورة على الفزع إليه عند مفاجأة النوازل والشدائد كما هو المشاهد في راكب السفينة عند تلاطم الأمواج، وقد اشار إليه سبحانه في مواضع من الكتاب الكريم(5)، والزم به الصادق (عليه السلام) بعض الزنادقة، أو لأنَّ

ص: 113


1- (يعطيه) في ر
2- (ونقيصة) في أ، ن، وفي ر: (ونقیضیه)، تحریف
3- (من) في ر، تحریف
4- الصحيفة السجادية الكاملة: 181
5- قال تعالى: ((ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين)) 87 / النمل. وقوله عز وجل: ((من جاء بالحسنة فله خیر منها وهم من فزع يومئذ آمنون)) النمل / 89

المفزع الذي يقدر على تفريج كل كرب واغاثة كل مستغيث وينبغي الفزع اليه هو الله سبحانه دون غيره، ومن فزع إلى غيره فقد ضل عن سواء السبيل. (منْ تكلمَ سمعَ نطقهُ، ومنْ سكتَ عِلمَ سرهُ، ومنْ عاشَ فعليهِ رزقهِ، ومنْ ماتَ فاليهِ منقلبهُ) السر كل ما يكتم، والعيش الحياة، والمعيشة ما يعاش به من المأكل والمشرب وكل ما يكون به الحياة، والمنقلب مصدر بمعنى الرجوع والانصراف، يقال: قلبه كضربه أي حوله عن وجهه، وقلبت الشيء فانقلب، أي انكب، والمكان منقلب أيضاً وتسمیه توجه الخلق الى دار الجزاء التي خلقوا له بعد ارسالهم مدة للامتحان والاختبار الى دار الدنيا رجوعا؛ لأنَّه يشبه انصراف الإبل والماشية عن المرعى الى المأوی (لمْ تركَ العيونُ فتخبرَ عنكَ، بلْ كنتَ قبلَ الواصفینَ منْ خلقكَ. لمْ تخلقِ الخلقَ لوحشةٍ، ولاَ استعملتهمْ لمنفعةٍ، ولاَ يسبقكَ منْ طلبتَ، ولَا يفلتكَ منْ أخذتَ، ولاَ ينقصُ سلطانكَ

منْ عصاكَ، ولاَ يزيدُ فِي ملككَ منْ أطاعكَ، ولاَ يردُّ أمركَ منْ سَخِطَ قضاءَكَ، ولاَ يستغنِي عنكَ منْ تولَی عنْ أمركَ) الكلام التفات من الغيبة الى الخطاب والنكتة ما فصلوه في «إِيَّاكَ نَعْبُدُ / وَإِيَّاكَ و146 / نَسْتَعِينُ»(1)، والفاء في قوله (عليه السلام) (فتخبر) للسبية، والفعل منصوب بتقدير (أن) واسناد الاخبار الى العيون مجازاً، والإخبار مجاز في العلم من جهتها، أو المعنى فتخبر عنك أربابها، وكلمة (بل) للإضراب(2)، ولعل المراد بالوجود

ص: 114


1- الفاتحة / 5
2- ينظر: المقتضب: 1 / 58، والاصول في النحو: 2 / 57

قبل الواصفين هو القدم المنافي للجسمية والجسمانية، فيستلزم نفي الإخبار بالعيون والتعبير بالواصفين عن المبصرين لمناسبة الإخبار، والوحشة ضد الانس والهم والخوف، أي لم تعرض لك وحشه حتى تخلق الخلق لازالتها لتنزهك عن الصفات النفسانية والنقص وسبقه أي تقدمه ولم يدركه والمعنى لا يقدر على الهرب منك من طلبته، والإفلات والتفلت والانفلات التخلص من الشيء فجاءة من غير تمکث(1)ويكون أفلت بمعنی خلص والمعنى ولا يتخلص منك من اخذته، والغرض من الفقرتين اثبات القدرة الكاملة والسلطان قدرة الملك، ويكون بمعنى الوالي والحجة والبرهان، ولعل المراد بالأمر الحكم، وبالقضاء المقضي، ويحتمل المصدر، أي: لا يقدر من قضيت [عليه](2)بمكروه قضاء حتمًا أن يرده ويدفعه عن نفسه كما قال عز وجل: «وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ»(3)، وأصل القضاء القطع والفصل، وقضاء الشيء أحكامه وامضاؤه، وقال بعض الشارحين: المراد بالأمر القدر النازل على وفق القضاء الالهي، وهو تفصيل القضاء(4)، وتولى أي: أعرض، ولعل [المراد](5)[بالأمر](6)هاهنا هو الأمر التكليفي ولاريب أنَّ العاصي(7)أحوج من المطيع فكيف يستغني عنه سبحانه. (كلَّ سرٍّ عندكَ

ص: 115


1- (تمكت) في م، تصحيف
2- [عليه] ساقطة من ر
3- الأنعام / 17
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 55
5- [المراد] ساقطة من ر
6- [بالأمر] ساقطة من ث
7- (المعاصي) في ر

علانية، وكلُّ غيبٍ عندكَ شهادةٌ. أنت الأبد لا(1)أمدَ لكَ وأنتَ المنتَهى لَا محيصَ عنك، وأنتَ الموعدُ لَا منجَا منكَ(2). بيدكَ ناصيةُ كلِّ دابةٍ، واليكَ

مصیرُ كلِّ نسمةٍ) السر ما یکتم، وعلن(3)الأمر كنصر وضرب وكرم وفرح علانية أي ظهر، والغيب ماغاب عنك، والشهادة مصدر شهده کسمعه إذا احضره وحمل المصدر على الاسم للمبالغة، وكون شيء غائباً أو مستوراً إنما يتصور مع عدم مساواة نسبة العلم الى المعلومات وهو يعود الى نوع من الجهل المنفي عنه سبحانه فلا جرم كان كل سَّر وغيب عنده علانية وشهادة، والأبد الدائم، ذكره الجوهري(4)، والفيروز آبادي(5)، والأمد الغاية والمعنى واضح، وقال بعض الشارحين: هذا كلام شريف لا يفهمه إلاَّ الراسخون في العلم وفيه شمة(6)من قول النبي (صلى الله عليه واله): (ولا تسبوا الدهر فإنَّ الدهر هو الله)(7))(8)، ثم وجه الكلام بوجهين أحدهما: أنَّ المراد: أنت ذو الأبد كما قالوا: رجل خال، أي ذو خال، والخال الخيلاء، ورجل داء ومال،،

ص: 116


1- (فلا) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 157، نهج البلاغة، تحقیق، صبحي الصالح: 199
2- (لا منجى منك الا اليك) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 157، نهج البلاغة، تحقيق، صبحي الصالح: 199
3- (علق) في ع، تحریف
4- الصحاح، مادة (أمد): 2 / 442
5- القاموس المحیط، مادة (أمد): 1 / 275
6- (تتمة) في ع، م، تحریف
7- وروي الحديث النبوي الشريف: ((ولا تسبوا الدهر فإنَّ الله هو الدهر)) مسند أحمد: 2 / 395، وصحیح مسلم: 7 / 45، والسنن الکبری: 6 / 457، ومجمع الزوائد: 8 / 71
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 160

وثانيهما: أنه لما كان الأبد لا ينفك عن وجوده سبحانه جعله (عليه السلام) أبداً كقولهم: أنت الطلاق للمبالغة في البينونة(1)، والمحيص (المهرب)(2)، (والمحيد)(3)وحاص(4)عنه محيصاً أي عدل وحاد، ويقال للأولياء: حاصوا(5)عن العدو، وللأعداء انهزموا وهو في الكلام يحتمل المصدر والمكان وكذلك المنجا والنجاة الخلاص، والناصية (قصاص الشعر)(6)، والأخذ بالناصية كناية عن كمال القدرة، والنسمة محركة الإنسان، أو النفس والروح، أو كل دابة فيها روح.

(سبحانكَ(7)مَا أعظمَ مَا نرَى منْ خلقكَ، ومَا أصغرَ عظيمةٍ فِي جنبِ قدرتكَ! ومَا أهولَ مَا نرَى منْ ملكوتكَ، ومَا أحقرَ ذلكَ فيمَا غابَ عنَّا منْ سلطانكَ، ومَا أسبغَ نعمتكَ فِي الدُّنيَا، ومَا أصغرهَا فِي نعمِ الآخرةِ) الملكوت اسم مبنيٌّ من المُلك بالضم كالجبروت، والرهبوت من الجبر والرهبة، وهو العز والسلطان وهو قدرة الملك كما تقدم(8)، والمراد مظاهر العز والقدرة،

ص: 117


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 161
2- تاج العروس، مادة (حيص): 9 / 264
3- المصدر نفسه، مادة (حيص): 9 / 264
4- (خاص) في ر، تصحيف
5- (خاصوا) في أ، وفي ر (حاضوا) تصحيف
6- لسان العرب، مادة (نصا): 15 / 327
7- (سبحانك ما اعظم شأنك، سبحانك...) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 157، نهج البلاغة، تحقیق، صبحي الصالح: 199
8- ينظر: صحيفة 196

والسابغ الكامل الوافي(1)، وفي بعض النسخ (نعمك)(2)على صيغة الجمع وصغر نعم الدنيا في الكم والكيف والدوام والشرف.

منها: (منْ ملائكةٍ أسكنتهمْ سمواتكَ، ورفعتهمْ عنْ أرضكَ همْ أعلمُ خلقكَ بكَ، وأخوفهمْ لكَ، وأقربهمْ منكَ، لمْ يسكنُوا الأصلابَ، ولمْ يضمَّنُوا الأرحامَ، ولمْ يخلقُوا منْ ماءٍ مهینٍ، ولمْ يشتعبهمْ ريبُ المنونِ) يمكن أن يكون الكلام في وصف الملائكة السماوية لعدم ما يدل على العموم، فلا يدل على نفي الملائكة الأرضية، ويمكن أن يكون المراد بالإسكان / ظ 146 / في السموات الإسكان أحياناً، وكذلك الرفع عن الأرض فلا ينافي نزول المقربين على حسب المصلحة، ويجوز التناوب على الملائكة الحافظين للعباد والثمار وغيرها مما ورد في الأخبار(3)وصعودهم بعد موت العباد وبلوغ الثمار وامتثال الأوامر، وأما الكرام الكاتبون فالأخبار صريحة في صعودهم ونزولهم فيكون الوصف للجميع والرفع عن الأرض أقدارهم على الصعود، أو رفع رتبتهم(4)حيث لم تجعل الأرض مع انحطاط رتبتها مسكناً لهم وكونهم أعلم لمشاهدتهم آثار القدرة ودلائل الوجود أكثر من غيرهم ولتنزه علومهم عن کدر الوساوس وشوائب الشهوات، ولا ريب أنَّ الأعلم أخوف کما قال عز وجل: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»(5)، ومن أسباب شدة خوفهم معاينة

ص: 118


1- ينظر: لسان العرب، مادة (سبغ): 8 / 432
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الرواندي: 1 / 462، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 157، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 50
3- ينظر: نهج الایمان، ابن جبر: 637، ومجمع الزوائد، الهيثمي: 2 / 253
4- (زينتهم) في أ، ع
5- فاطر / 28

النار وليس الخبر كالعيان، والأخوف أقرب کما قال عز وجل ](1): «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»(2)والعلم أيضاً من موجبات(3)القرب، والتضمين جعل الشيء في وعاء(4)، وضمن الكتاب طيه وتضمنه، أي اشتمل عليه، والمهيمن الحقير والقليل، ونجاسة النطفة دليل على حقارتها (ولم يشتعبهم) أي لم يفرقهم، وفي بعض النسخ (لم يتشعبهم)(5)على صيغة التفعل، والمعنى واحد وتسمى المنية شعوباً کرسول؛ لأنَّها تفرق الخلائق، والمنون الدهر والمنية؛ لأنها تقطع الأعمار من المن بمعنى القطع(6)ورابني الشيء، أي ساءني، وفي الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال في فاطمة (عليها السلام): (يريبني مايريبها)(7)، أي يسؤني مايسؤها، ويزعجني(8)ما يزعجها. وريب المنون ما تغلق النفوس من مکاره الدهر وصروفه، أو نوازل الموت، أو الموت نفسه على الاضافة البيانية، والمراد أنَّه لم يفرقهم بالتباعد المكاني اللازم للموت والأسفار، أو لم يفرق خواطرهم وآراءهم بالوساوس وخوف الموت، وفي الأوصاف الأربعة تعريض بالبشر، قال بعض الشارحين: (هذا الكلام

ص: 119


1- [((إنَّمَا يْخَشَى اللهَّ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ))(2)، ومن أسباب شدة خوفهم معاينة النار وليس الخبر کالعيان، والأخوف أقرب کما قال عز وجل] ساقطة من ع
2- الحجرات / 13
3- (موحبات) في أ، تصحيف
4- ينظر: الصحاح، مادة (ضمن): 6 / 2155
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 1 / 462، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 162، وشرح نهج البلاغة، ان میثم البحراني: 3 / 57
6- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (من): 5 / 267
7- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 287، وکنز العمال: 12 / 107
8- (يرعبني) في ر، تصحيف

يدل على صحة ما ذهب إليه أصحابنا من أنَّ الملائكة أفضل من الأنبياء (عليهم السلام)(1)، ثم قال: وأعلم أنَّ مسألة تفضيل الملائكة على الأنبياء لها صورتان: أحدهما: أن الملائكة أفضل بمعنی کونهم أكثر ثواباً، والأخرى كونهم أفضل بمعنى أشرف، کما تقول: إنَّ الفلك أشرف من الأرض، أي أنَّ الجوهر الذي منه جسميته(2)أشرف من الجوهر الذي منه جسمية الأرض)(3)، وجعل تفضيلهم في القرب الذي أشار إليه (عليه السلام) دليلاً على أنهم أكثر ثواباً، والمزايا الأربع المذكورة بعد أدلة على أنهم أشرف، ولا يخفى أن وصف الملائكة (عليهم السلام) بأنَّهم لم يسكنوا الأصلاب ونحوه، وإنَّ اقتضى كونهم أشرف من هذه الجهة إلاَّ أنه لا ينفي(4)كون الأنبياء (عليهم السلام) أشرف من جهات اخر، وأما قوله (عليه السلام): (هم أعلم خلقك بك، وأخوفهم لك، وأقربهم منك) فلا يدل على أنَّهم أكثر ثواباً من الأنبياء (عليهم السلام)؛ لظهور أن المراد بالخلق في هذا المقام من سواهم (عليهم السلام)، وكذلك الأوصياء والأئمة (سلام الله عليهم) بل لا يشمل الخلص من المؤمنين بقرينة قوله (عليه السلام) بعد هذا الكلام: (فلا الداعي اجابوا، ولا فيما رغبت رغبوا) الى آخر الكلام، وإنما المراد أكثر الخلق وعوامهم، وتفضيل الأنبياء (عليهم السلام) مما اتفقت عليه كلمة الإمامية والأشاعرة،

ص: 120


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 165
2- (جسمیه) في ع، ن، تحریف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 166
4- (يبقي) في ر، تحریف

وخالفهم(1)المعتزلة ومن يحذو حذوهم(2)وأجمعت الإمامية على أنَّ ائمتنا (صلوات الله عليهم) أيضاً أفضل من الملائكة لأخبار لا تحصى وأدلة القوم في التفاضل بين الأنبياء والملائكة (عليهم السلام) والأخبار الواردة في هذا الباب مذكورة في كتب الكلام والأخبار، ولا يسعها المقام (وإنَّهمْ علَى مكانهمْ منكَ، ومنزلتهمْ عندكَ، واستجماعِ أهوائهمْ فيكَ، وكثرةِ طاعتهمْ لكَ، وقلةِ غفلتهمْ عنْ أمركَ، لوَ عاينوا كنهَ(3)مَا خفَي عليهمْ منكَ، لحقرُوا أعمالهمْ، ولرزوا(4)على أنفسهمِ، ولعرفُوا أنهمْ لْم يعبدوكَ حقَّ عبادتكَ، ولْم يطيعوكَ حقَّ طاعتكَ. سبحانكَ خالقاً ومعبوداً) مَکُن فلان عند السلطان مكانة ککرم كرامة، أي عظم عنده وارتفع قدره كان السلطان / و147 / عين له مکاناً، أو وطأه ومهّده له، وكذلك المنزلة والهوى الحب وميل النفس، ويكون في الحق کما یكون في الباطل واستجماع أهوائهم اتفاق عزائمهم(5)وآرائهم على التوجه الى الطاعة من غير منازعة الصوارف من الشهوات والوساوس، وكنه الشيء جوهره وحقيقته ونهايته وقدره ومعاينة الكنه العلم الكامل المقابل للعلم بالوجه المصطلح بين المحصلين، أو العلم بوجه أكمل مما حصل لهم، وحقره بالتخفيف كما في النسخ كضربه وحقره وأحقره واستحقره، أي أذله وعده حقيراً، وحقر الشيء كضرب وكرم، أي ذل،

ص: 121


1- (وخالعهم) في م، تصحيف
2- (حذفهم) في م، تصحيف
3- (کته) في ر، تصحيف
4- (ولزروا) في أ، ر، ع، ن، تصحيف
5- (غرائمهم) في ر، ن، تصحيف

وزری(1)علیه کرمی زريا عابه وعاتبه، وفي بعض النسخ (أزروا)(2)على صيغة الأفعال بمعناه وهو أكثر، وخالقاً ومعبوداً حالان من الفعل المفهوم من سبحانك، أي أسبحك خالقاً ومعبوداً وأنزهك في هذين الاعتبارین عن أن يكون لك مثل، أو شبه، أو أن يعرفك أحد حق معرفتك ويعبدك حق عبادتك (بحسنِ بلائكَ عندَ خلقكَ خلقتَ داراً، وجعلتَ فِيهَا مأدبة، مشرباً ومطعماً وأزواجاً، وخدماً وقصوراً، وأنهاراً وزروعاً وثماراً، ثمَّ أرسلتَ داعياً يدعُو إليها، فلَا الدَّاعي أجابُوا، ولاَ فيمَا رغبتَ فيه رغبوا(3)، ولاَ الى مَا شوقتَ اليهِ اشتاقُوا) الجار متعلق بخلقت ويحتمل التعلق بمعبود، وبلوت الرجل وأبليت عنده بلاء حسناً، أي أنعمت عليه، وأحسنت اليه، وبلاه الله بلاء وأبلاه الله ابلاء حسناً، وابتلاه، أي اختبره وامتحنه، وأصل الابتلاء [...](4)الامتحان والوجهان يحتملهما المقام، والمأدبة بضم الدال كما في النسخ وهو المشهور، وأجاز بعضهم فيها الفتح الطعام الذي يصنعه الرجل يدعو إليه الناس(5)، والمراد بالمأدبة الجنة وبالدار الإسلام؛ لأنَّه يجمع أهله ويحميهم، وقد ورد في الخبر أنَّ الله جعل الإسلام داراً، والجنة مأدُبة، والداعي إليها محمد (صلى الله عليه واله)، ويحتمل أن يراد بالدار الدار الآخرة؛ لأنَّها مجمع العباد

ص: 122


1- (ورزی) في ع، تصحيف
2- (ولزروا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 162، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 200
3- (ولا فيما رغبت رغبوا) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 162، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 200. وفي ث: (رعبوا) تصحيف
4- [و] زائدة ر، م
5- لسان العرب، مادة (أدب): 1 / 207، وفيه: (ویدعو)

ومستقرهم، أو الجنة فالمأدبة ما أعده الله فيها من النعيم وتخصيص الداعي بمحمد (صلى الله عليه واله)؛ لأنَّ الكلام في شأن هذه الأمة والغرض وعظهم وتذكيرهم، ويحتمل الجنس والمنصوبات مميزات لتلك المأدبة، والاشتمال على الزوائد زيادة في الأنعام، ويحتمل أن يكون أزواجاً(1)معطوفاً على مأدبة، أو داراً، والخَدم بالتحريك جمع خادم كخدام غلاماً كان، أو جارية والحاق الهاء في المؤنث قليل، والزرع يشمل انبات الحب والشجر کما ذکره بعض الشارحین(2)وحمله على انبات الشجر، ثم قال: ولو قال قائل: إنَّ في الجنة زروعاً من البر ونحوه لم يبعد(3)، ولعل الأظهر تخصيصه بالحب والخضرة وغرس الشجر انباته يفهم من الثمار، وفي بعض النسخ (ولا فيما رغبت رغبوا) بحذف الجار مع العائد اقبلوا. (علَى جيفةٍ قدْ افتضُحوا [بأكلها، واصطلحُوا](4)علىَ حبِّها، ومنْ عشقَ شيئاً أعشى بصرهُ، وأمرضَ قلبهُ، فهوَ ينظرُ بعینٍ غیرِ صحيحةٍ، ويسمعُ بأُذنٍ غیر سميعةٍ) الجيفة جثة الميت إذا أنتن، وفضحه کمنعه کشف مساويه فافتضح، أي ظهرت عيوبه واصطلحوا على حبها، أي اتفقوا(5)اطلاقاً فالاسم الملزوم على لازمه فإنَّ الاصطلاح عبارة عن التراضي بعد التغاضب، ويلزمه الاتفاق، ويحتمل أن يكون المعني أن حبها صار سبباً لصلحهم وتراضيهم كما قال (عليه السلام): (فهو عبد لها، ولمن في يديه شيء منها)، والعشق الإفراط في المحبة، أو عجب

ص: 123


1- (أرواحاً) في أ، ع، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 168
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 168
4- [بأكلها، واصطلحُوا] ساقطة من ع
5- (أنفقوا) في م، تصحيف

المحب بمحبوبه، يقال: عشقه كعلمه عِشقاً بالكسر، وعشقاً بالتحريك، وأعشی بصره أي جعله أعشی، والأعشى الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار، أو العشا العمى، أو سوء البصر بالليل والنهار، والمراد بالبصر البصيرة، وعشاه انغمار عقله بالجهل ووساوس الحب، أو الباصرة، وعشاه عدم العبرة بما يراه من مواضع العبرة، وعدم الاعتداد بما يراه من العيوب، واعظام ما يراه من المحاسن الحقيرة، والعين مؤنثة / ظ 147 / كالأُذُن بالضم وبضمتين، وفي النسخ (بضمتين)، والسماع بآذن(1)غير سميعه عدم التأثر(2) والانتفاع بسماع المواعظ، وعدم التصديق بما يسمع من عيوب المحبوب (قدْ خرقتْ الشهواتُ عقلهُ، وأماتتِ الدُّنيا قلبهُ، وولهتْ عليها نفسهُ، فهوَ عبدٌ لها ولمنْ فِي يديهِ شيءٌ منهَا، حيثُ مَا زالتْ زالَ إليهَا، وحيثُ ما أقبلتْ أقبلَ عليهَا)، لعل المراد بخرق الشهوات افسادها العقل وابطالها إياه بتشویشه وتغريقه في الخواطر الباطلة [حتى](3)كان كالثوب المخرق الممزق الذي لا ينتفع به، وإماته القلب جعله كالميت العاجز عن القيام بشأنه والحركة إلى ما يعنيه وادراك المضار والمنافع، والوله ذهاب العقل من فرح أو حزن، والحيرة والخوف، يقال: وَلِه كتعِب ووله کوعد في لغة قليلة، والوله على الدنيا بمعنى ذهاب العقل للفرح(4)بما وجد منها والحزن على ما فقد منها واضح، وكذلك بمعني(5)الحيرة لشدة الحب والميل إليها، وبمعنی

ص: 124


1- (بادن) في أ، ر
2- (الناثر) في ع، تصحيف
3- [حتی] ساقطة من أ
4- (للفرج) في ر، تصحيف
5- (يعني) في ع، تحریف

الخوف على فراق ما وجد منها وعدم الاصابة بالمأمول منها، وقوله (عليه السلام): (حيث ما زالت) کالبيان للعبودية، والزوال الذهاب(1)والتحرك، أي إذا ذهبت الدنيا يذهب إليها ويتبعها كما أنَّه إذا أقبلت يستقبلها وهذا النوع من العبودية يكون من صميم القلب ومحض الشهوة وهو أتم من عبودية الرق القسري کما قال (عليه السلام): (عبد الشهوة أذل من عبد الرق)(2)، (لَا ينزجرُ منَ اللهِ بزاجرٍ، ولَا يتعظُ منهُ بواعظٍ، وهُوَ يرى المأخوذينَ علَى الغرةِ(3)، حيثُ لاَ إقالة(4)ولَا رجعةَ، كيفَ نزلَ بهمْ ما كانُوا يجهلونَ وجاءهمْ منْ فراقِ الدُّنيا مَا كانُوا يأمنونَ وقدمُوا منْ الاخرةِ علَى مَا كانُوا يوعدونَ) زجره کنصره، أي منعه ونهاه فانزجر وازدجر، أي امتنع وانتهى، والوعظ النصح والتذكير بالعواقب والاتعاظ قبول الموعظة والواو للحال، و(الغرة(5): الغفلة)(6)، (والغار: الغافل)(7)ويجوز أنْ يكون بمعنى الخديعة والاطماع بالباطل، يقال: غره غروراً، وغِرة بالكسر إذا (خدعه وأطمعه بالباطل)(8)(والغرور، کصبور الدنيا)(9)، وقال بعض الشارحين: يجوز أن

ص: 125


1- (الذهاب الزوال) في أ، ع
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 20 / 277
3- (العزة) في أ، ر، ع
4- (لا اقالة لهم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 162
5- (العزة) في أ، ر، ع
6- تاج العروس، مادة (غرر): 7 / 304
7- المصدر نفسه، مادة (غرر): 7 / 304
8- تاج العروس، مادة (غرر): 7 / 299
9- المصدر نفسه، مادة (غرر): 7 / 299

يعني به الحداثة، تقول: كان ذلك في غرارتي وغرتي، أي في حداثتي وصبائي(1)وقِلته البيع بالكسر وأقلته، أي فسخته واستقاله طلب اليه أن يقيله، وقيل: الإقالة من القول والهمزة للسلب، فأقال بمعنى أزال القول الأول وهو البيع كأشكاه، أي أزال شکایته، ولعله وهم والبيع الذي لا اقاله له بيع الانسان نفسه وعمره بالدنيا، ولعل المراد بما كانوا يجهلون هو الموت وجهله ترك الاستعداد للقائه وتهيئة ما يحتاج إليه لنزوله(2)فإنَّ المغتر بالدنيا المنخدع بأباطيلها كالجاهل بنزول الموت رأساً، كما أنَّه كالآمن من فراق الدنيا والعلم المسلوب عنه أثره کالمعدوم وكذلك الخوف وإن كان يخطر بالبال أحياناً [...](3)، وقال بعض الشارحين: المراد تفصيل سكرات الموت وأهواله وما كانوا يأمنون، اشاره إلى الموت وما بعده، فإنَّ الغافل حال انهما که في لذات الدنيا لا يعرض له خوف الموت بل يكون في تلك الحال آمنا منه(4)، وقُدم من سفره كعلم قدوماً بالضم، أي أب فهو قادم، ولعل التعبير بالقدوم لأنَّ الآخرة هي الدار التي خلق الانسان له والدنيا ممر لا دار مقرٍ، وقوله (عليه السلام) من الآخرة بيان لما كانوا يوعدون، والوعد يستعمل في الخير والشر، يقال(5): وعدته خيراً، ووعدته شراً، وإذا اسقطوا الخير والشر قالوا في الخير: الوعد والعدة، وفي الشر الايعاد، وظاهر المقام شرور الآخرة (فغیرُ موصوفٍ مَا نزلَ بهمْ، اجتمعتْ عليهمْ سكرةُ الموتِ، وحسرةُ الفوتِ، ففترتْ لَها

ص: 126


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 168
2- (لنزول) في ع
3- [على] زيادة في أ، ع، ن
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 64
5- [يقال] ساقطة من ر

أطرافهمْ، وتغیرتْ لَها ألوانهمْ)، لعل المعنى لا يمكن وصف ما نزل بهم حق الوصف وإنما المذكور في ذيل الكلام شيء منه وتصوير له بوجه يقتضيه(1)المقام وحكي عن التورية أنَّ مثل الموت كمثل شجرة ذات شوك أدرجت في بدن ابن آدم فعلقت كل شوكة بعرق وعصب، ثم جذبها / و148 / رجل شدید الجذب فقطع ما قطع وأبقى ما أبقى، وسكرة الموت شدته الذاهبة بالعقل وغشيته، وحسرة الفوت التلهف على فوت لذات الدنيا ومفارقة الأموال والبنين، أو فوت وقت العمل والتوبة واستدراك ما سلف من الذنوب والأطراف من البدن اليدان والرجلان والرأس، وفتورها سكونها بعد الحدة، ولينها بعد الشدة، والضمير في الموضعين راجع الى السكرة أو كل واحد من السكرة والحسرة.

(ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ فِيهِمْ وُلُوجاً، فَحِيلَ بَیْنَ أَحَدِهِمْ وَبَیْنَ مَنْطِقِهِ، وَإِنَّهُ لَبَیْنَ أَهْلِهِ يَنْظُرُ بِبَصَرِهِ، وَيَسْمَعُ بِأُذُنِهِ، عَلَى صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِ، وَبَقَاءٍ مِنْ لُبِّهِ، يُفَكِّرُ فِيمَ أَفْنَى عُمُرَهُ، وَفِيمَ أَذْهَبَ دَهْرَهُ! وَيَتَذَكَّرُ أَمْوَالًا جَمَعَهَا، أَغْمَضَ

فِي مَطَالِبِهَا، وَأَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّ حَاتِهَا وَمُشْتَبِهَاتِهَا) الولوج الدخول، وولوج الموت كناية عن تصرفه في الرجل وقربه، وحال الشيء بيني وبينك أي حجز ومنع، والحاجز ضعف العضلات والعارض لدنو الموت، واللب العقل وفكر في الشيء وأفكر وتفكر بمعنی، وفيمَّ أي في أي شيء وحذف الالف في (ما) استفهامها وإبقاء الفتحة دليلاً عليها إذا جرت غالب إلا إذا جاء بعدها (ذا) نحو: بماذا تشتغل، والدهر الزمان الطويل ومدة الحياة، واغمضتُ

ص: 127


1- (تقتضيه) في ع، تصحيف

العين إغماضاً وغمَّضتها تغميضاً إذا أطبقت الأجفان ومنه: اغمضت عنه إذا تجاوزت، وأغمضت عنه في البيع أي تساهلت، والاغماض في المطالب ترك الاعتناء بأنها من المحرمات وعدم الالتفات إلى ذلك وأخذ المال وان علم انه حرام أو افتاء الرجل لنفسه وتصحيح أخذ المال بتأويلات ضعيفة وتوجيهات سخيفة، وقال بعض الشارحین(1): ويمكن أن يحمل على وجه آخر وهو أنه قد كان يحتال بحيل غامضة دقيقة في المطالب حتى حصلها واكتسبها وهو بعيد، ومصرحاتها ما صرح بإباحته أو بتحريمه، أو بإباحته وتحريمه أي من الجميع.

(قَدْ لَزِمَتْهُ تَبِعَاتُ جَمْعِهَا، وَأَشْرَفَ عَلَى فِرَاقِهَا، تَبْقَى لِمَنْ وَرَاءَهُ يَنْعَمُونَ فِيهَا، وَيَتَمَتَّعُونَ بِهَا، فَيَكُونُ الْمَهْنَأُ لِغَیْرِهِ، وَالْعِبْءُ عَلَى ظَهْرِهِ) التبعة كفرحة ما يتبع الشيء وتبعه جمع المال الإثم والعقاب والسؤال، والتنعم الترفه ونِعَم عیشه کفرح اتسع وينعمون فيها أي يعيشون عيشاً طيباً واسعاً، والمهناء والهنيء والمهنأ كمقعد وکریم ومعظم ما أتاك بلا تعب ولا مشقة، ويقال: هنِيء الطعام وهنُؤ بالكسر والضم أي ساغ، وفي حديث طعام العمال: ((لك المهنأ وعليه الوزر))(2)أي يكون أكلك له هنيئاً لا تؤاخذ به ووزره على من کسبه وقد يخفف الهمزة في المهناء، وفي النسخ بالهمز، والعِبء بالكسر الحمل والثقل من أي شيء كان والجمع أعباء وعبء الأموال إثمها وما يتبعه من السؤال والعقاب.

ص: 128


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 169
2- غريب الحديث، ابن قتيبة: 2 / 283، والفايق في غريب الحديث، الزمخشري: 3 / 409، والنهاية في غريب الحدیث والاثر: 5 / 277

(وَالْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ بِهَا، فَهُوَ يَعَضُّ يَدَهُ نَدَامَةً عَلَى مَا أَصْحَرَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ، وَيَزْهَدُ فِيمَا كَانَ يَرْغَبُ فِيهِ أَيَّامَ عُمُرِهِ، وَيَتَمَنَّى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَغْبِطُهُ بِهَا وَيَحْسُدُهُ عَلَيْهَا قَدْ جازَهَا دُونَهُ) قال في النهاية: ((فيه: لا يغلق الرهن بما فيه))(1)يقال: غلق الرهن کفرح غلوقاً إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنة على تحصيله، والمعنى أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفکه صاحبه وكان من فعل الجاهلية أنّ الراهن إذا لم يؤدّ ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن فأبطله الإسلام، قال الأزهري(2): يقال: غلق الباب إذا عسر فتحه، والغلق في الرهن ضد الفك فإذا فك الراهن الرّهن فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه، وقال في المصباح المنير: ((في الحديث: ((لا يغلق الرّهن بما فيه)) أي لا يستحقه المرتهن بالدين الذي هو مرهون به))(3)، والظاهر أن المراد بالرهون السعادات المعدة للمرء لو لم يكتسب تلك الأموال من غير حلها ولم يلزمه تبعات جمعها وقد كان يمكنه فك رهونه بالتوبة والأعمال الصالحة / ظ 148 / وأداء الأموال إلى مستحقيها فلما مضى وقت التوبة والاداء فقد غلقت الرهون وخرجت من يده بتلك الأموال أي بسبب اكتسابها أو عوضاً عن تلك الاموال، وقال بعض الشارحين(4): أراد انه لما شارف الرحيل صارت تلك الأموال التي جمعها مستحقة لغيره ولم يبق له فيها تصرف فأشبهت الرّهن الذي غلق على صاحبه فخرج عن كونه مستحقاً له وصار مستحقاً

ص: 129


1- النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 379
2- ينظر: تهذيب اللغة: 17 / 139
3- المصباح المنير: 2 / 451
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 169

لغيره وهو المرتهن، واورد عليه بعضهم(1)بأنه حينئذ يضيع فائدة قوله (عليه السلام) بها لأن الضمير يعود الى الاموال المجموعة وهي ليست إلا نفس الرهون، ويحتمل أن يراد بالرّهون ما كان يؤمل الرجل أن يناله من الملاذ، والاغراض الدنيوية التي خرجت من يده بخروج تلك الأموال وعدم تمكنه من التصرف فيها. وعضضت اللقمة من باب سمع وبها وعليها أي أمسكته بأسناني ومن باب نفع لغة قليلة، وفي بعض النسخ (فهو يعض يديه)، والعض على اليد حينئذ كناية عن شدة أسفه وحزنه، ولو قدر لفعل أصحر له أي انكشف، وأصله الخروج الى الصحراء والبروز من الممكن، والضمير في أمره راجع الى المرء، ويحتمل بعيداً رجوعه الى الموت وإن كان أقرب.

والزهد خلاف الرغبة وما كان يرغب فيه تلك الأموال بقرينه السابق واللاحق من الكلام ويحتمل الأعم منها ومن سائر المشتهيات، وغبطه کضربه أي تمني مثل ما ناله من غير أن يريد زواله عنه لما أعجبه منه وعظم عنده فإذا تمنى زواله فهو الحسد ویکون الغبطة بمعنى الحسد وهو أظهر في المقام، ويحتمل أن يكون المراد بالموصول أولا الجنس المشتمل على الصنفين أو [المراد](2)الذي كان يغبطه أحياناً ويحسده أحياناً، وحازه يحوزه أي قبضه وجهه وملکه.

(فَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ يُبَالِغُ فِي جَسَدِهِ حَتَّى خَالَطَ سَمْعَهُ فَصَارَ بَیْنَ أَهْلِهِ لَا يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ وَلَا يَسْمَعُ بِسَمْعِهِ يُرَدِّدُ طَرْفَهُ بِالنَّظَرِ فِي وُجُوهِهِمْ يَرَى حَرَكَاتِ

ص: 130


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 65
2- [المراد] ساقطة من ر، م

أَلْسِنَتِهِمْ وَلَا يَسْمَعُ رَجْعَ كَلَامِهِمْ) بالغ في الشيء مبالغة وبلاغاً إذا اجتهد ولم يقصر، والخلط المزج وخالطه مازجه [والطرف لغير لا يجمع لأنه في الأصل مصدر](1)، وطرف بعينه حرّك جفينها وطرف بصره أطبق أحد جفنيه على الآخر وترديد الطرف بعد النظرة، ورجعت الكلام أي رددته ولا يسمع رجع كلامهم أي ما يتراجعونه بينهم من الكلام.

((ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ التياطاً(2)بِهِ فَقُبِضَ بَصُرَهُ كَمَا قُبِضَ سَمْعُهُ وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ فَصَارَ جِيفَةً بَیْنَ أَهْلِهِ قَدْ أَوْحَشُوا مِنْ جَانِبِهِ وَتَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِهِ لَا يُسْعِدُ بَاكِياً وَلَا يُجِيبُ دَاعِياً)) نبه (عليه السلام) في هذا الكلام على أنَّ آلة النطق من الانسان تبطل قبل آلتي [السمع والبصر ثم الة ](3)السمع قبل الة البصر وأن آلة البصر تبطل مع مفارقة الروح والزيادة النموّ وزاد یکون لازماً ومتعدياً، تقول(4): زاده الله خيراً فزاد وازداد، وفي بعض النسخ (از داد)(5)ولاط الشيء بقلبي يلوط و يلط لوطاً وليطاً أي الصق والتاط أي لصق، والجيفة جثة الميت إذا انتن کما تقدم، والوحشة الخوف والهم والخلوة وأوحشت الرجل فاستوحش واوحشوا على صيغة المجهول كما في النسخ أي جعلوا مستوحشين، وقال بعض الشارحين(6): ويروى ((أو حشوا)) أي خلوا

ص: 131


1- [والطرف لغير لا يجمع لأنه في الأصل مصدر] ساقطة من ث، ر
2- [التباطاً] في ر، م، تصحيف
3- [السمع والبصر ثم الة] زائدة في ر
4- (يقول) في ر، م، تصحيف
5- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 463، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 163
6- ينظر: ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 170

منه وافقروا، يقول: قد أوحش المنزل من أهله أي أقفر وخلا. والاسعاد الاعانة ودعوت الرجل أي ناديته ((ثُمَّ حَمَلُوهُ إِلَی مَخَطٍّ فِي الْأَرْضِ فَأَسْلَمُوهُ فِيهِ إِلَی عَمَلِهِ وَانْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِهِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَالْأَمْرُ مَقَادِيرَهُ وَأُلْحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ وَجَاءَ مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا يُرِيدُهُ مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِهِ)) المحط بالحاء المهملة كما في كثير من النسخ(1)المنزل، يقال: حط القوم إذا نزلوا وفي بعض النسخ (الى المخط)(2)بالخاء المعجمة، قال بعض الشارحين(3): أي الى خط يعني اللحد سماه مخطاً لدفته، وقال بعضهم: المخط موضع / و149 / الخط أولا ثم يحفر، وسلمت إليه الشيء فتسلمه أي اخذه والتسليم بذل الرضا بالحكم واسلم أمره لله أي سلم وزاره أي قصده واصله القصد للقاء وأما في الاموات فعلى التشبيه ونوع من التعظيم ويمكن أن يراد بالانقطاع القلة والكتاب بمعنى المكتوب من كتب بمعنی قضى وحكم واوجب والمراد مدة عمر الدنيا، والأجل منتهي المدة والامر أما بمعنى القضاء أو بمعنی الشيء، والحالة كناية عن المدة ومقدار الشيء مبلغه أي بلغ القضا أو المدة الى الحد الذي ينبغي ان يبلغ على وفق المصلحة، وقال بعض الشارحين: أراد بالأمر القضا ومقاديره تفاصيله من الاثار التي توجد على وفقه(4)ولحوق آخر الخلق بأوله شمول الموت والفناء للجميع واجتماعهم في عالم البرزخ وجاء من أمر الله ما يريده أي حان حينه على مقتضى الحكمة الالهية ((أَمَادَ

ص: 132


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 1 / 463
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 163
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 170
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 68

السَّمَاءَ وَفَطَرَهَا وَأَرَجَّ الْأَرْضَ وَأَرْجَفَهَا وَقَلَعَ جِبَالَهَا وَنَسَفَهَا وَدَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلَالَتِهِ وَمَخُوفِ سَطْوَتِهِ وَأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ

إِخْلَاقِهِمْ وَجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ)) ماد الشيء كباع میدا ومیدانا بالتحريك تحرك واضطرب واماده حرکه واقلقه وقال في المصباح المنير(1): ومنه الميدان لتحرك جوانبه عند السباق والجمع میادین(2)کشيطان وشياطين ويجوز فيه الكسر، وقال بعض الشارحين(3): ويروى ((وامار)) السماء بالراء، والموران الحركة بسرعة(4)، ومار إذا تردد في عرض، ومار البحر إذا اضطرب وهذه الرواية مطابقة لقوله تعالى: «يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا، وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا»(5)وفطرها أي شقها قال الله تعالى: «إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ»(6)«إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ»(7)وارج أي حرك من رج إذا تحرك ويكون رج بمعنی حرك وزلزل قال بعض الشارحين: وروي ((ورجَّ الارض)) بغير همز وهو الأصح وعليه ورد القرآن «إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا»(8)، وأرجفها أي حركها، يقال: رجف كنصر أي تحرك وحرك ويسمى البحر رجاً فالاضطرابه، قال الله عز وجل: «يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا»(9)، وقال تعالى:

ص: 133


1- ينظر: المصباح المنير: 2 / 587
2- (مبادین) في ر، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 170
4- ينظر: القاموس المحيط: 2 / 136
5- الطور / 9، 10
6- الانفطار / 1
7- الانشقاق / 1
8- الواقعة / 4
9- المزمل / 14

«يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ»(1)وهذه الرجفة هي زلزلة الساعة التي اشار اليها عز وجل بقوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ»(2)ونسف البناء كضرب أي قلعه من أصله قال الله عز وجل: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ٭ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ٭ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا»(3)والدك الدق والهدم قال الله عز وجل: «وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً»(4)، والهيبة والمهابة المخافة، والسطوة الصولة أو القهر بالبطش ظاهر الكلام أن هذا الدك ناش عن نوع شعور وقدرة عن الجبال بأن يكون السبب فيه تجلى نوع من الجلالة والسطوة عليها وهو على القول بأن للجمادات نوعاً من الشعور کما يدل عليه ظاهر قوله عز وجل: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»(5)واضح، ولو ثبت انتفاء الشعور عنها رأساً لتطرق الى الكلام ضرب من التأويل وخلق الثوب كنصر وسمع وكرم أي بل واخلقه جعله باليا وهذا التجديد والجمع هو المذكور بألفاظ مختلفة في عدة مواضع من الكتاب الكريم ((ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُرِيدُهُ مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ خَفَايَا الْأَعْمَالِ وَخَبَايَا الْأَفْعَالِ

وَجَعَلَهُمْ فَرِيقَیْنِ أَنْعَمَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَانْتَقَمَ مِنْ هَؤُلَاءِ)) الظاهر أن اللام في قوله (عليه السلام) لما يريد للغاية فيكون التميز قبل الحساب وهو الظاهر من كلمة يريد وتقديم الماضي عليه وحمله على التعليل وجعل التمييز بعد

ص: 134


1- النازعات / 6، 7
2- الحج / 1
3- طه / 105، 106، 107
4- الحاقة / 14
5- الاسراء / 44

المساءلة حتی یکون قوله (عليه السلام) وجعلهم فريقين كالتفسير لهذا التميز بعيد وحينئذ يحتمل أن يكون المراد بالتمييز التفريق بين الاخيار والاشرار وجعلهم صنفين أصحاب اليمين وأصحاب / ظ 149 / الشمال بعد خلط الناس جميعاً في بعض المواقف وعقبات يوم النشور وأن يكون المراد توسيع المكان وأبعاد كل أحد عن الباقين بعد التضييق والتشبيك في بعض المواقف کما مرت الاشارة إليه في قوله (عليه السلام): ((فأحسنهم حالاً من وجد لقدميه موضعاً ولنفسه متسعاً))، وفي بعض النسخ (عن الاعمال)(1)بحذف كلمة (الخفايا) فيكون ذكر الخبايا كالتخصيص بعد التعميم لدفع توهم الاختصاص بغيرها أو غير ذلك من الاغراض أما على الأصل فلعل التخصيص لدفع التوهم في أول الأمر ويفهم غيرها من باب مفهوم الموافقة، أو لأن الأعمال كلها مخفية عن أكثر أهل المحشر، وإنما المطلع على ما شاع وذاع في دار الدنيا قطرة في بحر لجي، وخبأه كمنعه ستره، والخبئ كلمة ستر وغاب والظاهر أن جعلهم فريقين بعد المساءلة والحساب ((فَأَمَّا أَهْلُ الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ وَخَلَّدَهُمْ فِي دَارِهِ حَيْثُ لَا يَظْعَنُ النُّزَّالُ ولا تتغيرُ(2)بِهِمُ الْحَالُ وَلَا تَنُوبُهُمُ الْأَفْزَاعُ وَلَا تَنَالُهُمُ الْأَسْقَامُ وَلَا تَعْرِضُ لَهُمُ الْأَخْطَارُ وَلَا تُشْخِصُهُمُ الْأَسْفَارُ)) الثواب والمثوبة جزاء الطاعة واثابه واثوبه وثوبه مثوبه اعطاه المثوبة، والجوار بالکسر کما في النسخ وهو الافصح ويجوز فيه الفتح المجاورة والجار المجاور في السكن والذي اجرته من أن يظلم وبناء الأول على التشبيه

ص: 135


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 1 / 464، هامش: 2: في نسخة (م. ب الف، یا)
2- (يتغير) في ر، م

بالقرب المكاني واضافة الدار الى ضميره سبحانه لاكتساء الشرف كما في قوله تعالى: «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي»(1)وغير ذلك وظعن كمنع أي ارتحل وعدم التغير ما فسر بالكلمات التالية، ونابه أمر ينوبه أي أصابه والنائبة النازلة، والفزع(2) بالتحريك الخوف وهو في الأصل مصدر ويجمع على أفزاع(3)، ونلته انیله واناله نیلًا اصبته، والخَطر بالتحريك الاشراف على الهلاك وخوف التلف وشخص کمنع شخوصاً خرج من موضع الى غيره وسار في ارتفاع واشخصه أخرجه والاسناد الى الاسفار توسع ((وَأَمَّا أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَارٍ وَغَلَّ الْأَيْدِيَ إِلَی الْأَعْنَاقِ وَقَرَنَ النَّوَاصِيَ بِالْأَقْدَامِ وَأَلْبَسَهُمْ سَرَابِيلَ الْقَطِرَانِ وَمُقَطَّعَاتِ النِّیرَانِ)) الغُل بالضم القيد المختص باليد، والعنق والجمع الاغلال(4)، وغل الأيدي أي جعلها فيها منضمه(5)الى الاعناق، والناصية ((قصاص الشعر))(6)والام في الأربعة عوض عن الضمير، والسربال القميص أو الدرع يؤكل ما لبس، والقَطِران بفتح القاف وکسر الطاء کما في النسخ(7)ويجوز فيه اسكان الطاء مع فتح القاف وكسرها ما يطلى به الابل(8)شيء اسود لزج منتن ويطلى به أهل النار فيصير كالقميص

ص: 136


1- الحجر / 29
2- (الفرع) في أ، تصحيف
3- (افراغ) في أ، تصحیف
4- ينظر: الصحاح، مادة (غلل): 5 / 1783
5- (متضمه) في أ، تصحیف
6- المصباح المنير: 2 / 609
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 163، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 67
8- ينظر: الصحاح، مادة (قطر): 2 / 795

عليهم ثم ترسل النار فيهم ليكون اسرع إليهم وأبلغ في الاشتعال(1)وأشد في العذاب، وقيل نحاس أو صفر(2)مذاب قد انتهى حره وهو غير معروف بين اللغويين، وقرئ في قوله تعالى: «سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ»(3)قطرانٍ على كلمتين منونتين(4)، قال ابن جني: القِطر بالكسر الصفر والنحاس والانی الذي قد آنی وادرك أي بالغ في الذوبان والحر، وجوز(5)بعضهم(6)على القراءتين أن يسربلوا سربالين أحدهما من القطران والأخر من القطر الانی وهو مبني على ما اشتهر بينهم من نزول القرآن على سبعة أحرف ومقطعات النيران، النيران التي توقد عليهم على قدر جثثهم كأنها ثياب شاملة لهم کما قال عز وجل: «فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ»(7)وقيل المقطعات الثياب القصار؛ لأنها قطعت عن بلوغ التمام وهو غير مناسب للمقام وقيل المقطع من الثياب كل ما يفصل ويخاط من قميص وغيره وما لا يقطع منها كالآزر(8)والأردية(9)وقيل المقطعات لا واحد لها فلا يقال للحبة القصيرة:

ص: 137


1- (الاشتغال) في أ، تصحيف
2- (صقر) في ر، تصحيف
3- إبراهيم / 50
4- ((قرأ زيد، عن يعقوب (من قطر آن) على كلمتين منونتين، وهي قراءة أبي هريرة، وابن عباس، وسعيد بن جبير، والكلبي، وقتادة، وعيسى الهمداني، الربيع. وقرأ سائر القراء: (قطران))) مجمع البيان: 6 / 90
5- (حوز) في أ، تصحیف
6- قراءة الجبائي، ينظر: مجمع البيان: 6 / 95
7- الحج / 19
8- (کالازار) في م
9- (اردبة) في أ، تصحیف

مقطع ولا للقميص مقطع وإنما يقال لجملة الثياب مقطعات والواحد ثوب ((فِي عَذَابٍ قَدِ اشْتَدَّ حَرُّهُ وَبَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِهِ فِي نَارٍ لَهَا كَلَبٌ وَلَجَبٌ

وَلَهَبٌ سَاطِعٌ وَقَصِيفٌ هَائِلٌ)) الطبق بالتحريك كل غطاء لازم على الشيء / و 150 / واطبقته أي غطيته، وأطباق الباب اغلاقه، والكُلب بالتحريك الشدة(1)واللجب محركة وكذلك الجلب کما في بعض النسخ الصوت أو اختلاطه(2)قيل وكان أول مقلوب الثاني والهب بالتحريك والهيب اشتعال النار إذا خلص من الدخان، وقيل لهبها لسانها ولهيبها حرها، والساطع المرتفع، والقصيف الصوت الشديد(3)، والهول المخافة من الأمر لا يدري ما يهجم عليه منه. (لَا يَظْعَنُ مُقِيمُهَا وَلَا يُفَادَى أَسِیرُهَا وَلَا تُفْصَمُ كُبُولُهَا لَا مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنَى وَلَا أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيُقْضَى) ظعن كمنع ارتحل، وفداه وفاداه اعطى شيئاً فانقذه، وفصمه کضربه کسره، والكَيل بالفتح القيد، والأجل المدة وانتهاؤها والقضاء انقطاع الشيء وتمامه واتمام الشيء واكماله والمعنى واضح وهذه الخطبة كما تری ناطقة بانطق بما الكتاب العزيز والأخبار التي جاوزت حد التواتر من فناء الأرض والسموات وبعث الأموات وحشر الأجساد والخلود في الجنة والنار لبعض الشارحين في هذا المقام حكاية أقوال ووجوه سخيفة ابطالها وتزيفها موکول إلى حدائق الحقائق ومن الله العصمة والتأييد.

ومنها في ذكر النبي (صلى الله عليه وآله): قَدْ حَقَّرَ الدُّنْيَا وَصَغَّرَهَا وَ

ص: 138


1- ينظر: الصحاح، مادة (كلب): 1 / 214
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (لجب): 1 / 218
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (قصف): 4 / 1416

أَهْوَنَ بِهَا وَهَوَّنَهَا وَعَلِمَ أَنَّ اللهَّ زَوَاهَا عَنْهُ اخْتِيَاراً وَبَسَطَهَا لِغَیْرِهِ احْتِقَاراً فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ وَأَمَاتَ ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مَقَاماً)) حقر الشيء كضرب أي ذل وحقره كضربه أي أذله كحقره بالتشديد واحقره واستحقره والتشديد في الكلام يفيد التكثير، وصَّغَّره بالتشديد أي جعله صغير أو الهوان والمهانة الذلة والضعف واهونها وهونها أي استخف بها واذلها وفي بعض النسخ (أهون بها)(1)وما في الأصل أظهر ومجيء أفعل من الأجوف مصححاً غير نادر في كلام العرب، قال ابو حيان في كتاب ارتشاف الضرب(2): وجاء مصححاً ومُعلا أجود اجواداً، وأغیمت السماء اغياماً وأغيلت المرأة اغيالا وأطيب وأطول استغيل الصبىّ واستروح الريح ومصححا فقط اعول اعوالاً، واستحوذ واستنوق الجمل استنواقاً واستصوب رأيه واستسیت الشاة، ومذهب الجمهور رأيه أنه لا يقاس على ما جاء مصححاً وقاس عليه أبو زيد، وحکی عنه الجوهري أنه حکی عنهم تصحيح أفعل وأستفعل تصحيحاً مطرد في الباب كله، وقال الجوهري(3) أيضا: تصحيح هذه الأشياء لغة صحيحة فصيحة، وأحدث ابن مالك قولا ثالثاً وهو أنه يقاس إذا أهمل الثلاثي انتهى كلام ابن حيان، ويهمل(4)الثلاثي في الالوان والعيوب نحو عور وسود، لأن الأصل فيهما هو باب أفعال نحو: أعوار(5)وأسواد وإنما

ص: 139


1- شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد: 7 / 175
2- ينظر ارتشاف الضرب: 2 / 295
3- ينظر: الصحاح، مادة (حوذ): 2: 563
4- (تهمل) في أ
5- (اعواز) في أ، م، تصحیف

لم يعل هذا الباب؛ لأنه لو أعل أسواد تحركت السين وحذفت الف الوصل واجتمع الفان وبعد حذف احداهما(1)يصير ساد فلا يدري هل هو أفعال أو فاعل وحيث لم يعل الاصل لم يعل الفرع وما تصرف منه نحو: اعورته، واستعورته، وقد ذكر بعضهم لما جاء من أفعل مصححاً أمثلة كثيرة، ولعل المراد بتحقيره(2)الدنيا عدها حقيراً عند نفسه وبتصغيرها عند غيره وكذلك الاهانة والتهوين وزواها أي قبضها واختياراً أي باختيار، ورضى منه (صلى الله عليه وآله) بذلك كما قيل وقبضها عنه لاصطفائه من بين البرية وتنزيهه عن التدنس بها على تقدم الاصطفاء نحو: قعدت عن الحرب جبناً أو تأخره نحو: ضربته تأدیباً، وبسطها لغيره أي اعطاه إياها ومكنه من التصرف فيها، واحتقره واستحقره وحقره بالتشديد أي استصغره، والمراد احتقار الغير أو الدنيا أو هما جميعا وأماته ذكراها عن النفس الصفح عنها رأساً وعدم الالتفات إليها أصلاً، وفي بعض النسخ(3)/ ظ 150 / (من نفسه) بدل (عن نفسه)، والرِياش بالكسر (اللباس الفاخر))(4)أو ((ما ظهر من اللباس))(5)، ويطلق على المعاش والمال المستفاد، والمُقام بضم الميم الاقامة والمكان بعيد والاخبار في أعراضه (صلى الله عليه واله) عن الدنيا كثيرة منها ما رواه محمد بن يعقوب (رضي الله عنه) في الروضة(6)عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر

ص: 140


1- (احدیهما) في ر، م
2- (تحقير) في ر، في م (بتحقير)
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 175
4- الصحاح، مادة (ریش):
5- لسان العرب، مادة (ریش): 6 / 310
6- ينظر: الكافي، الكليني: 8 / 130

(عليه السلام) في حديث طويل انه قال: يا محمد لعلك ترى أنه شبع من خبز البر ثلاثة أيام متواليه من أن بعثه الله تعالى إلى أن قبضه، ثم ردَّ على نفسه فقال والله ما شبع من خبز البر ثلاثة أيام متواليه منذ بعثه الله تعالى الى أن قبضه، أما أني لا أقول إنه كان لا يجد لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمائة من الابل فلو أراد أن يأكل لأكل، ولقد أتاه جبرئیل (عليه السلام) بمفاتيح خزائن(1)الارض ثلاث مرات يخبره من غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى ما اعد له يوم القيامة شيئا فيختار التواضع لربه جل وعز. (بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ مُعْذِراً وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ مُنْذِراً وَدَعَا إِلَی الْجَنَّةِ مُبَشِّرّاً نَحْنُ شَجَرَةُ، النُّبُوَّةِ وَمَحَطُّ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ وَيَنَابِيعُ الْحُكْمِ نَاصِرُنَا وَمُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ وَعَدُوُّنَا وَمُبْغِضُنَا يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ.) الاعذار یكون بمعنى المبالغة في الأمر، ويكون بمعنی ابانة العذر فعلى الأول المعنى بلغ الرسالة عن ربه مبالغاً کما ذكره بعض الشارحين(2)وعلى الثاني مظهر اعذر الله في عقاب العاصين، وقال ابن الأثير في النهاية فيه: لقد أعذر الله الى من بلغ به العمر ستين سنة ((أي لم يبق فيه موضعاً للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر))(3)فالهمزة للسلب نحو اشکيته أي أزلت شکایته، وقال المطرزي(4)في المغرب [...](5)اعذر أي بالغ في العذر، ويقال أعذر من انذر والنصح ارادة الخير للمنصوح له، والمراد بالضمير أهل البيت (عليهم السلام)، والمحط المنزل،

ص: 141


1- (حزاین) في ر
2- ينظر: ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 176
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 196، 197
4- المغرب في المعرب، المطرزي، مادة (عذر): 2 / 49: وفيه (واعذر بالغ في العذر...)
5- [أي] زائدة في أ، م

والاختلاف التردد ومجيء كل خلف الاخر وعقيبه، وقال بعض الشارحين: ((ومختلف الملائكة: أي موضع اختلافها في صعودها ونزولها))(1)، وانتظار الرحمة والسطوة لأن الفرقين ينتظر أن الموت وهو مقدمة للأمرين کما ذکره بعض الشارحين(2)، أو المعنى كل في معرض أحد الأمرين مستحق له فكأنه منتظر له، والسطوة القهر والبطش والصولة.

ومن خطبة له (عليه السلام)

((إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَی اللهَّ سُبْحَانَهُ الْإِيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ)، قال بعض الشارحين(3): يعني بالإيمان هاهنا مجرد التصديق بالقلب، مع قطع النظر عما عدى ذلك من التلفظ بالشهادة والاعمال، وقد ذهب الى ذلك جماعة من المتكلمين ولاصحابنا أن يقولوا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء باللفظ على وضعه(4)اللغوي کما قال تعالى: «وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ»(5)أي بمصدق واطلاقه على المعنى اللغوي لا ينافي ما ذهب إليه أصحابنا في معناه الشرعي كالصلاة والزكاة وغيرهما وتقديمه على غيره؛ لأنه الأصل وأما تقديم الجهاد على الاقرار وغيره لأنه

ص: 142


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 176. وفيه: (ومختلف الملائكة: موضع اختلافها...)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 178
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 179
4- (وصفه) في ر
5- يوسف / 17

المظهر للشهادة وشرائع الدين وبه يتمكن(1)الناس من الاعلان بها، وذِروة كل شيء بالكسر أعلاه، والفِطرة بالكسر ما فطروا عليه أي خلقوا فإنَّ الناس لو خلو وما خلقوا عليه ولم يضلهم الصوادف عن الحق لأقروا بكلمة الاخلاص کما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه)(2)، وقيل المعنى أنها العهد المأخوذ من بني آدم إذ أشهدهم ربهم على أنفسهم، وقيل هي الفطرة التي خلقوا لها كما قال عز وجل: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(3)وأصل الكلمة الاخلاص شهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بالرسالة / و151 /، والولاية تبع ومتمم لها وأقام الصلاة وإقامتها تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في أفعالها وشروطها من أقام العود إذا قومه أو ادامتها والمواظبة عليها من قولهم: قامت السوق إذا نَفَقَت وراجت فإنه إذا حوفظ عليها كانت كالنافق المرغوب فيه أو التشمر لآدائها من غير فتور ولا توان من قولهم: قام بالأمر إذا جدّ فيه وضده القعود عن الامر أو ادؤها لأنها بالآداء تكون الشخص القائم أو عبر عن ادائها بالإقامة لاشتمالها على القيام کما عبر عنها بالركوع والسجود والتسبيح والتاء في الاقامة عوضاً عن العين الساقطة بالإعلال وفي الاقام عوضت الاضافة عنها كقوله: (واخلفوك عد الأمر الذي وعدوا والملة الدين والصلاة ركنها الاعظم کما قال (صلى الله عليه وآله) الصلاة عماد الدّين (وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ وَصَوْمُ

ص: 143


1- (تمكن) في أ
2- ينظر: صحيح البخاري: 2 / 104 والفايق في غريب الحديث: 3 / 39
3- الذاريات / 56

شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيرخَصانِ الذَّنْبَ) المراد بالفريضة ما نطق الكتاب الكريم بوجوبه وذكر الوجوب تأكيد وإيتاء الزكاة مقرون بإقامة الصلاة في القرآن أو المراد السهم المقتطع من المال من الغرض بمعنى القطع كما ذكره بعض الشارحين(1)، والجُنة بالضم: كل ما وقی من سلاح وغيره(2)، ويرخصان الذنب أي يغسلان(3)، وفي بعض النسخ يدحضان بدال المهملة موضع الراء، والدحض: ((الزلق))(4)أي: يزيلان الذنب ويذهبان به ((وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَهَّا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ وَصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ)) الرحم ككتف القرابة أو أصلها وأسبابها وذو الرحم من كان بينك وبينه نسب وصلة الرحم الاحسان الى الأقربين من ذوي الأنساب، وقيل والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم والهاء في الصلة عوض عن الواو والمحذوفة تقول(5): (وصله) کوعده وصلًا وصلةً، والثَراء والثَروة بالفتح فيهما الكثرة، والمثراة مفعله للموضع المستكثر ومنساهُ أي موضع ومظنهُ للتأخير، تقول(6): نسأتُ الشيء نسأً وانسأته انساءً إذ اخرته(7)، والمراد بالأجل غاية المدة، وقد

ص: 144


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 180
2- ينظر: الصحاح، مادة (جنن): 5 / 2094
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (رحض): 3 / 1077
4- المصدر نفسه، مادة (دحض): 3 / 1075
5- (يقول) في ر، م
6- (يقول) في أ
7- ينظر: العين، مادة (نسی): 7 / 305

يراد به المدة، وكَفَر الشيء كضَرب كفراً بالفتح أي ستره وغطاه(1)وكذلك كفره تكفيراً، ويقال للفلاح(2)کافر؛ لأنه يكفر البذر أي يستره وللیل کافر؛ لأنه يستر بظلمته، والكفارة الخصلة التي تغطي الذنب وتمحوه وتكفر في النسخ بالتشديد، والمِيته بالكسر حاله الموت وهيئته، والسَوء بالفتح کما في النسخ مصدر ساءة يسؤه إذا فعل به ما يكره، والسُّوء بالضم اسم منه، قال الجوهري يقول: هذا رجل سَوء بالفتح بالإضافة، ثم تدخل عليه الالف واللام فتقول(3): هذا رجل السوء، وقال الاخفش: ولا يقال الرجل السوء، ويقال الحق اليقين وحق اليقين جميعاً؛ لأن السوء ليس بالرجل واليقين هو الحق قال: ولا يقول أحد هذا رجل السوء بالضم(4)، وقال في المصباح المنير: ((هو رجل سوء بالفتح والاضافة و(عمل سوء) فإنَّ عرفت الأول قلت الرجل السوء والعمل السوء على النعت))(5)، وميتة السوء الميتة على غير عدة بسبب من الاسباب كالغرق والهدم(6)وغير ذلك، والصنيعة العطية والكرامة والاحسان، ويقال: صنع إليه معروفاً وصنع به صنيعاً قبيحاً أي فعل، والمعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله، والتقرب إليه والاحسان الى الناس وكلما ندب الشرع إليه وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه ولا ينكرونه، والمعروف النَّصفة وحُسن الصحبة

ص: 145


1- ينظر: الصحاح، مادة (كفر): 2 / 807
2- (للفلاج) في ر، تصحيف
3- (فيقول) في أ، ر، م
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سوأ): 1 / 56
5- المصباح المنير: 1 / 298
6- (العدم) في ر

مع الأهل و / ظ 151 / غيرهم من الناس والمنكر ضد ذلك جميعه وصرعته طرحته على الأرض والمصرع موضع، ومصدر والهوان الذل والحقارة وتقي مصارع الهوان أي تقي منها أو تقيها وتصونها فلا تصل الى الرجل ومصارع الهوان كاسر الروم للمسلم وقهر الظلمة وسلطانهم على مظلوم. (أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللهَّ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الذِّكْرِ وَارْغَبُوا فِيمَا وَعَدَ الْمُتَّقِینَ فَإِنَّ وَعْدَهُ أَصْدَقُ الْوَعْدِ وَاقْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْهَدْيِ وَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فَإِنَّهَا أَهْدَى السُّنَنِ. وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ) الافاضة في الأصل الصبّ، ثم استعيرت للدفع في السير والاسراع(1)فيه وأصله أفاض نفسه، أو راحلته، فرفضوا ذكر المفعول حتى أشبه غير المتعدي، وأفاض القوم في الحديث أي اندفعوا فيه، والغرض الجد والاجتهاد في الذكر، والذكر يكون بالقلب وباللسان، والهدى بالفتح ((السيرة والهيئة والطريقة))(2)، والسُنة بالضم الطريقة والسيرة حميدة كانت أو ذميمة، ويراد في الشرع بها ما أمر به النبي (صلى الله عليه وآله) ونهی عنه، وندب إليه قولاً وفعلاً مما لم ينطق به الكتاب العزيز، والحديث الخبر وكل ما يتحدث به وينقل ويجمع على أحاديث على غير قياس، وقال الفراء: نرى أن واحد الأحادیث احدوثة أي ما يتحدث به، ثم جعلوه جمعاً للحديث(3)، والفِقه بالكسر فهم الشيء والعلم به(4)ويقال: فقه كعلم إذا علم وفقه کحسن إذا صار الفقه له سجية،

ص: 146


1- ينظر: لسان العرب، مادة (فیض): 7 / 213
2- النهاية في غريب الحديث والاثر، ابن الاثير: 5 / 253
3- ينظر: الصحاح، مادة (حدث): 1 / 278
4- ينظر: المصباح المنير: 2 / 479

والتفقه التعلم وربيع الزمان عن العرب ربيعان الأول الذي يأتي فيه الكمأة والنور والثاني الذي تدرك فيه الثمار وكل منهما يرتاح فيه القلب ويميل إليه وأما ربيع الشهر فالشهران (وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ وَأَحْسِنُوا

تِلَاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَصِ وَإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَیْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ وَالْحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ وَهُوَ عِنْدَ اللهَّ أَلْوَمُ.) الاستشفاء بنور القرآن كناية عن تعلمه والتبدر فيه، ثم العمل بمضامنه، والتلاوة كالكتابة القراءة ولعل المراد بالتلاوة الحسنة ما اشتملت على التدبّر والتفهم وقوله (عليه السلام) فإنَّ العالم يحتمل أن يكون تعليلاً للكلمات السابقة المتضمنة للترغيب في العمل ويحتمل أن يكون تعليلاً للجملة الاخيرة؛ فإنَّ الغرض من إحسان التلاوة العمل لا مجرد القراءة، والتدبر، والحائر الذي ينظر الى الشيء فلا يهتدي لسبیله، وفي بعض النسخ کالجائر(1)بالجيم، والجور نقيض العدل وضد القصد، ويقال: جار عن الطريق أي مال عنه وضل وأفاق واستفاق أي رجع الى ما كان قد شغل عنه وعاد الى نفسه، ومنه افاقه المريض والمجنون والمغشى عليه والنائم والسكران ويصح تشبيه الجاهل بكل من هؤلاء وان كان بعضهم أظهر وألوم أي كثر ملوميه من سائر الملومين وهو مما جاء من أفعل للمفعول ونحوه أشهر واعذر وأشغل وقياسه أن يكون للفاعل واللّوم والملامة العدل والتعنيف.

ومن خطبة له (عليه السلام)

(أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ

ص: 147


1- (كالجابر) في ر

وَ تَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ وَرَاقَتْ بِالْقَلِيلِ وَتَحَلَّتْ بِالْآمَالِ وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ) الخضرة النضارة والطراوة وحفوا حوله كمدّوا أي أطافوا به واستداروا، وحفه بالشيء احاطه به كأنَّ الشهوات مطيفة بالدنيا محيطة بها وتحببت بالعاجلة أي صارت محبوبة للناس بكونها لذة عاجلة والنفوس مولعة بحب العاجل فحذف الجار والمجرور والقائم مقام المفعول کما ذكره بعض الشارحين(1)ولعل فيه إشارة الى حقارتها كما مرَّ في قوله (عليه السلام) وهي حلوة خضرة / و152 / قد عجلت للطالب أي اعطی معجلاً فإن كان قصير الهمة رضي به وقعد عن طلب ما وراءها من نعيم الآخرة وإن كان بعيد الهمة طلب ما هو خير له، وأبقى قال الله عز وجل: «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ٭ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا»(2)فيكون المعنى تحببت بالنعمة العاجلة التي شأنها الحقارة والقلة وراقني الشيء يروقني أي أعجبني، ومنه جوارٍ روقه وغلمان روقُة بالضم أي احسان أي اعجبت بشيء قليل كما قال عز وجل: «قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ»(3)والحَلى بالفتح ما تتزين به المرأة وتحلت بالحلي أي تزيين به وما تتزين به الدنيا هي الآمال التي لا يدرك أكثرها وأكثر ما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله ومن عزم على سفر الى بلد بعيد، يقول: أملت

ص: 148


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 185
2- الاسراء / 18، 19
3- النساء / 77

الوصول، ولا يقول: طمعت إلا إذا قرب منه، وغرّه(1)غروراً أي: خدعه وأطمعه بالباطل أي تزينت بأمور لا حقيقة لها.

(لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا وَلَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ) الحَبرة بالفتح السرور والنعمة(2)، وفجعه کمنعه أوجعه، والفَجع بالفتح أن يوجع الانسان بشيء يكرم عليه فيعدمه أي كل نعمة من نعمها يخاف زوالها والفجعة بها، والغرارة مبالغة في الغرور کالضرارة في الضرر وحائله أي متغيره من حال الشيء إذا تغير، أو مانعته عن الوصول الى الغاية القصوى، وهي قربه سبحانه ونعيم الآخرة من حال بين الشيئين إذا حجز، والأول أظهر، ونفد الشيء کسمع نفاداً، ونفد أفنی وذهب، وباد أي هلك وانقطع، وغاله أي أهلکه وأخذه من حيث لم يدر، ومنه الغول وفي المثل: ((الغضب غول الحلم))(3).

(لَا تَعْدُو إِذَا تَنَاهَتْ إِلَی أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالرِّضَاءِ بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ الله تَعَالَی سُبْحَانَهُ: «الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا»(4)عداه يعدوه أي جاوزه ويقال: ما عدا فلان أن صنع كذا ومالي عن فلان معدی أي لا يجاوز إلى غيره ولا أجاوزه، وتناهی وانتهى أي بلغ النهاية، وتناهی إليه أي بلغ وانتهى، والأُمنية بالضم ما يتمناه الإنسان أي يريده ويأمله،

ص: 149


1- (عزه) في ر
2- ينظر: لسان العرب، مادة (حبر): 4 / 158
3- مجمع الامثال: 2 / 7
4- الكهف / 45

وقيل هو مأخوذ من المنا كالعصا وهو القدر؛ لأن صاحبه يقدر حصوله(1)أي غاية موافقة الدنيا لأهلها لا يجاوز(2)المثل المضروب لها في الكتاب الكريم، والمراد بالماء المطر واختلاط النبات دخوله في خلل النبات عند النمو، وقيل المعنى التفّ وتكاثف بنزوله بعض النبات بالبعض فالغرض إفادة كثرة النبات وبلوغه الغاية في النمو أو التف ما يأكل الناس منه بما يأكل الأنعام وما يقتات بما يتفکه به، والهشيم نبت یابس متكسر، أو يابس کل کلاء وكل شجر(3)من هشمه كضربه إذا كسره أي أصبح النبات مهشوماً مكسوراً، وذرت الريح الشيء تذروه(4)ذرواً وأذرتهُ وذَرّته أطارته وأذهبته والمشبه به الكيفية المنتزعة من الجملة وهي حال نبات المنبت بالماء يكون أخضر ناضراً، ثم هشيماً تطيره الرياح فيصير كأن لم يكن، وقيل هو الماء فيما يكون به الانتفاع، ثم الانقطاع، وقيل هو النبات على ما وصفه سبحانه من الإغترار به، ثم المصير الى الزوال، والأول أظهر معنى والثاني لفظاً (لَمْ يَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَةٍ إِلَّا أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً وَلَمْ يَلْقَ فِي سَرَّائِهَا بَطْناً إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً وَلَمْ تظله وفِيهَا دِيمَةُ رَخَاءٍ إِلَّا هَتَنَتْ عَلَيْهِ مُزْنَةُ بَلَاءٍ) الخَبرة بالفتح السرور والنعمة کما مر(5)، والعَبرة بالفتح سيلان الدمع، أو(6)الدمعة

ص: 150


1- ينظر: اللصحاح، مادة (منا): 6 / 2497، ومجمع البحرین، مادة (منا): 1 / 401
2- (لا يجاوز) في ر، تصحيف
3- ينظر: القاموس المحيط، مادة (هشم): 4 / 190
4- (یذروه) في ر، م
5- ينظر صحيفة: 264
6- (و) في ر

نفسها أو تردد / ظ 152 / البكاء في الصدر، أو الحزن بلا بكاء(1)، والسراء مصدر كما صرح به الشيخ الرضي بمعنى المسرة(2)نقيض الضراء بمعنى الشدة، ومنحه كمنعه وضربه أي اعطاه، والاسم المِنحة بالكسر وتخصيص البطن بالسراء والظهر بالضراء؛ لأن الاقبال يكون بالأول كما أنَّ الادبار بالثاني، أو لأن الترس بطنه يكون اليك وظهره إلى عدوك وفي كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) الى ابن عباس قلبت لأبن عمكَ ظهر المجن، وقيل لأنَّ المشي في بطون الأودية أسهل من السير على الظراب والاكام والتعبير بما يدل على معنى الاعطاء على التهكم، أو لأن اعطاء الدنيا لا يكون إلا بإصابة الضراء، والطَلَّ بالفتح المطر الضعيف، أو أخف المطر، تقول منه: طَلَت الأَرض بالفتح كَمُدَت وبالضم أكثر، وطلها الندى فهي مطلولة، وطلها(3)السحاب(4)إذا أمطر قليلًا(5)، والدِيمة بالكسر مطر يدوم في سكون بلا رعد وبرق أقله ثلث النهار أو ثلث الليل(6)وأكثره ما بلغ من العدة، وهتنت السماء كجلس هتناً وهتوناً انصبت، أو هو فوق الهطل، وقيل هو المطر الدائم وقيل مطر ساعة ثم يفتر ثم يعود(7)، والمُزنة بالضم القطعة من

ص: 151


1- ينظر: لسان العرب، مادة (عبر): 4 / 531، والقاموس المحيط، مادة (عبر): 2 / 83
2- (المسمره) في ر، م
3- (طله) في م
4- (اسحاب) في ر
5- ينظر: الصحاح، مادة (طلل): 5 / 1752
6- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ديم): 5 / 1924
7- ينظر: القاموس المحيط، مادة (هتن): 4 / 276

السحابة البيضاء، أو ذات الماء(1)أي إذا أعطت قليلا اعقبته بكثير من الشر. (وَحَرِيٌّ إِذَا أصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً وَإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ وَاحْلَوْلَی أَمَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى) المبتدأ المحذوف هو الضمير الراجع إلى امرؤ، وانتصر منه أي انتقم، فنكره فتنكر أي غيره فتغير إلى مجهول أي المرء وجدير بأن يتغير أمر الدنيا في حقه من حاله الانتقام له من أعدائه إلى ما يضادها ويباينها، وقال بعض الشارحين: إنما قال: حريّ ولم يقل حريّه مع أنه يخبر عن الدنيا؛ لأنه أراد شأنها فذكر أي: شأنها خليق أن يفعل كذا(2)، واعذوذب أي صار عذباً، وإحلولى أي صار حلواً، والمر ضد الحلو، وأمرّ أي صار مراً، و((الوبا بالقصر والمد والهمز: الطاعون أو المرض العام))(3)، وأوبأت الأرض فهي موبئة أي صارت ذات وباء ولين الهمزة للسّجع وان دخلت على الفعل تقديرا أي وان اعذوذب منه جانب كقوله تعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ»(4).

(لَا يَنَالُ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا رَغَباً إِلَّا أَرْهَقَتْهُ مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً وَلَا يُمْسِيِ مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْنٍ إِلَّا أَصْبَحَ عَلَى قَوَادِمِ خَوْفٍ غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا فَانِيَةٌ فَانٍ مَنْ عَلَيْهَا لَا خَیْرَ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلَّا التَّقْوَى) الغَضارة بالفتح النعمة والسعة والخصب والطيب(5)، ورغبت في الشيء رغبةً ورغباً بالتحريك أي

ص: 152


1- ينظر: الصحاح، مادة (مزن): 6 / 2203
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 186
3- النهاية في غريب الحديث والاثر، ابن الاثير: 5 / 144
4- التوبة / 6
5- ينظر: القاموس المحيط، مادة (غضر): 2 / 102

أردته والمراد به المراد وارهقته أي كلفته وحملته، ونوائب الدهر ما ينوب الإنسان أي ينزل به من الحوادث والمصائب، يقال: نابه ينوبه نوباً وانتابه إذا قصده مرة بعد أخرى، والقوادم والقدامى كحبارى أربع أو عشر ريشات في مقدم جناح الطائر، الواحدة قادمته، ولا ريب أنَّ خطر السقوط فيما كان عليها أعظم كما أنَّ الساكن تحت الجناح احرى بالأمن محفوظ من البرد ونيل المكروه. (مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤْمِنُهُ وَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُوبِقُهُ وَزَالَ عَمَّا قَلِيلٍ عَنْهُ كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ وَذِي طُمَأْنِينَةٍ إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ وَذِي أُبَّهَةٍ قَدْ جَعَلَتْهُ حَقِیراً وَذِي نَخْوَةٍ قَدْ رَدَّتْهُ ذَلِيلًا) الاقلال من الدنيا أخذ القليل من متاعها والرضا به واستكثر من الشيء رغب في الكثير منه أو أخذ الكثير منه وأمنه أي أزال عنه الخوف وما يؤمن الإنسان هو الاعراض عن متاع الدنيا ولما كان الاقلال من الدنيا بترك الكثير منها والترك هو المؤمن كان الاقلال(1)منها استكثار مما يؤمن ويوبقه أي يهلكه، ولما كان الاهلاك في الآخرة والزوال في الدنيا عبر عن / و153 / الأول بالمضارع والثاني بالماضي وعن بمعنى بعد وما نكره موصوفة بمفرد أي زال بعد زمان قليل عنه، ووثق به كورث ثقةً موثقاً ائتمنه، والفجيعة ((الرزية))(2)وفجعته المصيبة أي أوجعته، واطمَأن إليه طمَئناناً وطمَأْنينة بفتح الميم وسكون الهمزة أي أسكن وقر وصرعه أي طرحه على الأرض، والابهة كسكرة ((العظمة))(3)، والكبر، ونَخا يَنخو نَخوة بالفتح أي افتخر وتعظم، وردّه أي صرفه ورجعه، والتعبير

ص: 153


1- (الافلال) في ر، تصحيف
2- الصحاح، مادة (فجع): 3 / 1256
3- لسان العرب، مادة (أبه): 13 / 466

بالردّ؛ لأن الأصل الذلة وإنما العزة أمر عارض زائل. (سُلْطَانُهَا دُوَّلٌ وَعَيْشُهَا رَنِقٌ وَعَذْبُهَا أُجَاجٌ وَحُلْوُهَا صَبِرٌ وَغِذَاؤُهَا سِمَامٌ وَأَسْبَابُهَا رِمَامٌ) السلطان الولاية والسلطنة ويكون بمعنى الحجة والبرهان، والدَولة بالفتح: ((انقلاب الزمان))(1)والجمع دُول مثلثة، وفي الأصل بضم الدال، وفي بعض النسخ بالكسر(2)، والدُولة بالضم ما يتداول من المال يكون مرة لهذا ومرة لهذا ويجمع على دُول بضم الدال أو مثلثة، والغرض أنَّ سلطان الدنيا في معرض الزوال والعيش الحياة وما يعاش به، ورنق الماء كفرح ونصر [رنقاً](3)، ورنقاً بالفتح والتحريك أي كدرَ، والرِنِق بكسر النون كما في الأصل، وفي بعض النسخ رَنق بالفتح فالمضاف محذوف، أو الحمل على المبالغة، وماء أجاج أي ملح مرّ ضدّ العذب وهو الطيب والصبر ككتف ولا يسكن إلا في ضرورة شعر، عصارة شجر مُرّ ويسمى كل مُرّ صبراً، والسِّمام بالكسر جمع سُم بالضم والفتح أي القاتل المعروف(4)، والسبب في الأصل الحبل الذي يتوصل به الى الماء ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى شيء، ((والرِّمام بالكسر: جمع رُمَّة بالضم وهي قطعة حبل بالية))(5).

(حَيُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ وَصَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ وَعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ وَمَوْفُورُهَا مَنْكُوبٌ وَجَارُهَا مَحْرُوبٌ) العَرَض في كثير من النسخ(6)

ص: 154


1- القاموس المحيط، مادة (دول): 3 / 377
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 184
3- [رنقاً] ساقطة من ر
4- ينظر: العين، مادة (سم): 7 / 206
5- لسان العرب، مادة (رمم): 12 / 252
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 184، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 84

في الموضعين بالتحريك وهو ما يعرض للإنسان من مرض ونحوه وإن يصيب الشيء على غرّه، ويقال: أصابه سهم عرضٍ وحجر عرض بالإضافة إذا تعمد به غيره فأصابه، فالمعنى حيها مظنة، لأن يعرض له الموت ويصيبه بغته، وفي بعض النسخ بالتسكين من قولهم: عرض له كذا عرضاً كضرب ضرباً إذا ظهر وبدا، وعرض الشيء له أي أظهره وعرضه عليه أي أراه إياه وعرض لي عارض في الطريق من حبل ونحوه أي مانع يمنع من المسير، والسُقم بالتحريك وبالضم المرض، ويوجد في النسخ على الوجهين(1)، والمُلك بالضم العظمة والاسم من قولك: ملك على الناس أمرهم كضرب إذا تولى السلطنة، ويقال: ملكه كضربه ملكا مثلثه أي(2)احتواه قادراً على الاستبداد به، [و](3)سبله کنصره سلبا وسَلبا بالفتح والتحريك أي اختلسه، وسلبته ثوبه أي أخذته منه، والموفور الشيء التام يقال: وفرت الشيء كوعدت وفراً أي اتممته وكلمته، ووفر الشيء بنفسه وفورا يتعدى ولا يتعدى، وقال بعض الشارحين: ((موفورها ذو(4)الوفر، والثروة منها))(5)، والوفر: المال الكثير قد مرَّ في كلامه (عليه السلام) في خطبة الأشباح(6).

ص: 155


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 184، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 84
2- (إذا) في ر، م
3- [و] ساقطة من ر، م
4- (دو) في ر
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 187
6- ينظر صحيفة رقم: 192

(الحمد لله الذي لا يفره المنع ولا يُكديه الإعطاء) والجود(1)والنكبة بالفتح والمصيبة وما يصيب الإنسان من الحوادث ويقال: نكبه الدهر كنصره أي أصابه بنكبة والجار والمجرور والذي جرته وأعذته من ان يظلم، فحربه حربا كطلبه سلبه ماله ونهب وتركه لا شيء له فهو محروب وحريب (أَلَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ أَعْمَاراً وَأَبْقَى آثَاراً وَأَبْعَدَ آمَالًا، وَأَعَدَّ عَدِيداً، وَأَكْثَفَ جُنُوداً) تعدبوا للدنيا أي تعبدٍ وآثورها أي إثارٍ ثم ظعنوا عنها بغير زادٍ مُبلغٍ ولا ظهرٍ قاطعٍ أطول منصوب على أنه خبر كان، ويحتمل الحالية فتكون(2)(كان) تامة وطول أعمار القوم معلوم من السير والكتاب الكريم قال عز وجل: «فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا»(3)/ ظ 153 / ومن آثارهم الباقية الأهرام والايوان ومنارة الاسكندرية وغيرها وبعد الآمال مما يترتب على طول الأعمار ولا ريب في أنهم كانوا اعلا همماً أيضاً فإنَّ منهم من ملك مشرق الأرض وغربها فيمكن أن يراد ببعد الأمل علو الهمة، والعد الاحصاء والاسم منه العد والعديد وأعد عديد أي أكثر عدد أو كثافة الجند بالفتح كثرته والعبادة الطاعة والتعبد التنسك، ولعل صيغة التفعل هاهنا بمعنى استفعل نحو تكبر وتعظم كأنهم طلبوا من أنفسهم العبادة وبالغوا في ذلك أي صفة لمصدر محذوف دالة على معنى الكمال كقولهم: زيد رجل أي رجل أي كامل في الصفات أي تعبدوا للدنيا تعبداً كاملاً وآثروها أي اختاروها على الآخرة ويكون آثره بمعنى أكرمه،

ص: 156


1- (الجرد) في أ
2- (فيكون) في أ، م، تصحيف
3- العنكبوت / 14

وظعن كمنع ارتحل وسار والزاد المبلغ هو التقوى والعبادة والظهر الركاب أي الإبل التي يسار عليها وقاطع أي للمسافة. (فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا سَخَتْ

لَهُمْ نَفْساً بِفِدْيَةٍ، أَوْ أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَةٍ أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً بَلْ أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ، وَأوهنتهم بِالْقَوَارِعِ، وَضَعْضَعَتْهُمْ بِالنَّوَائِبِ، وَعَفَّرَتْهُمْ لِلْمَنَاخِرِ، وَوَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ، وَأَعَانَتْ عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ) السخاء الجود وسخی به نفساً أي سخت نفسه به كقولهم ضاق به ذرعاً أي ضاق ذرعه به، وسخيت نفسي عن الشيء إذا تركته وفداه وفاداه أي أعطى شيئاً فانقذه، والفداء ككساء، والفدية كفتيه ذلك لمعطى أي هل أعطت الدنيا شيئاً عوضاً عنهم حتى يستخلصهم وينجيهم عن المسير إلى ذلك السفر، والعون الظهير على الأمر، تقول: استعنته فأعانني والاسم المعونة، وقال الجوهري: ((المعونة: الاعانة))(1)ولا يناسب الكلام، والصُحبة بالضم: المعاشرة(2)واحسنت لهم صحبة أي قيل ضعنهم وفراقهم، أو بعد ذلك بأن تشيعهم ولا تفارقهم، والأول يناسب آخر الكلام والثاني أوله ورهقه كفرح أي غشيه ولحقه ودنا منه سواء أخذه أو لم يأخذه والإرهاق أن يحمل الانسان على ما لا يطيقه يقال: أرهقه عسراً أي كلفه إياه ولا ترهقني لا أرهقك الله أي لا تعسرني لا أعسرك الله، وكان في نسخة الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد (أوهقتهم) بالواو بدل الراء قال: أي جعلتهم في الوهَق بفتح الهاء، وهو حبل كالطِّوَل(3)

ص: 157


1- الصحاح، مادة (عون): 6 / 2168
2- ينظر: لسان العرب، مادة (صحب): 1 / 519
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 188 وفيه: ((وأوهقتهم: جعلتهم في الوهق، بفتح الهاء، وهو حبل كالطِّوَل))

وهو كعنب الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه(1)، والفوادح بالفاء كما في بعض النسخ المثقلات، يقال: قدحه الدين كمنعه إذا أثقله والفادحة النازلة وفوادح الدهر خطوبه(2)، وفي بعض النسخ (القوادح)(3)بالقاف، والقادحة: ((الدودة))(4)، وقدح الدّود في الشجر والأسنان التآكل الذي يقع فيهما والوهن الضعف، يقال: وهن الإنسان كوعد وورث وكرم ووهنه غيره کورث وأوهنه ووهّنه، والقارعة ((الداهية))(5)يقال: قرعه أمر إذا أتاه فجاءة وجمعها قوارع، ومن ذلك سميت القيامة في الكتاب العزيز بالقارعة كما قيل، وضعضعتهم أي أذلتهم وأخضعتهم وضعضعه أي ((هدمه حتى الأرض))(6)، ونوائب الدهر ما ينوب الإنسان أي ينزل به من الحوادث والمصائب كما تقدم، والعفر بالتحريك ويسكن ظاهر التراب(7)وعفره في التراب كضربه وعفره بالتشديد كما في النسخ مرغه فيه أو دسه وضرب به الأرض والمَنخَر بفتح الميم والخاء وبكسرهما وبضمهما وكمجلس الأنف ووطئه كعلمه داسه، والمنسم كمجلس خف البعير(8)، وريب الدهر صروفه، وهو في الأصل مصدر والمنون الدهر والمنية ويؤنث حينئذ قيل كأنها اسم فاعل من المن وهو القطع؛ لأنها تقطع الأعمار واعانت ريب المنون عليهم أي

ص: 158


1- ينظر: تاج العروس، مادة (وهق): 13 / 489
2- ينظر: لسان العرب: 2 / 540
3- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 84
4- العين، مادة (قدح): 3 / 40
5- الصحاح، مادة (قرع): 3 / 1263
6- مجمع البحرين، مادة (ضعضع): 4 / 365
7- ينظر: الصحاح، مادة (عفر): 2 / 751
8- ينظر: العين، مادة (نسم): 7 / 275

سلطنه عليهم (فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا وَآثَرَهَا وَأَخْلَدَ إِلَيْهَا حِینَ ظَعَنُوا عَنْهَا / و154 / لِفِرَاقِ الْأَبَدِ وَهَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبَ أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا الضَّنْكَ

أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةَ أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلَّا النَّدَامَةَ) التنكر التغير إلى مجهول کما سبق، وفي بعض النسخ (شكرها) أي مقابلتها ومجازتها لخضوع من خضع لها وطاعة من أطاعها وآثرها أي اختارها واخلد إليها أي مال وركن قال الله تعالى: «وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ»(1)و(حتى) غاية لتنكرها، وفي بعض النسخ (حين)(2)فيكون ظرفاً له وظعنوا عنها ارتحلوا وساروا وزوّدتهم(3)أي اعطتهم زاداً، و السّغب بالتحريك الجوع أو ما لا يكون إلا مع تعب وحل المكان كمدّ وفرّ نزل واحلّه انزله والضنك الضيق في كل شيء ونورت لهم أي مكانهم إلا الظلمة أي بالظلمة وهو من باب إقامة الضدّ مقام الضدّ كالتزويد بالسّغب واعقبه أي جازاه واكل اكلة اعقبته سقما أي أورثته وقيل في قوله تعالى: «فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا»(4)أي جعل عاقبة أمرهم نفاقا (أَفَهَذِهِ تُؤْثِرُونَ أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنْهَا) الاشارة للتحقير أي هذه الدنية الخسيسة الموصوفة وتؤثرون أي تختارون وتطمئنون أي تسكنون وتميلون وتحرصون كتضربون واتهمه أي ادخل علیه التهمة كهمزة أي ما يتهم عليه فاتّهم هو، وأصل التاء الواو قلبت ياء لانكسار ما قبلها، ثم أبدلت منها التاء فأدغمت في تاء

ص: 159


1- الاعراف / 176
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 184
3- (رودتهم) في ر، تصحيف
4- التوبة / 77

الافتعال، ثم بنيت على هذا الادغام فيه، وفي أمثاله أسماء وإن لم يكن فيها تلك العلة توهما أن التاء أصلية؛ لأن هذا الإدغام لا يجوز إظهاره في حال فمن تلك الأسماء التهمة والتراث والتقوى والتُكله والتُكلان والتُخمة وإذا صغرت قلت تُكَيلهُ وتُخَيمه ولا تعيد الواو؛ لأنَّ هذه حروف الزمت البدل فثبت في التصغير والجمع، والوَجَل بالتحريك الخوف، والغرض أنَّ الدنيا دار ذميه ضرارة للأشرار الراكنين إليها وأما من أساء الظن بها واتقى منها فهي وسيلة لارتقائه إلى منازل الأبرار كما سيجيء في كلامه (عليه السلام) أيها الذام للدنيا.

(فَاعْلَمُوا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وَظَاعِنُونَ عَنْهَا وَاتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً حُمِلُوا إِلَی قُبُورِهِمْ فَلَا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً وَأُنْزِلُوا الْأَجْدَاثَ فَلَا يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً) لعل العلم المأمور به هو اليقين المستتبع للأثر وهو العمل أي أيقنوا بأنكم ستتركونها وتترحلون عنها وأنتم تعلمون ذلك لكن علما لا يترتب عليه الأثر ويحتمل أن يكون المعنى اعلموا ذلك، وأنتم من أهل العلم وشأنكم المعرفة وتمييز الخير من الشر، وفي بعض النسخ (فاعملوا وأنتم تعملون فأنكم) بتقديم الميم على اللام في صيغة الأمر، وبالفاء موضع الباء أي اعملوا للآخرة بمقتضى علمكم ووعظه كوعده ذكر له ما يلين قلبه فاتعظ، والمحكى عنهم ذلك القول في الآية قوم عاد ويحتمل أن يكون المراد كل مغتر بقوته وحملوا أي على السرير وانزلوا أي في القبور، والضِيفان بالكسر والأضياف(1)والضيوف جمع ضيف وهو من انزلته عندك

ص: 160


1- (الاصياف) في ر، تصحيف

وقربته واحداً كان، أو متعدداً وأصله مصدر، يقال: ضافه ضيفاً إذا نزل عنده وأضفته وضيفته إذا انزلته وقربته والاسم الضيافة وعدم تسميتهم بالركبان والضيفان لانفكاك الخواص. (وَجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ أَجْنَانٌ وَمِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ وَمِنَ الرُّفَاتِ جِیرَانٌ فَهُمْ جِیرَةٌ لَا يُحِيبُونَ دَاعِياً وَلَا يَمْنَعُونَ ضَيْماً وَلَا يُبَالُونَ مَنْدَبَةً) الفصيح الحجر العريض والسيف العرض ووجه كل شيء عريض صفيحته، والجَنَن بالتحريك القبر، وكون التراب كفناً لهم لا ندراس / ظ 154 / الكفن وانقلابه تراباً عن قريب، أو لأن الميت محفوف بالتراب في أول الأمر، والرُّفات بالضم كل مدقوق مكسور، والجيران والجيرة والاجوار جمع جار أي المجاور، والضيم والظلم ولا يبالي بالشيء أي لا يكترث له ونبده الأمر كنصره فانتدب له أي دعاه فأجاب، وندبت المرأة الميت بكت عليه وعدّت محاسنه، والندبة بالضم اسم منه، والمندبة في المقام يحتمل الوجهين وخصه بعض الشارحين بالثاني ولعله أظهر. (إِنْ جِيدُوا لَمْ يَفْرَحُوا وَإِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا جَمِيعٌ وَهُمْ آحَادٌ وَجِیرَةٌ وَهُمْ أَبْعَادٌ مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ وَقَرِيبُونَ لَا يَتَقَارَبُونَ حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ وَجُهَلَاءُ قَدْ مَاتَتْ

أَحْقَادُهُمْ لَا يُخْشَى فَجْعُهُمْ وَلَا يُرْجَى دَفْعُهُمْ) الجَود بالفتح المطر الغزيز أو ما لا مطر فوقه، يقال: جاد المطر جوداً فهو جائد والجمع جود كصاحب وصحب(1)، وجيدت الارض وأجيدت فهي مجوده وجيدوا أي جيدت أرضهم أو(2)على تشبيههم بالأرض، والقَحط بالفتح احتباس المطر، يقال: قحط العام كمنع وفرح وقحط النّاس كسمع وقُحُطوا واقحُطوا بضمهما، والقنوط:

ص: 161


1- ينظر: الصاح، مادة (جود): 2 / 461
2- (و) في أ

((اليأس))(1)وفيه لغات(2)، والموجود في النسخ(3)بفتح العين وأخذ السيد الرضي (رحمه الله) معنى قوله (عليه السلام) جميع وهم أحاد فقال: بادون في صور الجميع وأنهم متفردون تفرد الآحاد ومتدانون أي متقاربون بحسب امكنتهم ولا يتقاربون أي بأجسادهم، والحِلم بالكسر الاناة والعقل وجمعه أحلام وهو حليم وجمعه حلماء واحلام و[...](4)الكلام يحتمل المعنيين، والاضَغان جمع ضِغن بالكسر وهو ((الحقد))(5)، والجهل ضدّ العلم ويطلق على معنى الخفة والطيش ضد الاناة ولعل فرع الأول ومنه ما قيل في بيان الحديث ((من استجهل مؤمناً فعليه إثمه))(6)أي من حمله على الشيء ليس من خلقه فيغضبه فإن إثمه على من احوجه الى ذلك قال بعض الشارحين: لما كان من عادة الاحياء أن يحملوا عند وجود الاضغان ويجهلوا عند قيام الاحقاد سلبت عنهم تلك الصفات وعرفوا بأضدادها كسائر الصفات(7)، ولعله حمل الحلم على المعنى الأناة والجهل على ما يضادها وجعلهما من صفات الاحياء؛ لأنهم عند وجود الضعن والحقد يحلمون ويصفحون تارة ويجهلون أخرى وهؤلاء لما ذهبت أضغانهم وأحقادهم ارتفع عنهم ذلك الحلم والجهل الثابتان للأحياء وفجعه كمنعه أي أوجعه وقيل، الفجع أن

ص: 162


1- ينظر: الصحاح، مادة (قنط) 3 / 1155
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (قنط ) 3 / 1155
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 184، وينظر:: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 85
4- [في] زائدة في أ
5- لسان العرب، مادة (ضغن): 13 / 255
6- الفائق في غريب الحديث: 1 / 216، النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 322
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 88، 89

يوجع الإنسان بشيء يكرم عليه فيعدمه والاضافة في الموضعين من اضافة المصدر إلى الفاعل أي لا يخشى منهم ضربان يوجعوا أحداً أو يتلفوا(1)عليه شيئاً نفيساً، ولا يرجى منهم دفع مضرة وتفريح كرب عن أحد ويحتمل على بعد أن يكون من الاضافة الى المفعول (اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْناً وَبِالسَّعَةِ ضِيقاً، وَبِالْأَهْلِ غُرْبَةً وَبِالنُّورِ ظُلْمَةً فَجَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ(2)إِلیَ الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ وَالدَّارِ الْبَاقِيَةِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: «كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ»(3)استبدل الشيء بغيره أي اتخذه بدلاً منه، والضمير المنصوب في جاؤها وفارقوها راجع الى الدنيا وقد عكس التشبيه على اعتبار أصاله في المفارقة؛ لأن الآخرة هي دار القرار والدنيا دار ممر أي فارقوها كما جاؤها ويحتمل إرجاعه إلى الارض فالمراد بالمجيء الدفن فيها، وبالمفارقة الخلق منها كما قال الله عز وجل: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ»(4)على ما قيل لكن ينبغي حينئذ حمل المفارقة على الولادة حتى يستقيم الحكم بكونهم حفاة عراة وفيه تكلف وجعله راجعاً إلى الدار الآخرة المفهومة من استبدالهم بظهر الأرض بطناً وهي / و155 / الدار التي خلقوا لها فكان مجيئهم إلى الدنيا مفارقه منها لا يناسبه ارجاع الضمير في ظعنوا عنها الى الدنيا والتعبير عنها بالاسم الظاهر بعد ذلك فتدبر والحفاة بالضم جمع حاف وهو الذي يمشي بلا خف كالعراة جمع عار، والكفن في

ص: 163


1- (تبلغوا) في ر
2- (بافعالهم) في ر
3- الأنبياء / 104
4- غافر / 67

حكم العدم وليس من لباس الاحياء فلا ينافي لبس الكفن كون المفارقين عراة، وقوله عز وجل: «كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ»(1)قيل أي كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة عُزلا كذلك نعيدهم، وروى ذلك مرفوعاً، وقيل معناه نبعث الخلق كما إبتدأناه أي قدرتنا على الاعادة كقدرتنا على الابتداء، وقيل معناه نهلك كل شيء كما كان أوّل مرة ووعداً منصوب بفعل مقدر أي وعدناكم وعداً، وقيل منتصب بالمذكور؛ لأنه عدة بالإعادة وعلينا أي علينا إنجازه «إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ»(2)أي: نفعل ما وعدناكم من ذلك لا محاله.

ومن خطبةٍ لهُ (علیه السلام) ذكر فيها ملك الموت

وفي بعض النسخ (وتوفيه الأنفس)(3)توفي حقه واستوفى بمعنى وتوفى الأنفس قبض الأرواح (هَلْ تُحِسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا أَمْ هَلْ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّی أَحَداً بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّی الْجَنِینَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَ يَلِجُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا أَمْ الرُّوحُ

أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ فِي أَحْشَائِهَا كَيْفَ يصف(4)إِلَهَهُ مَنْ يَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ.) أحس الرجل الشيء إحساساً إذا علم به بالمشاعر وهي الحواس قال الله تعالى: «فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ »(5)ويزاد الباء فيقال: أحس به على معنى شعر به وحسسته وحست به كنصرت لغة فيه، وفي النسخ على صيغة الأفعال، وكلمة بل للانتقال إلى استفهام أتم وأدق،

ص: 164


1- الأنبياء / 104
2- الأنبياء / 104
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 191
4- (بصف) في ر، تصحيف
5- ال عمران / 52

((والجنين: الولد ما دام في البطن))(1)فإذا ولد فهو منفوس، قيل: سمي به لاستتاره وكل مستور جنين وجمعه أجنة(2)، كدليل وأدلة، وولج كوعد أي دخل، والحشا بالفتح والقصر المعا كإلى، وقيل: ما اضطمت عليه الضلوع، وقيل ما دون الحجاب مما في البطن، ومن كبد وكرش وطحال وغير ذلك، والغرض من ذلك الملك بيان العجز عن وصف الباري جل شأنهُ فلذلك انتقل إلى الاستفهام على سبيل التعجيز وهذا هو الذي يسميه أرباب البيان بالتخلص وكثيراً ما يستعمله الشعراء، والضمير في مثله راجع الى الموصول فلا يفهم تحقير الملك أي من عجز عن وصف مخلوق مجانس له في المخلوقية والامكان فهو بالعجز عن وصف خالقه المتعالي عن شبه المخلوقين أحرى وأجدر وظاهر التقسيم كالأخبار المتظافرة يدل على تجسم الملك وما يشعر به کلام بعض الشارحين(3)من القول بالتجرد فإنما نشأ من ميله إلى الأصول الفاسدة التي استفادها من كتب الفلاسفة ومن الله العصمة والتأييد.

ومن خطبة له (علیه السلام)

(وَأُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ وَلَيْسَتْ بِدَارِ نُجْعَةٍ قَدْ تَزَيَّنَتْ بِغُرُورِهَا وَغَرَّتْ بِزِينَتِهَا دَارُهَا هَانَتْ عَلَى رَبِّهَا فَخَلَطَ حَلَالَهَا بِحَرَامِهَا وَخَيْرَهَا بِشَرِّهَا وَحَيَاتَهَا بِمَوْتِهَا وَحُلْوَهَا بِمُرِّهَا لَمْ يُصْفِهَا اللهُ تَعَالَی لِأَوْلِيَائِهِ وَلَمْ يَضِنَّ بِهَا عَلَى أَعْدَائِهِ) القُلعة بالضم: ((المال العارية))(4)، أو ما لا يدوم، والضعيف الذي

ص: 165


1- الصحاح، مادة (جنن): 5 / 2094
2- ينظر: المصباح المنير: 1 / 111
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 191
4- الصحاح، مادة (قلع): 3 / 1271

إذا بطش به في الصراع لم يثبت وما يقلع من الشجرة، ويقال: منزلنا منزل قلعة أي ليس بمستوطن، وقيل: أي لا نملكه أو لا ندري متى نتحول عنه مأخوذ من قلعه كمنعه إذا انتزعه من أصله، والنُجعة بالضم طلب الكلاء ومساقط القطر(1)، ويقال: انتجع فلان فلاناً إذا طلب معروفه(2)، وغره غروراً أي خدعه وأطمعه بالباطل كما تقدم وأهانه أي استخف به واستحقره، والاسم الهوان والمهانة ورجل فيه مهانة أي ذل وضعف، وهان عليه أي ذل وحقر عنده، وصفا الشيء يصفو إذا خلص من الكدر وصفيته تصفية أزلته عنه والمعنى لم يجعلها الله / ظ 155/ عز وجل خالصاً من شوائب(3)الآلام والشرور ونحو ذلك لأحبائه بخلاف الدّار الآخرة فإنها صافية لهم أو لم يصفها لأوليائه عن تصرف الأعداء والمنازعين حتى يكون خالصه لهم فيكون ما بعده كالتفسير له، وضننت به كعلمت، أي: بخلت، وقال الفراء: ضننت كضربت لغه فيه(4)، ويوجد في النسخ(5)على الوجهين، ويتعدى بعن وعلى وكلاهما موجودان في النسخ.

(خَيْرُهَا زَهِيدٌ وَشَرُّهَا عَتِيدٌ وَجَمْعُهَا يَنْفَدُ وَمُلْكُهَا يُسْلَبُ وَعَامِرُهَا يَخْرَبُ فَمَا خَیْرُ دَارٍ تُنْقَضُ نَقْضَ الْبِنَاءِ وَعُمُرٍ يَفْنَى فِيهَا فَنَاءَ الزَّادِ وَمُدَّةٍ تَنْقَطِعُ

ص: 166


1- ينظر: الصحاح، مادة (نجع): 3 / 1288
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نجع): 3 / 1288
3- (شواب) في ر
4- ينظر: الصحاح، مادة (ضنن): 6 / 2156
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 198، وفيه: ((يضن بها))، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 93

انْقِطَاعَ السَّیْرِ) الزهيد القليل والعتديد الحاضر المهياء، يقال: عتد(1)كکرم واعتدته أنا قال الله تعالى: «وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً»(2)، ونفد كسمع نفادا ونفداً أي فنى وذهب، والمُلك بالضم الاسم من ملك على النّاس أمرهم كضرب إذا تولى السلطنة، ويكون بمعنى العظمة، وسلبه كنصره أي اختلسه وسلبته ثوبه أي اخذته منه والخراب ضد العمران يقال: خرب [...](3)كفرح وفي بعض النسخ يتخرب على صيغة التفعل وما في الأصل أظهر.

(اجْعَلُوا مَا افْتَرَضَ اللهَّ عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِكُمْ وَاسْأَلُوهُ فاسألوه(4)مِنْ أَدَاءِ حَقِّهِ مَا سَأَلَكُمْ وَأَسْمِعُوا دَعْوَةَ الْمَوْتِ آذَانَكُمْ قَبْلَ أَنْ يُدْعَى بِكُمْ) الطلِبة بكسر اللام ما طلبته من الشيء، والمعنى كونوا راغبين في القيام بما افترض الله عليكم حتى تكون من جملة مطالكم وحبوباً لكم كسائر ما تحبونه من المال والبنين وغير ذلك واجعلوا التوفيق على القيام بالحقوق الواجبة في سلك ما تطلبونه بالدعاء من الله جل ذكره کما ورد عن سيد العابدين (عليه السلام) (اللهم انك كلَّفتَني من نَفسي ما أنتَ أملَكُ به مِنّي)(5)فيكون ما بعده كالتفسير له ما أسألكم أي ما أمركم به، وافترضه عليكم والتعبير بالسؤال للمشاكلة والمقابلة، ويمكن أن يخص الثاني بالمندوبات واسماع دعوة الموت الاعداد له والتهيئة لنزوله أو التتبع لما يذكر الموت كمجالسة الصالحين وزيارة القبور

ص: 167


1- (عبد) في ر
2- يوسف / 31
3- [كمنع] زيادة في ر، م
4- (واسألوه) في ر، وشرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد: 7 / 198
5- الصحيفة السجادية: 117

ونحو ذلك، وقيل: أن يدعى بكم أي: قبل حضور الموت ودعوة القابضين للأرواح فتجيبونهم وإن كنتم كارهين له.

(إِنَّ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا تَبْكِي قُلُوبُهُمْ وَإِنْ ضَحِكُوا وَيَشْتَدُّ حُزْنُهُمْ وَإِنْ فَرِحُوا وَيَكْثُرُ مَقْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَإِنِ اغْتَبَطُوا بِمَا رُزِقُوا) الزهد في الشيء خلاف الرغبة فيه، وتعلق الظرف بالأفعال الآتية بعيد، ومقته كنصره أي ابغضه، والغِبطة بالكسر حُسن الحال والمسرة والحسد، واغتبط فلان على صيغة المعلوم أي حسنت حاله وفرح وغبطته كضربته، قيل: وسمعته إذا تمنيت مثل ما ناله من غير أن تريد زواله عنه لما أعجبك منه وعظم عندك فإذا تمنيت زواله فهو الحسد، والمغتبط على صيغة الفاعل المغبوط، والاغتباط أيضاً التبجح والفرح بالحال الحسنة،، والموجود في أكثر النسخ (اغتبطوا) على صيغة المجهول، وفي بعضها(1)على صيغة المعلوم وهو الظاهر، والمعنى [على](2)ما ذكره بعض الشارحين(3)أنهم يكثر بغضهم(4)لأنفسهم فيتركون الالتفات إليها بالزينة وطاعتها فيما تدعوهم اليه من متاع الحياة الحاضرة وإن غبطهم غيرهم بما قسم لهم من رزق، وقال بعضهم(5)اغتبطوا أي فرحوا، ولعل مراده ان المعنى انهم يمقتون انفسهم لما زعموا من تقصيرهم في العبادة وان فرحوا بما رزقهم الله من متاع الدنيا أو من التوفيق من الله سبحانه أي يكونون شاكرين لخالقهم

ص: 168


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 198
2- [على] ساقطة من أ
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 95
4- (بعضهم) في ر، تصيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 200

مبغضين لأنفسهم ويحتمل أن يكون المراد أنهم يعدون أنفسهم مقصرين في عبادة ربهم فيمقتونها وان غبطهم غيرهم بما رزقوا من التأييد والقوة على الطاعة أو لإحسانه سبحانه إليهم / و156 / جزاء لحُسن عملهم، وقد ورد عن بعض أصحاب العصمة (سلام الله عليهم) لا أخرجك الله من حدّ التقصير أي: أن تضن بنفسك التقصير، ولا يلحقك العجب وإن كنت مجتهداً في طاعة ربك. (قَدْ غَابَ عَنْ قُلُوبِكُمْ ذِكْرُ الْآجَالِ وَحَضَرَتْكُمْ كَوَاذِبُ الْآمَالِ، فَصَارَتِ الدُّنْيَا أَمْلَكَ بِكُمْ مِنَ الْآخِرَةِ، وَالْعَاجِلَةُ أَذْهَبَ بِكُمْ مِنَ الْآجِلَةِ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللهَّ مَا فَرَّقَ بكم إِلَّا خُبْثُ السَّرَائِرِ، وَسُوءُ الضَّمَائِرِ فَلَا تَوَازَرُونَ، وَلَا تَنَاصَحُونَ، وَلَا تَبَاذَلُونَ وَلَا تَوَادُّونَ) الأجل غاية الوقت ومدة الشيء، والمراد غاية العمر أو العمر باعتبار الانقضاء، وكواذب الآمال ما لا يدرك منها كأنها تعد فتكذب، وأملك بكم أي أقدر عليكم، يقال: فلان أملك لنفسه أي: أقدر على منعها من السقوط في شهواتها وأذهب بكم أي أشدَّ إذهاباً، وهو كناية عن شدة ميلهم إلى العاجلة وحبهم إياها وأنتم إخوان على دين الله أي الدين والإيمان يقتضى الاخاء، والموادة واجتماعكم في الظاهر والباطن كما قال عز وجل: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ»(1)وقال بعض الشارحين(2): أي كلكم مخلوقون على فطرة واحدة وهي دين الله وتوحيده، والسرائر جمع سريرة وهي ما يكتم، والضمائر جمع ضمير وهو داخل الخاطر وما اضمرت في نفسك، وتوازرون(3)على صيغة

ص: 169


1- الحجرات / 10
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 200
3- (وتوارزون) في ر

المضارع من باب التفاعل كما في أكثر النسخ(1)بحذف إحدى التائين كقوله تعالى: «مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ»(2)، وعلى صيغة المفاعلة كما في بعضها، والتّوازر والموازرة التعاون كأن كلاً يحمل وزر الآخر أي ثقله، ومنه سمى الوزير؛ لأنه يحمل وزر الملك، والنصح والنصيحة إرادة الخير للمنصوح له والبذل الاعطاء والجود بالشيء والودّ والحبّ. (مَا ما لكم تَفْرَحُونَ بِالْيَسِیرِ مِنَ

الدُّنْيَا تُدْرِكُونَهُ وَلَا يَحْزُنُكُمُ الْكَثِیرُ مِنَ الْآخِرَةِ تُحْرَمُونَهُ وَيُقْلِقُكُمُ الْيَسِیرُ مِنَ الدُّنْيَا يَفُوتُكُمْ حَتَّى يَتَبَیَّنَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِكُمْ وَقِلَّةِ صَبْرِكُمْ عَمَّا زُوِيَ مِنْهَا عَنْكُمْ كَأَنَّهَا دَارُ مُقَامِكُمْ وَكَأَنَّ مَتَاعَهَا بَاقٍ عَلَيْكُمْ) في بعض النسخ (ما بالكم تفرحون)(3)أي ما حالكم ويكون البال بمعنى القلب، والخاطر والمحروم الممنوع من الخير، يقال: حرمه كضربه، وقيل: وكعلمه أي منعه إياه واحرمه لُغيّة فيه، والقَلَق بالتحريك الانزعاج والاضطراب، يقال: ازعجه الهم أي قلعه من مكانه فانزعج ومحل تدركونه وتحرمونه ويفوتكم النصب على الحالية وقله مجرور بالعطف على وجوهكم وزوى عنكم أي نحي وقبض وجمع ومُقامكم، بالضم الميم أي اقامتكم أو موضع اقامتكم على الاضافة البيانية والمتاع المنفعه وكل ما ينتفع به من عروض الدنيا قليلها وكثيرها (وَمَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَخَاهُ مما يَخَافُ مِنْ عَيْبِهِ إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ

بِمِثْلِهِ قَدْ تَصَافَيْتُمْ عَلَى رَفْضِ الْآجِلِ وَحُبِّ العاجلة وَصَارَ دِينُ أَحَدِكُمْ

ص: 170


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 198، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 93
2- الصافات / 25
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 198، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 93

لُعْقَةً عَلَى لِسَانِهِ صَنِيعَ مَنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ وَأَحْرَزَ رِضَی سَيِّدِهِ) الضمير في يخاف راجع الى الأخ لا الى المستقبل والعيب يكون مصدرا واسما واستقبال الأخ بالعيب إظهاره له، وملامته أي لما كنتم شرکاء لإخوانكم في العيوب تخافون في إظهار عيوبهم أن يظهر عيوبكم فلذلك تمسكون عن القيام بالنهي عن المنكرات، وفي بعض النسخ (من عتبة) بالتاء الساكنة المثناة من فوق أي ملامته، وصفا الشيء وصفوه خالصة وأصفيته الود أي اخلصته له وتصافينا أي تخالصنا(1)، وفي بعض النسخ (وقد تصافيتم) مع الواو العاطفة والمعنى تصالحتم واتفقتم(2)والرفض الترك، يقال: رفضه(3)کنصره وضربه ولعقه کسمعه أي لحسه، واللُعقة بالضم ما يؤخذ / ظ 156 / بالملعقة(4)، والعرض وصف دينهم بالقلة حتى صار كالشيء القليل الذي يؤخذ بالملعقة، أو الاقتصار على اللسان من صفة الدين أي ليس في قلوبكم، أو اللعقة أي لم تصل الى جوفكم ولم تشبعكم والصنيع، والصُنع بالضم العمل، ويظهر من کلام بعضهم اختصاص الصَنيع بالقبيح، يقال: صنع به صنيعاً أي قبيحاً، ونصب الكلمة على المصدر أي صنعتم صنيع من تم عمله وخرج عن عهدة التكليف وأحرزه أي حفظه وضمه إليه، وقيل: أصل حرزه(5)كضربه حرسه بالسين واحراز رضي السيد كناية عن العمل بما أمر به على وجهه.

ص: 171


1- (مخالصا) في ر
2- (انقضتم) في ر
3- (رفض) في ر
4- ينظر: العين، مادة (لعق): 1 / 166
5- (حرره) في ر

ومن خطبة له (عليه السلام)

(الْحَمْدُ لله الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ وَالنِّعَمَ بِالشُّكْرِ نَحْمَدُهُ عَلَى آلَائِهِ كَمَا نَحْمَدُهُ عَلَى بَلَائِهِ وَنَسْتَعِينُهُ عَلَى هَذِهِ النُّفُوسِ الْبِطَاءِ عَمَّا أُمِرَتْ بِهِ السِّرَاعِ إِلَی مَا نُهِيَتْ عَنْهُ) قال بعض الشارحين: أما كونه واصلاً الحمد له من عباده بالنعم، منه عليهم فمعلوم، وأما وصل النعم المذكورة بالشكر مع أنَّ الشكر من أفعال العباد وليس من أفعاله ليكون واصلاً للنعم به، فهو أنه لما وفق العباد للشکر بعد أن جعل وجوبه مقرراً في عقولهم وبعد أن أقدرهم عليه صار كأنه الفاعل له فإضافة إليه توسعاً كما يقال: أقام الوالي الحد، وقتل الأمير اللص، وقال بعضهم بعد ذكر ما یؤل إلى الوجه المذكور: ((ويحتمل أن يريد الشكر منه تعالى لعباده الشاکرین))(1)، كما قال الله تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ»(2)ولا ريب في أنَّ الشكر من المنعم عليه(3)التفضل والانعام، ويمكن أن يكون المراد بوصل الحمد بالنعم أنه سبحانه فرض الحمد عليهم بإزاء النعمة لا انه اعطاهم بعد الحمد وبوصل النعم بالشكر أنه جعل الشكر سبباً للإنعام والزيادة كما قال عز وجل: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(4)أو عكس ذلك ويمكن أن يكون المراد بیان شدة الارتباط بين الحمد والنعم ويكون التكرير للتأكيد والتعبير باللفظين للتفنن كما هو الظاهر في الوجوه السابقة والله تعالى يعلم والالاء النعم واحدها الا بالفتح وقد تكسر(5)و

ص: 172


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 98
2- البقرة / 158
3- (غاية) في ر، م
4- إبراهيم / 7
5- (یکسر) في ر، م

تكتب بالياء كمعاً وامعا أبدلت الهمزة التي [هي](1)فاء الكلمة الفاً استقالاً لاجتماع همزتين والمراد بالبلاء نوائب الدهر وصروفه وأن كان يستعمل في الخير والاحسان، ولما كانت البلاء سبب للثواب الاجل ونزول المكاره(2)لمصالح العباد في العاجل فهي في الحقيقة نعمة يجب الحمد عليها وان كانت في الظاهر بلاء ومكروهاً ولذا قیل سبحان من لا يحمد على المكروه سِواه وإنما لم يقل (عليه السلام): نحمده على بلائه کما نحمده على آلائه؛ لأن الكلام كان في معرض ذكر النعم والشكر عليها فاستهجر(3)أن يعقبه بذکر الحمد على البلاء للمنافرة بينهما ظاهراً وأن كانت نعمه حقيقه ولإفاده المبالغة في الحث على الحمد بإزاء البلاء والصبر عليها حتى كأنَّه الأصل کما جعل في التشبيه أصلاً والاستعانة على الشيء طلب العون وهو الظهير لدفعه والظفر عليه والبطاء جمع بطيئة وبطيء وكذلك السراع ومثلهما صباح وضراف وغيرهما (وَنَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ وَأَحْصَاهُ كِتَابُهُ عِلْمٌ غَیْرُ قَاصِرٍ وَكِتَابٌ غَیْرُ مُغَادِرٍ وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ عَايَنَ الْغُيُوبَ وَوَقَفَ عَلَى الْمَوْعُودِ إِيمَاناً نَفَى إِخْلَاصُهُ الشِّرْكَ وَيَقِينُهُ الشَّكَّ) الظاهر أنَّ المراد بالكتاب صحيفة الأعمال، قال الله عز وجل: «وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا»(4)وغادره أي بقاه و ترکه

ص: 173


1- [هي] ساقطة من ر، م
2- (المكان) في ر، م
3- (فاستهجن) في ر، م
4- الكهف / 49

أي لا يبقى شيئاً من الأعمال إلا أحصاه وأحاط به وعلم خبر مبتدأ محذوف، وعاينت الشيء عياناً / و157 / أي رأيته بعيني والغيوب ما حجب عن العباد من الثواب والعقاب في الآخرة ولا ريب أن إيمان العيان اکمل وأوثق من إيمان الخبر والوقوف على الموعود الاطلاع عليه والمعاينة له، ولعل المراد بنفي الشرك والشك استيصالهما(1)بحيث لا يبقى احتمال عروضهما للمؤمن بالتشكيك، ويحتمل أن يراد نفيهما راساً على المبالغة والله يعلم.

(وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَّ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عبدهُ رَسُولُهُ (صَلَّى اللهَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) شَهَادَتَيْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ وَتَرْفَعَانِ الْعَمَلَ لَا يَخِفُّ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ وَلَا يَثْقُلُ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْهُ) وفي بعض النسخ (منه)(2)بدل عنه قال بعض الشارحين: قوله (عليه السلام) (يصعدان) القول إشارة الى قوله تعالى يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وروی یسعدان بالسين أي هما شهادتان يعضدان الشهادة باللسان أمّا انه لا يثقل میزان ترفعان عنه فواضح، وأمّا إنه لا يخف میزان توضعان فيه(3)فظاهرة يشعر بمذهب المرجئة الخلص وهم أصحاب مقاتل بن سليمان القائلون بأنه لا يضر مع الشهادتين معصيه أصلاً وأنه لا يدخل النار من في قلبه ذرة من الإيمان فيقول في تأويل ذلك إنه لم يحكم بهذا على مجرد الشهادتين بل على شهادتين مقیدتین قد وصفهما بأنهما تصعدان القول وترفعان العمل وإنما هما الشهادتان اللتان يقارنهما فعل الواجب وتجنب القبيح فقد بطل قول

ص: 174


1- (استصالها) في ر، م
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 201
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 204

من يجعل الكلام حجة للمرجئة، ولا يخفى أن هذا التقييد ليس تأویلاً بل الظاهر الشائع في المقام ذلك كقولهم (عليهم السلام) في مقام الحمد أحمدك حمداً يفوق حمد الحامدين فالمفعول المطلق للنوع وليس المعنى أن حمدي مطلقاً يفوق حمد الحامدين ويمكن ان يقال على بعد ان الشهادتين لو وضعتا في الميزان لم يخف لكنهما إذا تجردتا عن الشروط لم توضعا فيه كما ورد في الأخبار انهما يسلبان عن بعض الناس.

(أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهَّ بِتَقْوَى اللهَّ الَّتِي هِيَ الزَّادُ وَبِهَا الْمَعَاذُ زَادٌ مُبْلِغٌ وَمَعَاذٌ مُنْجِحٌ دَعَا إِلَيْهَا أَسْمَعُ دَاعٍ وَوَعَاهَا خَیْرُ وَاعٍ فَأَسْمَعَ دَاعِيهَا وَفَازَ وَاعِيهَا) التقوی اسم من اتقيته اتقاء أي حذرته وقوله تعالى: «هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى»(1)أي: أهل أن يتقي عقابه والتاء فيه مبدله من الواو وأصله وتقوى من وقيت لكنه ابدلت ولزمت التاء في تصاريف الكلمة، وقيل هو اسم من تقيته اتقيه تُقي بالضم، وتقاء ککساء أي حذرته واصله تقياً قلبت الياء واواً ويقلب في كل فعلي إذا كان اسماً كبقوى بخلاف الصفة نحو صدیا وريا، وفي الكلام اشارة الى قوله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى»(2)، والمعاد بالدال المهملة كما في بعض النسخ(3)مصدر عاد أي رجع والباء بمعنى الى وفي بعض النسخ بالدال المعجمة مصدر عُذت بكذا أي لجأت إليه، والنَجاح بالفتح والنُجح بالضم ((الظفر بالحوائج))(4)، يقال: نجح كمنع وانجحه الله

ص: 175


1- المدثر / 56
2- البقرة / 197
3- في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 201، (العِمَاد)
4- الصحاح، مادة (نجح): 1 / 409

واسمع داع أي أكثر الداعين، أو أشدهم اسماعاً لا سماعاً، وبناء صيغة التفضيل من باب أفعل قياس عند سيبويه وإن كان من المزيد فيه، ومنه هو اعطاهم للدينار وأولاهم للمعروف وأكرم لي من فلان، ونقل عن الأخفش والمبرد جواز بنائها من سائر أبواب الثلاثي المزيد فيه، وقال بعض الشارحين: وروي: ((دعا إليها أحسن داعٍ))(1)، قال: ((أي أحسن داع دعاء لابد من تقدير هذا المميز؛ لأنه تعالى لا يوصف ذاته بالحسن وإنما يوصف بالحسن أفعاله))(2)، وفيه تأمل [ومثله](3)قوله عز وجل(4): ((فتبارك الله احسن الخالقين)) ويمكن أن يكون المراد بالأحسن أو الاسمع الرسول (صلى الله عليه وآله) وقد مر في كلامه (عليه السلام) / ظ 157 / ثم ارسلت داعياً يدعوا إليها ووعيت الحديث کرمیت أي فهمته وحفظته والضمير في وعاها راجع الى الدعوة کما ذكره بعض الشارحين قال وفازوا عيها أي أفلح من فهمها وأجاب إليها لابد من تقدير هذا والا فأي فوز(5)يحصل لمن فهم ولم يجب أو راجع الى التقوى وحفظها هو العمل بما هو سبيل الى النجاة في الآخرة، والمراد بخیر واع المتقون أو نفسه (عليه السلام) کما قيل أو الرسول (صلى الله عليه وآله) على تقدير أن يكون الداعي هو الله سبحانه، ولا يخلو عن بعد...

ص: 176


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 205
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 205، وفيه: (... ولابد،.... لاتوصف ذاته...)
3- [مثله] ساقطة من ر
4- (وقد قال عز وجل) في ر، م
5- (فور) في ر

(عِبَادَ اللهَّ إِنَّ تَقْوَى اللهَّ حَمَتْ أَوْلِيَاءَ اللهَّ مَحَارِمَهُ وَأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخَافَتَهُ حَتَّى أَسْهَرَتْ لَيَالِيَهُمْ وَأَظْمَأَتْ هَوَاجِرَهُمْ فَأَخَذُوا الرَّاحَةَ بِالنَّصَبِ وَالرِّيَّ بِالظَّمَإِ وَاسْتَقْرَبُوا الْأَجَلَ فَبَادَرُوا الْعَمَلَ وَكَذَّبُوا الْأَمَلَ فَلَاحَظُوا الْأَجَلَ) حمى الشيء يحميه حَمياً بالفتح، وحِمايةً بالكسر، أي: منع منه من يقربه ودفع عنه، وحمى المريض ما يضره منعه إياه، والحِمی بالکسر ما يحمي من شيء من المرعى وغيرها، وسَهر کفرح أي لم ينم ليلاً وأسهره منعه من النوم، والظمأ بالتحريك العطش أو أشده يقال: ظمئ [كفرح فهو ظمئٌ](1)وظمأن واظماه غيره، والهاجرة والهجير اشتداد الحر نصف النهار، أو نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر، أو من عند زوالها الى العصر(2)؛ لأن الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا، والتعليق بالليالي والهواجر من قبيل التعليق بالظرف ونظيره الاسناد إليه نحو: نهاره صائم، وليله قائم، ولو أريد بالهاجرة اشتداد الحر فمن قبيل التعليق بالمصاحب والغرض الايماء الى شدة الظماء والراحة راحة الآخرة والنصب بالتحريك التعب في الدنيا بالقيام والعبادة والباء للمقابلة نحو اشتريته به وبدلته به، والري بالكسر کما في النسخ وكذلك بالفتح مصدر روی من الماء واللبن کرضى، فهو ريان ضدّ عطشان والمراد الرّي من الكوثر وعيون الجنة واستقربوا الأجل أي عده قريباً واعتقدوه كذلك نحو استعظمه واستسمنه أي عده عظيماً وسميناً، وبادر الى الشيء أي أسرع وبادره عاجله والظاهر أنَّ حرف الجر محذوف أي اسرعوا الى العمل، أو المعنى سابقوا الى العمل واجتهدوا أن لا يسبقهم العمل

ص: 177


1- [كفرح فهو ظمئ] ساقطة من ر
2- ينظر: لسان العرب، مادة (هجر): 5 / 254

فيفوتهم(1)والفاء للتفريع وتكذيب الأمل عدم اتباعه والملاحظة مفاعلة من اللحظ وهو النظر بمؤخر العين والالتفات فيه أشد من الشزر(2)ويكون في المأمول والخوف والغرض عدم الغفلة عن الأجل والعمل للآخرة(3)(ثُم إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وَعَنَاءٍ وَغِیَرٍ وَعِبَرٍ فَمِنَ الْفَنَاءِ أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ لَا تُخْطِئُ سِهَامُهُ وَلَا تُؤْسَى جِرَاحُهُ يَرْمِي الْحَيَّ بِالْمَوْتِ وَالصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ وَالنَّاجِيَ بِالْعَطَبِ آكِلٌ لَا يَشْبَعُ وَشَارِبٌ لَا يَنْقَعُ) العَناء بالفتح التعب، والغِيَر بکسر الغين المعجمة وفتح الياء المثناة من تحت يحتمل المفرد والجمع وهو أظهر لكن المشهور هو الأول، فأما المفرد فالاسم من قولك: غيرت الشيء فتغير وتغير الحال وانتقالها من الصلاح الى الفساد، وأما الجمع فأحداث الدهر المغيرة للحال، والعبر جمع عبرة وهي ما يتعظ به الانسان ويعتبره ليستدل به على غيره، وقال الخليل: العبرة والاعتبار بما مضى(4)أي: الاتعاظ والتذكر ويكون العبرة والاعتبار بمعنى الاعتداد بالشيء في ترتيب الحكم، والوتر بالتحريك: ((شرعة القوس))(5)واترها أي جعل لها وتراً ووترها توتير أشد وترها، وموتور قوسه بالاضافة على صيغة الافعال في النسخ، وقال بعض الشارحين: وروی (وموتر) بالتشديد(6)واسوت الجرح اسوه اسواً أي داويتهُ، والأسى الطبيب، والجِراح بالكسر جمع جِراحه بالكسر، ورمي الصحيح

ص: 178


1- (سابق العمل واجتهد ان لا يسبقه العمل فيفوته) في ر
2- (الشرر) في ر
3- (عن الآخرة) في ر، م
4- ينظر: العين، مادة (عبر): 2 / 129
5- القاموس المحیط، مادة (وتر): 2 / 152
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 206

بالسقم من مقدمات الفناء وأسبابه، فلذلك عدّ من الفناء، والعطب: ((الهلاك))(1)، ونقع کفرح / و158 / (وَمِنَ الْعَنَاءِ أَنَّ الْمَرْءَ يْجَمَعُ مَا لاَ يَأْكُلُ، وَيَبْنِي مَا لَا يَسْكُنُ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَی اللهِ(2)لاَ مَالاً حَمَلَ وَلاَ بِنَاءً نَقَلَ! وَمِنْ غِيِرَهَا أَنَّكَ تَرَى الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً، وَالْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً. لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا نعيماً(3)زَلَّ وَبُؤْساً نَزَلَ) لحوق التعب للمرء المذكور في الدنيا بتحمل المشاق في الجمع والبناء مع الحسرة لعدم التمتع والبقاء في عهدة الحساب واضح، والرحمة الرقة و[التعطف](4)يقال: رحمته وترحمت عليه والمراد بالمرحوم من كان محلًا للرحمة ويرحمه الناس لسوء الحال، والغبطة [تكون](5)بمعنى الحسد، وتمنی مثل ما ناله(6)الغير من النعمة من غير أن يتمنى زواله عنه، وكلاهما يناسبان المقام أي من غير الدنيا انقلاب الأمر من سوء الحال بالفقر وغيره الى حسن الحال وبالعکس، وفي بعض النسخ قوله (عليه السلام) (والمغبوط مرحوماً) مقدم على الفقرة السابقة عليه وزالت منه نعمة الى فلان، أي انتقلت، وأزالها إليه، ((وأصله من الزليل، وهو انتقال الجسم من مكان الى مكان))(7)، وزل

ص: 179


1- الصحاح، مادة (عطب): 1 / 184
2- (الله تعالى) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 202، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 213
3- (نفيمًا) في ر، تصحيف
4- [التعطف] طمس في ن
5- [تكون] طمس في ن، وفي أ، ث، ر، ع: (يكون) تصحيف
6- (ما نال) في ع
7- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 310، وينظر: تاج العروس، مادة (زلل): 14 / 310

فلان زلولاً وزليلاً، أي: مر سريعاً، وفي بعض النسخ (زال)(1)من الزوال وهو واضح. وبئس کسمع بؤساً، أي اشتدت حاجته، ولعل مفاد الحصران انقلاب حال الرجلين ليس إلاَّ لأمر عارض كثير الوقوع خارج عن قدرة المرء واختياره.

(وَمِنْ عِبرهَا(2)أَنَّ الْمَرْءَ يُشِرْفُ عَلىَ أَمَلِهِ، فَيَقْتَطِعُهُ حُضُورُ أَجَلِهِ، فَلاَ أَمَلٌ يُدْرَكُ، وَلَا مُؤَمَّلٌ يُتْرَكُ. فَسُبْحَانَ اللهَّ مَا أَعَزَّ سُرُورَهَا، وَأَظْمَأَ رِيَّهَا، وَأَضْحَى

فَيْئَهَا!) الإشراف على الأمل، أي المأمول قرب حصوله واقتطعت(3)من الشيء قطعةً على صيغة الافتعال، أي قطعت، وفي بعض النسخ فيقطعه على الثلاثي المجرد كأن حضور الأجل يقطع المرء عن الأمل، أو بالعکس وغرور سرور الدنيا لأنه لا بقاء ولا حقيقة له، وهو من الصوارف عن العمل للآخرة، ووصف الرِي بالكسر، وهو ضد العطش بالظمأ وهو العطش على التجوز والمبالغة وضحی کدعا وسعی ورضى أي برز للشمس، والفيء في الأصل الظل الذي يكون بعد الزوال؛ لأنه يرجع من جانب الغرب الى جانب الشرق.

(لَا جاءٍ يردُّ، ولَا ماضٍ يرتدُّ، فسبحانَ اللهِ، مَا أقربَ الحيَّ منْ الميتِ للحاقهِ بهِ، وأبعدَ الميِّتَ منَ الحيِّ لانقطاعهِ عنهِ)، لعل المراد بالجائي الأجل وآفات الدهر وبالماضي الميت، وما فات من ملاذ الدنيا ومشتهياتها، والجائي لا يرد أي لا يقدر أحد على أن يدفعه عن نفسه، والماضي لا يرتد، أي لا يقدر نفسه على الرجوع، ولَحَقه ولحَق به لحاقاً بالفتح أي أدركه ولُطف الكلام

ص: 180


1- بحار الانوار 75 / 22
2- (غيرها) في ث، م، تصحيف
3- (اقتسطعت) في م

وعلوّ درجته واضح. (إنهُ ليسَ شيءٌ بشرٍّ منْ الشرِّ إلاَّ عقابهُ، وليسَ شيءٌ بخیرٍ منَ الخیرِ إلاَّ ثوابهِ، وكلُّ شيءٍ منْ الدُّنيَا سماعهِ أعظمُ مِن عيانِهِ، وكُلٌّ شيْءً مِن الآخِرةِ عيانُهُ أعظُمُ مِن سماعِهِ، فليَكُفُّكُم مِن العيانِ السُّمّاعِ، ومِن الغيْبِ

الخبِرِ)، قال بعض الشارحين: يحتمل أن يريد الشر والخير المطلقين، ويكون ذلك للمبالغة، إذ يقال: للأمر الشريف: هذا أشد من الشدائد، وأجود من الجيد، ويحتمل أن يريد شر الدنيا وخيرها، فإنَّ أعظم شر في الدنيا مستحقر في عقاب الله، وأعظم خير فيها مستحقر بالنسبة الى ثواب الله(1)، ولا يذهب على الفطن أنه لو أريد بالخير والشر ما يشمل كل حسن و قبيح من الأعمال سواء كان ساراً نافعاً كأنواع الإحسان والإنعام، وضاراً مؤلماً كأنواع الظلم والفساد أو لم يكن كذلك كالصلاة والصيام وتركهما مثلاً لم يتضح المقصود حق الاتضاح، فإنَّه لو أريد بالبشرية الإيلام وبالخيرية ما يقابله لم يكن بعض أفراد المفضل عليه في الفقرة الأولى شراً، وبعضها في الثانية خيراً، ولو أريد النقص والكمال والقبح(2) والحسن، وما يقرب من ذلك لم يكن العقاب شراً إلاَّ على تجوز وتكلف، ولعل الأظهر أن يخصص(3)الشر / ظ 158 / المفضل عليه بالظلم وما يتضمن الايذاء والإيلام، فالمراد بكون العقاب شراً منه كونه أشد وأبلغ في الإيذاء والإيلام كما قال (عليه السلام): (يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم) والخير بالإحسان وما يتضمن ادخال السرور على الغير وايصال النفع إليه، فيكون الثواب خيراً منه کونه

ص: 181


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 101
2- (القبيح) في ع، تحریف
3- (يحضص) في ع

أبلغ وأكمل والله أعلم، والعِيان بالكسر المعاينة، يقول: (عاينت الشيء عياناً إذا رأيته بعينك)(1)، والغيب كل ما غاب عنك والفاء لتفريع كفاية السماع على أن عيان كل شيء من الآخرة أعظم من سماعه، وكون الحال في مسار الدنيا ومضارها على عكس ذلك واضح للبصير.

((وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا نَقَصَ مِنَ الدُّنْيَا وَزَادَ فِي الْآخِرَةِ، خَیْرٌ مِمَّا نَقَصَ مِنَ الْآخِرَةِ وَزَادَ فِي الدُّنْيَا، فَكَمْ مِنْ مَنْقُوصٍ رَابِحٍ، وَمَزِيدٍ خَاسِرٍ! إِنَّ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ أَوْسَعُ مِنَ الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ، وَمَا أُحِلَّ لَكُمْ أَكْثَرُ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، فَذَرُوا

مَا قَلَّ لِمَا كَثُرَ وَمَا ضَاقَ لِمَا اتَّسَعَ) كلما زاد ونقص يكونان لازمين ومتعدين، ولذلك يبني منهما صيغة المفعول، وقوله (عليه السلام): (إنَّ الذي أمرتم به) يشمل المباح وتسميته مأموراً به؛ لاشتراكه مع الواجب والمندوب في أنَّه لا حرج في فعله على ما ذكره بعض الشارحين(2)، قال: (وقد سمي كثير من الاصوليين المباح مأموراً به(3)؛ لذلك ويحتمل أن يكون على التغليب، والظاهر أن قوله (عليه السلام): (ما أحل لكم) بیان وتأكيد للفقرة السابقة.

(قَدْ تَكَفَّلَ لَكُمْ بِالرِّزْقِ وَأُمِرْتُمْ بِالْعَمَلِ فَلَا يَكُونَنَّ الْمَضْمُونُ لَكُمْ طَلَبُهُ أَوْلَی بِكُمْ مِنَ الْمَفْرُوضِ عَلَيْكُمْ، عَمَلُهُ مَعَ أَنَّهُ وَاللهَّ لَقَدِ اعْتَرَضَ الشَّكُّ، وَدَخِلَ الْيَقِینُ، حَتَّى كَأَنَّ الَّذِي ضُمِنَ لَكُمْ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَكَأَنَّ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْكُمْ قَدْ وُضِعَ عَنْكُمْ) التكفل (الضّمان)(4)، وقال بعض الشارحين: قد يتوهم قوم

ص: 182


1- الصحاح، مادة (عين): 6 / 2172
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 209
3- المصدر نفسه: 7 / 209
4- تاج العروس، مادة (كفل): 15 / 658

أنه ارتفع ((طلبه)) ب(المضمون)) كقولك: المضروب أخوه، وهذا غلط؛ لأنه لم يضمن طلبه وإنما ضمن حصوله، ولكنه ارتفع؛ لأنَّه مبتدأ وخبره أولى، وهذا [المبتدأ والخبر في موضع نصب لأنه خبر (يكونن) أو ارتفع لأنه بدل من المضمون وهذا](1)أحسن وأولى من الوجه الاول وهو بدل الاشتمال)(2)، ولا يذهب عليك أنَّ ظاهر السياق مقابلة الطلب بالعمل كالمضمون بالمفروض، وجعل الطلب مضموناً بعد ضمان الحصول غير بعيد، والمعنى كفاية أمر الطلب واعترض الشيء، أي صار عارضاً كالخشبة المعترضة في النهر ودخل اليقين على صيغة المجهول، أي صار مدخولاً معیوباً من الدخل بالتحريك، وهو العيب والغش والفساد، قیل: وحقيقته أن يدخل في الشيء أمور ليست منه. ((فَبَادِرُوا الْعَمَلَ، وَخَافُوا بَغْتَةَ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ لَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الْعُمُرِ مَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الرِّزْقِ. مَا فَاتَ الْيَوْمَ مِنَ الرِّزْقِ رُجِيَ غَداً زِيَادَتُهُ، وَمَا فَاتَ أَمْسِ مِنَ الْعُمُرِ لَمْ يُرْجَ الْيَوْمَ رَجْعَتُهُ. الرَّجَاءُ مَعَ الْجَائِي، وَالْيَأْسُ مَعَ الْمَاضِي، فَاتَّقُوا اللهَّ حَقَّ تُقاتِهِ، وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) بادرت الى الشيء أي اسرعت إليه وبادره مبادرة وبداراً عاجله، والمعنى اسرعوا الى العمل، أو اجتهدوا حتى لا يكون العمل سابقاً عليكم فيفوتكم كما تقدم وجاءه بغتة، أي فجأةً على غرة ومن غير عدة، والتقاة التقية والحذر والواو للحال أي لا تكونن(3)على حال إلاَّ على الإسلام إذا أدرككم الموت.

ص: 183


1- [المبتدأ والخبر في موضع نصب لأنه خبر (یکونن) أو ارتفع لأنه بدل من المضمون وهذا] ساقطة من ن
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 209
3- (يكونن) في ر، م، تصحيف

[ومن خطبةٍ له (عليه السلام) في الاستسقاء]

(اللّهُمّ قد اِنصاحتْ جِبالُنا(1)، وأُغبرِتْ أرضُنَا، وهامتْ دوابُّنا، وتحیرّتْ في مرابِضِها، وعُجّتْ عجيجَ الثَّكالى على أوْلادِها، ومِلتِ التّردُّد في مراتِعِها،

والحنینَ الى مواردهَا) الاستسقاء طلب السُقيا، وهو بالضم الاسم من سَقاه سَقيا بالفتح، وانصاحت، (أي تشققت وجفت لعدم المطر)(2)، والغبرة: (لون الأغبر، وهو شبيه / و 159 / بالغبار)(3)، ويقال منه: أغبر الشيء اغبراراً، ويقال: أغبر اليوم اغبراراً إذا اشتد غباره، (وهامت دوابنا، أي عطشت)(4)على ما سيجيء في كلام السيد (رضي الله عنه)، أو ذهبت على وجوهها لشدة المحل(5)، يقال: هام على وجهه يهيم [هيمًا](6)وهيماناً إذا ذهب من العشق وغيره على ما ذكره بعض الشارحين(7)أو تحيرت فيكون ما بعده كالتفسير له والمرابض للغنم كالمعاطن للإبل، وهو مبرکها حول الحوض واحدها مربض کمجلس، وقيل(8): مربضها کمبرك الإبل، وربوض الغنم والبقر والفرس والكلب كبروك الإبل، وجثوم الطير وعجت، أي صاحت ورفعت أصواتها، والثُكل بالضم فقد الولد، وامرأة ثاكل وثُكلى ورجل ثَاكل وثَکلان بالفتح

ص: 184


1- (حبالنا) في م
2- تاج العروس، مادة (صوح): 4 / 129
3- لسان العرب، مادة (غبر): 5 / 5
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 212
5- ينظر: المصدر نفسه، ابن أبي الحديد: 7 / 212
6- [هیمًا] ساقطة من م
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 212
8- (قبل) في ع، تصحيف

فيهما، والضمير في أولادها يحتمل الرجوع الى الثكالى والى الدواب، وملِلته وملِلت منه بالكسر، أي سئمته(1)، ورتعت الماشية كمنعت، أي أكلت وشربت ما شاءت في خصب وسعه، أي أكثرت التردد في المواضع التي كانت مراتع لها فلم تجد مرتعاً فملت، والحنين الشوق وشدة البكاء وصوت الطرب عن حزن، قيل: وأصله ترجيع الناقة صوتها أثر ولدها، ومواردها مواضعها التي كانت تأتيها فتشرب منها. (فارحمْ(2)أنیّنَ الآنِةِ، وحنیَن الحانةِ! اللّهُمُّ فاِرحمْ حيْرتها في مذاهِبِها، وأنيَنّها في موالِجِها! اللّهُمَّ خُرِجنا إليكَ حینَ اعتكرتْ علينَا حدابیرُ(3)السِّنّيَنْ، وأخلفتِنا(4)مخايلُ الجودِ، فكِنتِ الرّجاءَ للمبتئسِ، والبلاغَ لِلمُلتمسِ) الأنين التأوه، قيل: وأصله صوت المريض وشكواه من الوصب(5)، والآنة: الشاة(6)كما أنَّ (الحانة: الناقة)(7)، يقال: ((ماله حانة ولا آنة))(8)، وحنين الحانة صوتها أثر ولدها كما ذكر، والمذاهب المسالك، والموالج المداخل(9)، و(الاعتکار: الازدحام والكثرة)(10)والحملة،

ص: 185


1- (شمته) في م
2- (اللهم فارحم) في: شرح ابن أبي الحديد: 7 / 211، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 215
3- (جدابير) في أ، ع
4- (اخلقتنا) في ر، تصحیف
5- ينظر: تاج العروس، مادة (أنن): 18 / 29
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (أنَّ): 4 / 198
7- تاج العروس، مادة (حنن): 18 / 160
8- فرائد الخرائد في الامثال: 501
9- ينظر: الصحاح، مادة (ولج): 1 / 347، وفي ث: (المداحل) تصحيف
10- لسان العرب، مادة (عكر): 4 / 600

يقال: اعتكر عليّ أي كرَّ، وقال بعض الشارحين: اعتكرت علينا: أي: ردف بعضها بعضاً(1)، والحدابیر: جمع حِدبار بالكسر، وهي الناقة التي بدا عظم ظهرها من الهزال فشبه بها السنين التي كثر فيها الجدب والقحط(2)، وأخلفتنا(3)أي لم تفِ بوعدها ولم تمطرنا، والمخيلة (السحابة الخليفة بالمطر)(4)، قال الجوهري: (يقال: ما أحسن مخيلتها أي خلاقتها للمطر(5)، وقال في المصباح المنير(6): أخالت السحابة إذا رأيتها، وقد ظهرت فيها دلائل المطر، فحسبتها ماطرة، فهي مُخيلة بالضم اسم فاعل، ومخيلة بالفتح اسم مفعول؛ لأنَّها احسبتك فسحبتها وهذا كما يقال: مرض مُخيف بالضم اسم فاعل؛ لأنَّه أخاف الناس، ومخَوف بالفتح لأنَّهم خافوه، ومنه قيل: أخال الشيء للخير، والمكروه إذا ظهر فيه ذلك فهو (مُخیل)(7)بالضم، وقال الازهري: (أخالت) السماء إذا تغیمت فهي (مُخيلة) بالضم فإذا ارادوا السحابة نفسها قالوا: (مَخيلة) [بالفتح وعلى هذا فيقال: رأيت (مُخيلة)](8)بالضم، لأنَّ القرينة (أخالت) أي أحسبت غيرها و( مخيلة) بالفتح اسم مفعول؛ لأنَّك ظنتها، والمبتئس ذو البؤس وهو الضر وسوء الحال، والبلاغ الكفاية والملتمس الطالب، أي أنت المرجو والكافي.

ص: 186


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 213
2- ينظر: لسان العرب، مادة (حدر): 4 / 175، وفي ث: (القطع)
3- (واحلفتنا) في ث، تصحيف
4- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 93، ولسان العرب، مادة (خال): 11 / 228
5- ينظر: الصحاح، مادة (خيل): 4 / 1692
6- ينظر: المصباح المنير، مادة (الخيل): 1 / 186، 187
7- (محيل) في ر، م
8- [بالفتح وعلى هذا فيقال: رأيت مخيلة] ساقطة من ر

(ندعوكَ حینَ قنَطَ الأنامُ، ومنعُ الغمامُ، وهلُك السّوامُ، ألاّ تؤاخذنا بِأعمالِنا، ولا تأخُذنا بِذُنوبِنا، واِنشِرْ(1)علينا رحمتكَ بِالسّحابِ المنبعق، والرّبيعِ المُغدِق، والنّباتِ المونق، سحاً وابِلًا، تُحيّي بِهِ ما قد ماتَ، وترُدُّ بِهِ ما قد فاتَ) قنط کضرب وعلم، وفي النسخ كعلم، وقیل: وكنصر وحسب وکرم، أي يئس، والغَمام بالفتح جمع غَمامة بالفتح وهي: السحابة، وقيل: الغمام السحاب، والغمامة أخص منه، وهي: السحابة البيضاء، والمراد منع الغمام فلا تمطرنا أو لا تظلنا فكيف بالأمطار، قال بعض الشارحين: ((ومُنِع الغمام) على البناء للمفعول؛ لأنَّه كره أن يضيف المنع إلى الله عز وجل، وهو منبع النعم فاقتضى(2)حسن الأدب أنَّ لم يسم الفاعل. ويروى (ومَنَعَ الغمام) على البناء للفاعل أي مَنَع الغمام القطر، فحذف المفعول(3)، والسَوام بالفتح والسائمة (بمعنی: وهو المال الراعي)(4)، يقال: سامت الماشية / ظ 159 / من باب قال، أي رعت بنفسها، ويتعدى بالهمزة، فيقال: اسامها راعيها، والأخذ بالذنب، والمؤاخذة به: الحبس(5)والمجازاة عليه والمعاقبة به، ولعل التغيير في التعبير للتفنن، وقال بعض الشارحين: (المؤاخذة دون الأخذ، لأنَّ الأخذ استئصال، والمؤاخذة عقوبة وإن قلَّت)(6)، والسحاب جمع سحابة وهي الغيم على ما صرح به

ص: 187


1- (واستر) في م
2- (واقتضى) في م
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 214
4- لسان العرب، مادة (سوم): 12 / 311
5- (الجنس) في ر، تحریف
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 214

الجوهري(1)، والفيروز آبادي(2)، [وهو مذهب الكوفيين](3)، واسم جنس على ما ذهب إليه كثير من أهل العربية من أن ما يميز واحدهُ بالتاء ليس بجمع، بل اسم جنس، وحينئذ فالوجه في إفراد الصفة وتذكيرها واضح، ومثله قوله تعالى: «وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»(4)، وقد وصف بالجمع في قوله تعالى: «وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ»(5)؛ [لأنَّ المراد به معنى الجمع، وجعل الشيخ الرضي (رضي الله عنه) وصف مثله بالمفرد دليلاً على فساد قول من زعم أنَّه جمع](6)، (والبُعاق بالضم: سحاب يتصبب(7)بشدة)(8)، ويقال: انبعق السحاب إذا انفرج من المطر وانشق(9)، والغدق بالتحريك (الماء الكثير)(10)، وأغدق المطر واغدودق إذا كثر قطره، والمراد بالربيع أما المطر مجازاً على ما ذكره بعض الشارحین(11)، أو معناه الظاهر على تجوز في التوصيف، والمونق

ص: 188


1- الصحاح، مادة (سحب): 1 / 146
2- القاموس المحيط، مادة (سحب): 1 / 81
3- [وهو مذهب الكوفيين] ساقطة من ر، م
4- البقرة / 164
5- الرعد / 12
6- [لأنَّ المراد به معنی الجمع، وجعل الشيخ الرضي (رضي الله عنه) وصف مثله بالمفرد دليلاً على فساد قول من زعم أنَّه جمع،] ساقطة من ر، م
7- (يتصيب) في أ، ر، م
8- الصحاح، مادة (بعق): 4 / 1450
9- ينظر: المصدر نفسه، مادة (بعق): 4 / 1450
10- المصدر نفسه، مادة (غدق): 4 / 1536
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 214

المعجب(1)، و(السَح: الصب والسيلان من فوق)(2)، ونصب الكلمة على المصدر أو الحالية، و(الوابل: المطر الشديد الضخم القطر)(3)، والنصب على الحالية وما قد مات الأراضي الميتة بالجدب، وما قد فات الزروع والثمار، وقال بعض الشارحين: أي تستدرك(4)به الناس ما فاتهم من الزرع والحرث(5).

(اللّهُمَّ سُقيا مِنكَ مُحييَةً مُرويةً، تامةً عامةً، طيبةً مُباركةً، هنيئةً مُريعةً، زاكيا نبْتُها ثامِرًا فرعها، ناضِراً ورقُهَا، تُنعِشُ بِها الضّعيفَ مِنْ عِبادِكَ، وتحييُّ بِها الميِّتَ مِنْ بِلادِكَ!) السُقيا بالضم الاسم من سَقاه سَقياً بالفتح کما تقدم، والمريعة الخصيبة، والزاكي النامي، وثمر الشجر کنصر واثمر، أي صار فيه الثمر، وقيل: (الثامر:ماخرج ثمره)(6)، (والمثمر: ما بلغ أن(7)يجنى)(8)، والنَضرة والنَضَارة بالفتح فيهما الحسن والناضر الشديد الخضرة ويبالغ به في كل لون يقال: أخضر ناضر، وأحمر ناضر، وأصفر ناضر، ونعشه الله کمنعه رفعه.

(اللّهُمَّ سُقيا مِنكَ تُعشِبُ بِها نجّادُنَا، وتَجرى بِها وهادُّنا، وتُخصِبُ(9)

ص: 189


1- ينظر: العين، مادة (أنق): 5 / 221
2- القاموس المحيط، مادة (سح): 1 / 227
3- المصدر نفسه، مادة (وبل): 4 / 63
4- (يسترك) في م
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 214
6- تاج العروس، مادة (ثمر): 6 / 150
7- (أي) في ع، تصحيف
8- تاج العروس، مادة (ثمر): 6 / 150
9- (تخضب) في ث، و (یخصب) في: شرح ابن أبي الحديد: 7 / 211، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 216

بِها جنابُنا، وتقبلُ(1)بِهِا ثِمارُنا، وتعيشُ بِهِا مواشيَنا، وتندى بِهِا أقاصيَنا(2)، وتستعينُ بِها ضواحِيَنا، مِنْ بركاتكَ الواسِعةِ، وعطاياُكَ الجزيلةِ، عاى برّيّتِكَ المِرملةِ، ووَحشُكَ المُهملةِ) (العشب: الكلأ الرطب)(3)، واعشبت الأرض أي أنبتته، قيل: وعشب الموضع من باب تعب، أي نبت عشبه، وقال الجوهري: (تقول(4): بلد عاشب. ولا يقال في ماضيه إلاَّ أعشبت الأرض إذا أنبتت(5) العشب)(6)، والنجاد جمع نجد، وهو (ما ارتفع من الأرض)(7)، والموجود في النسخ (نجادنا) بالرفع وهو الأظهر، وقال بعض الشارحين: ويروى ((نجادنا)) بالنصب على أنه مفعول(8)، فضمير الفاعل راجع الى الله سبحانه وأعشاب النجاد إنما يكون مع كثرة الأمطار، والوهاد والوهد، جمع وهدة وهي (الأرض المنخفضة)(9)، وقيل: الوهد مفرد کالوهدة، والخِصب(10)بالكسر كثرة العشب ورفاعة(11) العيش، ويقال: اخصبت الأرض ومكان مخصب، وقيل: ويقال خصب البلد كعلم وضرب واخصب، (والجَناب(12)

ص: 190


1- (تقيل) في م، تصحيف
2- (اقاضينا) في ر، تصحيف
3- لسان العرب، مادة (عشب): 1 / 601
4- (يقول) ف أ، ث، ر، ع، م، ن، والصواب ما أثبتناه
5- (اتيت) في أ، وفي ر، ن: (اثبت)
6- الصحاح، مادة (عشب): 1 / 182
7- المصدر نفسه، مادة (نجد): 2 / 542
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 214
9- تاج العروس، مادة (وهد): 5 / 329
10- (الخصيب) في أ
11- (رفاعة) في ث، ر، تصحيف
12- (والخنار) في ع، تحریف

بالفتح: الفناء)(1)و (الناحية)(2)، [ولعل التأنيث باعتبارها](3)، والثمر حمل الشجر، وأنواع المال والثمار يكون مفرداً بمعناه وجمعاً، والواحدة ثمرة وجمع الجمع ثُمُر بضمتين، وجمع جمع الجمع أثمار، والعيش الحياة، والماشية الإبل والغنم، قاله ابن السكيت وجماعة وبعضهم يجعل البقر من الماشية(4)، وندی کرضي فهو ندٍ، أي ابتلَّ وأرض ندية وفيها نداوة، وقال بعض الشارحين: تندی بها، أي تنتفع، والأقاصي الأباعد، والقاصية الناحية وضاحية كل شيء ناحيته البارزة، ويقال: هم ينزلون الضواحي، والمراد أهل ضواحينا، والمرملة / و160 / على صيغة الفاعل الفقيرة(5)، يقال: أرمل الرجل إذا افتقر ونفد زاده(6)، والمهملة على صيغة المفعول التي لا راعي لها ولا مشفق ولا صاحب (وأنزِلْ علينَا سماءً مخضلةً(7)، مِدرارا هاطِلةً، يُدافِعُ الوَدقُ [مِنها الوَدقَ](8)، ويحَفِزُ(9) القطرُ مِنها القطرَ) غیْر خُلبٍ برقُها ولَا جهامٍ عارِضُها،

ولا قزعٍ ربابُها، ولَا شفّانٍ ذهابُها) السماء يكون بمعنى المطر والمطرة الجيدة، ومخضلة بتشديد اللام، أي مبتلة(10)، وتأنيث الصفة لظاهر لفظ السماء وإن

ص: 191


1- الصحاح، مادة (جنب): 1/ 102
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (جنب): 1 / 101
3- [ولعل التأنيث بأعتبارها] ساقطة من ر، م
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 214
5- ينظر: المصباح المنير، مادة (رمل): 1 / 239
6- ينظر: المصدر نفسه، المصباح المنير، مادة (رمل): 1 / 239
7- (محضلة) في ث، تصحيف
8- [منها الودق] ساقطة من ر
9- (ويحفر) في ث، ر، تصحيف
10- ينظر: الصحاح، مادة (خضل): 4 / 1685

أريد به المطر، وهو كناية عن كثرة المطر، يقال: اخضل النبت اخضلالاً إذا ابتل، وقال بعض الشارحين: (أي ذات نبات وزروع مخضلَّة)(1)، [ویروی مخضلة(2)](3)على صيغة الفاعل من باب الأفعال وهو أظهر، أي التي تخضل النبت(4)أي تبله تقول(5): اخضلت الشيء فهو مخضل إذا بللته، وللسماء دِرة بالكسر، أي (صب)(6)، (وسماء مدرار: أي تدر بالمطر)(7)والهطل تتابع المطر والدمع وسيلانه، والوَدق بالفتح (المطر)(8)، وقد ودق کوعد (أي قطر)(9)، وحفزه(10)کضربه أي دفعه بشدة، وأصله الدفع من خلف(11)، والبرق الخُلَّب بضم الخاء المعجمة وفتح اللام المشددة الذي لا غيث معه(12)، كأنَّه خادع، ومنه قيل لمن يعد ولا ينجز: (إنما أنت کبرقٍ خُلَّب)(13)، والخلب أيضاً

ص: 192


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 214
2- (محضلة) في م، تصحيف
3- [ویروی مخضلة] ساقطة من م
4- (البنت) في ر، تصحيف
5- (يقول) في ر، تصحيف
6- الصحاح، مادة (درر): 2/ 656
7- المصدر نفسه، مادة (درر): 2 / 656
8- المصدر نفسه، مادة (ودق): 4 / 1563
9- المصدر نفسه، مادة (ودق): 4 / 1563
10- (حفرة) في ث، ر، تصحيف
11- تاج العروس، مادة (حفز): 8 / 50
12- المصدر نفسه، مادة (خلب): 1 / 472
13- وروي: ((إنما هو كبرق الخُلب)) في: مجمع الامثال: 1 / 30، وفرائد الخرائد في الامثال: 41

السحاب الذي لا مطر فيه(1)، (والجَهام بالفتح: السحاب الذي لا ماء فيه)(2)، والعارض (السحاب الذي يعترض في أفق السماء)(3)، والقَزع بالتحريك (قطع من السحاب رقيقة)(4) جمع قزعة بالتحريك، والرَباب بالفتح (سحاب أبيض)(5)، أو السحاب الذي تراه كأنَّه دون السحاب قد يكون أبيض وقد يكون أسود(6)، والواحدة [ربابة](7)ذكره الجوهري(8)، وقال ابن الأثير في النهاية: (الرَبابة بالفتح: السحابة التي ركب بعضها بعضاً)(9)، ولعل المراد في كلامه (عليه السلام) مطلق السحاب أي لا يكون سحابها قطعاً متفرقة بل عامة لجميع النواحي، والشفان (برد ريح في نُدوة)(10)، و(يقال: هذه غداة ذات شفان)(11)، والذهاب جمع ذِهبة بالكسر فيهما وهي المطرة الضعيفة اللينة(12)أي سماء(13)لم يكن معها برد وريح يضر بالثمار ونحوها. (حتَّى يُخصب لإمراعِها المجدبونَ،

ويحيى بركاتَها المسنتونَ، فإنكَ تنزلُ الغيثَ منْ بعدِ ما قنطُوا، وتنرُ رحمتكَ

ص: 193


1- ينظر: تاج العروس، مادة (خلب): 1 / 472
2- المصدر نفسه، مادة (جهم): 16 / 124
3- لسان العرب، مادة (عرض): 7 / 174
4- الصحاح، مادة (قزع): 3 / 1265
5- المصدر نفسه، مادة (ربب): 1 / 133
6- مبادئ اللغة، الاسكافي (ت 421 ه): 17
7- [ربابة] ساقطة من م
8- ينظر: الصحاح، مادة (ربب): 1 / 133
9- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 181
10- العين، مادة (شف): 6 / 222
11- تاج العروس، مادة (شفف): 12 / 309
12- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ذهب): 1 / 507، 508
13- (سماه) في ر، م، تحریف

وأنتَ الوليُّ الحميدُ) المخصب(1)على صيغة الفاعل من ناله الخِصيب(2)بالكسر، وهو كثرة العشب ورفاغة العيش، وأمرع الوادي ومرع مثلثة الراء، أي أكلا وكثر عشبه، والمجدب على صيغة الفاعل ضد المخصب، ويقال: اجدبت البلاد إذا قحطت وغلت(3)الأسعار، وأسنت القوم، أي (أجدبوا)(4)، (وأصله من السنة)(5)وهي (الجدب)(6)(يقال: أخذتهم السنة إذا اجدبوا وقحطوا، وهي من الأسماء الغالبة نحو الدابة في الفرس والمال في الإبل)(7)قلبوا الواو في أسنت تاء، (ليفرقوا بينه وبين قولهم: أسنى القوم إذا اقاموا سنة في موضع)(8)، وقال الفراء: توهموا أنَّ الهاء أصلية أو وجدوها ثالثة، فقلبوهاتاء(9)، وتتمة الكلام اقتباس من قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ»(10)، قوله (عليه السلام): (انصاحت جبالنا) أي تشققت من المحول، يقال: انصاح الثوب إذا انشق، ويقال أيضاً: انصاح النبت وصاح وصوحاً إذا جف ويبس، وقوله: (وهامت دوابنا)، أي عطشت، والهيام العطش، وقوله: (حدابير السنين) جمع

ص: 194


1- (المحصب) في ث، وفي م: (المخضب)، تصحيف
2- (الخصب) في ث، ن
3- (علت) في أ، ع، تصحیف، وفي ث: (غلب)
4- تاج العروس، مادة (أسنت): 3 / 75
5- الصحاح، مادة (سنت): 1 / 254
6- لسان العرب، مادة (سنت): 13 / 502
7- المصدر نفسه، مادة (سنت): 13 / 502
8- الصحاح، مادة (سنت): 1 / 254
9- ينظر: الصحاح، مادة (سنت): 1 / 254
10- الشوری / 28

حدبار وهي الناقة التي أنضاها السير، فشبه بها السنة التي فشا فيها الجدب، قال ذو الرمة:

حدابير مَا تَنْفَك إلاَّ مُناخَةً ٭٭٭ على الخَسْفِ أو نَرْمي(1)بِها بَلَداً قفرا(2)

(المحل: انقطاع المطر)(3)مصدر، وقيل: اسم، (يقال: بلد ماحل وزمان ماحل وأرض محل وأرض محُول)(4)بالضم، (كما قالوا: بلد سبسب، وبلد سباسب، وأرض جدبة / ظ 160 / وأرض جدوب یریدون بالواحد الجمع)(5)ذكره الجوهري، وأنضاها السير، أي هزله، وقال بعض الشارحين: البيت الذي أنشده الرضي (رحمه الله) لا أعرفه إلاَّ حراجيح، وهكذا رأيته بخط ابن الخشاب، وفيه (مسألة)(6)نحوية وهي أنه كيف نقض النفي في (ما تنفك) وهو غير جائز، كما لا يجوز مازال زيد إلا قائماً؟ وجوابها أن تنفك هاهنا تامة(7)، أي تنفصل(8)، والحرجوج(9): (الضامر)(10)أو (الناقة الطويلة

ص: 195


1- (ترمي) في ع، م
2- البيت من البحر الطويل، دیوان ذي الرمة: 2 / 153. وفيه: حراجيج مَا تَنْفَك إلاَّ مُناخَةً على الخَسْفِ أو نَرْمي بِها بَلَداً قفرا
3- العين، مادة (محل): 3 / 242
4- الصحاح، مادة (محل): 5 / 1817
5- المصدر نفسه، مادة (محل): 5 / 1817
6- (مسئلة) في ث، ن
7- (قامة) في ر، تحریف
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 213
9- (الجرجور) في م، تحریف
10- الصحاح، مادة (حرج): 1 / 306

على وجه الأرض)(1)، ومناخة منصوب على الحال، وأنخت الجمل فناخ(2)، أي ابركته فبرك، والخسف أن تحبس الدابة بغير علف، (ويقال: شربنا على الخسف، أي: على غير أكل)(3)، و(الخاسف: المهزول)(4)و (المتغير اللون)(5)، والقَفر بالفتح مفازة لانبات فيها ولا ماء(6)، يقال: أرض قفر ومفازة قفر وقفرة أيضاً،

(وقوّلهُ: (ولا قزعٌ ربابُها) القزعُ القطعُ الصّغارُ المُتفرِّقةُ مِنَ السّحابِ، وقوّلُهُ: (ولاشفانٍ ذهابُها) فإنَّ تقديرهُ: [ولَا](7)ذاتٌ شفانٍ ذهابُها، والشّفّانِ الرّيح البارِدة، والذّهابُ الامطار اللّيِّنة، فحذف ذاتٌ لِعلِم(8)السّامِعُ بِهِ)(9).

[ومن خطبةٍ له (عليه السلام)]

(أرسلهُ داعياً الَی الحقِّ، وشاهداً علَى الخلقِ، فبلَّغَ رسالاتِ ربهِ، غیرَ وانٍ ولَا مقصرٍ، وجَاهدَ فِي اللهِ أعداءهُ، غیر واهنٍ ولا معذِّرٍ، إمامُ منِ اتقَّى،

وبصرُ من اهتدَى) شهادته (صلى الله عليه واله) على الخلق للمطيع بالطاعة

ص: 196


1- المصدر نفسه، مادة (حرج): 1 / 306
2- (فتاخ) في م، تصحيف
3- تاج العروس، مادة (خسف): 12 / 166
4- المصدر نفسه، مادة (خسف): 12 / 166
5- المصدر نفسه، مادة (خسف): 12 / 166
6- ينظر: لسان العرب، مادة (قفر): 5 / 110
7- [ولا] ساقطة من م
8- (العلم) في ر
9- هذا شرح الرضي، مذكور في شرح ابن أبي الحديد: 7 / 212

وللعاصى بالعصيان، ووني في الأمر كوقي فهو وانٍ، أي فتر وضعف، والوهن الضعف، يقال: وهن الإنسان ووهنه غيره يتعدى ولا يتعدى، والمعذر الذي يعتذر من تقصيره بغير عذر موهماً أن له عذراً، وقيل: هو المعتذر الذي له عذر،(1)واختلف في تفسير قوله تعالى: «وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ»(2)على الوجهين(3)، وقرأ ابن عباس: (وجاء المعذرون) بتخفيف الذال(4)من أعذر وكان يقول: لعن الله المعذرين كأنَّ المعذر عنده إنما هو غير المحق، وبالتخفيف من له عذر(5).

ومنها: (ولوْ تعلمونَ مَا أعلمُ مِمَّا طُوى عنكُم غُيّبهُ، إذاً لِخرجتُمْ

الى الصّعِداتِ، تبكونَ علَى أعمالِكُمْ، وتلتدمونَ علَى أنفُسِكُمْ، ولتُرِكتُمْ أموالكُمْ لَا حارِسَ لَها، ولَا خالفَ عليُّهَا، ولُهمَّت كُلَّ أمرىٍ مِنكُمْ نفسُهُ،

لا يلتفِتُ الى غيْرهَا) طوى عنكم أي كتم وأخفي، يقال: طوى الحديث إذا كتمه وغيبه(6)، أي علمه الغائب عنكم، والصعدات جمع صعد وهو جمع صعيد كطريق وطرق وطرقات، وقيل: (جمع صعدة كظلمة وظلمات، وهي

ص: 197


1- ينظر: الصحاح، مادة (عذر): 2 / 740
2- التوبة / 90
3- قرأ الكسائي وعاصم الشنبودي وابن عباس وزيد بن علي والاعرج وأبو صالح وعیسی بن هلال وقتيبة ومجاهد وشعبة ويعقوب المعذرون بتخفيف الذال، والباقون بالتشديد. ينظر: ينظر: مجمع البيان: 5 / 102، 103، وتقريب النشر في القراءات العشر: 201، ومعجم القراءات القرآنية، الدكتور. أحمد مختار عمر، الدكتور عبد العال سالم: 3 / 35
4- ينظر: مجمع البيان: 5 / 102
5- ينظر: الصحاح، مادة (عذر): 2 / 741، والجامع لأحكام القرآن: 8 / 225
6- ينظر: لسان العرب، مادة (طوی): 15 / 19

فناء باب الدار وممر الناس بين يديه)(1)، قال ابن الاثير: (ومنهُ الحديث ((ولخرجتم الى الصعدات تجأرون إلى الله)))(2)، والصعيد يطلق على التراب الذي على وجه الأرض، [...](3)، وعلى الطريق، وتجمع(4)هذه على صعد وصعدات، وذكرهُ في المصباح المنير(5)ويطلق على القبر ذكرهُ في القاموس(6)والمعنى: خرجتم عن البيوت والدور وتركتم الاستراحة والجلوس على الفرش(7)والبسط[...](8)للقلق(9)والانزعاج وجلستم في الطرق، أو على التراب، أو لازمتم القبور واعرضتم عن الدور والله تعالى يعلم، والالتدام ضرب النساء صدورهن، أو وجوههن للنياحة(10)، والخالف المستخلف الذي يصلح شأن الرجل بعده، وقد يخص بمن لا خير فيه، وهمه الأمر هماً حزنه كأهمه فاهتم ذكره في القاموس(11)وفي المصباح المنير(12)، وكلمة (كل) منصوب على المفعولية والفاعل نفسه، وقال بعض الشارحين: ((ولهمت(13)كل امرئ

ص: 198


1- ينظر: لسان العرب، مادة (صعد): 3 / 254، 255
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 232، وفيه: (لخرجتم ...)
3- (وعلى وجه الارض) زائدة في ر، ن
4- (يجمع) في ر، ع، م، تصحيف
5- ينظر: المصباح المنير، مادة (الصعید): 1 / 340
6- القاموس المحيط، مادة (صعد): 1 / 307
7- (الفرس) في ث، تصحيف
8- [على] زائدة في م
9- (القلق) في ع
10- ينظر: تاج العروس، مادة (لدم): 17 / 646
11- ينظر: القاموس المحيط، مادة (الهم): 4 / 192
12- ينظر: المصباح المنير، مادة (الهم): 2 / 641
13- (وهمت) في ع

منكم نفسه))، أي نحلته وأذابته، يقال: هممت الشحم، أي أذبته، ويروى: ((ولا همت كل امرئ)) وهو أصح من الرواية الأولى يقال: أهمني الأمر، أي حزنني(1)، ويحتمل أن يكون من الهم بمعنى القصد، تقول: هممت بشيء إذا قصدته وأردته إلاَّ أنه أكثر ما يستعمل بالباء، قال الله تعالى: «وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ»(2).

(لكِنَّكُمْ نسيتُمْ ما ذكرتُمْ، وأمّنتُمْ ما حذّرتُمْ، فتاهَ عنكُمْ رأيَكُمْ، وتشتُّتَ عليُّكُمْ أمرِكُمْ. لِوَددتُ(3)أنَّ اللهَ فِرقَ بيْني وبيْنكُمْ، وألحقُنِي بِمنْ هوَ أحقُّ بِي مِنكُمْ) تاه فلان يتيه إذا تحير وضل وتاه يتوه، أي هلك واضطرب عقله وتشتت، أي تفرق، والمراد بمن هو أحق به (عليه السلام) / و161 / رسول الله (صلى الله عليه واله)، وحمزة وجعفر (عليهما السلام)، ومن لم يفارق الحق من الصحابة، (قومٌ واللهِ ميامینُ الرأي، مراجيحُ الحلمِ، مقاويلُ بالحقِ، متاريكُ للبغيِ، مضوا قُدُماً علَى الطريقةِ، وأوجفُوا علَى المحجة، فظفُروا بالعُقبى

الدائمةِ، والكرامةِ الباردةِ.) اليمن البركة، والميامين جمع میمون، والمراجيح من الإنسان الحکماء، ومن الإبل ذوات الارتجاح والترجح وهو اهتزازها من رتکانها(4)، وهو أن يقارب بين خطاها، وقال الجوهري: أرجحته فرجحته، أي كنت أرزن منه(5)، ومنه: قوم مراجيح الحلم، وكأنه جمع مِرجاح بالكسر،

ص: 199


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 222
2- يوسف/ 24
3- (ولوددت) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 222، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 219
4- ينظر: لسان العرب، مادة (رجح): 2 / 446
5- ينظر: الصحاح، مادة (رجح): 1 / 364

والحلم يكون بمعنى العقل وبمعنى الأناءة، ولعل الأول أنسب، والمقاويل جمع مقوال، يقال: رجل مِقوال ومِقول بكسر الميم فيهما، أي (حسن القول)(1)، أو كثير القول، لَسِن(2)، والمتاريك جمع متراك، أي (كثير الترك)(3). والبغي الظلم والعدوان والعدول عن الحق والاستطالة والكذب والقدم بالضم وبضمتين الشجاع والقدم بضمتين المضي امام امام(4) ومضى قدماً بضمتين إذا لم يعرج ولم ينثنِ، ومضوا قُدُماً بضمتين، كما في النسخ وبالضم کما في أكثرها، أي مقدمين غير معرجين واوجفوا، أي اسرعوا، والمَحجة بفتح الميم جادة الطريق، والكرامة الباردة مالا تعب فيه ولا مشقة، وعيش باردٌ أي هنيء وكل محبوب عند العرب بارد، ولعله لكثرة التأذي بالحر في بلادهم.

(أما والله ليُسلطنَّ عليكمْ غلامُ ثقيفٍ الذَّيَّالُ(5)، الميالُ يأكلُ خضرتكُمْ، ويذيبُ شحمتكُمْ. إيهٍ أبا وذحةَ!) قال السيد: (الوذحة الخنفساءُ، وهذا القول يُؤمئ بهِ الَی الحجاح، ولهُ معَ الوذحةِ حديثٌ ليسَ هذا موضع ذكرهِ) الثقيف كأمير أبو قبيلة من هوازن، واسمه قسي بن منبه بن بکر بن

ص: 200


1- القاموس المحيط، مادة (قول): 4 / 42
2- ينظر: الصحاح، مادة (قول): 5 / 1806
3- المخصص، مادة (ترك): 3 / القسم الثالث: 101
4- ينظر: لسان العرب، مادة (قدم): 12 / 466، وفي م: (المضى امام)
5- (الذبال) في أ، ع، تصحيف

هوازن(1)وهو ثقفي وثقيف بالجر والتنوين، في بعض النسخ(2)وبالفتح في بعضها، والذيال الطويل القدم(3)الطويل الذيل المتبختر في مشيه(4)، وتذيل فلان أي تبختر، والميال أي عن الحق بالظلم والجور، وقال ابن الاثير في النهاية: فيه: ((مائلات مميلات))، المائلات: الزائغات عن طاعة الله وما يلزمهن(5)حفظه، ومميلات: يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن، وقيل مائلات: أي متبخترات، مميلات لأكتافهن وأعطافهن(6)، والخضر والخَضرِة بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين الزرع والبقلة الخضراء، والغصن(7)وأكل الخضرة(8)كناية عن النهب واستئصال الأموال وإذابة الشحمة مثله على ما ذكره بعض الشارحين(9)، أو تعذيب الأبدان، و (إيهٍ) بكسر الهمزة والتنوين - كما في النسخ - كلمة (استزادة واستنطاق)(10)أي زد في العمل، أو

ص: 201


1- قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة من عدنان، جد جاهلي، أمه أميمة بن سعد بن هذيل، وأولاده: عوف، وجشم، ودارس، وسلامة، وناصرة، وكان قسي أول من جمع بين أختين من العرب. ينظر: أنساب الأشراف: 13 / 341، وجمهرة أنساب العرب: 266، وتاريخ ابن خلدون: 2 / القسم الاول: 338، والأعلام: 2 / 100
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 222
3- (القد) في ث، ر، ع، ن
4- ينظر: لسان العرب، مادة (ذيل): 11 / 261
5- (يلزم من) في ع
6- ينظر: النهاية في غريب الحدث والأثر: 4 / 382
7- (العصن) في ث، وفي ع: (العضن)، تصحيف
8- (الخصرة) في أ، تصحيف
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 223
10- لسان العرب، مادة (إيه): 13 / 474، والقاموس المحيط، مادة (إيه): 4 / 280

الحديث يستعمل منوناً وغیر منون، والوذح بالتحريك على ما ذكره أكثر أهل اللغة (ما تعلق بأصواف الغنم من البعر والبول)(1)، والواحدة وذحة والجمع وُذُح بالضم كبدن، وقال ابن الاثير في النهاية: الوذحة بالتحريك: الخنفساء من الوذح: وهو ما يعلق بألية الشاة من البعر فيجف(2)، وقال بعض الشارحين بعد ذكر تفسير السيد (رضي الله عنه) الوذحة بالخنفساء وهي هذه الدويبة السوداء أقول: (لم أسمع من شيخ من أهل الأدب ولا وجدته في كتاب من كتب اللغة)(3)، والمشهور أن الوذح ما يتعلق بأذناب الشاء من أبعارها فيجف، ثم إنَّ المفسرين بعد الرضي (رحمه الله) قالوا في قصة هذه الخنفساء وجوهاً: منها: أن الحجاحَ رأی خنفساء تدب الى مصلاه، فطردها فعادت، ثم طردها فعادت، فأخذها بيده، فقرصته قرصاً أي لسعته، فورمت يده منه ورماً كان فيه حتفه قتله(4)الله تعالى بأهون مخلوقاته، کما قتل نمرود بن کنعان(5)بالبقة التي دخلت في أنفه فكان [فيها](6)هلاکه، ومنها أن الحجاج كان إذا رأى خنفساء يأمر بأبعادها، ويقول: هذه وذحة من وذح

ص: 202


1- القاموس المحيط، مادة (وذح): 1 / 254، وينظر: العين، مادة (وذح): 3 / 285، والصحاح، مادة (وذح): 1 / 415
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 170
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 223
4- (قبله) في ث، ر
5- نمرود بن کنعان بن سنحاريب بن کوش بن حام، ملك مشارق الارض ومغاربها، وهو أول من تجبر وقهر وسن سنن السوء، وأول من لبس التاج واهتم لامر النجوم فعمل بها، دخلت في أنفه بعوضه هلك بسببها. ينظر: المعارف: 31، وتاريخ اليعقوبي: 1 / 23، والمنتظم في تاريخ الملوك والامم: 1 / 259، والكامل في التاريخ: 1 / 116
6- [فيها] ساقطة من أ، ع

الشيطان تشبيهاً لها بالبعرة، قالوا: وكان مغزی بهذا القول،، ومنها أنه قد رأي خنفساوات مجتمعات: فقال: واعجباً لمن يقول إن الله خلق هذه! قيل: فمن خلقها أيها الأمير؟ قال: الشيطان، إن ربكم / ظ 161 / لأعظم شأناً أن يخلق هذه الوذح! قالوا: فجمعها على ((فُعُل)) كَبَدَنَة وبُدُن، فنُقل(1)قوله: هذه الى الفقهاء فأكفروه. ومنها أن الحجاح كان مثفاراً(2)، وهو المأبون(3)، وكان يمسك الخنفساء حية ليشفي بحركتها في الموضع حكاكة، قالوا: ولا يكون صاحب هذا الداء إلاَّ شائناً(4)مبغضاً لأهل البيت (عليهم السلام) قالوا: ولسنا نقول كل مبغض فيه [هذا](5)الداء، وإنما قلنا: كل من به هذا الداء فهو مبغض. قالوا: وقد روى أبو عمر الزاهد(6)- ولم یکن من رجال الشيعة - في آماليه وآحادیثه عن السياري(7)عن أبي خزيمة الكاتب، قال: ما فتشنا أحد فيه هذا الداء إلاَّ وجدناه ناصباً، قال أبو عمر: واخبرني

ص: 203


1- (فيقل) في أ، ع، تحریف
2- (مثقاراً) في ر، تصحيف
3- (المأيون) في ر، م، تصحيف
4- (شاتياً) في أ، تحریف
5- [هذا] ساقطة من ع
6- هو: محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المطرز الباوردي المعروف بالزاهد، ولد سنة (261 ه)، كانت صناعته تطريز الثياب نسبة الى باورد وهي أبيورد بخراسان، وكان أديباً لغوياً صحب ثعلباً زمناً حتی عرف بغلام ثعلب، من كتبه: (شرح کتاب الفصيح)، و(فائت المستحسن) و (الساعات) و(أسماء الشعراء) و (التفاحة) و (فائت الجمهرة) و(القبائل) (المرجان) و (النوادر) و (اليواقيت في الللغة) و(يوم وليلة)، توفي في بغداد سنة (345 ه). ينظر: فهرست ابن الندیم: 82، 83، وهدية العارفين: 2 / 42، والأعلام: 6 / 254
7- (السياق) في ر، تحریف

العطا عن رجاله قالوا: سئل جعفر بن محمد (عليهما الصلاة والسلام) عن هذا الصنف من الناس، فقال: رحم منكوسة يُؤتى ولا يأتي، وما كانت هذه الخصلة في ولي الله قط، ولا تكون أبداً، وإنَّما تكون في الكفار والفساق والناصب للطاهرين. وكان أبو جهل بن هشام المخزومي من القوم، وكان أشد الناس عداوة للرسول (صلى الله عليه واله) قالوا: ولذلك قال عتبه بن ربيعة يوم بدر: يا مصفر أسته.

فهذا مجموع ما ذكره المفسرون، ويغلب على ظني أنه معنى آخر، وذلك أنَّ عادة العرب أن تكني الإنسان إذا أرادت تعظيمه بما هو مظنة التعظيم وإذا أرادت تحقيره بما هو يستحقر ويستهان به كقولهم: في کُنية يزيد بن معاوية: أبو زنة، يعنون القرد، وكقولهم في كنية سعيد بن حفص البخاري المحدث أبو القار، وكقولهم للطفيل: أبو لقمة، وكقولهم لعبد الملك: أبو الذَّبان(1)لبخره، وكقول ابن بسام(2)لبعض الرؤساء:

فأنت لعمري أبو جعفر ولكننا نحذف الفاء منهُ وقال أيضاً: لينم

ص: 204


1- ينظر: أنساب الاشراف: 2 / 59، وکمال الكمال: 3 / 406، وربيع الابرار ونصوص الاخبار: 1 / 321، وبغية الطلب في تاريخ حلب، عمر بن أحمد العقيلي (ت 660 ه): 7 / 3191
2- علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام البغدادي، ويكنى (أبا الحسن)، وأمه أمامة بنت حمدون، شاعر وأديب، من الظرفاء، من مؤلفاته: أخبار الاحوص، واخبار إسحاق بن إبراهيم بن النديم، وأخبار عمر بن ربيعة، وديوان الرسائل، ومناقضات الشعراء، مات سنة (303 ه). فهرست ابن النديم: 167، ومعجم الادباء: 14 / 139 - 152، وکشف الظنون: 1 / 25، وهدية العارفين: 1 / 675

درن الثوب نظيف القعب والقذر أبو النتن، أبو الدَّفرِ(1)أبو البعر، أبو الجعر، فلما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعلم من حال الحجاج نجاسته بالمعاصي والذنوب، التي لو شوهدت بالبصر لكانت بمنزلة البعر الملتصق بشعر الشاه کناه ((أبا وذحة(2)))، ويمكن أيضاً أن يكنيه بذلك لذمامته في نفسه، وحقارة منظره وتشويه خلقته، فإنه كان قصيراً ذميماً نحيفاً، أخفش العينين، معوج الساقين، قصير الساعدين، مجدور الوجه، أصلع الرأس فكناه بأحقر الأشياء، وهو البعرة، وقد روي قوم هذه اللفظة بصيغة أخرى، فقالوا: ((إيهٍ أبا ودجة(3)))، قالوا واحدة الأوداج، کناه بذلك، لأنَّه كان قتالا يقطع الأوداج بالسيف، ورواه قوم ((أبا وحره))، وهي دويبة تشبه الحِرباء قصيرة(4)الظهر، شبهه بها. وهذا وما قبله ضعيف، وما ذكرناه نحن أقرب إلى الصواب(5)انتهى. والذِباّن بكسر الذال وتشديد الباء جمع ذُباب بالضم، ومن عادة الذُباب أن يجتمع على الشيء المنتن، والقَعب بالفتح القدح الضخم والدفر بالدال المهملة والفاء (النتن)(6)و(الذل)(7)، وبالقاف مصدر دقر کفرح (إذا امتلأ من الطعام)(8)، والبَعر بالفتح (رجيع الخف

ص: 205


1- (ابو الدقر) في أ، ث، ع
2- (ودجة) أ، ع، م
3- (وذحة) في ر
4- (قطيرة) في أ، ع، تحریف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 223، 224
6- تاج العروس، مادة (دفر): 6 / 407
7- المصدر نفسه، مادة (دفر): 6 / 407
8- المصدر نفسه، مادة (دقر): 6 / 408

والظلف)(1)، والجَعر بالفتح (ما يبس من العذرة في المجعر، أي الدبر(2).

ومن كلام له (عليه السلام)

(فلا أموالَ بذلتمُوها لِلَّذيِ رزقَها، ولا أنفسَ خاطرتُم بِها لِلَّذي خلقهَا، تُكرِّمونَ بِاللهِ على عِبادِهِ، ولا تُكرّمونَ اللهَ في عِبادِهِ! فاِعتبروا بِنُزولِكُمْ منازِلَ مِنْ كانَ قِبلُكُمْ، واِنقِطاعُكُمْ عنْ أوَصلِ إخوانِكُم!) انتصاب (أموال) بفعل مقدر دل عليه (بذلتموها)، وكذلك أنفس وخاطر فلان بنفسه وبما له، أي لقاهما في الهلكة، أي: لم تبذلوا أموالكم في رضا من رزقكم إياها، ولم تخاطروا بأنفسكم بالجهاد في سبيل من خلقها والأحرى بذل المال في رضا رازقه، والنفس في سبيل خالقها، وكرمُ الشيء كحسُن، أي عز ونفَس فهو کریم، أي تتوقعون أن تكونوا أعزة في الناس، أو تكونون كذلك وتفتخرون على عباد الله بأنكم أهل طاعة ولا تكرمون الله، ولا تطيعونه في نفع عباده والإحسان إليهم، واعتبروا بنزولكم، أي: اتعظوا بمفارقة الآباء والأسلاف هذه المنازل، وأيقنوا بأنَّكم مفارقوها، قال الله تعالى: «وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ»(3)، واتعظوا بانقطاعكم، أي انفصالكم عمَّن كان إخوانكم أشد اتصالاً بكم واعلموا أن عاقبة الدنيا الفراق والانقطاع، وفي بعض النسخ (عن أصل إخوانكم) قيل: أي بموت الأب فإنَّه ينقطع به الأصل الواشج(4)بين الرجل وبين أخيه

ص: 206


1- المصدر نفسه، مادة (بعر): 6 / 100
2- المصدر نفسه، مادة (جعر): 6 / 198
3- إبراهيم / 45
4- (الوشح) في م

والرواية الأولى أظهر(1).

[ومن كلام له (عليه السلام)]

(أنتمْ الأنصارُ علَى الحقِّ، والأُخوانُ فِي الدينِ(2)، والجننُ يومَ البأسِ، والبطانةُ دونَ الناسِ بكمْ أضربُ المدبرَ، وأرجوا طاعةَ المقبلِ، فأعينوني بمناصحةٍ خليَّةٍ منْ الغشِّ، سليمةٍ من الريبِ، فو اللهِ إنِّي لأولَی الناسِ بالناسِ) قال بعض الشارحين: (هذا الكلام قاله (عليه السلام) للأنصار بعد فراغه من حرب الجمل، وقد ذكره المدائني، والواقدي في كتابيهما(3)، والجُنُن جمع جنة بالضم وهي ما يستتر ويتوقی به من ترس وغيره(4)، والبأس الشدة في الحرب، وبطانة الرجل خواصه وأصحاب سره، والمدبر من أدبر عن الحق، وطاعة المقبل الانقياد في الباطن واخلاص العقيدة بعد الإقبال في الظاهر؛ وذلك للدعوة الى الحق والهداية والموعظة، أو لمشاهدة السيرة الحسنة والأخلاق الكريمة، ويمكن أن يراد بالمقبل من كان الإقبال والطاعة من شأنَّه والمناصحة ارادة الخير للمنصوح له، والغِش بالكسر اظهار خلاف ما أضمر في النفس، وضد النصح من الغش بالتحريك وهو المشرب الكدر(5)،

ص: 207


1- (أطهر) في أ، تصحيف
2- (الدنيا) في م
3- يقصد كتاب (الجمل) للمدائني، والواقدي، فذكر كتاب (الجمل) للمدائني في الفهرست، لأبن الندیم: 115، وفي هدية العارفين: 1 / 671، کما ذکر کتاب (الجمل) للواقدي في فهرست ابن النديم: 111، وفي هدية العارفين: 2 / 10
4- ينظر: الصحاح، مادة (جنن): 5 / 2094
5- لسان العرب، مادة (غشش): 6 / 323

والريب الشك والتهمه، وقوله (عليه السلام): ((إني لأولى الناس بالناس)) تصدیق قول الرسول (صلى الله عليه واله) یوم غدیر خم: ((ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: من کنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله)(1).

[ومن كلام له (عليه السلام)] وقد جمع الناس، وحضهم على الجهاد

فسكتوا ملياً، فقال (عليه السلام): (مَا بالكمْ! أمخرسونَ أنتمْ؟ فقالَ قومٌ منهمْ: يا أمیرَ المؤمنینَ، إنْ سرتَ سرنَا معكَ. فقال: ما بالكمْ! لاسددتمْ

لرشدٍ، ولهديتمْ لقصدٍ(2)) قال بعض الشارحين: هذا كلام قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض غارات أهل الشام على أطراف أعماله بالعراق بعد انقضاء أمر صفين والنهروان(3)، والحض(4)التحريض(5)کالحث، وسكتوا ملياً، أي ساعة طويلة، وقيل: المليء طائفة من الزمان لا حد لها، والبال الحال والخاطر، وخرس کفرح أي صار أخرس وهو المنعقد اللسان عن الكلام، وأخرسه الله أي جعله أخرس، وفي بعض النسخ موضع قوله (عليه السلام): ما بالكم ثانياً مالكم والسداد الاستقامة والقصد في الأمر والعدل

ص: 208


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 226
2- (لقصده) في ع
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 228، وفيه: (وهذا الكلام...)
4- (الخص) في أ، ر تصحيف
5- (التحريص) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف والصواب ما أثبتناه

فيه والصواب في القول والعمل وسدده الله تسديداً قومه ووفقه لذلك ولأسددتم دعاء عليهم بسلب التوفيق، ويحتمل الإخبار [التوفيق](1)، وفي بعض النسخ (لأسددتم) بالتخفيف على صيغة المجهول، کالأول والتشديد هو الظاهر، والرُشد بالضم الاهتداء خلاف الغي، والقصد من الأمور المعتدل الذي لا يميل إلى أحد طرفي الإفراط أو التفريط. (أفِي مثلِ هذا ينبغِي أنْ أخرجَ، إنَّما(2)يخرج في مثل هذا رجلٌ ممَّن أرضاهُ من شجعانكُم، وذوي بأسكمْ، ولا ينبغي لِي أنْ أدعَ الجندَ والمصرِ وبيتَ المالِ وجبايةَ الأرضِ، والقضاءَ بنَ المسلمينَ، والنظرَ فِ حقوقِ المطالبنَ، ثمَّ أخرج في كتيبةٍ أتبعُ أخرى، أتقلقلُ تقلقلَ القِدح في الجفیرِ الفارغِ) الشجاعة (شدة القلب عند البأس)(3)، يقال: شجع الرجل ککرم فهو شجاع وقوم شُجعان بالضم والكسر، وفي النسخ بالضم، وفي بعض النسخ (شجعائكم)، يقال: (رجل شجيع أي شجاع)(4)، وقوم شجعاء كفقيه وفقهاء، والبأس الشدة في الحرب، يقال: [بؤس الرجل ککرم فهو بئيس، أي شجاع، والجند العسكر، والأعوان والجِباية(5)والجِباوة بالكسر فيهما الجمع، يقال](6): جبي(7)الخراج کرمی

ص: 209


1- [التوفيق] ساقطة من ث، ع
2- (وانما) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 227، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 221
3- العين، مادة (شجع): 1 / 212
4- المصدر نفسه، مادة (شجع): 1 / 212
5- (الجناية) في ث، تصحيف
6- [بؤس الرجل ککرم فهو بئيس، أي شجاع، والجند العسكر، والأعوان والجِباية والجِباوة بالكسر فيهما الجمع، يقال] ساقطة من ع
7- (حجب) في ع، تحریف

وسعى، والنظر التأمل والفكر في الشيء تقدره وتقيسه، وأخرج بالنصب معطوف على أَدع، وفي بعض النسخ بالرفع، وهو غير واضح و(الكتيبة: الجيش)(1)، أو (الطائفة من الجيش مجتمعة)(2)، أو القطعة العظيمة منه(3)، أو (جماعة الخيل إذا / ظ 162 / اغارت من المائة الى الألف)(4)، والعطف على ينبغي المذكور، أولا حتی یکون مدخولاً لهمزة الاستفهام بعيد، والتقلقل: (التحرك)(5)، والقِدح بالكسر (السهم قبل أن يراش وينصل)(6)، يقال للسهم أول ما يقطع: [قطِع](7)بالكسر، ثم ينحت ویبری فیسمی بَرياً بالفتح، ثم يقوم فيسمى قدحاً، ثم يراش ویرکب نصله فيسمی سهماً(8)، والقدح أيضاً (السهم الذي كانوا يستقسمون به)(9)، والتعبير بالقدح؛ لأنَّ الريش يمانع ظهور الصوت في الحركة، والنصل لثقله يمنع الحركة في الجملة، و (الجفير: الكنانة)(10)، وقيل: وعاء للسهام أوسع من الكنانة(11)، وقيل: (جعبة(12)من

ص: 210


1- لسان العرب، مادة (كتب): 1 / 701
2- المصباح المنير، مادة (كتب): 2 / 525
3- ينظر: لسان العرب، مادة (كتب): 1 / 701
4- المصدر نفسه، مادة (كتب): 1 / 701
5- القاموس المحيط، مادة (قل): 4 / 40
6- العين، مادة (قدح): 3 / 41
7- [قطِع] ساقطة من أ، ث، ع
8- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 20
9- المصدر نفسه: 4 / 20
10- لسان العرب، مادة (جفر): 4 / 143
11- ينظر: العين، مادة (جفر): 6 / 111
12- (جعة) في أ، ع، تحریف

جلود لا خشب فيها، أو من خشب لا جلود فيها)(1)، والغرض التشبيه في اضطراب الحال والانفصال عن الجنود والأعوان. بالقدح الذي لا يكون حوله أقداح يضبطه عن التقلقل ولا يتمكن في مكانه.

(وإنَّما أنا قطبُ الرَّحى، تدور عليَّ وأنا بمكاني، فإذا فارقتهُ استحارَ مدارهَا، واضطربَ ثفالَهُا. هذا لعمرُ اللهِ الرأيُ السوءُ) قطب الرحى الحديدة التي ركبت في وسط الحجر السفلي من حجري الرحى التي تدور حولها العليا، والرحى مؤنثة، والواو للحال، واستحار الرجل إذا نظر الى الشيء فعشى ولم يهتد لسبيله(2)، واستحار السحاب إذا ثقل وبقي متردداً لم يتجه جهة، ولم يكن له ريح تسوقه(3)، والمدار مصدر والاسناد تجوز أي بقيت الرحى كالمتحير الذي لا يهتدي لسبيله، وقال بعض الشارحين: أي اضطرب مدارها(4)، والثِفال بالكسر جلدة أو نحوها توضع تحت الرحى يقع عليها الدقيق(5)، ويسمى الحجر الأسفل من حجري الرحى أيضاً ثفالًا، ولعله أنسب، والسَوء بالفتح كما في النسخ مصمدر سماءه نقيض سره، والسُوء بالضم اسم منه، قال الجوهري: قال الأخفش: لا يقال الرجل السوء يعني بالفتح، ويقال: الحق اليقين، وحق اليقين جميعاً؛ لأن السوء ليس بالرجل، واليقين هو الحق، ولا يقال: هذا رجل السُوء بالضم(6)، وعلى هذا فالمناسب الضم.

ص: 211


1- لسان العرب، مادة (جفر): 4 / 143
2- ينظر: تاج العروس، مادة (حير): 6 / 320
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (حير): 6 / 322
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 228
5- ينظر: لسان العرب، مادة (ثفل): 11 / 85
6- ينظر: الصحاح، مادة (سوأ): 1 / 56

(واللهِ لولَا رجاي الشهادةَ عندَ لقائِي العدوَّ لوْ قدْ حُمَّ لِي لقاؤهُ، لقربتْ ركابِي، ثمَّ شخصتْ عنكمْ فلاَ أطلبكمْ، ما اختلفَ جنوبٌ وشمالٌ(1)، إنهُ لاَ غناءَ في كثرةِ عددكمْ، مع قلةِ اجتماعْ قلوبكمْ) في بعض النسخ (رجائي)(2)بألف ممدودة مع ياء المتكلم، ولقاء العد وبدون ياء المتكلم وحُمَّ(3)الأمر بالضم أي (قُضِي)(4)، و(قدر)(5)، والركاب ككتاب الإبل التي يسار عليها، والواحدة راحلة، ولا واحد لها من لفظها والجمع ركب ككتب، وشخصت(6)أي خرجت، والشخوص في الأصل الارتفاع(7) و(يقال للرجل إذا أتاه ما يقلقه: قد شخص به كأنَّه رفع من الأرض لقلقه وانزعاجه، ومنه شخوص المسافر أي خروجه من منزله)(8)، والجَنوب بفتح الجيم يقابل الشَمال بفتح الشين، قيل: الصحيح أن الشَمال ما مهبه بين مطلع الشمس وبنات نعش، أو من مطلع النعش الى مسقط النسر الطائر(9)، والمراد بالاختلاف، أما التخالف أو ترددهما واقبالهما وادبارهما، والغَنَاء بالفتح والمد النفع. (لقدْ حملتُكُمْ علَى

ص: 212


1- (وشمال طعانين عيابين، حيادين رواغين) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 227، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 222
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 15، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 227 و، شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 110، وبحار الانوار: 34 / 96
3- (جم) في ع، تصحيف
4- تاج العروس، مادة (حمم): 16 / 172
5- الصحاح، مادة (حمم): 5 / 1904
6- (شخصب) في أ، ع، تصحيف
7- ينظر: معجم مقاييس اللغة، مادة (شخص): 3 / 254
8- ينظر: تاج العروس، مادة (شخص): 9 / 269
9- ينظر: القاموس المحيط، مادة (شمال): 3 / 402

الطّريقِ الواضِحِ الَّتي لاَ يُهلِكُ عليهَا إلاَّ هالِكٌ. مِن اِستقامَ فإلى الجنَّةِ، وِمَنْ زلَّ فإلى النّارِ) الطريق يذكر ويؤنث، والتنوين في هالك للتعظيم، أي كامل بالغ في الهلاك(1)، واستقام أي اعتدل ولزم الطريق الواضح وزل، أي زلق وعدل عن الطريق.

[ومن كلام له (علیه السلام)]

(تاللهِ لقدْ علمتُ تبليغَ الرسالاتِ، واتمامَ العداتِ، وتمامَ الكلماتِ، وعندنَا أهلَ البيتِ أبوابُ الحكمِ، وضياءُ الأمرِ. ألاَ وإنَّ شرائعَ الدينِ واحدةٌ، وسبلهُ

قاصدةٌ، منْ أخذَ بهَا لحقَ وغنمَ، ومنْ وقفَ عنهَا ضلَّ وندمَ) قال بعض الشارحين: رواها قوم ((لقد علمت)) بالتشديد على صيغة المجهول، وقوم لقد علمت بالتخفيف على صيغة المعلوم، والرواية الأولى أحسن وتبليغ الرسالات تبليغ الشرائع بعد وفاة رسول الله (صلى عليه واله) / و163 / الى المكلفين، وفيه اشاره الى قوله تعالى: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ»(2)، والى قول النبي (صلى الله عليه واله) في قصة براءة: ((لا يؤدي عني إلاَّ أنا أو رجل مني))(3)، واتمام العدات: انجازها، وفيه اشارة الى قوله تعالى: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ»(4)، وإلى قول النبي (صلى الله عليه واله) في حقه (عليه السلام): ((قاضي ديني،

ص: 213


1- (الهالك) في م، تحريف
2- الأحزاب / 39
3- السنن الكبرى، النسائي: 5 / 128، والدر المنثور في التفسير بالمأثور: 3 / 209.
4- الأحزاب / 23

ومنجز وعدي))(1))(2)، وهو شامل الانجاز مواعيد رسول الله (صلى الله عليه واله) التي وعد بها لواحد(3)من الناس نحو أن يقول: سأعطيك كذا ومواعيده بأمر سيحدث كأخبار الملاحم والأمور المتجددة وانجاز الأول الاعطاء، والثاني البيان(4)، وتمام الكلمات تأويل القرآن وبيانه الذي به يتم وفيه اشاره الى قوله تعالى: «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا»(5)، والى قوله (صلى الله عليه واله) في حقه (عليه السلام): ((اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه))(6)(7)، وأهل البيت منصوب على الاختصاص، ولعل المراد بأبواب الحُكم بالضم أو الحِكَم بكسر الحاء وفتح الكاف على اختلاف النسخ الأحكام الشرعية والفتاوى الدينية وبضياء الأمر العقائد العقلية والبراهين اليقينية، أو بالعكس والمراد اختصاص أهل البيت (عليهم السلام) بفصل الخطاب والعلوم المخصوصة بالأوصياء والحجج.

(ألَا وإنَّ شرائعَ الدينِ واحدةٌ، وسبله قاصدةٌ، منْ أخذَ بهَا لحقَ وغنمَ، ومنْ وقفَ عنهَا ضلَّ ونَدِمَ) الشريعة مورد الإبل وغيره على الماء الجاري، والقاصدة المعتدلة والمستقيمة، وقيل: القريبة(8) السهلة(9)، ويقال: (بيننا وبين

ص: 214


1- دلائل الإمامة، محمد الطبري: 236، وخصائص الإمامة، الرضي: 49
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 230
3- (واحد) في أ، ع
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 230
5- الأنعام / 115
6- الطبقات الکبری، ابن سعد: 2 / 337، وسنن ابن ماجه: 2 / 774
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 230
8- (القرينة) في أ، ر، تصحيف
9- ينظر: الصحاح، مادة (قصد): 2 / 524

الماء ليلة قاصدة)(1)رافهة، أي هينه السير لا تعب فيها ولا بعد(2)، والمراد بشرائع الدين وسبله أما أهل البيت (عليهم السلام) الذين [هم](3)لطلاب العلوم كالموارد للشاربة وهم الطرق الواضحة الموصلة الى رضوان الله ولاريب أنَّ أقوالهم في الدين واحدة خالية عن الاختلاف، فالمراد بوحدتهم وحدة أحكامهم وأقوالهم، أو أن طاعتهم جميعاً طاعة الله عز وجل، أو أنَّ أرواحهم وطينتهم من نور واحد ويتبعه اتحاد أحكامهم [وأقوالهم](4)وأما قوانين الشريعة وأحكام الدين ووحدتها ايصال العمل بها جميعاً الى الثواب والجنة ولعل الأول أنسب بالمقام إذ الكلام في بيان فضلهم (عليهم السلام) ويحتمل أن يكون المراد نفي الاختلاف في الاحكام بالآراء والمقاييس كما مر من كلامه (عليه السلام) في ذم اختلاف العلماء في الفتيا. قال (عليه السلام): ((ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آرائهم جميعاً وإلههم واحدٌ ونبيهم واحدٌ وكتابهم واحدٌ الى آخر كلامه (عليه السلام)، وإذا لم يجز(5)ذلك الاختلاف في الأحكام ظهر بطلان إمامة غير أهل البيت (عليهم السلام)؛ لأنَّ غيرهم كائناً من كان ليس عالماً بتعليم من الله سبحانه بجميع الأحكام، فلابد له من العمل بالرأي والقياس ومعه يقع الاختلاف في الأحكام لامحالة

ص: 215


1- لسان العرب، مادة (قصد): 3 / 354
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (قصد): 3 / 354
3- [هم] ساقطة من ر، م
4- [وأقوالهم] ساقطة من أ، ث، ع
5- (يحر) في أ، ع، وفي ث: (تجر)، وفي ر: (يجر) تصحيف

وحينئذ تظهر(1)مناسبة الكلام للمقام، ولحق أي بالسابقين من السالكين في سبيل مرضاة الله عز وجل.

(اعملوا ليومٍ تذخرُ لهُ الذخائرُ، وتُبلى فيهِ السرائرُ، ومنْ لا ينفعهُ حاضرُ لبهِ فعازبهُ(2)عنهُ أعجزُ، وغائبهُ أعوزُ) الذخيرة ما أعده الانسان لوقت الحاجة اليه، وهو الذُخر بالضم، والمصدر الذَخر بالفتح، يقال: (ذخره(3)، كمنعه)(4)، وادخره على صيغة الافتعال، وقيل: الذُخر بالضم مصدر وتذخر له الذخائر، أي هو اللائق بذلك، أو يذخر له أولوا الألباب، وتبلى أي تمتحن وتختبر، يقال: ابلاه وابتلاه بمعنى، والسريرة والسر ما يكتم وقال في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: «يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ»(5): السرائر أعمال بني آدم، والفرائض / ظ 163 / التي أوجبت عليهم وهي سرائر بين الله وبين العبد، وتبلى أي تختبر تلك السرائر يوم القيامة حتى يظهر خيرها من شرها، ومؤديها من مضيعها، روي ذلك مرفوعاً عن أبي الدرداء(6)، قال: قال:

ص: 216


1- (يظهر) في أ، ث، ر، ع
2- (فغازبه) في م، تصحيف
3- (دخره) في أ
4- القاموس المحيط، مادة (ذخر): 2 / 34
5- الطارق / 9
6- اختلفوا في اسم ابيه فذكر البغدادي وابن الاثير انه: عويمر بن زيد، وذكر الصفدي انه: عويمر بن قيس، واختار خير الدين الزركلي عويمر بن مالك، ولم يذكر غيره، بخلاف ابن قتيبة وأبي حاتم الرازي والذهبي الذين اوردوا الاسماء المتقدمة ولم يرجحوا منها، كانت له صحبة مع الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، لم يشهد بدر، وقيل إنه شهد الخندق، هو من جماع القرآن الكريم على عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، من الحكماء الفرسان القضاة، كان قبل البعثة يعمل بالتجارة، ثم انقطع للعبادة، ولاه معاوية قضاء دمشق بأمر الخليفة عمر بن الخطاب، وهو أول قاض بها، مات بالشام عام (32 ه). ينظر: المعارف: 268، وأخبار القضاة، محمد بن خلف (ت 306 ه): 3 / 200، والجرح والتعديل، أبو حاتم الرازي: 7 / 26، والفهرست: 30، وتاريخ مدينة دمشق: 47 / 100، وأسد الغابة: 4 / 160، وسیر أعلام النباء: 2 / 335 ، والوافي بالوفيات: 14 / 6، والاعلام: 5 / 98

رسول الله (صلى الله عليه واله): ((ضمن الله خلقه أربع خصال الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، والغسل من الجنابة))(1)وهي السرائر التي قال الله تعالى: «يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ»(2). وعن معاذ بن جبل(3)، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه واله) ما هذه السرائر التي تبلى بها العباد في الآخرة؟ فقال:)) سرائركم هي أعمالكم من الصلاة، والصيام، والزكاة، والوضوء، والغسل من الجنابة، وكل مفروض لأنَّ الأعمال كلها سرائر خفية فإن شاء قال الرجل: صليت ولم يصل، وإن شاء قال: توضأت ولم يتوضأ، فذلك قوله: «يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ»، وقيل: يظهر الله أعمال كل أحد لأهل القيامة حتى يعلموا لأي شيء أثابه، ويكون فيه زيادة سرور له، وإن يكن من أهل العقوبة ليعلموا على أي شيء عاقبه، والسرائر: ما أسره من خير وشر، وما

ص: 217


1- ينظر: مجمع البيان: 10 / 323
2- الطارق / 9
3- معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائد بن عديّ الانصاري الخزرجي يكنى أبا عبد الرحمن، أمة هند بنت سهيل، أسلم وهو فتى وشهد العقبة مع الانصار السبعين، وشهد بدراً وأحدً وخندقً والمشاهد كلها مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بعثه الرسول الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) بعد غزوة تبوك الى اليمن مرشداً وقاضياً لهم، مات بطاعون عمواس سنة (18 ه) في عمان. ينظر: المعارف: 254، والعبر في خبر من غبر: 1 / 22، والاعلام: 7 / 258

أضمره من إيمان، أو كفر(1)، وحاضر لبه أي ما حضر عند عقله، أو عقله الحاضر عنده وغرب كنصر وضرب، أي غاب وذهب وعوز الشيء كفرح، أي لم يوجد وإذا لم تجد شيئاً تقول: عازني، قال بعض الشارحين: المعنى من لا ينفعه لبه الحاضر، وعقله الموجود عنده فهو بعدم الانتفاع بما هو غير حاضر ولا موجود من العقل عنده أولى وأحرى(2)، أي من لم يكن له من نفسه واعظ وزاجر عن القبيح فبعيد أن ينزجر، وأن، وأن يرتدع بعقل غيره وموعظة غيره له(3)، وقال بعضهم: المراد أن من لم يعتبر حال حضور عقله ولم ينتفع به، فأولى بأن لا ينتفع به بعد الموت وغروب عقله عنه، ويحتمل أن يكون المراد من لم يعمل بما فهم وحكم به عقله وقت امكان العمل ولم ينتفع به فأحرى بأن لا ينتفع به بعد انقضاء وقته بل لا يورثه فوت الفرصة إلا الحسرة والندامة(4)(واتقوا ناراً حرهَا شديدٌ، وقعرهَا بعيدٌ، وحليتهَا حديدٌ) وفي بعض النسخ (وشرابها صديدٌ)(5)الحِلية بالكسر ما يزين(6)به من مصوغ المعدنيات والحجارة والجمع حلِىً بالكسر كلحية ولحيً، وقد يضم، وحلِية النار السلاسل والأغلال، والصديد (الدم والقيح الذي يسيل من

ص: 218


1- ينظر: مجمع البيان، الطبرسي: 10 / 323، 324
2- (اخرى) في ر، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 230
4- ينظر: بحار الأنوار: 34 / 222، ومنهاج البراعة، حبيب الله الهاشمي: 8 / 127
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 16، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 229، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 112، وبحار الانوار: 34 / 221
6- (یزیدین) في ر

الجسد)(1)، وقيل: (ماء الجرح الرقيق)(2)، والحميم أغلى حتى غلظ. (ألَا وإنَّ اللسانَ الصالحَ(3)يجعلهُ اللهُ(4)للمرءِ في الناسِ، خیرٌ لهُ منْ المالِ يورثهُ منْ لا يحمدُهُ) ((اللسان يذكر ويؤنث))(5)، واللسان الصالح الذكر الجميل واورثه أبوه مالا جعله له ميراثاً ومن لا يحمده وارثه الذي لا يعد ذلك الايراث فضلاً ونعمة، وفي حديث الحقوق عن علي بن الحسين (عليه السلام): وأما حق مالك فإنَّ لا تأخذه إلاَّ من حله، ولا تنفقه إلاَّ في وجهه، ولا تؤثر على من لا يحمدك، فأعمل(6)به بطاعة ربك، ولا تبخل به، فتبوء بالحسرة والندامة والتبعة، ولا قوة إلاَّ بالله(7).

[ومن كلامٍ له (علیه السلام)] وقد قام اليه رجلٌ من أصحابه

فقال: نهيتنَا عنْ الحكومةِ ثمَّ أمرتنَا بهَا، فما ندري(8)أيّ الأمرينِ أرشدُ؟ فصفقَ (عليه السلام) إحدى يديهِ على الأُخرى، ثم قال: هذا جزاءُ منْ تركَ العقدةَ!) المراد بالحكومة نصب عمرو ابن العاص، وأبي موسى الاشعري

ص: 219


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 15، وتاج العروس، مادة (صدد): 5 / 53
2- تاج العروس، مادة (صدد): 5 / 53
3- (الضالح) في ر، تصحيف
4- (الله تعالى) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 229، ونهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 223
5- المذكر والمؤنث، السجستاني: 112
6- (وأعمل) في ع
7- ينظر: رسالة الحقوق، الامام الحسين: 35، والأمالي، الشيخ الصدوق:: 455، ومكارم الأخلاق، الطبرسي: 422
8- (تدري) في ع، تصحيف

للحكم بين الفريقين بمقتضى كتاب الله عز وجل بعد رفع أصحاب معاوية المصاحف بمكيده عمرو ابن العاص والصفق الضرب يسمع [له](1)صوت(2)، والتصفيق الضرب بباطن أحدى الراحين على الأخرى، والعُقدة بالضم الرأي والنظر في المصالح وما فيه بلاغ الرجل وكفايته، قال بعض الشارحين: في هذا الكلام اعترف بأنَّه بانَّ له وظهر فيما فيما بعد أن الرأي الأصلح كان الاصرار والثبات على الحرب(3)، وهو توهم فاسد فإنَّ قوله (عليه السلام) بعد ذلك: (ولكن بمن وإلى من!) صريح في أنَّ ترك العقدة وهو الحرب كان لعدم الأعوان والانصار مع أن الأمر لا يتم إلاَّ بهم، وقد ذكر / و164 / أرباب السير أن رضاه (عليه السلام) وتصديقه الظاهري بالحكومة لم يكن إلاَّ بعد تنازع(4)مالك بن الحارث الاشتر، والاشعث بن قيس وتضاربهما بالسوط وظهور إمارات وقوع المحاربة والقتال بين أصحابه (عليه السلام)، وقد كان أكثر أصحابه (عليه السلام) في الباطن كارهين للحرب، وكان مبدأ اثارة الفتنة في أصحابه (عليه السلام) الأشعث بن قيس فإنَّه خطب أصحابه ليلة الهرير، وقال في خطبته: يا معشر المسلمين قد رأيتم ما كان في يومكم هذا الماضي وما قد فنى فيه من العرب، ألاَ فليبلغ الشاهد الغائب، إنا إن نحن توافقنا غداً إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات، أما والله ما أقول هذه المقالة جزعاً من الحرب، ولكني رجل مسن أخاف على النساء والذراري غداً إذا فنينا فانطلقت

ص: 220


1- [له] ساقطة من ع
2- ينظر: الصحاح، مادة (صفق): 4 / 1507، وفي ع: (الصوت)
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 232
4- (منازع) في أ، ع، ن تحريف

عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث، فقال: أصاب ورب الكعبة، لئن نحن التقينا غدا لتمكن الروم على ذراري أهل الشام ونسائهم وليمیلن فارس على ذراري أهل العراق ونسائهم، إنما يبصر هذا أولوا الأحلام والنُّهي، ثم قال لأصحابه أربطوا المصاحف على أطراف القنا فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون عن قول معاوية وأمره يا أهل العراق من لذرارينا أن قتلتمونا ومن لذراریكم(1)أن قتلناكم الله [الله](2)في البقية وأصبحوا وقد رفعوا المصاحف على (رؤوس)(3)الرماح ينادون يا أهل العراق كتاب الله بيننا وبينكم فجاء عدي بن حاتم، ومالك وعمرو بن الحمق(4)اليه (عليه السلام) (يحرضونه)(5)على القتال وقام الاشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين ما من القوم أحد أحنى على أهل العراق ولا أوتر لأهل الشام مني، فأجب القوم إلى كتاب الله عز وجل فأنك أحق به منهم، ونادى أصحابه (عليه السلام) من كل جانب الموادعة

ص: 221


1- (الذرارينا) في ع
2- [الله] ساقطة من ر
3- (روس) في ث، ن
4- عمر بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن کعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي، بایع الرسول (صلى الله عليه واله سلم) في حجة الوداع، وحفظ عنه أحاديث، وسكن الكوفة، وانتقل إلى الشام، وكان من انصار الامام علي (عليه السلام) وشهد معه المشاهد كلها الجمل وصفين والنهروان، وأعان حجر بن عدي وأصحابه، طلبه زیاد فرحل الى الموصل ودخل غاراً فنهشته حية فمات، فأخذ عبد الرحمن بن أم الحكم وهو عامل معاوية على الموصل رأسه فحمله الى زياد وبعث به زیاد الى معاوية وهو أول رأس حمل من بلد إلى بلد في الإسلام وكانت وفاته سنة (50ه) أرسل معاوية رأسه الى زوجته آمنة بنت الشريد التي سجنها في دمشق. ينظر: المعارف: 291، 292، وأسد الغابة: 1 / 100، 101، والاصابة: 4 / 514، 515
5- (يحرصونه) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه

الموادعة فقال (عليه السلام) في كلام له: ويحْكُم إنَّها كلمة حق يراد بها باطل، إنها الخديعة والوهن والمكيدة أعيروني سواعدكم(1)وجماجمكم ساعة واحدة فقد بلغ الحق مقطعة ولم يبقَ إلاَّ أن يقطع دابر الظالمين، فجاء من أصحابه زها عشرين الفا مقنعين في الحديد سالي سيوفهم على عواتقهم وقد أسودت جباههم من السجود فنادوه باسمه لا بأمرة المؤمنين: ياعلي أجب(2)القوم الى كتاب الله إذا(3)دعيت اليه وإلاَّ قتلناك کما قتلنا ابن عفان فو الله لنفعلنها(4)إن [لم](5)تجبهم(6)، فقال (عليه السلام) في كلام له: إني(7)[قد](8)أعلمتكم أنهم قد کادوكم وأنهم ليس العمل بالقرآن يريدون، قالوا فأبعث الى الأشتر ليأتيك وقد كان أشرف على عسکر معاوية ليدخله، فبعث - یزید بن هاني - إلى الأشتر، فقال: ليس هذه الساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني - وكانت قد ظهرت دلائل الفتح لأهل العراق ودلائل الخذلان والأدبار على أهل الشام - فقال القوم لعلي (عليه السلام): ما نراك أمرته إلاَّ بالقتال، قال: أرأيتموني سارت رسولي اليه، اليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون، قالوا: فأبعث اليه فليأتيك وإلاَّ والله اعتزلناك، فقال (عليه السلام) ليزيد بن هاني: قل له أقبل إليَّ، فإنَّ الفتنة

ص: 222


1- (مواعدكم) في ر، ع، ن، تحریف
2- (احب) في أ، ع
3- (إذ) في أ، ر، ع، ن
4- (لنفعلها) في أ
5- [لم] ساقطة من ث
6- (تحبهم) في ث، تصحيف
7- (إلى) في م، تحریف
8- [قد] ساقطة من أ، ع

قد وقعت، فأتاه فأخبره فقال: ألا ترى الى الفتح ألا(1)ترى الى مايلقون، فقال يزيد: أتحب أنك ظفرت ههنا؟ وإن(2)أمير المؤمنين يسلم إلى عدوه! فقال: لا والله لا أحب ذلك، فأقبل الأشتر حتى انتهى اليهم فتنازعوا(3)وسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته، وضرب بسوطه وجوه دوابهم، وصاح بهم علي (عليه السلام) فكفوا فتصايحوا(4)أن أمير المؤمنين قد قبل الحكومة، ورضي بحكم القرآن وهو ساکت مطرق الى الأرض لا يتكلم بكلمة، ثم قام فسكت الناس كلهم، وكلمهم بكلام قال في جملته: ألاَ أني كنت أمس أمير المؤمنين، فأصبحت اليوم مأموراً، وكنت ناهيا فأصبحت منهياً. وتكلم رؤساء القبائل كل بما يهواه، ثم عزموا على التحكيم ولم يرضِ أصحابه إلاَّ بأبي / ظ 164/ موسى الأشعري وانتهت الحال [الى](5)ما هو مذكور في كتب السيرة فهل يظن عاقل أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يمكنه في مثل تلك الحال الاصرار على القتال حتى يكون هذا الكلام اعترافاً بأنه بأن له أن الرأي الأصلح كان الاصرار والثبات على الحرب وهو (عليه السلام) أجل قدرا من أن يقع منه مثل هذا الخطأ في الظن والتدبير بل الحق أنه (عليه السلام) كان عالماً بأخبار الرسول (صلى الله عليه وآله) بجميع ما جرى عليه وفعل ما فعل على علم منه بحكم الله وأمره، وقد روي هذا الشارح(6)جميع

ص: 223


1- (إلى) في م
2- (فأن) في م
3- (فتنارعوا) في أ
4- (فتصاحبوا) في ر، تحریف
5- [الى] ساقطة من أ، ع
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 162

ما ذكرنا في شرح کلامه [(عليه السلام)](1)وقد سبق (الحمد لله وإن أتی الدهر بالخطب الفادح(2)والحدث الجليل) فظهر أن المراد أن العقدة كانت هي الحرب لو كان اليها سبيل، ولكن تركت عن اضطرار لعدم الاعوان ونفاق الأصحاب کما يدل عليه تتمة الكلام، وقيل: المراد هذا جزاؤكم حين تركتم الرأي الأصوب وكلمة هذا اشارة الى حيرتهم التي يدل(3)عليها قولهم فما ندري أي الأمرين أرشد فيكون ترك العقدة منهم لا منه (عليه السلام)، ولعل الأظهر الأنسب بالكلام الآتي ما ذكرنا والله تعالى يعلم (أما والله لو أنِّي حینَ أمرتكمْ بما امرتكمْ بهِ حملتكمْ علَى المكروهِ الَّذي يجعلُ اللهُ فيهِ خیراً، فإنِ استقمتمْ هديتكمْ، وإنِ اعوججتمْ(4)قومتكمْ، وإنْ أبيتمْ تداركتكمْ، لكانتِ الوثقى، ولكنْ بمن والَی منْ! أريدُ أنْ أداويَ بكمْ وأنتمْ دائِي، كناقشِ

الشوكةِ بالشوكةِ وهو يعلمُ أنَّ ضلعهَا معهَا!) المراد بالمكروه الحرب التي كانوا كارهين لها وفي الكلام إشارة إلى قوله تعالى: «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا»(5)، والاستقامة قبول الهداية، والاعوجاح اليسير من العصيان كفتور الهمة، وقلة الجد في الحرب والتقويم الإرشاد والتأديب (والتحريض)(6)والتشجيع والإباء الاستنكاف التام والتدارك الاستنجاد

ص: 224


1- [عليه السلام] ساقطة من ع
2- (القادح) في ع، تصحيف
3- (تدل) في ث، ر، م، ن، تصحيف
4- (اعوحجتم) في أ، ث، م، ن، وفي ر: (اعوخجتم)، تصحيف
5- النساء / 19
6- (التحريص) في أ، ث، ر، م، ن، تصحیف

بغيرهم من قبائل العرب وأهل الحجاز(1)وخراسان فإنَّ كلهم كانوا من شیعته (عليه السلام) على ما ذكره بعض الشارحين(2)، ويحتمل أن يكون المراد بالتدارك قتل بعضهم وتعذيبهم، والوثقی الخصلة المحكمة التي يعتمد عليها، (ولكن بمن)، أي: [بمن](3)استعين في هذا الأمر الذي لا بد له من ناصر ومعين، والى [من](4)أي [من](5)[...](6)أرجع فيه، والنَّقش بالفتح (استخراج الشوك)(7)وما يخرج به منقاش ومنقش، والضلع في أكثر النسخ بالتحريك وهو الميل(8)والهوى على ما ذكره بعض أهل اللغة(9)، وقال ابن الأثير في النهاية: ويوافقه کلام غيره وفيه أعوذ بك من الكسل وضلع الدَّين، أي: ثقله، والضلع الاعوجاج أي: يثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء والاعتدال، يقال: ضِلع بالكسر یضلع ضلعاً بالتحريك، وضَلع بالفتح يضلع ضَلعاً بالتسكين أي: مال. ومن الأول حديث علي (عليه السلام): ((واردد إلى الله ورسوله مايضِلعك من الخطوب)) أي يثقلك، ومن الثاني الحديث:

ص: 225


1- (الحجار) في م، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 232
3- [بمن] ساقطة من ر
4- [من] ساقطة من م
5- [من] ساقطة من أ، ع
6- [أي من] زيادة في ث، م
7- تاج العروس، مادة (نقش): 9 / 213
8- (المبل) في ر، ن
9- ينظر: العين، مادة (ضلع): 1 / 280، والصحاح، مادة (ضلع): 3 / 1251، ولسان العرب، مادة (ضلع) 8 / 227

((لا تنقش الشوكة بالشوكة فأن ضَلعها معها)) أي: ميلها، وقيل: [...](1)هو مثل)(2) وقريب(3)منه كلام الجوهري(4)، وقال الفيروز آبادي بعد تفسير الضلع بالتسكين بمعنى الميل والهوى وذكر المثل المذكور وقيل: (القياس تحریکه لأنهم يقولون: ضلع مع فلان کفرح ولكنهم خففوا)(5)، والأظهر التسكين كما في بعض النسخ(6)والمعنى کما أنَّ من يستخرج الشوكة بمثلها لا يجديه لأنه كما أنَّ الأولى انكسرت في رجله وبقيت في لحمه تنكسر الثانية وتبقى في لحمه، كذلك يميل بعضكم الى بعض لموافقة الطباع ولا يتحصل منكم [...](7)الغرض.

(اللهم قد ملت أطباءُ هذا الداء الدَّوي، وكلتِ النزعةُ بأشطانِ الرَّكيِّ!) مللت الشيء وملِلت منه بالكسر، أي: سئمته، والدوی مقصور (المرض)(8)تقول: منه دوِي بالكسر، والدَوي اسم فاعل منه أي: الشديد، والداء الدوي، مثل قولهم: شعر شاعر، وليل أليل، والكلال الإعياء(9)، والنزعة

ص: 226


1- [و] زائدة في م
2- ينظر: فرائد الخرائد في الامثال: 480
3- (وقرب) في أ، ع، تحریف
4- ينظر: الصحاح، مادة (ضلع): 3 / 1251
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 231، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 116
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ضلع): 7 / 57
7- [و] زائدة في أ، ع
8- لسان العرب، مادة (دوي): 14 / 278
9- ينظر: تاج العروس، مادة (كل): 15 / 666

جمع نازع وهو الذي يستقي الماء من البئر(1)، والشَطن بالتحريك الحبل الطويل أو مطلق الحبل/ و165 /، والركي جمع ركية (وهي البئر)(2)ورکا کدعا أي: حفر، قال بعض الشارحين: كأنَّهم عن المصلحة في قعر بئر عميق وَكلَّ (عليه السلام) من جذبهم اليه(3)، ويحتمل أن يكون المراد تشبيههم بزرع واسع يستقي له من بئر عميق عجزت النزعة عن سقيه لسعته وعمق البئر وتشبيه وعظهم وزجرهم بذلك الاستقاء.

(أين القومُ الَّذينَ دعُوا الى الاسامِ فقبلوهُ، وقرأوا القرآنَ فأحكموهُ، وهيجُوا الى الجهادِ فولُهوا ولهَ اللقاحِ الى أولادهَا، وسلبُوا السيوفَ أغمادهَا،

وأخذُوا بأطرافِ الأرضِ زحفاً زحفاً، وصفاً صفاً، بعضٌ هلكَ، وبعضٌ

نجا، لا يُبشرونَ بالأحياءِ، ولا يعزِّونَ عن الموتَى) لعلَّ المراد بأحكام القرآن مراعاة اللفظ عن التحريف والتدبر في معناه والعمل بمقتضاه، وهاج وهاجه أي: ثار وأثاره وإثارتهم تحريضهم(4)وترغيبهم(5)، والوَله بالتحريك ذهاب العقل، والتحير(6)من شدة الوجد، وقيل من حزن أو فرح، وقال بعض الشارحين: هو شدة الحب(7)، ولعل الحب منشأ الوله لا هو نفسه، يقال:

ص: 227


1- ينظر: لسان العرب، مادة (نزع): 8 / 350
2- ينظر: لسان العرب، مادة (رکا): 14 / 333
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 117
4- (تحريصهم) في أ، ث، ر، م، ن، تصحيف
5- (توبيخهم) في ع، تحریف
6- (التحيز) في ر، تصحيف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 234

وله كفرح، وفي لغة قليلة كوعد، ويقال: (امرأة واله ووالهه)(1)، والوَله الى الشيء الاشتياق اليه، واللقاح ككتاب الإبل أو الناقة ذات اللبن واللقوح واحدتها، وقيل التي نتجت لقوح إلى شهرين أو ثلاثة، ثم هي لبون، وحاصل المعنى اشتاقوا الى الحرب بعد الترغیب اشتياق اللقاح الى أولادها، وفي بعض النسخ (فولّهوا اللقاح) أولادها على صيغة التفعيل وحذف المصدر وكلمة (الى) والتوليه أن يفرق بين المرآة وولدها، قال بعض الشارحين: أي (جعلوا اللقاح والهة إلى أولادها بركوبهم إياها عند خروجهم الى الجهاد )(2)، وقوله (عليه السلام) أولادها نصب باسقاط الجار إذ الفعل أعني (وله) غير متعد الى مفعولين بنفسه، والغمِد بالكسر جفن السيف، واخذوا بأطراف الأرض [أي اخذوا الأرض](3) بأطرافها على ما ذكره بعض الشارحين(4)أو أخذوا على الناس بأطراف الأرض أي حصروهم، يقال لمن استولى على غيره وضيق عليه: قد أخذ بأطراف الأرض، قال الفرزدق:

أَخذنا بأطراف السِّماءِ عَلَيْكُمُ ٭٭٭ لَنَا قَمَرَاها وَالنّجُومُ الطّوالِعُ(5)

على ما ذكره بعضهم(6)، ويحتمل أن يكون المعنى أخذوا أطراف الأرض من قبيل أخذت بالخطام والزحف الجيش يزحفون الى العدو(7)، أي: يمشون

ص: 228


1- الصحاح، مادة (وله): 6 / 2256
2- بحار الأنوار: 33 / 364
3- [أي اخذوا الأرض] ساقطة من أ، ع
4- بحار الانوار: 33 / 364
5- البيت من البحر الطويل، ديوان الفرزدق: 307، وفيه: (أخذنا بآفاق...)
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 234
7- (الغدو) في أ، ع، تصحيف

ومصدر يقال: زحف اليه كمنع زحفاً إذا مشی نحوه، والصفّ واحد الصفوف، ويكون مصدراً بمعنى التصفيف، وزحفاً زحفاً(1)أي زحفاً بعد(2)زحف متفرقين في الأطراف كذلك صفاً صفاً والنصب على الحالية نحو قولهم: بوبته(3)باباً باباً، وجاؤني رجلًا رجلًا ورجلين، وقال بعض الشارحين: زحفاً زحفاً، منصوب على المصدر المحذوف الفعل، أي يزحفون زحفاً، والكلمة الثانية تأكيد للأولى، وكذلك قوله (عليه السلام): ((صفاً صفاً))(4)وقوله (عليه السلام): (بعض هلك وبعض نجا) اشارة الى قوله تعالى: «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا»(5)، والعزاء(6)(الصبر)(7)أو حسن الصبر وعزیته تعزية أي قلت له: أحسن الله عزاك أي: رزقك الصبر الحسن(8)، وهو اسم من ذلك نحو سلم سلاماً، وكلم کلاماً، قال بعض الشارحين: (المعنى أنهم لما قطعوا العلائق الدنيوية إذا ولد لأحدهم(9)مولود لم يبشر به وإذا مات منهم أحد لم يعزوا عنه)(10)،

ص: 229


1- (رحفاً) في أ، تصحيف
2- (أبعد) في م، تحریف
3- (بربته) في ر، وفي م: (يرتبه)، وفي ن: (توبته)، تحریف. (4)
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 234
5- الأحزاب / 23
6- (العراء) في ث، وفي ر: (الغراء)، تصحيف وفي م: (الغرا)، تحریف
7- القاموس المحیط، مادة (عزا): 4 / 362
8- ينظر: مجمع البحرین: 1 / 290
9- (لأحد) في أ، ع، تحریف
10- بحار الأنوار: 66 / 309

وكانت نسخته موافقة لما في الأصل، وفي بعض النسخ (عن القتلى)(1)موافقاً لما في نسخة بعضهم، قال: أي لشدة ولهم الى الجهاد لا يفرحون ببقاء حيّهم حتى يبشروا به ولا يحزنون لقتل قتيلهم حتى يعزوا به. (مُرْهُ العيونِ منِ البكاءِ، خمصُ البطونِ منَ الصيامِ، ذبلُ الشفاهِ(2)[منِ الدعاءِ](3)، صفرُ الألوانِ منَ السهرِ، علَى وجوههمْ غبرةُ الخاشعينَ، أولئكَ أخوانِي الذاهبونَ، فحقَّ

لنَا أنْ نظمأَ إليهمْ، ونعضَّ الأيدِي على فراقهمْ!) مرهت عينه كفرح، أي: (فسدت لترك / ظ 165 / الكحل)(4)، والمراد [الفساد](5)الشبيه به، وخمص البطن مثلثة الميم أي: (خلا)(6)، وخمص الرجل خمصاً كقرب إذا جاع، وذبل الشيء ذبولاً كقعد ذهبت ندوته وقل ماؤه، والسهر بالتحريك عدم النوم في الليل كله، أو بعضه يقال: سهر کفرح فهو ساهر وسهران، والغبرة بالتحريك الغبار والكدورة، وحق لنا أن نفعل على صيغة المجهول كما في أكثر النسخ، وحققت أن تفعل كذا کعلمت وهو حقيق به أي: خليق جدير (وفي بعض النسخ حق على صيغة المعلوم وظمئ کفرح ظمأً بالتحريك، أي عطش، وقيل: (الظمأ أشد العطش)(7)، وظمئ اليه أي: اشتاق وعضضته وعضضت عليه کسمع، وفي لغة كمنع أي: مسكته بأسناني.

ص: 230


1- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 26
2- (الشفاء) في ع، تحریف
3- [من الدعاء] ساقطة من ث
4- الصحاح، مادة (مره): 6 / 2249
5- [الفساد] ساقطة من ع
6- القاموس المحيط، مادة (خمص): 2 / 301
7- تاج العروس، مادة (ظمأ): 1 / 206

(أنَّ الشيطانَ يسني لكمْ طُرُقَهُ، ويريدُ أنْ يُحلَّ دينكمْ عقدةً عقدةً، ويعطيكمْ بالجماعةِ الفرقةَ(1)، فأصدفوا(2)عنْ نزغاتِهِ ونفثاتهِ(3)واقبلُوا النصيحةَ ممنْ أهداها إليكمْ،، واعقلوهَا على أنفسكمْ) سناه تسنية أي: فتحه وسهله، وكل حكم من أحكام الشريعة عقدة عقدها الشارع وحلها محقها وترك العمل بها ومن جملتها الاجتماع على الحق، وصدف عن(4)الشيء كضرب(5)أي أعرض وصدفه عنه صرفه كأصدفه، ونزغ(6)الشيطان بينهم أي أفسدوا، غرى ووسوس(7)، والنفث بالضم كالنفخ وهو أقل من التفل؛ لان التفل لا يكون إلاَّ ومعه شيء من الريق ونفث في روعي أي القى في نفسي وقلبي ونفثات الشيطان وساوسه، واهدى له وإليه أي: بعث إكراماً واعقلوها على أنفسكم أي: اربطوها والزموها من عقل البعير كضرب أي شد وظيفة مع ذراعه بحبل وهو العقال.

[ومن كلام له (علیه السلام)] قالهُ للخوارج وقد خرج الى معسكرهم

ص: 231


1- (الفرقة، وبالفرقة الفتنة) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 231، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 224
2- (فاصدقوا) في ع، تحريف
3- (نقثاته ونزغاته) في ن، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 231، ونهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 224، وفي ث، ر، م: (نزعاته) تصحيف، وفي م: (نفشاته)، تحريف
4- (و) في ع
5- (كنصر) في أ، ع، تحريف
6- (نزع) في ث، ر، تصحيف
7- [ووسوس] ساقطة من ر

وهم مقيمونَ على انكارِ الحكومةِ

فقالَ (عليه السلام): (أكُلُّكُمْ شُهّدَ معنا صفّیْنَ؟ فقالوا: مِنَّا منْ شُهّدَ، ومِنّا مَنْ لمْ يشهدْ. قالَ: فاِمتازوا فرقتیْنِ، فليَكُنْ مَنْ شُهّدَ صفّیْنَ فرِقةً، ومن لم يشهدها فرِقةً؛ حتّى أُكلِم(1)كلًاُ بِكلامِهِ. ونادى النّاسُ، فقالٌ: اُمسُكوا عنِ الكلامِ، واِنصِتوا لِقوْليٍ، وأقبلوا بِأفئِدتِكُم إليّ، فمِن(2)نشدناهُ شهادةً فليَقِلُّ بِعِلمِهِ فيها. ثمّ كلمِهُم (عليه السّلام) بِكلامٍ طويلٍ، مِنه: ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة، ومكراً وخديعة، إخواننا وأهل دعوتنا، استقالونا(3)واستراحوا الى كتاب الله سبحانه، فالرأي القبول منهم، والتنفيس عنهم) المعسکَر بفتح الكاف موضع العسكر، وبکسرها جامع العسكر من عسکرت الشيء أي جمعته، و (العسكر: الجيش)(4)، وقال ابن الجواليقي: ((فارسي معرب))(5)وانکار الحكومة الذي أخطأت الخوارج في انكارهم على أمير المؤمنين (عليه السلام) رضاه(6)الاضطراري بالحكومة وإلاَّ فلا ريب في أن أصل الحكومة منكر وشهد كعلم أي: حضر، ومازه(7)ومیزه فأمتاز أي، عزله، وافرزه وامتازوا أي تفردوا قال الله تعالى: «وَامْتَازُوا الْيَوْمَ

ص: 232


1- (أكلمكم) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 231
2- (فلم) في أ، ع، تحریف
3- (استقالوا) في ع
4- الصحاح، مادة (عسكر): 2 / 746
5- المعرب من الكلام الاعجمي على حروف المعجم، الجواليقي (ت 540 ه): 115
6- (رضاء) في م، تحریف
7- (ماره) في ر، تصحيف

أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)»(1)أي انفردوا عن المؤمنين، أو تفرقوا في النار، وأُكلم(2)كلًا بكلامه أي: بالكلام الذي يليق به وامسكه أي حبسه وأمسك عن الكلام سكت وحبس لسانه عنه ونصت كضرب وانصت سکت ومن نشدناه شهادة أي سألناه عن شهادة قال ابن الاثير في النهاية: نشدت الضالة فأنا ناشداً إذا طلبتها وانشدتها فأنا منشد اذا عرفتها(3)، وفيه((نشدتك الله والرحم)) أي سألتك بالله وبالرحم، يقال: نشدتك الله وأنشدك الله وبالله، أي سألتك وأقسمت عليك وتعديته الى مفعولين أما لأنَّه بمنزلة دعوت حيث قالوا: نشدتك الله وبالله، کما قالوا: دعوت زيداً وبزيد، أو لأنَّهم ضّمنوه معنى: ذكرت فأما أنشدك بالله على صيغة الافعال فخطأ(4). (5)(انتهى)، وفيه تأمل. والغِيلة بالكسر (الخديعة)(6)، وهو الاسم من خدعه كمنعه أي ختله وأراد به المكروه من حيث لا يعلم والدعوة دعوة الاسلام وهو اظهار الشهادتين واطلاق المسلم عليهم في الظاهر لا ينافي كفرهم بحسب الحقيقة / و166 / مع أن هذا من كلام هؤلاء وليس من كلامه (عليه السلام) وليس المقام [مقام](7) التقرير فلا حاجة الى ما ارتكبه بعض الشارحين(8)في توجيه اطلاق المسلم عليهم، والاستقالة طلب الاقالة وهو فسخ البيع في الأصل والمراد

ص: 233


1- یس / 59
2- (الحكم) في م، تحريف
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 5 / 53
4- (فحطأ) في ث، تصحيف
5- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 5 / 53
6- تاج العروس، مادة (غيل): 15 / 561
7- [مقام] ساقطة من أ، ع
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7/ 238

طلبهم الكف عن الحرب والندم عنه واسراح اليه أي: سكن اليه واطمأن

والتنفيس التفريج(1) والترفيه، (يقال: نفس الله عنه كربته أي: فرجها)(2).

(فقلت: لكم هذا أمرٌ ظاهره إيمان، وباطنه عدوان، وأولهُ رحمة، وآخره ندامة، فأقيموا على شأنكم، والزموا طريقتكم، وعضوا على الجهاد بنواجذكم(3)، ولا تلتفتوا الى ناعق نعق، إن أُجيبَ أضلَّ، وإن ترك ذلَّ) كون ظاهر الأمر إيماناً؛ لأن رفعهم المصاحف كان في الظاهر تصديقاً بحكم القرآن ورضا به وكون أوّله رحمة لأنَّه كان وسيلة الى ترك القتال، وحقن الدماء

وآخره ندامة أي: لكم لتام حيلتهم ومكرهم عليكم بعد رضاكم بالحكومة، أو للكلّ لاستلزامه غلبة الباطل ومحو(4) الحق ومشيد الباطل عاقبة أمره الندامة (وأقيموا عى شأنكم) أي ما كنتم عليه من الاجتهاد في الحرب، والزموا طريقتكم أي: متابعة إمامكم وتأييد الحق والنواجذ أقاصي الأسنان، وقيل: جميع الاضراس، وقيل: (هي التي تلي الأنياب)(5) وشدة العض بها نجذ والعض على الشيء بالنواجذ شدة الاهتمام به والتصلب فيه كما يبالغ

في العض من يعض بالنواجذ ونعق الرّاعي كرب ومنع [...](6) نعيقاً، أي

صاح بغنمه وزجرها ونعق الغراب صاح والمراد بالناعق المشر عليهم برفع

ص: 234


1- (التفريح) في أ، ث، ر، تصحيف وفي م: (التفريع)، تحريف
2- الصحاح، مادة (نفس): 3 / 985
3- (نواجدكم) في ع، تصحيف
4- (محق) في ث، ر، م، ن، تحريف
5- تاج العروس، مادة (نجذ): 5 / 401
6- [أي] زائدة في ع

المصاحف، أو كل من طلب الحكومة كما ذكره بعض الشارحین(1)، و(إن أجيب أضلّ) أي تحقق اضلاله وتمت حيلته وكان في نسخة بعض(2) الشارحين (ضل)(3) على صيغة المجرد، قال: أي ازداد ضلالًا لأنه قد ضلَّ قبل أن يجاب، وقد كانت هذه الفعلة وقد رأيتكم اعطيتموها والله لئَن أبيّتها ما وجبت عليّ فريضتها ولا حملني الله ذنبها و والله إن جئتها إني للمُحِق الذي يتبعُ، وإن الكتاب لمعي [ما](4) فارقته مذ صحبته، قال بعض الشارحين: هذا الفصل غير متصل بالسابق قد اسقط السّيد (رضي الله عنه) ما بين الكلامين على عادته في هذا الكتاب(5)، والفَعلة بالفتح المرة من الفَعل بالفتح، وهو مصدر فعل کمنع، والمراد الرضا بالحكومة وفريضتهاما وجب بسببها وترتب عليها (وإن الكتاب لمعي [ما](6) فارقته مذ صحبته) أي: ما خالفته قط، ويحتمل أن يكون المراد أن الكتاب كما أنزل معي دون غيري فأنا أعرف بأحكامه(7) من غيري ولعله كان فيه ماهو اصرح في وجوب القتال مّما في أيدي الناس اليوم. (فلقد كنا مع رسول الله (صلى الله عليه واله) وإن القتل ليدور بين الآباءِ والأبناء والإخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة

ص: 235


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 119، وفي ر: (صل) تحریف
2- (بغض) في أ، تصحيف
3- وردت في النسخ المطبوعة جميعها (أضل)، ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 27، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ونهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 119
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 237
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 237
6- [ما] ساقطة من ر
7- (احکامه) في ع

إلاَّ إيماناً ومضياً على الحق، وتسليماً للأمر، وصبراً على مضض الجراح.) هذا

الفصل أيضاً منفصل عن السابق على ما ذكره بعض الشارحين(1)، والمُضّي بضم الميم وكر الضاد وتشديد الياء، والمُضُوّ بضم الميم والضاد وتشديد الواو مصدران لمى كرمى أي: نفذ(2)، والمضض بالتحريك وجع المصيبة، ويقال: مضضت كفرحت مضضاً ومضيضاً ومضاضه، والجِراح(3) بالكسر جمع جِراحة بالكسر، والغرض من الكلام الترغيب في التأسي بالماضن من

كبار الصحابة. (ولكنّا إنَّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والإعوجاج، والشبهة والتأويل، فإذا طمعنا في خصلةً يَلُمُّ الله به شعثنا، ونتدانى بها الى البقية فيما بيننا، رغبنا فيها، وأمسكنا عمّا سواها!) هذا الفصل أيضاً منقطع عما سبقه على ما ذكره بعض الشارحين(4)، وتسمية القوم بالإخوان على الظاهر والزيغ الشك والجور عن الحق وطمع فيه وبه كفرح حرص عليه، / ظ 166 / ولّمه كمده أي جمعه، و(الشعث بالتحريك: انتشار الأمر)(5)، ولم الله شعثه أي: جمع أمره [...](6) المنتشر ونتدانى أي

نتقارب والبقية الحالة الباقية من الخیر والإسلام، [وقيل في تفسر قوله

تعالى: «بَقِيَّةُ اللهَّ خَیْرٌ»(7)، أي: طاعته وانتظار ثوابه(8)، والمعنى نجتهد ونسعى

ص: 236


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 237
2- (نفذوا) في ر، تحريف
3- (الحراح) في ر، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 237
5- الصحاح، مادة (شعث): 1 / 285
6- [و] زائدة في ر، م
7- هود / 86
8- ينظر: مجمع البيان: 5 / 321

في ابقاء ما بقي من احكام الاسلام](1) والامساك عن اليء حبس النفس والكف عنه، ولعل الغرض ابداء العذر في الرضا بالحكومة في الظاهر وبيان انه كان للخوف من ذهاب الإسام والرجاء في رجوع بعض المحاربن الى الحق والطاعة.

[ومن كلام له (علیه السلام)] قاله لأصحابه في ساعة الحرب

(وأيُّ امرئٍ أحس(2) من نفسه رباطة جاش عند اللقاء، ورأى من أحد من إِخوانه فشلاً، فليذبَّ عن أخيه بفضل(3) نجدته التي فُضّلَ بها عليه، كما يذب(4) عن نفسه، فلو شاء الله لجعله مثله) أحسست وأحسيت وأحست بسین واحدة وهو من شواذ التخفيف أي وجدت وظننت وعلمت وأبصرت (وربط جأشه رِباطة بالكسر اشتد قلبه)(5)، وربط الله عى قلبه أي: (الهمه

الصر وقواه)، ذكره الفروز آبادي(6)، وقال بعض الشارحين: رباطة [...](7) جأش(8)، أي شدةَ قلب: والماضي ((ربط)) كأنَّه يربط نفسه عن الفرار.

ص: 237


1- وقيل في تفسير قوله تعالى:)) بقية الله خيرٌ))(2)، أي: طاعته وانتظار ثوابه(3)، والمعنى نجتهد ونسعى في ابقاء ما بقي من احكام الاسلام] ساقطة من ع
2- (منكم أحس) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 239، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 226
3- (يفضل) في م
4- (يدب) في ر، تصحيف
5- القاموس المحيط، مادة (ربط): 2 / 361
6- المصدر نفسه، مادة (ربط): 2 / 361
7- [على] زائدة في م
8- (خاش) في أ، ع، تصحيف، وفي ث: (حاش)

والمرويّ: ((رِباطه)) بالكسر، ولا أعرفه نقلاً وإنَّما القياس لا يأباه، مثل عَمِر عِمارة، وخَلَب خِلابة(1). والجأش في الأصل مهموز وهو (رواع القلب إذا اضطرب عند الفزع)(2)، والقلب والنفس، وقال ابن الأثير: يقال: فلان رابط [الجأش](3) أي: ثابت القلب [...](4) لا يرتاع ولا ينزعج للشدائد(5) ولقيه کرضيه لِقاءً بالكسر والمدّ أي رأهُ وصادفه ولاقاه(6) [ملاقاةً](7) ولقاءً كذلك والمراد لقاء العدو عند الحرب، وفشل كفرح فشلاً بالتحريك أي: جبن وكسل وضعف وتراخي وذب عنه کمدّ أي (دفع ومنع)(8)، وفي بعض النسخ (فليذبّ(9)) على صيغة التفعيل، يقال: ذبب أي: أكثر الدفع والمنع والتشديد للمبالغة وقال بعض الشارحين: وفي بعض الروايات ((فليذبب))(10) بفك الادغام(11) والنَجدة بالفتح (الشجاعة والشدة)(12)، ولعل الغرض من التشبيه الأمر بالإجهاد في الدفع على حسب القدرة ولو شاء الله لجعله مثله أي: لو شاء لجعل الشجاع مثل الجبان بأنَّ يسلب عنه قوة الشجاعة، أو بأن

ص: 238


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 239
2- العين، مادة (جأش): 6 / 158
3- [جأش] ساقطة من ث
4- [و] زائدة في ر
5- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 232
6- (لافاة) في ث، تصحیف
7- [ملاقاة] ساقطة من ر، م
8- لسان العرب، مادة (ذبب): 1 / 380
9- (فليدبب) في ث، وفي ر: (فليذبب)
10- (فليدبب) في أ، ث، ع، تصحيف
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 239
12- المصباح المنير، مادة (نجدته): 2 / 593

لا يعطيه أولاً، أو بأن يجعله مع شجاعته محتاجاً الى أن يذب(1) غیره عنه لكنه

تفضل عليه بتلك النعمة فوجب عليه الشكر بالدفع عن الأخ وترك الشكر قد يزيل النعمة والعكس بأن يكون المراد: لو شاء لجعل الجبان شجاعاً غیر محتاج الى أن يذب(2) عنه غره لكنه لم يجعل اختباراً للشجاع لا لعدم القدرة،لا يخلو عن بعد.

(أن الموت طالبٌ حثيث لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب. إنَّ أكرمَ الموت

القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألفُ ضربةٍ بالسيفِ أهونُ من ميتةٍ

على الفراش)(3) وفي بعض النسخ (أهون عليَّ من ميتةٍ عى الفراش) الحثيث السريع كالحثوث، والمقيم للموت الراضي به كما أنَّ الهارب(4) عنه الساخط(5) له وأهون أي: أسهل، (والمِيتة بالكر هيئة الموت كالجلسة والرِكبة، يقال: مات فان ميتة حسنة)(6)، قال بعض الشارحين: (المروي في نهج البلاغة بالكسر في أكثر الروايات، وقد روي ((من موتةٍ)) وهو الأليق، يعني المرَّة ليقع في مقابلة الألف)(7)، ولا مانع من حمل الكلام عى ظاهره بأن يكون مفارقة الروح في القتل أسهل وأهون من المفارقة في الموت عى الفراش بألف

ص: 239


1- (ندب) في أ، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
2- (يدب) في ث، تصحيف
3- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 28، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 239، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 121، و بحار الانوار: 33 / 455
4- (الهاوب) في ر، تحريف
5- (الشاخط) في ع، تصحيف
6- الصحاح، مادة (موت): 1 / 767
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 239

درجة أما مطلقاً، أو في صورة الشهادة، أو القتل ظلماً ولا سبيل للعقل الى

ادراك مقدار الألم في الحالن، ولا عبرة بما يرى في الظاهر من سكون بعض

الناس عند موتهم عى الفراش، فلعله يبلغه من الألم والأذى ما لا يُقدر قدره

إلاَّ الله عز وجل وقد ورد في بعض الأخبار ما يدل عى انه لا عبرة بما يظنه

الحاضرون / و 167 / عند الميت من عسر الأمر وعدمه فقد يقول الناس:

شدد على فان، وقد هون عليه، وقد يكون بالعكس، ولا يبعد أن يكون (معظم الألم بعد الازهاق)(1) (وأن يهون الله الأمر على من قتل بالسيف في سبيل الله، أو ظلماً في غر حالة الازهاق وبعده)(2) كما ذكر فلا حاجة الى تجشم ما ارتكبه بعض الشارحين(3) من التأويلات، وعلى ما في بعض النسخ يمكن أن يكون الكلام مسوقاً لحكاية الحالة الخاصة به (عليه السلام) نظر قوله (عليه السلام): والله لابن أبي طالب أنسٌ بالموت من الطفل بثدي أمهِ

وما سبق أظهر وأنسب بالمقام منها، وفي بعض النسخ(4) ومن كلام له (عليه

السلام): (وكأنَّ أنظر اليكم تَكِشُّون كَشِيشَ الضبابِ، لا تأخذونَ حقاً، ولا تمنعونَ ضيماً، قد خُليتم والطريق، فالنجاة للمقتحم، والهلكة للمتلوِّم) كشيش

ص: 240


1- (الشدة غر مقصورة فلا نفس الازهاق فلعل شدة الالم الحاصل بعده لبعض الناس قد بلغت من الغاية ما لا يعلمه الا الله ولا بعد) في ر، م
2- (في أن يهون الله الامر في حال الازهاق وبعده عى من قتل بالسيف في سبيله أو ظلمًا) في ر، م
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 239
4- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 28، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 7 / 242، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 121، و بحار الانوار: 33 / 455

الأفعى والضب صوت جلدهما عند الحركة(1)، يقال: کشت الأفعی کفرّت وليس صوت فمها، وهو فحيحها أي: كأنكم لشدة خوفكم واجتاعكم من الجبن كالضباب المجتمعية التي تحك بعضها بعضا إذا تحركت، قال الراجز:

کشیش أفعى أجمعت لعضِّ *** وهي تحك بعضها ببعض(2)

والضيم الظّلم، والمراد بالنجاة النجاة في الآخرة، أو الدنيا، أو فيهما، وقحم(3) في الأمر كنصر قحوماً(4) رمى بنفسه فيه فجأة بلا رويّة، وقحمته تقحيماً واقحمته فانقحم واقتحم واقتحم المنزل هجمه، واقتحم عقبه، أو وهدة(5) إذا رمى بنفسه فيها، قيل: (وكأنَّه مأخوذ من اقتحم الفرس النهر إذا دخل فيه)(6)، والهلكة حركة الهلاك، وتلوّم في الأمر توقف وانتظر وتمكث. [منها](7)، وفي بعض النسخ(8)

ص: 241


1- ينظر: القاموس المحيط، مادة (کشش): 2 / 286
2- الأرجوزة غير منسوبة ومقدمتها: (كأنَّ صوت شخبِها المُرفضِّ) لسان العرب، مادة (کشش): 4 / 341. وقد وردت الارجوزة بأكثر من رواية، اذ نجد الجوهري يرويها: کُشِیشُ افعی أرمَقَتْ لِقضّ، الصحاح 3 / 1018، وفي رواية الزبيدي عن الاازهري: کشیش افعی از معت بعض تاج العروس 17 / 359
3- (فحم) فيع، تصحیف
4- (فحوماً) في ر، ع، تصحيف
5- (وهذه) في ر، تصحيف
6- المصباح المنير، مادة (قحم): 2 / 491
7- [] بياض في أ، ث، ع، ن
8- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 28، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 3، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 121، و بحار الانوار: 33 / 455

ومن كلام له (عليه السلام) في حضّ أصحابه على القتال

(فقدموا الدّارع، واخّرِوا الحاسِرَ، وعَضَّوا على الأضراس فإنَّه أنبى للسيوف عن الهام والتووا في أطراف الرماح فإنَّه أمور للأسنةِ وغُضَّوا [...](1) الأبصار فإنَّه أربط للجأش، واسكن للقلوب، واميتوا(2) الأصوات فإنَّه أطرد للفشل) الدارع لابس الدرع، والحاسر الذي لا درع ولا مغفر له، أو(3) لا

جُنّة له وعضضته، وعليه كسمع ومنع مسكته بأسناني، والضِرِس بالكسر

السن، ونبا(4) السيف عن الضريبة ينبوا نبواً أي: كَلَّ ولم يعمل فيها، والهام جمع هامة وهي (رأس كل شيء)(5) قيل: فائدة العضّ على الأضراس تصلب الأعضاء والعضات وزوال الاسرخاء فكأنَّ تأثر السيف في الرأس أقل، وقال القطب الراوندي (رحمه الله): هذا كناية عن الأمر بتسكين القلب وترك الاضطراب كأنَّه (عليه السلام) قال: فإنَّه أشد ابعاداً لسيف العدو عن هامتكم(6)، وتمكنهم منكم ولعله يقرب من هذا المعنى ما مرّ من قوله (عليه السلام): (وعضّوا على(7) الجهاد بنواجذكم) فيكون كناية عن الجد

فيه وشدة الأخذ كالعاض(8) على شيء بأقصى أضراسه ولا ريب في أنه من

ص: 242


1- [على] زائدة في أ، ع
2- (واميثوا) في ث، تصحيف
3- (و) في م
4- (بنا) في ر،ع، تصحيف
5- العين، مادة (هوم): 4 / 99
6- ینظر: منهاج البراعة شرح نهج البلاغة، الرواندي: 2 / 34
7- (عن) في أ، ع، تحريف
8- (كالغاض) في أ، تصحيف

طرق الخلاص وعدم تمكن العدو، والتووا في أطراف الرماح أي إذا وصلت اليكم الأسنة فانعطفوا واميلوا جانبكم لتزلق فلا تنفذ، والمور التحرك والاضطراب وغضَّ(1) البصر والطرف(2) خفضهما وفائدة غض البصر عدم رؤية الهائل وما يوجب الجبن(3) واربط للجأش، أي اثبت للقلب کما تقدم وما بعده كالتفسير له، والموت (يطلق على السكون، يقال: ماتت الريح أي سكنت)(4)، وعلى النوم وغيره(5)، والطرد الأبعاد والفشل الجبن.

(ورایتکم فلا تميلوها ولا تخلوها، ولا تجعلوها إلاّ بأيدي شجعانكم، والمانعين الذَّمار، منكم فإنَّ الصابرين على نُزوُل الحقائق هم الذين يحفون(6) براياتهم، ويكتنفونها: حفا فيها، ووراءها وأمامها، لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها) الراية العلم وميلها من أسباب انكسار العسكر والتخلية مايفسره قوله (عليه السلام) بعد ذلك: (لا يتأخرون عنها) إلى آخره، والشُجعان بالضم والكسر ويوجد في النسخ بها، والذِمار / ظ 167 / بالكسر: ما يلزم الرجل حفظه وحمايته(7)، وسمي ذماراً؛ لأنه يجب(8) على أهله التذمر له)(9) يقال: تذمر فلان أي لام نفسه على فائت وتغضَّب له،

ص: 243


1- (عض) في أ، ع، تصحيف
2- (الظرف) في ر، تصحيف
3- (الجين) في أ، وفي ر، ن: (الحبن)، تصحيف
4- لسان العرب، مادة (موت): 2 / 92
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (موت): 2 / 92
6- (يخفون) فيع، تصحيف
7- ينظر: تاج العروس، مادة (ذمر): 6 / 445
8- (يجب) في ث، ر، ع، م، تصحيف
9- المصدر نفسه: تاج العروس، مادة (ذمر): 6 / 445

ومنع الذمار المنع له والدفع عنه، والحقائق جمع حاقة وهي (النازلة الثابتة)(1)، ومنه قوله تعالى: «الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ»(2)، وفسرت بالساعة والحالة التي يحق وقوعها والتي يحق فيها الأمور أي تعرف حقيقتها، أو تقع(3) فيها حواق الأمور من الحساب والجزاء على الاسناد المجازي(4)، وحفوا حول الشيء کمدوا أي اطافوا به واستداروا ويكتنفونها(5) أي يحيطون بها وحفافاً الشيء جانباه، وفي بعض النسخ (حفافيها وراءها) بدون حرف العطف، فیکون وراءها وأمامها بياناً لما أريد من حفافيها، ولعل ما في الأصل أظهر وأسلمته اليه أي سلمته واعطيته وأسلم فلان فلاناً إذا القاه الى الهَلكة، ولم یَحُمهِ من عدوه وهو عام في كل من أسلمته الى شيء، لكن دخله التخصيص وغلب عليه الالقاء في الهلكة، ومنه الحديث (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)(6)، وأسلمه أي خذله وفرد الشيء مثلثة الراء، وانفرد بمعني وأفرده أي جعله فرداً (أجزا امرؤ(7) قرنه أسى أخاه بنفسه، ولم يكل قرنه الى أخيه، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه) أجزاء(8) الشيء إياي أي كفاني، والقِرن بالكسر كفو الرجل في الشجاعة، أو عام لكل من قارنه في الحرب، وآسيته بنفسي بالمدّ

ص: 244


1- المصدر نفسه: تاج العروس، مادة (حقق): 13 / 81
2- الحاقة / 1، 2
3- (يقع) في أ، ع، تصحيف
4- ينظر: الكشاف عن حقائق التنزيل: 4 / 14، و جوامع الجامع، الطبرسي: 3 / 122
5- (تكشفونها) في أ، ع، تحریف
6- مسند الإمام أحمد بن حنبل: 2 / 91، وصحيح مسلم: 8 / 18، و صحیح بخاری: 3 / 98، و سنن ابن داود: 2 / 454، و سنن الترمذي: 2 / 440، و السنن الكبرى: 6 / 96
7- (امرا) في م
8- (اجزا) في م

أي سويته وتبدل الهمزة واواً في لغة اليمن، فيقال: واسيته(1)، والمواساة في

الأصل أن يعطي الرجل أخاه من ماله ويجعله فيه أسوة، وقيل: لا يكون

ذلك إلاَّ من كفاف، فإنَّ كان من فضل(2) المال فليس بمواساة، ووكل الأمر اليه كوعد أي سلمه وتركه والمعنى لم يتركه إذا أراه متوجها الى أخيه، أو لم يفر من قرنه اعتمادا عى أخيه في دفعه، أو من غر اعتماد، والضمر في عليه راجع الى الأخ، ويحتمل أن يعود الى المرء نفسه أي بعد قتل أخيه، قال بعض الشارحين: من الناس من يجعل هذه الصيغة وهي صيغة الإخبار بالفعل الماضي، في معنى الأمر، أي ليجزئ كل أمر قرنه(3) كالأمر بلفظ المستقبل في قوله تعالى: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ»(4)، ومنهم من قال: معنى ذلك: هَلاّ أجزا امرؤ قرنه! فيكون تحضيضاً(5) محذوف الصيغة للعلم بها(6)، (وايم

الله لئن فررتم من سيف العاجلة، لا تسلموا من سيف الآخرة، أنتم لهاميم

العرب، والسنام الأعظم. إن في الفرار موجدة الله، والذل الازم، والعار

الباقي. وإن الفارَّ لغر مزيدٍ في عمره، ولا محجوز(7) بينه وبن يومه) ايم الله أصله ايمن الله، وهو اسم استعمل في القسم والتقدير ايمن الله قسمي، والتزم رفعه كما التزم رفع لعمر الله، وهمزته عند البصرين وصل واشتقاقه(8) من.

ص: 245


1- ينظر: لهجات اليمن قديماً وحديثاً، أحمد شرف الدين: 69
2- (فضل) في ر، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 5
4- البقرة / 233
5- (تخصيضاً) في أ، وفي ر: (تحصيصاً) وفي ع: (تخصيصاً)، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 5
7- (محجون) في م، تحريف
8- (واستقاقه) في ع، تصحيف

اليمن وهو البركة وعند الكوفيين قطع؛ لأنَّه جمع يمين عندهم، وموصوف العاجلة الدار، والمراد بسیف الآخرة عقاب الله، وقال بعض الشارحين: المراد به الموت(1) ووجه المشابه ابطال الحياة ولا استبعاد في تعذيب الفار بالسيف في الاخرة، واللُهموم بالضم (الجواد من الناس والخيل)(2)، كاللِهمم واللِهميم بكسرهما والسنام کسحاب في الأصل سنام الابل، وسنام كل شيء أعلاه کما أنَّ سنام البعير أعلى أعضائه والمراد شرفهم وعلوهم في العرب، ووجد عليه کوعد وجدا ومَوجِدة أي غضب وسخط، واللازم غير المفارق، وقال بعض الشارحين: ويروي: ((اللاذم(3))) بالذال المعجمة، وهو بمعنى اللازم(4)، يقال: لذِمتُ بالمكان بالكسر أي لزمته وزاد يتعدى ولا يتعدى يقال: زاده الله خير فزاد(5) وازداد، وحجزه(6) کنصره(7) وضربه أي: كفه ومنعه، ويومه أي انقضاء أجله. (مَنْ رائحٌ إِلى اللهِ كالضَّمآنِ / و 168 / يَرِدُ المَاءَ! الجَنُّةً تَحْتَ أطرافِ العَوَالي. اليَوْمَ تُبْىَ الأخبارُ) الرَّواحُ بالفتح (نَقيضُ الصَّبَاح، وهو

اسمٌ للوقت من زوال الشَّمس إلى الليَل)(8) ويكون مصدر قولك: رَاحَ يَرُّوحُ رَوْاحاً أي: سَارَ في ذلك الوقت نقيضُ قولك: غَدا يَغْدُو غَدْواً(9)، وقيل:

ص: 246


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 120
2- الصحاح، مادة (هم): 5 / 2037
3- (اللازم) في ر، م، تحریف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 6
5- (فراد) في ر، تصحيف
6- (حجزه) في ر، تصحيف
7- (کنصر)
8- الصحاح، مادة (روح): 1 / 368
9- المصدر نفسه، مادة (روح): 1 / 368

الرَّواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير، أي: وقت كان من الليل أو النهار قاله الأزهري(1) [...](2) وغيره، وظمی کفرح ظمأ بالتحريك، فهو ظمأن وهي ظمأنه أي: عطش، أو أشد العطش والعالية(3) ما يلي السنان من الرمح والجمع العوالي(4)، والمراد بالعوالي الرماح على ما ذكره بعض الشارحين(5)، والسيوف کما يظهر من كلام بعضهم قال: (وهذا من قول رسول الله (صلى الله عليه واله)): ((الجنة تحت ضلال السيوف))(6))(7)، سميت بالعوالي؛ لأنَّها تعلو فوق الرؤوس وإذا كانت الجنة تحتها فمن كان تحتها كان في الجنة، وتقول: علوته بالسيف إذا ضربته، والابتلاء الامتحان والاختبار، ويقال: بلوته وابليته وابتليته بمعنى، والاخبار(8) بالباء الموحدة في بعض النسخ(9) أي تمتحن وتختبر السرائر والضمائر من الإيمان والنفاق أو الشجاعة والجبن أو حسن العاقبة وسوءها، وقال الله عز وجل: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ»(10)، وفي بعض

ص: 247


1- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (روح): 5 / 221
2- [وقوله] زائدة في ر
3- (الغالية) في أ، ع، تصحيف
4- ينظر: تاج العروس، مادة (علو): 19 / 694
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 123
6- مسند الإمام أحمد: 4 / 354
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 6
8- (الاختبار) في ح، م، تحریف
9- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 29، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 5، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 123، وبحار الانوار: 33 / 455
10- محمد / 31، وفي ع، م : (تعلم)، تصحيف

النسخ بالياء المثناة من تحت، أي تمتاز الأخيار من الأشرار. (والله لأنا أشوق

الى لقائهم منهم الى ديارهم) اللِقاء بالكسر الملاقاة، ويكون مصدر قولك: لقيته كرضيته إذا رأيته والضمر راجع الى الأعداء، والديار جمع داراً وهي

المحل بجمع البناء والعرصة، وتسمى البلد دارا و يطلق عى القبيلة مجازا(1) وهذه الفقرة غیر موجودة في بعض النسخ الصحيحة والغرض بيان(2) شدة شوقه (عليه السلام) الى الجهاد تأكيداً لتشويق الاصحاب وتحريضهم(3).

(اللهم فإنَّ ردوا الحق فأفضض جماعتهم، وشتت كلمتهم، وأبسلهم بخطاياهم) فضضت(4) الشيء كنصرت أي: فرقته، وشت الأمر كفر شتاتاً أي: تفرق وشتته تشتيتاً فرقه، ويكون شتّ بمعنى: فرق وشتات الكلمة اختلاف الأقوال الناشيء من اختاف الآراء، وأبسلته أي: أسلمته الى

الهلكة، قال الله عز وجل «أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا»(5)، قال بعض الشارحين: هذه الالفاظ كلها لا يتلو بعضها بعضاً، وإنما هي منتزعة من كلام طويل، انتزعها الرضي (رحمه الله) وطرح ما عداها(6).

(إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم، وضرب

يفلق الهام، ويطيح العظام، ويندر(7) السواعد والاقدام) دون بمعنى غیر

ص: 248


1- (محازاً) في ر، تصحيف
2- (بيان) في م، تصحيف
3- (تحريصهم) في أ، ث،ع، ر، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
4- (قضضت) في أ
5- الأنعام / 70
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 6
7- (يثدر) في ث، وفي ر: (ينذر)، تصحيف

ويدخل عليه من والباء قليلاً، وطعنه بالرمح کمنعه ونصره طعناً ضربه والدراك ككتاب اتباع الشيء بعضه على بعض، والمراد بالطعن الدراك: (المتتابع)(1) المتتالي(2)، والنسيم أوّل الريح قبل أن يشتد(3)، والريح الطيبة وخروج النسيم عن موضع الطعن(4) عبارة عن سعته، وروي (یخرج منه النسم) بالتحريك وهو نفس الروح(5) أي طعن يخرق الجوف بحيث يتنفس المطعون من موضعه ويكون بمعنى النسيم، وجمع نسمة بالتحريك أيضاً أي: النفوس، وفلقت (الشيء كضربت أي: شققته فأنفلق - والهامة رأس كل شيء والجمع هام - وطاح الشيء يطوح ويطيح(6) أي سقط وهلك وتاه في الأرض واطاحه غيره، وندر الشيء كقعد ندوراً سقط أو من جوف شيء، أو من بين أشياء وندر العظم من موضعه أي زال ويتعدى بالهمزة وساعد الإنسان ذراعه، والقدم الرجل مؤنثة.

(وحتى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر، ويرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب، وحتی یجر ببلادهم الخميس(7)، وحتی تدعق الخيول في نواحر أرضهم، وبأعنان مساربهم(8) ومسارحهم) قال الشريف: الدعق: الدَّقُ، أي تدق

ص: 249


1- وفي ع: (المتابع)
2- (المتالي) في ر، وفي م: (التالي)، تحریف
3- ينظر: الصحاح، مادة (نسم): 5 / 2040
4- (العطن) فيع، تحریف
5- (الروج) في ر، تصحيف
6- (بطيح) في ر، تصحيف
7- (يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 7، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 229
8- (مساريهم) في م، تصحيف

الخيول بحوافرها أرضهم. ونواحر أرضهم: متقابلاتها: يقال(1): منازل بني فلان تتناحر / ظ 198 /، أي تتقابل) حرف العطف محذوف في بعض النسخ(2)، والمَناسِر جمع مَنسِر بفتح الميم وكسر السين(3)، ويجوز مِنسرَ بكسر الميم وفتح السين، وقيل: إنّها اللغة الفصحى، وهو قطعة من الجيش [تكون](4) [...](5) [إمام](6) الجيش الأعظم(7) وما بين الثلاثين إلى الأربعين من الخيل، أو من الأربعين إلى الخمسين، أو إلى الستين، أو من المائة إلى المئتين، والرّجم(8) في الأصل الضرب بالرجم(9) بالتحريك أي الحجارة، و ((الكتيبة: الجيش))(10) أو الطائفة من الجيش مجتمعة، أو الجماعة من الخيل إذا أغارت من المائة إلى الألف، وقَفوته قفواً أي تبعته، والحلائب بالحاء المهملة جمع حليبة(11) وهي الطائفة المجتمعة من حلب(12) القوم كنصر حلباً وحلوباً أي اجتمعوا من كل وجه، وقال بعض الشارحين: (تقفوها الخلائب أي تتبعها طوائف لنصرها،

ص: 250


1- (ويقال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 7
2- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 123، و بحار الانوار: 33 / 456
3- (الشين) في م، تصحيف
4- [تكون] ساقطة من ث، وفي أ: (يكون تصحيف
5- [من] زيادة في ث
6- [أمام] ساقطة من ث
7- ينظر: لسان العرب، مادة (نسر): 5 / 205
8- (الرحم) في ر، تصحيف
9- (بالرحم) في ث، تصحيف
10- لسان العرب، مادة (كتب): 1 / 701
11- (حلية) في ث، م، تصحیف، وفي ر: (حليته)
12- (جانب) فيع، تحریف

و المحاماة عنها، يقال: قد أحلبوا، إذا جاؤوا من كل أوب للنصرة، ورجل محلب أي: ناصر، و حالبت الرجل، إذا نصرته وأعنته)(1)، وفي بعض النسخ (الجلائب)(2) بالجيم، فيحتمل أن يكون جمع جلوبة(3) أي (ذكور الأبل)(4)، أو التي تحمل عليها متاع القوم فالغرض وصف الكتائب بالاستعداد وأخذ الأهُبة للمسير وإن بعدت الغاية، ويحتمل أن يكون جمع جليبة وهي الطائفة المجتمعة من جلب(5) کسمع إذا اجتمع، أو المسوقة للإغارة من حلبه کنصره وضربه إذا ساقه من موضع إلى أخر، فجلب هو كنصر وانجلب، (والخميس الجيش)(6)؛ لأنّه خمس فرقة المقدمة والقلب و الميمنة والميسرة والساقة(7)، والدعق(8) [...](9) الوطؤ الشديد المؤثر في الطريق(10)، يقال: دعقت الدواب الطريق كمنعت إذا أثرت فيه، وقال بعض الشارحين: الدعق(11) قد فسره الرضي (رحمه الله)، ويجوز أن يفسر بأمر آخر وهو الهيج و التنفير(12)، يقال:

ص: 251


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 8
2- (الجائب) في بحار الانوار: 33 / 456
3- (جلوية) في ر، تصحيف
4- تاج العروس، مادة (جلب): 1 / 317
5- (حلب) في أ، ر، تصحيف
6- العين، مادة (خمس): 4 / 205
7- (الناقة) في ع، تحریف
8- (الدعو) في ث، تحریف
9- [عن] زائدة في م
10- ينظر: العين، مادة (دعق): 1 / 145
11- (الدعوة) في م، تحریف
12- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 8، وفيه: (والدعق...)

دعق(1) القوم أي: هاجهم و نفرهم، ويمكن أن يفسر النواحر(2) بأمر آخر وهو أن يريد بهِ أقصى أرضهم وآخرها من قولهم لآخر ليلة من الشهر: ناحرة. وأعنان الشيء أطرافه و نواحيه، و المسارب(3) و المسارح المراعي(4) والفرق بين ((سرح)) و ((سرب)) أن السّروح إنَّما يكون في أول النهار(5)، وليس ذلك بشرط في السروب، وفسر بعضهم السّروح بالأعم(6).

[ومن كلامه (عليه السلام)] في التّحكيم

(إنا لم نحكّم الرّجال، وإنَّما حَكمنا القرآن، وهذا(7) القرآن انّما هو خطٌّ مسطورٌ(8) بين الدَفَّتين، لا ينطق بلسانٍ، ولا بُدّ له من ترجمانٍ وإنّما ينطق عنه الرجال. ولما دَعانا القومُ إلى أن نُحَکِم(9) بيننا القرآن، لم تكن الفريق المتولي عن كتاب اللهِ تعالى(10)، وقد قال الله سَبحانَهُ(11): «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ

ص: 252


1- (وعق) في م، تحریف
2- (النواخر) في ث، وفي م: (النواجز)، تحریف
3- (المشارب) فيع، تصحيف
4- ينظر: العين، مادة (سرح): 3 / 137، و الصحاح، مادة (سرب): 1 / 167
5- ينظر: لسان العرب، مادة (سرح): 2 / 478
6- ينظر: العين، مادة (سرح): 3 / 137
7- (هذا غير موجودة في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82
8- (مستور) في أ، ع، وفي نهج البلاغة، صبحي الصالح: 230
9- (نجکم) في ر، تصحيف
10- (سبحانه وتعالى) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 230
11- (تعالى عز من قائل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82

فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ»(1) فردُهُ(2) إلى الله أن نحكم بكتابهِ، وردُّهُ إلى الرسول أن نأخذ(3) بُسنِّتهِ، فاذِا حُکِمَ بالصدقِ في كتابِ اللهِ، فنحنُ أحق النّاس بهِ وإنِ حُکم بِسُنته رسولِ الله (صَلّى الله عليه والهِ)(4) فنحن أولاهُم به(5) في بعض النسخ(6) العنوان هكذا، (ومن كلام له (عليه السلام) في الخوارج لّما انكروا تحكيم الرّجال، ويذمّ فيه أصحابه)، وسطر الكتاب سطراً كنصر أي كتبه و السّطر الصفّ من الكتاب و الشجر وغيره وهو في الأصل مصدر(7)، والدف (الجنب من كل شيء، والجمع دفوف مثل: فلس و فلوس، وقد يؤنث بالهاء، فيقال: (الدّفة)، ومنه: دفتا المصحف)(8) أي جانباه(9) المكتنفان به، و كانوا يعملونهما قديماً من خشب، و التَرجَمان بفتح التاء والجيم مفسر اللغةِ بلسان آخر، والجمع التَراجم، مثل: زعفران و زعافر(10)، و يجوز ضم الجيم وحدها، وهكذا في النسخ وضمهما جميعاً، وترجم الكلام أي فسره

ص: 253


1- النساء / 59
2- (فردوه) في ر
3- (تأخذ) في م، تصحيف
4- (صلى الله عليه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82
5- (فنحن أحق الناس و أولاهم بها) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 230
6- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 36، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82
7- ينظر: الصحاح، مادة (سطر): 2 / 684
8- المصباح المنير، مادة (دف): 1 / 199، 197 وفي ع: (الصحف)، تحریف
9- (حانباه) في أ، ر، تصحيف
10- (زعارف) في م، تحریف

بلسان آخر، قال في القاموس: (والفعل يدل على أصاله التاء)(1)، ويظهر من كلام غيره إنها زائدة، والمراد حاجة القرآن إلى بيان المراد منه، وإن كان باللغة العربية وتولى عن الشيء أي اعرض عنه وحاصل الكلام انالم نرض(2) بتحكيم الرجلين مطلقاً بل لو حكما بالصّدق في الكتاب و السّنة لأنَّ القوم دعونا إلى كتحکیم القرآن لا(3) الرجلين وحمنا الرجلين لاحتياج القرآن الى البيان فالحاكم حقيقة هو القرآن لا الرجلان، فإذا / و 169 / خالفا حكم الكتاب والسنة لم يجب علينا اتباع قولها، وقد عرفت فيما تقدّم أنّه (عليه السلام) لم يرضَ بالتحكيم الذي دعا اليه الخصوم و المنافقون من أصحابه بل أكره عليه نعم كان راضياً بما حکم به القرآن والسنة في الواقع ولما كان دعاء الخصوم إلى كتاب الله آمراً ظاهره إيمانٌ وباطنه عدوان واتفق المنافقون من أصحابه ووافقوا الخصوم في وجوب الرضا بالتحكيم لم يتمكن (عليه السلام) من رده رأساً؛ لأنّهم كانوا يعدّونه توليا واعراضاً عن - كتاب الله فاضطرا إلى القبول خوفاً من وقوع الفتنة بين قومه کما تقدم وقوله (عليه السلام) فإذا حكم بالصِّدق في كتاب الله فنحن أحقّ النّاس بهِ يحتمل أن يكون المراد بهِ أنه لو حكم بالصّدق في الكتاب لوجب عليهم طاعتنا لأنّا أحق و أولى بالكتاب أو بالله من غيرنا. بحكم القرآن و يحتمل أن يراد بهِ إنّا أحقّ الناس باتّباع الاحكام المستنبطة من القرآن على وجه الصّدق ولكن الرجال لم يحكموا بالصّدق في القرآن، وإلاّ لحكموا بفرض

ص: 254


1- القاموس المحيط، مادة (ترم): 4 / 83
2- (ترض) فيع، تصحيف
3- (لأن) في أ، تحریف

طاعتنا ووجوب قتال من خالفنا لقوله عزّ وجل: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ»(1) و يحتمل أن يكون المراد إذا رضي النّاس بحکم القرآن بالصِدق فنحن أحق الناس بذلك الحكم فيجب عليهم اتباع أمرنا و التزام طاعتنا فالضمير يحتمل أنْ يعود الى كتاب الله، والى الله و المآل واحد، والى الحكم المذكور وفي قوله: (فنحن أولاهم بهِ) يحتمل الرّجوع الى الرّسول (صلّى الله عليه واله) وإلى الحكم المذكور والله يعلم.

(وأمَّا قولكم: لم جعلتُ بينكم وبينهم أجلاً في التّحكيم؟ فإنّما فعلتُ ذلك ليَّتبين الجاهِلُ، و يتثبتَ العالِمُ، ولعَلَّ اللهَ أنْ يُصلِحَ في هذِه الهُدَنَةِ أمر هَذِه الأمَّةِ، ولا تُؤخَذَ بأكظامِها فتعجل عن تبيّن الحَقّ، وتَنقادَ لأوّلِ الغيِّ.) تبين الشيء أي ظهر و تبيّنتُه أنا يتعدى و لا يتعدى ويكون التبين بمعنى التثبت، ومنه الحديث: (ألاَّ أنَّ التبين من الله والعجلة من الشيطان فتبينوا)(2) والغرض(3) طلب بيان الحق، وظهور طريق الرّشاد والتثبت التأني و تثبت واستثبت بمعنی و تثبت العالم لدفع الشبه واطمئنان القلب، والهُدنة بالضم السكون والصّلح و الموادعة بين كل متحاربين والكظم بالتحريك مخرج النفس من الحلق(4) و الجملة معطوفة على قوله (عليه السلام) يتبين أي إنما فعلت ذلك لئلا تؤخذ الأمة بغتة، وعلى غرّة فيمنعهم ذلك عن ظهور الحق لهم والغّي

ص: 255


1- الحجرات / 9 وفي ر، ع، م، ن: (احدیها)، تحریف
2- غريب الحديث، ابن سلام: 2 / 32، و الفايق في غريب الحديث: 1 / 127
3- (العرض) في أ، ث، تصحيف
4- (الخلق) في ر، تصحيف

الضلال والانقياد لأوّل الغي [...](1) الضلال قبل تمام الحجة والمعنى إنماّ فعلت ذلك ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيّ عن بينةٍ.

(إنَّ أفضَلَ الناس عند الله من كان العمل بالحق أحب اليه، وإن نقصه وكرثه، من الباطِلِ، وإن جر إليه فائدةً وزادهُ، فأين يتاهُ(2) بکم! ومن أين أتيتم! استعدّوا للمسير إلى قومٍ حيارى عن الحق لا يبصرونهُ، وموزعين بالجور لا يعدلون به جفاةٍ عن الكتاب، نكب عن الطريق.) کرثه كضربه ونصره (اشتد عليه وبلغ منه المشقة)(3)، وكلمة (فائدة) غير موجودة في بعض النسخ(4) وتاه يتيه(5) تيهاً إذا تحير وضلّ وإذا تكبر، والتيه بالكسر المفازة يُتاه فيها، وفي الكلام دلالة على أنهم ضلّوا بفعل غيرهم، وروي (فأنّی یُتاه(6) بکم) والمعنى: إلى أيّ غاية يكون هذا التيه الذي أخذتم فيه؟ ومن أين أتيتم؟ أي من أي وجه أتاكم الشيطان فأضلكم أو دخلت عليكم الشبهة أو الحيلة، و الاستعداد التهيؤ وأخذ العُدة بالضّم أي ما أعددته من مال وسلاح وغير ذلك وحار في أمره يحار أي تحيّر ولم يهتدِ لسبیله فهو حيران، وقوم حَیاری الفتح وقد يضم وفي النسخ بالفتح، واوزعته بالشيء أي اغريته به فهو موزع به أي مغرى و أوزعني / ظ 169 / شكر نعمتك أي الهمني ولا يعدلون به

ص: 256


1- [و] زائدة في ر
2- (تياه) في أ، ر، ع، تصحيف
3- الصحاح، مادة (كرث): 1 / 290
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82
5- (يبية) في ر، تصحیف
6- (تياه) في م، تصحيف

أي لا يجعلون له عِدلا و مثلاً، وفي بعض النسخ (لا يعدلون عنه)(1) أي لا يتركونه ولا يجاوزونه إلى غيره، و الجَفاء بالفتح البعد عن وجفا يجفو وتجافي أي لم يلزم مكانه، ونكب عن الطريق كنصر وفرح أي ((عدل))(2) فهو ناكب والجمع نُكب بالضم كما في أكثر النسخ ونُکُب بضمتين كما في بعضها(3). (ما أنتم بوثيقة يُعلق(4) بها، ولا زوافر يعتصم اليها، لبئس حشاش نار الحرب أنتم! أف لكم! لقد لقيتُ منکم برحاً يوماً أناديكم، ويوماً أناجيكم، فلا أحرارٌ عند النداء، ولا إخوان عند النجاءِ) وثق به کورث ثقة أي ائتمنه و الوثيق المحكم و أخذ بالوثيقة في أمره أي بالثقة، قال: بعض الشارحين: (ما أنتم بوثيقة، أي بعروة وثيقة)(5)، وقال بعضهم: أي بذوي(6) وثيقة، فحذف المضاف(7)، وعلق بالشيء کفرح و تعلق به أي نشب، واستمسك. (وزافرة الرجل: انصاره وخاصته(8))(9)، أو عشيرته، والحُشاش(10) بضم الحاء المهملّة وتشديد الشين المعجمة كما في كثير من النسخ(11) جمع حاش وهو الموقد

ص: 257


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82
2- الصحاح، مادة (نکب): 1 / 228
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 127
4- (يغلق) في ر، تصحيف
5- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 130
6- (ندوي) في أ، وفي ث: (يذوي) تصحيف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 85
8- (وخاصة) في ر
9- لسان العرب، مادة (زفر): 4 / 326
10- (الخشاش) في ث، تصحيف وفي م: (الحشيش)، تحریف
11- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 127

للنار، تقول: حششت(1) النار إذا اضرمتها والهبتها، والمِحَش بكسر الميم وفتح الحاء، حديدة يوقد بها النّار(2)، وفي بعض النسخ (حِشاش) بکسر الحاء وتخفيف الشين، قال بعض الشارحين: وهو أيضاً جمع حاش، وقيل: هو ما يحش(3) به النّار: أي يوقده(4)، وقال بعضهم: وروی ((حَشاش)) بالفتح كالشَّياع وهو الدق من الحطب الذي يلقى في النّار(5)، و(أُفٍّ) بالکسر کما في بعض النسخ، وبالكسر والتنوين کما في بعضها(6)، كلمة تكره وتضجر(7) ولغاتها أربعون على ما ذكره في القاموس(8)، والبَرح بفتح الباء الموحدة وسكون الراء (الشدة والشرّ)(9)، وفي بعض النسخ (تَرحاً) بفتح التاء المثناة من فوق وفتح الراء، وهو (الهم)(10) (ضد الفرح)(11)، وفي الحديث: (ما من فرحه إلاَّ ويتبعها ترحة)(12)، وأناديكم أي أدعوكم جهاراً،

ص: 258


1- (حشت) في ر
2- ينظر: تاج العروس، مادة (حشش): 9 / 90
3- (ما هو يحش) في م
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 127
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 85 و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 127
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82، و
7- ينظر: الأمالي الشجرية، أبو السعادات: 1 / 391، والنحو الوافي: 4 / 140، و معاني النحو: 4 / 38
8- ينظر: القاموس المحيط، مادة (أف): 3 / 117
9- المصدر نفسه، مادة (برح): 1 / 215
10- المصدر نفسه، مادة (ترح): 1 / 217
11- العين، مادة (ترح): 3 / 190
12- مجمع البحرین: 2 / 344، وروى ابن الأثير: (ما من فرحة الا وتبعها ترحه) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 186

أو من بعيد وأناجيكم أي: سّراً أو من قريب، يقال: (ناجاه [مناجاة](1) ونجاء أي ساره)(2)، (والنجوى السرّ)، والحُر خلاف العبد وخيار كل شيء، والمراد بنفي الحرّية عنهم نفي لازمها العادّي وما يليق بالأحرار وهو النصر و المحاماة، وفي بعض النسخ (فلا أحرار صدقِ)(3) بالإضافة، يقال: فلان صدیق صدق ورجل صدق إذا كان مستكملاً للوازم المضاف والصدق تستعمل في الحديث وفي الحب و النصح وغير ذلك، والأخوة(4) کما یکون من النسب يكون من الدين والصداقة و المصاحبة، وفي بعض النسخ (ولا أخوان ثقة عند النجاء(5)) بالإضافة أي لستم بإخوان يعتمد عليكم في كتمان الأسرار ولوازم الإخاء.

ومن كلامٍ له (عليه السلام) لّما عوتب على التسوية في العطاء

(أتأمروني أن اطلب النصرَ بالجور فيمن وليت عليه! والله لا أطورُ بهِ ما سمر سمير، وما أمَّ نجمٌ في السماء نجماً! لو كان المال لي لسوّيت بينهم، فكيف وإنما المال مالُ الله! ألاَّ وإنَّ إعطاء المال في غير حقه تبذيرٌ وإسِرافٌ) وفي

ص: 259


1- [و مناجاه] ساقطة من ر
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 37، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 82، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 127
3- المصدر نفسه، مادة (نجا): 4 / 393
4- (الأخرة) في م، تحریف
5- (النحاء) في م، تصحيف

بعض النسخ (فكيف وإنمّا المال لهم)، ثم قال (عليه السلام): (ألاَّ وإنَّ إعطاء المال) إلى آخِره، والعنوان في بعض النسخ هكذا (ومن كلام له (عليه السلام) لّما عوتب على تصييره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف)(1) والعتاب(2) و المعاتبة الملامة و مذاكرة الموجدة، والُأسوة بالضم والكسر (القدوة)(3) وتصيير الناس أسوة التسوية بينهم كان كلًا منهم قدوة صاحبة، والمراد بالعطاء ما يعطي المهاجرون وغيرهم من الغنائم والصدقات وغيرها مما يحرز في بيت مال المسلمين، وفلان له سابقة في هذا الأمر إذا سبق الناس اليه، والمراد بالسابقات الخصال الحميدة من السبق الى الاسلام وشهود المواقف كبدر و الأحزاب مع الرسول (صلى الله عليه واله)، وبذل الأموال والأنفس في نصرة الإسلام ونحو ذلك، والشرف المجد وعلو الحسب، وقد روى المخالف والمؤالف أن / و 170 / التسوية من سنن الرّسول (صلّى الله عليه وآله) وهو مذهب الشافعي من العامّة، وكان أبو بكر يسوّي بين المسلمين في خلافته، فأشار اليه عمر بن الخطاب بالتفضيل فأبى، وقال: إنَّ الله لم يفضل أحد على أحد، وقال: إنّما الصدقات للفقراء والمساكين، فلما انتقل الأمر إلى عمر بن الخطاب فضّل المهاجرين كافة على الأنصار، والعرب على العجم والصّريح على المولى، وأمّا عثمان فقد بلغ الغاية في ذلك وأعطى الناس على حسب هواه فيهم وقد فصّلنا(4) الكلام في ذلك في شرح خطبة الشقشقية من

ص: 260


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 87
2- (العتاف) في ر، وفي م: (العقاب)، تحریف
3- لسان العرب، مادة (أسا): 14 / 35
4- (قصلنا) في أن تصحيف

کتاب حدائق الحقائق و(تأمروني) بالإدغام أصله تأمرونني(1)، وفي الكتاب الكريم «قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ»(2)، وولیت علیه کرضیت أي: صرت والياً وأميراً عليه، وفي بعض النسخ (وُلّيت)(3) على صيغة المجهول من باب التفعيل أي: جعلت والياً عليه بأمر الله، والطَور بالفتح (الحوم حول الشيء)(4)، ولا أطور به أي لا أقربهِ قيل: وأصله من الطَوار بالفتح والكسر وهو ما كان ممتد من الفناء مع الدار(5)، والسمير (الدهر)(6) وابنا سمير (الليل والنهار)(7)، ولا أفعله ما سمر سمير، أي: ما أختلف الليل والنهار، و(أمَّ) أي تقدم، أو قصد كان بعض النجوم بحركته يقصد بعضاً. أو المراد قصد بعض السيارات بعضها وغيرها، ويمكن أن يشمل النجم الشهاب، وقد سماه الله عز وجل مصباحاً، بقوله: «وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ»(8) على بعض التفاسير(9)، وكوكباً بقوله: «إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ»(10)، والتبذير التفريق، ومنه التبذير في المال، لأنّه تفريق له في

ص: 261


1- (تأمروني) في ر
2- الزمر / 64
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 87، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 130
4- تاج العروس، مادة (طور): 7 / 148
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (طور): 7 / 148
6- المصدر نفسه، مادة (سمر): 6 / 541
7- المصدر نفسه، مادة (سمر): 6 / 541
8- الملك / 5
9- ينظر: الكشاف عن غوامض التنزيل: 4 / 135، و مجمع البيان: 10 / 70، و البحر المحيط: 8 / 293
10- الصافات / 6، 7

غير القصد کما يفرق الحَّب للّزرع، وقال الله عزّ وجل: «وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا، إِنَّ

الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا»(1) و الإسراف(2) التبذير، أو انفاق المال في غير طاعة الله عزّ وجل، وقال الله عزّ وجل: «وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»(3)، وظاهر الكلام إنَّ الإسراف والتبذير أعم من المعروف بين الناس في معناهما (وهو يرفع صاحبه في الدّنيا، ويضعه في الآخرة، ويكرمه(4) في الناس، ويهينه عند الله، ولم يضع امرؤ [ماله](5) في غير حَقِّه، وعند غير أهلهِ؛ إلاَّ حَرَمُه الله شكرهَمُ، وكان لغيره ودهُم، فإنَّ زلت به النَّعل يُوماً فاحتاجَ الى معونتهم فشرُّ خدين، وَالأَمُ خليل(6) [الوضع](7)) الحطّ(8) ضد الرّفع ورفع الإسراف أو اعطاء المال في غير حقه صاحبه في الدنيا و اکرامه عند الناس للذكر الجميل والوصف بالسخاء بين العوام ومن لا يعرف حقيقة(9) الجود وحرمه كضربه أي منعه، ولعلّ المراد بالشكر المسلوب مايعتد به والمقرون بخير العاقبة ولا يضر شكر الأرذال أحياناً، والباء في زلت به للتعدية، والمراد الفاقة والحاجة والنعل مؤنث(10)، والعون الظهير

ص: 262


1- الإسراء / 26، 27
2- (الاشراف) في ر، تصحيف
3- الانعام / 141
4- (یکرمه) في م، تصحيف
5- [ما له] ساقطة من ع
6- (خدين) في ث
7- [المواضع] ساقطة من ث
8- (الخط) في ع، تصحيف
9- (حقيقة) في ر، تصحيف
10- (المؤنث) في ر

واستعانه وبه فأعانه والاسم المعونة والخدين والخِدن بالكسر (الصدیق)(1) والصاحب، وقيل: (الصديق في السّر)(2) وقيل: من يخادنك في كل أمر(3) ظاهر وباطن(4)، واللُّؤم بضم اللام وهمزة ساكنة ضّد الكرم، (والخليل الصدیق)(5)، أو من أصفى المودة وأصحها، وفي بعض النسخ (فشرّ خليلٍ، والامُ خدين)(6) وحاصل المعنى أن افتقر يوماً واحتاج اليهم والى نصرهم يعدونه شرّ صديق ولا يذكرون ما أعطاهم من الأموال و يتقاعدون عن نصره.

[ومن كلامه (عليه السلام) للخوارج]

وفي بعض النسخ (ومن كلامٍ له (عليه السلام) قاله للخوارج أيضاً)(7): (فإن أبيتم إلاَّ أن تزعموا أنِّي أخطأت و ظللتُ(8)، فلم تُضللون عامَّة أمَّةِ مُحمدٍ (صَلّى اللهُ عليه والهِ) بضلالي، وتأخذونهم بخطائي، وتكفرونهم بذنوبي! سيوفكم على عواتقکم تضعونها مواضع(9) البراءة والسقم، وتخلطون من اذنب بمن لم يذنب، وقد علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه واله) رجم

ص: 263


1- لسان العرب، مادة (خدن): 13 / 139
2- المصباح المنير، مادة (الخدن): 1 / 165
3- (کلام) في م
4- ينظر: لسان العرب، مادة (خدن): 13 / 139
5- المصدر نفسه، مادة (خلل): 11 / 217
6- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 38، و شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 87، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 131
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 89
8- (ضلت) في أ، ع
9- (موضع) في ر

الزاني، ثم صلى عليه، ثم ورثهُ أهله، وقتل القاتل، وورث میراثه أهله، و / ظ 170 / قطع السارق وجلد الزاني غير المحصن، ثم قسم عليهما من الفيء، و نکحا المسلمات، فأخذهم رسول الله (صلّى الله عليه واله) بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم، و لم يمنعهم سهمهم من الاسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله.) الزَعم بالفتح والضم قريب من الظن وأكثر ما يستعمل في الباطل وما لا يوثق به من الأحادیث کما تقدم(1)، وظللت كزللت کما في بعض النسخ ومللت کما في بعضها، وتضللون أي تنسبون إلى الضلال وتسمون ضالين، وكذلك تكفرون، والعواتق(2) جمع عاتق وهو (موضع الرداء من المنکب)(3) [أو بين(4) المنكب](5) والعنق(6) وقد يؤنث(7)، وورثه على صيغة التفعيل أي جعله من الورثة واعطاه(8) الميراث، وقد يكون بمعنى أدخله في الورثة، ولم يكن منهم، وأما أورثه(9) على صيغة الأفعال، فمعناه ترك له ميراثاً، وما في الخبر الموضوع: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث)، ليس منهما بل هو على صيغة المجهول من المجرد يقال: ورِث فلان أباه بكسر الرّاء، فهو وارث،

ص: 264


1- ينظر: النص المحقق، صحيفة: 147
2- (العوائق) في ر، وفي ع: (العوانق)، تصحيف
3- الصحاح، مادة (عتق): 4 / 1521
4- (من) في م
5- [أو بين المنكب] ساقطة من ع
6- (العتق) في ر، م، تصحيف
7- ينظر: المذكر والمؤنث، لابن التستري (361 ه): 93
8- (اعطاء) فيع، من
9- (ورثه) في ع

وأبوه موروث، وظاهر السياق أن السرقة من الكبائر أو بزعمهم(1)، وقد ذهبت الخوارج قاطبة إلى تكفير أصحاب الكبيرة مطلقاً وهذه شبهتهم في تكفير من رضي بالتحكيم والاحصان(2)، والتحصين في الأصل [المنع](3) (4)، قال الله عزّ وجلّ: «لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ»(5)، وقال تعالى: «فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ»(6)، و ورد في الشرع بمعنى الإسلام و البلوغ و العقل والترويج و العفة عن الزنا والإصابة في النكاح والموجب(7) للرجم(8) في المشهور أن يكون الواطئ بالغاً حراً متمكناً من فرح(9) مملوك بالعقد الدائم أو الرق يغدو عليه ويروح وفي اعتبار کمال العقل خلاف، وفي رواية مهجورة(10) إذا كان بينهما دون مسافة التقصير، ونكحا أي السارق و الزّاني بحكم الشرع والظاهر رجوع الضمير في أهله [الى](11) الإسلام واحتجاجه (عليه السلام) بما ذکر ابطال لما زعموا من أن الدار دار کفر لا يجوز الكف عن أحد من أهلها وقتلوا الناس حتى الأطفال، وقتلوا البهائم واحتجوا لما ذهبوا بحجج باطلة

ص: 265


1- (يزعمهم) في ع، تصحيف
2- (الاحصاد) في م، تحریف
3- [المنع] ساقطة من ر
4- ينظر: لسان العرب، مادة (حصن): 18 / 148
5- الأنبياء / 80
6- الحشر / 14
7- (الموحب) في أ، ع، تصحيف
8- (للرحم) في أ، ع، تصحيف
9- (فرج) في ث، ر، م، تصحيف
10- (مهجوزة) في ر، تصحیف
11- [الى] ساقطة من ر

ذكرها بعض الشارحين(1)، (ثمّ أنتمَ شرار الناس، ومن رمی بهِ الشيطان مُراميه وضَرَب بهِ تيههُ. و سيهلكُ فِيَّ صنفان مُحبٌ مفرطٌ يذهب بهِ الحُبُّ إلى غير الحق، ومبغض مفرطٌ يذهب به البغض إلى غير الحق، وخير الناس في حالاً النمط الأوسط فالزموه) مرامي الشيطان طرق الضلال التي يقود الإنسان اليها بوساوسه، والتِيه بالكسر المفازة التي لا علامة فيها يقتدى بها، وتاه الانسان يتيه تَيهاً وتِيها بالفتح والكسر إذا ضل وتحير وضرب به يتيه أي وجهه اليه من ضربت في الأرض إذا سافرت والباء للتعدية كما في رمی به، وأفرط في الأمر أي جاوز فيه الحد، و التقييد في الثاني لتخصيص اكمل الإفراد بالذكر أو لأن المبغض(2) مطلقاً مجاوز عن الحد فالمفرط من أفرط للبغض(3) لا في البغض(4)، أو لأنَّ الكلام اخبار عن حال من سيوجد من المبغضين ومن وجد منهم كان مفرطاً، ولا [يضر](5) امكان غيره وهلاكه لو وجد وفيه رعاية للازدواج، وقد اتفقت(6) كلمة الفريقين في أنَّ النبي (صلى الله عليه واله) قال له (عليه السلام): (لا يحبك إلاَّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق)(7) وقد ذكرنا طرفاً من الأخبار في ذلك في مقدمة شرح

ص: 266


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 90 - 93
2- (البعض) في أ، ع، تحریف، وفي ن: (المبعض)
3- (للبعض) في أ، ع، وفي ر، ن: (للبغص)
4- (البعض) في أ، ع، وفي ن: (البعض)
5- [يضر] ساقطة من ر
6- (انقضت) في ع، تحریف
7- مسند أحمد: 1 / 95، و سنن الترمذي: 5 / 306، وسنن النسائي: 8 / 116، و مجمع الزوائد: 9 / 133، و فتح الباري: 1 / 60

الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق(1) ومقالات(2) الغلاة المفرطين في حبه (عليه السلام) مذكورة في كتب المقالات و النمط بالتحريك الطريق من الطرائق والجماعة من الناس أمرهم واحد والصنف و النوع يقال: هذا [من نمط هذا](3) أي من نوعه، والأنسب بقوله: (فالزموه) المعنى الأول إلا أنّه لا بد من تقدير مضاف أي خير الناس في حالا لازم النمط الأوسط وعلى الأخيرين معنى اللزوم الكون منه والدخول فيه، ولزمه کسمع إذا لم يفارقه (والزمُوا السواد الأعظم؛ فإنَّ يد الله على الجماعة، وإیاکم والفرقة، فإنَّ الشاذَّ / و 171 / من الناس للشيطان، كما أنّ الشاذة(4) من الغنم للذئب) السواد (العدد الكثير)(5)، والجماعة من الناس ويسمى الشخص سوادا؛ لأنّه يُرى من بعيد أسود کما يسمى الخضرة سواداً، ومنه سواد العراق لكثرة أشجاره وزروعه(6)، ولعلّ تسمية الجماعة به أيضاً لذلك ويد الله كناية عن الحفظ والدّفاع، أي أن الجماعة في كنف الله وحفظه، والشاذ النادر الخارج عن الجماعة، وفي هذا الكلام دلالة على رجحان العمل بالقول المشهور إلاَّ إذا قام دليل أقوى على خلافه. (أَلاَ من دعا إلى هذا الشعار فاقتلوه، ولو كان تحت عمامتي هذه، وإنما حكم الحكان ليُحيياما أحيا القرآن، ويميتاما أمات

ص: 267


1- ينظر: مخطوط حدائق الحقائق: 179
2- (مقالات) في ر، م، تصحيف
3- [من نمط هذا] ساقطة من ع
4- (الشادة) في أ
5- تاج العروس، مادة (سود): 5 / 34
6- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (خضر): 2 / 195، و المصباح المنير، مادة السواد): 1 / 294

القرآن، وإحياؤه الاجتماع عليه، وإماتته الافتراق عنه، فإنَّ جرَّنا القرآن اليهم اتبعناهُم وإن جرّهم الينا اتبعونا) الشعار ککتاب علامة القوم في الحرب وفي السفر وهو ما ينادون به ليعرف بعضهم بعضاً(1)، وكان شعار الخوارج (لا حكم إلا الله)، أو (لا حكم إلاّ للهِ)، وقال بعض الشارحين: كان شعارهم أنهم يحلقون وسط (رؤوسهم)(2) و يبقون الشعر مستديراً حوله كالإكليل(3)، وقال بعضهم: المشار اليه بهذا الشعار مفارقة الجماعة والاستبداد بالرأي(4)، والعِمامة بالكسر مايلف على الرأس، والمغفر و البيضة، وقيل في قوله (عليه السلام): (ولو كان تحت عمامتي هذه) أي ولو اعتصم واحتمى(5) بأعظم الأشياء حرمة، وقيل: کنی بها عن أقصى القرب من عنايته أي ولو كان ذلك الداعي في هذا الحد من عنايتي به، وقيل: أراد ولو كان ذلك الداعي أنا وقوله (عليه السلام) وإنَّما حكم الحكمان جواب عن شبهة التحكيم(6) ووجوب متابعة الحكمين وفي بعض النسخ (فإنّما)(7) بالفاء واحياؤه أي ما يحييه القرآن هو الاجتماع عليه واماتته أي ما يميته الافتراق عنه فيكون من اضافة المصدر إلى الفاعل، أو(8) هو من اضافته إلى المفعول فالمعنى أن الاجتماع على القرآن احياء للقرآن إذ

ص: 268


1- ينظر: المصباح المنير، مادة (الشعر): 1 / 315
2- (رؤسهم) في ن
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 98
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 135، 136
5- (اجتمى) في ر، تصحيف
6- (التحكم) في م، تحریف
7- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 39، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 89، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 133
8- (و) في أ، ع، م

به يحصل الأثر والفائدة المطلوبة من القرآن أي عبادة الله عز وجل وطاعته والافتراق عنه اماته(1) [له](2) أي محق و ابطال له والغرض أن من لم يحكم بحكم القرآن لم يقتصر على ترك احياء ما أحيي القرآن ولم يرضَ(3) بعدمه، بل أمات القرآن أيضاً. (فلم آتِ - لا أبالكم - بجراً، ولا ختلتكم عن أمركم، ولا لبسته علیکم. إنّما اجتمع رأي ملأكم(4) على اختيار رجلين، أخذنا عليهما أن لا يتعدّيا القرآن، فتاها عنهُ، وتر کا الحق وهما يبصرانه(5)، وكان الجور هواهما، فمضيا عليه، وقد سبق استثناؤنا عليهما في الحكومة بالعدل، والصَّمد للحقِ. سُوء رأيهما، وجور حُکمهما) اتيت الأمر أي فعلته، ولا أبالك أكثر ما يذكر في المدح أي: لا كافي لك غير نفسك، وقد يذكر في معرض الذم نحو لا أم لك، وقد يذكر في معرض التعجب و دفعاً للعين كقولهم: لله دُّرك، وقد يذكر بمعنی جدّ في أمرك وشمِّر؛ لأن من له أب اتكّل عليه في بعض شأنه وقد يحذف اللاّم فيقال: لا أباك بمعناه و المناسب للمقام الذّم، والبُجر بالضم والفتح وفي النسخ بالضم (الداهية)(6) و (الأمر العظيم)(7)، وختله كضربه أي: خدعه وختل الذئب الصّيد إذا تخفأله، ولبس(8) عليه الأمر كضرب أي: خلطه و التلبيس التخليط، و التشديد للتشديد و التكثير، والملأ بالتحريك الجماعة

ص: 269


1- (أمانه) في ر، تصحیف
2- [له] ساقطة من ر
3- (برض) في ر، تصحيف
4- (ملا بكم) في ر، م، تحریف
5- (ينصرانه) في أ، ر، م، تصحيف
6- القاموس المحيط، مادة (بجر): 1 / 367
7- المصدر نفسه، مادة (بجر): 1 / 367
8- (ليس) في أ، ع، تصحيف

وتاها أي ضلاّ، والجور ضدّ العدل و نقیض(1) القصد، والهوى مقصوراً ارادة النفس والعشق و يستعمل في الخير والشر و(الصمد القصد)(2)، ويظهر من الكلام جوابان عن شبهتهم في التحكيم: أحدهما: إنّه لم يكن التحكيم واختيار الرّجلين برضاه (عليه السلام) واختياره، وإنّما ذلك أمر اتفقوا عليه کما ذکره أرباب السّير، وثانيهما: إن الرضا على تقديره إنَّما كان بما حکما به متبعين للحق قاصدين للعدل لا مطلقاً ولا حرج(3) في الرّضا بحكم أحد إذا حكم بالحق و اتبع أمر الله ولا ينافي ما تشبثوا به من أنه لا حكم إلاّ الله، ويظهر من ذلك عدم وجوب اتباع ما حكما به / ظ 171 / لخروجهما عما شرط عليهما وتعمدهما الجور والخروج عن الحق اتباع لهواهما.

[ومن كلامه (عليه السلام)] فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة:

(يا أحنف، كأنّي به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبارٌ ولا لجبٌ، ولا قعقعة لجمٍ، ولا حمحمة خيلٍ، يثيرون الأرض بأقدامهِم كأنها أقدامُ النعام.) يومئ بذلك إلى صاحب الزنج الملحمة الوقعة العظيمة في الفتنة و القتال وهذا الفصل من خطبته شرحناها بطولها في كتاب حدائق الحقائق، وأحنف(4) اسمه صخر، وقيل: الضحاك بن قيس بن معاوية من بني تميم،

ص: 270


1- (فیض) في ع، تحریف
2- معجم مقاییس اللغة: 3 / 309، و القاموس المحيط: 1 / 308
3- (جرح) في أ، ع، تحریف
4- صخر بن قيس بن معاوية بن حصن بن عباد بن مره بن عبيد من تميم، وقیل اسمه الضحاك بن قيس، لقبه الأحنف لأنه ولد أحنف، وأمه حبة بنت عمرو بن ثعلبة من بني أود من الباهلة، كان من عقلاء الناس وفصحائهم وحکمائهم، شهد مع الامام علي (عليه السلام) صفين، ولم يشهد الجمل مع أحد من الفريقين، مات بالكوفة سنة (67 ه) في إمارة ابن الزبير. ينظر: المعارف: 423، و أنساب الاشراف: 12 / 310، و الانساب: 3 / 255، و وفیات الاعیان: 2 / 504

وكنيته أبو بحر وشهد مع علي (عليه السلام) الجمل ولم يشهد صفين مع أحد الفريقين، واللجب بالتحريك(1) الصّياح(2) [واختلاط الأصوات، ولعلّ خفض الصوت كان من عادتهم، والكلمة غير موجودة في بعض النسخ](3) و(القعقعة: حكاية [صوت](4) السلاح ونحوه)(5)، واللجم جمع لجام ككتب وكتاب و(الحمحمة: صوت الفرس دون الصهيل)(6)، و(الخيل: جماعة الأفراس لا واحد له)(7)، وقيل: واحد خائل لأنه يختال ويتكبر(8)، وثار الغبار أي: سطع واثاره غيره، ولعل اثارتهم الأرض بأقدامهم كناية عن شدة وطنهم الأرض وزحامهم، لا ما ذكره بعض الشارحين من أن المعني: أنهم يثيرون التراب بأقدامهم؛ (لأنَّ أقدامهم في الخشونة(9) كحوافر الخيل)(10) فإنَّه بظاهره ينافي ما سبق من قوله (عليه السلام) لا يكون له غبار اللهم

ص: 271


1- (بحركة) في ر، وفي م: (محركة)، تحریف
2- (الصباح) في ث، ر، تصحیف، ينظر: لسان العرب، مادة (لجب): 1 / 735
3- [واختلاط الأصوات، ولعلّ خفض الصوت كان من عادتهم، والكلمة غير موجودة في بعض النسخ] ساقطة من م
4- [صوت] ساقطة من م
5- الصحاح، مادة (قعع): 3 / 1269
6- النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 436
7- حياة الحيوان الكبرى، الدميري: 1 / 436
8- حياة الحيوان الكبرى، الدميري: 1 / 431
9- (الخشونة) في ر، تصحيف
10- بحار الأنوار: 32 / 251

إلاّ أنَّ يكون المنفي الغبار الشديد الذي جرت العادة بسطوعها عند مسیر الجيوش و الفرسان، و النَعام بالفتح اسم جنس للطائر المعروف يقع على الواحد و الجمع، وصاحب الزنج اسمه عليّ وكان يدّعي أنّه عليّ(1) بن محمد بن أحمد بن عیسی بن زید [بن علي](2) بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السَّلام)، وأكثر أرباب السّير قدحوا في نسبه خصوصاً الطّالبيون و جمهور النسابين(3) اتفقوا على أنّه من عبد القيس وإنه علي بن محمد بن عبد الرحيم جدّه محمد بن حكيم الأسدي أحد الخارجين مع زيد بن [علي (عليه السلام) على هشام بن عبد الملك، وفي بعض الأخبار أن ارتفاع أمره كان قريباً من وفاة سيدنا أبي محمد](4) الحسن العسكري (عليه السلام) وإنه شغل أمره أصحاب الخليفة عن الفحص عن حال القائم (عليه السلام) وكان وفاته (عليه السلام) سنة ستين ومأتين في أيام المعتمد، وقيل في أيام المعتز، والأول أصح وبعض الناس كانوا يرمونه بالزندقة و الإلحاد، وكان

ص: 272


1- هو علي بن محمد بن عبد الرحيم، ينسب إلى عبد القيس، كان قاسي القلب ذمیم الاخلاق، خرج بالاهواز في خلافة المهتدي، وسار الى البصرة وملكها، وكان قد استغوی الزنج وهم إذ ذاك بالبصرة والاهواز ونواحيها، وتوجه الى بغداد في زمن المعتمد على الله أبي العباس أحمد بن المتوكل فقام بحربه طلحة بن المتوكل، وهو الملقب بالموفق. ينظر: تاريخ الطبري: 7 / 543، و الكامل في التاريخ: 7 / 206، و عمدة الطالب في أنساب ال أبي طالب، أحمد بن حسين (ابن عنبه) (ت 828 ه): 292
2- [ابن علي] ساقطة من أ، ع
3- ينظر: المختصر في أخبار البشر، أبي الفداء(ت 732 ه): 2 / 46، و الوافي بالوفيات: 21 / 268، و البداية والنهاية: 11 / 26
4- [علي (عليه السلام) على هشام بن عبد الملك، وفي بعض الأخبار أن ارتفاع أمره كان قريباً من وفاة سيدنا أبي محمد] ساقطة من ع

يقتل الرّجال و النساء(1) والأطفال والشيخ الفاني والمريض وكان أكثر اتباعه في أوّل الأمر عبيد الدهاقين بالبصرة من الزنج استمالهم إلى نفسه بالمواعيد واستنقاذهم من أيدي ساداتهم و استخلاصهم من سوء الحال وما يلقونه من شدة العبودية وحلف لهم بالأيمان الغليظة إنه يملكهم الأموال و الضياع ويجعلهم حكاماً على السادة وكانوا مشاة حفاة أقدامهم عراض غلاض وقد اشار اليه (عليه السّلام) بقوله: (يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام) وقيل كان(2) قدومه البصرة سنة أربع وخمسين وماتین وذكر المسعودي في مروج الذهب(3) أن هذه الوقعة بالبصرة هلك فيها من أهلها ثلاثمائة ألف انسان، وقصة ما فعله بأهل البصرة وغيرهم بطولها مذكورة في شرح الفاضل عبد الحميد بن أبي الحديد(4)، ثم قال (عليه السلام): (ويلٌ لسكككم العامِرة، والدّور المُزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور، وخراطيم كخراطيم الفيلة، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم، ولا يفقد غائبهم) السكك جمع سِكة بالكسر، وهي (الزقاق)(5) و (الطريق المستوي)(6) و(الطريقة المصطفة من النخل)(7)، والمزخرفة المزينة، أو المزينة بالذهب، و الزخرف في

ص: 273


1- [النساء] ساقطة من ر
2- (قیل و کان) في ث، ر، ن
3- ينظر: مروج الذهب: 4 / 119
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 100 - 168
5- لسان العرب، مادة (سكك): 10 / 441
6- المصدر نفسه، مادة (سكك): 10 / 441
7- المصدر نفسه، مادة (سكك): 10 / 441

الأصل (الذهب)(1)، وأجنحة الدّور المشبهة بأجنحة النسور رواشنها(2) على ما ذكره بعض اللغويين، وقيل: الجناح و الروشن يشتركان في اخراج الخشب من(3) حائط الدار الى / و 172 / الطريق بحيث لا يصل إلى الجدار المقابل فيبني عليه ولو وصل فهو السّاباط، و الفرق بينهما إن الجناح يوضع له أعمدة من الطريق، بخلاف الروشن وخراطيمها ما يعمل من الأخشاب و البواري بارزة عن السقوف(4) لوقاية الغرف(5) ونحوها عن الأمطار وشعاع الشمس، وقال بعض الشارحين: الأجنحة الرواشن وما يعمل من الأخشاب(6) و البواري کما ذکر والخراطيم الميازيب التي تطلى بالقار یكون نحوا من خمسة أذرع، أو أزيد تدلى من السطوح حفظاً للحيطان(7) والنسر الطائر المعروف سمي به؛ لأنه ينسر اللحم وغيره أي ينتفه ويقتلعه والفيلة کعنبة جمع فِيل بالكسر، و النُدبة بالضم البكاء على الميت وعّد محاسنه(8) وفقده كضربه أي: عدمه و افتقده وتفقده أي: طلبه عند غيبته، ومات فلان غیر فقید و لا حميد وغير مفقود، أي: لا يُكترث لفقدانه ولا يبالي به وكونهم لا يندب قتيلهم، ولا يفقد غائبهم؛ لأنَّهم كانوا عبيداً غرباء لم يكن لهم أهل وولد يبكون عليهم و يفتقدونهم، وقيل إنه وصف لهم بشدة البأس والحرص

ص: 274


1- الصحاح، مادة (زخرف): 4 / 1369
2- (واشنها) في ع، م، تحريف
3- (عن) في م
4- (السفوف) في أ
5- (العرف) في ع، تصحيف
6- (الخشاب) في ر، م، تحریف
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 138
8- ينظر: الصحاح، مادة (ندب): 1 / 223

لى القتال، وإنهم لا يبالون بالموت، وقيل: لا يفقد غائبهم لكثرتهم، وإنَّه إذا قتل منهم قتیل قام غيره مقامه. (أنا كابُّ(1) الدنيا لوجهها، وقادرها بقدرها، وناظرها بعينها!) كببت الشيء كمددته(2)، أي قلبته وصرعته، وكذلك أكبته فأكب هو على وجهه وهو من النوادر، وكبّ الإناء اهراق ما فيه، والمراد بكب الدنيا على وجهها إما تركها وعدم الالتفات إليها كمن يكفأ الإناء لأنه لا حاجة له فيه وحكي عن عیسی (عليه السلام) إنّه قال: أنا الذّي كببت الدّنيا على وجهها، ليس لي زوجة تموت، ولا بيت يخرب. وسادي الحجر، وفراشي المدر، وسراجي(3) القمر(4)، وإمّا العلم بباطنها وفنائها وما يلحقها من التغير و الانقطاع کما يقال: قلبت هذا الأمر ظهراً لبطنّ فإنَّ قلب الشيء يورث الاطلاع على باطنه [...](5)، وعلى الوجهين وإن كان مناسباً لما بعده إلاّ أنّه لا يظهر ملائمته لسابق الكلام فلعلّه حذف السّيد (رضي الله عنه) كلاماً من البين كما هو دأبه، و يحتمل أن يراد به ما یعّم الاطلاع على الأمور الغائبة فإنّها بمنزلة الوجه الآخر للدنيا يظهر لمن يقدر على كب الدنيا و قلبها و يخفى(6) على من لا يرى إلّا الحاضر منها وحينئذ يناسب الكلام السابق و القدر بالتحريك و التسكين و يوجدان في النسخ مبلغ الشيء ومقداره وقدر الشيء كنصر وضرب أي عرف قدره قال الله عزّ

ص: 275


1- (کابت) في م، تحریف
2- (کمددیه) في أ، ع، تصحيف
3- (سراحي) فيع، تصحيف
4- ينظر: ربيع الابرار ونصوص الأخبار: 5 / 331
5- [على باطنه] زيادة مكررة في م
6- (ويحفی) في أ، ث، ن

وجل: «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ»(1)، أي ما عرفوه حق معرفته وما عظموه حق تعظيمه وناظرها بعينها أي أنا انظر إلى الدنيا بعين يليق أن ينظر اليها بها وهي عين الحقارة أو العبرة أو ما يعمّ الاطلاع على عواقبها وما سيكون فيها و يحتمل على بعد أن يراد بالعين الذات و النفس أي أنا أراها و أعرفها بحقيقتها وكنهها بخلاف غيري فإنّه لا يرى إلاّ شبحها و خیالها.

ومنها(2) [...](3) يُومِئ به إلى وصف الأتراك: (كأنَّي أراهم قوماً كأنَّ وجوههم المجانُّ المطرقةُ، يلبسون السَّرَقَ و الديباج، و يعتقبون الخيل العتاق) التُرك بالضم الجيل المعروف من الناس وكأنَّي أراهم أي: اعلم حالهم وانظر اليهم بعين البصيرة من غير شك كما ينظر الانسان الى شيء و يحس به، والمجان جمع مِجَن بكسر الميم وفتح الجيم وهو (التُرس)(4)، و المُطْرَقة بضم الميم وسكون الطاء المهملة وفتح الراء على صيغة المفعول من الأفعال کا في بعض النسخ(5) أي: التي قد أطرق بعضها إلى بعض أي ضُمت طبقاتها. كطبقات النعل، (يقال: أطرق النعل وطارقها)(6) (إذا صيرّها طاقاً فوق طاق(7)، وركب بعضها فوق بعض)(8) وفي بعض النسخ على صيغة التفعيل،

ص: 276


1- الأنعام / 91
2- [منها] بیاض في ث
3- [و] زائدة في ث، ر، م، ن
4- لسان العرب، مادة (مجن): 13 / 400
5- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 40، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 168، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 139
6- لسان العرب، مادة (طرق): 10 / 219
7- (طارقاً فوق طارق) في ع، تحریف
8- لسان العرب، مادة (طرق): 10 / 220

أي: كالتروس المتخذة من الحديد مطرق بالمطرقة وهي آلة الحدادين من الطَرق بالفتح وهو الضرب والدّق، وقال ابن الأثير في النهاية بعد رواية / ظ 172 / التخفيف: (ورواه بعضهم بتشديد الرّاء للتكثير، والأول أشهر)(1)، والسرق بالتحريك جمع سرقه بالتحريك أيضاً أي: (شقق الحرير)(2) أو(3) جيدة، وقيل: لا تسمی(4) سرقة إلاَّ إذا كانت بيضاء، وهي فارسية أصلها (((سره)) أي الجيد)(5)، والديباج ثوب سداه و لحمته أبريسم، ويقال هو معرب(6) ثم كثر حتى اشتقت(7) العرب منه فقالوا: دبج(8) الغيث الأرض کضرب إذا سقاها فأنبت أزهار مختلفة؛ لأنَّه عندهم اسم للمنقش واختلف في الياء، فقيل: زائدة ووزنه فيعال ولهذا يجمع بالباء، فيقال: دبابيج وقيل: أصلّية، والأصل دِباج بالتضعيف فأبدل من أحد المضعفين حرف العلّة ولهذا يرّد في الجمع إلى أصله فيقال: دبابيج بباء موحدة بعد الدّال(9). ويعتقبون الخيل أي يحبسونها لينتقلوا من غيرها إليها على ما ذكره بعض الشارحين(10)، يقال: اعتقب السلعة إذا

ص: 277


1- النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 122
2- الصحاح، مادة (سرق): 4 / 1496
3- (و) في م
4- (يسمى) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
5- الصحاح، مادة (سرق): 4 / 1496
6- المعرب من الكلام الأعجمي: 72
7- (اشتهت) في أ، ع، ن، تحریف، وفي ر: (استقت) تصحيف
8- (دبح) في ث، ر، ع، ن، تصحيف
9- ينظر: المصباح المنير، مادة (الدیباج): 1 / 188
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 169

(حبسها عن المشتري حتى يقبض الثمن)(1)، أو يحبسونها ويرتبطونها على ما ذكره بعضهم(2)، أو يتناوبونها في الركوب واحداً بعد واحد على ما يظهر من کلام ابن الاثير(3)، قال في الحديث: وكان الناضح(4) يعتقبه منّا الخمسة) أي، يتعاقبونه في الركوب واحدة بعد واحد)(5)، والعتاق من الخيل النجائب، والعتق يكون بمعنى (الجمال)(6) و(الشرف)(7) و (النجابة)(8) و (الحرية)(9). (و يكون هناك استحرار قتل حتى يمشي المجروح على المقتول، ويكون المفلت أقل من المأسور(10)) استحر القتل أي اشتد من الحرّ بمعنى الشدة، وأفلت الطائر وغيره افلاتاً أي: تخلص وأفلته غيره أي: اطلقه و خلصه(11)، والأسر الشد والمأسور والأسير المقيد و المسجون، قال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: هذا الغيب الذي أخبر عنه (عليه السلام)، قد رأيناه عيانا، ووقع في زماننا وكان الناس ينتظرونه من أول الإسلام(12)، وهذا القوم هم التتر و

ص: 278


1- الصحاح، مادة (عقب): 1 / 187
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 139
3- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 268
4- (الناصح) في ث، ر، م، تصحيف
5- النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 268، وفيه: (فكان...)
6- تاج العروس، مادة (عتق): 13 / 314
7- المصدر نفسه، مادة (عتق): 13 / 314
8- المصدر نفسه، مادة (عتق): 13 / 314
9- تاج العروس، مادة (عتق): 13 / 314
10- (المأمور) في م، تحریف
11- (أطلقته و خلصته) في أ، ع، تحریف
12- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 170

الناس يقولون التتار بألف، ورئيسهم جنكيز خان(1)، وقد كانوا في أقاصي بلاد الشرق من بلاد الصين، وبينهم وبين بلاد الإسلام التي ما وراء النهر ما يزيد على مسیر ستة أشهر فخرجوا ووردت خيلهم العراق و الشام وفعلوا ببلاد الإسلام ما لم تحتوي التواريخ بمثله منذ خلق الله آدم (عليه السلام)، ولم يسلم منهم سوی بغداد کما يلوح من كلامه (عليه السلام) حيث قال: (ويكون هناك استحرار قتل) وهناك للبعيد فإنّه (عليه السَّلام) خطب بها في البصرة ومعلوم أنَّ البصرة وبغداد شيء واحد فلو كان لهم استجرار قتل في العراق لما قال هناك بل هنا بدون الكاف، وتفصيل هذه القصة مذكور في كتب السّير.

(فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟ فضحك (عليه السلام) و قال للرّجل - وكان كلبياً -: يا أخا کلبٍ، ليس هو بعلم غیبٍ، وإنّما هو تعلّمٌ من ذي علم)، قال بعض الشارحين: كان ضحكه (عليه السلام) من السرور بما أتاه الله من العلم و ليس السرور

ص: 279


1- واسمه (تيموجين)، وقيل (تیموتشجين) الابن الأكبر (لبيسوكاي)، وأمه (أو - إلون)، ولد أثناء اغارة والده على عدوه (تیموجینا) وعندما رجع أبوه سماه باسم عدوه الاسير، وكان يقطن الصين ب(ديلي أون) بولداق قرب تلة دلي أون المنفردة (بولداق) على الضفة اليمنى لنهر أوتون، لقب بالقاب عدية منها السفاح القادر، و طاغية التتار اجتاحت جحافل جنكيز خان البلاد الاسلامية عام (1215 م) فدمرت وخربت البلاد واستباحت الحرمات، واحرقت الكتب، مات سنة (1227 م). ينظر: جنكيز خان قاهر العالم، رينيه غروسیه: 49، و جنكيز خان امبراطور العالم، هارولد أوجن: 1، 8، والاسماعيليون والمغول ونصر الدين الطوسي، حسن الامین: 41، وحياة تیموتشجین (جنكيز خان الذي فكر في السيطرة على العالم): ي. إ. کیتشانوف: 325، وفي أ، ر، ع، ن: (حنكيز خان)

و الابتهاج بمذموم إذا خلا من التيه و العجب(1) وقد قال تعالى في صفة أوليائه: «فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ»(2)، وقد ضحك رسول الله (صلى الله عليه واله) في الاستسقاء لما اشار بيده الى السحاب فانجاب حول المدينة كالإكليل وهو (صلى الله عليه واله) يخطب(3) على المنبر، فضحك حتّى بدت نواجذه، وقال أشهد أنّي رسول الله ويحتمل أن يكون الابتهاج لظهور إيمان القائل، وإذعانه بصدقه (عليه السلام) في أخباره، ثم أنه يظهر من جوابه (عليه السلام) إنه علم أن مراد القائل لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب أنّه (عليه السلام) يعلم الغيب من غير تعلم وإن كان لفظ الإعطاء في كلامه لا ينافي التعلم فمراده بالإعطاء أنه (عليه السلام) أتاه الله قوة يقتدر بها على علم الغيب من غیر توسط النبي (صلّى الله عليه وآله)، أو الهام الهيّ، أو توسط الملائكة والرّوح النازلين في ليلة القدر ونحو ذلك فنفاه (عليه السلام) وقال: إن علمه بما أخبر به ليس إلاّ على وجه التّعلم وحينئذ يظهر وجه الجمع بين قوله عزّ وجلّ: «قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ»(4) وبين / و 173 / ما ثبت من أخبار الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) عن المغيبات وهذا الوجه هو الذي يظهر من قوله عزّ وجلّ: «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ»(5) فإنَّه يدل على جواز اطلاع غيره سبحانه على الغيب بتعليم واظهار الهي، ولعل الرسول في هذا الكلام

ص: 280


1- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 170
2- آل عمران / 170
3- (يحظب) فيع، تصحيف
4- النمل / 65
5- الجن / 26، 27

يشمل النبي والملك لا کما زعمه بعض المفسرين من أنه يخص(1) الملك، إذ(2) لا مانع من اطلاع بعض الأنبياء (عليهم السلام) على غيب بلا توسط ملك من الملائكة (عليهم السلام)، و أما الهام غير الأنبياء (عليهم السلام) فلعلّه بتوسط الملك و المراد الاظهار بغير واسطة، فلا ينافي اطلاع الخواص بل العوام على بعض الغيوب بأخبار الوسائط و امّا علم النجوم فقد سبق الكلام فيه في شرح کلامه (عليه السلام) لمّا عزم على المسير إلى الخوارج(3) ويلزم الإشكال لو ثبت أنّ له أصلاً و حقيقه وإنّه يفيد العلم القطعي، وإنَّ المتأصل منه ليس مستفاداً من تعليم الهيّ بل استخرجه النّاس(4) بأفكارهم، وإن عمله ليس مخصوصاً بالأنبياء والأئمة (سلام الله عليهم) أمّا لو لم يكن له حقيقه وأصل كما هو الظاهر من مذهب السيد الأجلّ المرتضى (رضي الله عنه) ويطابقه(5) بعض الأخبار فالأمر واضح ولو لم يكن مفيداً للعلم، بل كان مورثاً(6) للظن لتوقف مدلولاته على عدم تعلق مشيئة(7) الله عزّ و جلّ تبدّلها(8) و تغيرها و اشتراطها بشروط لا يعلمها إلّا الله عز وجل كان خارجاً

ص: 281


1- (يحض) في ث، تصحيف
2- (إد) في أ، ر، ع، ن، تصحیف، وفي م: (او)، تحریف
3- (الخواض) في ع، تصحيف
4- (النار) في أ، ع، تحریف
5- (تطابقه) في أ
6- (مورتاً) في أن تصحيف
7- (مشيه) في أ، ن، وفي ر: (مشینه)
8- (تبيد لها) في ر

[عن](1) علم الغيب فإنَّه لا مانع من حصول الظن ببعض الأمور المستقبلة بالتوسم و التفرس و التجربة و النظر في القرائن و الامارات وغير ذلك، ولو كان المتأصل منه ممّا في أيدي المنجمين مأخوذاً عن الأنبياء و الأئمة (عليهم السلام)، أو معلوماً بالهام الهي كان داخلاً في قسم التعلم من ذي العلم ولو كان علمه مخصوصاً بهم (عليهم السلام) كان كسائر علومهم داخلاً في التعلم من ذي العلم دون علم الغيب، وقد عرفت فيما سبق أنَّ الظاهر أن له أصلاً في الجملة وإنَّ دلالة النجوم والأوضاع ليست من جهة التأثير تامّاً، أو ناقصاً، بل هي من قبيل العلامات و الإمارات أمّا مفيدة للعلم العادي، لكن العلم بوقوع مدلولاتها مخصوص(2) بهم (عليهم السلام) لتوقفه على العلم بوجود الشرائط و ارتفاع الموانع، ومن جملة الموانع تعلق ارادته سبحانه بالتخلف المصلحة ولا سبيل إلى ذلك العلم إلاّ بتعليم الهي أو مفيدة للظّن، وما في أيدي الناس ليس بذلك العلم أصلاً، أو بعضه منه لكنه غير معلوم بخصوصه ولا يفيد العلم قطعاً، وإفادته نوعاً من الظن مشكوك فيه، وإنّ العمل(3) بهذا الذّي في أيدي الناس أمّا محرّم، أو مکروه کراهة شديدة، ولعل الأول اظهر، و النظر فيه و تعلمه دائر بين الأمرين والله تعالى يعلم، (وإنما علم الغيب عِلمُ الساعةِ وما عددهُ اللهُ سبحانه بقوله: «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ»(4) الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو انثی، و قبيح أو جميل، و شقي أو

ص: 282


1- [عن] ساقطة من م
2- (محضوض) في ع، تصحيف
3- (العلم) في أ، ع، تحریف
4- لقمان / 34

سعيد، ومن يكون في النار حَطباً، أو في الجنان للنبيين مرافقاً، فهذا علم الغيب الذّي لا يعلمُهُ أحدٌ إلاَّ الله، وما سوي ذلك فعلمٌ علّمَهُ اللهُ نبيه فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيهُ صدري، و تضطمّ عليه جوانحي) الساعة يوم القيامة، والساعة في الأصل تكون(1) لمعنيين: أحدهما: الجزء القليل من النهار، أو الليل، تقول(2): جلست عندك ساعة من النهار، أي وقتاً قليلاً منه، وثانيهما: الوقت الحاضر، ثم استعير ليوم القيامة(3)، و(قال الزجاج: معنى السّاعة في كل القرآن: الوقت الذي تقوم فيه القيامة، والمعنى أنّها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم فلقلة الوقت الذي تقوم(4) سماها ساعة)(5)، والله تعالى يعلم، و في بعض النسخ (من يكون للنّار حطباً)(6) باللام بدل (في)، والمرافق الرفيق وهو في الأصل مخصوص / ظ 173 / بالطريق، و يطلق على الصاحب(7) والجليس، ووعاه أي حفظه و جمعه، وتضطم افتعال من الضم، وهو الجمع، (وقبض الشيء الى شيء)(8)، والجوانح جمع جانحة وهي الضلع تحت الترائب مما يلي الصّدر(9)، واضطمت عليه الضّلوع أي: اشتملت، ثم أنَّ كلامه (عليه السلام) يتضمن

ص: 283


1- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
2- (يقول) في أ، ث، ع، م، تصحيف
3- ينظر: لسان العرب، مادة (سوع): 8 / 169
4- (يقوم) في ث، م، تصحيف
5- لسان العرب، مادة (سوع): 8 / 169
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 168
7- (الصاحبة) فيع، تحریف
8- تاج العروس، مادة (ضمم): 17 / 429
9- ينظر: لسان العرب، مادة (جنح): 2 / 429

الفرق بين الخمسة وما سواه(1) في الاختصاص بعلم الله عزّ وجلّ بعد الفرق بين علمه سبحانه وبين علمه (عليه السلام)، بأنَّ الثاني تعلّم من ذي علم، فالمراد بالأول العلم من غير تعلم وبه يتم الجواب عن الشك الناشيء في المقام، فهذا الفرق الأخير أما جواب آخر على الاستقلال(2) أو التنزل ومآله تخصيص ما ظاهره العموم من الآيات الواردة في اختصاص علم الغيب به سبحانه وغيرها والفرق أمّا باعتبار العموم في الخمسة.

من حيث الإفراد فيكون العلم بجميع ما تكسب نفس [...](3) غداً مثلًا مخصوصاً به سبحانه فلا ينافي علم الرسول (صلى الله عليه واله) وغيره ببعض ما يكسب غداً، وحينئذ يمكن اعتبار التعدد في علم الساعة بوجه لا يخلو من شوب تكلف، وإمّا بأخذ الخصوصيات حتى يكون العلم بنزول الغيث مثلاً بجميع الخصوصيات من عدد القطرات و منزل كل منها و مقدارها في العظم و الصغر وغير ذلك مخصوصاً به عزّ وجلّ، فلا ينافي علم غيره ببعض الخمسة على وجه غير مصفى من الإجمال، وإمّا باعتبار البداء فيكون العلم بها على وجه غير محتمل للبداء [وعلى الحتم مختصاً به تعالى فلا ينافي علم الغير بشيء من ذلك على وجه محتمل للبداء](4) والتغيير وربما يوجد في الإخبار مایؤید کلاً من الوجوه، ولعل التفصيل في كلامه (عليه السلام)

ص: 284


1- (سواء) في م، تحریف
2- (الاستقال) في م، تحریف
3- ([نفس] زائدة مكررة في ر
4- [وعلى الحتم مختصاً به تعالى فلا ينافي علم الغير بشيء من ذلك على وجه محتمل للبداء] ساقطة من أ، ع، ن

يؤيد الوجه الثاني والله تعالى يعلم.

[ومن خُطبة له (عَليهِ السَّلام)] في ذكر المكائيل

وفي بعض النسخ(1) و الموازين، قال بعض الشارحين: لست أرى في هذه الخطبة ذكراً للموازين و المكائيل التي اشار اليها الرضي (رحمه الله) اللهم إلاّ أن يكون قوله (عليه السلام): ((وأين المتورعون(2) في مكاسبهم؟))، أو قوله: ((ظهر الفساد)) ودلالتهما(3) على المكائيل والموازين بعيدة(4)، ولعلّ الأظهر اشتمال الخطبة على ذكر المكائيل و الموازين و اشتهارها بذلك و اسقاط ما اشتمل عليها من السيد (رضي الله عنه) على عادته ولا يبعد أن يكون ذکر عنده (عليه السلام) تطفيف النّاس في المكائيل و الموازين وشيوع ذلك بينهم فخطب (عليه السلام) بهذه الخطة ونهاهم عن ذلك المنكر على الاجمال ووبخهم(5) بفعلهم بقوله: أين المتورعون في مكاسبهم ونحو ذلك، فالمراد بقوله: في ذكر المكائيل عند ذكرها، وفي وقته لا أنها مذكورة في الخطبة صريحاً (عِبَادَ اللهِ إِنَّكُمْ [وَ](6) مَا تَأْمُلُونَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا أَثْوِيَاءُ مُؤَجَّلُونَ، وَ مَدِينُونَ

ص: 285


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 46، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 8 / 190
2- (المنورعون) في ر، تصحيف
3- (دلالتها) في ر
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 192
5- (و تخمهم) في ر، تحریف
6- [و] ساقطة من ر

مُقْتَضَوْنَ(1)؛ أَجَلٌ مَنْقُوصٌ؛ وَعَمَلٌ مْحَفُوظٌ، فَرُبَّ دَائِبٍ مُضَيَّعُ، وَرُبَّ كَادِحٍ خَاسِرٍ)، الأمل ضد اليأس، يقال: أمله كطلبه أملاً بالتحريك، و أكثر ما يستعمل فيما يستبعد حصوله، والأثرياء جمع ثوي وهو (الضيف)(2) كقوي وأقوياء، و مؤجلون أي: مؤخرون إلى وقت معلوم، والمدين کمبيع المديون، يقال: دُنت الرّجل أي: أقرضته، فهو مدين و مديون، ومقتضون جمع مقتضى على صيغة المفعول، کمرتضون و مرتضى ومصطفون و مصطفی و الغرض من الكلام تشبيه كل من العباد وما يأملونه بالضيف المؤجل، و المدين المقتضى على ما يظهر من كلام بعض الشارحين(3)، فما يضيفون به و الدّين المدّة المضروبة لكل واحد و يحتمل أن يكون المراد تشبيه أمرين بأمرين أي: إنكم وما تأملون کالأضياف وما يُضيفون به و المدينين(4) و الديون كقوله (عليه السلام): إنها مثلكم ومثلها أي الدنيا کرکبٍ سلكوا سبيلاً فكان قد قطعوه، والأجل المدة المقدرة، و المنقوص الناقص و نقص لازم متعد کزاد(5) و المعنى أجلكم أجل منقوص و انتقاص الأجل بذهاب اللحظات(6) / و 174 / و انقضاء الساعات وحفظ العمل سطره في الصحيفة و ظهوره عند الرقيب العتيد و دأب في عمله کمنع أي جدّ تعب و المضيّع في أكثر النسخ على صيغة التفعيل، ويروى على

ص: 286


1- (تقضون) فيع، تحریف
2- تاج العروس، مادة (ثوی): 19 / 263
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 192
4- (المدينون) في م، تحریف
5- (کراد) في ث، م، تصحيف
6- (اللحظاب) في أ، ع، وفي ث، ر: (اللخطات)، تصحيف

صيغة الأفعال، يقال: ضّيع الشيء و أضاعه إذا أتلفه(1) [وأهلكه](2) وأهمله، وكدح في العمل منع أي: سعی و کدّ و کسب، و الخسر النقص و خسر کفرح و ضرب ضلّ و خسر التاجر وُضِع في تجارته، أو غُبِن و الغرض الحث على مراقبة العمل و التدبر فيه، و الردع عن الاغترار بالعمل، وإنَّ القصد فيه الصلاح فإنَّه قد لا يثمر إلاَّ الفساد و الخسران كما قال عز وجل: «[قُلْ هَلْ](3) نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»(4) (وَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لَا يَزْدَادُ الخَیُرْ(5) فيِهِ إِلَّا إِدْبَاراً، وَ الشَّرُّ فِيهِ إِلَّا إِقْبَالاً، وَالشَّيْطَانُ فِي هَلاَكِ النَّاسِ إِلاَّ طَمَعاً؛ فَهَذَا أَوَانُ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ، وَعَمَّتْ مَكِيدَتُهُ، وَأَمْكَنَتْ فَرِيسَتُهُ) الواو في قوله (عليه السلام) (وقد أصبحتم) غير موجود في بعض النسخ(6) وكذلك كلمة (فيه) في قوله (عليه السلام): (والشرّ فيه إلاّ إقبالاً)(7)، [و الزمن محركة [...](8) کسحاب

ص: 287


1- (تلفه) في ر، م
2- [وأهلکه] ساقطة من م
3- [قل] ساقطة من ر، [قل هل] ساقطة من م
4- الكهف / 103، 104. وفي نسخة ر ورد تحريف: ((هل ننبئكم بالأخسرين أعمالًا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسبون انهم يحسنون صُنعاً))
5- (الخبر) في ر، تصحيف
6- بحار الأنوار: 100 / 108
7- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 46، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحدید: 8 / 190
8- [و] زائدة في أ، ن، لا تناسب السياق

العصر [...](1) (اسمان لقليل الوقت وكثيرة)(2)](3)، والَأوان بالفتح وكذا في النسخ، وقد يكسر الحين، و العُدة بالضم الاستعداد، و ما أعددته وهيأته من مال أو سلاح(4) وعمّ الشيء كمدّ(5) عموماً شمل و المكيدة و الكيد المكر والخبث، والفَرس بالفتح القتل، [و](6) الفريس القتيل، وفرس الذبيحة (كسر رقبتها قبل أن تبرد)(7)، وفرس الأسد فريسته دقّ عنقها(8)، وأمكنت فريسته أي أمكنته، [و](9) يقال: أمكنني الأمر أي سهل و تيسر وكان لي عليه سلطان وقدره، و الغرض عموم الضلال و اتباع الشيطان في الناس. (أضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ؛ فَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقِراً يُكَابِدُ فَقْراً، أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً، أَوْ بَخِياً اتَّخَذَ الْبُخَلُ بِحَقِّ اللهِ وَفْراً، أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً!)، طَرف العين بالفتح نظرها، و طرف بصره کضرب حرّك جفنيها أو أطبق أحد جفينها على الآخر(10)، و طرفت البصر عنه صرفته، وفي بعض النسخ (تنظر) موضع (تبصر)، و مكابدة الفقر مقاساته و تحمل

ص: 288


1- [و] زائدة في أ، ن، لا تناسب السياق
2- القاموس المحيط، مادة (زمن): 4 / 232، وتاج العروس، مادة (زمن): 18 / 293. وفي أ، ع، ن: (واسمان)
3- [و الزمن محركة سحاب العصر اسان لقليل الوقت وكثيرة] ساقطة من ر، م
4- (صلاح) فيع، تحریف
5- (مکد) في ر، تحریف
6- [و] ساقطة من ر
7- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 428
8- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (فرس) ی: 4 / 485
9- [و] ساقطة من ر، م
10- ينظر: لسان العرب، مادة (طرف): 9 / 213

المشاق فيه من الكبد(1) بالتحريك، وهو (المشقة)(2) و [الشدة](3)، وذكر الفقير المكابد للفقر في هذا المقام أمّا لأنَّ الغرض بيان ما سبق من إدبار الخير و إقبال الشرّ و عموم الضلال ومقاساة الفقراء بيان للأولين کما أنَّ ما سيجي بيان للأخير بل للجمیع کما يظهر من كلام بعض الشارحين(4)، فالخير يعم الدنياوي وكذلك الشر، ولا يخلو عن بعد عن المقام وأمّا لأنَّ شيوع الفقر بل وجوده في الخلق لمنع الزكاة وحبس الحقوق الواجبة، فإنَّ الله فرض في أموال الأغنياء ما يكفي الفقراء کما تدل(5) عليه الأخبار، فذلك أيضاً يعود إلى شيوع المنكرات و متابعة الشيطان، و يحتمل أنَّ يكون المراد بمكابدة الفقر عدم الصبر عليه و الخط لقضاء الله فالغرض(6) خروج الخلق جميعاً غنيهم و فقيرهم عن طاعة الله وتركهم ما يجب عليهم من الصبر و الشکر واداء الحقوق وقبول المواعظ و الله يعلم، و المراد بنعمة الله أما نعمة الغني فالكفر سترها وترك مقابلتها بالشكر وآداء الحقوق، وأما نعمة بعث الرّسول (صلّی الله عليه وآله)، وفرض الولاية فقد روى علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: نحن و الله نعمة الله التي أنعم بها على عباده، وبنايفوز من فاز(7)، وفي حديث الصحيفة السجادية عنه (عليه السلام) أنه

ص: 289


1- (الكيد) في ع، تصحيف
2- العين، مادة (کبد): 5 / 333
3- لسان العرب، مادة (کبد): 3 / 376، [والشدة] ساقطة من ع
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 143
5- (یدل) في أ، ث، ع، ر، م، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
6- (والغرض) في أ
7- تفسير القمي، علي بن إبراهيم: 1 / 388، وفيه: (نحن والله نعمة الله التي أنعم الله بها على عباده وبنا فاز من فاز)

قال: و أنزل الله تعالى فيهم: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا»(1) و نعمة الله محمد وأهل بيته حبّهم إيان يدخل الجنة، و بغضهم(2) کفر و نفاق يدخل النّار، و الكفر حینئذ يحتمل ضد الايمان أيضاً و التخصيص بالأغنياء القوتهم، / ظ 174 / وكون ترتب(3) الآثار على كفرهم أظهر و أشدّ الوَفر بالفتح الغني و المال الكثير، ووفرت الشيء و فراً کوعدت أتممته و أكملته ووفر و فوراً، تمَّ(4) و كمل يتعدى ولا يتعدى و المصدر فارق و مرد کنصر و کرم و تمرد فهو مارد و مرید و متمرد أي عتّا(5) و استكبر، والوَقر بالفتح (الثقل في الأذن)(6) و ذهاب السمع كله(7).

(أَيْنَ خِيَارُكُمْ(8) وَصُلَحَاؤُكَمْ، وَ أَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وَ سُمَحَاؤُكُمْ، وَ أَيْنَ الُتَوَرِّعُونَ فِي مَكَاسِبِهِمْ، وَ الْمُتَنَزِّهُونَ فِي مَذَاهِبِهِمْ!) الخيار و الأخيار جمع خَير بالفتح ضدّ الأشرار، و الحُرّ بالضم خلاف العبد و خيار كل شيء، قيل(9) هو مأخوذ من: حُرّ الرّمل الخالص من الاختلاط بغيره للخلوص من الرّق و

ص: 290


1- إبراهيم / 28
2- (تربت) في ر، تصحيف
3- (بعضهم) في أ، ر، تصحیف
4- (اتم) في م، ر
5- (عنا) في ر، تصحیف
6- معجم مقاییس اللغة، مادة (وقر): 6 / 132
7- القاموس المحيط، مادة (وقر): 2 / 155
8- (أخياركم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 190، و شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 236
9- (قبل) في ر، تصحیف

العيب، و السَماحة بالفتح (الجود)(1) و الكرم، وقيل: الموافقة على ما أريد منه(2)، يقال: سمح کمنع و کرم فهو سمح ككتف، و سَمح بالفتح على التخفيف، و امرأة سمحة و قوم سمحاء و أصله الاتساع(3)، (ومنه يقال في الحق (مسمح) أي مُتسع، و مندوحة عن الباطل)(4)، والورع بالتحريك التقوی(5)، و ورع کورث كفّ، و ورعته توریعاً فتورع أي كففته فتكفف(6)، والتنزه التباعد عن القبيح (أَلَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمِيعاً عَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ، وَالْعَاجِلَةِ الَمُنغِّصَةِ! وَهَلْ خُلِّفْتُمْ إِلاَّ فِي حُثَالَةٍ لَا تَلْتَقِي بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ؛ اسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ، وَ ذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ! فَإِنَّا للهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ!(7)) ظعن كمنع أي ((سار وارتحل))(8)، ونغص الله عيشه تنغيصاً(9) وانغصه(10) أي كدره و خلفتم على صيغة المجهول من باب التفعيل أي ترککم القوم و ارتحلوا عنكم من قولهم: خلفوا أثقالهم(11) تخليفاً أي: خلّوها وراء ظهورهم، أو جعلوكم خليفة لهم، والحُثالة بالضم (الرديء من كل

ص: 291


1- لسان العرب، مادة (سمح): 2 / 489
2- ينظر: المصباح المنير، مادة (سمح): 1 / 288
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سمح): 1 / 288
4- المصباح المنير، مادة (سمح): 1 / 288
5- ينظر: الصحاح، مادة (ورع): 3 / 1297
6- مجمع البحرین، مادة (ضعن): 6 / 278
7- (ف (إنا لله وإنا إليه راجعون)) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 236
8- مجمع البحرین: 6 / 278
9- (تبغيضاً) في ر، تحریف
10- (انغضه) في م، تصحیف، (ابغضه) فيع، تحریف
11- (اثفالهم) في ر، تصحيف

شيء)(1)، و[...](2) ما لا خير فيه ولا يلتقي بذمهم الشفتان، أي هم أحقر من أن يشتغل الانسان بذمهم، ولابد في الذم(3) من أطباق أحد الشفتين على الأخرى و ذهاباً عن ذكرهم أي ترفعا، يقال: فلان يذهب بنفسه عن كذا، أي: يرفعها(4) عنه ولا يلتفت اليه، وقوله (عليه السلام): (فإنّا للهِ) أي إذا أصابتنا تلك المصيبة فنسترجع كما هو دأب المصاب.

ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَیِّرٌ، وَلَا زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ. أَفَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا

اللهِ فِي دَارِ قُدْسِهِ، وَتكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ! هَيْهَاتَ لَ يُخْدَعُ اللهُ عَنْ جَنَّتِهِ،

وَلَا تُنَالُ مَرْضَاتُهُ [إِلاَّ بِطَاعَتِهِ](5). لَعَنَ اللهُ الْمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِیَن لَهُ، وَالنَّاهِینَ عَنِ الُنْكَرِ الْعَامِلِینَ بِهَ!) الازدجار افتعال من الزجر، والمعنى: ليس في الناس من يمنعهم وينهاهم عن القبيح وينزجر نفسه أيضاً عنه، والاشارة إلى العمل والصنيع المفهوم من سابق الكلام ودار قدس الله الجنة؛ لأنَّ أهلها هم الذين يقدسون الله عز وجل وينزهونه عن الاشباه(6) والأنداد ويطهرونه عن النقائص والعيوب، أو لأنَّ أهلها منزهون عن العيوب وارتكاب القبائح واضافتها الله سبحانه للتشريف والتعظيم ومجاورة الله سكون تلك الدار والزلفة لديه، وهيهات أي بعدما تريدون ولا يخدع الله عن جنته أي لا يمكن نيلها وأخذها منه سبحانه بالحيلة والخديعة فإنَّه العالم بالسرائر ولا

ص: 292


1- لسان العرب، مادة (حثل): 11 / 142
2- [لا لا] زائدة في ر
3- [الذم من] ساقطة من ر
4- (يرفعه) في ر
5- [إلا بطاعته] ساقطة من أ، ع
6- (الاشياء) في ع، تحریف

تخفى عليه خافية، والمرضاة الرضا، يقال: رضي الله [عنه رضا](1) ورضواناً ومرضاة، واللعن الطرد والابعاد وظاهر الكلام اشتراط الأمر والنهي بالعمل والانزجار ويدل عليه ظاهر قوله (عليه السلام) في موضع آخر إنما أمرتم بالنهي بعد التناهي والمعروف بين الأصحاب اعتبار الشروط الأربعة المشهورة فقط، وحكي عن بعض العلماء اعتبار العدالة وإن لا يكون الأمر والناهي مرتكبا للمحرمات واستدل عليه بقوله تعالى: «أَتَأْمُرُونَ [النَّاسَ](2) بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ»(3)، وبقوله تعالى: «كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ»(4)، وبما روي عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه قال: (مررت ليلة أسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقاريض / و 175 / من نار، فقلت: من أنتم؟ فقالوا: كنا نأمر بالخير ولا نأتيه، ونهى عن الشر ونأتيه)(5)، وأجيب بأن الإنكار في الآيتين على عدم العمل بما يأمرون بها ويقولون لا على الأمر والقول وكذلك ما تضمنه(6) حديث الاسراء، وبأنه

ص: 293


1- [عنه رضا] ساقطة من ر
2- [الناس] ساقطة من أ، ع
3- البقرة / 44
4- الصف / 3
5- إحياء علوم الدين، الغزالي: 1 / 106، و شرح أصول الكافي، محمد المازندراني: 9 / 305، وقد ورد الحديث في بعض كتب الحديث: (قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا تعقلون.) مسند أحمد: 3 / 180، وينظر: صحيح ابن حبان: 1 / 249، والفائق في غريب الحديث: 3 / 373، و الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، عبد العظيم المنذري (656 ه): 1 / 124، و مجمع الزوائد: 7 / 276
6- (يضمنه) في ر، م، تصحيف

لو تمت الدلائل لدلت على عدم وجوبهما على غير المعصوم، ومن لم يقع منه صغير ولا كبير، فينسد باب الجنة(1)، ولا يذهب عليك أن ظاهر اللفظ في الآية الثانية ترتب الإنكار على القول دون الفعل، وإن كان يستعمل مثل هذا [الكلام عرفاً في](2) الإنكار على الفعل، وإن مثل هذا الاشتراط لا يستلزم عدم الوجوب المذكور لدخول الشرط تحت القدرة ثم على تقدير ثبوت الاشتراط يحتمل أن يكون الشرط العمل بالمعروف المأمور به بخصوصه وكذا في النهي فلا يلزم اشتراط عصمة الأمر إلا إذا كان شأنه الرئاسة العامة ولا فساد فيه ولا يبعد أن يكون غرضه (عليه السلام) التعريض بالسابقين، وقد روى أن أبا ذر كان ينادي بمثل هذا الكلام تعريضاً بعثمان والله تعالى يعلم.

[ومن كلام له (عليه السلام)] لابي ذر (رحمه الله) لما أُخرِجَ الى الربذة

الربذة بالتحريك الموضع المعروف قرب المدينة الطيبة بها قبر أبي ذر (رحمه الله) وأخرجه اليه عثمان في خلافته، والقصة معروفة، وقال الشارح [الفاضل](3) عبد الحميد بن أبي الحديد: قد روي هذا الكلام أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب «السقيفة» عن ابن عباس، قال: لمات أخرج أبو ذر الى الربذة، أمر عثمان فنودي في الناس: أن لا يكلم أحداً أبا ذر ولا يشيعه، وأمر مروان ابن الحكم أن يخرج به ولم يشیعه إلا علي بن أبي طالب، والحسنان

ص: 294


1- (الحسبة) في أ، ر، ع، م، ن، تحريف، والصواب ما اثبتناه
2- [عرفاً في] بياض في أ، ع، وفي ث: (مثل هذا الكلام في الانکار)، [الكلام عرفاً في] بياض في ن
3- [الفاضل] ساقطة من أ، ث، ر، ع، ن

(عليهم السلام) وعقيل وعمار، فجعل الحسن (عليه السلام) يكلم أبا ذر، فقال له مروان: إيهاً یا حسن! ألاَّ تعلم أنَّ أمير المؤمنين قد نهی عن کلام هذا الرجل! فإن كنت(1) لا تعلم فأعلم ذلك؛ فحمل علي (عليه السلام) على مروان، فضرب بالسوط بين أذني(2) راحلته، وقال: تنح نحاك الله إلى النار. فرجع مروان إلى عثمان مغضباً فأخبره الخبر، فتلظى على علي (عليه السلام) ووقف أبو ذر فودعه القوم، ومعه ذكوان مولى أم هاني بنت أبي طالب (عليه السلام) قال ذكوان: فحفظت کلام القوم وكان حافظاً(3)، ثم ذكر كلامه (عليه السلام) قال: ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم، وقال لعقيل: ودع أخاك، فتكلم عقيل، وذكر كلامه(4)، ثم تكلم(5) الحسن، ثم الحسين (عليهما السلام)، وذكر كلامهما، ثم تكلم عمار مغضباً وذكر كلامه، فبكى أبو ذر وكان شيخاً كبيراً وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت یکم رسول الله (صلى الله عليه واله) وذكر تمام کلامه وما جرى بعد ذلك بين علي (عليه السلام) وبين عثمان الى تمام القصة(6) ومن أراد التفصيل فليرجع إلى شرح الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق (يا أَباذَرٍّ إِنَّكَ غَضِبْتَ للهِ فَأرْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ. إِنْ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى(7) دُنْيَاهُمْ وَخِفْتَهُمْ(8) عَلَى دِينِكَ،

ص: 295


1- (كبت) في أ، ع، تصحيف
2- (أدني) في ر، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 197
4- (كلامهما) في ث
5- (يكلم) في ر، م، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 197 - 203
7- [على] ساقطة من ر
8- (وحفتم) في ر، تصحيف

(فَاتْرُكْ فِي أَيْدِيهِمْ مَا خَافُوكَ عَلَيْهِ، وَاهْرَبْ مِنْهُمْ بِمَا خِفْتَهُمْ عَلَيْهِ، فَمَا أَحْوَجَهُمْ

إِلَی مَا مَنَعْتَهُمْ، وَأَغْنَاكَ(1) عَمَّا مَنَعُوكَ! وَسَتَعْلَمُ مَنْ الرَّابِحُ غَداً، وَالْأكْثَرُ حَسَداً) السبب في غضب أبي ذر على ما ذكره أرباب السير إن عثمان أعطى مروان بن الحکم وزید بن ثابت وغيرهما ما شاء من بيت مال المسلمين فكان أبو ذر يقول بين الناس وينادي في الطرقات والشوارع: بشر الكافرين بعذاب أليم، ويتلوا قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»(2)، فرفع ذلك إلى عثمان مراراً فأرسل اليه أن انته عما بلغني عنك، فقال: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى، وعيب من ترك أمر الله تعالى! فو الله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي من أن أرضي عثمان بسخط الله، ثم قال له عثمان بعد التشاجر إلحق بالشام وأخرجه إليها، فخرج وكان ينكر على معاوية أشياء يفعلها فكتب معاوية بذلك إلى عثمان فكتب اليه أن أحمل جنیدباً(3) إلي، على أغلظ مرکب وأوعره فوجه به من سار(4) به الليل والنهار، وحمله على شارف(5) ليس عليه إلَّا قتب(6)، حتی قدم به [المدينة](7)، وقد سقط لحم فخذيه / ظ 175 / من الجهد، فبعث اليه أن الحق بأي أرض، قال: بمكة، قال: لا، قال بیت المقدس، قال: لا، قال:

ص: 296


1- (وما أغناك) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 237
2- التوبة / 34
3- (جندباً) في أ، ث، م، تحریف
4- (شار) في ع، تصحيف
5- (الشارف: المسنة من النوق) الصحاح: 4 / 1380
6- (القتب: رحل صغير على قدر السنام) الصحاح: 1 / 198
7- [المدينة] ساقطة من ع

بأحد المصرين، قال: لا، ولكني مسيرك الى الربذة، فسيره اليها، فلم يزل بها حتى مات، ومعنى الكلام واضح، والحسد جمع حاسد کسجد وساجد وأكثرية الحساد من لوازم أكثرية الربح(1) والفوز بالغنيمة، (وَلَوْ أَنّ السَّمَوَاتِ وَالأرْض(2) كَانَتَا عَلىَ عَبْدٍ رَتقْاً؛ ثُمَّ اتَّقَى اللهَ، لَجَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْهُاَ مْخَرَجاً. لَا يُؤْنِسَنَّكَ إِلاَّ الْحَقُّ، وَلَا يُوحِشَنَّكَ إِلاَّ الْبَاطِلُ، فَلَوْ قَبِلْتَ دُنْيَاهُمْ لأَحَبُّوكَ، وَلَوْ

قَرَضْتَ مِنْهَا لَأَمَّنُوكَ) الرَتق بالفتح السد (ضد الفتق)(3) وهو الشق، وكون السموات والأرض رتقاً كناية عن غاية الشدة، والأُنس بالضم ضد الوحشة، أي: سكون القلب إلى الشيء وعدم نفاره منه، وقبلت دنیاهم أي: وافقتهم في حب الدنيا والميل اليها وترك الآخرة، وقرضه کضربه أي: قطعه، والقرض من الدنيا كناية عن الأخذ منها، وأمنوك على صيغة الأفعال في أكثر النسخ من الأمان والأمن ضد الخوف، أي: لم يفعلوا ما يوجب خوفك بل أزالوا خوفك، وفي بعض النسخ (أمنوك) على صيغة المجرد من باب علم أي: لم يخافوك على دنياهم.

[ومن كلام له (عليه السلام)]

(أَيَّتُهَا النُّفُوسُ المُخْتَلِفَةُ، وَالْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ، الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ، وَالغَائِبَةُ

عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ، أَظْأَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ المِعْزَى مِنْ وَعْوَعَةِ

ص: 297


1- (الريح) في أ، ع، م، تصحيف
2- (الأرضين) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد 8 / 196، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 236
3- لسان العرب، مادة (رتق): 10 / 114

الْأَسَدِ! هَيْهَاتَ أنْ أُطْلِعَ بِكُمْ سِرَارَ الْعَدْلِ، أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ) في بعض النسخ (أيها)(1) بدون التاء، والتشتت التفرق و غيبة العقول كناية عن عدم الاهتداء وركوب الضلال وغيبتها عنهم أبلغ في الدلالة من غيبتها عمن اعتبر الشهود بالنسبة اليه، وظأر کمنع أي عطف، ومنه الظئير(2) للمرضعة العاطفة على غير ولدها(3)، ونفركضرب إذا شرد وذهب، المِعزی بالکسر خلاف الضأن من الغنم، ووعوعة الأسد صوته، والطلوع الظهور وكل ما بدا لك من علو فقد طلع وأطلع على صيغة الأفعال أي أظهر، والسرار ککتاب آخر ليلة من الشهر ومصدر ساره مسارة(4) أي ناجاه، قال بعض الشارحين: هذا الكلام يفسره الناس بمعنی: هيهات أن أطلعكم مضيئين و منورین سرار) العدل، والسرار آخر ليلة في الشهر، وتكون(5) مظلمة، ويمكن عندي أن يفسر بوجه آخر وهو أن يكون السرار بمعنى السرر، وهي خطوط مضيئة في الجبهة، وقد نص أهل اللغة على أنه يجوز فيهاسرار، قالوا: ويجمع سرار على أسرة، مثل: حمار وأحمرة ويقولون: برقت أسرة وجهه، فيكون معنی کلامه (عليه السلام): هيهات أن تلمع بکم لوامع العدل، ويبرق وجهه، ويمكن أيضاً فيه وجه آخر، وهو أن ينصب ((سرار)) هاهنا على الظرفية ويكون التقدير: هيهات أن أطلِع بكم الحق زمان استسرار

ص: 298


1- بحار الانوار: 36 / 110
2- (الضئر) في ث، ع، تحریف
3- ينظر: معجم مقاییس اللغة: 3 / 473
4- ينظر: العين، مادة (سر): 7 / 187، و لسان العرب، مادة (سرر): 6 / 516
5- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه

العدل واستخفائه، فيكون قد حذف المفعول وحذفه كثير(1)، وقال بعضهم: (سرار العدل: ما خفي منه)(2)، ولعله [جعله](3) مصدراً بمعنى المسارة کما ذكر (اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كاَنَ [مِنَّا](4) مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ، وَلاَ الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الحُطَامٍ، وَلَكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الْإِصْلاَحَ فِي بِاَدِكَ، فَيَأْمَنَ المَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ) لعل المراد بالذي كان الرغبة في الخلافة أو الحرب(5)، أو الجميع ولم يكن ناقصة وكان تامة، والمنافسة الرغبة في الشيء النفيس، أي الجيد، والسلطان الولاية والسلطنة والالتماس الطلب، والحطام كغراب (ما تكسر من اليبيس)(6)، والمراد بفضول الحطام: زخارف الدنيا وزينتها، والمعلم ما يستدل به وما يجعل علامة للطرق والحدود، ومعالم الدين قواعده وما يهتدى به منه، وفي الكلام دلالة على بطلان كثير من قواعد / و 176 / الشريعة في خلافة المتقدمين، وحدود الله محارمه وعقوباته التي قرنها بالذنوب وأصل الحد المنع والفصل بين الشيئين كأنَّ حدود الشرع مانعة عن الحرام فاصله بينه وبين الحلال (الَّلهُمَّ إنِّ أوَّلُ مَنْ أَنَابَ، وَسَمِعَ وَأَجَابَ؛ لَمْ يَسْبِقْنِي إِلَّا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاله وسلم)(7) بِالصَّلاَةِ) أناب إلى الله وناب أي: أقبل ورجع وسمع أي داعي الله وسبقه (عليه

ص: 299


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 148
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 205
3- [جعله] ساقطة من م
4- [منا] ساقطة من ع
5- (الحروب) في أ، ث، ن
6- لسان العرب، مادة (حطم): 12 / 138
7- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد 8 / 204، (صلى الله عليه وآله) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 238

السلام) إلى الصلاة يدل على بطلان ما ذهب إليه كثير من العامة من أن أبا بكر هو السابق الى الاسلام وذكر السبق الى الاسلام دفع لتوهم من زعم أن تجريده السيف كان للرغبة إلى الدنيا، فإنَّ الرغبة الى الاسلام قبل ظهوره(1) وغلبته(2) [و](3) مقاساة الشدائد له دليل واضح على خلوص النية وصدق العزيمة؛ ولأنَّ من سبق الناس طراً الى الاسلام كان أول المقربين لقوله تعالى)): وَالسَّابقونَ السَّابقونَ أُولئِكَ المُقَرَبُونَ))(4) ولا يتوهم عاقل في مثله أن غرضه نیل الدنيا واكتساب زخارفها، وفيه تقوية لما سيجيء من القدح في خلافة المتقدمين، (وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى(5) الْفُرُوج وَالدِّمَاِء وَالْمَغَانِمِ وَالْأَحْكَامِ وَإمَامَةِ المُسْلِمينَ الْبَخِيلُ، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلَا الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلَا الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ، وَلَا الْحَائِفُ(6) لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ، وَلَا الْمُرْتَشِيِ فِي الْحُكْمِ، فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ، وَيَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ وَلَا الْمُعَطَّلُ لِلسُّنَّةِ، فَيُهْلِكَ(7) الُأْمَّةَ) التهمة بالفتح (الحاجة)(8)، (وبلوغ الهمة، والشهوة في الشيء)(9) وهو (منهوم بكذا أي مولع به)(10)، و بالتحريك

ص: 300


1- (طهوره) في ر، تصحيف
2- (غلبه) في أ، ث
3- [و] ساقطة من أ، ع
4- الواقعة / 10، 11
5- (الوالي على) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 238
6- (الخائف) في ر، م، تصحيف
7- (فهلك) في ن
8- لسان العرب، مادة (نهم): 12 / 593
9- المصدر نفسه، مادة (نهم): 12 / 593
10- المصدر نفسه، مادة (نهم): 12 / 593

کما في بعض النسخ (إفراط الشهوة في الطعام)(1)، وإن لا تمتلئ عين الأكل ولا تشبع، والجفاء بالمدخلاف البر والصلة، ورجل جافي الخلقة والخلق، (أي: کز غليظ)(2)، و(الكزازة(3): اليبس والانقباض)(4)، و يقطعهم بجفائه أي: عن حاجتهم لغلظته عليهم وخوفهم عن الرجوع اليه، أو بعضهم عن بعض؛ لأنه يصير سبباً لتفرقهم وتقطع(5) الفتهم، والحائف بالحاء المهملة من الحيف وهو الظلم والجور(6)، والدُول بضم الدال المهملة جمع دُولة بالضم - كغرفة وغُرف وهي اسم المال الذي يتداول به ويتناوب(7)، قال الله تعالى: «كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ»(8)، فالمعنى الذي يجور(9) ولا يقسم بالسوية، وكما فرض الله عز وجل فيتخذ(10) قوماً مصرفاً، أو جيباً فيعطيهم ما يشاء ويمنع آخرين حقوقهم ويظلمهم، وفي بعض النسخ (الخائف)(11) بالخاء المعجمة، والدِول بکسر الدال جمع دَولة بالفتح وهي الغلبة في الحرب

ص: 301


1- المصدر نفسه، مادة (نهم): 12 / 593
2- تاج العروس، مادة (جفی): 19 / 287
3- (الكزارة) في ر، تصحيف
4- العين، مادة (كز): 5 / 272
5- (ويقطع) في أ، ر، ع، م، تصحيف
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (حيف): 3 / 131، و تاج العروس، مادة (حيف): 12 / 154
7- ينظر: الصحاح، مادة (دول): 4 / 1699
8- الحشر / 7
9- (يجوز) فيع، تصحيف
10- (فينخد) في ر، تصحيف
11- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 48

وغيره وانقلاب الزمان(1)، فالمراد الذي يخاف تقلبات الدهر وغلبة(2) أعدائه فيتخذ قوماً يتوقع نصرهم ونفعهم في دنياه ويقويهم بتفضيل العطاء وغيره ويضعف آخرين ويظلمهم لما رأه مصلحة لنفسه وفي بعض النسخ بالمعجمة وضم الدال أي الذي يخاف ذهاب الأموال وعدمها(3) عند الحاجة، والرشوة مثلثة(4) الجعل، ورشاه أي أعطاه إياها وارتشی أي أخذها واسترشى أي طلبها، ويذهب بالحقوق أي يبطلها(5) و يخرجها من يد صاحبها ويقف بها دون المقاطع أي يجعلها واقفه عند مواضع قطعها وهي مواضع الحكم، فلا يحكم بها بل يحكم بالباطل، أو يسوف في الحكم حتى يضطر المحق ويرضى بالصلح وذهاب شيء من حقه، ويحتمل أن يكون كلمة (دون) بمعنی غیر أي يقف بها في غير مقاطعها وهو الباطل، والسنة الطريقة والسيرة ويراد بها في عرف الشريعة ما أمر به النبي (صلى الله عليه واله) و نهی عنه وندب إليه قولاً، أو فعلاً مما لم ينطق به الكتاب العزيز، وربما يراد بها ما يشمله ويهلك على صيغة المذكر من باب الأفعال ونصب الأمة في بعض النسخ وعلى صيغة المؤنث المجرد ورفع الأمة في بعضها، قال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: فإن قلت: أفتراه (عليه السلام) / ظ 176 / عني بهذا الكلام قوماً بأعيانهم؟ قلت: الإمامية تزعم أنه (عليه السلام) رمز بالجفاء والعصبية لقوم

ص: 302


1- ينظر: الصحاح، مادة (دول): 4 / 1700
2- (قلبت) في أ، ع، تحریف
3- (وعدا ما) في ع، تحریف
4- وهي من المثلث المتفق المعاني ((والرَّشْوَةُ والرِّشْوَةُ والرُّشْوَةُ: والاقيس أن تكون الرَّشْوَةُ المفتوحة مصدراً، والمكسورة والمضمومة اسمين)) المثلث البطليوسي 2 / 29
5- (يطلبها) في ع، تحریف

دون قوم إلى عمر، وبالجهل إلى من كان قبله، و بتعطيل السنه الى عثمان، وأما نحن فنقول: إنه (عليه السلام) لم يعنِ ذلك، وإنما قال: قولاً(1) كلياً غير مخصوص، وهو اللائق بشرفه (عليه السلام)، وقول الإمامية لا دليل عليها، ولا يعدم(2) كل أحد أن يستنبط من كل كلام ما يوافق غرضه، وإن غمض ولا يجوز أن تبنی(3) العقائد على مثل هذه الاستنباطات الدقيقة(4)، ولا يذهب عليك أن تظلماته (عليه السلام) وكلماته المشتملة على القدح في المتقدمين کما فصلنا ما وقفنا عليها من ذلك في مقدمة شرح الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق(5) أدلة واضحة على صحة أمثال هذه الاستنباطات، وقد اعترف هذا الشارح في شرح قوله (عليه السلام): (اللهم إني استعديك على قريش ومن أعانهم) بتواتر الكلمات المشتملة على التظلم والشكوى و فصل هناك جملة منها(6)، وعقيدة الإمامية مبنية على الكلمات الصريحة والدلائل الواضحة ويجعلونها قرائن على ما يستنبطونه بآرائهم الصائبة من الكلمات المرموزة ويحتمل أن تكون(7) الاشارة بالبخل إلى عثمان لما هو المعروف من حبسه حقوق المسلمين، وأكله أموالهم وتخصيص قومه بها، كما صرح به (عليه السلام) في الخطبة الشقشقية بقوله: (إلى أن قام ثالث القوم نافجاً

ص: 303


1- (قوماً) في ر، تحریف
2- (لايقدم) في م، تحریف
3- (يبني) في أ، ر، م، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 206
5- ينظر: مخطوط حدائق الحقائق: 168
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 243
7- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف

حضنيه(1) بين نثيله ومعتلِفهِ وقام معه بنوا أبيه يخضمون مال اللهِ خضم الإبل نبتة الربيع وبالجهل الى الجميع، وبالجفاء إلى عمر بن الخطاب کما اشار اليه بقوله (عليه السلام): (فجعلها في حوزة خشناء، يغلظ كلمها، ويخشن مسها)، وبالحيف أو الخوف للدول إلى عمر وعثمان لإقطاعهما القطائع والتفضيل في العطاء وبالتعطيل للسنه الى الجميع لغصبهم الخلافة المستلزم لضلال الناس وشيوع البدع فيهم الى يوم القيامة.

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَخَذَ وَأَعْطَى، وَعَلَى مَا أَبْلَى وَأبْتَلَى، الْبَاطِنُ لِكُلِّ خَفِيَّةٍ، وَالْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَةٍ، الْعَالِمُ بِاَ تُكِنُّ الصُّدُورُ، وَمَا تَخُونُ الْعُيُونُ.) الإبلاء الإحسان والإنعام، والابتلاء في الأصل الامتحان والاختبار(2)، وكثيراً(3) ما يستعمل في انزال المضرة كالفقر والمرض والمصيبة والحمد على السراء والضراء، لأن الله سبحانه لا يفعل إلاَّ الجميل، وبطنت الأمر أي عرفت باطنة، والسريرة والسر كل ما يكتم، والکِن بالكسر الستر، وأكنه وكنه أي ستره، والحون والخيانة أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح، وخائنة الأعين ما يسارق من النظر الى ما لا يحل، وإن ينظر الإنسان نظرة بريبة، وقيل(4): کسر الطرف بالإشارة الخفية، وقال ابن الأثير في الحديث: (ما كان النبي أن تكون له خائنه

ص: 304


1- (خصينة) في ث، وفي ع: (حصينة)، تحریف
2- ينظر: لسان العرب، مادة (بلا): 14 / 84
3- (كثير) في ر
4- (قبل) في ع، تصحيف

الأعين)(1) أي يضمر في نفسه غير ما يظهره، فإذا كف لسانه، وأومأ بعينه فقد خان، وإذا كان ظهور تلك الحالة من قبل العين سمیت خائنة الأعين والخائنة بمعنى الخيانة من المصادر التي جاءت على لفظ الفاعلة كالعافية (وَنَشْهَدُ أن لَا إلهَ غَیْرُهُ، وَإنَّ مُحَمَّداً(2) نَجِيبُهُ وَبَعِيثُهُ، شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِرُّ الْإِعْلَانَ، وَالقَلْبُ اللِّسَانَ) النجيب الكريم الحسیب، يقال، نُجب ککرم فهو نجيب والانثي نجيبة ويسمى الفاضل من كل نوع نجيباً وبعثه کمنعه أرسله، والبعيث(3) المبعوث، والموافقة خلوص الشهادة من النفاق والرثاء.

[منها](4) (فَإنَّهُ وَاللهِ الجِدُّ لَا اللَّعِبُ، وَالْحَقُّ لَا الْكَذِبُ، وَمَا هُوَ إلاَّ المَوْتُ أَسْمَعَ دَاعِيهِ؛ وَأَعْجَلَ حَادِيهِ. فَلَا يَغَرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ) الضمير راجع إلى الأمر المفهوم أو [...](5) المذكور في سابق الكلام، وقوله (عليه السلام): (وما هو إلاَّ الموت) ایضاح لذلك المجمل، والاضافة في داعية وحادية إما بیانه کما يظهر من كلام بعض الشارحين(6) فالداعي والحادي هو الموت، وإما لامية، والداعي والحادي نزول الموت بالأقارب والأصحاب وهجوم الأمراض ونحو ذلك، وأعجل أي استحث وحمل على السير والسرعة، وحدا الإبل حدواً زجرها / و 177 / وساقها وتغنى لها،

ص: 305


1- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 89
2- [صلى الله عليه ] في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 8 / 208
3- (البعث) فيع، تحریف
4- [منها] بياض في ث
5- [الى] زائدة في ر، م
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 209

قال بعض الشارحين: (اسمع وأعجل محلهما النصب على الحال من معنی الاشارة)(1)، وفي بعض النسخ (فأعجل) بالفاء مكان الواو، وغرة كمده غروراً أي: خدعه وأطمعه بالباطل(2) فاغتر هو، والسواد العدد الكثير، ومن الناس عامتهم، قال بعض الشارحين: كلمة من هاهنا أما بمعنى الباء، أي لا يغرنك سواد الناس بنفسك وصحتك وشبابك، فتستبعد الموت اغترار بذلك، فتكون متعلقة بالظاهر، وإما أن تكون(3) متعلقة بمحذوف تقديره: متمکناً من نفسك، وراكناً إليها(4)، والمعنى لا تغتر ولا تستبعد الموت من نفسك بملاحظة سواد الناس وكثرة الاحياء(5)، فيطول أملك فإنَّ الموت لابد منه، ويدركك على غفلة منك، (قَدْ(6) رَأَيْتَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمِّنْ جَمَعَ

الْمَالَ وَحَذِرَ الْإِقْلاَلَ، وَأَمِنَ الْعَوَاقِبَ: طُولَ أَمَلٍ وَاسْتِبْعَادَ أَجَلٍ؛ كَيْفَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ مَأْمَنِهِ، مَحْمُولاً عَلَى أَعْوَاد الْمَنَايَا، يَتَعاطَى بِهِ الرِّجالُ [...](7) الرِّجَالَ، حْمَلًا عَلَى الْمَناكِبِ؛ وَإمْساكَاً بِالَأْنامِلِ) في بعض النسخ (وقد رأيت) بالواو الحالية، وحذر كعلم أي: احترز، والإقلال الفقر(8)، وعاقبة كل شيء آخره، وطول أملِ منصوب على أنه مفعول له

ص: 306


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 151
2- (واطمعه الباطل) فيع، تحریف
3- (يكون في أن ث، ع، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 209
5- (الاحباء) في م، تصحيف
6- (وقد) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 8 / 209، و (فقد) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 239
7- [و] زائدة في م
8- ينظر: لسان العرب، مادة (قلل) / 11 / 564

للفعل السابق، أو(1) الأفعال السابقة كقولك: قعدت(2) عن الحرب جبناً، وما ذكره بعض الشارحين من أنَّ طول الأمل کیا یکون علة للأمن كذلك يجوز أن يكون(3) الأمن علة لطول الأمل، فمستغني عنه إذ المفعول له هو العلة للفعل دائماً كما يدل عليه اللام فإنها تدخل على العلة لا على المعلول، نعم قد تكون علة غائية متأخرة في الوجود الخارجي نحو ضربته تأدیباً، وقد تكون(4) علة متقدمة في الوجود الخارجي نحو قعدت عن الحرب جُبناً(5)، نص عليه الشيخ الرضي (رحمه الله)، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون مصدراً سد مسد الحال، أو(6) ظرفاً والعامل أمن، وقيل: هو بدل من قوله (عليه السلام) من كان قبلك(7)، أي رأيت طول أمل من كان قبلك، وقال بعض الشارحين: وروي بطول أمل(8)، وأزعجه أي أقلقه و قلعه من مكانه، وأعواد المنايا الأخشاب(9) التي یُحمل الميت عليها، والتعاطي التنازع في الأخذ ويتعاطى به الرجال أي يتداولونه [تارة](10) على أكتاف هؤلاء وتارة

ص: 307


1- (و) في ر، م
2- (عقدت) في أ، تحریف
3- (بکون) في ر، تصحيف
4- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
5- (يكون) في أ، ث، ر، تصحيف
6- (و) في ع
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 152
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 152
9- (الاحشاب) في ث، وفي ر: (الأختاب)، تحریف
10- [تارة] ساقطة من ع

على أكتاف هؤلاء، (أَمَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَأْمُلُونَ بَعِيداً، وَيَبْنُونَ مَشِيداً، وَيَجْمَعُونَ

كَثِراً؛ أصْبَحَتْ(1) بُيُوتُهُمْ قُبُوراً؛ وَمَا جَمَعُوا بُوراً، وَصَارتْ أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِیَن، وَأَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، لَا فِي حَسَنَةٍ يَزِيدُونَ(2)، وَلَا مِنْ سَيِّئَةٍ يُسْتَعْتَبُونَ) شاد الحائط بشیده أي طلاه بالشيد، وهو ماطلي به حائط من جص ونحوه، والمشيد المعمول به، والمشيد كمؤيد المطول، وقال بعض الشارحين: (المشيد المعلى)(3)، ولعله كان في نسخته مشيداً بالتشديد إلا أنه غير موجود في شيء من النسخ التي رأينا وبعيد عن السجع. وأصبحت بيوتهم قبوراً أي أصبحت القبور بيوتاً لهم على القلب، أو المراد بالبيت الأمر الكلي أي المسكن بالمعنى الأعم، فالمعنى تحققه في ضمن هذا الفرد، والبُور بالضم الهالك لا خير فيه، والفاسد يستوي فيه الاثنان والجمع والمؤنث، قال بعض الشارحين: يستعتبون هاهنايفسر بتفسيرين على اختلاف الروايتين: فمن رواه بالضم على ما لم يسم فاعله، فمعناه لا يعاتبون على فعل سيئة صدرت منهم أيام حياتهم، أي لا يعاتبهم الناس ولا يستطيعون وهم موتى أن يسيئوا إلى أحد يعاتبون عليها، ومن رواه ((يَستعتبون)) بفتح حرف المضارعة، فهو من استعتب فلان، أي طلب أن يُعتَب، أي يرضى، يقال: استعتبته فأعتبنی، أي استرضيته فأرضاني(4)، والموجود في النسخ التي عندنا (یَسْتَعْتَبُون) على صيغة المجهول، والاستعتاب: طلب الرضا والرجوع عن الأساءة، ويكون

ص: 308


1- (اضبحت) في ر، تصحيف
2- (یریدون) فيع، تصحيف
3- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 151
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 210

بمعنى إعطاء الرضا، ولعل الأظهر أنَّ المعنى لا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي برضوه ويرجعوا / ظ 177 / عن اسأتهم؛ لأنَّ الآخرة ليست بدار عمل وتكليف، بل دار جزاء ومكافأة كما ذكروه في قوله تعالى: «فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ»(1) على صيغة المجهول، وقيل: أي لا يقبل منهم العتبي والاعتذار، وفي الكلام تحريص للأحياء بالاستزادة في الحسنات، والتوبة عن السيئات قبل فوات المهلة وانقضاء الفرصة. (فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوُى قَلْبَهُ، بَرَزَ مَهَلُهُ، وَفَازَ عَمَلُهُ، فَاهْتَبِلُوا هَبَلَهَا، وَاعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا) الشعار کتاب ما تحت الدثار من اللباس وهويلي شعر الجسد، واشعره غيره ألبسه إياه، وكل ما الزقته بشيء فقد اشعرته به، والمعنى: جعل التقوى شعار لقلبه، لازماً له، وبرز تبریزاً فاق أصحابه فضلا، أو شجاعة والفرس على الخيل سبقها وراكبه نجاه، و (المهل محركة: التقدم في الخير)(2)، وقال ابن الأثير في حديث علي (عليه السلام): إذا سرتم الى العدو فمهلاً مهلاً، فإذا وقعت العين على العين، فمهلاً مهلاً الساكن: [الرفق](3)، والمتحرك: التقدم، أي إذا سرتم فتأنوا، فإذا ألقيتم فاحملوا كذا، قال الأزهري(4) وغيره، وقال الجوهري: ((المهل بالتحريك التؤدة))(5) والتباطئ، والاسم المُهلة بالضم، وفلان ذو مهل بالتحريك أي ذو تقدم في الخير، ولا يقال في الشر(6) وقال

ص: 309


1- الجاثية / 35
2- القاموس المحيط، مادة (مهل): 4 / 53
3- [الرفق] ساقطة من أ، ع
4- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (مهل): 9 / 321
5- الصحاح، مادة (مهل): 5 / 1822
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 375

بعض الشارحين: برز مهله يروی بالرفع(1) والنصب، فمن رواه بالرفع جعله فاعل ((برز)) أي فاق شوطه، يقال: برز الرجل على أقرانه أي فاقهم، والمهل شوط الفرس، ومن رواه بالنصب جعل ((برز)) بمعنی أبرز، أي أظهر وأبان، فنصب حينئذ على المفعولية(2)، وقال بعضهم: أي برزت تؤدته، أي ظهرت عليه آثار الرحمة الإلهية في السكينة والوقار، والحلم والأناة عن التسرع إلى مطالب الدنيا(3) والفوز النجاة والظفر بالخير والاسناد الى العمل اسناد الى السبب، واهتبل فلان الصيد أي طلبه(4) وكلمته حكمةٍ أي اغتنمها، والهبال (الكاسب المحتال)(5) و (الصياد)(6)، قال بعض الشارحين: و ((هبلها)) منصوب على المصدر كأنَّه من هبل مثل غضب غضباً، أي: اغتنموا وانتهزوا الفرصة، الانتهاز الذي يصلح لهذه الحالة، أي ليکن(7) هذا الاهتبال(8) بجد و همه عظيمة(9)، (وأعملوا للجنة عملها) أي العمل اللائق بها (فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَامٍ، بَلْ خُلِقَتْ

لَكُمْ مجَازاً؛ لَتَزَوَّدُا مِنْهَا الْأَعْمَالَ إِلَی دَارِ الْقَرَارِ. فَكُونُوا مِنْهَا عَىَ أَوْفَازٍ،

ص: 310


1- (بالفتح) في ر، م، تحریف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 210
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 152، وفيه: (برزت...)
4- تاج العروس، مادة (هبل): 10 / 791
5- المصدر نفسه، مادة (هبل): 15 / 791
6- المصدر نفسه، مادة (هبل): 15 / 791
7- (يسكن) في أ، ع، تحریف
8- (الامبتال) في ر، تصحيف
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 210

وَقَرِّبُوا الظُّهُورَ(1) لِلزِّيَالِ) المقام بالضم مصدر بمعنى الاقامة، والمَجاز بالفتح موضع السير أي الطريق(2)، والتزود أخذ الزاد وهو الطعام يتخذ للسفر، والَوفز(3) بالفتح وبالتحريك (العجلة)(4)، أي: كونوا كالمستعجل العازم على الارتحال، والظهر الإبل التي يحمل عليها ويركب، والزيال(5) المزايلة(6) أي استعدوا لفراق الدنيا والارتحال منها.

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(وَانْقَادَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَالْخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا، وَقَذَفَتْ(7) إِلَيْهِ الْسَّمَوَاتُ وَالأرَضُونَ

مَقَالِيدَهَا، وَسَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ الأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ، وَقَدَحَتْ لَهُ مِنْ

قُضْبَانِهَا النَّرَانُ الْمُضِيئَةُ، وَآتَتْ(8) بِكَلِمَاتِهِ الْثِّاَرُ الْيَانِعَةُ) قد تقدم ذكره سبحانه في سابق الكلام، والزمام ککتاب ما یزم به أي يشد، وزمام البعير ما يجعل في أنفه ليقتاد به(9)، والقذف (الرمي بقوة)(10) وقذف بالحجارة كضرب

ص: 311


1- (ظهوراً) في ر
2- ينظر: تاج العروس، مادة (جوز): 8 / 34
3- (الوفر) في أ، ث، تصحیف، وفي ع: (الوقر)، تحریف
4- الصحاح، مادة (وفز): 3 / 901
5- (الزبال) في ر، تصحيف
6- (المزايلة) في ر، تصحيف
7- (قدفت) فيع، تصحيف
8- (وآتت أكلها) شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 8 / 211، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 241
9- ينظر: تاج العروس، مادة (زمم): 16 / 324
10- الصحاح، مادة (قذف): 9 / 277

رمى بها، والمقاد: المفتاح والخزانة، وقال بن عباس ومقاتل في قوله تعالى: «لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»(1)، أي مفاتيحها بالرزق والرحمة(2)، وقال ليث(3): المقاد الخزانة(4)، والقذف مجاز في التسليم وكأنَّها انسلخت عنها بشدة؛ لغلبة القدرة، ويحتمل الاعطاء طوعاً وسجد سجوداً أي: خضع وذل وسجد البعر إذا خفض رأسه عند ركوبه، وقالوا في قوله تعالى: «وادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا»(5) أي ركعاً، و((الغُدوة بالضم: البكرة))(6)، وقيل: ((ما بن صلاة الفجر وطلوع الشمس كالغداة))(7)، والجمع (غدو) يقال: غداً غدوا، أي: ذهب غدوة ويستعمل في الذهاب أي وقت كان، و / و 178 / الأصيل (الوقت بعد العر الى المغرب)(8) والجمع أُصُل بضمتین، وآصال، والنضارة الحسن والناضر الشديد الخرة ويبالغ به في كل لون، وسجود الأشجار(9)

له سبحانه كونها مسخرة لقدرته منقادة لتدبره، أو دلالتها بذلها عى عظمة

مدبرها، أو معنى آخر لا تصل(10) إليه عقولنا كتسبيح الأشياء عى ما هو

الأظهر في قوله تعالى: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ

ص: 312


1- الزمر / 63
2- ينظر: مجمع البيان: 8 / 413
3- (ليس) في ر، تحريف
4- ينظر: مجمع البيان: 8 / 413
5- البقرة / 58
6- القاموس المحيط، مادة (غدا): 4 / 368
7- القاموس المحيط، مادة (غدا): 4 / 368، 369
8- لسان العرب، مادة (أصل): 11 / 17
9- (الاسجار) فير، تصحيف
10- (لايصل) في أ، ث، ع، ن

تَسْبِيحَهُمْ»(1)، وقدح بالزند کمنع أي استخرج النار، والمِقدح والمِقدحة بالكسر فيهما (الحديدة)(2) والقداح والقداحة (الحجر)(3)، والقُضبان بالضم جمع قضيب وهو الغصن المقطوع من قضبت(4) الشيء قضباً كضربت(5)، أي: قطعته، والمعنى خرجت لأمره النار من الشجر الأخضر مع أنه ضده، قال الله تعالى: «الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ»(6) والاسناد الى الأشجار من قبيل الاسناد الى السبب المادي، وفي بعض النسخ قدحت على صيغة المجهول ورفع النيران والمضيئة وينع الثمر کمنع وضرب أي حان قطافه كأينع(7) واليانع(8) الثمر الناضح، والأحمر من كل شيء، وفي بعض النسخ (وأتت أكلها) بكلماته الثمار اليانعة برفع الثمار واليانعة، والأُكُل بضمتين الثمر والرزق أي: اعطت مايؤكل منها بكلماته أي: بقدرته ومشيئته المعبر عنها بلفظ کُن واطلاق الكلمات عليها استعارة النفوذ تلك الاحکام کالأوامر القولية.

منها (وَكِتَابُ اللهِ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ نَاطِقٌ لَا يَعْيَا لِسَانُهُ، وَبَيْتٌ لَا تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ،

وَعِزٌّ لَا تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ) بين أظهركم أي بينكم يقال: فلان بين أظهر القوم

ص: 313


1- الإسراء / 44
2- العين، مادة (قدح): 3 / 40
3- المصدر نفسه، مادة (قدح): 3 / 40
4- (قضيت) في م، تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (قضب): 1 / 978، و ينظر: تاج العروس، مادة (قضب): 2 / 329، وفي ث: (كضربته)
6- يس / 80
7- (كأنيع) في أ، وفي ر، م: (کانیع)، تحریف
8- (النايغ) في ر، تصحيف

وظهريهم وظهرانيهم أي: نازل بينهم وفي وسطهم والتخصيص بالظهر دون الصدر مثلاً للإشعار بشدة المحاماة عنه؛ لأنَّ النزيل إذا حامي القوم عنه استقبلوا الرماح والسيوف ودفعوها عنه بصدورهم وكان هو محروساً وراء ظهورهم والظاهر في المقام أن الغرض وجود الكتاب فيهم مستحقاً لشدة المحاماة لا شدة محاماتهم عنه والعي خلاف البيان، يقال: وعيى(1) وعی في المنطق کرضي إذا حُصر وعيي في(2) أمره [وعی](3) إذا لم يهتدِ لوجه مراده وعجز عنه ولسان الكتاب(4) بيانه والاسناد مجازي، ويحتمل أن يكون المراد بلسان الكتاب نفسه (عليه السلام) إذ هو الناطق عنه المبين له، وأركان الكتاب قواعده وأحكامه المستنبطة منه، أو الأئمة (عليهم السلام)، أو المراد بقاؤه إلى يوم القيام والعز و العزة في الأصل الشدة والقوة والغلبة، والمراد بأعوانه الباري سبحانه وملائكته والرسول والأئمة (صلوات الله عليهم) أجمعين.

[منها](5) (أرْسَلَهُ عَلىَ حِینِ فَتَرْةٍ(6) مِنَ الرُّسُلِ، وَتَنَازُعٍ مِنَ الْأَلْسُنِ فَقَفَّى بِهِ الرُّسُلَ، وَخَتَمَ بِهِ الْوَحْيَ، فَجَاهَدَ في الله الْمُدْبِرِينَ عَنْهُ، وَالْعَادِلِینَ بِهِ) الفترة بالفتح ما بين الرسولين من رسل الله تعالى من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة، وقوله تعالى: «عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ»(7) أي على انقطاع بعثهم

ص: 314


1- (عني) في أ، ث، ع، ن، وفي ر، م: (عي)
2- (و) في ث
3- [وعی] ساقطة من ع
4- (الكتان) في ر، تصحيف
5- [منها] بیاض في ث
6- (فطرة) فيع، تحریف
7- المائدة / 19

ودروس معالم دينهم وتنازع الألسن لاختاف كلمتهم فإنَّ قوماً من أهل

الجاهلية كانوا يعبدون الأصنام، وكان لكل قوماً صنم، وقوماً كانوا يعبدون

الشمس، وقوماً يعبدون المسيح وكان من الناس اليهود والنصارى والصابئون

والمجوس وغر ذلك وكان كل قوم يجادل مخالفيها بألسنتها تقوية لمعتقدها،

وقفوت فلاناً أي تبعته وقفيته زيداً، و بزيد(1) تقفيته أي اتبعته إياه وسميت

قوافي الشعر؛ لأن بعضها يتبع بعضاً، والمعنى أرسله بعد الرسل وجعله

خاتم الأنبياء (صلى الله عليه واله) والعادلون بالله الجاعلون له شبيها وعديلاً

ومنه قوله (عليه السلام) في خطبة الأشباح ((کذب العادلون بك إذ شبهوك

بأصنامهم)).

[منها](2) (وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مُنْتَهَى بَصِرَ الَأْعْمَى، لَا يُبْصُرِ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً، وَالْبَصِرُ يَنْفُذُها بَصَرُهُ، وَيَعَلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا، فَالْبَصِیرُ مِنْهَا شاخِصُ، وَالأعْمَى إِليْهَا شَاخِصٌ، وَالْبَصِیرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ، [وَالْأَعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ](3)) شبه (عليه السلام) الدنيا بما يتخيله الأعمى، و / و 178 / يظن أنَّه ظلمه،

وإنَّ كان لا يرى شيئاً وفيه إشعار بأنَّ أهل الدنيا لا يرون الدنيا أيضاً، إذ لو

رأوها حق رؤيتها لما ركنوا إليها ورفضوها، وإنَّ أهل الآخرة يرون الدنيا

والآخرة، فلذلك أعرضوا عن الدنيا لما ظهرت لهم من عيوبها، وأقبلوا

الى الاخرة والعمى والبر في المشبه عمى القلب والبصرة، وفي المشبه به

ص: 315


1- (يزيد) في ر، تصحيف
2- [منها] بياض في ث
3- [والاعمى لها متزود] ساقطة من ث، ع

الحسيان، وماجوزه بعض الشارحين(1) من كون العمى في المشبه عمی القلب، والبصر(2) قوة الإحساس، لا يخفى عدم استقامته ونفذه(3) کنصرة أي جازه، والشخوص في الأصل الارتفاع(4)، يقال: شخص کمنع إذا ارتفع، ومنه شاخص الظل وشخص بصره بالرفع إذا ارتفع أجفانه، وفتح عينيه وجعل لا يطرف، وشخص بصره بالنصب أي رفعه(5)، وشخص ببصره(6) كذلك وشخص من بلد إلى بلد ذهب وصار في ارتفاع(7)، قيل: ولا يسمى الشخص إلاَّ إذا كان له شخوص وارتفاع، قال بعض الشارحين: هذا هو الذي يسميه أرباب الصناعة الجناس التام، فالشاخص الأول الراحل، و الثاني من شخص بصره إذا فتح عينيه نحو الشيء مقابلاً له وجعل لا يطرف(8)، والجناس على سبعة أضرب: أحدها: التام وحده أن تتساوی حروف الكلمتين وزناً و ترکیباً، ولا يخفى لطف تشبیه توجه الأعمى نحو الشيء بالشاخص إلى شيء، ويحتمل أن يكون الشاخص في الموضعين بمعنى الراحل، فإنَّ الشخوص والسفر الى مكان يستلزم کونه مقصداً أصلياً للمسافر والبصير مطمح نظره(9) الدار الآخرة فكأنه راحل من الدنيا التي هي مجازه وسجنه

ص: 316


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 214
2- (الابصار) في ر، م، تحریف
3- (نفده) في أن تصحيف
4- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (شخص): 3 / 254
5- (رفع) في ر
6- (بصره) في ع
7- ينظر: تاج العروس، مادة (شخص): 9 / 295
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 214
9- (نطره) في أ، ث، ن تصحيف

اليها والأعمی مطمح نظره(1) الدنيا التي هي دار القرار عنده وجنته فكأنَّه راحل اليها، ولعله أنسب بقوله (عليه السلام) البصير منها متزود، ويحتمل أن يكون في الموضعين بمعنى الطامح ببصره نحو الشيء، والشاخص من الشيء من جعله آله الملاحظة غيره و توجه به إليه وإلى الشيء من ركن إليه وقصد نحوه وقصر نظره(2) عليه ونظيره(3) قوله (عليه السلام) من أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته، والتزود أخذ الزاد کا سبق وزاد البصير التقوى، قال الله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى»(4) وزاد الأعمى حطام الدنيا وزينتها.

[منها] (وَاعْلَمُوا أَنَّ(5) لَيْسَ مِنْ شَيءٍ إِلَّا وَيَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَيَمَلُّهُ، إِلاَّ الْحَيَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ لَهُ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً) مللته ومللت(6) منه كعملت أي: سئمته، قال بعض الشارحين: (فإنَّ قلت: كيف يقول (عليه السلام) إنَّه لا يجد في الموت راحة؟ وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ((الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر))(7)، وروي عنه (صلى الله عليه واله): ((ليس للمؤمن

ص: 317


1- (نطره) في أن تصحيف
2- (نطره) في أن تصحيف
3- (نطيره) في أ، ث، ن تصحيف
4- البقرة / 197
5- (انه) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 8 / 223.، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 241
6- (ملین) في م، تصحيف
7- مسند أحمد: 2 / 323، و صحیح مسلم: 8 / 210، و سنن الترمذي: 3 / 385، و المعجم الكبير: 6 / 239، و المستدرك: 3: 604

راحة دون لقاء الله، وروي أيضاً: ((ما أرجو الراحة إلاَّ بعد الموت!))، قلت:

لا منافاة، فإنَّ الصالحن، إنما طلبوا أيضاً الحياة المستمرة بعد الموت، وليس

الموت مطلوباً لهم لذاته، بل إنَّما يطلبونه للحياة المتعقبة له، وفي قوله (صلى الله

عليه واله): ((ما أرجو الراحة إلاَّ بعد الموت)) تصريح بأنَّ الراحة في الحياة

التي تعقب(1) الموت، فإنَّ قلت: فقد تطرأ على الانسان حاله يستصعبها فيود الموت لنفسه، ولا يفكر فيما يتعقبه من الحياة ولا يخطر بباله؟ قلت: شاذ نادر فا يُلتفت اليه، والحكم للأعم الاغلب. و أيضاً فإنَّ ذاك(2) لا يلتذ بالموت وإنَّما يتخلص به من الألم، وقال أمر المؤمنین (عليه السلام): ما من شيء من الملذات إلاَّ وهو مملول(3) منه إلاَّ الحياة، وبن الملذ والمخلص من الالم فرق واضح(4)، ولعل الأظهر أن يقال: ذلك التمني ليس للشبع من الحياة والمال منها بل للتألم والمال مما قارنها والفرق واضح وليست الراحة التي يجدها(5) في الموت لنفسه بل الأمر خارج، وقال بعضهم: فقدان الراحة في الموت مخصوص بأهل الشقاوة في الآخرة، فأمَّا أولياء الله فلهم في الموت

الراحة الكبرى(6)، وقيل: بل يحمل على العموم مراعاة لظاهر الكلام وذلك

من وجهین: أحدهما: أن بالموت يفوت متجر الآخرة فالولي لا يجد الراحة

ص: 318


1- (يتعقب) في أ، ث، ع، م، وفي ر: (بتعقب)، تحريف
2- (ذلك) في ث، ر، م، تحريف
3- (مملوك) في ث، ع، تحريف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 225، 226
5- (تجدها) في ر، م، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 158

[التي](1) يلحقه بما يفوته من ذلك، والثاني: أن النفوس / و 179 / البشرية لما لم يكن معارفها ضرورية ولم تمکن مادامت في هذه الأبدان من الاطلاع على ما بعد الموت من سعادة أو شقاوة فبالحري أن لا تجد لها راحة تتصورها(2) في الموت مادامت في دار الدنيا، وذلك لا ينافي أن تحصل(3) لها الراحة عند لقاء الله وفي الجميع تأمل والظاهر أن المراد أن الحياة لذاتها مع قطع النظر عما يقارنها لا يشبع منها صاحبها، ولا يجد في الموت لنفسه راحة، والله يعلم.

(وَإِنَّاَ ذلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ الَّتِي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَيِّتِ، وَبَصَرٌ لِلْعَیْنِ الْعَمْيَاءِ؛ وَسَمْعٌ لِلْأُذُنِ الصَّمَّاءِ، وَرِيٌّ لِلظَّمْآنِ؛ وَفِيهَا الْغِنَى كُلُّهُ وَالسَّاَمَةُ) قبل الحكم والحكمة في الأصل ((المنع))(4)، وسميت الحكمة؛ لأنهَّا تمنع صاحبها من اخلاق الأرذال(5) وأفعال الجهال ويكون في اللغة بمعنى العلم والحلم والعدل وغير ذلك(6) وفسرت بمعرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم وباستكمال النفس الإنسانية في العلم والعمل على قدر الطاقة وبالعلم النافع في الآخرة، وفي بعض الأخبار بمعرفة أهل البيت (عليهم السلام) و ولايتهم والأُذُن بضمتين(7) في النسخ، والرِي(8) بالكسر الاسم من روي من الماء واللبن

ص: 319


1- [التي] ساقطة من ر، م
2- (يتصورها) في ث، ر، م، تصحيف
3- (يحصل) في ث، ر
4- معجم مقاییس اللغة، مادة (حکم): 2 / 91
5- (الاوذال) في ر، تحریف
6- ينظر: لسان العرب، مادة (حکم): 12 / 141
7- (بصمتين) في ر، تصحيف
8- (الراي) في ر، تحریف

کرضی رَیاً ورِياً بالفتح والكسر، والظمأ(1) بالتحريك (أشد العطش)(2)، أو (العطش)(3) والصفة ظمآن وظمأنه، قال بعض الشارحين: هذا الكلام غير ملتئم بالكلام السابق وهو(4) اشارة الى كلام من کلام رسول الله (صلى الله عليه واله)، رواه (عليه السلام) لهم، ثم حضهم(5) على التمسك به والانتفاع بمواعظه، وقال: إنه بمنزلة الحكمة)(6)، وقال بعضهم: ذلك اشارة الى الأمر الذي هو أحق بأن لا يمل ولا يشبع منه(7).

كِتَابُ اللهِ تُبْصِرُونَ بِهِ، وَتَنْطِقُونَ بِهِ، وَتَسْمَعُونُ بِهِ؛ وَيَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ،

وَيَشْهَدُ بَعْضُهُ عَىَ بَعْضٍ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي اللهِ، وَلَا يُخَالِفُ بصَاحِبِهِ عَنِ اللهِ)، قال بعض الشارحين: قوله (عليه السلام) كتاب الله خبر مبتدأ: أما خبر ثان لذلك وما كان بمنزلة الحكمة خبر أول، أو لمبتدأ محذوف تقديره(8)، هو کتاب الله(9) قال: ويحتمل أن يكون عطف بيان لما هو بمنزلة الحكمة)(10) و(ينطق بعضه ببعض) أي يفسر بعضه بعضا کالمبين للمجمل(11)، والمقيد للمطلق،

ص: 320


1- (الطماء) في ع، تصحيف
2- تاج العروس، مادة (ظمأ): 1 / 203
3- لسان العرب، مادة (ظمأ): 1 / 116
4- (هذا) في ر، م، تحریف
5- (خصهم) في أ، ع، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 228
7- [تقديره] ساقطة من ر
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 158
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 159
10- (للمحمل) في أ، تصحيف
11- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 159

والخاص للعام، ويشهد بعضه على بعض أي: يصدقه ولا يضاده کما قال عز وجل: «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا»(1)، وقال بعض الشارحين: أي يستشهد ببعضه على المراد بعض آخر، وهو قريب مما قبله(2)، ولعله بعيد(3) ولا يختلف في الله أي في الدلالة على الله وصفاته وغير ذلك وحينئذ يمكن تخصيص ماسبق بالقصص ونحو ذلك، أو في الغاية والثمرة المطلوبة منه أي الوصول إلى الله سبحانه، والزلفة لديه ولا يخالف بصاحبه عن الله أي لا يضلهم عن سبيل الله ولا يصدهم عن صراطه، وقال بعض الشارحين: (قوله: ((لا يخالف بصاحبه عن الله)) فصل آخر مقطوع عما قبله، و متصل بها لم يذكره جامع نهج البلاغة)(4).

(قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ فِيمَا بَيْنَكُمْ؛ وَنَبَتَ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ(5)، وَتَصاَفَيْتُمْ عَلَى حُبِّ الْآمَالِ، وَتَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الْأَمْوَالِ. لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكُمُ الْخَبِيثُ. وَتَاهَ بِكُمُ الْغَرُورُ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِيِ وَأَنْفُسِكُمْ) الاصطلاح والتصالح المصالحة والمراد الاتفاق على الشيء، والغل بالكسر الحقد والضغن والغش(6)، والدِمَن بكسر الدال وفتح الميم جمع منه بالكسر وهي (آثار الناس وما سودوه)(7)، و دمنه الإبل والغنم بأبوالها(8) وأبعارها أي لبده في مرابضها، وربما نبت فيها

ص: 321


1- النساء / 82
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 160
3- (يعيد) في ر، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 228
5- (دینکم) في ع، تحریف
6- ينظر: الصحاح، مادة (غلل): 5 / 1783
7- المصباح المنير، مادة (الدمن): 1 / 200
8- (بأموالها) في ر، تحریف

النبات الحسن النضير، ومنه الحديث: ((إياكم وخضراء الدمن))(1)، والمرأة الحسناء في منبت السوء، والدمنة (الحقد)(2)، أو القديم منه، والمعنى قدم أحقادكم وضغائنكم وطال مكثها في صدوركم حتى كأنَّها نبت المرعى عليها، وقال بعض الشارحين: نبت المرعى على دمنکم مثل يضرب للمتصالحين في الظاهر مع غل القلوب فيما بينهم، ووجه مطابقة المثل أنَّ ذلك الصلح سريع الزوال / ظ 179 / لا أصل له کما یسرع جفاف النبات في الدمن(3)، والصفو نقيض الكدر، وأصفيته الود وصافيته، أي: أخلصته له وتصافينا(4)، أي تخالصنا والتعادي في كسب الأموال بيان للغل الذي اشار (عليه السلام) إليه أولاً، والمراد بالأمل المأمول، ويحتمل المصدر، وهام يهيم هيماً، أي: خرج على وجه لا يدري أين يتوجه(5) فهو هائم إن سلك طريقاً مسلوكاً، فإنَّ سلك طريقاً غير مسلوك فهو راكب التعاسيف وهام يهيم، أيضاً إذا أحب امرأة، والهُيام بالضم كالجنون من العشق وقلب مستهام أي هائم، الخبيث ضد الطيب والمراد أبليس، قال بعض الشارحين: (لقد استهام بكم الخبيث) أي جعلكم هائمين، أي استهامكم، فعداه بحرف الجر، كما تقول: في ((استنفرت القوم إلى الحرب)): استنفرت بهم، أي جعلتهم نافرين، أو بمعنى الطلب والاستدعاء، أي: استدعى منكم أن تهيموا(6) و تقعوا في التيه والضلال

ص: 322


1- غريب الحديث، ابن سلام: 3 / 99، و الجرح والتعديل، الرازي (ت 327 ه): 4 / 139، و مسند الشهاب (ت 454 ه) 2 / 96
2- الصحاح، مادة (دمن): 5 / 2114
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 160
4- (تصافيفا) في أ، ع، تحریف، وفي م: (صافينا)
5- (متوجه) في أ، تحریف
6- (تقيموا) في م، تحریف

والحيرة(1)، وقال بعضهم: (أي اشتد عشقه لكم ولازمكم)(2)، ولعل الأظهر على هذا الوجه أن يكون المعنى جعلکم عاشقين وتاه الإنسان يتيه تيهاً إذا ضل عن الطريق، والتِيه بالكسر المفازة لا علامة فيها يقتدى بها(3) وتاه أيضاً إذا تكبر وتاه بکم أي جعلکم، تائهين وغره أي خدعه وأطمعه [بالباطل، فأغتر وماغرك](4) بفلان أي: كيف اجترأت عليه؟، واغتررت به!، أي: ظننت الأمن، فلم أتحفظ، وفسر الغرور في قوله تعالى: «وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ»(5) بالشيطان وبكل شيء غرك حتى تعصي الله وتترك ما أمرت به، وقيل: (الغرور: الدنيا)(6)، وقيل: هو (تمنيك(7) المغفرة في عمل المعصية)(8)، وقرئ في الشواذ بضم الغين(9)، وكذا يوجد في بعض النسخ، وفسر بغرور الدنيا بخدعها الباطلة، وغرور النفس بشهواتها الموبقة، ويعم كل غرور، (والعون: الظهير على الأمر)(10)، واستعنت(11) بفلان، فأعانني، وقد يتعدى بنفسه، فيقال: استعانه واستعان عليه أي طلب العون للظفر عليه.

ص: 323


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 229
2- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 161
3- ينظر: لسان العرب، مادة (توه): 13 / 482
4- (بالباطل، فاغتر وما غرك) ساقطة من ر، م، وفي ث: (فاعتر) تصحيف
5- لقان / 33، فاطر / 5
6- المخصص: 1 / 82
7- (تمينك) في أ، تحریف
8- تفسير مجمع البيان: 8 / 95
9- قراءة (ساك بن حرب، أبو حيوة، بن السميفع) معجم القراءات القرآنية: 5 / 94
10- (استعينت) فيع، تحریف
11- تاج العروس، مادة (عون): 18 / 395

[ومن كلامٍ له (عليه السلام وقد شاوره عمر في الخروج الى الروم]

(وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لِأَهْلِ هَذَا الدِّينِ بِإعْزَازِ الْحَوْزَةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالَّذِي نَصَرَهُمْ، وَهُمْ قَلِيلٌ لَا يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لَا يَمْتَنِعُونَ، حَيٌّ لَا يَمُوتُ) الرُوم بالضم جيل من ولد الروم بن عيصُو(1)، يقال: رجل رومي والجمع روم، مثل زنجي و زنج، فليس بين الواحد والجمع إلاَّ الياء المشددة، كما يقال: تمر وتمرة، وليس بين الواحد والجمع إلاَّ الهاء، وهذه الغزاة(2) هي غزاة(3) فلسطين التي فتح فيها بیت المقدس، ووكلت الأمر إلى فلان کوعدت أي فوضته اليه واكتفيت به، والوكيل فعيل: بمعنی مفعول، لأنَّه موکول إليه، ويكون بمعنی فاعل إذا كان بمعنى الحافظ، قالوا: ومنه حسبنا الله ونعم الوكيل، ووكلته توکيلاً فتوكل، أي: قبل الوَكالة بفتح الواو والكسر لغة وتوكل على الله، أي اعتمد عليه، ووثق وأظهر العجز، قال بعض الشارحين: ويروي: ((وقد تكفل)) الله، أي صار کفیلاً(4)، والكفيل الضامن، والحَوزة بالفتح (الناحية)(5)، وحمي حوزة الإسلام أي حدوده ونواحيه، وفلان مانع الحوزته أي: لما حيزه، وحوزه الملك بيضته واعزاز(6) الحوزة حفظها عن غلبة

ص: 324


1- روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم (عليهما السلام) وكان الروم رجلًا جلداً أحمر أصفر في بياض، شديد الصفرة من أجل ذلك سميت الروم بني الأصفر، وأمه ابنة إسماعيل ابن إبراهيم (عليهما السلام). ينظر: المعارف: 38، 39
2- (الغراة) في أو، عن، تصحيف
3- (غراة) في أ، وفي ع: (عزاة)، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 230، وفيه: (وقد تكفل والله ...)
5- المصباح المنير، مادة (حزت): 1 / 156
6- (واغرار) في أ، وفي ر: (واغراز)، تصحيف

الأعداء، (والعورة في الثغر(1) والحرب: خلل يخاف منه)(2) وكل شيء يستره الإنسان أنفه أو حياء أو مخافة فهو عورة والجمع عورات بالسكون للتخفيف والقياس الفتح؛ لأنَّه اسم وهو لغة هذيل، قال بعض الشارحين: کنی (عليه السلام) بالعورة عن هتك الستر في النساء ويحتمل أن تكون استعارة لما يظهر عليهم من الذل والقهر لو أصيبوا فضمن(3) سبحانه ستر ذلك بإفاضة النصر عليهم وانتصر منه أي انتقم ولا ينتصرون أي لا يقدرون على الانتصار، ومنعهم أي دفع عنهم وحماهم وحاطهم وامتنع فلان بقومه أي: تقوى بهم في مَنعه بفتح النون، أي: في عز قومه فلا يقدر عليه من يريده، والحاصل أنَّ الذي / و 180 / نصرهم في حال ضعفهم حي لا يموت فهو ينصرهم في حال ضعفهم ويتم نعمته عليهم.

(إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَی هَذَا العَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ فَتُنْكَبُ، لَا تَكُنْ(4) لِلْمُسْلِمينَ كَانفةٌ(5) دُونَ أَقْصَى بِلَدِهِمْ. لَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إليْهِمْ رَجُاً مْجِرَباً(6)، وَاحْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَاَءِ وَ النَّصِيحَةِ(7)، فَإِنْ أَظْهَرَ

ص: 325


1- (الثعر) في م، تصحيف
2- المصباح المنير، مادة (عورت): 2 / 437
3- (فصمن) في أ، ع، ن، تصحيف
4- (لا يكن) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 8 / 230
5- (کهف) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 8 / 230
6- (محربا) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 8 / 230، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 243
7- (النصبحة) في م، تصحيف

اللهُ فَذَاكَ(1) مَا تِحُبُّ، وَإنْ تَكُنِ الُأْخْرَى كُنْتَ رِدْءاً لِلنَّاسِ، وَمَثَابَةً لِلْمُسلِميَن) نكب الرجل بالحرة أي أصابته حجارتها، ومنه النكبة بالفتح وهي المصيبة وما يصيب الإنسان من الحوادث، وكلمة تنكب مجزومة عطفاً على تسر وكنفه کنصره صانه وستره، ومنه الكنيف؛ لأنه يستر قاضي الحاجة و الكنف بالتحريك الناحية(2) و الجانب والظل(3)، والكانفة الساترة(4)، والمراد جهة عاصمة من شر العدو، والضمير في اليهم راجع إلى الأعداء وفي بعض النسخ (عليهم) فيرجع الى العسكر، ويحتمل الأعداء والمجرب بالتشديد على صيغة اسم المفعول کما في أكثر النسخ من جربتهُ الامور واحكمته(5)، قال الجوهري: فإنَّ كسرت الراء جعلته فاعلاً إلا أنَّ العرب تكلمت به بالفتح)(6)، وقال الفيروز آبادي: (جربه تجربة: اختبره، ورجل مجرب، كمعظم(7): بلي ماعنده، ومجرب(8) عرف الأمور)(9)، وفي بعض النسخ (مِحْرِباً)(10) بكسر الميم وسكون

ص: 326


1- (فداك) فيع، تصحيف
2- (الناجبة) في ر، تصحيف
3- ينظر: لسان العرب، مادة (کنف): 9 / 308
4- (احکمنه) في ر، تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (کنف): 9 / 309
6- ينظر: الصحاح، مادة (جرب): 1 / 98
7- (کعظم) في ع، تحریف
8- (مجرب) في م، تصحيف
9- القاموس المحيط، مادة (جرب): 1 / 45
10- (مجرباً) في أنع، تصحیف، و منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 55، وشرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 8 / 230 و في ث: (محرياً) تصحيف

الحاء المهملة وفتح الراء، يقال: رجل محرب(1) و محراب أي شديد الحرب شجاع(2)، وحفزته(3) بالحاء(4) المهملة والفاء والزاي(5) كضربته، (أي دفعته من خلفه)(6) وسقته سوقاً شديداً، والمراد البعث والارسال، وبلوته بلوىً وبلاء أي اختبرته وامتحنته، والبلاء یکون محنه ومنحة، قال عز وجل: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»(7) و النصيحة إرادة الخير للمنصوح له، وظهرت على الرجل غلبته وأظهره الله على عدوه - أظفره -، و(الرِدءُ بالكسر العون، والمادة)(8) والمثابة(9) المرجع وحاصل الكلام الاشارة الى عدم اقتضاء المصلحة أن يحضر الأمير الحرب بنفسه، قال بعض الشارحين: فإن قلت: فما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يشهد الحروب بنفسه، قلت عن هذا جوابان احدهما: إنه كان عالماً بأنه لا يقتل في هذه الحروب(10) ويشهد لذلك الخبر المتفق عليه بين الناس كافه ((سيقاتل بعدي الناكثين والقاسطين

ص: 327


1- (مجرب) في ر، تصحيف
2- ينظر: القاموس المحيط، مادة (حرب): 1 / 53
3- (حفرته) في أ، ر، م، وفي ع: (حقرته)، تصحیف
4- (بالخاء) في أ، ع، تصحيف
5- (الراي) في ث، تصحيف
6- الصحاح، مادة (حفز): 3 / 874
7- الأنبياء / 35
8- القاموس المحیط، مادة (ردأ): 1 / 16
9- (المنامة) في ر، تصحيف
10- (الحرب) في أ، ع، تحریف

والمارقين(1))) وثانيها: إنه لا يقوم مقامه في هذه الحروب أحد ولم يجد اميراً مجرباً من أهل البلاء والنصيحة(2)، ولعل من كان مجرباً من أصحابه لم يكن ناصحاً له، ومن كان ناصحاً لم يكن مجرباً، ولعله لو وجد فيهم الناصح المجرب لم يكن مطاعاً يتمشى منه(3) أمر الإمارة والقتال، والحاصل أنه كان حضوره(4) (عليه السلام) لضرورة مفقودة في الحال التي أشار فيها بترك الخروج.

[ومن كلامٍ له (عليه السلام)] وقد وقعت مشاجرة بينه وبين عثمان،

فقال: المغيرة بن الأخنس لعثمان: أنا أكفيکَهُ(5)، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): للمغيرة: (يا ابنَ(6) اللَّعِینِ الَأْبْتِرَ، وَالشَّجَرَةِ الَّتي لَا أصْلَ لَهَا، وَلَا فَرعْ)، المشاجرة المنازعة، والمغيرة بن الأخنس الثقفي(7) حليف بني زهرة كان عثمانياً خرج بسيفه يوم الدار لما أحرق الناس باب عثمان فقتل، قال بعض الشارحين: ((إنما قال: (عليه السلام) یا ابن اللعين؛ لأنَّ الأخنس(8) بن

ص: 328


1- (المارفين) في ر، تصحيف
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 231
3- (من) في ر، م، تحریف
4- (حصوره) في ث، م، تصحيف
5- (کفیکه) في ر
6- (يابْنَ) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 8 / 234
7- المغيرة بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج الثقفي، حليف بني زهرة، عامل مروان بن الحكم على البحرين، قتل يوم مقتل الخليفة عثمان بن عفان. ينظر: أنساب الاشراف: 13 / 437، وجمهرة انساب العرب: 268، و الاصابة: 6 / 155
8- أسمه أُبي بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزی بن غیره بن عوف بن ثقيف، يكنى أبا ثعلبة، حليف بني زهرة، ولما أشار عليهم بالرجوع إلى مكة في وقعة بدر قبلوا بكلامه ورجعوا عندها فیل خنس بهم فسموه بالأخنس. أعطاه الرسول (صلى الله عليه وسلم) مائة من الابل من غنائم حنين مع المؤلفة قلوبهم، مات في زمن الخليفة عمر بن الخطاب ينظر: أنساب الاشراف: 13 / 437، وأسد الغابة: 1 / 47، 48، و الاصابة: 1 / 192

شريق كان من أكابر المنافقين ذكره أصحاب الحديث كلهم في المؤلفة قلوبهم الذين أسلموا يوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم، وأعطاه رسول الله (صلى الله عليه واله) مائة من الإبل من غنائم حنين(1)، يتألف بها قلبه، وابنه أبو الحكم بن الأخنس، قتله أمير المؤمنين (عليه السلام) کافراً في الحرب، وهو أخو المغيرة، هذا والحقد الذي كان في قلب المغيرة كان من هذه الجهة، وإنما قال له: يا ابن الأبتر، لأنَّ من كان عقبه ضالاً خبيثاً، فهو كمن لا عقب له، بل(2) من لا عقب له خير منه(3)، ونفي الأصل والفرع كناية عن دناءته وحقارته، أو لأن في نسب ثقیف طعناً على ما قيل، أو لدناءة / ظ 180 / أصوله وفروعه (أنْتَ تَكْفِيني؟ فَوَ اللهِ مَا أعَزَّ اللهُ مَنْ أنْتَ نَاصِرُهُ، وَ لَا قامَ مَنْ أنْتَ مُنْهِضُهُ، اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللهُ نَوَاكَ(4)؛ ثُم أبْلُغْ جَهْدَكَ؛ فَلاَ أبْقَى(5) اللهُ عَلَيْكَ إِنْ أبْقَيْتَ.) عز كفر أي صار عزیزاً وقوي بعد ذله وأعزه وعززه جعله عزيزة، والقيام كناية عن نيل المطالب، والعزة و نحو ذلك، وروی ولا أقام بالهمزة أي: لا أقام الله، ومنهضه أي مقيمه كناية عن الإعانة والتقوية،

ص: 329


1- (حين) في ر، م، تحریف
2- (يا) في ع، تحریف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 234
4- (فواك) في ر، تحريف
5- (اتقی) فيع، تصحیف

(والنوى: الدار)(1) والوجه الذي تذهب فيه(2) أي: أبعد الله دارك، أو مقصدك حتى لاتصل اليه، وفي بعض النسخ (نوأك)(3) بالهمزة أي خير من أنواء النجوم التي كانت العرب تنسب المطر اليها، أو نهوضك وظهورك من ناء نوءاً أي طلع ونهض، وقيل: أي نهض بجهد ومشقة، و (الجَهد) بالفتح كما في بعض النسخ وهو لغة غير أهل الحجاز، وبالضم كما في بعض النسخ وهو لغة الحجاز بين (الوسع والطاقة)(4)، وقيل المضموم الطاقة والمفتوح المشقة، والجَهد بالفتح لا غير النهاية والغاية(5) وهو مصدر من جهد في الأمر، کمنع إذا طلب حتى بلغ غايته في الطلب، وجهده الأمر والمرض جهداً إذا بلغ منه المشقة، ومنه جهد البلاء، وأبقيت على فلان أي رحمته، وأشفقت عليه وفي دعاء صلاة الليل لسيد الساجدين (عليه السلام): ((ومن نارٍ لا تبقى على من تضرع اليها، ولا ترحم من استعطفها)(6)، ولعل المعنى أخرج عنا حتى نستريح من لقائك، ثم ابلغ غاية جهدك في الإضرار بي والعداوة، ولا ترحمني فإني لا أخاف منك ولا أبالي بعداوتك.

[ومن كلام له (عليه السلام)]

(لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً، وَلَيْسَ أَمْرِي وَأَمْرِكُمْ وَاحِداً، إِنِّ أُرِيدُكُمْ للهِ، وَ

ص: 330


1- لسان العرب، مادة (نوی): 10 / 347
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نوی): 15 / 347
3- (نؤك) في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 55
4- المصدر نفسه، مادة (جهد): 3 / 133
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (جهد): 3 / 133
6- الصحيفة السجادية: 152

أَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ أَعِينُونِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ وَايْمُ الله لَأُنْصِفَنَّ

الْمَظْلُومَ(1) و لُأَقودَنَّ الظَّالَمِ بِخِزَامَتِهِ، حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ، وإن كَانَ كَارِهاً.) الفلتة(2) الأمر يقع من غير تدبر ولا روية، وفي الكلام تعريض ببيعة أبي بكر، واشارة الى قول عمر بن الخطاب: ((كانت بيعة أبي بكر فلته وقي الله المسلمين شرها، إلاَّ فمن عاد الى مثلها فاقتلوه))، و(تريدونني لأنفسكم) أي: تحبون إمارتي، وتطيعونني لأغراضكم الدنياوية، و(أعينوني على أنفسكم) أي: كونوا أعواناً لي حتى أكفكم عما (تقودكم)(3) إليه، نفوسكم من موارد الهلكة، والمراد بالإعانة الطاعة وامتثال الأوامر، وايم الله مخفف ایمن الله من ألفاظ القسم کما تقدم، والانصاف المعاملة بالعدل، وفي بعض النسخ (لأَنصفن) بفتح الهمزة، يقال: نصفته [كضربته](4) ونصرته أي خدمته، ولعل الأول أظهر، والخِزامة بالكسر حلقه من شعر تجعل في وتره أنف البعير ليشد فيها الزمام ويسهل قيادة، والورد حضور الماء للشرب، والإيراد الاحضار، ونهل کفرح أي شرب، و (المنهل: المشرب)(5)، وقيل: المنهل من المياه كل ما تطؤه الطريق وما كان على غير الطريق لا يدعی منهلاً، ولكن يضاف إلى موضعه، أو إلى ما هو مختص به(6)، فيقال: منهل بني فلان، وفي الكلام دلالة على أنَّ

ص: 331


1- (لأنصفن المظلوم من ظالمه) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 20، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 244
2- (الغلة) في أ، ع، تحریف، وفي ث (الفلثة)
3- (يقودكم) أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
4- [كضربته] ساقطة من ع
5- لسان العرب، مادة (هل): 11 / 681
6- ينظر: لسان العرب، مادة (نهل): 11 / 681

الحق يشفى ويزيل العطش، وإن كان الوارد کارهاً له.

[ومن كلام له (عليه السلام)] في معنى طلحة والزبير

(وَاللهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً، وَلَا جَعَلُوا بَينِي وَبَيْنَهُمْ نِصْفاً؛ وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ(1)، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ، فَإِنْ كُنْتُ شِرَيكَهُمْ فِيهِ؛ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ، وَإنْ كَانُوا وَلوُهُ دُونِي فَمَا الطّلِبَةُ إلاَّ قِبَلَهُمْ. وَإنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ

لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ) في معنى طلحة والزبير أي: في أمرهما والمقصد المتعلق بهما، أو في بيان مقصدهما، وأنكرته انکاراً خلاف عرفته، وأنكرت على فلان فعله إذا عبته ونهيته، والمنكر ضد المعروف وهو الخير، وکلما قبحه الشرع وحرمه و کرهه فهو منکر، و (النِصف) بالکسر کما في بعض النسخ اسم من الانصاف وكذلك النصف بالتحريك كما في بعضها / و 181 / والمعنى: لم يجعلوا بيني وبينهم حكماً ذا انصاف يحكم بالعدل وانصافاً، والمراد بالحق ما طلبوه وزعموه حقاً، وقال بعض الشارحين: أي أنهم يظهرون أنهم يطلبون حقاً بخروجهم إلى البصرة وقد تركوا الحق بالمدينة(2)، وسفك الدم كضرب أي صبه وولي الأمر كحسب، أي: تولاه وقام به، الطِلبة بالكسر ما تطلبه من غيرك، وهو الاسم من طالبه مطالبه، أي: طلبه بحق ولي قبل فلان حق کعنب، أي: عنده، وحاصل المعنى: أنَّ ما زعموه منكراً، وانكروه عليّ ليس بمنكر في الواقع، ولو كان حقاً فلا

ص: 332


1- (هم تركوه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 29، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 244
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 8 / 28

أقل من أن يكونوا شركاء فيه، فالعدل يقتضي أن يحكموا على أنفسهم، وقد روی أرباب السير أن طلحة كان يوم قتل عثمان مقنعاً بثوب قد استتر به عن أعين الناس يرمي الدار بالسهام، ولما امتنع على الذين حصروا عثمان الدخول من باب الدار حملهم طلحة إلى دار لبعض الأنصار فأصعدهم إلى سطحها وتسوروا(1) منها على دار عثمان فقتلوه، وإنه قال مروان بن الحكم يوم الجمل: والله لا أترك ثأري وأنا أراه ولأقتلن طلحة بعثان فإنَّه قتله، ثم رماه بسهم فأصاب مأبضه، فنزف(2) الدم حتى مات، وإنَّ الزبير كان يقول: اقتلوه فقد بدل دینکم، فقالوا: إن ابنك يحامي عنه بالباب، فقال: ما أكره أن يقتل عثمان ولو بُدئ(3) بابني [...](4)..

(وَإنَّ مَعِي لَبَصِیرَتِي، مَا لَبِسْتُ وَلَا لُبِسَ عَليَّ. وَإِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فِيهَا الْحَمَا وَالْحُمَةُ والشُّبْهَةُ المُغْدَقَةُ) لبَس الأمر بالفتح أي: خلط بعضه ببعض، وقد يشدد للتكثير والتلبيس التخليط والتدليس، أي: ما لبست الأمور على الناس أولاً على نفسي، ولا على الناس، ولا لبسها رسول الله (صلى الله عليه واله) علي بل أخبرني بالحق والصدق، أو ما لبسه أحد علي، والبغي الظلم والعدول عن الحق والعلو والاستطالة، وتعريف الفئة للدلالة على أنَّ الرسول (صلى الله عليه واله) أخبر بخروجها ووصفها بالبغي، والحَمأ بالفتح

ص: 333


1- (تسودوا) في م، تحریف
2- (فنرف) في أ، ر، ع، ن، تصحیف، وفي م: (فرف)، تحریف
3- (يدي) في ر، تصحيف
4- کلام نابي على عثمان تحرجت من ذكره

مهموزاً كما في بعض النسخ (الطين الأسود المنتن)(1)، ومثلة الحمأ بالتحريك، وهو كناية عن الضلال والفساد أو الغل والحقد الذي كان في صدور القوم، وفي بعض النسخ (الحمی) بألف مقصورة، قال بعض الشارحين: هو كناية عن الزبير؛ لأنَّ كل من كان نسيب الرجل فهم الاحماء، واحدهم ((حما)) مثل: قفا(2) واقفاء، وما كان نسيب المرأة فهم الأحمات فأما الأصهار فيجمع الجهتين جميعاً، وكان الزبير ابن عمة رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقد كان النبي (صلى الله عليه واله) اعلم علياً (عليه السلام) بأنَّ فئة تبغي عليه في أيام خلافته فيها بعض زوجاته، وبعض أحمائه، فکنی علي (عليه السلام) عن الزوجة بالحُمة(3) وهي اسم للعقرب(4) (انتهى) والمعروف أنَّ الحُمة كثبةٍ السم وتطلق(5) على إبرة العقرب والزنبور وغيرهما للمجاورة لأن السم منها يخرج وأصلها حُموٌ(6)، أو حمي كصرُدٍ، والهاء عوض عن الواو المحذوفة أو الياء(7)، و (أغدفت المرأة قناعها أي(8): أرسلته على وجهها)(9)، وأغدف

ص: 334


1- العين، مادة (حما): 3 / 312
2- (ففا) في ر، تصحيف
3- (حمة العقرب: سمها) الصحاح، مادة (مم): 5 / 1906
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 27
5- (يطلق) في أ، ث، ر، تصحيف
6- (حمر) في ع، تحریف
7- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 446، و تاج العروس، مادة (حمی): 19 / 344
8- (أو) في ث
9- تاج العروس، مادة (غدف): 12 / 406

الليل أي: أرخى سدوله، وأغدف الصياد الشبكة على الصيد، أي: أسبلها(1)، والمراد بالشبهة المغدِفة(2) بكسر الدال على ما في النسخ التي عندنا الشبهة الساترة(3) للحق، أو المظلمة ونحو ذلك، وقال بعض الشارحين: وروى: ((المغدفة)) بفتح الدال، أي: الخفية(4) وهي شبهتهم في الطلب بدم عثمان، أو أنَّهم كانوا من أهل القبلة، وكانت فيهم أم المؤمنين وبعض العشرة المبشرة بالجنة بزعمهم، (وَإِنَّ الْأَمْرَ لَوَاضِحٌ؛ وَقَدْ زَاحَ الْبَاطِلْ عَنْ نِصَابِهِ، وَانْقَطَعَ

لِسَانُهُ عَنْ شَغْبِهِ(5)، وَايْمُ الله لُأَفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنا مَاتُحِهُ؛ لَا يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِيٍ، وَلَا يَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِي حَسْي) زاح الشيء يزيح أي بعد وذهب ونصاب كل شيء أصله ومرجعه، والشَغب بالفتح کما في بعض النسخ و بالتحريك كما في بعضها، وهو لغة ضعيفة (تهيج الشر)(6) والغرض الإشارة / ظ 181 / إلى ظهور ضعف الشبهة، و (لأَفرُطن) بفتح الهمزة وضم الراء من فرط القوم إذا سبقهم ليرتاد هم الماء وتهيء لهم الدلاء، أي: لأفرطن لهم الى حوض وهم أي: لأجلهم، أو اللام زائدة، وقد تقدم هذا الكلام في أوائل الكتاب، وكان هناك في بعض النسخ (لأفرطن)(7) على صيغة الأفعال أي لأملان، يقال: أفرط مزادته أي: ملاءها حتى فاض، والماتح بنقطتين من فوق المستقي من

ص: 335


1- ينظر: المصدر نفسه، مادة (غدف): 12 / 406
2- (المغدقة) في ث، ع، تصحيف
3- (السائرة) في م، تحریف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 166
5- (شنبه) فيع، تصحيف
6- العين، مادة (شعب): 4 / 361
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 26، شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 165

فوق البئر، ومن تحت المالي للدلو من تحت، والصدور رجوع الشاربة عن الورد(1) والمسافر من مقصده، يقال: صدر كنصر، والري بالكسر الاسم من قولك: روي من الماء واللبن رَیا ورِیا بالفتح والكسر، وعبَ کمد إذا شرب الماء بلا تنفس(2)، وقيل العب الشرب أو جرع الماء أو تتابعه(3) والحِسْي(4) بالكسر وسكون السين حفيرة قريبه القعر، قيل: إنه لا يكون إلا في أرض أسفلها حجارة وفوقها رمل، فإذا أمطرت نشفه الرمل، فإذا انتهى إلى الحجارة أمسكه(5)، وماء الحسي يكون بارداً عذباً، والغرض من الكلام التهديد والوعيد بالحرب والقتل [وتوابعهما](6).

[منها](7): (فَأَقْبَلْتُمْ إِليَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ المَطَافِيلِ عَلَى أَوْلَدِهَا، تَقُولُونَ: الْبَيْعَةَ [الْبَيْعَةَ](8)! قَبَضْتُ يَدِي فَبَسَطْتُمُوهَا، وَنَازَعْتُكُمْ يَدِي(9) فَجَاذَبْتُمُوهَا) العُوذ بالضم (الحديثات النتاج من الظباء والإبل)(10) وكل أنثى واحدها عائذ، مثل: حائل وحُول والمطافيل جمع مطفل کُمحسن وهي (ذات الطفل من

ص: 336


1- (الورود) في ع، تحریف
2- ينظر: العين، مادة (عب): 1 / 93، و لسان العرب، مادة (عبب): 1 / 573
3- ينظر: لسان العرب، مادة (عبب): 1 / 573
4- (الحمى) في ع، تحریف
5- ينظر: الصحاح، مادة (حسا): 6 / 2313
6- [وتوابعهما] طمس في ن
7- [منها] بياض في ث
8- [البيعة] ساقطة من م
9- (كفي) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 30، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 245
10- الصحاح، مادة (عوذ): 2 / 567

الإنس والوحش)(1)، وخصها بعضهم بما كانت قريبة العهد بالنتاج(2) وعلى التقديرين لا غبار في التوصيف، وقال بعض الشارحين: المطفل هي التي زال عنها اسم العياذ ومعها طفلها، قال: وقد يسمى المطافيل عوذاً إلى أن يبعد العهد بالنتاج مجازاً، وعلى هذا الوجه قال أمير المؤمنين: (عليه السلام) ((إقبال العوذ المطافيل))، وإلا فالاسمان معاً لا يجتمعان حقيقة، وإذا زال الأول ثبت الثاني(3)، وهذا الذي ذكره مأخوذ من قول الجوهري في تفسير العائذ، (وذلك إذا ولدت عشرة أيام، أو خمسة عشر يوماً، ثم هي مطفل)(4)، ولعل غرضه أنه لا يطلق عليها بعد ذلك العائذ(5) لا أنه لا يصدق عليها مطفل قبل(6) ذلك، والبيعة منصوب على الاغراء والتكرير(7) للتأكيد، وما حكي عن بعض الشارحين عن أنَّ (فائدة التكرار دلالة المنصوب الأول على تخصيص الأمر الأول بالحال، ودلالة الثاني على تخصيص الأمر الثاني بالاستقبال، أي: خذ البيعة في الحال، وخذها للاستقبال، قال وكذلك قوله الله الله، أي: اتقوا الله في الحال واتقوه في الاستقبال)(8) بعيد غاية البعد [وجذب الشيء أي مده](9) وحوله عن موضعه، وكذلك جاذبه کما قيل: وجاذبته

ص: 337


1- لسان العرب، مادة (طفل): 11 / 402
2- ينظر: الصحاح، مادة (طفل): 5 / 1751
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 30
4- الصحاح، مادة (عوذ): 2 / 567
5- (العاند) في ر، ن، تحریف، وفي ث، م: (العائد)، تصحيف
6- (قيل) في أ، تصحيف
7- (التكوير) في م، تحریف
8- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 167
9- [وجذب الشيء أي مده] طمس في ن

الشيء أي نازعته، ولعل المفعول الأول في الكلام محذوف، أي: جاذبتمونيها، والظاهر أنَّ [السبب](1) في قبض الكف والإمساك اتمام الحجة على القوم.

(اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا قَطَعَانِي(2) [وَظَلَماَنِي](3)، وَنَكَثَا بَيْعَتِي وَ ألَّبَا أَلنَّاسَ عَلَّي فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا، وَلَا تُحْكِمْ لَهُمَا مَا أَبْرَما، وَأَرِهِمَا المَسَاءَةَ فِيمَا أَمْاَ وَعَمِلَا) القطع في الرحم وغيره ضد الوصل، ونكث العهد والحبل(4) كنصر وضرب [نقضه](5) وألَّبَا من التأليب وهو الافساد (والتحريض)(6)، (يقال: حسود مؤلب)(7) أي: أفسد الناس (وحرضهم)(8) على قتالي و خلافي، (وما عقدا) هو الغروم الفاسدة والآراء الكاسدة المضمرة في نفوسهم، وحلها جعلها منتجة لخلاف المطلوب، وأحكم الشيء أتقنه فاستحکم وأبرم الأمر أحكمه، وأبرم الحبل جعله طاقين، ثم فتله، والمساءة مصدر ساءه إذا فعل به ما یکره و الاسم السُوء بالضم، وأمله بالتشديد، أي: رجاه كاملةً بالتخفيف، (وَلَقَدِ اسْتَثَبْتُهُمَا(9) قَبْلَ الْقِتَالِ، وَاسْتَأْنَيْتُ بِهِمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ، فَغَمَطَا النِّعْمَةَ وَرَدَّا الْعَافِيَةَ) استثبتهما بالثاء المثلثة استفعال من ثاب يثوب إذا رجع، وسمي المنزل مثابة لأنَّ أهله

ص: 338


1- [السبب] طمس في ن
2- (قطعوني) في ث
3- [وظلماني] ساقطه من ث
4- (الحيلة) فيع، تحریف
5- [نقضه] طمس في ن
6- (التحريص) في أ، ث، ر، ع،، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
7- الصحاح، مادة (ألب): 1 / 88، وفي ع: (حسور)، تحریف
8- (وحرصاهم) في أ، ر، ع، م، ن، تحریف، وفي ث (وحرضاهما)
9- (أشتثبتها) في م، تحریف

يرجعون اليه(1)، وقيل للإنسان إذا تزوج ثيب(2) / و 182 / يستوي فيه المذكر والمؤنث(3) (واطلاقه على المرأة أكثر؛ لأنهَّا ترجع إلى أهلها بوجه غير الأول)(4)، وفي بعض النسخ (استثْبتهما) بسكون الثاء [المثلثة](5) وتشديد التاء المثناة من فوق من الثبات أي طلبت منهما [أن يثبتا على](6) على البيعة والحق، وقال بعض الشارحين: ويروي: ((استتبهما)) بالتاء المثناة الفوقانية من التوبة أي طلبت منها أن يتوبا إلى الله تعالى من ذنبهما في نقض [...](7) البيعة(8) و[استأنی](9) بفلان انتظر به و تربص، ويقال: آنیت وأنيت(10) من الأفعال والتفعيل، وتأنيت واستأنیت بمعنی، (والوقعة: صدمة الحرب)(11)، والوقاع و المواقعة المحاربة، وغمط كسمع كما في النسخ وكضرب، أي: استحقر وغمط فلان العافية أي لم يشكرها، والمراد بالنعمة أما ذلك الطلب والتربص، أو(12) النصيب من الفيء فإين الباعث على نكثهما كان التسوية

ص: 339


1- ينظر: الصحاح، مادة (ثوب): 1 / 95
2- (يثب) في ر، ع، م، تصحيف
3- ينظر: الصحاح، مادة (ثوب): 1 / 95، و لسان العرب، مادة (ثوب): 1 / 248
4- المصباح المنير، مادة (الثوب): 1 / 87
5- [المثلثة] طمس في ن
6- [[أن يثبتا على] طمس في ن
7- [في نقض] مکررة، زائدة في ر
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 30
9- [استأنی] طمس في ن
10- (اینت) في ع، م
11- الصحاح، مادة (وقع): 3 / 1301
12- (و) في ع

بينهما، وبين سائر(1) الناس في العطاء، وحاصل الكلام إني أتممت الحجة عليهما بطلب(2) الرجوع أو الثبات(3) على الحق، وتركت التعجيل وانتظرت رجوعهما فاستحقرا النعمة ولم يقبلا العافية واختارا(4) الخزي(5) في الدنيا والاخرة.

[ومن خطبة له (عليه السلام) في ذكر الملاحم]

(يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى، إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى، وَيَعْطِفُ الرَّأْيَ عَلَى الْقُرْآنِ، إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنُ عَلَى الرَّأْيِ) الملحمة (القتال)(6)، و(الوقعة العظيمة في الفتنة)(7)، وعطفت الشيء كضربت أملته وثنيته، وعطف هو أي مال، لازم متعد، وعطفته عن حاجته صرفته عنها، والهوى مقصور مصدر هویت کرضيت إذا أحبته وعلقت به، ثم أطلق على ميل النفس وانحرافها نحو: الشيء، ثم استعمل في الميل المذموم، فيقال: اتبع هواه، والرأي الاعتقاد

ص: 340


1- (مسائر) في ر
2- (يطلب) في ث، ر، تصحيف
3- (الثابت) في ع، تحریف
4- (اختار) في أ، ر
5- (التحزي) في ر، تحریف
6- لسان العرب، مادة (لحم): 12 / 537
7- المصدر نفسه، مادة (لحم): 12 / 537

والظن، (ويسمون أصحاب(1) القياس أصحاب الرأي؛ لأنهَّم يأخذون بآرائهم فيما أشكل)(2)، وفيما لم يأت فيه نص، والمعنى إنه يجعل الهوى تابعاً

للحق والراي تابعاً للقرآن إذا اتبع الناس الهوى، ويأولون القرآن بآرائهم والمخر عنه هو قائم ال محمد (عليهم السلام).

[منها](3): (حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاقٍ؛ بَادِياً نَوَاجِذُهَا، مْمَلُؤَةً أخْلَفُهَا، حُلْواً رَضَاعُهَا، عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا) الساق ما بن الكعب والركبة، والساق الشدة أو (الأمر الشديد)(4) وكشف الساق، مثل في شدة الأمر(5)، وأصله أنَّ الإنسان إذا وقع في أمر شديد شمر عن ساعده وكشف عن ساقه

للاهتام بذلك الأمر، والمخدرات(6) يشمرن عن سوقهن في الهرب، وقيل في قوله تعالى: «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ»(7) أي: [...](8) (يوم يكشف عن

أصل الأمر وحقيقته [بحيث](9) يصر عياناً مستعار من ساق الشجر، وساق الإنسان)(10)، والمراد بقيام الحرب بهم عى ساق اشتداده(11) بهم، على أن

ص: 341


1- (أصحابنا) في ر، م، تحريف
2- لسان العرب، مادة (رأي): 14 / 300
3- [منها] بياض في ث
4- لسان العرب، مادة (سوق): 10 / 168
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سوق): 10 / 168
6- (المحذرات) في ر، تصحيف
7- القلم / 42
8- [يوم يكشف عن ساق أي] زيادة في ث، ر
9- [بحيث] ساقطة من م
10- أنوار التنزيل وأسرار التأويل: 5 / 237
11- (اشتدادها) في ر، م، تحريف

يكون الساق بمعنى الشدة كما ذكره بعض الشارحین(1)، أو اقامتهم على السوق وانهاضهم خوفاً واضطراراً، فيذهب عنهم القعود والاستراحة فيكون الباء للتعدية، أو اشرافه واستيلاؤه عليهم كقولهم: كأنّي به وقد فعل كذا، والنواجذ أقصى الأضراس وهي أربعة، وقيل: الأضراس التي تلي الأنياب، وقيل: الأضراس كلها نواجذ، وظهور النواجذ (كناية عن بلوغ الحرب غايتها، كما أنَّ غاية الضحك أن تبدو النواجذ)(2)، كذا قال بعض الشارحين، وقال بعضهم: (ما ذكره وإن كان محتملاً إلاَّ أنَّ الحرب مظنة الغضب لا الضحك)(3)، قال ومن أوصاف الأسد عند غضبه وإرادته الافتراس أن تبدو(4) نواجذه(5)، ويحتمل أن يكون المراد ابتهاجها و سرورها(6) بهلاكهم، وإن يكون الكلام مبنياً على التهكم كالوصف التالي، و(الأَخلاف جمع خِلف بالكسر، وهو الضرع لكل ذات خُف وظلف، وقيل: هو مقبض يد الحالب من الضرع)(7)، وقيل: (هو للناقة(8) كالضرع للشاة)(9)، ورضع الصبي أمه رضاعاً کسمع سماعاً، وأهل نجد يقولون: رضع رضعاً، كضرب ضرباً، والعلقم الحنظل وشجر مر، ويقال لكل شيء مُر: علقم وحلاوة رضاع

ص: 342


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 33
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 33
3- شرح نهج البلاغة، میثم البحراني: 3 / 170
4- (يبدو) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
5- (نواجده) في ع، تصحيف
6- (شرورها) في م، تصحیف
7- لسان العرب، مادة (خلف): 9 / 92
8- (الناقة) في ع
9- تاج العروس، مادة (خلف): 12 / 185

الحرب، لأنَّ الشجعان وأهل النجدة في أول الحرب يقبلون عليها، ويستحلون / ظ 182 / مغالبة أقرانهم وقد أخذ الشاعر(1) هذا المعنى [قال](2):

الحرب أول ما تكون فتيةٌ *** تسعى بزينتها لكل جهول

حتى إذا اشتعلت وشب ضِرامُها *** عادت عجوزاً غير ذات خلیل

شمطاء جُزت رأسها وتنكرت *** مکروهةً للشم والتقبيل

ومرارة عاقبتها؛ لأنها الهلاك ومصير كثير من أهلها الى النار، والمنصوبات الأربعة أحوال والمرفوعات فواعل، والعلقم اسم صريح أقيم مقام اسم الفاعل.

(أَلَا وَفِي غَدٍ - وَسَيَأْتِ غَدٌ بِمَا لَا تَعْرِفُونَ - يَأْخُذُ الْوَالِي(3) عُمَّلَهَا عَلىَ مَسَاوِئِ أَعْمَالَهِا، وَتُخْرِجُ لَهُ الْأَرْضُ أَفَالِيذَ كَبِدَهَا، وَتُلْقِى إِلَيْهِ سِلْماً مَقَالِيدَهَا،

فَيُريكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السِّرَةِ، وَيُحْيى مَيشِّتَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.) قوله (عليه السلام): (وسيأتي غد بما لا تعرفون) ملة اعتراضية لتعظيم شأن الغد الموعود بمجيئه والتهويل بذكر مايقع فيه، وقد كان سبق ذكر طائفة من الولاة ذات ملك وأمرة فذكر عليه السلام) إنه يأخذ القائم (عليه السلام) عمال(4) هؤلاء على قبائح أعالهم، والمساوئ المعائب، والنقائص جمع مساءة،

ص: 343


1- نسبة الأبيات فيها خلاف، نسب ابن قتيبة، والمسعودي جميع الأبيات الى عمرو ابن معد یکرب، بينما نسب ابن منظور، والزبيدي البيت الأول منها فقط إلى معدیکرب، ونسبها العيني الى امرؤ القيس. ينظر: عيون الأخبار: 1 / 209، 210، ومروج الذهب: 2 / 324، 326، ولسان العرب، مادة (خدع): 8 / 64، وعمدة القارئ: 24 / 201، وتاج العروس، مادة (خدع): 11 / 84
2- [قال] ساقطة من م
3- (يأخذ الوالي من غيرها) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 33.، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 246
4- (عما) في أ، ع

وأصلها مسواءة(1) على مفعلة، ولهذا ترد الواو في الجمع والأخذ بمساوئ الأعمال والمؤاخذة بها واحد، والفِلذة بالكسر (القطعة من الكبد ومن الذهب والفضة)(2)، وقيل: (القطعة والمقطوعة طولًا)(3)، وأفاذ كبد الأرض وأفاليذها كنوزها المدفونة فيها، والسِلم بالكر: الصلح وتلقى اليه سلماً أي طوعاً، والمقاليد: المفاتيح، والسِیرة بالكسرة: السنة والطريقة، وأحياء ميت الكتاب والسنة العمل بمقتضاهما بعد ما (نبذهما)(4) القوم وراء ظهورهم.

منها: (كَأنِّ بِهِ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ، وَفَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ، فَعَطَفَ عَلَيهَا(5) عَطْفَ الضُرَّوسِ، وَفَرَشَ الْأرْضَ بالرُّؤوسِ، قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَثَقُلَتْ فِي الأرْضِ وَطْأَتهُ، بَعِيدَ الْجَوْلَةِ، عَظِيمَ الصَّوْلَةِ.) قال بعض الشارحين: (هذا الكلام إخبار عن عبد الملك بن مروان وظهوره بالشام وملكه بعد ذلك العراق وبعد ما قتل من العرب فيها إيام عبد الرحمن بن الاشعث وقتله أيام مصعب بن الزبیر.(6)))(7)، ونعق الغراب كمنع وضرب،

ص: 344


1- (مسوءة) في م
2- القاموس المحيط، مادة (فلذ): 1 / 357
3- النهاية في عريب الحديث والأثر: 3 / 470
4- (نبدهما) في أ، ع، ن، تصحيف
5- (إليها) في شرح نهج البلاغة: لإبن أبي الحديد، 9 / 37
6- مصعب ابن الزبر بن العوام بن خويلد القرشي الاسدي، ويكنى أبا عيسى، وأمه الرباب بنت أنيف الكلبية، تزوج سكينة ابن الحسن ابن عي بن أبي طالب (عليهم السلام) ولاه أخوه عبد الله البرة سنة (67 ه)، وهو الذي قتل المختار، تولى العراق، وذهب الى قتال عبد الملك بن مروان فحدثت بينها معركة عند دير الجاثليق قتل فيها مصعب عى يد زائدة ابن قيس السعدي سنة (72 ه). ينظر: المعارف: 224، و وفيات الاعيان: 2 / 394، و سر أعام النباء: 4 / 140، 141، 143، والاعام: 7 / 248
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 37

أي: صاح ونعق الراعي بغنمه صاح بها وزجرها، وفحص کمنع، أي: بحث وكشف، وفحص المطر التراب أي قلبه(1)، وفحص القطا التراب اتخذ فيه افحوصاً وهو موضعه الذي تجثم فيه وتبيض(2)، _ كأنهَّا تفحص عنه التراب، وفحص فلان أي: أسرع(3)، قال بعض الشارحين: هاهنا مفعول محذوف تقديره (و فحص الناس برایاته) أي: نحاهم وقلبهم يميناً وشمالاً، ويمكن أن يكون مأخوذاً من فحص القطا أي: أقام وأركز راياته في الأرض في ضواحي كوفان، وإن يكون بمعنى أسرع وضاحية البلد ناحيته البارزة وما قرب منه من القرى ضد الباطنة، وهي مجتمع الدور والأسواق، وكوفان الكوفة وذكروا في وجه التسمية وجوهاً(4) و عطف عليه كضرب أي: أشفق، والضروس(5) [والضرَس](6).

بالفتح العض الشديد بالأضراس والضروس: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها(7)، وفرشه كنصر أي بسطه، و(فرش الأرض بالرؤوس) أي: غطاها بها، (و فغرت فاغرته) أي: انفتح فوه، وفَغَرَ كَمَنَعَ ونَصَرَ يكون لازماً ومتعدياً، يقال: فغرفاه أي: فتحه، وفغر فوه أي: انفتح(8)، ووطئِه بالكسر،

ص: 345


1- ينظر: الصحاح، مادة (فحص): 3 / 1048
2- ينظر: تاج العروس، مادة (فحص): 9 / 319
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (فحص): 9 / 319
4- ذکرت هذه الوجوه في صحيفة 238، 239، وفي م: (وجوعة)، تحریف
5- [والضروس] ساقطة من ر
6- [والضرس] ساقطه من ث
7- ينظر: القاموس المحیط، مادة (ضرس): 2 / 225
8- ينظر: الصحاح، مادة (فغر): 2 / 782

يطاه أي: (داسه)(1) وعلاه، والوطأه (الأخذة)(2) وزناً ومعنى، وثقل الوطأة كناية عن الجور والظلم، وجال واجتال أي ذهب(3) وجاء، ومنه الجولان في الحرب، وجال في البلاد، أي: طاف، وبعد الجولة كناية عن اتساع الملك، أو كثرة الحركة، أو بعد الهمة، والصولة: الحملة(4) والوثبة، وبعيد وعظيم منصوبان على الحالية، وفي بعض النسخ مرفوعان على الخبرية.

(وَالله لَيُشَرِّدَنَّكُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ كَالْكُحْلِ فِي الْعَیْنِ، فَلَا تَزَالُونَ / و 183 / كَذَلِكَ حَتَّى (تَؤُوبَ)(5) إِلیَ الْعَرَبِ عَوَازِبُ

أَحْلَامِهَا) شرد البعير کَنَصَرَ، أي: نَفَرَ وذَهَبَ في الأرض، والتشريد الطرد والتفريق، و آب [الشيء](6) (يؤوب)(7) أي رجع وغرب كنصر وضرب، أي: غاب والأحلام جمع حِلم بالكسر، وهو العقل والأناة، والمراد بعوازب أحلام العرب: ماغاب عنهم من العقول العلمية في نظام أمورهم، ودفع شر الأعداء عن أنفسهم، والعرب هاهنا بنو العباس ومن اتبعهم من العرب، كما ذكره الشراح(8)، قال بعض الشارحين: (فإن قلت قوله (عليه

ص: 346


1- لسان العرب، مادة (وطأ): 1 / 195
2- المصدر نفسه، مادة (وطأ): 1 / 197
3- (دهب) في ر، تصحيف
4- (الجملة) في ر، تصحيف
5- (تؤب) في أ، ر، ن، وفي ث (توعب)
6- [الشيء] ساقطه من ث
7- (يؤب) في أ، ث، ر، ن
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 38، و شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 173

السلام: ((حتى (يؤوب)(1))) يدل عى انقطاع تلك الدولة بظهور العرب وعود عوازب أحلامها، وعبد الملك قد مات، وقام بنوه بالدولة بعده ولم

يزل الملك عنه بظهور العرب، فأين فائدة الغاية؟ قلت: إنَّ تلك الغاية ليست غاية لدولة عبد الملك، بل غاية كونهم لايزالون مشردين في الباد،

وذلك الانقهار وإن كان اصله من عبد الملك إلاَّ أنه استمر في زمن أولاده الى حن انقضاء دولتهم، فكانت غايته ما ذكر، قال وقال بعض الشارحين

في الجواب: إن ملك أولاده ملكه، وما زال الملك عن بني مروان حتى أبت الى العرب عوازب أحلامها، وهذا جواب من لم يتدبر كلامه (عليه السلام) ولم يتتبع(2) ألفاظ الفصل حتى يعلم أن هذه الغاية، لأي شيء منه، فيلحقها [به](3))(4).

(فَالْزَمُوا الْسُّنَنَ الْقَائِمَةَ(5)، وَالآثَارَ الْبَيِّنَةَ، وَالْعَهْدَ الْقَرِيبَ الَّذِي عَلَيْهِ بَاقِي النُّبُوَّةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُسَنِّى لَكُمْ طُرُقَهُ لِتَتّبِعُوا عَقِبَهُ.)، لزمت الشيء كعلم أي لم أفارقه، وقيل لزم اليء أي ثبت ودام فيكون لازماً، والسنة الطريقة والسرة، وقيام السنن ثباتها ودوامها الى انقضاء الدهر، أو ظهورها فإنَّ القائم اظهر من القاعد. والأثر بالتحريك بقية اليء واسم من أثرت الحديث أي نقلته والمراد أحكام الشريعة المقدسة، أو الاخبار النبوية،

ص: 347


1- (يؤب) في أ، ر، ن، وفي ث (تؤاب). ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 38
2- (يتبع) في ث، ر، م
3- [به] ساقطه من ر، م
4- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 174
5- (القاطعة) في م، تحريف

والعهد القريب الأمر المعهود المعروف عن قريب، وباقي النبوة الأحكام الباقية المعلومة من الشريعة المطهرة، وسناه تسنيه أي فتحه وسهله، والعقب ککتف مؤخر القدم، واتباع عقب الشيطان متابعة ما دعى اليه وطاعته وفي الامر بلزوم السنن والحذر عن اتباع الشيطان دفع لما ربما يتوهم من عود عوازب الأحلام بعد دولة ذلك الجبار من لزوم اتباع الدولة الجديدة وحقيقتها فأمر (عليه السلام) بلزوم الشريعة دون تلك الدولة وما سول لهم الشيطان.

[ومن كلامٍ له عليه السلام] في وقت الشورى

(لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَی دَعْوَةِ حَقٍّ، وَصِلَةِ رَحِمٍ، وَعَائِدَةِ كَرَمٍ؛ فَاسْمَعُوا قَوْلِي، وَعُوا مَنْطِقِي. عَسَى أَنْ تَرَوْا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْيَوْمِ؛ تُنْتَضَ فِيهِ

السُّيُوفُ، وَتُخَانُ(1) فِيهِ الْعُهُودُ، حَتَّى يَكُونَ بَعْضَكُمْ أَئِمَّةً لَأِهْلِ الضَّلَالَةِ، وَشِيعَةً لِأَهْل الْجَهَالَةِ.) دعوة حق على الاضافة الدعاء(2) إلى الحق، والأمر بطاعة الله عز وجل، والعائدة اسم من عاد بمعروفه واحسانه، كقال إذا أفضل وأنعم، ووعيت الحديث من باب وعد أي حفظته وجمعته، و (المنطق: الكلام)(3)، ونضی(4) السيف من غمده وانتضاه إذا أخرجه(5)، وخيانة العهد نقضه وترك

ص: 348


1- (دتخان) في ر، تحریف
2- (الدعاة) في ر، م
3- الصحاح، مادة (نطق): 4 / 1559
4- (فضي) في أ، تحریف
5- ينظر: الصحاح، مادة (نضا): 6 / 2511

مراعاته بمعاينه من الوصية والحفاظ، والذمام والأمان [و](1) الحرمة والموثق واليمين وما قدم إلى المرء في شيء، وشيعة الرجل اتباعه وانصاره، وأصل الشيعة الفرقة من الناس ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث وقد غلب على من يتولى أمير المؤمنين وأهل بيته (عليهم السلام) فصار أسماً لهم(2) وقد فصلناه ما جرى في الشورى في كتاب حدائق الحقائق(3).

[ومن كلام له (عليه السلام)] في النهي عن غيبة الناس

(وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لأهْلِ الْعِصْمَةِ وَالمَصْنُوعِ(4) إِلَيْهِمْ فِي السِّاَمَةِ أَنْ يَرْحُمَوا أَهْلَ الذُّنُوبِ وَالمَعْصِيَةِ، وَيَكُونَ الشُّكْرُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهُمْ وَالحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ،

فَكَيْفَ / ظ 183 / بِالْغَائِبِ الَّذِي غَابَ(5) أَخَاهُ وَعَیَرَّهُ بِبَلْوَاهُ) أهل العصمة من عصمهم الله سبحانه بحسن التوفيق عن اقتراف الآثام وارتكاب المعاصي، وصنع إليه معروفاً کمنع صُنعا بالضم أي احسن وصنع به صنیعاً قبيحاً أي فعله وصنعَ الشيء صُنعاً بالفتح والضم أي عمله، والمصنوع اليهم في السلامة من أنعم الله عليه بالسلامة عن ارتكاب الذنوب، وحجزه يحجِزه(6)

ص: 349


1- [و] ساقطة من أ
2- ينظر: لسان العرب، مادة (شيع): 8 / 189
3- ينظر: مخطوط حدائق الحقائق: 107
4- (الخضوع) فيع، تحریف
5- (عاب) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 48، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 248
6- (وبحجزه) في ر، تصحيف

ويحجُزه(1) بالكسر والضم أي منعه وكفه، وفي بعض النسخ (الغالب عليهم

الحاجز) بدون الواو، والغائب العائب الذي يذكر غیره بما فيه من السوء، يقال: غابه واغتابه بمعنى والغيبة الاسم منه، فلو ذكره بما ليس فيه، يقال: غابة واغتابه في بهت، والعار كل شيء يلزم [...](2) به عيب وعیره كذا و(3) بكذا(4) قبحه عليه و نسبه اليه، و قيل: و لا يقال عیره بكذا و هذا الكلام حجة عليه(5) و باه الله بخیر أو شر يبلوه بلواً و ابلاه و ابتلاه أي امتحنه، و الاسم البلاء و البلوى و البلية، و قيل: يقال: من الخر ابليته ابلاء ومن الشر بلوته بلاء، و المراد ببلواه العيب أو الذنب(6) الذي عُیر به، و حاصل المعنى انه إذا كان اللائق بمن عصمهم الله عن الذنوب أن يرحموا أهل الذنوب ويمنعهم الشكر عن التعرض لعيوب الناس، فبالأولى أن يرك الغائب الغيبة و يشتغل بصون نفسه عن القبيح، (أَمَا ذَكَرَ مَوْضِعَ سَتْرِ اللهِ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ

مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ(7) الَّذِي عَابَهُ بِهِ! وَ كَيْفَ يَذُمُّهُ بِذَنْبٍ قَدْ رَكِبَ مِثْلَهُ فَإِنْ لَمْ يِكُنْ رَكِبَ ذَلِكَ الذَّنْبِ بِعَيْنِهِ فَقَدْ عَلَى اللهَ فِيمَا سِوَاهُ؛ مِّمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ) ذكر موضع الشيء أي مكانه تذكر مرتبته و مقداره، و السِتر بالكسر كما في النسخ ما يستتر به، و بالفتح مصدر سرت اليء فاستتر(8) هو و تستر،

ص: 350


1- (وبحجزه) في ر، تصحيف
2- (من) زيادة في ث
3- (أو) في ث
4- (كدا) في م، تصحيف
5- [عليه] ساقطة من ر
6- (الذنوب) في م، تحريف
7- (الذنوب) في م، تحريف
8- (فاشتر) في ر، تحريف

وركب الذنب کسمع (أي اقترفه)(1) وكأنَّه على التشبيه، (وَايْمُ اللهِ لَئِنْ لْمَ يِكُنْ

عَصاهُ فِي الْكَبِرِ وَعَصَاهُ فِي الْصَّغِرِ لِجُرْأَتُهُ عَلَى عَيْبِ(2) النَّاِس أَكْبُرَ. يَا عَبْدَ اللهِ

لَا تَعْجَلْ فِي عَيْبِ أَحَدٍ بِذَنْبِهِ فَلَعَلَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ وَ لَا تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ صَغِرَ مَعْصِيَةٍ فَلَعَلَّكَ مُعَذَبٌ عَلَيْهِ فَلْيَكْفُفْ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَیْرِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِهِ، وَ لْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلاً عَلَى مُعَافَاتِهِ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ غَیْرُهُ) لعل کون الجرأة على العيب أكبر مبني على الغالب و التخصيص بغير الشرك و نحوه و قد روي عن النبي (صلى الله عليه و اله) انه قال: ((إياكم الغيبة، فإنَّ الغيبة أشد من الزنا، إنَّ الرجل يزني فيتوب الله عليه، وأن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه))(3)، والعيب مصدر عابه بكذا ويكون اسمًا و يجمع على عيوب، والأولان في الكلام من الأول والأخيران من الأخير، و في بعض النسخ (عبدٍ) موضع أحد، و كففته عن كذا منعته و صرفته فكف هو أي ترکه، فعلى الأول تقدير الكلام: فليكفف من علم منكم غيب غيره عنه، و على الثاني فليترك من علم منكم عيب غيره عيبه، و المعاناة مصدر عافاه الله من المكروه أي وهب له العافية.

[ومن كلام له (عليه السلام)]

(أَيُّهَا النَّاسِ مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَةَ دِينٍ وَسَدَادَ طَرِيقٍ فَلاَ يَسْمَعَنَّ فَيهِ أَقاوِيلَ الرِّجالِ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ يَرْمِي الرّامِي وَتُخْطِئُّ السِّهامُ وَ يُحِيلُ الْكَلامُ

ص: 351


1- تاج العروس، مادة (رکب): 2 / 33
2- (غیب) في ر، تصحيف
3- ينظر: الجامع الصغیر: 1 / 450، و کنز العمال: 3 / 586

وَ بَاطِلُ ذَلِكَ يَبُورُ وَ اللهُ سَمِيعٌ وَ شَهِيدٌ، أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بَیْنَ الْبَاطِلِ وَالْحَقِّ(1) إلاَّ أَرْبَعُ أَصابِعَ فَسُئِل (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَن مَعنَى قَوله هَذا فَجَمَعَ أصابعَه ووضعهَا بَیْنَ أُذُنه وَعيْنِه، ثُمَ قال: الْبَاطِلُ أَنْ تَقُولُ سَمِعْتُ، وَالْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ)، وثق الشيء ككرم وثاقه إذا قوى وثبت، ووثق به کورث ثقه وموثقاً إذا ائتمنه و أخذ بالوثيقة في أمره أي بالثقة، و المراد بوثيقة الدين اللزوم الأحكام الشريعة و التقيد(2) بها لا ك((مَنْ يَعْبُدُ اللهَّ / و 184 / عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَیْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَىَ وَجْهِهِ))(3)، والسَداد بالفتح (الصواب من القول و العمل)(4)، والاستقامة، ولعل المراد بوثيقة الدين صحة العقيدة و بسداد الطريق حسن العمل، و الأقاويل جمع أقوال جمع قول، وفي بعض النسخ أقاويل الناس و المُحال من الكلام بالضم (ما عُدل عن وجهه كالمستحيل)(5) وأحال الرجل في منطقة أي أتی به و تکلم بكلام لا حقيقة له(6) و يحيل الكلام على ما في بعض النسخ(7) أي يكون باطلاً، و في بعض النسخ (ويحيك الكلام) بالكاف بفتح الياء و ضمها على صيغة الأفعال، يقال: حاك السيف حيكاً، وأحاك في الضربة إذا أثر، و القول

ص: 352


1- (الحق والباطل) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 58، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 249
2- (التفيد) في ر، وفي م: (التعبد)، تحریف
3- الحج / 11
4- القاموس المحيط، مادة (سدد): 1 / 300
5- المصدر نفسه، مادة (حول): 3 / 363
6- المصدر نفسه، مادة (حول): 3 / 363
7- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 58، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 58، شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 179

في القلب إذا أخذ(1) والمعنى السهم قد يخطی، والقول يؤثر على كل حال وإن لم يكن حقاً، قال بعض الشارحين: ((والرواية والرواية الأولى أشهر و أظهر))(2). وبار يبور (أي هلك)(3) و بار عمله أي (بطل)(4) ومنه قوله عز وجل: «وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ»(5) وهذا الكلام نحو قوله عز وجل: «إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا»(6)، و الغرض تحقير ثمرة القول الكاذب و التهديد بعقوبة السميع الشهيد، و في بعض النسخ: (سمیعٌ و شهیدٌ) و الباطل أن تقول(7): سمعت أي ما أخبرت به من جهة السماع من أفواه الرجال من غير علم ووثوق بالمخبر کما هو الغالب الشائع في المغتابين و المفسدين بين الناس و حقيقة ما رآه الانسان لا يقتضي جواز ذكره(8) وافشائه بين الناس، وقد ورد عن الصادقين(9) (عليهم السلام): (من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من أهل هذه الآية: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»(10).

ص: 353


1- ينظر: لسان العرب، مادة (حيك): 10 / 419
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 9 / 59
3- الصحاح، مادة (بور): 2 / 597
4- الصحاح، مادة (بور): 2 / 597
5- فاطر / 10
6- الإسراء / 81
7- (يقول) في أ، ث، ع، م، ن، وفي ر: (بقول)، تصحيف
8- (دكره) في ن، تصحيف
9- نسب الكليني هذا القول للحسن (عليه السلام) ونسبه الشيخ المفيد و النوري الطبرسي للصادق (عليه السلام)، ينظر: الاصول من الكافي: 2 / 357، و الاختصاص، الشيخ المفيد: 227، و مستدرك الوسائل، حسين النوري الطبرسي: 9 / 115
10- النور / 19

ص: 354

المحتويات

ص: 355

ص: 356

المحتويات

[(ومن خطبةٍ له عليه السَّلام)]:...7

[ومن کلامٍ / و 130 / له (عليه السَّلام)]:...13

[ومن كلام له (عليه السلام)]...27

[ومن خطبة له (عليه السلام)]:...30

[و من خطبة له (عليه السلام)]...59

[ومن خطبة له (عليه السلام)] وقد تقدم مختارها بخلاف هذه الرواية...66

[ومن خطبةٍ لهُ (عليه السلام)]...68

[وفي خطبة له (عليه السلام)]...78

[ومن خطبة له (عليه السلام) في بعض أيام صفين]...89

[و من خطبةٍ له (عليه السلام) وهي من خطب الملاحم]...92

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...112

ومن خطبة له (عليه السلام)...142

ومن خطبة له (عليه السلام)...148

ص: 357

ومن خطبةٍ لهُ (عليه السلام) ذكر فيها ملك الموت...164

ومن خطبةٍ له (عليه السلام)...165

ومن خطبة له (عليه السلام)...172

[و من خطبةٍ له (عليه السلام) في الاستسقاء]...184

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...197

ومن كلامٍ له (عليه السلام)...206

[ومن كلامٍ له (عليه السلام)]...207

[ومن كلام له (عليه السلام)] وقد جمع الناس، وحضهم على الجهاد...208

[ومن كلام له (عليه السلام)]...213

[ومن كلام له (عليه السلام)] وقد قام اليه رجلٌ من أصحابه...219

[ومن كلام له (عليه السلام) قالهُ للخوارجِ وقدْ خرجَ إلى معسكرهمْ وهم مقيمونَ على انكارِ الحكومةِ...231

[ومن كلام له (عليه السلام)] قاله لأصحابه في ساعة الحرب...236

[ومن كلام له (عليه السلام) في حضّ أصحابه على القتال...241

[ومن كلامه (عليه السلام)] في التّحكيم...252

ومن كلامٍ له (عليه السلام) لمّا عوتب على التسوية في العطاء...259

[ومن كلامه (عليه السلام) للخوارج]...263

[ومن كلامه (عليه السلام)] فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة:...270

ص: 358

[ومن خُطبة لهُ (عَليهِ السَّلام) في ذِكر المكائيل...285

[ومن كلامٍ له (عليه السلام)] لأبي ذر (رحمه الله) لما أُخرِجَ إلى الربذة...294

[ومن كلام له (عليه السلام)]...297

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...304

[ومن خطبةٍ له (عليه السلام)]...311

[ومن كلامٍ له (عليه السلام) وقد شاوره عمر في الخروج الى الروم]...323

[ومن كلامٍ له (عليه السلام)] وقد وقعت مشاجرة بينه وبين عثمان،...328

[ومن كلام له (عليه السلام)]...330

[ومن كلامٍ له (عليه السلام) في معنى طلحة والزبير...332

[ومن خطبة له (عليه السلام) في ذكر الملاحم]...340

[ومن كلام له (عليه السلام) في وقت الشورى...348

[ومن كلام له (عليه السلام)] في النهي عن غيبة الناس...349

[ومن كلام له (عليه السلام)]...351

ص: 359

ص: 360

المجلد 5

هوية الکتاب

بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية ببغداد 2981 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف LC:

BP38.08.S24 B3 2018

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي ؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر: کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن أبي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات کلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية ببغداد 2981 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف LC:

BP38.08.S24 B3 2018

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي ؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر: کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن أبي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965 -، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح كلمات كلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات کلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 2

سلسلة تحقيق المخطوطات

وحدة تحقيق الشروحات (9)

بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة

لعلاء الدین محمد بن أبی تراب الحسنی کلستانه المتوفی سنة 1110 ه

الجزء الخامس

دراسة وتحقيق

م. د. غيداء كاظم السلامي

إصدار

مؤسسة علوم نهج البلاغة

ففي العتبة الحسینیة المقدسة

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة

العتبة الحسينية المقدسة

الطبعة الأولى

1439 ه - 2018 م

العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام

مؤسسة علوم نهج البلاغة

هاتف: 07728243600 - 07815016633

الموقع الألكتروني:

www.inahj.org

الإيميل:

Info@Inahj.org

تنويه:

إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

«وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»

صدق الله العلي العظيم

سورة هود الآية 88

ص: 5

ص: 6

[ومن كلام له (عَلَيْهِ السَّلامُ)]

(وَلَيْسَ لِوَاضِعِ المَعْرُوفِ فِي غَیْرِ حَقِّهِ وَعِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ مِنَ الحَظِّ فِيما أَتَى إِلاَّ

مَحْمَدَةُ اللِّئامِ،(1) وَثَنَاءُ الأشَرْارِ وَمَقَالَةُ الجُهَّالِ، مادَامَ مُنْعِمًا عَلَيْهِمْ؛ ما(2) أجْوَدَ يَدَهُ! وَهُوَ عَنْ ذَاتِ الله بَخِيلٌ) المعروف الاحسان إلى الناس سمي معروفاً؛ لأنَّ الناس لا ينكرونه وهو في الأصل (ضد المنكر)(3)، والمراد اعطاء الأموال ووضعه في غير حقه وعند غير أهله بذل المال في غير الوجوه المندوب اليها في الشريعة رئاء وسمعه واعطاء غير المستحق كصلة الشعراء واطعام الفسّاق و أرباب الدنيا ونحو ذلك، وتسميه ذلك بالمعروف على زعم المعطي وعامة الناس وإلاَّ فالمعروف حقيقة ما وضع في حقه وعند أهله و(الحظ: [النصيب](4))(5) والمحمدة خلاف المذمة، واللئيم ضد الكريم، ويقال للشحيح والدني النفس والمهين ونحوهم، واليد النعمة ويحتمل الجارحة(6) على بعد لأن الاعطاء يكون بها وما أجود يده(7) بيان للمذكورات أو المقالة

ص: 7


1- (اللثام) في ر، ع، م، تحریف
2- (وما) في أ، ع
3- الصحاح، مادة (عرف): 4 / 1401
4- [النصيب] ساقطة من ع
5- الصحاح، مادة (حظظ): 3 / 1172
6- (الخارجه) في ث، وفي م (الحارحة) تصحيف
7- (بده) في ر، تصحيف

وعن ذات(1) الله أي عما يتعلق بالله سبحانه ويرجع اليه كالصدقات وصلّه الأرحام وغير ذلك، والذات في الأصل الخلقة، يقال: فلان صالح في ذاته أي في خلقته، والمراد به نفس الشيء، «وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ»(2)، أي حقيقه وصلكم، وقيل: (نفس كل شيء بینکم)(3) أو حال كل نفس بینکم، وقيل: كناية عن المنازعة والخصومة ونحوه قوله تعالى: «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ»(4) أي(5) في أمر الله وطاعة الله وما يعود الى الله، والظرف متعلق ببخیل والبخل(6) يتعدى بعن کما يتعدی بعلی لتضمنه معنى الامساك فإنه امساك عن مستحق، قال الله عز وجل: «وَمَنْ يَبْخَلْ(7) فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ»(8)، أي نفع الانفاق وضر البخل عائدان اليهِ لا إلى الله سبحانه. (فَمَنْ أَتَاهُ اللهُ مَالاً فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ، وَ لْيُحْسِنَ مِنْهُ الضِّيَافَةَ وَلْيَفُكَّ بِهِ الْأَسِیرَ وَالْعَانِيَ وَلْيُعْطِ مِنْهُ الْفَقِیرَ وَالَغَارِمَ، وَلْيِصْبِرْ نَفْسَهُ عَلَى الْحُقُوقِ وَ النَّوَائِبِ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ، فَإنِّ فَوْزاً بِهَذِهِ الْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنَيَا وَدَرْكُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ إنْ شَاءَ اللهُ) الصلة / ظ 184 / ضد القطع والهجرة، والقَرابة بالفتح الأقارب أي العشيرة الأدنون سّموا بالمصدر

ص: 8


1- (وغزوات) في ر، تحريف
2- الانفال / 1
3- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 327
4- الزمر / 56
5- (او) في ع، تحریف
6- (بخيل والبخل) في ر، م، وفي ع: (بتخيل والتخل)، تصحيف
7- (يخل) في ر، تحریف
8- محمد / 38

كالصحابة وصلة القرابة الإحسان اليهم والرعاية لأحوالهم، وضفتُ الرجل أضيفه ضيفاً وضِيافة بالكسر، أي: نزلت عليه، وقيل الضيافة اسم منه، واضفته بالألف إذا انزلته عليك ضيفاً(1)، وفك الأسير تخليصه، والعاني الأسير والخاضع والذليل، و (الصبر: الحبس)(2) وصبر النفس على الحقوق [آداء الحقوق](3) وصرف المال فيما يجب ويثبت وإنما سمي حبساً؛ لأنه خلاف مايميل اليه الطبع والنفس الأمارة بالسوء، والنائبة ماينوب الانسان أي ينزل به من الحوادث والمصائب والابتغاء الطلب في الكلام دلاله على حسن العمل لنيل الثواب والفوز بالجنة، والخصلة بالفتح تطلق(4) على (الفضيلة والرذيلة)(5)، وقيل: (غلب على الفضيلة)(6)، والدرك بالتحريك (اللّحاق والوصول إلى الشيء)(7)، يقال: ادركته ادراکا و دَر کا، وفي قوله (عليه السلام) فوزا منکرا دلالة على حُصول السعادة في الدنيا والآخرة بواحد من الأمور وإن لم يكن على وجه أكمل، ويحتمل أن يكون المراد أنها تحصل بالجميع [لكن](8) لا يجب(9) أن يكون الفوز بها على وجه الكمال وصرف الكثير من المال.

ص: 9


1- ينظر: الصحاح، مادة (ضيف): 4 / 1392
2- المصدر نفسه، مادة (صبر): 2 / 706، ولسان العرب: 4 / 438
3- [اداء الحقوق] ساقطة من ع
4- (يطلق) في أ، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
5- لسان العرب، مادة (خصل): 11 / 206
6- المصدر نفسه، مادة (خصل): 11 / 206
7- لسان العرب، مادة (درك): 10 / 419
8- [لكن] ساقطة من أ
9- (يجب) في أ، ن، تصحيف

[ومن خطبة له (عليه السلام) في الإستسقاء]

(أَلَا وَإِنّ الأرْضَ الَّتي تَحْمِلُكُمْ، وَالسَّماءَ الَّتي تُضِلُّكُمْ، مُطِيعتَانِ لِرَبِّكُمْ، وَمَا أَصْبَحتَا تَجُودَانِ لَكُمْ بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ وَلَا زُلْفَةً إِلَيْكُمْ وَلَا لِخَیْرٍ تَرْجُوَانِهِ مِنْكُمْ، وَلَكِنْ أُمِرَتَا بِمنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا وَأُقِيمتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ فَقَامتَا) في بعض النسخ (تقلكم) على صيغة الافعال موضع تحملكم، يقال: أقل الشيء واستقله إذا حمله ورفعه(1)، وكذلك قله(2) وتظلكم على صيغة الأفعال أي القي عليكم ظله وتقول لكل شيء دنا منك، أو اشرف عليك اظلني كأنَّه ألقى عليك ظله، والمراد بالسماء السحاب، أو المعنى الحقيقي لأنَّ أصل المطر من السماء كما يظهر من الأخبار والبركة النماء والزيادة وجود السماء ببركتها بنزول المطر منها واعداد الأرضيات بالشمس والقمر وغيرهما لحصول المنافع منها وجود الأرض بخروج الحبوب والثمار وغير ذلك منها وتوجعت له أي رثيت له وتألمت لما اصابه والزُلفة بالضمة (القربة)(3) واقامتهما على حدود المصالح تسخير هما للجري على وجه ينفع العباد تشبيهاً بحفظة الثغور ونحوهم.

(إِنَّ اللهَ يَبْتَلِي عِبَادَهُ عِنْدَ الأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ بِنَقْصِ الَّثمَرَاتِ، وَحَبْسِ الْبَرَكَاتِ،

وَإِغْاَقِ خَزَائِنِ الْخَیْرَاتِ، لِيَتُوبَ تَائِبٌ، وَيُقْلِعَ مُقْلِعٌ، وَيَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ، وَيَزْدَجِرَ

ص: 10


1- لسان العرب، مادة (قلل): 11 / 565
2- (فلة) في ر، تصحيف
3- الصحاح، مادة (زلف): 4 / 1370

مُزْدَجِرٌ. وَقَدْ جَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ الاسْتِغْفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ الرِّزْقِ وَرَحْمَةِ للخَلقِ

فقال: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ»(1) فَرَحِمَ اللهُ امْرَأً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ، وَاسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ، وَبَادَرَ مَنِيَّتَهُ) أقلعت عن الأمر اقلاعاً تركته وزجرته، فازدجر أي منعته ونهيته فامتنع وانتهى و درورُ الرزق کثرته وسيلانه، ويقال: درّ السماء بالمطر دراً و دروراً فهي مِدرار(2)، وفي بعض النسخ (ورحمةً للخلق) بذكر اللام دون الاضافة، فيكون رحمة عطفاً(3) على سبباً واستقبال التوبة التوجه اليها عن رغبه وشوق والاستقالة طلب الاقالة، يقال: اقاله اقالة وتقایلاً إذا فسخا(4) البيع أو البيعة(5)، وقد ندم أحدهما أو كلاهما واستقالة الخطيئة(6) طلب العفو عن المعصية التي باع العاصي نفسه واخرته بها واشترى العذاب الأليم والمبادرة المسابقة والاسراع إلى الشيء وبادرت اليه أي اسرعت اليه(7) ومبادرة المنية أما مسابقتها والإسراع إلى العمل حتى لا يأخذه المنية ولا يدركه قبل العامل فالمنية طرف المسابقة والسبق بالتحريك العمل واما مسابقه الناس والاسراع إلى المنية والشوق اليها باستعداد الاجر للأعمال الصالحة أي بادر الى منيته كما قال سید الساجدين (عليه السلام): ((وهب لنا من / و 185 / صالح

ص: 11


1- نوح / 10، 11، 12
2- قول متصرف به، ينظر: لسان العرب، مادة ( درر): 4 / 280
3- (مدرارا) في ث، وفي م (مطلقاً) تحریف
4- (فسخ) في ث
5- (الخطئة) في ر، ن
6- قول متصرف به، ينظر: العين، مادة (قيل): 5 / 215، ولسان العرب، مادة (قيل): 11 / 580
7- ينظر: الصحاح، مادة (بدر): 2 / 586

الاعمال عملاً نستبطئ معه المصير اليك ونحرص له على وشك اللحاق بك)(1) واستبطاء الشيء عدة بطيئاً والعجلة اليه والوشك السرعة (اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ مِنْ تَحْتِ الأسْتَارِ وَالأكْنَانِ، وَبَعْدَ عَجِيجِ الْبَهَائِمِ وَالْوِلَدِانِ، رَاغِبِینَ فِي رَحْمَتِكَ، وَرَاجِینَ فَضْلَ نِعْمَتِكَ، وَخَائِفِنَ مِنْ عَذَابِكَ وَنِقْمَتِكَ.

اللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَيْثَكَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِینَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ، وَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمیِنَ) السِتر بالكسر ما يستتر به، واللکِن بالكسر الستر ووقاء كل شيء واستكن استتر(2)، وذكر الخروج [من](3) تحت الاستار في مقام الاستعطاف لأنَّ الاستار من شأنها أن لا يفارق إلا لضرورة شديده ففيه دلالة على الاضطرار، أو(4) لأن الرحمة تنزل من السماء کما قال: «وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ»(5)، ففي الخروج استعداد للرحمة، أو لأنَّ الاجتماع لا يتحقق إلاَّ بالخروج والاجتماع مظنة نزول الرحمة وعج يعج [ويعج] كيفر ويمل عجيجاً صاح ورفع صوته(6) ورفع البهائم والأطفال أصواتها بالأنين والبكاء مظنة العطف والرحمة، والقُنوط بالضم (الیاس)(7)

ص: 12


1- الصحيفة السجادية: 172، وفيه: (وأجعل لنا...)
2- ينظر: لسان العرب، مادة (كنن): 13 / 360
3- [من] ساقطة من أ، ث
4- (و) في ع
5- الذاريات / 22
6- [ويعج] ساقطة من ع
7- الصحاح، مادة (قنط): 3 / 1155

أو أشده(1)، والسنين بالكسر جمع سَنة بالفتح وهو (الجدب والقحط)(2).

(اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا [إِلَيكَ نَشْكو](3) إِلَيْكَ مَا لَا يْخَفَى عَلَيْكَ، حِیَن أَلْجَأَتْنَا الْمَضَايِقُ الْوَعْرَةُ، وَأَجَاءَتْنَا الْمَقَاحِطُ الْمُجْدِبَةُ، وَأَعْيَتْنَا الْمَطَالِبُ الْمُتَعَسِّرَةُ، وَتَلاَحَمَتْ عَلَيْنَا الْفِتَنُ الْمُسْتَصْعِبَةُ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلّا تَرُدَّنَا خَائِبِینَ، وَلَ تَقْلِبَنَا وَاجِمِینَ، [وَلَا تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا](4)؛ وَلَ تُقَايِسَنَا بِأَعْمَالِنَا) الجأته الى الشيء أي اضطررته [اليه](5)، والوَعْر الصَعْب وزناً ومعنى، والجأته اليه أي الجأته، والمقاحط(6) أماكن القحط أو سني القحط، والجدب انقطاع المطر، وَعِيَّ کرضي أي عجز، ولم يَهتدِ لوجه مراده واعياني هو وأعياني كذا أي اتعبني فأعيت يستعمل لازماً ومتعدياً، والتحم القتال أي اشتبكَ واختلط، وحبل متلاحم أي مشدود الفتل، والفتنة تكون(7) بمعنى العذاب والمحنة، والصعب العسر ونقيض الذلول واستصعب عليه الأمر، أي صعب، و(وجم کوعد وجماً ووجوماً: سكت على غیظ)(8)، ووجم الشيء (كرهه)(9) (ولا تخاطبنا بذنوبنا) أي لا تجعل جوابنا

ص: 13


1- ينظر: لسان العرب، مادة (قنط): 7 / 386
2- تاج العروس، مادة (سنو): 19 / 546
3- [نشكو إليك] ساقطة من أ، ع
4- [ولا تخاطبنا بذنوبنا] ساقطة من ر
5- [اليه] طمس في ن
6- (المقاحظ) في ع، تصحيف
7- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
8- القاموس المحيط، مادة (وجم): 4 / 185
9- المصدر نفسه، مادة (وجم): 4 / 185

الاحتجاج علينا بذنوبنا أو لا تنادينا(1) ولا تدعونا(2) یا مذنبين، أو لا تخاطبنا خطاباً(3) يناسب ذنوبنا، وقياس الشيء بالشيء ومقایسته به تقديره به والمعنى: لا تجعل فعلك بنا مناسباً و مشابهاً لأعمالنا ولا تجازنا على قدرها بل تفضل علينا بالصفح عن الذنوب ومضاعفة الحسنات (اللَّهُمَّ انْشُرْ عَلَيْنَا غَيْثَكَ وَبَرَكَتَكَ وَرِزْقَكَ وَرَحْمَتَكَ، وَاسْقِنَا سُقْيَاً نَافِعَةً مُرْوِيَةً مُعْشِبَةً، تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ، وَتُحْيي بِهَا مَا قَدْ مَاتَ، نَافِعَةَ الْحَيَا؛ كَثِرَةَ الْمُجْتَنَى(4)؛ تَرْوِي بَهِا [الْقِيعَانَ؛ وَتُسِيلَ الْبُطْنَانَ(5) وَتَسْتَوْرِقُ الَأْشْجَارَ وَتُرْخِصُ الأَسْعَارَ؛ إنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ](6) قَدِيرٌ) السُقيا بالضم اسم من قولك: سقاه سَقياً بالفتح وروي من الماء واللبن کرضي، فهو ريان [وارواه](7) غيره، والعُشب بالضم الكلاء الرطب، واعشبت المطر والأرض أي انبته، وما قدفات أي من الزروع والحبوب والأشجار والثمار وما قد مات أي من الأراضي، والحَيى بالفتح والقصر (الخصب)(8) و (المطر)(9)، وجنا(10) الثمرة واجتناها أي اقتطفها والمجتنى الثمرة، ويحتمل

ص: 14


1- (تنادنا) في أ، ث، ع، ن، تحریف
2- (تدعنا) في أ، ث، ع، ن، تحريف
3- (خطايا) في ر
4- (المجتبى) في أ، ع، تصحيف
5- (البطلبان) في ث
6- [القيعان وتسيل البطنان وتستورق الأشجار وترخص الاسعار انك على ما تشاء] ساقطة من ع
7- (واروا) في ث، وفي ن [وارواه] طمس
8- الصحاح، مادة (حيا): 6 / 2324
9- المصدر نفسه، مادة (حيا): 6 / 2324
10- (وجبا) في م، تصحيف

المصدر، والقيعان جمع قاع وهو المستوي من الأرض(1) قلبت الواو ياء الكسرة ما قبلها، والبُطنان بالضم جمع باطن وهو (مسيل الماء)(2) و (الغامض من الأرض)(3)، والرُخص بالضم ضد الغلا، يقال: رخص السعر ککرم صار رخيصا وأرخصه الله وترخص في بعض النسخ على صيغة الأفعال، وفي بعضها على صيغة التفعيل بمعناها.

[وَمِنْ خُطبةٍ لهُ (عليهِ السَّلام)]

(بَعَثَ رُسُلَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْيِهِ، وَجَعَلَهُمْ / ظ 185 / حَجَّهً [لَهُ](4) عَلَى خَلْقِهِ؛ لِئَلَّا تَجِبَ الْحُجَّهُ لَهُمْ بِتَرْكِ الْعْذَارِ إِلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ الصِّدْقِ(5) إِلَی سَبِيلِ الْحَقِّ إِلاَّ إِنَّ اللهَ(6) قَدْ كَشَفَ الْخَلْقَ كَشْفَةً؛ لَا أنَّهُ جَهِلَ مَا [أَخْفُوْهُ](7) مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِم وَمَكْنُونِ ضَمائِرِهِم وَلَكِنْ لِيَبْلُوَهُمْ: أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً

فَيَكُونَ الثَّوَابُ جَزَاءً، وَالْعِقَابُ بَوَاءً) وجب(8) الشيء أي لزم وثبت واعذر أي أبدی عذراً وثبت له عذر، ولعل المراد بأعذار الله ابداء العذر في عقاب

ص: 15


1- لسان العرب، مادة (قاع): 8 / 304
2- تاج العروس، مادة (بطن): 18 / 62
3- لسان العرب، مادة (بطن): 13 / 55
4- [له] ساقطة من ث، ع
5- (الصدق) في أ، ن
6- (الله تعالى) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 68، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 252
7- [أخفوه] خرم في ن
8- (وحب) في أ، ر، م، ن، تصحيف

العاصين(1)، وقال ابن الأثير في النهاية: ((لقد اعذر الله الى من بلغ به العمر ستين سنة) أي لم يبق فيه موضعاً للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة، ولم يعتذر، يقال: أعذر الرجل إذا بلغ أقصى الغاية من العذر)(2) وبلسان الصدق أي: بالقول الحق، والحجة التامة والكشف الاظهار ورفع كل شيء عما يواريه ويغطيه وكشف(3) الخلق (اظهار)(4) حالهم من السعادة والشقاوة بالتكليف، ومصون أسرارهم ما يحفظونه من الأمور الخفية ويسترونه عن غيرهم، والمكنون المستور والضمير السر وداخل الخاطر، وليبلوهم أي: ليمتحنهم(5) ويختبرهم، والجزاء المكافاة على الشيء والبَواء بالفتح (السواء والكفو)(6)، وفي الحديث: ((الجراحات(7) بواء))(8) أي: سواء في القصاص لا يؤخذ إلاَّ ما يساويها و(الغرض)(9) من الكلام إنَّ الله سبحانه أتم الحجه على العباد بأرسال الرسل وأمرهم ونهاهم ولم يعاملهم بها علم من سرائرهم وإنَّ كان التكليف لا يزيده علماً ليستحقوا الثواب والعقاب ولا يكون لاحد سبيل إلى انكار الاستحقاق وادعاء(10) مرتبه فوق الجزاء، ومن فوائد التكليف عَلِمَ

ص: 16


1- (الغاصين) في أ، تصحيف
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 196، 197
3- (کسف) في ر، تصحيف
4- (اطهار) في ن، تصحيف
5- (يمتحنهم) في ر
6- تاج العروس، مادة (بوأ): 1 / 117
7- (الجراخات) في أن تصحيف
8- غريب الحديث، ابن سلام: 2 / 251، والفايق في غريب الحديث: 1 / 119
9- (العرض) في ن، تصحيف
10- (وادناء) في ث، وفي ر(اذعاء) تصحيف

العِباد عِياناً يُوْمَ تُبلىَ السَّائِر بِأَنَ اللهَ عَز وَجل لَا يَظْلِم النَّاس شَيئا وَلَكِن النَّاس أَنْفسهُم يَظلِمُون.

(أَيْنَ(1) الَّذِينَ زَعَمُوا إِنُهَّمْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا كَذِباً وَبَغْياً عَلَيْنَا أَنْ رَفَعَنَا اللهُ وَ وَضَعَهُمْ وَأَعْطَانَا وَحَرَمَهُمْ وأَدْخَلَنَا وَأَخْرَجَهُمْ؛ بِنَا يُسْتَعْطَي الْهُدَى، وَيُسْتَجْلَ الْعَمَى إنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشْمٍ؛ لَا تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ وَلَا تَصْلُحُ الْوُلَةُ مِنْ غَيْرِهِمْ) الزعم مثلثه القول الباطل وما فيه ارتياب أو خبر لا يدري أحق هو أو باطل وقيل: هو كناية عن الكذب ويكون بمعنى الظن وهو لا يناسب المقام ولعله (عليه السلام) نزّل ادعاءهم الخلافة منزله تلك الدعوى الباطلة فإنَّ المعروف أن القوم كانوا يعرفون مقدار علمهم ولم يجسروا على مثلها لوضوح بطلانها عند كل أحد وما رواه أهل العناد من أن أقرأكم(2) أُبيَ يعني ابن کعب وافرضکم زید بن ثابت ونحو ذلك، فالظاهر أن المراد ليس الاشارة الى كذبه وبطلانه وإن اتضح بطلانه بل المراد الاشارة الى كذب المنتحلين للخلافة ومدعي الامامة دون غيرهم والراسخون في العلم الثابتون المتمكنون فيه والكذب ككتف کما في النسخ، ويجوز بالكسر وبغی علیه کرمی بغياً أي علا وظلم وعدل عن الحق وكذب وإن رفعنا الله أي لأن رفعنا الله وهو تعليل(3) لبغي القوم وكذبهم حسداً وعدوانا والمراد بالرفع الأعزاز ورفع الدرجات في الدنيا والأخرى وأعطانا أي الملك والنبوة والامامة وما يتبع ذلك وأدخلنا أي: في سعة فضله

ص: 17


1- (ابن) في ر، تصحيف
2- (أمركم) في ر، تحریف
3- (تقليل) في ع، تحریف

وکرمه کمن أذن له سلطان في الدخول في مجلس أنسه، واستعطاء الهدى الاستضاءة بنور الحق، واستجلاء العمى ازالة الغشاوة عن عين البصيرة وغرس الشجر کضرب اثبته في الارض (والبطن: دون القبيلة)(1)، و(أول العشيرة: الشعب)(2) قال الله تعالى: «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»(3)، (ثم القبيلة، ثم [الفصيلة](4)، ثم العمارة، ثم البطن ثم الفخذ)(5) والكلام نص في ابطال خلافة المتقدمين، قال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: بعد ذكر المذاهب في الامامة: (فإن قلت إنك شرحت هذا / و 186 / الكتاب على قواعد المعتزلة وأصولهم، فما قولك في هذا الكلام وهو تصريح بأنَّ الإمامة من قريش لا تصلح إلاَّ في بني هاشم خاصة، وليس ذلك بمذهب للمعتزلة لا متقدميهم ولا متأخريهم! قلت: هذا الموضع مشکل، ولي فيه نظر وإن صح إن علياً (عليه السلام) قاله، قلت کما قال؛ لأنه ثبت عندي أن النبي (صلى الله عليه واله) قال: إنه مع الحق والحق يدور معه حيثما دار(6)، ويمكن أن يتأول ويطبق على مذهب المعتزلة فيحمل على أنَّ المراد به کمال الإمامة کما حمل قوله (صلى الله عليه واله): ((لا صلاة لجار المسجد إلا في

ص: 18


1- الصحاح، مادة (بطن): 5 / 2079
2- تاج العروس، مادة (بطن): 8 / 60
3- الحجرات / 13
4- [الفصيلة] ساقطة من ث، وفي أ، ر،ع (الفضيلة) تصحيف
5- تاج العروس، مادة (بطن): 18 / 60
6- ينظر: سنن الترمذي: 5 / 633، والأمالى، الطوسی: 479

المسجد))(1) على نفي الكمال لا على نفي الصحة(2)، ولا يذهب على البصير أن هذا التأويل لا يجري في غير مذهب التفضيلية من المعتزلة ومن ارتفع عن بصیرته غشاوة العصبية علم أنَّ هذا الكلام لا ينقاد لمثل هذا التأويل، فإنَّ نسبة الكذب والبغي إلى القوم أولاً، واثبات الوضع والحرمان والاخراج ثانياً، وتكرير نفي الصلاحية عن غير بني هاشم أخيراً وما تضمنته الكلمات الاتية حجج قاطعة لدابر ذلك التأويل والاحتيال وتجويز(3) التأويل في مثل هذا الكلام ينفي وجود النص رأساً ولو جاز لجاز تأويل كلمة التوحيد بأنه لا اله کاملا إلاَّ الله فيرتفع الأمان، ويبطل الإيمان، وأما الشك في صحه الرواية، فيرتفع بالتأمل الصادق فيما روي في كتب الخاصة والعامة من كلماته (عليه السلام) في التظلم(4) وتصريحاته وتلويحاته (عليه السلام) بأنهم غصبوا الخلافة وأخذوها ظلماً وعدواناً، وقد اعترف هذا الشارح في شرح قوله (عليه السلام): (اللهم إني استعديك على قريش ومن أعانهم) بتواتر تلك الكلمات عنه (عليه السلام)، وقد ذكرنا منها في مقدمة شرح الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق(5) ما فيه كفاية للمستبصر والله ولي التوفيق.

[منها](6) (آثَرُوا عَاجِاً، وَأَخَّرُوا آجِلًا، وَتَرَكُوا صَافِياً، وَشِرَبُوا آجِناً؛

ص: 19


1- المستدرك: 1 / 246، والسنن الکبری: 3 / 57، ولسان الميزان: 5 / 181، وعمدة القارئ: 6 / 11
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 71
3- (وتجريز) في أ، وفي ر: (وتحوير)
4- (الظلم) في ن، تحریف
5- ينظر: مخطوط حدائق الحقائق: 148، 164
6- [منها] بياض في ث

كَأَنِّ أَنْظُرُ إِلَ فَاسِقِهِمْ وَقَدْ صَحِبَ المُنْكَرَ فَألِفَهُ، وَبَسِئَ(1) بِهِ وَ وَافَقَهُ، حَتَّى

شَابَتْ عَلَيْهِ مَفَارِقُهُ، وَصُبِغَتْ(2) بِهِ خَلَئِقُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ مُزْبِداً(3) كَالتَّيَّارِ لَا يُبَالِي مَا غَرَّقَ، أَوْ كَوَقْعِ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ لَا يَحْفِلُ مَا حَرَّقَ.) آثروا أي اختاروا، وأخروا أي تركوا والأجل المتأخر، وماله أجل ضد العاجل، و(الآجن: الماء المتغير الطعم واللون)(4). والظاهر أن الضمائر ترجع إلى القوم المتقدمين ولا ينافيه كون الظاهر من الكلام أن الفاسق المخبر عنه من سيوجد لو سلم ذلك الظهور(5)، والمراد بالفاسق عبد الملك بن مروان کا قيل، والضمير المجرور [راجع إلى القوم](6) ولا يختص ببني أمية وإن كان عبد الملك منهم ويحتمل غيره، وبسئ(7) به کفرح کما في النسخ [و كجعل أي استأنس واعتاد](8) والمفرق كمقعد و مجلس (وسط الرأس وهو الذي يفرق فيه الشعر)(9) [والمراد الشعر والشيب](10) المفرق بیاضه والتخصيص بالمفارق لتأخر شيبها عن شيب(11) الصدغ(12) والقصاص ونحو ذلك [والمراد بشیب

ص: 20


1- (وسیئ) في م، تحریف
2- (صنعت) في ر، م، تصحيف
3- (مزیداً) في ر، م، تصحيف
4- الصحاح، مادة (أجن): 5 / 2067
5- (الطهور) في ث
6- [راجع إلى القوم] طمس في ن
7- (نسی) في ث، وفي م (سبئ) تحریف
8- [كجعل أي استأنس واعتاد] طمس في ن
9- لسان العرب، مادة (فرق): 10 / 301
10- [والمراد الشعر والشيب ] طمس في ن
11- (سیب) في م، تصحيف
12- (الصدع) في ث

مفارقه](1) علیه طول عهده به وشده استئناسه(2) وكذلك صبغ خلائقه به أي صفاته(3) الراسخة في طبعه والخلائق جمع خليقة وهي الطبيعة، أزبدَ البحر أذ أظهر الزبد بالتحريك على وجهه، والتيار موج البحر وغرقه في الماء بالتشديد وأغرقه بمعنى والوَقع [بالفتح](4) سرعه الانطلاق في الذهاب ووقع المطر وقعاً إذا نزل، والهشيم يابس كل كلاء وكل شجر، أو النبت اليابس المنكسر(5)، و[لا يحفله] [ولا يحفل](6) به کیضرب، أي لا يبالي وحرقه بالنار وأحرقه وحرقه بالتشديد بمعنى إلاَّ أن التشديد تفيد الشده والكثرة (أَيْنَ

الْعُقُولُ المُسْتَصْبِحَةُ بَمَصَابِيح الْهُدَى، وَالْأَبْصَارُ اللَّمَحِةُ إِلَی مَنَار(7) التَّقْوَى!،

أَيْنَ الْقُلُوبُ الَّتِي وَهِبَتْ للهِ، وَعُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ! ازْدَحَمُوا عَلَى الْحُطَامِ،

وَ تَشاَحُّوا عَلَى الْحَرَامِ، وَرُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ؛ فَصَرَفُوا / ظ 186 / عَنِ

الْجَنَّةِ وَجُوهَهُمْ، وَأَقْبَلُوا إلَی النَّارِ بِأَعْمَلِهِمْ، دَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا وَ وَلَّوُا، وَدَعَاهُمْ(8) الشَّيْطَانُ فَاسْتَجَابُوا وَأَقْبَلُوا!) والمصباح السراج واستصبحَ استسرج، والاستصباح بمصابيح الهدى الاهتداء بأنوار الحق واليقين، ولمح اليه کمنع

ص: 21


1- [والمراد بشیب مفارقه] طمس في ن
2- (استبناسه) في ر، تصحيف
3- (صقاته) في أ، تصحيف
4- [بالفتح] ساقطة من ع
5- ينظر: الصحاح، مادة (هشم): 5 / 2058
6- [ولا يحفله] ساقطة من م
7- (منازل) في شرح مهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 71
8- (و دعاهم) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد. 9 / 71، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 253

نظر اليه باختاس البصر وسرعة الابصار، وفيه اشارة الى الاشتياق، والمنار جمع منارة وهي العلامة تجعل بین الحدين، ومنار الحرم أعلامه المضروبة على أقطاره ونواحيه، والمنارة أيضاً ما يوضع عليها السراج، ووهبت لله أي وهبها أهلها لله، وجعلوا ميلها مقصوراً على رضاه عز وجل، وعقد الحبل والبيع والعهد كضرب أي شدة والكل يناسب المقام، والضمر في ازدحموا راجع الى القوم المذمومن المذكورين أولاً، والحطم (الكسر)(1)، وقيل: (خاص باليابس)(2)، والحُطام بالضم ما تكر من اليبس(3)، والمراد زخارف الدنيا

التي تزول بسرعة وتفنى (عن قريب)(4) والشح (أشد البخل)(5)، أو البخل مع حرص(6)، وتشاح القوم على الأمر(7) إذا شح بعضهم عى بعض وهو منشأ التنازع والتباغض، والعلم بالتحريك المنار والجبل(8) والراية، وعلم الجنة والنار ما به يعرف السبيل اليهما، والنفر (التفرق)(9) ونفرت الدابة كضرب ونر إذا شردت وذهبت وولى توليه أي ادبر.

ص: 22


1- القاموس المحيط، مادة (حطم): 4 / 97
2- المصدر نفسه، مادة (حطم): 4 / 97
3- ينظر: المصدر نفسه، مادة (حطم): 4 / 98، وفي أ، ر،ع، م: (البيس)، تحريف
4- (عنقريب) في أ، ث، ر، ن
5- لسان العرب، مادة (شحح): 2 / 495
6- (الحرض) في ث، وفي ر (الحرص)
7- (الحرص) في ث
8- (الجيل) في ر
9- القاموس المحيط، مادة (نفر): 2 / 146

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّمَا أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيِا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِيهِ المَنَايَا؛ مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ

[شَرَقٌ](1)، وَفيَ كُلِّ أَكْلَةٍ غَصَصٌ، لَا تَنَالُونَ مِنْهَا نِعْمَةً إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى، وَلَا يُعَمَّرُ مُعَمَّرٌ مِنْكُمْ يَوْمِاً مِنْ عُمُرِهِ إلاَّ بِهَدْمِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ، وَلَا تُجَدَّدُ لَهُ زِيَادَةٌ فِي أَكْلِهِ، إِلاَّ بِنَفَاِد مَا قَبْلَهَا مِنْ رِزْقِهِ) الغرض بالتحريك (الهدف)(2)، ويقول(3) غرضه في فعله كذا على التشبيه، والانتضال والتناضل المراماة للسبق(4)، ومناه الله يمنية(5) أي قدره، والمنية [الموت](6)؛ لأنها مقدرة والجمع لتعدد الأفراد بتعدد الأشخاص، أو لتعدد الأنواع من الموت حتف الأنف والقتل والغرق والحرق وغير ذلك شبه (عليه السلام) المنايا بالرجال المناضلين، والجُرعة بالضم ما اجترعت من الماء ونحوه مرة واحدة(7)، وهي من الماء كاللقمة من الطعام، والشرق بالتحريك (الشجي والغصة)(8) وشرق بريقه کفرح أي غص، والاكلة بالضم (اللقمة)(9)، والغصص(10) بالتحريك مصدر قولك

ص: 23


1- [شرق] ساقطة من ع
2- العين، مادة (غرض): 4 / 364
3- (يقول) في أ، ع، ن
4- ينظر: العين، مادة (نضل): 7 / 42، 43
5- (يمينه) في ر، ع، م، تحریف
6- [الموت] ساقطة من ر
7- ينظر: تاج العروس، مادة (جرع): 11 / 62
8- الصحاح، مادة (شرق): 4 / 1501
9- المصدر نفسه، مادة (أكل): 4 / 1624
10- (القصص) في ر

غصصت بالطعام بالفتح والكسر إذا اعترض في الحلق فاشرق، وفي بعض النسخ غُصُص بالضم جمع غصه وهي (الشجي)(1)، وعدم نیل نعمة إلاَّ بفراق أخرى؛ لأن الإنسان لا يتهيأ له الجمع بين الملاذ الجسمانية كالأكل والشرب والجماع وكذلك لا يلتذ بلقمة إلاَّ بفوت الالتذاذ بأختها السابقة، أو لأن المقدر في القضاء المقسوم أن لا يظفر الانسان بنعمه غالباً كالفوز بمال خطير إلاَّ بعد زوال نعمة والابتلاء ببلیه کموت ولد ونحو ذلك وكذلك لا يبقى الإنسان ولا يعيش يوماً من عمره إلاَّ بزوال يوم وانتقاصه(2) من المدة المضروبة لحياته وبقائه، فسرور الإنسان ببقائه إلى يوم معين من عمره مشوب عند التأمل بانتقاص يوم قبله من أيام حياته وكذلك الزيادة في أكله وهو بضمتين الرزق والحظ من الدنيا؛ وذلك من النقائص اللازمة لانتهاء(3) مدة الحياة وتقدر الرزق بمقدار معين كما هو شأن الحياة والرزق في الدنيا بخلاف الجنة ونعيمها لبقائها طول الأبد وعدم تناهي لذاتها، فسرور الدنيا مشوب بالحزن(4) ولذتها مکدره بالألم (وَلَا يْحَيَى لَهُ أَثَرٌ إِلاَّ مَاتَ لَهُ أَثَرٌ، وَلَا يَتَجَدَّدُ لَهُ جَدِيدٌ إلِا بَعْدَ أَنْ يَخْلَقَ(5) جَدِيدٌ، وَلَا تَقُومُ لَهُ نَابِتَةٌ إِلاَّ وَتَسْقُطُ مِنْهُ مْحَصُودَةٌ وَقَدْ

مَضَتْ أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا، فَمَا بَقَاءُ فَرْعٍ بَعْدَ ذَهَابِ أَصْلِهِ!) الأثر بالتحريك بقية الشيء وأصله من أثر مشي الإنسان في الأرض، ولعل المراد بالأثر الذكر

ص: 24


1- الصحاح، مادة (غصص): 3 / 1047
2- (انتصاصه) فيع، وفي م: (انتقصاصه)، تحریف
3- (لإنتفاء) في م، تحریف
4- (الحزر) في ر، م، تحریف
5- (يخلق له) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 73، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 254

الجميل بن الناس والفعل المحمود فإنَّه لا يعرف الإنسان بجميل في الغالب

ولا / 187 / يحمد بحسن إلاَّ بعد نسيان السوابق وذهول الناس عن المحامد

السالفة، أو بعد ظهور صفه ذميمة وفعل قبيح تموت به محامده القديمة، أو

المراد أن الانسان في الأغلب لا ينتشر صيته(1) ولا يشيع فضله، ولا يكون له

أولاد معروفون بالمحاسن إلا بعد شيخوخته، وذهاب شبابه، وفقد نشاطه،

ويمكن أنْ يراد ذلك بتجدد الجديد، أو يراد به زيادة المال ونحوه بعد ذهاب

النشاط والشباب، ويخلق كينر ويكرم كما في النسخ ويجوز كيسمع أي يبلى،

ولعل المراد بالنابتة الأولاد والأقارب الناشئة بعد فقد السابقين ونحو ذلك

وحصد الزرع والنبات كنر وضرب قطعه بالمنجل، والمراد بالأصول الإباء،

أو ذوي الفضائل من السلف والأول أنسب.

[منها](2) (وَمَا أُحْدِثَتْ بِدعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بَهِا سُنَّةٌ فَاتَّقُوا الْبِدَعَ، وَالْزَمُوا الْمَهْيَع. إنَّ عَوَازِمَ الأمُورِ أَفضَلُهَا، وَإنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا) البدعة الأمر المستحدث الذي لم يرد به نص ولم يدل عليه دليل بخُصوصه ولم يدخل تحت عموم(3)، وهاع يهيع ويهاع أي انبسط، وطريق مهيع كمقعد أي بن واضح، وقال في العين: (طريق مَهْيع مَفْعِل من التهيع(4) وهو الانبساط)(5) و(بلد مهيع أيضاً أي واسع)(6) كالطريق، ومن قال: فعيل فقد أخطأ فإنه ليس في كلام العرَبَ

ص: 25


1- (صبته) في م، تصحيف
2- (منها) بياض في ث
3- ينظر: التعريفات: 35، ومعجم الفاظ الفقه الجعفري، د. أحمد فتح الله: 84
4- (الهيع) في ر
5- العين، مادة (هاع): 2 / 170
6- المصدر نفسه، مادة (هاع): 2 / 170

فَعْيَل إلاَّ وصدرهُ مکسور نحو: حَذِیم(1) وعثير(2)، والعوزم والناقة المسنة فيها بقية من الشباب(3) و(العجوز)(4) قال بعض الشارحين: عوازم الأمور: ما تقادم منها، من قولهم: عجوز عوزم أي مسنه و تجمع فوعل على فواعل کدورق وهوجل ويجوز أن يكون جمع عازمة ويكون فاعل بمعنی مفعول أي معزوم(5) عليها أي مقطوع معلوم بيقين صحتها ومجيء فاعله بمعنی مفعوله كثير كقوله تعالى: «عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ»(6) أي مرضيه، والأول عندي أظهر للمقابلة(7).

[ومن كلامه (عليه السلام)] لعمر بن الخطاب وقد استشاره في غزوة الفرس بنفسه

وفي بعض النسخ في الشخوص بنفسه لقتال الفرس(8) الشُخوص بالضم في الأصل (ارتفاع الاجفان الى فوق، وتحديد النظر وانزعاجه)(9)، و(يقال للرجل إذا أتاه مايقلقه: قد شُخص به كأنه رفع من الأرض لقلقه

ص: 26


1- (خديم) في ث، ر، م، وفي ع: (حديم)، تصحيف
2- العين، مادة (هاع): 2 / 170
3- ينظر: لسان العرب، مادة (عزم): 12 / 401
4- المصدر نفسه، مادة (عزم): 12 / 401
5- (مفروم) في ث، ر، وفي م: (مغروم)، تحریف
6- الحاقة / 21
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 76
8- ورد في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 667، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 77: (... في الشخوص لقتال الفرس بنفسه)
9- لسان العرب، مادة (شخص): 7 / 46

وانزعاجه)(1)، والشخص كل جسم له ارتفاع وظهور، ومنه شخوص المسافر من بلد إلى بلد كأنه صار في ارتفاع(2)، قال بعض الشارحين: قد اختلف في الحال التي قاله(3) (عليه السلام) فيها لعمر، فقيل: قاله [له](4) في (غزاة) القادسية، وقيل: في (غزاة)(5)(غراة) في أ، ر، ن، تصحيف(6) نهاوند والى هذا القول الأخير ذهب محمد بن (جرير)(7) الطبري في التاريخ الكبير(8) والى القول الأوّل ذهب المدائني(9) في كتاب الفتوح))(10) (إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لْمَ يَكُنْ نَصْرُهُ و(11) خُذلانُهُ بكثرةٍ ولا

بقِلَّةٍ، وَهُوَ دِينُ اللهِ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَجُنْدُهُ الَّذِي أَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ، حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ، وَطَلَعَ حَيْثُ(12) طَلَعَ، وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللهِ، وَاللهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَنَاصِرٌ جُنْدَهُ؛ وَمَكَانُ الْقَيِّمِ بِالْأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ، يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ، فَإذا انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ وَذَهَبَ، ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِرِهِ أَبَداً) اظهره أي جعله غالباً على الأديان ويحتمل أن يكون من الظاهر خلاف الباطن لكنه خلاف

ص: 27


1- لسان العرب، مادة (شخص): 7 / 46
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (شخص): 7 / 46
3- (قال) في ع
4- [له] ساقطة من ث
5- (غراة)
6- في أ، ر، ن، تصحيف
7- (حریر) في ن، تصحيف
8- ينظر: التاريخ الكبير: 3 / 211
9- (المداني) في م، تحریف
10- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 78
11- (و لا) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 77، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 255
12- (حيثما) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 77

الظاهر وحمل الجند على الأمر تجوزاً والتقدير جنده جند الله وأعده أي هيأه

وأمده أي أعانه وقواه بمدد أي من الملائكة، أو منهم ومن عباده المخلصن

والطلوع الظهور من موضع عالٍ، ولعل المراد بموعوده عز وجل اظهار

هذا الدين على الأديان بقوله سبحانه: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»(1)، أو استخلاف الصالحين بقوله عز وجل: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ»(2) أو(3) ما هو (عليه السلام) يعلمه وانجاز الوعد / ظ 187 / الوفاء به والنظام ككتاب

كل خيط ينظم به اللؤلؤ ونحوه(4) والخرزة محركه الجوهر وما ينتظم واخذه بحذفاره وبحذفوره(5) وبحذافره أي باسره أو بجوانبه أو بأعالية (وَالْعَرَبُ الْيَوْمَ وَإنْ كَانُوا قَلِياً فَهُمْ كَثِرُونَ بِالْإِسْلَامِ عَزِيزُونَ بِالِجْتِاَعِ؛ فَكُنْ قَطْباً وَاسْتَدِرِ الرَّحَى بِالْعَرَبِ؛ وَأَصْلِهمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ فَإنَّكَ إنْ شَخَصْتَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ انْتَقَضَتْ(6) الْعَرَبُ مِنَ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تدَعُ وَرَاءَكَ مِنْ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَیْنَ يَدَيْكَ) المراد بكثرة العرب قوتهم

ببركه الإسام، والقطب حديدة تدور عليها الرحا، وصى اللحّم كرمى أي

ص: 28


1- التوبة / 33
2- النور / 55
3- (و) في ر
4- القاموس المحيط، مادة (نظم): 4 / 181
5- (بخدفوره) في أ، ن، تصحيف
6- (انتقضت عليك) في شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد، 9 / 77، ونهج البلاغة، سبحي الصالح: الصالح: 255

أدخله النار وشواه فإذا القاه في النار وأراد الإحراق، يقال: أصلاه وصلاّه بالهمزة والتشديد، وصلى الرجل بالأمر إذا قاسی حرّه وشدته، وكذلك صلى بالنار، والمعنى: أجعلهم صالين نار الحرب مقاسين حرها وشدتها، دونك أي قريبا منك أو أمامك أولا أنت بنفسك و (الغرض)(1) تصديهم للحرب وعدم حضوره المعركة والانتقاض والنقض في الحبل والبناء ضد الإبرام والمراد التفرق، والقُطر بالضم (الناحية)(2) والعورة في الثغر والحرب كل خلل يخاف منه وكل ما يستره الإنسان أنفة أو حياء فهو عوره. (إنَّ الاْعَاجِمَ إنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا: هَذَا أَصْلُ الْعَرَبِ فَإذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمُ(3)، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ وَطَمَعِهِمْ فِيكَ، فَأمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِیرِ الْقَوْم إِلَی قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَإنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِیرِهِمْ مِنْكَ، وَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيَرَ مَا يَكْرَهُ، وَ أَمَّا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ؛ فَإنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِياَ مَىَ بِالْكَثْرَةِ وَإِنَّمَا

كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ) العجم خلاف العرب والأعجم من لا يفصح ولا يبين كلامه ومن لا يقدر على الكلام ويسمى غير العرب أعجم لأنهم لا يفصحون بما هو الكلام عند العرب أو لا يقدرون عليه(4) واقتطعتموه أي اخذتموه، يقال: اقتطعت من ماله قِطعه أي أخذتها، والکَلب بالتحريك الشر والأذى والشده(5) وقوله (عليه السلام) (فأما ذكرت) جواب لقول: عمر إنَّ هؤلاء الفرس قد قصدوا المسير إلى المسلمين وقصدهم إياهم دلیل قوتهم،

ص: 29


1- (العرض) في، أ، ث، ع، ن، تصحيف
2- الصحاح، مادة (قطر): 2 / 795
3- (استرحمتم) في م، تحریف
4- ينظر: تاج العروس، مادة (عجم): 17 / 462
5- ينظر: الصحاح، مادة (كلب): 1 / 214

وأنا أكره أن يغزونا قبل أن نغزوهم، والمعونة الاسم من قولك: استعنت به فأعانني، وقيل الميم أصلية وهي فعولة من الماعون وهو المعروف.

[ومن خطب له (عليه السلام)]

(فَبَعثَ [...](1) مَحُمَّداً [...](2) بِالْحَقِّ؛ لِيُخرِجَ عِبَادَهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ إلَی عِبَادَتِهِ؛ وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إلَی طَاعَتِهِ، بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وَأَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ، وَلِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إذْ جَحَدُوهُ، وَلِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إذْ أَنْكَرُوهُ، فَتَجَلَّى سُبْحَانَهُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ. وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالمُثَلاتِ، وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ!) الوثَن بالتحريك الصنم سمي وثناً لانتصابه من قولهم: وثن بالمكان أي ثبت ودام(3)، وقيل الوثن: كل ماله جّثه معموله من جواهر الأرض، أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي يعمل وينصب فيعبد والصنم الصورة بلا جثة وقد يطلق الوثن على غير الصورة(4)، وأحكمه أي أتقنه فاستحکم ومنعه عن الفساد، وقيل في قوله تعالى: «كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ»(5) أي حفظت من فساد المعنى ورکاکه اللفظ، وفسر المحكات المقابلة للمتشابهات بما حفظت

ص: 30


1- (فبعث محمداً) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 84، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 256
2- (محمد صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد 9 / 84، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 256
3- ينظر: تاج العروس، مادة (وثن): 18 / 566
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 5 / 151
5- هود / 1

من الاجمال(1)، ولعل المراد بالإقرار الإقرار باللسان وبالإثبات التصديق

بالقلب وتجلى أي ظهر وانكشف وتجلى لهم في كتابه أي بما نبههم عليه في

الكتاب من آيات القدرة وقصص الأولین وحلول النقمات بالعاصین(2)، وقيل المراد بالكتاب / و 188 / العالم لكونه، محلاً لآثار الصنع وعجائب الصور المنقوشة فيه كما أنَّ الكتاب محل لنقش الحروف وهو بعيد، ومحق الشيء أي (ابطله ومحاه)(3) والمَثلات جمع مثله بفتح الميم وضم(4) المثلثة(5) فيهما وهي (العقوبة)(6) واحتصد أي استأصل والنقات ككلمات جمع نقمة وهي (المكافاة بالعقوبة)(7).

(وإِنَّهُ سَيَأْتِ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ، وَلَا أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلَعْةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إذَا تُلِىَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَلَا أَنْفَقَ مِنْهُ إذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَا فَي الْبِلَادِ شَيْءٌ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوِفِ، وَلَا أَعْرَفَ مِنَ المُنْكَرِ) المراد بخفاء الحق أما الخفاء من حيث العمل تنزيلاً للقلة والعدم

منزله الخفاء، أو من حيث العلم لكثرة الشبه وقلة العلماء، ولعل الأول أنسب

معنى والثاني أظهر لفظاً، والكذب ككتف في النسخ، والسِلعة بالكر المتاع

ص: 31


1- ينظر: تفسير مجمع البيان: 9 / 6، وتفسير الصافي، الكاشاني(ت 1091 ه): 1 / 138
2- (بالغاصين) في أ، تصحيف
3- الصحاح، مادة (محق): 4 / 1553
4- (ضمة) في ث
5- (المثلة) في ن
6- الصحاح، مادة (مثل): 5 / 1816
7- لسان العرب، مادة (نقم): 12 / 590

وما تُجر بهِ(1)، والبور والبوار کساد المتاع والسوق، يقال: بارت(2) السلعة وبار السوق، والتلاوة القراءة والاتباع ومن اتبع غيره في فعله، يقال: تلاه والتلاوة [حق التلاوة](3) على الأول قراءة الكتاب كما أنزل من غير تغير ورعاية الترتيل من آداء الحروف عن المخارج والوقف في المواضع وغير ذلك من محسنات القراءة، وعلى الثاني العمل بمحكمه والاقرار بمتشابهة والتوقف في تفسير المشكل منه، وترك تأويله بالرأي، والهوى ورد علمه الى حمله علمه ويقابله التحريف(4) عن موضعه بأي معنی کان والظاهر في المقام ما تعلق بالمعنى، ونفاق المتاع(5) کسحاب رواجه(6)، ونفاق السوق قيامه ضد الكساد، والمعروف اسم جامع لكل ماعرف من طاعة الله تعالى والتقرب اليه والإحسان إلى الناس وكلما ندب اليه الشرع ونهی عنه من المحسنات والمقبحات سمي معروفاً؛ لأنَّ أرباب البصائر يعرفونه ويصدقون به ولا ينكرونه، والمراد بكون المعروف عند هؤلاء منكر أنه مستقبح عندهم فيما يظهرونه مع علمهم بحاله أو مجهول لهم فینکرونه(7) ويزعمونه منكراً، وقد مضى نظير هذا الكلام في أوائل الكتاب.

(فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ؛ فَالْكِتَابُ يَوْمَئذٍ وَأَهْلُهُ مَنْفِيَّانِ

ص: 32


1- (يجزيه) في م، تحریف
2- (یا رب) في ث، ر
3- [حق التلاوة] ساقطة من م
4- (التخويف) فيع، تحریف
5- (المناع) في ر، م، تصحيف
6- (رواجه) في م، تصحيف
7- (وينكرونه) في م

طَرِيدَانِ(1) وَ[صَاحِبَانِ](2) مُصْطَحِبَانِ(3) فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لَ يُؤْوِيِهمَا(4) مُؤْوٍ

فَالْكِتَابُ وَأَهْلُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ وَلَيْسَا فِيهِمْ وَ مَعَهُمْ وَلَيْسَا مَعَهُم؛

لِأَنَّ الضَّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ الْهُدَى وَإنِ اجْتَمَعَا) نبذ الشيء كضرب أي طرحه أمامه أو وراءه، وقيل: هو عام(5) والنسيان ضد الذكر والحفظ وتناسي الشيء أي اری من نفسه أنه قد نسيه و(الطرد: الابعاد)(6) والطريد ما طردته من صيد وغيره، ونفي الشيء کرمی أي نحّاه، ونفى الشيء أي جحده(7)، واصطحب القوم صحب بعضهم بعضاً، وآویت منزلي واليه أي نزلته وسكنته، و آویت فلاناً على صيغة الأفعال أي أنزلته، وكل مكان ينزل اليه شيء ليلاً أو نهاراً فهو مأواه(8)، و(9) قوله (عليه السلام) لأنَّ الضلالة تعليل لما سبق من أنَّ الكتاب وأهله ليسا فيهم وليسا معهم، أي في الحقيقة لعدم ترتب الآثار المطلوبة منهما عليهما.

(فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ، وافْتَرَقُوا عَنِ الْجَمَاعَةِ؛ كَأَنَّهُم أَئِمَةُ الْكِتَابِ؛ وَلَيْسَ الْكِتَابُ إمَامَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إلاَّ اسْمَهُ، وَلَا يَعْرِفُونَ إلاَّ خَطَّهُ

ص: 33


1- [طريدان منفيان] في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 85.، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 257
2- [صاحبان] ساقطة من أ، ع
3- (طريدان منفیان و صاحبان مصطحبان) في ن
4- (يؤديهما) فيع، تحریف
5- ينظر: تاج العروس، مادة (نبذ): 5 / 399
6- الصحاح، مادة (طرد): 2 / 501
7- ينظر: لسان العرب، مادة (نفی): 10 / 336، 337
8- الصحاح، مادة (أوا): 6 / 2274
9- (أو) في م

وَزَبْرَهُ، وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحیِنَ كُلَّ مُثْلَةٍ، وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللهِ فِرْيَةً،

وَجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّيِّئَةِ) الفُرقة بالضم الاسم من قولك: افرق القوم

ضد اجتمعوا، [و](1) الخط الكتب بالقلم واحد الخطوط، وزبرت الَكتاب زبراً أي كتبته فهو زبور فعول بمعنى مفعول مثل رسول(2) ومن قبل أي قبل ذلك الزمان وإن كان بعد زمانه (عليه السلام)، ومثل بالقتيل مثلاً كقتل وضرب / ظ 188 / إذا نكل به وظهر آثار فعله فيه والتشديد مبالغة، والاسم المثلة كغرفة، والمَثلة بالفتح(3): العقوبة، والِفرية بالكر الاسم من قولك:

افرى عليه كذباً أي اختلقه(4)، قال بعض الشارحين: قوله (عليه السلام): ((على الله)) ليس متعلقاً بصدقهم بل بفرية، ولما امتنع أن يتعلق حرف الجر به لتقدمه عليه وهو مصدر فليكن متعلقاً بفعل مقدر دل عليه هذا المصدر الظاهر ويروى: ((وجعلوا في الحسنه العقوبة السيئة والرواية الأولى بالإضافة

أكثر وأحسن(5) (وَإنَّماَ هَلَكَ مَنْ كَانَ قبَلكُم بِطُولِ آماَلِهِمْ، وَتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ؛ حَتَّى

نَزَل بِهِمْ المَوْعُودُ الَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ المَعْذِرَةُ، وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ، وَتَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ

وَالنِّقْمَةُ) الأمل الرجا والطمع وأكثر ما يستعمل فيما يستبعد حصوله كما تقدم

وتغيب عني فان اي غاب، ولا يقال: تغيبني إلاَّ في ضرورة الشعر، والأجل

غاية الوقت في الموت، والمراد بتغيب آجالهم نسيانهم إياها، وقلة التفاتهم

اليها وترك الاستعداد لها ولما بعدها والموعود الموت وترد عنه المعذرة أي لا

ص: 34


1- [و] ساقطة من م
2- ينظر: المصباح المنير، مادة (زبره): 1 / 250
3- (بفتح الميم وضم التاء) في ر، وفي م: (بفتح الميم وضم الثاء)
4- ينظر: الصحاح، مادة (فرا): 6 / 2454، وفي ث: (اختلفه) تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 86

تقبل(1) فيه معذره معتذر، وترفع عنه التوبة أي تنسد باب التوبة عند نزوله، قال الله (عز وجل): «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ»(2) ويحتمل أن يكون المراد به لا يقبل الرجوع عنه عند تمني الكافر بقوله: «رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ»(3)، أو عند الاشراف عليه ممن يكرهه، وحل المكان وبه تمدا إذا نزل والقارعة (الداهية)(4) المهلكة تأتي فجأة، أو التي تلقی بشده وقوة. (أَيَّهَا النَّاسِ، إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللهَ وُفِّقَ؛ وَمَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلاً

هَدِىَ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، فَإنَّ جَارَ اللهِ آمِنٌ وَعَدَوَّهُ خَائِفٌ. وَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ

عَرَفَ عَظَمَةَ اللهِ أَنْ يَتَعَظَّمْ فَإنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ(5) مَا عَظَمَتُهُ أَنْ يَتَواضَعُوا لَهُ وَسَاَمَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ(6) مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ. فَلاَ تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الْأَجْرَبِ، وَالْبَارِئِ مِنْ ذِي السَّقَم) النصيحة كلمة يعبر بها عن جمله هي ارادة الخير للمنصوح له وأصل النصح في اللغة الخلوص(7) واستنصحت(8) فلاناً أي اعتقدت أنه ناصح وعددته ناصحاً واعتقاد النصح في الله عز وجل وإنه لا يريد للعبد إلاَّ ما هو خير له يستلزم الرغبة في العمل بكل ما أمر به والاجتناب عما نهى عنه وهدي للتي هي أقوم أي للحالة

ص: 35


1- (يقبل) في أ، ث، ع، تصحيف
2- النساء / 18
3- المؤمنون / 99، 100
4- لسان العرب، مادة (قرع): 8 / 265
5- (یغلمون) في م، تصحيف
6- (یغلمون) في م، تصحيف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (نصح): 2 / 615
8- (استضحت) في ر، وفي م: (استصحت)، تحریف

أو الطريقة التي هي أقوم الحالات أو الطرق أي أعدها وأرشدها يقال: قام الشيء واستقام أي اعتدل وهذا من الألفاظ القرآنية قال الله سبحانه: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ»(1) والجار المجاور(2) والذي اجرته من أن يظلم ومجاور الله من تقرب اليه بالطاعة وبعبادته(3) يجير(4) عباده من الظلم ويحميهم ممن أرادهم بسوء والتعظم اعتقاد الرجل في نفسه العظمة كالتكبر والرِفعة بالكسر الشرف وارتفاع القدر وعظمته في بعض النسَخ بالرفع وفي بعضها بالنصب وكذلك قدرته، وقال بعض الشارحين: ما هاهنا بمعنى: أي، ومن روی بالنصب جعلها زائدة(5). والتواضع التذلل والخشوع والسلامة البراءة من الآفات والعيوب والاستسلام الانقياد (ونفر الوحش نفور والاسم النِفار بالكسر)(6) أي تجافي وتباعد(7) و تحرز والاجرب من به الجرب بالتحريك وهو داء يكون في الانسان والإبل وغيرهما قالوا يحدث من خلط غلیظ تحت الجلد يكون من مخالطه البلغم الملح للدم ويحدث معه [بثور(8) وربما حصل معه](9) هزال لكثرته وبرئ کسلم وزناً ومعنی فهو بارئ وبرئ والمراد بذي السقم صاحب العاهة والامراض التي تعدي

ص: 36


1- الاسراء / 9
2- (والمجرور) في م، تحریف
3- (بعيادته) في ر
4- (يحير) في ث، تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 87
6- المصباح المنير، مادة (نفر): 2 / 617
7- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (نفر): 5 / 459
8- (ثبور) في أ، ث، تصحيف
9- [بثور وربما حصل معه] ساقطة من ع

عند الناس وهذا الكلام ليس بصريح في صحة العدوى ويمكن / و 189 /

أن يحمل عى العادة فا ينافي ما ورد من أنَّه لا عدوى ولا صفر لو صح (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ وَلَمْ تَأْخُذُوا بِمِيثاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ وَلَنْ تَمَسَكُّوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ فَإنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ) الغرض من الكلام التنفیر عن أئمة الضلال والتنبيه على وجوب الراءة منهم والرُشد بالضم الاهتداء والاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه والميثاق العهد

وميثاق الكتاب ما أبان الكتاب لزوم الوفاء [به](1) من الطاعة والكف عن عبادة الشيطان واطاعه الله ورسوله وأولى الأمر (صلوات الله عليهم أجمعین) ونحو ذلك كا قال عز وجل: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(2) وقال سبحانه: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ»(3) وقال تعالى: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(4) ونبذه(5) أي طرحه ورماه وراء ظهره، أو مطلقاً والالتاس الطلب والمراد بأهله نفسه وأهل البيت (عليهم السلام) والعيش الحياة والحمل للمبالغة والغرض الدلالة

عى بطان غر أهل البيت (عليهم السام) ممن تصدى للخلافة والإمامة (هُمُ الَّذَينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ؛ وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ، لَا يُخَالِفُونَ الدِّينَ وَلَا يُخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ،

ص: 37


1- [به] ساقطة من ع
2- الذاريات / 56
3- يس / 60
4- النساء / 59
5- (نبده) في ع، تصحيف

وَصَامِتٌ نَاطِقٌ) الضمير راجع الى أهله وهم أهل البيت (عليهم السلام) واخبار ما حكموا به عن علمهم واضح وأخبار صمتهم عن منطقهم؛ لأنَّ لصمتهم هيئة(1) وحالة مقرونة بقرائن دالة على حسن منطقِهِم لو نطقوا وكذلك كل ماظهر منهم، ولا يخالفون الدين أي لا يخالفون الحق جميعاً، ولا يختلفون فيه حتَّی یکون(2) بعضهم مخالفاً للحق والضمير المرفوع راجع إلى الدِّين وهو بينهم شاهد صادق، أي يأخذون بما حکم به ودل عليه كما يؤخذ بشهادة العدل المصدق وصامت؛ لأنه لا ينطق في الظاهر لابد له من مترجم فينطق بلسانه.

[ومن خطبه له (عليه السلام)]

(كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُاَ يَرْجُو الْأَمْرَ لَهُ، وَيَعْطِفُهُ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ، لَا يَمُتَّانِ إلَی اللهِ بِحَبْلٍ، وَلَا يَمُدَّانِ إِلَيْهِ بِسَبَبٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُاَ حَامِلُ(3) ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ؛ وَعَمَّا قَلِيلٍ يُكْشَفُ قِنَاعَةُ بِهِ. وَالله لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ لَيَنْتَزِعَنَّ هَذَا؛ نَفْسَ هَذَا، وَلِيَأْتِیَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا) الضمير التثنية راجع الى طلحة والزبير، والأمر الإمارة والخلافة، وعطفه كضرب أي أماله وعطف هو أي مال يتعدى ولا يتعدى، ومتّه متّاً مثل مده مداً وزناً ومعنى، ومَت بقرابته إلى فلان أي توسل ووصل، والسبب الحبل وكل شيء يتوصل به إلى غيره، والغرض انهما بمعزل عن نية القرية في فعلهما ولا يريدان و جهة الله والدار

ص: 38


1- (هينة) في م، تحریف
2- (بکون) في ر، تصحيف
3- (خامل) في أن تصحيف

الاخرة و (الضب: الحقد)(1) والغضب، ودابة تشبه الحرذون(2) وهي أنواع منها دون العيز(3) وهو أعظمها والعرب تضرب(4) المثل بالضب في العقوق(5) تقول: (أعق من ضب)(6).

وذلك أنه ربما يأكل حسوله(7)، [قيل: ومن عجیب خلقته أن الذكر له زبان والأنثى لها فرجان تبيض(8) منهما](9)، والفاعل في (یکشف) ضمير كل واحد، والقِناع بالكسر أوسع من المِقنعة بكسر الميم وهي ما تقنع(10) به المرأة رأسها، والضمير في قناعة راجع الى كل واحد وفي (به) الى الضب ويحتمل أن يكون الباء بمعنى اللام أي يكشف قناع الضب لصاحبه وانتزاع النفس القتل، وأتى عليه أي اهلکه، ذكر أرباب السير(11) أنهما اختلفا قبل وقوع الحرب في الصلاة فأقامت عائشة محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير

ص: 39


1- لسان العرب، مادة (ضبب) 1 / 540، والمصباح، مادة (الضب): 2 / 357
2- الحِرذون بكسر الحاء، دویبة، ويقال هو ذكر الضب. ينظر: الصحاح، مادة (حرذون): 5 / 2098
3- (الغر) في ث، وفي ر: (العثر)، وفي م: (العنز)، تحریف
4- (يضرب) في أ، ع، ر، م، ن، تصحيف والصواب ما أثبتناه
5- (الحقوق) فيع، تحریف
6- جمهرة الامثال: 2 / 69، ومجمع الامثال: 1 / 509
7- حسول: (فرخ الضب) لسان العرب، مادة (حسل): 4 / 1668
8- (يتنص) في ع، تحریف
9- [قيل: ومن عجیب خلقته أن الذكر له زبان والأنثى لها فرجان تبيض منهما] ساقطة من ر، م
10- (يقنع) في أ، ث، ع، تصحيف
11- ينظر: الجمل، الشيخ المفيد: 152، وتاريخ الطبري: 3 / 490

يصلى هذا يوماً وهذا يوماً الى أن تنقضي(1) الحرب ثم ادعى عبد الله بن

الزبر أن عثمان نص عليه بالخلافة يوم الدار واحتج تارة بأنَّه استخلفه على

الصاة، وأخرى بنص صريح / ظ 189 / زعمه وادعاه وطلب طلحة من عائشة أن يسلم الناس عليه بالأمرة وأدلى اليها بالسمينة وأدلى الزبر اليها بأسماء أختها فأمرت الناس أن يسلموا عليها جميعاً بالأمرة، واختلفا في تولي القتال، فطلبه كل منهما أولاً، ثم نكل كل واحد منهما عنه (قَدْ قَامَتْ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فَأَيْنَ المُحْتَسِبُونَ! فَقَدْ(2) سُنَّتْ لَهُمُ السُّنَنُ، وَقُدِّمَ لَهُمُ الْخَبُرَ؛ وَلِكُلِّ ضَلَّةٍ عِلَةٌ، وَلِكُلِّ نَاكِثٍ شُبْهَةٌ. وَالله لَا أَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ، يَسْمَعُ النّاعِيَ؛ وَيَحْضَرُ الْبَاكيَ(3)) البغي الظلم والعدول عن الحق والاستطالة والكذب، واحتسب عليه أي أنكر ومنه المحتسب والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المكروهات هو البدار الى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر أو باستعمال أنواع البر طلباً للثواب المرجو منها، والسنة الطريقة والسیرة وسنت لهم السنن أي بينت [للمحتسبين](4) طرق الحق والباطل، أو طرق

الحق حتى يسلكوها وقدم لهم الخر أي الخر المشهور عن النبي (صلى الله

عليه واله) في قتال الناكثین والقاسطين والمارقین، ويحتمل أن يعود الضمیر

المجرور الى القوم المعر عنهم بالفئة، والمراد أنهم بغوا مع علمهم بأنَّهم على

ص: 40


1- (ينقضي) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
2- (قد) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 89، شرح نهج البلاغة، الصالح: 258
3- (الباكي ثم لا يعتبر) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 89، شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 258
4- [للمحتسبين] طمس في ن

الباطل لا عن شبهه مريبة، ولعله أنسب مما بعد الكلام على وجه والضَلة بالفتح المرة من قولك: ضل ضلالاً والضلالة، ونكث العهد والحبل کنصر وضرب أي نقضه فهو ناکث والمعنى على ما ذكره بعض الشارحین(1) أن لكل ضلاله علة وعلة خروج هذه الفرقة عن الدين البغي والحسد، ولكل ناکث شبهه تغطي عن بصيرته عن النظر الى وجه الحق كطلبهم(2) بدم عثمان ولا يخلو عن بعد عن المقام، ويحتمل أن يكون المراد أن لكل ضلّة غالباً أو لكل ما هو ضلّة حقيقه علة، ولكل ناكث كذلك شبهة تنشأ عنهما التباس وتغطية لوجه الحق بخلاف هؤلاء فإنَّ انكارهم للحق ليس إلاَّ للبغي وحب الرئاسة ونكثهم(3) ليس عن شبهه تخفى عنهم وجهه الحق بل نكثوا البيعة عناداً و طلباً للسلطنة والامارة ونظير ذلك قوله (عليه السلام) في الخطبة القاصعة (ولقد نظرت فَما وجدتُ أحداً من العالمين يتعصب لشيء من الأشياء إلاَّ عن علة تحتمل تمويه الجهلاء، أو حجه تليط(4) بعقول السفهاء غيركم فإنَّكم تتعصبون لأمرٍ [ما](5) يعرف له سبب ولا علة)(6) ومستمع

ص: 41


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 207
2- (كظلمهم) فيع، تصحيف
3- (ولكنهم) فيع، تحریف
4- (تلبط) فيع، تصحيف
5- [ما] ساقطة من أ، ع
6- (و لقد نظرت فَما وجدتُ أحداً من العالمين يتعصب لشيء من الأشياء إلاَّ عن علة تحتمل تمويه الجهلاء، أو حجه تليط بعقول السفهاء غيركم فإنَّكم تتعصبون لأمرٍ ما يعرف له سبب ولا علة) غير موجوده في شرح نهج البلاغة: ابن ابي الحديد: 9 / 89، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 259

اللّدم الضبع وهو صوت الحجر يضرب به الأرض، أو حيلة يفعلها(1) الصائد عند باب مغارها فتنام ولا تتحرك(2) حتى يجعل الحبل في عرقوبها فيخرجها كما مرَّ في شرح قوله (عليه السلام) في أوائل الكتاب(3) (والله لا أكون كالضبع تنام على طول اللّدِم) ونعيت الميت نعياً من باب نفع(4) أي اخبرت بموته والمعنى لا أغتر(5) ولا أغفل عن كيد الأعداء فأسمع الناعي المخبر عن قتل عسکر وطائفة من المسلمين ويحضر(6) الباكي على قتلاهم فلا أتهيؤ للقتال، ولا أحاربهم حتَّى يصلوا الي فيحيطوا بي، ويستأصلوني، بل انتهيؤ لقتالهم قبل ذهاب الفرصة وفوات الوقت.

[ومن كلام له (عليه السلام) قبل موته]

(أَيُّهَا النَّاسِ كُلُّ امْرِئٍ لَقٍ ما يَفِرُّ مِنْهُ فِي فِرَارِهِ، [و](7) الَأجَلُ مَساقُ النَّفْسِ وَالَهرَبُ مِنْهُ مُوَافاتُهُ كَمْ أَطْرَدْتُ الأَيَّامَ أَبْحَثُها عَنْ مُكْنُونِ هَذَا الأَمْرِ فَأَبَى اللهُ إلَّا إخْفَاءَهُ هَيْهاتَ! عِلمٌ (مَخْزُونٌ)(8)) الفِرار بالكسر مصدر فَرَّ إذا هرب والظرف متعلق بلاق أي يصل الإنسان إلى ما قدر له كالموت وإن

ص: 42


1- (بفعلها) فيع، تصحيف
2- (يتحرك) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
3- ينظر: بهجة الحدائق: 56
4- (تقع) في ر، تصحيف
5- (أعثر) في ر، تصحيف
6- (احضر) في ر، م، تصحيف
7- (الاجل) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 96، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 259
8- (محزون) في ر، ن، تصحيف

فر منه وكرهه في فراره كما قال عز وجل: «قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ»(1) وقال عز وجل: «أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ»(2).

واللقاء في مدة الحياة التي هي مدة الفرار فإنَّ الإنسان يفر من الموت ما دام حياً، والأجل الذي هو غاية الوقت يساق الإنسان اليه كما يساق الإبل الى منزله، فالمساق ما يساق اليه أو المراد بالأجل المدة المضروبة لبقاء الإنسان / و 190 / وهي مساقه إلى الغاية المعينة وإنما كان الهرب من الأجل موافاته؛ لأنَّ الهرب إنَّما يكون بعلاج وحرکه تفني بها بعض المدة وافناء المدة هو الموافاة، والطرد الابعاد تقول: طردته أي نفيته(3) عني، والطريدة ما طردته من صيد وغيره، وأطردت الرجل على صيغة الأفعال إذا أمرت بإخراجه وبحث عن الأمر كمنع أي فتش، قال بعض الشارحين: الاطراد أدل على العز والقهر من الطرد وكأنه (عليه السلام) جعل الأيام اشخاصاً يأمر بإخراجهم وابعادهم عنه أي مازلت ابحث عن كيفية قتلي(4) وأي وقت یَکون بعينه وفي أي أرض يكون يوماً يوماً، فاذا لم اجده في يوم طردته واستقبلت يوماً آخر فأبحث فيه أيضاً فلا اعلم فأبعده واطرده(5)، واستأنف يوماً آخر وهكذا حتى وقع المقدر(6) قال: وهذا الكلام يدل على انه (عليه

ص: 43


1- الجمعة / 8
2- النساء / 78
3- (نقيته) في ر، تصحيف
4- (قبلي) في ر، تصحيف
5- (أطردته) في ر، م، تحریف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 95

السلام) لم يكن يعرف حال قتله مفصلة من جميع الوجوه وإن الرسول (صلى الله عليه واله) اعلمه بذلك مجم؛ لأنه قد ثبت انه (صلى الله عليه واله) قال له: ((ستضرب على هذه واشار الى هامته فتخضب(1) منها هذه واشار الى لحيته)) وثبت أنه (صلى الله عليه واله) قال له: ((اتعلم من اشقی الاولين؟)) قال: نعم عاقر الناقة، فقال له: اتعلم من اشقى الاخرين؟ قال: لا، فقال: من يضربك هاهنا فتخضب(2) هذه وكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) يدل على أنه بعد ضرب ابن ملجم له لا يقطع على أنه يموت من ضربته ألا تراه يقول: إن ثبت الوطأة(3) (فذاك)(4) إلى آخره(5)، وقال بعضهم: ذلك البحث اما بالسؤال عن الرسول (صلى الله عليه واله) مدة حياته، أو بالفحص والتفرس من قرائن أحواله في سائر أوقاته مع الناس(6)، وقد سبق الكلام في كيفية علمهم (عليهم السلام) بالأمور الاتية، في شرح قوله (عليه السلام): (كأني اراهم قوماً كأن وجوههم المجان المطرقة) والله [تعالى](7) يعلم حقيقة الحال ومكنون هذا الأمر أي [...](8) المستور من خصوصيات(9) هذا الأمر، أو المستور الذي هو هذا الأمر، فالمشار اليه شيء مستور متعلق

ص: 44


1- (فتحضب) في أ، ر، ن، وفي ع: (فتخصب)، تصحيف
2- (فيحضب) في أ، ر، ن، وفي ع: (فتخصب)، تصحيف
3- (الوضاءة) في ث
4- (فدال) في أ، ع، ن، تحریف، وفي ر: (فداك)، تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ابن أبي الحديد: 9 / 95
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 209
7- [تعالی] ساقطة من م
8- [أي] زائدة في م
9- (حصوصیات) في ع، تصحيف

بوفاته (عليه السلام) أو أمر آخر هو (عليه السلام) به اعلم، وهيهات أي بَعُد الاطلاع عليه فإنه علم مخزون(1) وخزن(2) المال كنصر أي احرزه ومن خواص المخزون(3) ستره والمنع من أن يناله أحد (أَمّا وَصَيَّتِي، فَاللهَ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً، وَمحمد (صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَاله)(4) فَلاَ تُضَيّعُوا سُنّتَهُ، أقِيمُوا هَذَيْنِ، الْعَمُودَيْنِ، وَأوْقِدُوا(5) هَذَيْنِ الْمِصْباحَینْ، وخَلَكُمْ ذَمٌّ ما لْمَ تَشُرْدُوا. حُمِّل كُلُّ امْرِئ مِنكم مَجْهُودَهُ، وَخُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ. رَبٌّ رَحِيمٌ، وَدِينٌ قَوِيمٌ، وَإِمامٌ عَلِيمٌ) ضيع الشيء تضيعاً أي أهمله وأهلكه وعمود الفسطاط والبيت الخشبة التي تقوم(6) بها(7)، وخلاكم ذم أي سقط عنكم واعذرتم فلا ذم عليكم، وتشردوا کتنصروا(8) يقال: شرد البعير أي نفر وذهب في الأرض، واشرده أي جعله شريداً، و (الغرض)(9) النهي عن التفرق واختلاف الكلمة أي لا ذم يلحقكم ما دمتم متفقين في الدين، أو المراد النهي عن الرجوع عن الدين وإقامة سننه، وهذا النهي وإن كان داخل في النهي عن تضييع السنة، فلعله خصص بالذكر للتأكيد والدلالة على الاهتمام، والجُهد(10) بالضم في

ص: 45


1- (محزون) في ث، ر، تصحيف
2- (حزن) في ث، ر، تصحيف
3- (المحزون) في ث، ر، تصحيف
4- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 9 / 94
5- (أوقدوا) فيع، تصحيف
6- (يقوم) في ر، م، تصحيف
7- (الفسطاط: بیت من شعر) الصحاح، مادة (فسط): 3 / 1150
8- (کنضروا) في ر، تحریف
9- (والعرض) في أ، تصحيف
10- (الحهد) في م، تصحيف

أهل الحجاز، وبالفتح في غيرهم الوسع والطاقة، وقيل: المضموم الطاقة، والمفتوح المشقة والجَهد بالفتح لا غير النهاية وهو مصدر جهد(1) في الأمر کمنع إذا طلب حتى بلغ غايته في الطلب ومجهوده مبلغ وسعه وطاقته ونهايته في الطلب وحمل كل امرئٍ على صيغة الماضي المجهول [من باب التفعيل ورفع كلمة كل كما في كثير من النسخ، وفي بعض النسخ على صيغة الماضي](2) المعلوم ونصب كل على المفعَولية والفاعل هو الله سبحانه، وفي بعضها حمل کضرب وكل مرفوع على الفاعلية وقوله (عليه السلام) خفف عن الجهلة استدراك لما يتوهم من ظاهر الكلام من أنَّه سبحانه كلف كل أحد بما هو مبلغ طاقته ونهاية وسعة فبين (عليه السلام) / ظ 190 / أنَّ التكليف على حسب العلم والجهال ليسوا مكلفين بما كلف به العلاء، وقد قال عز وجل: «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ»(3) وظاهر الكلام أن الجاهل معذور في كثير من الأحكام ورب رحيم أي ربكم ربٌ رحيم أو خفف ربٌ رحيم ولا يضر عطف الدين والإمام لأنهما يخففان بالتبع، ولا حرج في التجوز(4) في الاسناد الى الدين، وقال بعض الشارحين: (ومن الناس من يجعل (رب رحيم) فاعل خفف على رواية من رواها فعلا ماضياً معلوماً، وليس بمستحسن؛ لأنَّ عطف الدين عليه يقتضي أن يكون الدين أيضاً مخففاً وهذا لا يصح)(5)، ورواية

ص: 46


1- (حهد) في م، تصحيف
2- [من باب التفعيل ورفع كلمة كل كما في كثير من النسخ، وفي بعض النسخ على صيغة الماضي] ساقطة من ع
3- النساء / 17
4- (التجور) في ن، تصحيف
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 99

خفف على صيغة الماضي المجهول كما يظهر من كلام غير موجوده في النسخ التي عندنا والمراد بالأمام الرسول (صلى الله عليه واله) أو الأعم ويحتمل التخصيص بالأئمة (عليهم السلام) ولا يخلو عن بعد معنى وإن كان أقرب لفظاً.

(أَنا بِالأَمْسِ صاحِبُكُمْ، وَأَنا الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَغَداً مُفارِقُكُمْ! غَفَرَ اللهَ لِيَ وَلَكُمْ! إنْ ثَبَتت(1) الْوَطْأَةُ في هَذَهَ المَزَلَّةِ فَذَاكَ، وَإنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ، فَإنَّا كُنَّا في أفْياءِ(2) أَغْصانٍ(3)، وَمَهَبِّ رِياحٍ، وَتْحَتَ ظِلِّ غامٍ. اضْمَحَلَّ فِي الجَوِّ مُتَلَفَّقُها. وعَفا في الأرْضِ مَخَطُّها.(4) العِبرة بالكسر مايتعظ به الإنسان ويعتبره ليستدل به على غيره، والمراد اليوم يعتبرون(5) بأشرافي على الموت و ضعفي عن الحراك بعد ما كنت أميراً لكم اتصرف في الأمور على حسب ارادتي، أو بأن تروني صريعاً بینکم بعد قتل الأقران وصرع الأبطال والدعاء بالمغفرة لنفسه (عليه السلام)، ولهم في بعض النسخ مقدم على قوله (عليه السلام): (أنا بالأمس صاحبکم) إلى قوله (عليه السلام): (مفارقكم) والوَطأَة بالفتح موضع القدم والمرة من الوطئ وهو الدوس بالرجل، والمراد ثبات القدم بالبقاء في الدنيا بأن لا يؤدي الجرح(6) إلى الهلاك، ودحضت(7) القدم كمنعت

ص: 47


1- (يثبت) في ر، م، تحریف. (تثبت) في نهج البلاغة: صبحي الصالح: 259
2- (افاء) في ث
3- (اغضان) في ر، وفي ث، ع: (أعصان)، تصحيف
4- (محطها) في ث، وفي ع: (محظها) تصحيف
5- (تعتبرون) في ر، تصحيف
6- (الجرج) فيع، تصحيف
7- (رحضت) في ث، وفي ع: (دخصت) تصحيف

أي (زلقت)(1) وزلت، و (الفيء: ما كان شمساً فينسخه الظل)(2) وأصله الرجوع، ومنه قيل للظل بعد الزوال: فيء؛ لأنه يرجع من جانب الغرب إلى جانب الشرق والأغصان أطراف الشجر ما دامت فيها نابته(3) واضمحل الشيء أي ذهب وفنا، واضمحل السحاب أي تقشع، وذكره الجوهري(4) في ضحل وهو يدل على أنَّ الميم زائدة، وذكره الفيروز آبادي في ض م ح ل، وقال(5): (هذا موضعه، لا ضحل)(6) وهو يدل على أنها أصلية، ولَفَقَ الثوب کضَرَبَ: أي ضم شقه الى أخرى فخاطهما وتلفق أي (انضم)(7) والتأم(8)، وعفا أي: (درس)(9) ولم يبق له أثر، والمخط الأثر والعلامة يقال: خط في الأرض کمدّ خطاً أي اعلم علامه، والخط في الأصل (الطريقة المستطيلة في الشيء)(10)، أو الطريق الحفيف(11) في السهل والكتب بالقلم والضمير في متلفقها راجع الى الغمام، وفي محطها إلى مهب الرياح؛ لأن العلامة إنما

ص: 48


1- الصحاح، مادة (دحض): 3 / 1075
2- القاموس المحيط، مادة (الفي) 1 / 24
3- (نائبة) في ر، وفي م: (ثابتة)، تصحيف
4- الصحاح، مادة (ضحل): 5 / 1748
5- (قيل) في ث
6- القاموس المحيط، مادة (ضحل): 4 / 6
7- (انصم) في ن، تصحيف
8- ينظر القاموس المحيط، مادة (لفق): 3 / 281
9- معجم مقاییس اللغة، مادة (عفا): 4 / 58
10- لسان العرب، مادة (خطط): 7 / 287
11- (الخفيف) في ر، م، تصحيف

تحصل(1) من هبوب الرياح وهو جمع في المعنى، أو إلى الأراضي(2) التي هي محال الأفياء [و] مهاب الرياح وتحت ظل الغمام ومخطها العلامات الحاصلة فيها من حركات أهلها ونزولهم فيها، أو إلى محال الغمام ومحطها الآثار الحاصلة فيها من الأمطار، أو ظلِها والغرض تشبيه راحة الدنيا ولذتها في سرعة زوالها وعدم بقائها بالأمور المذكورة (وإِنَّما كُنْتُ جاراً جاوَرَكُمْ بَدَنِ أَيَّاماً، وسَتُعْقَبُونَ مِنِّي جثَّةً خَلَاءً، ساكِنَةً بَعْدَ حَرَاكٍ، وَصامِتَةً بَعْدَ نُطوقٍ(3). لِيَعِضَكُمْ هُدُوِّئيُ(4)، وخُفُوتُ إطْرَاقِي، وسَكَونُ أطْرَافِي(5)؛ فإِنَّهُ أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِيِنَ مِنَ المَنْطِقِ الْبَلِيغِ، وَالْقَوْلِ المَسْمُوعِ.) المراد بالجار المجاور ونسبة المجاورة الى البدن؛ لأن المجاورة من عوارض الجسم ويشعر بوجود شيء غير البدن، أو للدلالة على اتصال نفسه القدسية بالملأ الأعلى وعدم میله الى الدنيا (وَسَتُعقَبُونَ مني جثةً) وعبون مني جثة على صيغة المجهول، من باب الأفعال أي يبقى فيكم بعد رحلتي، يقال: أكل أكله أعقبته سُقماً أي: اورثته، وجُثة، الإنسان بالضم شخصه وجسده، وخلا المكان يخلو خَلاءً بالفتح أي فرغ، و مکان خلاء ما فيه أحد، وجثة خلاء أي خالية من الروح والحواس، والحراك كسحاب

ص: 49


1- (يحصل) في ث، ر، م، تصحيف
2- (الأرض) في م، تحریف
3- (نطق) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 94، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 260
4- (هدوي في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 94، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 290
5- (اطرامي) في أ، ن، وفي ع: (اطوامي)، تحریف، وفي ث، م: (اطرافي)، تصحيف

الحركة، والنُطوق بالضم النطق، وهدأ كمنع هدأ وهُدوءاً بالضم أي سكن، وَخَفَتَ كَنَصَرَ خُفوتاً بالضم أي سكن وسكت، وهدوئي في بعض النسخ بالهمزة / و 191 / على الأصل، وفي بعضها بتشديد الواو من غير همزة بقلبها(1) واواً، واطرق اطراقاً أي: أرخى عينيه ينظر الى الأرض، والمراد عدم حركة الاجفان والأطراف من البدن اليدان والرجلان والرأس (وَدَاعِيكم(2) وَدَاعُ امْرِئٍ مَرْصَدٍ لِلتَّلاقِي! غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي، وَيُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ سَرَائِريِ، وَتَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكانِي، وَقِيامِ غَیْرِي مَقامِي) الوَداع بالفتح الاسم من قولك: ودعته توديعاً، مثل: سلم سلاماً، وهو أن تشیعه عند سفره کما قيل: وحينئذ يخص الأهل وهو لا يناسب الكلام، وقيل: هو تخليف المسافر الناس خافضين وهم يودعونه إذا سافر تفاؤلاً بالدعة أي الخفض، والسعة التي يصير(3) اليها إذا رجع أي يتركونه وسفره، وإما الوِداع بالكسر فهو الاسم من قولك: وادعته موادعه، أي: صالحة ووداعیکم کما في نسخنا، أي وداعي إياكم، وفي مثله يجوز اتصال الضمير وانفصاله لكونه ثاني ضميرين أولهما أخص، ووداع مرفوع على الخبرية، وكان في نسخة بعض الشارحين(4) ((ودعتكم وداع)) على صيغه الماضي المعلوم من باب التفعيل ونصب وداع على المصدرية ورصدته إذا قعدت له على طريقه تترقبه وأرصدت له العقوبة إذا اعددتها وهيأتهاله وحقيقتها جعلتها على طريقة كالمترقبة له، ومُرصَد

ص: 50


1- (يقلبها) في م، تصحيف
2- (وداعي لكم وداع) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 94، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 260
3- (تصير) في ر، م، تصحیف
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 100

على صيغة اسم المفعول والفاعل هو الله تعالى أو نفسه (عليه السلام) كأنه أعد نفسه بالتوطين [للتلاقي](1)، وفي بعض النسخ (مُرصِد) على صيغة اسم [...](2) الفاعل فالمفعول(3) نفسه (عليه السلام) أو ما ينبغي إعداده و تهيئته، ويوم التلاقي(4): يوم القيامة لتلاقي الناس، وقال بعض الشارحين: التلاقي هاهنا لقاء الله تعالى(5)، وغدا أي زمان مفارقتي(6) إياكم وهو ظرف للأفعال الاتية أي بعد أن أفارقكم ويتولى بنو أمية وغيرهم أمركم ترون وتعرفون إني كنت على الحق و(7) العدل في إيام خلافتي وينكشف لكم اني ما أردت إلا وجه الله في حروبي وما أمرتكم به وتعرفون عدلي وقدري بعد قيام غيري بالإمارة مقامي.

[ومن خطبة له (عليه السلام) في الملاحم]

(وَأَخَذُوا يَمِيناً وَشِمَالاً طعناً(8) في مَسَالِكِ الْغَيِّ وَتَرْكا لِمَذَاهِبِ(9)

ص: 51


1- [التلاقي] ساقطه من ث، وفي ر: (للتلافي) تصحيف
2- [اسم المفعول والفاعل هو الله تعالى أو نفسه (عليه السلام) كأنه أعد نفسه بالتوطين للتلاقي، وفي بعض النسخ (مرصد) على صيغة زيادة مكررة في ر
3- (والمفعول) في أنع
4- (للتلافي) في ر، تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 100
6- (مفارقي) في أن تحريف
7- (أو) في ع
8- (ظعناً) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: 9 / 102، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 260
9- (کالمذاهب) في م، تحریف

الرُّشْدِ، فَلا تَسْتَعْجِلوا مَا هُوَ كَائِنٌ مُرْصَدٌ وَلَ تَسْتَبْطِئُوا(1) مَا يِجَيءُ(2) بِهِ الْغَدُ(3) فَكَم مِن مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إنْ أَدْرَكَهُ وَدَّ أَنَّهُ لْمَ يُدْرِكْهُ وَمَا أَقْرَبَ(4) الْيَوْمَ مِنْ تَبَاشِیرِ غَدٍ!) الملحمة [الحرب و](5) موضع القتال مأخوذ من اشتباك الناس واختلاطهم فیها کاشتباك لحمة الثوب بالسدا، وقيل: هو من اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها [و](6) الموصوفون قوم من فرق الضلال والاخذ يمناً وشمالًا الخروج عن الطريق العدل المتوسط بين طرفي الافراط والتفريط، وقد مر في كلامه (عليه السلام) اليمن والشمال مضلة، والطريق الوسطى هي الجادة، وطعن بالطاء والمهلة كما في بعض النسخ الذهاب والسير عامه الليل، يقال: طعن في المفازة إذا ذهب(7)، وطعن الليل أي (سار فيه كله)(8)، وبالمعجمة كما في بعضها السير ومسالك الغي طرق الضلال و مذاهب الرشد [...](9) طرائق(10) الحق وطعنا وترك مصدران من غير لفظ الفعل قاما مقام الحال وما هو كائن أي لا بد من كونه ووجوده كقوله تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ»(11)،

ص: 52


1- (لا نستبطنوا) في ث
2- (يحيي) في م، تحریف
3- (لغد) في ع
4- (ادرك) في ث
5- [الحرب و] ساقطة من م
6- [و] ساقطة من أ، ع
7- ينظر: الصحاح، مادة (طعن): 6 / 2158
8- لسان العرب، مادة (طعن): 6 / 2158
9- [و] زائدة في ع
10- (طريق) في ث
11- الزمر / 30

ومرصد(1) أي معد مهيأ کما مرّ، والاستبطاء عد(2) الشيء بطيئاً واعتقاد بطوه، وود أي أحب، والتباشير أوائل الصبح وتبشير كل شيء مبدؤه وأوله، وفي القاموس : (التباشير(3): البشري وأوائل الصبح وكل شيء)(4)، ولعل الغرض النهي عن استعجال الفتن التي كانوا يتوقعونه بأخبار الرسول (صلى الله عليه واله) بوقوعها في مستقبل الزمان وكانوا يسألونه (عليه السلام) عنها ويستبطئون حصولها (يَا قَوْمِ هَذَا إبَّانُ وُرُودِ كُلِّ مَوْعُودٍ، وَدُنُوٍ مِنْ طَلْعَهِ مَالَا تَعْرِفُونَ. أَلَا وَ مَنْ(5) أَدْرَكَهَا مِنَّا يَسِرْي فِيهَا بِسَرِاجٍ مُنِیرٍ، وَيْحَذُو فِيهَا عَلىَ مِثَالِ الصَالِحِینَ؛ لِيَحُلَّ فِيهَا رِبْقاً وَيُعْتِقَ(6) رِقاً، وَيَصْدَعَ شَعْباً، / ظ 191 / وَيَشْعَبَ صَدْعاً؛ فِي سُتْرَةٍ عَنِ النَّاسِ لَا يًبْصِرُ الْقَائِفُ أَثَرَهُ وَلَو تَابَعَ نَظَرَهُ) إِبان الشيء بالكسر [والتشديد ](7) وقته أو أوله(8) ودنو في بعض النسخ(9) مجرور عطفاً على ورود وفي بعضها مرفوع عطفاً على أبان، والطلعة(10) المرة من طلع طلوعاً أي ظهر، وسری کرمی سری کهدى أي سار عامه الليل أي من أدرك تلك

ص: 53


1- (من صد) في ع، تحریف
2- (عند) في م، تحریف
3- (التباشر) في ر
4- القاموس المحيط، مادة (بشر): 1 / 373
5- [وان من] في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 102. وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 261
6- (يعتق فيها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 102. وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 261
7- [والتشديد] ساقطة من أ، ث، ع، ن، وفي ر: (التشديد)
8- [والتشديد] ساقطة من أ، ث، ع، ن، وفي ر: (التشديد)
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 102
10- (الطاعة) في ع، تحریف

الفتن من أهل البيت (عليهم السلام) يسير في ظلمها بأنوار(1) هداية الله ولا يلتبس عليه أمر بالشبهات المضلة لغيرهم وحذرت حذو فلان أي فعلت فعله، والمِثال بالكسر الاسم من ماثله مماثله إذا شابهه ويستعمل بمعنی المقدار والوصف والصورة(2)، والرِبْق بكسر الراء وسكون الباء کما في بعض النسخ حبل فيه عده عُری یشد به اليهم كل عروه، ربقه بالفتح وبالكسر، وفي بعض النسخ (ربق) کَعِنْب جمع رِبقهِ وفي بعضها، رَبقاً بالفتح مصدر قولك: ربقت الشاة أي: شددتها بالرِبق بالكسر، والأول أنسب بقوله (عليه [السلام](3) يعتق رِقاً وزناً ومعنىً، والصدع(4) الشق في شيء صلب، يقال: صدعه کمنعه أي شقه أو شقه، ولم يفترق، والشعب كالمنع (الجمع)(5) و اصلاح الصدع والمعنى ليحل ما انعقد(6) فيها وأشكل على الناس من الشبه ويفك ربق الشك من أعناق قلوبهم، أو يستفك فيها الأسري وينقذ(7) مظلومين من أيدي ظالمين ويكون قوله (عليه السلام): (ویعتق رقاً) كالتفسير له، ويحتمل أن يراد بإعتاق(8) الرق معناه الحقيقي كإعتاق(9) العبيد تحت الشدة من مال

ص: 54


1- (فأنوار) في م
2- ينظر: المصباح المنير، (المثل): 2 / 564
3- [السلام] ساقطة من أ، ث، ع، ن
4- (الصدق) فيع، تحریف
5- لسان العرب، مادة (شعب): 1 / 497
6- (اتعقد) في ع، تصحيف
7- (ينقد) في أ، ث، ر، ع، ن، تصحيف
8- (بإعناق) في ع، تصحيف
9- (كإعناق) فيع، تصحيف

الزكاة ونحو ذلك، أو يراد إعتاق(1) رقاب المذنبين من النار، وليصدع شعباً أي يفرق جماعة الضلال، ويشعب صدعاً أي يجمع ما تفرق من كلمة أهل الهدى والإيمان، والسُترة بالضم ما يستتر به، والقائف الذي يعرف الآثار ويتبعها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه وغير ذلك والجمع القافه، يقال: فلان يقوف الاثر ويقتافه قیافه وتابع نظره أي يجعل انظاره متتابعة، ونظر بعد نظر واستعمال الصيغة على هذا الوجه كثير في كلامه (عليه السلام) كقوله: ((بمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له وبمقارنته بين الاشياء عرف أن لا قرين له))، ضاد النور بالظلمة، وقوله (عليه السلام) مقارن بين متبائناتها(2) ونحو ذلك ويحتمل أن يكون المعني ولو اتبع نظره وذهب حيث ذهب وبلغ غايته والغرض المبالغة في شدة غيبته عن الانظار وإن الناس لا يعرفونه ولا يهتدون إلى مكانه وإن استقصوا في الطلب وبذلوا الجهد في الوصول اليه، وهذا الكلام صريح في الأخبار عن غيبة صاحب الأمر (عليه السلام) واختفائه عن أعين الناس، وليس المراد ما ذكره بعض الشارحين(3) من اختفاء أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وعدم اظهارهم الأمر على وجه التقية، (ثُمَّ لَيَشْحَذَنَّ(4) فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ(5) الْقَیَنْ النَّصْلَ يُجْلَى(6) بِالتَّنْزِيلِ

ص: 55


1- (إعناق) في ع، تصحيف
2- (متبائنا) في ر، م، تحریف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 104
4- (ليشخدن) في أ، ث، ر، م، وفي ع: (ليشخذن)، تصحيف
5- (شخذ) في ث، وفي ع: (شخد) تصحيف
6- (تجلي) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 102. وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 261

أَبْصَارُهُم وَيَرْمَى بالتفسر فِي مَسَامِعِهِمْ وَيُغْبَقُونَ كَأْسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ) يُشْحَذَن(1) على صيغة المجهول من شحَذْتُ(2) الحديدة كَمَنَعْتُ أي أحددتها، والقين(3) (الحداد)(4)، والنصل يشمل حديدة السيف والسهم والرمح والسكين(5)، وقيل: (مالم يكن [له](6) مقبض)(7) أي ليحرضن في هذه الملاحم قوم على الحرب، ويشحذ(8) عزائمهم(9) في قتل أهل الضلال حتى يجدوا(10) فيه ويبالغوا، ويجلي بالتنزيل الى اخره أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن ويلهمون بتفسيره ومعرفه اسراره، والغَبُوق کصَبُور (الشرب بالعشي)(11)، وَغَبقْتُ الرجل أُغبُقه بالضم أي سقيته ذلك فاغتبق(12) هو، وهو المقابل للصبوح والمعنى [تفاض](13) عليهم المعارف الربانية والاسرار الالهية صباحاً ومساءاً وهذا القوم هم اصحاب القائم (عليه السلام).

ص: 56


1- (يشخدن) في ث، وفي ر: (يسحذن) وفي م: (يشخذن)، تصحيف
2- (شحدت) في ث، وفي ر، م: (شخدت) تصحيف
3- (الفتن) في ع، تصحيف
4- الصحاح، مادة (قين): 6 / 2185
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (نصل): 5 / 1830
6- [له] ساقطة من ر، م
7- القاموس المحيط، مادة (نصل): 4/ 57
8- (يشحد) في ث
9- (غرائمهم) في ر، تصحيف
10- (تجدوا) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
11- الصحاح، مادة (غبق): 4 / 1535
12- (فأغبق) فيع، تحریف
13- [تفاض] ساقطة من ث، وفي ع: (تقاض) تصحيف

[منها](1) (وَطَال الْأْمَدُ بِهِمْ لِيَسْتَكْمِلُوا الْخِزْي، وَيَسْتَوْجِبُوا الْغِیَرَ حَتَّى إذَا اخْلَوْلَقَ الْأَجَلُ، وَاسْتَرَاحَ قَوْمٌ إلَی الْفِتَنِ، وَاشْتَالُوا(2) عَنْ لَقَاحِ حَرْبِهِمْ لْمَ يَمُنُّوا

عَلَى الله بِالصَّبْرِ، وَلَمْ يَسْتَعْظِمُوا بَذْلَ أَنْفُسِهِمْ فِي الْحَقِّ) الامد محركة (الغاية)(3) والمنتهى، ويقال: ما أمدك، / 192 / أي منتهی عمرك، وخزي کرضي أي وقع في بليه وشهرة(4) فذل وهان وأخزاه الله أي فضحه، والغِير كعِنَب الاسم من قولك: غيرت الشيء فتغير أي تغير الحال وانتقالها من الصلاح إلى الفساد، والمعنى أمهلهم الله بطول المدة ليزدادوا إثماً ويستوجبوا من الله تغير النعمة نقمه کما قال عز وجل: «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا»(5)، وقد استوجبوا ذلك الاستدراج بسوء أعالهم، قال بعض الشارحين: هذا الكلام متصل بکلام قبله لم يذكره الرضي (رحمه الله) قد وصف (عليه السلام) فيه فئة ضالة قد استولت و ملکت، واملى لها الله سبحانه(6)، و(اخلولق السحاب أي استوى)(7) وصار خليقاً بأن يمطر(8)، و(اخلولق الرسم أي استوى بالأرض)(9)، وقيل اخلولق: أي صار خلقاً بالتحرك وهو البالي والمعنى قرب انقضاء أمرهم

ص: 57


1- [منها] ساقطة من ث
2- (اشالوا) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 292
3- الصحاح، مادة (أمد): 2 / 442
4- (شهوة) في م، تحریف
5- الإسراء / 16
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 105
7- لسان العرب، مادة (خلق): 10 / 92
8- ينظر المصدر نفسه، مادة (خلق): 10 / 92
9- المصدر نفسه، مادة (خلق): 10 / 90

ودنا زوال ملكهم، واستراح أي طلب الراحة، واستراح اليه أي مال كأنه طلب الراحة متوجها اليه، وشالت الناقة بذنبها(1) تشوله واشتالته أي رفعته، فشال(2) الذنب نفسه لازم متعد، واللَقاح بالفتح اسم ماء الفحل(3)، ولَقِحَتْ الناقة كسمع لَقاحاً بالفتح أي قبلت اللقاح، فهي لاقح أي حامل، واستعظمه أي عده عظیماً، قال بعض الشارحين: أي صبا قوم من شيعتنا وأوليائنا إلى هذه الفئه(4) الضالة واستراحوا الى ضلالها وفتنتها واتبعوها(5) أما تقية منهم، أو لشبهة دخلت عليهم ورفعوا أيديهم وسيوفهم عن أن يشبوا(6) الحرب بينهم وبين هذه الفئة مهادنة لها وسلمًا وكراهية القتال (ولم يمنوا) جواب قوله (حتى إذا) والضمير في يمنوا راجع إلى العارفين الذين تقدم ذكرهم في الكلام السابق يعني إذا ترك هؤلاء القتال تقية، أو لشبهة دخلت عليهم انهض الله تعالى هؤلاء العارفين الشجعان، فنهضوا ولم يمنوا على الله بصبرهم(7) ولم يستعظموا أن يبذلوا في الحق نفوسهم، وقال بعضهم: واستراح قوم إلى الفتن اشارة الى من يعتزل الوقائع التي ستقع في آخر الزمان من شيعة الحق وأنصاره، ويستريح اليها أي يجد(8) في اشتغال القوم بعضهم ببعض راحة له في الانقطاع والعزلة والخمول واشتيالهم عن لقاح حربهم

ص: 58


1- (بذبنها) في أ، ر، تصحيف
2- (فشال) في م، تحريف
3- (النحل) في أ، ث، تصحيف
4- (الفنة) في ع، تحریف. ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 105
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 105
6- (تسبوا) في أ، وفي ر، ع: (نسبوا)، تصحيف
7- (بصيرهم) في ر، ع، م، تصحيف
8- (بجد) في أ، ع، ن، تصحيف

رفعهم لأنفسهم من تهيجها واستعار لفظ الَلقاح؛ لإثارة الحرب ملاحظة لشبهها بالناقة(1)، وقوله (عليه السلام): (لم يمنوا) جواب قوله: (حتى إذا اخلولق)، وفي رواية لم يمنوا على الله بالنصر أي بنصرهم له، قال: (ويحتمل أن يريد بالضمير في يمنوا وما بعده القوم الذين استراحوا إلى الفتنة، واشتالوا عن لقاح الحرب؛ وذلك أنهم لم يفعلوا ذلك إلاَّ لأنه لم يؤذن لهم في القيام، ولم يتمكنوا من مقاومتهم لعدم قيام القائم بالأمر، وكانوا حين مسالمتهم صابرين على مضض من الملح المنكر غير مستعظمين لبذل أنفسهم في نصرة الحق لو ظهر من يكون لهم ظهراً يلجئون(2) اليه(3)، (حَتَّى إِذَا وَافَقَ وَارِدُ الْقَضَاءِ انْقِطَاعَ مُدَّةِ الْبَاَءِ حَمَلُوا بَصَائِرَهِمْ عَىَ أسْيَافِهِمْ، وَدَانُو لِرَبِّهِمْ بَأَمْرِ وَاعِظهِمْ) القضاء الحكم وامضاء الشيء واحكامه ووارد القضاء ما جرى من حكم الله في خلقه، ودان له اي اطاعه وذل له وعبده، و (واعظهم) إمامهم، وقوله (عليه السلام): (حملوا) جواب (إذا) وفي بعض النسخ (حتى وافق) بدون كلمة (إذا)، فيكون قوله (عليه السلام): (حملوا) في المعنى معطوفاً على قوله (عليه السلام) لم يمنوا، قال بعض الشارحين: في الكلام معنی لطيف يعني أنهم اظهروا بصائرهم وعقائد قلوبهم للناس و کشفوها وجردوها من أجفانها مع تجريد السيوف، فكأنها محمولة على السيوف يبصرها من يبصر السيوف(4) قال: ومن الناس من فسر البصيرة بالدم المطلوب ثأرها أي حملوا الدماء

ص: 59


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 217
2- (يلحئون) في أن تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 217
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 106

التي سفكتها(1) تلك الفئة على أسیافهم التي(2) جردوها للحرب(3) (حَتَّى إِذَا

قَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ [(صلى الله عليه وله وسلم)](4) رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الْأَعْقَابِ، وَ / ظ 192 / غاَلَتُهُمْ السُّبَلُ، وَاتَّكَلُوا عَلَى الْوَلَائِجِ وَوَصَلُوا غَیْرَ الرَّحِمِ، وَهَجَرُوا

السَّبَبَ الَّذِي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِهِ وَنَقَلُوا الْبِنَاء عَنْ رَصِّ أَسَاسِهِ فَبَنَوْهُ فِي غَیْرِ

مَوْضِعِه)، العَقِب كَکَتِف مؤخر القدم ورجعوا على الاعقاب أي تركوا ما كانوا عليه قال الله عز وجل: «وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا»(5) وغاله(6) أي أهلکه واخذه من حيث لم يدرِ، وغالتهم السبل أي أهلكهم، أو أضلهم اختلاف الآراء والأهواء واتكل عليه أي وكل الأمر وترکه وسلمه اليه، (والوليجة: (الدخيلة)(7) وخاصتك من الرجال من العشيرة وغيرهم، وقيل: (من تتخذه(8) معتمداً(9) عليه من غير أهلك)(10) والغرض انهم ضلوا عن الحق باعتمادهم على خواصهم من شياطين الإنس ووصلوا غير الرحم أي قطعوا رحم رسول الله (صلى الله عليه واله) بصرف الأمر إلى غير أهل البيت (عليهم السلام)، وفيه اشارة الى قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ

ص: 60


1- (سفكها) في ر، م، تحریف
2- (لو) في ع، تحریف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 106
4- [صلى الله عليه وسلم] غير موجوده في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 106
5- ال عمران / 144
6- (غالبه) في ر
7- القاموس المحيط، مادة (ولج): 1 / 211
8- (يتخذه) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
9- (متعمداً) في ر، تحریف
10- القاموس المحيط، مادة (ولج): 1 / 211

بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»(1)، وهَجَرَ الشيء كَنَصَرَ أي تركه والتهاجر التقاطع، والسبب الحبل وما يتوصل به الى غیره، واعتاق قرابة وأهل البيت (عليهم

السلام) هم السبب بن الله وبن عباده وبهم يتوصل الى الله عز وجل، ولهم

اعتاق القرابة بالرسول (صلى الله عليه واله)، وفي بعض النسخ النسب موضع

[السبب](2)، وهو القرابة وفيه اشاره الى قوله تعالى: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(3)، ورص البناء يرُصه بالضم رصاً أي الزق بعضه ببعض وضم، وقال عز وجل: «كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ»(4)، وتراص القوم في الصف أي تلاصقوا والأَساس بالفتح أصل البناء وأصل كل شيء ونقل البناء عن رص الاساس يستلزم انهدامه والغرض من الكلام بيان غصب الخلافة ونقلها عن أهل البيت (عليهم السلام)، ولا يقبل التأويات الواهية

المذكورة في بعض الشروح(5) والظاهر انقطاع الكلام عن السابق وإنه حذف السيد (رضي الله عنه) ما كان بينها على عادته في هذا الكتاب، وقال بعض الشارحين: يحتمل أن يكون قوله (عليه السلام) وطال الأمد بهم في الكلام المتقدم اشارة الى أهل الضال قبل الاسلام أي طال الامد بهم حتى إذا اخلولق أجلهم واسراح قوم منهم الى الفتن والوقائع بالنهب والغارة واشتالوا عن لقاح حربهم أي اعدوا انفسهم لها كما تعد الناقة نفسها بشول

ص: 61


1- الرعد / 25
2- [السبب] ساقطة من أ، ع
3- الشورى / 23
4- الصف / 4
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 108، 109

ذنبها(1) للقاحها، ويكون الضمر في قوله (عليه السلام) لم يمنوا راجعاً الى من

سبق ذكره من الصحابة في هذه الخطبة أي لم يمنوا حن قام الرسول (صلى الله

عليه واله) فيهم للحرب على الله بالصبر أو النر ولم يستعظموا بذل أنفسهم

له حتى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدة الباء بدولة الجاهلية والكفر حمل

هؤلاء الذين لم يمنوا عى الله بصبرهم بصائرهم أي ما كانوا يخفونه من

الاسلام في أوله عى سيوفهم وكشفوا عقائدهم، أو دماءهم وثاراتهم من

الكفار ودانوا لربهم بأمر واعظهم وهو الرسول (صلى الله عليه واله) ويكون

قوله (عليه السلام) حتى إذا قبض الله رسوله (صلى الله عليه واله) غاية

لذلك الكلام عى هذا التأويل (مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَأَبْوَابُ كُلِّ ضَارِبٍ فِي غًمْرَةٍ قَدْ مَارُوا(2) فِي الْحَیَرْةِ وَذَهَلُوا فِي السَّكْرَةِ؛ عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آل فِرْعَوُنَ؛ مِنْ مُنْقَطِعٍ إلَی الدُّنْيَا، رَاكِنٍ أَوْ مُفَارِقٍ مُبَائنٍ) الغمرة (الماء الكثير)(3) الذي يغمر من يدخله، أي يغطيه(4) ومعظم البحر والضارب في الغمرة وفي الماء السابح فيهما، والمراد بالغمرة الجهالة والضلالة وأبواب الضاربن فيها المرشدون لهم اليها بالدلالة الى طرق الفتة والر والتحريض(5) على سلوكها، ومار الشيء يمور موراً أي تحرك بسرعة وتردد في عرض، ومار البحر إذا ماج واضطرب، ومار الرجل أي جاء وذهب وحيرتهم عدم اهتدائهم الى سبيل الحق / و 193 / وخوضهم في الضلالة والجهالة. وذَهَلَ عن اليء كمَنعَ أي نسيه وغفل

ص: 62


1- (دنبها) في م، تصحيف
2- (مادوا) في أ، ر، م، تحريف
3- الصحاح، مادة (غمر): 2 / 772
4- (نعطيه) في ر، تحريف
5- (التحريص) في أ، ث، ع، ن، تصحيف

عنه(1) وفيه لغة أخرى(2) ذَهِلَ كَعَلِمَ وهو الموجود في بعض النسخ، والمراد

بالسكرة شدة الجهل، والوله الى الباطل والاهواء، والسنة: (الطريقة)(3) والسیرة حميدة كانت أو ذميمة(4)، والمنقطع الى الشيء المائل اليه الذي لاهم له غیره كأنه انفصل عن غیره واتصل به، وركن اليه كَعَلِمَ ونَصَرَ ومَنع أي مال وسكن والمباينة المهاجرة، وقوله (عليه السلام): من المنقطع الى آخره تفصيل للقوم باعتبار كونهم على سنته من ال فرعون أو باتصافهم بما ذكر، والمراد بالمفارق المبائن التارك للدين المعرض عنه وإن لم يكن له ديناً فيقابل(5) المنقطع الى الدنيا الساكن اليه لانهماكه في لذاتها أو من ليس براكن الى الدنيا ككثیر ممن يدعى الزهد ويجهل طريق الحق من متنحي الاسام والأحبار والرهبان أو المنفصلة مانعه الخلق كما قيل، ويحتمل أن يكون المراد بالمنقطع من ترك الدين لحب الدنيا والرياسة واكتساب الزخارف وبالمفارق المبائن من أدبر عن الدين عنادا وعدوانا والله تعالى يعلم.

[ومن خطبة له (علیه السلام)]

(وأسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ الشَّيْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ، والاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ

ص: 63


1- ينظر: الصحاح، مادة (ذهل): 4 / 1702
2- ينظر: المصدر نفسه، مادة (ذهل): 4 / 1702
3- لسان العرب، مادة (سنن): 13 / 225
4- ينظر: المصدر نفسه، مادة (سسن): 13 / 225
5- (فبقابل) في ع، تصحيف

[وَمَخَاتِلِهِ](1)، وَأشْهَدُ أَنَّ(2) مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَنِجِيبُهُ وَصَفْوَتُهُ، لَا يُؤَازَي

فَضْلُهُ وَلا يُجْبَرُ فَقْدُهُ) (العون: الظهر على الأمر)(3)، واستعان به واستعانه فأعانه واستعان على الأمر أي طلب أن يعينه للظفر به وعلى العدو للظفر عليه وكلمة (على) للاستعلاء المجازي والدحر(4) (الطرد والابعاد)(5)، والزجر(6) المنع ومداحر(7) الشيطان الامور التي يدحر(8) بها ومزاجره الأمور التي يزجر(9) بها وهي العبادات والاعمال الصالحة، والعصمة المنع

واعتصم بالله أي امتنع بلطفه من المعصية، والحبائل جمع حِبالة بالكسر (وهي ما يصاد بها من أي شيء كان)(10)، وحبائل الشيطان الشهوات واللذات

التي يصيد بها البر وختله(11) كضربه (أي خدعه)(12)، وختل الذئب الصيد إذا تخفى له، ومخاتل الشيطان مكائده وأمانيه التي يغر بها الانسان، والنجيب (الكريم الحسيب)(13) والفاضل من كل شيء، وانتجبه أي اختاره

ص: 64


1- [ومخاتله] ساقطة من م
2- (وأشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن) في شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 263
3- لسان العرب، مادة (عون): 13 / 298
4- (الزجر) في م، تحريف
5- لسان العرب، مادة (دحر): 4 / 278
6- (الرجر) في م، تصحيف
7- (مداجر) في ع، تصحيف
8- (يزجر) في ع، تحريف
9- (یزحر) في ث، ع، تصحيف
10- لسان العرب نفسه، مادة (حبل): 11 / 136
11- (وحله) في ر، وفي ع، م: (وخلته)، تحريف
12- الصحاح، مادة (ختل): 4 / 1682
13- تاج العروس، مادة (نجب): 2 / 417

واصطفاه، و(الصفو(1): نقيض الكدر)(2) وصفوة اليء مثلثه خالصه وفي

النسخ بالكسر وهو الأكثر، والإِزاء بالكسر (المحاذاة)(3) والمقابلة، قال ابن

الاثیر: الأصل فيه الهمزة يقال: آزيته إذا حاذيته(4) قال: وقال الجوهري: ولا

تقل وازيته وغیره اجازه(5) على تخفيف الهمزة وقلبها وهذا إنا يصح إذا انفتحت

وانضم ما قبلها نحو: حُون وسوال، فيصح في الموازاة ولا يصح في وازينا إلاَّ أن

يكون قبلها من كلمة أخرى، كقراءة أبي عمر: ((السفهاءُ، الا إنَّهم))(6)، وقال

في المصباح المنیر: وازاه موازاة أي: حاذاه، وربما أبدلت الواو همزة فيقال: آزاه(7)، والمعنى لا يساوي فضله ولا يبلغه أحد والجر في الأصل اصاح العظم من كسر، ومنه اغناء الرجل من فقر، وجبر(8) الفقد أن يقوم أحد يساوي المفقود في

الفضل والرف مقامه ومن لا يساويه أحد لا يجر فقده.

(أَضَاءَتْ بِهِ الْبِاَدُ بَعْدَ الضَّلَلَةِ المُظْلِمَةِ، وَالْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ(9)، وَالْجَفْوَةِ الْجَافِيَةِ، وَالنَّاسِ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ، وَيَسْتَذِلًّونَ الْحَكِيم؛ يَحْيَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ وَيَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَةٍ) الغالبة في أكثر النسخ(10) بالباء الموحدة وفي بعضها بالياء

ص: 65


1- (للسفو) في ع، تحريف
2- العين، مادة (صفو): 7 / 162
3- المصدر نفسه، مادة (وزي): 7 / 399
4- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 182
5- (أحازه) في م، تصحيف
6- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 5 / 182، الآية من سورة البقرة / 13
7- ينظر: المصباح المنير، (وازاه): 2 / 658
8- (حبر) في أ، ث، ر، ن، تصحيف
9- (الغالية) في أ، تصحيف، وفي ث: (العالية) وفي ر، م: (الغالبية)، تحريف
10- (النسح) في ث، م، تصحيف

المثناة من تحت من الغَلاء بالفتح والمد ضد الرخص وهو الارتفاع يقال:

غلاء السعر يغلو غلاء، وقيل: هو الاسم منه، أو من الغلو وهو تجاوز الحد،

والجَفوة والجَفاء بالفتح فيهما (غلظ الطبع)(1) والفظاظة(2) من جفا(3) الثوب يجفو إذا غلظ والوصف للمبالغة كقولهم: شعر شاعر والواو للحال والعامل اضاءت(4)، والحريم ما حرم فا يمس وحريم الرجل ما يحميه ويقاتل عنه، وحريم الي ما حوله من حقوقه ومرافقه لأنه يحرم على غیره التصرف فيه، أو لأنه يحرم منع صاحبه منه، والحكيم الذي يحكم الامور ويتقنها، فعيل بمعنى مفعل، ويقال للعالم / ظ 193 / والعادل والحليم ومن عادة الجهال والاشرار استذلال من ليس على سنتهم وحيى كرضى أي عاش، والفَترة بالفتح ما

بن الرسولين من الزمان التي انقطعت فيه الوحي والرسالة والكفرة المرة

من الكفر (ثُمَّ إنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ، وَاحْذَورُا بَوائِقَ النِّقْمَةِ، وَتَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ(5) الْعِشْوَةِ وَاعْوِجَاجِ الْفِتْنَهِ عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا، وَظُهُورِ كَمِينِهَا، وَانْتِصَابِ قُطْبِهَا وَمَدَارِ رَحَاهَا؛) المعر الجماعة، والغرض الهدف كما تقدم واغراض البلايا من توجهت اليهم بالتقدير الالهي، وسكرات النعمة ما تحدثه النعمة في المترفن بالنعم وأرباب الدول من الغفلة والغرور كالخمور في السكارى، ومن كلام بعضهم للوالي سكرة لا يفيق منها

ص: 66


1- لسان العرب، مادة (جفا): 14 / 148
2- (الفظاطة) في أ، وفي ع: (القطاطة)، تصحيف
3- (جفاء) في ر، تحريف
4- (ضاءت) في أ، ع، تحريف
5- (قنام) في ر، تصحيف

إلا بالعزل، و(البوائق: الدواهي)(1)، يقال: (باقتهم بائقة تبوقهم بؤوقا أي نزلت بهم نازلة شديدة)(2) والنِقمة بالكسر كما في بعض النسخ [وكفرحة كما في بعضها (المكافأة بالعقوبة)(3) والتثبت التوقف وترك اقتحام الأمر الى أن يظهر طريقه ويعلم وجهه، وقرئ في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا»(4) فتثبتوا بالثاء المثلثة(5)، والقَتام بالفتح (الغبار)(6)،

والعِشوة بالكسر كما في بعض النسخ](7)، وهو الاشهر وبالفتح كما في بعضها

ركوب الأمر على غیر وضوح وبيان(8) والأمر الملتبس مأخوذ من عشوة الليل وهي (ظلمته)(9)، وقيل: [من](10) أوله الى ربعه(11)، والطلوع الظهور، وجن عليه الليل أي ستره(12)، وجن في الرحم أي استتر، والجنن الولد مادام في

ص: 67


1- العين، مادة (بوق): 5 / 229
2- المصدر نفسه، مادة (بوق): 5 / 229
3- لسان العرب، مادة (نقم): 12 / 590
4- الحجرات / 6
5- وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف، ينظر: النر في القراءات العشر، محمد بن محمد الدمشقي (ت 833 ه): 2 / 251
6- العين، مادة (قتم): 5 / 132
7- وكفرحة كما في بعضها المكافأة بالعقوبة والتثبت التوقف وترك اقتحام الأمر الى أن يظهر طريقه ويعلم وجهه، وقرئ في قوله تعالى: ((يا أيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)) فتثبتوا بالثاء المثلثة، والقَتام بالفتح الغبار، والعِشوة بالكسر كما في بعض النسخ] ساقطة من ع
8- ينظر: لسان العرب، مادة (عشا): 15 / 59
9- المصدر نفسه، مادة (عشا): 15 / 60
10- [من] ساقطة من ع
11- ينظر: لسان العرب، مادة (عشا): 15 / 59
12- ينظر: العين، مادة (جن): 6 / 21

الرحم سمى لاستتاره، والجن لاستارهم واختفائهم عن الابصار، وكمن

له كنصر وسمع أي استخفى والكمن كأمیر الجماعة المخفية في الحرب، قال

بعض الشارحين: ويجوز أن يكون الكلام تصريحاً لا كناية أي عند طلوع ما

استتر منها وظهور ما خفي(1)، ونصبت الشيء أي اقمته فانتصب أي قام،

وقطب الرحى الحديدة التي تدور عليها والمدار، يحتمل المكان والمصدر

وانتصاب قطبها(2) ومدار رحاها كناية عن انتظام امرها وقوتها، أو(3) المراد

بقطبها من تدور عليه من الطغاة، كما قيل: والغرض الأمر برك الاستعجال

واقتحام الامور أو بالصبر عند شدة الفتنة ورواجها.

([...](4) تَبْدَأ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ وَتَؤُولُ الى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ شِبَابَهُا كَشِبَابِ الغُلاَمِ وآثَارُهَا كآثاَرِ السِّلامِ تَتَوارَثها(5) الظَّلَمَةُ بِالعُهُودِ أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ لآخِرِهِمْ وآخِرُهُم مُقْتَدٍ بأَوَّلِهِم) المدرج بالفتح (المسلك)(6)، وقطع الأمر ككرم، فَظَاعة بالفتح جاوز الحد واشتدت شناعته، أي تبدأ يسره، ثم تصیر كثیرة، والشَباب بالفتح كما في بعض النسخ الحداثة والفتاء، يقال: شَبَّ الغام كفَرَ وبالكسر كما في بعضها (نشاط الفرس ورفع يديه جميعاً)(7)، يقال: شّبَّ

ص: 68


1- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 113
2- (قلبها) في أ، تحريف، وفي ر: (قطها)
3- (و) في أ، ع
4- [و] زائدة في ع
5- (يتوارثها) في شرح نهج البلاغة، أبي الحديد: 9 / 111، وشرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 264
6- الصحاح، مادة (درج): 1 / 314
7- المصدر نفسه، مادة (شبب): 1 / 151

الفرس كمد وفر إذا رفع يديه ولعب، والأَثَر بالتحريك بقية الشي، والسِلام

بالكسر الحجارة والغرض أن أربابها في أول الأمر يمزحون ويلعبون أو يشبون

كالغام، ثم تؤول الى أن تعقب فيهم، أو في الاسام كآثار الحجارة في الأبدان

بالرض والكسر، أو أنها في الدنيا تورث النشاط لأربابها وفي الآخرة تعقب

الخزي(1) والعذاب والظلم وضع الشيء في غیر موضعه، والعهد الميثاق والوصية والتقدم الى المرء في الشيء(2) والحفاظ ورعاية الحرمة والأمان، والمعنى يتوارثها قوم عن قوم كلهم ناقضون لعهد الله وميثاقه المأخوذ على العباد قال عز وجل «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ»(3)، أو لما يعّم عهد الله والمواثيق المعقودة بينهم، أو لأحد المعاني الأُخر، ويحتمل أن يكون المراد عقد الميثاق والبيعة بالباطل(4) وفي غیر الموضع وفي قوله (عليه السلام): «وآخرهم مقتد» دلالة عى أن الميل الى الباطل يعم القائد والمقود

(يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيا دَنِيَّةٍ، وَيَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ(5) مُرِيَحةٍ(6)، وَعنْ قَلِيلٍ يَتَبَّرَأ

التَّابعُ من المَتْبُوعِ، والقَائِدُ مِنَ المَقُودِ، فَيَتَزَايَلُونَ بِالبَغْضَاء، وَ يَتلاَعَنُونَ عِنْدَ

اللِّقَاء) نَفُسَ الشيء / و 194 / كَكَرُمَ فهو نفيس أي جيد في نوعه، ونفست به

مثل بخِلت وضنِنت لنفاسته وزناً ومعنى، والتنافس رغبه كل من الرجلین في

اليء النفيس وانفراده به، والدنيا اسم لهذه الحياة لقربها ودنوها وأصله

ص: 69


1- (الحزي) في أ، ث، ر، ن، تصحيف
2- [الى المرء في الشيء] ساقطة من ر
3- یس / 60
4- (الباطل) في ع
5- (حيفة) في ع، تصحيف
6- (مربحة) في م، تصحيف

الواو، والدني أي الخسيس الدون أصله الهمزة، يقال: دنأ الرجل كمَنَعَ وكَرُمَ(1) أي: صار دنيا لا خیر فيه، وتكالب القوم أي تجاهروا بالعداوة وهم يتكالبون على كذا أي: يتواثبون، وأراح الماء واللحم أي انتنا وظهر ريحهما وأراح فلان أي: مات، وعن قليل يترأ أي: بعد قليل من الزمان، وكلمة

(عن) بمعنى: (بعد)، ذكره ابن هشام في المغنى(2)، والتزايل (التباين)(3) والتفارق، والبغضاء (شدة البغض)(4)، والتلاعن التشاتم وتلاعنوا لعن بعضهم بعضاً، ولقيه كرضيه لِقاء بالكسر والمد أي رآه ولاقاه ملاقاه ولقاء، قال بعض الشارحين: ذلك الترؤ في يوم القيامة كما قال عز وجل: «ثُمَّ يَوْمَ(5) الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا»(6)، وذلك أعم من تبرؤ التابع(7) والقائد أي المتبوع، وقال عز وجل: «قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا»(8)، وقال سبحانه: «إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ»(9)، قال: وهذا الكلام جملة

اعتراضية بن الكلام السابق، وبن الاخبار عن طالع الفتنة، الرجوف الآتي

قبل يوم القيامة فإنَّه (عليه السلام) لما ذكر تكالب الناس وتزاحمهم على

ص: 70


1- (ككرم) في م
2- ينظر: مغني اللبيب: 1 / 167
3- العين، مادة (زيل): 7 / 385
4- المصدر نفسه، مادة (بغض): 4 / 369
5- في أ، ث، ر، ع، م، ن: (ويوم) والصواب من ح، القرآن الكريم
6- العنكبوت / 25
7- (البابع) في ر، وفي م: (البايع)، تصحيف
8- غافر / 74
9- البقرة / 166

تلك الجيفة أراد أن يؤكد تعجبه منهم، فقال: إنهم على تكالبهم عن قليل يتبرأ بعضهم من بعض وذلك أدعى لهم إلى ترك التكالب لو كانوا يعقلون(1)، وقال بعضهم: وذلك التبرؤ(2) عند ظهور الدولة العباسية فإنَّ العادة جارية بتبرأ الناس من الولاة المعزولين خصوصاً عند الخوف(3) ممن تولى عزل أولئك أو قتلهم فیتباینون بالبغضاء إذْ لم تكن(4) الفتهم إلاَّ لغرض دنیاوي زال ويتلاعنون عند اللقاء(5)، (ثمَّ يَأتي بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الفِتْنَةِ الرَّجُوفِ، وَ القَاصِمَةِ الزَّحُوفِ، فَتَزِيغُ قُلُوٌب بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ، وَ تَضِلُّ رِجَالٌ

بَعْدَ سَلامةٍ، وَ تَخْتَلِفُ(6) الَأهوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا، وَ تَلْتَبِسُ الآرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا، مَن أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ، وَمَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْهُ) الطالع الظاهر وطالع الفتنة الشيء الطالع من أفرادها، ورَجَفَ کَنَصَرَ حَرَّكَ وتحرك واضطرب شديداً، (و الرجفة: الزلزلة)(7)، ووصف الفتنة بالرجوف؛ لأنهَّا تزلزل الناس و تحركهم وتزيلهم عن مقامهم وأحوالهم التي استقروا عليها، أو لأنَّها في نفسها في الاضطراب، والحركة لا تستقر على حال وقصمه کَضَرَبَ غمارها أي كسره فإبانه، وقيل: (وإن لم يُبِن)(8)، وزحف اليه كمنع مشی وزحف الدبامشی قدماً، ورجف الجيش إذا مضى إلى العدو، ولعل

ص: 71


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 114، 115
2- (النرؤ) في ر، تصحیف
3- (الحوف) في أن تصحيف
4- (يكن) في أ، ر، ع، م، تصحيف
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 224
6- (مختلف) في ع، تحریف
7- القاموس المحيط، مادة (رجف): 3 / 143
8- القاموس المحيط، مادة (قصم): 4 / 165

المراد تشبيهها في سيرها وكثرتها بالدبا الذي يهلك الزرع ويستأصله، أو بالجيش والزيغ الشك والجور عن الحق و(الميل)(1) والمراد بالسلامة السلامة عن الضلالة وما يتبعها من الآفات والتبعات، والهوى ارادة النفس والعشق في الخیر أو في الشر، (وهَجَمَ عليه) كَقَعَدَ أي دخل بغته أو بغیر اذن، ونَجَمَ الشيء كَنَصَرَ نجُوماً بالضم ظهر وطلع(2)، وأشرفته أي علوته وأشرفت عليه أي: (طلعت عليه من فوق)(3)، وقال بعض الشارحين: من أشرف لها أي صادمها وقابلها(4)، قال: وسعى فيها أي في تسكينها ودفعها، ويحتمل أن يكون المراد من باشر الأمور وتحرك فيها، وفي كلامه (عليه السلام) كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب(5)، وحطمته أي كسرته،

قال بعض الشارحين: هذا كله اشارة الى الملحمة الكائنة في آخر الزمان(6)، وقيل(7) اشارة الى فتنة التتار إذ(8) الدائرة فيها عى العرب والله [تَعالى](9) يَعْلَم (يَتَكَادَمُون فِيْهَا تَكَادُمَ الحُمُرِ فِي العَانَةِ، قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الحَبْلِ وَعَمِيَ وَجْهُ الأَمْرِ تَغِيضُ(10) فِيهَا الحِكْمَةُ وَتَنْطِقُ فِيْهَا الظَّلَمَةُ، وَتَدُقُّ أَهْلَ البَدْوِ

ص: 72


1- الصحاح، مادة (زيغ): 4 / 1320
2- ينظر: لسان العرب، مادة (نجم): 12 / 568
3- المصدر نفسه، مادة (شرف): 9 / 172
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 115
5- (فيجلب) في م، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 115
7- (قبل) في ر، تصحيف
8- (إذا) في ر
9- [تعالى] ساقطة من ر
10- (تفيض) في ر، تحريف

بِمِسْحَلِهَا وَتَرُضُّهُمْ بِكَلْكَلِهَا) كَدَمَهُ كَنَصَرَ وضَرَبَ أي عضه / ظ 194 / بأدنى الفم كما يكدم الحمار والتكادم التعاض(1)، والحمار يطلق عى الوحشي والأنسي والظاهر أن المراد الوحي، والعانة (القطيع من حمر الوحش)(2)، وتكادم القوم مغالبة مثیري(3) الفتنة منهم بعضهم لبعض أو لغيرهم في

الايذاء والاضرار بأخذ المال وغر ذلك مع كثرة الغفلة وخلع ربق التكليف

من أعناقهم ومعقود الحبل قواعد الدين التي كلفوا بها واسناد العمى الى

وجه الامر تجوز، وغاض الماء يغيض غيضاً أي: قَلَّ ونقص وإذا غاضت(4)

الحكمة ولم ينطق الحكماء نطق من ليس له بأهل (فظلم)(5) بوضع النطق في

غر موضعه، ولا ريب في أنَّ الأمر والنهي من غیر أهلها(6) ظلم، وفي بعض

النسخ و(تطبق فيها الظلمة)، يقال: أطبق السحاب إذا غطى ومنه الجنون

المطبق والحمى المطبقة، وأطباق الظلمة اخفاؤها الأشياء عن الأبصار، والدق

الرب والكسر، والمسحل كمنبر (المِبرد)(7) أي: السوهان، والمسحل أيضاً

(المنحت)(8) وهو بالدق أنسب، قال بعض الشارحين: أي تنحت(9) أهل

ص: 73


1- ينظر: العين، مادة (كدم): 5 / 334
2- المصدر نفسه، مادة (عون): 2 / 254
3- (مشيري) في ر، م، تحريف
4- (عاضت) في ر، ن، تصحيف
5- (فطلم) في أ، ن، تصحيف
6- (اهلهما) في ث، ن
7- لسان العرب، مادة (سحل) 11 / 329
8- المصدر نفسه، مادة (سحل): 11 / 328
9- (ينحت) في م، تصحيف

البدو كما ينحت الحديد أو الخشب بالمبرد(1)، قال: (و يجوز أن يريد بالمسحل الحلقة التي في طرف شكيمة اللجام المعترضة بآزاء حلقة أخرى في الطرف الأخر)(2) أي هذه الفتنة تصدم أهل البادية بمقدمة جيشها کما(3) تصدم الفارس الراجل أمامه بمسحل لجام(4) فرسه، و (الرض: الدق)(5) و (الكلكل : الصدر)(6) أي تدقهم(7) وتسحقهم بصدرها كما تسحق الناقة ما تبرك(8) عليه (يَضِيعُ فِي غُبَارِها الوُحْدَانُ وَ يَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَاُن تَرِدُ بِمُرِّ القَضَاء، وَ تَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاء، وَ تَثْلِمُ مَنَارَ الدِّينِ، وَ تَنْقُضُ(9) عَقْدَ اليَقِنِ. تْهَرب(10) مِنْهَا الأَكْيَاسُ، وَ تَدْبِّرُهَا(11) الأرْجاسُ)، الوحدان جمع واحد کالشبان جمع شاب، والركبان جمع راكب أي من كان يسير فيها وحده يضيع ويهلك بالكلية والجماعة يضلون في طريقها فيهلكون، ولعل لفظ الغبار مستعار للقليل اليسير منها أي إذا اراد الوحدان دفعها أو تخلفوا عن الجماعة فيها

ص: 74


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 116
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 116
3- (لا) فيع، تحرف
4- (الجام) في ر
5- القاموس المحيط، مادة (رضض): 2 / 331
6- تاج العروس، مادة (كل): 15 / 665
7- (يدقهم) في م، تصحيف
8- (بترك) في ر، تصحيف
9- (تنقص) في ر، م، تصحيف
10- (يهرب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 112، وفي شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 265
11- (يدبرها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 112، وفي شرح نهج البلاغة، صبحي الصالح: 265

هلكوا في غبارها قبل أن يدخلوا في غمارها، وأما الركبان وهم الكثیر

المجتمعون من الناس [فيضلون](1) في طريقها ويهلكون عند الخوض فيها أو

يهلكون في طريقها تحت حوافر خيولها وسنابكها وأقدام مشاتها(2) فيعم الهلاك الوحدان والركبان ولا ينجوا منها احد، وقيل: يجوز أن يكون الوحدان جمع أوحد، يقال: فان أوحد الدهر وهؤلاء الوحدان مثل أسود وسودان أي يضل في هذه الفتنة وضلالها الذي كنى عنه بالغبار فضاء عصرها، لغموض(3) الشبهة، واستيلاء الباطل ويكون(4) الركبان كناية عن أولي القوة الذين هم بمظنة النجاة لقدرتهم وهاك أهل العلم بالضال وهاك أهل القوة بالقتل والاستئصال، والمُر بالضم ضد الحلو ومُرُّ القضاء الهلاك والاستئصال وسائر البلايا، وعبيط الدماء: الطري الخالص منها(5)، وثلمت الإناء كضربت كرت حرفه فانثلم(6)، ومنار الدين علماؤه أو قواعده التي

يهتدي(7) بها الناس، وعقد اليقین ما عقده الحق من القواعد والقضايا اليقينية، والأكياس جمع كيس وهو العاقل والأرجاس جمع رجس وهو(القذر)(8)، والنجس، وهم الفساق والأشرار، والتعبر للمبالغة، أو لأنهم ذووا الأرجاس (مِرْعَادٌ مِبْرَاقٌ، كَاشِفَةٌ عَنْ ساقٍ، تُقْطَعُ فِيْهَا الأَرْحَامُ، وَ

ص: 75


1- [فيضلون] طمس في ن، وفي ر: (يضلون)، وفي ع: (فيقبلون)، تحريف
2- (مشانها) في ر، م، تصحيف
3- (الغموص) في ر، م، تصحيف
4- (بكون) في ر، تصحيف
5- ينظر: الصحاح، مادة (عبط): 3 / 1142
6- ينظر: لسان العرب، مادة (12 / 78
7- (تهتدى) في ر، تصحيف، وفي م:(تهتد)، تحريف
8- لسان العرب، مادة (رجس): 6 / 94. 75

يُفَارَقُ عَلَيْهَا الإسْامُ؛ بَرِيُّهَا سَقيمٌ، وَ ظَاعِنُهَا مُقِيمٌ) مِرعاد أي ذات رعد،

ومِبراق أي ذات برق كسحابه كثرة، الرعد والرق، وقال بعض الشارحين: (أي ذات وعيد وتهدد)(1)، يقال: أرعد الرجل وأبرق إذا أوعد وتهدد(2)، ويجوز أن يعني بالرعد صوت الساح وقعقعته وبالرق ضوؤه ولمعانه، والساق الأمر الشديد، وكشف الساق مثل في شدة الأمر، وأصله من تشمير الانسان وكشفه عن ساقه إذا وقع في أمر شديد، و(تقطع) في بعض النسخعلى صيغة التفعيل، وفي / و 195 / بعضها بالتخفيف، و(بريها) في بعض

النسخ بالتشديد بقلب الهمزة ياء، وفي بعضها على الأصل و(بريها) أي من يعد نفسه بريئاً(3) سالماً من المعاصي أو الآفات ومن كان سالماً بالنسبة الى سائر

الناس ويحتمل أن يكون المراد أنه من لم يكن مائلاً الى المعاصي، أو أحب

الخاص من شرورها لا يمكنه ذلك، وظَعَنَ كَمَنَعَ أي سار وظاعنها مقيم أي من أراد الخروج منها وهرب عنها لا ينجو منها ولا يتخلص أو من اعتقد انه متخلف عنها وليس من أهلها فهو داخل فيها لكثرة الشبه وعموم الضلال.

[منها](4) (بَیَنْ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ، وَخَائِفٍ مُسْتَجِيٍر،(5) يْخَتِلُونَ بِعَقْدِ الأيمَانِ، وَبِغُرُورِ الإيمَانِ، فَلَا تَكُونُوا أنصابَ الفِتَنِ، وَ أَعْامَ البِدَعِ. وَ الزَمُوا مَا عُقِدَ

ص: 76


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 117
2- ينظر: الصحاح، مادة (رعد): 2 / 474
3- (برئا) فيع، وفي ر، م: (بريا)، تحريف
4- [منها] بياض في ث
5- (مستحير) في ر، تصحيف

عَلَيْهِ حَبْلُ الجَمَعَةِ، [وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ](1) أَرْكَانُ الطَّاعَةِ) المطلول الذي هدر دمه أو الذي لا يثار به(2) يقال: طل فلان على صيغة المعلوم و(طُلَّ) على صيغة المجهول أكثر، والمستجير الذي يطلب من يجيره ويحميه من أن يظلم، وختله کنصر وضرب خدعه وختل الذئب الصيد أي (تخفي له)(3)، وعقد الحبل(4) والبيع والعهد کضرب عقد اشده، والعُقدة بالضم موضع العقد وهو ما عقد عليه والبيعة المعقودة وجمعه العُقْد کصُرْدِ، والايمان جمع يمين وهو القسم؛ لأنهم كانوا يتماسحون بأيمانهم(5) فيتحالفون ويختلون في بعض النسخ(6) على صيغة المجهول، والعقد کرد فیکون الكلام اخباراً عن حال المخدوعين الذين يختلهم غيرهم بالايمان المعقودة بينهم، وفي بعض النسخ على صيغة المعلوم، والعَقَد کَضَرَبَ مصدراً فيكون اخباراً عن حال أهل ذلك الزمان جميعاً أو الخادعيين الخائنين منهم، وغره(7) غرورا أي خدعه وأطمعه بالباطل وبغرور الأِيمان بكسر الهمزة أي بالإيمان الذي يظهره الخادعون لهؤلاء الموصوفين فيغرونهم بالمواعيد(8) وأقوالهم الكاذبة، أو الذي يظهره هؤلاء الموصوفين فيغرون الناس به على النسختين، والأنصاب جمع نَصب بالفتح وقد

ص: 77


1- [وبنيت عليه] طمس في ن
2- ينظر: القاموس المحيط، مادة (طلال): 4 / 7
3- المخصص: 2 / 9 (السفر الثامن) (باب افتراس الغنم)
4- (الحيل) في م، تصحيف
5- (بأعيانهم) فيع، تحریف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 117، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 226
7- (وعزه) فيع، تصحيف
8- (المواعيد) في ع

يحرك وهو (العلم المنصوب)(1) يعرف به الطريق وغیره أي لا تكونوا ممن يشار

اليهم في الفتن ورؤساء فيها وأدله عليها، وفي بعض النسخ (انصار الفتن) بالراء

المهملة جمع نصر كشريف وأشراف، ويتيم وأيتام وجمع ناصر نُصَّر كصاحب

وصُحَّب ولزمه كعلم أي لم يفارقه وما عقد عليه حبل الجماعة أي القوانین(2)

التي ينتظم بها اجتماع الناس على الحق وهي التي بنيت(3) عليها أركان الطاعة (واقْدَمُوا عَلَىَ الله مَظْلُومِنَ، وَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِینَ، وَ اتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ،

وَمَهابِطَ العُدْوَانِ، وَلَا تُدْخِلوا(4) بُطُونَكُمْ لُعَقَ الحَرَامِ، فَإنَّكُمْ بِعَیِنْ مَنْ حَرَّمَ

عَلَيْكُمُ المَعْصِيَةَ)، وفي بعض النسخ (وسهل لكم سبيل الطاعة)(5) قَدِمَ فلان من

سفره كَعَلِمَ كما في النسخ، وقَدِمَ كَنَصَرَ أيضاً إذا أتى أهله وورد عليهم والمعنى

لا تظلموا الناس إذا كانت لكم مكنة من الظلم ولو استلزم(6) [...](7) ترك الظلم انظلامكم(8) أو(9) المراد نهي الإنسان عن أن يكون ظالماً وأمره بالرضا بأن يكون مظلوماً وإن استوحش النفس منه لحقارة ذله المظلومية في جنب العوض المعد للمظلوم في الآخرة، ودرج كنصر أي مشى ودرج في المراتب

ص: 78


1- (ينيب) في أ، تصحيف
2- (القراتين) في ع، تحريف
3- لسان العرب، مادة (نصب): 1 / 759
4- (يدخلوا) في م، تصحيف
5- (وسهل لكم سبل الطاعة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 118، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 265
6- (استلزمه) في ن، تحريف
7- [و] زائدة في أ، ع
8- (انطلامكم) في ر، تصحيف
9- (و) في ر

كسمع أي صعد ومدارج الشيطان طرقه أو مراتبه التي يصعدها في اضلال

الناس والعدوان الظلم وأصله التجاوز عن الحد ومهابطه المواضع التي يهبط هو أو صاحبه فيها حتى ينتهي الى الدرك الاسفل، ولَعِقَهُ كسَمِعَ أي لحسه واللَعقة بالفتح المرة منه(1)، واللُعقة بالضم اسم لما يلعق بالإصبع أو بالمِلعقة وهي بكسر الميم آلة معروفة، وفي الكلام اشارة الى قلتها في جنب

نعيم الآخرة أو الى دناءتها، أو المراد النهي عن قليلها فضلاً عن كثيرها وأنت

بعيني، أي بمرأى منى، والسهل كل شيء الى اللین ومن الارض ضد الحزن،

وسهله الله تسهيلا أي يره.

[ومن خطبه له (علیه السلام)]

(الحَمْدُ للهِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَ بِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ، وَ بِاشْتِبَاهِهِمْ(2) عَلىَ أَنْ لَ شَبَهَ لَهُ، لَا تَسْتَلِمُهُ المَشَاعِرُ، وَلَا تْحَجُبُهُ السَّوَاتِرُ، لِافْتَرِاقِ الصَّانِعِ وَ المَصْنُوعِ، وَ الحَادِّ وَ المَحْدُودِ، وَ الرَّبِّ وَ المَرْبُوبِ). دلالة الخلق على

وجوده سبحانه / ظ 195 / أما باعتبار الحدوث أو باعتبار الامكان كما قرر

في الكتب الكلامية ودلالة محدث الخلق أي الخلق المحدث على أزليته(3)؛ لأنَّ

كل حادث لابد له من محدث، فلابد من الانتهاء الى قديم دفعاً للتسلسل، وقيل: لأنه قد ثبت في موضعه أن جميع المحدثات صادرة عن قدرته تعالى،

فلو كان هو محدثاً لكان محدثاً لنفسه وهو باطل بالرورة، وتفصيل الكلام

ص: 79


1- ينظر: الصحاح، مادة (لعق): 4 / 1550
2- (أشباههم) في ر، م، تحريف
3- (أزلية) في ث، ن، تحريف

في هذه المسائل في محالهِ والاشتباه التشابه، يقال: اشتبها وتشابها أي اشبه كل منهما الآخر حتى التبسا، والمراد التشابه في الامكان والحدوث والحاجة إلى المؤثر أو في الجسمية والاتصاف بالأشكال والمقادير وسائر الأعراض والصفات والدخول تحت نوع أو جنس ونحو ذلك من الأمور اللازمة للامكان والحدوث الدالة على وجوب تنزه الواجب الصانع للكل عنها والبراءة عن صفات الجميع يستلزم نفي الشبه والمثل بلا شبهة، والاستلام اللمس واستلام الحجر لمسه بالقبلة أو باليد(1)، قال ابن السكيت(2): العرب تقول استلأمت الحجر بالهمزة على غير قياس لأنّهَ(3) من السِلام بالكسر وهو الحجارة، و(قال ابن الأعرابي: أصله مهموز من الملائمة وهي الاجتماع)(4)، وقال الجوهري: (ولا يهمز؛ لأنَّه مأخوذ من السلام وهو الحجر، كما يقال: استنوق الجمل، وبعضهم يهمزه)(5)، وفي بعض النسخ (لا تلمسه المشاعر) وشَعَرَ به کنَصَرَ وکَرُمَ أي علم به وعقله، والمراد بالمشاعر الحواس أو ما يشمل العقول أي لا تدركه قوة مدركة أو حاسة(6) والمنفي في ادراك العقل التصور بالکنه والمراد بالسواتر الحجب الجسمانية ولا تحجبه؛ لأنَّه فرع الجسمية والاتصاف بالتمكن والجهة أو ما يعم السواتر المعنوية

ص: 80


1- ينظر: الصحاح، مادة (سلم): 5 / 1952
2- ينظر: اصلاح المنطق: 157
3- (لأنَّ) في أ
4- المصباح المنير، مادة (السلم): 1 / 287
5- الصحاح، مادة (سلم): 5 / 1952
6- (وظهور) في ر

لسطوع نوره وظهور(1) وجوده، والافتراق التفارق والتباين وافتعل بمعنى تفاعل كثیر في الكلام، والظاهر أنَّ التعليل لجميع السوابق من نفي الحدوث والشبه واستلام المشاعر وحجب السواتر، والحد منتهى كل شيء والحاجز بن الشيئين، وحددت الدار أي: ميزتها عن مجاوراتها بذكر نهاياتها، والمراد بالحاد جاعل الحدود وخالق كل شيء بقدر، والرب يطلق في اللغة على المالك والسيد [والمدبر](2) والمربي والمتمم والمنعم، ولا يطلق غیر مضاف إلّا على الله تعالى، وإذا اطلق على غیره أضيف فيقال: رب كذا(3)، وقيل: الرب في الأصل (بمعنى التربية)(4) وهي تبليغ اليء الى كماله شيئاً فشيئاً، ثم وصف به

للمبالغة كالعدل، وقيل: هو نعت من رُبه يُربُه بالضم أي ملكه أو حفظه(5) وراعاه أو رباه، يقال: رب فان ولده، ورببه ورباه بمعنى، ولعل المراد وجوب التفارق بن صانع الكل الذي هو منتهى السلسلة، ويجب أن يكون واجبِ الوجود وبن المصنوع، فإنَّ التنزه عن الامور المذكورة مما يتفرع على وجوب الوجود، وكذلك الحاد(6) والمحدود، والرب والمربوب ويحتمل أن يكون الام للغاية نحو لِدوا للموت وابنوا للخراب أي ذلك التفارق غاية

للتنزه المذكور ويتفرع عليه ولا يخلو عن بعد والله تعالى يعلم. (الأَحَد لا

ص: 81


1- الصحاح، مادة (سلم): 5 / 1952
2- [والمدبر] ساقطة منع
3- ينظر: لسان العرب، مادة (ربب): 1 / 399
4- النهاية في غريب الحديث والاثر، مادة (ربب): 2 / 181، ولسان العرب، مادة (ربب): 1 / 404
5- (خفطه) في أ، تصحيف
6- (الخاد) في أ، تصحيف

بِتَأوِيلِ(1) عَدَدٍ، وَ الخَالِقِ لَا بِمَعْنَى حَرَكَةٍ وَ نَصَبٍ) التأويل من آل الأمر الى

كذا أي صار ورجع(2)، والتأويل في الكلام (نقل ظاهر اللفظ عن وضعه

الاصلي الى ما يحتاج الى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ)(3)، وقيل: (رد أحد

المحتملن إلى ما يطابق ظاهر اللفظ)(4)، وقيل: (انتهاء اليء ومصره وما

يؤول اليه أمره)(5)، وقيل: هو التفسر وبيان المراد. ونصب نصباً كتعب تعباً

أي أعيى ونصبه الهم أي اتعبه، ثم أنَّ الكلام يدل على أنَّ الوحدة تثبت له

سبحانه لا بتأويل عدد وهو يحتمل وجهین: الأول وهو الأظهر: أنَّ صدق

الوحدة في حقه سبحانه ليس بمعنى يرجع الى عدد، وقد تقدم في شرح قوله

(عليه السلام): كل مسمى بالوحدة غیره(6) قليل أنَّ الواحد والأحد يستعمل

في حقه / و 196 / أحد معنين: أحدهما ما يستفاد منه نفي الشريك والشبيه،

وثانيها ما يدل على نفي التركب والتعدد ذهناً وخارجاً ذاتاً وصفة وتدل(7)

رواية شريح بن هاني(8) عن أمیر المؤمنین (عليه السلام) لما سأله الاعرابي

ص: 82


1- (بلا تأويل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 119
2- ينظر: لسان العرب، مادة (أول): 11 / 34
3- المصدر نفسه، مادة (أول): 11 / 33
4- القاموس المحيط، مادة (فسر): 2 / 110
5- شرح أصول الكافي: 5 / 309
6- (غير) في ر
7- (يدل) في أ، ر، ع، م، ن، والصواب ما اثبتناه
8- هو شريح بن هانئ بن نهيك بن دريد بن سفيان بن الضباب من بني الحارث بن كعب، كان ثقة من الطبقة الاولى من التابعن من اهل الكوفة، شهد الحروب مع الامام علي (عليه السلام)، وهو من قضاة الكوفة، سار الى سجستان غازياً فقتل بها سنة (78 ه). ينظر: الطبقات الكرى، ابن سعد: 6 / 128، وتاريخ أسماء الثقات، عمر بن شاهين (ت 385 ه): 111، واللباب في تهذيب الانساب: 2 / 258، والنجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة: 1 / 201 ، وأعيان الشيعة: 7 / 337

يوم الجمل عى أنه سبحانه ليس واحداً يقصد به باب الأعداد لأن ما لا ثاني

له لا يدخل في باب الأعداد، ولذلك كفر من قال إنه ثالث ثلاثة والظاهر أن

المراد أنه سبحانه لا يدخل في عدد كان الثاني من جنسه أو نوعه أو شبيهاً به

لا أنه لا يدخل في العدد بأي اعتبار كان، وقد قال الله [...](1) عز وجل: «مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ»(2)، ولا يستبعد العقل صحة اعتبار الوحدة فيه سبحانه نعم، لو استدعى ثبوت الوحدة أو غيرها كونه سبحانه محلاً لعرض كما يوهمه كلام بعض الحكماء

فلا ريب في عدم(3) الثبوت له سبحانه وعلى تقدير ذلك الاستدعاء يمكن أن يراد من نفي الوحدة العددية نفي ذلك المعنى وإذا جاز صدق الوحدة الاعتبارية في حقه تعالى ظهر وجه الجمع بن ما يدل عى النفي وبن قول سيد العابدين (عليه السلام) في بعض أدعية الصحيفة الكاملة (لك يا الهي

وحدانية العدد وملكة القدرة الصمد)(4) أي من خصائصك الوحدة الحقيقية فإنَّ غیرك لا ينفك عن تعدد في الأجزاء والصفات وصدق الواحد عليه كصدقه على العشرة(5) مثلًا إذا اعترت واحد من عشرات، ويحتمل أن يراد اختصاص الوحدة بمعنى عدم التكثر في الصفات أي التكثر الناشئ من التغیر أي لحوق صفة تارة وضدها أخرى كما هو المناسب لقوله (عليه

ص: 83


1- [سبحانه] زيادة في م
2- المجادلة / 7
3- (عدد) في ع، تحريف
4- الصحيفة السجادية الكاملة: 152
5- (العشيرة) في م، تحريف

السلام) في وصف غیره عز وجل مختلف الحالات متنقل في الصفات، [وقيل](1): المراد اختصاص الوحدة العددية بمعنى أنَّه الخالق لها دون من سواه وهو بعيد لا يناسب سوق الكلام، الثاني إن الصدق الاحد أو الواحد

عليه سبحانه ليس بتأويل عدد من الأعداد الى الواحد كما يعتر مركب من

عشرة أجزاء مثلاً واحداً لكونه فرد من أفراد مفهوم، ويطلق عليه الوحدة

بذلك الاعتبار، بل صدق الوحدة عليه سبحانه لكونه واحداً حقيقياً لا

يتطرق اليه التعدد بوجه من الوجوه وحينئذ لا مجال(2) لتوهم المنافاة بن الكلامین وأما تنزهه سبحانه عن الحركة المستلزمة [للتغیر ومجلية(3) العرض والاعياء المستلزمة](4) لهما وللنقص والعجز فواضح (وَالسَّميع لَا بِأدَاةٍ، وَالبَصِیرِ لَا بِتَفْرِيقِ آلةٍ، وَالشَّاهِدِ لَا بِمُمَسَّةٍ، وَالبَائِنِ لَا بِتَراخِي مَسَافَةٍ، وَالظّاهِرِ

لَا بِرُؤيَةٍ، وَالبَاطِنِ لاَ بِلَطَافَةٍ. بَانَ مِنَ الأَشْيَاءِ بالقَهْرِ لَهَا، وَ القُدْرَةِ عَلَيْهَا،

وَبَانَتِ الأَشْيَاءُ مِنْهُ بِالخُضُوع لَهُ وَالرُّجُوعِ إلَيْهِ) كونه تعالى سميعاً لا بأداة أي

بآلة لتنزهه عن الحاجة الى الاله وغيرها وحلول القوة والمراد بتفريق الاله كما

قيل: تفريق الشعاع على المبرات على القول بالشعاع وتقليب الحدقة وتوجيهها مرة الى هذا المبر ومرة الى ذاك كما يقال: فان مفرق الهمة والخاطر إذا وزع فكره [...](5) على حفظ، أشياء متباينة ومراعاتها كالعلم وتحصيل المال وغیر ذلك على القول بالانطباع، ويحتمل أن يكون المراد على

ص: 84


1- [وقيل] ساقطة من أ، ع
2- (محال) في أ، تصحيف
3- (ومحلية) في ر، ث، م، تصحيف
4- [للتغير ومجلية العرض والاعياء المستلزمة] ساقطة من أ، ع
5- [فكره] زيادة مكررة في ر

أيّ قول تفريق الاجفان وفتح العین، وشَهِدَ المجلس كَعَلِمَ أي حضره فهو شاهد وشهيد وحضور سبحانه بإحاطة علمه بالأشياء أو ظهور آثار وجوده لا بمماسة المشهود أي امكان مماسته أو لا بمماسة جسم من الاجسام من الهواء المحيط به في مشهده وغیره من الاجسام التي تصادفه(1)، ويحتمل أن يراد بالمماسة مطلق الاحساس وبان الشيء يبین(2) أي انفصل وانقطع فهو

بائن وتراخى الأمر امتد زمانه وفي الأمر تراخ أي فسحة وتراخي السماء

ابطاء المطر، والسوف الشم والمسافة البعد؛ لأنَّ الدليل إذا كان في فاة شم

ترابها ليعلم [أعلى](3) قصدٍ أم لا وذلك لاختاف روائح الاتربة أو لأنه / ظ

196 / إذا وجد رائحة الأبوال والأبعار علم أنه على جادة لم يضل فكثر

الاستعمال حتى سموا البعد مسافة والغرض أن انفصاله سبحانه عن الأشياء

[ليس بالبعد](4) المكاني(5) لتنزهه عن المكان ولواحقه بل بتقدسه سبحانه وتدنسها وكماله ونقصها وتنزهه عن نيل الادراك أو [بقدرته](6) وخضوعها كما يظهر من الكلام الآتي، والظهور في الأصل الروز بعد خفاء، ويقال [ظهر عليه إذا غلبه](7) وفي أسماء الله تعالى الظاهر لأنه ظهر فوق كل شيء

ص: 85


1- (يصادفه) في أ، ث، ر، تصحيف
2- (تبين) في م، تصحيف
3- [أعلى] طمس في ن
4- [ليس بالبعد] طمس في ن
5- (المكان) في ر
6- [بقدرته] طمس في ن
7- [ظهر عليه إذا غلبه] طمس في ن

وعلا عليه(1) أو لأنَّه عرف بطرق الاستدلال [العقي](2) بما ظهر للناس من آثار أفعاله وأوصافه(3) وبَطَنَ الشيء كَنَصَرَ خلاف ظهر وبطنت الأمر أي عرفته و [علمت باطنه](4)، وفي أسماء الله تعالى الباطن لأنَّه المحتجب عن الأبصار(5) والأوهام(6)، أو لأنَّه العالم بما بطن(7)، وقد مرَّ في كلامه (عليه السلام) (الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور)(8)، ولَطُفَ الشيء كَكَرُمَ ولَطافة بالفتح أي دق وصغر جسمه(9)، وقيل اللطافة اسم منه، وبان من الأشياء أي انفصل وظهر الفرق بينهُ وبينها بما نشأ منه واتصف به من القهر والقدرة كما بانت(10) الأشياء بصفتها وهي الخضوع والرجوع اليه وان كان التباين يحصل بكل منهما وكلمة (منه) غیر موجوده(11) في بعض النسخ، والخضوع الذلة والتواضع وهو قريب من الخشوع إلاَّ أنَّ

الخشوع أكثر ما يستعمل في الصوت والخضوع في الأعناق (مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ

حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ، وَمَنْ قَالَ كَيْفَ فَقَدْ

ص: 86


1- ينظر: تفسير أسماء الله الحسنى، الزجاج: 60
2- [العقلي] طمس في ن
3- ينظر: تفسير أسماء الله الحسنى، الزجاج: 60
4- [علمت باطنه] طمس في ن
5- (الايصار) في أ، تصحيف
6- ينظر: اشتقاق أسماء الله الحسنى، الزجاجي: 137
7- ينظر: تفسير أسماء الله الحسنى: 61، واشتقاق أسماء الله الحسنى، الزجاجي: 137
8- ينظر: ج 2، صحيفة: 238
9- ينظر: تاج العروس، مادة (لطف): 12 / 480
10- (باتت) في ر، تصحيف
11- (موجود) في أ، ث، ر، ع، ن

اسْتَوصَفَهُ، وَمَنْ قَالَ أَيْنَ فَقَدْ حَيَّزَهُ عَالِمٌ إذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَرَبٌّ إذْ لَا مَرْبُوبٌ، وَ

قَادِرٌ إذْ لاَ مَقْدُورٌ) قد تقدم الكلام في ابطال وصفه سبحانه وما فَرَّعه (عليه

السلام) عليه في شرح الخطبة الأولى والعد بالمعاني السابقة مستلزم للأمكان

وهو مبطل لقدمه سبحانه، و((الأَزَل بالتحريك: القدم))(1)، والنسبة ازلي،

قالوا: وأصله يزلي منسوب الى لم يزل، ولا تستقيم(2) النسبة إلّا باختصار،

فقالوا: يزلي، ثم أبدلت الياء الفاً للخفة(3)، كما قالوا في الرمح المنسوب الى ذي يزن أزني، وفي النصل المنسوب الى يثرب أثربيّ(4)، ومن قال كيف؟ أي سأل عن كيفيته سبحانه فقد استوصفه، قال بعض الشارحين: (استوصف ها هنا بمعنى وصف كقولك: استغنى زيد عن عمرو أي أغنى عنه، واستعلى عليه أي علا ومثله كثیر)(5)، فإنّ(6) السائل لم يستوصف الله سبحانه وإنما استوصف صاحبه الذي سأله عن كيفية الله عزَّ وجل، ويحتمل الحذف

والايصال وحيزه أي اثبت له حيزاً أي مكاناً وهو في الأصل (الناحية)(7) وما

أنضم الى الدار من مرافقها وكونه تعالى عالماً إذْ لا معلوم؛ لأنَّ اتصافه بالعلم

وكذلك سائر الصفات لا يتوقف عى شيء ومعلوم في بعض النسخ مفتوح

وفي بعضها مرفوع وكذلك قرائنه [منها](8): (قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ، وَ لِمَعَ لاَمِعٌ،

ص: 87


1- الصحاح، مادة (أزل): 4 / 1622
2- (يستقيم) في أ، ر، ع، م، تصحيف
3- (للحفة) في أ، ث، تصحيف
4- (أثرى) في م، تحريف
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 122، 123
6- (قال) في ر، م، تحريف
7- معجم مقاييس اللغة، مادة (حيز): 2 / 123
8- [منها] بياض في ث

وَلَحَ لَئِحٌ، وَ اعتدَل مَائِلٌ، وَ استبدَلَ اللهُ بِقَوْمٍ قَوْماً، وَ بِيَوْمٍ يَوماً، وَ انْتَظَرْنَا

الغِیْرَ، انْتِظَارَ(1) المُجْدِبِ المَطَرَ) طلع الكوكب وغيره أي ظهر ولمع البرق(2) أي أضاء ولاح أي بدا واعتدل أي استوى واستقام، والغير(3) كعنب الاسم من قولك: غیرت اليء فتغر واجدب القوم أي اصابهم الجدب وهو

القحط واحتباس المطر وهذه الخطبة خطب بها (عليه السلام) بعد قتل عثمان، قال بعض الشارحين: اشار (عليه السلام) بطلوع الطالع الى ظهور امرته وخلافته وبلموع [اللامع](4) الى ظهورها من حيث هي حق له وسطوع أنوار العدل بصيرورتها اليه وبلوح اللائح الى ما يلحق انتقالها اليه من الفتن والحروب الموعودة التي لاحت اماراتها، وقال بعضهم: المراد بالجميع معنى واحد وهو عود الخلافة / و 197 / اليه(5) والمائل الذي اعتدل الخلافة التي

عدلت [عن](6) (مركزها) وخرجت عن الاستقامة بتولي القوم اياها أو الدين

القويم الذي تطرق اليه التحريف والفساد والقوم الخلفاء المتقدمون لا عثمان

وحده واتباعه كما توهمه بعض الشارحين(7) واليوم الذي استبدله الله زمان

خلافتهم وانتظاره (عليه السلام) ليس لحب الرئاسة والميل الى الدنيا بل

للشوق الى تقويم الدين ورفع البدع وازالة المنكرات والكلام صريح في

ص: 88


1- (أنتضاراً) في أ، ع
2- (البرف) في ر، تصحيف
3- (العير) في ر، تصحيف
4- [اللامع] ساقطة من أ، ث، ع، ن، وفي ر، م: (الامع)
5- قول مترف به: ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 124، وشرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 235
6- [عن] ساقطة من ع
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 124

تضليل القوم والطعن عليهم والتأويات التي ارتكبها بعض الشارحين(1)

واهية واضحة السخافة(2) (وإنَّمَا الأئِمَةُ قُوَامُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهَ، [و](3) لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوُهُ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ إلاَّ مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَ أَنْكَرُوهُ)، القيام الانتصاب والقوام جمع قائم وقوام الله على خلقه الذين يقومون بأمور الخلائق بأمر الله ويهدونهم الى الحق، والعرفاء جمع عريف

وهو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة يلي(4) أمورهم ويتعرف الأمیر منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل وعرفهم أي في الدنيا بالإمامة أو في الأخرة أيضاً؛ لأن الناس(5) يبعثون على عقائدهم وعرفوه أي في الآخرة بأنهم من شيعتهم ولم يفارقوا منهاجهم أو في الدنيا والآخرة لعلمهم في الدنيا بأسماء شيعتهم واشخاصهم، وكذلك من انكرهم وانكروه والجملة الأولى تدل(6) على أنه لا يدخل الجنة إلاّ من عرف جميع الأئمة ولا يدخها سائر الفرق وإن انتحلوا الاسلام ويؤيده الخبر المعروف بن الجميع (من مات ولم يعرف امام زمانه

مات ميتة الجاهلية(7)) [و](8) غیره من الاخبار، وظاهر الثانية أنه لا يدخل

النار إلاّ من جمع الانكارين وحينئذ يلزم أن لا يدخل النار من انكر الضروري

من الدين إذا لم ينكر الائمة (عليهم السلام) أو استخف بالقرآن مثلاً ويمكن

ص: 89


1- ينظر: المصدر نفسه: 9 / 124
2- (السحافة) في أ، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
3- [و] ساقطة من ن، (لا) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 267
4- (بلي) في ث، ر، تصحيف، وفي ع: (على)، تحريف
5- (القياس) في أ، ع، تحريف
6- (يدل) في أ، ث، ر،ع، م، تصحيف
7- (جاهلية) في ث
8- [و] ساقطة منع

ادخاله فيمن انكرهم على ضرب من التوسع ويلزم أيضاً أن لا يدخل النار

صاحب الكبیرة من غر المنكرين وإن لم يتب منها ولا يبعد التزامه والقول

بأن مثله ينجو بالشفاعة وقد روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)(1)، وقيل المراد بالدخول الخلود وأجاب بعض الشارحين بناءً على مذهب المعتزلة من كفر صاحب الكبرة بأنَّ الواو بمعنى أو، وصاحب الكبرة ان لم ينكرهم فينكرونه أي يسخطون يوم القيامة عمله(2) ولا يخفى عدم ملائمته للجملة الأولى ولو حمل فيها على هذا المعنى

لتناقضت الجملتان ويمكن أن يراد بالإنكار عدم المعرفة بقرينة المقابلة فيدخل من لم يعرفهم بالإمامة ولم يزعم الى بطلان امامتهم ولعله لا ينفع القول بأنَّ

مثله يرجأ لأمر الله لأنَّ المرجأ لأمره لابد وأن يصر الى الجنة أو الى النار إلاّ

على اعتبار تخصيص في الدخول وهو بعيد، ولعل الغرض في المقام ان الامامة

حق لمن اتصف بهذه الصفات كأئمة أهل البيت (عليهم السلام) لا من تقمصها من المتقدمين الذين استبدل الله بهم قوماً آخرين.

(إنَّ اللهَ تَعالَ خَصَّكُمْ بِالإسْلاَمِ، وَ اسْتَخْلَصَكُمْ لَه؛ وَذلكَ لأَنَّهُ اسْمُ

سَلَامَةٍ، وَ جِمَاعُ كَرَامَةٍ، اصطَفَى اللهُ تَعَالَی مَنْهَجَهُ، وَ(3) بَیَنْ حُجَجَهُ مِنْ ظَاهِرِ

عِلْمٍ، وِبَاطِنِ حُكْمٍ؛ لَا تَفْنَى غَرَائِبُهُ، [وَلَا تَنْقَيِ عَجَائِبُهُ](4)) ظاهر الكلام

ص: 90


1- مسند أحمد: 3 / 213، ومسند الترمذي: 4 / 45، والسنن الكبرى: 8 / 17، ومجمع الزوائد: 10 / 378
2- ينظر: شرح ابن، أبي الحديد: 9 / 126
3- (أو) في ر
4- [ولا تنقضي عجائبه] ساقطة من ر

أن الاسلام مشتق من السلامة أي من آفات الدنيا ومهالك الآخرة إذا أدى

حقه فليس بمعنى الانقياد والدخول في السلم وجماع اليء ككتاب جمعه

وفي الحديث: (الخمر جماع الاثم)(1) أي مظنته ومجمعه والمنهج والمنهاج

الطريق الواضح وحججه أي الادلة على صحته وكلمة من للتفسر وتفصيل

للحجج، وظاهر العلم الاحكام الواضحة المبينة للناس من محكمات القرآن

وما اتضح من السنة وباطن الحكم الاحكام / ظ 197 / (المخزونة)(2) عند

أهلها كتأويل المتشابهات وأسرار الشريعة، وقال بعض الشارحين: يعني

بظاهر علم وباطن حكم القرآن(3)، إلاَّ تراه كيف أتى بعده بصفات ونعوت

لا تكون(4) إلاَّ للقرآن ولا ريب في اتخاذ(5) حجج(6) الاسلام والقرآن، ولا يبعد أن يكون ذكر القرآن في جملة كلام حذفه السيد (رضي الله عنه) على عادته في الالتقاط والاختصار ويظهر من كلام بعض الشارحين: (انه كان في

نسخته (لا تفنى عزائمه))(7) قال: وأراد بالعزائم آياته المحكمة. ((و براهينه العازمة)) أي القاطعة(8) وعدم فناء الغرائب أو العزائم اما ثباتها واستقرارها

على طول المدة وتغر الاعصار أو كثرتها عند البحث والتفتيش عنها وعدم

ص: 91


1- مسند الشهاب، محمد القضاعي (ت 454 ه): 1 / 68، والترغيب والترهيب من الحديث الشريف، عبد العظيم المنذري (ت 656 ه): 3 / 257
2- (المحزونة) في ن، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة،ابن أبي الحديد: 9 / 126، وفيه: (ويعني...)
4- (يكون) في ث
5- (اتحاد) في ر، تصحيف
6- (ححج) في ر، م، ن، تصحيف
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 126
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 126

انقضاء العجائب انه كلما تأمل فيه الانسان استخرج لطائف معجبة لم تحصل

له قبل. (فِيْهِ مَرَابِيعُ النِّعمِ، وَمَصَابِيحُ الظُّلَمِ، لاَ تُفْتَحُ الخَیْرَاتُ الاَّ بِمَفَاتِحِهِ(1)،

وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُاَتُ إلاَّ بِمَصَابحِهِ(2) قَدْ أَحَمْى حَمِاهُ، وَأَرْعَى(3) مَرْعَاهُ، فِيْهِ شِفَاءُ المُشْتَفِى(4)، وَكِفَايْةُ المُكْتَفِي) المرابيع أمطار أول الربيع(5) يحيي بها(6) الارض، وتنبت الكلاء، و(المفاتح)(7) في بعض النسخ بدون الياء وفي بعضها بالياء، وكذلك المصابح وحميت المكان من الناس كرميت أي منعته منهم، والحماية اسم منه، وكلاء حمىً كرضً أي محمي وأحميت المكان جعلته حمى لا يقرب منه ولا يجرأ عليه، والرِعي(8) بالكسر (الكلاء)(9)، وبالفتح المصدر، والمرعى الرِعي والمصدر والموضع، قال بعض الشارحين(10): أحمى حماه أي جعله الله عرضه لأن يحمي كما تقول: اقتلت(11) الرجل أي جعلته عرضه

لأن يقتل(12) أي قد عرض الله حمى القرآن ومحارمه لأن يجتنب وعرضه مرعاه

لأن يرعى أي مكن من الانتفاع بمواعظه وزواجره؛ لأنه خاطبنا بلسان

ص: 92


1- (بمفاتيحه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 123
2- (بمصابيحه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 123
3- (أزعى) في ع، تصحيف
4- (المستشفي) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 267
5- ينظر: تاج العروس، مادة (ربع): 11 / 144
6- (به) في أ، ث، ع، ن
7- (المفاتيح) في م، تحريف
8- (الراي) في ث، تحريف
9- تاج العروس، مادة (رعى): 19 / 465
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 238
11- (اقلت) في أ، وفي ر، م: (اقبلت) تصحيف
12- (يقبل) في ر، تصحيف

عربي مبن ولم يقنع ببيان ما لم يعلم إلا بالرع حتى نبه في أكثره على أدلة

العقل، وقال بعضهم: استعار لفظ الحمى لحفظه وتدبره والعمل بقوانينه

ووجه الاستعارة أن بذلك يكون حفظ الشخص وحراسته أما في الدنيا فمن

أيدي كثر من الظالمن لاحترامهم حملة القرآن ومفسريه ومن يتعلق به،

وأما في الآخرة فلحمايته (حفظته)(1) ومتدبريه والعامل به من عذاب الله كما

يحمي الحمى من يلوذ به(2)، قال: وقيل: أراد بحماه محارمه أي منع بنواهيه وزواجره أن يستباح محارمه، وهو أخص مما قلناه(3) وأرعى مرعاه، أي هيأه

لأن يرعى واستعار لفظ المرعى للعلوم والحكم والآداب التي يشتمل عليها

القرآن ووجه المشابهة أن هذه مراعي النفوس و(غذاؤها)(4) الذي يكون به

نشؤها العقي وتمامها الفعي كما أنَّ النبات والعشب غذاء للأبدان الحيوانية

الذي به يقوم وجودها انتهى، ويحتمل أن يكون المراد جعل له حدود أو

حرمات ونهى عن انتهاكها وارتكاب نواهيه وتعدي حدوده ورخصاً أباح

للناس الانتفاع بها والتمتع منها ويمكن أن يقال: أحمى حماه أي منع المغيرين

من تغيیر قواعده وارعى مرعاه أي مكن المطيعن من طاعته وهي الغذاء

الروحاني الذي به حياتهم الباقية في النشأة الأخرة والمستشفى طالب الشفاء،

وفي بعض النسخ (المشتفى)(5) على صيغة الافتعال بمعناه أي فيه الشفاء من

الأمراض المعنوية كالجهل والضلال أو منها ومن الأمراض الظاهرة البدنية

ص: 93


1- (خفظته) في ن
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 238
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 238
4- (عداؤها) في أ، ر، تصحيف
5- (المستشفى) في ث، ر، ع، م، تحريف

أيضاً بالتعوذ ونحوه، والكِفاية بالكسر ما به يحصل الاستغناء عن غیره

وهذه الكفاية لأهله ومن اخذ(1) غوامضه منهم ورجع(2) في تأويل المتشابهات

ونحوه اليهم ومن الله الاستعانة والتأييد.

[ومن خطبة له (علیه السلام)]

(وَهُوَ فِي مُهْلَةٍ مِنْ الله يَهْوى مَعَ الغَافِلینَ وَ يَغْدُو مَعَ المُذْنِبِنَ بِلاَ سَبِيلٍ قَاصِدٍ وَلاَ إمامٍ قائِدٍ)، قال بعض الشارحين: يصف (عليه السلام) / و 198 / انساناً من أهل الضال غر معن كقوله (عليه السلام): رحم الله امرأً أتقى ربه وخاف ذنبه(3)، والمهلة العمر أو عدم المعاجلة بالذنوب(4)، وهوى كرَمى هَوياً بالفتح إذا سقط وهبط وهُوياً بالضم إذا صعد، وقيل بالعكس

وهُوياً بالضم أيضاً إذا أسرع في السیر، وفي بعض النسخ (يهوى بها) أي بسبب

تلك المهلة، والغُدو بالضم السیر أول النهار والغدو مع المذنبین كناية عن

المسارعة الى الذنوب و(5) الحرص عليها والقصد الوسط والسبيل القاصد

المعتدل.

[منها](6) (حَتَّى إذَا كَشَفَ لَهُم عَنْ جَزَاءِ مَعْصِيَتِهِمْ، وَاسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ جَلَبِيبِ غَفْلَتِهِمْ، اسْتَقْبَلُوا مُدْبِراً،وَاسْتَدْبَرُوا مُقْبِلاً، فَلَمْ يَنْتَفْعِوُا بِما أدْرَكُوُا

ص: 94


1- (أحد) في ر، م، وفي أ، ن: (أخد)، تصحيف
2- (ورحع) في ع، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 127
4- ينظر: لسان العرب، مادة (مهل): 11 / 633
5- (أو) في ع
6- [منها] بياض في ث

مِنْ طَلِبَتِهِمْ، وَلَ بِاَ قَضْوا مِن وَطَرِهِمْ. وَإنِّ أُحَذِّرُكُمْ وَ نَفْيِ هَذه المَنْزِلَةَ) الكشف عن الشيء ازالة الحجاب عنه واظهاره، ولعل الكشف عن(1) الجزاء بما اراهم الله حال الموت من مصیر الأمر والمآب الى النار، أو ما يعم ما بعد الموت، والجِلباب بالكسر ثوب للمرأة أوسع(2) من الخمار ودون الرداء، وقيل ما تغطي به ثيابها كالملحفة(3) وقيل: الازار والرداء، وقيل: الملحفة، وقيل: هو كالمقنعة تغطى به رأسها وظهرها وصدرها، واستقبلوا مدبراً أي استقبلوا امراً كان في ظنهم واعتقادهم مدبراً عنهم وهو العذاب الآخروي، واستدبروا مقبلاً أي تركوا وراء ظهورهم ما كان مقبلاً اليهم واقبلوا اليه من الأموال

والأولاد وما مولاتهم، والطِلبة بكر الام ما طلبته من حاجة، والوطرمحركة (الحاجة)(4) [أو حاجة](5) لك فيها همّ وعناية، وفي بعض النسخ (فإني أحذركم)(6) بالفاء وفي ادخاله (عليه السلام) نفسه في التحذير تطيب لقلوب المخاطبن ليكونوا الى الانقياد أقرب والمنزلة المشار اليها هي الحالة التي

هؤلاء الموصوفون عليها من الغفلة والاغرار بالدنيا، قال بعض الشارحين:

وروي هذه المزلة وهي مفعلة بكسر الزاي(7) من الزلل(8) أي: الزلق في طن

ونحوه (فَلْيَنْتَفِعِ امْرُؤ بِنَفْسِهِ فَإنَّمَا البَصِیرُ مَنْ سَمِعَ فَتَفكَّرَ، وَ نَظَر فَأَبْصَرَ، وَ

ص: 95


1- (من) في ع، تحريف
2- (وسع) في ر
3- [وقيل ما تغطي به ثيابها كالملحفة] ساقطة من ر
4- الصحاح، مادة (وطر): 2 / 846
5- [أو الحاجة] ساقطة من أ، ع
6- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 88
7- (الميم) في ث
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 128

انْتَفَعَ بِالعِبَرِ ثُمَّ سَلَكَ جَدَداً وَاضِحاً يَتَجَنَّبُ فِيْهِ الصَّرْعَةَ فِي المَهاوِي وَ الضَّاَلَ

فِي المَغاِوِي، وَلَا يُعِنُ عَلَى نَفْسِهِ الغُوَاةَ بِتَعَسَّفٍ فِي حَقٍ أَو تَحْرِيفٍ فِي نُطْقٍ أوْ

تَّخُوفٍ مِنْ صِدْقٍ) الانتفاع بالنفس أن يرف الانسان ما أعطاه الله من

العقل والقوة فيما خلق لأجله ويعمل بمقتضى علمه ونظر أي الى الاشياء

فأبصر ما يعينه ومواضع العبرة والعبر كعنب جمع عبِرِه بالكسر وهي ما

يتعظ به الانسان ويعتره ليستدل به على غره كأحوال الماضن ونحوها، والجدد بالتحريك المستوى من الارض أو الارض الغليظة المستوية، والصَرعة بالفتح الطرح على الأرض(1)، والمهاوي جمع مهواة وهي الحفرة، والمغاوي جمع مغواة وهي الشبهة التي يقع بها الانسان في الغي و[الضلال](2)، والغواة الغاوون وأعانه الغواة عى النفس أن يكون الانسان [...](3) ظهیراً لهم، فيمدهم ويسلطهم عى نفسه، والتعسف الميل والعدول عن الطريق، وقيل: أن يأخذ المسافر على غر طريق ولا جادة ولا علم(4)، وقيل ركوب الأمر من

غیر رويه(5)، قال بعض الشارحين: التعسف في الحق أن يحملهم عى مُرّ الحق

وصعبة والحق له درجات بعضها أسهل من بعض فالاستقصاء فيه على غیر

أهله يوجب النفرة عمن يقوله ويأمر به ويحتمل أن يراد به التكلف في العمل

بالحق مع نوع من التقصیر فيه فإن الغواة هم تاركوا الحق فإذا وجدوا

ص: 96


1- ينظر: العين، مادة (صرع): 1/ 299
2- [الضلال] ساقطة من ث، ينظر: لسان العرب، مادة (غوى): 15 / 140
3- [الانسان] مكررة زائدة في ر
4- ينظر: الصحاح، مادة (عسف): 4 / 1403
5- ينظر: العين، مادة (عسف): 1 / 339

متكلفاً للعمل به مقراً فيه طمعوا في الانته(1) للباطل فكان قد أعانهم على نفسه بذلك(2) ويمكن أن يكون المراد الأمر / ظ 198 / بالحق على وجه باطل كَضَرَبَ من ينتهي عن المنكر بقول لن أو الأمر به على غیر علم وروية، فإنَّ الغواة إذا رأوا منه أنه يأمر وينهى من غیر علم طمعوا في التعنت به وزجره، وأن يكون المراد العدول عن الحق للأهواء والاغراض الدنيوية، فإن ذلك يدعوا الغواة الى الطمع في اضلاله وامالته الى الباطل فيما لا يقوده اليه اهواؤه واغراضه والله يعلم. وحَرَفْتُ الشيء عن وجهه كَنَصَرْتُ أي

غيرته والتشديد للمبالغة، والغواة إذا أنسوا من انسان الكذب والتحريف

طمعوا في ادخاله في زمرتهم، وكذلك التخوف من الصدق للأغراض الدنيوية

لا في مواضع التقية (فَأفِقْ أَيَّهَا السَّامِعُ مِنْ سَكْرَتِكَ، واسْتَيْقِظْ مِنْ غَفْلَتِكَ،

وَاخْتَصِرْ مِنْ عَجَلَتِكَ، وَ أَنْعمِ الفِكْرَ فِيمَا جَاءَك عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ (صَلَّی

اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمْ) مِّمَا لاَبُد مِنْهُ، وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ. وَخَالِفْ مِنْ خَالِفَ ذَلِكَ

إلى غَیْرِهِ، وَدَعْهُ وَمَا رَضِی لِنَفْسِهِ) أفاق الرجل إذا رجع الى ما كان قد شغل

عنه وعاد الى نفسه ومنه افاقه المريض والمجنون والنائم والسكران،

واختصرت(3) الطريق سلكت المسلك الأقرب، ومنه اختصار الكلام، وتقليل

لفظه، والعَجَلَة بالتحريك السرعة، واختصر من عجلتك أي خفف من

سرعتك في تحصيل الدنيا وامالها، وأنعم في الأمر أي بالغ، وانعمت النظر في

كذا أي دققته من قولك: أنعمت سحق الحجر، وقيل: إنه مقلوب أمعن في

ص: 97


1- (الآنية) في ر،ع، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 242
3- (أحتضرت) في م، تصحيف

الأمر أي أبعد، والأمي الذي لا يكتب ولا يقرأ نسبة الى الأمة أي أنه على

جبلة(1) الامة قبل تعلم الكتابة، أو المراد بالأمة [أي](2) العرب، وقيل للعرب

الأميون؛ لأنَّ الكتابة(3) كانت فيهم غريزة(4)، وقيل نسبة الى الأم لأنَّ الكتابة(5)

مكتسبة فهو عى ما ولدته أمه(6)، أو الأمي نسبة الى أم القرى وهي مكة وهو

المروي عن أبي جعفر الباقر(7) (عليه السلام)، والمحيص المعدل والمهرب،

والمراد بما لا بد منه ولا محيص عنه الموت وأهوال الآخرة، أو وجوب امتثال

الأوامر والانتهاء عن النواهي والى غیره متعلق بالماضي أي خالف من

(خالف) ذلك الذي امرتك به مائلاً الى غیر ذلك الأمر، أو بالأمر فالضمیر

في غیره راجع الى من، والأول أظهر، وما رضي لنفسه أي: التعوض بالأمور

الفانية عن السعادات الباقية (وَضَعْ فَخْرَكَ(8)، وَاحْطُطْ كِبَرْكَ، وَاذْكُرْ قَبَرْكَ،

فَإنَّ عَلَيْهِ مَمَرَّكَ، وَكَمَا تُدِينُ تُدَانُ، وَكُمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ، وَمَا قَدَّمْت اليَوْمَ تَقْدَم

عَلَيْهِ غَدِاً، فَامْهَدْ لِقَدَمِكَ، وَقَدِّم لِيوْمِكَ. فَالحَذْرَ الحَذْرِ أَيَّهَا المُسْتَمِعُ، والجِدَّ

الجِدَّ أَيُّهَا الغَافِلُ: «وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ»(9)) الفخر المباهاة بالمكارم والمناقب

ص: 98


1- (حبلة) في أ، ع، تصحيف، وفي ث، ر، م: (جله)، تحريف
2- [أي] ساقطة من أ، ث، ع
3- (الكنابة) في ر، وفي ع: (الكناية)، تصحيف
4- (عزيزة) في ث، ر، م، تصحيف
5- (الكناية) في ع، تصحيف
6- ورد معنى (الأمة) في بعض التفاسير، ينظر: تفسير السمعاني: 5 / 430، ومجمع البيان: 10 / 6، والبحر المحيط: 4 / 402
7- ينظر: علل الشرائع: 1 / 125
8- (فحرك) في ر، تصحيف
9- فاطر / 14

من حسب ونسب وغیر ذلك أما في المتكلم، أو في ابائه، أو أقاربه، أو عشیرته،وحطه كمدَّ أي وضعه، والقاه، وعليه ممرك(1) أي لا بد من المرور به والورود عليه، والدين يكون بمعنى الجزاء والطاعة والاستعلاء والغلبة وغیر ذلك،

(وكما تدين تدان) أي كما تجزي غیرك تجازى بفعلك، أو كما تطيع تجازي

بطاعتك أو كما تستعلي على الناس وتغلب عليهم يستعلي عليك غیرك ويغلب(2) عليك فلا تكن طالباً للرفعة والغلبة، و(كما تزرع تحصد) أي تحصد على حذو(3) ما زرعت أن خیراً فخر وإن شراً فشر، وفي المثل من زرع شراً حصد ندماً(4)، أو كما تسعى وتعمل تحصد وتنال الخیرات فيكونأمراً [...](5) بالسعي والعمل، ومهدت الفراش كمنعت أي بسطته ووطأته،

والمراد تسوية موضع القدم والممر الذي لا بد من سلوكه، وقدم أي من

الأعمال الصالحة وزاد التقوى ليوم القيامة وهو يومك الذي لا ينبغي أن

تغفل عنه، ولا بد لك من ادراكه والحذر(6) والجد منصوبان على الاغراء أي

الزمها ولا ينبئك مثل خبر أي لا يخرك بالأمور أحد على حقائقها كخبر

عالم بكنهها(7) فأقبل منه ولا تعصه. (إنَّ مِنْ عَزَائِمِ اللهِ فِي الذِّكْرِ الحَكِيمِ، التَّي

ص: 99


1- (قمرك) في ر، م، تحريف
2- (تغلب) في أ، ع، تصحيف
3- (خدو) في ر، تصحيف
4- ورد في كتب الامثال: ((من يزرع شراً يحصد ندامه)) مجمع الامثال: 2 / 423، وجمهرة الامثال: 2 / 77
5- [أمراً] زائدة مكررة في ع
6- (الجدر) في ر، تصحيف
7- (بكنههها) في ر

عَلَيْهَا يُثِيبُ وَ يُعَاقِبُ، وَ لَهَا يَرْضَی وَ يَسْخَطُ أَنَّهُ [لَا](1) يَنْفَعُ عَبْدَاً وَإنْ أَجْهَدَ

نَفْسَهُ وَأَخْلَصَ فِعْلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الدُّنيَا لاقِياً رَبَّهُ بِخَصْلَةٍ مِنْ هذهِ الخِصَالِ لمْ

يَتُبْ مِنْهَا أَنْ يُشْرِكَ / و 199 / بِاللهِ فِيمَا افْرضَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ أوْ يَشْفَى

غَيْظَهُ بِهَلَاكِ نَفْسٍ أوْ يَقُرُّ(2) بأمْرٍ فَعَلَهُ غَیُرْهُ، أَوْ يَسْتَنْجِحَ حَاجَةً إلى النَّاسِ بإظهار بِدْعَةٍ فِي دِينِهِ أوْ يَلْقَى النَّاسَ بِوَجْهَیْنِ، أوْ يَمْشي فِيْهِمْ بِلِسَانَيْنِ اعْقِلْ ذَلِكَ فَإنَّ المِثْلَ دَليلٌ عَلَى شِبْهِهِ) العزم (الجد)(3) والقطع يقال: عزم على الأمر أي أراد فعله وقطع عليه وجد في الأمر وعزائم الله احكامه التي لا

نسخ فيها ولا يحتمل التأويل، ويكون بمعنى فرائض الله والذكر الحفظ

للشيء والعلا(4) والشرف وفر الذكر الحكيم في قوله تعالى: «ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ»(5) بالشرف المحكم العاري من الاختلاف، قيل: المراد به القرآن،(6)، وقيل: (اللوح المحفوظ)(7)، والمراد به في كلامه (عليه السلام) أن كان هو اللوح المحفوظ فالمراد ان الاحكام الاتية

على التفصيل الذي قرره (عليه السلام) مثبته في اللوح المحفوظ والعلم بها

مما أتاه الله عز وجل وإن كان القرآن المجيد فلعلها مستنبطة(8) من بطون

ص: 100


1- [لا] ساقطة من م
2- (يَعُرَّ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 130، ونهج البلاغة، صبح الصالح: 269
3- لسان العرب، مادة (عزم): 12 / 399
4- (العلاء) في ر
5- ال عمران / 58
6- ينظر: مجمع البيان: 2 / 308
7- تفسير الرازي: 8 / 78
8- (مستنبط) في ع، تحريف

الآيات أو من ظواهر(1) الآيات على ما ذكره بعض الشارحين واستخرجها

من قوله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ»(2) قال: وقوله (عليه

السلام) فيما أفرض عليه من عبادته يفهم منه أنه أراد الرك بالرياء في

العبادة لا اتخاذ آله ثان(3)، وقوله تعالى: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا»(4)، وقوله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا»(5)، وقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا»(6)، وقوله تعالى: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ»(7) وفيه تأمل، وأجهد فان دابته إذا حمل عليها في السر فوق طاقتها وأخلص فعله أي جعل صلواته ونحوها

خالصة من النواقض الظاهرة(8) والمبطات فلا ينافي الاشتمال على الشرك الشامل للرئاء المعدود من الخصال على ما هو الاظهر والخصلة الحالة والفضيلة والرذيلة قيل وغلب عى الفضيلة والغيظ الغضب(9)، وقيل

ص: 101


1- (طواهر) في م، تصحيف
2- النساء / 48
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 244، 245، وفيه: (وقوله فيما...)
4- النساء / 93
5- المائدة / 33
6- الاحزاب / 58
7- النساء / 145
8- (الطاهرة) في ر، تصحيف
9- (الغصب) في أ، وفي ن: (العضب)، تصحيف

أشده أو سورته وشفاء الغيظ بهلاك نفس يشمل مباشره القتل والتسبب(1) بأي وجه كان والظاهر قتل الغير وفي بعض النسخ (بهلاك نفسه)(2) ويحتمل حمل الأول على العموم کا قیل: ويقر بأمر فعله غيره: أي يتم(3) على غيره بأمر قد فعله ذلك الغير فيستلزم أهلاکه، أو اذاه فيدخل فيمن يسعى في الارض فساداً(4) على ما ذكره بعض الشارحين، ويحتمل أن يكون المراد بالإقرار ادعاء فعل جميل فعله غيره لنفسه، أو الإقرار بأنَّه [فعل](5) فعلًا لم يفعله وقد فعله غيره كقتل انسان مثلاً، فيهلك نفسه أو يتضرر ضرراً شديداً، وفي بعض النسخ (فعل غيره) أي يدعي فعلاً آخر غير ما فعله كذباً ليغر(6) الناس كان يسعى في الأرض فساداً ويدعي النصح والاصلاح وكان في نسخة بعض الشارحین (یعر)(7) کيمد من عره بشر إذا لطخه(8) به، أي يعيب(9) انساناً ويلطخه بأمر فعله مما لا يجوز اظهاره وافشاؤه، والنَجاح بالفتح والنُجح(10) بالضم الظفر بالشيء ونَجَحَت الحاجة کَمَنَعَ صار ذا نَجح(11)

ص: 102


1- (التسبيب) في أ، ع، تحریف
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 89
3- (ينم) في أ، ث، ع، ن، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 245، وفيه: (إن يقر... فیسلز مه...)
5- [فعل] ساقطة من أ، ع
6- (ليعز) في ر، م، تصحیف
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 130، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 244
8- (لطحه) في ث، ر، تصحيف
9- (بعيب) فيع، تصحیف
10- (النجج) في ر، تصحیف
11- (نحج) في ر، تصحيف

واستنجحها تنجزها ويلقى الناس بوجهين أي يلقى كلاً من الصديقين بوجه

غیر ما يلقي به الآخر ليفرق بينهما أو من العدوين ليضري بينهما كما قيل أو

يكون ذا وجهین في الحضور والغيبة يراه الانسان صديقاً إذا شهد لبشره

واظهاره المودة وهو إذا غاب عدو يظهر حقده الكامن في صدره وكذلك

المشي بلسانين، ولعل الأول بالبر والافعال والثاني باللسان والأقوال، وقال

بعض الشارحين: الثاني تأكيد للأول(1)، [وعقل كضرب أي فهم وعلم](2)

والمِثل بالكسر(3) في أكثر النسخ وفي بعضها المثل بالتحريك، وهو النظیر في

الأصل، يقال: مِثل ومَثَل ومثيل كشَبه وشبه وشبيه وغلب استعماله في القول

السائر الممثل مضربه بمورده ويستعمل في كل حال أو صفه أو قصة لها شأن

وغرابة، والشِبِه بالكسر المثل وفي بعض النسخ على شُبْهه بضم الشین / ظ

199 / وسكون الباء وهاء التأنيث وحذف الضمیر والشبهة أيضاً المثل وما

في الأصل أظهر قال بعض الشارحين: إنما رمز (عليه السلام) بباطن هذا

الكلام الى الرؤساء يوم الجمل لانهم حاولوا أن يشفوا غيظهم بإهلاكه وإهلاك

غیره من المسلمين وغروه(4) (عليه السلام) بأمرهم فعلوه وهو التأليب على

عثمان وحصره واستنجحوا(5) حاجتهم بإظهار البدعة والفتنة ولقوا الناس

بوجهین ولسانين لأنهم بايعوه واظهروا الرضا به، ثم دبوا له الخمر أي

أضمروا النكث العداوة، فجعل ذنوبهم هذه مماثلة للرك بالله سبحانه في أنها

ص: 103


1- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 130
2- [وعقل كضرب أي فهم وعلم] ساقطة من ث
3- (بالكسب) في ر، تحريف
4- (عروه) في أ، ث، ع، تصحيف
5- (استنحجوا) في ر، تصحيف

لا تغفر إلاَّ بالتوبة وهذا هو معنى قوله اعقل ذلك، فإنَّ المثل دليل على شبهه(1)، قال: وروى ((فإنَّ المثل)) واحد الامثال، أي هذا الحكم بعدم المغفرة لمن أتى شيئاً من هذه الاشياء عام، والواحد منها دال عى ما يماثله ويشابهه(2) انتهى، ولا يبعد أن يكون المرموز حال الخلفاء المتقدمین، وكل من خالفه وإن يحمل الشرك على ظاهره أو يراد به ما يعم الرئاء واظهار التقوى والأعمال الصالحة للدنيا ونيل الرئاسة والخلافة. والله يعلم. (إنَّ البَهَائِمَ هَّمُهَا بُطُونُهَا، وإنَّ السِّبَاعَ هَّمُهَا العُدْوَانُ عَلَى غَيْرِهَا، وَ إنَّ النِّسَاءَ هَّمُهُنَّ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَ الفَسادُ فيهَا إنَّ المُؤمِنینَ مُسْتَكِينونَ، إنَّ المُؤْمِنینَ مُشْفِقُونَ، إنَّ المُؤْمِنینَ خَائِفُونَ) الهَم بالفتح الحزن(3) وأول العزم أو العزم القوي أي ما يحزن البهائم فقده وتهتم بشأنه، أو مقصودها الأصلي أمر بطونها، والعدوان الظلم وأصله

التجاوز عن الحد وفي ذكر النساء تعريض بعائشة على ما ذكره بعض

الشارحين(4) والاستكانة الخضوع والذلة قيل: إن استكان استفعل من الكِينة

بالكسر وهي الحالة السيئة أو الشدة المذلة وذكره في القاموس في الكون(5)،

وقيل: انه افتعل وأصله استكن من السكون(6)، وقيل: ((من المسكنة اشبعت حركة عينه))(7) ويستعمل عى الأصل، والاشفاق حرص الناصح على

اصلاح المنصوح، وتقول: أشفقت على الصغر إذا حنوت وعطفت عليه

ص: 104


1- ينظر: شرح نهج البلاغة،، ابن أبي الحديد: 9 / 131
2- ينظر: شرح نهج البلاغة،، ابن أبي الحديد: 9 / 131، وفيه (... دليل على...)
3- (الخرن) في أ، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 131
5- ينظر: القاموس المحيط، مادة (كون): 4 / 264
6- ينظر: تاج العروس، مادة (كين): 13 / 218
7- القاموس المحيط، مادة (سكن): 4 / 235

والاسم الشفقة وهو مشفق وشفيق ويكون بمعنی الخوف ولا حاجة الى الحمل عليه حتی یکون ذكر الخوف تأكیداً كما يظهر من كلام [...](1) الشارحين(2)، وبالله التوفيق.

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(وَنَاظِرُ قَلْبِ اللَّبيبِ بِهِ يُبْصرُ أَمَدَهُ، وَيَعْرِفُ غَوْرَهُ وَ نَجْدَهُ، دَاعٍ دَعَا،

وَرَاعٍ رَعَى؛ فَاسْتَجِيبُوا للدَّاعِي، واتَّبِعُوا الرَّاعِي) الناظر من [...](3) المقلة (السواد الأصغر الذي فيه انسان العين)(4)، و(اللبيب: العاقل(5))(6)، والأمد بالتحريك الغاية(7) والمنتهى، والغور المطمئن من الأرض وقعر كل شيء، والنجد (المرتفع من الأرض)(8)، ومنه قولهم للعالم(9) بالأمور:طلاع أنجد(10) والغرض أن قلب اللبيب له عين يبصر بها غايته التي يجري اليها ويعرف من أحواله المستقبلة ما كان مرتفعاً شريفاً ومنخفضاً ساقطاً فيرتقي مدارج السعادة، ويتجنب مهاوي الردى والضلالة وداع مبتدأ محذوف الخبر أي في

ص: 105


1- [بعض] زائدة في ع
2- [ومن خطبة له (عليه السلام) ] بياض في ث
3- [من] زائدة مكررة في ع
4- لسان العرب، مادة (نظر): 5 / 216
5- (الغاقل) في أ، ع، تصحيف
6- تاج العروس، مادة (لبب): 2 / 396
7- (العاية) في ث، تصحیف
8- الصحاح، مادة (نجد): 2 / 542
9- (للغال) في أ، تصحيف
10- ينظر: الصحاح، مادة (نجد): 2 / 542

الوجود داع أو الجملة خر له أي من كان من شأنه الدعوة دعا وأتى(1) بما كان عليه، وكذلك راع رعى(2) والمراد بالداعي الرسول (صلى الله عليه وآله)

وبالراعي نفسه (عليه السلام)، وفي بعض النسخ (فاستجيبوا الداعي)(3) بدون حرف الجر.

(قَدْ خَاضُوا بِحَارَ الفِتَنِ، وأَخَذُوا بِالبِدَعِ دُونَ السُّنَنِ؛ وأَرَزَ المُؤمِنُونَ، وَ

نَطَقَ الضَّالُّونَ المُكَذِّبُونَ. نَحْنُ الشِّعارُ وَالأَصْحَابُ، والخَزْنَة وَالأَبْوَابُ؛ وَلَا

تُؤْتَى البُيُوتُ إلاَّ مِنْ أَبْوَابِهَا؛ فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَیْرِ أَبْوَابِهَا سُمِّىَ سَارِقاً) هذا

الكلام منقطع عما قبله متصل بكلام في ذكر الخلفاء لعله حذفه السيد (رضي

الله عنه) تقية لصراحته فيهم كما يظهر لمن تتبع كلامه وعرف حذفه

المصرحات وتعبره بالكناية عن صريح الأسماء كحكايته في الشقشقية (أما

والله لقد تقمصها فان / و 200 / وأدلى(4) بها الى فان بعده) وأرَزَ كضَرَبَ كما

في بعض النسخ وكَعَلَمَ كما في بعضها أي انقبض وتجمع وثبت(5) وأرزت

الحية(6) أي (لاذت بحجرها ورجعت اليه)(7)، وتثبتت في مكانها، والشعار

ككتاب ما تحت الدِثار من الثياب وهو يلي شعر الجسد، وصَحِبَه كَسَمِعَه

صُحبة بالضم، وصَحابة بالفتح فهو صاحب أي عاشرة ويجمع صاحب على

ص: 106


1- (انى) في ر، تصحيف
2- (داع دعى) في ع، تحريف
3- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 89
4- (اولى) في م، تحريف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (أزر): 5 / 305
6- (الجنة) في أ، ع، تصحيف
7- المصدر نفسه، مادة (أزر): 5 / 305

صَحب بالفتح كراكب وركب وهو على(1) أصحاب كفرخ وأفراخ وهو على

أصاحيب وخزن(2) المال كنصر أي أحرزه وجعله في (المخزن)(3) والمراد أنهم

(عليهم السلام) خزنة(4) علم الرسول (صلى الله عليه وآله) وأبوابه كما قال

(صلى الله عليه وآله) فيه (عليه السلام): خازن علمي، وتارة (عيبة علمي)(5)،

و(أنا مدينة العلم وعلي بابها)(6) أو خزنة(7) الجنة وأبوابها كما نطق الأخبار

بأنه (عليه السلام) قسيم الجنة والنار يقول للنار: هذا لي فذريه وهذا لك

فخذيه، أو خزنة العلم والجنة وأبواب الوصول الى الله والرسول (صلى الله

عليه وآله)، ولعله أنسب بقوله (عليه السلام) فمن أتاها من غیر أبوابها

سمي سارقاً، وفي بعض النسخ (لا تؤتي البيوت) بدون الواو وفيه اشارة الى

قوله تعالى: «وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ»(8). [منها](9) (فِيِهمْ كَرَائِمُ القرآن، وَهمْ

كُنُوزُ الرَّحْمَنِ، أنْ نَطَقُوا صَدَقُوا، وإنْ صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا، فَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَهُ

ص: 107


1- (غلى) في ر، تصحيف
2- (وحزن) في ث، ر، تصحيف
3- (المخرن) في أ، ث، وفي ر، ن: (المحزن) تصحيف
4- (حزنة) في ث، ر، تصحيف
5- علل الشرائع، الشيخ الصدوق: 1 / 66، ومناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب: 1 / 312، والجامع الصغر: 2 / 177
6- المعجم الكبير: 11 / 55، والخرائج والجرائح، الراوندي: 2 / 545، والفائق ي غريب الحديث: 2 / 16، ومجمع الزوائد: 9 / 114، الجامع الصغير: 1 / 415، وكنز العمال: 13 / 148
7- (حزنة) في ر، تصحيف
8- البقرة / 189
9- [منها] في ث

وَلْيَحْضِرْ عَقْلَهُ وَلْيَكُن مِنْ أَبْنَاء الآخِرِةِ، فَإنَّه مِنْهَا قَدِمَ وَإلَيْهَا يَنْقَلِبُ) الضمائر راجعة الى آل محمد (صلى الله عله وآله) الذين عناهم (عليه السلام) بقوله: (نحن الشعار والأصحاب والخزنة(1) والأبواب) کَرُمَ الشيء بالضم نفس وعز، فهو کریم وهي کريمة، وكرائم المال خیارها ونفائسها، ولعل المراد بکرائم القرآن الآيات المادحة الدالة على الشرف ورفعة المنزلة كسورة «هَلْ أَتَى»(2)، وآية التطهير(3) والمباهلة(4) وغيرها و آیات الرحمة فالكرم من جهة المدلولات ويقابلها آیات العذاب [...](5) الدالة على الذم وإن كانت الآيات كلها من حيث انها كلام الله تعالى كريمة، ويحتمل أن يكون المراد الخصال الكريمة المفهومة من القرآن والصفات الحسنة والمكارم المذكورة في مقام المدح وفي كثير من النسخ الصحيحة كرائم الایمان وهي الصفات الجميلة والأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة المختصة بأهل الإيمان وهم كنوز الرحمن أي خزائن علمه وسدنه جنانه وقربه أو هم [المذخورون](6) لايضاح المشكلات وغوامض العلوم المال المذخور للمأرب والأغراض(7)

ص: 108


1- (الخرنة) في أن تصحيف
2- الانسان / 1
3- «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» الاحزاب / 33
4- «...فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» ال عمران / 61
5- [و] زائدة في أ، ر، ع، ن
6- [المذخورون] طمس في ن، وفي ث: (المذحروون)
7- (الاعراض) في ر، تصحیف

وإن صمتوا لم [يسبقوا](1) أي ليس سكوتهم وكفهم عن الكلام لقصورهم وعيهم(2) بل لمحض الحكمة وإن المقام لا يسع الكلام، والرائد من يتقدم القوم إذا أرادوا منزلاً ليبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث، قال بعض الشارحين: أي أمر الانسان أن يصدق نفسه ولا يكذبها بالتسويف والتعليل(3)، وقال بعضهم: أي من يحضرنا طلباً لاختيارنا، فليصدق من يعينه أمره أننا على الحق وينابيع العلوم والحكمة والادلاء الى الله كما يصدق الرائد لطلب الكلاء

والماء أهله مبشراً بهما وليحضر عقله لما يقوله ليعرف صحة ما ادعيناه(4)،

والقدوم من الآخرة اشارة الى خلق الأرواح قبل الأجساد كما روي في

الإخبار(5)، وفسر قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ»(6)، على ما ذكره بعض الشارحين، قال: (ويمكن أن يفسر على وجه آخر، وهو أن الآخرة اليوم عدم محض، والانسان قدم من العدم، والى العدم ينقلب)(7)، ولا يخفى أن خلق الروح قبل الجسد بمجرده ليس قدوماً

من الآخرة وكون الآخرة اليوم عدماً محضاً مبني على أنَّ الجنة والنار لم يخلقا

بعد وهو خاف ما تدل(8) عليه الإخبار إلاَّ أن يراد بعدم الآخرة عدم قيام القيامة والمجازاة وفيه تكلف، وقال بعضهم: المعنى كما أن الابن يقدم من

ص: 109


1- [يسبقوا] طمس في ن
2- (وعيتهم) في ث، وفي ع: (وعيبهم)، تحريف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 144، وفيه: (أمر الانسان بأن...)
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 250
5- ينظر: معاني الاخبار: 108، والأمالي، المفيد: 114، ولسان الميزان: 3 / 262
6- الاعراف / 172
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 144
8- (يدل) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه

الام وإليها ولهه ورجوعه كذلك الانسان مبدؤه الحرة الالهية وينقلب

اليها / ظ 200 /، فينبغي أن يكون من أبنائها بالرغبة فيها والوله اليها والعمل

لها(1)، وفيه تكلف أيضاً، ولعل الأظهر أن القدوم من الأخرة اشارة الى هبوط

آدم (عليه السلام) من الجنة والانقاب الى الجنة لو كان الانسان من أهلها

واضح والله تعالى يعلم. (فالناظر بالقلب العامل (بِالبَصَرِ يَكُونُ مُبْتَدأُ عَمَلِهِ

أَنْ يَعْلَمَ أَعَمَلُهُ عَلَيْهِ أَمْ لَهُ! فَإنْ كَانَ لَهُ مَضَى فِيْهِ، وإنْ كَانَ عَلَيْهِ وَقَفَ عَنْهُ،

فَإنَّ العَامِلَ بِغَیْرِ عِلْمٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَیْرِ طَرِيقٍ، فَلَا يَزِيدُهُ بُعْدُهُ عَنْ الطَّرِيقِ إلاَّ

بُعْداً عَن(2) حَاجَتِهِ، وَالعَامِلُ بِالعِلْمِ كَالسَّائِرِ عَلَى الطَّريِقِ الوَاضِحِ، فَليَنْظُرْ

نَاظِرٌ سائرٌ(3) هُوَ أمْ رَاجعٌ) البصر حاسة البر والعلم أيضاً، يقال: بصرت

بالشيء أي علمته، وبه فسر قوله تعالى: «بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ»(4)، والمراد

بالعامل بالبصر من حاول أن يكون عمله على ما تقتضيه(5) البصرة والعلم

لا من لا يبالي بما يعمل، أو المراد بالبصر الحاسة تشبيها للعامل بالمبصر الذي

يسلك طريقاً، فيتحرز المهاوي ويتجنب المهالك لا الأعمى الذي لا يبصر ما

يرديه(6) ولا يبالي به، وقال بعض الشارحين: أي الناظر بالقلب العامل بجوارحه(7)، وفي بعض النسخ (العالم بالبصر) أي بالبصيرة، فيكون تأكيداً

ص: 110


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 250
2- (من) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 143، ونهج البلاغة، الصالح: 270
3- (أسائر) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 143
4- طه / 96
5- (يقتضيه) في أ، ر،ع، م، تصحيف
6- (يرويه) في م، تحريف
7- ينظر: شرح ابن أبي الحديد: 9 / 144

للناظر بالقلب، والمراد بالعمل في قوله (عليه السلام) مبتدأ عمله مایعم العلم، فيكون العلم المذكور من افراده ويحتمل أن يراد بالمبتدأ ما تقدم عمله وسبقه، وفي بعض النسخ (مبتدأ علمه)، أي العلم الذي ينبغي أن يكون أول علومه وعمله عليه أي يضره و(على) للاستعلاء المجازي كان العمل علاه، وقهره والراجع الذي يبعد [عن](1) حاجته لا أنه سلك الطريق فرجع. (وَاعْلَمْ أَنَّ لِكُلَّ ظَاهِرٍ بَاطِنَاً عَلَى مِثَالِهِ فَمَا طَابَ ظَاهِرُهُ طَابَ بَاطِنُهُ وَما خَبُثَ ظَاهِرُهُ خَبُثَ بَاطِنُهُ، وَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ الصَّادِقُ (صَلَّى اللهُ عليْهِ وَالهِ): ((إنَّ الله

يُحِبُّ العَبْدَ وَيُبْغِضُ عَمَلَهُ، وَيُحِبُّ العَمَلَ وَيُبْغِضُ بَدَنَهُ))(2)) المِثال بالكسر الاسم من قولك: ماثله مماثلة إذا شابهه، ويستعمل بمعنى المقدار والصفة والصورة، والأظهر في سياق الكلام أن يكون ذکر کلام الرسول (صلى الله عليه واله) مؤيد لما سبقه من الكلام، وفيه اشكال ولم يتعرض لدفعه الشارحان صريحاً(3) وحمل بعضهم الحكم بأنَّ لكل ظاهر باطنا على مثاله وما فرع عليه على أنه أكثري لا كلي، وحينئذ يكون قوله (عليه السلام) وقد قال الرسول الصادق (صلى الله عليه واله) بمنزلة استثناء واستدراك عن سابقه لا مؤيداً له، فيتخصص الحكم الكلي ببعض الأفراد، والمراد بالظاهر کیا هو المناسب لذكر الحديث تأییداً او استدراكا الأفعال والأعمال الظاهرة، وبالباطن الاخلاق والملكات النفسانية، وحينئذ يكون الموصول عبارة عن

ص: 111


1- [عن] ساقطة من م
2- عوالي الليالي، ابن مهور الاحسائي: 1 / 277
3- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الراوندي: 2 / 91، وشرح نهج البلاغة، الابن أبي الحديد: 9 / 145

الصفة المشتملة على الظاهر والباطن، أو الأعم منها حتى يصح اضافة الظاهر والباطن اليه أو عن الأشياء الموصوفة بالصفات الشاملة للأشخاص الانسانية وغيرها حتى يصح التعبير بما ويمكن أن يقال إنه (عليه السلام) إنما حكم بأن لكل ظاهر باطناً، ولم يقل لكل باطن ظاهر، أو قد قيد الباطن بأنه على مثال الظاهر ومقداره فطيب الظاهر يقتضي وجود(1) أمر حسن في الباطن على حذو ذلك الظاهر، ولا ينفي وجود أمر خبيث في الباطن لا يكون على مثاله خبيث في الظاهر، فيضمحل به حسن الظاهر والباطن الذي على مثاله وكذلك عكسه وحينئذ يحب الله العبد ويبغض عمله ويحب العمل ويبغض بدنه فالسابق محمول على العموم وإنما يدل الحديث على أنَّ كل باطن لا يجب أن يكون له ظاهر على مثاله، فلا ينبغي الاغترار بحسن الظاهر المشاهد في بعض الناس، ولا القطع بأن الرجل من الأشرار إذا رأى منه الانسان اقتراف بعض الآثام، فعسى أن يكون الأول ممن يحب الله عمله ويبغض بدنه، والثاني ممن يحبه الله ويبغض عمله، ولعل المراد مما طاب في الظاهر العمل الصالح الخالص من الرياء / و201 / والسمعة ونحو ذلك لا ما يشمل ما يرى في الظاهر طيباً وخبث(2) حقيقه فإنَّ الظاهر أنه ليس لمثله باطن طيب بل هو خبيث في الظاهر والباطن كأعمال المرائين والمنافقين، وإنما المراد بالظاهر العمل الذي يظهر للناس وقد طاب في الواقع ويقابله النية وصفات النفس، فما طاب ظاهره ما ظهر(3) حسنه الواقعي وكذلك ما خبث

ص: 112


1- (وجوده) في ر
2- (خثب) في أ، ع، تحریف
3- (طهر) في ع، م، تصحيف

ظاهره ولا يبعد عن المقام حيث(1) كان الكلام في الحث على اتباع أهل البيت (عليهم السلام) وذم من خاضوا بحار الفتن واخذوا بالبدع دون السنن أن يكون الغرض التعريض بمن اغتر الناس بحسن ظاهرهم من الخلفاء، وبعض الصحابة الذين عدلوا عنه (عليه السلام) واتبعوا غيره، فيفيد الكلام أنهم لو سلم حسن بعض أعمالهم كما تظنون فهم(2) ممن يحب الله عمله ويبغض بدنه لسوء سريرتهم، واضمارهم النفاق، واتباع الهوى ونحو ذلك، وهو من الباطل الذي ليس له في الوجود ظاهر على مثاله أي ما ظهر لكثير من الناس وإن كان قد ظهر ما اضمروا في نفوسهم لأولي الألباب المقتفين(3) آثار أهل البيت (عليهم السلام) ويحتمل أن يكون المراد من الظاهر العمل، ومن الباطن ما استحقه العبد بعمله من الثواب والعقاب، أو رضاه سبحانه وسخطه، فيفيد الكلام أن لكل عمل ثواب، أو عقاب على مثاله لكن قد يحب الله عبداً لحسن سريرته وإن أبغض عمله، وقد يبغض العبد لسوء سريرته وإن أحب عمله، وفسر بعض الأعلام كلامه (عليه السلام) بوجه آخر وأنا أذكر كلامه بلفظه قال: (معناه والله أعلم إنَّ كل(4) ظاهر له باطن يماثله ولا ينافيه وجود غير المماثل (ظاهراً)(5) لأن الغرض يتعلق بوجود المماثل فإن كان الظاهر حسنا في الواقع كان ناشئا عن باطن حسن؛ لأنَّه لا يكون مع عدم حسنه كذلك ناشئاً عن الباطن الحسن، ولا مماثلا له وحينئذ

ص: 113


1- (خبث) في ر، تصحيف
2- (فهم) في ر
3- (المقنعين) في ر، تحریف
4- (لكل) في ر، م
5- (طاهر) في ر، ن، تصحيف

فإذا كان الظاهر طيباً كان الباطن طيباً، وإذا كان الظاهر خبيثاً كان الباطن كذلك؛ لتعلق كل منهما بالآخر وربطه به وحينئذ لا يتحقق طيب احدهما مع [خبث](1) الآخر، ففيه افادة للإنسان وحث له على أن يبذل جهده في تحصيل الموافقة بينهما في الحسن والطيب إذ هو قادر على ذلك ولا يكتفي بطيب الظاهر ظاهراً مع خبث الباطن فإنه لا طيب حينئذ في الظاهر ولما كان الظاهر دليلاً على الباطن لظهوره وخفاء الباطن كان طيبه دالاً على طيبه وخبثه دالا على خبثه وهذا بالنسبة إلى معرفة الغير ذلك وإن خرج عن المقام فقد علم أن الطيب من الظاهر ما كان موافقاً للطيب من الباطن وكذا الخبيث لأن الظاهر الخبيث لا بد أن يكون الباطن معه خبيث، وقد ظهر أن ما كان طيباً بحسب الظاهر لا يسمى طيبة في الواقع ونحوه الخبيث، فإنه قد يتخيل خبث شيء وهو ليس كذلك، ولما كان هذا الكلام الشريف لإفادة الجمع بين الباطن الحسن والظاهر الحسن فلا ينافيه ما إذا كان ظاهر طيباً بحسب الظاهر وعكسه فإنَّ الكلام مسوق لكون الإنسان ينبغي له أن يجمع بين الأمرين في طيبهما، وأن يترك الجمع بين الأمرين في خبثهما(2) على أنه لو أريد به ما یشمل معرفة الغير بذلك يكون مبنياً على المعاشرة التي يظهر منها الخلق من التخلق، والطبع من التطبع على نحو ما اعتبر في أمر العدالة ويكون العهدة في المتكلف عليه لو كان على خلاف ذلك، والظاهر أن هذا ليس (بمراد)(3) دخوله بل له حكم آخر إذا تقرر ذلك فقوله (عليه السلام):

ص: 114


1- [خبث] ساقطة من ر، وفي ث: (حسن)
2- (جثهما) في ر، تصحيف
3- (بمزاد) في أ، ن، تصحيف

وقد قال الرسول الصادق (صلى الله عليه وآله): (إن الله يحب العبد ويبغض عمله ويحب العمل ويبغض بدنه) معناه والله أعلم أنَّ الله سبحانه يحب العبد الإيمانه فيريد له ترتب الثواب، وأن يعمل باختياره ما يوافق هذه المحبة ويوافق إيمانه بأن يكون عمله طيباً، فإذا عمل عملاً خبیثاً یکون قد حرم نفسه باختياره / ظ 201 / مع محبة الله له ويبغض الكافر لكفره ويحب عمله إذا كان حسناً ففي كل منهما عدم موافقة الظاهر للباطن فإنَّ ظاهر عمل المؤمن خبيث وباطن الكافر خبيث فلا ينفع المؤمن حب الله لأيمانه إلا أن يعفو عنه بسبب حبه لإيمانه أو يتوب ولا ينفع الكافر حسن عمله مع محبة الله لعمله لخبث الباطن فليس كل من الظاهر والباطن مماثلاً للآخر فيهما(1) فظهر وجه ربط هذا الكلام بما قبله و مناسبته له ففيه افادة انه اذا لم يتوافق الظاهر والباطن لم يتم ذلك ولو كان المؤمن يحبه الله لإيمانه، والكافر يحب الله عمله ولا يتوهم أن محبة الله له تنافي(2) ما ذكر(3) بعد تدبر ما تقرر، فالمراد تحصيل هذا من العبد، ولا ينافيه الفرق بين المؤمن والكافر من جهة أخرى، وفي التعبير في الكافر بالبدن لطيفة والله اعلم)) انتهى. وحمل بعض الأفاضل طيب الظاهر على حسن الصورة، أو ما يشمله وجعل الحديث مؤيداً لما سبقه ووجه الكلام بتوجيه مشتمل على تكلفات طوينا الكشح عن ذكره والله تعالى يعلم حقيقة الحال ومنه نرجوا العصمة والتسديد.

ص: 115


1- (فيها) في ر
2- (ينافي) في أ، ر، ع، م
3- (دکر) تصحيف

(وَاعْلَمْ أَنَّ كل(1) عَمَلٍ نباتٌ، وَكُلُّ نَبَاتٍ لاَ غِنَى بِهِ عَنِ المَاءِ. وَ المِيَاهُ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا طَابَ سَقْيُهُ، طَابَ غَرْسُهُ، وَحَلَتْ ثَمَرَتُهُ، وَمَا خَبُثَ سَقْيُهُ، خَبُثَ غَرْسُهُ وَأَمَرَّتْ ثَمَرَتُهُ) وفي بعض النسخ (واعلم أن لكل عمل نباتاً)، فالمراد بالنبات ما يترتب على العمل من السعادة والشقاوة والثواب والعقاب والغنی کإلى ضد الفقر، تقول(2): غنی فلان يغنى غنىً(3) مثل رضي يرضى رِضىً، فهو غني، والغناء كلام کما في بعض النسخ الاكتفاء وليس عنده غناء، أي: ما يكتفي [به](4)، والسَقي بالفتح کما في النسخ مصدر سقاه يسقيه وفي النسبة تجوز، وأما النصيب من الماء فهو السِقي بالكسر(5)، ويظهر من كلام بعض الشارحين(6) إنه كان في نسخته سِيقيه بالكسر [...](7)، وغَرَسْتُ الشجر غرساً كَضَرَبْتُ ضرَباً أي اثبته في الأرض فالشجر مغروس ويطلق عليه غرس أيضاً وغِراس بالكسر ، وحَلا الشيء يَحلو حَلاوة بالفتح، فهو حُلُو بالضم، وأمر الشيء، أي: صار مُراً، فهو ممر، و مَرَّ كَفَرَ وعَضْ (فهو (مر) لغة، والانثی (مرة)، وجمعها (مرائر) على غير قیاس)(8) والغرض من الكلام ان العمل أو ما يترتب عليه ينمو ويزداد

ص: 116


1- (لكل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 146
2- (يقول) في ث، ر، تصحيف
3- (عنی فلان یعنی عنیً) في ر، تصحيف
4- [به] ساقطة من ث، م
5- ينظر: الصحاح، مادة (سقی): 6 / 2380
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 146
7- [به] زائدة في ر
8- المصباح المنير، (مررت): 2 / 568

بفضل الله ويحتاج إلى الماء كالنبات(1) فما سُقِي بصدق النية والاخلاص اثمر حلواً وهو الزلفي والفوز بالجنة وما سقي بالرياء والسمعة وخبث النية اثمر مراً وهو الشقاء وعذاب النار.

[ومن خطبة له (عليه السلام) يذكر فيها بديع خلقة الخفاش]

(الحَمْدُ للهِ الَّذِي انْحَسَرَت الأَوْصَافُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهِ وَرَدَعَتْ عَظَمَتُهُ العُقُولَ فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغاً إلى بُلُوغِ غَايَةِ مَلَكُوتِهِ) الخفش بالتحريك صغر العينين وضعف في البصر(2) وهو مصدر خفش(3) كتعب، فهو أخفش وهي خفشاء ويكون خلقته وصاحبه يبصر بالليل دون النهار، أو أكثر من النهار ويبصر في يوم غيم دون صحو، أو أكثر منه، ومنه الخُفاش بالضم کرمان للطائر المعروف وهو الوطواط، وقيل: الوطواط الخطاف، أو ضرب من خطاطيف الجبال ويجمع على خفافيش، وحَسَرَ البعير حسوراً کقَعَدَ قعودا إذا كلَّ لطول مدى ونحوه(4)، وحسرته أنا يتعدى ولا يتعدى، وانحسرت أي کلت واعيت ووصفه کوعد وصفاً وصفةً أي نعته بما فيه، وكُنه الشيء بالضم حقیقته ونهايته وانحسار الأوصاف عن كنه معرفته لعجز العقول عن الوصول الى كنه معرفته و تنزهه سبحانه عن انحاء التراكيب، وكذا عن عروض الصفات وردعته عن الشيء كمنعته أي منعته وزجرته، وساغ

في ث.

ص: 117


1- (کالبنات) في ر، تصحيف
2- ينظر: الصحاح، مادة (خفش): 3 / 1005
3- (حفش) في أي، ر، ع، تصحیف
4- ينظر: الصحاح، مادة (حسر): 2 / 629

الشراب سوغاً (سهل مدخله)(1) والمساء المسلك، والملكوت العز والسلطان وهو اسم مبني من الملك الجبروت والرهبوت من الجبر والرهبة (هُوَ اللهُ الحَقُّ(2) / و 202 / المُبِنُ أَحَقّ وَأَبْیُنَ مِمَّا تَرَى العُيُونُ، لْمَ تَبْلُغْهُ العُقُولُ بِتَحْدِيدٍ فَيَكونَ مُشَبَّهاً، وَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ الأَوْهَامُ بِتَقْدِيرٍ فَيَكُونَ مُمَثَّلاً) الحق أي المتحقق(3) وجوده والحيته أو الموجود حقيقه وأبان أي وضح وأوضح يستعمل لازماً و متعدياً و المبين على الأول الظاهر وجوده وهو المناسب للمقام، وعلى الثاني الذي يظهر الأشياء بالإيجاد وكشف السرائر وكونه سبحانه أحق وأبين مما ترى العيون؛ لأنَّ العلم بوجوده سبحانه عقلي يقيني [لا ينظروا اليه کما ينظروا](4) الى المحسوسات من الغلط کرؤية الكبير صغيراً من بعيد والشط متحركا في سفينة والخشب المستقيم معوجاً في الماء والصغير كبيراً فيه، والظل المتحرك ساكناً ونحو ذلك، والحد في اللغة المنع والحاجز بين الشيئين ونهاية الشيء وطرفة، وفي عرف المنطقين التعريف بالذاتي، والأنسب أن يراد بالتحديد اثبات النهاية والطرف وهو مستلزم للمشابهة بالأجسام والتحديد المنطقي أيضاً وإن كان [لا ينفك](5) عن التشبيه بالمركبات والممكنات لكنه لا يخلو عن البعد في كلامهم (عليه السلام) [والتقدير اثبات المقدار وهو

ص: 118


1- المصدر نفسه، مادة (سوغ): 4 / 1322
2- (هو الله الملك الحق في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 147
3- (التحقق) في ر
4- [لاينظروا اليه كما ينظروا] ساقطة من ع، وفي أ، ث، ر، م (لا يتطرق اليه ما يتطرق)
5- [لا ينفك] خرم في ن، اتممته من م

يستلزم](1) التشبيه بذوي المقادير من الممكنات [خلق](2) الخلق على غير تمثيل [ولا مشورة مشير ولا معونة معين فتم خلقه](3) بأمره وأذعن لطاعته [فأجاب ولم يدافع](4) وانقاد [ولم ينازع لعل المراد بالتمثيل](5) ايجاد الخلق على حذو ماقد خلقه غيره حتی یکون (مقلداً له) خالقاً لشيء على مثال ما خلقه غيره وهو المناسب لقوله (عليه السلام) في آخر الخطبة: (فسبحان البارئ لكل شيء على غير مثال خلا من غيره) ويحتمل أن يكون المراد أنه لم يجعل لخلقه مثالاً قبل الايجاد كما يفعله البناء تصويرا لما يريد بناءه حتى يجيء خالياً من النقص والعيب، والمشورة مفعلة من اشار عليه بكذا أي أمره(6) به والمشُورة بضم الشين كما في النسخ والشوری بمعناه، والمعونة الاسم من اعانه وعونه کالعون والمعون، وتم خلقه أي بلغ كل مخلوق إلى کماله الذي أراده الله سبحانه منه أو خرج جميع ما اراده من العدم إلى الوجود بمجرد أمره وأذعن له أي خضع وأقر وأسرع في الطاعة وانقاد والجملتان كالتفسير للاذعان، ولعل المراد من الإذعان دخوله تحت القدرة الإلهية وعدم الاستطاعة للامتناع، وقوله (عليه السلام) لم يدافع بيان للإجابة كما أنَّ قوله (عليه السلام) لم ينازع بیان للانقياد والا لكان العكس أنسب، ويحتمل أن يكون المراد معنى لا يصل اليه عقولنا کتسبيح الاشياء على ما هو الظاهر

ص: 119


1- [والتقدير اثبات المقدار وهو يستلزم خرم في ن
2- [خلق] طمس في ن
3- [ولا مشورة مشير ولا معونة معين فتم خلقه] خرم في ن
4- [فأجاب ولم يدافع] خرم في ن
5- [ولم ينازع لعل المراد بالتمثيل] خرم في ن
6- (امرء) في ر

من قوله تعالى: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»(1) والوجهان يجريان في قوله تعالى: «فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ»(2)، (وَمِنْ لَطَائِفِ صِنْعَتِهِ، وَعَجَائِبِ

حكِمْتَهِ(3) مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِض الحِكْمَةِ فِي هَذِهِ الخَفَافِيشِ الَّتِي يَقْبُضهَا الضِّيَاءُ

البَاسِطُ لِكُلِّ شَيءٍ، وَيَبْسُطُهَا الظَّامُ القَابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ) اللطائف جمع لطيفة وهي ما صغر ودق(4) والعجائب جمع عجيبة ككريمة وكرائم ودقیقه ودقائق و عجیب، قيل: يجمع على عجائب كأفيل وآفائل(5) وتبيع وتبایع، وقيل: لا يجمع عجيب والغامض خلاف الواضح وكل شيء خفي مأخذه و حاصل الكلام التعجب من مخالفتها لجميع الحيوانات في الانقباض عن الضوء والاشارة الى خفاء العلة في ذلك، والمراد بالانقباض(6) [انقباض أعينها في الضوء](7) على ما ذكره بعض الشارحين، قال: ويكون [ذلك عن إفراط التحلل في](8) الروح النوري لحر [النهار ثم يستدرك ذلك](9) برد الليل

ص: 120


1- الاسراء / 44، وفي م: (لايفقهون)، تصحیف
2- فصلت / 11
3- (خلقته) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 167
4- ينظر: لسان العرب، مادة (لطف): 9 / 316
5- (كما قيل واقائل) في ع، تحریف
6- (الانقباص) في أ، ن، وفي ر: (بالانقياض) تصحيف
7- [انقباض أعينها في الضوء] خرم في ن
8- [ذلك عن افراط التحلل في] خرم في ن
9- [النهار ثم يستدرك ذلك] خرم في ن

فيعود الابصار(1) [وفيه تأمل، ولعل الأظهر أنه ليس لمجرد](2) الحر والالزم أن لا يعرضه الانقباض في الشتاء إلاَّ إذا ظهرت الحرارة في الهواء وفي الصيف(3) [أيضاً في أوائل النهار بل](4)، ذلك لضعف في قوتها الباصرة ونوع من التضاد و / ظ 202 / التنافر بينها وبين النور کالعجز العارض لسائر القوى المبصرة عن النظر الى جرم الشمس وأما، أن [علة التنافر](5) ماذا ففيه خفاء وهو منشأ التعجب الذي يشير اليه الكلام ويمكن أن يعود الضمير اليها من غير تقدير مضاف، ويكون المراد بانقباضها ما هو منشأ اختفائها نهاراً وإن كان ذلك ناشئاً من جهة الإبصار (وَ كَيْفَ عَشِيَتْ(6) أَعْيُنُها عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ

الشَمْسِ المُضِيئَةِ نُوراً تَهْتدِي بِهِ فِي مَذَاهِبِها وَتَتَّصِلُ(7) بِعَلَنِيَةِ بُرْهانِ الشَّمْسِ إِلى

مَعَارِفِهَا، وَرَدَعَها بِتَلألئ ضِيَائِهَا عَنِ المُضِيِّ فِي سُبُحَاتِ إشْرَاقِهَا، وَأَكنُّهَا فِي

مَكَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِي بُلَجِ ائْتِلاَقِهَا) العَشى بالفتح مقصوراً سوء البصر بالنهار أو بالليل والنهار أو العمى، والمعنی کیف عجزت وعميت وتستمد أي تستعين وتتقوى(8) تقول: امددته بمدد إذا أعنته وقويته ومذاهبها وطرق معاشها ومسالكها في سيرها وانتفاعها، وتصل في أكثر النسخ منصوب عطفاً على تستمد، وفي بعضها مرفوع عطفاً على تهتدي، وفي بعض النسخ تتصل بالنصب موضع

ص: 121


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 149
2- [وفيه تأمل ولعل الأظهر أنه ليس لمجرد] خرم في ن
3- (الضيف) في ث، تصحيف
4- [أيضاً في أوائل النهار بل] خرم في ن
5- [علة التنافر] خرم في ن
6- (عشبت) في ر، ن، تصحيف
7- (تصل) في ث، وفي ث: (نصل)، تحریف
8- (يتقوى) في أ، ر، ع، م، تصحيف

تصل، والاتصال الى الشيء هو الوصول اليه والبرهان والحجة والدليل، ومعارفها ما تعرفه من طرق انتفاعها وردعه کمنعه کفه ورده وتلألأ البرق أي المع، والسُبُحات بضمتين جمع سُبحة بالضم وهي النور، وقيل: (سبحات الوجه محاسنه؛ لأنك إذا رأيت الوجه الحسن قلت سبحان الله)(1)، وقيل: (سبحات الله تنزیه له أي سبحان وجهه)(2)، والبين بالكسر الستر وأكنه ستره واستكن استتر وکمن کَنَصَرَ ومَنَعَ أي استخفى والمكمن الموضع، و(البلج)(3) بالتحريك مصدر (بلج)(4) كتعب أي ظهر ووضح، ومنه قيل: (بلج(5) الحق) وهي لغة ذكره في المصباح المنير(6) وصبح أبلج(7) بين البلج(8) (أي مشرق مضيء) ذکره الجوهري(9)، وقال بعض الشارحين: البلج(البلح) في أ، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه جمع بُلجة(بلحة) في أ، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه بالضم، وهي أول ضوء الصبح، وجاء بلجَة(10) أيضا بالفتح(11) [ولم أجده في كلامهم. والابتلاق](12)

ص: 122


1- لسان العرب، مادة (سبح): 2 / 473
2- المصدر نفسه، مادة (سبح): 2 / 473
3- (البلح) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
4- (بلح) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
5- (بلح) في أ، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
6- المصباح المنير، (بلج): 1 / 60
7- (ابلح) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
8- (البلح) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
9- الصحاح، مادة (بلج): 1 / 300، وفي ع: (أو مشرق)
10- (بلحة) في أ، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 148
12- [ولم أجده في كلامهم الائتلاق] خرم في الأصل

اللمعان يقال: ائتلق وتألق إذا التمع ([فَهِيَ](1) مُسْدَلَةُ الجُفُونِ بِالنَّهارِ [عَلَى أَحْدَاقِها(2) وَجَاعِلَةُ اللَّيْلِ سَرِاجاً](3) تَسْتَدِلُّ بِهِ فِي الْتَماسِ [أَرْزَاقِهَا، فَلاَ يَرُدُّ](4) أَبْصَارَهَا أَسْدَافُ ظُلْمَتِهِ، وَلاَ تَمْتَنِعُ مِنَ المُضِيِّ فِيْهِ [لِغَسَقِ](5) دُجُنَّتِهِ فَإذا أَلْقَتِ

الشَمْسَ قِنَاعَها وَبَدَتْ أَوضاحُ [نَهارِهَا](6) وَدَخَلَ إشَرْاقِ(7) نُورِها عَلَى الضِّبَابِ فِي وِجارِهَا أَطْبَقَتْ الأَجْفَانَ عَلَى مَآقِيهَا وَتَبَلَّغَتْ بِما اكْتَسَبَتْهُ مِنَ المَعَاشِ فِي ظُلَمِ لَيَالِيهَا) سدل ثوبه يسدله ويسدله واسدله (أي ارخاه)(8) وأرسله، والجَفن بالفتح غطاء العين من أعلاها وأسفلها، والجمع أجفان(9) و جُفون وأجفن(10)، والحدقة محركة سواد العين وتجمع على حداق(11) کما في بعض النسخ کرقبة ورقاب على القياس وعلى أحداق كما في بعض النسخ، وأسدال جفونها لانقباضها وتأثر حاستها عن الضياء، وقال بعض الشارحين: ((لأنَّ تحلل الروح الحامل للقوة الباصرة سبب للنوم أيضاً فيكون ذلك الاسدال

ص: 123


1- [فهي] خرم في ن. وفي شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 197: (وهي)
2- (حداقها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 147، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 272
3- [على أحداقها وجاعلة الليل سراجاً] خرم في ن
4- [أرزاقها فلا يرد] خرم في ن
5- [لغسق] خرم في ن
6- (ودخل من إشراق) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 147
7- [نهارها] خرم في ن
8- الصحاح، مادة (سدل): 5 / 1728
9- (احفان) في ث، تصحيف
10- ينظر: القاموس المحيط، مادة (جفن): 4 / 209
11- ينظر: الصحاح، مادة (حدق): 4 / 1456

ضرباً من النوم))(1) والالتماس الطلب، وأسدف الليل أي: اظلم، وفي بعض النسخ (أَسداف) بفتح الهمزة جمع سَدَفَ بالتحريك كجَمَل وأجمال وهو الظلمة، والاضافة للمبالغة والضمير في (فيه) راجع إلى الليل، والغَسق بالتحريك ظلمة أول الليل، والدُجُنَّة بضم الدال المهملة والجيم وتشديد النون كخُرقُة، والدُجن کعتل الظلمة، وحاصل الكلام التعجب من کون حالها في الابصار والتماس الرزق على عکس سائر الحيوانات، ومِقنعة المرأة بكسر الميم ما تغطي(2) به رأسها، والقِناع بالكسر أوسع منها، وقِناع الشمس كناية عن الظلمة أو ما يحجبها من الآفاق والقاء القناع طلوعها، والوضح بالتحريك (البياض من كل شيء)(3)، وبياض الصبح والقمر، وفي بعض النسخ دخل من أشراق نورها بزيادة (من) التبعيضية أي دخل شيء من إشراق نورها، والضِباب بالكسر جمع ضب الدابة المعروفة، ووجارِها بالكسر جحرها الذي تأوي اليه ومن عادتها الخروج من وجارها عند طلوع الشمس لمواجهة النور على عكس الخفافيش، ومَأْقِيْها بفتح الميم وسكون الهمزة وكسر القاف وسكون الياء كما في أكثر النسخ لغة في المُؤْق بضم الميم وسكون الهمزة [أي طرف عينها مما يلي الانف](4) وهو مجرى الدمع [من العين، وقيل مؤخرها](5)، وقال الأزهري: اجمع [أهل اللغة أن المُؤق والمَأق بالضم والفتح

ص: 124


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 257
2- (يغطى) في أ، ع، تصحيف
3- لسان العرب، مادة (وضح): 2 / 634
4- [أي طرف عينه مما يلي الانف] خرم في ن
5- [من العين، وقيل مؤخرها] خرم في ن

طرف](1) العين الذي يلي الأنف وإن الذي يلي الصدغ(2) [يقال له: اللحاظ، والماقي لغةً فيه(3)، وقال ابن القطاع(4)](5): ماقي العين فعلي وقد غلط فيه جماعة من العلماء، فقالوا: هو مَفْعِل وليس كذلك بل [الياء في آخره للألحاق](6) قال الجوهري: وليس هو مفعل لأنَّ الميم أصلية وإنما زيدت في آخره الياء للإلحاق(7)، ولما كان فعلیِ بكسر اللام نادراً لا أخت لها أُلحِقَ بِمَفْعل، ولهذا جمع على ماقي على التوهم، وفي بعض النسخ مأقيها على صيغة الجمع و تبلیغ بكذا أي أكتفي والمعاش مایعاش(8) به ومایعاش فيه ومصدر بمعنى الحياة والمناسب هاهنا الأول، وفيما سيجيء الثاني، وفي بعض النسخ ليلها موضع لياليها (فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الليْلَ لَهَا نَهَاراً وَمَعَاشاً، وَالنَّهار سَكَناً وَقَرَاراً، وَجَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ الحَاجَةِ إلَی الطَّیَران، كَأنَّها شَظَايَا الآذَانِ، غَیْرَ ذَوَاتِ رِيشٍ وَلَا قَصَبٍ، إلَّا أَنَكَ تَرَى مَوَاضِعَ العُرُوقِ بَيِّنَةً

أَعْلَاماً، لَهَا جَنَاحَان لَّمَا يَرقَّا فَيَنْشَقَّا، وَلمْ يَغْلُظَا فَيَثْقُلَا) السكن بالتحريك ما تسكن اليه النفس، وتطمئن، وقر الشيء کفر أي استقر بالمكان والاسم

ص: 125


1- [أهل اللغة أن المُؤق والمَأق بالضم والفتح طرف] خرم في ن
2- (الصدع) في ر، تصحيف
3- ينظر: تهذيب اللغة، الازهري: 9 / 365
4- ينظر: كتاب الأفعال، ابن القطاع (ت 515 ه): 1 / 19
5- [يقال له: اللحاظ، والماقي لغة فيه، وقال ابن القطاع] خرم في ن
6- [الياء في آخره للالحاق] خرم في ن
7- ينظر: الصحاح، مادة (مأق): 4 / 1553
8- (ما يعاس) في أ، تصحيف

القَرار بالفتح، وقيل: هو مصدر، والشظية(1) الفلقة(2) من شيء فعيله من قولك: تشظت العصا إذا صارت فلقاً والجمع شظايا(3)، والقصب الذي في أسفل الريش للطيور، والأَعلام جمع علم بالتحريك وهوطراز الثوب ورسم الشيء ورقمه وأعلاماً في المعنی کالتأكيد لبينه وكلمة (لها) غير موجوده، في بعض النسخ فيكون قوله (عليه السلام) جناحان خبر مبتدأ محذوف أي جناحاها الذي فهم من الكلام لم تجعلا رقيقين بالغين في الرقة ولا في الغلظ حذراً من الانشقاق، والثقل المانع من الطيران (تَطِیرُ وَوَلَدُهَا لَصِقٌ بِهَا لاَجئٌ إلَيْهَا، يَقَعُ إذَا وَقَعَتْ، وَيَرْتَفِعُ إذَا ارْتَفَعَتْ، لَا يُفَارِقُهَا حَتَّى

يَشْتَد أَرْكَانُهُ، وَيْحِملَهُ [للنَّهُوضِ جَنَاحُهُ وَيَعْرِفَ](4) مَذَاهِبَ عَيْشِهِ وَمَصَالِحَ

نَفْسِهِ فَسُبْحَانَ البَارِئ لِكُلِّ شَيءٍ) [عَلَى غَیْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَیْرِهِ) لَجأ(5) إِلى الشيء أي](6) لاذ واعتصم به ووقوع [الطير ضد ارتفاعه](7) وأركان كل شيء جوانبه التي يستند اليها ويقوم بها والنهوض [التحرك بالقيام ونهض](8) الطائر إذا بسط جناحيه ليطير والعيش الحياة ومصالح الشيء ما فيه صلاحه [ضد الفساد](9) والبارئ الخالق، ومثال الشيء شبهه وهو الاسم من ماثله

ص: 126


1- (الشطية) في ث، تصحيف
2- (الفلعة) فيع، تصحيف
3- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (شظي): 3 / 189، وفي ث: (شطايا) تصحيف
4- [للنهوض جناحه ويعرف] خرم في ن
5- (لجأ) في ر، تصحيف
6- [على غير مثال خلا من غيره لجأ إلى الشيء أي] خرم في ن
7- [الطير ضد ارتفاعه] خرم في ن، وفي ع: (عند ارتفاعه)
8- [التحرك بالقيام ونهض] خرم في ن
9- [ضد الفساد] خرم في ن

مماثله کما سبق، وخلا أي مضى، وسبق أي لم يخلق الاشياء على حذو خالق سبقه بل ابتدعها على اقتضاء الحكمة والمصلحة.

ومن كلام له (عليه السلام) خطب به أهل البصرة على جهة اقتصص الملاحم

(فَمَنِ اسْتَطَاعَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَقِلَ نَفْسَهُ عَلَى اللهَ(1) فَلْيَفْعَلْ، فَإنَّ(2) أَطَعْتُمُونِي؛ فإني حَامِلُكُمْ إنْ شَاءَ اللهَ عَلَى سَبِيلٍ الجَنّةِ؛ وَإنْ كَانَ ذَا مَشَقَّةٍ

[عَظِيْمَة](3) شَدِيدَةٍ(4)، وَمَذاقَةٍ(5) مَرِيرَةٍ) اقتصصت الحديث أي رويته على وجهه، والملحمة الوقعة العظيمة القتل وقد تقدم مراراً، ويعتقل نفسه على الله أي: يحبسها على طاعة الله ولا يتعدى ما أمر [الله به](6) تقول: اعتقلت الرجل إذا حبسته، واعتقل لسانه على البناء للفاعل والمفعول إذا حبس عن الكلام فلم يقدر عليه وحمله على الأمر أي: اغراه به، والغرض إني أسلك یکم سبیل الجنة، وأقودكم اليه، وإن کنتم تختارون غيره لجهلكم بالعاقبة، وفي بعض النسخ (عظيمة) موضع (شديدة) وذاق الشيء ذوقاً ومذاقاً ومذاقة / ظ 203 / أي: اختبر طعمه، والمريرة فعيله من مُر الشيء، يَمَر ويَمُر بالفتح والضم مَرارة بالفتح (وَأمَّا فُلَنَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْىُ النِّسَاءِ، وَضَغْنٌ غَلَا فِي صَدْرهِا

ص: 127


1- (الله عز وجل) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 273
2- (وإن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 154
3- [عظيمة] ساقطة من ث، ر، وفي م: (عزيمة)، وفي ن: (عطيمة)
4- (ذا مشقة شديدة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 154، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 273
5- (مداقه) في ع، تصحيف
6- [الله] طمس في ن

كَمِرْجَلِ القَیْنِ(1)، وَلَوْ دُعِيَتْ لِتَنَالَ مِنْ غَیْرْي مَا أَتَتْ إليَّ؛ لْمَ تَفْعَلْ. وَلَهَا بَعْدُ حُرْمَتُهَا الأُولَی، وَالحِسَابُ عَلَى اللهِ) المراد بفلانة عائشة بنت أبي بكر والظاهر أنَّ التعبير بلفظ الكناية نوع تقية من السيد (رضي الله عنه) كفلان في الخطبة الشقشقية ونحو ذلك، والضِغن بالكسر الحقد والانطواء على العداوة والبغضاء كالضغينة، وغلت القدر تغلي غلياناً بالتحريك، والمِرجل كمِنبر (القدر)(2) و (القين: الحداد)(3)، ويطلق على كل صانع، والمراد بمرجل القين المرجل من الحديد [کما ذكره](4) بعض الشارحين(5)، ولعل التخصيص لأنه إذا غلى [كان غليانه أشد وأدوم وقد كانت](6) عائشة [تبغض أمير المؤمنين عليه](7) السلام حتی روي أنها [سمت عبداً لها بعبد الرحمن تذكر العبد الرحمن بن ملجم و](8) كانت تحسد فاطمة (صلوات الله عليها) وتبغضها وتأكد [بذلك بغضهاله (عليه السلام) ومن أسباب](9) حقدهاسوی الشقاوة الجبلية، سد رسول الله (صلى الله عليه واله) باب [أبيها(10) أبي

ص: 128


1- (القبن) في ر، تصحيف
2- لسان العرب، مادة (رجل): 11 / 274
3- المصدر نفسه، مادة (قين): 13 / 300
4- [كما ذكره] خرم في ن
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 154
6- [كان غليانه أشد وأدوم وقد كانت] خرم في ن
7- [تبغض أمير المؤمنين عليه] خرم في ن
8- [سمت عبداً لها بعبد الرحمن تذكر العبد الرحمن بن ملجم و] خرم في ن
9- [بذلك بغضها له (عليه السلام) ومن أسباب] خرم في ن
10- (ابيه) في أ، ر، ع، م، وفي ث: (بابي)

بكر من المسجد وابقاءه](1) باب (علي عليه السلام) و بعثه (عليه السلام) ليأخذ سورة براءة من أبي بكر وغير ذلك مما هو مذكور في كتب الأخبار والسير(2) (وَلَوْ دُعِيَتْ لِتَنَالَ مِنْ غَیْرْي مَا أَتَتْ إليَّ) أي لو دعاها أحد كطلحة والزبير أو غيرهما لتأخذ من غيري ما (اتت الي) وهي الامارة والخلافة لم تجبه الى الخلاف والشقاق؛ لأنه ليست في صدرها من الضغن لأحد مثل ما في صدرها من الحقد علي، وقال بعض الشارحين: (إنما يعني بذلك الغير عمر(3) أي لو أن عمر ولي الخلافة بعد قتل عثمان على الوجه الذي قتل عليه ونسب الى عمر أنه كان (يحرض)(4) الناس على قتل عثمان ودعيت الى أن تخرج عليه وتثير الفتنة لم تفعل، والأظهر حمل اللفظ على العموم وهو أدل على الضغن، وحرمتها الأولى أي كونها من أمهات المؤمنين والحساب على الله أي مجازاتها على الضغن والخروج عن الطاعة واثارة الفتنة المؤدية الى قتل طائفة من المسلمين على الله عز وجل.

منه (سَبِيلٌ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ أَنْوَرُ السِّرَاجِ؛ فَبِالإِيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ، وَبِالصَّالِحَاتِ يُسْتَدَلُ عَلَى الْإِيمَانِ، وَبِالْإِيمَانِ يُعْمَرُ الْعِلْمُ، وَبِالْعِلْمِ يُرْهَبُ المَوْتُ، وَبِالمْوِتُ تُخْتَمُ الدُّنْيَا، وَبِالدُّنْيَا تُحْرَزُ الْآخِرَةُ،(5) وَإنَّ الْخَلْقَ لَا مُقْصَرَ

ص: 129


1- [أبيها أبي بكر من المسجد وابقاءه] خرم في ن
2- ينظر: تاريخ الطبري: 2 / 382، ومروج الذهب: 4 / 301، والكامل في التاريخ: 2 / 291
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 161
4- (يحرص) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
5- (تحرز الآخرة وبالقيامة تزلف الجنة، وتبرز الجحيم للغاوين) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 9 / 162، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 274

لَهُمْ عَن الْقِيَامَةِ، مُرْقِلِنَ فِي مِضْمَرِهَا إِلَی الْغَايَةِ الْقُصْوَى) (بَلَجَ)(1) الصبح أي اضاء وأشرق، والمنهاج(2) الطريق، ويمكن أن يراد به نفس الجادة، والظاهر أن الكلام في وصف الدين ومناهجه قوانينه وسراجه الأنور الرسول الهادي اليه والأئمة (صلوات الله عليهم)، قال بعض الشارحين: يريد بالإيمان، أولاً: مسماه [اللغوي وهو التصديق قال](3) الله تعالى: «وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ»(4) أي بمصدق [وثانياً: معناه الشرعي أي التصديق والاقرار](5) والعمل أي من حصل عنده [التصديق بالوحدانية](6) والرسالة [استدل بهما على وجوب الاعمال](7) الصالحة عليه أو ندبه اليها وبأعماله الصالحة يعلم ایمانه(8) وبهذا [التفسير يسلم من إشكال](9) الدو، وقال بعضهم: الصالحات معلولات للإيمان وثمرات له، فيستدل [بوجوده في](10) قلب العبد على ملازمته للصالحات استدلالا بالعلة على المعلول وبصدورها عن العبد على وجوده في القلب استدلالا بالمعلول على العلة(11) وعلى هذا الوجه يكون

ص: 130


1- (بلح) في أ، ر، ن، تصحيف
2- (المنهاح) في م، ن، تصحيف
3- [اللغوي وهو التصديق قال] خرم في ن
4- يوسف / 17
5- [وثانياً معناه الشرعي أي التصديق والاقرار] خرم في ن
6- [التصديق بالوحدانية] خرم في ن
7- [والرسالة استدل بهما على وجوب الاعمال] خرم في ن
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 162، 163
9- [التفسير يسلم من اشکال] خرم في ن
10- [بوجوده في] خرم في ن
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 260

الايمان في الموضوعين بالمعنى اللغوي وحينئذ يمكن أن يكون المعنى يستدل بالإيمان على الصالحات أي يكون الايران دليلاً للإنسان نفسه، وقائداً یود به الى فعل الصالحات وبأعماله الصالحة يعلم غيره إنه من المؤمنين وحينئذ يكون الاستدلال في كل موضع بمعنی، ویمکن أن / و204 / يراد في الثاني أن مشاهدة الاعمال الصالحة يؤدي من يشاهدها الى الايمان ويحتمل أن يكون المراد أنَّ الایمان یهدي الى صالح الاعمال والاعمال الصالحة يورث كمال الايمان أو الايمان يقود الإنسان إلى الأعمال الصالحة [والاعمال الصالحة](1) الناشئة من حسن السريرة و خلوص النية يورث توفيق الكافر للإيمان أو يستدل بإيران الرجل إذا علم على حسن عمله وبقدر(2) اعماله على قدر ایمانه وكماله أو يستدل بكل منهما إذا علم على الآخر ولا دور والغرض بیان شدة الارتباط بينهما ونوع من التلازم وبالإيمان يعمر العلم [فإنَّ العلم](3) وجوده العقل إذا خلا من الإيمان كان كالخراب لا ينتفع به أو لأنَّ حسن العمل من أجزاء الإيمان والعلم بلا عمل کالخراب لا فائدة فيه وبالعلم يرهب الموت أي يخشی عقاب الله بعد الموت كما قال عز وجل: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»(4) وبالموت تختم الدنيا، والموت لا مهرب منه فلا بد من القطع بانقطاع الدنيا ولا ينبغي اللعاقل أن يكون همته [مقصورة عليها وبالدنيا](5) تحرز الآخرة أي تحاز(6)

ص: 131


1- [والاعمال الصالحة] ساقطة من ث، ع
2- (يقدر) فيع، تصحيف
3- [فأن العلم] ساقطة من ع
4- فاطر / 28
5- [مقصورة عليها وبالدنيا] خرم في ن
6- (تجاز) في ث، م، تصحيف

و تجمع سعادتها [فإنَّ الدنيا مضمار الاخرة](1) ومحل الاستعداد [واكتساب الزاد ليوم المعاد](2) أو المراد بالدنيا الأموال [ونحوها أي يمكن للإنسان أن يصرف ما اعطاه الله](3) من المال ونحوه على وجه یکتسب به الآخرة، وفي نسخة بعض الشارحين ((وبالقيامة [تزلف الجنة للمتقين وتبرز](4) الجحيم اللغاوين))(5)، والزُلفة والزُلفی بالضم فيهما (القربة)(6)، وأزلفه أي قربه فاز دلف، ومنه سميت [مزدلفه؛ لأنَّه يتقرب](7) فيها أو لإقترابها من عرفات کما قيل(8)، وقيل: سمیت ((لاجتماع الناس بها))(9)، تقول: أزلفت الشيء أي جمعته [وابرز](10) الشيء ابرازاً وبرزه تبریزاً أي اظهره وكشفه والغاوي العامل بما یوجب الخيبة أي بالقيامة أو فيها تقرب الجنة للمتقين ليدخلوها أو ليستبشروا بها وتكشف الغطاء عن الجحيم للضالين قال الله عز وجل: «وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ»(11) قيل: وفي اختلاف

ص: 132


1- [فإنَّ الدنيا مضمار الاخرة] خرم في ن
2- [واكتساب الزاد ليوم المعاد] خرم في ن
3- [ونحوها أي يمكن للإنسان أن يصرف ما اعطاه الله] خرم في ن
4- [تزلف الجنة للمتقين وتبرز] خرم في ن
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 162، وهو من قوله تعالى: ((وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِینَ، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ) الشعراء / 91،90
6- العين، مادة (زلف): 7 / 368
7- [مزدلفه؛ لأنَّه يتقرب] خرم في ن
8- ينظر: مجمع البيان: 9 / 246، والمصباح المنير: 1 / 254
9- لسان العرب، مادة (جمع): 8 / 59
10- [وابرز] خرم في ن
11- الشعراء / 90، 91

الفعلين دلالة على غلبة الوعد، والقَصر بالفتح (الغاية)(1)، وهو القَصَار بالفتح والقُصاری بالضم، وقَصرت الشيء أي حبسته، وقصرت فلاناً على كذا أي رددته إلى شيء دون ما أراد ذكره في العين(2) أي لا م حبس للخلق أو لا غاية لهم دون القيامة، أو لا مرد هم عنها، وأرقل أي (أسرع)(3)، وسمي هاشم بن عتبة بالمرقال، لأن أمير المؤمنين (عليه السلام) اعطاه الراية يوم صفين وكان يرقل بها، والمضمار: موضع تضمير الفرس ومدته وهو أن تعلفه حتی يسمن ثم ترده الى القوت وذلك في اربعين يوماً، وقيل: أن تشد على الخيل سروجها وتجلل بالأجله حتى تعرق تحتها ويشتد لحمها، وفسر المضار بالميدان [وهو أنسب بالمقام منه](4) قَدْ شَخَصُوا [مِنْ مُسْتَقَرِّ الّْجْدَاثِ،(5)](6) وَصَارُوا إلى مَصَائِرِ الْغَايَاتِ؛ لِكُلِّ [دَارٍ أَهْلُهَا؛ لَا](7) يَسْتَبْدِلُونَ بِهَا وَلَا يُنْقَلُونَ عَنْهَا؛ وَإنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ، لَخُلُقَانِ مِنْ خَلَقِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَإنَّهُمَا لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ) شخصوا أي خرجوا أو المستقر موضع الاستقرار، والاجداث(8) جمع جدث(9) بالتحريك وهو القبر ومصائر الغايات أي ما يؤول ويرجع الناس اليه وهي

ص: 133


1- لسان العرب، مادة (قصر): 5 / 97
2- ينظر: العين، مادة (قصر): 5 / 57
3- القاموس المحيط، مادة (رقل): 3 / 386
4- [منه] ساقطة من ث، و [وهو أنسب بالمقام. منه] خرم في ن
5- (الاخداث) في أ، وفي ع: (الاحداث)، تصحيف
6- [من مستقر الاحداث] خرم في ن
7- [دار أهلها لا] خرم في ن
8- (الاحداث) في أ، ع، تصحيف
9- (الحدث) في أن تصحيف

منتهى المصائر ليس بعدها مصير هم ولكل دار أهلها على ما في بعض النسخ أي خص بکل دار من استعد لها واستحقها، وفي بعض النسخ (لكلٍ دارٌ) بتنوين كل ورفع دار فأهلها مبتدأ خبره الجملة المتأخرة عنه وفي بعض النسخ (لا ينتقلون عنها) على صيغة الأفتعال وهو كالتفسير للاستبدال، والخلق بالضم وبضمتين ويوجدان في النسخ السجية والطبيعة والمعنى إنهما ليسا بمكتسبين(1) له سبحانه لبراءته عن الاكتساب والتغير حال من الحال ونقص يكون لازماً و متعدياً، ونفي الأمرين لدفع توهم من يكف عن نهي الظلمة والأغنياء حذراً من أن يبطشوا به فيقتلوه(2) أو يحرموه ولا يعطوه وذلك في غير مواضع التقية، أو لدفع توهم من يتوهمها مطلقاً (وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإنَّهُ الْحَبْلُ المَتِینُ، / ظ 204 / وَالنُّورُ المُبِینُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَالرِّيُّ النَّاقِعُ، وَالْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ، وَالنَّجَاةُ لِلْمَتَعَلِّقِ؛ لَا يَعْوَجُّ فَيُقَامَ، وَلَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ، وَلَا تُخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ، وَ وُلُوجُ السَّمْعِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ) الحبل الرسن والعهد والميثاق وفي حديث الثقلين (اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الأرض [وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى یردا على الحوض)، ولعله على التشبيه، وقال ابن الأثير(3): أي نور ممدود من السماء إلى الأرض](4) يعني: نور هداه، والعرب تشبه النور الممتد بالحبل والخيط، ومنه قوله تعالى: «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ

ص: 134


1- (مکتبسين) في ر، تحریف
2- (فقبلوه) في ر، تحریف
3- (الايثر) في ر، تصحیف
4- [وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتی یردا على الحوض)، ولعله على التشبيه، وقال الابن الأثير (1): أي نور محدود من السماء إلى الأرض] ساقطة من ع

الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ»(1) یعني نور الصبح من ظلمة الليل. وفي حديث آخر (وهو حبل [الله](2) المتين) أي نور هداه، وقيل عهده وأمانه الذي يؤمن من العذاب(3)، [ومتُن الشيء](4) بالضم متانه أي اشتد وقوي فهو متين، والرِي بالكسر الاسم من رَوِي من الماء واللبن [رَيّاً ورِياً بالفتح والكسر](5)، والناقع(6) القاطع [للعطش](7)، ويقال: نقع الرجل إذا روی من الماء فتغير(8) لونه ذكره في العين(9)، [والعِصمة بالكسر](10) الاسم من عصمة الله من المكروه من باب ضرب أي حفظه الله ووقاه والتمسك التعلق [والاعتصام](11)، وعصمة القرآن الحفظ من الضلالة والمكاره والاسقام ونحوها في الدنيا ومن العذاب في الآخرة، وقام الأمر أي اعتدل واستقام واقامه غيره، والزيغ الميل والجور عن الحق والشك ولا يزيغ فيستعتب أي الايميل ولا يجور حتى يطلب(12) منه الرجوع، يقال: اعتبني فلان أي ترك ما

ص: 135


1- البقرة / 187
2- [الله] ساقطة من م
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 332، وفيه: (أي نور ممدود يعني نور هداه...)
4- [ومتُن الشيء] خرم في ن
5- [رَيّاً ورِياً بالفتح والكسر] طمس في ن
6- (النافع) في ث، تصحيف
7- [للعطش] خرم في ن
8- (تتغير) في ث، تحریف
9- ينظر: العين، مادة (نقع): 1 / 172
10- [والعصمة بالكسر] خرم في ن
11- [والاعتصام] خرم في ن
12- (تطلب) في ر، تصحيف

كنت أجده منه ورجع إلى مسرتي ذكره في العين(1)، وقال بعض الشارحين: أي لا يزيغ، فيطلب منه العتبي وهو الرضا، كما يطلب من الظالم (يميل)(2) فيسترضى(3)، وخلق الثوب كنَصَرَ وسَمِعَ و کَرُمَ أي بلى واخلقته أنا، ولعل المراد بالرد تكرير القراءة ومنه ترديد الصوت في الحلق(4) للترجيع، وحمله على رد المنكرين بعيد، وولج کورد ولُوجاً بالضم أي دخل، ومن خصائص القرآن أنه لا يزال غضاً طرياً لا يمل أحد من المؤمنين من كثرة استماعه وقراءته وكون القائل به من الصادقين والعاملين به من السابقين واضح.

(وقام اليه (عليه السلام) رجلٌ فقال أخبرنا عن الفتنة وهل سألت عنها رسول الله (صلى الله عليه واله)؟ فقال (عليه السلام):(5) لمَّا أَنْزَل اللهُ سُبْحَانَهُ قَوْلَه: «آلم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ»(6) عَلِمْتُ

أَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا، وَرَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَالهِ)(7) بَيَنْ أَظْهُرِنَا) [الفتنة](8) تكون(9) لمعاني منها الامتحان والاختبار(10) وكثر استعماله في المكروه ومنها

ص: 136


1- ينظر: العين، مادة (عتب): 2 / 79، وفي ث: (المحلين) تحریف
2- (بميل) في ر، تصحيف
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 165
4- (الخلق) في أن تصحيف، وفي ث: (للخلق)
5- [إنه] في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 166، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 275
6- العنكبوت: 1، 2
7- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 166
8- [الفتنة] ساقطة من ث
9- (يكون) في أ، ر، ع، م، تصحيف
10- (الاختيار) في ث، تصحيف

الاضلال والعذاب والفضيحة واختلاف الناس في الآراء والكفر والاثم والاعجاب بالشيء وظاهر كلامه (عليه السلام) أن المراد [بالفتنة في](1) الآية ليس الامتحان بالتكاليف کما ذكره بعض المفسرين لثبوت ذلك في أيام الرسول (صلى الله عليه واله) بل ماسنح بعده (صلى الله عليه واله) من الضلال واختلاف الناس ونحو ذلك، وأما قوله (عليه السلام) علمت فالأظهر منه أن ما بعده مما (تدل)(2) عليه الآية أما بوجه هو (عليه السلام) يعلمه، وأما بالعدول عن المخاطبة بلفظ [يا أيها الذين أمنوا](3) ونحو ذلك مما شاع في الكتاب الكريم إذا أخبر عن [وقائع ذلك الزمان](4) وأحكامه [بالتعبير بلفظ الناس ويحتمل أن يكون](5) العلم من غير تلك الآية الكريمة [كقوله تعالى](6): «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ»(7) [على ما ذكره](8) [...](9) الشارحين(10) إلَّا أنه يستعدی کون المراد من العذاب مثل تلك الفتنة أو من آية أخرى أو خبر هو (عليه السلام) يعلمه وبين أظهرنا أي فينا وقد تقدم ذكره. (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِي أَخْبَرَكَ اللهُ بِهَا؟ فَقَالَ:

ص: 137


1- [بالفتنة في] خرم في ن
2- (یدل) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما أثبتناه
3- [يا أيها الذين امنوا] خرم في ن
4- [وقائع ذلك الزمان] خرم في ن
5- [بالتعبير بلفظ الناس ويحتمل أن يكون] خرم في ن
6- [كقوله تعالى] خرم في ن
7- الانفال / 33
8- [على ما ذكره] خرم في ن
9- [بعض] زائدة في ع
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 168

يَا عَلِيُّ إنَّ أُمَتِي سَيُفْتَنُونَ مِنْ(1) بَعْديِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَ لَيْسَ قَدْ قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ حَيثُ اسْتُشْهِدَ [مَنِ اسْتُشْهِدَ](2) / و 205 / مِنَ المُسْلِمِيَن، وَحِيزَتْ عَنِّى الشَّهَادَةُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتَ [لِي](3): ((أَبْشْرِ فَإنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ

وَرَائِكَ؟)) فَقَالَ [لِي](4): ((إنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَيْفَ صَبُرْكَ إذاً))! فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَيْسَ هَذَا مِنْ مَوُاطِنِ الصَّبْرِ؛ وَلَكِنْ مِنْ مَوُاطِنِ الْبُشْرَى وَالشُّكْرِ) في بعض النسخ (سيفتتنون) على صيغة المضارع المعلوم من باب الافتعال، وبيان الفتنة المسؤول(5) ما سيجيء في الكلام وتمنيه (عليه السلام) قبل البيان بعد أن علم بنزول الفتنة بعده (صلى الله عليه واله) لشوقه الى ادراك الشهادة قبل نزولها، واستشهد، واشهد على صيغة المجهول فيهما، أي قتل في سبيل الله، وحيزت عني أي منعت مني، ولم يتيسر لي، وأصله الجمع وضم الرجل الشيء الى نفسه، وابشر على صيغة الماضي من باب الأفعال أي فرح، ومنه أبشر بخيرٍ بصيغة الأمر، والبُشری بالضم الاسم من الأبشار والبشور والاستبشار کالبِشارة بالكسر ، قال بعض الشارحين(6): كلامه (عليه السلام) يدل على أن الآية المذكورة انزلت بعد أحد، وهذا خلاف قول أرباب

ص: 138


1- [سيفتنون بعدي] في شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد، 9 / 166
2- [من استشهد] ساقطة من ث، م
3- [لي] ساقطة من أ، ع
4- [لي] ساقطة من أ، ع
5- (السوال) في م، تحریف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 167، 168

[التفسير لأنَّ سورة](1) العنكبوت عندهم بالاتفاق مكية(2) [ويوم](3) أحد كان بالمدينة وينبغي أن يقال في هذا أن هذه الآية [خاصة](4) أنزلت بالمدينة واضيفت الى [السورة](5) المكية، فصارتا واحدة، وسميت مكية؛ لأن الأكثر كان بمكة، ومثله(6) كثير سورة النحل فإنها مكية [بالاجماع](7) وآخرها ثلاث آيات انزلت بالمدينة بعد يوم احد [وهي](8) قوله تعالى: «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ [فَعَاقِبُوا](9)» إلى آخر السورة(10). (وَقَالَ: يَا عَلِيُّ إنَّ [الْقَوْمَ سَيُفْتَنُونَ](11) بِأَمْوَالِهِم، وَيَمُنُّونَ بِدِينِهِمْ [عَلَى رَبِّهِمْ، وَيَتَمَنَّوْنَ](12) رَحْمَتَهُ، وَيَأْمَنُونَ سَطْوَتَهُ وَيَسْتَحِلُّونَ [حَرَامَهُ](13) بِالشُّبُهَاتِ الْكَاذِبَةِ، وَالْأَهْوَاءِ [السَّاهِيَةِ](14)، فَيَسْتَحِلُّونَ

ص: 139


1- [التفسير لأنَّ سورة] خرم في ن
2- ينظر: جامع البيان، الطبري: 20 / 156، والوجيز في تفسير الكتاب العزيز، الواحدي: 2 / 828، ومعالم التنزیل، البغوي: 3 / 460، والكشاف عن غوامض التنزيل، الزمخشري: 3 / 195، و جوامع الجامع، الطبرسي: 2 / 759
3- [ويوم] طمس في ن
4- [خاصة] طمس في ن
5- [السورة] طمس في ن
6- (مثل) في ث
7- [بالاجماع] طمس في ن
8- [وهي] خرم في ن
9- [فعاقبوا] ساقطة من ع
10- النحل / 129 - 128
11- [القوم سيفتنون] خرم في ن
12- [على ربهم ويتمنون] خرم في ن
13- [حرامه] خرم في ن
14- [الساهية] خرم في ن

الْخَمْرَ [بِالنَّبِيذِ](1)، وَالسُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ وَالرِّبَا بِالْبَيْع) الظاهر أن المراد بالفتنة هاهنا الاعجاب بالأموال، أو الوقوع في الضلال، أو الكفر، أو الاثم، أو العذاب بسببها وهذه من جملة الفتنة المخبر عنها أولا، ويقال: فتنه كضربه إذا اوقعه في الفتنة، فهو مفتون وافتنه فهو مفتن وفتن هو وافتن على صيغة المعلوم فيهما إذا وقع في الفتنة لازماً ومتعدياً، والسطوة القهر والاذلال والبطش بشدة، يقال: سطا عليه وبه، والشبهة الباطل يشبه الحق وقد مَرَّ في كلامه(2) (عليه السلام)، والوصف للكشف وفسرت بالالتباس والهوى ارادة النفس والعشق يكون في الخير والشر، ووصف الاهواء بالساهية للمبالغة تجوزاً، والنبذ الطرح والرمي، تقول(3): نبذت(4) الشيء كضربت، فهو نبيذ ومنبوذ والنبيذ ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذاً مسکراً كان أو غيره، ويقال للخمر أيضاً: نبيذ، كما يقال للنبيذ خمر، واستحلال الخمر(5) بالنبيذ استحلال النبيذ الذي هو خمر، أو مسكر على أن يكون المراد بالخمر المسكر، وذلك مما شاع بين العامة، والسُحت بالضم: (الحرام)(6) الذي لا يحل کسبه؛ لأنه يسحت(7) البركة أي يذهبها، والمراد بالسحت الرشوة التي يأخذها بعض الحكام باسم الهدية، أو

ص: 140


1- [بالنبيذ] ساقطة من ث
2- ينظر: صحيفة: 109
3- (يقول) في أ، ع، تصحيف
4- (نبدت) في ع، تصحيف
5- (الحمر) في م، تصحيف
6- الصحاح، مادة (سحت): 1 / 252
7- (يسجت) في ر، تصحيف

الأعم منها [ومما يأخذه](1) الولاة والشهود ونحو ذلك، وروی الصدوق (رضي الله عنه) في العيون عن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: «أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ»(2) قال: (هو الرجل يقضي لأخيه حاجة، ثم يقبل هديته)(3)، وفي (ثواب)(4) الأعمال (عن الأصبغ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أيما والٍ احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه، وإن أخذ هدية كان غلولاً، وإن أخذ الرشوة فهو مشرك)(5)، وفي الخصال بسند صحيح عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه قال: والسحت أنواع كثيرة منها ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة، ومنها أجور(6) القضاة، وأجور الفواجر، وثمن الخمر، والنبيذ المسكر، والربا بعد البينة فأما الرشا يا عمار في الأحكام فإنَّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله (صلى الله عليه واله)(7) / ظ 205 /، واستحلال [الربا](8) بالبيع أما أخذ أموال [الناس بالبيع الفاسد](9) فالمراد الانتفاع بالأموال أو أخذ

ص: 141


1- [وما يأخذه] خرم في ن
2- المائدة / 42، وفي ع: (أكان للسحت)، تحریف
3- عيون الأخبار: 2 / 31
4- (عقاب) في أ،، ث، ر، ع، م، ن، تحريف، والصواب ما اثبتناه
5- ثواب الاعمال: 261
6- (أجوب) في م، تحریف
7- الخصال: 330، وفيه: (برسوله)
8- [الربا] خرم في ن
9- [الناس بالبيع الفاسد] خرم في ن

الزيادة على [الثمن في](1) الربا کما هو ظاهراً للفظ [إلا أنَّ](2) الظاهر من المقام شيوع ذلك بين الأمة وفي زمانه (عليه السلام) [لقوله](3) (عليه السلام) بعد ذلك فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك وهو غير واضح، ويحتمل أن يراد بالبيع ما يشمل القرض فيدخل فيه ما شاع في زماننا من [أخذ الزيادة بالحيل](4) كالإجارة والمصالحة(5) وغير ذلك، وقيل: [المراد أخذ الزيادة](6) بصورة البيع بالشرط [مع الاجازة والصلح](7) وهذان(8) الأمران وإن شاعا في هذه الأزمان(9) إلاَّ أنَّ شيوعهما في زمانه (عليه السلام)، وكذا تحريمهما مطلقاً محل نظر و تأمل والله تعالى يعلم حقيقة الحال. ([فَقُلْتُ]:(10) يَا رَسُولَ اللهِ، فَبِأَيِّ المَنَازِلِ أُنْزِلُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ أَبِمَنْزِلَةِ(11) رِدَّةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ؟ فَقَالَ:

بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ) قال الشارحان(12): هذا الخبر، قد رواه كثير من المحدثين عن

ص: 142


1- [الثمن في] خرم في ن
2- [إلا أنَّ] خرم في ن
3- [لقوله] خرم في ن
4- [أخذ الزيادة بالحيل] خرم في ن
5- (المضالحة) في أ، تصحيف
6- [المراد أخذ الزيادة] خرم في ن
7- [مع الاجازة والصلح] خرم في ن، وفي ع، ر، م: (الاجارة)، تصحيف
8- (وهدان) في م، تصحيف
9- (الأزمات) في أ، تحریف
10- [فقلت] خرم في ن. وفي شرح نهج البلاغة، بين أبي الحديد: 9 / 166، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 275
11- (بمنزلة) في أ، ن
12- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 167، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 265

علي (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال لي: (إن الله قد کتب عليك جهاد المفتونين کما کتب علي جهاد المشركين، قال: فقلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة التي كتب عليَّ فيها الجهاد؟ قال: قومٌ يشهدون أن لا اله إلاَّ الله وإني رسول الله، وهم مخالفون للسنة، فقلت: يا رسول الله فعلام أقاتلهم وهم يشهدون کما أشهد!، قال: على الأحداث في الدين ومخالفة الأمر، فقلت يا رسول الله: أنك كنت وعدتني الشهادة، فأسأل الله أن يعجلها(1) لي، بين يديك قال: فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين؟ أما إني قد وعدتك الشهادة، وستشهد تُضّرب على هذه فتخضب هذه، فكيف صبرك (إذن)(2)؟، فقلت: يا رسول الله ليس ذا بموطن صبٍر هذا موطن شکرٍ، قال: أجل أصبت فأعد للخصومة فإنك مخاصم فقلت: يا رسول الله لو بينت لي قليلاً، فقال: إنَّ أمتي ستفتن من بعدي فتتأول القرآن، وتعمل بالرأي، وتستحل الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع وتحرف الكتاب عن مواضعه وتغلب كلمة الضلال، فكن حِلْسَ بيتك حتى [تقلدها فإذا قلدتها](3) جاشت عليك الصدور، وقلبت لك الأمور، فتقاتل حینئذ على تأويل القرآن [کما قاتلت على تنزيله فليست حالهم](4) الثانية [بدون حالهم](5) الاولى فقلت یا رسول الله فبأي المنازل [أنزل هؤلاء المفتونين من

ص: 143


1- (يعحلها) في ر، تصحيف
2- (إذاً) في ن
3- [تقلدها فإذا قلدتها] خرم في ن
4- [كم قاتلت على تنزيله فليست حالهم] خرم في ن
5- [بدون حالهم] خرم في ن

بعدك](1) بمنزلة فتنة [أم بمنزلة](2) ردۃٍ فقال: بمنزلة فتنةٍ يعمهون فيها الى أن يدركهم العدل فقلت: يا رسول الله أيدركهم العدل منا أم من غيرنا؟ قال: بل منا، بنا فُتِحَ [وبنا يختم وبنا ألف الله بين](3) القلوب بعد الشرك وبنا يؤلف بين القلوب بعد [الفتنة فقلت: الحمد لله على ما وهب](4) لنا من [فضله انتهى(5) [توضيح](6): كن](7) حِلس بيتك بالكسر أي ملازماً له غير مفارق له [بالخروج للقتال](8) ودفع أهل الضلال، [قال في العين](9): الحِلس ما ولي ظهر البعير تحت الرحل(10)، يقال: فلان من أحلاس الخيل في الفروسية كالحلس اللازم لظهر الفرس(11)، (والحلس للبيت: ما يبسط تحت حر المتاع من مسحٍ وغيره)(12)، والضمير المنصوب في تقلدها على صيغة المجهول، وكذلك قلدتها راجع الى الخلافة والامارة وتقليد الولاة الأعمال مأخوذ من تقليد المرأة القلادة، أي جعلها في عنقها، والمعنى: حتى تنتقل(13)

ص: 144


1- [أنزل هؤلاء المفتونين من بعدك] خرم في ن
2- [أم بمنزلة] خرم في ن
3- [وبنا يختم و بنا ألف الله بين] خرم في ن
4- [الفتنة فقلت: الحمد لله على ما وهب] خرم في ن
5- (اننهی) في أ، تصحيف
6- [توضیح] بیاض في ث
7- [فضله انتهى توضيح، کن] خرم في ن
8- [بالخروج للقتال] خرم في ن
9- [قال في العين] خرم في ن
10- (الرجل) في أ، ث، تصحيف
11- ينظر: العين، مادة (حلس): 3 / 142
12- المصدر نفسه، مادة (حلس): 3 / 142
13- (ینتقل) في أ، ث، ع، تصحيف

اليك الخلافة بأن اطاعك الناس وتركوا العناد وجاش القدر، أي غلا والغرض ثوران الاحقاد التي في قلوب القوم، وقلبت(1) لك الأمور أي دبروا بأنواع المكائد والحيل لدفعك ودوروا الآراء في ابطال امرك، وليست حالهم الثانية بدون حالهم الأولى أي: في الكفر والضلال واستحقاق العذاب، ثم إنه لا خلاف بين أصحابنا في كفر من حاربه (عليه السلام) فتنزيلهم منزلة الفتنة دون الردة لعلة في سقوط القتل عنهم بالتوبة وعدم اجراء جميع أحكام الكفار / و 206 / عليهم لإظهارهم الشهادتين بخلاف المرتد عن فطرة ويحتمل أن يكون ذلك التنزيل قبل ظهور العدل وقيام القائم (عليه السلام) لاقتضاء المصلحة، وبعده ينزلون منزلة الردة، ويحكم فيهم بمحض الحق کما يدل عليه هذا الخبر المروي والاشتباه في [المتن نشأ من حذف](2) السيد (رضي الله عنه) تتمة الكلام على عادته والله يعلم.

[ومن خطبة له (عَلَيْهِ السلام)]

[الْحَمْدُ للهِ الَّذِي](3) جَعَلَ [الْحَمْدَ مِفْتَاحاً](4) لِذِكْرِهِ، وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ [وَدَلِيلاً](5) عَلىَ آلاَئِهِ وَعَظَمَتِهِ) [أما كون الحمد مفتاحاً](6) لذكره

ص: 145


1- (فلبت) في ر، تصحيف
2- [المتن نشأ من حذف] خرم في ن
3- [الحمد لله الذي] خرم في ن
4- [الحمد مفتاحاً] خرم في ن
5- [ودليلًا] خرم في ن
6- [أما كون الحمد مفتاحاً] خرم في ن

فلأن أول الكتاب العزيز «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(1) والقرآن هو الذكر، قال سبحانه: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»(2) على ما ذكره بعض الشارحين(3) [أو](4) لأنه جعله مفتاحاً لذكره في عدة [سور على ما ذكره بعضهم أو](5) لأنه ندب إلى افتتاح ذكره بحمده وافتتح به [على احتمال وأما](6) كونه سبباً [لزيادة فضله فلقوله عز وجل: «لَئِن](7) شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(8) على أن يكون المراد [بالحمد الشكر أو](9) ما يصدق عليه، أو لأن مزيد الفضل من فروع رفعة شأن الحمد واما دلالته على نعمائه فلأنه لا جود أعظم من جود من يعطي من يحمده لا حمداً متطوعا بل حمداً واجباً عليه ولاختصاص الشكر بمولى النعم، واما دلالته على عظمته فلأنه دال على أن قدرته لا يتناهی ابداً بل كلما ازداد الشكر ازدادت النعمة. (عِبَادَ اللهِ؛ إنَّ

الدَّهْرَ يَجْرِي بِالْبَاقِنَ كَجَرْيِةِ بِالْمَاضِینَ، لَا يَعُودُ مَا قَدْ وَلَّی مِنْهُ، وَلَ يَبْقَى سَرْمَداً

مَا فِيهِ. آخِرُ فَعَالِهِ كَأَوَّلِهِ، متسابقةٌ(10) أُمُورُهُ، مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلَامُهُ. فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ

ص: 146


1- الفاتحة / 2
2- الحجر / 9
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 170
4- [أو] خرم في ن
5- [سور على ما ذكره بعضهم أو] خرم في ن
6- [على احتمال] خرم في أ
7- الزيادة فضله فلقوله عز وجل: ((لئن] خرم في ن
8- إبراهيم / 7
9- [بالحمد الشكر أو] خرم في ن
10- (متشابهة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 169. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 169

تَحْدُوكُمْ حَدْوَ الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ) ولى الشيء وتولى أي أدبر، والسرمد الدائم الذي لا ينقطع وليل سرمد أي طويل، والفَعال بالفتح کما في بعض النسخ مصدر، مثل: ذَهَبَ ذَهَاباً، وبالكسر [كما في بعض النسخ جمع فعِل بالكسر](1)، مثل: قدح وقدِاح وبئر وبئار، وهو الاسم والمصدر فعَل بالفتح والضمير في أوله راجع الى الفعال على النسخة الأولى، وعلى النسخة الثانية قيل الى الدهر على حذف المضاف أي أفعال الدهر، ويحتمل الرجوع إلى الآخر ولا يخلو عن بعد، وفي بعض النسخ (كأولها) بتأنيث الضمير وهو واضح على النسخة الثانية وتسابق أموره تتابع مصائبه والامة وكل ماقدر فيه كالخيل المتسابق، وقال(2) بعض الشارحين: ويروى متشابهة أموره أي كما كان من قبل يرفع ويضع ويغني(3) ويفقر ويعدم(4) [ويوجد فهو كذلك الآن وهو من قبيل(5)](6) الاسناد الى الظرف و [المعد](7) والتظاهر التعاون [والتساعد وأعلامه دلالاته تشبيهاً بالجبل(8) الذي يهتدي](9) به أي [دلالاته على](10) سجيته التي يعامل

ص: 147


1- [كما في بعض النسخ جمع فعِل بالكسر] ساقطة من ع
2- (فقال) في م
3- (یعني) في أ، ث، تصحیف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 171
5- (قيل) في أ، ر، تحریف، وفي ث: (قبل)
6- [ويوجد فهو كذلك الآن وهو من قبيل] خرم في ن
7- [المعد] طمس في ن
8- (بالحبل) في ث، ع، تصحيف
9- [والتساعد وأعلامه دلالاته تشبيهاً بالجبل الذي يهتدي] خرم في ن
10- [دلالاته على] خرم في ن

بها الناس قديماً [وحديثاً متعاونه متعاضده](1) ويحتمل أن [يكون المراد بالاعلام](2) الرايات تشبيها لحوادث(3) الدهر ونوازله بالأفواج من العسكر يتلو بعضها بعضاً(4) [ويعاضد بعضها(5) بعضا](6)، ولعله أنسب بتسابق أموره [والساعة القيامة، والحدو](7) سوق الإبل وحثها(8) على السير بالحداء مثل غراب أي الغناء لها، وزجر الابل [كنصر إذا حملها على السرعة](9) وعنف بها، والشَول [بالفتح جمع شائله](10) وهي من الابل التي شال لبنها، أي ارتفع(11) وكبرت أولادها [فاستغنت](12) بالماء والكلاء عن الرضاع(13)، وقيل: [الشول](14) التي لم يبق في ضرعها الاشوال من اللبن أي بقية، فهي ذات شول والشول الإبل إذا شولت فلزقت بطونها بظهورها،

ص: 148


1- [وحديثاً متعاونه متعاضده] خرم في ن
2- [يكون المراد بالاعلام] خرم في ن
3- (لجوادث) في م، تصحيف
4- [بعضاً] ساقطة من ر
5- [بعضها] ساقطة من ن
6- [ويعاضد بعضها بعضاً] ساقطة من ع
7- [والساعة القيامة والحدو] خرم في ن
8- (وجثها) في م، تصحيف
9- [كنصر إذا حملها على السرعة] خرم في ن
10- [بالفتح جمع شائله] خرم في ن
11- ينظر: الصحاح، مادة (شول): 9 / 5 / 1742
12- [فاستغنت خرم في ن، وفي ث: (فاستعنت) تصحيف
13- (الرضا) في أ، ع، تحریف
14- [الشول] خرم في ن

قال بعض الشارحين: وسائق الشول یعنف بها لخلوها من العشار(1). (فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَیْرِ نَفْسَهُ تَحَیَّر فِي الظُّلُمَاتِ، وَارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ؛ وَمدَّتْ بِهِ(2) شَيَاطِينُهُ فِي طُغْيَانِهِ، وَزَيَّنَتْ لَهُ سَيِّيءَ أَعْمَلِهِ فَالْجَنَّةُ غَايَةُ السَّابِقِينَ، وَالنَّارُ غَايَةُ المُفَرِّطِینَ)، لعل شغل النفس بغير النفس تعرض الانسان لحال الخلق والتجسس عن سرائرهم وذكر عيوبهم وارتكاب أمور لا تغنيه(3) ولا تنفعه [كما قال (عليه السلام): وحاسب نفسك](4) قبل أن تحاسب / ظ 206 /، فإن [غيرها من الانفس عليها حسيب](5) غيرك، والغرض الاشتغال [بمحاسبه النفس والاهتمام](6) بصرف العمر، فما خلق الانسان له [والكف](7) عن الناس، وقال بعض الشارحين: شغل نفسه بغير نفسه أي لا يوافي (النظر)(8) حقه، ويميل إلى الأهواء ونصرة الاسلاف ومذهب معين يشق عليه فراقه(9) وهذا الوجه وإن كان أنسب بالتحير في الظلمات أي ظلمات الشبه والجهالات إلاَّ أنه لا يخلو عن بعد عن اللفظ وارتبك في الأمر إذا وقع فيه ونشب ولم يكد يتخلص منه ومنه ارتبك الصيد في الحبالة ومدت به شياطينه أي جروه وجذبوه أو طولوا له بالإمهال اشارة إلى قوله تعالى: «وَإِخْوَانُهُمْ

ص: 149


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 172، وفي م: (العشار)
2- (ومدت شیاطینه) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 169
3- (تعينه) في أ، ث، ر، ع، م
4- [كما قال (عليه السلام) وحاسب نفسك] خرم في ن
5- [غيرها من الأنفس عليها حسيب] خرم في ن
6- [بمحاسبة النفس والاهتمام] خرم في ن
7- [والكف] خرم في ن
8- (النطر) في ن، تصحيف
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 172

يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ»(1) کما ذكره بعض الشارحين، قال: ((وروي ((ومدت له شياطينه)) باللام))(2)، والطغيان مجاوزه [القدر والعلو في الكفر والإسراف في المعاصي والظلم، وغاية الشيء](3) مداه ومنتهاه، والسابقين [أي الذين سبقوا الى الايمان والطاعة بعد ظهور الحق أو في حيازة الفضل](4) والكمال، أو إلى الجنة بحسن الأعمال [وفرط في الأمر تفریطاً أي قصر وقدم العجز فيه وضیّعه](5) (اعلموا عباد الله أن التقوی دار حصن عزيزٍ، والفجور دار حصن ذليلٍ لا يمنع أهله ولا [يحرز](6) من لجأ اليه، اَلا وبالتقوى تقطع حمة الخطايا وباليقين تدرك الغاية القصوى) [الحِصن بالكسر المكان](7) لا يقدر عليه لارتفاعه أو لا يوصل إلى جوفه [وحصن کحسن](8) حصانه فهو حصين أي [منيع(9)، قال بعض الشارحين: اقيم الاسم](10) مقام المصدر(11)، أي دار حصانه عزيزه(12)، والعزة خلاف الذلة وأصله القوة والشدة

ص: 150


1- الأعراف / 202
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 172
3- [القدر والعلو- في الكفر والاسراف في المعاصي والظلم وغاية الشيء] خرم في ن
4- [أي الذين سبقوا الى الايمان والطاعة بعد ظهور الحق أو في حيازة الفضل] خرم في
5- [وفرط في الأمر تفریطاً أي قصر وقدم العجز فيه وضيّعه] خرم في ن
6- [يحرز] خرم في ن
7- [الحِصن بالكسر المكان] خرم في ن
8- [وحصن کحسن] خرم في ن
9- (منع) في ث، ر، تحریف
10- [منيع، قال بعض الشارحين: اقيم الاسم] خرم في ن
11- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 172، وفيه: (فأقام)
12- (عريزة) في أ، ر، ن، تصحيف

والغلبة(1)، ولا يمنع أهله أي لا يحميهم، وامتنع فان بقومه أي تقوى بهم فلا يقدر عليه من يريده بر، واحرزه أي حفظه وكذلك حرزه، وقيل هو إبدال والأصل والأصل حرسه، ولجأ إليه أي اعتصم به، والحُمة بضم الحاء

والتخفيف السم، وإبرة العقرب وغیره، وقال ابن الاثیر(2): وتطلق على الإبرة للمجاورة؛ لأنَّ(3) السم يخرج منها وأصلها حموٌ أو حميٌ، كصرد والهاء عوض عن الواو أو(4) الياء المحذوفة، وقطع الحمة على الثاني واضح، وعلى الأول قطع سريان سم(5) الخطايا في أبدان العباد بالتقوى، كما أنَّ السموم

[تقطع](6) سريانها في بدن الملسوع بالترياقات عى ما ذكره بعض الشارحين(7)، أو سلب السمية والتأثیر عن الخطايا والغاية القصوى منتهى مراتب الكمال لكل أحد باستعداده. (عِبَادَ اللهِ، اللهَ اللهَ فِي أَعَزِّ الْأَنْفُسِ عَلَيْكُمْ،

وَأَحَبِّهَا؛ إِلَيْكُمْ، فَإنَّ اللهَ قَدْ أَوْضَحَ(8) سَبِيلَ الْحَقِّ وَأَنَارَ طُرُقَهُ: فَشِقْوَةٌ لَزِمَةٌ أَوْ سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ. فَتَزَوَّدُوا فِي أَيَّامِ الْفَنَاءِ، لِأَيَّامِ الْبَقَاءِ)) الله الله أي: راقبوا الله وأعز الأنفس وأحبها على الانسان نفسه، وقال بعض الشارحين: في الكلام اشارة الى أن للإنسان نفوساً متعددة فهي باعتبار مطمئنه وامارة بالسوء

ولوامة وباعتبارها عاقلة وشهوية وغضبية والاشارة الى الثاث الاخیرة،

ص: 151


1- (القلبة) في أ، تحريف
2- ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 446
3- (فأن) في ع
4- (و) في أ، ث، ع
5- [سم] ساقطة من ث، (ثم) في ر، تحريف
6- [تقطع] خرم في ن
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 173
8- (أوضح لكم سبيل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 169

وأعزها النفس(1) العاقلة إذ هي الباقية بعد الموت ولها الثواب وعليها العقاب

[وفيها الوصية(2). وبعده واضح، والشِقوة](3) بالكسر كما في النسخ الشقاوة ضد](4) السَعادة كالشَقاوة بالفتح وشقوة وسعادة مرفوعان(5) على الخبرية أي: فعاقبتكم أو جزاؤكم شقاوة أو سعادة [والازم غر المفارق، والدائم

غیر الزائل وإذا كان لابد من أحد الامرين](6) فالغفلة عن العاقبة سفاهة

وجهالة والتزود في أيام [الغناء](7) أخذ [الزاد والاستعداد لما بعد الموت قد دللتم](8) (عَلىَ(9) الزَّادِ، وَأُمِرْتُمْ بِالظَّعَنِ، وَحُثِثْتُمْ عَلَى الْمَسِیرِ؛ فَإنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لَا يدْرُونَ [مَتَى تُأمرونَ](10) بِالسَّیْرِ أَلَا فَمَا يَصْنَعُ بِالدُّنْيَا مَنْ

ص: 152


1- (الانفس) في أ
2- شرج نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 270، وفيه: (... وهي...)
3- [وفيها الوصية وبعده واضح، والشِقوة] خرم في ن
4- [ضد] خرم في ن
5- (مزفوعان) في أ، تصحيف، وفي ث: (مرفوعا)
6- [والازم غر المفارق، والدائم غیر الزائل وإذا كان لابد من أحد الامرين] خرم في ن
7- [الغناء] خرم في ن
8- [الزاد والاستعداد لما بعد الموت قد دللتم] خرم في ن
9- (قد دللتم على) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 169. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 276
10- [متى تأمرون] خرم في ن، (متى يؤمرون) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 169. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 276

خُلِقَ [لِلآخِرَةِ! وَلَا(1) يَصْنَعُ بِالْمَالِ](2) مَنْ عَمَّا قَلِيلٍ [يُسْلَبُهُ وَتَبْقَى عَلَيْهِ] تَبِعَتُهُ

وَحِسَابُهُ!) المراد بالزاد التقوى [قال الله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا](3) / و207 / فَإنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوَى»(4)، [والضعن السير](5) والحث الحض و(التحريض)(6) والمراد بالظعن والمسیر الخروج من الدنيا الى الدار الاخرة أي [أنتم كالمأمورين](7) لا قدرة لكم على الاقامة في الدنيا ولا بد لكم من

الخروج عنها، أو الخروج بالقلوب عما تشتهيه(8) الأنفس والمسیر في الدرجات العلى، قال الله عز وجل: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ»(9)، وقال(10): «فَفِرُّوا إِلَی اللهَّ»(11) على ما ذكره بعض الشارحين(12)، والرَكب اسم

جمع للراكب والفرق بينه وبن الجمع في افراد لفظه بجوار(13) تذكر ضمیره

ص: 153


1- (وما) في ر، في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 169. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 276
2- [للاخرة ولا يصنع بالمال] خرم في ن
3- [يسلبه وتبقى عليه] خرم في ن
4- البقرة / 197
5- [الضعن السير] خرم في ن
6- (التحريص) في أ، ث، ر،ع، م، ن، تصحيف، والصواب ما اثبتناه
7- [أنتم كالمأمورين] خرم في أ
8- (تشهيه) في ن
9- ال عمران / 133
10- (فقال) في أ، ع
11- الذاريات / 50
12- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 3 / 270
13- (بحوار) في أ، ن، وفي ث: (نحوار)

وتصغيره على لفظه، ووقوف جمع واقف كركوع وسجود وشهود وحضور، وذلك فيما جاء مصدره على فعول أيضاً، ولا (تدرون)(1) في بعض النسخ على صيغة المخاطب، وكذلك تؤمرون، وفي بعضها على صيغة الغائب(2) وصفاً للمشبه به حتى يقاس عليه [وفي بعض النسخ](3) بالمسیر موضع بالسیر، وعما قليل أي بعد قليل و(عن) بمعنى (بعد) و(ما) زائدة وسلبت زيداً ثوبه أي اخذت الثوب منه، والتبعة ككلمة ما يتبع المال من حق، واثم وعقوبة(4) ونحو ذلك. (عِبَادَ اللهِ إنَّهُ لَيْسَ لِمَا وَعَدَ اللهُ مِنَ الْخَیِرْ مُتَرْكٌ وَلَا فِيماَ نَهَي عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مَرْغَبٌ. عِبَادَ اللهِ، احْذَرُوا يَوْمَاً تُفْحَصُ فِيهِ الْأَعْمَالُ وَيَكْثُرُ

فِيهِ الزِّلْزَالُ، وَتَشِيبُ(5) فِيهِ الَأْطْفَالُ.) المترك موضع أو مصدر أي ليس ما وعد الله من الثواب مما ينبغي للمرء تركه، [وليس له عوض](6)، وليس الشر الذي نهي عنه مما ينبغي أن يرغب فيه و [ليست فيه مصلحة وخیر(7)، والفحص الكشف والبحث عن الشيء ويكثر في](8) بعض النسخ على صيغة

المعلوم، وفي [بعضها على صيغة المجهول من باب الافعال، والزِلزال بالكسر

ص: 154


1- (يدرون) في ث، ر، م، تصحيف
2- (المخاطب) في ع، تحريف
3- [وفي بعض النسخ] خرم في ن
4- (وعفوته) في أ، ن
5- (يشيب) في ع، تصحيف
6- [وليس له عوض] ساقطة من ع
7- (وحير) في أ، تصحيف
8- [ليست فيه مصلحة وخير، والفحص الكشف والبحث عن الشيء ويكثر في] خرم في ن

كما في بعض](1) النسخ مصدر(2) قال الله تعالى: «وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا»(3)، وبالفتح اسم وهو [الحركة الشديدة والمراد زلزلة الساعة التي وصفها الله](4) بالعظمة، قال عز وجل: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ»(5) أو اضطراب الناس وقلقهم لمشاهدة الأهوال ومعاينة الأفزاع، والشيب ابيضاض الشعر [المسود، ويقال: شاب](6) الرجل شيباً وشيبه وشيب الحزن رأسه وبرأسه وأشاب [فشاب وذلك](7) الشيب لشدة الأهوال

[والاحزان أو لطول](8) المدة، قال بعض الشارحين: ذلك كناية عن شدة

[ذلك اليوم فإنَّ](9) الامة مجمعة(10) على أنَّ الاطفال لا يتغیر حالهم في الآخرة(11). (اعْلَمُوا - عِبَادَ اللهِ - أَنَّ عَلَيْكُمْ رَصَداً مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَعُيُوناً مِنْ جَوَارِحِكُمْ، وَحُفَّاظَ صِدْقٍ يَحْفِظُونَ أَعْمَالَكُمْ، وَعَدَدَ أَنْفَاسِكُمْ، لَا تَسْتُرُكُمْ

مِنْهُمْ ظُلْمَةُ لَيْلٍ دَاجٍ، وَلَا يُكِنُّكُمْ مِنْهُمْ بَابٌ ذُو رِتَاجٍ(12)؛ وَإنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ

ص: 155


1- [بعضها عى صيغة المجهول من باب الافعال والزِلزال بالكسر كما في بعض] خرم في ن
2- (المصدر) في ر
3- الاحزاب / 11
4- [الحركة الشديدة والمراد زلزلة الساعة التي وصفها الله] خرم في ن
5- الحج / 1
6- [المسود، ويقال: شاب] خرم في ن
7- [فشاب وذلك] خرم في ن
8- [والاحزان أو لطول] خرم في ن
9- [ذلك اليوم فإنَّ] خرم في ن
10- (مجتمعة) في م، تحريف
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 174
12- (رناج) في ر، تصحيف

قَرِيبٌ؛ يَذْهَبُ الْيَوْمُ بِمَا فِيهِ، وَيَجِيءُ الْغَدُ لَحِقاً بِهِ؛) الترصد(1) الترقب والرصيد السبع الذي يرصد ليثب(2)، والرصد بالتحريك القوم يرصدون كالحرس(3) يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث وربما قالوا: أرصاد، والعین

الديدبان والجاسوس والحمل على الباصرة(4) بعيد والرصد من الأنفس أعم

من العيون من الجوارح(5) وقال الله عز وجل: «يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»(6) وقال سبحانه: «حَتَّى إِذَا [مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ](7) وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا [كَانُوا يَعْمَلُونَ](8) * [وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا](9)»(10) وحفاظ صدق أي

الكرام الكاتبون، والمعنى أنهم حفَّاظ لا يكذبون، أو من قبيل قولهم: فلان

رجل صدق وصديق صدق أي كامل فيما اضيف الى الصدق، ودجا الليل إذا

أتمت ظلمته والبس كل شيء، والكِن بالكسر الستر واكنه ستره، ورتج الباب

وارتجه أي: اغلقه اغلاقاً وثيقاً، ومنه ارتج على القارئ إذا لم يقدر على القراءة

ص: 156


1- (الرصد) في م، تحريف
2- (ليبث) في ر، تحريف
3- (كالحرص) في ع، تحريف
4- (الناصرة) في ر، تصحيف
5- (الخوارج) في أ، ث، ع، تحريف
6- النور/ 24
7- [ما جاؤها شهد عليهم سمعهم] خرم في ن، وفي ع: (حتى اذا جاؤها)
8- [كانوا يعملون] خرم في ن
9- [وقالوا: لجلودهم لم شهدتم علينا] ساقطة من ث
10- فصلت / 20، 21. وفي أ، ر، ع، م: (حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون) فصلت: 20

وكأنه منع منها(1)، والرِتاج بالكسر [الباب المغلق وقيل الباب العظيم المغلق

و](2) عليه باب صغیر، وقال بعض الشارحين: (الرتاج الغلق)(3) ولا ريب انه أنسب إلا أني لم أجده فيما / ظ 207 / حضرني من كتب اللغة (فَكَأَنَّ كُلَ امْرئٍ مِنْكُمْ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِهِ وَمَخَطَّ(4) حُفْرَتِهِ، فَيَا لَهُ مِنْ [بَيْتِ وَحْدَةٍ، وَمَنْزِلِ وَحْشَةٍ وَمَفْرَدِ](5) غُرْبَةٍ! وَكَأَنَّ الصَّيْحَةَ قَدْ أَتَتْكُمْ، وَالسَّاعَةَ قَدْ غَشِيَتْكُمْ، [وَبَرَزْتُمْ](6) لِفَصْلِ الْقَضَاء؛) منزل [الوحدة القبر](7)، والمحط في بعض النسخ بالحاء المهملة أي المنزل، يقال: حط القوم أي نزلوا، والحط ضد الرفع [وانحطاط الحفرة واضح، و](8) في بعضها بالخاء المعجمة

[والخط](9) الطريقة المستطيلة في الشيء، ويقال: خط على [الارض خطاً أي

اعلم علامة و](10) الغرض تحقر ذلك [المنزل، والصيحة](11) الصوت بأقصى الطاقة، قال الله عز وجل: «يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ

ص: 157


1- ينظر: الصحاح، مادة (رتج): 1 / 317
2- [الباب المغلق وقيل الباب العظيم المغلق و] خرم في ن
3- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 9 / 268. [ريب انه أنسب إلا أني لا أجده فيما حضرني من كتب اللغة فكان كل امرئ] خرم في ن
4- (فحظ) في ر، تحريف
5- [بيت وحدة ومنزل وحشةٍ ومفرد] خرم في ن
6- [وبرزتم] خرم في ن
7- [الوحدة القبر] خرم في ن
8- [وانحطاط الحفرة واضح و] خرم في ن
9- [الخط] خرم في ن
10- [الارض خطاً أي اعلم علامة و] خرم في ن
11- [المنزل والصيحة] خرم في ن

الْخُرُوجِ»(1)، وقال سبحانه: «إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ»(2)، وغشيه يغشاه إذا جاءه و(إذا)(3) لابسه وغشاه وتغشيه

أي غطاه، وبرز كنر أي خرج الى الفضاء وظهر بعد الخفاء، والفصل القطع

والفرق، والقضاء الحكم بن الخصمین (قد زَاحَتْ عَنْكُمْ الْأَبَاطِيلُ، وَاضْمَحَلَّتْ عَنْكُمْ الْعِلَلُ، وَاسْتَحَقَّت بِكُمْ الْحَقَائِقُ، وَصَدَرتْ بِكُمُ الْأُمُورُ مَصَادِرَهَا؛ فَاتَّعِضُوا بِالْعِبَرِ، وَاعْتَبِرُوا بِالْغِیَرِ، وَانْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ) زاح الشيء يزيح أي بعد وذهب، والأباطيل جمع باطل(4)، والقياس بواطل(5)، والمراد الآراء والاهواء الباطلة، وقال بعض الشارحين: أي الهيئات الباطلة الممكنة الزوال من النفوس التي لها استكمال ما(6)، واضمحل الشيء وامضحل أي: ذهب وانحل واضمحل السحاب إذا تقشع، والعلة المرض الشاغل، والسبب، والمراد الأمراض النفسانية الداعية الى الباطل والضلال، أو

الشهوات التي هي أسباب العصيان، أو الأعذار الباطلة التي يزعمها الانسان

داعياً الى ما يرتكبه من الآثام، واستحقت بكم أي حقت ووقعت استفعل بمعنى فعل كقولك: استمر على باطله أي مَرَّ والحقيقة ما يصر اليه حق الامر ووجوبه وبلغت حقيقة هذا أي يقن شأنَّه، والمعنى لزمتكم ووقعت

بكم ما وجبت لكم باستحقاقكم [واستعدادكم بالحق والصدور رجوع

ص: 158


1- سورة ق / 42
2- یس / 53
3- (إدا) في أ، ث، ن، تصحيف
4- (باطله) في أ، ن
5- (باطل) في ث
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 272

الشاربة عن الماء](1) وصدرت بكم أي أصدركم ومصادرها [أي المصادر

اللائقة بها والعبرة ما يعتره الانسان ليستدل به](2) على غره كأيام الأمم الماضین ونحو ذلك [والغِیر كعِنَب الاسم من غیرت اليء فتغیر وغیر](3) الدنيا الانتقال من الصحة الى السقم والغنى الى الفقر وبالعكس [ونحو](4)

ذلك والانذار الابلاغ، ولا يكون إلاَ في التخويف، وقيل: أكثر ما يستعمل في

التخويف، والاسم النذر بضمتین، قالوا: ومنه قوله [تعالى: «فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي](5) وَنُذُرِ»(6) أي انذاري(7) والانتفاع بالنذر التصديق [و العمل](8).

[ومن خطبةٍ له (علیه السلام)]

[أَرْسَلَهُ عَلَى حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ](9) الرُّسُلِ وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ، وَانْتِقَاضٍ مِنَ المُبْرَمِ؛ فَجَاءَهُمْ(10) بِتَصٍدِيقِ الَّذِي بَیْنَ يَدَيْهِ وَالنُّورِ المُقْتَدَى بِهِ ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنِطُقوهُ؛ وَلَنْ يَنْطِقَ(11) وَلَكِنْ اُخْبُرِكُمْ عَنْهُ... أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأْتِي، وَالْحَديثَ

ص: 159


1- [و استعدادكم بالحق والصدور رجوع الشاربة عن الماء] خرم في ن
2- [أي المصادر اللائقة بها والعبرة ما يعتبره الانسان ليستدل به] خرم في ن
3- [والغير كعنب الاسم من غيرت الشيء فتغير وغير] خرم في ن
4- [ونحو] خرم في ن
5- [تعالى: فكيف كان عذابي] خرم في ن
6- القمر / 30
7- (انذراري) في ر، وفي م: (اتذراري)، تحريف
8- [والعمل] خرم في ن
9- [أرسله على حين فترة من] خرم في ن
10- (جاءهم) في ن
11- (تنطق) في ن

عَنِ المَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُمْ، وَنَظْمَ مَا بَيْنَكُمْ) الفَترة بالفتح ما بن الرسولين من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة، والهَجعة المرة من الهجوع أي النوم ليلاً دون النهار، والنقض في البناء والحبل وغیره ضد الابرام وهو احكام الفتل، والغرض بطلان الاحكام برك الناس العمل بها والذي بن يديه الكتب

السالفة وما جاء به الانبياء الماضون (عليهم السلام)، والنور بالجر معطوف

على الذي وذلك خبر مبتدأ محذوف أي هو ذلك القرآن، أو مبتدأ [خبره القرآن](1)، قال بعض الشارحين: فإن قلت التوراة والانجيل قبله (صلى الله عليه واله) فكيف يكون بین يديه؟ قلت: أحد جزئي الصلة محذوف وهو

المبتدأ والتقدير بتصديق الذي هو بن يديه وهو ضمر القران أي وبتصديق

الذي القرآن بن يديه وحذف أحد جزئي الصلة هاهنا مثل حذفه في قوله

تعالى: «تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ»(2) / و 208 / في قراءة من جعله اسما مرفوعا، وأيضاً فإنَّ العرب تستعمل(3) بن يديه بمعنى (قبل) قال تعالى: «بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ»(4) انتهى(5). ولا يخفى ما في التوجيه من التكلف وعدم الداعي اليه فإنَّ استعمال اللفظ فيما ليس بحاضر حقيقة سواء كان متقدماً، أو متأخراً تجوز وتنزيل له منزلة الحاضر الذي [يتوجه اليه الانسان، وقد قال عز وجل حكاية عن عيسى (عليه السلام)](6): «وَمُصَدِّقًا لِمَا [بَيْنَ

ص: 160


1- [خبره القرآن] خرم في أ
2- الانعام / 154
3- (يستعمل) في أ، ث، ع، تصحيف
4- سبأ / 46
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 176
6- [يتوجه اليه الانسان وقد قال عز وجل حكاية عن عيسى (عليه السلام)] خرم في ن

يَدَيَّ](1) مِنَ التَّوْرَاةِ»(2) وعدم جریان [هذا التوجيه فيه واضح، ويحتمل أن يكون استعمال اللفظ باعتبار حضور الكتب](3) المتقدمة لا باعتبار تقدمها لكنه بعيد، واستنطقوه أي [استفهموا مضامینه [من](4) موضعه ومن عند أهله](5) فإنَّه لا ينطق بنفسه ولكني أخبركم عنه، أي أنا أهله ودواء دائكم أي داء الجهالة والضلالة [أو الاعم](6) و نظام ما بینکم أي استقامة أمور [معاشكم بالتزام قوانينه المحكمة](7) وقواعده المتينة.

[منها](8) ([فَعِنْدَ ذَلِكَ](9) لَا يَبْقَى(10) بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إلَّا وَأَدْخَلَهُ [الظَّلَمَةُ تَرْحَةً، وَأَوْلَجُوا فِيهِ](11) نِقْمَةً، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَبْقَى [لَهُمْ فِي السَّماءِ](12) عَاذِرٌ وَلَا فِي الْأَرْضِ نَاصِرٌ)، قال بعض الشارحين: [ذلك اشارة الى](13) ملك

ص: 161


1- [بين يدي] خرم في ن
2- المائدة / 46
3- [هذا التوجيه فيه واضح ويحتمل أن يكون استعمال اللفظ لاعتبار حضور الكتب] خرم في ن
4- [من] ساقطة من أ، ع، ن
5- [استفهموا مضامینه موضعه ومن عند أهله] خرم في ن
6- [أو الاعم] خرم في ن
7- [معاشكم بالتزام قوانينه المحكمة] خرم في ن
8- [منها] ساقطة من ث
9- [فعند ذلك] خرم في ن
10- (لايبفي) في م، تصحیف
11- [الظلمة ترحه وأولجوا فيه] خرم في ن
12- [لهم في السماء] خرم في ن
13- (ذلك اشارة الى) خرم في ن

بني أمية بعده(1)، و(المدر قطع الطين](2) اليابس، والوبر الصوف، وبيت المدر والوبر كناية عن البدو والحضر، والتَرحة بالفتح المرة من الترح بالتحريك ضد الفرح، وأولجوا أي أدخلوا، والنقِمة كفِرحة كما في النسخ العقوبة ويومئذ أي بعد تمكن ظلمهم وشدة باسهم(3) والعاذر الذي يقبل العذر ويرفع اللوم، وتقول عذرته فيما صنع كضربت أي رفعت عنه اللوم فهو معذور، والغرض بعد بلوغهم الغاية في الظلم والطغيان وتناهي مدة ملكهم انقطع عنهم الآمهال من الله ولم ينصرهم أحد من أهل الأرض بقضاء الله عز وجل.

(أَصْفَيْتُمْ بِالْأَمْرِ غَیْرَ أَهْلِهِ، وَ أَوْرَدْتُمُوهُ غَیْرَ ورده(4)، وَسَيَنْتَقِمُ اللهُ مِمَّنْ ظَلَمَ؛ مَأْكَلاً بِمَأكَلٍ؛ وَمَشْرَباً بِمَشْرَبٍ؛ مِنْ مَطَاعِمِ الْعَلْقَمِ، وَمَشَارِبِ الصَّبْرِ وَالْمَقِرِ، وَلِبَاسِ شِعَارِ الْخَوْفِ، وَدِثَارِ السَّيْفِ، وَإِنَّمَا هُمْ مَطَايَا الخَطيئات، وَ زَوَامِلُ الآثَامِ) اصفيته بالشيء أي اثرته وخصصته به والخطاب لأولياء هذه الظلمة وناصريهم ومن رضي بفعالهم ولم يجتهد في دفعهم، والمراد بالأمر الخلافة وورد البعير وغيره الماء إذا حضره ليشرب دخله أو لم يدخله وأوردته أنا والاسم الوِرد بالكسر وقيل: هو مصدر(5)، [وقيل: هو الماء الذي يرد عليه، واوردتموه غير ورده أي انزلتموه عند](6) غير أهله وهم أهل البيت (عليهم

ص: 162


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 177
2- [المدر قطع الطين] خرم في ن
3- (ناسهم) في ر، تصحيف
4- (مورده) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 177. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 279
5- [وقيل هو مصدر] ساقطة من ر
6- [وقيل: هو الماء الذي يرد عليه، واورتموه غير ورده أي انزلتموه عند] خرم في ن

السلام) ومأكلاً ومشرباً منصوبان بفعل مقدار أي [ليأكلون ويشربون](1) أو يبدلهم الله، والباء للمقابلة والمجازاة كقوله تعالى: «فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ»(2) [والعلقم الحنظل وكل شيء مرّ أو شجر مرّ، والصبر ككتف، قيل ولم يسمع](3) تسكين الباء إلاَّ في ضرورة(4) عصارة(5) [شجر مرّ(6) والمقر ككتف السُّم أو شبيه بالصبر](7) وقال الأصمعي: الصبر(8) وقيل: مَقِر الشيء من باب تَعِبَ، فهو مَقِر أي صار مراً، [والشِعار بالكسر](9) ما تحت الدِثار بالكسر من الثياب وهو يلي شعر الجسد، ولكون الخوف في الباطن جعل [شعاراً كما أن السيف](10) لكونه في [الظاهر جعل دثاراً و](11)، المَطايا جمع مَطية أي البعير يركب مَطاه(12) أي ظهره [ذكراً كان أو أنثى](13) أو الدابة تمطوا في [سيرها أي تسرع أو يمطي](14) بها في اليسر أي يمد، والزاملة التي

ص: 163


1- [يأكلون ويشربون] خرم في ن
2- النساء / 155
3- [والعلقم الحنظل وكل شيء مرّ أو شجر مرّ، والصبر ككتف، قيل ولم يسمع] خرم في ن
4- (صورة) في أ، ر، تصحيف
5- (عضارة) فيع، تصحیف
6- ينظر: القاموس المحيط: 2 / 67
7- [شجر مرّ والمقر ككتف السُّم أو شبيه بالصبر] خرم في ن
8- ذكره الجوهري نقلًا عن الاصمعي، ينظر: الصحاح، مادة (متر): 2 / 819
9- [والشعار بالكسر] خرم في ن
10- [شعاراً كما أن السيف] لكونه في [الظاهر جعل دثاراً و] خرم في ن
11- [الظاهر جعل دثاراً و] خرم في ن
12- (مطاياه) في ر
13- [ذكراً كان أو أنثی] خرم في ن
14- [سيرها أي تسرع أو يمطي] خرم في ن

تحمل [عليها الطعام](1) والمتاع(2) من الابل(3) وغيرها [فاعله](4) من الزِمِل بالكسر أي (الحمل)(5) (فَأُقْسِمُ ثُمَّ أَقْسِمُ، لَتَنْخَمَنَّهَا أُمَيَّةُ مِنْ بَعْدِي كَمَا تُلْفَظُ النُّخَامَةُ، لَا(6) تَذُوقُهَا، وَلَا تَطْعَمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً، مَاكَرَّ الْجَدِيدَانِ!) نَخِمَ(7) الرجل کَفَرِحَ وتنخم(8) أي دفع النخامة(9)، وهي التي تخرج من مخرج الخاء المعجمة أي يدعونها ويلفظونها کما تلفظ(10) النخامة، ولعل التشبيه باعتبار الاضطرار في الدفع مع التمكن في الباطن والتضييع، وکرَّ کمدَّ، أي رجع وعاد، والجديدان والاجدان الليل والنهار، قال بعض الشارحين: فإن قلت: أنهم قد ملكوا بعد قيام الدولة الهاشمية بالمغرب مدة طويلة؟ / ظ 208 / قلت: الاعتبار بملك العراق والحجاز، وما عداهما من الأقاليم النائية لا اعتداد به(11) وينبغي التخصيص بغير ملك السفياني الموعود بظهوره قبل قيام القائم (عليه السلام).

ص: 164


1- [عليها الطعام] خرم في ن
2- (المطاع) في ر، تحریف
3- ينظر: لسان العرب، مادة (زمل): 11 / 310
4- [فاعله] خرم في ن
5- لسان العرب، مادة (زمل): 11 / 312
6- [ثم لا] في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 177. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 279
7- (نحم) في ر، ع، ن، تصحيف
8- (تنحم) فيع، تصحيف
9- (النحامة) في ر، ن، تصحيف
10- (النحامة) في ر، ن، تصحيف
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 178

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(وَلَقَدْ أَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ، وَأَحَطْتُ بِجُهدِي مِنْ وَرَائِكُمْ، وَأَعْتَقْتُكم مِنْ رِبَقِ الذُّلِ وَحَلَقِ الضَّيْمِ؛ شُكُراً مِنِّي لِلْبِرِّ الْقَلِيلِ، وَإِطْرَاقاً عَمَّا أَدْرَكَهُ الْبَصَرُ، وَشَهِدَهُ الْبَدَنُ مِنَ المُنْكَرِ الْكَثِیرِ) جاورت الرجل جواراً بالكسر كما في النسخ وبالضم أي صرت جاراً له، والجُهد بالضم الطاقة والاحاطة من الوراء دفع من يريدهم بشر؛ لأنَّ العدو الغالب يكون من وراء الهارب، والرِبق(1) کَعِنَب جمع(2) رِبقة بالكسر، وهي العروة في حبل فيه عدة عرىً يشد به البُهم وذلك الحبل رِبق بالكسر، والحَلَق بالتحريك [وكعنب ويوجدان في النسخ جمع حَلقة بالفتح، والضيم الظلم أي](3) دفعت عنكم شر الأعداء الخارجة منكم [وظلم بعضكم على بعض، واطرق أي سکت وارخي عينيه ينظر إلى الأرض وكفه](4) (عليه السلام) عن نهيهم عن تلك [المنكرات لعدم التأثير أو لاستلزامه مفسدة أشد مما تضمنه المنكرات](5).

ص: 165


1- (الريق) في ث، تصحيف
2- (جمع) في م، تصحيف
3- ينظر: الصحاح، مادة (ربق): 4 / 1480
4- [وظلم بعضكم على بعض، واطرق أي سکت وارخى عينيه ينظر الى الارض وكفه] خرم في ن
5- [المنكرات لعدم التأثير أو لاستلزامه مفسدة أشد مما تضمنه المنكرات] خرم في ن

[ومن خطبةٍ له (عليه السلام)]

(أَمْرُهُ قَضَاءٌ وَحِكْمَةٌ، وَرِضَاهُ أَمَانٌ وَرَحْمَةٌ؛ يَقْيِ بِعِلْمٍ [وَيَغْفر بِحِلْمٍ](1) اللّهُمَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا تَأْخُذُ وَتُعْطِي، وَعَلَى [مَا تُعَافِ وَتَبْتَلِي؛ حَمْداً](2) يَكُونُ أَرْضَی الْحَمْدِ لَكَ، وَأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ، وَأَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ؛ حَمْداً [يَمْلأ مَا

خَلَقْتَ وَيَبْلُغَ مَا أَرَدْتَ](3) حْمَداً لَا يْحُجَبُ [عَنْكَ وَلاَ يُقْصُرَ](4) دونَكَ؛ حْمَداً لَا يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ وَلَا يَفْنَى مَدَدُهُ) قال بعض الشارحين: يجوز أن يكون الأمر [هاهنا هو الامر الفعلي](5) لا القولي کما يقال: أمر فلان مستقيم، قال تعالى: «وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ»(6)، فيكون المعنى أن شأنه تعالى ليس إلاَّ أحد شيئين وهما: ((أن يقول)) ((وأن يفعل)) فعبر (عليه السلام) عن ((أن يقول)) بقوله: ((قضاء))؛ لأن القضاء الحكم(7)، وعن ((أن يفعل)) بقوله: ((وحكمته))؛ لأنَّ أفعاله تعالى على وفق الحكمة. ويجوز أن يكون أمره هو الأمر القولي، وهو المصدر من أمرته بكذا أمراً، فيكون المعنى أن أوامره ایجاب و الزام بما فيه حكمة ومصلحة، قال الله تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا

ص: 166


1- [يغفر بعلم] خرم في ن، (يعفو بحلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 180. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 280
2- [ما تعاني وتبتلي حمداً] خرم في ن
3- [يملأ ما خلقت ويبلغ ما أردت] خرم في ن
4- [عنك ولا يقصر] خرم في ن
5- [هاهنا هو الامر الفعلي] خرم في ن
6- النحل / 77
7- (المحكم) في ع، تحریف

إِلاَّ إِيَّاهُ»(1)، أي أوجب وألزم(2)، ولا يخفى أن المناسب على الوجه الأول حمل الأمر على المعنى الأعم أعني الحالة والشأن كما قال إنَّ شأنه تعالى ليس إلا أحد شيئين إلاَّ أن يكون مراده بالأمر الفعلي ذلك المعنى، والأمر فيه هين، وقال بعضهم: ((أمره هو حكم قدرته الالهية، وكونه قضاء کونه حکماً لازماً لا يرد وكونه حكمة كونه على وفق الحكمة الالهية))(3)، والأمان والأمن ضد الخوف ولعل المعنى لا خوف على من رضي سبحانه عنه بخلاف من رضي غيره عنه واما كونه رحمة فلأنه سبحانه لا يقتصر(4) على [قدر](5) الاستحقاق بل يعمل بمقتضى الفضل والرحمة، وقال بعض الشارحين: (رضاه أمان ورحمة؛ لأنّ من فاز بدرجة الرضا [فقد](6) أمن [وحصلت له الرحمة؛ لأنَّ الرضا رحمة وزيادة)(7) (ويقضي(8) بعلم) أي يحكم](9) ويفصل وأصل القضاء [القطع والفصل ويكون بمعنى الايجاب وأحكام العمل والامضاء وغير](10) ذلك وأكثر المعاني يناسب المقام [ويغفر بحلم أي](11) لاعن عجز

ص: 167


1- الاسراء / 23
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 180، 181
3- شرح نهج البلاغة، البحراني: 3 / 277
4- (يفتقر) في م، تحریف
5- [قدر] ساقطة من م
6- [فقد] خرم في ن
7- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 181. وفيه: (ورضاه...)
8- (تقضى) في ر، م، تصحيف
9- [وحصلت له الرحمة؛ لأنَّ الرضا رحمة وزيادة ويقضي بعلم أي يحكم] خرم في ن
10- [القطع والفصل ویکون بمعنى الايجاب وأحكام العمل والامضاء وغير] خرم في ن
11- (کنابة) في ع، تصحيف

وذل بل مع القدرة على الانتقام وملأ الحمد ما خلق الله مبالغة وكناية(1) عن الكثرة [ولا يحجب عنك](2) أي يكون مقروناً بالإخلاص [مستكملًا لشرائط](3) القبول والقصر الحبس والمنع وخلاف [الطول، ولا يقصر](4) دونك على صيغة [المضارع المجهول من المجرد أي لا](5) يحُبس ولا يُمنع إذا قرب منك، وفي بعض [النسخ على صيغة المضارع](6) المعلوم [أي لا يكون قاصراً لا يبلغك و](7) في بعضها لا يقصر على صيغة المعلوم من باب التفعيل، يقال: قصر واقصر إذا انتهى وقصر عنه إذا ترکه وعجز، والمدد بالتحريك: الجيش وأمددته بمدد أي اعنته وقويته. (فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ؛ إِلَّا أَنَّا / و 209 / نَعْلَمُ أَنْكَ حَيٌّ قَيُّومٌ؛ لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ؛ لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ، وَلَمْ يُدْرَكْكَ بَصَرٌ أَدْرَكْتَ الْأَبْصَارَ وَأَحْصَيْتَ الْأَعْمَار(8)، وَأَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي

وَ الْأَقْدَام) القيوم والقيام والقيَّم في اسمائه سبحانه القائم بأمور الخلق ومدبر العالم في جميع أحواله، وقيل: القيوم القائم بذاته المقيم لغيره وكل قائم بذاته [...](9) لا يكون إلاَّ واجب الوجود، والسِنة بالكسر كعِده فتور يتقدم

ص: 168


1- [ويغفر بحلم أي] خرم في ن
2- [ولا يحجب عنك] خرم في ن
3- [مستكملا لشرائط] خرم في ن
4- [الطول ولا يقصر] خرم في ن ی
5- [المضارع المجهول من المجرد أي لا] خرم في ن
6- [النسخ على صيغة المضارع] خرم في ن
7- [أي لا يكون قاصراً لا يبلغك و] خرم في ن، وفي ث: (لا يبلعك) تصحيف
8- (الاعمال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 180. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 280
9- [المقيم لغيره وكل قائم بذاته] زيادة في ع

النوم، وقيل: (أول النوم)(1) و (النعاس)(2) والهاء عوض عن الواو المحذوفة والأنسب حمل النظر على العقلي، واحصاه أي عده وقيل حفظه وعقله والأظهر تعلق العد بالإعمار باعتبار الأجزاء والناصية (قصاص الشعر)(3) والأخذ بالنواصي والأقدام كناية عن كمال القدرة (وَمَا الَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ وَنَعْجَبُ(4) لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ، وَنَصِفُهُ(5) مِنْ عَظِيِمِ سُلْطَانِكَ؛ وَمَا تَغَيَّبُ عَنَّا مِنْهُ وَقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ وَانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ، وَحَالَتْسواتر(6) الْغُيُوبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ أعظَمُ) كلمة (ما) للاستفهام على وجه الاستحقار والعجب والتعجب انفعال النفس لزيادة وصف في المتعجب منه يقال: عجب منه(7) کفرح وتعجب واستعجب وتغيب على صيغة التفعل أي غاب و [الغيوب يحتمل المصدر والجمع. (فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَهُ، وَأَعْمَلَ فِكْرَهُ، لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ](8)، وَكَيْفَ ذَرَأْتَ خَلْقَكَ، [وَكَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سَمَوَاتِكَ، وَكَيْفَ

مَدَدْتَ عَلَى مَوْرِ الْمَاءِ أَرْضِكَ](9)؛ رَجَعَ طَرْفُهُ حَسِیراً وَعَقْلُهُ مَبْهُوراً، وَسَمْعُهُ

ص: 169


1- لسان العرب، مادة (وسن): 13 / 449
2- المصدر نفسه، مادة (وسن): 13 / 449
3- المصباح المنير، (الناصية): 2 / 609
4- (تعجب) في ر، م، تصحيف
5- (تصفه) في ع، تصحيف
6- (ستور) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 180. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 280
7- [يقال:عجب منه] ساقطة من ر
8- [الغيوب يحتمل المصدر والجمع فمن فرغ قلبه وأعمل فكره ليعلم كيف أقمت عرشك] خرم في ن، وفي ث: (العيوب...) تصحيف
9- [وكيف علقت في الهواء سمواتك وكيف مدت على مور الماء أرضك] خرم في ن

وَالِاً، وَفِكْرُهُ [حَائِراً] ذرأ الشيء كجعل أي خلقه وذرأ الشيء](1) کثره ومنه الذرية لنسل الثقلين، وعَلَقَ الشيء تعليقاً أي جعله معلقاً، والمور الموج، ومار الشيء يمور [مورا](2) أي تحرك وجاء وذهب وطرف البصر [طرفاً کضرب أي تحرك](3) وطرف العين نظرها و [يطلق على الواحد](4) وغيره، لأنَّه مصدر، وقيل: هو العين [ولا يجمع؛ لأنَّه في الاصل](5) مصدر وحسر بصره [كضرب كلَّ وانقطع من](6) طول مدىً وما أشبه ذلك فهو حسير ومحسورٌ، و بهره (أي غلبه)(7)، وبِهُرَ الرجل على البناء للمجهول إذا انقطع نفسه من الإعياء، والوله الحيرة وحار(8) في أمره إذا نظر فلم يهتدِ لسبیله وفي بعض النسخ جائراً بالجيم أي عادلا مائلاً عن الطريق.

[منها](9) (يَدَّعِي بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُوا اللهَ، كَذَبَ والْعَظِيم! مَا بَالُهُ لاَ يَتَبَیُنَّ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ؟ فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ - إِلَّا رَجَاَء(10) اللهِ - فَإنَّهُ مَدْخُولٌ، وَكُلَّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ إلاَّ خَوْفَ الله فَإنَّهُ مَعْلُولٌ) الزعُم بالضم کما

ص: 170


1- [حائراً ذرأ الشيء كجعل أي خلقه وذرأ الشيء] خرم في ن
2- [موراً] خرم في ن
3- [طرفاً كضرب أي تحرك] خرم في ن
4- [يطلق على الواحد] خرم في ن
5- [ولا يجمع؛ لأنَّه في الأصل] خرم في ن
6- [كضرب كل وانقطع من] خرم في ن
7- الصحاح، مادة (بهر): 2 / 598
8- (جاز) في ر، تصحيف
9- [منها] بیاض في ث
10- (بکهنه) في ر

في النسخ وبالفتح قريب من الظن، ويقال: زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه، ولا يوثق، به والواو للقسم، والعظيم من اسمائه سبحانه أي الذي تجاوز قدره وجَلَّ عن حدود العقول حتى لا يتصور الاحاطة بكنهه(1) ومبلغ علمه وقدرته(2)، والبال والحال والشأن والدخل بالتحريك (العيب)(3)، يقال: دخل فلان على صيغة المجهول، فهو مدخول أي معيوب، ويقال هذا الأمر فيه دخل ودغل بمعنی، وحققت الأمر أي تيقنته والمحقق من الكلام الرضين والمعلول الذي يتلهى به ويلعب وكان من الهزل دون الجد، قال الجوهري: تعلل به أي تلهى به، وعل الشيء فهو معلول(4)، وأما العلة بمعنى المرض، فلا يقال: منه معلول، وإنما يقال: منه عليل على ما ذكره الفيروز آبادي(5) وجوزه بعضهم وهو أنسب بمقابلة المدخول إلاَّ أن الأول أليق بالمحقق، وفي هذا الكلام نکته لم أرَ أحداً من الشارحين تفطن [لها وهي أنه (عليه السلام) أشعر أولاً أشعارا خفياً بكذب(6) القائل بقوله: يدعى؛ فإنَّ](7) الادعاء كثيراً ما يستعمل [في الباطل، ثم ترقى في الاشعار بقوله بزعمه؛ فإنَّ الزعم يستعمل في الأقاويل الباطلة](8) والآراء الفاسدة کما

ص: 171


1- (الله تعالى فإنه) في نهج البلاغة: صبحي الصالح: 281
2- ينظر: تفسير أسماء الله الحسنی، الزجاج: 46
3- لسان العرب، مادة (دخل): 11 / 241
4- الصحاح، مادة (علل): 5 / 1774، وفيه: (... تلهى به وتجزأ...)
5- ينظر: القاموس المحيط، مادة (علل): 4 / 21. وتاج العروس، مادة (علل): 15 / 517
6- (يكذب) في م، تصحيف
7- [ها وهي أنه (عليه السلام) أشعر أو لا أشعارا خفيا بكذب القاتل بقوله يدعی فان] خرم في ن
8- [في الباطل ثم ترقى في الاشعار بقوله بزعمه فإنَّ الزعم يستعمل في الأقاويل الباطلة] خرم في ن

عرفت [وقال تعالى: «زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا(1)»(2) وقال عز وجل: «تَقَالُوا هَذاَ للهَّ بِزَعْمِهِمْ))(3)، ثم ترقی من الأشعار الى التصريح / ظ 209 / [بأنه كذب](4)، ثم ترقي في التصريح الى الخلف [فاقسم بالعظيم](5)، ثم ترقى الى الاستدلال بتخلف اللازم والاثر وهو أبلغ من حيث هو [مع قطع النظر](6) عن خصوص القائل(7) [ففي الكلام بيان الكذب من يدعي](8) الخوف والرجاء بخمس درجات كل [لاحقة أبلغ من السابقة](9)، ولعل [ما فصله (عليه السلام) في هذا الكلام هو معنى الخبر](10) الذي رواه محمد بن يعقوب الكليني (رضي(11) الله عنه) في الكافي في باب الكذب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (إياكم والكذب فإن كل راج طالب، وكل خائف هارب)(12)، وقد كان ذكره في باب الخوف والرجاء أنسب ولذكره في ذلك

ص: 172


1- التغابن / 7
2- [وقال تعالى: «زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا»] خرم في ن
3- الانعام / 136
4- [انه کذب] خرم في ن
5- [فاقسم بالعظیم] خرم في ن
6- [مع قطع النظر] خرم في ن
7- (القاتل) في م، تحریف
8- [ففي الكلام بيان الكذب من يدعي] خرم في ن
9- [لاحقة أبلغ من السابقة] خرم في ن
10- [ما فصله عليه السلام في هذا الكلام هو معنى الخبر] خرم في ن
11- (رصي) في ر، تصحيف
12- الاصول من الكافي: 2 / 343

الباب اشتبه المرام على بعض الاعلام ففسره(1) بوجه لا يخلو عن بعد وتعسف. (يَرْجُوا اللهَ فِي الْكَبِرِ، وَيَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِرِ؛ فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا لَا يُعْطِي الرَّبَّ! فَمَا بَالُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ [بِهِ](2) عَمَّا يُصْنَعُ بِعبادهِ(3)! أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً، أَوْ تَكُونَ لَا تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً! وَكَذَلِكَ إنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ؛ أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لَا يُعْطِي رَبَّهُ؛ فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً(4)، وَخَوْفَهُ مِنْ خَالِقهم(5) ضِمَاراً وَ وَعْداً) يظهر من الكلام توبيخ العبد بالعمل بضد ما يقتضيه الحال في رجائه من الله ورجائه من العباد من وجهين فإنَّ عظمة شأنه سبحانه يقتضي(6) أن يبالغ العبد في التوصل الى ما يرجو منه، ويسعى إضعاف سعيه في الرجاء من العباد وكذلك عظم المطلوب في الرجاء منه سبحانه وقد انعكس الحال، فيرجو سلطاناً مثلاً ويتوسل إلى مأموله بأنواع الخدمة والشفاعات ويسترضيه بصنوف التذلل والخضوع مع حقارته وحقارة ما يؤمل(7) منه وهكذا في الخوف وقوله: (عليه السلام) اتخاف أن تكون في رجائك له كاذباً أي اتخاف أن يظهر لك كذب الرجاء بعد

ص: 173


1- (يفسره) في م، تحریف
2- [به] ساقطة من ع
3- (به لعبادهِ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 183. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 281. [به] في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 183. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 281
4- (فقداً) في م، تحریف
5- (خالقه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 183. ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 281
6- (يقتضي) في أ، ر، ن، تصحيف
7- (مايوصل) في أ، ع، تحریف

ذلك ليلائم قوله [(عليه السلام) أو تكون لا تراه للرجاء موضعاً فتأمل والضمار ککتاب ما لا يرجی(1)](2) رجوعه والضمار [من](3) [[العدات](4) ما كان ذا تسويف ومن الدين ما كان بلا أجل، وفي بعض النسخ من خالفه](5) ضماراً بإفراد الضمير وهو يحتمل الرجوع إلى الخائف والى من يخاف منه [المذكور وبلفظ عبد من عبيده، والوعد](6) مصدر ویکون اسمًا والمراد منه الأمر الذي لم يتحقق وقوعه (وكَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا [فِي عَيْنَهِ وَكَبُرَ](7) مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ؛ آثَرَهَا عَلَى اللهِ(8)؛ [فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا، وَصَارَ عَبْداً](9) لَهَا. وَلَقَدْ

كَانَ فِي [رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهَ](10) عَلَيْهِ وَاله وَسَلَّمَ(11) كَافٍ لَكَ فِي [الْأُسْوَةِ وَدَلِيلٌ عَلَى ذَمِّ](12) الدُّنْيَا وَعَيْبِهَا، وَ كَثْرَةِ [مَخَازِيَها وَمَسَاوِئهَا](13)؛ إِذْ قَبِضَتْ

ص: 174


1- (يرجي) في أ، تصحيف
2- [(عليه السلام) أو تكون لاتراه للرجاء موضعاً فتأمل والضمار ککتاب ما لا يرجى] خرم في ن
3- [من] ساقطة من ع
4- [العدات] ساقطة من ع، وفي ث: الغدات) تصحيف
5- [العدات] ما كان ذا تسويف ومن الدين ما كان بلا أجل، وفي بعض النسخ من خالفه] خرم في ن
6- [المذكور وبلفظ عبد من عبيده، والوعد] خرم في ن
7- [في عينه وكبر] خرم في ن، وفي أي ع: (من عينه)
8- (الله تعالى) في نهج البلاغة: صبحي الصالح: 282
9- [فانقطع اليها وصار عبداً] خرم في ن
10- [رسول الله (صلى الله] خرم في ن
11- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 185. (صلى الله عليه وآله) في نهج البلاغة: صبحي الصالح: 282
12- [الاسوة ودليل على ذم] خرم في ن
13- [مجازیها و مساويها] خرم في ن

عَنْهُ أَطْرَافُهَا وَ وُطَّئَتْ لِغَیْرِهِ أَكْنَافُهَا وَفُطِمَ مَنْ(1) رَضَاعِهَا، وَزُوِيَ عَنْ [زَخَارِفِهَا](2)) التشبيه في ترجيح(3) الصغير على الكبير والوضيع على الشريف وكبر الموقع مصدراً أو محلاً كناية عن كبر الواقع واثرها أي اختارها وانقطع اليها أي انقطع عن غيرها متوجها راكناً اليها وكاف لك [أي](4) ما يكفيك، والاسُوة بالضم كما في النسخ وبالكسر (القُدوة)(5)، والمخازي(6) جمع مخزاة(7) وهي ما يستحيي(8) من ذكره لقبحه ومساويها أي عيوبها وقبض الاطراف كناية عن المنع و(وطئت) بالتشديد أي هيأت، وفي بعض النسخ و(طئت) بالتخفيف، يقال: وطأت لك المجلس(9) أي جعلته وطيئاً وهو من كل شيء ما سهل ولأن، وأكناف الشيء جوانبه، وفَطِمَ الصبي كضَرِبَ أي فصله عن الرضاع ورضع الصبي أمه(10) کسمع وضرب رَضاعاً بالفتح امتص ثديها، وزوي أي قبض وزخارفها أي متاعها وزينتها، والزُخرف بالضم في الأصل الذهب، وکمال حسن الشيء ومن الأرض ألوان نباتها. (وَإِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ

ص: 175


1- (عن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 185
2- [زخارفها] خرم في ن
3- (ترجيع) في ث، تحریف
4- [أي] ساقطة من ر، م
5- لسان العرب، مادة (أسا): 14 / 35
6- (المحاذي) في ر، تحریف وفي م: (المجازي)، تصحيف
7- (مجزاة) في ر، تصحیف، وفي م: (مجازاة)، تحریف
8- (تستحي) في ر، تصحيف
9- (يقال: وطئت في بعض النسخ ذلك المجلس) في ر
10- (امه) في ر، تحریف

بِمُوسَى كَلِيم اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذ يَقُولُ(1): «رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ»(2)؛ وَاللهِ مَا سَأَلَهُ إلاَّ خُبْزاً / و 210 / يَأْكُلُهُ، لَأِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ، وَلَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرَى مِنْ شَفِيفِ صِفَاقِ بَطْنِهِ، لُهِزَالِهِ وَتَشَذُّبِ لَحْمِهِ) ثناه تثنيه أي جعله اثنين [والمفعول الأسوة و(ما) في (لما أنزلت) بمعنى أي شيء [أي](3) لأي شيء أنزلت من قليل أو](4) كثير، واللام في (لما) دون الى [التضمين معنى السؤال، والخير(5) يكون بمعنى المال وما ينتفع به، وفسر في قوله تعالى: «إِنْ(6) تَرَكَ خَيْرًا»(7) بالمال، [وشف الثوب من باب فرَّ شُفوفاً وشفيفاً أي: رق فحكی ما تحته](8)، وقال بعض الشارحين: شفيفة مارق منه(9)، والصفات الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر(10) وقيل: جلد [البطن كله](11) والهزُل بالضم نقيض السمن، والتشذب التفرق

ص: 176


1- (حيث يقول) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 185، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 282
2- القصص / 26
3- [أي] ساقطة من م
4- [والمفعول الأسوة و(ما) في (لما أنزلت بمعنى أي شيء أي لا شيء أنزلت من قليل أو] خرم في ن
5- (خبر) في ع، تصحیف
6- [لتضمين معنى السؤال، والخير يكون بمعنى المال وما ينتفع به، وفسر في قوله تعالى: ((ان] خرم في ن
7- البقرة / 180
8- [وشف الثوب من باب فرَّ شفوفاً و شفيفاً أي رق فحكي ما تحته] خرم في ن
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 285، وفيه: (وشفيفه...)
10- ينظر: لسان العرب، مادة (صفق): 10 / 203
11- [البطن كله] خرم في ن

(وَإِنْ شِئْتَ (ثَلَّثْتُ)(1) بِدَاوودَ (صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صَاحِبِ المَزَامِرِ، وَقَارِئِ [أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلَقَدْ](2) كَانَ يَعْمَلُ سَفَائِفَ [الْخُوصِ بِيَدِهِ، وَ يَقُولُ لِجُلَسَائِهِ](3): أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا؟ وَيَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيِر) [من ثمنها المزامير](4) جمع مزمار وهو [الاله المعروفة التي يزمر فيها يقال](5): زمُر یُزَمُر ويُزَمُر بالضم والكسر ولا يكاد يقال: [زامر بل زمار](6) والمرأة زامرة ولا يقال: زماره ومزامير داوود (عليه السلام) ما كان يقرأه من الزبور وضروب الدعاء، وسَف(7) الُخوص(8) کمَد أي نسجه والسفيفة المنسوجة، منه والخُوص بالضم ورق النخل، وفي بعض النسخ [شعیر بدون](9) اللام، قال بعض الشارحين: (يجب أن يحمل الكلام على أنه شرح حالة قبل(10) أن يملك)(11)، وربما يؤيده ما ذكره الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: «وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ»(12) قال: (أي

ص: 177


1- (تليت) في ر، ن
2- [أهل الجنة فلقد] خرم في ن
3- [الخوص بيده ويقول لجلسائه] خرم في ن
4- [من ثمنها المزامير] خرم في ن
5- [الاله المعروفة التي يزمر فيها يقال] خرم في ن
6- [زامر بل زمار] خرم في ن
7- (صف) في ر، تحریف
8- (الحوض) في ث، تصحیف
9- [شعیر بدون] طمس في ن
10- (قيل) في م، تصحيف
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 187، وفيه (يجب ان يحمل على...)
12- سبأ / 10 - 11

دروع(1) تامات، وإنما الان الله الحديد لداوود (عليه السلام)؛ لأنه أحب أن يأكل من کسب يده، وكان أول من اتخذها وكان يبيعها ويأكل من ثمنها، ويطعم عياله، ويتصدق منه، وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إن الله أوحي إلى داوود (عليه السلام) نعم العبد أنت إلاَّ أنك تأكل من بیت المال، فبکی داوود أربعين صباحاً فألان(2) الله له الحديد، وكان يعمل كل يوم درعاً فيبعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين درعاً فباعها بثلاثمائة وستين الفاً فاستغني عن بيت المال)(3) انتهى. ويحتمل أن (تكون)(4) سيرته الأكل من ثمن سفائف الخوص(5) في بعض أيام ملکه، أو في الأربعين والله تعالى يعلم ثم إنه قد اشتهر بين الناس أن داود (عليه السلام) كان يتغنى(6) بالزبور(7) وغيره وإنه كان اعطي من طيب النغم(8) ولذة ترجيع القراءة ما كانت الطيور لأجله تقع(9) عليه وهو في محرابه، والوحش تسمعه فتدخل(10) بين الناس ولا (تنفر)(11) منهم لاستغراقها(12) في [اللذة من حسن صوته

ص: 178


1- (دووع) في أ، تحریف
2- (وألان) في ع
3- ينظر: مجمع البيان: 8 / 200
4- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
5- (الخوض) في ث، تصحيف
6- (بتعني) في ر، وفي ن: يتعنی، تصحيف
7- (بالربور) في أ، تصحيف
8- (النعم) في ث، ن، تصحيف
9- (يقع) في أ، ع، م، تصحيف
10- (فيدخل) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
11- (ينفر) في أ، ع، تصحيف
12- (لاستغراق) في ر

وذلك على تقدير الثبوت لا يدل على جواز التغني واستماع الغناء](1) [في](2) شرعنا کما يتوهم [ولم أجد في روايات الاصحاب(3) ما يدل على تغنيه عليه السلام، ويوجد في روايات العامة(4)](5) أن النبي (صلى الله عليه واله) سمع أبا موسى يقرأ فقال: لقد [أعطيت مزماراً من مزامير آل داوود، قال ابن الاثير](6): شبه حسن صوته وحلاوة نغمته بصوت المزمار(7)، ولا يخفى أنه مع الاغماض(8) عن عدم الحجية [ليس بصريح في الغناء](9) و حُسن الصوت أعم من الغناء والموجود [في رواياتنا أنه كان](10) إذا قرأ الزبور لا يبقى ح جر و [لا شجر ولا جبل](11) ولا طائر ولا سبع الا يجاوبه ولا [ريب أنه لا معنى (لمجاوبة)(12) الحجر](13) والشجر والجبل لطيب [النعمة وفسر

ص: 179


1- [اللذة من حسن صوته وذلك على تقدير الثبوت لا يدل على جواز التغني واستماع الغناء] خرم في ن
2- في ساقطة من أ، ع، ن
3- (العامة) في ر
4- (ما يدل على تغنيه عليه السلام، ويوجد في روايات العامة) ساقطة من ر
5- [ولم أجد في روايات الاصحاب ما يدل على تغنيه عليه السلام، ويوجد في روايات العامة] خرم في ن
6- [أعطيت مزماراً من مزامير آل داود، قال ابن الأثير] خرم في ن
7- (المضمار) في أ، ع، تحریف
8- [ليس بصريح في الغناء] خرم في ن
9- (الاضاض) في ع، تحریف
10- [في رواياتنا أنه كان] خرم في ن
11- [لا شجر ولا جبل] خرم في ن
12- (لمحاربة) في أ، ث، م، تصحيف
13- [ريب أنه لا معنى (لمجاوبة)(9) الحجر] خرم في ن

قوله تعالى](1): «يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ»(2) بالتسبيح معه وبالسير معه حيث سار، وتسبيح الجبل وغيره يمكن أن يكون بظهور الصوت على وجه الإعجاز وأن يكون كناية عن تسبيح الملائكة الموكلين بها، وأن يكون نوعاً من التسبيح لا نفقهه، والظاهر من بعض الأخبار هو الأول والله تعالى يعلم. (وَإنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى بنِ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ، وَ / ظ 210 / يَلْبَسُ الْخَشَنِ(3)، وَكَانَ إدَامُهُ الْجُوعَ، وَسَرِاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ، وَظِلَالُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَفَاكِهَتَهُ وَرَيْحَانَهُ مَا تُنْبِتُ الّْأّرْضُ لِلْبَهَائِمِ؛ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ، وَلَا وَلَدٌ يَحْزُنُهُ، وَلَا مالٌ يَلْفِتُهُ، وَلَا طَمَعٌ يَذِلُّهُ؛ دَابَّتُهُ(4) رِجْاَهُ، وَخَادِمُهُ يَدَاهُ) يحتمل أن يراد بالقول معناه الظاهر أي ذكرت حاله للاقتداء(5) به والعرب تجعل(6) القول عبارة عن سائر الأفعال، والوسادة المخدة وتوسدت الشيء أي اتخذته وسادة وجعلته تحت رأسي (وكان إدامه الجوع) وهو بالكسر ما يؤكل مع الخبز أي لا يأكل من الخبز ما يرفع الجوع، أو كان قد يأكل الخبز(7) وقد لا يأكل فيجوع ويصبر عليه وقيل ما كان يأكل الخبز(8) إلاَّ بعد جوع شديد، والظِلال بالكسر جمع ظل وما

ص: 180


1- [النعمة وفسر قوله تعالى] خرم في ن
2- سبأ / 10
3- (يلبس الخشن ويأكل الجشب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 180، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 282
4- (دايته) في م، تصحيف
5- (للافتداء) فيع، تصحيف
6- (يجعل) في ر، تصحيف
7- (الخبر) في أ، ر، ن، تصحيف
8- (الخبر) في أ، تصحيف

أظللت من سحاب وغیره وظلاله(1) في الشتاء أي ممكنه من الرد، والريحان كل نبت طيب الرائحة، وقيل ورقة ونبت معروف وتفتنه كتضرب(2) أي تعجبه وتصیر فتنه له، ويحزُنه كَيْنُصر(3) ويحزنه على صيغة الأفعال بمعنى ويوجدان في النسخ [أي يحزنه الاهتمام بأمره وكونه عى غر مراده ويلفته(4) كيضرب أي يصرفه عن التوجه](5) الى جنابه سبحانه [ودابته رجاه وخادمه يداه أي غالباً (فتأسَ بنبيك(6) الاطيب الاطهر صلى](7) الله عليه واله(8))، فإنَّ فيه أسوة [لمن تأسى، وعزاءً(9) لمن تعزى. وأحب](10) الْعِبَادِ إِلَی الله المُتَأَسِّ بِنَبِيِّهِ(11)، والمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ. وَقَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً(12)، [وَلْمَ يُعِرْهَا](13) طَرْفاً أَهْضَمُ أَهْلِ الدُّنْيَا كَشْحاً، [وَ](14)

ص: 181


1- (ظلال) في ر
2- (كتصرب) في م، تصحيف
3- (كنصر) في ر
4- (ويلفيه) في أ، ع، تصحيف
5- [أي يحزنه الاهتمام بأمره وكونه على غير مراده ويلغيه كيضرب أي يصرفه عن التوجه] خرم في ن
6- (نبيك) في ر
7- [ودابته رجلاه وخادمه يداه أي غالباً فتأسى بنبيك الاطيب الاطهر صلى] خرم في ن
8- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 188
9- (غراء) في ر، تصحيف
10- [لمن تأسى وعزاءً لمن تعزى وأحب] خرم في ن
11- (بنبته) في أ، ر تصحيف
12- (فضمًا) في ر، تصحيف
13- [ولم يعرها] خرم في ن، وفي ث: (يغرها)
14- [و] خرم في ن

أَخْمَصُهُمْ مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً) تأسيت به وائتسيت أي [اقتديتُ وتأسيتُ(1)](2) أي تعزيت وتعزى [أي انتمى وانتسب](3) والاسم العَزاء(4) بالفتح، وقص أثره وأقتص أي [تتبعه واقتدى به](5)، وقَضِمَ بالضاد [المعجمة](6) كسَمِعَ [كما في كثیر من النسخ أي أكل](7) بأطراف أسنانه، وقيل يختص بأكل(8) اليابس(9) كذلك والتنوين في قضماً [للتقليل والتحقیر](10) أي لم يبالغ في تناول الدنيا بل قنع بالبلغة(11) والكفاف، وفي حديث أبي ذر: (يخضمون(12) ونقضم والموعد الله)(13)،

و(الخضم)(14) الأكل بكل الفم للأشياء الرطبة(15) وهي أسهل تناولًا، والطرف نظر العین، ولم يعرها طرفاً، أي لم يعطها نظرة على وجه العارية فكيف بان

ص: 182


1- (تأسين) في ر
2- [اقتديتُ وتأسيتُ] خرم في ن
3- [أي انتمى وانتسب] خرم في ن، وفي ع: (انتسبت)
4- (الغراء) في ر، تصحيف
5- [تتبعه واقتدى به] خرم في ن
6- [المعجمة] خرم في ن
7- [كما في كثير من النسخ أي أكل] خرم في ن
8- (يأكل) في ث، تصحيف
9- ينظر: لسان العرب، مادة (قضم): 12 / 487
10- [للتقليل والتحقير] خرم في ن، وفي أ،ع: (التعليل)
11- (اليلغة) في أ، تصحيف
12- (يخصمون) في ث، تصحيف
13- أعيان الشيعة: 4 / 236، وفي ع: (يخصمون وتقضم)، تصحيف
14- (الحصم) في أ،ع، وفي ن: (الحضم)، تصحيف
15- ينظر: لسان العرب، مادة (خضم): 12 / 182

يجعلها مطمح نظره، والهضم محركة انضمام الجنبن وخمص(1) البطن، والكشح ما بن الخاصرة الى الضلع الخلف، أو الخاصرة وأهضم أهل الدنيا كشحاً أي أقلهم أكلاً، والخمص (الجوع)(2) (عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَعَلِمَ أنَّ اللهُ سُبْحَانَهُ(3) أَبْغَضَ شَيْئَاً فَأَبْغَضَهُ، وَحَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَهُ، وَصَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَهُ. وَلَوُ لَمْ يَكُنْ فِينَا إِلَّا حُبُّنَا(4) مَا أَبْغَضَ اللهُ وَتَعْظِيمُنَا مَا صَغَّرَ اللهُ(5)، لَكَفَى بِهِ شِقَاقاً للهِ وَمَحُادَّةً عَنْ أَمْرِ اللهِ!(6)) عرضت المتاع على ذوي الرغبة(7) أي اظهرته وابرزته [لهم](8) ليشريه من يريد، وفي بعض النسخ

(عرضت عليه الدنيا عرضاً) والتنكير للتفخيم أي عرضا كاملاً يعرف به(9)

حقيقتها أو عرضاً خفيفاً لاستعلام أنه هل يلتفت اليها فلو التفتَ عرضت عرضاً تاماً، وحقر في بعض النسخ بالتخفيف في الموضعن والمعنى واحد

ص: 183


1- (حمص) في ث، ع، تصحيف
2- لسان العرب (خمص): 7 / 30 وفي ع: (الحمص)، تصحيف
3- (تعالى) في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 9 / 185
4- (جبناً) في ر، تصحيف
5- (ما أبغض الله ورسوله، وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 188، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 284
6- (شقاقاً لله تعالى ومحادة عن أمر الله تعالى) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 188
7- (الرعبة) في ث، تصحيف
8- [لهم] ساقطة منع
9- [به] ساقطة من ر

والشِقاق بالكسر والمشاقة الخلاف(1) والعداوة(2) والمحادة(3) [المعاداة](4) والمخالفة والمنازعة وهي مفاعله من الحد كأنَّ كل واحد منهما تجاوز حده الى الآخر [والغرض(5) الذي اشار (عليه السلام) اليه [...](6) قد ورد [في كثیر

من الاخبار منها ما رواه ثقة الاسلام في الروضة عن أبي جعفر (عليه السلام)

في حديث طويل انه قال](7): ولقد أتاه جبرائيل (عليه السلام) [بمفاتيح خزائن الارض ثلاث مرات يخیره من غیر أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعد له شيئاً](8) (وعن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه أتاه عند الموت بمفاتيح

خزائن الدنيا فقال: (هذه / و 211 / مفاتيح خزائن الدنيا بعث بها اليك ربك ليكون لك ما أقلت الأرض من غیر أن ينقصك شيئاً، فقال رسول الله (صلى

ص: 184


1- (الحلاف) في ر، تصحيف
2- (الغداوة) في ث، تصحيف
3- (المحاذة) في ث، تصحيف
4- [المعاداة] ساقطة من م، وفي ث: (المعادة)
5- (العرض) في أ، ث، ع، ن، تصحيف
6- [و] زائدة في ع
7- [في كثير من الاخبار منها ما رواه ثقة الاسلام في الروضة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل انه قال] خرم في ن
8- [بمفاتيح خزائن الارض ثلاث مرات يخیره من غر أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعد له شيئاً] خرم في ن

الله عليه واله): في الرفيق الاعلى(1))](2) (وَلَقَدْ كَانَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاله(3)) يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ، وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ، وَيَخْصِفُ [بِيَدِهِ نَعْلَهُ، وَيَرْقَعُ](4) بِيَدِهِ ثَوْبَهُ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ، وَيُرْدِفُ [خَلْفَهُ؛ وَيَكُونُ](5) السِّتُر عَلىَ بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ [فِيهِ التَّصَاوِيرُ](6) فَيَقُولُ: يَا فُلَانَةُ لِإِحْدَى أَزْوَاجِهِ [غَيِّبِيهِ عَنِّي؛

فَإنِّ إِذَا نَظَرْتُ](7) إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنيا [وَزَخَارِفَهَا](8) فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ، وَأَمَاتَ [ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَأَحَبَّ أنْ](9) تَغِيبَ زِينَتُها عَنْ [عَيْنِهِ لِكَيْلاَ يَتَّخِذَ مِنْهَا](10) رِيَاشاً، وَلَا يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً، وَلَا يَرْجُوَ(11) فيهَا مَقَاماً، فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ وَأَشْخَصَهَا عَنِ الْقَلْبِ، وَغَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ [شَيْئاً

ص: 185


1- الاصول من الكافي: 8 / 131
2- [والغرض الذي اشار (عليه السلام) اليه قد ورد في كثير من الاخبار منها ما رواه ثقة الاسلام في الروضة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل انه قال ولقد أتاه جبرائيل (عليه السلام) بمفاتيح خزائن الارض ثلاث مرات يخيره من غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعد له شيئاً، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن الدنيا فقال: (هذه مفاتيح خزائن الدنیا بعث بها اليك ربك ليكون لك ما أقلت الأرض من غیر أن ينقصك شيئاً، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): في الرفيق الاعلى)] بياض في ر، م
3- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغ، ابن أبي الحديد: 9 / 188
4- [بيده نعله ويرقع] خرم في ن
5- [خلفه ويكون] خرم في ن
6- [فيه التصاوير] خرم في ن
7- [غيبيه عني فأني إذا نظرت] خرم في ن
8- [وزخارفها] خرم في ن
9- [ذكرها من نفسه وأحب أن] خرم في ن
10- [عينه لكيلا يتخذ منها] خرم في ن
11- (يرحو) في ث، تصحيف

أَبْغَضَ](1) أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ، وَأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ) الجلسة بالكسر الحالة التي يكون

عليها(2) الجالس وجلسة العبد أن يضع قصبتي ساقيه عى الأرض، ويعتمد

عليهما بباطن فخذيه وهي التي يقال لها بالفارسية: دوزانو ويحتمل أن يكون

المراد الجلسة عى وجه التذلل لا الترفع و(الأظهر)(3) أن المراد أنه [...](4) (صلى الله عليه واله) كان يجلس كذلك مطلقاً لا في حالة الأكل خاصة وعلى الوجهین فيه دلالة على استحباب الجلوس كذلك حالة الأكل وخصف النعل، كضرب أي خرزها قيل: وأصله الضم والجمع ورقع(5) الثوب كمَنَعَ أي

أصلحه بالرقعة، وأردف الراكب إذا أركب أحدا خلفه، والسِتر بالكسر الحجاب والتصوير والصورة، والتمثال والمثال واحد، وظاهر كلام أكثر

اللغويین والفقهاء عدم الاختصاص بذي الروح، وخصها من أصحابنا ابن

إدريس(6) (رحمه الله)، وقال في المصباح المنیر: (في ثوبه تماثيل أي صور حيوانات

مصورة)(7)، والرِياش بالكسر والريش بمعنى وهو اللباس الفاخر مثل الحِرم والحرام واللبس واللباس، وقيل الريش والرياش المال والخصب والمعاش، والقَرار بالفتح ما قر فيه، والمَقَام بالفتح كما في بعض النسخ وبالضم كما في بعضها [يكونان بمعنى الاقامة والموضع وشخص كمنع أي سار في ارتفاع أو

ص: 186


1- [شيئاً أبغض] ساقطة من ع
2- (عليه) في ر
3- (الأطهر) في ن، تصحيف
4- (كان) زائدة في ر
5- (رتع) في ث، تحريف، وفي ع: (رفع)، تصحيف
6- ينظر: السرائر، ابن إدريس: 2 / 215
7- المصباح المنير،(المثل): 2 / 564

خرج(1) من موضع الى موضع](2) (وَلَقَدْ كَانَ فِي رَسُول الله [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَآلهِ(3) مَا يَدُلُّكَ عَلىَ مَسَاوِئِ الدُّنْيَا وَعُيُوبَهِا؛ إذْ جَاعَ فِيهَا](4) مَعَ خَاصَّتِهِ، وَزُوِيَتْ عَنْهُ [زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ، فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ:](5) أَكْرَمَ اللهُ مُحَمَّداً(6) بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَهُ فَإنْ قَالَ: ((أَهَانَهُ)) [فَقَدْ](7) كَذَبَ(8) وَالْعَظِيمِ(9)،

وَإنْ قَالَ: ((أَكْرَمَهُ)) [فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهَانَ](10) غَیْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ، [وَزَوَاهَا عَنْ](11) أَقْرَبَ النَّاسِ مِنْهُ). [الخاصة ضِدَ العامَة وَالذِي اخْتَصصتَهُ](12) لِنَفسِكَ وَخَاصتَهُ (صَلىَّ الله عَلَيْهِ وَآله) عترته(13) الطاهرة (صلوات الله عليهم) [أجمعین وكلمة مع هاهنا ليست](14) مثلها في قوله

ص: 187


1- (جزع) في م، تحريف
2- [يكونان بمعنى الاقامة والموضع وشخص كمنع أي سار في ارتفاع أو خرج من موضع الى موضع] خرم في ن
3- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 188
4- [صلى الله عليه واله ما يدلك على مساوئ الدنيا وعيوبها إذ جاع فيها] خرم في ن
5- [زخارفها مع عظيم زلفته فلينظر ناظر بعقله] خرم في ن
6- [صلى الله عليه وسلم] في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 188
7- [فقد] خرم في ن
8- [كذب وَالله] في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 188، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 285
9- [بالإفك العظيم] في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 188، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 285
10- [فليعلم أن الله قد أهان] خرم في ن
11- [وزوارها عن] خرم في ن
12- [الخاصة ضد العامة والذي اختصصته] خرم في ن
13- (عترة) في ر، تحريف
14- [أجمعين وكلمة مع هاهنا ليست] خرم في ن

(عليه السلام) مع عظيم زلفته، ويحتمل أن يراد بخاصته خصلته وحالته المختصة به (صلى الله عليه واله) من القرب والدرجة الرفيعة عند الله عز وجل، والزلفة والزلفى القربة والمنزلة، وفي بعض النسخ [أ أكرم](1) الله بذكر همزة الاستفهام وزواها أي صرفها وقبضها (فَتَأَسَّى مُتَأَسٍ بِنَبِيِّهِ؛ وَاقْتَصَّ أَثَرَهُ، وَوَلَجَ مُوْلِجَهُ؛ وَإِلاَّ فَاَ يَأْمَنِ الْهَلَكَةَ، فَإنَّ اللهَ جَعَلَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله)(2) عِلَمًا لِلسَّاعَةِ، وِمُبَرِّاً بِالْجَنَّةِ، وَمُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ؛ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا

خَمِيصاً، وَ وَرَدَ الْخِرَةَ سَلِيماً، لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ؛ حَتَّى مَىَ لِسَبِيِلِه،

وَأجابَ دَاعِيَ رَبِّهِ) الظاهر أن تأسى وما عطف عليه أمر بلفظ الماضي، وهو

كثر في كلامه (عليه السلام) ولا يأمن في بعض النسخ بالرفع على وجه الإخبار وعلماً للساعة أي: ما يعرف به الساعة، وختم النبوة تشبيهاً بالجبل(3) الذي يستدل به على الطريق وغیره، أو بالراية التي يتقدم الجيش، والخميص: الجائع حقيقة أو / ظ 211 / كناية عن عدم الاستمتاع من الدنيا وسليماً أي: من النقص والعيب، ومضى لسبيله أي سبيل مقصده وهو الفوز(4) بلقاء الله، وحلول دار الكرامة وداعي ربه الملك الموكل بدعوة النفوس الى دار البقاء أو

الموت. (فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللهِ عِنْدَنَا حِینَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفاً نَتَّبِعُهُ، وَقَائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ! وَاللهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِيهَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا، وَلَقَدْ قَالَ لِي

ص: 188


1- [أ أكرم] خرم في ن
2- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 188
3- (بالحيل) في أ، وفي ث: (بالحمل) وفي ر: (بالجيل)
4- (العوز) في ر، تصحيف

قَائِلٌ: أَلَا تَنْبِذُهَا(1) عَنْكَ! فَقُلْتُ: اعْزُبْ عَنِّي(2)؛ فَعِنْدَ [الصَّبَاحِ يْحَمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى)، المنه في المقام يحتمل(3) النعمة والاعتداد بالعطية وسلف](4) الرجل من يتقدمه من الاباء [والقرابة وغيرهم، ونطا(5) عقبه أي يسلك(6) السبيل الذي سلكه، وكلا رفع قدماً](7) نضع(8) القدم مكانها، والعقب مؤخر القدم، ورفع(9) الثوب كمنع كما في بعض النسخ [ورقّع بالتشديد كما في](10) بعضها أي أصلحه بالرقاع والمدرِعة بكسر [الميم وفتح](11) الراء ثوب

كالدراعة، ولا يكون [إلا من صوف ذكره في القاموس](12) وتمدرع أي لبسه

وتنبذها كترب أي [تطرحها والعزوب](13) الغيبة وجاء عَزَبَ(14) [كنَصَر

ص: 189


1- (تنبدها) في ث، وفي ر: (تنيذها)، تصحيف
2- (اغرب عني) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 285
3- (تحتمل) في ث، تصحيف
4- [الصباح يحمد القوم السرُى المنه في المقام يحتمل النعمة والاعتداد بالعطية وسلف] خرم في ن
5- (تطاء) في ث، تصحيف
6- (نسلك) في ث، ر، تصحيف
7- [والقرابة وغيرهم، ونطا عقبه أي يسلك السبيل الذي سلكه، وكلما رفع قدماً] خرم في ن
8- (تضع) في ث، تصحيف
9- (ورقع) في ث، تصحيف
10- ورقع بالتشديد كما في خرم في ن
11- [الميم وفتح] خرم في ن
12- [إلا من صوف ذكره في القاموس] خرم ن
13- [تطرحها والعزوب] خرم في ن، وفي أ، ث، ر: (الغروب)، وفي م: (العروب)، تصحيف
14- (غرب) في ث، ر، تصحيف

وضَرَبَ وفي النسخ](1) بضم العین(2) وفي بعض النسخ اغرب [بالغین المعجمة والراء المهملة](3) من غَرَبَ(4) الرجل [كنَصَر الرجل أي غاب وبعد](5)، والسرُى كالهدى السیر عامة الليل يقال: سرى يري سُرى أي عند

الصباح يحمد النائم في [المنزل](6) من سار في الليل فبلغ المقصد ويذم نفسه

على تكاسله ونومه وكذلك من أخذه نوم الغفلة يحمد عند الانتباه وانكشاف

ظلمة الدنيا وكدوراتها من سار في تلك الليلة بالسعي والاجتهاد في العبادة

وتحمل المشاق ويتأسف لفوت الفرصة والخيبة والله المستعان.

[ومن خطبة له (علیه السلام)]

(بَعثَهُ(7) بِالنُّورِ المُيِءِ، وَالْبْرُهَانِ الْجَلِيِّ، وَالْمِنْهَاجِ الْبَادِي، وَالْكِتَابِ الْهَادِي.

أُسْرَتُهُ خَیْرُ أُسْرَةٍ، وَشَجَرَتُهُ خَیْرُ شَجَرَةٍ، أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةُ، وَثِمَرُهَا مُتَهَدِّلَةٌ،

مُوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ، عَمَا بِهَا ذِكْرُهُ، وَامْتَدَّ بِهَا(8) صَوْتُهُ) في بعض النسخ ابتعثه على صيغة الافتعال موضع بعثه وهما بمعنى والنور المضيء نور

ص: 190


1- [كنصر وضرب وفي النسخ] خرم في ن
2- (الغين) في ث
3- [بالغين المعجمة والراء المهملة] خرم في ن
4- (عزب) في ث، تصحيف
5- [كنصر الرجل أي غاب وبعد] خرم في ن
6- [المنزل] خرم في ن
7- (ابتعثه) في شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد، 9 / 191، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 286
8- (منها) في شرح نهج البلاغة: اب-ن أبي الحديد، 9 / 191، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 286

النبوة والبرهان الجلي المعجزات الباهرة والآيات الموضحة للنبوة، والمنهاج البادئ هو الشريعة الظاهرة والدين الواضح والكتاب الهادي، هو القران المبين يهدي للتي هي أقوم والى الجنة وسبل النجاة، والاسرة كغرفة الرهط الأدنون، وشجرته أي أصله واعتدال أغصانها تقارب أهل بيته (عليهم السلام) في الفضل أو عدم اختلافهم(1) في الأمور الدينية وغيرها والتهدل [التدلي والاسترخاء وتهدل الثمار عبارة عن ثقل الأغصان وتدليها بحمل](2) الثمار الكثيرة وسهولة الانتفاع بها، والهِجرة(3) بالكسر الاسم [من هجرة هجراً بالفتح أي ترکه، وطيبة کشيبه وطابه لغةً فيه اسم المدينة الرسول](4) (صلى الله عليه واله) قيل: وكان اسمها [يثرب والشرب الفساد فنهى](5) (صلى الله عليه واله) أن تسمی به وسماها طيبة وهو تأنيث طيب بمعنی الطيب [بالتشديد](6)، وقيل هو من الطيب بمعنى الطاهر [لخلوصها](7) من الشرك، قال بعض الشارحين: ومما أكفر الناس به [یزید بن معاوية](8)

ص: 191


1- (أخلاقهم) في م، تحريف
2- [التدلي والاسترخاء وتهدل الثمار عبارة عن ثقل الاغصان وتدليها بحمل] خرم في ن
3- (والهجر) في ر
4- [من هجره هجرا بالفتح أي ترکه و طيبة كشیبه وطاب لغة فيه اسم المدينة الرسول] خرم في ن
5- [يثرب والثرب الفساد فنهی] خرم في ن
6- [بالتشديد] خرم في ن
7- [خلوصها] خرم في ن
8- [یزید بن معاوية] خرم في ن

عليهما اللعنة أنه سماها [خبثة مراغمة لرسول](1) الله (صلى الله عليه واله)(2)، وعلو ذكره (صلى الله [عليه واله ها لقهره](3) الاعداء بعد الهجرة [وامتداد صوته بها](4) لتمكنه من الدعوة الجلية وزوال الخوف. (أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ، وَمَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ، وَدَعْوَةٍ مُتَلَفِيَةٍ. أَظْهَرَ بِهِ الشَّرَائِعَ المَجْهُولَةَ، وَقَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ المَدْخُولَةَ، وَبَیَّنَ بِهِ الْأَحْكَامَ المَفْصُولَةَ. فَمَنْ يَبْتَغِ غَیْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً تَتَحقَّقُ(5) شِقْوَتُهُ، وَتَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ، وَتَعْظُمْ كَبْوَتُهُ، وَيَكن(6) مَآبُهُ إِلیَ الْحُزْنِ الطَّوِيلِ، وَالْعَذَابِ الْوَبِيلِ) تلافاه أي تدراکه وتلافي الدعوة استدراك ما فسد من نظام الخلق والدين والشرائع المجهولة ما جهله الناس من قواعد الدين // و 212 / ولم يكونوا يهتدون اليها الا بالدعوة الباهرة وقَمَعَه كمَنَعَه أي ضربه بالمِقمعة وهي كمِكنسة العمود من حديد أو كالمحجن يضرب به رأس الفيل(7) وخشبه يضرب بها الانسان على رأسه، وقمع البدع كناية عن ازالتها وقلعها والمدخولة المعيبة وفصلت الشيء عن غيره كضربت فصلاً أي قطعته ونحيته، ومنه فصل الخصومات(8) وهو الحكم بين الخصمين وقطعها والاحكام المفصولة ما قطع ببيانه (صلى الله عليه واله) عن الباطل أو نحي عنه نحو من قتل قتيلاً، أو فصله الله سبحانه، فبعث رسوله (صلى الله عليه

ص: 192


1- [خبثة مراغمة لرسول] خرم في ن، وفي م: (مراغبة)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 191
3- [عليه واله بها لقهرة] خرم في ن
4- [وامتداد صوته بها] خرم في ن
5- (لتحقق) في ع، تحریف
6- (يكون) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 191
7- ينظر: الصحاح، مادة (قمع): 3 / 1272
8- (الحضومات) في أ، ث، ع، تصحيف

واله) لبيانه والابتغاء الطلب، والشِقوة بالكسر الشقاوة، وفصمه کضرب أي کسره، وقيل: من غير إبانه فانفصم والعروة من الكوز والدلو المقبض، وکَبا الجواد(1) كَبوة بالفتح إذا عثر فوقع إلى الأرض، والمآب المرجع، والوبيل ذو الوبال وهو (الشدة)(2)، والثقل، وقال بعض [الشارحين(3): هو الهلاك: (وَأَتَوَكَّلُ عَلَى اللهِ تَوَكُّلَ الإنَابَةِ إِلَيْهِ وَأَسْتَرْشِدُهُ السَّبِيلَ](4) (المُؤَدِّيَةَ إِلیَ جَنَّتِهِ

[الْقَاصِدَةَ إِلَی مَحَلِّ رَغْبَتِهِ. أُوصِيكُمْ عِبَادَ الله بِتَقْوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ، فَأنَّهَا النَّجَاةِ](5) غَداً، وَالمَنْجَاةُ أَبَداً)؛ التوكل اظهار العجز(6) [والاعتماد على الغير، وأناب الى الله أي رجع، والسبيل يذكر ويؤنث(7)](8) كالطريق والقصد استقامة الطريق ضد الجور، قال بعض الشارحين: فإن قلت: لمَ عدي [القاصدة ب(إلى)](9) قلت: لأنها تضمنت معني [الافضاء(10) إلى المقصد(11)، والرغبة

ص: 193


1- (الجود) في ر، تحریف
2- العين، مادة (وبل): 8 / 339
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 192، وفيه: (وهو الهلاك)
4- [الشارحين هو الهلاك وأتوكل على الله توكل الانابة اليه واسترشده السبيل] خرم في ن
5- [القاصدة إلى محل رغبته أو صیکم عباد الله بتقوى الله وطاعته فأنها النجاة] خرم في ن
6- (العجر) في ن - تصحيف
7- ينظر: المذكر والمؤنث، السجستاني: 146، والمذكر والمؤنث، ابن التستري: 81
8- [والاعتماد على الغير، وأناب إلى الله أي رجع، والسبيل يذكر ويؤنث] خرم في ن
9- [القاصدة ب(إلى)] خرم في ن
10- (القضاء) في ر، تصحيف
11- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 192، وفيه: (... لأنها لما كانت قاصدة تضمنت...)

إرادة(1)](2) الشيء والحرص عليه والطمع [فيه و محل رغبة الله](3) جنة الخلد؛ لأنه يرغب فيها [كل أحد واعتبار اضافه المحل قبل اعتبار](4) اضافة الرغبة [ويحتمل بعيداً أن يراد](5) بالرغبة ارادته عز وجل إياها للمحسنين من عباده وأوصاه ووصاه أي عهد اليه وأمره والنجاة الخلاص والحمل للمبالغة والتقوى سبب النجاة أو المراد بالنجاة الناقة السريعة التي تنجو بمن ركبها کما ذكره بعض الشارحين(6)، والمنجاة يحتمل المصدر والمكان (رَهَّبَ فَأَبْلَغَ، وَرَغَّبَ فأَسْبَغَ، وَوَصَفَ لَكُمْ الدُّنْيَا وَانْقِطَاعَهَا، وَزَوَالَهَا وَانْتِقَالَهَا، فَأَعْرِضُوا عَمَّا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا. أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللهِ، وَأَبْعَدُهَا مِنْ رَضْوَانِ اللهِ. فَغُضُّوا [عَنْكُمْ](7) عِبَادَ اللهِ غَمُومَهَا وَأَشْغَالَهَا لِمَا قَد(8) أَيْقَنْتُمْ(9) بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا وَتَصَرُّفِ حَالَتِهَا) الرهبة الخوف والفزع أي خوف الله عباده بعذابه لو عصوه، فأجاد في التخويف، يقال: شيء بالغ أي جيد والابلاغ في الأصل الإيصال ورغب أي حرصهم على الطاعة، والفوز بالنعيم واسبغ أي: أتم وأوسع واعجبني الشيء إذا أعظم(10) موقعه عندك وتحسن في نظرك

ص: 194


1- (ازادة) في أن تصحيف
2- [الأفضاء إلى المقصد والرغبة إرادة] خرم في ن
3- [فيه و محل رغبة الله] خرم في ن
4- [كل أحد واعتبار اضافه المحل قبل اعتبار] خرم في ن
5- [ويحتمل بعيداً أن يراد] خرم في ن
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 192
7- [عنكم] ساقطة من م
8- (لما أيقنتم) في نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 192
9- (أتقيتم) في ر، م تحریف
10- (اذ اغطم) في ث

لوصف(1) کامل ظنت فيه أي لا تفتتنوا بمتاع الدنيا وزخرفها؛ لأنه لا يصحبكم من الدنيا إلا الكفن، ويحتمل أن يراد بالقلة العدم، وذلك النوع من التعبير يكون على التنزل والمماشاة، أي لو سلمنا أنه يصحبكم شيء من الدنيا فلا ريب في قلته ويكون لغير ذلك، ويقال: فلان قليل الخير أي لا خير فيه، وفي الحديث: (إنه كان يقل اللغو)(2) قالوا: (أي لا يلغو أصلًا)(3) [وبه فسر قوله تعالى: «فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ»(4)](5) ويحتمل أن يراد بالصحبة التمتع والانتفاع بالفعل والتعبير بالصحبة](6) للدلالة على عدم اللصوق وان التمتع بمتاع الدنيا ليس في [درجة](7) الكمال بل من قبيل الصحبة والمعنى اعرضوا عما ترون في الدنيا من الأموال والمساكن والحدائق وسائر الزخارف فيعجبكم(8) حُسنها وبهجتها لأنكم لا ترزقون الانتفاع والتمتع إلاَّ بقليل منها فأكثر [الاموال](9) تجمع للوارثين وتبني المساكن لقوم اخرين ولا يتيسر الانتفاع بكثير مما يعجب الانسان ولا يشرب الانسان من نهر عذب إلا بقدر ما يرويه والى هذا المعنى اشار (عليه السلام) بقوله: كم من مؤمل

ص: 195


1- (لوصل) في ر، تحریف
2- النهاية في غريب الحديث والاثر: 4 / 104
3- المصدر نفسه: 4 / 104
4- البقرة / 88
5- [وبه فسر قوله تعالى: «فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ» خرم في ن
6- [والتعبير بالصحبة] خرم في ن
7- في [درجة] خرم في ن
8- (فتعجبكم) في أن تصحيف
9- [الاموال] طمس في ن

ما لا / ظ 212 یدرکه وبانٍ ما لايسكنه وجامع(1) [ما سوف يتر که وقال بعض الشارحين: إنما قال لقلة ذلك ولم يقل لعدمه لأنَّ السالكين لابد أن يستصحبوا منها [شيئاً](2) وهو ما يكتسبه(3) أحدهم من الكمالات](4) الى الآخرة، لكن القدر الذي [يكتسبه المترفون من الكمالات إذا قصدوا بأموالهم وسائر زينة](5) الحياة الدنيا الوصول إلى الله تعالى [قليل نزر](6) ومع ذلك فهم في غاية(7) الخطر من [مزلة](8) القدم في كل حركة وتصرف بخلاف أهل القشف الذين [اقتصروا منها](9) على مقدار الضرورة [البدنية وهو كما تری](10)، وغضه کمد أي نقصه(11) وغض من طرفه ومن صوته [أي خفض، قال الله](12) عز وجل: «وَاغْضُضْ [مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ](13)

ص: 196


1- (جامع) في أ، تصحيف
2- [شيئاً] ساقطة من ع
3- (يكنسبه) في ث، تصحيف
4- [ماسوف يتركه قال بعض الشارحين: إنما قال لقلة ذلك ولم يقل لعدمه لأنَّ السالكين لابد أن يستصحبوا منها شيئاً وهو ما يكتسبه أحدهم من الكمالات] خرم في ن
5- [يكتسبه المترفون من الكمالات إذا قصدوا بأموالهم وسائر زينة] خرم في ن
6- [قليل نزر] خرم في ن، وفي م: (یزر)، تصحيف
7- (عاية) في ر، تصحیف
8- [مزلة] خرم في ن، وفي ث: (مرله) تصحيف
9- [اقتصروا منها] خرم في ن
10- [البدنية وهو كما ترى] خرم في ن
11- (نقضه) في ع، تصحیف
12- [أي خفض، قال الله] خرم في ن
13- [من صوتك إن أنكر الاصوات] خرم في ن

لَصَوْتُ الْحَمِيرِ»(1)، وقال الجوهري: (وكل [شيء كففته](2) فقد غضضته)(3)، وفي بعض النسخ، فضعوا عنكم، والوضع الخط ووضعت [الشيء من](4) يدي أي تركته والتصرف التقلب وصرفت الشيء عن وجهه فتصرف وتصرف حالات الدنيا تغيرها من الوجود الى العدم(5) والقوة الى الضعف والغنی الى الفقر والشباب الى الهرم وغير ذلك. (فَاحْذَرُوهَا حذر الشَّفِيقِ

النَّاصحِ، وَالمُجِدُّ الْكَادِحِ، وَاعْتَرِوا بِمَا قَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ مَصَارِع الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ،

قَدْ تَزَايَلَتْ أَوْصَالُهُمْ، وَزَالَتْ أَبْصَارُهُمْ وَأَسْاَعُهُمْ، وَذَهَبَ شَرَفُهُمْ وَعِزّهُمْ(6)،

وَانْقَطَعَ سُرُورُهُمْ وَنَعِيمُهُمْ، فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ الْأَوْلَادِ فَقْدَهَا، وَبِصُحْبَةِ الأزْوَاجْ

مُفَارَقَتَها، لَا يَتَفَاخَرُونَ وَلَا يَتَنَاسَلُونَ، وَلَا يَتَزاوَرُونَ وَلَا يَتَجَاوَرُونَ(7)) الشفقة الخوف وحرص الناصح على اصلاح حال المنصوح، وهو شفيق ومشفق ويقال: شفق وأشفق، وقيل: لا يقال إلآ أشفق، والنصح ارادة الخير للمنصوح له، قال بعض الشارحين: أي احذروها على أنفسكم لأنفسکم کما یحذر الشفيق الناصح على صاحبه(8)، والكدح: الكد والسعي(9)، ولعل ذکر

ص: 197


1- لقمان / 19
2- [شيء كففته] خرم في ن
3- الصحاح، مادة (غضض): 3 / 1095
4- [الشيء من] طمس في ن
5- (العدمه) في ر
6- (غزهم) في ر، تصحيف
7- (يتحاورن) في نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 192، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 287
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 193، وفيه: (فاحذروها...)
9- ينظر: لسان العرب، مادة (كدح): 2 / 569

الكدح لدلالة [على أنه لا يكفي مجرد الحذر](1) بدون العمل، قال بعض الشارحين: أي المجد الكادح لنفسه(2)، ويحتمل أن يراد المجد في الحرب الكادح فيه، والمَصرع موضع الطرح على الأرض(3)، ويحتمل المصدر والقرن كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد وقيل: أهل كل مدة كان فيه نبي(4) أو طبقة من أهل العلم سواء قل السنون، أو كثرت والتزایل التباين والتفارق وأوصالهم مفاصلهم، سميت بهما باعتبارین، وفي بعض النسخ (أسماعهم وأبصارهم)، والشرف [العلو والمجد، وقيل: لا يكون إلا بالإباء والعز خلاف الذل والقوة والشدة](5) والغلبة والنعيم الخفض [والمال والتنعم الترفة والتفاخر فخر بعظهم على بعض بالخصال الجميلة والتزاور](6) قصد بعضهم بعضاً، والزيارة(7) في العرف [قصد](8) المزور اکراماً له واستئناساً به [ولا يتجاورون(9) أي](10) لا يكون بعضهم جار البعض بقرب(11) المنزل فإنَّ

ص: 198


1- [على أنه لا يكفي مجرد الحذر] طمس في ن
2- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 292
3- ينظر: لسان العرب، مادة (صرع): 8 / 197
4- (بني) في ر، تصحيف
5- [العلق والمجد، وقيل: لا يكون إلا بالاباء والعز خلاف الذل والقوة والشدة] خرم في ن
6- [والمال والتنعم الترفة والتفاخر فخر بعظهم على بعض بالخصال الجميلة والتزاور] خرم في أ
7- (للزيارة) في ر
8- (قصد) خرم في ن
9- (يتجاوزون) في ر
10- [ولا يتجاورون أي] خرم في ن
11- (يقرب) في ر، تصحيف

[تجاورهم(1) بالقبور](2) في حكم التباعد لعدم علم بعضهم [بحال](3) بعض بذلك [كما قال (عليه السلام): جميع](4) وهم آحاد وجيره(5) [وهم أبعاد، وفي](6) بعض النسخ (لا يتحاورون)(7) [بالحاء المهملة أي لا يكلم ولا يخاطب(8) بعضهم بعضاً و [الظاهر أن المراد وصف](9) الابدان فلا ينافي محاورة(10) الارواح [وتزاورهم](11) كما يظهر من الأخبار أو المراد نفي المحاورة(12) والتزاور بالأبدان العنصرية في البرزخ فلا ينافي وجودهما بالأبدان المثالية في البرزخ والعنصرية في الجنة والمحاورة(13) في النار (فَاحْذَرُوا - عِبَادَ اللهِ - حَذَرَ الْغَالِبِ لِنَفْسِهِ الْمَانِعِ لِشَهْوَتِهِ، النَّاظِرِ بِعَقْلِهِ؛ فَإنَّ الأمْرَ وَاضحٌ وَالْعَلَمَ قَائِمٌ، وَالطَّرِيقَ جَدَدٌ وَالسَّبِيلَ قَصْدٌ) اللام في الموضعين لتقوية

ص: 199


1- (تحاورهم) في ر، تصحيف
2- [تجاورهم بالقبور] خرم في ن
3- [بحال] خرم في ن
4- [كما قال (عليه السلام) جميع] خرم في ن
5- (جيزة) في ر، تصحيف
6- [وهم أبعاد وفي] خرم في ن
7- (لا يتجاورون) في ث، تصحيف
8- [بالحاء المهملة أي لا يكلم ولا يخاطب] خرم في ن
9- [الظاهر أن المراد وصف] خرم في ن
10- (مجاورة) في ر، م، تصحيف
11- [وتزاورهم] خرم في ن
12- (المجاورة) في ر، م، تصحيف
13- (المجاورة) في م، تصحيف

العمل نحو قوله تعالى: «مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ»(1)، «فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ»(2)، والعلم ما يهتدي به من جبل(3) ونحوه، والمراد به الرسول (صلى الله عليه واله) والأئمة (عليهم السلام) أو الدليل على الحق لمن أراد الاهتداء، والجدد بالتحريك الأرض الصلبة المستوية، وفي المثل من (سلك / و 213 / الجدد آمن العثار)(4) والقصد المعتدل بين طرفي الافراط والتفريط واستقامة الطريق فالحمل للمبالغة.

[ومن كلامه (عليه السلام)] لبعض أصحابه وقد سأله كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟

فقال(5) (يا أخا بَنِي أَسَدٍ؛ إِنَّكَ لَقَلِقُ(6) الْوَضِینِ(7) تُرْسِلَ فِي غَیْرِ سَدَدٍ؛ وَلَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ وَحَقُّ المَسْألَةِ وَقَدِ اسْتَعْلمْتَ فاعْلَمْ) القَلَق بالتحريك الانزعاج والاضطراب والقِلق کَکَتِف الصفة منه والوضين (بطان منسوج بعضه

ص: 200


1- البقرة / 89
2- هود / 107
3- (حبل) في أ، ع، تصحيف
4- جمهرة الامثال: 2 / 226، و مجمع الامثال: 2 / 221، والأمثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة، محمد الغروي: 489
5- (فقال (عليه السلام)) في شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، 9 / 194
6- (فلق) في ر، م، تصحيف
7- (الوضعين) في ث، تحریف

على بعض يشد به الرحل(1) على البعیر)(2)، كالحزام(3) للسرج [وإذا اضطرب الوضین اضطرب الرحل(4) ومن عليه والارسال الاطلاق والاهمال](5) والتوجيه، والسَّدد بالتحريك [والسَّداد الاستقامة والصواب والمعنى انك لست بذي ثبات ومتانه](6) في سؤالك تطلق لسانك [في غیر موضعه وتتكلم في غیر موضع](7) الكلام ولعل ذلك [لسؤاله](8) في محضر المعاندين ومن يتقيه

أمیر المؤمنن [[عليه السلام](9) في الافصاح](10) عن الحق أو لأن الامر [كان أظهر من أن يكون محلاً](11) للسؤال، والذِمامة بالكر كما في بعض النسخ وصرح به [الشارحان(12)](13) وصاحب المصباح المنیر(14) الحق والحرمة، وفي

ص: 201


1- (الرجل) في أ، ث، ع، تصحيف
2- لسان العرب، مادة (وضن): 13 / 450
3- (کالخرام) في أ، ث، ع، تصحيف
4- (الرجل) في أ، ع، م، تصحيف
5- [وإذا اضطرب الوضين اضطرب الرحل ومن عليه والارسال الاطلاق والاهمال] خرم في ن
6- [والسَّداد الاستقامة والصواب والمعنى انك لست بذي ثبات ومتانه] خرم في ن، وفي م: (بذي ثياب)
7- [في غير موضعه ويتكلم في غير موضع] خرم في ن
8- [لسؤاله] خرم في ن، وفي ث: (سؤاله)
9- [علیه السلام] ساقطة من ث، ع
10- [عليه السلام في الافصاح] خرم في ن
11- [كان أظهر من أن يكون محلًا] خرم في ن
12- [الشارحان] خرم في ن
13- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 195
14- ينظر: المصباح المنير: 1 / 210

بعض النسخ](1) بالفتح ويظهر من كلام صاحب القاموس(2) انه [يجوز الفتح والكسر](3) (ويروى ماته الصهر بالمد والتشديد وهو الاسم من مت اليه كمد أي توصل وتوسل بحرمه أو قرابه) والصِهر بالكسر [القرابة وحرمة الختونة وزوج بنت الرجل](4) وزوج أخته والاختان أصهار أيضاً، كذا قال في القاموس(5)، وقال في المصباح المنیر: (قال الخليل: الصهر أهل بيت المرأة)(6) قال: ومن العرب من يجعل الاحماء والاختان جميعاً أصهار، وقال الازهري:(7) الصهر يشتمل على قرابات النساء ذوي المحارم وذوات المحارم كالأبوين والاخوة وأولادهم والاعمام والاخوال والعمات والخالات فهؤلاء اصهار زوج المرأة ومن كان من قبل الزوج من ذوي قرابته المحارم

فهم اصهار المرأة أيضاً، وقال ابن السكيت: كل من كان من قبل الزوج من أبيه وأخيه أو عمه فهم الاحماء، ومن كان من قبل المرأة فهم الاختان ويجمع الصنفين(8) الاصهار وصاهرت اليهم إذا تزوجت منهم(9) انتهى ما حكاه.

وقال الشارح عبد الحميد ابن أبي الحديد: هذه الذمامة؛ لأنَّ زينب(10) بنت

ص: 202


1- [الحق والحرمة وفي بعض النسخ] خرم في ن
2- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ذمم): 4 / 116
3- [يجوز الفتح والكسر] خرم في ن
4- [القرابة وحرمة الختونة وزوج بنت الرجل] خرم في ن
5- ينظر: القاموس المحيط، مادة (صهر): 2 / 74
6- المصباح المنير، (الصهر): 1 / 349
7- قول متصرف، ينظر: تهذيب اللغة، مادة (صهر): 6 / 107
8- (الصنعين) في م، تصحيف
9- ينظر: المصباح المنير، (الصهر): 1 / 349، وفيه: (... والاخوال والخالات...)
10- زینب بنت جحش بن رئاب الاسدية، من أسد خزيمة، (أم المؤمنين)، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، وتكنى أم الحكيم، قديمة الاسلام ومن المهاجرات، كانت زوجة زيد بن حارثة، واسمها (برة) طلقها زيد، فتزوجها النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وساها (زينب)، وهي أول من حمل بالنعش من موتى العرب. ماتت سنة (20 ه). ينظر: المعارف: 135، 136، وأنساب الاشراف: 1 / 469، وأسد الغابة: 5 / 463، والوافي بالوفيات: 15 / 39، والاعام: 3 / 66

جحش زوجة رسول الله (صلى الله عليه واله) كانت أسدية(1)، وشنع على القطب الراوندي (رحمه الله) حيث قال: (كان أمر المؤمنین (عليه السلام) تزوج في بني أسد)(2)، قال: ولم نسمع(3) أن أمیر المؤمنین (عليه السلام) تزوج فيهم(4) وفصل زوجاته (عليه السلام)(5)، وقال: ليست واحدة منهن أسدية(6)، وقال الشارح ابن ميثم: وهو محتمل ولا معنى للإنكار اعتمادا على أنه لم يبلغنا ذلك(7) والله تعالى يعلم. والمسألة السؤال.

(أمَّا الاسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا المَقامِ، وَنَحْنُ الأَعْلَوْنَ نَسَباً، وَالأشَدُّونَ بالرَّسُولِ

(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله)(8) نوطاً، فإنها كانت أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْها نُفُوسُ قُوْمٍ وَسخَتْ عَنْها نُفُوسُ [آخَرِينَ؛ وَالحَكَمُ اللهُ، وَ الْمَعْوَدُ إلَيْهِ الْقِيَامَةِ(9)) الاستبداد

ص: 203


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 195
2- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 123
3- (تسمع) في ع، تصحيف
4- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 195
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 195، 196
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 196
7- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 294
8- (برسول الله صلى الله علیه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 194، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 288
9- (يوم القيامة) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 194

بالأمر التفرد به وعلى التضمین](1) معنى الاستعلاء [والنسب بالتحريك والنِسبة بالكسر القرابة من قبل الاب أو الام وقيل بالاختصاص](2) بالأب وناطه نوطاً أي (علقه)(3) وقال بعض الشارحين: النوط الالتصاق(4) والإثرة [بالتحريك الاسم من قولك](5): استأثر على أصحابه أي اختار لنفسه أشياء [حسنة، وتأنيث](6) الضمیر؛ لأن الاستبداد كان [أثره، والشُح](7) بالضم

البخل والحرص وقيل: أشد البخل [وقيل البخل مع الحرص](8)، وقيل البخل في إفراد [الامور وآحادها](9) والشح عام، والسخاء الجود والكرم، [يقال: سخى كسعى ودعا وسرو(10)](11) ورضي، وعن [للمجاوزة أو تضمين(12)

معنى](13) الإعراض، والمراد بالقوم الذين شحوا أهل السقيفة وبالذين

ص: 204


1- [اخرين والحكم الله والمعود اليه القيامة) الاستبداد بالأمر التفرد به وعلى لتضمین] خرم في ن
2- [والنسب بالتحريك والنسبة بالكسر القرابة من قبل الاب أو الام وقيل بالاختصاص] خرم في ن
3- تاج العروس، مادة (نوط): 10 / 436
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 196، وفيه: (والنوط...)
5- [بالتحريك الاسم من قولك] خرم في ن
6- [حسنة وتأنيث] خرم في ن
7- [أثره، والشُح] خرم في ن
8- [وقيل البخل مع الحرص] خرم ن
9- [الامور واحادها] خرم في ن
10- (سرر) في ث
11- والكرم يقال: سخی کسعى ودعا وسرو] خرم في ن
12- (بصمين) في ر، حريف
13- [للمجاوزة أو تضمين معنى] خرم في ن

سخوا أهل البيت (عليهم السلام)، والغرض الاشعار(1) بأنهم لم يميلوا الى

الاثرة من حيث أنها اثرة وامارة وإن كان الرك في الحقيقة لعدم الانصار/ ظ

213 / وعدم استكمال شرائط الطلب كما قال (عليه السلام) (لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها، والحكم بالتحريم والحاكم منفذ الحكم، والمعود اليه المرجع، وكان في نسخة بعض الشارحين: (والمعود اليه يوم القيامة)(2) قال:

أي الوقت الذي يعود الناس كلهم اليه هو يوم القيامة وروي يوم بالنصب على انه ظرف(3) والعامل فيه المعود على أن يكون مصدراً.

(وَدَعْ عَنْكَ نَهَباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ(4) [وَهَلُمَّ الخَطْبَ](5) في ابْنَ أبِي سُفْيَانَ)، وفي نسخ الشارحين(6) بزيادة تمام البيت: ولكن حديثاً ما حديث الرواحل قالوا: وروي أن أمیر المؤمنین (عليه السلام) لم يستشهد إلا بصدره واتمه الرواة ويؤيده قوله (عليه السلام): وهلم الخطب في أبي ابن سفيان فإنه قائم مقام المراع الثاني، والبيت لأمرئ القيس وقصته أنه لما تنقل في أحياء

العرب بعد قتل أبيه نزل عى رجل من جديلة طي يقال له طريف بن

ص: 205


1- [الاشعار] ساقطة من ن
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 194
3- (طرف) في أ، ث، تصحيف
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 196، وفيه (أن الوقت ...)
5- [وهلم الخطب] خرم في ن
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 194

مك فأجاره واكرمه، فمدحه وأقام عنده، ثم انه خاف أن لا يكون له منعه وعز؛ لأنه لم يرَ له نصيباً في الجبلین لطي وهما آجاءٌ وسلمى، فتحول ونزل على [خالد بن سدوس فأغارت بنو جديلة على امرئ القيس فذهبوا بابله وهو في جوار خالد](1) فلما اتاه الخر ذكر [ذلك لجاره(2) فقال له: اعطني رواحلك الحق عليها القوم فأرد أبلك ففعل](3) فركب خالد في إثر القوم [حتى أدركهم، فقال: يا بني جديلة(4) اغرتم على إبل](5) جاري، فقالوا:

[ما هو لك بجار](6) فقال(7): بلى والله وهذه رواحله [قالوا: كذلك](8) قال: نعم، فرجعوا اليه [فانزلوه عنهن وذهبوا بهن](9) وبالابل وقيل: بل انطوى خالد على الإبل [فذهب بها فقال](10) امرؤ القيس: و [دع عنك نهباً الى آخر القصيدة](11) دع عنك أي أترك ذكره، والنهب الغنيمة(12) [والمراد ما

ص: 206


1- [خالد بن سدوس فأغارت بنو جديله على امرئ القيس فدهبوا بابله وهو في جوار خالد] خرم في ن
2- (لجاه) في ر، تحريف
3- [ذلك لجاره فقال له: اعطني رواحلك الحق عليها القوم فأرد أبلك ففعل] خرم في ن
4- (حديلة) في ث، تصحيف
5- [حتى أدركهم، فقال: يا بني جديلة اغرتم على ابل] خرم في ن، وفي ر،ع: (اعزتم)
6- [ما هو لك بجار] خرم في ن
7- (فقاتل) في ث
8- [قالوا: كذلك] خرم ف ن
9- [فانزلوه عنهن وذهبوا بهن] خرم في ن
10- [فذهب بها فقال] خرم في ن
11- [دع عنك نهبا الى آخر القصيدة دع] خرم في ن
12- (القيمة) في ث

ينهب و](1) الصيحة الصوت [بأقصى الطاقة](2) (والمراد صيحة الغارة(3))، [والحجرات: النواحي](4) جمع حجرة كجمرة وجمرات، والرَواحل جمع رَاحلة وهي الناقة، تصلح لأن [يشد](5) الرحل(6) على ظهرها وانتصب حديثاً بإضمار فعل أي حدثني حديثاً، أو هات أو اسمع، ويروى حديث بالرفع أي

غرضي حديث فحذف المبتدأ وما ابهامية وهي التي تقترن(7) بالنكرة فتزيده

ابهاماً كقولك: اعطني(8) كتاباً [ما](9) أي: أيُّ كتاب، أوصله مؤكدة كما في قوله تعالى: «فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ»(10)، وأما حديث الثاني فقد ينصب على البدل من الأول وقد يرفع على أن تكون(11) (ما) موصولة وصلتها الجملة(12)

أي الذي هو حديث الرواحل، ثم حذف صدرها كما حذف في قوله تعالى: «

ص: 207


1- [والمراد ما ينهب و] خرم في ن
2- بأقصى الطاقة خرم في ن
3- (الغارى) في ث
4- [الحجرات النواحي] خرم في ن
5- [يشد] طمس في ن
6- (الرجل) في أ، ث، ع، تصحيف
7- (يقترن) في أ، ث، ر،ع، تصحيف
8- (أعطى) في ع، تحريف
9- [ما] ساقطة من ر
10- النساء / 155
11- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
12- (الحملة) في أ، ث، ن، تصحيف

تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ»(1)، أو على أن(2) تكون(3) استفهامية بمعنى أي، والمعنى: دع ذكر النهب الموصوف؛ لأنه ليس بمستغرب واذكر أو اسمع حديثاً غريباً جديداً أو دع ذكر النهب؛ فإنه معلوم ولكن حديث الرواحل؛ لأنه مبهم(4) لا ندري(5) كيف هو لأنه قيل أن خالداً هو الذي ذهب بالرواحل والأول أظهر وأنسب بالمقام. و(هلم) تستعمل(6) لازماً ومتعدياً فاللازم بمعنى تعال، قال الخليل: أصله (لم) من قولهم: لمَّ الله شعثه، أي جمعه كأنه أراد لم نفسك الينا أي اجمعها وأقرب منا، و(ها) للتنبيه وحذفت الألف لكثرة الاستعمال وجعلت الكلمتان واحدة يستوي فيها الواحد والجمع والمؤنث في لغة أهل الحجاز، قال تعالى: «وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا»(7) وأهل نجد يقولون: هلما

وهلموا [وأما المتعدية فبمعنى هات، قال الله عز وجل: «قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ»(8) والخَطب بالفتح](9) الأمر الشديد ينزل، والمراد [بالخطب الاحوال التي

ص: 208


1- الانعام / 154. وقد وردت في ر: (نماماً)، تصحيف
2- (الله) في ر، تحريف
3- (يكون) في أ، ث، ع، وفي ر: (نكون)، تصحيف
4- (منهم) في ر، تحريف
5- (لاتدري) في م، تصحيف
6- (يستعمل) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (هلم): 12 / 618، والصحاح، مادة (هلم): 5 / 2060
8- الانعام / 150، وردت في م (هلموا شهداءكم)
9- [وأما المتعدية فبمعنى هات، قال الله عز وجل: ((هلموا شهداءكم)) والخَطب بالفتح] خرم في ن

أدت الى أن صار معاوية مع ما عرفه الناس به من خبث](1) المولد(2) ودناءته

وقد لعنه رسول الله (صلى الله عليه واله) وأمه وأباه بقوله: لعن [الله القائد

والسائق](3) والراكب معادلًا له (عليه السلام) منازعاً في الخلافة وامرة [المؤمنین](4) / و 214 / والحاصل دع التعجب من ادعاء [المتقدمین التقدم علي](5) ووثوبهم على الخلافة، فإنه وإن كان [عجيباً مستغرباً إلا أنه](6) ليس في الغرابة كقصة [معاوية. (فلقد أضحكني](7) الدهر بعد ابكاءه ولا غرو

والله، [فيا له خطباً يستفرغ](8) العجب ويكثر [الاود). قال بعض الشارحين](9): يشیر (عليه السلام) بذلك الى ما كان عندهم من الكآبة لتقدم من سلف عليه فلم يقنع الدهر له بذلك حتى جعل معاوية نظر له فضحك (عليه

السلام) مما يحكم به الأوقات، ويقتضيه ترف الدهر وتقلبه وذلك ضحك تعجب واعتبار وعى هذا فالابكاء من القصة الأولى والإضحاك من الثانية،

أو من المجموع ويحتمل أن يكون المنشأ في كل منهما كل منهما أي إذا نظر العقل

الى كل من الأمرين يتألم ويحزن حزناً بالغاً لما يرى من غلبة الباطل وذهاب

ص: 209


1- بالخطب الاحوال التي أدت الى أن صار معاوية مع ما عرفه الناس به من خبث] خرم في ن
2- (الولد) في ث، وفي م: (المولود) تحريف
3- [الله القائد والسائق] خرم في ن
4- [المؤمنين] خرم في ن
5- [المتقدمين التقدم علي] خرم في ن
6- [عجيباً مستغرباً إلا أنه]
7- [معاوية فلقد اضحكني] خرم في ن
8- [فيا له خطباً يستفرغ] خرم في ن
9- [الاود. قال بعض الشارحين] خرم في ن

الحق واضمحلاله، ثم يحمله التعجب من وقوع مثل تلك(1) الحال واشتباه الأمر [على أهل الزمان](2) على الضحك، فالبكاء في كل من الأمرين من وجه والضحك من وجه، ويحتمل أن يكون الأمران في الثانية فقط وأما الأولى فمفروغ عنها لقوله: دع عنك، والغرض الإشارة الى شدة الأولى وغرابة الثانية غرابة توجب(3) الإبكاء تارة والإضحاك أخرى، وهو المناسب لقصة البيت

المستشهد به فتأمل، ولا غرو بالغین المعجمة والراء المهملة أي (لا عجب)(4)،

قال بعض الشارحين: فسر (عليه السلام) ذلك أي نفي العجب، فقال: فيا له

خطباً يستفرغ العجب أي يستنفده(5)، ويفنيه(6)، فصار العجب لا عجب؛ لأن

ذلك الخطب استخلى المتعجب، فلم يبق منه ما يطلق عليه التعجب وهذا

من المبالغة في المبالغة، قال: ابن هاني المغربي:

قد سرتُ في الميدانِ يومَ طِرادِهم *** فَعجبتُ حتى كِدتُ أن لا أعجبا(7)

[وقال بعضهم(8): ويحتمل أن يكون قوله (عليه السلام) ولا غرو والله أي إذا نظر](9) الإنسان الى حقيقة [الدنيا وتصرف أحوالها فيكون قوله (عليه

ص: 210


1- [تلك] ساقطة من ر
2- [على أهل الزمان] ساقطة منع
3- (يوجب) في أ، ث، ر، ع، ن، تصحيف
4- القاموس المحيط: 4 / 369
5- (يستنقده) في ع، تصحيف
6- (ويفينه) في ر،ع، تحريف
7- البيت من البحر الكامل، مدح فيه محمد جعفر بن علي الاندلسي، وقد ورد عجزه: (فعجبتُ حتى كِدتُ ألا أعجبا)، ديوان هانئ المغربي: 226
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 199
9- [وقال بعضهم ويحتمل أن يكون قوله (عليه السلام) ولا غرو والله أي إذا نظر] خرم في ن

السلام) بعد ذلك استئنافاً لاستعظام](1) هذا الأمر، واللام [لام التعجب نحو: يا للماء ويا للدواهي وخطباً منصوب على التمييز، والضمير](2) مبهم يفسره الخطب وقد تقدم، [والاود: الاعوجاج،](3) وأكثار الاعوجاج [لبعده](4) عن الطريقة المستقيمة جداً.

(حاوَلَ الْقَوْمُ إطْفاءَ [نُورِ اللهِ مِنْ](5) مَصْباحِهِ وَسَدَّ فَوَّارِهِ [مِنْ يَنْبُوعِهِ، وَجَدَحُوا](6) بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ شْرِباً وَبِيئاً، فإنْ تَرْتَفِعْ عَنَّا [وَعَنْهُمْ مَحِنْ الْبَلْوَى](7)، أًحْمِلَهُمْ مِنَ الحّقِّ [عَلَى مَحْضِهِ، وَإنْ تُكْنِ الأُخْرَى](8) «فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ»(9)) المراد بالقوم جميع من دخل في نقل الخلافة عن أهل البيت (عليهم السلام) من المتقدمين [والمتأخرين](10)، والمصباح معدن النور أي أرادوا استئصال نور الله واطفاءه بالكلية، وفار البئر وغيره أي جاش، والفوار مبالغة فيه، وفوار الينبوع الثقب الذي يفور الماء منه

ص: 211


1- [الدنيا وتصرف أحوالها فيكون قوله (عليه السلام) بعد ذلك استئنافاً لاستعظام] خرم في ن
2- [لام التعجب نحو: ياللياء ويا للدواهي وخطباً منصوب على التميز والضمير] خرم في ن
3- [والاود: الاعوجاج] خرم في ن
4- [لبعده] خرم في ن
5- [نور الله من] خرم في ن
6- [من ينبوعه وجد حوا] خرم في ن
7- [وعنهم محن البلوي] خرم في ن
8- [على محضه وان تكن الأخرى] خرم في ن
9- فاطر / 8
10- [والمتأخرين] ساقطة من ع

بشدة، وفي بعض النسخ (فُواره) بالضم والتخفيف، يقال: فار المسك فواراً [..](1) وفوراناً(2) بالتحريك أي انتشر ريحه، وفوارة القدر ما يفور من حرها، والأول أظهر، والمجدح کمنبر عود تساط به الأشربة وربما یکون له ثلاث شعب، وجدحوا أي خلطوا وأفسدوا، والشِرب بالكسر الاسم من شربت وهو الخط من الماء، والوبئ(3) ذو الوباء وهو المرض العام، والشرب الوبي(4) الفتنة [الحاصلة من عدم انقيادهم](5) له (عليه السلام) کماء(6) مزج بسم [مهلك فإذا جدح هاج وثار](7)، والتعبير بالشرب لدلالة [على انه يصيب كل أحد](8) نصيب منها کالماء المنتاب، ومحن البلوى أي المحن التابعة لابتلاء العباد وتكليفهم باتباع الحق وارتفاعها بدخولهم في ربقة الطاعة ومتابعة أمره (عليه السلام)، والاخرى بقاؤهم على الشقاق والنفاق(9) وذهاب النفس / ظ 214 / الهلاك وإن تكن الأخرى أي تثبت وتوجدا وإن تكن موجودة «فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ»(10) أي لا

ص: 212


1- [وفوراً] زائدة في ع
2- (وفارانا) في ر، تحریف
3- (الوبيز) في ر، تحریف
4- (الوئي) في أ، ن، تحریف
5- [الحاصلة من عدم انقيادهم] خرم في ن
6- (کماه) في ر
7- [مهلك فإذا جدح هاج وثار] خرم في ن
8- [على انه يصيب كل أحد] خرم في ن
9- [والنفاق] ساقطة من ر
10- فاطر / 8

تهلك نفسك للحسرات على غيَّهم(1) وإصرارهم على الباطل وجمع الحسرات للدلالة على تضاعف الاغتمام على أحوالهم أو كثرة مساوئ أفعالهم المقتضية للتلهف والتأسف والحزن وعليهم ليس صلة للحسرة؛ لأن صلة المصدر لا يتقدمه(2) بل صلة تذهب أو بيان للمتحسر عليه و[المعنى لا تغتم كثيراً لسوء أعمالهم وسلطان الباطل؛ لأنه الله عالم بما يفعلون ويجازيهم](3) بأعمالهم أقول وإن كان [قد بني هذا الشرح على الاقتصار على حل الألفاظ إلا أني اذكر في هذا المقام کلاماً](4) [...](5) ذكره الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(6) [لانطوائه](7) على(8) بعض الفوائد، قال: وسألت أبا جعفر یحیی بن محمد العلوي](9) نقيب البصرة وقت قراءتي عليه عن هذا الكلام وكان [على](10) ما يذهب اليه من مذاهب العلوية [منصفاً وافر العقل](11) فقلت

ص: 213


1- (عيهم) في ع، تصحيف
2- (تتقدمه) في ث، وفي م: (لايقدم) تحریف
3- [والمعنى لا تغتم كثيراً لسوء أعمالهم وسلطان الباطل؛ لأنه الله عالم بما يفعلون ويجازيهم] خرم في ن
4- [قد بني هذا الشرح على الاقتصار على حل الألفاظ إلا أني اذكر في هذا المقام کلاماً في] خرم في ن
5- [في] زائدة في أ، ع
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 200 - 202
7- [لانطوائه] خرم في ن
8- (عن) في ر، م، تحریف
9- [الفوائد قال وسألت أبا جعفر يحيى بن محمد العلوي] خرم في ن
10- [على] خرم في ن
11- [منصفاً وافر العقل] خرم في ن

له: من يعني (عليه السلام) [بقوله كانت أثرةً شحَّت عليها نفوس](1) قوم ومن القوم الذين [عناهم الاسدي](2) بقوله: كيف دفعكم قومكم عن(3) [هذا المقام؟ هل المراد يوم السقيفة](4) أو يوم الشوری؟ [فقال: يقوم السقيفة](5) فقلت: إن نفسي لا تسامحني أن أنسب إلى الصحابة عصیان الرسول (صلى الله عليه واله) ودفع النص، فقال: وأنا فلا تسامحني أيضاً نفسي أن أنسب الرسول (صلى الله عليه واله) الى(6) اهمال أمر الامامة، وان يترك الناس سُدًی مهملين وقد كان لا يغيب عن المدينة إلا ويؤمر عليها أميراً وهو حي ليس بالبعيد عنها فكيف لا يؤمر عليها وهو ميت لا يقدر على استدراك مايحدث، ثم قال: ليس يشك أحد في أنَّ رسول (صلى الله عليه واله) كان عاقلاً كامل العقل أما المسلمون فاعتقادهم فيه معلوم، وأما اليهود والنصارى والفلاسفة فيزعمون إنه حکیم تام الحكمة سدید الرأي اقام ملة، وشرع شريعة، واستجد ملكاً عظيماً بعقله وتدبيره، وهذا الرجل العاقل الكامل كان يعرف طباع العرب وغرائزهم وطلبهم بالثارات و (الدخول)(7) ولو بعد الازمان المتطاولة، وكان يقتل الرجل من القبيلة رجلًا من بيت آخر فلا يزال أهل ذلك المقتول وأقاربه يتطلبون القتال ليقتلوه؛

ص: 214


1- [بقوله كانت أثرةً شحَّت عليها نفوس] خرم في ن
2- [عناهم الاسدي] خرم في ن
3- (من) في أ، ع
4- [هذا المقام؟ هل المراد يوم السقيفة] خرم في ن
5- [فقال يقوم السقيفة] خرم في ن
6- [الى] ساقطة من ر
7- (الذحول) في ر، ن، تصحيف

حتى يدركوا(1) ثأرهم(2) منه؛ فإن لم يظفروا به قتلوا بعض أقاربه وأهله، فإن لم يظفروا بأحدهم قتلوا واحداً، أو جماعة من تلك القبيلة به، وإن لم يكونوا رهطه الادنين. والاسلام لم يحل طباعهم، ولا غير هذه السجية المركوزة في أخلاقهم، فكيف يتوهم لبيب [ان هذا العاقل الكامل وتر العرب، وعلى الخصوص قريشاً، وساعده على سفك الدماء](3) وإزهاق [الانفس وتقلد الضغائن ابن عمه الادني وصهره(4)، وهو يعلم أنه سيموت کما یموت](5) الناس، ویترکه بعده [وعنده ابنته](6)، وله منها ابنان يجریان عنده [مجری ابنين من ظهره](7) حُنوًا عليهما، ومحبة لهما، ويعدل عنه في [الامر بعده](8)، ولا ينص عليه ولا يستخلفه، [فيحقن دمه ودم بنيه وأهله باستخلافه! ألا يعلم هذا العاقل الكامل، أنه إذا تركه](9) وترك أهله [وبنيه سُوقةً رعيةً فقد عرض دماءهم](10) للإراقة بعده؛ بل يكون هو [(صلى الله عليه واله)

ص: 215


1- (تدركوا) في ر، تصحيف
2- (أثارهم) في ث، م
3- [ان هذا العاقل الكامل وتر العرب، وعلى الخصوص قريشاً، وساعده على سفك الدماء] خرم في ن
4- (وظهره) في ث
5- [الانفس وتقلد الضغائن ابن عمه الادنى وصهره، وهو يعلم أنه سيموت کما يموت] خرم في ن
6- [وعنده ابنته] خرم في ن
7- [مجری ابنين من ظهره] خرم في ن
8- [الامر بعده] خرم في ن
9- [فيحقن دمه ودم بنيه وأهله باستخلافه! ألا يعلم هذا العاقل الكامل، أنه إذا تركه] خرم في ن
10- [وبنیه سُوقةً رعيةً فقد عرض دماءه] خرم في ن

الذي](1) [قتلهم وأشاط](2) [بدماءهم؛ لأنهم لا يعتصمون بعده](3) بأمر يحميهم، وإنما يكونون مضغة للأكل، و فريسة للمفترس، يتخطفهم الناس، ويبلغ فيهم الاغراض! فإما إذا جعل السلطان فيهم والأمر اليهم؛ فإنَّه يكون عصمهم وحقن دمائهم بالرئاسة التي يصولون بها، ويرتدع الناس عنهم لأجلها. ومثل هذا معلوم بالتجربة. ألا ترى أنَّ ملك بغداد وغيرها من البلاد لو قتل الناس ووترهم وأبقى في نفوسهم الأحقاد العظيمة عليه، ثم أهمل أمر ولده وذريته / و 210 / من بعده، وفسح لهم أن يقيموا ملكاً من عرضهم، وواحداً منهم وجعل بینه سوقه كبعض العامة لكان بنوة بعده قليلاً بقاؤهم، سریعاً هلاكهم، ولوثب عليهم [...](4) الناس ذوو الأحقاد والترات(5) من كل جهة يقتلونهم ويشردونهم كل مشرد، ولو أنه عين ولداً من أولاده للملك، وقام خواصه وخدمه حوله بأمره بعده لحُقِنَت دماء أهل بيته، ولم تطل يد أحد من الناس اليهم لناموس الملك، وأبهة السلطنة، وقوة الرئاسة، وحرمة الإمارة!، أفترى ذهب عن رسول الله (صلى الله عليه واله) هذا المعنى، أم أحب أن يستأصل أهله وذريته من بعده! وأين موضع الشفقة على فاطمة العزيزة(6) عنده الحبيبة الى قلبه! أتقول: أحب أن يجعلها كواحدة من فقراء المدينة، تتكفف الناس، وأن يجعل علياً المكرم المعظم عنده، الذي

ص: 216


1- [(صلى الله عليه [واله) الذي] خرم في ن
2- [قتلهم وأشاط] طمس في ن
3- [بدماءهم؛ لأنهم لا يعتصمون بعدهم] خرم في ن
4- [السلام] زائدة في ر
5- (التراب) في م، تصحيف
6- (العريزة) في أ، ث، ر، تصحيف

كانت حاله معه معلومة كأبي هريرة الدوسي، وأنس بن مالك الانصاري(1)، يحكم الأمراء في دمه [وعرضه ونفسه وولده، فلا يستطيع الامتناع، وعلى رأسه مائة ألف سيف مسلول يتلظى أكباد](2) أصحابها عليه ويودون [أن يشربوا دمه بأفواههم، ويأكلوا لحمه بأسيافهم وقد قتل أبنائهم وأخوانهم](3) و آباءهم وأعمامهم، والعهد لم يطل، والقروح لم تتقرف(4) والجروح لم تندمل! [فقلت: لقد أحسنت فيما قلت](5) إلاَّ أن لفظه (عليه السلام) يدل على أنه لم يكن [نصَّ عليه، ألا تراه يقول](6): ونحن [الأعلون نسباً، والاشدون]

ص: 217


1- أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زید بن حرام بن جندب بن عامر ابن غنم بن عدي بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة الانصاري الخزرجي التجاري البصري، يكنى أبا حمزة، أمه أم سلیم بنت ملحان الانصارية امرأة (أبي طلحة)، وأخوه البراء بن مالك، سمي باسم عمه أنس بن النضر، أتت به أمه إلى الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وهو ابن ثمان سنين، وقيل عشر سنين فخدم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إلى أن قبض، ثم رحل إلى دمشق، ومنها إلى البصرة فمات فيها سنة (93 ه) وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة، روى عن الرسول الكثير من الأحاديث. ينظر: المعارف: 309، 310، والاستیعاب: 1 / 109، والانساب: 5 / 459، 460، وأسد الغابة 1 / 127، واللباب في تهذیب الانساب: 3 / 298، وسیر أعلام النبلاء: 3 / 395، 396، والاعلام: 2 / 24، 25
2- [وعرضه ونفسه وولده، فلا يستطيع الامتناع، وعلى رأسه مائة ألف سيف مسلول يتلظى أكباد] خرم في ن
3- [أن يشربوا دمه بأفواههم، ويأكلوا لحمه بأسيافهم وقد قتل أبنائهم وأخوانهم] خرم في ن
4- (تتفرق) في ث، تصحیف، وفي ر، م: (يتقرف) تصحيف
5- [فقلت: لقد أحسنت فيها قلت] خرم في ن
6- [نصَّ عليه، ألا تراه يقول] خرم في ن

(1)بالرسول (صلى الله عليه واله) [نوطاً، فجعل الاحتجاج بالنسب](2) وشدة القرب فلو [كان عليه نص لقال عوض ذلك](3): وأنا المنصوص عليَّ، والمخطوب باسمي [فقال: انما اتاه من](4) حيث يعلم لا من حيث يجهل [ألا ترى انه سأله فقال](5): كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟ فهو إنما سأل عن دفعهم عنه وهم أحق به من جهة اللحمة [ولم یکن](6) الأسدي يتصور النص ولا يعتقده، ولا يخطر بباله؛ لأنه لو كان هذا في نفسه لقال له: لم دفعك الناس عن هذا المقام وقد نص عليك رسول الله (صلى الله عليه واله) ولم يقل له هذا، وإنما قال كلاماً عاماً لبني هاشم كافة، كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟ أي باعتبار الهاشمية والقربی، فأجابه بجواب أفاد قبله المعنى الذي تعلق به الاسدي بعينه تمهيداً للجواب، فقال: إنما فعلوا ذلك مع إنَّا أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) من غيرنا لأنهم استأثروا علينا، ولو قال: أنا المنصوص عليَّ والمخطوب باسمي في حياة رسول الله (صلى الله عليه واله) لما كان قد أجابه؛ لأنه ما سأله: هل أنت منصوص عليك أم لا؟ وهل نص رسول الله (صلى الله عليه واله) بالخلافة على أحد أم لا؟ وإنما قال: لم دفعكم قومكم عن الأمر وأنتم أقرب الى ينبوعه ومعدنه منهم؟ فأجابه جواباً ينطبق على السؤال ويلائمه، وأيضاً

ص: 218


1- [الأعلون نسباً، والاشدون] خرم في ن
2- [نوطاً، فجعل الاحتجاج بالنسب] خرم في ن، وفي ع: (نوحاً) تحریف
3- [كان عليه نص لقال عوض ذلك] خرم في ن، وفي ع: (عرض ذلك)، تحریف
4- [فقال: انما اتاه من] خرم في ن
5- [ألا ترى انه سأله فقال] خرم في ن
6- [ولم يكن] خرم في ن

فلو أخذ يصرح له بالنص، ويعرفه تفاصيل باطن الأمر لنفر عنه واتهمه ولم يقبل قوله، ولم ينجذب إلى تصديقه، فكان أولى الأمور في حكم السياسة وتدبير الناموس أن يجيب بالانفرة منه ولا مطعن عليه فيه انتهى.

وأقول ليس الكلام خالياً عن الاشارة [الى دفع النص(1) وعصيان الرسول (صلى الله عليه واله) الذي استبعده الشارح من](2) الصاحبة، فإن قوله [(عليه السلام): (حاول القوم اطفاء نور الله) صريح في العصيان وأنهم قصدوا بذلك](3) محادة الله ورسوله [(صلى الله عليه واله)](4) إلا أنهم أرادوا بذلك اصلاح أمر الأمة وان [أخطاؤا](5) في اجتهادهم کما هو مذهب الشارح(6) [وأصحابه من معتزلة](7) بغداد واما الذاهبون [الى أنهم لم يقصدوا](8) إلاَّ الاصلاح واصابوا فمناقضه الكلام [لمذهبهم اوضح من أن يحتاج الى البيان، وفي كلامه (عليه السلام) اشارة الى قوله](9) تعالى: «يُرِيدُونَ

ص: 219


1- (الناس) في أ، ع، تحریف
2- [الى دفع النص وعصيان الرسول (صلى الله عليه واله) الذي استبعده الشارح من] خرم في ن
3- [(عليه السلام) حاول القوم اطفاء نور الله صريح في العصيان وانهم قصدوا بذلك] خرم في ن
4- [(صلى الله عليه واله)] خرم في ن
5- [أخطاؤا] خرم في ن
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 200 - 202
7- [وأصحابه من معتزلة] خرم في ن
8- [الى انهم لم يقصدوا] خرم في ن
9- [لمذهبهم اوضح من أن يحتاج الى بيان، وفي كلامه (عليه السلام) اشارة الى قوله] خرم في ن

أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهَّ [بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله](1) إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ / ظ 215 / وَلَوْ كَرِهَ

الْكَافِرُونَ](2)»(3).

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(الحَمْدُ للهِ خَالِقِ الْعِبَادِ، وَساطِحِ الْمِهادِ، وَمُسِيلِ الْوِهادِ، وَمُخْصِبِ(4) النِّجادِ؛ لَيْسَ لِوَّلِيَّتِهِ ابْتِداءٌ، وَلَا لِزَلِيَّتِهِ انْقَضاءٌ؛ هُوَ الأوَّلُ لَمْ(5) يَزَلْ، وَالْبَاقِي بِلَا أَجَلٍ خَرَّتْ لَهُ الْجِبَاهُ، وَ وَحَّدَتْهُ الشِّفَاهُ) الساطح الباسط، يقال: سطحه کمنعه، والجهاد بالكسر الأرض والفراش، وقيل أصله الفراش، وقال عز وجل: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا»(6) أي بساطاً ممكناً للسلوك، وسال الماء أي جری والمسيل المجرى له، والوهاد جمع وهدة وهي الأرض المنخفضة ومسيل الوهاد مجرى الماء فيها، والخصِب بالكسر كثرة(7) العشب، واخصب الله الأرض أي جعلها كثيرة العشب والکلاء، والنِجاد بالكسر جمع نجد بالفتح وهو المرتفع من الأرض، وفي بعض النسخ مسيل الوهاد و مخصب النجاد على صيغة التفعيل فيهما والمعنى واحد والحمد بالمذكورات باعتبار القدرة والأنعام وكونه تعالى ليس لأوليته ابتداء واضح؛ لأنه واجب الوجود وأما

ص: 220


1- [بأفواههم ويأبى الله] خرم في ن، وفي ر: (وتأبی)
2- [الكافرون] خرم في ن
3- التوبة / 32
4- (محضب) في أ، ع، تصحيف
5- (ولم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 203
6- النبأ / 6
7- (كسرة) في ر، م، تحریف

أنه ليس لأزليته أي قدمه انقضاء، فيحتمل أن يكون المراد به أنه ليس لبقائه انقضاء کما يفهم من كلام بعض الشارحين(1)، وحينئذ يكون نفي الانقضاء عن الأزلية باعتبار أن الازلية تستلزم(2) البقاء؛ لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه، أو يكون المعنى ليس لوجوده الأزلي انقضاء فيكون قوله (عليه السلام): (هو الأول لم يزل، والباقي بلا أجل) تفسيراً للجملتين، ويحتمل أن يكون المراد نفي الانقضاء إذا ذهب الوهم الى جهة الأزل صاعداً فيكون بیاناً لنفي الابتداء عن الأولية وخر(3) کفر أي سقط [والجبهة مستوى ما بين الحاجبين إلى الناصية، والشفة المخففة ولامها محذوفه ومن](4) العرب من يجعلها ها [ويبني عليها تصاريف الكلمة، وتقول(5) الاصل شفهه و تجمع(6) على شفاه، مثل کلبه وکلاب، وعلى شفهات مثل](7) سجدة وسجدات، ويقول: شفيهة وكلمته مشافهة والحروف الشفهية ومنهم من [ليجعلها واواً ويقول](8) الأصل شفوه، وتجمع على شفوات [کشهوة وشهوات ويقول](9) شفية(10) وكلمته

ص: 221


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 206
2- (يستلزم) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
3- (حر) فيع، تصحيف
4- [والجبهة مستوى ما بين الحاجبين إلى الناصية والشفة المخففة ولامها محذوفه ومن] خرم في ن
5- (نقول) في أ، وفي ر، م: (يقول)، تصحيف
6- (يجمع) فيع، تصحيف
7- [ويبني عليها تصاريف الكلمة وتقول الاصل شفهه وتجمع على شفاه، مثل کلبه وكلاب، وعلى شفهات مثل] خرم في ن
8- [يجعلها واواً ويقول] خرم في ن
9- [کشهوة وشهوات ويقول] خرم في ن
10- (شفيته) في ث، ر، م، تحریف

مشافاة [والحروف الشفوية](1) ونقل ابن فارس(2) القولين [عن الخليل(3)، وكلامه (عليه السلام) يطابق](4) الأول، وناقض [الجوهري(5) فانكر أن يقال](6) أصلها الواو، وقال: تجمع [على شفوات ولا يكون الشفة](7) إلا من الإنسان، [ويقال في ذي الخف المشفر](8)، والجحفلة(9) في ذي الحافر، والمقمة في ذي [الظلف](10)، والخطم والخرطوم في السباع، والمَنسَر بفتح الميم وكسرها وفتح السين فيهما في ذي الجناح الصائد، والمنقار في غير الصائد، والفنطسة من الخنزير (حَدَّ الأَشْياءَ عِنْدَ خَلْقِهِ لَهَا(11) إبانَةً لَها مِنْ شَبَهِها لَا تُقَدِّرُهُ الَأوْهامُ بِالحُدُودِ وَالحَرَكَاتِ وَلَا بِالجَوَارِحِ وَالأَدَواتِ؛ لَا يُقالُ لَهُ: ((مَتَى)) وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَمَدٌ ب((حتّى))؛ الظَّاهِرُ لَا يُقالُ: ((مما))(12) وَالْبَاطِنُ لَا يُقالُ: ((فيمَا))(13)؟

ص: 222


1- [الجوهري فانكر أن يقال] خرم في ن
2- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (شفی): 3 / 200
3- ينظر: العين، مادة (شفه): 3 / 402
4- [عن الخليل، وكلامه (عليه السلام) يطابق] خرم في ن
5- ينظر: الصحاح، مادة (شفه): 6 / 2237
6- [الجوهري فانكر أن يقال] خرم في ن
7- [على شفوات ولا يكون الشفة] خرم في ن
8- [ويقال في ذي الخف المشفر] خرم في ن
9- (الحجفلة) في م، تصحيف
10- [الظلف] خرم في ن
11- (له) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 203، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 290
12- (ممَّ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 203، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 290
13- (فيمَ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 203، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 290

لَا شَبَحٌ فَيُتَقَضَّى(1) وَلَا مْحَجُوبٌ فَيُحْوَى) الحد منتهى الشيء وحد الأشياء أي جعل لها حدوداً ونهايات خارجية أو عقلية، والابانة الكشف والإيضاح، وأبانه الشيء من الشيء تميزه منه، والشبه بالكسر المثل، وكذلك الشَبَه بالتحريك كما في بعض النسخ و(لا تُقْدِّرُهُ) على صيغة التفعيل أي لا تجعل له مقداراً وهو مبلغ الشيء وفي بعض النسخ (لا تَقدرُه) کتنصر بمعناه وجوارح الإنسان اعضاءه التي تكتسب يقال: جرح کمنع أي اكتسب، والأدوات الآلات، ولا يقال له: متی أي لا يسأل عن مبدأ وجوده بأن يقال: متى وجد الأزليته، أو لا يسأل عن زمان وجوده؛ لأنه لا يحويه زمان، والأمَد بالتحريك الغاية وضرب الامد تعيين الغاية، والظاهرِ، الواضح أي المتبين(2) للعقول بطرق المعرفة لاانه برز من شيء، والباطن [أي المحتجب عن الابصار والاوهام و بکنهه عن العقول ولا يقال ما لأنه ليس بجسم](3) و لاجسماني ويكون [الباطن في أسمائه تعالى بمعنى العالم ببواطن الأشياء لكنه في المقام خلاف](4) الظاهر، والشبح بالتحريك [الشخص(5) وهو كل](6) جسم له ارتفاع / و 216 / وظهور وسواد الإنسان تراه من بعيد، وتقضى الشيء

ص: 223


1- (فيتفصی) في أ، تصحیف، و (فيقتصى) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 203، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 290
2- (المتين) في أ، ع، تحریف
3- [أي المحتجب عن الأبصار والأوهام و بکنهه عن العقول ولا يقال مما لأنه ليس بجسم] خرم في ن
4- [الباطن في أسمائه تعالى بمعنى العالم ببواطن الأشياء لكن في المقام خلاف] خرم في ن
5- (التخص) في ر، تحریف
6- [الشخص وهو كل] خرم في ن

وانقضى أي فنی [وانصرم، ولعل](1) المراد ليس بجسم حتی [يتطرق اليه الفناء و](2) الزوال والمحجوب الذي ستره جسم، فيكون الساتر [حاوياً له بوجه أو](3) يكون المستور مما [يمكن أن يحويه شيء والمحوى لا يكون](4) إلا جسماً ذا مكان (لَمْ يَقْرُبْ [مِنَ الأشْياءِ بِالْتِصاقٍ](5) وَلْمَ يَبْعُدْ عَنْهَا [...](6) [بِافْتِرَاقٍ، لَا(7) يْخَفَى عَلَيْهِ](8) مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ(9) لَحْظَةٍ وَلَا كُرُورُ لَفْظَةٍ، وَلَا ازْدِلَافُ رَبْوَةٍ، وَلَا انْبِساطُ خُطْوَةٍ. فِي لَيْلٍ دَاجٍ، وَلَا غَسَقٍ سَاجٍ، يَتَفَيَّؤ عَلَيْهِ

الْقَمَرُ المُنِرُ، وَتَعْقُبُهُ الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ، فِي الأفُولِ وَالْكُرورِ، وَتَقْلِيبِ الأزْمِنَةِ

وَ الدُّهُورِ؛ مِنْ إقْبالِ لَيْلٍ مُقْبِلٍ، وَإِدْبارِ نَهارٍ مُدْبِرٍ)، لعله لما كان سبحانه أقرب من كل شيء [...](10) کما قال عز وجل: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»(11) نفي (عليه السلام) عنه عز وجل القرب على وجه الالتصاق الذي هو منتهى القرب المكاني، أو المراد لم يقرب من الاشياء قرباً متلبساً بالالتصاق، إذا بلغ الكمال كما هو شأن القرب الجسماني، وشخص البصر

ص: 224


1- [وانصرم، ولعل] خرم في ن
2- حتى [يتطرق اليه الفناء و] خرم في ن
3- [حاوياً له بوجه أو] خرم في ن
4- [يمكن أن يحويه شيء والمحوى لا يكون] خرم في ن
5- [من الاشياء بالتصاق] خرم في ن
6- [عنها] زائدة مكررة في م
7- (ولا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، 9 / 203
8- [بافتراق لا يخفى عليه] خرم في ن
9- (شحوص) فيع، تصحيف
10- [من كل شيء] زائدة مكررة في ع، ن
11- سورة ق / 16

شخوصاً إذا ارتفع ويتعدى بنفسه فيقال: شخص الرجل بصره إذا فتح عينيه، لا يطرف، وربما تعدي بالباء فيقال: شخص الرجل ببصره فهو شاخص، وأبصار شاخصة، واللحظة النظرة أو مختص بمؤخر العين، وهو أشد التفاتا من الشزر، والكرور العود و کرور اللفظة تكرر التلفظ والإزدلاف القرب، يقال: از لفه فاز دلف، واصله ازتلف(1)، والرَبوة بالفتح کما في بعض النسخ وهو لغة بني تميم، وبالضم کما في بعضها وهو الاكثر المكان المرتفع، قال بعض الشارحين: (از دلاف الربوة تقدمها في النظر، فإن الربوة أول ما تقع(2) في العين من الأرض عند مد البصر)(3)، والخَطوة بالفتح کما في بعض النسخ، وبالضم كما في بعضها ما بين القدمين و [انبساطها امتدادها وسعتها، والدُجی بالضم الظلمة، ويقال: دجى الليل دجواً بالفتح](4) ودُجُوا کَعتوا أي اظلم و [الغسق بالتحريك الظلمة واشتدادها أو الظلمة أول الليل، وسجى الليل](5) يسجو أي ستر بظلمته ومنه تسجية [الميت إذا](6) غطيته بثوب، وقيل في قوله تعالى: «وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى»(7) أي سكن](8) أهله، أو

ص: 225


1- (أزللف) فيع، تحریف
2- (يقع) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
3- بحار الانوار: 4 / 307
4- [وانبساطها امتدادها وسعتها، والأجی بالضم الظلمة، ويقال: دجى الليل دجواً بالفتح] خرم في ن
5- [الغسق بالتحريك الظلمة واشتدادها أو الظلمة أول الليل، وسجى الليل] خرم في ن
6- [الميت إذا] خرم في ن
7- الضحى / 2
8- [بثوب، وقيل في قوله تعالى: والليل إذا سجى أي سكن] خرم في ن

رکد ظلامه من سجى البحر سُجُواً [إذا سكنت أمواجه](1)، وتفيأ الظل أي تلقب [ومال من جانب الى جانب](2) قال عز وجل: «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى [مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ](3) عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ»(4)، [والضمير في عليه راجع الى](5) الغسق أو إلى الليل والغسق، [قال بعض الشارحين: معنى يتفيؤ عليه](6) يتقلب(7) ذاهباً و [جائياً في حالتي أخذه](8) في الضوء إلى التبدر وأخذه في النقص إلى المحاق)(9)، ويحتمل أن يكون المراد تقلب(10) القمر بحركة من جانب الى جانب وسفل إلى علو و بالعکس، و تحويل الظلمة من موضع إلى موضع. وعقبت الرجل كنصرت و عقبته بالتشديد [ويوجدان في النسخ](11) أي جئت بعده وعلى عقبه والضمير راجع إلى القمر، ويحتمل أن يعود الى الغسق فإن الشمس تسوقه(12) من موضع إلى موضع، وكان في نسخ

ص: 226


1- [إذا سكنت أمواجه] خرم في ن
2- [ومال من جانب الى جانب] خرم في ن
3- [ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله] خرم في ن
4- النحل / 48
5- [والضمير في عليه راجع الى] خرم في ن
6- [قال بعض الشارحين: معنى يتفيؤ] خرم في ن
7- (ينقلب) في ع، تصحيف
8- [جائياً في حالتي أخذه] خرم في ن
9- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 205
10- (نقلب) في أ، ن، تصحيف
11- [ويوجدان في النسخ] طمس في ن
12- (يسوقه) في أ، ر، ع، م، تصحیف، وفي ث: (تسوفه) تصحيف

و کم الشارحین(1) (تعقبه) على صيغة التفعل، قالوا: أي تتعقبه(2) فحذف أحدى التائين، كقوله تعالى: «تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ»(3) أي تتوافاهم، والأفول الغيبة(4)، والكرور العود کما مر أي في الغروب و الطلوع، والأزمِنة بكسر الميم جمع زمان کمکان وأمكنة ويكون للقلة والكثرة فيهما، والظرف أعني قوله من اقبال متعلق بتقليب والغرض بیان علمه تعالى بالجزئيات وأنه لا يغرب عنه شيء. (قَبْلَ كُلِّ غَايَةٍ وَمُدَّةٍ وَكُلِّ إحْصَاءٍ وَعِدَّةٍ، تَعالَی عَمَّ يَنْحَلُهُ المُحَدِّدُونَ(5) مِنْ صِفَاتِ الأَقْدَارِ وَنِاياتِ الأقْطارِ وَتَأثُّلِ المَساكِنِ وَتَمَكُّنِ الأَماكِنِ فَالحَدُّ لِخَلْقِهِ مَضْرُوبُ، وَإلَی غَیْرِهِ مَنْسُوبٌ) لما كان سبحانه مبدأ للكل فكان قبل كل غاية ومدة واحصاء وعده، والعِدة / ظ 216 / بالكسر الجماعة، تقول: لفلان عدة كتب، وفي بعض النسخ عَدَة بالفتح وهي المرة من عددته عداً، وقد مرَّ الكلام في العد والاحصاء في أول شرح الخطبة الأولى، ونحله کمنع أي أعطاه من [غير عوض(6) بطيب(7) نفس، ونحلة القول أي اضاف ونسب اليه قولًا قاله غيره والتعبير على الاول](8)؛ لأنه سبحانه ليس له [ما وصفوه به فكان

ص: 227


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 2 / 126، وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 303، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 296
2- (يتعقبه) في أ، ع، تصحيف
3- النساء / 97
4- ينظر: لسان العرب، مادة (أفل): 11 / 18
5- (المحذرون) في ر، ع، تصحيف
6- (حوض) في ث
7- (يطيب) في ث
8- [من غير عوض بطيب نفس، ونحلة القول أي اضاف ونسب اليه قولًا قاله غيره والتعبير على الاول] خرم في ن

كمن أعطى شيئاً لم يكن له، والمحددون مثبتوا الحدود والاضافة](1) في صفات الأقدار [أما بيانية فالمراد](2) وصفه سبحانه بالمقادير إلا أنه لا يلائم الاضافة في الاخيرتين(3) أو المراد [بالأقدار](4) [ذوي المقادير على](5) حذف المضاف [أو نوع من التجوز](6)، أو المراد بصفات الأقدار ما يتبع المقدار من [الانتهاء والانقطاع](7) والزيادة [والنقصان والمساواة ونحو ذلك](8)، والأقطار جمع قُطُر بالضم، وهو [الجانب والناحية](9) والاضافة في نهايات [الاقطار ظهرت من](10) السابقة، والتأثل التأصل(11)، وبیت مؤثل أي معمور، وقيل: أصل الكلمة أن يبني الدار بالأثل(12) وهو شجر معروف، ولعل المراد بتأثل المساکن قدم البيوت المجد الاباء وعزهم أو(13) التمكن

ص: 228


1- [ما وصفوه به فكان كمن أعطى شيئاً لم يكن له، والمحددون مثبتوا الحدود والاضافة] خرم في ن
2- [أما بيانية فالمراد] خرم في ن
3- (الاخيرثين) في أن تصحيف
4- [بالاقدار] ساقطة من ع، وفي ث (المقادير)
5- [ذوي المقادير على] خرم في ن
6- [أو نوع من التجوز] خرم في ن
7- [الانتهاء والانقطاع] خرم في ن
8- [النقصان والمساواة ونحو ذلك] خرم في ن
9- [الجانب والناحية] خرم في ن. وفي ر: (الناخبة) تصحيف
10- [الاقطار ظهرت من] خرم في ن
11- (التامل) في ث
12- (شجر يشبه الطرفاء، إلا أنه أعظم منه وأكرم، وأجود عوداً، تسوی به الاقداح) لسان العرب، مادة (أثل): 11 / 10
13- (و) في ع

والاستقرار في المساکن کما یستقر(1) أصل الشجر في الأرض، فيكون تمكن الأماكن كالتفسير له وضرب الحد اثباته وتعينه ويعبر بالضرب عن كثير من الأفعال. (لَمْ يَخْلُقِ الأشْياءَ مِنْ أُصُولٍ أَزَليَّةٍ وَلَا مِنْ أوِائِلَ(2) أبَدِيَّةٍ؛ بَلْ خَلقَ [ما خَلقَ](3) فَأَقامَ حَدَّهُ، وَصَوَّرَ ما صَوَّرَ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ. لَيْسَ لِشيَءٍ مِنْهُ امْتِناعٌ وَلَ لَهُ بِطَاعَةِ شَيْءٍ انْتِفَاعٌ؛ عِلمُهُ بِالأَمْوَاتِ المَاضِنَ كَعِلْمَهِ بِالأَحْياءِ الْبَاقِینَ، وَعِلْمُهُ بِمَا فِي السَّمَوَاتِ العُلَى، كَعِلْمِهِ بِمَا فِي الْأرَضِینَ السُّفْلَی) لعل المراد بالأصول الأزلية ما زعمه بعض الفلاسفة من الهيولي القديمة ونحو ذلك، والأَبَد بالتحريك (الدهر)(4)، (والدائم والقديم الأزلي)(5) صرح به في القاموس، وقيل: الزمان الطويل الذي ليس بمحدود(6)، والمراد بالأوائل الأبدية ما كان مثالاً له سبحانه حتى خلق الأشياء على حذوه، ويحتمل أن يكون تفسير، أو تأكيداً للأصول الأزلية، وفي بعض النسخ (بدية) والبدي کرضي الأول [أي](7) من أوائل سابقة على الجاده وإقامة حد الأشياء اتقان الحدود على وفق الحكمة من المقادير والإشكال، والنهايات والآجال وصور أي أوجد الصور ولا يستدعي أن (تكون)(8) المواد مخلوقة لغيره والامتناع ضد الانقياد [والتساوي في علمه سبحانه بالنسبة إلى الأشياء؛ لكمال علمه

ص: 229


1- (يستحقر) في أ، ع، تحریف
2- (وابل) في ع، تحریف
3- [ماخلق] ساقطة من ع
4- القاموس المحيط، مادة (الأبد): 1 / 273
5- ينظر: لسان العرب، مادة (دهر): 4 / 292
6- (بمجدود) في أ، ث، ع، م، تصحيف
7- [أي] ساقطة من ع
8- (يكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف

وتساوي نسبته اليها والمراد](1) بالأرضين الطبقات، أو [القطعات کما قيل والسطوح(2) المحدبة من الأرض والسموات الست دون السابعة](3)؛ لأنها لا يسكن في سطحها المحدب خلق کما روي عن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: «اللَّهُ [الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ](4)»(5)، وحينئذ يراد بما في [السموات العلى ما سوى](6) الساكنين، وما كان في [السطوح المحدبة به بل ما كان](7) في الأجواء دفعاً للتداخل والله [تعالى يعلم. [منها](8): أَيُّهَا المَخْلُوقُ](9) السًّوِيُّ وَ [المُنْشَأُ المَرْعِىُّ؛ فِي ظُلُماَتِ](10) الْأَرْحَامِ وَمُضَاعَفَاتِ [الْأَسْتَارِ. بُدِئْتَ مِنْ سُاَلَةٍ مِنْ طِینٍ، وَ وُضِعْتَ](11) فِي قَرَارٍ [مَكِینٍ إلَی قَدَرٍ

مَعْلُومٍ](12) وَأَجَلٍ مَقْسُومٍ) السوي (العدل)(13)، والوسط ورجل سوي أي

ص: 230


1- [والتساوي في علمه سبحانه بالنسبة إلى الأشياء؛ لكمال علمه وتساوي نسبته اليها والمراد] خرم في ن
2- (الشطوح) في ث، تصحيف
3- [القطعات کما قيل والسطوح المحدبة من الأرض والسموات الست دون المتابعة] خرم في ن
4- [الذي خلق سبع سموات] خرم في ن
5- الطلاق / 12
6- [السموات العلى ما سوی] خرم في ن
7- [السطوح المحدبة به بل ما كان] خرم في ن
8- [منها] بياض في ث
9- [تعالى يعلم. منها: أيهّا المخلوق] خرم في ن
10- [المنشأ المرعى في ظلمات] خرم في ن
11- [الاستار بدئت من سلالة من طين ووضعت] خرم في ن
12- [مكين الى قدر معلوم] خرم في ن
13- لسان العرب، مادة (سوا): 14 / 412

مستوي الحلقة غير ناقص، وأنشأ الله الخلق أي ابتدأ خلقهم، ونَشَأَ كَمَنَعَ

وكَرُمَ أي حي وربي، ونشأ الصبي أي جاوز حد الصغر، وانشاءه(1) الله، والمُنشأ بضم الميم اسم مفعول من انشاء، والرعاية الحفظ وكل من ولي أمر قوم، فهو راعي ومن شمله حفظ الراعي ونظره، فهو مرعي ومضاعفات الاستار (الاستار) المضاعفة، والحجب بعضها فوق بعض، قال: أرباب التشريح الرحم موضوعة فيما بين المثانة والمعي المستقيم وهي مربوطة برباطات على هيئة السلسلة وجسمها عصبي ليمكن امتدادها واتساعها وقت الولادة والحاجة الى ذلك وينضم إذا استغنی ولها بطنان تنتهيان الى فم واحد وزائدتان / و 217 / تسمیان قرني الرحم وخلف هاتين الزائدتين بيضتا المرأة وهما أصغر من بيضتي الرجل واشد تفرطحا والمفرطح العريض ومنهما ينصب مني المرأة إلى تجويف الرحم، وللرحم رقبة منتهية الى فرج المرأة وتلك الرقبة من المرأة بمنزلة الذكر من الرجل فإذا امتزج مني الرجل بمني المرأة في تجويف الرحم كان العلوق ثم ينمي من دم الطمث ويتصل بالجنين عروق تأتي إلى الرحم فَتَغْذُوْهُ حتى يتم ويكمل، فإذا لم يكتفِ بما يجيئه من تلك العروق يتحرك حركات قوية طلباً للغذاء فيهتك أربطة الرحم التي قلنا أنها على هيئة [السلسلة ويكون منها الولادة. وبدأ الله الخلق وأبدأهم وابتدأهم، أي خلقهم والسَل](2) بالفتح اخراج الشيء [(وانتزاعه)(3) في رفق وتأني،

ص: 231


1- (انشاء) في ث، ر
2- [السلسلة ويكون منها الولادة وبدأ الله الخلق وأبدأهم وابتدأهم، أي خلقهم والسَل] خرم في ن
3- (وانتراعه) في أ، ر، تصحيف

والسُلالة بالضم ما أُستُل واستخرج، وفعاله للقلة](1) كقمامة وكناسة، قال الله [عز وجل: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ](2) مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ»(3)، قيل المراد [بالإنسان آدم](4) (عليه السلام) خلق من خلاصة [سلت من بين الكدر](5)، وقيل: جنس الانسان، فإنهم خلقوا من سلالات [جُعلت نطفاً بعد أدوار](6)، وقيل المراد [بالطين آدم (عليه السلام)؛ لأنه خلق](7) منه، والسلالة النطفة، والضمير [في جعلناه راجع إلى نسله](8) على حذف المضاف [على بعض الوجوه](9) والى السلالة على بعضها، والتذكير على تأويل الجوهر أو(10) المسلول أو الماء (وقال بعض الشارحين: الكلام الأول لآدم الذي هو أصل البشر والثاني لذريته)(11)، وقرَّ الشيء کفر وعضَّ قراراً أي ثبت وسکن، والمكين المتمكن وهو في الأصل صفة للمستقر وصف به المحل مبالغة(12) کما عبر عنه بالقرار، أو المراد تمكن الرحم في

ص: 232


1- [وانتزاعه في رفق وتأني والسُلالة بالضم ما أُستُل واخرج، وفعاله للقلة] خرم في ن
2- [عز وجل: ولقد خلقنا الانسان من سلالة] خرم في ن
3- المؤمنون / 12، 13
4- [بالإنسان آدم] خرم في ن
5- [سلت من بين الكدر] خرم في ن
6- [جعلت نطفا بعد أدوار] خرم في ن
7- [بالطين آدم (عليه السلام)؛ لأنه خلق] خرم في ن
8- [في جعلناه راجع الى تسله] خرم في ن
9- [على بعض الوجوه] خرم في ن
10- (الی) في م، تحریف
11- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 208
12- (المبالغة) في أ، ع

[مکانها](1) مربوطة [بالرباطات](2) المذكورة وغيرها والمعنى في مستقر حصين هي الرحم والى قدر معلوم أي مقدار معين من الزمان قدره الله للولادة، وقسمه كضربه و قسمه بالتشديد أي جزاه، و فرقه وقسم أمره أي قدره والأجل المقسوم المدة المقدرة لحياة كل أحد، فيكون الظرف متعلقاً بمحذوف أي منتهياً إلى أجل [مقسوم](3) کما ذكره بعض الشارحين(4)، ويمكن أن يكون المراد بالأجل [المدة](5)، فإنبَ الوضع في الرحم غايته [ابتداء الأجل أي مدة حياة الدنيا](6)، ويمكن أن يكون الأجل [المقسوم تفسير للقدر المعلوم](7) والله تعالى [يعلم](8) و مفاد الكلام قدرة الخالق وعلمه وحكمته ورأفته وأسر الإنسان في ربقة القدرة ومهانته وحقارته (تمُورَ فِي بَطْنِ أُمِّكَ جَنِيناً لَا تُحِیرُ(9)

دُعَاءً، وَلَا تَسْمَعُ نِدَاءً. ثُمَّ أُخْرِجْتَ مِنْ مَقَرِّكَ إلَی دَارٍ لَمْ تَشْهَدْهَا وَلَمْ تَعْرِفْ

سُبُلَ مَنَافِعِهَا فَمَنْ هَدَاكَ لِاجْتِرَارِ الْغِذَاء مِنْ ثَدْيِ أُمِّكَ وَعَرّفَكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ

مَوَاضِعَ طَلَبِكَ وإرَادَتِكَ !هَيْهَاتَ(10) إنَّ مَنْ يَعْجِزُ صِفَاتِ ذِي الْهَيْئَةِ؛ وَالْأَدَوَاتِ؛

ص: 233


1- [مکانها] خرم في ن
2- [بالرباطات] خرم في ن
3- [مقسوم] خرم في ن
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 208
5- [المدة] خرم في ن
6- [ابتداء الاجل أي مدة حياة الدنيا] خرم في ن
7- [المقسوم تفسير للقدر المعلوم] خرم في ن
8- [یعلم] خرم في ن
9- (تحبر) في ر، تصحيف
10- (هيهان) في ر، تصحيف

فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ خَالِقِهِ أعْجَزُ، وَمِنْ تَنَاوُلِهِ بِحُدُودِ المَخْلُوقِنَ أَقرَبُ(1)) مَارَّ الشيء كقَالَ أي (تحرك)(2) أو بسرعة و (اضطرب وتحرك)(3) في عرض، وج كَفَرَّ أي استتر والجنين الولد في البطن، فإذا ولد، فهو منفوس، والمحاورة الجواب ومراجعة النطق، ويقال: كلمته فما أحار الي جواباً أي لم يجبني ودعوته دعاء أي ناديته وطلبت اقباله ولم تشهدها أي لم تحضرها قبل ذلك ولم تعلم بحالها والاجترار والإجدرار [والاستجرار والتجرير والجر الجذب، (وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك) أي حلمة الثدي](4) على ما ذكره بعض الشارحين(5) [والجمع باعتبار أن الطفل يمتص من غير ثدي أمه أيضاً أو عرفك عند الحاجة](6) إلى كل شيء في دار الدنيا مواضع طلبك، وفي بعض النسخ (وحرك عند الحاجة) فالمراد [بمواضع الطلب القوي والالات التي بها يحصل(7) اجترار الغذاء، وهيهات أي(8) بعد أن يحيط علمًا / ظ 217 / بصفات خالقه](9) الذي هو أبعد الأشياء منه [لعدم المجانسة والمشابهة

ص: 234


1- (أبعد) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 207، و نهج البلاغة، صبحي الصالح: 291
2- تاج العروس، مادة (مور): 7 / 496
3- المصدر نفسه، مادة (مور): 7 / 496
4- [والاستجرار والتجرير والجر الجذب، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك أي حلمة الثدي] خرم في ن
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 209
6- [والجمع باعتبار أن الطفل يمتص من غير ثدي أمه أيضاً أو عرفك عند الحاجة] خرم في ن
7- (يحصل بها) في م
8- (ان) في ث
9- [بمواضع الطلب القوي والالات التي بها يحصل اجترار الغذاء وهيهات أي بعد أن يحيط علمه بصفات خالقه] خرم في ن

وليس له حدود المخلوقين من لا](1)يقدر على وصف [نفسه مع أنه أقرب الاشياء اليه](2)وغيره من ذوي [الهيئة والادوات](3) المجانس له في الذات [والصفات المتصف بحدود المخلوقين](4).

[ومن كلام له [عليه السلام]]

(لما [اجتمع](5)الناس عليه وشكوا ما نقموه(6)على عثمان وسألوه مخاطبته عنهم واستعتابه لهم فدخل عليه)(7)فقال: [...](8)اجتمع الناس عليه أي مقبلين مزدحمين، وفي بعض النسخ (اليه) أي متوجهين ونَقَمْتُ الأمر كَضَرَبْتُ أي كرهته ونقمت على الرجل أي عتبت عليه وما نقموه على عثمان أحداثه وبدعه ومخاطبته عنهم أي من قبلهم واستعتابه لهم أي أن يطلب لهم منه الرجوع عن أحداثه، أو الرضا أي ما يرضيهم عنه (إِنَّ النَّاسَ وَرَائِي وَقَدِ

ص: 235


1- [لعدم المجانسة والمشابهة وليس له حدود والمخلوقين من لا] خرم في ن
2- [نفسه مع أنه أقرب الاشياء اليه]. خرم في ن
3- [الهيئة والادوات] خرم في ن، وفي ع: (الهيبة)، تحریف
4- [والصفات المتصف بحدود المخلوقين] خرم في ن
5- [اجتمع] خرم في ن
6- (مانقمو) في أ، ع، تحریف
7- (ومن كلام له (عليه السلام) لعثمان بن عفان: قالوا: لما اجتمع الناس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وشكوا إليه ما نقموه على عثمان، وسألوه مخاطبته واستعتابه لهم، فدخل (عليه السلام) على عثمان: فقال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 210
8- [اجتمع الناس عليه وشكوا ما نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته عنهم واستعتابه لهم فدخل عليه] زيادة مكررة في ر

سْتَسْفَرُونِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ؛ وَوَاللهِ مَا أَدْرِي(1)مَا أَقُولُ لَكَ! مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ، وَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُهُ! إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ؛ مَا سَبَقْنَاكَ إلَی شَيءٍ فَنُخْبِرُكَ عَنْهُ وَلَا خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ؛ وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا

سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ(2)رَسُولَ اللهِ(3)كَمَا صَحِبْنَا. وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَی بِعَمَلِ الحَقِ(4)مِنْكَ وَأَنْتَ أَقْرَبُ إلیَ رَسُولُ الله (صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ

وَالهِ وَسَلَّمَ)(5)وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا وَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لْمَ يَنَالَا) استسفروني أي جعلوني سفيراً بينك، وبينهم وهو الرسول والمصلح بين القوم وما أردي ما أقول لك أي من الكلام النافع المؤثر فيك إذ لا يؤثر فيك قول وما أعرف شيئاً تجهله أي في قبح أحداثك وبدعك لوضوح الخطأ فيها وعدم خفا(6)الحق فيها على أحد وكذلك القول [في قوله (عليه السلام) أنك لتعلم ما نعلم وما بعده وإنما خاطبه (عليه السلام) على وجه](7)الرفق والملاطفة لإتمام [الحجة وكونه أبلغ في التذكير والردع عن المنكر كما قال عز وجل

ص: 236


1- (اذري) في أ، م، تصحيف
2- (صبحت) في م، تحریف
3- [صلى الله عليه وسلم] في شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 9 / 210
4- (الخير) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 210
5- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 210
6- (الخفا) في ر
7- [في قوله (عليه السلام) أنك لتعلم ما نعلم وما بعده وإنما خاطبه (عليه السلام) على وجه ] خرم في ن

لموسى وهارون](1)(عليهما السلام): ((فَقُولاَ لَهُ [قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ](2)أو يخشی وأبو قحافة كقمامة وكناسة والد أبي بكر واسمه عثمان بن عامر وكونه أقرب [الى رسول الله](3)(صلى الله عليه واله) منهما [لأنه من ولد عبد مناف و](4)الواو يحتمل الحالية والعطف والوشيجة [عرق الشجر واشتباك](5)القرابة [والواشجة: الرحم المشتبكة ويقال: وشجت](6)بك قرابة فلان ووشیجه(7)نصب على التمييز [ونلت كبعت](8)وخفت أي [أصبت (فالله الله في نفسك فأنك](9)وَاللهِ مَا تُبَصُرَّ مِنْ عَمىً، وَلاَ تُعَلَّمُ مِنْ جَهْلٍ؛ وَإنَّ الطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ وَإِنَّ أَعْلَامَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ. فَاعْلَمْ أَنَّ أفْضَلَ عِبَادَ اللهِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ عَادِلٌ؛ هُدِيَ وَهَدى، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً؛ وَإنَّ السُّنَنَ لَنَیِّرَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ، وَإِنَّ الْبِدَعُ لَظَاهِرَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ؛ وَإنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وضُلَّ بِهِ فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وَأَحْيَا بِدْعَةٍ مَتْرُوكُةً) الله الله منصوب بفعل مقدر أي اتق الله وراقب(10)الله في شأن نفسك واحذر عقاب الله، واعلام الدين ما

ص: 237


1- [الحجة وكونه أبلغ في التذكير والردع عن المنکر کما قال عز وجل لموسى وهارون] خرم في ن
2- [قولًا ليناً لعله يتذکر] خرم في ن
3- [الى رسول الله] خرم في ن
4- [لأنه من ولد عبد مناف و] خرم في ن
5- [عرق الشجر واشتباك] خرم في ن
6- [والواشجة الرحم المشتبكة ويقال: وشجت] خرم في ن
7- (ووشجه) في أ، ع، ن، تحریف
8- [ونلت كبعت] خرم في ن
9- [أصبت فالله الله في نفسك فأنك] خرم في ن
10- (ورقب) في ث، وفي م: (وراغب) تحریف

یهتدي به، وسنة معلومة أي معلومة بالتصديق بأنها الحق، وبدعة مجهولة أي غير مصدقة بأنها حقٌ وأعلام السنن ما يدل عليها من الكتاب والاخبار أو الائمة (عليهم السلام)، وسنة مأخوذة أي حقيقة بأن تؤخذ(1)ويعمل بها وشأنها الأخذ بها كما أن البدعة شأنها الترك والاعراض عنها (وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ)(2)يَقُولُ: يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالِإمَامِ الْجَائِرِ، وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِیرٌ وَلَا عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي جَهَنَّمَ(3)، فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى؛ ثُمَّ يَرْتَبِطُ فِي قَعْرِهَا وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللهَ أَنْ(4)تَكُونَ إِمَامَ هَذِهِ الُأْمَّةِ المَقْتُولَ! / و218 / فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: يُقْتَلُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلِ وَالْقِتَالَ إلَی يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ وَيَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا، وَيَبُثُّ(5)الْفِتَنُ فِيهَا، فَلاَ يُبْصُرِونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ؛ [يَمُوجُونَ فِيها مَوْجاً، وَيَمْرُجُونَ فِيها مَرْجا)، الجور الظلم، والميل عن الحق وعذرته فيما صنع أي](6)رفعت عنه اللوم [وقبلت عذره ويكون العاذر بمعنى الناصر وربطه وارتبطه أي شده وانشدك الله وبالله]

ص: 238


1- (يؤخذ) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
2- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 210
3- (نار جهنم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 210، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 292
4- (ألاَّ) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 293
5- (ويثبت) في أ، ر، ع، تحریف
6- [يموجون فيها موجاً ویمرجون فيها مرجاً، الجور الظلم، والميل عن الحق وعذرته فيما صنع أي] خرم في ن

(1)کانصر أي سألتك واقسمت عليك [قال](2)ابن الاثير: و[تعديته](3)الى مفعولين أما لأنه بمنزلة دعوت [حيث قالوا: نشدتك](4)الله وبالله كما قالوا: دعوت زیداً وبزيداً [ولأنهم ضمنوه](5)معنى ذكرت فأما [ انشدك بالله أي على](6)صيغة الأفعال فخطأ [والمقتول منصوب على انه صفة للامام](7)أي أن (يكون)(8)ذلك [الامام الذي اخبرنا به](9)سيقتل والظاهر أن المخبر هو [الرسول (صلى الله عليه](10)واله) وترك التصريح(11)[لنوع من المصلحة وفاعل](12)يفتح ضمير الامام والتلبيس التخليط والتدليس، وفي بعض النسخ يلبس على صيغة الأفعال والمعنى واحد، وبث(13)کَمَدَّ وفَرَّ أي نَشَرَ وفَرَقَ، وفي النسخ بضم العين (ولا يبصرون الحق من الباطل) أي

ص: 239


1- [وقبلت عذره ویکون الغادر بمعنى الناصر وربطه وارتبطه أي شده وانشدك الله وبالله] خرم في ن
2- [قال] طمس في ن
3- [تعديته] خرم في ن
4- [حيث قالوا: نشدتك] خرم في ن
5- [ولأنهم ضمنوه] خرم في ن، وفي ث: (صمنوه) تصحيف
6- [انشدك بالله أي على] خرم في ن
7- [والمقتول منصوب على انه صفة للإمام] خرم في ن
8- (تكون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
9- [الامام الذي اخبرنا به] خرم في ن، وفي ر: (الامام الذي اخبر بانه)
10- [الرسول (صلى الله عليه)] خرم في ن
11- (التصريخ) في ث، تصحيف
12- [لنوع من المصلحة وفاعل] خرم في ن
13- (بت) ر، ع، م، تصحيف

لا يميزون(1)بينهما، والموج اضطراب البحر والميل عن الحق، (ویمرُجون) بضم العين کما، في بعض النسخ أي يخلطون ويحتمل أن يكون من مرجت الدابة (أي رعت(2)في المرج)(3)بالفتح وهو (الموضع تُرعى فيه الدواب)(4)، ويقال: مرجتها مرجاً أي أرسلتها ترعى(5)، وفي بعض النسخ يمرَجون بفتح العين، تقول(6): مرج(7)کفرح(8)أي اختلط واضطرب وأمر مريج أي مختلط ومنه الهرج والمرج، ومرج(9)الدين أي فسد (فَلاَ تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جُلَالِ السِّنِّ، وَتَقَضِّيِ الْعُمْرِ فقال: له عثمان:(10)كَلِّم النَّاسَ فِي أَنْ يُؤَجِّلُونِي، حَتَّى أَخْرُجَ إلَيْهِمْ مِنْ مَظالِمِهِم.فَقالَ (عليه السلام): مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلَا أَجَلَ فِيهِ؛ وَمَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمْرِكَ إلَيْهِ) السيقة ما استاقه العدو من الدواب وقد كان مروان مشيراً لعثمان يقوده حيث أراد، وجَلال السن بالفتح وكذا في النسخ کبره، يقال: جَلَّ فلان کَفرَّ جلالاً وجلاله أي (أسن)(11)، وقال بعض الشارحين: (الجُلال بالضم: الجليل، كالطوال

ص: 240


1- (تميزون) في ر، تصحيف
2- (رعب) في أ، ع، تصحيف
3- المصباح المنير، (مرج): 2 / 567
4- الصحاح، مادة (مرج): 1 / 340
5- ينظر: المصدر نفسه، مادة (مرج): 1 / 341
6- (يقول) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
7- (مرح) في ن، تصحيف
8- (کفرج) في ث، تصحيف
9- (مرح) في أ، ن، تصحیف
10- (عثمان رضي الله عنه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 211
11- لسان العرب، مادة (جلل): 11 / 117

والطويل، أي بعد السن الجليلة أي العمر الطويل(1)وتقضي العمر فناؤه، والمَظلِمة بفتح الميم وكسر اللام ما يطلبه المظلوم عند [الظالم والخروج منها اداء الحق وقد فصلنا القول في الاحداث بما لا مزيد عليه في حدائق](2)الحقائق [ومن الله العصمة والتأييد].

[ومن خطبة له (علیه السلام)] يذكر فيها عجيب خلقة] الطاووس

ابْتَدَعَهُمْ [خَلْقاً عَجِيباً مِنْ حَيَوَانٍ وَمَوَاتٍ، وَساكِنٍ](3)(وَذِي حَرَكَاتٍ،

[وَأَقَامَ مِنْ](4)شَواهِدِ الْبَيِّناتِ عَلىَ لَطِيفِ [صُنْعَتِهِ وَعَظِيمِ](5)قُدْرَتِهِ، مَا

انْقادَتْ لَهُ [الْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِهِ](6)، وَمُسَلِّمَةً لَهُ، وَنَعَقَتْ فِي أَسْمَاعِنا [دَلاَئِلُهُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ](7)لطاووس [فاعول كالكابوس والهاضوم وتصغيره](8)طويس، وتطوست المرأة [أي تزينت والحيوان بالتحريك](9)جنس الحي

ص: 241


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 212، وفيه: (...الجليل...)
2- [الظالم والخروج منها اداء الحق وقد فصلنا القول في الاحداث بم لا مزيد عليه في حدائق] خرم في ن
3- [خلقاً عجيباً من حيوان وموات وساكن] خرم في ن
4- [وأقام من] خرم في ن
5- [صنعه وعظيم] خرم في ن
6- [العقول معرفة به] خرم في ن
7- [دلائله على وحدانيته] خرم في ن
8- [فاعول كالكابوس والهامنوم وتصغيره] خرم في ن
9- [أي تزينت والحيوان بالتحريك] خرم في ن

[ويكون بمعنى الحياة والموت(1) كسحاب](2)ما لا روح فيه وأرض لم تحيي بعد والتي لا مالك لها وساكن كالأرض والجبال وذي حركات كالماء والنار أي المتحرك بطبعه(3)أو الأعم ولا يضر التداخل واللطيف الدقيق و (ما) مفعول لأقام، والضمير عائد الى (ما) وفي (به) و(له) راجع الى الله، ويحتمل أن يعود الى ما ونعقت أي صاحت والغرض الاشعار بوضوح الدلائل والضمير في دلائله راجع الى الله، ويحتمل الرجوع الى ما (وَمَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الّْأّطْيارِ [...](4)الَّتِي أَسْكَنَها أَخادِيدَ الأرْضِ، وَخُرُوقَ فِجَاجِها، وَرَواسَيِ أَعْلَامِهَا(5)؛ مِنْ ذَواتِ(6)/ ظ 218 / أَجْنِحَةٍ مْخُتَلِفَةٍ؛ وَهَيْئاتٍ مُتَبايِنَةٍ؛ مُصَّرَفةٍ فِي زِمامِ التَّسْخِيرِ، وَمُرَفْرِفَةٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِي مَخَارِقِ الْجَوِّ المُنْفَسِحِ(7)، وَالْفَضَاءِ المُنْفَرِج) ذَرَأَ الله الخلق كمنع أي خلقهم، قيل: وكان الذرء مختص بخلق الذرية، والأخاديد جمع أخدُود بالضم(8)وهو الشق في الأرض(9)، والطير الذي يسكن الاخدود كالقطا، والفِجاج بالكسر جمع فَج بالفتح وهو الطريق الواسع بين جبلين(10)والقبج(11)يسكن الفجاج، والأعلام الجبال ورواسيها

ص: 242


1- (الموات) في أ، ث، ر
2- [ويكون بمعنى الحياة والموت كسحاب] خرم في ن
3- (يطبعه) في أ، تصحيف
4- [و] زائدة في أ
5- (أعلاجها) في أ
6- (ذَاتِ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، 9 / 214
7- (المنفسخ) في أ، ث، ع، م، تصحيف
8- (الضم) في ر، تصحيف
9- ينظر: الصحاح، مادة (خدد): 2 / 468
10- ينظر: المصدر نفسه، مادة (فجج): 1 / 333.، وفي أ: (حبلين)
11- (القبح) في ث، تصحيف، وفي م: (الفج) تحريف

ثوابتها، يقال: رسا الشيء يرسوا أي ثبت، والعقبان والصقور ونحوهما تسكن الجبال الراسية، والتصريف التقليب والتحويل من حال الى حال ومصرفة منصوب على الحالية، وفي بعض النسخ مجرور على أنه صفة لذوات أجنحة وكذلك مرفرفة وزمه كمد أي شده والزمام ككتاب ما يزم به [وزمام البعير خطامه وزمام التسخير القدرة الكاملة، ورفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما](1) عند السقوط على شيء [يحوم عليه ليقع فوقه ومخارق الجو امكنتها التي تخرق الهواء فتدخلها والمنفسح الواسع](2)والفَضاء بالفتح المكان [الواسع، وفضى](3)المكان كدعا أي اتسع. (كَوَّنهَا بَعْدَ إذْ لْمَ [تَكُنْ(4)، [فِي](5) عَجائِبِ صُوَرٍ ظاهِرَةٍ](6)، وَرَكَّبَها فِي حِقاقِ مَفاصِلَ مْحُتَجِبَةٍ، وَمَنَعَ [بَعْضَها بِعبَالَهِ](7)خَلْقِهِ أَنْ يَسْمُوَ فِي السَّماء(8)[خُفُوفاً؛ وَجَعَلَهُ يَدِفُّ](9)دَفِيفاً؛ وَنَسَقَهَا عَلَى [اخْتِلَافِهَا فِي الأصَابِيغِ بِلَطِيفِ](10)قُدْرَتِهِ وَدَقِيقِ صَنْعَتِهِ)؛ فِي

ص: 243


1- [وزمام البعير خطابه وزمام التسخير القدرة الكاملة، ورفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما] خرم في ن، وفي أ، ع: (بسطها)
2- [يحوم عليه ليقع فوقه ومخارق الجو امكنتها التي تخرق الهواء فتدخلها والمنفسح الواسع] خرم في ن، وفي ع: (يحوم عليه)، وفي ر، ع: (المنفسخ)
3- [الواسع، وفضى] خرم في ن
4- (يكن) في ث، تصحيف
5- [في] ساقطة من م
6- [تكن في عجائب صورٍ ظاهرةٍ] خرم في ن
7- [بعضها بعباله] خرم في ن
8- (الهواء) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 214، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 294
9- [خفوفاً وجعله يدف] خرم في ن
10- [اختلافها في الاصابيغ بلطيف] خرم في ن، وفي ع: (الاصابيع)، تصحيف

[بَعض النسخ بعد أن لم تكن](1)والحِقاق بالكسر جمع حُق بالضم [وهو مجمع المفصلين من](2)الاعضاء واحتجاب [المفاصل استتارها باللحم](3) والجلد ونحوهما، وعبُل الشيء [بالضم](4)عَباله فهو عَبَل بالفتح فيهما مثل ضَخُم ضَخامة فهو ضَخم(5)وزناً ومعنى، ويسمو أي يعلو وفي السماء أي في جهة العلو، وفي بعض النسخ في الهواء والخُفوف(6)بالضم سرعة الحركة(7)، يقال: خف الى العدو خفوفاً، ودف الطائر كمَدَّ (حرك جناحيه لطيرانه، ومعناه ضرب بهما دفيه وهما جنباه)(8)، قيل وذلك إذا أسرع مشياً(9)ورجلاه على وجه الأرض ثم يستقل(10)طيراناً، ودفيف الطائر طيرانه فويق الأرض، يقال: عِقاب دفوف، ودفت الجماعة كفرت إذا سارت سيراً ليناً كذا ذكر في المصباح المنير(11)، ويظهر من كلام بعضهم أن الفعل كمد فيهما و(يدِف) في النسخ التي عندنا بكسر العين فيكون(12)بمعنى السير اللين والنعام من ذلك النوع ونسقها أي رتبها، يقال: نَسَقْتُ الدر كنَصَرْتُ أي نظمتها، ونَسَقْتُ

ص: 244


1- [بعض النسخ بعد أن لم تكن] خرم في ن
2- [وهو مجمع المفصلين من] خرم في ن
3- [المفاصل استتارها باللحم] خرم في ن، وفي ث: (المفاصل من الاعضاء استتارها باللحم)
4- [بالضم] ساقطة من ع
5- ينظر: الصحاح، مادة (عبل): 5 / 1756
6- (الحفوف) في أ، ث، ع، تصحيف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (خفف): 9 / 81
8- المصباح المنير، (دف): 1 / 196
9- (شيئاً) في ع، تحريف
10- (يسنقل) في أ، تصحيف
11- ينظر: المصباح المنير: 1 / 196
12- (فتكون) في ع، تصحيف

الكلام أي عطفت(1)بعضه على بعض، والاصابيغ(2)جمع أصبَاغ(3)بالفتح جمع صِبغ(4)بالكسر وهو اللون أي جعل كل منها على لون خاص على ما تقتضيه الحكمة البالغة (فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي قَالَبِ لَوْنٍ لَا يَشُوبُهُ غَیْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِيهِ، وَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي لَوْنِ صِبْغٍ(5)قَدْ طُوِّقَ بِخِلاَفِ مَا صُبِغَ بِهِ)، غَمَسَهُ في الماء كضربه أي مقله والاغتماس الارتماس، وفي الكلام تشبيه للطير بالثوب الذي يغمسه الصباغ إذا أراد صبغه، [والقَالب](6) كما في النسخ بالفتح (قالب الخف وغيره)(7)كالخاتم(8)والطابع(9)واما القالِب بالكسر فهو (البسر الأحمر)(10)، وقيل: يجوز(11)في الأول الفتح والكسر، وقال الأزهري: الخاتِم بالكسر الفاعل، وبالفتح ما يوضع على الطينة(12)، وقال في القاموس: القالب: البسر الأحمر وكالمثال يفرغ فيه الجواهر وفتح لامه أكثر وشاة [قالب لون أي على غير لون

ص: 245


1- (هطفت) في أ، تحريف
2- (الاصابيع) في ع، تصحيف
3- (أصباع) في أ، ع، تصحيف
4- (صيغ) في ث
5- (صبع) في ر، تصحيف
6- [القالب] ساقطة من ع، وفي أ: (الغالب)، تصحيف
7- الصحاح، مادة (قلب): 1 / 206
8- (كالحاتم) في ث
9- (الطابغ) في أ، ع، تحريف
10- الصحاح، مادة (قلب): 1 / 206
11- (يجور) في ث
12- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (ختم): 7 / 313

أمها(1)، وقال: في النهاية(2)في حديث شعيب وموسى عليهما](3)السلام: لك من غنمي ما جاءت به [قالب لونٍ تفسيره في الحديث انها جاءت على غير الوان أمهاتها، كأنَّ لونها قد انقلب](4)ومنه حديث علي [عليه السلام في صفة الطيور](5)فمنها(6)مغموس في قالب لون لا [يشوبه](7)غير لون ما غمس فيه والأظهر أن الغمس في القالب(8)[اللون / و219 / عبارة عن](9)احاطة اللون الواحد به [بجميع أجزائه كما يحيط](10)القالب بالأشياء المصنوعة بالصب فيه [من نحاس ونحوه و](11)الله يعلم ولون صبغ في [بعض النسخ بجر لون مضافاً الى](12)صبغ على الاضافة البيانية، وفي بعضها بالجر [منوناً وصبغ على](13)صيغة الماضي المجهول [أي صبغ ذلك المغموس](14)

ص: 246


1- القاموس المحيط، مادة (قلب): 1 / 119، وفيه: (... لون على غير لون أمها)
2- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 97
3- [قالب لون أي على غير لون أمها، وقال: في النهاية في حديث شعيب وموسى عليهما] خرم في ن
4- [قالب لونٍ تفسيره في الحديث انها جاءت على غير الوان أمهاتها، كان لونها قد انقلب] خرم في ن
5- [عليه السلام في صفة الطيور] خرم في ن
6- (فيها) في ث، ر، تحريف
7- [يشوبه] خرم في ن
8- (غالب) في ث
9- [اللون عبارة عن] خرم في ن
10- [بجميع أجزائه كما يحيط] خرم في ن، وفي ر: (بجميع اعضائه)
11- [من نحاس ونحوه و] خرم في ن
12- [النسخ نحو لون مضافاً الى] خرم في ن
13- [منوناً وصبغ على] خرم في ن
14- [أي صبغ ذلك المغموس] خرم في ن

والطوق حلي للعنق(1)وكل ما استدار بشيء وهذا النوع كالفواخت ونحوها (وَمِنْ أَعْجَبِها خَلْقاً الطَّاووسُ؛ الَّذِي أَقَامَهُ فِي أَحكم(2)تَعْدِيلٍ، وَنَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِي أَحْسَنِ تَنْضيدٍ، بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ، وَذَنَبٍ أَطالَ مَسْحَبَهُ؛ إِذَا دَرَجَ إِلَی الأُنْثَى نَشَرَهُ مِنْ طَيِّهِ، وَسمَا بِهِ مُظِلًّا(3)عَلىَ رَأْسِهِ؛ كَأنَّهُ قَلْعٌ دَارِيٍّ عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ(4)) التعديل التسوية، ومنه التعديل القسمة، والمراد اعطاء كل شيء منه في الخلق ما يستحقه وخلقه خالياً من نقص، ونَضَدَ متاعه كنَصَرَ ونضده بالتشديد أي جعل بعضه فوق بعض أي رتب الوانه، وقصب الجناح غضاريفه(5)وعروقه وأشرجها أي ركب بعضها في بعض كما يشرج(6)العيبة(7)أي يداخل بين أشراجها وهي عراها، وسَحَبهُ كمَنَعَهُ جره على وجه الأرض وسحبت(8)المرأة ذيلها وسمي السحاب لانسحابه في الهواء، ودرج أي مشى وطوى الصحيفة کرمی ضد نشرها، وسما كدعا أي ارتفع، وسما به أي اعلاه ورفعه واطل(9)عليه أي اشرف، والقِلع بالكسر الشراع، وداري أي منسوب الى دارين(10)وهو

ص: 247


1- (الطريق جلى للفستق) في ث
2- (أحسن تعديل) في شرح نهج البلاغة. ابن أبي الحديد: 9 / 215
3- (مطلًا) في ث، ر، م، ن، تصحيف
4- (نويته) في أ، ع، تصحيف
5- (غصاريفه) في ر، تصحيف
6- (شرح) في ث، وفي ر: (يشرح) تصحيف
7- (الغيبة) في م، تصحيف
8- (سجت) في أ، ع، تصحيف
9- (واظل) في م، تصحيف
10- منطقة بالبحرين يجلب اليها المسك من الهند، والنسبة اليها داري، والمسلمين اقتحموا الى دارين البحر مع العلاء الحضرمي فأجازوا ذلك الخليج، وقد فتحت دارين أيام الخليفة أبو بكر الصديق سنة (12 ه). ينظر: معجم البلدان: 2 / 432

موضع في البحر كان يؤتى منه الطيب من الهند وهي الآن خراب لا عمارة بها ولا سكنى وفيها أثار قديمة والنسبة اليه؛ لأنه كان مرسى السفن في زمانه (عليه السلام)، وعَنَجَهُ كنَصَرَهُ أي عطفه، وقيل: هو أن يجذب(1)الراكب خطام(2)البعير فيره على رحليه(3)، والنُوتي(4)بالضم الملاح، يقال: ((نات ينوت إذا تمايل من النعاس كأنَّ النوتي يميل(5)السفينة من جانب الى جانب))(6)، ولطف التشبيه واضح [يْخَتَالُ بِأَلْوَانِهِ وَيَمِيسُ بِزَيَفَانِهِ(7). يَفْضِيِ بِإفْضَاء(8)الدِّيَكَةِ، وَيَؤُرُّ بِمَلاَقِحِة أرَّ الْفُحُولِ المُغْتَلِمَةِ(9)أُحِيلُكَ مِنْ ذَلِكَ](10)

عَلَى مُعَايَنَةٍ، لَا كَمَنْ [يُحِيلُ عَلَى ضَعِيفٌإِسْنَادُهُ). الخيلاء التكبر واختال أي تكبر واعجب بنفسه ويميس أي](11)تبختر وزاف يزيف زيفاناً أي [تبختر في

ص: 248


1- (نجذب) في أ، ع، تصحيف
2- (حطام) في م، تصحيف
3- (رجليه) في ر، ع، م، تصحيف
4- (النوني) في ر، تصحيف
5- (تميل) في ر، م، تصحيف
6- لسان العرب، مادة (نوت): 2 / 101، وفي أ، ر، ع، م، ن: (في النعاس) وما ذكر ابن منظور هو الصواب
7- (بريقانه) في ر، تصحيف
8- (كإفضاء) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 215، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 295
9- (المغتلمة للضراب) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 215، ونهج البلاغة: صبحي الصالح: 296
10- [يختال بألوانه ويميس بزيفانه يفضي بإفضاء الديكة ويؤر بملاقحة أرَّ الفحول المغتلمة، أحيلك من ذلك] خرم في ن
11- [يحيل على ضعفٌ اسناده الخيلاء التكبر واختال أي تكبر واعجب بنفسه ويميس أي] خرم في ن

مشيته](1)ويفضي أي يسفد(2)، ويقال: أفضى [الى المرأة أي جامعها(3)أو خلا بها، والديكة [...](4)كقردة جمع [دِيك بالكسر، وفي بعض](5)النسخ، وفي نهاية ابن [الاثير: ((يفضى كإفضاء الديكة))(6)](7)ويأر كيمد أراً بالفتح أي يجامع [وألقح الفحل الناقة أي أحبلها](8)، والملاقحة مفاعلة [منه، وكان في نسخ الشارحين(9)](10)بملاقحه على صيغة الجمع [مضافاً إلى الضمير أي بآلات تناسلة](11)واعضائه، والفحل الذكر من كل حيوان [وغَلِمَ كَعَلِمَ أي اشتد شبقه و(12)اغتلم البعير إذا هاج من شدة شهوة الضراب، وقوله (عليه السلام): السلام) أرَّ الفحول المغتلمة ليس في بعض النسخ و [حولت](13)الرداء نقلت(14)كل طرف الى موضع آخر، والحوالة مأخوذة من هذا، وقيل:

ص: 249


1- [تبختر في مشيته] خرم في ن، وفي ر: (تنجتر)، وفي م: (يتبختر)، تحريف
2- (يفسد) في م، تحريف
3- [الى المرأة أي جامعها] خرم في ن
4- [و] زائدة في ث
5- [دِيك بالكسر وفي بعض] خرم في ن
6- النهاية في غريب الحديث والاثر، ابن الاثير: 1 / 37
7- [الاثير: يفضى كأفضاء الديكة] خرم في ن
8- [وألقح الفحل الناقة أي أحبلها] خرم في ن
9- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 215
10- [منه وكان في نسخ الشارحين] خرم في ن
11- [مضافاً إلى الضمير أي بآلات تناسلة] خرم في ن
12- [وغلم كعلم أي اشتد شبقه و] خرم في ن، في المصباح المنير، (الغلام): 2 / 452
13- [حولت] خرم في ن
14- (نفلت) في أ، تصحيف

أصل(1)الحوالة تحويل نهر الى نهر، والاحالة من الحوالة، وعلى ضعيف اسناده أي اسناده الضعيف، والسَنَد بالتحريك(2)ما استندت إليه من حائط ونحوه، ومنه إسناد الحديث أي رفعه الى ناقله كأنك(3)[جعلته](4)مستند إليه، وفي بعض النسخ على ضعف بلفظ المصدر مبالغة. (وَلَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُهُ فَتَقِفُ فِي ضَفَّتَيْ جُفُونِهِ، وَأَنَّ أُنْثَاهُ تُطْعَمُ ذَلِكَ؛ ثُمَّ تَبِيضُ لَا مِنْ لِقَاحِ فَحْلٍ سِوَى(5)الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ(6)؛ لمَا كَانَ ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ الْغُرَابِ!) سَفَحْتُ الدم كَمَنْعْتُ أي ارقته، والدمع أي ارسلته وفي بعض النسخ (تنشجها) كتضرب، يقال: نشج القدر والزق، أي: (غلا ما فيه حتی سمع له صوت)(7)، ولعل الأول أوضح، فإنَّ الفعل ليس متعدياً بنفسه / ظ 219 / على ما في كتب اللغة، وضفتا جفونه جانباها، وكذلك ضفتا النهر والوادي، وتطعم على صيغة التفعل بحذف احدى التائين، وبجس الماء تبجيساً فجره فتبجس وانبجس (وتوجد(8)الكلمة في النسخ بهما أي الدمع المنفجر، قال بعض الشارحين: زعم قوم أن اللقاح في الطاووس بالدمعة وأمير المؤمنين (عليه السلام) لم يحل ذلك(9). ولكنه قال: ليس بأعجب

ص: 250


1- (أصله) في أ، ع، تحريف
2- (بالتحريك) في ر، تصحيف
3- (كأنه) في م، تحريف
4- [جعلته] ساقطة من ع، وفي ر: (جعله)، وفي م: (جعلت)، تحريف
5- (سرى) في ع، تحريف
6- (المنجس) في ث، وفي ر، ع، م: (المتبجس)، تصحيف
7- تاج العروس، مادة (نشج): 3 / 499
8- (يوجد) في أ، ر، ع، م، تصحيف
9- قول متصرف به، ينظر: شرح نهج البلاغة: 9 / 217

من مطاعمه الغراب، والعرب تزعم أنَّ الغراب لا يسفد، ومن أمثالهم أخفى من سفاد الغراب فيزعمون أنَّ اللقاح من المطاعمة وانتقال جزء من الماء الذي في قائضه الذكر إلى الانثى من منقاره، وأما الحكماء فقلَّ أن يصدّقوا بذلك على أنهم قالوا في كتبهم ما يقرب من هذا الكلام، قال ابن سينا: والقبجة تحبلها ريح تهب من ناحية الحجل الذكر، ومن سماع صوته، قال: والنوع المسمى ما لاقيا تلاصق بأفواهها ثم تشابك فذاك سفادها، ولا يخفى أنَّ المثل المذكور لا يدل على أنَّ الغراب لا يسفد بل الظاهر منه أنه يسفد، ولكنه قلما يراه أحد، وأما كلامه (عليه السلام) فالظاهر منه أن الطاووس لقاحه بالسّفاد لقوله (عليه السلام) بملاقحة ولتعبيره عن القول الأخر بالزعم وأن الغراب بالمطاعمة والله تعالى يعلم. (تَخَالُ قَصَبَهُ مَدَارِيَ مِنْ فِضَّةٍ وَمَا أُنْبِتَ عَلَيْهَا مِنْ عَجِيبِ دَارَاتِهِ وَشُمُوسِهِ خَالِصَ العقبان وَفِلَذَ الزَّبَرْجَدِ فَإِنْ شَبَّهْتَهُ بِمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ قُلْتَ جَنًى جُنِيَ مِنْ زَهْرَةِ كُلِّ رَبِيعٍ وَإِنْ ضَاهَيْتَهُ بِالْمَلَابِسِ فَهُوَ كَمَوْشِيِّ الْحُلَلِ أَوْ كَمُونِقِ عَصْبِ الْيَمَنِ، وَإِنْ شَاكَلْتَهُ بِالْحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ قَدْ نُطِّقَتْ بِاللُّجَیْنِ الْمُكَلَّلِ) خَالَ الشيء كخَافَ أي ظنه، وخاله يخيله لغةً فيه، ويقول في المضارع للمتكلم أخال بكسر الهمزة على غير قياس وهو أكثر استعمالاً وبنو أسد يفتحون على القياس(1)، والمداري بالدال المهملة على ما في النسخ التي عندنا، ومنها نسخ عرضت على الأصل، وكذا في نسخة الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد(2)، وهي جمع مِدری بكسر الميم، قال ابن الأثير: ((المّدري والمِدْراة شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل

ص: 251


1- ينظر: المصباح المنير: 1 / 187
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 218

سن من أسنان المشط، وأطول منه يسرح به الشعر المتلبد ويستعمله من لا مشط له))(1)، وكان في نسخة الشارح ابن میثم بالذال المعجمة، قال: وهي خشبة ذات أطراف كأصابع الكف ينقى بها الطعام(2)، والدّارة: هالة القمر وما أحاط بالشيء كالدائرة، والعِقيان بالكسر الذهب الخالص(3)، وقيل ما ينبت منه نباتاً(4)، والفِلذَ كعِنَب جمع فِلذة بالكسر وهي القطعة من الذهب والفضة وغيرهما(5)، وفلذت له من الشيء كضربت أي قطعت، والزبرجد ((جوهر معروف))(6)، قيل: ويسميه الناس البلخش، وقيل: هو ((الزمرد))(7)، وجنيت الثمرة والزهرة واجتنبتها بمعنی، والجني فعيل منه، وفي بعض النسخ (جنى) كحصى وهو ما يجني من الشجر ما دام غضاً بمعنی فعيل، ولفظة الفعل المجهول لیست موجودة في بعض النسخ وزهرة النبات بالفتح نوره والواحدة زهرة كتمر وتمرة، قالوا: ولا يسمى زهراً حتى تفتح، والمضاهاة والمشاكلة والمشابهة بمعنى واستعمال فاعل بمعنی فعَّل بالتشديد كثير لا سيما في كلامه (عليه السلام)، واللِباس واللِبس بالكسر فيهما، والملبس واحد، والوشي نقش من كل لون(8)، والمشی کرمی المنقش، والحُلَلَ کصَرُد جمع حُله بالضم وهي: أزار ورداء برد أو غيره، ولا تكون حلّه إلا من ثوبين

ص: 252


1- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 115
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 307
3- ينظر: الصحاح، مادة (عقا): 6 / 2433
4- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (عقو): 4 / 77
5- ينظر: العين، مادة (فلذ): 8 / 186
6- الصحاح، مادة (زبرجد): 2 / 480
7- العين، مادة (زبرجد): 6 / 210
8- ينظر: القاموس المحيط، مادة (وشی): 4 / 400

أو ثوب له بطانه(1)، و((قال أبو عبيد: الحلل: برود اليمن))(2)وشيء أنيق أي حسن معجب، والمونق، مفعل منه قلبت الهمزة واواً(3)، والعَصب بالفتح ضرب من البرود(4)، والحُلّيِ بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء جمع حَلى بالفتح، والتخفيف وهو ما یزین به من مصوغ المعدنيات أو / و220 / الحجارة، والفصوص جمع فص كفلس وفلوس، ((وقال الفارابي وابن السكيت: وكسر الفاء رديء))(5)، وقال الفيروز آبادي: ((الفص للخاتم مثلثه والكسر غير لحن، ووهم الجوهري))(6)، ونطقت باللجين أي جعلت الفضة كالنطاق لها وهو ککتاب شبه أزار فيه تکه تلبسه المرأة، وقيل شقه تلبسها المرأة وتشد وسطها بحبل وترسل الاعلى الى الاسفل الى الأرض والاسفل ينجر على الأرض، وكلّل فلاناً أي ألبسه الإكلِيل وهو بالکسر التاج وشبه عصابه يزين بالجوهر(7)، و((سحاب مُكلَّل أي ملّمع بالرق))(8)، وقيل: ((هو الذي حوله قطع من السحاب))(9)فهو مكلل بهنّ، وروضة مكللة أي محفوفة بالنور، قال بعض الشارحين: شبهه (عليه السلام) بالفصوص المختلفة الألوان المنطقة في الفضة أي المرصعة في صفائح الفضة،

ص: 253


1- ينظر: الصحاح، مادة (حلل): 4 / 1673
2- المصدر نفسه، مادة (حلل): 4 / 1673
3- ينظر: المنصف: ابن جني: 2 / 38
4- ينظر: الصحاح، مادة (عصب): 1 / 182
5- المصباح المنير، مادة (فص): 2 / 474
6- القاموس المحيط، مادة (فص): 2 / 311
7- ينظر: لسان العرب، مادة (كلل): 11 / 595
8- المصدر نفسه، مادة (كلل): 11 / 596
9- لسان العرب، مادة (كلل): 11 / 596

والمكلل الذي جعل كالإكليل(1)، وحاصل الكلام إنه (عليه السلام) شبه قصب ریشه بصفائح من فضة رصعت بالفصوص المختلفة الألوان فهي كالإكليل بذلك الترصيع، والأظهر أنَّ المكلّل وصف للجين. (يَمْشِيِ مَشْيَ

الْمَرِحِ الْمُخْتَالِ وَيَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وَجَنَاحَهُ فَيُقَهْقِهُ ضَاحِكاً لِجَمَالِ سِرْبَالِهِ وَأَصَابِيغِ وِشَاحِهِ فَإِذَا رَمَى بِبَصَرِهِ إِلَی قَوَائِمِهِ زَقَا مُغولاً بِصَوْتٍ يَكَادُ يُبِینُ عَنِ اسْتِغَاثَتِهِ

وَيَشْهَدُ بِصَادِقِ تَوَجُّعِهِ لِأَنَّ قَوَائِمَهُ حمسٌ(2)كَقَوَائِمِ الدِّيَكَةِ الْخِلاَسِيَّةِ) مَرِحَ كفَرِحَ وزناً ومعنى، فهو مرح ككتف، وقيل المرح أشد الفرح، وقيل هو للنشاط والتبختر(3)، والمختال: ذو الخيلاء وهو الكِبر والاعجاب(4)، قيل: وسميت الخيل لإعجابها بنفسها مرحاً(5)، وتصفحت الكتاب أي قلبت صفحاته وهي وجوه الأوراق وقه كفرّ أي ضحك، وقال: في ضحكه قه بالسكون فإذا كرّر قيل: قهقه قهقهة(6)، مثل دحرج دحرجة، والجمال رقة الحُسن، والحُسن في الخَلق والخُلق، والسِربال بالكسر القميص أو كل ما يلبس، والأصابيغ جمع أصباغ جمع صبغ کما تقدم، والوِشاح ککتاب شيء ينسج من أديم ويرصّع شبه قلادة تلبسه النساء(7)وزقايز قوای صاح وإعوال أي رفع صوته بالبكاء والصياح، واستغاث طلب النصر والعون،

ص: 254


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 310
2- (خمش) في أ، تصحيف
3- ينظر: الصحاح، مادة (مرح): 1 / 404
4- ينظر: لسان العرب، مادة (خال): 11 / 228
5- ينظر: المصباح المنير، مادة (الخيل): 1 / 186
6- ينظر: القاموس المحيط، مادة (قهقه): 4 / 291
7- ينظر: الصحاح، مادة (وشح): 1 / 415

وتوجعّ أي تفجع أو تشکی، وقوائمه حمش(1)أي دقاق، يقال: ((رجل أحمش الساقين))(2)، والديكة الخلاسية بالكسر هي التي بين الدجاجة الهندية والفارسية، والولد بين أبوين أبيض وسوداء، وأسود وبيضاء ذكره في العين(3).

(وَقَدْ نَجَمَتْ مِنْ ظُنْبُوبِ سَاقِهِ صِيصِيَةٌ خَفِيَّةٌ وَلَهُ فِي مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَةٌ خَضْرَاءُ مُوَشَّاةٌ وَمَخْرَجُ عَنُقِهِ كَالْإِبْرِيقِ وَمَغْرِزُهَا إِلَی حَيْثُ بَطْنُهُ كَصِبْغِ الْوَسِمَةِ الْيَمَانِيَّةِ أَوْ كَحَرِيرَةٍ مُلْبَسَةٍ مِرْآةً ذَاتَ صِقَالٍ) نَجَمَ النبات وغيره كقَعَدَ نجوماً أي ظهر وطلع، والظُنْبُوب بالضم حرف العظم اليابس من القدم(4)، والصيصية في الأصل شوكة الحائك التي بها يُسوِّي السّداة واللحمة(5)، قال الجوهري: ((ومنه صيصة الديك التي في رجله))(6)، والعُرف بالضم شعر عنق الفرس وغيره(7)، والقُنزُعة بضم القاف والزاي ما ارتفع من الشعر، وقيل الخصلة من الشعر يترك على رأس الصبي(8)، وموشاة أي منقشه، والمَخرج اسم مكان أي محل خروج عنقه كمحل خروج عنق الابريق فيشعر بأن عنقه كعنق الابريق، أو مصدر أي خروج عنقه كخروج عنق

ص: 255


1- (خمش) في أ، تصحيف
2- الصحاح، مادة (حمش): 3 / 1002
3- العين، مادة (خلس) 4 / 197. العين، مادة (خلس) 4 / 197
4- ينظر: العين، مادة (طنب): 8 / 165
5- ينظر: لسان العرب، مادة (صيص): 7 / 52
6- الصحاح، مادة (صيص): 3 / 1044
7- ينظر: القاموس المحيط، مادة (عرف) 3 / 173
8- ينظر: الصحاح، مادة (قزع): 3 / 1265

الابريق، فالاشعار أقوى، والابريق فارسي معرب، وغرزته كضربت أي: اثبته في الأرض، و(مغرزها) مبتدأ خبره (كصبغ الوسمة) و (بطنه) مبتدأ خبره محذوف، أي: مغرزها الى حيث بطنه موجوداً أو ممتداً ومنتهى إليه كصبغ الوسمة اليمانية وحيث تضاف إلى الجملة غالباً وهي في المعنى مضافة إلى المصدر الذي تضمنته الجملة، قالوا حيث وان كانت مضافة إلى الجملة في الظاهر لكن / ظ 220 / لما كانت في المعنى مضافة إلى المصدر فإضافتها إليها كلا اضافة، ولذا بنيت على الضم كالغايات على الاعرف، وقال الشيخ الرضي (رحمه الله) خذف خبر المبتدأ الذي بعد حيث غير قليل، والوسِمة بكسر السين کما في بعض النسخ(1)، وهي لغة الحجاز وأفصح من السكون(2)، وانكر الازهري(3)السكون، وبالسكون كما في بعض النسخ وجوزه بعضهم نبت يختضب(4)بورقه.

وقيل: هو((ورق النيل))(5)، وقيل: هو ((العظلم))(6)، والصِقال ککِتاب الاسم من صَقَلَهُ كنَصَرَ أي جلاَّه فهو مصقول وصقيل(7)، والصيقل: ((شحَّاذ السيوف وحلاوها)).(8)(وَكَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ إِلاَّ أَنَّهُ يُخَيَّلُ لِكَثْرَة مَائِهِ

ص: 256


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 220، شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 306
2- المصباح المنير، (الوسمة): 2 / 660
3- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (وسم): 13 / 114
4- (يختصب) في أ، تصحيف
5- القاموس المحيط، مادة (وسم): 4 / 186
6- لسان العرب، مادة (وسم): 12 / 637
7- ينظر: لسان العرب، مادة (صقل): 11 / 380
8- المصدر نفسه، مادة (صقل): 11 / 380

وَشِدَّةِ بَرِيقِهِ أَنَّ الْخُضْرَةَ النَّاضِرَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِهِ وَمَعَ فَتْقِ سَمْعِهِ خَطٌّ كَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِي لَوْنِ القحوان أَبْيَضُ يَقَقٌ فَهُوَ بِبَيَاضِهِ فِي سَوَادِ مَا هُنَالِكَ يَأْتَلِقُ) اللِقاع ککِتاب، والملحفة أو الكساء وكل ما تتلفع به المرأة، وتلفع الرجل بالثوب إذا اشتمل به وتغطى، وفي بعض النسخ (مُتقنع) والمقنع والمِقنعة بكسر الميم فيها ما يقنع به المرأة رأسها، والقِناع ككِتاب أوسع منهما، والمِعجر کمِنبر ثوب أصغر من الردّاء تلبسهُ المرأة(1)، وقال المطرّزي: ثوب كالعصابة تلفه المرأة على استدارة رأسها، والسَحم بالتحريك والسُّحمة بالضم ((السّواد، والأسحم الأسود))(2)، وخيل له كدا بالبناء للمفعول من الخيال بمعنی الوهم والظن أي لبس عليه وووجه الوهم أو الظن إليه، وفي بعض النسخ (يخيل) على صيغة المعلوم فالفاعل ضمير المعجر أو الطاووس، والبريق اللمعان، واستدق أي صار دقیقاً وهو ضد الغليظ، والمُستدِق على صيغة اسم الفاعل، وفي بعض النسخ(3)على صيغة اسم المفعول، قال ابن الأثير: ((استدق الدنيا واجتهد رأيك أي احتقرها، واستصغرها))(4)، وهو استفعل من الشيء الدقيق الصغير والمشبه به على الأول القلم وعلى الثاني المرقوم ويمكن أن تكون(5)الاضافة على الأول إدنی ملابسة فإن الرقم الدقيق له نسبة الى القلم، والأُقحُوان بالضم البابونج، وأبيض يقق بالتحريك ((أي

ص: 257


1- ينظر: العين، مادة (عجر): 1 / 222
2- العين، مادة (سحم): 5 / 1947
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 220، شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 306
4- النهاية في غريب الحديث والاثر: 2 / 127
5- (يكون) في أ، تصحيف

شديد البياض))(1)، يقال: يقّ كعض أي أبيض، وائتلق وتألق أي التمع.

(وَقَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وَقَدْ أَخَذَ مِنْهُ بِقِسْطٍ وَعَلَاهُ بِكَثْرَةِ صِقَالِهِ وَبَرِيقِهِ وَبَصِيصِ دِيبَاجِهِ وَرَوْنَقِهِ فَهُوَ كَالْأَزَاهِیرِ الْمَبْثُوثَةِ لَمْ تُرَبِّهَا أَمْطَارُ رَبِيعٍ وَلَا شُمُوسُ قَيْظٍ) علا فلان فلاناً أي غلبه وارتفع عليه، والصقال الجلا، والبريق اللمعان کما تقدم وبَصَّ کَفرَّ ((أي برق))(2)و ((لمع))(3)، والدیباج ثوب سداه ولحمته إبريسم، وقيل هو معرب ثم كثر حتى اشتقت العرب منه فقالوا: دبج(4)الغيث الأرض دبجاً إذا سقاها فانبت أزهاراً مختلفة لأنه اسم للمنقش(5)واختلف في الياء، فقيل: زائدة ووزنه فيعال ولذا يجمع علی دیابیج بالياء المثناة من تحت بعد الدّال، وقيل أصلية والأصل دبَّاج(6)بالتضعيف فأبدل من أحد المضعفين حرف العلة ولهذا يرد في الجمع إلى أصله فيقال: دیابیج بالباء الموحدة بعد الدال(7)، ورونق الشيء وماؤه وحسنه أي أخذ من كل لون نصيباً وزاد على اللون بالبريق واللمعان، والزهرة بالفتح وبالتحريك النبات ونوره الجمع أزهار وجمع الجمع أزاهير، والبث النشر والتفريق وربّ زيد الامر أي أصلحه وقام بتدبيره وربّ الدّهن أي طيبة، والقيظ فصل الصيف وشده الحر، ولعل الجمع في الامطار باعتبار الدفعات وفي الشموس

ص: 258


1- الصحاح، مادة (يقق): 4 / 1571
2- العين، مادة (بص): 7 / 91
3- الصحاح، مادة (بصص): 3 / 1030
4- (دبح) في أ، تصحيف
5- ينظر: لسان العرب، مادة (دبج): 2 / 262
6- (دباح) في أ، تصحيف
7- ينظر: لسان العرب، مادة (دبج): 2 / 262

بتعدد الاشراق في الأيام أو باعتبار أنَّ الشمس الطالع في كل يوم فرد على حدّة لاختلاف التأثير في نضج الثمار وتربية النبات باختلاف الحر والبرد وغير ذلك. (وَقَدْ يَنْحَسِرُ مِنْ رِيشِهِ وَيَعْرَى مِنْ لِبَاسِهِ / و221 / فَيَسْقُطُ تَتْرَى وَيَنْبُتُ تِبَاعاً فَيَنْحَتُّ مِنْ قَصَبِهِ وانْحِتَاتَ أَوْرَاقِ الْأَغْصَانِ ثُمَّ يَتَلَاحَقُ نَامِياً حَتَّى يَعُودَ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَ سُقُوطِهِ لَا يُخَالِفُ سَالِفَ أَلْوَانِهِ وَلَا يَقَعُ لَوْنٌ فِي غَیْرِ مَكَانِهِ) تحسر وبر البعير على صيغة التفعل أي تيقط من الاعياء، وفي بعض النسخ (تنحسر) على صيغة الانفعال تقول: حسره کضَرَبَه ونَصَرَه فانحسر أي: كشفه فانكشف(1)والعُری بالضم خلاف اللبس، تقول: عری یعری کرضى يرضى، ((وتَتْري فيها لغتان: وتنون، ولا تنون مثل: علقی، فمن ترك صرفها في المعرفة جعل ألفها ألف تأنيث وهو أجود وأصلها وتری من الوتر وهو الفرد، قال الله تعالى : «ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى»(2)أي واحداً بعد واحد ومن نونها جعل الفها ملحقة)) ذكره الجوهري(3)، وقال بعض الشارحين: ((تترى أي شيئاً بعد شيء وبينهما فترة))(4)، وهذا مما يغلط فيه قوم فيعتقدون أي تترى للمواصلة والالتصاق، وينبت تباعاً أي لا فترات بينهما وكذلك حال الريش الساقط، والتِباع بالكسر: ((الولاء))(5)، وأنحت ورق الشجر أي سقطت ونامياً أي زايداً، وفي بعض النسخ (سائر) الوانه،

ص: 259


1- ينظر: الصحاح، مادة (حسر): 2 / 629
2- المؤمنون / 44
3- الصحاح، مادة (وتر): 2 / 843
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 222
5- الصحاح، مادة (تبع): 3 / 1190

قال الجوهري: ((سائر الناس أي جميعهم))(1)، وقال في المصباح المنير: ((قال الأزهري:(2)اتفق أهل اللغة أن سائر الشيء باقية قليلًا كان أو كثيراً، وقال الصنعاني سائر الناس باقيهم وليس معناه جميعهم كما زعم من قصر في اللغة باعه وجعله بمعنى الجميع من لحن العوام ولا يجوز أن يكون مشتقاً من سورة البلد لاختلاف المادتين))(3)فإن عينه التاء، ولعل المراد على صحة النسخة عدم مخالقة لون الريش النابت للباقي من السوالف، أو المراد عدم التحالف بين الأرياش النابتة في الأصل أوضح.

(وَإِذَا تَصَفَّحْتَ شَعْرَةً مِنْ شَعَرَاتِ قَصَبِهِ أَرَتْكَ حُمْرَةً وَرْدِيَّةً وَتَارَةً خُضْرَةً زَبَرْجَدِيَّةً وَأَحْيَاناً صُفْرَةً عنجديةً فَكَيْفَ تَصِلُ إِلَی صِفَةِ هَذَا عَمَائِقُ الْفِطَنِ أَوْ مقلعهُ قَرَائِحُ الْعُقُولِ أَوْ تَسْتَنْظِمُ وَصْفَهُ أَقْوَالُ الْوَاصِفِینَ وَأَقَلُّ أَجْزَائِهِ قَدْ

أَعْجَزَ الْأَوْهَامَ أَنْ تُدْرِكَهُ وَالْأَلْسِنَةَ أَنْ تَصِفَهُ) الوَرد بالفتح من كل شجرة نورها وغلب على الحوجم أي: الورد الأحمر(4)، والتارة الحين والزمان، والعسجد کجعفر ((الذهب))(5)، والعُمق بالضم وبالفتح قعر البئر ونحوها، والفِطن کعِنب جمع فطنه بالكسر وهي الحذق والعلم بوجوه الأمور، وعمائق الفطن الأذهان الثاقبة، والقريحة أول ما يستنبط من البئر(6)، ومنه قولهم: لفلان قريحه جيدة يراد استنباط العلم بجودة الطبع، واقترحت الشيء أي

ص: 260


1- المصدر نفسه، مادة (سير): 2
2- قول متصرف به، ينظر: تهذيب اللغة، مادة (سار): 13 / 47
3- المصباح المنير، مادة (سار): 1 / 299 وفيه: ((قاله الازهري...))
4- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (حجم): 2 / 141
5- العين، مادة (عسجد): 2 / 315
6- ينظر: تاج العروس، مادة (قرح): 4 / 170

ابتدعته من غير سبق مثال والواو في واقل للحال ولا ريب أن الشعرة اقل الأجزاء التي بها قوام الحيوان والمراد بعجز الأوهام العجز عن وصف علل هذه الألوان واختلافها واختصاص كل بموضوعه وسائر ما أشار إليه (عليه السلام) أو العجز عن إدراك جزئيات الأوصاف المذكورة وتشریح الهيئات الظاهرة والخصوصات الخفية في خلو ذلك الحيوان كما هو المناسب لقوله (عليه السلام). (فَسُبْحَانَ الَّذِي بَهَرَ الْعُقُولَ عَنْ وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاهُ لِلْعُيُونِ فَأَدْرَكَتْهُ مَحْدُوداً مُكَوَّناً وَمُؤَلَّفاً وَأَعْجَزَ الْأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِيصِ صِفَتِهِ وَلا قعد بِهَا عَنْ تَأْدِيَةِ نَعْتِهِ) بَهَرَهُ کمَنَعَهُ أي غلبه، ومنه قيل للقمر الباهر لظهوره على الكواكب، وجلاّه بالتشديد أي كشفه، وكذلك جلاه بالتخفيف كما في بعض النسخ وكونه أي أحدثه وأوجده وتالف القوم أي اجتمعوا وتحابوا والف بينهم أي جمعهم واوقع الألفة بينهم وقعد بها أي أقعدها وأعجزها والغرض الدلالة على عجز العقول وتنزيهه سبحانه عن نيلها / ظ 221 / فإنها إذا عجزت عن إدراك مخلوقٍ ظاهر للعيون على الصفات المذكورة فهي بالعجز عن إدراکه سبحانهُ ووصفه أخرى، وكذلك الالسن في تلخيص صفته وتأدية نعته (وَسُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّةِ وَالْهَمَجَةِ إِلَی مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِيتَانِ وَالأفيلة! وَوَأَى عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِيهِ الرُّوحَ إِلَّا وَجَعَلَ الْحِمَامَ مَوْعِدَهُ، وَالْفَنَاءَ غَايَتَهُ) في بعض النسخ فسبحان بالفاء موضع الواو، ودَمَجَ الشيء كنَصَرَ دموجاً دخل في الشيء واستحكم فيه وادمجه وغيره، والذرة واحدة الذر وهي: ((صغار النمل))(1)، ومائة منها زنة حبة شعير، والهَمَجَةَ بالتحريك الهَمج كذلك ((وهو ذباب صغیر کالبعوض يسقط على

ص: 261


1- العين، مادة (ذر): 8 / 175

وجوه الغنم والحمر وأعينها))، والحيتان جمع حوت، والأفيلة جمع فیل، والمعروف بين أهل اللغة (فِيلة) كعِنبه کما في بعض النسخ(1)، وأفيال وفيول، وقال ابن السكيت ولا تقل أفيله، ووأي أي وعدوا واضطرب أي تحرك والشبح الشخص، واولج أي ادخل، والحمام ککتاب قضاء الموت وقدره(2).

منها في صفة الجَنَّة (فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَ مَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا

لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَی الدُّنْيَا مِنْ شَهَوَاتِهَا وَلَذَّاتِهَا وَزَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا وَلَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اصْطِفَاقِ أَشْجَارٍ غُيِّبَتْ عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ الْمِسْكِ عَلَى سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا وَفِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فِي عَسَالِيجِهَا وَأَفْنَانِهَا وَطُلُوعِ تِلْكَ الثِّمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا) ورميت ببصر قلبك أي تأملت وتفكرت وعرفت عن الشيء كضربت أي زهدت فيه وانصرف عنه أو مللته، والزُخرف بالضم الذهب، وکمال حسن الشيء وكل مموه، وذهل عن الشيء أي كمنع أي غفل عنه، وقيل: تركه على عمد، وقيل نسبه لشغل، وفي بعض النسخ (لذهلت)(3)على صيغة المؤنث الغائبة، فالفاعل ضمير النفس والعرض غفله الانسان وترکه بدائع الدنيا بالاشتغال(4)بالفكر في بدائع الجنة، والصفق الضرب يسمع له صوت، والريح تصفق الاشجار فتصطفق أي تضطرب وتهتز ويروي في اصطفات بالفاء من الصف أي انتظام

ص: 262


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 221
2- ينظر: الصحاح، مادة (حمم): 5 / 1906
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 223
4- (الاستعال) في أ، تصحيف

أشجارها في صف، والكثب(1)الجمع والاجتماع والدخول وانکثب(2)الرمل أي اجتمع وكل ما انصب في شيء فقد انكثب فيه ومنه سمي الكثيب من الرّمل لأنه انصب في مكان واجتمع فيه والجمع الكُثبان(3)بالضم وهي تلال الرّمل، والکِبائس جمع کِباسه بالكسر وهي العذق التام بشماريخه ورطبه(4)، والعُسلوج بالضم: ((مالان وأخضر من القضبان))(5)، وجمعه عسالیج كعصفور وعصافير، والأفنان جمع فنن بالتحريك وهو الغصن، والغُلف بالضم كما في بعض النسخ وبضمتین کما في بعضها(6)جمع غِلاف ککِتاب، والاكمام جمع کم بالكسر وهو: ((وعاء الطّلع وغطاء النّور))(7).

(تُجْنَى مِنْ غَیْرِ تَكَلُّفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا وَيُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا بِالْأَعْسَالِ الْمُصَفَّقَةِ وَالْخُمُورِ الْمُرَوَّقَةِ قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ الْكَرَامَةُ تَتَمَادَى بِهِمْ حَتَّى حَلُّوا دَارَ الْقَرَارِ وَأَمِنُوا نُقْلَةَ الْأَسْفَارِ) جنى الثمرة واجتناها أي قلعها من الغصن للأكل ونحوه وكلفه تكليفاً أي أمره بميثاق تكلف أي تجثمه، والمنية بالضم الاسم من تمنيت الشيء إذا اردته، وقيل: التمني مأخوذ من المنا وهو القدر؛ لأن صاحبه يقدر حصوله والطائفون على من نزل الجنة

ص: 263


1- (الكبث) في أ
2- (وانكبث) في أ
3- (الكتبان) في أ، تصحيف
4- ينظر: العين، مادة (كبس): 5 / 316
5- الصحاح، مادة (عسلج): 1 / 329
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 223
7- ينظر: الصحاح، مادة (كمم): 5 / 2024

الولدان المخلدون «بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ»(1)والأفنية جمع فِناء ککِساء وهو من الدار ما اتسع امامها، وتصفيق الشراب تقليبه وتحويله من إناء إلى إناء ليصفوا والأفنية والاعسال المصفقة المصفاة كما قال عز وجل / و222 /: «أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى»(2)وراق الماء يروق أي صفا وروقته أي صفيته وقوم خبر مبتدأ محذوف أي هم قوم وتمادى فلان إذا دام على فِعله، وحللت البلد بالبلد کمددت أي: نزلت به وسكنت، والنقلة بالضم الانتقال. (فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ بِالْوُصُولِ إِلَی مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَةِ لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا وَلَتَحَمَّلْتَ مِنْ مَجْلِسِيِ هَذَا إِلَی مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَا جَعَلَنَا اللهَّ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْعَى بِقَلْبِهِ إِلَی مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ بِرَحْمَتِهِ) هَجَمَ على القوم كنَصَرَ أي دخل أو دخر نعته، وهجم فلاناً ادخله يتعدى ولا يتعدى، والمنظر والمنظرة ما نظرت إليه فأعجبك، أو ساءك، والمونقة المعجبة، يقال: شيء أنيق أي حسن معجب، وزَهَقَتْ نفسه كمنعت کما في النسخ، وكذلك زهقت کسمعت أي خرجت وتحملت واحتملت أي: ارتحلت ذكره الجوهري(3)، والضمير في بها راجع الى الجنة، وفي بعض النسخ (یسعی)(4)على صيغة المضارع، وبقلبه متعلق بسعی وبرحمته يجعلنا وتأويل بعض الشارحين(5)الجنة بالجنة المعقولة من الكلمات الواهية المأخوذة من

ص: 264


1- الواقعة / 18
2- محمد / 15
3- ينظر: الصحاح، مادة (زهق): 4 / 1493
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 223، شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 312
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 225

الفلاسفة المنكرين للدين وشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه آله الطاهرین.

تفسير بعض ما فيها من الغريب، ويارّ بملاحقة الأرّ كنايةٌ عن النكاح يقال: آرّ المرأة يؤرُّها إذا انكحها، وقوله: كأنه قلعٌ داری عنجه نوتيه، القِلع شِراع السَّفينة، وداری منسوب الى دارين(1)وهي بلدة على البحر يجلب منها الطيب وعنجه أي عطفه يقال عنجت الناقة اعنجها عنجاً إذا اعطفتها والنؤتي الملاح، وقوله (عليه السلام) ضفتي جفونه ارادَ جانبي جفونه والضفتان الجانبان وقوله وفلذ الزبرجد الفلذ جمع فِلذة وهي القطعة وقوله كبائس اللؤلؤ الرطب الكباسة الغِدوقِ والعساليج الغصون واحدها عسلوجٌ، الأرّ هو الجماع کما تقدم(2)وهما کنایتان عن النيك وهو الحقيقة، والبواقي کنایات کالوطى والنكاح والمباشرة والملامسة، والمراد بالنكاح الوطى على الإشتراك والحقيقة أو المجاز على الخلاف.

ومن خطبة له (عليه السلام)

(لِيَتَأَسَّ صَغِيرُكُمْ بِكَبِيرِكُمْ وَلْیَرْأَفْ كَبِيرُكُمْ بِصَغِيرِكُمْ وَلَا تَكُونُوا كَجُفَاةِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا فِي الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ وَلَا عَنِ اللهَّ يَعْقِلُونَ كَقَيْضِ بَيْضٍ فِي أَدَاحٍ يَكُونُ

كَسْرُهَا وِزْراً وَيُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً) التأسي الاقتداء وتأسي الصغير بالكبير لأن الكبير لكثرة التجربة احزم واکیس والرأفة الرّحمة أو اشدها وأرقها ورأفة الكبير بالصغير؛ لأنَّ الصغير مظنه لضعف والجفاء ترك الصلة والبر وغل الطبع والفظاظة من حفى الثوب بجفود إذا اغلظ والفقه العلم بالشيء

ص: 265


1- سبق ذكره في صحيفة: 364
2- سبق ذكره في صحيفة: 365

والفهم له وغلب على علم الدين الشرفه والتفقه التعلم ولا عن الله تعقلون أي ما يأمركم به وفي بعض النسخ(1)(يَتَفَقَهُونَ) (ويَعْقِلونَ) على صيغة الغيبة بیاناً لحال المشبه بهم، والقَيض بالفتح قشرة البيض العليا اليابسة(2)، وقيل التي خرج ما فيها من فرخ أو ماء، والبيض بالفتح اسم الجنس والواحدة بيضة كتمر وتمرة والجمع بيوض وبيضات، وفي بعض النسخ کبيض هيض أي كسر، يقال: هاض العظم يهيضه أي كسره بعد الجبور، والاداحي جمع الادحی بالضم وقد يكسر وهو موضع الذي تبيض في النعامة(3)وتفرخ وهو أقول من دحوت؛ لأنها تدحوه برجلها أي تبسطه ثم تبيض فيه؛ والوِزر بالكسر الإثم والثقل وحضن الطّائر بيضه حضناً وحضاناً وحِضانة بالكسر منها ضمه الى نفسه تحت جناحيه للتفريخ وحضانها مرفوع على الفاعلية، قال بعض الشارحين: شبههم (عليه السلام) ببيض الأفاعي في الأعشاش، يظن(4)بيض القطا فلا يحل لمن رآه أن يكسره؛ لأنه / ظ 222 / يظنه بيض القطا، وحضانه يخرج شرا؛ لأنه يفقص عن أفعى(5)، واستعار لفظ الاداحي حتى للاعشاش مجازاً؛ لأن الاداحي لا يكون إلا للنعام، وعلى هذا الوجه يمكن أن يراد بالاداحي معناه الحقيقي، أي: إذا وجد قيض بيض صغير في أداحي فالمظنون أنه بيض القطا؛ لكثرة القطا فيكون كثره وزراً للظن ويخرج

ص: 266


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 225: 9 / 226
2- ينظر: الصحاح، مادة (قیض): 3 / 1104
3- ينظر: تاج العروس، مادة (دحی): 14 / 403
4- (يطن) في أ
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 226

حضانه شراً؛ لأنه بيض الأفعى في الواقع، وقال بعضهم(1): نهاهم (عليه السلام) أن يشبهوا جفاة الجاهلية في عدم تفقههم في الدّين فيشبهون إذن بيض الأفاعي في أعشاشها، وجه الشبه انه أن كسره کاسر، ثم لتأذي الحيوان به وكذلك هؤلاء لا يحل لأحد اذاهم وإهانتهم لحرمة ظاهر الاسلام وان اهملوا وتركوا على ما هم عليه من الجهل وقلة الأدب خرجوا شياطين وفيه أن كسر بيض الأفعى لا إثم فيه إلا إذا ظنَّ أنه بيض القطا ونحوه، ولا يطلق الأدحي على عش الأفعى وغيرها لاختصاصه بالنعام.

منها: (افْتَرَقُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ وَتَشَتَّتُوا عَنْ أَصْلِهِمْ فَمِنْهُمْ آخِذٌ بِغُصْنٍ أَيْنَمَا مَالَ مَالَ مَعَهُ عَلَى أَنَّ اللهَّ تَعَالَی سَيَجْمَعُهُمْ شر يَوْمٍ لِبَنِي أُمَيَّةَ كَمَا تَجْتَمِعُ قَزَعُ

الْخَرِيفِ يُؤَلِّفُ اللهَّ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَجْمَعُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ) الضمائر راجعة الى أصحابه ومن يأتي بعدهم وتشتتهم عن أصلهم وتفرقهم وتخلفهم عنه وعن اتباع أمره (عليه السلام) والغصن من خلفه (عليه السلام) من ذرية الرّسول (صلى الله عليه وآله) أي منهم من يتبع الإمام من أهل البيت (عليهم السلام) ومنهم من لا يكون كذلك واكتفى عن ذكر هذا القسم بكلمة من ولعل في الكلام اشعارا بنوع من النقص في متابعة من ثبت منهم على الحق وكلمة (تعالى) ليست في بعض النسخ والضمير في (يجمعهم) راجع الى الجميع، فيجتمعون کما يجتمع قزع الخريف، والقَزَع بالتحريك: القطع المتفرقة من السحاب، والواحدة قزعه كقصب(2)وقصبه، وقال الأزهري: ((وكل شيء

ص: 267


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 315
2- ينظر: العين، مادة (قزع): 1 / 132

یکون قطعاً متفرقة فهو قزع))(1)، والرُّکام بالضم السّحاب المتراكم أي: الكثيف المجتمع، يقال: ارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع، والركم جمع شيء(2)، وقال بعض الشارحين: ((وكذا كان فإنَّ الشيعة الهاشمية اجتمعت على إزالة ملك بني مروان من كان منهم ثابتاً على ولاء علي بن ابي طالب (عليه السلام) ومن حادَ منهم عن ذلك؛ وذلك في أواخر أيام مروان الحمار، عند ظهور الدعوة الهاشمية))(3).

(ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ كَسَيْلِ الْجَنَّتَیْنِ حَيْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَيْهِ قادةٌ وَلَمْ تَثْبُتْ له أَكَمَةٌ وَلَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْد وَلَا حِدَابُ أَرْضٍ) في بعض النسخ (ثم يفتح لهم أبواباً) والأبواب وجوه آرائهم أو الأعم منها وسائر أسباب الغلبة على الأعداء، والثور الهيجان، والوثب والسطوع ونهوض القطا والجراد وآثاره واستثارة أي هيجه إلى غير ذلك، والمستثار الموضع، والمراد خروجهم باتفاق وقوة کسیل عظيم وسيل الجنتين سيل العرم الذي أرسله الله عز وجل على الجنتين لسبأ كما قال الله تعالى: «لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ٭ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ»(4)، ((والقارة: الجُبيل

ص: 268


1- تهذيب اللغة، مادة (قزع): 1 / 184
2- ينظر: الصحاح، مادة (ركم): 5 / 1936
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 228
4- سبأ / 15، 16

الصغير المنقطع عن الجبال والصخرة العظيمة))(1)، والَأكمة محركة التل من حجارة واحدةً، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجراً(2)، والسمت(3)بالتحريك ((الطريق))(4)، وردّ طريق السيل أن يمنعه مانع فيجري من مسيل آخر، ورصَّ البناء يُرصّهُ بالضم أي: الصق بعضه ببعض، والطَود بالفتح الجبل، أو عظيمه، والحداب جمع حدبة وهي ما أرتفع من الأرض والغرض أنهم ينهضون كسيل لا يرده رادّ ولا يمنعه مانع.

(يُذَعْذِعُهُمُ اللهَّ فِي بُطُونِ أَوْدِيَتِهِ ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ يَأْخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ وَيُمَكِّنُ لِقَوْمٍ / و223 / فِي دِيَارِ قَوْمٍ وَايْمُ اللهَّ لَيَذُوبَنَّ مَا فِي

أَيْدِيهِمْ بَعْدَ العلق وَالتَّمْكِینِ كَمَا تَذُوبُ الْأَلْيَةُ عَلَى النَّارِ) ذعذت الشيء بالذال المعجمة والعين المهملة أي فرقته فتذعذع، والسّر والخبر إذا أذعته، والغرض اخافئهم بين الناس في البلاد، ثم اظهارهم بالاعانة والتأييد للانتقام من قوم واحقاق الحقوق وقمع الظلمة، وذاب الشيء يذوب ضد جمد، والظاهر أنَّ الضمير في أيديهم راجع الى بني أمية وذوبان ما في أيديهم ذهاب الملك عنهم وسوء حالهم، والأَلية بالفتح ما ركب العجز من شحم أو لحم کما یكون للشاة، والجمع أَليات بالتحرك والتشبيه اليان بغير تاء.

(أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِینِ الْبَاطِلِ لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاهَ بَنِي

ص: 269


1- القاموس المحيط، مادة (قار): 2 / 123، وفيه: (... أو الصخرة...)
2- ينظر: لسان العرب، مادة (أكم): 12 / 21
3- (السنت) في أ، تحریف
4- الصحاح، مادة (سمت): 1 / 254

إِسْرَائِيلَ وَلَعَمْرِي لَيُضَعَّفَنَّ لَكُمُ التِّيهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافاً) الخذل والخذلان ترك النصرة، والوهن الضعف في العمل، وقوى عليهم أي غلب وتسلط والتيه الضلال، يقال: تَاهَ يَتِيهُ تَيهاً بالفتح والكسر ومتاهاً والمتاه يحتمل المكان والمصدر، أي: ضللتم کما ضلت بنو إسرائيل وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لتركبن سنن من كان قبلكم حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضبّ لدخلتموه، فقيل: يا رسول الله اليهود والنصاری، قال: فمن إذاً(1) والاضعاف والتضعيف ويوجد الكلمة في النسخ على الوجهين، والمضاعفة أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين أو أكثر ذكره الخليل(2).

(خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَقَطَعْتُمُ الْأَدْنَى وَوَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُ الدَّاعِيَ لَكُمْ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ الرَّسُولِ وَكُفِيتُمْ مَئُونَةَ الِاعْتِسَافِ وَنَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ عَنِ الْأَعْنَاقِ) خلف القوم أثقالهم تخليف أي خلّوها وراء ظهورهم وتركوها، والكلام كالتعليل لتضعيف التيه، والمراد بالأدنى أي: الأقرب نفسه (عليه السلام)، والأبعد من اتبعوه کالخلفاء ومعاوية، والداعي الى الحق هو (عليه السلام)، والمؤونة: الثقل وكفاية المؤنة حمله عن الغير، واعتسف عن الطريق أي: مال وعدل أو خبطه على غير هداية، ونبذتم أي: طرحتم، والفادح: الثقيل الصّعب، والمراد بالثقل الفادح الإثم والعذاب في الآخرة أو الأعم من ذلك ومما ينزل بهم من الخطوب في

ص: 270


1- ينظر: المعجم الكبير: 6 / 204، والنهاية في غريب الحديث والاثر: 1 / 357، ومجمع الزوائد: 7 / 260، وکنز العمال: 1 / 211
2- ينظر: العين، مادة (ضعف): 1 / 282

الدنيا بمخالفته (عليه السلام).

ومن خطبةٍ له (عليه السلام)

(إِنَّ اللهَّ تعالى أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِياً بَیَّنَ فِيهِ الْخَیْرَ وَالشَّرَّ فَخُذُوا نَهْجَ الْخَیْرِ تَهْتَدُوا وَاصدقوا عَنْ سَمْتِ الشَّرِّ تَقْصِدُوا الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ اداءها إِلَی اللهَّ تُؤَدِّكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ إِنَّ اللهَّ حَرَّمَ حَرَاماً غَیْرَ مَجْهُولٍ وَفَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرَمِ كُلِّهَا وَشَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَاقِدِهَا فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَحِلُّ أَذَى الْمُسْلِمِ إِلَّا بِمَا يَجِبُ) النهج بالفتح: الطريق الواضح، وصَدَفَ عنه كضَرَبَ أي: اعرض، والسمت: الطريق والقصد استقامة الطريق، يقال: قصد فلان كضرب إذا رشد، والفرائض مکرراً نصب على الاغراء أي: الزموا الفرائض لتؤديكم إلى الجنة وغير مجهول أي: معلوماً للمكلف، والحُرم جمع حُرمة كغُرف وغُرفة وهو اسم من الاحترام مثل: الفرقة من الافتراق، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: حرمة المسلم فوق كل حرمة دمه وعرضه وماله(1)وشد الحقوق بالإخلاص والتوحید ربطها بهما وهو انه تعالى كالتأكيد لقوله (عليه السلام) إلا بالحق (بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَخَاصَّةَ أَحَدِكُمْ وَهُوَ الْمَوْتُ فَإِنَّ النَّاسَ

أَمَامَكُمْ وَإِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ) المبادرة / ظ 223 / المسابقة والعجلة للوصول الى الشيء والمراد الرضا بالموت والتهيؤ له والاستعداد لما بعده، والموت وإن كان يعمم كل حيوان إلا

ص: 271


1- قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ((المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله)) مسند أحمد: 3 / 491، والمعجم الكبير: 22 / 74، ومجمع الوزائد: 4 / 172، وفتح الباري: 10 / 387

إنَّ له مع كل أحد خصوصية وكيفية مخالفة لحالة مع غيره والناس أمامكم أي سبقوكم الى الموت، والدار الآخرة، وفي بعض النسخ (فإنَّ البأس) بالباء الموحدة والهمزة أي الشدة والعذاب والمراد شدة الآخرة وعذابها، أو شدائد الدنيا وفتنها والحروب المستقبلة و(تخففوا)، أي: بالقناعة وترك الحرص على الدنيا أو من حمل الآثام والذنوب، ويحتمل أن يكون التخفيف كناية عن ترك الرّكون إلى الدنيا واتخاذها دار ممَّر لا دار مقر، ولعله أنسب معنى، وينتظر بأولكم وآخركم، أي: إنما ينتظر ببعث الأولين ونشرهم للحساب مجيء اللاحقين حتی يبعثوا جميعاً، والغرض الأمر بالاستعداد لذلك اللحوق والنشور الذي جرى به القضاء. (اتَّقُوا اللهَّ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ فَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّى عَنِ الْبِقَاعِ وَالْبَهَائِمِ، أَطِيعُوا اللهَّ وَلَا تَعْصُوهُ، وَإِذَا رَأَيْتُمُ الْخَیْرَ فَخُذُوا

بِهِ وَإِذَا رَأَيْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا عَنْهُ) التقوى في العباد اتباع امر الله في المعاملات والامور الدائرة بين الناس وفي البلاد القيام بحق المقام والعمل في كل مكان بما أمر به، والبِقاع كجِبال جمع بُقعه بالضم وهي القطعة من الارض على غير هيئة التي الى جانبها والبهيمة ذات القوائم الأربع، ولو كانت في الماء، وقيل كل حي لا يميز، والسؤال عن البِقاع لم اخربتم هذه؟ ولم عمرتم هذه؟ ولم لم تعبدوا الله فيها، وعن البهائم لم اجمعتموها؟ ولم أوجعتموها؟ ولم لم تقوموا بشأنها وغاية حقها.

ومن كلام له (عليه السلام) بعدما بويع بالخلافة

وقال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوماً من أجلب على عثمان فقال (عليه السلام): (يَا إِخْوَتَاهْ إِنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ وَلَكِنْ كَيْفَ لِي بِقُوَّةٍ وَ

ص: 272

الْقَوْمُ الْمُجْلِبُونَ عَلَى حَدِّ شَوْكَتِهِمْ يَمْلِكُونَنَا وَلَا نَمْلِكُهُمْ وَهَا هُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدَانُكُمْ، وَالْتَفَّتْ إِلَيْهِمْ أَعْرَابُكُمْ، وَهُمْ خِلَالَكُمْ يَسُومُونَكُمْ مَا شَاءُوا، وَهَلْ تَرَوْنَ مَوْضِعاً لِقُدْرَةٍ عَلَى شَيْءٍ تُرِيدُونَهُ) الجزاء في قولهم: (لو عاقبت) محذوف أي لو عاقبت لكان حسناً، واجلبوا أي: تجمعوا وتألبوا والالف في (يا أخوتاه) بدل من ياء المتكلم، والهاء الساكنة للسكت، ويجوز فيها الضم كما في بعض النسخ، والحد منتهى الشيء ومن كل شيء حدته وحد الرجل بأسه، والشوكة شدة البأس، وحد السلاح، وثار الغبار يثور أي: هاج، ومنه قيل: ثارت الفتنة، والملك كناية عن التسلط والقدرة، والعِبدان بالكسر جمع عبد، والتفت أي: انضمت وأختلطت، والأعراب: سكان البادية من العرب والواحد إعرابي، وهو الذي يكون صاحب نجعة وارتياد للكلأ، وقال الأزهري(1): سواء كان من العرب أو من مواليهم ومن نزل بلاد الريف واستوطن المدن ممن ينتمي الى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء، وهم خلالكم، أي: بینکم، وسام فلاناً الأمر يسومه إذا كلفه إياه وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر، واعتذاره (عليه السلام) بعدم التمكن لرعاية المصالح وتأليف القلوب لا لأنه كان في نفسه (عليه السلام) الانتقام من المجلبين(2)کما يدل عليه قوله (عليه السلام): (الله قتله وأنا معه)، (إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمْرُ جَاهِلِيَّةٍ، وَإِنَّ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَادَّةً إِنَّ النَّاسَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ إِذَا حُرِّكَ عَلَى أُمُورٍ: فِرْقَةٌ تَرَى مَا تَرَوْنَ، وَفِرْقَةٌ تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَفِرْقَةٌ لَا تَرَى هَذَا وَلَا هذا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَهْدَأَ النَّاسُ وَتَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا،

ص: 273


1- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (عرب): 2 / 360، 361
2- (المحلبين) في أ، تصحيف

وَتُؤْخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَةً) المراد بالأمر المشار اليه ما قصده المجلبون على عثمان، من قتله على ما ذكره بعض الشارحين(1)، أي: إنَّ أجلابهم عليه لم يكن عن طاعة الله واتباع أمره، بل نشأ عن الحمية والعصبية كما هو شأن أهل الجاهلية ولا ينافيه كونه طاعة ومطابقاً لأمر الله سبحانه، ولم يبين (عليه السلام) حال الأمر في الواقع / و224 / للمصلحة واقتصر على بيان حال نية القوم، ولعل المراد بعضهم أو أكثرهم، ويحتمل أن يكون الاشارة الى ما أراده هؤلاء القوم من معاقبة المجلبين أي: إنما حملتكم العصبية على ما أردتم دون الطاعة والقربة، ولعل الأنسب بتقسيم الفرق أن یکون الاشارة الى الجميع وهذا كمنع أي سكن، ووقع القلوب مواقعها اطمئنانها وارتفاع الوساوس عنها، وسمح کمنع أي أعطى وجاد(2)، وقيل: أي وافق على ما أريد منه وأسمح لغةَ فيه(3)، ((وقال الاصمعي: سمح ثلاثياً بماله، وأسمح بقيادة))(4)، والغرض(5)أخذ الحقوق بسهولة والكلمة على صيغة الفاعل.

(فأهدؤا عَنِّي وَانْظُرُوا مَا ذَا يَأْتِيكُمْ بِهِ أَمْرِي، وَلَا تَفْعَلُوا فَعْلَةً تُضَعْضِعُ قُوَّةً وَتُسْقِطُ مُنَّةً وَتُورِثُ وَهْناً وَذِلَّةً، وَسَأُمْسِكُ الْأَمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ وَإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَآخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ) الفعلة المرة من الفعل ضعضع فلان البناء أي هدمه حتى الأرض، و((المُنَّة بالضم: القوة))(6)، وسأمسك الأمر ما استمسك

ص: 274


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 233
2- ينظر: الصحاح، مادة (سمح): 1 / 376
3- ينظر: لسان العرب، مادة (سمح): 2 / 489
4- المصباح المنير، (سمح): 1 / 288
5- (العرض) في أ، تصحيف
6- الصحاح، مادة (منن): 6 / 2207

أي: أصبر ما أمكن، والكيّ: إحراق الجلد بحديدة ونحوها وآخر الداء الكيّ أي: عاقبة أمر الداء ومصير أمره إلى الكي إذا لم يزل بأنواع المعالجات، وفي بعض النسخ (فآخِر الدواء الكي)(1)، قال بعض الشارحين(2): هذا مثل مشهور، ويقال: آخر الطب، ويغلط فيه العامة، فتقول: آخر الداء الكي، والكي ليس من الداء ليكون آخره انتهى. وقد أخذه من كلام الجوهري(3)والتوجيه ما عرفت، وقال: و ((ليس معناه: وسأصبر عن معاقبة هؤلاء ما أمكن الصبر، فإذا لم أجد بُداً عاقبتهم، ولكنه كلام قاله أول مسير طلحة والزبير الى البصرة، فإنه حينئذ أشار عليه قوم بمعاقبة المجلبين فاعتذر بما ذكر، ثم قال: وسأمسك الامر ما استمسك، أي: أمسك نفسي عن محاربة هؤلاء الناكثين للبيعة ما أمكنني وأدفع الأيام بمرسلتهم وتخويفهم وانذارهم، واجتهد في ردهم الى الطاعة بالترغيب والترهيب، فإذا لم أجد بُداً من الحرب، فاخر الدَّواء الكي، أي الحرب؛ لأنَّها الغاية التي ينتهي أمر العصاة إليها))(4).

ومن كلام له (عليه السلام) عند مسير أصحاب الجمل الى البصرة

(إِنَّ اللهَّ بَعَثَ رَسُولًا هَادِياً بِكِتَابٍ نَاطِقٍ وَأَمْرٍ قَائِمٍ لَا يَهْلِكُ عَنْهُ إِلَّا هَالِكٌ، وَإِنَّ الْمُبْتَدَعَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ هُنَّ الْمُهْلِكَاتُ إِلَّا مَا حَفِظَ اللهَّ مِنْهَا، وَإِنَّ فِي سُلْطَانِ اللهِ عِصْمَةً لِأَمْرِكُمْ فَأَعْطُوهُ طَاعَتَكُمْ غَیْرَ مُلَوَّمَةٍ وَلَا مُسْتَكْرَهٍ بِهَا) الأمر القائم

ص: 275


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 232، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 321
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 233
3- ينظر: الصحاح، مادة (کوی): 9 / 232
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 234

المستقيم الذي ليس بذي عوج کما ذكره بعض الشارحين(1)أو الظاهر المبين كأنه ليس بقاعد أو ساقط حتى يخفى على الناظرين إليه و(لا يهلك عنه إلاَّ هالك)، أي: لا يهلك عادلاً عنه إلا البالغ في الهلاك كما لا يقال: لا يعلم هذا الفن إلاَّ عالم أي الكامل في العلم، والمبتدعات التي لم يكن على عهد الرسول (صلى الله عليه واله) ولم يدل عليها دليل عام أو خاص، والمشبهات أي: التي تشبه السنن، وليست منها، وفي بعض النسخ (المُشْبِّهات) على صيغة اسم الفاعل أي التي تشبه على الناس وتلبس عليهم أمورهم، وروى (المشتبهات) على صيغة الافتعال، أي الملتبسات لا يعرف حقها من باطلها، ولعل الاستثناء من الاهلاك أي: إلا ما حفظ الله منها بالتوبة والتدارك بصالح العمل أو بعدم الارتكاب فيكون منقطعاً، والسلطان الوالي والجمع السلاطين والحجة والبرهان ولا يجمع؛ لأنَّ مجراه مجرى المصدر، والولاية والسلطنة، والمراد بسلطان الله الذي فيه العصمة أي الحفظ عن الخطأ أو الذلة والهلاك في الدنيا والاخرة دين الله أو نفسه (عليه السلام) واعطوه طاعتكم غير ملومة أي: مخلصين غير ملوم صاحبها بأن ينسب إلى النفاق، وفي بعض النسخ (غير مُلَوَمَّة)(2)على صيغة التفعيل والتشديد للمبالغة، وروى غير ملويَّة أي: غير معوجة من لويت العود إذا عطفته.

((وَاللهِ لَتَفْعَلُنَّ أَوْ لَيَنْقُلَنَّ اللهَّ عَنْكُمْ سُلْطَانَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ لَا يَنْقُلُهُ إِلَيْكُمْ أَبَداً

ص: 276


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 235
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 235، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 323

حَتَّى يَأزرَ(1)الَأْمْرُ إِلیَ غَيِرْكُمْ)) / ظ 224 / (إِنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ تَمَالَئُوا عَلىَ سَخْطَةِ إِمَارَتِي وَسَأَصْبِرُ مَا لَمْ أَخَفْ عَلَى جَمَاعَتِكُمْ فَإِنَّهُمْ إِنْ تَمَّمُوا عَلَى فَيَالَةِ هَذَا الرَّأْيِ انْقَطَعَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ) ارز کضرب أي انقبض وتجمع، وارزت الحية أي لاذت بجحرها ورجعت إليه، وملاءه على الأمر بالهمز ساعده وشایعه، وتمالؤا أي: تساعدوا واجتمعوا وتعاونوا، والسَخطة بالفتح كراهة الشيء وعدم الرضا به، وفيالة الرأي بالفتح ضعفه، قال بعض الشارحين(2): إنَّ جعلنا (حتى) في قوله (عيله السلام): (حتى يأرز الأمر) غاية لنقل السلطان عنهم أي متعلقاً بقوله: (لينقلن) لم يفهم منها عود إليهم، وإن جعلناها من عدم نقله إليهم فهم منها ذلك فإن قلت: لم قال (عليه السلام) لا يرجع إلهم أبداً وقد عاد بالدولة العباسية، قلت: اجيب من وجوه: الأول: إنَّ القوم الذين خاطبهم من أصحابه بهذا الخطاب لم ترجع إليهم أبداً فإنَّ اولئك بعد انقضاء دولة بني أمية لم يبق منهم أحد، ثم لم يرجع من أولاده أصلا. الثاني: إنه قيد بالغاية فقال: لا يصير إليكم حتى يصير في قوم آخرين، وظاهر انه كذلك بانتقاله الى بني أمية، الثالث: قال بعض الشارحين إنما عاد؛ لأن الشرط لم يقع وهو عدم الطاعة، فإن أكثرهم اطاعه طاعة غير ملومة ولا ستكره بها. الرابع: قال قوم أرادوا بقوله أبداً المبالغة كما تقول لغريمك لاحبسنه ابداً والمراد بالقوم الذين يارز الأمر إليهم بنو امية كما هو الواقع وقوله ان هؤلاء قد تمالؤا اشارة إلى طلحة والزبير وعائشة واتباعهم واومئ الى ان مسيرهم لسخطهم من امارته لا ما اظهروه من الطلب بدم عثمان انتهى.

ص: 277


1- (يأرز) في أ
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 325

وكون غاية للنقل باعتبار أنَّ نقل الدولة عن قوم في العادة بطریان وهن بعد وهن وعلى سبيل التدريج ويمكن ان يكون حتی بمعنی کي التعليلته كما في قوله تعالى: «لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا»(1)، والظاهر حينئذ تعلقها بالنقل ولا يخفى أنَّ السؤال إنما يوجه على تقدير تعلق حتى سواء كانت للغاية أو للتعليل بالنقل كما أنَّ الجواب الثاني يستقيم على تقدیر کونها غاية لعدم النقل.

(وَإِنَّمَا طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَداً لِمَنْ أَفَاءَهَا اللهَّ عَلَيْهِ فازدادوا رَدَّ الْأُمُورِ عَلَى أَدْبَارِهَا وَلَكُمْ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِكِتَابِ اللهَّ تَعَالَی وَسِیرَةِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه

وآله) وَالْقِيَامُ بِحَقِّهِ وَالنَّعْشُ لِسُنَّتِهِ) الكلام بيان لعله سخطهم لإمارته وهي الحسد على الدنيا والمراد بمن افاءها الله عليه أهل البيت (عليهم السلام) قال الله تعالى: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا»(2)، والملك العظيم الخلافة والإمامة والناس، وآل إبراهيم الأئمة (عليهم السلام) کما ورد في الخبر، وقال في مجمع البيان في تفسير العياشي باسناده عن أبي الصباح الكناني، قال: ((قال: أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا الصباح نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الانفال ولنا صفوا المال ونحن الراسخون في العلم ونحن المحسودون الذين قال الله في كتابه: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ»(3)الآية، وقال والمراد النبوة والحكمة

ص: 278


1- المنافقون / 7
2- النساء / 54
3- النساء / 54

والفهم والقضاء والملك العظيم وافتراض الطاعة انتهى))(1). والفي الغنيمة والخراج، قال الجوهري: ((تقول منه افاء الله على المسلمين مال الكفار))(2)، ((واستفأت هذا المال أي اخذته فيأ))(3)، وقيل في قوله تعالى: «مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ»(4)أي: ردّه عليه كأنه كان في الأصل له لكونه حقيقاً بأن يكون له وأصل الفي الرجوع، وسمي الظل فيأ لرجوعه من جانب الى جانب، ويحتمل أن يكون المراد بمن افاءها الله عليه في هذا الكلام كل من أتاه الله حظاً من الدنيا أي شأن هؤلاء الحسد على من اعطاه الله الدنيا ورد الأمور على أدبارها كناية عن انتزاع الأمر منه (عليه السلام) کما انتزع اولا وفيه دلالة / و225 / على عدم استحقاق السابقين، والسيرة السنّه والطريقة والضمير في حقه راجع إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) كالضمير في سنته أي القيام بالحقوق التي أوجبها بأمر الله عز وجل کما ذکره بعض الشارحين(5)أو القيام بحقه من المتابعة وامتثال الأمر نعشه الله تعالى كمَنَعَ أي رفعه ومنه قيل لسرير الميت: النعش؛ لأن الناس يرفعونه وإذا لم يكن عليه ميت محمول فهو سرير ونعش السنه تعظيمها بالإتباع وإجراء احكامها.

ومن كلام له (عليه السلام) كلم به بعض العرب

(وَقَدْ أَرْسَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمَّا قَرُبَ (عليه السلام) مِنْهَا لِيَعْلَمَ

ص: 279


1- مجمع البيان: 3 / 109. وفيه ((... والمراد بالكتاب...)
2- الصحاح، مادة (فيأ): 1 / 63
3- المصدر نفسه، مادة (فيأ): 1 / 63
4- الحشر / 7
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 326

لَهُمْ مِنْهُ حَقِيقَةَ حَالِهِ مَعَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ لِتَزُولَ الشُّبْهَةُ مِنْ نُفُوسِهِمْ فَبَیَّنَ لَهُ (عليه السلام) مِنْ أَمْرِهِ مَعَهُمْ مَا عَلِمَ بِهِ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ ثُمَّ قَالَ لَهُ بَايِعْ فَقَالَ

إِنِّي رَسُولُ قَوْمٍ، وَلَا أُحْدِثُ حَدَثاً حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ (عليه السلام): أرأيت لَوْ أَنَّ الَّذِينَ وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِداً تَبْتَغِي لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَيْثِ فَرَجَعْتَ إِلَيْهِمْ وَأَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْكَلَإِ وَالْمَاءِ فَخَالَفُوا إِلَی الْمَعَاطِشِ وَالْمَجَادِبِ مَا كُنْتَ

صَانِعاً قَالَ كُنْتُ تَارِكَهُمْ وَمُخَالِفَهُمْ إِلَی الْكَلَإِ وَالْمَاءِ فَقَالَ (عليه السلام) فَامْدُدْ إِذاً يَدَكَ فَقَالَ الرَّجُلُ فَوَاللهَّ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيَّ فَبَايَعْتُهُ (عليه السلام) وَالرَّجُلُ يُعْرَفُ بِكُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ.)

الحدث بالتحريك الأمر الحادث المبتدع وهو اسم من احدث الرّجل احداثاً إذا ابتدع واتی بأمر جديد، وأرأيتَ بفتح التاء وأرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم بمعني أخبرني واخبراني واخبروني، والرائد من ارسله القوم ليبصر لهم مواضع الغيث والكلأ، وهو بالتحريك النبات والعشب رطبه ويابسه، وأول ما يظهر يسمى رطب، فإذا طال قليلاً فهو الخلا فإذا طال فهو الكلاء فإذا يبس فهو الحشيش(1)، والمعاطش مواضع العطش أي الأمكنة التي ليس لها ما والمجادب الأراضي التي لا تخصب ولانبات فيها من الجدب وهو القحط والمحل ومخالفهم الى الكلاء والماء أي مائلا إليهما وجَرم(2)بالفتح بطنان في العرب أحدهما في قضاعة والآخر في طيئ.

ومن كلام له (عليه السلام) لما عزم على لقاء القوم بصفين

ص: 280


1- ينظر: مبادئ اللغة، الاسكافي: 185
2- قبيلة من قبائل اليمن تعود نسبتها الى جرم بن ربان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، ينظر: الانساب، السمعاني: 2 / 47

(اللَّهُمَّ رَبَّ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْجَوِّ الْمَكْفُوفِ الَّذِي جَعَلْتَهُ مَغِيضاً لِلَّيْلِ

وَالنَّهَارِ وَمَجْرًى لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ السَّيَّارَةِ وَجَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلَائِكَتِكَ لَا يَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ) صفين كسجين موضع قرب الرقة بشاطئ الفرات كانت به الوقعة العظمى غرة صفر سنة سبع وثلاثين فمن ثم احترز الناس السفر في صفر، والسقف المرفوع السماء والجو الهواء وما بين السماء والأرض، وكفه اي جمعه وضم بعضه إلى بعضٍ وأصله الصون والمنع، قال بعض الشارحين: ((الجو المكفوف السماء أيضاً))(1)، ويمر في كلامه (عليه السلام) نحو هذا وانّ السماء هواء جامد وماء جامد، ويحتمل أن يكون المراد به الهواء والفضاء الخالي مما يمنع الحركة بين السماوات على أن يكون الكواكب متحركة في السماوات کالحيتان في الماء والحركة فيه الحركة في السماء، قال الله عز وجل: «كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ»(2)وكفه حفضه بالسماء عن الانتشار، وقد ورد عنهم (عليهم السلام) یا من كبس الأرض على الماء وسدّ الهواء بالسماء وغاض الماء يغيض غيضاً أي نضب وقل، قال بعض الشارحين(3): کونه مغيضاً لليل والنهار، لأن الفلك بحركته المستلزمة لحركة الشمس على وجه الأرض يكون سبباً لغيوبه الليل وعن وجهها لغيوبه النهار فكان كالمغيض لها وقال بعضهم: ((جعلته مغيضاً لليل والنهار، أي: غيضه لهما، وهي في الأصل الاجمة يجتمع إليها الماء، فيسمى(4)غيضه ونبت فيها

ص: 281


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 240
2- الانبياء / 33
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 328
4- (فتسمى) في أ

الشجر كأنه جعل الفلك كالغيضه والليل والنهار كالشجر النابت فيها))(1)والظاهر أنَّ الغيضة لو سمیت / ظ 225 / مغيضاً فإنما هي لأن تغيض فيها، ويحتمل أن يكون المراد نقصان الليل والنهار باختلاف الفصول، وكون السماء مجرى للشمس، والتقمر تدویر حرکتهما بنفسهما كالحيتان في الماء ويقبل التأويل لو تبين خلافة والاختلاف التردد، ((والخلفة مصدر الاختلاف)) ذكره في العين(2)، قيل: وجعل الليل والنهار خلفه، أي: هذا خلف من هذا، وهذا يأتي خلف هذا، ومعناه من فاته أمر بالليل أدرکه بالنهار وبالعکس، والسِبط بالكسر الامة والقبيلة ولا يسأمون أي لا يميلون.

(وَرَبَّ هَذِهِ الَأَرْضِ الَّتِي جعلتها قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَمَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَالْأَنْعَامِ

وَمَا لَا يُحْصَى مِمَّا يُرَى وَوَرَبَّ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي الَّتِي جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَلِلْخَلْقِ اعْتِمَاداً) قَرَّ الشيء کَفَرَّ أي استقر بالمكان، والاسم القرار، والمراد موضع الاستقرار، ودَرَجَ کقَعَدَ أي مشى والمدرجة المذهب والمسلك، والهوام الحشرات، وقيل: ما له سم يقتل كالحية، وقال بعض الشارحين(3): قال بعض العلماء: من أراد أن يعرف حقيقة قوله (عليه السلام): (مما یری ومما لا یری) فليوقد ناراً صغيرة في فلاة في ليلة صيفية وينظر ما يجتمع عليها من غرائب أنواع الحيوان العجيبة الخلق لم يشاهدها هو ولا غيره، قال: وأقول يحتمل أن يريد بقوله: (وما لا يرى) ما ليس من شأنه أن يرى، أما الصغيرة أو لشفافية وكون الجبال أوتاداً للأرض قد شرحناه مستوفي في شرح الخطبة الأولى من

ص: 282


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 240، وفيه (... غيضه وغيضاً)
2- العين، مادة (خلف): 4 / 268
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 241

کتاب حدائق الحقائق. والاعتماد الاتكاء، قال بعض الشارحین(1): کونها للخلق اعتماداً؛ لانهم يجعلونها کالمساكن لهم فينتفعون بها ويبنون منازل إلى جانبها فيقوم مقام جدار قد استغنوا عن بنيانه؛ ولأنها أمهات العيون ومنابع المياه فكانت اعتمادا للخلق في منافعهم ومصالحهم.

(إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا الْبَغْيَ وَسَدِّدْنَا لِلْحَقِّ وَإِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ وَاعْصِمْنَا مِنَ الْفِتْنَةِ. أَيْنَ الْمَانِعُ لِلذِّمَارِ وَالْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ الْحِفَاظِ الْعَارُ وَرَاءَكُمْ وَالْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ.) ظهرت على الرجل غلبته وأظهره الله على عدوه أي أظفره، وجنبه إياه أي أبعده عنه، والبغي: الظلم والعدول عن الحق والاستطالة، وسدده أي قومه ووقفه للسداد أي الصواب، ومن القول والعمل، ولعل سؤال الشهادة يتضمن الاستعاذة عن الجرح البالغ والتنكيل والبقاء بالفرار والعصمة من الفتنة الاستعاذة من توهم ان نصرهم من عند الله لكونهم على الحق ومن عدم الرضا بالقضاء، وذِمار الرجل بالكسر: كل شيء يلزمه الدفع عنه، وان ضيعه لزمه الذَمر بالفتح أي اللوم(2)، ويكون بمعنى الحث مع لوم واستبطاء، ومانع الذمار من يمنع العدو لحفظ الذمار، أو لانتفاعه، ويقال له: حامي الذمار أيضاً، والغَائر ذو الغيرة بالفتح، والحقائق الأمور الشديدة والنوازل الثابتة ويكون الحقيقة بمعنى ما يحق أي يجب على الرجل أن يحميه، والحِفاظ بالكسر الذب عن المحارم، والعار وراءكم أي: أن ادبرتم عن العدو وهربتم أقبلتم على العار والعيب، كما أنَّ الجنة أمامكم لو اقدمتم على الحرب أو العار وراءكم؛

ص: 283


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 241
2- ينظر: العين، مادة (ذمر): 8 / 185

لأنه يسوقكم الى الحرب كما أنَّ الجنة تستقبلكم، وفي نسخ الشارحين النار وراءكم والمال واحد.

ومن خطبة له (عليه السلام)

(الحمد لله الذي لاتوری عنه سماءٌ سماءً ولا ارضُ ارضاً) والمرارة الاخفاء، قال بعض الشارحین(1): لقائل أن يقول: لا يتوارى شيء من السماوات عن المدركين منا أيضاً لأنها شفافة فلا يختص بالباري عز وجل فينبغي أن يقال: إنَّ هذا الكلام على قاعدة غير القاعدة الفلسفية وان السماوات تحجب ما وراءها عن المدركين بالحاسة وإنها ليست طباقاً متلاصقه بل بينهما خلق من خلق الله تعالى لا يعلمهم غيره واتباع هذا القول واعتقاده أولى من اعتقاد أقوال الفلاسفة التي لا دليل عليها انتهي. لا يخفى انه لو ثبت / و226 / أن كلاً من السيارات في فلك، وأن الثوابت في الثامن ثبت أنَّ السماوات لا يحجب ما رواءها عن الابصار لكن الكلام في ذلك والظاهر من قوله تعالى: «إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ»(2)، فتكون شفافة لا يحجب الكواكب عن الأبصار ولا يلزم أن يكون غيرها شفافة وظاهر بعض الأخبار يؤيد ما ذكره، وأما تلاصق السماوات فما لا دليل عليه وتظافرت الأخبار ببطلانه ويمكن أن يكون المراد بعدم المواراة احاطة علمه سبحانه بما في السماوات وأن بُعد المسافة بينها لا يمنع علمه بجميع ما فيها بخلاف غيره سبحانه مما يؤثر في إدراكه القرب والبعد المكاني وقال كلامه (عليه السلام) يدل على

ص: 284


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 243
2- الصافات / 6

اثبات أرضين بعضها فوق بعض كما أنَّ السماوات كذلك ولم يأتِ في الكتاب العزيز ما يدل على هذا إلا قوله تعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ»(1)وهو قول كثير من المسلمين وقد تأول ذلك أرباب المذهب الآخر فقالوا: إنها سبعة أقاليم فالمثلية من هذا الوجه لا من تعدد الارضين في ذاتها ويمكن أن تناول مثل ذلك كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) فيقال: إنها وإن كانت ارضاً واحدة لكنها أقاليم وأقطار مختلفة، وهي کريه الشكل فمن على حد به الكرة لا يرى من تحته ومن تحته لا يراه، ومن يراه على أحد جانبيها لا يرى من على الجانب الآخر والله تعالى يدرك ذلك كله أجمع ولا يحجب عنه شيء منها بشيء منها انتهى. والوجه في ذلك ما رواه الطبرسي (رحمه الله) في مجمع البيان(2)عن أبي الحسن (عليه السلام) إنه بسط كفيه ثم وضع اليمني، فقال: هذه الأرض الدنيا والسماء الدنيا عليها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا، والسماء الثانية فوقها قبة والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبة حتى ذكر الرابعة والخامسة والسادسة فقال والارض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقها قبة وعرش الرحمن فوق السماء السابعة وهو قوله تعالى: «سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ»(3)وإنما صاحب الأمر النبي (صلى الله عليه وآله) وهو على وجه الأرض وإنما ينزل الأمر من فوق من بين السماوات والارضين انتهى. وحينئذ فجدب كل كرة أرض والتي فوقها

ص: 285


1- الطلاق / 12
2- ينظر: مجمع البيان: 9 / 255
3- الطلاق / 12

سماء والتي تحت الجميع ليست إلا ارضاً كما أنَّ التي فوق الجميع ليست إلا سماء والأوساط أرض وسماء باعتبارين والله تعالى يعلم.

منها: وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتُمْ وَاللهَّ أحرص وَأَبْعَدُ وَأَنَا أَخَصُّ وَأَقْرَبُ وَإِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وَأَنْتُمْ

تَحُولُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَتَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ فِي الْمَلَإِ الْحَاضِرِينَ هَبَّ كَأَنَّهُ بُهِتَ لَا يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِهِ) قال بعض الشارحين: هذا الفصل من خطبة يذكر فيها (عليه السلام) ما جرى يوم الشورى، والذي قال له: انّك على هذا الأمر لحريص هو سعد ابن أبي وقاص مع روايته فيه (انت مني بمنزلة هارون من موسی) وهذا عجيب فقال لهم: بل أنتم والله أحرص وأبعد وقد رواه الناس كافة. وقالت الامامية هذا الكلام يوم السقيفة، والذي قال له: إنك لحريص على هذا الأمر أبو عبيدة بن الجراح(1)، وقرع کمنع أي: دق، وقرعته بالمقرعة ضربته بها، والملا بالتحريك: الجماعة، وهَبَّ من نومه كمَدَّ أي انتبه واستيقظ، وروي هبّ؛ لأنه كان لا يدري ما يجيبني به، وفي بعض النسخ (بهت لا يدري ما يجيبني به)(2)وهو واضح.

(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَمَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وَصَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ وَأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي ثُمَّ قَالُوا: أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَفِي الْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ) الاستعداء طلب التقوية والنصرة تقول: استعديت الأمر على الظالم أي طلبت منه النصرة والانتقام والاسم / ظ

ص: 286


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 243
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 243

226 / العدوى بالفتح وهي المعونة، وقطعوا رحمي أي من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو منهم وأجمعوا على منازعتي أي اتفقوا أمراً هو لي أي هو حقي بالنص، وتأويل بعض الشارحین(1)بالأفضلية باطل سخيف، وتأخذه وتتركه في النسخ(2)عندنا على صيغة الخطاب أي ليتهم أخذوه معترفين بأنه حقي فلم يفعلوا كذلك بل جعلوا أخذي وتركي إياه من الحق لا يرجح أحدهما على الآخر، وقال بعض الشارحين(3): وری نأخذه ونتركه على صيغة المتكلم مع الغير قال وعليه نسخة الرضي (رحمه الله)، والمراد إنا نتصرف فيه کما نشاء بالأخذ والترك دونك، وقال الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد: أعلم إنه قد تواترت الأخبار عنه (عليه السلام) بنحوٍ من هذا القول، نحو قوله (عليه السلام): ((ما زلت مظلوماً منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى يوم الناس هذا)). وقوله: ((اللهم أجز(4)قريشاً فإنها منعتني حقي وغصبتني أمري))، وقوله: ((فجزت(5)قريشاً عني الجوازي؛ فإنهم ظلموني حقي واغتصبوني سلطان ابن أمي))، وقوله: ((وقد سمع صارخاً ينادي: أنا مظلوم فقال: ((هلم فلنصرخ معاً فإني ما زلت مظلوماً))، وقوله: ((وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحی))، وقوله: ((أری تراثي نهباً))، وقوله: ((اصغيا بإنائنا وحملا الناس على رقابنا))، وقوله: ((إنَّ لنا

ص: 287


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 244
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 243، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 330
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 331
4- (أخز) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 244
5- (فجزی) في: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 244

حقاً إن نُعطهُ نأخذه(1)وإن نمنعه والا نركب أعجاز الابل وإن طال السرُّی))، وقوله: ((ما زلت مستأثراً عليَّ مدفوعاً عن حقي عمَّا أستوجبه وأستحقه(2))) وأصحابنا يحملون ذلك كله على ادعائه الأمر بالأفضلية والأحقية؛ وهو الحق والصواب فإنَّ حمله على الاستحقاق بالنص تكفير أو وتفسيق لوجه المهاجرين والأنصار، ولكن الأماميَة والزيديّة حملوا هذه الأقوال على ظواهرها، وارتكبوا بها مركباً صعباً. ولعمري إنَّ هذه الألفاظ موهمه مغلبة على الظن ما يقوله القوم؛ إلا أنَّ تصفح الأحوال يبطل ذلك الظن، ويدرؤ ذلك الوهم، قال: وحدثني يحيى بن سعيد بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية من ساكني قطفتا بالجانب الغربي(3)من بغداد واحد الشهود المعدلين بها قال: كنت حاضراً عند الفخر إسماعيل بن علي الحنبلي الفقيه، وكان إسماعيل هذا مقدم الحنابلة ببغداد في الفقه والخلاف، وكان يشتغل بشيء في علم المنطق، وكان حلو العبارة، وقد رأيته أنا وحضرت عنده، وسمعت كلامه، وتوفي سنة عشر وستمائة، قال: ابن عالية: ونحن عنده نتحدث؛ إذ دخل شخص من الحنابلة، وقد كان له دين على بعض أهل الكوفة، فانحدر إليه يطالبه به، واتفق أن حضرت زيارة يوم الغدير، والحنبلي المذكور بالكوفة؛ ويجتمع بمشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) من الخلائق جموع عظيمة، تتجاوز حد الاحصاء. قال ابن عالية: فجعل الشيخ الفخر(4)يسائل ذلك الشخص: ما

ص: 288


1- (بأخده) في أ، تصحيف
2- (استحقه واستجوبه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 244
3- (العربي) في أ، تصحيف
4- (الفجر) في أ، تصحيف

فعلت؟ ما رأيت؟ هل وصل مالك إليك؟ هل بقي لك بقية عند غريمك؟ وذلك الشخص يجاوبه؛ حتى قال له: يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير، وما يجري عند قبر علي بن ابي طالب (عليه السلام) من الفضائح والأقوال الشنيعة وسبّ الصحابة جهاراً من غير مراقبة ولا خيفة! فقال اسماعيل: أيّ ذنب لهم! والله ما جرأهم على ذلك، ولا فتح لهم هذا الباب إلا صاحب القبر، فقال ذلك الشخص: ومن هو صاحب القبر؟، قال: علي بن ابي طالب! قال: يا سيدي، هو الذي سنَّ لهم ذلك، وعلَّمهم إياه وطرقهم إليه!، قال: نعم والله، قال: يا سيدي فإن كان محقاً فما لنا نتولى فلانا وفلانا؟ وإن كان مبطلاً فما لنا نتولاه! ينبغي أن نبرأ إمَّا منه أو منهما. قال ابن عالية: فقام إسماعيل مسرعاً، فلبس نعليه / و227 / وقال: لعن الله إسماعيل الفاعل بن فاعل إن كان يعرف جواب هذه المسألة، ودخل دار حرمه، وقمنا نحن فانصرفنا انتهى(1). وأقول: إن الامامية ومن حذا حذوهم إنما ارتكبوا ذلك المركب الصعب لما في أيديهم من مقامع النصوص القاطعة ومقارع البراهين الساطعة التي تذلل كل صعب، وتودت كل شموس ولو تطرق التأويل إلى كلماته (عليه السلام) في التظلم، وقد ذكرنا منها جملة كافية في مقدمة شرح الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق، لا نسد باب التصريح وقد اعترف هذا الشارح في موضع من شرحه وقد تقدم الإشارة إليه بأنه ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال: (الحق مع علي وعلي مع الحق يدور معه حيثما دار)(2)وبأنه (عليه السلام) معصوم عن الخطأ في أقواله وأفعاله

ص: 289


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 244، 245
2- ينظر: سنن الترمذي: 5 / 633، والأمالي، الطوسی: 479

وإنَّ لم يكن الامام واجب العصمة بزعمه والذين زعمهم وجوه الصحابة لا ضير في تفسيقهم أو تكفيرهم بعد ورود النصوص في ارتدادهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد روى البخاري ومسلم(1)وغيرهما(2)من ثقات محدثيهم حديث الحوض وغيره ومن اتقى ركوب ذلك الصّعب فلا محيص له في الهرب عما يلزم القوم من التناقض إلا لبس النعلين ودخول دار الحرم کما فعله إسماعيل والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.

منها في ذكر أصحاب الجمل فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرمته رَسُولِ اللهَّ (صلى الله عليه وآله) كَمَا تُجَرُّ الْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا مُتَوَجِّهِینَ بِهَا إِلَی الْبَصْرَةِ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا

فِي بُيُوتِهِمَا وَأَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اللهَّ (صلى الله عليه وآله) لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ أَعْطَانِي الطَّاعَةَ وَسَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَیْرَ مُكْرَهٍ) حُرمة الرجل بالضم امرأته وما يحميه، والشِراء بالكسر والمد وبالقصر من الاضداد تقول شريت الطعام اشريه أي ملكته بالبيع أو بعته(3)وانكر الكسائي المد، والكلام حجة عليه، والحبيس والمحبوس أي الممنوع من البروز والمراد به وبالحرمة عائشة وسَمَحَ كمَنَعَ أي وافق على ما أريد منه أو حاد وأعطى والمراد البيعة بأشد الرضى.

(فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا، وَخُزَّانِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَطَائِفَةً غَدْراً فَوَاللهَّ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رَجُلًا

ص: 290


1- ينظر: صحیح مسلم: 7 / 123
2- ينظر: مسند أحمد: 3 / 14، وينظر: المعجم الكبير: 3 / 65، ومجمع الزوائد: 9 / 162، 163
3- ينظر: الصحاح، مادة (شری): 6 / 2391

وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ بِلَا جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ الْجَيْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَلَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَلَا بِيَدٍ دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ

مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ) القتل صبر أن يمسك شيء من ذوات الروح حيا، ثم يرمي بشيء حتى يموت كذا قال ابن الأثير وغيره، ثم قال: ((وكل من قتل في غير معركة ولا حرب ولا خطأ فإنَّه مقتول صبراً))(1)، وقال الشارحان: قتلوا طائفة صبرا أي بعد الأسر(2)، والغدر نقض العهد أي أعطوهم الأمان ثم قتلوهم، وفي بعض النسخ (فوالله إنْ لو لم يصيبوا)، قال بعض الشارحين: (((إن) هاهنا زائدة، ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة))(3)، وفي بعض النسخ (فو الله إن لم يصيبوا) بكسر الهمزة، والاعتماد الاتكاء الاتكال والمراد القصد وفي بعض النسخ (متعمدين)(4)وهو أظهر، والجريرة: الذنب، يقال: جرّ على نفسه وغيره جريرة يجر بالضم والفتح جرّا و (ما) في (دعّ ما إنهم) زائدة أي أترك قبلهم للعدة واقطع النظر عنه، والعدة بالكسر: الجماعة، قال الشارح ابن میثم: فإن قلت المفهوم من هذا الكلام تعليل جواز قتله (عليه السلام) لذلك الجيش بعدم إنكارهم للمنكر فهل يجوز قتل من لم ينكر المنكر قلت: أجاب الشارح عبد الحميد بن أبي الحديد عنه، فقال: يجوز

ص: 291


1- النهاية في غريب الحديث والاثر: 3 / 8
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 246، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 2 / 158
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 246
4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 246، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 331

قتلهم؛ لأنهم اعتقدوا ذلك القتل مباحاً كمن اعتقد اباحة الزنا(1)وشرب الخمر واجاب القطب الراوندي رحمه الله بأنَّ جواز قتلهم لدخولهم في عموم قوله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ ا / ظ 227 / فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا»(2)الآية، وهؤلاء قد حاربوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقوله: (حربك يا علي حربي) وسعوا في الأرض بالفساد واعترض المجيب الأول عليه فقال: الاشكال إنما هو في التعليل بعدم إنكار المنكر، والتعليل بعموم الآية لا يدفعه وأقول الجواب الثاني أسّد والأول ضعيف؛ لأن القتل وإن وجب على من اعتقد اباحه ما علم من الدين ضرورة لكن هؤلاء كان جميع ما فعلوه من القتل والخروج بالتأويل وان كان معلوم الفساد فظهر الفرق بين حلّ الخمر والزنا وبين اعتقاد هؤلاء ما فعلوه وأما الاعتراض على الجواب الثاني فضعيف لأن له أن يقول: إنَّ قتل المسلم إذا صدر عن بعض الجيش ولم ينكر الباقون مع تمكنهم وحضورهم كان ذلك قرینه داله على الرضا من جميعهم والراضي بالقتل شريك القاتل خصوصاً(3)إذا كان معروفاً بصحبته والاتحاد به کاتحاد بعض الجيش ببعض فكان خروج ذلك الجيش على الامام محاربته لله ورسوله (صلى الله وآله) وسعياً في الأرض بالفساد وذلك عين مقتضى الآية انتهى(4)ملخص كلامه ويمكن أن يجاب عن اعتراضه على الجواب الأول بأنَّ هؤلاء مدعين لشبهه لم تكن من الشبه

ص: 292


1- (الرنا) في أ، تصحيف
2- المائدة / 33
3- (خضوضاً) في أ
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 337، 338. (النسخ) مكررة في أ

المحتملة الدارئه للقتل؛ لأنهم خرجوا على الامام بعد البيعة طائعين غير مكرهين کما ذکره (عليه السلام) مع أنَّ الاحتمال كاف لهذا المجيب ويمكن الجواب عن أصل السؤال بأنَّ التعليل ليس بعدم انكار المنكر مطلقاً بل بعدم انکار هذا المنكر الخاص أي قتل واحد من المسلمين المعاونين للإمام (عليه السلام) بالخروج عليه، وربما يشعر بذلك قوله (عليه السلام): لحل لي قتل ذلك الجيش، فلا يلزم جواز قتل كل من لم ينكر منكراً، وأما في بعض المواد فلا استبعاد فيه إذ اقام عليه دليل، ولعل هذا مراد القطب الراوندي(1)(رحمه الله)، والدليل ما ذكره أو غير ذلك كقوله: «فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ»(2)، وظاهر كلامه (عليه السلام) أن مصداق حل القتل قتلهم واحداً من المسلمين عمداً بلا جرم وأما ما ذكره من جواز قتل الراضي بالقتل؛ لأنه شريك القاتل فينبغي تخصيصه بخصوص المادة ويرد على ما أجاب به عبد الحميد بن أبي الحديد(3)مثل ما أورده على القطب الراوندي بأنَّ يقال: الاشكال إنما هو في التعليل بعدم انكار المنكر لا في استحلال القتل ولو قدر الاستحلال في الكلام بأن يقال: المراد إذ حضروه مستحلين فلم ينكروا أمكن أن يقدر للقطب الراوندي إذ حضروه محاربين، ولو أجاب بأن الحضور مع عدم الانکار يستلزم الاستحلال فورود المنع عليه واضح وللقطب الراوندي أن يقول: الحضور في جيش بالمسير معهم وقد قتل بعضهم واحداً من المعاونين للإمام واتباعه؛ لآنه من شيعة مع

ص: 293


1- ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، القطب الراوندي: 2 / 158
2- الحجرات / 9
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 247

عدم الانكار والذب عنه محاربته لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) ويمكن أن يكون المراد بالحضور في قوله (عليه السلام) إذ حضروه الحضور الخاص أي ما كان على وجه المعاونة وإرادة القتال والبغي على الإمام والله تعالى يعلم.

ومن خطبة له (عليه السلام)

(أَمِینُ وَحْيِهِ وَخَاتَمُ رُسُلِهِ وَبَشِیرُ رَحْمَتِهِ وَنَذِيرُ نِقْمَتِهِ. (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهَّ فِيهِ فَإِنْ شَغَبَ شَاغِبٌ اسْتُعْتِبَ فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ) صدر الكلام تتمه ذكر الرسول (صلى الله عليه وآله)، والنقمة كفرحة المكافأة بالعقوبة، وأحق الناس بالأمر أي: الخلافة الفاضل الذي لا يجوز تقديم المفضول عليه ولا ينعقد امامة غيره مع وجوده کما یدل عليه قوله (عليه السلام) فإن أبی قوتل ولو کان کما ذكره بعض الشارحين من أنه ((لا منافاة بين كونه أحق، وبين صحة امامة غيره))(1)لما جاز القتال الشاغب مطلقاً ويدخل في القوة السياسية والتدبير والشجاعة / و228 /، والصبر والحلم ونحو ذلك وفي بعض النسخ (أعلمهم)(2)بتقديم الميم على اللام، والشَغَب بالفتح تهيج الشر واستعتاب الشاغب طلب الرجوع منه أو الرضا بالوعظ بالقول اللين والمراسلة ونحو ذلك ويدل على قتاله لو لم يرجع قوله تعالى: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ»(3)

ص: 294


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 261
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 261، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 339
3- الحجرات / 9

(وَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانَتِ الْإِمَامَةُ لَا تَنْعَقِدُ حَتَّى تحضروها عَامَّةُ النَّاسِ فَمَا إِلَی ذَلِكَ سَبِيلٌ وَلَكِنْ أَهْلُهَا يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ وَلَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ أَلَا وَإِنِّي أُقَاتِلُ رَجُلَیْنِ رَجُلًا ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَآخَرَ مَنَعَ

الَّذِي عَلَيْهِ) الغرض من الكلام الردّ على المعذرين من الخارجين عن الطاعة بعدم الحضور وقت البيعة والزامهم بما جعلوه اساساً لخلافة المتقدمين من البيعة والاختيار وليس في الكلام تعرض للنص دلالة على عدمه کما توهمه بعض الشارحين(1)، وإنما لم يحتج (عليه السلام) بالنص لعلمه بعدم التفاتهم إليه كيف وقد نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً بخلافة أبي بكر مع قرب العهد بالرسول (صلى الله عليه وآله) فكيف يتوقع منهم الاذعان به بعد تمادي الأيام وقطعهم بخلافة المتقدمين في ظاهر فعلهم، ولا يذهب على المتتبع للسير أنه (عليه السلام) كان لا يصرح عند أكثر الناس ببطلان خلافة المتقدمين؛ لتوغلهم في زعمهم الباطل؛ وإنما كان يأتي بالتعريض، والكلمات المحتملة لبيان الحق بقدر الأماكن (ويحضرها) بالياء المثناة من تحت في بعض النسخ(2)، والذي صرح به في الكلام عدم توقف الاختيار على حضور الناس كافة لا صحة الاختيار وبناء الكلام على الالزام کما عرفت، والمراد بأهلها الحاكمين على من غاب أهل الاختيار في زعم القوم، أو الأئمة، (ولكنْ) في بعض النسخ(3)مخففة و(أهلها) مرفوع؛ لأن الخفيفة لا تعمل، وادعاء رجل

ص: 295


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 263
2- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 339
3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 261، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 339

ما ليس له کدعوي الخلافة ومنع الآخر ما علیه کالامتناع من الطاعة وأداء الحقوق والمقاتلة بعد الاصرار على الشغب کما ظهر.

(أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ بِتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهَا خَیْرُ مَا تَوَاصَی الْعِبَادُ بِهِ وَخَیْرُ عَوَاقِبِ الْأُمُورِ عِنْدَ اللهَّ وَقَدْ فُتِحَ بَابُ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وَبَیْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَلَا يَحْمِلُ هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ وَالصَّبْرِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ الْحَقِّ فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ

وَقِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ وَلَا تَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ حَتَّى تبيَّنوا فَإِنَّ لَنَا مَعَ كُلِّ أَمْرٍ تُنْكِرُونَهُ غِیَراً.) عاقبه كل شيء آخره والتقوى خير ما يرجع العبد به الى ربه بأن كتب في صحيفته أنه من المتقين، وإن كانت التقوى من عمله في الدنيا، أو هي خير العواقب أي: خير ما ختم به العمل في الدنيا أو عاقبتها خير العواقب ولا يحمل هذا العلم أي لا يعلم وجوب قتال أهل القبلة وموقعه وشروطه، وفي بعض النسخ (العَلم)(1) بالتحريك أي الرّاية وحمل هذا العلم كناية عن القيام بهذا الحرب الذي توقف عنده من لم يكن على بصيرة في الدين وثبات في الحق فاشتبه عليه الأمر وتزلزل بالشبهة والوسواس، ونقل عن الشافعي أنه قال: ((لولا علي ماعرف شيء من احكام أهل البغي))(2)، وأمضوا أي: اذهبوا، وفي بعض النسخ (قفوا لما تنهون) عنه أي عند ما تنهون عنه وتبينت الشيء أي عرفته وصرت منه على يقين واوضحته، والغرض(3)النهي عن التعجيل في العمل بما زعموه حقاً حتى يعلموه يقينا أو حتى يوضحوا ويبينوا

ص: 296


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 263، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 339
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 263
3- (العرض) في أ

عقيدتهم عنده (عليه السلام) فيهديهم إلى الحق ويبين لهم وجه خطأهم، وفي بعض النسخ (تتبينوا)(1)بتائين والغير کعنب الاسم / ظ 228 / من قولك: غيرت الشيء فتغير، قال بعض الشارحين: ((أي ليست كعثمان أصر على ارتکاب ما نهی عنه، بل غير كل ما ینكره المسلمون، ويقتضي الحال والشرع تغييره))(2)والكلام على هذا في قوة الشرطية ولا يستدعي تحقق المقدم، وقال بعضهم: أي أن لنا مع كل أمر تنكرونه تغييرا أي: قوة على التغيير إن لم يكن في ذلك الأمر مصلحة في نفس الأمر وفائدة أمرهم بالتبيين عند استنکار أمر أنه يحتمل أن لا يكون ما استنكروه منكراً في نفس الأمر فيحكمون بكونه منكراً لعدم علمهم بوجهه ويتسرعون إلى انكاره بلسان أو يد فيقعون في الخطأ(3)، ويحتمل أن يكون المراد أن لنا مع كل أمر تنکرونه تغيراً أي ما يغير إنکارکم ويمنعكم عنه من الدلائل الواضحة فلا تعجلوا وأسئلوا حتى يتبين لكم الدليل على ما أمرناكم، ولعل كلمة (مع) أنسب بهذا المعنى وكذلك لفظة (کل) والله تعالى يعلم.

(أَلَا وَإِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَتَرْغَبُونَ فِيهَا وَأَصْبَحَتْ

تعضكم وَتُرْضِيكُمْ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَلَا مَنْزِلِكُمُ الَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ وَلَا الَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ أَلَا وَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَةٍ لَكُمْ وَلَا تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا وَهِيَ وَإِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا وَأَطْمَاعَهَا لِتَخْوِيفِهَا وَسَابِقُوا

ص: 297


1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 263، وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 339
2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 264
3- ينظر: وشرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 342

إِلَی الدَّارِ الَّتِي دُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَانْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا وَلَا يَخِنَّنَّ أَحَدُكُمْ خَنِینَ الْأَمَةِ عَلَى مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنْهَا) في ذكر اغضاب الدنيا توبيخ لأهلها بالدناءة بالرغبة في شيء لا يراعي حقهم كما قال (عليه السلام): رغبتك في زاهدٍ فيك ذل نفسٍ ذم لها بترك المراقبة لمن أحبها وغرور الدنيا بتزين الزخارف لأهلها واغفالهم من الفناء، وتحذيرها لما أراهم من الفناء وفراق الأحبة ونحو ذلك، والدار التي دُعي الناس إليها الجنة قال الله تعالى: «سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»(1)الخنين بالمعجمة ضرب من البكاء دون الانتحاب(2)وأصله خروج الصوت من الأنف، کالحنين بالمهملة من الفم، وهو شدة البكاء(3)، والتخصيص بالأمة؛ لان الخنين، أو الحنين في النساء لا سيما في الإماء أكثر وأشد إذ الأنفة تمنع الرجال والحرائر عن الجزع، وزوی أي قبض، وفي بعض النسخ (ما زوی عنه)(4)أي عن أحدكم وهو أظهر.

(وَاسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ أَلَا وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ دينكم شيء من دنياكم بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ دِينِكُمْ أَلَا وَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْءٌ حَافَظْتُمْ عَلَيْهِ

مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ أَخَذَ اللهُ بِقُلُوبِنَا وَقُلُوبِكُمْ إِلَی الْحَقِّ وَأَلْهَمَنَا وَإِيَّاكُمُ الصَّبْرَ) الصبر الحبس والصبر على الطاعة حبس النفس عليها قال الله تعالى: «وَاصْبِرْ

ص: 298


1- الحديد / 21
2- ينظر: العين، مادة (خن): 4 / 142
3- ينظر: لسان العرب، مادة (حنن): 13 / 129
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 9 / 263، وينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 340

نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ»(1)، ويحتمل أن يراد ضد الجزع أي الصبر على النوائب إطاعة لله ورضا بقضائه، والأول أظهر والصبر على الطاعة من الشكر الموجب للمزيد ويعبر عنه بالتمام.

[ومن كلامه (عليه السلام)] في معنى طلحة بن عبيد الله

(قَدْ كُنْتُ وَمَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ، وَلَا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ؛ وَأَنَا عَلَى مَا3 وَعَدَنِي رَبِّي مِنَ النَّصْرِ؛ وَاللهِ مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطَّلَبِ بِدَم عُثْمَانَ إلَّا خُوفاً / و229 / مِنْ أَنْ يُطَالَبَ بِدَمِهِ، لأنَّهُ مَظِنَّتُهُ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحْرِصُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ(2)بِمَا أَجْلَبَ فِيهِ لِيَلْبِسَ(3)الْأَمْرُ، وَيَقَعَ الشَّكُّ) المعنى ما يعني بالشيء ويراد أي [في المقصود المتعلق](4) بطلحة أو في بيان مقصودة [في الطلب](5)بدم عثمان والواو وفي وما اهدد للحال [وكان تامة أي خلقت](6)ووجدت وأنا على [هذه الحال والصفة](7)، ويحتمل أن (تكون)(8)زائدة و(تكون)(9)

ص: 299


1- الكهف / 28
2- (يخالط) في أ، وفي ر: (یعالط)، تصحيف
3- (ليلتبس) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 3، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 313
4- [في المقصود المتعلق] خرم في ن، وفي ر: (في المقصود المغلق)
5- [في الطلب] خرم في ن
6- [وكان تامة أي خلقت] خرم في ن
7- [هذه الحال والصفة] خرم في ن
8- (یکون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف
9- (یکون) في أ، ث، ر، ع، م، تصحيف

كان [ناقصة وخبرها](1)ما أهدد کما في المثل لقد كنت وما أخشى الذئب وتجرد للأمر أي جد فيه والظن يستعمل بمعنى اليقين قال الله عز وجل:«الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ»(2)قالوا، ومنه المظِنة بكسر الظاء للمعلم وهو حيث يعلم الشيء، (وقال ابن فارس: مظنة الشيء موضعه ومألفه)(3)وقيل: الموضع الذي يظن كونه فيه والمغالطة(4)الايقاع في الغلط واجلب القوم أي تجمعوا وتألبوا وليلبس الأمر بالنصب أي يخلط، وفي بعض النسخ (ليلتبس الأمر) بالرفع على الفاعلية أي ليشتبه القاتل بغيره ووقوع الشك کالتفسير لآتباس الأمر، ويحتمل أن يكون المراد بالشك الشبهة في الخروج لطلب الخلافة والسلطنة بالطلب بدم عثمان (وَوَاللهِ مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ: لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ يَزْعُمُ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ(5)، قَاتِلِيهِ أَوْ(6)يُنَابِذَ ناصريه ولئن كَانَ مُظْلُومَاً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يِكُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِینَ عَنْهُ، وَالمُعَذِّرِينَ فِيهِ، وَلئنْ كَانَ فِي شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ؛ لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِلَهُ، وَيَرْكُدَ جَانِباً، وَيَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ فَمَا فَعَل وَاحِدَةً مِنَ الثَّلَاثِ؛ وَجَاءَ بِأَمْرٍ لِمْ يُعْرَفْ بَابُهُ وَلَمْ تَسْلَمْ مَعَاذِيرُهُ) عفان کشداد علم الرجل ووازره أي حمل عنه ما حمل من الأثقال، والمراد بموازرة القاتلين المحاماة

ص: 300


1- [ناقصة وخبرها] خرم في ن
2- البقرة / 46
3- المصباح المنير: 2 / 387
4- (المخالطة) في أ، تحریف
5- (يوارز) في أ، ع، تصحيف
6- (وأن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 3، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 314

عنهم بعد قتل عثمان ونصرهم، ونابذت القوم أي خالفتهم ونابذتهم الحرب أي جاهرتهم بها وكاشفهم إياها، وفي بعض النسخ (وإن ينابذه ناصريه) ونهنهه عن الأمر أي كفه وزجره فتنهنه قيل: وأصله نهَّههُ وعذرته فيما صنع أي رفعت عنه اللوم، فهو معذور أي غير ملوم، والاسم (المعذرة) واعذرته لغة فيه واعذر أي أبدا عذراً وأحدث، والمراد بالمعذرين فيه من يأتي بالمعاذير من قبله ويصحح أفعاله، والخصلة: الحالة(1)ورَكَدَ كنَصَرَ أي سكن وثبت ولم يعرف بابه أي لم يعرف اولوا(2)الألباب، والعقول الصائبة وجهه، فيكون باطلاً كما يدل [ عليه عدم سلامته](3)معاذيره.

[ومن خطبةِ لَهُ (عَلَیهِ السَّلَام)]

[أيُهَا الغَافِلُونَ](4)غَیُرْ المَغْفُول عَنْهُمْ، والتَّارِكُونَ، [المَأخُوذُ مِنْهُمْ مَالِي أَرَاُكْم](5)عَنِ اللهِ ذَاهِبِین، وَإِلیَ [غَیِرْهِ رَاغِبِین!(6)كَأَنَّكُمْ](7) نَعمٌ أَرَاحَ بِهَا

ص: 301


1- ينظر: العين، مادة (خصل): 4 / 186
2- (الو) في ر، م، تحريف
3- [عليه عدم سلامته] خرم في ن
4- [ايها الغافلون] خرم في ن، [أيها الناس] في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 9، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 314
5- [المأخوذ منهم مالي أراكم] خرم في ن
6- (راضين) في ث، تحريف
7- [غيره راغبين كأنكم] خرم في ن

سَائِمٌ إلَی مَرْعىً وَبٍّيٍ وَمَشْرَبٍ دَوِيٍّ؛ إِنَّمَا(1)هي كَالمَعْلُوفَةِ للمُدَى؛(2)لَا تَعْرِفُ [مَاذَا يُرَادُ](3)بَها! إذَا أُحْسِنَ إلَيْهَا تْحَسِبُ(4)يَوْمهَا دَهْرَهَا، وشِبَعَهَا أَمْرَهَا) الظاهر أن الخطاب للمكلفين كافه وكونهم غافلين، أي عما يراد بهم ومنهم وغير مغفول عنهم، أي أن أعمالهم مكتوبة محفوظة، وتاركين أي لما أمروا به وما ينفعهم ومأخوذاً منهم، أي بانتقاص الأعمار والقوى واستلاب الأحباب والأموال والاولاد والذهاب عن الله التوجه الى غيره والأعراض عن جنابه تبارك وتعالى، والنعم بالتحريك جمع(5)لا واحد له من لفظه وأكثر ما يقع على الإبل، وقال أبو عبيد: النعم الجمال فقط ويؤنث ويذكر ويجمع على انعام ونُعمان بالضم(6)، (وقيل: النعم الإبل خاصة، والأنعام ذوات الخف والظلف وهي الإبل والبقر والغنم)(7)، وإن انفردت البقر والغنم لم تسم نعمًا، وقيل: / ظ 229 / النعم الإبل والشاء، والرواح المسير أي وقت كان من ليل أو نهار، وخصه بعضهم بما كان في آخر النهار، أو بعد الزوال ورده الأكثر(8)، ويقال: راحت الإبل إذا رجعت من المرعى، ولا يكون إلاَّ بالعشي(9)، وسامت الماشية

ص: 302


1- (وإنَّما) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، 10 / 9، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 314
2- (للمهدى) في م، تحريف
3- [ما ذا يراد] خرم في ن
4- (نحسب) في م، تصحيف
5- (جمع) في م، تصحيف
6- ينظر: المصباح المنير، (النعم): 2 / 613
7- المصباح المنير، (النعم): 2 / 614
8- (الكثر) في ر
9- ينظر: لسان العرب، مادة (راح): 2 / 464

من باب (قال) أي رعت بنفسها ويتعدى بالهمزة، فيقال: اسامها راعيها(1)، قيل: ولم يستعمل اسم المفعول من الرباعي، بل يقال: اسامها، فهي سائمة والراعي مسيم(2)، وقال بعض الشارحين: أي اراح بها راعيها(3)ولم نجده في كلامهم، قال: بعضهم: شبههم (عليه السلام) بالنعم التي تتبع(4)نعمًا أخرى سائمة أي راعية(5)؛ وإنما قال ذلك لأنها إذا اتبعت أمثالها كان أبلغ في ضرب المثل بجهلها من التي يسميها راعياً(6)، والوبي بالياء المشددة ذو(7)الوباء أي الطاعون أو كل مرض عام، وأصله الوبئ بالهمز والدوي ذو الداء، قال ابن الأثير(8): (وهو منسوب الى دوٍ من دوي بالكسر يدوي)(9)، وقال في القاموس: (الدواء(10)مثلثة: ما داويت به وبالقصر: المرض دوي دويٍ فهو دوٍ)(11)، وقال بعض الشارحين: الأصل في الدوي دوي بالتخفيف ولكنه شدده [للازدواج((12)، والمُدى بالضم جمع](13)مدية وهي السكين

ص: 303


1- ينظر: المصباح المنير، (سامت): 1 / 297
2- ينظر: المصدر نفسه، (سامت): 1 / 297
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 3 / 347، وفيه: (أراح...)
4- (يتبع) في أ، ر، ع، م، تصحيف
5- (راعيته) في ر، م، تصحيف
6- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 10. وفي ث: (راعيها)
7- (و) في ع
8- (الايثر) في أ، تصحيف
9- النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 143 وفي ر، م: (دوى)
10- (الداء) في ر، م، تحريف
11- القاموس المحيط، مادة (دنی): 4 / 329
12- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 10، وفيه: (الاصل في (دوٍ)...)
13- [للازدواج والمُدى بالضم جمع] خرم في ن

والشفرة والظاهر أن الشرط من تتمة السابق أي [إنما تحسب أن الاحسان اليها لإكرامها](1)كالذي أنعم الله عليه على وجه [الاستدراج](2)فيزعم أنه لارتفاع درجته، والدهر مدة الحياة والزمان [...](3)الطويل، والأبد الممدود [وتحسب يومها دهرها أي يظن(4)أن ذلك](5)العلف كما هو [حاصل لها في هذا اليوم حاصل](6)لها أبدا [أو](7)ان نظرها مقصور على يومها وتهتم به کما يهتم العاقل بمدة حياته وشبعها أمرها أي تظن انحصار أمرها وشأنها في الشِبع وهو كَعَنَب ضد الجوع (اللهِ(8)لَوْ شِئْتُ أن أُخْبَرِ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بمَخْرَجِهِ وَمَوْلِجهِ وَجَمِيعِ شَأْنِهِ لَفَعَلْتُ؛ وَلَكْن أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِيَّ بِرَسُولِ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ)(9)أَلاَ وَإنيّ مُفْضِيهِ إلیَ الخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمِنُ ذَلِكَ مِنْهُ. وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، واصْطَفَاهُ عَلَى الْخَلْقِ، مَا أَنْطِقُ إلَّا صَادِقاً) ولج كوعد أي دخل والغرض بيان الاطلاع على الأمور الغائبة بتعليم الله عز وجل كما قال (عليه السلام) وإنما هو تعلم من ذي علم والكفر فيه برسول الله (صلى الله عليه واله) الغلو في شأنه وتفضيله على رسول الله (صلى الله عليه واله) بل ادعاء

ص: 304


1- [إنما تحسب ان الاجسان اليها لاكرامها] خرم في ن
2- [الاستدراج] خرم في ن
3- [و] زائدة في ر
4- (يطن) في أ تصحيف
5- [وتحسب يومها دهرها أي فطن أن ذلك] خرم في ن
6- [حاصل لها في هذا اليوم حاصل] خرم في ن
7- [أو] ساقطة من م
8- (والله) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، 10 / 9، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 315
9- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد، 10 / 9

الربوبية فيه كما ذكره بعض الشارحين(1)، وقد ادعى طائفة فيه النبوة وإنه هو الرسول، ولكن الملك غلط فيه وطائفة إنه شريك الرسول (صلى الله عليه واله)، وادعى قوم فيه الحلول والاتحاد ومن أشعارهم من أبيات:

ومن أهلك عاد وثمود بدواهيه ٭٭٭ ومن كلم موسى فوق طور إذ يناديه

ومن قال على المنبر يوماً وهو راقيه ٭٭٭ سلوني أيها الناس فحاروا في معانيه

ومنها:

انما خالق الخلائق من زعزع ٭٭٭ أركان حصن خيبر جذباً

قد رضينا به اماماً ومولى ٭٭٭ وسجدنا له الهاً ورباً

ويحتمل أن يكون المراد كفرهم فيه (عليه السلام) باسناد التقصير الى رسول الله (صلى الله عليه واله) في اظهار شأنه وجلالته للناس، وقد روت الخاصة والعامة عن النبي (صلى الله عليه واله) إنه قال: (لولا أن تقول(2)فيك طوائف من أمتي ما قالته النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك كلاماً لا تمر بملأ من الناس إلاَّ اخذوا التراب(3)من تحت قدميك)(4)، وافضاءه الى الخاصة(5)أخبار من يؤمن منه التزلزل(6)ببعض الأمور [الغائبة

ص: 305


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 10
2- (يقول) في أ، ث، ر، ن
3- (الرباب) في م، تحريف
4- الاصول من الكافي، الكليني: 8 / 57
5- (الحاصة) في ر، تصحيف
6- (الزلزلة) في م، تحريف

وكثير من](1)ذلك مذكور في كتب السير والاخبار. (وَلَقَدْ عَهِدَ إلَيَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَبِمَهْلِكِ [مَنْ يَهْلِكَ وَمَنْجَي مَنْ يَنْجُو، وَمال](2)هَذَا الَأمْرِ؛ وَ [مَا أبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ](3) عَلىَ رَأسِي إِلاَّ أَفْرَغَهُ فِي أُذُنيَّ وَأَفْضىَ [بِهِ إلَيَّ. أَيَهُّا النَّاسُ؛ إِنيِّ](4)وَاللهِ مَا أَحُثُّكُمْ / و 230 / عَلَى طَاعَةٍ إِلَّا وَأَسْبِقُكُمْ إلَيْهَا، وَلَا أَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَةٍ إِلَّا وَأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا) العهد الى المرء في الشيء التقدم اليه فيه، والمهلك الهَلاك أو الموضع، والزمان وهو في بعض النسخ بفتح العين وفي بعض النسخ بالكسر وقد جاء هَلَكَ كضَرَبَ ومَنَعَ وعَلِمَ، والمراد بالهلاك أما الموت والقتل، أو الضلال والشقاء(5)وكذلك النجاة، والمراد بالأمر الخلافة، أو الدين وملك الاسلام وماله انتهاؤه بظهور القائم (عليه السلام) وما يكون في آخر الزمان، والافراغ في الاذن والافضاء كناية عن الاخبار والاعلام، وأذني في بعض النسخ على صيغة الافراد، وفي بعضها على صيغة التثنية وتشديد الياء(6)والحث التحريض(7)، وفي بعض النسخ لا أحثكم بدل ما احثكم واتناهى قبلكم عنها أي انتهي عنها واتركها، يقال: نهاه نهياً فانتهى وتناهى.

ص: 306


1- [الغائبة وكثير من] خرم في ن
2- [من يهلك ومنجي من ينجو ومال] خرم في ن
3- [ما أبقى شيئاً يمرُّ] خرم في ن
4- [به الي أيها الناس اني] خرم في ن
5- (الشقاء) في ع، تصحيف
6- (الباء) في ع، تصحيف
7- (التحريص) في أ، ث، ر، ن، تصحيف

[ومن خطبة له (علیه السلام)]

(انْتَفِعُوا بِبَيَانِ اللهِ؛ وَاتَّعِظُوا بِمَواعِظِ اللهِ، وَاقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللهِ؛ فإنَّ اللهَ قَدْ أَعْذْرَ إلْيِكُمْ بِالجَلِيَّةِ وَأَخَذَ(1)عَلَيْكُمُ الحجَّةَ؛ وَبَیَنَّ لَكُمْ مَحابَّةُ مِنَ الَأعْمالِ، وَمَكارِهَهُ؛ لِتَتَّبِعُوا(2)هَذِهِ وَتْجَتَنِبُوا هَذِهِ، فإنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَالهِ)(3)كانَ يَقُولُ: (حُفَّتْ الجَنَّةَ بِالمَكارِهِ، وَحُفَّتْ النَّارَ بِالشَّهَوَاتِ)(4)) الموعظة الاسم من الوعظ وهو تذكير ما يلين القلب من الثواب والعقاب وما فيه زجر وتخويف، والنصيحة إرادة الخير للمنصوح له، وأعذر اليكم أي أبان وأوضح عذره في عقابكم لو عصيتموه وخالفتم أوامره، وفيه تضمين معنى التوجه أي اعذر متوجهاً اليكم، والجلية الحجة الواضحة، أو المعذرة وتكون(5)الجلية بمعنى الخبر(6)اليقين، وفي بعض النسخ (واتخذ) موضع أخذ، ومحابة من الأعمال(7)أي م أحبه منها ومكارهه ما كرهه وهما مصدران بمعنى المفعول،

ص: 307


1- (واتخذ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 14، ونهج البلاغة، الصالح: 351
2- (منها لتتبعوا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 14، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 351
3- (صلى اللهُ عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 14
4- (إن الجنة حفت بالمكاره وإن النار حفت بالشهوات) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 14، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 316
5- (يكون) في أ، ث، ع، ر، م، تصحيف
6- (الخير) في ع، تصحيف
7- (الاعمى) في ر، تحريف

وحفه بالشيء أي أحاطه(1)به وحف القوم بالبيت أي أطافوا به فهم حافون واحاطة المكاره بالجنة كناية عن عدم امكان الوصول الى الجنة إلا(2)بتحمل ما كرهه النفس من المشاق كما أن اتباع الشهوات يقود الى النار، وفي بعض النسخ (إن الجنة حفَّت بالمكاره وإن النار [حفَّت](3)بالشهوات)، وفي بعض النسخ حجبت(4)موضع حفت في الفقرة الأولى أي المكاره حجاب بين الانسان والجنة لا يمكن الوصول اليها إلاَّ بعد هتك ذلك الحجاب، أو رفعه لا بارتكابها وتحملها دون الثانية، إذ لا يقال: حجب زيد عن الحبس؛ وإنما يقال فيما يراد نحو: حجب عن مأدبة الأمير (وَاعْلَمُوا أَنَّهُ ما مِنْ طاعَةِ اللهِ شَيْءٌ إلَّا [...](5)يَأتِي(6)فِي كُرَهٍ، وَما مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ شَيْءٌ إلَّا يَأتِي فِي شَهْوَةٍ فَرَحِمَ اللهُ رَجُلاً(7)نَزَعَ عَنْ شَهْوَتِهِ، وَقَمَعَ هَوَى نَفْسِهِ، فإِنَّ هَذِهِ النَّفْسَ أَبْعَدُ شْيَءٍ مَنْزعاً، وَإنَّها لَا تَزَالُ تَنْزِعُ إِلَی مَعْصِيَةٍ فِي هَوىً) في بعض النسخ (يُؤتي) في الموضعين بدل (يأتي) على صيغة المعلوم والوجه واضح، والنزع(8)في الأصل((الجذب والقلع))(9)وينزع فلان الى وطنه أي ينجذب ويميل الى الوطن لجذبه إياه والنزع عن الشيء قلع النفس عنه وجذبه الى غيره، والقَمْع القهر والهوى

ص: 308


1- (أحاط) في م، تحريف
2- (لا) في أ، ع، تحريف
3- [حفت] ساقطة من ر
4- (حجت) في ث، م، تحريف
5- [إلا] مكررة زائدة في أ، [أن] زائدة في ع
6- (بأتي) في ر، تصحيف، وفي ع: (لايأتي)
7- (امرأ) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 14
8- (النرع) في ث، تصحيف
9- مجمع البحرين: 4 / 396

إرادة النَفس، والمَنزع يحتمل المصدر والمكان (وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ أَنَّ المُؤمِنَ لَا يُمْسِيِ وَلَا يُصْبِحُ(1)إلاَّ وَنَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ، فَلاَ يَزَالُ زَارِياً عَلَيْها، وَمُسْتَزيداً لَهَا فَكُونُوا كَالسَّابِقِينَ قَبْلَكُمْ، وَالمَاضِینَ أَمَامَكُم؛ قُوِّضُوا(2)مِنَ الدُّنْيا تَقْوِيضَ(3)الرَّاحِلِ، وَطَوَوْها طَيَّ المَنازِلِ) الظنون كصبور البئر لا يدري أفيها ماء أَم لا، وقيل: القليلة الماء، والظنون من الديون الذي لا يدري أيقضيه أخذه أم لا، فعول بمعنى مفعول، والرجل الضعيف والقليل الحيلة والمراد أن المؤمن نفسه متهمة لديه دائماً لا يعتمد عليها ولا يتبعها، أو هي قليلة الحيلة عنده فيما يعينها ضعيفة عن القيام بما يراد منها وخلقت لأجله، وزرى عليه كرمى أي عابه وعاتبه / ظ 230 / والاستزادة طلب المزيد أي يطلب(4)منها المزيد في العبادة وإن أتى بقسط كامل منها قال الله عز وجل: «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ»(5)، والمراد بالسابقين الأبرار، وقوضت الخباء أي قلعته عن مكانه وأزلته أي قلعوا خيامهم عن الدنيا ولم يتخذوها موطناً بل جعلوها دار ممر ووطنوا(6)أنفسهم(7)على تركها، وطي المنازل قطعها (وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ، وَالْهَادِي الَّذِي لَا يَضِلُّ، وَالمُحَدِّثُ الَّذِي لَا يُكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ

ص: 309


1- (لا يصبح ولا يمسي) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 316
2- (فوضوا) في ع، تصحيف
3- (تقويض) في ر، تصحيف
4- (طلب) في أ
5- المؤمنون / 60
6- (وطئوا) في ر، تحريف
7- (نفوسهم) في ث

عَنْهُ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ؛ زِيَادَةٍ فِي هُدىً؛ وَنُقْصَانٍ(1)مِنْ عَمىً) غش كمد أي لم يمحض النصح ولم يرد(2)الخير(3)، وقيل: أي أظهر له خلاف ما أضمر(4)، ولم يطابق قلبه لسانه. والمحدث الذي ينقل الحديث وهو ما ينقل ويتحدث به ومجالسة القرآن قراءته والتدبر فيه أو مجالسة حملته والاستماع منهم واستفادة معانيه والزيادة في الهدى حصول تصديق يهتدي به، والنقصان في العمى أي الجهل زوال اعتقاد فاسد وهما متغايران والترديد لمنع الخلو، ويحتمل أن يكون (أو) بمعنى (الواو) كما ذهب إليه الكوفيون(5)، والأخفش(6)كقوله: (لنفسي تقاها، أو عليها فجورها)(7)، أو(8)يكون من عطف المرادف على المرادف، على ما ذهب إليه ابن مالكوجعل من ذلك قوله تعالى: «وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا»(9)، وفسر غيره [الخطيئة](10)بالصغيرة، أو ما كان لا

ص: 310


1- (أو) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 16، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 316
2- (برد) في ر، تصحيف
3- (الخبر) في ع، تصحيف
4- (أهمز) في م، تحريف
5- ينظر: مغني الللبيب: 1 / 85
6- (الاخفس) في أ، تصحيف
7- البيت لتوبة بن الحمير، وصدره: (وقد زعمت ليلى بأني فاجر) من البحر الطويل. الامالي: 1 / 88، وخزانة الادب: 11 / 73
8- (و) في ر، م
9- النساء / 112
10- [الخطيئة] ساقطة من ع

عن عمد(1)والإثم بالكبيرة(2)أو ما كان عن عمد(3).

(وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنَ مِنْ فَاقَةٍ؛ وَلَا لِأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى؛ فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لَأْوَائِكُمْ، فَإنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالْغَيُّ وَالضَّلَالُ فَاسْأَلُوا اللهَ بِهِ وَتَوَجَّهُوا

إِلَيْهِ بِحُبِّهِ، وَلَا تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إلَی اللهِ بِمِثْلِهِ) قال بعض الشارحين: المعنى ليس بعد نزول القرآن وبيانه الواضح للناس حاجة الى بيان حكم في إصلاح معاشهم ومعادهم ولا لأحد قبل نزوله من غنى: أي لا غنى للنفوس الجاهلة(4)والأدواء أدواء(5)الجهل، ويحتمل أن يكون المراد ليس بعد محافظته والعمل بما تضمنه من فاقه، ولا قبل الوصول إليه من غنی، ولعله كناية عن كون فقده أعظم(6)أنواع الفاقة ووجد [أنه](7)أكبر أنواع الغني، ومثله قولهم (عليهم السلام) في بعض الأدعية (الهي حاجتي حاجتي التي أن اعطيتنيها لم يضرني ما منعتني وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني اسألك فكاك رقبتي من النار)(8)واللأواء: (الشدة)(9) والاحتباس، أي: استعينوا بالقرآن في دفع شدائد الآخرة، أو الأعم منها ومن شدائد الدنيا

ص: 311


1- (عهد) في م، تحریف
2- (الكبيرة) في ع
3- ينظر: جامع البيان: 5 / 371، 372، والكشاف: 1 / 562، 563
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 355
5- (دواء) في أ، ع، تحریف
6- (أغطم) في ث، تصحيف
7- [انه] ساقطة من ر
8- الصحيفة الصادقية: 188
9- العين، مادة (لأي): 8 / 354

بقراءته للمطالب، والتماس الفرج ببركته، ولعل مفاد التعليل أنَّ فيه شفاء من سائر الأدواء بطريق أولى ولا تسئلوا به خلقه أي لا تجعوا تعلمكم للقرآن وتلاوته وسيلة الى القرب من المخلوقين ونيل الحطام (وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ

مُشَفَّعٌ وَقَائِلٌ مُصّدَّقٌ؛ وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ، وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدّقَ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَلَا إنَّ كُلَّ

حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ غَیْرَ(1)حَرَثَةِ الْقُرْآنِ. فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ[...](2)وَأَتْبَاعِهِ، وَاسْتَدِلُّوهُ عَلىَ رَبِّكُمْ، وَاسْتْنصِحُوهُ عَلىَ أَنْفُسِكُمْ، واتِهَّمُوا(3)عَلَيْهِ آرَاءِكُمْ؛ وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ) الشفاعة السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم، يقال: شَفَعَ كمَنَعَ فهو شافع وشفيع، والمُشفِع على صيغة الفاعل الذي يقبل الشفاعة، والمشفع الذي تقبل شفاعته ومحل بفلان كمَنَعَ کما في النسخ أي سعی به /و231 / الى السلطان، وقال: عنده ما يضره، والمراد من شهد عليه القرآن عند الله بسوء والحرث الكسب، وجمع المال، وإثارة الأرض للزراعة، وابتلاء كل حارث لحوق التبعة، والوبال أو مناقشة الحساب له بحرثه غير حرثه القرآن؛ لأنهم يغفر لهم سيئاتهم وتضاعف لهم حسناتهم، واستدلوه أي اتخذوه دلیلاً قائداً، واستنصحوه أي اطلبوا منه النصيحة واتخذوه ناصحاً، واقبلوا أوامره؛ فإنه لا يريد بكم إلاَّ الخير. واتهمه بكذا أي ظن به ما نسب إليه، واتهمه في قوله أي شك في صدقه أو ظن به

ص: 312


1- (غبر) في ر، تصحيف
2- [القران] زيادة في ن
3- (انهموا) في ر، تصحيف

الكذب، والإرءاء(1)في النسخ بهمزتين على الأصل، والغش ضد النصح من الغشش وهو (المشرب الكدر)(2)أي: إذا خالفت القرآن آراؤكم وأهواؤكم؛ فاجعلوها متهمه(3)مستغشه ولا تلتفتوا اليها (الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةِ، وَالِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ(4)، ثُمَّ الصَّبَرْ الصَّبَرْ، وَالْوَرَعَ الْوَرَعَ! إنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إلَی نِهَايَتِكُمْ، وَإنَّ لَكُمْ عَلَماً، فَاهْتَدُوا(5)بِعَلَمِكُمْ، وَإنَّ لِلإْسْلاَمِ غَايَةً، فَانْتَهُوا إِلَی غَايَتِهِ؛ وَاخْرُجُوا إِلَی اللهِ مِمَّا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ، وَبَیَّنَ لَكُمْ مِنْ. وَظَائِفِهِ، أَنَا شَاهِدُ لَكُمْ، وَحَجِيجُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ.) العمل وما يتلوه منصوب على الإغراء بفعل مقدر، أي: الزموا وراعوا ونهاية الشيء بالکسر آخره وعاقبته أي راقبوا خاتمة أعمالكم، وعاقبتها، والوَرَع بالتحريك: التقوى والكف عن المحارم، (وإن لكم نهاية) أي: جعل الله لأمركم عاقبة وهي الجنة والرضوان لو اطعتموه فاعملوا ما يوصلكم اليها، والعَلَم بالتحريك المنار والجبل يهتدي به، والمراد بالعلم نفسه (عليه السلام) أو الأعم منه، ومن الرسول والأئمة (عليهم السلام)، والمراد بالغاية النهاية السابقة، أو العمل؛ فإن المطلوب من المسلم العمل والطاعة واخرجوا إلى الله أي اخرجوا من حقوق الله متوجهين(6)وصائرين إليه، والوظيفة في الأصل ما يقدر لك في اليوم من طعام ونحوه، وكلما قدر من عمل وغيره فهو وظيفة،

ص: 313


1- (الاراء) في ر، م، تحریف
2- لسان العرب، مادة (غشش): 6 / 323
3- (منهمة) في ث، ر، تصحیف
4- (الاستقامة) طمس في ر
5- (واهتدوا) في ع
6- (موجهين) في أ، ع، تحریف

والمراد ما فرضه الله على عباده وقدره في الأيام والشهور من الصلاة والصيام وغير ذلك وشهادته (عليه السلام) لهم اشاره الى قوله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ»(1)، وقوله تعالى: «وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ»(2)، والحجيج مقيم الحجة أي الدليل والبرهان، أنا مقيم الحجة من قبلكم ومبين عذركم في أعمالكم وشفيع لكم أو مخاصم لمن ظلمكم من المعاندين والمخالفين (أَلَا وَإنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ وَقَعَ، وَالْقَضَاءَ [الْمَاضِيَ](3)قَدْ تَوَرَّدَ وَإِنِّي مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ اللهِ، وَحُجَّتِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعالى(4): «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا(5)تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ»(6). وَقَدْ قُلْتُّمْ؛ (رَبُّنَا اللهُ) فَاسْتَقِيمُوا عَلىَ كِتَابِهِ وَعَلىَ مِنْهَاجِ أَمْرِهِ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادَتِهِ، ثُمَّ لَا تَمْرُقُوا مِنْهَا، وَلَا تَبْتَدِعُوا فِيهَا(7)، فَإنَّ أَهْلَ الْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهِمْ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامةِ) القَدَر بالتحريك ما قضاه الله وحكم به من الأمور وهو مصدر قَدَرَ کضَرَبَ ونَصَرَ قدراً بالتحريك، وقد يسكن، وتقول: قدرت الأمر وقدرته بالتشديد إذا نظرت فيه ودبرته،

ص: 314


1- الإسراء / 71
2- القصص / 75
3- [الماضي] ساقطة من ع
4- (جلَّ ذكره) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 21
5- (أن لا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 21، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 318
6- فصلت / 30
7- (... ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 21، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 318

والقضاء الحكم والأحكام [و](1)الإمضاء، قيل: وأصله القطع والفصل، وقال الازهري: القضاء في اللغة على وجوه مرجعها الى انقطاع الشيء وتمامه وكلما أحكم عمله أو اتم(2)، أو ختم، أو أُدِي، أو أوجب، أو اعلم، أو انفذ، أو امضي، فقد قضي(3)، وقال ابن الاثير: (القضاء والقدر أمران متلازمان لا ينفك أحدهما [عن](4)الآخر؛ لأنَّ أحدهما بمنزلة الاساس وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء)(5)، وقد [ورد في الأخبار](6)الفرق بينهما(7)، وليس هذا المقام موضع تفصيله / ظ 231 /، والمراد بالسبق السبق في علم الله وكذا المضي أي [...](8)[قد وقع](9)ما تعلق به العلم الأزلي، ولعل المراد بالقدر السابق خلافته (عليه السلام)، قال بعض الشارحين: وروي أن هذه الخطبة من أوائل الخطب التي خطب بها أيام بويع بعد قتل عثمان(10)، وبالقضاء الماضي الفتن والحروب الواقعة في زمانه (عليه السلام) وبعده التي تدخل في الوجود شيئاً فشيئاً وهو المعبر عنه بالتورد، يقال: تورد الخيل البلدة أي دخلتها قليلاً قليلاً قطعته قطعة أو قتال الناكثين والقاسطين والمارقين

ص: 315


1- [و] ساقطة من أ، ع
2- (اثم) في ع، تصحيف
3- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (قضی): 9 / 211
4- [عن] طمس في ر
5- النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 78، وفيه: (فالقضاء)
6- [ورد في الاخبار] طمس في ر
7- ينظر: الفروق اللغوية: 38، 422
8- [و] زيادة في أ، ع
9- [قد وقع] طمس في ر
10- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 22، وفيه: (وهذه...)

الذي أخبر به الرسول (صلى الله عليه واله)، ويحتمل أن يكون المراد بالقدر السابق الساعة، وبالقضاء الماضي علاماتها من الفتن وغيرها، فيكون المراد بالوقوع القرب والدنو، والعدة الوعد والهاء عوض من(1)الواو(2)وعده الله ما وعد عباده في الآية وحجته ما يحتج به عليهم بعد الأمر والنهي والدعوة الى الاسلام کما اشار اليه (عليه السلام) بقوله: (وقد قلتم ربنا الله فاستقيموا)، أو المراد بالحجة ما يأمرهم به في الكلمات الاتية وكلما يبلغه الرسول (صلى الله عليه واله)، أو الإمام فهو مما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، أو المراد بها القرآن وما يستنبط منه، وفي بعض النسخ (جل ذكره) موضع (تعالى) و «الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ»(3)أي وحدوه وصدقوا(4)أنبياءه واستقاموا، أي على كتابه ومنهاج أمره وطاعته، (وروي محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستقامة، فقال: هي والله ما أنتم عليه)(5)، والمال واحد و «تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ»(6)، أي عند الموت، کما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وبَشِرَ بكذا كفَرِحَ وزناً ومعنى، ومنه أبشر بخير على صيغة الأفعال أي استبشر وسر، والمنهاج الطريق الواضح، ولا تمرقوا لا تخرجوا وزناً ومعنى، ومنه حديث الخوارج: ((يمرقون من

ص: 316


1- (عن) في ع، تحریف
2- ينظر: شرح شافية ابن الحاجب: 3 / 89
3- فصلت / 30، وفي أ، ع: (والدین)، تصحيف
4- (وصدفوا) في ر، تصحيف
5- مجمع البيان: 9 / 21
6- فصلت / 30

الدين مروق السهم من الرمية)، أي يخرقونه(1)ويتعدونه(2)کما يخرق السهم الشيء المرمي به ويخرج منه والضمير في منها راجع الى الطريقة الصالحة، أو الأمور المذكورة، وأهل المروق منقطع بهم أي هم مقطوعون عن الوصول الى المقصد بإغواء الشياطين ونفوسهم الأمارة بالسوء كمن قطع عليه الطريق والباء للتعدية. (ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَتَهْزِيعَ(3)الَأْخْلاَقِ وَتَصِرْفهَا(4)، وَاجْعَلُوا اللِّسَانَ وَاحِداً، وَليَختزن(5)الرَّجُلُ لِسَانَهُ؛ فَإنَّ هَذَا اللِّسَانَ جُمَوحٌ بِصَحابِهِ، وَاللهِ مَا أَرَى عَبْداً يَتَّقِي تقوى تَنْفَعُهُ حَتَّى يَخْتزن(6)لِسَانَهُ؛ وَإنَّ لِسانَ المُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ؛ وَإنَّ قَلْبَ المُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسانِهِ؛ لِأَنَّ المُؤْمِنَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ تَدَبَّرَهُ فِي نَفْسِهِ؛ فَإنْ كَانَ خَیْراً أَبْدَاهُ، وَإنْ كَانَ شَرّاً وَارَاهُ؛ وَإنْ المُنافِقَ يَتَكّلمُ بِما أَتى عَلَى لِسَانِهِ لَا يَدْرِي ماذَا لَهُ، وَماذَا عَلَيْهِ، وَلَقَدْ قالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاله)(7): ((لاَ(8)يَسْتَقِيمُ إيمانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ. فَمَنِ اسْتَطاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى اللهَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ نَقِيُّ الرَّاحَةِ

ص: 317


1- (يخرفونه) في أ، ع، تصحيف
2- (تبعدونه) في ر، م، تصحيف
3- (تهزيغ) في ع، تصحيف
4- (وتصريفها) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 23، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 318
5- (ليحترق) في ع، تحريف، و(ليخزن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، 1: / 23، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 318
6- (یخزن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 23، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 318
7- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 23
8- (ولا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 23

مِنْ دِماءِ المُسْلِمينَ وَأَمْوَالِهمْ، سَلِيمُ اللِّسانِ مِنْ أَعْراضِهِمْ(1)، فَلْيَفْعَلْ)) الهزيع طائفة من الليل نحو ثلثه أو ربعه(2)، وهزعت الشيء تهزيعاً أي كسرته وفرقته ودققته، والمهزع (المدق)(3)، قال بعض الشارحين: (تهزيع الاخلاق النفاق)(4)؛ لأن المنافق يغير(5)أخلاقه وينقلها من حال الى حال وهو معنى تصريفها إذ(6)المنافق لا يلزم خلقاً واحداً، بل يكون تارة كاذباً، وتارة غادراً وتارة وفياً ومع الظالمين ظالم ومع أهل العدل عادل، ولعل الغرض التحذير عن ترك الحق واستعمال الأخلاق في كل مقام وعند كل أحد بما يناسب المقام ويرتضيه المخاطب، ومن هذا شأنه كأنه کسر أخلاقه، وفرقها فاستعمل كل جزء(7)من كل خلق في مقام، وذلك من فروع النفاق وشعبه وتصرف الأخلاق تغيرها، وفي بعض النسخ (تصريفها) / و232 / على صيغة التفعيل والتحذير(8)على الأول من الأثر، وعلى الثاني من التأثير، واختزان اللسان حفظته کما يحفظ الإنسان ماله في الخزانة، يقال: خَزَنَ المال كنَصَرَ واختزنه إذا احرزه وحفظه، وجَمَحَّ الفرس براكبه کمَنَعَ جمُوحاً بالضم وجِماحاً بالكسر فهو جموح بالفتح إذا استعصى حتی اعتزه وغلبه، ولسان المؤمن [من](9)وراء قلبه أي

ص: 318


1- (أغراضهم) في ع، تصحيف
2- ينظر: الصحاح، مادة (هزع): 3 / 1306
3- المصدر نفسه، مادة (هزع): 3 / 1307، وفي ث: (الدق)
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 359
5- (تغير) في أ، ع، تصحيف
6- (إذا) في أ، ع
7- (جز) في أ، ث، ر
8- (التعذير) في م، تحریف
9- [من] ساقطة من ر، م

تابع لعقله وما اعتقده، كما أن قلب المنافق تابع للسانه فلا يقدر على حفظه، وإن كان اعتقاده على خلاف ما جرى على لسانه، وأبداه أي اظهره وواراه أي أخفاه، ولا يدري ماذا له وماذا عليه أي لا يبالي بالضرر في العاقبة ولا يتبع النفع، والنقي النظيف(1)، والراحة الكف، وعرض الرجل بالكسر جانب الرجل الذي يصونه من نفسه وحسبه إن ينتقص(2)ويسلب، وقيل: سواء كان في نفسه، أو سلفه، أو من يلزمه أمره، وقيل: موضع المدح والذم منه وما يفتخر به من حسب وشرف، ومن استطاع ذلك فليفعل أي ليبذل في ذلك مجهوده وليسع فيه بقدر طاقته. (وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ أَنَّ المُؤْمِنَ يَسْتَحِلُّ الْعَامَ ما اسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ، وَيُحرَّمُ الْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ؛ وَأَنَّ ما أحْدَثَ النَّاسُ لَا

يُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، وَلَكِن الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ) استحل الشيء أي اتخذ حلالاً وأول بالفتح صفه لعام، ولا يصرف ويحرم الشيء أي يجعله حراماً والمراد اعتقاد(3)حرمته والمراد أنَّ ما ثبت من طريق النص أو سنة الرسول (صلى الله عليه واله) لا يجوز أن ينقض بالاجتهاد والقياس ولا يجوز نسخ النص وتخصيصه بالاجتهاد والغرض(4)[من](5)بيان أنَّ ما أحدث الناس لا يحل شيئاً ردع الناس عما عودهم عثمان من التفضيل في العطاء ونحو ذلك من الأحداث وكذلك سائر الاهواء التي كانوا يتبعونها باجتهاداتهم الباطلة واقتداء بالضالين قبلهم. (فَقَدْ جَرَّبْتُمُ

ص: 319


1- (النطيف) في ر، تصحيف
2- (ينتقض) في أ، ع، تصحيف
3- (اعنقاد) في ر، تصحيف
4- (العرض) في ث، تصحيف
5- [من] ساقطة من ع

الْأُمُورَ وَضَرَّسْتُمُوهَا، وَوُعِظْتُمْ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَضُرِبَتْ الأمْثَالُ لَكُمْ، وَدُعِيتُمْ إلَی الأمْرِ الْوَاضِح، فَلَا يَصمُّ عَنْ ذَلِكَ إلاَّ أَصَمُّ وَلَا يَعْمَى عَن(1)ذَلِكَإلَّا(2)أَعْمَى. وَمَنْ لْمَ يَنْفَعْهُ اللهُ بِالْبَلاَء وَالتَّجَارِبِ، لْمَ يَنْتَفِعْ بِشْيَءٍ مِنَ الْعِظَةِ؛ وَأَتَاُه التَّقْصِیرُ مِنْ أَمَامِهِ؛ حَتَّى يَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ، وَيُنْكِرَ مَا عَرَفَ؛ فَإنَّ النَّاسَ رَجُلَانِ: مُتَّبِعٌ شِرْعَةً، وَمُبْتَدِعٌ بِدْعَةً؛ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الله(3)بُرْهَاُن سُنَّةٍ، وَلاَ ضِيَاءُ حُجَّة) جربت الأمر تجريباً أي اختبرته مرة بعد اخرى والاسم التجربة ورجل مُجرِّب على صيغة الفاعل أي عرف الأمور، ومُجرَّب على صيغة المفعول أي احكمته الأمور وضرَّستموّها بالتشديد أي جربتموها واحكمتموها، ويقال: ضَّرسته الحروب تضريسا أي جربته واحكمته، ورجل مُضرس ومُجرس ومُجرب بمعنی، ووعظتم بمن كان قبلكم أي أريتم واظهر لكم من أحوال الماضين ما فيه موضع العبرة والاتعاظ إن كنتم تنتفعون بالعبر، والمِثل في الأصل بمعنى النظير، يقال: مِثل ومُثل [ومَثيل](4)کشَبه وشُبه وشَبیه کما تقدم(5)، والمراد بالأمثال التي ضربها الله للناس كل حال، أو قصة، أو صفة لها شأن وغرابة بينها الله لعباده ليعتبروا بها والأمر الواضح الطريق الحق وقواعد الشريعة، أو مصير الأمر والجنة والوضوح بالآيات والأدلة ولا يضم عن ذلك الاَّصم، أي ينتفع(6)به ويعمل بمقتضاه إلاَّ من

ص: 320


1- (عن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 25
2- (ذلك إلا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 25
3- (من الله سبحانه) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 25
4- [ومثيل] ساقطة من ع
5- سبق ذكره في صحيفة: 3
6- (تنتفع) في ث، وفي ن: (ينفع)

بلغ الغاية في الجهل والضلال تقول ما يجهل هذا الأمر إلاَّ جاهل أي كامل الجهل والبلاء الاسم من بلاه الله بشر، أو خير وابتلاه أي امتحنه واختبره، وفي المقام يحتمل الشر والأعم، والعظة والوعظ واحد کالعدة والوعد والاسم الموعظة، وقال بعض الشارحين: ويحتمل أن يراد بالعظة(1)الموعظة(2)، وأتاه التقصير من أمامه أي أتاه التقصير جهاراً کالعدو الذي يأتي من غير خيفه ومراقبة، أو المراد أتاه من امامه ورأه عياناً وتيقن به لا على غفلة منه، وفي بعض النسخ النقص موضع التقصير ويعرف [ما أنكر](3)أي يتخيل فيما انکره ولم يعرفه انه عرفه سماه (عليه السلام) العرفان مجازا، وفي بعض النسخ وان الناس / ظ232 / [بالواو موضع الفاء](4)والشرِعة بالكسر [الدين کالشرع](5)والشريعة مأخوذ من الشريعة وهي مورد الناس [للاستقاء سميت](6)بذلك لوضوحها(7)[وظهورها والبدعة الاسم](8)من الابتداع کالرفعة من الارتفاع والعرض نفي الواسطة بين الأمرين حتى يظهر بطلان إتباع كل بدعة وذكر الحجة بعد السنة من التعميم بعد التخصيص، أو المراد بالحجة [غير السنة من](9) أفرادها وظاهر أن من ترك اتباع الشريعة ليست

ص: 321


1- (بالغطة) في ث، تصحيف
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني
3- [ما أنكر] خرم في ن
4- [بالواو موضع الفاء] خرم في ن
5- [الدین کالشرع] خرم في ن
6- [لاستقاء سمیت] خرم في ن
7- (لوضوعها) في م، تحریف
8- [وظهورها والبدعة الاسم] خرم في ن
9- [غير السنة من] طمس في ن

معه حجة أصلاً. (وَإنَّ(1)اللهَ سُبْحَانَهُ لْمَ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ؛ فَإنَّهُ حَبْلُ اللهِ المَتِینُ وَسَبَبُهُ الأمِینُ وَفِيهِ رَبيعُ الْقَلْبِ وَيَنَابيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جَلَاءٌ غَیْرُهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ المُتَذَكِّرُونَ، وَبَقِيَ النَّاسُونَ و(2)المُتَنَاسُونَ، فَإذَا رَأَيْتُمْ خَیْراً فَأَعِينُوا عَلَيْهِ؛ وَإذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاْذهَبُوا عَنْهُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاله)(3)كَانَ يَقُولُ: يَا ابْنَ(4)آدَمَ، اعْمَلِ الْخَیْرَ، وَدَعِ الشَّر؛ فَإذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ) وفي بعض النسخ (فإنَّ الله) بالفاء فلعله تعليل لقوله (عليه السلام) وعظم الى آخره، [و](5)السبب في الأصل هو الحبل الذي يتوصل [به](6)الى الماء ثم استعير لكل ما يتوصل به الى الشيء، قال الله تعالى: «وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ»(7)أي الوصل والمودات کما قيل: ومَتُنَّ الشيء بالضم متانة اشتد وقوي، والأمين المأمون الذي لا يخاف عليه الانفصام والانقطاع، والجِلاء بالكسر مصدر جلوت السيف ونحوه أي كشفت صداءه والحصر على أن أصل العلوم الجالية للقلب في القرآن على ما ذكره بعض الشارحين(8)، أو لأن المراد بالجلاء ليس [مطلق العلم والاهتداء](9)بل

ص: 322


1- (فإن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 26
2- (أو) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 26، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 320
3- (صلى الله عليه وسلم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 26
4- (یابن) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 26، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 320
5- [و] ساقطة من أ، ث، ع
6- [به] ساقطة من ث
7- البقرة / 166
8- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 26
9- [مطلق العلم والاهتداء] خرم في ن، وفي ث: (مطلبق) تحریف

معنی(1)لا يحصل إلا من القرآن هو (عليه السلام) أعرف به أو لأن المراد [بالجلاء الفرد الكامل](2)منه فالتنوين للتعظيم لا للتنكير) والمتناسي الذي أرى من نفسه أنه نسي أي الذين(3)يتكلفون الجهل والغفلة للأغراض الدنياوية، والأهواء الباطلة أي الباقون بعضهم كذا [وبعضهم كذا](4)، وفي بعض النسخ (أو المتناسون) بكلمة، أو موضع الواو أي المعلوم من حالهم أحد الأمرين، أو المراد الترديد على سبيل التقسيم وكون المراد أنَّ الجميع أما كذا وإما كذا بعيد، وقال بعض الشارحين(5): (وروي [الناسون](6)المتناسون بدون الواو، ولعل المعنى الناسون لبعض الأحكام المتناسون في بعضها، ولعل النسيان هاهنا يشمل مطلق الجهل ثم إنَّ قوله (عليه السلام) مع أنه يحتمل أن يتعلق بالجمل السابقة وأن يكون المراد أنَّ هذا الذي ذكر من أنَّ في القرآن ربيع القلب وينابيع العلم وإنه يجلو القلوب من أن المتذكرين للقرآن التالين(7)له حق تلاوته قد ذهبوا ومن بقي من الناس لا ينتفع به كما ينبغي فكيف لو [كانوا يتذكرونهم ويعملون](8)بما فيه والظاهر انه ليس متعلقاً

ص: 323


1- (يعني) في م، تحریف
2- [بالجلاء الفرد الكامل] خرم في ن
3- (الدين) في ر، تصحيف
4- [وبعضهم كذا] خرم في ن
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 27
6- [الناسون] ساقطة من م
7- (القايلين) في م، تحریف
8- [كانوا يتذكرونهم ويعملون] خرم في ن

[بالحكم السلبي(1)في قوله](2)(عليه السلام) وما للقلب جلاء [غيره ويحتمل أن يكون اشارة](3)الى ما يدل عليه كثير من أخبارنا [من تطرق](4)الحذف وبعض أنواع التغير الى [القرآن وقد اجمع](5)الاصحاب على انه لم يتطرق إليه الزيادة فالمعنى أنَّ هذا الانتفاع الذي ذكر بالقرآن مع أنه ليس في القرآن الذي بين الناس جميع ما انزل على وجهه، والتالون له في هذا العصر أما الجاهلون به أو المحرفون له للأغراض الفاسدة وقد انكر قوم من أصحابنا ومنهم السيد الأجل المرتضى (قدس الله روحه) تطرق التغيير إليه مطلقاً، وتفصيل القول في ذلك وما ظفرنا به من الأخبار في شرح الخطبة الشقشقية من كتاب حدائق الحقائق(6)، ويحتمل أن يتعلق بقوله (عليه السلام) لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن أي قد وعظ الله بأبلغ المواعظ، وقد ذهب المتذكرون له وبقي من نسيه أو تناساه، فالمفاد توبیخ الباقين بتركهم التذكر لأبلغ المواعظ المشتمل على الفوائد المذكورة والله تعالى يعلم والذهاب عن الشر ترکه والانكار له على وجه المقرر في الشريعة. والجواد الفرس السابق الجيد، والقاصد الراشد غير المجاوز/ و333 / للحد لا سريع يتعب بسرعته ولا بطيء يفوت الغرض ببطؤه (أَلَا وَإنَّ الظُّلْمَ ثَلاثةٌ: فَظُلْمٌ لَا يُغْفَرُ، وَظُلْمٌ لَا

يُتْرَكُ، وَظُلْمٌ مَغْفُورٌ لَا يُطْلَبُ، فَأَماّ الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ؛ فَالشِّرِكُ بِاللهِ، قَالَ اللهُ

ص: 324


1- (السلبتي) في أ
2- [بالحكم السلبي في قوله] خرم في ن
3- [غيره ويحتمل أن يكون اشارة] خرم في ن
4- [من تطرق] خرم في ن
5- [القرآن وقد اجمع] خرم في ن
6- ينظر: مخطوط حدائق الحقائق: 334

سُبْحَانَهُ(1): «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ»(2)، وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يُغْفَرُ، فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسِهُ عِنْدَ بَعْضِ الْهَنَاتِ، وَأَمَّا الْظُّلْمُ الَّذِي لَا يُتْرَكُ، فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً. الْقِصَاصُ هُنَاكَ شَدِيدٌ، لَيْسَ [هُوَ](3)جَرْحاً بِالمُدَى، وَلاَ ضْرَباً بِالسِّيِاطِ؛ وَلَكِنَّهُ مَا يُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَهُ. فَإيَّاُكْم وَالتَّلَوُّنَ فِي دِينِ [اللهِ؛ فإنَّ](4)جَمَاعَةً فِيمَا تَكْرَهُونَ مِنَ الْحَقِّ خَیْرٌ مِنَ فُرْقَةٍ فِيما تُحِبُّونَ مِنَ الْبَاطِلِ؛ وَإنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُعْطِ أَحَداً بِفُرْقَةٍ خَیْراً مِمَّنْ مَضى، وَلَا مِمَّن بَقِيَ) عدم المغفرة في الأول مشروط [بعدم التوبة أو بكون الارتداد عن](5)فطرة بناء على عدم قبول التوبة [فيما بينه وبين الله عز وجل](6)وكون [المراد بعدم المغفرة عدم سقوط](7)القتل بعيد، والهنات جمع هنةٍ وأصلها [هنوة](8)أي شيء يسير والمراد أما الصغائر قال [الله عز وجل](9): «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ»(10)، فالمغفرة بشرط ذلك الاجتناب، أو التوبة أو الشفاعة وأما الأعم ببعض الشروط، ولا يترك أي يقتص للمظلوم من الظالم وبعضهم في بعض النسخ

ص: 325


1- (تعالى) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 27، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 320
2- النساء / 48
3- [هو] خرم في ن
4- [الله فإنَّ] خرم في ن
5- [بعدم التوبة أو يكون الارتداد عن] خرم في ن
6- [فيما بينه وبين الله عز وجل] خرم في ن
7- [المراد بعدم المغفرة عدم سقوط] خرم في ن
8- [هنوة] خرم في ن
9- [الله عز وجل] خرم في ن
10- النساء / 31. وفي أ، ع: (ان يجتنبوا)، وفي ع: (فكفر)، تصحيف

بالجر حملا للبدل على اللفظ، وفي بعضها بالرفع حملا [على](1)المحل، والجُرح في بعض النسخ بالضم وفي بعضها بالفتح، والمدى جمع مُدية بالضم فيهما وهي السكين والشفرة، والسياط جمع سوط سمي به؛ لأنَّه يخلط اللحم بالدم وأصله أن تخلط شيئين في إنائك ثم تضربهما بيدك حتى يختلطا ويستصغر أي يعد صغيرا، وتلون فلان أي اختلفت أخلاقه كأنه يقبل كل حين لوناً، قال بعض الشارحين: کنی به (عليه السلام) عن منافقة بعضهم لبعض، فإنَّ ذلك يستلزم الفرقة(2)، ويحتمل أن يراد به العمل بالآراء، واستلزامه للتفرق واضح، أو اتباع الأهواء وهو أنسب بقوله (عليه السلام) فيما تحبون، والفُرقة بالضم الاسم من افترق القوم (وان الله سبحانه لم يعطِ احداً خيراً) أي في الدنيا، أو لا في الدنيا ولا في الآخرة (يَا أيُّهَا النَّاسُ، طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيِبَهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ! وَطُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ، وَأَكَلَ قُوتَهُ، وَاشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِهِ، وَبَكى عَلَى خَطِيئَتِهِ، فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فَي شُغُلٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ) طوبی قيل: فعلى من الطيب أي العيش الطيب فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واواً(3)، وقيل: طوبى لهم أي حسنی، وقيل: خير لهم، وقيل: (الجنة بالهندية)(4)، وقيل: (اسم شجرة في الجنة)(5)

ص: 326


1- [على] ساقطة من ر
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 364، وفيه: (وکنی عن طائفة...)
3- (ياء الواو) في ر، وفي م: (الواو ياء)
4- تفسير الرازي: 19 / 51
5- العين، مادة (طاب): 7 / 461، ومفردات الفاظ القرآن: 528، والقاموس المحيط، مادة (طاب): 1 / 98، والجواهر الحسان في تفسير القرآن: 3 / 369

وهو الذي تدل(1)عليه الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، وفي بعضها أنها في دار علي (عليه السلام) وفي دار كل مؤمن منها غصن، وفي بعضها أنها في دار النبي (صلى الله عليه واله)، وروي عن موسی [بن جعفر عليهما السلام](2)عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) أنه سئل رسول الله (صلى الله عليه واله) عن طوبی فقال: شجرة أصلها في [داري وفرعها على أهل الجنة](3)ثم [سُئل عنها مرة أخرى فقال](4): في دار علي [عليه السلام](5)، فقيل له في ذلك [فقال: إن داري ودار علي في الجنة بمكان واحد](6)وشغله [عيبه عن عيوب الناس أي](7)اهتم بأمر نفسه والنظر في عيوبه [فكف عن تتبع عيوب الناس وعثراتهم](8)وعن اغتيابهم وكشف عوراتهم، ولزم بيته كعلم أي لم يفارقه، ولعل المراد ترك [الخروج لإثارة الفتن وتهيج](9)الشرور کما يشعر به قوله (عليه السلام) والناس منه في راحةٍ وحضور مجالس الظلمة إلاَّ لغرض شرعي، وكذلك موائدهم وموائد أرباب الدنيا وطلب [الفضول](10)ونحو ذلك لا ترك الخروج للجهاد

ص: 327


1- (یدل) في أ، ث، ر، ع، م، ن، تصحيف
2- [بن جعفر عليهما السلام] خرم في ن
3- [داري وفرعها على أهل الجنة] خرم في ن
4- [سُئل عنها مرة أخرى فقال] خرم في ن
5- [عليه السلام] ساقطة من أ، ث، ع، ن
6- [فقال: إن داري ودار علي في الجنة بمكان واحد] خرم في ن
7- [عيبه عن عيوب الناس أي] خرم في ن
8- [فكف عن تتبع عيوب الناس وعثراتهم] خرم في ن
9- [الخروج لإثارة الفتن وتهیج] خرم في ن
10- [الفضول] خرم في ن

والحج مع استكمال الشروط وكذلك الجمعة، والجماعة وعيادة المرضى والصلاة على الأموات وقضاء حوائج / ظ 333 / الأخوان، وزيارة الأقارب وسائر المؤمنين ونحو ذلك، وليس المراد مدح العزلة مطلقاً كما زعمه بعض المتصوفة، وكذلك لا يحمل على العموم ما يدل على الحث على المخالطة، وليس المراد أفضلية العزلة مطلقاً بالنسبة الى بعض الناس کما توهم، فإنَّ ذلك يؤدي الى سقوط كثير من التكاليف ومن الله العصمة والتأييد.

[ومن كلام له (عليه السلام)] في معنى الحكمين

(فَأَجْمَعَ رَأْيُ مَلَئكُمْ عَلَى أَنِ اخْتارُوا رَجُلَیْنِ فَأَخَذْنَا عَلَيْهِما أَنْ يُجَعْجِعا عِنْدَ الْقُرْآنِ، وَلَا يُجاوِزَاهُ، وَتَكُونَ أَلْسِنَتُهُما مَعَهُ وَقُلُوبُهُما تَبَعَهُ، فَتاها عَنْهُ وَتَرَكَا الحَقَّ وَهُما يُبْصِرَانِهِ وَكانَ الجَوْرُ هواهما وَالاعْوِجاجُ رَأْيَهُمْا(1)؛ وَقَدْ سَبَقَ اسْتِثَناؤُنا عَلَيْهما فِي الحُكْمِ بِالْعَدْلِ وَالْعَمَلِ بِالحَقِّ سُوءَ رَأْيِهِما، وَجَوْرَ حُكْمِهما، والثِّقَةُ(2)فِي أَيْدِينا لِأَنْفُسِنا، حِینَ خالَفا سَبِيلَ الحَقِّ، وَأَتَيا بِما لَا يُعْرَفُ مِنْ مَعْكُوسِ الحُكْم) في معنى الحكمين أي في المقصد المتعلق بهما كما تقدم والاجماع الاتفاق والعزم على الامر، والمَلأ بالتحريك الجماعة، ويجعجعا عند القرآن أي يقيما عنده، يقال: جَعَجَعَ القوم إذا اناخوا بالجعجاع وهي الأرض، والجعجاع [...](3)أيضاً (الموضع الضيق الخشن)(4)والتبع محركة التابع يكون

ص: 328


1- (دأبهما) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 44، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 321
2- (الثفة) في ر، تصحيف
3- [وهي] زائدة في ع
4- الصحاح، مادة (جعجع): 3 / 1196

واحداً وجمعاً ويجمع على اتباع وتاه يتيه تيهاً إذا ضل، ويكون بمعنی تحیر والهوى إرادة النفس، وفي بعض النسخ (دأبهما) موضع (رأيهما) واستثناؤنا فاعل قوله (عليه السلام) سبق ومفعوله سوء، أي الاستثناء سابق على رأيهما الباطل وجورهما في الحكم، فلا عبرة بحكمهما، والجور نقيض العدل والميل والضلال والثقة ما يعتمد عليه وهو في الأصل مصدر قولك: وثِقت به أثِق بالكسر فيهما(1)إذا ائتمنته أي نحن على برهان من أمرنا لا يجب علينا اتباع حكمهما للعلم ببطلانه، وما لا يعرف أي ينكر ولا [يصدق به والمعكوس المقلوب](2).

[ومن خطبة له (عليه السلام)]

(لَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ، وَلَا يُغَیِّرُهُ زَمَانٌ، [وَلَا يَحْوِيهِ مَكَانٌ وَلَا يَصِفُهُ](3)لِسَانٌ، لَا(4)يَعْزُبُ(5)عَنْهُ قَطْرِ(6)المَاءِ، وَلَا نُجُومَ السَّمَاءِ، وَلَا سَوَافِي الرِّيحِ فِي الهَوَاءِ، وَلَا دَبِيبُ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا، وَلَا مَقِيلُ الذَّرِّ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاء. يَعْلَمُ مَسَاقِطَ الْأَوْرَاقِ، وَخَفِيَّ طَرْفِ الْأَحْدَاقِ) الشأن الخطب والأمر ولا يصفه لسان أي وصفاً لائقاً بعز جلاله، أو لا يصفه بکنه حقیقته لعدم احاطة العلم بکنهه.

ص: 329


1- [بالكسر فيهما] ساقطة من ر
2- [ولا يصدق به والمعكوس المقلوب] خرم في ن
3- [ولا يحويه مكان ولا يصفه] خرم في ن
4- (ولا) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 321
5- (يغرب) في ث، ر، م، تصحيف
6- (عدد قطر) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 46، نهج البلاغة، صبحي الصالح: 322

وعَزَبَ(1)كنَصَرَ وضَرَبَ أي غاب وخفي، وفي بعض النسخ (ولا يعزب(2)) بالواو، والقَطر بالفتح (المطر)(3)الواحدة قطرة كتمر وتمرة، وفي بعض النسخ (عدد قطر الماء) وسفت الريح التراب والورق واليبس سفوا أي حملت و ذرت، والسافي (والسافياء(4): ريح تحمل تراباً كثيراً عن(5)وجهه الأرض تهجمه على الناس)(6)، والتراب الذي تحمله الريح أيضاً ساف أي مسفي کماء دافق، ودَبَّ النمل كفر دبيباً أي مشي على هينه(7)والصفي مقصوراً الصخر(8)الأملس(9)، والتخصيص بالصفى لعدم التأثر بالدبيب [كالتراب إذ يمكن في التراب ونحوه ان يعلم](10)الدبيب بالأثر، والمقيل في الأصل القيلولة، أو موضعها وهي النومة [نصف النهار، والذر صغار النمل](11)والواحدة ذرة(12)، قيل: ومائة منها فإنه زنة حبة شعير(13)، ومقيل الذر

ص: 330


1- (غرب) في ث، ر، م، تصحيف
2- (يغرب) في ث، م، تصحيف
3- الصحاح، مادة (قطر): 2 / 795
4- (السافياه) في م، تحریف
5- (على) في ر، م، تحریف
6- العين، مادة (شفی): 7 / 310
7- (هيئته) في ر، تحریف
8- (الصحر) في ث، تصحيف
9- ينظر: تهذيب اللغة، مادة (صفا): 12 / 248، وفي م: (الاماس)، تحریف
10- [كالتراب إذ يمكن في التراب ونحوه ان يعلم] طمس في ن
11- [نصف النهار والذر صغار النمل] طمس في ن
12- ينظر: معجم مقاییس اللغة، مادة (ذر): 2/ 343
13- ينظر: القاموس المحيط، مادة (ذر): 2 / 34

نومها، أو موضعه والظلاء والظلام بالفتح ذهاب [النور، وليلة ظلماء شديدة الظلمة](1)ومساقط الأوراق مواضع سقوطها من الأرض، ويحتمل المصدر [والطَرف بالفتح تحريك الجفون في النظر](2)، يقال: شخص بصره فما يطرف، والأحداق جمع حدقة بالتحريك وهي سواد العين وإضافة الطرف إليها لأنها الأصل في النظر (وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلهَ إلَّا اللهُ غَیْرَ مَعْدُولٍ بِهِ، وَلَا مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَلَا مَكْفُورٍ دِينُهُ، وَلَ مَجْحُودٍ تَكْوِينُهُ / و334 / شَهَادَةَ مَنْ صَدَقَتْ نِيَّتُهُ، وَصَفَتْ ذخلته وَخَلَصَ يَقِينُهُ وَثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) عدل بالله أي جعل له مثلاً وعديلاً وقد مرَّ في كلامه (عليه السلام) (كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم)(3)، وكَفَرَ الشيء كنَصَرَ أي غطاه وستره وهو أصل الباب، ويقال للفلاح: کافر لأنه يكفر البذر أي يستره(4)، قالوا: والكفر على أربعة [انحاء كفر انکار](5)بأن لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به، وكفر جحود ککفر ابليس يعرف الله بقلبه ولا يقر [بلسانه وكفر عناد](6)وهو أن يعرف [بقلبه ويعترف(7)بلسانه](8)ولا يدين به حسداً وبغياً ككفر أبي جهل وإضرابه، وكفر نفاق وهو أن يقر بلسانه ولا يعتقد [بقلبه](9)، والجحود الإنكار مع العلم ودخلة الرجل بالكسر والضم

ص: 331


1- [النور وليلة ظلماء شديدة الظلمة] طمس في ن
2- [والطرف فتح تحريك الجفون في النظر] طمس في ن
3- ينظر: صحيفة 197
4- ينظر: لسان العرب، مادة (كفر): 5 / 146
5- [انحاء کفر انکار] خرم في ن
6- [بلسانه وكفر عناد] خرم في ن
7- (یعرف) في ع، تحریف
8- [بقلبه ويعترف بلسانه] خرم في ن
9- [بقلبه] خرم في ن

ويوجدان في النسخ باطن أمره، وثقل الميزان بخلوص الشهادة، وحسن الأعمال، والجمع باعتبار تعدد الوزن، وقد يراد بالميزان المقدار فالوجه واضح. (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولَهُ، المُجْتَبَى مِنْ خَلَائِقِهِ، وَالمُعْتَامُ لِشَرْحِ

حَقَائِقِهِ، وَالمُخْتَصُّ بِعَقَائِلِ كَرَامَاتِهِ، وَالمُصْطَفَى لِكَرَائِمِ رِسَالَاتِهِ، وَالمُوَضَّحَةُ بِهِ أَشْرَاُط الْهُدَى، وَالمَجْلُوُّ بِةِ غِرْبِيبُ(1) الْعَمَى) الاجتباء الاختيار(2)، (والعِيمة بالكسر: خيار المال)(3) واعتام أي أخذها وهو يؤول إلى الاختيار، وشرح حقائقه أي إيضاح ما خفي من حقائق توحيده وعدله وشرائعه، والعقيلة الكريمة من كل شيء(4)، وعقائل الكرامات أنفسها وأَشَرْاط الساعة علاماتها واحدتها شرط بالتحريك، وبها سمیت شرط السلطان؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها هكذا، قال أبو عبيد، وحكي عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير، وقال: أشراط الساعة: ما ينكره الناس من صغار أمورها قبل أن تقوم الساعة وشرط السلطان نخبة(5)أصحابه [الذين يقدمهم](6)على غيرهم من جنده(7)، والاشراط من الاضداد(8)يقع على الأشراف والأرذال، [والغربيب الاسود الحالك الشديد السواد أي المكشوف](9)) (المكشوف به

ص: 332


1- (عزبيب) في ر، ع، م، تصحيف
2- [الاختيار] ساقطة من ر
3- الصحاح، مادة (عيم): 5 / 1995
4- ينظر: لسان العرب، مادة (عقل): 11 / 463
5- (نجبة) في م، تصحيف
6- [الذين يقدمهم] خرم في ن
7- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 460
8- ينظر: ثلاث كتب في الاضداد: 234
9- [والغربيب الاسود الحالك الشديد السواد أي] خرم في ن

ظلم الضلال (أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ الدُّنْيَا تَغُرُّ(1)المُؤَمِّلَ لَهَا، وَالمُخْلِدَ إِلَيْهَا، وَلاَ تَنْفَسُ [بِمَنْ نافَسَ فِيها، وَتَغْلِبُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهَا. وَايْمُ](2)اللهِ ما كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَيْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلاَّ بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوها؛ لأنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ حِینَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ، وَتَزُولُ عَنْهُمُ النَّعم، فَزِعُوا إِلَی رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ، وَوَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شارِدٍ، [وَأَصْلَحَ لَهُمْ كَلَّ فَاسِدٍ](3)) اخلد إلى الشيء أي ركن إليه ومال ولزمه ونفس بالشيء کعلم أي بخل والمنافسة الرغبة في الشيء [النفيس و](4)الانفراد به، وقيل: الرغبة فيه على وجه المباراة في الكرم والمعنى أنَّ الدنيا لا تبخل(5)، ولا يضن ممن رغب فيها وأحبها، بل تتركه ولا تراعي حقه، وفي بعض النسخ (ولا تنفس) على صيغة التفعيل أي: لا تفرج الكرب، والباء بمعنى (عن) وتغلب من غلب عليها أي من أخذها بالغلبة وملكها فعن قریب تقهره وتهلکه، والحاصل أن الدنيا تعاملكم معاملة الأعداء فلا تكونوا من المحبين لها، والغَض(6)بالفتح الطري الناضر، والطلع الناعم، وغض نعمة أي نعمة طرية ناضرة والعيش الحياة وما یعاش به من المأكل والمشرب وما تكون به الحياة، واجترحوها أي اكتسبوها وأصله الاكتساب بالجوارح أي الاعضاء، ويقال: کواسب الطير والسباع جوارح؛ لأنها تكسب بيدها، وفي الكلام إشارة إلى

ص: 333


1- (تعز) في أ، ع، تصحيف
2- [بمن نافس فيها وتغلب من غلب عليها وایم] طمس في ن
3- [وأصلح لهم كل فاسدٍ] طمس في ن
4- [النفيس و] طمس في ن
5- (يبخل) في أ، تصحیف، وفي ث: (بخل) تحریف
6- (الغص) في م، تصحيف

قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»(1)وقوله عز وجل: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»(2)، ولما كان افاضه النعمة على القوم بالاستحقاق، أو استعاد التفضل كان سلبها من الجواد المطلق عنهم من غير ذنب في عداد الظلم ظ 334 / فلذا علل بنفي الظلم، وأما المبالغة فأما لأنه لو فعل ذلك بقوم لفعل بعباده قاطبة؛ لأنَّ حكمه في الجميع واحد، فيكون ظلاماً كثير الظلم، وأما لأنَّ كثرة القوم يقتضي(3)كثرة الظلم کما قيل في قوله تعالى: «[وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ](4)»(5)أن المبالغة لكثرة العبيد، وأما لأنَّ سلب النعمة عن قوم بعد تعويدهم بها من [غير ذنب ظلم شديد](6)، ولعل الحكم مخصوص(7)بما إذا كان سلب النعمة للتعذيب كما هو الأغلب لا لنوع من اللطف واقتضاء المصلحة التعويض في الاخرة، ويمكن حمل الكلام على العموم وأن يكون المراد [عدم الوقوع بالنسبة إلى قوم](8)لا نفي الجواز والله تعالى يعلم، وفزعوا إلى ربهم كفرحوا أي استغاثوا، والوله بالتحريك الحزن وذهاب [العقل](9)من فرح أو حزن والحيرة والخوف، والمراد

ص: 334


1- الرعد / 11
2- الانفال / 53
3- (تقتضي) في أ، تصحيف
4- [وإن الله] خرم في ن
5- ال عمران / 182
6- [غير ذنب ظلم شدید] خرم في ن
7- (مخصوص) في ث، وفي ع: (محضوص) تصحيف
8- [عدم الوقوع بالنسبة الى قوم] خرم في ن
9- [العقل خرم في ن]

الاخلاص والتوجه التام بالقلوب حتى كأنَّ العقول قد زالت من الخوف وبقيت الحيرة، وشرد البعير كنصر أي نفر وند، والشارد الذاهب الزائل، وإصلاح الفاسد هو رد الشارد، أو التوفيق للأعمال الصالحة بعد اكتساب الآثام (وَإنِّي لَأَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا فِي فَتْرَة، وَقَدْ كانَتْ أَمُورٌ مَضَتْ مِلْتُمْ فِيها مَيْلَةً، كُنْتُمْ فِيها غَیْرَ(1)مْحَمُودِينَ، وُلئن رُدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ إنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ. وَمَا عَليَّ إلَّا الجُهْدُ، وَلَوْ أَشاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ: عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) الفترة ما بين الرسولين من رسل الله تعالى، ويكون بمعنى الانكسار والضعف، ولعل المراد: أخشى عليكم أن يكون حالكم كحال أهل الجاهلية في الكفر والتعبير بالخشية؛ لقرب حالهم من حال هؤلاء، أو كحالهم في التعصبات وترك الحق والميل إلى الأهواء الباطلة، والأمور كناية عن تقديم الخلفاء عليه (عليه السلام) کما يدل عليه الجمع لا اختيار عثمان يوم الشوری فقط کما ذکره بعض الشارحين(2)، وإن كانت الخطبة مما خطب بها (عليه السلام) بعد قتل [عثمان](3)في أول خلافته، وملتم أي عن الحق وعن متابعتي وغير محمودین أي مذمومين ونحوه قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ»(4)أي يبغضهم ولئن رد عليكم أمركم أي ما كنتم عليه من متابعة الحق في أيام الرسول (صلى الله عليه واله) وجهد في الأمر جهداً وأجتهد [أي جد وبالغ

ص: 335


1- (عندي غير) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 48، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 323
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 49
3- [عثمان] ساقطة من م
4- الحج / 38

ولو أشاء أن أقول أي في ميلكم عن](1)الحق وإتباعكم الباطل بلفظ صریح يكشف عن [ضلالكم ومصير امرکم واتباعكم الهوى والاراء](2)الباطلة في الميل إلى الخلفاء لقلت لكني أمسكت عنه لعدم [المصلحة](3)[في ذلك وعفا الله عما سلف](4)، لعله من الدعاء في خاتمة الخطبة كقوله (عليه السلام) في بعض خطبة [غفر الله لنا](5)[ولكم وقوله أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم](6)الى الحق ومثله الكثير وهو من الدعاء المشروط ومن جملة [الشروط](7)التوبة واستحقاق العفو والمغفرة [وليس](8)المراد الدعاء على الاطلاق للحاضرين بالعفو عن إتباعهم الخلفاء وما سلف من ذنوبهم إذ من العلوم وجود قوم من أهل النفاق والضالين في جملتهم، ويحتمل أن يكون اخبار عن العفو بالشروط، كقوله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا»(9)وهو اقتباس من قوله تعالى: «[عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ](10)»(11)، وفيه ایماء إلى انه تعالى ينتقم من المصرين على اتباعهم، وقيل: يجوز أن يكون

ص: 336


1- [أي جد وبالغ ولو أشاء أن أقول أي في ميلكم عن] طمس في ن
2- [ضلالكم ومصير امرکم واتباعكم الهوى والاراء] طمس في ن
3- [المصلحة] طمس في ن
4- [في ذلك وعفا الله عما سلف] خرم في ن
5- [غفر الله لنا] طمس في ن
6- [ولكم وقوله أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم] خرم في ن
7- [الشروط] ساقطة من م
8- [ولیس] خرم في ن
9- الزمر / 53
10- [عفا الله عما] خرم في ن
11- المائدة / 95

المعنى: لو أشاء أن أقول قولاً يتضمن العفو عما سلف منكم لقت، لكني لا أقول إذ لا موضع للعفو(1)، وهو بعيد.

[ومن كلام له (عليه السلام)]

(وقد سأله ذعلب اليماني(2)فقال: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال: (عليه السلام) أفأعبد ما لا أرى، قال(3): وكيف تراه؟ قال: (لاَ تُدْرِكَهُ الْعُيُونُ بِمُشاهَدَةِ الْعِيانِ؛ وَلَكِنَ تُدْرِكُهُ الْقُلوبُ بِحقَائِقِ الإِيمانِ) ذعلب كزبرج(4)علم الرجل وهو في الأصل (الناقة السريعة)(5)، واليمن إقليم معروف سمي بذلك؛ لأنه على يمين الكعبة، والنسبة إليه يمني على القياس(6)وجاء يماني على غير القياس(7)، وعلى هذا ففي الياء مذهبان: أحدهما وهو الأشهر تخفيفها، ويقال: قوم يمانية، ویمانیون مثل / و335 /: ثمانية وثمانون، وثانيهما: التثقيل (8)وجوزهما بعضهم، والرؤية حقيقة في رؤية العين والقلب کما يظهر من كلام كثير من أهل اللغة، والظاهر أنَّ مراد السائل الأول لكنه (عليه السلام) أجاب أولاً بحمل الكلام على معنی ينبغي الحمل عليه، ثم كشف

ص: 337


1- بحار الأنوار: 29 / 599
2- (من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ذرب اللسان، بليغ في الخطاب، شجاع القلب) مستدرك علم رجال الحدیث، علي الشاهرودي: 3 / 377
3- (فقال) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 51، ونهج صبحي الصالح: 324
4- (كزبرح) في م، تصحيف
5- الصحاح، مادة (1 / 127
6- (الفياس) في أ، تصحيف
7- (الفياس) في أ، تصحيف
8- (الثقيل) في م، تحريف

عن المراد وفصل ونفي الإدراك بالعيون، وفي بعض النسخ (لا تره العيون)، ولعله (عليه السلام) لم يجب أولا بنفي ما قصده السائل؛ لئلا يتوهم نقصاً في علمه (عليه السلام) ويقينه بمعبوده، والمشاهدة والعِيان بالكسر المعاينة(1)والإضافة للمبالغة في دفع التوهم والتصريح الكامل بالمعنى المنفي، والمراد بحقائق الإيمان الدلائل والتصديقات اليقينية التي هي أركان الإيمان، أو الأنوار الحاصلة في القلوب بالدلائل والافاضات القدسية، وقيل: أي بما هو حق الإيمان وحقيقته، والغرض نفي النقص عن اليقين لعدم الرؤية الحسية وبیان کماله لوجود ما هو أتم وأكمل منها. (قَرِيبٌ مِنَ الأَشْياءِ غَیْرَ مُلَامِسٍ(2)، بَعِيدٌ مِنْها غَیْرَ مُبايِنٍ؛ مُتَكلِّمٌ لا [برَوِيَةٍ، مُرِيدٌ](3)بلَا هِمةٍ(4)صانِعٌ(5)لاَ بجارِحَةٍ، لَطِيفٌ لاَ يُوصَفَ بِالخَفاءِ، كبِیرٌ لاَ يُوصَفُ بِالجَفاءِ(6) بَصِیرٌ لَا [يُوصَفُ بِالحاسَّةِ](7)رَحِيمٌ لاَ يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ. تَعْنُو الْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ وَتُجب(8)الْقُلُوبُ مِنْ مَخافَتِهِ) اللمس في الأصل المس [باليد](9)وقيل المس

ص: 338


1- (الحيانة) في م، تحريف
2- (غير ملابسٍ) في نهج البلاغة، صبحي الصالح: 324
3- [بروية مرید] خرم في ن. (بلا رويةٍ) في نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 51
4- (لا بهمة) في نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 51، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 324
5- (صابغ) في ث
6- (بالخفاء) في أ، ع، تصحيف
7- [يوصف بالحاسة] خرم في ن
8- (توجل) في ر، ع، ن تحريف
9- [باليد] خرم في أ

[مطلقاً(1)والغرض أن قربه سبحانه](2)من الأشياء ليس جسمانياً ينتهي الى الملامسة، بل هو عبارة عن [احاطة](3)علمه و[قدرته ولطفه بها كما أنَّ بعده](4)منها ليس بمعنى الافتراق الجسماني والمهاجرة، بل هو عبارة عن تنزهه عن نيل الحواس واحاطة العقول به وتقدسه عن مشابهة الأشياء، والرؤية الفكر والتدبر، وقد جرت(5)على الألسنة بغير همز تخفیفاً وهي من روأت في الأمر إذا نظرت فيه، وفي بعض النسخ (بلا رؤية)، والهِمة بالكسر العزم الذي يحدث في الانسان لتعقل ملائمة، أو منافرة في شيء وتنزهه سبحانه عنها واضح، والجارحة العضو، وفي بعض النسخ (بلا جارحة)، واللطف في الأجسام: الصغر والدقة، ومن شأن الصغير والدقيق الخفاء وفيه سبحانه العلم بدقائق الأمور، أو البر بالعباد والإحسان إليهم بإيصال المنافع بلطف ورفق، وقيل الرفق في الفعل، والعلم بدقائق المصالح وإيصالها الى من قدرها له من خلقه والخَفَاء بالفتح خلاف الظهور، الجَفاء بالفتح الغلظة، ومنه جَفاء البدو وهو غلظتهم وفظاظتهم، والرحم في الأصل (الرقة والتعطف)(6)والرقة ضد الغلظة في الخلق والخُلق، وفيه سبحانه التعطف بالتفضل والإحسان. وعنا يعنوا إذا خضع وذل، والوجوب في الاصل (السقوط والوقوع)(7)، ووجب

ص: 339


1- (مطلفاً) في أ، تصحيف
2- [مطلقاً والغرض أن قربه سبحانه] خرم في ن
3- [احاطة] خرم في ن
4- و [قدرته ولطفه بها كما ان بعده] خرم في ن
5- (حرت) في ع، تصحيف
6- الصحاح، مادة (رحم): 5 / 1929
7- لسان العرب، مادة (وجب): 1 / 794

القلب إذا خفق(1)، وفي بعض النسخ (توجل) موضع(2)(تجب)، يقال: وجل کفرح يوجل ويجل إذا فزع، والمخافة والخوف واحد.

[ومن كلام له (عليه السلام)] في ذم اصحابه

(أَحمَدُ اللهَ عَلَى مَا قَضَي مِنْ أَمْرٍ وَقَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ؛ وَعَلَى ابْتِلَائِي بِكُمْ أَيَّتُهَا الْفِرْقَةُ الَّتِي إذَا أَمَرْتُ لَمْ تُطِعْ؛ وَإذَا دَعَوْتُ لَمْ تُجِبْ، إِنْ أُمهلتم(3)خُضْتُمْ، وَإِنْ حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ، وَإنْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ طَعَنْتُمْ، وَإِنْ أُجِبْتُمْ إلَی مُشَاقَّةِ نَكَصْتُمْ) قد مرَّ شيء من تفسير القضاء والقدر عن قريب في شرح قوله (عليه السلام): (ألا وإن القدر السابق قد وقع، والقضاء الماضي قد تورد)، وقال بعض الشارحين: (الأمر أعم [من ](4)أن يكون فعلًا، ولمَّا كان القدر هو تفصيل القضاء وايجاد الأشياء على وفقه، قال: وقدر من فعل)(5)، والابتلاء الامتحان ويكون منحة ومحنة، والمراد المحنة، وفي بعض النسخ (وعلى ما ابتلاني)، والمُهلة بالضم (السكينة)(6)و (الرفق)(7)، وأمهله أي رفق به وآخره، وفي بعض النسخ (أهملتم) أي تركتم وخضتم أي في الضلال والأهواء الباطلة،

ص: 340


1- ينظر: لسان العرب، مادة (وجب): 1 / 794، وفي ث: (حقق) تصحيف
2- (مکان) في ع، تحریف
3- (أهملتم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 54
4- [من] زائدة في ن، يقتضيها السياق
5- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 376
6- لسان العرب، مادة (مهل): 11 / 633
7- المصدر نفسه، مادة (مهل): 11 / 633

وأصل الخوض الدخول في الماء / ظ 335 / أو المشي [فيه](1) (2)، وتحريکه، وخرتم بالخاء المعجمة أي ضعفتم، والخور (الضعف والوهن)(3)، أو صحتم کما یخور الثور، ومنه قوله تعالى: «عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ»(4)، وفي بعض النسخ (جرتم) بالجيم من الجور، وهو العدول عن الحق (نقيض العدل)(5)، وقال بعض الشارحين: ((أي عدلتم عن الحرب فراراً))(6)، وطعن بالقول أي قدح وعاب، وإن أجبتم أي الدعوة إلى مشاقه أي حرب، وأصل المشاقة والشقاق أن يأتي كل منهما بما يشق على صاحبه، ويكون كل منهما في شق غير شق صاحبه، ونكصتم أي رجعتم الى وراء وهو القهقرى(7)، قال الله عز وجل: «فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ»(8)، وفي بعض النسخ اجئتم بالهمزة موضع الباء على صيغة المجهول أي الجئتم واضطررتم، قال الله عز وجل: «فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ»))(9)، أي: لا تجيبون الدعوة الى الحرب على طوع منكم فإذا اضطررتم(10)إليها رجعتم وفررتم (لَا أَبَا لِغَيْرِكُمْ!

ص: 341


1- [فيه] ساقطة من أ، ع
2- ينظر: لسان العرب، مادة (خوض): 7 / 147
3- تاج العروس، مادة (خور): 6 / 375
4- الاعراف / 148
5- العين، مادة (جور): 6 / 176
6- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 55، وفي ع: (الجور)
7- ينظر: لسان العرب، مادة (نکص): 7 / 101
8- الانفال / 48، وقد وردت خطأ في شرح ابن کلستانة ((ولما تراآی الجمعان نكص على عقبيه)) في أ، ع، ن
9- مریم / 23
10- (اصطررتم) في أ، تصحيف

مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ، وَالْجِهَادِ عَلَى حَقِّكُمْ! المَوُتْ أَو(1)الذُّلُّ لَكُمْ! فَوَ اللهِ لَئِنْ جَاءَ يَوْمِي - [وَليأتينني](2)- لَيُفَرِّقَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَأَنا لِصُحْبَتِكُمْ قَالٍ،

وَبِكُمْ غَیْرُ كَثِیرٍ) قال ابن الأثير في الحديث: ((لا أبا لك وهو أكثر ما يذكر في المدح أي لا كافي لك غير نفسك، وقد يذكر في معرض الذم كما يقال: لا أم لك، وقد يذكر في معرض التعجب، ودفعاً للعين، كقولهم: لله درك، وقد يذكر بمعنی جد في أمرك وشمر؛ لأنَّ من له أب يتكل عليه في بعض شأنه، وقد تحذف اللام، فيقال: لا أباك بمعناه)(3)، وقال بعض الشارحين: ((لا أبا لغيركم دعاء بالذل لغيرهم، وفيه نوع تلطف لهم، والأصل لا أب والألف مزیدة أما لاستثقال توالي أربع حركات فاشبعوا الفتحة فانقلبت ألفا، أو لأنهم قصدوا الاضافة، وأتوا باللام للتأكيد)(4)، ولا يخفى أن هذا الوجه مبني على استعمال الكلمة في الذم، وأما على الاستعمال في المدح، فیکون ذماً لهم وهو أنسب بدعاء الموت، أو الذل لهم في تتمة الكلام والموت والذل في أكثر النسخ مرفوعان، والجملة دعائية، قال بعض الشارحين: ((كأنَّه شرع داعياً عليهم بالفناء الكلي، وهو الموت، ثم استدرك فقال): (أو الذل))؛ لأنه نظير الموت في المعنى))(5)، ولقد اجیب دعاؤه (عليه السلام) بالدعوة الثانية، فإنَّ شیعته ذلوا بعده في الأيام الأموية، ولعل الموت هاهنا يعم القتل وكلمه، أو

ص: 342


1- (و) في أ، ث، ع، م
2- [ليأتينني] ساقطة من ث، وفي م: (لتأتينني) تصحیف، (ليأتيني) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 54، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 325
3- النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 19
4- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 376، 377
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 56

لتقسيم القوم، وقد كانوا جميعاً بين ميت على حتف أنفه عاجلاً، أو قتيل، أو ذليل، وفي بعض النسخ منصوبان على تقدير فعل أي ارجو وأطلب الموت، أو الذل لكم، فيكون دعا أيضا أو أتنتظرون(1)الموت، أو الذل لكم فيكون (تحريضاً)(2)على الجهاد قبل تسلط الاعداء وشمول الذل لهم مع نوع تقريع، وكلمه لكم لدفع توهم أن المراد أتنتظرون الموت، أو الذل للأعداء، ولئن جاء يومي أي اليوم المعين لأن القي الله عز وجل، قال بعض الشارحين: قوله (عليه السلام) وليأتينني حشوة لطيفة بين الكلام؛ لأنَّ لفظة أن أكثر ما تستعمل(3)[...](4)لما لا يعلم حصوله(5)، فأتي بعدها بما يرد ما يقتضيه أن من الشك في اتيان الموت وأشعر بأنَّ الموضع موضع إذاً، ويمكن أن يكون المراد: لئن جاء يومي في أيام صحبتكم وقبل أن يبدل الله لي بكم قوماً غيركم (وليفرقن) على صيغة المعلوم من باب التفعيل والفاعل اليوم، وفي بعض النسخ على صيغة المجهول والفاعل هو الله سبحانه وقلاه يقليه أي أبغضه، والواو في (وأنا لصحبتكم) قال للحال، وبکم غیر کثیر أي ليس لي من اجتماعكم كثرة فإنَّ فائدة الكثرة القوة في دفع الأعداء ولما لم يترتب على کثرتكم الفائدة كانت في حكم العدم وكان وجودکم کعدمكم (للهِ أَنْتُمْ! أَمَا

دِينٌ يَجْمَعُكُمْ، وَلَا حَمِيَّةٌ تَشْحَذُكُمْ! أَوَ لَيْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِيَةَ يَدْعُو الْجُفَاةَ الطَّغَامَ فَيَتَّبِعُونَهُ عَلَى غَیْرِ مَعُونَةٍ وَلَا عَطَاءٍ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ - وَأَنْتُمْ تَرِيكَةُ

ص: 343


1- (أنتظرون) في ع، تحریف
2- (تحريصاً) في أ، ث، ع، ن، تصحیف
3- (يستعمل) في أ، ث، ع، م، تصحيف
4- [لما يعلم] زائدة في م
5- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 56

الْسْلَامِ / و336 / وَبَقِيَّةُ النَّاسِ - إِلَی المَعُونَةِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَطَاءِ فَتَفَرَّقُونَ عَنِّي وَتَخْتَلِفُونَ عَلَيَّ!) قال ابن الأثير: في الحديث (لله أبوك) إذا اضيف الشيء الى عظيم شریف اکتسی عظماً وشرفاً، کما قیل: بیت الله، وناقة الله، فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه ويحمد، قيل: لله أبوك في معرض المدح والتعجب: أي أبوك الله خالصاً حيث أنجب بك، وأتي بمثلك(1)، وقال بعض الشارحين: المراد بقوله (عليه السلام): ((لله أنتم)) لله عملكم أو سعیکم کما قالوا: لله درك! ولله أبوك، فحذف المضاف وأقام الضمير المضاف إليه مقامه(2)، واللام هاهنا فيها معنى التعجب، [وليس معنى التعجب](3)في هذه اللام إلاَّ إذا دخلت على لفظة الله كما أنَّ تاء القسم لم تأت إلاَّ في اسم الله تعالى، ولعل الظاهر في المقام أن يكون المراد التعجب على سبيل الذم، ويحتمل المدح على نوع من التلطف والمماشاة ودين مرفوع على أنه فاعل فعل مقدر يفسره المذكور، والحمية وكذا المحمية كما في بعض النسخ الآنفة، والغيرة وشحذ السكين کمنع أي حدده، والجفاء الغلظة، ومنه جفاء البدو وهو غلظتهم وفظاظتهم ورجل(4)جافٍ أي كز(5)غليظ، والطَغَام بالفتح أوغاد الناس أي الضعفاء والاخفاء العقول والأرذال، والمعونة الاسم من استعانة ووزنها مفعلة بضم العين، وقيل: الميم أصلية وهي مأخوذة من الماعون وهو اسم جامع لمنافع البيت كالقدر والفأس وغيرهما مما جرت العادة باعارته، قال

ص: 344


1- ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 19، وفيه: (وفي الحديث...)
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 56
3- [وليس معنى التعجب] ساقطة من ع
4- (رحل) في ث، تصحیف، وفي ع: (وجل) تحریف
5- (کن) في ع، تحریف

بعض الشارحين: معونة الجند شيء يسير من المال يعطيهم الوالي لترميم اسلحتهم واصلاح دوابهم ويكون ذلك خارجاً عن العطاء المفروض شهراً فشهراً(1)، المؤنة العيال وقضاء الديون وغير ذلك والتريكة في الأصل بيضة النعامة(2)تتركها(3)في مجثمها، والمراد أنتم خلف الإسلام وعوض الأسلاف، والطائفة القطعة من الشيء والفرقة من الناس والجماعة وأقلها ثلاثة، والمراد القدر المقرر من العطاء في الشريعة، وفي بعض النسخ بوظيفة(4)من العطاء وهي ما يقدر من رزق وطعام وعمل وغير ذلك، والظاهر أنَّ منشأ التعجب أمور: أحدها: إنَّ الداعي لهم معاوية مع علمهم بأنَّه على الباطل وتندسه بقبائح لا تحصى من خبث المولد واقتراف الآثام وغير ذلك، والداعي لهؤلاء من لا يقدر أحد على احصاء فضائله، وثانيها: إنَّ المدعو هناك الجفاة الطغام مع خلوهم غالباً عن الحمية والمروة وبعدهم عن متابعة الشريعة بخلاف هؤلاء، وثالثها: إنَّ أصحاب معاوية يتبعونه على غير معونة ولا عطاء وهؤلاء لا يجيبونه(5)(عليه السلام) الى المعونة والعطاء، قال بعض الشارحين: فإن قلت المشهور أن معاوية كان يمد أصحابه بالأموال والرغائب! قلت: إنَّ معاوية لم يكن يعطي جنده على وجه المعونة والعطاء، وإنما كان يعطي الرؤساء الأموال الجليلة يستعبدهم بها وهؤلاء كانوا يدعون اتباعهم

ص: 345


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 57
2- ينظر: تاج العروس، مادة (ترك): 13 / 531. (3) (يتركها) في أ، م، وفي ع: (بترکها)، تصحيف
3- (يتركها) في أ، م، وفي ع: (بتركها)، تصحيف
4- (بوطيفة) في م، تصحيف
5- (لايحبونه) في أ، ع، تحریف

الى متابعة معاوية فمنهم من يطيع حمية، ومنهم من يطيع لأياد(1)وعوارف من اولئك الرؤساء، ومنهم من يطيع للطلب بدم عثمان، وأما أمير المؤمنين (عليه السلام) فإنَّه كان يقسم بين الرؤساء والأتباع على وجه المعونة والعطاء، ولا يرى لأحد من الرؤساء والاشراف فضلاً على غيره(2)، كما كان يقسم رسول الله (صلى الله عليه واله) وكان من يقعد عن نصره من الرؤساء أكثر ممن ينصره لذلك (إِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ(3)مِنْ أَمْرِي رِضًى فَتْرَضَوْنَهُ، وَلاَ سُخْطٌ فَتَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ؛ وَإنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إلَيَّ الْمَوُتْ. قَدْ دَارَسْتُكُمُ الْكِتَابَ، وَفَاتَحْتُكُمُ الْحِجَاجَ، وَعَرَّفْتُكُمْ مَا أَنْكَرْتُمْ، وَسَوَّغْتُكُمْ مَا محجتم(4)، لَوْ كَانَ الْأَعْمَى يَلْحَظُ، أَوِ النَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ! وَأَقْرِبْ بِقَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللهِ قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةَ، وَمُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النَّابِغَةِ) الغرض من الكلام أنكم لا تقبلون قولي، ولا تطيعون أمري / ظ 336 / ، سواء كان من شأنه أن ترضون به، أو تسخطونه، والسُخط بالتحيرك وبالضم الغضب والكراهية وضد الرضا، والي متعلق بالحب، ودَرَسَ الكتاب كَنَصَرَه وضَرَبَ أي قرأه، ودارستكم(5)الكتاب أي قرأته عليكم لتعليمكم، أو قرأتموه عليَّ، للتعلم وفتح الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما والفاتح الحاكم قال ابن عباس ما كنت ادري ما قوله عز

ص: 346


1- (الاياد) في ع
2- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10/ 57
3- (البكم) في ع، تصحيف
4- (مججتم) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 54، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 326
5- (دارسكم) في م، تحریف

وجل: «رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ»(1)حتى سمعت بنت بن ذي يزن(2)تقول لزوجها: تعال افاتحك)(3)أي أحاكمك والحجاج والمحاجة والمجادلة وأقامة الحجة أي البرهان وفاتحتكم [الحجاج أي حاكمتكم](4)بالمحاجة(5)، وأقمت الحجج علیکم وما أنكرتم أي ما جهلتم وأنكرتموه من الأحكام بجهلكم، وساغ الشراب في الحلق يسوغ إذا دخل سهلاً(6)وسوغتك إياه أي جعلته لك سائغاً، ومَجَّ الشراب من فيه کمد أي رماه أي بينت لكم من الأحكام، ووعظتكم حتى صار هنيئاً لكم ما شق علیکم للأهواء الباطلة، وقال بعض الشارحين: واستعار وصف التسويغ اما لإعطائه لهم العطيات والأرزاق التي كانوا يحرمونها من يد غيره لو كان معاوية، وإما لإدخاله العلوم في أفواه أذهانهم، وكذلك لفظ المج أما لحرمانهم من يد

ص: 347


1- الأعراف / 89
2- سيف بن ذي يزن بن أصبح بن مالك بن زید بن سهل بن عمرو الحميري، من ملوك العرب اليمانيين، وقيل اسمه معد یکرب، ولد ونشأ في صنعاء، قصد کسری طلباً لمساعدة ال حمير الذين قتلهم الحبشيين بعد أن رفض ملك الروم مساعدته، فبعث کسری معه نحو ثماني مائة رجل لمحاربة الاحباش، مکث سيف في الملك نحو خمس وعشرين سنة أو دون ذلك، وقد قتله بقايا الاحباش في صنعاء سنة (50 ق ه)، وهو آخر من ملك اليمن من قحطان. ينظر: المعارف: 638، ووفیات الاعیان: 6 / 36، والاعلام: 3 / 149
3- الفائق في غريب الحديث والاثر: 3 / 6، وينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 407
4- (الحجاج اي حاکمتكم) ساقطة من م
5- (المحاجة) في ع
6- وردت في أ (وساغ الشراب يسوغ في الحلق إذا دخل سهلًا)

غيره، أو لعدم العلوم عن أذهانهم ونُبُو أفهامهم عنها(1)، واللحظ النظر بشق العين الذي يلي الصدغ، وهو أشد التفاتاً من الشزر، والملاحظة مفاعلة منه، ولعل التعبير باللحظ للدلالة على أنَّ هؤلاء لا يبصرون بنظرة غير تامة فكيف بالتامة، أو هو مجاز عن الأبصار و كلمة (لو) يحتمل أن تكون(2)للتمني بمعنی ليت وهي لا تحتاج الى جواب کجواب الشرط، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب کجواب لیت نحو: لو تأتني فتحدثني على قول بعضهم(3)، أو الجزاء محذوف أي لنفعكم، ولكان مفيداً، وأفعل به بلفظ الأمر من صيغتي التعجب والأخرى ما أفعله أي ما أقربهم من الجهل، وبالله متعلق بالجهل، والقرب من الجهل بالله البعد عن معرفة الله وثوابه وعقابه، والقود نقيض السوق، فهو من أمام وذلك من خلف وفيه تشبيه للقوم بالدواب أو بالعميان والتأديب تعليم الأدب وهو كل رياضه محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل، ونبغ الشيء أي ظهر وجملة قائدهم معاوية محلها الجر صفة لقوم وفصل بين الصفة والموصوف بالجار والمجرور كما في قوله تعالى: «وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ»(4)فمحل (مردوا) الرفع صفة لمنافقون وفصل بينهما بقوله تعالى: «وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ»(5)، وقيل: جملة مردوا صفة لقوم المحذوف المقدر بعد الاعراب والله تعالى يعلم.

ص: 348


1- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 378، وفيه: (استعار...)
2- (يكون) في أ، ث، ع، م، ن، تصحيف
3- ينظر: الجنى الداني في حروف المعاني: 288
4- التوبة / 101
5- التوبة / 101

[ومن كلام له (عليه السلام)]

(وقد أرسل رجل من اصحابه يعلم له علم قومٍ(1)من جند الكوفة هموا(2)باللحاق بالخوارج، وكانوا على خوف منه (عليه السلام) فلما عاد إليه الرجل قال له: آمنوا فقطنوا، أم جبنوا فظعنوا! فقال الرجل: بل ظعنوا يا أمير المؤمنين) قال الشارح عبد الحميد بن أبي حديد: قد ذكرنا قصة هؤلاء عند شرحنا قصة مصقلة بن هبيرة الشيباني فمن ارادها فليراجعه(3)، ويعلم له على صيغة المجرد أي يعلم حتى يخبره (عليه السلام) بحالهم، واللَحَاق بالفتح مصدر لَحَق به کسمع ولحقه أي أدركه وتبعه، وقَطَنَ بالمكان كقَعَدَ إذا قام به فهو قاطن وقطين(4)، وجَبُنَ الرجل كقَرُب، فهو جبان أي ضعيف القلب هيوب للأشياء لا يقدم عليها وظَعَنَ كمَنَعَ أي سار. (فقال (عليه السلام) (بُعْداً لَهُمْ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ! أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ الاْسِنَّةَ إلَيْهِم، وَصُبَّتِ السُّيُوفُ عَلَى هَامَاتِهِمْ، لَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ. إِنَّ الشَّيْطانَ الْيَوْمَ قَدْ اسْتَفَلَّهُمْ، وَهُوَ غَداً مُتَبَرِّئ مِنْهُمْ وَمخلٍ(5)عَنْهُمْ؛ فَحَسْبُهُمْ بِخُروجِهِمْ مِنَ الْهُدَى، وَارْتِكاسِهِمْ / و337 / فِي الضَّلَالِ وَالْعَمَى، وَصَدِّهِمْ عَنْ الحَقِّ وَجِمَاحِهِمْ

ص: 349


1- [احوال قوم] في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 60، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 326
2- (قد هموا) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 60، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 326
3- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 60
4- ينظر: لسان العرب، مادة (قطن): 13 / 342، 343
5- (متخل) في شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 60، ونهج البلاغة، صبحي الصالح: 326

فِ التِّيهِ) البُعْد بالضم (ضد القرب)(1)، والبَعَد بالتحريك (الهلاك)(2)، والفعل من الأول كحُسْن، ومن الثاني كَتَعَب، هذا ما يظهر من كلام بعضهم(3)ويظهر من كلام غيرهم أن البُعد بالضم يكون بمعنى ضد القرب، وبمعنی الهلاك، ولعله أنسب بكلامه (عليه السلام) وبعداً نصب على المصدر بفعل محذوف أي أبعدوا بعدًا، والكلام دعا عليهم بأحد المعنين، وثمود غیر مصروف کما في النسخ إذا أريد منه القبيلة، ومصروف إذا أريد الحي أو اسم الأب(4)، قيل سميت ثمود لقلة مائها من الثَمَد بالفتح ويحرك وهو (الماء القليل) لا مادة له(5)، أو ما يظهر(6)في الشتاء ويذهب في الصيف(7)وهم قوم صالح (عليه السلام) وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام الى وادي القرى، وشرعت الرماح نحوهم کمنعت أي تسددت فهي شارعة وشوارع وشرعناها وأشرعناها أي سددناها وأملناها إليهم، والصب في الأصل إراقة الماء، وفي الكلام تشبيه للضرب المتتابع المتواتر بصب الماء [والهامات جمع هامة وهي رأس كل شيء](8)واستفلهم بالفاء على ما في أكثر النسخ والفعل

ص: 350


1- الصحاح، مادة (بعد): 2 / 448
2- المصدر نفسه، مادة (بعد): 2 / 448
3- ينظر: لسان العرب، مادة (بعد): 3 / 91
4- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 1 / 140
5- ينظر: الصحاح، مادة (ثمد): 2 / 451
6- (يطهر) في ث، تصحيف
7- ينظر: العين، مادة (ثمد): 8 / 20
8- [والهامات جمع هامة وهي رأس كل شيء] خرم في ن

بالفتح الكسر في حد السيف [تفللت مضاربه](1)أي تكسرت(2)، وفل القوم منهزموهم، يقال: رجل فل، وقوم فل، يستوي فيه الواحد والجمع، والفِل بالكسر الأرض التي لم تمطر ولا نبات فيها(3)، وافل الرجل أي ذهب ماله، قال بعض الشارحين: استفلهم الشيطان أي وجدهم مفلولين فاستزلهم، هكذا فسر(4)ويمكن عندي أن يريد أنه وجدهم فلًا لا خير فيهم، والفل الأرض لا نبات بها لأنها لم تمطر، قال: ((ویروی ((استفزهم)) أي استخفهم))(5)، وفي بعض النسخ الصحيحة استقلهم بالقاف، يقال: استقل الشيء أي حمله ورفعه واستقله أي عده قليلاً، أو وجده قليلاً، فالمعنى حملهم الشيطان واقتدر على التصرف فيهم فأضلهم، أو وجدهم قليلاً [فاجترى](6)عليهم، أو وجدهم مفارقين للجماعة فأغواهم فإنَّ الخارج عن الجماعة للشيطان كما أنَّ الشاذ من الغنم للذئب، وقال بعضهم: ((ویروی استقبلهم))(7)بالباء الموحدة بعد القاف أي أقبل عليهم ولقيهم بالبشر والرضا وهو غداً متبرئ منهم أي اليوم الذي اشرعت إليهم الاسنة وصبت السيوف على هاماتهم، أو يوم القيامة، أو بعد ما أغواهم وأضلهم وتم له ما أراد منهم، وفي الكتاب الكريم: «كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ

ص: 351


1- [تفللت مضاربه] خرم في ن
2- ينظر: المصباح المنير: (فللت): 2 / 481
3- ينظر: الصحاح، مادة (فلل): 5 / 1793
4- ينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10 / 61
5- المصدر نفسه: 10 / 60
6- [فاجتری] خرم في ن
7- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني: 3 / 380

اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ»(1)، وخلى عنه وخلى سبيله أي تركه والباء في (بخروجهم) زائدة، والرکس رد الشيء مقلوباً (والله أركسهم بما كسبوا) أي ردهم الى كفرهم، وارتكس فلان في أمر كان قد نجا منه أي انتكس ووقع فيه، وصد عنه صدودا أي أعرض، وجَمَحَ الفرس كمَنَعَ جِماحاً بالكسر أي اعتز فارسه وغلبه، والتيه المفازة، والضلال والجماح في التيه الافراط والغلو في الضلال أو الخروج عن السّير على الاستواء، أو عن الطاعة في مفازة الضلال التي لا جادة لها، وهذا القوم أصحاب [الخريت بن ](2)راشد الناجي(3)أحد بني ناجية وقد قتله أصحاب معقل بن قيس وسبوا من بني ناجية من أظهر النصرانية وأقام معه فاشتراهم مصقلة بن هبيرة الشيباني واعتقهم، ثم هرب إلى الشام والقصة قد ذكرها الشارح عبد الحميد بن أبي [الحديد في شرح قوله (عليه السلام)](4)(قبَّح الله مصقله فَعَلَ فِعل السّادَةِ وَفَر فِرار العَبيد)(5)تم الشطر [الأول من كتاب بهجة الحدائق](6)في شرح کلمات کلام الله الناطق

ص: 352


1- الحشر / 16
2- [الخریت] خرم في ن
3- صحابي من بني ناجية، كان من أشياع الامام علي (عليه السلام) شهد معه الجمل وصفين إذ جاءه من البصرة بثلاثمائة من بني ناجيه، ولما كان التحكيم اختلف مع الامام (عليه السلام) سنة 38 ه، وخرج الى بلاد فارس، فسير الامام (عليه السلام) معقل بن قيس لقتاله ووقعت معركة في الاهواز على اثرها انهزم الخريت وقتله النعمان بن صهبان سنة 39 ه. ينظر تاريخ الطبري 4 / 86، والكامل في التاريخ، ابن الاثير: 3 / 364، والاعلام: 2 / 303، وأعيان الشيعة: 6 / 296
4- [الحديد في شرح قوله (عليه السلام)] طمس في ن
5- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 3 / 94
6- [الأول من كتاب بهجة الحدائق] طمس في ن

وكان الفراغ من تأليفه في تاسع عشر شهر ربيع الأول من شهور سنة اثني وتسعين بعد الألف من الهجرة والحمد لله أولاً وأخراً والصلاة على سید أنبيائه محمد وعترته الطيبين الطاهرين المعصومين.

ص: 353

ص: 354

المحتويات

ص: 355

ص: 356

المحتویات

[ومن كلام له (عَلَيْهِ السَّلامُ)]...7

[ومن خطبة له (عليه السلام) في الإستسقاء]...10

[وَمِنْ خُطبةٍ لهُ (عليهِ السَّلام)]...15

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...23

[ومن كلامه (عليه السلام)] لعمر بن الخطاب وقد استشاره في غزوة الفرس بنفسه...26

[ومن خطب له (عليه السلام)]...30

[ومن خطبه له (عليه السلام)]...38

[ومن كلامٍ له (عليه السلام) قبل موته]...42

[ومن خطبة له (عليه السلام) في الملاحم]...51

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...63

[ومن خطبه له (عليه السلام)]...79

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...94

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...105

[و من خطبة له (عليه السلام) يذكر فيها بديع خلقة الخفاش]...117

[ومن كلام له (عليه السلام) خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم...127

ص: 357

[ومن خطبة له (عَلَيْهِ السلام)]...145

[ومن خطبةٍ له (عليه السلام)]...159

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...165

[ومن خطبةٍ له (عليه السلام)]...166

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...190

[ومن كلامه (عليه السلام)] لبعض أصحابه وقد سأله كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟...200

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...220

[ومن كلام له (عليه السلام)]...235

[ومن خطبة له (عليه السلام)] يذكر فيها عجیب خلقة] الطاووس...241

ومن خطبة له (عليه السلام)...265

ومن خطبةٍ له (عليه السلام)...271

ومن كلام له (عليه السلام) بعدما بويع بالخلافة...272

ومن كلام له (عليه السلام) عند مسير أصحاب الجمل الى البصرة...275

ومن كلامٍ له (عليه السلام) کلم به بعض العرب...279

ومن كلام له (عليه السلام) لما عزم على لقاء القوم بصفين...280

ومن خطبة له (عليه السلام)...284

ومن خطبة له (عليه السلام)...294

[ومن كلامه (عليه السلام)] في معنى طلحة بن عبيد الله...299

ص: 358

[ومن خطبةِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام)]...301

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...307

[ومن كلامٍ له (عليه السلام) فِي معنى الحكمين...328

[ومن خطبة له (عليه السلام)]...329

[ومن كلام له (عليه السلام)]...337

[ومن كلام له (عليه السلام)] في ذم اصحابه...340

[ومن كلام له (عليه السلام)]...349

ص: 359

ص: 360

المجلد 6

هوية الکتاب

رقم الإيداع في دا رالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2982 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 : LC

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر: کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965-، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح كلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 1

اشارة

رقم الإيداع في دا رالكتب والوثائق العراقية ببغداد 2982 لسنة 2018

مصدر الفهرسة:

IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda

رقم تصنيف BP38.08.S24 B3 2018 : LC

المؤلف الشخصي: السلامي، غيداء كاظم عبد الله - مؤلف.

العنوان: بهجة الحدائق في شرح نهج البلاغة لعلاء الدين محمد بن ابي تراب الحسني /

بيان المسؤولية: دراسة وتحقيق م. د. غيداء كاظم عبد الله السلامي؛ تقديم نبيل قدوري حسن الحسني.

بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر: کربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.

الوصف المادي: 6 مجلد؛ 24 سم.

سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 514).

سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 153).

سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 9).

تبصرة عامة: الكتاب في الاصل رسالة ماجستير.

تبصرة ببليوجرافية: يتضمن ارجاعات ببليوجرافية.

موضوع شخصي: الشريف الرضي، محمد بن الحسين، 359 - 406 للهجرة - نهج البلاغة.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - احاديث.

موضوع شخصي: کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - رسائل.

موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الاول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - كلمات قصار.

مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965-، مقدم.

مؤلف اضافي: دراسة ل (عمل): کلستانه اصفهاني، محمد بن ابي تراب، توفي 1110 للهجرة -- بهجة الحدائق في شرح کلمات کلام الله الناطق.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.

عنوان اضافي: بهجة الحدائق في شرح كلمات کلام الله الناطق.

عنوان اضافي: حدائق الحقايق في شرح كلمات كلام الله الناطق

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 2

سلسلة تحقيق المخطوطات

وحدة تحقيق الشروحات

بهجة الحدائق

في شرح

نهج البلاغة

لعلاء الدین محمد بن ابی تراب الحسنی کلستانه

المتوفی سنة 1110 ه

الجزء السادس

دراسة وتحقیق

م. د. غیداء کاظم السلامی

اصدار

مؤسسة علوم نهج البلاغة

فی العتبة الحسينية المقدسة

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة

العتبة الحسينية المقدسة

الطبعة الأولى

1689 ه - 2018 م

العراق - كربلاء المقدسة -مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام

مؤسسة علوم نهج البلاغة

هاتف: 07728243600 - 07815016633

الموقع الألكتروني:

www.inahj.org

الإيميل: Info@Inahj.org

تنويه:

إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

«وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»

صدق الله العلي العظيم

سورة هود الآية 88

ص: 5

ص: 6

فهارس

بهجة الصباغة

في شرح نهج البلاغة

ص: 7

ص: 8

فهرس الآيات

ص: 9

ص: 10

الآية - السورة - الآية - الجزء - الصفحة

((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) - الفاتحة - 2 - 5 - 146

((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) - الفاتحة - 5 - 4 - 114

((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)) - البقرة - 3 - 3 - 172

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)) - البقرة - 26 - 1 - 214

((اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ)) - البقرة - 34 - 1 - 189

((وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا)) - البقرة - 35 - 3 - 278

((وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)) - البقرة - 35 - 3 - 278

((فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ)) - البقرة - 37 - 1 - 196

((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ)) - البقرة - 40، 47، 122 - 3 - 196

((أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)) - البقرة - 44 - 4 - 293

((الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ)) - البقرة - 46 - 5 - 300

ص: 11

((وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ )) - البقرة - 50 - 2 - 52

((وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا)) - البقرة - 58 - 4 - 312

((وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ)) - البقرة - 61 - 2 - 52

((وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا)) - البقرة - 72 - 2 - 52

((فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ)) - البقرة - 88 - 5 - 195

((مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ)) - البقرة - 89 - 5 - 200

((كُنْ فَيَكُونُ)) - البقرة - 117 - 3 - 223

((إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)) - البقرة - 124 - 1 - 114

((فَأَتَمَّهُنَّ)) - البقرة - 124 - 1 - 196

((وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)) - البقرة - 143 - 2 - 334

((كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ)) - البقرة - 151 - 2 - 331

((فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ)) - البقرة - 155 - 5 - 163

((إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)) - البقرة - 156 - 2 - 133

((فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)) - البقرة - 158 - 4 - 172

((لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ)) - البقرة - 162 - 3 - 116

ص: 12

((وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) - البقرة - 164 - 4 - 188

((إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ)) - البقرة - 166 - 5 - 70

((وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ)) - البقرة - 166 - 5 - 322

((فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)) - البقرة - 173 - 1 - 213

((وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)) - البقرة - 179 - 2 - 125

((إِنْ تَرَكَ خَيْرًا)) - البقرة - 180 - 5 - 176

((وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ)) - البقرة - 189 - 5 - 107

((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)) - البقرة - 187 - 5 - 135

((وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ)) - البقرة - 188 - 1 - 262

ص: 13

((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) - البقرة - 197 - 2، 2، 3، 4، 4، 5 - 146، 232، 98، 175، 317، 153

((فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ)) - البقرة - 200 - 3 - 109

((وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ)) - البقرة - 233 - 4 - 245

((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)) - البقرة - 245 - 3 - 190

((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا)) - البقرة - 245 - 2 - 9

((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا)) - البقرة - 256 - 3 - 150

((فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)) - البقرة - 259 - 1 - 182

((لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى)) - البقرة - 264 - 3 - 81

ص: 14

((وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) - البقرة - 282 - 1 - 214

((فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)) - ال عمران - 7 - 3 - 204

((آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)) - ال عمران - 7 - 3 - 204

((وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)) - ال عمران - 7 - 3 - 204

((وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)) - ال عمران - 7 - 3 - 205

((يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ)) ال عمران - 13 - 2 - 216

((وَكَهْلًا)) - ال عمران - 46 - 4 - 69

((فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ)) - ال عمران - 52 - 4 - 164

((ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ)) - ال عمران - 58 - 5 - 100

((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)) - ال عمران - 97 - 1 - 226

ص: 15

((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)) - ال عمران - 103 - 3 - 151

((وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)) - ال عمران - 103 - 4 - 12

((وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا)) - ال عمران - 103 - 3 - 144

((سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)) - ال عمران - 133 - 2، 3، 5 - 288، 76، 153

((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)) - ال عمران - 126 - 2، 2 - 10، 188

((وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا)) - ال عمران - 144 - 5 - 60

((لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا)) - ال عمران - 144 - 5 - 60

((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ٭ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)) - ال عمران - 169، 170 - 3 - 161

((بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ)) - ال عمران - 169 - 2 - 9

((فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)) - ال عمران - 170 - 4 - 279

ص: 16

((وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)) - ال عمران - 182 - 5 - 334

((فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا)) - النساء - 4 - 2 - 308

((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ)) - النساء - 17 - 5 - 46

((وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) - النساء - 17 - 2 - 98

((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ)) - النساء - 18 - 5 - 35

((فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)) - النساء - 19 - 4 - 224

((إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا)) - النساء - 31 - 1، 1 - 218، 220

((إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ)) - النساء - 38 - 3 - 102

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)) - النساء - 40 - 3 - 294

ص: 17

((وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)) - النساء - 41 - 2 - 334

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)) - النساء - 48 - 5، 5 - 101، 325

((أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا)) - النساء - 54 - 5 - 278

((أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ)) - النساء - 54 - 5 - 278

((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» - النساء - 59 - 4 - 253

((أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)) - النساء - 59 - 5 - 37

((قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ)) - النساء - 77 - 4 - 148

((نَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)) - النساء - 79 - 2 - 43

((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)) - النساء - 82 - 2، 2، 4 - 75، 77، 321

ص: 18

((وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)) - النساء - 92 - 1 - 214

((وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)) - النساء - 92 - 1 - 214

((وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا)) - النساء - 93 - 5 - 101

((تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ)) - النساء - 97 - 5 - 227

((وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ)) - النساء - 101 - 1 - 216

((وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا)) - النساء - 112 - 5 - 310

((يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)) - النساء - 120 - 3 - 101

((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)) - النساء - 145 - 5 - 101

((فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ)) - النساء - 155 - 5، 5 - 163، 207

((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)) - النساء - 159 - 2 - 90

ص: 19

((لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)) - النساء - 165 - 1 - 202

((وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا)) - النساء - 172 - 2 - 230

((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) - المائدة - 3 - 3 - 139

((عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ)) - المائدة - 19 - 4 - 314

((رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي)) - المائدة - 25 - 2 - 138

((إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)) - المائدة - 29 - 2 - 260

((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا)) - المائدة - 33 - 5 - 101

((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا)) - المائدة - 33 - 5 - 292

((أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)) - المائدة - 42 - 5 - 141

ص: 20

((فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ)) - المائدة - 42 - 2 - 210

((إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ)) - المائدة - 44 - 2 - 211

((مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ)) - المائدة - 46 - 5 - 160

((عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ)) - المائدة - 95 - 2، 5 - 49، 336

((وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا)) - المائدة - 96 - 1 - 216

((وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ)) - الانعام - 9 - 2 - 63

((لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)) - الانعام - 12 - 3 - 167

((وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ)) - الانعام - 17 - 4 - 115

((وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا)) - الانعام - 25 - 2 - 127

((وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ)) - الانعام - 25 - 3 - 286

ص: 21

((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)) - الانعام - 38 - 2، 2 - 75، 76

((إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)) - الانعام - 57 - 2 - 210

((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ)) - الانعام - 59 - 3 - 171

((وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) - الانعام - 59 - 2 - 76

((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) - الانعام - 59 - 3 - 285

((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ)) - الانعام - 59 - 3 - 24

((أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا)) - الانعام - 70 - 4 - 248

((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)) - الانعام - 91 - 4 - 276

((وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ)) - الانعام - 93 - 3 - 112

((فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى)) - الانعام - 95 - 1 - 302

((إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى)) - الانعام - 95 - 4 - 47

ص: 22

((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)) - الانعام - 97 - 3 - 28

((بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)) - الانعام - 101 - 3 - 211

((وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا)) - الانعام - 111 - 1 - 191

((وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا)) - الانعام - 115 - 4 - 214

((فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ)) - الانعام - 136 - 5 - 172

((وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) - الانعام - 141 - 4 - 262

((قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا)) - الانعام - 145 - 1 - 216

((هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ)) - الانعام - 150 - 5 - 208

((تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ)) - الانعام - 154 - 5، 5 - 160، 207

((دِينًا قِيَمًا)) - الانعام - 161 - 3 - 273

((مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)) - الاعراف - 12 - 1 - 156

((إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ)) - الاعراف - 40 - 3 - 224

((إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)) - الاعراف - 56 - 3 - 147

((رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ)) - الاعراف - 89 - 5 - 347

((عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ)) - الاعراف - 148 - 5 - 341

ص: 23

((وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا)) - الاعراف - 155 - 1 - 335

((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى)) - الاعراف - 172 - 1 - 199

((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)) - الاعراف - 172 - 5 - 109

((وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ)) - الاعراف - 176 - 4 - 159

((لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) - الاعراف - 179 - 3 - 171

((وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ)) - الاعراف - 180 - 1 - 210

((سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ)) - الاعراف - 182 - 2 - 301

((وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ)) - الاعراف - 202 - 5 - 150

((وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)) - الانفال - 1 - 5 - 8

ص: 24

((وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)) - الانفال - 16 - 2 - 309

((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى)) - الانفال - 17 - 2 - 12

((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)) - الانفال - 25 - 4 - 58

((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)) - الانفال - 33 - 5 - 137

((فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ)) - الانفال - 48 - 5 - 341

((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) - الانفال - 53 - 5 - 334

((بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) - التوبة - 1 - 2 - 266

((أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)) - التوبة - 3 - 2 - 267

ص: 25

((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ)) - التوبة - 6 - 4 - 152

((يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) - التوبة - 32 - 5 - 220

((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) - التوبة - 33 - 5 - 28

((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) - التوبة - 34 - 4 - 296

((أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)) - التوبة - 38 - 2 - 180

((فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ)) - التوبة - 69 - 3 - 83

((فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا)) - التوبة - 77 - 4 - 159

((وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ)) - التوبة - 90 - 4 - 197

ص: 26

((وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ)) - التوبة - 101 - 5 - 348

((وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ)) - التوبة - 101 - 5 - 348

((هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)) - یونس - 5 - 3 - 228

((هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا)) - یونس - 12 - 2 - 173

((وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ)) - یونس - 12 - 2 - 143

((فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)) - یونس - 32 - 2 - 145

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا)) - یونس - 44 - 1 - 215

((كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ)) - هود - 1 - 5 - 30

((وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)) - هود - 7 - 1 - 163

((وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ)) - هود - 58 - 1 - 273

((فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ)) - هود - 81 - 4 - 55

ص: 27

((بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ)) - هود - 86 - 4 - 236

((وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ)) - هود - 89 - 4 - 46

((يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) - هود - 98 - 3 - 99

((فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ)) - هود - 98 - 4 - 135

((فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)) - هود - 107 - 5 - 200

((وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ)) - هود - 113 - 4 - 75

((وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ)) - يوسف - 10 - - 210

((وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)) - يوسف - 17 - 4، 5 - 142، 130

((وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)) - يوسف - 24 - - 226

((قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا)) - يوسف - 30 - 2 - 56

((وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً)) - يوسف - 31 - 4 - 167

((إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)) - یوسف - 90 - 4 - 29

ص: 28

((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) - الرعد - 11 - 1 - 179

((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) - الرعد - 11 - 5 - 334

((وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ)) - الرعد - 12 - 4 - 188

((وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)) - الرعد - 25 - 5 - 61

((أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ)) - الرعد - 33 - 3 - 184

((لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)) - إبراهیم - 7 - 1، 3، 4، 5 - 227، 190، 172، 146

((وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) - إبراهیم - 7 - 1 - 228

((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا)) - إبراهیم - 28 - 4 - 290

((قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)) - إبراهیم - 30 - 2، 2 - 147، 211

ص: 29

((وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ)) - إبراهيم 43 - 1، 3، 3 - 163، 69، 226

((وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ)) - إبراهیم - 45 - 4 - 206

((سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ)) - ابراهيم - 50 - 4 - 137

((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) - الحجر - 9 - 5 - 146

((إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ)) - الحجر - 18 - 3 - 230

((وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ)) - الحجر - 22 - 1 - 144

((مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)) - الحجر - 26 - 1 - 182

((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)) - الحجر - 26 - 1 - 184

((وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)) - الحجر - 29 - 4 - 136

((قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)) - الحجر - 36 - 1 - 192

((إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)) - الحجر - 37 - 38 - 1 - 192

ص: 30

((ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ)) - الحجر - 46 - 2 - 45

((فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ)) - الحجر - 94 - 1، 4 - 232، 37

((إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)) - الحجر - 95 - 3 - 123

((وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا)) - النحل - 8 - 1، 2 - 333، 163

((وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)) - النحل - 16 - 3 - 276

((أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ)) - النحل - 48 - 5 - 226

((وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)) - النحل - 53 - 3 - 56

((وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ)) - النحل - 77 - 5 - 166

((يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ)) - النحل - 80 - 2 - 145

((وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا)) - النحل - 81 - 3 - 286

((إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ)) - النحل - 106 - 2 - 268

((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)) - النحل - 125 - 4 - 9

ص: 31

((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)) - النحل - 126 - 128 - 5 - 139

((إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ)) - الاسراء - 7 - 2 - 53

((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)) - الاسراء - 9 - 5 - 36

((وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً)) - الاسراء - 12 - 3 - 226

((وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)) - الاسراء - 12 - 3 - 228

((وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)) - الاسراء - 16 - 5 - 57

((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ٭ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا)) - الاسراء - 18، 19 - 4 - 148

((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)) - الاسراء - 23 - 5 - 167

ص: 32

((وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ٭ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)) - الاسراء - 26، 27 - 4 - 262

((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا)) - الاسراء - 33 - 1 - 330

((إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا)) - الاسراء - 42 - 3 - 252

((وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)) - الاسراء - 44 - 4، 5، 3، - 134، 120، 218،

((وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ)) - الاسراء - 64 - 1، 2 - 333، 164

((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)) - الاسراء - 70 - 3 - 59

((يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)) - الاسراء - 71 - 5 - 314

((أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)) - الاسراء - 78 - 1، 1 - 71، 213

ص: 33

((عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)) - الاسراء - 79 - 2 - 337

((إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)) - الاسراء - 81 - 4 - 353

((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ٭ قَيِّمًا)) - الكهف - 1، 2 - 1 - 261

((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ)) - الکهف - 28 - 3 - 140

((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ)) - الكهف - 28 - 5 - 299

((فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ)) - الکهف - 45 - 2 - 65

((كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا)) - الکهف - 45 - 4 - 149

((وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) - الکهف - 49 - 4 - 173

ص: 34

((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ٭ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)) - الكهف - 103، 104 - 4 - 287

((فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا)) - مریم - 17 - 1 - 186

((فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ)) - مریم - 23 - 5 - 341

((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ)) - مریم - 59 - 1 - 207

((وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ٭ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا)) - مریم - 71 - 72 - 3 - 91

((لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا)) - مریم - 94 - 1، 3، 3، - 138، 58، 71

((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)) - طه - 5 - 1 - 215

((وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي)) - طه - 42 - 3 - 254

((رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى)) - طه - 45 - 1 - 318

((لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)) - طه - 46 - 1 - 318

ص: 35

((فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً)) - طه - 67 - 1 - 317

((لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ٭ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا)) - طه - 68 - 69 - 1 - 318

((وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)) - طه - 82 - 1 - 162

((مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ٭ أَلَّا تَتَّبِعَنِ)) - طه - 92 - 93 - 1 - 157

((بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ)) - طه - 96 - 4، 5 - 61، 110

((وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا)) - طه - 97 - 2 - 14

((وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا)) - طه - 108 - 3 - 96

((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا، فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا، لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا)) - طه - 105 - 107 - 4 - 134

((وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)) - طه - 115 - 1 - 187

ص: 36

((فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى)) - طه - 117 - 1 - 194

((وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ)) - طه - 131 - 3 - 54

((بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ٭ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)) - الانبياء - 26، 27 - 3 - 239

((وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا)) - الانبياء - 32 - 1 - 170

((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا)) - الانبياء - 30 - 1 - 175

((وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)) - الانبياء - 33 - 5 - 281

((وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)) - الانبياء - 35 - 2، 4 - 30، 327

((يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ)) - الانبیاء - 49 - 3 - 172

((لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ)) - الانبياء - 80 - 4 - 265

((وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا)) - الانبياء - 90 - 3 - 93

((كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)) - الانبیاء - 104 - 4 - 163

ص: 37

((كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)) - الانبياء - 104 - 4 - 164

((إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)) - الانبياء - 104 - 4 - 164

((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) - الانبياء - 107 - 1، 4 - 114، 83

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)) - الحج - 1 - 4، 5 - 134، 155

((وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)) - الحج - 5 - 3 - 266

((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ)) - الحج - 11 - 4 - 352

((هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)) - الحج - 19 - 3 - 13 مرتین

((فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ)) - الحج - 19 - 4 - 137

((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)) - الحج - 27 - 1 - 224

ص: 38

((إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)) - الحج - 38 - 5 - 335

((فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) - الحج - 46 - 3 - 149

((اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا)) - الحج - 75 - 1، 3 - 178، 240

((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ٭ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ)) - المؤمنون - 12، 13 - 5 - 232

((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ٭ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ٭ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)) - المؤمنون - 12 - 14 - 3 - 295

((فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) - المؤمنون - 28 - 2 - 335

((وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا)) - المؤمنون - 29 - 2 - 335

ص: 39

((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ)) - المؤمنون - 30 - 4 - 64

((عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ)) - المؤمنون - 40 - 4 - 52

((ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى)) - المؤمنون - 44 - 1، 5 - 200، 259

((أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ)) - المؤمنون - 55، 56 - 3 - 189

((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)) - المؤمنون - 60 - 5 - 309

((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)) - المؤمنون - 115 - 2 - 289

((رَبِّ ارْجِعُونِ ٭ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ)) - المؤمنون - 99 - 100 - 5 - 35

((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) - النور - 19 - 4 - 353

ص: 40

((يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) - النور - 24 - 5 - 156

((وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ)) - النور - 32 - 1 - 214

((وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ)) - النور - 41 - 1 - 177

((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)) - النور - 55 - 5 - 28

((قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)) - الفرقان - 15 - 2، 2 - 114، 254

((قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ)) - الفرقان - 15 - 2، 2، 3 - 258، 322، 11

((وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا)) - الفرقان - 49 - 3 - 198

((تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا)) - الفرقان - 61 - 1 - 173

((وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)) - الفرقان - 64 - 4 - 53

ص: 41

((وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ٭ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ)) - الشعراء - 90، 91 - 5 - 132

((تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٭ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) - الشعراء - 97، 98 - 3 - 212

((فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ)) - الشعراء - 157 - 1، 2 - 191، 52

((وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ)) - الشعراء - 184 - 3 - 278

((أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا)) - النمل - 8 - 3 - 325

((قَالَتْ نَمْلَةٌ)) - النمل - 18 - 3، 3 - 311، 312

((قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)) - النمل - 65 - 3، 4 - 24، 280

((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) - القصص - 83 - 1، 1 - 299، 301

((إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ)) - القصص - 4 - 1 - 300

((رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)) - القصص - 24 - 5 - 179

ص: 42

((فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ)) - القصص - 66 - 3 - 97

((وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ)) - القصص - 77 - 1 - 300

((وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ)) - القصص - 75 - 5 - 314

((آلم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)) - العنكبوت - 1، 2 - 5 - 136

((فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا)) - العنكبوت - 14 - 4 - 156

((وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)) - العنكبوت - 43 - 2 - 35

((ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)) - العنکبوت - 25 - 5 - 70

((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) - العنكبوت - 69 - 2 - 311

((فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)) - الروم - 30 - 1 - 201

((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ)) - الروم - 46 - 1 - 144

((وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ)) - الروم - 58 - 3 - 57

ص: 43

((وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)) - لقمان - 19 - 5 - 197

((وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)) - لقمان - 20 - 3 - 59

((وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) - لقمان - 33 - 3، 4 - 61، 323

((إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) - لقمان - 34 - 3، 3 - 23، 33

((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)) - لقمان - 34 - 3 - 24

((إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)) - لقمان - 34 - 4 - 282

((إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) - لقمان - 34 - - 299

((يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا)) - السجدة - 16 - 3 - 93

ص: 44

((وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا)) - الأحزاب - 11 - 5 - 155

((وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا)) - الأحزاب - 18 - 5 - 208

((يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ)) - الأحزاب - 19 - 2 - 181

((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)) - الأحزاب - 23 - 4 - 213

((فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)) - الأحزاب - 23 - 4 - 229

((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ)) - الأحزاب - 39 - 4 - 213

((وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)) - الأحزاب - 46 - 1 - 115

((وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ)) - الأحزاب - 50 - 1 - 213

((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)) - الاحزاب - 58 - 5 - 101

((مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ٭ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)) - الأحزاب - 61، 62 - 3 - 307

ص: 45

((رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا)) - الأحزاب - 67 - 4 - 8

((يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)) - سبأ - 10 - 5 - 180

((وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ٭ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ)) - سبأ - 10 - 11 - 5 - 177

((لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ)) - سبأ - 15، 16 - 5 - 268

((أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)) - سبأ - 19 - 4 - 16

((وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)) - سبأ - 24 - 1 - 318

((بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)) - سبأ - 46 - 5 - 160

((جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)) - فاطر - 1 - - 198

((أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)) - فاطر - 1 - 3 - 238

ص: 46

((أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)) - فاطر - 1 - 3 - 238

((وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) - فاطر - 5 - 1، 4 - 75، 323

((فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) - فاطر - 8 - 5 - 211

((فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)) - فاطر - 8 - 5 - 211

((وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ)) - فاطر - 10 - 4 - 353

((خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ)) - فاطر - 11 - 1 - 157

((وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)) - فاطر - 14 - 5 - 98

((وَغَرَابِيبُ سُودٌ)) - فاطر - 27 - 2 - 103

((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)) - فاطر - 28 - 4، 5 - 118، 131

((وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)) - یس - 40 - 1 - 174

((يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ)) - یس - 30 - 2 - 97

((فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)) - یس - 41 - 2 - 136

((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ)) - یس - 51 - 1 - 206

((مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا)) - یس - 52 - 3 - 97

ص: 47

((إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)) - يس - 53 - 5 - 158

((وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)) - یس - 59 - 3، 4 - 71، 233

((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ)) - یس - 60 - 1، 5، 5 - 199، 37، 69

((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) - يس - 60 - 4 - 85

((الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ)) - یس - 80 - 4 - 313

((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) - یس - 82 - 1 - 155

((وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)) - الصافات - 1 - 1 - 177

((إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)) - الصافات - 6 - 3، 5 - 229، 284

ص: 48

((إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ٭ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ)) - الصافات - 6، 7 - 1، 4 - 170، 261

((بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)) - الصافات - 6 - 1 - 172

((إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)) - الصافات - 10 - 3 - 230

((إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ)) - الصافات - 11 - 1 - 184

((مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ)) - الصافات - 25 - 4 - 170

((بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ٭ بَيْضَاءُ)) - الصافات - 45 - 46 - 1 - 303

((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ)) - ص - 26 - 2 - 211

((حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ)) - ص - 32 - 3 - 294

((فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ)) - ص - 33 - 3 - 288

((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ٭ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)) - ص - 71، 72 - 1 - 189

ص: 49

((مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)) - الزمر - 3 - 1 - 210

((الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)) - الزمر - 18 - 4 - 74

((إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)) - الزمر - 30 - 5 - 52

((إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا)) - الزمر - 53 - 3، 5 - 156، 336

((لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)) - الزمر - 63 - 4 - 312

((أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)) - الزمر - 56 - 5 - 8

((أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)) - الزمر - 64 - 4 - 261

((إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ)) - غافر - 18 - 3 - 69

((وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ)) - غافر - 43 - 3 - 311

((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) - غافر - 60 - 3 - 190

((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ)) - غافر - 67 - 4 - 163

ص: 50

((قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا)) - غافر - 74 - 5 - 70

((فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)) - فصلت - 11 - 3، 5 - 218، 120

((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)) - فصلت - 11 - 3 - 223

((وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ)) - فصلت - 12 - 1 - 172

((حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا)) - فصلت - 20، 21 - 5 - 156

((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)) - فصلت - 30 - 5 - 314

((الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ)) - فصلت - 30 - 5 - 316

((تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ)) - فصلت - 30 - 5 - 316

((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ)) - فصلت - 34 - 3 - 179

ص: 51

((أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) - فصلت - 40 - 2 - 114

((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)) - فصلت - 53 - 2 - 239

((قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)) - الشورى - 23 - 5 - 61

((وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)) - الشوری - 28 - 4 - 194

((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)) - الشوری - 30 - 2 - 43

((الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا)) - الزخرف - 10 - 3 - 277

((إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)) - الزخرف - 23 - 3 - 89

((وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)) - الزخرف - 44 - 3 - 133

((وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا)) - الزخرف - 45 - 2 - 160

((لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ)) - الزخرف - 75 - 3 - 116

ص: 52

((ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)) - الدخان - 49 - 3 - 305

((وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً)) - الجاثية - 23 - 1 - 313

((وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ)) - الجاثية - 23 - 1 - 313

((مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)) - الجاثية - 24 - 1 - 210

((فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)) - الجاثية - 35 - 4 - 309

((وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ)) - الاحقاف - 21 - 2 - 194

((أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا)) - الاحقاف - 22 - 3 - 120

((قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا)) - الاحقاف - 22 - 4 - 105

((بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)) - الاحقاف - 24 - 1 - 144

((وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)) - الاحقاف - 29 - 4 - 56

((وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى)) - محمد - 15 - 5 - 264

((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) - محمد - 19 - 1 - 215

((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)) - محمد - 31 - 4 - 247

((وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ)) - محمد - 38 - 5 - 8

ص: 53

((فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ)) - الفتح - 10 - 1 - 298

((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)) - الفتح - 29 - 3 - 79

((الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)) - الحجرات - 6 - 5 - 67

((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)) - الحجرات - 9 - 4، 5 - 255، 294

((فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)) - الحجرات - 9 - 5 - 293

((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)) - الحجرات - 10 - 4 - 169

((وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)) - الحجرات - 13 - 3، 5 - 219، 18

((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) - الحجرات - 13 - 4، 4 - 12، 119

ص: 54

((وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)) - ق - 16 - 5 - 224

((يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)) - ق - 42 - 5 - 158

((وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)) - الذاريات - 22 - 5 - 12

((وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)) - الذاريات - 41 - 1 - 144

((فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ)) - الذاريات - 50 - 5 - 153

((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) - الذاریات - 56 - 3، 4، 5 - 77، 143، 37

((وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ)) - الطور - 2 - 1 - 232

((يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ٭ وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا)) - الطور - 9، 10 - 4 - 133

((الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ)) - النجم - 32 - - 218

ص: 55

((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)) - القمر - 1 - 4 - 41

((وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ)) - القمر - 4 - 2 - 92

((فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ)) - القمر - 11 - 3 - 224

((وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا)) - القمر - 12 - 2 - 252

((فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ)) - القمر - 30 - 5 - 159

((وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)) - الرحمن - 6 - 1 - 190

((خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ٭ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)) - الرحمن - 14، 15 - 1 - 157

((كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)) - الرحمن - 26 - 1، 3 - 252، 294

((لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ)) - الواقعة - 2 - 4 - 108

((إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا)) - الواقعة - 4 - 4 - 133

((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ٭ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)) - الواقعة - 10، 11 - 4 - 300

((بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ)) - الواقعة - 18 - 5 - 264

ص: 56

((فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ٭ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ)) - الواقعة - 28، 29 - 4 - 71

((وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)) - الواقعة - 30 - 2 - 334

((فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ)) - الواقعة - 93 - 3 - 114

((هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ)) - الحديد - 3 - 2 - 294

((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا)) - الحديد - 11 - 2 - 9

((سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) - الحديد - 21 - 2، 5 - 146، 298

((لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ)) - الحدید - 29 - 1 - 157

((مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ)) - المجادلة - 7 - 5 - 83

((فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)) - الحشر - 2 - 4 - 33

((مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ)) - الحشر - 7 - 5 - 279

((كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)) - الحشر - 7 - 4 - 301

((فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ)) - الحشر - 14 - 4 - 265

ص: 57

((كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)) - الحشر - 16 - 3، 5 - 102، 352

((كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)) - الصف - 3 - 4 - 293

((كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)) - الصف - 4 - 4 - 61

((قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ)) - الجمعة - 8 - 5 - 43

((فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ)) - الجمعة - 10 - 3 - 109

((كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ)) - المنافقون - 4 - 4 - 100

((لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا)) - المنافقون - 7 - 5 - 278

((زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا)) - التغابن - 7 - 5 - 172

((وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) - الطلاق - 3 - 3 - 190

((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ)) - الطلاق - 12 - 5 - 285

((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)) - الطلاق - 12 - 5 - 230

((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)) - الطلاق - 12 - 3 - 233

ص: 58

((سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ)) - الطلاق - 12 - 3، 5 - 233، 285

((وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ)) - الملك - 5 - 4 - 261

((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا)) - الملك - 30 - 3 - 175

((يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ)) - القلم - 42 - 3، 4 - 314، 341

((الْحَاقَّةُ ٭ مَا الْحَاقَّةُ)) - الحاقة - 1، 2 - 4 - 244

((وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً)) - الحاقة - 14 - 4 - 134

((وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا)) - الحاقة - 17 - 1 - 162

((فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ)) - الحاقة - 21 - 5 - 26

((إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ٭ وَنَرَاهُ قَرِيبًا)) - المعارج - 6، 7 - - 229

((إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ٭ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ٭ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)) - المعارج - 19، 20، 21 - 2 - 143

((اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ٭ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ٭ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ)) - نوح - 10، 11، 12 - 5 - 11

ص: 59

((مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)) - نوح - 13 - 1 - 162

((خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا)) - نوح - 14 - 3 - 116

((وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا)) - نوح - 14 - 14 - 176

((وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا)) - نوح - 16 - 1، 1 - 173، 174

((رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ٭ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا)) - نوح - 26، 27 - 2 - 115

((وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا)) - الجن - 9 - 3، 3 - 225، 230

((وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)) - الجن - 15 - 1 - 299

((عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)) - الجن - 26، 27 - 2، 4 - 334، 280

((وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا)) - الجن - 28 - 1 - 139

((يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا)) - المزمل - 14 - 4 - 133

ص: 60

((يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا)) - المزمل - 17 - 1 - 260

((كَلَّا وَالْقَمَرِ)) - المدثر - 32 - 2 - 325

((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٭ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ)) - المدثر - 38، 39 - 3 - 178

((هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى)) - المدثر - 56 - 4 - 157

((كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ)) - القيامة - 26 - 3 - 294

((وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)) - القيامة - 29 - 3 - 314

((أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى)) - القيامة - 36 - 2 - 289

((هَلْ أَتَى)) - الانسان - 1 - 5 - 108

((إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ)) - الانسان - 2 - 3 - 289

((وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا)) - الانسان - 11 - 1 - 195

((أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا)) - النبأ - 6 - 3، 5 - 277، 220

((يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ٭ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ)) - النازعات - 6، 7 - 4 - 134

((وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)) - النازعات - 30 - 2، 3 - 328، 265

((وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ)) - التكوير - 12 - 2 - 184

((إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ)) - الانفطار - 1 - 4 - 133

ص: 61

((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ٭ كِرَامًا كَاتِبِينَ ٭ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)) - الانفطار - 10، 11، 12 - 1، - 179، 260

((وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)) - المطففين - 3 - 4 - 102

((إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)) - الانشقاق - 1 - 4 - 133

((إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ)) - الانشقاق - 14 - 3 - 119

((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ)) - الانشقاق - 19 - 4 - 52

((خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ)) - الطارق - 6 - - 13

((يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)) - الطارق - 9 - 4، 4 - 216، 217

((فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا)) - الطارق - 17 - 4 - 13

((إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ)) - الطارق - 13 - 3 - 331

((إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)) - الفجر - 14 - 4 - 13

((فَادْخُلِي فِي عِبَادِي)) - الفجر - 29 - 3 - 188

((وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)) - البلد - 10 - 3 - 138

((كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى)) - العلق - 6 - 2 - 326

((بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)) - الزلزلة - 5 - 1 - 159

((وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)) - الزلزلة - 8 - 2 - 144

ص: 62

((إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)) - العاديات - 6 - 2 - 161

((وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)) - العاديات - 8 - 2 - 161

((وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)) - الفلق - 3 - 2 - 237

((وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)) - الضحى - 2 - 5 - 225

ص: 63

ص: 64

فهرس الأحاديث

ص: 65

ص: 66

الحديث - الجزء - الصفحة

أربعة لا تزال في أمتي الى يوم القيامة الفخر بالاحساب، والطعن في لانساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة - 3 - 41

ألا أن مثل أهل بيتى فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك - 2 - 72

((ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله). - 4 - 208

((إنَّ الأرض لم تسلط عليّ وإنها لا تأكل ليّ لحماً ولا تشرب لىّ دماً)) - 3 - 162

إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله - 3 - 242

((إنَّ روح القدس نفث في روعي)) - 3 - 101

((إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) - 3 - 100

((إن قيد انقاد، وإن أنيخ على الصخرة استناخ)) - 3 - 310

(أن يكون الولد غيظاً، والمطر قيظاً) - 4 - 110

((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) - 1 - 115

((أنا فرطكم على الحوض)) - 3 - 268

((أنهار الجنة تجري في غير أخدُود)) - 3 - 268

((إنَّهُم يَمرُقون من الدّين كما يَمْرقُ السّهم من الرّمية)) - 1، 4، - 180، 38

ص: 67

((إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي)) - 2، 3 - 73، 165

((إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) - 3، - 159، 165

(اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السماء الى الأرض [وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا على الحوض) - 5 - 134

((إنّي مظلوم فانتصر)) - 3 - 124

((بشر أمتي بالسناء)) - 4 - 85

((جفْ القلم بمَا هو كائن) - 1 - 179

((الجنة تحت ضلال السيوف)) - 4 - 247

(خير النّاس رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله كلّما سمع هيعة طار اليها) - 2 - 199

رأيت الجنّة والنار ممثلين في الجدار - 1 - 186

((رب أشعث أغبر ذي طمرين لايُؤبَهُ لهُ، لو أقسم على الله لأبرَّه) - 4 - 25

(ستقاتل بعدي الناكثين القاسطين والمارقين) - 1 - 299

(سَوّوُا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)) - 3 - 251

(شر الروايا روايا الكذب)) - 1 - 158

ص: 68

(ضمن الله خلقه أربع خصال الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، والغسل من الجنابة)) - 4 - 217

(قاضي ديني، ومنجز وعدي) - 4 - 213

كلّ مولوُد يولد على الفطّرة حتى يكون أبواه هما اللّذان يهودانه وينصّرانه ويمجسانه - 1، 4 - 202، 143

(كنت في خير دارٍ، وشر جيران)) - 1 - 238

(لا توله والده بولدها) - 3 - 287

(لا رهبانية في الاسلام) - 2 - 251

((لا يؤدي عني إلاَّ أنا أو رجل مني)) - 4 - 213

(لا يحبك إلاَّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق) - 4 - 266

((اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً)) - 1 - 144

((اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه)) - 4 - 214

(للجنّة باب يقال له: باب المجاهدين يمضون اليه فإذا مفتوح وهم متقلّدون بسُيوُفهم والجمع في الموقف والملائكة ترحب بهم) - 2 - 125

((اللهم إنَّ عمرو بن العاص هجاني، ولست بشاعر، فالعنه بعدد ما هجاني)) - 3 - 124

((اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل

حرف ألف لعنة، فعليك إذا من الله ما لا یحصی من اللعن)) - 3 - 125

ص: 69

((اللهم عليك بقريش)) - 3 - 124

(ما من فرحه إلاَّ ويتبعها ترحة) - 4 - 258

(مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق) - 1 - 320

(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) - 4 - 244

(من اختلف الى المسجد أصاب احدى الثمان) - 1 - 178

من مات ولم يحجّ فليمت إن شاء يهودياً و إن نشاء نصرانياً - 1 - 227

((من سن سنة سيئة فله وزرها، ووزر من عمل بها الى يوم القيَامة)) - 2 - 57

((نحن معاشر الانبياء لا نورث)) - 4 - 264

((ولا تسبوا الدهر فإنَّ الدهر هو الله)) - 4 - 116

((ولخرجتم الى الصعدات تجأرون الى الله)) - 4 - 198

(ويل أمه مسعر حرب) - 2 - 327

(يا خيل الله اركبي) - 1، 2 - 333، 163

((يبلغ العرق بهم ما يلجمهم)) - 4 - 53

((يريبني ما يريبها) - 4 - 119

((يقتطع بها مال امرئ مسلم)) - 1 - 200

ص: 70

فهرس القبائل

ص: 71

ص: 72

القبائل - الجزء / الصفحة

الازد شنؤة - 2 / 130

بنو أسد - 2 / 7، 5 / 251،

بنی اسرائیل - 1 / 13 - 14

ابنو أميّة - 1 / 283، 1 / 292، 1 / 325، 2 / 22، 2 / 25، 2 / 31، 2 / 156، 2 / 328، 3 / 9، 3 / 17، 3 / 18، 3 / 181، 3 / 301، 3 / 307، 3 / 3، 315 / 316، 3 / 317، 3 / 322، 3 / 323، 3 / 324، 4 / 27، 4 / 39، 4 / 52، 4 / 73، 4 / 89، 4 / 99، 5 / 20، 5 / 51، 5 / 162، 5 / 267، 5 / 269، 5 / 277

بنو ابیه - 2 / 105

بنو بویه - 3 / 313

بنو تمیم - 1 / 117، 4 / 270، 5 / 225

بنو تیم - 1 / 287

بنو جديلة - 5 / 205، 5 / 206

بنو جشم - 2 / 194

بنو الحارث بن کعب - 2 / 83

بنو حنيفة - 1 / 265، 2 / 7، 2 / 88

بنو زهرة - 1 / 283، 1 / 287، 4 / 328

ص: 73

بنو ساعدة - 2 / 312

بنو سلیم - 2 / 115، 2 / 116

بنو شيبان - 2 / 272

بنو ضبة - 2 / 13

بنو عامر بن لؤي - 4 / 95

بنو العباس - 3 / 3، 313 / 315، 3 / 322، 3 / 324، 4 / 346

بنو عبد المناف - 1 / 287، 2 / 24

بَنو فِرَاسِ بنِ غَنْمٍ - 2 / 114، 2 / 115

بنو فهر بن مالك - 4 / 95

بنو كعب بن لؤي - 4 / 95

بنو کنانة - 2 / 115

بنو کندة - 2 / 79، 2 / 83، 2 / 88

بنو ناجية - 2 / 225، 2 / 226، 5 / 352

بنو النجار - 2 / 82

بنو النضر - 3 / 328، 3 / 329

بنو وليعة - 2 / 84، 2 / 85

بنو هاشم - 1 / 287، 2 / 24، 3 / 125، 3 / 329، 5 / 18، 5 / 19، 5 / 218

عبد القيس - 4 / 272

ص: 74

غامد - 2 / 130

قریش - 1 / 238، 1 / 282، 1 / 283، 1 / 292، 2 / 12، 2 / 137، 2 / 138، 2 / 179، 2 / 224، 2 / 225، 2 / 313، 3 / 124، 3 / 125، 3 / 301، 3 / 307، 3 / 322، 4 / 69، 4 / 96، 4 / 303، 5 / 17، 5 / 18، 5 / 215، 5 / 286، 5 / 287

قوم عاد - 4 / 160

معد یکرب - 2 / 79

النخع - 2 / 13

همدان - 2 / 13

هوازن - 2 / 194، 4 / 200

ص: 75

ص: 76

فهرس الكتب

ص: 77

ص: 78

الكتب - الجزء / الصفحة

(الفضائل المناقب) - 2 / 72

الاحتجاج - 1 / 274، 3 / 41، 3 / 124

ارتشاف الضرب - 4 / 139

الارشاد - 1 / 246، 1 / 272، 2 / 55، 2 / 60، 2 / 2، 61، 62، 2 / 65، 2 / 67، 2 / 70

الاستيعاب - 1 / 264، 1 / 270، 1 / 279، 1 / 280، 1 / 294، 2 / 111، 2 / 272، 3 / 129

أصول الكافي - 2 / 25، 2 / 46، 2 / 55، 2 / 58، 2 / 60، 2 / 61، 2 / 66، 2 / 70، 2 / 2، 83 / 90، 2 / 99، 2 / 100، 2 / 124، 2 / 126، 2 / 149، 3 / 205، 5 / 172

الأمالي، الطوسي - 1 / 272

الانساب - 3 / 126

انساب الاشراف - 1 / 268

الانصاف / ابو جعفر ابن قبة - 1 / 248

الأوائل - 1 / 290

البيان والتبيين - 2 / 43، 2 / 174

تاريخ الطبري - 1 / 268، 1 / 281، 1 / 284، 2 / 89، 5 / 27

ص: 79

التّبيان - 1 / 138، 1 / 187، 1 / 190، 1 / 219

تعبير الرؤيا - 3 / 42

التهذيب - 1 / 211

التوقيعات - 3 / 43

جامع الأصول - 2 / 72

جمهرة النسب - 2 / 83

حياة الحيوان - 1 / 224

الخصال - 3 / 23، 3 / 33، 5 / 141

الدروس الشرعية في فقه الامامية - 3 / 47

ربيع الابرار - 3 / 126

رسالة النجوم - 3 / 33، 3 / 43

الرّوضة - 2 / 43، 3 / 42، 4 / 140، 5 / 184

السفيانية - 1 / 283

الشافي - 1 / 253، 1 / 255

الصحاح - 1 / 201، 1 / 207، 2 / 305.

صحیح مسلم - 2 / 72

العقد الفريد - 1 / 247

العلل - 1 / 187، 1 / 246، 1 / 251

ص: 80

العین - 1 / 129، 1 / 166، 1 / 177، 1 / 183، 1 / 186، 1 / 200، 1 / 225، 1 / 259، 1 / 277، 1 / 292، 1 / 304، 1 / 331، 2 / 2، 2 / 8، 2 / 12، 2 / 15، 2 / 191، 2 / 222، 5 / 136، 5 / 144، 5 / 255، 5 / 282.

عیون اخبار الرضا - 5 / 141

الغارات - 2 / 268

الغرر والدرر - 3 / 45

غريب الحديث - 2 / 47، 2 / 55، 2 / 65

الفتوح - 1 / 294

الفضائل، السمعاني - 1 / 269

الفقيه - 2 / 90، 2 / 231، 2 / 254، 2 / 255، 3 / 43

ص: 81

القاموس - 1 / 200، 1 / 207، 1 / 223، 1 / 248، 1 / 258، 1 / 291، 1 / 292، 1 / 312، 2 / 8، 2 / 64، 2 / 74، 2 / 183، 2 / 196، 2 / 213، 2 / 306، 3 / 14، 3 / 58، 3 / 80، 3 / 128، 3 / 141، 3 / 165، 3 / 250، 3 / 274، 3 / 320، 4 / 27، 4 / 63، 4 / 111، 4 / 198، 4 / 254، 4 / 258، 5 / 53، 5 / 104، 5 / 229، 5 / 245، 5 / 303.

قرب الاسناد - 2 / 223، 2 / 268

القواعد والفوائد - 2 / 252، 3 / 47

الكامل في التاريخ - 1 / 284، 1 / 294، 2 / 175

الكامل، للمبرد - 2 / 124، 2 / 133، 2 / 138

کتاب السقيفة - 4 / 294

کتاب صفين - 3 / 33

الكشاف - 1 / 172، 1 / 174، 1 / 244

الكشف والبيان - 1 / 211

مجمع البيان - 1 / 179، 1 / 220، 4 / 216، 5 / 177، 5 / 278

ص: 82

مختصر العين - 3 / 153

المسائل السلارية - 3 / 45

مروج الذهب - 4 / 273

المصباح المنير - 3 / 136، 3 / 145، 3 / 146، 3 / 166، 3 / 174، 3 / 179، 3 / 241، 3 / 298، 4 / 36، 4 / 129، 4 / 198 5 / 65، 5 / 122، 5 / 201، 5 / 202، 5 / 244، 5 / 260

المعارف - 2 / 273

معاني الاخبار - 1 / 1، 187 / 246، 1 / 251

المغرب في المعرب - 4 / 141

مغني اللبيب - 1 / 244، 1 / 268، 5 / 70

المغني في ابواب التوحيد - 1 / 250، 1 / 253، 1 / 255

المفاخرات - 3 / 125

المقالات - 3 / 44

مناقب ابن الجوزي - 1 / 246

ص: 83

النهاية - 1 / 247، 1 / 247، 1 / 258، 1 / 274، 1 / 285، 1 / 309، 1 / 324، 2 / 15، 2 / 40، 2 / 41، 2 / 55، 2 / 64، 2 / 66، 2 / 73، 2 / 305، 2 / 306، 2 / 223، 3 / 160، 3 / 127، 3 / 165، 3 / 220، 3 / 242، 3 / 243، 3 / 274، 3 / 284، 3 / 320، 4 / 18، 4 / 20، 4 / 63، 4 / 65، 4 / 72، 4 / 103، 4 / 110، 4 / 129، 4 / 141، 4 / 193، 4 / 201، 4 / 202، 225، 4 / 233، 4 / 277، 5 / 16، 5 / 246.

نهاية العقول - 1 / 269

نهج البلاغة - 3 / 31، 3 / 32، 4 / 321.

ص: 84

فهرس الأشعار

ص: 85

ص: 86

قافیة الباء

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء / الصفحة

الطويل - إذا استوحشت آذانها استأنست لها أناسّيُ مَلحُودٌ لها في الحَواجب - ذو الرمة - 1 / 186

الکامل - قد سرتُ في الميداني يومَ طِرادِهم فَعجِبتُ حتى كِدتُ أن لا أعجبا - ابن هانئ المغربي - 5 / 210

انما خالق الخلائق من زعزع أركان حصن خير جذباً قد رضينا به اماماً ومولى وسجدنا له الهاً ورباً - 5 / 305

قافية الدال

البحر - البیت الشعري - قائله - الجزء / الصفحة

الطویل - أَمَرْتُكُمُ أَمْري بِمُنْعَرَجِ الِّلوَى

فَلَمْ يَسْتَبينُوا النُّصْحَ إلّ ضُحَى اْلغَدِ - درید بن الصمة - 2 / 194

ص: 87

البسيط - ما أكثر الناس لا بل ما أقلهمُ الله يعلم أني لم أقل فنداً إني لأفتحُ عيني ثم أغمضها على كثير، ولكن لا أری أحداً - دعبل الخزاعي - 4 / 72

قافية الراء

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء /الصفحة

شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَىَ كوُرِهَا وَيَوْمُ حَيَّانَ أخِي جَابِرِ - الاعشی - 1 / 264

أرَمْي بِهَا الْبيْدَ إذَا هَجَّرَتْ وَأنتَ بَنَ الْقَرِو وَالْعَاصر - الاعشی - 1 / 266

قَدْ جَبَرَ الدِّيْنَ الإلهُ فَجَبَرْ - 2 / 34

أخو الحرب إن عضّت بهِ الحربُ عضّها

وإنْ شمرَّتْ عن ساقِها الحربُ شمرّا - حاتم الطائي - 3 / 314

فحللت منها بالبطاح وحل غيرك بالظواهر - کمیل بن زید - 4 / 96

وأنا ابن معتلج البطاح إذا غدا غيري، وراح على متون ظواهر - کمیل بن زیاد - 4 / 96

الطويل - حدابر مَا تَنْفَك إلاَّ مُناخَةً

على الخَسْفِ أو نَرْمي بِا بَلَداً قفرا - ذو الرمة - 4 / 195

ص: 88

قافية الزاي

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء / الصفحة

أیَّها المانِعُ سيفاً لم يهز إنَّما مِلْتَ عَلى خَزٍّ وَقَزُّ إنَّما أَنْتَ خَروُف ماثِلٌ بین ضَرْعینِ وصُوفٍ لم يُجزُّ أعْطِ عَمرواً إنَّ عَمرواً تَارِكٌ دِينَهُ اليَوْمَ لَدِنيا لَمْ تُحزْ

أَعْطِه مْصِرِاً وَزدهُ مِثْلَها إنَّمِا مِصرٌ لِمَنّ عز فبز - 2 / 123

قافية السين

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء / الصفحة

عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاساً - 2 / 136

قافية الشين

البحر - البيت الشعري - قائلة - الجزء / الصفحة

وقريشٌ هي التّي تسكن البحر وبها سُمِّيَتْ قُریش قُریشاً - 2 / 138

ص: 89

قافية الضاد

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء /الصفحة

کشیش أفعى أجمعت لعضِّ وهي تحك بعضها ببعض - 4 / 241

قافية العين

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء الصفحة

الطويل - أُولئِك آبائي فَجِئْنِي بمثْلِهِمْ

إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَريرُ المَجَامِعُ - الفرزدق - 1 / 123

مُعاوِي لا أعُطْيِكَ دْينْي وَلَمْ أَنَلْ

بِه مِنْكَ دُنيا فأنْظَرُنَ كَيْفَ تَصْنَعَ - 2 / 122

کنار الحرّتين لها زفير تصم مّسامعَ الرّجُل السّميع - 2 / 176

استمطروا من قريش كل منخدع - الفرزدق - 4 / 69

اخذنا بأطراف السماء علیکم لنا قمراها والنجوم الطوالع - الفرزدق - 4 / 228

ص: 90

قافیة الفاء

البحر - قائله - الجزء / الصحیح

إذا بُنِيَ القباب على عكاظ وقام البيع واجتمع الألوف - أبو ذؤیب - 2 / 234

الرجز - وصاحب لي بطنه كالهاوية

كان في أمعائه معاوية - ینسب الی: محمد الضریر القزویني - 2 / 264

محمد النبيّ أخي وصنوي وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يصبح ويمسي يطير مع الملائكة ابن أُمي سبقتكم إلى الإسلام طُرًّا غلاماً ما بلغتُ أوان حُلْمي - نقلا عن أبي الحدید - 2 / 273

قافية القاف

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء / الصحيفة

وَلَقَدْ غَمَنّي زِيَارَة ذي قُربىْ لِقُربْنَا مُشْتَاقٍ

سَاءَها مَا بنا تبین في الاَيْدي وأشناقها الى الاعناق - عديِّ بنِ زَیْدٍ الْعبَاديّ - 1 / 309

ص: 91

قافیة اللام

البحر - البیت الشعري - قائله - الجزء / الصفحة

يَا حارِ هَمدْانَ مَنْ يَمْتُ يَرَنَي مِنْ مؤمِنٍ أوْ مُنَافِقٍ قُبُلاَ يَعْرفَنْي طَرفْهُ وأعَرِفُهُ

بِعَيِنَيْهِ وَاسْمِه وَمَا فَعَلاَ أقُولُ لِلنَّارِ وَهَي تُوقَدُ لِلْعَرْضِ ذَريْهِ لا تَقْرُبْ الرَّجُلا

ذَريْه لا تَقْرَبِيْهِ إِنَّ لَهُ حَبْلاً بِحَبْلِ الْوَصِيّ مُتِصَّلاً - الحارث الاعور الهمذاني - 2 / 90

هِي فَذّو تَوأمٌ وَرَقيبٌ ثُم حِلْسٌ ونَافِسٌ ثمْ مُسْبِلٌ وَالمُعَىّ وَالوَغْدُ ثمَّ سَفْيحٌ وَمَنْيخٌ هذِهِ الثاثَة تُمَلْ وَلِكُّلٍ مَّمِا عَداها نَصْيبٌ مثله أن تُعَدَّ أوّل أوّل - 2 / 101 - 102

لَعَمْرُ أَبيكَ الْخَیْرُ يَا عَمْرُو إِنَّنِي

عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الْإِنَاءِ قَلِيلِ - 2 / 112

ص: 92

وَدَعْ عَنْكَ نَهَباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ

ولكن حديثاً ما حديث الرواحل - امرؤ القيس - 5 / 202

قافية الميم

البحر - البيت الشعري - قائله - الجزء / الصفحة

هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الحَمِيمِ - أبو جندب الهذلي 2 / 116

أَلا يا أمُ ذَنباع أَقيِمْى صُدُوَر اْلعَيْسِ نَحو بَنى تَيْمٍ - ابو جندب لهذلي - 2 / 117

قافیة النون

البحر - البیت الشعري - قائلة - الجزء / الصفحة

هي زَهْراءُ مِثل لُؤلُوءة اْلغَوّاصِ

ميُزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونٍ وإذا مَا نَسْبتَها لَم تَجِدْها فِي سَناءٍ مِنَ اْلمَكارِمِ دُوْنٍ

ثُمَّ خَاصَرْتُا اِلَی اْلقُبَّةِ اْلخَضْ راءِ تمشي في مَرْمَرٍ مَسْنُونٍ - حسان بن ثابت - 1 / 183

مهضومَة الكَشحَيْن خَرْماء الحَسَن - للِشَّنْفرى - 1 / 297

ص: 93

البحر - البیت الشعري - قائلة - جزء / صفحة

بنی هَاشمٍ رُدُّوُا سِلاحَ ابْن أخْتِكُم

ولَا تَنْهَبُوهُ و ه لاَ تَحِلُّ مَنْاهِبُه بنى هَاشِمٍ كَيفَ الهَوادِةُ بَينَنَا

وَعِنْدَ عَلَيًّ دِرْعُهُ وَنَجائِبُهُ قَتَلتم أخي كَيْما تَكُونوا مكانه كَمّا غَدَرَتْ يَوْماً بكسرى مَرازِبهُ - 2 / 24

البحر الطويل - فلا تسئلونُا سَيْفَكُم إن سَيْفَكُم أضيع وألقاه لدى الروّع صاحِبهُ وَشَبَّهْتَهُ كسرى وَقَدْ كانَ مِثْلهُ شَبيِهاَ بكِسرى هدَيُه و ضرائِبهُ - عبدالله

بن أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب - 2 / 24

ص: 94

ومن أهلك عاد و ثمود بدواهيه ومن كلم موسی فوق طور إذ يناديه ومن قال على المنبر يوماً وهو راقيه سلوني أيها الناس فحاروا في معانيه - 5 / 305

قافية الياء

البحر - البیت الشعري - قائلة - جزء / صفحة

الطویل - وإنِّي وإن أَوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ

لمخْلِفَ إِيعَادِي ومنجز موعدي - عامر بن طفیل - 1 / 217

ص: 95

ص: 96

فهرس الأمثال

ص: 97

ص: 98

ت - الأمثال - الجزء - الصفحة

1 - (أخذها بأصبارها) - 3 - 321

2 - (أعز من بيض الانوق) - 3 - 234

3 - (إنما أنت كبرقٍ خُلَّب) - 4 - 192

4 - (أيدي سبا) - 4 - 15

5 - (رُبَّ عجلة وهبت ريثاً) - 3 - 218

6 - (رُبَّ قول أشدّ من صولٍ)- 1، 2 - 257، 21

7 - (لا يكذب الرائد أهله) - 4 - 106

8 - (لو ذات سوار لطمتني) - 1، 3 - 164، 259

9 - ((ما في هذا الأمر رتبٌ ولا عتبٌ)) - 3 - 170

10 - ((ماله حانة ولا آنة)) - 4 - 185

11 - (من سلك الجدد آمن العثار) - 5 - 200

12 - (مَنْ يَأْتِ اْلحكمَ وَحْدَهُ يَفلُجُ) - 2 - 108

13 - ((الغضب غول الحلم) - 4 - 149

ص: 99

ص: 100

فهرس الأعلام

ص: 101

ص: 102

الاسم - الجزء / الصفحة

إبراهيم (عليه السلام) - 1 / 114، 224، 3 / 330، 4 / 94

أبرهة بن الحارث - 3 / 150

أبرویز - 4 / 48

ابن الأثير - 1 / 158، 1 / 162، 1 / 175، 1 / 186، 1 / 285، 1 / 287، 1 / 290، 1 / 298، 1 / 301، 1 / 301، 1 / 304، 1 / 312، 1 / 333، 2 / 2، 40 / 41، 2 / 55، 2 / 73،

2 / 152، 2 / 185، 2 / 188، 2 / 306، 2 / 328، 3 / 18، 3 / 67، 3 / 85، 3 / 220، 3 / 329، 4 / 47، 4 / 65، 4 / 141، 4 / 193، 4 / 198، 4 / 201، 4 / 225، 48233،

4 / 238، 4 / 277، 4 / 278، 4 / 304، 4 / 309، 5 / 16، 5 / 65، 5 / 151، 5 / 177، 5 / 239، 5 / 249، 5 / 251، 5 / 275، 5 / 291، 5 / 303، 5 / 315، 5 / 342، 5 / 344.

ابن أبي عمير - 3 / 43

ابن أبي قحافة - 1 / 252، 1 / 253، 5 / 236

ابن الأعرابي - 1 / 48، 296

ص: 103

ابن جني - 4 / 137

ابن الحاجب - 3 / 311

ابن حیان - 4 / 139

ابن الجوزي - 1 / 246

ابن الخشاب - 1 / 247، 249، 307، 4 / 195

ابن إدریس - 1 / 280

ابن درید - 2 / 185

ابن دیزیل - 3 / 33

ابن السكيت - 1 / 128، 307، 2 / 32، 3 / 247، 4 / 191، 5 / 80، 202، 253، 262.

ابن القطاع - 5 / 125

ابن عبد ربه - 1 / 246

ابن فارس - 3 / 280، 5 / 222، 300

ابن قتيبة - 1 / 245، 2 / 47، 55، 65، 66 (2)، 160، 273

ابن الكلبي - 2 / 22، 23، 83

ابن کواء - 3 / 227

ابن کیسان - 4 / 50

ابن مالك - 3 / 139، 5 / 310؟

ص: 104

ابن ملجم - 2 / 285، 4 / 44، 128.

ابن میثم البحراني - 1 / 249، 2 / 11، 43، 48 (2)، 50، 58، 266 (3)، 5 / 203، 252، 2911

ابن هاني المغربي - 5 / 210

ابن هشام - 1 / 244 (2)

أبو البصیر - 2 / 328، 3 / 205

أبو بکر - 1 / 252، 253 (2)، 263 (2)، 268، 269 (3)، 272 (2)، 283، 285 (2)، 278، 289، 2 / 7، 14، 48 (2)، 50، 84، 85، 86 (3)، 87 (2)، 204، 272 (2)، 273، 315، 316 (2)، 317 (2)، 318 (8)، 319، 3 / 159، 302، 306، 4 / 260، 300، 331 (2)، 5 / 128، 129 (2)، 237، 295.

أبو بهيس هيصم - 2 / 282

أبو جعفر الاسكافي - 3 / 302

أبو جعفر بن قبة - 1 / 248 (2)

أبو جعفر بن محمد بن بابویه - 3 / 31

ص: 105

أبو جعفر بن محمد بن جرير - 2 / 89

أبو جندب الهذلي - 2 / 117

أبو جهل بن هشام المخزومي - 4 / 204

أبو الحسن 2 / 298، 3 / 152 (2)، 233 (2)، 5 / 285

أبو الحسن عليّ بن محمد العسكري (عليه السلام) - 1 / 280

أبو حرة الحنفي - 2 / 227

أبو خزيمة - 4 / 203

أبو حنيفة - 2 / 227، 3 / 311 (2)

أبو الدرداء - 4 / 216

أبو ذر الغفاري - 1 / 291، 2 / 272، 4 / 294 (2)، 296، 5 / 182

أبو ذؤيب - 2 / 324

أبو زيد - 2 / 217، 260، 4 / 139

أبو سعيد الخدري - 2 / 272

أبو سفيان بن حرب - 1 / 319 (3)، 3 / 126 (7)، 324

ص: 106

ابو صالح - 2 / 22

أبُو طالب - 1 / 189، 2 / 114، 137، 272، 184، 3 / 124، 4 / 239 (2)

أبو طالب الطبرسي - 3 / 41

أبو طلحة الانصاري - 1 / 284

أبو العباس السفاح - 4 / 52

ابو العباس المبرد أبو - 2 / 124، 2 / 133، 2 / 138، 3 / 92، 4 / 176

أبو عبدالله (عليه السّلام) أبي عبد الله (عليه السّلَام) الحسين (عليه السلام) - 1 / 179، 190، 196، 296، 297، 2 / 83، 47، 44، 202، 267، 3 / 237، 3 / 40، 41 (2)، 143، 205، 312، 317، 321، 4 / 32، 15، 73، 295، 5 / 141، 184، 278، 316

أبو عبيد - 1 / 308، 327، 5 / 253، 302، 332

أبو عبيدة معّمر بن المثنّی - 1 / 168، 177 184، 245، 269، 282، 2 / 43، 2 / 46، 164، 3 / 13، 126

أبو عبیدہ بن الجراح - 4 / 95، 5 / 286

أبو عثمان الجاحظ - 1 / 283، 2 / 43

ص: 107

أبو علي الجبائي - 1 / 247

أبو علي الفارسي - 3 / 250

أبو عمر بن عبد البّر - 1 / 264، 270، 179، 3 / 129

أبو عمر الزاهد - 4 / 203

أبو عمر محمدّ بن عبد الواحد (غلام ثعلب) - 1 / 296

أبو فراس الحمداني - 3 / 129

أبو القاسم إسماعیل بن عباد (کافي الكفاة) - 2 / 47

أبو القاسم البلخي - 1 / 248، 249

ابو قبیس - 1 / 197

أبو لؤلؤة فيروز - 1 / 279

أبو لهب بن عبد المطلب - 3 / 126

أبو موسى الأشعري - 2 / 189، 190، 3 / 219، 223

أبو معيط - 1 / 138، 3 / 124

أبو هاشم المعتزلي - 1 / 148

أبو هريرة الدوسي - 2 / 205، 206، 5 / 217

أبو هلال العسكري - 1 / 290

أحمد بن أعثم - 1 / 281، 294

ص: 108

أحمد بن عبد العزيز الجوهري - 4 / 294

أحمد بن محمد بن عیسی - 2 / 43

الأخفش - 1 /167، 191، 2 / 183، 322، 3 / 116، 4 / 145، 176، 211، 5 / 310

آدم (علیه السلام) - 1 / 151 (2)، 130، 137، 181، 187، 189 (3)، 190، 191، 193، 194، 195 (3)، 196 (2)، 197، 198، 199 (2)، 2 / 71، 100 (2)، 278 (2)، 279، 3 / 58، 100 (2)، 277، 278 (2)، 279، 4 / 85، 127، 143، 279، 5 / 37، 69، 109، 110، 232 (3)، 322

أرَوْى بنت كُرَيْز - 1 / 288

الأزهري - 1 / 178، 4 / 75، 78، 90، 129، 186، 241، 309، 5 / 124، 202، 245، 256، 260،

267، 273، 315،

أسماء بنت عمیس - 1 / 270، 317

إسماعيل بن إبراهيم - 2 / 177، 4 / 91

ص: 109

الأشعث بن قیس - 2 / 87 (2)، 86 (5)، 79 (3)، 80، 81 (4)، 83 (5)، 85 (3)، 86 (5)، 87 (2)، 88 (2)،

89، 187 (2)، 285 (2)، 3 / 22، 36، 4 / 25، 220 (2)، 221 (2)

الأصمعي - 1 / 259، 265، 326، 331، 255، 3 / 272، 277، 4 / 19، 5 / 163، 174

الاعشی - 1 / 164 (2)، 265

أكثم بن صيفي - 2 / 185

امرؤ القيس - 1 / 196، 4 / 47، 5 / 205، 206 (2)

أم فروة بنت ابی قحافة - 2 / 86، 318

أم كلثوم بنت عقبة بن ابي معيط - 1 / 288

أمية بن خلف الجمحي - 3 / 126

الأنباري - 3 / 322

أنس بن مالك الانصاري - 5 / 217

انس النخعي - 2 / 202

الباقر (عليه السلام) - 1 / 179، 2 / 268، 3 / 40، 3 / 143، 4 / 141، 4 / 204، 5 / 98، 5 / 184

ص: 110

بُجیرُ - 2 / 13

البخاري - 2 / 120، 313، 5 / 290

بسر بن أرطاة - 2 / 109، 110 (2)، 3 / 129 (5)، 130

بشر بن مروان - 3 / 10، 4 / 15

بشیر بن النبال - 2 / 175

البلاذري - 1 / 268

بهرام - 4 / 48

التفتازاني - 1 / 244

ثعلبة بن عامر - 2 / 284

الثعلبي - 1 / 112

جابر (الراوي) - 1 / 214، 309، 2 / 272

جبرائیل (عليه السلام) - 3 / 91، 145، 4 / 141، 5 / 184

جذيمة بن الأبرش - 2 / 192، 193 (3)

جریر بن عبد الله البجلي - 2 / 218، 219 (7)، 224

جعفر بن أبي طالب - 2 / 273، 317، 318، 3 / 124 (2)، 125، 4 / 199.

ص: 111

جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) - 1 / 165، 195، 220، 279ف 2 / 46، 82، 104، 106، 175، 223، 235 (2)، 296، 3 / 24، 39، 40، 50، 145، 192، 4 / 113، 289، 204، 5 / 178

الجواليقي - 4 / 232

الجوهري - 1 / 125، 128، 130، 138، 140، 157، 182، 186، 196، 258 (2)، 276، 286، 292، 301، 303، 304، 308، 312، 333، 2 / 32، 64، 109، 136، 150، 153، 175، 182، 183، 188، 191، 213، 3 / 60، 117، 136، 142، 145، 155، 193، 201، 217، 320، 4 / 15، 20، 36، 116، 139 (2)، 145،

157، 186، 188، 190، 193، 195، 199، 211، 226، 241، 294، 309، 326، 5 / 48، 65، 80، 122، 125، 171، 197، 222، 253، 255، 259، 260، 264، 275، 279

حاتم الطائي - 3 / 314

ص: 112

الحارث بن نظر السهمي - 3 / 129

حبیب بن عبد الشمس - 1 / 288

الحجاج - 2 / 236، 264، 3 / 181، 312، 4 / 202، 205، 5 / 347

حجر بن عدي - 2 / 265

حسان بن حسان البكري - 2 / 130، 131

حسان بن ثابت - 3 / 126

الحسين (عليه السَّلام) - 1 / 247، 291، 3 / 120، 242، 4 / 295 (2)

الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري - 1 / 247، 291

حصين بن سبرة - 2 / 73 (2)

الحكم بن العاص 2 / 223، 3 / 7

حمزة بن عبد المطلب 2 / 273، 3 / 13، 4 / 199

حمنة بنت سفیان بن أمية بن - 1 / 187

الحميري - 2 / 14، 3 / 43

ص: 113

خالد بن سدوس - 5 / 206 (4)، 208

خالد بن سنان العبسي - 2 / 175

خالد بن صفوان - 2 / 18

خالد بن الوليد - 2 / 7، 88 (3)

خالد القسري - 4 / 51

خباب - 2 / 272

خديجة - 2 / 273

الخريت بن راشد الناجی - 2 / 173 (2)

الخليل - 1 / 276، 3 / 133، 135، 4 / 33، 60، 84، 178، 5 / 202، 208، 222، 207

خولة بنت جعفر بن قیس بن مسلمة - 2 / 7

داود (عليه السلام) - 3 / 42، 50 (2)، 178 (3)، 177، 179

درید بن الصمة - 2 / 194

الدهقان - 3 / 36 (4)

دیلمان بن الصياد - 3 / 313

ذعلب الیمانی - 5 / 337 (2)

ذکوان - 4 / 295 (2)

ذو الرمة - 4 / 195

ص: 114

الرازي - 1 / 146، 150، 269

الراوندي - 1 / 201، 223 (2)، 246، 284، 287، 2 / 96، 4 / 242، 5 / 203، 292، 293 الجدید

رشيد الهجري - 2 / 266

الرضي - 1 / 111، 241، 248، 249 (6)، 250، 251 (2)، 271، 286، 306، 310، 2 / 43، 88، 150، 182، 183، 285، 309، 3 / 33، 313، 4 / 16، 52، 56، 65، 101، 151، 162، 188، 195، 202، 248، 251، 285، 307، 5 / 57، 256، 287

الريان بن الصلت - 3 / 44

الزبير بن بكار - 3 / 125

زبا ملكة الجزيرة - 2 / 193 (2)

الزجاج - 1 / 138، 3 / 280، 4 / 283،

الزَّمخشري - 1 / 187، 3 / 126، 155، 311

الزوزني - 1 / 186

زیاد بن أبيه - 2 / 236، 264

زياد بن لبيد - 2 / 84، 85 (4)

زيد بن أرقم - 2 / 73 (4)، 272

ص: 115

زيد بن أسلم - 2 / 223

زید بن ثابت - 2 / 224، 4 / 296، 5 / 17

زید بن علي (عليه السلام) - 4 / 51، 272، 4 / 272

زینب بنت جحش - 5 / 202

زینب بنت محمد (صلی الله عليه واله وسلم) - 3 / 123

سيد العابدین - 2 / 128، 289، 3 / 245، 4 / 113، 167، 330، 5 / 11، 83

سالم - 1 / 282

سبأ - 4 / 15، 16

سعد بن أبي وقاص - 1 / 280ف 283، 284، 286، 278 (2)، 289، 5 / 286

سعید بن حفص البخاري - 4 / 204

سعید بن العاص - 1 / 293، 3 / 18، 301

سعيد بن نمران - 2 / 109

سفیان بن عوف بن المغفل الغامدي - 2 / 130، 131 (2)

ص: 116

السفياني - 3 / 324 (2)، 4 / 50، 101، 164، 5 / 164

سلمان الفارسي - 2 / 272

سلیمان (عليه السلام) - 3 / 311

سلیمان بن عبد الملك - 3 / 9 (2)

السّمعاني - 1 / 269

سنان بن أنس - 2 / 202

سهل بن حنیف الانصاري - 3 / 301

السياري - 4 / 302

سيبويه - 1 / 189، 243، 267، 2 / 161، 183، 3 / 281، 4 / 176

الشافعی - 1 / 215، 4 / 260، 5 / 296

شريح بن هاني - 5 / 82

شعبة - 3 / 19

شعیب - 5 / 246

شيبة بن ربيعة - 1 / 314، 3 / 13

الشيخ المفيد - 1 / 190، 1 / 246، 1 / 272، 2 / 55

صالح (عليه السلام) - 5 / 350

ص: 117

الصّدوق - 1 / 33 (4) 1 / 1، 37 / 187، 1 / 220، 1 / 251، 1 / 2، 291 / 90، 2 / 231، 2 / 254، 3 / 23، 3 / 33، 3 / 35، 3 / 40، 3 / 41، 5 / 141

الصفار - 2 / 256، 3 / 161

صفیة بنت عبد المطلب - 1 / 288

الضَّحاك - 1 / 169، 1 / 302، 2 / 148، 4 / 270

الطبرسي - 1 / 220، 274، 300، 3 / 41، 124، 5 / 177، 285

طريف بن مك - 5 / 205

الطفيل - 4 / 204

طلحة بن عبيد الله - 1 / 287، 5 / 299

طلحة - 1 / 280، 281 (3)، 283، 284 (2)، 285 (2)، 287، 288، 309، 314، 326، 331، 332 (2)، 2 / 11، 96، 97، 159، 3 / 301،

302 (2)، 304، 309، 4 / 332 (2)، 333 (3)، 5 / 38، 39، 40، 129، 275، 277، 299

الطوسي - 1 / 150، 1 / 190، 1 / 219، 1 / 272

ص: 118

عائشة - 1 / 271، 326، 2 / 11 (2)، 13، 156، 3 / 51، 309، 5 / 39، 40، 104، 182 (2)، 277، 290

العاص بن وائل - 3 / 123 (2)، 126 (6)

عامر بن صعصعة - 2 / 272

عامر بن لؤي - 4 / 95

العباس - 1 / 284، 319

عبد الله بن أباض - 2 / 283

عبد الله بن أبي سفيان - 2 / 24

عبد الله بن جذعان التميمي - 3 / 126

عبد الله بن جعفر - 2 / 318

عبد الله بن خلف - 2 / 13

عبد الله بن الزبير - 1 / 280، 309، 314، 326، 330، 332 (2)، 2 / 96، 97، 160، 281، 3 / 301، 302 (2)، 304، 309، 313، 4 / 332 (2)، 333، 334، 5 / 38، 39 (2)، 40 (2)، 129، 275، 277

عبد الله بن سلول - 2 / 79

ص: 119

عبد الله بن عامر الحضرمي - 2 / 260

عبد الله بن عباس ابن عباس - 1 / 143، 184، 187، 200، 221، 246، 248 (2)، 302، 305 (2)، 306، 307، 2 / 22، 108، 138، 158، 160، 173، 174، 373، 3 / 184، 323، 4 / 63، 74، 151، 197، 294، 312، 5 / 346

عبد الله بن علي - 4 / 52

عبد الله بن عمر بن الخطاب - 1 / 282، 2 / 224، 3 / 301

عبد الله بن عوف بن الأحمر - 3 / 31

عبد الله بن قتيبة - 2 / 47

عبدالله بن محمد بن علي ابن عبدالله بن العباس - 3 / 323، (2)

عبد الله بن مسعود - 2 / 149، 224

ص: 120

عبد الحمید بن أبي الحدید - 1 / 141، 201، 223، 243،، 248، 251،

252، 270، 283، 287، 289، 307، 310، 2 / 22، 95، 110، 124، 258، 273، 276، 299، 3 / 23، 33، 124، 126، 159، 302، 304، 307، 312، 333، 4 / 50، 58، 157، 273، 278، 294، 302، 5 / 18، 202، 213، 251، 287، 291، 293، 349، 352،

عبد الرحمن بن الاشعث - 3 / 51، 344

عبد الرّحمن بن حسان - 1 / 182، 183

عبد الرحمن بن عوف - 1 / 281، 283، 284 (3)، 288 (2)، 289، 290 (2)، 2 / 25، 3 / 51

عبد العزيز بن مروان - 3 / 9، 10

عبد الكريم بن عجرد - 2 / 282

عبد المطلب - 1 / 207

عبد الملك - 4 / 347 (3)

عبد الملك بن مروان - 3 / 8، 9، 10، 4 / 51 (3)، 344، 5 / 20 (2)

عبد الملك بن أعين - 3 / 41

عبيد الله بن زیاد - 2 / 226، 4 / 51

عبيد الله بن العباس - 2 / 108

ص: 121

عبيدة - 2 / 164، 3 / 13

عبيدة معمر بن مثنى - 2 / 43، 3 / 126

عتبة بن أبي سفيان - 2 / 121، 122، 2 / 123 (3)، 3 / 125،

عتبة بن أبي وقاص - 2 / 319 (2)

عتبة بن ربيعة - 1 / 314، 4 / 204

عثمان - 1 / 269 (2)، 280، 283، 284، 288 (5)، 289 (3)، 290 (4)، 292، 2 / 22 (2)، 23 (4)، 24 (2)، 25 (3)، 44، 45، 50 (3)، 51 (2)، 52 (2)، 96، 97 (2)، 98، 155 (2) 156، 157، 187، 198، 204، 206، 218، 223، 224 (2)، 316 (2)، 3 / 7، 14، 11، 18، 127، 300، 302، 4 / 260، 294 (2)، 295 (2)، 296 (6)، 303 (2)، 304، 328 (2) 333 (3)، 335، 5 / 50، 88، 129 (2)، 235 (2)، 240، 272، 277، 297، 299، 300 (2)، 301، 315، 319، 346، 353

عثمان بن عامر - 5 / 237

عثمان بن عُبيد الله - 1 / 285

العدناني - 3 / 159

عدي بن حاتم - 1 / 263، 4 / 221

ص: 122

عدي بن زید العبادي - 1 / 82، 1 / 308 (2)

عطا - 3 / 42

عفيف بن قیس - 3 / 22، 3 / 36،

عقبة بن أبي معيط - 1 / 288، 238، 3 / 124

علاء الدين محمد بن أبي تراب الحسني - 1 / 1، 3، 14، 19، 23، 39

علقمة بن فراس - 2 / 115

على بن موسی الرضا (عليه السلام) - 1 / 23، 176، 195، 3 / 44، 232، 5 / 141، 230، 316

علي بن إبراهيم - 1 / 163، 4 / 289

علي بن جعفر - 3 / 43 (2)

علي بن الحسين (عليه السلام) - 4 / 219، 330

علي بن سينا - 3 / 233، 203

علي بن عبد العالي - 3 / 48

علي بن محمد بن فرات - 1 / 250

ص: 123

علي (عليه السّلام) - 1 / 118، 130، 175، 207، 247، 252، 258، 280، 283، 284، 285، 287 (2)، 288، 289 (2)، 290، 291، 301، 304،

323، 2 / 8، 13، 22، 23 (2)، 47، 72، 79، 110، 84، 111، 114، 122 (2)، 137، 174، 184، 187، 206، 225، 226 (2)، 227 (2) 236، 245، 265، 267، 268 (2)،

269، 272، 273، 274، 306، 328، 3 / 13، 32، 33، 36، 37، 42 (2)، 67، 91 (2)، 111، 127، 129، 128 (2)، 130 (2)، 152، 125، 175، 220، 233 (2)، 307، 323، 4 / 8 (2)، 21، 63 (2)، 72، 104، 208،

22 (2)، 223، 225، 239، 240، 271، 272، 294، 295 (2)، 309، 334 (2)، 5 / 107، 139، 246، 268، 285 (2)، 286، 289 (3)، 292، 296، 327 (2)

علي بن موسى (ابن طاووس) - 1 / 280ف 3 / 31، 41، 43، 44، 46،

عمار بن مروان - 5 / 141

عمّار بن ياسر - 2 / 14، 2 / 244، 2 / 268، 3 / 316

ص: 124

عمارة بن الوليد - 3 / 125

عمر بن الخطَّاب - 1 / 263، 269، 270، 272 (2)، 281، 282، 284، 289، 2 / 22، 24، 25، 84 (2)، 50، 84، 3 / 310، 302، 127، 4 / 18، 260 (2)، 303، 304 (2)، 331، 5 / 26، 129 (3)، 236

عمر بن سعد بن أبي وقاص - 3 / 32

عمر بن عبد الله الحارث بن كعب - 2 / 130

عمر بن مسلم - 2 / 73

عمر بن هبيرة - 4 / 51

عمرو بن الحمق - 4 / 221

عمرو بن العَاص - 1 / 263 (2)، 2 / 23، 2 / 111، 2 / 121 (2)، 2 / 189، 2 / 190 (2)، 2 / 245، 2 / 311 3 / 123، 3 / 124 (2)، 3 / 125، 3 / 126 (2)، 3 / 129، 4 / 4، 219 / 220

عمرو بن عميس - 2 / 149

عمرو بن هشام - 1 / 314

العياشي - 2 / 268، 3 / 233، 5 / 278

ص: 125

عیسی (علیه السلام) - 1 / 205، 2 / 90، 177، 4 / 69، 275، 5 / 160، 180، 350

الفارابي - 3 / 280، 5 / 253

فاطمة (عليها السلام) - 1 / 116، 2 / 46، 3 / 124، 307، 323، 4 / 119، 5 / 128، 216

فتح بن یزید الجرجاني - 2 / 298

الفخر الرازي - 1 / 146، 150، 269

الفراء - 1 / 144، 2 / 247، 249، 262، 3 / 230، 4 / 46، 166، 146، 194

الفرزدق - 1 / 123، 4 / 69، 228

فرعون - 1 / 300 (2)، 318، 2 / 45، 52، 48 (3)

الفيروز آبادي - 1 / 248، 2 / 188، 3 / 293، 4 / 326، 237، 226، 188، 116، 94، 5 / 48، 253، 171

القائم (عليه السلام) - 1 / 196، 2 / 39 (2)، 3 / 323 (2)، 324، 4 / 39، 41، 272، 343، 5 / 56، 145، 164

القائم بأمر الله - 2 / 18

القادر بالله - 2 / 18

قارون - 1 / 300 (2)، 2 / 48 (2)

ص: 126

القاضي عبد الجبار قاضي القضاة - 1 / 250 (2)، 251 (2)، 253، 254، 255، 2 / 47، 157

قتادة - 3 / 311 (2)

القحطاني - 3 / 159

قرطة بن كعب الانصاري - 2 / 206

قسى بن منبه بن بكر - 4 / 200

قصير بن سعد اللّخمي - 2 / 192، 193 (3)

القُطب الرَّاوندي - 1 / 201، 223 (2)، 246، 287، 284، 2 / 96، 3 / 161، 4 / 242، 5 / 203، 292، 293، (4)

قيس بن معدي كرب - 2 / 79

الكاظم ( عليه السلام) - 3 / 43

کسری - 1 / 265، 2 / 24 (4)

کعب بن الاشرف - 1 / 312

الکلبي - 2 / 22، 23، 83، 3 / 129 (2)

کُلیب الجرمي - 5 / 280

ص: 127

الکلیني- 1 / 208، 2 / 25، 43، 55، 124، 149، 3 / 42، 5 / 172

كمال الدّين بن ميثم البحراني - 1 / 249، 2 / 11

لبيد بن ربيعة - 1 / 263

مالك بن أهيب بن عبد مناف - 1 / 287

مالك بن الحارث الاشتر - 2 / 206، 2 / 316، 2 / 206، 2 / 208

محمد (صلى الله عليه واله وسلم) - 1 / 207 (3)، 230، 238، 241، 2 / 45، 48، 52، 71، 191، 222، 258، 268 (2)، 269، 273، 330، 3 / 17، 18، 34، 35، 125، 145، 323، 327 (2)، 4 / 24، 37، 40، 54،

66، 68، 114، 122، 123، 263، 290،

305، 341، 5 / 30، 45، 108، 115، 188،

332، 353

محمد بن الأشعث - 2 / 86

محمد بن أبي القاسم - 3 / 31

محمد بن بابويه - 3 / 31 (2)

ص: 128

محمد بن أبي بكر - 2 / 14، 315، 316 (4)، 317 (2)، 318 (2)،

محمد بن جریر الطبری - 1 / 268، 281، 284، 2 / 89، 4 / 89، 5 / 27

محمد بن الحسن العسكري (ع) - 4 / 272

محمد بن حكيم الأسدي - 4 / 272

محمد بن الحنفية - 2 / 7

محمد بن سام - 3 / 42

محمد بن علي بن باقر - 2 / 268

محمد بن علي القرشي- 3 / 31

محمد بن علي ماجيلويه - 3 / 31

محمد بن علي بن محمد الشيخ الفاضل - 3 / 39

محمد بن الفضيل - 5 / 316

محمد بن قتادة - 3 / 311

محمد بن مروان - 3 / 10 (2)

محمد بن مسلم - 4 / 140، 141

محمد بن يعقوب الكليني - 1 / 208، 211، 238، 2 / 25، 43، 55، 83، 90، 124، 267، 3 / 42، 4 / 140، 5 / 172

المدائني - 1 / 295، 3 / 129، 4 / 207، 5 / 27

ص: 129

مروان بن الحکم - 1 / 292، 2 / 156، 224، 3 / 7 (4)، 9، 301، 323، 4 / 74، 294، 295 (3)، 296، 333، 347، 5 / 240، 267، 268 (2)

المرتضى - 1 / 265، 296، 4 / 281، 324

مسعدة بن صدقة - 2 / 267، 3 / 192

المسعودي - 4 / 274

مسلم بن الحجاج - 2 / 72

مسلم - 2 / 72، 120، 313، 5 / 290

مصدق بن شيت الواسطي - 1 / 249 (2)،

مصر بن نوح - 2 / 315

مصعب بن الزبير - 5 / 344

مصقلة بن هبيرة الشيباني - 2 / 225، 226، 227، 228، 5 / 349، 352 (2)

المطرزي - 4 / 21، 141، 5 / 275

معاذ بن جبل - 4 / 217

ص: 130

معاوية - 1 / 183 (3)، 237 (3)، 241، 333، 2 / 23، 80 (3)، 87، 110 (2)، 121 (6)، 122 (3)، 123 (2)، 131، 148، 154، 155، 173، 174 (2)، 206 (3)، 210، 218، 219 (3)، 220، 224، 244، 225، 227، 243، 245 (3)، 259، 260، 264 (2)، 285 (2)، 310، 311 (2)، 316، 3 / 125 (2)، 129 (2)، 130 (3)، 152، 181، 312، 316، 4 / 14، 18، 19، 51 (2)، 87، 220، 221 (2)، 222، 270، 296 (2)، 5 / 209 (3)، 270، 343، 345 (4)، 346 (2)، 347، 348

معاویة بن حديج - 2 / 316

معقل بن قیس - 2 / 226، 5 / 352

معقلة بن اسحق - 3 / 43

معمر بن یحیی بن سالم - 2 / 268

مغازية بن ابرهة بن الحارث - 3 / 150

المغيرة بن شعبة - 1 / 279، 2 / 264، 3 / 125

المفضل الضبي - 2 / 185

مقاتل بن سلیمان - 4 / 174

ص: 131

المقتدر بالله - 1 / 250

المقداد - 2 / 272

المنصور - 2 / 24

المهدي - 2 / 46، 47، 3 / 89

مهاجر بن أمية - 2 / 85 (2)

موسى (عليه السلام) - 1 / 317 (2)، 318، 335، 2 / 52 (2)، 5 / 176، 237، 246، 286، 305

موسی بن جعفر (عليه السلام) - 2 / 82، 3 / 43، 5 / 327

میثم التمار - 2 / 266

میمون بن حندل - 1 / 264

نافع بن الازرق - 2 / 280

نبیشة بن حبيب - 2 / 116

النجاشي - 3 / 124، 125 (2)

نجدة بن عامر - 2 / 218

نصر بن قابوس - 3 / 40

نصر بن مزاحم المنقري - 2 / 303، 3 / 31

النضر بن الحارث - 3 / 124

ص: 132

النعمان بن بشير الانصاري - 2 / 205، 206

نوح (عليه السلام) - 1 / 198، 320، 2 / 72 (2)، 115، 336، 4 / 46

هارون (عليه السلام) - 1 / 318، 2 / 159، 5 / 237، 5 / 286

هارون بن خارجة - 2 / 253

هاشم بن عتبة - 2 / 317، 318، 5 / 133

هامان - 2 / 45، 48 (3)

الهروي - 1 / 176، 188، 3 / 323

هشام بن الحكم - 3 / 41

هشام بن الخفاف - 3 / 42

هشام بن عبد الملك - 3 / 9، 4 / 272

هشام بن المغيرة المخزومي - 3 / 126

هند بنت عدي - 1 / 309

هيصم بن جابر - 2 / 282

الواقدي - 1 / 270، 279، 294، 3 / 124، 4 / 207

الوليد بن عبد الملك بن مروان - 2 / 282، 3 / 9

ص: 133

الولید بن عقبة - 2 / 23، 24، 223، 3 / 125

الوليد بن عتبة - 2 / 23، 3 / 13

یحیی بن سعید بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية - 5 / 288

یحیی بن محمد العلوي - 5 / 213

یزید بن حیان - 2 / 73

یزید بن عبد الملك - 5 / 191

یزید بن معاوية - 1 / 182، 183، 4 / 204، 5 / 191

يزيد بن هاني - 4 / 222 (2)، 223

يشجب بن يعرب بن قحطان - 4 / 15

يعرب بن قحطان - 4 / 15

يوسف بن عمر - 3 / 312، 4 / 51

یوسف بن یزید - 3 / 31

یوشع بن نون - 3 / 25، 42

ص: 134

فهرس الأماكن والمدن

ص: 135

ص: 136

الأماكن والمدن - الجزء الصفحة

أبو قبیس - 1 / 197

الأبلة - 2 / 16، 2 / 19 2 / 20

الانبار - 2 / 130، 2 / 131

البصرة - 1 / 309، 1 / 326، 2 / 11، 2 / 12، 2 / 18، 2 / 20، 2 / 174، 2 / 175، 2 / 225، 2 / 260، 2 / 322، 3 / 7، 3 / 313، 4 / 57، 4 / 58، 4 / 270، 4 / 273، 4 / 279، 4 / 332، 5 / 127، 5 / 213، 5 / 275، 5 / 279

بغداد - 2 / 238، 2 / 277، 4 / 279، 5 / 216، 5 / 219، 5 / 288

بلاد فارس - 2 / 280، 4 / 221

تل موزان - 2 / 280

الثعلبية - 2 / 148

الحبشة - 2 / 316، 4 / 87

الحجاز - 2 / 110، 2 / 159، 2 / 282، 4 / 91، 4 / 225، 4 / 330،

5 / 46، 5 / 164، 5 / 208، 5 / 256، 5 / 350

الجزيرة - 2 / 280، 3 / 10

الحرورية - 3 / 33

حلوان - 2 / 322

الحيرة - 1 / 308

ص: 137

خراسان - 3 / 323، 4 / 225

خماً - 2 / 73

دجلة - 2 / 237، 2 / 238

ذي قار - 2 / 174، 2 / 175

الربذة - 1 / 326، 4 / 294، 4 / 297

الرقة - 2 / 243

الروم - 2 / 109، 4 / 87، 4 / 221، 4 / 323

سجستان - 2 / 280

سرنديب - 1 / 197

الشام - 1 / 227، 1 / 237، 2 / 23، 2 / 123، 2 / 179، 2 / 185، 2 / 206، 2 / 219، 2 / 221، 2 / 221، 2 / 224، 2 / 225، 2 / 232، 2 / 236، 2 / 243، 2 / 246، 2 / 285، 2 / 259،

2 / 260، 2 / 309، 2 / 319، 2 / 324،/ 3 / 127، 3 / 130، 3 / 310، 4 / 14، 4 / 15، 4 / 19، 4 / 47،

4 / 51، 4 / 88، 4 / 89، 4 / 208، 4 / 221، 4 / 222، 4 / 279، 4 / 279، 4 / 344، 5 / 350، 5 / 352.

الصفا - 1 / 197، 1 / 216

الصین - 4 / 279

ص: 138

صفين - 1 / 227، 1 / 298، 2 / 79، 2 / 87، 2 / 109، 2 / 111، 2 / 237، 2 / 243، 2 / 285، 2 / 259، 2 / 260، 2 / 274، 2 / 302، 2 / 315، 2 / 318، 2 / 323، 3 / 128، 3 / 129،

3 / 130، 3 / 316، 4 / 89، 4 / 208، 4 / 232، 4 / 271

صنعاء - 2 / 85

طیبة - 5 / 190، 5 / 191

عبادان - 2 / 322

العراق - 2 / 11، 2 / 131، 2 / 132، 2 / 159، 2 / 190، 2 / 206، 2 / 245، 2 / 259، 2 / 322، 2 / 323، 2 / 324، 3 / 10، 4 / 51، 4 / 208، 4 / 221، 4 / 222، 4 / 222، 4 / 267،

4 / 279، 4 / 344، 5 / 164

عمان - 2 / 279

عین التمر - 2 / 205، 2 / 206

افریقیا - 1 / 292

الفرات - 1 / 227، 2 / 74، 2/ 131 2 / 132، 2 / 206، 2 / 237، 2 / 238، 2 / 243، 3 / 148، 4 / 89، 5 / 281

ص: 139

الکوفة - 1 / 237، 2 / 78، 2 / 80، 2 / 81، 2 / 111، 2 / 112، 2 / 131، 2 / 132، 2 / 148، 2 / 179، 2 / 234، 2 / 235، 2 / 236، 2 / 259، 2 / 267، 2 / 268، 2 / 324، 3 / 18،

3 / 33، 3 / 130، 3 / 311، 3 / 313، 4 / 19، 4 / 51، 4 / 345، 5 / 288، 5 / 349، 242، 290، 302، 373، 388.

كندة - 2 / 79، 2 / 83، 2 / 88، 4 / 16

مؤتة - 2 / 317

المدائن - 2 / 131، 3 / 36

المدينة - 1 / 281، 2 / 8، 2 / 16، 2 / 19، 2 / 22، 2 / 25، 2 / 2، 28 / 43، 2 / 73، 2 / 110، 2 / 265، 2 / 271،

2 / 272، 3 / 7، 3 / 302، 4 / 10، 4 / 294، 4 / 296، 4 / 332، 5 / 139، 5 / 214، 5 / 216، 5 / 240

مصر - 2 / 121، 2 / 122، 2 / 123، 2 / 314، 2 / 315، 2 / 316، 3 / 10، 3 / 131، 4 / 74

مکة - 1 / 238، 2 / 73، 2 / 110، 2 / 137، 2 / 234، 2 / 268، 3 / 123، 3 / 124، 3 / 125، 3 / 126، 3 / 328، 3 / 329، 3 / 330، 4 / 10، 4 / 95، 4 / 96، 4 / 296، 5 / 98، 5 / 139، 5 / 190

الموصل - 2 / 322

ص: 140

النخيلة - 2 / 236

النعمان - 1 / 308

النهروان - 1 / 298، 2 / 148، 2 / 190، 2 / 195، 2 / 198، 2 / 276، 2 / 277، 3 / 23، 3 / 31، 3 / 307، 3 / 308، 3 / 309، 3 / 312، 3 / 316، 4 / 208

هیت - 2 / 131

واسط - 2 / 277

یثرب - 5 / 87، 5 / 191

ایمامه - 1 / 265، 2 / 88

الیمن - 2 / 8، 2 / 11، 2 / 81، 2 / 88، 2 / 108، 2 / 110، 2 / 113، 2 / 130، 3 / 150، 4 / 245، 5 / 251، 5 / 337

ص: 141

ص: 142

المصادر والمراجع

ص: 143

ص: 144

المصادر والمراجع

القرآن الكريم.

(أ)

الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي (ت911 ه)، ط 1، تحقيق: سعيد المندوب، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1416 ه - 1996 م.

أحكام القرآن، أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص (ت 370 ه)، ضبط: عبد السلام محمد علي شاهين، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1415 ه - 1994 م.

أخبار القضاة، محمد بن خلف بن حیان، (ت 306 ه)، (د.ط)، عالم الكتب، بیروت - لبنان، (د.ت).

أخبار النحويين البصريين، أبو سعید الحسن بن عبد الله السيرافي (368 ه)، تحقيق: نخبة من العلماء، (د.ط)، مكتبة الثقافة الدينية، مصر، (د.ت).

أخبار مكة وما جاء فيها من الاثار، محمد بن عبد الله الأزرقي (نحو 250 ه)، تحقيق: شدي الصالح ملحس، ط 1، مطبعة أمير، قم - إيران، 1411 ه.

الاختصاص، أبو عبد الله محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب

ص: 145

بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تصحیح: علي أكبر الغفاري، ط 2، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان 1414 - 1993 م

اختیار معرفة الرجال، المعروف برجال الكشي، أبو جعفر الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، مطبعة بعثت، قم - إيران، 1404 ه.

الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد (336 - 413 ه)، تحقيق: مؤسسة آل البيت (عليه السلام) لتحقيق التراث، (ط 2، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت. لبنان، 1414 ه - 1993 م.

الأزمنة والأمكنة، أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني (ت 421 ه)، ضبط: خليل المنصور، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1417 ه - 1996م.

أساس البلاغة، جار الله أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري (ت 538 ه)، (د.ط)، دار ومطابع الشعب، القاهرة، 1960م.

أسباب النزول، أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي (ت 468 ه)، تحقيق: كمال بسيوني زغلول، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1411ه - 1991 م.

أسد الغابة، في معرفة الصحابة، عز الدين أبي الحسن علي بن أبو

ص: 146

الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630 ه)، (د.ط) طباعة: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، (د.ت)

الاستیعاب، في معرفة الأصحاب، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر (463 ه)، تحقيق: علي محمد البجاوي، ط 1، دار الجيل، بيروت - لبنان، 1412 ه - 1992 م

الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي، حسن الأمين (1399 ه)، ط 2، مرکز الغدير للدراسات الإسلامية، 1417 ه / 1997 م.

الاشتقاق أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد (ت 321 ه)، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، مطبعة السنة المحمدية، نشر مؤسسة الخانجي، مصر، 1958.

اشتقاق أسماء الله الحسنى، أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي(ت 337 ه)، تحقيق: عبد الحسين المبارك، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، ط 2، 1406 ه - 1986 م.

الإصابة في تميز الصحابة، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، و علي محمد معوض، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1415 ه.

ص: 147

الأصنام، أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي (ت 204 ه)، تحقيق أحمد زكي باشا، ط 2، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1343 ه - 1924 م.

أصول السرخسي، أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي (ت 490 ه)، تحقيق: أبو الوفاء الأفغاني، ط 1، بيروت - لبنان، 1414 ه. - 1993 م.

أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية تأسيس نحو النص، محمد الشاوش، ط 1، سلسلة اللسانيات، المجلد (14) جامعة منوبة، كلية الآداب، و المؤسسة العربية للتوزيع، تونس، 1421 ه - 2001 م.

الأصول في النحو، أبو بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي (ت 316 ه)، تحقيق: الدكتور عبد الحسين الفتلي، ط 4، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، لبنان، 1420 ه - 1999 م.

الأصول من الكافي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (ت 329 ه)، ط 3، تصحیح و تعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الاسلامية للنشر، طهران - إيران، 1388 ه.

الاضداد، محمد بن قاسم الانباري، تحقيق: الدكتور محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا - بیروت، 1407 ه، 1987 م.

الاضداد، محمد بن المستنير قطرب، تحقيق: حنا حداد، دار العلوم

ص: 148

للطباعة والنشر، الرياض - السعودية، 1405 ه - 1984 م. الاضداد في اللغة، الدكتور محمد حسين ال یاسین، ط 1، مطبعة دار المعارف، بغداد، 1394 ه - 1974 م.

الاضداد في كلام العرب، أبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي الحلبي (ت 351 ه)، تحقيق الدكتور عزة حسن، ط 2، المجمع العلمي العربي، دمشق، 1996.

الاعلام، خير الدين الزركلي، ط 5، طباعة دار العلم للملايين، بيروت - لبنان، 1980.

أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين (ت 1371)، (د.ط)، تحقيق: حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات بیروت، (د.ت).

الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني (ت 356 ه)، (د.ط) دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، (د.ت).

إقبال الأعمال، السيد رضي الدين علي بن موسی بن جعفر بن طاووس (ت 664 ه)، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، مكتب الاعلام الاسلامي للنشر، ط 1، قم - إيران، 1414 ه.

الاكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكني والأنساب، ابن ماکولا (ت 475 ه)، (د.ط)، دار الكتاب الاسلامي الفارق الحديثة للطباعة والنشر، (د.ت).

ص: 149

الالفاظ الكتابية، عبد الرحمن بن عیسی بن حماد الهمذاني (ت 327 ه)، تقديم: أميل بديع يعقوب، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1411 ه - 1991 م.

أمالي ابن الشجري، علي بن هبة الله بن علي بن جعفر الحسني العلوي (ت 542 ه)، ط 2، تحقيق: الدكتور محمود محمد الطناحي، مکتبة الخانجي، القاهرة، 1427 ه - 2006 م.

الأمالي، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (385 - 460 ه)، ط 1، تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية، مؤسسة البعثة للطباعة والنشر والتوزيع قم - إيران، 1414 ه.

الامالي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه)، تحقيق: الحسين أستاد ولي، و علي أكبر الغفاري، ط 2، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدسة - إيران، 1403 ه.

الأمالي، أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي (ت 356ه)، (د.ط)، منشورات المكتب الإسلامي، (د.ت).

الأمالي، الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن موسی بن بابويه القمي (381 ه)، تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية -، ط 1، مؤسسة البعثة للطباعة والنشر، طهران - إيران، 1417 ه.

ص: 150

أمالي المرتضی، غرر الفوائد ودرر القلائد الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي (355 ه - 436 ه)، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، ط 1، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1373 ه - 1954 م.

الامثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة، محمد الغروي، ط 3، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم - إيران، 1415 ه.

اِنباه الرواة على أنباء النُحاة، جمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي (ت 624 ه)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 1، المكتبة العصرية، صيدا - بیروت، 1424 ه - 2004 م.

الأنساب، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني (ت 562 ه)، تقديم وتعليق : عبد الله عمر البارودي، ط 1، مركز الخدمات والأبحاث الثقافية، دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1408 ه - 1988 م.

أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى المعروف بالبلاذري (ت 279 ه)، تحقيق: الدكتور محمد حمید الله، (د.ط)، سلسلة ذخائر العرب 27، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، دار المعارف بمصر، 1959 م.

الانصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، کمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد النحوي (ت

ص: 151

577 ه)، (د.ط)، دار إحياء التراث العربي، (د.ت).

أنوار التنزيل وأسرار التأويل، أبو الخير عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي (ت 691 ه)، إعداد وتقديم: محمد عبد الرحمن المرعشلي، ط 1، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، 1418 ه - 1998 م.

أوائل المقالات، الشيخ المفيد، ط 2، دار المفيد للطباعة و النشر والتوزيع، بیروت لبنان، 1414 ه - 1993 م.

إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، إسماعيل باشا بن محمد أمين بن میر سلیم البغدادي (ت 1339)، تصحیح: محمد شرف الدين بالتقايا، رفعت بیلکه الكليسي، (د.ط)، دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان، (د.ت).

(ب)

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، الشيخ محمد باقر المجلسي (ت 1111)، ط 2، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة الوفاء للنشر، بيروت - لبنان، 1403 ه - 1983 م.

البداية والنهاية، الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 ه)، تحقيق: علي شيري، ط 1، دار إحياء التراث العربي، 1408 ه - 1988 م.

ص: 152

بغية الطلب في تاريخ حلب، کمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة، ابن العديم (ت 660 ه)، تحقيق: الدكتور سهیل زکار، (د.ط)، مؤسسة البلاغ - بيروت - لبنان، 1408 - 1988.

البلدان، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق الهمذاني المعروف بابن الفقيه (ت 340 ه)، تحقيق: يوسف الهادي، ط 1، عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1416 ه - 1996 م.

البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث، کمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الانباري (ت 513 ه - 577 ه)، تحقيق: الدكتور رمضان عبد التواب، (د.ط)، الجمهورية العربية المتحدة، وزارة الثقافة، مرکز تحقيق التراث، مطبعة ار الكتب، 1970.

البيان في تفسير القرآن، الخوئي (ت 1413 ه)، ط 1، دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، لبنان، 1395 ه - 1975 م.

البيان والتبيين، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ (ت 255 ه)، تحقيق: فوزي عطوي، ط 1، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، 1345 ه - 1926 م.

(ت)

تاریخ ابن خلدون، عبد الرحمن ابن خلدون (ت 808 ه)، ط 4، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، (د.ت).

ص: 153

تاریخ ابن معن الدوري، يحيى ابن معين بن عون المري الغطفاني البغدادي (158 ه - 233 ه) رواية أبي الفضل العباس محمد بن حاتم الدوري البغدادي (185 ه - 271 ه)، تحقيق: الدكتور عبد الله أحمد حسن، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع.

تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي، الدكتور ريجيس بلاشیر، تعريب: الدكتور إبراهيم الكيلاني، ط 1، مطبعة الجامعة السورية، دمشق، 1375 ه - 1956 م.

تاريخ الاسلام ووفيات المشاهير والأعلام، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: الدكتور عمر عبد السلام تدمري، ط 2، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، 1409ه - 1998 م.

تاريخ أسماء الثقات، الحافظ أبو حفص عمر بن شاهين (ت 385 ه)، تحقيق: صبحي السامرائي، ط 1، الدار السلفية للطباعة والنشر، الصفاة - الكويت، 1404 ه - 1984 م

تاريخ الأمم والملوك، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 ه)، ضبط: نخبة من العلماء، ط 4، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - لبنان، 1403 ه - 1983 م.

تاج العروس من جواهر القاموس، للإمام محب الدين أبي فيض

ص: 154

السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي (ت 1205 ه)، دراسة وتحقيق: علي شيري (د.ط)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1414 ه - 1994 م.

تاریخ بغداد أو مدينة السلام، الإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 ه)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط 1، دار الكتب العلمية، 1417 ه - 1997 م.

تاریخ الخلفاء، الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه)، تحقيق: لجنة من الأدباء، (د.ط)، مطبعة معتوق، بيروت - لبنان، دار التعاون للتوزيع، مكة المكرمة (د.ت).

تاريخ الدولة الصفوية في إيران (907 ه - 1148 ه / 1001 م - 1736 م)، الدكتور محمد سهيل طقوش، ط 1، دار النفائس، بیروت، لبنان، 1430 ه - 2009 م.

التاريخ الكبير، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ت 256 ه)، (د.ط)، المكتبة الاسلامية، دیار بکر - تركيا، (د.ت).

تاريخ الكوفة، حسين ابن السيد أحمد البراقي النجفي (ت 1332 ه)، تحقيق: ماجد بن أحمد العطية، ط 1، المكتبة الحيدرية، إيران، 1424 ه.

تاريخ مدينة دمشق، أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد

ص: 155

الله الشافعي المعروف بابن عساکر (499 ه - 571 ه)، دراسة وتحقيق: علي شيري، (د.ط)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بیروت لبنان، 1415 ه - 1995 م.

تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب ابن واضح الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي (ت 284 ه)، (د. ط)، دار صادر، بيروت - لبنان، (د.ت).

التبيان في تفسير القرآن، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق و تصحیح: أحمد حبيب قصير العاملي، ط 1، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر، نشر مكتب الاعلام الإسلامي، 1409 ه

التبيان في أقسام القرآن، العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية (ت 751 ه)، (د.ط)، دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع (د.ت).

تراجم الرجال، أحمد الحسني، نشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قم المقدسة - إيران، 1414 ه.

الترادف في اللغة، الدكتور حاکم مالك الزيادي، (د.ط)، دار الحرية، بغداد، 1400 ه - 1980 م.

الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت 656 ه) ضبط: مصطفی محمد عماره، (د.ط)،

ص: 156

دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1408 ه - 1988 م.

التصريف الملوكي، أبو الفتح عثمان بن عبد الله بن جني النحوي (ت 392 ه)، تحقيق: الدكتور البدراوي زهران، ط 1، طباعة دار نوبار للطباعة، نشر الشركة المصرية العامة للنشر، لونجمان، القاهرة، 1001.

التطور الدلالي بين لغة الشعر ولغة القرآن الكريم، دراسة دلالية مقارنة، عودة خليل أبوعودة، ط 1، مكتبة المنار، الاردن - الزرقاء، 1405 ه - 1985.

التعريفات، السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني (ت 816 ه)، ط 1، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1424 ه - 2003 م.

تفسير أسماء الله الحسنى، أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج (241 ه - 311 ه)، تحقيق: أحمد يوسف الدقاق، دار المأمون للتراث، دمشق - سوريا، 1406 ه - 1986 م

تفسير الألوسي، الألوسي (ت 1207 ه)، (د. ط)، (د.ت)

تفسير البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي (745 ه)، ط 1، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود و الشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1422 ه - 2001 م.

ص: 157

تفسير السمعاني، السمعاني (ت 489 ه)، تحقيق: ياسر بن إبراهيم و غنيم بن عباس بن غنیم، ط 1، مطبعة: السعودية، دار الوطن، الرياض، 1918 - 1997 م.

تفسير الصافي، محسن الملقب ب «الفيض الكاشاني «(ت 1091 ه)، ط 2، تصحیح و تقديم : الشيخ حسين الأعلمي، منشورات مكتبه الصدر، طهران - إيران، 1416 ه.

تفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم (ت 327 ه)، تحقيق: أسعد محمد الطيب (د.ت)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1424 ه - 2003 م.

تفسير القمي، لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمي،، تصحیح وتعليق: السيد طيب الموسوي الجزائري، ط 3، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر، قم - إيران، 1404ه.

التفسير الكبير، الفخر الرازي (ت 606 ه)، ط 3.

تقريب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط 2، دار المكتبة العلمية، بيروت - لبنان، 1415 ه. - 1995 م.

التفسير الوسيط للقرآن الكريم، سید محمد طنطاوي، (د. ط)، (د.ت).

تقريب النشر في القراءات العشر، شمس الدين أبو الخير محمد بن

ص: 158

محمد بن علي المعروف بابن الجزري الدمشقي (ت 833 ه)، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، (د.ط)، دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1425 ه - 2004 م.

تكملة أمل الآمل، السيد حسن الصدر، تحقيق: الدكتور حسين علي محفوظ، عبد الكريم الدباغ، عدنان الدباغ، دار المؤرخ العربي، بيروت، لبنان.

التنبيه والإشراف، المسعودي (346 ه)، (د.ط)، دار صعب، بیروت، (د.ت).

تهذیب الاحکام في شرح المقنعة، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: حسن الموسوي الخرسان، ط 3، دار الكتب الاسلامية للنشر، طهران - إيران، 1364 ه.

تهذيب التهذيب، شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 528 ه)، ط 1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1404 ه - 1989 م.

تهذيب اللغة، أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (282 - 370 ه)، (د.ط)، تحقيق: عبد السلام هارون، مراجعة: محمد علي النجار، (د.ت).

تهذيب الكمال في أسماء الرجال، جمال الدين أبی الحجاج يوسف المزي (ت 742 ه)، تحقيق: بشار عواد معروف، ط 4، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، 1406 - 1985م.

التوحيد، الصدوق، أبو جعفر محمد علي بن الحسين بن بابویه

ص: 159

القمي (ت 381 ه)، تصحیح و تعليق: هاشم الحسيني الطهراني، (د.ط)، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم - إيران، (د.ت).

(ث)

ثلاث كتب في الاضداد (الأصمعي (ت 216 ه، السجستاني ت 255 ه، ابن السكيت ت 244 ه)، نشرها أوغست هغنر، المطبعة الكاثوليكية بيروت - لبنان، 1912 م.

ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسی بن بابويه القمي (ت 381 ه)، تقدیم: محمد مهدي السيد حسن الخرسان، منشورات الرضی، مطبعة أمير، قم - إيران، 1368 ه.

(ج)

جامع أحاديث الشيعة، السيد حسين الطباطبائي البروجردي (ت 1383 ه)، المطابع العلمية، قم - إيران، 1399 ه.

جامع الأصول في أحاديث الرسول، الامام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد ابن الأثير الجزري (544 - 606 ه)، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، (د.ط)، نشر وتوزيع مكتبة الحلواني، مطبعة الملاح، مکتبة دار البيان، 1392 ه - 1972 م.

جامع البيان عن تأویل آي القرآن، أبو جعفر محمد بن جریر

ص: 160

الطبري (ت 310 ه)، ضبط و تخریج: صدقي جميل العطار، (د.ط) دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1415 ه / 1995 م.

جامع الرواة، محمد الأردبيلي (ت 1101) وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والاسناد، محمد بن علي الأردبيلي الغروي الحائري، د. ط، د.ت.

الجامع الصحيح، الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج ابن مسلم القشيري النيسابوري (ت 261 ه)، (د.ط)، دار الفکر، بیروت - لبنان، (د.ت).

الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه)، ط 1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1401 - 1981 م.

جامع المقاصد في شرح القواعد، المحقق الثاني الشيخ علي بن الحسين الكركي (ت 940 ه)، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ط 1، المطبعة المهدية، قم - إيران، 1408 ه.

الجرح والتعدیل، أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الرازي (ت 327 ه) ط 1، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، 1271 ه - 1952 م.

الجمل، محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام الملقب بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، مكتبة الداوري، قم، إيران.

ص: 161

جمهرة أشعار العرب، أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي (ت 179 ه)، (د.ط)، دار صادر، بیروت - لبنان، (د.ت).

جمهرة الأمثال، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (توفي بعد (395 ه)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، و عبد المجيد قطامش، ط 2، دار الجيل، بيروت - لبنان، 1384 ه - 1964 م.

جمهرة أنساب العرب، أبو محمد علي بن أحمد بن سعید بن حزم الأندلسي (ت 456ه)، تحقيق: لجنة من العلماء، ط 1، دار الكتب العلمية - بیروت، 1403 - 1983 م.

الجنى الداني في حروف المعاني، الحسن بن القاسم المرادي (749 ه)، تحقيق: الدكتور فخر الدين قباوه، و محمد ندیم فاضل، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1413 ه - 1992 م.

جنكيز خان إمبراطور العالم، هارولد أوجن، ترجمة: بهاء الدين نوري، (د.ط)، مطبعة السكك الحديدية العراقية، بغداد، (د.ت).

جنكيز خان قاهر العالم، رينيه غروسیه، ترجمة: خالد أسعد عیسی، مراجعة وتقديم: سهیل زکار، ط 1، دار إحسان للطباعة والنشر، دمشق، 1403 ه - 1982.

جوامع الجامع، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، قم - إيران، 1418 ه.

ص: 162

الجواهر الحسان في تفسير القرآن، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف أبي زيد الثعالبي المالكي (ت 875 ه)، ط 1، تحقيق: علي محمد معوض، وعادل أحمد عبد الموجود، والدكتور عبد الفتاح أبو سنة، احياء التراث العربي مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان، دار احیاء التراث العربي، بيروت - لبنان، 1418 ه - 1997 م.

(خ)

خاتمة المستدرك، ميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه)، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التؤاث، ط 1، ثم، إيران، 1415 ه.

الخرائج والجرائح، قطب الدين الراوندي (ت 573 ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، ط 1، قم المقدسة - إيران، 1409 ه.

خزانة الأدب، عبد الهادي عبد القادر بن عمر البغدادي (ت 1093 ه)، تحقيق: الدكتور محمد نبيل طريفي، والدكتور إميل بدیع اليعقوب ط 1، طباعة: دار الکتب العلمية، بيروت - لبنان، 1998 م.

الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني (ت 392 ه)، تحقيق: محمد علي النجار، ط 4، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999.

ص: 163

خصائص الأئمة (عليهم السلام)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي البغدادي (359 - 406 ه)، تحقيق: الدكتور محمد هادي الأميني، مجمع البحوث الإسلامية الآستانة الرضوية المقدسة، مشهد - إيران، 1406 ه.

الخصال، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالصدوق (ت 381 ه)، تصحیح: علي أكبر الغفاري، ط 1، مؤسسة النشر الإسلامي، بقم - إيران، 1403 ه.

(ح)

حاشية الصبان على شرح الأشموني، محمد بن علي الصبان الشافعي (ت 1206 ه)، ط 1، ضبط وتصحيح: إبراهيم شمس الدين، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1417 ه - 1997 م.

الاحتجاج، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (ت 548 ه)، تعليق: السيد محمد باقر الخرسان، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1386 ه - 1966 م.

الحجة في القراءات السبع، ابن خالویه (370 ه)، تحقيق: الدكتور عبد العال سالم مكرم، دار الشروق، بیروت، 1971.

حروف المعاني، أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت

ص: 164

340 ه)، تحقيق: علي توفيق الحمد، ط 2، مؤسسة الرسالة، صيدا - بیروت، 1406 ه - 1986 م.

حياة تيموتشجین (جنكيز خان الذي فكر في السيطرة على العالم): ي. إ. کیتشانوف، ترجمة: الدكتور طلحة الطيب، السلسلة المشتركة للبحوث في تاريخ الجزيرة العربية وبلدان الخليج رقم (2)، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، دبي، 1426 ه - 2005 م.

حياة الحيوان الكبری، کمال الدين الدميري (ت 808 ه)، ط 2، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1424 ه.

(د)

دراسات لغوية تطبيقية في العلاقة بين البنية والدلالة، الدكتور سعيد حسن بحيري، (د.ط)، الناشر: مکتبة زهاء الشرق، القاهرة (د.ت).

الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين عبد الرحمن (ت 911 ه)، (د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، (د.ت).

درة الغواص في أوهام الخواص، وشرحها وحواشيها أبو محمد القاسم بن علي الحريري (516 ه)، تحقيق: وتعليق: الدكتور عبد الحفيظ فرغلي، و علي القرني، ط 1، دار الجيل، بیروت، مكتبة التراث الاسلامي، القاهرة، 1417 ه - 1996 م.

الدروس الشرعية في فقه الإمامية، شمس الدين محمد بن مکّي

ص: 165

العاملي (الشهيد الأول) (ت 786 ه)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، التابعة لجماعة المدرسين، ط 2، قم - إيران، المقدسة، 1417 ه

دلائل الاعجاز، أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي، قراءة وتعليق: أبو فهر محمود محمد شاكر، ط 3، مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر، 1413 ه - 1992 م.

دلالة الالفاظ، الدكتور إبراهيم أنيس، ط 5، نشر: مكتبة الأنجلو المصرية، 1984.

دلائل الإمامة، أبو جعفر محمد بن جریر بن رستم الطبري الصغير، (من أعلام القرن الخامس الهجري)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، ط 1، مؤسسة البعثة للطبعة والنشر والتوزيع، قم - إيران، 1413 ه.

دور الكلمة في اللغة، ستيفن أولمان، ترجمة وتقديم وتعليق: الدكتور کال محمد بشر، مكتبة الشباب، مصر، (د.ت).

دیوان ابن هانئ الأندلسي، شرح: أنطوان نعیم، ط 1، دار الجيل، بیروت، 1416 ه - 1996 م.

ديوان أبو فراس الحمداني، شرح: عبد الرحمن المصطاوي، ط 3، دار المعرفة، بیروت - لبنان، 1427 ه - 2006 م.

ديوان الأدب میزان اللغة ومعيار الكلام، إسحاق بن إبراهيم بن

ص: 166

الحسين الفارابي (ت 350 ه)، تحقيق: محمد السيد عثمان، ط 1، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، سنة 2011 م

ديوان الأعشى الكبير، میمون بن قیس، شرح وتعليق الدكتور محمد حسين، الناشر مكتبة الآداب بالجاميز، المطبعة النموذجية (د. ط)، 1950.

دیوان حاتم الطائي، (د.ط)، منشورات دار ومكتبة الهلال، بیروت، لبنان، 2002 م.

دیوان دريد بن الصمة، تحقيق: الدكتور عمر عبد الرسول، سلسلة ذخائر العرب (59)، دار المعارف، القاهرة (د.ت).

دیوان دعبل الخزاعي، شرح وضبط وتقدم: ضياء حسين الأعلمي، ط 1، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بیروت - لبنان، 1417 ه / 1997 م.

دیوان ذي الرمة، شرح الامام أبو نصر الباهلي، تحقيق: الدكتور واضح الصمد، ط 1، دار الجيل، بیروت - لبنان، 1417 ه - 1997 م.

دیوان زيد الخيل الطائي، صنعة الدكتور نوري حمودي القيسي (د.ط)، مطبعة النعمان، النجف، (د.ت).

دیوان عامر بن الطفيل، شرح الانباري (ت 328 ه)، تحقيق: الدكتور أنور أبو سويلم، ط 1، دار الجيل، بيروت - لبنان، 1416 - 1996 م.

ص: 167

دیوان عدي بن زید العبادي، تحقيق محمد جبار المعيبد، وزارة الثقافة والارشاد مديرية الثقافة العامة، سلسلة كتب التراث (2)، شركة دار الجمهورية للنشر والطبع، (د.ط)، بغداد، 1965.

ديوان العجاج، (عبد الله بن رؤبة بن لبيد، رواية وشرح: عبد الملك بن قریب الاصمعي، تقديم وتحقيق: الدكتور سعدي ضناوي، ط 1، دار صادر، بیروت - لبنان، 1997 م.

ديوان الكميت بن زید الاسدي، جمع وتحقيق: الدكتور محمد نبيل طريفي، ط 1، دار صادر، بیروت - لبنان، 2000 م.

ديوان الهذليين، الجمهورية العربية المتحدة للثقافة والارشاد القومي، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1385 ه - 1965 م.

(ذ)

الذريعة إلى تصانيف الشيعة، العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت 1389 ه)، ط 3، دار الأضواء، بيروت - لبنان، 1403 ه - 1983 م.

(ر)

ربيع الأبرار و نصوص الأخبار، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (538 ه)، تحقيق: عبد الأمير مهنا، ط 1، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بیروت - لبنان، 1412 ه - 1992 م.

رسائل الشريف المرتضى (ت 436 ه)، إعداد: السيد مهدي رجائي،

ص: 168

تقديم: السيد أحمد الحسيني (د.ط)، مطبعة سيد الشهداء، دار القرآن الكريم للنشر، قم - إيران، 1405ه.

الرسالة، الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 ه)، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، (د.ط)، المكتبة العلمية، بيروت - لبنان، (د.ت).

رصف المباني في شرح المعاني في شرح حروف المعاني،، أحمد بن عبد النور المالقي (ت 702 ه)، ط 3، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق، 1423 ه - 2002 م.

الروض المعطار في خبر الأقطار، محمد بن عبد المنعم الحميري (ت 900 ه)، تحقيق: الدكتور إحسان عباس، ط 2، مکتبة لبنان، بيروت - لبنان، 1984.

ریاض العلماء وحياض الفضلاء، میرزا عبد الله أفندي الأصفهاني، تحقيق أحمد الحسيني الأشكوري، ط 1، مطبعة الخيام، قم، إيران، 1401 ه

(ز)

الزاهر في معاني كلمات الناس، أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار ابن الأنباري (ت 328 ه)، تحقيق: الدكتور صالح الضامن، ط 2، سلسلة خزانة التراث، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1987 م.

(س)

السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن

ص: 169

منصور بن أحمد بن إدريس الحلي (ت 598 ه) ط 2، تحقيق: لجنة من المحققين، مؤسسة النشر الإسلامي، بقم - إيران، 1410 ه.

سنن ابن ماجه، أبي عبد الله محمد بن یزید القزويني (ت 275 ه)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، (د.ط)، دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع، (د.ت).

سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275 ه)، تحقیق و تعليق: سعيد محمد اللحام، ط 1، دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع، 1410 - 1990 م.

سنن الترمذي، الجامع الصحيح، الامام الحافظ أبو عيسى محمد بن عیسی بن سورة الترمذي (209 - 279 ه)، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، ط 2، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، 1403 - 1983 م.

سنن الدارمي أبو محمد عبد الله بن الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي (ت 255 ه)، (د.ط)، مطبعة الاعتدال، دمشق عام 1349.

السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 ه)، (د.ط)، دار الفكر، (د.ت).

- سنن النسائي، الحافظ الصمداني أبو عبد الرحمن أحمد بن شعیب بن علي بن بحر النسائي (ت 303 ه)، شرح: جلال الدين السيوطي

ص: 170

وحاشية الامام السندي، ط 1، دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1388 ه - 1930 م.

سير أعلام النبلاء الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق حسين الاسد وآخرون، إشراف شعيب الأرنؤوط، ط 9، مؤسسة الرسالة بيروت، 1413 ه - 1993 م.

السيرة النبوية، أبو الفداء إسماعيل بن کثیر (701 - 747 ه)، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، (د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1396 ه - 1971 م.

السيرة النبوية، أبو محمد عبد الملك بن هشام الحميري (ت 218 ه)، تحقيق: الدكتور محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة المدني، نشر: مكتبة محمد علي صبيح وأولاده، مصر - القاهرة، 1383 ه. 1963 م

(ش)

الشافي في الإمامة، الشريف المرتضى (ت 436 ه)، ط 2، تحقيق: السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب، مراجعة: السيد فاضل الميلاني، مؤسسة الصادق للطباعة والنشر، طهران - إيران، 1407 ه - 1989 م.

شرح جمل الزجاجي، أبو الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن علي ابن عصفور الاشبيلي (ت 669 ه)، ط 1، تقديم وضبط: فواز الشعار، إشراف: أميل بديع يعقوب، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب

ص: 171

العلمية، بيروت - لبنان، 1419 ه - 1998 م.

شرح الرضي على الكافية، رضي الدين الإستراباذي (ت 686 ه)، تصحیح و تعليق: يوسف حسن عمر (د.ط)، مؤسسة الصادق للنشر والتوزيع، طهران - إيران، 1395 ه - 1975 م.

شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي النحوي (ت 686 ه)، تحقيق: الأساتذة محمد نور الحسن، محمد الزفزاف، محمد محيي عبد الحميد، (د.ط)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1395 ه - 1975 م.

شرح صحیح مسلم، أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النووي (ت 676 ه)، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، 1407 ه - 1987 م.

شرح الكافية الشافية للامام أبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن محمد ابن مالك الطائي الجياني الشافعي (ت 672 ه)، تحقيق على محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، ط 1، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، بیروت، لبنان، 1420 ه - 2000 م.

شرح المقاصد في علم الكلام، التفتازاني (ت 792 ه)، ط 1، طباعة دار المعارف النعمانية، باكستان، 1401 ه - 1981 م.

شرح المكودي على الألفية في علمي الصرف والنحو، أبو زيد عبد

ص: 172

الرحمن بن علي بن صالح المكودي (ت 807 ه)، تحقيق: الدكتور عبد الحميد هنداوي، (د.ط)، المكتبة العصرية، صيدا - بیروت، 1425 ه - 2005 م.

شرح المواقف، القاضي الجرجاني (ت 816 ه)، ط 1، مطبعة السعادة، مصر، 1325 ه - 1907 م.

شرح نهج البلاغة، أبن أبي الحديد (ت 656 ه)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 2، المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1965.

شرح نهج البلاغة، کمال الدين میثم بن علي بن میثم البحراني (ت 679 ه)، ط 1، مؤسسة النصر، مكتب الاعلام الاسلامي، إيران - قم 1362 ه.

شذرات الذهب في أخبار من ذهب، المؤرخ الفقيه الأديب أبو الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي (ت 1089 ه)، (د.ط)، طباعة دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، (د.ت).

الشعر والشعراء ابن قتيبة (ت 276 ه)، تحقيق: أحمد محمد شاکر، (د.ط)، دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 1427 ه - 2006 م.

الشفاء، (الطبیعیات) أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سینا (ت 428 ه)، تحقيق: الدكتور محمود قاسم، مراجعة: الدكتور

ص: 173

إبراهيم مدكور، (د.ط)، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، منشورات مكتبة آية الله العظمی المرعشي النجفي، قم، إيران، 1404 ق.

الشواهد والاستشهاد في النحو، عبد الجبار علوان النايلة، ط 1، مطبعة الزهراء، بغداد، 1396 ه - 1976م.

(ص)

الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور العطار، ط 4، دار العلم للملايين، بيروت لبنان، 1407 ه - 1987 م.

صحيح البخاري، الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن المغيرة بن بردزبة البخاري الجعفي (ت 256 ه)، (د.ط)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1401 ه - 1981 م.

صحیح ابن حبان بترتیب ابن بلبان، علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (354 ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، ط 2، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، 1414 ه - 1993 م

الصحيفة السجادية، الإمام سيد الساجدين علي بن الحسين (عليهما السلام)، ط 1، قم - ایران، 1418 ه.

(ط)

الطبقات الکبری، محمد بن سعد (ت 230 ه)، (د.ط)، دار صادر،

ص: 174

بيروت - لبنان، (د.ت).

(ع)

العبر في خبر من غبر، الحافظ الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: فؤاد سید، سلسلة التراث العربي، دائرة المطبوعات والنشر، (د.ط)، الكويت، 1961 م.

علل الشرائع، الصدوق أبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسی بن بابويه القمي (381 ه)

منشورات المكتبة الحيدرية، النجف الاشرف، 1385 ه - 1966 م.

علل النحو، أبو الحسن محمد بن عبد الله الوراق (ت 381 ه)، تحقيق: محمود محمد محمود نصار، ط 2، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1429 ه - 2008 م.

علم الدلالة، أحمد مختار عمر، ط 2، عالم الكتب بيروت - لبنان، 1988 م.

- علم الدلالة، أف. آر. بالمر، ترجمة: مجيد عبد الحليم الماشطة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الجامعة المستنصرية، بغداد، 1985.

عمدة القاری شرح صحیح البخاري، محمود بن أحمد العيني (ت 850 ه)، (د.ط)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، (د.ت).

ص: 175

عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة (ت 828 ه)، ط 2، تصحیح: محمد حسن آل الطالقاني، منشورات المطبعة الحيدرية في النجف، 1380 ه - 1961 م.

عوالي الليالي العزيزية في الأحاديث الدينية، محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (ت نحو 880 ه)، تحقيق: آقا مجتبی العراقي، ط 1، مطبعة سيد الشهداء، قم - إيران، 1403 ه - 1983 م.

عيون الأخبار، أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينَوَريّ (ت 276 ه)، شرح وتعليق: الدكتور يوسف علي طويل، ط 3، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1424 ه - 2003 م.

(غ)

الغارات، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي (ت 283 ه)، تحقيق: جلال الدين الحسيني الارموي المحدث، (د. ط)، (د.ت).

الغدیر، عبد الحسين احمد الأميني النجفي دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، ط 4، 1397 ه - 1977 م.

غريب الحديث، أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت 224 ه)، مراقبة: الدكتور محمد عبد المعيد، ط 1، طباعة: مجلس دائرة المعارف العثمانية، بحیدر آباد، الدكن - الهند، 1386 ه / 1964 م.

غريب الحديث، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت

ص: 176

276 ه)، ضبط: نعیم زرزور، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1608 ه - 1988 م.

(ف)

الفائق في غريب الحديث، العلامة جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 ه)، وضع حواشيه: إبراهيم شمس الدین، ط 1، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، 1417 ه - 1996 م.

فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب في الاستخارات، أبو القاسم علي بن موسی ابن طاووس الحسني الحلبي (ت 664 ه)، تحقيق: حامد الخفاف، ط 1، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، سلسلة مصادر بحار الأنوار (7) بيروت - لبنان، 1409 ه - 1989 م.

فتح الباري شرح صحيح البخاري، الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني (852 ه)، ط 2، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، (د.ت).

الفتوح، أبو محمد أحمد بن اعثم الكوفي (ت 314 ه)، تحقيق: علي شيري، ط1، دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، 1411 ه - 1991 م.

فرائد الحرائد في الأمثال، معجم في الأمثال والحكم النثرية والشعرية، أبو يعقوب يوسف بن طاهر الخویِّي (ت 549 ه)، تحقيق: الدكتور عبد الرزاق عبد الرحيم حسين، (د.ط)، دار النفائس، الأردن، 1415 ه - 1994 م.

ص: 177

فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسی بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني (ت 664 ه)، مطبعة أمير، منشورات الرضي 1363 ه، قم - إيران.

الفَرق بين الفِرق، عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي (ت 429 ه)، تعليق: إبراهيم رمضان، ط 1، دار المعرفة، بیروت - لبنان، 1415 ه - 1994 م.

فروق اللغات في التمييز بين مفاد الكلمات، نور الدين نعمة الله الحسيني الموسوي الجزائري، تحقيق: محمد رضوان الداية، ط 3، مکتب نشر الثقافة الاسلامية، طهران - إيران، 1415 ه.

الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري، تحقيق محمد إبراهيم سليم، (د.ط)، دار العلم للنشر والتوزيع، القاهرة، 1418 ه - 1997 م.

الفصل في الملل والأهواء والنحل، أبو محمد علي بن أحمد بن حزم (ت 456 ه)، ط 1، المطبعة الأديبة، مصر، دار الصادر للنشر، بيروت، 1317 ه.

- فصول في فقه العربية، الدكتور رمضان عبد التواب، ط 6، طباعة مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة - مصر، 1420 ه - 1999 م.

فقه اللغة وأسرار العربية، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل

ص: 178

الثعلبي (ت 430 ه) شرح وضبط وتقديم: ياسين الايوبي، (د.ط) المكتبة العصرية للطباعة والنشر، صيدا - بيروت، 1424 ه - 2003 م.

الفقه على المذاهب الأربعة ومذاهب أهل البيت، عبد الرحمن الجزيري، السيد محمد الغروي، الشيخ ياسر مازح، منشورات دار الثقلين، لبنان، ط 1، 1419 ه - 1998 م.

الفهرست، ابن النديم، أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب اسحق المعروف بالوراق (438 ه)، تحقيق رضا - تجدد، (د.ط)، مطبعة فلوجل، مصر (د.ت).

الفهرست، الأمام أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، ط 1، طباعة: مؤسسة النشر الاسلامي نشر: مؤسسة نشر الفقاهة، 1417 ه.

فوات الوفيات، محمود بن شاكر الكتبي (ت 764 ه)، تحقيق: علي محمد بن يعوض الله، وعادل أحمد عبد الموجود، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 2000 م.

(ق)

القاموس الفقهي، سعدي أبو جیب، ط 2، دار الفكر، دمشق - سورية، 1408 ه - 1988 م.

القاموس المحيط، الفيروز آبادي (ت 817ه)، جمع نصر الحوراني، (د.ط)، (د.ت).

ص: 179

قبيلة بنو شيبان، علي الكوراني العاملي وعبد الهادي الربيعي الشيباني، ط 1، سلسلة القبائل العربية في العراق (7)، 1531 ه - 2010 م.

قَبيلةُ النَخَع، على الكوراني العامي، ط 1، سلسلة القبائل العربية في العراق (10)، 1431 ه - 2010 م.

قرب الإسناد، أبو العباس عبد الله بن جعفر الحمري، تحقيق: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء الراث، ط 1،، مهر للطباعة،

قم - إيران، 1413 ه .

القواعد والفوائد في الفقه والأصول والعربية، أبو عبد الله محمد بن

مكي العامي المعروف ب الشهيد الأول (ت 786 ه)، تحقيق: الدكتور السيد عبد الهادي الحكيم، (د.ط)، منشورات مكتبة المفيد، قم - إيران، (د.ت).

(ك)

الكامل في التاريخ، عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، 1385 ه - 1965 م.

الكبائر، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748ه)، تحقیق حسان عبد المنان، ط 1، دار الخير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1416 ه - 1995.

کتاب الافعال، أبو القاسم علي بن جعفر السعدي المعروف بابن

ص: 180

القطاع (ت 515 ه)، ط 1، عالم الكتب، بيروت، لبنان، 1403 ه - 1983.

كتاب التكملة أبو عي الفارسي، تحقيق ودراسة: الدكتور كاظم بحر المرجان، (د.ط)، دار الكتب للطباعة والنر، جامعة الموصل، 1401 ه - 1981 م.

كتاب سيبويه، أبو بر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت 180 ه)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ط 1، دار الجيل، بيروت، 1385 ه - 1966 م.

كتاب العین، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي) (ت 175 ه)، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي و الدكتور إبراهيم السامرائي، ط 2، مؤسسة دار الهجرة للطباعة والنشر، إيران، 1409 ه.

كشف الحجب والأستار، اعجاز حسن (ت 1286 ه)، ط 2، 1409 ه، مطبعة بهمن، قم، إيران.

الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخري الخوارزمي (ت 538 ه)، (د.ط)، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، 1385 ه - 1966 م.

كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة وبكاتب چلبي (ت 1067 م)، (د.ط)، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر - بروت - لبنان، (د.ت).

ص: 181

كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، نصير محمد بن الحسن الطوسي (ت 672 ه)، شرح جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي المطهر الحلي، ط 1، منشورات الاعلمي للمطبوعات، لبنان، بيروت، 1399 ه - 1979 م

الكشف والبيان عن تفسر القرآن، الثعلبي (ت 427 ه)، تحقيق: أبو محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق الأستاذ نظر الساعدي، ط 1، دار إحياء الراث العربي للطباعة والنشر، 1422 ه - 2002 م.

كمال الدين وتمام النعمة، أبو جعفر محمد بن عي بن الحسن بن بابويه القمي الملقب بالشيخ الصدوق (ت 381)، تصحيح علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الاسامية، قم - إيران، 1405 ه.

الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي، تقديم: محمد هادي الأميني، (د.ط)، مكتبة الصدر للنر، طهران - إيران، (د.ت).

كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، علاء الدين علي المتقي بن حسام

الدين الهندي البرهان فوري (ت 975 ه)، ضبط: بكري حياني، و صفوة السفا، (د.ط)، مؤسسة الرسالة، بیروت - لبنان، 1409، ه - 1989 م.

(ل)

اللباب في تهذيب الأنساب، عزّ الدّين ابن الأثير الجزري (ت 630 ه)، تحقيق الدكتور إحسان عباس، (د.ط)، دار صادر، بيروت، (د.ت).

لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور

ص: 182

الافريقي المصري، (د.ط)، نشر أدب الحوزة، قم، إيران، 1405 ه.

لسان الميزان، للإمام الحافظ شهاب الدين أبى الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، ط 2، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بیروت - لبنان، 1390 ه - 1971 م.

اللهجات العربية في القراءات القرآنية، الدكتور عبده الراجحي، (د.ط)، دار المعرفة الجامعية للطباعة والنر والتوزيع، القاهرة، 1965 م.

لهجات اليمن قديماً وحديثاً، أحمد حسن شرف الدين، (د.ط)، مطبعة الجبلاوي، 1970.

(م)

مبادئ اللغة، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب الاسكافي (ت 421 ه)، ط 1، دار الكتب العلمية، بروت، لبنان، 1405 ه - 1985.

المبدأ والمعاد، رسالة معراجية، الادوية القلبية، شيخ الرئيس أبو علي حسن بن عبد الله بن سينا (370 - 428 ه)، (د.ط) مؤسسة جاب، انتشارات آستاه قدس رضوي، إيران، مشهد، (د.ت).

المبدع في التصريف، أبو حيان النحوي الأندلسي، تحقيق وشرح وتعليق: الدكتور عبد الحميد السيد طلب، ط 1، مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع، الكويت، 1402 ه - 1982 م.

المبسوط، شمس الدين السرخسي (483 ه)، (د.ط)، دار المعرفة

ص: 183

للطباعة والنر والتوزيع، بیروت - لبنان، 1406 - 1986 م.

متشابه القرآن ومختلفة، محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ه)، (د.ط)، شركة سهامي للطباعة، إيران، 1328 ه، چاپخانه شركت سهامى طبع كتاب.

المثلث، لابن السيد البطليوسي (444 ه - 521 ه)، تحقيق: الدكتور صلاح مهدي الفرطوسي، جمهورية العراق وزارة الثقافة والاعلام، سلسلة كتب التراث (111) دار الرشيد للنشر، بغداد، 1401 ه - 1981 م.

مجاز القرآن، أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي المتوفى سنة (ت 210 ه )، تعليق: الدكتور محمّد فؤاد سزكين، ط 2، مكتبة الخانجي - دار الفكر، مصر، 1390 ه - 1970 م

مجمع الأمثال، أبو الفضل أحمد بن محمد النيسابوري المعروف بالميداني (ت 518 ه)، (د.ط) الناشر: المعاونية الثقافية للآستانة الرضوية المقدسة، 1366 ه.

مجمع البيان في تفسر القران، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه)، ط 1، تحقيق، لجنة من العلاء والمحققین

الأخصائين، تقديم: السيد محسن الأمین العامي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بروت - لبنان، 1415 ه - 1995 م.

ص: 184

مجمع البحرين فخر الدين الطريحي (ت 1085 ه)، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، ط 2، منشورات ناصر خسرو. طهران - إيران، 1362 ه.

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الحافظ نور الدين عي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ه) (د.ط)، دار الكتب العلمية، بیروت - لبنان،

1408 ه - 1988 م.

المجموع، شرح المهذب، أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي (ت 676 ه)،، دار الفكر، بيروت - لبنان.

مجمل اللغة، أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا الرازي (ت 395 ه)، تحقيق: شهاب الدين أبو عمرو، (د.ط)، دار الفكر للطباعة

والنشر والتوزيع، بروت، لبنان، 1414 ه - 1994 م.

المحبر،، محمد بن حبيب البغدادي (245 ه)، 1361.

مختر العین، أبو بكر محمد بن الحسین الزبيدي الاشبيلي (ت 379 ه)، تحقيق: الدكتور: صاح مهدي الفرطوسي، ط 1، وزارة الثقافة والاعلام، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1991 م.

المختصر في أخبار البشر، عماد الدين إسماعيل أبي الفداء (732 ه)، (د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، (د.ت).

المخصص، أبو الحسن علي بن إسماعيل النحوي اللغوي الأندلسي المعروف بابن سيده (ت 458 ه)، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي،

ص: 185

(د.ط)، دار إحياء التراث العربي للطباعة، بيروت - لبنان، (د.ت).

المذكر والمؤنث، ابن التسري الكاتب (ت 361 ه)، تحقيق: الدكتور أحمد عبد المجيد هريدي، ط 1، سلسلة روائع الراث اللغوي (7)، طباعة مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ودار الرفاعي

الرياض، 1403 ه - 1983.

المذكر والمؤنث، أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني (ت 255 ه)، تحقيق الدكتور حاتم صلح الضامن، ط 1، مطبوعات مركز جمعية الماجد الثقافية والراث بدبي، دار الفكر دمشق - سوريا 1418 ه - 1997 م.

المذكر والمؤنث، أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (207 ه)، تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب، ط 2، مكتبة دار التراث، القاهرة، 1989.

المرتجل، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد ابن الخشاب، (567 ه)، تحقيق: علي حيدر، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1392 ه - 1972 م.

مروج الذّهب ومعادن الجوهر، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت 346 ه)، ضبط: يوسف اسعد داغر، ط 2، الثانية، منشورات دار الهجرة، قم - إيران، 1404 - 1984 م.

المزهر في علوم اللغة، جلال الدين السيوطي، تحقيق: الدكتور محمد أحمد جاد المولى بك، والدكتور محمد أبو الفضل إبراهيم، والدكتور

ص: 186

علي محمد البجاوي، ط 1، دار إحياء الكتب العربية، طباعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، مصر، (د.ت)

مستدرك أعيان الشيعة، حسن الامين (1399 ه)، دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان، 1408 ه - 1987 م.

مستدرك سفينة البحار علي النمازي الشاهرودي (ت 1405 ه) تحقيق وتصحيح: الشيخ حسن بن علي النمازي مؤسسة النشر الاسلامي، بقم ا - إيران.

المستدرك على الصحيحن، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (405 ه)، إشراف: الدكتور. يوسف عبد الرحمن المرعشي (د.ط)، دار المعرفة، بروت - لبنان، (د.ت).

مستدرك علم رجال الحديث، الشيخ علي النمازي الشاهرودي (ت 1405)، ط 1، طهران - إيران، 1412 ه

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الحاج مرزا حسن النوري الطبرسي (1320 ه)، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ط 1، 1408 ه - 1987 م.

المستويات الجمالية في نهج البلاغة (دراسة في شعرية النثر)، نوفل

هال أبو رغيف، ط 1، دار الشؤون الثقافية العامة، سلسلة الفكر العراقي الجديد (1)، بغداد، 2008 م.

ص: 187

مسند الإمام أحمد بن حنبل، (د. ط)، دار صادر، بيروت - لبنان، (د.ت).

مسند الإمام الرضا، أبو الحسن علي بن موسی (علیهما السلام)، تحقیق: عزيز الله العطاردي الخبوشاني، (د.ط)،: مؤسسة آستان قدس الرضوي للطباعة، نشر: المؤتمر العالمي للإمام الرضا(عليه السلام)، 1406 ه

مسند الشهاب، القاضي أبو عبد الله محمد بن سامة القضاعي (ت 454 ه)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، مؤسسة الرسالة، بیروت - لبنان، 1405 ه - 1985 م.

مشاهير علاء الأمصار أعلام فقهاء الأقطار، الحافظ أبو حاتم محمد

بن حبان بن أحمد التميمي البستي (ت 354 ه)، ط 1، تحقيق: مرزوق على إبراهيم، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، 1411 ه - 1991 م.

مصادر نهج البلاغة ووأسَانِيدُه، السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب، دار الزهراء، بيروت، ط 4، 1409 ه - 1988 م.

المصباح المنیر في غريب الشرح الكبیر للرافعي، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي (ت 770 ه)، (د.ط)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، (د.ت).

معارج نهج البلاغة، ظهير الدين أبي الحسن عليّ بن زيد البيهقي (ت

565 ه)، تحقيق: محمّد تقي دانش، ط 1، مكتبة آية الله العظمى مرعشى،

قم - إيران، 1409 ه.

ص: 188

المعارف، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (276 ه)، تحقيق: الدكتور ثروت عكاشة، ط 2، سلسلة ذخائر العرب (44) دار المعارف، مصر، 1969.

معالم التنزيل في تفسير القرآن، تفسير البغوي (ت 510 ه)، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك (د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنر بروت - لبنان، (د.ت).

معاني الأخبار، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق (ت 381 ه)، تصحيح: علي أكبر الغفاري، (د.ط)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم - إيران، 1379 - 1338 ه.

- معاني القرآن، أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت 207 ه)، تحقيق: أحمد يوسف نجاتي، ومحمد علي النجار،(د.ط)، دار السرور، 1955.

معاني القرآن، الاخفش سعيد بن مسعدة البلخي المجاشعي (ت 215 ه)، دراسة وتحقيق: الدكتور عبد الامير محمد أمين الورد، ط 1، عالم الكتب، بيروت - لبنان، 1405 ه - 1985 م.

معاني النحو، الدكتور فاضل صالح السامرائي، ط 2، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان - الاردن، 1423 ه - 2003 م.

المعتزلة، زهدي جار الله حسن، ط 1، الاهلية للنشر والتوزيع، بيروت، 1974.

ص: 189

معجم الادباء، ياقوت الحموي (ت 626 ه)، ط 3، دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1400 ه - 1980 م.

المعجم الأوسط، للحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (260 ه - 360 ه)، تحقيق: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، وأبو الفضل عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمن للطباعة والنر والتوزيع، القاهرة - مصر، 1415 ه - 1995 م.

معجم ألفاظ الفقه الجعفري، أحمد فتح الله، ط 1، مطبعة المدخول، الدمام، 1415 ه - 1995 م.

معجم البلدان، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (626 ه)، (د.ط)، دار إحياء التراث العربي، بیروت - لبنان، 1399 ه - 1979 م.

المعجم الذهبي )(فارسي - عربي) الدكتور محمد التونجي، ط 1، دار العلم للملاين، بروت، لبنان، 1969.

معجم الرجال والحديث، أبو أسد الله محمد حياة بن الحافظ محمد عبد الله الأنصاري، (د.ط)، (د.ت).

المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والانكليزية واللاتينية، د. جميل صليبا، ط 1، منشورات ذوي القربى، 1385.

معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، عمر رضا كحاله، ط 2، دار

ص: 190

العلم للملايين، بيروت - لبنان، 1388 ه - 1968 م.

معجم القراءات القرآنية، الدكتور أحمد مختار عمر، و الدكتور عبد العال سالم مكرم، ط 2، مطبعة أسوة، 1412 ه - 1999 م.

معجم لغة الفقهاء، عربي - إنكليزي، الدكتور محمد رواس قلعة

جي، ط 2، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت - لبنان، 1408 ه - 1988 م.

المعجم الكبیر، الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (260 ه - 360 ه)، ط 2، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء الراث العربي، بروت - لبنان، (د.ت).

معجم مصطلحات المنطق، عربي، انكليزي، فرنسي، اعداد: السيد

جعفر الحسيني، ط 1، مطبعة البقيع، دار الاعتصام للطباعة والنشر، (د.ت).

معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، الدكتور محمود عبد الرحمن عبد المنعم، (د.ط)، دار الفضيلة، للنشر والتوزيع والتصدير، القاهرة - مصر، (د.ت).

معجم مصطلحات الرجال والدراية، محمّد رضا جديدى، إشراف: محمد كاظم رحمن، ط 2، مؤسسة دار الحديث الثقافية للطباعة والنشر، قم - إيران، 1424 ه.

ص: 191

معجم المطبوعات العربية والمعربة، يوسف اليان سركيس، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، إيران - قم، 1410 ه.

المعجم المفصل في دقائق اللغة العربية، إعداد الدكتور إميل بديع يعقوب، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1424 ه - 2004.

معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت 395 ه)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، طباعة ونشر: مكتب الاعلام الاسلامي، طهران - قم، 1404 ه.

معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، (د.ط) طباعة دار إحياء التراث العربي، نشر: مكتبة المثنى بيروت - لبنان، (د.ت).

المعرب من الكلام الاعجمي على حروف المعجم، أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخر الجواليقي (ت 540 ه)، تحقيق: أحمد محمد شاكر، تقديم: عبد الوهاب عزام، دار الكتب المصرية،

القاهرة، 1361 ه

المغازي، الواقدي، محمد بن عمر بن واقد (ت 207 ه)، تحقيق: الدكتور مارسدن جونس، (د.ط)، دانش اسامي للنر، 1405 ه.

المغني، الامام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة (ت 620 ه) (د.ط)، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، (د.ت).

مغني اللبيب عن كتب الاعاريب، أبو محمد عبد الله جمال الدين بن

ص: 192

يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الانصاري المصري (ت 761 ه)،

تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط 1، دار الصادق للطباعة والنشر، إيران، 1384 ه.

المغني في أبواب التوحيد والعدل، القاضي أبو الحسن عبد الجبار (ت 415 ه)، تحقيق الدكتور: عبد الحليم محمود، والدكتور سليمان دنيا، مراجعة الدكتور إبراهيم مدكور، والدكتور طه حسن، (د.ط)، الدار

المصرية للتأليف والترجمة، (د.ت).

- مفردات ألفاظ القرآن، العلامة الراغب الأصفهاني (ت 425 ه)، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، ط 2، منشورات طليعة النور، إيران، 1427 ه.

المعقبون من ال أبي طالب، مهدي الرجائي الموسوي، الموسوعة النبوية، ط 1، مؤسسة عاشوراء، 1427 ه.

المقتصد في شرح الايضاح، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق: الدكتور كاظم بحر المرجان الجمهورية العراقية، منشورات وزارة الثقافة والاعلام، سلسلة كتب التراث (115)، دار الرشيد للنشر، المطبعة

الوطنية للنر، عمان - الاردن، 1982.

المقتضب، أبو العباس محمد بن يزيد المرد (ت 285 ه)، تحقيق: حسن حمد، مراجعة، الدكتور أميل يعقوب، ط 1، منشورات محمد علي

ص: 193

بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1420 ه - 1999 م.

مكارم الأخلاق، رضي الدين أبو نصر الحسن بن الفضل الطبرسي (ت 548 ه)، ط 6، منشورات الشريف الرضي، 1392 ه 1972 م.

الملل والنحل، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني (479 - 548 ه)، تحقيق: محمد سيد گيلاني، (د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان (د.ت).

الممتع الكبير في التصريف، ابن عصفور، الدكتور فخر الدين قباوة، ط 1، مكتبة لبنان، ناشرون، 1996.

مناقب آل أبي طالب، مشير الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن شهر آشوب ابن أبي نصر بن أبي حبيشي السروي المازندراني (ت 588 ه)، تصحيح وشرح: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، النجف، 1376 ه - 1956 م.

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي (ت 597 ه)، دراسة وتحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، مراجعة: نعيم زرزور، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1412 ه - 1992 م.

المنصف لكتاب التصريف، أبو الفتح عثمان بن جني النحوي (ت

ص: 194

392 ه)، تحقيق: الدكتور إبراهيم مصطفى، والدكتور عبد الله أمين، ط 1، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1960 م.

من لا يحضره الفقيه، الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي(ت 381 ه)، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، ط 2، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم - إيران، (د.ت).

منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، حبيب الله الهاشمي الخوئي (ت 1324)، تصحيح: إبراهيم الميانجي، ط 4، منشورات دار الهجرة، قم - إيران، (د.ت).

منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت 573 ه)، (دط)، تحقيق: السيد عبد اللطيف الكوهكمري، عناية: السيد محمود المرعشي، مطبعة الخيام للطباعة، نشر: مكتبة آية الله المرعشي العامة، إيران - قم، 1406 ه.

المهذب في علم التصريف، الدكتور هاشم طه شلاش، و الدكتور صلاح مهدي الفرطوسي، والدكتور عبد الجليل عبيد حسين، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بيت الحكمة (د.ط) (د.ت).

موقف النحاة من الاستشهاد بالحديث الشريف، الدكتورة خديجة الحديثي (د.ط)، منشورات وزارة الثقافة والاعلام، دار الرشيد للنشر، سلسلة دراسات (265)، دار الطليع-ة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان،

ص: 195

1400 ه - 1981 م.

ميزان الاعتدال في نقد الرجال، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 ه)، تحقيق: علي محمد البجاوي، ط 1، دار المعرفة للطباعة والنشر، بروت - لبنان، 1382 - 1963 م

الميزان في تفسير القرآن، السيد محمد حسين الطباطبائي (ت 1402 ه)، مؤسسة النشر الاسلامي، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم - إيران.

(ن)

النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي (813 - 874 ه)، (د.ط)، وزارة الثقافة والارشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة للتأليف وال جمترة والطباعة والنشر، (د.ت).

النحو الوافي، الدكتور عباس حسن، ط 8، منشورات ناصر خسرو، إيران، 1426 ه.

نحو النص (إطار نظري ودراسات تطبيقية)، الدكتور عثمان أبو زيد، ط 1، عالم الكتاب الحديث للطباعة و النشر والتوزيع، اربد، الاردن، 1431 ه - 2010.

النشر في القراءات العشر، أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي

ص: 196

(ت 833 ه) تصحيح ومراجعة: علي محمد الضباع، (د. ط)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، (د.ت).

نشوء المذاهب والفرق الإسلامية، حسين الشاكري، ط 1، سلسلة الثقافة الإسلامية (11)، 1418 ه.

نهاية الأرب في فنون الأدب، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري (677 - 733 ه)، وزارة الثقافة والارشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، مطابع گوستاتسوماس وشركاه، القاهرة، مصر، (ت.ط).

النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين ابن الأثير (ت 606 ه)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، محمود محمد الطناحي، ط 4، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع - قم - ایران،.

نهج الايمان، زين الدين علي بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع)، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، ط 1،، نشر: مجتمع امام هادي )(عليه السلام)، 1418 ه.

نهج الحق وكشف الصدق، للإمام الحسن بن يوسف المطهر تعليق: الشيخ عين الله الحسني الأرموي تقديم السيد رضا الصدر، منشورات دار الهجرة، إيران - قم، 1421 ه.

نوادر أبي مسحل الاعرابي، عبد الوهاب بن مريش، تحقيق: الدكتور

ص: 197

عزة حسن، (د.ط)، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق - سوريا، 1380 ه - 1961 م.

(ه)

هدية العارفين أسماء المؤلفين واثار المصنفين، إسماعيل باشا البغدادي (ت 1339)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان 1951 م.

(و)

الوافي، محمد محسن المشتهر بالفيض الكاشاني (1091)، التحقيق: ضياء الدين الحسيني الأصفهاني، ط 1، نشر: مكتبة الإمام أمیر المؤمنین علي (عليه السام)، أصفهان - إيران، 1406 ه.

الوافي بالوفيات، الصفدي (ت 764 ه)، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى (د.ط)، دار إحياء التراث للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، 1420 ه - 2000 م.

الوفيات، المؤلف: أحمد بن حسن الخطيب (ت 809 ه)، تحقيق: عادل نويهض، ط 2، دار الإقامة الجديدة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، 1978 م.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان (ت 681 ه)، تحقيق: إحسان عباس (د.ط)، مطبعة دار الثقافة، لبنان (د. ت).

ص: 198

(ي)

يتيمة الدهر في محاسن أهل العر، أبو منصور عبد الملك الثعالبي النيسابوري (ت 429 ه)، شرح وتحقيق: الدكتور مفيد محمد قميحة، ط 1، دار الكتب العلمية، بیروت - لبنان، 1403 ه - 1983 م.

المخطوطات //

مخطوطة حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة، علاء الدين كلستانة.

المجلات //

1 - ظاهرة التقابل في علم الدلالة، الدكتور أحمد نصيف الجنابي، مجلة آداب المستنصرية، العدد (10)، سنة 1984.

ص: 199

المحتویات

فهرس الآيات...9

فهرس الأحاديث...65

فهرس القبائل...71

فهرس الكتب...77

فهرس الأشعار...85

فهرس الأمثال...97

فهرس الأعلام...101

فهرس الأماكن والمدن...135

المصادر والمراجع...143

ص: 200

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.