المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الناشر: مؤسسة الامام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: 1
الموضوع : الفقه
تاريخ النشر : 1424 ه.ق
ISBN (ردمك): 964-357-049-5
المكتبة الإسلامية
إشراف العلامة المحقّق جعفر السبحاني
معالم الدين في فقه آل ياسين
دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية
تأليف: الفقيه البارع شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي
(كان حياً عام 832 ه)
الجزء الأول
تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري
المحرر الرقمي: محمّد علي ملك محمّد
ص: 1
فهرستنويسی پيش از انتشار توسط: موسسه تعلیماتی و تحقیقاتی امام صادق عليه السلام
قطان حلي، محمد بن شجاع، - 832؟ق
معالم الدين في فقه آل ياسين: دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية / تأليف شمس الدين ابن قطان الحلي ؛ إشراف جعفر السبحاني؛ تحقيق إبراهيم البهادري - قم: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام، 1423 ق - 1381
ج.
ISBN : 964 - 357 - 049 - 5
كتابخانه به صورت زيرنویس.
1. فقه جعفری - - قرن 9 ق. الف ، سبحانی تبریزی ، جعفر ، 1308 - ، مشرف .ب. بهادری، ابراهيم، 1325 - ، مصحح .ج. موسسة الامام الصادق عليه السلام .د. عنوان.
BP 182/5/ ق6م6
297/342
اسم الكتاب: معالم الدين في فقه آل ياسين / الجزء الأول
المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلي
إشراف: آية اللّه جعفر السبحاني
المحقق: الشيخ إبراهيم البهادري
الطبعة: الأولی - 1424 ه
المطبعة: مطبعة مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الكمية: 1500 نسخة
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
تنضيد وإخراج: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام / سيد محسن البطاط
توزيع
مكتبة التوحيد
ايران - قم؛ ساحة الشهداء
7745457 - 2925152
البريد الإلكتروني: Info@imamsadeq.org
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ
الصافات: 130.
ص: 3
ص: 4
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه ، والصلاة والسلام على أفضل خليقته وأشرف بريّته أبي القاسم محمد وعلى خلفائه المبشّرين المعصومين ، الموصوفين بكل جميل ، ما تعاقب جيل بعد جيل.
أمّا بعد ؛ فإنّ عدم محاباة العلماء بعضهم لبعض من أعظم مزايا هذه الأمّة الّتي أعظم اللّه بها عليهم النعمة ، حيث حفظهم عن وصمة محاباة أهل الكتابين ، المؤدّية إلى تحريف ما فيهما ، واندراس تينك الملّتين ، فلم يتركوا لقائل قولا فيه أدنى دخل إلّا بيّنوه ، ولفاعل فعلا فيه تحريف إلّا قوّموه ، حتّى اتّضحت الآراء وانعدمت الأهواء ، ودامت الشريعة الواضحة البيضاء على امتلاء الآفاق
ص: 5
بأضوائها ، وشفاء القلوب بها من أدوائها ، مأمونة من التحريف ، مصونة عن التصحيف. (1)
إنّ القرآن الكريم يشيد بالوحدة ، واتّفاق الكلمة والاعتصام بالعروة الوثقى ، ورفض التشتّت والتفرّق ، ويندّد بالاختلاف والفرقة ، يقول سبحانه : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (2).
فهذا المقطع من الآية الكريمة بإيجازها يتكفّل بيان أمرين :
1 - يأمر بتوحيد الكلمة والاعتصام بحبل اللّه.
2 - يزجر عن التفرّق والتشتّت.
وهذان الأمران من الوضوح بمرتبة لا يختلف فيهما اثنان.
ومع الاعتراف بذلك كلّه فاختلاف الكلمة إنّما يضرّ إذا كان صادرا عن ميول وأهواء ، فهذا هو الّذي نزل الكتاب بذمّه في غير واحدة من آياته ، يقول سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ ) (3) ، ويقول : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ ) (4) ، فهؤلاء اختلفوا بعد ما تمّت عليهم الحجة وبانت لهم الحقيقة ، فهذا النوع من الاختلاف آية الأنانية أمام الخضوع للحقائق الراهنة.
وأمّا إذا كان الاختلاف موضوعيا نابعا عن حب تحرّي الحقيقة وكشف
ص: 6
الواقع ، فهذا أمر ممدوح ، وأساس للوصول إلى الحقائق المستورة ، وإرساء لقواعد العلم ودعائمه.
إنّ الاختلاف بين الفقهاء أشبه بالخلاف الّذي وقع بين نبيّين كريمين : داود وسليمان - على نبينا وآله وعليهما السلام - في واقعة واحدة حكاها سبحانه في كتابه العزيز وقال : ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ* فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ) (1).
وكما آتى سبحانه لكلّ منهما حكما وعلما ، فقد آتى لكلّ فقيه ربّاني فهما وعلما ، يدفعه روح البحث العلمي إلى إجراء المزيد من الدقّة والفحص في الأدلّة المتوفّرة بين يديه ، بغية الوصول إلى الواقع ، وهذا العمل بطبيعته يورث الاختلاف وتعدّد الآراء.
ولأجل ذلك نجم الاختلاف في الشريعة بعد رحيل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم واتّسعت شقّته في القرن الثاني والثالث.
وقد اهتمّ كثير من العلماء منذ وقت مبكّر بالمسائل الخلافية وصنّفوا فيها كتبا متوفّرة ، جمعوا فيها آراء الفقهاء في مسائل خلافية إلى أن عادت معرفة العلم بالخلافيات علما برأسه وأساسا لصحّة الاجتهاد ، حتّى قيل : إنّ معرفة الأقوال في المسألة نصف الاستنباط. وإليك فيما يلي أسماء بعض الكتب الّتي ألّفت في الخلافيات ، فمن السنّة :
1 - « الموطّأ » للإمام مالك ( المتوفّى 179 ه ) يذكر فيه أقوال الفقهاء السابقين في مختلف أبوابه.
ص: 7
2 - كتاب « الأمّ » الّذي جمع فيه البويطي ثم الربيع المرادي أقوال الإمام الشافعي ، وقد ضمّ فصولا عديدة في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ، واختلاف أبي حنيفة والأوزاعي ، واختلاف الشافعي مع محمد بن الحسن.
3 - « مسائل إسحاق الكوسج » قد تضمنت اختلاف الإمام أحمد مع معاصريه كابن راهويه وغيره.
4 - « اختلاف الفقهاء » تأليف الإمام أبي عبد اللّه محمد بن نصر المروزي ( 202 - 294 ه ) المطبوع بتحقيق الدكتور محمد طاهر حكيم ، ط عام 1420 ه.
5 - « اختلاف الفقهاء » تأليف الإمام أبي بكر محمد بن المنذر النيسابوري الشافعي ( المتوفّى 309 ه ).
6 - « اختلاف الفقهاء » تأليف الإمام محمد بن جرير الطبري ( المتوفّى 310 ه )
ذكر في كتابه اختلاف مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأبي حنيفة مع أبي يوسف ومحمد بن الحسن ثم أبي ثور ، وذكر بعض فقهاء الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى المائة الثالثة ، ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل ، وحكي انّه سئل عن سبب ذلك؟ فقال : لم يكن أحمد فقيها وانّما كان محدثا.
وقد لعب بالكتاب طوارق الحدثان ولم يبق منه إلّا القليل يبتدأ بكتاب المدبّر فالبيوع والصرف والسلم والمزارعة والمساقاة والغصب والضمان ، والمطبوع من الكتاب مجلد واحد يشتمل عليها.
7 - « اختلاف العلماء » تأليف الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي ( المتوفّى 321 ه ) واختصره الإمام أبو بكر أحمد بن علي
ص: 8
الجصّاص الحنفي ( المتوفّى 370 ه ) ونشره الدكتور محمد صغير حسن.
8 - «اختلاف الفقهاء»تأليف محمدبن محمدالباهلي الشافعي (المتوفّى 321 ه ).
9 - « الخلافيات » للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( 384 - 458 ه ) ناقش فيه أدلّة الحنفية وانتصر لمذهب الشافعية. وطبعت بتحقيق مشهور بن حسن آل سلمان.
10 - « اختلاف العلماء » تأليف أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي الوزير ( المتوفّى 555 ه ).
هذه عشرة كاملة ذكرناها لإيقاف القارئ على أهمية معرفة الخلافيات وعناية الفقهاء بها. هذا ما لدى السنّة وأمّا الشيعة فهي بدورها قد اهتمّت بهذا العلم أيضا منذ عصر مبكّر وألّفت فيه كتبا ، نذكر منها ما يلي :
1 - كتاب « الاختلاف » لأبي عبد اللّه محمد بن عمر الواقدي ( 130 - 207 ه ) ذكر ابن النديم : انه كان يتشيّع ، حسن المذهب ، يلزم التقية ، وقال : وكتاب « الاختلاف » يحتوي على اختلاف أهل المدينة والكوفة في الشفعة والصدقة والعمرى والرقبى والوديعة والعارية والبضاعة والمضاربة والغصب والسرقة والحدود والشهادات ، وعلى نسق كتب الفقه ما يبقى.
2 - « اختلاف الفقهاء » للقاضي أبي حنيفة نعمان بن أحمد المصري المغربي ( المتوفّى 363 ه ) نقله ابن خلّكان عن ابن زولاق في كتابه « أخبار مصر » ، قال : إنّه ينتصر فيه لأهل البيت عليهم السلام وعبّر عنه في « كشف الظنون » باختلاف أصول المذاهب.
ص: 9
3 - « مسائل الخلاف في الفقه » للشريف المرتضى ( 355 - 436 ه ) ذكره الشيخ الطوسي في « الفهرست ». وقد أحال المصنّف إليها في كتاب « الناصريات ».
4 - « مسائل الناصريات » ألّفه الشريف المرتضى وفاء لجده الناصر على الرغم من اختلاف المذهب بينهما ، ويتجلّى فيه روح التفاهم والتسالم بين عالمين إماميّ وزيديّ ، وهو لا يقتصر على المسائل الخلافية بين الإمامية والزيدية ، بل يحوي جلّ الخلافات الفقهية على مستوى المذاهب.
5 - « الخلاف في الأحكام » لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( المتوفّى 460 ه ) ويقال له « مسائل الخلاف » وهو مرتّب على ترتيب كتب الفقه ، وقد صرح فيه بأنّه ألّفه بعد كتاب « التهذيب » و « الاستبصار » وناظر فيه المخالفين جميعا ، وقد طبع مرارا.
6 - « المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف » تأليف أمين الإسلام فضل بن الحسن الطبرسي ( 471 - 548 ه ) وقد لخّص به كتاب « الخلاف » للشيخ الطوسي ونشر في ثلاثة أجزاء ، وأثبت هو في ذلك الكتاب انّ الخلاف بين الشيعة والسنّة في المسائل الفقهية ليس على نحو التباين ، بل كثيرا ما يوافق الشيعة مذهبا ويخالف مذهبا آخر ، وهذا هو الأمر السائد في معظم المسائل الفقهية.
7 - « خلاف المذاهب الخمسة في الفقه » للشيخ تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي ( 647 - 707 ه ) صاحب كتاب الرجال المشهور برجال ابن داود.
ص: 10
8 - « تذكرة الفقهاء » للعلّامة حسن بن المطهر ( 648 - 726 ه ) والكتاب مشحون بنقل أدلّة الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وقد طبع قديما ويطبع حاليا طبعة جديدة محقّقة من قبل مؤسسة آل البيت عليهم السلام حيث صدر منه أكثر من 12 جزءا.
9 - « منتهى المطلب في تحقيق المذهب » للعلّامة الحلي وهو أفضل ما ألّف في الفقه المقارن نقلا وتحقيقا ، يذكر آراء العلماء برحابة صدر ويناقش فيها ، والكتاب من حسنات الدهر. وقد طبع قديما وحديثا.
10 - « مختلف الشيعة » له أيضا وهو يختص ببيان اختلافات الشيعة في المسائل الفقهية ، وقد طبع طبعات عديدة محقّقة. (1)
هذا بعض ما يمكن أن يذكر في المقام ، ولعلّك تلمس بما ذكرناه اهتمام العلماء بالخلافيات ، وجدير بالذكر انّ الخلاف بين العلماء كان مرافقا في الغالب برعاية أدب الخلاف وصحيح الحوار.
* * *
هذا البحث الموجز أوقفك على وجود الاختلاف في المسائل الفقهية في عصر الصحابة والتابعين والفقهاء إلى يومنا هذا ، إلّا أنّ الكلام في أسباب الاختلاف ودوافعه ، فهناك أمران :
الأوّل : ما هو الحافز لاختلاف فقهاء السنّة أنفسهم بينهم حتّى أفردت
ص: 11
كتب كثيرة - كما مرّت - لبيان اختلاف أئمة المذاهب السائدة أو البائدة؟!
الثاني : ما هو سبب الاختلاف بين الفقهين : الإماميّ والسنّيّ؟
أمّا الأوّل فلا نحوم حوله ونتركه عسى ان نستوفي حقّه في مجال آخر ، وانّما المهم في المقام بيان سبب الاختلاف بين الفقه السنّيّ والفقه الشيعيّ ، مع أنّهما صنوان من أصل واحد يصدران عن الكتاب والسنّة ، ومع ذلك نرى بين الفقهين اختلافا واضحا.
إنّ هناك أسبابا للاختلاف في الفتاوى والآراء لا يمكن استقصاؤها في هذا التقديم ، وانّما نذكر في المقام ، العناصر الّتي تركت تأثيرا كبيرا على اتّساع الهوّة بين الفقهين :
اتّفقت الأمّة الإسلامية على حجّية السنّة وانّها مصدر ثان للتشريع بعد الذكر الحكيم ، لكن الكلام في شرائط ثبوت السّنة النبوية.
فالشيعة الإمامية اعتبروا وثاقة الراوي في عامّة سلسلة السند من دون فرق بين الصحابي والتابعي ومن تلاهم. فلا يأخذون بحديث إلّا إذا أحرزت وثاقة الرواة جميعهم بلا استثناء.
وأمّا السنّة فقد اعتبروا إحراز الوثاقة في سلسلة السند إلّا في الصحابة ، لبنائهم على عدالة كل صحابي ، سواء عرف أم لم يعرف ، وثّق أم لم يوثّق ، صدر منه ما يخالف الكتاب والسنّة أم لم يصدر ، فالكلّ عدول مطهّرون وفي غنى عن التوثيق والتعديل ، فعند ذلك يظهر الاختلاف في ثبوت السنّة.
ص: 12
فتكون النسبة بين النظرين عموما وخصوصا مطلقا ، فالسنّة الثابتة عند الشيعيّ ثابتة أيضا عند السنّيّ دون العكس.
إنّ العقل أحد الحجج الأربع الّذي اتفق فقهاء الشيعة على حجيته في موارد خاصة ، والاستدلال بالعقل يتم بأحد طرق ثلاثة :
أ - الاستقراء.
ب - التمثيل.
ج - القياس المنطقي.
فالاستقراء التام ، أعني : تتبّع عامّة الموارد ، غير المورد الّذي يريد إقامة الدليل عليه ، حجة عند أكثر فقهاء السنّة أو جميعهم ، وأمّا الناقص فلم يعتبروه إلّا القليل منهم.
وأمّا التمثيل الّذي هو عبارة عن القياس الأصولي ، فأصحاب المذاهب الأربعة مجمعون على حجيّته خلافا للشيعة والظاهرية حيث حرّموا العمل بالقياس.
إنّما الكلام في القياس المنطقي وهو الاحتجاج بحكم العقل في الحقل الّذي للعقل فيه إدراك وحكم ، فهو حجة عند الشيعة الإمامية القائلين بالحسن والقبح العقليين دون الأشاعرة - نفاة التحسين والتقبيح العقليّين - وتنحصر حجية القول في مجال الاستنباط في مجالين :
الأوّل : إذا استقلّ العقل بحسن شي ء أو قبحه مع قطع النظر عن كل
ص: 13
شي ء يترتّب عليه من المصالح والمفاسد ، فالشيعة على أنّه حجّة في كشف حكم الشارع عليه بالوجوب والحرمة ، وهذا ما يعبّر عنه بالمستقلّات العقلية.
الثاني : إذا كانت إحدى المقدّمتين عقلية ، والأخرى شرعية كما في باب الملازمات العقلية ، فإنّ العقل يحكم بثبوت التلازم بين وجوب الشي ء ووجوب مقدّمته ، وانّ طالب الشي ء طالب لمقدّماته أيضا ، أو يحكم بثبوت التلازم بين الأمر بالشي ء وحرمة أضداده ، ويكشف عن أنّ حكم الشرع في كلا الموردين أيضا كذلك.
ومن الواضح انّه لا يمكن التوصّل بهذا الحكم الكلّي ، أي وجوب الوضوء إلّا بعد تنصيص الشارع بوجوب الصلاة وتوقّفها عليه ، فيقال - إذا أريد ترتيب القياس وأخذ النتيجة - : الوضوء ممّا يتوقّف عليه الواجب ( الصلاة ) ، وهذه مقدّمة شرعية ، وكلّ ما يتوقّف عليه الواجب فهو واجب عقلا ، وهذه مقدّمة عقلية ، فينتج : الوضوء واجب عقلا. وهذا ما يعبّر عنه بغير المستقلّات العقلية.نعم يعلم وجوب الوضوء شرعا بالملازمة بين حكمي العقل والشرع.
ومن عجيب الأمر انّ الفقه السنّي يعمل بالاستقراء والقياس وكلاهما دليلان ظنّيان ولا يأخذ بالقياس المنطقي - الّذي هو دليل قطعي - إلّا في فترات يسيرة.
إن العترة الطاهرة - بتنصيص النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم - قرناء الكتاب وأعداله حيث قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ». والحديث متواتر أو متضافر رواه الفريقان. أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي
ص: 14
في سننه وأحمد في مسنده إلى غير ذلك من المصادر المتوفّرة. (1)
فعلى ذلك قولهم حجة قاطعة مصون من الخطأ كالكتاب العزيز بحكم انّهما عدلان وصنوان.
والحديث يركّز على أنّ المرجع العلمي بعد رحيل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هو الكتاب والعترة ، وانّ قول العترة قول الرسول وكلامه ، وبقولهم تحفظ السنّة عبر القرون ، غير أنّ أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم تلقّوا روايات أهل البيت فتاوى خاصة لهم ، فلم يعتبروها حجّة شرعية على الجميع ، وهذا النوع من التفسير لأحاديثهم مخالف لحديث الثقلين أوّلا وكلامهم ثانيا ، فإنّهم يعتبرون كل ما يروون ، سنّة الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم يرويه كابر عن كابر إلى أن يصل إلى الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم.
هذا هو النجاشي ينقل في ترجمة محمد بن عذافر الصيرفي عن أبيه قال : كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر عليه السلام ، فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر عليه السلام له مكرما ، فاختلفا في شي ء ، فقال أبو جعفر عليه السلام : « يا بني قم فأخرج كتاب عليّ عليه السلام » فأخرج كتابا مدروجا عظيما ، ففتحه وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة ، فقال أبو جعفر عليه السلام : « هذا خط عليّ عليه السلام وإملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم » وأقبل على الحكم ، وقال : « يا أبا محمد اذهب أنت وسلمة بن كهيل وأبو المقدام حيث شئتم يمينا وشمالا ، فو اللّه لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل عليه السلام ». (2)
فإذا كانت هذه مكانة أقوال أئمة أهل البيت فلا حجّة للسنّيّ في الإعراض
ص: 15
عن أحاديثهم والالتجاء إلى قواعد ، كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع وفتحها وقول الصحابي إلى غير ذلك من القواعد الّتي ألجأهم إلى تأسيسها وإرسائها قلّة النصوص النبويّة في الشريعة والأحكام الفرعية.
ولكنّهم لو رجعوا فيما لم يرد فيه نصّ في الكتاب والسنّة النبويّة إلى أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام ، لاستغنوا عن إرساء هذه القواعد والعمل بالظنون الّتي لا تغني من الحق شيئا.
ففي هذه النقطة بالذات تتّسع الشقّة بين الفقهين ، فقهاء الشيعة يعملون بكلا الثقلين ، ولكن فقهاء السنّة يعملون بالكتاب دون الثقل الآخر ويعتبرون مكانه قواعد ظنيّة اخترعت لأجل إعواز النصوص ، وقد كان لقلّة النصوص بعد رحيل الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم دور في توسيع الشقّة بين الصحابة ، حتّى أنّ بعض المتورّعين من الصحابة ينهون عن السؤال عمّا ليس في الكتاب والسنّة.
روى الدارمي في سننه عن ابن عمر وقد جاءه رجل فسأله عن شي ء ، فقال له : ولا تسأل عمّا لم يكن.
وقال القاسم : إنّكم تسألون عن أشياء ما كنّا نسأل عنها ، وتنقرون عن أشياء ما كنّا ننقر عنها ، تسألون عن أشياء ما أدري ما هي؟! ولو علمناها ما حلّ لنا أن نكتمها.
وقال عبادة بن يسر الكندي : أدركت أقواما ما كانوا يشدّدون تشديدكم ، ولا يسألون مسائلكم. (1)
ص: 16
ولكن التورّع عن الإجابة كان لبعض الصحابة دون الأكثرية ، فجماهيرهم إذا لم يجدوا جمعوا رؤساء الناس فاستشاروهم ، فإذا اجتمع رأيهم على شي ء قضي به ، وعلى ذلك جرى الخلفاء بعد الرسول. (1)
يقول عبد اللّه بن مسعود : من عرض له منكم قضاء فليقضينّ بما في كتاب اللّه ، فإن لم يكن في كتاب اللّه فليقضينّ بما قضى به نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللّه ولم يقض به نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فليقض بما قضى به الصالحون ، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللّه ولم يقض به نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولم يقض به الصالحون فليجتهد برأيه ، فإن لم يحسن فليقم ولا يستحي. (2)
وفي الحقيقة انّ الفقه المبنيّ على هذه الموازين غير المستندة إلى الكتاب والسنّة أشبه بالفقه الوضعي ، لأنّه من نتائج الفكر وضرب الآراء بعضها على بعض.
وقد كان عمر بن الخطاب - ومن جاء بعده - واقفا على قيمة هذا النوع من الرأي ، فقد روي أنّ رجلا لقاه ، فقال عمر بن الخطاب له : ما صنعت؟
قال : قضى عليّ وزيد بكذا ، قال : لو كنت أنا لقضيت بكذا ، قال : فما يمنعك والأمر أليك؟ قال : لو كنت أردّك إلى كتاب اللّه أو إلى سنّة نبيّه لفعلت ، ولكنّي أردّك إلى رأي ، والرأي مشترك ، فلم ينقض ما قال عليّ وزيد. (3)
ص: 17
هذا هو السبب الرابع لوجود الاختلاف بين الفقهين ، فالمرجع عند عدم النصّ في الفقه الشيعي ، عبارة عن القواعد العامّة السارية في عامّة أبواب الفقه على نظام خاصّ.
1 - البراءة فيما إذا كان الشك في أصل التكليف ، كما إذا شك المجتهد في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو حرمة شي ء من المأكولات والملبوسات ، فالمرجع بعد التفحّص في الكتاب والسنّة وعدم العثور على الدليل هو أصل البراءة من الوجوب والحرمة.
لقوله سبحانه : ( وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (1) ، والرسول كناية عن البيان ، وبهذا المضمون آيات أخرى.
ولقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : « رفع عن أمّتي تسعة أشياء : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون .... ». (2)
2 - الاحتياط والاشتغال فيما إذا كان الشك في المكلّف به مع العلم بالتكليف ، فيما إذا شك في أنّ الواجب هو القصر أو التمام ، فالواجب عندئذ هو الجمع بينهما أخذا بحكم العقل ، وهو انّ الاشتغال اليقيني بالواجب يقتضي البراءة اليقينية ، وهو لا يحصل إلّا بالجمع بين الصلاتين.
ونظير ذلك إذا شك في القبلة في الصحراء مع عدم الأمارة المورثة للاطمئنان فيصلّي إلى جهات أربع.
ص: 18
3 - التخيير : ومجراه عبارة عمّا إذا دار حكم الموضوع بين الوجوب والحرمة ، فبما انّ الاحتياط غير ممكن فيحكم العقل بالتخيير.
هذا كلّه فيما إذا لم يكن للحكم أو الموضوع حالة سابقة وإلّا فتصل النوبة إلى الأصل الرابع ، أعني :
4 - الاستصحاب : وهو الأخذ بالحالة السابقة موضوعا وحكما ، والدليل عليه قول الإمام الصادق عليه السلام : « لا تنقضوا اليقين بالشك » إلى غيره من الأحاديث.
نعم ربّما يتمسّك ببعض هذه الأصول فقهاء السنّة ، ولكنّهم لم يبيّنوا مجاريها وشروطها ومراتبها على النحو المقرر في الفقه الشيعي.
وأمّا المرجع فيما لا نص فيه عند أهل السنّة فهو القواعد الّتي أشرنا إليها في الأمر الثالث ، فهم يعملون بالقواعد التالية على اختلاف بينهم في حجية البعض.
كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع أو فتح الذرائع وقول الصحابي ونظائرها ، غير أنّ إثبات حجّية هذه الأصول والقواعد دونه خرط القتاد ، فمعظم الفقه السنّي يستنبط من أمثال تلك القواعد ، فلو كان لها مثل هذا الشأن لورد النص عليها في الكتاب والسنّة ، مع أنّك لا ترى فيهما دليلا واضحا على حجّية هذه الأصول وانّما ألجأهم إلى تأسيسها إعواز النصوص ورفض العقل في المجالين الماضيين خصوصا الأوّل منهما ، والأدلّة الّتي زعموها قائمة على حجية هذه الأصول ليست إلّا انطباعات لهم من الكتاب والسنّة دون أن يكون الكتاب والسنّة مشيرين إليها.
ص: 19
هذه إلمامة عابرة لبيان ميزات الفقه الإمامي وأسباب الاختلاف مع نظيره السنّي.
ومع ذلك فإنّ وجود الشقّة بين الفقهين لم يكن مانعا عن موافقة المذهب الشيعيّ لأحد المذاهب الفقهيّة غالبا ، إلّا في نوادر الأمور وشواذّها ، كالعول والتعصيب والإيصاء بالوارث.
هذا وقد سمعت من الفقيه المعاصر الدكتور وهبة الزحيلي عند ما حلّ ضيفا علينا في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام ودار الحديث بين الفقهين ، فقال : إنّ الخلاف بين الفقهين ليس بأكثر من وجود الخلاف بين فقهاء السنّة أنفسهم ، بل الاختلاف في الأوّل أقلّ من الثاني. وهذا قول من ألّف دورة فقهيّة وألمّ بالأقوال والآراء.
ص: 20
الحلّة الفيحاء مدينة كبيرة تقع بين الكوفة وبغداد ، بناها سيف الدولة الأسدي لمّا نزل بها في محرم سنة 495 ه ، فبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة ، وتأنّق أصحابه في مثل ذلك ، فصارت ملجأ ، وقد قصدها التجّار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدة حياة سيف الدولة ، فلمّا قتل بقيت على عمارتها. (1)
وقد بخس الحموي حق المؤسّس أو لم تسنح له الفرصة لأداء حقّه ، فلم يذكر عنه إلّا شيئا طفيفا ، مع أنّ لهذا الأمير ، المساعي المشكورة والأيادي البيض في تأسيس الحلّة الفيحاء وجعلها مقر إمارته وعاصمة ملكه ، وإنشائه المعاهد العلمية فيها حتّى أصبحت محط رجال العلماء ودار هجرة الأدباء بعد ما كانت قاعدة إمارة آبائه بلدة النيل ، وكانت له رغبة باقتناء الكتب ، فألّف خزانة كتب قيّمة.
فإذا كان هذا حال الأمير فبه يعرف حال الرعايا ، فلم تزل تربة الحلّة تربة خصبة تربّي العلماء والأدباء والشعراء في أحضانها ، وكفى فخرا لها انّ الفقيه البارع محمد بن إدريس ( المتوفّى 598 ه ) صاحب السرائر ، ونجم الدين أبا القاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلي ( المتوفّى 676 ه ) ، وابن أخته نابغة الآفاق الإمام حسن بن المطهر الحلّي ( المتوفّى 726 ه ) ، وعشرات من أمثالهم من أبنائها.
ص: 21
وقد كانت مركزا فكريا وثقافيا في أكثر القرون ، لا سيّما القرنين السابع والثامن ، فقد كانت البلدة في أوائل القرن الثامن وأواخر السابع تحتضن أكثر من 440 مجتهدا. (1)
يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في مقدّمته على كتاب « البابليات » تأليف الشيخ محمد علي اليعقوبي :
وقد ساعد الحلّيّين على هذه العبقرية ولطف القريحة والأريحيّة ، طيب التربة ولطافة الهواء وعذوبة الماء ، ومن هنا شاع نعتها بالحلّة الفيحاء ، ونبغ منها العشرات بل المئات من أساطين علماء الإمامية ودعائم هذا المذهب الحق ، ناهيك بابن إدريس والمحقّق وأسرته الكرام بني سعيد ، وابن عمه يحيى بن سعيد صاحب الأشباه والنظائر ، وآل طاوس ، وآل المطهر كالعلّامة وأبيه سديد الدين وولده فخر المحقّقين ، انّ كثيرا من أمثال هؤلاء الأماثل من مشايخ الإجازة. (2)
ففي هذه التربة المباركة نبغ الفقيه البارع محمد بن شجاع الأنصاري المعروف بشمس الدين بن القطّان الحلّيّ ( الّذي كان حيا عام 832 ه ) واشتغل بالفقه والحديث ، وروى عن الفقيهين :
يقول العلّامة بحر العلوم : وقد تكرّر ذكره في الإجازات.
ففي إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد
ص: 22
الشيخ البهائي : وعن الشيخ شمس الدين بن داود ، عن السيد الأجل المحقّق السيد علي دقماق الحسيني ، عن الشيخ الفاضل المحقّق شمس الدين محمد بن شجاع القطّان ، عن الشيخ المحقّق أبي عبد اللّه المقداد بن عبد اللّه السيوري الحلّيّ الأسديّ ، عن الشهيد.
ثم قال : رأيته أيضا في إجازة الشيخ شمس الدين محمد الشهير ب- « ابن المؤذن » شيخ الشهيد الثاني وابن عم الشهيد الأوّل ، قال : وأجزت له أن يروي عنّي جميع كتب أصحابي الماضين ، عن السيد علي بن دقماق ، عن شيخه الشيخ محمد بن شجاع القطّان ، عن شيخه أبي عبد اللّه المقداد. (1)
من كبار علماء الإمامية ، روى عنه شيخنا المترجم في كتابه « نهج العرفان ». (2)
ويروي عنه السيد علي بن محمد بن دقماق الحسيني ( المتوفّى 840 ه ) ، كما مرّ ذكره في الإجازات.
والحق انّ التاريخ بخس حقّ الرجل مع انّا راجعنا أكثر من خمسة عشر مصدرا لم نظفر له بترجمة وافية. ونذكر ما قيل في حقّه.
قال الشيخ الحر العاملي في « أمل الآمل » : الشيخ شمس الدين محمد بن شجاع القطّان فاضل صالح ، يروي عن المقداد بن عبد اللّه السيوري. (3)
ص: 23
وبنفس هذا التعبير ذكره في « الرياض ». (1)
والمحدّث القمّيّ في « الفوائد الرضوية ». (2)
والسيد الخوئي في « معجم رجال الحديث ». (3) وباختلاف يسير في الكنى والألقاب. (4)
قد ترك شيخنا المترجم آثارا فقهية وأخلاقية عسى أن يقيّض المولى سبحانه أصحاب الهمم العالية للتفحّص عنها في المكتبات ونشرها في الملأ العلمي مرفّقا بالتحقيق.
1 - نهج العرفان في أحكام الإيمان : فرغ من تصنيفه 819 ه ، وفرغ من تبييضه سنة 831 ه. ذكره شيخنا الطهراني في « الذريعة » ووصفه بقوله : رتّب الكتاب على قاعدتين وخاتمة ، فالقاعدة الأولى في الإيمان ، وفيها كتب ، أوّلها كتاب الإيمان ، وفيه أبواب أوّلها حقيقة الإيمان ، ورواياته عن الكليني والصدوق والطوسي بالاسانيد المتصلة إلى الشهيد. يقول في أوّله : « يقول الفقير إلى اللّه محمد بن شجاع الأنصاري مصنّف الكتاب عفا اللّه عنه : إنّ هذا الحديث أبلغ ما سمع في هذا الباب. وذكر في آخره انّه فرغ من تصنيفه في 19 شعبان من
ص: 24
شهور سنة 819 ه ، والنسخة موجودة في الخزانة الغروية بخط المؤلف. (1)
2 - المقنعة في آداب الحج : قال الأفندي التبريزي في « الرياض » : رأيته في أردبيل بخط الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن علالة المجاز من أستاذه الفاضل المقداد في سنة 822 ه ، وفي آخر الكتاب : [ هذا آخر كلام المصنّف دامت فضائله ، حرّره العبد علي بن حسن بن علالة في يوم الأحد الحادي عشر من شعبان سنة 822 ه ]. (2)
3 - معالم الدين في فقه آل ياسين : رتّبه على أربعة أقسام تبعا لمن تقدّم عليه من كبار الفقهاء ، كالمحقق الحلّيّ في « الشرائع » وغيره ، وإليك الإلمام بهذه الأقسام على وجه موجز :
الأوّل : في العبادات : ابتدأ بكتاب الطهارة وأنهاه بكتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الثاني : في العقود : ابتدأ بكتاب الصلح وختمه بكتاب النكاح.
الثالث : في الإيقاعات : ابتدأ بكتاب الطلاق وختمه بكتاب الكفّارات.
الرابع : في الأحكام : ابتدأ بكتاب المواريث وختمه بكتاب الديات.
ويعدّ الكتاب دورة فقهية كاملة ، جرّد المؤلّف فيه الفتاوى عن ذكر الروايات واستعراض الأقوال غالبا ، وكرّس جهوده في الإشارة إلى عامّة مسائل الباب حتّى لا يفوته فرع مذكور في الكتب الفقهية المتداولة ، وقد سار على ضوء كتاب « القواعد » للعلّامة الحلي و « الدروس » للشهيد الأوّل غالبا ، و « الشرائع »
ص: 25
للمحقّق الحلّيّ ، و « التنقيح الرائع » لأستاذه الفاضل المقداد في بعض الأحيان.
وقد كان الكتاب موضع اهتمام كبار الفقهاء حتّى أنّ الشيخ الأنصاري نقل آراء المؤلف في كتاب « المكاسب » (1) ، ورسالة المواسعة والمضايقة. (2)
وأكثر ما أفتى به موافق للمشهور ، إلّا أنّه خالف في بعض الموارد ، نذكر منها ما يلي
1 - أفتى بأنّ الحدث بين الصلاة وصلاة الاحتياط لا يبطل ، فعليه الإتيان بصلاة الاحتياط بعد تحصيل الطهارة.
2 - لو كان في أوّل الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس ، فلو لم يصلّ أوّل الوقت وصلّى آخره ، فهو مخيّر بين الإتمام والقصر.
وبذلك يعلم صحّة ما قاله العلّامة بحر العلوم في حق الكتاب من أنّه قد يغرب في بعض التفاريع ، قال قدس سره :
وجدت في ظهر نسخة لهذا الكتاب : بلغ مقابلة من أوّله إلى آخره مع النسخة الّتي قرئت على مصنّفه ، وفيه خطّه طاب ثراه ، وهو محمد بن شجاع الأنصاري الحلّيّ ، ويظهر من تتبع الكتاب فضيلة المصنّف ، وهو على طريقة الفاضلين [ المحقّق الحلّيّ والعلّامة الحلّيّ ] في أصول المسائل ، لكنّه قد يغرب في التفاريع ، والّذي أرى صحة النقل عنه. (3)
ومن غرائب الكلام ما ذكره إسماعيل باشا في « إيضاح المكنون » في
ص: 26
الذيل على كشف الظنون حيث قال : معالم الدين في آل ياسين لشمس الدين محمد بن شجاع القطّان الحلّيّ الشيعي من تلاميذ المفيد!! (1)
فأين المؤلّف الّذي كان حيّا عام 832 ه من الشيخ المفيد الّذي توفّي عام 413 ه؟! ولعلّ « المفيد » مصحّف « المقداد » ، مضافا إلى أنّه وصف الكتاب بأنّه « في آل ياسين » والصحيح في فقه آل ياسين.
هذا ولشيخنا المترجم تراجم موجزة في كتب التراجم والفهارس - وراء ما مرّ ذكره - (2).
قد تقدّم في وصف الكتاب انّه جرّد الفتاوى عن ذكر الروايات واستعراض الأقوال ، ولذلك ركّز محقّق الكتاب العلّامة الحجّة الشيخ إبراهيم البهادري المراغي ( حفظه اللّه ) جهوده الحثيثة على تقويم النصّ وتمييز الصحيح عن السقيم ، وتعيين مقاطع العبارات ، وتقدير كلمة أو جملة بين المعقوفتين يقتضيها سياق العبارة ، والاستعانة لتسهيل فهم مقاصد الكتاب بنقل عبارات الفقهاء في الهامش ، إلى غير ذلك من الأمور الّتي تيسّر فهم مقاصد الكتاب.
هذا وقد اعتمد في تصحيح الكتاب وتحقيقه على نسخ ثلاث ، هي :
ص: 27
1 - نسخة مكتبة آية اللّه الگلپايگاني المسجّلة برقم 30 / 143 ، فهي تشتمل على 262 ورقة وكل ورقة على 19 سطرا ، ورمز إليها المحقّق ب- « أ ».
2 - نسخة مكتبة آية اللّه المرعشي المسجّلة برقم 399 في فهرس المخطوطات وقد سقطت من أوّلها ورقة فهي تشتمل على 198 ورقة ، وكل ورقة على 18 سطرا ، ورمز إليها المحقّق ب- « ب ».
3 - نسخة المكتبة الرضويّة في مشهد ، المسجّلة برقم 781 ، وتشتمل على 335 ورقة وكلّ ورقة على 18 سطرا ، وهي بخط الناسخ محمد بن عراد الحسيني ، ولم يذكر تاريخ نسخها ، وهي ناقصة من أوّلها. ولكنّها أدقّ النسخ وأضبطها. ورمز إليها المحقّق ب- « ج »
ولم يقتصر المحقّق في تقويم النصّ على هذه النسخ ، بل راجع الكتب الّتي سار المصنّف على ضوئها حين التأليف فميّز الصحيح من السقيم على ضوء عباراتها ، كما أنّه استعان بها في توضيح العبارات المغلقة.
فهاك نسخة صحيحة تامّة ، هي حصيلة جهود محقّق صرف جلّ عمره في إحياء التراث الإسلامي ونشر فضائل أئمّة أهل البيت عليهم السلام وآثار الفقهاء ، وقد صدر له لحدّ الآن تحقيق الكتب التالية :
1 - الاحتجاج : لشيخنا أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في جزءين.
2 - إصباح الشيعة : للفقيه الأقدم قطب الدين البيهقي الكيدري.
3 - إشارة السبق : تأليف الشيخ علاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضل ، المعروف بالحلبي.
ص: 28
4 - جواهر الفقه : للقاضي ابن البراج.
5 - الرسائل الاعتقادية : للشيخ الطوسي.
6 - عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار عليّ بن أبي طالب عليه السلام : لابن البطريق الحلّي في جزءين.
7 - غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع : لابن زهرة الحلبي في جزءين.
8 - المسائل الميّافارقية : للسيد الشريف المرتضى.
9 - تحرير الأحكام : للعلّامة الحلّي في خمسة أجزاء ، سادسها الفهارس العامّة للكتاب.
مضافا إلى هذا الكتاب الماثل بين يديك والّذي يزفّه الطبع إلى القرّاء الكرام.
ونحن بدورنا نبارك له هذه الخدمات الّتي قدّمها إلى المكتبة الإسلامية ، ونرجو له من اللّه سبحانه مزيدا من التوفيق ودوام الصحّة.
جعفر السبحاني
قم - مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
19 ربيع الثاني عام 1423 ه-
ص: 29
ص: 30
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الّذي خلقني من ولد آدم الّذي كرّم ، وجعلني من أمّة محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم الّتي سلّم ، وهداني إلى الولاية الّتي ألزم ، ووفّقني لطلب العلم الّذي عظّم. أحمده على ما أولى وأنعم ، وأصلّي على المبعوث إلى كافّة العالم محمّد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى آله قادة الأمم ، ما دجى ليل وأعتم وأضاء صبح وبسم.
وبعد فإنّ أولى ما توجّهت إليه الهمم وتواضعت له تيجان القمم ، ما به بقاء نوع الإنسان ، والفارق بين العدل والعدوان ، أعني : الشريعة المحمّدية المنسوبة إلى العترة العلويّة ، فحملني ذلك على تصنيف كتاب يشتمل على تجريد مسائله بعد تحقيق أصوله ودلائله ، وفق ما كنت أتوق إليه أيّام الطّلب ، ويروق لي وجود مثله في الكتب ، فالحمد لله الّذي وهب لي ما كنت أتمنّاه ، وله الشكر على جميل نعمه وجزيل عطاياه ، وأسأله قبوله ، وأرجو منه قبوله ، وأن ينفع به كلّ مستفيد ، ويقمع عنه كلّ حاسد عنيد ، فإنّه أكرم المسئولين وأجود المعطين.
وسمّيته « معالم الدّين في فقه آل يس » ورتّبته على أربعة أقسام :
ص: 31
ص: 32
وفيه كتب :
كتاب الطهارة
ص: 33
ص: 34
وهي استعمال الماء أو التراب على وجه يبيح الصلاة ، ومباحثها ثلاثة :
وهو الماء والتراب ، فالماء إن استحقّ إطلاق الاسم وكذب سلبه ، فمطلق ، وإلّا فمضاف.
أمّا المطلق ففيه فصول :
خلق الماء طهورا ، يرفع الحدث ويزيل الخبث ، فإن مازجه طاهر وغيّر أحد أوصافه ، فإن صدق الاسم فحكمه باق ، وإلّا زالت طهوريّته.
وإن مازجته نجاسة صار أقساما :
الأوّل : الجاري ، ولا ينجس بالملاقاة إذا كان له مادّة ، من عين ، أو نهر وإن قلّت ، ولا ينجس بمروره على النجاسة ، وينجس بالتغيير الحقيقيّ لا التقديري ، كما لو وافقته النجاسة في الصفات ، ويختص المتغير منه بالنّجس (1) إلّا أن
ص: 35
ينقص التحت عن الكر ، ويستوعب التغيير العرضي ، فينجس المتغيّر وما تحته.
وما لا مادّة له ، كالواقف ، وماء الغيث حال نزوله كالجاري ، فإن انقطع فكالواقف ، ومثله ماء الحمّام إذا كان له مادّة من كرّ ، وكذا غير الحمّام إن شرطنا في المادّة الكرّية وإلّا فلا.
الثاني : الواقف ، فالكثير منه - وهو ألف ومائتا رطل بالعراقيّ ، وهو أحد وتسعون مثقالا ، أو ثلاثة أشبار ونصف ، طولا وعرضا وعمقا من مستوي الخلقة - لا ينجس بالملاقاة بل بالتغيير الحقيقي.
ولا فرق بين الغدير والمحصور في آنية أو حوض.
ويشترط ميعانه وتحقّقه ، فلو شكّ (1) في الكريّة نجس بالملاقاة لا بالشكّ في وقوع النجاسة.
ولو اغترف من الكرّ وفيه نجاسة ، فإن تميّزت فالمأخوذ (2) طاهر وإلّا فالجميع. ولو تغيّر بعضه اختص بالتنجيس إن بلغ الباقي كرّا ، وإلّا فالجميع.
ولو تغيّر بطول اللبث ، أو بوقوع منتن (3) طاهر ، أو شكّ ، في استناد التغيّر إلى النجاسة لم ينجس.
والقليل ينجس بالملاقاة وإن كان دما قليلا ، إلّا ماء الاستنجاء.
الثالث : ماء البئر ينجس بالتغيير إجماعا ، ولو تغيّر بمتنجّس كالجلد ، نزح منزوح نجاسته وإن بقيت الرائحة ، وفي نجاسته بالملاقاة توقّف ، ( ووجوب النزح واضح ، وفي إلحاق السماوية توقّف ). (4)
وماء العين المحبوس كالبئر وغيره كالجاري.
ص: 36
يطهر المتغيّر من الجاري بتدافعه والزائد على الكرّ بتموّجه حتّى يزول التغيّر.
و [ يطهر ] الكرّ بإلقاء كرّ دفعة (1) فكرّ حتّى يزول تغيّره ، لا بزواله من نفسه ، ولا بتصفيق الرّياح ولا بوقوع أجسام طاهرة ، فيطهر حينئذ بإلقاء كرّ دفعة وإن لم يزل به التغيّر (2) لو لا ذلك.
والقليل المتغيّر كالكثير وغيره بإلقاء كرّ دفعة ، أو باتّصال الغيث أو الجاري أو الكريّة ، ويشترط الشياع إن ورد عليه ، وإلّا فلا ، ولا يطهر بإتمامه كرّا ، ولا بالنّبع من تحته.
وماء البئر بزوال التّغير. (3)
وينزح الجميع لموت البعير ، ووقوع الخمر والمسكر والفقّاع والمنيّ وأحد الدّماء الثلاثة وغير المنصوص ، فإن غلب تراوح أربعة رجال (4) يوما.
ونزح كرّ لموت الحمار أو البغل أو الدابّة أو البقرة أو الثور.
وسبعين دلوا لموت الإنسان ، وخمسين للعذرة الرطبة أو الذّائبة ، والدم الكثير كذبح الشاة فصاعدا.
ص: 37
وأربعين للسنّور أو الشاة أو الكلب أو الخنزير أو الثعلب أو الأرنب ولبول الرّجل.
وثلاثين لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلاب (1) فإن تغيّرت الصّورة فلذي الحكم حكمه ، ولخرء الكلب ثلاثون دلوا ، لأنّها له مع غيره فلا يحتمل الأكثر ، والأقلّ غير معلوم.
ويمكن أن ينزح ذلك لبول المرأة ، لإطلاق لفظ البول.
وعشرة للعذرة اليابسة وللدم القليل كذبح الطير فما دون ، وما بين الدّمين كثير.
وسبع لموت الطّير والفأرة المنتفخة أو المنفسخة ولبول الصّبي ، واغتسال الجنب ، وخروج الكلب حيّا وفي إلحاق الخنزير به احتمال قويّ.
وخمس لذرق الدّجاج الجلّال. وثلاث لموت الفأرة والحيّة والوزغة. ودلو للعصفور وشبهه ، ولبول الرضيع قبل اغتذائه بالطّعام.
الأوّل : حكم المتنجس بأحدها حكمه ، فلو صبّ الدلو الأخير فيها أعاد النزح.
الثاني : يستوي الكلّ والجزء والصّغير والكبير والذّكر والأنثى.
الثالث : يراعى الاسم ، فيتساوى الرّجل والمرأة في العذرة دون البول.
ص: 38
الرابع : لو تضاعفت النجاسة تداخلت مع التماثل ، وعدمه وينزح الأكثر. (1)
الخامس : يجب تطهير الدّلو إذا خرجت فيه النجاسة قبل النزح.
السادس : [ لو ] تعدد الدلاء [ فالاعتبار ] بالدلو المعتاد ، ولا يعتبر التعدّد في إزالة التغير ، ولو لم يمتل الدلو وجب المائح (2) وإن تعذّر جاز التلفيق ، وعفي عن الساقط من الدّلو.
السابع : لا تجب النّية في النزح.
الثامن : لا ينزح إلّا بعد إخراج النجاسة أو استحالتها ، ولو انمعطّ الشعر (3) كفى عليه بخروجه. (4)
التاسع : لو غار الماء سقط النزح.
العاشر : يتولّى النزح كلّ أحد حتّى الكافر إن لم يباشر.
الحادي عشر : إذا قلنا ؛ لا ينجس الماء بالملاقاة ويجب النزح ، لم تجز الطهارة به قبله ، نعم يطهر به الثوب.
الثاني عشر : لو تغيّرت بما يوجب نزح الجميع أجزأ زوال التغيّر (5) ولو كان بالبعض.
ص: 39
لو وقع فيها ميتة ما يجب النزح لموته ، نزح مقدّره ، ويحتمل الجميع.
الثالث عشر : لا يشترط توالي النزح.
الرابع عشر : إذا أكمل (1) النزح طهر الماء والجدران والحبال والدلو والنازح.
وقد تطهر بالجاري أو الكثير إذا شاع ، لا بإتمامها كرّا ولا بزوال تغيّرها من نفسها ، ولا بوقوع أجسام طاهرة ، فيجب نزح الجميع وإن كفى بعضه في الإزالة.
ويستحبّ تباعد البئر عن البالوعة ب- [ قدر ] خمس أذرع في الصلبة ، أو كانت البئر فوقها ، وإلّا فسبع ، ولا ينجس بالتقارب بل بوصول ماء البالوعة إليها مع التغيّر ، وإلّا فالتوقّف.
والمستعمل منها طاهر مطهّر ، وكذا ماء الاستنجاء إلّا أن يتغيّر بالنجاسة أو تلاقيه نجاسة خارجة ، وغيره تابع للمحلّ قبل غسله ، وغسالة الحمام المجهول نجسة.
وسؤر الكلب والخنزير والكافر نجس ، وفي حكمه الخوارج والغلاة والنواصب.
ويكره سؤر الحمير والبغال والمسوخ وآكل الجيف مع خلو الفم منها ،
ص: 40
والجلّال والحائض المتهمة ، والدّجاج والفأرة والحيّة والوزغة والثعلب والأرنب وولد الزنا.
ويحرم استعمال النّجس في الأكل والشرب اختيارا ، وفي الطهارة وإزالة النجاسة مطلقا ، فيعيد المتطهّر به طهارته وصلاته مطلقا ، ومزيل النجاسة به الصلاة عالما وناسيا في الوقت وخارجه ، والجاهل لا يعيد مطلقا.
ولو وجد النجاسة في الماء بعد الطهارة وشكّ في سبقها عليها لم يعد ، ولو علم السّبق وشكّ في الكرّية أعاد.
والماء المشتبه بالنّجس مثله ، ولا يجزي التحرّي.
ويتيمّم فاقد غيرهما ، ولا تجب الإراقة ، وربّما حرمت.
ولا يقوم ظنّ النّجاسة مقام العلم مطلقا ، نعم يجب قبول الشاهدين لأنّهما حجّة في الشرع ، ومع التّعارض يلحق بالمشتبه.
ويقبل قول الفاسق في مائه وفي طهارة ما وكل في تطهيره دون الصبيّ وإن راهق ، وتبطل الطهارة بالمغصوب والمشتبه به ويطهر النجس بهما.
وأمّا المضاف ، فهو المعتصر من الأجسام والمصعّد والممتزج بجسم يسلبه الإطلاق ، ولا عبرة بوصف لم يسلبه ، ولو مزج بالمطلق فإن سلبه الاسم فمضاف وإلّا فمطلق ، وكذا لو تغيّر بطول اللبث وهو طاهر غير مطهّر من الحدث والخبث ، وينجس بالملاقاة وإن كثر ، ولا يطهر بإلقاء كرّ دفعة ، ولا باتّصال الجاري والغيث به حتّى يصير مطلقا ، ولو اشتبه المطلق به وليس سواهما بما تطهّر بكل منهما ، ولو انقلب أحدهما تطهّر بالآخر وتيمم ، ولو لم يكفه المطلق وجب إتمامه بالمضاف إن بقي الاسم.
ص: 41
ويكره طهارة الحيّ بالمشمّس في الآنية ، وتغسيل الميّت بالمسخّن بالنار ، وفي وضوئه به توقّف ، ولا يعتبر القصد فيهما بل بقاء الوصف ، ويجوز تغسيله بالمشمّس ، وتكره الطهارة بالمنتن بغير النجاسة ، وشرب ما مات فيه الوزغة والعقرب ، أو خرجتا منه ، والتداوي بمياه العيون الخمسة ، ولا بأس بالطهارة منها.
ص: 42
وهي : وضوء وغسل وتيمم.
والنظر في أمور :
إنّما يجب للصّلاة والطواف ومسّ كتابة القرآن إن وجب ، ويستحبّ لمندوب الأوّلين ولقراءة القرآن ولدخول المساجد وحمل المصحف والنوم وصلاة الجنائز وزيارة المقابر والسعي في حاجة ونوم الجنب وجماع المحتلم والحامل ، والكون على طهارة والتجديد ، وذكر الحائض ، وتكفين الميّت.
وهي البول ، والغائط ، والريح من المعتاد وغيره إذا اعتاد ، والنوم الغالب ، وما يزيل العقل كالإغماء والجنون ، والاستحاضة القليلة ، وهي الّتي لا توجب الغسل ، فالّذي لا يغمس القطنة عند الصّبح كثير وعند الظهر قليل ، (1) ولا ينقض غير ذلك كالمذي والقي ء وخروج الدّم وإن كان من السّبيلين إلّا الدّماء الثلاثة ، ولا تقليم الظّفر ، وحلق الشّعر ، ومسّ القبل والدّبر ،
ص: 43
ولمس المرأة ، والارتداد ، ولا ما يخرج من السّبيلين إلّا أن يستصحب ناقضا.
ويجب في الخلوة ستر العورة وترك الاستقبال والاستدبار مطلقا ، ولو بنى عليهما وجب الانحراف ، وغسل مخرج البول بالماء بمثلي ما على الحشفة ، ومخرج الغائط بالماء إن تعدّى حتّى ينقى ، ولا عبرة بالرائحة ، وإلّا أجزأ ثلاثة أحجار طاهرة وشبهها من خرق أو خزف وجلد ، لا باليد.
ويجزئ ذو الجهات الثلاث وفي إلحاق غير المعتاد به توقّف.
ويجب إمرار كلّ حجر على المخرج ، وإزالة العين دون الأثر ، والزيادة إن لم ينق بالثلاثة ، ويستحبّ الوتر ، ولو نقى بدونها أكملها وجوبا والماء أفضل ، والجمع في الحالين أكمل.
ولا يجزئ الصّقيل والمستعمل والأعيان النجسة والنجس مطلقا ، بل يجب الماء ويحرم العظم والروث والمطعوم وتربة الحسين عليه السلام ويجزئ.
ويستحبّ تغطية الرأس ، والتسمية ، وتقديم اليسرى دخولا والدعاء عنده وعند البراز والفراغ ورؤية الماء ، والاستبراء ، والاستنجاء للرجل ، وتقديم اليمنى خروجا ، ومسح بطنه.
ويكره استقبال الشمس والقمر بفرجه ، واستقبال الرّيح ، وفي المشارع والشوارع ، وتحت المثمرة وفي ء النزّال ، ومواضع اللعن ، وأفنية الدّور ، وحجرة الحيوان ، والبول في الصلبة ، وفي الماء جاريا وواقفا ومطمحا (1) ، والكلام إلّا بالذكر والحاجة ، أو آية الكرسي ، وحكاية الأذان ، والأكل ، والشرب ، والسّواك ، والاستنجاء باليمين ، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم اللّه تعالى [ أ ] واسم أنبيائه أو الأئمّة عليهم السلام.
ص: 44
وفروضه سبعة : النّية : وهي إرادة إيجاد الفعل بالقلب لوجوبه أو ندبه متقرّبا ، ويجب قصد رفع الحدث أو الاستباحة ، ويختصّ دائم الحدث والمستحاضة بالاستباحة.
وتجب المقارنة بها لأوّل جزء من الوجه مستدامة ، فتبطل بما ينافي اثنائها (1) فلو نوى الندب عن الوجوب أو بالعكس بطلت ، ولو نوى الندب بدل الوجوب وصلّى ثمّ أحدث وتوضأ واجبا وصلّى أعاد الأولى إن نسى البطلان وإلّا الجميع. (2)
ولو أخلّ بلمعة (3) في الأولى فغلسها في الثانية أو في المجدّد لم يصحّ.
ولو دخل الوقت في المندوبة ، أو ظنّ الدّخول فتوضّأ واجبا ، ثمّ دخل في الأثناء أو بعد الفراغ استأنف.
ولو نوى الرّياء أو التبرّد أو ضمّهما أو تجدّدا بطلت.
ولا تصحّ طهارة الكافر لتعذّر القربة ، وتبطل بالكفر في الأثناء.
ص: 45
ولا يجب تعيين الحدث وإن تعدّد ، فلو عيّنه ارتفع الباقي ، وإن نفى (1) إلّا أن ينوي غير الواقع إلّا مع الغلط.
ولو نوى عند كلّ فعل رفع الحدث عنه بطل ، ولو أطلق صحّ.
ويجب في الاستباحة إرادة فعل مشروط بالطّهارة وإن كان مندوبا ، لا ما يستحبّ له ، ولا يجب تعيينه ، فلو نوى صلاة استباح غيرها وإن نفاها.
ولا يشترط حضور وقته ولا إمكانه ، فلو نوى استباحة الظهر ضحوة أو استباحة الطواف وهو ناء صحّ ، ولا استحضار النّية في كلّ الأفعال ، فيصحّ مع غروب النّية في الأثناء إلّا أن ينوي غيره كالتّبرد ، ولا نيّة القطع في الأثناء إلّا أن يجفّ ما فعله.
ولا يجزئ اللّسان وحده ، ولو ضمّه فالمعتبر القلب ، ويبطل بعدم المقارنة ولو وضّى العاجز تولّى النّية.
ويجب النّطق لأجل المقارنة.
والصّبيّ ينوي النّدب في جميع عباداته ، لأنّ (2) خطابه تمرينيّ.
والنيّة عند غسل اليدين أفضل.
الثاني : غسل الوجه ، وهو من القصاص إلى الذقن طولا وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا ، وحال الأنزع (3) والأغمّ (4) وعريض الوجه وقصير الأصابع وعكسه على مستوي الخلقة.
ص: 46
وتجب البدأة بالقصاص ، والجريان وتخليل الشّعر الخفيف دون الكثيف ، بل يغسل الظاهر ، وكذا المرأة ، ولا يجب غسل المسترسل ولا الدّلك ، بل يكفي إجراء الماء أو الغمس.
الثالث : غسل اليد اليمنى ثمّ اليسرى من المرفق إلى الأصابع ، ويجب غسل باطن الظفر ، والزائد تحت المرفق مطلقا ، وما فوقه إن كان يدا غير متميّزة ، ولو تميّزت غسل الأصليّة خاصّة ، ولو انكشط (1) لحم من فوقه وتدلّى من تحته ، وجب غسله دون العكس ، ويسقط غسل ما قطع.
وتجب اجرة الوضوء على المعذور وإن زادت عن المثل إن تمكّن ، وإلّا سقط ، ولا يجب القضاء.
ويحرّك الخاتم وشبهه وجوبا إن منع وصول الماء ، وإلّا ندبا.
الرابع : مسح بشرة مقدّم الرّأس أو شعره إن لم يخرج بالمدّ عنه بأقلّ اسمه بأحد اليدين ، ولا يجب تحريكها ، ويحرم مسح جميع الرأس والتطوق ومسح الاذنين ، ولا يبطل الوضوء ، ويستحبّ بثلاث أصابع مضمومة مقبلا ، ويكره مدبرا ، ولا يجوز المسح على حائل وإن خفّ ، ولو كان شعرا.
الخامس : مسح ظاهر الرجلين من رءوس الأصابع إلى الكعبين - وهما مفصل السّاق - باليد بأقلّ اسمه ، ويستحبّ بالكفّ ، ويجوز النكس ، وتقديم اليسرى ، ومسحهما باليدين دفعة ، مناسبا ومخالفا وبأحدهما مفرقا ومعا.
ولو قطع البعض مسح الباقي ، ولو استوعب سقط ، ولا يجزئ الغسل ولا المسح على حائل ، ثمّ إن لم يجفّ البلل أعاد المسح ، وإلّا أعاد الوضوء
ص: 47
ويجزئ ذلك مع الضرورة أو التقية ، والغسل أولى من المسح على الحائل.
ولو زال العذر أعاد إن تمكّن ، وإلّا فلا ، سواء عاد السبب أو لا ، ويجوز المسح على الشراك ، ولا يجب تخليله.
وتجب المسحات بالبلل ، فإن جفّ ، أخذ من أجفانه ولحيته ولو من المسترسل ، لأنّه ماء الوضوء حتّى لو جمعه في إناء ثمّ مسح به جاز ، فإن فقده استأنف.
ولو فقد البلل لإفراط الحرّ تمّم بماء جديد ، ولا يمسح بالزند واليد الزائدة ، ولو لم يتميّز مسح بهما ، ويجوز المسح بالإصبع الزائدة ، وبظاهر اليد على توقّف.
السادس : الترتيب كما ذكرنا ، فإن أخلّ به حصّله إلّا أن يجفّ البلل فيستأنفه.
ولو غسل المضطرّ ثلاثة دفعة بطل. (1)
السابع : الموالاة ، وهي المتابعة اختيارا ومراعاة الجفاف اضطرارا ، فإن أخلّ بها ولم يجف السابق أتمّ وإلّا استأنف ، ولو نذرها فأخلّ بها ، فإن أطلق أعاد الوضوء متواليا ، وكذا لو عيّن والوقت باق ، وإلّا كفّر.
وتجب طهارة الماء ، وطهوريّته وإباحته ، ويعذر جاهل الغصبيّة وإن علم قبل الصلاة ، دون جاهل الحكم والناسي.
ص: 48
والمسنون وضع الإناء على اليمين ، وغسل اليدين قبل إدخالهما فيه مرّة عقيب النّوم أو البول ، ومرّتين عقيب الغائط ، وثلاثا عقيب الجنابة ، ويسقط غسلهما في غيره [ الإناء ] ، ولا ينقضه الحدث ، لأنّه يجامعه ، والسواك ، والاغتراف باليمين ، والمضمضة والاستنشاق ثلاثا ، ولا ينقضهما الحدث أيضا ، والدعاء بعدهما ، والتسمية ، والدعاء عند كلّ فعل ، وتثنية الغسلات ، دون المسح ، وتحرم الثالثة ، ويبطل المسح بها ، وبدأة الرّجل بظاهر ذراعيه ، والمرأة بباطنهما ، وفي الثانية بالعكس ، والدعاء بعد الفراغ.
والوضوء بمدّ ، وتحرم التولية اختيارا ، وتكره الاستعانة ، والتمندل.
[ فرع ](1)
ذو اليدين إن بانا اثنين تولّى كلّ واحد النيّة وغسل وجهه ويديه ، ومسح رأسه مرتّبا مواليا - ومسح الرجلين واجب على الكفاية - وإن بانا واحدا تولّى أحدهما النية وباقي الأفعال مرتّبا مواليا ، ولو تولّاها الآخر أو اشتركا ، جاز مع مراعاة الترتيب والموالاة.
وذو الرأسين يمسحهما معا.
يجب نزع الجبيرة وشبهها ، فإن لم يمكنه كرّر الماء حتّى يصل إلى البشرة ، فإن تعذّر مسح عليها ولو في [ موضع ] الغسل ، ويعيد إذا زال العذر.
ص: 49
ويتوضأ المبطون والسّلس (1) والمستحاضة لكلّ صلاة ، ويكتفى به وإن تجدّد الحدث في الأثناء.
ولو تيقن الطهارة وشكّ في الحدث أو بالعكس عمل بالمتيقّن ، ولو تيقّنهما وشكّ في المتأخّر ، تطهّر ، ولا يستصحب حاله قبلهما ، لجواز تعقّب مثله ، ولو علم ترك عضو أتى به وبما بعده ما لم يجف السابق كلّه ، فيعيد ، وكذا لو شكّ فيه قبل انصرافه ، وبعده لا يلتفت ، وكذا المرتمس ومعتاد الموالاة وغيره.
ولا يجب طهارة غير محلّ الوضوء ، فلو أخلّ بغسل أحد المخرجين ، وصلّى ، غسله وأعاد الصلاة حسب في الوقت وخارجه وإن كان ناسيا.
ولو جدّد ندبا وصلّى ، ثمّ ذكر أنّه أحدث عقيب الطهارتين ، أو ذكر إخلال عضو من أحدهما أعاد الطهارة والصلاة ، ولو صلّى بكلّ واحدة صلاة أعادهما وإن تساويا عددا ، أمّا لو تطهّر وصلّى ، ثمّ أحدث ثمّ توضأ وصلّى ، وذكر الإخلال المجهول أعاد الطهارة والصلاتين إن اختلفتا عددا وإلّا فالعدد.
ولو تطهّر طهارتين واجبتين إمّا بنذر الثانية أو بإيقاعها ناسيا ، أو مندوبتين قبل الوقت ، إمّا بأن يوقع الثانية ناسيا أو لم يوجب الرفع أو الاستباحة ، ثمّ صلّى وذكر الإخلال من أحدهما ، لم يعد شيئا.
ولو صلّى (2) الخمس بخمس طهارات ، ثمّ ذكر أنّه أخلّ بواجب من
ص: 50
إحداهما ، أو أحدث عقيبها ، صلّى الحاضر صبحا ومغربا وأربعا مطلقا ، والمسافر مغربا وثنائيّة مطلقة ، والمشتبه كالحاضر إن أطلق الصبح ، وإلّا زاد ثنائية.
ولو كان من طهارتين من يوم يقينا صلّى الحاضر صبحا ورباعيّتين بينهما المغرب ، والمسافر ثنائيّتين بينهما المغرب ، وأطلق الصّبح.
ولو اشتبه بيوم تخيّر ، فإن شاء التّمام فالأربع وإلّا فالخمس.
ولو اشتبه يوم تقصير بيوم تخيير ، فإن شاء التقصير فالثلاث ، وإن شاء [ التخيير ] فالخمس.
ولو كان في يومين يقينا ، صلّى الحاضر عن كلّ يوم صبحا ومغربا وأربعا ، والمسافر ثنائية ومغربا.
والمشتبه كالحاضر إن أطلق الصّبح ، وإلّا زاد ثنائية.
لو جهل الجميع (1) والتفريق ، صلّى الحاضر عن كلّ يوم ثلاثا ، والمسافر اثنتين هكذا ثنائية ثمّ مغربا ، والمشتبه كالحاضر إن أطلق الصبح وإلّا زاد ثنائيّة قبل المغرب ، وأخرى بعدها.
والحاضر في أحدهما يقينا يصلّي عن كلّ يوم خمسا : ثنائيّة وأربعا ، ثمّ مغربا ثمّ ثنائية وأربعا ، ولو كان من ثلاث قضى الحاضر الخمس والمسافر ثنائيّتين ثمّ مغربا ثمّ ثنائيّة.
والمشتبه يزيد على الحاضر ثنائية قبل المغرب وأخرى بعدها مع إطلاق الصّبح.
ص: 51
ولو كان من أربع أو من الخمس صلّى الحاضر والمسافر الخمس ، والمشتبه يزيد على الحاضر ظهرين وعشاء قصرا.
ولو صلّاها بأربع طهارات أو بثلاث ، وذكر الإخلال في واحدة ، فإن جمع بين الرباعيّتين بطهارة ، صلّى صبحا ومغربا وأربعا مرّتين ، وإلّا ثلاثا ، والمسافر ثنائيّتين والمغرب ، والمشتبه يزيد على الحاضر ثنائيّة بعد المغرب مع إطلاق الصبح.
ولو صلّاها بطهارتين ، أعاد الجميع كيف كان. (1)
وفيه فصلان :
فمنه ما يجب لنفسه ، وهو غسل الميّت ، والجنابة ، فينوي الوجوب مطلقا ، وقد يتضيّق إذا بقي لطلوع فجر يوم يجب صومه قدر الغسل.
ومنه ما يجب لما وجب له الوضوء خاصّة ، وهو غسل مسّ الميّت ، فيجوز الصّوم مع المسّ ولا يبطله ، ولا يحرم دخول المساجد ، ولا قراءة العزائم ، وينوي الوجوب إن وجبت الغاية ، وإلّا الندب.
ومنه ما يجب لما وجب له الوضوء ، ولدخول المسجدين ، واللّبث في
ص: 52
غيرهما ، وقراءة العزائم إن وجبت ذلك ، وللصوم ، وهو غسل الحيض والنّفاس ، (1) وكذا غسل الاستحاضة إلّا في قراءة العزائم ، فتنوي (2) الوجوب إن وجبت الغاية ، وإلّا الندب.
ويجب ضمّ الوضوء فيما عدا الأوّلين ، فلا يستبيح المشروط بدونه ، وليس جزءا من الغسل ، فلو أحدث قبله لم يعد الغسل ، وبالعكس يعيد الوضوء ، ولو قصر الماء عن الوضوء يتيمّم عنه.
فالأغسال ستّة :
الأوّل : في الموجب ، وهو أمران للرّجل والمرأة :
[ الأمر الأوّل ] : خروج المنيّ مطلقا ،
فإن اشتبه اعتبر برائحة الطلع (3) ، أو التلذّذ به ، أو بدفقه ، أو مقارنته للشهوة ، وفتور البدن ، ويجتزئ المريض بالشهوة وفتور البدن ، فإن خلا عن ذلك لم يجب الغسل.
ولو وجد المنيّ على بدنه أو ثوبه أو فراشه الخاصّين به ، وجب الغسل ، ويعيد كلّ صلاة يحتمل سبقها ، ومع الاشتراك لا غسل عليهما ، ويحتمل وجوبه على من وجده رطبا في نوبته.
ولو ائتمّ أحدهما بالآخر ، صحّت صلاة الإمام.
ص: 53
ولا يجب على المرأة إعادة الغسل بخروج منيّ الرّجل إلّا أن يخالطه منيّها يقينا.
[ الأمر ] الثاني : التقاء الختانين ،ويحصل بغيبة الحشفة أو قدرها في الآدميّ مطلقا ، لا ببعضها ، ولا بوطء البهيمة.
ولا فرق بين الميّت والحيّ ، والفاعل والمفعول ، ولو وطئ الخنثى امرأة أو رجلا ، لم يجنب أحدهم ، ولو وطئ الرّجل في دبر الخنثى فكلاهما جنب ، ولو وطئ الرجل في قبل الخنثى ، وهي في فرج المرأة ، فالخنثى جنب قطعا ، وأحدهما جنب لا بعينه ، فيحرم اجتماعهما في مسجد ، ويتعلّق الحكم بإيلاج الملفوف والصّبيّ ، ويلزمه الوليّ بالأحكام ويصحّ منه الغسل ، كالوضوء ، ويعيده بعد البلوغ.
الثاني : في الحكم : يحرم على المجنب الصّلاة ، والطواف ، ومسّ كتابة القرآن ، وإن نسخ حكمه ، لا منسوخ التلاوة (1) واسم اللّه ، واسم أنبيائه والأئمّة عليهم السلام بالظواهر لا البواطن ، وقراءة العزائم أو بعضها حتّى المشتركة إذا نواها منها ، واللّبث في المساجد ، والجواز في المسجدين ، ووضع شي ء فيها إلّا الأخذ منها.
ويكره مسّ المصحف ، وحمله ، والأكل والشرب قبل المضمضة والاستنشاق ، والنّوم قبل الوضوء ، وقراءة ما زاد على سبع ، وفي إباحة تكرارها توقّف.
الثالث : في الغسل : وتجب طهارة المحلّ أوّلا فأوّلا ، ثمّ النّية مقارنة
ص: 54
مستدامة الحكم ، ويجب فيها رفع الحدث أو الاستباحة والوجوب ، والقربة ، ويستحبّ عند غسل اليدين.
لو اجتمعت أسباب الغسل ، فنيّة الجنابة تجزئ عن غيره دون العكس وإن ضمّ الوضوء ، نعم لو نوى مطلق الحدث أو الاستباحة ارتفع الجميع ، ولو تعدّد غير الجنابة فنوى أحدها ، ارتفع الباقي وإن نفاه.
ثمّ يغسل الرأس والرّقبة ، ثمّ الجانب الأيمن ، ثمّ الأيسر ، ويجب تخليل ما يفتقر إليه حتّى الشعر الكثيف.
والترتيب كما ذكر ، والمباشرة ، وغسل جميع البشرة بأقلّ اسمه ، ولا يجب غسل الشعر ، ولا الموالاة إلّا دائم الحدث ، ولا الترتيب في الارتماس لا عينا ، ولا حكما ، ولا مقارنة النيّة فيه لجميع البدن ، لتعذّره ، ولهذا جاز تحت المطر والميزاب ، بل يقارن جزءا من البدن ، ويسرع في غسل الباقي.
وإذا رأى بللا مشتبها بعد الغسل والصلاة ، أعاد الغسل خاصّة ، إلّا مع البول أو الاستبراء.
ويعيده المحدث في أثنائه ، ويجزئ عن الوضوء بخلاف غيره ، ولا يبطل بالردّة.
ويجب على الكافر ، ويشترط في صحّته الإسلام ، ولا يسقط به.
ويستحبّ للرّجل الاستبراء أو البول ، وغسل اليدين ثلاثا ، والمضمضة والاستنشاق كذلك ، والغسل بصاع ، وإمرار اليد على الجسد ، وتخليل ما يصل إليه الماء ، والدعاء عنده.
ص: 55
وفيه بحثان :
من حكمته تعالى زيادة المرأة دما لتغذية الولد حملا ورضيعا ، وهو في الأغلب أسود أو أحمر ، يخرج بحرقة وحرارة ودفع ، ولقليله حدّ ، ويحكم للعذرة بتطوّق القطنة ، ويحكم به ، وإن لم يكن بصفته إذا حصلت شرائطه.
وأقلّه ثلاثة أيام متتالية ، وأكثره عشرة بين أقلّ الطهر ، فلو رأت ثلاثة ، وانقطع عشرة ، رأته ثلاثة فما زاد فحيضتان.
ولو انقطع دون العشرة ، ثمّ رأته ، فإن انقطع على العاشر ، فالدّمان وما بينهما حيض ولو استمرّ فله تفصيل.
ويجامع الحمل.
وما تراه المرأة قبل التّسع وبعد اليأس - وهو مضيّ خمسين سنة - أو ثلاثة في العشرة ، أو دون أقلّه ، أو بعد أكثره ، أو أكثر النفاس ، ومن الأيمن على قول (1) ، فليس بحيض.
وتثبت العادة برؤية الدم عددا لا يزيد على عشرة ، ثمّ ينقطع أقلّ الطّهر ، ثمّ ترى مثل العدد ، ويشترط اتّحاد الوقت ، وقد يستفاد من التمييز بأن ترى خمسة أسود ، وأقلّ الطهر أصفر ، ثمّ تراه كذلك ، فإذا جاء الدّم في الشّهر الثالث لونا واحدا ، جعلت خمسة حيضا والباقي استحاضة.
ص: 56
وذات العادة تترك الصّلاة برؤية الدم ، والمبتدئة والمضطربة بعد ثلاثة ، وإذا انقطع قبل العشرة فعليها الاستبراء بالقطنة ، فإن خرجت نقيّة اغتسلت ، وإلّا انتظرت النّقاء أو مضيّ العشرة.
وذات العادة تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين ، ثمّ تعمل عمل المستحاضة ، فإن انقطع على العاشر قضت الصّوم ، وإن استمرّ فلا قضاء ، وفي قضاء ما تركته في الاستظهار توقّف.
وإذا تجاوز الدّم عشرة ، فذات العادة ترجع إليها ، والمبتدئة والمضطربة إلى التمييز ، وشرطه اختلاف لون الدم ، وأن لا ينقص ما شابه الحيض عن ثلاثة ، ولا يزيد عن عشرة ، فتجعل الحيض ما أشبهه والباقي استحاضة ، ومع فقده ترجع المبتدئة إلى عادة أهلها ، ثمّ إلى أقرانها من بلدها ، ثمّ تتحيّض هي والمضطربة بسبعة من كلّ شهر ، أو بثلاثة من شهر ، وعشرة من آخر ، وهكذا حتّى تستقرّ العادة ، ولو رأت العادة والطرفين أو أحدهما ، فإن تجاوز الجميع العشرة فالحيض العادة ، وإلّا فالجميع.
الأوّل : لو ذكرت العدد دون الوقت [ ألزمت ] بأسوإ الأحوال ، وهي أحكام المستحاضة والحائض ، والغسل للحيض عند كلّ صلاة ، وتقضي صوم العدد ، وقد يحصل لها حيض بيقين ، بأن يقصر نصف الوقت عن العدد ، فالزائد نصفه (1) حيض كستّة في العشر الأولى ، فالخامس والسادس حيض بيقين.
ص: 57
الثاني : ولو ذكرت الوقت دون العدد ، فإن عرفت أوّل حيضها أكملته ثلاثة ، وإن عرفت الوسط ضمّت إليه يوما قبله وآخر بعده ، ولو لم تعرف شيئا تحيّضت بثلاثة ، وعملت في باقي الزمان بأسوإ الأحوال ، وتقضي صوم عشرة إلّا أن يقصر الوقت.
الثالث : لو نسيتهما معا ألزمت بأسوإ الأحوال ، وتصوم شهر رمضان ، وتقضي أحد عشر يوما ، وتصوم عن قضاء يوم أوّل وثاني عشر ، ويوما بعد الثاني وقبل الحادي عشر.
لا يصحّ منها الطهارة ، ولا يرتفع لها حدث ويحرم عليها كلّ مشروط بها ، كالصلاة ، والصوم ، والطواف مطلقا ، ومسّ كتابة القرآن واسم اللّه ، والأنبياء ، والأئمّة عليهم السلام ، ودخول المسجدين ، واللّبث فيما عداهما ، والجواز إن لم تأمن التلويث ، وإلّا كره ، وقراءة العزائم وأبعاضها ، وتسجد لو تلت أو استمعت.
ويحرم وطؤها قبلا ، فيعزّر المتعمّد العالم.
وتستحبّ الكفّارة ، وهي دينار في أوّله ، ونصف في وسطه ، وربع في آخره ، ويعتبر ذلك بحسب العادة ، فالثالث أوّل لذات التّسعة ووسط لذات السّتة وأخير لذات الثلاثة ، ويتكرر باختلاف الزمان لا باتّحاده ، وإن تخلّل التكفير.
ولو وطئ أمته ، تصدّق بثلاثة أمداد من طعام.
ص: 58
ولا يصحّ طلاق الحائل مع دخوله وحضوره أو حكمه.
ويجب الغسل عند النّقاء كالجنابة ، والوضوء قبله أو بعده ، وقضاء الصّوم دون الصلاة اليومية إلّا أن تحيض بعد مضيّ مقدار الطهارة والصلاة ، ولو طهرت وقد بقي قدر الطهارة وركعة ، وجب الأداء ، ومع الإخلال القضاء ، ولو قصر عن ذلك لم تقض.
ويكره حمل المصحف ولمس هامشه ، والجواز في المساجد ، والخضاب ، والوطء قبلا قبل الغسل ، وتخفّ بغسل فرجها.
ويستحبّ لها الوضوء والجلوس بمصلّاها بقدر الصّلاة ، ذاكرة لله تعالى.
ودمها في الأغلب أصفر ، بارد ، رقيق ، يخرج بفتور ، وقد يكون مثله حيضا ، إذ الصّفرة والكدرة في أيّام الحيض ، حيض ، والأسود والأحمر في أيّام الطهر استحاضة ، فإن ظهر على القطنة ، وجب تغييرها والوضوء لكلّ صلاة ، وكذا لكلّ ركعتين من النّوافل ، وإن غمسها ولم يسل ، وجب مع ذلك تغيير الخرقة ، والغسل لصلاة الغداة ، وإن سال وجب مع ذلك غسل للظهرين تجمع بينهما ، وغسل للعشاءين كذلك.
ويجب أن تعقّب الصّلاة بالأفعال إلّا أن تشتغل بالنوافل ومقدّمات الصلاة ، أو تنتظر الجماعة ، وتعتبر الدّم عند القيام إلى الصلاة ولا اعتبار بالقبل والبعد.
ويجوز الجمع بين الصلاتين في أوّل الوقت ، ويستحبّ التأخير إلى وقت الثانية.
والمتنفّلة تجمع بين نوافل الليل وصلاة الغداة بغسل فتقدّمه على
ص: 59
الفجر بقدر النوافل ، وغيرها تؤخّر عنه (1) إلا أن تريد الصّوم.
وهي مع الأحكام بحكم الطاهرة ، فالإخلال ببعض الأفعال يبطل صلاتها ، وبالغسل يبطل صومها.
ويجوز وطؤها ، وانقطاعه للبرء يوجب الوضوء وإن كثر ، لأنّ الغسل واجب لغيره ، وإن انقطع في أثناء الصلاة بطلت.
دم مع الولادة أو بعدها وإن كان الحمل مضغة مطلقا ، أو علقة مع شهادة أربع نساء أنّها مبدأ الولد ، فلو ولدت بغير دم فلا نفاس ، ولا حدّ لأقله ، وأكثره عشرة أيّام ، ولو تجاوز رجعت ذات العادة إليها ، والمبتدئة والمضطربة إلى العشرة ، لا إلى التمييز وتوابعه.
ولو رأته يوم الولادة أو العاشر فهو النفاس ، ولو رأتهما فالعشرة نفاس.
ولو رأت يوم الولادة وانقطع عشرة ، فالأوّل نفاس والثاني يمكن أن يكون حيضا.
ولو تجاوز عادتها ففي وجوب الاستظهار توقّف.
وذات التوأمين تتنفّس بوضع الأوّل وتعتدّ من وضع الثاني ، فقد يزيد على عشرة ، ولا كذا المتقطّع. (2)
وأحكامها كالحائض.
ص: 60
وفيه فصول :
من لطفه تعالى ترغيب العبد في ذكر الموت وتقديم المرض عليه ، ليفيق الجاهل وينبّه الغافل ، وأكّد ذلك بالحجر عليه في ثلثي ماله ، وأوجب الوصيّة لما فيها من حضور فراق الدّنيا بالبال ، ومرور لقاء اللّه بالخيال ، ليصير ادعى إلى استدراك ما أغفله وأوعى إلى فعل ما غفله وحثّ على عيادته تذكرة للنّاسين وتبصرة للمفرطين ، وتجب التوبة.
ويستحبّ له ترك الشكوى ، وحسن الظنّ بربّه ، والإذن في عيادته إلّا في العين ، وتخفيفها إلّا أن يريد المريض الإطالة.
وإذا طال مرضه ترك وعياله.
فإذا احتضر وجب توجيهه إلى القبلة ، ويستحبّ تلقينه الشّهادة ، والإقرار بالأئمّة عليهم السلام ، وكلمات الفرج ، ونقله إلى مصلّاه ، فإذا قضى نحبه استحبّ تغميض عينيه ، وإطباق فيه ، ومدّ يديه إلى جنبيه ، وتغطيته بثوب ، والإسراج ليلا ، وقراءة القرآن ، والاسترجاع ، وإعلام المؤمنين ، وتعجيل تجهيزه إلّا مع الاشتباه ، فيعتبر بالأمارات ، أو يصبر عليه ثلاثة أيام.
ولا يترك المصلوب أكثر منها ، ويكره طرح الحديد على بطنه ، وحضور الجنب والحائض.
ص: 61
[ المبحث ] الأوّل : [ في ] المحلّ ، وهو المسلم ومن بحكمه وإن خالف الحقّ على الأقوى إلّا الخوارج ، والغلاة ، والنّواصب ، والشهيد بين يدي الإمام ، بل يصلّى عليه ويدفن بثيابه ، وينزع الخفّان والفرو والابريسم وإن أصابها الدّم ، ولو جرّد كفن ، ولو شكّ في قتله فهو كغيره.
ولا فرق بين الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، ومن قتل بحديد وغيره.
ومن وجب قتله يؤمر بالاغتسال ثلاثا ، ثمّ لا يعاد بعد القتل ، إلّا أن يحدث.
ويغسل السّقط لأربعة أشهر ، فلو لم يبلغها لفّ في خرقة ودفن ، والصدر كالميّت حتّى في الحنوط ، ويكفي الثوب الواحد ، ويمتنع فيه التيمّم ، والقطعة ذات العظم تغسل وتدفن ، والخالية تلفّ في خرقة وتدفن ، والعظم كالأولى ، والقلب كالثانية ، على توقّف فيهما.
ويكره تغسيل المخالف فإن اضطرّ غسّله غسلهم.
[ المبحث ] الثاني : [ في ] الفاعل ، تجب المماثلة في الذكورة والأنوثة إلّا الزّوجين ، فيغسل كلّ واحد منهما الآخر اختيارا ، والمملوكة كالزوجة إن خلت من زوج ، وفي المعتدّة رجعيّة توقّف.
ولا يغسل المسلم إلّا مثله ، ولو فقد فذات الرّحم من وراء الثياب ، ثمّ الكافر ، والمسلمة لا يغسلها إلّا مثلها ، ولو فقدت فذو الرّحم من وراء الثياب ثمّ الكافرة.
ص: 62
ولو وجد المسلم بعده قبل الوضع في القبر أعيد ، ولو لم يوجد للرجل إلّا الكافرة وللمرأة إلّا الكافر دفنا بغير غسل ، وتسقط المماثلة في بنت ثلاث سنين ، وكذا الابن.
ويغسل الخنثى المشكل محارمه من وراء الثياب وبالعكس لو فقدت المماثلة.
ويقرع على القطعة المجهولة ثمّ يغسلها المماثل.
[ المبحث ] الثالث : في الكيفيّة ، ويبدأ الغاسل بإزالة النجاسة وستر العورة ، ثمّ النيّة ، وتغسيله بماء السدر ، ثمّ بماء الكافور ، ثمّ بالقراح مرتّبا كغسل الجنابة ، ويسقط بغمسه في الكثير مع الخليط ، ولا يجب الدلك ، ولو تعذّر الخليط غسله بالقراح ثلاثا ، ولو قصر الماء عن الثلاث بدأ (1) بالأوّل فالأوّل ، ويمّم عن الباقي ، ولو فقد الماء يمّم عن الجميع.
ولو خاف الغاسل على نفسه أو على الميّت يمّمه ثلاثا ، ولا ينقضه خروج الحدث ، بل يجب غسله ، والغريق كغيره ، وكذا المقتول ، ويبدأ بغسل الدم ، ويربط جراحه بالقطن والتعصيب.
ولو بان الرأس غسله ثمّ البدن مرتّبا ، ويضمّ الرأس ، ثمّ يوضع القطن ويعصب.
ويستحبّ فتق قميصه ونزعه (2) من تحته ووضعه على ساجة ، واستقباله بالقبلة تحت الظّلال ، وحفر حفيرة للماء ، وغسل رأسه أوّلا برغوة السّدر ،
ص: 63
وفرجه بماء السّدر والحرض ، (1) وغسل يديه ، وتوضئته (2) ، والبدأة بشقّ رأسه الأيمن ، وغسل كلّ عضو ثلاثا في كلّ غسلة ، وتليين أصابعه برفق ، وغمز بطنه في الأولتين إلّا الحامل ، ووقوف الغاسل على يمينه ، وغسل يديه مع كلّ غسلة.
ويكره وضعه بين رجليه وإقعاده ، وقصّ أظفاره ، وترجيل شعره وحلقه ، وإرسال الماء في الكنيف ، ولا بأس بالبالوعة.
وفيه بحثان :
وهو ما تجوز الصّلاة فيه للرّجال ، ويستحبّ القطن الأبيض المحض والمغالاة ، ويكره الكتّان والأسود والممتزج بالابريسم ، ويجب للرّجل مئزر ، وقميص ، وإزار ، ومع الضّرورة واحد ، ويستحبّ حبرة (3) عبريّة غير مطرزة بالذهب أو الابريسم ، ومع التعذر لفّافة أخرى والخامسة (4) وطولها ثلاثة أذرع ونصف ، والعرض شبر تقريبا ، وعمامة وليست من الكفن ، لأنّه ما يلفّ به الميت.
ص: 64
والمرأة كالرّجل لكن تعوّض عن العمامة قناعا ، وعن الحبرة نمطا ، وتزاد لفّافة أخرى لثدييها ، ويحرم غير ذلك ، كالبرقع والعصابة.
ويجب من الكافور مسمّاه حقيقة وقدرا ، وأفضله ثلاثة عشر درهما وثلث ، ثمّ أربعة دراهم ، ثمّ درهم.
ويستحبّ الذّريرة والجريدتان حتّى للصّبي ، لأنّهما يونسان المحسن ويدرءان العذاب عن المسي ء ، وهي بقدر الزند من النخل ، ولو تعذّر فالسدر ، فالخلاف ، فشجر رطب ، ويلفّ عليهما القطن ، والكتابة على الحبرة والإزار والقميص والجريدتين فلان يشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأنّ محمّدا رسول اللّه ، وأنّ الأئمّة أمير المؤمنين إلى آخرهم ، بتربة الحسين عليه السلام ، فإن تعذّر فبإصبعه.
ويكره بالسّواد ، وخياطته من غيره ، وبلّ الخيوط بالريق ، وابتداء الأكمام ، وقطعه بالحديد وتجميره.
يستحبّ اغتسال الغاسل قبله أو الوضوء ، وتنشيف الميّت بثوب ، وسحق الكافور باليد ، ويكره بغيرها ، ثمّ يمسح به مساجده ، ويكره [ جعل الكافور ] في سمعه وبصره وفيه ، ويضع الفاضل على صدره ، ويحشى القطن فيما يخشى خروج النجاسة منه ، ثمّ يشدّ فخذيه بالخامسة ، ثمّ يؤزره ، ثمّ يفرش الحبرة وفوقها الإزار ، ثمّ القميص ، وينثر الذريرة (1) على الجميع ،
ص: 65
لم يضعه (1) على ذلك ، ويلبسه القميص ، ثمّ يثني الجانب الأيسر على الأيمن وبالعكس ، ويلصق إحدى الجريدتين بجلده الأيمن من ترقوته ، والأخرى من جانبه الأيسر بين الإزار والقميص ويعمّمه محنكا ، ويعقد الطرفين.
مسائل : يغسل الكفن من نجاسة الميّت قبل الوضع في القبر ، ويقرض بعده ، ومن غيره يغسل مطلقا ، ويطرح في الكفن ما يسقط منه ، ويحرم غير الكافور والذرية ، ولا يقربان من المحرم.
والواجب من الكفن مقدّم على الدّين ، وغيره من الثلث إن أوصى به ، وللغرماء المنع منه ، لو ضاقت.
ويجب على الزوج بذله وإن كانت موسرة ، والمعسر ييسر بموتها إن قلنا بانتقال التركة إلى الوارث.
ولا يجب بذله إلّا من بيت المال ، وكذا الأعيان كالماء ، ويستحب للمسلمين بذله ، أمّا الأعمال فعلى الكفاية.
يستحبّ إعلام المؤمنين ، وتربيع الجنازة وتشييعها ، والمشي خلفها أو إلى جانبها ، وقول المشاهد : الحمد لله الّذي لم يجعلني من السّواد المخترم ، فإذا صلّى عليها دفعت إلى القبر ، فيقول من عاينه : اللّهمّ اجعله روضة من رياض الجنّة ولا تجعله حفرة من حفر النّار.
ص: 66
وتجب إباحته وكونه حارسا للميّت ، ساترا رائحته ، ويستحبّ [ تعميق القبر ] قامة أو إلى الترقوة ، واللّحد من جهة القبلة بقدر الجلسة ، ونقلها ثلاثا ، (1) وإنزال الرّجل من قبل رجلي القبر سابقا برأسه ، وإنزال المرأة ممّا يلي القبلة عرضا ، وأن يتولّاه الأجنبيّ إلا في المرأة ، ويتحفّى النازل ، ويكشف رأسه ، ويحلّ أزراره (2) ويقول عند تناوله :
بسم اللّه وباللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملّة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم اللّهمّ إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله ، اللّهمّ زدنا إيمانا وتسليما.
ويجب أن يضجعه على جانبه الأيمن مستقبل القبلة ويستحبّ حلّ عقدتي الكفن ووضع خدّه على التراب وجعل شي ء من التربة معه ، وتلقينه.
فإذا شرج اللّبن قال :
اللّهمّ صل وحدته ، وآنس وحشته ، وارحم غربته ، واسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك ، واحشره مع من كان يتولّاه.
ثمّ يخرج من قبل رجليه ، ويهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ مسترجعين ، وتكره إهالة الرّحم ومن غير ترابه ، ثمّ يرفع القبر أربع أصابع ،
ص: 67
ويصبّ الماء عليه من رأسه دورا ، والفاضل على صدره ، ثمّ يضع يديه عليه مستقبل القبلة ، ويفرّق أصابعه ، ويغمزها في التراب ، ويترحّم عليه ، ويقرأ فاتحة الكتاب مرّة ، وإنّا أنزلناه سبع مرّات.
وتستحبّ التّعزية قبل الدفن وبعده للرّجال والنّساء ، وأقلّها الرؤية ؛ وتلقين الوليّ بعد الانصراف بأعلى صوته مستقبل القبلة والقبر.
يثقّل راكب البحر أو يجعل في وعاء ويرسل فيه مستقبل القبلة ، والكافر لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ، ولا يدفن في مقبرة المسلمين إلّا الحامل من مسلم ، ويستدبر بها القبلة.
وإذا ماتت الحامل دون الولد شقّ جوفها وأخرج ، وخيطت بطنها ، وبالعكس يقطّع ويخرج.
ويحرم نبش القبر بعد الدفن المشروع ، وشقّ الرجل على غير الأب والأخ ، وحمل ميّتين على نعش ، ويكره دفنهما في قبر دفعة ، ونقل الميّت إلّا إلى مشاهد الأئمّة عليهم السلام ، وفرش القبر (1) بالساج إلّا مع الحاجة وتجديده وتجصيصه وتظليله ، والمقام عنده ، والمشي عليه ، والاستناد به.
وتستحبّ زيارة القبور ، وإهداء القرآن ، والاستغفار ، والدعاء ، ووجوه القرب إليهم.
ويجوز البكاء والنوح بالحقّ.
ص: 68
كلّ من يجب تغسيله يجب الغسل بمسّه بعد برده وقبل تطهيره ، حتّى ذات العظم وإن أبينت من حيّ ، وفي العظم وحده توقّف ، ويستوي المسلم والكافر ، ولا يجب بمسّ الشهيد والمقتول شرعا ، ولا بمسّه قبل البرد ، ولا يجب غسل اليد ، ولا بمسّ السّن والظّفر وإن أبينتا من حيّ ، ولا بمسّ الخالية من عظم أو ميّت غير النّاس ، وتغسل اليد ، ويتعدّى الرّطب دون اليابس.
ويجب الغسل بمسّ المتيمّم ومن مات قبل قتله ، أو قتل بسبب آخر ، ومن غسله كافر.
ولو كمل غسل البعض ، لم يجب الغسل بمسّه بل بمسّ الباقي.
وهو كالجنابة ويجب معه الوضوء.
الفصل الثّاني (1) : [ في ] الأغسال المسنونة
فالمشهور منها : غسل الجمعة ، ووقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزّوال ، ويقضى إلى آخر السّبت ، وكلّما قرب من الزّوال في الأداء والقضاء أفضل ، ويقدّمه المعذور يوم الخميس ، ويعيده لو وجده ، وأوّل ليلة من شهر رمضان ، ونصفه ، وسبع عشرة وتسع عشرة (2) ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين منه ، وليلة الفطر ويومه ، ويوم عرفة ، والأضحى ، ويوم الغدير ، والمباهلة ، وليلة نصف
ص: 69
رجب ، ويوم المبعث ، وليلة النّصف من شعبان ، وغسل الإحرام ، والطواف ، وزيارة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة عليهم السلام ، ولقضاء صلاة الكسوف إذا تعمّد الترك واحترق جميع القرص ، وغسل المولود ، والتوبة عن فسق أو كفر ، ولرؤية المصلوب بعد ثلاثة ، ولصلاة الحاجة ، والاستخارة ، ولدخول الحرم ، ومكّة ، والمسجد ، والكعبة ، والمدينة ، ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وما للزمان فيه ، وما للفعل والمكان قبله. (1)
وهذه الأغسال تجامع الحدث ، ولا ينقضها ولا يبطلها في الأثناء ، ولا تجزئ عن الواجب ، وبالعكس ، ولا تتداخل ، والمستعمل فيها يرفع الحدث إجماعا. (2)
ويجب لما وجب له المبدل ، ولخروج الجنب من المسجدين ، وقد تجب الثلاثة بنذر وشبهه ، أو عهد أو يمين ، ويصحّ نذر الوضوء مطلقا وغيره عند سببه ، ويجب في النيّة رفع الحدث أو الاستباحة ، إلّا أن يكون على طهارة.
وفيه مباحث :
[ الشرط ] الأوّل : ضيق الوقت إن رجي زوال العذر ، وإلّا جاز في أوّله ،
ص: 70
واعتبار الضّيق شرط في صحّة التيمّم لا في صحّة الصّلاة ، فلو ظنّ الضّيق فتيمّم فظهر خلافه أجزأ.
ولو تيمّم لفائتة قبل الوقت ، جاز أن يؤدّي الحاضرة في أوّل وقتها.
ولو تيمّم لحاضرة في آخر الوقت ثمّ خرج ، جاز أن يؤدّي أخرى في أوّل وقتها ، ووقت الفائتة ذكرها ، ووقت الآتية حصول سببها ، و [ وقت ] الاستسقاء الاجتماع في الصحراء.
[ الشرط ] الثاني : العجز عن استعمال الماء :
إمّا لعدمه فيجب الطّلب في الوقت ، وهو في السهلة غلوة سهمين ، وفي الحزنة (1) غلوة سهم في الجهات الأربع ، ولو اختلفت الجهات اختلف الضرب.
ولا تجب إعادته لصلاة أخرى ، ويجب وان علم عدم الماء لإطلاق النصّ (2) ، ولعلّه جبر لفوات فضيلة الماء ، ولو أخلّ به ثمّ تيمّم وصلّى ، عصى ولا قضاء.
ولو وجد الماء في موضع الطلب ، أو في رحله ، أو مع أصحابه الباذلين ، تطهّر وأعاد ، ولو خرج الوقت قضى ، ولو وجده مع غيرهم فلا قضاء ، وما لا يكفي فكالمعدوم.
وإزالة النجاسة ، وشرب الحيوان المحترم ، أولى من الطهارة.
ويجب شراء الماء وإن كثر الثمن ما لم يضرّ به في الحال ، وشراؤه في
ص: 71
الذمّة إذا كان له قضاء ، وقبول هبته لا هبة ثمنه ، ولو أهرقه في الوقت وتيمّم وصلّى قضى ، ولو أهرقه قبل الوقت لم يقض.
وإمّا (1) لخوف على النفس أو المال أو البضع ، أو لخوف المرض أو الشين ، أو العطش في الحال أو بعده على نفسه ، أو على حيوان محترم ، أو خاف الفوات لو سعى إلى الماء لا خوف الالم.
وإمّا لعدم الآلة ، فيجب شراؤها مع التمكّن وإن زاد على ثمن المثل ما لم يضرّه في الحال ، وغير الواجد فاقد ، ولو بيعت (2) بثمن في الذمة وجب الشراء إذا قدر على القضاء.
ولو وهب آلة أو ثمنها لم يجب القبول ، ولو أعير وجب القبول.
وهو الصّعيد وما يطلق عليه اسم الأرض ، كالحجر ، والمدر ، والمطبوخ ، فلا يصحّ بالمعدن والمنسحقات ، (3) ويصح بأرض النورة والجص والملوّن والبطحاء والمستعمل وتراب القبر.
ويستحب من العوالي.
ويكره بالسّبخة والرّمل.
ويشترط فيه الملك ، والطهارة ، والإباحة ، وخلوصه ، إلّا أن يصدق الاسم.
ومع فقد التراب تيمّم بغبار الثوب ، أو لبد السّرج ، أو عرف الدابّة ، فإن تعذّر فبالوحل.
ص: 72
تجب نيّة البدل (1) والاستباحة ، والوجوب أو الندب ، والقربة ، مقارنة لضرب الأرض بكلتا يديه ، مستدامة ، فلا يجزئ الرفع ولا التعرّض لمهبّ الرياح ، ثمّ يمسح بهما وجهه من القصاص إلى طرف الأنف الأعلى ، ثمّ ظاهر الكف اليمنى ببطن اليسرى من الزّند إلى طرف الأصابع ، ثمّ ظاهر اليسرى ببطن اليمين كذلك ، فلو نكس بطل.
وتجب الموالاة وإن كان بدلا من الغسل ، ونزع الحائل دون تخليل الأصابع ، والترتيب فلو أخلّ به أعاد على ما يحصل معه من غير ضرب مستأنف ، والمباشرة إلّا مع العذر ، واستيعاب الممسوح لا الماسح ، وطهارتهما إلّا مع التعذّر بشرط عدم الرطوبة.
ولا يشترط طهارة غيرهما ، ولا علوق التراب ، ولا يجزئ تمعيك (2) الأعضاء ولا تردّد (3) ما على وجهه بالمسح ، ولو أخلّ بالبعض أتى به من غير ضرب.
ويضرب ضربة للوضوء وضربتين للغسل ، ولو اجتمع الموجب تعدّد بحسبه.
ويمسح المقطوع ما بقي ، والعاجز يستنيب إلّا في النية.
يستباح به كلّما يستباح بالمائيّة ، ولا يتعدّد بتعدّد الصلاة ، ولا يرفع الحدث ، فلو تيمّم المجنب ، ثمّ أحدث حدثا أصغر ، أعاد
ص: 73
بدلا من الغسل ، ولو وجد الماء اغتسل ولم يجزئ الوضوء ، ولا يعيد ما صلّى به مطلقا.
وينقضه الحدثان ، والتمكّن (1) من استعمال الماء قبل الدخول في الصلاة (2) فإن عدمه استأنف ، ولو وجده في الأثناء استمرّ مطلقا ، ولا يجب العدول إلى النفل.
ولو فقده قبل الفراغ أو بعده قبل التمكّن من استعماله لم ينتقض.
ولو وجده بعد الصلاة على الميّت ، وجب تغسيله وإعادة الصلاة إن كان قبل الدفن ، وإلّا فلا إلّا ان يقلع.
ولو تعذّر نزع الجبيرة مسح عليها ، ولو زال العذر أعاد.
ويختصّ الجنب بالماء المباح والمبذول دون الميّت والمحدث.
ويجوز التيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة ندبا.
ص: 74
البحث الثالث (1)
وهي أربعة :
الأوّل : النجاسات عشرة : البول والغائط من ذي النفس السائلة غير المأكول ، وإن عرض التحريم كالوطء أو الجلل ، ويكره بول البغال ، والحمير ، والدّوابّ ، وأرواثها وذرق الدّجاج ، وما كره لحمه.
والمنيّ من ذي النفس وإن أكل لحمه.
والدم منه إلّا المتخلّف في الذبيحة ، (2) والعلقة نجسة ، والمجهول والمشتبه بالطاهر طاهر.
والميتة من ذي النفس مطلقا وأجزاؤها إلّا ما لا تحلّه الحياة إلّا من نجس العين.
ومنها ما أبين من حيّ ممّا تحلّه الحياة إلّا المسك والفأرة.
والكلب والخنزير وأجزاؤها إلّا كلب الماء ، والمتولّد من المحلّل وأحدهما يتبع الاسم.
ص: 75
والكافر أصليّا ومرتدّا وإن انتهى إلى الإسلام ، كالخوارج ، والغلاة ، والنواصب.
وفي القدريّة ، والمجسّمة ، قولان.
والخمر ، والمسكر والفقّاع ، وفي حكمه العصير إذا غلا واشتدّ ، ومنه المستحيل في العنب.
وما عدا ذلك طاهر حتّى تعرض له النّجاسة.
ويكره عرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلّالة ، والمسوخ ، والفأرة ، والوزغة ، والثعلب ، والأرنب.
والرّواية (1) بنجاسة لبن البنت متروكة.
الثاني : يجب إزالتها عن الثوب والبدن للصّلاة ، والطّواف ، ودخول المساجد ، وعن المساجد ، والمصحف ، واسم اللّه ، واسم أنبيائه ، والأئمّة عليهم السلام ، وعن قبورهم ، وعن المأكول ، والمشروب ، فيعيد من صلّى مع نجاسة ثوبه أو بدنه عالما عامدا مختارا في الوقت وخارجه ، وكذا جاهل الحكم والناسي على الأقوى.
وجاهل النجاسة لا يعيد مطلقا ، ولو علم في الأثناء أزالها وأتمّ إلّا أن يفتقر
ص: 76
إلى فعل كثير واستدبار ، فتبطل ، ولا يعيد الشاكّ في سبقها على الصّلاة ، ولو لم يجد غير النجس ، صلّى عاريا ، فإن اضطرّ صلّى فيه ، ولا إعادة.
ولو اشتبه بطاهر وفقد غيرهما ، صلّى فيهما مرّتين ، ولا يشترط ضيق الوقت ولا تعذّر غسله ، ولو عدم أحدهما صلّى في الباقي وعاريا.
ولو تعدّد النجس فإن علم عدده زاد عليه واحدا ، وإلّا صلّى في الجميع ، ولو ضاق الوقت صلّى عاريا ، وقيل : ما يحتمله [ الوقت ] (1).
ويعيدها حامل النجاسة وإن ضبط وعاها (2) لا حامل الحيوان المحرّم ، ولا الحبل المتّصل بالكلب وإن تحرّك بحركته.
ولو احتبس تحت جلده دم وجب نزعه ما لم يتضرّر ، وكذا لو جبّر بعظم نجس ، لكن لا يصلي في المسجد ، ولا يلحق بالبواطن ، لأنّه غريب ، ولا كذا لو شرب نجسا أو مغصوبا.
وعفي عمّا نقص عن سعة الدّرهم البغليّ (3) من الدّم ، إلّا الدماء الثلاثة ، فإن مازجه مائع زال العفو وإن استهلكه الدّم ، ولو لاقاه نجاسة زال العفو ، لأنّ المحلّ النجس يقبل النجاسة ، ولهذا لو لاقى الخمر نجاسة لم يطهر بالانقلاب.
ص: 77
ولا فرق بين نجس العين وغيره ، وبجمع المتفرّق في الثياب وما في الثوب والبدن ، وعن دم القروح والجروح الجارية ، وعن نجاسة ما لا تتمّ الصلاة فيه منفردا من الملابس وإن غلظت ، إذا كانت في محالّها ولم تتعدد في غير المسجد ، وعن نجاسة ثوب المربّية للصّبي إذا غسلته في اليوم والليلة مرّة ، وكذا المربي للصّبية ، وعمّا يتعذّر طهارته ، ومنه ثوب المربية في الشّتاء.
وهي اثنا عشر :
الماء ، وتطهّر الشمس الأرض والبواري والحصر والأبنية ممّا لا ينقل إذا جفّ.
والأرض باطن النّعل والقدم إذا زالت العين ولو بالمعك.
ومنه التراب في الولوغ ، والأحجار في الاستنجاء.
والنار ما أحالته رمادا أو دخانا أو خزفا أو آجرا.
والاستحالة في العذرة تصير ترابا ، والنطفة والعلقة حيوانا ، والكلب ملحا ، والميتة دودا ، والغذاء النجس سرجينا ، والانتقال في الدم إلى القراد (1) وشبهه.
والنقص في البئر والعصير.
واستبراء الحيوان ، وغيبته مع زوال العين.
ص: 78
وانقلاب الخمر والعصير خلًّا.
وإسلام الكافر.
وزوال العين في البواطن ، ولا تطهّر الذّنوب (1) الأرض ولا المسح الصّقيل (2) ولا الدباغ الميّت ولا الفرك.
يجب إزالة العين في العينيّة لا اللون العسر [ الإزالة ] ولا عبرة بالرائحة ، ويستحبّ صبغ الثوب من الحيض بالمشق ، (3) ويغسل من غيرها مرّة ، ومن البول مرّتين ، وإن كان يابسا.
ويجب عصر الثوب في غير الجاري والكرّ (4) ويكفي في بول الرّضيع صبّ الماء وان تغذّى بالطعام ، وكذا الحشايا والبسط والجلود والقرطاس إذا غمرها. (5)
ولو جهل موضع النجاسة غسل المشتبه بها ، ولو لاقت النجاسة الرطبة
ص: 79
شيئا وجب غسله ، بخلاف اليابسة إلّا الميت.
ويستحبّ رشّ الثوب بالماء ومسح اليدين بالأرض إذا لاقاهما الكلب.
ويشترط في التطهير ورود الماء على المحل دفعة أو دفعات ، وانفصاله عنه ، فلا يطهر شي ء من المائعات إلّا الماء النجس بالكرّ.
ويجب غسل الآنية لاستعمالها من ولوغ الكلب ثلاثا ، أولاهنّ بتراب طاهر وإن تكرّر ، فلا يجزئ الممزوج بالماء وغيره إذا خرج عن الاسم ولا التراب النجس وإن كان بالكلب ، ولو فقد التراب فبالأشنان وشبهه ، ولو فقد ففي إجزاء الماء توقّف ، ومن ولوغ الخنزير سبعا بالماء ، ومن الخمر والجرذ ثلاثا ، ويستحبّ سبعا ومن باقي النجاسات مرّة ، ويستحبّ ثلاثا.
ويطهر إناء الخمر وإن كان خشبا أو قرعا أو خزفا غير مغضور (1) فيصبّ الماء في الإناء ويديره ثمّ يهرقه ، ولا يجب إملاؤه ولا يجزئ فيضانه.
وتسقط الغسلات المائيّة في الجاري والكرّ.
وأواني المشركين طاهرة وإن كانت مستعملة ما لم يعلم نجاستها.
يحرم اتّخاذ أواني الذّهب والفضّة واستعمالها في أكل أو شرب وغيره حتّى المكحلة ومفرقة الاذن دون الميل ، ويكره المفضّض والمذهّب ، ويجب اجتناب موضعهما إن أمكن.
ص: 80
ويجوز تحلية السّيف والمصحف بهما ، واتّخاذها من الجواهر وإن غلت.
ويشترط في الجلد طهارة أصله والتذكية.
ويستحبّ دبغ ما لا يؤكل لحمه ، وفي العظم طهارة أصله ، وأن لا يكون من آدميّ.
ولا تطهر الميتة بالدبغ.
* * *
ص: 81
ص: 82
وهي قسمان :
ص: 83
ص: 84
وهي سبعة :
اليوميّة ، والجمعة ، والعيدان ، والآيات ، والطواف ، والأموات ، والملتزم بنذر وشبهه.
فهنا فصول :
[ الفصل ] الأوّل : اليوميّة واجبة بالكتاب والسنّة والإجماع ، فمستحلّ تركها كافر ، وتركها كبيرة موبقة ، وإذا ردّت ردّ سائر عمله ، لأنّها أخت الإيمان (1) ووجوبها على الأعيان.
وتجب على البالغ العاقل الخالي من حيض أو نفاس ، وعلى الكافر ولا تصحّ منه.
فلا تجب على الصّبي والمجنون والمغمى عليه ، ولو جنّ أدوارا فإن أفاق بقدرها وجبت ، وإلّا فلا.
ومقاصدها ثلاثة :
ص: 85
وهي سبع (1) :
وهي خمس ، وركعاتها سبعة عشرة ركعة ، الظّهر أربع في الحضر ، وفي السّفر اثنتان ، وكذا العصر والعشاء ، والمغرب ثلاث ، والصّبح اثنتان فيهما.
ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة ، ثمان قبل الظهر وكذا قبل العصر ، وأربع بعد المغرب ، وركعتان من جلوس ، تعدّان بركعة ، وهي الوتيرة ، وثمان للّيل بعد نصفه ، ثمّ الشفع ، ثمّ الوتر ، وركعتان للفجر قبل صلاة الصّبح.
وتسقط في السفر نافلة الظهرين والوتيرة.
وكلّ النوافل ركعتان بتشهّد وتسليم ، إلّا الوتر وصلاة الأعرابي (2) وتصحّ من جلوس ، والأفضل احتساب ركعتين بركعة ، ولا يجوز الاضطجاع.
ص: 86
وفيه بحثان :
أمّا الفرائض فوقت الظهر والعصر من زوال الشمس إلى غروبها ، ويختصّ الظّهر من أوّله بمقدارها ، وكذا العصر من آخره ، وما بينهما مشترك ، والظّهر مقدّم.
ووقت المغرب والعشاء من الغروب إلى نصف الليل ، ويختصّ المغرب من أوّله بمقدارها ، والعشاء من آخره كذلك ، وما بينهما مشترك ، والمغرب مقدّم (1) ويقدّر المختصّ بالمجزئ.
ووقت الصبح من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.
ويعلم الزّوال بزيادة الظلّ أو بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن للمستقبل العراقي (2) ، والغروب بذهاب الحمرة المشرقيّة ، والفجر بظهور الضّوء المعترض في المشرق.
والوقت موسّع ، فلو أخّر الصلاة عن أوّل وقتها بظنّ الحياة جاز ، فلو مات فجأة لم يعص (3) ، ولو ظنّ الموت عصى بالتأخير ، ولو عاش فالأداء
ص: 87
باق ، وقيل : مضيّق فلو أخّر المختار عصى ويعفى عنه ويكون مؤدّيا (1) وقيل : قاضيا. (2)
ويستحبّ إيقاعها في أوّل الوقت ، وهو للظّهر من الزّوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شي ء مثله ، والمماثلة بين الظل الأوّل والزائد ، وللعصر من الفراغ من الظهر إلى أن يصير ظلّ كلّ شي ء مثليه ، وللمغرب من الغروب إلى ذهاب الشفق ( في جانب المغرب ) (3) وللعشاء إلى ثلث الليل ، وللصّبح من طلوع الفجر إلى ظهور الحمرة المشرقيّة.
وقد يستحبّ التأخير لطالب كمال الطهارة أو الصّلاة ، وفضيلة المسجد ، أو الجماعة ، وللصّائم إذا نازعته نفسه للإفطار ، أو كان له منتظر.
وللمفيض من عرفات تأخير العشاءين إلى المزدلفة ولو بربع الليل.
وللمتنفّل تأخير الظهرين والصبح ، وللمستحاضة تأخير الظهر والمغرب ، ويستحب تأخير العشاء حتّى يذهب الشفق.
وأمّا النوافل فوقت نافلة الظّهر من الزوال حتّى يصير الفي ء على قدمين ، وللعصر أربع (4) أقدام ، وللمغرب حتّى يذهب الشفق ، والوتيرة وقت العشاء ، ويستحبّ جعلها خاتمة نوافله ، ولصلاة اللّيل من انتصافه إلى الفجر ، وآخره أفضل ، ولنافلة الصّبح من طلوع الفجر الأوّل إلى ظهور الحمرة المشرقيّة ،
ص: 88
ويجوز التقديم على الفجر ، وتستحبّ الإعادة بعده ورخّص في نافلة الظّهر إذا أدرك ركعة أن يزاحم بالباقي ، فينوي الأداء وكذا في نافلة العصر ، وفي نافلة الليل إذا تلبس بأربع.
ولا يقدّم النافلة على وقتها إلّا نافلة الظهرين يوم الجمعة ، وصلاة الليل للمسافر والشاب ، والقضاء أفضل ، ويقضي في كلّ وقت ما لم يدخل وقت فريضة.
ويستحبّ التعجيل فيقضي نافلة النهار ليلا وبالعكس ، ويكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها [ نصف النّهار ] وبعد الصّبح والعصر إلّا ذات السبب وإن كان اختيارا.
يحرم (1) تقديم الصلاة على الوقت وتأخيرها عنه ، فيجب القضاء في كلّ وقت ما لم تتضيّق الحاضرة ، ولو ظنّ الخروج صارت قضاء ، فإن كذب ظنّه فالأداء باق ، فيعدل في الأثناء ، ويعيد بعده ، ويعوّل على العلم ثمّ الظّنّ ، ولو كذب ظنّه فإن دخل الوقت بعد الفراغ ، أعاد وفي الأثناء يبني ، ولو عدم العلم والظّنّ اجتهد ، فإن طابق فعله الوقت أو تأخّر أو دخل قبل فراغه صحّ ، وإلّا أعاد.
ويقلد الأعمى والعاجز عن الاجتهاد.
ص: 89
ولو تجدّد الحيض أو الجنون أو الإغماء ، فإن مضى زمان الطهارة والصلاة ، وجب القضاء ، وإلّا فلا.
ولو زال المانع وقد بقي مقدار الطهارة وركعة ، صلّى ويكون مؤدّيا للجميع ، ولو أهمل قضى ، وكذا لو فرّط المكلّف ، أو بلغ الصبيّ.
ولو بلغ في الأثناء بغير المبطل ، استأنف إن اتّسع الوقت للطهارة وركعة ، وإلّا أتمّ ندبا ، ولو بقى للغروب مقدار أربع اختصّ به العصر.
ولو بقى مقدار خمس ، وجب الفرضان ، ولا تجب هنا السورة ، فلو أدرك بها أربعا وبدونها خمسا ، سقطت.
ولو أدرك خمسا قبل الانتصاف ، وجب الفرضان.
ولو أدرك أربعا ، فالعشاء خاصّة.
ولو صلّى العصر قبل الظهر عامدا أعاد وإن دخل المشترك قبل الفراغ ، ولو كان ناسيا ، فإن ذكر في الأثناء عدل بنيّته ، وإلّا فإن وقعت في المشترك أو دخل في الأثناء صحّت وإلّا أعادها بعد الظّهر.
ولو صلّى العشاء في المختصّ بالمغرب عامدا بطلت ، وناسيا يصحّ ، لإدراك المشترك بركعة ، ولو ذكر في الأثناء عدل إن أمكن ، وإلّا أتمّ ، ثمّ يأتي بالمغرب.
ص: 90
وفيها مباحث :
[ البحث ] الأوّل : القبلة : الكعبة للمشاهد ومن بحكمه ، والجهة للغائب وإن طال الصفّ ، وليست هي البنية ، فلو (1) زالت - والعياذ باللّه - توجّه إلى جهة مقاديرها ، وكذا المصلّي على الأعلى منها ، أو إلى بابها ، وفي وجوب اتّحاد جهة الإمام والمأموم توقّف ، فلو استداروا حولها أمكن الصحة بشرط أن لا يكون المأموم أقرب إليها من الإمام.
ولو صلّى داخلها استقبل أحد جدرانها ، وفوقها يبرز منها قليلا ، ولا يجب نصب شي ء ، ومحراب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يفيد العلم بجهتها.
وأهل الدنيا يتوجّهون إلى أركانها ، فلأهل العراق ومن والاهم ركن الحجر ، وعلامتهم : جعل الفجر يوم الاعتدال على المنكب الأيسر ، والمغرب على الأيمن ، والجدي خلف الأيمن ، وعين الشمس عند الزّوال على طرف الحاجب الأيمن ممّا يلي الأنف.
ولأهل الشام الشاميّ ، وعلامتهم : جعل بنات نعش عند مغيبها خلف الأذن اليمنى ، والجدي عند طلوعه خلف الكتف الأيسر ، وطلوع سهيل بين العينين ومغيبه على العين اليمنى والصّبا على الخدّ الأيسر ، والشمال على الكتف الأيمن.
ص: 91
ولأهل المغرب المغربي ، وعلامتهم : جعل الثريا عند طلوعها على اليمين والعيّوق على اليسار ، والجدي على الخدّ الأيسر.
ولأهل اليمن اليماني ، وعلامتهم : جعل الجدي عند طلوعه بين العينين ، وسهيل عند مغيبه بين الكتفين ، والجنوب على مرجع الكتف اليمنى.
ومهبّ الصّبا بين الجدي والمشرق ، والدّبور يقابله.
ومهبّ الشّمال بين الجدي والمغرب ، والجنوب يقابله. (1)
البحث الثاني : فيما يستقبل له ، وهو فرائض الصّلاة ، (2) والذبح ، والميّت عند احتضاره ، والصّلاة عليه ، ودفنه ، ويسقط مع العذر كصلاة المطاردة ، وذبح المتردية ، والصائلة ، ويستحبّ في النافلة ، وفي الدعاء ، وفي جميع الأحوال ، إلّا في القضاء.
ولا تصلّى الفريضة على الراحلة اختيارا وإن كانت معقولة ، ولو
ص: 92
اضطرّ توجّه إليها إن أمكن ، وإلّا فالممكن ولو بالتكبير ، وإلّا سقط.
ولو دارت السفينة استدار.
وتصلّى النافلة على الراحلة اختيارا سفرا وحضرا.
البحث الثالث : في المستقبل ، من وجد العلم بالجهة عوّل عليه فالعلامات (1) ، فالاجتهاد ، فالتقليد للعدل العارف وإن كان عبدا أو امرأة ، ولو تعذّر قلّد الكافر أو الفاسق إن أفاد الظّنّ.
ولو تعارض قول العدل وغيره عمل بأقوى الظنّين ، ويقلّد المخبر عن علم دون المخبر عن اجتهاد.
والقادر على الاجتهاد يقلّد المخبر عن علم ، والأعمى يقلّد ولا يرجع إلى رأيه إلّا لأمارة ، ولو أبصر في الأثناء استمرّ إن كان عاميّا وإلّا اجتهد إن لم يفتقر إلى فعل كثير ثمّ إن وافق أو كان الانحراف يسيرا استقام وأتمّ ، وإلّا أعاد.
ولو عمي (2) في الأثناء استمرّ على حاله ، ويعوّل على قبلة البلد إلّا مع علم الخطأ ، وهل يقدّم (3) على التقليد؟ احتمال ، ولو ترك الاجتهاد مع القدرة عليه أعاد.
وفاقد العلم والظّنّ يصلّي إلى الجهات الأربع أربعا ، ولو تعذّر البعض أو ضاق الوقت ، صلّى إلى ما يحتمله ، وسقط الباقي.
ص: 93
[ الفرع ] الأوّل : لو فرّط قضى ما بقي من الجهات إن استمر الاشتباه ، ولو زال فإن وافق فعله القبلة ، سقط الباقي ، وإلّا قضى إليها.
[ الفرع ] الثّاني : لو بقى من الوقت ما يسع الثمان صلّى الظّهر والعصر ، ولو وسع أكثر اختصت الظّهر بالتكرار إلّا أن يبقى للعصر شي ء.
[ الفرع ] الثّالث : لا يجتهد ثانيا للثّانية إلّا أن يشكّ في الأوّل ، فلا يعيد الأولى ، ولو شكّ في الأثناء اجتهد ، فإن وافق صحّ ، وإلّا فإن كان الانحراف يسيرا استقام وأتمّ وإلّا أعاد.
هذا إذا لم يفتقر إلى زمان طويل أو فعل كثير ، وإلّا بطلت.
[ الفرع ] الرّابع : لو تبيّن الخطأ في الأثناء ، فإن عرف القبلة وكان الانحراف يسيرا ، استدار وأتمّ ، وإلّا أعاد ، ولو غمت عليه بطلت صلاته.
ولو تبيّن بعد الفراغ ، فالمنحرف يسيرا لا يعيد مطلقا ، والمستدير يعيد مطلقا ، والمشرّق أو المغرّب يعيد في الوقت.
[ الفرع ] الخامس : لا يأتمّ بمن يخالف اجتهاده ، ولا يتمّ به عدد جمعته ، وتحلّ له ذبيحته ، ويعتدّ بصلاته على الميت.
ص: 94
وفيه فصلان :
وهو ما يتّخذ من النّبات (1) وجلد المأكول المذكّى ، وعظمه ، وصوفه ، وشعره ، ووبره ، وريشه ، وإن كان من الميتة ، ويغسل المتّصل بها.
ولا تجوز الصّلاة في جلد الميتة وإن دبغ ، وفي حكمه المطروح ، والمأخوذ من الكافر أو مستحلّ الميتة بالدبغ بخلاف المأخوذ من مسلم أو من سوق المسلمين ، ويقبل قول المستحلّ في التذكية.
ولا في جلد غير المأكول وإن لم تتمّ فيه الصلاة وإن ذكّي ودبغ ، ولا في شي ء منه إلّا وبر الخزّ والسنجاب.
ويجوز لبسه في غير الصلاة إذا ذكّي ، ويستحبّ دبغه.
ولا في الذهب والحرير المحض للرجال والخناثى ، ويجوز للضرورة وفي الحرب وللنساء إلّا في الحداد ، ولو لم يجد سواه صلّى عاريا ، والنّجس أولى منه.
ويحرم أيضا القلنسوة وشبهها ويجوز افتراشه ، وركوبه ، والصلاة عليه ، والكفن.
وفي الفرو توقّف ، ويصحّ في الممتزج وغيره وإن قلّ ، ولا اعتبار بصدق
ص: 95
اسم الحرير عليه مع تحقّق المزج ، ولا فيما لا يعلم أنّه من جنس ما يصلّى فيه ، ولا فيما يستر ظهر القدم [ كالشمشك ] إلّا ما له ساق [ كالخفّ والجرموق ] ، ولا في الحاكي ما تحته ، ولا في ثقيل يمنع من أحد الواجبات إلّا لضرورة.
ويشترط طهارته وإباحته ، فتبطل في المغصوب عالما أو جاهلا لا باستصحابه ، وفي الناسي توقّف.
ولو أذن المالك للغاصب أو لغيره صحّت ، ولو أطلق لم يدخل الغاصب.
وتستحبّ في النعل العربيّة ، والقطن الأبيض وتعدّد الثياب.
وتكره في الثياب السود عدا العمامة والخفّ ، والقباء المشدود إلّا في الحرب ، وثوب المتّهم ، والملبوس تحت وبر الأرانب والثّعالب وفوقه ، وفي الواحد ، واشتمال الصّمّاء ، واللّثام ، والنقاب ، والخلخال المصوّت ، وما فيه تماثيل ، وخاتم فيه صورة ، وترك الحنك والرداء ، وان يأتزر فوق القميص ، وأن يصحب حديدا ظاهرا.
وهو القبل والدبر للرّجل وجميع البدن للمرأة إلّا الوجه والكفّين والقدمين ، ورخّص للأمة والصبيّة كشف الرأس ، فلو أعتقت في الأثناء وعلمت استترت ، ولو استلزم المنافي استأنفت مع السّعة.
ولو بلغت الصبيّة في الأثناء ، فإن اتّسع الوقت استأنفت وإلّا فلا ، والخنثى كالمرأة والمعتق بعضها كالحرّة.
ويجب ستر العورة في الصّلاة مطلقا ، وفي غيرها مع الناظر ، فلو أخلّ
ص: 96
به عمدا مع القدرة بطلت وفي الناسي توقّف ، ولو انكشفت العورة بغير فعله لم تبطل.
وتجب المبادرة إلى السّتر ، ولو فقد السّاتر اجتزأ بورق الشجر أو الطّين ولو فقد [ الجميع ] (1) صلّى عاريا قائما موميا مع أمن المطّلع ، وإلّا قاعدا موميا ، ويختصّ القبل لو وجد ما يستر أحدهما ولا يجب الستر من أسفل ، ويجمع الثوب على الخرق بيده ، ولو وضعها عليه لم يجز.
ويستحب لمن ستر العورة وعدم الثوب أن يضع على عاتقه شيئا ولو خيطا ، وأن يستر ما بين السرّة والرّكبة ، وستر جميع البدن أفضل ، وهو مع الرّداء والحنك أكمل.
ولا يشترط الستر في صلاة الجنائز ، فيصحّ مع الناظر.
وشرطه الملك أو الإذن بعوض أو بغيره صريحا ، ك- « صلّ فيه » أو فحوى مثل « كن فيه » أو بشاهد الحال ، كالصّلاة في الصحراء أو الخربة إلّا أن يكره المالك ، فلا تصحّ في المغصوب مع العلم والاختيار ، وفي الناسي توقّف.
ولو أذن المالك صحّت صلاة المأذون ، ولو أطلق أبيح لغير الغاصب ، ولا يزول الغصب بالإذن ، ولو أمره بالخروج مع الصريح قبل التلبّس امتثل مع سعة الوقت وإلّا خرج مصلّيا ، وفي الأثناء لا يلتفت مطلقا ، ومع الفحوى وشاهد
ص: 97
الحال قبل التلبّس كالصريح ، وفي الأثناء تبطل إن اتّسع الوقت ، وإلّا خرج مصلّيا ، وكذا لو علم بالغصب والغاصب يبادر الخروج وإن فاتت الصلاة.
وتشترط طهارته من نجاسة تتعدّى إلى بدنه أو ثوبه أو إلى ما يتّصل به ، وطهارة موضع الجبهة مطلقا ، وعدم صلاة امرأة إلى جانبه أو قدّامه على قول ، (1) سواء كانت الصلاة واجبة أو مندوبة ، والمرأة محرما أو أجنبيّة ، منفردة أو لا ، ولا فرق بين الاقتران وعدمه.
ويزول المنع بالحائل ، أو التأخّر ، أو بعد عشرة أذرع ، ولو لم يمكن التباعد ، فإن كان المكان لهما أو لغيرهما ، وضاق (2) الوقت لهما ، أقرع ، وإن اتّسع لهما ، استحبّ تقديم الرجل ، وإن ضاق لأحدهما كالتمام والقصر ، قدّم المقصّر ، وإن كان لأحدهما اختصّ به.
وتكره الفريضة في الكعبة وعلى سطحها ، دون النافلة ، وفي البيداء ، ووادي ضجنان ، والشقرة ، وذات الصلاصل ، (3) وبين المقابر ، إلّا مع الحائل
ص: 98
ولو عنزة (1) أو بعد عشرة أذرع ، وفي الحمّام ، وليس المسلخ منه ، وبيوت النّيران والغائط والخمر ، وبيت المجوسي دون أخويه (2) ومعاطن الإبل ، وقرى النمل ، ومرابط الخيل والبغال والحمير ، دون مرابض الغنم ، وجوادّ (3) الطرق ، ومجرى الماء ، و [ أرض ] السّبخة ، والثلج ، وإلى إنسان مواجه ، أو نار مضرمة ، أو تصاوير ، أو حائط ينزّ (4) من بالوعة البول ، أو مصحف أو باب مفتوحين ، ولا بأس بالبيّع والكنائس.
اتّخاذ المساجد سنّة مؤكّدة ، وكذا قصدها ، والمشي إليها ، والصّلاة فيها ، فالمفروضة في المسجد الحرام بمائة ألف ، ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بعشرة آلاف ، وفي
ص: 99
جامع الكوفة والأقصى بألف وفي مسجد الجامع بمائة ، و [ في ] مسجد القبيلة بخمس وعشرين ، و [ في ] مسجد السوق باثني عشرة ، وفي البيت واحدة.
ويكره فيه لجار المسجد ، وتستحبّ النافلة في البيت ، وتكره في المسجد ، خصوصا نافلة الليل.
ويستحبّ كشفها ، والمنارة مع حائطها ، والميضاة على بابها ، ورمّها ، والإسراج فيها ، وكشفها ، والاختلاف إليها ، وتقديم اليمنى داخلا واليسرى خارجا ، والدّعاء ، وتعاهد النعل ، وصلاة التحية ، وتعظيمها.
ويكره الوضوء فيها من البول والغائط ، وتظليلها والشرف ، وتعليتها ، وجعل المنارة والميضاة في وسطها ، وتعميق المحاريب ، والبصاق والتنخم فيستره بالتّراب ، وقصع (1) القمل ، فيدفنه ، والنّوم ، وعمل الصنائع ، وكشف العورة ، وخذف الحصا (2) ، والبيع والشراء ، وتمكين الصبيان والمجانين ، وإنفاذ الأحكام ، وإقامة الحدود ، وتعريف الضوال ، وسلّ السيف ، وإنشاد الشعر ، وفي إيراده توقّف ، ورفع الصوت ، وجعلها طريقا ، وأن يكون في فيه رائحة الثوم أو البصل.
وتحرم زخرفتها ونقشها بالصور ، وبيع آلتها ، واتّخاذ شي ء منها في طريق أو ملك ، وإن خربت وباد أهلها فيعاد ، وإدخال النجاسة إليها مطلقا وإزالتها فيها ، والدفن فيها.
ويجوز بناؤها على بئر الغائط ، ونقض المستهدمة ، واستعمال آلته في غيره.
ص: 100
ويحرم هدم البيع والكنائس العادية ، واتّخاذ شي ء منها في طريق أو ملك وإن خربت وباد أهلها ، ويجوز جعلها مساجد ، واستعمال آلتها في المساجد إلّا أن يريد أهلها إعادتها ، والمسجد المتّخذ في المنزل يجوز تغييره والتصرف فيه ، ولا يثبت له حرمة المسجد إلّا أن يوقّف.
إنّما يصحّ على الأرض أو النبات غير المأكول والملبوس عادة ، فلا يجوز على ما ليس بأرض كالجلد ، والصوف ، ولا ما استحال منها كالمعدن ، ولا المطعوم والملبوس ولو بالقوّة كالحنطة والقطن ، ولو اضطرّ إلى ذلك جاز ، ويجوز على القرطاس المتخذ من النبات لا الممنوع منه (1) كالقطن والكتّان ، ويكره المكتوب.
وتشترط طهارته ، والملك أو حكمه ، وتمكين الجبهة ، فلا يصحّ على النجس وإن لم يتعد ، ولا على المغصوب والمشتبه بهما ، ولا يعذر الجاهل ، وفي الناسي توقّف ، ولا على الرّمل المنهال والوحل ، ولو اضطرّ أومأ ، ولا على يده إلّا مع الحرّ وعدم الثوب.
ومع عدم الأرض ونباتها يسجد على الثلج والقير وغيرهما.
وجاهل النجاسة في الموضع المحصور يجتنب الجميع (2) بخلاف المتّسع.
ص: 101
ويشترط في باقي المساجد عدم الغصب والنجاسة المتعدّية ، عينيّة كانت أو حكميّة ، والواجب وضع مسمّاها ولو لم تقع الجبهة على المشترط دسّه تحتها.
وفيه أبحاث :
وهي اليوميّة أداء وقضاء للمنفرد والجامع والرجل والمرأة لكن تسرّ به ، ويتأكّد في الجهريّة وآكده الصّبح والمغرب ، ولا يؤذّن للنوافل ولا لباقي الفرائض ، بل يقول المؤذن : « الصّلاة » ثلاثا.
ويكره أذان عصر يوم الجمعة والعصر في عرفة والعشاء في مزدلفة.
والقاضي كالمؤدّي ولو أذّن لأوّل ورده وأقام للبواقي كان أدون فضلا.
وأوجبه الشيخ (1) في الجماعة لتحصيل فضيلتها ، ويعتدّ فيها بأذان المنفرد لنفسه لو أراد الجماعة ، والأولى أنّه لتمام الفضيلة.
ص: 102
وهو المسلم العاقل الذّكر ، ويؤذّن العبد والصبيّ المميّز ، والمرأة للنّساء وللمحارم.
ويستحبّ كونه عدلا ، صيّتا ، بصيرا بالأوقات ، متطهّرا ، قائما على مرتفع.
ولو تعدّدوا ترتّبوا مع الاتّساع ، وإلّا اجتمعوا.
ويكره التراسل ، ومع التشاحّ يقدّم الأكمل ، ثمّ القرعة.
وتحرم الأجرة ، ويجوز الرزق من بيت المال.
ويكره الالتفات يمينا وشمالا.
وهو التكبير أربعا ، ثمّ الشهادة بالتوحيد ، ثمّ بالرسالة ، ثمّ « حيّ على الصّلاة » ثمّ « حيّ على الفلاح » ثمّ « حيّ على خير العمل » ثمّ التكبير ، ثمّ التهليل مثنى مثنى.
والإقامة كلّها مثنى إلّا التهليل في آخرها ، فانّه وتر ، وزاد « قد قامت الصلاة » مرّتين بعد « حيّ على خير العمل ».
ويشترط الترتيب فيهما ، ويستحبّ الوقف على الفصول فيهما ، والتأنّي في الأذان والحدر في الإقامة ، ورفع الصوت ، ويتأكّد في الإقامة ، والفصل بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة أو خطوة أو سكتة وفي المغرب بخطوة أو سكتة أو تسبيحة.
ويكره الكلام في خلالهما ، والسكوت الطويل ، والترجيع لغير الإشعار.
ويحرم التثويب.
ص: 103
لا يصحّ قبل الوقت ، ورخّص في الصبح ، وتستحبّ إعادته بعده ، ولو صلّى خلف من لا يقتدي به أذّن لنفسه وأقام ، فإن خشي الفوات اجتزأ بتكبيرتين و « قد قامت الصّلاة ».
والناسي يرجع ما لم يركع دون العامد ، ويستحبّ حكايته ، والتلفّظ بالمتروك.
ويكره الكلام بعد « قد قامت الصلاة » إلّا بما يتعلّق بالصلاة.
ولو أحدث في الصّلاة أعادها دونهما إلّا أن يتكلم ، فيعيد الإقامة ، ولو ارتدّ بعده اعتدّ به ، وفي الأثناء يستأنفه.
ولو أحدث في أحدهما تطهّر وبنى ، وتستحبّ إعادة الإقامة ، ولو نام خلالهما أو أغمي عليه ، جاز البناء ، والأفضل الاستيناف.
ومن المقدّمات التوجّه بسبع تكبيرات في سبع مواضع ، عند أوّل كلّ فريضة ، وأوّل ركعة من نافلة الزّوال ، وأوّل ركعة من نافلة المغرب ، وأوّل ركعتي الوتيرة ، وأوّل ركعة من صلاة اللّيل ، وقبل الوتر ، وأوّل ركعتي الإحرام.
وهل يصحّ التوجّه بها لو صارت الفريضة نافلة كالمعيد صلاته للجماعة وصلاة العيد مع اختلال الشرائط؟ فيه توقّف.
وكيفيّة التوجّه بها : أن يكبّر ثلاثا ، رافعا بها يديه إلى أذنيه ، ثمّ يدعو ، ثمّ يكبّر مرّتين كذلك ، ثمّ يدعو ، ثمّ يكبّر مرّتين ، ثمّ يتوجّه ويجعل تكبيرة الإحرام أحدها.
ص: 104
ويجب أمام فعلها العلم بأفعالها إمّا بالدّليل أو بالتقليد لأهله.
وأفعالها واجبة ومندوبة.
وهو في جميع الصلاة ركن ، وحدّه الانتصاب مستقلّا (1) مع القدرة ، ( وإطراق الرأس جائز ، ولا يكفي الاعتماد على أحد الرّجلين مع القدرة ) (2) فإن عجز اعتمد أو استند (3) في البعض أو الكلّ ، ثمّ يقعد كذلك ، ويجوز القعود للخوف.
ولو قدر على القيام للركوع وجب ، ولو عجز عن القعود استند ، وإن تعذّر
ص: 105
اضطجع في الكلّ أو البعض ، ثمّ يستلقي كذلك ، ويومي في الحالين عن الركوع والسجود ، ويتصوّر الأفعال ويتلفّظ بالأذكار ، فإن عجز تصوّرها ولو تجدّد العجز أو القدرة انتقل إلى الممكن ، ويقرأ هاويا ، ويسكت قائما ، ولو خفّ (1) بعد القراءة قام للركوع ، وفي أثنائه قبل الطمأنينة يقوم راكعا ثمّ ينتصب قائما ، وبعدها يقوم للانتصاب من الركوع.
ولو خفّ بعد الانتصاب منه قام لطمأنينة ، ولو خفّ بعدها قام للهويّ إلى السجود.
ولو عجز في الركوع ، قعد راكعا وانتصب قاعدا.
ويستحبّ وضع اليدين على مقدّم فخذيه ، ونظره إلى مسجده.
ويكره أن ينظر إلى السّماء ، وأن يجعل بين رجليه أكثر من شبر.
ويستحبّ للقاعد التربيع قارئا ، وثني رجليه راكعا ، والتورّك متشهّدا ، والقيام في النافلة ، فيجوز قاعدا ، والأفضل احتساب ركعتين بركعة ، ولا يجوز الاضطجاع والاستلقاء.
وهي ركن ، ومحلّها القلب ، وحقيقتها استحضار ذات الصّلاة إجمالا ، والقصد بها إلى صلاة معيّنة لوجوبه أو ندبه ، أداء وقضاء قربة إلى اللّه.
وتجب مقارنة آخرها لأوّل التكبير ، واستدامة حكمها إلى الفراغ ، دون
ص: 106
التّعرض لعدد الركعات والتّمام والقصر وإن تخيّر ، والإمامة إلّا في الجمعة والعيدين.
فلو نوى غير الواقع من الوجوب والأداء ، أو مقابلهما ، أو الخروج أو التردّد (1) فيه ، أو أنّه سيخرج ، أو علّقه بأمر ممكن ، أو نوى الرياء بها أو ببعضها ، وإن كان [ ذكرا ] مندوبا ، أو نوى به غير الصلاة ، بطلت ، لا بنيّة فعل المنافي ، ولا بغروب النية ، ولا بالزيادة على الواجب من الهيئات لزيادة الطمأنينة إلّا مع الكثرة أو نيّة الرياء.
ولو شكّ في إيقاع النيّة بعد انتقاله لم يلتفت ، وفي الأثناء يستأنف.
ولو شكّ فيما نواه بنى على ما قام إليه ، ولو نسيه استأنف.
ولو نوى الأداء فبان الانقضاء أجزأ ، ولو نوى القضاء فظهر البقاء أعاد في الوقت لا بعده.
ويجب في النوافل المسبّبة (2) كالعيد والاستسقاء التعرض لسببها.
ويجوز نقل النيّة إلى الفائتة ، وإلى النافلة ، لطلب الجماعة ، ولناسي الأذان وسورة الجمعة ، ويجب النقل إلى السابقة في الأداء والقضاء.
وهي ركن ، وصورتها : « اللّه أكبر » مواليا مرتّبا بالعربيّة ، إخفاتا ، فلو عرّف أكبر ، أو أضافه ، أو قرنه بمن وإن عمّم مثل أكبر الأشياء أو من كلّ شي ء ، أو عكس أو ترجم بطلت.
ص: 107
والأعجميّ يتعلّم ، فإن ضاق الوقت أحرم بلغته ، والأخرس يحرّك لسانه ، ويعقد بها قلبه.
ويجب قطع الهمزتين فيهما ، وترك المدّ المخرج عن المعنى ، وإسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، والقيام فلو صاحبها به ، أو ركع المأموم قبل انتهائه بطلت.
ولو كبّر ثانيا ولم ينو الخروج بطلت ، وإن كبّر ثالثا صحّت ، وهكذا تصحّ في الفرد وتبطل في الزوج.
ويستحبّ ترك المدّ غير المخرج ، وكون « أكبر » على وزن أفعل ، وإسماع [ الإمام ] المأموم ، ورفع اليدين بها إلى أذنيه. (1)
وليست ركنا ، ويتعيّن الحمد وسورة في الثانية والأوليين من غيرها.
وتجب البسملة فيهما ، والعربيّة ، والموالاة ، والترتيب في الآيات والكلمات والحروف ، فلا تجزئ الترجمة ولو مع العذر.
ولو قرأ فيها من غيرها ولم يرتّب ناسيا ، أعاد القراءة ، وعامدا يعيد الصلاة ولو نوى قطع القراءة وسكت ، استأنف القراءة لا مع أحدهما ، ولو طال السكوت بطلت الصلاة وكذا بترك البسملة ، أو حرف ، أو إعراب ، أو تشديد ، أو بزيادة ذلك ، أو إبدال حرف ، وإن لم يتميّز في السّمع كالضاد والظاء ، وجاهل القراءة يقرأ في المصحف في آخر الوقت ، ويجب التعلّم.
وجاهل الحمد يقرأ من غيرها بقدرها ، ولو جهل البعض اجتزأ بما يحسنه ، ويحتمل وجوب التفويض عن الباقي في محلّه.
ص: 108
ولو عجز عن القراءة أصلا كبّر اللّه وهلّله وسبّحه بقدرها ، مع اشتغاله بالتعلّم.
ولا يجوز الذكر بالترجمة إلّا مع العجز ، ولا عوض للسورة ، بل يقرأ ما يحسن منها ، فإن لم يحسن شيئا صلّى بالحمد في آخر الوقت ، ويشتغل بالتعليم.
والأخرس يعقد قلبه بها ، ويحرّك لسانه.
ويجب إخراج الحروف من مخارجها ، فيصلح الألثغ وشبهه لسانه مع الإمكان ، والبدأة بالحمد.
والجهر في الصّبح وأولتي العشاءين ، وحدّه إسماع القريب ، والإخفات في البواقي ، وحدّه إسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، ولا جهر على النّساء ، ولو جهرت ولم يسمعها أجنبي جاز ، وكذا الخنثى.
ويحرم الترجيع وما يفوت الوقت بقراءته ، والقرآن والعزيمة في الفريضة ، فلو قرأها ناسيا عدل إلّا أن يتجاوز محلّ السّجود ، ويجوز في النافلة ، ويسجد ثمّ ينهض فيتمّ ، وإن كان أخيرا قام ثمّ قرأ الحمد ، ليركع عن قراءة.
و « الضحى » و « ألم نشرح » سورة واحدة ، وكذا « الفيل » و « لإيلاف » ، وتجب إعادة البسملة بينهما.
ويجوز الانتقال من سورة إلى أخرى إلّا أن يتجاوز النصف إلّا من التوحيد والجحد ، إلّا إلى الجمعة والمنافقين في ظهري الجمعة ، وينتقل مطلقا من نسي باقي السورة ، وإذا انتقل أعاد البسملة.
ويتخيّر في الثالثة والرابعة بين الحمد والتسبيح ، وهو « سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر » مرّة أو ثلاثا.
ص: 109
ويستحبّ التعوّذ سرّا في الركعة الأولى ، وسكوت خفيف بين الحمد والسورة ، وبينهما وبين تكبيرة الركوع ، والجهر بالبسملة في موضع الإخفات ، والوقف (1) في موضعه ، وتعهّد الإعراب ، والترتيل ، والجهر في الجمعة وظهرها ، وسؤال الرّحمة ، والتعوذ من النقمة عند آيتها ، وقصار المفصّل في الظهرين والمغرب ، ومتوسّطاته في العشاء ، ومطوّلاته في الصبح ، و « هل أتى » في صبح الاثنين والخميس ، و « الجمعة » و « الأعلى » في عشاء الجمعة ، وهي و « التوحيد » في صبحها ، و « الجمعة » و « المنافقين » في ظهريها (2) ، والإقبال بالقلب ، والسورة في النافلة ، وقصار السور في نوافل النهار إخفاتا ، والطوال في نوافل الليل جهرا.
وقراءة « الجحد » في أوّل ركعتي الزّوال وأوّل نافلة المغرب (3) والليل ، والغداة إذا أصبح ، والفجر (4) ، وأوّل ركعتي الإحرام والطواف ، وفي الثواني بالتوحيد،وروي العكس. (5)
وقراءة التوحيد ثلاثين مرّة في أولتي صلاة اللّيل مضافا إلى الجحد.
وهو ركن ، والركنيّة الانحناء ، ويجب في كلّ ركعة مرّة ، وفي ركعة الآيات خمس ، والانحناء بقدر ما يمكن وضع يديه على ركبتيه ، وينحني طويل اليدين وقصيرهما وفاقدهما كالمستوي.
ص: 110
والعاجز يأتي بالممكن ، فإن عجز أومأ برأسه ، ثمّ بعينه.
والراكع خلقة أو لكبر أو لمرض يزيد انحناء. (1)
ويجب فيه الذكر ، وأفضله « سبحان ربّي العظيم وبحمده » والطمأنينة بقدره ، فلو شرع فيه قبل انتهاء الركوع ساهيا ، فإن ذكر قبل الرفع أعاده ، وإلّا فلا.
ولو رفع قبل إكماله ساهيا ، لم يجز العود ، وصحّت صلاته ، ولو تعمّد في الموضعين بطلت.
والرفع والطمأنينة فيه مع القدرة ، والعاجز يعتمد ، فإن تعذّر سقط.
ويستحبّ التكبير أمامه قائما رافعا يديه محاذيا أذنيه ، ووضعهما على ركبتيه مفرّجات الأصابع ، وتسوية ظهره ، ومدّ عنقه موازيا ظهره ، والتجافي ، والدعاء أمام الذكر ، والنظر بين رجليه ، والتسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، و « سمع اللّه لمن حمده » إذا انتصب ، ثمّ الدعاء ، ورفع الإمام صوته بالذكر.
ويكره وضع يديه تحت ثيابه ، ولا يلحق السجود به.
وهو ركن ، والركنيّة وضع الجبهة مرّتين على ما يصحّ السجود عليه ، ويجب مساواة موقفه مسجده ، ويجوز العلوّ بقدر لبنة لا أزيد ، والسجود على الكفّين والركبتين ، وإبهامي الرّجلين ، والاعتماد عليها.
والواجب مسمّاها ، ولو تعذّر أحدها سقط وذو الدّمل يحفر حفيرة ، فإن
ص: 111
تعذّر سجد على أحد الجبينين ، ثمّ على ذقنه ، ثمّ يومئ ، والعاجز يرفع ما يسجد عليه ، ثمّ يومئ.
ويجب الذّكر ، وأفضله « سبحان ربّي الأعلى وبحمده » والطمأنينة بقدره ، والبحث فيه كالركوع ، ولو عجز عنها سقطت ، ويتمّه رافعا ، ولا يبدأ به آخذا وكذا في الركوع ، ورفع الرأس ، والجلوس ، والطمأنينة ، ثمّ يسجد كالأولى.
ويستحبّ التكبير له قائما وتلقّي الأرض بيديه ، والتخوية (1) للرّجل ، والإرغام بالأنف ، ورفع الذراعين عن الأرض ، وانخفاض موضع الجبهة ، ومساواة موضع الأعضاء ، ووضع يديه بحذاء أذنيه ساجدا ، وعلى فخذيه جالسا ، والنظر إلى طرف أنفه ساجدا ، وإلى حجره جالسا.
والدّعاء أمام الذكر ، والتسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، والتكبير عند انتصابه من الأولى ، وللأخذ في الثانية ، وللانتصاب ( بها ) (2) والجلوس عقيبها ، والدعاء بين السجدتين ، والتورّك (3) واعتماده على يديه عند القيام منه ، سابقا برفع ركبتيه قائلا « بحول اللّه وقوّته أقوم وأقعد ».
ويكره الإقعاء. (4)
ص: 112
يجب السجود للعزائم الأربع : سجدة « لقمان » (1) و « حم السجدة » و « النجم » و « القلم » (2) على القاري والمستمع ، ولو تركها قضاها ، ويستحبّ للسامع وللجميع في « الأعراف » و « الرّعد » و « النحل » و « بني إسرائيل » و « مريم » و « الحجّ » في موضعين و « الفرقان » و « النمل » و « ص » و « إذا السماء انشقت ».
ولا طهارة فيها ، ولا استقبال ، ولا تكبير ، ولا تشهّد ، ولا تسليم ، ولا ذكر.
وتستحبّ سجدتا الشكر عند تجدّد النّعم ، ودفع النّقم ، وعقيب الصلاة ، والتعفير بينهما.
وليس بركن ، ويجب في الثنائية مرّة وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين ، وصورته : « أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ».
وتجب العربية ، ومراعاة الصّيغة ، والترتيب ، والموالاة ، والجلوس له ، والطمأنينة بقدره ، فلو أتى بالترجمة أو بالمرادف ، أو أسقط حرف العطف ، أو اكتفى به أو بالضمير ، أو غير ذلك ، أو بدأ به قبل الرفع من السجود ، أو نهض قبل إكماله ، بطلت.
ص: 113
ولو جهل بعضه أتى بما يحسنه ثمّ يتعلّم ، فإن ضاق الوقت ، حمد اللّه بقدره ، وكذا لو جهل العربيّة.
ولا تجزئ الترجمة في شي ء من الأذكار مع القدرة ، ويجوز في غيرها.
ويستحبّ التورّك ، ووضع يديه على فخذيه ، ونظره إلى حجره ، وزيادة التحميد ، والدعاء ، والتحيّات ، و « السّلام عليك أيّها النبي ورحمة اللّه وبركاته » في الأخير ، وإسماع الإمام من خلفه.
وليس بركن ، ومحله آخر التشهد ، وبه يخرج من الصلاة وإن لم يقصده ، وصورته إمّا « السّلام عليكم ورحمة وبركاته » أو « السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين » ويجوز الجمع ، فتستحبّ الأخيرة.
ويجب الجلوس له ، والطمأنينة بقدره ، والعربيّة ، والترتيب ، والموالاة ، والإعراب ، وكذا الأذكار الواجبة.
ويستحبّ للمنفرد أن يسلّم إلى القبلة ، ويومئ بمؤخّر عينيه إلى يمينه ، والإمام بصفحة وجهه ، وكذا المأموم ، فإن كان (1) على يساره أحد فأخرى إليه ، (2) وأن يقصد المنفرد والإمام الأنبياء والأئمّة والملائكة ومسلمي الإنس والجنّ والمؤتم الإمام.
ص: 114
الأوّل : القنوت ، ومحلّه في كلّ ثانية قبل الركوع ، وكيفيّته أن يرفع يديه تلقاء وجهه مبسوطتين نحو السماء ، ويدعو بالمأثور ، وأقلّه ثلاث تسبيحات ، وأفضله كلمات الفرج ، والتكبير أمامه ، ورفع اليدين به ، والنظر إلى باطنهما ، ويتأكّد في الفريضة ، وآكدها الجهريّة ، ثمّ الغداة والمغرب.
والناسي يقضيه بعد الركوع ، ويتبع الصلاة في الجهر والإخفات.
وفي الجمعة قنوتان في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده.
ويجوز فيه الدعاء بالمباح وبغير العربية.
الثاني : التكبير بعد التسليم ثلاثا رافعا يديه.
الثالث : التعقيب بالمنقول ، وأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام.
المرأة كالرّجل ، إلّا أنّها في القيام تجمع بين قدميها ، وتضع يديها على ثدييها (1) وفي الركوع على فخذيها ، وفي الهويّ تقعد ثمّ تسجد لاطئة بالأرض غير متجافية ، وتضمّ فخذيها ، وترفع ركبتيها في الجلوس بين السجدتين وفي التشهد ، وإذا قامت انسلّت انسلالا.
ص: 115
وفيه فصول :
وهو الحدث مطلقا ، وتعمّد الكلام بحرفين أو بحرف مفهم أو بحرف قبله مدّة (1) ، ومنه أن يقصد بالقرآن الإفهام ، ولو قصد القراءة (2) والإفهام ، أو أكره على الكلام ، لم تبطل ، والسكوت الطويل ، والقهقهة ، والبكاء للدّنيا ، والدعاء بالمحرّم ، والفعل الكثير ، والأكل والشرب مطلقا ، وليس منه ابتلاع النخامة وبقايا الغذاء.
وفي مصّ الصّمغ وشبهه توقّف ، والشرب إلّا في الوتر لمريد الصيام مع ضيق الوقت ، ( والقرآن ) (3) والالتفات إلى ورائه. (4)
ويكره التطبيق والعقص للرّجل ، والالتفات يمينا وشمالا ، والتّثاؤب ،
ص: 116
والتمطّي ، والعبث ، ونفخ موضع السجود ، والتنخّم ، والبصاق ، والأنين بحرف ، والتأوّه ، وفرقعة الأصابع ، ومدافعة الأخبثين ، وفي الخفّ الضّيّق.
ويجوز ردّ السلام بسلام عليكم ، لا الابتداء به ، والإشارة باليد ، والتّصفيق ، وقتل الحيّة والعقرب ، وقطعها لفوات غريم أو تردّي طفل أو حفظ مال.
ويستحبّ الحمد للعاطس وتسميته.
وهو ثلاثة
الأوّل : العمد ، وتبطل بزيادة فعل واجب وتركه وإن لم يكن ركنا ، وبترك شرط أو كيفيّة أو فعل أو ترك. (1)
وجاهل الحكم عامد إلّا في الجهر والإخفات وقصر الصلاة ، ويعذر جاهل نجاسة البدن والثوب والمكان وغصبهما وغصب الماء.
الثاني : السّهو ، لو زاد ركعة ، فإن جلس آخر الصلاة بقدر التشهد ، صحّت صلاته ، وإلّا بطلت ، ولو نقصها وذكر قبل المنافي أتم.
وتبطل بالمبطل عمدا وسهوا ، لا بالمبطل عمدا ، وكذا لو ترك التسليم.
وتبطل لو زاد ركنا ، أو نقصه وذكر بعد الدخول في ركن وإن كان سهوا ، ولو ذكر قبل دخوله في ركن أتى به وإن دخل في فعل ، كمن أخلّ بالسجود حتّى قرأ ، فيسجد ثمّ يقرأ.
ص: 117
ولو زاد غير ركن سهوا لم تبطل ، وكذا لو نقصه لكن قد لا يتدارك ، كما لو دخل في ركن أو في فعل ولزم منه زيادة ركن ، كمن نسي القراءة ، أو بعضها أو الجهر أو الإخفات حتّى يركع ، أو ذكر الركوع أو الطمأنينة فيه حتّى ينتصب ، أو رفع رأسه ، أو الطمأنينة فيه حتّى يسجد ، أو ذكر السجود ، أو وضع بعض الأعضاء ، أو الطمأنينة فيه حتّى يرفع ، أو الرفع من الأولى أو الطمأنينة حتّى يسجد ثانيا.
وقد يتدارك كما لو دخل في فعل ولم يلزم زيادة ركن ، كمن نسي قراءة الحمد وذكر في السورة ، فيقرأ الحمد والسورة ، أو نسي التشهد أو بعضه وذكر قبل الركوع ، فيقعد ويأتي به.
وقد يتدارك مع سجود السّهو ، كمن نسي سجدة أو التشهد أو الصلاة ويذكر بعد الركوع ، فيقضيه ، ويسجد للسّهو ، ويسجد أيضا من تكلّم ناسيا ، أو سلّم في غير موضعه ، أو شكّ بين الأربع والخمس ، والأقوى وجوبه للزيادة والنقصان غير المبطلين ، ولا يتداخل ولا يترتّب.
ومحلّه بعد التسليم مطلقا ، ويجب فيه النيّة وسجدتان ، والذكر ، وأفضله : « بسم اللّه وباللّه السلام عليك أيّها النّبي ورحمة اللّه وبركاته » أو « بسم اللّه وباللّه اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد » والتشهد والتسليم ، ولا يجب التكبير ، والطهارة ، والاستقبال على توقّف.
ولا تبطل الصلاة بتركه وإن طال الزمان ، ولا تجب نيّة الأداء ولا القضاء.
ولا حكم لمن كثر سهوه ، ولا لمن سها في سهو ، ولا لشكّ الإمام مع حفظ المأموم ، وبالعكس ، ولو سها أحدهما فله حكم نفسه ، ولو اشتركا في الواجب اشتركا في الحكم.
ص: 118
يجب في الأجزاء المنسية ما يجب في مبدلها ، وينوي الوجوب ، والقربة ، والأداء ، والقضاء ، وتترتّب على الفائتة ، ولا تبطل الصّلاة بتخلّل الحدث.
الثالث : الشك ، من شكّ في واجب وغلب على ظنّه شي ء بنى عليه ، وإلّا فإن كان محلّه باقيا ، أتى به ركنا كان أو فعلا ، ولو بان أنّه فعله بطلت إن كان ركنا وإلّا فلا وإن تعدّاه لم يلتفت وإن كان ركنا.
ولو ترك السّجدتين وشكّ في أنّهما من ركعة أو من ركعتين بطلت ، ويعيد من لم يدر كم صلّى ، ومن شكّ في الثنائيّة أو الثلاثيّة أو في أولتي الرّباعيّة ، أو تعلّق شكّه بهما كقوله : لا أدري قيامي لثانيّة أو لثالثة ، وكذا لو قال عند الرفع من الركوع.
ولو تيقّنهما وشكّ في الزائد ، فإن غلب على ظنّه أحد الطرفين بنى عليه ، وإلّا احتاط في خمس مسائل :
الأولى : الشاكّ بين الاثنتين والثلاث ، بنى على الثلاث ثمّ يتمّ ، ويصلّي ركعة قائما أو ركعتين جالسا.
الثانية : الشاكّ بين الثلاث والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط كالأولى.
الثالثة : الشاكّ بين الاثنتين والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط بركعتين قائما.
الرابعة : الشاكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط بركعتين قائما ، ثمّ بركعتين جالسا ، ولا تصحّ قبل السجدتين إلّا المسألة الثانية.
ص: 119
الخامسة : الشاكّ بين الأربع والخمس قائما ، يقعد ويسلّم ويحتاط كالأولى ، وبعد الركوع تبطل ، وبعد السّجود تصحّ ، ويسجد للسّهو.
الأوّل : حكم ما يرجع في المعنى إلى هذه المسائل حكمها ، فلو قال : لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة ، فهو شك بين الاثنتين والثلاث ، ولو قال : لرابعة أو خامسة قعد وسلّم ، وصار شكّا بين الثلاث والأربع ، ويسجد للسّهو ، ولو قال : لثالثة أو خامسة قعد وصار شكّا بين الاثنين والأربع ، ويسجد للسّهو ، ولو قال ذلك عند القيام من الركوع ، بطلت صلاته ، إلّا في الأولى ، فإنّه يتمّ ويحتاط.
الثاني : الأولى بطلان الصلاة في غير هذه الصور ، لاستقرارها في الذمة بيقين فلا تزول إلّا بمثله أو بما هو أقرب إليه كالنصّ ، ولأنّ الشكّ إذا تعلّق بخامسة مع ثانية أو ثالثة أو معهما ، فلا يجوز البناء على الأكثر ، لأنّه ليس من عدد الصلاة ، ولا على الأقلّ ، لأنّه خلاف المعهود من الشّرع.
الثالث : يجب في الاحتياط النية وجميع ما يجب في الصّلاة ، وقراءة الحمد خاصّة إخفاتا ، ومساواة الجهة ، فلو تغيّر اجتهاده قبل الاحتياط ، فإن قلنا إنّها صلاة منفردة صلّى إلى الثانية ، وإلّا فإن كان بين المشرق والمغرب صلّى إليها أيضا وإلّا أعاد الصّلاة.
الرابع : لو ذكر النقصان بعد الاحتياط لم يلتفت ، وقبله يكمل الصّلاة ما لم يفعل المنافي ، وفي الأثناء يستأنف ، ويحتمل إجزاء الإتمام.
الخامس : لو ذكر التمام صحّت مطلقا ، لكن في الأثناء يتخيّر في القطع والإتمام نافلة.
ص: 120
السادس : لو ذكر في الصورة الرابعة بعد الركعتين من قيام أنّها ثلاث بطلت ، أو أنّها اثنتان صحّت ، ولا يجب الباقي ، ولو بدأ بالركعتين من جلوس انعكس الحكم.
السابع : لا يبطلها الحدث قبل الاحتياط.
الثامن : لو فات ، ترتّب على الفائت.
وفيه بحثان :
وهو فوات الصّلاة من المكلّف المسلم السالم من الإغماء ، والحيض ، والنفاس ، المتمكّن من المطهّر ، فلا يجب قضاء على الصّبي (1) والمجنون ، والمغمى عليه ، والكافر الأصليّ وإن وجبت عليه ، ولا على الحائض والنفساء إذا استوعب العذر الوقت أو قصر عن الطهارة وركعة ، ولا على المخالف إذا استبصر ، ولا عادم المطهّر ، ويجب على غير هؤلاء وإن كان سهوا إلّا الجمعة والعيدين ، وعلى النائم إن استوعب الوقت ، وعلى متناول المسكر والمرقد لا بما اتّفق به ، وعلى المرتدّ عن فطرة وغيرها.
ويقتل مستحلّ تركها إن ولد على الفطرة ، وإلّا استتيب ، فإن امتنع قتل ، وتزال الشبهة المحتملة ، فإن لم يقبل قتل.
ص: 121
وغير المستحلّ يعزّر ثلاثا ، فإن عاد قتل [ في الرّابعة ].
يجب قضاء الفائتة الواجبة إلّا ما استثني ، ويستحبّ قضاء النافلة المرتّبة ، ولا يتأكّد الفائت بمرض ، بل يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ ، فإن عجز فعن كلّ يوم (1) بمدّ.
ووقت القضاء الذكر إلّا أن تتضيّق الحاضرة ، ولو اتّسع استحبّ تقديمها ، وإن اتّحدت فيستحبّ العدول لو (2) ذكر في الأثناء.
وهو مثل الأداء حتّى القصر والإتمام والجهر والإخفات إلّا هيئة المضطرّ.
ويجب الترتيب مع الذكر ، فلو قدّم اللّاحقة ناسيا صحّت ، ولو ذكر في الأثناء عدل مع الإمكان.
ولو فاته صلاة حضر وسفر واشتبه التّرتيب ، اعتمد على ظنّه ، فإن تساوى صلّى كلّ واحد على حدته (3) حتّى يظنّ الوفاء.
ولو اشتبه التمام والتقصير صلّى تماما وقصرا حتّى يغلب الوفاء.
ولو نسي عين الفائتة صلّى صبحا ومغربا وأربعا ، والمسافر ثنائيّة ومغربا ، ويتخيّر في المطلقة بين الجهر والإخفات ، ولو تعدّدت صلّى هكذا حتّى يغلب الوفاء.
ولو ذكر المعيّن ونسي العدد ، كرّرها حتّى يغلب الوفاء.
ص: 122
ولو نسيهما صلّى أيّاما حتّى يغلب الوفاء.
ولا ترتيب بين اليوميّة وباقي الفرائض ، ولا بين أنفسها ، ويترتّب الاحتياط كالمجبورات (1) وكذا الأجزاء المنسية بالنّسبة إلى صلاة أو صلوات ، وتترتّب نوافل اليومية ، فلو قضى نوافل العصر قبل نوافل الظهر ، أو قضى نوافل السّبت قبل نوافل الجمعة ، لم يصحّ ، أمّا لو اعتنى بقضاء نوافل السّبت خاصّة ثمّ عنّ (2) له قضاء نوافل الجمعة صحّ.
ويجوز القضاء عن رمضان دون غيره ، ولو أراد القضاء عن الرّمضانات وجب الترتيب.
ولا يترتّب القضاء على الأداء ، فيجوز لتارك نافلة الظّهر أن يؤدّي نافلة العصر.
وفيه مباحث :
الخوف موجب لقصر الرّباعيّة سفرا وحضرا ، جماعة أو فرادى (3) سواء كان من عدّو ، أو لصّ ، أو سبع ، أو سيل ، أو حرق ، أو غرق ، أو من مطالب بدين لا يقدر عليه ، أو من فوات واجب كعرفة.
ص: 123
ولو ظنّ السّواد عدوّا فقصّر ، أو أومأ ، ثمّ بان خطاؤه لم يعد ، وكذا لو لم يعلم الحائل.
ولا يقصّر الموتحل ، ولا الغريق إلّا في سفر أو خوف ، ويصلّيان بحسب الإمكان.
ولا يقصّر العاصي بسفره.
وهي أربعة :
كون العدوّ في غير جهة القبلة.
وقوّته بحيث لا يؤمن هجومه.
وكثرة المسلمين بحيث إذا افترقوا فرقتين تقاوم كلّ فرقة العدوّ.
وعدم الاحتياج إلى أكثر من فرقتين.
فيصلّي الإمام بطائفة ركعة ، فإذا قام إلى الثانية ، انفرد من خلفه ، وأتمّوا ، ثمّ تأتي الأخرى ، فيصلّي بهم ركعة ، فإذا جلس للتّشهد أتمّ من خلفه ثمّ يسلّم بهم. (1)
ولا يجب على الإمام تأخير قراءة الحمد حتّى تدخل الفرقة الثانية معه ، ولا قراءتها في تشهّده.
ص: 124
وفي المغرب يصلّي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين ، ولا تشهّد معه ، ويجوز العكس فينتظر الثانية في الركعة الثالثة أو في التشهّد ، ولا يأتمّون به حتّى يقوم إلى الثالثة.
وليس أحد الصورتين أرجح ، لأنّ في الأولى زيادة جلوس ، وفي الثانية زيادة ائتمام القائم بالقاعد.
ويجوز تفريقهم ثلاث فرق ، ويصلّي بكلّ فرقة ركعة.
ويجب في هذه الصّلاة انفراد المؤتمّ عند رفع الإمام من السجود ، وانتظار الإمام للمأموم ، والاقتداء بالقاعد.
كون العدوّ في جهة القبلة.
وإمكان الافتراق.
وعدم ترتيبهم أكثر من صفّين.
ويحرم بهم جميعا ، فإذا ركعوا سجد بالأوّل ، وحرسه الثاني ، فإذا قام سجد الثاني ، ثمّ يتقدّم ويتأخّر الأوّل ، ثمّ يركع بالجميع ، ويسجد بمن يليه ، ويحرس المتأخّر ، فإذا جلس للتشهّد سجد المتأخّر ، وسلّم بالجميع. (1)
الثالث : « صلاة بطن النّخل » وشرطها كون العدوّ في جهة القبلة ، (2) ويفرّقهم الإمام فرقتين ، ثمّ يصلّي بكلّ فرقة صلاة ، والأخرى تحرسهم ، فالثانية له سنّة.
ص: 125
ولا يشترط فيها الخوف.
ويصلّون بحسب الإمكان رجالا وركبانا ، ويسجد على قربوس سرجه ، ومع التعذّر يومئ ، ويستقبل ما أمكن ولو بتكبيرة الإحرام ، فإن تعذّر سقط ، وتجوز الجماعة إن اتّفقت.
فإن اشتدّ الحال ، اعتاض عن كلّ ركعة ب- « سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلّا اللّه واللّه اكبر ».
وتجب النيّة ، والتكبير ، والتشهّد ، والتسليم.
لا حكم لسهو المأموم حال متابعته بل حال انفراده ، ويجب أخذ السلاح وإن كان نجسا ، ولو منع واجبا لم يجز إلّا أن يضطرّ ، ولو رجا الأمن استحبّ التأخير ، فلو قصّر ثمّ زال الخوف فلا إعادة ، ولو زال الخوف قبل الصلاة أتم ، ولو أمن في الأثناء أتمّ صلاة مختار ، ولو خاف أتمّ صلاة خائف.
ولو فاتته الصّلاة قضى قصرا إن استوعب الخوف الوقت ، ويقضي فائت الأمن مثله في الكميّة ، أمّا الكيفيّة فيجب الحال.
ويصلّي الجمعة بصلاة ذات الرّقاع بشرط الحضر وكمال العدد ، ويخطب للأولى ، وبصلاة عسفان ، وبطن النخل ، لكن يصلّي بالثانية ظهرا.
ويصلّي صلاة العيد بصلاة ذات الرقاع وعسفان دون بطن النخل ، لأنّها لا تعاد ، ولا بدل لها.
ويصلّي الآيات والاستسقاء بالجميع ، ولو اشتدّ الخوف بالآيات ، سبّح عن كلّ ركعة خمسا.
ص: 126
وفيه مباحث :
وهو الضّرب في الأرض ، وإن لم يشقّ ، لأنّه مظنّة المشقّة ، ويتحقق بخفاء الجدران والأذان ، فلو أدرك أحدهما لم يقصّر ، ولو منع بعدهما قصّر إن استدام نيّة السّفر ، ولو قصّر ثمّ بدا له لم يعد.
وهما نهاية الضرب ، ولا اعتبار بأعلام البلدان ، ولا بالصحاري والمزارع.
ولو حوى القرى سور ، لم يشترط مجاوزته ، والبلد المرتفع أو المنخفض يحملان على المستوي.
وهو الرّباعية ونافلة الظهرين والوتيرة ، فيسقط من الرباعيّة الأخيرتين والنافلة أجمع ، ولا قصر في غير العدد ، ولا تقصر فوائت الحضر إذا صلّيت في السّفر.
ويشترط استغراق السّفر الوقت ، فلو خرج في الوقت أو حضر فيه ، فالوجه الإتمام ، والتخيير حسن.
والقضاء تابع للأداء.
والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف ذراع ، والذّراع أربعة وعشرون إصبعا من مستوي الخلقة.
ولو سلك مريد الإقامة في المنتهى أبعد الطريقين ، قصّر ذاهبا وعائدا إن رجع به ، وإلّا أتمّ في الرّجوع.
ولو بدأ بالأقرب أتمّ ذاهبا وعائدا إن رجع به ، وإلّا قصّر في العود.
ولو لم يرد الإقامة ، فإن بدأ بالأبعد ، وقصد العود به ، قصّر ذاهبا وعائدا وفي البلد ، وكذا إن رجع بالأقرب. (1)
ولو بدأ بالأقرب ، فإن قصد العود به أتمّ ذاهبا وعائدا وفي البلد إلّا أن يرجع في يومه.
وإن قصد الرجوع بالأبعد ، أتمّ ذاهبا وفي البلد ، وقصّر في الرّجوع ، وكذا البحث لو كان له في المنتهى ملك.
فلا يترخّص للهائم وطالب الآبق وشبهه ، ولا لمن قصد دون المسافة ، وهكذا وإن بلغ المسافة ، ويقصّر في الرّجوع.
ولو أكره على السّفر لم يقصّر.
فلو نوى في الأثناء إقامة عشرة أيّام ، أو اتّخذه دار إقامته ، أتمّ وصحّ ما
ص: 128
قصّر وإن لم يقطع مسافة ، إلّا أن يكون ذلك من نيّته فتعتبر المسافة إلى موضع الإقامة.
ولو رجع بعد صلاة على التمام ، أو بعد تعدّي محلّ القصر ، أتمّ حتّى يخرج ، وإن رجع قبلهما قصّر ، ولا عبرة بإتمام الصلاة ناسيا ، وليس الشروع في الصوم كالصلاة.
ويقطعه أيضا مضيّ ثلاثين يوما في مصر متردّدا وإن عزم على السّفر.
ولا تقطعه نيّة إقامة عشرة أيّام في خلل (1) متفرّقة وإن تقارنت ، ولا نيّة الرّجوع ، فلو نواه ثمّ نوى السّفر قصّر ، وإن بقى من سفره دون المسافة.
ومنتظر الرّفقة إن كان على حدّ مسافة قصّر مطلقا إلى شهر ، وإلّا مع الجزم بالسّفر.
ثمّ إن كان بين منزله والملك مسافة قصّر في الطّريق خاصّة ، وإلّا أتمّ فيهما.
ولو تعدّدت المواطن اعتبر ما بين الملكين ، وقصّر إن كان مسافة ، وإلّا فلا.
ويكفي الوقف في الملك إن كان خاصّا دون العامّ ، كالمدارس.
ويشترط الإقامة أو حكمها ، فتحسب من السّتة أشهر العشرة المنويّة ، والأيّام الّتي بعدها ، والّتي بعد الثلاثين ، والّتي بعد الصلاة على التمام ، وإن نوى
ص: 129
الرجوع ، والأيّام الّتي أتمّها جاهلا ، والّتي في أحد الأماكن الأربعة ، لا أيّام كثير السّفر والعاصي بسفره.
ولا يشترط التوالي ، ولا استيطان الملك ، (1) ولا صلاحيّة السّكنى ، ولا العلم بالملك ، ولا الإسلام والبلوغ والعقل.
ولو انتقل عنه صار كالفاقد.
وهو أن لا يقيم في بلده عشرة أيّام ، كالمكاري والملّاح ، والبريد ، والراعي ، والتّاجر الّذي يطلب الأسواق ، والبدويّ الّذي يطلب القطر والكلأ (2).
ولو أقام أحدهم في بلده عشرة أيام مطلقا ، أو في غير بلده مع نيّة الإقامة ، ثمّ قصد مسافة قصّر حتّى يكثر سفره ، ويكفي صدق الاسم ، ولو قصد البدويّ مسافة قصّر كغيره.
فلا يترخّص للعاصي به ، كسالك المخوف ، وتابع الجائر ، والصّائد للهو دون التجارة.
وينقطع الترخّص بقصد المعصية لا بفعلها فيه.
ولو زال القصد ، أو نوى المباح ، قصّر إن بقي من سفره مسافة.
ص: 130
التّقصير رخصة واجبة إلّا في « المسجد الحرام » و « مسجد النبيّ » صلى اللّه عليه وآله وسلم و « جامع الكوفة » و « الحائر » فيتخيّر والإتمام أفضل ، فإن فاتت في الأماكن تخيّر فيها ، وقصر في غيرها ، ولو بقى للغروب مقدار أربع ، قصّر الظّهر وتخيّر في العصر.
ولو شكّ بين الاثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع وجب الاحتياط ، بخلاف الشكّ بين الاثنتين والأربع. نعم يستحبّ.
ولو شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وجبت الركعتان من جلوس ، وتستحبّ الاثنتان من قيام.
ولا تجب نيّة القصر بمعنى أنّه لا يجب قصده في النيّة ، ولو قصر اتفاقا أعاد ، بمعنى أنّه يجب قصده عند التسليم.
ولو تعمّد التّمام أعاد مطلقا ، والجاهل لا يعيد مطلقا ، والنّاسي يعيد في الوقت للرواية. (1)
ولو نوى العشرة في بلد ثمّ خرج إلى دون المسافة ، عازما على العود والإقامة أتمّ ذاهبا وعائدا وفي البلد ، ولو عزم على العود دون الإقامة قصّر.
ولو قصّر في أوّل سفره ثمّ رجع لم يعد ، ولو رجع لغرض من حدّ مسافة قصّر وإلّا فلا.
والصّوم كالصّلاة في الشروط والحكم إلّا في المواطن الأربعة.
ص: 131
ويستحبّ جبر المقصورة بثلاثين تسبيحة ، ويجوز الجمع بين الفريضتين ، ويكره في الحضر.
ويقصّر الصّبي كالبالغ.
وفيه أبواب :
وهو الفرض وما أصله فرض ، كالمعادة والعيد إذا اختلّت شرائطه ، فلا تصحّ في المندوب إذا نذر.
وهي مستحبّة وتتأكّد في الخمس ، فالصلاة بخمس وعشرين.
وتجب في الجمعة والعيدين وبالنذر ، وتحرم في النوافل عدا الاستسقاء ، وصلاة الغدير على قول وتكره في مواضع.
وهي عشرة.
الأوّل : كون الإمام بالغا ، عاقلا ، عدلا ، طاهر المولد ، مؤمنا ، ذكرا إن أمّ الرّجال أو الخناثى ، وإلّا يكون مؤتما ، فلا تصحّ إمامة الصبيّ والمجنون والفاسق وولد الزنا والكافر والمخالف ولو بأمثالهم ، ولا يأتمّ الرّجل بالأنثى ولا بالخنثى ، وتأتمّ المرأة بالرّجل وبمثلها ، وبالخنثى ، ولا يأتمّ الخنثى بمثله.
ص: 132
ويشترط أيضا عدم الإقعاد والخرس والأميّة (1) وإبدال الحروف إذا خلا المأموم من ذلك أو خالفه.
ولا تشترط الحريّة ، ولا البصر ، ولا البلوغ في النفل المستثنى ، ويكره بمن يعتوره الجنون حال إفاقته.
وصاحب المسجد والمنزل والإمارة. والهاشميّ أولى مع الشرائط.
وإذا تشاحّ الأئمّة قدّم المختار (2) ومع الاختلاف يقدّم الأقرأ ، فالأفقه ، فالأقدم هجرة ، فالأسنّ ، فالأصبح [ وجها ].
الثاني : العدد ، وأقلّه اثنان إلّا في الجمعة والعيدين.
الثالث : عدم الحائل حتّى الظلمة على توقّف إلّا بين الرّجال والنساء ، ولا يضرّ القصير ، والمخرّم ، والحاكي ، ولا الصفوف وإن تباعدت.
وتبطل صلاة من إلى جناحي المحراب. (3)
الرّابع : عدم التباعد الكثير عادة إلّا مع توالي الصّفوف ، ويجوز في السّفن المتعدّدة.
ويستحبّ أن يكون بين الصفين مربط عنزة.
الخامس : عدم علوّ الإمام بالمتعدّ كالأبنية لا الأرض المنحدرة ، ويجوز علوّ المأموم به.
ص: 133
السادس : مساواتهما في الموقف ، أو تقدّم الإمام أو تساوي النساء (1) والعراة ، لكن يجب الجلوس والإيماء في العراة.
ويشترط اتّحاد الجهة داخل الكعبة ، وفي المستديرين حولها قرب الإمام إليها.
ويجب تقديم الرّجل على الخنثى ، وهو على الأنثى.
ويستحبّ للرجل اليمين ، وللمرأة والجماعة الخلف.
ويكره الانفراد بصفّ إلّا في المرأة.
السّابع : توافق الصّلاتين في النوع لا في الشخص ، فلا يقتدى في اليومية بالآيات والجمعة ، ويجوز في الظهر بالعصر مثلا.
الثّامن : وحدة الإمام ، فلا يأتمّ بأكثر من واحد دفعة ، ويجوز الانتقال في حال الاستخلاف.
ولو ائتمّ المقيمون بالمسافر ، أو المسبوقون بسابق ، فبعد تسليم الإمام يأتمّون بأحدهم ، ولا يستديم المؤتمّ بالمسافر بنيّته إذا دخل في أخرى.
ولا ينتقل المنفرد. (2)
التاسع : تعيين الإمام ، فلو اقتدى بأحدهما لم يصحّ ، وكذا لو بان أنّ الإمام غير المنويّ.
ولو نويا الإمامة صحّت ولو نويا الائتمام أو شكّا بطلت.
ص: 134
العاشر : نية الائتمام دون الإمامة ، فلو تابع بغير نيّة بطلت ، وشرطها أن تقع بعد نيّة الإمام ، فلو صاحبه أعاد.
تجب المتابعة في الأفعال دون الأذكار ، فلو تقدّم المأموم عمدا استمرّ ، وناسيا يعيد. (1)
ولو خالف فيهما أتمّ ولم تبطل. (2)
ويدرك الركعة بإدراك الإمام راكعا وإن ذكر بعد رفعه ، وإن أدركه بعد الرفع انتظره حتّى يقوم ، ثمّ يأتمّ به.
ولو كان في الأخيرة اقتدى به ، فإذا سلّم استأنف وإن سجد معه سجدة ، ولو أدركه بعد السجود كبّر وجلس فإذا سلّم قام واستقبل صلاته.
ولو خاف الداخل الرفع كبر ومشى راكعا إلى الصّف ، مع مراعاة شرائط الصلاة والجماعة.
وتحرم القراءة خلف المرضي مطلقا ، ولا تبطل الصلاة بها ، ويقرأ مع غير المرضي ، فإن سبقه سبّح وأبقى آية ليركع عن قراءة.
ولو علم فسق الإمام ، أو كفره ، أو حدثه ، أو نجاسته بعد الصلاة ، لم يعد ، وفي الأثناء ينفرد.
ص: 135
ويجوز التسليم قبل الإمام ، ويحرم الانفراد بغير نيّة أو عذر ولا تبطل الصلاة.
وتتأخّر النساء لو جاء الرجال ولا موقف لهم أمامهنّ.
وما يدركه في الأثناء أوّل صلاته ، فإذا سلّم الإمام أتمّ صلاته ، فيقرأ في الأخيرتين الحمد لا غير أو التسبيح وإن سبّح الإمام.
وإذا استنيب المسبوق أومأ عند انتهائهم ليسلّموا. (1)
ويستنيب الإمام لضرورة وغيرها ، والمأمومون إذا مات الإمام أو جنّ أو أغمي عليه ، ويقرأ من حيث قطع.
ولو أعتقت الأمة ولم تعلم ، فصلّت مكشوفة الرأس جاز للعالمة به الائتمام بها ، وكذا لو علم نجاسة ثوب الإمام ، ولم يوجب الإعادة على جاهلها في الوقت.
ويجب على الأميّ الائتمام بالعارف ، ويجب التعلّم.
ويستحبّ قطع النافلة إن خاف الفوات ، ونقل الفريضة إلى النّفل إن أمكن ، ولو خاف الفوات قطعها ، ولو كان إمام الأصل قطعها مطلقا ، وإعادة الصلاة للمنفرد إماما كان أو مأموما ، فيقتدي المفترض بمثله وبالمتنفّل ، والمتنفّل بمثله وبالمفترض ، (2) وتقديم الفضلاء في الصفّ (3) الأوّل ، وتسوية الصفّ ، ووقوف
ص: 136
الإمام في الوسط ، والقيام عند « قد قامت الصلاة » ، وإسماع الإمام من خلفه ذكر الركوع والشهادتين ، واستنابة من شهد الإقامة ، ولبث الإمام حتّى يتمّ المسبوق ، والتطويل إذا أحسّ بداخل ، وتخفيف الصلاة.
ويكره التّطويل ، واستنابة المسبوق ، ووقوف المأموم وحده ، وتمكين الصبيان من الصفّ الأوّل ، والتنفّل بعد الإقامة ، والائتمام بالمسافر في الرّباعيّة ، وبالأغلف على تفصيل ، (1) وبالمحدود بعد توبته ، (2) وبمن يكرهه المأموم ، والصّحيح بأبرص أو أجذم ، والمهاجر بالأعرابيّ ، والمتطهّر بالمتيمّم.
وهي ركعتان كالصّبح بدلا عن الظهر ، وتختصّ بأمور :
المكلّف بهاوهو الذّكر الحرّ الحاضر السليم من العمى والعرج والمرض والكبر المعجز ولم يزد موطنه عن فرسخين ، فلا يجب على عادم هذه الصفات وإن كان مكاتبا أو مدبّرا أو مهايا وإن اتّفقت في نوبته ، وكلّ هؤلاء إذا حضروا الجامع وجبت عليهم ، وانعقدت بهم ، إلّا الصّبي والمجنون والمرأة.
ص: 137
ويشترط الإسلام في الصّحّة لا في الوجوب ، فلا تصحّ من الكافر ، ولا تنعقد به ، والمسافر إن أتمّ (1) وجبت عليه وانعقدت به وإلّا فلا.
وتجب على [ أهل ] السواد وساكني الخيم مع التوطّن ، ولو بعد بأقلّ من فرسخ وجب الحضور مطلقا ولو بعد بأكثر ، فإن لم يزد على فرسخين وجب الحضور إذا لم يجد جمعة ، وإن زاد استحبّ إذا لم يجد جمعة.
ويجوز لمن لا تجب عليه أن يصلّي الظّهر في وقت الجمعة ، ولا يستحبّ التأخير حتّى تصلّى الجمعة ، ولو حضر لم تجب عليه وإن زال المانع إلّا الصّبي إذا بلغ.
ولو صلّى المكلّف بها الظّهر بطلت ، وأتى بها ، فإن فاتت أعاد الظهر.
ويستحبّ حضور من لم تجب عليه.
وهو من زوال الشّمس إلى أن يصير ظلّ كلّ شي ء مثله ، ولو كبّر فخرج الوقت أتمّها جمعة ، إماما أو مأموما ، ولو فاتت لم تقض ، بل تعاد ظهرا.
ولو علم أو ظنّ اتّساع الوقت للخطبة والجمعة مخفّفتين وجبت ، وإلّا صلّى الظهر.
ويكره السّفر بعد الفجر ، ويحرم بعد الزّوال.
ص: 138
وهي خمسة :
الأوّل : السّلطان العادل أو نائبه ، وهو كإمام الجماعة.
ويشترط الذكورة لا عدم الجذام والبرص ، ولو مات في الأثناء أو أغمي عليه قدّموا من يتمّ بهم ، ويقدّم الإمام لو أحدث ، ويجوز لغيرهم الدخول معهم.
ويستحبّ في الغيبة الاجتماع لها وتجزئ عن الظّهر.
الثاني : العدد ، وهو خمسة ، الإمام أحدهم ، وهو شرط في الابتداء ، فلو نقص قبل التّلبّس سقطت لا بعده ولو بالتكبير فيجب الإتمام ولو بقى واحد.
ولو انفضّوا في أثناء الخطبة وجاء غيرهم وجبت إعادتها.
الثالث : الخطبتان ، ويجب في كلّ واحدة الحمد لله ، والصّلاة على النبيّ وآله عليهم السلام ، والوعظ وقراءة سورة خفيفة.
ويجب وقوعها بعد الزّوال قبل الصلاة ، وقيام الخطيب ، والجلوس بينهما ، وإسماع العدد.
ولا تجب الطّهارة ولا الإصغاء ، ولا عدم الكلام.
وتستحبّ بلاغة الخطيب ومواظبته على أوّل وقت الصلاة ، والتعمّم والتردّي (1) ، والاعتماد على شي ء ، والتسليم أوّلا ، والجلوس أمامها ، ورفع صوته ، واتّصافه بما يعظ به.
ويكره الكلام فيهما ، ولا يحرم اللّغو.
ص: 139
الرابع : الجماعة فلا تصحّ فرادى إلّا أن يتفرّقوا عن الإمام في الأثناء ، ويجوز استنابة المسبوق وإن لم يحضر الخطبة.
ويجب تقديم الإمام ، فإن تعذّر استناب ، وتدرك الجمعة بإدراك ركعة بل بإدراكه راكعا في الثانية ، ويتمّ بعد فراغهم ، ولو شكّ في كونه راكعا بطلت.
الخامس : وحدة الجمعة في فرسخ ، فإن تعدّدت واقتربتا بطلتا ، وأعادا جمعة إن بقي الوقت ، وإلّا ظهرا ، وإن سبقت إحداهما صحّت ، وصلّت الأخرى ظهرا ، ولو اشتبهت السابقة صلّى الجميع ظهرا.
ولو اشتبه السبق والاقتران أعادا جمعة وظهرا مع بقاء الوقت ، وإلّا ظهرا.
ويتحقّق السّبق بالتكبير لا بالخطبة والتسليم.
يحرم الأذان الثاني ، والبيع وقت النداء على المخاطب بها وإن كان أحدهما (1) ، وينعقد ، وكذا ما يشبه البيع.
وإذا منع السجود في الأولى سجد بعد قيامهم ، ويلحق ولو في الركوع ، ولو لحقه رافعا انفرد وأتمّ جمعة.
ولو لم يتمكّن من السّجود ، لم يركع معه في الثانية ، بل يسجد وينوي بهما الأولى ، فلو أهمل أو نوى بهما الثانية بطلت ، ولو تعذّر السجود في الثانية أيضا ، فاتت الجمعة ، ولم يجز العدول إلى الظهر ، بل يستأنف.
ولو منع من الرّكوع في الأولى ، ركع بعده ولحقه ، فإن تعذّر ركع معه
ص: 140
في الثانية وسجد ، ونوى بهما الأولى ، ثمّ يتمّ بعد تسليم الإمام ، ولو لم يمكنه الركوع بطلت.
يستحبّ الجهر جمعة وظهرا ، وقراءة الجمعة في الأولى والمنافقين في الثانية ، وإيقاع الظهر في الجامع ، وتقديمه إذا لم يرض الإمام ، ولو صلّى معه ركعتين ثمّ أتى بعده جاز ، والغسل والتنفّل بعشرين ركعة ومنها نافلة الظهرين ستّا عند انبساط الشّمس ، وستّا عند ارتفاعها ، وستّا قبل الزّوال ، وركعتين عنده ، والمباكرة إلى المسجد ، والدّعاء قبل التوجّه بالمأثور ، والمشي على سكينة ووقار ، وحلق الرأس ، والأخذ من الشّارب ، وقصّ الأظفار ، ولبس الفاخر ، والتطيّب ، (1) والإكثار من فعل الخير والصّلاة على محمّد وآله ( إلى الألف ، وفي غير الجمعة إلى المائة ) (2) وزيارة النبي والأئمّة عليهم السلام.
وهي ركعتان كالصّبح ، وتختصّ بأشياء ، وإنّما تجب على من تجب عليه الجمعة.
ووقتها من طلوع الشمس إلى الزّوال فإن فاتت سقطت.
وشروطها كالجمعة ، إلّا أنّها إذا اختلّ بعضها استحبّت جماعة وفرادى.
ص: 141
وجاز تعدّدها في فرسخ ، ولا بدل لها مع الفوات ، والخطبتان بعدها ، وتقديمهما بدعة ولا تجزئ.
ويجب في الرّكعة الأولى بعد قراءة الحمد والسورة خمس تكبيرات ، وفي الثانية أربع ، والقنوت عقيب كلّ تكبيرة.
ويستحبّ في الأولى « الأعلى » ، وفي الثانية « الشمس ».
ولو شكّ في التكبير بنى على الأقلّ ، ولو أدرك الإمام في البعض سقط الفائت ، ولو أدركه راكعا سقط الجميع.
ويحرم السّفر قبل الزّوال على المخاطب بها حتّى يأتي بها ، ويكره قبل طلوع الشمس ، والخروج بالسلاح اختيارا ، والتنفّل بعدها وقبلها إلّا في مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ونقل المنبر.
ولو اتّفق يوم الجمعة ، خيّرهم الإمام في حضور الجمعة.
ويستحبّ الإصحار بها إلّا بمكّة أو لعذر ، وخروج الإمام ماشيا ، حافيا ، على سكينة ووقار ذاكرا لله سبحانه وتعالى ، وأن يطعم قبل خروجه في الفطر ، وبعد عوده في الأضحى ممّا يضحى به ، والجهر بالقراءة ، والقنوت ، وإسماع الخطبتين ، والسّجود على الأرض ، والتكبير في الفطر عقيب أربع صلوات أوّلها مغرب ليلة الفطر وآخرها صلاة العيد ، وفي الأضحى عقيب خمس عشرة ، أوّلها ظهر العيد بمنى ، وفي الأمصار عقيب عشر يقول : « اللّه أكبر » ثلاثا « لا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ، الحمد لله على ما هدانا وله الشّكر على ما أولانا » ويزيد في الأضحى : « ورزقنا من بهيمة الأنعام ».
ص: 142
وهي ركعتان كالصّبح وتختصّ بأشياء وتجب بكسوف الشمس ، وخسوف القمر ، والزلزلة ، والآيات ، وأخاويف السماء.
ووقت الأوّلين من الاحتراق إلى الأخذ في الانجلاء ، فلو قصر لم يجب ، ولو خرج في الأثناء لم يجب الإتمام.
ووقت الباقي عند حصول السبب وإن قصر الوقت.
ويجب القضاء على المفرط والناسي ، وعلى الجاهل مع استيعاب الاحتراق.
ويقرأ بعد الحمد سورة ثمّ يركع ، فإذا انتصب قرأ الحمد وسورة ، وهكذا خمسا ، وإن شاء قسّم السورة على الخمس ، فلا يكرّر الحمد ، بل يقرأ من حيث قطع ، وإن قسّمها على أكثر من ركوع جاز ، فيكرّر الحمد كلّما تمّم السورة ، ويتمّ عند الخامس ، وكذا يفعل في الثانية.
وتستحبّ الجماعة والإطالة بقدر الكسوف ، والإعادة قبل الانجلاء ، وقراءة السور الطوال مع السعة ، والركوع بقدر القراءة ، والتكبير إذا انتصب منه إلّا من الخامس والعاشر فيقول : « سمع اللّه لمن حمده » ، والقنوت خمسا.
ويتخيّر في الجهر والإخفات.
ولو اتّفقت مع الحاضرة ، فإن تضيّقتا قدّمت الحاضرة وجوبا ، ولو اتّسعتا قدّمت استحبابا ، وإن تضيّق إحداهما وجب تقديمه ، وهي أولى من النافلة ، وإن فات وقتها قضيت.
ص: 143
ولا يصلّي ماشيا ولا على الراحلة اختيارا ، ولو أدرك الإمام في أثناء الأولى اقتدى به في الثانية ، فإذا سلّم أتمّ.
وهي دعاء مخصوص مستقبل القبلة قائما ، وتجب على الكفاية ، وتصلّى في كلّ وقت ، فلو اتّفقت مع الحاضرة ، فإن اتسعتا أو تضيّقتا قدّمت الحاضرة إلّا أن يخاف عليه ، ولو تضيّقت إحداهما قدّمت ، وهنا مباحث :
وهو كلّ مسلم ومن بحكمه ممّن بلغ ستّ سنين ، ذكرا كان أو أنثى ، حرّا أو عبدا ، فلا يصلّى على الكافر والناصب والخارجي.
ولو اشتبه المسلم بالكافر ، صلّى عليهما ، وأفرد المسلم بالنيّة.
وتكره على المخالف ، ويستحبّ على من لم يبلغ السّت إذا ولد حيّا ، دون السقط وإن ولجته الرّوح.
والصدر كالميّت دون غيره ، ولا يصلّى (1) على الغائب.
وهو الأولى بالميراث ، والذكر أولى من الأنثى ، والأب من الابن ، والأخ من الأبوين أولى ممّن ينسب بأحدهما ، والحرّ من العبد ، والزّوج أولى من الجميع ، وإمام الأصل أولى مطلقا.
ولو تساوى الأولياء قدّم الأفقه ، فالأقرأ ، فالأسن ، فالأصبح ، ومع التساوي
ص: 144
يقرع ، ولو لم يصلح الوليّ قدّم غيره ، ويستحبّ الهاشميّ مع الشرائط.
ولا يتقدّم أحد بغير إذن ، ولو كان صبيّا فالحاكم.
ويقف العاري في صفّ العراة ، وكذا المرأة بالنساء ، وتتأخّر النساء عن الرّجال ، وتنفرد الحائض بصفّ.
ولا تشترط الجماعة ولا العدد ، بل يكفي الواحد وإن كان امرأة.
ويجب القيام ، واستقبال القبلة واستلقاء الميت ، وجعل رأسه إلى المغرب ، وقربه ، والنيّة ، والتكبير خمسا ، والدّعاء بينها ، وأفضله الشهادتان بعد الأولى ، والصلاة على النّبي وآله بعد الثانية ، والدّعاء للمؤمنين بعد الثالثة ، والدّعاء للميّت بعد الرابعة إن كان مؤمنا ، وعليه إن كان منافقا ، وبدعاء المستضعفين إن كان منهم ، وأن يحشره مع من كان يتولّاه إن جهله ، وأن يجعله لنا ولأبويه فرطا وأجرا إن كان طفلا ، وينصرف بالخامسة.
وتستحبّ الطهارة ، ونزع النعل ، والجماعة ، والصلاة في الموضع المعتاد ، ورفع اليدين بالتكبير ، ووقوف المأموم خلف الإمام وإن اتّحد ، وتعمّد الصفّ الأخير ، والوقوف حتّى ترفع الجنازة ، ووقوف الإمام بحذاء وسط الرجل وصدر المرأة ، ولو اجتمعا جعل الصدر بحذاء الوسط.
ولو اجتمعت الجنائز ، تخيّر الإمام في الصّلاة على كلّ واحد أو على كلّ طائفة ، أو في صلاة واحدة على الجميع ، فيجعل الرجل ممّا يلي الإمام ، ثمّ الصّبي ، ثمّ العبد ، ثمّ الخنثى ثمّ المرأة ، ثمّ الصبيّة ، ثمّ الأمة ، ثمّ الطفل لدون السّت ، ثمّ الطفلة.
ويستحب جعل رأس الأبعد بحذاء ورك الأقرب ، ويقف الإمام في الوسط ، والتفريق أفضل.
ص: 145
ولو حضرت أخرى بعد التلبّس ، أتمّ الأولى ، واستأنف على الثانية ، وإن شاء استأنف عليهما.
ولا يصلّى على الميّت إلّا بعد تغسيله وتكفينه ، فإن تعذّر الكفن وضع في القبر وسترت عورته ، ثمّ يصلّى عليه.
ومن دفن بغير صلاة صلّى عليه في يوم وليلة حسب ، إلّا أن يقلع فيصلّى عليه مطلقا.
ولا يتحمّل الإمام شيئا ، ولو أدركه في الأثناء ، تابعه ثمّ أتمّ الباقي ولاء ، وإن (1) رفعت الجنازة ، وإن دفنت أتمّ على القبر ، ولو سبقه بالتكبير أعاد معه استحبابا.
ولا قراءة فيها ولا تسليم.
وتكره الإعادة ، ويستحبّ لغير من صلّى.
وشرطها شرائط اليومية ، ويزيد ما عيّنه من زمان أو مكان أو هيئة مشروعة ، فلو نذر في الركعة ركوعين أو سجدة ، بطل ويتعيّن الزّمان مطلقا والمكان بشرط المزيّة ، فلو أوقعها في غير الزمان المعيّن قضى ، وكفّر إلّا أن يتكرّر ، وفي غير المكان يعيد فيه مع المزيّة ولا يجزئ الأزيد مزيّة.
ولو قيّده بقراءة سورة أو آيات ، أو ذكر تعيّن ، فيعيد لو خالف.
ولو عيّن عددا سلّم عند كلّ ركعتين ، ولو قيّد الأربع بتسليم صحّ ، دون
ص: 146
الخمس ، ولو أطلق وجبت ركعتان ، ولا تجزئ الفريضة ، وفي إجزاء الركعة توقّف.
ولو قيّده بركعة انعقد.
ويصحّ نذر الفريضة والنافلة ، وتجب الهيئة والعدد والوقت في المؤقّتة دون التعقيب وصلاة الليل الثماني.
ولو نذر هيئة في غير وقتها أو عند عدم سببها ، كالكسوف والاستسقاء بطلت.
ولو نذر صلاة مقيّدة بمرجوح كالنافلة إلى غير القبلة لم ينعقد القيد.
وحكم اليمين والعهد كالنذر.
وفي اشتراط خلوّه من صلاة واجبة توقّف.
ص: 147
وهي إمّا أن تختص بوقت أو لا.
وهي ألف ركعة يصلّي في كلّ ليلة عشرين ، ثمانيا بعد المغرب ، واثني عشر بعد العشاء ، وفي العشر الأخير كلّ ليلة ثلاثين ، وفي كلّ ليلة من الافراد مائة ، ويجوز الاقتصار على المائة ؛ فيصلّي في كلّ جمعة عشر ركعات بصلاة عليّ وفاطمة وجعفر عليهم السلام وفي الجمعة الأخيرة عشرين بصلاة عليّ عليه السلام ، وفي عشيّتها عشرين بصلاة فاطمة عليها السلام ، وصلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم الجمعة ، وصلاة ليلة الفطر ، ويوم الغدير ، وليلة المبعث ، ونصف شعبان ، وغير ذلك من الصلوات.
وسببها نضب (1) العيون وغور الآبار ، وجفاف الأنهار ، وقلّة الأمطار.
وهي كصلاة العيد ، إلّا أنّ قنوتها استعطاف اللّه تعالى ، وسؤاله الإغاثة ،
ص: 148
وأفضله (1) المرسوم ، ويستحبّ الصوم ثلاثا ، وكون الثالث الاثنين أو الجمعة ، والخروج إلى الصحراء حفاة على سكينة ووقار ، وإخراج الصلحاء والشيوخ والعجائز والأطفال ، والتفريق بينهم وبين أمّهاتهم.
ويكره إخراج أهل الذمّة ، وإيقاعها في المساجد ، وتصلّى جماعة وفرادى.
ويقول المؤذّن : الصّلاة ثلاثا ، ويأمرهم الإمام بالتوبة والاستغفار ، فإذا فرغ حوّل الرداء من اليمين إلى اليسار وبالعكس ، ثمّ يكبر مائة نحو القبلة ، ثمّ يسبّح مائة عن يمينه ، ثمّ يهلّل مائة عن يساره ، ثمّ يستقبل الناس ويحمد مائة ، ويرفع صوته بالجميع ، والناس يتابعونه ، ثمّ يخطب خطبتين ، ولو لم يحسن جاز الدعاء بدلهما ، ويكرّر الخروج لو تأخّرت الإجابة حتّى تدركهم الرحمة.
ولو سقوا قبل الصلاة سقطت ، وفي أثنائها يتمّها.
ومنها : صلاة عليّ عليه السلام وفاطمة عليها السلام وجعفر عليه السلام ، وصلاة الحاجة والاستخارة والشكر.
* * *
ص: 149
ص: 150
وهي قسمان :
ص: 151
ص: 152
وفيه فصول :
وهي خمسة :
وهو شرط في الذهب والفضّة إجماعا وفي غيرهما على الأقوى ، ويستحبّ في غلّات الطفل وأنعامه ، وفي الصامت إن اتّجر به الوليّ ، ويتناوله الإخراج ، ويسقط لو أهمل ، ولو ضمن واتّجر به لنفسه وكان مليا ، فله الربح ، والزكاة عليه ، ولو انتفى أحد الوصفين فالربح لليتيم ولا زكاة.
والبحث في المجنون كالصّبي ، ولو اعتوره الجنون ، اشترط العقل حولا.
ص: 153
فلا زكاة على المملوك ، ولو قيل بملكه ، فيجب على مولاه ، وكذا المدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق إلّا أن يتحرّر منه ما يبلغ نصيبه نصابا.
فلا بدّ من تمامه ، فلا يجري (1) المقروض والموهوب في الحول قبل القبض ، ولا الموصى به قبل الموت والقبول ، ولا الغنيمة قبل القسمة والقبض ، وعزل الإمام كاف إن حضر الغانم ، ولا المبيع الممنوع من قبضه ويجري (2) المبيع من حين العقد وإن شرط الخيار ، وكذا الأجرة ، ومال الخلع من وقوعه ، والصداق من العقد ، فلو طلّقها بعد الحول وقبل الدخول ، فالزكاة عليها فلو تلف نصفه أخذ الساعي من العين ورجع الزّوج عليها.
ولو طلّقها بعد الإخراج من العين ، لم ينحصر حقّه في الباقي ، بل تغرم له النصف كملا.
وينقطع الحول بنذر النصاب صدقة وإن كان مشروطا ، وكذا لو جعل هذه الأنعام ضحايا بنذر وشبهه.
ولو استطاع بالنصاب ، ثمّ حال الحول ، لم يمنع الحجّ الزكاة ، لوجوبها في العين دون الحجّ.
ص: 154
الخامس : إمكان التصرّف (1) عقلا وشرعا
فلا زكاة في المغصوب ، والضالّ ، والمرهون ، والوقف ، والمحجور عليه ، والمجحود بغير بيّنة ، والمفقود ، فإن عاد بعد سنين زكّاه لسنة استحبابا ، ولا في النفقة المعدّة لعياله في غيبته ، وتجب مع حضوره.
وإمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب ، فلو لم يتمكّن من الأداء وتلفت لم يضمن ، ولو تمكّن وأهمل ضمن.
ولا يمنع الكفر من الوجوب ، نعم لا يصحّ معه ، وتسقط بالإسلام ، ولا الدّين فلو اقترض نصابا وتركه حولا وجبت ، وكذا لو نذر مالك النصاب الصدقة بمثله ثمّ حال الحول.
ولو وجبت الزكاة في التركة ، قدّمت على الدين ، ولو وجبت ثمّ فلس ، قدّمت على الغرماء ، ولو كان تأخير الدين من المدين لم تجب عليه في قول. (2)
وهو نوعان :
وهو الأنعام ، والذهب ، والفضّة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب.
ص: 155
وهي أربعة :
وهو في الإبل اثنا عشر نصابا : خمسة ، كلّ واحد خمس ، ثمّ ستّ وعشرون ، ثمّ ستّ وثلاثون ، ثمّ ستّ وأربعون ، ثمّ إحدى وستّون ، ثمّ ستّ وسبعون ، ثمّ إحدى وتسعون ، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ، فأربعون أو خمسون.
وفي البقر نصابان : ثلاثون وأربعون.
وفي الغنم خمسة : أربعون ، ثمّ مائة وإحدى وعشرون ، ثمّ مائتان وواحدة ، ثمّ ثلاثمائة وواحدة ، ثمّ كلّ مائة ، ولا يفرق بين مجتمع في الملك ، ولا يجمع بين متفرق فيه وإن حصلت شرائط الخلطة.
وما نقص عن النصاب يسمّى في الإبل شنقا ، وفي البقر وقصا ، وفي الغنم عفوا.
فلو علفها المالك أو غيره بإذنه أو بغير إذنه من مال المالك وإن كان لعذر أو اعتلفت من نفسها بطل ، ولا اعتبار باللحظة ، ولو اشترى كلأ أو أرضا للرعي ، أو استأجرها له ، فهو علف.
ص: 156
ولا بدّ من سوم السّخال حولا.
وهو مضيّ أحد عشر شهرا ، فيجب بدخول الثاني عشر ، ويحتسب من الحول الثاني.
ويشترط استمرار الشرائط في جميع الحول ، فلو اختلّ بعضها ، ولو فرارا بطل ولو عارض النصاب بمثله استأنفه.
وينقطع بالارتداد عن فطرة فتستأنفه الورثة لا عن غير فطرة.
وتعدّ السخال مع الأمّهات عند سومها إن تمّ بها النصاب ، ولو كان تامّا ، فإن بلغت نصابا مستقلّا كخمس من الإبل نتجت خمسا ، وجب شاة عند تمام حول كلّ خمس.
وإن لم يستقلّ كثلاثين بقرة نتجت عشرا بعد ستّة أشهر ، وجب في الثلاثين عند تمام حولها تبيع أو تبيعة ، ولم يجب في العشر عند انتهاء حولها شي ء ، إلّا إذا أخرج الفريضة من غير الثلاثين أو نتجت أحد عشر فصاعدا ، فيجب في الثلاثين عند تمام حولها تبيع أو تبيعة ، وعند تمام حول الزائد ربع مسنّة ، وهكذا.
ويحتمل في ثاني حول الثلاثين ثلاثة أرباع مسنّة ، ثمّ ربع مسنّة وهكذا ، وكذا البحث لو ملك الزيادة.
ولو تغيّرت الفريضة بأن ملك بعد خمس من الإبل أحدا وعشرين فصاعدا وجب عند تمام حول الخمس شاة وعند تمام حول الزيادة
ص: 157
أحد وعشرون جزءا من ستّة وعشرين جزءا من بنت مخاض ، وهكذا.
ويحتمل في ثاني ( تمام ) (1) حول الخمس خمسة أجزاء من ستّة وعشرين جزءا دائما.
وفيه مباحث :
[ المبحث ] الأوّل : يجب في كلّ خمس من الإبل شاة ،وفي ستّ وعشرين بنت مخاض وفي ستّ وثلاثين بنت لبون ، وفي ستّ وأربعين حقّة ، وفي إحدى وستّين جذعة ، وفي ستّ وسبعين بنتا لبون ، وفي إحدى وتسعين حقّتان ، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ، ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون ، بالغا ما بلغ.
ولو اجتمعا في عدد تخيّر المالك.
وفي ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة ، وفي أربعين مسنّة.
وفي أربعين من الغنم شاة ، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان ، وفي مائتين وواحدة ثلاث ، وفي ثلاثمائة وواحدة أربع ، ثمّ في كلّ مائة شاة ، بالغا ما بلغ.
ص: 158
[ المبحث ] الثاني : في صفتها وأقلّ (1) الشاة جذع من الضأن ، أو ثني من المعز ، وبنت المخاض ما دخلت في الثانية ، وبنت اللبون ما دخلت في الثالثة ، والحقة ما دخلت في الرابعة ، والجذعة ما دخلت في الخامسة ، والتبيع ما دخل في الثانية ، والمسنّة ما دخلت في الثالثة.
ويجزئ الذكر والأنثى من الغنم ومن غير غنم البلد وإن كانت أدون ، وعراب الإبل والبخاتي ، وعراب البقر والجاموس ، والضأن والمعز سواء ، والخيار في ذلك للمالك.
ولا تؤخذ الرّبّى - وهي الوالد إلى خمسة عشر يوما - ولا المريضة ، ولا الهرمة ، ولا ذات العوار ، ولا الأكولة ، ولا فحل الضراب.
وذو المراض والمعيب لا يكلّف الصحيح ، ويؤخذ من الممتزج بالنسبة.
[ المبحث ] الثالث : في البدل ، وهو في الأصناف القيمة السوقيّة ، والعين أفضل ، ويجزئ ابن اللبون عن بنت المخاض وإن قصرت قيمته ، والأنقص بسنّ مع دفع شاتين أو عشرين درهما عن الأعلى بسنّ مع أخذ شاتين أو عشرين درهما عن الأنقص بسنّ ويجوز ذلك اختيارا.
ولا يجزئ فيما فوق الجذع ولا مع تضاعف السّنّ ، ولا في أسنان غير الإبل ، بل يرجع إلى السوقية.
ولا تجزئ بنت المخاض عن الشاة إذا قصرت القيمة ، ويجزئ المسنّ عن التبيع لا عن المسنّة.
ص: 159
وفيه مباحث :
وهي ثلاثة :
الأوّل : النصاب ، وهو في الذّهب عشرون مثقالا ، ثمّ أربعة ، بالغا ما بلغ.
وفي الفضّة مائتا درهم ، ثمّ أربعون ، بالغا ما بلغ ، فلا زكاة فيما دون ذلك.
والمثقال عشرون قيراطا ، والقيراط ثلاث حبّات ، والحبّة أربع أرزات ، والدّرهم ستّة دوانيق ، والدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير ، فالعشرة منها سبعة مثاقيل.
الثاني : كونهما مضروبين بسكّة المعاملة وإن هجرت ، ولا يشترط سكّة الإسلام ، فلا زكاة في السبائك والنقار والحلي مطلقا ، والآنية والآلة وإن فرّ به ، إلّا أن يكون بعد الحول.
الثالث : مضيّ حول الأنعام ، فلو نقص في أثنائه ، أو تبدّل بالجنس أو بغيره وإن كان فرارا ، سقطت ، ويبطل الحول ببيعه (1) وإن عاد بفسخ استأنفه.
وهي ربع العشرة ، ففي الذهب نصف دينار ثمّ قيراطان وفي الفضة خمسة دراهم ، ثمّ درهم وتجزئ القيمة.
ص: 160
لا يكمّل نصاب أحد النقدين بالآخر ، نعم يكمّل الجيّد بالردي ء ، فإن تطوّع بالأرغب وإلّا قسّط.
والمغشوش إن بلغ خالصه نصابا وجبت وإلّا فلا ، ثمّ إن علم مقداره أخرج عنه خالصا أو عن الجملة منهما ان تساوت وإلّا بالنسبة ، وإن جهل فإن أخرج عن الجملة جيادا صحّ ، وإن ماكس ألزم التّصفية ، ولو شكّ استحبّت.
ولو تساوت الحقيقة واختلفت القيمة كالعتق والجدد تخيّر ، ويستحبّ التقسيط.
وزكاة الحليّ إعارته استحبابا.
وفيه بحثان :
وهي ثلاثة :
الأوّل : بلوغ النصاب ،وهو ألفان وسبعمائة رطل بالعراقي ، وتجب في الزائد وإن قلّ.
الثاني : بدوّ الصلاح ،وهو اشتداد الحبّ ، واحمرار الثمرة أو اصفرارها ، وانعقاد الحصرم.
ص: 161
الثالث : ملك النصاب بالاستنماء وإن لم يملك الأصل ، كعامل المزارعة والمساقاة ، ولو اشترى زرعا أو ثمرة قبل بدوّ الصلاح ، وجبت عليه ، ولو كان بعده فالزكاة على البائع.
[ البحث ] الثاني : يجب العشر إن سقيت سيحا (1) أو بعلا أو عذيا ، (2) ونصفه إن سقيت بغيره ، ولو اجتمعا حكم للأغلب نفعا ، فإن تساويا فثلاثة أرباعه ، وكذا مع الشكّ.
وتضمّ الزّروع والنخيل المتباعدة وإن سبق إدراك بعضها ، فإن بلغ السابق نصابا زكّاه ولم يتربّص الآخر ، وإلا أرجئ حتّى يكمل النصاب ، وما يطلع مرّتين في حكم الواحد.
ولا يضمّ العلس إلى الحنطة ، ولا السّلت إلى الشعير.
ويجوز للسّاعي الخرص مع الضمان لحصّة المالك (3) أو تضمينه الزكاة ، أو جعلها أمانة في يده ، فلا يأكل من الثمرة.
ويشترط في الضمان السلامة ، فلو تلف شي ء بغير تفريط سقط عنه بحسابه ، ولو ادّعى النقص المحتمل أو التلف أو الغلط قبل لا كذب الخارص.
ويجوز التخفيف (4) للحاجة ، فيسقط بحسابه.
ويكفي الخارص الواحد.
ص: 162
ويجوز بيع الثمرة بعد الخرص والضمان ، وقيل (1) : يبطل في حصّة الفقراء.
ووقت الإخراج عند التّصفية والجفاف ، ويجوز قبله بالخرص على تقدير الجفاف ، ولا يجزئ الرطب عن الجاف ، ولو أخذه السّاعي رجع بنقصه ، ولو تفاوتت الثمرة والزرع في الجودة قسّطت.
ولو مات من عليه دين مستوعب بعد بدوّ الصّلاح قدّمت الزكاة ، ولو مات قبله فلا زكاة ، ولو لم يستوعب فإن فضل لكلّ وارث نصاب وجبت عليه.
ولا تجب الزكاة إلّا بعد المؤن كحصّة السلطان والبذر وثمن الثمرة ، دون ثمن النخل.
ولا تكرّر بعد الإخراج وإن بقيت أحوالا.
وهو أربعة :
وفيه مباحث :
وهو المملوك بعقد معاوضة بحصّة للاكتساب عند التملّك ، فلا زكاة في
ص: 163
الميراث والمردود بعيب وإن أخذه للتجارة ، ولا في الموهوب وعوض الخلع والنكاح ، ولا فيما ملك للقنية ثمّ يجعل للتجارة.
وهي خمسة :
الأوّل : وجود النصاب طول الحول ، فلو كان أقلّ استأنفه عند بلوغه ، ولو نقص في أثنائه فلا زكاة ، ولو زاد ، فحول الأصل من حين الانتقال ، والزيادة من حينها ، ولا يشترط بقاء عينه.
الثاني : استدامة قصد التجارة ، فلو ملكه للتجارة ، ثمّ نوى به القنية فلا زكاة.
الثالث : عدم انقطاع الحول ، فلو باع عرض التجارة (1) بآخر للقنية ثمّ ردّ عليه ، فلا زكاة.
الرابع : أن يطلب برأس المال فصاعدا ، فلو طلب بنقصه (2) سقطت ، ولو زاد اعتبر الحول عنده ، ولو مضى أحوال ناقصا استحبّت زكاته سنة.
الخامس : كماليّة الحول ، فلو اشترى بنصاب الزكاة متاع التجارة ، استأنف حولها من حين الشراء.
الزكاة تتعلّق بقيمة المتاع ، ويقوّم بأحد النقدين ، فلو بلغت بأحدهما
ص: 164
استحبّت ، ويخرج ربع عشر القيمة ، ويجوز الإخراج من العين.
ولو اشترى أربعين شاة للتجارة فأسامها حولا وجبت الماليّة دون زكاة التجارة وإن أوجبناها ، ولو أسامها بعد مدّة (1) فإن تمّت شرائط العينيّة وجبت ، وسقطت زكاة التجارة ، وإلّا استحبّت ، وسقطت العينيّة.
ولو عارض نصابا سائما للقنية بمثله للتجارة استأنف حول الماليّة ، ولا يبنى على الأوّل ، لتعلّق العينيّة بالشخص.
ولو ظهر في مال المضاربة ربح ضمّت (2) حصّة المالك إلى أصله.
وحول الأصل من حين الشراء للمضاربة ، وحول الربح من حين ظهوره.
ولا يستحبّ في حصّة العامل إلّا مع بلوغ النصاب والقسمة ، لنقص ملكه.
وليس نتاج مال التجارة منها ، لعدم استنمائها ، وكذا ثمرة نخل التجارة ، ونماء الزّرع وإن كان ببذر التجارة ، نعم تجب الماليّة.
ولو كانت السّلعة عبدا ، أخرج زكاة التجارة وفطرته.
والدّين لا يمنع الزكاة.
الثاني (3): كلّ ما تنبت الأرض ممّا يكال أو يوزن كالأرز ، وحكمه حكم الغلّات في السّقي وقدر النصاب والفريضة واحتساب المؤن ولا يضمّ ما يزرع مرّتين كالذّرة.
ص: 165
ولا زكاة في الخضر ، وفي بذرها نظر.
الثالث (1) : الخيل الإناث السائمة حولا ،ففي العتيق ديناران ، وفي البرذون دينار ، ويشترط وحدة المالك ، فلا زكاة في المشترك ، وفي اشتراط كونها غير عاملة نظر.
ولا زكاة في البغال والحمير والرقيق.
والمتولّد من زكاتيّ وغيره يتبع الاسم.
الرابع (2) الرابع حاصل العقار المتّخذ للنماء ، ولا يشترط النصاب في ثمنه ولا في حاصله ، ولا الحول ، والمخرج ربع العشر.
ولا زكاة في المساكن والأمتعة المتّخذة للقنية.
وفيه بحثان :
وهي ثمانية :
الفقراء والمساكين ويشملهما من لم يملك مئونة السنة له ولعياله ، والفقير أسوأ حالا ، ويعطى ذو الدّار والخادم والدابة مع الحاجة والاعتياد.
ص: 166
ويمنع من يقوم به كسبه ، ولو قصر تناولها ، ويمنع من يملك خمسين إذا استنمى بها الكفاية.
ويعطى ذو السبعمائة إذا عجز عن الاستنماء ، ولو ملك قدر المئونة منع مطلقا.
وذو الملك المتّخذ للنماء إذا قصر ثمنه عن المئونة أعطي ، وإلّا فلا.
ويصدّق مدّعي الفقر بغير يمين وإن كان قويّا أو ذا أصل مال إلّا مع علم الكذب ، ولو بان كذبه استعيد ، فإن تعذّر لم يضمن الدافع.
ولا يجب الإعلام بأنّها زكاة ، بل يستحب صرفها إلى المرتفع على وجه الصّلة.
والعاملون : وهم السّعاة في جباية الصدقة ، ولو بالكتابة والحساب والدلالة ، وللإمام الجعالة ، والإجارة.
والمؤلّفة : وهم الكفّار يستمالون للجهاد.
والرقاب :وهم المكاتبون ، والعبيد ( الّذين ) (1) تحت الشدّة ، والعبد يعتق إذا لم يوجد مستحق أو عن من عليه كفّارة مع العجز.
ويعطى المكاتب مع ثبوت كتابته ، أو تصديق المولى ، أو عدم تكذيبه ، بغير يمين.
ويجوز إعطاء سيّده ، ولو صرفها في غير الكتابة ارتجعت ، ويدفعها السّيد إليه ولا يقاصّه.
ص: 167
والغارمون : وهم المدينون (1) في غير معصية مع العجز عن القضاء عنه ، ولو بغير إذنه ، وإن كان واجب النفقة حيّا وميتا ، والمقاصّة له ولغيره.
ويقبل قوله في الغرم ، إلّا أن يكذبه المستحقّ.
ولو صرفه في غيره ارتجع.
وفي سبيل اللّه : وهو الجهاد وكلّ قربة ، ولا يشترط فقر الغازي ، ويعطى على حسب حاله ، وإذا غزا لم يرتجع منه الفاضل ، ولو لم يغز ارتجع منه الجميع.
وابن السّبيل : وهو المنقطع به في غير بلده ، وإن كان غنيا فيه ، فيأخذ ما يوصله إليه ، ويعيد الفاضل ، ومنه الضّيف ، ويجوز الأخذ بأكثر من سبب.
يشترط في الجميع إلّا المؤلّفة الإيمان ، والولد تابع ، فلا يعطى كافر ولا مخالف وإن كان مستضعفا ، ولو أعطى المخالف مثله أعاد إن استبصر.
ولا تشترط العدالة ، وقيل : يشترط مجانبة الكبائر (2) وهو حسن.
وأن لا يكون هاشميّا إلّا أن يعطيه مثله ، أو يقصر الخمس فيعطى التتمة خاصّة ، وتجوز المندوبة مطلقا.
والهاشمي من ولده أبو طالب والعبّاس والحارث ، وأبو لهب ، ولا يمنع مواليهم ولا بنو المطلب.
ويزيد في الفقراء والمساكين أن لا يكونوا واجبي النفقة بالنسب أو
ص: 168
الزوجيّة أو الملك ، إلّا أن يكون غازيا أو عاملا أو غارما أو مكاتبا أو ابن سبيل ، ويعطى ما زاد عن نفقة الحضر.
و [ يشترط ] في العامل ، العقل والبلوغ والإيمان ، وكونه غير هاشميّ ، والعدالة ، وفقه الزكاة ، لا الحرّيّة ، وفي المكاتب عجزه ، وفي الغارم عدم المعصية به أو (1) جهل سببه ، ويعطى المنفق فيها من سهم الفقراء (2) وفي ابن السّبيل والضّيف الحاجة وإباحة السّفر.
وفيه مباحث :
الأوّل : المخرج وهو المالك أو وكيله ، ووليّ الطفل أو المجنون ، ويستحبّ صرفها إلى الإمام خصوصا في الظاهرة ، وفي الغيبة إلى الفقيه المأمون ، ولو طلبها الإمام وجب الدفع إليه ، فلو فرقها حينئذ لم يجز.
ويجب نصب العامل ، والدفع إليه مع الطلب ، ولا يفرّقها إلّا بإذن الإمام.
ويصدّق المالك في الإخراج بغير بيّنة ويمين ، ويستحبّ بسطها على الأصناف وجمعيّة كلّ صنف ، وصرفها في بلد المال ، والفطرة في بلده ، ودعاء الإمام إذا قبضها ، والعزل لو لم يوجد (3) المستحقّ ، ويجب الإيصاء بها إذا ظنّ الوفاة.
ص: 169
ويجوز أن يخص صنفا وإن كان واحدا ، وأقلّ ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأوّل ، ولا حدّ للأكثر إلّا أن تتعاقب العطيّة فبلغ مئونة السّنة.
ولا يجوز نقلها مع وجود المستحقّ ولوالي بلد المالك ، ويجزئ مع الإثم والضمان ، وينتفيان مع فقده.
ويكره أن يملك ما أخرجه اختيارا.
الثاني : الوقت ، وهو هلال الثاني عشر ، مع وجود المستحقّ ، والتمكّن من الدّفع إليه ، ويجب على الفور ، ويضمن لو أخّر ، ولا يجوز تقديمها ، فإن آثر مثلها قرضا احتسبه مع الوجوب وصفة الاستحقاق ، وإلّا استعيدت ، فلو تعذّر غرم ، وللقابض دفع العوض مثلا أو قيمة وقت القبض ، ولو تعذّر المثل فالقيمة وقت التعذّر.
وللمالك الاستعادة ودفع غيرها وصرفها إلى غيره وإن كان مستحقا ، وليست زكاة معجّلة ، فلا يؤخذ منه النماء المتّصل والمنفصل ، ولو استغنى به جاز الاحتساب وإلّا فلا ، ولو تمّ به النصاب سقطت.
ولو نواها زكاة معجّلة ، فإن علم الفقير وجب الردّ مع طلبها ، وإلّا فالقول قول المالك مع اليمين في قصد التعجيل أو ذكره ، وكذا لو اختلفا في كونها زكاة أو قرضا ، إلّا أن يعلم اللفظ.
الثالث : النيّة ، ويجب التعيين وقصد الوجوب أو النّدب ، ولا يكفي اللفظ ، ويجب مقارنة الدفع إلى الفقير أو الإمام أو السّاعي ، ثمّ لا يفتقر إلى نيّة أخرى.
ولو لم ينو المالك ، ونوى الإمام أو الساعي أجزأ ، وقيل : إن أخذت
ص: 170
كرها أجزأ وإلّا فلا (1) ، ولو دفع إلى وكيله ونويا أو أحدهما أجزأ.
ويتولّاها الوليّ عن الطفل والمجنون ويجزئ بعد الدفع إلى الفقير مع بقاء العين.
ولا يشترط تعيين ما يخرج عنه ، فيجوز أن ينوي عن أحد ماليه ، وكذا لو قال : « إن كان مالي باقيا فهذه زكاته وإن كان تالفا فهي نفل ».
ولو قال : « إن كان مالي باقيا فهذه زكاته ، أو نفل » لم يجزئ ، وكذا لو نوى عن مال يرجو حصوله.
ولو دفعها عن الغائب فبان تالفا ، جاز النقل إلى غيره مع بقاء المدفوع مطلقا ، ومع تلفه إن علم الفقير بالحال.
إذا قبضها الإمام أو الساعي أو الفقير ، برئت ذمّة المالك. ولو تلفت ، بخلاف قبض الوكيل ، ولو عزلها زكاة تعيّنت ، وليس له إبدالها.
ولو لم يخلّف المشتري من الزكاة وارثا ورثه أربابها.
وتتعلّق الزكاة بالعين ، فلو باع المالك قبل الأداء ، فسخ العامل في قدر الزكاة ، إلّا أن يؤدّي المالك من غيره ، وللمشتري الخيار لو لم يؤدّ ، وإن لم يفسخ العامل لتزلزل الملك ، وهل له ذلك مع الأداء؟ الأقرب لا ، لزوال الشركة.
ص: 171
وهذا التعلّق أصليّ لا كتعلّق الشركة ، لجواز إخراج القيمة ، ولا كتعلّق الدين بالرهن ، لسقوطها أو بعضها بتلف النصاب أو بعضه ، بخلاف تلف الرهن أو بعضه ، ولا كتعلّق أرش الجناية ، لعدم سقوطها بإبراء الفقير ، بخلاف ما لو عفا المجنيّ عليه.
وأجرة الكيّال والوزّان على المالك.
ويستحبّ وسم النّعم في القويّ المنكشف ، ويكتب ما هي له. (1)
ص: 172
وفيه مطالب :
الأوّل : فيمن تجب عليه ،وهو المكلّف الحرّ الغنيّ ، فلا تجب على الصّبيّ ، ولا المجنون ، والمغمى عليه عند الهلال ، ولا على العبد القنّ والمدبّر ، وأمّ الولد ، والمكاتب المشروط ، والّذي لم يؤدّ ، فإن تحرّر بعضه قسّطت إلّا أن يعوله المولى ، ولا على الفقير ، وهو من لم يملك مئونة السّنة له ولعياله بالفعل ، فلا تجب على ذي الصنعة القائمة به ، لأنّه ليس غنيّا ، ومنعه من أخذ الزكاة لعدم الشرط وهو الحاجة.
وتستحبّ للفقير ، وأقلّه صاع يديره على عياله ثمّ يتصدّق به ، ولا يجزئ هنا احتساب قيمة الصّاع.
وتعتبر الشرائط عند الهلال ، فلو حصلت بعده قبل الزّوال استحبّت.
وتجب على الكافر والمرتدّ ، ولا تصحّ منهما ، وتسقط بإسلام الكافر لا المرتدّ.
الثاني : فيمن تخرج عنه ،وهو كلّ من يعوله فرضا أو نفلا ، كبيرا أو صغيرا ، حرّا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، حتّى الضّيف ، ويتبع الاسم ، ولا يشترط الأكل.
ص: 173
ومن تجب زكاته على غيره تسقط عنه كالضّيف والزّوجة الموسرين ، والحقّ أنّ الوجوب تحمّل لا أصالة ، فلو أخرجت زوجة الموسر أجزأ.
ولو أعسر الزّوج وأيسرت المرأة وجبت عليها.
ولو تحرّر بعض العبد لم تخصّ المهاياة صاحب النوبة ، وزكاة العبد المشترك ، عليهما بالنسبة إلّا أن يعوله أحدهما.
وتقسّط التركة على زكاة المملوك والدين لو ضاقت إن مات بعد الهلال ، وإلّا وجبت على الوارث على توقّف.
ولا تسقط عن المولى بالإباق والغصب والرهن والضلال إلّا أن يعوله أحد.
وزكاة الموهوب على المتّهب إن قبض قبل الهلال ، وإلّا فعلى الواهب ، ولو مات المتّهب قبل القبض وجبت على الواهب ، ولو مات الواهب قبله ، وجبت على الوارث.
ولو قبل الوصيّة به قبل الهلال فالزكاة عليه ، وبعده يجب على الوارث على توقّف.
الثالث : في الواجب ، وهو صاع من الحنطة ، أو الشعير ، أو التمر ، أو الزبيب ، أو الارز ، أو الاقط ، أو اللبن وقيل من اللّبن أربعة أرطال (1).
وأفضلها التمر ، ثمّ الزبيب ، ثمّ غالب القوت ، ويخرج من غيرها بالقيمة السوقية.
ص: 174
والدقيق أصل دون الخبز ، والسّمن والجبن والرطب والعنب فيخرج بالقيمة.
ولا يجزئ المعيب ولا نصف صاع أعلى يساوي صاعا أدنى ، ولا صاع من جنسين أو أكثر.
الرابع : في وقتها ،وتجب بهلال شوّال بعد الغروب ، ويمتدّ إلى الزوال ، ولا يجوز التقديم على الهلال إلّا قرضا.
ويستحبّ التأخير إلى قبل الخروج إلى المصلّى ، ولو خرج وقت الصلاة فإن عزلها أخرجها أداء ، وإلّا قضاء ، ولو أخّر دفعها بعد العزل ضمن مع الإمكان ، وإلّا فلا.
ولا يجوز حملها مع وجود المستحقّ ، فيضمن معه لا مع عدمه.
الخامس : في مصرفها ،وهو مصرف زكاة المال ، ويكره أن يعطي الفقير أقلّ من صاع إلّا مع الاجتماع والقصور ، ويجوز أن يعطي الواحد ما يغنيه دفعة ، ويستحبّ تخصيص القرابة بها ، ثمّ الجيران ، ودفعها إلى الإمام أو نائبه ، وفي الغيبة إلى فقهاء الشّيعة ، ولو أخرجها المالك جاز.
* * * * *
ص: 175
ص: 176
ص: 177
ص: 178
وهي التّبرع بالشّي ء قربة إلى اللّه تعالى ، ولا تختصّ بمحلّ ولا نصاب ولا قدر.
ويشترط الإيجاب والقبول والقبض بإذن المالك ، والقربة ، ولا يصحّ الرجوع فيها مطلقا ، والتوسعة على العيال من أفضل الصدقة ، وأفضلها على القرابة ، ثمّ الإخوان.
فالمطلقة الدرهم بعشرة ، وعلى ذي العاهة بسبعين ، وعلى القريب بسبعمائة ، وعلى العالم بتسعة آلاف ، وعلى الميت بسبعين ألفا ، وصدقة السّرّ بسبعين.
والمتّهم يعلن بها.
وتجوز على الهاشميّ والذمّي مطلقا ، وتحرم على الناصب.
وتستحبّ بالمحبوب.
وفائدتها في الآخرة الثواب وفي الدنيا تدفع سبعين بابا من السوء ، كميتة السوء ، والحرق ، والغرق ، والهدم ، والجنون ، وتدفع الظّلوم ، وتشفي المريض.
ويستحبّ أن يعطى السائل بيده ، ويؤمر بالدعاء له ، ويتنزّل بها الرزق ، وتدفع شرّ يومها وشرّ ليلها ، وتعيذ المسافر من الوعثاء ، وتقضي الدين ، وتزيد المال ، وتخلف بالبركة.
ص: 179
وتستحبّ البدأة بها ، وتعجيلها ، وتصغيرها ، وسترها ، وعن الولد ، ويستحبّ بيده ، والوكيل في الصدقة أحد المتصدّقين ولو تعدد.
ويكره ردّ السائل ولا سيّما ليلا ، والصدقة بجميع ماله.
وتحرم مع التضرّر ، وصدقة المديون بالمجحف ، والمنّ بها ، وشكوى الفقر ، والسؤال لغير اللّه ، ولا سيّما إلى المخالف ، ولغير الحاجة.
ومنها الضيافة ، والهدية ، وسقي الماء ، والكلمة الليّنة ، وبذل الجاه ، وإنظار المعسر ، فإنّه بكلّ يوم صدقة.
وصنائع المعروف تدفع مصارع السوء.
* * * * *
ص: 180
ص: 181
ص: 182
وفيه بحثان :
وهو سبعة :
الأوّل : غنائم دار الحرب : ما حواه العسكر - كالأمتعة - أولا - كالأرض - ومنها ما يغنم من أموال البغاة.
الثاني : الكنز ، وهو المال المذخور تحت الأرض ، ومنه ما وجد في ملك أو دابّة مبتاعين ، ولم يعرفه (1) المالك ، فإن عرفه فهو له من غير بيّنة ويمين. ولا يعرّف ما يوجد في جوف السّمكة.
والموجود في دار الإسلام ولا أثر له عليه كنز ، وإلّا فلقطة وإن كانت مواتا.
والموجود في دار الحرب مطلقا كنز وإن كانت عامرة.
والقول قول المؤجر مع يمينه في ملكيّة الكنز ، وقول المستأجر في قدره.
الثالث : المعدن منطبعا كالذهب ، أو مائعا كالقير ، أو غيرهما كالياقوت ، والنّصاب فيه وفي الكنز عشرون دينارا بعد المئونة.
ص: 183
الرابع : ما يخرج بالغوص كالدرّ والجوهر ، لا ما أخذه بغير غوص ، (1) إذا بلغت قيمته دينارا فصاعدا دفعة أو دفعات ، ومنه العنبر إن أخذ بالغوص ، وإلّا فمعدن.
ويجب على الواجد ، سواء الحرّ والعبد ، والصغير والكبير ، والمسلم والكافر ، وكذا في الكنز والمعدن ، ولا نصاب لغير هذه الثلاثة.
الخامس : ما يفضل عن مئونة السّنة له ولعياله ( مطلقا ) (2) من أرباح التجارة والصناعة والزراعة والغرس لا غير ، ويحسب عليه الإسراف ، وله التّقتير ، وله تأخيره حولا ، ولا يتوقّف الوجوب عليه.
ويجبر الخسران في الحول بالرّبح فيه ، ولو كسب دفعة اعتبر الحول ، ولو كان تدريجا اعتبر من حين الشروع في التكسب ، ثمّ يخمّس عند انتهائه.
وتؤخذ المئونة من طارف المال لا من تلاده. (3)
السادس : الحلال الممتزج بالحرام ، مع اشتباه المالك والقدر ، فلو عرفهما أدّاه ، ولو عرف مالكه صالحه ، أو المقدار تصدّق به ، ولو علم الزيادة على الخمس تصدّق بالزائد مع الخمس.
ولو وجب قبل المزج الخمس قدم ما أوجبه المزج.
السابع : الأرض الّتي اشتراها الذّمي من مسلم ، سواء وجب فيها الخمس كالمفتوحة عنوة ، أو لا كالّتي اسلم أهلها طوعا.
ص: 184
وهو اللّه سبحانه وتعالى ، والنبيّ ، والإمام وهو ذو القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل ، فنصيب الثلاثة الأولى للنّبي ، وبعده للإمام عليه السلام.
ويشترط في الباقين انتسابهم إلى عبد المطّلب بالأبوّة ، وهم أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب ، الذكر والأنثى ، والإيمان أو حكمه لا العدالة ، وفقر اليتيم وحاجة ابن السبيل في بلد التسليم.
ولا يجب استيعاب الأصناف ولا التعميم ، ويجوز المقاصة للحي والميت.
ويحرم حمله مع وجود المستحقّ ، فيضمن معه لا مع عدمه.
وينتقل ما قبض النبيّ والإمام إلى وارثه.
وله ما يفضل عن كفاية الطوائف بالاقتصاد ، وعليه التمام.
ويجب دفعه إليه ، ومع الغيبة يصرف النصف إلى أربابه ، ويحفظ حقّه بالوصاة أو الدفن ، إلّا أن يعوز الأصناف فيتمّ لهم ، ولا يتولّى ذلك إلّا ( الإمام ) (1) الحاكم.
ص: 185
الأنفال بعد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم للإمام ، وهي الأرض المملوكة بغير قتال انجلى أهلها ، أو سلّموها طوعا ، والموات الّتي باد أهلها ، أو لم تملك ، ورءوس الجبال ، وبطون الأودية وما بها ، والآجام ، وغنيمة من قاتل بغير إذنه ، وميراث من لا وارث له ، وصوافي الملوك وقطائعهم غير المغصوبة من مسلم أو معاهد.
وله أن يصطفي من الغنيمة الأمة الحسنة ، والفرس الجواد ، والثوب الفاخر ، وغير ذلك من غير إجحاف.
وإذا قاطع على شي ء من حقوقه ، وجب عليه الوفاء ، وحلّ الفاضل.
والمتصرّف في حقّه بغير إذنه غاصب ، والفائدة له.
وأبيح لنا خاصّة في الغيبة المناكح والمساكن والمتاجر ، سواء كان كلّه للإمام أو بعضه ، ولا يجب إخراج حصّة الطوائف.
ص: 186
ص: 187
ص: 188
وهو لغة الإمساك ،وشرعا الإمساك عن المفطرات نهارا مع النيّة ، والنظر في مقاصد :
وهو اثنان :
ويكفي في المتعيّن الواجب والمندوب القصد إلى الصّوم لوجوبه أو ندبه قربة إلى اللّه تعالى ، ويجب التعيين (1) في غيره ، وهو القصد إلى صوم خاصّ كالكفّارة ، وتبطل لو ذهل عنه.
ووقتها ليلا ، وتتضيّق عند أوّل جزء من الصّوم (2) ، وتبطل بتركها عمدا ، ولا تجب الكفّارة ، ويمتدّ وقتها للناسي وجاهل الوجوب ومن تجدّد عزمه إلى الزّوال ، ولا تمتدّ نيّة النّفل بامتداد النهار ، ولا يجب تجديدها بعد المنافي.
ويشترط الجزم فلو ردّد نيّته بين الواجب والندب ، أو نوى ليلة الشك
ص: 189
الوجوب إن كان من رمضان وإلّا ندبا ، أو الوجوب لظنّ انّه منه لم يجزئ.
ويجب استمرارها حكما ، فلو نوى الإفطار ليلا ثمّ جدّد النيّة قبل الزوال لم ينعقد ، وكذا لو نوى بعد الصوم الإفطار ثمّ نوى الصّوم.
وتتعدّد النيّة بتعدّد الأيّام في غير رمضان وفي بعضه إجماعا ، فلا تجزئ فيه نيّة واحدة عن الشهر على الأقوى.
ولو نوى ليلة الشكّ الندب ، فبان أنّه من رمضان أجزأ عنه ، وكذا لو بان في الأثناء إن جدّد النيّة ، ولو بعد الزّوال ولو نواه عن القضاء أجزأ عن رمضان ، وإن أفطر بعد الزّوال فلا كفّارة مطلقا.
ولو نوى الإفطار ثمّ ثبت قبل الزوال ، جدّد النيّة وأجزأه ، وبعده يمسك واجبا ويقضي ، ولو كان تناول أمسك وقضى مطلقا ، ولا يجزئ الناسي تقديم النيّة.
ولو نوى في رمضان غيره لم يجزئ عن أحدهما.
الأوّل : الإمساك عمّا يوجب القضاء والكفّارة ، وهو تعمّد الجماع قبلا أو دبرا ، وكذا المفعول به ، لا بوطء الدابّة ، والاستمناء والإمناء بالملاعبة والملامسة لا بالنظر ، والاستمتاع على توقّف ، والبقاء على الجنابة (1) حتّى يطلع الفجر ، والنوم على الجنابة غير ناو للغسل والنوم بعد انتباهتين حتّى يطلع الفجر ، والأكل والشرب وإن لم يكن معتادا ، وفي معناه الغبار ، وابتلاع بقايا الغذاء في الأسنان ،
ص: 190
والنخامة إذا صارت في فضاء الفم لا بالمنحدرة من الدماغ وإن قدر على قطعها.
ويجب مع القضاء والكفّارة التعزير ، فإن تكرّر مرّتين قتل في الثالثة ، ويعذر الناسي مطلقا ، والمكره ومن وجر في حلقه ، ومن خوّف على توقّف ، لا الجاهل ، فلو أكل بعد إفطاره ناسيا توهّما إباحة الإفطار وجبت عليه.
ويجوز الجماع إذا بقي لطلوع الفجر قدر الوقاع والغسل ، فلو علم التضيّق كفّر ، ولو ظنّ السّعة فلا شي ء إن راعى (1) وإلّا فالقضاء.
ويجوز الأكل والشرب إلى أن يطلع الفجر فيلفظ ما في فيه ، فإن ابتلعه كفّر.
ولو تركت الحائض أو المستحاضة الغسل ليلا ، وجب القضاء دون الكفّارة.
القسم الثاني : الإمساك عمّا يوجب القضاء ، ويجب بفعل المفطر والفجر طالع ظانّا بقاء اللّيل ، وبتقليد المخبر ببقائه ، وبترك تقليده في طلوع الفجر ، وبتقليد المخبر بدخول اللّيل ولم يدخل ، مع القدرة على المراعاة في ذلك كلّه ، وبالإفطار للظّلمة الموهمة دخول اللّيل لا مع غلبة الظنّ ، وبتعمّد القي ء دون ذرعه (2) ، وبسبق الماء إلى الحلق إذا تمضمض واستنشق عبثا أو للتبرّد لا للطهارة ، وبسبق ما وضعه في فيه لغير غرض صحيح ، والحقنة بالمائع.
والسّعوط بما يتعدّى إلى الحلق لا إلى الدماغ ، وبصبّ الدواء في الإحليل إذا وصل إلى الجوف ، وبنوم الجنب ثانيا مع نيّة الغسل وطلوع
ص: 191
الفجر ، ولا شي ء في النومة الأولى ، وبالارتماس لا بغمس رأسه في الماء.
ويقضي ناسي غسل الجنابة الصّوم والصلاة ، ولا يقضي المتمكّن من الغسل إذا أهمل وفقد الماء.
ولا يفطر بابتلاع الريق إلّا أن ينفصل عن الفم ، ولا بمضغ العلك (1) إلّا أن يتعيّن طعمه به ، ولا بتبقية الغذاء في الأسنان ، ولا بالاكتحال وإن صبغ الريق ، ولا بالفصد والحجامة ، ولا بالتقطير في الأذن إلّا أن يصل إلى الجوف ، ولا بابتلاع الذبابة إلّا أن يقصد ، ولا بدخول ماء الاستنشاق دماغه ، ولا بشرب الدماغ الدهن ، ولا بمصّ الخاتم وذوق الطّعام ومضغه للصبي وزقّ الطائر.
ويستحبّ السّواك بالرطب واليابس.
القسم الثالث : الإمساك عن أشياء وإن حرمت بغير الصوم ، وهي الكذب على اللّه ورسوله والأئمّة عليهم السلام ، والكذب مطلقا ، والغيبة ، والهذيان ، وأنواع المعاصي.
وتكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة ، والاكتحال بما فيه مسك أو صبر (2) ، وإخراج الدم ، والحمام المضعفين ، وشمّ الرياحين ، ويتأكّد النّرجس ، والسعوط بغير المتعدي ، والحقنة بالجامد ، وبلّ الثوب على الجسد ، واستنقاع الرجل في الماء ، وجلوس المرأة فيه ومضغ العلك والتقطير في الأذن.
ويستحبّ الإمساك للمريض والمسافر عند القدوم والبرء على تفصيل يأتي ، وللحائض والنفساء إذا طهرتا بعد الفجر ، والكافر إذا أسلم بعده ، والصبيّ والمجنون والمغمى عليه إذا كلّفوا في أثناء النّهار.
ص: 192
وهو اثنان :
الأوّل : قبول الزمان ، فلا يصحّ صوم العيدين وأيّام التشريق للناسك ، ولا صوم اللّيل وإن ضمّه إلى النّهار ، ولو نذر الأيّام الخمسة أو الليل لم ينعقد ( وهي العيدان وأيّام التشريق ) (1) ولو وافقت نذره أفطر ولا قضاء.
واليوم من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب الحمرة.
الثاني : قبول المحلّ له ، فلا يجب على الصّبي ، والمجنون ، والمغمى عليه ، ولا يصحّ منه وإن سبقت منه النيّة ، ويصحّ من النائم مع سبقها أو تجديدها قبل الزوال ، ولا من السكران وإن وجب عليه ، ولا من المسافر مع وجوب القصر ، ولا يصحّ منه الواجب إلّا ما يستثنى ، ويكره المندوب ، وشرائط القصر والحكم هنا كالصلاة ، ويزيد الخروج قبل الزّوال.
ولا يفطر حتّى يتوارى الجدران أو يخفى الأذان ، وهو نهاية السّفر.
ولو خرج قبل الزّوال وزالت الشّمس قبل خفاء الجدران لم يقصّر وإن خفيت.
ص: 193
ولو قدم قبل الزوال ولم يتناول أمسك واجبا ، ولو انتفى الأمران أو أحدهما أمسك ندبا.
ولو علم قدومه قبل الزوال جاز الإفطار ، والإمساك أفضل. ويقضي العالم بوجوب القصر دون الجاهل والناسي.
ولا على المريض المتضرر به ويعلم بالوجدان أو بقول عارف ولو تكلّفه قضاه ، وبرؤه كقدوم المسافر.
ولا على الحائض والنفساء ولو في أثناء النهار ، ويصحّ من المستحاضة مع غسلي (1) النّهار ، فلو أخلّت بأحدهما قضت ولا كفّارة.
ولا يصحّ من الكافر وإن وجب عليه ، ولو ارتدّ المسلم في الأثناء فسد صومه وإن تاب ، ولا من متعمّد البقاء على الجنابة حتّى يصبح ، فلو لم يعلم بها في رمضان والمعيّن أو استيقظ جنبا فيهما أو لم يتمكّن من الغسل ، أو احتلم بالنّهار ، لم يفسد.
ولو استيقظ جنبا في غيرهما فسد ، بخلاف ما لو احتلم في الأثناء.
ويستحبّ تمرين الصّبي والصّبية لسبع مع الطاقة ، وهو شرعي فيثاب عليه ، ويجب عند البلوغ.
ويتحقق بالاحتلام أو الإنبات أو بلوغ خمس عشرة في الذكر وتسع في الأنثى.
ص: 194
وهو واجب ، وندب ، ومحرّم ، ومكروه. فالواجب ستّة : شهر رمضان ، والكفّارات ، وبدل الهدي ، والنذر وشبهه ، وقضاء الواجب ، وصوم الاعتكاف الواجب.
أمّا شهر رمضان ففيه بحثان :
وهي رؤية هلاله (1) وإن انفرد وردت شهادته ، ويعلم بالشياع وبمضيّ ثلاثين من شعبان ، ويثبت بشهادة عدلين مطلقا ، ولو تغاير وقت الرؤية مع اتّحاد اللّيلة ، فلو شهد أحدهما برؤية شعبان ليلة الخميس والآخر برؤية رمضان ليلة السّبت لم يقبل ، ولو اسندها أحدهما إلى مضيّ ثلاثين من شعبان ، والآخر إلى الرؤية لم يثبت.
ولو شهدا بالأوّليّة وجب الاستفسار ، وهل يستفسر الحاكم (2) لو أخبر بها ، فيه احتمالات.
ص: 195
ولو ثبت بشهادتهما أوّل شهر رمضان ولم ير ليلة إحدى وثلاثين مع الصحو ، لزم الإفطار على توقّف.
وحكم البلاد المتقاربة متّحد بخلاف المتباعدة ، فلو رأى هلال رمضان في بلده ثمّ لم ير في البعيدة صام معهم الحادي وثلاثين ، وبالعكس يفطر التاسع والعشرين.
ولو أصبح معيّدا (1) ثمّ انتقل إلى موضع لم ير فيه صام.
ولو أصبح صائما ثمّ انتقل إلى موضع رئي فيه أفطر.
ولا يثبت بشهادة الواحد ولا بالنساء منفردات ولا منضمّات ، ولا بالجدول ، والعدد ، ولا بعدّ خمسة من الماضية ، والتطوّق ، والغيبوبة بعد الشّفق ، ورؤيته قبل الزّوال.
ولو اشتبه هلال شعبان عدّ ما قبله ثلاثين وهكذا باقي الشهور.
والمحبوس يصوم شهرا متتابعا ويجزئ إن استمرّ الاشتباه ، أو تأخّر عن رمضان ، ولو تقدّم لم يجزئ ، ولو نقص وكمل رمضان أتمّ.
وناذر الدهر سفرا وحضرا لو سافر سنة واشتبه العيدان لم يفطر عنهما بل يقضي رمضان.
الأوّل : القضاء ، ويجب على من ترك الصوم لسفر ، أو مرض ، أو نوم ، أو حيض ، أو نفاس ، أو ردّة مطلقا ، لا لصغر أو جنون أو إغماء أو كفر أصليّ.
ص: 196
ويستحبّ فيه التتابع ، ويجوز فيه الإفطار قبل الزوال ، ويحرم بعده.
ولا يجوز تأخيره من عام الفوات ، ويستحبّ تعجيله.
الثاني : الكفّارة ، ويجب بتعمّد الإفطار في رمضان ، والنذر المعيّن والاعتكاف الواجب ، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ، وفي القضاء بعد الزّوال إطعام عشرة مساكين ، لكلّ مسكين مدّ ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.
وتتكرّر بتكرّر الموجب في يومين لا في يوم مطلقا وإن وجب الإمساك.
ولو أكره زوجته تحمّل عنها الكفّارة لا القضاء ، ولو طاوعته كفّر كلّ واحد عن نفسه وعزّر بخمسة وعشرين سوطا.
وفي التحمّل عن الأمة والأجنبيّة والغلام وتحمّل المرأة لو أكرهته توقّف ، ولا يتحمّل من أكره غيره على الجماع ، ولا المجنون ، ولا المسافر ، إذا أكرها زوجتهما.
ولو أفسد الصوم ثمّ سقط فرضه بسبب اختياريّ كسفر المختار ، لم تسقط الكفّارة ، وإلّا سقطت.
ولو كفّرت بالعتق ثمّ حاضت بطل.
ويجوز التكفير عن الميّت وعن الحيّ إلّا في الصوم.
ويجب بالمحرّم كفّارة الجمع.
الثالث : الفدية ، وهي مدّ من طعام عن كلّ يوم ، وله أسباب :
الأوّل : تأخير قضاء المريض حتّى يلحقه رمضان آخر متهاونا أي
ص: 197
غير عازم على القضاء أو عازم على تركه ، ولو كان عازما عليه قضى ولا فدية ، وإن استمر مرضه فدا ولا قضاء.
ولو مات في مرضه فلا قضاء ولا فدية ، ويستحبّ لوليّه القضاء ، ولو بقي من السنة ما يسع الفائت تعيّن القضاء ، فإن أخلّ به وجب القضاء والفدية ، وإن وسع البعض صامه ، وحكم الباقي ما تقدّم من التهاون وعدمه.
لا يلحق بالمريض غيره من ذوي الأعذار على توقّف.
ويجب على الوليّ قضاء كلّ صوم واجب تمكّن الميّت من قضائه وأهمله ، ويقضى ما فات في السفر مطلقا ، والوليّ أكبر أولاده الذكور ، فلو تعدّد قسّط ويجوز اتّحاد الزمان وتغايره ، فلو بقي يوم وجب على الكفاية.
ولو تبرّع بعض سقط عن الباقين ، ولو تبرّع الغير أو استأجره الوليّ أجزأ مطلقا.
ولو كان عليه شهران صام الوليّ شهرا ، وتصدّق من التركة عن شهر.
ولا يقضى عن المرأة.
ومع عدم الوليّ يتصدّق من تركته عن كلّ يوم بمدّ.
الثاني : خوف الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن على الولد ، فيجوز لهما الإفطار ويجب القضاء والفدية ، ولا يلحق بذلك الخوف على أنفسهما ولا الخوف على الغير من الهلاك. (1)
ص: 198
الثالث : عجز الشيخ والشيخة وذي العطاش ، فيجوز لهم الإفطار ، وتجب الفدية والقضاء مع المكنة.
وأمّا باقي الصوم الواجب فسيأتي في مواضعه إن شاء اللّه.
ثمّ إنّ الواجب منه معيّن ، وهو رمضان ، وقضاؤه ، والنذر ، والاعتكاف ، وقد يجب مع المعيّن غيره كصوم كفّارة الجمع.
ومنه مخيّر وهو صوم كفّارة رمضان ، وخلف النذر والعهد وكفّارة حلق الرأس والاعتكاف الواجب.
ومنه مرتّب وهو صوم كفّارة قتل الخطأ ، والظهار ، واليمين ، وقضاء رمضان ، وبدل الهدي ، وجزاء الصّيد ، والإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا عالما.
ومنه مخيّر مرتّب ، وهو صوم كفّارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه.
ثمّ الواجب قد يجب فيه التتابع ، وهو أقسام :
الأوّل : صوم رمضان ، والنذر المعيّن ، فلو أخلّ به بنى وكفّر.
الثاني : صوم كفّارة اليمين وكفّارة قضاء رمضان ، وصوم الاعتكاف وبدل الهدي ، فلو أخلّ به استأنف إلّا في بدل الهدي إذا صام يومين وكان الثالث العيد.
الثالث : صوم كفّارة قتل الخطأ والظهار ( وكفّارة رمضان والنذر المعيّن ). (1)ونذر شهرين متتابعين ، وكفّارة المملوك في الظهار ، وقتل الخطأ ، ونذر شهر متتابع ، فإن أخلّ به لعذر بنى وتجب المبادرة ، وإلّا استأنف ، إلّا أن يصوم من
ص: 199
الشهرين شهرا ويوما ، ومن الشهر خمسة عشر يوما ، ويباح التفريق ، ولا يصوم المتتابع إلّا في زمان يسلم فيه.
وقد لا يجب ، وهو السبعة في بدل الهدي ، وجزاء الصّيد ، وقضاء رمضان ، والنّذر المطلق.
وروي أنّ القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها وإن دخل العيد وأيّام التشريق (1) ويمكن أن يقال : يصوم شهرين منها إلّا العيد وأيّام التشريق.
والمندوب : جميع أيّام السنة إلّا المستثنى ، والمؤكّد أوّل خميس ، وآخر خميس ، وأوّل أربعاء من العشر الثاني ، وتقضى لو فاتت ، ويجوز تأخيرها إلى الشتاء مع المشقّة ، ولو عجز تصدّق عن كلّ يوم بدرهم أو مدّ ، وصوم أيّام البيض ، وكلّ خميس وجمعة ، ويوم دحو الأرض ، وأوّل ذي الحجّة ، وعرفة مع تحقّق الهلال لمن لا يضعف عن الدعاء ، ويوم الغدير ، والمباهلة ، وعاشوراء حزنا ، ويوم مولد النبيّ ، ومبعثه ، ورجب ، وشعبان ، ولا يجب بالشروع فيه ، ويكره بعد الزّوال ، ويصحّ ممّن عليه صوم واجب.
والمحرّم : صوم العيدين ، وأيّام التشريق للناسك ، ويوم الشك بنيّة رمضان ، ونذر المعصية ، والصّمت ، والوصال ، وصوم المملوك ندبا بغير إذن مولاه ، والمرأة بدون إذن الزّوج ، أو مع النهي ، وصوم المسافر واجبا إلّا ثلاثة أيّام لدم المتعة ، وبدل البدنة للمفيض من عرفات قبل الغروب عامدا ، والمنذور سفرا وحضرا ، فلو نذر الدّهر كذلك لم يتناول رمضان في السّفر ، ويجوز سفره فيه اختيارا ، ثمّ يجب الإفطار والقضاء إذا حضر ، لأنّ رمضان وقضاءه مستثنيان.
ص: 200
والمكروه : صوم عرفة مع الضّعف عن الدعاء أو الشك وهو أن يرى الهلال من لا تقبل شهادته ، وصوم النافلة للمدعو إلى طعام ، وللمسافر إلّا بالمدينة ثلاثة أيّام للحاجة ، وللولد بغير إذن أبيه ، والضّيف بغير إذن مضيفه.
ويكره لمن أبيح له الإفطار الجماع والتملي من الطعام والشراب.
ص: 201
ص: 202
ص: 203
ص: 204
وهو لبث مشروط بالصّوم ثلاثة أيّام في مكان مخصوص ، وهو سنّة مؤكّدة ، ويتأكّد في العشر الأخير من رمضان ، ولا يجب إلّا بنذر وشبهه ، أو بمضيّ يومين ، ولا يجوز قطع الواجب المعيّن ، ويجوز في المطلق بعد ثلاثة ، وفي المندوب قبل الثالث.
وفيه مباحث :
وهي ثلاثة :
الأوّل : المعتكف ،وهو كلّ من يصحّ منه الصوم ، فلا يصحّ من الكافر والمرتدّ وإن طرأ ، ولا من المجنون ، والمغمى عليه ، والسكران ، والجنب ويصحّ من المميّز.
الثاني : الزمان ، وأقلّه ثلاثة أيام بليلتين متتابعة ، فلو فرّقها ، أو اقتصر على النهار بطل ، ولو نذرها كذلك لم ينعقد ، ولو نذر اعتكافا وجب ثلاثة بليلتين ، ولو وجب عليه قضاء يوم ضمّ إليه آخرين ، ويتخيّر في تعيّنه.
ولا حدّ لأكثره ، ولا يدخل الليل إلّا تبعا ، فلو نذر اعتكاف شهر أو « رجب » مثلا ، لم تجب الليلة الأولى.
ص: 205
الثالث : المكان ، وهو المسجد الحرام ، ومسجد النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ومسجد علي عليه السلام بالكوفة والبصرة ، لا غير.
وهي أربعة :
الأوّل : النيّة ، ووقتها ليلا حتّى يطلع الفجر ، فلو أصبح بها عامدا بطل ، وكذا الناسي في المندوب والنذر المطلق ، وفي المعيّن يجدّدها قبل الزّوال.
ويجب فيها القصد إلى الفعل والوجوب أو الندب ، والقربة.
الثاني : الصوم ، فلا يصحّ بدونه ، ويشترط قبول الزمان له ، فلا يصحّ في العيدين ، وأيّام التشريق ، والحيض ، والنفاس ، والمرض ، والسّفر المانعين منه ، ولا يشترط الصوم عنه ، بل أيّ صوم اتّفق وإن كان مستحبا ، ولا مماثلة الصوم ، فلو اعتكف ندبا في رمضان ، أو النذر المعيّن ، أو صام ندبا في اعتكاف واجب أجزأ ، لأنّ الاعتكاف لا يوجب الصوم بل يجب له.
الثالث : استدامة اللّبث ، فلو خرج مختارا أو مكرها بطل ، وكذا لو خرج بعض بدنه ، ولو خرج لضرورة ، كالغسل ، وقضاء الحاجة ، أو لعبادة كتشييع مؤمن ، أو جنازة ، أو للصّلاة عليه ، أو عيادة مريض ، أو إقامة الشهادة وإن لم تتعيّن عليه لم يبطل ، لكن يحرم المشي تحت الظلال ، والجلوس اختيارا ، والصلاة إلّا بمكّة ، أو تضيّق الوقت عن الرجوع.
ولا يبطله الخروج ساهيا ، بل يعود بسرعة فلو تهاون بطل ، ولا يجب تجديد النيّة إذا عاد.
ص: 206
وتخرج الحائض والنفساء والمريض إذا لم يمكن تمرّضه فيه ، أو لم يأمن وقوع النجاسة.
والمطلّقة رجعية تعتدّ في منزلها ثمّ تقضيه إن لم يتعين وإلّا في المسجد.
وفي كون صعود السّطح خروجا توقّف.
الرابع : إذن من له ولاية في المندوب ، كالزوج والمولى ، فلو بادر أحدهما بطل ، ولا فرق بين القنّ ، والمدبّر ، والمكاتب ، وأمّ الولد ، وله الرجوع في الإذن ما لم يجب.
ولو أعتق بعد التلبس أتمّ واجبا مع وجوبه وإلّا ندبا ، ولو هاياه المعتق بعضه لم يشترط إذنه في نوبته.
ولو نذر بإذن المولى ، فله المبادرة في المعيّن دون المطلق.
وهي ثلاثة :
الأوّل : يحرم على المعتكف ليلا ونهارا النّساء وطيا ولمسا وتقبيلا ، والاستمناء ، وشمّ الطّيب ، والمراء ، والبيع والشراء ، إلّا أن يضطر ، والإفطار نهارا ، ولا يحرم عقد النكاح ، ولا محرّمات الإحرام ، ويجوز النّظر في المعاش ، والخوض في المباح.
ويستحبّ أن يشترط الرجوع في الواجب والندب لعذر وغيره على الأقوى.
ص: 207
ومحلّه في الندب نيّة الاعتكاف ، فيخرج متى شاء ولو في الثالث ، وفي النذر المعيّن صيغة النذر ، فإذا خرج سقط ولا قضاء ، وليس له أن يشترطه في نيّة الاعتكاف ، وغير المعيّن إن شرطه في صيغة النذر سقط بخروجه ، وله أن يشترطه في نيّة الاعتكاف ، فحينئذ إن خرج وكان متتابعا استأنف ، وإلّا بنى إن أكمل ثلاثة.
الثاني : كلّ ما يفسد الصوم يفسده ، فتجب الكفّارة بفعل المفطر في النذر المعيّن واليوم الثالث ، وبالجماع ليلا ونهارا ، وفي غير المعيّن القضاء خاصّة ، ولا شي ء في المندوب.
ولو جامع في ليل رمضان فكفّارة وفي نهاره فكفّارتان.
ولو أكره زوجته المعتكفة ليلا فكفّارتان ونهارا أربع.
ولا يفسد بالبيع والشراء ، وكفّارته كبيرة وإن وجب باليمين.
الثالث : كلّ ما يشترطه في النذر من الزمان والمكان والهيئة المشروعة يتعيّن ، فلو نذر أن يعتكف صائما أو مصلّيا وجب ، ولو شرط التتابع لفظا أو معنى أو هما وجب ، فلو خرج في أثناء الأوّل استأنف ، وفي الثاني يصحّ ما فعل إن كان ثلاثة فصاعدا ، ويتمّ ما بقي ، ويقضي ما أهمل ويكفّر ، وفي الثالث يستأنف ويكفّر.
ولا يجب التتابع في القضاء ، ولو لم يشترط التتابع صحّ تفريقه ، وأقلّه ثلاثة ثلاثة ، ويبطل ما دونها ، وقيل (1) يصحّ أن يأتي بيوم من النذر ويضمّ إليه آخرين إلى أن يفرغ.
ص: 208
ولا يجوز تفريق الساعات إجماعا.
ولو نذر اعتكاف شهر كفاه الهلالي وثلاثون ، ولو عيّن العشر الأخير كفاه التسعة لو نقص.
ولو نذر اعتكاف يوم صحّ ولم تدخل الليلة وضمّ إليه آخرين ، ولو قال : « لا غير » بطل.
ولو نذر أربعة فأخلّ بيومين استأنف ، وبيوم يصحّ ما فعل ويضمّ آخرين ، ولو لم يعلم بالشهر المعيّن حتّى خرج قضاه ولا كفّارة ، ولو اشتبه تخيّر ، وكذا لو غمت الشهور.
ولو مات بعد تمكّنه من قضائه وجب على الوليّ القضاء.
ص: 209
ص: 210
ص: 211
ص: 212
وهو لغة القصد ، وشرعا القصد إلى بيت اللّه الحرام لأداء مناسك مخصوصة في زمان مخصوص ، وهو من أعظم أركان الإسلام ، ويجب بأصل الشرع مرّة واحدة على من استكمل الشروط من الرّجال والنساء والخناثي وجوبا على الفور ، وقد يجب بالنذر وشبهه وبالإيجار والإفساد ، ويتكرّر بتكرّر السبب.
وغير ذلك مستحبّ.
والنظر في أنواعه وشرائطه وأفعاله ولواحقه.
أمّا التمتّع ففيه بحثان :
الأوّل : في صورته ، وهو أن يحرم من الميقات بعمرة التمتّع ، ثمّ يطوف لها (1) ثمّ يصلّي ركعتيه ، ثمّ يسعى ، ثمّ يقصّر ، ثمّ يحرم للحج ، ثمّ يقف بعرفة إلى الغروب ، ثمّ بالمشعر إلى طلوع الشمس يوم النحر ، ثمّ يأتي منى فيرمي جمرة العقبة ، ثمّ يذبح ، ثمّ يهدي (2) ثمّ يحلق رأسه أو يقصّر ، ثمّ يمضي إلى مكّة
ص: 213
فيطوف للحجّ ، ويصلّي ركعتيه ، ثمّ يسعى له ، ثمّ يطوف للنساء ، ويصلّي ، ثمّ يعود إلى منى للرمي والمبيت.
الثاني : في شروطه ، وهي خمسة :
الأوّل : النيّة.
الثاني : وقوعه في أشهر الحجّ ، وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجّة ، فلا يجوز إنشاء عمرة التمتّع قبلها وإن فعل بعض الأفعال فيها.
الثالث : أن يأتي بالحجّ والعمرة في عام واحد.
الرابع : تقديم العمرة على الحجّ.
الخامس : أن يحرم بالحجّ من بطن مكّة.
وهذا القسم فرض من نأى عن مكّة ثمانية وأربعين ميلا من كلّ جانب.
وأمّا الإفراد ففيه بحثان :
الأوّل : في صورته وهو أن يحرم من الميقات أو من دويرة أهله إن كانت أقرب ، ثمّ يقف بعرفة ، ثمّ بالمشعر ، ثمّ يأتي بالمناسك يوم النحر ، ثم يطوف للحجّ ، ويصلّي له ، ثمّ يسعى للحجّ ، ثمّ يطوف للنساء ، ويصلّي له ، ثمّ يحرم بعمرة مفردة من أدنى الحلّ ، ولا تصحّ من دون ذلك ، وإن خرج إليه يستأنف فيه ، ثمّ يأتي بأفعالها.
ويصحّ وقوعها في غير أشهر الحجّ.
ص: 214
البحث الثاني : في شروطه
وهي أربعة :
الأول : النيّة.
الثاني : إيقاع الحجّ في أشهره.
الثالث : تأخير العمرة عن الحجّ.
الرابع : إحرامه من الميقات أو من دويرة أهله.
وأمّا القران ، فصورته وشروطه كالإفراد ، ويتميّز عنه بسياق الهدي عند الإحرام ، ونيّة القران ، ويسقط الهدي عن القارن والمفرد ، ويستحبّ التضحية.
وهذا القسم والإفراد فرض أهل مكّة وغير النائي ومن أقام بمكة سنتين ، فلو أقام دونها لم ينتقل فرضه ، ولزمه الخروج إلى الميقات ، فإن تعذّر فإلى خارج الحرم ، ثمّ من موضعه.
والنازل بمكّة وناء يعتبر أغلبهما ، ومع التساوي يتخيّر ، ولا يجوز أن يعدل من أحدهما إلى فرض الآخر إلّا لضرورة ، فيعدل المتمتّع إلى الإفراد لظنّ ضيق الوقت ، والحائض والنفساء إذا ضاق وقت التربّص ، ويعدل المفرد أو القارن إلى المتعة لخوف العدو ، أو فوات الصحبة ، أو خوف الحيض.
ويجوز للمفرد لا القارن إذا دخل مكّة العدول إلى التمتّع وروي (1) انّه إذا لبّى بعد سعيه فلا متعة له.
ص: 215
ويجوز للمفرد والقارن إذا دخلا مكّة الطواف ندبا ، وتقديم طواف الحجّ على الوقوف بعرفات ، والأولى تجديد التلبية بعد صلاة الطواف لئلّا يحلّا ، وقيل : يحلّ المفرد لا القارن (1) ولا يجوز الإحرام بالحجّ والعمرة ، ولا إدخال أحدهما على الآخر ، ولا نيّة حجّتين ولا عمرتين ، ولو فعل لم ينعقد شي ء.
ص: 216
وفيه فصول :
وهي أربعة :
الأوّل : البلوغ فلا يجب على الصّبيّ ، وتصحّ من المميّز إذا أذن له الوليّ ، ولا يصحّ من غير المميّز ، بل يحرم عنه الوليّ ، فإن كملا قبل المشعر أجزأ عن حجّة الإسلام ، ويفعل ما يمكنه من الأفعال ، ويتولّى الوليّ ما يعجز عنه ، ويجنّبه تروك الإحرام.
وعلى الوليّ الزائد عن نفقة الحضر ، ولوازم المحظورات ، والهدي ، فإن فقده صام عنه ، ويجوز أن يأمر المميّز بالصّوم.
ويستحبّ وضع الحصى في كفّ غير المميّز ، ثمّ يأخذه ويرمي عنه.
ولو وطئ قبل المشعر وجب القضاء على الصّبيّ إذا بلغ ، ولا يجزئ عن حجّة الإسلام إلّا أن يبلغ في الفاسدة قبل الوقوف.
ص: 217
والوليّ وليّ المال دون الأمّ.
الثاني : العقل ، فلا يجب على المجنون ، ولا يصحّ منه ، بل يحرم عنه الوليّ ويجزئه لو كمل قبل المشعر ، ويأتي الوليّ بالأفعال ، ويجنّبه محرّمات الإحرام.
ولو كان أدوارا ووسعت النوبة الأفعال وجب.
الثالث : الحريّة ، فلا يجب على المملوك ، قنّا كان أو غيره وإن تحرّر بعضه ، ولا يصحّ منه إلّا بإذن مولاه ، فلو بادر فله فسخه ، وله الرّجوع قبل التلبس لا بعده ، فلو علم بالرجوع لم يصحّ إحرامه وإلّا صحّ ، وليس للمولى فسخه ، والأمة تستأذن الزوج أيضا ، ولو أعتق قبل الوقوف بالمشعر أجزأ عن حجّة الإسلام ، ويجب تجديد نيّة الوجوب لا استئناف الإحرام ، ولا يجزئ لو أعتق بعده.
ولو أعتق غير المأذون استأنف الإحرام من الميقات ، ولو (1) تعذّر فمن موضعه ، فإن وسع الوقت التمتّع وجب ، وإلّا انتقل إلى غيره.
ولو أفسد المأذون وجب الإتمام والقضاء ، وعلى الوليّ تمكينه ، فإن أعتق في الفاسد قبل المشعر أتمّ ، وعليه البدنة والقضاء (2) ويجزئ عن حجّة الإسلام ، ولو كان بعده لم يجزئ (3) ووجبت حجّة الإسلام مقدمة ، ولا حكم لفساد غير المأذون.
ص: 218
ولو هاياه ، فإن وسعت نوبته الحجّ صحّ وإن لم يأذن مولاه ، وليس له تحليله إلّا مع القصور ، ويجزئ عن حجّة الإسلام إن أعتق قبل الوقوف.
ويجب على المملوك الصّوم عن الهدي ولوازم الكفّارات ، وليس للمولى منعه منه.
الرابع : الاستطاعة ، وهي الزاد والراحلة ونفقة عياله حتّى يرجع.
أمّا الزاد : فهو قدر الكفاية من القوت والمشروب بنسبة حاله ذاهبا وعائدا ، ومنه الأدوية المحتاج إليها.
وأمّا الراحلة : فتشرط فيمن يفتقر إلى قطع المسافة ، قربت أو بعدت ، وتعتبر راحلة مثله ، فيجب المحمل أو شقّه مع الحاجة (1) ويكفي ملك المنفعة ولو بالبذل ، فلا يجب على فاقدهما وإن قدر على المشي.
وأمّا نفقة عياله ، فالمراد من تجب نفقته.
ومن الاستطاعة علف الدوابّ ونفقة الجمال وشبهه ، وثمن الآلات والأوعية ، ويجب شراؤها وإن زادت عن ثمن المثل ، فإن فقدها أو فقد بعضها سقط الحجّ.
ولو تكلّفه لم يجزئه ، ولو بذلت له أو بعضها وقدر على الباقي وجب ، ولا يفتقر البذل إلى القبول بل الهبة ، ولا يجب القبول ، فإن قبل استطاع ، وكذا لو وهب مالا ، ولو حجّ في نفقة غيره أجزأه (2).
ص: 219
ولا يجب بيع دار السكنى ، والخادم ، وثياب البدن في الحجّ ، وليس وجود ذلك شرطا في الاستطاعة ، ولا تصرف أمتعة المنزل ، وآلات الصّنعة ، والسلاح ، والحليّ المعتاد فيه على توقّف.
ولا يجب التكسّب له وإن قدر عليه ، نعم لو استؤجر للمعونة بقدر الاستطاعة أو بعضها ، وبيده الباقي ، أو شرطت له ، استطاع.
ولا يجب على المديون إلّا أن يفضل عن دينه ما يقوم بالحجّ ، والمدين إن قدر على اقتضاء ما يحتاج إليه ، فهو مستطيع ، وإلّا فلا.
ويجب بيع العروض وإن كان بدون ثمن المثل ، أو الاقتراض وإن كان بفائدة.
ويصرف رأس ماله في الحجّ وإن افتقر إليه في تجارته ، وكذا العقار وإن صار فقيرا.
وصرف المال في الحجّ أولى من النكاح وإن خاف العنت.
ولا يشترط الرجوع إلى بضاعة أو صناعة أو حرفة ، ولو حجّ عن غيره لم يجزئه إذا استطاع.
ولو حجّ المستطيع بمال مغصوب أجزأ إن كان ثمن ثوبي الإحرام والهدي وما يطوف عليه ويسعى مباحا.
ولا يجب على الولد البذل لأبيه.
ومن الاستطاعة إمكان المسير ، فيدخل تحته أمور : (1)
ص: 220
الأوّل : الصحّة من المرض ، فلو تضرّر بالركوب سقط وإلّا وجب.
الثاني : الاستمساك على الراحلة ، فلو كان معضوبا (1) لا يستمسك أصلا سقط ، ولو أمكنه بمحمل أو مزامل وجب ، فان تعذّر سقط ، والعاجز عن الحركة العنيفة مع احتياجه إليها يتوقّع زوالها والقدرة عليها ، فلو مات قبل ذلك لم يقض عنه.
والأولى انّ المريض والمعضوب إن استطاعا قبل العذر ، فإن رجي زواله توقّعاه ، ولو ماتا قضي عنهما ، وإلّا وجبت الاستنابة ، وإن استطاعا فيه لم يجب بل يستحبّ.
الثالث : سعة الوقت لقطع الطريق وأداء المناسك ، ويجب المسير مع أوّل قافلة إلّا أن يثق بغيرها ، فإن أخّر وبقيت الاستطاعة إلى انقضاء الحجّ استقرّ الحجّ في ذمّته وإلّا فلا.
ولو ضاق الوقت ، أو افتقر إلى طيّ المنازل وعجز ، سقط في عامه.
الرابع : تخلية السرب ، فلو خاف على النفس أو المال أو البضع سقط ، ويكفي الظّنّ ، ولو تعدّدت الطرق وتساوت في الأمن تخيّر ، ولو اختصّ به أحدها تعيّن وإن بعد مع سعة الوقت والنفقة ، والبحر كالبرّ.
ولو طلب العدوّ مالا وجب مع المكنة ، ولو بذله باذل فقد استطاع ، ولو وهبه إيّاه ليدفعه إلى العدوّ لم يجب القبول ، وكذا أجرة البدرقة (2).
ص: 221
ولو احتاج إلى القتال لم يجب وإن ظنّ السّلامة.
والأعمى كالبصير ، ولو احتاج إلى قائد اعتبر هو ونفقته في الاستطاعة.
والمرأة كالرجل ، ويزيد اشتراط الأمن على البضع ، فلو خافت المكابرة سقط ، ولو أمنت بالمحرم وجب ، ولو تعذّر سقط ، ويعتبر نفقته وأجرته في الاستطاعة.
والمحرم من تحرم عليه مؤبّدا.
ولا يشترط إذن الزّوج في الواجب ، ويشترط في الندب ، والمطلّقة رجعيّة كالزوجة دون البائن ، ولا الإسلام فيجب على الكافر ، ولا يصحّ منه ، ويسقط بالإسلام إلّا أن تبقى الاستطاعة ، فيحرم من الميقات ، فإن تعذّر فمن موضعه ، وعلى المرتدّ ولا يصحّ منه.
ولو ارتدّ بعد الحجّ لم يعده ، ولو ارتدّ بعد إحرامه ثمّ تاب ، بنى ، ولا يسقط بالتوبة بل يأتي به بعدها ، فإن مات قضي عنه من أصل تركته ، ولو مات مرتدّا لم يجب القضاء.
وحجّ المخالف صحيح ، فلا تجب إعادته لو استبصر إلّا أن يخلّ بركن ولو حجّ مفردا أو قارنا ، إلّا أن يكون قرانه ضمّ النّسكين في نية (1) ، ويستحبّ له الإعادة.
ص: 222
إذا اجتمعت الشرائط فحجّ متسكّعا أو في نفقة غيره أجزأ ، ولو أهمل أثم ووجب القضاء على الفور ولو مشيا مع المكنة ، ولو مات قضي عنه من أقرب الأماكن من أصل تركته ، فلو ضاقت عن الدين وأجرة الحجّ قسّطت بالنسبة ، فإن قصر قسط الحجّ صرف في الدين.
ولو مات في الطريق ، فإن كان بعد الإحرام ودخول الحرم برئ ، وإن كان قبل ذلك ، فإن كان في سنة الاستطاعة لم يجب القضاء ، وإلّا وجب.
وهي خمسة :
الأوّل : كمال العقل ، فلا يصحّ نذر الصّبي والمجنون والمغمى عليه والسكران.
الثاني : القصد ، فلا يصحّ من النائم والساهي.
الثالث : الحرية ، فلا يصحّ نذر العبد بدون إذن مولاه ومعه لا يملك منعه.
الرابع : إذن الزوج في الجميع وإذن الأب في اليمين.
الخامس : الإسلام ، فلا يصحّ من الكافر ، ولا تشترط الاستطاعة ، بل إذا تمّت الشروط وجب الوفاء به ولو ماشيا ، فلو نذر الحجّ ثمّ استطاع وجب تقديم حجّ الإسلام ، وإذا أطلق تخيّر في الأنواع.
ص: 223
وإذا قيّده بزمان أو صفة تعيّن ، فلو قيّده بعام فأخلّ به مع القدرة قضى وكفّر ، ويقضى عنه لو مات ، ولو عجز سقط.
ولو أطلق جاز التأخير حتّى يظنّ الموت فيتضيّق ، ولو مات قبل التمكّن سقط ، وإلّا قضي عنه من أصل تركته.
ولو كان عليه حجّة الإسلام أخرجتا من الأصل ، ولو وفي بأحدهما صرف في حجّة الإسلام ، ولا يجب على الولي حجّة النذر بل تستحبّ.
ولو قيّده بالمشي وجب من بلده ، ويقوم في موضع العبور ، ولا تجرئ السياحة ، ويسقط بعد طواف النّساء ، فلو ركب في المطلق أعاد ماشيا ، ولو ركب البعض فقولان ، وفي المعيّن يكفّر ولا قضاء.
ولو عجز في المعيّن ركب وساق بدنة ندبا ، وفي المطلق يتوقّع المكنة.
ولو قيّده بطريق تعيّن إن كان له مزيّة (1) وإلّا فلا.
ولو نذر حجّة الإسلام تداخلا ، ولو نذر غيرها أو أطلق لم يتداخلا.
ولو نذر وهو معضوب ، فإن رجا زواله توقّعه ، وإلّا استناب.
وفيه بحثان :
ويشترط فيه الإسلام والإيمان والموت أو حكمه ، فلا تصحّ النيابة عن الكافر والمخالف فيه إلّا أن يكون أبا للنائب ، ولا
ص: 224
يلحق به الجدّ للأب ، ولا عن الحيّ في الواجب إلّا على التفصيل ، ويجوز في المندوب مطلقا.
ولو أوصى بحج واجب ولم يعيّن الأجرة ، أخرج من الأصل ما يستأجر به من أقرب الأماكن ، ولو عيّنها فزادت عن أجرة المثل ، أخرج الزائد من الثلث مع عدم الإجارة إن احتمله وإلّا المحتمل.
ولو عيّن النائب تعيّن واستؤجر بأجرة المثل ، ولو امتنع استؤجر غيره بها.
ولو عيّنهما تعيّنا ، فإن رضي بالقدر ، وإلّا استوجر غيره بأجرة المثل إن تعلّق غرضه بالمعيّن ، وإن تعلّق بالحجّ استوجر غيره بذلك القدر.
ولو كان مندوبا أخرج القدر من الثلث ، فإن اتّسع له من بلده وجب ، وإلّا فمن حيث يحتمل ، ولو لم يرغب فيه صرف في البرّ.
ولو أوصى بالحجّ فإن علم الوجوب حمل (1) عليه وإلّا على الندب.
ولو عدّده فإن قصد التكرار وجب ، وإلّا كفت المرّة ، ولو أراد التكرار وعيّن ما يؤخذ منه فقصر ، جمع ما لسنتين أو أكثر لسنة.
ولو أوصى بحجّ وغيره ، فإن وجبا أخرجا من الأصل ، فإن قصرت التركة قسّطت ، وإن استحبّا فكذلك من الثلث ، ولو وجب أحدهما أخرج من الأصل ، والآخر من الثلث.
ويخرج عمّن وجب عليه الحجّ وإن لم يوص ، ويبرأ بالتبرّع عنه وإن ترك مالا.
ص: 225
ولو خلّف ما لا يفي بالحجّ من أقرب الأماكن ، كان ميراثا ، إلّا أن يسع أحد النسكين فيجب.
ويجوز التبرّع عن الميّت مطلقا وعن المعضوب بإذنه.
وإذا حصل بيد إنسان مال لميّت وعلم بأنّ عليه حجّة الإسلام ، وأنّ الوارث لا يؤدّي ، وجب أن يحجّ عنه ، ولو لم يفعل ضمن ، ولا يشترط إذن الحاكم ، ولو علم أنّ البعض يؤدّي وجب إذنه ، إلّا أن يخاف الإشاعة.
وهل يتعدّى ذلك إلى غير حجّة الإسلام ، أو إلى العمرة ، أو إلى الزكاة ، أو إلى الخمس ، أو الدّين؟ فيه احتمال قويّ.
ويشترط فيه البلوغ والعقل ، والإسلام (1) ، ومعرفة فقه الحجّ ، والقدرة على أفعاله ، والخلوّ من حجّ واجب ، فلا تصحّ نيابة الصّبيّ وإن كان مميّزا ، ولا المجنون ، والكافر ، والجاهل إلّا أن يحجّ مع مرشد ، ولا العاجز ، ولا من في ذمّته (2) حجّ إلّا مع العجز ولو مشيا.
ويجوز لمن عليه حجّ أن يعتمر عن غيره وبالعكس.
ولا تنفسخ الإجارة بتجدّد الاستطاعة.
وتشترط العدالة في الاستنابة لا في صحّة النيابة ، فلو استأجر فاسقا لم
ص: 226
يصحّ وإن عدل ، ولو حجّ الفاسق عن غيره صحّ ، وتعلم الصحّة بمصاحبة الوليّ أو إخبار العدل ، وفي قبول إخباره توقّف.
ولا تشترط الحريّة والذكورة ، فتصحّ نيابة المملوك بإذن مولاه ، والمرأة عن الرجل والمرأة ، ويكره الصرورة ، دون الرجل الصرورة.
ولو اشترط التعجيل فأخّر انفسخت ، ولو أطلق وجبت المبادرة ، ولا تنفسخ بالإهمال ، ويجوز اشتراط التأخير أكثر من عام ، ولا يجوز ذلك للوصيّ إلّا لعذر.
وتجب نيّة النيابة واستدامتها ، فلو نوى عنه وعن المنوب لم تنعقد عن أحدهما ، وكذا لو نقل نيّته إليه ، ولا أجرة له ، وتعيين المنوب قصدا ، ويستحبّ لفظا عند كلّ فعل.
ويجب أن يأتي بالنوع المشترط ، فلا يجوز العدول ، ولو إلى الأفضل ، ولو كان الحجّ ندبا ، أو نذرا مطلقا ، أو مخيّرا فيه كذي المنزلين المتساويين ، جاز العدول إلى الأفضل.
ولو شرط الطريق تعيّن مع الغرض ، فإن خالف صحّ الحجّ ، ورجع عليه بالتفاوت ، ومع إطلاق الإجارة لا يؤجر نفسه لآخر ، ومع التقييد بسنة يصحّ قبل أو بعد.
ولو استأجره اثنان فإن اقترن العقدان وزمان الإيقاع بطلا ، ولو اختلف زمان الإيقاع صحّا ، ولو انعكس صحّ السابق.
ويجوز أن يستأجره اثنان في سنة لعمرتين أو لعمرة مفردة ، وله أن يستأجر اثنين عن واحد لحجّ الإسلام والنذر في عام واحد.
ص: 227
ويستحقّ النائب الأجرة بنفس العقد ، ولا يستنيب غيره إلّا بإذن المستأجر ، ويلزمه الهدي وكفّارات الإحرام في ماله.
ولو فوّت الحجّ تحلّل بعمرة عن نفسه ، ولا أجرة له ، ولو فاته تحلّل بعمرة وله من الأجرة بنسبة ما فعل ، ولو كان مطلقا لزمه الحجّ في المسألتين ، وله الأجرة.
ولو صدّ أو أحصر تحلّل بالهدي ، ثمّ إن تعيّن الزمان انفسخت الإجارة ، واستعيد أجرة المتخلّف ، ولا يجاب لو ضمن الحجّ ، وإن كان مطلقا لم تنفسخ ، وله الحجّ في القابل.
ولو أفسد قضى الحجّ وأجزأ عنه وعن المنوب ، معيّنة كانت أو مطلقة ، وله الأجرة.
ولو مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنهما وقبله يردّ ما قابل الباقي من الأجرة ، وتستحبّ إعادة فاضل الأجرة والإتمام لو أعوز.
وتجوز النيابة في أفعال الحجّ مع العجز.
ص: 228
وفيه فصلان :
وفيه مباحث :
وهي ستّة : « العقيق » لأهل العراق ، وأفضله المسلخ ، ثمّ « نمرة » ، ثمّ « ذات عرق » ؛ و « مسجد الشجرة » لأهل المدينة اختيارا ، و « الجحفة » اضطرارا ، وهي ميقات أهل الشام اختيارا ، و « يلملم » لأهل اليمن ، و « قرن المنازل » لأهل الطائف ،
ص: 229
وميقات من منزله أقرب من الميقات منزله ، ومكّة لحجّ التمتع ، وخارج الحرم للعمرة المفردة ، وموضع العذر للمعذور.
ومن حجّ على ميقات غيره أحرم منه ، ولو خلا الطريق من ميقات أحرم عند ظنّ محاذاة أحدها ، فإن ظهر تقدّمه أعاد وإلّا أجزأ ، ولو تعدّدت المحاذاة أحرم من أدنى الحلّ.
وهذه المواقيت للحجّ والعمرة ، ولا يجوز الإحرام قبلها وإن مرّ بها ما لم يجدّده فيها.
ويجوز للناذر أن يوقعه في أشهره ، وهل يلحق به اليمين والعهد؟ توقّف ، ولمريد العمرة في رجب إذا خشى تقضّيه ، ولا يجوز تأخيره عنها ، ولو تعمّده عاد إلى الميقات ، فإن تعذّر بطل ولو كان لمانع أو ناسيا أو جاهلا رجع إلى الميقات ، فإن دخل مكّة خرج إليه ، فإن تعذّر فمن أدنى الحلّ ، ولو تعذّر فمن مكّة ، وكذا لو لم يرد النّسك ، أو كان مقيما بمكّة ووجب عليه التمتع ، أو أراده.
ويحرم الصبيان من موضع الإحرام ، ويجرّدون من « فخّ » (1) على طريق المدينة (2).
يستحبّ قطع العلائق ، والوصيّة ، وجمع أهله ، وصلاة ركعتين ، والدعاء بالمأثور ، والوقوف على باب داره ، والتوجّه إلى طريقه ، ثمّ يقرأ « الحمد » أمامه وعن يمينه وشماله ، وكذا « آية الكرسي » ويدعو بكلمات الفرج ، وبالدعاء
ص: 230
المأثور ، والصدقة أمام التوجّه ، وتوفير شعر الرأس من أوّل ذي القعدة ، ويتأكّد إذا أهلّ ذو الحجّة ، وقصّ أظفاره ، وتنظيف جسده ، والإطلاء ، ولو كان مطليا أجزأه ما لم تمض خمسة عشر يوما ، والغسل ، والتيمّم لو تعذّر الماء ، وإعادة الغسل لو أكل أو لبس ما لا يجوز للمحرم ، ويجوز تقديمه على الميقات للمعوز ، ويعاد لو وجد الماء.
ويجزئ غسل النهار ليومه والليل لليلته إلّا أن ينام فيعاد معه لا مع الحدث.
ونافلة الإحرام ركعتان يقرأ في الأولى الحمد والجحد ، وفي الثانية الحمد والتوحيد ، ويستحبّ ايقاعها عقيب الغسل ما لم تتضيّق فريضة ، ثمّ يصلّي الظهر ويحرم عقيبها ، وإن لم يتّفق فعقيب فريضة ، فإن لم يتّفق فعقيب ستّ ركعات أو ركعتين.
ولو نسي الغسل أو الصلاة أعاد الإحرام بعدهما ، والمعتبر الأوّل ، فيترتّب عليه أحكامه.
والواجب ثلاثة :
الأولى : لبس ثوبي الإحرام ، يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، ولو ائتزر ببعض الثوب الطّويل وارتدى بالباقي أجزأ ، ويحتمل العدم.
ويشترط فيهما الإباحة وجنسيّة ما يصلّى فيه ، وكونه غير حاك ولا مخيط ، وكذا ما اشتبه كالدرع ، ويجوز بالممتزج من الحرير ، ولبس أكثر من ثوبين ، وإبدالهما لكن الأفضل الطواف فيهما.
ص: 231
ولو فقدهما جاز لبس السّراويل والقبا مقلوبا ، يجعل ذيله على كتفيه.
واللبس شرط في صحّة الإحرام ، فلو أحرم عاريا أو في مخيط لم ينعقد على توقّف.
ويجوز للنساء لبس الحرير والمخيط.
ويستحبّ القطن ، وأفضله الأبيض.
ويكره السّود ، والمعصفرة ، والمعلمة ، والوسخة ، والنوم على المصبوغة خصوصا السود.
الثاني : النيّة ، وهي ركن يبطل الإحرام بتركها عمدا وسهوا ، وصورتها : أن يقصد ما يحرم به من حجّ أو عمرة ، وما يحرم له من حجّ الإسلام أو غيره ، ونوعه من تمتّع وغيره ، وصفته من وجوب أو ندب ، والتقرب إلى اللّه تعالى ، ولا يعتبر النطق بل لو اقتصر عليه بطل ، ويجوز ضمّه.
ولو نوى نوعا ونطق بغيره ، فالمعتبر المنويّ ، ولو نوى الحجّ والعمرة بطلا وإن كان في أشهر الحجّ ، ولو أطلق الإحرام بطل ، وقال الشيخ : إن كان في أشهر الحجّ تخيّر بين الحجّ والعمرة ، وإلّا اعتمر (1).
ولو نسي المنويّ تخيّر فيهما ، ولو لزمه أحدهما تعيّن ، ولو نوى كإحرام فلان صحّ إن علم.
الثالث : التلبيات الأربع ، وهي : « لبيك اللّهمّ لبّيك ، لبّيك إنّ الحمد والنّعمة لك ، والملك لك ، لا شريك لك لبّيك ».
ص: 232
ولا يجوز ترجمتها اختيارا ، ولا ينعقد إحرام المتمتّع والمفرد إلّا بها ، وللقارن أن يعقد بها ، أو بالاشعار ، أو بالتقليد ، (1) وبأيّها بدأ استحبّ الآخر.
والأخرس يحرّك بها لسانه ، ويعقد بها قلبه ، ويشير بيده ، ولو نوى الإحرام وفعل قبلها ما يحرم عليه لم يلزمه كفّارة وإن لبس ثوبيه.
ويستحبّ رفع الصوت بها للرجال ، وللمحرم لحجّ التمتّع إذا أشرف على « الأبطح » وللراكب على طريق المدينة إذا علت راحلته « البيداء » وللراجل حيث يحرم ، وتكرارها عند صعود الاكام (2) وهبوط الأهضاب ، وعند النوم واليقظة ، وعند تجدّد الأحوال ، إلى زوال شمس عرفة للحاج ، وإلى مشاهدة بيوت مكّة للمعتمر بالمتعة ، وإلى دخول الحرم للمعتمر مفردا ، وإلى مشاهدة الكعبة لمن خرج من مكّة للإحرام.
ويستحبّ أن يشترط على ربّه أن يحلّه حيث حبسه ، وإن لم يكن حجّة فعمرة لفظا ، فلو نواه لم يعتدّ به ، وفائدته جواز تعجيل التحلّل للمحصور ، ولا يفيد سقوط الحجّ في القابل ولا سقوط الهدي.
الإحرام ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه حتّى أكمل مناسكه صحّ ، ويحرم إنشاء إحرام آخر قبل الإكمال ، فلو أحرم بالحجّ قبل التقصير عامدا بطلت متعته ، وصارت حجّة مبتولة ، والناسي يمضي في حجّه ، ويستحبّ الدّم.
ص: 233
ويجوز للمفرد إذا دخل مكّة أن يجعل حجّه عمرة التمتع إلّا أن يلبّي فينعقد إحرامه مفردا ، وإذا تمتّع بالعمرة ندبا ، وجب الحجّ.
وإحرام المرأة كإحرام الرجل إلّا ما استثني ، ويصحّ من الحائض والنفساء لكن لا تصلّي له ، فلو تركته لظنّ فساده رجعت إلى الميقات ، فأحرمت منه ، ولو تعذّر فمن أدنى الحلّ ، فإن تعذّر فمن موضعها ولو بمكّة.
ويجب الإحرام على كلّ مريد الدخول إلى مكّة إلّا المتكرر ومن دخل لقتال أو قبل مضيّ شهر من إحرامه الأوّل.
وكلّ ما يجب ويستحبّ في إحرام العمرة ، فهو كذلك في إحرام الحجّ.
وهو اثنان وعشرون شيئا :
الأوّل : صيد البرّ ، وهو الحيوان الممتنع بالأصالة ، فيحرم الفرخ والبيض ، ولا يحرم الإنسيّ بالتوحّش ، كما لا يحلّ الوحشي بالاستيناس ، والمتولّد منهما يلحق بالاسم ، فإن انتفيا اعتبر جنسه.
ولا فرق بين المباح والمملوك ، فيحرم اصطيادا وذبحا وأكلا وإن ذبحه محلّ ، وإشارة ، ودلالة وإغلاقا ، إلّا السباع والحيّة والعقرب والفأرة والدجاج الحبشي.
ويجوز رمي الحدأة والغراب ، وشراء القماري والدّباسي (1) وإخراجها من مكة لا قتلها.
ص: 234
ويجوز صيد البحر ، وهو ما يبيض ويفرخ في الماء.
الثاني : النساء وطيا ، ولمسا ، وتقبيلا ، ونظرا بشهوة ، وعقدا له ولغيره ، وشهادة عليه ، وإقامة وإن تحمّلها محلّا ، ولو تحمّلها محرما جاز الأداء بعد الإحلال.
ولو عقد المحرم لنفسه أو لغيره ، محلّا كان أو محرما بطل ، وكذا لو عقد له غيره.
ولو وكّله محرما فعقد بعد الإحلال صحّ ، ولو انعكس بطل.
ويجوز توكيل الأب المحرم محلّا عن ولده المحلّ ، ويقدّم قول مدّعي إيقاع العقد في الإحلال مع اليمين وعدم البيّنة ، فإن كان المرأة فلها المهر ويلزمها حقوق الزوجية ، وبالعكس يلزمه المهر وتوابع العقد كتحريم الأخت والخامسة ، ولا يرجع عليها بما قبضت من المهر ، ولا تطالبه به مع عدم الدخول ، ومعه تطالب بأقلّ الأمرين من المسمّى ومهر المثل.
ولو شكّا في وقوعه في الاحلال والإحرام ، فالأصل الصحّة ، ويجوز الرجعة وشراء الإماء وإن كان للتسري ، والطلاق وشبهه ، ويكره الخطبة له ولغيره.
ويحرم على المرأة ما يحرم على الرّجل.
الثالث : الطيب على العموم أكلا ولمسا وشمّا ، ويجوز ابتداء واستدامة ، إلّا خلوق الكعبة ، فإن اضطرّ قبض على أنفه ، ولا يقبض عليه من الكريهة (1) ، ولو
ص: 235
مات المحرم منع من الكافور في الغسل والحنوط ، ويحرم في الكحل والدّهن وقبل الإحرام إذا بقيت رائحته بعده.
ويجوز شراء الطّيب ومسّه ما لم يتعلّق به أو بثوبه رائحته ، ولا تحرم الفاكهة والرياحين ولا الشيح والخزامي (1) وشبهه.
الرابع : الادهان إلّا لضرورة ، ويجوز أكله.
الخامس : إزالة الشعر عن رأسه أو بدنه اختيارا ، فيجوز للأذى.
السادس : قلم الأظفار.
السابع : إخراج الدّم اختيارا ولو بالسّواك والحكّ.
الثامن : الحنّاء للزينة لا للسّنة ، وفي حكمه ما يبقى بعده.
التاسع : لبس الخاتم للزينة ، ويجوز للسّنة.
العاشر : النظر إلى المرآة.
الحادي عشر : قتل هوامّ الجسد ، ويجوز نقله وإلقاء القراد والحلم. (2)
الثاني عشر : لبس السلاح لغير ضرورة ، ولا تحرم المنطقة. (3)
الثالث عشر : الفسوق ، وهو الكذب.
الرابع عشر : الجدال ، وهو الحلف.
ص: 236
الخامس عشر : قطع الشجر والحشيش إلّا المملوك والإذخر (1) وشجر الفواكه والنخل وعودي المحالة. (2)
السادس عشر : الاكتحال بالسواد.
السابع عشر : ويختصّ الرجل بتحريم تغطية الرأس ولو بالماء والحمل ، فإن غطّاه ناسيا ألقاه واجبا ، وجدّد التلبية استحبابا.
الثامن عشر : ولبس ما يستر ظهر القدم كالخفّ والشمشك ، ولو اضطرّ جاز ، والنعل أولى من الخفّ ، ولا يجب شقّه ، ولا قطع الشراك.
التاسع عشر : ولبس المخيط وإن لم يضمّ البدن (3) ، ويحتمل اشتراطه ، لأنّه المتبادر إلى الفهم ، فعلى الأوّل يحرم المرقّع (4) لا على الثاني ، ويجوز لبس الطيلسان لكن لا يزرّه.
العشرون : والتظليل سائرا اختيارا فلو زامل المضطرّ أو المرأة اختصا به ، ويجوز المشي تحت الظّلال.
الحادي والعشرون : وتختص المرأة بتحريم لبس الحليّ إلّا المعتاد ، فيحرم إظهاره للزوج.
ص: 237
الثاني والعشرون : وتغطية الوجه ، ويجوز النقاب وسدل القناع إلى أنفها ، ولا تلصق به وجهها. (1)
وفيه مباحث :
إزالة النجاسة عن الثوب والبدن ، ولا يعفى عمّا عفي عنه في الصلاة ، فلو طاف مع علم النجاسة أعاد ، وفي الناسي توقّف ، ولو علم في الأثناء أزالها وأكمله ، ولو علم بعده أجزأ.
والطهارة من الحدث في الواجب ، فلو أخلّ بها أعاد الطواف والصلاة ، وتستحبّ الإعادة في النفل.
والختان في الرجل مع التمكّن.
وستر العورة ، ولا يشترط المشي فيجوز الركوب فيه.
والمندوب : الغسل لدخول الحرم ولدخول مكّة ، والأفضل من بئر « ميمون » أو من « فخّ » ومع التعذّر بعد دخوله ، ومضغ الإذخر ، ودخول مكّة من أعلاها حافيا على سكينة ووقار ، ثمّ الغسل لدخول المسجد الحرام ، ثمّ يقف على باب « بني شيبة » ويسلّم على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ويدعو بالمأثور ، ويدخل منه.
وفيها واجب وندب.فالواجب اثنا عشر :
ص: 238
الأوّل : النيّة ، ويجب أن يقصد به عمرة التمتع لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، والمقارنة لأوّله والاستدامة.
الثاني : البدأة بالحجر ، وهو أن يحاذي بأوّل جزء من بدنه من الحجر (1) ممّا يلي الركن اليماني ، ويكفي الظنّ ، فلو بدأ بغيره أعاد عنده.
الثالث : الختم بما بدأ.
الرابع : جعل البيت على اليسار ، فلو خالف بطل وإن استقبله.
الخامس : خروجه بجميع بدنه عن البيت ، فلو مشى على أساسه أو مسّه بيده لم يصحّ. (2)
السادس : إدخال الحجر ، فلو أخرجه ، أو مشى على حائطه أو مسّ خارجه ، بطل.
السابع : إخراج المقام.
الثامن : مراعاة بعده في الجوانب.
التاسع : الموالاة ، فلو قطعه لحدث ، أو لحاجة ، أو لغيره ، أو لدخول البيت ، فإن تجاوز النصف بنى وإلّا أعاد ، وكذا لو قطعه لصلاة فريضة حاضرة أو للوتر ، أو لإزالة النجاسة ، وفي النافلة بنى مطلقا.
العاشر : إكمال سبعة أشواط ، من الحجر إليه شوط ، فإن زاد في فريضة عمدا بطل ، ولو كان سهوا فإن ذكر قبل بلوغ الحجر قطع ، وصحّ طوافه ، وبعده يكمل اسبوعين ندبا ، ويصلّي للفرض قبل السّعي ، وللنفل بعده.
ص: 239
ولو نقضه (1) فإن جاوز النصف رجع وأكمله ، وإلّا استأنفه ، ولو رجع إلى أهله استناب.
وتكره الزيادة في النافلة ، وينصرف على الوتر استحبابا.
الحادي عشر : حفظ العدد ، فلو شكّ في عدده بعد انصرافه لم يلتفت (2) مطلقا ، ولو شك في الأثناء بطل في النقيصة ، ولو كان في الزيادة ، فإن تعلّق الشك بالسابع ولم يبلغ الحجر بطل ، وإن بلغ أو خرج السابع من الشكّ صحّ.
ويجوز التعويل على غيره في العدد ، فإن شكّا وتساويا فكما تقدّم ، وإن اختلفا ألحق الحكم بشكّ الطائف ، ولو شكّ في النافلة بنى على الأقلّ.
الثاني عشر : صلاة ركعتين كالصّبح بعده ، ومحلّها مقام إبراهيم عليه السلام ، حيث هو الآن ، فإن منعه زحام صلّى خلفه أو إلى أحد جانبيه ، ويصلّي ركعتي طواف النافلة في المسجد حيث شاء.
ولو نسيهما رجع ، ولو شقّ قضاهما حيث ذكر ، ولو مات قضاهما الوليّ.
ويستحبّ أن يقرأ في الأولى الحمد والتوحيد ، وفي الثانية الحمد والجحد.
الأوّل : استقبال الحجر بجميع بدنه.
الثاني : حمد اللّه تعالى والثناء عليه ، والصّلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والدّعاء.
ص: 240
الثالث : استلامه ببدنه ، فإن تعذّر فبيده ، فان منع أشار بها ، ومع فقدها يشير إليه.
ويستلم الأقطع بموضع القطع.
الرابع : المشي.
الخامس : الاقتصاد فيه ، وقيل : يرمل الثلاثة (1) الأول في طواف القدوم.
السادس : استلام الأركان كلّها ، وآكدها العراقي واليماني ، وتقبيلهما.
السابع : التداني من البيت.
الثامن : الدّعاء بالمرسوم (2) وتلاوة القرآن.
التاسع : التزام المستجار في السابع ، وبسط يديه على حائطه ، وإلصاق خدّه وبطنه به ، وذكر ذنوبه ، والدعاء بالمأثور ، والاستغفار ، ولو تجاوزه رجع والتزم.
العاشر : الطواف ثلاثمائة وستّين طوافا ، فإن عجز فثلاثمائة وستّون شوطا ، ويجعل الأخير عشرة أو يزيد أربعة.
ويكره الكلام في خلاله بغير القرآن والدعاء.
ص: 241
الطواف ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه قضاه ، ولو تعذّر عوده استناب ، ويجب تقديمه على السّعي في الحجّ والعمرة ، ولو أخّره أعاد ثمّ يسعى ، ولو ذكر في السعي أنّه لم يطف طاف ثمّ استأنف السّعي ، وكذا لو ذكر في السّعي نقصانه ولم يتجاوز النصف ، ولو تجاوز رجع فأتمّه ، ثمّ أتمّ السعي ، وإن كان شوطا.
ويحرم لبس البرطلة (1) في الطواف مطلقا ، والقران في الفريضة ، ولو طيف بالمعذور ثمّ برئ لم يعده.
ولو نذره على أربع لم ينعقد ، وإن كان امرأة ، ويحتمل انعقاد الطواف دون القيد.
وفيه مباحث :
وكلّها مستحبّة ، وهي الطهارة ، واستلام الحجر ، والشرب من زمزم ، والصبّ على جسده من الدلو المقابل للحجر ، والخروج من باب الصفا ، والصّعود عليه ، وإطالة الوقوف عليه ، والتكبير سبعا ، وكذا التهليل ، والدعاء
ص: 242
بالمأثور ، وأن يقول ثلاثا : « لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير وهو على كلّ شي ء قدير ».
والواجب تسعة :
الأوّل : النيّة : ويجب أن يقصد به عمرة التمتّع لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، مقارنة لأوّله ، مستدامة الحكم.
الثاني : البدأة بالصّفا بأن يصعد عليه أو يلصق عقبه (1) به.
الثالث : الختم بالمروة بأن يصعد عليها أو يلصق أصابع قدميه بها.
الرابع : سعيه في الطريق المعهود ، فلو انتهى إلى المروة أو إلى الصفا بغيره لم يجزئ.
الخامس : استقبال المقصد (2) بوجهه ، فلو مشى القهقرى لم يصحّ.
السادس : إكمال سبعة أشواط ، من الصّفا إليه شوطان ، فلو زاد على السبعة عمدا أعاد ، ولو كان سهوا قطع أو أكمل اسبوعين ، ولا يستحبّ السعي إلّا هنا ، فلو نقص شوطا أو بعضه أتى به ، فإن رجع إلى أهله وجب العود ، فإن تعذّر استناب.
السابع : إيقاعه بعد الطواف ، فلو قدّمه أعاده.
الثامن : تأخيره عن الركعتين ، فيعيد لو قدّمه.
ص: 243
التاسع : إيقاعه في يوم الطواف مع القدرة ، فلو أخّره أثم وأجزأ ، ويستحبّ المشي معه مع القدرة ، والهرولة للرجل ما بين المنارة وزقاق العطّارين ، ماشيا كان أو راكبا ، ولو نسيها رجع القهقرى فتداركها ، والدّعاء في أثنائه.
السّعي ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه أتى به ، فإن تعذّر استناب ولو لم يحصّل عدده بطل ، وكذا لو حصّله وشكّ فيما بدأ به وكان في الفرد على الصّفا وفي الزوج على المروة ، وبالعكس يصحّ (1) والشكّ فيه كالطواف.
ولو ظنّ الكمال في عمرة التمتّع فأحلّ وواقع ، ثمّ ذكر النقص أتمّه ، وكفّر ببقرة ، وكذا لو قلّم ظفره أو قصّ شعره.
ويجوز قطعه لصلاة فريضة أو لحاجة له ولغيره ، ثمّ يعود فيتمّ ، ولا يشترط مجاوزة النّصف ، (2) والجلوس خلاله للراحة ، والركوب.
وهو نسك ، ومحلّه مكة ، ويستحبّ على المروة ، وزمانه بعد السّعي فيقصّر شيئا من شعر رأسه أو بدنه ، ويجزئ القرض والنتف ، وقصّ بعض الأظفار ، ويجب مسمّاه ، ولا يجزئ الحلق بل يحرم ، ويجب به شاة إن تعمّد
ص: 244
ويمرّ الموسى على رأسه يوم النحر ، وينوي به (1) التحلّل لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، ويحلّ به ما حرّم عليه.
ويستحبّ له التشبّه بالمحرمين في ترك المخيط.
ولو أحرم بالحجّ قبله عامدا بطلت متعته ، وصارت حجّة مفردة ، ولو كان ناسيا لم يبطل وعليه دم استحبابا.
ولو جامع قبله عامدا ، وجب على الموسر بدنة ، والمتوسّط بقرة ، والمعسر شاة.
ويكره له الخروج من مكّة قبل أن يحرم بالحجّ إلّا لضرورة.
ص: 245
وفيه مطالب :
وهو ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ، ولو نسيه حتّى أكمل مناسكه فقد تمّ حجّه ، ومحلّه مكّة ، وأفضلها المسجد ، وأفضله المقام أو تحت الميزاب ، فلو أحرم من غيرها عمدا بطل ، واستأنفه بها ، وناسيا يعيده فيها. وإن دخلها بإحرامه ، فإن تعذّر فحيث يمكن ولو بعرفة ، ولا يسقط الدم.
ووقته يوم التروية استحبابا ، وأفضله عند الزوال عقيب الظهرين ، ومقدّماته وكيفيّته وأحكامه وتروكه كما مرّ ، إلّا أنّه ينوى به حجّ التمتّع.
ويستحبّ للماشي التلبية في موضع الإحرام ، وللراكب إذا ثار به بعيره ، ورفع الصوت بها إذا أشرف على الأبطح ، وتكرارها إلى زوال شمس عرفة.
وحدّها من العقبة إلى وادي محسّر ، ويستحبّ الخروج إليها يوم التروية إلّا لمن يضعف عن الزّحام ، فالإمام قبل الزوال يصلّي الظهرين بها وغيره بعد الصلاة في المسجد ، والدعاء عند التوجّه وعند دخولها وخروجه منها والمبيت بها إلى الفجر ، وليس بنسك ، ولا يقطع وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.
ويكره الخروج منها قبل الفجر إلّا للمضطرّ.
ص: 246
ويستحبّ للإمام الإقامة بها إلى طلوع الشمس ، وأن يخطب يوم السابع ، ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأوّل ، ويعلّم النّاس مناسكهم.
وفيه مباحث :
الأوّل : في حدّ عرفة ، وهو من بطن عرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز ، فلو وقف بهذه الحدود أو بغيرها كتحت الأراك بطل حجّه ، وأفضل عرفة السّفح في ميسرة الجبل ، ويكره الوقوف عليه إلّا عند الضرورة.
ويستحبّ أن يضرب خباءه بنمرة.
الثاني : في كيفيّة ،والواجب النيّة ، وهي أن يقصد به ما أحرم له لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، مستدامة الحكم إلى الغروب ، والكون بعرفة من زوال الشمس إلى الغروب ، والركن منه مسمّاه وإن كان سائرا ، فلو أفاض قبله عامدا عالما جبره ببدنة ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما ، ولو كان جاهلا أو ناسيا لم يلزمه شي ء.
ولا يجب (1) الكون بها كلّ الوقت بل لا ينفر حتّى الغروب ، فلو أدرك عرفة قبل الغروب بلحظة أجزأه ، ولو تعذّر الوقوف نهارا ، وقف ليلا في أيّ وقت شاء.
ولا يجب الكون إلى الفجر بل مسمّى الحضور وإن كان مختارا ، ولا يصحّ مع الجنون والإغماء والسكر والنوم ، ولا يضرّ تجدّده في الوقت.
ص: 247
والندب أن يغتسل ويجمع رحله ، ويسدّ الخلل به وبنفسه ويقف في السّهل ، ويدعو بالمرسوم وبغيره له ولوالديه وللمؤمنين ، ويكون قائما ، ويكره قاعدا وراكبا.
الثالث : في أحكامه : الوقوف ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ، فلو تركه ناسيا أو لعذر تداركه ليلا ، ولو ترك الاضطراريّ عامدا بطل حجّه ، ولو تركه لعذر أو نسيه اجتزأ بالمشعر ، وكذا لو خاف فوات المشعر به.
ويدرك الحجّ بإدراك الاختياريين وبأحدهما وبالاضطراريين ، لا بأحدهما وباضطراريّ واختياريّ.
وفيه مباحث :
وهو ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر ، (1) ومع الزحام يجوز الوقوف على الجبل.
ويستحبّ الاقتصاد في سيره ، والدّعاء إذا بلغ الكثيب الأحمر عن يمين الطريق ، وتأخير العشاءين إلى المزدلفة ولو بربع الليل ، والجمع بينهما بأذان وإقامتين ، ولو منع صلّى في الطريق.
ص: 248
وفيه مسائل :
الأولى : النيّة واستدامتها حكما ، ويجب أن يقصد بها ما أحرم له (1) لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى.
الثانية : المبيت به إلى طلوع الفجر ، فلو أفاض قبله عامدا جبره بشاة وصحّ حجّه إن كان وقف بعرفات نهارا ، ولا شي ء على المرأة والناسي والخائف.
الثالثة : الوقوف بعد الفجر إلى طلوع الشمس ويجب استدامة النية ، (2) فلو أفاض قبله أثم وصحّ حجّه إن كان وقف بعرفة ، ولو فاته ناسيا أو لعذر تداركه قبل الزوال.
وتشترط السلامة من الجنون والإغماء والنوم والسكر في بعض الوقت ، فلو استوعب بطل.
الوقوف بالمشعر ركن ، فلو تركه عامدا بطل حجّه ، ولو تركه ناسيا صحّ إن كان وقف بعرفات اختيارا ، ولو نسيهما معا بطل حجّه ، والركن فيه مسمّاه ، وكذا في الاضطراريّ وإن كان سائرا.
ص: 249
ويستحبّ الوقوف بعد صلاة الفجر ، والدّعاء بالمرسوم ، والصلاة على النّبيّ وآله ، ووطء الصرورة المشعر برجله ، والصعود على قزح ، وذكر اللّه عليه ، والإفاضة قبل طلوع الشمس ، ولا يجاوز وادي محسّر حتّى تطلع ، ولا يفيض الإمام إلّا بعد طلوعها ، والهرولة في وادي محسّر وهو يقول : « اللّهمّ سلّم لي عهدي ، وأقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني فيمن تركت بعدي » ، ولو ترك الهرولة رجع فتداركها.
وهي ثلاثة :
وفيه مسائل :
الأولى : المرمى :وهو جمرة العقبة ، فلو رمى غيرها لم يجزئ.
الثانية : الرّامي وهو الحاج مطلقا دون المعتمر ويستحبّ له الطهارة ، والدعاء ، والتباعد عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا ، وكونه راجلا ، والدعاء ، والتكبير مع كلّ حصاة ، واستقبال الجمرة ، واستدبار القبلة.
الثالثة : المرمي به ، وهو الحصى ، ويجب أن يكون أبكارا من الحرم عدا المساجد ، ويستحب التقاطه من جمع ، وأن يكون برشا ، رخوة ، بقدر الأنملة ، كحيلة ، منقطة.
ويكره الصّلبة ، والمكسّرة ، والسود ، والبيض ، والحمر.
ص: 250
الرابعة : الرّمي ، ويشترط فيه أمور :
الأوّل : النيّة ، ويجب أن يتعرّض للأداء والعدد.
الثاني : إصابة الجمرة بفعله ، فلو شاركه غيره في الابتداء أو الأثناء لم يجزئ.
الثالث : إصابتها بما يسمّى رميا ، فلو وضع الحصاة على الجمرة من غير رمي ، أو وضعها على شي ء فانحدرت على الجمرة لم يجزئ ، أمّا لو رمى فأصابت شيئا ثمّ أصابت الجمرة أجزأ ، ولو شك في الإصابة أعاد.
الرابع : تفريق الرّمي لا الإصابة ، فلو رمى اثنتين دفعة حسبت واحدة وإن تتابعت الإصابة ، ولو تتابع الرّمي فهما اثنتان وإن اتّفقت الإصابة.
الخامس : المباشرة ، فلو استناب لم يجزئ إلّا لعذر كالمرض والغيبة.
السادس : إكمال سبع حصيات يقينا ، فلو شكّ فيه بنى على الأقلّ ، ويستحبّ الرّمي خذفا. (1)
ص: 251
وفيه فصول :
وفيه مباحث :
ويجب على المتمتّع دون غيره مفترضا كان أو متنفّلا مكيا أو لا ، وعلى المملوك المأذون ، ولمولاه أن يأمره بالصوم ، فإن أعتق قبله تعيّن الهدي ، والمعتق قبل أحد الموقفين يلزمه الهدي ، ومع العجز الصوم.
ولا يجزئ الواحد إلّا عن واحد ، ويجزئ في المندوب عن سبعة ذوي خوان واحد.
ولا تباع ثياب التجمّل فيه ، ولو تكلّفه جاز.
وهي أربعة :
الأوّل : كونه من النّعم ، وأفضله الإبل ، ثمّ البقر ، ثمّ الغنم.
الثاني : كونه ثنيّا ، وهو من الإبل ما دخل في السادسة ، ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية ، ويجزئ الجذع من الضأن ، ويستحبّ من الإبل والبقر الإناث ومن الغنم الذكران.
ص: 252
الثالث : الكمال فلا تجزئ العوراء ، والجرباء ، والعضباء (1) والعرجاء البيّن عرجها ، والمريضة ، ومقطوعة الأذن ، ومكسورة القرن الداخل ، ولا الخصيّ ، ويكره الموجوء (2) والجمّاء خلقة ، والصمعاء وهي فاقدة الأذن خلقة.
الرابع : السمن ، وهو أن يكون على كليتها شحم ، ويكفي الظنّ ، فلو اشتراها على أنّها سمينة فبانت مهزولة أجزأت وكذا بالعكس ، ولو ظنّ التمام فبانت ناقصة لم تجزئ بخلاف العكس.
ويستحبّ كونها تنظر في سواد وتمشى في سواد ، وتبرك في مثله ، أي لها ظلّ ، وهو كناية عن السّمن ، وأن تكون ممّا عرّف به. (3)
وتجب النيّة في النّحر والذبح ، وتجزئ الاستنابة ، والمباشرة أفضل ، ودونه جعل يده مع يد الذابح ، ومكانه منى ، وزمانه يوم النحر ، فلو أخّره لا لعذر أجزأ في ذي الحجّة وأتم ، ومع العذر لا إثم ، ولو ضلّ فذبح غيره (4) لم يجزئ.
ويستحبّ نحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة ، وطعنها من الجانب الأيمن ، والدّعاء ، وقسمته أثلاثا ، ويجب الأكل منه.
ص: 253
لو فقد الهدي ووجد الثمن ، خلّفه عند من يشتريه ويذبحه عنه في ذي الحجّة ، ولو تعذّر ففي القابل فيه ، ولو فقدهما صام ثلاثة أيام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله ، ولو جاور بمكّة انتظر الأقلّ من مضيّ شهر ووصوله إلى بلده.
ويجوز صوم الثلاثة من أوّل ذي الحجّة ( بعد التلبّس بالمتعة وإن أحلّ من العمرة ، ويجوز في باقي ذي الحجّة ) (1) ، فإن خرج ولم يصم تعيّن الهدي في القابل بمنى.
ولو وجد الهدي بعد التلبية لم يجب الهدي بل يستحبّ ، ولو مات قبل الصوم صام الوليّ العشرة ، ولو لم يصل إلى بلده.
ويجب تتابع الثلاثة إلّا أن يكون الثالث العيد ، فيأتي به بعد النفر ، ولو كان الثاني صام الجميع بعد النفر ، ويجوز تفريق السبعة.
ولو مات بعد وجوب الهدي أخرج من أصل تركته.
وهو ما يسوقه المحرم في إحرام الحجّ أو العمرة ، وهو مستحبّ بأصل الشرع ، ولا يخرج عن ملكه ، لكن إذا ساقه فلا بدّ من ذبحه أو نحره بمنى للحاجّ ، وبمكّة للمعتمر بالحزورة ، (2) وزمانه يوم النحر ، فلو أخّره أثم وأجزأ ، ولا تجب
ص: 254
الصدقة به ، ولو عجز ذبحه أو نحره مكانه ، وأعلمه ، ويجوز إبداله ما لم يشعره أو يقلّده ، والتصرف فيه وإن أشعره أو قلّده ، وشرب لبنه ما لم يضرّ (1) به أو بولده.
ولو انكسر جاز بيعه ، وتستحبّ الصدقة بثمنه أو إقامة بدله ، ولو هلك لم يجب بدله إلّا إذا كان مضمونا.
ولو ضلّ فأقام بدله ثمّ وجده ، ذبحه دون بدله ، ولو وجده بعد (2) ذبح البدل استحبّ ذبحه.
ولو ضلّ فذبح عن صاحبه أجزأ إن ذبح في محلّه.
ويستحبّ الأكل منه ، وهديّة ثلثه ، والصدقة بثلثه.
وهي سنّة مؤكّدة ، ويجزئ عنها الهدي الواجب ، والجمع أفضل ، ويختصّ بالنّعم ، ولا يجزئ إلّا الثنيّ من الإبل والبقر والغنم ، ويجزئ الجذع من الضأن.
ويستحبّ الإناث من الإبل والبقر والذكران من الغنم.
وتكره التضحية بالثور ، والجاموس ، والخصيّ ، والموجوء.
ويستحبّ فيها صفات الهدي ، فإن لم يجدها تصدّق بثمنها.
ولو اختلف جمع الأعلى والأوسط والأدون ، وتصدّق بثلث الجميع.
ووقتها بمنى يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي الأمصار يوم النحر ويومان بعده ، ولو خرج وقتها فاتت ، ولا تختصّ بمكان.
ص: 255
ويستحبّ الأكل منها ويهدي ثلثا ويتصدّق بثلث ، والتضحية بما عرّف به وبما يشتريه ، ويكره بما يربّيه ، وبيع جلودها وإعطاؤها الجزّار ، بل يتصدّق بها ، وإخراج شي ء من أضحيته عن منى لا من أضحية غيره.
ويجوز إخراج السنام ، ولا يلحق به ألية الغنم ، ولا يجوز بيع لحمها ، ويجوز ادّخاره.
وفيه بحثان :
وهي المنذورات والكفّارات ودم التحلّل.
أمّا المنذور فإن عيّنه تعلّق به الوجوب ، فلا يجزئ غيره ، ولو تلف لم يجب بدله ، ويزول ملكه عنه ، وهو أمانة في يده لا يضمنه إلّا مع التفريط ، ولا يجوز الأكل منه ، فيضمن قيمة ما أكل.
ولو ضلّ فذبحه واجده عن صاحبه أجزأ ، وإن أطلق النذر ولم يتعلّق الوجوب بما ساقه فله إبداله والتصرّف فيه ، ولا يزول ملكه عنه إلّا بذبحه ، ولو تلف ضمن بدله.
ولو ضلّ فأقام بدله ، ثمّ وجده تخيّر إلّا أن يعيّن أحدهما ، ولو وجد الأوّل بعد ذبح الأخير لم يجب ذبحه إلّا مع تعيينه.
وأمّا الكفّارات ودم التحلّل فسيأتي.
ص: 256
ويستحبّ أن يبعث المحل هديا ، ويواعد أصحابه وقتا لسياقه ، ووقتا لذبحه ، فإذا كان (1) وقت السّياق اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر ، ولا يلبّي ، وإذا كان وقت الذبح أحلّ ، ولو أخطأ ظنّه لم يضمن.
ولو أتى بما يحرم على المحرم كفّر استحبابا.
أمّا المنذور فبحسب النذر ، فالمطلق لا يختصّ بزمان ، ومكانه مكّة ، ولو عيّن مكّة أو منى تعيّن ، ولو عيّن غيرهما لم ينعقد.
وأمّا الكفّارات فلا تختصّ بزمان ، نعم تجب عند حصول سببها ، ومكانها مكّة إن كان معتمرا ، ومنى إن كان حاجا.
وأمّا دم التحلّل فزمان دم الصدّ منه إلى الفوات ، فيتحلّل بعمرة ، ولا يجب دم للفوات عندنا ، ومكانه موضع الصدّ ، وزمان دم الحصر يوم النحر وأيّام التشريق ، ومكانه مكّة للمعتمر ومنى للحاجّ ، وزمان دم التحلّل من عمرة الفوات وقت الصدّ ، ومكانه عنده ، وللحصر مكّة.
الدم الواجب منه مضيّق اختيارا ، وهو دم المتعة وجزاء الصيد ، ومنه مضيّق مطلقا ، وهو دم الإحصار وكذا دم الصدّ ، لكن يسقط بالفوات ، ومنه مخيّر وهو دم أذى الحلق.
ص: 257
والحاجّ مخيّر فيهما ، والحلق أفضل خصوصا الصّرورة والملبّد ، (1) ويحرم على النساء ، وفي إجزائه توقّف.
وتجب النيّة ، وحصول مسمّاه ، وأن يكون من الرأس ، ويمرّ الموسى عادم الشعر على رأسه ، وأن يكون بمنى ، فلو رحل قبله رجع وأتى به ، فإن تعذّر حلق أو قصّر مكانه ، وبعث شعره ليدفن بها استحبابا ، وأن يقدّمه على طواف الحجّ وسعيه ، فلو أخّره عامدا أجزأ ، وجبره بشاة ، ولا شي ء على الناسي.
ويستحبّ الدعاء عند الحلق ، والبدأة بالنّاصية من القرن الأيمن إلى العظمين خلف الأذنين ، ودفن الشعر بمنى.
ويحلّ بأحدهما من كلّ شي ء إلّا الطيب والنساء والصّيد ، وهو التحلّل الأوّل.
ويجب ترتيب مناسك منى ، وليس شرطا في الصحّة.
ويستحبّ لمن حلق قبل الذبح إمرار الموسى على رأسه بعده.
ويجب بعد الحلق أو التقصير المضيّ إلى مكة ، ويستحبّ ليومه خصوصا المتمتّع ، ويجوز تأخيره إلى غده ، ويحرم بعده ، ويجزئ طول ذي الحجّة ،
ص: 258
ويجوز للقارن والمفرد التأخير على كراهية ، ولا يجوز بعده مطلقا.
ويستحبّ قبل دخول مكّة ما تقدّم ، وتقليم الأظفار ، والأخذ من الشارب ، والدعاء على باب المسجد ، ثمّ يطوف الحجّ فيحلّ له الطيب ، وهو التحلل الثاني ، ولو نسيه وواقع أهله بعد الذكر فعليه بدنة ، ولا شي ء على الناسي ، ثمّ يسعى للحجّ.
ولا يجوز للمتمتّع تقديم الطّواف والسّعي على الموقفين ، ومناسك منى يوم النحر إلّا لعذر ، كالمرض (1) وخوف الحيض ، والزحام للعاجز ، ويكره للقارن والمفرد ، ثمّ يطوف للنساء وهو التحلّل الثالث.
ولا يجوز تقديمه للمتمتّع وغيره إلّا لضرورة أو خوف الحيض ، ولا تقديمه على السّعي عامدا إلّا لضرورة أو خوف الحيض ، ولو قدّمه ساهيا أجزأه.
وهو واجب في الحجّ والعمرة المبتولة دون عمرة التمتع على الرجال والنساء والخناثي والصبيان والمملوك ، فيحرم بتركه الوطء والعقد والشهادة عليه وأنواع الاستمتاع ، ويلزم به الصّبيّ المميّز ويطوف الوليّ بغير المميّز ، فلو أخلّا به منعا من الاستمتاع بهنّ قبل البلوغ وبعده حتّى يقضياه.
ولو طاف للنساء في إحرام آخر لم يسقط القضاء.
وليس بركن ، فلو تركه عامدا لم يبطل حجّه بل يجب الرّجوع له ، ولو تعذّر استناب.
ولو تركه سهوا أجزأته النيابة مطلقا.
ص: 259
ويحلّ له النّساء بطواف النائب ، فلو واعده في وقت لم يحللن له عنده على توقّف ، ولو قلنا بالحلّ فظهر عدمه اجتنبهنّ.
ولو مات قضاه الوليّ.
وكيفية الطواف والسعي كما تقدّم إلّا في النيّة.
قد علم من هذا الاستقراء الشرعي أنّ مواطن التحلّل ثلاثة : عند الحلق أو التقصير ، وعند طواف الزيارة ، وعند طواف النساء ، وتحريم الصّيد لمكان الحرم ، فلو أكل من صيد غيره جاز.
ويستحبّ ترك المخيط حتّى يطوف للحجّ ، وترك الطيب حتّى يطوف للنّساء.
ويجب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، ولو لم يتّق الصّيد والنساء ، أو غربت شمس الثاني عشر وجب المبيت ليلة الثالث عشر ، فإن أخلّ بالمبيت لزمه عن كلّ ليلة شاة إلّا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة ، أو يخرج من منى بعد نصف الليل.
ويجب رمي الجمار الثلاث في كلّ يوم من أيّام التشريق ، كلّ جمرة بسبع حصيات كما تقدّم ، ووقته من طلوع الشمس إلى غروبها ، ويجوز ليلا للمعذور ، كالخائف ، والراعي ، والعبد ، والمريض.
ص: 260
ويجب الترتيب ، يبدأ بالأولى ، ثمّ الوسطى ، ثمّ جمرة العقبة ، ولو نكس أعاد على الوسطى ثمّ جمرة العقبة ، ويحصل الترتيب برمي أربع للناسي لا بأقلّ ، ولو تعمّد بنى على الأربع واستأنف اللاحقة.
ولو رمى ثلاثا ثمّ رمى اللاحقة ، استأنف فيهما على قول ، أمّا لو رمى الأخيرة بثلاث ، ثمّ قطع بنى عليها ، عامدا كان أو ناسيا.
ولو ترك حصاة واشتبه محلّها ، رمى الثلاث بثلاث ، ولا يجب الترتيب ، ولو فاتته جمرة وجهل عينها ، أعاد على الثلاث ، ويجب الترتيب ، ولو لم يرم قضاه من الغد قبل الحاضر ولو كان حصاة ، ويرتّب كالأداء.
ويستحبّ رمي الفائت بكرة والحاضر عند الزّوال ، ولو نسى الرمي حتّى دخل مكّة رجع ورمى ، ولو فات وقته قضاه في القابل.
وتجوز الاستنابة والرّمي عن المعذور ، كالمريض ، والغائب ، وليس وكالة محضة ، فلو أغمي على المنوب لم ينعزل النائب لزيادة العذر ، ويرمي عمّن أغمي عليه إذا خيف الفوات ، ولو زال العذر لم تجب الإعادة ، ولو زال في الأثناء بنى.
ولمن اتّقى الصّيد والنساء النفر في الأوّل لكن بعد الزوال ، ويجوز في الثاني قبله ، وغير المتّقي يتعيّن عليه المقام إلى النفر الأخير.
ويستحبّ لمن نفر في الأوّل دفن حصى الثالث عشر.
ويستحبّ رمي الأولى والثانية عن يمينه ، مستقبل الجمرة والقبلة ، ويقف ويدعو ، واستقبال جمرة العقبة مستدبر القبلة ، ولا يقف ، والقيام عن يسار الطريق إذا فرغ من الأولى مستقبل القبلة ، ويدعو ، وكذا إذا فرغ من الثانية ، والإقامة
ص: 261
بمنى أيّام التشريق ، والتكبير بها ، وأن يخطب الإمام ، ويعلّمهم ذلك.
ويجب العود على من بقى عليه شي ء من مناسكها ، ويستحبّ لوداع البيت وصلاة ستّ ركعات بمسجد (1) الخيف عند المنارة الّتي في وسطه ، وكذا فوقها إلى جهة القبلة بنحو من ثلاثين ذراعا ، وكذا عن يمينها وشمالها ، والتحصيب (2) لمن نفر في الأخير ، والاستلقاء فيه ، والغسل لدخول مكة والمسجد ، والدعاء ، ودخول الكعبة بعد الغسل ، ويتأكّد للصرورة ، وصلاة ركعتين بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء ، يقرأ في الأولى « الحمد » و « حم السجدة » وفي الثانية بعدد آيها (3) ، والصلاة في زوايا الكعبة ، والدّعاء بالمرسوم ، واستلام الأركان والمستجار والشرب من زمزم وإتيان الحطيم وهو ما بين الباب والحجر وهو أشرف البقاع وفيه تاب اللّه على آدم ، وطواف الوداع ، والخروج داعيا من باب الحنّاطين ، والسّجود عنده مستقبل القبلة ، والدّعاء ، والصدقة بتمر يشتريه بدرهم ، والعزم على العود ، والطواف للمجاور أفضل من الصلاة ، والمقيم بالعكس.
وتكره المجاورة بمكّة ، والحجّ على الإبل الجلّالة ، ورفع بناء فوق الكعبة ، ومنع سكنى دور مكّة.
ص: 262
والأيّام المعلومات عشر ذي الحجّة ، والمعدودات أيّام التشريق ، ويوم النفر الأوّل : الثاني عشر ، ويوم النفر الثاني : الثالث عشر.
وهو أن يحجّ ثمّ يعتمر ، ويمتاز القارن بسياق الهدي ، وتجب نيّة الإفراد والقران ، والإحرام من الميقات أو من دويرة أهله ، ثمّ يأتي بمناسك الحجّ إلّا الهدي ، ثمّ يعتمر.
ويجب في العمر مرّة واحدة على الفور بشرائط الحجّ ، فلو استطاع لأحدهما وجب خاصّة على توقّف.
وميقاتها ميقات الحجّ أو أدنى الحلّ ، وأفضله الجعرانة أو التنعيم أو الحديبيّة ، ولا يصحّ من الحرم إلّا لضرورة.
ووقتها عند انقضاء الحجّ بعد أيّام التشريق ، أو في استقبال المحرّم.
وواجباتها : النيّة ، والإحرام من الميقات ، ثمّ الطواف وركعتاه ، ثمّ السعي ، ثمّ التقصير ، ثمّ طواف النّساء وركعتاه.
ويتحلّل بالتقصير من كلّ شي ء إلّا النساء ، فإذا طاف لهنّ حللن له ، ويجوز الحلق ، وهو أفضل ، ولو أفسد حجّ الإفراد وجب إتمامه والبدنة ، والإتيان بالعمرة ، ثمّ يقضي الحجّ خاصّة.
ولو جامع في العمرة قبل السعي عالما عامدا ، فسدت ووجب القضاء والبدنة ، وكذا يجب على المرأة لو طاوعت ، ويحمل البدنة عنها لو أكرهها.
ص: 263
ولو جامع بعد السّعي وجبت البدنة وإن كان بعد الحلق قبل طواف النساء.
وقد يجب بالنذر وشبهه ، والإفساد ، والفوات ، ودخول مكة لغير المتكرّر والمعذور ، ويتكرّر الوجوب بتكرّر السبب.
ووقت الواجب عندحصول سببه ووقت المندوب جميع أيّام السّنة،وأفضلها«رجب ».
ويجوز الإتباع مطلقا ، وقيل بعد سنة (1) وقيل بعد شهر (2) وقيل بعد عشرة أيام (3).
ولمن اعتمر في أشهر الحجّ أن ينقلها إلى عمرة التمتّع دون العكس اختيارا.
ص: 264
وفيه فصول :
وفيه بحثان :
الأوّل : في حقيقته ، وهو المنع من مكّة أو الموقفين بعدوّ أو حبس على مال ظلما أو مستحقا مع العجز ، فالقادر غير مصدود.
ويتحقّق الصدّ بالمنع من مكّة في إحرام العمرة ، وبالمنع من الموقفين أو أحدهما مع فوات الآخر في إحرام الحجّ ، وبالمنع من منى ومكّة معا على الأقوى.
ولا يتحقّق بالمنع من منى ، بل يحلق مكانه ، ويستنيب في الرمي والذبح ، ويسقط المبيت ، ولا بالمنع من مكّة ، بل يأتي بالطواف والسعي في ذي الحجّة ، فإن تعذّر بقى على إحرامه بالنسبة إلى الطّيب والنساء ، حتّى يقضيه في القابل.
البحث الثاني : في حكمه :إذا تحقّق الصدّ ، فإن كان له طريق آخر ،
ص: 265
وجب سلوكه مع القدرة وإن خشي الفوات ، ولا يتحلّل بخوفه بل إن تحقّق تحلّل بعمرة ثمّ يقضيه واجبا إن وجب ، وإلّا ندبا ، ولو لم يكن له إلّا طريق العدوّ ، أو كان وقصرت نفقته ، تحلّل بذبح هدي أو نحره ، والتقصير ، ونيّة التحلّل عند الذبح ، فيحلّ من كلّ شي ء أحرم عنه.
ويجوز التحلّل في الحرم وغيره حتّى في بلده ، لأنّه لا يراعى في التحلّل زمان ولا مكان ، ثمّ يجب القضاء مع وجوبه.
وإذا ظنّ انكشاف العدوّ استحبّ الصّبر ، فإن انكشف والوقت باق أتمّ ، وإن فات تحلّل بعمرة.
ولو انكشف بعد تحلّله ، فإن اتّسع الوقت وجب الإتيان به إن بقيت الشرائط ، ولا تشترط الاستطاعة من بلده ، ولا بدل لهدي التحلّل ، فلو لم يجده أو فقد ثمنه بقى على إحرامه ، ولا يحلّ (1) بدونه وإن تحلّل.
ثمّ إنّ بتحقّق الفوات تحلّل (2) بعمرة ، بأن ينقل نيّته إليها ، فلو صدّ عن إتمامها تحلّل بالهدي ، ولا يسقط بالاشتراط ، ويجزئ عنه هدي السياق ، ولو أفسد ثمّ صدّ ، فإن تحلّل كان عليه بدنة الإفساد ، ودم التحلل ، والقضاء ، وحجّ العقوبة ، فإن انكشف العدوّ والوقت باق ، وجب القضاء ، وهو حجّ يقضى لسنته ، ويبقى عليه حجّ (3) العقوبة ، وإن لم يتحلّل ، فإن انكشف العدوّ والوقت باق مضى في الفاسد ، وقضاه في القابل.
ص: 266
ولو كان الحجّ ندبا فإن فات تحلّل بعمرة ، وعليه القضاء والبدنة ، ولو كان الوقت باقيا تحلّل بالدم ، وعليه بدنة الإفساد ، وقضاء واحد ، وكذا البحث لو صدّ ثمّ أفسده.
وحكم المعتمر حكم الحاجّ.
ولا يجب قتال العدوّ وإن ظنّ السلامة ، ولو طلب مالا ، فالحكم ما تقدّم.
وهو المنع عن مكّة أو الموقفين بالمرض ، وإن كان بعد التلبّس بالحجّ أو العمرة ، بعث ما ساقه إلى مكّة إن كان معتمرا ، أو منى إن كان حاجّا ، وإن لم يسق بعث هديا أو ثمنه ، ويواعد نائبه وقتا معيّنا لذبحه أو نحره ، فإذا بلغ محلّه ، قصّر وتحلّل من كلّ شي ء إلا النساء حتّى يحجّ من قابل ، ولو عجز أو كان الحجّ ندبا ، جاز أن يستنيب في طواف النساء.
ولو أحصر في عمرة التمتّع حلّ له النساء ، إذ لا طواف لهنّ ، وفيه توقّف للعموم.
ولو لم يجد الهدي ولا ثمنه ، بقى على إحرامه ، إذ لا بدل له ، ولو بان عدم الذبح لم يبطل تحلّله ، بل يجب في القابل ، ويجزئ هدي السياق إلّا أن يكون منذورا أو معيّنا عن نذر أو كفّارة ، ولا يسقط بالشرط ، وفائدته تعجيل التحلّل.
ولو زال العذر بعد البعث وقبل التحلّل ، التحق ، فإن أدرك أحد الموقفين
ص: 267
صحّ حجّه ، وإلّا تحلّل بعمرة وإن ذبح هديه ، ولزمه القضاء مع وجوبه.
ولو أخّر التحلّل حتّى تحقّق الفوات ، لزمه لقاء البيت ليتحلّل بعمرة ولو كان قد ذبح هديه وقت المواعدة.
ولو زال العذر بعد البعث والتحلّل ، فإن اتّسع الوقت وجب الإتيان به مع وجوبه وإلّا ففي القابل.
ويقضي القارن قارنا والمعتمر عند زوال العذر.
ولو صدّ وأحصر تخيّر في الأخذ بحكم أحدهما.
وفيه مباحث :
أمّا الأوّل فالسباع الماشية والطائرة ، والدّجاج الحبشي ، والبرغوث ، والحيّة ، والعقرب ، والفأرة ، والحيوان المحرّم إلّا ما يستثنى. (1)
وأمّا الثاني فثلاثة :
الأوّل : ما له مثل من النّعم وبدل مخصوص ، وهو خمسة :
الأوّل : النعامة وفيها بدنة ثنيّة فصاعدا ، وفي فرخها من صغار الإبل ، فإن
ص: 268
عجز فضّ ثمنها على البرّ وأطعم ستّين مسكينا لكلّ واحد مدّان ، فإن عجز صام عن كلّ مدّين يوما ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما.
الثاني : بقر الوحش وحماره ، وفي كلّ واحد بقرة أهليّة ، فإن عجز فضّ ثمنها على البرّ وأطعم ثلاثين مسكينا كما مرّ ، فإن عجز صام ثلاثين يوما ، فإن عجز صام تسعة أيّام.
الثالث : الظبي وفيه شاة ، فإن عجز فضّ ثمنه ، وأطعم عشرة ، كما مرّ ، ثمّ صيام العدد ، ثمّ صيام ثلاثة أيّام ، وألحق الثعلب والأرنب بالظبي.
الرابع : بيض النعام ، وفي كسر الواحدة بكرة من الإبل إن تحرّك الفرخ ، وإلّا أرسل فحولة الإبل في إناث بعدد البيض ، فالناتج هدي ، فإن عجز ففي كلّ بيضة شاة ، ثمّ إطعام عشرة مساكين ، ثمّ صيام ثلاثة أيّام.
ولو بان فاسدا لم يلزمه شي ء.
الخامس : بيض القطا والقبج ، وفي كسر الواحدة صغير من الغنم إن تحرّك الفرخ ، وإلّا أرسل فحولة الغنم في إناث بعدد البيض ، فالناتج هدي ، فإن عجز أطعم عشرة مساكين ، ثمّ صيام ثلاثة أيّام.
الأوّل : لو زادت قيمة الجزاء عن البرّ (1) أو نقصت ، لم يجب الزائد ولا الإتمام.
الثاني : الإبدال على الترتيب.
ص: 269
الثالث : لو قدر في الصّوم الثاني على أكثر منه لم يجب ، ولو عجز عن بعضه لم يجب الباقي ، واستغفر اللّه تعالى.
الرابع : لو عجز عن البدنة ، وفقد البرّ دون ثمنه ، انتقل إلى الصوم ، ويحتمل تعديله عند ثقة.
الخامس : يفدي عن المعيب والمريض بمثله ، والصّحيح أفضل ، ويستحبّ التماثل في الذكورة والأنوثة.
السادس : لو أبطل امتناعه لزمه فداء كامل ، وعلى قاتله قيمة معيب ، ولو أبطل أحد امتناعيه لزمه الأرش.
السابع : لو ضرب حاملا فماتا ، فداها بحامل ، فإن تعذّر قوّم الجزاء حاملا ، ولو ألقته ثمّ ماتا ، فداهما بمثلهما ، ولو مات أحدهما فداه خاصّة ولو معيبا فالأرش.
ولو ألقته ميتا لزمه ما بين قيمتها حاملا ومجهضا ، ولو ألقته حيّين سليمين فلا شي ء.
الثاني : ما لا مثل له ولا بدل مخصوص من النّعم ، ففي كلّ واحدة من الحمام ، وهو كلّ طائر يهدر ويعبّ الماء (1) شاة على المحرم في الحلّ ، ودرهم على المحلّ في الحرم ، وفي فرخها حمل (2) على المحرم في الحلّ ، ونصف
ص: 270
درهم على المحلّ في الحرم ، وفي كسر بيضها على المحرم في الحلّ حمل إن تحرّك الفرخ ، وإلّا درهم ، وعلى المحلّ في الحرم ربعه ، ويجتمع الأمران على المحرم في الحرم في الجميع.
ويستوي الأهلي وحمام الحرم في القيمة إذا قتل في الحرم ، إلّا أنّ حمام الحرم يشترى بقيمته علف لحمامه ، وقيمة الأهليّ يتصدّق بها.
وفي كلّ واحدة من القطا ، والحجل ، والدراج ، حمل قد فطم ورعى الشجر ، وفي كلّ واحدة من القنفذ ، والضبّ ، واليربوع ، جدي ، وفي البطة أو الأوزة أو الكركي شاة على قول ، (1) وقيل : في الأسد إذا لم يرده كبش. (2)
وفي الجراد الكثير شاة ، ولو لم يمكن التحرّز منه فلا شي ء.
وفي شرب لبن الظبية دم وقيمة اللبن.
ولو ضرب بطير على الأرض ( فمات ) (3) فعليه دم وقيمته للحرم والضّمير للطّير (4) وأخرى لاستصغاره (5) ، فيلزمه في الحلّ دم وقيمة ، ويحتمل أنّه للحرم ، فيلزمه دم لا غير ، وعلى المحلّ في الحرم قيمتان على القولين.
وفي دخول النعامة في الطير هنا وإلحاق غيره به توقّف.
ص: 271
الثالث : ما كفّارته من غير النّعم ، ففي كلّ واحد من العصفور ، والصعوة ، والقبرة ، وشبهه ، مدّ من الطّعام ، وفي العظاءة (1) كفّ من طعام ، وفي الجرادة تمرة ، وفي إلقاء القمّلة أو قتلها كفّ من طعام ، وفي الزّنبور كفّ تمر أو طعام.
وأمّا الثالث : وهو ما لا نصّ فيه كالبطّة والأوزة والكركي ، ويحكم بقيمته ذوا عدل ومعرفة ، ولا يكفي الواحد ، ويجوز أن يكون أحدهما أو هما القاتل إلّا مع العمد إلّا مع التوبة.
ويعتبر القيمة وقت الإتلاف ، ولا يقوّم ما لا قيمة له كالخنزير ، ويعتبر قيمة الجزاء وقت الإخراج ، ومحلّه منى في إحرام الحجّ ، ومكّة في إحرام العمرة.
وهو ثلاثة :
الأوّل : المباشرة ، من قتل صيدا فعليه فداء ولو أكل منه ففداء آخر ، وفي عينيه قيمته وفي إحداهما النّصف ، وكذا في يديه ورجليه ، (2) وفي قرنيه النّصف ، وفي إحداهما الربع ، ولو أصاب ولم يؤثّر فيه فلا شي ء.
ولو شكّ في الإصابة ، أو في كونه صيدا ، أو في الحرم ، فلا شي ء.
ولو شك في تأثير الإصابة ، أو علمها وجهل حاله ، لزمه الفداء ، ولو جرحه فرآه سويّا فالأرش إن علم قدره ، وإلّا فربع القيمة.
ص: 272
ولا يقدّر الأرش من الفداء ، فلو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته وجب ذلك لا عشر الشاة ، ولا عشر قيمتها ، وعلى كلّ من المشتركين فداء كامل ، محرمين كانا أو محلّين في الحرم.
ولو رماه محلّا فقتله محرما لم يضمنه ، وكذا لو وضع في رأسه ما يقتل القمّل ، ثمّ أحرم فقتله.
ولو دفع الصّيد عنه فأدّى إلى قتله أو جرحه ، فلا ضمان إلّا أن ينجع الأخفّ فيتعدّاه. (1)
ومذبوح المحرم ميتة ، ولو كسر بيضا لم يحرم أكله ، وكذا لو صاد ثمّ ذبحه محلّ.
ولو أمر عبده المحلّ في الحلّ بالذبح ، لم يحرم على توقّف ، والجزاء على المولى.
الثاني : اليد ، يحرم على المحرم إثبات يده على الصّيد ، ويضمنه ، فلو أفلس مشتريه بعد إحرام البائع لم يختصّ به ، ولو كان مودعا وجب دفعه إلى المالك ، ثمّ إلى الحاكم ، ثمّ إلى ثقة ، فإن تعذّر الجميع أرسله وضمن.
ولا يملكه بالاصطياد ، ولا بأحد الأسباب المملّكة إن كان معه ، وإلّا ملكه ، فلو ورث صيدا لم يملكه حتّى يحلّ ، ويزول ملكه عنه بإحرامه ، ويجب إرساله ، فإن تلف قبله ضمنه ، ولو أرسله غيره أو قتله لم يضمن ، ولو صاده محلّ بعد الإرسال ملكه.
ص: 273
ولو استبقاه حتّى أحلّ لم يجب الإرسال ، ولا يزول ملكه عن النائي عنه.
ولو أمسكه محرم فذبحه مثله ، فعلى كلّ منهما فداء ، ولو كان الذابح محلّا ضمنه الممسك.
ولو كسر بيضا فخرج فاسدا لم يضمنه ، ولو نقله ففسد (1) ضمنه ، ولو أحضنه فخرج الفرخ سليما فلا شي ء عليه.
الثالث : التّسبيب وهو فعل ما يحصل معه التلف ، فلو خلّص صيدا من شبكة أو سبع فتلف أو عاب ضمنه ، فلو أغلق على حمام الحرم وفراخ وبيض ضمن ، فإن أرسلها سليمة سقط الضمان ، وإلّا ضمن الحمامة بشاة والفرخ بحمل والبيضة بدرهم ، ويضمن المحلّ الحمامة بدرهم والفرخ بنصف والبيضة بربع ، وكذا لو جهل حاله بعد الإغلاق.
ولو أوقد جماعة نارا فوقع فيها صيد ، فإن قصدوا الاصطياد فعلى كلّ واحد فداء ، وإلّا فعلى الجميع فداء ، ولو قصد البعض تعدّد في حقّهم ، وعلى الباقي فداء واحد ، وإن اتّحد على توقّف.
ولو رمى صيدا فاضطرب وقتل آخر ضمنهما.
ولو رمى اثنان فأصاب أحدهما فعلى كلّ واحد فداء.
ولو أمسك صيدا في الحرم فمات ولده فيه أو في الحلّ ضمنه ، وكذا لو أمسكه المحرم في الحلّ فمات ولده فيه أو في الحرم.
ولو أمسكه المحلّ في الحلّ ، فإن مات ولده في الحرم ضمنه ، وإلّا فلا.
ص: 274
ولو نفّر صيدا فهلك بآفة سماويّة أو بمصادمة (1) شي ء ، أو أخذه جارح (2) ضمنه.
ولو نفّر حمام الحرم ، فإن عاد الجميع فشاة ، ولو لم يعد فعن كلّ واحدة شاة ، ويكفي الظنّ ، ولو شكّ في العدد بنى على الأقلّ ، وفي حمل البعض إذا عاد أو انقطع على الجميع توقّف ، لعدم النصّ.
ولا شي ء في الواحدة لو رجعت ، ولا يتعدّى إلى غير الحمام.
ولو اشترى محلّ لمحرم بيض نعام فأكله ، لزم المحرم عن كلّ بيضة شاة والمحلّ عن كلّ بيضة درهم ، ولا يتعدّى إلى باقي البيوض ولا إلى غير البيض.
ولو أغرى كلبه أو حلّ رباطه ، أو انحلّ لضعف الرّبط ، فقتل صيدا ضمنه.
ولو نصب شبكة فهلك فيها صيد ضمنه ، وكذا لو حفر بئرا في غير ملكه عدوانا ، أو في الحرم مطلقا.
ويضمن الدالّ والمشير والسائق ما تجنيه دابّته مطلقا ، وكذا الراكب إذا وقف ، والسائر والقائد ما تجنيه بيديها ورأسها.
يحرم بالحرم ما يحرم بالإحرام ، وتجب به القيمة ، فلو قتل المحلّ صيدا في الحرم فعليه قيمته ، وعلى المحرم فداء وقيمة ، ولو بلغ بدنة لم يتضاعف ،
ص: 275
ولو قتله اثنان وأحدهما محرم ، تضاعف الفداء في حقّه.
ويتساوى في التضاعف العالم والجاهل والعامد والمخطئ.
وما لا دم فيه يتضاعف الفداء ، وما لا نصّ فيه ، تتضاعف القيمة.
ولو قتله جماعة فعلى كلّ واحد قيمة ، ولو أصابه خارج الحرم فمات فيه أو بالعكس ضمنه ، ولو ربط صيدا في الحلّ فدخل الحرم لم يجز إخراجه ، ولو رماه من الحلّ فقتله في الحرم أو بالعكس ضمنه ، وكذا لو قتل ما بعضه في الحرم ، أو كان على فرع شجرة في الحلّ ، وأصلها في الحرم أو بالعكس.
ولو رمى بسهم في الحلّ فمرّ به في الحرم ، وقتل صيدا في الحلّ لم يضمن.
ويجب إرسال ما دخل به إلى الحرم ، فلو تلف قبله ضمنه.
ولو أخرج صيدا منه وجبت إعادته ، فلو تلف قبله ضمنه ولو كان مريضا أو طائرا مقصوصا ، وجب حفظه حتّى يكمل.
ويحرم حمام الحرم في الحلّ ، فإن تلف ضمنه.
ولو نتف ريشة من حمام الحرم ، فعليه صدقة بتلك اليد مع الأرش ، ولا يجزئ بغيرها.
ولو نتف بغير اليد ، أو سقط باضطرابه في يده تصدّق كيف شاء ، وتتعدّد الصدقة بتعدّد الريش ، ولا تتعدّى إلى نتف غيره.
ويكره ما يأمّ الحرم ، والاصطياد بين البريد والحرم ، وتستحبّ الصدقة عنه بشي ء لو فقأ عينه أو كسر قرنه.
ص: 276
ومذبوح المحلّ في الحرم كمذبوح المحرم في الحلّ ، ولا يملك المحلّ صيدا في الحرم إلّا أن يكون نائيا.
فداء المملوك في الحلّ لصاحبه ، وغيره يتصدّق به ، وفداء المملوك في الحرم لله ، والقيمة للمالك ، ويضمن الصّيد بقتله عمدا وسهوا وخطأ ، فلو رمى غرضا فقتل صيدا ضمنه ، وكذا لو مرق السهم فأصاب آخر.
وتتكرّر الكفّارة بتكرّر القتل سهوا بعد سهو وسهوا بعد عمد أو بالعكس إجماعا ، وبتكرّره عمدا بعد عمد على الأقوى.
ومحلّ الخلاف إذا حصل التكرّر في إحرام واحد أو في إحرامين بينهما ارتباط كعمرة التمتّع وحجّه ، وإلّا تكرّر قطعا.
ولو اضطرّ المحرم إلى الصّيد أكل منه ما يمسك الرّمق وفداه.
ولو وجد ميتة أكل منه إن وجد الفداء ، وإلّا من الميتة.
ومن وجب عليه شاة في كفّارة الصّيد فلم يجد ، أطعم عشرة مساكين ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيّام.
ومن وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر فعجز ، كان عليه سبع شياه والمراد بالكفارة البدنة ، وبالدّم الشاة وبالصيام ثلاثة أيّام.
وما يجب في الحجّ يذبح بمنى ، وفي العمرة بمكّة ، والإطعام تابع ، ولا يتعيّن للصوم مكان.
ص: 277
وفيه مسائل :
الأولى : من جامع زوجته قبلا أو دبرا قبل عرفة أو المشعر عامدا عالما بالتحريم فسد حجّه ، وعليه بدنة ، والحجّ من قابل ، فرضا كان حجّه أو نفلا ، ولو طاوعته لزمها مثل ذلك ، وعليهما الافتراق في القابل (1) إذا بلغا موضع الخطيئة بمصاحبة ثالث محترم حتّى يقضيا المناسك.
ولو جامع في الفاسد وجب عليه بدنة أخرى لا غير ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا ، ولو أفسد القضاء لزمه ما لزمه أوّلا وهكذا.
والقضاء تابع للفاسد في النوع والفوريّة ، وكذا حكم المملوكة والمستمتع بها والأجنبية والغلام ، ولا يفسد بوطء البهيمة.
ولو أكرهها تحمّل عنها البدنة ، ولم يقض عنها ، ولو أكرهته لم تتحمّل عنه ، ولو أكرههما آخر فلا شي ء على المكره.
ولو أكره أمته تحمّل عنها الكفّارة ، ولا يجب الحجّ بها ولا تمكينها.
ولو استمنى بيده فعليه البدنة خاصّة ، والأولى فرضه (2) والثانية عقوبة ، وقيل : بالعكس (3) ، فلو نذر الحجّ في سنة معيّنة فأفسد ، لم تلزمه الكفّارة.
ص: 278
ولو أعتق العبد في الفاسدة بعد الوقوف ، لم يكفه الإتمام والقضاء عن حجّة الإسلام.
ولو استؤجر لسنة معيّنة فأفسد ، لم تنفسخ الإجارة وينعكس الحكم على الثاني.
الثانية : لو جامع عامدا عالما بعد المشعر وقبل طواف الزيارة ، فبدنة ، فإن عجز (1) فبقرة أو شاة ، ولو جامع قبل طواف النساء أو بعد ثلاثة أشواط ، فبدنة ، ولو كان بعد خمسة فلا شي ء ، ويتمّ طوافه ولا تكفي الأربعة.
الثالثة : لو جامع المحلّ أمته المحرمة بإذنه ، فعليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن عجز فشاة ، أو صيام ، ولو طاوعت لزمها الإتمام والحجّ من قابل ، والصوم عن البدنة ، وكذا حكم غلامه المحرم ، ولا شي ء عليه لو أكره زوجته المحرمة على الأقوى ، ولو طاوعت لزمها الأحكام.
الرابعة : ولو عقد محرم أو محلّ لمحرم على امرأة فدخل ، فعلى كلّ واحد كفّارة ، ولا شي ء على المرأة إذا كانت محلّة. (2)
الخامسة : لو نظر إلى غير أهله فأمنى ، فعلى الموسر بدنة ، والمتوسّط بقرة ، والمعسر شاة ، ولو نظر إلى أهله بشهوة فبدنة إن أمنى ، وبدونها لا شي ء وإن أمنى.
ولو مسّ امرأة بشهوة فشاة وإن لم يمن ، وبغيرها لا شي ء وإن أمنى.
ص: 279
ولو قبّلها بشهوة فجزور أمنى أو لا ، وبغير شهوة فشاة ، ولو أمنى عن ملاعبة فجزور.
ولو استمع على مجامع ، أو استمع (1) كلام امرأة من غير نظر ، فلا شي ء عليه وإن أمنى.
السادسة : لو جامع في إحرام العمرة قبل السّعي ، لزمته بدنة وقضاؤها ، ويستحبّ في الشهر الداخل.
في استعمال الطيب شاة وكذا في دهن الطيب ، (2) وإن اضطرّ انتفى الإثم حينئذ ، ولا شي ء في غير الطيب وإن حرم ، وفي لبس المخيط شاة وإن اضطرّ ، وفيما يستر ظهر القدم شاة ، وفي تغطية الرأس شاة ، وفي التظليل سائرا شاة ، وفي حلق الرأس لأذى وغيره شاة أو إطعام عشرة مساكين ، لكلّ واحد مدّ ، أو صيام ثلاثة أيّام.
ولا فرق بين كلّ الرأس وبعضه إن سمّى حلقا ، وإلّا تصدّق بشي ء.
وفي نتف الإبطين شاة ، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين.
ولو سقط من شعر رأسه ولحيته في غير الوضوء ، فكفّ طعام ، ولا شي ء فيه ، وفي قلم الظفر مدّ من طعام.
ص: 280
وفي أظفار يديه ورجليه دم ، وفي مجلسين دمان ، والإصبع واليد الزائدتان كالأصلية.
ولو أفتاه مفت بالقلم ، فأدمى إصبعه ، فعلى المفتي شاة وإن تعدّد ، وفي قلع الضرس شاة ، وفي الجدال كذبا مرّة شاة ، ومرّتين بقرة ، وثلاثا بدنة ، وفي الصّدق ثلاثا شاة ، ولا شي ء فيما دونها.
وفي الشجرة الكبيرة من الحرم بقرة ، والصغيرة شاة وإن كان محلّا.
ولا كفّارة في قطع الحشيش وإن أثم ، ولا يجب منع السائمة من الرعي.
ولو قلع شجرة من الحرم وغرسها في غيره أعادها ولو جفّت ضمن قيمتها.
كلّ محرم أكل أو لبس (1) ما لا يحلّ له فعليه شاة ، ولا تجب الكفّارة على الجاهل ، والناسي ، والمجنون ، إلّا في الصّيد ، وإذا اختلفت الأسباب تعدّدت الكفّارة ، سواء كفّر عن السابق أو لا ، اتّحد الوقت أولا.
وتتكرّر الكفّارة بتكرّر الوطء مطلقا ، وبتكرّر الحلق إن اختلف الوقت وإلّا فلا ، وبتكرّر الطيب واللبس إن تغاير المجلس ، وإلّا فلا.
ويجب على الحاجّ زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فإن امتنعوا أجبروا ، وتستحبّ صلاة ركعتين بالمعرّس (2) ، والغسل لدخول المدينة ، وزيارة فاطمة عليها السلام من الروضة ،
ص: 281
والأئمّة بالبقيع ، والصلاة في الروضة ، والصوم ثلاثة أيّام للحاجة ، والصلاة ليلة الأربعاء عند اسطوانة أبي لبابة ، وليلة الخميس عند الاسطوانة الّتي تلي مقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وإتيان المساجد وقبور الشهداء خصوصا قبر حمزة (1) ، والمجاورة بالمدينة (2) وتكره بمكّة.
وحرم المدينة من عائر إلى وعير.
ويكره عضد شجره دون صيده إلّا ما كان بين الحرّتين. (3)
* * * *
ص: 282
ص: 283
ص: 284
والنظر في أمور :
وقد يصير فرض عين بالخوف على بيضة الإسلام ، أو بتعيين الإمام ، أو نائبه ، أو بقصور القائمين ، أو بالنذر وشبهه ، ويجب في كلّ عام مرّة أو مرّتين ، ويجوز تركه للمصلحة.
وإنّما يجب بدعاء الإمام أو نائبه ، إلّا أن يدهم المسلمين عدوّ فيجب مطلقا ، ويجب إمّا للكفّ عن الدّين ، أو للدّعاء إليه ، أو لقراره (1) كحرب البغاة.
ويحرم في أشهر الحرم إلّا أن يبدأ العدو ، أو أنّه لا يرى لها حرمة ، ويجوز في الحرم ، وقد يجب القتال للدفع عن نفسه أو ماله إذا غلب السلامة ، أو كان بين أهل الحرب وغشيهم عدوّ ، ويخاف منه على نفسه ، فيقاتل معهم بقصد الدفع مطلقا لا الإعانة ، وليس ذلك جهادا ، فلا تلحقه أحكامه.
والهجرة باقية ببقاء الكفر ، وتجب عن بلاد الشرك مع العجز عن إظهار شعار الإسلام.
والمرابطة مستحبّة ، وهي إرصاد لحفظ الثغر ، ولا يشترط إذن الإمام ، فتجوز في الغيبة ، وأقلّها ثلاثة أيّام وأكثرها أربعون يوما ، فلو زاد فله ثواب الجهاد ، وأفضلها أخطر الثغور.
ويكره نقل الأهل والذريّة معه ، ولو نذرها ، أو نذر شيئا للمرابطين ، أو آجر نفسه ، وجب الوفاء مطلقا.
ومنها أن يربط فرسه أو غلامه.
ص: 285
وهو كلّ مكلّف ، ذكر حرّ ، غير همّ (1) ولا أعمى ، ولا مريض ، ولا مقعد ، ولا معسر ، فلا يجب على الصبيّ ، والمجنون ، والمرأة ، والخنثى المشكل ، والعبد وإن أمره مولاه أو تحرّر بعضه ، ولا على الشيخ العاجز ، والأعمى ، والمريض إذا عجز عن الركوب والعدوّ ، والمقعد وإن قدر على الركوب ، والعاجز عن نفقة طريقه وعياله ، وثمن سلاحه ، ومئونته ، ويختلف ذلك بحسب الأحوال.
ولو بذل للمعسر ما يفتقر إليه وجب ، بخلاف الاستئجار.
ويجب على العاجز الموسر أن يجهز غيره ، ويجوز ذلك مع القدرة إلّا أن يعيّنه الإمام.
ولو تجدّدت الأعذار بعد التحام الحرب ، لم يسقط فرضه إلّا مع العجز.
وللأبوين منع الولد إلّا أن يعيّنه الإمام ، بخلاف الجدّين.
ولصاحب الدّين منع المديون مع الحلول واليسر.
ولا يجوز إخراج المخذّل والمرجف والمتجسّس ، (2) ولو أخرجوا لم يسهم لهم.
ص: 286
وهم ثلاثة :
الأوّل : غير أهل الذمّة وإن انتسبوا إلى أحد الأنبياء ، سواء عبدوا غير اللّه أو لا ، وهؤلاء لا يقبل منهم غير الإسلام وإن بذلوا الجزية ، فإن أصرّوا قوتلوا حتّى يسلموا أو يقتلوا.
الثاني : أهل الذمّة وهم اليهود والنّصارى والمجوس إذا أخلّوا بشرائط الذمّة ، فيقاتلون حتّى يلتزموا بها أو يقتلوا.
الثالث : البغاة وهم من خرج على إمام عادل ، فيقاتلون حتّى يفيئوا أو يقتلوا فها هنا مقاصد :
ص: 287
وفيه مباحث :
يبدأ بقتال الأقرب إلّا مع خطر الأبعد ، ولا يجوز القتال إلّا بعد الدّعاء إلى محاسن الإسلام ، ولا يتولّاه إلّا الإمام أو نائبه ، ويسقط فيمن عرفها.
ولا يجوز الفرار إذا بلغ العدوّ الضّعف أو أقلّ ، ولو غلب الهلاك إلّا متحرّفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ، كثيرة كانت أو قليلة ، بعيدة أو قريبة ، وإن زاد على الضّعف جاز الفرار.
ويستحبّ الثّبات إذا ظنّ السّلامة ، ولو ظنّ العطب وجب الانصراف.
والمعتبر العدد ، فيجوز فرار مائة بطل من مائتي ضعيف وواحد ، ولا يجوز فرار مائة ضعيف من مائة بطل. (1)
ولو انفرد اثنان من المشركين بواحد جاز الفرار ، ويجوز القتال بكلّ ما
ص: 288
يرجى به الفتح ، كهدم الحصون والبيوت ، ورمي المناجيق ، والحصار ، وقطع السابلة.
ويحرم بإلقاء السمّ إلّا أن يتوقّف الفتح عليه ، ويكره بإلقاء النار ، وتسليط المياه ، وقطع الشجر إلّا مع الضرورة.
ولو تترّسوا بالنّساء والصبيان والمجانين والمسلمين ، جاز رميهم حال الحرب ، ولم يجز قتلهم وإن حاربوا إلّا مع الحاجة ، ولا قود ولا دية في قتل المسلم ، وفي الكفّارة قولان.
ويحرم قتل الشيخ الفاني ، والخنثى المشكل ، والتمثيل بهم ، والغدر ، والغلول منهم ، ويقتل الراهب.
ويستحبّ القتال بعد صلاة الظهرين ، والمبارزة إذا ندب إليها الإمام ، وتجب إذا ألزم بها ، وتكره بغير إذنه ، وتحرم لو منع منها.
وإذا طلبها المشرك استحبّ للظهير الخروج ، ويحرم على الضعيف ، فإن شرط الانفراد لم يجز معونة قرنه إلّا أن يغرّ (1) فيتبعه المشرك ، فيجوز دفعه ، ولو لم يتبعه لم تجز محاربته ، ولو استنجد أصحابه انتقض أمانه ، فلو تبرّعوا فإن منعهم ، فهو على عهده ، وإلّا جاز قتاله معهم.
ولو لم يشترط الانفراد جازت المعونة.
وتجوز الخدعة في الحرب ، ويكره القتل صبرا ، وحمل الرأس من المعركة ، والتّبييت ، وتعرقب الدابّة ، والقتال قبل الزّوال إلّا مع الحاجة ، وأن يتولّى المسلم قتل أبيه.
ص: 289
وتجب مواراة الشهيد دون الحربي ، فإن اشتبه وارى من كان كميش الذّكر.
ويجوز للإمام الاستعانة بالمشركين إذا أمن غائلتهم ، وبذل ما يستعين به المقاتل من بيت المال ، وجعل الجعائل للمصلحة من الغنيمة ، معيّنا أو مجهولا كجارية.
فإن عيّنه وفتح البلد صلحا ، فإن اتّفق (1) أربابه والمجعول له على بذله أو بذل عوضه صحّ ، وإلّا فسخ الصّلح وردّوا إلى مأمنهم.
ولو تلف الجعل قبل التسليم مع إمكانه ، ضمن المثل في المثلي وإلّا القيمة.
ولو عجزنا عن الفتح فلا شي ء ، إلّا أن يفتح بعد [ ذلك ] بدلالته ، ولو فتح غيرنا بها فلا شي ء عليه. (2)
ولو أخّرناه لمصلحة فلا شي ء إلّا أن يفتح بدلالته.
ولو لم يحصل سوى الجعل اختصّ به ، ولو لم يجده فلا شي ء.
ولو كان الجعل جارية فأسلمت قبل الفتح مطلقا أو بعده والمجعول له كافر ، فله قيمتها.
ويجوز التّنفيل لبعض المجاهدين مع الحاجة ، كأن ينفذ الإمام سريّة ،
ص: 290
ويجعل لها الربع بعد الخمس ، فإذا غنمت شيئا أخرج خمسه وأعطاها ربع الباقي ، ثمّ يقسّم الفاضل بينها وبين الجيش ، ولا يستحقّ النفل إلّا بالشرط وإن حسن بلاؤه ، ولا تقدير له ، بل بحسب نظر الإمام.
وأنفل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في البدأة الرّبع وفي الرّجعة الثلث ، (1) وليس ذلك توظيفا.
ولا يحسب النفل من سهمه.
الإناث يملكن بالسبي إن كانت الحرب قائمة ، وكذا الطّفل ، ولو اشتبه بالبالغ فإن أنبت قتل إلّا أن يدّعى خروجه بالدواء ، وإلّا ألحق بالذّراري إن جهل سنّه ، والذكور البالغون إن أخذوا حال الحرب وجب قتلهم ، إلّا أن يسلموا.
ويتخيّر الإمام بين ضرب الرّقاب ، وقطع الأيدي والأرجل ، وتركهم حتّى ينزفوا ويموتوا.
وإن أخذوا بعد انقضائها ، حرم قتلهم ، ويتخيّر الإمام بين المنّ ، والفداء ، والاسترقاق وإن أسلموا.
ولا يجوز قتل الأسير إذا عجز عن المشي ولو قتله مسلم فهدر ،
ص: 291
ويجب إطعامه وسقيه وإن أريد قتله ، ويكره قتله صبرا.
وينفسخ النكاح بأسر الزوج الصغير مطلقا ، وباسترقاق الكبير لا بأسره ، وبأسر الزوجة مطلقا ، وبأسر الزوجين كذلك ، ولو كانا مملوكين تخيّر الغانم إن وقعا في سهمه.
والطفل المسبي يتبع أبويه ، فمن أسلم منهما تبعه ، ولو سبي منفردا تبع السّابي في الطهارة خاصّة.
ولو أسلم الحربي في دار الحرب قبل الظّفر به ، حقن دمه ، وعصم ماله المنقول ، وغيره للمسلمين ، ويلحق به ولده الصغار ، ويدخل الحمل دون أمّه ، فيجوز استرقاقها ، وكذا لو وطئ المسلم حربيّة شبهة.
ولو أسلم عبد الحربي قبل مولاه ، فإن خرج قبله تحرّر ، وإلّا فلا.
ولو أسر المسلم ثمّ أطلق على مال ، أو شرط عليه الإقامة عندهم ، [ أ ] والأمن منه ، وجب الوفاء بالأخير. (1)
ولو صالحا (2) أهل المسبيّة على إطلاقها بإطلاق المسلم فأطلق ، لم يجب إعادتها ، ولو كان بعوض جاز إلّا إذا استولدها مسلم.
ص: 292
وفيه فصلان :
هنا المال المكتسب بالجهاد ، فليس منها ما انجلى عنه الكفّار بغير قتال ، ولا المسروق ، والمختلس ، واللقطة ، والمباحات الأصلية إلّا أن يكون عليها أثر الملك ، كالطير المقصوص ، فالأوّل للإمام والباقي لآخذه.
وأقسامها ثلاثة :
الأوّل : ما ينقل ، ولا يصحّ تملّكه للمسلم ، وليس غنيمة ، بل منه ما ينبغي إتلافه كالخنزير ، وكتب الكفر والزندقة ، ومنه ما يجوز إتلافه وإبقاؤه ، كالخمر للتخليل ، وما يصحّ تملّكه كالذّهب والفضّة والأمتعة ، فهو غنيمة ، ويختصّ بها الغانمون بعد الخمس والجعائل.
ولا يجوز للغانم التصرّف فيها بغير ما لا بدّ منه ، كالأكل والعليق وإن كان هناك سوق ، ولو أكل اللحم ردّ الجلد فإن تصرّف فيه فعليه أجرته وأرشه ، ولو تلف ضمنه ، ولو زادت قيمته بصنعته فلا شي ء له.
وإذا أدخل (1) دار الإسلام ردّ ما يفضل ، ولا يجوز غير ذلك كلبس الثوب ، وركوب الدابّة ، ووطء الجارية.
ويجوز أن يقرض الغانم مثله من الغنيمة ، ويفيد أولويّة لا ملكا ، وليس
ص: 293
للأوّل مطالبته به ، ويجوز ردّه عليه ، فيصير أولى إلّا أن يخرجا أو أحدهما من دار الحرب ، فيردّه على المغنم.
ولو أقرض غير الغانم لم يصحّ ، واستعيدت ، ولو باع مثله بشي ء منها لم يكن بيعا ، وكلّ أحقّ بما في يده.
ولو باع غيره لم تتمّ فائدته ، وردّ المبيع على المغنم ، ولو كان الثمن من غيرها فكذلك.
ويجوز للإمام أن يبيع من الغنيمة قبل القسمة للغانم وغيره مع المصلحة ، وتتمّ فائدته.
الثاني : ما لا ينقل ، كالعقار والأرض ، فإن فتحت عنوة فالمحياة حال الفتح (1) للمسلمين قاطبة بعد إخراج الخمس ، وللإمام إفرازه من العين أو من الحاصل.
ولا يصحّ التصرّف فيها ببيع أو هبة أو وقف ، ولا يملكها المتصرّف على الخصوص ، ولو ماتت لم يجز إحياؤها.
والنظر فيها إلى الإمام ، ويصرف حاصلها إلى المصالح العامّة كسدّ الثغور ، وأرزاق الولاة.
والموات للإمام خاصّة ، ولا يجوز إحياؤها إلّا بإذنه ، ولا يملكها بدونه ، ولو تصرّف قبله كان عليه طسقها (2) ، ويجوز إحياؤها في الغيبة ويملكها المحيي.
ص: 294
وإن فتحت صلحا على أنّها للمسلمين ، ولهم السكنى ، وعليهم الجزية ، فهي كالمفتوحة عنوة ، عامرها (1) للمسلمين ومواتها للإمام ، وإن صولحوا على أنّها لهم وعليها الجزية لزم ، ويملكونها على الخصوص ، ولهم التصرّف فيها بجميع أنواعه.
فلو بيعت من مسلم انتقل ما عليها إلى ذمة البائع.
ولو أسلم صاحبها سقط عنه مال الصلح ، واختصّ بملكها.
وكلّ أرض أسلم عليها أهلها فهي لهم ، وعليهم الزكاة في حاصلها مع الشرائط.
الثالث : السبايا والذّراري ، ويختصّ بهم الغانمون بعد إخراج الخمس.
الأوّل : لو وجد في دار الحرب ما يصلح للمسلمين والكفّار ، فهو لقطة.
الثاني : الغانم يملك حصّته من الغنيمة بالاستيلاء ، ويحتمل انّه يملك ، ويحصل الملك بالقسمة ، فعلى الأوّل لا يسقط حقّه بالإعراض ، ولو كان في الغنيمة من ينعتق (2) عليه عتقت حصّته ، وفي التقويم عليه خلاف.
ولو وطئ جارية من الغنيمة عالما ، سقط عنه من الحدّ بقدر نصيبه ، وينعقد الولد حرّا ، ويقوّم عليه يوم سقوطه حيّا ، ويلزمه حصص
ص: 295
الباقين منه ومن العشر أو نصف العشر ، (1) وعلى الثاني ينعكس الحكم.
الثالث : يملك النفل والجعل المعيّن بالاستيلاء ، وغير المعيّن والرضخ بالقبض ، فلو أعرض عنهما سقطا.
الرابع : لا يملك العسكر المرصد للجهاد رزقه من بيت المال إلّا بقبضه ، ولو مات بعد حلوله طالب به الوارث لا قبله.
تجب البدأة بالجعائل والمؤن والرضخ ، ثمّ الخمس ، ثمّ يقسّم الباقي بين المقاتلين ومن حضر القتال ، حتّى المولود بعد الحيازة قبل القسمة ، وحتّى المدد المتّصل بهم ، دون النساء والعبيد والأعراب وإن قاتلوا ، ودون من حضر للتجارة والضيعة إلّا أن يقاتلوا.
وللرّاجل سهم ، وللفارس سهمان ، ولذي الأفراس وإن كثرت ثلاثة وإن قاتلوا في السّفن.
ولو اشتركا في فرس اقتسما سهمه ، ولا يفضل أحد لعظمه ، ولا لشدّة بلائه.
ويعتبر كونه فارسا عند الحيازة ، فلو خرج فارسا ، ثمّ صار راجلا عندها ، فسهم ، وبالعكس سهمان.
وإنّما يسهم للخيل العراب وغيرها ، ولا يسهم للإبل ، والبغال ، والحمير ،
ص: 296
ولا من الخيل للقحم ، والرازح ، والضّرع ، والحطمة ، والأعجف. (1)
ولا يشترط الملك ، فيسهم للمستأجر والمستعار ، والسهم للمقاتل ، ولا يسهم للمغصوب مع غيبة مالكه (2) وله أجرته ، ولو حضر فالسهم له ، وللمقاتل سهم الراجل ، وتحسب الأجرة من السّهم ، فإن قصر أكمله الغاصب.
فإن تعدّدت أفراس الغاصب فالأقرب أنّ السهام له ، وعليه الأجرة.
ولو تعدّدت أفراس المالك فله الأجرة ، وللغاصب سهم راجل.
ولو تعدّدت أفراسهما فلكلّ واحد سهامه ، وعلى الغاصب الأجرة.
والجيش يشارك السريّة وبالعكس إن صدرت عنه لا عن جيش البلد ، ولا يتشارك الجيشان إلى الجهتين.
ولو غنم المشركون المسلمين وأموالهم ثمّ ارتجعت منهم ، فلا سبيل على الأحرار ، وتردّ الأموال على أربابها إن عرفت قبل القسمة ، وإلّا نقضت وردّت ، ومع التفرّق يرجع الغانم بقيمتها على الإمام.
ويكره تأخير القسمة عن دار الحرب ، وإقامة الحدود فيها.
ويرضخ للنساء والعبيد والكفّار والأعراب - وهم من أظهر الإسلام ولم يصفه - (3) ولا قدر له بل بحسب ما يراه الإمام ، ولا يبلغ السّهم ، ويجوز التّفضيل فيه.
ص: 297
السّلب ما اتّصل بالمقتول ، وكان محتاجا إليه ، فالثياب والعمامة والسلاح والفرس وما عليها سلب ، ورحله وجنائبه وعبيده وباقي سلاحه غنيمة.
وما اتّصل به ولم يحتج إليه ، كالخاتم والمنطقة والهميان ، فيه توقّف.
والسلب للقاتل بشروط :
الأوّل : أن يشرطه الإمام. (1)
الثاني : كون القاتل ذا نصيب من الغنيمة وإن كان رضخا ، فلا سلب للمخذّل وشبهه.
الثالث : أن يغرر القاتل بنفسه ، (2) فلو رمى سهما من صفّ المسلمين فقتل مقابله ، لم يستحقّ سلبه.
الرابع : أن تكون الحرب قائمة ، فلا سلب إذا ولّوا الدبر.
الخامس : أن يقتله أو يعطّله ، فلو أسره لم يستحقّ سلبه وإن قتله الإمام.
السادس : كون المقتول مقاتلا ممتنعا ، فلو قتل الأسير أو المثخن بالجراح ، لم يستحقّ سلبه.
السابع : كون المقتول مقاتلا وإن لم يستحقّ القتل ، كالصبي والمرأة والمجنون.
ص: 298
ومع الشّروط يستحقّه القاتل وإن كان صبيّا أو مجنونا أو امرأة ، ولا ينقص سهمه بسببه.
ولو تعدّد [ القاتل ] قسّم بينهم إلّا أن يصيّره الأوّل غير ممتنع ، فيختصّ به.
والنظر في شرائطه وأركانه وأحكامه
أمّا الأوّل : فيشترط اشتماله على المصلحة كاطّلاعنا على عوراتهم (1) وترفيه الجند وانتفاء المفسدة ، فلو آمن جاسوسا لم يصحّ.
وأمّا الثاني :
فخمسة :
الأوّل : العقد ، وهو كلّ لفظ دلّ على معناه صريحا ، مثل « أجرتك » أو « آمنتك » أو « أنت في ذمّة الإسلام » ويصحّ بالكتابة والإشارة الدالّة عليه ، ولو قال : « لا تخف » أو « لا بأس عليك » احتاج إلى قرينة تدلّ عليه.
ولا بدّ من قبول باللفظ أو الإشارة ، ويكفي السكوت. نعم لو ردّ بطل.
ولو سمع كلاما فتوهّمه أمانا لم ينعقد ، وردّ إلى مأمنه.
الثاني : العاقد ، ويشترط بلوغه وعقله واختياره ، ويصحّ من العبد والمرأة ،
ص: 299
وللإمام أن يذمّ عامّا كالبلد ، وكذا نائبه في ولايته ، وللمسلم أن يذمّ الآحاد وإن كثروا.
الثالث : المعقود له ، وهو من يجب جهاده.
الرابع : وقته ، وهو قبل الأسر وإن كان بعد الظهور (1) ، فلا يذمّ الأسير.
ويقبل قول المسلم في تقديمه ، ولو ادّعاه المشرك فأنكر المسلم قدّم قوله بغير يمين ، ولو تعذّر جوابه بطلت دعواه ، وفي الحالين يردّ إلى مأمنه.
الخامس : مقدار زمانه ، وهو سنة فما دون ، فلا ينعقد الأكثر إلّا مع الحاجة.
وأمّا الثالث : فإذا انعقد الأمان وجب الوفاء به ، ولا يلزم من جهة الكافر ، فلو نبذه صار حربيا ، ويعصم به نفسه وماله إلّا أن يظهر منه خيانة ، فلو قتله مسلم أثم ولا ضمان ، ولو أتلف ماله ضمنه.
ولو فسد العقد لم يجب الوفاء به ، ووجب ردّه إلى مأمنه ، وكذا لو دخل لتجارة أو صحب رفقة أو طلبه ، فلم يقبل منه.
وإذا عقد الحربي الأمان لنفسه ليسكن دار الإسلام ، تبعه ماله ، ولو التحق بدار الحرب للاستيطان ، انتقض أمانه لنفسه دون ماله ، فلو مات وله وارث مسلم انتقل إليه ، وإلّا انتقض الأمان فيه أيضا ، وصار فيئا يختصّ به الإمام ، وكذا لو مات في دار الإسلام ولم يكن له وارث.
ولو أسره المسلمون فاسترقّ ملك ماله تبعا لرقبته ، ويختصّ به الإمام لا من وقع في سهمه ، ولو أعتقه لم يرجع إليه.
ص: 300
ولو عاد لغرض مع نيّة العود فالأمان باق ، وكذا لو دخل إلينا ليسمع كلام اللّه أو لسفارة.
ولو استأمن المسلم فسرق وجبت إعادة المسروق وإن كان من محارب في أي الدارين كان. (1)
ولو اقترض مالا أو اشترى متاعا ، وجب ردّ القرض والثمن.
ولو أسلم الزّوجان ألزم الزّوج بالمهر إن كان ممّا يملك ، وإلّا القيمة.
ولو أسلم الزّوج لم يكن لزوجته ولا لوارثها مطالبته بالمهر ، ولو أسلمت قبله طالبته ، ولو ماتت ثمّ أسلم ، أو أسلمت قبله ثمّ ماتت ، طالبه وارثها المسلم دون الحربيّ.
وهي المعاهدة على ترك القتال مدّة معيّنة بعوض وغيره ، فلا يجوز إطلاق المدّة إلّا أن يشترط الإمام لنفسه الخيار متى شاء ، ولا تجهيلها كبلوغ الغلّات.
وإنّما تجوز مع المصلحة ، كرجاء الدخول في الإسلام ، وتحرم مع عدمها كقوّة المسلمين على الخصم ، واشتمالها على المفسدة ، وقد تجب مع الحاجة إليها كقوّة الكفّار وضعف المسلمين.
ص: 301
وعاقدها الإمام أو نائبه ، وتقدّر المدّة بقدر الحاجة وإن كثرت ، ومع عدمها واشتمالها على مصلحة يجوز أربعة أشهر إلى سنة ولا يتجاوزها.
ويجب الوفاء بها حتّى تنتهي المدّة إلّا أن تقع منهم خيانة ، فإن جهلوا أنّها خيانة أنذروا ولم يغتالوا (1) ، وكذا لو فسد العقد.
ولو استشعر الإمام منهم خيانة جاز له نبذ العهد إليهم ، وينذرهم.
ويجب الوفاء بالشّرط الصحيح كردّ مسلم يؤمن افتتانه لكثرة عشيرته ، ولو لم يؤمن افتتانه ، أو شرط إعادة الرجال مطلقا بطل.
ويبطل باشتراط الفاسد كترك المسلم في أيديهم ، وإعادة المهاجرة ولو إلى زوجها ، بل يرد الإمام (2) عليه من بيت المال ما سلّم إليها من المهر المباح دون المحرّم ، ولا يدفع قيمته ولا عوض النفقة والهبة.
الأوّل : لو طلبها زوجها فارتدّت ، لم تردّ عليه لأنّها بحكم المسلمة ويردّ المهر.
الثاني : لو جاء فمات قبل المطالبة فلا شي ء ، وبعدها يردّ على وارثه ؛ ولو ماتت قبل المطالبة فلا شي ء له ، وبعدها يردّ عليه.
الثالث : لو طلّقها قبل المطالبة بائنا لم يردّ عليه شي ء ، لزوال الحيلولة ، ولو كان رجعيّا فإن راجع فله المطالبة ، وإلّا فلا.
ص: 302
الرابع : لو أسلم في العدّة الرجعيّة ردّت عليه ، ويستعاد منه ما أخذ ، ولو أسلم بعدها لا تردّ إليه (1) ثمّ إن كان طالب بالمهر قبل انقضاء العدة فله المطالبة وإلّا فلا.
إذا حاصر الإمام بلدا جاز أن يعقد العهد على أن ينزلوا على حكمه أو حكم غيره ، ويراعى فيه البلوغ وكمال العقل والإسلام والذكورة والعدالة والعلم بفقه ما يحكم فيه ، ويتخيّره الإمام أو الفريقان ، ولو تخيّر أهل الحرب من فيه الشرائط أجزأ ، ولو مات قبل الحكم بطل ، ويردّون إلى مأمنهم.
ويجوز تعدّده ، ولو مات أحدهم لم يمض حكم الآخر ، ولو اختلفا لم يمض حكمهما.
ويجب امتثال الحكم إذا كان فيه الحظّ للمسلمين ، ولم يخالف المشروع ، فلو حكم بقتل الرّجال وسبي النساء والذرّيّة وغنيمة المال نفذ ، فإن أسلموا قبل الحكم عصموا أنفسهم من القتل ، والذريّة من السّبي ، والمال من الاغتنام ، وإن كان بعد الحكم بذلك سقط القتل خاصّة ، ولو منّ الإمام على من حكم بقتله أو على بعضهم جاز.
ص: 303
وفيه مطالب :
وهو أن يقول العاقد : « أقررتكم على دينكم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الإسلام » وما في معناه فيقول : الذمّي : « قبلت » ويجب اشتراط هذين الشرطين ويجوز اشتراط غيرهما.
ويصحّ مؤبّدا ومعلّقا بمشيئة الذمي ، وفي الموقّت والمعلّق بمشيئة الإمام توقّف.
ولو اختلّ أحد شروطه فسد ويردّون إلى مأمنهم ولا يقاتلون.
وهو الإمام أو نائبه ، فلا يصحّ من غيرهما وإن كان لواحد ، ويردّ إلى مأمنه ، ولا تلزمه الجزية وإن أقام حولا ، ويجب على الإمام القبول إن بذلوه (1) إلّا من الجاسوس أو مع خوف غائلتهم.
وهو الكتابي وإن كان عربيّا ، دون الوثني وإن كان أعجميّا ، ولا فرق بين الراهب وغيره ، والسّامرة من اليهود والصابئون من النصارى (2) إلّا أن يكفّروهم.
ص: 304
وإذا أطلق العقد دخلت زوجاته وأصاغر ولده ، ولا تتبعه نساء أقاربه إلّا مع الشرط.
ولو ادّعى قوم الذّمّة وبذلوا الجزية قبل بغير بيّنة وأقرّوا إلّا أن يثبت كذبهم.
ولا تؤخذ الجزية من العبد والهمّ والمقعد والصبي والمجنون إلّا أن يفيق حولا ، ولو جنّ أدوارا سقطت.
ولو أعتق العبد ، أو بلغ الصّبي ، أو أفاق المجنون ، كلّفوا الإسلام أو بذلوا الجزية ، (1) فإن امتنعوا صاروا حربا.
ولا جزية على النساء ، فلو شرطها الرّجال عليهنّ أو بذلنها ليأمن الرجال ، لم يصحّ.
ص: 305
ولو قتل الرجال قبل العقد للجزية أو بعده ، فسأل النساء إقرارهنّ ببذل الجزية لم يصحّ.
ولو توثّن الذمّي أو تذمّم الوثني تبعه ولده الصغير ، ولو تولّد بين ذمّي ووثنيّ تبع أباه دون أمّه.
وإنّما يقرّ أهل الذمّة إذا دخل آباؤهم في اليهوديّة أو النصرانيّة أو المجوسيّة قبل بعثة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وإن كان بعد التبديل (1).
وأصنافها ثلاثة :
الأوّل : ما يجب شرطه وهو قبول الجزية والتزام أحكام الإسلام ، فلو أخلّ بهما أو بأحدهما بطل العقد.
الثاني : ما لا يجب شرطه بل يقتضيه الإطلاق ، وهو أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان ، كالعزم على حرب المسلمين ، وإعانة المشركين ، فمتى فعلوا شيئا من ذلك انتقض العهد وإن لم يشترط.
الثالث : ما إذا شرط نقض العهد وإلّا فلا ، وهو الزّنا بنساء المسلمين ، واللّواط بهم ، والسرقة منهم ، وقطع الطريق عليهم ، والدلالة على عوراتهم ، وإصابة المسلمة باسم النكاح ، وافتتان المسلم ، وإيواء عين المشركين ،
ص: 306
والتجسيس لهم ، وإظهار الخمر والخنزير في بلاد الإسلام ، والتظاهر بالشرب والأكل منهما ، ونكاح المحرّمات ، وإحداث كنيسة أو بيعة ، وضرب الناقوس ، وإطالة بنائه على بناء المسلم.
وكلّما نقض العهد استوفى الإمام ما يقتضيه الجرم ، ثمّ يتخيّر بين المنّ ، والفداء ، والقتل ، والاسترقاق.
فإن أسلم قبل الحكم بشي ء من ذلك ، سقط الجميع عدا القود والحدّ وإعادة ما أخذ.
وإن أسلم بعد الاسترقاق أو المفاداة لم يسقط ذلك عنه.
ولو لم ينقض (1) فهم على عهدهم ، ويفعل بهم ما يقتضيه جنايتهم من حدّ وتعزير.
ولو سبّوا النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم قتل السابّ ، ولو نالوه بما دونه ، فإن شرط عليهم الكفّ نقضوا ، وإلّا فلا وعزّروا.
وينبغي للإمام أن يشترط في العقد تمييزهم بمخالفة اللباس في اللون ، وشد الزّنار ، ويمنعون من فرق الشعر ، ومن التقلد بالسيوف ، ومن كنى المسلمين ، ومن ركوب الخيل ومن السّروج في غيرها ، بل يركبون عرضا ، ولا يمنعون من فاخر الثياب.
ص: 307
ولا تقدير لها ، بل تناط بنظر الإمام ، وما قدّره عليّ عليه السلام (1) ليس توظيفا (2) ويجوز وضعها على الرّءوس ، أو على الأرض أو الجمع (3).
وتؤخذ عند انتهاء الحول ، فلو أسلم قبله أو بعده قبل الأداء سقطت ، ولو مات بعد الحول أخذت من أصل تركته ، وتقسّط عليها وعلى الدّين ، ولو تعدّد الحول تعدّدت.
ولو مات الإمام بعد التقرير دائما ، لم يغيّره الإمام الثاني ، وكذا لو قدّره بمدّة ولم تخرج ، ولو خرجت أو أطلق جاز التغيير.
وللإمام أن يغيّر ما قرّره النائب.
ويجب « الصّغار » وهو عدم تقدير الجزية وقيل : الإهانة (4) فتؤخذ منه قائما والمسلم جالسا ، ويؤمر بإخراج يده من جيبه ويطأطئ رأسه ، ويضطرّ إلى أضيق الطّرق (5).
ويكره أن يبدأ بالسلام.
ويجوز أن يشترط عليهم مع الجزية ضيافة مارّة العسكر ، ويجوز
ص: 308
الاقتصار على الضيافة ، فيجب أن يزيد على أقلّ الجزية ، وأن تكون الضيافة معلومة الجنس والقدر من القوت ، والأدم ، وعدد الضيفان ، والأيّام ، وكذا علف الدّواب.
ويستحقّ الجزية المجاهدون ، وكذا ما أخذ صلحا ، وهو للمسلمين مع فقدهم.
والمسروق من أهل الحرب في غير زمان الهدنة لآخذه ، وفيه الخمس ، وفي زمانها يعاد على أهله.
وما يتركه الكفّار بغير حرب فهو للإمام ، وكذا ما غنم بغير إذنه.
إذا صحّ العقد لزمنا أمور :
الأوّل : عصمة أنفسهم وأموالهم.
الثاني : وجوب الذّبّ عنهم.
الثالث : الكف عمّا أبيح لهم ، فلا يتعرّض لمواضع تعبّداتهم ، ولا لما ستروا من خمورهم وخنازيرهم ، فيجب على الغاصب ردّه ، وعلى المتلف قيمته.
ويلزمهم أمور :
الأوّل : منعهم من إحداث الكنائس ، والبيع ، والمدارس ، والربط في بلدة استجدّها المسلمون ، أو فتحت عنوة ، أو صلحا على أنّ الأرض لنا وتزال لو
ص: 309
أحدثت ، ولو فتحت صلحا على أنّها لهم جاز الإحداث ، ولهم استدامة ما كان قبل الفتح وإن صولحوا على أنّها لنا.
ولو جهل تقدّم الكنيسة على الفتح لم تنقض ، ويجوز الرّمّ وإعادة المنهدم.
الثاني : منعهم من دخول المسجد الحرام وغيره من المساجد ، لبثا واجتيازا وإن أذن المسلم.
الثالث : منعهم من دخول الحرم وإن كان اجتيازا.
الرابع : منعهم من استيطان الحجاز ، ويراد به مكّة والمدينة ، ويجوز الاجتياز به والامتيار (1) منه ، وحدّ بثلاثة أيّام.
الخامس : منعهم من استيطان جزيرة العرب ، وحدّها من عمان إلى ريف عبّادان طولا ، ومن تهامة وما والاها إلى أطراف الشام عرضا (2).
السادس : منعهم من إعلاء بنائهم على المسلم وإن كان بناؤه منخفضا ، وتجوز المساواة ، ولا يراعى غير جيرانه.
ويقر العلوّ المبتاع من مسلم ، ولا يمنع من ابتياعه ، ولو انهدم لم تجز إعادته.
ولو تعدّى بالرفع فاشتراه مثله كلّف هدمه ، ولو اشتراه المسلم لم يكلّف الهدم.
ص: 310
لا يجوز انتقال الكافر بعد البعثة إلى غير الإسلام وإن كان مذهب أهل الكتاب ، ويلزم بالإسلام أو يقتل ، ولا يقبل منه العود إلى ملّته (1) حربيّا كان أو كتابيّا ، وقبل البعثة يقبل انتقال الحربي واليهوديّ والمجوسيّ إلى النصرانيّة وإن كان بعد التبديل ، بخلاف العكس.
إذا فعل الذّميّ سائغا في شرعهم سرّا لم يعترض ، وإن جهر به قوبل بما يقتضيه شرع الإسلام ، ولو لم يكن سائغا تخيّر الحاكم (2) في الحكم بشرعنا ودفعه إلى أهل نحلته ، ليعاملوه بشرعهم ، وكذا إذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم.
ولا يجوز للكافر ابتياع المصحف ، والمسلم ، ولا وصيّته ببناء كنيسة ، أو بيعة ، أو كتابة شي ء من التوراة والإنجيل ، وتصحّ وصيّته للراهب والقسّيس.
ويكره ابتياع كتب الأحاديث.
ص: 311
الباغي من خرج على إمام عادل وإن لم يبايع غيره ، وتجب إجابة داعي الإمام على من استنفره (1) عموما أو خصوصا ، والعقود كبيرة والوجوب على الكفاية إلّا أن يعيّن الإمام أو يقوم من لا كفاية فيه ، وقتالهم كقتال المشركين ، والفرار كالفرار.
ثمّ إن كان لهم فئة جاز الإجهاز على جريحهم ، وإتباع مدبرهم ، وقتل أسيرهم ، وإلّا اقتصر على تفريقهم ، ويحبس الأسير منهم حتّى تنقضي الحرب.
ولو (2) قاتل معهم النساء والذريّة فإن لم يمكن التحرّز جاز قتلهم ، وإلّا فلا ، ولا يجوز سبي نسائهم.
ويقسّم ما حواه العسكر بين المقاتلة كغنيمة المشركين ، دون ما لم يحوه.
والمقتول من أهل ( الحرب ) (3) العدل شهيد ، ومن البغاة كافر ، لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم :
ص: 312
« حربك حربي » (1).
ويضمن الباغي ما يتلفه من نفس أو مال حال الحرب أو غيرها ، ولا يضمن العادل شيئا.
وللإمام أن يستعين بأهل الذمّة ، ولو عاونوا البغاة خرقوا الذمّة.
ولو فعل الباغي موجب الحدّ واعتصم بدار الحرب ، أقيم عليه عند الظفر.
ويقتل سابّ الإمام العادل ، ومانع الزكاة مستحلّا ويقاتل غيره حتّى يدفعها.
ص: 313
ويجبان بالإجماع ، والمستند السمع ، والوجوب على الأعيان ، والأمر بالواجب واجب وبالمندوب مندوب ، وكذا النهي عن المكروه ، والنهي كلّه واجب ، وشرطه العلم بالوجه ، وتجويز التأثير ، وانتفاء المفسدة ، وعدم إقلاعه عن موجبهما.
ويجبان بالقلب ، وهو أن يغضب لله تعالى غضبا يظهر على وجهه ، فإن لم ينجع فالإعراض ، فالكلام الليّن ، ثمّ الخشن ، الأيسر فالأيسر ، ثمّ الضرب الأسهل فالأسهل ، فإن افتقر إلى الجراح توقّف على إذن الإمام.
ولا يقيم الحدود والتعزيرات إلّا الإمام أو نائبه ، ويجوز للفقيه المجتهد من الإماميّة إقامتها في الغيبة مع المكنة ، ويجب على العامّة إعانته.
ولو ولي من قبل الجائر كرها أقامها معتقدا نيابة الإمام ، ولو ألزمه بإقامتها جازت إجابته إلّا في القتل.
وللمولى إقامة الحدّ على عبده وأمته ، وللرجل إقامته على ولده وزوجته ، ولا فرق بين الجلد والرجم ، ولا يشترط في الزوجة الدخول بل الدّوام ، ولا يتعدّى إلى ولد الولد.
ص: 314
وللمجتهد أيضا الحكم بين الناس إذا أمن ، ويجب الترافع إليه ، فإن آثر الخصم المضيّ إلى قضاة الجور كان مرتكبا للمنكر.
ولو أكرهه الجائر على القضاء جاز قبوله ، ويعتمد الحقّ ما أمكن فإن اضطرّه إلى الحكم بمذهب أهل الخلاف امتثل ما لم يكن قتلا ظلما.
ويجوز الافتاء لغير المجتهد على الأصحّ إذا قلّده مشافهة أو بواسطة ثقة حيّ.
يجب دفع الضرر عن المسلمين ، وإعانة الملهوفين ، والتفريج عن المكروبين ، وإطعام الجائعين ، وكسوة العراة مع القدرة ، وإقامة الحجج العلميّة ، ونقض الشّبهات ، وحلّ المشكلات ، وعمل الصنائع الّتي لا غنى عنها ، كلّ ذلك يجب على الكفاية.
* * * * *
قال المحقّق : إلى هنا تمّ القسم الأوّل في العبادات من أربعة أقسام. ويتلوه القسم الثّاني في العقود.
ص: 315
ص: 316
القسم الثاني :
في العقود
فيه كتب :
ص: 317
ص: 318
وفيه فصول :
أنفع العقود الصلح لعموم فائدته ، لأنّه يفيد فائدة البيع والهبة والإجارة والعارية والإبراء ، وليس فرعا عليها بل هو أصل في نفسه ، ويخالف البيع فلا يلحقه خيار المجلس.
ويصحّ على الدّين بالدّين وعلى الربويّات مع التفاضل ، فيصحّ من ألف مؤجّلة على خمسمائة حالّ وبالعكس ، وعلى ثوب أتلفه وقيمته درهم بدرهمين ولو قال : بعتني ، فهو إقرار بخلاف صالحتني.
ويخالف الصّرف ، فيصحّ على الدّراهم بمثلها وبالدنانير ، ولا يشترط القبض في المجلس.
ويخالف الهبة ، فلا يشترط القبض ، ولا يصحّ الرجوع ، ولا يصحّ على ما في ذمّة غيره.
ويخالف الإجارة ، فيصحّ على منفعة بغير عوض.
ويخالف العارية ، فلو ادّعى دارا فأنكر ثمّ صالحه على سكنى سنة صحّ ، وليس له الرجوع ، وكذا لو أقرّ.
ويخالف الإبراء فيصحّ على براءة ذمّته بعوض وغيره.
ويشترط القبول بخلاف الإبراء ، ويفيد أيضا إثبات الحقوق الماليّة بغير
ص: 319
عوض ، كالصلح على إثبات مال في ذمّة الغير ، وتخصيص أحد الشريكين بالربح ، وقسمة ما في الذّمم ، وجعل المدفوع من الدين المشترك لقابضه ، (1) وغير الماليّة كتأجيل الحالّ وبالعكس ، وعلى الإقالة بزيادة الثمن من البائع ، أو نقيصة من المشتري ، وعلى إسقاط الشفعة ، واستحقاق الاستطراق ، ومسيل الماء ، وحقّ الهواء ، كالصلح على إحداث روشن في المرفوعة ، وإبقاء الأغصان على الجدار أو في الهواء ، مع تقدير الزيادة أو المدّة ، وعلى امتداد العروق في الأرض كذلك ، وعلى قطع التنازع في الدّين والغبن وغير ذلك.
ويصحّ على بعض الدين المقرّ به وعلى بعض المجحود ، مع جهل المتنازعين وعلمهما وعلم المدّعي ، ولو علم المنكر خاصّة لم يبرأ ، ولو صدق أحدهما وكذب الآخر فإن رضيا باطنا صحّ مطلقا ، وإلّا حكم بصحّته ظاهرا ، ولا يبرأ المنكر ممّا أبرئ ، ولا يحلّ للمدّعي ما أخذه.
ويصحّ مع الإقرار والإنكار (2) إلّا ما أحلّ حراما ، كالصلح معه ليشهد أو يكفّ ، أو حرّم حلالا ، كالصلح على ترك الاستمتاع.
ولا بدّ فيه من الإيجاب والقبول ، وصدورهما عن كامل جائز التصرّف إمّا عن نفسه أو عن غيره كالأب والجدّ له والوصيّ والحاكم والوكيل.
ولا يشترط سبق الخصومة ، ولا ذكر العوض ، لأنّ مناط هذا العقد الرّضا مع الإيجاب والقبول من أهله ، فلو ذكره وجب تقديره ، وصحّة تملّكه ،
ص: 320
فلا يصحّ على المجهول ، ولا على الخمر والخنزير.
ويجوز جعل الخدمة المقدّرة بالزمان أو بالعمل عوضا ، وكذا سقي الزّرع والشجر بمائه.
ويشترط في المصالح عليه جواز أخذ العوض عنه ، سواء كان مالا ، كالأعيان والديون ، أو لا كأرش الجنايات والقصاص ، دون الحدّ والتعزير والقسم بين الزوجات والصلح على مال ليقرّ له بدعواه أو بالزوجيّة.
وهو لازم من الطرفين ، لا ينفسخ إلّا بالتقايل أو باستحقاق أحد العوضين.
ولو ظهر عيب في أحد العوضين ، فله الفسخ أو الأرش ، ولو ظهر غبن فاحش تخيّر.
إذا صالح غير المتبايعين ، فإن دفع بإذنه رجع عليه بالعوض ، وإلّا فلا.
ولو كان لواحد ثوب بعشرين ، وللآخر بثلاثين ، ثمّ اشتبها وتعاسرا ، بيعا معا ، وقسّم الثمن بينهما أخماسا.
ويحتمل بيعهما منفردين ، ثمّ إن تساويا فلكلّ واحد منهما ثمن ثوب ، وإن تفاوتا فالكثير لصاحب الأكثر.
ويحتمل عدم الإجبار على البيع إذ قد يتضمّن ضررا ، بل إن تساويا في القيمة أعطي كلّ واحد ثوبا ، وإلّا فالأكثر لذي الأكثر.
ص: 321
وهل يتعدّى ( ذلك ) (1) إلى بقيّة الأمتعة؟ احتمال ، والأشبه القرعة.
ولو أودعه واحد درهمين وآخر درهما ، ثمّ امتزجا لا عن تفريط ، وتلف أحدهما ، وتناكرا في التالف ، فلصاحب الدّرهمين درهم ونصف ، وللآخر نصف.
وكذا لو كان معهما درهمان ، فادّعاهما أحدهما وادّعى الآخر درهما.
ولو ادّعى عينا (2) فأنكر ، ثمّ صالحه على بعضها جاز.
أمّا الطرق النافذة فالناس فيها شرع ، فيجوز إحداث الروشن ، والسّاباط ، والأجنحة ، إلّا أن يضرّ بالمارّة أو يظلم الطريق بها ، ويجوز استيعاب الطريق بها ، وفتح الأبواب ، ونصب الميازيب ، دون بناء الدّكّة ومربط (3) الدابّة.
وأمّا المرفوعة فهي ملك لأربابها لا يجوز إحداث روشن ولا جناح ولا غيره إلّا بإذنهم ، فلو أحدث بغير إذن جاز لكلّ من له عليه استطراق إزالته ولا ضمان ، ولهم الرجوع في الإذن ، ولا فتح باب أدخل من بابه للاستطراق وغيره ، وان سدّ بابه.
ويجوز إخراج بابه وإن لم يسدّ الأوّل ، ولو سدّه جاز العود إليه ، ويتشارك
ص: 322
صاحب الأولى والثانية فيما يمرّان عليه ، ويختصّ الثاني بما (1) بين البابين وهكذا ، فللأوّل إحداث باب في المشترك دون المختصّ ، ويختصّ الأخير بالباقي ، والفاضل في صدر الدرب للجميع.
ويجوز فتح الروشنة والشباك ، وفتح باب بين الدارين في سدّتين مرفوعتين ، وفتح باب في النافذة لذات المرفوع دون العكس ، ولو صولحوا على ذلك دائما أو مدّة معيّنة لزم ، سواء كان بعوض أو لا.
وأمّا الجدار المختصّ فلمالكه التصرّف فيه مطلقا ، ولا يجوز لغيره التصرّف فيه إلّا بإذنه ، وتجوز استعارته لوضع جذع وغيره ، وتستحبّ الإجابة وإذا أذن جاز الرجوع مع الأرش ، ولو خرب لم تجز إعادته إلّا بإذن جديد.
ولو صالحه على ذلك دائما أو مدّة معيّنة لزم ، فتشترط مشاهدة الجذع أو وصفه بما يرفع الجهالة.
وأمّا المشترك فلا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذن الشركاء حتّى ضرب الوتد وفتح الروزنة والشباك ، فلو فعل بغير إذنه فله إلزامه بإزالته أو بالأرش ويجوز الاستناد به ، والاستظلال بظلّه وقسمته في كلّ الطول ونصف العرض ، وكذا في كلّ العرض ونصف الطول ، وتجوز القرعة في الصورة الثانية دون الأولى ، بل يختصّ كلّ بوجهه ، لجواز أن تقضى القرعة بخلافه ، ومع ضرر أحدهما لم يجبر الممتنع وإلّا أجبر.
ولو طلبها المتضرّر أجبر الآخر.
ص: 323
ولو هدمه أحدهما لخوف منه فلا شي ء عليه ولا إعادة ، ويحتمل الأرش دون الإعادة.
ولو هدمه بإذن شريكه ، فإن شرط عليه الإعادة وجبت وإلّا فلا.
ولو انهدم أو استرمّ لم يجبر أحدهما على العمارة ، ثمّ إن أعاده بالنقض عاد ملكه مشتركا ، ويتوقّف على إذن الشريك ، وليس له منعه من الوضع ، وإن بناه بآلة منه لم يتوقّف على الإذن ، وله منعه من الوضع ، وللشريك مطالبته بهدمه.
ولو انهدم السّفل لم يكن لصاحب العلو إجباره على الإعادة ولا منعه منها ، فإن أعاده لم يكن له منع الأعلى من الانتفاع.
ولو طلب الأعلى إعادة السّفل بنقض صاحبه ، فله منعه ، ولو أعاده بآلة منه فليس له منعه ، ويكون ملكا له.
ولا يمنع الأسفل من الانتفاع بسفله ، ويمنعه من فتح الكوّة وضرب الوتد.
ولو أنفق أحد الشركاء على البئر أو القناة ، لم يكن له منع الباقين من الانتفاع.
ومن له حقّ إجراء الماء في ملك غيره ، لا يجبر على إصلاحه وإن خرب بالماء.
ولكلّ أحد التصرّف في ملكه وإن تضرّر جاره ، ولو كان السقف مشتركا بين صاحب العلو والسّفل فلصاحب العلو الجلوس عليه ، ووضع ما تقتضيه العادة دون المضرّ والحفر وضرب الوتد ، ولصاحب السفل أن يستكنّ (1) وتعليق ما لا يضرّ كالثوب.
ص: 324
وفيه مسائل :
الأولى : لو تداعيا جدارا بينهما حكم لذي البيّنة ، ومع عدمها فإن اتّصل ببناء أحدهما أو بعقده أو بخشبه على الأقوى قضي له مع اليمين ، ولا يترجّح بالخوارج كالنقش ، ولا بالدواخل كالروازن.
ولو اتّصل ببنائهما أو كان لهما عليه عقد أو خشب ، أو خلا عن ذلك ، فلا اختصاص لأحدهما ، وحلفا وقضي به لهما ، وكذا لو نكلا ، ولو حلف أحدهما قضى له به ، ولو كان أحدهما أكثر رجّح مع اليمين ، ويقضى بالخصّ لمن إليه معاقد القمط.
والمسنّاة بينهما كالجدار.
الثانية : لو تنازع صاحب البيت والغرفة في الجدران قضي لكلّ واحد بجدران ملكه مع اليمين.
ولو تنازعا في السقف قضي لصاحب البيت إن لم يكن إحداثه بعد بناء العلو ، كالأزج (1) المتّصل ببنائه اتّصال ترصيف ، وإلّا فهو لهما إن حلفا أو نكلا ، ولمن حلف دون الآخر.
ويقضى بالغرفة للأسفل مع اليمين وإن كان لها باب مفتوح إلى خصمه.
ص: 325
الثالثة : لو تنازعا في عرصة الخان قضي لصاحب السفل إن كان المرقى في الدهليز ، وإلّا تساويا في المسلك إلى العلوّ ، والباقي لصاحب السفل.
ويقضى بالدرجة لصاحب العلو ، وبالخزانة تحتها لهما ، كلّ ذلك مع اليمين.
الرابعة : لو وجد بناء الغير أو مجرى مائه أو خشبه في ملكه ، ولم يعلم السبب ، قدّم قول المالك في عدم الاستحقاق.
الخامسة : يقضى للراكب دون قابض اللجام مع يمينه ، ولذي الحمل دون غيره ، ولابس الثوب أولى من ماسكه ، ولو كان في يد أحدهما أكثره فهما سواء.
* * * * *
ص: 326
ص: 327
ص: 328
وينقسم إلى الأحكام الخمسة.
فالواجب : أن يتوقّف تحصيل قوته وقوت عياله عليه.
والندب : أن يقصد به التوسعة على عياله.
والحرام : ما اشتمل على وجه قبح.
والمكروه : ما نهي عنه نهي تنزيه.
والمباح : ما عدا ذلك.
والحرام أقسام :
الأوّل : ما يحرم بعينه ، (1) وهو بيع الأعيان النجسة كالخمر ، والفقّاع ، والميتة ، والدم ، وروث ما لا يؤكل لحمه ، وبوله وبول ما يؤكل لحمه إلّا بول الإبل للاستشفاء ، ويجوز بيع روث ما يؤكل لحمه ، والكافر ، والكلاب إلّا كلب الهراش ، وإجارتها ، واقتناؤها ، واقتناء الأعيان النجسة لفائدة كالسرجين لتربية الزرع ، والخمر للتخليل.
ويحرم اقتناء المؤذيات : كالسّبع والحيّة والعقرب.
الثاني : كلّ مائع نجس لا يقبل الطهارة ، إلّا الدّهن لفائدة الاستصباح به تحت السّماء دون الألية [ المقطوعة ] من الحيّ والميّت ، ومنه الترياق
ص: 329
المشتمل على الخمر ولحم الأفعى ، ولا يجوز التداوي به إلّا مع خوف التلف.
ويجوز بيع الماء النجس لقبوله الطهارة.
الثالث : ما لا ينتفع به ، فلا يجوز بيع المسوخ البحريّة والبرّيّة إلّا الفيل للانتفاع بعظمه ، والحشرات والخنافس والديدان ، إلّا دود القزّ والنّحل مع مشاهدته وانحصاره ، ولا فضلات الحيوان إلّا لبن الآدميّات.
ويجوز بيع السّباع كلّها ، كالأسد والنمر ، وبيع الجوارح ، كالبازي والرّخم (1) وبيع النبات السّمّي إن انتفع به.
الرابع : ما يقصد به الحرام ، كعمل آلات اللّهو والقمار ، وهياكل العبادة وبيعها ، وبيع السلاح لأعداء الدين ، كفّارا كانوا أو بغاة أو قطّاع الطريق على توقّف.
ويكره ما يكن كالدرع ، وبيع العنب ليعمل خمرا ، والخشب ليعمل صنما ، ويكره على من يعملهما ، وإجارة السفن والمساكن والدوابّ للمحرّمات.
ويجوز الحمل لإراقته أو تخليله.
ويبطل العقد حيث حرّمناه.
الخامس : ما هو محرّم في نفسه ، كعمل الصور المجسّمة ، والغناء وتعليمه وتعلّمه واستماعه ، ورخّص في العرس للمرأة إذا لم تتكلّم بالباطل ، ولم يدخل عليها الرجال ، فيباح أجرها ، والنوح بالباطل ، وتدليس الماشطة ، والقمار حتّى بالخاتم والبيض ، والسّحر ، والكهانة ، والقيافة ، وتعليمها ، وتعلّمها ، والغشّ بما
ص: 330
يخفى ، ومعونة الظالمين في الظلم لا في غيره كالبناء والطبخ ، وهجاء المؤمن وسبّه ، والغيبة ، والنميمة ، (1) وذمّ مستحقّ المدح وبالعكس ، والتشبيب بالمرأة الأجنبيّة والصّبي مطلقا إذا كانا معروفين ، وحفظ كتب الضلال ونسخها لغير النقض والحجّة ، ونسخ التوراة والإنجيل وحفظهما ، وتعلم ذلك كلّه وتعليمه ، وتزيين الرجل بما يحرم عليه وكذا المرأة.
ويحرم الاكتساب بهذه الأشياء ، واعتقاد تأثير النجوم بالاستقلال أو بالاشتراك ، وتعليمها ، وتعلّمها ، والتكسّب بها ، أمّا لو اعتقد تأثيرها بتقدير العزيز الحكيم جاز ذلك كلّه.
وفي الفال والرمل توقّف (2).
السادس : ما يجب فعله ، كتغسيل الميّت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، ويجوز الاستئجار على المندوبات ، كاللّحد والحمل إلى المشاهد.
ولا يحرم ثمن الماء والكافور والكفن ، ويحرم أخذ الأجرة على تحمّل الشهادة وأدائها ، وتعليم الواجب من الفقه ، والقرآن ، والأصول ، والصلاة بالناس (3) والأذان ، والقضاء ، ولا بأس بالرزق من بيت المال.
ولا يحرم على تعليم المستحبّ ، والعلوم الأدبيّة ، والطبّ ، والحكمة ،
ص: 331
ونسخ القرآن وتلاوته ، وخطبة الإملاك (1) وعقد النكاح ، ويحرم على تعليم الصّيغة.
السابع : الرّشا في الحكم ، سواء حكم لباذله أو عليه ولو بالحقّ ، وفي هدية غير المعتاد توقّف.
ويحرم على الولد مال أبيه وبالعكس إلّا مع الإذن أو مع وجوب النفقة وعدم البذل.
وللأب الاقتراض من مال ولده الصغير أو المجنون ، والابتياع منه بثمن المثل ، وتقويم جاريته على نفسه ووطؤها ، وليس للإمام ذلك.
ويحرم على الزوجة مال زوجها وبالعكس إلّا على وجه التقاصّ ، ويجوز لها الصدقة من ماله ما لم تجحف أو ينهاها ، ولا يجوز ذلك لأقاربه حتّى الأمّ.
ولو دفع إلى إنسان مالا ليصرفه في قبيل ، فإن عيّن اقتصر عليه ، فيضمن لو خالف ، وإن أطلق حرم عليه الأخذ وإن كان بصفتهم ، ويعطي عياله مع الاتّصاف.
الأوّل : ما يؤدّي إلى محرّم أو مكروه غالبا ، كالصرف ، والصّياغة ، وبيع الأكفان والرقيق والطعام ، واتّخاذ النحر والذبح صنعة ، وركوب البحر للتّجارة.
الثاني : ما يتطرّق إليه الشبهة ، ككسب الصبيان ، ومن لا يجتنب المحارم ، ومعاملة الظلمة.
ص: 332
الثالث : ما كان وضيعا ، كالحياكة ، وضراب الفحل ، والحجامة مع الشرط ، وكسب القابلة معه ، ومعاملة السفلة والأدنين وأهل الذّمّة.
الرابع : ما يتضرّر بمعاملته ، كالمحارفين.
الخامس : معاملة الأكراد وذوي العاهات ، وأخذ الأجرة على تعليم القرآن ، والربح على الموعود بالإحسان ، وعلى المؤمن إلّا مع الحاجة أو الشراء للتجارة ، وطلب الحاجة من المخالف ومستحدث النّعمة ، وقد تكره أشياء تذكر في مواضعها إن شاء اللّه تعالى.
وأمّا المباح فغير ذلك وإن كثر وجوده ، كبيع الماء والتراب والحجر ، وتباح أجرة البدرقة ، وما ينثر في الأعراس مع علم الإباحة أو شاهد الحال ، وجوائز الظالم إلّا أن يعلم غصبها ، فإن قبضها ردّها على مالكها ، فإن جهله تصدّق بها على غير الظالم ، وما يأخذه الجائر من الغلّات باسم المقاسمة ، ومن الأموال باسم الخراج ، ومن الأنعام باسم الزكاة ، ولا تجب إعادته على ربّه وإن عرفه.
وتجوز الولاية من قبل الإمام ، وقد تجب إذا تعيّن أو توقّف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليها.
وتحرم من قبل الجائر ، فإن أمن من ارتكاب المحرّم وتمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحبّت.
ولو أكرهه عليها جازت لدفع الضّرر الكثير كالقتل ، أو اليسير على كراهية ، ويمتثل ما يؤمر به إلّا القتل ظلما.
ص: 333
يستحبّ التفقّه فيما يتولّاه ، والدعاء عند دخول السّوق ، وسؤال الخير فيما يبيعه ، والبركة فيما يشتريه ، والتسوية بين المتبايعين ، والإقالة ، وإعطاء الراجح ، وأخذ الناقص ، والمسامحة في البيع والشراء والقضاء والاستقضاء ، والتكبير ، والشهادتان للمشتري ، والمباكرة في طلب الرزق.
ويكره دخول السوق أولا ، والسوم بعد الفجر إلى طلوع الشمس ، والبيع في الظلماء ، واليمين على المبيع (1) ، وكتمان العيب ، والاستحطاط بعد الصّفقة ، (2) والزيادة وقت النداء (3) ، والكيل والوزن لمن لم يعرفهما ، ومدح البائع وذمّ المشتري ، والدخول في سوم المؤمن.
* * * * *
ص: 334
ص: 335
ص: 336
وهو اسم لما ينقل به الأعيان المملوكة ، بعوض مقدّر عن تراض ، ولم ينه عنه ، فيخرج بالأعيان الإجارة وبعوض مقدّر الصلح والهبة ، وبالتراضي عقد المكره ، وبالقيد الأخير ما نهي عنه لعينه كبيع الكالئ بالكالئ ، وبيع الغرر ، وحبل الحبلة ، وهو بيع نتاج النتاج ، أو البيع بأجل إلى نتاج النتاج ، وعسيب الفحل ، وهو نطفته ، والمضامين وهي : ما في أصلاب الفحول ، والملاقيح وهو : ما في بطون الأمّهات ، والمجر وهو [ بيع ] ما في الأرحام ، والملامسة وهو : جعل اللّمس بيعا ، والمنابذة وهو : جعل النبذ بيعا ، ورمي الحصاة وهو : أنّ المبيع ما تقع عليه الحصاة ، وبيعتين في بيعة فيقول : بعتك بمائتين نسيئة وبمائة نقدا فخذ بأيّها شئت ، والرّبا ، وكلّ ذلك فاسد.
وقد نهي عن أشياء لعارض لا يفسد به العقد ، كالسوم بعد قرار الثمن وقبل العقد ، وأن يقول الرجل للبائع في مدّة خياره : أنا أزيدك في الثمن ، وللمشتري في مدة خياره : أنا أبيعك مثل السّلعة بأقلّ من الثمن أو خيرا منها به ، والبيع بعد النداء ، (1) وبيع المعتكف ، والنجش ، وهو : زيادة من واطأه البائع ، والإخبار بأزيد من الثمن في المرابحة والتولية ، والاحتكار وهو : حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، قيل (2) : والسمن والملح لإرادة الزيادة مع عدم الباذل ، ويجبر على البيع لا على التسعير ، ومنه تلقّي الركبان على قول (3) وحدّه أربعة فراسخ مع الجهل بسعر البلد ، ويثبت الخيار مع الغبن ، ولو زاد على الأربعة لم يحرم ، ولا فرق بين البائع والمشتري.
ثمّ النظر في البيع يعتمد على قطبين :
ص: 337
وفيه فصول :
وهي أربعة :
وهي : الإيجاب والقبول مع التراضي ، فالإيجاب « بعت » و « شريت » و « ملّكت » والقبول « ملّكت » و « ابتعت » و « اشتريت » و « تملّكت » و « قبلت ».
ويشترط صيغة الماضي ، فلو قال : « أبيعك » فيقول : « سأشتري » أو « أبتع » فيقول : « بعني » لم يصحّ ، وتقديم الإيجاب والمطابقة زمانا ومعنى ، فلو تأخّر القبول بحيث لا يعدّ جوابا أو قال : « بعتك بألف » فقال : « اشتريت بخمسمائة » أو « نصفه بخمسمائة » أو قال : « بعتكما هذا بمائة » فقال أحدهما : « قبلت نصفه بخمسين » لم ينعقد.
وتكفي الإشارة مع العجز لا الكتابة معه ، ولا المعاطاة في الجليل
ص: 338
والحقير وإن حصلت أمارة الرّضا ، نعم يباح التصرّف ويلزم (1) بتلف أحد العينين.
ويشترط في البائع والمشتري البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يصحّ بيع الصّبيّ ولا ابتياعه وإن بلغ عشرا وأذن الوليّ ، وكذا المجنون والمغمى عليه والمكره والسكران والنائم والغافل ، ولو رضي أحدهم بعد زوال العذر لم يصحّ إلّا المكره.
ويشترط عدم الإسلام في بيع الخمر والخنزير وشرائهما ، وإذن المولى في بيع العبد وشرائه ، ويصحّ أن يشتري نفسه من مولاه لغيره.
ويشترط في البائع الملك أو الولاية ، (2) فلو باع ما يملك وغيره صحّ في ملكه ، ووقف غيره على الإجازة ، فان كانا مثليّين بسط الثمن عليهما ، وإلّا قوّما جميعا ، ثمّ يقوّم أحدهما ويقسّط الثمن بالنسبة إلى القيمتين ، فإن أجاز الغير ، وإلّا تخيّر المشتري ، ولا فرق بين المختصّ والمشترك ، فيأخذ من الثمن بقدر حصّته.
فلو باع عبدا له نصفه ، كان له نصف الثمن ، ولو باع جميع الثمرة (3) وفيها الزكاة ، صحّ في نصيبه.
ولو باع أربعين شاة وفيها الزكاة لم يصحّ ، لتجهيل ثمن نصيبه ، ولو ضمن حصّة الفقراء في الموضعين صحّ في الجميع.
ص: 339
وعقد الفضولي يقف على الإجازة ، ولا يكفي السكوت وإن كان حاضرا ، ولا تشترط الفوريّة ، فله الإجازة ما لم يردّ.
ويشترط كون المجيز مالكا ، جائز التصرف في الحال ، فلو باع ملك غيره ثمّ انتقل إليه فأجاز ، أو ملك الصبيّ أو المجنون فأجازا بعد الكمال لم يصحّ.
ولو قبض الفضولي الثمن وقف على إجازة أخرى وإن كان الثمن معيّنا (1) ويحصل الانتقال بالإجازة ، فالنّماء قبلها للمالك ، ولو فسخ رجع على المشتري بالعين وبما استوفاه من نماء أو منفعة ، ويرجع بذلك على البائع مع جهله أو ادّعاء الإذن ، وإلّا رجع بالثمن خاصّة مع بقائه ، ولا يتوقّف الرجوع على دعوى الملكية.
ولو تلفت العين رجع المالك على البائع أو المشتري بالمثل أو القيمة ، وبالزائد والمنافع ، ويستقرّ الضمان على المشتري مع علمه ، وعلى البائع مع الجهل ، ولا فرق بين الغاصب وغيره.
فلو باع فرسا على زيد ، واشترى بالثمن عبدا ، وباع زيد الفرس على عمرو ، فإن كان المشتري الأوّل جاهلا بالغصب ، فللمالك تتبّع العقود بالإجازة والإبطال ، ورعاية مصلحته في سلسلتي الثمن والمثمن.
وإن كان [ المشتري ] عالما فله الإجازة والإبطال في جانب المثمن دون الثمن ، لأنّه ملك الغاصب.
والولاية للأب والجدّ له والحاكم وأمينه والوصي والوكيل ، فيمضى
ص: 340
تصرّف الأب والجدّ له على الصبيّ والمجنون حتّى يكملا ، ولهما تولّي طرفي العقد ، فيبيع عن ولده من نفسه وبالعكس ، وتصرّف الحاكم وأمينه على الصغير والمجنون والمفلّس والسّفيه والغائب ، وتصرّف الوصيّ بعد الموت على الصغير والمجنون ، وله أن يقوّم على نفسه أو يقترض إن كان مليّا والوكيل على الموكّل مع حياته وجواز تصرّفه ، فيبطل بموته أو جنونه أو إغمائه ، وله أن يتولّى طرفي العقد مع الإذن لا بدونه.
ولو باع الوكيلان على اثنين ، فإن اقترنا بطلا وإلّا بطل الأخير ، ولو باعا على شخص ووكيله واقترنا ، فإن اتّفق جنس الثمن وقدره صحّ وإلّا بطل ، ويحتمل التخيير ، ولو تقدّم أحدهما صحّ خاصّة.
ويشترط في المشتري الإسلام إذا اشترى مصحفا أو مسلما ، إلّا أن يستعقب الشراء العتق ، وكذا في المستأجر والمرتهن دون المستعير والمودع.
ولو أسلم عبد الكافر أجبر على إخراجه عن ملكه ببيع أو غيره ، ولا يكفي رهنه أو إجارته أو كتابته ولا الحيلولة ، ولو امتنع باعه الحاكم بثمن المثل ، فإن لم يتّفق راغب ، وجبت الحيلولة ، (1) ويملك ثمنه وكسبه قبل بيعه ، وعليه نفقته.
ولو ردّ بالعيب فيه أو في ثمنه المعيّن أجبر على الإخراج ثانيا.
ولو مات المالك قبل البيع بيع على وارثه الكافر.
ولو أسلمت أمّ ولده لم يجبر على البيع أو العتق ، بل تجب الحيلولة.
ولا يباع الطفل بإسلام أبيه أو جدّه.
ص: 341
وشروطه ثمانية
الأوّل : الطهارة أو قبولها ، والإباحة ، والمغايرة للمشتري ، فلا يصحّ بيع عبده في نفسه ، وتصحّ كتابته.
الثاني : قبول الملك ، فلا يصحّ بيع الحرّ وما لا منفعة فيه ، كالخنافس والفضلات عدا اللبن ، ولا ما لم تجر العادة بتملّكه كحبّة حنطة وإن حرم غصبها ، ولا المباحات قبل الحيازة ، ولا الأرض المفتوحة عنوة وقيل (1) : يجوز تبعا لآثار التصرّف. (2)
ويجوز بيع بيوت مكّة.
ولو باع ما يملك وغيره كالعبد والحرّ ، صحّ فيما يملك وبطل ، في الآخر فيقوّم الحرّ لو كان رقّا ، ويقسّط (3) الثمن عليه وعلى قيمة المملوك.
ولو حفر البئر أو النهر في المباح ملك الماء ، وكذا ما يظهر فيها من المعادن.
الثالث : تمام الملك ، فلا يصحّ بيع الوقف إلّا أن يؤدّي اختلاف أربابه إلى خرابه ، ولا بيع أمّ الولد إلّا أن يموت ولدها أو في ثمن رقبتها مع إعسار مولاها ، ولا بيع الرهن إلّا مع الإذن.
ص: 342
ويصحّ بيع الجاني ، فإن كانت خطأ ، ألزم بأقلّ الأمرين من قيمته وأرش الجناية ، فإن أدّى لزم البيع ، ولو امتنع أو كان معسرا فانتزعه المجنيّ عليه أو وليّه بطل ، وللمشتري الفسخ مع جهله قبل الافتداء.
ولو كانت [ الجناية ] عمدا صحّ مراعى ، فإن قتل أو استرقّ بطل.
الرابع : القدرة على تسليمه ، فلا يصحّ بيع الطير في الهواء إلّا مع اعتياده ، ولا السمك في الماء إلّا مع مشاهدته وانحصاره ، ولا الآبق منفردا وإن قدر المشتري على تحصيله إلّا على من هو في يده أو منضمّا ، فإن لم يظفر به كان الثمن بإزاء الضميمة ، ولا يرجع على البائع بشي ء ، ويشترط فيها ما يشترط في المبيع ، وتكفي الواحدة وإن تعدّد الآبق.
وليس الآبق جزءا من المبيع بل تابع ، فلو تلف قبل قبضه لم ينقص من الثمن شي ء ، ولو ظهر فيه عيب فلا ردّ ولا أرش.
ولو ردّت الضميمة بعيب أو بخيار تبعها الآبق ، ولا يلحق به الضالّ ، فيصحّ بيعه بغير ضميمة ويضمنه البائع حتّى يسلّمه ما لم يسقطه المشتري.
ويصحّ بيع المغصوب على غاصبه وعلى من يقدر على قبضه ، فإن عجز تخيّر ، وبيع ما لا يمكن تسليمه إلّا بعد مدّة ، فإن تعذّر تخيّر المشتري.
الخامس : تقديره بالكيل أو الوزن العامين ، أو العدّ أو الذرع ، فلا يصحّ جزافا ، ولا بمكيال مجهول ، ولو تعسّر الوزن أو العدّ اعتبر مكيال ، وأخذ بحسابه.
وتكفي المشاهدة في الأرض والثوب ، ولو أخبره بالقدر فزاد ، فالزيادة للبائع في متساوي الأجزاء ومختلفها ، ويتخيّر المشتري للشركة ، وإن نقص تخيّر أيضا بين الفسخ والإمضاء بحصّته من الثمن.
ص: 343
ولا يجب في الأرض التوفية من المجاورة لها ، وقيل : للبائع الخيار إذا زاد بين الفسخ والإمضاء بالجميع ، وللمشتري الخيار إن نقص بين الفسخ والإمضاء بالجميع.
ويجوز ابتياع جزء مشاع من معلوم بالنسبة ، تساوت أجزاؤه أو اختلفت ، وابتياع جزء مقدّر من متساوي الأجزاء وإن كان من أصل مجهول إذا علم وجوده فيه كصاع من هذه الصّبرة ولا ينزل على الإشاعة فيتعيّن ما يبقى مبيعا ويجوز بيع جزء مقدر من مختلف الأجزاء مع علم الأصل وقصد الإشاعة ، كذراع من عشرة ، ولو لم يقصد الإشاعة فإن عيّن المبدأ والمنتهى صحّ وإلّا فلا ، فلو باعه عشرة أذرع من هنا إلى هناك صحّ بخلاف من هنا إلى حيث ينتهي الذرع.
ولو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم صحّ مع العلم بقدرها ، وكذا [ لو قال : ] بعتك هذه الأرض كلّ ذراع بدرهم.
السادس : العلم بجنسه وصفته ، فلا يباع الحاضر إلّا مع المشاهدة أو الوصف ، فلو باع الحنطة الّتي في البيت لم يصحّ ، وتكفي مشاهدة بعضه إن دلّ على الباطن ، كصبرة الحنطة ، لأنّ الظاهر استواء ظاهرها وباطنها ، فإن تغيّر تخيّر بخلاف صبرة البطّيخ ، لاختلاف ظاهرها وباطنها غالبا وسلّة (1) الفاكهة.
ولو أراه أنموذجا فإن أدخله في العقد صحّ وإلّا فلا.
ص: 344
ولو غاب المشاهد وقت الابتياع ، فإن مضت مدّة يقطع فيها بتغيّره لم يصحّ وإن احتمل صحّ ، ثمّ إن ثبت التغيّر تخيّر المشتري ، والقول قوله لو ادّعى حدوثه.
ويفتقر الغائب إلى ذكر الوصف والجنس وإن كان من ثالث ، فلو وصف لأحدهما أو لهما ، فإن وافق لزم وإلّا تخيّر الجاهل به ، فالبائع مع الزيادة والمشتري في النقيصة.
ولو زاد في الكيف ونقص في الكمّ أو بالعكس تخيّر.
ولو رأى بعض ضيعة ووصف له باقيها فخرجت على الخلاف تخيّر في الجميع ، ولو جهل البعض تجهّل الكلّ إلّا أن يكون غير مقصود ، فيصحّ بيع الأمّ مع الحمل ، بخلاف بيع سمك الأجمّة مع القصب ، واللبن في الضرع مع المحلوب منه.
ويصحّ بيع الصوف والشعر والوبر على الظهر مع إرادة جزّه أو مع شرط إبقائه (1) إلى أوانه.
ولا يجوز بيع الجلد على الظهر ، ولا اللبن في الضرع.
ويوضع للظروف ما يحتمل الزيادة والنقصان أو ما هو معتاد لا ما يزيد إلّا مع الشرط.
السابع : اختبار المذوق والمشموم إذا لم يفسده.
ص: 345
ويجوز بيع المسك في فأره ، ويستحبّ فتقه ، ويجزئ الوصف على الأقوى ، فيتخيّر مع العيب بين الردّ والأرش.
وما يفسد باختباره كالبيض والبطّيخ ، فإن كان لمكسوره قيمة فالأرش ، وإلّا رجع بالثمن ، وهل يبطل البيع من أصله أو من حين التصرّف؟ فعلى الأوّل مئونة النقل على البائع ، وعلى الثاني على المشتري.
ولو تبرأ البائع من العيب فلم يخرج لمكسوره قيمة ، فيه توقّف ، من حيث إنّه أكل مال بالباطل.
ولا فرق بين المبصر والأعمى في ذلك.
الثامن : عدم إبهامه فلو باعه شاة من قطيع أو قطيعا إلّا شاة أو عبدا من عبدين بطل ، وكذا ما يضرب الصياد بشبكته ، وكذا إبهام البعض ، فلو باعه الثوب وأحد العبدين بطل.
وإبهام الطريق كإبهام المبيع ، فلو أطلق وتعدّد بطل ، ولو فقد تخيّر المشتري.
ولو باعه أرضا محتفّة بملكه ، فإن عيّن (1) الطريق صحّ وإلّا بطل.
ولو قال : بحقوقها استحقّ الممرّ من كلّ جهة ، ويحتمل البطلان ، ولو اتّصلت بشارع أو بملك المشتري وباعها بحقوقها فكالأوّل ، ويحتمل الاجتزاء بذلك.
ص: 346
ويشترط العلم بقدره وجنسه ووصفه ، فلو باع بحكم أحدهما أو ثالث ، أو بسعر ما بعت وجهل المشتري فسد ، ولا تكفي المشاهدة.
ولو عيّن النقد لزم ، ولو أطلق انصرف إلى نقد البلد ، ولو أبهم بطل ، كما لو باعه بعشرين درهما من صرف العشرين بالدينار ، وكان الصرف متعدّدا أو مجهولا ، وكذا لو باعه بدينار إلّا درهما نقدا مع جهل النسبة ، أو نسبه بنقد وقت الحلول ، أو بما يتجدّد.
ومتى فسد ضمن القابض المثليّ بالمثليّ والقيميّ بالقيمة يوم التلف ، وأرش نقصه ومنافعه مع التفويت والفوات لا تفاوت السّعر (1).
ولو زاد بفعل المشتري فهو له ، عينا كان أو منفعة ، وإلّا فللبائع.
ولو باعه بنصف دينار لزمه شق دينار إلّا أن يشترط الصحيح أو يراد عرفا.
ويجوز استثناء جزء معلوم من الثمن أو المثمن ، مثال الأوّل : بعتك هذه السلعة بعشرة إلّا خمسة ، ومثال الثاني : بعتكها إلّا نصفها بعشرة ، وكذا بعتكها بعشرة إلّا ما يساوي واحدا بسعر اليوم إن علما به ، ولم يستغرق المبيع.
ولو كان المستثنى مجهولا بطل إلّا أن يعلم بالجبر وغيره ، (2) مثال الثمن :
ص: 347
لو باعه بعشرة إلّا نصف الثمن ، فالثمن ستة وثلثان ، لأنّ الثمن شي ء يعادل عشرة إلّا نصف شي ء ، فإذا جبرت العشرة بنصف شي ء وزدت مثله على مقابله صارت العشرة تعدل شيئا ونصفا ، فالشي ء ستة وثلثان.
ولو باعه بعشرة إلّا ثلث الثمن ، فالثمن سبعة ونصف ، لأنّ الثمن شي ء يعدل عشرة إلّا ثلث شي ء ، فاجبر العشرة بثلث شي ء وزد مثله على مقابله يبقى عشرة يعدل شيئا وثلثا ، فالشي ء سبعة ونصف.
ومثال المثمن : بعتك هذا العبد إلّا ما يخصّ واحدا بكذا ، فانظر إلى ما تقرّر عليه العقد ، فيكون هو المبيع ، فإذا كان الثمن أربعة صحّ البيع في أربعة أخماسه بجميع الثمن الّذي يخصّ الواحد شي ء ، فالعبد إلّا شيئا في مقابلة الأربعة ودراهم ، فيجبر العبد بشي ء ويزاد على مقابله مثله ، وهو درهم ، فيصير العبد في مقابلة خمسة دراهم ، فالّذي يخصّ الواحد خمسة.
ولو عطف على المبيع شيئا مجهولا ، مثل : بعتك هذا الثوب والصبرة بكذا بطل ، وكذا الثمن إلّا أن يعلم بالجبر.
فلو باعه العبد بعشرة ونصف الثمن ، فالثمن عشرون ، لأنّ الثمن شي ء يعدل عشرة ونصف شي ء ، فإذا أسقطت نصف شي ء بمثله ، بقى عشرة تعدل نصف شي ء ، فالشي ء عشرون.
ولو باعه بعشرة وثلث الثمن ، فهو خمسة عشر ، لأنّ الثمن شي ء ، يعدل عشرة وثلث شي ء فيسقط الثلث ومقابله من الثمن ، فالعشرة تعدل ثلثي الثمن ، فالثمن خمسة عشر.
ص: 348
ويلزم بالأصل ويعرض له الجواز بالخيار أو العيب فهنا بحثان (1) :
وفيه فصلان :
وهي سبعة :
الأوّل : خيار المجلس ، ويختصّ بالبيع ، ويثبت للمتبايعين ما داما في المجلس أو فارقاه مصطحبين ، ولا عبرة بالحائل ، ولا يسقط بالإكراه على المفارقة إلّا أن يتمكّن من الاختيار ، ولو أمره بالاختيار فسكت فخيارهما باق.
ويسقط بمفارقة أحدهما ولو بخطوة ، عالما كان أو جاهلا ، وبشرط السقوط ، وبإيجابهما وإيجاب أحدهما ورضى الآخر ، ومع عدمه يسقط خيار الموجب خاصّة ، وبابتياع من ينعتق عليه ، وبموت أحدهما ، ويحتمل انتقاله إلى الوارث.
ولا يعتبر مجلس الوارث لأنّه غير عاقد ، ولو جنّ أو أغمي عليه تخيّر
ص: 349
الوليّ مع المصلحة ، ولو خرس كفت الإشارة المفهمة ، ثمّ الكتابة ، فإن تعذّر الاستعلام ففي خيار الحاكم مع المصلحة توقّف.
ويثبت خيار العاقد عن اثنين دائما ما لم يسقطه أو يلتزم ، ولو التزم به من طرف سقط دون الآخر ، وكذا لو باع أو اشترى من ولده الصغير.
ولو ادّعى أحدهما التفرّق وأنكر الآخر ، قدّم قوله مع اليمين.
ولو اتّفقا على التفرّق وادّعى أحدهما الفسخ قبله حلف الآخر.
الثاني : خيار الحيوان ، ويختصّ بالمشتري وإن كان الثمن حيوانا ، وزمانه ثلاثة أيّام من حين العقد ، ويسقط باشتراط سقوطه ، وبالتزام العقد ، وبالتصرّف الناقل ، لازما كان كالبيع أو لا ، كالهبة قبل القبض ، وبغير الناقل كالركوب ، فلو تلف في الثلاثة كان من المشتري ، وبدون التصرّف من البائع.
الثالث : خيار الغبن ، ويثبت للبائع والمشتري في كلّ معاوضة مالية عدا الصلح ، بشرط أن لا يتغابن بمثله وقت العقد ، وجهله بالقيمة عنده ، فيتخيّر بين الفسخ والإمضاء بالمسمّى ، ولا يثبت به أرش بل الردّ.
ولا يسقط بدفع التفاوت ولا بحدوث عيب بل يضمن أرشه.
ويسقط بالتصرّف الناقل أو المانع من الردّ كالاستيلاد والعتق ، ويحتمل أنّه إن كان للبائع لم يسقط بتصرّف المشتري مطلقا ، وإن كان للمشتري سقط بتصرّفه الناقل أو المانع من الردّ.
وتجب فوريّته مع العلم به ، ويعذر جاهل الحكم.
ص: 350
الرابع : خيار الرؤية ، ويثبت في كلّ مبيع شخصيّ موصوف غير مطابق للوصف ، فيتخيّر البائع إن زاد والمشتري إن نقص ، ولو زاد ونقص باعتبارين تخيّرا.
وفي فوريّته خلاف ، ولو شرط سقوطه بطل العقد للغرر.
وإذا فسخ لم يجب البدل أمّا غير الشخصي الموصوف بصفات السلم فله المطالبة بالبدل.
الخامس : خيار من باع ولم يقبض الثمن ولا سلّم المبيع ولا شرط تأخير الثمن ومضى ثلاثة أيّام ، فيتخيّر بين الفسخ والصبر ، ويسقط ببذل الثمن قبل الفسخ لا بطلب البائع ، فلو تلف المبيع فهو من البائع في الثلاثة وبعدها.
ولو قبض بعض المبيع أو بعض ثمنه ، أو أجّل بعض الثمن (1) ولم ينقد الحالّ ، أو كان الثمن مؤجّلا وأخّره عن أجله فلا خيار.
ولو كان يفسد ليومه ، فله الفسخ عند انقضائه إلّا أن يشرف على التلف قبله.
السادس : خيار الشرط ، وهو اتّفاق لزوم العقد على رأي البائع أو المشتري أو هما مدّة مضبوطة.
ويجوز اشتراطه لأجنبيّ منفردا أو منضما إلى أحدهما أو إليهما ، وليس لازما بالأصل.
ص: 351
ويشترط ذكره في نفس العقد دون ما قبله أو بعده.
ويثبت في كلّ عقد عدا النكاح والوقف وشراء القريب ، ولا يثبت في العتق والطلاق والإبراء ، وفي الصّرف توقّف.
ولا بدّ من تعيين المدّة وتقديرها بحسب الشرط ، ويجوز اختلافها إذا تعدّد المشروط له.
ومبدأها من حين العقد مع الإطلاق ، ولا يجب اتّصاله بها ، فلو شرط بعد مدّة لم يتخيّر قبل انقضائها.
ولا يجوز إبهامه ، فلو شرط لأحد المتبايعين ، أو في أحد المبيعين بطل.
ويجوز اشتراط المؤامرة ، وفي اشتراط المدّة توقّف ، ولو مات المستأمر لم ينقل إلى وارثه.
ويجوز للبائع أن يشترط ارتجاع المبيع في مدّة مضبوطة إذا ردّ فيها الثمن أو مثله ، فليس له الفسخ بدون ردّه ، والنماء للمشتري قبله ، والتلف منه.
ولو شرط ارتجاع بعضه ببعض الثمن جاز.
ويجوز للمشتري أيضا أن يشترط ارتجاع الثمن إذا ردّ المبيع ، فلو فسخ قبل ردّه لم يصحّ.
ولو شرط كلّ واحد الارتجاع ، فإن اتّحد الوقت صحّا قطعا ، وكذا إن تغاير على الأقوى ، فإن ارتجع السابق صحّ ، وإلّا ارتجع الآخر.
السابع : خيار العيب : وسيأتي.
ص: 352
أنواع الخيار موروثة كالمال إلّا المشروط للأجنبيّ ، ويرثه كلّ وارث حتّى الزوجة الممنوعة من الأرض المبتاعة بخياره ، فإن أجازت العقد لم ترث من الأرض شيئا ، وإن فسخت ورثت من الثمن ، وبالعكس لو كان بائع الأرض الزّوج فإن أجازت ، ورثت من الثمن ، وإن فسخت لم ترث من الأرض.
وليس للورثة تفريقه بخلاف المشتريين.
ولو مات العبد المأذون فخياره لمولاه ، ولو جنّ مشترطه لم ينقض تصرّف الوليّ بعد إفاقته.
ويملك المبيع بالعقد ، والنماء في مدّة الخيار للمشتري ، فإن فسخ البائع لم يستردّه.
ولا يشترط في الفسخ مطلقا حضور الغريم ، ولا الحضور عند الحاكم ، ولا الإشهاد.
ويحصل الفسخ والإجازة بالقول أو الفعل ، سواء كان بتلف العين ، أو بفعل آثار الملك ، كالاستخدام ، والوطء ، والنظر إلى ما يحرم على غير المالك ، واللمس ، والقبلة بشهوة ، وكذا لو قبّلت الجارية المشتري بإذنه (1) أو رضي به ، أو كان بالعتق ، أو البيع وشبهه ، لا بالعرض عليه ، وتنفذ (2) العقود.
ص: 353
ولو باع من لا خيار له وقف على رضا الآخر ، ولو كان الخيار لهما أو للبائع توقّف (1) بيع المشتري على رضا البائع دون العكس.
وليس السكوت إجازة.
والتصرّف في مدّة الخيار من البائع فسخ ومن المشتري إجازة ولو تعارضا قدم الفسخ ولا يجوز للبائع التصرف في مدّة الخيار للمشتري ، ويجوز تصرّف المشتري في المختصّ بالبائع والمشترك ، فلو وطأ في أحدهما لم يمنع البائع من الفسخ ، فإن حملت صارت أمّ ولد فيرجع على المشتري بقيمتها لا بقيمة الولد والعقر ، ويسقط بالتصرّف أو الإذن فيه ، فلو اشترك فتصرّف أحدهما بإذن الآخر سقط الخياران (2).
والعين في يد المشتري بعد فسخه مضمونة ، وبعد فسخ البائع أمانة.
ويملك الأجنبيّ الفسخ دون الشرط.
ولو تلف المبيع قبل قبض المشتري بطل البيع والخيار ، وكان من مال بائعه ، وإن تلف بعد القبض وانقضاء الخيار ، فهو من المشتري ، وفي مدّة الخيار بغير تفريط ممّن لا خيار له ، ولو كان لهما أو لأجنبيّ فمن المشتري.
ولا يبطل الخيار بالتلف ، فلو فسخ البائع رجع بالمثل أو القيمة ، ولو فسخ المشتري رجع بالثمن ، وقيل : انّ الاختيار بالذوق والركوب والطحن والحلب غير مسقط للخيار ، إذ به يعرف حاله (3).
ص: 354
وفيه مطلبان :
وهو ثلاثة :
الأوّل : ما زاد أو نقص عن الخلقة الأصليّة كفوات عضو ، أو حدب في الظهر أو الصدر ، أو سبل (1) في الأجفان ، أو بخر ، أو صنان (2) لا يقبلان العلاج ، وبول الكبير في الفراش ، والعمى ، والعور ، والجبّ والخصيّ ، وعدم الحيض ممّن شأنها الحيض والحبل ، واستمرار المرض كالممراض ، أو عروضه كحمّى يوم ، والسّلعة (3) والثّفل (4) غير المعتاد في الزيت وشبهه.
الثاني : ما قضى العرف بكونه عيبا ، كالإباق القديم ، والزنا ، والخيانة ، واستحقاق القتل والحدّ والتعزير المخوف ، والقطع ، وعدم الختان في الكبير ، وكون الضيعة منزل الجند ، أو ثقيلة الخراج ، أو كونه نجسا لا يقبل الطهارة ، وليس العسر (5) عيبا ، وكذا الكفر ، والغناء ، والجهل بالصنائع ووجوه الخدمة ، وكونه ولد
ص: 355
زنا ، أو أمة تحرم عليه مؤبّدا ، وإن نقص بعض انتفاعه لبقاء القيمة ، أو متزوّجة ، أو معتدّة ولا الثيبوبة إلّا مع شرط البكارة وثبوت عدمها.
الثالث : عدم ما يشترطه من الصفات المحمودة ، ولا يعدّ فقده عيبا ، كالبكارة وجعودة الشعر ، وزجج (1) الحواجب ، والإسلام ، ومعرفة الطبخ ، والصّنعة ، والكتابة ، وكون الحيوان حاملا ، والفهد صائدا ، وغير ذلك ممّا يتعلّق به غرض أو ماليّة إلّا أن يتعذّر ، كالطحن ، والحلب قدرا معيّنا.
ولو شرط غير المحمودة كسبط الشّعر ، فبان بخلافه فلا خيار.
وفيه مسائل :
الأولى : إطلاق العقد يقتضي السلامة من العيوب ، فلو وجد بالمبيع عيبا سابقا ، تخيّر بين الردّ والأرش.
ويسقطان بالتبرّي من العيوب في نفس العقد ولو إجمالا ، وبعلم المشتري به قبله وبالرّضا به بعده.
ويسقط الردّ خاصّة بإسقاطه ، وبابتياع من ينعتق عليه وإن لم يعلم ، وبالحمل في الأمة وغيرها ، وبذهاب صفة كاملة عند المشتري كالكتابة ، وبتلف المبيع أو عتقه ، وبالتصرّف فيه وإن لم يعلم بالعيب ، سواء كان ناقلا أو لا ، إلّا أن يكون التصرّف وطأ والعيب حبلا ، فيردّها مع نصف عشر قيمتها ، وبحدوث
ص: 356
عيب عنده وإن لم يكن من جهته ، إلّا أن يكون حيوانا ، فله ردّه في الثلاثة ، إلّا أن يتصرّف.
ويسقط الأرش خاصّة في المعيب بالحبل ، وفي المصرّاة ، وفيما لو اشترى ربويّا بجنسه فظهر فيه عيب.
وقد يتعذّر الردّ والأرش ، كما لو اشترى ربويّا بمساويه جنسا ، فوجد فيه عيبا ، وتجدّد (1) عنده آخر ، فلو ردّه مع الأرش ، واستردّ جزءا من الثمن لزم الربا ، وردّه مجّانا والصّبر عليه كذلك ظلم ، فيحتمل الفسخ ، ولا يردّ المبيع ، بل يغرم قيمته من غير الجنس معيبا بالأوّل سليما من الثاني كالتالف ، ويحتمل ردّه مع الأرش كالمقبوض بالسّوم.
الثانية : لو حدث (2) عيب قبل القبض فكالأوّل ، ولو أحدث في البعض ، فله الأرش أو ردّ الجميع ، لا المعيب خاصّة ، ولو حدث (3) عيب في مدّة الخيار فله الردّ فيها خاصّة ، إلّا أن يتصرّف فله الأرش.
ولو حدث الجنون ، أو الجذام ، أو البرص في الرّقّ بين العقد وسنة فله الردّ ، إلّا أن يتصرّف ، فيثبت الأرش.
الثالثة : لو اشترى شيئين صفقة ووجد في أحدهما عيبا ، تخيّر في ردّ الجميع والأرش ، لا ردّ المعيب خاصّة ، ويسقط الردّ بالتصرّف في أحدهما دون الأرش.
ص: 357
ولو اشترى اثنان من أحد شيئا صفقة فلهما الاجتماع على الرّدّ أو الأرش لا التفريق ، وكذا لو ورثا خيارا ، ولو تعدّدت الصفقة جاز التفريق.
ولو اشتراه من اثنين صفقة جاز له الردّ على أحدهما وأخذ الأرش من الآخر.
والأرش جزء من الثمن ، نسبته إليه كنسبة قيمة المعيب إلى الصحيح ، بأن يقوّم صحيحا ومعيبا يوم العقد ، ويؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت.
ولو اختلف المقوّمون عمل بالأوسط.
ويشترط في المقوّم العدالة والمعرفة والتعدّد.
الرابعة : لا يجب في الفسخ حضور البائع ، ولا كونه عند الحاكم ، ولا الفوريّة وإن علم وطال الزمان ، ولو زاد ردّ معه الزيادة ، ويجوز الفسخ قبل القبض وبعده.
الخامسة : لو اشترى من الوكيل ، ردّه بالعيب على الموكّل ، والقول قوله مع يمينه في عدم تقدّمه ، فلو أقرّ الوكيل بتقدّمه لم ينفذ في حقّ الموكّل.
السادسة : لو باع الجاني عمدا وقف على إجازة المجنيّ عليه ، فإن لم يجز بطل ، وإن أجاز ضمن البائع الأقلّ من الأرش والقيمة ، وللمشتري الفسخ إن جهل ، فيرجع بالثمن ، أو الإمضاء فيرجع بالأرش ، فإن استوعبت [ الجناية ] القيمة فالأرش ثمنه.
ولو كانت الجناية طرفا ، فإن علم المشتري فلا شي ء له ، وإلّا تخيّر بين الردّ والأرش.
ص: 358
ولو كان خطأ صحّ البيع إن كان موسرا ، وإلّا فإن ضمن المولى (1) أقلّ الأمرين صحّ أيضا ، وإلّا تخيّر المجنيّ عليه في الإجازة والفسخ.
السابعة : لو ادّعى عدم البكارة المشترطة ، حكم بشهادة أربع ، ولو ردّ السّلعة بالعيب فأنكرها البائع قدّم قوله مع اليمين ، وكذا لو ردّها بأحد أنواع الخيار على توقّف.
ولو ادّعى سبق العيب ولا بيّنة ولا شاهد حال قدّم قول البائع مع اليمين.
ولو ادّعى التبرّي أو علم المشتري قدّم قول المشتري مع اليمين ، وكذا لو تنازعا في تصرّف المشتري أو حدوث عيب عنده.
البحث الثالث (2)
في التدليس
وهو إحداث صفة في الخلقة كالتحمير للوجه وتبيضه ، ووصل الشعر وتسويده ، بخلاف تسويد يد العبد أو ثوبه بالحبر ، ليظنّ أنّه كاتب.
والتصرية تدليس ، وهي جمع اللبن في الضرع ليظنّ المشتري أنّه قدر حلبها في كلّ يوم بخلاف ما لو ظنّه لعظم ضرعها.
وتثبت في الشاة إجماعا وفي الناقة والبقرة على الأقوى إلّا في الأتان والأمة ، إلّا أن يشترط كثرة اللبن فيظهر خلافه.
ص: 359
وتختبر بثلاثة أيّام ، فإن صارت التصرية عادة قبل انقضائها سقط الخيار لا بعدها.
ويثبت الرّدّ دون الأرش ، ولا يمنع منه التصرّف بالحلب ، ويردّ معها لبنها وأرشه إن عاب ، فإن تعذّر فالمثل أو القيمة السوقيّة ، وفي وجوب الردّ المتجدّد في الثلاثة أو قيمته توقّف.
والخيار على الفور ، فلو علم بالتصرية في الثلاثة وأهمل سقط ، وكذا لو علم بها قبل العقد أو بعده قبل الحلب ، أو رضى بعده ، أو ماتت المصرّاة ، أو تجدّد عيب وإن لم يعلم بالتدليس ، والأرش في الجميع.
ولو رضي بالتصرية فظهر عيب ردّ به إن لم يحلب ، وإلّا فله الأرش خاصّة.
وفيه مباحث :
والضابط ما يتناوله اللفظ لغة أو عرفا أو شرعا ، وعند الإطلاق يعتبر الشرعي ، ثمّ العرفي ثمّ اللغوي ، ولنذكر من الألفاظ أحد عشر :
الأوّل : الأرض ، ويدخل فيها البئر ، والعين ، وماؤهما ، والمعادن ، فإن جهل البائع تخيّر ، والأحجار المخلوقة ، ولو أضرّت فللمشتري الخيار إلّا أن يعلم ، ولا يدخل المدفونة (1) وعلى البائع نقلها ، وتسوية الحفر ، ولا أجرة
ص: 360
للمشتري عن مدّة النقل وإن كان جاهلا ، ولو تعيّبت تخيّر مع الجهل.
ولو تركها فإن أضرّت تخيّر المشتري وإلّا فلا ، ولا يملكها بالإعراض عنها.
ولا يدخل فيها البناء ، والشجر ، والبذر ، والزرع وإن كان كامنا وإن قال : بحقوقها.
وتجب تبقية البناء والغرس حتّى يهلك ، والزرع حتّى يحصد ، والّذي يجزّ مرّة بعد أخرى حتّى يستقلع.
وعلى البائع قلع ما يضر من العروق وتسوية الحفر.
ولو اشترط المشتري دخول ذلك جاز ، وكذا لو قال : ما أغلق عليه بابها.
ولو لم يعلم المشتري بالبذر تخيّر في الفسخ والإمضاء مجّانا ، وتدخل الأرض في ضمان المشتري بالتّسليم.
الثاني : الدار ويدخل فيها الأرض ، والبناء ، والأخشاب المستدخلة ، والأسفل ، والأعلى ، إلّا أن تشهد العادة باستقلاله (1) ، وجميع المرافق ، كالبئر ، والحوض ، ومائهما ، والحمام المعروف بها ، والأبواب ، والأغلاق ، والرفوف ، والأوتاد ، والسلّم المثبّتات ، والمفاتيح ، والدراريب والمجاز ، فإن تعدّد وجب التعيين وإن قال : بحقوقها.
ولا يدخل الرحى والدّنان (2) والخوابي (3) وإن كانت مثبّتات ، ولا
ص: 361
الشجر ، والنخل إلّا مع الشرط ، أو يقول : ما أغلق عليه بابها.
الثالث : القرية ، وفي معناها الضيعة والدّسكرة ، (1) ويدخل فيها الأبنية ، والعرصات ، والطرق ، دون المزارع والشجر وإن كان في وسطها ، إلّا مع القرينة أو العرف.
الرابع : البستان ، وفي معناه الحائط والباغ ، ويدخل فيه الأرض ، والشجر ، والنخل ، والحيطان ، والدولاب والشرب ، والمجاز (2) دون البناء إلّا مع العرف ، ولو استثنى نخلة أو شجرة معيّنة فله المدخل والمخرج إليها ، والانتفاع بمدى جرائدها من الأرض ، ولو ماتت بطل حقّه ، ولم يكن له غرس بدلها.
الخامس : الشجر ، ويدخل فيه الأغصان الرطبة ، والورق ، والعروق ، ويستحقّ الإبقاء مغروسا لا المغرس ، فلو انقلعت شجرة أو ماتت بطل حقّه ، ولم يكن له استخلاف أخرى وإن كان من فروخها.
ولا تدخل الأرض إلّا مع الشرط ولو قال : بحقوقها ، ولا الثمرة ، وللبائع التبقية حتّى يبلغ أوان أخذها ، وكذا لو كان المقصود (3) الورد أو الورق.
السادس : النخل ، ويدخل فيه السّعف الأخضر ، والجذع ، والليف ، والعروق ، والفراخ والطلع غير المؤبّر ، وللمشتري الإبقاء مغروسا.
ولا تدخل الأرض ولا الثمرة الموجودة عند العقد إلّا الطلع المؤبّر وللبائع تبقيتها إلى بلوغها مجّانا ، ويرجع فيه إلى العادة.
ص: 362
ولو تضرّرت الأصول بالتبقية ضررا يسيرا لم يجب القطع ، وإلّا وجب ، وفي الأرش توقّف.
ولو باع المؤبّر وغيره دخل غير المؤبّر ، ولو اشتبه وجب الصلح.
ويعتبر التأبير في الإناث ، ولا فرق بين تأبير البائع وغيره وما أبّرته اللواقح.
ولو انتقل النخل بغير البيع لم يدخل غير المؤبّر ، سواء كان بعقد معاوضة أو لا.
السابع : الحمّام ، ويدخل فيه بيوته ، وخزانة مائه ، وقدره (1) المثبّتة ، وجدرانه ، وموقده ، ومطرح موقده ، (2) ومحقن غسالته ، ومسلخه ، وبئر مائه ، ولا يدخل أزره وأقداحه.
الثامن : المملوك ، فلا يدخل الحمل ولا ما يضاف إليه ، ولا ما في يده ، وإن قلنا يملك ، وفي ثيابه توقّف.
ولو بيع مع ماله ، صحّ بشرط العلم وعدم الربا.
التاسع : السّفينة ، ويدخل المخداف (3) المشدود وإن تعدّد ، والسّكان والظلال الثابت دون المردي ، (4) وفي الحبال والشراع توقّف.
العاشر : الدابّة ، ولا يدخل السرج واللجام والبرذعة ، ويدخل النعل.
ص: 363
الحادي عشر : الكتاب ، ويدخل أجزاؤه ، والجلد والخيوط ، والأوراق المثبّتة فيه (1) دون الغلاف.
وكلّ ما لا يدخل إذا شرط دخل ، إلّا أن يلزم منه فساد العقد.
وفيه مطلبان :
العقد قابل للشرط لا للتعليق عليه ، ويشترط كونه سائغا مقدورا معلوما ، فلو شرط البائع أو المشتري خياطة ، أو عتقا ، أو كتابة ، أو تدبيرا ، أو قرضا ، أو إجارة ، أو رهنا ، أو بيعا ، أو هبة ، أو تزويجا ، أو سلفا ، أو ضمينا على الثمن ، أو على المبيع في السلم ، أو كفيلا ، أو شاهدا ، صحّ.
ويجوز اشتراط حمل الأمة والدابّة ، فيفسخ لو ظهرت حائلا.
ولو شرط البائع عدم التصرّف بالبيع ، أو الهبة ، أو الوطء ، أو العتق ، أو الاستخدام ، أو بيعه على نفسه أو على غيره ، أو أنّ الولاء له ، أو تأخير تسليم المبيع إلى مدّة مجهولة ، أو شرط المشتري تأخير الثمن كذلك أو ابتياع الثمرة ، أو صيرورة الزرع سنبلا ، أو كون الأمة ولودا ، أو لا خسارة ، (2) أو كون الثمن على أجنبيّ أو أنّ التلف بعد القبض من البائع ، لم يصحّ.
وكلّما فسد الشرط بطل العقد.
وشرط ما يقتضيه العقد يؤكّده كخيار المجلس.
ص: 364
لو باع عبدا بشرط العتق عنه بطل ، ولو أطلق أو شرطه عن المشتري صحّ ، فإن أعتق وقع عن المشتري ، وله الولاء وكسبه قبل عتقه ، ولو لم يعتقه تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء ، وليس له إجبار المشتري.
ولو أعتقه بعد أن عاب بما لا يوجب العتق ، أو أعتق الأمة بعد حبلها منه أجزأ ، ولو نكّل به عتق ولم يجزئه ، وللبائع الفسخ والرجوع بالقيمة يوم التلف ، وكذا لو تعيّب بما يوجب العتق ، أو مات ، أو أتلفه المشتري ، وله الرجوع بما نقّصه شرط العتق.
ولو أتلفه غيره رجع البائع عليه بما قابل شرط العتق ، والمشتري بالباقي ، وليس للبائع إسقاطه لتعلّق حقّ اللّه تعالى والعبد به.
ويجب تعيين الرهن المشترط بالمشاهدة أو الوصف ، وفي جواز اشتراط رهن المبيع على ثمنه توقّف.
ولا يكفي عقد البيع عن عقد الرهن ولو جمعهما في عقد ، ولو قدّم الرهن بطل قطعا ، ولو قدّم البيع كقوله : بعتك الدار بمائة وارتهنت العبد بها ، فيقول : اشتريت ورهنت ، بطل على الأقوى.
ولو امتنع من الرهن تخير البائع ، فلو أجاز فلا خيار للمشتري.
ولو هلك الرهن المعيّن تخيّر البائع وليس له بدله ، ولو تعيّب لم يجب إتمامه.
ويجب تعيين الكفيل وضامن الدرك بالمشاهدة أو الوصف كرجل ثقة ،
ص: 365
أو النسب كفلان بن فلان ، ولو أخلّ به تخيّر صاحبه.
ولا يجب تعيين الشهود ، لأنّ الضابط العدالة ، ولو عيّنهم تعيّنوا ، فلو امتنعوا من التحمّل تخيّر البائع.
ولو أسقط البائع الشرط صحّ إلّا في العتق.
وفيه مطلبان :
وهو التخلية فيما لا ينقل كالأرض والشجر ، والنقل في المنقول كالثياب ، والكيل أو الوزن في المكيل والموزون ، والعدّ في المعدود ، فلو باع بعد الكيل أو الوزن لم يكف عن اعتبار القبض ولو من المولّى عليه أو اشترى منه كفى استمرار القبض الأوّل ، وليس الرضا ببقائه في يد البائع قبضا.
ويصحّ من غير البائع كالوكيل ، وقبل استيفاء الثمن وبعده ، ولا يشترط إذن البائع ولا اختياره.
وإطلاق العقد يقتضي تقابض العوضين ، فإن تعاسرا أجبرا وتقابضا معا ، وإلّا أجبر الممتنع.
ولو شرطا أحدهما التأخير أجبر الآخر.
ولو شرط التأخير وكانا غنيّين أو أحدهما صحّ ولو كانا في الذمّة بطل ، لأنّه بيع الكالئ بالكالئ.
ص: 366
ويجب تفريغ المبيع من المتاع والزّرع والعروق المضرّة والحجارة المدفونة ، وتجب تسوية الحفر ، ولو احتاج إلى هدمه جاز ، وعلى البائع الأرش.
وفيه مسائل :
الأولى : القبض يزيل ضمان البائع ويمنعه من الفسخ بتأخير الثمن ، ويبيح التصرّف للمشتري.
ويكره بيع ما لم يقبض إن كان مكيلا أو موزونا ، ويتأكّد في الطعام خصوصا إذا بيع بربح ، ومنه لو ورث ما لم يقبضه مورّثه ، ثمّ باع قبل قبضه ، وكذا لو أصدقها ما لم يقبضه ثمّ باعته (1).
ولو كان له طعام من سلم وعليه مثله ، فأحال غريمه به ، فهو كالبيع قبل القبض ، ولا كذا لو قال : اقبضه لي ثمّ لنفسك ، لكن منع الشيخ من تولّي طرفي القبض (2).
ولو دفع إليه مالا وقال : اشتر لي به طعاما ثمّ اقبضه لنفسك ، فهي كالأولى ولو قال : اشتر لي به طعاما ، ثمّ اقبضه لي ، ثمّ لنفسك ، فهي كالثانية.
ولو قال : اشتر لك به طعاما بطل ، ولو كان الطعامان أو المحال به قرضا صحّ إجماعا.
ص: 367
ولو ملك بغير البيع (1) كالصداق والميراث والخلع ، جاز قطعا ، وكذا لو باع مال القراض والشركة والأمانات قبل القبض.
الثانية : كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ، وينفسخ العقد ، ولو أتلفه البائع أو الأجنبيّ فللمشتري الفسخ والمطالبة بقيمته ، وإتلاف المشتري قبض وكذا جنايته ، ولو عاب من قبل البائع أو من قبله تعالى ، فللمشتري الفسخ أو الأرش.
ولو عيّبه أجنبيّ فعليه الأرش للمشتري إن التزم ، وللبائع ان فسخ.
ولو تلف بعد قبض المشتري ، فهو من ماله ، إلّا أن يتلف في مدّة خياره ، فيكون من البائع.
والنماء المتجدّد قبل القبض وفي مدّة الخيار للمشتري وإن تلف الأصل ، فيضمنه البائع مع التفريط.
الثالثة : لو تلف بعض المبيع وله قسط من الثمن ، كقفيز من كرّ ، وعبد من عبدين ، فللمشتري الفسخ للتبعيض ، وأخذه بحصّته من الثمن ، وإن لم يكن له قسط فله الردّ والإمساك مع الأرش.
ولو قبض البعض وتلف الباقي ، فللمشتري الفسخ بالتبعيض ، وأخذه بحصّته من الثمن.
ولو باع أحد المتبايعين ما قبض ثمّ تلف غير المقبوض ، بطل العقد الأوّل دون الثاني ، ورجع من لم يقبض بعوض سلعته مثلا أو قيمته يوم التلف.
ص: 368
الرابعة : لو غصب المبيع قبل قبضه ، فإن استعيد بسرعة فلا خيار للمشتري ، وإلّا تخيّر في الفسخ واتّباع الغاصب ، وعلى الغاصب الأجرة عن مدّة الغصب للبائع مع الفسخ وللمشتري مع عدمه ، ولو منعه البائع من التسليم لزمه أجرة مدّة المنع.
ولو امتزج المبيع قبل قبضه فللمشتري الفسخ وإن بذل له البائع الممزوج ، وله الشركة ، ومئونة القسمة على البائع ، وكذا لو امتزجت اللقطة من الخيار وشبهه ، ولا ينفسخ البيع مع عدم التمييز.
الخامسة : لو أسلف في طعام بالعراق مثلا لم يكن له المطالبة به في غيره ، ويكره الاعتياض عنه قبل قبضه ، وقيل : يحرم (1) ولو كان قرضا لم يجب المثل في غير العراق بل القيمة بسعره.
والغاصب يطالب بالمثل حيث كان ، وبالقيمة يوم الإعواز.
إذا عيّن المتبايعان نقدا أو كيلا أو وزنا تعيّن ، وإذا أطلقا انصرف إلى نقد البلد وكيله ووزنه ، ولو تعدّد فإن غلب أحدها انصرف إليه وإلّا بطل.
ولو اتّفقا على ذكر الثّمن واختلفا في قدره أو وصفه ، قدّم قول البائع إن كانت السّلعة قائمة ، وقول المشتري إن كانت تالفة.
ولو ادّعى البائع نقص الثمن أو المشتري نقص المبيع ، قدّم قول من لم يحضر الاعتبار (2).
ص: 369
ولو اختلفا في تعجيل الثمن أو تأجيله ، أو قدر الأجل ، أو في قدر المبيع ، فقال : « بعتك ثوبا » فقال : « بل ثوبين » قدّم قول البائع.
ولو اختلفا في عينه فقال : « بعتك هذا الثوب » فقال : « بل هذا » تحالفا وبطل البيع ، ولو قال : « بعتكه » فقال : « بل وهبتنيه » تحالفا وردّ إلى المالك.
ولو اختلفا في اشتراط شرط أو رهن أو ضمين من البائع أو من المشتري ، فالقول قول المنكر.
ولو اختلفا فيما يفسد البيع قدّم قول مدّعي الصّحّة ، فلو قال : « بعتك بعبد » فقال : « بل بحرّ » فالقول قول البائع.
ولو ادّعى الإكراه أو الصّبا أو الجنون حال البيع قدّم قول المشتري وإن ثبت ( له ) (1) حالة جنون ، وكذا يقدّم قول مدّعي اللّزوم ، فلو قال : « فسخت قبل التفرّق » قدّم قول المنكر.
وكلّ من قدّم قوله لا بدّ من اليمين ، والوارث كمورّثه في تقديم قوله وعدمه.
لو تحالفا بعد تلف العين ، ضمن مثلها أو قيمتها يوم التلف ، ولو عابت فالأرش ، ولو أبق فالقيمة للحيلولة ، فإن عاد ردّت.
ص: 370
وفيه مباحث :
كلّ ما يجب على البائع فعله كوزن المتاع وكيله وبيعه فأجرته عليه ، وكلّ ما يجب على المشتري كنقد الثمن ووزنه والشراء فأجرته عليه ، ولا أجرة للمتبرّع وإن أجاز المالك.
وأجرة الدلّال على الآمر بالبيع أو الشراء إن باع أو اشترى ، وإلّا فلا أجرة ، إلّا أن يريد البائع معرفة السّعر فتجب الأجرة ، ولا يتولّى البيع والشّراء في سلعة واحدة ، ولا يضمن الدلّال إلّا مع التفريط ، والقول قوله في عدمه وفي التلف والقيمة مع التفريط ، وقول المالك في عدم الردّ.
وليست بيعا بل فسخا في حقّ المتعاقدين قبل القبض وبعده ، ولا يثبت فيها خيار ولا شفعة ، ويصحّ في عقد السلم وغيره وفي البعض ، ويبطل باشتراط زيادة في الثمن ونقصه.
وتفتقر إلى الإيجاب والقبول بالقول كقوله : « أقلتك » فيقول : « استقلت » أو « قبلت » ولو التمسها أحدهما فأقاله ففي الاحتياج إلى القبول توقّف.
وإذا تمّت رجع كلّ عوض إلى مالكه ، فإن فقده ضمن المثلي بمثله والقيمي بقيمته يوم التلف ، فإن اختلفا قدّم قول منكر الزيادة مع اليمين.
ولا تسقط أجرة الدلّال والكيّال والوزّان والناقد بالتقايل.
ص: 371
الشفعة استحقاق أحد الشريكين حصّة شريكه المنقولة بالبيع.
وهي خمسة :
الأوّل : الشركة ، فلا تثبت بالجوار.
الثاني : الشياع (2) ، فلا تثبت فيما قسّم وميّز إلّا مع بقاء الشركة في النّهر أو الطريق.
الثالث : عدم الزّيادة على اثنين ، فلا تثبت مع الزيادة عليهما.
الرابع : انتقال الشقص بالبيع ، فلو انتقل بالهبة أو الصلح ، أو جعله صداقا ، أو صدقة ، أو جعلا لم تثبت.
ولا يشترط اللّزوم ، فلو باع بخيار لم يمنع الخيار من الأخذ بالشفعة ، كما لا يمنع (3) الأخذ بها من الخيار ، ولو أخذ بالشفعة ، ففسخ البائع أو المشتري
ص: 372
بالخيار بطلت ، ولو فسخ أحدهما بالخيار منع من الأخذ بالشفعة.
ولو باع بخيار ثمّ باع شريكه ، فللمشتري الأوّل الشّفعة قبل فسخ البائع ، فإن فسخ بطلت ، ولو فسخ قبل الأخذ بالشفعة ، لم يكن للبائع ولا للمشتري شفعة.
الخامس : قبول القسمة ، وضابطه بقاء المنفعة المقصودة منه ، فلا تثبت في الأماكن الضيّقة كالحمّام الصغير والعضائد الضيّقة والنهر والطريق الضيّقين والبئر ، نعم لو كان معها أرض تسلم لأحدهما ثبتت الشفعة.
ولا يشترط كون الثمن مثليا ، ولا كون حصّة الشريك طلقا ، فلو بيع الطلق استحقّ صاحب الوقف الشفعة إن كان واحدا ، ولو بيع الوقف في صورة الجواز استحقّ الشريك الشفعة.
وهو العقار كالأرض والبساتين والمساكن دون البناء والغرس والدولاب ، وتثبت فيها منضمّات إلى الأرض.
ولا تثبت في المنقول وإن كان حيوانا أو رقيقا أو ثمرة وإن انضمّ إلى الأرض.
ويشترط الثبات ، فلا تثبت في الغرفة إذا كان السقف لصاحب السّفل.
وهو الشريك الواحد بحصّة مشاعة بشرط القدرة على الثمن وبذله ،
ص: 373
وإسلامه إذا كان المشتري مسلما ، فلا تثبت للعاجز والمماطل والهارب والكافر على مسلم ، وتثبت له على مثله وإن كان البائع مسلما وللمسلم مطلقا.
ولو ادّعى تعذّر الثمن أجلّ بثلاثة أيّام ، فإن انقضت ولم يحضره بطلت.
ولو ادّعى غيبته ، أجلّ قدر ذهابه وإيابه وثلاثة أيّام ، إلّا أن يتضرّر المشتري ، ولا يجب على المشتري قبول رهن أو ضمين.
وتثبت للغائب وإن طال الزّمان ، ويجب عليه السّعي أو التوكيل مع القدرة لا الإشهاد ، فلو أهمل بطلت وإن قصد بالترك المطالبة في بلد البيع ، وكذا حكم المريض والمحبوس ظلما أو بحقّ يعجز عنه.
وتثبت للصبي والمجنون والمغمى عليه والسفيه ، فيأخذ الوليّ مع الغبطة ، فلو ترك فلهم المطالبة بعد الكمال ، ولهم نقضها لا معها لا الأخذ ، ولو كان الترك للعسر لم يكن له المطالبة ولا للصبيّ الأخذ عند اليسر.
وتثبت للمفلّس ، وليس للغرماء خيرة عليها ولا منعه منها ، بل من دفع الثّمن ، فلو أذنوا له أو صبر المشتري تعلّق به حقّ الغرماء ، وللمكاتب مطلقا وإن لم يرض المولى ، وللعبد المأذون وللمولى منعه.
ولو اشترى عامل المضاربة شقصا لها ، ثمّ باع الشريك ، فللعامل الأخذ إن لم يكن في الشقص ربح ، فإن ترك فللمالك الأخذ.
ولو اشترى شقصا في شركة ربّ المال ، فليس للمالك أخذه بالشفعة ، بل إن فسخ المضاربة فيه ملكه بالشراء ، وللعامل الأجرة ، وإن كان فيه ربح ملك العامل نصيبه.
ص: 374
وهو المشتري ، ويشترط سبق ملك الشريك ، فلو تأخّر أو اشتريا فلا شفعة ، ولوليّ الطّفل والمجنون أن يأخذ لهما من نفسه ما اشتراه منهما أو من الغير ، وأن يأخذ لنفسه منهما ما اشتراه (1) لهما من الغير أو منه ، وأن يأخذ ما باعه عنهما ، وللوصيّ والوكيل الأخذ.
ولا تبطل الشفعة على المكاتب بفسخ سيّده.
يستحقّ الشفعة بالعقد وإن لم ينقض الخيار ، ويأخذ بمثل الثمن المثلي وبقيمة القيمي يوم البيع ، ولا يلزم المؤن كالدلّال ، ولا ما يزيده المشتري في الثمن وإن كان في مدّة الخيار ، ويسقط ما أخذ المشتري من أرش المعيب لا ما يحطّه البائع عنه.
ولو كان الثمن مؤجّلا أخذ به في الحال ، ويؤدّيه في الأجل ، ويلزم بكفيل إن لم يكن مليّا.
ولو مات المشتري حلّ الثمن عليه لا على الشفيع ، ولو مات الشفيع لم يحلّ ، ولا يملك إلّا بدفع الثمن والتلفظ بالأخذ (2) ، فلا يكفي أحدهما.
ص: 375
ولا يشترط تجديد عقد من المشتري ، ولا رضاه ، ولا القبض ، فلو تصرّف قبله صحّ.
ويشترط العلم بالثمن والشقص ، فلو جهل أحدهما لم يصحّ ، والفور فلو أهمل مع القدرة بطلت إلّا مع العذر ، كالعجز عن مباشرة الطلب والتوكيل ، ومنه النسيان وجهل الفورية والبيع.
ولا يجب تغيير عادته في مشيه ولا قطع عبادته وإن كانت مندوبة.
وله التأخير إلى الصّبح ، وشهادة الجماعة ، والصلاة في أوّل وقتها ، وفعل مسنوناتها ، وقضاء غرضه من الحمّام والأكل والشرب ، والتأنّي في المشي ، والبدأة بالسلام ، والدعاء المعتاد ، والسؤال عن كميّة الثمن والشقص.
وليس له أخذ البعض ، نعم لو اشترى شقصين من دارين كان له أخذ أحدهما.
ولو اشترى شقصا وعرضا صفقة أخذ الشقص بحصّته من الثمن ولا خيار للمشتري ، لأنّ التبعيض لحق البيع بعد انعقاده ، وللمشتري الامتناع من دفع الشقص حتّى يقبض جميع الثمن ، وعليه أن يمكّنه من رؤية الشقص.
وليس عليه أخذ الشقص من البائع وتسليمه إلى الشفيع ، بل يخلّي بينهما ، ويكفي قبضه عن المشتري والدرك حينئذ على المشتري.
وليس للشفيع فسخ البيع والأخذ من البائع ، ولا الإقالة منه.
ولو انهدم الشقص أو عاب بغير فعل المشتري أو بفعله قبل المطالبة ،
ص: 376
تخيّر الشفيع بين الأخذ بكلّ الثمن أو الترك ، والانقاض (1) للشفيع ، ولو كان بعد المطالبة ضمن.
والنماء المتّصل كالوديّ (2) يصير نخلة للشفيع ، والمنفصل للمشتري ، فلو كان قبل العقد سقط من الثمن ما قابله.
ولو ثبت استحقاق الثمن المعيّن بطلت الشفعة ، بخلاف غير المعيّن ، وما دفعه الشفيع.
ولو تلف الثمن المعيّن قبل قبضه وبعد الأخذ ، رجع البائع بقيمة الشقص ، ولو تلف قبل الأخذ بطلت.
ولو ظهر فيه عيب فللبائع ردّه إن لم يحدث فيه حدث ، وطالب بقيمة الشقص ، وإلّا طالب بالأرش ، ولا يرجع المشتري به على الشفيع إن أخذه بالصحيح.
ولو تلف الشقص في يد المشتري سقطت ، ولو أتلفه بعد المطالبة لم تسقط ، وطالب بقيمته.
ولو تلف بعضه فله أخذ الباقي بحصّته من الثمن.
ولو ظهر فيه عيب بعد الأخذ ، فللشفيع ردّه دون الأرش إلّا أن يكون المشتري أخذه من البائع.
ولو اشتراه بالتبرّي من العيوب ، فللشفيع الفسخ مع عدم العلم.
ص: 377
وتشفع الأرض المشغولة بالزرع عاجلا ، وعليه التبقية إلى الحصاد بغير أجرة ، وليس له الأخذ عند الحصاد.
ولو غرس أو بنى تخيّر الشفيع من إزالته ودفع الأرش ، وفي دفع قيمته مع رضا المشتري ، وفي ترك الشفعة ، وللمشتري القلع ولا يجب عليه إصلاح الأرض ، ولا أرش النقص ، وحينئذ يأخذ الشفيع بالثمن أو يترك.
ولا تبطل الشفعة الإقالة ولا الردّ بالعيب ولا التصرّف ، فإن تصرّف المشتري بالبيع (1) فللشفيع الأخذ ، فإن تعدّد فأخذ بأحدها صحّ ما قبله ، وبطل ما بعده ، والدرك على المأخوذ منه ، وإن كان بغير البيع فللشفيع إبطاله وإن كان وقفا.
ولو أبطل الهبة فالثمن للمشتري ، ويرجع المتّهب بما دفعه عوضا.
فإذا حضر البيع ولم يأخذ سقطت الشفعة ، وإن غاب فعلم بالتواتر أو بخبر المعصوم أو أخبره عدلان ، بادر أو وكّل ، فإن أخّر بطلت ، ولو أخبره واحد فأخّر لم تسقط وإن كان عدلا ، إلّا أن يصدّقه.
ولو اعترف الشفيع بغصب الثمن أو بتلفه قبل القبض ، أو قال للمشتري : « بعني » أو « هبني » أو « قاسمني » أو « صالحني » أو صالحه على تركها ، أو بارك لأحدهما ، أو عفا بطلت.
ص: 378
ولو أقرّ المتبايعان باستحقاق الثمن وأنكر الشفيع ، لم تبطل ، وعليه اليمين إن ادّعى عليه العلم.
ولو باع الشفيع نصيبه بعد العلم بالشفعة بطلت ، وللمشتري الأوّل الشفعة على الثاني ، ولو لم يعلم لم تبطل.
ولو قال : « بكم اشتريت » أو نزل عنها (1) قبل العقد ، أو توكّل لأحدهما قبل البيع ، أو شهد [ على البيع ] ، أو أذنه فيه ، أو ترك لتوهّم زيادة الثمن ، أو أنّه من جنس فبان من غيره ، أو بلغه أنّه اشتراه لنفسه ، فبان لغيره أو بالعكس ، لم تسقط (2).
وتجوز الحيلة على الإسقاط بزيادة الثمن والإبراء من الزيادة ، أو تعويضه بالقليل عنه ، أو بيعه سلعة بثمن كثير ، ثمّ يشتري الشقص به ، أو يهبه الشقص ويشترط عليه عوضا.
والشفعة موروثة كالمال ، ولو عفا البعض أخذ الباقي الجميع وإن كان واحدا ، ولا تمنعها الكثرة ، لأنّ مستحقّها واحد ، وتقسم على السّهام لا على الرءوس.
ويرثها وارث المفلّس.
ولو بيع بعض عقار الميّت في الدّين ، لم يستحقّ الوراث الشفعة ، وكذا لو كان شريكا للميّت بالباقي.
ص: 379
لو اختلف الشفيع والمشتري في الثمن ، قدّم قول المشتري مع يمينه ، ولو أقاما بيّنتين حكم ببيّنة المشتري على الأقوى.
ولو كان الخلاف بين المتبايعين فالقول قول البائع ، ويأخذ الشفيع بما ادّعاه المشتري.
ولو أقاما بيّنة حكم ببيّنة المشتري ، ولو اختلفا في قيمة الثمن رجع إلى أهل الخبرة ، فإن تعذّر قدّم قول المشتري.
ولو ادّعى تأخّر شراء شريكه قدّم قول الشريك ، وله أن يحلف أنّه لا يستحقّ عليه شفعة.
ولو ادّعى السبق كلّ منهما تحالفا ، وبقى الملك على ما كان عليه ، وكذا لو أقاما بيّنة بالسّبق.
ولو شهدت البيّنة لأحدهما بالتقدّم قضي بها.
ولو ادّعى على أجنبيّ الشراء منه فأنكر ، قضي للشريك بالشفعة.
ولو ادّعى على شريكه الابتياع ، فادّعى الإرث ، قدّم قول الشريك.
ولو أقاما بيّنة حكم ببيّنة الشفيع ، وكذا لو ادّعى الشريك الإيداع.
لا يملك البائع الثمن به ولا المشتري السّلعة ويجب ردّها مع النماء
ص: 380
المتّصل والمنفصل ، وأجرة مدّة إمساكه ، وأرش نقصه ، وقيمته يوم تلفه ، ولا تنفذ تصرّفاته.
ولو باعه وجب ردّه على مالكه ، ويرجع على بائعه بما دفعه إليه مع جهله ، فإن تلف في يده تخيّر المالك في الرجوع على من شاء بقيمته ، فإن رجع على الأوّل فله الرجوع على الثاني ، وإن رجع على الثاني لم يرجع على الأوّل مع علمه.
ولو أعتق العبد لم ينفذ ، ولو وطئ الأمة جاهلا لم يحدّ ، والولد حرّ ، وعليه المهر ، وأرش البكارة ، والنقص بالولادة ، وقيمة الولد يوم سقوطه حيّا ، ولا يضمنه لو سقط ميّتا ، ولا تجبر قيمة الولد النقص بالولادة ، ويضمن قيمتها لو ماتت بها.
ولو أتلف البائع الثمن ردّ مثله أو قيمته ، فإن أفلس فللمشتري أسوة الغرماء.
ص: 381
في قسمته بالنّسبة إلى تعجيل الثمن والمثمن ، وتأجيلهما ، أو تعجيل أحدهما وتأجيل الآخر ، وهو أربعة (2) :
الأوّل : بيع النقد ، وهو أن يشتري مطلقا أو بشرط حلول الثمن ، وفائدته تسلّط البائع على الفسخ إذا ماطل المشتري.
الثاني : بيع الكالئ بالكالئ ، وهو أن يشترط تأجيل الثمن والمثمن ، وهو باطل إجماعا.
الثالث : بيع النسيئة وهو أن يشترط تأجيل الثمن ، ولا بدّ من ضبط الأجل ، فلو وقّته بقدوم الحاجّ وشبهه ، أو باعه بثمن حالّا وبأزيد مؤجّلا ، أو بثمن إلى أجل أو بأكثر إلى آخر بطل.
أمّا لو باعه سلعتين في عقد وأجلّ ثمن إحداهما ، أو سلعة بثمن واحد وشرط تأجيل بعضه ، أو أجّله نجوما معلومة جاز.
ص: 382
ولا حدّ للأجل إلّا أن يكون أجلا لا يبلغانه كألف سنة.
ومبدأه من حين العقد لا من التفريق.
ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله ، ولا قبضه ، ويجب بعده ، فإن امتنع فهلك بغير تفريط فهو من البائع ، وللمشتري التصرّف فيه فيصير في ذمّته ، وكذا لو دفع البائع المسلم فيه بعد حلوله فامتنع المشتري ، وكذا كلّ حقّ امتنع صاحبه من قبضه.
ويجوز أن يشتري ما باعه قبل الأجل بزيادة أو نقيصة حالّا ومؤجّلا إذا لم يشترطه في العقد ، وكذا بعد الحلول بغير الجنس ، وبه مع التساوي ، ويكره مع الزيادة والنقصان.
ولا يجوز تأخير الثمن الحالّ ولا شي ء من الحقوق الماليّة بزيادة ، ويجوز تعجيلها بنقيصة.
ولا حرج في بيع المتاع بأزيد من قيمته حالّا ومؤجّلا مع المعرفة.
ولو شرط خيار الفسخ في مدّة معيّنة إن لم ينقده الثمن فيها صحّ ، ولو شرط أن لا بيع [ إن لم يأت به فيها ] بطل البيع والشرط.
الرابع : السّلم
وفيه مباحث :
وهو ابتياع عين مضمونة إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه
ص: 383
بشروط ستأتي ، ولا بدّ فيه من إيجاب مثل « سلفت » و « أسلمت » و « بعت » و « ملّكت » ومن قبول مثل « قبلت » و « رضيت ».
ولا ينعقد البيع بلفظ السلم كقوله : أسلمت إليك هذا الثوب في هذا الدينار ، ولا الهبة بلفظ البيع كقوله : بعتك هذا بلا ثمن ، فإن قبضه ضمنه.
ويجوز إسلاف الأثمان في الأعواض ، وإسلاف الأعواض في الأثمان ، وفي الأعواض إن اختلفا ، ولا يجوز إسلاف الأثمان في الأثمان وإن اختلفا.
ويجوز اشتراط الرهن والضمين ، وكلّ سائغ مقدور وأصواف نعجات معيّنة.
وهو كلّ ما ينضبط (1) وصفه كأنواع الحيوان ، والفواكه ، والحبوب ، والثياب ، والطيب ، واللبن ، والسّمن ، والشحم ، والبيض ، والجوز ، واللوز ، والخضر ، وما تنبت الأرض ، والرصاص ، والنحاس ، والحديد ، والصفر ، والذهب ، والفضّة ، والزئبق ، والكحل ، والكبريت ، والطين الأرمني ، وعيدان النبل قبل عمله ، والأشربة والأدوية البسيطة والمركّبة إذا علمت بسائطها ، وكذا المختلطة كالعتابيّ (2) إذا قصدت أجزاؤها ، ولو لم يقصد الخليط جاز مطلقا ، كالجبن وفيه الأنفحة ، والخلّ وفيه الماء.
وكلّ ما لا يمكن ضبطه أو يعزّ (3) وجوده لا يصحّ السلم فيه ، كالجلود ،
ص: 384
والخبز ، واللحم نيّه ومشويه ، والنبل المعمول ، والعقار ، والأرض ، وجوز القزّ ، والجواهر ، واللآلي الكبار ، ويجوز في الصّغار.
وهي ستّة :
الأوّل : ذكر الجنس الدالّ على الحقيقة ، كالحنطة ، والوصف الفارق بين أنواعها ، كالصّرابة (1).
ويشترط في اللفظ أن يكون ظاهر الدلالة في اللغة ، معلومة للمتعاقدين وغيرهما ، ولا يجب الاستقصاء لعسره ، بل يقتصر على ما يختلف الثمن لأجله ، فيذكر في الآدمي النوع كالهندي ، والصّنف إن اختلف النوع ، والذكورة أو الأنوثة ، والقدر كخماسي ، والسّن ، ويرجع فيه إلى البيّنة ، فإن فقدت فإلى السّيد مع صغره ، وإلى الغلام مع بلوغه ، وإلى أهل الخبرة مع اشتباهه.
ولا يشترط ذكر الملاحة لعدم ضبطها.
ويذكر في الخيل النوع كهجين (2) والسنّ ، والذكورة والأنوثة ، واللّون ، لا الشيات كالأغرّ والمحجّل (3) ، ولو نسبه إلى أب جاز مع الكثرة وإلّا فلا.
ص: 385
وفي الإبل النوع ، كالعربيّ ، واللّون ، والذكورة ، والأنوثة ، والسنّ ، ولو نسبه إلى نتاج قوم صحّ مع الكثرة وإلّا فلا.
ويذكر في باقي الحيوان مثل ذلك إلّا اللون في الجاموس لاتّحاده وإلّا النتاج في البغال لعدمه ، بل يذكر النسبة إلى البلد ، وإلّا السّن في الطير.
ويذكر في السمك النّوع ، كالبني ، والمكان ، والكبر ، والصغر ، والذكر والأنثى.
ويذكر في التمر النوع ، كالبرنيّ ، والكبر ، والحداثة أو العتق.
وفي الرّمّان النوع ، كالتركي ، والحلاوة أو ضدّها ، والبلد.
وفي العنب النوع والبلد.
وفي الزبيب البلد ، والنوع ، والكبر ، والصغر.
وفي الجوز واللوز الصّنف ، والحداثة ، والعتق ، والكبر ، والصغر ، والنوع من القشر وعدمه.
وفي التفّاح النوع ، كالمركّب ، والقدر والبلد (1) وفي باقي الفواكه والخضر صفاتها الّتي تمتاز بها بعضها عن بعض.
وفي اللبن النوع ، كالبقريّ ، والمرعى ، والحداثة وضدّها ، وكذا في الزبد ، والسّمن.
ص: 386
وفي العسل البلد ، كالمكّيّ ، والزمان كالرّبيعيّ ، واللّون ، وينصرف الإطلاق إلى المصفّى من الشمع.
وفي الصوف والشعر والوبر النوع ، والبلد ، والجزّ أو القلع ، والزمان ، والطّول والقصر ، والذكورة والأنوثة ، واللون ، والنعومة ، والخشونة.
وفي القطن البلد ، والمنزوع من الحبّ وغيره ، واللّون ، والنظافة من التقاه (1) إلّا المعتاد.
وفي الغزل النوع كالقطن ، واللّون ، والبلد ، والرفع أو الغلظ ، (2) ويضبط بالعدّ.
وفي الثياب النوع ، والبلد ، والطول والعرض ، والصفاقة ، والرقة ، والنعومة وضدّها ، ويلزمه الخام ، ويجوز اشتراط القصير أو الصّبغ ، ويذكر لونه وشدّته وعدمها ، ولا يجب ذكر الوزن ، ولا يجوز اشتراطه من غزل امرأة معيّنة ، ولا الثمرة من بستان معيّن.
ويجوز في ذلك كلّه اشتراط الجيّد والرديّ والأردإ دون الأجود.
الثاني : تقدير الثمن بالكيل أو الوزن أو العدّ ، فلا تكفي المشاهدة ، والقبض قبل التفرق ، فلو افترقا قبله بطل ، ولو قبض البعض صحّ فيه ، ولا يجبر على قبضه ، ولو أحال البائع بالثمن ، أو أحاله به المشتري صحّ مع القبض قبل التفرق ، وإلّا بطل ، وحضوره أو حكمه ، فلا يجوز تأجيله ، ولو أجّل بعضه بطل في الجميع.
ص: 387
ويكره أن يجعله من دين له عليه ، ولو أطلق جازت المقاصّة به.
ويصحّ (1) أن يكون منفعة كسكنى الدار ، ولو بان الثمن المعيّن من غير الجنس بطل ، وكذا المضمون إن تفرّقا وإلّا وجب البدل (2) ، ولو بان من الجنس معيبا ، فله في المعيّن الرّدّ أو الأرش لا الإبدال ، وفي المضمون الأرش أو الإبدال وإن تفرّقا.
ولو بان مستحقّا ، فإن كان معيّنا بطل مطلقا ، وإلّا بطل إن تفرّقا قبل إبداله.
الثالث : تقدير المسلم فيه بالكيل أو الوزن أو الذّرع ، ويشترط العموميّة ، فلو عوّلا على مكيال أو صخرة مجهولين بطل ، ولا يكفي العدّ في المعدود ، بل يجب الوزن دون الكيل.
ويجوز تقدير المكيل بالوزن دون العكس ، وله مل ء المكيال وما يحتمله بغير هزّ ولا دقّ.
ولا يجوز في القصب أطنانا ، ولا في الحطب حزما ، ولا في الماء قربا ، ولا في المجزوز جزّأ (3).
الرابع : تقدير الأجل بما لا يؤدي إلى الجهالة وإن قلّ ، كنصف يوم ، فلو قال : متى شئت أو أيسرت أو إلى قدوم الحاجّ بطل.
وتحمل الشهور على الأهلّة مع الإطلاق ، ويجوز التقييد بالشمسيّة.
وإذا عقد في أوّله اعتبرت الأهلّة ، وفي أثنائه يكمل المنكسر ثلاثين ، والباقي بالأهلّة ، ويلفّق اليوم.
ص: 388
ولا يعتبر الطول والقصر.
ولو قال إلى شهر رمضان أو الجمعة حمل على الأقرب ، ويحلّ بأوّل جزء منهما ، ولو تعدّد ك- « ربيع » حمل على الأوّل.
ولو قال : إلى شهر كذا حلّ بأوّله (1).
ولو قال : إلى شهر حلّ بآخره.
ولو قال : في شهر كذا بطل ، ولو أخلّ بالأجل ففي انعقاده بيعا وجهان.
الخامس : ذكر موضع التسليم إذا كان العقد في مكان لا تجري العادة بالتسليم فيه ، كالبادية أو بلد يفارقانه قبل الحلول ، وإلّا انصرف التسليم إلى موضع العقد وإن كان في حمله مئونة ، ولو عيّناه تعيّن ، ويجوز التسليم في غيره مع الرّضا.
السادس : وجود المسلم فيه وقت الحلول في موضع التسليم ، فلا يكفي وجوده في غيره إلّا أن يعتاد نقله ، ولا يضرّ عدمه وقت العقد ، ولو لم يوجد لحاجة أو علم ذلك قبل الحلول ، تخيّر المشتري بين الصّبر والفسخ ، وكذا لو وجد ولم يسلّم حتّى انقطع.
ولو قبض البعض وتعذّر الباقي ، تخيّر في الصّبر بالمتخلّف وفي الفسخ فيه وفي الجميع.
وليس الخيار على الفور ، ويسقط بالإبطال لا بالإهمال ، ومع الفسخ يرجع بالثمن لا بالقيمة.
ص: 389
لا ريب في صحّة المؤجّل وفي الحالّ قولان ، ويجب دفع المشترط ، ويلزم أقلّ ما يتناوله الوصف وقت الحلول ، ويجب قبضه أو الإبراء منه ، وقبض الأجود دون الزائد ، ولو امتنع قبضه الحاكم ، ولو رضي بغير الجنس جاز.
ولو دفع قبل الحلول لم يجب القبول إن انتفى الضرر عن المسلم ، أو كان هناك غرض للمسلم إليه ، كفكّ الرّهن أو الضمين أو خوف الانقطاع في المحلّ.
ولو وجد به عيبا فردّه زال ملكه عنه ، وعاد حقّه إلى الذمّة صحيحا.
ويجب خلوّ الحبوب من التراب غير المعتاد ، ويجوز دفع البعض والأردإ للتعجيل ، واشتراط الأداء في نجوم إذا عيّن قسط كلّ نجم.
ولو أسلم جارية صغيرة في كبيرة موصوفة ، فصارت الصغيرة بالصفات ، وجب قبضها إذا دفعها ، وإن وطئها فلا شي ء عليه.
ولو أسلم الذميّ إلى مثله في الخمر فأسلم المشتري بطل ورجع بالثمن ، ولو أسلم البائع فللمشتري القيمة عند مستحلّيه.
ولا يجوز بيع المسلم قبل حلوله ، ويكره بعده قبل القبض على الغريم وغيره ، وكذا بيع بعضه وتوليته وتولية بعضه.
ويصحّ السّلم (1) في شيئين بثمن واحد صفقة مع التماثل وعدمه.
ص: 390
ولو اختلفا في قبض الثمن أو أداء المسلم فيه ، قدّم قول المنكر ، ولو اعترفا بالقبض واختلفا في كونه قبل التفرق أو بعده ، قدّم قول مدّعي الصحّة ، وكذا لو قال البائع : قبضته ثمّ رددته إليك قبل التفرّق ، وأنكر المشتري.
ولو اختلفا في اشتراط الأجل ، فإن قلنا بوجوبه ، قدّم قول مدّعيه ، ترجيحا لجانب الصحّة ، وإلّا قدّم قول نافيه.
ولو اختلفا في المسلم فيه ، تحالفا وبطل ، ولو اختلفا في قدره ، فالقول قول منكر الزّيادة.
وهو أربعة ، لأنّه إن لم يذكر في العقد رأس المال فهو مساومة ، وهو أفضل أقسامه ، وإن ذكره مع زيادة فهو مرابحة ، ومع النقيصة مواضعة ، ومع المساواة تولية.
وأمّا المرابحة ، فيجب فيها الصّدق في الإخبار برأس المال ، وذكر الصرف والأجل ، وطريان العيب ، وتقدير الربح ، فيقول : رأس مالي كذا وبعتكه به وبربح كذا ، بخلاف بعتكه بما اشتريت وربح كذا أو برأس مالي وهو كذا وبربح ما نشاء.
وينبغي أن ينسب الرّبح إلى السّلعة كما عرفت ، ويكره إلى المال ، مثل ربح عشرة دراهم.
ثمّ البائع إن لم يعمل فيه شيئا فالعبارة : اشتريته بكذا ، أو : رأس مالي
ص: 391
كذا ، أو : هو عليّ ، وإن عمل فيه بنفسه قال : وعملت فيه بكذا ، ولو استأجر عليه قال : يقوم عليّ (1).
ولو قال : بعتكه بما قام عليّ ، استحقّ مع الثمن مؤن التجارة ، كأجرة الدلّال والحمّال والحمل والحافظ والبيت إن لم يكن له ، لا مؤن الملك كالنفقة ، والكسوة ، والدواء ، وعلف الدّابّة إلّا أن يخبر بالحال.
ولو زادت القيمة بتجدد النماء كالنتاج والثمر أخبر بالثمن خاصّة ، ولا يضع ما استوفاه منه ، ولا ما حطّه البائع عنه في زمن الخيار ، ولا يلحق ما زاده فيه.
ولو نقصت العين بتلف بعضها ، أو القيمة بمرض وغيره أخبر بالحال ، وكذا لو باع الدابّة بعد وضعها.
ولو اشتريا ثوبا بعشرة ، ثمّ اشترى أحدهما نصيب الآخر بستّة صحّ أن يخبر بأحد عشر.
ويجب أن يسقط من الثمن ما أخذه من أرش العيب لا ما أخذ من أرش الجناية ، ولا يضمّ (2) ما فداه به.
ولا يجب الإعلام بالعين ولا بالبائع وإن كان ولده أو غلامه الحرّ.
ولو اشترى شيئا بثمن ، ثمّ باعه بربح ، ثمّ اشتراها بالثمن الأوّل ، أخبر به ، ولا يجب حطّ الربح.
ص: 392
الأوّل : إذا أخبر البائع بشي ء فبان خلافه لم يفسد البيع ، فلو أهمل ذكر الأجل (1) أو بعضه ، تخيّر المشتري بين الفسخ والأخذ بالثمن ، وليس له مثل الأجل ، ولا يبطل الخيار بالتصرّف.
الثاني : لو ظهر كذبه في قدر الثمن أو جنسه أو وصفه تخيّر المشتري في الرّدّ وأخذه بالمسمّى ، ولا يسقط الخيار بالتلف.
ولو ادّعى البائع الغلط [ في الإخبار ] لم تسمع دعواه ولا بيّنته ، (2) وله إحلاف المشتري على عدم العلم ، ولو صدّقه المشتري تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء.
الثالث : يجوز أن يبيع سلعته (3) على غيره ثمّ يشتريها منه بزيادة ليخبر بالثمن الثاني ، ولو اشترط في العقد بطل ، ويكره قصده.
الرابع : لو اشترى أمتعة صفقة لم يجز بيع بعضها ، بل يخبر بالحال.
الخامس : لو قوّم (4) على الدلّال متاعا ولم يواجبه البيع [ وجعل الزائد على ما قوّم له ] ، لم يجز بيعه مرابحة ، ولا يملك الربح وإن استدعاه التاجر ، بل له الأجرة.
وأمّا المواضعة فهي البيع بوضيعة عن رأس المال فيقول : رأس مالي
ص: 393
كذا وبعتكه به ووضيعة كذا ، فإذا قال : بعتك بمائة ووضيعة درهم من كلّ عشرة لزمه تسعون.
ولو قال : من كلّ أحد عشر ، فالثمن أحد وتسعون إلّا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم.
وأمّا التولية فهي البيع برأس المال فيقول : ولّيتك البيع ، أو بعتك هذا الثوب بما هو عليّ ، وشبهه ، فيقول : قبلت.
ويشترط العلم برأس المال لا ذكره ، وتولية البعض تشريك كقوله : ولّيتك نصفه مثلا بنصف رأس ماله ، أو بعتك.
ولو قال : شرّكتك من هذا الثوب نصفه بنصف ثمنه احتمل الجواز.
وإنّما اختصّت بالذكر لاشتمالها على وصف زائد على مطلق البيع ، وهي أربعة :
وفيه فصلان :
وهو ما عدا الإنسان المسلم ومن بحكمه ، فالكافر الأصليّ يملك
ص: 394
بالسّبي ، ثمّ يسري الرّقّ في أعقابه وإن أسلموا إلّا أن يتحرّروا.
ويملك الرّجل كلّ أحد سوى الآباء وإن علوا ، والأولاد وإن نزلوا ، والأخت وبنتها ، وبنت الأخ وإن نزلتا ، والعمّة والخالة وإن علتا.
وتملك المرأة كلّ أحد إلّا العمودين. والرضاع كالنّسب ، ويكره تملّك باقي الأقارب.
ويملك أحد الزّوجين صاحبه ويبطل النكاح.
ولو قهر حربيّ مثله فباعه صحّ وإن كان ممّن ينعتق عليه ، ويكون استنقاذا ، فلا تثبت أحكام البيع كخيار المجلس ، والحيوان ، والرّدّ بالعيب ، وطلب الأرش ، ويحتمل ثبوته بالنسبة إلى المشتري.
ويملك اللقيط من دار الحرب إلّا أن يكون فيها مسلم ، ولا يملك من دار الإسلام ، ثمّ إن بلغ فأقرّ بالرّقّ حكم عليه به ، وكذا لو أقرّ بالغ رشيد مجهول النّسب ، ثمّ لا يقبل رجوعه.
ولو اشترى عبدا فادّعى الحرّية لم يقبل إلّا بالبيّنة.
ولو أسلم عبد الكافر أجبر على بيعه من مسلم ، وله ثمنه.
ويجوز للشيعة خاصّة ابتياع ما يسبيه الظّالم في حال الغيبة ، ووطء الأمة وإن كان كلّه للإمام أو بعضه.
وفيه مسائل :
الأولى : يستحبّ بيع المملوك إذا كره سيّده ، ويجب على بائع الأمة
ص: 395
الموطوءة الاستبراء قبل بيعها بحيضة إن كانت متحيّضة ، وإلّا فبخمسة وأربعين يوما ، فإن جهله المشتري وجب عليه قبل وطئها ، ويسقط بإخبار الثقة أو كانت لامرأة أو صغيرة ، أو آيسة ، أو حائضا ، أو حاملا.
ويحرم وطء الحامل ، ويكره إذا كان عن زنا بعد أربعة أشهر وعشرة أيّام ، فلو وطئ استحبّ العزل ، فإن أنزل كره له بيع ولدها ، واستحبّ أن يعزل له قسطا من ميراثه.
ويكره وطء المولودة من الزنا بالملك والعقد.
الثانية : يجوز النظر إلى وجه من يريد شراءها ومحاسنها ، ويستحبّ تغيير اسمه ، وإطعامه حلوا ، والصدقة عنه بشي ء ، ويكره أن يريه ثمنه في الميزان.
الثالثة : لا يدخل الحمل في بيع أمّه إلّا أن يشترطه المشتري ، ومعه لو سقط قبل القبض أو في الثلاثة رجع المشتري بما بين الحمل والإجهاض.
ويصحّ استثناء الخدمة مدّة معلومة لا الوطء.
الرابعة : العبد لا يملك شيئا ، وقيل (1) : يملك فاضل الضريبة وأرش الجناية وما يملّكه مولاه ، ولا يدخل ما له في بيعه (2) وإن علم به البائع ، ولو باعه وماله صحّ إن كان بغير الجنس ، أو به مع زيادة في الثمن إن كان ربويّا وإلّا صحّ مطلقا.
ولو قال [ العبد ] : اشترني ولك عليّ كذا لم يلزم.
ص: 396
الخامسة : تحرم التفرقة بين الطفل وأمّه قبل استغنائه عنها ، وتكره بعده ، ويحصل ببلوغ سبع سنين ذكرا كان أو أنثى.
السادسة : يجوز بيع بعض الحيوان بشرط الإشاعة وعلم النّسبة ، كنصفه وثلثه دون يده وجزء منه ، ولو عيّن النصف أو الثلث بطل ، ولو أطلق حمل على الصحيح.
ولو باعه واستثنى الرأس أو الجلد بطل إلّا أن يكون مذبوحا ، أو باعه بشرط الذّبح.
ولو شرط أحد الشريكين الرأس أو الجلد لم يصحّ ، وكان شريكا بما نقد.
السابعة : لو دفع إلى مشتري العبد في الذّمّة عبدين ليختار أحدهما فأبق واحد ضمنه بقيمته ، وطالب بما اشتراه ، ولو اشترى عبدا من عبدين لم يصحّ.
الثامنة : لو ظهرت المستولدة مستحقّة ، فالولد حرّ ، ويرجع المالك على الواطئ بعشر قيمتها مع البكارة ، وبنصفه مع الثيبوبة ، وبقيمة الولد يوم سقوطه حيّا ، وبأجرة الخدمة ، ويرجع على البائع بجميع ذلك مع جهله.
ولو علم الاستحقاق والتحريم فهو زان ، عليه المهر إن أكرهها ، والولد رقّ.
التاسعة : لو قال : اشتر حيوانا بشركتي ، فهو لهما بالسّويّة ، وعلى كلّ واحد نصف الثمن ، فإن نقد أحدهما عن الآخر بإذنه رجع عليه ، وإن تلف الحيوان ، وإلّا فلا رجوع.
ولو قال : الربح لنا ولا خسران عليك ، لم يلزم.
ص: 397
العاشرة : لو وطئ أحد الشريكين الأمة لم يحدّ مع الشبهة ، وإلّا حدّ بقدر نصيب الشريك ، ولو حملت صارت أمّ ولد ، وانعقد الولد حرّا ، وقوّمت عليه حصّة الشريك منها يوم الوطء ومن الولد يوم وضع حيّا ، ولا تقوّم بمجرّد الوطء.
الحادية عشرة : لو حدث في الحيوان عيب بعد العقد وقبل القبض ، تخيّر المشتري بين الرّدّ والأرش ، وكذا لو عاب بعد القبض في الثلاثة ، إلّا أن يحدث المشتري فيه حدثا فلا ردّ ، ولو تلف فيها فهو من البائع ما لم يكن من جهة المشتري ، أو يحدث فيه حدثا ، ولو عاب بعد الثلاثة منع الرّدّ بالعيب السّابق وله الأرش.
الثانية عشرة : لو اشترى أمة سرقت من أرض الصلح دفعها إلى الحاكم ، واستعاد الثمن من البائع أو من وارثه ، ولا يستسعها لو فقدهما.
الثالثة عشرة : لو اشترى كلّ من المأذونين صاحبه من مولاه حكم للسابق ، فإن اقترنا أو جهل السّبق بطل العقدان ، ولو جهل السّابق أقرع.
الرابعة عشرة : لو دفع إلى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحجّ بباقي المال ، فاشترى أباه وأعتقه وحجّ ، ثمّ تحاقّ (1) مولاه ومولى الأب وورثة الدافع ، حكم لذي البيّنة ، ومع عدمها لمولى المأذون مع اليمين.
ص: 398
ففيه بحثان :
يجوز بيع ثمرة النخل مع أصولها ، ولا يجوز بيعها منفردة قبل ظهورها عاما إجماعا ، ولا عامين على الأشهر وإن ضمّها إلى غيرها ، ولو ظهر بعض الثمرة جاز بيع الجميع ، اختلف الجنس أو اتّحد.
ويجوز بعد ظهورها وبدوّ صلاحها عاما أو عامين بغير شرط إجماعا ، وكذا قبل البدوّ على الأقوى ، وقيل : بشرط القطع أو الضميمة أو الزيادة على عام (1).
ولو باع الأصل واستثنى الثمرة أو باعها على مالك الأصل ، فلا شرط إجماعا.
وإذا بدا صلاح بعض البستان جاز بيع الجميع وإن اختلفت أنواعه ، وكذا البستانان.
وبدوّ الصّلاح : أن تحمر أو تصفر الثمرة ، والعام زمان الثمرة.
ويجوز استثناء ثمرة نخلة معيّنة ، فلو أبهم بطل البيع ، واستثناء حصّة
ص: 399
مشاعة أو أرطال معلومة ، فإن خاست (1) الثمرة سقط من المستثنى بحسابه.
والشجر كالنخل إلّا أنّ بدوّ صلاحه انعقاد الحبّ ، فلا يصلح قبله ، ولا يشترط الزيادة عليه.
ولا فرق بين البارز وغيره كالمشمش ، والجوز (2).
والمقصود ورقه كالحنّاء والتوت والآس يجوز (3) بيعه خرطة وخرطات بشرط ظهوره ، ويجوز بيعه مع أصوله.
يجب على البائع تبقية الثمرة إلى أوان أخذها ، إلّا أن يشترط القطع بسرا أو رطبا أو عنبا ، ومع الإطلاق يرجع إلى العادة ، وما اعتبر فيه الأمران يحمل على الأغلب ، وكذا لو بيعت الأصول دون الثمرة.
ولو بيعت الثمرة بشرط القطع وجب على المشتري ، فإن امتنع تخيّر البائع في قطعه وتركه بالأجرة.
ولا يجب السقي على البائع بل تمكين المشتري منه ، ولكلّ منهما السقي ما لم يتضرّر ، فإن تضرّر أحدهما رجّحنا مصلحة المشتري ، ويقتصر على قدر الحاجة ، ويرجع إلى أهل الخبرة.
ولو تعذّر السّقي لم يجب القطع وإن تضرّر الأصل ، فإذا أصيبت الثمرة قبل
ص: 400
القبض فهو من مال البائع ، وللمشتري تغريمه المثل أو الفسخ ، ولو أصيب البعض فله أخذ الباقي بحصّته والفسخ.
ولو أتلفها أجنبيّ تخيّر المشتري في الفسخ ومطالبة المتلف ، وإتلاف المشتري قبض ، ولو كان بعد القبض - وهو التخلية - فمن المشتري.
ويجوز لمشتري الثمرة أن يبيعها قبل القبض بزيادة ونقصان ، وأن يتقبل (1) أحد الشريكين بحصّة صاحبه بشي ء معلوم ، وهو من باب الصلح ، ولزومه مشروط بالسلامة.
ولو باع الصّبرة من الثمرة (2) أو الغلّة بمثلها صحّ إن علما قدرهما وإلّا فلا ، وإن تساويا عند الاعتبار ، سواء اتّحد الجنس أو اختلف.
ولا يجوز بيع الثمرة بالثمرة ولو من غيرها ، وهي المزابنة (3) ورخّص بيع ثمرة العريّة بخرصها تمرا ، والعريّة : النخلة تكون في دار إنسان أو بستانه وقيل : أو مستعيرهما أو مستأجرهما (4).
ويشترط وحدتها مع اتّحاد الدار والبستان ، وكون الثمن من غيرهما ، ولا يجوز إسلاف أحدهما بالآخر ، وتقديره بالكيل أو الوزن ، فلا تكفي المشاهدة ، ولا يشترط التقابض قبل التفرق بل الحلول ، ولا التماثل بين ثمنها وثمرتها عند
ص: 401
الجفاف ، بل عدم التفاضل عند العقد ، ولا عدم الزيادة على خمسة أوسق ولا عريّة في غير النخل.
وأمّا الخضر فيجوز بيعها بعد ظهورها وانعقادها ، مع أصولها ومنفردة ، لقطة ولقطات ، فإن تجدّدت أخرى قبل القبض ولم تتميّز ، فللمشتري الفسخ وإن بذل له الجميع ، وبعد القبض يصطلحان.
ولو كان المقصود الأصل كالجزر والثوم ، فلا بدّ من قلعه ليشاهد ، وإن كان الجميع كالبصل والفجل كفى رؤية الظاهر.
ويجوز بيع ما يجز كالكراث جزة وجزات ، ويرجع في الخرطة واللقطة والجزة إلى العرف ، ويجوز بيع الزرع قائما وحصيدا قبل انعقاد الحبّ وبعده ، سواء كان بارزا أو غيره ، وبيع السنبل منفردا ومع أصوله ، ولو نبت الزرع بعد قطعه فهو للمشتري إن شرط الأصل ، وإلّا فهو للبائع.
ولا يجوز بيع البذر الكامن ، ولو صولح عليه جاز على توقّف.
ولو سقط من الحصيد حبّ فنبت في القابل ، فهو لصاحب البذر ، ولصاحب الأرض قلعه وتركه بالأجرة.
ولو باع الزرع بشرط القصل وجبت إزالته ، فإن امتنع تخيّر البائع في قطعه وتركه بالأجرة.
ولا يجوز بيع السنبل من الحنطة والشعير بحبّ منه أو من غيره ، وهي المحاقلة ، ويجوز بيع جنسه كالأرز.
ورخّص لمن مرّ بالنخل أن يأكل من الثمرة إذا لم يقصد ولا يفسد ولا يحمل ، وفي شجر الفواكه والزرع قولان.
ص: 402
وهو بيع الأثمان (1) بمثلها متّفقين ومختلفين ، وفيه بحثان :
وهو التقابض في المجلس وإن كانا غير معيّنين ، فلو افترقا قبله بطل ، ولو فارقا المجلس مصطحبين ثمّ تقابضا قبل التفرّق صحّ ، ولو قبض الوكيل قبل تفرّقهما صحّ ويبطل بعده ، ولو قبض البعض صحّ فيه وفي مقابله ، ولو [ أ ] قبضه نصف الثمن ثمّ اقترضه ودفعه عن الباقي صحّ الصّرف.
ولو اشترى دراهم ثمّ ابتاع بها دنانير قبل قبض الدراهم لم يصحّ الثاني ، فإن تفرّقا بطلا.
ولو كان له في ذمّته دراهم فاشترى بها دنانير قبل قبض الدراهم صحّ ، وكذا لو كان له دراهم فساعره ثمّ أمره أن يحوّلها دنانير أو بالعكس وإن تفرقا ، لأنّ النقدين من واحد.
ولا يشترط في بيع النقد الّذي في الذّمّة تشخيص ثمنه بل قبضه قبل التفرّق ، ولو باعه على غيره وجب تقابضهما ، وكذا لو تصادقا بما في ذمّتهما ، ولا
ص: 403
في القبض معرفة النقد والوزن بل اشتماله على الحقّ ، فلو دفع إليه أكثر ليكون وكيلا في الزائد ، أو ليزن حقّه منه ، فالزيادة أمانة.
ولو دفع إليه الحقّ فبان زائدا ، فإن كانا معيّنين كقوله : بعتك هذا الدينار بهذا الدينار بطل ، وإلّا صحّ ، كقوله : بعتك دينارا بدينار (1) وتكون الزيادة أمانة على الأصحّ ، وله الإبدال قبل التفرّق والفسخ بعده للشركة.
أمّا لو كانت الزيادة لاختلاف الموازين ، فإنّها للمشتري ، ولو بان ناقصا فمع التعيين ، له الردّ وأخذه بحصّته من الثمن مع اختلاف الجنس ، ويبطل مع اتّحاده.
ولو اشترى ما يظنّ وجوده كالوديعة ، وقبض الثمن في المجلس ، ثمّ ظهر تلفها ، بطل الصرف.
وفيه مسائل :
الأولى : يتعيّن الثمن والمثمن بالتعيين في الصرف وغيره ، فلو وجد أحدهما ما قبضه من غير الجنس بطل ، وليس له بدله ، ولو وجد البعض بطل فيه ، ويتخيّر في الباقي بين الفسخ وأخذه بحصّته من الثمن.
ولو وجده من الجنس معيبا كخشونة الجوهر ، فليس له الإبدال ، وله الردّ أو الأرش ان اختلف الجنس مع عدم التفرّق ، ومعه إن كانا من غير الأثمان ، ولو اتّحد فله الرّدّ لا غير.
ص: 404
ولو لم يعيّنا وظهر من غير الجنس فله الإبدال قبل التفرّق ، ويبطل بعده.
ولو كان البعض اختصّ بالحكم ، وله الفسخ.
ولو وجده من الجنس معيبا فله الرّدّ دون الأرش مع اتّحاد الجنس ، ويجوز [ الأرش ] مع الاختلاف [ ما داما ] في المجلس ومع التفرّق إن كانا من غير الأثمان لا منها.
ولو ظهر بعضه معيبا اختصّ بالحكم ، وليس له ردّه خاصّة إلّا مع التراضي.
ولو تقابضا وتلف أحدهما ، ثمّ ظهر في التالف عيب من الجنس أو من غيره فالحكم ما تقدّم.
الثانية : يجب التساوي مع اتّحاد الجنس لا مع اختلافه ، ويتّحد المكسور والمصوغ ، والجيّد والرّدي ، ويجوز بيع المغشوش إذا علم الغشّ بجنسه مع زيادة تقابل الغشّ أو بغيره ، وإن جهل بيع بغير الجنس أو بغيرهما.
وليس من المغشوش جوهر الصّفر والرصاص وإن كان فيهما ذهب أو فضّة ، لأنّه غير مقصود ، ولا تنفق الدراهم المغشوشة مع جهالة الغشّ إلّا بعد إبانتها أو تكون معلومة الصرف ، ولو قبض دراهم مغشوشة جاهلا بها ، لم يجز إخراجها على الجاهل بحالها.
الثالثة : المصاغ من النقدين إن علم قدرهما بيع بهما أو بأحدهما مع زيادة من جنسه أو ضميمة من غيره ، وإن جهل بيع بغيرهما مع التساوي وبالأقلّ مع التفاوت.
الرابعة : المحلّى بأحد النقدين إن علم قدره بيع بالآخر ، أو بجنسه مع زيادة في الثمن ، أو اتّهاب المحلّى ، أو بغيرهما ، وإن جهل بيع
ص: 405
بالآخر أو بجنسه مع الضميمة ، أو بهما ، أو بغيرهما.
الخامسة : يجوز صرف عين بعين وصرف عين بما في الذمّة قطعا ، وكذا لو تصارفا بما في ذمّتهما على توقّف ، ولو باعه خمسة دراهم بنصف دينار لزمه شقّ دينار إلّا أن يشترط الصحيح أو يقتضيه العرف.
السادسة : يباع تراب الصّياغة بالجوهرين أو بغيرهما ، ويتصدّق به إذا جهل أربابه ، ويباع تراب أحد النقدين بالآخر أو بغيرهما ، ولو اجتمعا بيعا بهما أو بغيرهما.
ورخّص بيع درهم بدرهم ، ويشترط صياغة خاتم ، ولا يتعدّى ، ولو باعه بدينار إلّا درهما صحّ مع علم النسبة ، وبطل مع الجهل.
وهو لغة الزيادة ، وفي الشرع بيع المكيل أو الموزون بمثله ، مع اتّحاد الجنس والتّفاضل ، تحقيقا أو تقديرا ، فلا يجوز بيع قفيز بقفيزين نقدا ولا قفيز بقفيز نسيئة ، وفيه بحثان :
[ البحث ] الأوّل : في شرطه (1)
وهو اثنان :
الأوّل : تماثل جنس الثمن والمثمن ، فيحرم التّفاضل مع اتّفاقهما ،
ص: 406
ويجوز مع اختلافهما نقدا ، ويكره نسيئة ، ويحرم في الصرف.
ولا يشترط التقابض قبل التفرّق.
وضابط الجنس تناولهما اسم خاصّ (1) كالحنطة بخلاف الطعام ، فالجيّد والرديّ جنس ، وكذا الصحيح والمكسور ، والحنطة والشعير هنا جنس على توقّف.
والأصل وما يتفرّع منه جنس كالحنطة ، والدقيق ، والسويق ، والخبز ، وكذا الرّطب ، والعنب ، وما يعمل منهما ، حتّى الخلّ.
واللحوم مختلفة باختلاف الحيوان ، فلحم المعز والضأن جنس ، وكذا البقر والجاموس ، وعراب الإبل والبخاتيّ.
والطيور أجناس ، والحمام مختلف باختلاف أسمائه ، وكذا السموك.
واللحم مخالف للشحم ، وفي اتّحاد الألية والشحم خلاف ، ولبن كلّ جنس مخالف للآخر.
واللبن وما يستخرج منه جنس حتّى المخيض.
والأدهان تابعة لأصولها ، فالسمسم وما يعمل منه أو يضاف إليه كدهن البنفسج جنس ، وكذا بزر الكتّان.
والمعمول من جنسين يباع بهما أو بأحدهما مع زيادة من جنسه أو ضميمة من غيره ، أو بغيرهما.
الثاني : الكيل والوزن ، فلا ربا في غيرهما وإن كان معدودا ، فيجوز بيع
ص: 407
الثوب بالثوبين ، والبيضة بالبيضتين ، ويكره نسيئة ، وبيع دجاجة فيها بيضة بمثلها ، وبدجاجة أو بيضة ، (1) وشاة في ضرعها لبن بمثلها أو بخالية أو بلبن.
ويكره بيع اللحم بالحيوان وإن تماثلا.
والاعتبار بما كان مكيلا أو موزونا في عصره صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ولا اعتبار بالعرف الطارئ ، نعم لو جهل حاله اعتبر العرف ، فإن اختلف فلكلّ بلد عرفه.
ولا ربا في الماء ، والحجارة ، والتراب إلّا الطين الأرمني ، ولا يخرج عن المكيل والموزون بالقلّة والكثرة كحبة حنطة وزبرة من حديد ، ويخرج بالصنعة إذا لم يتعدّ وزنه كالآلة والأبنية من الحديد أو الصّفر.
ولا يجوز بيع المكيل بجنسه وزنا أو جزافا ، ولا الموزون بجنسه كيلا أو جزافا.
وإذا اتّحد الجنس واختلف التقدير ، كالحنطة المقدّرة بالكيل ، والدقيق المقدّر بالوزن ، جاز بيع أحدهما بالآخر وزنا لا كيلا (2).
ويشترط اعتبار التساوي في الرطوبة واليبوسة ، فيباع الرّطب بمثله والتمر كذلك ، ولا يباع الرطب بالتمر متساويا ومتفاضلا ، وكذا العنب بالزبيب ، وكلّ يابس برطب ، ورخّص بيع الخلّ (3) بمثله ، وكذا الخبز ، وإن احتمل اختلاف الرطوبة فيهما.
ص: 408
لا يقدح في المساواة ممازجة ما جرت العادة بمثله كقفيز حنطة فيه تراب أو زوان (1) بقفيز خال ، ويجوز بيع جنسين ربويّين بأحدهما مع زيادة تقابل الآخر ، كبيع مدّ ودرهم بمدّين ، أو بدرهمين ، أو بمدّين ودرهمين ، أو بمدّ ودرهمين أو بمدّين ودرهم ، ولا يشترط قصد المخالفة.
وقد يتخلّص من الربا بأن يبيع كلّ واحد سلعته من صاحبه بثمن ويتقاصّان ، أو يبيعه بالمساوي ويهبه الزائد ، أو يهب كلّ واحد سلعته من الآخر ، أو يتقارضان ويتبارءان (2) ، كلّ ذلك من غير شرط ، وكذا إذا ضمّ إلى الناقص شيئا.
ولا يشترط في الضّميمة أن تكون ذات وقع فلو ضم فلسا إلى مائة درهم ثمنا لمائتين جاز.
ورخّص الربا بين الوالد وولده دون الجدّ والأمّ ، وبين الزّوجين دون المتعة ، وبين المولى وعبده المختصّ دون المشترك ، وبين المسلم والحربيّ دون الذميّ ، وينعكس الجميع إلّا الأخير.
ويجب ردّ الرّبا على مالكه أو وارثه مع العلم بالتحريم لا مع الجهل ، ويحتمل ردّه مع بقائه ، ولو جهل المالك دون القدر تصدّق به ، وبالعكس يصالحه ، ولو جهلهما أخرج خمسه.
والقسمة تمييز فتصحّ في الرّبوي وإن تفاضلا ، ويجوز أن يأخذ أحدهما الرطب والآخر التمر.
ص: 409
ص: 410
وتوابعه
وفيه مطالب :
ص: 411
ص: 412
وفيه فصول :
يكره الدين اختيارا ، وتخفّ الكراهية إذا كان له مال بإزائه ، وتزول مع الضرورة ، لكن يقتصر على حاجته.
وقبول الصدقة للمستحقّ أولى من التعرض له.
ويجب فيه القضاء والسعي له ، والاقتصاد في النفقة لا التقتير ، ويحرم التبذير.
ويكره نزول صاحب الدّين على الغريم ، والإقامة عنده أكثر من ثلاثة أيّام.
ويستحبّ احتساب هديته من الدّين ، ولا سيّما إذا لم تجر عادته بها.
وتحتسب العروض بقيمتها يوم القبض.
ويجب دفع ما يفضل عن دار سكناه ، وثياب البدن والخادم ، وفرس الركوب ، وقوت يوم وليلة له ولعياله الواجبي النفقة مع الحلول.
ولو باع أحدها جاز أخذ ثمنه ، ويتضيّق الوجوب مع المطالبة.
وتصحّ معها العبادة الموسّعة المنافية في أوّل وقتها ، وكذا الحقوق الواجبة كالزّكاة والخمس.
ص: 413
وإذا غاب المدين غيبة منقطعة وجبت نيّة القضاء والعزل عند الوفاة ، والوصية بإيصاله إليه أو إلى وارثه ، وإذا جهله اجتهد في طلبه ، ومع اليأس يتصدّق به عنه ويضمن.
وتحرم مطالبة من التجأ إلى الحرم ، إلّا أن يكون استدان فيه ، ومطالبة المعسر وحبسه مع ثبوت إعساره ، أو علم المدين به.
ولو خشى الحبس باعترافه جاز الإنكار ، ويحلف مورّيا ، ويجب القضاء مع اليسر.
ولا يتعين الدّين ملكا لصاحبه إلّا بقبضه ، فلا تصحّ المضاربة به قبله لا للمديون ولا لغيره ، فالربح كلّه للمديون إن كان هو العامل ، وإلّا فللمدين وعليه الأجرة.
ولو باع الذمّيّ ما لا يملكه المسلم جاز له أخذ ثمنه عن حقّه ، ولو باعه المسلم أو الحربيّ لم يجز.
ولا يجب دفع المؤجّل قبل حلوله ولا قبضه لو دفعه وإن انتفى الضرر ، ويجب عند حلوله ، فإن امتنع صاحبه دفعه إلى الحاكم ، وبرئ ، ولو تعذّر فهلك فهو من صاحبه ، وكذا إذا حلّ السّلم فامتنع المشتري من أخذه ، وكذا كلّ حقّ حالّ أو حلّ وامتنع صاحبه من قبضه.
ولصاحب الدين الحالّ منع المديون من السفر ، وليس له ذلك في المؤجّل وإن حلّ قبل الرجوع ، ولا المطالبة بكفيل ، وكذا السّفر معه ليطالبه عند الأجل إلّا أنّه لا يلازمه.
ص: 414
ويبرأ المديون بقضاء المتبرّع ، ويجب قبضه.
وتحلّ الدّيون المؤجّلة بموت المديون لا بموت المدين.
ولا يبطل الحقّ بتأخير المطالبة وإن طالت المدّة.
ولا تجوز قسمة ما في الذّمم بل الحاصل لهما والتاوي (1) منهما ، ولو اصطلحا على ذلك جاز.
لا يجوز بيع الدين بدين آخر ، ويصحّ بيع الدين الحالّ والمؤجّل بعد حلوله على المديون وغيره ، بحاضر أو مضمون لا بالمؤجّل ، ولا يجوز بيع المؤجّل قبل حلوله مطلقا ، وقيل (2) : يباع على من هو عليه بالحالّ لا بالمؤجّل.
ويشترط في الربويّ إذا بيع بجنسه تساويهما والحلول.
وإذا بيع الدين بأقلّ منه لم يلزم الغريم أكثر من الثمن إلّا أن يكون بعقد صلح فيجب الجميع ، وهل يكون مضمونا على البائع قال الشيخ : نعم. (3)
ولا يجوز بيع أرزاق السلطان والسهم من الزكاة والخمس قبل قبضها.
ص: 415
لا يملك العبد شيئا وإن ملّكه مولاه ، ولا يشتري ولا يقترض بغير إذنه ، فإن بادر وقف على الإجازة ، ومع عدمها يرجع صاحب العين فيها ، فإن تلفت في يد العبد أتبع بالمثل أو القيمة ، ولو تلفت في يد المولى تخيّر المالك في مطالبة المولى وإتباع المملوك إذا عتق.
وإذا أذن له في التجارة جاز ولا يتعدّى الإذن إلى عبده ، وله أن يفعل كلّما يتعلّق بالتجارة أو يستلزمها ، (1) ويقتصر على ما حدّ له من النوع والمدّة ، ولا يصير مأذونا بسكوته عند التصرّف ولا بدعواه ، بل بتصديق السّيد ، أو البيّنة ، أو بالشياع على توقّف.
ولا يبيع ولا يشتري إلّا بالنقد ، فإن أذن له في النسيئة كان الثمن في ذمّة المولى ، فلو تلف ضمن المولى عوضه ، وإذا اشترى تعلّق الثمن بما في يده من مال التجارة ، ويقبل إقراره بما يتعلّق بها ، فإن كان بقدر ما في يده قضي منه وإلّا أتبع بالزائد.
ولا يتعدّى الإذن إلى ما يكتسبه بالاحتطاب وشبهه ، وينعزل بالبيع لا بالإباق ، ولا يتبع على سيّده ، ولا يشتري منه بخلاف المكاتب ولا يتصدّق ولا ينفق على نفسه إلّا بإذنه.
ولو استدان لأجل التجارة صحّ ولزم المولى ، ولو استدان لغيرها فإن أذن
ص: 416
المولى لزمه أيضا وإن أعتقه أو باعه ، ولو مات كان كديونه ، وإن لم يأذن لزم ذمّة العبد ، ويتبع به إن أعتق وإلّا ضاع ولا يستسعى إن كان (1) المدين جاهلا بالرقية ، وكذا قيمة المتلفات.
وفيه أجر كثير ، (2) حتّى أنّ ثوابه ضعف الصدقة ، وفيه مباحث :
الأوّل : لا بدّ فيه من إيجاب من أهله مثل أقرضتك ، أو ملّكتك وعليك ردّ عوضه ، أو خذه أو تصرّف فيه ، أو انتفع به وعليك ردّ مثله ، ومن قبول وهو ما يدلّ على الرّضا قولا أو فعلا.
ويجوز للوليّ إقراض مال الطفل للمصلحة ، ويجب الرهن إن وجد.
ولا يجوز اشتراط الزّيادة في العين أو الصفة وإن لم يكن ربويّا ، وفي حكم الزيادة أن يشترط فيه رهنا على دين آخر أو كفيلا كذلك.
ومنها أن يشترط عليه بيعا أو إجارة بدون عوض المثل.
ومنها اشتراط الصحاح بدل المكسّرة ، (3) واشتراط النقد بدل المصوغ وبالعكس ، واشتراط الخالص بدل المغشوش ، واشتراط المرغوب فيه دون غيره.
ص: 417
وإذا شرط الزيادة بطل ولم يفد الملك ، ولو تبرّع بها المقترض جاز.
وليس من الزيادة اشتراط الرهن أو الضّمين ، أو ردّه بأرض أخرى ، أو قرض أو إجارة أو بيع.
ولا محاباة فيها ، ويجوز اشتراط النّقيصة في القدر والوصف ، ولا يلزم اشتراط الأجل ، ولا تأجيل الدّين الحالّ ، مهرا كان أو غيره إلّا أن يشترطه في عقد لازم ، أو بعقد صلح أو بنذر وشبهه.
ولو شرط تعجيل المؤجّل بوضع بعضه ، أو أداء القرض في مكان معيّن جاز وإن كان في حمله مئونة.
ولو أطلق انصرف إلى مكان القرض ، ثمّ إن طالب المقرض أو دفع المقترض في غيره لم يجبر الممتنع ( وكذا كلّ دين حالّ أو حلّ ). (1)
الثاني : في المحلّ : وهو كلّ عين مقدّرة بالكيل أو الوزن أو العدّ ، ويجوز اقتراض الخبز وزنا وعددا مع عدم التفاوت الكثير ، ولو أقرضه المكيل أو الموزون أو المعدود جزافا أو بمكيال غير عامّ لم يصحّ ، ويضمن القابض.
ويجوز اقتراض المثليّ وغيره كالجواري ، ويثبت في الذمّة المثل في المثليّ ، فإن تعذّر وجبت القيمة يوم المطالبة ، والقيمة في القيمي وقت القرض.
الثالث : في حكمه : يملك المقترض بالقبض ، ولا يتوقّف على التصرّف ، فيعتق عليه من ينعتق بالملك ، وله وطء الأمة ، وتصير أمّ ولد بالحمل.
وله دفع المثل أو القيمة مع وجود العين ، ودفعها في المثلي وإن نقصت
ص: 418
السّعر ، والمطالبة بالجميع وإن فرق القرض وبالعكس.
وللمقترض التفريق وإن اقترض دفعة ، ويجب قبول البعض ثمّ يطالب بالباقي.
ولو دفع ما يشتمل على الحقّ وزيادة ، وجعل الزيادة أمانة لم يجب القبول ، ولو جعلها عن دين آخر وجب.
ولو سقطت المعاملة بالنقد المقترض فليس على المقترض إلّا مثله ، (1) فإن تعذّر فالقيمة عند التعذّر من غير الجنس.
ولو سقطت بعد البيع فليس على المشتري إلّا النقد الأوّل.
ص: 419
وفيه فصول :
وهو وثيقة لدين المرتهن ، ويجوز سفرا وحضرا.
ولا بدّ فيه من إيجاب مثل رهنت ، أو هذا رهن أو وثيقة لدينك ، وقبول وهو ما دلّ على الرّضا بالإيجاب ، وتكفي إشارة الأخرس فيهما ، ولا يقوم شرط الرهن في عقد البيع مقام القبول وإن قلنا بجواز تقديمه على الإيجاب.
وهو عقد لازم من جهة الراهن خاصّة ، فلو أدّى ، أو أبرأه المرتهن أو أسقط حقّه بطل ، وصار الرّهن أمانة محضة يقبل قوله في الردّ ، ولا يجب دفعه إلّا مع المطالبة.
ولو شرط ما يقتضيه العقد جاز مثل اشتراط بيعه في الدين والتقدّم به ومنع الراهن من التصرّف لا ما ينافيه كمنع المرتهن من بيعه في حقّه ، أو لا يبيعه إلّا بقدر معيّن.
ص: 420
ولا يشترط فيه القبض ، نعم يجوز اشتراطه واشتراط وضعه على يد عدل فيلزم ، ويشترط فيه ما يشترط في الوكيل.
الأوّل : ليس للحاكم أو لأحدهما نقله عنه (1) ما لم يتّفقا عليه ، فإن تغيّرت حاله أجيب طالب النقل ، فإن اتّفقا على غيره ، وإلّا دفعه الحاكم إلى الثقة.
الثاني : للعدل دفعه إليهما لا إلى أحدهما إلّا برضاء الآخر ، فإذا دفعه إليهما وجب القبول ، فإن امتنعا جبرهما الحاكم ، فإن استترا سلّمه إلى الحاكم ، فإن تعذّر فإلى الثقة ولو لم يمتنعا لم يجز تسليمه إلى الحاكم ولا إلى غيره (2) إلّا بإذنهما ومع عدمه يضمن هو والقابض ، ويستقرّ الضمان على من تلف في يده.
ولو غابا أو أحدهما لم يجز دفعه إلى الحاكم إلّا لضرورة ، ولا إلى غيره إلّا بإذنه ، إلّا أن يتعذّر.
وكلّ موضع لا يجوز الدفع يضمن ، ولا ضمان مع الجواز.
الثالث : لو اضطر العدل إلى السّفر ، أو عجز عن الحفظ ، وتعذّر المالك ، سلّمه إلى الحاكم أو إلى من يقبض عنه ، فإن تعذّر فإلى الثقة ولا ضمان.
الرابع : يجوز وضعه على يد عدلين ، وليس لأحدهما التفرّد به (3) وإن أذن الآخر ، فيضمن النّصف. (4)
ص: 421
ويشترط ثبوته أو آئل إليه (1) وإمكان استيفائه من الرّهن ، فلا يصحّ على ثمن ما يشتريه ، أو ما يستدينه ، ولا على ما حصل سبب ثبوته كمال الجعالة قبل الردّ ، والدّية قبل استقرار الجناية.
ويجوز على كلّ قسط بعد حلوله على العاقلة في الخطأ ، ومطلقا في غيره ، لأنّ الدية تثبت في ذمّة الجاني بنفس الجناية ، بخلاف العاقلة ولا على الإجارة المتعلّقة بعين المؤجر ، لعدم إمكان استيفاء المنفعة من الرّهن ، بخلاف ما لو استأجره على عمل مطلق ، لإمكان الاستيفاء.
ويجوز على الدّين المؤجّل ، وعلى مال الجعالة بعد الردّ ، ومال السبق والرماية ، وعلى النفقة الماضية أو الحاضرة ، دون المستقبلة ، وعلى الثمن في مدّة الخيار ، وعلى مال الكتابة وإن كانت مشروطة ، فإن فسخ فيهما بطل الرّهن.
وفي جوازه على الأعيان المضمونة كالمغصوب والمقبوض بالسّوم والعارية المضمونة ، قولان ، ومعنى الجواز الاستيفاء من الرهن إن تعذّر الرّدّ ، أو تلفت أو نقصت ، وإلّا فلا.
ويجوز زيادة الرهن بالدين الواحد وبالعكس ، ولا يشترط فسخ الرهن
ص: 422
الأوّل ثمّ يرهنه على الدينين ، ولا إرادة كونه رهنا عليهما ، فلو أطلقا لم يبطل الأوّل ، وكذا لو رهنه عند آخر وأجاز الأوّل.
ويجوز جمع سبب الدين والرهن في عقد واحد بشرط تقديم السبب ، فيقول : بعتك الدار بمائة أو أقرضتك مائة وارتهنت العبد بها ، فيقول : قبلتهما أو اشتريت ورهنت.
وشرطه أن يكون عينا ، مملوكا ، يمكن قبضه ، ويصحّ بيعه ، معيّنا كان أو مشاعا ، فلا يصحّ رهن الدين ، ولا المنفعة ، ولا ما لا يملكه مالك ، كالحشرات ، ولا ما لا يملك المسلم ، كالخمر إذا كان أحدهما مسلما ، وإن رهنها الذمي عند المسلم على يد ذمّي ، ولو رهن ما لا يملك وقف على الإجازة ، وكذا لو ضمّه إلى ملكه.
ولا أرض الخراج ، ويصحّ رهن ما فيها من البناء والشجر ، ولا الطير في الهواء إلّا أن يعتاد عوده ، ولا السمك في الماء إلّا أن يكون محصورا مشاهدا ، ولا [ العبد ] المسلم والمصحف عند الكافر ، إلّا أن يوضعا على يد مسلم ، ولا الوقف وإن اتّحد الموقوف عليه ، ولا المكاتب مطلقا ، ولا أمّ الولد ولو في ثمن رقبتها.
ويصحّ رهن المدبّر فيبطل التدبير ، ورهن ذي الخيار ، وهو من البائع فسخ ومن المشتري إجازة ، ورهن المرتدّ مطلقا ، وكذا الجاني ، ولا يجبر السيد على افتدائه ، فإن فداه أو المرتهن فالرهن باق ، وإلّا قدّم حقّ الجناية ، فإن
ص: 423
استغرق الأرش قيمته بطل ، وإلّا ففي المقابل ، ورهن اللّقطة من الخضر إذا حلّ الحقّ قبل تجدّد الثانية وبعدها إن تميّزت وإلّا فتوقّف ، ورهن الغلام الحسن والجارية الحسناء عند الفاسق ، ورهن ذات الولد الصغير فيباعان معا ، ويختصّ المرتهن بقيمة الأمّ ، فتقوّم مع الولد وبدونه ، ويؤخذ من الثمن بالنسبة ، ويحتمل تقويم الولد منفردا ، ورهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل إن شرط بيعه وجعل الثمن رهنا ، وإن شرط عدمه بطل ، وإن أطلق صحّ ، ويباع ويجعل ثمنه رهنا على رأي ، ولو طرأ الفساد استأذن الراهن في بيعه ، فإن تعذّر فالحاكم.
الأوّل : لو رهن ما لا يملك فصادف الملك بميراث وشبهه صحّ ، ولو رهن ما يملك فيه الرجوع قبل الرّجوع كالموهوب لم يصحّ.
الثاني : لو رهن الوارث التركة وهناك دين بني على انتقال التركة وعدمه ، فعلى الأوّل إن قضى الدّين صحّ الرهن وإلّا بطل ، وعلى الثاني يبطل من رأس.
الثالث : لو رهن عصيرا فصار دبسا أو خلًّا فالرهن باق ، ولو صار خمرا زال ملك الراهن ، وبطل الرهن ، ولو عاد خلًّا عاد الملك والرهن.
الرابع : لا يبطل الرهن بتغيّر الصفة ، فلو أحضن البيضة ، أو زرع الحبّ ، أو نسج الثوب ، فالرهن باق.
الخامس : لو استعار للرهن جاز ، وللمالك الرجوع قبل العقد لا بعده وإن لم يقبض ، ولا يجب ذكر قدر الدّين وجنسه ووصفه وتأجيله وحلوله ، فإن عيّن شيئا من ذلك لم يتعدّه ، فإن رهن على أنقص صحّ ، وإن رهن على أزيد فإن
ص: 424
قال : وعلى كلّ جزء منه ، بطل في الجميع وإلّا في الزائد ، ولو كانت الزيادة في الأجل بطل فيما زاد ، وإن لم يعيّن رهنه كيف شاء ، وللمالك أن يطالبه بالفكّ متى شاء إن لم يعيّن أجلا ، وإلّا عند الحلول لا قبله.
وإذا باعه الغريم رجع المالك على الراهن بالأكثر من قيمته وما بيع به ، ولو أتلف أو تعذّرت إعادته ضمنه الراهن بقيمته وإن لم يفرّط ، وكذا لو لم يرهنه ، ولا شي ء على المرتهن لو تلف في يده.
السّادس : لا تدخل زوائد الرهن فيه ، متّصلة كانت أو منفصلة ، ولو شرط الدخول دخلت.
وفيه بحثان :
يشترط فيه كمال العقل ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، والملك أو حكمه كالمستعير ، فلا ينعقد رهن الصّبي والمجنون وإن أجاز الوليّ.
ويجوز للوليّ رهن ماله مع الحاجة والمصلحة كالاستدانة لنفقته ، أو لإصلاح ماله.
ولا يجوز رهن المحجور عليه لسفه أو فلس ، ولو تجدّد لزم وإن لم يقبض ، ولا رهن المكره ، نعم لو أجاز بعد زواله صحّ.
ولو تعدد الرّاهن فقضى واحد ، فإن شرط المرتهن الرهن على كلّ جزء من الدّين لم تنفك حصّته ، وإلّا انفكّت ، ولو أراد قسمته مع المرتهن توقّف على إذن الشريك ، سواء كان متساوي الأجزاء أو لا.
ص: 425
لا يجوز للراهن التصرّف في الرهن إلّا بإذن المرتهن ، فلو بادر وقف على الإجازة وإن كان عتقا ، ولا يغرم له رهنا بدله ، ولا تقع العقود باطلة ، بل يلزم من جهة الراهن ، فلا يقبل رجوعه قبل الفكّ ، ولو وهب بإذنه فرجع قبل القبض صحّ.
ولو باع بإذنه صحّ ، وبطل الرهن ، ولا يجب رهن الثمن إلّا مع الشرط ، ولو اختلفا في الاشتراط حلف الراهن ، وله الرجوع في الإذن قبل البيع لا بعده.
ولو باع بغير إذن فطلب المرتهن الشفعة لم يصحّ ، ولم يكن إجازة.
ولو وطئ المرهونة بإذنه لم يبطل الرّهن ، ولو أحبلها صارت أمّ ولد ، والرهن مقدّم ، فتباع في الدين ، وكذا لو لم يأذن.
ولو ماتت في الطلق ضمن قيمتها يومه.
وفيه بحثان :
يشترط فيه كمال العقل ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، ولوليّ الطفل والمجنون الارتهان على إسلاف مالهما مع الغبطة ، دون إقراضه إلّا أن يخشى تلفه ، فيأخذ عليه رهنا ، فإن تعذّر أقرضه من الثقة الملي ء.
ويجوز للمكاتب والمأذون في التّجارة الارتهان إيجابا وقبولا ، ولو
ص: 426
تعدّد المرتهن كان بمنزلة عقدين ، فكلّ منهما مرتهن للنصف (1) فإذا قضى أحدهما أو أبرأ انفكّت حصّته ، وله مطالبة المرتهن الآخر بالقسمة إن لم يكن ضرر ، وإلّا فنصفه في يده رهن والنصف الآخر أمانة.
لا يجوز للمرتهن التصرّف في الرهن ، ولو تصرّف وقف على الإجازة إلّا العتق ، ومع التصرّف يلزمه الأجرة ويحسبها من النفقة ، ويضمن العين بالمثل أو القيمة يوم تلفه.
ولو باع بإذن الراهن قبل الأجل لم يجز له التصرّف في الثمن.
والرهن أمانة في يده لا يضمنه إلّا بتفريط ، ولا يسقط بتلفه شي ء من الحقّ ، ولو لم يوجد في تركته فهو كسبيل ماله.
ولو أكره المرهونة على الوطء فعليه العشر أو نصفه ، ولا شي ء لو طاوعت.
ويجوز للمرتهن أن يشترط وضعه على يد عدل ، (2) والوكالة لنفسه أو لوارثه أو لأجنبي في العقد فيلزم ، ولا يملك الراهن فسخها ، وتبطل بموته دون الرهانة ، وبموت المرتهن ، ولا تنتقل إلى وارثه إلّا بالشرط.
وتنتقل الرهانة كباقي الحقوق ، ويجوز اشتراط الوصيّة أيضا ، وتبطل بموت المرتهن دون الرهانة ، إلّا أن يشترطها لوارثه.
ص: 427
ولو أقرّ بالدّين انتقلت الرهانة دون الوكالة والوصيّة ، ولو لم يكن وكيلا ولا وصيّا وحلّ الدّين ، أو كان حالّا وامتنع الراهن من الإيفاء باع الحاكم عن الراهن أو حبسه حتّى يبيع.
ولا يجوز اشتراط الرهن مبيعا عند الحلول وعدم الأداء ، بل يبطل البيع ، ويضمنه بعد الحلول لا قبله ، لأنّه قبل الحلول مقبوض بالرّهن الفاسد وبعده بالبيع الفاسد ، وإذا أمر المالك المرتهن بالبيع والقبض والاقتضاء صحّ الجميع ، ولا يكفي القبض عن الاقتضاء بل لا بدّ من تجديد الكيل أو الوزن.
ولو قال : بعه لي واقبضه لنفسك صحّ البيع وفسد القبض ، وضمن.
ولو قال : بعه لنفسك ، بطل ، ولو أطلق صحّ ، ولم يقبض الثمن إلّا بإذنه.
الأوّل : لو (1) شرط الوكالة لأجنبيّ صحّ ولزمت من جهة الراهن خاصّة ، ولا يبيع إلّا بإذن المرتهن ، ولا يفتقر إلى إذن الراهن ، ولو أتلفه أجنبيّ ضمن مثله أو قيمته ، ويكون رهنا ، ولم يكف الإذن الأوّل.
الثاني : إذا عيّنا له قدرا فباعه بأقلّ ممّا يتغابن به صحّ ، وإلّا بطل ويضمن قيمته.
ولو أطلقا باعه بثمن المثل نقدا بنقد البلد ، فإن تعدّد فبالأغلب ، ومع التساوي فبمثابة الحقّ ، ولو (2) خالفهما (3) عيّن الحاكم ، ولو اختلفا في التعيين باعه بأمر الحاكم.
ص: 428
الثالث : لو ادّعى (1) قبض الثمن من المشتري فكذّباه ، فالقول قوله مع يمينه على الأقوى.
الرابع : لو ادّعى تلف الرهن أو تلف الثمن ، قبل قوله مع اليمين ولا يضمن ، ولو تلف في يده بغير تفريط فهو من الراهن.
الخامس : لو ادّعى دفع الثمن إلى المرتهن ولم يقم بيّنة ولا صدّقه الراهن ، فالقول قول المرتهن مع يمينه ، ويرجع على الوكيل بأقلّ الأمرين من القيمة والدّين ، ولا يرجع الوكيل على الراهن ، وللمرتهن الرجوع على الراهن ، فيرجع على الوكيل إلّا أن يكون الدّفع بحضرته أو ببيّنة غابت أو ماتت.
السادس : لو خرج الرهن مستحقّا بعد بيعه ، رجع المشتري بالثمن مع بقائه ، ومع تلفه يرجع على الراهن إن علم بالوكالة ، وإلّا رجع على الوكيل ، ولو كان بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري عليه ، ولو ردّه بعيب رجع على الراهن إن علم بالوكالة ، وإلّا على الوكيل إن أقرّ بالعيب ، ويرجع على الراهن إن أقرّ به (2) وإلّا حلّفه.
السابع : إذا باع الوكيل وقبض الثمن ، فالعهدة على الرّاهن حتّى يقبضه المرتهن.
ص: 429
وفيه مسائل :
الأولى : إذا تمّ الرهن استحقّ المرتهن دوام يده ، وصار أولى من الغرماء ، سواء الحيّ والميّت ، ولو أعوز ضرب معهم.
ولا يشترط الأجل في دين الرهن ولا في الارتهان.
الثانية : لو خاف جحود الوارث استوفى دينه من الرهن ، فإن أقرّ به كلّف البيّنة ، وله إحلاف الوارث على نفي العلم.
ولو كان بالدينين رهنان فأدّى أحدهما لم يجز إمساكه بالآخر ، ولو كان بأحدهما رهن فأدّى ما عليه لم يجز إمساكه بالآخر.
الثالثة : يجب على الراهن علف الدابة ، وسقيها ، وسقي الشجر ، وأجرة الجذاذ والمسكن ، وجميع المؤن ، وله الفصد والحجامة والختن ، لا ما هو بخطر كقطع السّلع.
وفوائد الرهن له ، فلا يدخل الحمل ولا الثمرة وإن تجدّدت ، ولا ثمرة النخل وإن لم تؤبّر وفي إجباره على الإزالة توقّف ، ولا الزرع والشجر في رهن الأرض وإن قال : « بحقوقها » ولا ما ينبت فيها إلّا أن يكون من الرهن.
ويدخل الجميع مع الشرط ، والنّماء المتّصل مطلقا ، ومنه اللّبن في الضرع ، والصوف وشبهه على الظّهر.
الرابعة : لو جنى العبد المرهون قدّم حقّ المجنيّ عليه ، فيقتصّ في
ص: 430
العمد أو يسترقّ الجميع إن استوعبت وإلّا المقابل ، فالباقي رهن ، وفي الخطأ إن فكّه المولى فالرّهن بحاله ، وإن سلّمه فللمجنيّ عليه بيعه أو استرقاقه إن استغرقت الجناية ، وإلّا المقابل ، فالباقي رهن.
ولو جنى عليه قدّم حقّ المولى ، فيقتصّ في العمد أو يعفو ، ولا يجب عليه أخذ القيمة ، وفي الخطأ تؤخذ القيمة من الجاني ، ويتعلّق الرّهن بها دون الوكالة والوصيّة ، والخصم الراهن فإن امتنع فالمرتهن ، ومع نكول الغريم يحلف الرّاهن دون المرتهن ، ولو عفا الرّاهن أخذ المال من الجاني ، ثمّ إن فكّه صحّ العفو ، وإلّا فلا.
ولو أبراه المرتهن لم يصحّ ، ولم يسقط حقّه من الارتهان.
الخامسة : لو رهن الغاصب أو المستعير أو المودع أو المستأجر ، تخيّر المالك في الرجوع عليهم أو على المرتهن ، ويرجع عليهم مع الجهل لا مع العلم.
السادسة : يبطل الرّهن بالأداء أو الإبراء أو الضمان أو الاعتياض ، وبإسقاط حقّ الرّهانة ، فلو أدّى البعض فإن شرط الرهن على كلّ جزء منه لم ينفكّ إلّا بأداء الجميع ، وإلّا انفكّ بنسبة ما أدّى.
ولو رهن شيئين صفقة لم ينفكّ أحدهما إلّا بأداء الجميع ، ولو تعدّدت انفكّ بأداء ما يخصّه.
ولو كانت التركة مرهونة فأدّى أحد الورّاث من الدين ما يخص نصيبه منها لم ينفكّ.
السابعة : لو أقرّ الراهن بغصب العبد أو جنايته أو عتقه قبل رهنه ،
ص: 431
فإن صدّقه المرتهن بطل الرهن ، وحكم بموجب الإقرار ، وإن كذّبه حلف على نفي العلم ، وبقي الرّهن ، وغرم المقرّ للمقرّ له [ للحيلولة ] ، وإن نكل [ المرتهن ] حلف المقرّ له ، وبطل الرّهن ، وعمل بما يقتضيه الإقرار.
فإن نكل المقرّ له بقي الرّهن ، ويغرم المقرّ للمغصوب منه قيمة العبد ، وللمجنيّ [ عليه ] أرش الجناية أو أقلّ الأمرين ، وللعبد فكّه إن كان الدّين حالّا أو عند الحلول.
الأوّل : لو تعذّر فكّه وبيع في الدّين ، وجب على المقرّ ابتياعه بقيمته مع البذل ، وبالأزيد على توقّف ، ويحكم بعتقه ، ويغرم له المقرّ أجرة ما استوفاه المشتري من منافعه دون غيرها.
الثاني : لو أعتقه المشتري طالب العبد المقرّ بأجرة ما استوفاه المشتري من المنافع ، ولو لم يعتقه ضمنها المقرّ لما يتبع به بعد العتق (1).
ولو مات العبد ولم يكن عليه شي ء ، رجع بها الوارث إن كان ، وإلّا الإمام إن لم يكن للمقرّ ولاء.
الثالث : لو أعتقه المشتري تبرّعا ثمّ مات ولا وارث له ، ورثه المشتري ، وضمن المقرّ للإمام إن لم يكن له ولاء وإلّا فلا.
الرابع : لو أعتقه المشتري في كفّارة أو نذر غير معيّن ثمّ مات ، فورثه المقرّ ، أخرج الكفّارة والنذر من خاصّته ، ولو نذر عتقه لم يضمن المقرّ شيئا.
ص: 432
الخامس : لو كاتبه المشتري وجب على المقرّ أداء ما عليه ، فإن أدّى من سعيه ضمنه له ، وإن أعتقه من الزكاة أو أبرأه المولى لم يضمن له شيئا ، ولو كانت مشروطة فاسترقّ لعجزه رجع المقرّ بما دفعه.
السادس : لو استولدها المشتري ثمّ مات ، فورثه المقرّ والولد ، لم يحسب على الولد نصيب المقرّ.
في التنازع (1)
لو اختلفا في وقوع الارتهان ، أو في الردّ ، أو في دخول الثمرة ، أو في أنّ الرهن على بعض الدّين ، أو على المؤجّل ، أو في كون المدفوع وديعة أو رهنا ، أو في قدر الرهن أو الدين ، قدّم قول الراهن مع اليمين.
ولو اختلفا في التفريط ، أو في قيمة الرّهن ، أو القضاء ، أو الإبراء ، أو في أنّه رجع على الإذن في البيع قبله ، قدّم قول المرتهن.
ولو اختلفا في رهن العبد أو الجارية حلف الراهن على ما أنكره وانتفى الرّهن ، أمّا لو اختلف البائع والمشتري في رهن العبد أو الجارية على الثمن قدّم قول الراهن ، ولو كان بأحد الدّينين رهن فادّعى أنّه دفع من ذي الرّهن قدّم قوله مع اليمين ، ولو لم ينو وزّع.
ولو ادّعى رهن عبدهما فصدّقه أحدهما قبلت شهادته على الآخر ، إلّا أن يكون الرّهن على كلّ جزء من الدّين.
ص: 433
أمّا لو كذّباه لم تقبل شهادة أحدهما على الآخر ، لزعم كذبهما.
ولو ادّعيا رهن عبده عندهما فصدّق أحدهما ثبت رهن نصفه ، وفي الشركة وجهان ، فإن قلنا بها لم تقبل شهادته للآخر وإلّا قبلت.
ولو اختلفا فيما يباع به الرهن بيع بالنقد الغالب ، فإن تعدّد بيع بمثابة الحقّ ولو طلبا غير الغالب ردّهما الحاكم إليه.
ولو ادّعى على العبد المرهون أنّه جنى ، لم يقبل تصديق الرّاهن ولا المرتهن ، لكن إذا صدّقه الرّاهن فإن بيع في الدّين سقط حقّ المجنيّ عليه ، ولا ضمان على الرّاهن ، وإن فكّ تعلّقت به الجناية.
ولو أقرّ واحد بالجناية عليه فكذّبه المرتهن ، فللرّاهن أخذ الأرش ، ولم يتعلّق به الرّهن ، ولو كذّبه الرّاهن فللمرتهن أخذ الأرش ، ويتعلّق به الرهن ، ثمّ إن قضى الدّين من غيره صار مالا ضائعا.
ص: 434
وهو التّعهد بمال أو نفس ، فإن كان بمال وليس عليه مثله ، فهو الضمان ، وإلّا فهو الحوالة ، وإن كان بنفس فهو الكفالة ، فهنا مقاصد :
وفيه مباحث :
الأوّل : الصيغة : وهي « ضمنت » وما بمعناه ك- « تحمّلت » وعليّ له ما على فلان.
ويشترط تنجيزه فلو علّقه بشرط أو صفة ، أو قرنه بخيار بطل ، وتجزئ الكتابة والإشارة مع العجز والقرينة.
ويصحّ ضمان الحالّ والمؤجّل بأجله ، وبأزيد وأنقص ، وضمان المؤجّل حالّا وبالعكس ، فلا يطالبه الضامن حتّى يؤدّي.
ويحلّ بموت الضامن ، فإن كان الأصل حالّا طالب وارثه وإلّا صبر حتّى يحلّ.
ص: 435
ولو مات المضمون عنه حجر الحاكم على قدر الدّين من التركة ، وتلفه من الوارث ، والنماء له ، ولو أذن في ضمان المؤجّل حالّا فللضّامن المطالبة حالّا ، وإلّا عند الأجل.
ويجوز ترامي الضمان (1) ودوره (2) ، واشتراطه من مال معيّن وإن لم يف بالدّين ، فإن علم بذلك عند الضمان لم يجب الإتمام وإلّا وجب ، ولو تلف بطل الضمان إلّا أن يكون بتفريط الضامن.
الثاني : الضامن : ويشترط كماله ، وجواز تصرّفه ، فلا يصحّ ضمان الصّبي وإن أذن له الوليّ ، ولو ادّعى وقوعه في الصّبا قدّم قوله مع اليمين ، ولو ادّعى وقوعه في الجنون ، فإن عرف سبقه فكذلك وإلّا فلا.
ويصحّ ضمان السّفيه بعد الحجر ، ولا المفلّس بالنسبة إلى الغرماء ، ولا ضمان المملوك إلّا بإذن مولاه ، فيتبع به ، ولو اشترطه في كسبه جاز ، كما لو شرط من مال معيّن ، والمكاتب كالمملوك.
ويشترط أيضا الملاءة وقت الضمان ، أو العلم بالإعسار ، ولو جهل الغريم حاله كان له الفسخ بخلاف ما لو تجدّد.
الثالث : المضمون له : وهو ذو الدّين ، ويشترط رضاه لا العلم به ولا القبول ، بل عدم الردّ.
الرابع : المضمون عنه : وهو المديون ، ولا يشترط معرفته بل امتيازه ،
ص: 436
ولا رضاه فيصحّ من المتبرّع ، ولا حياته فيصحّ من الميّت ، ولو أنكر الدين لم يبطل الضّمان.
الخامس : في المضمون [ به ] : وهو كلّ مال ثابت في الذمّة وإن تزلزل كالثمن في مدّة الخيار ، ويشترط اللزوم أو المآل إليه : كمال الجعالة قبل العمل ، ويصحّ ضمان مال الكتابة والسبق والرماية والأعيان المضمونة : كالغصب ، والمقبوض بالسوم والبيع الفاسد ، دون الأمانات إلّا العارية المضمونة ، وضمان عهدة الثمن للبائع ، فيرجع على الضامن إذا بطل البيع من رأس ، وعلى البائع إن تجدّد الفسخ : كالتقايل وتلف المبيع قبل القبض ، أو بعيب سابق ، وضمان عهدة المبيع للمشتري ، فيرجع على الضامن لو خرج المبيع مستحقّا ، ولا يصحّ أن يضمن له درك ما يحدثه من غرس أو بناء ، ولو ضمنه البائع صحّ.
ولا يشترط العلم بالكميّة إذا أمكن معرفته كالّذي في ذمّته ، ويلزم ما تقوم به البيّنة في تاريخ سابق على الضمان ، أو أقرّ به المضمون عنه كذلك ، لا ما يقرّ به بعده ، ولا يثبت بالنكول أو بردّ اليمين ، ولا ما يوجد في دفتر وكتاب ، وإن لم يمكن معرفته لم يجز كبعض ما عليه.
ولو قال : ضمنت من واحد إلى عشرة لزمته عشرة ويحتمل ثمانية.
السادس : في الحكم : الضّمان ناقل وإن لم يرض المديون ، فليس للمضمون له مطالبة المضمون عنه ، ولو أبرأه لم يبرأ الضامن ، ولو أبرأ الضامن برئا معا.
وضمان عهدة الثمن للبائع ضمّ ذمّة إلى ذمّة إجماعا ، فللمضمون له مطالبة من شاء ، ثمّ إن كان الضمان بإذنه يرجع بما أدّاه وإن أدّى بغير إذنه ، ولو ضمن
ص: 437
بغير إذنه لم يرجع عليه وإن أدّى بإذنه ، ويطالب الضامن بما يغرمه ، فلو أبرأ من البعض طالب بالباقي خاصّة.
ولو صولح عن الدين بالأقلّ قدرا أو وصفا رجع بالأقلّ ، ولو صولح بالأزيد رجع بالدين ، ولا يطالب قبل الأداء.
ولو تعدّد الضمان صحّ الأوّل ، ولو اقترنا بطلا.
ولو ضمن كلّ من المديونين صاحبه بإذن المضمون له انتقل ما على كلّ واحد إلى ذمّة الآخر ، ويبرأ كلّ واحد منهما بأداء ما ضمنه.
ولو أبرأ الغريم أحدهما برئ ممّا ضمنه دون الآخر.
ولو كان بغير إذنه فإن أجازهما طالب كلّا بما ضمنه ، وإلّا طالب من أجاز ضمانه بالجميع.
ولو أنكر الضامن الضمان ، فالقول قوله مع يمينه ، فلو استوفى الغريم بالبيّنة فإن أنكر الأصيل الدّين أو الإذن لم يرجع عليه ، وإلّا رجع.
ولو أنكر الغريم القبض ، فالقول قوله مع يمينه ، فإن شهد الأصيل قبل إن لم تكن تهمة ، وإلّا حلف الغريم ، وغرم الضامن ثانيا ، ويرجع (1) عليه بالأوّل ، ولو لم يشهد رجع عليه بالثاني إن لم يزد على الأوّل.
لو خاف أحد ركّاب السّفينة الغرق ، فألقى متاعه ، لم يرجع على أحد وإن
ص: 438
نوى الرجوع ، وكذا لو قال أحدهم : ألقه فألقاه ، ولو قال : وعليّ ضمانه ضمنه خاصّة.
ولو قال : عليّ وعلى الركبان ضمانه ، وقصد الاشتراك لزمه ما قصد ، ولم يضمن الباقون شيئا ، ولو أطلق كان كأحدهم ، ويحتمل النّصف.
ولو ادّعى إذنهم فأنكروا ، وحلفوا وضمن الجميع.
ولا يصحّ الضمان مع عدم الخوف ، ولا في مثل : مزّق ثوبك أو اجرح نفسك وعليّ ضمانه.
ويجوز في المباح مثل : طلّق زوجتك وعليّ كذا.
وفيها بحثان :
يشترط رضا المحيل والمحتال والمحال عليه ، والعلم بقدر الدّين ، ولزومه أو ما آل إليه ، وملاءة المحال عليه أو العلم بإعساره ، فيصحّ بالثمن في مدّة الخيار ، وبمال الكتابة وإن لم تحلّ النجوم ، وأن يحيل مولاه بثمن ما باعه ، وبالدّين الذي له.
ولو جهل إعساره كان له الفسخ وإن تجدّد إيساره.
ولا يجب قبولها على الملي ء ، ويلزم لو قبل ، فليس له الفسخ وإن تجدّد إعساره.
ص: 439
ولا يشترط الحلول ، فيصحّ تأجيل القبض وإن كان الدين حالّا ، ولا مساواة الحقّين جنسا ونوعا وصفة ، ولا شغل ذمّة المحال عليه.
فلو طالب المحال عليه المحيل بما قبض المحتال ، فادّعى شغل ذمّته بمثله ، قدّم قول المحال عليه مع اليمين ، ويرجع على المحيل بما أدّاه.
الأوّل : لو أحال مشغول الذمة على برئ ، فإن لم يشترط الشغل فهو بالضمان أشبه ، فإذا أدّى رجع على المحيل ، ولو أبرأ المحتال برئ هو والمحيل ، وإن شرطناه فهو اقتراض ، فإذا قبض المحتال رجع المحال عليه على المحيل ، ولو أبرأه المحتال لم يصحّ ، لأنّه لا دين له عليه ، نعم لو قبض منه ثمّ وهبه برئ ورجع المحال على المحيل.
[ الثاني ] ولو أحال البري ء على مشغول الذمّة فهو وكالة ، ولو أحال البري ء على البري ء فهو وكالة في اقتراض.
وفيه مسائل :
الأولى : الحوالة ناقلة ، فيبرأ المحال عليه من المحيل ، والمحيل من المحتال وإن لم يبرئه ، ولا يرجع المحتال على المحيل وإن افتقر المحال عليه ، ولو أدّى المحيل بعد الحوالة بإذن المحال عليه برئ ورجع عليه ، وإلّا برئ ولم يرجع.
ص: 440
الثانية : الحوالة استيفاء لا اعتياض (1) فلو أحال المشتري البائع بالثمن ثمّ ردّ المبيع بعيب سابق بطلت الحوالة ، لترتّبها على البيع ، فإن لم يقبضه البائع فلا يقبضه ، وإن قبضه وقع عن المشتري على الأقوى ، وبرئ المحال عليه ، ورجع المشتري على البائع بعين ما قبضه ، فإن تلف رجع ببدله.
وعلى أنّها اعتياض لم تبطل الحوالة ، وللبائع القبض ، وإن كان قبض رجع عليه المشتري ، ولا يتعيّن عليه المقبوض ، والأقرب أنّ له الرجوع قبل القبض.
ولو أحال البائع أجنبيّا على المشتري ثمّ تجدّد الفسخ لم تبطل الحوالة ، ولو بطل البيع من أصله بطلت في الموضعين ، فيتخيّر المشتري في الرجوع على البائع أو المحتال.
الثالثة : لو أحال البائع على المشتري بثمن العبد ، فادّعى العبد الحريّة ، فإن أقام بيّنة أو صدّقه الثلاثة ثبتت الحريّة وبطلت الحوالة ، ويرجع المشتري على المحتال بما أدّاه ، ويبقى حقّه على البائع ، ولو صدّقه المحيل والمحال عليه فإن أقام العبد بيّنة أو قامت بيّنة الحسبة فكذلك ، ولو أقاما البيّنة لم تسمع ، لأنّهما كذّباها (2) بالبيع ، ولو أمكن الجمع سمعت كادّعاء البائع عتق وكيله وادّعاء المشتري جهل العتق.
ولو صدّقهما المحتال وادّعى الحوالة بغير الثمن ، فالقول قوله مع اليمين ، وتقبل بيّنته ، لعدم التكذيب.
ص: 441
ولو صدّقه المحيل والمحتال ثبتت (1) وبطلت الحوالة ، وليس لهما مطالبة المحال عليه بشي ء.
ولو صدّقه المحتال والمحال عليه ثبتت وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما ، وليس للمحتال الرجوع على المحيل.
الرابعة : إذا أحاله ثمّ ادّعى قصد الوكالة وأنكر المحتال ، قدّم قول المحيل قبل القبض قطعا وبعده على الأقوى ، ولو انعكس الفرض قدّم قول المحتال.
ولو قال : احلتني فقال : بل وكّلتك ، قدّم قول مدّعي الوكالة باليمين ، ثمّ إن كان قبضه لم يملكه ، ولو لم يقبضه منع منه ، لإنكاره الوكالة ، ويطالب غريمه بدينه.
ولو انعكس الفرض قدّم قول منكر الحوالة باليمين ، وليس له القبض لانعزاله بإنكار المالك الوكالة ، ويطالبه بدينه ، ولو قبضه ملكه.
وفيه مباحث :
الكفالة التزام بإحضار الغريم عند المطالبة به ، وصورة العقد أن يقول الكفيل : أنا كفيل فلان ، فيقبل المكفول له ، ويجوز أن يعبّر عن الجملة بنفسه ووجهه وبدنه ، لا برأسه وكبده وقلبه ، وإن لم يمكن الحياة بدونه على الأقوى ، وكذا ما يمكن الحياة بدونه : كيده ورجله ، أو بجزء مشاع : كثلثه.
ص: 442
ويشترط التلفّظ بما يدلّ على الوقوع ، فلو قال : أنا أكفله أو أحضره لم ينعقد ، والتنجيز فلو قال : إذا قدم الحاجّ فأنا كفيل به لم يصحّ.
ولو قال : إن لم أحضره كان عليّ كذا ، فهو كفالة.
ولو قال : عليّ كذا إلى كذا إن لم أحضره ، فهو كالضمان إلّا أن يموت الكافل قبل الحلول فيبطل ، ولا يجب في تركته شي ء ، وفي الضّمان يحلّ المال بموته ، ويجب في تركته ، لأنّ الضمان ناقل.
والكفالة تقتضي إحضار المكفول خاصّة ووجوب المال لتعذّر الإحضار ، ولا بدّ من رضا الكفيل والمكفول له ، لا رضا المكفول بل تعيينه ، فلو كفل أحدهما أو قال : زيدا أو عمرا لم تصحّ.
وتصحّ حالّة ومؤجّلة ، ويشترط ضبط الأجل ، وينصرف الإطلاق إلى التعجيل والتسليم في بلد العقد ، ولو عيّن غيره تعيّن.
ولا يدخل فيها الخيار ، وفي الفساد به توقّف.
ويصحّ توقيتها فيقول : أنا كفيل بفلان شهرا ، فتحلّ بخروجه.
وهو من يجب إحضاره مجلس الحكم ، سواء كان بالغا أو صبيا ، عاقلا أو مجنونا وتصحّ كفالة بدن الميّت ليشهد على صورته ، والآبق والمكاتب ووجوب الإحضار إمّا بدين لازم أو حقّ تصحّ المطالبة به : كحقّ الزوجية والعقوبة والقصاص ودعوى الكفالة.
ولا تصحّ الكفالة على حد اللّه ، ولا كفالة من في يده مال مضمون :
ص: 443
كالغاصب على توقّف ، أو أمانة كالوديعة ، ولا يشترط الثبوت بل استحقاق الحضور ، فلو ادّعى ولم يقم بيّنة جازت الكفالة وإن أنكر الغريم.
إذا تمّت الكفالة وجب تسليم المكفول عند المطالبة به إن كانت مطلقة أو معجّلة أو عند الحلول ، ولو كان غائبا أنظر بقدر ذهابه وعوده ، وينظر في المؤجّلة بعد حلولها بقدر ذلك ، ولو امتنع من التسليم حبس حتّى يحضره أو يؤدّي ما عليه ، ويرجع على المكفول بما أدّاه ، سواء كفل بإذنه أو لا ، ويرجع على المكفول له إذا بان موت المكفول قبل الأداء.
ويجب على المكفول الحضور مع الكفيل إن كفله بإذنه ، وإلّا فإن طلب منه وجب الحضور ، وإلّا فلا.
ويبرأ بالتسليم التامّ في بلد الكفالة ، أو في المشترط ، وإن كره المكفول له ، وبموت المكفول إن لم يشهد على عينه ، (1) وبالغيبة المنقطعة على توقّف ، وبتسليمه نفسه ، وبانتقال الحقّ عن المستحقّ ، وبإبراء المكفول له أحدهما ، ولا يبرأ بالتسليم في حبس الظالم ، بخلاف الحاكم.
وينتقل حقّ الكفالة إلى الوارث.
ومن أطلق غريما من صاحب الحقّ قهرا لزمه إحضاره أو أداء ما عليه ، ولو كان قتلا لزمه الإحضار والدية ، ولا يسقط القتل بدفعها ، فلو حضر الغريم ردّ الوارث ما أخذه ، وله القتل.
ص: 444
ولو ادّعى الكفيل براءة المكفول قدّم قول المكفول له ، فإن أدّى عنه لتعذّر إحضاره لم يرجع عليه.
ولو ادّعى أنّه أبرأ المكفول ، قدّم قوله أيضا ، فإن ردّ اليمين عليه فحلف برئ من الكفالة دون المكفول.
ويصحّ ترامي الكفالة ، (1) ويلزم كلّ أجير إحضار من قبله ، وهكذا حتّى ينتهي إلى المديون ، فإن مات المديون أو أبرأه صاحب الحقّ برئوا جميعا ، ولو مات أحدهم برئ كفيله دون مكفوله.
ويصحّ أن يكفل كلّ من الكفيلين بدن صاحبه ، فإذا مات المديون أو أبرئ برئا معا ، وإن مات أحدهما لم يبرأ الآخر.
ولو كفل اثنان رجلا فسلّمه أحدهما برئ الآخر ، ولو كفله لاثنين فسلّمه إلى أحدهما لم يبرأ من الآخر.
ص: 445
وهو من لا يفي ماله بديونه ، ويحسب منه معوّضات الديون ، ولا يتحقّق الحجر بالفلس إلّا بشروط : ثبوت ديونه عند الحاكم ، وحلولها ، وقصور أمواله عنها ، وسؤال الغرماء الحجر ، فلو سأله الغرماء قبل ثبوت ديونهم لم يجابوا ، وكذا لو كانت مؤجّلة ، وإن كان بعضها حالّا ، فإن وفت أمواله به فلا حجر وإن قصرت عن المؤجّلة ، ولو قصرت عن الحالّة حجر عليه ، وقسمت فيها خاصّة ، ثمّ لا يشارك صاحب المؤجّلة إلّا أن تحلّ قبل القسمة ، ولا تحلّ بالحجر بل بالموت ، ولا يدام الحجر لأجلها.
ولو سأل بعض أرباب الحالّة الحجر فإن قصر ماله عنها صحّ ، وعمّ الجميع ، وإلّا فلا.
ولو وفت أمواله بديونه وله كسب ينفق منه ، لم يحجر عليه ، بل يؤمر بالقضاء ، فإن امتنع حبسه الحاكم ليؤدّي أو باع عليه.
ولو تبرّع الحاكم بالحجر ، لظهور فلسه أو لسؤال المديون لم ينفذ ، نعم له الحجر لدين اليتيم والمجنون لا الغائب.
ويحجر على من لا مال له في المتجدّدات كالإرث والاحتطاب وشبهه.
ص: 446
ويستحبّ إظهار الحجر لئلّا يستضرّ الناس.
وإذا تمّ الحجر تعلّق حقّ الغرماء بجميع ماله حتّى عوض الجناية في الخطأ وفي العمد مع التراضي ، فلا يجب عليه قبول الدية.
ويلحق به أحكام :
الأوّل : منعه من التصرّف المبتدأ في المال الموجود وقت الحجر بعوض : كالبيع والإجارة ، أولا : كالهبة والوقف والعتق ، سواء كان العوض مساويا أو لا ، ويقع التصرّف باطلا لا موقوفا.
أمّا ما لا يصادف المال : كالنكاح ، والخلع ، والقصاص ، والعفو عنه ، أو يصادف المال بالتحصيل : كالاحتطاب ، وقبول الوصية ، أو يصادفه بعد الموت : كالتدبير والوصية ، فإنّه ماض.
ويمضى تصرّفه فيما يتعلّق بالذّمّة ، فلو اشترى فيها ، أو باع سلما ، أو اقترض ، صبر معامله إن كان عالما بالحجر ، وإلّا اختصّ بعين ماله ، فإن تعذّر ضرب مع الغرماء.
ولا يمنع من الردّ بالعيب مع الغبطة ، ولا من الفسخ بالخيار أو الإمضاء وإن لم يكن غبطة ، ولا من وطء مستولدته ، ويمنع من وطء أمته ، فإن أحبلها صارت مستولدة ، ويقدّم حقّ الغرماء مع القصور.
ويمنع من قبض بعض حقّه ، ولو وهب قبل الفلس بشرط الثواب لم يكن له إسقاطه.
ولو أقرّ بدين مطلقا لم يشارك المقرّ له الغرماء ، ولو أسنده إلى ما قبل الحجر شاركهم ، ولو أسنده إلى ما بعده فإن كان عن إتلاف مال أو جناية
ص: 447
فكذلك ، وإن كان عن معاملة لزمه وصبر صاحبه إلى بعد الحجر.
ولو أقرّ بعين دفعت إلى المقرّ له على توقّف ، فإن كذّبه قسّمت ، وكذا التوقّف لو صدّق المشتري في شراء هذه العين منه قبل الحجر.
ولو أقرّ بمال مضاربة لغائب حلف وأقرّ في يده ، ولو قال لحاضر فإن صدّقه دفع إليه ، وإن كذّبه قسّم.
وتجب مؤاجرة دابّته وداره ومملوكه وإن كانت أمّ ولده.
الثاني : اختصاص الغريم بعين ماله ، فمن وجد عين ماله كان أحقّ بها ، مع الوفاء وعدمه وإن لم يكن سواها ، ويشترط في الميّت الوفاء ، والخيار على الفور ويعذر جاهله ، ولو وجد البعض أخذه بحصّته من الثمن ، وضرب بالباقي.
أمّا الشروط فأربعة :
الأوّل : انتقال العين بمعاوضة محضة ، فلا يثبت في النكاح والخلع والعفو [ عن القصاص (1) ] على مال لو فلس الزوج بالمهر والزّوجة بالفدية والجاني بالمال ، ويثبت في البيع والسلم والإجارة ، فلو أفلس المسلم إليه ففسخ المسلم رجع إلى رأس ماله ، فإن تلف ضرب به.
ولو أفلس المستأجر ففسخ المؤجر ، رجع بالعين المستأجرة ، ولو قدّم بالأجرة لم يجب عليه القبول ، فإن ضرب آجرها الحاكم ودفع الأجرة إلى الغرماء.
ص: 448
ولو أفلس مستأجر الأرض بعد زرعها ففسخ المؤجر ، ترك الزرع بأجرة مقدّمة على الغرماء.
ولو أفلس مشتري الأرض بعد زرعها ففسخ البائع ، ترك الزّرع بغير أجرة.
والفرق انّ المعاوضة في الأولى على المنفعة ولم يمكن من استيفائها وفي الثانية على العين وقد أخذها.
ولو أفلس المؤجر فإن كانت الإجارة على عين ، قدّم المستأجر بالمنفعة ، وإن كانت في الذمة رجع إلى الأجرة مع بقائها ، وإلّا ضرب بقيمة المنفعة.
ولو أفلس ثمّ انهدم المسكن ففسخ المستأجر ، رجع بالأجرة مع بقائها ، وإلّا ضرب بها.
الثاني : سبق المعاوضة على الحجر ، فلو باعه بعده لم يكن له الرجوع ، ولا الضرب إن كان عالما ، بل ينظره إلى الميسرة.
الثالث : بقاء العين في ملكه ، فلو تلفت أو أعتق أو كاتب أو أرهن فلا رجوع ، وكذا لو انتقلت عنه وإن عادت بغير عوض كالهبة ، امّا لو ارتجعه بخيار أو إقالة أو ردّ بالعيب فله الرجوع.
ولا يشترط عدم زيادة القيمة عن الثمن لعموم النصّ.
الرابع : حلول الثمن ، فلو كان مؤجّلا لم يكن له الرجوع وإن حلّ قبل فكّ الحجر ، ولا يوقف السلعة حتّى يحلّ ، ولا يحلّ بالفلس.
ص: 449
فمتى زادت العين زيادة متّصلة كالنموّ والسّمن فله أخذها (1) مجّانا ، وكذا تعلّم الصنعة ، وإن كانت منفصلة : كالولد والثمرة أخذ الأصل خاصّة بكلّ الثمن وإن كان الولد جنينا والثمرة غير مؤبّرة ، وعليه إبقاؤها إلى الجذاذ.
ولو استولد الأمة فله أخذها وبيعها.
ولو كانت الزيادة صفة محضة : كطحن الحب وقصارة الثوب ، فإن لم تزد بها القيمة رجع مجّانا ولا شركة ، وإن زادت تشاركا ، فلو كانت قيمة الثوب عشرة ومقصورا خمسة عشرة ، وأجرة القصر درهم ، فإن ألحقنا الصفة بالأعيان قدّم البائع بعشرة والمؤجر بدرهم والغرماء بأربعة ، وإن لم يلحقها فللغرماء خمسة ، ويضرب المؤجر بالدرهم ، وكذا لو باعه غزلا فنسجه.
وإن كانت الزيادة عينا من وجه وصفة من وجه كالصبغ ، فإن لم تزد القيمة فلا شركة ، وإن زادت بمثل قيمة الصبغ - بأن كان قيمة الثوب أربعة والصبغ دينارين ، ومصبوغا ستّة - فللمفلّس ثلث الثمن ، وإن زادت بأكثر من قيمته فعلى إلحاق الصّفة بالأعيان الزيادة للمفلّس ، وإلّا بسطت على قيمة الثوب والصّبغ ، فلو ساوى ثمانية قسّم الثمن أثلاثا ، وإن نقصت قيمته كما لو ساوى خمسة فالنقصان على المفلّس.
ولو مزجت العين بأخرى ولم تتميّز كالزيت ، فإن كانت بمثله أو أردى رجع وإلّا ضرب.
ص: 450
ولو غرس الأرض أو بنى ثمّ فلس بثمن الأرض ، فللبائع الرجوع لإزالة الغرس أو البناء وإن بذل الأرش بل يباعان وله ما قابل الأرض ، ولو امتنع جاز بيع الغرس أو البناء منفردا.
ولو أفلس بثمن الغرس فلبائعه الرجوع وإزالته ، وعليه تسوية الحفر.
ولو أفلس بثمن الجميع فلكلّ الرجوع ، فإن قلع صاحب الأرض كان عليه الأرش ، وإن قلع صاحب الغرس كان عليه طمّ الحفر.
ومتى عاب من قبله تعالى أو من قبل المفلّس أخذه بغير أرش أو ضرب بالثمن ، وإن عاب بجناية أجنبيّ أخذه وضرب بالأرش وإن كان بقدر الثمن ، كما أنّ له أخذه صحيحا وقيمته ضعف الثمن.
هذا إذا لم يكن للتالف قسط من الثمن كيد العبد ، وإن كان له قسط كعبد من عبدين فله أخذ الباقي بحصّته من الثمن ويضرب بثمن التالف.
ولو كان بتغيّر الحقيقة كصيرورة الحبّ زرعا والبيضة فرخا لم يكن له الرجوع ، بخلاف ما لو باعه ثمرة لم تبلغ ثمّ بلغت.
وليس للمحرم الرجوع في الصيد ، والرجوع فسخ فلا يشترط معرفة المبيع ، ولا القدرة على تسليمه ، ولو غاب ومضى عليه مدّة يتغيّر فيها صحّ الرجوع ، وله الخيار مع التغير ، (1) فلو رجع في الآبق ، صحّ وإن لم يقدر عليه ، وتلفه بعد الرجوع منه لا قبله ، فيضرب بالثمن.
الثالث : (2) في بيع ماله وقسمته ، ويتولّاهما الحاكم ، فينبغي له أن يحضر
ص: 451
كلّ متاع في سوقه ، وإحضار الغرماء والمفلّس ، ويبدأ بما يخشى تلفه ، ثمّ بالمرهون والجاني.
ويعيّن الحاكم مناديا مع عدم الاتّفاق ، ويبيع حالّا بثمن المثل بنقد البلد ، فإن خالف حقّ الغرماء دفع إليه بالقيمة ، ولا يسلّم المبيع قبل قبض الثمن ، فإن تعاسرا تقابضا معا.
ولا تباع دار سكناه ولا خادمه وفرسه ، إلّا ما يفضل عن حاجته ، ولا أمّ ولده ، ولو طلب ما بيع (1) بزيادة لم ينفسخ العقد ، ولا يجب على المشتري فسخه بل يستحبّ.
ولو خرج المبيع مستحقّا ، فإن كان الثمن باقيا أخذه صاحبه ، وإلّا قدّم به.
وأجرة الدلّال والوزّان والكيّال والحمّال والمسكن على المفلّس ، وينفق عليه وعلى عياله نفقة مثله إلى يوم القسمة ، ونفقة يومها ، ويقدّم كفنه الواجب ، فإذا بيعت أعواضه فإن اقتضت المصلحة تأخير القسمة ، جعل المال في ذمّة مليّ ثقة ، فإن تعذّر أودع من الثقة ، وإلّا قسّم بين ذوي الديون الحالّة ، ولا يكلّفون الحجّة على عدم غيرهم ، بل تكفي إشاعة حاله بحيث لو كان لظهر.
ولو ظهر غريم نقضت القسمة ، وشارك في النماء المتجدّد ، ولا يشارك من حلّ دينه عند النقض.
ولو تلف المال بعد النقض لم يحسب على الغرماء على توقّف.
ويزول الحجر بالقسمة ، ويجب إطلاقه ، ولو بقى عليه شي ء لم تجب مؤاجرته ، وتؤجر أمّ ولده والموقوف عليه.
ص: 452
الرابع : في حبسه ، كلّ من عليه دين يجب قضاؤه ، فإن عرف له مال ظاهر ألزم التسليم ، فإن امتنع حبسه الحاكم ، أو باع عليه ووفّى عنه ، وإن ثبت فقره إمّا بالبيّنة أو بإقرار الغرماء خلّى سبيله.
وإذا ادّعى الإعسار وكذّبه الغريم ، فإن أقام بيّنة عمل بها ، وإلّا فإن عرف له أصل مال حبس حتّى يثبت إعساره ، سواء كان أصل الدعوى مالا أو لا ، وإن لم يعرف له أصل مال فإن كان أصل الدعوى مالا حبس حتّى يثبت الإعسار ، وإلّا قدّم قوله مع اليمين.
ولا تقبل (1) بيّنة الإعسار إلّا مع المعرفة الباطنة ، وللغريم إحلافه ، ولو شهدت بالتلف قبلت وإن لم تخبره ، (2) وليس له إحلافه.
ص: 453
ص: 454
ص: 455
ص: 456
وهو المنع من التصرّف في المال ، وأسبابه ستّة :
ويحجر على الصّغير إلّا في إيصال الهديّة وفتح الباب للداخل.
ويزول الحجر بوصفين :
الأوّل : البلوغ ، ويحصل بنبت الشّعر الخشن على العانة ، لا بالزّغب (1) وبخروج المنيّ من المعتاد ، أو ببلوغ خمسة عشر سنة في الذكر وتسع في الأنثى ، والحيض دليل على سبقه وكذا الحمل ، ويعلم بالوضع فيحكم بالبلوغ قبله بستّة أشهر ولحظة.
ويحكم ببلوغ الخنثى المشكل إذا أمنى من الفرجين ، أو حاض من فرج الأنثى وأمنى من فرج الذكر.
ولو ادّعى البلوغ بالإمناء في وقت ممكن صدّق بغير يمين ، ولو ادّعاه بالسّن لم يصدّق إلّا بالبيّنة.
الثاني : الرشد ولا يزول الحجر بدونه وإن طعن في السّن ، (2) وهو إصلاح
ص: 457
المال ، ولا يشترط العدالة إلّا أن يستلزم عدمها التبذير : كصرف ماله في الخمر ، ويعلم باختياره بما يلائمه من التصرّفات ، وقوّته على المكايسة وتحفّظه من الانخداع في المعاملات ، والاعتناء بما يناسبه من الحركات : كالصنعة والاستغزال.
ويثبت بشهادة الرجال في الرجال والنساء في النساء ، والعقد المختبر به صحيح.
ولا يصحّ بيعه وشراؤه بدونهما وإن أذن الوليّ ولا تصرّفه مطلقا (1) على الأقوى.
وليّ الطفل أبوه أو جدّه له وإن علا ، وإن وجدا اشتركا ، ولو فقدا فالوصيّ ، ولو فقد فالحاكم ، وليس للأمّ وباقي الأقارب ولاية.
ولا يتصرف الوليّ إلّا بالغبطة ، فلا يصحّ إسقاط ما في ذمّة الغير ، ولا الطلاق عنه وإن كان بعوض ، ولا العفو عن القصاص مجّانا بل على مال ، ولا إسقاط الشفعة إلّا لمصلحة ولا يبيع عقاره لغير حاجة ، ولا إقراض ماله إلّا مع إرادة السّفر ، أو خوف تلفه بنهب أو غرق ، أو بسبب بقائه إذا لم يمكن بيعه ، فيجب الرهن إن أمكن.
ويصحّ عتق الكبير العاجز ، واستيفاء القصاص ، ورهن ماله للحاجة عند
ص: 458
الثقة ، والمضاربة بماله ، وإبضاعه (1) ، وبناء عقاره ، وكتابة رقيقه مع الغبطة ، وجعله في المكتب بأجرة ، أو في صنعة تليق به.
ويجب حفظ ماله ، ويستحبّ استنماؤه ، ويجوز الاستئجار ، والاستنابة في ذلك ، وكذا للوصيّ ، وله أن ينفق عليه منفردا ، وأن يخلطه مع عياله ، فينبغي أن يحسب عليه مثل أقلّهم.
ويقبل قوله في الإنفاق عليه وعلى ماله بالمعروف ، وفي التلف من غير تفريط أبا كان أو غيره ، وله أن يأخذ أجرة المثل ، ويستحبّ أن يستعفف مع الغنى أو مع تبرّع الأجنبيّ على توقّف.
وهو زوال العقل أو تشعّبه ، ويمنع المجنون من كلّ تصرّف حتّى يرشد.
وحكمه حكم الصبيّ فيما تقدّم ، وأنّ للوليّ أن يطلّق عنه ، وأن يزوّجه مع الحاجة ، وله أن يزوّج الصّبيّ مطلقا ، ولا ينفذ بيعه بإذن الوليّ إجماعا.
وهو ضعف في العقل يقتضي إضاعة المال ، والسفيه من يصرف أمواله في غير الأغراض الصحيحة أو في الأغذية التي لا تليق به ، بخلاف صرفه في وجوه القرب.
ولا يثبت الحجر بظهوره بل بحكم الحاكم ، وينبغي له إظهار أمره ، ولا يزول إلّا بحكمه.
ص: 459
ومع الحجر لا تصحّ تصرّفاته الماليّة : كالبيع ، والشراء ، والهبة ، وإن ناسبت أفعال العقلاء ، ويرتجع الحاكم ما باعه ويردّ الثمن إن وجده وإلّا ضاع ، ويرتجع البائع ما اشتراه إن وجده ، وإلّا ضاع ، ولا يرجع عليه وإن فكّ حجره ، سواء علم بالحجر أو لا ، هذا إن قبض بإذنه ، وإلّا ضمن ، وكذا القرض وكلّ مال حصل في يده برضاء صاحبه.
ولو أودع أو أعير فأتلف أو تلف بتفريط لم يضمن على توقّف.
ولو أتلف مال غيره ، أو غصبه ضمنه ، وكذا حكم الصبيّ والمجنون.
ولا يصحّ إقراره بدين ، أو تلف مال ، أو جناية توجب المال ، ولا يلزم بعد الفك.
ولو أجاز الوليّ عقوده صحّت ، ولو تقدّم الإذن صحّت إن عيّن ، وإلّا فلا ، ولو اتّهب أو باع عن غيره جاز ، ويجوز تصرّفه في غير المال : كالطلاق ، واللعان ، والظهار ، والخلع ، لكن لا يسلّم إليه الفدية ، وطلب القصاص ، والعفو عنه ، لا عن الدية والأرش ، وإن عفا على مال لا يسلّم إليه ، والإقرار بالنسب ، وينفق على الملتحق من بيت المال.
ولو أقرّ بما يوجب قصاصا أو حدّا استوفي منه.
ولو أقرّ بالسرقة قبل في القطع لا في المال ، ويجوز تزويجه مع المصلحة ، ولو بادر ، وقف على إجازة الوليّ ؛ وشراء (1) أمة يطأها ، ولو استولدها عتقت بموته.
وهو في العبادة كغيره لكن لا يتولّى إخراج الزكاة والخمس ، ويمكّن من الحجّ الواجب وإن زادت نفقته على الحضر ، ومن المندوب إن لم تزد ،
ص: 460
أو أمكنه تحصيل الزّائد بالاكتساب ، وإلّا حلّله الوليّ بالصوم (1).
والولاية في ماله للحاكم وأمينه خاصّة ، وإذا رشد وفكّ حجره ثمّ عاد التبذير حجر عليه.
ويمنع المملوك من التصرّف في نفسه بإجارة ، أو نكاح ، أو قبول هبة ، أو وصيّة أو وكالة وفيما في يده ببيع وغيره ، إلّا بإذن مولاه وإن قلنا انّه يملك.
ويصحّ خلعه ، وطلاقه وإن نهاه مولاه ، وليس له أهليّة الملك ، فلو ملّكه مولاه ، أو اشترى لنفسه بإذنه لم يملك ، ويستبيح البضع بالإذن.
ولا يقبل إقراره بمال أو قصاص أو حدّ ، ويتبع به ، وينفذ لو صدّقه مولاه.
وهو ما يتّفق معه الموت وإن لم يكن مجنونا ، ويحجر على المريض في ثلثي ماله ، فلو تبرّع منه بشي ء منجّزا أو وصيّة لم يصحّ إن مات في مرضه ، ولم تجز الورثة ، وينفذ إقراره من الأصل ، ومع التهمة من الثلث ، سواء الوارث وغيره.
وتحلّ الديون المؤجّلة بموته ، ولا تحلّ ديونه.
وقد تقدّم.
ص: 461
ص: 462
ص: 463
ص: 464
لمّا مسّت الحاجة إلى نقل المنافع شرّع ذلك إمّا بتقدير المنفعة والعوض ، (1) أو بتجهيلهما ، (2) أو بتقدير المنفعة دون العوض (3) أو بالعكس (4) فهنا فصول :
وهو الإجارة :
وفيه مطالب :
وهو كلّ لفظ يقتضي انتقال المنافع المملوكة بعوض مقدّر ، ويفتقر إلى
ص: 465
الإيجاب والقبول ، فالإيجاب : آجرتك أو أكريتك ، بخلاف أعرتك وبعتك ، وإن نوى به الإجارة ، ويجوز ملّكتك سكنى الدار ، بخلاف بعتك سكناها وإن نوى الإجارة.
والقبول ما يدلّ على الرّضا : كقبلت.
ويدخله خيار الشرط لهما أو لأحدهما أو لأجنبيّ ، بخلاف خيار المجلس.
وهو لازم من الطرفين ، لا يبطل إلّا بالتقايل كالبيع ، ولا بموت أحدهما إلّا أن يكون المؤجر موقوفا عليه ، ويموت قبل مضيّ المدّة ، ولا بالعذر مع إمكان الانتفاع.
ولا بدّ من صدوره من بالغ عاقل جائز التصرّف ، ولو عقد المميّز بإذن الوليّ صحّ على توقّف.
وفيه مباحث :
وهو كلّ عين ينتفع بها مع بقائها ، فلا تصحّ إجارة الطعام للأكل ، والشمع للعلق ، وتجوز إجارة المشاع ، ويشترط في المعيّنة المشاهدة ، أو الوصف بما يرفع الجهالة ، ومشاهدة ما يتوقّف عليه الانتفاع كشرب البستان ، والدولاب ، وأتّون (1) الحمّام ، ومرمى رماده ، ومجرى مائه ، أو وصف ذلك.
ص: 466
ولا تبطل بعتق العبد ، وعلى العبد الوفاء بباقي المدّة ، ولا يرجع على مولاه بأجرة المثل ، ويجب عليه نفقته إلّا أن يكون شرطها على المستأجر ، ولا بالبيع بل يتخيّر المشتري مع جهله بين الفسخ والإمضاء مجّانا ، فالأجرة للبائع ، ولو ردّها المستأجر بالعيب فالمنفعة للبائع ، ولو اشتراها المستأجر لزمته الأجرة والثمن.
ويشترط في المطلقة الوصف ، ولا يبطل العقد بالتلف بل يجب الإبدال ، فإن تعذّر فللمستأجر الفسخ.
ويبطل بتلف المعيّنة قبل القبض أو عقيبه ، ولو انتفع بطل في الباقي ، ورجع بما قابل المتخلّف من الأجرة ، وكذا لو ظهر استحقاقها.
ولا يؤجر العقار في الذمة إلّا مع التعيين أو الوصف.
ويجب علف الدابة وسقيها على المستأجر ، ويرجع به ، فلو أهمل ضمن ، وكذا نفقة الأجير المنفذ في حوائجه ، إلّا أن يشترط سقوطها ، والواجب نفقة مثله ، ولا يجب دواء مرضه ، ولا يسقط حقّه من النفقة به ، وله أن يستفضل ما زاد عن كفايته.
وتصحّ إجارة الصبيّ مدّة يجوز (1) بلوغه فيها ، فإن اتّفق تخيّر في الفسخ والإمضاء ، ولا تبطل بموت الوليّ أو انتقالها (2) عنه.
ص: 467
وهو ما يصحّ أن يكون ثمنا ، عينا كان أو منفعة ، ويشترط العلم بقدر المكيل والموزون ، وتكفي المشاهدة في غيرهما أو الوصف الرافع للجهالة ، فلو استأجر الدار بعمارتها ، أو الراعي باللّبن ، أو الطحّان بالنخالة ، أو السلّاخ بالجلد لم يصحّ.
ولو استأجره لطحن قفيز بصاع منه ، أو للجذاذ بجزء مشاع من الثمرة ، أو لإرضاع الرقيق بجزء مشاع منه صحّ.
ولو استأجره لطحن قفيز بصاع منه ، أو للجذاذ بجزء مشاع من الثمرة ، أو لإرضاع الرقيق بجزء مشاع منه صحّ.
ولو استأجره لحمل متاع إلى مكان في وقت معيّن فإن قصر نقص من أجرته شيئا جاز ، ولو شرط الأجرة لم يجز ، وكان له أجرة المثل.
ولو قال : إن خطته فارسيّا فلك درهم وإن خطته روميّا فلك درهمان ، أو إن خطته غدا فلك درهم ، وإن خطته اليوم فدرهمان صحّ.
ولا يجوز آجرتك كلّ شهر بدرهم ، ولا هذا الشهر بدرهم ، وما زاد بحسابه ، ولا نقل الصبرة كلّ قفيز بدرهم.
ويجوز أن يؤجر الشي ء بأكثر ممّا استأجره به إن آجر بغير الجنس أو أحدث فيه حدثا ، وإلّا فقولان ، وكذا لو تقبّل عملا بشي ء ثمّ قبله لغيره بأقلّ ، أو سكن البعض وآجر الباقي بزيادة.
ويملك [ المؤجر ] الأجرة بالعقد كما يملك المنفعة به ، ويجب التعجيل إن أطلق أو شرطه ، ويجوز اشتراط الأجل نجما أو نجوما بشرط تقديره.
ولو كانت على عمل لم يجب تسليم الأجرة إلّا به وبتسليم العين
ص: 468
معمولة (1) فلو تلفت قبله لم يستحقّ أجرة وإن لم يفرّط إلّا أن يكون العمل في ملك المستأجر.
ولو سلّم العين المستأجرة : كالدار والدابّة ، ومضت مدّة يمكن استيفاء المنفعة فيها ، لزمته الأجرة وإن لم ينتفع ، سواء اقترنت بزمان أو لا ، وكذا لو بذل العين فلم يأخذها ، ومضت مدّة يمكن فيها الاستيفاء.
ولو طلب المستأجر العين فامتنع المؤجر فهو غاصب ، وكذا لو لم يعمل في الوقت المشترط ، ولو عمل بعده لم يستحقّ أجرة.
وإذا استوفى المنفعة أو بعضها ثمّ بان فساد العقد ، فعليه أجرة المثل ، زادت عن المسمّى أو نقصت.
وإذا (2) ظهر في الأجرة عيب فإن كانت مضمونة فله المطالبة ببدلها ، فإن تعذّر فله الفسخ أو الأرش ، دون البدل.
وإذا تمّت الأجرة المعيّنة فالنماء للمؤجر ، سواء كانت في يده أو في يد المستأجر ، فإن فسخت الإجارة فالمتّصلة للمستأجر دون المنفصلة على توقّف.
ولو ظهر البطلان فهي للمستأجر قطعا ، ولو أفلس المستأجر فللمؤجر الفسخ.
ويكره استعمال الأجير قبل المقاطعة على الأجرة وتضمينه مع انتفاء التّهمة.
ص: 469
فلا تتعلّق الإجارة بالأعيان إلّا للحاجة : كاستئجار الظئر لإرضاع الولد ، والشاة لإرضاع السّخلة ، والفحل للضراب ، وماء الحمّام للاستحمام ، والبئر للاستقاء.
ويشترط في المنفعة أمور :
الأوّل : إباحتها ، فلا تصحّ لكتابة الكفر ، ولا للغناء ، أو لحمل المسكر ، أو إحرازه ، ولا تستأجر الأرض للزرع ببعض ما يخرج منها ، مقدّرا كان أو مشاعا ، وهي المخايرة.
الثاني : كونها غير واجبة ، فلا تصحّ على الغسل والوضوء ، ولا على تعليم القدر الواجب من القرآن والفقه ، وتصحّ على تعليم الحكم والآداب والطّب ونسخ المصحف.
الثالث : كونها مملوكة ، إمّا تبعا للغير ، أو منفردة : كالمستأجر ، فيؤجر مثله أو أدون ضررا ، سواء كان قبل القبض أو بعده ، للمؤجر وغيره ، ولو شرط عليه استيفاء المنفعة بنفسه لم تصحّ ، فيضمن بالتسليم.
ويقف عقد الفضولي على الإجازة.
الرابع : كونها معتبرة في نظر العقلاء ، فلو استأجر الحائط المزوّق للتنزّه ، والطّعام أو الشمع للتجمّل ، لم تصحّ ، ولو استأجر الشجرة لتجفيف الثياب ، أو للاستظلال ، أو السّتور للتجمّل ، أو الطيب للشمّ صحّ على توقّف.
الخامس : عدم المانع الشرعي أو الحسي من استيفائها ، فلو آجر نفسه للحجّ مع وجوبه عليه وتمكّنه منه ، لم يصحّ ، ولا يؤجر نفسه لصلاة عليه مثلها ، فلو صلّى لم تقع عن أحدهما ، ويجب ترتيبها كما فاتت الميّت ، فلو استأجر
ص: 470
الوليّ اثنين كلّ واحد لسنة ، فإن تعاقب الإيقاع برئا ، ولو اقترن قضى كلّ واحد نصف سنة ، سواء علم كلّ واحد بعقد الآخر أولا.
ويصحّ أن يؤجر نفسه للجهاد عن الحي والميّت إلّا أن يتعيّن على المنوب ، وكذا الحجّ المندوب والزيارة ، أمّا الحجّ الواجب فيشترط موت المنوب ، ويشترط ذلك في الصلاة والصوم مطلقا.
ولو استأجر جنبا أو حائضا للطواف أو لكنس المسجد أو الكافر مسلما للخدمة ، أو زوجة الغير لما يمنع بعض حقوقه بغير إذنه لم تصحّ ، وكذا لو استأجره لقطع يد صحيحة ، أو لقلع ضرس سليم ، ولو كانت اليد متأكّلة والسنّ متألّما صحّ ، ولو زال الألم قبل العمل بطلت الإجارة.
السادس : تمييزها إذا تعدّدت ، فلو قال : آجرتك هذه الدابّة وأطلق لم يصحّ حتّى يقول للحمل مثلا ، ولو قال : آجرتك هذه الدار صحّ.
السابع : إمكان تسليمها ، فلو آجره عبدا آبقا لم تصحّ وإن ضمّ إليه غيره ، ولا ما في يد الغاصب مع تعذّر انتزاعه ، ولا الدابّة العاصية أو الصائلة أو الضالّة ، ولا لصيد شي ء بعينه ، ويجوز للاحتطاب وشبهه.
الثامن : إمكان استيفائها ، فلو استأجر الأخرس للتعليم ، والأعمى للحفظ ، أو أرضا معطّلة بالماء أو بعدمه للزرع ، أو شاة للحمل أو الحرث لم تصحّ.
ولو انهدم المسكن في الأثناء ، فللمستأجر الفسخ والرجوع بنسبة المتخلّف إلّا أن يبادر المؤجر إلى إصلاحه ، ولا يجبر عليه ، ولو انهدم البعض تخيّر في الفسخ وإمساك الباقي بحصّته ، وكذا لو غرقت الأرض أو انقطع ماؤها ، ولو نقص انتفاعه فله الفسخ والإمضاء بالجميع.
ص: 471
ولو منعه المؤجر من الاستيفاء ، فله الفسخ والمطالبة بالمسمّى والإمضاء والمطالبة بأجرة المثل ، ولو منعه في الأثناء لم تسقط أجرة الماضي ، وحكم الباقي كالأوّل.
ولو غصبه ظالم قبل القبض ، وجب على المؤجر التخليص ، فإن تعذّر فللمستأجر الفسخ ومطالبة المؤجر بالمسمّى ، والإمضاء ومطالبة الغاصب بأجرة المثل ، ولو كان بعد القبض لم يجب عليه التخليص وإن قدر عليه ، ولم تبطل ، ويرجع على الغاصب بأجرة المثل.
ولو منع الخوف من استيفاء المنفعة ، فلكلّ منهما الخيار.
التاسع : العلم بقدرها ، ويختلف التقدير باختلاف الأعيان فهاهنا (1) فصول :
ويقدّر بالعمل : كخياطة الثوب ، أو بالزمان : كخياطة يوم ، وكلاهما يقع معيّنا وفي الذمّة ، فالأوّل كخياطة هذا الثوب أو خياطة ثوب من نوع كذا بصفة كذا ، والثاني كخياطة هذا اليوم أو خياطة يوم.
ويشترط ضبطه ، لتفاوت الأيّام ، ولا يصحّ جمع الزمان المعيّن والعمل المعيّن.
والمستأجر لمدّة معيّنة أجير خاصّ ، ولا يجوز له العمل فيها لغير
ص: 472
المستأجر إلّا بإذنه ، فإن لم يعمل له أثم ، ولا يجب عليه العمل في غيرها ، ولو لم يستعمله فيها استحقّ الأجرة بمضيّها.
والمستأجر لعمل في الذمّة أجير مشترك ، يصحّ أن يعمل لغيره بغير إذنه ، ويأثم بالتأخير عند المطالبة.
ولا بدّ من تعيين العمل ، وذكر نوعه ، ووصفه ، بما يرفع الجهالة ، وذكر المحلّ إن اختلف العمل باختلافه : كالنسج ، وتعليم سورة من القرآن ، ولو عجز الأجير فإن كانت معيّنة بطلت ، وإلّا لزمه الاستئجار.
ولو عجز عن البعض ، فله من الأجرة بنسبة ما عمل.
ولو مات فإن تعيّن الوقت بطلت ، وإلّا استؤجر من التركة.
ويجب على الأجير كلّ ما يتوقّف العمل عليه : كآلات الصنائع ، وفي إيجاب الخيوط على الخيّاط ، والحبر على الناسخ ، والصّبغ على الصبّاغ ، والكشّ (1) على اللّاقح قولان ، والأقوى اتّباع العرف.
وتقدّر المدّة باليوم ، والليلة ، والأسبوع ، والشهر ، والسّنة ، والنهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وينعكس في الليلة ، فلو قال : إلى النهار ، فهو إلى أوّله ، وكذا إلى الليل.
ويصحّ تقدير الشهر والسّنة بالقمر والشّمس.
ص: 473
ويقدّر الركوب بمشاهدة الراكب أو وصفه ، لا بوزنه ، ومشاهدة الدّابّة أو وصفها ، فيذكر (1) جنسها ، ونوعها ، والذكورة والأنوثة ، ثمّ إن كانت المنازل معلومة ، أو السّير إلى غير المتآجرين لم يحتج إلى ذكر أوقاته ، وإلّا ذكر.
ولو عيّناه ليلا أو نهارا تعيّن ، ومع الإطلاق يحمل على العرف.
ويركبه المؤجر على ما يليق بالدابّة ، من سرج أو إكاف (2) أو زاملة (3) إلّا مع التعيين ، وليس له رفع (4) شي ء من الآلات ، والتعاليق ، والزاد ، والوطاء ، (5) إلّا مع الشرط ، ويجب ضبط ذلك بالمشاهدة أو الوصف.
وعليه أن يركبه ويوقف له الدابة للصلاة الواجبة ، وقضاء الحاجة.
ويجوز أن يستأجر للعقبة فيجب التقدير ، وأن يستأجر نوبا (6) مقدّرة بالزمان أو الفرسخ.
ص: 474
وإذا شرط المحمل ، فإن اتّفقت المحامل كفى ذكر الجنس ، وإلّا وجبت مشاهدته ، أو وصفه ووزنه ، وكذا الغطاء.
وليس له إبدال ما تعيّن من الزاد بالأكل المعتاد إلّا مع الشرط أو التلف.
وعلى المؤجر الحداجة (1) والزمام ، والسّرج ، واللجام ، والبردعة ، والحزام ، وما يفتقر إليه ، وكذا رفع المحمل وشدّه ، وحطّه إلّا أن يقتضي العرف غير ذلك إلّا مع الشرط.
ويقدّر الحمل بالوزن أو الكيل ، وذكر الجنس ، وتكفي المشاهدة.
ولا بدّ من تقدير المسافة وتعيين الطريق إن تفاوتت الطرق ، وذكر البطء مع الحاجة : كالزجاج والفاكهة ، ولو استأجر لحمل ما شاء لم يصحّ والظرف على المستأجر ولا يدخل في الوزن ، فلو استأجر لمائة رطل لم يحسب منها الظرف.
ويقدّر الطحن بالوزن أو الكيل (2) أو الزمان ، وتجب مشاهدة الحجر أو وصفه.
ويقدّر الاستيفاء على الدولاب بالزمان أو بمل ء شي ء معيّن ، لا بسقي البستان.
ويشترط مشاهدة الدولاب أو وصفه ، وسقي الماشية بالزمان أو بالعدد ، مع المشاهدة أو الوصف ، وذكر ظمئها.
ويقدّر الحرث بالزمان أو بموضع معلوم ، ويشترط مشاهدة الأرض أو وصفها.
ص: 475
وينحصر في الزرع ، والغرس ، والبناء ، والسكنى ، ويشترط مشاهدة الأرض أو وصفها بما يرفع الجهالة ، وتعيين (1) أحد منافعها ، فلو أطلق أو آجرها لينتفع بما شاء أو لأحد المنافع لم يصحّ ، وذكر المدّة وضبطها ، ولا يشترط اتّصالها بالعقد ، ولو أطلق اقتضى الاتّصال ، ولو شرط التأخير صحّ.
ولو استأجرها للزرع وجب مع ذلك إمكان بلوغه في المدّة ، فلو شرط إبقاءه إلى بلوغه لم يصحّ ، وكذا لو قصرت إلّا أن يشترط نقله بعدها ، ولو انقضت قبل بلوغه بسبب المستأجر فللمؤجر نقله أو إبقاؤه بأجرة ، وإن كان لآفة سماويّة ، فعليه تبقيته ، وله المسمّى وأجرة الزيادة ، وليس له منعه من زرع ما يبقى بعد المدّة ، بل له إزالته بعدها.
و [ يشترط ] وجود الماء أو العلم بوجوده عند الحاجة غالبا لا نادرا ، فإن لم يكن بطلت مع الجهل ، وصحّت مع العلم ، وينتفع بما شاء إلّا الغرس والبناء.
ولو انقطع في الأثناء فله الفسخ ، وعليه أجرة ما سلف.
ولو كانت مستغرقة أو جرت العادة بغرقها أو كان الماء ينحسر عنها تدريجا لم يصحّ.
ولو علم انحساره عند الحاجة صحّ إن عرفت الأرض أو أمكن معرفتها ، وكذا لو أمكن معه الزرع كالرّز. (2)
ص: 476
ولو انقطع الماء أو غرقت قبل القبض أو عقيبه ، وتعذّر الزرع بطلت ، ولو كان بعد الزرع وزّعت الأجرة على قيمة المدّتين.
ولو قلّ الماء بحيث يمكن الزرع على نقص ، فإن كان قبل الزرع تخيّر المستأجر في الفسخ والإمضاء بكلّ الأجرة ، وإن كان بعده تخيّر في الفسخ والإمضاء بما بعد الأرش ، فإن فسخ فله إبقاء الزرع إلى الحصاد ، وعليه من المسمّى ما قابل المدّة قبل الفسخ ، وأجرة المثل إلى الحصاد.
وإطلاق العقد يقتضي زرع ما شاء ، ويحتمل وجوب التعيين لتفاوت الضرر ، ولو شرط شيئا معيّنا جاز زرع ما يساويه في الضرر أو ينقص عنه ، ولو شرط الاقتصار عليه لم يجز غيره.
ولو استأجرها للغرس وجب تعيين المغروس من نخل أو شجر ، ولو تفاوت الشجر وجب البيان وتقدير المدّة ، وإن بقى بعدها فيجب قلعه عند انتهائها ، وكذا لو شرط القلع عنده ، ولا أرش على المالك ولا على الغارس إلّا أن يقلعه قبل المدّة ، ولو اتّفقا على إبقائه مدّة معيّنة بعوض أو على دفع المالك قيمته جاز ، ولا يجبر أحدهما.
ولو استأجرها للبناء وجب تعيين الموضع ، والطول ، والعرض ، والعلوّ ، وتقدير المدّة.
ولو استأجرها للسكنى وجب تقدير المدّة وله النزول فيها وضرب خباه بها ، وحطّ رحله ، ووضع الحطب والحشيش بها ، وأمثال ذلك.
ولو استأجر دارا وأطلق صحّ ، وله السكنى بنفسه وعياله ، ووضع ما جرت
ص: 477
العادة بوضعه ، من الرحل ، والطعام ، والحطب ، والأثاث دون الأشياء الثقيلة فوق السّطح والغرفة ، ودون الدولاب والرحى إلّا مع العادة ، ويجوز أن يسكن مساويه في الضرر ، إلّا مع شرط التخصيص.
وإذا سكنها المؤجر بعض المدّة تخيّر المستأجر في فسخ الجميع ، فيدفع قسط ما سكن من المسمّى ، وفسخ ما سكن المؤجر فيسترجع قسطه من المسمّى ، وفي إمضاء الجميع فعليه المسمّى ويأخذ من المؤجر أجرة مثل ما سكن وإن زادت (1) على المسمّى.
ولو منعه من السكنى لم يسقط عن المستأجر أجرة ما مضى ، ولم تنفسخ الإجارة فيما بقي ، وله الفسخ والإمضاء ، فيطالب بأجرة المثل وإن زادت.
وعلى المالك إصلاح ما يخرب ، وتنقية البالوعة والكنيف ، وجيّة الحمام (2) في الابتداء ، وفي الأثناء على توقّف ، ولا يجب على المستأجر التنقية عند الانتهاء ، نعم يجب عليه كنس رماد الأتّون ، والقمامة ، والزبالة الحادثة في المدّة ، وعليه تسليم الدار فارغة ، وتسليم المفتاح ، ولو ضاع لم يجب بدله ، ويضمنه المستأجر مع التفريط.
ويجوز الإبراء من الأجرة بعد تحقّقها في الذمّة ومن المنفعة الثابتة في الذمّة دون المعيّنة.
ص: 478
وهي قسمان :
عقد الإجارة لا يقتضي ضمان العين المستأجرة وإن كان فاسدا ، ولو شرطه بطل العقد ، ويضمن بالتعدّي أو التفريط ، وبامتناع تسليم العين مع طلبها.
ويضمن الصانع ما يفسده وإن كان حاذقا ، والحمّال ما يزلق به أو يصدمه ، والكحّال ، والطبيب ، والختّان ، وقاطع السّلعة ، والبيطار إلّا مع البراءة ، والمكاري ما يتلف بقوده أو سوقه أو بقطع العرى والحبال ، والملّاح ما يتلف بجذفه (1) أو مدّه ، ولا يشترط التفريط في ذلك كلّه ، ولو تلف بغير سببهم ضمنوا مع التفريط.
ولا فرق بين الأجير الخاصّ والمشترك ، سواء كان في ملكه أو ملك المستأجر ، مع حضوره وغيبته.
وإذا أتلف الثوب بعد نسجه تخيّر المستأجر في تضمينه ثمن الغزل والأجرة ، وفي تضمينه قيمته منسوجا ، وعليه الأجرة ، فلو نقصت قيمته عن الغزل فله قيمة الثوب والأجرة ، ولو زاد في طول الثوب أو عرضه أو فيهما لم يستحقّ أجرة الزيادة ، ولو نقص سقط من المسمّى ما قابل النقص ، وضمن نقص القيمة في الموضعين.
ص: 479
ولو أمره بقطعه قميصا فقطع غيره ، أو قميص رجل فقطعه قميص امرأة ضمن ما بين الصحيح والمقطوع.
ولو أمره بقطعه قميصا إن كفاه ، فقطع ولم يكفه ضمن.
ولو قال : هل يكفي؟ فقال : نعم ، فأمره بقطعه فلم يكفه لم يضمن.
وللأستاذ ضرب المتعلّم ويضمن جنايته.
ويضمن المولى ما يفسده المملوك في كسبه إذا أجره أو استوجر بإذنه.
ومن أمر غيره بعمل له أجرة عادة استحقّ عنده أجرة مثله.
ولا يضمن الحمّامي إلّا مع الإيداع والتفريط ، ولا المستأجر الأجير.
ولو أدخل الدابة بيتا مستهدما فانهدم عليها ، أو تعدّى المسافة المشترطة ، أو سلك بها غير الطريق المعيّن ضمن الدابّة ولو تلفت بغير ذلك ، وكذا لو غصبت ويبرأ بدفعها إلى المالك ، ولو كان الطريق أشقّ من المشترط ضمن التفاوت ، وكذا لو شرط (1) حمل القطن فحمل الحديد ، ولو زاد في القدر ضمن جميع القيمة ، ولو كذب في إخباره فحملها المؤجر ضمن النّصف.
ولو ظهر في الحمل زيادة عن الحمل المشترط ، فإن تولّى المستأجر كيله ضمن الدابّة وأجرة الزيادة ، وإن تولّاه المؤجر ضمن الزائد ولا أجرة له ، وله المسمّى ، وإن تولّاه أجنبيّ ضمن ما ضمناه إلّا المسمّى.
ويضمن الراعي بنومه وغفلته ، وبتقصيره في الحفظ ، وسلوك الموضع المخيف ، وبعدها عنه. (2)
ص: 480
ويصحّ اشتراط السائغ ، فيضمن لمخالفته وإن تلف بغير ذلك ، كاشتراط السير ليلا أو نهارا.
وللمستأجر ضرب الدابّة بالمعتاد وحثّها وكبحها (1) باللجام ولا ضمان.
ويضمن المؤجر الحمل بتفريطه ، وللمستأجر تضمينه قيمته في موضع التسليم ولا أجرة ، أو في موضع التلف ، وعليه الأجرة ، ومع الضمان يضمن المثلي بمثله والقيمي بقيمته يوم التلف.
لو تنازعا في أصل الإجارة قدّم قول منكرها مع اليمين ، ولو اختلفا في قدر المستأجر ، أو في قدر المنفعة ، أو في قدر المدّة ، أو في ردّ العين ، قدّم قول المؤجر مع يمينه.
ولو اختلفا في قدر الأجرة ، أو في التفريط ، أو في التعدّي ، أو في قيمة العين معهما ، أو في تلف العين ، قدّم قول المستأجر مع يمينه.
ولو ادّعى الصّانع أو الملّاح أو المكاري هلاك المتاع وأنكر المالك ولا بيّنة ، قدّم قولهم مع اليمين.
ولو قال : أمرتك بقطعه قميصا ، فقال : بل قباء ، فالقول قول المالك مع يمينه ، ولا أجرة للخيّاط بل عليه الأرش ، ثمّ إن كانت الخيوط من الثوب أو من المالك لم يكن للخيّاط فتقه ، وإلّا فله أخذها.
ص: 481
ولو أراد المالك أن يشدّ خيطه في الخيط ليصير مكانه فيسلّه ، فله منعه.
ولو اختلفا في بطلان العقد قدّم قول مدّعي الصحّة.
ولفظ الإيجاب : ضاربتك ، أو قارضتك ، وما في معناهما على أن يعمل في هذا المال بربح كذا ، تساويا أو تفاوتا. ولفظ القبول : ما يدلّ على الرّضا مثل : قبلت.
وهو جائز من الطرفين لكلّ منهما فسخه ، ويبطل بالجنون ، أو الإغماء ، أو الموت.
وإطلاق العقد يقتضي مقتضى الوكالة المطلقة ، فيتصرّف بالبيع والشراء كيف شاء ، وبما شاء ، وأين شاء ، ومتى شاء ، وعلى من شاء ، وأيّ متاع شاء.
ويجب قصد الاسترباح ، كما يجب على الوكيل قصد المصلحة.
ويقتضي مقتضى الوديعة ، فلا يمزج مال المضاربة بماله ولا بمال غيره ،
ص: 482
ولا بمضاربة أخرى للمالك أو لغيره ، ولا يودعه ، ولا ينتفع به ، ولا يقصّر في حفظه والقيام بمصالحه ، ولا يجحده عند طلبه ، ولا يؤخّر الدفع عند المطالبة مع المكنة ، فيضمنه إذا خالف في هذه المواضع.
ولو قال له المالك : اعمل برأيك ، أو اصنع ما شئت ، فهو تفويض إلّا في النسيئة ، ويجب مراعاة المصلحة.
ويصحّ البيع والشراء بنقد البلد وبغيره ، وبثمن المثل وأزيد مع تصوّر (1) مصلحة استقباليّة. (2)
وإطلاق العقد يقتضي التجارة في بلد القراض ، فلا يجوز السفر إلّا بإذنه ، فيضمن لو خالف.
والربح على الشرط ، ويقبل من الشروط ما لا ينافيه كشرط مضاربة أخرى ، أو بضاعة ، أو قرض ، أو قضاء حاجة ، أو البيع على شخص معيّن ، أو الشراء منه ، أو شراء متاع معيّن ، أو عمل غلام المالك ، أو عدم السّفر بالمال مطلقا أو عن جهة مخصوصة ، دون ما ينافيه كشرط اللزوم ، وضمان المال ، أو قسط من الخسران ، أو البيع برأس المال ، ويفسد العقد بذلك.
ولو شرط الأجل لم يلزم ولم يفسد العقد ، لكن لا يتصرّف العامل بعده.
ولو قال : اشتر إلى سنة ثمّ بع ولا تشتر ، أو بالعكس لزم.
ولو قال : قارضتك سنة على أن لا أملك فيها منعك لم يصحّ وإذا فسد العقد نفذ التصرّف ، والربح للمالك ، وعليه أجرة المثل.
ص: 483
ويشترط فيهما التكليف ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، فلا يصحّ من الصّبيّ والمجنون والمملوك والسّفيه والمفلّس والمكره ، ويجوز تعدّد المالك واتّحاده ، وكذا العامل.
ويصحّ من المريض وإن شرط للعامل ما يزيد على أجرة المثل ، ولا يحسب الزّائد من الثلث ، بخلاف ما لو حابى الأجير في الأجرة.
ويصحّ أن يكون العامل مملوك الغير بإذنه والحصّة لمولاه.
ولوليّ اليتيم أن يقارض على ما له من الثقة لا من غيره ، فيضمن.
ولو قارض العامل لنفسه (1) بطل ، ولو قارض للمالك صحّ مع الإذن ، ولا شي ء له من الرّبح ، وإن لم يأذن لم يصحّ ، فلو عمل الثاني فالربح للمالك ، وله أجرة المثل على الأوّل مع جهله ، وإن تلف في يده فللمالك مطالبة من شاء ، لكن إن طالب الأوّل رجع على الثاني مع علمه ، وإن طالب الثاني رجع على الأوّل مع جهله.
وشرطه : أن يكون دراهم أو دنانير ، فلا يصحّ بالنقرة والسبائك والحليّ والفلوس والدّراهم المغشوشة ، ولا بالعروض ، ولا بدفع آلة الصيد أو الصنعة ، فلو اكتسب بها فهو له ، وعليه الأجرة.
ص: 484
وأن يكون موجودا ، فلو قارضه بما في ذمّته أو ذمّة زيد لم يصحّ ، وكذا لو قال له : اعزل ما في ذمّتك ، أو اقبض ما في ذمّة زيد ، أو بع هذا الثوب واقبض ثمنه ، واعمل فيه مضاربة ، ولو وكّله في العقد بعد الانضاض في ذلك كلّه جاز.
ولو قال : أقرضتك هذا المال شهرا ثمّ هو مضاربة لم يصحّ ، ولو عكس صحّ.
وأن يكون معيّنا فلو ضاربه على أحد الكيسين المتساويين ، أو على أيّهما شئت لم يصحّ.
وأن يكون معلوم القدر والوصف ، فلا تكفي المشاهدة على الأقوى ، ولو قلنا بالصحّة فالقول قول العامل في قدره مع يمينه.
ويجوز أن يكون مشاعا ، وأن يجعل الوديعة والمغصوب مضاربة ، ويبرأ بالدفع إلى البائع لا بعقد المضاربة.
وأن يكون في يد العامل ، فلو شرط المالك انفراد يده بطل ، ولو شرط مشاركة يده أو مراجعته أو مراجعة ثقة صحّ. (1)
وشرطه : أن يكون تجارة ، وهي : الاسترباح بالبيع والشراء ، ويدخل فيها توابعها ، كالنقل والكيل والوزن ، فلو شرط ابتياع أصل يشتركان في نمائه كالبستان لم يصحّ.
ص: 485
وإطلاق العقد يقتضي فعل ما يتولّاه المالك من البيع والشراء ، وإقباض المبيع وقبض الثّمن وإحرازه ، وعرض القماش وطيّه ونشره ، وإحرازه ، وحفظ المال وحراسته.
ولا يجب عليه ما لا يليه عادة ، كالنداء على المتاع ، ونقله ، ووزنه ، وكيله ، ورفع الأحمال وحطّها ، فيستأجر له ، ولو تولّاه لم يستحقّ أجرة ، ولو استأجر للأوّل لزمته الأجرة.
وشرطه : أن يختصّ بالمتعاقدين ، فلو شرط بعضه لأجنبيّ بطلت ، إلّا أن يعمل ، أو يكون غلام أحدهما.
وأن يكون مشتركا ، فلو اختصّ به المالك أو العامل ، مثل خذه مضاربة والربح لي أو لك بطل ، ولو لم يذكر مضاربة فإن قال : والربح لي فهو بضاعة ، ولو قال : والربح لك (1) فهو قرض.
ولو قال : خذه فاتّجر به ولا أجرة لك ، فهو وكالة.
ولو قال : فلك كذا فإن ضبط العمل فهو إجارة ، وإلّا فهو جعالة.
وأن تكون حصّة العامل معلومة ، فلو شرط له ما شاء أو ما شئت ، أو مثل حصّة عامل فلان ولم يعلماها ، أو ذكر حصّته خاصّة بطلت ، ولو اقتصر على حصّة العامل صحّ.
ص: 486
ولو قال : خذه على النصف ، أو على أنّ الرّبح بيننا ، فالربح بينهما نصفان ، وكذا لو قال : لك نصف ربحه ، أو ربح نصفه.
ولو قال : ضاربتك على أنّ النّصف لك والثلث لي صحّ ، وكان السدس للمالك.
ولو قال : لك النّصف وثلث ما بقي ، فله الثلثان ، ولو قال : وربع ما بقي ، فله نصف وثمن.
ولو قال : لك الثلث وثلثا ما بقي فله سبعة أتساع ، ولو قال وثلث ما بقي ، فله خمسة أتساع ، ولو قال : وربع ما بقي فله النصف ، سواء عرفا الحساب (1) أو لا.
وأن يكون التقدير بالجزء المشاع كالنصف والثلث ، فلو شرط أحدهما شيئا معيّنا ، والباقي بينهما أو للآخر ، أو قال : لك ربح هذه الألف وربح الأخرى لي ، أو ربح شهر معيّن لك ، أو ربح أحد السفرتين فسد.
وفيه مسائل :
الأولى : العامل أمين لا يضمن إلّا بتعدّ أو تفريط.
الثانية : لا ينفذ تصرّفه إلّا مع الغبطة ، فيصحّ شراء المعيب ، والردّ بالعيب ، وأخذ الأرش ، ومع الاختلاف فيهما يراعى الغبطة ، ومع التساوي يقدّم اختيار المالك.
ص: 487
ولا يبيع إلّا بثمن المثل فصاعدا ، فلو باع بأقلّ فللمالك الفسخ ، ويستردّه ، فإن تعذّر رجع بقيمته على المشتري ، ويرجع على العامل بالثمن ، وإن رجع على العامل رجع العامل على المشتري بالزائد من قيمته.
ولو اشترى بأكثر ردّه واستعاد الثمن ، فإن تعذّر ضمن التفاوت.
الثالثة : لا يبيع إلّا بنقد البلد نقدا إلّا مع التفويض ، فإن خالف ضمن ، ووقف على الإجازة ، ويجوز بالعروض مع الغبطة ، ويجب الشراء بالعين إلّا مع الإذن العامّ أو الخاصّ ، فإن خالف وقع له إلّا أن يذكر المالك ، فيقف على الإجازة ، ولو أضافه في النّية وقع للعامل ظاهرا.
الرابعة : لا يصحّ أن يشتري من ينعتق على المالك ، فإن أذن صحّ وعتق وبطل القراض.
ثمّ إن ظهر فيه ربح ضمن المالك حصّته وقيل : الأجرة (1) وإن لم يظهر ربح فعلى الأوّل لا شي ء له ، وعلى الثاني الأجرة.
وإن لم يأذن فإن اشتراه بالعين بطلت ، وإن اشتراه في الذمّة فإن ذكر المالك وقف على الإجازة ، وإلّا وقع له ، سواء علم بالنسب أو لا.
ولو اشترى من ينعتق عليه ، فإن كان فيه ربح وقلنا : يملك بالظهور صحّح ، وعتق عليه نصيبه ، ولا يسري عليه ، بل يسعى العبد ، ويحتمل البطلان ، وإن قلنا : لا يملك صحّ ، ولم يعتق ، وإن لم يكن فيه ربح صحّ وجاز بيعه ، إلّا أن يظهر فيه ربح لارتفاع السوق ، فيعود البحث.
ص: 488
ولو اشترى زوجة المالك لم يصحّ ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وكذا زوج المرأة إلّا مع الإذن.
الخامسة : الحصّة لازمة بالشرط دون الأجرة ، ويملكها بالظهور لا بالانضاض ، وتستقر بالقسمة أو بالفسخ أو بالانضاض ، فتورث عنه ، ويضمن بالإتلاف ، وليس له أخذ شي ء منها بغير إذن المالك وهو وقاية لرأس المال ، فيحسب التالف منه ، سواء كان قبل دورانه في التجارة أو بعده ، وسواء قبل الانضاض أو بعده ، وكذا الخسارة ، سواء كان في سلعة أو أكثر ، أو في صفقة أو أكثر.
ولو تعدّدت المضاربة لم يجبر خسران إحداهما من ربح الأخرى ، ولو أذن المالك في المزج صارت واحدة ، وكذا لو مزج بغير إذنه لكن يضمن الجميع.
ولو أخذ المالك من المال شيئا بعد الخسران حسب عليه حصّته منه ، فلو كان المال مائة فخسر عشرين ، ثمّ أخذ المالك عشرين ، فرأس المال إذن خمسة وسبعون ، فلو ربح لم يجبر منه خسارة المأخوذ.
ولو أخذ المالك منه بعد ربحه حسب له حصّته من الربح ، فلو كان مائة فربح عشرين ، ثمّ أخذها المالك ، فرأس المال ثلاثة وثمانون وثلثا ، فإذا خسر لم يجبر من ربح المأخوذ ، وكان للعامل حصّته منه.
ولو نفق قدر الربح فاقتسماه ثمّ خسر ، ردّ العامل الأقلّ من الخسارة وممّا أخذ.
السادسة : يستحقّ العامل كمال النفقة بالعقد في السفر من مال
ص: 489
القراض ، وينفق في الحضر من ماله ، ولو كان معه مال يتّجر به قسّطت النفقة ، سواء كان لنفسه أو لغيره ، ويجب الاقتصاد والاقتصار على نفقة أمثاله ، فيحسب عليه الزائد ولو أنفق من خاصّة ما له فله الرجوع بها ، ولو أخذ المالك ماله في السفر فعلى العامل نفقة الرجوع ، ولو مات لم يجب تكفينه ، ولا يقيم في سفره أكثر من غرضه ، فنفقة الزائد من خاصّته ويضمن ، ويرجع في السفر إلى العرف.
السابعة : ليس للمالك أن يشتري من مال المضاربة ، ولا الأخذ بالشفعة ، ويجوز للعامل مع الإذن إلّا أن يظهر ربح فيبطل في نصيبه.
الثامنة : يجوز للعامل أن يأخذ مضاربة من آخر ، إلّا أن يتضرّر الأوّل ، فإن فعل اختصّ بنصيبه من الثانية ، وضمن ما تضرّرت به الأولى.
ولو شرط عليه أخذ بضاعة صحّ ، ووجب الوفاء به ، ويلزم العامل قسطها من النفقة.
ولو أخذ مضاربة يعجز عنها ضمن ما يهلك إن جهل المالك وإلّا فلا. (1)
التاسعة : لا يجوز للعامل وطء أمة المضاربة ، فإن وطئ قبل ظهور الربح فعليه المهر والحدّ ، والولد رقّ ، وإن كان بعده صارت أمّ ولد ، والولد حرّ ، وعليه قيمتها وقيمة الولد ، ويسقط من الحدّ ومن قيمة الولد بقدر حصّته ولو أحلّها له جاز ، ولو أذن له أن يشتري جارية يطأها لم يجز.
ص: 490
العاشرة : إذا قارض العامل غيره بإذن المالك ، وشرط الربح بين المالك والعامل الثاني صحّ ، ولو شرط لنفسه منه شيئا لم يصحّ ، ولو كان بغير إذنه لم يصحّ ، ويضمن المال بالتسليم ، فإن ربح فهو للمالك ، ويرجع الثاني على الأوّل بأجرة المثل مع الجهل وإلّا فلا.
الحادية عشرة : موت كلّ منهما يبطل المضاربة ، فلو مات المالك لم يجز للعامل التصرّف إلّا بإذن الوارث ، ولا السّفر بها إذا علم بالموت ، فلو سافر ضمن ، ولو اضطرّ سلّم المال إلى وكيل الوارث ، فان فقد فإلى الحاكم ، فإن تعذّر فإلى الثقة ، ولو ربح قاسمه الوارث ، ويقدّم على الغرماء.
ويجب عليه تحصيل الدين دون بيع العروض ، ولو أقرّه الوارث لم يصحّ ، ناضّا كان المال أو لا.
ويجوز تجديد العقد إن كان المال ناضّا.
ولو مات العامل فإن عيّن مال المضاربة أخذه صاحبه ، وإلّا فإن علم قدّم وإلّا فله أسوة الغرماء ، ولو ظهر ربح قاسمه الوارث ، ولو أقرّه المالك لم يصحّ.
ولو كان المال ناضّا صحّ استئناف العقد ، وإلّا فلا.
الثانية عشرة : إذا فسخ المالك العقد ولم يكن ربح أخذ المال ، وعليه أجرة المثل ، وإن كان ربح اقتسماه على الشرط ، وفي مطالبة العامل بالإنضاض توقّف ، وعليه استيفاء الدّين ، وكذا البحث لو فسخ العامل.
الثالثة عشرة : إذا تلف المال قبل الشراء بطل العقد ، وإن تلف بعده بطل البيع ، ولو اشترى في الذّمة بإذن المالك لم يبطل ، وعلى المالك بدله ، والجميع رأس المال.
ص: 491
الرابعة عشرة : لو تعدّد المالك وشرطا التفاضل في الربح مع تساوي المالين ، أو التساوي مع تفاضلهما لم يصحّ ، ولو تعدّد العامل جاز التفاضل والتساوي وإن تفاضل العمل.
الخامسة عشرة : إذا فسد القراض جاز تصرّف العامل بالإذن السابق ، والربح للمالك ، وعليه أجرة المثل وإن لم يظهر ربح ، إلّا أن يكون الفساد يجعل الربح كلّه للمالك.
وفيه مسائل :
الأولى : لو اختلفا في قدر رأس المال ، أو تلفه ، أو قدر الربح ، أو في الخيانة ، أو التفريط ، أو في الخسران ، أو عدم الربح ، أو في الشراء للمضاربة ، أو لنفسه أو في النهي عن شراء ما اشتراه ، قدّم قول العامل مع يمينه.
ولو اختلفا في ردّ المال أو بعضه ، أو في قدر الحصّة ، أو في الإذن في النسيئة ، أو في الإذن بالبيع بكذا أو بالشراء بكذا ، أو في التفويض ، قدّم قول المالك مع يمينه.
ولو ادّعى العامل الخسران بعد الرّبح قبل ، ولو ادّعى الخطأ أو النسيان لم يقبل.
ولو أنكر القراض ثمّ اعترف به وادّعى التلف ، لم يقبل ، ولو أنكر الاستحقاق أوّلا قبل.
ص: 492
الثانية : لو ادّعى المالك أنّ رأس المال ثلثا الحاصل والباقي ربح نصفه بين العاملين فصدّقه أحدهما وكذّبه الآخر وادّعى العكس ، حلف المكذب وأخذ سدس الحاصل ، ويأخذ المالك رأس ماله الّذي ادّعاه بتصديق الآخر وثلثي الباقي ، والمصدّق ثلثه ، لأنّ الزيادة الّتي أخذها الحالف كالتالف من الربح ، فيحسب عليهما بنسبة استحقاقهما.
الثالثة : لو ادّعى المالك القراض والعامل القرض تحالفا ، ويثبت للعامل أكثر الأمرين من المدّعى حصّة وأجرة المثل.
ولو أقاما بيّنة طلب الترجيح. (1)
ولو انعكس لأجل الخسارة قدّم قول المالك مع اليمين ، وكذا لو ادّعى المالك القرض والعامل الإبضاع ، ولو انعكس تحالفا ويثبت للعامل أجرة المثل.
ولو ادّعى المالك الإبضاع والعامل القراض تحالفا ، ويثبت للعامل أقلّ الأمرين من الأجرة والمدّعى نصيبا ، ويبعد العكس ، ولو أمكن فالقول قول العامل مع يمينه.
ص: 493
وهي معاملة على أرض الزّرع مدّة معلومة بحصّة مشاعة من نمائها.
ومطالبها أربعة :
ويفتقر إلى الإيجاب مثل : زارعتك على هذه الأرض ، أو عاملتك عليها ، أو سلّمتها إليك للزرع مدّة كذا بربع الحاصل مثلا ، وإلى القبول ، وهو كلّ لفظ دلّ على الرضا.
ولا ينعقد بلفظ الإجارة ، ولا يصير إجارة لعدم العلم بالأجرة.
وهو عقد لازم من الطرفين ، لا ينفسخ إلّا بالتقايل ، ولا يبطل بموت
ص: 494
أحدهما ، ويقبل الشّروط السائغة ويلزم ، ويكره اشتراط ذهب أو فضّة مع الحصّة.
وهي ثلاثة :
الأوّل : إمكان زرع الأرض ، بأن يكون لها ماء من عين أو نهر أو بئر أو مصنع ، وكذا لو أجرها للزّراعة ، فلو زارعه على أرض لا ماء لها لم يصحّ.
ولو آجرها للزراعة فللعامل الفسخ مع الجهل لا مع العلم ، فيثبت المسمّى ، ولو أطلق الإجارة لم يكن له الفسخ ، ولو كانت في بلاد تشرب بالغيوث غالبا صحّ الجميع ، ولو انقطع في الأثناء فللمزارع أو المستأجر الفسخ ، وعليه أجرة ما يتلف.
ولو كان الماء لا ينحسر عنها لم تصحّ المزارعة ولا الإجارة للزراعة وإن رضي المستأجر ، وكذا لو كان ينحسر تدريجا لجهالة وقت الانتفاع.
الثاني : تعيين المدّة وضبطهما بالأيّام أو الشهور أو الأعوام ، ولا يكفي تعيين المزروع ، ويشترط إمكان إدراكه فيها ، فلو علم عدمه بطلت ، ولو ظنّه فلم يتّفق فللمالك إزالته بغير أرش وأجرة ما مضى ، سواء كان من قبل اللّه أو من تفريط الزارع (1) ولو اتّفقا على الإبقاء بعوض جاز ، ويجب تقديره وتقدير المدّة ، ولو شرط في العقد الإبقاء إن تأخّر فسد.
ولو لم يزرع حتّى خرجت المدّة لزمته أجرة المثل ولو كان إجارة
ص: 495
لزمه المسمّى ، فلا يشترط اتّصال المدّة بالعقد.
الثالث : ذكر الحصّة فيجب تقديرها بالجزء المشاع ، فلو جهلها أو أهملها أو قدّرها بالأرطال بطلت ، ويجب الاشتراك في النماء متساويا أو متفاضلا ، فلو شرطه لأحدهما ، أو شرط له قدرا معلوما والباقي له أو بينهما ، أو شرط لكلّ واحد نوعا كالهرف والأفل (1) أو ما يزرع على الجداول وغيره (2) لم يصحّ.
وفيه مسائل :
الأولى : إطلاق العقد يقتضي تخيير العامل في زرع ما يشاء إلّا أن يعيّن نوعا ، وفي الزّرع بنفسه أو المشاركة ، ومزارعة غيره ، إلّا مع التّخصيص ، ويقتضي وجوب خراج الأرض ومئونتها على ربّها ، إلّا أن يشترط على العامل.
الثانية : لا يجوز زرع غير المشترط ، فإن زرع الأضرّ فللمالك أجرة المثل أو المسمّى مع الأرش ، وإن زرع الأخفّ تخيّر في الحصّة وأجرة المثل.
الثالثة : لو شرط زرع نوعين وجب تقديرهما ، ويجوز التساوي في الحصّة منهما والاختلاف ، تساويا في الضّرر أو لا ، وكذا لو شرط غرسين أو غرسا وزرعا ، وكذا الإجارة ، فلو استأجرها مدّة ليغرس فيها ما يبقى بعدها فله إزالته بغير أرش على الأقوى.
ص: 496
الرابعة : يصحّ أن يكون من أحدهما الأرض ومن الآخر البذر والعمل والعوامل ، ويجوز أن يشترط (1) على صاحب الأرض بعضها لا على ثالث.
الخامسة : لو انتثر حبّ من الزرع فنبت في القابل فهو لهما ، وعلى المزارع أجرة الأرض ، ولصاحبها قلعه ، ولو كانت مستأجرة فهو لصاحب البذر ، وعليه أجرة الأرض ولصاحبها قلعه.
السادسة : يجوز للمالك الخرص على العامل ، فيتخيّر في القبول ، فإن قبل لزم ، ويملك الزائد ، ويغرم النقص ، ويشترط في استقراره السلامة ، فلو تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة لم يلزمه شي ء ، ولو تلف البعض سقط عنه بنسبته.
السابعة : إذا فسدت المزارعة فالزرع لصاحب البذر ، فإن كان ربّ الأرض فعليه أجرة العامل ، وإن كان العامل فعليه أجرة الأرض.
لو اختلفا في المدّة قدّم قول منكر الزيادة مع اليمين ، ولو اختلفا في قدر الحصّة قدّم قول صاحب البذر ، فإن أقاما بيّنة قدّمت بيّنة العامل.
ولو قال العامل : أعرتنيها ، وادّعى المالك الحصّة أو الأجرة ، قدّم قوله ، ويثبت له أقلّ الأمرين من أجرة المثل والحصّة ، وللزّارع التبقية إلى إدراكه.
ولو قال : غصبتها حلف ، وله الإزالة والمطالبة بأجرة المثل وأرش الأرض وطمّ الحفر.
ص: 497
وهي معاملة على أصول ثابتة بحصّة من ثمرها.
ومطالبها ثلاثة :
ولا بدّ فيه من إيجاب مثل : ساقيتك ، أو عاملتك ، ومن قبول : وهو كلّ لفظ دلّ على الرضا ، ولا يصحّ (1) بلفظ الإجارة ، وهو عقد لازم من الطرفين لا يبطل بموت أحدهما.
مغروس ، أو على الخضر كالبطيخ والباذنجان ، أو على شجر لا ثمرة له كالغرب (1) لم يصحّ ، ولو كان الوديّ مغروسا صحّ بشرط أن يحمل مثله في المدّة غالبا ، فلو قصرت قطعا أو ظنا أو تساوى الاحتمالان بطلت.
الثالث : المدّة ، ويشترط تقديرها بالشهور والأعوام ، وحصول الثمرة فيها غالبا ، فلو قدّرها بما يحتمل الزيادة والنقصان كقدوم الحاجّ ، وبلوغ الثمرة ، أو خرجت المدّة قبل ظهور الثمرة بطلت ، ولو خرجت قبل كمالها صار شريكا لم يجب عليه العمل.
الرابع : العمل ، وإطلاق العقد يقتضي وجوب كلّ عمل فيه مستزاد للثمرة على العامل : كإصلاح الأجاجين ، وطرق السقي ، وإزالة الحشيش المضرّ بالأصول ، والحرث تحتها ، والعمل بالناضح أو الاستقاء (2) ، والسّقي (3) وبقر الحرث وآلته ، وتهذيب الجريد [ من الشوك ] وقطع ما يحتاج إلى القطع ، وزبر الكرم والبطيخ ، والتعديل ، والجداد ، وإصلاح موضع الشمس (4) ، ونقل الثمرة إليه وحفظها.
ويقتضي وجوب حفر النهر والبئر ، وعمل ما يستقى به من دولاب ودالية والسماد على المالك ، ويرجع في بقر الدولاب والكش إلى العرف.
ويجوز أن يشترط العامل على المالك بعض ما يجب عليه لا كلّه ، وكذا
ص: 499
العكس ، وأن يشترط أجرة بعض ما يجب عليه على المالك أو عليهما بشرط أن يبقي شيئا ، وأن يشترط عمل غلام المالك معه ، وإن كان لخاصّه (1) ونفقته على مولاه ، ولو شرطها على العامل أو عليهما أو من الثمرة صحّ بشرط العلم بها.
الخامس : كون الثمرة مشتركة بينهما ، فلو اختص بها أحدهما بطلت.
السادس : ذكر حصّة العامل وتعيينها بالجزء المشاع ، فلو أهمل ذكرها ، أو جهلها كالنصيب ، أو قدّرها بالأرطال بطلت ، وكذا لو شرط لأحدهما قدرا معلوما والباقي للآخر أو بينهما ، أو شرط لأحدهما ثمرة نوع أو ثمرة نخلات معيّنة والباقي للآخر ، أو بينهما ، أو شرط مع الحصّة جزءا من الأصل ، أو ساقاه بالثلث إن سقى سيحا وبالنّصف إن سقى بالناضح.
ولو ذكر حصّة العامل خاصّة صحّ بخلاف العكس.
ولو ساقاه على أحد البستانين بالنصف على أن يساقيه على الآخر بالثلث صحّ ، وكذا لو تفاوتت الحصّة من البستانين ، ومن النوعين إذا علم قدرهما ، ومن الشريكين إذا علم حصّة كلّ منهما.
ولو تعدّد العامل جاز التساوي وعدمه.
وفيه مسائل :
الأولى : إذا ظهرت الثمرة ملك العامل الحصّة وتحقّقت الشركة ، فالتالف منهما والباقي لهما ، وتجب الزكاة على من بلغت حصّته نصابا ، وهو أمين فالقول
ص: 500
قوله في التلف ، وعدم التفريط والخيانة ، فإن ثبتت [ الخيانة ] فللمالك رفع يده عن حصّته لا عن حصّة العامل ، وله أن يضمّ إليه حافظا وأجرته على [ المالك ] خاصّة (1) فإن لم ينفع (2) الحافظ جاز رفع يده ، ويكلّف عاملا وعليه أجرته.
الثانية : ليس للعامل أن يساقي غيره.
الثالثة : الخراج على المالك إلّا أن يشترطه على العامل أو عليهما.
الرابعة : إذا فسدت المساقاة فالثمرة للمالك ، وعليه أجرة العامل.
الخامسة : لو بانت الأصول مستحقّة بطلت المساقاة ، فإن كان قبل التلف أخذ المالك الثمرة ، وعلى الغاصب أجرة العامل ، ولو كان بعده فللمالك الرجوع على الغاصب بالجميع ، ويرجع الغاصب على العامل بما أخذ ، وعليه الأجرة ، وله الرجوع على العامل ، ويرجع على الغاصب بما أخذه وبالأجرة ، وله الرجوع عليهما ، ويرجع العامل على الغاصب بالأجرة ، كلّ ذلك مع الجهل ، وإلّا فلا أجرة للعامل.
السادسة : إذا هرب العامل ، فإن تبرّع عنه بالعمل أحد أو بذلت الأجرة من بيت المال فلا خيار ، وإلّا كان له الفسخ ، فإن فسخ فعليه أجرة المثل لما مضى ، وإلّا استأذن الحاكم في الإجارة عنه ، فإن تعذّر استأجر ورجع إن أشهد وإلّا فلا.
السابعة : إذا مات العامل لم يجب على الوارث العمل ، فإن لم تظهر الثمرة استأجر الحاكم من التركة من يتمّ العمل ، فإن لم تكن تركة أو تعذّر الاستئجار فللمالك الفسخ وعليه الأجرة إلى حين الموت ، وإن ظهرت باع الحاكم من
ص: 501
نصيبه ما يستأجر به من يتمّ العمل ولو احتيج إلى بيع الجميع باعه.
الثامنة : لو اختلفا في قدر الحصّة أو فيما عليه المساقاة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، ولو أقاما بيّنة قدّمت بيّنة العامل.
تتمّة
لو دفع إليه أرضا ليغرسها على أنّ الغرس بينهما لم يصحّ ، ولصاحب الأرض الإزالة والأجرة ، وعليه أرش النقص بالقلع.
ولو دفع المالك قيمة الغرس أو الغارس قيمة الأرض ، لم يجبر الممتنع ، وكذا لا يجبر صاحب الأرض على أخذ أجرة بقاء الغرس.
ومثال العلم بالعوض دون المنفعة : من ردّ عبدي فله دينار.
ومثال العكس : من ردّ عبدي من الكوفة فله شي ء أو ثوب ، لكن إذا كان العوض مجهولا ثبت بالردّ أجرة المثل.
وهنا مطالب :
وهي كلّ لفظ دلّ على طلب الفعل بعوض كما تقدّم ، ولا يشترط القبول نطقا.
وهي جائزة من الطرفين ، فيصحّ فسخ الجاعل قبل العمل وبعده ، وعليه أجرة ما عمل ، وفسخ العامل قبل العمل ولا أجرة له.
ويجوز جمع الزمان والعمل مثل : من خاط ثوبي في يوم فله درهم ، بخلاف الإجارة ، وإذا عقّب الجعالة بأخرى عمل بالأخيرة.
يشترط في الجاعل أهليّة الاستئجار لا كونه مالكا ، فلو قال : من ردّ عبد فلان فله درهم ، لزمه الجعل ، ولو كذب المخبر في قوله : إنّ فلانا جعل كذا ، فردّه لم يستحقّ على المخبر والمالك شيئا.
و [ يشترط ] في العمل إمكانه وإباحته وكونه مقصودا لا تقديره ، فلو أبهمه جاز.
ص: 503
و [ يشترط ] في العامل إمكان العمل ، فلو جعل للمقعد لم يستحقّ وإن استعان في الردّ ، ولا يشترط تكليفه ، فلو ردّه الصبيّ استحقّ ، ولا تعيينه لكن لو عيّنه فردّ غيره لم يستحقّ شيئا.
و [ يشترط ] في الجعل تقديره بالكيل أو الوزن أو العدد ، فلو جهله ثبت بالردّ أجرة المثل إلّا في الآبق أو البعير ، فانّه في ردّ أحدهما من المصر دينار ، ومن غيره أربعة دنانير وإن نقصت القيمة.
ولو لم تمنع الجهالة من التسليم جاز مثل : من ردّ عبدي فله نصفه.
ولو استدعى الردّ بغير جعل فالرادّ متبرّع ، وكذا لو ردّ ابتداء وإن عرف بردّ الإباق ، أو ردّ قبل سمعه الجعالة وإن لم يقصد التبرّع.
إذا سعى العامل في تحصيل الضّالة وسلّمها استحقّ الجعل ، فلو حصلت في يده قبل الجعالة لم يستحقّ شيئا ، وكذا لو هربت منه قبل التسليم وإن بلغ [ بها ] باب منزله ، أمّا لو ماتت استحقّ بالنسبة.
ولو جعل على فعل لم يتكرّر ، مثل : من ردّ عبدي فله درهم ، فردّه جماعة تشاركوا فيه ، ولو كان يتكرّر مثل من : دخل داري فله درهم ، فدخل جماعة ، فلكلّ واحد درهم.
ولو جعل لكلّ من ثلاثة جعلا متساويا أو متفاوتا ، فردّه أحدهم ، فله جعله ، ولو ردّه اثنان فلكلّ نصف جعله ، ولو ردّه الثلاثة فلكلّ واحد ثلث
ص: 504
جعله ، وهكذا لو عيّن (1) لواحد وأبهم لآخر فللأوّل نصف المسمّى وللثاني نصف أجرة المثل.
ولو عيّن لواحد فتبرّع الآخر ، فللمعيّن النّصف ولا شي ء للآخر.
ولو عيّن المسافة فردّه من غيرها لم يستحقّ شيئا ، ولو ردّه من بعضها فله من الجعل بالنسبة ، ولو ردّه من أزيد لم يستحقّ غير المسمّى.
ولو جعل على ردّ شيئين متساويين جعلا فردّ أحدهما ، استحقّ نصفه ، وإن تفاوتا استحقّ بالنسبة.
ولو جعل على ردّ شي ء فردّ بعضه استحقّ بالنسبة.
ولو مات الجاعل قبل العمل بطلت ، وله بعد التلبّس (2) من التركة بنسبة عمله ، وبعد الردّ الجميع.
ولو اختلفا في ذكر الجعل ، أو في المجعول عليه ، أو في الجهة ، أو في سعي العامل ، أو في الردّ ، قدّم قول الجاعل مع يمينه.
ولو اختلفا في قدر الجعل ، أو في جنسه ، تحالفا ، ويثبت للعامل أقلّ الأمرين من الأجرة والمدّعى ، ولو زاد ما ادّعاه المالك عن أجرة المثل وجبت الزيادة.
ومن هذا الباب السبق والرماية على قول (3).
ص: 505
أمّا السّبق ففيه مباحث :
فالسّبق - بسكون الباء - : المصدر ، وبالتحريك : العوض ، ويقال له : الخطر ، ويقال : سبّق بالتشديد إذا أخرج السبق أو أحرزه.
والسابق : ما تقدم بالعنق والكتد (1) ، وهو المجلّى ، ثمّ المصلي ، ثمّ التالي ، ثمّ البارع ، ثمّ المرتاح ، ثمّ الحظيّ ، ثمّ العاطف ، ثمّ المؤمل ، ثمّ اللطيم ، ثمّ السّكيت ، والفسكل : الأخير ، والمحلّل (2) : هو الداخل بين المتراهنين يأخذ إن سبق ، ولا يغرم إذا سبق.
ص: 506
وهي أن يقول باذل الخطر : من سبق فهو له ، ويكون أحد المتراهنين أو هما أو أجنبيّ أو الإمام من بيت المال ، ولا يفتقر إلى قبول ، وهي جائزة كالجعالة ، فلكلّ منهما فسخه قبل الشروع ، ويبطل بالموت.
وهو ما له خفّ كالإبل والفيلة ، أو ماله حافر : كالخيل والبغال والحمير ، فلا يصحّ بغير ذلك ، كالبقر ، والطير ، والمصارع ، والسفن ، والقدم.
وهي ستة :
الأوّل : تقدير المسافة ابتداء وانتهاء ، فلو جعل الرهن لمن سبق في الميدان لم يصحّ.
الثاني : تعيين ما يسابق عليه بالاسم أو المشاهدة وإن تقدّمت إلّا أن يحتمل التعيين ، وإذا عيّن لم يجز إبداله.
الثالث : تساوي ما به السّباق في احتمال السّبق وعدمه ، فلو علم قصور أحدهما لم يصحّ.
الرابع : تساويهما في الجنس ، فلا يصحّ بالفرس والحمار ، ويجوز اختلاف الصنف كالعربي والبرذون.
ص: 507
الخامس : تقدير الخطر ، ويصحّ أن يكون عينا ، أو دينا ، حالّا أو مؤجّلا.
السادس : جعل الرهن للسابق منهما وللمحلّل (1) ، فلا يصحّ جعله للمسبوق ، ولا لغيرهما ، ولا للمصلّي خاصّة ، ولو جعله له وللسّابق لم يجز ، ويجوز مع التفاوت مثل من سبق فله عشرة ، ومن صلّى فله خمسة.
ولا يشترط المحلّل ، ولا التساوي في الموقف.
إذا تمّ العمل استحقّ الرهن ، فلو ظهر استحقاقه طالب بالمثل أو القيمة ، ولو ظهر الفساد ففي وجوب الأجرة توقّف.
ولو جعل لجماعة جعلا فهو للسابق ، فإن تساووا فلا شي ء لهم ، ولو سبق اثنان مثلا فإن كان الجعل معيّنا مثل : من سبق فله هذا الدرهم ، تساويا فيه ، وإلّا ضمن لكلّ واحد درهما.
ولو قال : من سبق فله هذه العشرة ، ومن صلّى فله هذه الخمسة ، فسبق عشرة وصلّى واحد ، كان لكلّ سابق واحد وللمصلّي خمسة.
ويجوز لكلّ من المتسابقين أن يجعل مثل جعل الآخر أو أزيد أو أنقص ، فيقول أحدهما : إن سبقتني فلك عليّ درهم ، ويقول الآخر : إن سبقتني فلك عليّ درهمان أو نصف.
ص: 508
ويجوز التساوي في الجنس وعدمه ، وأن يتولّاهما أحدهما مثل إن سبقتني فلك عليّ كذا ، وإن سبقتك فلي عليك كذا.
ولو أخرجا سبقين وقالا : من سبق فله السبقان ، فإن تساويا فلكلّ سبقه ، وإن سبق أحدهما فهما له.
ولو أدخلا المحلّل فإن تساووا أو سبقاه فلكلّ سبقه ، ولا شي ء له ، ولو سبق أحدهم أحرزهما ، ولو سبق أحدهما والمحلّل فللسابق ماله ، ويقتسمان مال المسبوق.
ولو اختلفا في قدر الرهن فالقول قول الجاعل مع يمينه.
وأمّا الرماية ، فمباحثها أربعة :
فالرّشق بالفتح : الرّمي ، وبالكسر : عددها ، ويقال : رشق وجه ويد ، معناه : الرّمي ولاء حتّى يفرغ. (1)
ص: 509
ويوصف السهم بالحابي (1) والخاصر ، والخاسق ، والمارق ، والخارم والمزدلف. (2)
والغرض : ما يقصد إصابته.
والهدف : ما يجعل فيه الغرض من تراب وغيره.
والمبادرة : أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرشق.
والمحاطّة : إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة.
والمناضلة : المسابقة والمراماة.
وهي تعيين الرشق ، وعدد الإصابة ، وصفتها ، وقدر المسافة ، والغرض ، والخطر ، وتماثل جنس الآلة ، وتساويهما في عدد الرشق ،
ص: 510
وجعل الخطر للسابق ، وإمكان الإصابة ، فلو امتنعت كشرط الإصابة من ألف ذراع ، أو وجبت كشرطها من ذراع بطلت ولا بدّ من اشتراط أحد أقسامها.
ولا يشترط تعيين المبتدئ بالرمي ، فيقرع مع المشاحّة ، ولا ذكر المبادرة والمحاطّة.
وهي ثلاثة :
الأوّل : المفاضلة ،وهي : أن يشترط الزيادة في الإصابة مثل : من زاد في الإصابة واحدا أو اثنتين من عشرين مثلا ، فهو السابق.
ولو رميا عشرا فأصابها أحدهما وأخطأ الآخر ، وجب الإكمال.
ولو رميا اثنى عشر فأصابها أحدهما وأخطأها الآخر ، لم يجب الإكمال ، ولو أصاب عشرا (1) رميا الثالث عشر ، فإن أصابا أو أخطئا أو أصاب الأوّل ، فقد سبق ، ولا يجب الإكمال ، وإن أصاب الثاني رميا الرابع عشر وهكذا.
الثاني : المبادرة ، وهي : أن يشترطا السبق إلى الإصابة مثل : من سبق إلى إصابة خمس من عشرين فهو السابق ، فلو رميا عشرة فأصاب كلّ واحد خمسة فلا سبق ، لتساويهما في الرشق (2) والإصابة ، ولا يجب الإكمال ، لخروجه عن المبادرة.
ص: 511
ولو أصاب أحدهما خمسة والآخر أربعة ، فالأوّل سابق ، ولا يجب الإكمال ، لحصول المبادرة.
الثالث : المحاطّة ، وهي : أن يشترط إسقاط ما يتساويان فيه من الإصابة ، مثل : من أصاب خمسة من عشرين بعد إسقاط المساوي فهو السابق ، فإذا أكملا الرشق وتحاطّا وفضل لأحدهما العدد المشترط ، فقد فضل صاحبه ، ولو فضل أقلّ لم يفضله.
ولو لم يكملاه فأراد صاحب الأقل الإكمال ، فإن ظهر له فائدة من رجحان أو مساواة أو منع صاحبه بعد المحاطّة من التفرّد بالإصابة أجيب وإلّا فلا ، فلو رمى أحدهما عشرة فأصاب ستّة ، وأصاب الآخر واحدا ، فإذا أكمل أمكن أن يصيب العشرة الباقية دون صاحبه ، فيحصل له بعد المحاطّة الرجحان.
ولو رميا خمسة عشر فأصاب أحدهما عشرة والآخر خمسة ، فإذا أكمل وأصاب الخمسة الباقية ساواه بعد المحاطّة.
ولو أصاب الأوّل أربعة عشر والثاني خمسة ، فلو أكمل وأصاب الخمسة الباقية ، منعه من التفرد بالإصابة ، ولو أصاب خمسة عشر لم يجب الإكمال.
إذا تمّ النضال ملك الناضل العوض ، وله التصرّف فيه كيف شاء ، والاختصاص به ، وإطعام أصحابه ، ويجوز أن يشترط إطعامه لحزبه.
وإذا فسدت المناضلة سقط المسمّى لا إلى بدل.
ولو ظهر العوض مستحقّا فعلى الباذل مثله أو قيمته.
ولو قيل للناضل : اطرح الفضل بكذا لم يجز ، وعليه ردّه لو أخذه.
ص: 512
وفيه مطالب :
ص: 513
ص: 514
وفيها مباحث :
وهو الإيجاب والقبول الدالّين على الاستنابة في الحفظ ، فالإيجاب : أودعتك ، أو هو وديعة عندك ، وما في معناه ، والقبول كلّ قول أو فعل يدلّ على الرضا ، فلو أكره على قبضها أو طرحت عنده لم يلزمه حفظها.
وهو عقد جائز من الطرفين يبطل بالموت والجنون والإغماء ، ولكلّ منهما فسخه ، فيصير أمانة شرعيّة ، فلا يقبل قوله في الردّ ، ومثله الثوب يلقيه الريح في غير دار صاحبه ، ويجب إعلامه به ، فإن لم يفعل ضمن.
ويشترط في المودع والمستودع البلوغ والعقل وجواز التصرّف ، فلو أودع الصّبيّ أو المجنون لم يصحّ ، ويضمن المستودع منهما إلّا مع خوف التلف ، ولا يبرأ إلّا بالردّ إلى الوليّ ولو أودعا لم يضمنا بالإهمال ، ولو أكلها الصّبي أو أتلفها ضمن إن كان له مال وإلّا فلا.
ص: 515
ولو أودع المجنون لم يضمن بالإتلاف،ولوأودع العبد فأتلف تبع (1) بها [ بعد العتق ].
ويجب جعل الوديعة في حرز مثلها ، وحفظها بما جرت العادة به ، كالثوب في الصّندوق ، والدابّة في الاصطبل ، والشاة في المراح ، والدفع هنا بحسب المكنة ، فلو أهمل ضمن.
ولو افتقر إلى المداواة (2) عنها ، وجب ويرجع به ، ويجوز بيع بعضها في ذلك.
ولو عيّن له موضعا ضمن بالنقل إلى مثله أو أحرز ، ولو خاف عليها فيه وجب النقل ولو إلى أدون ، فإن أهمل ضمن وإن تلف بغير الأمر المخوف.
ولو أنكر المالك سبب الخوف قدّم قول المستودع مع يمينه.
ولو لم يعيّن جاز النقل من حرز إلى آخر وإن كان أدون من الأوّل ، ولو نهاه عن النقل عن المعيّن لم يجز نقلها ولو إلى الأحرز إلّا مع خوف التلف فيه وإن قال : وإن (3) تلفت.
ولو قال : لا تنقلها وإن خفت التلف جاز مع الخوف النقل وعدمه ، ولو نقلها لا معه ضمن.
ص: 516
ولو وضعها المالك في صندوق له أو للمستودع بالعارية ضمن بالنقل إلى غيره ، ولو نهاه عن القفل فقفل لم يضمن.
ولو قال له : ضعها في المنزل ، فوضعها في ثوبه ، أو : في جيبيك ، فوضعها في كمّه أو يده ضمن بخلاف العكس.
ولو قال : ضع الخاتم في الخنصر ، فوضعه في البنصر لم يضمن ، ولو عكس ضمن.
وتجب المبادرة إلى الإحراز بمجرى العادة ، قريبا كان الحرز أو بعيدا ، فإن أخّر مع القدرة ضمن.
ويجب نشر الثوب المحتاج إليه ، وتعريضه للريح مع الحاجة ، ولبسه كذلك إلّا أن ينهى المالك ، وعدم جعله في موضع يعفّنه.
ولا يجوز إغراء الطرّار بها كربط الخيط من خارج. (1)
ويجب سقي الدابة وعلفها وإن لم يأمره المالك ، ويرجع به عليه وإن نهاه ، ما لم يتبرّع ، وإن امتثل نهيه أثم ولا ضمان ، ويجوز أن يتولّاهما بنفسه أو بغلامه ، ولا يجوز إخراجها لهما إلّا لعذر.
ويجب على من حضره الموت دفعها إلى المالك ، ثمّ وكيله ، ثمّ الحاكم ، ثمّ الثقة ، فإن تعذّر وجب الإيصاء بها مع القدرة ، فلو أهمل أو أجمل ضمن ولو مات فجأة لم يضمن.
ص: 517
ولا يبرأ بالوصيّة إلى الفاسق إلّا أن يتعذّر العدل.
ولو لم توجد في تركته فإن ثبت أنّه مات وهي عنده ضمنها كالدين ، وإن ثبت أنّ عنده وديعة لم يضمن على توقّف.
الوداعة مشتقّة من الودع ، وهو السكون ، فلا يجوز التصرّف فيها بوجه ، فإن تصرّف بما ينافي غرض الشارع فهو التفريط ، وبما ينافي غرض المالك ، فهو التعدّي ، وقد يجتمعان.
مثال التفريط : أن يضعها في المواضع الّتي تضرّ بها ، أو في غير حرز ، أو في حرز لا يناسبها ، أو إيداعها لغير ضرورة ولا إذن ، وإن كان لزوجته أو ولده أو عبده ، وترك علف الدابّة وسقيها مدّة لا تصبر عليها ، والسّفر بها وإن أودع في السّفر مع أمن الطريق وخوفه ، إلّا أن يخاف تلفها مع الإقامة.
ولو أراد السفر وتعذّر المالك دفعها إلى الحاكم ، فإن فقد فإلى الثقة ، فإن تعذّر فإشكال ، وكذا لو أراد ردّها وتعذّر المالك أو وكيله ، ويضمن لو خالف هذا الترتيب ، ويجب على الحاكم القبض ، ولو دفنها ضمن إلّا أن يخاف المعاجلة. (1)
ص: 518
ومثال التعدّي : الانتفاع بها كلبس الثوب ، وركوب الدابّة ، والنوم على الفراش ، والنظر في الكتاب.
ولا يضمن بنيّة الانتفاع إلّا أن يخرجها من حرزها له وإن كان الحرز له ، وكذا لو نوى بالأخذ من المالك الانتفاع ، أو جدّد نيّة الإمساك لنفسه.
ولو حلّ الكيس أو فتح ختمه ضمن وإن لم يأخذ شيئا ، ولو كان الشدّ والختم من المستودع لم يضمن بهما بل بالأخذ ، فإن أخذ بعضها ضمنه خاصّة وإن أعاده بعينه ، وكذا لو أعاد بدله ومزجه مزجا يتميّز ، ولو لم يتميّز ضمن الجميع ، وكذا لو تميّز بعضه.
ولو أذن المالك في الأخذ فردّ بدله بغير إذنه ، ومزجه ولم يتميّز ضمن الجميع ، وإن تميّز ضمن المأخوذ خاصّة إلّا أن يأذن له في الردّ والمزج.
ولو خلطها بماله أو بوديعة أخرى وإن اتّحد المالك ضمن.
ولو أذن في المزج أحد المودعين ضمن للآخر.
ولو مزج أجنبيّ ضمن خاصّة.
ومع التفريط أو التعدّي لا يعود الاستئمان (1) بردّها إلى الحرز ما لم يجدّده (2) المالك ، أو يبرئه (3) من الضّمان أو يردّها إليه.
ومثال الاجتماع : تضييعها وإتلافها ، أو إتلاف بعضها ، كقطع يد العبد ودلّة السارق (4) وإغرائه ، والإقرار بها لظالم ، أو السعي بها إليه ، ولا يضمن بتسليمها كرها ،
ص: 519
ويجب الاختفاء عنه ، والحلف له مع التورية ، ولو خيّره بين التسليم واليمين فسلّم ضمن.
ولا يجب تحمّل الضرر الكثير ، كالجراح ، وذهاب المال.
ولو طلبها المالك ، أو سأله عنها فجحدها ، ثمّ ادّعى التلف لم يقبل ، وضمن وإن أقام بيّنة.
ولو جحدها فأقيم عليه بيّنة ، فإن كانت صيغة الجحود إنكار الإيداع لم يقبل قوله في الردّ والتلف ، مع البيّنة وعدمها ، وإن كانت إنكار اللّزوم قبل منه وإن لم يقم بيّنة.
يجب ردّ الوديعة على المالك أو وكيله مع طلبها وإن كان كافرا ، فلو أخّر لا لعذر ضمن ، وليس من العذر استيفاء الغرض من الأكل والحمّام والجماع وأمثاله.
وتجب المبادرة بمجرى العادة ، ولو ردّها على الوكيل ولم يشهد فأنكر لم يضمن ، ولو ترك الإشهاد على قضاء دينه ضمن.
ومئونة الردّ على المالك.
ولو أودعه الغاصب ردّها على المالك ، فإن جهله عرّفها سنة ، ثمّ يختار الصدقة بها عن المالك ويضمن ، أو إبقاءها أمانة ولا ضمان ، ولا يجوز تملّكها.
والممتزجة بمال الغاصب يردّها على المالك إن تميّزت ، وإلّا ردّ الجميع على الغاصب.
ص: 520
ولو مات المودع سلّمها إلى وارثه ، فإن تعدّد فإلى الجميع أو إلى القائم مقامهم ، فإن دفعها إلى البعض ضمن حصص الباقين.
والقول قول المستودع في عدم الإيداع ، وفي الردّ ، والتلف ، وعدم التفريط ، وقدر القيمة معه مع اليمين.
ولو دفعها إلى غير المالك وادّعى إذنه فأنكر ، قدّم قول المالك مع يمينه ، وإن صدّقه في الإذن وأنكر الدفع ، قدّم قول المستودع مع يمينه وإن ترك الإشهاد.
ولو ادّعى الوديعة اثنان فصدّق أحدهما قبل مع اليمين ، فإن نكل غرم للآخر ، ويكفي اليمين الواحد لهما.
* * *
ص: 521
وفيه مباحث :
والإيجاب كلّ لفظ دلّ على تسويغ الانتفاع بالعين مع بقائها ، ولا يختصّ بلفظ ، والقبول ما دلّ على الرضا قولا أو فعلا ، وليس بلازم من الطرفين.
وتشترط إباحة المنفعة ، فلا يجوز إعارة العبد المسلم أو المصحف من الكافر ، ولا الجواري للاستمتاع ، ويجوز للخدمة لأجنبيّ وغيره.
وتكره استعارة الأبوين لها.
وليس للمحرم استعارة الصّيد من المحلّ والمحرم ، ويضمنه للمحلّ بالإمساك وإن لم يشترط ، ويجوز أن يستعاره للمحلّ من المحرم ، لزوال ملكه بالإحرام ، ولا يضمنه ، ولا يجب ردّه ، ثمّ إن نوى الملك ملكه ، وإلّا كان مباحا.
ويجوز إطلاقها وتقديرها بالمدّة والعمل ، ولو تعدّدت المنفعة فإن عيّن تعيّنت ، فلو أعاره الأرض للغرس لم يجز البناء ، وبالعكس ، وله الزرع ،
ص: 522
ولو أعارها للزرع لم يجز الغرس ، ويزرع ما شاء.
ولو عيّن المزروع كالحنطة زرع المساوي والأدون لا الأضر.
ولو نهاه عن التخطّي حرم ، فلو فعل لزمته الأجرة والضمان ، ولو أطلق تخيّر ، فلو أعاره الدابّة فله الحمل والركوب.
ولو أعاره الأرض فله الغرس ، أو البناء ، أو الزرع.
ويرجع في الانتفاع إلى ما جرت العادة به ، فلو أعاره الدابّة للحمل وأطلق ، فله الحمل عليها ما جرت عادة مثلها ، ولو عيّن قدرا جاز النقصان دون الزيادة ، فيضمن الدابّة وأجرة الزيادة.
وشرطه أن يكون مكلّفا جائز التصرّف ، مالكا للمنفعة ولو بالإجارة ، فلا تصحّ إعارة الصّبيّ ، والمجنون ، والمحجور عليه ، والمستعير ، والغاصب ، فلو استعار منه عالما بالغصب رجع المالك على من شاء بالأجرة وأرش النقص والقيمة مع التلف ، ويستقرّ الضمان على المستعير مع العلم ، وإلّا فعلى الغاصب.
وشرطه التعيين ، والكماليّة ، فلو أعار أحد هذين أو صبيّا أو مجنونا لم يصح.
ويجوز له استيفاء المنفعة بنفسه ووكيله.
ص: 523
وهو كلّ عين يصحّ الانتفاع بها مع بقائها : كالعبد للخدمة ، والثوب للّبس ، دون الأطعمة لاستهلاكها بالانتفاع.
وتجوز إعارة الكلب والفهد للصّيد ، والفحل للضراب ، والشاة للحلب ، وهي المنحة ، وله الرّجوع في اللبن الموجود.
العارية أمانة لا تضمن إلّا بالشرط ، أو التعدّي ، أو التفريط ، أو كانت ذهبا أو فضّة إلّا أن يشترط السقوط ، وباستعارة المحرم صيدا ، وبإهمال الردّ مع الطلب والتمكّن منه ، وبتعدّي ما عيّن له فيضمن العين والأجرة ، وبجحود العارية.
ولا يضمن لو تلفت العين بالاستعمال أو نقصت به ، فلو استعملها ثمّ تلفت بتفريط ضمن قيمتها يوم التلف ، وكذا لو شرط الضمان فنقصت بالاستعمال ثمّ تلفت.
ويضمن المثل بمثله والقيمي بالقيمة يوم التلف.
ولا يبرأ بالردّ إلى الحرز ، ولا بردّ الدابّة إلى المسافة المشترطة لو تجاوزها ، بل بإبراء المالك ، أو الردّ إليه أو إلى وكيله.
وهو جائز إلّا في إعارة القبر بعد الدفن ، ويجوز الرجوع قبل الطمّ وبعد الاندراس.
ص: 524
ويضمن المالك ما يتلف على المستعير بالرجوع ، فلو أعاره للبناء (1) أو الغرس أو الزرع ثمّ رجع قبله ، منع منه ، فإن خالف أزاله المالك مجّانا ، وطالبه بالأجرة وطمّ الحفر ، وإن رجع بعده فله إزالته ولو قبل إدراك الزرع مع دفع الأرش ، وليس له الإزالة بدونه ، ولو دفع المالك القيمة أو المستعير الأجرة افتقر إلى التراضي.
ولو خرب البناء ، أو مات الشجر لم يجز له الإعادة بغير إذنه.
ولا يجب على المستعير طمّ الحفر إلّا أن يقلع الغرس باختياره ، ولو عين للغرس وقتا جاز الرجوع قبل الانقضاء مع الأرش ، وبعده مجّانا.
ولو حمل السّيل حبّا إلى أرض إنسان فنبت ، فلصاحب الأرض إزالته مجّانا ، أو إجبار المالك على القلع وتسوية الحفر.
ولو رجع في إعارة الحائط للتسقيف جاز وإن أدّى إلى خراب ملك المستعير ، ويجب دفع الأرش.
للمستعير الدّخول إلى الأرض المعارة ، والاستظلال بالبناء (2) والشجر ، وبيع غروسه وأبنيته للمعير وغيره ، وليس له الإعارة والإجارة إلّا بإذن المالك ، فإن بادر تخيّر المالك في الرّجوع بالأجرة على من شاء ، ويرجع الثاني على الأوّل مع الجهل لا مع العلم ، ومئونة الردّ عليه.
ص: 525
ولو ادّعى المالك الإجارة قبل الانتفاع قدّم قول المستعير مع اليمين ، وبعده يقدّم قول المالك مع يمينه ، ويثبت له الأقل من المدّعى وأجرة المثل.
ولو ادّعى الغصب قدّم قول المستعير مع يمينه ، ويثبت له أجرة المثل.
والقول قول المالك في الردّ وقول المستعير في التلف ، وفي عدم التفريط ، وفي القيمة معه ، وفي عدم التضمين.
ص: 526
وفيه مباحث :
وهو اجتماع حقوق الملّاك في الشي ء الواحد على سبيل الشياع ، وقد يكون في عين إمّا بالإرث ، أو بعقد البيع ، أو الهبة ، أو الصدقة ، والوصيّة ، والصلح ، والاغتنام ، والمزج ، والحيازة بأن يقلعا شجرة دفعة أو يغترفا ماء كذلك ، أو في منفعة إمّا بعقد الإجارة ، أو الوقف ، أو في حقّ إمّا باستحقاق القصاص ، أو حدّ القذف ، أو الخيار ، والرّهن ، والشفعة ، ومرافق الطرق.
وإنّما تصحّ شركة العنان (1) : وهي امتزاج الأموال بحيث لا تتميّز ،
ص: 527
اختيارا كان المزج أو اتّفاقا.
وصيغتها كلّ لفظ دلّ على الرضا بالمزج مثل شاركتك ، أو اشتركنا ، وشبهه.
ويشترط في المتعاقدين أهليّة التصرّف ، وفي المال التماثل في الجنس (1) والصفة ، وكونه معيّنا معلوم القدر ، سواء كان من الأثمان ، أو العروض ، فلا يصحّ في جنسين ، ولا في الدين والمجهول.
وغير المثلي : كالثّياب والعبيد لا تتحقّق فيه الشركة بالمزج ، فإن أريدت باع أحدهما حصة ممّا في يده بحصّة ممّا في يد الآخر ، أو بيعا معا بثمن واحد فيشتركان في الثّمن بالنسبة.
ولا تصحّ شركة الأبدان : وهي الاشتراك فيما يحصل بالصّنعة أو الحرفة ، تساوت أو اختلفت ، بل يختصّ كلّ واحد بأجرة عمله ، ومع الاشتباه يجب الصلح.
ولا [ تصحّ ] شركة الوجوه (2) : وهي أن يبيع الوجيه مال الخامل وله حصّة
ص: 528
من الربح ، أو يبتاع وجيه في الذمّة ويفوّض بيعه إلى غير وجيه والربح بينهما ، بل الرّبح في الأولى كلّه للخامل ، وعليه أجرة المثل للوجيه ، وفي الثانية بالعكس ، ومنه أن يشتري كلّ واحد بجاهه شيئا في الذمّة ويشتركان في الربح ، بل لكلّ واحد ربح ما اشتراه.
ولا [ تصحّ ] شركة المفاوضة : وهي الاشتراك في كلّ ما يملكانه ويغرمانه ، بل لكلّ واحد غنمه وعليه غرمه.
ومن الشركة الباطلة أن يؤاجرا دابّتيهما أو يحملاهما مباحا ويكون الحاصل بينهما ، بل لكلّ واحد حاصل دابّته ، فإن اشتبه وجب الصلح.
ومنها : أن يدفع إنسان إلى آخر دابّته ليشتركا في الحاصل ، بل الأجرة لصاحبها ، وعليه مثل أجرة العامل.
ولو تقبّل حملا فالأجرة له ، وعليه مثل أجرة الدابّة (1) ولو احتطب عليها كان له ، وعليه مثل أجرة الدابة.
ومنها : أن يدفع واحد دابّة وآخر راوية (2) إلى سقّاء ليشتركوا في الحاصل ،
ص: 529
بل للسّقّاء جميع الحاصل ، وعليه أجرة مثل الراوية والدابّة.
ومنها : أن يجوز مباحا ، أو يصيد بنيّة أنّه له ولغيره ، بل جميع ذلك له خاصّة ، ولا أثر للنيّة.
الشركة عقد جائز من الطرفين ينفسخ بالجنون والموت ، وبفسخ أحد الشركاء ، ولا يلزم فيه التأجيل ، فيرجع كلّ واحد منهم متى شاء ، ولا يتصرّف أحدهم إلّا بإذن الباقين ، فإن أطلق تصرّف كيف شاء مع اعتبار المصلحة ، وإن عيّن للمأذون جهة السفر أو نوع التجارة ضمن لو خالف.
ولو أذن كلّ واحد لصاحبه وأطلقا جاز الانفراد ، ولو شرط الاجتماع لم يجز الانفراد.
ويجوز الرّجوع في الإذن والمطالبة بالقسمة ، لا المطالبة بإقامة رأس المال ، بل يقتسمان العين إلّا أن يتّفقا على البيع.
ويتبع الربح والخسارة رأس المال ، ولو شرطا التفاوت مع تساوي المالين أو بالعكس لزم إن شرطت الزيادة للعامل أو لذي الخبرة.
ولو تساويا في المال ، وأذن في العمل لصاحبه على أن يتساويا (1) في الربح فهو بضاعة ، ولو تفاوتا فيه فهو قراض.
ولو باعا سلعة بينهما صفقة شاركه الآخر فيما يستوفيه وإن تعدّد
ص: 530
المشتري ، ولو باع كلّ منهما حصّته فلا شركة وإن اتّحد المشتري.
ولو ظهر فساد الشركة فالربح على قدر رأس المال ، ويرجع كلّ واحد على الآخر بأجرة عمله.
ولو اشتريا شيئا بمال الشركة ، فوجدا فيه عيبا ، تخيّرا في الردّ والأرش ، ولو أراد الافتراق فإن علم البائع بالشركة جاز وإلّا فلا.
ولو كان لكلّ واحد قفيز حنطة فباعاهما صفقة جاز ، ويقسّم الثمن بالسويّة ، وفي المختلف كالعبدين يقسّم الثمن بالنّسبة.
الشريك أمين لا يضمن ما يقبضه بإذن شريكه إلّا بتعدّ أو تفريط ، ويقبل قوله في التلف مع يمينه ، سواء كان بسبب ظاهر كالغرق ، أو خفيّ كالسّرق ، وكذا في عدم التفريط والخيانة ، وفي شرائه لنفسه أو للشركة.
ولو باع أحد الشريكين بإذن الآخر ، وكان وكيلا في القبض ، فادّعى المشتري قبضه وصدّقه (1) الشريك ، وأنكر البائع ، فالقول قوله مع يمينه ، ويبرأ المشتري من نصيب الشريك ، ويستوفي البائع حقّه من المشتري ، ولا يشاركه الشريك ، وتقبل شهادة الشريك على البائع في حقّه ، ولا تقبل شهادة المشتري للشريك لأنّها على فعله.
وإن لم يكن وكيلا وصدّقه الشريك ، وأنكر البائع ، فالقول قوله مع يمينه أيضا ، ولم يبرأ المشتري منه ، لإنكاره ولا من الشريك ، لعدم الدفع إليه أو إلى
ص: 531
وكيله ، ويستوفي كلّ منهما حقّه منه ، ولا تقبل شهادة الشريك على البائع لأنّها تدفع الشركة فيما يقبضه.
ولو ادّعى قبض الشريك وكان وكيلا في القبض ، وصدّقه البائع ، وأنكر الشريك ، فحكمه كالأوّل معكوسا.
وإن لم يكن وكيلا وصدّقه البائع وأنكر الشريك ، فالقول قوله مع يمينه ، ولم يبرأ المشتري من حقّ البائع ، لأنّه لم يدفعه إليه ، ولا إلى وكيله ولا من حقّ الشريك لإنكاره ، وطالبه البائع ، ولا يمين عليه ، ويشاركه الشريك ، وإن شاء طالب المشتري بحقّه ، ولا تقبل شهادة البائع لأنّه يدفع بها مشاركته.
ص: 532
وهي الاستنابة في التصرّف.
وفيه مباحث :
فالإيجاب كلّ لفظ دلّ على قصد الاستنابة عموما مثل : وكّلتك ، أو استنبتك ، أو فوّضت إليك ، وشبهه ، أو خصوصا مثل : بع هذا ، أو أعتقه ، وتكفي الإشارة مع العجز.
والقبول قد يكون لفظا مثل : قبلت ، أو رضيت ، وشبهه ، أو فعلا كأن يفعل ما أمر به ، ولا تجب فوريّته ، فيجوز تأخيره عن الإيجاب.
ولا يجوز تعليق الوكالة بشرط أو صفة ، فيفسد العقد ، ولا يسوغ التصرّف على الأقوى.
ويجوز تعليق التصرّف إذا نجزها فيمنع من التصرّف قبله.
وهي جائزة من الطرفين لكلّ فسخها.
وتبطل بعزل الوكيل نفسه فيفتقر في تصرّفه إلى تجديد العقد ، حاضرا
ص: 533
كان الموكّل أو غائبا ، ويستأمن عليه الحاكم مع غيبته ، وكذا لو ردّ الوكالة وإن لم يعلم الموكّل على رأي.
وإذا عزله الموكّل بطلت إن علم الوكيل بالعزل ، فلو تصرّف قبله صحّ وإن كان قصاصا ، ولا يجوز لشاهد العزل الشراء منه.
وعبارة العزل : عزلتك ، أو فسخت وكالتك ، أو أبطلتها ، أو أزلت نيابتك.
وإنكار الوكالة ليس عزلا فيما مضى ، بل في المستقبل إلّا مع غرض الإخفاء.
وتبطل أيضا بالموت ، والجنون ، والإغماء من أيّهما كان ، وبالحجر على الموكّل فيما يمنع من التصرف فيه ، وبفعل متعلّق الوكالة (1) وبتلفه : كموت العبد الموكّل في بيعه أو عتقه ، وموت المرأة الموكّل في طلاقها ، وبتلف الثمن ، والتصرّف فيه.
ولا تبطل بالنوم وإن تطاول ، ولا بفسق الوكيل إلّا في موضع الأمانة : كوليّ اليتيم ، وتبطل أيضا بفسق موكّله ، ولا بالسكر ، ولا بالتعدّي كأن يلبس الثوب بل يضمن ، ويبرأ بالتسليم إلى المشتري ، ولا يضمن الثمن ، ولا يعود الضمان لو ردّ المبيع بالعيب على توقّف.
ص: 534
ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، وجواز التصرّف فيما وكّل فيه ، فلا يصحّ توكيل الصّبيّ وإن أذن الوليّ أو بلغ عشرا ، ولا المجنون ، والمغمى عليه ، والسكران ، ولا العبد بغير إذن مولاه ، إلّا فيما لا يتوقّف على إذنه : كالطلاق والخلع ، وليس السكوت إذنا ، ولا المحجور عليه إلّا فيما لا يمنع منه الحجر كالطلاق ، والخلع ، واستيفاء القصاص ، ولا الوكيل إلّا بإذن الموكّل صريحا أو فحوى : كافعل ما شئت ، أو بشاهد الحال : كارتفاع الوكيل عن المباشرة ، أو عجزه عنها ، ولو عجز عن البعض وكّل فيه خاصّة ، ولا يوكّل إلّا عدلا ، ولو خاف وجب عزله.
والوكيل الثاني وكيل الموكّل ، فلا يملك الأوّل عزله ، ولا ينعزل بموته ، ولو وكّل بإذنه لنفسه ملك عزله ، وانعزل بموته ، وللموكّل عزله ، وينعزل بموته.
وللأب والجدّ له أن يوكّلا عن الصغير ، والمجنون.
وللحاكم أن يوكّل عن السفهاء وللحاضر في الطلاق ، وللمرأة في النكاح ، وللفاسق في تزويج ولده ، وللمكاتب مطلقا ، وللمأذون في التجارة فيما جرت العادة بالتوكيل فيه.
وشرطه : البلوغ ، وكمال العقل ، وجواز تولّي ما وكّل فيه ، فلا تصحّ وكالة الصّبيّ والمجنون مطلقا ، والمحرم في عقد النكاح وبيع الصّيد وشرائه ، والمعتكف ، ومن وجب عليه السعي للجمعة في عقد البيع.
ص: 535
وتصحّ وكالة الفاسق وإن كان في النكاح ، والمحجور عليه لسفه أو فلس ، والمرأة في النكاح والطلاق وإن كان لنفسها والعبد بإذن مولاه وإن كان في شراء نفسه أو في إعتاقه ، والمكاتب بإذن مولاه ، ولو كان بجعل صحّ مطلقا ، والمرتدّ ، ولا يبطل بتجدّده ، والكافر وإن كان في تزويج المسلمة.
ويتوكّل الذّمي للذّمّي على مثله ، والذّمّي على الذّمّي لمسلم ، ولا يتوكّل على مسلم وإن كان لمسلم.
ويكره أن يتوكّل المسلم للذمّي على المسلم.
ولا تبطل وكالة زوجته وعبد غيره بطلاقها وعتقه وابتياعه ، وفي بطلان وكالة عبده بعتقه توقّف.
ويجوز أن يوكّل في استيفاء الحدّ ، والقصاص ، والدّين حتّى من نفسه ، وأن يتوكّل الواحد عن المتعاقدين دون المتخاصمين ، ويجوز تعدّد الوكلاء.
ولو وكّل اثنين وسوّغ لهما الانفراد ، جاز لكلّ واحد الاستقلال بالتصرّف في الجميع ، ولو سوّغ لأحدهما اختصّ به ، ولو أطلق أو شرط الاجتماع ، لم يجز الانفراد وإن كان في الخصومة ، ولو غاب أحدهما أو مات منع الآخر من التصرّف ، ولم يكن للحاكم أن يضمّ إليه أمينا.
ولو وكّلا في حفظ شي ء وجب حفظه في حرز لهما.
ويعتبر فيه أمور :
الأوّل : أن يكون مملوكا للموكّل ، فلو وكّله في عتق عبد يريد شراءه ،
ص: 536
أو طلاق امرأة يريد نكاحها ، أو في بيع خمر ، لم يصحّ.
الثاني : أن يكون قابلا لملكه ، فلو وكّل المسلم ذمّيا في شراء خمر أو خنزير ، والكافر مسلما في شراء مسلم أو مصحف ، أو المحرم محلّا في شراء صيد أو عقد نكاح لم يصحّ ، ولا يشترط استقرار الملك فلو وكّله في ابتياع من ينعتق عليه صحّ.
الثالث : أن يكون معلوما ، ولا يجب الاستقصاء ، فلو وكّله في شراء عبد تركيّ جاز ، ولو نصّ على عموم التصرّف مثل : وكّلتك في كلّ قليل وكثير قيل (1) : يجوز ويراعى مصلحة الموكّل ، وكذا لو قال : [ وكّلتك ] بما إليّ من قليل أو كثير ، أمّا لو قال : بما إليّ من ( كلّ ) (2) تطليق زوجاتي وعتق عبيدي وبيع أملاكي جاز ، وكذا لو قال : بع مالي كلّه واقض ديوني كلّها ، أو بع ما شئت من مالي أو اقض ما شئت من ديوني (3).
ويشترط علم الموكّل بالحقّ المبرأ منه ، لا علم الوكيل والمديون.
ولو قال : أبرئه من كلّ قليل وكثير جاز.
الرابع : أن يكون قابلا للنيابة ، وهو ما لا يقع غرض الشارع بإيقاعه من المكلّف مباشرة : كالعقود ، وقبض الثمن ، والأخذ بالشفعة ، والفسخ ، والعتق ، والتدبير ، والكتابة ، وإخراج الصدقات ، والجهاد مع عدم التعيين ، والحجّ مع العذر
ص: 537
على قول ، واستيفاء الديون والقصاص ، والحدود ، وقبض الديات ، وقرض الصداق ، وإثبات حدود الآدميّين ، والاصطياد ، والاحتطاب ، والاحتشاش ، والالتقاط ، وإحياء الموات ، والقسمة ، وعقد الجزية وقبضها ، وتسليمها ، وغسل البدن والثياب والأواني من النجاسات.
أمّا ما يتعلّق غرض الشارع بإيقاعه من المكلّف مباشرة فإنّه لا تصحّ فيه النيابة : كالطهارة مع القدرة ، والصلاة عن الحيّ ، إلّا ركعتي الطواف مع العذر ، والصّوم ، والاعتكاف ، والحجّ الواجب مع القدرة ، والنذور ، (1) والأيمان ، والعهود ، والسرقة ، والغصب ، والقتل ، وجميع المحرّمات ، ويلزم المباشر أحكامها ، والقسم بين الزوجات ، والاستيلاد ، والظهار ، والإيلاء ، واللعان ، وقضاء العدّة ، والإقرار وفي كونه إقرارا توقّف ، وإقامة الشهادة إلّا على وجه الشهادة على الشهادة.
الوكالة لا تثبت إلّا بشاهدين عدلين ، أو بحكم الحاكم بعلمه ، أو بتصديق الموكّل ، لا بشهادة النساء ، ولا بشاهد وامرأتين ، ولا بشاهد ويمين ، ولا بخبر الواحد ، ولا بتصديق الغريم.
ويشترط عدم انتفاعهما بها ، فلو شهد مالكا الأمة بوكالة الزّوج في طلاقها ، أو بالعزل لم يصحّ.
و [ يشترط ] توافقهما في لفظ العقد ووقته ، فلو شهد أحدهما أنّه وكّله
ص: 538
بالعربيّة والآخر بالعجميّة ، أو أنّه قال : « وكّلتك » والآخر « استنبتك » أو وكّله يوم الجمعة ، والآخر يوم السّبت ، لم تقبل.
ولو تعدّد العقد أو كانت على الإقرار قبلت ، ولو عدلا عن حكاية لفظ الموكّل ، فقال أحدهما : « وكّله » والآخر « أذن له » قبل مطلقا.
ولو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيع العبد والآخر في بيعه مع الجارية تثبت في بيع العبد إلّا مع اتّحاد العقد.
ولو شهد أحدهما أنّه وكّله في البيع وحده ، والآخر مع زيد ، أو في بيع سالم والآخر في بيع غانم ، أو في بيعه على زيد ، والآخر على عمرو لم تثبت ، سواء كان على لفظ العقد أو الإقرار.
ولو شهدا بالوكالة ، ثمّ شهد أحدهما بالعزل لم تثبت إلّا أن يحكم بها حاكم ، وفي الضمان توقّف.
ولا تقبل شهادة الوكيل في الخصومة لموكّله فيها إلّا أن يعزل قبلها ، وتقبل عليه وله فيما لا ولاية له فيه.
وتسمع بيّنة الوكالة على الغائب ، ولو ادّعاها عن غائب في قبض ماله ، فأنكر الغريم ، صدّق بغير يمين ، وإن صدّقه فإن كان الحقّ عينا لم يؤمر بالتسليم ، فإن سلّم فللمالك استعادتها ، ومع التلف يلزم أيّهما شاء مع إنكاره الوكالة ، ولا يرجع أحدهما على الآخر ، وكذا لو كان الحقّ دينا ، إلّا أنّه مع دفعه ليس للمالك مطالبة الوكيل ، وللغريم العود عليه مع بقاء العين أو تلفت بغير تفريط منه وإلّا فلا.
ص: 539
وفيه مباحث :
إطلاق التوكيل يقتضي الإذن في مقتضياته عرفا ، فلو وكّله في البيع ملك تسليم المبيع إلى المشتري مع إحضار الثمن ، فإن سلّم قبله ضمن ، ولا يملك الإبراء منه ولا قبضه إلّا مع القرينة : كالبيع في مكان غائب عنه.
ولا يبيع إلّا بثمن المثل بنقد البلد حالا ، فإن تعدّد فالأغلب ، ومع التساوي يتخيّر ، ولا يبيع بأقلّ منه ممّا يتغابن الناس بمثله ، ولا به مع بذل الأزيد.
وله أن يبيع على ولده مطلقا ، وعلى نفسه مع الإذن.
ولو وكّله في الشراء ملك تسليم الثمن لا قبض المبيع ، واقتضى شراء الصحيح بثمن المثل بنقد البلد حالّا لا أزيد ، وله الردّ بالعيب إلّا أن يرضى الموكّل به ، ولا يجب إجابة البائع في استيمار الموكّل.
ويجوز أن يشتري من ولده مطلقا ، ومن نفسه مع الإذن.
وغير المقتضى (1) يفتقر إلى النصّ عليه صريحا أو فحوى ، فلو عيّن البائع ، أو المشتري ، أو الوقت ، أو المكان مع القرض ، أو السّلعة ، أو الشراء بالعين أو في الذمّة تعيّن ، وكذا النقد والنسيئة إن عيّن الأجل ، ولو أطلق بطل ، ويحتمل التخيير مع مراعاة المصلحة.
ص: 540
ولو باعه نقدا بما أذن فيه نسيئة ، أو اشترى نسيئة بما أذن فيه نقدا صحّ إلّا مع الغرض.
ولو وكّله في بيع عبد بمائة فباعه بأزيد ، أو باع نصفه بها صحّ وله بيع الباقي.
ولو وكّله في بيع عبدين بمائة فباع واحدا بها صحّ ، وله بيع الآخر.
ولو وكّله في شراء عبد معيّن بمائة فاشتراه بخمسين أو في شراء نصفه بمائة فاشتراه بها صحّ.
ولو أمره بابتياع شاة بدرهم فاشترى شاتين به ، ثمّ باع إحداهما بدرهم ، صحّ الشراء ، ووقف البيع على الإجازة.
ولو وكّله في قبض حقّه من فلان ، فله مطالبة وكيله والقبض منه دون وارثه ، ولو قال : في قبض حقّي الّذي على فلان ، فله مطالبة الوارث والقبض منه.
ولو وكّل عبده في عتق عبيده ، أو زوجته في طلاق نسائه ، أو غريمه في إبراء غرمائه ، دخل الوكلاء.
وإذا باع الوكيل ، ملك الموكّل الثمن ، ولو كان في الذمّة ، فلكلّ منهما مطالبة المشتري ، ولو اشترى انتقل المبيع إلى الموكل ، فلو اشترى الوكيل أباه لم يعتق عليه ، ولو اشترى في الذمّة فالثمن في ذمّة الموكّل ، فليس للبائع مطالبة الوكيل مع علمه بالوكالة ، ولو أبرأه لم يبرأ الموكّل ، ولو جهل الوكالة فله مطالبته.
ولو ظهر في المبيع عيب ردّه على الموكّل.
ص: 541
إذا خالف الوكيل الموكّل كان حكمه حكم الأجنبيّ ، فلو أذن في البيع نقدا فباع نسيئة ، أو بالعكس ، أو في الشراء بالعين فاشترى في الذمّة ، أو بالعكس ، وقف على الإجازة ، وكذا لو باع بدون ثمن المثل ، أو اشترى بأكثر منه.
فإذا فسخ الموكّل الشراء ، فإن كان أضافه (1) إليه لفظا لم يلزمه الثمن ، وإلّا قضي به عليه ظاهرا ، وكذا كلّ موضع يبطل فيه الشراء للموكّل.
ولو ادّعى علم البائع ، فإن صدّقه ردّ ما أخذه ، وإلّا حلف وضمن الوكيل الثمن.
وإذا أضافه إلى نفسه وقع له ، ولم يكن للموكّل الإجازة ، نعم له إحلافه أنّه لم يضفه إليه.
ولو زوّجه بغير المعيّنة وقف على الإجازة.
الوكيل أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلّا بتعدّ أو تفريط ، فلو باع ما تعدّى فيه زال ضمانه بتسليمه إلى المشتري.
ولو وكّله في البيع وقبض الثمن فقبضه ، ثمّ تلف قبل طلبه لم يضمنه ، ولو كان بعده فإن تمكّن من الدفع ضمن وإلّا فلا ، وإن زال العذر ضمن بالتأخير.
ولو باع الوكيل فخرج المبيع مستحقّا ، أخذه المستحقّ ورجع المشتري
ص: 542
على الوكيل ، ويستقرّ الضمان على الموكّل ، هذا مع جهل الغصب وإلّا فلا رجوع له على أحد.
ولو اشترى فتلف المبيع بعد قبضه ، ثمّ خرج مستحقّا ، رجع المستحقّ على البائع ، أو على الوكيل ، أو الموكّل ، ولا رجوع لأحدهم مع العلم ، ولو كانا جاهلين استقرّ الضمان على البائع.
ولو وكّله في الإيداع فأودع ولم يشهد لم يضمن الوكيل إذا أنكر المودع.
ولو وكّله في قضاء الدين فلم يشهد بالإقباض ضمن بالإنكار.
وفيه مسائل :
الأولى : من أنكر الوكالة قدّم قوله مع اليمين ، فلو زوّجه امرأة بالوكالة ، فأنكر الزوج ولا بيّنة ، حلف ، وألزم الوكيل بنصف المهر ، وقيل : بالجميع (1) ثمّ إن كان الوكيل صادقا وجب على الزوج الدخول أو الطلاق ، وله مقاصّته بما دفع إلى الزوجة.
ولو صدّقت الوكيل لم تتزوّج حتّى يطلّقها الزّوج أو يموت ، ولا يجبر عليه ، فيطلّق الحاكم ، أو تفسخ المرأة على توقّف.
ولو كذّبته فلا مهر لها.
الثانية : لو اعترفا بالوكالة واختلفا في صفتها مثل : أن يقول : وكّلتك في بيع العبد ، فيقول : بل في بيع الأمة ، أو نقدا فيقول : بل نسيئة ، أو في الشراء ، فيقول : في
ص: 543
البيع ، قدّم قول الموكّل مع يمينه ، وكذا لو قال : اشتريته بمائة ، فيقول الموكّل : بخمسين ، وقيل : يقدّم قول الوكيل ، ويحتمل تقديم قوله إن اشترى بالعين ، وقول الموكّل إن اشترى في الذمّة ، لأنّ غارم الزائد في الأولى الوكيل وفي الثانية الموكّل.
الثالثة : لو ادّعى الوكيل ردّ العين أو الثمن قدّم قول الموكّل مع اليمين وإن لم يكن بجعل.
ولا يقبل قول الوصيّ في تسليم المال إلى الموصى له ، وكذا حكم الأب والجدّ والحاكم وأمينه والشريك والمضارب والملتقط إذا ادّعوا الإقباض.
الرابعة : لو ادّعى الوكيل التصرّف أو الشراء لنفسه أو للموكّل ، أو القبض من الغريم أو من المشتري ، أو عدم التفريط ، أو التلف ، قدّم قوله مع اليمين ، سواء كان سبب التلف ظاهرا أو لا ، وكذا الوصيّ والأب والجدّ له والحاكم وأمينه.
الخامسة : لو أنكر الوكيل القبض ثمّ اعترف به ، أو قامت به بيّنة فادّعى الردّ أو التلف لم يقبل قوله ولا بيّنته.
السادسة : لو طالب الوكيل الغريم ، فادّعى [ الغريم ] العزل أو الإبراء ، لم يكن له إحلافه إلّا أن يدّعي عليه العلم ، ولو قال [ الغريم ] : لا يستحقّ [ الوكيل ] المطالبة لم تسمع دعواه.
ص: 544
ص: 545
ص: 546
العطيّة إمّا عين أو منفعة ، وكلّ منهما إمّا منجّزة أو معلّقة بالموت ، فالمطالب أربعة (1) :
والهبة تمليك عين منجّزا بغير عوض ولا قربة ، وترادف النحلة والعطية.
وفيها بحثان :
وهي خمسة :
الأوّل : العقد ، وهو الإيجاب والقبول ، فالإيجاب كلّ لفظ دلّ على معناها ، مثل : وهبتك ، وأعطيتك ، وملّكتك ، ولا تكفي الأفعال الدالّة عليه ، نعم تفيد الإباحة ، وتكفي الإشارة مع العذر.
والقبول كلّ لفظ دلّ على الرّضا بالإيجاب ، مثل : قبلت ورضيت ، ويشترط مقارنته للإيجاب.
ص: 547
الثاني : الواهب ، وهو كلّ مالك مكلّف جائز التصرّف ، فلا تصحّ هبة غير المالك ، ولا الصبيّ ، والمجنون ، والمحجور عليه.
وتقف هبة الفضولي على الإجازة.
الثالث : المتّهب ، ويشترط فيه التكليف وجواز التصرّف ، فلا يصحّ قبول الصّبيّ والمجنون ، ويصحّ قبول الوليّ عنهما ، ولو وهب العبد أو اتّهب لم يصحّ.
الرابع : الموهوب ، وهو كلّ ما يصحّ بيعه ، فلا تصحّ هبة الحمل ، واللّبن في الضرع ، والطير في الهواء ، والسّمك في الماء ، ويصحّ في الصوف على الظهر ، وفي الكلب المملوك والمشترك قبل القسمة للشريك وغيره.
ويشترط وجوده وتعيينه لا تقديره ، فلا تصحّ هبة شاة من قطيع ، ولا أحد العبدين ، وتصحّ هبة الصبرة المشاهدة ، والمغصوب من الغاصب وغيره مع إمكان القبض ، والمرهون بإذن المرتهن.
وهبة الدين لمن هو عليه إبراء ولا تصحّ لغيره ، ولا يشترط القبول بل علمهما بما في الذمّة ، أو جهلهما ، أو علم المبرئ ، فلو علم المدين خاصّة لم يبرأ وإن بالغ المبرئ في الكثرة.
الخامس : القبض ، وهو شرط في صحّة العقد لا في لزومه ، فيحكم بالملك عنده ، فلو مات الواهب قبله بطلت وإن كان بعد الإذن فيه.
ويشترط إذن الواهب وكونه للهبة ، فلو قبض بغير إذنه ، أو قبض لغيرها لم يملك ، ويصدّق في قصده.
ص: 548
ويصحّ الرجوع في الإذن قبل القبض لا بعده ، ولا يشترط فوريّته ولا ابتداؤه ، فلو وهبه ما في يده لم يجب تجديده ، ولا مضيّ زمان يمكن فيه [ القبض ] ، وكذا لو وهب وليّ الطفل ما في يده ، أو الموكّل ما في يد وكيله أو مستودعه.
ولو كان في يد الغاصب أو المستأجر أو المستعير افتقر إلى تجديده ، ولو وهبه غير الوليّ افتقر إلى قبضه أو قبض الحاكم.
ويحكم على المقرّ بالإقباض وإن كان في يد الواهب ما لم يعلم كذبه ، ولا يقبل إنكاره بعده ، ولا تقبل دعوى المواطأة ، ولا إحلافه على عدمها (1).
وهو كقبض المبيع ، وقبض المشاع (2) بتسليم الجميع إلى المتّهب بإذن الشريك ، أو إلى الشريك بإذن المتّهب ، (3) فإن امتنعا نصب الحاكم من يسلّمه لهما.
ولو قبضه بغير إذن الشريك أخطأ وأجزأ.
ولو أقرّ بالهبة وأنكر القبض ، صدّق مع اليمين ، وكذا لو قال : وهبته وملكته ثمّ أنكره وكان مالكيّا (4).
ص: 549
وفيه فصلان
[ الفصل ] الأوّل : الهبة لا تستلزم العوض وإن كان الواهب أدنى ، فإن عوّض لم يجب القبول ، ولو شرطه وأطلق عوضه بما شاء ، فإن رضي به الواهب وقبضه لزمت وإلّا تخيّر المتّهب بين دفع الموهوب وعوض مثله ، ولو عيّنه تعيّن ، ويجوز أن يرضى بدونه.
ولا يجبر المتّهب على دفع العوض ، نعم للواهب الرجوع ، فلو تلف الموهوب حينئذ أو عاب لم يضمنه.
ولو تلف العوض قبل قبضه ضمن بدله ، ولو خرج مستحقّا وكانت مطلقة لم يجب البدل بل للواهب الرجوع ، ولو كانت مشروطة به وجب البدل مع الإطلاق ، ومثله أو قيمته مع التعيين ، وله ردّ العين.
ولو خرج معيبا ألزم بالأرش أو دفع العين إن كان معيّنا لا مع الإطلاق.
ولا يشترط في لزوم الهبة بالعوض قبضه ، نعم لو تلف قبله صحّ الرّجوع.
[ الفصل ] الثاني : لا يصحّ الرجوع للواهب إلّا في صورة واحدة وهي : أن يهب الأجنبيّ ولم يعوّض والعين باقية ، ولا يقصد الثواب ، ولا يتصرّف تصرّفا متلفا أو ناقلا ، لازما كان أو جائزا ، فلو وهب الأقارب ، أو عوّض ، أو تلفت العين ، أو قصد الثواب ، أو باع أو وهب ولم يقبض ، لم يكن له الرجوع وإن عاد الملك أو انقضت مدّة الإجارة أو فسخت الكتابة.
وحكم الزّوجين حكم الأقارب.
ص: 550
وموت المتّهب أو جناية الموهوب يمنع من الرجوع ، ولا يمنع جنون الواهب ، فللوليّ الرجوع مع الغبطة ، ولا إفلاس المتّهب وإن حجر عليه.
والرجوع إمّا باللفظ مثل : رجعت ، وارتجعت ، وفسخت ، أو بالفعل كالبيع ، والعتق ، ويقع صحيحا على الأقوى ، لأنّ الفسخ به يستلزم صحّته.
ولو كانت الهبة فاسدة صحّ إجماعا ، كما لو باع مال مورّثه فصادف ملكه ، ولو رجع بعد النقص فلا أرش ، وإن كان بفعل المتّهب ، وله الزيادة المتّصلة دون المنفصلة.
ولو صبغ الثوب شاركه بقيمة الصبغ ، ولا ينتقل حقّ الرجوع إلى الوارث.
وتستحبّ العطيّة لذي الرحم ، وتتأكّد في الوالد والولد ، والتسوية بين الأولاد ، ويكره التفضيل.
وتملك الهديّة بالقبض إلّا أن يريد الجزاء عليها ، ولا تفتقر إلى الإيجاب والقبول.
ص: 551
وفيه مقصدان :
وهو تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة ، والنظر في أركانه وشرائطه وأحكامه.
وهي أربعة :
ولفظه الصريح : « وقفت » وغيره يفتقر إلى القرينة ، كحبست ، وسبّلت ، وحرّمت ، فإن تجرّد عنها لم يحمل على الوقف ، ولو ادّعى أنّه نواه حكم عليه بإقراره.
ولا يكفي الفعل كبناء المسجد وإن صلّى فيه (1) ، أو أذن في الصلاة.
ص: 552
ولا بدّ من قبول البطن الأوّل ، فيبطل بردّه ، ولا يشترط القبول في باقي البطون ، فلا يبطل بردّهم ، ولا في الوقف على الفقراء والمصالح ، ولا يجب قبول الحاكم أو الناظر ، ويقبل الوليّ عن المولّى عليه.
ويعتبر فيه البلوغ ، وكمال العقل ، وجواز التصرّف ، والملك ، والقصد ، فلا يصحّ وقف الصّبيّ مطلقا ، والمجنون والمحجور عليه لسفه أو فلس ، ولا من الغافل ، والنائم ، والسكران ، ووقف المريض من الثلث ما لم يجز الوارث ، وكذا الوصية به ، ووقف الفضولي يقف على الإجازة ، ولو وقف المشتري في مدّة خياره لزم وفي خيار البائع يقع مراعى.
وشروطه خمسة :
الأوّل : ذكره ، فلو قال : هذا وقف أو صدقة محرّمة ، ولم يذكر مصرفها بطل.
الثاني : وجوده ، فلا يصحّ الوقف على معدوم ابتداء ، ولا على حمل كذلك ، ولو شرك بين الموجود والمعدوم ، فللموجود النّصف.
الثالث : تعيينه ، فلا يصحّ على مبهم كرجل ، أو على أحد الرجلين.
الرابع : صحّة تملّكه ، فلا يصحّ على الدابّة ، والمملوك القنّ ، ولا ينصرف [ الوقف ] إلى مولاه ، ولا على المدبّر ، وأمّ الولد ، والمكاتب ، إلّا أن
ص: 553
يتحرّر بعضه ، فيصحّ في قدره ، ولا على الملك ، والجنّ ، والميّت.
ويصحّ على المساجد ، لأنّه على بعض مصالح المسلمين.
الخامس : إباحة الوقف عليه ، فلا يقف المسلم على البيع ، والكنائس ، وكتابة التوراة والإنجيل ، ويصحّ من الذمّي.
ولا يصحّ الوقف على بيت النار ، والصنم مطلقا ، ولا على الزناة وشاربي الخمر ، إذا قصد معونتهم.
ولا يصحّ وقف المسلم على الحربيّ مطلقا ، وعلى الذمّيّ الأجنبيّ.
ويصحّ على الفاسق والغنيّ.
إذا وقف على من لا يصحّ الوقف عليه ، ثمّ على من يصحّ ، فهو منقطع الأوّل ، ولو عكس فهو منقطع الأخير ، ويصحّ الثاني حبسا دون الأوّل ، ولو كان منقطع الأوسط صحّ حبسا على الأوّل ، ويبطل على الأخير.
ولو كان منقطع الطرفين فيهما بطل فيهما.
والوقف على المسلمين ينصرف إلى معتقد الصلاة إلى القبلة وإن لم يصلّ إلّا الخوارج والغلاة والنواصب ، والصّبي والمجنون تابعان.
والمؤمنون : هم الاثنا عشريّة وكذا الإماميّة.
والشيعة : من قدّم عليا عليه السلام ، وهم الإماميّة ، والجارودية والكيسانيّة ، والإسماعيليّة.
ص: 554
والزّيدية : من قال بإمامة زيد.
والمنتسب إلى أب يشترط انتسابه إليه بالأب ، فالهاشمية من ولده هاشم وهم : أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب.
والطالبيّة : من ولده أبو طالب ، وهم أولاد عليّ وجعفر وعقيل.
والعلويّة : من ولده عليّ ، وهم أولاد الحسن والحسين عليهما السلام ، وابن الحنفيّة والعباس وعمر.
ولو وقف على من دان بمقالة كالشافعية فهو لمن اعتقدها (1) ولو وصفه بصفة كالفقهاء ، فهم المجتهدون.
والعشيرة القبيلة.
وعترة الرجل : الأدنون منه ، وذريّته ولده ، وقومه أهل لغته الذكور ، والجار يرجع إلى العرف ، والأقارب من يعرف بقرابته ، سواء القريب والبعيد ، ويدخل من يتجدّد بعد الوقف ، وأهل بيته كأقاربه ، والأقرب كمراتب الإرث ، ويساوي (2) الذكر والأنثى في ذلك كلّه إلّا أن يفضّل ، وكذا لو وقف على الأعمام والأخوال.
والبرّ كلّ قربة ، وكذا سبيل اللّه ، وسبيل الخير ، وسبيل الثواب.
ولو وقف المسلم على الفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين ، والكافر إلى فقراء نحلته ، ويعطى فقراء البلد ومن حضره ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا يتبع
ص: 555
غيرهم ، ولا يعطى أقلّ من ثلاثة وكذا القبيل المنتشر ، أمّا المنحصر فيجب الاستيعاب والتتبّع.
ولو وقف على مصلحة فبطل رسمها صرف في البرّ.
ويجوز استعمال ما يفضل من آلة المسجد في مسجد آخر بخلاف المشهد.
وشرطه : أن يكون عينا معيّنة ، مملوكة ، ينتفع بها مع بقائها انتفاعا محلّلا ، وإمكان قبضها : كالدار ، والبستان ، والثياب ، والأثاث ، والآلات ، فلا يصحّ وقف المنفعة والدّين والمبهم ، كدار وفرس وأحد الدارين ، ولا الحرّ وملك غيره إلّا مع الإجازة ، ولا الدف والشطرنج ، ولا المأكول ، ولا الشمع المعلّق ، والدنانير والدراهم إلّا أن يفرض لها منفعة مع بقائها ، ولا الآبق والضالّ.
ويصحّ وقف من ينعتق على الموقوف عليه ولا ينعتق عليه ، والمشاع ، وقبضه كالبيع.
وهي خمسة :
الأوّل : نيّة القربة على قول ، فلا يصحّ وقف الكافر.
الثاني : التنجيز ، فلو علّقه بشرط أو صفة بطل.
ص: 556
الثالث : الدوام ، فلو قرنه بمدّة كان حبسا ، فيبطل بانقضائها إلّا أن يطلقه بعدها ، كالوقف على ولده سنة ثمّ على الفقراء ، ولو وقف على من ينقرض قطعا ، كالوقف على زيد ، أو غالبا كأولاده ، أو يسوقه في بطون تنقرض غالبا كعقبه ، ولم يذكر المصرف بعدهم ، كان حبسا يرجع بعد الانقراض إلى الواقف أو إلى ورثته.
الرابع : القبض فلو مات أو ارتدّ قبله بطل ، ولا يقبل الفسخ بعده وإن اتّفقا عليه ، ولا تشترط فوريّته ولا تجديده ، فلو وقف على أصاغر ولده كفى القبض السابق ، وكذا الجدّ للأب والوصيّ.
وإذا وقف على الفقراء نصب من يقبض لهم ، ولا يشترط إذن الحاكم.
ولو كان على مصلحة قبض الناظر فيها.
ولو وقف مسجدا أو مقبرة فالصلاة الصحيحة ودفن المسلم كالإقباض ، فلا يكفي الإيجاب من دونهما ، فلو مات قبلهما بطل.
وللواقف الرّجوع قبل الإقباض ، ويجوز اشتراط النظر لنفسه وللموقوف عليهم وللأجنبيّ ، ولو بطل نظره فالحاكم.
ولو أطلق الوقف ، فالنظر للموقوف عليهم ، وفي الجهات العامّة للحاكم.
الخامس : إخراجه عن نفسه ، فلو وقف على نفسه أو عليه ثمّ على غيره بطل ، وكذا لو شرط الانتفاع به أو قضاء ديونه أو إدرار مئونته منه.
ولو وقف على الفقهاء وهو فقيه أو صار منهم ، أو على الفقراء فصار فقيرا ، شارك.
ص: 557
ولو شرط عوده إليه عند الحاجة بطل الوقف ، وصار حبسا يعود إليه عند الحاجة ويورث.
وكلّ شرط ينافي الوقف يبطله ، فلو شرط إخراج من يريد ، أو نقله إلى من سيوجد ، أو بيعه متى شاء ، أو الرجوع فيه ، أو الخيار بطل.
ولو شرط دخول ولده المتجدّد (1) أو أكل أهله منه ، أو لا يؤجر من متغلّب أو مماطل ، أو أكثر من سنة مثلا ، أو لا يوقع عليه عقدا حتّى تنقضي مدّة الأوّل صحّ ، وليس له إدخال غيرهم معهم وإن كانوا أطفاله.
ويجب إجراء الوقف على سبيله المشترط ، فلو شرط سهام الأيّم فتزوّجت منعت ، فإن طلّقت بائنا أو خرجت عدّة الرجعية استحقّت.
ولو شرط الواقف في الموقوف عليه وصف كمال كالفقه فلم يوجد في أحد البطون منع ، وكان للّذي بعده إن وجد فيه الوصف (2).
وفيه مسائل :
الأولى : الوقف إن كان على مصلحة كالمساجد انتقل إلى اللّه تعالى ، وإلّا فإلى الموقوف عليه ، فيثبت بالشاهد واليمين ، ويجب عليه نفقة المملوك وإن كان مكتسبا ، ويستحقّ الشفعة ، ويزوّج الأمة ، ويقسم مع صاحب الطلق ، ولا يجوز بيعه كأمّ الولد.
ص: 558
ولو انهدمت الدار لم يجز بيع العرصة ، وكذا لو انقلعت النخلة إذا أمكن الانتفاع بأجرة الجذع.
ولو وقع بين الموقوف عليهم خلف يخشى معه خرابه جاز بيعه ، ويختصّ بالثمن الموجودون ، وإلّا لم يجز البيع وإن كان أعود.
ولو خرب المسجد لم يعد إلى ملك الواقف ، ولم يجز بيعه.
ولو أخذ السّيل ميّتا ، فالكفن للوارث مع اليأس منه.
ولا يجوز عتق العبد لتعلّق حقّ باقي البطون به ، ومن ثمّ لو أعتق الشريك [ حصّته ] صحّ ولم يقوّم عليه ، نعم لو أقعد أو عمي أو جذم عتق وسقطت نفقته.
الثانية : المنافع المتجدّدة : كالصوف ، واللبن ، والنتاج ، والشجرة ، وعوض البضع ، والأجرة يملكها الموقوف عليه ملكا تامّا ، وكذا الصوف والشعر واللبن الموجودة حال الوقف ، بخلاف الحمل والثمرة على الشجر وإن كان نخلا لم يؤبّر.
ولو شرط دخول النتاج في الوقف دخل.
الثالثة : يجوز تزويج الأمة ، والمهر للموجودين ، وكذا الولد إن كان من مملوك أو من حرّ شرطت رقيّته ، وإلّا فالولد حرّ ، ولا قيمة عليه.
ولو وطئها حرّ لشبهة فالولد حرّ ، وعليه قيمته للموجودين.
ولو حملت من زنا فالولد لهم ، والواقف كالأجنبي.
ص: 559
ولو وطئها الموقوف عليه أثم ، والولد حرّ ، ولا قيمة عليه ولا مهر إن اختصّ به ، وإلّا غرم نصيب الشريك من العقر والولد.
وفي نفوذ عتق الاستيلاد توقّف ، فإن قلنا به أخذ قيمتها من تركته ، واشترى بها ما يكون وقفا.
الرابعة : لو جنى الموقوف عمدا ، فليس للمجنيّ عليه استرقاقه ، فإن اقتصّ منه بطل الوقف ، ولو كان طرفا فالباقي وقف ، ولو كانت خطأ تعلّقت بكسبه ، وإن جنى عليه حرّ عمدا أقيم بما قابل الدية ، أو الأرش بدله ، ويحتمل انّه للموجودين ، ولو كان الجاني عبدا فلهم استرقاقه والقصاص والعفو على مال ، وفي الخطأ الدية أو الأرش.
وفي مصرف المال الوجهان ، ولو استرقّوا الجاني ففيه الوجهان أيضا.
الخامسة : إذا وقف على أولاده اشترك الذكور والإناث والخناثى المنفصلين ، ولو عيّن أحد الأصناف اختصّ ، ولا يتناول الأولاد الحفدة إلّا مع القرينة ، كقوله الأعلى فالأعلى أو لم يكن له ولد الصّلب.
ولو قال : على أولاد أولادي اشترك أولاد البنين والبنات بالسوية.
ولو قال : من انتسب (1) إليّ أو على عقبي لم يدخل أولاد البنات.
ولو قال : على أولادي وأولاد أولادي اختصّ بالبطنين.
ولو قال : ما تعاقبوا وتناسلوا عمّ جميع البطون.
ولو قال : على أولادي فإن انقرضوا وانقرض أولاد أولادي فعلى الفقراء ،
ص: 560
لم يدخل أولاد الأولاد بل يكون انقراضهم شرطا في استحقاق الفقراء ، والنماء قبله لورثة الواقف.
السادسة : إذا كان له موال من أعلى وأسفل ، فوقف على مواليه صرف إليهما ، ولو وقف على مولاه انصرف إلى أحدهما بالقرينة وإلّا بطل.
ولو وقف على زيد والفقراء فله النصف.
السابعة : إذا عطف بعض الموقوف عليهم على بعض « بالفاء » أو « ثمّ » فهو وقف ترتيب ، (1) وكذا لو قال : الأعلى فالأعلى ، فلا يستحقّ البطن الثاني حتّى يعدم الأولى ، وإن عطف بالواو فهو وقف تشريك ، فلو قال : على أولادي وأولاد أولادي أعطي الجميع.
ولو قال : على أولادي ثمّ على أولاد أولادي من مات منهم فنصيبه لولده ، فهو ترتيب بين الولد ووالده وتشريك بين الولد وعمّه.
ولا تجوز قسمة الوقف سواء اتّحد الواقف أو تعدّد.
الثامنة : إذا آجر أهل الوقف مدّة ثمّ انقرضوا قبل انقضائها بطلت الإجارة ، وإن قلنا لا تبطل بالموت لعدم انحصار الملك فيهم ، فيتخيّر من بعدهم بين الإجازة والفسخ ، ويرجع المستأجر على تركة الأوّلين بما قابل المتخلف.
ص: 561
أمّا السكنى ففائدتها التسلّط على استيفاء المنفعة مع بقاء الملك على مالكه ، وتختلف أسماؤها بحسب اختلاف الإضافة ، فإذا قال : « اسكنتك » فهي سكنى ، فإن قدّرها بمدّة تعيّنت ، وإلّا كفى مسمّاها ، فيخرجه متى شاء ، وتختصّ بالبيت والدار.
وإن قال : أعمرتك مدّة عمري أو عمرك ، فهي عمرى ، وهي مشتقّة من العمر ، ولا تختصّ بعين ، ولو اقتصر على « أعمرتك » بطلت.
ولو قال : أرقبتك هذه الدار أو العبد مدّة كذا ، فهي رقبى ، إمّا من الارتقاب أو من رقبة الملك.
وتفتقر إلى إيجاب كما تقدّم وإلى قبول ، وهو الرضا بالإيجاب ، وإلى قبض فلا يلزم بدونه ، وفي اشتراط نيّة القربة توقّف.
وإنّما يصحّ إعمار ما يصحّ وقفه ، وإذا تمّت (1) لم يكن له الرجوع حتّى تخرج المدّة المشترطة ، ولو قرنت بعمر المالك أو بمدّة فمات الساكن فلورثته السكنى حتّى يموت المالك أو تنقضي المدّة.
ولو قرنت بعمر الساكن أو بمدّة فمات المالك لم يكن لورثته إخراجه قبل موته أو مضيّ المدّة.
ص: 562
ولا تبطل ببيع رقبة الملك ، ويتخيّر المشتري مع جهله ، ولو أسكنه مطلقا كان بيعه رجوعا.
وإذا أطلق سكن بنفسه وأهله وولده ، ولا يسكن غيرهم إلّا مع الشرط.
وله إدخال الضّيف والدوابّ إن جرت عادة المسكن بذلك ، والزرع (1) في أرض شأنها ذلك ، وليس له إيجاره إلّا بإذن المالك.
وأمّا الحبس فهو أن يحبس فرسه أو بعيره في سبيل اللّه ، أو معونة الزائر والحاج ، أو غلامه في خدمة بيوت العبادة والمشاهد.
وتشترط القربة ، ويخرج عن الملك بالعقد ، ولو حبس ملكه على إنسان فإن أطلق رجع متى شاء ، وإن عين مدّة عاد الملك إليه أو إلى وارثه بعد انقضائها.
* * *
ص: 563
وفيه مقصدان
وهي أربعة :
الوصيّة تمليك عين أو منفعة بعد الوفاة ، ولا بدّ من إيجاب مثل : اعطوه كذا ، أو أوصيت لفلان بكذا ، أو هذا له بعد وفاتي ، أو اعتقوا فلانا ، أو حجّوا عنّي ، ونحو ذلك.
وتصحّ بغير العربيّة ، وتكفي الإشارة مع العذر دون الكتابة ، وإن
ص: 564
شوهدت ، أو عمل ببعضها الورثة ، أو اعترف بها ، أو عرفت.
ولو أخرج خطّا وقال للشاهد : اشهد عليّ بمضمونه لم يصحّ إلّا أن يقرّ بما فيه ، ولو قرأ عليه فأقرّ به ، أو قرأه الشاهد مع نفسه ثمّ اعترف الموصي بما فيه ، صحّ وكذا الكلام في الإقرار.
ثمّ إن كانت الوصيّة في جهة عامّة أو بالعتق وشبهه لم تفتقر إلى قبول ، وإلّا افتقرت فيقبل الموصى له أو وليّه مع الغبطة.
ولا يشترط مقارنته للإيجاب ، فيجوز التراخي ووقوعه قبل الموت وبعده وإن تأخّر عنه.
ولو مات قبل القبول قام وارثه مقامه ، سواء مات قبل الموصي أو بعده إلّا أن يتعلّق غرضه بالموروث ، ولا يدخل في ملك الميّت بل في ملك الوارث ، فلو أوصى لزوج الأمة بها أو بالحمل وهو منه فمات قبل القبول ، وقبل الوارث لم يعتق الحمل على الميّت بل على الوارث إن كان ينعتق عليه ، كما لو كان الوارث ابنا والحمل بنتا ، ولو كان الوارث ابنا وبنتا انعتق ثلثاه ، وإذا عتق كلّه ورث مع الجماعة لا مع الواحد ، وإلّا فبنسبة ما انعتق منه.
ولو قبل أحد الوارثين صحّ في نصيبه ولم يشاركه الآخر ، ولا يكفي الموت عن القبول ولا العكس بل لا بدّ منهما.
والوصية عقد جائز من الطرفين ، فللموصي الرجوع وللموصى له الردّ ، ولا أثر له قبل الموت ، فلو ردّ قبله جاز القبول بعده ، ولو ردّ بعده قبل القبول بطلت وإن كان بعد القبض ، ولو ردّ بعد القبول لم تبطل وإن كان قبل القبض على الأقوى.
ص: 565
ولو ردّ بعد الموت والقبول والقبض لم تبطل إجماعا ، ولو ردّ البعض بطل فيه.
ويصحّ القبول بالفعل ، فلو أوصى له بزوجته ، فأولدها بعد الموت ملكها وصارت أمّ ولد.
والوصيّة تكون مطلقة مثل : إن متّ فلزيد كذا فمتى مات صحّت ، ومقيّدة مثل : إن متّ في هذا السّفر ، أو في هذا المرض ، أو في هذا الشهر ، أو في هذه البلدة ، فلزيد كذا ، فإن قدم أو برئ أو بقي بعد الشهر أو مات في غير البلد بطلت.
ويعتبر فيه البلوغ وكمال العقل وجواز التصرّف والحريّة والاختيار ، فلا تصحّ من الصّبيّ وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون إلّا أن يعتوره ويوصي حال إفاقته ، ولا من السكران والسفيه.
ولو جرح نفسه بالمهلك ثمّ أوصى لم تصحّ وصيّته ، ولو أوصى ثمّ جرح نفسه صحّت ، ولا من المكره ، ولا من العبد القنّ وإن قلنا يملك ، للحجر عليه ، ولو اعتق وملك نفذت إن علّقها على الحرّية وإلّا فلا ، ولا من المدبّر والمكاتب المشروط ، والّذي لم يؤدّ ، ولو أدّى شيئا نفذ من وصيّته بقدره.
وتصحّ وصيّة الكافر للمسلم بما يملكه المسلم ، وللكافر مطلقا ، وبعمارة كنيسة أو قبور الأنبياء.
وتصحّ وصيّة الأخرس إذا فهمت إشارته ، وكذا من اعتقل لسانه ، ووصيّة الفقير إذا استغنى.
ص: 566
وتجب الوصيّة على كل من عليه حقّ لله أو لآدميّ ، وتتضيّق إذا ظنّ الموت.
وفيه بحثان :
وهي خمسة :
الأوّل : وجوده ، فلا يصحّ لمعدوم وإن علّقه بوجوده ، ولا لما تحمله المرأة ، ولا لمن سيوجد من أولاد فلان ، ولا لميّت ، فلو ظنّ حياته فبان ميّتا بطلت.
وتصحّ للحمل إن جاء لدون ستّة أشهر أو لأكثر من مدّة الحمل إن خلت من زوج أو مولى (1) وإلّا بطلت ، وتستقرّ بانفصاله حيّا ، فلو وضعته ميّتا بطلت ،
ص: 567
ولو وضعت حيّا وميّتا فللحيّ الجميع ، ولو انفصل حيّا ثمّ مات فهي لوارثه.
ولو تعدّد الحمل قسمت عليهم بالسويّة وإن اختلفوا في الذكورة والأنوثة.
ولو قال : إن كان في بطنها ذكر فله ديناران وإن كان أنثى فله دينار ، فولدت أحدهما فله وصيّته ، وإن ولدتهما فلكلّ واحد وصيّته.
ولو كانا ذكرين أو انثيين احتمل الإيقاف حتّى يصطلحان بعد البلوغ ، ويتخيّر الوارث.
ولو قال : إن كان حملها أو الّذي في بطنها أو ما في بطنها ذكرا فله ديناران ، وإن كان أنثى فدينار فولدت أحدهما فله وصيّته ، وإن ولدت ذكرين أو انثيين أو هما بطلت.
الثاني : صحّة تملّكه ، فلو أوصى للملك أو الدابّة بطلت ، إلّا أن يقصد علفها ، فيدفعه إلى المالك ، ولا يجوز له صرفه في غيره ، ولا يصحّ لمملوك الأجنبيّ ، ولا لمدبّره ، ولا لأمّ ولده ، ولا لمكاتبه المشروط ، والّذي لم يؤدّ ، ولو تحرّر بعضه صحّ بالنسبة ، ولا تصحّ لجزئه الحرّ ، وتصحّ لعبده ومدبّره ومكاتبه وأمّ ولده ، ويعتق من الوصيّة ، والفاضل له ، وإن قصرت عن قيمته سعى فيما يبقى وإن بلغت ضعف الوصيّة.
ولو أوصى بعتق مملوكه وعليه دين ، قدّم الدين وعتق ثلث الفاضل ، ولو نجّز عتقه فإن كان قيمته ضعف الدّين أعتق وسعى في خمسة أسداس قيمته وإن كانت أقلّ بطلت.
ص: 568
الثالث : تعيينه على الأقوى ، فلو أوصى لأحدهما بطلت ، ويحتمل الصحّة فيتخيّر الوارث ، ويحتمل القرعة.
الرابع : ألّا يكون حربيّا وإن كان رحما ، ولا مرتدّا مطلقا ، ويجوز للذمّي ، ولو أوصى المسلم لقرابته لم يدخل الكافر ، وكذا لا يدخل المسلم لو كان الموصي كافرا.
الخامس : إسلامه إذا أوصي له بمصحف أو بعبد مسلم ، ولو أوصى كافر لمثله فأسلم قبل الموصى له بطلت ، وكذا بعده قبل القبول ، ولو كان بعدهما صحّت وبيع عليه من مسلم.
إطلاق اللفظ يقتضي دخول ما يتناوله لغة أو عرفا بالحقيقة ، فإن تعدّدت حمل على المجاز ، فلو أوصى لأولاده فهو لمن ولدهم دون الحفدة ، فإن عدم أولاد الصلب استحقّوا.
ولو أوصى لمولاه صرف إلى معتقه دون معتق أبيه إلّا مع عدمه ، والمشترك كالمولى يصرف إلى الموجود من المعتق والمعتق ، ولو اجتمعا بطلت إلّا مع القرينة ، ولو أتى بلفظ الجمع دخلا.
والعلماء : الفقهاء والمفسّرون والمحدّثون إن عرفوا الطّريق ، دون الأدباء والأطبّاء والمنجّمين.
والقرّاء : حافظو القرآن بالاستقلال دون القارئ بالمصحف.
والعصبة : العاقلة ، وختنه : زوج ابنته وصهره أب زوجته.
ص: 569
وقرابة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : بنو عبد المطلب.
ولو أوصى للمساكين دخل الفقراء دون العكس.
ومستحقّ الزكاة : الأصناف الثمانية.
واليتيم : من مات أبوه ولم يبلغ.
والأرملة : من مات زوجها أو بانت عنه بسبب ، والأيّم : الخالية من البعل.
والأعزب : من لا زوجة له.
وأعقل الناس : الزهاد والعلماء ، والأزهد والأتقى والأعلم : من ظنّ اتّصافه بذلك ، وباقي الألفاظ تقدّمت في الوقف.
وتصحّ الوصيّة للوارث كالأجنبيّ ، ويتساوى الذكر والأنثى ، إلّا أن يقول : على كتاب اللّه.
وتتساوى الأعمام والأخوال في الوصية.
ولو أوصى لله ولزيد فله النّصف ، ويصرف سهم اللّه إلى الفقراء.
ولو قال : لجبرئيل وزيد ، أو لزيد والرّيح ، فلزيد النصف ويبطل الباقي.
ولو أوصى لزيد والمساكين فله النصف ، ولا يعطى منهم أقلّ من ثلاثة.
ولو أوصى لقبيل منتشر أعطي من حضر البلد من الذكور والإناث ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا يتبع من غاب ، ولا يجوز التفضيل ولا النقص عن ثلاثة ، ولو كان منحصرا وجب الاستيعاب والتسوية والتتبّع.
ولو أوصى لبني فلان ، فإن انتشروا دخل الإناث وإلّا فلا.
ص: 570
ولو أوصى لعصبة فلان فمات الموصي قبله أعطوا ، ولو قال : لورثته بطلت.
ولو أوصى للمسجد صرف في مصالحه ، ولو قصد التملّك بطلت.
ولو مات الموصى له قبل الموصي بطلت.
ولو قال : اعطوا فلانا كذا ، ولم يبيّن الوجه صرف إليه يصنع به ما يشاء.
وتستحبّ الوصيّة للقريب وإن كان وارثا.
وفيه فصلان
وهي ستّة :
الأوّل : الملك ، فلا تصحّ الوصيّة بملك الغير وإن أجاز على توقّف ، وتصحّ بالمشترك وينصرف إلى نصيبه.
الثاني : قبول الملك ، فلا تصحّ الوصيّة بالحرّ ، ولا بالخمر والخنزير إلّا أن يكونا ذمّيّين ، ولا بجلد الميتة وإن كان لمستحلّه ، وتصحّ بالسّباع والكلاب المملوكة.
الثالث : كونه منتفعا به ، فلا تصحّ الوصيّة بالخنافس ، والديدان ، والفضلات ، وتصحّ بالزبل.
ص: 571
الرابع : كون الانتفاع سائغا ، فلو أوصى بمعونة الظالمين ، أو بآلة اللّهو أو القمار ، لم تصحّ ، ولو تناول اللفظ المحلّل والمحرّم صرف إلى المحلّل ، فلو أوصى له بطبل من طبوله أو عود من عيدانه ، نزّل على طبل الحرب وعود يملك ، فإن لم يكن له إلّا المحرّم فإن انتفع به بعد إزالة الصفة المحرّمة صحّت ، وإلّا فلا.
ولو أوصى له بطبل لهو بطلت إلّا أن يقصد الرضاض (1) ، ولو أوصى له بما يصلح لهما كالدفّ صحّ لجواز اتّخاذه للعرس.
الخامس : عدم منافاته الشرع ، فلو أوصى المسلم بكتابة التوراة أو كتب الضلال ، أو بناء كنيسة أو عمارتها لم يصحّ.
السادس : عدم زيادته على الثلث إلّا أن يجيز الوارث ، ولا يشترط كونه عينا ، ولا معلوما ، ولا معيّنا ، ولا موجودا بالفعل ، ولا مقدورا على تسليمه ، فتصحّ بالمنافع كسكنى الدار ، وبالقسط ، وبأحد العبدين ، وبما تحمل الدابّة والشجرة ، والمملوك ، والآبق ، والطير في الهواء ، والسمك في الماء ، وبالمجهول ، والمبهم فيتخيّر الوارث ويعتبر ما يتخيّره من الثلث ، فإن زاد وقف على إجازته ، وليس اختياره ما يزيد على الثلث إجازة إلّا مع العلم والقصد.
ص: 572
الموصى به إمّا عين أو منفعة ، والأوّل إمّا معلوم أو مبهم ، فالأقسام ثلاثة :
ويرجع فيه إلى دلالة اللفظ لغة أو عرفا ، فالشاة اسم للضأن ، والمعز ، والصغير ، والكبير ، والذكر ، والأنثى ، والصحيح ، والمعيب ، دون الظبي ، والكبش للذكر الكبير من الضأن ، والتيس للذكر الكبير من المعز ، والبعير للذكر والأنثى من الإبل ، والجمل للذكر ، والناقة للأنثى وكذا البدنة.
ولو قال : اعطوه واحدة من الإبل ، أعطي أنثى ، وإن نزع التاء أعطي ذكرا ، ولو قال : ثلاثة من الإبل أعطي ذكورا ولو نزع التاء أعطي إناثا.
والبقر اسم جنس للذكر والأنثى دون الجاموس ، وبقر الوحش والثور للذكر ، والبقرة للأنثى.
والدابّة لذات الحافر إلّا يخصّ العرف أحدها (1) والحمار للذكر ، والأتان للأنثى ، والفرس للذكر والأنثى ، والحصان للذكر ، والحجرة للأنثى.
ولو أوصى بالحمل لم يدخل الحامل ، وبالعكس ، ويشترط تحقّقه ، وضابطه في الأمة بعادة الشرع وفي غيرها بعوائدها.
ص: 573
ويدخل في الدار ما يدخل في المبيع (1) ، ولو انهدمت لم تبطل ، وله النقض ، وليس زيادة العمارة رجوعا.
ويحمل اللفظ على حقيقته ، فلو أوصى بمملوك (2) انصرف إلى الرقّ دون البهيمة (3) ولو تعدّدت بأن كان مشتركا كالدابّة تخيّر الوارث في أحدها (4) إلّا مع القرينة كقوله : دابّة يسهم لها ، فينصرف إلى الخيل ، ولو قال : ينتفع بنسلها (5) خرج الذكور والبغال.
ولو كان اللفظ مشكّكا حمل على الأظهر من معانيه ، فلو أوصى له بقوس أعطي قوس النشّاب أو النبل أو الحسبان ، دون قوس البندق والندف ، إلّا مع القرينة كقوله : قوس يتعيّش به ، فينصرف إلى قوس النّدف ، ولو كان له قوس بندق وقوس ندف أعطي قوس البندق ، لأنّه أسرع إلى الفهم ، ويعطى الوتر الموجود.
ولو قال : اعطوه قوسا ، ولا قوس له اشتري له أحد الثلاثة.
ولو كان متواطيا كقوله : أعطوه رأسا من رقيقي ، تخيّر الوارث في الذكر والأنثى والخنثى ، والصغير والكبير ، والمسلم والكافر ، والصّحيح والمعيب ، وكذا لو قال : اشتروا له رأسا.
ولو قال : عبدا أعطي ذكرا ، ولو قال : أمة أعطي أنثى.
ص: 574
ولو قال : أعطوه عبدا من عبيدي ، لم يجز ما يشتريه ، ولو قال : عبدا من مالي ، تخيّر الوارث بين أحدهم والشراء.
ولو قال : أعطوه عبدا ، ولا عبد له ثمّ ملك عبدا صحّت ، ولو قال : من عبيدي بطلت ، وكذا لو كان له عبد واحد لا غير.
ولو قال : ثلث عبيدي ثمّ ملك آخرين أعطي ثلث الجميع.
ولو أوصى له بعبده ثمّ أعتقه بطلت ، وصحّ العتق.
ولو أوصى بعتق رقبة مؤمنة وجب ، فلو لم تجد أعتق من لم يعرف بنصب ، ولو ظنّ الإيمان فأعتق فبان الخلاف أجزأ.
ولو عيّن ثمن الرقبة فلم يوجد به توقّعه ، فإن لم يتّفق اشترى بأقلّ وأعتق ودفع إليه الباقي.
ولو قال : أعطوه أحد عبيدي ثمّ ماتوا بطلت ، ولو بقي واحد تعيّن ، ولو قتلوا لم تبطل ، ويعيّن الوارث ، وتؤخذ القيمة منه إن دفعت إليه ، وإلّا فمن الجاني ، وإن قتل بعضهم عيّن الوارث أحد الباقين أو أحد المقتولين.
ولا يدخل في العبد الثوب ولا في الدابّة السرج.
وجمع الكثرة يحمل على ثلاثة مع الإطلاق ، مثل أعتقوا عنّي عبيدا ، ولو قيّده بقدر ، مثل أعتقوا عنّي عبيدا بثلث مالي ، وجب الشراء به وإن زاد على الثلاثة ، تحصيلا للكثرة ، ويجزئ في جمع القلّة الثلاثة وإن قيّده تحصيلا للقلّة.
ولو أوصى بكفّارة مرتّبة أخرج أقلّ رقبة تجزئ ، وكذا لو أوصى بعتق رقبة.
ص: 575
ولو أوصى بالمخيّرة أخرج أقلّ الخصال قيمة.
ولو أوصى بالأزيد أخرج المجزئ من الأصل والزيادة من الثلث ، ولو لم يف المجموع أخرجت الدنيا وبطل الزائد.
وتصحّ الوصية بالمضاربة بتركته أو ببعضها على أنّ الربح بينه وبين الوارث.
إذا فسّر الشارع لفظا رجع إليه ، وإلّا فإلى الوارث ، فلو أوصى بجزء من ماله فهو العشر ، فجزء الجزء عشر العشر ، والسّهم الثمن ، والشي ء السّدس ، والكثير ثمانون ، وقيل : يختصّ بالنذر (1).
ولو أوصى بوجوه فنسي الوصيّ وجها صرف في وجوه البرّ ، وكذا لو عيّن وجها فتعذّر.
ولو قال : أعطوه حظّا من مالي ، أو قسطا ، أو نصيبا ، أو جليلا ، أو عظيما ، أو خطيرا ، أو جزيلا ، أو قليلا ، أو يسيرا ، رجع إلى الوارث في تفسيره.
ولو ادّعى الموصى له تعيين الموصي قدّم قول الوارث بغير يمين إلّا أن يدّعي علمه (2).
ولو أوصى بسيف دخل الجفن والحلبة ، ولو أوصى له بصندوق أو جراب دخل ما فيهما مع القرينة.
ص: 576
ولو أوصى بإخراج أحد أولاده بطلت.
تصحّ الوصيّة بسكنى الدار ، وغلّة البستان وثمرته ، ومنافع المملوك والحيوان ، مؤبّدة ومؤقّتة ومطلقة ، فيتخيّر الوارث.
وهي تمليك منفعة بعد الموت لا مجرّد إباحة ، فلو مات الموصى له ورثت عنه.
وتصحّ إجارته وإعارته ، ولا يضمن العين إلّا أن يفرّط ، ولا يجبر الوارث ولا الموصى له على عمارة الدار وسقي البستان ، وتحسب [ المنافع ] من الثلث فإذا كانت مؤبّدة ، وطريقه تقويم العين بمنافعها على التأبيد ، ثمّ تقوّم مسلوبة المنافع ، فالتفاوت هو الموصى به ، ولو لم يكن لمسلوبة المنفعة قيمة كان المخرج من الثلث قيمة العين بمنافعها ، وكذا لو أوصى لواحد بإحدى المنفعتين وللآخر بالأخرى كالغزل والنسج.
ولو أوصى لشخص بإحداهما صحّ ، وقوّمت كالأوّل ، ويرجع في استيفائها إلى العادة ، ولو انتفت وجب الصّلح.
ولو أوصى لواحد بالرّقبة ولآخر بالمنفعة ، قوّمت الرقبة على الأوّل إن كانت لها قيمة ، والمنفعة على الثاني ، وإذا كانت مؤقّتة قوّمت مع المنفعة ثمّ مسلوبة تلك المدّة ، فالنقص قيمة المنفعة.
وتجب نفقة العبد وفطرته ونفقة الحيوان على الوارث وإن كانت الوصيّة مؤبّدة ، ويملك جميع اكتساب العبد الموصى بمنافعه من الاصطياد والاحتطاب والأجرة ، ولا يملك الوطء والعقر والولد على توقّف ، ويمنع الوارث من
ص: 577
الوطء ، فلو وطئ أحدهما لم يحدّ للشبهة ، ولا تصير أمّ ولد بالحمل من الموصى له بل من الوارث.
ولو وطئت سفاحا فالولد للوارث ، ولو كان للشبهة فالولد حرّ ، وعلى الواطئ العقر وقيمة الولد للوارث على التوقّف.
ولا يتزوّج [ العبد ] إلّا برضاهما ، ويملك الوارث إعتاقه ، ولا تبطل الوصيّة به ، ولا يجزئ عن الكفّارة ، ونفقته على الموصى له على توقّف ، ويملك كتابته ، ويؤدّى من الصدقات ، ولا يملك بيعه إن كانت مؤبّدة إلّا من الموصى له ، وإن كانت مؤقّتة جاز ، كبيع المستأجر ، وكذا بيع الموصى ببعض منافعه.
وإذا قتل بطلت الوصيّة ، فإن أوجب القصاص تولّاه الوارث ، وإن أوجب الدية صرفت إليه ، وله أرش طرفه.
ولو جنى قدّم حقّ الجناية ، وإن قتل بطلت الوصية ، وكذا إن بيع ، وإن فداه الوارث استمرّت ، وكذا إن فداه الموصى له.
ويجبر المجنيّ عليه على القبول على توقّف.
ولو أوصى لواحد بحبّ الزرع ولآخر بتبنه فالنفقة عليهما بالنسبة.
وفيه بحثان :
يستحبّ تقليل الوصيّة بخلاف باقي الصدقات ، فالربع أفضل من الثلث ، والخمس أفضل من الرّبع ، ويمنع من الزيادة على الثلث ، صحيحا كان أو
ص: 578
مريضا ، ويقف على إجازة الوارث ، فلو أجاز الوصيّة بالنصف ثمّ ادّعى ظنّ القلّة صدّق مع اليمين.
ولو كانت الوصيّة بمعيّن ثمّ ادّعى ظنّ أنّها بقدر الثلث ، أو أكثر بقليل ، أو كثرة المال ، أو عدم الدين ، صدّق على توقّف.
ولو أجاز البعض مضى في نصيبه ، ولو أجاز في البعض صحّ فيه خاصّة.
ويشترط في المجيز البلوغ ، والعقل ، وجواز التصرّف.
والإجازة تنفيذ لا ابتداء عطيّة ، فلا تحتاج إلى قبول وقبض ، فلو أجاز الورثة عتق العبد أو الوصيّة بعتقه فلا ولاء لهم ، ولو كانوا إناثا فالولاء لعصبته لا لعصبتهنّ.
ولو كان المجيز مريضا لم يعتبر من ثلث ماله.
ويعتبر الثلث حين الوفاة لا حين الوصيّة ، ولا ما بينهما.
وتنفذ بعد الوفاة إجماعا وقبلها على الأصحّ (1) ، ولفظها : أجزت ،
ص: 579
وأنفذت وشبهه.
ولو أوصى لاثنين بما يزيد على الثلث ولم تجز الورثة ، فإن جمع تساويا قدر الثلث ، وإن رتّب فالنقص على الثاني.
ولو أوصى بثلثه لزيد فله ثلث كلّ شي ء ، ولو كانت بمعيّن ملكه الموصى
ص: 580
له بالموت والقبول ، فإن كان باقي التركة غائبا تصرّف في ثلثه وأوقف الباقي حتّى يحضر الغائب على توقّف.
وإذا أوصى بواجب وغيره أخرج الواجب من الأصل وغيره من الثلث ، فإن لم يف به ولم تجز الورثة فإن جمع بسط على الجميع ، وإن رتّب بدأ بالأوّل فالأوّل حتّى ينفذ الثلث ، ويبطل الزائد ، وكذا لو كان الجميع غير واجب ، فلو أوصى لزيد بربع ولعمرو بسدس بطل من وصيّة عمرو النصف إلّا مع الإجازة.
ولو اشتبه الأوّل أقرع ، ولو أوصى له بعبد ولآخر بتمام الثلث ، وكانت قيمته بقدر الثلث بطلت الثانية وإن نقصت فالباقي للثاني ، ولو عاب العبد فله ما فضل عن قيمته صحيحا وكذا لو مات.
ويحصل الترتيب بالتقديم ، وبالفاء ، وثمّ ، وبالواو على توقّف.
ويقدّم المنجّز في المرض على المعلّق بالموت وإن تأخّر في اللفظ ، إلّا أن ينصّ على خلافه.
ولو أوصى بثلثه للمساكين ، جاز صرفه في بلده وفي غيره ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا يتبع من غاب (1) ، وكذا لو كانت أمواله متفرّقة.
وتحسب الدية والأرش من التركة وإن أخذت في العمد ، فتخرج الوصايا من ثلث ذلك.
ولو اقتضى التشقيص بالوصيّة التصرّف في أكثر من الثلث ، كما لو كانت قيمة التركة ثلاثين ، ورجعت بالتشقيص إلى عشرة ، فالنقص كالإتلاف على توقّف ، ولو كان النقص بتشقيص الورثة ، فهو كالإتلاف قطعا.
ص: 581
ولو أوصى بعتق مماليكه دخل المشترك ، ولا يقوّم عليه ولا على الورثة ، ولو لم يكن سواهم عتق ثلثهم بالقرعة ، ومع الترتيب يبدأ بالأوّل فالأوّل حتّى يستوفى الثلث.
ولو عيّن العدد دون الشخص ، استخرج بالقرعة قدر الثلث.
ولو أوصى بعتق رقاب وجب ثلاثة إن وسع الثلث ، وإلّا ما يحتمله ، ويجب تحصيل ثلاثة أو ما قرب منها وإن كانوا أخسّة ، (1) فلو أمكن شراء اثنين وشقص لم يقتصر عليهما ولو قصر الثلث إلّا عن واحد أو بعضه وجب ولو لم يتّفق شقص صرف إلى الورثة.
ولو أوصى بثلثه لواحد ثمّ به لآخر كان رجوعا عن الأوّل ، ويقرع مع الاشتباه ، وكذا لو أوصى بعين لواحد ثمّ أوصى بها لآخر.
لو أوصى لواحد بعشرة وبالحجّ الواجب من الثلث ، وكانت أجرة مثله عشرة صحّ ، وفائدته مزاحمة الوصيّة بالضرب بأجرة مثل الحجّ في الثلث ، فيقسم الثلث بين الموصى له وأجرة مثل الحجّ بالسويّة ، فما أصاب الحجّ إن وفّى به فلا بحث ، وإلّا تمّم من رأس المال ، فينقص المال ، فينقص الثلث فينقص نصيب الحجّ ، فتزيد القيمة ، فينقص المال أكثر ، فينقص الثلث أكثر ، فيدور ، فيجب تفسيره بالجبر والمقابلة ، فلو كانت التركة ثلاثين فنقول : ينقص [ من ] التركة شي ء وهو تتمّة أجرة الحجّ فيبقى ثلاثون إلّا شيئا ، فإذا أخذ ثلث ذلك كان عشرة إلّا ثلث شي ء ، فيقسّم بين الموصى له وأجرة الحجّ بالسويّة ، فأجرة الحجّ
ص: 582
خمسة إلّا سدس شي ء ، فإذا ضمّ إليه الشي ء المأخوذ من التركة اجتمع خمسة وخمسة أسداس شي ء تعدل عشرة ، هي أجرة مثل الحجّ ، فتسقط خمسة بخمسة تبقى خمسة أسداس شي ء تعدل خمسة ، فالشي ء ستّة هي التتمّة ، فإذا أخرجت من الأصل بقى أربعة وعشرون ، ثلثها ثمانية ، أربعة للموصى له ، ومثلها للحجّ ، وقد حصل ستّة هي التتمّة فيكمل للحجّ عشرة.
ولو أوصى له بمثل نصيب أبيه وله ابن واحد ، فالوصيّة بالنصف ، ولو كان له اثنان فهي بالثلث ، ولو كانوا ثلاثة فهي بالربع وهكذا ، والضابط أن يجعل كأحدهم.
ولو أوصى بنصيب ابنته بطلت ، ولو قال : مثل نصيب بنتي ، وله بنت واحدة ، فله النّصف مع الإجازة ، وإلّا الثلث ، ولو كان له بنتان فله الثلث مطلقا.
ولو قال : مثل نصيب ابني ومعه بنت ، فله خمسان مع الإجازة والثلث مع عدمها ، ولو أجاز أحدهما فله من نصيبه خمسان ومن نصيب الآخر الثلث.
ولو أوصى بمثل نصيب من لا نصيب له كالقاتل بطلت.
ولو قال : مثل نصيب بنتي ومعها زوجة ، فإن أجازتا فله سبعة من خمسة عشر وكذا للبنت وللزوجة سهم ، وإن لم تجيزا فله أربعة من اثني عشر ، وسبعة للبنت ، وسهم للزوجة.
وإن أجازت إحداهما ضربت فريضة الإجازة - وهي خمسة عشر - في وفق فريضة عدم الإجازة ، وهي أربعة تبلغ ستّين ، ويأخذ من نصيب كلّ واحدة بالنسبة ، وإن أجازت الزوجة فلها أربعة وللبنت خمسة وثلاثون ، وللموصى له أحد وعشرون.
ص: 583
وإن أجازت البنت فللزوجة خمسة ، وللبنت ثمانية وعشرون ، وللموصى له سبعة وعشرون.
ولو أوصى له بمثل نصيب إحدى زوجاته وكنّ أربعا مع بنت ، فله سهم من ثلاثة وثلاثين.
ولو قال : مثل نصيب أحد وراثي ، فإن تساووا جعل كأحدهم ، وإلّا مثل أضعفهم سهما ، إلّا أن يعيّن غيره ، فلو كان له ثلاث أخوات وثلاثة إخوة كانت كأخت فله سهم من عشرة.
ولو أوصى بضعف نصيب ولده فهو مثلاه ، وبضعفيه ثلاثة أمثاله ، وقيل : أربعة ، وكذا ضعف الضّعف.
وفيه مطالب (1)
وهي أربعة :
الأوّل : الصيغة ، وهي وصّيت إليك ، أو فوّضت إليك أمور أولادي ، أو جعلتك وصيّا عليهم ، أو قائما مقامي في أمورهم ، ولا تفتقر الأولى إلى الضميمة ،
ص: 584
ولو اعتقل لسانه فقرئ عليه كتاب الوصيّة أو ذكرت له فأشار برأسه بما يدلّ على الرضا بها كفى في الإيجاب.
ولا بدّ من القبول قبل الموت أو بعده ، وإذا أطلق الإذن تصرّف (1) عاما ، ولو عيّن اقتصر.
ولو قال : جعلت لك النظر في مالي ، دخل المتجدّد ، ولو قيّده بالموجود لم يدخل.
الثاني : الموصى فيه ، وهو ما له التصرّف فيه ، كقضاء الدّيون واقتضائها ، وردّ الأمانات وارتجاعها ، وتفريق الحقوق الواجبات ، أو التبرّعات ، والنظر في أموال أولاده الأطفال والمجانين ، والتصرّف فيها بما فيه الحظّ لهم ، والولاية عليهم.
ولا يجوز الإيصاء في تزويجهم إلّا لمن بلغ فاسد العقل ، ولا على أولاده الكاملين ، ولا على غير أولاده وإن كانوا ورثة غير كاملين.
الثالث : الموصي ، وهو الأب والجدّ له ، أو من عليه حقّ أو له ، وليس للجدّ أن يوصي على أولاد أولاده (2) مع وجود الأب ولا للأب مع الجدّ الإيصاء على أولاده وتبطل مطلقا ، ولا للأمّ وإن عدم الأب والجدّ ، ولا للوصيّ إلّا مع الإذن ، ومع عدمه فالنظر للحاكم ، وكذا إن مات بلا وصيّ ، فإن تعذّر جاز لبعض المؤمنين التولّي.
ويجوز للأب مع الجدّ نصب وصيّ في إخراج الحقوق واستيفائها.
ص: 585
الرابع : الوصيّ ، ويشترط فيه البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، والحريّة ، وقدرته على القيام بالوصية ، فلا يصحّ إلى الصّبيّ منفردا وإن كان مميّزا ، ويجوز منضمّا إلى بالغ ، ويستبدّ البالغ حتّى يبلغ ثمّ لا ينفرد.
وليس له نقض ما أبرمه الكامل قبل بلوغه ، إلّا أن يخالف الشرع.
ولو مات الصّبي أو بلغ فاسد العقل انفرد الكامل.
ولو مات الكامل أو فسق ثمّ بلغ الصّبي رشيدا فالأقوى عدم الانفراد ، ولا إلى المجنون وإن ضمّ إليه عاقلا ، وتبطل بتجدّده ، ولا يعود بزواله ، ولا وصيّة المسلم إلى الكافر وإن كان رحما ، ويجوز العكس إلّا أن تكون التركة خمرا أو خنزيرا.
ويجوز أن يوصى إليه مثله إلّا أن يكون على أطفال مسلمين.
ولا تشترط عدالته في دينه ، ولا إلى عبد غيره إلّا بإذنه وإن كان مدبرا أو مكاتبا ولا إلى عبد نفسه ويجوز إلى مكاتبه ومدبره على الأصحّ ولا إلى العاجز عنها ، ولو عرض العجز لم ينعزل ، بل ضمّ إليه الحاكم.
ولا تشترط العدالة على الأقرب ، أمّا لو فسق بعد الموت استبدل به الحاكم ، ولا يعود بالتوبة.
ولو فسق ولم يعلم فسقه لم يمض تصرّفه في نفس الأمر ، إلّا على وجه الحسنة (1).
والشروط معتبرة في حال الوصية إلى حين الموت ، فلو اختلّ بعضها ،
ص: 586
أو كملت بعد الوصيّة لم تصحّ وإن كان قبل الموت.
وتصحّ الوصيّة إلى المرأة والأعمى والوارث مع الشرائط.
النظر الثاني (1) : في الأحكام
الوصيّة بالولاية جائزة ، وللموصي الرجوع ، وللموصى إليه الردّ في حياة الموصي ، فإن بلغه الردّ بطلت وإلّا لزمت ، وكذا لو لم يعلم حتّى يموت الموصي ويجبره الحاكم لو امتنع.
ولا يجب قبول الوصيّة بل تلزم بالموت وعدم الردّ.
والوصيّ أمين لا يضمن إلّا بتعدّ أو تفريط أو بمخالفة ما شرط عليه ، وله أن يوكّل فيما عليه يعتاد التوكيل فيه ، والإنفاق بالمعروف ، والقول قوله فيه ، وفي قدره ، وفي التلف ، وفي عدم التبرّع ، والتفريط ، والخيانة ، وفي تأخّر موت الموصي ، وله استيفاء دينه ممّا في يده من غير إذن الحاكم ، وإن كان له حجّة ، وقضاء دين غيره إذا علمه بعد إحلافه ، وردّ الودائع ، والأمانات ، والبيع من نفسه على الطفل والشراء منه ، كلّ ذلك بثمن المثل.
وليس له تزويج الطّفل إلّا أن يبلغ فاسد العقل ، وله تزويج إمائه وعبيده.
ولا تصحّ شهادته له بما يتعلّق ولايته به ، أو يتّسع ، كما لو كان وصيّا في الثلث فيشهد بما يقتضي زيادته.
ويجوز أن يجعل له أجرة المثل والزائد مع الإجازة والخروج (2) من
ص: 587
الثلث ، ولو لم يجعل له أخذ أقلّ الأمرين من أجرة المثل وقدر الكفاية مع الحاجة ، ويستحبّ الاستعفاف.
وتجوز الوصيّة إلى اثنين فصاعدا ، فإن شرط الاجتماع أو أطلق لم يجز الانفراد لأحدهما في التصرّف ، فإن تشاحّا نفذ ما تمسّ الحاجة إليه ، كمئونة اليتيم ، وعلف دوابّه.
ويجبرهما الحاكم على الاجتماع ، فإن تعاسر استبدل بهما ، أو عزل أحدهما وضمّ إليه لا جعله منفردا.
ولا تجوز قسمة المال ولا قسمة الأطفال ، ولو عجز أحدهما أو جنّ ضمّ الحاكم إلى الآخر ، وكذا لو فسق أو مات على الأقوى.
ولو سوّغ لهما الانفراد مضى تصرّف كلّ واحد على حدته.
وجاز اقتسام المال أو الأطفال (1) ويتصرّف كلّ واحد في قسمه وفي قسم الآخر.
ولو عجز أحدهما أو مرض أو مات أو فسق لم يجب الضمّ.
ويجوز اشتراط الانفراد لأحدهما دون الآخر ، وأن يجعل لأحدهما النظر في المال أو الأطفال ، أو في بعضهما وللآخر الباقي.
ولو أوصى إلى زيد ثمّ إلى عمرو وقبلا أفاد الجمع إلّا مع قرينة الانفراد ، ولو قبل أحدهما تصرّف وحده ، ولو جمعهما فالأقوى انّه لا ينعزل به (2) صاحبه ، نعم يضمّ إليه الحاكم.
ص: 588
ويجوز الترتيب مثل أوصيت إلى زيد فإن مات فإلى عمرو ، أو فإن بلغ ابني فإليه.
وإذا أوصى إليه بتفريق شي ء على قبيل لم يجز له الأخذ وإن كان بصفتهم ، وله إعطاء أهله وولده مع الوصف ، ولو قال : ضعه أين شئت ، جاز له الأخذ.
ولو أوصى إليه بتفريق ثلثه ، وبيده شي ء من التركة ، فإن امتنع الوارث من تسليم ثلث ما في يده جاز تفريق الثلث كلّه ممّا في يده ، وإلّا فلا.
وفيه بحثان :
أمّا الوصيّة بالمال فبشهادة مسلمين عدلين ، وبشاهد ويمين ، وشاهد وامرأتين ، وشهادة امرأة في الربع بغير يمين ، وامرأتين في النصف ، وثلاث في ثلاثة الأرباع ، وأربع في الجميع.
ولا يثبت بشهادة العدل النصف بل ولا الربع.
وإذا عدم المسلمون قبلت شهادة أهل الذمّة خاصّة.
وأمّا الوصيّة بالولاية فلا تثبت إلّا بشهادة عدلين ، لا بشاهد ويمين ، ولا بشاهد وامرأتين ، ولا بشهادة النساء وإن كثرن ، ولا بشهادة أهل الذمّة وإن عدم المسلمون.
ص: 589
وله صور :
الأولى : اللفظ الصريح كرجعت ، ونسخت ، ونقضت ، أو لا تعطوه شيئا ، أو الفحوى مثل هذا لوارثي ، أو إرث (1) أو ميراثي أو ميراث ، بخلاف هو تركتي.
ولو قال : أعطوا زيدا ما أوصيت به لعمر ، فهو رجوع بخلاف الجحود.
الثانية : فعل ما يخرجه عن مسمّاه كطحن الطعام ، وخبز الدقيق ، وغزل القطن ، ونسج الغزل ، وبناء الأرض وغرسها ، وهدم الدار.
وفي قطع الثوب قميصا وجعل الخشب بابا ودقّ الخبز فتيتا وجعل اللحم قديدا وصبغ الثوب وندف القطن وحشوه توقّف ، أمّا تجفيف الرطب ، ونقل الموصى به إلى غير بلد الموصى له فلا.
ولو تغيّر من قبل نفسه كما لو أوصى له بحبّ فصار زرعا ، أو بحصرم فصار عنبا ، أو ببسر فصار رطبا ، أو بدار فانهدمت وصارت براحا ، لم تنفسخ.
الثالثة : مزجه بحيث لا يتميّز ، فلو أوصى له بصاع معيّن من حنطة ثمّ خلطه بمثله فهو رجوع ، فلو أوصى له بصاع من صبرة ثمّ مزجها بمثلها ، أو بأردإ أو انهال (2) لم يكن رجوعا ، ولو مزجها بأجود كان رجوعا.
ص: 590
الرابعة : فعل ما ينافي الوصيّة ، كالبيع ، والعتق ، والكتابة ، والتدبير ، والوصيّة به لآخر.
الخامسة : فعل مقدّمات المنافي ، كالعرض على البيع ، ومجرّد الإيجاب في الهبة والرهن ، وتزويج المملوك وختانه (1) ، وإجارته ، وفي وطء الأمة توقّف.
المرض المخوف كغيره ، وضابطه ما تيقّن فيه الموت وما لا يسمّى مرضا كوقت المراماة ، والطلق ، وحال الأسر ، وتموّج البحر ، وزمان الوباء لا حجر فيه.
وإذا تصرّف المريض بما يلزمه من الحقوق الماليّة كأداء الزكاة ، وأرش الجناية وإن وقعت في الصحّة ، والضمانات كإتلاف مال الغير عمدا أو سهوا ، وقضاء الدّين ، من الأصل.
ويجوز له أن يقضي بعض الدين ولا يشاركه الباقون وإن قصرت التركة ، ولو أوصى بذلك لم يصحّ.
ولو أوصى بحجّ واجب فهو من الأصل ، والصلاة والصّوم من الثلث.
ويجوز أن يشتري المأكول والمشروب والملبوس بثمن المثل وإن لم يكن من عادته ، وشراء الأدوية بأكثر من ثمن المثل إذا لم يوجد إلّا به ، والبيع والشراء وجميع المعاوضات بثمن المثل ، والنكاح بمهر المثل أو أقلّ ، ولو زاد فالزيادة من الثلث.
ص: 591
وللمريضة أن تنكح نفسها بدون مهر المثل ولا يحسب النقص من الثلث.
ونكاح المريض مشروط بالدخول ، فلو مات أو ماتت قبله بطل ويكره له الطلاق.
ولو خصّص كلّ وارث بشي ء وقف على الإجازة.
وإذا تصرّف بالتبرّعات كالهبة ، والوقف ، والصدقة المندوبة ، والعتق فهو كالوصيّة ، ويخالفها في أنّه ليس له الرّجوع ، وفي أنّها تلزم مع البرء ، وفي تقديمها على الوصيّة إن لم يسعها (1) الثلث ، وفي كون القبول على الفور ، وفي اعتبار قيمة المنجّز عتقه عند الإعتاق ، وقيمة الموصى بعتقه عند الوفاة.
ومن التبرّعات الإقرار مع التهمة ، وكذا لو نذر صدقة أو أبرأ مديونا أو أقبض ما وهب في الصحّة ، أو كاتب عبده وإن كان بأكثر من ثمنه ، أو اشترى قريبه ، بخلاف ما لو قبل هبته أو الوصية به ، أو آجر نفسه به.
ولو وهب وشرط عوض المثل صحّ من الأصل ، ولو شرط أقلّ فالتمام من الثلث.
ومن التبرّعات المحاباة ، وهي : أن يبيع بدون ثمن المثل ، أو يشتري بأكثر منه ممّا يتغابن الناس بمثله ، فيحسب ما قابل السّلعة من الأصل والزائد من الثلث.
ومنها أن يؤجر عبده أو دابّته أو عقاره بأقلّ من أجرة المثل.
ص: 592
الأوّل : لو اشترى من ينعتق عليه فهو من الثلث.
الثاني : لو أعتق عبده وليس له سواه ، عتق ثلثه ، وسعى للورثة في الباقي ، ولو أعتق ثلثه لم يقوّم عليه الباقي وسعى في باقيه ، ولو كان له ضعفه عتق كلّه ، ولو كان له أقل عتق ما يحتمله الثلث.
ولو أوصى بعتق الثلث لم يقوّم عليه إلّا أن يوصي بالتقويم.
الثالث : لو وجد شرط النذر في المرض أعتق من الأصل.
الرابع : لو أعتق أمته وجعل عتقها مهرها ودخل ، صحّ الجميع ، وورثت إن خرجت من الثلث ، وإلّا فبالنسبة ، ويحتمل عدم الإرث ، لبطلان النكاح ببطلان عتق بعضها.
الخامس : لو تزوّجها بمهر ودخل صحّ النكاح والمهر إن خرجت من الثلث وورثت ، وإلّا بطل العتق في الزائد ومن المهر ما قابله ولا إرث.
السادس : لو أعتق أمته وقيمتها ثلث التركة ، ثمّ أصدقها مثله ودخل ، صحّ النكاح ، وبطل المسمّى وإلّا دار (1) ، وثبت لها مهر المثل ، فإن كان بقدر القيمة عتق ثلاثة أرباعها ولها ثلاثة أرباع المسمّى ، لأنّه عتق منها شي ء ، ولها من مهر المثل شي ء ، وللورثة شيئان في مقابلة العتق لا مقابلة المهر ، لأنّه من الأصل ، فالتركة في تقدير أربعة أشياء.
ص: 593
ولو كان مهر المثل بقدر نصف القيمة ، عتق بقدر سبعي التركة ، ولها سبع بالمهر ، لأنّه عتق منها شي ء ، ولها من مهر المثل نصف شي ء ، وللورثة شيئان ، فالتركة في تقدير ثلاثة ونصف ، فتبسط أنصافا (1) فتكون سبعة.
ولو كان مهر المثل ضعف القيمة ، عتق منها بقدر خمس التركة ، ولها خمسان بالمهر ، لأنّه عتق منها شي ء ، ولها من مهر المثل شيئان ، وللورثة شيئان ، فالتركة في تقدير خمسة أشياء.
السابع : لو باع الربوي المستوعب بمثله ، وقيمته ضعف الثمن ، بطل البيع في الثلث خوفا من الربا ، وكذا غير الربوي ، فلو باع العبد المستوعب بمثل قيمة نصفه صحّ البيع في ثلثيه بثلثي الثمن (2) وطريقه : أن يسقط الثمن من قيمة المبيع ، وينسب الثلث إلى الباقي ، فيصحّ البيع في قدر تلك النسبة.
لو أحاط الدّين بالتركة لم يجز للوارث التصرّف في شي ء منها إلّا بعد الأداء أو الإبراء أو الضمان مع قبول صاحب الدّين ، والأصحّ أنّ التركة تبقى على حكم مال الميّت ، فالنماء من التركة ، وقيل : ينتقل إلى الوارث فالنماء له ، ويتعلّق الدّين بها تعلّق الرهن ، وعلى التقديرين فالمحاكمة للوارث فيما على الميّت وله ، فلو أقام شاهدا حلف معه الوارث دون الديّان ، فإن امتنع فللديّان إحلاف
ص: 594
الغريم ، فيبرأ منهم لا من الوارث ، فإن حلف (1) بعد ذلك أخذ الديّان منه لا من الغريم ، ولو لم يحط كان الفاضل طلقا.
[ وفي نسخة « ألف » ما يلي : ]
تمّ الجزء الأوّل من كتاب معالم الدين
في فقه آل يس وشرعت في الثاني منه
* * *
قال المحقّق :
تمّ التحقيق والتعليق - بحمد اللّه - على الجزء الأوّل عشية يوم الثلاثاء
خامس جمادى الأولى سنة 1423 ه ميلاد الصدّيقة الصغرى زينب
الكبرى بطلة كربلاء عليها السلام ويتلوه الجزء الثاني ويبتدئ ب- « كتاب
النكاح ». بإذن اللّه سبحانه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
ص: 595
ص: 596
الموضوع / الصحفة
مقدمة... 5
كتاب الطهارة
فيما تفعل به الطهارة... 35
في الماء المطلق وأقسامه... 35
في تطهير الماء المتغير... 37
في الماء المستعمل والأسار... 40
في أقسام الطهارة... 43
في الوضوء... 43
ص: 597
الموضوع / الصحفة
في أسباب الوضوء... 43
في كيفية الوضوء... 45
في أحكام الوضوء... 49
في الغسل... 52
في الأغسال الواجبة... 53
غسل الحيض... 56
في احكام غسل الحيض... 58
في غسل الاستحاضة... 59
في النفاس... 60
في غسل الميت وأحكامه... 61
في التكفين... 64
في غسل مس الميت... 69
في الأغسال المسنونة... 69
في التيمم وشرائطه... 70
في كيفية التيمم... 75
في النجاسات... 75
ص: 598
الموضوع / الصحفة
في المطهرات... 78
في كيفية التطهير... 79
في حرمة اتخاذ أو اني الذهب والفضة... 80
كتاب الصلاة
الصلوات الواجبة... 85
الصلاة اليومية واجبة بالكتاب والسنة والإجماع... 85
في المقدمات... 86
في الوقت... 87
في الأحكام... 89
في القبلة... 91
فيما يستقبل له... 92
في اللباس... 95
فيمايستر... 96
في مكان المصلي... 97
ص: 599
الموضوع / الصحفة
في استحباب اتخاذ المساجد... 99
فيما يسجد عليه... 101
في الأذان والإقامة... 102
صورة الأذان والإقامة... 103
في أحكام الأذان والإقامة... 104
في ماهية الصلاة... 105
أما الواجب فثمانية... 105
الأول القيام... 105
الثاني النية... 106
الثالث تكبيرة الإحرام... 107
الرابع القراءة... 108
الخامس الركوع... 110
السادس السجود... 111
في وجوب السجود للعزائم الأربع... 113
السابع التشهد... 113
ص: 600
الموضوع / الصحفة
الثامن التسليم... 114
في مندوبات الصلاة... 115
في مبطلات الصلاة... 116
في الخلل... 117
في الشك... 119
في قضاء الصلاة... 121
في سبب القضاء... 121
في حكم القضاء... 122
في صلاة الخوف... 123
الخوف موجب لقصر الرباعية... 123
صلاة ذات الرقاع... 124
صلاة عسفان... 125
صلاة بطن النخل... 125
صلاة شدة الخوف... 126
في صلاة المسافر... 127
ص: 601
الموضوع / الصحفة
في شرائط القصر... 127
في أحكام صلاة المسافر... 131
في صلاة الجماعة... 132
في شرائط صلاةالجماعة... 132
في احكام الجماعة... 135
في صلاة الجمعة... 137
في وقت صلاة الجمعة... 138
في شروط صلاة الجمعة... 139
في احكام صلاة الجمعة... 140
في اداب يوم الجمعة... 141
في صلاة العيد... 141
في صلاة الكسوف... 143
في صلاة الاموات... 144
في كيفية صلاة الميت... 145
في صلاة النذر... 146
في الصلوات المندوبة... 148
ص: 602
الموضوع / الصحفة
النوافل اليومية... 148
صلاة الاستسقاء... 148
صلاةعلي عليه السلام وفاطمة عليها السلام وجعفر عليه السلام... 149
كتاب الزكاة
في شرائط الوجوب... 153
ما تجب فيه الزكاة... 155
في زكاة الانعام... 156
في شرائط زكاة الانعام... 156
البحث في الفريضة... 158
في زكاة الذهب والفضة... 160
ف شرائط زكاة الذهب والفضة... 160
البحث في الفريضة... 160
البحث في الأحكام... 161
في زكاة الغلات... 161
ص: 603
الموضوع / الصحفة
في شروط زكاة الغلات... 161
في وجوب العشر ان سقيت سيحا او بعلا او عذيا... 162
ما تستحب فيه الزكاة... 163
زكاة مال التجارة... 163
استحباب زكاة كل ما تنبت الارض مما يكال او يوزن... 165
استحباب الزكاة في الخيل الاناث السائمة حولا... 166
استحباب الزكاة في حاصل العقار المتخذ للنماء... 166
في أصناف مستحقي الزكاة... 166
في اوصاف مستحفي الزكاة... 168
في كيفية الاخراج... 169
وقت الاخراج... 170
في اعتبار النية... 170
في زكاة الفطرة... 173
فيمن تجب عليه زكاة الفطرة... 173
فيمن تخرج عنه... 173
ص: 604
الموضوع / الصحفة
في الواجب وهو صاع من الحنطة او الشعير او التمر... 174
في وقت زكاة الفطرة... 175
في مصرف زكاة الفطرة... 175
كتاب الصدقة
في معني الصدقة... 179
كتاب الخمس
فيما يجب فيه الخمس... 183
الاول غنائم دار الحرب... 183
الثاني الكنز... 183
الثالث المعدن... 183
الرابع ما يخرج بالغوص... 184
الخامس ما يفضل عن مؤونة السنة... 184
السادس الحلال الممتزج بالحرام... 184
ص: 605
الموضوع / الصحفة
السابع الارض التي اشتراها الذمي من مسلم... 184
في مستحق الخمس... 185
في الانفال... 186
كتاب الصوم
في اركان الصوم... 189
في شرط الصوم... 193
في أقسام الصوم... 195
ظفي ثبوت هلال رمضان... 195
فيما يجب بافطاره... 196
في الصوم المندوب... 200
في الصوم المحرم... 200
في الصوم المكروه... 201
كتاب الاعتكاف
في اركان الاعتكاف... 205
في شرائط الاعتكاف... 206
ص: 606
الموضوع / الصحفة
في احكام الاعتكاف... 207
كل ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف... 208
كتاب الحج
الحج تمتع وافراد وقران... 213
صورة حج التمتع... 213
صورة حج الافراد... 214
شروط حج الافراد... 214
صورة حج القران... 215
في شرائط حجة الاسلام... 215
الاول البلوغ... 217
الثاني العقل... 217
الثالث الحرية... 218
الرابع الاستطاعة... 219
ص: 607
الموضوع / الصحفة
في شرائط حج النذر وشبهه... 223
في شرائط النيابة... 224
شرائط المنوب عنه... 224
شرائط النائب... 226
في أفعال الحج... 229
في عمرة التمتع... 229
في المواقيت... 229
في مقدمات الاحرام... 230
في كيفية الاحرام... 231
في التلبية... 232
في احكام الاحرام... 233
محرمات الاحرام... 236
في الطواف ومقدماته... 238
في كيفية الطواف... 238
في مندولات الطواف... 240
ص: 608
الموضوع / الصحفة
في احكام الطواف... 242
في السعي... 242
في كيفية السعي... 243
في احكام السعي... 244
في التقصير... 244
في حج التمتع... 246
في نزول مني... 246
في الوقوف بعرفة... 247
في الوقوف بالمشعر... 248
في كيفية الوقوف... 249
في احكام الوقوف بالمشعر... 249
في مناسك يوم مني... 250
في الرمي... 250
في الذبح... 252
في وجوب هدي التمتع وصفاته... 252
ص: 609
الموضوع / الصحفة
في ماهية الذبح... 253
في هدي القران... 254
في الاضحية... 257
في الحلق والتقصير... 258
في زيارة البيت... 258
في العود الى مني... 260
في العود الى مكة... 262
في حج الافراد والقران... 263
في حقيقة الصد وحكمه... 267
في الحصر... 267
في كفارة الصيد... 268
في موجباب الضمان... 272
في صيد الحرم... 275
في كفارة النساء... 278
في باقي الكفارات... 280
ص: 610
الموضوع / الصحفة
كتاب الجهاد
فيمن يجيب عليه الجهاد... 286
فيمن يجب جهاده... 287
في كيفية القتال... 288
في الاسراء... 291
في الاغتنام... 293
في قسمة الغنيمة... 296
السلب للقاتل بشروط... 298
في الذمام وشرائطه... 299
في المهادنة... 301
في التحكيم... 303
في احكام اهل الذمة... 304
في شرائط الذمة... 306
في الجزية... 308
في احكام اهل الذمة... 309
ص: 611
الموضوع / الصحفة
في الانتقال... 311
في احكام اهل البغي... 312
في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر... 314
كتاب الصلح
الصلح اصل في نفسه... 319
في احكام الصلح... 321
في تزاحم الحقوق... 322
في التنازع... 325
كتاب التحسب
في انواع التكسب... 329
خاتمة فيما يستحب في التكسب... 334
كتاب البيع
في معني البيع... 337
في عقد البيع... 338
ص: 612
الموضوع / الصحفة
في شرائط العاقد... 339
في عقد الفضولي... 340
في شروط المبيع... 342
في شروط الثمن... 347
في الخيارات... 349
الاول خيار المجلس... 349
الثاني خيار الحيوان... 350
الثالث خيار الغبن... 350
الرابع خيار الرؤية... 351
الخامس خيار من باع ولم يقبض الثمن... 351
السادس خيار الشرط... 351
السابع خيار العيب... 352
في احكام الخيارات... 353
في العيب وضابطه... 355
في احكام العيب... 356
ص: 613
الموضوع / الصحفة
في التدليس... 359
في احكام العقد... 360
في ما يدخل في المبيع... 360
في الشرط... 364
في احكام الشرط... 365
في القبض وحقيقة... 366
في احكام القبض... 367
في اختلاف المتبايعين... 369
في الاقالة... 371
في الشفعة... 372
في شرائط الشفعة... 372
في كيفية الاخذ... 375
في مسقطات الشفعة... 378
في البيع الفاسد... 380
في انواع البيع... 382
ص: 614
الموضوع / الصحفة
في بيع الكالي بالكالي... 382
في بيع السلم وحقيقة... 383
في محل بيع السلم... 384
في شروط بيع السلم... 385
في احكام بيع السلم... 390
في اقسام البيع بالنسبة الى راس المال وعدمه... 391
في بيع المرابحة... 391
في بيع المواضعة... 393
في بيع التولية... 394
في بيع الحيوان... 394
في احكام بيع الحيوان... 395
في بيع الثمار والخضر... 399
في احكام بيع الثمار... 400
في بيع الصرف... 403
في شروط بيع الصرف... 403
ص: 615
الموضوع / الصحفة
في احكام بيع الصرف... 404
في الربا... 406
في شرط الربا... 406
في طرق التخلص من الربا... 409
كتاب الديون
كراهية الدين اختيارا... 413
عدم جواز بيع الدين بالدين... 415
في دين المملوك... 416
في القرض... 417
في الرهن وحقيقته... 420
في المرهون... 423
في الراهن... 425
في احكام الراهن... 426
في المرتهن... 426
ص: 616
الموضوع / الصحفة
في احكام المرتهن... 427
في احكام الرهن... 430
في التنازع... 433
في عقد الضمان... 435
في شروط الضامن المضمون له والمضمون عنه... 436
في شروط المضمون له... 437
في حكم الضمان... 437
في الحوالة... 439
في احكام الحوالة... 440
في الكفالة... 442
في المكفول... 443
في حكم الكفالة... 444
في المفلس... 446
في الشروط والأحكام... 448
ص: 617
الموضوع / الصحفة
كتاب الحجر
أسباب الحجر... 457
الاول الصغر... 457
الثاني الجنون... 459
الثالث السفه... 459
الرابع الملك... 461
الخامس المرض... 461
السادس الفلس... 461
كتاب الإجارات
في عقد الإجارة... 465
في العوض... 468
في المنفعة... 470
في عمل الادمي... 472
في عمل الدواب... 474
ص: 618
الموضوع / الصحفة
في منفعة الارض... 476
في اللواحق... 479
في التنازع... 481
في المضاربة... 482
في عقد المضاربة... 482
في المتعاقدين... 484
في مال المضاربة... 484
في العمل... 485
في الربح... 486
في الأحكام... 487
في النزع... 492
في المزارعة المساقاة... 494
في عقد المزارعة... 494
في شروط المزارعة... 495
في احكام المزارعة... 496
ص: 619
الموضوع / الصحفة
في النزاع... 497
في المساقاة... 498
في عقد المساقاة... 498
في شروط المساقاة... 498
في احكام المساقاة... 500
في الجعالة... 502
في صيغة الجعالة... 503
في شرائط الجعالة... 503
في احكام الجعالة... 504
السبق والرماية... 505
في الفاظ السبق... 506
في صيغة السبق وشروطه... 507
في احكام السبق... 508
في الرماية والفاظها... 509
في شروط الرماية... 510
ص: 620
الموضوع / الصحفة
في اقسام الرماية... 511
في احكام الرماية... 512
كتاب الامانات
في الوديعة... 515
في العقد... 515
في لازم الوديعة... 516
في ضمان الوديعة... 518
في أحكام الوديعة... 520
في العارية... 522
في العقد... 522
في المعير... 523
في المستعير... 523
في المستعار... 524
في ضمان العارية... 524
ص: 621
الموضوع / الصحفة
في الرجوع في العارية... 524
في حكم العارية... 525
في الشركة... 527
في حقيقة الشركة... 527
في احكام الشركة... 530
في النزاع... 531
في الوكالة... 533
في عقد الوكالة... 533
في الموكل... 535
في الوكيل... 535
في متعلق الوكالة... 536
فيما تثبت به الوكالة... 538
في احكام الوكالة... 540
حكم ما لو خالف الوكيل الموكل... 542
الوكيل أمين... 542
في النزاع... 543
ص: 622
الموضوع / الصحفة
كتاب العطايا
في الهبة وأركانها... 547
في أحكام الهبة... 550
في الوقف واركانه... 552
في شرائط الوقف... 556
في احكام الوقف... 558
في السكني والحبس... 562
في ماهية الوصية واركانها... 564
في الموصي... 566
في الموصى له... 567
في الموصى به وشروطه... 571
في اقسام الموصى به... 573
القسم الاول المعلوم... 573
القسم الثاني المبهم... 576
القسم الثالث الوصية بالمنفعة... 577
ص: 623
الموضوع / الصحفة
في أحكام الوصية... 578
في كيفية تنفيذ الوصايا... 578
في المسائل الحسابية... 582
في الوصية بالولاية واركانها... 584
في احكام الوصية بالولاية... 587
فيما تثبت به الوصية... 589
في احكام الرجوع... 590
في تصرفات المريض... 591
فهرس محتويات الكتاب... 597
* * *
ص: 624
المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الناشر: مؤسسة الامام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: 1
الموضوع : الفقه
تاريخ النشر : 1424 ه.ق
ISBN (ردمك): 964-357-083-5
المكتبة الإسلامية
المكتبة الإسلامية
إشراف العلامة المحقّق جعفر السبحاني
معالم الدين في فقه آل ياسين
دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية
تأليف: الفقيه البارع شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي
(كان حياً عام 832 ه)
الجزء الأول
تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري
المحرر الرقمي: محمّد علي ملك محمّد
ص: 1
فهرستنويسی پيش از انتشار توسط: موسسه تعلیماتی و تحقیقاتی امام صادق عليه السلام
قطان حلي، محمد بن شجاع، - 832؟ق
معالم الدين في فقه آل ياسين: دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية / تأليف شمس الدين ابن قطان الحلي ؛ إشراف جعفر السبحاني؛ تحقيق إبراهيم البهادري - قم: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام، 1423 ق - 1381
2ج.
(ج.1) ISBN : 964 - 357 - 049 - 5
(ج.2) ISBN : 964 - 357 - 083 - 5
كتابخانه به صورت زيرنویس.
1. فقه جعفری - - قرن 9 ق. الف ، سبحانی تبریزی ، جعفر ، 1308 - ، مشرف .ب. بهادری، ابراهيم، 1325 - ، مصحح .ج. موسسة الامام الصادق عليه السلام .د. عنوان.
BP 182/5/ ق6م6
297/342
اسم الكتاب: معالم الدين في فقه آل ياسين / الجزء الثاني
المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلي
إشراف: آية اللّه جعفر السبحاني
المحقق: الشيخ إبراهيم البهادري
الطبعة: الأولی - 1424 ه
المطبعة: مطبعة مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الكمية: 1500 نسخة
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
تنضيد وإخراج: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام / سيد محسن البطاط
توزيع
مكتبة التوحيد
ايران - قم؛ ساحة الشهداء
7745457 - 2925152
البريد الإلكتروني: Info@imamsadeq.org
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ
الصافات: 130.
ص: 3
ص: 4
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسّلام على خاتم أنبيائه محمّد وآله الطاهرين.
أمّا بعد :
فهذا هو الجزء الثاني من كتاب « معالم الدين في فقه آل ياسين » للفقيه البارع شمس الدين « محمّد بن شجاع » القطّان الحليّ قدس سره نقدّمه إلى القرّاء الكرام محقّقا ، مصحّحا مخرجا ، ومزدانا ببعض التعاليق. راجين منهم العفو عمّا زاغ عنه البصر.
وقد بذلنا جهودنا في تقويم النصّ بعرضه على النسخ الّتي بأيدينا وما في سائر المكتبات ، وبما أنّ المؤلف قدس سرّه قد اقتفى فيه نمط الإيجاز والاختصار فربما أوجد تعقيدا في الكلام ، فأوضحنا كلامه بنقل كلمات الفقهاء في الموضوع في الهامش حرصا لتبيين المقصود.
فهاكم أيّها القرّاء دورة فقهيّة كاملة موجزة ، من التراث الفقهي الخالد ، والّتي كانت محبوسة في رفوف المكاتبات.
نرجو من اللّه سبحانه أن يكتب ما بذلنا من الجهود في سجلّ الحسنات وأن يعفو عن الزّلات ، إنّه بذلك قدير وبالإجابة جدير.
قم - مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
إبراهيم البهادري
10 جمادى الثانية 1424 ه. ق
ص: 5
ص: 6
وفيه مقدّمة ومقاصد
ص: 7
ص: 8
ففيها مباحث :
النكاح لغة الوطء وكذا في الشرع ، لأصالة عدم النقل ، ولقوله تعالى : ( حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (1) وقيل حقيقة شرعية في العقد مجاز في الوطء (2) لقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ) (3) وقيل : مشترك (4) لقوله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) . (5)
النكاح واجب على القادر إذا تاقت نفسه ، وخاف الوقوع في الزّنا.
ومستحبّ لغيره سواء تاقت نفسه أو لا ، وهو أفضل من التخلّي للعبادة المندوبة.
ومحرّم كنكاح الخامسة والشغار ، وما يأتي في مواضعه إن شاء اللّه تعالى.
ومكروه كنكاح القابلة وبنتها وبنت زوجة ابنه إذا ولدتها بعد مفارقته ، ومن
ص: 9
كانت ضرّة أمّه مع غير أبيه ، (1) والزانية قبل التوبة ، ومن ولدت من الزنا ، والعقد على الأمة مع وجود الطول وعدم العنت.
وليس في النكاح مباح.
لا يجوز النظر إلى الأجنبيّة إلّا للضرورة كالشهادة عليها ، حتّى الخصي ولو إلى مولاته ، ورخّص النظر إلى وجهها وكفّيها مرّة ، ولا تجوز المعاودة ، وكذا للمرأة.
ويجوز النظر إلى وجه من يريد نكاحها وكفّيها قائمة وماشية ، وتكراره بغير إذنها ، وكذا إلى أمة يريد شراءها ، وإلى أهل الذمّة بغير ريبة وتلذّذ ، وإلى جسد زوجته باطنا وظاهرا حتّى العورة ، وإلى محارمه عدا العورة ، وكذا المرأة.
ولا يجوز للأعمى سماع صوت الأجنبيّة ، ولا للمرأة النظر إليه.
ويجوز أن ينظر الرجل إلى مثله وإن كان حسنا ، لا لريبة وتلذذ ، وكذا المرأة ، واللّمس كالنظر.
تستحبّ الخطبة مثل ربّ راغب فيك ، أو إنّ اللّه سائق إليك خيرا ، ويجوز ذكر النكاح مثل ربّ راغب في نكاحك.
ونهى اللّه تعالى عن المواعدة سرّا بغير المعروف ، امّا صريح مثل :عندي نكاح يرضيك ، أو تعريض مثل : ربّ جماع يرضيك.
وتحرم الخطبة لذات البعل والمعتدّة رجعيّة والمحرّمة أبدا ، تصريحا وتعريضا.
ص: 10
ويحرم (1) التصريح للمطلّقة ثلاثا في العدّة من الزوج وغيره ، ويجوز التعريض منهما ، ويجوز في البائن بخلع أو فسخ التعريض من الزوج وغيره ، والتصريح من الزوج خاصّة.
ولا تحرم بالخطبة في موضع المنع ، وتحرم خطبة المجيبة ، ولا تحرم به.
تستحبّ صلاة ركعتين ، والدعاء بعدهما ، والإعلان ، والإشهاد ، والخطبة أمام العقد ، وإيقاعه ليلا ، وأن يختار البكر الولود ، العفيفة ، الكريمة الأصل ، الخفرة. (2)
ويكره العقيم ، وإيقاع العقد والقمر في العقرب ، وفي النهار ، والتزويج للثروة والجمال.
تستحبّ صلاة ركعتين والدعاء بعدهما ، وكذا المرأة عند الانتقال إليه ، وطهارتهما ، ووضع يده على ناصيتها ، والدعاء والدخول ليلا ، وسؤال اللّه ولدا
ص: 11
ذكرا سويّا ، والتسمية عند الجماع ، والوليمة عند الزفاف يوما أو يومين ، ودعاء المؤمنين إليها ، وتستحبّ الإجابة والأكل وإن كان صائما ندبا.
ويجوز أكل ما ينثر في العرس وأخذه بإذن أربابه نطقا أو بشاهد الحال ، ويملك بالأخذ.
ويكره الجماع في المحاق ، وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وعند الزوال ، والغروب حتّى يذهب الشفق ، وفي ليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، وعند الريح السوداء ، والصفراء ، والزلزلة ، وفي أوّل ليلة من كلّ شهر إلّا رمضان ، وفي ليلة النصف ، وفي السفر مع عدم الماء ، وعاريا ، ومستقبل القبلة ومستدبرها ، وفي السّفينة ، ومحتلما من غير وضوء ، ولا بأس بتكرير الجماع ، والنظر إلى الفرج حال الجماع ، والكلام بغير ذكر اللّه تعالى ، وأن يكون عنده من ينظر إليه ، وفي الدبر ، وأن يطرق المسافر أهله ليلا.
وهي في النكاح وجوب تخيير نسائه بين إرادته ومفارقته ، واختيار المفارقة فسخ ، وتحريم نكاح الإماء بالعقد والكتابيات ، وتحريم الاستبدال بنسائه إذا اخترن اللّه ورسوله ، والزيادة عليهنّ ، ثمّ نسخ بقوله تعالى : ( إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ) (1) وتحريم زوجاته على غيره ، سواء فارقهنّ قبل الدخول أو بعده ، وسواء كان بفسخ أو طلاق أو موت ، وليس ذلك لتسميتهنّ أمّهات ، ولا لتسميته أبا.
ص: 12
ويجوز له الزيادة على أربع بالعقد ، وترك القسم بين زوجاته ، والعقد بلفظ الهبة ، ولا يلزمه مهر في الابتداء ولا في الانتهاء ، وأيّما امرأة نظرها ورغب فيها وجب على زوجها طلاقها. (1)
وفي غير النكاح وجوب السواك ، والأضحية ، والوتر ، وقيام الليل ، وتحريم الصدقة ، وخائنة الأعين وهو الغمز بها ، ونزع لامته (2) قبل لقاء العدوّ ، وقول الشعر.
وأبيح له الوصال في الصوم ، ودخول مكة بغير إحرام ، وخصّ أيضا ببقاء معجزته وهو القرآن إلى يوم القيامة ، وبأنّه سيّد الأنبياء ، وخاتم الرسل ، وبعموم نبوّته ، وتنام عينه ولا ينام قلبه ، وينظر من ورائه كما ينظر من أمامه ، بمعنى شدّة الحسّ ، ونصر بالرّعب حتّى كان العدوّ يرهب من مسيرة شهر ، وأبيح له ولأمّته الغنائم ، والأرض مسجدا ، وترابها طهورا ، وعصمت أمّته من نزول العذاب عليهم.
ص: 13
وأمّا المقاصد : فأربعة
وهي ثلاثة
وفيه أبواب
وفيه فصول
وهي الإيجاب والقبول ، فالإيجاب : زوّجتك ، أو أنكحتك ، أو متّعتك ، والقبول تزوّجت ، وقبلت ، ورضيت.
ولا يشترط مطابقة الإيجاب ، فلو قال عقيب زوّجتك : قبلت النكاح وبالعكس جاز ، ويجوز الاقتصار على قبلت وشبهه.
ص: 14
وتشترط العربيّة مع القدرة ، ولو عجز عن النطق كفت الإشارة دون الكتابة ، والتنجيز فلو علّقه لم يصحّ ، والتوالي فلو أخّر القبول أو جنّ ، أو أغمي عليه بطل ، وكذا لو ارتدّ أحدهما قبله ، وإيقاعهما بلفظ الماضي دون الأمر والمضارع.
ولو قال (1) : زوّجت بنتك من فلان؟ فقال : نعم ، كفى في الإيجاب ، فإذا قال : الزّوج قبلت انعقد ، ويجوز تقديم القبول.
ولا ينعقد بلفظ البيع ، والهبة ، والتمليك ، والصدقة ، والإجارة وإن قصد النكاح ، سواء ذكر المهر أو لا ، ولا بالإباحة والعارية.
ويشترط فيهما : البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والاختيار ، فلا يصحّ عقد الصّبي والمجنون وإن أجاز الولي ، ولا عقد السكران وإن أفاق وأجاز.
ويشترط امتياز الزّوجة بالإشارة أو التسمية أو الصّفة ، فلو زوّجه إحدى بنتيه أو هذا الحمل بطل ، ولو زوّجه إحدى بناته ونواها صحّ ، فإن اختلفا في المعقود عليها فالقول قول الأب إن كان الزوج رآهن وإلّا بطل العقد.
ولا يشترط في تزويج البالغة الرشيدة الوليّ ولا الإشهاد ، فيجوز إيقاعه سرّا ، والتآمر بالكتمان (2).
ص: 15
وعبارة المرأة صحيحة في نكاح نفسها وغيرها إيجابا وقبولا.
ولو اعترف أحد الزّوجين بالزّوجية فصدّقه الآخر قضي به وتوارثا ، ولو لم يصدّقه قضي على المعترف خاصّة.
ولو ادّعى زوجيّة امرأة وادعت أختها زوجيّته وأقاما بيّنة رجّحنا بيّنتها إن كان دخل بها أو كان تاريخ بيّنتها أسبق ، وإلّا رجّحنا بيّنته.
ولو ادّعى زوجيّة امرأة لم تثبت إلّا بالبيّنة.
وفيه أبحاث :
وهي أربعة :
الأوّل : الأبوّة وإن علت ، فلا ولاية لغير الأب والجدّ له ، ولا يشترط في ولاية الجدّ بقاء الأب ، ولا يسقط بموته ، وتثبت ولايتهما على الصّبيّ والمجنون ، ذكرا كان أو أنثى ، بكرا كان أو ثيّبا ، ولا خيار لهما بعد البلوغ والرشد إلّا أن يزوّجها بدون مهر المثل أو مفوضة ، ولا يزوّجان (1) المجنون أو المجنونة إلّا مع الحاجة ، ويقتصر على الوحدة بخلاف الصّبي.
ص: 16
ولا ولاية على البالغة الرشيدة وإن كانت بكرا في الدائم والمتعة ، فلو زوّجها أحدهما وقف على الإجازة.
ويستحبّ للمرأة أن تستأذن أباها وتوكيل أخيها ، والتعويل على الأكبر ، وأن تختار خيرته.
الثاني : الملك، وتثبت ولاية المولى على مملوكه وإن كان بالغا رشيدا ، وله إجباره على النكاح.
ولو تزوّج بغير إذنه وقف على الإجازة ، وكذا الأمة ، وإن كان متعة.
ولا يجبر من تحرّر بعضه على النكاح.
وللوليّ تزويج أمة الصبيّ والمجنون (1) وليس لهما الفسخ بعد الكمال.
الثالث : الوصاة، وتثبت ولاية الوصيّ على من بلغ فاسد العقل مع الحاجة ، لا على من تجدّد فساد عقله بعد البلوغ ، ولا على الصّغير (2) وإن نصّ عليها الموصي وإن كان مجنونا.
الرابع : الحكم، وتثبت ولاية الحاكم على من بلغ فاسد العقل ، أو تجدّد فساده بعد البلوغ مع المصلحة ، لا على الصّغير وإن كان مجنونا ، ولا ولاية له مع الأب والجدّ ، وليس عليه مشاورة الأقارب.
ولا يتزوّج المحجور عليه لسفه لغير ضرورة ، ومعها يجوز بإذن الحاكم ، سواء عيّن أو أطلق ، وبغير إذنه لكن لو زاد عن مهر المثل بطل في الزائد.
ص: 17
ولا ولاية لغير هؤلاء كالأمّ والعصبة والمعتق ، ولو عقد أحدهم وقف على إجازة المعقود عليه أو وليّه.
ويكفى سكوت البكر عن النطق والثيب تعرب عن نفسها.
وهو أربعة :
الأوّل : الكفر، فلا ولاية للأب والجدّ الكافرين على الولد المسلم ، وتثبت على مثله ، ولو كان أحدهما كافرا فالولاية للمسلم ، وتزول الولاية بالردّة فإن تاب عادت.
الثاني : الرق، فلا ولاية للعبد على ولده وإن كان مثله ، سواء كان لمولاه أو لغيره ، وكذا المدبّر والمكاتب.
الثالث : عدم الكمال، فلا ولاية للصّبيّ والمجنون والمغمى عليه والسكران.
الرابع : الإحرام ،وهو يسلب عبارة المولى ، فإن أحلّ عادت ، ويصحّ من المحرم الرجعة والطلاق وشراء الإماء.
يجوز للأب والجدّ أن يتولّيا طرفي العقد ، وكذا وكيل الرشيدين ، ولوكيلها أن يزوّجها من نفسه مع الإذن ، وإلّا فلا.
ص: 18
ولو زوّج الأبوان الصغيرين لزمهما العقد ، فإن مات أحدهما ورثه الآخر ، ولو عقد غيرهما ثمّ مات أحدهما قبل البلوغ بطل العقد ، وسقط المهر ، ولا إرث.
ولو بلغ أحدهما وأجاز لزم العقد من جهته ، فلو مات عزل نصيب الآخر ، فإذا بلغ وفسخ ردّ النصيب على ورثة الميّت.
ولو أجاز أحلف أنّه لم يجز رغبة في الميراث ، وورث.
فلو مات قبل الحلف لم يرث ، ولو جنّ عزل نصيبه إلى أن يفيق.
ولو نكل الزوج ففي وجوب المهر وإرثه منه توقّف ، ولا ينسحب الحكم في البالغين.
ولو زوج أحدهما الوليّ والآخر الفضوليّ فإن مات الأوّل عزل نصيب الثاني ، وأحلف بعد بلوغه ، وإن مات الثاني قبل بلوغه بطل العقد ، وهكذا بعده قبل إجازته.
ولو كان الفضولي أحد المتعاقدين لزم العقد من طرف المباشر ، فإن كان زوجا حرم عليه الأمّ والبنت والأخت والخامسة ، وإن كانت زوجة حرم عليها نكاح غيره إلّا أن يفسخ الزوج ، والطلاق هنا يدلّ على الإجازة ، فيلزمه نصف المهر.
ولو اختار الأب زوجا والجدّ غيره ، وتشاحّا ، قدّم اختيار الجدّ ، ولو عقدا صحّ عقد السابق ، ولو اقترنا صحّ عقد الجدّ خاصّة.
ولو زوجها الوليّ بمن به عيب تخيّرت عند البلوغ ، وكذا الصّبي ولا خيار لو زوّجهما برقّ ، ويجوز للوليّ التوكيل ، ويجب تعيين الزوج.
ويجوز للرشيدة تفويض الوكيل لكن لا يزوّجها إلّا من كفو.
ص: 19
ولو زوّجها الأخوان الوكيلان فإن تعاقبا صحّ عقد الأوّل ، فإن دخل بها الثاني فرّقا ولزمه المهر إن جهلت ، ولحق به الولد ، وأعيدت إلى الأوّل بعد العدّة ، وإن اقترنا بطلا ، ولا يحكم بعقد الأكبر.
ولو كانا غير وكيلين تخيّرت في إجازة أحدهما مع الاقتران وعدمه ، وتستحبّ إجازة عقد الأكبر ، والدخول بأحدهما كالإجازة.
وعقد الأمّ يقف على الإجازة ، ولا يلزمها بالردّ مهر إلّا أن تدّعي الوكالة.
ولو قال الزوج بعد العقد : زوّجك العاقد بغير إذن فادّعته قدّم قولها مع اليمين ، ولو ادّعى الإذن فأنكرته فإن كان قبل الدّخول قدّم قولها مع اليمين ، وإن كان بعده قدّم قوله مع اليمين.
ولا يقبل عقد النكاح الخيار ، ويصحّ اشتراطه في الصداق ، ولا يفسد المعقد به.
وإذن المولى لعبده يقتضي الاقتصار على مهر المثل ، فإن زاد فعلى المولى مهر المثل ، ويتبع العبد بالزيادة ، وكذا لو عيّن له فزاد.
وهي شرط في صحّة النكاح ، وعبارة عن التساوي في الإسلام والإيمان ، فلا يتزوّج الكافر بالمسلمة ولا المخالف بالمؤمنة على الأظهر ، ولا المسلم بالحربيّة ، ويجوز بالكتابيّة متعة لا دائما ، والناصبة كالحربيّة ، والمجوسيّة كالكتابية.
ص: 20
ويستحبّ للمؤمن نكاح المؤمنة ، وتجب إجابته مع القدرة وإن كان منخفضا ، ويعصي الوليّ بردّه.
ويكره تزويج الفاسق لا سيّما شارب الخمر ، ولا يعتبر في الكفاءة الحريّة وشرف النسب واليسار ، فيجوز أن يتزوّج العبد بالحرّة ، وغير الهاشمي بالهاشميّة ، والعجمي بالعربية ، وبالعكس ، وذو الصنعة الدنيّة بالشريفة ، والفقير بالمؤسرة ، وليس لها الفسخ لو تجدّد عجزه ، [ عن النفقة ] ، وكذا لو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها ، أو ظهر تقدّم زناها.
وليس ذكره شرطا في العقد الدائم ، فهنا مطلبان
وهو ما يصحّ تملّكه ، عينا كان أو منفعة ، ولا فرق بين منفعة الحرّ وغيره ، فلو أصدقها عملا محلّلا ، أو تعليم صنعة أو سورة أو إجارة الزوج نفسه مدّة معيّنة صحّ.
ويجوز للذّميين العقد على خمر أو خنزير ، ولو أسلم أحدهما بعد القبض برئ الزّوج ، وقبله تجب القيمة عند مستحلّيه ، معيّنا كان أو مضمونا.
ص: 21
ولا حدّ للمهر في القلّة والكثرة ، فيصحّ على الأقلّ من مهر السنّة والأكثر منه.
ولا يشترط ذكره ، فلو أغفله أو شرط ألا مهر صحّ ، ويجب مع الدخول مهر المثل.
ولا يجب تقدير المعيّن كهذه الصبرة ، ويجب تقدير المضمون بالكيل أو الوزن أو الوصف الرافع للجهالة ، فلو أبهمه فسد دون العقد.
ولو أصدقها تعليم سورة وجب تعيينها ، فلو أبهمها فسد المهر ، وإذا عيّنها تعيّنت وإن لم يعرفها ، ولو طلبت غيرها لم يجب إجابتها ، ولا يجب تعيين الحروف وتلقينها الجائز (1) وحدّه الاستقلال ولا يكفي تتبّع نطقه ، ولو استقلّت بالآية ثمّ نسيتها بعد تلقين الثانية لم يلزمه إعادة التعليم.
ولو تعذّر تعليمها أو تعلّمت من غيره فله الأجرة ، وكذا الصنعة.
ولو تزوّج أكثر من واحدة بمهر واحد صحّ ، وقسط على مهور أمثالهن.
ولو عقد على خادم أو بيت أو دار ولم يعيّن ولا وصف فلها الوسط.
ولو تزوّج على كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فالمهر خمسمائة درهم.
ولو تزوّجها بمهر سرّا وبآخر جهرا ، فالمعتبر الأوّل.
ولو تلف المهر قبل تسليمه ضمن مثله أو قيمته عند تلفه ، وإتلاف المرأة قبض.
ص: 22
ولو أتلفه أجنبيّ رجعت عليه أو على الزوج.
ولها الامتناع من تسليم نفسها قبل الدخول حتّى تقبضه مؤسرا كان الزوج أو معسرا لا بعده.
وإذا دفعه الزّوج وجب عليها التمكين ، ولو طلبت الإمهال للتنظيف أو للحداد (1) أجيبت ، لا لتحصيل الجهاز أو النقاء من الحيض.
ولا تمتنع مع تأجيله ، فلو امتنعت فحلّ ففي جواز الامتناع توقّف.
ولو قبضته فامتنعت لم يكن له استرداده ، بل استرداده ، بل تجبر على التمكين.
وتمهل المريضة والصّبيّة ، ولا يجب دفعه مع تعذّر الاستمتاع ، وفي الصبيّة توقّف.
ويستقرّ المهر بالدخول قبلا أو دبرا ، وبموت أحد الزّوجين ، لا بالخلوة.
ويستحبّ تقليل المهر ، ويكره مجاوزة مهر السنّة ، والدخول قبل تقديم المهر أو بعضه أو غيره ، ولو هدية ولو دخل قبل تسليم المهر لم يسقط بل هو دين وإن طالت المدّة.
ولو لم يسمّ مهرا ودخل ، فإن قدّم شيئا كان هو المهر ، وإلّا وجب مهر المثل.
ص: 23
وله أسباب :
الأوّل : عدم قبول الملك كالخمر والخنزير مع إسلامهما أو إسلام أحدهما ، أو ما لا قيمة له كالحرّ ، أو ما لا منفعة فيه ، أو كانت غير مباحة ، فلو تزوّجها على شي ء من ذلك صحّ العقد وفسد المهر ، وكذا لو أصدقها ظرفا على أنّه خلّ فبان خمرا ، أو عبدا فبان حرّا ، ولو ظهر مستحقّا وجب مثله أو قيمته.
الثاني : جهالة المضمون ، فلو عقد على مجهول أو ضمّه إلى معلوم صحّ العقد وفسد المهر ، ويجوز الجمع بين التزويج والشراء والإجارة ، ويقسط العوض بنسبة مهر المثل والقيمة والأجرة ، ولو جمع بين تزويج أمته وبيعها بطل النكاح ، ويسقط من العوض بنسبة مهر المثل.
ولو جمعت بين نكاحها وبيع دينار بدينار صحّ النكاح بما يقتضيه التقسيط وبطل البيع ، ولو اختلف الجنس صحّ الجميع.
الثالث : عدم الغبطة ، فلو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل ، أو زوّجه بأكثر منه بطل المهر ، وصحّ العقد.
الرابع : اقتضاء ثبوته نفيه ، كما لو زوّج ابنه بامرأة وأصدقها من يعتق على الابن ، كأمّه المبتاعة بعد ولادته ، أو أخته ، فيصحّ (1) العقد ويفسد المهر ، لأنّها تعتق على الابن ، لدخولها في ملكه قبل الزوجة.
ص: 24
وقد يفسد العقد والمهر كما لو زوّج عبده بحرّة وجعل رقيّته صداقها وبمخالفة الزوجة كما لو عيّنت مهرا فزوّجها بأقلّ منه ، أو لم يذكر مهرا.
ولو أطلقت التزويج اقتضى مهر المثل ، فلو زوّجها بأقلّ ردّ إليه ، ولو لم يذكر مهرا بطل العقد على توقّف.
عقد النكاح قابل للشرط الصحيح ، وهو ما كان سائغا مقدورا ، فلو شرط أن لا يقتضّها صحّ.
ولو أذنت بعده جاز ، ولو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم ولو شرط لها مهرا إن خرجت معه وأقلّ إن لم تخرج فأراد إخراجها إلى بلد الإسلام لزمها الخروج ، ولو أراد بلد الشرك فلها الامتناع وأخذ الزائد.
ويجوز اشتراط الخيار في المهر ، ثمّ إن اختار ثبوته لزمه ، وإلّا لزمه مهر المثل.
ولو شرط الخيار في النكاح بطل.
ولو شرط ما يخالف المشروع مثل أن لا يتزوّج عليها أو لا يتسرّى ، أو لا ينفق عليها ، أو لا يقسم لضرّتها ، أو لا يمنعها من التبرّج ، بطل الشرط خاصّة ، وكذا لو شرط تسليم المهر في وقت فإن لم يفعل فلا عقد.
ولو سمّى لها مهرا ولأبيها شيئا لزمه المهر خاصّة ، ولو شرط لأبيها من مهرها شيئا ففي لزومه قولان.
ص: 25
تملك المرأة نصف الصداق بالعقد ، فلها التصرّف فيه قبل القبض وبعده ، وتختصّ بالنماء ، وينتصف بالطلاق أو بفسخ لا يكون من جهتها ، فلو لم يدفعه طالبته بالنصف ، فلو تعيّب في يده من قبله فلها نصفه ونصف الأرش (1) ، وكذا لو أخذ أرشه ، ولو كان من قبل اللّه تعالى فلها نصفه معيبا.
ولو تلف أو غصب فلها مثل نصفه أو نصف قيمته ، فلو اختلفت بين العقد والتسليم لزم الأقلّ (2) ولو دفعه رجع بنصفه ، فإن تلف ضمنت نصفه ، ولو تعيّب رجع بنصف العين والأرش إن كان بسببها ، أو استوفته وإلّا بنصف العين المعيبة.
ولا يضمن نقص السوق ، ولو زاد زيادة منفصلة فهي لها ، ولو كانت متّصلة فلها دفع نصف العين أو نصف قيمتها عارية عن الزيادة.
ولو زادت ونقصت باعتبارين كوجود صنعة وعدم أخرى لم تجبر الزوجة على دفع نصف العين ولا الزوج على أخذها ، وتجبر على دفع القيمة والزوج على أخذها.
ولو أصدقها حاملا فله نصف الجميع.
ولو أصدقها عبدين فتلف أحدهما ، فله نصف الموجود ونصف قيمة التالف.
ص: 26
ولو كان الصداق تعليم سورة أو صنعة فإن علّمها رجع بنصف أجرة التعليم ، وإلّا رجعت بنصف أجرته.
ولو أمهرها مدبّرة بطل التدبير ، ورجع بنصفها ، ولو عوّضها عن المهر بشي ء رجع بنصف المسمّى لا العوض.
ولو وهبته المهر المعيّن أو أبرأته من المضمون ، ثمّ طلّقها أو خلعها به ، رجع بالنّصف ، ولو وهبته نصفه ثمّ طلّقها فله الباقي.
ولو انتقل عنها بعقد لازم كالبيع والعتق رجع بنصف المثل أو نصف القيمة.
ولو تعلّق به حقّ لازم كالإجارة والرّهن ، فإن صبر حتّى يزول أخذ نصف العين ، وإلّا رجع بنصف المثل أو القيمة.
ولو باعت بخيار لها أو وهبت ولم تقبض ، أو دبّرت رجع بنصف العين.
ولو تزوّج الذميّان على خمر فأسلم أحدهما ، فإن كان قبل القبض رجعت عليه بنصف قيمته عند مستحلّيه ، لا بنصفه وإن صار خلًّا ، وإن كان بعده فله نصف القيمة لا نصفه وإن انقلب خلًّا.
إذا عفت المرأة عن حقّها صحّ ، ولو عفا من بيده عقدة النكاح - وهو الأب والجدّ له لا من تولّيه أمرها - عن البعض جاز لا عن الكل.
ويجوز للزوج أن يعفو عن حقّه ، ولا يجوز لوليّه ، لعدم الغبطة.
ص: 27
ويصحّ من الزوج في العين بلفظ الهبة والعفو ، ويجب القبول والقبض لا بالإبراء ، لأنّه لا يزيل الملك.
ويصحّ في الدين بلفظ الهبة والعفو أو الإبراء ، ولا حاجة إلى القبول ، ولو عفا من عليه المال لم ينتقل عنه إلّا بالتسليم.
إذا كان المهر دينا على الزوج ، فإن عفا فهو هبة ، وإن عفت فهو إبراء ، ولو تلف في يد الزوجة انعكس الحكم ، فكلّ موضع يكون هبة لا بدّ من القبض عند التسليم.
مسألة : لو كان المهر فاسدا فأبرأته من مهر المثل بعد الدخول صحّ ، ولو أبرأته منه قبله لم يصحّ ، لعدم الاستحقاق ، وكذا لو تزوّجها مفوّضة فأبرأته قبل الدخول والفرض والطلاق من مهر المثل أو المتعة أو منهما.
إذا زوّج الأب أو الجدّ له الولد الصّغير وله مال لزمه المهر ، وإلّا فهو على الأب وإن بلغ الولد وأيسر ، وكذا لو مات ، ولو مات الأب أخذ من أصل تركته ، ولو دفعه إلى المرأة وطلق الولد بعد بلوغه قبل الدخول ، فله النّصف دون الأب ، وكذا لو تبرّع بالأداء عن الولد الكبير ، وفي الأجنبيّ توقّف.
ص: 28
وهو قسمان :
وهو أن يعقد بغير مهر ، أو يشرط عدمه ، فإذا تراضيا بعد العقد على شي ء لزمه ، سواء كان بقدر مهر المثل أو لا.
ثمّ إن طلّق قبل الدخول فلها نصفه وبعده الجميع ، وإن لم يفرض شيئا فإن طلّق قبل الدخول فلها المتعة ، وبعده مهر المثل ، سواء الحرّة والأمة ، ولا يجبان بمجرّد العقد ، فلو مات أحدهما قبل الفرض والطلاق والدخول فلا شي ء.
ولا تجب المتعة بغير الطلاق ، فلو اشترى زوجته المفوّضة بطل النكاح ، ولا مهر ، ولا متعة ، وللمرأة المطالبة بالفرض وحبس نفسها لأجله.
ويجوز الزيادة على مهر المثل والسنة ، فإن تعاسرا فرض الحاكم لها مهر المثل.
ويشترط في المفوّضة البلوغ والرشد.
وللوليّ أن يزوّج الصغيرة مفوّضة ، فتثبت المتعة بالطلاق قبل الدخول ، ومهر المثل بعده.
وقيل : لا يجوز فيثبت (1) مهر المثل بالعقد ونصفه بالطلاق (2).
ص: 29
وللمولى أن يزوّج أمته مفوّضة ، فلو باعها فإن أجاز المشتري النكاح كان فرض المهر بينه وبين الزوج والمهر له.
ولو أعتقها قبله فأجازت العقد ، فالفرض إليه وإليها ، والمهر لها.
ويعتبر في المتعة حال الزوج فيمتّع الغنيّ بالدابّة أو الثوب المرتفع أو عشرة دنانير ، والمتوسّط بالثوب المتوسط أو خمسة دنانير ، والفقير بالدينار أو الخاتم.
ويعتبر في مهر المثل حال الزوجة في الشرف والجمال ، وعادة نسائها من أهل بلدها إن ساوتهنّ في العقل واليسار والجمال والبكارة ، وكلّما يختلف المهر بسببه ، هذا إن لم يتجاوز مهر السنّة ، فإن تجاوز ردّت إليه ، وتساويها أقاربها دون أمّها.
ويعتبر مهر المثل عند العقد ، فلا عبرة بزيادة صفاتها ونقصانها عند الوطء.
ويكره أن يدخل بالمفوّضة قبل الفرض.
وهو أن يذكر مجملا ، ويفوّض تقديره إلى أحد الزّوجين ، وفي الأجنبي توقّف ، فتقول : زوّجتك نفسي على ما شئت أو شئت أو ما شاء زيد ، فإن كان الحاكم الزوج حكم بما شاء ، قلّ أو كثر وإن زاد على مهر المثل أو السنّة ، وإن كان الزوجة لم يقدّر في طرف القلة بل في طرف الكثرة ، فلا تزيد على مهر السنّة.
ص: 30
ولو طلّقها قبل الدخول وبعد الحكم لزمه نصف ما حكم به ، وإن كان قبلهما ألزم من إليه الحكم به ، ولها نصفه.
ولو مات الحاكم قبل الحكم فلها المتعة ، ولو مات قبل الحكم وبعد الدخول فلها مهر المثل.
ولو مات بعد الحكم فلها ما حكم به سواء دخل أو لا.
إذا اختلفا في أصل المهر قدّم قوله مع اليمين ، ثمّ إن طلّق قبل الدخول فعليه المتعة ، وبعده مهر المثل ، إلّا أن يقصر ما تدّعيه عنهما ، وكذا لو اختلفا في قدره أو وصفه أو في كون المدفوع هبة أو مهرا.
ولو اختلفا في التسليم قدّم قولها مع اليمين سواء دخل أو لا ، وكذا لو قالت : علّمني غير السورة أو الصنعة ، أو ادّعى تكرار العقد الواحد وادّعت تغايرهما ، فيجب عليه مهران.
ولو خلا بها فادّعت المواقعة قبلا فأنكر الزوج ، فإن أقام بيّنة بالبكارة بطلت دعواها ، وإلّا فالقول قوله مع يمينه.
والوارث تابع إلّا أنّه يحلف (1) على نفي العلم.
ولو كان أحد الزّوجين في هذه المواضع صغيرا أو مجنونا أخّر يمينه حتّى يكمل.
ص: 31
وهو سائغ في الإسلام لتحقّق شرعه وعدم نسخه ، وفيه مطلبان
وهي أربعة :
الأوّل : العقد ، وإيجابه وقبوله كالدائم ، ويزيد وجوب ذكر المهر والأجل ، فتقول : متّعتك نفسي مدّة كذا وكذا ، والقبول كلّ لفظ دلّ على الرضى مثل : قبلت ، ورضيت.
ولا ينعقد بلفظ الهبة والإجارة وغيرها من العقود.
ويصحّ تقديم القبول مثل تمتّعتك مدّة كذا بكذا ، فتقول متعتك أو زوّجتك أو أنكحتك.
ولا يصحّ بغير الماضي على الأقوى.
الثاني : المتعاقدان، ويشترط كمالهما ، وكون الزوج مسلما أو مؤمنا إذا كانت الزوجة كذلك ، وكون الزوجة مسلمة أو كتابيّة ، ويمنعها من شرب الخمر وارتكاب المحارم ، وتحرم على المسلم الوثنيّة والناصبيّة.
ولا يجوز إدخال الأمة على الحرّة ، ولا بنت الأخ أو الأخت على العمّة أو الخالة إلّا بإذنهما ، وحكم الدائم في المصاهرة.
ص: 32
ويستحبّ أن يستأذن أبا البكر.
ويكره أن يتمتّع ببكر لا أب له ، فإن فعل فلا يفتضّها ، وبالزانية.
تفريع : لو أسلم المشرك على كتابيّة استقرّ العقد وإن لم يدخل ، ولو أسلمت قبله ، انفسخ العقد قبل الدخول ، وبعده تنتظر العدّة أو المدّة فأيّهما انقضت قبل إسلامه انفسخ ، ولزمه المهر.
ولو أسلم على وثنية قبل الدخول انفسخ ، وبعده يقف على انقضاء العدّة أو المدّة.
الثالث : ذكر المهرفيبطل العقد بإهماله ، ويشترط فيه صحّة التملك ، وتقديره بالكيل ، أو الوصف ، أو الوزن ، أو المشاهدة ، وحدّه التراضي فيصحّ على كفّ من برّ ، ويجب [ دفعه ] بالعقد ويستقرّ بالدخول بشرط الوفاء بالمدّة ، فلو أخلّت ببعضها وضع منه بنسبتها.
وينتصف بهبة المدّة قبل الدخول.
ولو ظهر فساد العقد قبل الدخول فلا شي ء وتردّ ما أخذت ، ولو كان بعده فلها المسمّى مع جهلها ، ولا شي ء مع علمها.
ولو منع من الاستمتاع بحيض أو مرض أو موت أو ظالم لم ينقص من المهر شي ء وإن استغرق المدة.
الرابع : ذكر الأجل ، ويجب تقديره بالزمان المضبوط كاليوم ، والليلة ، والشهر ، والسنة ، فلو أبهمه أو قيّده بعمل كخياطة الثوب بطل.
ولو أخلّ به فالأكثر ينقلب دائما ، وقيل : يبطل (1) وإن قيّده ببعض يوم فإن
ص: 33
قرنه بغاية معلومة كباقي هذا اليوم أو إلى الزوال صحّ ، وإلّا فلا.
ولو قال : مرّة أو مرّتين فإن قيّده بزمان مضبوط صحّ وإلّا فلا ، ولو انقضى الزمان قبل الفراغ بطل ، ولا حدّ للزمان في القلّة والكثرة.
وإطلاق العقد يقتضي اتّصال المدّة بالعقد ، ويجوز تأخيرها عنه ، فليس له وطؤها ولا نكاح أختها ولا بنتها قبل حضورها ، وليس لها نكاح غيره ، ولو مات بطل العقد ولا مهر ولا عدّة.
للبالغة الرشيدة أن تعقد بغير إذن الوليّ وإن كانت بكرا ، ولا يجب بهذا العقد نفقة ولا ميراث وإن شرطا.
وتقبل الشروط السائغة وتلزم إذا وقعت في متنه ، ولا يجب إعادتها بعده ، ولا عبرة بالمتقدّمة والمتأخّرة ، ويجوز اشتراط الإتيان ليلا أو نهارا ، والعزل بغير إذنها ، ويلحق به الولد ، وينتفي بنفيه بغير لعان ، ويقع بها الظهار دون الطلاق واللعان والايلاء وتبين بانقضاء المدّة أو هبتها.
وتعتدّ مع الدخول بحيضتين ، ولو لم تحض وهي في سنّه فبخمسة وأربعين يوما.
وتعتدّ الحائل من الوفاة (1) بأربعة أشهر وعشرة أيّام وإن لم تدخل ، والحامل بأبعد الأجلين ، والأمة الحائل بشهرين وخمسة أيّام ، والحامل بأبعد الأجلين.
ص: 34
ويستباح بأمرين :
وفيه مباحث
الأوّل : لا يجوز العقد على أمته إلّا أن يجعل عتقها مهرها ، ولا على أمة غيره إلّا بإذنه وإذن زوجته الحرّة ، ولا يشترط عدم الطول وخوف العنت.
فلو تزوّج بغير إذن المولى وقف على الإجازة ، فلو وطأ قبلها عالما بالتحريم فهو زان ويجب الحدّ والمهر إن كانت جاهلة ، وأرش البكارة مطلقا ولو علمت وطاوعت حدّت أيضا ولا مهر ، والولد رقّ للمولى.
ولو وطأ جاهلا أو بشبهة فلا حدّ ، والولد حرّ ولمولاها قيمته يوم ولد حيّا والمهر إن كانت جاهلة وإلا فلا.
ص: 35
ولو ادّعت الحريّة فعقد عليها لزمه العشر إن كانت بكرا ونصفه إن كانت ثيّبا ، ويستعيد المهر ، ولو تلف تبعت به ، والولد رقّ ويفكّه الزّوج بقيمته يوم سقط حيّا ، ويلزم المولى دفعه ، ولا يتبعها به ، وإن كان معسرا سعى في القيمة ، فإن أبى (1) قيل : يفديهم الإمام من سهم الرقاب (2) وقيل : من سهم الغارمين.
الثاني : لو تزوّج أمة بين اثنين فاشترى حصّة أحدهما بطل العقد وإن أجازه الشريك أو أحلّها ، ولو كان بعضها حرّا لم يجز للمالك وطؤها بالملك ولا بالعقد دائما أو منقطعا ، وإن هاياها وعقد في الزمان المختصّ بها ، وكذا لو عقد غيره.
الثالث : لا يجتمع العقد والملك، فلو ملك زوجته أو بعضها ، أو ملكت زوجها أو بعضه ، انفسخ العقد. ثمّ إن كان المالك الرجل استباحها بالملك ، وإن كان المرأة حرمت إلّا أن تعتقه وتجدّد العقد.
الرابع : لو تزوّج العبد بحرّة بغير إذن مولاه ، فإن علمت بالتحريم فلا مهر ولا نفقة ، والولد رقّ ، وإن جهلت تبع العبد بالمهر ، والولد حرّ ولا قيمة عليها ، ولو أذن مولاه فالولد حرّ ، ولو شرط رقّه لزم ، وكذا لو زوّج أمته بحرّ وشرط رقّ الولد ، وحينئذ يمكن أن يكون العلوي رقّا ، فلو كوتب منع من الزكاة لا من الخمس.
الخامس : ليس للعبد ولا للأمة العقد بغير إذن مولاهما، فلو بادر أحدهما وقف على الإجازة ، ولا يجب تخصيص الإذن ، فلو أطلقه تخيّر المأذون في التعيين ، وإذا أذن مولى العبد فعليه المهر والنفقة لزوجته أو لمولى الأمة فلو أعتقه
ص: 36
سقطت عنه النفقة دون المهر ، ولو باعه وجبت على المشتري إن أجاز.
ولو تعدّد المولى افتقر إلى إذن الجميع.
والإجازة تنفيذ فتجب نفقة المدّة الّتي قبلها.
السادس : إذا زوّج أمته فعليه تسليمها إلى زوجها ليلا ، ويجب كمال النفقة ، وقيل : ليلا ونهارا ، وللزوج نقلها إلى منزله ، وللمولى السفر بها ، فتسقط النفقة إلّا أن يصحبها الزوج ، وليس للمولى منعه.
السابع : إذا زوّج عبده بأمته وجب القبول، ويستحبّ للمولى أن يعطيها شيئا ، ولو تزوّج بأمة غيره فإن أذنا أو لم يأذنا فالولد لهما إلّا أن يشترطه أحدهما ، ويجوز أن يشترط الأكثر ، ولو أذن أحدهما فالولد للآخر ولو كان أحدهما مشتركا فأذن أحدهما ومولى المختصّ فالولد للجميع على توقف.
الثامن : لو زنى العبد بأمة مولاه أو تزوّجها بغير إذنه ، فالولد رقّ.
ولو زنى بأمة غيره فالولد لمولى الأمة.
ولو زنى بالحرّة فالولد حرّ.
ص: 37
وهي ثلاثة :
إذا أعتقت (1) الأمة فلها الفسخ ، سواء كان زوجها حرّا أو عبدا ، ولو كانت تحت عبده أو عبد غيره ثمّ أعتقا دفعة أو على الترتيب ، فلها الخيار خاصّة ولا خيار للعبد لو أعتق ولا لزوجته إن كانت حرّة ، ولا لمولاه ، ولا لمولى زوجته.
والخيار على الفور ، فلو جهلت ثبوته أو عتقها أو الفوريّة لم يسقط ، ولا خيار للصغيرة والمجنونة إلّا بعد الكمال ، ولو أعتقت في العدّة الرجعيّة فلها الفسخ ، فإن فسخت منع من الرجعة ، واتمّت عدّة الحرّة ، وإن لم تفسخ فراجع فلها الفسخ ، وتستأنف عدّة الحرّة.
ولو أعتق بعضها فلا خيار حتّى يعتق الباقي ، ولو فسخت قبل الدخول فلا شي ء لها ، وبعده لها المسمّى.
ويجوز أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها ، ويلزم العقد ، ولا يشترط تقديم العقد ولا العتق ، فيقول : أعتقتك ، وتزوّجتك ، وجعلت عتقك مهرك ، ولا يجب القبول ، ولا يتعدّى إلى أمة الغير.
ولا يصحّ عتق بعض الأمة مهرا ، سواء كان الباقي حرّا أو رقّا أو لغيره ،
ص: 38
ولا عتق جميعها وجعل بعضه مهرا على توقّف.
ولو كان ثمنها دينا فأعتقها ، وجعل عتقها مهرها ، ثمّ أولدها ، وأفلس بالثمن ، ومات قيل : تباع في الدين ويصير الولد رقّا (1) وفيه توقّف.
فإذا طلّقت المجعول عتقها مهرها قبل الدّخول ، نفذ العتق ورجع عليها بنصف القيمة عند العقد.
ولا تنعتق الأمة بالاستيلاد ، بل يمنع المولى من بيعها ، وتعتق بوفاته من نصيب ولدها ، فإن نقص أو لم يخلف سواها سعت في الباقي دون الولد ، ولو مات قبل أبيه عادت رقّا وجاز بيعها.
ويجوز البيع مع وجوده في ثمن رقبتها إذا لم يملك المولى سواها ولا تباع في الدين إذا قصرت التركة عنه.
إذا بيع أحد الزوجين فللمشتري الفسخ والإمضاء على الفور ، سواء كانا رقّين أو أحدهما ، ولو كانا لاثنين فبيع أحدهما تخيّر المشتري ، فإن أجاز تخيّر مالك ، الآخر ، وإن بيعا واتّحد المشتري تخيّر ، وإن تعدّد فلكلّ الخيار.
فلو اختلفا قدّم الفسخ ، ولو كانا لواحد واتّحد المشتري تخيّر ، وإن تعدّد تخيّرا فلو تخالفا قدّم الفسخ.
ولو باع أحدهما تخيّر البائع والمشترى.
ص: 39
ولو باع الأمة قبل الدخول ، فإن فسخ المشتري سقط المهر ، وإن أجاز كان له.
ولو باعها بعده ، فالمهر له ، سواء أجاز المشتري أو لا.
ولو باع العبد فللمشتري الفسخ وإن كانت زوجته حرّة ، وعلى البائع نصف المهر إن كان قبل الدخول ، والجميع بعده.
ولو باع أمته ثمّ ادّعى أنّ حملها منه وأنكر المشتري ، لم يقبل قوله في فساد البيع (1) ، ويقبل في التحاق الولد ، لأنّ إمكان الضرر بشرائه قهرا نادر. (2)
إذا تزوّج العبد بإذن مولاه فالطلاق بيده ، وليس له إجباره عليه ، ولا منعه منه إذا كانت زوجته حرّة أو أمة غيره ، ولو كانت أمة مولاه فله التفريق بغير لفظ الطلاق ، كالفسخ والأمر بالاعتزال ، ولا يعدّ في الطلقات.
وليس الأمر بالطلاق فسخا ، ولو طلّقها الزوج ثمّ باعها مولاها أتمّت العدّة وكفت عن استبراء المشتري.
ص: 40
وفيه بحثان :
للإنسان أن يطأ بملك اليمين ما شاء ، والجمع بين الأمّ وبنتها في الملك ، فإن وطئ إحداهما حرمت الأخرى عينا ، والجمع بين الأختين فيه ، فإن وطئ إحداهما حرمت الأخرى جمعا ، فإن أخرج الموطوءة عن ملكه حلّت الأخرى وإلّا فلا.
وللأب أن يملك موطوءة ابنه ، ويحرم وطؤها ، وكذا الابن.
وتحرم الأمة المشتركة على الشريك بالعقد والإباحة ، وتحلّ لغيرهما بأحدهما.
وإذا زوّج أمته حرم عليه الوطء والنظر بشهوة إلى ما لا يجوز لغير المالك حتّى يفارقها الزّوج وتعتدّ ، وليس له فسخ العقد ، ولا للمشتري إذا أجاز النكاح أو علم به وسكت ، ولو لم يجز كفى (1) الاستبراء عن العدّة.
وكلّ من ملك أمة حرم عليه وطؤها حتّى يستبرئها بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما إن لم تحض وهي في سنّه ، ويجب على البائع قبل البيع ، ويسقط عن المشتري بإخبار البائع العدل ويسقط أيضا بما تقدّم.
ص: 41
ولو تقايلا البيع بعد القبض وجب الاستبراء ، ولو أعتقها وتزوّجها سقط ، لكن يستحبّ.
ولو وطئها ثمّ أعتقها حرمت على غيره حتّى تعتدّ عدّة الطلاق.
ويجوز شراء ذوات الأزواج من أهل الحرب وبناتهم ، وما يسبيه أهل الضّلال [ منهم ].
البحث الثاني : ملك المنفعة والنظر في الصيغة والشروط والحكم
أمّا الأوّل : فهي : أحللت لك وطأها ، أو جعلتك في حلّ من وطئها ، وفي الإباحة قولان ، ولا يستباح بالإجارة ، والعارية ، والهبة ، والتمليك ، وبيع منفعة البضع ، ولا يفتقر إلى القبول ، لأنّه إباحة فيجوز تحليل أمته لمملوكه.
وأمّا الثاني : فيشترط في المحلّل الملك ، فلا يصحّ من غير المالك إلّا مع الإجازة ، وتمامه فلو أحلّه الشريك لم يحلّ ، وجواز التصرّف فلا يصحّ من المحجور عليه ، والتمكّن من التصرّف فلا يصحّ تحليل المرهونة والموقوفة والمكاتبة وإن كانت مشروطة ، ويجوز تحليل المدبّرة وأمّ الولد ، وفي المحلّل له والمحلّلة إباحة الوطء فلا تحلّ المسلمة للكافر والناصب وبالعكس ، ولا المؤمنة للمخالف ، ولا للمحرمة بالنسب والمصاهرة ، ولا يشترط تعيين المدّة.
وأمّا الثالث : فيجب الاقتصار على مدلول اللفظ وما دلّت عليه القرينة ، فلو أحلّ له الوطء حلّ له مقدّماته بخلاف العكس ، ولو أحلّ له الخدمة لم يحلّ له الوطء ولا شي ء من مقدّماته وكذا العكس ، فلو وطئ عالما بالتحريم
ص: 42
فالولد رقّ للمولى ، ويجب الحدّ والعقر مع جهلها أو إكراهها ، ولو كان جاهلا بالتحريم فالولد حرّ وعليه قيمته للمولى يوم ولد حيّا.
وولد المحلّلة حرّ وإن لم يشترط الحريّة.
ولا بأس بوطء الأمة وفي البيت غيره والنوم بين أمتين ، ويكره ذلك في الحرّة.
ص: 43
وهي خمسة :
وتحرم به الأمّ والجدّة للأب أو للأمّ (1) وإن علت ، والبنت وبنتها وبنت الابن وإن نزلن ، والأخت وبنتها وبنت الأخ وإن سفلن لأب وأمّ أو لأحدهما ، والعمّة وإن علت لأب أو لأمّ أو لهما وكذا الخالة.
ويحرم على النساء مثلهنّ من الرجال ، فيحرم الأب وإن علا ، والولد وإن نزل ، والأخ وابنه وابن الأخت وإن نزلا ، والعمّ والخال وإن ارتفعا.
ويثبت النسب بالنكاح الصحيح والشبهة لا بالزنا.
والتحريم يتبع اللغة ، فلو أولد من الزنا ولدا ، فإن كان ذكرا حرم على أمّه ، وإن كان أنثى حرمت على أبيه ، وكذا النظر ، ولا يلحقه غير ذلك من توابع النسب ، كالعتق ، والشهادة ، والقود ، وتحريم الحليلة ، وغير ذلك.
ص: 44
ولو وطئت المطلّقة (1) بالشبهة ، ثمّ أتت بولد لستّة أشهر من وطء الأوّل ، ولأقلّ من وطء الثاني ألحق بالأوّل ، ولو كان لستّة من وطء الثاني ولعشرة من وطء الأوّل ألحق بالثاني ، ولو كان لأقلّ من ستّة من وطء الثاني ولأكثر من عشرة من وطء الأوّل ، لم يلحق بأحدهما ، ولو كان لستّة من وطء الثاني ولأقلّ من عشرة من وطء الأوّل فهو للثاني ، واللبن تابع للنّسب.
ولو أنكر ولده ولا عن انتفى النّسب وتبعه اللبن ، ولو أكذب نفسه عاد النسب ولم يرثه الأب.
وفيه فصول :
وهي ثلاثة :
الأوّل : المرضعة ، وهي كلّ امرأة حيّة حامل ووالدة (2) عن نكاح صحيح وإن فسد عندنا ، وكذا عن الشبهة ، فلا اعتبار بلبن الرجل والبهيمة والميتة ، وبما درّ من غير حمل أو ولادة ، أو كان عن زنا ، فلا ينشر شي ء من ذلك وإن تمّم به.
ص: 45
ولا يشترط في النشر إذن الزّوج والمولى ، ولا بقاء الزوج ، ولا النكاح ، فلو أرضعت بلبنه بعد موته نشر الحرمة إلى أقاربه.
ولو أرضعت زوجة الميّت ، أو المطلّقة الحامل أو المرضعة ، نشر وإن خرجت العدّة ، وكذا لو انقطع ثمّ عاد ، أو زاد أو نقص.
ولو تزوّجت بآخر وحملت منه فاللبن للأوّل ، ولو انقطع ثمّ عاد فإن أمكن أنّه للثاني كان له ، وإلّا فللأوّل ، ولو استمرّ إلى الوضع فما قبل الوضع للأوّل (1) وما بعده للثاني.
ويستحبّ اختيار العاقلة المؤمنة العفيفة الوضيئة (2) ، فإن اضطرّ إلى الكافرة استرضع الكتابيّة ، ويمنعها من أكل لحم الخنزير وشرب الخمر ، ولا يمكّنها من حمله إلى منزلها.
وتكره المجوسيّة ومن ولدت من الزنا.
الثاني : اللّبن ، ويشترط وصوله صرفا إلى جوف الصّبي بالامتصاص من الثدي ، فلو أكله جبنا أو أقطا (3) أو خرج بما وضع في فيه من كونه لبنا ، أو وجر في حلقه ، أو حقن به ، أو أسعط به ، أو قطر في إحليله حتّى يصل إلى الجوف لم ينشر.
الثالث : المحلّ ، وهو معدة الرضيع الحي ، فلو أرضعت الكبير أو الميّت لم ينشر.
ص: 46
وهي ثلاثة :
الأوّل : أن ينبت اللحم ويشدّ العظم ، أو يكون يوما وليلة ، أو خمسة عشر رضعة.
ولا بدّ من إكمال الرضعة ، وهو أن يروى ويصدر من قبل نفسه ، فلو لم يكملها أو منع من إكمالها لم تحسب ، ولو لفظ الثدي ثمّ عاوده فإن كان إعراضا فهي رضعة وإلّا فالجميع رضعة.
و [ لا بدّ ] من تتالي الرضعات من امرأة واحدة ، فلو فصل بلبن أخرى أو أكمله به بطل حكم الأوّل وإن اتّحد الفحل.
ولو وجر في حلقه من لبن أخرى ، أو تخلّله مأكول أو مشروب لم يعدّ فصلا.
ولو شكّت في العدد أو في وقوعه في الحولين فلا تحريم.
الثاني : وقوعه في الحولين بالنسبة إلى المرتضع لا إلى ولد المرضعة فلو كمل لولدها حولان ثمّ أرضعت من له أقلّ نشر ، وبالعكس لم ينشر ، ولو كملت الأخيرة بعد الحولين لم ينشر ، ولو تمّت بتمامها نشر.
الثالث : اتّحاد الفحل ، فلو أرضعت جماعة بلبن فحل واحد حرم بعضهم على بعض ، وكذا لو تعدّدت زوجاته وأرضعن جماعة ، ولو أرضعت اثنين بلبن فحلين لم ينشر ، وكذا لو أرضعت واحدا بلبن فحلين.
ص: 47
وهي مسائل :
الأولى : إذا تمّت شرائطه انتشرت الحرمة من المرتضع إلى المرضعة والفحل ومنهما إليه ، فتصير المرضعة أمّا ، والفحل أبا وآباؤهما أجدادا وجدّات ، وأولادهما إخوة وأخوات ، وإخوتهما أعماما وأخوالا.
فيحرم على المرتضع أمّهات الفحل والمرضعة وأخواتها ومثلهنّ من الرجال لو كان المرتضع أنثى.
ولا تحرم عليه أمّ المرضعة ولا أختها من الرّضاع ، ولا عمّتها وخالتها منه ، ولا بنات أختها وأخيها منه ، لعدم اتّحاد الفحل.
ويحرم عليه أولاد الفحل ولادة ورضاعا وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.
ويحرم على أب المرتضع أولاد الفحل ولادة ورضاعا وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.
ولا تحرم المرضعة على أبيه ولا على أخيه ، ويجوز لأولاد أبيه الّذين لم يرتضعوا من لبن هذا الفحل النكاح في أولاد المرضعة وأولاد فحلها ولادة ورضاعا على الأقوى.
ولو أرضعت ابنا لقوم وبنتا لآخرين لم يحرم إخوة كلّ واحد منهما على إخوة الآخر قطعا وإن اتّحد الفحل.
الثانية : كلّما منع الرّضاع من النكاح سابقا يبطله لاحقا ، فلو أرضعت
ص: 48
أمّه أو جدته أو أخته أو زوجة الأب زوجته الصغيرة فسد النكاح ولزمه نصف المسمّى وإلّا المتعة ، ويرجع به على المرضعة إن تولّت الإرضاع وإلّا فلا.
ولو أرضعت زوجته الكبيرة زوجته الصغيرة بلبنه حرمتا مطلقا ، ولو كان بلبن غيره حرمتا إن دخل بالكبيرة ، وإلّا حرمت الكبيرة خاصّة ويلزمه مهر الكبيرة مع الدخول ، وإلّا فلا ، ونصف مهر الصغيرة ، ويرجع به على الكبيرة إن تولّت الإرضاع وإلّا فلا.
ولو أرضعت الكبيرة الأصاغر بغير لبنه ، حرم الجميع إن دخل بالكبيرة ، وإلّا حرمت الكبيرة ، ولو كان بلبنه حرم الجميع مطلقا ، ولو أرضعت الكبيرتان الصغيرة بلبنه انفسخ وحرمن مطلقا ولو كان بلبن غيره حرمت الصّغيرة والأولى قطعا ، وفي الثانية خلاف.
ولو أرضعت الكبيرة الصغيرتين بلبنه دفعة حرم الجميع ، ولو كان بلبن غيره حرمت الكبيرة مطلقا والصغيرتان إن دخل بالكبيرة.
ولو تعاقب حرمن جمع إن كان بلبنه ، وإلّا حرمن مع الدخول ، ومع عدمه تحرم الكبيرة ، وينفسخ نكاح الأولى خاصّة ، لأنّ الثانية رضعت من الكبيرة ، وهي بائن.
نعم لو أرضعت ثالثة انفسخ نكاحهما للجمع بين الأختين.
الثالثة : لو تزوّجت [ الأمة ] بصغير ثمّ فسخت لعتقها أو لعيب ثمّ تزوجت بكبير وأرضعته بلبنه حرمت عليهما. أمّا الكبير فلأنّها كانت حليلة ابنه
ص: 49
[ من الرضاع ] ، وأمّا الصغير فلأنّها منكوحة أبيه (1) ، وكذا لو تزوجت بكبير ثمّ طلّقها وتزوّجت بصغير ثمّ أرضعته بلبنه.
الرابعة : لو كان لواحد زوجة كبيرة ولآخر صغيرة ثمّ طلّقا ، وتزوّج كلّ واحد بزوجة الآخر ، ثمّ أرضعت إحداهما الأخرى ، حرمت الكبيرة عليهما مؤبّدا ، والصغيرة على من دخل بالكبيرة.
الخامسة : لو وطئ أمته ثمّ أرضعت زوجته بلبنه حرمتا ، ولم يزل الملك ، وعليه نصف المهر ، ولا يرجع به على الأمة إلّا أن تكون مكاتبة ، ولو كانت موطوءة بالعقد تبعت به ، ولو كان اللبن لغيره حرمتا إن دخل بالأمة ، وإلّا الأمة خاصّة.
السادسة : لو زوّج أمته الموطوءة بصغير ثمّ أرضعته حرمت عليهما.
السابعة : لو زوّج ابنه الصغير بابنة أخته [ أو أخيه ] (2) الصغيرة ثمّ أرضعت جدّتهما أحدهما انفسخ النكاح ، لأنّ المرتضع إن كان الذكر فهو إمّا عمّ أو خال ، وإن كان الأنثى فهي إمّا عمّة أو خالة. (3)
ص: 50
يثبت الرضاع بشاهدين ، أو بشاهد وامرأتين ، وبأربع نساء ، ويجوز أن تكون المرضعة إحداهنّ إلّا أن تدّعي أجرة.
ولا يثبت الإقرار به إلّا بشاهدين.
ويشترط في المتحمّل (1) مشاهدة الصّبي ملتقما ثدي المرأة ماصّا له ، والكرع (2) حتّى يصدر ، ثمّ يذكر الوقت أو العدد ، ولا تقبل إلّا مفصّلة ، ويجوز الإطلاق في الإقرار به.
أمّا المصاهرة فلا ريب في تحقّقها بالنكاح الصحيح ، وفي ثبوتها بوطء الشبهة والزنا والنظر واللمس قولان ، فيحرم على من وطئ بالعقد الدائم ، أو المنقطع ، أو الملك : أمّ الموطوءة وإن علت ، وبناتها وإن نزلن ، تقدّمت ولادتهنّ (3) أو تأخّرت وإن لم تكن في حجره ، تحريما مؤبّدا.
ص: 51
ولو تجرّد العقد [ عن الوطء ] حرمت الأمّ عينا ، والبنت جمعا.
ويشترط لزوم العقد من طرفه ، فلو عقد الفضولي عن الزوجة حرمت الأمّ قبل الفسخ ، وتحلّ بعده.
والرضاع كالنّسب في ذلك كلّه ، وتحرم منكوحة الابن على الأب وبالعكس ، ولو وطئ أحدهما زوجة الآخر لم تحرم على الزّوج ، ولو كان لشبهة لزمه (1) مهر المثل ولو عاودها الزوج لم يلزمه غير المهر الأوّل.
ولو وطئ أحدهما مملوكة الآخر لم تحرم على المالك ، ولا يحرم الملك بالوطء وبالعكس.
ولا يجوز لأحدهما وطء مملوكة الآخر إلّا بعقد أو ملك أو إباحة ، فإن بادر من دون ذلك كان زانيا ويحدّ الابن دون الأب ، ويسقط الحدّ بالشبهة.
ولو حملت مملوكة الأب من الابن لشبهة عتق الولد مطلقا.
ولو حملت مملوكة الابن من الأب بذكر لم يعتق عليه ، وعلى الأب فكّه ، ولو كان بأنثى عتقت على الابن ولا قيمة على الأب ، ولا عتق مع الزنا.
ويجوز للأب تقويم جارية ولده الصّغير ثمّ يطأها.
الدّخول المحرّم يتناول الفرجين ، ولا يشترط إباحة الوطء ، ولا البلوغ والعقل ، ووطء الشبهة والزنا كالصحيح ، فلو وطئها لشبهة أو زنى بها حرمت أمّها
ص: 52
وبنتها ، ولو كان النكاح سابقا فلا تحريم ، ولو وطأ امرأة بزنا أو بشبهة حرم على أبيه وولده نكاحها.
ولا خلاف في تحريم بنت العمّة والخالة إذا زنى بأمّهما قبل العقد عليهما ، ولو تأخّر فلا تحريم.
وأمّا نظر الأب أو الابن إلى ما لا يحرم على غير المالك ، كالنظر إلى الوجه ولمس الكفّ ، فلا ينشر الحرمة قطعا.
وما يحرم على غير المالك كنظر الفرج ، ولمس باطن الجسد بشهوة ، والقبلة ، فالأقوى أنّه لا ينشر الحرمة إلى أب الناظر واللامس وابنه ، وكذا لا تحرم أمّ المنظورة والملموسة ولا بنتهما ولا أختهما.
وأمّا التوابع فأمران
وهي سبعة :
الأوّل : من عقد على امرأة في عدّتها عالما حرمت أبدا ، ولو جهل العدّة والتحريم فكذلك إن دخل وإلّا فسد ، وله الاستئناف بعد الانقضاء ، ومع الجهل يلحق به الولد إن جاء لستّة أشهر فصاعدا من دخوله ، وعليه المهر إن جهلت ، وتتمّ عدّة الأوّل ثمّ تستأنف عدّة للثاني.
ويحرم العقد على ذات البعل ، ولا يلحق بالمعتدّة ، وكذا لو وطئ في مدّة الاستبراء.
ص: 53
وعدّة البائن والرجعيّة والوفاة سواء ، وفي تربّص المسترابة توقّف.
الثاني : من زنى بذات بعل أو في عدّة رجعية حرمت أبدا ، دون الأمة الموطوءة ، ولو زنى بأيّم أو في عدّة البائن لم تحرم ، ولو زنت امرأته لم تحرم وإن أصرّت ، ولا يحرم نكاح الزانية وإن اشتهرت.
الثالث : من لاط بغلام حي أو ميّت فأوقبه حرمت عليه أمّه وأخته وبنته إن سبق وإلّا فلا ، ولا فرق بين الصّغير والكبير في الفاعل والمفعول به ، وفي الخنثى المشكل توقّف.
الرابع : لو عقد المحرم عالما حرمت أبدا وإن لم يدخل ، ويفسد مع الجهل ولم تحرم وإن دخل.
الخامس : من طلّق تسعا للعدّة ينكحها بينها رجلان حرمت أبدا إن كانت حرّة ،
وأربعة رجال إن كانت أمة.
وتسمية التسع للعدة مجاز إمّا من تسمية الشي ء باسم أكثر أجزائه ، وإمّا باسم مجاوره. (1)
السادس : يحرم وطء زوجته قبل بلوغها تسعا ،فإن أفضاها حرمت مؤبّدا ، وتبين بغير طلاق ، ويجب عليه نفقتها حتّى يموت أحدهما ما لم تتزوّج بغيره إلّا أن تفارقه.
ولا يثبت ذلك في الكبيرة والأمة والأجنبيّة.
ص: 54
السابع : من لاعن زوجته حرمت عليه أبدا ، وكذا من قذف زوجته الصّمّاء أو الخرساء (1) بما يوجب اللعان ، وتبين بغير طلاق.
ويكره للحرّ أن يعقد على الأمة إلّا أن يعدم الطول ويخشى العنت.
وهي ثلاثة :
الأوّل : يحرم الجمع بين الأختين في النكاح لا في الملك ، فلا تحلّ أخت الزوجة قبل مفارقتها وانقضاء العدّة ، ولو تزوّجهما صحّ السّابق ، ولو اشتبه أقرع ، ولو كان في عقد أو اقترن العقدان بطل ، وليس له التخيير.
ولا يشترط في تحريم الأخت نكاحها بالعقد ، ولا دوامه ، ولا الدخول ، ولا بقاء النكاح ، فلو طلّقت رجعيّا حرمت الأخت حتّى تخرج العدّة ، ولا تحرم في البائن ، ويكره نكاحها قبل خروج العدّة.
ولا فرق بين الأخت لأب أو لأمّ أو لهما.
وتحرم أخت الموطوءة بالملك حتّى تخرج الأولى عن ملكه بعقد لازم كالعتق والبيع بغير خيار ، ولا يكفي تحريمها بعقد غير مخرج كالتّزويج والرّهن ، فلو وطئ الثانية قبل الإخراج حرمت الأولى إن كان عالما بالتحريم حتّى يخرج الثانية عن ملكه لا للعود إلى الأولى.
الثاني : تحرم بنت أخ الزوجة وبنت أختها وإن نزلتا جمعا لا عينا إلّا مع
ص: 55
الإذن ، فلو بادر بطل العقد ، وليس للعمّة أو الخالة فسخ العقد وإمضاؤه ولا فسخ عقدهما.
وله إدخال العمّة والخالة عليهما ولو كرهتا ، ولهما فسخ عقدهما مع الجهل لا عقد بنتي الأخ والأخت.
ولا فرق بين كون بنت الأخ والأخت حرّتين أو أمتين أو ملك يمين.
الثالث : لا يجوز لزوج الحرّة أن ينكح أمة بالعقد إلّا بإذنها ، فلو بادر بطل ، ولا تتخيّر الحرّة في الفسخ والإمضاء ، ولا في فسخ عقدها.
ولو تزوّج بالحرّة على الأمة صحّ ، وللحرّة فسخ عقدها مع الجهل لا عقد الأمة.
ولو عقد عليهما صحّ عقد الحرّة ، ووقف عقد الأمة على الإجازة.
أمّا الأوّل ، فإذا تزوّج الحرّ أربع حرائر بالعقد الدائم حرم عليه ما زاد غبطة ، ومن الإماء ما زاد على اثنتين من الأربع ، فلا يحلّ له ثلاث إماء وحرّة ، ولا ثلاث حرائر وأمتان ، ويحل له حرّتان وأمتان.
ويحرم على العبد ما زاد على أربع إماء ومن الحرائر ما زاد على اثنتين ( من الأربع ) (1) فلا يحلّ له ثلاث حرائر ولا حرّتان وأمة ، ويحلّ له حرّة وأمتان.
ص: 56
ولكلّ منهما أن ينكح بالمنقطع وملك اليمين ما شاء مع النصاب وبدونه. (1)
الأوّل : لو ماتت واحدة من النصاب ، أو فارقها بطلاق بائن أو فسخ ، حلّ له أخرى في الحال على كراهية في العدّة ، وفي الرّجعي يصبر حتّى تنقضي العدّة.
الثاني : لو طلّق من النصاب واحدة بائنا ثمّ تزوج اثنتين دفعة بطل ، ولو رتّب صحّ الأوّل.
الثالث : المعتق بعضه كالحرّ بالنسبة إلى الإماء وكالعبد بالنسبة إلى الحرائر ، فلا يحلّ له من الإماء أكثر من أمتين (2) ومن الحرائر أكثر من حرّتين.
والمعتق بعضها كالحرّة بالنسبة إلى العبد وكالأمة بالنسبة إلى الحرّ فتحسب على الحرّ من الأمتين وعلى العبد من الحرّتين.
وأمّا الثاني [ أي استيفاء عدد الطلاق ] فمن طلّق زوجته الحرّة ثلاث طلقات بينها رجعتان حرمت عليه حتّى تنكح زوجا غيره وإن كان [ المطلّق ] عبدا ، ولو طلّق الأمة طلقتين بينهما رجعة حرمت عليه حتّى تنكح غيره وإن كان [ المطلّق ] حرا.
ص: 57
وفيه فصول :
وهي ثلاثة :
من لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب وهم أهل الحرب.
ومن لهم شبهة كتاب ، وهم المجوس.
ومن لهم كتاب ، وهم اليهود والنصارى خاصّة ، ولا عبرة بغير التوراة والإنجيل من الكتب المنزلة.
ويلحق السامرة باليهود والصابئون بالنصارى إن خالفوا في الفروع ، وإن خالفوا في الأصول فهم أهل حرب.
ولا خلاف في تحريم الصنف الأوّل ، والأقوى تحريم نكاح الأخيرتين في المؤبّد دون المنقطع ، وملك اليمين ونكاح الكفّار صحيح معتبر إلّا أن يكون فاسدا عندنا وعندهم ، ونقرّهم على الصحيح عندهم وإن فسد عندنا ، وعلى الفاسد عندهم إذا كان صحيحا عندنا.
ولو قهر حربيّ حربيّة وكان ذلك عندهم نكاحا أقرّا عليه ، بخلاف ما لو قهر ذمّيّ ذمّيّة ، لأنّ على الإمام الذّب عنهم.
ص: 58
ويجوز للحاكم أن يزوّجهم تزويج المسلمين ، فلا يعقد على خمر ولا خنزير ، ولو تزوّجا عليه ثمّ ترافعا إلينا بعد قبضه برئ ، وقبله يحكم بقيمته عند مستحلّيه لا به.
وطلاق المشركين صحيح ، فتحرم بالطلاق ثلاثا حتّى تنكح زوجا غيره وإن كان كافرا ، ولو (1) أسلما حلّت به.
وفيه مسائل :
الأولى : إذا أسلم الكافران دفعة أقرّا على النكاح ،سواء كانا حربيّين أو كتابيّين.
وإذا (2) أسلم الكافر على كتابيّة أقرّ على نكاحه وإن كان وثنيّا ، ولو أسلم على وثنيّة لم يقرّ وإن كان كتابيّا.
ولو كانا كتابيّين فأسلمت الزوجة قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر ، وبعده يقف على انقضاء العدّة ، ولو أسلم دونها استقرّ العقد سواء كان قبل الدّخول أو بعده.
وينفسخ نكاح الحربيّين بإسلام أحدهما قبل الدّخول ، وبعده يقف على انقضاء العدّة ، فإن أسلم الآخر استقرّ العقد وإلّا انفسخ.
ص: 59
الأوّل : تجب نفقة العدّة إذا أسلمت دونه ، بخلاف العكس إلّا أن يسلم معها ، ولو اختلفا في السابق فالقول قول الزّوج مع اليمين.
ولو علم السبق واشتبه السّابق قبل الدّخول ، فإن لم تقبض المهر أخذت من الزوج نصف المهر ووقف [ النصف الآخر ] وإن قبضت رجع الزّوج بالنصف ووقف النّصف الآخر [ إلى أن يعلم الحال ].
الثاني : لا يعدّ الفسخ من الطلقات ويساوي الطلاق في تقدير المهر ، فلو أسلم الوثنيّ قبل الدّخول فإن سمّى مباحا فعليه نصفه وإلّا نصف مهر المثل ، ولو لم يسمّ فلها المتعة ، وبعد الدخول عليه المسمّى إن كان مباحا ، وإلّا مهر المثل.
ولو أسلمت دونه قبل الدخول فلا شي ء ، ولها المسمّى بعده إن كان مباحا ، وإلّا مهر المثل.
الثانية : إذا ارتدّ أحد الزوجين قبل الدّخول انفسخ النكاح في الحال ، سواء كان عن فطرة أو لا ، ثمّ إن كان من الزّوج فعليه نصف المسمّى أو المتعة ، وإن كان من المرأة سقط المهر ، ولو كان بعده فإن كان عن غير فطرة وقف على انقضاء العدّة ، من الرجل كان أو من المرأة وإن كان عن فطرة من الرجل انفسخ في الحال ، وإن كان من المرأة وقف على انقضاء العدّة ، ويجب المهر في الموضعين.
وروي : أنّ إباق العبد بمنزلة ارتداده. (1)
ص: 60
الثالثة : إذا انتقلت المسلمة إلى غير ملّتها من ملل الإسلام لم ينفسخ النكاح ، سواء كان قبل الدّخول أو بعده.
الرابعة : إذا انتقلت الذميّة إلى ملّة من ملل الكفر لم يقبل ، سواء أقرّ أهله عليه أو لا ، ولا يقبل منها الرّجوع ، ثمّ إن كان قبل الدّخول انفسخ العقد في الحال ، وإن كان (1) بعده وقف على انقضاء العدّة ، فإن أسلما قبله استقرّ العقد وإلّا بطل ، وكذا الوثنية.
للمسلم إلزام زوجته الذّميّة بإزالة المنفّر كشعر العانة وطول الأظفار والنتن ، ومنعها من شرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، واستعمال النجاسات ، والخروج إلى البيع والكنائس ، وليس له إجبارها على الغسل وإن حرّمنا الوطء قبله. (2)
إذا أسلم الكتابيّ الحرّ على أربع حرائر كتابيّات ، أو حرّتين وأمتين ، أو ثلاث حرائر وأمة ، أو أسلم العبد على أربع إماء ، أو حرّة وأمتين ثبت نكاح الجميع.
ص: 61
وإن أسلم الحرّ أو العبد على أكثر من ذلك اختار كلّ منهما عدده ، واندفع نكاح البواقي من غير طلاق ، سواء ترتّبت عقودهن أولا ، دخل أولا ، وسواء اختار السوابق أو اللواحق ، ولا مهر قبل الدخول ، ويجب المسمّى بعده.
ولو أسلم عن أمة وبنتها فإن لم يطأهما تخيّر ، وإن وطئهما حرمتا ، وإن وطأ إحداهما حلّت خاصّة.
ولو أسلم عن امرأة وبنتها بعد الدّخول بهما أو بالأمّ حرمتا ، وقبله تحرم الأمّ خاصّة ، ولا اختيار.
ولو أسلم عن أختين تخير إحداهما مع الوطي وعدمه وإن كانت الثانية.
ولو كان عن امرأة وبنت أخيها أو أختها ، فإن أجازت (1) العمّة أو الخالة صحّ الجميع وإلّا تخيّر.
ولو كان عن أمة وحرّة ، تخيّر الحرّة ، ولو تعدّدت الحرائر ورضين ، اختار منهن ثلاثا ، ولو تعدّدت الإماء ورضيت الحرّة اختار معها أمتين.
ولو أسلم الحربيّ الحرّ على أزيد من أربع وثنيّات بعد الدّخول ، فإن خرجت العدّة قبل إسلام إحداهنّ بطل عقدهنّ ، وإن أسلم فيها أربع فما دون وخرجت العدّة ثبت عقدهنّ ، وإن كنّ أكثر تخيّر أربعا من الأوائل أو الأواخر ، واندفع الباقيات.
ولو سبق إسلام أربع في العدّة فله التربّص ، فإن لم يزدن حتّى خرجت ثبت عقدهنّ ، ولا خيار له ، وإن زدن على أربع في العدّة ، اختار أربعا من السابقات أو اللّاحقات.
ص: 62
ولو اختار السّوابق وهنّ أربع ، لم يكن له اختيار اللّواحق وإن أسلمن في العدّة ، وليس له فسخ نكاح السّوابق ، لجواز أن لا تسلم البواقي في العدّة.
وكلّ من لحق به في العدّة ثبت نكاحها وإن كانت أمة ، وبطل عقد من تأخّرت وإن كانت حرّة.
وحكم العبد في ذلك حكم الحرّ ، فلو أسلم عن أربع حرائر وثنيّات فصاعدا ، فأسلم معه اثنتان ، ثمّ أعتق وأسلم الباقي في العدّة ، تخيّر اثنتين ، واندفع البواقي ، ولو أعتق ، ثمّ أسلم ، ثمّ أسلمن ، تخيّر أربعا.
ولو أسلم على أربع إماء ، فأسلمت اثنتان ، ثمّ أعتق. فأسلمت الباقيتان في العدّة ، تخيّر اثنتين ، ويحتمل الأولتين.
ولو أسلم الحرّ عن أربع مدخول بهنّ منع من العقد على خامسة وعلى أخت إحداهنّ إلّا بعد العدّة وبقائهنّ على الكفر ، أو بقاء إحداهنّ أو بقاء الأخت.
ولو أسلمت الوثنيّة فتزوّج زوجها بأختها فإن خرجت العدّة وهو كافر ثبت عقده ، ولو أسلم هو والثانية في العدّة (1) تخيّر.
قد علمت أنّه إذا أسلم على أكثر من أربع حرائر وثنيّات مدخول بهنّ وتبعه أربع في العدّة ، أنّ له الاختيار والانتظار ، فإن اختار الأربع انقطعت عصمة البواقي ، فإن أسلمن في العدّة بن من حين الاختيار ومنه
ص: 63
ابتداء العدّة ، وإن بقين على الكفر بن من حينه باختلاف الدين.
وإن انتظر إسلامهنّ فإن أسلمن في العدّة اختار أربعا انفسخ نكاح البواقي من حين اختياره ومنه ابتداء العدّة وإن بقين على الكفر بن من حين اختلاف الدين وظهر انقضاء العدّة ولزمه نكاح المسلمات.
وفيه بحثان :
وهو إمّا بالقول ، مثل أمسكتك ، أو اخترتك ، ويشترط التنجيز ، فلو علّقه بطل ، والطلاق الصحيح اختيار دون الإيلاء والظهار ، فيحسب من الأربع ، ولو طلّق أربعا ثبت نكاحهنّ وطلّقن.
ولو قذف واحدة فإن اختارها أسقط الحدّ باللعان أو بالبيّنة ، وإن اختار فراقها حدّ إلّا أن يقيم بيّنة.
ولو رتّب اختيار من زاد على العدد ثبت نكاح الأربع الأولى واندفع البواقي ، وكذا لو اختار فراق الزائد على الأربع.
وإمّا بالفعل ، وهو الوطء أو اللّمس بشهوة دون التقبيل ، فلو وطئ أربعا ثبت عقدهنّ وانفسخ عقد البواقي.
ولو تزوّج بأخت إحداهنّ لم يصحّ ، ولم يكن اختيارا لفراق الأولى.
ص: 64
إذا امتنع الزوج من التعيين حبس ، فإن أصرّ عزّر ، فإن مات قبله اعتدّت الحائل بالأبعد من ثلاثة أقراء وأربعة أشهر وعشرة أيّام ، والحامل بالأبعد من الوضع وعدّة الوفاة ، ويوقف لهنّ ربع الميراث أو ثمنه حتّى يصطلحن على الأقوى.
هذا إذا ورث الجميع ، ولو ورث البعض كأربع وثنيّات وأربع كتابيّات ، فأسلم الوثنيّات ثمّ مات فلا إنفاق ، لاحتمال أن يختار فراق المسلمات ، وكذا لو أسلم على ثمان كتابيّات ، فأسلم أربع ثمّ مات قبل الاختيار.
ولو أسلم الكتابيّات قبل القسمة احتمل إيقاف الحصّة ، وكذا لو قال للمسلمة والكتابيّة : إحداكما طالق ، ثمّ مات قبل التعيين.
لو أسلم وأسلمن لزمه نفقة الجميع حتّى يختار أربعا فتسقط نفقة الباقيات ، وكذا لو أسلمن أو بعضهنّ قبله ، ولو لحق الباقيات في العدّة وجبت لمدّة التقدّم.
ولو أسلم قبلهنّ سقطت النفقة إن كنّ وثنيّات ، ولو لحقن لم تجب لمدّة التقدّم ، ولو كنّ كتابيّات وجبت وإن بقين على الكفر.
ويطالب بنفقة الماضي والحاضر.
ص: 65
ولو ادّعى كلّ منهما السّبق قدّم قول الزّوج ، وكذا لو ادّعى أنّ إسلامه بعد العدّة ، وقالت : بل فيها.
ولو ادّعى أنّ إسلامه قبل الوطء فأنكرت قدّم قولها.
ص: 66
وهو ثلاثة :
الأوّل : العتق وقد تقدّم.
الثاني : العيوب.
وفيه بحثان :
منها ما يشترك فيه الزوجان ، وهو الجنون ، سواء كان مطبقا أو أدوارا ، فلا اعتبار بالسّهو السّريع زواله ، ولا بالإغماء الحاصل من غلبة المرّة إلّا أن يدوم على توقّف.
ومنها ما يختصّ بالرجل وهو ثلاثة :
الأوّل : الجبّ المستوعب ، فلو بقي ما يحصل معه الوطء فلا خيار.
الثاني : الخصاء ، وفي معناه الوجاء (1)
ص: 67
الثالث : العنن وهو مرض تضعف معه القوّة عن نشر العضو والإيلاج ، ولا يردّ الرجل بغير ذلك.
ومنها ما يختصّ بالمرأة وهو سبعة :
الأوّل : الجذام ، وهو مرض يظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم ، فلا عبرة بالاحتراق وتعجّر الوجه واستدارة العين.
الثاني : البرص ، وهو بياض يظهر على صفحة البدن لغلبة البلغم ، فلا يفسخ بالمشتبه ولا بالبهق.
الثالث : القرن ، وهو يسمّى العفل ، وهو لحم ينبت في الرحم يمنع الوطء ، وقيل انّه عظم. (1)
الرابع : الرتق وهو التصاق الشفرين بحيث لا يمكن معه الوطي ولا يمكن إزالته ، أو يمكن وتمتنع من الإزالة ، ولا تجبر عليها.
الخامس : الإفضاء ،وهو صيرورة مخرج البول والحيض واحدا.
السادس : العرج إذا بلغ الإقعاد.
السابع : العمى.
ولا تردّ المرأة بغير ذلك من المنفّرات كالبخر (2) والصّنان (3).
ص: 68
العيب الحادث قبل العقد ( أو الوطء ) (1) يفسخ به الرجل والمرأة مطلقا مع الجهل ، والحادث بعد العقد أو الوطء لا يفسخ به الرّجل ، أمّا المرأة فإنّها لا تفسخ بالخصاء المتجدّد بعد العقد ، وتفسخ بالجنون والجبّ مطلقا ، وبالعنن المتجدّد بعد العقد قبل الوطء بشرط عجزه عن وطء زوجته وغيرها ، فلو وطئها مرّة ثم عنّ ، أو عنّ عنها دون غيرها فلا خيار ، وكذا لو عنّ قبلا لا دبرا.
والخيار على الفور. وليس الفسخ طلاقا ، فلا يعدّ في الثلاث.
ثمّ إن كان الفسخ قبل الدخول سقط المهر من أيّهما كان إلّا في العنن ، فإنّه ينتصف ، ولو كان بعده فإن كان من الرّجل وجبت العدّة ، ولا نفقة إلّا مع الحمل ، ولها المسمّى ويرجع به على المدلّس وإن كان الزّوجة ، لكن يبقى لها ما يمكن أن يكون مهرا ، وإن كان من المرأة فلها المسمّى خاصّة (2) ، وكذا لو وطئ الخصيّ.
ولو علم بالعيب بعد الطلاق لم يسقط عنه شي ء ، سواء كان قبل الدّخول أو بعده.
ولا يتوقّف الفسخ على إذن الحاكم إلّا في ضرب أجل العنن ، ثمّ تستقلّ المرأة بالفسخ.
ص: 69
ويثبت العيب بالإقرار مرّة وبشهادة عدلين عارفين ، وفي عيوب النساء الباطنة بشهادة أربع.
ويثبت العنن بإقرار الزّوج ، أو البيّنة على إقراره ، أو بنكوله ، ولو ادّعته المرأة قدّم قوله مع اليمين.
ومع ثبوته إن صبرت فلا كلام ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجّلها سنة من حين الترافع ، ثمّ إن وطئها أو غيرها فلا خيار ، وإلّا فلها الفسخ.
ولو ادّعى وطئها قبلا أو دبرا ، أو وطء غيرها قبل مع اليمين.
ولو اختلفا في العيب ولا بيّنة فالقول قول منكره.
وإذا رضيت الأمة بعيب زوجها فلا خيار لمولاها.
وهو إخبار الزّوج أو الزوجة أو الوليّ أو السّفير [ بينهما ] بالكمال والأمر بخلافه ، فلا اعتبار بإخبار الأجنبيّ ولو زوّجت نفسها وأطلقت (1) أو زوّجها الوليّ كذلك فبان عدم الكمال ، ففي ثبوت الخيار توقّف ، ينشأ من أنّ التدليس بالفعل هل هو كالتدليس بالقول أم لا؟ الأقرب عدمه ، فلو ظنّها حرّة فبانت أمة فلا خيار ، ولا فرق بين الإخبار والاشتراط.
ص: 70
وإنّما يقع في النسب ، والحريّة ، والبكارة ، وما يؤثّر في الكفاءة ، دون غيرها كالجمال.
إذا عرفت هذا فلو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها فلها الفسخ ، وكذا الزّوجة.
ولو تزوّجها على أنّها حرّة فبانت أمة فله الفسخ ، ولا مهر قبل الدخول ، ولها المسمّى بعده ، ويرجع به على المدلّس ، فإن دلّست نفسها تبعها به إذا تحرّرت ، ولو كان مولاها فإن تلفّظ بما يقتضي العتق ، حكم به وبصحّة العقد ، وكان لها المهر ، وإلّا فهي رقّ ولا مهر قبل الدخول وبعده ، ولو كان دفعه إليها استعاده أو ما بقى منه ، ويتبعها بالباقي.
ولو تزوّجته على أنّه حرّ فبان عبدا ، فلها الفسخ ، ولا مهر قبل الدّخول بل بعده ، وترجع به على المدلّس ، فإن كان الزّوج تبع به.
ولو تزوّجها على أنّها بنت مهيرة فبانت بنت أمة ، فله الفسخ ، ولا مهر قبل الدّخول ، ولها المسمّى بعده ، ويرجع به على المدلّس أبا كان أو غيره ، ولو دلّست نفسها رجع به عليها.
ولو زوّجه بنته من المهيرة فأدخل عليه بنته من الأمة ، فلا خيار بل يردّ بنت الأمة ، ثمّ إن دخل فلها مهر المثل ، ويرجع به على السابق ، وتردّ إليه زوجته ، ولها مهرها ، وكذا كلّ من سيق إليه غير زوجته فوطئها.
ولو شرط بكارتها فبانت ثيّبا ، فإن ثبت عدمها تخيّر ويدفع المهر ، ويرجع به على المدلّس ، فإن كان هي فلا شي ء لها ، وإن لم يثبت فلا خيار له ، وله أن بنقص من مهرها ما بين مهر البكر والثيّب.
ص: 71
ولو شرط إسلامها فله الفسخ مع عدمه ، ولو ظنّها مسلمة فتمتّع بها فبانت كتابيّة فليس له فسخ إلّا بهبة المدّة ولا إسقاط شي ء من المهر.
ولو أدخلت امرأة كلّ واحد من الزوجين على الآخر فوطئها ، فلكلّ واحدة مهر المثل على الواطئ ، والمسمّى على زوجها وتردّ عليه ، ولا يطؤها إلّا بعد العدّة ، ويتوارثان فيها.
الأوّل : لا يرجع إلّا الجاهل بالتدليس ، فلو علم لم يرجع ، وإنّما يرجع بعد الغرم.
الثاني : كلّ موضع يرجع بالمهر بعد الدّخول فالأولى وجوب أقلّ ما يمكن أن يكون مهرا.
الثالث : الحقّ أنّ المعتق كالحرّ ، فلو تزوّجها على أنّها حرّة فبانت معتقة ، أو تزوّجته على أنّه حرّ فبان معتقا فلا خيار.
الرابع : كلّ وطء عن عقد صحيح يوجب المسمّى وإن لحقه الفسخ بعيب سابق ، وكلّ وطء عن عقد فاسد يوجب مهر المثل.
ص: 72
لكلّ واحد من الزّوجين حقّ على صاحبه ، فيجب على الزوج : القسم ، والإنفاق ، والإسكان ، وعلى الزّوجة : التمكين من الاستمتاع ، وإزالة المنفّر ، وطاعة الزوج.
فهنا فصول
وفيه مباحث :
وهي المضاجعة دون الوقاع ، ووقته اللّيل إلّا أن يكون معاشه فيه ، فيقسم بالنهار ، وأقلّة ليلة ، فلا يقسم بعضها ، ولا حدّ لأكثره ، فلا يجوز له الدخول على الضّرة إلّا لعيادتها ، فإن استوعب الليلة أو طال المكث قضى مثله من نوبتها (1) ،
ص: 73
وكذا لو زاد الصحيحة ، ولو واقعها لم يقض المواقعة.
ومكانه إمّا بيته فيستدعيها ، وإمّا بيوتهنّ فيدور عليهنّ ، وله أن يستدعي بعضا ويدور على بعض ، وأن يساكن واحدة ، ويستدعي الباقيات.
ويجب أن يفرد كلّ واحدة بمسكن إلّا مع الرضاء أو انفصال المرافق.
وهو الزوجة بالعقد الدائم مع التّمكين ، سواء كانت حرّة أو أمة ، مسلمة أو كتابيّة ، أو مريضة ، أو رتقاء ، أو حائضا ، أو نفساء ، أو محرمة ، أو مظاهرة ، أو مؤلى منها ، ولا تستحقّه المتمتّع (1) بها ، ولا السّرية ، ولا الصّغيرة ، ولا المجنونة المطبقة ، ولا الناشز إلّا أن تطيع.
ومن النشوز السّفر بغير إذنه إلّا لواجب.
ولو سافرت بإذنه في غرضه فعليه القضاء ، بخلاف ما لو كان في غرضها.
ويجب على الحرّ ، والعبد ، والمسلم ، والكافر ، والعنّين ، والخصيّ ، والمجبوب ، والمجنون ، ويقسم عنه الوليّ ، ولو كان له حال إفاقة قسّمت الحالات بينهنّ.
والقسم حقّ مشترك بين الزوجين ، فلو أسقطت حقّها منه تخيّر الزوج ، ولو وهبته ليلتها وضعها حيث شاء [ منهنّ ] أو انعزل [ عنهنّ ].
ولو وهبتها لإحداهنّ ورضي الزوج اختصّت بها الموهوبة ، فان اتّصلت بليلتها وجب الاتّصال وإلّا فلا.
ص: 74
ولو وهبتها للجميع قسّمها عليهنّ ، ولا يصحّ الرجوع في الماضي بمعنى أنّه لا يقضي ، ويصحّ في المستقبل ، ولو لم يعلم بالرجوع لم يقض الماضي.
وليس للمولى منع أمته من طلب القسمة ولا من الإسقاط.
ولو عاوض عن الليلة بشي ء لم يصحّ.
للزوجة ليلة من أربع وله ثلاث يضعها حيث شاء ، وللاثنتين ليلتان ، وله ليلتان ، وللثلاث ثلاث وله ليلة ، ولكلّ من الأربع ليلة.
ولا يجوز له الإخلال بذلك إلّا مع العذر ، أو السفر ، أو الإذن.
ويبتدئ بالقرعة ، ولو تزوّج أربعا دفعة رتّبهنّ بالقرعة ، ولا يجوز أن يجعل القسمة أكثر من ليلة إلّا (1) برضاهنّ.
وتستحبّ التسوية بالإنفاق ، وإطلاق الوجه ، والجماع ، وأن يصبح عند صاحبة الليلة.
وأسبابه ثلاثة :
الأول : الحرّيّة ، فللحرّة ليلتان ، وللأمة ليلة ، فلو بدأ بالحرّة وأعتقت الأمة
ص: 75
في قسم الحرّة أو في قسم الأمة استحقّت ليلتين ، ولو أعتقت بعد تمام ليلتها فقد استوفت حقّها ، ثمّ يسوّي بينهما.
ولو بدأ بالأمة فأعتقت قبل تمام قسمتها صارت كالحرّة ، ولو كان بعده فقد استوفت حقّها ، ثمّ يوفّي الحرّة ليلتين ، ثمّ يسوّي بينهما.
والأولى في المعتق بعضها التقسيط.
الثاني : الإسلام ، فالكتابيّة كالأمة ، والبحث في تجدّده كالعتق.
الثالث : تجدّد النكاح ، فتختصّ البكر بسبع ، والثيّب بثلاث ، ثمّ يستأنف القسم أو يتمّه ، ويستوي في ذلك الحرّة والأمة ، ولا يقضي هذه المدّة للباقيات.
ولو بات عند الثيّب ثلاثا فالتمست زيادة لم يبطل حقّها من الثّلث. (1)
ويجب قضاء ما أخلّ به إن أمكن ، فلو كان له ثلاث نساء فأخلّ بليلة إحداهنّ قضاها من ليلته ، ولو كنّ أربعا فبات ليلة خارجا بقيت المظلمة حتّى يفارق إحداهنّ ، وإن باتها عند إحداهنّ قضى من قسمتها.
ولو ظلم واحدة ثمّ أبانها تعذّر القضاء ، فإن جدّد نكاحها فإن بات عند
ص: 76
إحدى الثلاث قضى من قسمتها ، وإن بات خارجا أو جدّد نكاح غيرهنّ فقد تعذّر القضاء ، وبقيت المظلمة.
ولو طلق إحداهنّ وقد حضرت ليلتها أتمّ ، فإن راجعها أو تزوّجها قضى الليلة إن باتها عند إحدى الضّرات من قسمها ، وإلّا بقيت المظلمة.
ولو نشزت إحداهنّ ثمّ بات عند اثنتين ثلاثين ليلة ثمّ أطاعت وفّى الثالثة خمس عشرة ليلة والناشزة خمسا ، فيبيت عند الثالثة ثلاثا وعند الناشزة ليلة خمسة أدوار ثمّ يستأنف القسم.
ولو بات عند اثنتين من الثلاث عشرين ليلة ، ثمّ تزوّج برابعة قضى حقّها بثلاث أو سبع ، ثمّ يبيت ثلاثا عند الثالثة وليلة عند الرابعة ثلاثة أدوار ، ثمّ يبيت ليلة عند الثالثة وثلث ليلة عند الرابعة ثمّ يخرج إلى مسجد أو [ بيت ] صديق بقيّة الليلة ثمّ يستأنف القسم.
ولو بات عند واحدة نصف ليلة فأخرجه السلطان فعليه أن يبيت عند الأخرى نصف ليلة ثمّ يخرج إلى صديق أو مسجد.
ولو حبس بعد القسمة لثلاث فإن تمكّن من استدعاء الرابعة وجب ، وإلّا قضى ليلتها إن باتها عند إحداهنّ وإلّا بقيت المظلمة.
إذا سافر سفر الغيبة لم يجب استصحاب إحداهنّ ، ويجوز له إخراجهنّ وإخراج بعضهنّ ، وتستحبّ القرعة ، ولا تتعيّن من أخرجتها القرعة ، فيجوز
ص: 77
له إخراج غيرها ، وإذا عاد من سفره لم يجب القضاء أقرع أو لا.
ولو كان السّفر للنقلة (1) وجب القضاء وإن كان بالقرعة ، ولو أقام في أثناء مقصده قضى مدّة الإقامة دون باقي السفر.
ولو أقام على رأس مقصده ثمّ أنشأ سفرا آخر ورجع ، قضى مدّة الإقامة خاصّة.
ولو خرج بزوجاته ثمّ تزوّج في السفر خصّها بسبع أو بثلاث ، ثمّ قسّم بينهنّ.
ولو خلّفهنّ ثمّ تزوّج بواحدة خصّها بسبع أو بثلاث بعد الرجوع ولم يجب القضاء للمتخلّفات ، وكذا لو تزوّج بواحدة ثمّ سافر بها.
ولو تزوّج ذو الزوجتين بأخرتين ثمّ سافر بإحداهما [ بالقرعة ] وفّاها حقّها من التخصيص بعد العود ، وكذا المقيمة.
وذو الزوجتين في بلدين ، له الإقامة عند إحداهما واستدعاء الأخرى والمضيّ إليها.
ص: 78
وأصله الارتفاع ، وهو خروج أحد الزوجين عن طاعة الآخر ، فإن كان من الرّجل بأن يمنعها حقوقها أو يقصّر فيما يجب عليه ، فلها مطالبته ، وللحاكم إلزامه به ، ولو تركت بعض حقوقها استمالة له حلّ له قبوله ، ولو قهرها عليه لم يحلّ.
ولو منعها بعض حقوقها (1) أو أغارها (2) فبذلت له شيئا ليخلعها صحّ ولم يكن إكراها.
ولو ظهر أنّه لا يوفّيها حقّها أسكنه الحاكم إلى جنب ثقة ليطالبه بما يحلّ به من حقوقها ، ولا يمنعه من السّفر بها بل يكاتب حاكم ذلك البلد بالمراعاة.
وإن كان من المرأة بأن يظهر منها أمارة الخلاف كأن تقطّب في وجهه ، أو تتبرّم بحوائجه ، أو تمنعه من الوطء قبلا أو دبرا مع عدم العذر العقليّ كالمرض ، أو الشرعيّ كالحيض ، أو تمنعه من الاستمتاع بغير الجماع ، أو تمتنع من السكنى في موضع يليق بها ، أو تخرج بغير إذنه في مندوب أو مباح ، أو تفعل المنفّر ، وعظها ، فإن لم تنجع هجرها في المضجع ، وهو أن يحوّل ظهره في الفراش ، فإن أصرّت جاز ضربها غير مبرح.
وللزوج منعها من الخروج من منزله إلّا في الواجب ، ومنعها من عيادة أبويها ، ويستحبّ له أن يأذن لها في حضور موت أبويها.
ص: 79
وهو أن يكون النشوز منهما ، ويخشى الحاكم الشقاق بينهما ، فحينئذ يبعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها للنظر في أمرهما ، ويجوز من غير أهلهما ، وبعثهما تحكيم لا توكيل.
ويشترط فيهما البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والعدالة ، ثمّ إن اتّفقا على الإصلاح فعلاه ، وإن اتّفقا على الفرقة توقّف على رضا الزوج في الطلاق ، وعلى رضا الزوجة في بذل الخلع.
ويلزم كلّ ما يشترطه الحكمان إذا كان سائغا ، ويمضى الحكم بالإصلاح على الغائب.
ص: 80
وأسبابها ثلاثة :
وهي نفقة معاوضة ، ولذلك تقضى دون غيرها.
وهنا مباحث :
وهو العقد الدائم بشرط التمكين التامّ ، فلا يجب للمتمتع بها (1) ولا لغير الممكّنة في بعض الأوقات أو بعض الأمكنة الّتي يسوغ فيها الاستمتاع ، ولا يكفي عدم النشوز ، فلو لم تمكّن قبل الدخول لم تستحقّ نفقة.
ولو ادّعت التمكين فعليها البيّنة ، فإن عدمت حلف الزوج.
وتستحقّها المسلمة ، والكتابيّة ، والأمة المرسلة ليلا ونهارا ، والمريضة ، والقرناء ، والرتقاء ، والضعيفة عن آلته أو عن الوطء لظهور عذرها.
ص: 81
وفيه مسائل :
الأولى : لا يتقدّر الإطعام بقدر بل يجب سدّ الخلّة من غالب قوت البلد ، ويجب إمّا تمليك الحبّ ومئونة الطّحن والخبز ، أو الدقيق ومئونة الخبز ، أو الخبز ، أو دفع القيمة مع التّراضي.
الثانية : يجب في الأدم الغالب من أدم البلد وما يصلحه ، ولو تبرّمت بجنس وجب إبداله.
وليس لأحدهما أن يكلّف الآخر المؤاكلة معه ، ولو واكلته كفى في الإنفاق.
وتملك نفقة كلّ يوم في صبيحته ، فلو طلّقها في أثنائه أو ماتت لم يستردّها ، ولو نشزت استردّها.
ولو سلّمها طعاما لمدّة فأكلت من غيره أو استفضلت منه وانقضت ممكّنة ملكته ، ولو طلّقها قبل الانقضاء رجع بقسط الباقي إلّا يوم الطلاق.
ولها بيع الطّعام والأدم دون الكسوة إلّا أن نقول بالتمليك ، ولا يجب عليه دواء المرض.
الثالثة : يجب في الكسوة قميص ومقنعة ونعل وتزاد (1) في الشتاء جبّة لليقظة ولحاف للنوم ، ويرجع في حبس ذلك إلى عادة أمثالها من بلدها.
ص: 82
وتجب ثياب التجمل إن كانت من أهله بنسبة أمثالها.
ويجب دفع العين أو القيمة مع التراضي.
والواجب الإمتاع لا التمليك ، فلو استأجر لها ثيابا أو استعار جاز ، ولو دفع إليها كسوة لمدّة فتلفت قبل انقضائها وجب بدلها ، ولو انقضت وهي باقية لم يكن لها المطالبة بغيرها ، ولو لبست غيرها في المدّة استعادها ، وكذا لو ماتت ، ولو مات فهي تركة.
الرابعة : يجب في الفراش عادة أمثالها من بلدها ، كالحصير أو النطع للصّيف ، والبساط أو المضربة للشتاء والمخدّة ، ويجب فراش التجمّل إن كانت من أهله ، ويجب الإمتاع لا التمليك.
الخامسة : يجب الإخدام إن كانت من أهله ولو كانت أمة ، إمّا بنفسه أو بأمته أو باستئجار أو إعارة أو ينفق على خادمها ، وليس له التعيين.
ويجوز الاقتصار على واحدة وإن كانت من ذوات الخدم ، وإخراج خادمتها المألوفة وإن لم تكن ريبة.
ولو طلبت نفقة الخادم لتخدم نفسها لم تجب إجابتها.
ولو تبرّعت بالخدمة لم تستحقّ أجرة ولا نفقة الخادم.
وينفق على خادمها ما جرت عادة خدم ذلك البلد جنسا وقدرا.
ولو لم تكن من أهل الخدمة خدمت نفسها إلّا مع المرض.
السادسة : يجب إسكانها في بيت أمثالها حضريّة كانت أو بدويّة ، بملك أو إجارة أو عارية ، ولها أن تمتنع من مشاركة غير الزوج ، وله منع أبويها من الدخول عليها ومن زيارتها.
ص: 83
ولو سكنت في بيتها بغير إذنه لم تستحقّ أجرة.
السابعة : تجب آلة الطّبخ والشرب ، كالقدر والدست (1) ، والمغرفة ، والحبّ (2) ، والكوز ، ويرجع في جنسه إلى عادة أمثالها من بلدها ، ويجب الإمتاع لا التمليك ، وكذا آلة التنظيف كالمشط والدّهن والمزيل للصّنان ، ولا يجب الكحل والطّيب ولا أجرة الحجّام والحمّام إلّا مع شدّة البرد.
وله منعها من أكل الثوم والبصل وذي الرائحة الكريهة ، ومن تناول السمّ والأطعمة الممرضة.
لو لم ينفق عليها وهي ممكّنة استقرّت في ذمّته وإن لم يقدّرها الحاكم ، ولم يحكم بها ، ويجبره الحاكم على أدائها ، ولو امتنع حبسه أو باع عليه ماله.
ولو أعسر بالنفقة وصبرت لم تسقط ، وصارت دينا ، وإن لم تصبر لم تملك الفسخ ، ولو كان له عليها دين جاز أن يقاصّها يوما فيوما مع يسرها ، ومع العسر إن رضيت.
ولو ادّعى الإنفاق فأنكرت ولا بيّنة قدّم قولها مع اليمين وإن كانت في منزله.
ولو كانت [ الزوجة ] أمة ، فالغريم السيّد في الماضية ، فإن صدّق الزوج
ص: 84
سقطت ، وإلّا حلف وطالبه ، والغريم في الحاضرة الأمة.
ولو ادّعى النشوز وادّعت التمكين ، قدّم قوله.
ولو طلّق الحامل رجعيّا ، فادّعت وقوعه بعد الوضع وأنكر ، قدّم قولها ، وحكم لها بالنفقة وعليه بالبينونة.
ولو ادّعى الإعسار وأنكرت قدّم قوله إن لم يكن له أصل مال ، ويجب قضاؤها مع التمكين.
وهو ستّة :
الأوّل : النّشوز ، فلا يجب للناشز نفقة ولا كسوة ولا سكنى حتّى تعود إلى التمكين ، فلو سافر قبله ، فحضرت عند الحاكم وبذلت نفسها لم تستحقّ نفقة إلّا بعد إعلامه ووصوله أو وصول وكيله ، ولو علم وتهاون سقط عنه قدر وصوله وألزم بما زاد.
ولو نشزت ثمّ أطاعت لم تستحقّ نفقة إلّا بعد علمه ومضيّ قدر وصوله أو وكيله.
ولو ارتدّت ثمّ أسلمت استحقّت وإن لم يعلم بإسلامها.
ولو سافر وهي ممكّنة استحقّت نفقة الغيبة.
ولو نشزت الحرّة بعض يوم سقطت نفقته.
ولو أرسل المولى أمته ليلا أو نهارا سقط الجميع.
ص: 85
الثاني : الصغر ، فلا نفقة للصغيرة وإن كان الزوج صغيرا ، ولو دخل بها الكبير لم تجب إلّا مع الإفضاء ، ولا تسقط عن الصّغير إذا كانت الزّوجة كبيرة.
الثالث : ارتدادها.
الرابع : السّفر المندوب والمباح بغير إذنه ، ولو أذن أو كان واجبا لم تسقط ، وكذا لو سافر معها أو سافرت في حاجة له بإذنه.
الخامس : العبادة الّتي له منعها منها كالصوم والاعتكاف المندوبين ، وليس له منعها من صوم شهر رمضان والنذر المعيّن ، سواء نذرته قبل نكاحه أو بعده بإذنه ، وله منعها في النذر المطلق والمندوب ، فلو صامت سقطت نفقتها إن منعت الوطء وإلّا فلا.
ولا يمنعها من الصلاة الواجبة في أوّل وقتها ، ولا من الحجّ الواجب في عامه.
السادس : الطلاق البائن ، فلا نفقة للمطلّقة بائنا إلّا أن تكون حاملا ، والنفقة للحمل ، فلو لاعن الحامل فلا نفقة لها ، ولو أكذب نفسه بعد اللعان لزمه الإنفاق دون القضاء ، ولو طلّقها وماطل حتّى وضعت لم يقض النفقة.
ولو طلّق العبد فلا نفقة لها ، لأنّ نفقة الأقارب لا تجب على العبد ، ولو قلنا النفقة للحامل وجبت.
ويجب تعجيل النفقة ، فإن ظهر عدم الحمل استردّها ، ولا نفقة للحامل المتوفّى عنها زوجها ، وتجب للمطلّقة رجعيّا.
ولو تزوّج العبد بحرّة أو أمة وشرط مولاه رقّ الولد ، أو تزوّج الحرّ بأمة وشرط مولاها رقّ الولد ، لم يجب على الزّوجين النفقة مع الطلاق بائنا ، لأنّ
ص: 86
النفقة تابعة للملك ، ولو قلنا إنّها للحامل وجبت عليهما ، ولا يجب على الموليين لأنّ الحمل لا يملك إلّا بعد انفصاله حيّا.
وهي الإرفاق ، فلذلك لا تقضى ، والنظر في أمور :
الأوّل : فيمن ينفق عليه ، وهو الأبوان وإن علوا والأولاد وإن نزلوا ، ولا تجب على غير العمودين ، بل يستحبّ ويتأكّد على الوارث ، ولا فرق بين أولاد البنت والابن.
ولا تجب نفقة زوجة القريب وإن كان أبا ، ولا نفقة ولد ابنه ولا نفقة ولده الصّغير إذا كان له مال بل ينفق عليه من ماله ، وكذا لو قدر على التكسّب.
ويشترط في المنفق اليسر ، وهو أن يفضل معه شي ء عن قوت يوم له ولزوجته ، ويباع خادمه وداره فيها بخلاف الدين ، ويلزمه التكسّب ، ولا تجب على المملوك [ نفقة قريبه ] ولا على مولاه.
و [ يشترط ] في المنفق عليه : الفقر ، والعجز عن الاكتساب ، والحريّة ، فتجب على مولى الرقّ دون القريب ، ولا يشترط الإسلام ، ولا العدالة ولا نقصان الحكم والخلقة. (1)
الثاني : في قدرها ، ولا تقدير لها بل بحسب الكفاية من الإطعام ،
ص: 87
والكسوة والمساكن ، وزيادة الكسوة في الشتاء للتدثّر يقظة ونوما.
ولا يجب الإعفاف وإن كان أبا ، ولا نفقة الخادم إلّا مع المرض ، ولو أخلّ بالإنفاق لم يثبت في ذمّته شي ء إلّا أن يأمره بالاستدانة أو يأمره الحاكم ، ولو مطله واستدان بغير إذن لم يرجع ، نعم يجبره الحاكم ، فإن امتنع حبسه أو دفع إليه من ماله.
الثالث : في ترتيب المنفق والمنفق عليه ، أمّا الأوّل فتجب نفقة الأولاد على الأب دون الأمّ ، فإن فقد أو كان فقيرا فعلى الجدّ له ، فإن عدم أو أعسر فعلى أب الجدّ ، وهكذا ، فإن فقد الأجداد أو أعسروا فعلى الأمّ ، فإن عدمت أو أعسرت فعلى أبويها بالسويّة ، ثمّ على آبائها الأقرب فالأقرب ، ومع التساوي يشتركون ، ويتساوى أبواها وأمّ الأب ، وكذا الأب والولد ، والولد أولى من الأمّ ، وأولاد الذكور كالإناث ، فيتساوى الابن والبنت ، وإن قرب أحدهما تعيّن ، فيجب على البنت دون ابن الابن ، ويتساوى الموسر والمكتسب.
ولو غاب المنفق أمره الحاكم بالأخذ من ماله أو بالاقتراض عليه.
وأمّا الثاني ، فتجب للزوجة وإن تعدّدت ، فإن فضل فالأبوين والأولاد ، فإن فضل فللأجداد وأولاد الأولاد ، وهكذا الأقرب فالأقرب ، وقد تجب للأقرب والأبعد إذا أعسر الواسطة.
ولو اجتمع المتساوون في الدرجة كأبوين أو أحدهما مع ابن أو بنت أو معهما تشاركوا في الفاضل ، فلو لم ينتفع أحدهم بقسطه أقرع بينهم ، أو يقدّم من تشتد حاجته كالصغير والمريض.
ويتساوى الأجداد من الأب والأجداد من الأمّ.
ص: 88
لمّا وجب حفظ المال وجب حفظ الحيوان بالإنفاق عليه ، فهنا فصلان
الأوّل : نفقة الرقيق واجبة على مالكه وإن لم ينتفع به (1) فإن امتنع جبره الحاكم على الإنفاق أو البيع ، فإن كان فقيرا ذا كسب أجبر على التكسّب أو على البيع ، فإن لم يرغب فيه راغب أجبر على الإنفاق ، ولو لم يكن ذا كسب أجبر على البيع إلّا أن يكون المملوك ذا كسب.
ولو عجز عن نفقة أمّ الولد أمرت بالتكسّب ، فإن عجزت زوّجت ، فإن لم يتّفق أنفق عليها من بيت المال ، فإن تعذّر بيعت.
ويجب قدر الكفاية من طعام وإدام (2) وكسوة ومسكن جار عادة أمثال السيّد من [ أهل ] بلده.
وله جعل النفقة من كسبه ، فإن لم يكفه وجب الإتمام ، ولو امتنع أجبر عليه ، وأن يضرب له ضريبة والفاضل للمملوك إن رضي ، فإن كفاه وإلّا أتمّه المولى ، ولو ضرب عليه بقدر كسبه فإن قام بمئونته جاز وإلّا فلا.
وتجب على المكاتب نفقة مماليكه.
الثاني : نفقة البهائم ، وتجب نفقتها على المالك وإن لم يؤكل لحمها ولم ينتفع بها حتّى النحل ودود القزّ ، ويكفي الرّعي في السائمة إن اجتزأت به وإلّا أتمّ لها.
ص: 89
ولو لم ينفق فإن كانت مأكولة جبره الحاكم على العلف أو البيع أو التذكية ، فإن امتنع باعه الحاكم أو باع عقاره وإن كان دار السكنى.
ولو لم تؤكل أجبر على الإنفاق أو البيع ، ولا يجبر على الذكاة إن وقعت عليه ولا يمنع منها.
ويجب أن يوفّر اللبن للولد وله الفاضل.
ولا يجب سقي الزّرع والشجر ، لأنّه ترك التنمية لكنّه يكره ، ولا يكره ترك زراعة الأرض.
وفيه مباحث :
ويجب استبداد النساء بالمرأة ، ولو استبدّ بها الزوج جاز ، ومع عدمهنّ يجوز للرجال الأقارب ثمّ الأجانب.
ويستحبّ غسل المولود ، والأذان في أذنه اليمنى ، والإقامة في اليسرى ، وتحنيكه بماء الفرات وتربة الحسين عليه السلام ، فإن تعذّر فبماء عذب ، فإن فقد فبماء مزج فيه عسل أو تمر.
ثمّ يسمّيه بالأسماء الحسنة ، وأفضلها ما تضمّن العبوديّة لله تعالى ، ثمّ محمّد ، ثمّ أسماء الأنبياء والأئمّة عليهم السلام.
ص: 90
ويكنّيه ولا يكنّى محمّد بأبي القاسم ، ويكره حكما وحكيما وخالدا ومالكا وحارثا وضرارا.
ويستحبّ يوم السّابع أربعة أشياء :
الأوّل : حلق الرأس قبل العقيقة ، والصدقة بوزن شعره ذهبا أو فضّة. وتكره القنازع (1).
الثاني : ثقب أذنه.
الثالث : الختان ، ويجوز تأخيره ويجب إذا بلغ ، ويستحبّ خفض الجواري ، ولو أسلم الكافر وجب أن يختن ، ولو أسنّ ويستحب للكافرة.
الرابع : العقيقة عن الذكر بذكر وعن الأنثى بمثلها ، ولا تجزئ الصدقة بثمنها.
ويستحبّ فيها شروط الأضحية ، وأن تخصّ القابلة بالرّجل والورك ، وإن كانت ذميّة أعطيت بثمنه ، ولو لم تكن قابلة تصدّقت به الأمّ.
ولا يسقط الاستحباب بالتأخير ، ولو أهمل الوالد عقّ الولد عن نفسه.
ولو مات الولد قبل الزّوال سقطت ، ولا تسقط بعده ، وتطبخ بالماء والملح ويدعى لها المؤمنون الفقراء ، وأقلّهم عشرة ، ولو فرق اللحم جاز.
ويكره كسر العظام وأكل الأبوين منها.
ص: 91
وفيه فصول
ويلحق في الدائم بالدّخول ، وبمضيّ ستّة أشهر من حين الوطء ، وأن لا يتجاوز أقصى مدّة الحمل ، وهي عشرة أشهر ، فلو لم يدخل أو ولد لأقلّ من ستّة حيّا كاملا ، أو لأكثر من عشرة لم يلحق به ، ولم يجز له إلحاقه.
وإذا اجتمعت الشرائط لم يجز نفيه لمكان التهمة وإن كانت زانية أو شاهد زناها ، ولا لمكان العزل.
ولو وطئها مع الزّوج آخر فجورا فالولد للفراش وإن شابه الزاني في الصفات ، ولو نفاه افتقر إلى اللعان ، وكذا لو اعترف بالدّخول وولادة زوجته له وإن اختلفا في المدّة.
ومتى أقرّ بولد لم يقبل منه نفيه عنه ، ولو اختلفا في الدخول أو في ولادته قدّم قول الزّوج مع اليمين.
ولو أحبلها من زنا ثمّ تزوّجها لم يلحق به الولد ، وكذا لو أحبل أمة ثمّ اشتراها.
ولو طلّق فاعتدّت ثمّ أتت بولد ما بين الطلاق إلى أقصى مدّة الحمل لحق به إن لم توطأ بعقد ولا شبهة.
ص: 92
ولو تزوّجت [ بعد العدّة ] وأتت بولد لستّة أشهر من وطء الثاني فهو له ، ولو كان لأقلّ من ستّة فهو للأوّل ، ولو كان لستّة من وطء الثاني ولأقلّ من الأقصى من وطء الأوّل أقرع ، ويحتمل أنّه للثاني ، ولو كان لأقلّ من ستّة من وطء الثاني ولأكثر من وطء الأوّل انتفى عنهما ، وكذا الأمة إذا وطئها المشتري.
ويلحق به إذا اجتمعت شرائط الإلحاق ، ويحرم نفيه ، لكن لو نفاه انتفى بغير لعان.
وحكمه كالصحيح وفي إلحاق النسب ، فلو ظنّ أجنبية زوجته فوطئها لحق به الولد ، ولو كانت أمة غرم للمولى قيمة الولد يوم سقط حيّا.
ولو ظنّها خالية ، أو ظنّت موت الزوج أو طلاقه فتزوّجها ثمّ بان الخلاف ، ردّت إلى الأوّل بعد الاعتداد من الثاني ، والولد للثاني مع الشرائط ، سواء استندت (1) إلى حكم الحاكم ، أو البيّنة ، أو إخبار مخبر.
ص: 93
من وطئ أمته فجاءت بولد لستّة أشهر فصاعدا ولم يتجاوز أقصى الحمل لزم الإقرار به ، ولا يجوز له نفيه وإن عزل ، وإن نفاه (1) انتفى بغير لعان.
ولو اعترف به ثمّ نفاه لم يقبل منه ، وبالعكس يقبل.
ولو وطئ المولى وأجنبي فجورا ، فالولد للمولى ، فإن حصلت أمارة يغلب معها الظنّ أنّه ليس منه لم يجز إلحاقه ولا نفيه ، ولا يورّثه ، وينبغي أن يوصي له بشي ء ، ولا يملكه الوارث ، ويملك الموصى به.
ولو وطئها الموالي في طهر واحد ثمّ تداعوا الولد أقرع بينهم ، وألحق بمن يخرج (2) اسمه ، وأغرم حصص الباقين من قيمة الأمّ والولد يوم سقط حيّا.
ولو ادّعاه أحدهم ألحق به وألزم حصص الباقين من القيمتين.
ولو انتقلت إلى موال بعد وطء كلّ واحد من غير استبراء ، فالولد للأخير إن جاء لستّة أشهر من وطئه ، وإلّا فللّذي قبله إن جاء كذلك ، وإلّا فللسابق وهكذا.
لا يجب على الأمّ إرضاع ولدها إلّا باللّباء (3) لأنّه لا يعيش بدونه غالبا ، فلا
ص: 94
تستحقّ الأجرة عنه ، ولا تجبر على غيره ، مسلمة كانت أو ذمّية وإن اعتادت الإرضاع ، ولها المطالبة بالأجرة ، وعلى الأب بذلها إن لم يكن للولد مال وإلّا ففي ماله.
ويصحّ استئجارها وإن كانت في حباله ، ولها أن ترضعه بنفسها أو بغيرها إلّا أن يعيّنها.
وللمولى إجبار أمته ، ولو طلبت الزّوجة ما طلبه غيرها فهي أولى.
ولو طلبت أزيد فللأب الامتناع وإن كان بقدر أجرة المثل أو أقلّ.
ولو تبرّعت الأجنبيّة فالأمّ أولى إن تبرّعت.
ولو ادّعى وجود متبرّعة فعليه إبانتها.
وأفضل ما رضع لبن أمّه ، ولو أرضعته بغير إذن فلا رجوع لها.
ونهاية الرضاع حولان ، ويجوز نقص ثلاثة أشهر وزيادة شهرين ، ولا تجب أجرتهما.
وهي ولاية على تربية الولد ، وتستحقّها الأمّ المسلمة الحرّة العاقلة ، ولا تشترط العدالة ، فالأب الحرّ المسلم العاقل أولى من الأمّ الكافرة أو المملوكة أو المجنونة ، ومدّتها مدّة الرضاع ، وكذا لو طلّقها ما لم تتزوّج ، فإذا فصل فالأب أحقّ بالذكر والأمّ أحقّ بالأنثى إلى سبع سنين ما لم تتزوّج الأمّ ، فإن طلّقت بائنا عادت حضانتها في الحال وبعد العدّة في الرجعيّة.
ص: 95
ولو مات الأب فالأمّ أحقّ بالولد من كلّ أحد حتّى يبلغ وإن تزوّجت ، وكذا لو كان الأب كافرا أو مملوكا أو مجنونا ، فإن أسلم أو أعتق أو أفاق صار أحقّ.
ولو فقد الأبوان فالجدّ وإن علا ، فإن فقد ترتّب الأقارب ترتّب الإرث ، (1) فإن تساوت الدرجة قدّم من زادت قرابته أو نصيبه ، فالأخت من الأبوين أولى من الأخت لأحدهما ، والأخت للأب أولى من الأخت للأمّ ، والجدّة للأب أولى من الجدّة للأمّ ، والجدّة أولى من الأخت ، لأنّها أمّ ، والعمّة أولى من الخالة.
وإذا تعدّد المساوي أقرع ، وإذا غاب الأولى أو امتنع كانت للأبعد ، فإن عاد رجع على حقّه.
والبحث في المجنون كالطفل.
ص: 96
القسم الثالث
في الايقاعات
وفيه كتب :
والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقه
ص: 97
ص: 98
وهي أربعة :
ويعتبر فيه شروط :
الأوّل : البلوغ ، فلا يصحّ طلاق الصّبي وإن بلغ عشرا وكان مميّزا ، ولا يصحّ من الوليّ عنه إلّا إذا بلغ فاسد العقل مع الغبطة.
الثاني : العقل ، فلا يصحّ طلاق المجنون والمغمى عليه لمرض وغيره ، وكذا السكران ، ولو اعتوره الجنون صحّ مع الإفاقة ، ويصحّ طلاق الولي عنه ، لا عن السكران (1) والمغمى عليه ، وشارب المرقد ، فإن فقد طلّق عنه السلطان أو من ينصبه.
ص: 99
الثالث : الاختيار ، فلا يصحّ طلاق المكره ، ويتحقّق الإكراه إذا غلب على ظنّه فعل القادر ما توعّده عليه في نفسه ، أو ماله ، أو ما يجري مجرى نفسه ، كالولد والأب والأخ ، من الجرح ، والضرب ، والشتم ، وأخذ المال وإن قلّ ، ولا إكراه مع الضّرر اليسير ، ويختلف باختلاف الناس ، فربّ متألّم بشي ء لا يعبأ به غيره.
ولو ظهرت أمارة الاختيار صحّ طلاقه ، كأن يأمره بالكناية فيصرّح ، أو بطلاق غير معيّنة فيعيّن.
الرابع : القصد ، فلا يصحّ من الساهي والنائم والغالط وإن نطق بالصريح ، وكذا لو لقّن الصّيغة من لا يفهمها ولو ادّعى عدم القصد قبل في الظاهر ودين بنيّته وإن تأخّر ما لم تخرج العدّة.
ولو قال الخالي : زوجتي طالق ، فبان أنّ وكيله زوّجه ، أو نسي أنّ له زوجة أو ظنّ أجنبيّة زوجته أو بالعكس وطلّق لم يصحّ.
ويصحّ التوكيل في الطلاق للغائب والحاضر ، للمرأة وغيرها ، فلو أمرها بالطلاق ثلاثا فطلّقت واحدة أو بالعكس صحّت واحدة.
وشروطها خمسة :
الأوّل : كونها زوجة ، فلا يقع بالمملوكة والأجنبيّة وإن علّقه بالتزويج ، سواء أطلق أو عيّن ، ولا بالموطوءة بالشبهة.
ص: 100
لو كان اسم زوجته وجارته « سعدى » فقال : سعدى طالق ، وقال : أردت الجارة لم يقبل ، ولو قال : إحداكما طالق قبل.
ولو كان له زوجتان : زينب وعمرة ، فقال : يا زينب ، فقالت عمرة : لبّيك ، فقال : أنت طالق ، طلّقت المنويّة ، ولو قصد المجيبة لظنّها زينب بطل.
الثاني : دوام العقد ، فلا يقع بالمستمتع بها (1) ولا بالمحلّلة.
الثالث : الاستبراء ، فلا يقع في طهر المجامعة إلّا أن تكون صغيرة أو يائسا أو حاملا أو مسترابة وقد اعتزلها ثلاثة أشهر لم تردما ، فإن طلّقها قبل مضيّ الثلاثة لم يقع إلّا أن تحيض فيقع بعده.
الرابع : الطهر من الحيض والنفاس ، ويعتبر في المدخول بها الحائل الحاضر زوجها أو من هو بحكمه وهو الغائب دون المدّة المشترطة ، فلو طلّق غير المدخول بها أو الحامل في الحيض أو النفاس صحّ ، وكذا طلاق الغائب وإن صادف الحيض أو النفاس.
وحدّ الغيبة أن يعلم انتقالها من الطهر الّذي جامعها فيه إلى آخر ، ويكفي الظنّ ، والحاضر الممنوع عنها كالغائب.
الخامس : تعيّنها إمّا بالاسم أو بالإشارة لفظا أو نيّة كقوله : إحدى نسائي طالق ، وينوي واحدة ، ويقبل تفسيره ، ولو لم ينو واحدة أو قال : زينب طالق أو
ص: 101
عمرة ، أو هذه طالق أو هذه بطل ، وقيل : يعيّن من شاء (1) وإن مات قبله أقرع.
فعلى هذا لو قال : هذه طالق أو هذه وهذه ، فإن قصد عطف الثالثة على المطلّقة منهما طلّقت في الحال ، وعيّن منهما من شاء ، وإن قصد عطفها على الأولى أو على الثانية كان لها حكمها.
وإن لم يقصد شيئا ، قيل : هي معطوفة على الثانية لقربها ، وقيل : على المطلّقة ، فعلى الأوّل تكون تابعة لها ، فإن عيّنها للطلاق طلّقت معها ، وإن عيّن الأولى طلّقت خاصّة ، وعلى الثاني تطلق في الحال ، ويعيّن من الأولتين من شاء.
ولو مات قبل التعيين أقرع ، وتكفي رقعتان.
وكذا لو قال : زينب أو عمرة طالق.
وهي : أنت طالق ، ويشترط في الجزء الأوّل دلالته على المطلّقة صريحا ، مثل أنت أو هذه أو فلانة أو زوجتي أو كلّ امرأة لي طالق ، ولا يجزئ ما يدلّ على البعض وإن عبّر به عن الجملة ، مثل وجهك أو نفسك أو عينك أو رأسك أو بدنك ولا يصحّ إضافته إليه مثل أنا منك طالق.
و [ يشترط ] في الجزء الثاني صيغة طالق ، ولو قيل : طلّقت فلانة ، فقال : نعم ، فقولان.
ص: 102
ولا يقع بقوله : طلّقتك وأنت مطلّقة أو الطلاق ، أو من المطلّقات وإن نوى به الطلاق ، ولا بالكناية وإن نواه ، مثل أنت خليّة ، أو بريّة ، أو بائن ، أو حرام ، أو بتّة ، أو بتلة ، أو اعتدّي ، أو حبلك على غاربك ، أو الحقي بأهلك ، وكذا لو خيّرها فاختارت نفسها في الحال ، ولا بالكتابة وإن كان غائبا.
و [ يشترط ] في الجزءين أمور :
الأوّل : إيقاعهما بالعربيّة مع القدرة ، ولا يقع بالإشارة إلّا مع العجز عن النطق.
الثاني : أن يقصد الإنشاء ، فلو قصد الإخبار بطل ، ويصدّق في قصده.
الثالث : التنجيز ، فلو علّقه بشرط أو صفة بطل ، ولو قال : أنت طالق أن دخلت الدار بفتح « أن » وقع في الحال ان عرفت الفرق ، ولو كسرها بطل.
ولو قال : [ أنت طالق ] لرضى فلان ، فإن قصد الغرض وقع ، وإن قصد الشرط بطل.
ولو قال : أنت طالق إلّا أن يشاء زيد لم يقع ، وكذا لو قال : أنت طالق إن شاء اللّه تعالى ، إلّا أن يريد البركة.
ولو قال : أنت طالق إن كان الطلاق يقع بك ، فإن علم أنّها طاهرة صحّ ، وإن جهل حالها بطل.
4. عدم التعقيب بالمنافي فلو قال لطاهر مدخول بها : أنت طالق للسّنّة صحّ ، ولو قال : للبدعة لم يصحّ.
ص: 103
ولو قال : أنت طالق نصف طلقة أو ربع طلقة أو نصف طلقتين لم يقع ولو قال : أنت طالق نصفي طلقة أو ثلاثة أثلاث طلقة أو نصف وثلث وسدس طلقة وقع ، بخلاف نصف طلقة وثلث طلقة وسدس طلقة.
ولو قال : أنت طالق ثلاثا أو اثنتين ، فإن كان مخالفا لزمه ذلك ، وإلّا وقعت واحدة.
ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلّا ثلاثا لغى الاستثناء وصحّت واحدة ، وكذا أنت طالق طلقة إلّا طلقة.
ولو قال : أنت طالق غير طالق ، فإن نوى الرجعة وقعا ، وإن نوى النّقض حكم بالطلقة.
ولو قال : زينب طالق بل عمرة لم تطلق عمرة.
لو قال : أردت بزينب عمرة وهما زوجتان قبل.
ولو قال : أنت طالق ، ثمّ قال : أردت أن أقول : أنت طاهرة قبل ودين بنيّته.
ولو قال لزوجاته : كلّ منكنّ طالق صحّ ، ولو قال : أوقعت بينكنّ أربع طلقات لم يصحّ.
ولو قال : أنت طالق بعد طلقة أو قبلها طلقة لم يقع ، ولو قال : قبل طلقة أو بعدها أو عليها أو معها وقع ، وكذا لو قال : أنت طالق اعدل طلاق أو أكمله أو أحسنه أو أقبحه.
ص: 104
فلا يقع الطلاق بدون سماع شاهدين عدلين دفعة ، فلو طلق ولم يشهد ثمّ طلّق وأشهد ، صحّ الثاني (1) دون الأوّل ، ولو كان الوكيل أحد الشاهدين لم يصحّ ، ويكفي لو سمعاه اتّفاقا ، فلا تقبل شهادة النّساء وإن انضممن إلى الرّجال ، ولا الفاسق وإن تعدّدا وانضمّ إلى عدل.
ولو تفرّقا في السّماع ، أو سمع أحدهما الإنشاء والآخر الإقرار لم يقع.
ولا يشترط الاجتماع في الأداء ولا عند الإقرار ، ولو شهد من ظاهرهما العدالة دون باطنهما وقع ظاهرا ، ولو علم الزّوج فسق أحدهما لم تبن منه ، ولا تحلّ عليهما ولا على من يعلم فسقهما.
ص: 105
وينقسم إلى واجب مخيّر كطلاق المظاهر والمولي ، ومندوب كطلاق المشهورة بالزنا ، وعند الشقاق مع عدم الاتّفاق ، ومحظور وهو البدعيّ ، ومكروه وهو غير ذلك ، ولا مباح فيه.
وينقسم أيضا إلى بدعيّ كطلاق الحائض الحائل المدخول بها ، الحاضر زوجها ، والنفساء والموطوءة في طهر المجامعة ، وفي مدّة الاستبراء ، والطلاق ثلاثا.
وإلى شرعيّ وهو :
إمّا طلاق العدّة ، وصورته : أن يطلّق ثمّ يراجع في العدّة ويطأها ، ثمّ يطلّق في طهر آخر ثمّ يراجع ويطأ ، ثم يطلّقها في طهر آخر ، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجا غيره ، ثمّ ينكحها ، ويفعل كالأوّل مرّتين ، فتحرم في التاسعة أبدا.
ولا يكون للعدّة (1) حتّى يطأ بعد الرّجعة.
وإمّا طلاق السّنة ، وهو قسمان :
ص: 106
[ القسم ] الأوّل : طلاق السنّة بالمعنى الأخصّ ، وهو أن يطلّقها فإذا خرجت العدّة عقد عليها ووطئها ، ثمّ يطلّقها فإذا خرجت العدّة عقد عليها ووطئها ، ثمّ يطلّقها ، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجا غيره ، ولا تحرم هذه في التاسعة ، ولا يهدم استيفاء العدّة تحريمها في الثالثة.
[ القسم ] الثاني : طلاق السنّة بالمعنى الأعمّ ، وله صور :
الأولى : ما ذكر.
الثانية : أن يطلّق ويراجع في العدّة ، ويطلّق قبل الوطء فى طهر آخر.
الثالثة : أن يطلّق ويراجع ، ثمّ يطلّق قبل الوطء في طهر الطلاق ، والأولى تفريق الطلاق على الأطهار.
الرابعة : طلاق الحامل للسنّة على الأقوى ، ويصحّ طلاقها للعدّة (1) إجماعا.
وينقسم إلى بائن وهو طلاق غير المدخول بها ، واليائسة ، والصغيرة وإن دخل بها ، والمختلعة ، والمباراة إلّا أن ترجعا في البذل ، والمطلّقة ثلاثا بينها رجعتان ، وإلى رجعيّ ، وهو ما للزّوج فيه رجعة (2) سواء رجع أو لا.
ص: 107
وفيه مطالب :
إذا شكّ في إيقاعه لم يلزمه الطلاق ، وكان النكاح باقيا ، ولو شكّ في عدده لزمه الأقلّ ، ولو طلّقها غائبا ثمّ جاء فدخل ثمّ ادّعى الطلاق لم تقبل دعواه ولا بيّنته ، ولحق به الولد ، ولو طلّق الغائب لم يجز له العقد على رابعة ولا على أخت الزوجة إلّا بعد سنة ، ولو علم خلوّها كفاه العدّة.
وإذا طلّقت المرأة ثلاثا بينها رجعتان حرمت حتى تنكح زوجا غيره ، وكذا لو طلّقها ثلاثا قبل الدخول.
وهو مكروه ويتوارثان في العدّة الرجعيّة ، وترثه في البائن إلى سنة ما لم تتزوّج أو يبرأ ، فلو تزوّجت ثمّ طلّقت في السّنة أو برئ ثمّ مات في مرض آخر ، أو أعتقت الأمة ، أو أسلمت الذّميّة لم ترثه.
ولو أقرّ [ مريضا ] بالطلاق ثلاثا في الصحّة لم يقبل بالنسبة إليها ، ولو ادّعت وقوعه في المرض وادّعاه الوارث في الصحّة ، فالقول قوله مع يمينه ، ويختصّ الحكم بالطلاق.
ولا ميراث مع اللّعان والفسخ بعيب أو بتجدّد الرضاع ، ولا يمنع
ص: 108
اللواط بعد الطلاق ولا ردّته ، أمّا لو ارتدّت فإن رجعت في العدّة ورثت وإلّا فلا.
وهي إعادة النكاح ، ويصحّ باللفظ مطابقة كراجعتك ، والتزاما كإنكار الطلاق ولفظها الصّريح : رجعت ، وراجعت ، وارتجعت ، ورددتك إلى النكاح ، وتزوّجتك ، وفي أعدت الحلّ ، ورفعت التحريم ، توقّف ، وليس الإقرار إنشاء.
ويشترط تجريده عن الشرط ، فلو قال : راجعتك إن شئت ، لم يصحّ وإن شاءت.
ويرجع الأخرس بالإشارة.
وقد يكون بالفعل : كالوطء واللمس والتقبيل بشهوة ، ويشترط قصد الرجعة به ، فلو وطئ نائما أو جهل أنّها الزّوجة لم يقع.
ولا يمنع من رجعة المرتدّة والذميّة.
ولا يشترط علمها بالرجعة ولا رضاها ، فلو تزوّجت قبل العلم بالرجوع ، فإن أقام بيّنة ردّت إليه بعد الاعتداد من الثاني ، وإلّا حلف الثاني على نفي العلم بالرجوع ، ولو نكل حلف الأوّل وردّت إليه ولو صدّقه [ الثاني ] انفسخ نكاحه ، وحلفت على نفي العلم ، وغرم لها المهر أو نصفه ، ولم تردّ إلى الأوّل.
ولو ادّعى [ الرجعة ] عليها ، فإن صدّقته لم ينفذ على الثاني ، ويرجع الأوّل عليها بالمهر ، وإن كذّبته حلفت ، فإن نكلت حلف الأوّل وغرمت له المهر ، وردّت إليه بعد مفارقة الثاني ، واستعادت المهر.
ويجب وقوعها في العدّة.
ويستحبّ الإشهاد ، فلو ادّعى بعد العدّة الرجوع فيها أو بعدها ، أو
ص: 109
ادّعت الانقضاء فادّعى الرجعة قبله ، أو راجع فأنكرت الدّخول ، قدّم قولها مع اليمين (1)
ولو راجع فادّعت الانقضاء قبلها قدّم قوله مع اليمين.
ولو ادّعت خروجها بالحيض (2) في زمان يحتمل صدّقت مع اليمين ، ولو كان بالأشهر ، فإن علم التاريخ اتّبع ، فإن اختلفا فيه أو لم يعلم ، قدّم قول الزوج مع اليمين.
ولو صدّقته الأمة في وقوع الرجعة في العدّة وأنكر المولى قدّم قول الزّوج مع اليمين.
ولو كانت حاملا فادّعت الوضع قدّم قولها ولم تكلّف إحضار الولد.
ولو ادّعت الحمل فأنكر فاحضرت ولدا فأنكر ولادتها له قدّم قوله.
ويشترط في المحلّل البلوغ والوطء في القبل حتّى تغيب الحشفة ، وإن كسل ، وكون العقد دائما صحيحا ، فلا تحلّ بالمتعة والملك والإباحة
ص: 110
والعقد الفاسد والوطء بالشبهة ولا بوطء مولاها ولا بملك المطلّق.
ولا يشترط العقل ولا الحريّة ولا الإسلام ، فلو طلّق المسلم ذميّة ثلاثا فتزوّجت ذميّا ثمّ بانت منه وأسلمت ، حلّت للأوّل ، نعم لو وطئها المحلّل في الرّدّة لم تحلّ ، لانفساخ العقد ، ولا إباحة الوطء فتحلّ بوطي المحرم والصائم واجبا ، وفي الحيض ، وقبل التسع.
وتحل بوطء الخصيّ والموجوء والمجبوب مع بقاء ما يطأ به ولو مثل الحشفة ، فيهدم ما دون الثلاث.
ولو ادّعت أنّها تزوّجت وفارقت واعتدّت قبل إذا أمكن ، وكانت ثقة.
ولو ادّعت الإصابة صدّقت وإن كذّبها المحلّل.
وفيه فصول
لا عدّة لغير المدخول بها ، سواء كان الفراق بطلاق أو بفسخ (1) إلّا المتوفّى عنها زوجها ، ولا للصغيرة واليائسة وإن دخل بهما.
ويتحقّق الدخول بإيلاج الحشفة قبلا أو دبرا وإن لم ينزل ، وكذا الخصيّ دون المجبوب ، نعم لو حملت منه اعتدّت بالوضع.
ولا عبرة بالخلوة وإن كملت ، ولو اختلفا في الإصابة قدّم قوله مع اليمين.
ص: 111
فالحرّة المدخول بها المستقيمة الحيض تعتدّ من الطلاق والفسخ بثلاثة أقراء - وهي الأطهار - وإن كانت تحت عبد وتحسب اللّحظة من طهر الطلاق طهرا ، ولو انتهى الطلاق بانتهاء الطهر صحّ ولم يحسب وترجع في ذلك إليها. (1)
وتخرج العدّة برؤية الدم الثالث ، وأقلّ ما تنقضي به العدّة ستّة وعشرون يوما ولحظتان ، والأخيرة ليست من العدّة بل دالّة على الخروج ، فلا تصحّ فيها الرجعة ، ويصحّ فيها العقد ، فلو ادّعت انقضاءها قبل ذلك لم يقبل.
وإذا استمرّ الدّم فذات العادة ترجع إليها ، والمبتدأة إلى التمييز ، فإن فقدته رجعت إلى عادة نسائها ، فإن اختلفن اعتدّت بأشهر الحيض.
وترجع المضطربة إلى التمييز ، ثمّ إلى الأشهر ، وتجعل زمان الاستحاضة طهرا.
ولو رأت الدّم مرّة ثمّ يئست أكملت العدّة بشهرين.
فالحرّة المدخول بها وهي في سنّ من تحيض ولم تحض تعتدّ من الطلاق والفسخ بثلاثة أشهر ، فإن طلّقت على رأس الشهر اعتدّت
ص: 112
بثلاثة أهلّة ، وفي الأثناء تعتدّ بهلالين ، ثمّ تتمّ الأوّل بثلاثين (1) من الثالث ، وهذه تعتدّ بالأسبق من الشهور والأقراء ، فلو اعتدّت بالأشهر ثمّ رأت الدم في الثالث ، وتأخّرت الحيضة الثانية أو الثالثة صبرت تسعة أشهر ، لاحتمال الحمل ، ثمّ تعتدّ بثلاثة أشهر.
ولو كانت لا تحيض إلّا في ستّة أشهر أو خمسة اعتدّت بالأشهر ، ويرجع في الحيض والطهر إلى المرأة.
ولو ارتابت بالحمل من الأوّل بعد انقضاء العدّة ونكاح آخر لم يبطل النكاح.
ولو ارتابت بعد العدّة وقبل النكاح جاز نكاحها.
ولو ارتابت قبل انقضاء العدّة جاز نكاحها بعدها إلّا مع تعيين الحمل.
وعلى التقديرات لو (2) ظهر حمل بطل نكاح الثاني. (3)
وتعتدّ من الطلاق والفسخ بالوضع وإن اتّصل بالطلاق ، ويشترط تحقّق الحمل وإن لم يكن تامّا حتّى العلقة ، ولا عبرة بالنّطفة ، فلو وضعت ما يشتبه حكم بشهادة أربع قوابل ثقات أنّه حمل.
ص: 113
والحامل من الزنا تعتدّ بالأشهر أو بالأقراء ، وتعتدّ من الشبهة بأحدهما بعد الوضع.
ولو حملت من الشبهة ولحق الولد بالواطئ لبعد الزّوج عنها ، ثمّ طلّقها الزوج اعتدّت من الواطئ بالوضع ، واستأنفت للزوج بعد الوضع عدّة الطلاق.
ولو وضعت توأمين لم تبن إلّا بوضع الجميع ، فيصحّ قبل وضع الثاني الرّجعة ، وتجب النفقة والإرث ، وكذا لو وضعت بعض الولد وإن كان ناقصا إصبعا ، ولا عبرة بصدق اسم الآدميّ على الخارج المنقطع لعدم وضع الحمل.
ولو مات في العدّة الرجعيّة استأنفت عدّة الوفاة ، وفي اكتفاء المسترابة بها توقّف ، والبائن تتمّ عدّة الطلاق.
ولو ادّعت الحمل انتظرت تسعة أشهر ، فإن ولدت وإلّا اعتدّت بثلاثة أشهر.
ولو أقرّت بانقضاء العدّة ثمّ أتت بولد لستّة فصاعدا منذ طلّقها ألحق به إذا خلت من بعل ، ولم يتجاوز أقصى الحمل.
ولو ادّعى أحد الزّوجين تقدّم الطّلاق على الوضع وأنكر الآخر ، فالقول قول المنكر مع اليمين.
ولو اتّفقا على زمان الطلاق واختلفا في زمان الوضع ، قدّم قولها مع اليمين ، وبالعكس يقدّم قوله مع اليمين.
ص: 114
وتعتدّ الحرّة الحائل المنكوحة بالعقد الصحيح بأربعة أشهر وعشرة أيّام ، حرّا كان الزوج أو عبدا ، صغيرا أو كبيرا ، مسلمة كانت المرأة أو ذميّة ، صغيرة أو كبيرة ، مدخولا بها أو لا ، متحيضة أو لا ، وتعتبر بالأهلّة لا بالأيّام إلا أن ينكسر الأوّل فتتمّه من الرابع ، وتبين بغروب شمس يوم العاشر.
وتعتدّ الحامل بأبعد الأجلين ، ويلزمها الحداد ، وهو ترك الزينة والتطيّب والادهان للزينة ، والحنّاء لها ، وصبغ رأسها وحاجبيها بالسواد ، والكحل به إلّا لضرورة ، ولبس الذّهب ، والفضّة ، واللؤلؤ ، والجوهر ، والثياب الفاخرة ، والمصبوغات ، إلّا الأسود والأرزق.
ويجوز تزيين الولد والخادم ، والتّنظيف ، والحمّام ، وتسريح الشعر ، وقلم الأظفار ، والسواك ، وسكنى المواضع الحسنة ، والجلوس على الفرش النفيسة.
ولو أخلّت بالحداد فعلت حراما واحتسبت عدّتها ، وتستوي فيه الكبيرة والصغيرة ويتولّاه (1) الوليّ ، والمسلمة والذميّة.
ولا حداد على الأمة ، ولا على أمّ الولد وإن عتقت من نصيب ولدها ، ولا على الموطوءة بالعقد الفاسد والشبهة إذا مات الواطئ ، ولا على المطلقة بائنا أو رجعيّة ، ولا على المفسوخ نكاحها.
وتحدّ في موت غير الزّوج ثلاثة أيّام.
ص: 115
إذا غاب الزّوج فإن علمت حياته فلا خيار لها ، وكذا لو جهلت حياته وأنفق عليها الوليّ ، ومع عدمه فإن صبرت فلا كلام ، وإلّا رفعت أمرها إلى الحاكم فيؤجّلها أربع سنين ، ثمّ يبحث عنه ، فإن عرف حياته صبرت ، وعلى الإمام نفقتها من بيت المال ، وإلّا أمرها بعدّة الوفاة ، ثمّ تحلّ للأزواج ، فإن جاء زوجها بعد العدّة والنكاح ، فلا سبيل له عليها ، وكذا إن جاء بعد العدّة وقبل النكاح ، وإن جاء فيها فهو أملك بها.
الأوّل : ضرب الأجل إلى الحاكم ، فلو صبرت أكثر من أربع سنين ثمّ اعتدّت لم يكف.
الثاني : ابتداء الأجل من حين المرافعة لا من انقطاع الخبر.
الثالث : يشترط في العدّة أمر الحاكم بها فلو اعتدّت من قبل نفسها لم يعتبر ، ولا بدّ من طلاقها قبل العدّة ، ولا منافاة ولا نفقة فيها على الغائب إلّا أن يحضر فيها ، فترجع عليه بالماضي.
الرابع : لو طلّق الزّوج أو ظاهر أو آلى منها في العدّة وقع وإلّا فلا.
الخامس : لو نكحت ثمّ ظهر موت الزّوج فالنكاح صحيح ، ولا عدّة ، سواء مات قبل العدّة أو بعدها.
ص: 116
السادس : لو (1) ماتت هي أو الزّوج في العدّة توارثا لا بعدها.
السابع : إذا نكحت صارت فراشا للثاني ، فلو أتت بولد لستّة أشهر من وطئه لحق به ، ولو التحقه الأوّل وذكر أنّه وطأها سرّا لم يقبل.
الثامن : لو أمرها بالاعتداد فلم تعتدّ ، فلها أن تعتدّ بعد ذلك.
وتعتدّ الأمة المدخول بها الحائل ، من الطلاق بقرأين وإن كان الزوج حرّا ، وأقلّ ما ينقضي به ثلاثة عشر يوما ولحظتان ، والكلام في اللحظة الأخيرة كما مرّ ، والّتي لم تحض وهي في سنّ من تحيض تعتدّ بشهر ونصف.
وحكم الفسخ كالطلاق ، وتعتدّ الحامل بالوضع ، ولو طلّقت بعد العتق اعتدّت كالحرّة ، ولو أعتقت في العدّة الرجعيّة أتمّت عدّة الحرة ، والبائن تتمّ عدّة الأمة ، ومن الوفاة بشهرين وخمسة أيام ، والحامل بأبعد الأجلين.
ولو مات زوج أمّ الولد اعتدّت كالحرّة ، ولو طلّقها رجعيّا ثمّ مات في العدّة استأنفت عدّة حرّة ، ولو لم تكن أمّ ولد استأنفت عدّة أمة ، ولو كان الطلاق بائنا أتمّت عدّة الطّلاق.
ولو مات زوج الأمة ثمّ أعتقت أتمّت عدّة الحرّة.
ولو وطئها ثمّ دبّرها فمات اعتدّت كالحرّة ، ولو اعتقها في حياته اعتدّت بثلاثة أقراء أو بالأشهر.
ص: 117
والمكاتبة المشروطة والّتي لم تؤدّ كالأمة ، فإن أدّت في أثناء العدّة فهي كالحرّة ، وكذا المعتق بعضها.
والذميّة كالحرّة في الطلاق والوفاة ، ولو طلّقت فلحقت بدار الحرب ثمّ سبيت فى العدّة أتمّت عدّة الحرّة.
يجب الاستبراء بحدوث ملك الأمة الموطوءة وبإرادة زواله ، سواء كان ببيع أو صلح أو ميراث أو اغتنام بحيضة ولو لم تحض وهي في سنّه فبخمسة وأربعين يوما ، والحامل من زوج أو مولى أو من وطء الشبهة بالوضع ، ولو كان من زنا فبانقضاء أربعة أشهر وعشرة أيّام ، ويكره [ وطؤها ] بعد ذلك (1).
ويسقط [ الاستبراء ] بما تقدّم ، وبعتقها ، والعقد عليها ، وبابتياع زوجته ، وبالتقايل قبل التسليم ، وبالردّ بالعيب.
ولو ارتدّت أو ارتدّ المولى ثمّ عاد المرتدّ حلّت بغير استبراء.
ولو أعتقت ولم تفسخ حلّت على الزّوج بغير استبراء.
ولو طلّقت الأمة لم تحلّ على المولى إلّا بالعدّة ، وتكفي عن الاستبراء.
ولو أعتقها المولى حرمت على غيره قبل العدّة وتكفي عنه أيضا.
ص: 118
ويكفي استبراء مملوكه عنه واستبراء المحرم.
ولا يحرم في مدّة الاستبراء غير الوطء ، ويجوز بيعها قبله لا تزويجها.
وفيه مسائل :
الأولى : إذا كانتا لشخصين لم يتداخلا وإن كانت لواحد تداخلتا ، فلو وطئها الزوج في عدّة البائن لشبهة كفى استئناف العدّة ، وكذا في الرجعيّة ، وله الرجوع في بقيّة الأولى دون الزائد.
ولو وطئ امرأة للشبهة مرّتين كفت واحدة.
الثانية : لو طلّق بعد الرجعة قبل الوطء استأنفت العدّة ، وكذا لو خلعها بعد الرجعة ، أمّا لو خلعها بعد الدخول ثمّ تزوّجها في العدّة وطلّقها قبل الدخول فلا عدّة.
الثالثة : لو تزوّجها في العدّة ، فإن كان عالما فهي في عدّة الأوّل ، سواء دخل أو لا ، حملت أو لا ، ولو كان جاهلا فإن لم تحمل أتمّت عدّة الأوّل ، ثمّ استأنفت ( عدّة ) (1) للثاني.
ولو حملت فإن لحق بالأوّل اعتدّت له بوضعه وللثاني بثلاثة أقراء بعد الوضع ، وإن لحق بالثاني اعتدّت له بوضعه ، وتتمّ عدّة الأوّل بعد الوضع.
ولو انتفى عنهما أتمّت عدّة الأوّل بعد الوضع ، ثمّ تستأنف للثاني.
ص: 119
ولو احتمل كونه منهما لحق بالثاني ، وحكمه كما سبق ، وللزّوج الرّجوع في عدّته.
الرابعة : وطء الشبهة يسقط معه الحدّ ، ويجب المهر والعدّة ، ويلحق به الولد ، ولو علمت بالتحريم دونه ، لحق الولد ، ووجبت العدّة ، وعليها الحدّ ولا مهر.
ولو كانت أمة لحق به الولد ، وعليه قيمته يوم سقط حيّا ، والعشر أو نصفه لمولاها.
الخامسة : تعتدّ زوجة الحاضر في الطلاق من حين وقوعه ، فلو علمت خروجها جاز نكاحها ، وفي الوفاة من حين بلوغ الخبر وإن أخبر الفاسق ، لكن لا تنكح إلّا بعد الثبوت ، ولو علمت الطلاق وجهلت وقته اعتدّت من حين البلوغ.
وفيه بحثان :
وهي المطلّقة رجعيّة ، سواء كانت حائلا أو حاملا ، مسلمة أو ذميّة ، أو أمة إذا أرسلها مولاها ليلا ونهارا ، والمختلعة (1) إذا رجعت في البذل وعلم الزوج.
ص: 120
ولا تستحقّهما البائن إلّا إذا كانت حاملا ، والمتوفّى عنها زوجها وإن كانت حاملا.
ولو نشزت في العدّة الرجعيّة ، أو طلّق الناشز رجعيّا لم تستحقّ إلّا مع الطاعة.
ولو فسخ لردّتها لم تستحقّ ، ولو فسخت لردّته استحقّت.
ولا تستحقّها الموطوءة بالشبهة ، ولا بالعقد الفاسد ، ولا أمّ الولد إذا أعتقها سيّدها ، إلّا أن تكون إحداهنّ حاملا.
وفي استحقاق المعتدّة عن الفسخ توقّف.
إذا طلّقت في مسكن مثلها لم يجز خروجها إلّا لضرورة ولا إخراجها إلّا أن تأتي بفاحشة مبيّنة ، وهي فعل ما يوجب الحدّ فتخرج لإقامته ، وأدنى الفاحشة أن تؤذي أهله.
ولو اتّفقا على الانتقال عنه إلى مثله لم يجز ، ولو كان مستعارا أو مستأجرا فعلى الزوج الإبدال عند الرجوع في العارية أو انقضاء (1) مدّة الإجارة.
ولو أراد [ الزوج ] مساكنتها لم يمنع في الرجعيّ ، ويمنع في البائن إلّا أن يكون معها محرم أو امرأة تحتشمهما (2) ، أو تكون هناك حجرة منفردة المرافق.
ص: 121
الأوّل : تخرج لضرورة بعد نصف اللّيل وتعود قبل الفجر إن أمكن ، وإلّا خرجت متى شاءت ، ويجوز للحاكم إخراجها لإقامة حدّ ، أو استيفاء قصاص ، أو حبس على دين ، أو للدعوى عليها إن كانت برزة.
الثاني : يجوز لها الحجّ الواجب بغير إذنه والمندوب معه ، ولو اعتكفت بإذنه لا تخرج في الواجب المعيّن.
الثالث : لو باع المنزل فإن كانت معتدّة بالأقراء لم يصحّ ، وإلّا صحّ.
الرابع : لو كان المسكن له ثمّ حجر عليه ، كانت أحقّ به زمان العدّة ، ولو كان لغيره استحقّت السكنى في ذمّته ، وتضرب مع الغرماء بأجرة مثل سكناها إن كانت معتدّة بالأشهر ، وإن كانت معتدّة بالأقراء أو بالحمل ضربت مع الغرماء بأجرة سكنى أقلّ الأقراء والحمل ، فإن وافق وإلّا رجعت بالباقي ولو فسد الحمل قبل الأقلّ رجع عليها بالباقي. (1)
الخامس : لو مات في العدّة سقط استحقاقها في الباقي.
السادس : لو حجر عليه ثمّ طلّق ضربت بأجرة المثل ، فإن بقى شي ء كان في ذمّته
السابع : لو طلقها في السّفينة ، فإن كانت مسكنا اعتدّت فيها وإلّا أسكنها حيث شاء.
ص: 122
الثامن : إذا سكنت في منزلها أو استأجرت مسكنا ، فإن لم تطلب مسكنا لم يكن لها المطالبة بالأجرة وإن قصدت الرجوع ، وإلّا كان لها المطالبة.
التاسع : لو غاب بعد الطلاق ، أو طلّق غائبا ولا مسكن ، استقرض الحاكم عليه أجرة المسكن ، أو أذن لها في الاستدانة ، ولو استقلّت بذلك ففي الرجوع توقّف.
العاشر : تعتدّ البدويّة في مسكنها ، فإن ارتحل النازلون رحلت معهم ، ولو تأخّر أهلها أقامت معهم إذا أمنت ، وإلّا رحلت ، ولو رحل أهلها جاز لها الرّحيل معهم وإن بقي من فيه منعة.
الحادى عشر : لو طلّقت بعد نقل رحلها أو عيالها اعتدّت في الأوّل ، ولو انتقلت أوّلا اعتدّت في الثاني ، وكذا لو طلّقت في الطريق أو رجعت إلى الأوّل لنقل المتاع.
ص: 123
ص: 124
وفيه فصول
ص: 125
ص: 126
والنظر في أمور
وهو إزالة قيد النكاح بفدية مع كراهية الزّوجة ، (1) والأصحّ أنّه طلاق ، ويقع بمجرّده ، والأقرب إتباعه بالطلاق ، ولا يشترط السلطان فيصحّ بدونه.
وقد يحرم ، وكذا لو أكرهها عليه ، فإن أتبعه بالطلاق وقع رجعيّا وإلّا بطل ، وكذا لو منعها حقّها فخالعته ، وليس من الإكراه ضربها لنشوزها.
ولو أتت بفاحشة جاز عضلها لتفدي نفسها.
وقد يستحبّ إذا قالت : لأدخلنّ عليك من تكرهه.
ويباح مع الكراهية (2) والبذل.
ص: 127
وهي أربعة :
وهي : خلعتك على كذا ، أو أنت مختلعة على كذا ، ولا يقع بفاديتك مجرّدا عن لفظ الطلاق ، ولا بفاسختك ، ولا ابنتك ، ولا بتتّك (1) ، ولا بتلتك (2) ، ولا بالتقايل.
ويشترط سماع عدلين لفظه دفعة ، فلو افترقا لم يقع ، وإيقاعه عقيب البذل ، فإن قدّمه أعاده ، وكون الجواب على الفور ، فإن أخّره وقع رجعيّا إن أتبعه بالطلاق وإلّا بطل ، وتجريده عن الشّرط إلّا أن يقتضيه ، فلو قال : خلعتك إن شئت لم يصحّ وإن شاءت ، وكذا لو قال : إن ضمنت لي ألفا ، أو إن أعطيتني ، أو متى أو مهما ، أو أيّ وقت ، أو أيّ حين ، أو شرط الرّجعة.
ولو قال : إن رجعت رجعت أو شرطت الرجوع في الفدية صحّ.
ولو طلّق بفدية وقع بائنا وإن تجرّد عن لفظ الخلع.
ولو طلبت منه خلعا بعوض فطلّق به وقع رجعيّا ولم يلزم البذل
ص: 128
على القول بأنّه فسخ ، ويلزم على القول بأنّه طلاق أو مفتقر إليه.
ولو طلبت منه طلاقا بعوض فخالعها به ، ولم يتبعه بالطلاق لم يقع على القولين.
ولو قال ابتداء : أنت طالق بألف ، أو عليك ألف ، وقع رجعيّا ولم يلزمها الألف وإن تبرّعت بضمانها ، لأنّه ضمان ما لم يجب.
ولو دفعتها إليه فهي هبة ، ولا تصير بائنا.
ويجوز التوكيل فيه ، وأن يكون الوكيل في البذل والإيقاع واحدا.
ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن راهق ولا من وليّه على القول بأنّه طلاق ، ولا من المجنون المطبق ، وإلّا صحّ حال إفاقته ، ولا من المكره إلّا مع أمارة الرّضى ، مثل أن يكرهه على الخلع بفضّة فيخلع بذهب ، ويعلم الإكراه بالبيّنة أو بالقرينة ، ولا من السكران والمغضب مع ارتفاع القصد ، ولا من الغافل والسّاهي.
ويصحّ من المفلّس بعد الحجر ، ومن المريض وإن كان بدون مهر المثل ، ومن السفيه بمهر المثل ، وتبرأ بقبض الوليّ لا بقبضه إلّا أن يجده فيأخذه ، ويرجع عليها مع تلفه ، ومن العبد بغير إذن مولاه والعوض لمولاه ، فإن سلّمته إليه لم تبرأ ، وترجع عليه مع بقائه ، وإلّا بعد العتق ، ومن الذّمّي ومن الحربيّ ، فإن بذلت خمرا أو خنزيرا وأسلما أو أحدهما قبل القبض ضمنت القيمة عند مستحلّيه.
ص: 129
ويعتبر فيها زائدا على الخالع كون الكراهية منها ، فلو كان منهما وجب لفظ المباراة ، ولو كانت منه أو كانت الأخلاق ملتئمة (1) لم يقع ، وكان رجعيّا إن قلنا إنّه طلاق أو أتبع به ، وإلّا بطل ، وأن تكون طاهرا طهرا لم يقربها فيه مع الدّخول وحضور الزوج وعدم اليأس.
ويصحّ خلع الحامل وغير المدخول بها مطلقا ، واليائسة مع الوطء.
وللوليّ أن يخلع المجنونة والصغيرة ، ويبذل مهر المثل فما دون ، ولا يصحّ بذل الصّغيرة وإن أذن الوليّ.
ويصحّ خلع المريضة ، فإن بذلت مهر المثل فهو من الأصل ، والزائد من الثلث ، وخلع الأمة فيلزم السيّد ما تبذله بإذنه ، عينا كان أو دينا.
وإطلاق الإذن ينصرف إلى مهر المثل ، ويلزم السيد ، والزائد عليه تتبع به [ بعد العتق ] ، وإن بذلت بغير إذنه عينا فإن أجاز المولى استحقّها الزّوج وإلّا فعليها مثلها أو قيمتها تتبع به ، وإن بذلت دينا تبعت به.
ولو بذلت المكاتبة المشروطة فإن كان بإذن السّيد تعلّق بما في يدها وإلّا بذمّتها ، ولا يعترض المولى المطلّقة.
ولا يصحّ من السّفيه.
ص: 130
كلّ ما يصحّ مهرا يصحّ فدية ، وتجوز زيادتها على ما وصل إليها من مهر وغيره.
ويشترط الملك والتموّل والعلم بقدرها ، فلو خلعها (1) على عين مستحقّة بطل الخلع ، وإن أتبعه بالطلاق وقع رجعيّا ، وكذا لو بانت مستحقّة.
ولو خلعها على شي ء في الذّمة ثمّ دفعه ، فبان مستحقّا صحّ ، وله المثل أو القيمة.
ولو بذلت ما ليس بمال لأحد كالحرّ ، أو للمسلم كالخمر ، بطل الخلع إلّا أن يتبع بالطلاق ، فيقع رجعيّا.
ولو بذلت خلًّا فبان خمرا صحّ وله مثله خلًّا.
ولو بذلت مجهول القدر أو الجنس أو الوصف بطل ، ويكفي في الحاضر المشاهدة.
وإطلاق النقد أو الكيل أو الوزن ينصرف إلى الغالب في البلد ، ولو عيّنه تعيّن.
ويصحّ أن تكون الفدية رضاع ولده أو نفقته ، ويجب تعيين المدة والولد وقدر المأكول والملبوس ، وللزوج الفاضل ، وعليه العائز.
ص: 131
ولو مات الولد فللأب أجرة مثل رضاع الباقي ، ومثل النفقة أو قيمتها ، ويستوفيه أدوارا في المدّة لا دفعة ، وليس له أن يرضع غيره.
ولو تلفت الفدية قبل القبض لزمها المثل أو القيمة.
ولو وجد الموصوف أدون فله ردّه والمطالبة بالموصوف.
ولو بان المعيّن معيبا فله الأرش أو الردّ ، ويطالب بالمثل أو القيمة.
ولو خالع اثنتين بفدية واحدة صحّ وكانت عليهما بالسويّة.
ويصحّ البذل منها ومن وكيلها ومن وليّها ومن الضامن عنها بإذنها ، لا من المتبرّع بالبذل أو الضمان ، فلو قال : خالع زوجتك على ألف في ذمّتي أو على ألف من مالها وعليّ ضمانه لم يصحّ.
ولو قال أبوها : طلّقها وأنت بري ء من الصداق ، فطلّق وقع رجعيّا ، ولم يلزمها الإبراء ولم يضمن الأب.
ولو وكّل في خلعها بمائة فزاد صحّ ، ولو نقص بطل ، ولو أطلق فخلع بمهر المثل حالّا بنقد البلد صحّ ، ولو خالف ذلك بطل ، ويجوز بالأكثر والأجود.
ولو وكّلت بمائة فنقص صحّ ، ولو زاد بطل ، ولو أطلقت اقتضى مهر المثل حالّا بنقد البلد ، فإن خالع بدونه أو أدون منه أو مؤجّلا صحّ ، وإن زاد بطل إلّا أن نقول : يصحّ البذل من المتبرّع فالزيادة على الوكيل.
ولو بان بطلان الوكالة بطل الخلع.
ص: 132
إذا صحّ الخلع استحقّ الزوج العوض والزوجة الرجوع في الفدية في العدّة ، وللزوج الرجعة فيها ، ولا رجوع له إن لم ترجع ، ولا يصير رجعيّا برجوعها ، فلا يقع بها طلاق إلّا أن يرجع بعد رجوعها في الفدية.
ولو قال : خالعتك على ألف في ذمّتك ، فقالت : بل في ذمّة زيد ، قدّم قولها مع اليمين ، ويصحّ الخلع ويسقط العوض ، ولا شي ء على زيد.
ولو قالت : خالعتك (1) بكذا ، وضمنه عنّي زيد قدّم قوله ، ولزمها الألف.
ولو اختلفا في أصل البذل قدّم قولها مع اليمين ، وحكم عليه بالبينونة ، وتطالبه بحقوق العدّة ، وكذا لو اتّفقا على ذكره واختلفا في قدره ، أو على القدر واختلفا في الجنس أو في إرادته.
ص: 133
وهو الطلاق بعوض ، ويشترط فوريّة الجواب فلو قالت : طلّقني بألف ، فإن عقّب الطلاق وقع بائنا ، وله الفدية ، وإن أخّره وقع رجعيّا ولا فدية له.
ولو قالتا : طلّقنا بألف فطلّق واحدة فله النّصف ، فإذا طلّق الأخرى وقع رجعيّا ولا شي ء له.
ولو قالت : طلّقني ثلاثا بألف صحّ ، وليس مشروطا ، ثمّ إن قصدت الثلاث ولاء لم يصحّ البذل وإن طلّقها ثلاثا مرسلا ، لأنّه لم يفعل ما سألته ، وقيل : له الثلث ، لوقوع الواحدة (1).
وإن قصدت ثلاثا بينها رجعتان صحّ ، فإن طلّق ثلاثا فله الألف ، وإن طلّق واحدة فلا شي ء له على الأقوى.
ولو قالت : طلّقني واحدة بألف فطلّقها ثلاثا مرسلا ، وقعت واحدة وله ألف ، ولو طلّقها ثلاثا ولاء فإن قال : الألف في مقابلة الأولى وقعت بائنة ، وله
ص: 134
الألف ، ولغى الباقي ، وإن قال : في مقابلة الثانية أو الثالثة فالأولى رجعيّة ولا فدية ، وبطل الباقي ، ولو قال : في مقابلة الجميع وقعت الأولى وله الألف ، وقيل : الثلث. (1)
ولو كانت معه على طلقة فقالت : طلّقني ثلاثا بألف فطلّق واحدة فله ثلث الألف ، وقيل : له الألف مع علمها والثلث مع جهلها. (2)
ولو كانت على طلقتين فطلّق اثنتين فله الثلثان على الأوّل وعلى الثاني الجميع مع علمها والثلثان مع جهلها ، ولو طلّق واحدة فله على الأوّل الثلث وعلى الثاني النّصف مع العلم والثلث مع الجهل ، ويحتمل الثلث مطلقا.
ولو كانت معه على طلقة فقالت : طلّقني ثلاثا بألف ، واحدة في هذا النكاح واثنتين في غيره ، فطلّق واحدة ، فله ثلث الألف ، ولم يصحّ الباقي لتأخّره.
ولو قالت : طلّقني بألف ، فطلّق ولم يذكر الألف وقال : لم أقصد الجواب قبل ووقع رجعيّا.
ولو قالت : طلّق نصفي بألف أو نصف طلقة بألف فطلّق وقع رجعيّا ولا فدية.
ص: 135
وصيغتها : بارأتك على كذا فأنت طالق ، ويصحّ بلفظ فاسختك أو أبنتك أو أبتّك ، وغير ذلك من الكنايات مع لفظ الطلاق ، إذ هو المقتضي للبينونة ، فلو قال : أنت طالق على كذا أو بكذا كان مباراة ، إذ هي عبارة عن الطلاق بعوض مع المنافاة بين الزّوجين.
ويشترط في المتبارئين ما شرط في المتخالعين ، ويزيد اشتراط كراهة كلّ من الزّوجين صاحبه ، ووجوب إتباع الطلاق إجماعا ، وكون الفدية بقدر ما وصل إليها فما دون لا أزيد.
ومع الشرائط يقع بائنا ، ولها الرجوع في الفدية في العدّة ، فحينئذ للزّوج الرجوع ، فيها فلو انقضت أو كانت غير معتدّة أو مطلّقة ثلاثا فلا رجوع لأحد.
ص: 136
وفيه فصلان
ص: 137
ص: 138
وهي أربعة :
وهي : أنت عليّ كظهر أمّي ، ويجب تمييز الزّوجة عن غيرها بالاسم أو بالإشارة (1) ولو ذكر جملتها مثل : بدنك أو ذاتك جاز بخلاف يدك أو بطنك وشبهه.
ولا اعتبار باختلاف لفظ الصفات مثل : أنت منّي ، أو عندي ، أو عليّ ويجوز حذفها مثل : أنت كظهر أمّي ، دون حذف « الظهر » مثل : أنت عليّ كأمّي وإن قصد الظهار ، وكذا لو حذفهما مثل : أنت كأمّي ، أو أنت أمّي.
ويشترط صدوره من الزّوج ، فلو قالت : أنت عليّ كظهر أمّي لم يقع ، وسماع عدلين دفعة ، وعدم إيقاعه في إضرار أو يمين ، أو معلّقا على صفة.
ويصحّ تقييده بمدّة وإن قصرت عن زمان التربّص ، وتوقّفه على شرط ،
ص: 139
فلو قال : أنت كظهر أمّي إن شاء زيد فشاء ، وقع ، ولو قال : إن شاء اللّه تعالى لم يقع إلّا أن يريد البركة.
ولو ظاهر إحدى زوجتيه إن ظاهر الأخرى ، ثمّ ظاهر الضّرة وقع الظهاران ، ولو ظاهرها إن ظاهر فلانة الأجنبيّة وقصد النطق به وقع إذا واجهها به ، وإن قصد الشّرعي لم يقع ، وكذا لو قال : أجنبيّة ، ولو قال : إن ظاهرت فلانة ، فتزوّجها وظاهرها وقع الظهاران.
لو قال : أنت عليّ حرام لم يقع وإن نواه ، وكذا أنت عليّ حرام كظهر أمّي على توقّف ، ولو قال : أنت حرام كظهر أمّي ، أو أنت كظهر أمّي حرام وقع.
ولو قال : أنت طالق كظهر أمّي وقع الطلاق رجعيّا ولغى الظهار وإن قصدهما.
ويعتبر فيه البلوغ وكمال العقل والاختيار والقصد ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن كان مميّزا ، ولا من المجنون إلّا أن يناله أدوارا ، ويوقعه حال إفاقته ، ولا من المكره والسكران والمغمى عليه والنّائم والسّاهي والغضبان إذا ارتفع قصده ، ولو نوى بالظهار الطلاق لم يقع أحدهما.
ص: 140
ويصحّ من الخصيّ والمجبوب إن حرّمنا غير الوطء ومن العبد والكافر ، لإمكان التكفير.
ويشترط فيها أن تكون مملوكة الوطء بعقد أو ملك ، وطهرها طهرا لم يجامعها فيه مع حضور الزّوج ، وحيض مثلها ، فلا يقع بالأجنبيّة وإن علّقه بالنكاح ، ويقع بالمستمتع بها وبالموطوءة بالملك وباليائسة وإن كان حاضرا ، وبمن غاب زوجها وإن صادف الحيض ، وبالذّميّة والصغيرة والمجنونة والرتقاء والمريضة الّتي لم توطأ.
ويشترط التّعيين والدّخول ويكفي الدّبر.
وهو ظهر الأمّ ، فلو شبّهها بزوجها (1) أو نفسها أو بطنها أو بالجدّة أو بإحدى المحرّمات بالنّسب أو الرضاع أو المصاهرة لم يقع ، وكذا لو شبّهها بظهر أبيه أو ولده أو الملاعنة أو الأجنبيّة وإن كانت مزوّجة.
ص: 141
الظهار حرام ويحرم الوطء وغيره من ضروب الاستمتاع ، ولا يحرم عليها شي ء ، ويحلّ بالكفّارة ، وتجب بالعود وهو إرادة الوطء ، فلا يستقرّ الوجوب بل معناه يحرم الوطء قبلها ، فلو وطئ لزمه كفّارتان وتتكرّر بتكرّره ، ولو علّقه بشرط لم يقع إلّا عنده ، ولو كان الشّرط الوطء وقع الظهار بأوّل فعله ، ولا كفّارة حتّى يعود ، ولا يجب بنفس الوطء.
ولو وطأ في خلال الصّوم لزمه الاستئناف وإن كان ليلا ، والتكفير ثانيا.
ولو طلّقها رجعيّا فقد وفاها حقّها ، فإن راجع لم يحلّ حتّى يكفّر.
ولو تزوّجها بعد العدّة أو في عدّة البائن حلّت بغير كفّارة ، ولا تجب الكفّارة لو ماتا أو مات أحدهما.
ولو اشترى زوجته بعد الظهار بطل العقد ، وحلّت بغير كفّارة ، وكذا لو اشتراها غيره ففسخ ثمّ تزوّجها الزوج.
ولو ظاهر من أربع بلفظ واحد صحّ ولزمه عن كلّ واحدة كفّارة ولو كرّر الظهار من واحدة تكرّرت الكفّارة ، ولو كرّر الظّهار ووطئ لزمه عن الوطء كفّارة وعن الظهار بحسبه.
ص: 142
وإذا عجز عن الكفّارة وعن ما يقوم مقامها أجزأه الاستغفار ، ولو كفّر بالعتق قبل إرادة الوطء لم يجزيه.
وإذا صبرت فلا اعتراض ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أنظره ثلاثة أشهر ، ثمّ يخيّره بين التكفير والرجوع وبين الطلاق ، فإذا انقضت ولم يختر أحدهما ، حبسه وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يختاره ، ولا يجبره على الطلاق ولا يطلّق عنه.
ص: 143
ص: 144
وفيه فصلان
ص: 145
ص: 146
وهي أربعة :
والصريح : واللّه لا نكتك ، أو لا أدخلت فرجي فرجك ، وشبهه ، ولو أتى بالمحتمل كقوله : واللّه لا جامعتك ، أو لا وطأتك ، أو لا باشرتك ، أو لا باضعتك ، فإن قصد الايلاء وقع ، وإلّا فلا.
ولو قال : لا جمع رأسي ورأسك بيت أو مخدّة ، أو لا ساقفتك لم يقع وإن قصده ، وكذا لا وطأتك في الحيض أو في النفاس (1).
ولا ينعقد إلّا باسم اللّه تعالى بأيّ لسان كان مع القصد ، فلو حلف بغيره كالنبيّ والكعبة والعتاق والتحريم لم يقع وإن قصده ، وكذا لو قال : إن أصبتك فلله عليّ كذا.
ص: 147
ويشترط تجريده عن الشّرط والصّفة ، والنطق فلا يقع بالنيّة ولو آلى من إحدى زوجتيه ثمّ قال للأخرى : شرّكتك معها لم يقع بالثانية وإن نواه ، لعدم النطق باسم اللّه تعالى ، ووقوعه في إضرار ، (1) فلو حلف لصلاح (2) اللبن أو لتدبير المرض ، أو لا يطأها في الدّبر فليس بمول ، وكان يمينا.
إذا قال لأربع : واللّه لا وطئتكنّ ، فليس بمول في الحال ، ويحلّ له وطء الثلاث ، وتحرم الرابعة ، ولها المرافعة.
ولو ماتت واحدة قبل الوطء بطل الإيلاء ، لتعذّر وطء الجميع ، ولا كذا لو طلّق واحدة أو أكثر لإمكان الوطء بالشبهة.
ولو قال : لا وطئت واحدة منكنّ تعلّق الإيلاء بالجميع في الحال ، ويحنث بوطء واحدة وتنحلّ اليمين في البواقي.
ولو طلّق واحدة أو أكثر فالإيلاء ثابت في الباقي ، ولو ادّعى التعيين صدّق.
ولو قال : لا وطئت كلّ واحدة منكنّ فهو مولي من كلّ واحدة ، فلو وطئ واحدة فعليه الكفّارة ، والإيلاء ثابت في البواقي ، ولو طلّقها فقد وفاها حقّها ولم تنحلّ اليمين في البواقي.
ولا تتكرّر [ الكفّارة ] بتكرّر الحلف على الواحدة وإن قصد المغايرة ، إلّا أن يتغاير الزّمان كقوله : واللّه لا وطئتك سنة كذا ثمّ يحلف على غيرها.
ص: 148
ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، ويقع من المملوك والذمّيّ والخصيّ لا من المجبوب ومن المطلّق رجعيّا وتحسب العدّة من مدّة التربّص ، وكذا لو آلى ثمّ طلّق رجعيّا ، ومن المظاهر.
وهي المنكوحة بالعقد الدائم بشرط الدخول ، فلا يقع بالمستمتع بها ولا بالموطوءة بالملك ، ويقع بالمسلمة ، والذميّة ، والمطلّقة رجعيّة ، والحرّة ، والأمة ، ولها المرافعة لا للمولى ، والمطالبة بالفئة ، ولا اعتراض للمولى.
وتكون مطلقة ومقيّدة بالأبد أو بأكثر من أربعة أشهر ، أو بفعل لا يحصل إلّا بعد مدّة التربّص يقينا أو غالبا كقوله [ وهو بالعراق مثلا ] : لا وطئتك حتّى أعود من الصين ، أو ما بقيت.
ص: 149
ولو حلف لا يطأها أربعة أشهر فما دون ، أو علّقه بفعل يحصل قبل المدّة قطعا أو غالبا فلا إيلاء.
ولو قال : لا وطئتك حتّى أدخل الدّار لم يكن موليا ، لإمكان التخلّص من التكفير بالدخول.
ولو قال : حتّى يقدم زيد ، فإن ظنّ تأخّره عن المدّة وقع وإلّا فلا ، وكذا لو قال : حتى يموت زيد.
ولو قال : لا وطئتك سنة إلّا مرّة ، فليس بمول في الحال ، ويقع إذا وطئ وبقي أزيد من مدّة التربّص ، وإلّا بطل.
ص: 150
إذا وقع الإيلاء وصبرت فلا بحث ، وإن رافعته أنظره الحاكم أربعة أشهر من حين التّرافع ، ويستوي في ذلك الحرّ والعبد ، والمدّة حقّ للزّوج فليس لها مطالبته فيها بالفئة ، فإذا (1) انقضت لم تطلّق [ بانقضائها ] ، وليس للحاكم طلاقها ، وإن رافعته خيّره الحاكم بين الطلاق والفئة ، فإن طلّق خرج من حقّها ووقع رجعيّا ، وإن فاء ووطئ لزمته الكفّارة.
ولو امتنع منهما حبس وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يختار واحدا ، ولا يعيّن عليه أحدهما.
ولو أسقطت حقّ المطالبة لم يسقط ، لأنّه متجدّد.
ولو وطئ في مدّة التربّص أو بعدها عامدا فعليه الكفّارة ، ومع السّهو أو الجنون أو الاشتباه يبطل الإيلاء ولا كفّارة.
ولو ماطل فانقضت المدّة بطل حكمه ، ولا كفّارة مع الوطء.
وفيئة القادر تغيّب الحشفة في القبل ، والعاجز إظهار إرادة الوطء ، ويمهل القادر بما جرت العادة به كخفة المأكول والأكل والراحة للتعبان.
ص: 151
ولو كان محرما أو صائما ألزم بفيئة العاجز ، فلو وطئ أثم وأتى بالفيئة ، وكذا كلّ وطء محرّم كالحيض.
ولو تجدّدت أعذاره في المدّة لم تنقطع الاستدامة ، ولا يمنع من المواقعة.
فلو ارتدّ في المدّة حسبت عليه ، وكذا لو جنّ فيها ، ولو خرجت ولم يفق تربّص به حتّى يفيق.
ولو تجدّدت أعذارها في المدّة لم تنقطع [ الاستدامة ] فيبنى بعد زوال العذر.
ولو ظاهر ثمّ آلى صحّا ، فإذا انقضت مدّة الظهار أوقف له ، فإن طلّق فقد وفاها الحقّين ، وإن امتنع ألزم بالتكفير والوطء وكفّارة الإيلاء ، وسقط حقّه من التربّص للإيلاء بالظهار.
ولو آلى من زوجته الأمة ثمّ اشتراها وأعتقها وتزوّجها بطل الإيلاء ، وكذا لو اشترت زوجها المولي ثمّ أعتقته وتزوّجت به.
ويقدّم قول مدّعي بقاء المدّة وتأخّر الإيلاء ، وقول الزوج في ادّعاء الإصابة. (1)
ص: 152
وفيه فصول
ص: 153
ص: 154
وهو اثنان :
الأوّل : القذف ، ويتحقّق برمي الزوجة المحصنة المدخول بها بالزنا قبلا أو دبرا ، مع دعوى المشاهدة وعدم البيّنة.
فلو رمى الأجنبيّة أو غير المدخول بها ، أو لم يدّع المشاهدة حدّ ولا لعان.
ولو رمى المشهورة بالزنا ، أو رماها بغيره كالسحق ، أو أقام بيّنة فلا حدّ ، ولا لعان ولا يصحّ العدول عن البيّنة إلى اللعان ، ولو كان العقد فاسدا أو القاذف أعمى فلا لعان ، ويتعيّن الحدّ.
ولو أضاف الزنا إلى قبل النكاح أو كان في العدّة الرّجعيّة فله اللعان.
ولو قذف البائن فلا لعان وإن أضافه إلى زمان الزوجية ، بل يحدّ ، ولو قذفها ثمّ أبانها فله اللّعان.
فلو قالت : القذف بعد البينونة ، فقال : بل قبلها ، قدّم قوله.
ولو قذف المجنونة ثبت الحدّ ، ولا يقام إلّا بعد الإفاقة والمطالبة ، وليس للوليّ المطالبة به ما دامت حيّة ، وكذا ليس له مطالبة زوج أمته بالتعزير ، فإذا ماتت طالب به.
ص: 155
ولو قذف نساء بلفظ واحد فلكلّ واحدة لعان ولا يكفي الواحد وإن رضين به.
ولو نسبها إلى زنا مكرهة ، فإن قلنا إنّه قذف صحّ اللعان ، وإلّا فلا.
السبب الثاني : إنكار الولد ، ويثبت به اللّعان إذا كانت الزوجة منكوحة بالعقد الدائم ، ووضعت الولد لستّة أشهر فصاعدا من حين الوطء ولم يتجاوز أقصى الحمل ، فلو ولدته لأقلّ من المدّة أو تجاوزت الأكثر انتفى بغير لعان إلّا أن يختلفا بعد الدّخول في زمان الحمل.
ويشترط في الإلحاق إمكان الوطء والتوليد ، فلو تزوّج المشرقيّ بمغربيّة ثمّ أتت بولد لستّة أشهر ، أو دخل الصّبي لدون عشر لم يلحق به ، ولو كان لعشر لحق ، ولو مات قبل البلوغ أو بعده ولم ينكره ألحق به ، وورثه الولد والزّوجة ، ولو لم يمت لم يصحّ لعانه حتّى يبلغ رشيدا.
ويلحق الولد بالوطء قبلا أو دبرا ، وبوطء الخصيّ والمجبوب ، لا بوطء الخصيّ المجبوب.
ولو ولدته والزوج حاضر ولم ينكره مع القدرة ، لم يجز له إنكاره إلّا أن يؤخّره بما جرت به العادة كالصلاة ، والأكل ، والشرب ، والسّعي إلى الحاكم ، وكذا لو أقرّ به صريحا أو فحوى ، مثل أن يجيب المبشّر بما يدلّ على الرّضا كما لو قيل له : بارك اللّه في مولودك ، فيقول : آمين ، أو إن شاء اللّه تعالى ، أمّا لو قال [ مجيبا ] : بارك اللّه فيك أو أحسن اللّه إليك لم يكن إقرارا.
ولو سكت عن الحمل جاز له نفيه بعد ولادته.
وكلّ موضع يلحق به الولد لم ينتف عنه إلّا باللّعان ، فلو طلّقها بائنا
ص: 156
فأتت بولد يلحق به في الظاهر لم ينتف إلّا باللعان.
ولو تزوّجت وأتت بولد لدون ستّة أشهر من وطء الثاني ولأقصى مدّة الحمل من فراق الأوّل ، لحق بالأوّل ، ولم ينتف إلّا باللعان.
ولو طلّق فادّعت الدخول فأنكر ، فأقامت بيّنة أنّه أرخى السّتر عليها ، فلا مهر ولا حدّ ولا لعان ، لعدم الدخول والقذف وإنكار الولد.
ولو قذف زوجته ونفى الولد وأقام بيّنة سقط الحدّ ، ولم ينتف الولد إلّا باللعان ، ولو أنكر ولادته قدّم قوله.
ص: 157
وهي ثلاثة :
الأوّل : الملاعن ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، لا الحريّة والعدالة والإسلام ، فيصحّ لعان العبد والكافر ، ولو قذف الطفل أو المجنون فلا حدّ ولا لعان.
ويصحّ من الأخرس مع تعقّل إشارته ، ولو خرس في الأثناء أتمّه بالإشارة وإن أمكن زواله.
الثاني : الملاعنة ،ويعتبر فيها البلوغ ، والعقل ، وعدم الصّمم والخرس ، وكونها زوجة بالعقد الدائم ، لا الحريّة ، فيصحّ لعان المملوكة ، وفي اشتراط الدخول قولان.
ولو قذف الصغيرة عزّر ولا لعان.
ولو قذف المجنونة وجب الحدّ ولا يقام عليه إلّا بعد الإفاقة والمطالبة ، وله إسقاطه باللعان ولا يلاعن حالة الجنون ، وكذا لو نفى ولدها.
ولو قذف زوجته الصمّاء أو الخرساء حرمتا عليه أبدا ، ولا حدّ ولا لعان ، ويجب لنفي الولد.
ص: 158
ولا تصير الأمة فراشا بالملك ولا بالوطء ، ولا يلحق الولد إلّا بإقراره وإن اعترف بالوطء ، ولو نفاه لم يفتقر إلى لعان.
ويصحّ لعان الحامل فإن نكلت حدّت بعد الوضع.
الثالث : في كيفيّته ، ولا بدّ أن يكون عند الحاكم أو من نصبه ، ولو ارتضيا برجل من العامّة جاز ، ويجوز في المساجد إلّا مع المانع كالحيض ، وغير البرزة ينفذ الحاكم إليها من يستوفيه.
وصورته : أن يقول الرّجل أربع مرّات : أشهد باللّه أنّي لمن الصّادقين فيما رميتها به ، ثمّ يقول : إنّ لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين ، ثمّ تقول المرأة أربع مرّات : أشهد باللّه انّه لمن الكاذبين فيما رماني به ، ثمّ تقول : إنّ غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين.
ويجب الترتيب كما ذكر ، فلو بدأت المرأة قبل الرّجل ، أو قدّم الرّجل اللّعن أو المرأة الغضب على الشهادة لم يصحّ ، والموالاة بين الكلمات ، وإيقاعه بعد تلقين الإمام ، فلو بادر به لم يصحّ ، ومراعاة صورة اللفظ ، فلو أبدل لفظ الشهادة أو لفظ الجلالة ، أو الصادقين بمرادفه ، أو قال : شهدت باللّه ، أو أنا شاهد باللّه ، أو أحلف باللّه ، أو بالرّحمن ، أو ببارئ النسم ، أو أبدل اللّعن بالبعد ، والغضب بالسّخط ، أو الرمي بالرشق ، أو وحّد الصادقين أو الكاذبين ، أو حذف لام التأكيد لم يصحّ.
ويجب إيقاعه بالعربيّة مع القدرة ، ولو جهل الحاكم اللغة افتقر إلى مترجمين عدلين ، وقيامهما عند التلفظ ، وتعيين المرأة باسمها واسم أبيها ، أو بما
ص: 159
يزيل الاحتمال ، وإذا أخلّ بشي ء من ذلك لم يصحّ وإن حكم به الحاكم.
ويستحبّ جلوس الحاكم مستقبل القبلة ، ووقوف الرجل عن يمينه والمرأة عن يمين الرجل ، وإحضار من يسمعه ، ووعظ الرجل بعد الشهادات قبل اللّعن والمرأة قبل الغضب ، وجمع الناس ، والتغليظ بالقول والزمان والمكان.
واللعان أيمان لا شهادات ، فيصحّ من الأعمى.
وفرقة اللعان فسخ لا طلاق.
ص: 160
إذا قذف زوجته وجب الحدّ ، وله إسقاطه باللعان ، ولا يطالب بأحدهما إلّا الزوجة ، فلو أراد اللعان قبل المطالبة لم يجب وإن كان لنفي النّسب.
وإذا حكم باللعان سقط الحدّ عن الرّجل والمرأة ، وانتفى الولد عن الرّجل خاصّة ، وزال الفراش (1) وحرمت مؤبّدا.
ولو أكذب نفسه في الأثناء أو نكل حدّ ولم يثبت باقي الأحكام.
ولو أقرّت أو نكلت رجمت ، ولا حدّ عليه ، ويبقى الفراش ، فلو ماتت ورثها.
ولو أكذب نفسه بعد كماله حدّ ولحق به الولد ، وورثه ، ولم يرثه الأب ولا المتقرّب به ، وترثه الأمّ والمتقرّب بها ، ولم يعد الفراش ، ولم يزل التحريم.
ولو اعترف بعد اللعان لم ترجم وإن أقرّت أربعا ، ولو أقرّت قبل اللعان أربعا حدّت وسقط عن الزوج.
ص: 161
ولو أقرّت مرّة فلا حدّ ولا لعان ، ولو كان هناك نسب لم ينتف إلّا باللعان.
ولو أنكرت بعد الإقرار ، فأقام شاهدين به ، قبل في سقوط الحدّ عنه لا في ثبوته عليها.
ولو كان الزوج أحد الأربعة حدّ الجميع ، وللزوج إسقاطه باللعان.
ولو أنكر القذف ، فأقامت بيّنة حدّ ، وليس له اللعان.
ولو قذفها برجل معيّن ، فإن أقام بيّنة سقط الحدّان ، وإلّا حدّ للرجل (1) ، وله إسقاط حدّها باللعان.
ولو قذفها ولم يلاعن فحدّ ، ثمّ قذفها حدّ به ثانيا أو أسقطه باللعان.
ولو لاعن ثمّ قذفها به فلا حدّ على توقّف.
ولو قذفها به الأجنبيّ حدّ ، ولو لا عنها فنكلت فقذفها الزوج لم يحدّ.
ولو قذفها الأجنبيّ حدّ ، ولو أقرّت به فقذفها به الزوج أو الأجنبيّ لم يحدّا.
ولو ماتت قبل اللّعان سقط ، وورثها الزّوج ، وحدّ للوارث ، وله إسقاطه باللعان وروي أنّه إن لا عنه الوارث فلا ميراث له.
ولو لاعنها فماتت أو مات قبل لعانها توارثا.
ص: 162
وفيه فصلان
ص: 163
ص: 164
والنظر في أمور :
[ الركن ] الأوّل : في حقيقته ، وهو إخبار عن حقّ سابق ، وليس مملّكا بنفسه بل كاشف عن سبق الملك ، وهو نوعان :
الأوّل : المبتدأ ، مثل لك عليّ أو في ذمّتي ، وفي « عندي » توقّف لأنّ « عند » لما قارب لا لما (1) في الذّمة (2).
ويصحّ بغير العربية وإن علمها ، ولو أقر بغير لغته ، ثمّ قال : لقّنت ، قبل إن جهلها.
ص: 165
ويشترط التنجيز ، فلو قال : لك عليّ كذا إن شئت ، أو إن قدم زيد ، أو إن رضي عمرو ، أو إن شهد فلان لم يصحّ ، ويلزمه لو (1) فتح « أن ».
ولو قال إن شهد فلان فهو صادق ، أو حقّ ، أو صحيح لم يلزمه وإن كان عارفا ، وكذا لو قال : إن شهد لك صدقته ، أو أديت.
ولو قال : كان لك عليّ كذا لزمه ، ولا يقبل دعوى السقوط.
ولو قال : لك عليّ ألف إذا جاء رأس الشهر ، أو إذا جاء رأس الشّهر فلك عليّ ألف ، فإن قصد التعليق بطل ، وإن قصد الأجل صحّ ، وفي قبول التأجيل توقّف.
ولو قال : إن شاء اللّه ، فإن قصد التعليق بطل وإن قصد التبرّك صحّ.
والإقرار بالإقرار إقرار بخلاف الوعد به.
ولو قال : بعني ، أو ملّكني ، أو هبني ، أو اشتريت هذه الدار من فلان ، أو غصبتها منه ، فهو إقرار ، بخلاف ملكتها على يده. (2)
ولو قال : آجرنيه ، فهو إقرار بالمنفعة ، ويستفسر عن المالك إلّا مع القرينة. (3)
ولو قال : بعتك أباك فحلف الولد عتق ولا ثمن عليه.
ص: 166
ولو قال : أنا قاتل زيد بالجرّ فهو إقرار بخلاف النصب. (1)
الثاني : الإقرار المستفاد من الجواب ، فلو قال : لي عليك ألف ، فقال : قبضتكها ، أو أبرأتني منها ، أو نعم ، أو أجل ، أو صدقت ، أو بررت ، أو قولك صدق ، أو حقّ ، أو أنا مقرّ به ، أو بدعواك ، أو بما ادّعيت ، أو لست منكرا فهو إقرار.
ولو قال : أنا مقرّ ، أو زنه ، أو اتزنه ، أو خذه ، أو انتقده ، فليس إقرارا ، وكذا قوله إن شاء اللّه ، أو أنا أقرّ به (2) على الأقوى.
ولو قال : أليس لي عليك كذا؟ فقال : بلى فهو مقرّ ، وكذا لو قال : نعم ، أو أجل إن لم يعرف الفرق.
ولو قال : اشتريت منّي أو استوهبت ، فقال : نعم فهو إقرار.
[ الركن ] الثاني : في المقرّ ، ويشترط كونه مالكا لما يقرّ به في الظاهر ، والبلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، والحرية ، وجواز التصرف ، فلا يقبل إقرار الصّبي وإن راهق أو أذن له الوليّ ، ولو سوّغنا له الوصيّة والصّدقة والوقف قبل إقراره في ذلك.
ولو اختلف هو والمقرّ له في البلوغ ، قدّم قول الصبيّ بلا يمين إلّا أن يفسّره بالإنبات فيعتبر.
ص: 167
ولا المجنون ولو كان يعتوره قبل حال إفاقته ، ولو اختلفا فيه ، فإن عرف له حالة جنون قبل وإلّا فلا.
ولا المغمى عليه والسكران والنائم والسّاهي والغالط.
ولو ادّعى المقرّ أحد هذه الأمور لم يقبل منه ، ولا المكره فيما أكره عليه ، فلو أكره على شي ء فأقرّ بغيره صحّ ، ولو أكره على أداء مال فباع من ماله لأدائه صحّ البيع ، إلّا أن يعيّن الأداء من ثمنه.
ولو ادّعى الإكراه لم يقبل إلّا مع البيّنة أو القرينة كالحبس والضرب فيقبل مع اليمين.
ولا المملوك فلا يقبل إقراره بمال أو جناية أو حدّ ، نعم يتبع به بعد العتق ، ولا بالرقّ لغير مولاه ، ويقبل إقراره بما له فعله كالطلاق.
ولو تحرّر بعضه نفذ من إقراره بقدره ، ويتبع بالباقي.
ولا المحجور عليه ، فلا يقبل إقرار المريض مع التهمة ، ويقبل من الثلث ، ويصحّ لا معها ، ومع برئه أو تصديق الوارث والإقرار للوارث كغيره.
ولو أقرّ بعين ما له لواحد وبدين لآخر ، قدّم الأوّل (1) وإن تأخّر.
ويقبل إقرار السّفيه في غير المال ، كالطلاق ، والقصاص ، والقطع في السرقة ، لا في المال ، ولا يلزمه بعد زوال حجره.
ولا إقرار المفلس في المال على تفصيل سبق ، ويقبل في غير المال مطلقا.
ص: 168
ولا يعتبر الإسلام والعدالة ، فيصحّ إقرار الكافر والفاسق والأعمى والأخرس إذا فهمت إشارته.
[ الركن ] الثالث : فى المقرّ له ، ويشترط فيه أمور :
الأوّل : أهليّة التملك ، فلو أقرّ للملك (1) أو الجدار بطل ، وكذا للدابّة ، ولو قال : بسببها ، فالأقرب وجوب الاستفسار ، فإن فسّره بالجناية على شخص قبل فإن عيّن ، وإلّا طولب بالتعيين.
ولو قال : لمالكها عليّ بسببها كذا صحّ قطعا ، ولو قال : بسبب حملها لم يصحّ.
ولو أقرّ لحمل وعزاه إلى سبب صحيح كالميراث والوصيّة صحّ وإن عزاه إلى ممتنع كالمعاملة بطل ، ولو أطلق ألزم البيان ، فإن عزاه إلى الممكن صحّ وإلّا بطل.
ولو تعدّد [ الحمل ] فإن كان وصيّة اقتسماه بالسوية إلّا مع التفضيل ، وإن كان إرثا فعلى كتاب اللّه.
وإنّما يستحقّ إذا جاء حيّا لدون ستّة أشهر (2) من وقت الإقرار ، وإن تجاوز أقصى مدّة الحمل بطل ، ولو جاء بينهما فإن خلت من زوج أو مولى استحقّ وإلّا فلا.
ولو ولدت أحدهما ميّتا فهو للآخر.
ص: 169
ولو سقط ميّتا فإن أسنده إلى الإرث رجع إلى باقي الورثة ، وإن أسنده إلى الوصيّة رجع إلى الموصى أو إلى ورثته ، وإن أطلق استفسر ، فإن تعذّر بطل.
ولو أقرّ لعبد كان لمولاه ، ولو أقرّ لميّت وأطلق فهو لوارثه ، وكذا لو ذكر سببا ممكنا كالمعاملة والجناية عليه قبل الموت ، وإن ذكر سببا محالا بطل.
ولو أقرّ لمشهد أو لمصلحة فإن كان السبب صحيحا كالوصية والوقف صحّ ، وإن كان فاسدا وأطلق بطل.
الثاني : تعيينه ، فلو أقرّ بعين لأحد هذين ألزم البيان ، فإن عيّن قبل ، فإن ادّعاها الآخر كانا خصيمين ، (1) ولو ادّعى عليه العلم أحلفه ، ولو أقرّ بها للآخر ، فإن صدّقه الأوّل دفعت إليه ، وإن كذّبه أغرم للثاني ، وللمقرّ إحلاف الأوّل وكذا الثاني.
ولو مات قبل التعيين أقرع ، ولو قال : لا أعلم كانا خصيمين. (2)
ولو (3) ادّعى أحدهما أو هما علمه فالقول قوله مع اليمين.
الثالث : عدم تكذيبه ، فإن كذّبه المقرّ له لم يسلّم إليه ، وترك في يد المقرّ أو الحاكم ، فإن رجع المقرّ لم يقبل ، وإن رجع المقرّ له قبل.
ص: 170
ولو أقرّ له بعبد فأنكر ، لم يعتق ، وبقي على الرقيّة المجهولة [ المالك ].
[ الركن ] الرابع : في المقرّ به ، وهو نوعان :
ويشترط فيه أمور :
الأوّل : كونه ممّا يملك ، فلو أقرّ بكلب الهراش ، أو فضلة إنسان ، أو جلد ميتة ، أو بخرء لم يصحّ ، ولو أقرّ بخمر أو خنزير لكافر صحّ ، ويضمن المثل إن كان المقرّ ذميّا وإلّا القيمة.
الثاني : كونه تحت يد المقرّ أو في تصرّفه ، فلو قال : الدار الّتي في يدي أو في تصرّفي لزيد صحّ ، وكذا [ لو قال : ] له في ميراث أبي أو من ميراث أبي مائة ، وكان دينا على التركة.
ولو أقرّ بما في يد غيره لم يصحّ ويكون شهادة.
الثالث : كونه غير مملوك للمقرّ ، فلو قال : داري أو عبدي أو ثوبي لفلان لم يصحّ ، وكذا لو قال : لزيد في ميراثي من أبي أو من ميراثي من أبي (1) أو من داري كذا ، أو ألف من مالي.
ولو قال : في هذه المسائل : بحقّ واجب أو بسبب صحيح وما جرى مجراه صحّ.
ص: 171
لو شهد شاهد بإقراره بالدار وأنّها ملكه إلى حين إقراره لم يقبل.
الرابع : نفوذ الإقرار فيه ، فلو أقرّ الموقوف عليه بالوقف لم يصحّ ، ولو أقرّ بالمرهون لم ينفذ في حقّ المرتهن إلّا أن يصدّقه ، ثمّ إنّ فك نفذ الإقرار ، وإن بيع أغرم للمقرّ له بدله.
ويصحّ الإقرار بالدّين إذا لم ينسبه إليه ، فلو قال : الدّين الّذي لي على فلان لزيد لم يصحّ ، ولو قال : الدين المكتوب باسمي على زيد لفلان صحّ.
ولو أقرّت المرأة بصداقها ، فإن أطلقت أو ذكرت سببا ممكنا كالصلح والحوالة صحّ وإلّا ، فلا.
الخامس : إذا عيّن المقرّ وزنا أو كيلا أو نقدا انصرف إليه ، وإن أطلق انصرف إلى الغالب في بلد الإقرار ، فإن تعدّد فسّر ، ولا يلزم المقرّ إلّا المتيقّن ، فإذا أقرّ بشي ء حمل على حقيقته ، فإن تعذّرت (1) فعلى مجازه ، وكذا مع القرينة ، وإذا احتمل القلّة والكثرة حمل على القليل.
ولو قال : له عليّ درهم ودرهم لزمه اثنان ، وكذا لو عطف بثمّ والفاء.
ولو قال : مع درهم ، أو فوق درهم ، أو تحت درهم ، أو معه درهم ، أو فوقه أو تحته لزمه واحد ، وكذا لو قال : قبل درهم أو بعد درهم أو قبله درهم أو بعده درهم ، لاحتماله غير الإقرار.
ص: 172
ولو قال : درهم درهم درهم لزمه واحد.
ولو (1) قال : درهم ودرهم ودرهم لزمه ثلاثة ، فإن قال : أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل ، ولو قال : أردت تأكيد الأوّل لم يقبل ، لعدم المساواة ، ولو اختلف حرف العطف لم يقبل دعوى التأكيد.
ولو قال : درهم في عشرة ولم يرد الحساب لزمه واحد ، ولو أراده لزمه عشرة.
ولو قال : ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية ، وكذا من درهم إلى عشرة على الأقوى.
ولو قال : له عندي زيت في جرّة ، أو كيس في صندوق ، أو سيف في غمد ، أو فصّ في خاتم لم يدخل الظرف ، وكذا غصبت منه ثوبا في منديل ، أو طعاما في سفينة ، أو قماشا في عيبة.
ولو أقرّ بالظرف لم يدخل المظروف.
ولو قال : له عندي خاتم ، أو ثوب ، أو جارية ، وجاء بخاتم فيه فصّ ، وبثوب عليه طراز ، وبجارية حامل جاز استثناء الفصّ والطراز والحمل.
ولو قال : عبد عليه عمامة ، أو دابّة عليها سرج ، ففي جواز استثناء العمامة والسرج توقّف.
ولو قال : عبد بعمامته ، أو دابّة بسرجها لم يجز الاستثناء.
ص: 173
وهو أقسام :
الأوّل : الشي ء ، ويجب تفسيره بما يثبت في الذّمة ، فلو فسّر بكلب صيد أو بحدّ ، أو حقّ شفعة ، أو قصاص قبل ، ولو فسّره بخمر أو خنزير أو سرجين نجس ، أو جلد ميتة ، أو كلب عقور ، أو ردّ السلام ، أو عيادة ، أو تعزية ، لم يقبل ، وكذا لو فسّره بحبّة حنطة على قول. (1)
ويحبس على التفسير لو امتنع منه.
ولو قال : غصبته شيئا ، وفسّره بالممنوع منه أو بنفسه لم يقبل.
الثاني : المال ، ويلزمه بيانه بما يتموّل وإن قلّ ، لا بغيره كالميتة ، والخنزير ، والخمر ، والحشرات ، وكلب الهراش ، وشبه ذلك ، ولو قال : مال جليل ، أو عظيم ، أو نفيس ، أو خطير ، قبل تفسيره بما قلّ وإن قال : عظيم جدّا.
ولو قال : أكثر من مال فلان لزمه بقدره وزيادة ، ويرجع في قدرها إليه ، ولو ادّعى ظنّ القلّة ألزم بما ظنّه ، وحلف ، ولو قال : أردت بالأكثريّة البقاء أو النفع ، أي الدّين أكثر بقاء من العين ، والحلال أنفع من الحرام ، لم يقبل.
ولو قال : لك عليّ أكثر من ألف درهم لزمه الألف ، وفسّر الزيادة بما شاء.
ولو قال : مال كثير ، لزم ثمانون درهما على الأقوى ، لأنّه عرف الشرع.
ص: 174
الثالث : إبهام العدد ،فلو قال : له عليّ كذا ألزم التفسير ، وكذا لو قال : كذا كذا ، أو قال : كذا وكذا.
ولو ميّز أحد الصور بدرهم مثلا ، لزمه الدرهم حسب ، سواء رفعه أو نصبه أو جرّه.
ولو علم أنّه قصد استعمال النحاة (1) لزمه في الأولى مع الرفع درهم ، ومع النصب عشرون ، (2) ومع الجرّ مائة (3) ويحتمل بعض درهم ، وفي الثانية مع الرفع درهم ، ومع النصب أحد عشر (4) ومع الجرّ ثلاثمائة ، وفي الثالثة مع الرفع درهم ، ومع النصب أحد وعشرون ، ومع الجرّ ألف ومائة.
ولو بيّن العدد وأبهم جنس التمييز ، مثل : ثلاثة آلاف ، ألزم تفسير الجنس بما يملك ، ولزمه العدد.
ولو أبهم جنس العدد وعطف عليه معيّنا مثل : له ألف ودرهم ، لزمه الدرهم وتفسير الألف ، وكذا لو عكس مثل : له درهم وألف.
ص: 175
ولو عطف على المبهم مبهما مثل : له ألف ومائة ، لزمه تفسيرهما.
ولو ميّز الأخير رجع إلى الجميع مثل : له ألف ومائة درهم ، أو ألف ومائة وخمسون درهما.
الرابع : الإبهام في الجمع ، فيحمل على أقلّه وهو ثلاثة وإن كان جمع كثرة ، معرفة كان أو نكرة ، فلو قال : له دراهم ، وفسّرها بدرهم لم يقبل ، وكذا بدرهمين على الأقوى.
الخامس : الإبهام في الأعيان ، فلو قال : لك في هذه الدار مائة ، طولب بالبيان ، فلو أنكر المقرّ له صدّق المقرّ مع اليمين ، ولو قال : لك أحد هذين ، طولب بالتّعيين ، فإن أنكر المقرّ له حلف المقرّ ، وانتزعه الحاكم ، أو أقرّه في يده ، فلو عاد المقرّ له إلى تصديقه قبل.
ولو قال : لك عليّ دينار أو درهم ، ألزم البيان ويقبل قوله فيه.
ولو قال : لك إمّا درهم أو درهمان ، ثبت درهم ، وقبل قوله في إنكار الآخر.
ولو قال : له ألف أو مائة ، أو عكس ، طولب بالتعيين.
ولو قال : أنت شريكي في هذه الدار ، قبل تفسيره بدون النّصف.
ولو أقرّ بشي ء في مكانين أو زمانين ، أو بلغتين ، أو شهد عليه بذلك في تاريخين ، فإن اختلف السبب تعدّد وإلّا فلا ، ولو أطلق في أحدهما وقيّد في الآخر ، حمل المطلق على المقيّد ، وكذا حكم التمييز.
ولو أقرّ بشي ء ووصفه ، ثمّ أقرّ بمثله وأطلق ، فالإقرار بواحد ، ولو وصف كلّ واحد بصفة ، فإن أمكن الجمع فواحد ، مثل : له عليّ درهم بغداديّ ثمّ
ص: 176
يقول : عراقيّ ، وإن لم يمكن تعدّد ، مثل : له درهم عراقيّ ، له درهم شاميّ.
ويدخل الأقلّ تحت الأكثر ، فلو أقرّ بعشرة ثمّ بخمسة لزمه عشرة إلّا أن يختلف المسبّب.
السادس : إبهام العدد المعلوم بطريق الحساب ، فلو قال : لزيد مائة ونصف ما لعمرو ، ولعمرو مائة ونصف ما لزيد ، فلكل واحد مائتان ، لأنّ لزيد شيئا فلعمرو مائة ونصف شي ء ، فلزيد مائة وخمسون وربع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط الربع بمثله يبقى ثلاثة أرباع شي ء يعدل مائة وخمسين ، فالشي ء مائتان.
ولو أبدل النصف بالثلث فلكلّ واحد مائة وخمسون ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو مائة وثلث شي ء ، فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شي ء يعدل شيئا ، فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ومقابله يبقى ثمانية أتساع شي ء يعدل مائة وثلاثمائة ، فالشي ء مائة وخمسون.
ولو قال لزيد عشرة ونصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة ونصف ما لزيد ، فلكلّ واحد عشرون ، لأنّ لزيد شيئا ولعمرو عشرة ونصف شي ء ، فلزيد خمسة عشر وربع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط الربع بمثله يبقى ثلاثة أرباع شي ء يعدل خمسة عشرة ، فالشي ء عشرون.
ولو أبدل النّصف بالثلث فلكلّ واحد خمسة عشر ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة وثلث شي ء ، فلزيد ثلاثة عشر وثلث وتسع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ، ومقابله يبقى ثمانية أتساع شي ء يعدل ثلاثة عشر وثلثا ، فالشي ء خمسة عشر.
ص: 177
وفيه فصلان.
وهو الاستثناء وفيه مباحث :
وهي « إلّا » و « غير » و « سِوى » و « سُوى » و « سَواء » (1) و « ليس » و « لا يكون » و « ما خلا » و « ما عدا » و « خلا » و « عدا » و « حاشا ».
الأوّل : الاتّصال العادي وإلّا لما ثبت إيقاع ، فلو أخّره بما لم تجر به العادة بطل.
الثاني : عدم الاستغراق ، فلا يجوز استثناء المساوي والأكثر ، فلو قال : له عليّ عشرة إلّا عشرة لزمه عشرة ، ولو قال : إلّا خمسة ، لزمه خمسة ، ولو قال
ص: 178
إلّا تسعة لزمه واحد ، ولو قال : له ثلاثة إلّا درهما ودرهما ودرهما بطل الأخير ولزمه درهم ، ولو قال : إلّا درهمين ودرهما لزمه درهم ، ولو عكس لزمه درهمان.
الأولى : الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفى إثبات فلو قال : له عشرة إلّا درهما بالنصب ، لزمه تسعة ، ولو رفع فعشرة ، ولو نصب عقيب النفي فلا شي ء ، ولو رفع فواحد.
فلو قال : له عشرة إلّا تسعة إلّا ثمانية وهكذا إلى الواحد ، لزمه خمسة ، (1) وضابطه جمع الجمل المثبتة والمنفية وإسقاط المنفي من المثبت ، فالباقي هو المقرّ به.
الثانية : الاستثناء من الجنس حقيقة ومن غيره مجاز ، وهو « جائز » فإذا أطلق حمل على الأوّل ، فلو قال : له ألف إلّا درهما فالجميع دراهم ، ولو قال : أردت المنفصل قبل وطولب بالتفسير ، فإن أبقى شيئا بعد الدرهم صحّ ، وإلّا بطل التفسير ، وكلّف بغيره ، وقيل : ببطلان الاستثناء. (2)
ولو قال : له ألف درهم إلّا ثوبا ، فالأقوى الصحّة فيفسّر قيمة الثوب ، فإن
ص: 179
أبقى شيئا صحّ ، وإن استوعب بطل التفسير ، وطولب بغيره ، وقيل : يبطل الاستثناء ويلزمه الألف. (1)
ولو قال : له عليّ ألف إلّا ثوبا ، أو ألف إلّا شيئا ، ألزم تفسيرهما.
الأولى : إذا تكرّر الاستثناء بحرف العطف رجع الجميع إلى المستثنى منه ، وإن كان بغير عطف فإن نقص الثاني عن الأوّل رجع إليه ، وإن كان أكثر أو مساويا فكالأوّل ، فلو قال : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا اثنين ، لزمه خمسة ، ولو قال : إلّا ثلاثة إلّا اثنين لزمه تسعة.
ولو قال : إلّا عشرة إلّا ثلاثة وإلّا اثنين ، لزمه خمسة ، ولو قال : له ثلاثة إلّا اثنين لزمه تسعة ، ولو قال : له عشرة إلّا تسعة وإلّا ثمانية بطل ، ولو لم يعطف لزمه تسعة.
ولو قال : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا أربعة لزمه ثلاثة ، وكذا لو لم يعطف.
ولو قال : له ثلاثة إلّا ثلاثة إلّا درهمين بطل الأوّل وصحّ الثاني ، فيلزمه درهم ، ويحتمل الصحّة ، لأنّ ثلاثة إلّا درهمين واحد فيستثنى من الإقرار ، فيلزمه درهمان.
الثانية : إذا تعقّب الجمل ، رجع إلى الأخيرة إلّا مع القرينة ، وقيل : إلى
ص: 180
الجميع (1) فلو قال : له درهمان ودرهمان إلّا درهمين ، لزمه أربعة ، وعلى الثاني اثنان.
ولو قال له درهمان ودرهم إلّا درهما ، لزمه ثلاثة ، وعلى الثاني درهمان.
ولو قال : درهم ودرهم إلّا درهما ، لزمه درهمان ، وعلى الثاني درهم.
الثالثة : يجوز الاستثناء من الأعيان مثل : له هذه الدار إلّا هذا البيت ، أو هذا الخاتم إلّا فصّه ، ومثله لو قال : له هذه الدار والبيت لي ، وله الخاتم والفصّ لي ، لأنّه إخبار لا إنكار ، والكلام لا يتمّ إلّا بآخره.
ولو قال : له هؤلاء العبيد إلّا هذا العبد صحّ ، وخرج من الإقرار ، ولو قال :
ص: 181
إلّا واحدا ، فإليه التعيين ، ولو ماتوا إلّا واحدا فعيّنه قبل.
ولو ادّعى المقرّ له أنّه غيره قدّم قول المقرّ مع يمينه.
الرابعة : قد يكون الاستثناء مجهولا ، ويعرف بغير قول المقرّ ، مثل : له مائة إلّا قدر مال زيد ، وكذا المسائل الحسابيّة ، فلو قال : لزيد عشرة إلّا نصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا نصف ما لزيد ، فلكلّ منهما ستّة وثلثان ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة إلّا نصف شي ء ، فلزيد خمسة وربع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط ربع شي ء بمقابله تبقى ثلاثة أرباع شي ء يعدل خمسة ، فالشي ء ستّة وثلثان.
ولو قال : لزيد عشرة إلّا ثلث ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث ما لزيد ، فلكلّ واحد سبعة ونصف ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث شي ء ، فلزيد ستّة وثلثان وتسع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ومقابله تبقى ستّة وثلثان تعدل ثمانية أتساع شي ء ، فالشي ء سبعة ونصف.
ولو قال : لزيد عشرة إلّا نصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث ما لزيد ، فيقول : لزيد شي ء ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث شي ء ، فلزيد خمسة وسدس شي ء يعدل شيئا ، فأسقط السدس ومقابله تبقى خمسة أسداس شي ء تعدل خمسة ، فالشي ء ستّة هي لزيد ، ويقول : لعمرو شي ء فلزيد عشرة إلّا نصف شي ء ، فلعمرو ستّة وثلثان وسدس شي ء يعدل شيئا ، فأسقط السدس ومقابله تبقى ستّة وثلثان تعدل خمسة أسداس شي ء ، فالشي ء ثمانية هي لعمرو.
ص: 182
الوصف كالاستثناء إذا اتّصل ، فلو قال : له عليّ درهم ناقص أز زيّف قبل تفسيره ، ولا يقبل في الزّيف الفلوس ، وأمّا البدل فإن لم يرفع مقتضى الإقرار كبدل الكلّ قبل ، وإلّا فلا ، مثل : لك هذه الدار ثلثها.
وهو غير الاستثناء وشبهه ، وفيه مسائل :
الأولى : إذا أقرّ بشي ء وعطف عليه ببل ، فإن عيّنهما لزمه الجميع ، مثل : له هذا الدّرهم بل هذا ، ولو أطلقهما فإن اختلفا فكذلك ، مثل : له دينار بل درهم ، وبالعكس ، وإن اتّفقا وتساويا لزمه واحد ، مثل : له درهم بل درهم ، وإن تفاوتا لزمه الأكثر ، مثل : له درهم بل درهمان ، وبالعكس ، وإن أطلق أحدهما وعيّن الآخر لزمه المعيّن ، مثل : له هذا الدّرهم بل درهم ، وبالعكس.
ولو عطف ب- « لا » لزمه ما قبلها ، ولو عطف ب- « لكن » لزمه ما بعدها ، لأنّ ما بعد « لا » وما قبل « لكن » منفيّ.
الثانية : لو قال : له عليّ مائة من ثمن خمر أو خنزير أو ثمن مبيع لم أقبضه ، أو تلف قبل قبضه ، أو من ضمان بخيار ، لم تقبل الضمائم وإن وصلها ولو قال : ابتعت بخيار ، أو كفلت به ، أو له ألف لا يلزمني ، لم يقبل المسقط.
ص: 183
الثالثة : لو (1) قال : له ألف وأبرأني منها ، أو قضيتها ، أو قضيت نصفها ، لم يقبل إلّا ببيّنة.
ولو قال : لي عليك ألف ، فقال : قضيتك منها خمسين ، لزمه الألف على توقّف.
ولو قال : أقرضتنى مائة أو أودعتني فلم أقبضه ، لم يقبل.
ولو قال : قبضت منه كذا من ديني فأنكر المقبوض منه السبب قدّم قوله مع اليمين.
الرابعة : لو قال : له عليّ كذا مؤجّلا ، قبل التأجيل مع الاتّصال على توقّف ، ولو انفصل لم يقبل قطعا ، ولو قال : مؤجّلا (2) من جهة [ تحمّل ] العقل ، قبل قولا واحدا ، ولو قال : من جهة القرض لم يقبل قولا واحدا.
الخامسة : لو أقرّ بالبيع وقبض الثمن ، ثمّ ادّعى المواطاة ، سمعت دعواه ، ويحلف المشتري ، أمّا لو شهدت البيّنة بمشاهدة القبض لم تسمع ، ولا يجب اليمين.
السادسة : لو قال له : عندي ألف وديعة ، قبل منه دعوى التلف والردّ.
ولو قال : له عليّ ألف وديعة ألزم بها ولم يقبل التفسير.
ولو قال : لك عليّ ألف ، وأحضرها ثمّ قال : هذه الّتي أقررت بها وكانت وديعة ، فإن صدّقه المقرّ له فلا كلام ، وإلّا قدّم قوله مع اليمين ، وطالبة بالّتي أقرّ بها ، وكذا لو قال : لك في ذمّتي ألف ، وجاء بألف ، وقال :
ص: 184
الّتي أقررت بها كانت وديعة وهذه بدلها ، ويحتمل تقديم قول المقرّ فيهما.
والفرق بين المسألتين بقاء المقرّ به في الأولى وعدمه في الثانية.
ولو قال : لك في ذمّتي ألف ، وهذه الّتي أقررت بها كانت وديعة لم يقبل قطعا ، وتخالف الأولتين ، لأنّه لم يخبر فيهما أنّ المدفوع هو المقرّ به ، بل أخبر بسبب ثبوته في ذمّته ، وفي هذه أخبر بأنّ المدفوع هو المقرّ به ، فلا يقبل منه أنّه وديعة ، لأنّ ما في الذمّة لا يكون وديعة.
ولو قال : له عليّ ألف ، ثمّ دفع ألفا وقال : كانت وديعة ، وكنت أظنّها (1) انّها باقية فبانت تالفة ، لم يقبل ، لأنّه مكذّب لإقراره ، أمّا لو ادّعى تلفها بعد الإقرار قبل.
السابعة : لو قال : له عندي مائة وديعة دينا أو مضاربة دينا صحّ ويضمن ، لجواز أن يتعدّى فيهما ، ولو فسّره بشرط الضمان لم يقبل. (2)
ص: 185
ولو كان بيده شي ء على ظاهر التملك فقال : هذا لزيد بل لعمرو حكم به لزيد وأغرم قيمته لعمرو ، وكذا غصبته من فلان بل من فلان ، أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو ، أو أودعنيه زيد بل عمرو.
ولو قال : هو لزيد بل لعمرو بل لخالد قضى به للأوّل وغرم لكلّ واحد قيمته ، ولو قال : بل لعمرو وخالد ضمن لهما قيمته (1).
ولو قال : لزيد وعمرو بل لخالد ، حكم به لزيد وعمرو وغرم لخالد قيمته.
ولو قال : بل ولخالد غرم له الثلث ، ولو قال : لزيد بل ولعمرو غرم للثاني النّصف ، ولا يغرم مع تصديق الأوّل في ذلك كلّه.
ولو قال : لزيد وعمرو فهو بينهما نصفان.
ولو قال : هذا لزيد وغصبته من عمرو ، حكم به للأوّل ولا يغرم للثاني ، ويغرم لو قال : غصبته من زيد وهو لعمرو ، وفيهما توقّف.
ص: 186
وفيه بحثان :
وشروطه ثمانية.
الأوّل : بلوغ المقر وعقله ، فلا يقبل إقرار الصبيّ والمجنون.
الثاني : أن لا يكذّبه الشرع ، فلا يصحّ الإقرار بمن انتفى عنه شرعا كولد الزّنا.
الثالث : أن لا يكذّبه الحسّ ، فلو أقرّ ببنوّة من هو أكبر منه ، أو في سنّه ، أو أصغر بما لم تجر العادة بأن يلده مثله ، بطل ، وكذا لو كان بينه وبين أمّه مسافة لا يمكن الوصول إليها في مثل عمره.
الرابع : جهل نسبه ، فلو أقرّ بمعلوم النّسب لم يقبل.
ص: 187
الخامس : عدم المنازع ، فلو نازعه منازع لم يلحق بأحدهما إلّا بالبيّنة أو القرعة.
السادس : تصديق الكبير العاقل ، فلو كذّبه لم يثبت ، ولا يعتبر تصديق الصغير والمجنون ، ولا يقبل إنكارهما بعد الكمال.
ولا يشترط حياة المقرّ به ، فلو أقرّ ببنوّة ميّت لحق وإن كان كبيرا ، وسقط اعتبار تصديقه.
السابع : كونه ولد الصلب ، فلو أقرّ بولد الولد اعتبر تصديقه.
الثامن : كون المقرّ أبا ، فلو أقرّت الأمّ اعتبر التصديق ، لإمكان إقامة البيّنة على ولادته ، ولا يلزم من الإقرار بالولد زوجيّة أمّه وإن كانت حرّة ، لاحتمال أنّه من شبهة أو نكاح فاسد.
ولو أقرّ بولد أمته الأيّم لحق به.
ولو أقرّ بولد إحدى أمتيه وعيّنه ، فادّعت الأخرى أنّ المقرّ به ولدها ، قدّم قوله مع اليمين.
ولو مات قبل التعيين عيّن الوارث ، فإن امتنع أو تعذّر أقرع ، وكذا لو اشتبه المعيّن.
ويحكم باستيلاد أمّ من أخرجته القرعة.
ص: 188
ويشترط مع ذلك التّصديق ، فلو أقرّ بنسب ولا وارث له ، وصدّقه المقرّ به ، توارثا بينهما ، ولا يتعدّى التوارث إلى من يتجدّد لهما من الورثة ، كالإخوة ، ولو تجدّد لهما أولاد قال الشيخ : يتعدّى (1) وليس ببعيد.
ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل إقراره في النسب ، ويثبت الإرث بظاهر الإقرار.
الأوّل : لو أقرّ أحد الولدين بثالث ولا وارث سواهما لم يثبت نسبه في حقّ أحدهما ، وأخذ من المقرّ ثلث ما في يده.
ولو أقرّ بأخت أخذت خمس ما في يده ، ولو أقرّا معا فإن كانا عدلين يثبت النسب والميراث ، ولا يثبت الميراث خاصّة ، وأخذ من حصّتهما بالنسبة ، ولو أنكر الثالث أحدهما لم يقبل وكانت التركة أثلاثا.
الثاني : لو أقرّ الولد بآخر شارك ولم يثبت نسبه ، ولو أقرّا بثالث وكانا عدلين ، ثبت نسبه وميراثه ، وإلّا الميراث ، ولو أنكر الثالث الأوّل لم يقبل إلّا أن
ص: 189
يكون غير معلوم النّسب ، كما لو أقرّ به وارث ظاهر ، فيأخذ الأوّل السدس إن صدّقه الثاني ، وإلّا فلا شي ء له ، والثاني الثلث ، والثالث النّصف ، ولو أنكر الثاني لم يثبت نسبه ، ويأخذ الأوّل الثلث ، والثاني السدس ، والثالث النّصف.
ولو أقرّ بالثالث أحدهما أخذ فاضل نصيبه.
الثالث : لو أقرّ أخوان بابن [ للميّت ] وكانا عدلين ، ثبت النسب والميراث ، ولا دور ، إذ المؤثّر الشهادة لا الإقرار (1) وإن كانا فاسقين ثبت الميراث خاصّة.
الرابع : لو أقرّ الوارث باثنين أولى منه دفعة فصدّقه كلّ واحد عن نفسه ، ثبت الميراث دون النسب ودفع إليهما ما في يده ، ولا عبرة بتناكرهما ، ولو تصادقا ثبت الإرث والنسب مع العدالة ، وإلّا ثبت الإرث.
ولو أقرّ بأولى منهما فإن صدّقاه دفعا إليه ما في يدهما ، وإلّا دفع إليه المقرّ مثل ما دفع إليهما ، وإن صدّقه أحدهما دفع إليه ما في يده وأكمل له المقرّ.
الخامس : لو أقرّت الزوجة مع الإخوة بولد فلها الثمن ، ثمّ إن صدّقوها فالباقي للولد ، وإلّا كان له الثمن الآخر ، والباقي لهم.
السادس : لو أقرّ الولد بزوج أعطاه ربع ما في يده ، وغير الولد يعطيه النّصف ، ولو أقرّ بزوج آخر لم يقبل ، ولو أكذب إقراره الأوّل غرم للثاني مثل الأوّل.
ص: 190
ولو أقرّ الولد بزوجة أعطاها الثمن ، فإن أقرّ بأخرى فإن صدّقته الأولى تقاسما ، وإلّا غرم لها مثل نصفه.
ولو أقرّ بثالثة أو برابعة اقتسمن مع التصديق ، وإلّا ضمن لهنّ.
ولو أقرّ بخامسة لم يقبل ، ولو أنكر إحدى الأربع ، غرم لها مثل نصيب إحداهنّ.
ولو أقرّ بالأربع دفعة تساوين في نصيب الزوجيّة وإن تناكرن.
الأولى : كلّ وارث في الظاهر أقرّ بمساو له دفع إليه ممّا في يده بنسبة نصيبه ، ولو أقرّ بأولى دفع إليه ما في يده ، ولو أقرّ بأولى منهما فإن صدّقه الثاني دفع إليه ما في يده ، وإلّا حلّفه وأغرم له مثل التركة.
ولو أقرّ بمساو ولم يصدّقه الأوّل ، غرم للثاني مثل النصف.
الثانية : لا يثبت النّسب إلّا بشهادة عدلين ، ولا يقبل الفاسق وإن كان وارثا ، ولا رجل وامرأتان ، ولا رجل ويمين.
ص: 191
ص: 192
ص: 193
ص: 194
وفيه فضل كثير ، وهو إزالة الرقّ ويختصّ الرّقّ بالحربي مطلقا ، وبالذّمي إذا أخلّ بشرائط الذّمّة ، ثمّ يسري الرقّ في أعقابهم وإن أسلموا.
ويحكم برقّ من أقرّ على نفسه بالرقيّة ، مع بلوغه ، وعقله ، وجهل حريته ، ثمّ لا يقبل إنكاره.
ولو كان معلوم الحرّيّة ، أو ادّعاها قبل ذلك ، لم يقبل إقراره.
والملتقط في دار الحرب رقّ إذا لم يكن فيها مسلم.
ويستوي سبي المؤمن والمخالف.
ويزول الرّقّ بالعتق ، والسراية ، والملك ، والعوارض ، والتدبير ، والكتابة (1).
فهنا فصول :
ص: 195
وفيه مطلبان :
وهي ثلاثة :
والصريح : التحرير والعتق على الأقوى ، ولا عبرة بغيرهما وإن قصد به العتق ، مثل : فككت رقبتك ، أو أنت سائبة ، أو لا سبيل عليك.
وصورة الإنشاء : أنت حرّ ، أو معتق ، أو عتيق ، أو أعتقتك ، ولو قيل له : أعتقت عبدك ، فقال : نعم ، وقصد الإنشاء وقع على توقّف.
ولا يقع بقوله : يا حرّ ، أو يا معتق وإن قصد الإنشاء.
ولو كان اسمها حرّة فقال : أنت حرّة ، فإن قصد الإنشاء وقع ، وإن قصد الإخبار لم يقع ، ويرجع إليه في القصد ، ولو تعذّر استعلامه لم يحكم بعتقه.
ص: 196
ولو قال : أردت بقولي : « أنت حرّ » كريم الأصل ، و « أنت حرّة » عفيفة صدّق ، ولا يحلف إلّا بأن يدّعي العبد قصد العتق.
ويشترط التلفظ بالعربيّة ، فلا تكفي الإشارة ، ولا الكتابة مع القدرة على النطق ، ولا بغير العربيّة مع القدرة عليها.
والتنجيز فلو علّقه بشرط أو بصفة لم يقع وإن حصلا ، وكذا أنت حرّ متى شئت.
والتصريح بما يدلّ على الذات مثل : أنت أو هذا أو عبدي أو فلان ، وكذا بدنك أو جسدك ، ولو ذكر الجزء المشاع مثل : نصفك أو ثلثك وقع وسرى إلى الجميع.
ولو ذكر المعيّن مثل : يدك أو رجلك لم يقع ، وكذا وجهك ، وفي عينك ونفسك توقّف.
ولا يصحّ جعله يمينا مثل : أنت حرّ إن فعلت كذا.
ويشترط فيه البلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، وجواز التصرف ، ونيّة التقرّب ، والملك ، فلا يقع من الصّبيّ وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون ، والمغمى عليه ، والناسي ، والنائم ، والسكران.
ولا من المكره ، والمفلّس ، والمريض إذا استغرق دينه التركة ، أو زاد عن الثلث إلّا مع الإجازة.
ص: 197
ولا من غير المتقرّب إلى اللّه تعالى ، وفي الكافر قولان.
ولا من غير المالك وإن أجاز ، أو علّقه على الملك ، مثل : إن ملكتك فأنت حرّ.
ولو نذر عتقه إن ملكه افتقر إلى صيغة العتق بعد التملك.
ويشترط تمام الملك ، فلا ينفذ عتق الموقوف عليه ، ولا الرّاهن.
ولو قوّم مملوك ولده الصغير صحّ عتقه ، ولو أعتقه قبل التقويم ، أو قوّم مملوك الكبير لم يصحّ.
ويشترط فيه الإسلام ، فلا يصحّ عتق الكافر والناصب ، ويصحّ عتق المخالف وولد الزّنا والجاني خطأ ، وكذا في العمد ، ثمّ إن رضي المجنيّ عليه بالمال نفذ ، وإلّا بطل.
ويشترط التعيين لفظا أو نيّة ، وقيل : لا يشترط. (1) فلو قال : أحد عبيدي حرّ ، عيّن من شاء ، ثمّ لم يجز العدول ، فلو عدل لم يعتق الثاني ، ولو ادّعى أحدهم أنّه المراد قدّم قول المالك مع يمينه.
ولو مات قبل التعيين أقرع ، ولو ادّعى الوارث العلم رجع إليه ، فلو عيّن ثمّ ادّعاه غيره ، قدّم قول الوارث مع اليمين ، ولو نكل قضي عليه.
ولو عيّن كلّ وارث واحدا عتق نصيبه منه.
ص: 198
وقبل التعيين يجب الإنفاق على الجميع ، ويحرم استخدامهم وبيع أحدهم.
ولو عيّن ثمّ نسيه أرجئ حتّى يذكر ، ولو مات قبل الذكر أقرع.
ولو عيّن ثمّ عدل عتقا.
ويستحبّ عتق المؤمن ، ويتأكّد فيمن مضى عليه سبع سنين.
ويكره عتق المخالف ، ولا بأس بالمستضعف وعتق العاجز ، وتستحبّ إعانته.
وفيه بحثان :
العتق لازم لا يصحّ فيه الرجوع وإن توافقا عليه ، ولو شرطه فسد.
ولو شرط عليه شيئا في نفس العتق ، لزمه الوفاء به ، ولو شرط إعادته في الرّقّ لو خالف قولان. (1)
ولو شرط عليه الخدمة مدّة معيّنة فأبق فيها لم يبطل العتق ، وطالب بالأجرة ، ولو كانت مطلقة طالب بالخدمة ، وكذا حكم الوارث.
ص: 199
ولا يجزئ عن العتق التدبير ، ولا يعتق الحمل بعتق أمّه.
ولو نذر عتق أوّل مملوك يملكه فملك جماعة ، أعتق أحدهم بالقرعة ، وكذا لو قال : أوّل داخل.
ولو قال : أوّل من أملك ، أو أوّل من يدخل ، فملك جماعة أو دخلوا ، أعتقوا كلّهم.
ولو نذر عتق أوّل ما تلده فولدت توأمين دفعة عتقا ، ولو تعاقبا عتق الأوّل ، ولو اشتبه أقرع ، ولو ولدت الأوّل ميّتا بطل النذر.
ولو علّق النذر بآخرهم دخولا ، عتق الدّاخل في آخر عمره.
ولو نذر عتق كلّ عبد قديم ، عتق من له ستّة أشهر فصاعدا ، ولو قصرت مدّة الجميع بطل ، وينسحب في الأمة [ القديمة ] دون الصدقة بماله القديم. (1)
ولو نذر عتق أمته إذا وطئها فأخرجها عن ملكه انحلّ النذر ، ولو ملكها لم يعد.
ولو أعتق بعض مماليكه فقيل له : هل أعتقت مماليكك؟ فقال : نعم ، لم يعتق إلّا من باشر عتقه ، ولا يشترط الكثرة.
ومال العتيق لمولاه وإن علم به.
وإذا أمر غيره بعتق عبده عنه فأعتقه ، وقع عن الآمر ، وينتقل بالأمر بالعتق.
ولو اشترى أمة نسيئة ، ثمّ أعتقها ، وتزوّجها ، وجعل عتقها مهرها ، وأحبلها ، ومات ، ولم يخلّف سواها ، قيل : تردّ على البائع رقّا وحملها كهيئتها. (2)
ص: 200
وعتق المريض المتبرّع من الثلث.
فلو أعتق ثلاث إماء لا يملك سواهنّ استخرجت واحدة بالقرعة ، فإن وجد بها حمل تجدّد بعد الإعتاق فهو حرّ وإلّا فهو رقّ.
ولو أعتق ثلاثة أعبد ليس له غيرهم دفعة استخرج واحد بالقرعة ، ولو رتّب عتق الأوّل إن كان بقدر الثلث ، وإلّا بقدره ، فإن نقص أكمل من الثاني ، ولو اشتبه الأوّل أقرع ، وكذا لو أوصى بعتقهم في الجميع والترتيب.
ولو مات أحدهم قبله أقرع بين الميّت والحيّين ، فإن خرجت الحرّيّة عليه حكم بموته حرّا ، فمئونة التجهيز على وارثه أو في بيت المال ، وإلّا حكم بموته رقّا فالمئونة على الوارث ، ولا يحسب من التركة إلّا أن يقبضه الوارث قبل موته ، ثمّ يقرع بين الحيّين ، فإن كان الخارج ثلثهما عتق ، وإن زاد عتق منه بقدر الثلث ، وإلّا أكمل من الآخر ، وكذا لو دبّرهم ومات أحدهم قبله.
الأوّل : لو ظهر للميّت مال بقدر ضعفهم ، حكم بعتق الحيّين من حين الإعتاق ، فيبطل التصرّف فيهما ، ولهما الكسب ، ولو زوّجهما الوارث بطل ، ولو زوّجا أنفسهما صحّ.
الثاني : لو حكم بعتق الجميع لخروجهم من الثلث ،ثمّ ظهر دين مستغرق بطل العتق إلّا أن يضمن الوارث الدين ، ولو استغرق النّصف ولم يضمن الورثة ولم يجيزوا ، عتق نصفهم ، واستخرج بالقرعة.
ص: 201
إذا أعتق ثلث عبيده ، أو أعتق الجميع وهو مريض وليس له سواهم ، جعلوا ثلاثة أقسام ، ثمّ يكتب أسماء العبيد ، فإن خرج على الحرّيّة كفت الواحدة ، وإلّا أخرج رقعتين ، وإن شاء كتب الحرّيّة في رقعة والرّقيّة في رقعتين ، ثمّ يخرج على أسمائهم فهنا فروض :
الأوّل : تمكن قسمتهم أثلاثا ، والقيمة متّفقة ، كستة قيمة كلّ واحد مائة ، فيقسّم ثلاثة أقسام ثمّ يقرع.
الثاني : تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ويمكن التعديل بالعدد والقيمة ، كستّة قيمة كلّ واحد من اثنين ثلاثمائة ، وقيمة كلّ واحد من اثنين مائتان ، وقيمة كلّ واحد من اثنين مائة ، فيجعل الأوسطين قسما ، وواحدا من الأوّلين مع واحد من الآخرين قسما ، والباقي قسما ، ثمّ يقرع.
الثالث : تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ولا يمكن التعديل بالعدد ، فيعدّلون بالقيمة ، كستّة قيمة واحد مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة ثلاثة مائة ، فيجعل الواحد قسما ، والاثنان قسما ، والثلاثة قسما ، ثمّ يقرع.
الرابع : تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ولا يمكن تعديلهم بالقيمة ، فيعدّلون بالعدد ، كستّة قيمة اثنين ألف ، وقيمة اثنين سبعمائة ، وقيمة اثنين خمس مائة (1) ، فيجعل الأوسطين قسما ، وواحدا من الأوّلين مع واحد من الأخيرين
ص: 202
قسما ، والباقي قسما ، ثمّ يقرع ، فإن خرجت على الّذي قيمته أكثر أقرع بينهما ، فيعتق من وقعت عليه ، ويعتق من الآخر تتمّة الثلث ، وإن خرجت على الأقلّ عتقا وأكمل (1) الثلث من أحد الأربعة بالقرعة.
الخامس : لا تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ولا يمكن التعديل بالعدد ، فيعدّلون بالقيمة ، كسبعة قيمة واحد مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة أربعة مائة ، فيجعل الواحد قسما والاثنين قسما ، والأربعة (2) قسما ، ثمّ يقرع.
السادس : لا تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ولا يمكن التعديل بالعدد ولا بالقيمة ، كخمسة قيمة واحد مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة اثنين ثلاثمائة ، فيحتمل التجزية ، فيجعل الأوّل قسما ، وأحد الخسيسين مع أحد النفيسين قسما ، والباقي قسما ، ثمّ يقرع.
ويحتمل عدم التجزية ، فيكتب خمس رقاع ، ثمّ يخرج القرعة على الحرية حتّى يستوفي الثلث ، فإن زاد استسعى في الباقي ، وإن نقص أقرع حتّى يكمل الثلث.
السّابع : مثل الذي قبله ، والقيمة متّفقة ، كخمسة قيمة كلّ واحد مائة ، فيجعل اثنين قسما واثنين قسما ، وواحدا قسما ، ثمّ يقرع ، فإن خرجت على الواحد عتق ، ثمّ يقرع بين القسمين ، فإذا وقعت على قسم أقرع بين الاثنين ، وأكمل الثلث ممّن تقع عليه القرعة.
ويحتمل قويّا عدم التجزية في الجميع.
ص: 203
من أعتق شقصا من مملوكه عتق عليه كلّه ويشترط (1) الشياع ، فلو أعتق يده لم يصحّ ، ومن عتق نصيبه من المشترك قوّمت عليه حصّة الشريك وعتق جميعه،فهنا بحثان :
وهي ثلاثة :
الأوّل : يسر المعتق ،بأن يملك قيمة حصّة الشريك فاضلا عن قوت يوم وليلة له ولعياله ، وفي بيع مسكنه وخادمه ودابّته توقّف ، فلو كان معسرا عتق نصيبه خاصّة ، ويسعى العبد في فكّ باقيه ، ولو أعسر من البعض قوّم عليه بقدر ما يملك ، ويسعى في الباقي.
ولو عجز أو امتنع [ من السعي ] فله من نفسه بقدر ما عتق ، وللشريك
ص: 204
الباقي ، والكسب بينهما بالنسبة ، وكذا النفقة والفطرة.
ولو هاياه الشريك صحّ وتناولت [ المهاياة ] المعتاد والنادر كاللقطة ، ولا يجبر الممتنع عليها ، ولا عبرة بيسره بعد العتق.
الثاني : المباشرة ، فلو ورث بعض من ينعتق عليه لم يسر ، ولو اتّهبه ، أو اشتراه ، أو قبل الوصية به ، فالأقوى التقويم.
ولو قبل الوليّ هبة بعض أب الطّفل فلا تقويم.
الثالث : أن لا يتعلّق بحصّة الشريك حقّ لازم كالوقف ،بخلاف التدبير ، وفي الرّهن والكتابة والاستيلاد توقّف.
ولا يشترط قصد حصّته ، فلو أعتق الجميع أو النصف (1) انصرف إلى شقصه ، وقوّم عليه الباقي ، ولا قصد الإضرار ، وقيل (2) : إن قصد الإضرار فكّه إن كان موسرا ، وبطل عتقه إن كان معسرا ، وإن قصد القربة عتق نصيبه خاصّة وإن كان موسرا ، وسعى العبد.
ص: 205
إذا حصلت الشرائط عتق بأداء القيمة (1) وقيل : بالإعتاق.
الأوّل : لو أعتق الشريك حصته قبل الأداء صحّ على الأوّل ، وبطل على الثاني.
الثاني : لو مات العبد قبل الأداء مات مبعّضا ، ولا شي ء على المعتق ، وعلى الثاني يموت حرّا وتلزمه القيمة.
الثالث : إذا مات المعتق فإن شرطنا الأداء سقطت القيمة وإلّا أخذت من تركته.
الرابع : لو لم نشترط (2) الأداء ثبتت حرّيته فيورث ، ويجب كمال الحدّ ، وإلّا فهو كالمبعّض.
الخامس : لو تداعى الشريكان العتق حلفا ، واستقرّ الرّقّ بينهما إن شرطنا الأداء ، وإلّا تحرر.
ص: 206
السادس : لو ادّعى شريكه عتق نصيبه ، حلف المنكر ، وبقي نصيبه رقّا ، وعتق نصيب المدّعي مجانّا إن لم نشترط الأداء ، وإلّا بقي رقّا ، ولو نكل أخذت منه القيمة ، ولم يعتق نصيبه.
ولو هرب المعتق انتظر ولو أعسر أنظر.
ولو اعتق اثنان دفعة قوّم عليهما حصّة الثالث بالسوية وإن تفاوتا ، ولو أعسر أحدهما قوّمت على الآخر.
ولو أوصى بعتق بعض مملوكه أو بعتقه (1) وليس سواه لم يقوّم الباقي على الورثة لعدم المباشرة.
ولو أعتقه عند موته عتق من الثلث ولم يقوم عليه ويعتبر قيمة الموصى به بعد الوفاة ، وقيمة المنجّز عند الإعتاق ، وتعتبر قيمة التركة بأقلّ الأمرين من حين الوفاة إلى حين القبض ، لأنّ التالف بعد الوفاة غير معتبر ، والزيادة للوارث ، لأنّها نمت على ملكه.
وحيث يجب السعي فكلّما أدّى شيئا عتق منه بقدره.
ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المباشر إن قلنا يعتق بالإعتاق ، لأنّه غارم ، وإلّا حلف الشريك ، لأنّه متبرّع منه قهرا.
ولو اختلفا في العيب قدّم قول الشريك مع يمينه ، ولو اختلفا في تجدّده قدّم قول المعتق.
ص: 207
إذا ملك الرّجل أصوله أو فروعه أو إحدى (1) المحرّمات عليه بالنسب أو بالرضاع عتق في الحال ، ويعتق على المرأة العمودان خاصّة نسبا أو رضاعا ، ولو ملك البعض قوّم عليه الباقي إن ملكه باختياره موسرا وإلّا فلا.
ولا يجوز للوليّ قبول الوصيّة بقريب الصبيّ مع الضرر كالوصية بالكبير أو المريض.
ولو اشترى اثنان قريب أحدهما صفقة عتق أحدهما وضمن للأجنبيّ قيمة حصّته.
ولو اشترى الزّوج والولد أمّه صفقة وهي حامل بابن ، قوّمت حصّة الزوج من الأمّ على الولد ، وحصّة الولد من الابن على الزوج ، ولو كان الحمل بنتا عتقت عليهما بغير شي ء ، وكذا لو قبلا هبتها دفعة أو الوصيّة بها دفعة وقلنا : إنّ القبول مملّك ، ولو قلنا : إنّه كاشف فإن أوصى لهما معا فكذلك وإن ترتّب القبول.
ص: 208
إذا عمى العبد أو جذم أو أقعد أو مثل به مولاه عتق ، وكذا لو أسلم المملوك في دار الحرب قبل مولاه وخرج قبله.
ولو مات إنسان ولا وارث له إلّا الرّقّ اشتري من التركة وأعتق.
ص: 209
ص: 210
ص: 211
ص: 212
وهو عتق معلّق بموت المولى أو الزوج ، أو بموت من جعلت له الخدمة. والنظر في أمور :
والصريح : أنت حرّ ، أو معتق ، أو محرّر ، أو عتيق بعد وفاتي ، وكذا متى مت أو إذا متّ فأنت حرّ.
ولو قال : فأنت ( حرّ ) (1) مدبر لم يصحّ.
ولا اعتبار باختلاف أدوات الشرط.
وهو إمّا مطلق كما ذكر ، أو مقيّد مثل : إذا متّ في مرضي ، أو سفري ، أو في سنتي ، أو سنة كذا ، أو في بلدي ، أو في بلد كذا ، أو في ليل ، أو في نهار ، فلا يتحرّر بدون القيد.
ويشترط تجريده عن الشرط والصفة ، فلو قال : إن شفي مريضي فأنت حرّ بعد وفاتي ، أو إن هلّ الشّهر لم يصحّ ، وكذا لو علّقه بمشيئة زيد ، أو قال : أنت حرّ بعد وفاتي بسنة.
ص: 213
ولو قال : إن أدّيت إليّ كذا أو إلى ولدي فأنت حرّ بعد وفاتي لم يكن تدبيرا ولا كتابة.
ولو قال الشريكان : إذا متنا فأنت حرّ ، فإن قصدا عتقه بعد موتهما بطل ، وإن قصدا توزيع العتق على الملك صحّ ، وعتق نصيب كلّ واحد بعد موته ، ولا يتوقّف على موت الآخر.
ولو أطلقا صحّ ويصرف قول كلّ واحد إلى نصيبه ولم يكن (1) معلّقا على شرط ، فلو مات أحدهما عتق نصيبه وبقي نصيب الآخر مدبّرا.
وتدبير الأخرس بالإشارة ، وكذا رجوعه ، ولو خرس بعد التدبير صحّ رجوعه بالإشارة.
وهو مستحبّ بأصل الشرع فيصح الرّجوع فيه ، وقد يجب بالنذر ، كقوله :لله عليّ أن أدبّر عبدي. فلا يصحّ الرجوع فيه على الأصحّ ، ولو قال : لله عليّ أن أعتق عبدي بعد وفاتي ، لم يصحّ الرجوع قطعا.
وقد يكره كتدبير الكافر والمخالف ، وجواز الرجوع فيه أولى.
ص: 214
ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد وجواز التصرّف ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون والمغمى عليه والمكره والسكران والنائم والسّاهي ، ولا من المحجور عليه.
ولا تشترط نيّة القربة ، لأنّه وصيّة بالعتق ، فيصحّ من الكافر والمرتدّ عن غير فطرة.
ولو دبّر ثمّ ارتدّ عن غير فطرة لم يبطل ، وعن فطرة يبطل.
ولو دبّر الكافر مثله فأسلم بيع عليه من مسلم ، سواء رجع في التدبير أو لا.
ولو مات المولى قبل البيع عتق من ثلثه إن احتمله ، وإلّا فبقدره ، والباقي رقّ للوارث إن كان مسلما وإلّا بيع عليه.
ص: 215
وهو المملوك ، ويشترط الملك ، فلا يصحّ تدبير ملك غيره وإن علّقه على الملك ، ولا الوقف ، ويصحّ تدبير الجاني ، والرّهن ، والمكاتب ، وأمّ الولد ، ثمّ إن استرقّ الجاني ، أو قتل ، أو بيع الرهن في الدين بطل ، وإلّا صحّ.
وإذا أدّى مال الكتابة عتق بها ، وإن مات المولى قبل الأداء عتق بالتدبير إن خرج من الثلث ، وإلّا عتق منه بقدره ، وسقط من مال الكتابة بنسبته ، والباقي مكاتب.
ويبطل التدبير بالمكاتبة لا بالمقاطعة على مال لتعجل عتقه.
وتعتق أمّ الولد بموت المولى من الثلث ، فإن قصر عتقت بقدره ، وعتق الباقي من نصيب الولد.
والمدبّر رقّ ، فلو حملت منه لم يبطل التدبير ، ولو مات مولاها عتقت بموته من الثلث ، فإن قصر عتق الباقي من نصيب الولد.
ويشترط تعيينه لا إسلامه ، وانفصاله ، فيصحّ تدبير الكافر والحمل إن جاء لأقل من ستّة أشهر من حين التدبير ، ولا يسري إلى أمّه ، كما لا يسري تدبيرها إليه وإن علم به على توقّف.
ص: 216
ولو حملت بعد التدبير بمملوك سرى التدبير إليه ، ويصحّ رجوعه في تدبيرها دون تدبيره ، وكذا لو أتى المدبّر بولد مملوك.
ولو رجع في تدبير الأمّ ، فإن أتت بولد لستّة أشهر فصاعدا من حين رجوعه ، لم يكن مدبّرا ، لاحتمال تجدّده ، وإن كان لأقلّ من ستّة أشهر كان مدبّرا ، لتحقّق الحمل قبل الرجوع.
ولو دبر جزءا مشاعا كنصفه صحّ ، ولا يسري إلى الباقي ، ولا يقوّم عليه حصّة الشريك.
ولو دبّر جزءا معيّنا لم يصحّ.
ص: 217
الأمر الرابع : في أحكامه(1)
وفيه مسائل :
الأولى : التدبير وصيّة فينفذ من الثلث ، فإن قصر عتق منه بقدره ، فإن لم يكن سواه عتق ثلثه ، ولو خرج من الثلث وباقي التركة غائب ، تحرّر ثلثه ، ثمّ كلّما حصل من الغائب شي ء تحرّر منه بنسبته ، ولو تلف استقرّ عتق الثلث خاصّة.
الثانية : لو دبّر جماعة دفعة ولم يخرجوا من الثلث ، عتق من يحتمله ، ويستخرج بالقرعة ، وإن رتّب بدئ بالأوّل فالأوّل ، حتّى يستوفى الثلث ، ولو اشتبه أو جهل الترتيب أخرج الثلث بالقرعة.
الثالثة : يجوز الرجوع فيه وفي بعضه قولا مثل : رجعت ، وفعلا كالبيع والهبة والعتق ، وإنكار التدبير ليس رجوعا ، والرجوع في تدبير الحمل ليس رجوعا في تدبير أمّه وبالعكس.
الرابعة : يصحّ تدبير الآبق ، ويبطل بالإباق ، والولد المتجدّد قبل الإباق مدبّر وبعده رقّ وإن كان من أمة.
ص: 218
ولو أبق المعلّق عتقه على موت مخدومه لم يبطل ، وعتق بموته من الأصل.
ولا يبطل بالارتداد إلّا أن يلحق بدار الحرب ، فلو مات المولى قبل لحوقه عتق.
الخامسة : كسب المدبّر قبل وفاة مولاه لسيّده وبعدها له إن خرج من الثلث ، ولا يحسب من التركة ، وإن قصر فله منه بقدر الحرّيّة ، والباقي للوارث ، فلو ادّعى الوارث حصوله قبل الوفاة والمدبّر بعدها ولا بيّنة ، قدّم قول المدبّر مع يمينه.
السادسة : يصحّ من المديون ، ثمّ إن استغرق الدين التركة بطل ، وإلّا صحّ منه بقدر ثلث الباقي ، ولا فرق بين سبق الدين وتأخّره.
السابعة : لا يبطل بالجناية عليه ، وأرشه للمولى ، ولو قتل بطل ، وله قيمته مدبّرا ، ولو جنى على غيره تعلّق الأرش برقبته ، وللمولى فكّه بأقلّ الأمرين ، وبيعه فيها ، أو تسليمه إلى المجنيّ عليه ، فإن فكّه فالتدبير باق ، وإن باعه أو سلّمه بطل إن استغرقته الجناية ، وإلّا بطل ما قابلها ، والباقي مدبّر.
ولو مات المولى قبل الفكّ والتسليم عتق ، وعليه الأرش ، لا على الوارث وإن كان خطأ.
ص: 219
ص: 220
ص: 221
ص: 222
وهي فكّ رقبة المملوك بعوض ، وليست عتقا بصفة ، ولا بيع العبد من نفسه ، فلا يثبت فيها خيار المجلس والحيوان ، بل هي معاملة مستقلّة.
وهي مستحبّة مع الأمانة والاكتساب ، ويتأكّد بسؤال المملوك ، ومباحة مع انتفاء الأمرين ، ثمّ إن اقتصر على العقد وذكر الأجل والعوض والنية ، فهي مطلقة ، وإن أضاف إلى ذلك : فإن عجزت فأنت ردّ في الرقّ ، فهي مشروطة.
وتقبل الكتابة الشروط السائغة.
ثمّ النظر في أمور :
وهي خمسة :
الأوّل : في العقد ، والإيجاب مثل : كاتبتك على كذا منجّما إلى كذا ، والقبول ما دلّ على الرّضا ، ولا يفتقر إلى قوله : فإن أدّيت فأنت حرّ ، نعم لا بدّ من نيّة ذلك.
وهو عقد لازم لا ينفسخ إلّا بالتقايل وإن كانت مشروطة ، ولو مات المولى طالبه الوارث ، وعتق بالأداء ولا تبطل بالمطل بل يحبس ، ولا بالعجز بل ينظر.
ص: 223
وإذا عجز في المشروطة فللمولى الفسخ ، وحدّ العجز أن يؤخّر النجم عن محلّه.
وليس للعبد أن يعجز نفسه بل يجب عليه السّعي ، فإن امتنع أجبر.
الثاني : المولى ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، وجواز التصرّف ، فلا يصحّ من الصّبي وإن أذن له الوليّ ، ولا من المجنون والسّاهي والنائم والغافل والسكران والمكره ، إلّا أن يرضى بعد زوال الإكراه ولا من السّفيه إلّا أن يأذن الوليّ ، ولا من المفلّس ، إلّا أن يأذن الغرماء.
ويصحّ من وليّ الطفل والمجنون مع الغبطة ، ومن المريض إن خرج من الثلث وإلّا فبقدره ، والباقي رقّ.
ولا يشترط الإسلام ، فيصحّ من الكافر مكاتبة مثله ، لأنّ المسلم يباع عليه ، ولو أسلم بعدها لزمت ، فإن عجز بيع عليه.
ولا يصحّ كتابة المرتدّ مطلقا.
الثالث : المملوك ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، فلا يصحّ كتابة الصّبي والمجنون والكافر والمخالف ، لعدم الخير.
ويصحّ مكاتبة بعضه ولا يسري ، وحصّته المشتركة ، ولا يقوّم عليه وإن أدّى مال الكتابة ، ولا يشترط إذن الشريك.
الرابع : العوض ، ويعتبر فيه صحّة تملّكه للمولى ، والعلم بقدره وجنسه ووصفه ، وكونه دينا ، فلو كاتب المسلم على خمر أو خنزير بطل ، ولو كانا ذميّين صحّ ، فإن أسلما أو أحدهما بعد القبض برئ ، وإلّا لزمته القيمة عند مستحلّيه.
ص: 224
ولا يصحّ على مجهول ، ولا على ما لا يمكن ضبطه ، فتوصف الأثمان بما يوصف في النسيئة ، والعروض بما يوصف في السلم ، ولا على عين.
ويصحّ جعل العوض منفعة فيقدر إمّا بالعمل كخياطة الثوب أو بالمدّة كخياطة سنة ويجوز الجمع بين الدّين والمنفعة ، مثل : كاتبتك على خدمة شهر وأداء (1) دينار بعده ، والجمع بين الكتابة وغيرها من المعاوضات في عقد واحد ، فيقسّط على القيمتين.
ولو كاتبه الشريكان بعوض واحد ، قسّط على حصّتهما ، ويجوز أن يتفاوتا وإن اتّفقا في الحصّة وبالعكس ، ثمّ يدفع إليهما ، فلو دفع إلى أحدهما شاركه الآخر إلّا أن يكون بإذنه ، ولا يعتق إلّا بأداء الجميع إليهما ، فلو دفع إلى أحدهما نصيبه بإذن الآخر عتق نصيب القابض ، ولم يقوّم عليه حصّة الآذن.
ولو مات المولى عن اثنين فأدّى إلى أحدهما نصيبه عتق وإن لم يأذن الآخر.
ولو كاتب عبدين فصاعدا فى عقد صحّ ، ويبسّط العوض على قيمتهما يوم العقد ، فمن أدّى حصّته عتق ولم يتوقّف على أداء حصّة الآخر ، ومن عجز رقّ.
ولو شرط على كلّ منهما كفالة صاحبه صحّ ، ولو شرط الضمان (2) فضمنا تحوّل المال وعتقا.
ص: 225
ولو ظهر استحقاق المدفوع ردّ في الرّقّ حتّى يأتي ببدله.
ولو ظهر معيبا تخيّر بين الرّدّ والأرش ، ومع الرّدّ يصير رقّا ، ويمنع الرّد العيب المتجدّد عند السيّد ، ولو دفع الأجود لزمه قبوله ، لا الأدون ولو أبرأه السيّد عتق ، ولو أبرأه من البعض عتق بإزائه إن كانت مطلقة ، ولو أقرّ بالقبض عتق ، ولو كان مريضا متّهما نفذ من الثلث.
الخامس : الأجل ، والحقّ اشتراطه ، فلا تصحّ حالّة ، ويجوز اتّحاد النجم وتعدّده.
ويشترط تعيينه بما لا يحتمل الزيادة والنقصان ، كأجل السّلف والنسيئة ، ويتعيّن (1) وقت الأداء فيه ، فلو جعل النجم ظرفا للأداء لم يصحّ.
ويجوز مساواة النجوم والمال واختلافهما.
ولا يشترط اتّصال الأجل بالعقد.
ص: 226
وفيه مسائل :
الأولى : إذا تمّت المكاتبة ، فالمطلق يتحرّر منه بقدر ما أدّى ، ويتبعه الولد ، ونفقته وفطرته عليه وعلى مولاه بالحصص ، وله من الوصيّة بقدر الحرّيّة ، ويبطل في الباقي ، ويحدّ من حدّ الأحرار بنسبة الحرّيّة ، ومن حدّ العبيد بنسبة الرقّيّة.
ولو زنى بها المولى حدّ بقدر الحرّيّة ، وسقط عنه الباقي ، ولو عجز لم يرقّ ولم يجز بيعه.
ولو مات ولم يؤدّ شيئا مات رقّا ، سواء خلّف أو لا.
ولو أدّى البعض وخلّف مالا ، اقتسمه مولاه ، وورثه بنسبة الحرّية والرقّيّة ، ثمّ إن كان الوارث تابعا له في الكتابة كالولد أدّى من نصيبه ما بقي من مال الكتابة ، ولو كان الوارث حرّا غير تابع ، ورث بقدر الحرّيّة ، ولا شي ء عليه ، ولو لم يخلّف شيئا سعى الأولاد فيما بقي من مال الكتابة بالسويّة ، فإذا أدّوا عتقوا ، فإن امتنعوا جبرهم المولى.
ولو لم يؤدّ شيئا كان أولاده رقّا والمال للمولى.
ص: 227
والمشروط رقّ ولا يعتق (1) إلّا بأداء جميع المال ، أو الإبراء ، أو الاعتياض ، أو الضمان عنه ، وفطرته على مولاه.
ولو مات بطلت وكانت تركته لمولاه ، ويحدّ حدّ المملوك.
الثانية : لو كان على المكاتب ديون ، فإن وفى بالجميع فلا كلام ، وإن قصر تحاصّ المولى والدّيان في المطلقة ، ويختصّ الدّيان بما في يد المشروط ، وكذا لو مات ، ولا يضمن المولى لو قصر.
الثالثة : لو صدّقه أحد الوارثين في الكتابة وكذّبه الآخر ، فإن كان المصدّق عدلا قبلت شهادته ، وإلّا حلف المكذّب ، وصار نصفه مكاتبا ونصفه رقّا.
ولو ادّعى الأداء ، فصدّقه أحدهما قبلت شهادته إن كان عدلا ، وإلّا حلف الآخر ، وصار نصفه مكاتبا ونصفه حرّا.
الرابعة : لو مات قبل الأداء فأبرأه أحد الورّاث من نصيبه ، عتقت حصّته ، ولم يقوّم عليه حصّة الآخر ، وكذا لو أعتق.
الخامسة : لو اشتبه المؤدّي من المكاتبين صبر ، فإن ادّعيا العلم حلف لهما ثمّ يقرع ، ولو مات استخرج بالقرعة.
السادسة : لو دفع قبل الأجل لم يجب القبض ، ولو دفع بعده وجب القبض أو الإبراء ، فإن امتنع قبضه الحاكم ، وعتق ، فإن تعذّر برئ وعتق ، وبقي المال أمانة.
السابعة : تجوز الوصيّة بمال الكتابة إجماعا وبيعه على الأقوى ، ويعتق
ص: 228
بأدائه إلى المشتري ، ولو عجز وكان مشروطا فسخ المولى وردّ رقّا (1) ويرجع المشتري على مولاه بالثمن.
الثامنة : لو زوّج بنته بمكاتبه ثمّ مات ، انفسخ النكاح.
التاسعة : لو اختلفا في قدر العوض أو النجوم ، قدّم قول منكر الزيادة ، ولو اختلفا في الأداء حلف السيّد.
العاشرة : لا يدخل الحمل في كتابة أمّه ، ولو حملت بعد الكتابة بمملوك لحقه حكمها فيعتق منه بقدر ما يعتق منها ، ولو حملت من حرّ فالولد حرّ ، ولو حملت من مولاها فالكتابة بحالها ، ولو مات قبل الأداء أعتقت من نصيب ولدها ، وإن لم يكن لها ولد سعت في مال الكتابة (2) للوارث.
الحادية عشرة : يجب على المولى إعانة المكاتب من سهم الرقاب إن وجبت عليه الزكاة ، وإلّا استحبّت ، ولا قدر له ، ويجب على المكاتب القبول إن كان من جنس مال الكتابة.
الثانية عشرة : يجوز للمكاتب مقاصّة سيّده بماله عليه ، فإن اتّحد الجنس والصّفة لم يفتقر إلى التراضي ، وإن اختلف أو كانا قيميّين افتقر إليه ، ولا يفتقر إلى التقابض وإن كان أحدهما نقدا والآخر عرضا ، وكذا حكم كلّ غريمين.
ص: 229
وفيه مباحث :
الأوّل : لا يتصرّف المولى في المكاتب ببيع وغيره إلّا مع عجز المشروط ، ولا تزويج المكاتبة إلّا بإذنها ، ولا وطئها بالملك والعقد ، ولا وطء أمة المكاتب ، فإن وطأ إحداهما لشبهة فعليه المهر ، ولا يتكرر ، ولا يحدّ ، والولد حرّ ، وتصير أمّ ولد ، فإن مات عتقت من نصيب ولدها ، وسقط عنها مال الكتابة ، فإن عجز النصيب عتقت بقدره والباقي مكاتب ، ولو علما بالتحريم فلا مهر مع المطاوعة ، ويعزّران.
وليس له التصرّف في ملكه بغير الاستيفاء ، ولا يتوقّف على الحاكم.
الثاني : لا يتصرّف المكاتب في ماله بما يعرضه للتّلف ،كالقرض والرّهن ، ولا بالإتلاف كالعتق والهبة والمحاباة ، وليس له المضاربة بماله ، ولا أن يكاتب عبده إلّا مع الغبطة ، ولا أن يتزوّج أو يتسرّى ، ولا يزوّج عبيده من إمائه إلّا مع الإذن في ذلك كلّه.
ولو حملت منه أمته فالولد رقّ له ، فإن أدّى عتقا وإلّا رقّا.
ص: 230
وله السّفر ، والتصرّف بجميع وجوه الاكتساب ، كالبيع والشراء من المولى وغيره حالّا.
ولا يبيع مؤجّلا إلّا برهن أو ضمين ، أو بأكثر من ثمن المثل ، ويقبض مقداره ، ويؤخّر الزيادة ، ولا يسلّم المبيع قبل قبض الثمن.
وله أن يشتري مؤجّلا ، وان يستسلف ، ولا يشتري من يعتق عليه إلّا مع الإذن.
ولا يقبل الوصيّة أو الهبة به مع الضّرر ، كالعاجز عن الاكتساب ، وحيث يصحّ لا يعتق ، وليس له أن يخرجه عن ملكه ، بل يتبعه في الرّقّ والعتق ، ونفقته عليه من جهة الملك لا من جهة القرابة.
ويصحّ إقراره بما يملك التصرّف فيه ، وكسبه له.
ويكفّر بالصوم لا بالعتق والإطعام وإن أذن المولى.
[ القسم ] الأوّل : في المشروط ، إذا جنى على مولاه عمدا اقتصّ منه في النفس والطرف ، ولو جنى خطأ تعلّقت برقبته ، وله أن يفدي نفسه بالأرش أو بأقلّ الأمرين ، فإن وفى ما في يده بالحقّين عتق بالأداء ، وإلّا قدّم الأرش.
ثمّ إن عجز فللمولى الفسخ ، ولو اختار المولى قبض مال الكتابة أوّلا عتق ثمّ يطالبه بالأرش ، ولو لم يكن له مال ففسخ الكتابة سقط مالها والأرش ، ولو أعتقه سقط مال الكتابة دون الأرش.
ولو جنى على أجنبيّ عمدا ، فله القصاص ، ولو عفا على مال جاز ،
ص: 231
وقدّم على النجوم ، ولو عفا مجّانا فالكتابة بحالها ، وإن كانت خطأ وله مال ، فله فكّ نفسه قبل أداء مال الكتابة ، ولو قصر باع الحاكم منه ما يتمّ به الفكّ ، ويبقى باقيه مكاتبا ، وإن لم يكن له مال ، فإن فداه السيّد فالكتابة بحالها ، وإلّا بيع فيها وبطلت الكتابة.
وإذا جنى على جماعة عمدا ، فلهم القصاص ، وفي الخطأ الأرش ويتعلّق برقبته ، ثمّ إن وفى ماله فكّ ، وإن قصر تمّم من رقبته ، ولو لم يكن له مال تساووا في قيمته بالحصص.
وإذا جنى عبد المكاتب خطأ فللمكاتب فكّه بالأقل من قيمته والأرش.
ولو جنى عبده عليه عمدا فله القصاص ، والخطاء هدر وبالعكس (1) لا قصاص ولا دية.
ولو جنى بعض عبيده على بعض فله القصاص في العمد ، ولا حكم للخطأ.
ولو كان أحد عبيده أباه فقتل الآخر لم يقتصّ منه.
ولو جنى على المكاتب لم يكن له القصاص ، ولو جنى على أجنبيّ لم يكن له فكّه ، وإذا جنى عليه مولاه في النفس بطلت الكتابة ولا شي ء عليه ، ولو جنى عليه أجنبيّ حرّ عمدا بطلت الكتابة ، ولا قصاص ، وعلى الجاني قيمته لسيّده ، وإن كان طرفا فلا قصاص ، وله الأرش دون مولاه ، وكذا في الخطأ.
ولو كان الجاني عبدا أو مكاتبا فله القصاص ، وليس للمولى منعه منه ، وإن عفا على مال فهو له ، ويجوز له العفو مجّانا.
ص: 232
ولو جنى المولى على طرفه عمدا فعليه الأرش دون القصاص.
ولو جنى عليه عبد المولى عمدا فلمولاه منعه من القصاص ، وله في الخطأ الأرش ، وليس له الإبراء إلّا بإذن السيّد.
القسم الثاني : في المطلق ، إذا تحرّر بعضه ثمّ جنى عمدا على حرّ أو على أزيد حرّية أو مساو اقتصّ منه ، ولو جنى على مملوك أو مكاتب أو انقص حرّية لم يقتصّ منه ، ولزمه من الأرش بقدر حرّيته ويتعلّق برقبته بقدر رقيّته.
ولو كانت خطأ تعلّق بعاقلته نصيب الحرّية وبرقبته نصيب الرقية ، وللمولى أن يفدي بقدر الرقية بحصّته من الأرش ، سواء كانت الجناية على حرّ أو عبد ولو جنى عليه حرّ أو مكاتب أزيد حرّية عمدا لم يقتصّ منه ، وعليه الأرش ، ولو كان رقّا أو أقلّ حرّية أو مساويا اقتصّ منه.
لا تصحّ الوصيّة برقبة المكاتب المطلق ولا بالمشروط إلّا أن يضيفها إلى عوده في الرقّ ، وتصحّ بمال الكتابة ، ولا تصحّ الوصيّة لمكاتب الأجنبيّ المشروط ، وتصحّ للمطلق بحساب ما تحرّر منه ، ولمكاتبه مطلقا ، فيقاصّ الورثة.
ولو أعتقه في مرضه صحّ من الثلث فإن كان بقدر الأكثر من قيمته ومال الكتابة عتق ، وإن زاد أحدهما اعتبر الأقلّ ، فإن احتمله الثلث عتق وإلّا ما يحتمله ، وبطل في الزائد ، ويسعى في باقي الكتابة ، فإن عجز استرقّ الورثة بقدر الباقي ، وكذا لو أبراه من مال الكتابة.
ص: 233
ولو قال : ضعوا عنه نجما ، تخيّر الوارث.
ولو قال : [ ضعوا ] أيّ نجم شاء ، تخيّر المكاتب.
ولو قال : [ ضعوا ] أكثر نجومه ، فهو الأكثر قدرا ، وإن تساوت فالنّصف وزيادة.
ولو قال : [ ضعوا ] أوسط نجومه ، وفيها أوسط قدرا أو عددا ، انصرف إليه ، وإن اجتمعا تخيّر الوارث ، ولو انتفيا فالوسط في الزّوج اثنان ، فيؤخذ من الأربعة الثاني والثالث ، ومن الستّة الثالث والرابع ، ومتى كان العدد فردا فالأوسط واحد.
وإذا قال : ضعوا عنه أكثر ما بقي عليه ، فهو وصيّة بالنّصف وزيادة يقدّرها الوارث.
ولو قال : [ ضعوا ] الأكثر ومثله ، فهو وصيّة بالجميع ، ولا زيادة.
ولو قال : [ ضعوا ] الأكثر ومثل نصفه ، فهو ثلاثة أرباع وزيادة.
ولو قال : [ ضعوا ] ما شاء ، فإن شاء البعض صحّ ، وإن شاء الجميع فقولان.
ولو قال : [ ضعوا ] ما شاء من مال الكتابة ، فشاء الجميع ، ففيه احتمالان باعتبار كون « من » للتبيين أو للتبعيض.
وإذا أوصى بعتقه قبل الحلول وليس غيره ، عتق ثلثه معجّلا ، ثمّ إن أدّى ثلثي مال الكتابة تحرّر كلّه ، وإن عجز كان للورثة استرقاق ثلثيه.
ولو أعتقه في مرض الموت صحّ من الثلث ، ويعتبر الأقلّ من قيمته ومال الكتابة.
ص: 234
وفيه بحثان
ص: 235
ص: 236
وهو علوق أمته منه ، فلا يثبت بعلوق الزوجة أو الموطوءة بالشبهة أو بالزّنا وإن ملكها حبلى ، ولا يمنع تحريم الوطء العارض من نفوذ الاستيلاد ، كالصوم ، والحيض ، والإحرام ، والرّهن ، والظهار ، والإيلاء ، وكذا لو ملك المسلم وثنيّة والمرتدّ عن غير فطرة مسلمة.
ولا يشترط الإسلام في المولى والأمة ، فلو أحبل الذميّ أمته صارت أمّ ولد ، لكن لو أسلمت بيعت عليه على الأصحّ ، ويتحقّق بوضع العلقة فصاعدا دون النطفة ، وتظهر الفائدة في التصرّفات بعد الوطء وقبل الوضع.
ولو اشتبه افتقر إلى شهادة أربع نساء.
ص: 237
أمّ الولد رقّ ، فيجوز التصرّف فيها بما لا يخرجها عن ملكه إلّا العتق ، فله استخدامها ، وإجارتها (1) وتزويجها ، وتدبيرها ، ومكاتبتها ، (2) ووطؤها ، وعتقها في الكفّارة وغيرها ، وله كسبها.
ولا يجوز هبتها ، ولا بيعها إلّا في ثمن رقبتها مع إعسار المولى ، سواء كان حيّا أو ميّتا.
ولو مات الولد قبل مولاها رجعت طلقا ، ولا يقوم ولده مقامه ، ولا تعتق بموت مولاها من أصل التركة بل من نصيب ولدها ، فلو لم يكن سواها عتق نصيب الولد وسعت في الباقي ، ولا تقوّم على الولد.
ولا يتعدّى حكم الاستيلاد إلى أولادها ، وكلّما في يدها للوارث.
وتصحّ الوصيّة لها من مولاها خاصّة ، وتعتق من الوصيّة ، فإن لم تف بالقيمة عتقت من نصيب الولد.
ص: 238
وإذا جنت خطأ تعلّقت برقبتها ، وللمولى فكّها بالأقلّ من قيمتها والأرش ، وله دفعها إلى المجنيّ عليه.
ولو جنت على جماعة تخيّر المولى أيضا في الفداء والدفع إليهم ، أو إلى ورثتهم على قدر الجنايات ، ولو ماتت قبل الفداء لم يكن على المولى شي ء ، ويقوّم معيبه بالاستيلاد ، ولا يبطل بالجناية على مولاها ولا بالارتداد.
وروي في وليدة نصرانيّة أسلمت عند رجل ، ثمّ ولدت غلاما ، ثمّ مات مولاها ، فأعتقت ، ثمّ تنصّرت وتزوّجت نصرانيّا ، وولدت منه ، فقال : ولدها لابنها من سيّدها ، وتحبس حتّى تضع ، ثمّ تقتل. (1)
وقال الشيخ : يفعل بها كالمرتدة. (2)
ص: 239
ص: 240
ص: 241
ص: 242
وهو تحقيق ما يحتمل المخالفة بذكر اسم اللّه تعالى ، وقد يجب إذا اشتملت على تخليص مؤمن أو مال أو دفع ظلم ، ويجب التورية ، وقد تحرم إذا كانت كاذبة ولا ضرورة ، ويكره غير ذلك وإن كان صادقا إلّا مع الحاجة ، ويتأكّد على المال القليل ، والنظر في أمور :
وهو اللّه تعالى ، أو أسماؤه الخاصة ، أو ما ينصرف إليه عند الإطلاق ، مثل : والّذي نفسي بيده ، والرّحمن ، والخالق ، والرّب ، ولا ينعقد بالموجود ، والحيّ ، والقادر ، وشبهه وإن نوى به الحلف.
ولو قال : وقدرة اللّه أو وعلم اللّه ، وقصد المعاني ، لم ينعقد ، وإن قصد الذات القادرة أو العالمة ، انعقدت.
ولو قال : وجلال اللّه ، وعظمة اللّه ، وحقّ اللّه ، لم ينعقد.
ولو قال : لعمر اللّه انعقدت.
ولو قال : أقسمت ، أو حلفت ، أو أقسم ، أو أحلف لم يكن يمينا حتّى يذكر المقسم به.
ص: 243
ولو قال : أشهد باللّه فهو يمين ، بخلاف أعزم باللّه.
ولا ينعقد بالنبي ، والأئمّة ، والأبوين ، والمصحف ، والكعبة ، والحرم ، ولا بالنجم ، والطلاق ، والعتاق ، والظهار ، والتحريم ، ولا بالبراءة من اللّه ، أو رسوله ، أو أحد الأئمّة ، وكذا هو يهوديّ ، أو نصرانيّ ، ونحوه ، ولا بأيمان البيعة تلزمني. (1)
وحرف القسم : الباء والتاء والواو ، ويجوز تقديره ، وينعقد بقوله : ها اللّه ، وأيمن اللّه ، وأيم اللّه ، ومن اللّه ، وم اللّه.
ويشترط النطق والقصد ، فلو نواه ولم ينطق أو بالعكس ، لم ينعقد.
ولو قال : قصدت الإخبار بقولي أقسم باللّه ، قبل.
والاستثناء بالمشيئة يوقف اليمين بشرط النطق والاتّصال والقصد ، فلا عبرة بالنيّة ، ولا بالمتأخّر عادة ، ولا بما سبق لسانه إليه.
ولا يشترط قصده عند اليمين (2) بل عند التّلفظ به ، ويجوز تقديمه وتأخيره ، ولو علّقها بمشيئة اللّه ، فإن كان المحلوف عليه واجبا ، أو مندوبا ، أو ترك محرّم أو مكروه انعقدت وإلّا فلا.
فلو قال : واللّه لا شربت إلّا أن يشاء اللّه ، أو لا أشرب إلّا أن يشاء اللّه لم يحنث بالشرب وعدمه.
ص: 244
وإن علّقها بمشيئة غيره توقفت على مشيئته ، فلو قال : واللّه لأشربنّ إن شاء زيد ، فإن شاء الشرب انعقدت وإلّا فلا.
( ولو قال : واللّه لا شربت إلّا أن يشاء زيد ، فإن شاء عدم الشرب انعقدت وإلّا فلا ، ولو قال : واللّه لا أشرب وإن يشأ ، فشاء زيد عدم الشرب انعقدت وإلّا فلا ) (1).
ولو قال : واللّه لأشربنّ إلّا أن يشاء زيد ، فقد ألزم نفسه بالشرب إلّا أن يشاء زيد عدمه ، فإن شاء الّا يشرب انحلّت اليمين ، وإن شاء الشرب لم تنحلّ.
ولو قال : واللّه لا أشرب إلّا أن يشاء زيد ، فقد منع نفسه من الشرب إلّا أن يشاء زيد ، فإن شاء الشرب انحلّت ، وإن شاء عدمه لم تنحلّ ، ولو قصد عكس ذلك الحكم بضد ما تقدّم.
وكلّما جهل شرط العقد انحلّت ، وكلّما جهل شرط الحلّ انعقدت ، ولا تدخل المشيئة في غير اليمين وإن كان إقرارا.
ص: 245
ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، والنيّة ، فلا يقع من الصبيّ والمجنون والمكره والسكران والغافل والنائم والغضبان إلّا أن يملك نفسه ، ولا مع عدم النّية وإن حلف بالصّريح ، وهي يمين اللّغو ، ويقبل قوله في عدم القصد.
وتصحّ من الكافر غير المعطّل ، فإن مات عوقب عليه ، وإن أسلم قبل فوات وقته لزمه مقتضاه ، وإلّا حنث ، وتسقط الكفّارة بالإسلام.
ويشترط إذن الوالد والزّوج والمولى في غير الواجب وترك المحرّم ، فلا تنعقد بدونه ، وقيل : ينعقد ولهم حلّه مع بقاء الوقت والوصف ، فلو خرج قبل الفعل والحلّ وجبت الكفّارة ، ولو مات الأب أو طلّقت الزوجة أو عتق المملوك قبل الفعل : فإن كان الوقت باقيا وجب الوفاء ، وإلّا وجبت الكفّارة (1). والأوّل أشهر.
وإذا أذن المولى لم يمنعه من الأداء في أوّل وقت الإمكان.
ص: 246
وهو أقسام :
لا تنعقد على الماضي إثباتا ونفيا ، وهي الغموس ، ولا كفّارة لها ، ولو أكره ورّى إن أحسن.
وإنّما تنعقد على المستقبل إذا حلف على فعل واجب أو مندوب أو مباح راجح الفعل أو متساوي الفعل والترك ، أو على ترك محرّم أو مكروه أو مباح راجح الترك ، ولو حلف على خلاف ذلك لم تنعقد ، وكذا لو حلف لامرأته أن لا يتزوّج ولا يتسرّى ، أو تحلف هي ألّا تتزوّج أو لا تخرج معه ، وكذا يمين المناشدة ، (1) وهي أن يعقد اليمين على فعل غيره مثل واللّه ليفعلن.
ويشترط إمكان المخالفة والموافقة ، فلا تصحّ على الواجب مثل الكون في الحيّز ، ولا على الممتنع عقلا كالجمع بين النقيضين ، أو عادة كالصّعود إلى السّماء ، ولو تجدّد العجز انحلّت إلّا أن تعود القدرة والوقت باق ، أو لم يقترن بوقت.
ص: 247
قاعدة : إذا حلف وأطلق حمل اللفظ على حقيقته العرفيّة ، فإن لم تكن فاللغويّة ، فإن اجتمعا فعلى العرفيّة ، ويجوز أن ينوي به خلاف ظاهره (1) كالحقيقة العرفيّة ويريد اللغوية ، وبالعكس ، وكالحقيقة ويريد المجاز ، وكالعامّ ويريد به الخاصّ ، كما لو حلف على اللحم ، ويريد به لحم الإبل ، وبالعكس كأن يحلف : لا شربت لك ماء من عطش ويريد [ به ] رفع كل منّة ، وبالمطلق ويريد المقيّد كما لو حلف لعتق رقبة ويريد المؤمنة ، وبالعكس كأن يحلف على المؤمنة ويريد مطلق الرقبة.
ولو نوى ما لا يحتمله اللفظ كأن ينوي بالصلاة الصّوم لغت اليمين.
إذا عرفت هذا فالطعام اسم للقوت والأدم والحلو الجامد والمائع.
والقوت اسم للخبز والتمر والزبيب والجبن واللبن إلّا أن يعتاد غيرها.
والأدم اسم لما يؤتدم به كالملح والدبس والطبائخ والأدهان.
والفاكهة اسم للرمان والعنب والرطب وكلّ ما يتفكّه به حتّى البطيخ والنبق (2) ، دون الخضراوات ، وتشترط الرطوبة ، فلا يحنث باليابس منها ، كالزبيب.
والرأس اسم لما فيه عيناه (3) ، وعرفا لرأس الإبل والبقر والغنم.
ص: 248
ويدخل في التمر القسب (1) لغة دون الدّبس والرطب والبسر.
ولا يدخل في الزبيب العنب والحصرم والدبس.
ويدخل في اللّبن ما يحلب من الانسي والوحشي والآدمي ، حليبه ومخيضه ورائبه (2) ، وفي الجبن توقّف ، ولا يدخل السمن والزّبد والأقط (3).
ولا يدخل في اللحم عرفا الرأس والكراع (4) والكبد والرية والكرش والمصران (5) والقلب.
ولا يدخل في الشحم الألية وشحم الظّهر والمخّ والدّماغ.
ويدخل في الدّهن السّمن والزّبد والشيرج ودهن السمك.
والأكل اسم للمضغ والازدراد.
والشرب [ اسم ] للكرع (6) والشرب (7) بالآنية ، والمصّ من بلبله (8) لا
ص: 249
بمصّ الجسم الرّطب ، كقصب السكّر وحبّ الرمّان.
والذوق اسم للتطعّم بالشي ء. (1)
الأوّل : لو حلف لا يأكل حنطة فأكل دقيقا ، أو لا يأكل دقيقا فأكل خبزا لم يحنث ، وكذا بالعكس.
الثاني : لو حلف لا يأكل بسرا أو رطبا حنث بالمنصّف. (2)
الثالث : لو حلف لا يأكل لحما حنث بلحم الصّيد دون الألية وشحم الظهر.
الرابع : لو حلف لا أكلت رأسا ، فإن قصد نوعا صرف إليه ، وإلّا حمل على العرف الخاصّ ، فإن لم يكن فعلى الجميع.
الخامس : لو حلف لا أكلت سمنا ، حنث بأكله مع الخبز ، ومذابا على الطعام ، لا بالكليجا (3) وغير المتميّز.
السادس : ولو حلف لا أكلت هذين الطّعامين ، لم يحنث بأحدهما ، وكذا لو قال : هذا الخبز والأدم.
ص: 250
السابع : لو حلف لا يأكل خلًّا ، حنث بالاصطباغ لا بالشرب والسكباج (1).
الثامن : يحنث بالشعير الممتزج (2) بالحنطة إلّا أن يريد المنفرد.
التاسع : لو حلف أن لا يأكل سويقا فشربه ، أو بالعكس ، لم يحنث ، وكذا لو حلف لا يأكل سكرا ، فوضعه في فيه فذاب ثمّ بلعه.
العاشر : لو حلف لا شربت ماء الكوز لم يبرّ بالبعض ، ولو قال : ماء الفرات برّ به ، ولو حلف لا شربت ماء الكوز لم يحنث بالبعض ، ولو قال : ماء الفرات حنث به.
الحادي عشر : ولو حلف على تناول شي ء لم يبرّ إلّا بالجميع ، وإذا حلف على تركه حنث بفعل أحد جزئيّاته.
الثاني عشر : يحنث بالذوق في الأكل أو الشرب دون العكس.
لو حلف لا يتكلّم ، حنث بالقرآن وبإيراد الكلام مع نفسه ، واستثني قرآن الصلاة وأذكارها الواجبة ، دون المندوبة والمباحة.
ولو حلف لا يكلّم أحدا ، لم يحنث بتلاوة القرآن ، ويحنث بالدعاء والقراءة على غيره والتسليم عليه ، وكذا لو قصد بتسليم الصّلاة من حضر من الملائكة والإنس والجنّ.
ولو قال : واللّه لا كلّمتك ، وعقبه بقوله : أبدا ، أو ما عشت ، أو كلاما حسنا أو قبيحا ، لم يحنث به ، ولو علّله مثل : لأنّك حاسد فتوقّف.
ص: 251
ويحنث لو قال : فتنحّ عنّي أو شتمه.
ولو كلّم غيره بقصد إسماعه ، أو كاتبه ، أو راسله ، أو أشار إليه إشارة مفهمة ، أو كلّمه حال نومه ، أو إغمائه ، أو غيبته ، أو موته ، لم يحنث.
ولو سلّم عليه ( أو قرأ عليه ) (1) ، أو صلّى خلفه ، وقصده بالتسليم ، حنث.
ولو حلف أن يهاجره ، حنث بالمكاتبة والمراسلة.
قاعدة : إذا حلف على فعل ، ابتداؤه كاستدامته ، حنث بهما ، وإلّا حنث بالابتداء خاصّة.
فالأوّل : كالسكنى ، والإسكان ، والمساكنة ، واللّبس ، والركوب ، والغصب ، والجماع ، وفي التطيّب توقّف.
فلو حلف لا سكنت هذه الدار وهو ساكن بها ، حنث بالاستدامة ، وبرّ بخروجه عقيب اليمين وإن أبقي رحله لا للسكنى ، (2) ولا يحنث بعوده لنقل متاعه وأهله.
ولو حلف لا يسكن زيدا حنث باستدامته ويبرّ بإخراجه عقيب اليمين.
ولو حلف لا يساكنه ، حنث بالاستدامة ويبرّ بانتقال أحدهما ، وكذا البحث في البواقي.
ص: 252
والثاني : كالدخول والإجارة ، والبيع ، والهبة ، والتزويج ، فلو قال : لا دخلت هذه الدار وهو فيها ، أو لا خرجت ، أو لا بعت ، وكان له خيار ، أو لا وهبت (1) فاستمرّ ، أو لا تزوّجت وله زوجة فلم يطلّقها لم يحنث في الجميع.
ويتحقّق الدّخول بحيث لو ردّ الباب يكون من ورائه وإن نزل بالسّطح لا بطاق الباب.
ولو صعد على السّطح من خارج لم يحنث وإن كان محجّرا على توقّف (2) ويحنث في الدار بالدهليز والغرفة ، ولا يحنث في البيت بدخول غرفته ، ولا بدخول الكعبة والمسجد والحمام.
ويحنث البدوي ببيت الشعر والقصب.
ولو حلف ليخرجنّ فصعد السطح برّ على توقّف. (3)
ولو حلف على الخروج فخرج انحلّت اليمين ، وله العود ، ولا يبرّ بإخراج بعضه ، كما لا يحنث به.
وهو يقتضي المباشرة ، فلو حلف ليبيعنّ أو ليشترينّ فوكّل لم يبرّ ، ولو قال : لا أبيع ولا اشتري فوكّل لم يحنث.
ولو قال : لا استخدمه فخدمه بغير إذنه ، أو لا كلّمت عبدا اشتراه زيد ، أو
ص: 253
امرأة تزوّجها (1) زيد ، فكلّم من اشتراه وكيله أو من زوّجه بها لم يحنث ، ولو قال : عبد زيد أو زوجته حنث.
ولو حلف لا يأكل ما اشتراه زيد لم يحنث بأكل ما رجع إليه بعيب أو إقالة أو قسمة ، ولا ما يملكه بهبة معوّضة ، أو بصلح معوّض ، أو بشفعة ، ويحنث بالسّلم.
وإذا عيّن لبس ثوب فاشترى به أو بثمنه غيره ، لم يحنث بلبسه ، وقد تصرفه القرينة إلى غير المباشرة ، فلو قال : لا بنيت وهو غير بناء ، ثمّ استأجر له حنث ، (2) وكذا لو قال السلطان : لا ضربت ثمّ أمر به.
والحليّ يطلق على المحلّل وغيره ، والخاتم ، واللؤلؤ.
واللبس يشتمل الارتداء والاتّزار إلّا أن يقتضي العرف غيرهما.
فلو قال : لا لبست قميصا ، فارتدى به ، أو اتّزر به ، لم يحنث.
وهو اسم للإيجاب والقبول ، فلو حلف ليبيعنّ ، فأوجب ولم يقبل المشتري لم يبرّ ، ولو حلف لا أبيع ، فأوجب لم يحنث ، وإذا أطلق انصرف إلى الصحيح.
ولو حلف لا يبيعه بعشرة ، فباعه بأكثر لم يحنث ، ولو باعه بأقلّ حنث ، وينعكس في الشراء.
ص: 254
ويدخل في الهبة كلّ عطيّة متبرّع بها ، كالهدية ، والوقف ، والصدقة ، وفي النحلة والعمرى توقّف.
والمال اسم للدين ، والعين ، والآبق ، والمدبّر ، والمكاتب المشروط ، وأمّ الولد ، دون الشفعة والاستطراق ، وفي المنفعة كسكنى الدار توقّف ، فلو حلف ليتصدّقنّ بماله ، انصرف إلى ما صدق عليه.
الأولى : الإضافة ، فلو حلف لا دخلت دار زيد أو مسكنه ، أو لا استخدمت عبده ، أو لا كلّمت زوجته ، انحلّت اليمين بزوال الإضافة.
وإضافة الملك تنصرف إلى الأعيان دون المنافع ، فلو حلف لا يدخل دار زيد انصرف إلى المملوكة وإن لم يسكنها دون المستأجرة وإن سكنها.
وإضافة الاختصاص يكفي فيها النسبة ، مثل سرج الدابّة ، وثوب العبد ، ويحتمل حمله على ما يملكه بعد عتقه أو كتابته ، مراعاة للحقيقة الممكنة ، بخلاف الدابّة فإنّها لا يمكن ان تملك.
الثانية : الإشارة ، وتختصّ بالمشار إليه ، فلو جمع بين الإضافة والإشارة مثل : لا أكلت هذا تمر زيد ، فباع ، فإن نوى الامتناع باعتبار الإضافة لم يحنث بأكله ، وإلّا فالأولى تغليب الإشارة.
الثالثة : الصّفة ، وتنحلّ بزوالها ، فلو قال : لا كلّمت عبدا ، أو لا أكلت لحم سخلة ، أو لا دخلت دارا ، فكلّم المعتق ، وأكل لحم بقرة ، أو دخل براحا لم يحنث.
ص: 255
ولو جامعت الإشارة مثل : لا كلّمت هذا العبد ، ولا أكلت لحم هذه السخلة ، أو لا دخلت هذه الدار ، ثمّ زالت الصفة حنث ، تغليبا للإشارة ، وكذا لا أكلت هذه الحنطة فصارت دقيقا ، أو هذا العجين فصار خبزا ، أو هذا الرطب فصار تمرا ، أو هذا الدبس فصار ناطفا.
أمّا لو زالت الصّفة بالاستحالة مثل : لا أكلت هذا الحبّ فصار زرعا ، أو هذه البيضة فصارت فرخا ، لم يحنث ، تغليبا للصّفة.
الرابعة : لو أضاف الفعل إلى مباشر معيّن ، فشاركه فيه غيره ، كما لو قال : لا آكل طعاما اشتراه زيد ، فأكل ما اشتراه زيد وعمرو ، لم يحنث وإن اقتسماه.
ولو امتزج ما اشترياه منفردين لم يحنث بالأكل منه وإن أكل أكثر ممّا اشتراه زيد.
الخامسة : لو قال : لا دخلت هذه الدار من هذا الباب ، حمل على النّقب ، فلو حوّل الخشب إلى باب آخر حنث بالأوّل دون الثاني.
ولو حلف لا يدخلها من بابها ، حنث بالمستجدّ ، بخلاف ما لو قال : من بابها هذا.
السادسة : لو حلف لا يلبس ثوبا غزلته فلانة ، حنث بما غزلته في الماضي خاصّة ، ولو قال : ثوبا من غزلها حنث به مطلقا ، ولو قال : لا لبست من غزلها ، حنث بما فيه من غزلها وإن قلّ ، لا بما خيط منه.
السابعة : التخصيص جائز في القول دون الفعل ، فلو حلف لا يسلّم
ص: 256
عليه ، فسلّم على جماعة هو فيهم ، فاستثناه بالنطق أو بالنيّة لم يحنث ، ولو لم يستثنه مع العلم حنث.
ولو حلف لا يدخل عليه فدخل على جماعة هو فيهم واستثناه حنث.
الأولى : لو حلف ليضرب عبده مائة سوط في حدّ أو تعزير وجب ، ولا يجب تعدّد الآلة.
ولو قال : بمائة سوط وجب التعدّد لمكان الباء ، ويجزئ الضّغث مع التضرّر ، ويجب اشتماله على العدد والإيلام ووصول كلّ شمراخ إلى جسده ، ويكفي الظنّ ، ولو كان للمصالح الدنيويّة فالعفو أولى.
والضرب اسم للمؤلم بالسوط ، والعصى ، واللّطم ، واللّكم ، دون العضّ والقرص.
الثانية : لو حلف لأقضينّ دينك إلى شهر كان غاية ، ولو قال : إلى حين أو زمان لم يحمل على النذر في الصوم (1) بل هو مبهم يتضيّق بظنّ الوفاة ، وكذا لو قال : لا كلّمته حينا أو زمانا.
ولو حلف لا يكلّمه دهرا أو عمرا برّ باللحظة ، ولو قال : لا كلّمته الدّهر أو الزمان كان للأبد ، لمكان التعريف.
ص: 257
الثالثة : لو حلف لا أفارقك (1) حتّى أستوفي حقّي حنث بالإبراء أو الإحالة ، ولو قال : لا فارقتك ولي قبلك حقّ لم يحنث بهما.
ولو وكّل فقبض الوكيل قبل المفارقة ، لم يحنث في الموضعين.
الرابعة : لو حلف لا أفارقك حتّى أوفيك حقّك ، فأبراه الغريم من الدين لم يحنث ، ولو وهبه العين فقبل حنث.
الخامسة : لو حلف ألّا يفارق (2) غريمه ، ففارقه الغريم فلم يتبعه لم يحنث ، ولو قال لا نفترق حنث.
السادسة : لو حلف لا يتكفّل بمال فتكفّل بمال فتكفّل بنفس (3) لم يحنث وإن أدّى ما عليه.
السابعة : إذا حلف على جنس كالماء ، تناول كلّ جزء منه.
الثامنة : لو حلف لا يأكل هذه التمرة ، فوقعت في تمر ، حنث بأكل الجميع ، ولو تلفت واحدة أو أبقاها لم يحنث بأكل الباقي.
التاسعة : لو حلف ليأكل هذا الطعام غدا ، فأكله اليوم حنث ويكفّر معجّلا ، إلّا أن يضطرّ ، وكذا لو أتلفه ، بخلاف تلفه من غير جهته.
العاشرة : لو حلف على الإثبات كفى الإتيان بجزء في وقت ما ، ولو حلف على النفي تناول الجميع في كلّ الأوقات.
ص: 258
الحادية عشرة : لا تجب المبادرة في المطلق ، ويتضيّق بظنّ الوفاة.
الثانية عشرة : إذا خالف اليمين عامدا عالما مختارا حنث ، ولو نسي أو جهل المحلوف عليه (1) أو أكره لم يحنث.
وتتحقّق المخالفة بفعله وبفعل غيره ، كما لو حلف لا يدخل بلدا ، فدخلت به دابّته ، أو سفينته ، أو إنسان مع إذنه أو سكوته.
الثالثة عشرة : التسري : وطء الأمة المخدّرة.
والبشارة اسم للخبر الأول السارّ ، فلو بشّره جماعة دفعة استحقّوا الجعل ، ولو ترتّبوا فهو للأوّل ، بخلاف الإخبار ، لأنّ الثاني مخبر.
وأوّل داخل من دخل بعد اليمين وإن لم يدخل غيره ، وآخر داخل من دخل قبل موته.
الرابعة عشرة : لو حلف لا يطأ جارية عمّته ، فورثها حلّت له ، لأنّه إنما حلف على الحرام ، وكذا لو أحلّتها له ، أو كانت لغير عمّته.
الحلف على الإثبات يقتضي الوجوب وعلى النفي التحريم ، ويجوز التورية للمظلوم وغير الظالم لا له ، وهي أن ينوي باللّفظ غير ظاهره ، مثل : أن يحلف انّ هذا أخي ، وينوي أخوّة الإسلام ، أو انّ جواريّ أحرار ، وينوي سفنه ، أو نسائي طوالق ، وينوى نساء أقاربه ، أو ما كاتبته ، وينوي كتابة العبد ، أو ما في
ص: 259
داري بارية وينوي سكّينا يبري [ بها ] أو يقصد بالبناء : السّماء وبالفراش والبساط : الأرض ، وبالأوتاد : الجبال ، وباللباس : اللّيل.
ولا يجوز استعمال الحيلة المحرّمة ويتمّ [ قصده ] مع الإثم مثل : أن تحمل ابنها على الزنا بامرأة لتحرم على أبيه ، وتجوز المباحة ويتمّ بغير إثم ، مثل : أن تزوّجه بها ، وأن ينكر الاستدانة إذا خشى من دعوى الإسقاط أو الوفاء أو الإبراء أن يلزمه المدّعي ، وكذا لو كان معسرا فخشي الحبس.
والنيّة أبدا نيّة المدّعي إن كان محقّا ، ونيّة الحالف إن كان مظلوما.
ولو أكره على اليمين أنّه لا يفعل مباحا ، حلف وورّى مثل : أن لا يفعله في السماء ، ولو أكره على اليمين أنّه لم يفعل قال : ما فعلت ، وعيّن ب- « ما » الموصولة.
ولو اضطرّ إلى الجواب ب- « نعم » قال وعنى الإبل.
ولو أكره على الطلاق لم يقع عندنا ، فلم يحتج إلى التورية ، وكذا لو حلف ما أخذ جملا أو ثورا أو عنزا ونوى السحاب ، والقطعة الكبيرة من الأقط ، والأكمة.
ولو حلف ليصدّقنّه (1) خلص بقوله : فعلت ما فعلت. (2)
ولو حلف ليخبرنّه بعدد حبّ الرمّان ذكر الممكن.
ص: 260
ص: 261
ص: 262
أمّا النذر فهو التزام الإنسان بطاعة بقوله : لله متقرّبا
وفيه مطلبان :
وهي ثلاثة :
وهو : برّ وزجر وتبرّع.
فالأوّل قد يكون شكرا مثل : إن رزقت ولدا فلله عليّ كذا ، أو استدفاعا مثل : إن شفي مريضي فلله عليّ كذا.
والثاني قد يكون مانعا من الفعل مثل : إن دخلت الدار فلله عليّ كذا ، أو موجبا له مثل : إن لم أدخل فلله عليّ كذا.
ويشترط في المنع أن يكون السبب محرّما أو مكروها أو مباحا مرجوحا ، وفي الإيجاب أن يكون السبب فعلا واجبا ، أو مندوبا ، أو مباحا راجحا في الدّين أو الدنيا ، أو متساوي الفعل والترك.
ص: 263
وإذا كان الشرط طاعة وقصد الشكر لزم ، وإن قصد الزّجر لم يلزم ، وبالعكس لو كان الشرط معصية.
والثالث مثل : لله عليّ كذا ، وينعقد على الأقوى.
ويشترط النطق والقربة وذكر لفظ الجلالة ، فلو نواه ، أو قصد منع نفسه ، أو لم يقل : « لله » بطل.
الناذر (1)
ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، والاختيار ، والقصد ، والقدرة ، فلا يقع من الصّبي مطلقا ، ولا من المجنون والكافر ، ولو أسلم استحبّ له الوفاء ، ولا من المكره ، والسكران ، والنائم ، والغضبان الّذي لا قصد له ، ولا من العاجز ، فلو (2) تجدّد العجز سقط إلّا أن يقدر ، ولو كان صوما تصدّق عن كلّ يوم بمدّين استحبابا.
ويشترط إذن الزوج والمولى في نذر المرأة والمملوك في غير الواجب وترك المحرّم ، ولو بادرا وقف على الإجازة ، وقيل : ينعقد ولهما حلّه (3) ، ولا يشترط إذن الوالد.
ص: 264
في الملتزم (1)
وضابطه ما كان طاعة مقدورة ، كالعبادات الخمس ، والقربات الواجبة والمندوبة ، فلو جعله ترك واجب أو فعل محرّم أو مكروه أو مباح لم ينعقد ، ولو وصف الفعل وجبت الصّفة أيضا.
وهنا مباحث :
الأوّل : الصلاة ، إذا نذر أن يصلّي انصرف إلى ذات الركوع والسّجود ، دون الدعاء وصلاة الجنازة ، وتجب ركعتان ، ولو عيّن ركعة انعقد ويجب فيها (2) كلّ ما يجب في اليوميّة إلا قراءة السورة ولو عيّن صفة لزمت ، ولو نذر هيئة في غير وقتها كالعيد والكسوف لم ينعقد ، وكذا لو عيّن هيئة غير مشروعة.
ولو نذر عددا تعيّن ويسلّم عند كلّ ركعتين.
ولو نذر السّجود انعقد بخلاف الركوع.
ولو نذر إتيان مسجد وجب ولا يلزمه الصلاة ولا عبادة.
ولو نذر فريضة صحّ وتداخلتا ، ولا تجزئ الفريضة عند الإطلاق ، ويتعيّن الزمان مطلقا حتّى المكروه ، والمكان بشرط المزيّة.
ولو نذر الطهارة حملت على المائيّة ، ولو تعذّرت تيمّم على توقّف.
ص: 265
ولو نذر أحد أنواعها تعيّن ويراعى في التيمّم شرطه.
ولو عيّن وقتا فاتّفق كونه متطهّرا لم يجب الحدث.
الثاني : الصّوم ، وإذا أطلق وجب الشرعي ، ويجزئ يوم واحد لا بعض يوم إلّا أن ينذر إتمام صوم التطوّع ، ولو قيّده بعدد تعيّن ، ويتخيّر في التفريق والتتابع.
ولو وصفه بالتتابع وجب بخلاف التفريق ، ولو عيّن زمانه تعيّن.
ولو شرط التتابع في شهر معيّن لم يجب في قضائه ، ولو قيّده بمكان لم يتعيّن ولا يجب المبادرة ، وإن كانت أفضل.
ويشترط قبول الزمان له وإمكانه ، فلو نذر اللّيل ، أو العيدين ، أو أيّام التشريق ، وهو بمنى ، أو يوم قدوم زيد لم ينعقد وإن قدم قبل الزوال.
ولو نذره دائما صام ما بعده ، ويسقط ما يقع في رمضان ، ولا يجب قضاؤه ، ولو اتّفق يوم عيد أفطره ولا قضاء.
ولو وجب عليه صوم متتابع صامه عن النذر ، ولا ينقطع التتابع ، سواء تقدّم النذر أو لا ، وكذا لو نذر كلّ جمعة.
ولو نذر صوم شهر وجب ثلاثون أو عدّة بين هلالين ، ويتخيّر في التتابع والتفريق.
ولو صام شوّالا أتمّه بيوم ، ولو كان ناقصا أتمّه بيومين.
ولو صام ذي الحجّة وهو بمنى أتمّه بأربعة ، ولو كان ناقصا أتمّه بخمسة.
ولو وصفه بالتتابع توخّى ما يحصل فيه ويحصل بصوم خمسة عشر ، فلا يصوم ذا الحجّة.
ص: 266
ولو نذر صوم شهرين متتابعين حصل التتابع بمجاوزة النصف ، ولا يكفي مجاوزة النصف إلّا في الشهر والشهرين ، وطرّده الشيخ في السّنة. (1)
ولو نذر صوم سنة لزمه صوم اثني عشر شهرا كاملة ، ولو ابتدأ بسنة صام عن شهر رمضان والعيدين وأيام « التشريق » ولا يلزمه التتابع ، ولو شرطه وجب ، ولا ينقطع ب- « رمضان » والعيدين ، والحيض ، والمرض ، ولو أخلّ به استأنف ، ولا كفّارة.
ولو عيّنها لم يدخل العيدان وأيّام التشريق بمنى ، ويدخل رمضان ، فيجب بإفطاره عمدا قضاء واحد وكفّارتان ، ولو أفطر في أثنائها لعذر بنى وقضاه ولا كفّارة ، ولو كان لغير عذر بنى وقضى وكفّر ، وكذا لو شرط التتابع.
ولو نذر صوم الدّهر دخل رمضان دون العيدين وأيّام التشريق بمنى ، ولو نوى دخولهما بطل النذر.
ويفطر المسافر والحائض والمريض ولا قضاء ، ولو سافر في رمضان أفطر وقضاه.
ولو نذره سفرا وحضرا لم يدخل رمضان وقضاؤه ، فيفطره في السّفر ويقضيه.
ويجوز تعجيل القضاء ، ولا يجوز له الإفطار فيه ، فإن أفطر قبل الزوال لزمه كفّارة النذر ، وكذا بعده على توقّف.
ص: 267
ولو نذر أن يصوم زمانا صام خمسة أشهر ، (1) وحينا ستّة أشهر ، ولو نوى به غير ذلك لزمه.
الثالث : الحجّ ، (2) لو نذر حجّة الإسلام في عام الاستطاعة صحّ ، ولو نذرها في غيره لم يصحّ ، ولو نذر الحجّ تخيّر في أنواعه إلّا أن يعيّن أحدها ، ولا يجزئ حجّ النيابة (3) إلّا أن يقصده.
ولو نذر أن يحجّ ولا مال له فحجّ عن غيره ، أجزأ عن المنوب خاصّة ، ولو قيّده بوقت وجنب الفور وإلّا فلا.
ولو عيّنه بعام فتعذّر بمرض أو صدّ سقط ولا قضاء.
ولو فاته قبل الإحرام لم يجب لقاء البيت ، وبعده يتحلّل بعمرة.
ولو نذر إن رزق ولدا ، حجّ به أو عنه فمات حجّ بالولد أو عنه من صلب التركة.
ولو نذر أن يمشي إلى بيت اللّه الحرام انصرف إلى مسجد مكّة ، وكذا لو قال : إلى بيت اللّه. ويجب النسك حيث لا يجوز الدخول بغير إحرام.
ولو قال : إلى بيت اللّه لا حاجّا ولا معتمرا بطل النذر.
ولو قال : أن أمشي إلى الميقات ، أو مكّة ، أو الصفا ، أو المروة ، أو منى ، أو المشعر ، أو عرفة ، لم ينعقد.
ص: 268
ولو نذر المشي فإن قصد موضعا راجحا دينا أو دينا أو دنيا انعقد وإلّا فلا.
الرابع : الهدي ، لو نذره وأطلق انصرف إلى مكّة ، ولو نوى منى لزم ، ولو نوى غيرهما لم ينعقد.
ولو نذر أن يهدي عبدا أو أمة أو دابّة إلى بيت اللّه أو مشهد معيّن ، بيع وصرف في مصالحه ومعونة الحاج والزائرين.
ولو نذر أن يهدي غير ذلك قيل : يباع ويصرف في مصالح البيت ، وقيل : يبطل (1).
وإطلاق الهدي ينصرف إلى النّعم ، ويجب ما يسمّى هديا ، ولا تجزئ البيضة والبدنة الأنثى من الإبل.
ولو نذر الأضحيّة وجب أقلّ ما يجزئ فيها ، ولو عيّنها زال ملكه عنها ، ولو تلفت بتفريط تصدّق بقيمتها ، ولو عابت ذبحها على ما بها ، ولو كان من قبله تصدّق بالأرش ، ولا يمنع النذر استحباب الأكل منها.
الخامس : لو نذر زيارة النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أو أحد الأئمّة عليهم السلام انعقد ، وكذا قبور الصّالحين ، ولو قيّده بوقت تعيّن ، فإن أخلّ به عامدا قضى وكفّر ، وناسيا يقضي خاصّة ، ولو أطلق توسّع ، ويجب مع الحضور التسليم دون الصلاة والدّعاء وإن استحبّا.
ص: 269
السادس : العتق ، إذا نذر عتق رقبة أجزأه مسمّاها ، صغيرة أو كبيرة ، ذكرا أو أنثى ، صحيحا أو معيبا إلّا أن يوجب العتق (1).
ولو عيّن مسلما وجب ، ولو عيّن كافرا مطلقا بطل ، وفي المعيّن خلاف.
ولو نذر عتق كلّ عبد قديم أعتق من له في ملكه ستّة أشهر.
ولو نذر أن لا يبيع مملوكا لزم ، ولو اضطرّ جاز.
السابع : الصدقة ، إذا أطلق لزم مسمّاها ، ولا تجزئ الكلمة الطيّبة ، ولا تعليم العلم ، نعم يجزئ إبراء الغريم ، ولو عيّن الجنس أو القدر تعيّن ، ولا تجزئ القيمة.
ولو قال : بمال كثير كان ثمانين درهما ، ولو قيّده بنوع فثمانون من ذلك النوع.
ولو قال : بمال جليل أو عظيم أو خطير ، فسّره بما شاء ، ولو مات فسّره الوليّ.
ولو عيّن المدفوع إليه تعيّن وإن كان غنيّا ، ولا يملك إبراء الناذر ، (2) ولو امتنع بطل النذر.
ويتعيّن الزمان بالتعيين ، فلو خالف كفّر ، ويتعيّن المكان.
ويجب صرفه في أهله ومن حضره ، فإن خالف أعاده ، ولا كفّارة إلّا أن
ص: 270
يكون المال معيّنا ، وكذا لو تصدّق على أهله في غيره.
ويجزئ احتساب الدين عن الصدقة ، ولو جعل المال صدقة خرج عن ملكه على الأقوى ، فيتصدّق بالنماء.
ولو نذر الصدقة بجميع ماله لزم ، وله أن يقوّمه ويتصدّق بشي ء فشي ء حتّى ينفد.
وسبيل اللّه وسبيل الخير وسبيل الثواب كلّ قربة.
ولو عيّن مصرف الزكاة أو الخمس تعيّن إلّا أن ينافي التعجيل.
ص: 271
وأمّا العهد ، فصورة المشروط : عاهدت اللّه أو عليّ عهد اللّه أنّه متى كان كذا فعليّ كذا.
وصورة التبرّع : عاهدت اللّه أو عليّ عهد اللّه أن أفعل كذا.
ومتعلّقه كمتعلّق النذر ، وكذا شروطه وأحكامه.
ولا ينعقد بالنّية. (1)
ص: 272
وفيه مقصدان
ص: 273
ص: 274
وهي مرتّبة ، ومخيّرة ، وما فيه الأمران ، وكفّارة الجمع ، وغير ذلك.
أمّا الأولى : فكفّارة الظهار ، وقتل الخطأ ، ويجب فيهما العتق ، ثمّ صيام شهرين متتابعين ، ثمّ إطعام ستّين مسكينا ، وكفّارة من أفطر يوما من قضاء رمضان بعد الزوال ، ويجب إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام متتابعات.
وأمّا الثانية : فكفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان مع وجوبه ، وخلف النذر مطلقا ، والعهد ، وجزّ المرأة شعرها في مصاب الموت على الأقوى ، ولا فرق بين الكلّ والبعض ، ولا يلحق به الحلق والإحراق ، ولا الجزّ في غير المصاب ، ويجب فيها عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكينا.
وأمّا الثالثة : فكفّارة اليمين والإيلاء ، ونتف المرأة شعرها في المصاب وإن كان بعضه ، وكذا خدش وجهها دون غيره من بدنها ، وكفّارة شقّ الرّجل ثوبه في موت ولده أو زوجته خاصّة.
فلا كفّارة على المرأة ولا على الرّجل في الشقّ على الأب والأخ
ص: 275
وغيرهما ، ويجب فيها (1) عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.
وأمّا الرابعة : فكفّارة قتل المؤمن عمدا ظلما ، وإفطار يوم من شهر رمضان على محرّم عمدا.
وأمّا الخامسة : فمن حلف بالبراءة من اللّه أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم السلام فعليه إطعام عشرة مساكين ، ويستغفر اللّه ، وقيل : كفّارة ظهار ، فإن عجز فكفّارة يمين ، (2) وقيل : يأثم ولا كفّارة. (3)
ومن تزوّج امرأة في عدّتها عالما ، فارقها فكفّر بخمسة أصواع من دقيق.
قيل : ومن نذر صوم يوم فعجز عنه أطعم مسكينا مدّين فإن عجز عنه تصدّق بما استطاع فإن عجز استغفر اللّه تعالى. (4)
ومن نام عن العشاء حتّى انتصف الليل ، قضى وأصبح صائما.
ولا يلحق بالعشاء غيرها ، ولا بالنائم الناسي والعامد والسكران ، والوجه الاستحباب ، وكذا كفّارة وطء الحائض.
ولو ضرب مملوكه فوق الحدّ كفّر بعتقه.
ص: 276
وفيه مطالب :
ويتعيّن في المرتّبة على مالك الرقبة ، أو ثمنها مع إمكان الابتياع.
ولاتباع داره ولا ثيابه إلّا أن يفضل أحدهما عن حاجته ، ولا يجب بيع شي ء من ذلك والاستبدال ببعض الثمن ، ولا يكلّف المرتفع عن مباشرة الخدمة بعتق خادمه ، ولا يجب ابتياع نسيئة إلّا أن يكون له وفاء ، ولا قبول هبة الرقبة أو ثمنها.
وتباع ضيعته وعقاره وإن صار مسكينا.
والمديون المستوعب معسر ، ولو يكلّف العتق أجزأ إلّا مع مطالبة الديان.
ولو فقد الرقبة فإن تضرّر بالصّبر كالمظاهر انتقل إلى الصوم وإلّا فلا.
والقدرة معتبرة عند العتق ، فلو عجز بعد اليسر صام ولم يستقرّ العتق ، ولو أيسر بعد العجز أعتق ولم يستقر الصّوم.
ولو شرع في الصّوم ثمّ وجد الرقبة استحبّ العتق.
ولو شرع في الإطعام ثمّ تمكّن من الصّيام استحبّ الصّوم.
ويعتبر في العتق أمران :
ص: 277
الأوّل : الإيمان ، والمراد به الإسلام ، ويعتبر في القتل إجماعا وفي غيره على الأقوى ، ولا عبرة بإسلام المراهق ، نعم يفرق بينه وبين أبويه.
ويجزئ ولد الزنا ، والكبير الفاني ، والمريض مع استقرار الحياة ، والطّفل مع إسلام أحد أبويه ، ولا يشترط بلوغه الحنث (1) وإن كانت كفّارة القتل ، ولا يجزئ الحمل ولا من سباه المسلم.
الثاني : السلامة من عيب يوجب العتق ، كالعمى ، والإقعاد ، والجذام ، والتنكيل من المولى ، لا من الصّمم والخرس والخصاء ، والجنون ، ويجزئ مقطوع اليد أو الرّجل ومقطوع اليدين لا مقطوع الرّجلين.
الثالث : الملك أو حكمه ، فلو تبرّع عنه متبرّع لم يجز ولم يصحّ العتق ، ولو تبرّع عنه الوارث أجزأ على قول.
ولو أعتق عنه بمسألته أجزأ ولم يلزمه العوض إلّا ، أن يشترطه ، ويحصل
ص: 278
الملك الضّمني (1) بالشّروع في الإعتاق ، ثمّ يعتق بالباقي ، وقيل : بتمام الإعتاق ثمّ يعتق (2) وقيل : بالأمر. (3)
ولو قال له : كل هذا الطعام ، قيل : يملك بالأخذ ، فله إطعام غيره ، وقيل : بالوضع في الفم ، وقيل : بالمضغ وقيل بالازدراد (4) ، والحقّ أنّه يفيد إباحة التناول لا الملك.
الرابع : تمام الملك ، فلا يجزئ الموقوف والمرهون إلّا أن يجيز المرتهن ، ولا الجاني عمدا إلّا أن يأذن الوليّ ، ولا الجاني خطأ إلّا أن يفديه المولى ، ولا المكاتب المطلق المؤدّي.
ويجزئ غير المؤدّي والمشروط والمدبّر وإن لم ينقض تدبيره ، والموصى بخدمته أبدا ، وأمّ الولد ، والآبق ، والمغصوب.
ولا يجزئ من نذر عتقه أو الصدقة به وإن لم يحصل شرط النذر ، ولو اعتق نصف عبده [ عن الكفّارة ] نفذ في الجميع وأجزأه ولو أعتق شقصه فإن كان موسرا سرى وأجزأ إن قلنا إنّه يعتق بالإعتاق وإلّا فلا ، وإن كان معسرا عتق نصيبه ولم يجزئ إلّا أن ينتقل إليه فيعتقه.
ولو أعتق شقصين من عبدين له عتقا وأجزأه ، ولو كانا مشتركين لم يجزئ.
ص: 279
الخامس : عدم استحقاق العتق ، فلو اشترى أباه ونوى العتق عن الكفّارة لم يجزئ ، وكذا لا يجزئ من شرط عتقه عن البائع ، ويجزئ لو كان عن المشتري.
وهي أربعة :
الأوّل : النيّة ويعتبر فيها الوجوب والقربة ، فلا يصحّ من الكافر والمرتدّ مطلقا ، والتعيين إن اختلف الحكم كالمخيّرة والمرتّبة ، وإن اتّحد لم يجب ، سواء اختلف المسبّب كالظهار والقتل ، أو اتّحد كظهارين ، وحينئذ (1) لو كان عليه كفّارة الظهار وكفّارة يوم من رمضان فأعتق ونوى عن أحدهما لم يجزئ ، ولو كان عليه ظهاران أو ظهار وقتل أجزأ.
ولو كان عليه ثلاث كفّارات متساوية فأعتق ونوى التكفير ، ثمّ عجز فصام شهرين ونوى التكفير ، ثمّ عجز فأطعم ستّين مسكينا كذلك برئ من الثلاث.
ولو كان عليه كفّارة وشكّ في أنّها عن قتل أو ظهار ، أو عن ظهار أو عن يوم من رمضان ، فاعتق ونوى التكفير أجزأ.
ولو كان الشك بين نذر وظهار لم يجزئ ، ولو نوى براءة ذمّته أجزأ ، ولو نوى العتق أو نوى الوجوب لم يجزئ.
ولو كان عليه كفّارتان فأعتق نصف أحد عبيده عن إحداهما ونصف الآخر عن الأخرى سرى وأجزأ.
ص: 280
الثاني : تجرّده عن العوض ، فلو قال : أنت حرّ وعليك كذا ، لم يجزئ ، ولا يقع العتق.
ولو قال له : أعتق مملوكك عن كفّارتك وعليّ كذا فأعتقه ، ففي وقوع العتق قولان ، فإن قلنا به وجب العوض ، ولا يجزئ عن الكفّارة.
الثالث : تجرّده عن سبب موجب للعتق ، فلو نكّل به ونوى التكفير عتق ولم يجزئ [ عن الكفّارة ].
الرابع : تنجيز العتق ، فلا يجزئ التدبير وإن نوى به التكفير ، وكذا الاستيلاد.
يجب على الحرّ في الظهار أو القتل خطأ صوم شهرين متتابعين ، وعلى المملوك صوم شهر متتابع ، ولو أعتق قبل التلبس كان كالحرّ.
والشهر عدّة بين هلالين أو ثلاثون يوما ، ولا تجب نيّة التتابع.
ويحصل بصوم شهر ومن الثاني ولو يوما ، وفي الشهر يصوم خمسة عشر يوما ، ولا يأثم بتفريق الباقي.
ولا يقطعه العذر كالسّفر الواجب ، أو الضروري ، أو الحيض ، أو النفاس ، أو المرض ، أو الجنون ، أو الإغماء.
وخوف الحامل أو المرضع على أنفسهما أو على الولد عذر ، وكذا الإكراه على الإفطار ، سواء ضرب أو توعّد حتى أفطر ، أو وجر الماء في حلقه.
ص: 281
وينقطع التتابع بصوم رمضان وقضائه لا بصوم الجمع المنذورة دائما.
ولو نذر جمع سنة صبر حتّى تخرج إلّا مع الضرر.
وينقطع بوطء المظاهر ليلا وتجب كفّارة أخرى.
ولو تضرّر بترك الجماع انتقل إلى الإطعام.
ولو تضرّر بطول زمان الإطعام احتمل إباحة الوطء بالاستغفار.
وإذا عجز في المرتّبة عن الصّوم وجب إطعام ستّين مسكينا ، لكلّ واحد مدّ ممّا يسمّى طعاما ، كالحنطة ، والشعير ، ودقيقهما ، وخبزهما.
ويستحبّ الأدم (1) وأعلاه اللحم ، وأوسطه الخلّ ، وأدناه الملح.
ويجزئ الإطعام دفعة ، والتسليم مجتمعين ومتفرّقين ، ولا يجزئ دون العدد وإن أعطاهم القدر ، فإن تعذّر العدد جاز التكرار ، ويجوز التكرار من الكفّارات المتعدّدة.
ولا يجزئ إطعام الصغار منفردين ويجوز منضمّين ، ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد ، ولا يجزئ المريض ، ويجب التسليم إلى وليّ الطّفل ، ولا يفتقر إلى إذنه في الإطعام ، ولا تجزئ القيمة.
ص: 282
ويجوز صرفها إلى قريبه الواجب النفقة مع فقره ، وإلى مكاتبه المعسر ، وإلى زوج المرأة.
والمستحقّ من لا يملك مئونة السنة ، ويعطى الفقير لأنّه أسوأ حالا.
ويشترط الإيمان لا العدالة ، ولو بان أنّه غير مستحقّ استردّ ، فإن تعذّر أجزأ.
ويجب ثوبان مع القدرة وثوب لا معها ، سواء الذكر والأنثى والأطفال وإن انفردوا ، ولا يجب التضعيف. (1)
والثوب اسم للازار ، والقميص ، والقباء ، والسّروال ، دون القلنسوة ، والنعل ، والمنطقة ، والدّرع ويجزئ الغسيل [ من الثياب ] دون البالي والمرقّع.
ولا يجزئ ثوب الصّغير للكبير ويشترط اعتياد لبسه كالقطن والكتّان والصوف والخزّ.
ويجزئ الحرير للنّساء لا للرّجال.
ص: 283
لا يجوز التكفير قبل موجبه ، ولا بجنسين (1) وإن كانت مخيّرة ، ولا يجزئ دفع القيمة.
والعبد يكفّر بالصّوم ولا يجزئه غيره وإن أذن مولاه ، وكذا لو أعتق عنه إلّا أن نقول : إنّه يملك إذا ملّكه مولاه.
ومن مات وعليه كفّارة وجب في المرتّبة أولى فرضه (2) وفي المخيّرة أدنى الخصال إلّا أن يتطوّع الوارث بالأرغب.
ولو أوصى بالأزيد ولم يجز الوارث فالزائد من الثلث ، فلو لم يف بالعليا أجزأت الدّنيا ، والفاضل ميراث.
ومن وجب عليه شهران متتابعان فعجز ، صام ثمانية عشر يوما ، فإن عجز تصدّق عن كلّ يوم من الثمانية عشر بمدّ من الطعام ، فإن عجز استغفر اللّه تعالى ولا شي ء عليه.
ص: 284
القسم الرابع
في الأحكام
وفيه كتب :
الأوّل
والنظر في أمور:
ص: 285
ص: 286
وهي خمس :
وهو نسب وسبب ، أمّا النسب فعموده الآباء وإن علوا والأولاد وإن نزلوا ، وله حاشيتان :
إحداهما : أولاد الأبوين وهم الإخوة والأخوات.
وثانيتهما : أولاد آبائهما وهم الأعمام والأخوال.
الأولى : الأبوان والأولاد وإن نزلوا.
الثانية : الإخوة والأخوات وإن نزلوا ، والأجداد والجدّات وإن علوا.
الثالثة : الأعمام والعمّات والأخوال والخالات وإن علوا ، وأولادهم وإن نزلوا.
ولا ترث المرتبة اللاحقة مع السابقة ، ولو اشتملت المرتبة على طبقات فالأقرب يمنع الأبعد.
ثمّ الورثة منهم من يرث بالفرض ، وهو الأمّ من الأنساب وكلالتها إلّا
ص: 287
على الردّ ، والزّوج والزوجة من الأسباب إلّا على الرّد.
ومنهم من يرث بالفرض تارة وبالقرابة أخرى ، وهم الأب والبنت والبنات والأخت والأخوات للأب ، فيرث الأب مع الأولاد بالفرض ولا معهم بالقرابة ، والبنت والبنات مع البنين بالقرابة ولا معهم بالفرض ، والأخت والأخوات مع الإخوة بالقرابة ولا معهم بالفرض.
ومنهم من يرث بالقرابة لا غير وهم الباقون.
وأمّا السبب فهو زوجيّة وولاء ، والولاء ثلاث مراتب : ولاء العتق ، ثمّ ولاء تضمّن الجريرة ، ثمّ ولاء الامامة.
إذا كان الوارث ذا فرض أخذ فرضه ، ويردّ عليه الباقي إلّا الزوجة ، فإنّ الفاضل للإمام ، وإن كان معه مساو ذو فرض فإن كان التركة بقدر السّهام أخذ كلّ واحد فرضه ، كأبوين وبنتين ، وإن فضلت فلا تعصيب ، بل يردّ الفاضل عليهم بنسبة السّهام ، كأبوين مع بنت إلّا أن تنقص وصلة أحدهما أو يحجب ، وإلّا الزوجين فانّه لا يردّ عليهما ، وإلّا كلالة الأمّ مع كلالة الأب ، فإنّه لا يردّ على كلالة الأمّ على الأصحّ.
وإن كان معه مساو لا فرض له ، فالفاضل له ، كأبوين أو أحدهما مع ابن وإن نقصت ، وذلك بسبب الزوج أو الزوجة ، فلا عول بل يدخل النقص على البنت أو البنات ، أو الأخت أو الأخوات للأبوين أو للأب دون المتقرّب بالأمّ ، كزوج وأبوين وبنت أو بنتين ، وكزوج وأخت ، أو أختين مع أخت لأمّ.
ص: 288
وإن كان الوارث لا فرض له ، فالمال له ، واحدا كان أو أكثر إن اتّفقت الوصلة ، وإلّا فلكلّ نصيب من يتقرّب به ، كالأعمام لهم نصيب الأب ، والأخوال لهم نصيب الأمّ.
وهي ثلاثة :
الأوّل : الكفر ، وهو اعتقاد ما يخرج عن الإسلام ، أو إنكار ما علم من الدّين ضرورة ، ولا فرق بين الحربيّ ، والذّميّ ، والمرتدّ ، والخوارج ، والغلاة ، فلا يرث الكافر مسلما وإن قرب ، ويرثه المسلم وإن بعد.
ولا يرث الكافر مثله مع وارث مسلم حتّى ضامن الجريرة ، فلو لم يخلّف المسلم مسلما ورثه الإمام ، ولو لم يخلّف الكافر مسلما ورثه الكفّار.
والمرتدّ لا يرثه الكافر بل المسلم ، فإن فقد ورثه الإمام ، ولا يمنع الكافر من يتقرّب به.
ولو أسلم على ميراث قبل قسمته اختصّ إن كان أولى ، وشارك إن ساوى ، وكذا لو قسم البعض أو خلّف ما لا ينقسم ، وإسلامه كاشف عن استحقاقه بالموت ، فيشارك في النماء المتجدّد بعده.
ولو أسلم بعد القسمة أو كان الوارث واحدا فلا إرث ، ولا ينزّل الإمام منزلة الوارث الواحد فيرث دون الإمام.
ص: 289
ولو كان الوارث زوجا أو زوجة شارك مع الزوجة دون الزوج.
ولو ادّعى تقدّم الإسلام على القسمة قدّم قول الوارث مع اليمين ، ولو صدّقه أحدهم نفذ في نصيبه ، وتقبل شهادته مع غيره إن كان عدلا لا مع اليمين.
وحكم الطفل حكم أبويه في الإسلام ، فإن كان أحدهما مسلما حكم بإسلامه ، ويتبعه لو أسلم (1) ثمّ إن بلغ فامتنع من الإسلام قهر عليه ، وإن أصرّ فهو مرتدّ.
وروى في نصراني مات عن زوجة وأطفال وابن أخ وابن أخت مسلمين : أن يقتسما المال أثلاثا ، وينفقا على الأطفال بالنسبة ، فإذا بلغ الأطفال مسلمين ، أخذوا باقي التركة ، وإلّا استقرّ الإرث (2).
وعليها أكثر الأصحاب ، فإن عملنا بها فلا يتعدّى.
ويتوارث المسلمون وإن اختلفت آراؤهم والكفّار وإن اختلفوا في النّحل. (3)
والمرتدّ إن كان عن فطرة قسّمت تركته ، وقتل ، وبانت زوجته ، وتعتدّ عدّة الوفاة وإن لم يقتل ، ولا يستتاب ، فإن تاب قبل منه ، ولم تسقط الأحكام ، ويحكم بطهارته وصحّة تصرّفاته ونكاحه وتملّكه و [ يحكم ] بموته مسلما.
وإن كان عن غير فطرة استتيب فإن تاب وإلّا قتل ، ولا تقسّم تركته حتّى
ص: 290
يقتل أو يموت ، وتعتدّ زوجته عدّة الوفاة وعدّة الطلاق مع الحياة.
والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتّى تتوب ولو كانت عن فطرة.
الثاني : القتل ، ويمنع القاتل عن الإرث إذا كان عمدا ظلما ، وفي الخطأ يمنع من الدية ، وشبيه العمد كالعمد ، والمشارك كالمنفرد ، والتسبيب كالمباشرة ، فلو قتل بحقّ أو بطّت جراحته فمات لم يمنع.
ولو ضربه تأديبا فمات فإن أسرف منع وإلّا فلا ، ولا يمنع المتقرّب بالقاتل.
ولو لم يكن غير القاتل ورثه الإمام ، وله القود.
والدية دون العفو والدية كأموال الميّت تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه ، سواء الخطأ والعمد إذا أخذت صلحا ، وليس للديّان منعهم من القصاص وإن لم يخلّف شيئا.
ويرث الدية كلّ مناسب ومسابب ، إلّا المتقرّب بالأمّ.
ولا يرث أحد الزوجين القصاص ، ويرثان من الدّية إذا رضي الوارث بها.
الثالث : الرقّ ، ويمنع في الوارث والموروث ، فلا يرث الرّقيق من قريبه ، سواء كان حرّا أو رقيقا ، مدبّرا كان أو مكاتبا ، مشروطا أو مطلقا لم يؤدّ ، أو أمّ ولد.
ولا يرث الرقّ وإن قلنا يملك بل ماله لمولاه.
ولو اجتمع حرّ ورقّ ورث الحرّ وإن بعد ومنع الرقّ وإن قرب ، ولا يمنع برقّه من يتقرّب به.
ص: 291
ولو لم يكن إلّا المملوك اشتراه الإمام بقيمته من التركة وأعتقه ، وأعطي باقي المال.
ولو امتنع أخذه الإمام قهرا وكفى دفع القيمة عن الشراء ، ولو قصرت عن قيمته فالميراث للإمام ، وكذا لو تعدّد الوارث وقصر نصيب كلّ وارث.
ولو قصر نصيب أحدهم فكّ من وفى نصيبه بقيمته ، وورث باقي المال ، سواء وفت التركة بقيمة الجميع أو لا ولو قصر نصيب القريب دون البعيد لم يفكّا.
ويفكّ كلّ وارث حتّى الزوج لا الزّوجة ، ولو ظهر الوارث بعد الشراء والعتق بطلا.
وإذا أعتق المملوك على ميراث قبل قسمته ، فإن كان أولى اختصّ به وإن ساوى شارك ، ولو أعتق بعدها أو كان الوارث واحدا منع ، ولو أعتق بعد قسمة البعض لم يمنع.
ولو كان بعضه حرّا ورث بقدر الحرّية ومنع بقدر الرقيّة ، فإن ورث بالفرض أعطي من فرضه بقدر ما فيه من الحرية ، فلو خلّف بنتا نصفها حرّ ، فلها النصف بالفرض والردّ ، والباقي للإمام.
ولو كان معها أمّ حرّة فلها ربع وثمن ، والباقي للإمام.
وإن ورث بالقرابة أعطي بقدر ما فيه من الحرّية ، فلو خلّف ابنا نصفه حرّ ، فله النّصف والباقي للإمام ، ولو خلّف اثنين نصفهما حرّ ، فلهما النّصف والباقي للإمام.
ولا يمنع بجزئه الحرّ من بعد ، فلو خلّف ابنا نصفه حرّ وابن ابن حرّا
ص: 292
فالمال بينهما بالسويّة ، ولو كان نصفه حرّا فله الرّبع ، والباقي للإمام.
ولو خلّف ابنا نصفه حرّ مع أخ حرّ فالمال لهما ، ولو كان نصفه حرّا فله الربع ، والباقي للإمام.
وللمنع أسباب أخر :
الأوّل : اللّعان ، ويقطع التوارث بين الزّوجين وبين الولد وأبيه ، إلّا أن يعترف به الأب ، فيرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من يتقرّب به.
الثاني : الغيبة المنقطعة تمنع من الإرث حتّى يعلم موته بالبينة ، أو بمضيّ مدّة لا يعيش مثله إليها عادة ، فيرثه الموجود وقت الحكم بموته ، ولو مات قريبه عزل نصيبه وكان كحكم ماله. (1)
الثالث : الحمل ، ويمنع الورثة من القسمة إن حجبوا به حتّى يبين حاله ، وإلّا أعطي من لا ينقصه الحمل جميع نصيبه ومن ينقصه أقلّ مراتبه ، ووقف الباقي.
الرابع : الدين المستوعب للتركة يمنع من الإرث ، وقيل : تنتقل إلى الوارث ، ويتعلّق بها الدين تعلّق الرهن. (2)
فعلى الأوّل يصرف النّماء في الدين ، وعلى الثاني هو للوارث ، ولو لم يستوعب انتقل إلى الوارث ما فضل ، والباقي على حكم مال الميت (3) ويكون جميع التركة كالرّهن.
ص: 293
وهو قد يكون عن أصل الإرث ، فضابطه القرب ، فلا يرث أبعد مع أقرب ، وقد يكون عن بعض الإرث ، وهو في موضعين :
الأوّل : الولد مطلقا وإن نزل يمنع الزوجين من النصيب الأعلى ، ويحجب الذّكر الأبوين أو أحدهما عما زاد عن السدس ، ولا يحجبهما البنت ولا البنات.
الثاني : الإخوة يمنعون الأمّ عمّا زاد عن السدس (1) بشروط خمسة :
الأوّل : وجود الأب.
الثاني : كونهم أخوين ، أو أخ وأختين ، أو أربع أخوات ، والخنثى كالمرأة.
الثالث : كونهم للأبوين أو للأب ، فلا تحجب كلالة الأمّ.
الرابع : انفصالهم ، فلا يحجب الحمل.
الخامس : انتفاء الكفر والقتل والرقّ ، ولا يحجب أولاد الإخوة.
ص: 294
وهي في كتاب اللّه ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسّدس.
فالنصف للبنت والأخت للأبوين أو للأب ، وللزوج مع عدم الولد وإن نزل.
والرّبع للزوج مع الولد وإن نزل ، وللزوجة مع عدمه.
والثمن لها معه وإن نزل.
والثلثان للبنتين فصاعدا ، وللأختين فصاعدا للأبوين أو للأب.
والثلث للأمّ مع عدم الحاجب من الولد والإخوة : وللبنين فصاعدا من ولد الأم.
والسدس لكلّ واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل ، وللأمّ مع الحاجب ، وللواحد من ولد الأمّ.
ص: 295
يجتمع النصف مع مثله ومع الرّبع والثمن والثلث والسّدس ، لا مع الثلثين ، لبطلان العول ، بل يدخل النّقص على الأختين.
ويجتمع الربع مع الثلثين والثلث والسدس.
ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس.
ويجتمع الثلث مع الثلثين.
ولا يجتمع الرّبع مع الثمن ، ولا الثلث مع الثمن ، ولا الثلث مع السّدس تسمية بل بالقرابة كأبوين وزوج.
ص: 296
وفيه مطالب :
وفيه بحثان :
للأب وحده المال وللأمّ وحدها الثلث ، ويردّ عليها الباقي ، ولو اجتمعا فللأمّ الثلث ومع الإخوة السدس ، والباقي للأب ، ولا شي ء للإخوة ، ولو كان معهما زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى ، وللأمّ ثلث الأصل ، ومع الإخوة السّدس ، والباقي للأب.
وللابن وحده المال ، ولو تعدد الابن تساووا فيه.
وللبنت وحدها النصف ويردّ عليها الباقي ، وللبنتين فصاعدا الثلثان ، ويردّ عليهنّ الباقي.
ولو اجتمع البنون والبنات فللذّكر مثل حظّ الأنثيين.
ص: 297
ولو كان مع الأبوين ابن فلهما السدسان والباقي له ، ولو كان معه أحدهما فله السدس ، والباقي للابن ، وكذا لو تعدّد الابن.
ولو كان معهما بنت فلهما السّدسان ، ولها النصف ، والباقي يردّ أخماسا ، ومع الحاجب أرباعا ، ولو كان زوج فله الرّبع ، وللأبوين السدسان ، وللبنت الباقي ، وللزوجة الثمن ، وللأبوين السدسان ، ويردّ الباقي أخماسا ، ومع الحجب أرباعا.
ولو كان معها أحد الأبوين فله السدس ، ولها النّصف ، ويردّ الباقي أرباعا.
ولو كان هناك زوج أو زوجة فلهما النّصيب الأدنى ، وللبنت النّصف ، ولأحد الأبوين السّدس ، والباقي يردّ أرباعا.
وللبنتين فصاعدا مع الأبوين الثلثان بالسوية ، ولهما السّدسان.
ولو كان هناك زوج أو زوجة فلكلّ منهما نصيبه الأدنى ، وللأبوين السدسان ، والباقي للبنتين.
ولأحد الأبوين مع البنتين السّدس ، ولهما الثلثان ، والباقي يردّ أخماسا.
ولو كان هناك زوج دخل النّقص على البنتين ، ولو كان زوجة ، ردّ الباقي على البنتين وأحد الأبوين أخماسا.
ولو اجتمع الأبوان والأولاد الذكور والإناث ، فلهما السدسان ، والباقي للذّكر مثل حظّ الأنثيين.
ولو كان معهم زوج أو زوجة فله نصيبه الأدنى ، وللأبوين السدسان ، والباقي يقسّمونه كذلك ، ولو كان أحد الأبوين فله السدس ، ولأحد الزوجين نصيبه الأدنى ، والباقي للأولاد كذلك.
ص: 298
وهي ثلاثة :
الأوّل : يرث أولاد الأولاد نصيب آبائهم مع عدمهم ، ولا يشترط عدم الأبوين ، ويرثون ويترتّبون الأقرب فالأقرب ، فلا يرث البطن الدنيا مع العليا ، فلو خلف بنت ابن وابن بنت فلبنت الابن الثلثان ، ولابن البنت الثلث ، ولو تعدّدوا اقتسم كلّ فريق نصيبه ، للذّكر ضعف الأنثى.
ولو كان معهم زوج أو زوجة وأبوان فلهما السدسان ، ولأحد الزوجين نصيبه الأدنى ، والباقي لأولاد الابن والبنت أثلاثا.
ولولد البنت النّصف ذكرا كان أو أنثى ، ويردّ عليه الباقي ، ولو اجتمع مع الأبوين يردّ الفاضل أخماسا ، ومع الإخوة أرباعا.
ولولد الابن جميع المال ذكرا كان أو أنثى ، ولو اجتمع مع ذوي الفروض كالأبوين أو أحد الزّوجين فله الفاضل.
الثاني : لا يرث الجدّ ولا الجدّة مع الأبوين ، بل يستحبّ لهما إطعام الجدّ والجدّة أو أحدهما السّدس إن زاد نصيبه عليه ، فلو خلّف أبويه وجدا وجدّة لأب وجدّا وجدّة لأمّ ، استحبّ للأب طعمة أبويه سدس الأصل بالسويّة ، وكذا للأمّ ، ولو وجد أحدهما فالطعمة له ، ولو زاد نصيب أحدهما خاصّة أطعم أبويه دون الآخر ، فلو خلّف أبويه وإخوة أطعم الأب ، ولو خلّفت أبويها وزوجا أطعمت الأمّ ، ولا طعمة للجدّ الأعلى ، ويستحبّ للأولاد طعمة الأجداد.
ص: 299
الثالث : يحبى الولد الأكبر الذكر من تركة أبيه بثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه ، بشرط أن لا يكون سفيها ، ولا فاسد الرأي (1) ولا صبيّا ، وأن يخلّف غير ذلك وإن قلّ ، وأن لا يوصي به.
ولو كان الأكبر أنثى أعطي أكبر الذكور.
ولو تعدّد الأكبر قسّم بينهم.
ويدخل في الثياب السروال دون العمامة ، والمنديل.
ولو تعدّد غير الثياب تخيّر الوارث في التخصيص.
والحباء واجب فلا تجزئ القيمة ، ولا تحسب قيمته من النصيب.
وعلى المحبى قضاء الصّلاة والصّوم.
وفيه مباحث :
[ المبحث ] الأوّل : للأخ المنفرد من الأبوين المال ، وكذا للأخوين فصاعدا بينهم بالسوية ، وللأخت المنفردة النصف ، ويردّ عليها الباقي ، وللأختين فصاعدا الثلثان ، ويردّ عليهنّ الباقي ، ولو كانوا ذكورا وإناثا فللذّكر ضعف الأنثى ، ولا يرث المتقرّب بالأب مع المتقرّب بالأبوين ، ويقوم مقامهم مع عدمهم.
ص: 300
وللواحد المنفرد من الأمّ السّدس ، ويردّ عليه الباقي ، وللاثنين فصاعدا الثلث ويردّ الباقي عليهم بالسويّة.
ولو اجتمعت الكلالات [ الثلاث ] فللواحد من الأمّ السدس ، وللاثنين فصاعدا الثلث والباقي للمتقرّب بالأبوين وإن كان واحدا ، [ وتسقط كلالة الأب ] ، ولو كان [ المتقرّب بالأبوين ] أنثى فلها نصف الأصل ، ويردّ عليها الباقي دون المتقرّب بالأمّ.
ولو كان [ المتقرّب بالأبوين ] أختين فصاعدا ، فلهنّ الثلثان ، وإن بقي شي ء ردّ عليهنّ دون المتقرّب بالأمّ. (1)
وإن كانت الأخت للأب خاصّة مع كلالة الأمّ اختصّ الردّ بكلالة الأب على الأصحّ.
ولو كان زوج أو زوجة فله النصيب الأعلى ولكلالة الأمّ سدس الأصل أو الثلث ، والباقي للمتقرّب بالأبوين ومع عدمهم للمتقرّب بالأب.
المبحث الثاني : للجدّ المنفرد المال لأب كان أو لأمّ وكذا الجدّة.
ولو اجتمعوا فللمتقرّب بالأب الثلثان للذكر ضعف الأنثى ، وللمتقرّب بالأمّ الثلث بينهم بالسوية ، والأقرب يمنع الأبعد ، فلا يرث أب الجدّ مع الجدّ ، لأب كان أو لأمّ ، فإذا عدم الأقرب ورث الأبعد.
فلو خلّف جدّ أبيه وجدّته له ، وجدّه وجدّته لأمّه ، وجدّ أمّه ، وجدّتها لأبيها ، وجدّها وجدّتها لأمّها ، فلأجداد الأمّ الثلث بينهم بالسوية ، ولأجداد الأب
ص: 301
الثلثان ثلثاهما لأبوي أب الأب بينهما أثلاثا ، وثلثهما لأبوي أمّ الأب كذلك ، ويقسم من مائة وثمانية.
ويمنع الأجداد آباءهم وأولادهم ، أعني : الأعمام والأخوال.
ولو اجتمع معهم زوج أو زوجة فلهما النصيب الأعلى ، وللجدّ أو الجدّة أو لهما للأمّ ثلث الأصل والباقي للجدّ أو الجدّة أو لهما للأب.
المبحث الثالث : الأجداد وإن علوا يشاركون الإخوة وأولادهم وإن نزلوا لكن الأقرب يمنع الأبعد ، فلو اجتمع مع الأجداد الإخوة وأولادهم شاركهم الإخوة خاصّة ، ولو عدم الإخوة شاركهم الأولاد.
ولو اجتمع مع الإخوة الأجداد الأعلون والأدنون شاركهم الأدنون خاصّة ، فإن عدموا شاركهم الأعلون.
المبحث الرابع : إذا اجتمع الإخوة والأجداد ، فالجدّ من الأب كالأخ من قبله ، والجدّة كالأخت ، والجدّ من الأمّ كالأخ من قبلها ، والجدّة كالأخت.
ولو اجتمعت الكلالات مع الأجداد المتفرقين فالثلث للأجداد والإخوة والأخوات من قبل الأمّ بالسوية ، والثلثان للأجداد والإخوة والأخوات من الأبوين ، للذّكر ضعف الأنثى ، ولا شي ء للإخوة والأخوات من الأب ، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.
المبحث الخامس : أولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم وأمّهاتهم عند عدمهم ، فيرث كلّ نصيب من يتقرّب به ، فلولد الأخ من الأبوين نصيب أبويه (1) ولولد الأخت النّصف ويردّ عليه الباقي ، ولأولاد الأختين فصاعدا
ص: 302
الثلثان ويردّ عليهم الباقي ، ويقتسمونه للذّكر ضعف الأنثى ، ولأولاد الأخ أو الأخت من الأمّ السدس بالسوية.
ولأولاد الاثنين فصاعدا الثلث (1) لكلّ طائفة نصيب من يتقرّب به بالسوية ، والباقي يردّ عليهم.
ولو اجتمعت الكلالات فلأولاد الواحد من الأمّ السّدس ، وللاثنين فصاعدا الثلث ، لكلّ نصيب من يتقرّب به ، ولأولاد كلالة الأبوين الثلثان ، لكلّ نصيب من يتقرّب به ، ويسقط المتقرّب بالأب ، ويقوم مقام المتقرّب بالأبوين عند عدمهم.
ولو كان زوج أو زوجة فله النصيب الأعلى ، ولمن يتقرّب بالأمّ سدس الأصل إن كان واحدا ، والثلث إن كان أكثر ، والباقي لأولاد من يتقرّب بالأبوين.
ولو حصل ردّ اختصّوا به ، ولو عدموا قام مقامهم أولاد كلالة الأب.
وفيه مباحث :
[ المبحث ] الأوّل : للعمّ المنفرد المال ، وكذا للعمّين أو الأعمام بالسوية إن استوت الدرجة ، وكذا العمّة والعمّتان والعمّات.
ص: 303
ولو اجتمعوا فللذّكر مثل حظّ الأنثيين إن كانوا للأبوين أو للأب وإلّا تساووا.
ولو كانوا متفرّقين فللعمّ أو العمّة من الأمّ السّدس ، وللأكثر الثلث بينهم بالسوية ، والباقي للمتقرّب بالأبوين للذّكر ضعف الأنثى ، ويسقط المتقرّب بالأب ، ويقوم مقامهم عند عدمهم ، ويقتسمون كقسمتهم.
ولو خلّف عمّا أو عمّة لأمّ مع عمّة لأب فللمتقرّب بالأمّ السّدس والباقي للعمّة ، ولا ردّ هنا قطعا.
ولو كان معهم أحد الزوجين فله نصيبه الأعلى ويقسّم الباقي كما مرّ.
ولا يرث ابن العمّ مع العمّ إلّا في مسألة إجماعيّة وهي : ابن عمّ لأب وأمّ مع عمّ لأب بشرط بقاء الصورة ، فلو تبدّلت الذكورة بالأنوثة ، أو كان العمّ لأمّ أو للأبوين ، أو اجتمع معهما عمّ للأبوين أو لأمّ أو خال أو خالة أو زوج أو زوجة مع ابن العمّ ، وكذا لو تعدّد أو أحدهما على توقّف.
[ المبحث ] الثاني : للخال المنفرد المال ، وكذا الخالات والأخوال ، وكذا الخالة والخالتان والخالات ، ولو اجتمعوا تساووا.
ولو اجتمع المتفرّقون فللواحد من الأمّ السّدس ، وللأكثر الثلث بينهم بالسوية ، والباقي للمتقرّب بالأبوين بالسوية أيضا ، ولا شي ء للمتقرّب بالأب ، بل يقومون مقامهم عند عدمهم.
ولو اجتمع معهم أحد الزّوجين ، فله نصيبه الأعلى ، وللخال للأمّ سدس الأصل ، وللأكثر ثلثه ، والباقي للمتقرّب بالأبوين ، ومع عدمهم للمتقرّب بالأب.
ص: 304
ولو خلّف خالا أو خالة لأمّ مع خالة لأب فللمتقرّب بالأمّ السدس وللمتقرّب بالأب الباقي ولا ردّ قطعا.
[ المبحث ] الثالث : لو اجتمع الأعمام والأخوال ، فللخئولة الثلث وإن كان واحدا ، والباقي للعمومة وإن كان واحدا.
ولو كانوا متفرّقين فللأخوال الثلث ، فللواحد من جهة الأمّ سدس الثلث ، وللأكثر ثلث الثلث ، والباقي من الثلث للأخوال من جهة الأبوين ، ومع عدمهم للمتقرّب بالأب ، وللأعمام الثلثان للواحد من الأمّ سدس الثلثين ، وللأكثر ثلثهما بالسويّة ، والباقي للمتقرّب بالأبوين بالتفاوت ، ومع عدمهم للمتقرّب بالأب كذلك.
ولو كان معهم زوج أو زوجة ، أخذ نصيبه الأعلى ، وللأخوال والخالات ثلث الأصل ، والباقي للأعمام والعمّات كما فصّلناه.
[ المبحث ] الرابع : عمومة الميّت وأولادهم وخئولته وأولادهم أولى من عمومة أب الميّت وخئولته ومن عمومة أمّ الميت وخئولتها ، وكذا عمومة الأبوين وأولادهم وخئولتهما وأولادهم أولى من عمومة الجدّين وخئولتهما ، وهكذا الأقرب يمنع الأبعد ، فابن ابن عمّ الميّت أولى من عمّ أبيه ، وابن ابن عمّ الأب أولى من عمّ الجدّ.
[ المبحث ] الخامس : لو اجتمع عمّ الأب وعمّته وخاله وخالته وعمّ الأمّ وعمّتها وخالها وخالتها ، فلمن يتقرّب بالأمّ الثلث بينهم بالسويّة ، وثلث الثلثين لخال الأب وخالته بالسويّة ، وثلثاه للعمّ والعمّة أثلاثا ، فيصحّ من مائة وثمانية.
ص: 305
ولو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على المتقرّب بالأب من العمومة والخؤولة ، دون عمومة الأمّ وخئولتها.
[ المبحث ] السادس : يقوم أولاد الأعمام والأخوال مقام آبائهم وأمّهاتهم عند عدمهم ، والأقرب منهم يمنع الأبعد وإن لم يكن من قبيله ، فابن الخال يمنع ابن ابن العمّ ، وابن العمّ يمنع ابن ابن الخال ، ويرث كلّ واحد نصيب من يتقرّب به ، فلأولاد العمّ أو العمّة للأمّ السّدس بالسويّة ، ولأولاد العمّين (1) فصاعدا الثلث لكلّ فريق نصيب من يتقرّب به بالسوية ، ولأولاد العمّ للأبوين الباقي للذّكر ضعف الأنثى ، ويسقط معه المتقرّب بالأب ، ويقومون مقامهم عند عدمهم.
ولأولاد الخال للأمّ السّدس بالسويّة ، ولأولاد الأكثر الثلث ، لكلّ فريق نصيب من يتقرّب به بالسويّة ، والباقي لأولاد الخال للأبوين بالسويّة.
ولو اجتمع أولاد العمّ أو العمّة وأولاد الخال أو الخالة فلأولاد الخال أو الخالة الثلث ، سدسه لأولاد الخال أو الخالة للأمّ ، وثلثه لأولاد الأكثر ، لكلّ نصيب من يتقرّب به بالسويّة ، وباقي الثلث لأولاد الخؤولة من الأبوين أو للأب بالسوية وسدس الثلثين لأولاد العم أو العمّة للأمّ بالسوية وثلثهما للأكثر ، لكلّ نصيب من يتقرّب به بالسويّة ، والباقي لأولاد العمّ أو العمّة أو هما للأبوين أو للأب للذّكر ضعف الأنثى.
ولو كان معهم زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى ، ولأولاد الأخوال ثلث الأصل ، والباقي لأولاد الأعمام كما بيّناه.
ص: 306
إذا اجتمع للوارث سببان فإن تمانعا ورث بالمانع ، مثل أخ هو ابن عمّ وإلّا ورث بهما ، مثل عمّ لأب هو خال لأمّ ، أو عمّة لأب هي خالة لأمّ ، أو ابن عمّ لأب هو ابن خال لأمّ ، أو ابن عمّة لأب هو ابن خالة لأمّ ، أو ابن عمّ هو زوج ، أو بنت عمّة هي زوجة.
ولو خلّف عمّا لأب هو خال لأمّ مع عمّ لأمّ وعمّ لأب وأمّ ، وخال لأب ، وخال لأمّ ، وخال لأب وأمّ ، كان للعمّ من الأمّ سدس الثلثين ، وللعمّ من الأبوين باقيه ، وللخال الّذي هو عمّ وللخال من الأمّ ثلث الثلث بالسويّة ، وباقيه للخال من الأبوين.
فيصحّ من ثمانية عشر ، سهمان للعمّ من الأمّ ، وعشرة للعمّ من الأبوين ، وسهم للخال الّذي هو عمّ ، وسهم للخال من الأمّ ، وأربعة للخال من الأبوين ، ولا شي ء للمتقرّب بالأب.
ولو خلّف عمّا لأب هو خال لأمّ مع عمّ لأب وعمّ لأمّ وخال لأب وخال لأمّ ، فللعمّ من الأمّ سدس الثلثين ، وللعمّين من الأب الباقي ، وللخال الذي هو عمّ وللخال من الأمّ ثلث الثلث بالسويّة ، وباقيه للخال من الأب.
فيصحّ من ثمانية عشر ، للعمّ من الأمّ سهمان ولكلّ من العمّين من الأب خمسة ، وللخال الذي هو عمّ سهم ، وكذا للخال من الأمّ ، وأربعة للخال من الأب.
ص: 307
وكذا الفريضة والقسمة لو خلّف ابن عمّ لأب هو ابن خال لأمّ مع ابن عمّ لأب وابن عمّ لأمّ ، وابن خال لأب وابن خال لأمّ.
ولو خلّف ابن عمّ لأب هو ابن خال لأمّ مع ابن عمّة لأب هو ابن خالة لأمّ ، فلابن العمّ ثلثا الثلثين ونصف الثلث ، ولابن العمّة ثلث الثلثين (1) ونصف الثلث ، فيصحّ من ثمانية عشر ، لابن العمّ أحد عشر ، ولابن العمّة سبعة.
ص: 308
وفيه فصول :
للزوج مع الولد وإن نزل الربع ومع عدمه النّصف ، والباقي للمناسب ، وإن فقد فللمعتق ، ثمّ للضامن ، فإن فقد ردّ عليه ، وللزّوجة مع الولد وإن نزل الثمن ولا معه الربع ، والباقي للأقارب ، ثمّ المعتق ، ثمّ الضامن ثمّ الإمام ، ولا يردّ عليها مطلقا ، ولو كنّ أكثر فلهنّ الثمن أو الربع بالسوية.
ولو طلّق إحدى الأربع وتزوج بأخرى ، ثمّ اشتبهت المطلّقة بالثلاث ، فللأخيرة ربع الربع أو ربع الثمن ، والباقي بين الأربع بالسوية ، ولو اشتبهت بواحدة أو باثنتين أقرع.
ونكاح المريض مشروط بالدّخول ، فلو تزوّج في مرضه ، فإن برأ أو دخل صحّ العقد وورثت وإلّا فلا ، ولو ماتت المرأة قبل الدّخول لم يرثها.
ولو تزوج الصحيح بمريضة توارثا مطلقا.
ص: 309
وترث المطلقة الرّجعية وتورث بخلاف البائن إلّا أن يكون الطلاق في المرض ، فإنّها ترث إلى سنة إلّا أن تتزوّج أو يبرأ من مرضه.
فلو طلّق أربعا وتزوّج بعد العدة أربعا ودخل وهكذا ورث الجميع الربع أو الثمن بالسويّة.
ويرث الزّوج من جميع التركة وكذا الزّوجة ذات الولد ، ولو خلت عنه منعت من رقبة الأرض ومن عين الأبنية والآلات والنخل والشجر ، وتعطى منها قيمة حصّتها.
ولو كان معها ذات ولد ورثت (1) من الأرض الثّمن ومن غيرها نصفه.
وهو ثلاثة :
وفيه مباحث :
الأوّل : التبرّع بالعتق ، فلو أعتق في واجب كالنذر والكفّارة والمشروط عتقه في البيع ، أو انعتق بعوض كالكتابة ، أو بغيره كعتق القرابة والاستيلاد والتنكيل به ، فلا ولاء.
ص: 310
ولو تبرّع بالعتق عن غيره بإذنه ، فالولاء للمعتق عنه ، ولو كان بغير إذنه فالولاء للمعتق ، ولو أمره بالعتق عنه بعوض فالولاء للمعتق عنه.
ولو قال : أعتق عبدك عنك وعليّ ثمنه ، فالولاء للمعتق وعلى الضامن الثمن.
الثاني : عدم التبرّي من ضمان جريرته عند العتق ، ولا يشترط في التبرّي الإشهاد ، بل هو شرط في ثبوته.
الثالث : أن لا يكون للعتيق وارث مناسب ، فلو كان له مناسب لم يرثه المنعم ، فإذا ثبت الولاء على العتيق سرى في أولاده إلّا أن يكون أحدهم حرّ الأصل ، أو يكون له مناسب.
ولا ولاء بالالتقاط ، ولا بالإسلام على يده.
ولو أعتق الكافر مثله وجوّزناه ، فله الولاء ، ولا يسقط بإسلام العبد.
ولو سبي السيّد فأعتقه مولاه ، فولاؤه باق وعليه الولاء لمعتقه ، فلو كان معتقه العبد فلكلّ الولاء على الآخر.
ولو سبي العبد فأعتق فالولاء للثاني دون الأوّل.
ولا يصحّ بيعه ، ولا هبته ، ولا اشتراطه في بيع وغيره ، ويثبت به تحمّل العقل والميراث.
ص: 311
إذا مات العتيق ولا مناسب له ، ورثه المنعم ، ولو كان معه زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى والباقي للمنعم ، ولو تعدّد ورث كلّ واحد بقدر حصّته ، فلو فقد فإن كان المعتق رجلا فالولاء لأولاده الذكور خاصّة ، وإن كان امرأة فلعصبتها دون أولادها.
ويرث الولاء الأبوان والأولاد ، ولا يشاركهم (1) أحد من الأقارب ، ومع عدمهم يقوم أولادهم مقامهم ، لكلّ نصيب من يتقرّب به.
وإن عدموا ورثه الإخوة دون الأخوات ، ويشترك الإخوة والأجداد دون الجدّات ، فإن عدموا فالأعمام وأولادهم دون العمّات وأولادهنّ.
ولا يرثه (2) من يتقرّب بالأمّ من الإخوة والأخوات ، والأجداد والجدّات ، والأخوال والخالات.
فإن عدم الجميع ورثه معتق المنعم وإن عدموا فقرابة معتق المعتق لأبيه دون أمّه إذا كانوا ذكورا.
فإن عدم الجميع ورثه ضامن الجريرة ، ثمّ الإمام ، ولا يرثه العتيق.
ص: 312
الأوّل : لو أعتقت امرأة مملوكا فأعتق المملوك آخر ، فميراث الأوّل لمولاته ، وميراث الثاني لمعتقه ، فإن فقد هو ومناسبوه فميراثه لمولاة معتقه.
ولو اشترت أباها فعتق عليها ، ثمّ أعتق الأب آخر ، فإذا مات بعد الأب ولا مناسب له لم ترثه البنت ، لأنّه لا ولاء لعتق القرابة ، فيرثه الإمام.
الثاني : لو اشترى أحد الولدين مع أبيه مملوكا ثمّ أعتقاه ومات الأب ثمّ العتيق ، فللمشتري مع أبيه ثلاثة أرباع التركة وللآخر الرّبع.
الثالث : لو خلّف أبا معتقه وابنه ، فللأب السّدس وللابن الباقي.
ولو خلّف أخا معتقه وجدّه فالمال بينهما ، ولو كان مع الجدّ أبناء الأخ فلهما النّصف بالسوية ، ولو كان مع الجدّ عمّ فالمال للجدّ.
الرابع : لو خلّف المعتق أخا من أب وابن أخ من الأبوين ثمّ مات العتيق ، فالمال للأخ ، ولو خلّف ابن أخ من الأبوين وابن أخ لأب فالمال لابن الأخ من الأبوين.
الخامس : لو أنكر العتيق ولده من المعتقة فتلاعنا فولاء الولد لمولى أمّه ، ولا يرثه الأب ولا المنعم عليه وإن عاد النسب عليه.
السادس : لو اجتمع النسب والولاء ورث بالنّسب ، اتّحد الوارث أو اختلف ، فلو أعتق رجل وابنته عبدا ثمّ مات عنها وعن ابن ، فميراث العبد بينهما نصفان ، وإن قلنا ترث الأنثى فللبنت الثلثان.
ص: 313
إذا ولدت المعتقة ولدا من حرّ الأصل فلا ولاء عليه ، ولو كان من معتق فولاؤه لمولى أبيه ، ولو كان من مملوك فولاؤه لمولى أمّه ، فإذا أعتق الأب انجرّ الولاء من مولى الأمّ إلى مولى الأب ، وكذا لو أعتق أبوه بعد الحمل به ، فإن عدم مولى الأب فلعصبته ، فإن عدموا فلمولى عصبة مولى الأب ، (1) فإن عدم الموالي وعصابتهم فلضامن الجريرة ، فإن عدم فللإمام ولا يرجع إلى مولى الأمّ.
ولو أعتق الجدّ قبل الأب انجرّ الولاء إلى معتقه ، فإذا أعتق الأب انجرّ الولاء إلى مولاه.
ولو أعتق الجدّ البعيد انجرّ الولاء من مولى الأمّ إليه ، ثمّ منه إلى معتق الجدّ القريب ، ثمّ منه إلى معتق الأب وهكذا.
ولو كان الجدّ حرّ الأصل لم ينجرّ إليه.
ولو ولدت المعتقة من عبد بنتين فاشترتا أباهما عتق ولا ولاء لهما عليه ، فلا ينجرّ الولاء من مولى أمّهما إليهما ، (2) فلو مات الأب فميراثه لهما بالتسمية والردّ لا بالولاء ولو ماتا أو إحداهما فالميراث للأب ومع عدمه ترث السابقة أختها بالتسمية والرّد دون مولى الأمّ ، فإذا ماتت الأخرى ولا مناسب لها (3) فميراثها للإمام.
ص: 314
ولو أولد عبد من معتقة ابنا فالولاء لمولى أمّه ، (1) فلو أعتق الابن عبدا فولاؤه له ، فلو أعتق العبد [ المعتق ] أب الابن انجرّ الولاء من مولى الأمّ إليه ، (2) فصار كلّ واحد منهما مولى الآخر ، ويرث كلّ منهما الآخر بالولاء.
ولو ماتا ولا مناسب فالميراث للإمام ، ولم يرجع الولاء إلى مولى الأمّ.
أمّا لو اشترى الابن أباه عتق عليه ، ولم ينجرّ الولاء إليه ، لأنّه لا ولاء لعتق القرابة.
وهو أن يتولّى إنسان غيره يضمن حدثه ، ويكون ولاؤه له ، ولا يضمن إلّا سائبة كالمعتق في الكفّارات والنذور ، أو حرّ الأصل ولا قريب له ، فيرثه الضامن دون العكس مع فقد المناسب والمعتق وعصبته ومعتق معتقه ومن يمت به ، ولا يتعدّى الضامن فلا يرثه أولاده وأقاربه ، ويرث معه (3) الزّوج والزوجة نصيبه الأعلى ، فإذا عدم فالإمام.
ويرث الإمام من لا وارث له حتّى ضامن الجريرة إلّا مع الزّوجة ، فمع ظهوره عليه السلام يصنع به ما يشاء ، وكان عليّ عليه السلام يضعه في فقراء بلد الميّت وضعفاء
ص: 315
جيرانه تبرّعا ، ومع غيبته يحفظ بالوصاة أو الدفن إلى أن يظهر.
وتجوز قسمته في الفقراء والمساكين ويدفع إلى الجائر مع الخوف (1) ولا ضمان.
وله أيضا غنيمة السريّة بغير إذنه ، وما يتركه المشركون فزعا من غير حرب ، وميراث الكافر الّذي لا وارث له.
أمّا ما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين ، ومع عدمهم فلفقراء المسلمين.
وما يؤخذ من المشركين حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس.
وما يؤخذ غيلة في زمان الهدنة ، يعاد عليهم ، وفي غيرها يكون لآخذه بعد الخمس.
ص: 316
وفيه مطالب
ويرثه أمّه وولده ، فلأمّه السدس والباقي للولد للذّكر ضعف الأنثى ، ومع عدمه فلها الثلث بالتسمية والباقي بالردّ ، ومع عدمها ترثه إخوته لأمّه وإن نزلوا ، وأجداده لها وإن علوا الأقرب فالأقرب ، فإن فقدوا فالأخوال والخالات وإن نزلوا كذلك.
ويتساوى الذّكر والأنثى في جميع المراتب ، فإن عدم الجميع فالإمام.
ويرث الزوج أو الزّوجة نصيبه الأعلى مع عدم الولد ، والأدنى معه.
ولا يرثه أبوه ولا المتقرّب به ، وكذا العكس إلّا أن يعترف به أبوه ، فيرث أباه دون العكس.
ولا عبرة بنسب الأب ، فالأخ من الأبوين يساوي الأخ من الأمّ ، وكذا ابن الأخ للأبوين مع ابن الأخ للأمّ. (1)
ص: 317
ويرث أمّه إن انفرد ، وله مع الأبوين الفاضل عن السّدسين ، ولو كان أنثى فله النّصف وللأبوين السدسان والباقي يردّ أخماسا.
ولا يمكن الحاجب حتّى يردّ أرباعا.
ولو تبرّأ عند السلطان من جريرة ولده وميراثه لم يقبل.
ولا نسب لولد الزنا ، فلا يرث أبويه ولا يرثانه ولا الأقارب ، وميراثه لولده وإن نزل ، فإن فقد فللإمام.
ويرث الزّوج أو الزوجة نصيبه الأعلى مع عدم الولد والأدنى معه.
من له فرج الرّجل وفرج المرأة يرث على ما يبول منه ، فإن بال منهما فعلى السابق ، فإن بدرا فعلى المتأخّر ، فإن تساويا في السّبق والتأخير ، فإن انفرد أخذ المال ، وإن تعدّد اقتسموه بالسويّة.
ولو اجتمع مع الخنثى ذكر فرض مرّة ذكرا ومرّة أنثى ، ثمّ تضرب إحدى الفريضتين في الأخرى إن تباينتا ، وفي وفقها إن اتّفقتا ، ثمّ يضرب الحاصل في اثنين ، ثمّ يعطى كلّ وارث نصف النصيبين من المسألتين.
ويجتزئ بإحدى الفريضتين إن تماثلتا وبالأكثر إن تداخلتا.
مثال التباين : ذكر وخنثى ، ففريضة الذكورة اثنان وفريضة الأنوثة ثلاثة ، ومضروب إحداهما في الأخرى ستّة ، ثمّ يضرب المجتمع في اثنين يبلغ
ص: 318
اثني عشر ، للذكر سبعة ، وللخنثى خمسة ، وبالعكس لو كان بدل الذكر أنثى.
مثال التوافق : ذكران وخنثيان ، ففريضة الذكورة أربعة وفريضة الأنوثة ستّة ، فالتوافق بالنصف ، فاضرب وفق إحداهما بالأخرى ، ثمّ المجتمع في اثنين ، يبلغ أربعة وعشرين ، (1) لكلّ ذكر سبعة ولكلّ خنثى خمسة.
ومثال التماثل : أبوان وخنثيان ، ففريضة الذكورة والأنوثة ستّة ، للأبوين سهمان ، ولكلّ خنثى سهمان.
ومثال التداخل : أبوان وذكر وخنثى ، وففريضة الذكورة ستّة ، وفريضة الأنوثة ثمانية عشر ، فاجتزئ بالأكثر ، فيكون للأبوين ستّة ، وللذكر سبعة ، وللخنثى خمسة.
ولو اجتمع مع الخنثى ومشاركيه زوج أو زوجة صحّحت المسألة دون الزوج والزّوجة ، ثمّ اضرب مخرج نصيب الزوج أو الزّوجة في المجتمع ، ثمّ يأخذ نصيبه ، ثمّ يقسم الباقي عليهم ، مثاله :
ابن وبنت وخنثى وزوج ، فريضة الذكورة من دون الزّوج خمسة ، وفريضة الأنوثة أربعة ، فاضرب إحداهما في الأخرى ، ثمّ المجتمع في اثنين ، يبلغ أربعين ، ثمّ تضربها في مخرج سهام الزّوج وهو أربعة ، يبلغ مائة وستّين ، للزّوج أربعون ومن حصل له سهم أخذه مضروبا في ثلاثة.
ولو كان زوجة ضربت المجتمع في ثمانية وعملت كالأوّل.
والعمل في سهم الخناثى من الإخوة للأبوين أو للأب ، والعمومة وأولادهم ، كما ذكرناه في الأولاد.
ص: 319
فلو خلّف جدّ الأب وأخا خنثى له فريضة الذكورة اثنان والأنوثة ثلاثة فاضرب إحداهما في الأخرى ، والمجتمع في اثنين تبلغ اثني عشر ، للجدّ سبعة ، وللخنثى خمسة ، وبالعكس لو كان الجدّ أنثى.
ولو كان عمّ ذكرا وآخر خنثى فالفريضة من اثني عشر للذكر سبعة ، وللخنثى خمسة ، ولو كان بدل العمّ عمّة انعكس الاستحقاق.
ولا تحتاج الإخوة للأمّ والأخوال إلى هذا الحساب ، لتساوي الذكر والأنثى.
ويبعد أن يكون الآباء والأجداد خناثى.
وروي انّ امرأة ولدت وأولدت. (1)
وكون الخنثى زوجا أو زوجة أبعد ، لبطلان تزويج الخنثى المشكل.
من لا فرج له يرث بالقرعة فيكتب عليه سهم « عبد اللّه » وعلى آخر « أمة اللّه » ويقول : ما روي عن الصادق عليه السلام :
« اللّهمّ أنت اللّه لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، فبيّن لنا أمر هذا المولود ، وكيف يرث ما فرضت في كتابك ». (2)
ص: 320
ثمّ يورث على ما يخرج.
ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد ، يوقظ أحدهما فإن انتبها معا فهما واحد ، وإن انتبه أحدهما فهما اثنان ، وكذا التفصيل في الشهادة ، وهما واحد في النكاح مطلقا واثنان في التكليف مطلقا.
ولو قتل أحدهما لم يقتصّ منه مطلقا ، ولو اشتركا اقتصّ منهما ، ثمّ إن حكم ، بالاثنينيّة وجب الردّ وإلّا فلا.
ولو اشتركا في الطرف اقتصّ منهما مع الردّ إن كانا اثنين وإلّا من أحدهما ولا ردّ.
ولو جني عليهما وجب القصاص والدية مع الاثنينيّة وإلّا القصاص خاصّة.
ويرث بشرط انفصاله حيّا ، سواء كان بجناية أو لا إذا تحرّك حركة الأحياء ، فلو ولدته ميّتا أو يتقلص لم يرث.
ولا يشترط حياته عند موت مورّثه ، حتّى أنّه لو ولد لستّة أشهر من موت الواطئ أو لأقصى الحمل ولم تتزوّج ورث.
ويعطى ذو الفرض مع الحمل نصيبه الأدنى ، ثمّ إن سقط ميّتا أكمل له ، ويعطى الابن الموجود الثلث والبنت الخمس ، ويوقف له نصيب ذكرين تغليبا.
ويرث دية الجنين أبواه ومن يتقرّب بهما أو بالأب بالنّسب والسّبب.
ص: 321
إذا تعارف اثنان ورث بعضهم من بعض ، ولا يكلّفان البيّنة ، وإذا أقرّ الوارث بأولى أو بمشارك فقد عرفت حكمه،ونذكر هنا كمية الاستحقاق وكيفيّة القسمة فنقول :
لو أقرّ الوارث بمشارك ، لم يثبت نسبه وألزم المقرّ بدفع ما يفضل عن ميراثه لا بمشاركته فيه ، لأنّ الإقرار يدلّ (1) على الإشاعة ، فلو أقرّ الابن بآخر ، ثمّ أقرّ بثالث وصدّقه الثاني ، فالمال أثلاثا ، وإن كذّبه دفع الأوّل إلى الثالث ثلث ما في يده ، لأنّه الفاضل عن ميراثه.
وكيفيّة معرفة الفضل أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار أو في وفقها ، ثمّ تضرب ما للمقرّ من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار ، وتضرب ما للمنكر من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار ، فما كان بينهما فهو الفضل.
فلو خلّف ابنا وبنتا فأقرّ الابن بأخرى ، وأنكرت البنت ، فمسألة الإقرار أربعة ، ومسألة الإنكار ثلاثة ، ومضروب المسألتين اثنا عشر ، للابن سهمان من مسألة الإقرار ، مضروبة في مسألة الإنكار تبلغ ستّة ، هي للابن ، وللبنت سهم من مسألة الإنكار مضروب (2) في مسألة الإقرار تبلغ أربعة ، هي للبنت ، فالفاضل سهمان للبنت المقرّ بها.
ص: 322
ولو لم يفضل في يده شي ء لم يغرم شيئا ، كأخت لأبوين وأخ لأمّ فأقرّ الأخ بأخت لأمّ وكذّبته الأخت ، فمسألة الإقرار ثلاثة ومسألة الإنكار ستّة ، ومضروب المسألتين ثمانية عشر ، فللأخ على تقدير الإقرار ثلاثة والإنكار ثلاثة فلا فضل في يده.
المفقود يتربّص بماله حتّى تمضي مدّة لا يعيش مثله إليها بمجرى العادة.
ويرث بعضهم من بعض بشروط :
الأوّل : أن يكون لهما مال أو لأحدهما.
الثاني : اشتباه الحال ، فلو علم اقتران الموت فلا توارث ، ولو علم السبق ورث المتأخّر المتقدّم دون العكس.
الثالث : دوران التوارث بينهما ، فلو كان لكلّ منهما وارث أو لأحدهما فلا توارث ، كأخوين غرقا ولكلّ منهما ولد أو لأحدهما ، ويتعدّى الحكم إلى الموت بسبب دون حتف الأنف.
ومع الشرائط يرث كلّ واحد من أصل مال الآخر لا ممّا ورثه ، ولو كان لأحدهما مال انتقل إلى من لا مال له ، ومنه إلى وارثه الحيّ.
ص: 323
ولا يجب تقديم الأضعف في التوريث بل يستحبّ ، فلو غرق أب وابن أو زوج وزوجة ، فرض موت الابن أو الزوج أوّلا ، ثمّ يفرض موت الأب أو الزوجة.
ولو كان لأحدهما وارث أعطي وارثه ما اجتمع له ، وما اجتمع للآخر للإمام.
ولو لم يكن لهما وارث غيرهما انتقل مال كلّ واحد منهما إلى الآخر ومنه إلى الإمام.
ولو كان كلّ واحد منهما أولى من الأحياء ، انتقل مال كلّ واحد منهما إلى الآخر ومنه إلى وارثه ، كأب له إخوة ، وابن له إخوة من أمّ ، فمال الابن ينتقل إلى الأب ، ثمّ منه إلى إخوته ، ومال الأب الأصلي ينتقل إلى الابن ، ثمّ منه إلى إخوته.
ولو كان لهما أو لأحدهما شريك في الإرث ، كأب وابن ولكلّ منهما أولاد فيرث الأب من الابن السدس ، ثمّ منه إلى أولاده الأحياء ، ويرث الابن نصيبه من تركة أبيه الأصليّة ، ثمّ منه إلى أولاده ، وينتقل ما بقي من تركة كلّ واحد منهما إلى أولاده.
ولو تساويا في الاستحقاق فلا تقديم كأخوين ، بل ينتقل مال كلّ واحد إلى الآخر ، ومنه إلى وارثه ، فإن لم يكن وارث فإلى الإمام ، وإن كان لأحدهما وارث انتقل ما صار إليه إلى وارثه ، وما صار إلى الآخر إلى الإمام.
ص: 324
ويورثون بالنسب والسبب الصحيحين والفاسدين ، ونعني بالفاسد ما كان عن نكاح محرّم عندنا لا عندهم ، كما إذا تزوّج بأمّه فأولدها ، فالزوجية والنسب فاسدان.
فلو اجتمع الأمران لواحد ، ورث بهما مثل أمّ هي زوجة ، فلها مع الولد الثمن والسّدس ، ومع عدمه الربع والثلث ، ويردّ عليها الباقي من عدم المشارك.
ولو كانت بنت هي زوجة ، فلها الثمن والنصف ، ويردّ عليها الباقي.
ولو كان معها أبوان فلهما السدسان ، ويردّ عليهم أخماسا ، ومع الحاجب يردّ عليها وعلى الأب أرباعا.
ولو كانت أخت هي زوجة ، فلها الربع والنصف ، ويردّ عليها الباقي مع عدم المشارك.
ولو كانت أخته لأمّه جدّته لأبيه ، أو جدّته لأمّه ، ورثت بالأمرين ، ولو منع أحد السببين الآخر ورث بالمانع ، كبنت هي أخت ، أو بنت هي بنت بنت فلها (1) نصيب البنت.
ولو خلّف عمّة هي أخت لأب ، أو عمّة هي بنت عمّة ، فلها نصيب العمّة.
ص: 325
وغير المجوس من الكفّار كالمسلمين إذا تحاكموا إلينا ، وأمّا المسلمون فلا يتوارثون بالسبب الفاسد إجماعا ، سواء كان مجمعا على تحريمه كالأمّ من النّسب والرضاع ، أو مختلفا فيه كأمّ المزنيّ بها أو البنت من الزّنا ، سواء اعتقد الإباحة أو التحريم ، بل المعتبر اعتقاد الحاكم ، ويتوارثون بالنسب الفاسد فلو وطئ بنته للشبهة فأولدها لحق به الولد ، وكان حكمه حكم المجوس.
وفيه فصول
وهي ثلاثة :
أمّا الأوّل فعادتهم إخراج حصص الورّاث من أقلّ عدد ينقسم عليهم من غير كسر ، وأمّا الثاني فمخرج السهم أقلّ عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا ، فمخارج الفروض خمسة : النّصف من اثنين ، والربع من أربعة ، والثلث والثلثان من ثلاثة ، والسدس من ستّة ، والثمن من ثمانية.
فإذا حصل في الفريضة نصفان أو نصف وما بقي ، فهي من اثنين.
ص: 326
ولو اشتملت على ثلث وثلثين ، أو على أحدهما وما بقي فهي من ثلاثة.
ولو اشتملت على ربع ونصف ، أو ربع وما بقي ، فهي من أربعة.
ولو اشتملت على سدس ونصف ، أو سدس وثلثين ، أو سدس وما بقي ، فهي من ستّة.
ولو اشتملت على ثمن ونصف ، أو ثمن وما بقي ، فهي من ثمانية.
وإذا كان مع الربع ثلث أو سدس ، فهي من اثني عشر.
وإذا كان مع الثمن ثلثان أو سدس ، فهي من أربعة وعشرين.
إذا لم يكن في الورثة ذو فرض ، فإن تساووا كثلاثة ذكور ، فعدد رءوسهم أصل المال ، وإن اختلفوا كذكر وأنثى ، فاجعل للذّكر سهمين وللأنثى سهما ، فما اجتمع فهو أصل المال.
وإن كان هناك ذو فرض وغيره ، فاطلب عددا له ذلك الفرض ، ثمّ ادفعه إلى صاحبه ، ثمّ اقسم الباقي على رءوس باقي الورثة إن تساووا ، وعلى سهامهم إن اختلفوا.
في معرفة الأعداد ، العددان من ذوي الفروض وغيرها إمّا متماثلان ، أو متباينان ، أو متداخلان ، أو متوافقان.
فالأوّل كثلاثة إخوة من أمّ وثلاث أخوات من أب وأمّ في باب الفروض ، وكثلاثة أعمام وثلاثة أخوال في باب القرابة.
والمتباينان (1) هما اللّذان يعدّهما الواحد ، كالخمسة والسّتة.
ص: 327
والمتداخلان هما اللّذان يعدّ أقلّهما الأكثر ولا يتجاوز نصفه ، كالثلاثة والستّة ، والأربعة والاثني عشر ، والخمسة والعشرين.
والمتوافقان هما اللّذان يعدّهما عدد ثالث ، كالستّة والثمانية ، يعدّهما الاثنان ، والتسعة والاثنى عشر ، يعدّهما الثلاثة ، والثمانية والاثنى عشر ، يعدّهما الأربعة.
فالموافقة بذلك الجزء العادّ ، فإن كان اثنين فالموافقة بالنّصف ، وإن كان ثلاثة ، فالموافقة بالثلث ، وهكذا إلى العشرة.
ولو كان العادّ أحد عشر ، فالموافقة بجزء من أحد عشر وهكذا.
الفريضة إمّا بقدر السّهام ، أو زائدة ، أو ناقصة.
أمّا الأوّل فإن انقسمت من غير كسر فلا بحث ، مثل أبوين وبنتين ، الفريضة سدسان وثلثان ، ومثل أخت لأب مع زوج ، فالفريضة نصفان.
وإن انكسرت فإمّا على فريق واحد أو أكثر.
فإن كان الأوّل ، فإن لم يكن بين عددهم ونصيبهم ، وفق مثل أبوين وخمس بنات ، فريضتهم من ستّة ، للأبوين السدسان ، وأربعة للبنات ، وهي تنكسر على الخمس ، فاضرب عددهنّ في الفريضة تبلغ ثلاثين ، فتصحّ.
وإن كان وفق فاضرب الوفق من العدد لا من النّصيب في الفريضة ،
ص: 328
مثل أبوين وستّ بنات ، للبنات أربعة وهي توافق عددهنّ بالنّصف ، فاضرب نصف عددهنّ في الفريضة ، تبلغ ثمانية عشر ، فتقسم.
وإن كان الثاني ، فإن كان بين سهام كلّ فريق وعدده وفق ، فردّ كلّ فريق إلى جزء الوفق ، وإن كان للبعض وفق دون بعض ، فردّ من له وفق إلى جزئه واتركه بحاله ، وإن لم يكن للجميع وفق فاترك كلّ عدد بحاله ، ثمّ انظر في الأعداد ، فإن تماثلت اقتصرت على أحدها وضربته في الفريضة ، كثلاثة إخوة لأب ومثلهم لأمّ ، الفريضة ثلاثة تنكسر عليهما ، ولا وفق بينهما ، وهما متماثلان ، فاضرب أحدهما في الفريضة ، تبلغ تسعة ، ومنه تصحّ.
وإن تداخلت كثلاثة إخوة لأمّ ، واثني عشر لأب ، الفريضة ثلاثة تنكسر على الفريقين معا ، ولا وفق بين عدد الإخوة للأمّ ونصيبهم ، فيترك بحاله ، وبين نصيب الإخوة للأب وعددهم وفق بالنّصف ، فردّ عددهم إلى نصفهم وهي ستّة ، وبين الثلاثة والستّة تداخل ، فاضرب الأكثر في الفريضة ، تبلغ ثمانية عشر ، ومنه تصحّ ، وإن توافقت كأربع زوجات وستّة إخوة ، فريضتهم أربعة ، تنكسر على الفريقين ، وبين الأربعة والستّة وفق بالنصف فتضرب نصف أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر ، والمجتمع في الفريضة فما بلغ صحت منه القسمة.
وإن تباينت كأخوين من أمّ وخمسة من أب الفريضة ثلاثة تنكسر على الفريقين ، ولا وفق بين عدد كلّ فريق ونصيبه ، فاضرب أحدهما في الآخر ، والمجتمع في الفريضة ومنه تصحّ.
ص: 329
وأمّا الثاني وهو أن تزيد [ الفريضة ] عن السّهام فيجب الرد على ذوي السّهام عدا الزّوج والزوجة والأمّ مع الإخوة ، ولا يردّ على ذي السبب مع ذي السببين ، فلو خلّف أبوين وبنتا كان للأبوين السدسان وللبنت النصف ، والباقي يردّ أخماسا ، ومع الإخوة أرباعا ، فتجعل الفريضة خمسة أو أربعة أو تضرب مخرج الردّ في أصل الفريضة.
ولو خلّف أحد الأبوين مع بنتين ، فالردّ أخماسا ، ولو كان مع الأبوين أو مع أحدهما خنثى فلا ردّ.
وأمّا الثالث : وهو أن تنقص [ الفريضة ] عن السّهام ، وذلك بدخول الزّوج أو الزّوجة ، كأبوين مع بنت وزوج ، أو مع بنتين وزوجة ، فللأبوين السدسان ، وللزوج الربع وللبنت الباقي ، وللزوجة الثمن وللبنتين الباقي.
ولو كان أخ من الأمّ أو أكثر وأخت من الأبوين أو الأب أو أكثر وزوج ، فللمتقرّب بالأمّ السّدس أو الثلث وللزوج النّصف ، والباقي للأخت أو الأختين فصاعدا.
ثمّ إن انقسمت الفريضة على صحّة وإلّا ضربت بسهام من انكسر عليهم النصيب في الفريضة.
مثال الأوّل : أبوان وزوج وخمس بنات ، الفريضة اثنا عشر ، للأبوين أربعة وللزّوج ثلاثة ، والباقي للبنات بالسوية.
ومثال الثاني : أن تكون البنات ثلاثا فتضرب ثلاثة في الفريضة ، ومنه تصحّ.
ص: 330
فإنّ المسألة قد تصحّ من ألف والتركة درهم ، وله طرق :
منها : أن تنسب سهام كلّ وارث من الفريضة وتأخذ له من التركة بتلك النسبة ، فما كان فهو نصيبه ، كأبوين وزوج ، الفريضة ستّة فللأب سهم هو سدس التركة فله سدسها ، وللأمّ سهمان هما ثلث التركة فلها ثلثها وللزوج ثلاثة هي نصف التركة فله نصفها.
ولو انكسرت التركة ضربتها في الفريضة ثمّ قسمتها كذلك ، فلو كانت التركة خمسة ، فاضربها في الفريضة تبلغ ثلاثين ، فابسط التركة على ثلاثين جزءا وافعل كما تقدّم.
ومنها : أن تقسم التركة على الفريضة ، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كلّ وارث ، فما بلغ فهو نصيبه ، فالفريضة بحالها ، ولو كانت التركة أربعة وعشرين ، فإذا قسمت التركة على ستّة خرج لكلّ واحد أربعة فتضرب أربعة في نصيب الزّوج وهو ثلاثة تبلغ اثني عشر فهي نصيبه ، وتضرب أربعة في نصيب الأمّ وهو اثنان تبلغ ثمانية فهي نصيبها ، وتضرب أربعة في نصيب الأب وهو واحد تبلغ أربعة ، فهي نصيبه.
ولو انكسرت التركة فالعمل كذلك ، فلو كانت التركة عشرين خرج بالقسمة لكلّ واحد ثلاثة وثلث ، فتضرب ذلك فى نصيب الزّوج يكون عشرة هي نصيبه ، وتضرب ذلك في نصيب الأمّ يكون ستّة وثلثين وهي نصيبها ، وتضرب ذلك في نصيب الأب يكون ثلاثة وثلثا هي نصيبه.
ص: 331
ومنها : انّه إذا كانت التركة صحاحا ضربت ما حصل لكلّ وارث من الفريضة في التركة ، فما حصل فاقسمه على العدد الّذي صحّت منه الفريضة ، فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث ، كزوج وأبوين ، فالفريضة ستّة والتركة عشرة ، للزوج ثلاثة ، فاضربها في عشرة تبلغ ثلاثين ، فاقسمها على عدد الفريضة ، يخرج لكلّ واحد خمسة ، فللزوج ذلك ، وللأمّ سهمان فاضربها في عشرة تبلغ عشرين ، فاقسمها على ستّة يخرج لكلّ واحد ثلاثة وثلث ، فللأمّ ذلك ، وللأب سهم فاضربه في عشرة تبلغ عشرة ، فاقسمه على ستّة ، يخرج لكلّ واحد واحد وثلثان ، فللأب ذلك.
وإن كان في التركة كسر ، فابسط التركة من جنس ذلك الكسر ، بأن تضرب مخرج الكسر في صحاح التركة ، فما ارتفع تضيف إليه الكسر ، (1) ثمّ تعمل ما عملت في الصّحاح ، فما اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج ، فلو كان الكسر نصفا قسمته على اثنين ، وإن كان ثلثا قسمته على ثلاثة وعلى هذا إلى العشرة.
مثال النّصف أبوان وزوج ، الفريضة ستّة ، وتكون التركة عشرة ونصفا ، فتضرب مخرج الكسر في عشرة تبلغ عشرين ، ثمّ تضيف إليها النصف ، يصير أحد وعشرين ، ثمّ تضرب نصيب الزّوج وهو ثلاثة في التركة ، تبلغ ثلاثة وستّين (2) فتبسطها على ستّة يخرج لكلّ واحد عشرة ونصف ، فتقسمها على مخرج الكسر ، تكون خمسة وربعا ، فهي نصيبه.
ص: 332
ثمّ تضرب نصيب الأمّ وهو سهمان في التركة ، تبلغ اثنين وأربعين ، فتبسطها على ستّة يخرج لكلّ واحد سبعة فتقسمها على مخرج الكسر ، يكون ثلاثة ونصفا فهي نصيبها.
ثمّ تضرب نصيب الأب وهو سهم في التركة ، تبلغ أحد وعشرين فتبسطها على ستة يخرج للواحد ثلاثة ونصف. فتقسمها على مخرج الكسر يكون واحدا وثلاثة أرباع فهي نصيبه ، فالمجتمع خمسة وربع وواحد وثلاثة أرباع وثلاثة ونصف ، وهو مقدار التركة.
ومثال الثّلث ، الفريضة بحالها ، والتركة عشرة وثلث ، فتضرب مخرج الكسر في عشرة ، يكون ثلاثين ، ثمّ تضيف الثلث يصير أحد وثلاثين ، فتضرب نصيب الزوج وهو ثلاثة في التركة ، تكون ثلاثة وتسعين ، فتبسطها على ستّة يخرج للواحد خمسة عشر ونصف ، فتقسمها على مخرج الكسر يكون خمسة وسدسا ، وهو نصيب الزوج.
ثمّ تضرب نصيب الأمّ وهو سهمان في التركة ، تبلغ اثنين وستّين ، فتبسطها على ستّة يخرج للواحد عشرة وثلث ، فتقسمها على مخرج الكسر يكون ثلاثة وثلثا وتسعا هو للأمّ.
ثمّ تضرب نصيب الأب وهو سهم واحد في التركة ، يكون أحد وثلاثين ، تبسطها على ستّة يخرج للواحد خمسة وسدس ، فتقسمها على مخرج الكسر يكون واحدا وثلثي واحد أو نصف تسع ، فالجميع (1) خمسة ، وسدس ، وثلاثة
ص: 333
وثلث ، وتسع ، وواحد ، وثلثان ، ونصف تسع وذلك مجموع التركة ، وهكذا تفعل في باقي الكسور.
ولو كانت الفريضة عددا أصمّ فاقسم التركة على الورثة ، فإن بقي ما لا يبلغ دينارا لكلّ واحد فابسطه قراريط واقسمه ، فإن فضل فابسط الفاضل حبّات واقسمه ، فإن فضل فابسط الفاضل ارزات واقسمه ، فإن فضل فابسط الفاضل بالأجزاء إليها.
مثاله : الورثة أحد عشر والتركة أربعة وعشرون ، فتقسم لكلّ واحد دينارين ، يبقى ديناران فابسطها قراريط ، يكون أربعين قيراطا ، اعط كلّ واحد ثلاثة قراريط ، تبقى سبعة ، فابسطها حبّات تكون أحدى وعشرين حبّة أعط كلّ واحد حبّة ، تبقى عشرة فابسطها ارزات يكون أربعين ، اعط كلّ واحد ثلاث ارزات ، تبقى سبع ارزات ، فابسط كلّ ارزة على عدد الورثة ، فتكون سبعة وسبعين جزءا ، لكلّ واحد سبعة أجزاء ، فيحصل لكلّ وارث (1) ديناران وثلاثة قراريط وحبة وثلاث ارزات وسبعة أجزاء من سبعة وسبعين جزءا من سبع ارزات.
واعلم أنّ الدينار عشرون قيراطا ، والقيراط ثلاث حبّات ، والحبّة أربع ارزات ، والارزة وزن حبّتين من الخردل البرّي ، وليس بعد الارزة اسم خاصّ ، بل بالنسبة إليها.
ص: 334
ونعني بها أن يموت بعض الورثة قبل القسمة ، ويتعلّق الفرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد ، وطريقه أن نصحّح مسألة الأوّل ، ثمّ إن كان نصيب الثاني ينهض بفريضته من غير كسر فلا بحث ، وإلّا فإن اتّحد الوارث والاستحقاق فهو كالفريضة الواحدة ، مثل ثلاثة إخوة وثلاث أخوات من جهة واحدة ، فمات واحد بعد واحد حتّى بقي أخ وأخت ، فمال الجميع بينهما أثلاثا إن كانا للأبوين أو للأب ، وبالسوية إن كانا لأمّ.
وإن اختلف الوارث أو الاستحقاق أو هما ، فإن انقسم نصيب الميّت الثاني على ورثته صحاحا فلا كلام ، كزوج مات عن زوجة وابن وبنت ثمّ ماتت الزوجة عن ابن وبنت من غيره ، فلها ثلاثة من أربعة وعشرين ينقسم على وارثها من غير كسر.
وإن لم ينقسم على صحّة ، فإن كان بين نصيب الميّت الثاني من فريضة الأوّل وبين الفريضة الثانية وفق فاضرب وفق الفريضة الثانية ، لا وفق نصيب الميّت الثاني ، في الفريضة الأولى فما بلغ صحّت منه الفريضتان ، كأخوين من أمّ ، ومثلهما من أب ، وزوج ، ثمّ مات الزّوج عن ابن وبنتين ، فالفريضة الأولى اثنا عشر ، والثانية أربعة ، وبين سهمه وفريضته وفق بالنصف ، فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية وهو اثنان ، في اثني عشر لا من النصيب ، فما بلغ صحّت منه الفريضتان.
وإن تباين النّصيب والفريضة ، فاضرب الفريضة الثانية في الأولى فما
ص: 335
بلغ صحّت منه الفريضتان ، كزوج واثنين (1) من كلالة الأمّ ، وأخ من الأب ، ثمّ مات الزوج عن ابنين وبنت ، الفريضة الأولى ستّة والثانية ، خمسة ولا وفق بين نصيبه وفريضته ، فاضرب الخمسة في الستّة يبلغ ثلاثين ، ومنه تصحّ الفريضتان. (2)
ولو مات واحد من وارث الميّت الثاني قبل القسمة ، فالعمل كما تقدّم ، وهكذا.
ص: 336
وفيه مطالب
ص: 337
ص: 338
وهي ثلاثة :
وفيه مسائل :
الأولى : لا يولّي إلّا الإمام أو نائبه ، فلا يثبت بنصب أهل البلد ولا بنصب الجائر وإن ولى مستكمل الشرائط.
ويجب على الإمام تولية القضاء في البلاد ، ويجوز نصب قاضيين في بلد مشتركين ومنفردين إمّا كلّ واحد في جهة أو في نوع من القضاء ، ولا يصحّ اشتراط اتّفاقهما في الأحكام ، ومع التشريك فإن اتّفق الخصمان على واحد وإلّا تخيّر المدّعي.
وتجب الإجابة على جامع الشرائط ، ولو لم يعرفه الإمام عرّفه نفسه ، ولو لم يوجد سواه تعيّن ، ولو وجد غيره وجب على الكفاية إلّا أن يلزم الإمام أحدهما ، وفي استحباب طلبها توقّف.
ص: 339
ولا يجوز بذل المال ليلي القضاء.
ويجب على أهل البلد القبول ، فلو امتنعوا منه أو من التّرافع إليه قوتلوا حتّى يجيبوا.
ولفظ التولية : ولّيتك الحكم ، أو قلّدتك ، أو استنبتك ، أو استخلفتك ، أو فوّضت إليك ، أو رددت إليك الحكم.
وتثبت بسماعها من الإمام ، أو بشهادة عدلين ، أو بالاستفاضة ، ويثبت بها أيضا الملك المطلق ، والموت ، والنسب ، والوقف ، والنكاح ، والعتق ، ويكفي فيها الظنّ الغالب ، ولا تكفي الأمارة [ الظّنّية ] في قبول قوله.
ويجوز تولية المفضول.
وللقاضي الاستخلاف بإذن الإمام صريحا أو فحوى أو بشاهد الحال ، كاتّساع الولاية ، ويحرم لو أطلق ، أو نهاه عنها.
الثانية : ينفذ في الغيبة قضاء الفقيه الجامع للشرائط ، ويجب الترافع إليه ، ويعصي من يعدل إلى غيره من قضاة الجور ولو تعدّد القضاة (1) ، نعم يتعيّن الترافع إلى الأعلم ، ومع التساوي إلى الأورع ، ويرجّح الأعلم على الأورع.
الثالثة : يجوز أن يتراضى اثنان بحكم واحد من الرعيّة وإن كان في البلد قاض ، ويلزمهما حكمه ، ولا يختصّ بشي ء.
ويشترط فيه ما يشترط في القاضي ، ولا يشترط رضاهما بعد الحكم.
الرابعة : ينعزل القاضي بموت الإمام ، وبسقوط ولاية الأصيل ، وبحدوث
ص: 340
مانع من الانعقاد ، كالفسق ، والعمى ، والجنون ، والإغماء ، وغلبة النسيان ، ولا تعود بزواله.
ويجوز العزل لمصلحة أو لوجود أكمل لا اقتراحا ، وينعزل عند بلوغ الخبر (1) ، ثمّ ينعزل بانعزاله كلّ منصوب من قبله.
ولو عزل بعد قيام البيّنة قبل الحكم ، ثمّ ولي أعيدت ، ولو خرج إلى غير ولايته ثمّ رجع لم تعد.
ولا يقبل قوله بعد العزل في القضاء قبله ، ولا شهادته مع غيره أنّ هذا حكم به قاض إن علم أنّه أراد نفسه ، وإلّا قبل ظاهرا.
ولو ادّعى على المعزول القضاء بشهادة فاسقين لم تقبل إلّا بالبيّنة ، وله إحلافه.
وهي البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، والعدالة ، والذكورة ، وطهارة المولد ، والعلم ، والكتابة ، والبصر ، والحريّة ، وغلبة الحفظ على النسيان ، وعدم الخرس ، لا الصّمم.
ويشترط أمانته ، ومحافظته على فعل الواجبات ، واستقلاله بشرائط الفتوى ، ولا يكفيه فتوى العلماء.
ص: 341
ولو اقتضت المصلحة تولية من لم يستكمل الشرائط جاز.
والحكم كالشهادة ، فلا ينفذ حكم الولد على والده ، والعدوّ على عدوّه ، وكذا أحد الخصمين على الآخر ، ويحكم الأب لولده وعليه ، والأخ على أخيه وله.
ومن يتعيّن عليه القضاء إن كان له كفاية لم يحلّ له الرزق من بيت المال ، وإلّا حلّ ، ومن لم يتعيّن جاز له الأخذ والأفضل الترك.
ولا يجوز أخذ الجعل من الخصمين وإن لم يتعيّن عليه وإن كان به ضرورة على الأقوى ، ولو انتفى أحدهما لم يجز قطعا.
ولا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على التحمّل والإقامة وإن لم يتعيّن عليه ، ويجوز أخذ مئونة السّفر.
ويجوز الأخذ من بيت المال للمؤذّن ، والقاسم ، والكاتب ، والمترجم وصاحب الديوان ، ووالي بيت المال ، والكيّال ، والوزّان ، ومعلّم القرآن والآداب.
وهي أربعة أنواع :
الأوّل : يستحبّ أن ينادي بقدومه ، ويواعد الناس يوما لقراءة عهده ، ويتوسّط البلد ، ويتعرّف بمن يحتاج إلى معرفته ، ويجلس للقضاء في موضع متّسع بارز ، ويبدأ بأخذ ما في يد المعزول ، من حجج الناس ،
ص: 342
وودائعهم ، والمحاضر ، وهي نسخ ما ثبت عند الحاكم ، والسجلّات ، وهي نسخ ما حكم به.
ثمّ ينظر في حال المحبوسين ، فمن حبس بحقّ أقرّه ، ومن حبسه بظلم أطلقه ، ومن جهل حاله سأل عن حاله ، فإن قال : لا خصم لي نودي (1) عليه ، فإن لم يظهر له خصم حلّفه وأطلقه.
وإن قال : حبست ظلما ، طلب خصمه ، فإن امتنع أطلق ، وإن حضر طولب بالبيّنة ، فإن أقامها أقرّ ، وإلّا أطلق ، وإن كان غائبا كوتب بالحضور ، فإن لم يحضر أطلق.
ثمّ ينظر في حال الأوصياء ، وأموال الأيتام والمجانين ، ويعتمد على ما يجب من انفاذ أو تضمين أو إسقاط ولاية للبلوغ والرشد ، أو لظهور خيانة ، أو من ضمّ مشارك لظهور عجز ، أو استبدال لفسق ، وينفذ تصرّف الأمين.
ثمّ ينظر في أمناء الحكم ، الحافظين لأموال الأيتام ، والمجانين ، والمحجور عليهم ، والودائع والوصايا ، ويعتمد معهم ما يجب من إقرار ، أو إمضاء ، أو إعانة.
ثمّ ينظر في الضّوال واللقط ، فيبيع ما يخشى تلفه ، أو يستغرق نفقته قيمته ، ويستبقي ما عدا ذلك لأربابه ، ويسلّم إلى الملتقط ما عرفه حولا إن كان في غير يده.
ثمّ يجلس في أحسن هيئته على سكينة ووقار مستدبر القبلة.
ويحضر عنده من العلماء من عسى أن ينبّهه على الخطأ ، أو يوضح له ما يشكل عليه.
ص: 343
ويرتّب الكاتب ، والقاسم ، والوزّان ، ويرغّب في الصلح ، وينجز الحكم مع الامتناع.
الثاني : يكره اتّخاذ حاجب وقت القضاء ، والقضاء في المسجد دائما ، والانقباض المانع من اللحن بالحجّة ، أو اللين المفضي إلى جرأة الخصوم ، ومع كلّ شاغل للنفس كالغضب ، والوجع ، والجوع ، والعطش ، والغمّ ، والفرح ، والنعاس ، ومدافعة الأخبثين ، ولو قضى مع ذلك نفذ إن كان حقّا وإلّا ضمن ما يتلف من بيت المال ، وأن يتولّى البيع والشراء لنفسه وأن يرتّب للشهادة قوما معيّنين ، وأن يضيف أحد الخصمين دون الآخر ، وأن يشنع في إسقاط أو إبطال ، وأن يحضر وليمة الخصوم ، ولا بأس بوليمة غيرهم إذا لم يقصد بالدّعوة. (1)
الثالث : يجب إعداء من استعدى ، فإن كان الغريم حاضرا ، استدعاه وإن لم يحرّر الدعوى وإن لم يعلم بينهما معاملة ، وإن كان غائبا حرّر الدعوى ، ثمّ يستدعيه إن كان في بعض ولايته ولا خليفة له فيها ، وإلّا أثبت الحكم عليه بالحجّة ، ولو امتنع من الحضور أو التوكيل جاز الحكم عليه.
والمرأة إن كانت برزة حضرت وإلّا وكّلت ، وإلّا بعث إليها من ينوبه في الحكم ، ولو ثبت عليها يمين بعث وكيله يحلّفها بحضور شاهدين.
وإن تساوى الخصمان في الإسلام والكفر ، وجب على الحاكم التسوية في القيام ، والسلام ، والنظر ، والإكرام ، والجلوس ، والخطاب ، والإنصات ، والعدل في الحكم ويجوز رفع المسلم على الذّمي في المجلس ، وكون المسلم جالسا والذّمي قائما.
ص: 344
ولا تجب المساواة في الميل القلبي.
وإذا حضر الخصمان قال : ليتكلّم المدّعي فإن احتشماه أمر من يقول ذلك.
فإن سبق أحدهما بالدعوى سمع منه ، وإن بدرا سمع من الّذي عن يمين صاحبه.
ولو ازدحم الخصوم قدّم السابق في الورود ، فإن تساووا أقرع.
ويقدّم السابق بخصومة واحدة وإن اتّحد المدّعي.
ويقدّم المسافر المستوفر ، والمرأة.
ولو ازدحموا على المفتي فكالقاضي.
ولو كان على المدرّس ، فإن كان العلم غير واجب تخيّر في التقديم ، وإلّا قدّم السابق ، ومع التساوي يقرع.
الرابع : تحرم الرّشوة وإن حكم بحقّ ، ويأثم باذلها إن توصّل بها إلى باطل ، ويجب ردّها ، فإن تلفت فبدلها ، وفي هدية غير المعتاد توقّف ، وتلقين الخصم بما يضرّ خصمه ، وهدايته إلى وجوه (1) الحجاج ، وأن يثبّط المقرّ عن الإقرار لا في حقّه تعالى ، وأن يسمع دعوى المدّعى عليه قبل إنهاء الحكومة.
ولو ادّعى مدّعي على القاضي رافعه إلى الإمام ، فإن لم يكن فإلى خليفته إن كان في ولايته ، وإلّا فإلى قاضي تلك الولاية.
ولو ادّعى على الشاهدين بالتزوير غرما مع الاعتراف ، وإلّا فعليه البيّنة ، وله مع فقدها اليمين.
ص: 345
وفيه مباحث
للإمام أن يقضي بعلمه في حقّ اللّه تعالى وغيره إجماعا ، وكذا غيره على الأقوى ، ولا فرق بين حصول العلم في زمان ولايته وغيره ، ولو فقد العلم افتقر إلى الحجّة ، فإن علم عدالة الشاهدين حكم مع سؤال المدّعي ، وإن علم فسقهما لم يحكم ، وإن جهل طلب المزكّي ولا يكفي حسن الظنّ ، ولا الإسلام ، ولا اعتراف الخصم بعدالتهما.
ولو تعذّرت التزكية توقّف.
وصورة الحكم أن يقول : حكمت عليك بكذا ، أو قضيت ، أو أنفذت ، أو أمضيت ، أو ألزمتك ، أو اخرج من حقّه ، أو ادفع إليه ماله بخلاف « ثبت عندي حقّك » أو « دعواك ثابتة شرعا ».
ص: 346
إذا حضرت البيّنة سألها الحاكم بإذن المدّعي إن علم أنّ ذلك حقّ له ، وإلّا ابتدأ بسؤالها ، (1) ويشترط توافق الشاهدين وموافقتهما للدّعوى ، فلو ادّعى على زيد بقبض مائة ، فشهد أحدهما بذلك والآخر بقبض ما قيمته ذلك ، أو أحدهما بقبضه والآخر بقبض وكيله ، سقطت.
ومع التوافق والعدالة يقول للغريم : إن كان عندك جارح فاذكره ، فإن سأل الإنظار أنظره ثلاثة أيّام ، فإن لم يأت به حكم عليه بعد سؤال المدّعي.
وإن ارتاب سأل كلّ واحد منفردا عن الزمان والمكان والكيفية ، فإن توافقا حكم وإلّا أبطلها.
ولو أسقط حقّه من البيّنة ورضي باليمين جاز.
ولو طلب إحلافه ثمّ يقيم البيّنة لم يجب.
ولو ادّعى غيبة البيّنة خيّره الحاكم بين الصبر والإحلاف ، وليس له مطالبته بكفيل ولا ملازمته ، وكذا لو أقام شاهدا واحدا.
ويحرم على الحاكم أن يتعتع الشاهد بمداخلته في الكلام ، وأن يتعقّبه ليستدرجه ، وأن يرغّبه في الإقامة أو يزهّده فيها.
ص: 347
ويكره أن يعنّت الشهود وأن يفرّقهم إذا كانوا من أهل البصائر ، ويستحبّ في موضع الريبة.
ولا يستحلف المدّعي مع البيّنة إلّا أن تكون الشهادة على ميّت ، فيحلف على بقاء الحقّ في ذمّته ، وكذا لو أوصى له بدين في مرض الموت ومضى زمان يمكن فيه الأداء أو الإبراء.
ويجب ضمّ اليمين أيضا إن شهدت على صبيّ أو مجنون أو غائب ، ويكفي مع الشاهد يمين واحدة ، ثمّ يدفع من مال الغائب بكفيل.
ولا يشترط في سماع البيّنة حضور المدّعى عليه وإن كان في البلد.
يجب الاستزكاء إذا جهل القاضي الشهود وإن سكت الخصم ، لأنّه حقّ اللّه تعالى ، ولا يتوقّف على طعن الخصم.
ويشترط في المزكّي زائدا على صفات الشاهد الخبرة الباطنة المتكرّرة ، لا معرفة قدر المال ولا المعاملة ، ولا ذكر السبب.
ولفظها : أشهد أنّه عدل مقبول الشهادة ، ويكفي الثاني دون الأوّل ، فربّ عدل لا تقبل شهادته كالمغفّل ، ولا يكفي لا أعلم منه إلّا خيرا.
ولا يجب أن يقول : عليّ ، ولي.
وليس له حبس الغريم قبل التعديل بل ولا مطالبته برهن أو كفيل.
ص: 348
ولا يجرح إلّا مع العلم بموجب الجرح ، ويجب تعيين سببه ، ويكفي فيه المرّة ، ولو فسّره بالزّنا لم يصر قاذفا.
ولو اختلف الشهود في الجرح والتعديل ، قدّم الجرح ، ومع التعارض يقف الحاكم.
ولو رضى الخصم بشهادة الفاسق لم يجز أن يحكم.
وإذا ثبتت العدالة حكم بها ، ولو ارتاب بعد التزكية لم يلتفت.
من حكم بحكم يخالف دليلا قطعيّا كالكتاب والسنّة المتواترة أو الإجماع وجب عليه نقضه ، وكذا على غيره ، ولا ينقضه لو خالف دليلا ظنيّا إلّا أن يقع [ الحكم ] خطأ ، ولو تجدّد له بعد الحكم اجتهاد مناف للأوّل لم ينقضه ، ولو تجدّد قبل الحكم حكم بالثاني.
وليس له تتبّع قضايا من سبقه ولا قضايا معاصريه ، وليس عليه تتبّع قضاياه الماضية.
ولو ادّعى المحكوم عليه خطأ الحاكم السابق نظر فيه.
ص: 349
ينفذ الحكم ظاهرا لا باطنا ، فلو علم المحكوم عليه بطلان الحكم لم يحلّ له المحكوم به مالا أو غيره ، فلو أقام شاهدي زور بزوجيّة امرأة فحكم له ، لم يحلّ له وطؤها ، وعليه المهر والحدّ إلّا أن يعتقد الإباحة بذلك ، وعلى المرأة الامتناع بحسب الإمكان ، ولها إنكاح غيره في الباطن.
ولو شهد على طلاقه فاسقان ظاهرهما العدالة ، فحكم به لم تحلّ لهما ولا لمن يعلم فسقهما.
وينبغي للحاكم أن يجمع قضايا كلّ اسبوع ووثائقه وحججه ثمّ الشهر ثم السنة ، ويكتب عليها تاريخها ، ثمّ يختم عليه ليأمن التغيير.
ص: 350
وفيه فصول
هو الّذي يترك لو سكت ، أو الّذي يدّعي خلاف الأصل ، أو الظاهر ، والمنكر بخلافه ، (1) فلو ادّعى زيد دينا في ذمّة عمرو فأنكر ، فزيد يترك لو سكت ، ويذكر خلاف الأصل والظاهر.
ولو أسلما قبل الوطء فادّعى الزّوج التقارن فالنّكاح باق ، وادّعت المرأة التعاقب (2) فلا نكاح.
فعلى التفسير الأوّل المرأة مدّعية ، لأنّها تترك لو سكتت ، ويستمرّ النكاح ، والزوج مدّعى عليه ، لأنّه لا يترك لو سكت ، وكذا على الثاني ، لأنّ الأصل بقاء النكاح ، وعلى الثالث الزّوج مدّع ، لأنّ الظاهر عدم التقارن ، والمرأة مدّعى عليها لموافقتها الظاهر.
ص: 351
وتقديم (1) قول الودعيّ في الردّ رخصة وإن كان مدّعيا بكلّ وجه لتحصيل الرغبة (2) في الاستيداع (3).
ويشترط في المدّعي التكليف ، وأن يدّعي لنفسه أو لموكّله ، أو لوصّيه (4) ، أو لمولّى عليه ، وهو الأب أو الجدّ له ، أو الوصيّ ، أو الحاكم أو أمينه.
و [ يشترط ] في الدّعوى الصحّة واللّزوم والعلم والجزم ، فلا تسمع دعوى الوقف والهبة قبل القبض ، ولا مع الظنّ والتهمة.
و [ يشترط ] في المدّعى به صحّة التملك ، والتصريح بالملك ، فلا تسمع دعوى المسلم خمرا أو خنزيرا ، ولا هذه بنت أمتي وإن قال : ولدتها في ملكي ، وكذا : هذه ثمرة نخلي ، ولا تسمع البيّنة بذلك حتّى يصرّح بالملك.
ولو قال : هذه بنت أمته ، لم يكن إقرارا ، بخلاف : هذا الغزل من قطنه.
وتسمع الدّعوى بالمجهول كفرس وثوب ، كما يقبل الإقرار به والوصيّة به ، وقال الشيخ لا تسمع. (5)
فيجب ضبط المثلي بصفاته ، ولا يفتقر إلى ذكر قيمته ، وذكرها أحوط ، والقيمي بقيمته ، والأثمان بذكر الجنس والقدر والنّقد.
ولا يشترط الكشف في شي ء من الدعاوي إلّا في القتل ، ولو ادّعت
ص: 352
انّه زوجها كفى في دعوى النكاح وإن لم تدّع شيئا من حقوق الزوجيّة ، فلو أنكر ولا بيّنة حلف ولا نكاح ، وإن نكل حلفت ، وثبت النكاح ، وكذا لو كان هو المدّعي.
ولو ادّعى فسق الحاكم ، أو الشهود ، وعلم المحكوم له ، فالأقرب عدم السماع.
ويطالب الحاكم المدّعى عليه بالجواب بعد التحرير والتماس المدّعي إن علم أنّه حق له ، وإلّا جاز بدون التماسه.
ثمّ إمّا أن يقرّ ، فيلزم بالحقّ إن كان جائز التصرّف ، ويحكم عليه بمسألة المدّعي.
ولو التمس كتابة حجّة أو محضر عليه أجيب إن عرفه باسمه ونسبه ، أو شهادة عدلين ، ويجوز الاكتفاء بالحلية ، وثمن القرطاس من بيت المال ، ومع عدمه من المدّعي.
ولو ادّعى الإعسار ، فإن ظهر صدقه أنظر ولا يدفع إلى غرمائه ليستعملوه أو يؤاجروه ، وإن ظهر كذبه حبس حتّى يخرج من الحقّ.
وإن جهل حاله فكتفصيل المفلّس.
وللمقرّ أن يمتنع من التسليم حتّى يشهد ، ولا يجب دفع الحجّة ولا
ص: 353
دفع كتاب الأصل إلى المشتري ، إلّا أن يشترط دفعه ، ولو طلب انتساخه أجيب.
وإمّا أن ينكر ، فيقول الحاكم للمدّعي : ألك بيّنة؟ ولو عرف أنّه موضع المطالبة بالبيّنة سكت الحاكم حتّى يسأله ، فإن كان له بيّنة أمر بإحضارها ، وإلّا عرّفه أنّ له اليمين ، فإن سأل إحلافه حلّفه الحاكم دون غيره ، فلو أحلفه ابتداء ، أو تبرّع بها المنكر لغت ، فإذا حلف سقطت الدعوى ، ولم يجز للمدّعي مطالبته ولا مقاصّته وإن كان المدعي محقّا ، إلّا أن يكذب نفسه ، ولا تسمع دعواه ولا بيّنته وإن نسيها أو جهل بها ، سواء شرط سقوط الحقّ باليمين أو لا ، وكذا لو أقام بعد الإحلاف شاهدا وبذل معه اليمين.
وللحالف أن يكتب محضرا بيمينه بعد معرفته ، أو ذكر حليته.
ولو ردّ اليمين على المدّعي ، فإن حلف ثبت دعواه ، وإن نكل سقطت.
وإن امتنع [ المنكر ] من اليمين والردّ ، قضى عليه بالنكول ، وهو أن يقول : إن حلفت وإلّا جعلتك ناكلا ، ثلاثا (1) استظهارا لا فرضا ، ولو بذل اليمين بعد النكول لم يلتفت إليه.
ولو ادّعى الغريم الجهل بحكم النكول قبل إن احتمل في حقّه وإلّا فلا ، وقيل : بل يردّ اليمين على المدّعي ، فإن حلف ثبت دعواه وإلّا سقطت إلّا أن يأتي بيّنة ، ولو طلب الإمهال أجيب ، بخلاف المنكر.
وليس للمدّعي إلزام المنكر بإحضار المال قبل اليمين ، ولو بذل المنكر اليمين قبل حلف المدّعي أجيب.
ص: 354
وإمّا أن يسكت ، فإن كان عنادا حبس حتّى يجيب ، وكذا لو قال : لا أجيب ، وإن كان لآفة توصّل الحاكم إلى فهمه.
ولو احتاج إلى المترجم وجب اثنان ، ويشترط فيهما الذكورة والعدالة ، وفي الكاتب التكليف والإسلام والعدالة ، ويستحبّ أن يكون فقيها.
وفيه مباحث :
وهو اللّه تعالى ، سواء كان الحالف مسلما أو كافرا ، ويجوز الحلف بالأسماء الخاصّة ، ولا يجوز بغير ذلك من كتاب ، أو نبيّ ، أو إمام ، أو مكان شريف ، ولا بالأبوين.
ويجوز تحليف الذمّي بما هو أردع في دينه.
وصورتها : واللّه ما له قبلي حقّ ، ويجوز التغليظ بالقول والزمان (1) والمكان في جميع الحقوق إلّا المال ، فيشترط بلوغه نصاب القطع.
ويغلّظ على الكافر بما يعظم عنده.
ولا يجبر الممتنع من التغليظ.
ومحلّها مجلس الحكم إلّا مع العذر كالمريض وغير البرزة ، فيستنيب الحاكم حينئذ (2).
ص: 355
ويشترط مطابقة الدّعوى والإنكار ، ووقوعها بعد التماس الخصم وعرض الحاكم.
ويستحبّ للحاكم تقديم العظة والتخويف من معاقبة اليمين.
ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا عبرة بيمين الصبيّ ، والمجنون ، والمكره ، والمغمى عليه ، والسكران ، والنائم ، والغافل.
ولا يشترط العدالة ، ولا الإسلام ، ولا الذكورة.
ولا يستحلف القاضي المنصوب ، ولا الشاهد ، ولا منكر الوكالة ، سواء كان الحقّ عينا أو دينا ، وإنّما يحلف من إذا أقرّ ألزم ، فلو ادّعى بدين على الموصي أو على الموكّل ، لم يكن له تحليف الوصيّ والوكيل.
ولا يمين في حدّ إلّا في القذف لتعلّقه بحقّ الآدميّ.
ويحلف منكر السرقة لإسقاط الغرم ، ولو نكل حلف المدّعي ويثبت الغرم دون القطع ، وكذا لو أقام شاهدا وحلف معه.
ويصدّق مدّعي إبدال النّصاب في الحول ، ومدّعي الإسلام قبل الحول ، ومدّعي نقصان الخرص بغير يمين.
ولو أعرض عن بيّنته وقنع باليمين أجيب ، وله الرجوع قبل الحلف.
ولو ادّعى على مملوك فالغريم مولاه في دعوى المال والجناية إن تعلّقت برقبته أو كسبه ، وإلّا فالجواب عليه ، فإن حلف سقطت الدعوى ،
ص: 356
وإن نكل قضي عليه بالنكول ، أو بردّ اليمين على المدّعي على قول ، ويتبع بعد العتق.
ويمين الأخرس بالإشارة.
الحالف إمّا منكر مع عدم البيّنة أو معها إذا رضي المدّعي باليمين ، وإمّا مدّع مع الردّ أو النكول على قول ، ومع الشاهد ومع اللّوث في الدم ومع البيّنة في الميّت والغائب.
ويلزمه الحلف على القطع إثباتا ونفيا في فعل نفسه ، وإثباتا في فعل غيره ، وفي نفي فعل غيره يحلف على عدم العلم ، ولا يحلف على الظنّ وإن استند إلى قول عدل أو قرينة حال ، ولا يكفي وجود خطّه وإن حفظه وأمن التزوير ، ولا خطّ مورّثه.
والنيّة نيّة المحقّ منهما ، فلو ألزمه المبطل باليمين ورّى.
والنيّة نيّة الحاكم ، فلو ورّى الحالف (1) لم يصحّ ، ويبطلها الاستثناء.
ولا يمين على الوارث إلّا أن يدّعي عليه العلم بموت الموروث وثبوت
ص: 357
الحقّ ، وأنّه ترك في يده مالا ، فلو وافقه على جهل أحدها لم يتوجّه عليه اليمين.
ويحلف في الأوّلين على نفي العلم وفي الأخير على البتّ.
ولو ادّعى قبض وكيله حلف على نفي العلم.
ويكفي المنكر الحلف على نفي الاستحقاق ، ولو ادّعى الإقباض أو الإبراء انقلب مدّعيا والمدّعي منكرا ، فيكفيه الحلف على بقاء الحقّ ، ولو حلف على نفي ذلك كان آكد وليس لازما.
ولا يحلف لإثبات مال غيره ، فلو أقام غريم الميّت شاهدا بمال له حلف الوارث وإن استوعب الدين التركة ، فإن امتنع [ الوارث ] لم يجبر ، ولا يحلف الغريم وكذا المرتهن ، فلو أقام شاهدا بملكيّة الرّهن للراهن وامتنع من اليمين لم يجبر.
ولا يكفي المنكر يمين واحدة مع تعدّد المدّعي إلّا أن يرضوا بالواحدة على توقّف.
وتنقطع الخصومة باليمين وإن كان كاذبا ، لكن لا تبرأ ذمّته.
إذا ادّعى الوصيّ على الوارث أنّ الميّت أوصى بخمس أو زكاة أو وليّ اليتيم على إنسان بمال له فأنكر ، لم يكن لهما الردّ ، بل يحبس الوارث حتّى يحلف ، أو يقرّ.
ويؤخّر غريم اليتيم حتّى يبلغ ويحلّفه.
ص: 358
ولو أقام الوصيّ أو وليّ اليتيم شاهدا لم يحلفا ، بل يفعل كالأوّل.
ولو أقام شاهدا بدين للميّت ولا وارث له غير الإمام ، حبس الغريم حتّى يحلف أو يقرّ ، ولم يحلف الإمام.
ولو ادّعى الصبيّ الاحتلام صدّق بغير يمين ، وكذا لو ادّعى الأسير الإنبات بعلاج ولا يسمع منه في غير ذلك إلّا بالبيّنة.
ويثبت بهما المال أو ما غايته المال ، كالدين والقرض ، والغصب ، وعقود المعاوضات ، وجناية الخطأ ، وشبيه العمد ، وقتل الأب ابنه ، والحرّ العبد ، وكسر العظام ، والجائفة ، والمأمومة ، والمنقلة ، وفي النكاح إن ادّعته المرأة ، والوصيّة له ، والوقف.
ولا يقبل في الطلاق ، والخلع ، والرجعة ، والقذف ، والقصاص ، والولاء ، والردّة ، والنسب ، والوصيّة إليه ، والعتق ، والتدبير ، والكتابة ، والوكالة ، وعيوب الرّجل والمرأة.
ولو اشتمل الحقّ على الأمرين كالسرقة ثبت المال دون القطع.
ويشترط تقديم الشهادة والتعديل على اليمين ، فلو قدّمت أعيدت ، والحكم بهما ، فلو رجع الشاهد بعده غرم النّصف.
ولو كان المدّعي جماعة حلف الجميع ، فمن حلف ثبت حقّه
ص: 359
دون الممتنع ، ولا يحلف ولد الناكل بالشهادة السابقة إلّا في الوقف ، ولو مات قبل النكول فله أن يحلف ، ولا تجب إعادة الشهادة.
ولو ادّعى الورثة مالا لمورّثهم احلفوا مع شاهدهم ، وقسّم بينهم على الفريضة ، ولو كان وصيّة قسّم بالسويّة إلّا مع التفضيل ، ولا يشارك الممتنع الحالف في المسألتين.
ولو كان أحد الورثة صبيّا أو مجنونا وقف نصيبه ليحلف بعد الكمال ، فإن حلف استحقّ وإلّا فلا.
ولو مات قبله فللوارث الحلف.
وليس للوليّ قبل الكمال المطالبة بكفيل ، ولا يشارك الحالف إلّا أن يحلف بعد الكمال.
الأوّل : لو قال : هذه مملوكتي وأمّ ولدي ، وأقام شاهدا حلف معه ، وثبت ملكها دون نسب الولد ، ويثبت الاستيلاد بإقراره.
الثاني : لو ادّعى أنّه أعتق العبد الّذي في يد غيره في ملكه ، لم يحلف مع شاهده ليثبت حرّيته.
الثالث : لو ادّعى بعض الورثة أنّ الميّت وقف الدار عليهم وعلى نسلهم ، فإن حلفوا مع الشّاهد قضي بالوقف ، وإن امتنعوا حكم بها ميراثا ، وكان نصيب المدّعين وقفا.
ص: 360
ولو حلف البعض ثبت نصيبه وقفا ، وكان الباقي طلقا ، تنفذ منه الديون والوصايا ، والفاضل ميراث ، والحاصل منه للمدّعين يكون وقفا.
ولو انقرض الممتنع ، فللبطن الثاني الحلف مع الشاهد ، ولا يبطل حقّه بنكول الأوّل ، فإنّهم يأخذون عن البطن الأولى ، وقد ثبت الوقف لها.
الرابع : لو ادّعى الوقف عليه وعلى أولاده وقف ترتيب وحلف مع الشاهد ، قضي لهم ، ولا يلزمهم يمين أخرى ، وكذا لو انقرض البطون وصار إلى الفقراء.
ولو كان وقف تشريك افتقر البطن الثاني إلى يمين أخرى ، لأنّها تأخذ عن الواقف ، فهي كالموجودة وقت الدّعوى.
فلو ادّعى ثلاثة إخوة تشريك الوقف عليهم وعلى أولادهم ، وحلفوا مع الشاهد ثمّ صار لأحدهم ولد ، صار الوقف أرباعا ، فيوقف له الربع ، فإذا كمل (1) وحلف أخذه ، وإن امتنع قيل (2) : يرجع [ الربع ] إلى الإخوة ، ويحتمل صرفه إلى الناكل ، لاعتراف الإخوة له باستحقاقه.
ولو مات أحد الإخوة قبل بلوغ الطفل ، عزل له الثلث من حين الوفاة ، فإن حلف بعد الكمال أخذ الجميع ، وإن نكل فالربع إلى حين الوفاة لورثة الميّت وللأخوين ، والثلث من حين الوفاة للأخوين ، وفيه الاحتمال (3).
أمّا لو أكذب الناكل الوقف لم يردّ عليه شي ء قطعا ، ويصرف إلى الأخوين أو إلى ورثة الواقف على توقّف.
ص: 361
وفيه مقاصد
يقضى على الغائب عن مجلس الحكم مسافرا كان أو حاضرا ، ولا يشترط في الحاضر تعذّر حضوره ، ولا يقضى على من في المجلس إلّا بعد إعلامه.
وإنّما يقضى [ على الغائب ] في حقوق النّاس لا في حقوق اللّه تعالى ، لأنّها مبنيّة على التخفيف.
ولو اشتمل على الحقّين كالسرقة قضي بالمال دون القطع.
ولا بدّ مع البيّنة من اليمين على عدم الاعتياض والإبراء.
ثمّ إن كان الحقّ دينا بيع ماله فيه ، وإن كان عينا سلّمت إليه ، ولا يدفع إليه شي ء إلّا بكفيل.
وإن كان المحكوم به غائبا ضبط بما يميّزه عن غيره ، أو ذكرت قيمته.
ص: 362
ولو كان المدّعي وكيلا لم يحلف بل يسلّم إليه الحقّ بكفيل ، ثمّ إن حلف موكّله وإلّا استعيد منه.
ولو ادّعى الغريم التسليم إلى الموكّل ، أو الإبراء لم ينفعه إلّا بالبيّنة.
ولوليّ الطفل أو المجنون أخذ المال مع البيّنة والكفيل.
ثمّ إنّ الغائب على حجّته ، فإذا حضر وادّعى القضاء أو الإبراء كلّف إقامة البيّنة (1) ، وإلّا حلف الغريم.
ولو ادّعى فسق الشهود كلّف البيّنة على فسقهم حال الشهادة أو الحكم ، فإذا ثبت ذلك نقض الحكم ، واسترجع ما أخذ من ماله.
الآخر بالحكم ، وأمّا الشهادة فهو أن يشهد على حكمه شاهدين حضرا الواقعة ، ولو لم يحضرا بل حكى لهما الدّعوى والحكم ، وأشهدهما عليه صحّ أيضا ، فإذا شهدا عند آخر بذلك أنفذه لا أنّه يحكم بصحّته ، والفائدة قطع المنازعة ، فلو أخبره بالثبوت عنده أو أشهد شاهدين بالثبوت عنده لم ينفذه الثاني.
ولا يقدح في الإنفاذ تغيّر حال الأوّل بموت أو عزل ، ويقدح لو تغيّرت بفسق ، ولا ينتقض ما أنفذه قبل فسقه.
ولا عبرة بتغيّر حال الثاني ، فيجوز ، للشاهد على الحكم إقامة البيّنة عند غيره ، وكذا لو لم تتغيّر.
يجب أن يضبط الشاهدان المشهود به بما يرفع الجهالة ، وأن يذكرا اسم المحكوم عليه (1) ، واسم أبيه وجدّه أو حليته بحيث يتميّز ، فإن أقرّ المسمّى أنّه المحكوم عليه ألزم ، وإن أنكر أنّه مسمّى بذلك الاسم حلف إلّا أن يقيم المدّعي بيّنة أنّه هو ولو حلف أنّه لا يلزمه شي ء لم يقبل ، وإن نكل حلف المدّعي وألزم ، وإن أنكر أنّه المشهود عليه ، وأظهر المساوي في النسب ، فإن اعترف أطلق الأوّل ، وإلّا وقف الحاكم (2).
ص: 364
ولو كان ميّتا ، فإن ظهرت أمارة براءته لم يلتفت إليه ، وإلّا وقف الحاكم حتّى يتبيّن.
ولو كانت الشهادة بالحلية المشتركة غالبا ، فالقول قول المنكر مع اليمين.
ولو كان الاشتراك نادرا ، فالقول قول المدّعي مع اليمين.
وللمشهود عليه الامتناع من التسليم حتّى يشهد القابض وإن لم يكن بالحقّ بيّنة (1)
من ادّعى عينا في يد غيره فله انتزاعها ولو قهرا ، وإن لم يثبت عند الحاكم ولا أذن له ما لم يثر فتنة ، أمّا الدّين فإن كان الغريم مقرّا باذلا لم يجز له الأخذ إلّا بإذنه ، وإن استمهله زمانا يسيرا فكذلك ، ولو كان منكرا أو مقرّا غير باذل ، فإن أمكن إثباته عند الحاكم جاز الأخذ على الأقوى ، وإلّا جاز الأخذ قطعا ، فإن وجد من جنس حقّه استقلّ بالاستيفاء والاقتصاص وإن كان وديعة عنده.
وإن وجد من غير جنسه أخذه بالقيمة العادلة ، وله بيعه وقبض ثمنه عن دينه ، ولو تلف قبل البيع ففي الضمان توقّف ، فإن قلنا به تقاصّا (2).
ص: 365
ومن ادّعى ما لا يد لأحد عليه قضي له به ، ومنه كيس بين يدي جماعة فيدّعيه أحدهم.
ولو انكسرت سفينة في البحر ، فما أخرجه البحر لأهله ، وما أخرج بالغوص لمخرجه مع الإعراض عنه وكونه في تهلكة.
وفيه مباحث :
وهي تمييز الحقوق ، وليست بيعا وإن اقتضت ردّا ، ثمّ إن انتفى الضّرر والردّ أجبر الممتنع ، ويسمى قسمة إجبار ، وإن اشتملت على أحدهما لم يجبر الممتنع ، ويسمّى قسمة تراض ، ولو تضمّنت إتلاف العين منعهما الحاكم وإن رضى الشركاء.
ولو طلب أحدهم المهاياة في الأجزاء أو الزمان (1) لم يجبر الممتنع ، ولو اتّفقوا جاز لكن لا تلزم ، ولو استوفى أحدهم أغرم الأجرة.
وإذا (2) امتنعت القسمة انتزعه الحاكم وآجره عليهما إن كان له أجرة.
ص: 366
يستحبّ للإمام نصبه ، ويعتبر فيه الكمال ، والإيمان ، والعدالة ، ومعرفة الحساب ، لا الحريّة ، ولا يراعى ذلك فيمن تراضى به الخصمان ، ويجوز التراضي بأنفسهم.
ويجزئ القاسم الواحد إلّا أن يشتمل على ردّ فيجب اثنان إلّا مع رضى الشريكين بواحد.
وتلزم قسمة من نصبه الإمام بنفس القرعة ، وغيره يقف اللزوم بعدها على التّراضي.
وأجرة القاسم من بيت المال ، فإن تعذّر فعلى المتقاسمين ، فإن استأجره كلّ واحد بأجرة لزمته ، وإن استأجراه في عقد فإن عيّن نصيب كلّ واحد فذاك ، وإلّا كانت عليهم بنسبة الحصص ، وإن لم يقدّروا أجرة فعليهم أجرة المثل بالنسبة.
وهو إمّا مثليّ ، وهو متساوي الأجزاء كالحبوب والأدهان ، وإمّا قيميّ ، وهو مختلف الأجزاء كالعقار والحيوان.
فالأوّل يجبر الممتنع على قسمته ، ويقسّم كيلا ووزنا ، متساويا أو متفاوتا ، ربويّا وغيره.
ص: 367
ولو تعدّدت أنواعه فإن طلب أحد الشركاء قسمة كلّ نوع أجبر الممتنع ، وإن طلب قسمة بعضها في مقابلة بعض لم يجبر.
وأمّا الثاني فإن تضرّر الجميع لم تجز القسمة ، ولم يجبر الممتنع ، وإن لم يتضرّر الجميع ، أجبر الممتنع ، وإن تضرّر البعض فإن طلبها المتضرر أجبر الممتنع دون العكس.
ويتحقّق الضرر بنقص القيمة.
ويقسّم الثوب قسمة إجبار إذا لم تنقص قيمته بالقطع ، وإلّا فلا.
وتقسم الثياب والعبيد بعد التعديل بالقيمة قسمة إجبار.
ولو كان لدار علو وسفل فطلب أحد الشركاء قسمتها بحيث يحصل له نصيب من العلوّ والسّفل مع التعديل جاز ، وأجبر الممتنع.
ولو طلب أحدهما الانفراد بالعلوّ أو السّفل لم يجبر الآخر ، وكذا لو طلب قسمة كلّ واحد منهما منفردا أو قسمة أحدهما وتبقية الآخر مشتركا.
ولا تقسّم الدكاكين المتجاورة بعضها في مقابلة بعض (1) قسمة إجبار ، وكذا القرحان (2) المتعدّدة ، ولو طلب قسمة كلّ واحد بانفراده أجبر الآخر.
ويقسّم القراح الواحد وإن اختلفت أشجار أقطاعه.
ص: 368
وتقسّم الأرض المزروعة دون الزرع قسمة إجبار ، وكذا يقسّم الزّرع منفردا إن ظهر ، سواء كان سنبلا أو قصيلا.
ولو طلبوا قسمة الأرض والزرع بعضا في بعض فلا إجبار ، لأنّ الزّرع كالمتاع.
ولو كان فيها غرس جاز قسمتها بعضا في بعض ، لأنّها كالشي ء الواحد ، ولهذا تصحّ فيه الشّفعة.
ولو طلب قسمة كلّ عين على حدتها لم يجبر الآخر ، لاشتماله على الضرر.
ولا تجوز قسمة الوقف وإن تعدّد الواقف ، وتجوز قسمة الوقف من الطلق وإن اتّحد المالك ، ولو تضمّنت ردّا جاز من صاحب الوقف دون العكس.
وهي نوعان :
وهي أربعة :
الأوّل : أن تتساوى الحصص قدرا وقيمة ، كأرض متساوية الأجزاء في القيمة بين ستّة بالسويّة ، فتقسم ستّة أقسام ، ثمّ يقرع.
ويتخيّر القاسم بين الإخراج على الأسماء أو على السّهام.
فالأوّل أن يكتب كلّ قسم في رقعة ويضعه بما يميّزه عن الآخر ،
ص: 369
ويجعلها في ساتر كشمع أو طين ، ويأمر جاهل ذلك بإخراج واحدة على اسم أحد الشركاء ، فما خرج فهو له ، وهكذا حتّى تفرغ الرقاع.
والثاني أن يكتب اسم كلّ واحد من الشركاء في رقعة ثمّ يصونها ثمّ يخرج على أحد السّهام ، فمن خرج اسمه فله ذلك السّهم ، ثمّ يخرج أخرى وهكذا.
الثاني : أن تتساوى الحصص دون القيمة ، فتعدل السهام بالقيمة ، ويفعل كالأوّل.
الثالث : أن تتساوى القيمة دون الحصص ، كأرض متساوية الأجزاء في القيمة ، لواحد النصف ، ولآخر الثلث ، ولآخر السدس ، فتعدل السّهام على أقلّهم نصيبا ، فتجعل ستّة أسهم ، ويجعل للسّهام أوّل وثان إلى آخرها.
ويعيّن ذلك القاسم ، وإلّا الحاكم ، ثمّ يكتب في ثلاث رقاع ، في كلّ رقعة اسم واحد ، ثمّ يخرج رقعة على السّهم الأوّل ، فإن كانت لصاحب النصف أعطي الثلاثة الأول ، ثمّ يخرج أخرى على الرابع ، فإن كانت لصاحب الثلث أعطي الرابع والخامس ، والباقي لصاحب السدس.
ولو خرجت الثانية باسم صاحب السدس ، فله الرابع ، والباقي لصاحب الثلث.
وإن خرجت الأولى لصاحب الثلث ، فله الأوّلان ، ثمّ يخرج أخرى على الثالث ، فإن خرجت لصاحب النصف فله الثالث والرابع والخامس ، والباقي لصاحب السدس.
وإن خرجت لصاحب السّدس فله الثالث ، والباقي لصاحب النّصف.
وإن خرجت الأولى لصاحب السدس فله الأوّل ، ثمّ يخرج أخرى
ص: 370
على الثاني ، فإن خرجت لصاحب النصف فله الثاني والثالث والرابع ، والباقي لصاحب الثلث.
وإن خرجت لصاحب الثلث فله الثاني والثالث ، والباقي لصاحب النّصف ، ولا يخرج في هذه على الأسماء حذرا من تفريق السّهام.
الرابع : أن تختلف السّهام والقيمة ، فيعدل السّهام بالتقويم ، ثمّ يجعلها على أقلّهم نصيبا ، ثمّ يخرج الرقاع على السّهام كما ذكرناه.
وهي ما يتضمّن ردّا في مقابلة زيادة ، كبئر أو شجر أو بناء.
ويشترط فيها التراضي بعد القرعة ، ولا بدّ فيه من اللفظ نحو « رضيت » وشبهه ، ولا يكفي السكوت.
وأمّا قسمة الإجبار فلا يشترط فيها الرضا بعد القرعة ، لأنّ قرعة قاسم الإمام بمنزلة حكمه.
القسمة إذا لزمت لا تنفسخ إلّا بالتراضي ، ولو ادّعى الشريك الغلط في القسمة أو في التقويم ، فإن أقام بيّنة نقضت ، وإلّا أحلف الآخر إن ادّعى عليه العلم.
ولا فرق بين قسمة الإجبار وقسمة التّراضي.
ولو ظهر البعض مستحقّا ، فإن كان معيّنا مع أحدهما نقضت ، وكذا لو كان معهما لا بالسويّة ، ولو كان بالسويّة لم تنقض ، وأخرج من النصيبين ، وإن كان مشاعا نقضت.
ص: 371
ولا فرق بين علمهما بذلك ، أو جهلهما ، أو جهل أحدهما.
ولو اقتسم الورثة التركة فظهر دين مستغرق ، فإن أدّوه لم تبطل وإلّا بطلت ، ولو اقتسموا البعض فإن وفى الباقي بالدّين لم تنقض وإلّا نقضت.
ولو تلف قبل أدائه فإن أدّوه لم تنقض وإلّا نقضت.
ولو ظهرت وصيّته بجزء من المقسوم فكالمستحقّ ، ولو كانت بمال مطلق فكالدّين.
وفيه فصول :
الّذي في يده ، ويمين الإثبات للنصف الّذي في يد شريكه ، وتكفيه يمين جامعة بين النفي والإثبات.
ولو تشبّث أحدهما حلف وقضي له ، وإلّا حلف الخارج وانتزعها.
ولو خرجا فإن صدّق ذو اليد أحدهما قضي له مع اليمين وللآخر إحلاف ذي اليد ، وإن (1) نكل المصدّق حلف الآخر وأغرم له.
ولو صدّقهما حلفا واقتسماها ، وكذا لو نكلا ، ولهما إحلافه إن ادّعيا علمه.
وإن أنكرهما حلف لهما مع ادّعاء العلم.
ولو قال : هي لأحدكما ولا اعرفه ، أقرع وحلف من خرجت له.
ولو أقرّ بعد إنكاره لهما أو لأحدهما قبل.
ولو أقاما بيّنة فإن كانت العين في يدهما قضي لكلّ واحد بما في يد الآخر.
ولو أقامها أحدهما قضي له بالجميع وأحلف الآخر ، وكذا لو تداعيا ثوبين وفي يد كلّ واحد ثوب.
ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للخارج ، سواء شهدتا بالملك المطلق أو بالسبب.
ولو شهدت للخارج بالسبب وللمتشبّث بالمطلق حكم بها للخارج ، وفي العكس قولان.
ص: 373
ولو أقامها الخارج انتزعها.
ولو أقامها الداخل لم تسقط عنه اليمين.
ولو خرجا قضي للأعدل فالأكثر (1) ، ومع التّساوي يقرع ويقضى لمن خرج اسمه مع اليمين ، ولو نكل أحلف الآخر وقضي له ، ولو نكلا قسّمت بينهما بالسويّة.
ولو أقام أحدهما بيّنة حكم له.
ويقضى بالقسمة فيما يمكن فيه الشركة كالأموال لا ما تستحيل ، كما لو ادّعيا زوجة ، فإذا أقرع وامتنعا من اليمين خرجا عن المدّعى.
وإذا أمكن التوفيق بين الشهود وفّق ، كأن تشهد بيّنة الخارج بالملك وبيّنة الداخل بالشراء منه ، وإلّا تحقّق التعارض ، ويحصل بين الشاهدين والشاهد والمرأتين ، لا بين شاهدين وشاهد ويمين ، ولا بين شاهد وامرأتين وشاهد ويمين ، بل يقضى بالشاهدين والشاهد والمرأتين ، دون الشاهد واليمين.
والشهادة بتقديم الملك أولى من الشهادة بالحادث ، وبالأقدم أولى من القديم ، وبالملك أولى من اليد ، وبسبب الملك أولى من التصرف.
ويرجّح ذو اليد الآن على ذي اليد السابقة ، وفي ترجيح قديم الملك على اليد قولان.
ولو شهدت بملكه أمس لم تسمع حتّى تقول : وهو ملكه الآن ، أو : لا أعلم زواله ، ولو قال : لا أدري زال أم لا لم تقبل.
ص: 374
ولو شهدت بالإقرار أمس ثبتت وإن لم يتعرّض للملك في الحال.
ولو قال : غصبتها ، وقال الآخر : أقرّ لي بها ، وأقاما بيّنة حكم للأوّل ، ولم يضمن المقرّ.
ولو دفعت إليه العين بالبيّنة ، ثمّ أقام صاحب اليد بيّنة ، لم تسمع إلّا أن يدّعي ملكا لاحقا.
وإذا ادّعى دابّة في يد زيد وانّه اشتراها من عمرو ، فشهدت بالشراء والملكيّة للبائع أو للمشتري أو بالتّسليم ، حكم له ، وإن شهدت بالشراء خاصّة لم يحكم.
ولو تداعى الزوجان متاع البيت قضي لذي البيّنة ، ومع فقدها يحلف كلّ منهما لصاحبه ، ويقسّم بالسويّة ، سواء صلح للرجال أو للنساء أو لهما ، وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما ، مع بقاء الزّوجية وزوالها ، وكذا لو تنازع ورثتهما أو ورثة أحدهما والآخر.
ولو ادّعى أبو الميتة إعارة المتاع أو بعضه ، كلّف البيّنة كغيره.
ولو ادّعى رقيّة صغير مجهول النّسب في يده ، قضي به له ظاهرا ، فلو بلغ فأنكر أحلف.
والقول قول الكبير مع يمينه (1) ، ولو ادّعاه اثنان فاعترف لهما حكم عليه ، وإن اعترف لأحدهما حكم له ، وحلف للآخر.
ولو تداعى المتآجران شيئا ، فالثابت للمؤجر ، وغيره للمستأجر.
ويقضى بالثياب لمالك العبد.
ص: 375
الأوّل : لو تشبّثا فادّعى أحدهما الكلّ والآخر النصف ولا بيّنة قسّمت وحلف الثاني للأول.
ولو أقاما بيّنة قضي بها لمدّعي الكلّ.
ولو أقامها أحدهما قضي له.
ولو خرجا أقرع بينهما بالنّصف ، وأحلف من خرج له ، فإن امتنع فالآخر ، فإن امتنعا فلمدّعي الكلّ ثلاثة أرباع وللآخر الرّبع.
الثاني : لو تشبّث مدّعي الكلّ والنّصف والثلث ولا بيّنة ، فلكلّ واحد الثلث ، وعلى الأخيرين (1) اليمين لمدّعي الكلّ ، وعليه وعلى الثالث اليمين لمدّعي النّصف ، ولا يمين لمدّعي الثلث.
ولو أقام الأوّل بيّنة أخذ الجميع ، وإن أقام الثاني أخذ النّصف ، والباقي بين الآخرين (2) ، للأوّل السدس بغير منازع ، ويحلف على نصف السدس ، ويحلف الثالث على الرّبع.
وإن أقام الثالث أخذ الثلث ، والباقي بين الآخرين (3) للأوّل السدس بغير منازع ويحلف على السّدس الآخر ، ويحلف الثاني على الثلث (4).
ص: 376
ولو أقاموا (1) بيّنة فعلى القضاء ببيّنة الداخل فلكلّ واحد ثلث. (2) وعلى الآخر ففي يد كلّ واحد أربعة من اثني عشر ، فلمدّعي الكلّ ثلاثة ممّا في يده بلا منازع ، والأربعة التي في يد الثاني ، وثلاثة ممّا في يد الثالث ، ويبقى واحد في يد المستوعب الثاني ، وواحد في يد الثالث يقسّم بعد القرعة والنكول بين الأوّل والثاني ، فيحصل للأوّل عشرة ونصف ، وللثاني واحد ونصف ، ويسقط الثالث (3)
ولو خرجوا ولا بيّنة ، فللمستوعب النّصف بغير منازع ، ثمّ يقرع بينهم في النّصف الآخر ، فإن خرج للمستوعب حلف وأخذه ، وكذا للثاني ، وإن خرج للثالث حلف وأخذ الثلث ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني في السدس ، فيقسم (4) بعد القرعة والنكول.
ولو أقام الأوّل بيّنة أخذه ، ولو أقام الثاني أخذ النّصف ، ويأخذ الأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع بينه وبين الثالث في السدس ، فمن خرج اسمه حلف ، فإن امتنع حلف الآخر ، فإن امتنع (5) قسم.
ولو أقام الثالث أخذ الثلث ، ويأخذ الأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع بينه وبين الثاني في الثلث الآخر ، ويقسم بعد القرعة والنكول.
ولو أقاموا بيّنة فللأوّل النصف بغير منازع ، ويتنازع هو والثاني في السدس والثلاثة في الثلث ، ثمّ يقرع ويقسم مع النكول ، وتصحّ من ستّة وثلاثين ، لمدّعي الكلّ خمسة وعشرون ، ولمدّعي النصف سبعة ، ولمدّعي الثلث أربعة.
ص: 377
الثالث : لو تشبّث مدّعي الكلّ والثلثين والنصف وفي يد كلّ واحد الثلث ، فمع عدم البيّنة لكلّ واحد ما في يده ، ويحلف للآخرين.
ومع البيّنة تصحّ من أربعة وعشرين ، فيجمع بين دعوى الأوّل والثاني على ما في يد الثالث ، فللأوّل أربعة بغير منازع ، ويتقارعان في الباقي ، ويقسم بعد النكول بينهما ، فيحصل للأوّل ستّة وللثاني سهمان.
ثمّ يجمع بين دعوى الأوّل والثالث على ما في يد الثاني ، فللأوّل ستّة بغير منازع ، ويتقارعان في الباقي ، ويقسم بعد النكول ، فيحصل للأوّل سبعة وللثالث سهم.
ثمّ يجمع بين دعوى الثاني والثالث على ما في يد الأوّل ، فالثاني يدّعي أربعة ، والثالث سهمين ، ويبقى سهمان للأوّل بغير منازع ، فيكمل للأوّل خمسة عشر ، وللثاني ستّة ، وللثالث ثلاثة.
ولو خرجوا فمع عدم البيّنة للأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع في الثلثين ، فإن خرج الأوّل أو الثاني أحلف وأخذه ، وإن خرج الثالث حلف وأخذ النّصف ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني في السدس الباقي ، ويقسم بعد القرعة والنكول.
ولو أقاموا بيّنة فالثلث للأوّل بغير منازع ، والسدس يدّعيه الأوّل والثاني ، فيقسم بينهما بعد القرعة والنكول ، والنصف يدّعيه الثلاثة ، فيحكم للأعدل فالأكثر ، فالقرعة ، فالقسمة بعد النكول بينهم أثلاثا ، فيصحّ من اثني عشر سبعة للأوّل ، وثلاثة للثاني ، وسهمان للثالث.
الرابع : لو تشبّث مدّعي الكلّ والثلثين والنّصف والثلث ، ففي يد كلّ واحد الرّبع ، فمع عدم البيّنة يقسّم أرباعا ، ويحلف كلّ واحد ثلاثة أيمان إلّا أن يرضوا بيمين واحدة ، وكذا مع البينة إن قضي للداخل ، وإن قضي للخارج جمع بين
ص: 378
كلّ ثلاثة على ما في يد الرابع ، وما يفضل عن الدعاوي للأوّل ، ويقارع في المدّعى به ، ويحلف من خرج له ، فإن نكل حلف الآخر ، فإن نكلوا قسّم ، وتصحّ من اثنين وسبعين.
فإذا اجتمع الثلاثة على ما في يد الثاني وهو ثمانية عشر ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثالث ستّة ، والرابع اثنين ، تبقى عشرة للأوّل ، ويقرع بين الأوّل والثالث في ستّة ، فيحلف الخارج والآخر (1) أو يقسّم ، ثمّ يجمع (2) بين الأوّل والرابع في اثنين ، ويفعل كالأوّل.
ثمّ يجتمع الثلاثة على ما في يد الثالث ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثاني عشرة ، والرابع اثنين ، تبقى ستّة للأوّل ، ويقرع الآخرين (3) ويفعل كما تقدّم.
ثمّ يجتمع الثلاثة على ما في يد الرابع ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثاني عشرة ، والثالث ستّة ، فيبقى اثنان للأوّل ، ثمّ يقارع الآخرين ، ويفعل كما تقدّم.
ثمّ تجتمع الثلاثة على ما في يد الأوّل ، فالثاني يدّعي عشرة ، والثالث ستّة ، والرابع اثنين ، فيخلص (4) ما في يده ، فيحصل للأوّل النّصف ، وللثاني عشرون ، وللثالث اثنا عشر ، وللرابع أربعة.
ولو خرجوا فمع عدم البيّنة للأوّل الثلث بغير منازع ويقرع في الثلثين ، فإن خرجت للأوّل أو الثاني حلف وأخذه ، وإن خرجت للثالث أو الرابع حلف وأخذ مدّعاه ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني وغير الخارج في الباقي ، فمن خرج اسمه حلف وأخذه ، فإن نكل أقرع بين الآخرين ، ويحلف الخارج ، فإن نكل حلف الآخر.
ص: 379
فإن نكلوا قسّم ، فتصحّ من ثمانية عشر.
ولو أقاموا بيّنة فللأول الثلث بغير منازع ، ويقع التعارض بينهما وبين بيّنة الأوّل والثاني في السدس الزائد على النّصف ، ويقسّم بعد القرعة والنكول.
ثمّ يقع التعارض بينهما وبين بيّنة الثالث في السدس الزائد على الثلث ويقسم بعد القرعة والنكول ثمّ يقع التعارض بينهما وبين بيّنة الثالث في السدس الزائد على الثلث ، ويقسّم بعد القرعة والنكول.
ثمّ يقع التعارض بين الأربعة في الثلث ، فمن خرج اسمه حلف وأخذه ، ولو نكل أقرع بين الثلاثة ، ويحلف من خرج اسمه ، ولو نكل أقرع بين الآخرين ، ويحلف الخارج أو الآخر ، فإن نكل الجميع قسّم بينهم ، وتصحّ من ستّة وثلاثين ، للأوّل عشرون ، وللثاني ثمانية وللثالث خمسة ، وللرابع ثلاثة.
وفيه مسائل :
الأولى : لو ادّعيا الشراء من ثالث وإقباض الثمن ولا بيّنة ، فإن كذّبهما حلف لهما واندفعا عنه ، ولو أقاما بيّنتين وتساويا عددا وعدالة وتاريخا أقرع وقضي للخارج مع يمينه ، ويرجع الآخر بالثمن.
ولو نكل [ الخارج بالقرعة ] حلف الآخر ، فإن نكلا قسّمت ويرجع كلّ منهما بنصف الثمن ولهما الفسخ ، ويرجعان بالثمنين.
ولو فسخ أحدهما فللآخر [ أخذ ] الجميع ، بل يلزمه ذلك.
ص: 380
الثانية : لو ادّعى كلّ منهما البيع من آخر ، فإن صدّقهما قضي عليه بالثمنين ، وإلّا حلف لهما ، وإن أقرّ لأحدهما قضي عليه بالثمن وحلف للآخر ، وإن أقاما بيّنتين واتّحد التاريخ أقرع ويقضى للخارج مع اليمين ، وإن نكل حلف الآخر.
وإن نكلا قسّم الثمن بينهما.
ولو اختلف التاريخ أو اطلقتا أو إحداهما قضي عليه بالثمنين.
الثالثة : لو ادّعى أنّه اشتراه من زيد وأقبضه الثمن ، وادّعى آخر أنّه اشتراه من عمرو وأقبضه الثمن ، وأقاما بيّنتين ، فإن تشبّثا قسّمت بينهما ، ورجع كلّ منهما على بائعه بنصف الثمن ، وإن تشبّث أحدهما قضي للخارج ، ويرجع الداخل بالثمن.
وإن خرجا وتساوت البيّنتان عدالة وعددا وتاريخا ، أقرع وقضي للخارج مع اليمين ، ولو نكل حلف الآخر.
ولو نكلا قسّم المبيع ويرجع كلّ واحد على بائعه بنصف الثمن ، ولهما الفسخ والرجوع بالثمنين.
ولو فسخ أحدهما لم يكن للآخر أخذ الجميع ، لعدم عود النصف إلى بائعه.
الرابعة : لو ادّعى شراء العبد من السيّد ، وادّعى العبد العتق ، فمع عدم البيّنة يقدّم قول السيّد مع اليمين ، ولو أقام أحدهما بيّنة قضي (1) له ، ولو أقاما بيّنتين
ص: 381
حكم للأسبق ، فإن اتّفقا قضي بالقرعة مع اليمين ، ولو نكلا فنصفه حرّ ونصفه لمدّعي الشراء ، ويرجع بنصف الثمن ، ويقوّم على البائع ، وللمشتري الفسخ ، فيعتق كلّه معه للشهادة بمباشرة عتقه.
ولو كان العبد في يد المشتري قدّمت بيّنة العبد ، لأنّه خارج فيعتق ، ويرجع المشتري بالثمن.
الخامسة : لو ادّعى أنّه استأجر الدار بدينار وادّعى المؤجر أنّه آجره بيتا منها به ولا بيّنة ، تحالفا ، ثمّ إن كان ذلك بعد المدّة وجبت أجرة المثل.
ولو أقام أحدهما بيّنة حكم له ، ولو أقاما بيّنتين ، فإن اتّحد التاريخ أقرع ، وإن اختلف حكم للأسبق ، فإن كانت بيّنة الدار فلا بحث ، وإن كانت بيّنة البيت صحّ العقدان (1) ويحكم بأجرة البيت وأجرة الدّار ، وينقص منها بنسبة ما بين البيت والدار ، فلو كانت (2) بالثلث لزمه دينار وثلثا دينار.
وفيه مسائل :
الأولى : لو ماتت امرأة وولدها ، فادّعى الزوج سبق موتها والأخ سبق موت الولد ولا بيّنة ، فتركة الولد لأبيه ، وتركة الزوجة بينهما ويحلفان ، ولو أقاما بيّنتين متساويتين أقرع ، ولو أقامها أحدهما حكم له.
ص: 382
الثانية : لو مات المسلم عن ابنين واتّفقا على تقديم إسلام أحدهما على موت الأب واختلفا في الآخر ، حلف المتّفق عليه على نفي العلم ، وحاز التركة ، وكذا لو ادّعى الرّقّ سبق عتقه على الموت وأنكر الآخر.
ولو اتّفقا على زمان الإسلام واختلفا في سبق موت الأب عليه قدّم قول مدّعي تأخير الموت مع اليمين.
ولو أقاما بيّنتين أقرع.
الثالثة : لو ادّعى شيئا في يد أجنبيّ له ولشريكه في الإرث ، وأقام بيّنة كاملة ، وهي ذات المعرفة المتقادمة والخبرة الباطنة ، فشهدت بأنّها لا تعلم وارثا غيرهما سلّمت إليهما ، ولو كان شريكه غائبا سلّم إليه النّصف ، وترك الباقي في يد المتشبّث ، أو ينتزعه الحاكم.
ولو لم تكن كاملة وهي الّتي لا خبرة لها لم يسلّم إلى المدّعي شيئا إلّا بعد البحث والتضمين.
ولو كان ذا فرض أعطي مع البيّنة الكاملة نصيبه التامّ ومع غيرها الأقلّ ، وبعد البحث يعطى باقي الحصّة مع التضمين.
ولو كان ممّن يحجب كالأخ أعطي مع البيّنة الكاملة المال ، ومع غيرها يعطى بعد البحث والتضمين.
الرابعة : لو ادّعى ابن الميت الإرث والزوجة الصداق وأقاما بيّنة ، حكم لبيّنة المرأة.
الخامسة : لو قال : إن قتلت فأنت حرّ ، فأقام العبد بيّنة بالقتل والوارث بيّنة بالموت ، أقرع.
ص: 383
السادسة : لو شهد أجنبيّان بالوصيّة لزيد وشهد وارثان أنّه رجع وأوصى به (1) لعمرو ، لم تقبل شهادة الوارث ، لأنّه كالخصم للرجوع عنه ، وكذا لو كان له عبدان كلّ واحد ثلث التركة ، فشهد أجنبيّان بالوصيّة بعتق أحدهما ووارثان بالرجوع عنه والإيصاء بعتق الآخر.
ويحتمل عتق الأوّل وثلثي الثاني.
لو تداعيا صبيّا ولا بيّنة أقرع ، ولو كان في يد أحدهما لم يرجّح بها ، ولو أقاما بيّنة تحقّق التّعارض ، فيقرع مع التساوي.
ونفقته قبل القرعة عليهما ، فإن لحق بأحدهما رجع عليه الآخر ، ولا عبرة بانتسابه إلى أحدهما وإن كان مميّزا.
ولو تداعيا نسب بالغ فصدّق أحدهما قبل ، وإن أنكرهما لم يثبت ، فإن أقاما بيّنة أقرع مع التساوي.
ولو اشترك الفراش أو الدعوى أقرع مع عدم البيّنة ومع وجودها من الطرفين ، سواء كانا مسلمين أو كافرين ، أو حرّين أو عبدين ، أو مختلفين في ذلك ، ولا عبرة بالقيافة.
ويلحق النسب بالفراش المنفرد والدعوى المنفردة.
ص: 384
وفيه مقاصد
ص: 385
ص: 386
وهي عشرة :
الأوّل : البلوغ ، فلا تقبل شهادة الصّبي وإن بلغ عشرا إلّا في الجراح بشرط الاجتماع على المباح ، وعدم الافتراق ، والأخذ بأوّل قولهم.
الثاني : العقل ، فلا تقبل شهادة المجنون ، ولو ناله أدوارا جاز التحمّل والأداء مع الإفاقة.
الثالث : التفطّن ، فلا تقبل شهادة المغفّل والأبله ومن يغلب عليه السّهو.
الرابع : الإسلام ، فلا تقبل شهادة الكافر إلّا الذمّي في الوصيّة بالمال إذا عدم عدول المسلمين ، ولا يشترط القربة ، ويرجّح على فسّاق المسلمين ، ولا تقبل شهادتهم على مثلهم.
الخامس : الإيمان ، فلا تقبل شهادة المخالف في العقائد وإن اجتهد ، وتقبل شهادة المخالف في الفروع إلّا أن يخالف الإجماع.
السادس : العدالة ، وهي هيئة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى والمروة.
فالتقوى : اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصّغائر ، فلا يقدح
ص: 387
النّدرة وإن أمكن تداركها بالاستغفار ، ولا ترك السنن إلّا أن يظهر منه التّهاون بها.
والمروة : اجتناب الدناءة ، كالأكل في السوق غالبا ، ولبس ما لا يناسبه ، ولا يقدح فيها الصّنائع الدنيّة.
ويقدح في العدالة أمور :
[ الأمر ] الأوّل : القذف إلّا مع البيّنة ، أو اللّعان ، أو تصديق المقذوف ، ويزول الفسق بالتوبة.
وحدّها إكذاب نفسه وإن كان صادقا ويورّي [ باطنا ] (1) ولا يشترط إصلاح العمل بل الاستمرار عليها ، لأنّها صلاح له.
[ الأمر ] الثاني : اللّعب بآلات القمار كلّها وإن قصد الحذق ، حتّى بالجوز والبيض وإن لم يكن برهان.
[ الأمر ] الثالث : اللّهو بالعود والزّمر وغيرها إلّا الدف في الختان والأملاك (2) فاعلا كان أو مسمعا.
[ الأمر ] الرابع : الغناء وهو مدّ الصوت المطرب وإن كان في قرآن ، ورخّص الحداء للإبل وغيرها.
[ الأمر ] الخامس : شرب المسكر وغيره وبيعه ، خمرا كان أو نبيذا أو بتعا أو فضيخا أو مزرا ، وكذا الفقّاع والعصير إذا غلى واشتدّ إلّا أن يذهب ثلثاه.
ص: 388
[ الأمر ] السادس : هجاء المؤمن ، والتغزّل بامرأة معروفة محترمة ، وكذا بالصّبيّ.
ويكره الإكثار من غيره إلّا في مدح أهل البيت عليهم السلام.
[ الأمر ] السابع : بغض المؤمن وإظهار الحسد له.
[ الأمر ] الثامن : لبس الرّجال الذهب والحرير إلّا في الحرب.
[ الأمر ] التاسع : الرّهان على الحمام ، ويجوز اتّخاذه للأنس ، وإنفاذ الكتب ، ويكره للتفرّج واللّعب.
السابع : طهارة المولد ، فلا تقبل شهادة ولد الزّنا ولو في اليسير ، وإن قلنا بإسلامه ، ولا بدّ من تحقّقه ، فلا عبرة بنيل الألسن. (1)
الثامن : الحريّة ، والوجه قبول شهادة العبد على غير السيّد ، وتقبل عليه بعد العتق وإن ردّت قبله ، وكذا لو بيع ، والمعتق بعضه ، والمكاتب مطلقا وأمّ الولد كالقنّ.
التاسع : انتفاء الأبوّة ، فلا تقبل شهادة الولد على والده ، وتقبل على الأمّ والجدّ للأب ، ولو شهد على أبيه وغيره بحقّ قبلت في حقّ الغير خاصّة ، ولو شهد عليه بعد موته قبلت.
العاشر : انتفاء التهمة ،والمعتبر فيها خمسة :
1. جرّ النفع بالشهادة ، كالشريكين فيما هو شريك فيه ، والوصيّ كذلك ،
ص: 389
وغرماء المفلّس والميّت ، والسيّد لعبده ، والوارث بجرح مورّثه.
2. دفع الضرر ، كشهادة العاقلة بجرح شهود جناية الخطأ ، والوكيل والوصيّ (1) بجرح الشهود على الموكّل والموصي.
3. العداوة الدنيويّة وإن لم تتضمن فسقا ، فلا تقبل شهادة العدوّ على عدوّه ، وتقبل له ، وتتحقّق بالسرور بالمساءة وبالعكس أو بالتقاذف ، ولو تحقّقت العداوة من أحدهما اختصّ بالردّ.
ولا تمنع العداوة الدينيّة ، فتقبل شهادة المسلم على الكافر.
4. دفع عار ردّ الشهادة ، فلو ردّت شهادة المتستر بالفسق فتاب لتقبل شهادته لم تقبل في تلك القضيّة ، وتقبل في غيرها.
ولو ردّت شهادة المعلن به فتاب قبلت.
ولو قيل له في المجلس : تب أقبل شهادتك لم تقبل إلّا أن يعلم أنّه تاب لله تعالى.
وليس من التهمة القرابة والصداقة ، فتقبل شهادة القريب لقريبه وإن كان وارثا لموروث مشرف على الموت ، وتبطل لو مات قبل الحكم ، والصديق لصديقه وإن تأكّدت الصداقة ، وكذا الزوجان.
وتقبل شهادة الأجير والضّيف.
ولو شهد بعض المأخوذين لبعض على اللصوص لم تقبل ، ولو كانوا غير مأخوذين قبلت.
ص: 390
وتقبل شهادة بعض غرماء المديون لبعض.
ولا تقبل شهادة السائل بكفّه.
يعتبر اجتماع الشرائط عند الأداء لا عند التحمل ، فلو تحمّل الكافر ، أو الفاسق ، أو الصّبي ، أو العدوّ ، ثمّ زال المانع عند الأداء قبلت شهادتهم ، ولو تجدّد المانع بعد الأداء وقبل الحكم لم يحكم مطلقا.
وقيل (1) : يحكم في حق الآدمي كالقصاص وحدّ القذف ، دون حقّ اللّه تعالى كحدّ الزنا ، وفي السرقة يحكم بالمال دون القطع.
ولو قامت بيّنة بالجرح مطلقا لم ينقض الحكم لاحتمال تجدّده بعد الحكم ، ولو ثبت سبقه على الشهادة نقض ، ولو كان بعد الشهادة وقبل الحكم لم ينقض وعمل بالشهادة إلّا في حقّه تعالى.
وإذا نقض فإن كان الحقّ قتلا أو جرحا فلا قود ، والدية في بيت المال ، باشره الحاكم أو أمر به ، أمّا لو باشره الوليّ بعد الحكم وقبل الإذن ضمن الدية ، وكذا قبل الحكم.
وإن كان مالا استعيد ، فإن تلف ضمنه المحكوم له ، فإن أعسر أنظر ، ولا يضمنه الحاكم.
ص: 391
وإذا ثبت التزوير نقض الحكم واستعيد المال ، فإن تعذّر غرم الشهود ، ولو كان قتلا اقتصّ منهم.
ولو باشر الولي القصاص واعترف بالتزوير اقتصّ منه دونهم.
ولو مات الشاهدان قبل الحكم حكم بشهادتهما ، وكذا لو ماتا ثمّ زكّيا بعد الموت.
ص: 392
أمّا التحمّل ، فيجب على الكفاية على الأقوى ، ولو لم يوجد غيره تعيّن ، ويحصل بالدعاء إليه ، وبمشاهدة موجبة ، أو سماعه وإن لم يستشهد وإن نهاه ، وكذا لو جني ثمّ سمع منه ما يوجب حكما.
وليست الشهادة شرطا إلّا في وقوع الطلاق إجماعا منّا ، قيل (1) : وفي التبرّي من ضمان الجريرة ، وفي رجوع المالك بالأجرة لو هرب عامل المساقاة ، وتستحبّ في غير ذلك ، خصوصا في النكاح والرجعة والبيع.
ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي ردّ شهادته عند الإقامة.
وأمّا الأداء ، فيجب على الكفاية إجماعا ، ولو لم يوجد إلّا اثنان تعيّن.
وإنّما يجب عند الاستدعاء ، ولو لم يعلم صاحب الحقّ بهما وجب إعلامه إن خيف ضياع حقّه بترك الإعلام ويجب على العدل (2) وفي الفاسق توقّف ويقوى الوجوب لرجاء التوبة.
ص: 393
ولا تجب الإقامة إذا خاف ضررا غير مستحقّ عليه ، أو على أهله أو على بعض المؤمنين.
ولا يجوز الأداء إلّا بعد الذكر وإن عرف خطّه وأمن التزوير ، أو كان الكتاب عنده ، أو شهد معه ثقة.
ويصحّ تحمّل الأخرس وأداؤه إذا فهمت إشارته أو ترجمها عدلان ، وليسا فرعين ، بل يحكم بشهادته أصلا ، ومن شهد بمعرّفين (1) فهو أصل.
ولا تجزئ إشارة الناطق في التحمّل والأداء.
ولا بدّ في الإقامة من التلفّظ بالشهادة فيقول : أشهد بكذا ، أو أنا شاهد الآن ، أو شهدت عليه ، ولو قال : أعلم أو أتيقّن لم تسمع على قول (2).
ص: 394
وهو العلم ، ويحصل بالبصر أو بالسمع أو بهما.
فالأوّل الأفعال ، كالقتل ، والغصب ، والرضاع ، والسرقة ، والولادة ، والزنا ، واللواط ، وتقبل فيه شهادة الأصمّ.
الثاني : يثبت بالاستفاضة ، (1) كالنسب ، والموت ، والملك المطلق ، والوقف ، والنكاح ، والعتق ، وولاية القاضي ، والمراد بها إخبار جماعة يتاخم قولهم العلم.
ولو شهد بالملك وأسنده إلى سبب يثبت بالاستفاضة كالإرث قبل فيهما ، ولو لم يثبت بها كالبيع والغنيمة قبل في الملك لا في السبب ، وتظهر الفائدة في الترجيح على مدّع آخر.
وإذا اجتمع في ملك استفاضة ويد وتصرّف بغير منازع ، فهو غاية الإمكان ، فللشاهد أن يشهد بالملك ، والأقوى الاكتفاء بأحدها وترجيح اليد على الاستفاضة مع التعارض.
الثالث : العقود والإيقاعات والإقرار ، فتفتقر إلى السمع لفهم اللفظ ، وإلى
ص: 395
البصر لمعرفة المتكلم ، ويجوز أن يتحمّل الأعمى ما يفتقر إلى البصر بشرط معرفة صوت المشهود عليه قطعا ، أو يعرّفه عنده عدلان ، أو يكون مقبوضا [ بيده ] ، وكذا (1) في إقامة الشهادة عليه.
ويصحّ أن يترجم [ الأعمى ] للحاكم.
ص: 396
وهي قسمان :
فمنه : ما لا يثبت إلّا بأربعة رجال ، وهو اللّواط ، والسحق.
ومنه : ما يثبت بأربعة رجال ، أو بثلاثة وامرأتين ، وهو الزنا الموجب للرّجم ، ولو شهد رجلان وأربع نساء ثبت الجلد دون الرجم ، ولا يثبت برجل وستّ نساء ، ولا بالنساء منفردات ، بل يحدّ الشهود.
أمّا الإقرار بالزنا ففي الاكتفاء بشاهدين توقّف.
ومنه : ما لا يثبت إلّا برجلين ، وهو شرب الخمر ، والسرقة ، والردّة ، والقذف ، وإتيان البهائم ، والزكاة ، والخمس ، والكفارات ، والنذر ، والإسلام.
ص: 397
فمنه : ما لا يثبت إلّا برجلين ، وهو ما ليس مالا ولا المقصود منه المال ، كالبلوغ ، والعتق ، والولاء ، والجرح ، والتعديل ، والعفو عن القصاص ، والطلاق ، والخلع ، والرجعة ، والعدّة ، والوكالة ، والوصيّة إليه ، والنسب ، ورؤية الهلال ، والتدبير ، والكتابة والجناية الموجبة للقود ، وفي النكاح توقّف.
ومنه : ما يثبت برجلين ، وبرجل وامرأتين ، وبرجل ويمين ، وهو ما كان مالا أو الغرض منه المال كعقود المعاوضات كالبيع والإجارة والدّين والرهن والقراض والغصب وحقوق الأموال كالخيار ، والفسخ ، والأجل ، والشفعة ، والوصية له ، والوقف ، والجناية الموجبة للمال كقتل الخطأ وشبهه ، والمأمومة ، والجائفة ، والهاشمة ، والمنقّلة ، وكسر العظام ، وما لا قود فيه كقتل الوالد ولده ، والمسلم الكافر ، والحرّ العبد ، وقبض نجوم الكتابة ، وفي النجم الأخير توقّف.
ومنه : ما يثبت بشهادة الرجال والنساء منفردات ومنضمّات ، وهو ما يعسر (1) اطّلاع الرجال عليه غالبا ، كالولادة ، والاستهلال ، وعيوب النساء الباطنة ، والرضاع ، وإذا انفردن فلا بدّ من أربع.
ولا تقبل شهادة النساء منفردات في غير ذلك وإن كثرن.
ص: 398
ومنه : ما يثبت بشهادة امرأة واحدة ، وهو الوصيّة بالمال ، والاستهلال ، فيثبت ربع الوصيّة وربع الميراث ، وبالمرأتين النّصف ، وبثلاث ثلاثة أرباع ، وبأربع الجميع ، كلّ ذلك بغير يمين ، ولو حلف مع المرأتين ثبت الجميع.
ولا يجوز للمرأة تضعيف الوصيّة حتّى يصير ما أوصى به الربع ، ولو فعلت ذلك قبل ظاهرا أو استباحه المشهود له إن علم بالوصيّة ، وإلّا فلا ، والرجل الواحد كالمرأة ، ولا تقبل شهادة الرجل الواحد إلّا هنا وإن كان في هلال شهر رمضان.
ولو اشتمل على حقّ اللّه والآدمي كالسرقة ، فالمال يثبت بشاهد وامرأتين ، ولا يثبت القطع إلّا برجلين.
ص: 399
يجب موافقة الشاهدين للدعوى وتوافقهما معنى (1) لا لفظا ، فلو قال أحدهما : غصب ، والآخر : انتزع قهرا أو ظلما ، أو شهد واحد انّه أقرّ بالعربية والآخر بالعجميّة قبل.
ولو قال أحدهما : باع ، وقال الآخر : أقرّ بالبيع لم يقبل ، وكذا لو اختلفا في زمان العقد أو مكانه أو صفته.
ولو انتفى التكاذب بين الشاهدين ، وحلف مع أحدهما قبل ، وكذا مع التكاذب إن كانت شهادة أحدهما موافقة للدعوى وإلّا فلا ، لأنّ التعارض إنّما يكون بين البيّنتين الكاملتين ، فلو شهد أحدهما انّه سرق نصابا معيّنا غدوة والآخر عشيّة لم يقبل ، وكذا لو شهد أحدهما انّه سرق ثوبا أبيض والآخر أسود.
ولو حلف مع أحدهما ثبت الغرم دون القطع.
ولو شهد بكلّ بيّنة فإن كان على معيّن ثبت الغرم لا القطع ، وإلّا ثبت الثوبان والقطع.
ولو شهد واحد انّه باعه هذا الثوب بدينار والآخر بدينارين في ذلك
ص: 400
الوقت لم يثبتا للتعارض ، وله المطالبة بأحدهما مع اليمين.
ولو شهد مع كلّ واحد شاهد آخر ثبت الديناران ، ولا كذا لو شهد واحد بالإقرار بدينار والآخر بدينارين ، بل يثبت الدينار بهما ، والآخر بانضمام اليمين.
ولو شهد بكلّ إقرار شاهدان ثبت الديناران بشهادة الأربعة ، والدينار بشهادة اثنين.
ولو شهد واحد انّه سرق ثوبا قيمته درهم ، وشهد آخر انّه سرقه وقيمته درهمان ، ثبت الدرهم بشهادتهما ، والآخر بالشاهد واليمين.
ولو شهد بكلّ صورة اثنان ثبت الدّرهم بشهادة الأربعة ، والآخر بشهادة اثنين.
ص: 401
إذا رجع الشّاهدان قبل الحكم لم يحكم ، وإن كان بعده فهنا مباحث :
الأوّل : الحدّ ، فلو رجعا ما قبل الاستيفاء لم يستوف ، سواء كان حدّا لله أو لآدميّ أو مشتركا.
ولو قال بعد الرجم : تعمّدنا ، فإن صدّقه الباقون فللوليّ قتل الجميع ويردّ ثلاث ديات ، وله قتل ثلاثة ويردّ ديتين ويردّ الآخر ربع دية ، وله قتل اثنين ويردّ دية والآخران نصف دية ، وله قتل واحد ويردّ الثلاثة ثلاثة أرباع الدية.
ولو لم يصدّقوه مضى عليه إقراره ، ولو صدّقوه في أنّه كاذب في شهادته لا في كذب الشهادة اختصّ بالقتل ، ولا شي ء عليهم من الدّية ، ويحدّون للقذف.
ولو شهد أربعة بالزنا ، والآخران بالإحصان فرجم ، ثمّ رجع شهود الزنا اقتصّ منهم ، ولا شي ء على شاهدي الإحصان وبالعكس يجب العكس.
ولو رجع الجميع وزّعت الدية عليهم بالسوية ، ويحتمل التنصيف.
ولو شهد من شهود الزنا اثنان بالإحصان ، ثمّ رجعوا ، فعلى الأوّل على شاهدي الإحصان الثلثان وعلى الآخرين الثلث ، والأقوى تساويهم ، وعلى الثاني على شاهدي الإحصان ثلاثة أرباع وعلى الآخرين الربع.
ص: 402
ولو رجعا عن شهادة الردّة سقط القتل دون باقي الأحكام.
الثاني : القصاص ، لو استوى الوليّ قتلا أو جرحا ثمّ رجعوا ، فإن قالوا :تعمّدنا اقتصّ منهم ، فيردّ الفاضل ، ومن البعض فيردّ الباقون قدر جنايتهم ، وإن قالوا : أخطأنا فعليهم الدية ، ولو تفرّقوا فعلى المتعمّد القصاص بعد ردّ الفاضل عن جنايته ، وعلى المخطئ نصيبه من الدّية.
الثالث : البضع ، لو رجعا عن الطلاق قبل الدخول غرما النّصف ، وبعده لا ضمان.
ولو رجعا عن الشهادة للزوج بنكاح امرأة بعد الدخول ، غرما لها الزائد عن المسمّى من مهر المثل إن كان ، وإلّا فلا ضمان ، ولو كان قبل الدّخول فلا غرم ، سواء طلّقها أو لا.
ولو كانت الشهادة للزوجة ، فإن طلّق قبل الدّخول بأن قال : إن كانت زوجتي فهي طالق ، غرما للزوج نصف المسمّى ، وإن رجعا بعده غرما له الزائد عن مهر المثل من المسمّى إن كان.
الرابع : المال ، إذا رجعا بعد الحكم والاستيفاء وتلف المحكوم به ، لم ينقض ، وغرما للمشهود عليه ، وكذا لو رجعا بعد الحكم والاستيفاء وقبل التلف ، ولو كان قبل الاستيفاء نقض على الأقوى ، ولو أبرأه المحكوم له فلا غرم.
ولو اصطلح الغريمان على شي ء ثمّ رجعا ، غرما أقلّ الأمرين.
ولو رجعا فأقام المدّعي غيرهما فلا غرم ، ولا يغرم الفاسقان بالرجوع.
ولو رجع شهود العتق غرموا القيمة ، بخلاف الرجوع عن التدبير ، لقدرته على نقضه.
ص: 403
ولو رجعا عن الشهادة بالمكاتبة ، فإن ردّ في الرقّ فلا غرم ، وإن أعتق بالأداء ضمنا القيمة.
ولو أراد السيّد تعجيل الغرم غرما ما نقص بالكتابة ، (1) وكذا لو رجعا عن الشهادة بالاستيلاد.
إذا رجعا معا غرما بالسوية ، ولو رجع أحدهما غرم النّصف ولو زادوا على اثنين وزّع الغرم عليهم بالسويّة ، ويغرم الشاهد مع المرأتين النصف ، وكلّ امرأة الرّبع.
ولو كان مع عشر غرم الرجل السدس ، وكلّ واحدة نصف السدس (2).
ولا يغرم الغالط ، ولا من ردّت شهادته لفسق ، ولا لمعارضة بيّنة أخرى.
وإذا تاب شاهد الزّور وأصلح العمل قبلت شهادته بعد البحث عن صلاحه.
ص: 404
وفيه مباحث :
الأوّل : في المحلّ ، وهو حقوق الناس كالطلاق ، والقصاص ، والنسب ، والعتق ، وعقود المعاوضات ، والقرض ، والقراض ، والوكالة ، والوصيّة ، وعيوب النّساء ، والولادة ، والاستهلال.
ولا تقبل في حقّه تعالى كالحدود ، وفي حدّ السرقة والقذف خلاف.
ولو أقرّ باللواط أو بالزّنا بالعمّة أو الخالة ، أو وطء البهيمة ، قبلت الشهادة على الشهادة في نشر الحرمة ، وإثبات مهر المكرهة ، وتحريم البهيمة أو بيعها ، لا في الحدّ والتعزير.
الثاني : العدد ، ويجب أن يشهد على كلّ واحد شاهدان وإن كان امرأة وتكفي شهادة اثنين على كلّ من الشّاهدين وعلى جماعة ، وشهادة أصل مع فرع على شهادة الآخر.
ولا تجوز شهادة النّساء فرعا وإن كان فيما تقبل فيه شهادتهنّ منفردات ، ويحتمل الجواز ، فيجب على كلّ امرأة أربع.
الثالث : في التحمّل والأداء ، وأعلى مراتبه الاسترعاء ، وهو أن يقول :
ص: 405
أشهد على شهادتي أنّي أشهد لفلان على فلان بكذا ، وأدون منه أن يسمعه يشهد عند الحاكم ، وأدون منهما (1) أن يسمعه يقول لا عند الحاكم : أشهد لفلان على فلان بكذا بسبب كذا.
ولا ريب في جواز الأوّلتين ، والأقرب في الثالثة الجواز ، وكذا لو قال : عندي شهادة مجزومة بأنّ لفلان على فلان كذا.
ولو لم يذكر السّبب ولا الجزم لم يجز التحمّل ، ففي الصّورة الأولى يقول : أشهدني على شهادة ، وفي الثانية يقول : سمعته يشهد عند الحاكم بكذا ، وفي الثالثة : سمعته يشهد بكذا بسبب كذا.
الرابع : الحكم ، لا تقبل شهادة الفرع إلّا عند تعذّر الأصل بموت أو مرض أو غيبة ، وضابطه مشقّة الحضور.
ولا بدّ من تسمية الأصل دون تعديله ، فإن علمت عدالته وإلّا بحث عنه الحاكم.
ولا يكفي التعديل بدون التّسمية ، ولا يقدح طريان العمى والموت والإغماء في شهادة الفرع.
ولو طرأ الفسق ، أو الكفر ، أو العداوة قبل الحكم طرحت ، وكذا لو استرقّه المشهود عليه.
ولو قال الأصل : لم أشهده طرح الفرع إلّا أن يحكم بشهادته.
ص: 406
وفيه فصول :
ص: 407
ص: 408
وهو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا ، فلا يكفي رفع يد المالك ما لم يثبت الغاصب يده ، فلو منعه من القعود على بساطه ، أو من إمساك دابّته المرسلة فتلفا ، فلا غصب ، ولا ضمان على الأقوى ، أمّا لو منعه من بيع متاعه فنقصت قيمته ، لم يضمن قطعا.
ويتحقّق الإثبات بالنقل في المنقول ، ويكفي في الدابّة الركوب ، وفي الفراش الجلوس ، وبرفع يد المالك وإثبات يده في العقار.
ولو سكن مع المالك قهرا فهو غاصب للنصف عينا وقيمة ، ولو كان ضعيفا لم يضمن إلّا أن يكون المالك غائبا.
ولو قاد الدابّة وصاحبها راكب فلا غصب إلّا مع ضعف المقاومة.
والتقييد بالمال ليخرج الحرّ ، فإنّه لا يضمن إلّا أن يكون صغيرا أو مجنونا ، ويتلف بسبب كاللذع والوقوع ، وكذا منفعته ، فلو حبس صانعا لم يضمن أجرته ، ولو استأجره لعمل فاعتقله ولم يستعمله ، فالوجه الضمان.
ولو استأجر دابّة فحبسها ضمن قطعا.
والخمر والخنزير مال بالنسبة إلى الذمي المتستر دون المسلم
ص: 409
والذّمي المتظاهر ، فيجب ردّها عليه لا عليهما ، ولو تلفت فالقيمة وإن كان المتلف ذميّا.
والمنفعة مال ، فلو آجره دارا ثمّ أثبت يده عليها ، فهو غاصب للمنفعة.
ولا تدخل منفعة البضع سواء كان لحرّة ، أو مملوكة إلّا في مثل الرضاع أو الشهادة بالطلاق كما تقدّم.
وإضافة المال إلى الغير (1) ليخرج إثبات يده على مال نفسه عدوانا ، كالمرهون.
وتقييده بالعدوان ، ليخرج غيره كالمرتهن والوكيل والمستأجر.
لا ينحصر الضمان في الغصب ، بل قد يحصل بالتلف إمّا بالمباشرة ، وهي إيجاد علّة التّلف ، كالأكل والإحراق والقتل ، وإمّا بالسبب ، وهو إيجاد ملزوم العلّة كحفر البئر في غير ملكه ، وطرح المعاثر في المسالك.
ولو اجتمع المباشر والسبب قدّم المباشر ، فلو حفر بئرا في غير ملكه عدوانا ، فدفع غيره إنسانا فوقع فيها ، فالضمان على الدافع ، ولو ضعف المباشر بالإكراه أو الغرر ، فالحوالة على السبب ، فلو أكرهه على أكرهه على أكل طعام الغير ، أو أضاف المالك بطعامه ولم يشعر ، (2) أو أمره بذبح شاة الغير فذبحها جاهلا ، فالضمان على المكره والغارّ ، ولو ضمن المالك المباشر رجع على ذي السبب.
ص: 410
ولو ألقى صبيّا أو حيوانا يعجز عن الفرار في مسبعة فقتلهما السبع ، أو غصب شاة فمات ولدها جوعا ، أو تبعها الولد فهلك ، أو حبس مالك الماشية فتلفت ، أو فكّ القيد عن الدابّة فشردت ، أو عن العبد المجنون فأبق ، أو فتح قفص الطائر ، أو حلّ الدابّة فذهبا في الحال أو بعد مكث ، أو فتح رأس الظرف فسال ما فيه بنفسه ، أو بإذابة الشمس ، أو بقلب الريح ، أو بتقاطر شي ء منه فبلّ أسفله ، أو تجاوز قدر الحاجة من الماء والنار ، فاتّفق الغرق أو الحرق مع ظن التعدّي ضمن.
ولو فتح بابا على مال فسرق ، أو دلّ السّارق ، أو أزال القيد عن العبد العاقل فأبق لم يضمن.
ويضمن المقبوض بالبيع الفاسد وشبهه وبالسّوم ومنافعه العينيّة (1) وصفاته مع جهل البائع وعلمه إن استوفاهما المشتري وإلّا فلا.
ويضمن المثليّ بمثله وغيره بأعلى القيم.
ويضمن المنفعة المستوفاة بالإجارة الفاسدة ، وحمل المغصوب دون حمل المبيع الفاسد والمستام إلّا مع اشتراط دخوله في المبيع.
ولو جحد الوديعة أو العارية أو تعدّى فيهما فهو غاصب ، وكذا كلّ أمين.
لو تعاقبت الأيدي تخيّر المالك في تضمين من شاء وفي إلزام الجميع ببدل واحد ، ويستقرّ الضمان على من تلف في يده ، فلو رجع على غيره رجع عليه.
ص: 411
ولو آجر المغصوب للمالك رجع عليه بالأجرة وأجرة المثل.
ولو زوّجه بالجارية المغصوبة فاستولدها جاهلا ، نفذ الاستيلاد وبرئ منهما لا من الأرش ، وكذا لو وهبها منه ولو قال : اعتقها عنك أو عني فاعتقها لم يقع.
ولو وهب المغصوب فارتجعه المالك ، لم يرجع المتّهب على الغاصب ، ويرجع بالعوض إن كان.
ص: 412
وفيه مباحث :
يجب ردّ المغصوب وإن تعذّر ، كالخشبة في البناء ، واللوح في السّفينة وإن أدّى إلى خراب ملكه ، ويضمن أرشهما وأجرتهما ، ولو خيف غرق الغاصب ، أو مال غيره ، أو حيوان محترم كلّف القيمة ، حتّى يصل إلى الساحل ، ثمّ ينتزع اللوح.
ولو خيف غرق السّفينة أو مال الغاصب قال الشيخ : يؤخّر إلى الساحل (1) وهو حسن لكن يطالب بالقيمة حتّى يسلّم العين.
ولو خاط بالخيط المغصوب ثوبا ، فإن أمكن نزعه وجب ، وضمن النقص ، وإلّا ضمن القيمة.
ولو خاط به جرح حيوان محترم ضمنه ، ولم يجز النزع إلّا أن يؤمن التلف أو الشين ، ولو مات نزع منه.
ولو مزج المغصوب بمثله أو بأجود ردّ العين ولو كان بأدون تخير بين
ص: 413
أخذ المثل وبين العين مع الأرش ولو مزجه بغير الجنس ، فإن أمكن تمييزه وجب وإن شقّ ، كالحنطة والشعير ، وإلّا ضمن المثل.
ولو نقله إلى غير بلده كلّف ردّه وإن تضاعفت الأجرة ، ولو رضي المالك ببقائه فيه لم يكن للغاصب نقله ، ولو تعذّر ردّ العين وجب البدل.
ويضمن الغاصب أجرة ما له أجرة حتّى يدفع البدل ، ولا يملك العين المغصوبة ، ويملك المالك البدل.
ولو عادت رجع كلّ منهما ، ولا يجبر المالك على إعادة البدل ، ولا على إعادة النّماء المنفصل.
وللمالك النّماء المنفصل المتجدّد بين الغصب ودفع البدل ، وكذا المتّصل بمعنى أنّه يضمنه الغاصب لو زال.
وفي ضمان المتجدد بعد دفع البدل توقف ولو تراضيا بالمعاوضة لم يجبر أحدهما على الردّ وفوائد المغصوب مضمونة للمالك وإن تجدّدت في يد الغاصب ، سواء كانت أعيانا ، كالصوف واللبن ، أو منفعة كالسكنى والركوب.
ويضمن الأجرة عن عمل مطلق وإن لم ينتفع ، ولو انتفع بالأزيد ضمن الزائد.
ص: 414
لا يضمن الزيادة المتّصلة إذا لم تزد بها القيمة كالسّمن المفرط في العبد ، ويضمن غيرها ، فلو سمنت الدابّة في يد الغاصب ، أو تعلّم المملوك صنعة أو علما فزادت قيمته ثمّ زالت فنقصت القيمة ضمن الأرش وإن ردّ العين ، ولو تلفت العين ضمنها مع الصّفة.
ولو كان له صناعات لزمه أعلاها ، ولو زالت الصنعة ثمّ عادت والقيمة باقية لم يضمن الأولى.
ولو نقصت قيمة الثانية عن الأولى ضمن التفاوت ، أمّا لو تجدّد غيرها ضمن الأولى.
ولو صبغ الثوب فله إزالة الصّبغ وإن تلف بالقلع ، ويضمن أرش الثوب لو نقص ، وللمالك إزالته ، ولا يضمن نقصه ، وله إجبار الغاصب على إزالته إن قبلها.
ولو أراد أحدهما مال صاحبه بقيمته ، لم يجب القبول ، وكذا لو وهبه إيّاه ثمّ يشتركان في قيمته إن تساوت قيمتهما ولم ينقصا ، وكذا لو زادتا.
ولو زادت قيمة أحدهما فالزيادة لصاحبها ، ولو نقصت ضمن الغاصب للمالك دون العكس.
ولو ساوى المصبوغ قيمة الثوب أخذه المالك مجّانا ، ولو نقص عنها لزم (1) الغاصب إتمام قيمته.
ص: 415
ولو صاغ أحد الجوهرين حليّا أو آنية ردّه كما هو ، وضمن أرش النقص إن كان.
ولا يملك العين بالاستحالة كزرع الحبّ ، واستفراخ البيض ، ولو طحن الحنطة ، أو قصّر الثوب ، أو خاطه ، ردّ العين مجّانا ، وضمن نقص القيمة.
ولو جبن اللبن ، أو اتّخذ منه زبدا أو سمنا ، أو من العنب زبيبا ، ضمن الأرش.
ولو صار العصير خمرا ، ضمن المثل ، ووجب دفع الخمر ، فإن صار خلًّا في يد المالك ردّ المثل ، ورجع بالأرش.
ولو صار خلًّا في يد الغاصب ترادّا وضمن الأرش.
ولو غصب فصيلا فلم يخرج من داره إلّا بالهدم ألزم به وبالإخراج ، ولا ضمان على صاحب الدابّة ، وكذا لو دخلت الدابّة بسبب من صاحب الدار ، ولو كان من صاحب الدابّة ، أو لم يكن منهما تفريط ضمن صاحب الدابّة النقص.
ولو أدخلت دابّة رأسها في قدر واحتيج إلى ، كسرها كسرت وضمن المفرّط ، ولو فرّطا أو لم يفرّطا ضمن صاحب الدابة.
لو نقصت القيمة للسّوق ردّه ولا ضمان ، ولو نقصت بالعيب ردّه مع الأرش ، ولو كان العيب غير مستقرّ كعفن الحنطة ردّها مع الأرش ، ثمّ كلّ ما زاد ضمنه.
ص: 416
ولو غصب شيئين ينقصان بالتفريق ، كزوجي خفّ ، ثمّ تلف أحدهما ، ضمن قيمة التّالف مجتمعا ونقصان الآخر ، وكذا لو غصب أحدهما ثمّ تلف.
ولو نقصت الأرض بترك الزّرع كأرض البصرة ، ضمن الأرش ، ولو زرع الأرض ضمن الأجرة.
ولو جنى العبد في يد الغاصب فاقتصّ منه ، ضمن الغاصب بأعلى القيم.
ولو طلب (1) وليّ الدّم بالدية لزم الغاصب الأقلّ من القيمة والدية.
ولو اقتصّ منه في الطرف ، ضمن الأكثر من نقص القيمة والأرش ، وكذا لو اقتصّ منه بعد ردّه إلى المالك.
ولو ارتدّ في يد الغاصب فقتل ، ضمنه سواء كان في يده أو يد المالك.
ولو غصبه مرتدّا فقتل لم يضمنه.
ولو ارتدّ في يده ثمّ مات في يد المالك ضمن الأرش.
ولو خصي ردّ مع كمال القيمة ، وكذا لو سقط بآفة.
ولو عمي أو أقعد عتق وضمن قيمته.
ولو التحى أو شابّ (2) ضمن الأرش ، وكذا لو انكسر النّهد (3).
ولو أبق ضمن القيمة في الحال ، فإن عاد ترادّا.
ص: 417
ولو أمسك العبد لترتجع القيمة فتلف ، رجع الغاصب بالقيمة ، والمالك بالأكثر من يوم التلف إلى يوم الإقباض.
ولو غصب سارقا فقطع لم يضمنه ، ولو سرق عنده (1) فقطع ضمنه.
ويضمن المثلي بمثله ، ويجب شراؤه وإن تضاعفت القيمة ، فإن فقد فأعلى القيم من يوم الإعواز إلى يوم الإقباض ، لأنّه كان مخاطبا بالمثل.
ويضمن القيمي بأعلى القيم من يوم التلف إلى يوم الإقباض ، لأنّه كان مخاطبا بالعين.
ولو غرم القيمة ثمّ قدر على العين استردّ القيمة ، بخلاف ما لو قدر على المثل.
ولو ظفر المالك به في غير مكان الغصب ، ألزم بالمثل وإن كان في حمله مئونة ، ولو فقد فالقيمة وإن زادت.
ولو خرج المثل عن التقويم باختلاف الزمان أو المكان ، كما لو أتلف ماء في مفازة أو الجمد في الصّيف ثمّ اجتمعا على نهر ، أو في الشتاء ضمن القيمة وقت الغصب.
ويضمن الذهب والفضة بالمثل لا بنقد البلد ، ولو تعذّر فإن اختلف جنس المضمون ونقد البلد ، ضمنه بالنقد ، وإن تساويا واتّفق الوزن ضمنه به ، وإلّا قوّم بغير جنسه.
ص: 418
وفيه مسائل :
الأولى : كلّ تصرّف غير الردّ مضمون وإن زادت به القيمة كالخصى ، ولو جنى على الدابّة ردّها مع الأرش ، ولا فرق بين بهيمة القاضي وغيره.
ولا تقدير له بل المرجع (1) إلى السوق ، وكذا لو جنى غيره أو عابت من قبل اللّه تعالى.
ولو قتل المملوك ضمن قيمته وإن تجاوزت دية الحرّ ، وكذا لو مات في يده.
ولو قتله غيره ضمن القاتل الدية والغاصب الزيادة.
ولو جنى عليه بما لا تقدير فيه من الحرّ ضمن ما ينقص من قيمته ، وإن كان مقدّرا ضمن الأكثر من المقدر والأرش.
ولو جنى عليه بما فيه قيمته وجب دفعه مع القيمة ، بخلاف الجاني على غير المغصوب ، ولا يعتق بالتمثيل.
وحكم المدبّر والمكاتب المشروط وأمّ الولد كالقنّ.
الثانية : لو وطئها الغاصب جاهلين بالتحريم لزمه العشر مع البكارة ، ونصفه لا معها ، وأرش ما نقص بالولادة ، وأجرة مثلها إلى حين ردّها ، ولا حدّ ،
ص: 419
والولد حرّ ، وعليه قيمته يوم سقط حيّا ، ولا شي ء لو سقط ميّتا إلّا أن يكون بجنايته.
ولو ضربها أجنبيّ فسقط فعلى الضارب للغاصب دية جنين حرّ ، وعلى الغاصب للمالك دية جنين أمة.
ولو كانا عالمين بالتحريم ، فإن أكرهها فللمولى المهر والولد وأرش الولادة والأجرة ، وعلى الغاصب الحدّ ويتعدّد الحدّ ، والمهر بتعدّد الإكراه.
ولو طاوعته حدّا ولا مهر عليه بل أرش البكارة ، والولد رقّ لمولاها ، ولو مات ضمنه الغاصب.
ولو وضعته ميّتا لم يضمنه.
ولو سقط بجناية جان لزمه دية جنين أمة.
ولو جهل دونها فلا مهر ، وحدّت خاصّة ، والولد حرّ ، وعليه قيمته ، وبالعكس يجب عليه الحدّ والمهر ، ولم يلحق به الولد.
ولو افتضّها بإصبعه ضمن أرش البكارة ، ولو وطئها مع ذلك لزمه الأمران.
الثالثة : لو اشترى من الغاصب عالما فاستعاده المالك ، رجع المشتري بالثمن مع بقائه وإلّا فلا.
ولو تلفت العين رجع المالك على من شاء ، ويستقرّ الضمان على المشتري ، ولو كان جاهلا فعلى الغاصب ، ويرجع المشتري الجاهل بما يغترمه ، سواء حصل له في مقابلته نفع كالسكنى والثمرة ، أو لا كالنّفقة والبناء.
ولو باع الغاصب ثمّ انتقل إليه فقال [ للمشتري ] : بعتك ما لا أملك ،
ص: 420
وأقام بيّنة ، فإن ذكر في البيع ما يدلّ على الملكيّة سمعت بيّنته كقوله : بعتك ملكي ، وإلّا فلا.
الرابعة : لو باع الغاصب الأمة فوطئها المشتري عالما بالغصب ، فكالغاصب ، ولو كان جاهلا فللمالك الرجوع عليه بالعين أو البدل ، وبالأجرة والعقر ، وقيمة الولد يوم سقط حيّا ، ويرجع بذلك على الغاصب ، وله الرجوع على الغاصب.
ويستقرّ الضمان على المشتري مع علمه ، وإلّا فعلى الغاصب.
الخامسة : لو غصب فحلا فأنزاه على أنثى فعليه أجرته وأرش النقص ، والولد لمالكها وإن كان الغاصب.
السادسة : لو كسر المصوغ ضمن الصياغة المتقوّمة وإن كانت بفعله ، ربويّا كان أو غيره.
ولو طلب المالك ردّها أجيب ، ويضمن الغاصب ما ينقص عن قيمة الجوهر ، ولو كانت محرّمة لم يضمنها.
السابعة : لو حفر بئرا في غير ملكه ، فله طمّها خوف الضمان بالتردّي ، ولو نهاه المالك وجب القبول ، وانتفى الضمان.
الثامنة : لو زرع الأرض أو غرسها ، فله الزرع والغرس والنماء ، وعليه الإزالة والأجرة وطمّ الحفر.
ولو بدل أحدهما قيمة ما للآخر لم يجب القبول ، وكذا هبته.
ولو بنى الأرض بآلات المالك لزمه أجرة الأرض مبنيّة ، وليس له
ص: 421
نقضها ، ولو بناها بآلته لزمه أجرة العرصة ، وله نقضها ، وعليه الأرش.
ولو غصب دارا ثمّ نقضها ، فعليه الأرش وأجرة دار إلى حين النقض ، وأجرة عرصة إلى حين الردّ ، وكذا لو بناها بآلته ثمّ نقضها.
ولو بناها بآلتها فعليه أجرة دار قبل النقض وبعد البناء ، وأجرة عرصة وقت النقض.
التاسعة : لو لبس الثوب فخلق ، ضمن الأجرة والنقص ، ولم يتداخلا ، سواء كان النقص بالاستعمال أو لا.
العاشرة : لو اشترى بالعين المغصوبة ، فالربح للمالك إن أجاز البيع ، وإلّا فللغاصب.
ولو ضارب به فالرّبح للمالك ، وعلى الغاصب أجرة العامل الجاهل.
ولو تلف المال تخيّر في الرجوع على من شاء ، ويستقرّ الضمان على العامل مع علمه ، وإلّا فعلى الغاصب.
الحادية عشرة : لو وهب الغاصب من آخر فرجع المالك عليه ، لم يرجع على الغاصب ، فإن أتلفها المتّهب رجع المالك على من شاء ، ثمّ لا يرجع أحدهما على الآخر مع الجهل ، ومع العلم يرجع الغاصب على المتّهب دون العكس.
ص: 422
لو اختلفا في تلف المغصوب قدّم قول الغاصب مع يمينه ، وكذا في القيمة إلّا أن يعلم كذبه ، وكذا في وجود صفة تزيد بها القيمة ، أو في تجدّدها ، أو فيما على العبد (1) ، وفي تخليل الخمر عنده.
ولو اختلفا في ردّ المغصوب ، أو في ردّ بدله ، أو في موته ، أو في وجود عيب ، أو في تجدّده ، قدّم قول المالك مع يمينه.
ص: 423
ص: 424
وفيه مطالب :
ص: 425
ص: 426
وفيه مباحث :
وإنّما يحلّ منه ذو الفلس وإن زال عنه كالكنعت ، وتؤكل الرّبيثا والطّمر والطبراني والإبلامي.
ولا يؤكل ما لا فلس له كالجرّيّ والزّمّار والمارماهيّ والزهو ، ولا غير السمك كالسلحفاة والضفادع والسّرطان ، ولا كلب الماء وخنزيره ، وغير ذلك ، وإن كان جنسه حلالا في البرّ كالشاة.
ولو وجدت سمكة في جوف أخرى لم تحلّ ، وكذا لو وجدت في جوف حيّة إلّا أن توجد حيّة.
ويحرم الطافي ، وهو ما يموت في الماء ، وإن كان في شبكة أو حظيرة ، سواء مات بسبب كضرب العلق ، وحرارة الماء أو لا.
ص: 427
ولو اختلط الحيّ بالميّت ولم يتميّز حرم الجميع.
وبيض السمك تابع ، ولو اشتبه أكل الخشن دون الأملس.
ويحلّ من الإنسيّ الإبل والبقر والغنم ، وتكره الخيل والبغال والحمير ، وأشدّها البغل ثمّ الحمار.
ويحرم الكلب ، والسّنور ، والديدان ، والفأرة ، والجرذان ، وبنات وردان ، والنّمل ، والقمّل ، والبراغيث.
ويحلّ من الوحشي البقر ، والكباش ، والغزلان ، واليحامير (1) ، والحمر.
ويحرم السّباع ، وهو ما له ظفر أو ناب يفرس به ، قويّا كالأسد ، أو ضعيفا كالثعلب ، ويحرم أيضا الخنزير ، والأرنب ، والسّنور ، والقنفذ ، والضبّ ، واليربوع ، والوبر (2) والفنك (3) ، والسمور (4) ، والسنجاب ، والخزّ ، والعظاء (5) وابن
ص: 428
عرس (1) ، واللّحكة (2) والصراصر ، وجميع الحشرات كالحيّة ، والعقرب ، والفأرة ، والخنافس.
ويحلّ منه الحمام كالقماريّ ، والدباسي ، والورشان ، والحجل ، والدرّاج ، والقبج ، والطيهوج ، والقطا ، والدّجاج ، والكركي ، والكروان ، والبطّ ، والوز والعصافير ، والزرازير ، والصعوة ، وكلّ ما دفيفه أغلب من صفيفه أو مساو ، أو كان له قانصة أو حوصلة أو صيصية ، إلّا أن ينصّ على تحريمه ، ولا يقدح أكل السمك.
ويحرم ما له مخلاب قويّ كالصقر ، والبازي ، والشاهين ، والعقاب ، والباشق ، أو ضعيف كالنسر ، والرخم والبغاث ، والحداة.
ويحرم أيضا الطاوس ، والخفّاش ، والغربان ، والزنابير ، والديدان ، والبقّ ، وما صفيفه أكثر من دفيفه ، وما خلا (3) عن القانصة والحوصلة والصيصية إلّا أن ينصّ على تحليله.
ص: 429
ويعتبر بذلك طير الماء أيضا.
ويكره الهدهد ، والخطاف ، والفاختة ، والقبرة ، والحبارى ، وأشد كراهة الصرد ، والصّوام ، والشقراق.
والبيض تابع فإن اشتبه أكل ما اختلف طرفاه دون ما اتّفق.
قد يعرض التحريم بأمور :
الأوّل : وطء الإنسان ، فيحرم الموطوء ونسله ، فإن اشتبه قسّم القطيع قسمين ، ثمّ يقرع ، وهكذا حتّى تبقى واحدة.
الثاني : الجلل وهو الاغتذاء بعذرة الإنسان محضا ، ويحلّ بالاستبراء ، بأن يربط ويطعم علفا طاهرا ، فالناقة بأربعين يوما ، والبقرة بعشرين ، والشاة بعشرة ، والبطّة وشبهها بخمسة ، والدجاجة وشبهها بثلاثة ، والسمك بيوم وليلة ، وغير ذلك بما يزيل حكم الجلل.
ولا يكره الزرع بالسماد.
الثالث : أن يشرب لبن خنزيرة ، فيحرم لحمه ولحم نسله إن اشتدّ ، وإلّا كره ، ويستحبّ استبراؤه بسبعة أيّام.
ولو شرب خمرا غسل لحمه وأكل ، ويحرم ما في بطنه.
ولو شرب بولا نجسا لم يحرم منه شي ء ، بل يغسل ما في بطنه.
ولو اشتدّ بلبن امرأة كره لحمه.
ص: 430
والمحرّم منه خمسة :
الأوّل : الميتة ، ويحرم أكلها واستعمالها ، إلّا ما لا تحلّه الحياة ، كالصوف ، والشعر ، والوبر ، والريش ، والقرن ، والظلف ، والعظم ، والسنّ ، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى ، والأنفحة ، وفي اللّبن قولان.
ولو امتزج الميّت بالذكي اجتنبا ، ولا يباع من مستحلّ الميتة.
ولو قلع الصوف وشبهه غسل موضع الاتّصال.
ولا يحرم السوس لأنّه ليس من الدود ، والأصل الحلّ.
الثاني : يحرم من الذّبيحة الطحال ، والقضيب ، والفرث ، والأنثيان ، والمثانة ، والمرارة ، والمشيمة ، والدم ، والفرج ، والنخاع ، والعلباء ، والغدد ، وذات الأشاجع ، والحدق ، وخرزة الدماغ.
ويكره الكلا وأذنا القلب ، والعروق.
ولو شوى الطحال مع اللحم مثقوبا ، حرم اللحم إن كان تحته أو معه ، وإلّا فلا.
ص: 431
الثالث : الأعيان النجسة كالعذرة والسّرجين مطلقا.
الرابع : الطين كلّه عدا تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء ، ولا يتجاوز قدر الحمصة ، ويجوز الأرمني (1) للضّرورة.
الخامس : السّموم القاتلة قليلها وكثيرها ، ويجوز ما لا يقتل قليله كالسقمونيا إذا مزج بغيره ، ولا يجوز أن يتناول منه ما يخاف معه الضرر. (2)
ص: 432
ويحرم منها سبعة :
الأوّل : البول كلّه إلّا بول الإبل للاستشفاء.
الثاني : الخمر وكلّ مسكر كالنبيذ ، والبتع (1) ، والفضيخ (2) ، والنقيع (3) ، والمزر (4) ، وفي معناه الفقاع ، وكذا المسكر الجامد إلّا أنّه طاهر.
ويحلّ الخمر بانقلابه خلًّا ، سواء كان بنفسه أو بعلاج ، ويطهر الإناء وما عولج به.
ولو لاقته نجاسة لم تحلّ بالانقلاب ، ولو مزج الخلّ به فاستهلكه لم يحلّ وإن انقلب باقي الخمر.
ص: 433
الثالث : العصير إذا غلى واشتدّ من قبل نفسه أو بالنار ، ويحلّ إذا ذهب ثلثاه أو انقلب خلًّا.
ويكره الإسلاف فيه وإن يؤمن على طبخه من يستحلّه قبل ذهاب ثلثيه وإن كان مسلما.
ولا يحرم عصير الزبيب والتمر ما لم يسكر ، ولا شي ء من الربويات وإن شمّ منها رائحة المسكر.
الرابع : الدم المسفوح وإن كان من مأكول اللحم ، وكذا غير المسفوح من المحرّم كدم الضفدع ، دون السمك ، ويحلّ ما لا يقذفه المذبوح.
ولا يحلّ بالغليان بل يغسل اللحم والتوابل ويؤكل دون المرق.
الخامس : لبن المحرّم كاللبوة والمرأة إلا للصبيّ.
ويكره لبن الأتن مائعه وجامده.
السادس : فضلات احيوان حتّى من الإنسان ، ورخّص مصّ لسان المرأة.
السابع : كلّ مائع يموت فيه ذو نفس وإن كان مأكولا ، دون ما لا نفس له ، وكذا ما لاقته نجاسة ، فإن كان قبل التطهير حلّ به وإلّا فلا.
ولا يطهر العجين بخبزه ، ولو وقعت النجاسة في جامد كالسّمن وشبهه ألقيت النجاسة وما يكتنفها.
وبصاق شارب الخمر نجس إن تلوّث وإلّا فطاهر ، وكذا غيره من النجاسات ، وكذا دمع المكتحل بالنجس.
ويجوز بيع الأعيان النجسة مع إعلام المشتري وقبول الطهارة ،
ص: 434
وبيع الدّهن النجس مع الإعلام للاستصباح به تحت السماء تعبّدا ، لأنّ دخان الأعيان النجسة طاهر.
ولا يجوز الاستصباح بما يذاب من الميتة أو بما أبين من حيّ (1).
يحرم استعمال شعر الخنزير ، ومع الضرورة يستعمل ما لا دسم فيه ، ويغسل يده.
ويجوز الاستقاء بجلود الميتة لغير الطهارة ، والاجتناب أفضل.
ولا يجوز الأكل من مال الغير إلّا بإذنه ، ورخّص مع عدمه من بيت من تضمّنته الآية (2) إن لم يعلم الكراهية ، ثمّ لا يحمل ولا يفسد ، وكذا ما يمرّ به من ثمر النخل والشجر ، وفي الزرع توقّف.
ولو نهاه المالك أو علم منه الكراهة حرم ، ولا ترخّص (3) بعد القطع.
ولو باع الذمي خمرا أو خنزيرا ثمّ أسلم قبل القبض ، فله قبضه.
ويكره أكل ما باشره الجنب أو الحائض المتهمين ، وما يعالجه غير متّقي النجاسة ، والاستشفاء بمياه الجبال الحارّة ، وسقي الدواب مسكرا.
ص: 435
وفيه بحثان :
وهو الخائف من التلف ، أو المرض ، أو طوله ، أو الضعف عن متابعة الرفقة أو عن الركوب ، مع الحاجة إليهما.
ولا يشترط الإشراف على الموت.
ولا يترخّص للباغي ، وهو الخارج على الإمام ، وقيل : من يبغي الميتة ، ولا المعادي وهو قاطع الطريق ، وقيل : من يعدو شبعه (1) ويترخّص للعاصي بسفره.
ص: 436
يباح ما يحفظ الرمق ، ويكره التجاوز عنه وإن لم يبلغ الشبع ، ولو احتاج إليه جاز ، وإذا جاز التناول وجب لحفظ النفس.
ويجوز شرب الخمر للعطش والتداوي إذا خاف التلف ، لا للاستشفاء ، وكذا باقي المسكرات وما مزج به كالترياق.
ويجوز الاكتحال به للضرورة ، وإذا تمكّن من الشراء وجب وإن كان بزيادة عن ثمن المثل.
وإذا امتنع من البيع حلّ قتاله.
وإذا عدم الثمن وجب على المالك بذله ، فإن امتنع قهره عليه ، وضمن ثمنه.
فإن عجز أكل الميتة ومذبوح الكافر والناصب ، والمحرّم أولى من الميتة ، ومذكّى غير المأكول أولى من ميتة المأكول ، وميتة المأكول أولى من ميتة غيره ، وميتة غير المأكول أولى من ميتة الآدمي.
ولو لم يجد إلّا الآدمي حيّا فله قتل المرتدّ عن فطرة أو الحربيّ ، ثمّ المرتدّة أو الحربيّة ، ثمّ الزاني المحصن ، والصبيّ الحربي.
ولا يقتل المسلم ، والذميّ ، ولا عبده ، ولا ولده.
ص: 437
ولا يأكل لحم نفسه (1).
والنبيذ أولى من الخمر ، والبول أولى من النبيذ.
يستحبّ غسل اليدين قبل الأكل وبعده ، ومسحهما بعده ، والتسمية عنده ، والحمد بعده ، والتسمية على كل لون.
ويجزئ بسم اللّه على أوّله وآخره ، ولو سمّى واحد أجزأ عن الباقين.
والأكل والشرب باليمنى مع القدرة.
ويبدأ صاحب الطعام ويختم ، ويغسل يدي من على يمينه ، ويدور إلى آخرهم.
ويجمع الغسالة ويلقيها في موضع طاهر.
ويستلقي بعد الأكل ، ويجعل رجله اليمنى على اليسرى.
ويكره الأكل متّكئا ، والتملّي من الطعام ، والأكل على الشبع ، وربّما حرما ، وباليسار اختيارا ، والشرب بنفس واحد ، ويستحبّ بثلاثة ، والأكل على مائدة الشّرب.
ص: 438
وفيه فصول :
ص: 439
ص: 440
وهي من الحيوان الكلب ، وجوارح السّباع ، والطير كالفهد والصقر ، ومن غيره السهم ، والسيف ، والرمح ، والشرك ، والحبالة ، والشباك ، والفخ ، فإذا اصطاد بشي ء من ذلك فإن أدرك ذكوته حلّ ، وإلّا فلا ، إلّا ما يقتله الكلب والنصل بشروط.
الأوّل : يشترط في الصائد كونه مسلما أو بحكمه ، مميّزا ، سواء كان ذكرا أو أنثى أو خنثى ، فلو أرسل الكافر لم يحلّ وإن كان ذميّا ، وكذا النّاصب والمجنون والمغمى عليه والسكران والصبيّ غير المميّز.
ويشترط في المصيد امتناعه ، وحشيّا كان أو إنسيّا ، فلو توحّشت البهائم الإنسيّة ، أو صالت فقتلها الكلب أو السهم حلّت.
ولو قتل فرخا لم ينهض ، أو وحشيّا غير ممتنع لم يحلّ إلّا مع التذكية.
ولو رمى الممتنع وغيره حلّ الممتنع خاصّة.
ولا يشترط اتّحاد المرسل والرامي ، فلو تعدّدوا وقتلوه ، حلّ وكان بينهم بالسويّة.
ص: 441
وهي سبعة :
الأوّل : كون الكلب معلّما ، ويتحقّق بالاسترسال والانزجار ، ولا بدّ من تكرار ذلك ، فلا تكفي المرّة ، وأن لا يأكل صيده ، ولا تقدح الندرة ولا شرب الدم.
ولا يشترط في المعلّم الإسلام ، فلو علّمه المجوسي وأرسله المسلم حلّ دون العكس.
الثاني : إرساله ، فلو استرسل من نفسه لم يحلّ ، نعم لو زجره فوقف ، ثمّ أرسله حلّ.
ولو أغراه فزاد عدوه لم يحلّ.
الثالث : إرساله للصّيد ، فلو أرسله لغيره فصاد صيدا فقتله لم يحلّ.
الرابع : التسمية عند الإرسال من المرسل ، فلو تركها عامدا حرم ، وإن تداركها قبل الوصول ، ولو كان ناسيا حلّ ، ولا يجب تداركها قبله.
ولو سمّى غير المرسل لم يحلّ ، وكذا لو أرسلا وسمّى أحدهما إلّا أن يعلم أنّ القاتل كلب المسمّى.
ص: 442
وصورة التسمية « بسم اللّه » أو ذكر اللّه مع الثناء مثل « اللّه اكبر » و « الحمد لله » ولو اقتصر على لفظ الجلالة فتوقّف.
وتجب العربيّة مع القدرة.
الخامس : أن يقصد صيدا ، فلو أرسله على خنزير فقتل صيدا لم يحلّ.
السادس : أن يموت الصّيد بعقر الكلب ، فلو قتله بصدمه أو بغمّه أو إتعابه لم يحلّ.
السابع : أن لا يغيب عنه وحياته مستقرّة ، فلو غاب ثمّ وجده مقتولا لم يحلّ ، سواء كان الكلب واقفا عليه أو لا.
ص: 443
وهي سبعة :
الأوّل : كون الآلة محدّدة أو فيها حديد ، كالسيف ، والرمح ، والسّهم ، والمعراض. (1) إذا خرق اللحم ، والسّهم المحدّد وإن خلا عن نصل ، ولو أصابا معترضين (2) لم يحلّ ، بخلاف ما فيه حديد.
الثاني : قصد إصابة الصّيد ، فلو رمى لا لغرض ، أو لغير الصّيد ، فأصاب صيدا لم يحلّ ، وكذا لو نصب سكّينا وشبهها في بئر فقتلت ، لعدم القصد.
ولو قصد أحد الراميين فأصابا لم يحلّ إلّا أن يقتل سهم القاصد.
الثالث : قصد الصيد ، فلو قصد خنزيرا فأصاب لم يحلّ ، وكذا لو ظنّه خنزيرا فبان ظبيا.
الرابع : قصد جنس الصّيد لا عينه ، فلو عيّن واحدا فقتل غيره خطأ ، أو
ص: 444
رمى جملة فقتل أحدها حلّ ، وكذا لو أرسل على كبار فتفرّقت عن صغار ممتنعة فقتلها.
الخامس : التسمية عند الرمي من الرامي ، فلو سمّى غيره لم يحلّ ، وكذا لو سمّى بعد الرمي قبل الإصابة ، أو سمّى أحد الرّاميين ، إلّا أن يكون القاتل سهم المسمّى.
السادس : موت الصيد بالجرح ، فلو تردّى من جبل ، أو وقع في ماء لم يحلّ إلّا أن يعلم موته بالجرح.
السابع : أن لا يغيب عنه وحياته مستقرّة كما تقدّم.
ولا تشترط إصابة السهم موضع الذكاة ، فلو أصاب غيره وخرق اللحم حلّ ، ولا يضرّ قطع الوتر مع الإصابة ولا إعانة الريح ، فلو أمالت السّهم حلّ وإن كانت الإصابة بالإمالة ، وكذا لو وقع على الأرض ووثب فقتل.
ص: 445
إذا قطعت الآلة منه شيئا فإن كان في الباقي حياة مستقرّة ذكّاه وحرم المقطوع ، وإلّا حلال.
ولو قطعه نصفين حلّا إن لم يتحرّكا ، أو تحرّك حركة الموت ، أو تحرّك أحدهما حركة الموت ولم يتحرّك الآخر ، ولو تحرّك أحدهما حركة الأحياء ذكّاه وحرم الآخر.
وإذا أدرك الصّيد مستقرّ الحياة ذكّاه ، ويجب الإسراع ، فإن لم يتّسع الزمان لذبحه حلّ بغير ذكاة ، وإن اتّسع لم يحلّ إلّا بها ، وقيل : إذا فقد الآلة ودع (1) الكلب يقتله (2).
ولو أدركه غير مستقرّ الحياة حلّ بغير ذكاة.
ولو أرسل الكافر كلبا والمسلم سهما ، أو بالعكس ، أو اتّفقا فقتلا صيدا ،
ص: 446
فإن قتله المسلم أو صيّر حياته غير مستقرّة حلّ ، ولو انعكس أو اشتبه ، أو قتلاه معا ، حرم سواء اتّفق زمان الإصابة أو اختلف.
ويحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة ، ولا يحرم الصّيد (1) ويملكه الصائد ، وعليه الأجرة.
وأدنى ما تدرك ذكاته أن يجده تطرف عينه أو تركض رجله أو يتحرك ذنبه ، إلّا أن يقطع بموته.
ويكره الصّيد ليلا ، وصيد السمك يوم الجمعة قبل الصّلاة ، وأخذ الفراخ من أعشاشها ، ورمي الصّيد بما هو أكبر منه ، ولا يحرم.
ص: 447
وهي إثباته (1) أو قبضه باليد ، أو وقوعه في الآلة الّتي يصاد بها عادة.
ويتحقّق الإثبات بإبطال امتناعه ، بحيث يسهل تناوله ، فلو أصابه وأمكنه التحامل طيرانا أو عدوا بحيث لا يقدر عليه إلّا بالإسراع المفرط لم يملكه.
ولو نصب آلة الصّيد كالحبالة والشبكة فوقع فيها صيد ملكه ، ولو أخذه غيره انتزعه منه.
ولا يملك الصّيد بتوحّله في أرضه ، ولا بتعشيشه في داره ، ولا بإلجائه إلى مضيق يمكنه قبضه ، ولا بغلق باب عليه ، ولا بوثوب السمكة في سفينته ، ولا باضطرارها إلى بركته ، ولا بدخوله إلى منزله ، نعم يصير أولى ، فلو أخذه غيره أساء وملكه.
ويشترط في الآلة الاعتياد ، فلو اتّخذ موحلة أو قصد ببناء الدار تعشيش الطّير ، وبالسّفينة وثوب السمكة لم يملكه.
ويشترط في الصّيد أن لا يكون عليه أثر ملك كقصّ الجناح.
ص: 448
ولا يزول الملك بإطلاقه وإن قطع النية عن ملكه ، ولا بتوحّشه ، ولا بانفلاته (1) بعد إثباته وإن لم يقبضه ولا بانتقال الطيور إلى برجه.
ولو امتزج الحمام المملوك بمباح غير محصور ولم يتميّز جاز الاصطياد ، ولو امتزج بمحصور لم يجز.
ولو ظهر للصّيد مالك وجب دفعه.
الأولى : لو رمى اثنان صيدا فإن أثبتاه دفعة فهو لهما ، وإن أثبته أحدهما اختصّ به ، ولو اشتبه المثبت أقرع.
ولو ترتّب الجرحان وحصل الإثبات بهما فهو لهما ، وكذا لو كسر أحدهما رجله والآخر جناحه وكان يمتنع بهما.
ولو أثبته أحدهما وجرحه الآخر دفعة فهو للمثبت ، ولا ضمان على الآخر.
ولو تعاقبا فإن كان المثبت الأوّل ضمن الجارح وإلّا فلا.
الثانية : لو دفّف أحدهما وأزمن الآخر ولم يعلم السابق ، حرم ، لاحتمال تقدّم الأزمان.
ولو رمياه فعقراه ، ثمّ وجد ميّتا ، فإن صادفا مذبحه [ فذبحاه ] حلّ ، وكذا إن أدركاه أو أحدهما فذكّاه ، ولو انتفى الأمران لم يحلّ ، لاحتمال أنّ الثاني قتله وهو غير ممتنع.
ص: 449
الثالثة : لو رماه الأوّل فأثبته وصيّره في حكم المذبوح فقتله آخر ، فهو للأوّل ، ولا شي ء على الثاني إلّا أن يفسد منه شيئا.
ولو لم يثبته الأوّل ولا صيّره في حكم المذبوح ، فقتله الثاني كان له ، ولا شي ء على الأوّل.
ولو أثبته الأوّل ولم يصيّره في حكم المذبوح ، ثمّ أتلفه الثاني بالذكاة ، فهو للأوّل ، وعلى الثاني الأرش ، وإن كان لا بالذّكاة حرم ، وعليه قيمته حال رميه ، إلّا أن يكون لميّته قيمة فيضمن الأرش.
وإن جرحه ولم يقتله ، فإن أدرك الأوّل ذكاته حلّ ، وعلى الثاني الأرش ، وإن لم يدرك ذكاته حرم ، وعلى الثاني كمال قيمته معيبا بالأوّل.
هذا إن لم يتمكّن من تذكيته ، ولو تمكّن وأهمل حتّى مات بالجرحين ، فعلى الثاني نصف قيمته معيبا بالجرح الأوّل.
لو جنى على عبد أو بهيمة أو صيد مملوك ، وقيمته عشرة دراهم ، فرجعت إلى تسعة ، ثمّ جنى عليه آخر فعادت إلى ثمانية ، ثمّ مات بهما.
الأوّل : أن لا يدخل أرش جناية كلّ واحد منهما في دية النفس ، وعليه أرش جنايته ونصف قيمته بعد الجنايتين ، فعلى كلّ واحد منهما خمسة.
ص: 450
ويضعّف بأنّه حيف على الثاني ، لأنّ قيمته وقت جنايته أقلّ من قيمته عند جناية الأوّل.
الثاني : أن يدخل أرش جناية كلّ واحد منهما في دية النفس ، فيجب على الأوّل خمسة ، وعلى الثاني أربعة ونصف.
ويضعّف بأنّه تضييع على المالك مع انحصار الإتلاف فيهما.
الثالث : أن لا يدخل أرش جناية الأوّل ويدخل أرش جناية الثاني ، وعلى كلّ واحد نصف قيمته بعد جناية الأوّل ، لأنّ الأوّل انفرد بالجناية ، والثاني جنى مع جناية الأوّل ، فعلى الأوّل خمسة ونصف ، وعلى الثاني أربعة ونصف.
ويضعّف بأنّ إدخال أرش جناية الأوّل دون الثاني مع اتّحاد السبب لا وجه له.
الرابع : أن يدخل نصف أرش جناية كلّ منهما في بدل النفس ، وعليه نصف قيمته يوم جنايته ، فعلى الأوّل خمسة ونصف ، وعلى الثاني خمسة.
ويضعّف بأنّه حيف عليهما.
الخامس : أن يدخل أرش كلّ واحد منهما في بدل النفس ، ويفرض كأنّه انفرد بقتله ، فيجب عليه كمال قيمته يوم جنايته ، وتضمّ إحدى القيمتين إلى الأخرى ، فيكون تسعة عشر ، ثمّ تبسط على قيمة الصيد وهي عشرة ، فيكون على الأوّل عشرة من تسعة عشر ( من عشرة ) (1) ، وعلى الثاني تسعة من تسعة عشر ( من عشرة ) (2).
ص: 451
ويضعّف بأنّه حيف عليهما ، لأنّا نضرب عشرة في تسعة عشر تبلغ مائة وتسعين ، على الأوّل مائة ، وعلى الثاني تسعون ، فيأخذ من كلّ تسعة عشر جزءا واحدا ، فتكون المائة خمسة دراهم وخمسة أجزاء من تسعة عشر جزءا من درهم ويكون التّسعون أربعة دراهم وأربعة عشر جزءا من تسعة عشر جزءا من درهم ، فيلزم الأوّل زيادة خمسة أجزاء ، ويلزم الثاني زيادة أربعة أجزاء ونصف.
ولو كانت إحدى الجنايتين من المالك ، سقط ما قابل جنايته ، وطالب الآخر بما يختصّ جنايته ، سواء كان الأوّل أو الثاني.
ص: 452
وهي أقسام :
ص: 453
ص: 454
وفيه بحثان :
وهي أربعة:
الأوّل : الذابح ، ويعتبر فيه الإسلام أو حكمه ، والعقل ، فلا تحلّ ذبيحة الكافر وإن كان ذميّا ، وسمعت تسميته ، ولا الناصب ، والغالي ، ولا المجنون ، والمغمى عليه ، والسكران ، والصبيّ غير المميّز.
وتحلّ ذبيحة ولد الزنا ، والمخالف ، والمرأة ، والصّبي المميّز ، والخصي ، والخنثى ، والجنب ، والحائض ، والأغلف ، والأعمى إذا عرف.
ولا يشترط العدالة.
الثاني : المذبوح وهو كلّ حيوان طاهر عدا الآدميّ والمسوخ والحشرات ، فلا تقع الذكاة على الكلب والخنزير والآدمي وإن أبيح دمه ، ولا القرد والدّب والفيل والضبّ والفأر وشبهها.
ص: 455
وتقع على مأكول اللّحم ، بمعنى أنّه مباح أكله طاهر ، وعلى السباع كلّها ، بمعنى أنّه طاهر لا غير ، ولا يشترط الدّبغ.
الثالث : الآلة ، وهي الحديد مع القدرة ، فإن تعذّر وخيف فوته ، واضطرّ جاز بما يفري الأعضاء ، كالمروة (1) والليطة (2) والزجاجة.
ولو عدم ذلك ففي السنّ والظّفر قولان. (3)
الرابع : الكيفيّة ، ويجب قطع الأعضاء الأربعة : المري ء ، والحلقوم ، والودجان تحت اللّحيين ، فلو أبقى أحدهما (4) أو يسيرا منه لم تحلّ.
ويطعن المنحور (5) في ثغرة نحره ، وهي وهدة اللبّة ، طعنة تذهب حياته ، فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور حرم.
ويشترط أمور :
الأوّل : قصد الذبح ، فلو صادفت السكين حلقه فذبحته لم يحلّ.
الثاني : استقبال القبلة بمحلّ الذّبح مع الإمكان ، فلو أخلّ به عمدا حرم ، ولو نسي ، أو اضطرّ ، أو جهل جهة القبلة حلّ.
ص: 456
ولا عبرة باستقبال الذّابح.
الثالث : التسمية من الذّابح مقارنة للذبح أو النحر ، فلو سمّى غيره أو تركها عمدا حرم ، سواء اعتقد وجوبها أو لا ، ولو نسيها حلّ.
ويحرّك الأخرس لسانه ويعقد بها قلبه.
ولا تصحّ بغير العربيّة ، وصورتها كما (1) تقدّم.
الرابع : متابعة الذبح ، فلو قطع البعض ثمّ تمّمه بعد استقرار الحياة حلّ وإلّا حرم.
الخامس : الحركة بعد الذبح أو النحر ، أو خروج الدم المعتدل ، فلا يجزئ المتثاقل إذا انفرد عن الحركة.
السادس : استناد الموت إلى الذكاة ، فلو أخذ في الذّبح فانتزع آخر حشوته معا ، أو فعل ما لا تستقرّ معه الحياة حرم.
لو ذبح المشرف على الموت ، فإن علم بقاء الحياة حلّ ، وإن علم الموت حرم ، وإن اشتبه فإن تحرّك أو خرج الدّم المعتدل حلّ ، وإلّا حرم.
ومستقرّ الحياة ما تدرك به الذكاة مع الحركة بعد الذّبح ، أو خروج الدم المعتدل.
ص: 457
وكلّ ما يتعذّر ذبحه أو نحره لاستعصائه أو لتعذّر تذكيته يجوز عقره بالسّيف وغيره ، ويحلّ وإن لم يصادف موضع الذكاة.
ويجوز الاشتراك في الذبح دفعة وعلى التعاقب إلّا أن يفصل.
ويستحبّ في الغنم ربط يديه ورجله (1) وإطلاق الأخرى ، وإمساك صوفه أو شعره حتّى يبرد ، وفي البقر عقل يديه ورجليه وإطلاق ذنبه ، وفي الإبل ربط أخفافه إلى آباطه وإطلاق رجليه ، وفي الطير إرساله بعد الذبح.
وتكره الذباحة ليلا إلّا لضرورة ، ونخع الذبيحة ، وقلب السكين والذبح إلى فوق ، والسّلخ قبل البرد ، وقطع شي ء منها قبله ، وإبانة الرأس ، وذبح حيوان (2) وآخر ينظر إليه.
ص: 458
ذكاة الجنين ذكاة أمّه إذا تمّت خلقته ، سواء ولجته الروح أو لا ، فإن خرج ميّتا أو كانت حياته غير مستقرّة حلّ ، وإن خرج وحياته مستقرّة فلا بدّ من تذكيته وإن لم يتّسع الزمان لها.
ولو لم تتمّ خلقته حرم.
وذكاة السمك إخراجه من الماء حيّا ، فلو وثب ، أو نبذه الماء إلى الساحل ، أو نضب (1) عنه [ الماء ] ، فإن قبضه أو بآلته قبل موته حلّ وإلّا فلا ، ولا يكفي إدراكه بنظره.
ولو أخرجه حيّا ثمّ مات في الماء لم يحلّ وإن كان ناشبا في الآلة ، وكذا لو مات في شبكة منصوبة في الماء.
ولو جرحه في الماء فإن مات فيه حرم وإلّا فلا.
ولا يشترط التسمية ولا إسلام المخرج بل مشاهدة إخراجه ، فلو أخرجه كافر فمات حلّ ، بخلاف ما يوجد في يده ميّتا إلّا أن يعلم موته بعد إخراجه.
ص: 459
ولو قطع بعض السمكة بعد إخراجها من الماء حلّ وإن وقعت في الماء مستقرّة الحياة ، ولو قطعه في الماء لم يحلّ وإن أخرجت وماتت.
ولو مات بعض ما في الشبكة واشتبه حرم الجميع.
وذكاة الجراد أخذه حيّا ، ولو مات قبل أخذه أو احترق لم يحلّ وإن قصده المحرق.
ولا تشترط التسمية ، ولا إسلام آخذه ، بل إشراف المسلم على أخذه حيّا.
ولا يحل الدّبا (1) حتّى يستقلّ بالطيران.
ويجوز أكل السمك والجراد حيّا بخلاف غيرهما.
كلّ ما يباع في أسواق المسلمين من اللحم حلال ، ولا يجب التفحّص عنه بل لا يستحبّ ، سواء كان البائع مخالفا أو لا.
ولو وجده مطروحا لم يحلّ إلّا مع قرينة الذكاة على توقّف.
ص: 460
والملقوط ثلاثة :
ص: 461
ص: 462
[ هو ] كلّ صبيّ ضائع لا كافل له ، ولا فرق بين المميّز وغيره ، فلا يلتقط البالغ ، ويجبر على أخذ من تجب نفقته ، وكذا الملتقط أوّلا.
ولو التقط المملوك ردّه على مالكه ، فإن أبق أو ضاع من غير تفريط لم يضمنه.
ويقدّم قول الملتقط في عدم التفريط.
ولو تعذّر استيفاء النفقة باعه فيها بإذن الحاكم.
ص: 463
ويعتبر فيه الإسلام والبلوغ والعقل والعدالة والحريّة ، فلا حكم للقطة الكافر إلّا لمثله ، ولا للصّبيّ والمجنون ، وينتزع من يدهما ، ولا العبد ، ولو أذن مولاه جاز ، وينتقل حكمها إليه.
ويصحّ التقاط البدويّ ، ومنشئ السّفر ، والفقير ، والسّفيه على توقّف.
ولو التقط اثنان قدّم السّابق ، ويقرع مع الاقتران إن تساويا ، ويرجّح المسلم على الكافر في التقاط المسلم ، والحرّ على العبد.
وفي ترجيح الموسر على المعسر ، والبلديّ على القرويّ ، والقرويّ على البدويّ ، والمقيم على المسافر توقّف.
وينفق عليه من ماله ، وهو ما وجد معه ، أو عليه ، أو تحته ، أو فوقه ، أو في داره ، أو ما أوقف عليه ، أو وهب أو أوصي له به ، وقبله الحاكم.
ولو وجد على دابّة ، أو في خيمة ، أو في فسطاط ، قضي له بذلك وبما فيه ، بخلاف ما يوجد بين يديه أو قريبا منه.
ولا بدّ من إذن الحاكم إلّا أن يتعذّر ، فلو بادر ضمن.
فإن فقد المال استعان بالسلطان ، فإن تعذّر وجب على المسلمين على الكفاية ، فإن تعذّر أنفق الملتقط ورجع إن نواه.
ص: 464
ولو اختلفا في أصل الإنفاق ، أو في قدره ، أو في إنفاق ماله ، قدّم قول الملتقط مع يمينه.
الالتقاط واجب على الكفاية ، وينبغي أن لا يخرجه عن البلد ، واللّقيط تابع للدار ، فيحكم بإسلام من لقط في دار الإسلام إلّا أن يملكها الكفّار ولم يوجد فيها مسلم.
ولو بلغ وأعرب عن نفسه الكفر لم يحكم بردّته.
ويحكم بكفر من لقط في دار الكفر إلّا أن يكون فيها مسلم مقيم وإن كان أسيرا أو محبوسا.
وكذا يحكم برقّ من لقط في دار الكفر وبحريّة من لقط في دار الإسلام ، فيقتصّ له من الحرّ ، ويحدّ من قذفه (1) ، ويملك المال ، ويغرم له من أتلف عليه شيئا.
ودار الإسلام ما ينفذ فيها أحكام المسلمين ، ولا يكون فيها كافر إلّا معاهد.
ودار الكفر ما ينفذ فيها أحكام الكفّار ، ولا يكون فيها مسلم إلّا مسالما ، وقيل : دار الإسلام الّتي سلطانها مسلم ، ودار الكفر الّتي سلطانها كافر.
ولو جنى عليه في النّفس فللإمام القصاص أو الدية ، وكذا في الطرف مع
ص: 465
صغره ، وله الاستيفاء مع كبره ، ولو أخذ الحاكم الأرش في العمد فليس له المطالبة بالقصاص إذا بلغ.
ولو جنى عمدا اقتصّ منه ، وفي الخطأ يعقله الإمام ، وشبيه العمد في ماله.
واللقيط سائبة لا ولاء عليه يتولّى من شاء ، وميراثه للإمام مع فقد المناسب والمسابب ، ولو استلحقه الملتقط أو غيره لحق به ، ولو بلغ فأنكر لم يلتفت إليه ، ولو كان بالغا احتاج إلى التصديق.
ولو ادّعى أجنبي بنوّته قبل ، سواء كان حرّا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، وفي الأمّ قولان.
ولو ادّعى بنوّته اثنان ولا بيّنة أقرع ، وكذا لو أقاما بيّنة ، وإن أقامها أحدهما حكم له ، هذا إن تساويا في الإسلام والحريّة ، وإلّا فقولان.
ولو كان أحدهما الملتقط لم يرجّح باليد ، لأنّ لها تأثيرا في المال لا في النسب.
ولو أقرّ بالرقّ قبل مع بلوغه ورشده إذا لم يعلم حريّته ولا ادّعاها.
ص: 466
ويسمّى ضالّة ، وهي كلّ حيوان مملوك ضائع لا يد عليه ، فالبعير يجوز أخذه إذا ترك من جهد في غير كلأ وماء ، ويملكه الآخذ ولا ضمان ، وليس للمالك انتزاعه وإن أقام بيّنة ، ولا يؤخذ إذا وجد في كلأ وماء وإن كان مريضا ، أو ترك من جهد ، وكذا لو كان صحيحا في غير كلأ وماء ، فإن أخذه ضمنه ، ولا يبرأ بإرساله ، بل يدفعه إلى مالكه ، فإن تعذّر فإلى الحاكم فيرسله في حماه ، فإن لم يكن باعه وحفظ ثمنه لمالكه ، وكذا حكم الدابّة والحمار والبقرة.
ولا يجوز أخذ الضّوالّ في العمران ، ممتنعة كانت أو لا.
ويجوز أخذ الشاة في الفلاة ، ويتخيّر في تملّكها والضمان ، وفي إمساكها أمانة ، أو دفعها إلى الحاكم ، ولا ضمان ، ولا يجب تعريفها سنة.
ويلحق بها صغار الإبل والبقر والخيل والحمير.
ولو أخذ الشاة في العمران حبسها ثلاثة أيّام ، فإن لم يظهر صاحبها باعها وتصدّق بثمنها ويضمن ، أو احتفظها ولا ضمان.
ولا يفتقر البيع إلى إذن الحاكم ، وليس للمالك فسخه ، بل له المطالبة بالقيمة.
ص: 467
ويجوز التقاط كلب الصّيد.
وإذا أخذ الضالّة رفع أمره إلى السلطان ، لينفق عليها من بيت المال أو يبيعها ، فإن تعذّر أنفق عليها ورجع ، ولو كان لها ظهر أو درّ أو خدمة ، فالوجه التقاصّ.
ولا يشترط في الآخذ البلوغ ولا العقل ولا الإسلام ولا الحريّة ولا العدالة ، فلو التقط الصّبيّ أو المجنون انتزعه الوليّ ، وعرّفه سنة ، ثمّ يفعل الغبطة من الإبقاء أمانة أو التمليك.
ولا يضمن الضالّة بعد الحول إلّا بقصد التملّك ، فلو قصد الحفظ لم يضمن إلّا مع تعدّ أو تفريط أو بنيّة التملّك ، ولو نوى بعدها الحفظ لم يزل الضمان.
ص: 468
وفيه فصول :
[ وهو ] إنّما يكون بالأخذ دون الرؤية ، ويكره في الحرم وغيره على الأصحّ ، وإن وثق في نفسه ، ويتأكّد في الفاسق خصوصا المعسر.
ولو علم من نفسه الخيانة حرمت ، ولو خافها فقولان.
ويستحبّ الإشهاد وأن يعرّف الشهود بعض الأوصاف.
وهو من له أهليّة الاكتساب والحفظ ، وإن كان صبيّا مميّزا ، أو مجنونا ، أو كافرا ، أو فاسقا.
ص: 469
ويشترط في لقطة الحرم العدالة ، وينتزعها الوليّ من الصّبيّ والمجنون ، فلو أهمل ضمن ، ويتولّى التعريف ، وله أن يملّكها إيّاه بعد الحول.
وللعدل حفظ اللقطة ودفعها إلى الحاكم ، وللحاكم انتزاعها من الفاسق ، أو إقامة رقيب حتّى ينقضي الحول ، ثمّ إن اختار التملّك دفعها الحاكم إليه ، ولا يلزم بكفيل ، وإلّا أبقاها في يده أو يد غيره.
وللعبد أخذ اللقطتين ، ويتولّى المولى التعريف ، ويكفي تعريف العبد في تملّك المولى ، والمكاتب أولى من العبد بالجواز.
وهي كلّ مال ضائع أخذ ولا يد عليه ، فما نقص عن الدّرهم يجوز أخذه ، ويملكه الآخذ ، ولا يجب ردّه على المالك.
ولو زاد عن ذلك ، فإن كان في الحرم لم يجز أخذه إلّا بنيّة التعريف حولا ، فيتخيّر بعد الحول في إبقائه أمانة ، أو الصدقة ولا ضمان ، وليس له التملّك.
وإن كان في غيره عرّفه سنة ، ثمّ يتخيّر بين التملّك والصّدقة ويضمن ، وبين الإبقاء أمانة ولا ضمان ، هذا فيما يبقى ، وإلّا قوّمه على نفسه وانتفع به وضمن ، أو يدفعه إلى الحاكم ولا ضمان.
ولو افتقر بقاؤه إلى العلاج أعلم الحاكم فيبيع بعضا ، وينفقه على إصلاح الباقي ، أو الجميع ويعرّف ثمنه.
ص: 470
ولا يجوز التقاط ما يتحفّظ بنفسه كالأحجار ، والسفن المربوطة ، والبغال الّتي في أبواب المشاهد.
وتتأكّد الكراهيّة فيما يكثر نفعه ويقلّ ثمنه ، كالعصا ، والوتد ، والشّظاظ (1) والحبل ، والعقال والإداوة (2) ، والسوط ، والنعلين ، وما يوجد في المفاوز ، أو في خربة باد أهلها ، فهو لواجده بغير تعريف ، وكذا المدفون في أرض لا مالك لها ، ولو كان لها مالك أو بائع عرّفه ، فإن عرفه أخذه ، وإلّا كان لواجده ، ولا يجب تتبّع الملّاك ، وكذا ما وجده في جوف الدابّة.
ولو وجده في جوف سمكة ملكه بغير تعريف.
ولو وجد في داره أو صندوقه مالا لا يعرفه فهو له مع عدم المشارك ، وإلّا فهو لقطة.
يجب التعريف سنة من حين الالتقاط ، فإن أخّره فمن حين التعريف ، سواء نوى التملّك أو لا ، ولا يضمن بالتأخير ، ولا يجب التتابع في الأيّام بل المحافظة عليه بحيث لا ينسى.
وينبغي الإكثار في أوّله ، فيعرّفه كلّ يوم ، ثمّ في كلّ أسبوع مرّة ، ثمّ في كلّ شهر مرّة.
ص: 471
وزمانه النّهار دون اللّيل ، وليكن عند اجتماع الناس وظهورهم ، كالغداة ، والعشيّ ، وأيّام المواسم ، والجمع ، والأعياد.
ومكانه الأسواق ، والرحبات ، وأبواب المساجد ، والمشاهد.
وليكن ابتداؤه في موضع الالتقاط ، فلو كان في بريّة عرّف من معه ، ثمّ في أيّ بلد شاء.
ولو التقط في بلد عرّفها فيه دون غيره.
ولو التقط في بلد الغربة عرّفه فيه ، ثمّ يكمل في بلده.
ويذكر في التعريف الجنس كالذهب ، والإبهام أحوط ، مثل : من ضاع له شي ء.
ويجوز أن يتولّاه بنفسه وبغيره.
ولو استأجر لزمته الأجرة وإن نوى الحفظ ، ويكتفي بقول العدل.
ولو مات الملتقط عرّفها الوارث ، ولو مات في الأثناء أتمّه ، ولو مات بعد الحول فللوارث التملّك.
وهي في الحول أمانة لا تضمن إلّا بتعدّ أو تفريط ، وكذا بعده إلّا أن ينوي التملّك أو الخيانة فيضمن.
ولا يزول الضمان بنيّة الأمانة ، ولا يضمن بمطالبة المالك ، ولا يملك بمضيّ الحول ، بل بالتعريف حولا ، ونيّة التملك ، فلا يملك بدونها وإن بقيت في يده أحوالا.
ولو نوى التملّك في الحول جاز له التملّك بعده.
ص: 472
ولا يحتاج إلى اللفظ ، ولا إلى التصرّف.
ولا فرق بين الأثمان وغيرها ، ولا بين الغنيّ والفقير ، والمسلم والكافر.
ويثبت في ذمّته المثل في المثليّ والقيمة في القيميّ ، والزيادة في الحول للمالك ، متّصلة كانت أو منفصلة ، وكذا بعده ، ولا تكون لقطة على توقّف.
ولو باعها الحاكم ولم يجد المالك دفعها إلى الملتقط ، لأنّ له التملّك أو الصّدقة.
ولا يجب دفعها إلّا بالبيّنة ، ولا يكفي الوصف وإن أطنب فيه ، ولا يمنع الملتقط من التسليم ، ولا يجبر عليه.
ولو ردّها بالوصف فأقام آخر بيّنة انتزعها ، فلو تعذّر طالب أيّهما شاء ، ويستقرّ الضمان على الواصف إلّا أن يعترف له الملتقط بالملك.
ولو دفعها ببيّنة فأقام آخر بيّنة ولا ترجيح ، أقرع ، فإن خرج الثاني انتزعت من الأوّل ، فلو تلفت فإن كان دفعها الملتقط بحكم الحاكم لم يضمن ، وإلّا ضمن للثاني.
أمّا لو قامت البيّنة بعد التملّك ودفع العوض إلى الأوّل ، ضمن للثاني على كلّ حال ، ويرجع الملتقط على الأوّل لبطلان الحكم.
ولو أقام المالك البيّنة بعد التملّك لم يكن له انتزاعها ، وله المثل أو القيمة.
ولو ردّ العين كما هي وجب القبول ، ولا يجب لو عابت وإن دفع الأرش.
ولا يجب ردّ النماء المتجدّد بعد التملّك.
ص: 473
ص: 474
ص: 475
ص: 476
أمّا الأوّل ، فالعامر لأربابه ، وكذا ما به صلاحه كالطريق ، والشرب ، والقناة ، والمرفق ، فلا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذنهم ، سواء كان في بلاد الإسلام أو الكفر.
والموات للإمام ، وهي ما لا ينتفع به لعطلته إمّا لانقطاع الماء عنه أو لاستيلائه عليه ، أو لاستيجامه ، وكذا كلّ أرض موات باد أهلها ، فلا يجوز إحياء شي ء من ذلك إلّا بإذن الإمام ، فلو أحياها من دونه لم يملكها ، ويملك مع الإذن إن كان المحيي مسلما.
ويجوز لنا في الغيبة إحياؤها ، ويكون المحيي أحقّ بها ما دام قائما بعمارتها ، فلو تركها حتّى بادت آثارها فأحياها غيره ملكها ، وللإمام مع ظهوره رفع يده.
ويصحّ إحياء ما هو بقرب العامر إلّا أن يكون حريما له أو مرافقا له.
ويشترط في التملّك بالإحياء أمور :
الأوّل : أن لا يكون ملكا لمسلم أو معاهد.
الثاني : أن لا يكون مشعرا للعبادة : كعرفة ومنى والمشعر ، ويجوز إحياء ما لا يضرّ منه.
الثالث : أن لا يكون حريما لعامر : كالطريق ، والشرب ، وحريم البئر ، والعين.
ص: 477
والحائط حريمه مطرح ترابه ، وحريم القرية ما يعدّ من مرافقها : كمطرح القمامة والتراب ، ومجتمع النادي ومرتكض (1) الخيل ، ومناخ الإبل.
وحريم الشرب مطرح ترابه ، والمجاز على حافّتيه.
وحريم العين الف ذراع في الرخوة ، وخمسمائة في الصّلبة.
وحريم بئر المعطن أربعون ذراعا ، وبئر الناضح ستّون.
وحريم الدار مطرح ترابها ، وإنّما يثبت الحريم إذا ابتكر ذلك في الموات لا في الأملاك المعمورة.
وحدّ الطريق المبتكر في المباح خمس أذرع ، والثاني بتباعده هذا المقدار.
الرابع : أن لا يكون قد أقطعه النبيّ صلى اللّه عليه وآله أو الإمام إن كان مواتا خاليا عن التحجير.
الخامس : أن لا يكون قد حماه النبي أو الإمام لنفسه ، أو لنعم الصدقة ، أو الجزية ، أو الضوالّ ، ولو زالت المصلحة الّتي حمى لها فالأقرب جواز الإحياء ، وليس لغيرهما أن يحمي.
السادس : أن لا يكون محجّرا ، والتحجير نصب المروز وشبهها : كإدارة التراب أو الأحجار ، ولا يفيد ملكا ، بل أولويّة ، فلا يصحّ بيعه بل الصلح عليه ، ويورث ، وله منع غيره (2) من الإحياء ولو قهره فأحياها لم يملكها.
ص: 478
ثمّ إن أهمل العمارة جبره الإمام على الإحياء أو التخلية ، فإن امتنع رفع يده ، وأذن لغيره ، ولا يجوز الإحياء قبل الرفع والإذن.
وأمّا الإحياء ، فهو فعل ما يخرجها عن الموت ، ويرجع فيه إلى العرف ، فالمسكن بالحائط والسقف وإن كان قصبا ، والحظيرة بالحائط ، ولا يشترط تعليق الباب فيهما ، والزّرع بعضد الشجر وتسوية المرز والمسناة (1) ، وسوق الماء ، وبقطع المياه الغالبة ، وتهيئتها للعمارة ، ولا يشترط الحرث ولا الزرع.
ولو غرس وساق الماء تحقّق الإحياء.
ولو برزت أغصانه أو عروقه إلى المباح ، لم يكن لغيره إحياؤه ، وليس له منعه خوف البروز.
لكلّ أحد التّصرف في ملكه بما شاء وإن تضرّر جاره ، فله أن يجعل ملكه بيت حدّاد أو قصّار أو مستنقع الماء أو بئر غائط ، ولا ضمان عليه.
الأوّل : الطرق ، والمساجد ، والمشاهد ، والمدارس ، والرّبط.
أمّا الطرق ففائدتها الاستطراق ، وله الوقوف والجلوس إذا لم يضرّ بالمارّة.
ويجوز الجلوس للبيع والشراء في المواضع المتّسعة كالرحبات ، ولو قام ورحله فيها باق فهو أحقّ ، ولو رفعه بطل حقّه وإن نوى العود.
ص: 479
وله التظليل بما لا يتضرر به المارّة ، وليس لأحد إحياؤه ولا تحجيره ولا للسلطان إقطاعه.
وأمّا المسجد والمشهد فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به ، وكذا لو قام ورحله باق وإلّا بطل حقّه وإن نوى العود ، أو قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة.
ولو استبق اثنان فإن أمكن الاجتماع والّا أقرع.
وأمّا المدارس والرّبط ، فمن سكن بيتا وهو من أهل السكنى لم يجز إخراجه ولا مشاركته وإن طالت المدة ، إلّا أن يشترط الواقف أمدا فيخرج عند انتهائه.
ولو شرط التشاغل بالعلم أخرج تاركه ، ولو فارق لعذر ورحله باق فهو أولى.
الثاني : المعادن ، فالظاهرة هي (1) الّتي لا تفتقر نيلها إلى مئونة : كالملح ، والكبريت ، والنفط ، والنار ، والموميا ، والكحل ، والبرام ، والياقوت ، وحجر الرحى ، فلا يملك بالإحياء ، ولا يصحّ إقطاعها ولا تحجيرها ، بل من سبق أخذ حاجته ، ولو ورد اثنان فالسابق أولى ، فإن تساويا وقصر عن بغيتهما قسّم ، ومع التعذّر يقرع.
ولو أحيا أرضا بجنب المملحة وساق إليها الملح ملكه.
والمعادن الباطنة هي ما يفتقر نيلها إلى المئونة : كالذهب والفضّة ، والنحاس ، والحديد ، والرصاص ، ويملك بالإحياء ، وهو بلوغ نيلها والتحجير ما دونه ، فإن أتمّه وإلّا أجبر عليه أو على التخلية.
ص: 480
وينظر المعذور بقدر عذره ، ثمّ يلزم بأحد الأمرين ، ويجوز إقطاعها قبل ذلك.
ولو ظهر في الأرض المحياة معدن ملكه وإن كان من الظاهرة ، ولو كان ظاهرا قبل الإحياء لم يملكه.
ويملك حريم المعدن وهو منتهى عروقه ومطرح ترابه.
الثالث : المياه ، وهي ثلاثة : (1)
الأوّل : ماء العيون ، والأنهار الكبار ، وماء الغيوث في الأرض المباحة مباح ، فمن حاز من ذلك في إناء ، أو حوض ، أو أجراه (2) في نهره أو مصنعه ملكه.
ويجوز الوضوء والغسل وتطهير الثياب منه إذا لم يكره المالك ، ولا كذا المحرز في الإناء.
الثاني : ماء البئر المحتفرة في ملك أو مباح للتملك ملك ، لمن حفرها ، ولو لم يبلغ الماء فهو تحجير ، وكذا لو استنبط عينا ، ولو كانوا جماعة ملكوه بنسبة العمل أو الخرج ، ويجوز بيعه كيلا ووزنا لأكله.
ولو حفر في المباح لا للتملّك فهو أولى مدّة مقامه ، فإن فارق فمن سبق فهو أولى بالانتفاع ، ولا يملكه أحد.
الثالث : ماء النّهر المملوك ملك لحافره ، فإن ضاق عن أربابه قسّم بينهم بالمهاياة ، أو على قدر حقوقهم ، بأن توضع خشبة في مصدم الماء فيها ثقب متساوية بعدد سهامهم ، ويجعل لكلّ ثقب ساقية.
ص: 481
فلو كان لواحد نصف ، ولآخر ثلث ، ولآخر سدس ، فللأوّل ثلاث ثقب ، وللثاني اثنان ، وللثالث واحدة.
الرابع : ماء النهر المباح ومسيل الوادي يسقى ما عليه دفعة ، فإن ضاق وتشاحّ أهله بدئ بالأوّل ، وهو من يلي فوهته (1) للزرع إلى الشراك ، وللشجر إلى القدم ، وللنخل إلى الساق ، ثمّ يرسل إلى من دونه ، ولا يجب الإرسال قبل ذلك وإن تلف الأخير.
ولو تساوى اثنان في القرب قسّم بينهما ، فإن ضاق أقرع ويسقى الخارج بنسبة نصيبه وإن لم يفضل للآخر شي ء ، هذا مع جهل السابق في الإحياء وإلّا قدّم السّابق وإن كان في أسفل الوادي ، وأخّر اللّاحق وإن كان على رأسه.
ص: 482
وفيه فصول
ص: 483
ص: 484
وفيه مباحث :
وهو تغيّب الحشفة في قبل المرأة أو دبرها بغير عقد ولا ملك ولا شبهة ، مع البلوغ ، والعقل ، والعلم بالتحريم ، والاختيار ، فلو وطئ النائمة على فراشه على أنّها زوجته أو أمته فلا حدّ ، ولو تشبّهت عليه حدّت دونه.
ويسقط بدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدّعي ، وبادّعاء الزّوجية ، ولا يكلّف بيّنة ولا يمينا.
ولا حدّ على الصبيّ والمجنون وإن كان فاعلا ، ولا على جاهل التحريم إذا تزوّج محرمة ، ولا يسقط الحدّ بمجرّد العقد ، وكذا لو استأجر امرأة للوطي أو لغيره ، أو أباحته نفسها ، ولو توهّم الحلّ بذلك فلا حدّ ، وكذا كلّ موضع يتوهّمه.
ولا حدّ على المكره ، فلو أكرهها حدّ دونها ، وعليه مهر أمثالها.
ويشترط في الرّجم الإحصان ، ويتحقّق بكون الزاني بالغا ، عاقلا ، حرّا ،
ص: 485
له فرج مملوك بالعقد الدائم أو الملك ، يغدو عليه ويروح.
ويشترط الوطء في القبل لا الإنزال ، فيتحقّق في حقّ الخصيّ وإن اكسل ، دون المجبوب (1) وإن أنزل.
وإحصان المرأة كالرّجل ، والذمّي كالمسلم.
ولا يخرجه الطلاق الرّجعي عن الإحصان ، ويخرجه البائن ، فلو تزوّج معتدّة عالمين ، حدّا مع الدّخول ، ولو ادّعيا الجهالة أو أحدهما قبل إن كان ممكنا في حقّه.
ولو راجع المخالع لم يرجم حتّى يطأ.
والأعمى كالبصير فيقبل منه ادّعاء الشبهة.
به وهو أمران :
ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والحريّة ، والقصد ، وتكراره أربعا ، لا تعدد المجلس ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن راهق ، ولا من المجنون إلّا أن يعتوره فيقرّ حال إفاقته ، ولا من المملوك إلّا أن يصدّقه مولاه أو يعتقه ، والمدبّر والمكاتب مطلقا وأمّ الولد كالقنّ ، ولا من المكره والنائم والسّاهي.
ص: 486
ولو أقرّ دون أربع عزّر.
ولو قال : زنيت بفلانة حدّ للقذف ، ويستوي الرّجل والمرأة.
وإقرار الأخرس بالإشارة ، ويجب مترجمان.
ولو أقرّ بحدّ ولم يبيّنه ضرب حتى ينهى عن نفسه ، ولا يكلّف إبانته.
ولو أقرّ بحدّ ثمّ أنكره لم يسقط ، ولو كان رجما (1) سقط ويلحق القتل به.
ولو تاب بعد الإقرار تخيّر الإمام ، رجما كان أو جلدا
ولو حملت الأيّم لم تحدّ إلّا أن تقرّ بالزنا أربعا.
ويشترط [ في الإقرار ] أن يذكر حقيقة الفعل ، وللإمام أن يعرض بالترغيب في ترك الإقرار والإقامة.
وشروطها أربعة :
الأوّل : العدد ، وهو أربعة رجال ، أو ثلاثة وامرأتان ، أو رجلان وأربع نساء.
ويثبت بالأوّلين الرجم وبالأخير الجلد.
ولو لم يكملوا حدّوا للفرية.
ولا يثبت بالنساء منفردات ، ولا برجل وستّ نساء ، ولا بشاهدين والإقرار مرّتين ، بل يحدّوا.
ص: 487
الثاني : معاينة الإيلاج كالميل في المكحلة ، فلو شهدوا بدون ذلك حدّوا ، ولا بدّ أن يقولوا : من غير عقد ، ولا ملك ، ولا شبهة (1) أو لا نعلم سبب التّحليل ، ولو شهدوا بالمعانقة أو بالمضاجعة عزّروا.
الثالث : اتّفاقهم على وحدة الفعل والمكان والزمان والصّفة ، فلو اختلفوا في ذلك حدّوا ، وكذا لو اختلفوا في المطاوعة والإكراه.
الرابع : حضورهم للإقامة دفعة ، فلو سبق أحدهم وشهد حدّ ولم ينتظر الباقون ، ولو جاءوا متفرّقين ثم أقاموا بعد الاجتماع سمعت على توقّف.
ويستحبّ تفريق الشهود ، ولا يقدح في الشهادة تقادم الزنا.
وتقبل شهادة الأربعة على اثنين فصاعدا ، ولو كان الزّوج أحد الأربعة : فإن سبق بالقذف حدّوا وإلّا حدّت ، وله إسقاط حدّه باللعان.
ولو تاب قبل قيام البيّنة سقط الحدّ لا بعدها ، ويستحبّ ترك الإقامة.
وهو أقسام :
الأوّل : القتل ، ويجب على من زنى بذات محرم ، وعلى الزّاني بامرأة أبيه ، وعلى المكره وعلى الذمّي الزاني بمسلمة.
ولا فرق بين الشيخ والشابّ ، والحرّ والعبد ، والمسلم والكافر.
ص: 488
ولا يشترط الإحصان ، ويقتل بالسّيف.
الثاني : الجلد مائة ثمّ الرّجم ، ويجبان على المحصنين ، شيخين كانا أو شابين.
الثالث : الجلد مائة ثمّ الجزّ والتغريب ، وهو حدّ الذكر الحرّ المملك.
والجزّ للرأس ، ويغرّب إلى غير مصره سنة ، وحدّه مسافة التقصير والمئونة على الزّاني أو في بيت المال.
والغريب يخرج إلى غير بلد الفاحشة ، ولا يمنع من بلده ، والمرأة تجلد لا غير ، مملكة كانت أو لا.
والبكر ، غير المحصن ، وقيل : من أملك ولم يدخل. (1)
الرابع : الجلد مائة ، وهو حدّ البالغ الحرّ غير المملك والمحصن ، وحدّ الحرّة غير المحصنة وإن كانت مملكة ، وحدّ الرجل المحصن إذا زنى بصبيّة أو مجنونة ، وحدّ المحصنة إذا زنت بصبيّ ، ولو زنت بمجنون رجمت.
الخامس : جلد خمسين ، وهو حدّ المملوك البالغ ، ذكرا كان أو أنثى ، محصنا أو غيره ، ولا جزّ ولا تغريب.
السادس : جلد اثني عشر سوطا ونصف ، وهو ثمن حدّ الزّاني لمن تزوّج أمة على حرّة مسلمة ووطئها قبل الإذن.
وفي التقبيل والمعانقة والمضاجعة التعزير بما دون الحدّ.
ومن افتضّ بكرا بإصبعه فعليه مهر نسائها ، وفي الأمة عشر قيمتها.
ص: 489
ينبغي للإمام أن يشعر الناس وأن يحضرهم ويجب حضور طائفة أقلّها واحد ، وإحضار الشهود ليبدءوا ، ويجلد الرّجل مجرّدا قائما أشدّ الضرب ، ويفرّق على جسده ، ويتقى وجهه ورأسه وفرجه ، والمرأة جالسة ، وتربط ثيابها عليها.
ولا يقام في شدّ الحرّ أو البرد ، ويتوخّى في الشتاء وسط النّهار ، وفي الصّيف طرفيه ، ويجب التوالي.
ويؤخّر المريض حتّى يبرأ ، فإن اقتضت المصلحة التقديم ضرب بضغث مشتمل على العدد.
ولا يشترط وصول كلّ شمراخ إلى جسده ، ويجوز تعدّد الضغث.
ولا يعاد الحدّ إذا برئ.
ولا تؤخّر الحائض.
ولا يسقط الحدّ بالجنون أو الردّة.
ولا يقام في أرض العدوّ ، ولا في الحرم إن التجأ إليه ، ويضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يخرج ، ويحدّ إذا (1) زنى فيه.
ص: 490
وإذا اجتمع حدود بدئ بما لا يفوت معه الآخر ، فيبدأ بالجلد قبل الرجم ، ولا ينتظر البرء.
ويدفن المرجوم إلى حقويه ، والمرأة إلى صدرها بعد الغسل والتكفين.
وينبغي الرجم بالأحجار الصّغار ، وتجب بدأة الشهود إن ثبت بالبيّنة ، وإلّا الإمام.
ولو فرّ ، فإن ثبت بالبيّنة أعيد وإلّا فلا.
ولا يجزئ القتل بالسيف عن الرجم ، ويصبر عن الحامل حتّى تضع ، وينقضي النفاس والرضاع إن لم يوجد مرضع ، وإلّا رجمت.
وإذا تكرّر الزنا من غير حدّ كفى حدّ واحد ، ولو تكرّر قتل في الرابعة ، والمملوك في التاسعة ، وكذا من انعتق بعضه.
ويستوفيه الإمام أو من نصبه إلّا ما استثني ، ويتخيّر في الذمّي بين دفعه إلى أهل نحلته وبين إقامة الحدّ عليه.
ويجب عليه إقامة حدوده تعالى بعلمه ، وتقف حدود الناس على المطالبة.
ص: 491
لو شهد بالزنا أربعة وبالبكارة أربع سقط الحدّ عن الشهود وعنها وعن الزاني ، ولو شهد بعضهم ثمّ ردّت شهادة الباقي بأمر ظاهر حدّ الجميع وإلّا المردود ، ولو رجع واحد حدّ خاصّة.
ويجوز أن يقتل من وجده يزني بزوجته ، ويقاد في الظاهر به إلّا أن يقيم بيّنة أو يصدّقه الوليّ.
ويحدّ من انعتق بعضه بالنسبة من حدّ الحرّ والمملوك.
ويثبت الحدّ في النكاح المحرّم بالإجماع لا بالمختلف فيه كالمخلوقة من الزّنا والمرضعة عشرا.
ولا كفالة في حدّ ولا شفاعة فيه ، ولا يؤخّر إلّا لمصلحة.
ويزاد على الحدّ لحرمة الزمان والمكان.
ص: 492
أمّا اللواط فهو وطء الآدميّ الذكر بالإيقاب وإنّما يثبت بالإقرار أربعا أو بشهادة أربعة رجال بالمعاينة ، فلا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.
ولو أقرّ دون الأربع عزّر ولو شهد دون الأربعة حدّوا للفرية.
ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والاختيار ، لا الإسلام ، وفي الشهادة الاتّفاق في الفعل والزمان والمكان ، ويستوي المحصن وغيره.
ويتخيّر الإمام بين ضربه بالسيف ، ورجمه ، أو إحراقه ، أو إلقائه من شاهق ، أو رمي جدار عليه ، ويجوز ضمّ الإحراق إلى أحدها.
ولو لاط البالغ بالصّبي أو بالعكس ، حدّ البالغ وأدّب الصبيّ ، ولو لاط الصبيّ بمثله أدّبا.
ولو لاط المجنون بعاقل أو بالعكس حدّ العاقل خاصّة.
ولو لاط بعبده حدّا ، ولو ادّعى العبد الإكراه سقط عنه.
ولو لاط الذميّ بمسلم قتل وإن لم يوقب ، ولو لاط بمثله تخيّر الإمام بين إقامة الحدّ عليه ، وبين دفعه إلى قومه ليقيموه عليه.
ص: 493
ويجب بغير الإيقاب جلد مائة وإن كان محصنا.
ولا فرق بين الحرّ والعبد ، والمسلم والكافر بمثله ، فإن حدّ ثلاثا قتل في الرابعة.
ويعزّر المجتمعان تحت إزار مجرّدين ولا رحم بينهما كلّ واحد من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين ، فإن عزّرا مرّتين حدّا في الثالثة.
ومن قبّل غلاما أجنبيّا بشهوة عزّر بما يراه الحاكم.
ولو تاب اللائط قبل قيام البيّنة سقط الحدّ لا بعدها.
ويتخيّر الإمام في المقرّ بين الحدّ وتركه.
وأمّا السّحق فحدّه مائة جلدة للفاعلة والمفعولة ، سواء الحرّة والأمة ، والمسلمة والكافرة ، والمحصنة كغيرها.
ويشترط البلوغ ، والعقل ، وتؤدّب الصّبية.
وإذا حدّت ثلاثا قتلت في الرابعة.
ويسقط الحدّ بالتوبة قبل البيّنة لا بعدها ، ولو تابت بعد الإقرار تخيّر الإمام.
وتعزّر الأجنبيّتان تحت إزار مجرّدتين ، فإن تكرّر مرّتين حدّتا في الثالثة ، فإن عادتا فالتعزير.
ولو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت من ماء الرّجل جلدتا ، ويلحق الولد به ، لا بالكبيرة قطعا ، ولا بالصّبيّة على الأقوى ، وولد الملاعنة عكسه ، وعلى الزوجة مهر البكر ، ونفقتها على الزوج إن قلنا انّها للحمل.
ص: 494
ويثبت السّحق بالإقرار أربع مرّات مع البلوغ والعقل والحريّة والاختيار ، وبشهادة أربعة رجال.
وأمّا القيادة فهي الجمع بين الرّجال والنساء للزنا ، أو بين الرّجال والصبيان للّواط.
وحدّه خمسة وسبعون سوطا ، ويستوي فيه الرجل والمرأة ، والحرّ والعبد ، والمسلم والكافر ، ويؤدّب الصّبي ، ويزاد الرّجل حلق رأسه والشهرة ، وينفى بأوّل مرّة ويثبت بالإقرار مرّتين من أهله ، أو بشهادة رجلين.
وطء الأموات كالأحياء ، فمن زنى بميّتة رجم مع الإحصان ، وجلد لا معه ، ولو كانت إحدى المحرّمات قتل.
ولو وطئ زوجته أو أمته عزّر.
وحكم من لاط بميّت كما مرّ ، وحيث لا يقتل يزاد في عقوبته بما يراه الحاكم.
وإثبات الجميع كما مرّ.
ص: 495
إذا وطئ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم كالشاة والبقرة والناقة ، حرم لحمها ولحم نسلها ، وكذا اللبن ، ويجب ذبحها وإحراقها.
ويعزّر الواطئ بما يراه الإمام ، ويغرم قيمتها.
ولو كان الأهمّ ظهرها كالفرس ، والبغل ، والحمار ، لم تذبح بل يعزّر الواطئ ، ويغرم قيمتها لصاحبها ، ثمّ تباع في غير بلد الواقعة ، وعليه النفقة ، ويعاد الثمن على المغترم (1) فلو زاد عن القيمة فالزيادة له ، وكذا النماء.
ولو كانت الدابّة له دفع الثمن إليه.
ويثبت الفعل بشهادة عدلين ، لا بشهادة النساء منفردات ولا منضمّات ، وبالإقرار مرّة.
ويثبت به جميع الأحكام إن كانت الدابة له ، وإلّا ثبت التعزير خاصّة.
ولو عزّر ثلاثا قتل في الرابعة.
ص: 496
لو استمنى بيده عزّر بما يراه الإمام ، وروي أنّ عليّا عليه السلام ضرب يده حتّى احمرّت ، وزوّجه من بيت المال. (1)
ويثبت بشهادة عدلين أو بالإقرار مرّة ، وفي إلحاق غير اليد بها احتمال قويّ.
ص: 497
وفيه مباحث :
وهو الرمي بالزّنا أو اللواط مثل زنيت بك ، أو أنت زانية ، أو زنيت ، أو أنت زان ، أو لطت بك ، أو أنت لائط أو ليط بك ، أو يا منكوحا في دبره ، أو يا نكيح (1) إن علم انّه بمعناه ، وكذا كلّ ما أفاد معنى القذف صريحا في عرف القائل بأيّ لغة كان.
ولو قال لمن أقرّ به : لست بولدي ، أو لغيره : لست لأبيك حدّ لهما.
ولو قال : زنى بك أبوك ، أو يا ابن الزاني فهو قذف للأب.
ولو قال : زنت بك أمّك أو ولدت من الزّنا ، أو يا ابن الزّانية ، فهو قذف للأمّ.
ولو قال : زنى بك أبواك ، أو يا ابن الزانيين ، فهو قذف لهما ، ويثبت الحدّ بذلك وإن كان لمواجه كافرا.
ص: 498
ولو قال : يا زوج الزانية أو يا أبا الزّانية أو يا أخا الزانية فالحدّ للمنسوب إليه الزنا وللمواجه التعزير.
ولو قال : زنيت بفلانة ، أو لطت بفلان حدّ لهما.
ولو قال لابن الملاعنة : يا ابن الزانية ، حدّ ، وكذا لو قال للزانية بعد توبتها : يا زانية.
ولو قال : أنت أزنى من فلان ، فهو قذف لهما.
ولو قال لامرأته : زنيت بك حدّ لها ويحدّ للزنا إن أقرّ أربعا.
ولو قال : يا ديّوث ، أو يا كشخان ، أو يا قرنان ، (1) فإن أفاد القذف في عرف القائل حدّ وإلّا عزّر.
ويعزّر بالتعريض مثل ما أنا زان أو لائط ، وبما يكرهه المواجه ولم يفد القذف لغة ولا عرفا مثل لم أجدك عذراء ، أو أنت ولد حرام ، أو ولدت بك أمّك في حيضها ، وكذا ما يؤذي مثل يا فاسق ، أو يا كافر ، أو يا مرتدّ ، أو يا فاجر ، أو يا كلب ، أو يا خنزير ، أو يا أعور ، وشبهه وإن كان كذلك.
وقذف الميّت كالحيّ ، ولو قذف أهل بلد لم يحد ويعزّر.
ص: 499
ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا يحدّ الصبيّ والمجنون وإن كمل المقذوف ، ويؤدّب الصبيّ دون المجنون ، ولو اعتوره فقذف وقت الإفاقة حدّ.
ولو ادّعى القذف حال البلوغ أو الإفاقة قدّم قول القاذف بغير يمين.
ولا يحدّ المكره ، والغافل ، والنائم ، والمغمى عليه ، والسكران ، والسّاهي.
ولا يشترط الحريّة فيحدّ المملوك كملا.
ويعتبر فيه الإحصان ، وانتفاء البنوّة والتقاذف ، والإحصان هنا البلوغ والعقل والإسلام والحريّة والعفّة ، فلو قذف الكامل صبيّا ، أو مجنونا ، أو كافرا ، أو عبدا ، أو متظاهرا بالزنا ، عزّر.
ولو كمل المنسوب إليه دون المواجه حدّ كقوله لكافر ابن مسلمة : يا ابن الزانية ، ولو كانت ميّتة ولا وارث لها غيره لم يحدّ ، ولو انعكس الحال فقولان.
ولو قال لمسلم : زنيت حال كفرك حدّ.
ص: 500
ولو قذف الأب ولده أو أمّه الميّتة ولا وارث لها إلّا الولد لم يحدّ وعزّر ، ولو كان لها ولد من غيره فله الحد كملا.
ولو قذف الولد أباه حدّ ، وكذا لو قذف أمّه وبالعكس ، وكذا الأقارب.
ولو تقاذف محصنان عزّرا.
وهو ثمانون جلدة ، سواء الحرّ والعبد ، ويجلد بثيابه ضربا متوسّطا ، ويشهّر لتجتنب شهادته ، ويورث كالمال عدا الزّوجين.
ولا يسقط منه شي ء بعفو البعض بل يستوفيه من لم يعف وإن كان واحدا.
ولو عفا المستحقّ لم يكن له المطالبة بعده ، وله العفو قبل التوبة وبعدها ، ولا اعتراض للحاكم ، وليس له إقامة الحدّ إلّا مع المطالبة.
ويسقط الحدّ بالعفو ، أو بالبيّنة ، أو بتصديق المقذوف ، وفي الزّوجة باللعان أيضا.
ولو تكرّر القذف من واحد وتعدّد المقذوف تعدّد الحدّ مطلقا ، ولو اتّحد فإن لم يتخلّله الحدّ كفى حدّ واحد ، وإلّا تكرّر ، فيقتل في الرابعة.
ولو تعدّد القاذف تكرّر الحدّ وإن اتّحد المقذوف.
ص: 501
لو قذف جماعة بلفظ واحد فإن جاءوا مجتمعين فللجميع حدّ ، وإن تفرّقوا فلكلّ واحد حدّ ، وكذا لو قال : يا ابن الزانيين مع الاجتماع والافتراق.
ولو قال : ابنك زان أو لائط ، أو ابنتك زانية ، فالحدّ للولد ، وليس للأب المطالبة إلّا في الولد الصغير ، فانّ له استيفاء التعزير.
ولو حدّ فقال : الّذي قلت كان صحيحا عزّر ، وكذا لو قذفه بوطء البهيمة وبالتقبيل أو بالمضاجعة أو المساحقة.
ولو قذف المولى عبده أو أمته عزّر كالأجنبيّ ، ويثبت التعزير له لا لمولاه ، فليس له العفو مع مطالبة العبد وبالعكس ، نعم لو مات ورثه المولى.
ولا يزاد في تأديب الصبيّ أو المملوك على عشرة أسواط ، فإن بلغ الحدّ استحقّ عتقه.
ولا يعزّر الكفّار مع التنابز بالألقاب ، والتعيير بالأمراض ، إلّا مع خوف الفتنة ، فيحسمها الإمام بحسب ما يراه.
وكلّ من فعل محرّما ، أو ترك واجبا ، عزّره الإمام بما يراه ، ولا يبلغ حدّ الحرّ في الحر ولا حدّ العبد في العبد.
ويثبت القذف بشهادة عدلين ، أو الإقرار مرّتين.
ويشترط في المقرّ التكليف ، والحريّة ، والاختيار ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمّات ، وكذا موجب التعزير.
ص: 502
ويجب قتل من سبّ النبيّ أو أحد الأئمة عليهم السلام ، ويحلّ قتله لكلّ من سمعه إذا أمن على نفسه وماله وغيره من المؤمنين.
ويجب قتل مدّعي النبوّة ومن شكّ في نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وآله أو في صدقه ، وهو على ظاهر الإسلام.
ويقتل السّاحر المسلم ، ويؤدّب الكافر.
ويقتل من قذف أبوي النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، ويعزّر لو نالهما بدونه.
ص: 503
وفيه مباحث :
وهو تناول المسكر أو الفقّاع مع الكمال والعلم بالتحريم والاختيار.
ويراد بالتناول الشرب حتّى القطرة والاصطباغ ، وأكله في الأدوية والأغذية وإن لم يسكر.
ويستوي الخمر وغيره من الأنبذة في النجاسة والتحريم ، وكذا العصير إذا غلى واشتدّ من نفسه أو بالنار أو بالشمس وإن لم يقذف بالزّبد ، إلّا أن ينقلب خلًّا أو يذهب ثلثاه بالغليان.
وغير العصير لا يحرم إلّا إذا حصلت فيه الشدّة المسكرة ، فلو غلى الزبيب أو التمر لم يحرم.
ولا حدّ على الصّبيّ والمجنون والمكره ، سواء توعّد عليه أو وجر
ص: 504
في حلقه ، ولا على الحربيّ ، والذّميّ المستتر ، ولا على جاهل المشروب ، ولا على المضطرّ للعطش أو لإساغة لقمة أو غير ذلك.
ولا يعذر العالم بالتحريم إذا جهل وجوب الحدّ.
ولا يجوز التداوي به وإن ركّب مع غيره كالترياق إلّا أن يخشى التلف.
ويثبت بشاهدين عدلين ، أو بالإقرار مرّتين من بالغ عاقل مختار حرّ.
ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.
ولو شهد واحد بشربها وآخر بقيئها حدّ ، ولو شهدا بالقي ء حدّ على توقّف.
وهو ثمانون جلدة ، ويستوي الرّجل والمرأة ، والحرّ والعبد ، والمسلم والكافر المتظاهر.
ويضرب عريانا على ظهره وكتفيه ، ويتّقى وجهه وفرجه ، ولا يحدّ إلّا بعد الإفاقة.
وإذا حدّ مرّتين قتل في الثالثة.
ولو تكرّر من غير حدّ فحدّ واحد.
ص: 505
لو شرب الخمر مستحلّا ارتدّ ، ولو باعها مستحلّا استتيب ، فإن تاب وإلّا قتل ، وغير المستحلّ يعزّر ، ولو شرب غيرها مستحلّا لم يقتل بل يحدّ ، ولو باعها مستحلّا أدّب وإن لم يتب.
وإذا تاب قبل قيام البيّنة سقط الحدّ لا بعدها ، ولو كان مقرّا تخيّر الإمام.
ولو زاد الحدّاد بإذن الحاكم فمات ، ضمن نصف الدية إن كان عالما ، وإلّا ضمنه الحاكم إن تعمّد ، وإلّا في بيت المال.
ولو زاد [ الحدّاد ] بغير إذن الحاكم فالنصف في ماله إن تعمّد وإلّا فعلى عاقلته ، وللوليّ القصاص.
ومقتول الحدّ أو التعزير هدر.
ولو أنفذ الحاكم إلى حامل لإقامة الحدّ فأجهضت خوفا ، فدية الجنين في بيت المال.
ومن اعتقد إباحة محرّم بالإجماع ، أو فعله مستحلّا كالميتة والدم ولحم الخنزير ونكاح المحرّمات ، فهو مرتدّ ، ولو فعله لا مستحلّا عزّر ولو ادّعى جهل التحريم ، قبل مع إمكانه.
ص: 506
وفيه مباحث :
ويعتبر فيه أمور :
الأوّل : البلوغ ، فلا يقطع الصّبيّ بل يؤدّب وإن تكرّرت منه السّرقة ، وقيل : يعفى عنه ، ثم يؤدّب ، ثمّ تحكّ أنامله حتّى تدمى ، ثمّ تقطع أنامله ، ثمّ يقطع كالرجل. (1)
الثاني : العقل ، فلا يقطع المجنون وإن تكرّرت ، بل يؤدّب.
الثالث : الاختيار ، فلا يقطع المكره.
الرابع : انتفاء الأبوّة ، فلا يقطع السارق من ولده ، وتقطع الأمّ والولد والأقارب والأصدقاء.
ص: 507
الخامس : انتفاء الشبهة ، فلو توهّم الملك فبان خلافه ، أو سرق من الغنيمة ، أو من بيت المال ، أو ممّن يجب عليه نفقته ، أو من الغريم المماطل ، أو الفقير من الزكاة ، أو الهاشمي من الخمس ، أو مال مكاتبه لم يقطع ، وكذا لو سرق من المشترك ما يظنّه نصيبه فزاد بقدر النصاب ، ولو علم الزيادة قطع.
السادس : أن يهتك الحرز منفردا أو مشتركا ، فلو هتك فاخرج غيره لم يقطع أحدهما.
السابع : أن يخرج المتاع بنفسه أو بالشركة مباشرة أو تسبيبا ، كوضعه على دابّة أو طائر ، أو على الماء ثمّ يخرج.
ولو أمر بالإخراج صبيّا غير مميّز أو مجنونا قطع الآمر ، لأنّهما كالآلة.
الثامن : أن يأخذ سرّا ، فلا يقطع المتظاهر بالأخذ ، ولا المستأمن إذا خان.
ولا فرق بين المسلم والكافر ، والذكر والأنثى ، والأعمى والمبصر ، والحرّ والمملوك ، ولو سرق من مولاه لم يقطع ، بل يؤدّب.
ويقطع الأجير لو أحرز المال من دونه ، وكذا الضيف والزوج والزوجة.
ص: 508
ويعتبر فيه أمور :
الأوّل : كونه مالا ، فلو سرق الحرّ الصغير وباعه قطع لفساده لا حدّا ، ولو لم يبعه أدّب ، ولا يقطع بحليته وثيابه وإن بلغت النصاب.
ولو سرق العبد الصّغير قطع ، وكذا الكبير المجنون ، والنائم ، والمغمى عليه.
ويقطع بالكلب المملوك إذا بلغت قيمته النصاب.
الثاني : كونه ملكا لغير السارق ، فلو سرق ماله من حرز المستأجر ، أو المستعير ( إذا لم يهب ) (1) أو المرتهن ، أو الودعي ، أو الوكيل ، أو الغاصب ، أو المضارب ، أو سرق مال عبده المختصّ لم يقطع.
ولو تجدّد ملكه قبل الإخراج من الحرز أو بعده قبل المرافقة لم يقطع ، ولو ملكه بعدها قطع.
ولو قال [ السارق ] : سرقت مالي لم يقطع ، وكذا لو قال : مال ولدي أو سيّدي وإن كذّباه.
ص: 509
الثالث : احترامه ، فلو سرق خمرا أو خنزيرا لم يقطع وإن كان من ذمّيّ مستتر ، نعم يغرم قيمته.
ويقطع المسلم بمال الذمّيّ دون الحربيّ ، ويقطع كلّ أحد بمال المسلم.
ولو سرق آلة اللّهو أو آنية محرّمة فإن بلغت قيمة الرضاض النصاب قطع وإلّا فلا ، ولو قصد الكسر لم يقطع.
الرابع : النصاب ،وهو ربع دينار ذهبا خالصا ، مضروبا بسكّة المعاملة ، أو ما قيمته ذلك ، وإن كان أصله مباحا حتّى الطين والرخام ، وكذا المصحف والموقوف ، فلو سرق ربعا من الذهب الإبريز (1) وقيمته أقلّ من الربع المضروب لم يقطع.
ولو سرق خاتما وزنه أقلّ من ربع وقيمته ربع قطع.
ولو سرق ما يظنّه أقلّ من النصاب وهو نصاب قطع.
ولو سرق ثوبا قيمته أقلّ وفيه نصاب لم يعلمه فلا قطع.
ويشترط انفصاله عمّا في الحرز ، فلو أخرج نصف الثوب من النقب وهو متّصل بالباقي ، وقيمته نصاب ، لم يقطع.
الخامس : أن يكون محرزا بغلق أو قفل أو دفن ، فلو سرق من الحمام ، أو المواضع المأذون في غشيانها كالمساجد لم يقطع وإن راعاه المالك ، وكذا لو سرق ستارة الكعبة ، أو النعم في الصحراء وإن أشرف عليها الرّاعي ، أو الثمرة
ص: 510
على الشجر إلّا أن تكون محرزة ، أو من الجيب والكمّ الظاهرين ، ويقطع من الباطنين.
ويقطع سارق باب الحرز وإن كان مفتوحا ، وسارق الكفن وإن لم يكن نصابا ، ولو نبش ولم يأخذ عزّر ، ولو تكرّر وفات السلطان قتل ، ولو سرق من القبر غير الكفن لم يقطع.
ولو آجر الحرز أو أعاره ثمّ سرق منه قطع بخلاف المغصوب ، وكذا لو سرق منه غير المالك.
ورخّص عدم القطع فيمن سرق مأكولا في عام مجاعة.
السادس : إخراج النصاب من الحرز ، فلو أحدث فيه ما ينقص قيمته قبل إخراجه لم يقطع ، ولو ابتلعه ثمّ خرج به ، فإن تعذّر خروجه لم يقطع ، وإلّا قطع.
ولو هتك الحرز جماعة وأخذوا قطعوا إن بلغ نصيب كلّ واحد نصابا ، ولو بلغ نصيب واحد دون الآخر قطع الأوّل دون الثاني.
ولو اشتركا في النقب ثمّ قرّبه أحدهما وأخرجه الآخر قطع المخرج خاصّة.
ولو وضعه في وسط النقب وأخرجه الآخر لم يقطع أحدهما.
ولو أخرج المال ثمّ أعاده ففي القطع توقّف.
ولا يشترط الإخراج دفعة.
ص: 511
ويثبت بشاهدين عدلين ، أو بالإقرار مرّتين من بالغ عاقل حرّ مختار.
ويثبت برجل وامرأتين أو بالإقرار مرّة الغرم خاصّة ، وكذا باليمين المردودة.
ولو أقرّ المحجور عليه لفلس أو سفه قطع ويتبع بالمال إذا زال الحجر.
ويجب في الشهادة التفصيل ولو رجع بعد الاقرار مرّتين لم يسقط شي ء ولو أكره على الإقرار فردّ المسروق بعينه قيل : يقطع. (1)
ولو أقر العبد فإن صدقه مولاه قطع وإلّا تبع بالمال.
ويستحبّ للحاكم التعريض بالإنكار.
ولو تاب قبل الثبوت سقط الحدّ دون الغرم ، ولو تاب بعد البيّنة وجبا ، وكذا قيل بعد الإقرار مرّتين. (2)
ص: 512
وهو قطع الأصابع الأربع من اليمين ، وتترك الراحة والإبهام ، ولو سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ، ويترك العقب ، ولو سرق ثالثا حبس دائما ، فإن سرق في الحبس قتل.
ولو تكرّرت السرقة من غير حدّ كفى الواحد.
ولو كان له إصبع زائدة متّصلة بإحدى الأربع قطع ثلاث.
ولو نقصت يده إصبعا أو أكثر اقتصر على قطع الباقي ، وتترك له الراحة والإبهام.
وتقطع اليمنى وإن كانت شلّاء أو كانت اليسار شلّاء ، أو كانتا شلّاوين ، وكذا لو لم يكن له يسار.
ولو ذهبت يمناه بعد السرقة لم يقطع اليسار ، وكذا لو سرق ولا يمين له ، وقيل : يقطع يساره (1) وقيل : رجله اليسرى. (2)
ولو فقد اليدين والرّجل قيل : يحبس (3).
ص: 513
ولو كان له كفّان قطعت أصابع الأصليّة ، ولو اشتبهت فتوقف.
ولو تعمّد الحدّاد أو قطع اليسار اقتصّ منه ، وقطعت اليمنى بالسرقة.
ولو ظنّها اليمنى فعليها الدّية ، وفي سقوط القطع نظر ، ولا يضمن سراية الحدّ وإن أقيم في حرّ أو برد.
ويستحبّ الحسم بالزيت المغلي وعليه مئونته.
يجب ردّ العين على المالك ومع التلف مثلها ، ولو تعذّر أو لم يكن له مثل ، فالقيمة ولو عابت ضمن الأرش ، ويضمن النقص والأجرة.
ولو فقد المالك فإلى وارثه ، ومع عدمه فإلى الإمام.
ولو شهدت البيّنة فقطع ، ثمّ شهدت بأخرى لم تقطع رجله على الأقوى ، سواء اتّحد المالك أو لا ، وسواء اتّحد الشهود (1) أو لا.
ولو سرق فلم يقدر عليه فسرق ثانيا أغرم المالين وقطع بالأولى.
ويقف القطع على المطالبة ، فلا يرفعه الإمام وإن علم ، أو قامت البيّنة أو أقرّ.
ص: 514
ولو وهب المالك العين ، أو عفا عن القطع فإن كان قبل المرافعة سقط لا بعدها ، ولو كذب البيّنة لم يسقط القطع.
ولو ادّعى الملك أو الانتقال إليه سقط ، وكذا لو ادّعى انّه ملك شريكه في السرقة وإن أنكر الشريك.
ولو اختلف الشاهدان في العين ، أو الصّفة ، أو في الزمان أو في المكان ، سقط القطع.
ص: 515
وفيه مباحث :
المحارب من جرّد سلاحا في برّ أو بحر ليلا أو نهارا في مصر وغيره لإخافة الناس ، سواء الذكر والأنثى ، قويّا أو ضعيفا ، من أهل الريبة (1) أو لا.
ولا يشترط السّلاح ، فلو أخاف بالحجر أو العصا فهو محارب ، ولا أخذ المال بل قصد الأخذ قهرا.
ولا حدّ على المستلب ، والمختلس ، والمحتال بالتزوير ، والرسائل ، والبنج ، والمرقد ، بل يعزّر ويعيد المال ، ويضمن جناية ذلك.
ص: 516
واللّص محارب ، فإن دخل دارا فلصاحبها دفعه فإن قتله اللّص ضمنه ، وإن قتل فهدر ، ويجوز الكفّ عنه إلّا أن يريد النفس ، فلا يجز الاستسلام ، ولو عجز عنه وجب الهرب مع التمكّن.
ويثبت بشهادة عدلين أو بالإقرار مرّة من أهله.
ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.
ولو شهد بعض اللصوص على بعض أو بعض المأخوذين لبعض لم تقبل ، ولو قالوا : عرضوا لنا أو أخذ هؤلاء قبل ، وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض وتغاير المشهود عليه.
ويتخيّر الإمام بين القتل والصّلب والقطع والنفي عن بلده.
وقال الشيخ (1) : يقتل قصاصا إن قتل ، ولو عفا الوليّ قتل حدّا ، ولو قتل ، وأخذ المال ، استعيد منه ، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثمّ يقتل ويصلب.
ولو أخذ المال خاصّة قطع مخالفا ، ونفي ، ولو جرح خاصّة اقتصّ منه ، ونفي ولو أشهر (2) السّلاح وأخاف خاصّة نفي.
وإذا قتل المحارب طلبا للمال ، قتل قودا مع التكافؤ وإلّا قتل حدّا ، وكذا لو
ص: 517
عفا الوليّ وإن لم يكن كفوا ، ولو قتل لا للمال فهو عامد أمره إلى الوليّ ، فلو عفا لم يقتل حدّا.
ولو جرح للمال اقتصّ الوليّ ، فإن عفا سقط قتله حدّا.
ويصلب المحارب حيّا عندنا ، ولا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيّام ، ثمّ ينزل ، ويغسّل ، ويكفّن ، ويصلّى عليه ، ويدفن ويصلب مقتولا عند الشيخ (1) فيؤمر قبل ذلك بالاغتسال والتكفين ، ثمّ لا يعادان بعد قتله.
وإذا قطع بدئ باليمنى ، وتحسم ، ثمّ تقطع رجله اليسرى ، وتحسم ، ولا يجب الحسم.
ولو فقد أحد العضوين قطع الآخر.
وإذا نفي كتب إلى بلد النفي بمنع معاملته ومؤاكلته ومجالسته إلى أن يتوب ، ويمنع من بلاد الحرب ، ويقاتلون حتّى يخرجوه.
ولو تاب قبل القدرة عليه سقط الحدّ ، دون المال والقصاص ، ولو تاب بعدها لم يسقط.
للإنسان أن يدفع عن نفسه وحريمه وماله ، ويجب الأسهل فالأسهل ، فيقتصر على الصياح ، ثمّ الضرب بالعصا ، ثمّ بالسلاح.
ودم المدفوع هدر ، والدّافع كالشهيد ، ويستوي الحرّ والعبد ، والمسلم والكافر.
ص: 518
ولا يبدأه حتّى يتحقّق قصده إليه ، فلو أدبر كفّ عنه ، ولو عطّله مقبلا لم يدفّف عليه ، ولو قطع يده مقبلا ، لم يضمن الجرح ولا السراية ، فإن قطع الأخرى مدبرا ضمنها ، فإن سرت الأولى فالقصاص في اليد ، وإن سرت الثانية فالقصاص في النفس ، ولو سرتا اقتصّ في النصف بعد ردّ نصف الدّية.
ولو قطع يده مقبلا ، ورجله مدبرا ، ثمّ يده مقبلا ، وسرى الجميع ، أو قطع يده (1) مقبلا ثمّ رجله مدبرا ، وسرى الجميع ضمن نصف الدية فيهما ، أو يقتصّ منه بعد ردّ النصف.
ولمن وجد مع زوجته أو ولده أو مملوكته أو غلامه من ينال منهم دون الجماع أن يدفعه ، فإن أتى الدفع عليه فهدر.
ومن اطّلع على قوم فلهم زجره ، فإن أصرّ فرموه بحصاة أو عود فهدر ، ولو رموه من غير زجر ضمنوه.
ولو كان المطّلع رحما لنساء صاحب المنزل ، اقتصر على زجره ، فإن رماه ضمن جنايته إلّا أن تكون إحداهنّ مجرّدة.
ولو قتله في منزله وادّعى أنّه أراد نفسه أو ماله ، وأقام بيّنة أنّه دخل بسيف مشهر (2) مقبلا عليه سقط الضمان.
وللإنسان دفع الدابة الصّائلة عن نفسه ، ولا ضمان ، ولو انتزع يده من العاضّ فبدت أسنانه فهدر ، وله تخليص نفسه بالكم والجرح والقتل ، ولا يتخطّى إلى الأشقّ إلّا مع الحاجة ، فلو خالف ضمن.
ص: 519
ولو أدّب زوجته تأديبا مشروعا ، قيل : يضمن. (1)
ولو أدّب الأب أو الجدّ له الصّبيّ فمات ضمنا الدية في مالهما.
ولو قطع السّلعة بإذن صاحبها فمات فلا دية ، ولو قطعها من المولّى عليه ضمن الدّية ، وليّا كان أو أجنبيّا.
والزّحفان (2) العاديان ضامنان ، فلو صال أحدهما فقصد الآخر الدفع ، ضمن الأوّل ما يجنيه دون الثاني إن لم يتجاوز قدر الحاجة.
ولو تجارح اثنان وادّعى كلّ واحد الدفع حلفا وضمنا.
ولو أمره نائب الإمام بالصعود إلى نخلة أو بالنزول إلى بئر فمات ، فإن أكرهه ضمن الدّية في ماله ، ولو كان لمصلحة عامّة ففي بيت المال ، ولو لم يكرهه فلا ضمان ، وكذا لو أمره غيره ولم يكرهه.
ص: 520
وفيه بحثان :
المرتدّ من كفر بعد إسلام أصليّ أو مسبوق بكفر ، ويحصل بالفعل كالسجود للصّنم ، وإهانة المصحف ، وإمّا بترك الامتثال كترك السّجود لآدم ، وإمّا بالقول وهو اللفظ الدالّ على جحد ما علم ثبوته بالضرورة من دين النبي صلى اللّه عليه وآله أو ما نافاه ، سواء كان ذلك اعتقادا أو عنادا (1) أو استهزاء.
ويشترط فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فيؤدب الصبيّ بما يردعه ، وكذا المجنون ، ولو ارتدّ العاقل ثمّ جنّ قتل إن كان عن فطرة وإلّا فلا.
ولو أكره على كلمة الكفر لم يرتدّ ، ولو كذّب الشاهدين بالردّة لم يقبل ، ولو نقل الشاهد لفظه فصدّقه وقال : كنت مكرها قبل.
ولا يحكم بردّة الغافل والسكران والنائم والمغمى عليه ، ولو ادّعى عدم القصد قبل بغير يمين ، وكذا لو حكى قول الغير.
ويجوز التلفظ بكلمة الكفر للتقيّة ، ولو صلّى المرتدّ لم يحكم بإسلامه وإن كان في دار الحرب.
ويثبت بعدلين أو الإقرار مرّة من أهله ، ولا تقبل الشهادة إلّا مفصّلة.
ص: 521
وفيه مطلبان :
[ المطلب ] الأوّل : المرتدّ عن فطرة وهو من ولد على الإسلام ، فالرجل يجب قتله (1) وتبين منه زوجته ، وتعتدّ عدّة الوفاة وإن لم يدخل بها ، وتنتقل أمواله إلى ورثته وإن لم يقتل ، وتقضى منه ديونه والحقوق الواجبة قبل الردّة لا ما يتجدّد فيها وإن جهل به معاملوه ، ولا ينفق عليه ، ولا يملك بشي ء من أسباب التملّك ، ولا يمضى شي ء من تصرّفاته ، ولا يستتاب ، ولو تاب لم تقبل توبته ظاهرا ، وتقبل باطنا بمعنى انّه يحكم بطهارته وصحّة عبادته ومعاملته ونكاحه ، ومع ذلك لا يبطل شي ء من أحكامه.
ويتولّى قتله الإمام ، فلو بادر غيره أخطأ ، ولا قود عليه ولا دية.
والمرأة تستتاب ، فإن لم تتب لم تقتل ، بل تحبس دائما ، وتضرب أوقات الصلاة حتّى تتوب أو تموت ، وكذا لو كانت عن غير فطرة.
المطلب الثاني : المرتدّ عن غير فطرة ، وهو من كفر بعد إسلام مسبوق بكفر ، وهذا يستتاب ثلاثة أيّام ، فإن تاب وإلّا قتل ، ولو قال حلّوا شبهتي لم ينظر ،
ص: 522
وألزم التوبة في الحال ثمّ يجاب ، ولو ارتدّ ثلاثا قتل في الرابعة.
ولا تزول أملاكه عنه ، ويحجر الحاكم على أمواله ، فإن عاد دفعت إليه ، وإن لحق بدار الحرب حفظت ، ويباع ما في بيعه الغبطة كالحيوان ، ويقضى منها ديونه والحقوق الواجبة وإن تجددت في الردة ، وينفق عليه وعلى أقاربه حتّى يتوب أو يقتل ، ويقضى عنه نفقة القريب زمان ردّته ، وكذا ما يلزمه بالإتلاف حال الردّة.
ويملك بجميع أسباب التملك ، ولا يمضى شي ء من تصرّفاته ، فإن تاب نفذت إلّا العتق ، ويثبت الحجر عليه بالرّدة لا بحكم الحاكم ، وتعتدّ زوجته من حين الارتداد عدّة الطلاق ، فإن تاب فيها فهو على نكاحه وإلّا بانت منه من غير طلاق.
ولو مات أو قتل قضيت ديونه والحقوق الواجبة ، دون نفقة الأقارب ، ويرثه المسلم ، فإن لم يكن فالإمام.
ويضمن المرتدّ مطلقا ما يتلفه على المسلم في الدارين في حال الحرب وبعدها ، وكذا الحربي ، ولو قتل المرتدّ مسلما قتل قودا ، فإن عفا الوليّ قتل حدّا ، ولو كان خطأ فالدية في ماله مخفّفة مؤجّلة ، ويحلّ بالموت أو القتل.
ولو تاب فقتله الجاهل بها ففي القصاص توقّف.
ولا يصحّ أن يتزوّج المرتدّ مطلقا لا بالمسلمة ولا بالكافرة ، وليس له أن يزوّج أولاده ولا مماليكه.
وولده بحكم المسلم ، فإن بلغ مسلما فلا بحث ، وإلّا استتيب ، فإن
ص: 523
امتنع قتل ، ولو قتله قاتل قبل وصفه الكفر قتل به ، سواء قتله قبل بلوغه أو بعده.
ولو ولد بعد الردّة ، وأمّه مسلمة فحكمه كالأوّل.
ولو حملت به المرتدّة بعد ارتدادهما فهو بحكمهما (1) لا يقتل المسلم به ، وفي استرقاقه توقّف ، فإن اختار بعد البلوغ الكفر استتيب ، فإن امتنع قتل.
كلمة الإسلام : أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه.
ويشترط أن يقول : وأبرأ من كلّ دين غير الإسلام ، ولو أقرّ باللّه والنبيّ وجحد وجوده أو عموم نبوّته أضاف إلى الشهادتين ما يدلّ على اعتقاد ذلك. (2)
ص: 524
ص: 525
ص: 526
الجناية إمّا عمد محض ، وهو أن يتعمّد الجاني الفعل ويقصد القتل ، وإمّا شبيه عمد ، وهو أن يتعمّد الفعل ويخطئ في قصده ، مثل أن يضرب للتأديب فيموت ، وإمّا خطأ محض ، وهو أن يخطئ فيهما ، مثل أن يقصد صيدا فيصيب إنسانا.
والمراد هنا الأوّل ، وهو قسمان :
وهو إزهاق النفس المعصومة المكافئة عمدا عدوانا ، ويتحقّق بقصد القتل بما يقتل غالبا أو نادرا ، أو يقصد الفعل الّذي يقتل غالبا وإن لم يقصد القتل ، أمّا لو
ص: 527
قصد الفعل الذي لا يقتل غالبا ولم يقصد القتل فاتّفق كالضرب بالحصاة أو العود الخفيف فالأقوى أنّه يوجب الدّية دون القود.
ثمّ الموجب إمّا مباشرة ، كالذبح والخنق والضرب بالسّيف والسكين والنشاب وغير ذلك ممّا يخرج من الحديد وغيره ، حتّى لو غرزه بإبرة في مقتل ، أو جرحه جرحا يسيرا فيبقى منه ضمنا (1) حتّى مات أو ورم أو تآكل بسببه فمات ، وكذا لو ضربه بالمثقل أو بالحجر الغامر أو بالعصا مكرّرا بما لا يحتمله مثله بالنسبة إلى زمانه ومكانه وبدنه (2) حتّى يموت ، أو يعقبه مرضا فيموت ، أو يلكزه بها في مقتل ، أو كان ضعيفا بمرض أو صغر ، أو داس بطنه ، أو عصر خصيته (3) فمات ، أو أرسله منقطع النفس ، أو ضمنا فمات.
وإمّا بسبب ، وهو أنواع :
[ النوع ] الأوّل : انفراد الجاني به ، وله صور :
الأولى : الخنق بالحبل أو بوضع شي ء على فيه وأنفه فيموت ، أو يصير ضمنا حتّى يموت ، ولو حبس نفسه زمانا لا يقتل مثله غالبا ثمّ أرسله فمات ، فإن قصد القتل ، أو كان ضعيفا فالقصاص ، وإلّا فالدّية ، وكذا لو اشتبه القصد.
الثانية : أن يرميه بالسّهم أو بحجر المنجنيق فيقتله.
الثالثة : أن يحبسه ويمنعه الطعام أو الشراب مدّة لا يحتملها مثله فيموت ، أو يعقبه مرضا فيموت.
ص: 528
الرابعة : طرحه في الماء أو النّار ولا يقدر على الخروج ، ولو علم أنّه ترك الخروج تخاذلا فلا قود ولا دية ، ولو لم يعلم فالقصاص وإن قدر على الخروج ، لأنّه قد يدهش.
أمّا لو جرحه فترك المداواة فسرت ، وجب القصاص ، ولو فصده فلم يشدّه فلا قصاص ، والفرق أنّ عدم الموت بالترك في الأوّل غير مقطوع به ، بخلاف الثاني.
الخامسة : سقى السّم أو شيئا قاتلا فيموت ، ولو قتل كثيره فأطعمه الكثير فهو عمد ، وإن أطعمه القليل فمات به ، فإن قصد القتل فهو عمد وإلّا فلا ، ويتفاوت بتفاوت الأمزجة.
السادسة : أن يقع على غيره من علوّ فيموت ، فإن قصد القتل قيد به ، سواء قتل مثله غالبا أو نادرا ، ولو لم يقصده في النادر فهو شبيه عمد.
ولو أوقعه غيره وقصد قتل الأسفل قيد به وبالواقع إن كان الوقوع ممّا يقتل ، ولو لم يقصده ضمن ديته وقتل بالواقع. (1)
السابعة : أن يقتله بالسحر ، لأنّ له حقيقة.
النوع الثاني : أن ينضمّ إليه مباشرة المجنيّ عليه ، فلو قدّم له طعاما مسموما وكان عالما مميّزا فلا قصاص ولا دية ، ولو كان جاهلا فالقود ، ولو قصد قتل غير الآكل ضمن دية الآكل.
ولو جعل السمّ في طعام صاحب المنزل فأكله جاهلا فمات فعليه القود.
ص: 529
ولو جعل السّم في طعام نفسه فأكله إنسان لم يضمنه ، سواء دخل بإذنه أو لا إذا لم يقدّمه إليه ، ولو قدمه قيد به.
ولو كان السمّ ممّا لا يقتل غالبا فقتل فهو شبيه عمد.
ولو جرحه فداوى جرحه بدواء سمّيّ فمات ، فإن كان مجهزا فعلى الجارح قصاص الجرح خاصّة ، وإلّا قيد به بعد ردّ نصف الدّية ، سواء غلبت السلامة أو التلف ، وكذا لو خاط الجرح في لحم حيّة (1) فمات منهما ولو حفر بئرا بعيدة ودعا غيره جاهلا بها فوقع فمات فعليه القصاص وكذا لو حفر بئرا وغطّى رأسها ودعا غيره فوقع فيها فمات.
النوع الثالث : أن ينضمّ إليه مباشرة حيوان ، فلو ألقاه إلى البحر فالتقمه الحوت قبل وصوله قيد به ، وكذا لو التقمه بعد الوصول على الأقوى.
ولو ألقاه إلى السّبع فافترسه فعليه القود إن لم يتمكّن من الفرار ، ولو ألقاه مكتوفا في مسبعة فاتّفق الافتراس فعليه الدّية ، وكذا لو لم يعهد بالسباع.
ولو أغرى كلبا عقورا فقتله فعليه القود ، وكذا لو أنهشه حيّة قاتلا (2) فمات ، أو طرحها عليه فقتلته.
ولو جرحه ثمّ عضّه الأسد ، أو نهشته حيّة فسرتا فعليه القود بعد ردّ نصف الدية.
ومثله لو شاركه أبوه أو اشترك عبد وحرّ في قتل عبد.
ص: 530
النوع الرابع : أن ينضمّ إليه مباشرة إنسان ، فلو حفر بئرا فدفع آخر ثالثا ، فالقود على الدافع.
ولو ألقاه من شاهق فاعترضه آخر فقدّه بنصفين ، فالقصاص على المعترض.
ولو أمسك واحد وقتل آخر ، فالقود على القاتل ، ويحبس الممسك أبدا ، ولو نظر لهما ثالث فسملت عيناه.
ولا يتحقّق الإكراه في القتل بل في غيره ، فلو أكرهه على قطع يد أو جرح فالقصاص على الآمر ، وكذا لو أكرهه على قطع يد أحد هذين (1) فاختار واحدا.
ولو أكرهه على القتل فالقود على المباشر ، ويحبس الآمر أبدا ، هذا إذا كان المقهور بالغا عاقلا ، ولو كان طفلا غير مميّز أو مجنونا فالقود على الآمر ، ولو كان مميّزا حرّا فلا قود ، والدية على عاقلته ، وإن كان مملوكا تعلّقت الدية برقبته.
ولو أكرهه على صعود شجرة فزلق فمات ، فعليه الدّية.
ولو قال : اقتلني وإلّا قتلتك ، لم يسغ قتله ، فلو قتله ففي القود توقّف.
ولو قال للميّز : اقتل نفسك ، فلا شي ء على الملزم إذ لا يتحقّق إكراه العاقل على قتل نفسه ، ولو كان غير مميّز فعلى الملزم القود.
ولو أمره من يخاف ضرره إذا خالفه لم يعذر ، فيقتصّ منه ، ولو أمر السيّد عبده فالقصاص على العبد.
ويباح بالإكراه غير القتل ، كالزنا ، وشرب الخمر ، والإفطار ، حتّى كلمة الشرك ، وأخذ مال الغير.
ص: 531
ولو شهد اثنان بما يوجب قتلا كالقصاص ، أو شهد أربعة بالزنا فقتل ، ثمّ ثبت التزوير بعد الاستيفاء ، فالقود على الشهود ، ولا ضمان على الحاكم والحدّاد.
ولو علم الوليّ تزوير هم وباشر فعليه القود دون الشهود ، ولو لم يباشر فالقود على الشهود وإن أذن فيه الوليّ.
إذا اجتمع السبب والمباشر ، فقد يغلب السبب المباشر كقتل الحدّاد بشهود الزّور ، فالقصاص على ذي السبب ، وكذا لو ألقاه في البحر فالتقمه الحوت.
وقد تغلب المباشرة ، كما لو ألقاه من شاهق فاعترضه آخر بالسّيف فقتله ، فالقصاص على المباشر ، وكذا لو تكافئا كالإكراه.
النوع الخامس : أن ينضمّ إلى السبب مثله ، فالضمان على ذي السّابق ، فلو وضع حجرا في الطريق ، وحفر فيه آخر بئرا ، فعثر إنسان بالحجر فوقع في البئر فمات ، فالضمان على واضع الحجر ولو تعدّى أحدهما اختصّ بالضمان.
ولو نصب سكّينا في بئر محفورة في الطريق ، فوقع فيها إنسان فمات بالسكين ، فالضمان على الحافر.
النوع السادس : أن تنضمّ المباشرة إلى مثلها ، فلو جرحه فبقيت حياته غير مستقرّة ، ثمّ قتله آخر ، فالقود على الأوّل ، وعلى الثاني دية الميّت ، ولو كانت مستقرّة فالقود على الثاني ، وعلى الأوّل قصاص الجناية ، سواء قضى الجرح بالموت ، كشقّ الجوف أو لا كقطع الإصبع.
ص: 532
ولو قطع واحد يده وآخر رجله فاندملت إحداهما ثمّ مات ، فالمندمل جارح والآخر قاتل فيقتصّ منه بعد ردّ دية الجرح المندمل ، ولو مات بهما فهما قاتلان.
ولو ادّعى أحدهما اندمال جرحه وصدّقه الوليّ لم يقبل في حقّ الآخر ، لأنّه متّهم لجواز أن يريد أخذ دية الجرح من الجارح والدية من الآخر ، ولأنّ المنكر مدّعي الأصل.
ولو قطع يده من الكوع ، وآخر من المرفق ، فمات بالسراية قتلا به ، لعدم انقطاع سراية الأوّل بشياع ألمه قبل الثاني ، ولو قتله الثاني قتل به ، لانقطاع السراية بالتعجيل ، وعلى الأوّل ضمان القطع.
ولو اتّحد الجاني دخلت دية الطرف في دية النفس إجماعا ، ويدخل قصاص الطرف في قصاص النفس إن اتّحدت الضربة ، ولو فرّق لم يدخل.
ولو قطع يده فسرت إلى النفس فالقصاص في النفس لا في الطرف.
ولو اشترك اثنان فصاعدا في قتل إنسان ، فللوليّ قتلهم بعد ردّ ما فضل عن دية المقتول ، فيأخذ كلّ واحد الفاضل من ديته عن جنايته ، وله قتل واحد ويردّ الباقون دية جنايتهم عليه ، وله قتل أكثر ويردّ الباقون جنايتهم على المقتولين ، وعلى الوليّ ما بقي.
وتتحقّق الشركة بأن يفعل كلّ واحد منهم ما يقتل لو انفرد ، أو ما يكون له شركة في السراية.
ولا يشترط التساوي في الجناية ، فلو جرحه جرحا واحدا وآخر مائة ، ثمّ سرى الجميع فهما سواء في القود والدية.
ص: 533
ولو قطع جماعة طرفا اقتصّ منهم بعد ردّ ما يفضل لكلّ واحد منهم عن جنايته ، وله أن يقتصّ من واحد ويردّ الباقون دية جنايتهم.
وتتحقّق الشركة بالاشتراك في الفعل الواحد ، فلو وضع ثلاثة آلة على يد إنسان واعتمدوا عليها حتّى قطعت تحقّقت الشركة ، ولو قطع كلّ واحد ثلثا [ من يده ] لم تتحقّق ، وكان على كلّ واحد قدر جنايته ، وكذا لو وضع أحد آلته فوق يده والآخر تحتها واعتمدا حتى التقتا.
وهي خمسة :
وفيه فصول :
يقتل الحرّ بالحرّ وبالحرّة بعد ردّ نصف الدية ، والحرّة بالحرّة وبالحرّ ولا ردّ.
والمرأة تساوي الرّجل قصاصا ودية حتّى تبلغ ثلث دية الحرّ ، ثمّ تصير على النّصف ، فيقتصّ لها منه بعد ردّ التفاوت.
ص: 534
ولو قتل حرّ حرّين فليس للأولياء إلّا قتله ، ولو قتله أحدهم استوفى الحقّ وأخطأ ، ولا يؤخذ من التركة شي ء.
ولو قتل حرّ وحرّة حرّة فللوليّ قتلهما ، ويردّ على المرأة ربع الدية ، وعلى الرّجل ثلاثة أرباع.
وله قتل المرأة ، ويردّ الرّجل الربع.
وله قتل الرجل ، وتردّ المرأة الربع والوليّ النصف.
ولو قتل حرّ وحرّة حرّا فللوليّ قتلهما ، ويردّ على الرّجل نصف الدية.
وله قتل الرّجل ، وتردّ المرأة على وليّه ديتها.
وله قتل المرأة ، ويأخذ من الرجل نصف ديته.
ولو قتل رجلان امرأة ، فلوليّها قتلهما بعد ردّ دية ونصف.
ولو قتلت امرأتان رجلا قتلتا به ، ولا ردّ ، وللوليّ قتل إحداهما ، ويأخذ من الأخرى ديتها.
ويجب تقديم الردّ على الاستيفاء في كلّ موضع يثبت.
ولو قطع يمين رجل ويمين آخر ، قطعت يمينه بالأوّل ويساره بالثاني ، ولو قطع يد ثالث قطعت رجله ، وكذا بالرابع.
ولو لم يكن له يد ولا رجل فعليه الدّية.
ص: 535
يقتل العبد بالعبد وبالأمة ، والأمة بالأمة وبالعبد إن كانا لمالك واختار القصاص ، وكذا لو كانا لمالكين تساويا في القيمة أو تفاوتا ولا ردّ ، ولو طلب الدية تعلّقت برقبة الجاني ، فإن تساوت القيمتان أو نقصت قيمة القاتل ، كان لمولى المقتول استرقاقه ، وإن زادت استرقّ منه بقدر قيمة عبده.
ولا يضمن مولى القاتل شيئا ، نعم لو تراضيا بالمفاداة فداه بأقلّ الأمرين من قيمة القاتل وأرش الجناية.
ولو كان القتل خطأ تخيّر مولى القاتل بين فكّه بقيمته ، وبين دفعه [ إلى مولى المقتول ] وله منه ما يفضل عن قيمة المقتول ، وليس عليه ما يعوز.
والمدبّر كالقنّ فيقتل بالعبد في العمد وإن زادت قيمته ، ولمولى العبد استرقاقه إن لم تزد قيمته ، ولو زادت استرقّ منه بقدر قيمة عبده ، والباقي مدبّر ، ولمولاه مفاداته بالأقلّ من قيمته وأرش الجناية ، ويقوّم مدبّرا ، فإن فكّه فالتدبير باق.
والمكاتب المشروط وغير المؤدّي كالقنّ ، ولو أدى البعض لم يقتل بالقنّ ولا بالمدبّر ولا بالمشروط ولا بالأقلّ حريّة ، ويقتل بمثله وبالأكثر حريّة.
ولو قتل عبدا سعى في نصيب الحريّة ، ويسترقّ باقيه ، أو يباع في نصيب الرقّ ، وتبطل الكتابة بذلك.
وفي الخطأ على الإمام بقدر ما فيه من الحريّة ، ويتعلّق برقبته من
ص: 536
الدية بقدر الرقيّة ، ويتخيّر مولاه بين فكّ نصيب الرقيّة ، وبين تسليمه ليقاصّ به.
ولو قتل عبد عبدين لمالكين ، واختارا القود ، اشتركا في قتله ، إلّا أن يختار الأوّل استرقاقه قبل الجناية الثانية ، فيكون للثاني خاصّة.
ولو قتل عبدان عبدا فلمولاه قتلهما ، ولا شي ء عليه إن لم تزد قيمة أحدهما عن جنايته ، ولو فضل لهما أو لأحدهما ردّ على مولاه الفاضل ، ولا يجبر نقص أحدهما بفضل الآخر إلّا أن يكونا لمالك.
ولو نقصت قيمتهما عن قيمة المقتول فلا شي ء لمولاه.
وله قتل أحدهما ، فإن زادت قيمته عن جنايته ردّ الزيادة ، ويأخذ من مولى العبد الآخر نصف قيمة عبده ، أو يسترقّه إن ساوت قيمته جنايته ، وإلّا ما قابل جنايته.
لا يقتل حرّ بعبد ولا بأمة ، بل يغرم القيمة يوم القتل ، ولا يتجاوز بها دية الحرّ وإن كان لامرأة ، ولا بقيمة الأمة دية الحرّة وإن كانت لرجل.
ولو كان ذمّيّا لذميّ لم تتجاوز بقيمة الذكر دية الذميّ ، ولا بالأنثى دية الذميّة.
ولو اختلف الجاني والمولى في قيمته قدّم قول الجاني مع اليمين.
ولو اعتاد الحرّ قتل العبيد قتل حسما للجرأة ، ولا ردّ.
ص: 537
ولو قتل المولى عبده عزّر وكفّر ، قيل : ويتصدّق بقيمته. (1) ولو اعتاد ذلك قيد به.
ولو قتل العبد مولاه فللمولى قتله والعفو ، وكذا لو قتل أحد عبديه الآخر.
ولو قتل العبد حرّا لم يضمنه المولى ، وللوليّ قتله أو استرقاقه ، وليس لمولاه فكّه إلّا برضى الوليّ.
ولو جرح حرّا فله القصاص ، ولو طلب الدية تعلّقت برقبته ، وله استرقاقه إن أحاطت به الجناية وإلّا بقدرها ، وليس له قتله وإن ساوت الجناية قيمته.
وللمولى فكّه بالأرش أو بالأقلّ إذا طلب المجروح الأرش ، وإن طلب القصاص لم يكن له فكّه قهرا.
ولو امتنع من فكّه فللمجروح بيعه إن أحاطت الجناية برقبته ، وإلّا باع ما ساواها.
والمدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق غير المؤدّي كالقنّ ، ولو أدّى البعض فللحرّ القصاص منه في النفس والطرف دون العكس ، وللوليّ استرقاق نصيب الرقية.
ولو قتل العبد حرّين على التعاقب ، فإن استرقّه الأوّل فهو للثاني ، وإلّا اشتركا فيه.
ولو قتل العبد والحرّ حرّا فللوليّ قتلهما ، ويردّ على الحرّ نصف ديته ، وعلى مولى العبد الزائد من قيمته عن جنايته ، ولو تجاوزت قيمته دية الحرّ ردّ إليها.
ص: 538
وله قتل الحرّة ، ويردّ مولى العبد إلى أولياء الحرّ نصف دية الحرّ ، أو يدفع إليهم العبد ليسترقّوه ، ويأخذ من الحرّ نصف ديته.
ولو قتل العبد والحرّة حرّا ، فللوليّ قتلهما ، ولا ردّ على المرأة ، ولو زادت قيمة العبد عن جنايته ردّ الزائد على مولاه ما لم يتجاوز دية الحرّ.
وله قتل المرأة واسترقاق العبد إن ساوت قيمته نصف الدية ، أو نقصت والاسترقاق بقدره.
وله قتل العبد فإن ساوت قيمته جنايته أو نقصت أخذ المولى من المرأة دية جنايتها ، وإن زادت ردّت المرأة الزيادة ما لم تتجاوز دية الحرّ ، ولو فضل كان للوليّ.
ولا يقتل الحرّ الذميّ بالعبد المسلم وإن التحق بدار الحرب واسترقّ ، بل يجب عليه قيمته لمولاه ، ويقتل حدّا ، لأنّه نقض العهد.
ولا يقتل العبد المسلم بالذّميّ ، بل لوارثه المطالبة بديته ، فإن دفعها المولى ، وإلّا استرقّوا العبد إن كانوا مسلمين ، وإلّا بيع على المسلمين.
إذا قتل العبد حرّا عمدا فأعتقه مولاه لم يصحّ ، وكذا لو باعه أو وهبه ، ولو كان خطأ صحّ إن ضمن الدّية.
ولو جنى الحرّ على المملوك فسرت إلى نفسه ، فلمولاه كمال قيمته ، ولو تحرّر ثمّ سرت فلا قصاص ، ولمولاه أقلّ الأمرين من دية الجناية (1) والدية عند
ص: 539
السراية ، لأنّ القيمة إن زادت لم تملك الزيادة ، لأنّها بسبب الحرّية ، وإن نقصت لم يلزم الجاني النقيصة ، لأنّ دية الطرف تدخل في دية النفس.
فلو قطع يده وقيمته ألف ، فعليه النصف ، فلو تحرّر ثمّ قطع آخر يده ، وثالث رجله ، وسرى الجميع ، سقطت دية الطرف ، ووجبت دية النفس ، فيلزم الأوّل ثلث الألف للمولى ، وعلى الآخرين الثلثان للورثة.
ولو قطع حرّ يده ثمّ أعتق فسرت فلا قود ، وعليه دية الحرّ المسلم ، لسيّده نصف قيمته وقت الجناية ، ولورثته الباقي.
ولو قطع آخر رجله بعد العتق ، وسرى الجرحان ، فلا قصاص على الأوّل في النفس لا في الطرف ، وعليه نصف دية الحرّ ، وعلى الثاني القود بعد ردّ نصف ديته إليه.
ولو قطع يده فأعتق ، ثمّ قطع رجله ، فعلى الجاني نصف قيمته وقت الجناية لمولاه ، وعليه القصاص في الجناية حال الحريّة ، فإن اقتصّ المعتق جاز ، وإن طلب الدية أخذ نصفها ، ويختصّ بها دون مولاه.
ولو سرتا فلا قصاص في الأوّل ، وللوليّ (1) القود بعد ردّ ما يستحقه السّيّد ، وله القصاص في الرّجل ، ويأخذ السيّد نصف قيمة العبد وقت الجناية ، وإن فضل شي ء من دية اليد فهو للوارث ، فيحصل له قصاص الرّجل والفاضل من دية العبد.
ص: 540
لا يقتل مسلم بكافر حربيّ ولا غيره ، ذمّيّا كان أو معاهدا أو مستأمنا بل يعزّر ويغرم دية الذّمي ، ولو اعتاد قتل الذميّ قيل : يقتصّ منه بعد ردّ الفاضل (1).
ويقتل الذمّيّ بمثله وبالذميّة بعد ردّ فاضل ديته ، والذميّة بمثلها وبالذميّ ولا ردّ.
ويقتل الذميّ بالمستأمن وبالعكس ، والمستأمن بمثله ، والحربيّ بالذميّ والمرتدّ بمثله مطلقا والذمي بالمرتد وبالعكس على توقّف إلّا أن يتوب فيلزمه دية الذمي.
ولا يقتل ذمّيّ ولا ذو عهد بحربيّ.
ولو قتل الذّميّ مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، ويتخيّرون بين قتله واسترقاقه ، ولا يسترقّ أولاده الصغار.
ولو أسلم قبل الاسترقاق فلهم قتله دون استرقاقه.
ويقتل ولد الرشدة بولد الزنية.
ويشترط التكافؤ حال الجناية ، فلو قتل مسلم ذميّا ثمّ ارتدّ فلا قود ، وعليه دية الذمّيّ ، وكذا لو جرحه ثمّ ارتدّ وسرت.
ص: 541
ولو قطع مسلم يد ذمّيّ عمدا فأسلم ثمّ سرت ، أو قطع حرّ يد عبد فأعتق ثمّ سرت ، أو صبيّ يد بالغ ثمّ بلغ وسرت ، فلا قصاص في نفس ولا طرف ، لعدم التكافؤ وقت الجناية ، ويضمن دية مسلم ، لأنّ الجناية وقعت مضمونة ، فيعتبر أرشها حال (1) استقرارها.
ولو قطع مسلم يد حربيّ أو مرتدّ فأسلم ثمّ سرت ، فلا قصاص ولا دية ، لأنّها غير مضمونة ، فلا يضمن سرايتها.
ولو رمى حربيّا أو مرتدا أو ذمّيا بسهم فأصابه مسلما (2) فمات فلا قود وعليه الدية وكذا لو رمى عبدا فأصابه معتقا فمات.
ولو قطع مسلم يد مسلم فارتدّ ثمّ سرت ، فلا قصاص في النفس بل في اليد ، ويستوفيه وليّه المسلم ، ومع عدمه الإمام.
ولو عاد إلى الإسلام قبل حصول سرايته اقتصّ في النفس ، ولو عاد بعد حصولها ثمّ مات ، فالأقوى الدّية ، وكذا لو كانت خطأ.
فلا يقتل الأب وإن علا بالولد وإن نزل ، وعليه التعزير والكفّارة والدية ، ويقتل الولد بأبيه ، والأمّ بولدها ، وكذا الأجداد والجدّات من قبلها وجميع الأقارب به.
ص: 542
ولو قتل زوجته أو قذفها ولا وارث لها إلّا ولده فلا قصاص ولا حدّ ، ولو كان لها ولد من غيره فله القصاص بعد ردّ نصيب الولد من الدية ، ويستوفى الحدّ كملا.
ولو ادّعى المجهول اثنان فقتله أحدهما أو هما قبل القرعة ، فلا قود.
ولو قتلاه بعد رجوع أحدهما فالقصاص على الراجع بعد ردّ نصف الدية ، وعلى الآخر نصف الدية ، وعلى كلّ واحد كفّارة.
ولو قتله الراجع قيد به.
ولو تداعى اثنان المولود على فراشهما كالأمة أو الموطوءة بالشبهة في طهر واحد ثمّ قتلاه قبل القرعة لم يقتلا ، ولو رجع أحدهما ثمّ قتلاه لم يقتل الرّاجع ، لأنّ البنوّة هنا مستندة إلى الفراش لا إلى مجرّد الدّعوى.
فلا قصاص على المجنون والصّبي وإن بلغ عشرا ، سواء كان المقتول كاملا أو لا ، بل تجب الدية على عاقلتهما.
أمّا لو قتل العاقل مثله ثمّ جنّ لم يسقط القود.
ويقتل البالغ بالصبيّ لا بالمجنون ، بل تجب الدية إلى أن يقصد الدفع.
ولو ادّعى الوليّ الكمال وقت الجناية والجاني عدمه قدّم قول الجاني مع يمينه ، وتثبت الدية في ماله.
ولا قود على النائم ، والدية على عاقلته والأعمى كالمبصر.
ص: 543
فلا يقتل الحربيّ بالحربيّ ، ولا المسلم بمن أباح الشرع قتله ، ولا دية أيضا ، وكذا من هلك بسراية الحدّ أو القصاص أو التعزير.
ولو قتل من وجب عليه القصاص غير مستحقّ اقتصّ منه.
أمّا الأوّل ، فشروطه ستة :
الأوّل : تكليف المدّعي ورشده حالة الدعوى ، فلو كان عند الجناية حملا سمعت ، ولا تسمع من الصبيّ والمجنون.
الثاني : استحقاقه حالة الدعوى ،وإن كان أجنبيّا وقت الجناية.
الثالث : تعيين المدّعى عليه ، فلو ادّعى على جماعة مجهولين لم تسمع.
ولو قال : قتله أحد هؤلاء العشرة ، ولا أعرف عينه ، سمعت وله إحلافهم ، ولو أقام بيّنة سمعت لإثبات اللوث لو عيّن الوليّ أحدهم.
الرابع : إمكان المباشرة ، فلو ادّعى على غائب أو جماعة يتعذّر اجتماعهم على قتل الواحد ، كأهل البلد لم تسمع ، ولو رجع إلى الممكن سمعت.
ص: 544
ولو ادّعى انّه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم سمعت ، ولا قود ولا دية ، بل يحكم بالصلح.
الخامس : تحرير الدّعوى ، فيذكر نوع القتل والانفراد أو الاشتراك ، فلو أطلق سمعت ، واستفصله الحاكم ، وليس ذلك تلقينا بل تحقيقا للدّعوى ، ولو لم يبيّن طرحت ولم تسمع البينة.
السادس : عدم التناقض ، فلو ادّعى انّه قتل منفردا ، ثمّ ادّعى على الآخر لم تسمع [ الدعوى ] الثانية ، [ سواء ] برّا الأوّل أو شرّكه ، ولو صدّقه الثاني جازت مؤاخذته.
ولو ادّعى العمد وفسّره بالخطإ أو بالعكس ، لم تبطل أصل الدّعوى ، وعمل بالتفسير.
وأمّا الثاني ، فالإقرار ، أو البيّنة ، أو القسامة.
فهنا مباحث :
وتكفي المرّة ، ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا ينفذ إقرار الصبيّ والمجنون والمكره والمملوك والساهي والنائم والسكران والمغمى عليه.
ولو أقرّ المحجور عليه لسفه أو فلس بالعمد اقتصّ منه ، ولو أقرّ بالخطإ ثبت ، ولم يشارك المقر له الغرماء.
ص: 545
ويستوي القنّ والمدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق وإن أدّى البعض ، ولو صدّقه مولاه نفذ إلّا أن يكون مرهونا إلّا أن يصدّقه المرتهن.
ولو أقرّ واحد بالقتل عمدا وآخر خطأ تخيّر الوليّ في تصديق أحدهما ، ولا سبيل له على الآخر.
ولو أقرّ بالعمد ، فأقرّ آخر انّه القاتل ، ورجع الأوّل ، درئ عنهما القصاص والدية وودي المقتول من بيت المال. (1)
وشروطها أربعة :
الأوّل : العدد ،ولا يثبت موجب القصاص إلّا بشاهدين وإن عفا على مال.
ويثبت موجب الدية كقتل الخطأ والمأمومة بهما ، وبشاهد وامرأتين ، وبشاهد ويمين.
ولا تقبل شهادة النساء منفردات مطلقا ، ولو شهد رجل وامرأتان بهاشمة مسبوقة بإيضاح لم يثبت الهشم ، كما لا يثبت الإيضاح.
ولو شهدوا انّه رمى زيدا فمرق [ السهم ] فأصاب عمرا ثبت الخطأ.
الثاني : تجرّد الشهادة عن الاحتمال ، مثل ضربه بالسّيف فقتله ، أو فمات ، أو فأنهر دمه فمات في الحال ، أو فلم يزل مريضا حتّى مات ، وإن طالت المدّة.
ولو شهدت بأنّه جرح أو جرى الدم لم يقبل حتّى يشهد بالقتل.
ص: 546
ولو شهدت بأنّه قتله بالسّحر لم تقبل إلّا أن يشهد على إقرار ، وكذا يشترط في الجراح ، فلو شهدت بأنّهما اختصما ثمّ افترقا وهو مجروح ، أو ضربه فوجداه مشجوجا ، أو فجرى دمه لم تقبل.
ولو قال : ثمّ افترقا وقد جرحه ، أو فوجدناه قد شجّه ، أو فأجرى دمه قبل ، وكذا لو قال : ضربه فأوضحه أو شجّه.
ولو وجد فيه موضحتان فلا قصاص ، ويثبت الأرش ، ولا يقتصّ بأقلّهما ، وكذا لو قال : قطع يده ، ووجد مقطوع اليد ، ولو قال : أسأل دمه فمات قبل في الدامية خاصّة.
الثالث : التوافق ، فلو اختلفا في الزمان أو المكان أو الآلة لم يثبت القتل ولا اللوث ، للتّكاذب.
ولو شهد واحد بالإقرار ، والآخر بالفعل لم يثبت ، وكان لوثا ، لعدم التّكاذب.
ولو قيّد أحدهما بصفة وأطلق الآخر ، ثبت المطلق.
ولو شهد بالإقرار بالقتل ، والآخر به عمدا ، ثبت أصل القتل وألزم المقرّ البيان ، ويقبل تفسيره مع يمينه ، لا إنكاره.
ولو شهد بالقتل عمدا ، والآخر مطلقا ، لم يثبت أصل القتل ، بل يكون شاهد العمد لوثا.
ولو شهد بالقتل عمدا ، والآخر خطأ ، ثبت أصل القتل على توقّف.
ولو شهدا بالقتل على زيد ، وآخران به على عمرو فلا قصاص ، وعليهما الدّية نصفين في العمد ، وعلى العاقلتين في الخطأ ، وتخيير الوليّ قويّ.
ص: 547
ولو شهدا عليه بالعمد ، فأقرّ آخر أنّه القاتل ، وبرّأ الأوّل ، تخيّر الوليّ على توقّف.
الرابع : انتفاء التهمة ، فلو شهدا لمن يرثانه بالجرح بعد الاندمال قبلت لا قبله ، فإن أعيدت بعده قبلت.
ولو شهد لمورّثه المريض قبل.
ولو شهدا بالجرح وهما محجوبان ، ثمّ مات الحاجب أو بالعكس ، اعتبر حال الشهادة.
ولو جرحت العاقلة شهود الخطأ لم يقبل ، وفيمن لا يصل إليه العقل توقّف.
ولو شهدا على اثنين ، فشهدا على الشاهدين من غير تبرّع لم تسمع ، فإن صدّق المدّعي الأوّلين حكم له ، وإن صدّق الأخيرين أو الجميع بطلت الشهادة.
ولو شهدا على أجنبيّ لم تقبل ، ولو شهد أجنبيّان على الشاهدين بالقتل ، فإن تبرّعا سقطت ، وإلّا تخيّر الوليّ.
ولا يحبس المتّهم بالقتل ليحضر المدّعي البيّنة.
وأركانه ثلاثة :
وهو أمارة يغلب الظنّ معها بصدق المدّعى ، كشهادة العدل الواحد ،
ص: 548
أو يوجد عنده ذو سلاح ملطّخ بالدم ، أو في صفّ مقابل للخصم بعد المراماة ، أو في دار قوم أو محلّة مقطوعة من البلد لا يدخلها إلّا أهلها ، أو كانت مطروقة بينهم عداوة ، أو في قرية كذلك ، ولو انتفت العداوة فلا لوث.
ولو وجد بين قريتين فاللوث لأقربهما ، ومع التّساوي فهما سواء.
وشهادة الفسّاق أو النّساء مع انتفاء المواطاة لوث ، وكذا الصبيان أو الكفّار مع بلوغ التواتر ، بخلاف شهادة الصبيّ أو الفاسق أو الكافر.
وقول المجروح : قتلني فلان ليس بلوث (1).
ويبطل اللّوث بأمور :
الأوّل : وجود الشكّ فيه كأن يوجد بقرب القتيل ذو سلاح ملطّخ بالدم مع سبع من شأنه القتل.
الثاني : إبهام الشاهد ، كقوله : قتل أحد هذين ، وكذا لو قال : قتله أحد هذين على الأقوى.
الثالث : أن يظهر اللوث في أصل القتل دون كونه عمدا أو خطأ.
الرابع : إنكار الجاني كونه في الدار وقت القتل ، فإذا حلف بطل اللوث.
ولا يقدح تكاذب الوليّين في اللوث ، بل يحلف المدّعي خمسين يمينا ، ويقتصّ بعد الردّ.
وإذا بطل اللوث حلف المنكر يمينا واحدة كسائر الدّعاوي.
ص: 549
وهي في العمد خمسون يمينا ، وفي الخطأ خمسة وعشرون ، ولو كان له قوم حلف مع كلّ واحد يمينا ، فإن قصر عددهم كرّرت ، ولو لم يكن له قوم أو امتنعوا حلف المدعي الجميع ، فإن امتنع أحلف المنكر الخمسين ، ويحلف معه قومه كالمدّعي ، وتكرّر مع القصور ، ولو لم يحلف ألزم الدعوى.
ولو تعدّد المدعي قسّمت عليهم بالسوية.
ولو تعدّد المدّعى عليه فعلى كلّ واحد خمسون يمينا.
ولا تجزئ قسامة القوم عن قسامة المدّعي والمدّعى عليه.
والقسامة فيما فيه الدّية ستّة أيمان ، وفيما نقص بالنسبة منها.
ويشترط علم الحالف ، ولا يكفي الظنّ ، وتسمية القاتل والمقتول في كلّ يمين ، ورفع نسبهما بما يزيل الاحتمال ، وذكر الانفراد أو الشركة ، ونوع القتل ، والإعراب إن كان من أهله ، وإلّا أجزأ ما يعلم معه القصد.
ولا يشترط توالي الأيمان في مجلس واحد ، ولا أن يقول : النيّة نيّة المدّعي.
ولا يقسم الكافر على المسلم.
ولمولى العبد أن يقسم وإن كان المدّعى عليه حرّا ، وكذا المكاتب في عبده ، فإن نكل ثمّ مات أو عجز لم يكن لسيّده القسامة ، ولو مات أو عجز قبل نكوله فله أن يقسم.
ص: 550
إذا تمّت القسامة ثبت القصاص في العمد ، والدّية في شبيه العمد على القاتل ، وفي الخطأ على العاقلة.
ولو ادّعى على اثنين ، وأقام اللوث على أحدهما أقسم عليه ، فإن قتله ردّ عليه نصف ديته ، وله على الآخر يمين واحدة ، ولو لم يكن لوث حلف الاثنان.
ولو غاب أحد الوارثين حلف الحاضر مع اللّوث خمسين يمينا ، ويثبت حقّه ، ولم يجب الارتقاب ، ثمّ لا يقتصّ بل يكفل القاتل ، فإذا حضر الغائب حلف خمسا وعشرين ثمّ اقتصّا ، ولو لم يحلف اقتصّ الأوّل بعد الردّ ، وكذا لو كان أحدهما صغيرا أو مجنونا.
ولو مات الولي قبل القسامة حلف وراثه ولو مات في الأثناء استأنف ولو نكل لم يحلف الوارث ولو لم يكن وارث فلا قسامة ولو استوفى القصاص أو الدية ثمّ قامت البيّنة بغيبته وقت القتل بطلت القسامة واقتصّ منه أو استعيدت الدية ولو قال بعد استيفاء الدية هي حرام إن فسّره بكذبه استعيدت وإن فسره بأنّه لا يرى القسامة لم يستعد وإن فسر بأنّها غصب فإن عين المالك الزم الدفع إليه ولا رجوع وإن لم يعينه أقرت في يده ولو استوفى القسامة فأقرّ آخر انّه قتله منفردا لم يتخير الولي.
ص: 551
وفيه مباحث :
يجب بقتل العمد العدوان مع الشرائط كفّارة الجمع والقصاص ، ولا تجب الدية إلّا صلحا ، ويجوز الافتداء بأقلّ من الدّية وأكثر مع التراضي.
ولا يجبر الجاني على بذل الدية ، كما لا يجبر الوليّ على أخذها.
ولو عفا على مال فإن رضي الجاني وجب المال وسقط القود ، وإلّا فلا ولو عفا ولم يشترط المال سقط القود والدّية.
ولو هلك القاتل أو هرب فلم يقدر عليه حتّى مات ، وجبت الدية في ماله ، فإن لم يكن له مال أخذت من الأقرب فالأقرب من أوليائه الّذين يرثون ديته.
ولا يقتصّ من الحامل مطلقا حتّى تضع ويشرب الولد اللّبأ (1) ثمّ إن وجد غيرها قتلت ، وإلّا صبر حتى ترضعه ، وكذا لو حملت بعد الجناية.
ولو ادّعته ثبت بشهادة القوابل ، فإن تعذّر صدّقت حتّى يعلم حالها.
ولو قتلت ثمّ بان الحمل فالدية على القاتل (2) إن علم ، وإلّا فعلى الحاكم
ص: 552
إن علم ، وإلّا ففي بيت المال ، ويضيّق على من لجأ إلى الحرم في المأكل والمشرب حتّى يخرج ويقتصّ منه ، ويقتص في الحرم ممّن جنى فيه.
وهو وارث المال عدا الزّوج والزوجة ، ويرثان من الدية وإن أحدث صلحا.
ويشترك (1) المكلّفون وغيرهم ، ويرثونه كالمال ، ويتوقّف على إذن الإمام خصوصا الطرف ، فإن كان الوليّ جماعة توقّف على اجتماعهم إمّا بالوكالة أو بالإذن لواحد ، وليس لهم الاجتماع على المباشرة ، فإن فعلوا أساءوا (2) ولم يلزمهم شي ء.
ولو بادر أحدهم عزّر وضمن حصص الباقين.
وللحاضر والكبير والعاقل الاستيفاء بشرط ضمان نصيب الغائب والصغير والمجنون.
وقيل : يجوز حبس القاتل حتّى يجي ء الغائب ويكمل الصّبي والمجنون. (3)
ص: 553
وللأب والجدّ له الاستيفاء عن الصّبيّ والمجنون.
ولو رضي البعض بالدية فللباقين القصاص بعد ردّ نصيب المفادي من الدية ، ولو لم يرض الجاني فلطالب القصاص قتله بعد ردّ نصيب شريكه ولو عفا البعض فللباقين القصاص بعد ردّ نصيب العافي.
ولو قتل الولد الأب والأجنبيّ ، والذّمّيّ المسلم والذّميّ ، اقتصّ من الأجنبيّ والذّمّيّ بعد ردّ المشارك نصف الدية.
ولو كان أحد الشريكين عامدا والآخر مخطئا اقتصّ من العامد بعد الردّ من العاقلة.
ولو شاركه سبع اقتصّ الوليّ بعد ردّ نصف الدية.
ولو أقرّ أحد الوليّين بعفو الآخر على مال لم يقبل [ إقراره ] في حقّ الشريك ، ولهما القصاص ، وللمقرّ أن يقتل بعد ردّ نصيب الشريك ، فإن صدّقه فالردّ له ، وإلّا فللجاني ، والشريك على ما كان في شركة القصاص.
ولو استوفى الوكيل بعد العلم بالعزل اقتصّ منه ، ولو كان قبله فلا قصاص ولا دية.
ولو استوفى بعد العفو عالما فعليه القصاص وإلّا فالدية ، ويرجع بها على الموكّل ، ولو اشتبه فلا شي ء.
ولو اختلف الوليّ والوكيل قدّم قول الوكيل مع يمينه.
ويقتصّ للمحجور عليه لسفه أو فلس ، ولو عفا على مال ورضى الجاني قسّم على الغرماء.
ص: 554
ولو قتل المديون فللوليّ القصاص وإن لم يضمن الدّين ، ولو رضى بالدية صرفت في الديون والوصايا ، وكذا لو قتل خطأ.
ولو تعدّد المقتول فعليه القصاص بسبب كلّ واحد ، سواء قتلهم دفعة أو لا.
ولا يقتل بواحد ، وتؤخذ الدية للباقين ، فإن قتله الجميع استوفوا حقّهم.
ولو قتله واحد أخطأ واستوفى حقّه ، ويطالب الباقون بالدية.
وليس للبعض المطالبة بالدية والباقين بالقصاص.
ولو قطع يد رجل ثمّ قتل آخر ، أو بالعكس ، قطع ثمّ قتل.
ولو قتله وليّ المقتول أساء ولا شي ء عليه ، وتؤخذ دية اليد من تركة القاطع. (1) ولو سرى القطع قبل قتله تشاركا فيه ، ولو سرى بعده أخذ نصف الدّية من تركة الجاني على توقّف.
وقد تقدّم تعدّد القاتل ويعلم منه لو تعدد.
ينبغي للإمام إحضار شاهدين فطنين ، واعتبار الآلة لئلّا تكون مسمومة خصوصا في قصاص الطرف ، فلو كانت كذلك ضمن جناية السمّ ، ويمنع من القصاص بالكالّة ، ولا يقتصّ إلّا بالسّيف وإن قتل بغيره.
ص: 555
ولا يجوز العدول إلى السكّين.
ويقتصر على ضرب العنق وإن قتله بغيره كالمثقّل ، والتحريق ، ورضخ الحجارة ، والتغريق ، فلو ضربه في غيره فإن كان ممّا يخطأ به كالكتف استوفى ولم يعزّر وإلّا عزّر وأجرة الحدّاد من بيت المال ، فإن لم يكن أو ضاق فعلى القاتل.
ولا يقضى بالقصاص إلّا مع التلف (1) بالجناية ، فإن اشتبه اقتصّ في الجرح خاصّة.
ولو ظنّ وفاته ، فإن ضربه الوليّ بالسائغ في العنق ، فله قتله ثانيا ، وإلّا قتل بعد القصاص منه.
ومن يقتصّ له في النفس اقتصّ له في الطرف والجرح ، ولا يضمن سراية القصاص إلّا مع التعدّي ، فإن تعمّد اقتصّ منه ، وإلّا أخذت منه الدّية.
ولو قطع يده فاقتصّ منه ، ثمّ سرت الأولى ثمّ الثانية ، وقع القصاص بالسراية موقعه ، وكذا لو قطع يده ثمّ قتله ، فقطع يدي الجاني ثمّ سرت إلى نفسه.
أمّا لو سرى قطع الجاني قبل قطع المجنيّ عليه لم تقع سراية الجاني قصاصا ، لوقوعها هدرا.
ولو عفا عن قاطع يده فقتله القاطع ، فللوليّ القصاص في النّفس بعد ردّ دية اليد.
ص: 556
ولو قتل مقطوع اليد ، فإن كان المجنيّ عليه أخذ ديتها أو قطعت في قصاص ، قتل به بعد ردّ دية اليد ، وإلّا قتله ولا ردّ.
ولو قطع كفّا بغير أصابع ، قطعت كفّه بعد ردّ دية الأصابع.
ولو قطع يديه فاقتصّ منه ، ثمّ سرى قطع المجنيّ عليه ، فللوليّ القصاص في النفس.
ولو قطع ذمّيّ يد مسلم فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحة المسلم ، فلوليّه قتل الذمّيّ ، فلو طلب الدية كان له دية المسلم إلّا دية يد ذمّيّ.
ولو قطعت المرأة يد رجل فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحته ، فللوليّ القصاص ولا ردّ ، ولو طلب الدية فله ثلاثة أرباعها.
ولو قطعت يديه ورجليه فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحته ، فللوليّ القصاص في النّفس لا الدّية (1) وفيه توقّف.
ص: 557
وفيه مقدّمة ومطالب
والمقدمة : كلّما ينقسم إلى يمين ويسار ، كالعينين ، أو إلى أعلى وأسفل ، كالجفنين والأنامل ، لا يؤخذ أحدهما بالآخر.
ويتحقّق العمد بالجناية على العضو بما يقتله غالبا أو بما يقتله نادرا مع قصد الإتلاف.
وفيه فصلان
وهي التساوي في الإسلام والحرّيّة ،أو يكون المجنيّ عليه أكمل ، فيقتصّ للمسلم من المسلم والذمّيّ ، وللذمّيّ من الذمي لا من المسلم ، بل تجب
ص: 558
الدية ، وللحرّ من العبد ، وله استرقاقه إلّا أن تزيد القيمة على الجناية ، فيسترقّ ما قابلها ، ولا خيار للسيّد.
ولا يقتصّ للعبد من الحرّ بل يلزمه قيمته ، ويقتصّ للعبد من مثله ، ومن المدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط ، مع تساوي القيمتين ، أو مع نقص قيمة الجاني ، فإن زادت لم يقتصّ إلّا بعد ردّ قيمة الزائد.
ولمن انعتق بعضه القصاص من مثله ومن الأقلّ حرّيّة لا من الأكثر.
ويقتصّ للرّجل من الرجل ومن المرأة ولا ردّ ، وللمرأة من المرأة ، ومن الرّجل مع الردّ فيما يتجاوز ثلث الدية ، لا فيما نقص عنه.
فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلّاء وإن بذلها الجاني ، فإن قطعها استوفى حقّه ولم يضمن.
وتقطع الشلّاء بالصحيحة ولا يرجع بشي ء ، ولو علم أنّها لا تنحسم فلا قصاص وتجب الدية.
وتقطع الشلّاء بالشلّاء إلّا أن يخاف من السراية.
ولا يقطع الصّحيح بالمجذوم ، ويجوز العكس.
وتقطع الصحيحة بالبرصاء ، ولو نقصت يد الجاني إصبعا اقتصّ ورجع بدية الإصبع إن كان أخذ ديتها ، ولو انعكس اقتصّ في الأصابع وأخذ حكومة الكفّ ، وكذا لو نقصت أصابع المقطوع أنملة ، أو كان ظفره مقلوعا أو متغيّرا.
ص: 559
ولا يشترط التّساوي في الخلقة والمنافع ، فتقطع يد القويّ والكبير والمريض والكسوب بالمقابل.
وتقطع اليمين باليمين لا باليسار ، واليسار بمثلها لا باليمنى ، والسبّابة بمثلها لا بالوسطى ، وكذا باقي الأصابع.
ولو فقدت اليمين فاليسار ، فإن عدمت فرجله اليمنى [ فإن عدمت ] فاليسرى.
ولو قطع أيدي جماعة على التعاقب قطعت يداه ورجلاه الأوّل فالأوّل ، وللثاني الدية.
ولو قطع يمينا فبذل يسارا فقطعها المجنيّ عليه جاهلا ، فالقصاص باق في اليمين ، ويؤخّر حتّى يندمل اليسار.
ثمّ إن سمع الجاني الأمر بإخراج اليمنى وعلم أنّها لا تجزئ فلا دية له ، ولو لم يعلم فله الدية.
ولو قطعها المجنيّ عليه عالما بأنّها اليسرى ، اقتصّ منه.
وكلّ موضع يلزمه دية اليسرى يضمن سرايتها وإلّا فلا.
ولو اتّفقا على بذلها بدلا لم يصر كذلك ، وعلى القاطع الدية ، وله القصاص في اليمنى.
ص: 560
ولو قال : [ المجنّي عليه ] : بذلها مع العلم لا بدلا ، فأنكر الباذل ، قدّم قوله مع يمينه ، لأنّه أبصر بنيّته.
فلا تقطع يد زائدة بالأصليّة وكذا العكس ، ولا زائدة بمثلها مع تغاير المحلّ.
ولو كان له كفّان على ساعد ، أو ذراعان على عضد ، أو قدمان على ساق وأحدهما زائدة ، فإن تميّزت قطعت الأصليّة بمثلها والزائدة بمثلها ، ولو لم تتميّز فقطعهما قاطع فعليه القصاص وحكومة الزائدة.
ولو قطع إحداهما فلا قصاص وعليه نصف دية كفّ ونصف حكومة.
ولو قطع ذو اليدين يدا فإن تميّزت الأصليّة قطعت وإلّا فلا قصاص وعليه دية اليد (1).
ولو قطع ذو الإصبع الزائدة يد مثله اقتصّ مع تساوي المحلّ ، ولو كانت للجاني فإن خرجت عن الكفّ اقتصّ منه أيضا ، وإن كانت في سمت الأصابع قطع الأصابع الخمس وأخذ حكومة الكف.
وإن اتّصلت بإحداهما قطع أربعا وأخذ دية إصبع وحكومة الكفّ.
ولو كانت للمجنيّ عليه اقتصّ في الكفّ وأخذ دية الزائدة وهو ثلث دية الأصليّة ، وإلّا اقتصّ في الأربع ، وأخذ دية إصبع وحكومة الكفّ.
ص: 561
ولو كان للمجني عليه اقتصّ في أربع وطالب بدية الزائدة وحكومة الكف.
( ولو كانت الزائدة إحدى الخمس للجاني اقتصّ في الكفّ إن كانت في سمت الأصلية وإلّا اقتصّ في الأربع وأخذ دية اصبع وحكومة الكفّ ). (1)
ولو تساويا اقتصّ في الكفّ إن اتّفق المحلّ ، وإلّا فلا.
ولو كان للجاني ستّ أصابع على نسق اليد ، فإن علمت الزائدة قطع خمس أصابع وأخذ حكومة الكفّ ، وإن اشتبهت فلا قصاص ، وطالب بدية اليد ، ولو قطعها أساء واستوفى ، وعليه دية الزائدة.
ولو قطع خمس أصابع أساء واستوفى حقّه لكنّه ناقص ، لجواز زيادة إحداهما ويأخذ حكومة الكفّ.
ولو كان لأنملة المجنيّ عليه طرفان اقتصّ مع التساوي ، وإلّا قطع أنملة وأخذ دية الزائدة.
ولو كانت للجاني فإن تميّزت الأصليّة اقتصّ إن أمكن قطعها منفردة ، وإلّا أخذ دية الأنملة.
ولو قطع أنملة عليا من واحد ووسطى من آخر ، اقتصّ ذو العليا ثمّ ذو السفلى ، ولو عفا ذو العليا اقتصّ صاحب الوسطى بعد ردّ دية العليا.
ولو سبق ذو الوسطى فعليه دية العليا ولذي العليا على الجاني دية أنملته.
ولو كان لإصبع أربع أنامل ، وهي كطول الأصابع ، كانت كغيرها ، ولو قطع
ص: 562
ذو الثلاث أنملة منها فلا قصاص وعليه ربع دية الاصبع ، ولو قطع اثنتين فله النّصف أو يقطع أنملة ، ويأخذ سدس دية الإصبع.
ولو قطع ثلاثا فله قطع أنملتين ونصف سدس دية الإصبع.
ولو كان هو الجاني ، فإن قطع أنملة قطعت أنملته ، وأخذ منه نصف سدس دية الإصبع.
ولو قطع أنملتين اقتصّ منه ، وأخذ منه سدس ديتها.
ولو ادّعى الجاني نقصان إصبع ، قدّم قول مدّعي السلامة ، سواء ادّعى زوالها أو لخلقة.
لو قطع إصبعه فسرت إلى كفّه ثمّ اندملت فله القصاص في الكفّ لا في الإصبع ، ويأخذ دية الكفّ.
ولو قطع يده من مفصل الكوع اقتصّ منه ، ولو قطع معها بعض الزند اقتصّ في اليد وطالب بحكومة الزند.
ولو قطع من المرفق اقتصّ منه ، وليس له أن يقتصّ في اليد ، ويأخذ دية الزائد.
وكلّ عضو يؤخذ قودا مع وجوده تؤخذ الدية مع عدمه ، مثل أن يقطع إصبعين وله إصبع ، أو كفّا تامّا وكفّه بغير أصابع.
ولو قطع نصف كفّه فله قطع الأصابع وأخذ حكومة الباقي ، وليس
ص: 563
له القصاص من موضع القطع ، ولا قطع الأنامل ، والمطالبة بدية باقي الأصابع أو الحكومة ، ولا قطع الأنامل ثمّ يتمّ قطع الأصابع.
ولو قطع إصبعا فشلّت أخرى ، فله القصاص وثلثا دية الشلّاء.
ولو قطع إصبع رجل ثمّ يد آخر اقتصّ للأوّل ، ثمّ للثاني ، ويرجع بدية الإصبع.
ولو قطعت اليد أوّلا اقتصّ صاحبها ، وطالب صاحب الإصبع بديتها.
ولو سبق فقطع الإصبع أساء ووقع موقعه ، وللآخر قطع الكفّ ودية إصبع.
ولو استحقّ القصاص طفل أو مجنون منعا من الاستيفاء ، فإن قطعا مع بذل الجاني كان هدرا.
ولو قطعا بغير إذنه ، فالقصاص باق ، وعلى العاقلة دية الجناية.
وفيه مسائل :
الأولى : في الشجاج والجروح ، ويشترط مع ما تقدّم انتفاء التغرير ، فلا قصاص في المأمومة والجائفة ، وإمكان الاستيفاء بغير حيف ولا زيادة ، فلا قصاص في الهاشمة والمنقّلة وكسر العظام.
ويثبت في الخارصة ، والباضعة ، والسمحاق ، والموضحة ، ويجوز القصاص قبل الاندمال ، ويستحبّ الصّبر.
ص: 564
أمّا لو قطع عدّة أعضاء تزيد على الدية خطأ ، فطلب الدية قبل الاندمال ، اقتصر على دية النفس ، فإن اندملت استوفى الباقي ، وإلّا سقط الزائد ، لأنّ دية الطرف تدخل في دية النّفس إجماعا.
وكيفيّة الاستيفاء : أن يحلق الموضع إن كان به شعر ، ويعتبر التساوي في الشجاج طولا وعرضا ، ويراعى في النزول اسم الشجّة ، ثمّ يؤخذ مثل ذلك من الجاني ، ولو شقّ عليه دفعة فرّقه.
ولو زادت الجناية على عضو الجاني ، اقتصر على ما يحتمله العضو ، وأخذ دية الباقي بالنسبة إلى أصل الجرح.
ولو كان عضو المجنيّ عليه أصغر ، اقتصر على قدر مساحة الجناية.
ولا يقتصّ في الطرف في شدّة الحرّ أو البرد ، ويتوخّى اعتدال النهار.
ولا يقتصّ إلّا بحديدة كالسكّين ، وينتزع العين بحديدة معوجّة.
ولا يقتصّ بالسّيف ولا بآلة مسمومة.
ويشترط معرفة المقتصّ ، فلا يمكّن الجاهل مستحقّا كان أو غيره.
الثانية : العين ،ويقتصّ فيها ، ولو كان الجاني أعور خلقة ، اقتصّ منه وإن عمى ، ولا ردّ.
ولو قلعها ذو عينين اقتصّ بعين واحدة ، وأعطي نصف الدية ، ولو قلع عينا قائمة لم يقتصّ ، وعليه ثلث ديتها.
ولو أذهب ضوء العين خاصة اقتصّ منه ، بأن يطرح القطن المبلول على أجفانه ، ثمّ تحمى المرآة ، ويقابل بالشمس ، ثمّ يكلّف النظر إليها حتّى يذهب الضوء.
ص: 565
وتؤخذ الصحيحة بالعمشاء والحوراء.
ويقتصّ في الأجفان ، والأهداب ، ويقتصّ فاقد الأهداب ، ويرجع عليه الجاني بالتفاوت.
الثالثة : شعر الرأس ، ويقتصّ فيه ، وفي شعر اللحية ، والحاجبين ، والأهداب ، إلّا أن تنبت.
الرابعة : الأذن ، ولا فرق بين الصّغير والكبير ، والسامعة والصمّاء ، والصحيحة والمثقوبة ، بخلاف المخرومة ، بل يقتصّ إلى الخرم ، ويؤخذ حكومة الباقي.
ولو ألصقها المجنيّ عليه فله القصاص ، وللحاكم إزالتها ، وكذا لو ألصقها الجاني.
ولو تعلّقت بجلده لم يؤمر بإزالتها.
ولو قطعها غير الجاني بعد الالتحام اقتصّ منه.
ولو ذهب السّمع بقطع الأذن فهما جنايتان ، ويثبت القصاص في بعضها.
الخامسة : الأنف ،ويساوي الشامّ وغيره ، والكبير والصغير ، والأقنى (1) والأفطس (2) ويقتصّ في المارن.
ولو قطع معه بعض القصبة ، اقتصّ في المارن وأخذ حكومة الباقي.
ص: 566
ويثبت في أحد المنخرين مع تساوي المحلّ.
ولو قطع بعض الأنف نسبنا المقطوع إلى الباقي ، وأخذ من الجاني بحسابه ، ولا يراعى المساحة لأنّه قد يستوعب أنف الجاني.
السادسة : الشفتان ، ويثبت مع التّساوي في المحلّ (1) ، وكذا في بعضها بالنسبة.
السابعة : اللّسان ، ويثبت فيه وفي بعضه مع تساوي المنطق ، ويقتصّ للصغير إن تحرّك لسانه عند البكاء.
الثامنة : السّن ، ويثبت مع اتّفاق الاسم والمحلّ ، فلا تؤخذ ثنيّة بضرس وبالعكس ، ولا الأصليّ بالزائد وبالعكس وإن اتّحد الموضع.
وتؤخذ الزائدة بمثلها إن اتّفق المحلّ.
ولو قلع سنّ مثغر ، فإن عادت صحيحة فلا قصاص ، وعليه الأرش ، وإن عادت متغيّرة أو ناقصة فالحكومة ، ولو لم تعد وجب القصاص.
ولو عادت سنّ المجنيّ عليه لم يغرم سنّ الجاني.
ولو عادت سنّ الجاني لم يكن للمجنيّ عليه إزالتها.
وغير المثغر ينتظر بها سنة ، فإن عادت فالحكومة ، وإلّا القصاص.
ولو مات قبل اليأس من عودها فالأرش.
التاسعة : حلمة الرّجل والمرأة وثديها ، ويثبت القصاص مع المساواة.
ص: 567
العاشرة : الذكر ، ويستوي ذكر الشابّ ، والشيخ ، والصّبيّ ، والمجنون ، والفحل ، والخصيّ ، والأغلف ، فلا يقطع الصحيح بالعنّين ، بل يجب ثلث الدية.
ويقطع العنّين بالصحيح ويقتصّ في البعض بالنسبة كالنصف.
الحادية عشرة : الخصيتان ، ويثبت فيهما وفي إحداهما ، ولو خشي ذهاب منفعة الأخرى فالدية.
الثانية عشرة : الشفران (1) ، ويستوي البكر والثيّب ، والكبيرة والصّغيرة ، والمجنونة والرتقاء ، والمفضاة والمقابل.
ولو قطع الرّجل الشفيرين ، والمرأة المذاكير فالدية.
ولو قطع الرّجل مذاكير الخنثى وشفريه ، فإن بان أنّه ذكر اقتصّ في المذاكير وفي الشفرين الحكومة ، وإن بان أنّه أنثى ففي الشفرين الدية وفي المذاكير الحكومة.
ولو كان الجاني امرأة فمع الذكورة ، عليها دية المذاكير وحكومة الشفرين ، ومع الأنوثة يقتصّ في الشفرين ، ويأخذ حكومة المذاكير.
ولو طلب [ الخنثى ] الدية أعطي اليقين ، وهو : دية الشفرين وحكومة المذاكير ، فإن بانت الذكورة أكمل له.
ولو طلب دية عضو مع بقاء القصاص في الباقي لم يجب.
ولو طلب الحكومة مع بقاء القصاص أجيب ، وأعطي أقلّ الحكومتين.
ص: 568
ولو جنى خنثى على ذكر ، فإن بان أنّه ذكر ثبت القصاص وإلّا الدية ، ولو جنى على أنثى انعكس الحكم.
ولو جنى خنثى على مثله ، فإن علم حالهما ثبت القصاص مع الاتّفاق ، وإلّا الدية في الأصليّ ، والحكومة في الزائد.
لو قطع يدي رجل ورجليه شبيه عمد وادّعى [ الجاني ] موته بالسراية والوليّ الاندمال ، فإن مدّ الزمان (1) قدّم قول الجاني مع يمينه ، وإلّا قول الوليّ ، ويقدّم قول الجاني في المدّة.
ولو قطع يده فمات فادّعى الجاني الاندمال ، والوليّ السراية ، قدّم قول الجاني إن احتمل الزمان الاندمال ، وإلّا قول الوليّ ، وإن قصر فادّعى الجاني موته بسبب والوليّ بالسراية ، قدّم قول الوليّ.
ولو اختلفا في المدّة قدّم قول الوليّ على الأقوى.
ولو قدّ الملفوف في الكساء بنصفين ، وادّعى الوليّ حياته والجاني موته ، قدّم قول الوليّ.
ص: 569
ولو أوضحه في موضعين ، ثمّ زال الحاجز ، فادّعى الجاني زواله بالسراية والمجنيّ عليه بالإزالة ، قدّم قول المجنيّ عليه.
ولو توافقا على أنّ الجاني أزاله ، فإن قال : أزلته قبل الاندمال فعليّ موضحة [ واحدة ] ، وقال المجنيّ عليه : بل بعده فعليك ثلاث موضحات ، فالقول قول الجاني في الثالثة ، وقول الغريم في الأوليين.
ولو اختلفا في الكفر أو الرقّ قدّم قول الوليّ ، ولو عرف حاله بذلك فادّعى الوليّ سبق الإسلام أو العتق ، قدّم قول الجاني.
ولو ادّعى الجاني صغره عند الجناية ، قدّم قوله إن احتمل وإلّا فلا.
ولو ادّعى الجنون فإن عرف منه ذلك قدّم قوله وإلّا فلا.
ولو اتّفقا على زوال عقله عند الجناية ، وادّعى الجاني الجنون والمجنيّ عليه السكر ، قدّم قول الجاني.
ويصحّ قبل الثبوت وبعده لا قبل الاستحقاق ، ويصحّ عفو الوليّ مع الغبطة ، وعفو بعض الورثة ، وللباقين القصاص بعد ردّ دية من عفا. (1)
ولو عفا عن أحد الحقّين لم يسقط الآخر.
ولو عفا عن البعض كاليد لم يصحّ.
ص: 570
ولو وقّته مثل عفوت شهرا صحّ ، وله القصاص بعده.
ولو عفا مقطوع الإصبع عن الجناية قبل الاندمال سقط حقّه ، فلو سرت إلى كفّه سقط قصاص الإصبع وله دية الكفّ.
ولو سرت إلى النفس اقتصّ الوليّ فيها بعد ردّ دية الإصبع.
ولو قال : عفوت عنها وعن سرايتها صحّ العفو عنها لا عن السّراية.
ولو جنى عليه العبد فأبرأه لم يصحّ ، ولو أبرأ السّيد صحّ.
ولو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ العفو عنها لا عن السّراية.
ولو جنى عليه العبد فأبرأه لم يصحّ ولو أبرأ السّيد صحّ.
ولو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ.
ولو أبرأ قاتل الخطأ لم يصحّ ، ولو أبرأ العاقلة أو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ.
ولو أبرأ العاقلة في شبيه العمد لم يبرأ القاتل.
ولو أبرأ القاتل ، أو قال : عفوت عن هذه الجناية برئ.
ولو عفا في العمد عن الدية لم يفد شيئا.
ولو قطع يد القاتل ثمّ عفا عن النفس فسرى القطع ظهر بطلان العفو ولا ضمان ، وكذا لو رمى القاتل بسهم ثمّ عفا قبل الإصابة.
ولو عفا مطلقا لم يجب المال.
ولو عفا على مال فإن قبل الجاني فالأقرب اللزوم ، ولا يسقط القصاص إلّا بالأداء.
ص: 571
ص: 572
وفيه فصول
ص: 573
ص: 574
وهو ثلاثة
وهي ما يحصل معه التلف ولم يقصد القتل ، فيضمن الطبيب ما يتلف بعلاجه إن قصّر أو عالج طفلا أو مجنونا بغير إذن الوليّ ، أو بالغا لم يأذن ، ولو أذن العارف فأتلف بعلاجه ضمن في ماله ، ويبرأ بالابراء قبل العلاج.
ويضمن الختّان حشفة الغلام.
وما يتلفه النائم على عاقلته.
ولو انقلبت الظّئر على الصّبيّ [ فقتلته ] ضمنت إن أرادت الفخر ، والعاقلة مع الحاجة.
ولو أنكر الولد أهله قدّم قولها إلّا أن يعلم كذبها ، فتلزم بإحضاره ، أو من يحتمله ، أو بالدية.
ولو سلّمته الظّئر إلى غيرها بغير إذن أهله ، وجهل خبره فعليها ديته.
ص: 575
ولو أعنف بزوجته جماعا أو ضمّا فماتت فعليه الدية ، وكذا الزّوجة.
ولو صاح بمريض ، أو طفل ، أو مجنون ، أو عاقل فجأة ، أو استغفله ضمنه في ماله ، وكذا لو شهر سيفه في وجهه فمات ، أمّا لو فرّ فألقى نفسه في بئر ، أو من سقف ، أو صادفه سبع فأكله ، لم يضمن إلّا أن يجهل البئر ، أو يكون أعمى ، أو يضطرّه إلى مضيق فيفترسه السّبع.
ولو صدم غيره فالصادم هدر وعليه دية المصدوم إلّا أن يقف في الطريق الضيّق المظلم ، فيضمنه المصدوم.
ولو اصطدما فماتا ضمن كلّ واحد نصف دية صاحبه ، وكذا الفارسان ، وعلى كلّ واحد نصف قيمة فرس الآخر ، ويقع التّقاصّ في الدية والقيمة.
ولو كانا حاملين فعلى كلّ واحدة نصف دية الأخرى ، ونصف دية الجنين.
ولو كانا صبيّين ، فإن ركبا أو أركبهما الوليّ فنصف دية كلّ واحد على عاقلة الآخر ، ولو أركبهما أجنبيّ فديتهما عليه.
ولو كانا عبدين فهما هدر ، ولا شي ء على الموليين.
ولو مات أحد المتصادمين فعلى الآخر نصف ديته.
ولو اصطدم الحمّالان فعلى كلّ واحد نصف ما أتلف.
ومن حمل متاعا فكسره ، أو أصاب به غيره ضمنه.
ولو مرّ بين الرّماة فأصابه سهم ، فإن ثبت انّ الرامي حذّر لم يضمن ، وإلّا فعلى العاقلة الدية.
ولو قرّب صبيّا من طريق السّهم ضمنه ، دون الرامي إلّا أن يقصده.
ولو وقع على غيره فمات ، فإن قصد الوقوع وكان يقتل غالبا فهو عمد ، ولو لم يقتل غالبا فهو شبيه عمد.
ص: 576
ولو خوّف حاملا فأجهضت ضمن دية الجنين ، وإن ماتت ضمن ديتهما (1).
وروي عن الصادق عليه السلام في لصّ جمع الثياب ووطئ المرأة كرها ، فثار ولدها فقتله اللّص ، ثمّ قتلته المرأة : إنّ على أوليائه دية الولد ، ويدفعون من تركته أربعة آلاف درهم إلى المرأة لمكابرتها على فرجها ، واللّص هدر. (2)
وعنه عليه السلام في امرأة أدخلت ليلة البناء بها صديقا إلى الحجلة ، فقتله زوجها ، فقتلته المرأة : انّها تضمن دية الصديق ، وتقتل بالزوج (3).
والأقرب أنّ دم الصديق هدر.
وعن عليّ عليه السلام في أربعة سكروا فقتل اثنان وجرح اثنان : إنّ دية المقتولين على المجروحين بعد وضع أرش الجرحين من الدية. (4)
وروي أنّه عليه السلام جعل دية المقتولين على القبائل الأربعة وأخذ دية الجراحة من دية المقتولين. (5)
وعنه عليه السلام في ستّة غلمان في الفرات فغرق واحد ، فشهد اثنان على الثلاثة أنّهم غرقوه ، وشهد الثلاثة على الاثنين بالتغريق : انّ على الاثنين ثلاثة أخماس الدية ، وعلى الثلاثة خمسان. (6)
ص: 577
وهو ما يحصل معه التّلف والعلّة غيره ، كحفر البئر ، ونصب السّكّين ، وإلقاء الحجر في الطريق أو في غير ملكه ، فيضمن الفاعل في ماله.
ولو فعل ذلك في مباح أو ملكه لم يضمن ، وكذا لو رضي المالك بالحفر.
ولو عثر بقاعد أو بنائم في الطريق ضمناه ولم يضمنهما.
ويضمن معلّم السباحة الصّغير إذا فرّط دون البالغ الرشيد.
ولو قتل رماة المنجنيق أحدهم سقط من ديته بالنسبة ، ويضمن الباقون قدر حصصهم ، ويتعلّق الضمان بمن يمدّ الحبال دون غيره ، وكذا لو قتل الحائط أحد المشتركين في هدمه.
ولو أصلح سفينة سائرة فغرقت ضمن ما يتلف من نفس أو مال.
ولو وقع حائطه على إنسان فمات ، فإن ظهرت أمارة الوقوع وتمكّن من إزالته ولم يزل ضمن وإلّا فلا.
ولو بناه مائلا إلى الطريق أو إلى ملك غيره ، أو بناه في غير ملكه ضمن.
ولو أجّج نارا في ملكه فتعدّته لم يضمن إن كان بقدر الحاجة ولم يغلب على ظنه التعدّي وإلّا ضمن ، ولو أجّجها في ملك غيره ضمن النفس والمال.
ولو قصد ذلك وتعذّر الفرار فهو عمد.
ولو بالت دابّته في الطريق ، أو رشّ الدرب [ بالماء ] ، أو ألقى فيه
ص: 578
القمامة المزلقة فزلق إنسان ضمن مع عدم المشاهدة ، وإلّا فلا.
ولو وضع على حائطه إناء لم يضمن ما يتلف بسقوطه.
ويضمن ما يتلف بالميازيب ، والرواشن ، والأجنحة ، وإن كانت في الطريق المسلوك.
ويجب حفظ الدابة الصائلة ، كالبعير المغتلم ، والكلب العقور ، ويضمن مع الإهمال.
ولو جهل حالها أو علم ولم يفرط لم يضمن ، ولا يضمن دافعها.
ويجوز قتل الهرّة الضارية ، وفي ضمان جنايتها قولان.
ولو دخلت دابّة على أخرى ضمن صاحب الداخل جنايتها إن فرّط ، وجناية المدخول عليها هدر.
ولو دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوه إن دخل بإذنهم ، وإلّا فلا.
ويضمن الراكب والقائد ما تجنيه الدابة برأسها ويديها ، ولو وقف بها أو ضربها أو ساقها ضمن جناية يديها ورجليها ورأسها ، ولو ضربها غيره ضمن الضارب.
ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان ، ولو كان صاحبها معها ضمن دون الراكب ، ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك إلّا بتنفيره.
ولو أركب مملوكه الصّغير [ دابّة ] ضمن جنايتها ، ولو كان بالغا تعلّقت برقبته إن كانت على نفس آدميّ وإلّا تبع [ به بعد العتق ] (1).
ويضمن من أخرجه من منزله ليلا إلّا أن يعود فإن لم يعد فعليه ديته ، ولو
ص: 579
وجد مقتولا لزمه ديته إلّا أن يثبت على غيره ، ولو وجد ميّتا فقولان.
الثالث : إذا اجتمع المباشر والسّبب ضمن المباشر ،كالحافر مع الدافع ، والممسك مع الذّابح ، وواضع الحجر في الكفّة مع جاذب المنجنيق.
ولو جهل المباشر [ حال ] السبب ضمن السّبب ، كمن حفر بئرا في غير ملكه وسترها فدفع من لا يعلمها ثالثا ، وكذا لو فرّ الخائف فوقع في بئر لا يعلمها.
ولو حفرها في ملكه وسترها ثمّ دعا غيره ضمنه.
ولو اجتمع سببان ضمن السابق ، فلو حفر بئرا في طريق ، ووضع آخر حجرا ، فعثر به ثالث فوقع في البئر ، ضمن الواضع.
ولو حفر بئرا في غير ملكه ، ونصب آخر فيها سكّينا فتردّى إنسان على السكّين ، ضمن الحافر ، هذا مع تساوي العدوان ، فلو اختصّ به أحدهما فالضمان عليه.
ولو أحدر السيل حجرا إلى طرف البئر ضمن الحافر على توقّف.
ولو حفر بعض البئر ثمّ عمّقها آخر اشتركا في الضمان.
ولو ركبت جارية على أخرى فنخستها (1) ثالثة فقمصت (2) فصرعت الراكبة فماتت ، قيل : إن ألجأتها الناخسة فالدية عليها ، وإلّا فعلى القامصة (3).
ص: 580
وقيل : بينهما (1).
وقيل : أثلاثا (2).
ولو وقع في زبية الأسد فتعلّق بثان ، والثاني بثالث ، والثالث برابع ، فعن أبي جعفر عليه السلام : إنّ عليّا عليه السلام قضى بأنّ الأوّل فريسة الأسد ، وعليه ثلث دية الثاني ، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث ، وعلى الثالث دية الرابع (3).
وهي قضيّة في واقعة.
ويحتمل أنّ على الأوّل دية الثاني ، وعلى الثاني دية الثالث ، وعلى الثالث دية الرابع.
ولو قلنا بالتشريك بين مباشر الإمساك والمشارك في الجذب ، فعلى الأوّل دية ونصف وثلث ، وعلى الثاني نصف وثلث ، وعلى الثالث ثلث.
ولو جذب الأوّل ثانيا فوقع عليه ، فإن مات الجاذب فهدر ، وإن مات المجذوب ضمنه الجاذب ، ولو ماتا فالأوّل هدر ويضمن دية الثاني في ماله.
ولو جذب الثاني ثالثا فماتوا بوقوع بعضهم على بعض ، فالأوّل مات بفعله وفعل الثاني ، فيسقط نصف ديته ، ويضمن الثاني النصف ، والثاني مات بجذب الأوّل وبجذب الثالث ، فيضمن الأوّل نصف ديته ، ولا ضمان على الثالث بل له دية كاملة.
فإن رجّحنا المباشر فديته على الثاني ، وإن شرّكنا بين القابض والجاذب ، فالدية على الأوّل والثاني نصفان.
ص: 581
وفيه مطالب :
ودية الحرّ الذكر المسلم ومن بحكمه في العمد مائة بعير من مسّان الإبل ، أو مائتا بقرة ، أو ألف شاة ، أو مائتا حلّة من برود اليمن ، كلّ حلّة ثوبان ، أو ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، مع التراضي على الدية.
ويؤخذ من مال الجاني ، فيتخيّر في أيّ نوع شاء ، ويجزئ الأدون وغير إبله وغير إبل قومه.
ولا تجزئ المراض ولا القيمة السوقية ولا التلفيق من نوعين.
وهي مغلّظة في السّن والاستيفاء ، فتستأدى في سنة واحدة.
ودية شبيه العمد : ثلاث وثلاثون حقّة ، وثلاث وثلاثون بنت لبون ، وأربع وثلاثون ثنيّة طروقة الفحل ، أو أحد الخمسة الباقية.
وذلك في مال الجاني ، وتستأدى في سنين.
ص: 582
ودية الخطأ : عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقّة.
وذلك من العاقلة ، وتستأدى في ثلاث سنين.
ولو قتل في الشهر الحرام أو في الحرم ألزم دية وثلثا.
ولا تغليظ في الطرف.
ولو رمى في الحلّ فقتل في الحرم ، غلظ دون العكس.
ويضيّق على الملتجئ إلى الحرم في المطعم والمشرب حتّى يخرج ، ويقتص من الجاني في الحرم فيه ، وكذا مشاهد الأئمّة عليهم السلام.
ودية المرأة على النّصف ، وولد الزّنا كالمسلم.
ودية الذمّيّ ثمانمائة درهم ، ونسائهم على النّصف ، ولا دية لغيرهم من الكفّار.
ودية العبد قيمته ، وهي مقسومة على أعضائه كدية الحرّ ، ففي الواحد قيمته ، وكذا في الاثنين ، وفي أحدهما النّصف ، وهكذا ، فالحرّ أصل للعبد في المقدّر ، والعبد [ أصل ] له في غيره ، فيفرض الحرّ عبدا ، ثمّ يقوّم خاليا من الجناية ومتصفا بها ، ثمّ يؤخذ من الدية بنسبة التفاوت.
وإذا جنى عليه الحرّ بما فيه قيمته كاللسان ، لم يكن للسيّد مطالبته بها حتّى يدفعه إليه ، ولا كذا (1) لو قطع واحد يده وآخر رجله ، بل له إمساكه ومطالبة كلّ واحد بجنايته.
ص: 583
ولو جني عليه بأقلّ ، فله إمساكه والمطالبة بأرش الجناية ، وليس له دفعه والمطالبة بقيمته.
ودية الأمة قيمتها ، فإن تجاوزت دية الحرّة ردّت إليها.
ولا يضمن المولى جناية عبده ، فلو جنى على الحرّ خطأ تخيّر مولاه بين دفعه وفدائه بأرش الجناية ، ولو لم تستوعب قيمته ، تخيّر بين الفداء وتسليم ما قابل الجناية.
ولا فرق بين القنّ والمدبّر ، وفي أمّ الولد قولان.
تجب كفّارة الجمع على قاتل مسلم ومن بحكمه عمدا ظلما ، ذكرا كان أو أنثى ، حرّا كان أو عبدا ولو كان للقاتل.
وتجب في قتل الخطأ وشبيه العمد كفّارة مرتّبة مع المباشرة لا مع التسبيب ، ولا تجب بقتل الكافر وإن كان ذمّيّا أو معاهدا.
ولو قتل مسلما في دار الحرب عالما بإسلامه لغير ضرورة فعليه القود مع العمد ، والدية لا معه والكفّارة.
ولو ظنّ كفره فلا قود ولا دية ، وعليه الكفّارة.
ولو كان أسيرا فعليه الدية والكفّارة.
ولو قبلت الدية من قاتل العمد وجبت الكفارة إجماعا ، وكذا لو قتل قودا على الأقوى.
ص: 584
ولو اشترك في القتل جماعة فعلى كلّ واحد كفّارة تامّة.
ولا تجب على الصّبيّ والمجنون ، ويجب على الذمّيّ ، وتسقط بإسلامه.
ولا كفارة في قتل من أبيح دمه كاللائط.
وهو أقسام :
الأوّل : في شعر الرأس الدية ، وكذا في شعر اللحية ، فإن نبتا فالأرش ، وفي شعر المرأة ديتها ، فإن نبت فمهر نسائها ، وفي الأبعاض بالنسبة.
وفي الحاجبين خمسمائة دينار ، وفي أحدهما النّصف ، وفي البعض بحسابه.
وفي الأهداب الدية ، فإن قطعت الأجفان معها فديتان ، وفي غير ذلك الأرش.
الثاني : في العينين الدية ، وفي إحداهما النّصف ، وتستوي الصحيحة والعمشاء ، والجاحظة والحولاء.
وفي الأجفان الدية ، وفي كلّ واحد ربع ، وفي البعض بحسابه ، ولا يتداخل مع العين.
وفي أجفان الأعمى الدية ، وفي خسف العوراء ثلث الدية.
ص: 585
الثالث : في الأنف الدية ، وكذا في المارن ، وهو ما لان منه ، وفي بعضه بحسابه ، ( ولو قطع مع المارن القصبة فالدية ) (1).
ولو قطع المارن ثمّ القصبة ، ففي المارن الدية وفي القصبة الحكومة.
وتقسّط الدية على المنخرين والروثة - وهي الحاجز بينهما - أثلاثا ، وفي قطع بعض المنخر بالنسبة منه.
وفي كسر الأنف الدية إن فسد ، ولو جبر على غير عيب فمائة دينار ، وفي نافذته ثلث الدية ، فإن جبرت فخمس الدية ، وفي شلله ثلثا ديته ، وفي قطعه بعد الشلل الثلث.
الرابع : في الأذنين الدية ، وفي إحداهما النّصف ، وفي البعض بحسابه ، وفي الشحمة ثلث ديتها ، وكذا في خرمها.
والصّماء كالصحيحة.
الخامس : في الشّفتين الدية ، وفي العليا الثلث ، وفي السفلى الثلثان ، وفي البعض بحسابه ، وفي الاسترخاء الثلثان ، وفي التقلّص الحكومة ، وفي شقها حتّى تبدو الأسنان ثلث ديتها ، فإن برأت فالخمس.
وحدّ العليا ما تجافى عن اللّثة متّصلا بالمنخرين ، والسّفلى ما تجافى عنها مع طول الفم.
السادس : في اللسان الدية ، وكذا في الكلام وفي بعضه بنسبة ما يسقط من الحروف ، وهي : ثمانية وعشرون حرفا ، ولا عبرة بما يقطع منه.
ص: 586
فلو قطع نصفه فذهب ربع الحروف فربع الدية ، وبالعكس النّصف.
ولو سرع كلامه ، أو ازداد سرعة ، أو ثقل ، أو ازداد ثقلا فالحكومة ، وكذا لو نقل الفاسد إلى الصحيح.
ولو أبدل حرفا بحرف ، فعليه دية الفائت ، ولو أذهب آخر البدل فعليه ديته (1).
ولو قدر على الحروف دون التركيب فالحكومة.
وفي قطعه بعد إعدام الكلام الثلث.
وفي لسان الأخرس الثلث ، وفي بعضه بحسابه.
وفي لسان الطفل الدية ، ولو بلغ حدّ الكلام ولم يتكلّم فالثلث ، وإن تكلّم بعد ذلك اعتبر بالحروف ، فإن نقص بقدر ما أخذ فلا كلام ، وإلّا تمّم له ، أو استعيد منه.
ولو ادّعى الصّحيح ذهاب نطقه بالجناية ، صدّق بالقسامة ، وإذا عاد الكلام لم تسترجع الدية إن علم عدم الرجوع وإلّا رجع.
ولو عادت سنّ المثغر لم يسترجع مطلقا ، وكذا لو أنبت اللّه لسانه.
ولو كان له طرفان فقطع أحدهما ، فإن نطق بالآخر فالأرش ، وإلّا اعتبر بالحروف.
السابع : في الأسنان الدية ، وتقسم على ثمانية وعشرين ، اثنا عشر مقاديم :
ص: 587
ثنيّان ورباعيّتان ونابان ، ومثلها من أسفل ، وفي كلّ واحد خمسون دينارا.
وستّة عشر مآخير : ضاحك وثلاثة أضراس من كلّ جانب أعلى وأسفل وفي كلّ واحد خمسة وعشرون ، وفي الزائد ثلث دية الأصليّ إن قلعت منفردة ، وإلّا فلا شي ء.
ولو نقصت سقط ما قابله.
وتستوي البيضاء والسّوداء ، وسنّ المريض والكبير ، ولو اسودّت بالجناية أو انصدعت فثلثا ديتها.
وفي قلع المسوّدة الثلث ، وتثبت الدية إذا قلعت مع السنخ (1) أو كسر البارز خاصّة وبقي السنخ.
ولو قلع آخر السنخ فالحكومة.
وينتظر بسنّ الصغير ، فإن نبت فالأرش وإلّا فدية المثغر ، وفي بعضه بحسابه من الظاهر ، وفي المضطربة الحكومة.
الثامن : في اللحيين الدية ، وفي الواحد النصف إن قلعا بغير أسنان كالطفل والشيخ ، ولو قلعا معا فديتان ، وفي نقص المضغ أو تصلّبهما الأرش.
التاسع : في العنق الدية إذا كسر فأصور الإنسان أو عجز عن الازدراد ، ولو زال فالأرش.
وفي التّرقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا.
ص: 588
العاشر : في اليدين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وحدّها المعصم ، وكذا لو قطعت من المرفق أو المنكب ، أو قطعت الأصابع منفردة.
ولو قطع مع الأصابع بعض الكفّ فنصف الدية والحكومة ، وكذا لو قطعت اليد مع بعض الزند أو بعض العضد.
ولو قطع الأصابع وآخر الكفّ ، فعلى الأوّل نصف الدية ، وعلى الثاني الحكومة.
وفي الذراعين الدية ، وكذا العضدين ، (1) وفي الواحد النصف.
وفي كلّ إصبع مائة دينار ، وفي الأنملة ثلثها ، وفي أنملة الإبهام النّصف.
وفي الظفر عشرة دنانير إن لم ينبت أو نبت أسود ، ولو نبت أبيض فخمسة.
ولو كان له كفّان على زند ففي قطعهما دية وحكومة ، ولو قطع إحداهما فإن كانت الأصليّة فالدية وإلّا الحكومة.
وتعرف الأصليّة بانفرادها بالبطش ، أو كونها أشدّ بطشا.
وفي الإصبع الزائدة ثلث الأصليّة ، وكذا الأنملة.
وفي شلل الأصابع ثلثا ديتها (2) ، وفي قطع المشلولة الثلث وإن كان خلقة.
ص: 589
الحادي عشر : في كسر الظهر الدية وكذا لو احدودب أو عجز عن القعود ، ولو صلح فثلث الدية ، ولو كسر الصلب فجبر على غير عيب فمائة دينار ، وإن عثم فألف دينار.
ولو كسره فشلّت الرجلان فدية وثلثان.
ولو ذهب مشيه وجماعه فديتان.
وفي قطع النخاع الدّية ، وفي كسر بعصوصه (1) فلم يملك غائطه الدية ، وكذا لو كسر عجانه (2) فلم يملك بوله ولا غائطه.
الثاني عشر : في ثديي المرأة ديتها ، وفي الواحد النّصف ، ولو انقطع اللبن أو تعذّر نزوله فحكومة.
ولو قطع معهما جلدة من الصّدر فدية وحكومة ، ولو أجاف مع ذلك الصدر فدية وحكومة ودية الجائفة.
وفي الحلمتين الدّية ، وقيل : في حلمتي الرجل الرّبع وفي كلّ واحدة الثمن. (3)
ولو داس بطنه حتّى أحدث ، قيل : يفعل به ذلك ، أو يفدي نفسه بثلث الدية. (4)
ص: 590
الثالث عشر : في استئصال الذكر الدّية ، وكذا في الحشفة ، سواء الصبي والشابّ والشيخ والخصيّ.
ولو قطع بعض الحشفة فبالنسبة منها ، ولو قطعها ثمّ قطع الباقي ، ففيها الدّية وفي الباقي الحكومة ، وكذا لو قطعه غيره.
وفي شلله ثلثا ديته ، وفيه بعد الشلل الثلث.
وفي ذكر العنّين ثلث الدية ، وفي بعضه بحسابه.
وفي الخصيتين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وفي أدرة (1) الخصيتين أربعمائة دينار ، فإن فجج وعجز عن المشي فثمانمائة دينار.
الرابع عشر : في الأليتين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وفيهما للمرأة ديتها ، وفي الواحدة النّصف.
الخامس عشر : في الشفرين ديتها ،وفي الواحدة النصف ، وفي الرّكب (2) الحكومة ، وكذا في منبت عانة الرجل.
وفي الإفضاء ديتها ، ويسقط عن الزوج إن كان بالوطء بعد البلوغ ، ولو كان قبله فالدية والمهر والإنفاق عليها حتّى يموت أحدهما ، وتحرم أبدا.
ولو كان الواطئ أجنبيّا فإن طاوعته فالدية ، وإن أكرهها فالدية والمهر.
ص: 591
ويجب للبكر مع ذلك أرش البكارة.
ولو افتضّ بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها ، فعليه ديتها ، ومهر مثلها ، وفي خرق مثانة الثيّب ديتها.
السادس عشر : في الرّجلين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وحدّها مفصل الساق.
وفي السّاقين الدية ، وفي كلّ واحدة النصف ، وكذا الفخذان.
وفي الأصابع الدية ، وفي كلّ إصبع مائة دينار ، وتقسّم على الأنامل كاليد. (1)
في كسر الضلع المخالط للقلب خمسة وعشرون دينارا ، وفيما يلي العضدين عشرة ، وفي كسر عظم من عضو خمس دية العضو ، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره ، وفي موضحته ربع دية كسره ، وفي رضّه ثلث ديته ، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية رضّه ، وفي فكّه بحيث يتعطّل العضو ثلثا ديته ، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكّه.
ص: 592
وهي سبعة :
الأوّل : العقل ،وفيه الدّية وفي بعضه الأرش بنظر الحاكم ، ولا فرق بين المطبق والأدوار ، وهذا إذا حكم أهل الخبرة بعدم عوده ، وإلّا انتظر حاله ، فإن استمرّ فالدية ، وإن مات فالدية ، ولو عاد فالأرش.
ولو عاد بعد استيفاء الدية لم يرجع.
ولو ذهب بجرح لم يتداخلا.
ولو أنكر الجاني زواله روعي في خلوته ، فإن ظهر اختلاله ثبت بغير يمين ، وإلّا قدّم قول الجاني مع اليمين.
ولا قصاص فيه وإن تعمّد لعدم العلم بمحلّه.
الثاني : السّمع ،وفيه الدية إن أيس من عوده ، أو حكم بالعود ولم يعد ، ولو عاد فالأرش.
ولو أنكر الجاني ذهابه اعتبر بصوت منكر بغتة عند غفلته ، فإن علم صدقه فذاك ، وإلّا أحلف القسامة ، وحكم له.
وفي ذهاب سمع إحدى الأذنين نصف الدية ، ولو ادّعى نقص
ص: 593
سمعها ، قيس إلى الأخرى بأن تسدّ الناقصة وتطلق الصحيحة ، ويصاح به حتّى يقول : لا أسمع ، ثمّ يفعل به ذلك في الجهات الأربع ، فإن تساوت صدّق وإلّا كذّب.
ثمّ تسدّ الصحيحة وتطلق الناقصة ، ويفعل كالأوّل ، ثمّ تمسح المسافتان ، ويؤخذ بنسبة التفاوت.
ولو نقص سمعهما (1) ، فعل به ذلك مع إيقاسه كما قلناه.
ولا يقاس إلّا في المواضع المعتدلة ، وعند سكون الهواء.
وفي ذهابه بقطع الأذنين ديتان ، وبقطع إحداهما دية ونصف.
الثالث : النظر ، وفيه الدية ، ويستوي الأعمش ، والأخفش ، والأعشى ، ومن على حدقته بياض وهو ينظر (2) وفي ضوء إحدى العينين النّصف ، ويثبت بشاهدين من أهل الخبرة ، وبشاهد وامرأتين في الخطأ وشبيه العمد ، فإن أيس من عوده أو رجي في مدّة غير مضبوطة استقرت الدية ، وكذا لو رجي عوده بعد مدّة وانقضت ولم يعد ، أو مات قبل انقضائها ، فإن عاد فيها فالأرش.
ولو اختلفا في عوده قدّم قول المجنيّ عليه مع يمينه.
ولو مات فيها فادّعى الجاني العود قدّم قول الوليّ مع يمينه.
ولو ادّعى ذهاب بصره بالضرب وعينه قائمة أحلف القسامة وقضي له.
وروي أنّه يقابل عينه بالشمس ، فإن بقيتا مفتوحتين صدّق وإلّا كذّب. (3)
ص: 594
ولو ادّعى نقصان إحداهما نسبت إلى الأخرى كما فعل في السّمع.
ولو ادّعى نقصهما نسبت إلى إيقاسه كالسّمع ، ويعطى بحسب التفاوت بعد الاستظهار بالأيمان.
ولا يقاس في يوم غيم ، ولا في أرض مختلفة.
ولو ادّعى أنّ عينه صحيحة والجاني أنّها قائمة ، فوجهان.
الرابع : الشمّ ، وفيه الدّية ، ولو ادّعى ذهابه بالجناية اعتبر بالرائحة الطيّبة والكريهة ، ثمّ يستظهر بالقسامة ، ويقضى له.
وروي أنّه يقرب منه الحرّاق ، فإن دمعت عيناه ونحّى أنفه فكاذب ، ويحلف الجاني ، وإلّا فصادق.
ولو ادّعى نقصه أحلف الأيمان ، ويقضى بالحكومة ، ولو عاد بعد أخذ الدية لم ترجع.
ولو ذهب الشم بقطع الأنف فديتان.
الخامس : الذّوق ، وفيه الدية بعد الأيمان ، ويعتبر بالمرّة المنكّرة ، وفي نقصانه الحكومة.
السادس : في الصوت الدية.
[ السابع : ] وفي كلّ من قوّة المضغ ، والإمناء ، والإحبال ، وتعذّر الإنزال ، وإبطال اللذّة بالجماع أو بالطعام ، ومنفعة المشي الدّية ، وكذا في البطن والسّلس ، وفي قوّة الإرضاع حكومة.
ص: 595
أمّا الشجاج ، فيختصّ بالرأس والوجه.
ففي الحارصة ، وهي الّتي تقشر الجلد بعير ، وليست الدامية.
وفي الدامية ، وهي الّتي تأخذ في اللحم يسيرا بعيران.
وفي الباضعة ، وهي الّتي تأخذ في اللحم كثيرا ، ولم تبلغ السّمحاق ، ثلاثة أبعرة ، وتسمّى المتلاحمة.
وفي السمحاق ، وهي الّتي تبلغ السّمحاق ، وهي الجلدة المغشية للعظم ، أربعة أبعرة.
وفي الموضحة ، وهي الّتي تكشف الجلد خمسة أبعرة.
وفي الهاشمة ، وهي الّتي تهشم العظم ، عشرة أبعرة أرباعا في الخطأ ، وأثلاثا في شبيه العمد ، ويحكم بدية الكسر وإن لم يجرح.
وفي المنقّلة ، وهي الّتي تحوج إلى نقل العظام ، خمسة عشر بعيرا.
وفي المأمومة ، وهي الّتي تبلغ أمّ الرأس ، وهي الخريطة الجامعة للدماغ ، ثلث الدّية.
ولا قصاص في الثلاثة الأخيرة ، نعم له أن يقتصّ في الموضحة ،
ص: 596
ويأخذ دية الزّائد ، وهي : خمسة في الهاشمة ، وعشرة في المنقّلة ، وثمانية وعشرون وثلث في المأمومة.
والدامغة ، وهي الّتي تفتق الخريطة ، والسلامة معها بعيدة ، فإن اتّفقت زيد على الدامية حكومة.
الأوّل : لو أوضحه اثنتين فديتان ، فإن وصلهما الجاني فواحدة ، وكذا لو سرتا فذهب ما بينهما ، فلو أخذ دية موضحتين ارتجع منه دية واحدة ، أمّا لو أوصل بينهما في الظاهر وانخرق ما بينهما في الباطن فديتان.
ولو أوصلهما أجنبيّ ، فعلى الأوّل ديتان ، وعلى الواصل دية.
ولو أوصلهما المجنيّ عليه فديتان ، وفعله هدر.
ولو ادّعى الجاني انّه الواصل ، قدّم قول المجنيّ عليه مع يمينه.
الثاني : لو شجّه [ شجّة ] واحدة واختلفت أحوالها ، أخذ دية الأكثر. (1)
الثالث : لو شجّه في عضوين فلكلّ عضو دية وإن اتّحدت (2) الضربة.
ولو شجّه واحدة في رأسه ووجهه ، فهي واحدة.
لو أوضحه فأتمّها آخر هاشمة وثالث منقلة ورابع مأمومة ، فعلى الأوّل خمسة أبعرة ، وكذا على الثاني والثالث ، وعلى الرابع تمام دية المأمومة.
ص: 597
الرّابع : دية الشجّة تابعة للاسم ، ولا عبرة بالكبر والصّغر. (1)
وأمّا الجراح ، فيجب في الجائفة ثلث الدية ، وهي الّتي تبلغ الجوف من أيّ الجهات كان ، ولو في ثغرة النحر ، ولا قصاص فيها.
ولو جرح عضوا ثمّ أجاف لزمه ديتهما.
ولو أجاف ثمّ أدخل سكّينه ، فإن لم يزد عزّر ، وإن وسّعها باطنا وظاهرا فهي جائفة أخرى ، وإن وسّعها في أحدهما فالحكومة.
ولو أبرز آخر حشويه فهو قاتل.
ولو فتق الخياطة بعد الالتحام فجائفة أخرى ، وقبله الأرش ، وبعد التحام البعض حكومة.
ولو طعنه فخرجت من ظهره فجائفتان.
وفي النافذة في الأنف ثلث الدية ، فإن برأت فالخمس ، وفي أحد المنخرين العشر ، وفي شي ء من أطراف الرّجل مائة دينار.
ولو جنى بغير الجرح والكسر ، كاللطم (2) واللّكم والضرب بالعصا أو بالسّوط ، فإن أثّر في الوجه احمرارا فدينار ونصف ، وفي الاخضرار ثلاثة دنانير ، وفي الاسوداد ستّة وهو في البدن على النّصف.
ولو لم يؤثّر الضرب سببا فالتعزير ، وإن أثّر نفخة فالحكومة.
ص: 598
وإن أحدث شللا في عضو فثلثا ديته ، وفي قطعه بعد الشلل الثلث ، وفيما لا تقدير له الحكومة.
ولا فرق بين الرأس والوجه في دية الشجاج ، وهو في البدن بنسبة دية العضو الّذي يتّفق فيه من دية الرأس ، ففي حارصة أنملة الإبهام نصف عشر بعير ، وفي أنملة غيرها ثلث عشر بعير.
المرأة كالرّجل في ديات الأعضاء والجراح حتّى تبلغ ثلث دية الرّجل ، فتصير على النّصف ، سواء كان الجاني رجلا أو امرأة ، ففي ثلاث أصابع [ منها ] ثلاثمائة ، وفي الأربع مائتان ، وكذا القصاص فيقتصّ لها منه بغير ردّ ، وفيما بلغ الثلث مع الردّ.
وكلّ عضو من الرّجل ، فيه ديته فيه من المرأة ديتها ، وكذا من الذمّيّ ومن العبد قيمته.
وما فيه مقدّر من الحرّ فهو بنسبته من دية المرأة والذمّيّ وقيمة العبد.
وما لا تقدير فيه من الحرّ فيه الحكومة ، وهي والأرش واحد ومعناه : أن يفرض عبدا ويقوّم صحيحا ، ثمّ يقوّم بتلك الجناية ، ويؤخذ من الدية بنسبة التفاوت.
والإمام وليّ من لا وليّ له ، فيقتصّ في العمد ، ويأخذ الدية في غيره ، وليس له العفو عنهما.
ص: 599
دية الجنين الحرّ المسلم مائة دينار إذا تمّ ولم تلجه الرّوح ، ذكرا كان أو أنثى أو خنثى ، ودية جنين الذّمّيّ عشر دية أبيه ، ودية المملوك عشر قيمة أمّه الأمة ، ويعتبر قيمتها (1) عند الجناية لا وقت الإلقاء ، ولو كانت حرّة فوجهان.
ولو ولجته الرّوح فللذّكر دية كاملة وللأنثى نصف ، وللمملوك قيمته ، ولا بدّ من يقين الحياة ، فلا عبرة بالحركة ، لاحتمال الريح.
ولو تعدّد الحمل تعدّدت الدية.
وتجب الكفّارة إذا ولجته الرّوح.
ولو قتل المرأة فمات معها ، فإن ولجته الرّوح لزمه دية المرأة ونصف دية ذكر ونصف دية أنثى إن جهل حاله ، وإلّا لزمه ديته ودية أعضائه وجراحاته بالنسبة إلى ديته ، ففي يده قبل ولوج الروح خمسون دينارا ، وبعده خمسمائة دينار.
ولو لم تتمّ خلقته فغرّة على رواية. (2) والأولى توزيع الدية على أحواله ، ففي النطفة إذا استقرّت في الرّحم عشرون دينارا ، وفي العلقة أربعون ، وفي المضغة ستّون ، وفي العظم ثمانون ، وفيما بين ذلك بحسابه.
ص: 600
وتتعلّق بالنطفة الدّية خاصّة ، وبغيرها الدية وانقضاء العدّة ، وصيرورة الأمة أمّ ولد ، بمعنى تسلّط (1) المالك على إبطال التصرّفات السابقة.
ولو ألقته المرأة مباشرة أو تسبيبا ضمنت الدّية لغيرها من الورثة.
ولو ألقته بإفزاع فالدّية على المفزع.
ولو أفزع المجامع فعزل ، فعلى المفزع عشرة دنانير للزّوجين.
ولو عزل [ المجامع ] اختيارا بغير إذنها فلها عليه العشرة.
ولو منعت النطفة من دخول الرّحم بوضع شي ء في فمه ضمنتها له.
ويرث دية الجنين وارث المال ، الأقرب فالأقرب.
ويضمن الجاني دية الجنين في ماله في العمد وشبهه ، والعاقلة في الخطأ ، وتستأدي في ثلاث سنين.
الأوّل : لو ضرب الذّمية فأسلمت ثمّ ألقت الجنين ضمن ديته مسلما ، ولو كانت حربيّة فلا ضمان.
ولو كانت أمة فألقته بعد عتقها ، فلمولاها عشر قيمة أمّه وقت الجناية.
الثاني : لو ضربها ثمّ ألقته فمات ، أو بقي ضمنا فمات ، أو وقع وحياته غير مستقرّة قتل به إن تعمّد ، وإلّا فعليه الدية أو على العاقلة [ مع الخطأ ] ، وتجب الكفّارة على التقديرات.
ص: 601
ولو ألقته مستقرّ الحياة فقتله آخر عزّر الأوّل وقتل الثاني به ، ولو كانت حياته غير مستقرّة انعكس الحكم.
ولو جهل حاله فلا قود ، وعلى الثاني الدّية.
الثالث : لو وطئها مسلم وذمّيّ في طهر واحد بشبهة ، أقرع وألزم الجاني بنسبة [ دية ] من خرج له. (1)
الرابع : لو ألقت عضوا كاليد ، ثمّ ألقت جنينا ناقص اليد ميّتا ، أو غير مستقرّ الحياة ، دخلت دية العضو في ديته ، ولو كانت مستقرّة ضمن دية اليد خاصّة ولو لم يسقط فإن شهد العارفون انّها يد حيّ ، فنصف الدّية ، وإلّا فنصف المائة.
ولو ألقت العضو ثمّ ماتت ضمن ديتها ودية الجنين.
الخامس : لو ألقت عضوا ثمّ جنينا كامل الأطراف فديتان ، ولو ألقت أربع أيد فدية واحدة ، لأنّ الأصل براءة الذمّة من الزائد عن واحدة.
السادس : لو ادّعى وارث الجنين أنّه ضربها فألقته ، فأنكر الضرب ، قدّم قوله مع يمينه ، وكذا لو اعترف بالضرب وأنكر إلقاء شي ء ، أو ادّعى أنّه ليس لها ، قدّم قوله أيضا ، وتقبل هنا شهادة النساء بخلاف الأولى.
ولو اعترف بالضرب والإلقاء وأنكر استناده إلى ضربه ، فإن قصر الزمان قدّم قولها ، وإلّا قدّم قوله.
ص: 602
ولو ادّعى الوارث الاستهلال وأنكر الضارب ، قدّم قوله مع يمينه ، وتقبل [ هنا ] شهادة النّساء.
وفي قطع رأس الميّت الحرّ المسلم مائة دينار ، وكذا لو يبنه وقطع بموته لو كان حيّا (1) ، وفي أعضائه وجراحه وشجاجه بنسبة المائة.
ولو كانت الجناية غير مقدّرة فالأرش ، فيفرض حيّا ، وتنسب الجناية إلى المائة ، ثمّ يؤخذ منها بتلك النسبة.
ولا يرثها الوارث بل يتصدّق بها في وجوه القرب ، ولا يقضي منها ديونه على الأقوى.
وفي قطع رأس الذمّيّ عشر ديته ، وفي رأس العبد عشر قيمته.
ويستوي الذكر والأنثى والصغير والكبير في ذلك.
ص: 603
تجب دية العمد مع التّراضي في مال الجاني ، فإن فرّ فلم يقدر عليه حتّى مات أخذت من تركته إن كان له مال ، وإلّا فمن الأقرب فالأقرب ، ودية شبيه العمد على الجاني ، ودية الخطأ على العاقلة.
فهنا مباحث :
وهو العصبة ، والمعتق ، وضامن الجريرة ، والإمام ، فالعصبة من يتقرّب بالأبوين أو بالأب كالاخوة وأولادهم ، والعمومة وأولادهم ، وإن قرب غيرهم.
ويقدّم المتقرّب بالأبوين على المتقرّب بالأب ، ولا يعقل المتقرّب بالأمّ ، ولا الزّوج والزّوجة.
ويشترط الذكورة ، والبلوغ ، والعقل ، والغنى ، والتساوي في الدّين ، والعلم بكيفية انتسابهم إلى القاتل ، ولا يكفي كونهم من القبيلة.
ص: 604
فلا تعقل المرأة والمجنون وإن ورثوا من الدية ، ولا الفقير ، ويعتبر فقره عند المطالبة ، ولا المسلم الكافر وبالعكس.
ولو (1) رمى الذّمّيّ فأصاب مسلما فقتله بعد إسلامه لم يعقله المسلمون ، لأنّه ذمّيّ ، ولا الكفّار ، لأنّه أصابه وهو مسلم ، ويضمن الدية في ماله.
ولو رمى المسلم ثمّ ارتدّ فأصاب مسلما فقتله ، لم يعقله الكفّار ، لأنّه رمى وهو مسلم ، ولا المسلمون لأنّه أصاب وهو كافر ، وفيه توقّف.
وجناية الذّميّ في ماله وإن كانت خطأ ، فإن عجز عقله الإمام دون قومه.
ولا يعقل أهل الديوان (2) ولا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة.
وإذا فقد العصبة عقل المولى من أعلى لا من أسفل ، ثمّ عصبة المولى ، ثمّ معتق المولى ، ثمّ عصباته ، ثمّ معتق أب المعتق ، ثمّ عصباته ، وهكذا كالإرث ، فإن عدموا فالضامن لا المضمون ، ومع عدمه أو فقره فالإمام.
وهو دية الخطأ المحض ، فلا تحمل العاقلة غرامات الأموال وإن كان خطأ ، كاملا كان المتلف أو لا ، غنيّا [ كان ] أو فقيرا ، ولا جراحات العمد وشبهه وإن أوجبت المال كالهاشمة.
ص: 605
ولا يعقل بهيمة ولا عبدا بل قيمته في مال الجاني وإن كان خطأ ، ولا جناية عبده ، قنّا كان أو مدبّرا ، أو مكاتبا ، أو مستولدة ، ولا إقرارا ، ولا صلحا ، ولا عمدا ، وإن أوجبت الدية ، كقتل الأب ولده ، والمسلم الذّمّيّ ، والحرّ العبد ، ولا جنايته على نفسه خطأ.
وتحمل [ العاقلة ] دية الموضحة فما زاد إجماعا ، لا ما نقص على الأقوى.
وجناية الصّبيّ والمجنون على عاقلتهما مطلقا إن كانت على نفس آدميّ ، وإلّا ففي ماله إن كان له مال ، وإلّا ضاع ، ولا يجب عليه أداؤه عند البلوغ.
يؤخذ من الغنيّ نصف دينار ومن الفقير ربع ، وقيل : يجب ما يراه الإمام (1) فإن ضاقت فمن البعيد ، ثمّ من الأبعد ، ثمّ من المعتق ، وهكذا كما تقدّم.
فإن زادت الدّية عن العاقلة أجمع أخذ الزائد من الإمام.
ولو زادت العاقلة على الدية لم يخصّ البعض.
ولو غاب البعض لم يخصّ الحاضر.
وتستأدى في ثلاث سنين ، ويؤخذ عند انسلاخ كلّ سنة الثلث ، سواء كانت تامّة أو ناقصة كدية الذمّيّ والمرأة.
ص: 606
ولو كان أكثر من الدية كيدين ورجلين ، فإن كان لاثنين حلّ لكلّ واحد ثلث الدية ، وإن كانا لواحد حلّ لكلّ جناية سدس.
وابتداء التأجيل في النفس من حين الموت ، وفي الطرف من حين الجناية ، لا الاندمال ، وفي السراية وقت الاندمال.
ولا يقف ضرب الأجل على حكم الحاكم.
ولو مات البعض في الحول سقط عنه ، وبعده يؤخذ من تركته ، ولو استغنى عند الحلول ففي الوجوب توقّف.
ولو كانت العاقلة غائبة كوتب الحاكم بالواقعة ليوزّع الدية عليهم.
ولو فقدت العاقلة ، أو عجزت ، أو افتقرت أخذت من الجاني ، فإن عجز فمن الإمام.
ولو قتل الأب ولده عمدا ضمن الدّية لغيره من الوارث ، ولا يرث منها ، ولو فقد الوارث فالإمام.
ولو قتله خطأ ضمنت العاقلة للوارث دون الأب ، ولو لم يكن سوى العاقلة فلا دية.
وكذا البحث لو قتل الولد أباه خطأ.
ص: 607
وفيه فصول :
الأوّل : [ في ] ما يؤكل ، فلو أتلفه بالذكاة لزمه ما بين كونه حيّا ومذكّى ، وليس للمالك دفعه إلى الجاني والمطالبة بقيمته.
ولو أتلفه بغير الذّكاة فعليه قيمته يوم إتلافه ، ويوضع منها قيمة ما يؤخذ من صوفه وشعره ووبره وريشه.
ولو أتلف منه عضوا أو كسر عظما فالأرش.
الثاني : [ في ] ما لا يؤكل وتقع عليه الذّكاة كالسباع ، فإن أتلفه بالذّكاة ضمن الأرش ، وكذا لو جرحه أو قطع منه عضوا أو كسر عظما ، ولو أتلفه بغير الذّكاة ضمن قيمته حيّا.
الثالث : [ في ] ما لا تقع عليه الذّكاة ، ففي كلب الصّيد أربعون درهما ، ولا يختص بالسّلوقي ، وفي كلب الغنم كبش ، وفي كلب الحائط عشرون درهما ، وفي كلب الزرع قفيز برّ ، ويجب على الجاني.
أمّا الغاصب فيلزمه القيمة السوقية وإن زادت على الدّية.
ولا دية لغير ذلك ممّا لا تقع عليه الذكاة ، نعم لو أتلف خنزيرا لذمّيّ
ص: 608
ضمن قيمته عند مستحلّيه ، وفي أطرافه الأرش ، ويشترط الاستتار ، فلا يضمن مع الإظهار.
ولو كان لمسلم لم يضمنه المتلف وإن كان ذمّيا.
ويضمن صاحب الماشية الزرع إن فرّط في الحفظ ، سواء كان ليلا أو نهارا.
وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في بعير بين أربعة عقله أحدهم ، فوقع في بئر فانكسر : أنّ على الشركاء حصّته ، لأنّه حفظه وضيّعوا (1).
وحيث سبق من الجواد المطلق العناية ببلوغ النهاية ،فلنجعل الغاية كالبداية فنقول :
الحمد لله على نعمه الجسام ، وله الشكر على سائر الأقسام ،
والصّلاة على أشرف الأنام محمّد النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم
وعلى آله خلفاء الإسلام وسلّم تسليما
ص: 609
قد فرغنا من عمليّة تحقيق هذا الكتاب والتعليق عليه وتقويم نصّه على ضوء النسخ وغيرها يوم الخميس ، العاشر من شهر جمادى الأولى من شهور عام 1424 ه - ق.
نحمده سبحانه ونشكره على هذه النّعمة ، ونصلّي ونسلّم على النبيّ محمّد وآله صلوات اللّه عليهم أجمعين ، ونرجو من منّه الجسيم أن يحشرنا مع « آل ياسين عليهم السلام » ويتقبّل هذا العمل من عبده الضّعيف بأحسن قبول ، ويجعله ذخرا ليوم معاده الّذي وصفه سبحانه بقوله : ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلّا مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) .
وفي خاتمة المطاف لا يفوتني أن أعبر عن شكري الجزيل إلى سماحة العلّامة آية اللّه جعفر السبحاني « حفظه اللّه تعالى » لما هيّأ لي من أسباب التحقيق ، وأفادني في هذا المضمار ، كما هو دأبه مع أكثر المحققين في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
قم المقدّسة
إبراهيم البهادري
1424 ه-
ص: 610
الموضوع / الصفحة
مقدمة... 5
كتاب النكاح
وفيه مقدمة ومقاصد... 7
مقدمة كتاب النكاح وفيها مباحث... 9
في اداب العقد... 11
في اداب الدخول... 11
في خصائص النبي صلى اللّه عليه وآله... 12
واما المقاصد فأربعة... 14
ص: 611
الموضوع / الصفحة
المقصد الاول في اقسامه وفي ثلاثة... 14
القسم الاول في الدائم وفيه ابواب... 14
الباب الاول في العقد وفيه فصول... 14
الفصل الاول في الصيغة... 14
الفصل الثاني في المتعاقدين... 15
الفصل الثالث في الاولياء وفيه بحوث... 16
الاول في اسباب الولاية... 16
الثاني فيما يسلب الولاية... 18
الثالث في الاحكام... 18
الباب الثاني في الكفاءة... 20
الباب الثالث في الصداق وفيه مطلبان... 21
المطلب الاول في ذكره والنظر في امور... 21
الامر الاول في المهر الصحيح... 21
الامر الثاني في المهر الفاسد... 24
الامر الثالث في تنصيف المهر... 26
الامر الرابع في العفو... 27
فرع اذاكان المهر دينا على الزواج... 28
ص: 612
الموضوع / الصفحة
تتمة اذا زوج الاب او الجد الولدالصغير وله مال... 28
المطلب الثاني في التفويض وفيه قسمان... 29
الاول تفويض البضع... 29
القسم الثاني تفويض المهر... 30
الامر الخامس في التنازع... 31
القسم الثاني في النكاح المنقطع وفيه مطلبان... 32
المطلب الاول في اركانه... 32
المطلب الثاني في أحكامه... 34
القسم الثالث في نكاح الاماء وفيه امران... 35
الاول العقد وفيه فصلان... 35
الفصل الاول في محله... 35
الفصل الثاني في مبطلاته... 38
الاول العتق... 38
الثاني البيع... 39
الثالث الطلاق... 40
الامر الثاني الملك وفيه بحثان... 41
ص: 613
الموضوع / الصفحة
الاول ملك اليمين... 41
الثاني ملك المنفعة والنظر في الصيغة والشروط والحكم... 42
المقصد الثاني في اسباب التحريم... 44
الاول النسب... 44
الثاني الرضاع وفيه فصول... 45
الفصل الاول في اركانه... 45
الفصل الثاني في شروطه... 47
الفصل الثالث في احكامه... 48
تتمة يثبت الرضاع بشاهدين... 51
السبب الثالث في المصاهرة وتوابعها... 51
التوابع وفيها امران... 53
الاول في اسباب تحريم العين... 53
الثاني في اسباب تحريم الجمع... 55
السبب الرابع في استيفاء العدد والطلاق... 56
فروع... 57
السبب الخامس الكفر وفيه فصول... 58
الفصل الاول في اصناف الكفار... 58
ص: 614
الموضوع / الصفحة
الفصل الثاني في الانتقال... 59
الفصل الثالث في حكم الزايد على العدد... 61
الفصل الرابع في الاختيار وفيه بحثان... 64
الاول في كيفيته... 64
الثاني في وجوب الاختيار... 65
الفصل الخامس في النفقة... 65
المقصد الثالث في سبب الخيار وهو ثلاثة... 67
الاول العتق... 67
الثاني العيوب وفيه بحثان... 67
الاول في اقسامها... 67
الثاني في الاحكام... 69
السبب الثالث التدليس... 70
فروع... 72
المقصد الرابع في توابع النكاح وفيه فصول... 73
الفصل الاول في القسم وفيه بحوث... 73
الاول في حقيقة... 73
البحث الثاني في مستحقه... 74
ص: 615
الموضوع / الصفحة
البحث الثالث في كيفية... 75
البحث الرابع في التفاضل... 75
البحث الخامس في القضاء... 76
البحث السادس في السفر... 77
الفصل الثاني في النشوز... 79
الفصل الثالث في الشقاق... 80
الفصل الرابع في النفقات واسبابها ثلاثة... 81
السبب الاول الزوجية وفيه بحوث... 81
الاول في الموجب... 81
البحث الثاني في قدرها وكيفية الانفاق... 82
البحث الثالث في المسقط... 85
السبب الثاني القرابة... 87
السبب الثالث الملك... 89
خاتمة في الاولاد وفيه بحوث... 90
الاول في الولادة... 90
البحث الثاني في الحاق الاولاد بالاباء فيه فصول... 92
الفصل الاول في ولد الزوجة... 92
ص: 616
الموضوع / الصفحة
الفصل الثاني في ولد المستمتع بها... 93
الفصل الثالث في ولد الشبهة... 93
الفصل الرابع في ولد الموطوءة بالملك... 94
البحث الثالث في الرضاع... 94
البحث الرابع في الحضانة... 95
القسم الثالث في الايقاعات وفيه كتب... 97
كتاب الطلاق
النظر الاول في الاركان... 99
الركن الاول المطلق... 99
الركن الثاني المطلقة... 100
الركن الثالث الصيغة... 102
الركن الرابع الاشهاد... 105
النظر الثاني في اقسامه... 106
النظر الثالث في لواحقه وفيه مطالب... 108
المطلب الاول اذا شك في ايقاعه لم يلزمه الطلاق... 108
ص: 617
الموضوع / الصفحة
المطلب الثاني طلاق المريض... 108
المطلب الثالث في الرجعة... 109
المطلب الرابع في التحليل... 110
المطلب الخامس في العدد وفيه فصول... 111
الفصل الاول لاعدة لغير المدخول بها... 111
الفصل الثاني في ذات الاقراء... 112
الفصل الثالث في ذات الشهور... 112
الفصل الرابع في عدة الحامل... 113
الفصل الخامس في عدة الوفاة... 115
الفصل السادس في المفقود... 116
الفصل السابع في عدة الامة... 117
الفصل الثامن في تداخل العدتين... 119
الفصل التاسع في السكني والنفقة وفيه بحثان... 120
البحث الاول في مستحقها... 120
البحث الثاني في كيفية الاسكان... 121
فروع... 122
ص: 618
الموضوع / الصفحة
كتاب الخلع والافتداء والمباراة
وفيه فصول
الفصل الاول في الخلع وفيه نظر... 127
النظر الاول في حقيقة... 127
النظر الثاني في اركانه... 128
الركن الاول الصيغة... 128
الركن الثاني في الخالع... 129
الركن الثالث في المختلعة... 130
الركن الرابع الفدية... 131
النظر الثالث في الاحكام والنزاع... 133
الفصل الثاني في الاقتداء... 134
الفصل الثالث في المباراة... 136
كتاب الظهار
وفيه فصلان
الفصل الاول في اركانه... 139
ص: 619
الموضوع / الصفحة
الركن الاول الصيغة... 139
الركن الثاني المظاهر... 140
الركن الثالث المظاهرة... 141
الركن الرابع المشبه به... 141
الفصل الثاني في احكامه... 142
كتاب الايلاء
وفيه فصلان
الفصل الاول في اركانه... 147
الاول الصيغة... 147
الثاني المولي... 149
الثالث المولى منها... 149
الرابع المدة... 149
الفصل الثاني في الاحكام... 151
كتاب الاعار
وفيه فصول
الفصل الاول في سببه... 155
ص: 620
الموضوع / الصفحة
الفصل الثاني في اركانه... 158
الفصل الثالث في احكامه... 161
كتاب الاقرار
وفيه فصلان
الفصل الاول في الاقرار بالمال وفيه نظر... 165
النظر الاول في اركانه... 164
النظر الثاني في تعقيب الاقرار بمنافيه وفيه فصلان... 178
الفصل الاول في المقبول وفيه مباحث... 178
المبحث الاول في ادواته... 178
المبحث الثاني في شروطه... 178
المبحث الثالث في قاعدته... 179
المبمحث الرابع في حكمه... 180
النظر الثالث في المردود... 183
النظر الرابع في تعقيب الاقرار بالاقرار... 186
الفصل الثاني في الاقرار بالنسب وفيه بحثان... 187
البحث الاول الاقرار بالولد... 187
ص: 621
الموضوع / الصفحة
البحث الثاني في الاقرار بغير الولد... 189
فروع... 189
مسألتان... 191
كتاب العتق
الفصل الاول في العتق وفيه مطلبان... 196
المطلب الاول في اركانه... 196
الاول الصيغة... 196
الثاني المعتق... 197
الثالث المعتق... 198
المطلب الثاني في احكامه وفيه بحثان... 199
البحث الاول العتق لازم لايصح الرجوع فيه... 199
البحث الثاني في كيفية القرعة... 202
الفصل الثاني في السراية وفيه بحثان... 204
البحث الاول في شرائطه... 204
البحث في احكامه... 206
فروع... 206
ص: 622
الموضوع / الصفحة
الفصل الثالث في الملك... 208
الفصل الرابع في العوارض... 209
كتاب التدبير
الامر الاول في صيغة... 213
الامر الثاني في المباشر... 215
الامر الثالث في المحل... 216
الامر الرابع في احكامه... 218
كتاب المكاتبة
الامر الاول في الاركان... 223
الامر الثاني في الاحكام... 227
الامر الثالث في اللواحق وفيه مباحث... 230
المبحث الاول في التصرف... 230
المبحث الثاني في حكم الجناية... 231
المبحث الثالث في حكم الوصية... 233
ص: 623
الموضوع / الصفحة
كتاب الاستيلاد
البحث الاول في سببه... 237
البحث الثاني في الحكم... 238
كتاب اليمين
الامر الاول في المحلوف به... 243
الامر الثاني في الحالف... 246
الامر الثالث في متعلق اليمين وفيه اقسام... 247
القسم الاول لاتنعقد على الماضي اثباتا ونفيا... 247
القسم الثاني في الماكل والمشروب... 248
القسم الثالث الكلام... 251
القسم الرابع البيت والدار... 252
القسم الخامس الفعل... 253
القسم السادس العقد... 254
القسم السابع المقيد... 255
ص: 624
الموضوع / الصفحة
القسم الثامن في المسائل المتفرقة... 257
خاتمة في التورية... 259
كتاب النذر والعهد
وفيه مطلبان
المطلب الاول في اركانه... 263
الركن الاول في صيغته واقسامه... 263
الركن الثاني الناذر... 264
الركن الثالث في الملتزم... 265
المطلب الثاني في العهد... 272
كتاب الكفارات
وفيه مقصدان
المقصد الاول في اقسامها... 275
المقصد الثاني في خصالها وفيه مطالب... 277
المطلب الاول في العتق وفيه امران... 277
ص: 625
الموضوع / الصفحة
الامر الاول في اوصاف الرقبة... 278
الامر الثاني في شرائط العتق... 280
المطلب الثاني في الصيام... 281
المطلب الثالث في الاطعام... 282
المطلب الرابع في الكسوة... 283
خاتمة لايجوز التكفير قبل موجبه... 284
القسم الرابع في الاحكام وفيه كتب... 285
كتاب المواريث
وفيه امور
الامر الاول في المقدمات... 287
المقدمة الاولى في موجبة... 287
قاعدة اذا كان الوارث ذا فرض اخذ فرضه ويرد عليه الباقي الاالزوجة... 288
المقدمة الثانية في موانع الارث... 289
المقدمة الثالثة في الحجب... 294
المقدمة الرابعة في معرفة السهام... 295
ص: 626
الموضوع / الصفحة
المقدمة الخامسة في معرفة اجتماع السهام... 296
الامر الثاني في التوريث بالنسب وفيه مطالب... 297
المطلب الاول في ميراث الابوين والاولاد وفيه بحثان... 297
البحث الاول في الابوين والاولاد... 297
البحث الثاني في التوابع... 299
المطلب الثاني في ميراث الاخوة والاجداد... 300
المطلب الثالث في ميراث الاعمام والاخوال... 303
تنبيه اذا اجتمع للوارث سببان... 307
الامر الثالث في التوريث بالسبب وفيه فصلان... 309
الفصل الاول في الزوجية... 309
الفصل الثاني في الولاء وهو ثلاثة... 310
الاول ولاء العتق وفيه مباحث... 310
المبحث الاول: في تحققه... 310
المبحث الثاني في كيفية الارث به... 312
فروع... 313
المبحث الثالث في جر الولاء... 314
ص: 627
الموضوع / الصفحة
الثاني ولا تضمن الجريرة... 315
الثالث ولاء الامامة... 315
الامر الرابع في التوابع وفيه مطالب... 317
المطلب الاول في ميراث ولد الملاعنة... 317
المطلب الثاني في ميراث الخنثى... 318
المطلب الثالث في الحمل... 321
المطلب الرابع في التعارف والاقرار... 322
المطلب الخامس في ميراث الغرقي والمهدوم عليهم... 323
المطلب السادس في ميراث المجوس... 325
المطلب السابع في حساب الفرائض وفيه فصول... 326
الفصل الاول في المقدمات... 326
الاولى في طريق الحساب ومخارج الفروض... 326
الثانية اذا لم يكن في الورثة ذو فرض... 327
الثالثة في معرفة الاعداد... 327
الفصل الثاني في قسمة الفريضة على الورثة... 328
ص: 628
الموضوع / الصفحة
الفصل الثالث في معرفة سهام الورثة من التركة... 331
الفصل الرابع في المناسخات... 335
كتاب القضاء
وفيه مطالب
المطلب الاول في المقدمات... 339
المقدمة الاولى في التولية والعزل... 339
المقدمة الثانية في صفات القاضي... 341
المقدمة الثالثة في اداب القضاء... 342
المطلب الثاني في كيفية الحكم وفيه مباحث... 346
المبحث الاول في مستنده وصورته... 346
المبحث الثاني في كيفية الاستشهاد... 347
المبحث الثالث في التزكية والجرح... 348
المبحث الرابع في نقض الحكم... 349
المطلب الثالث في الدعاوي وتوابعها وفيها فصول... 351
الفصل الاول في المدعي... 351
ص: 629
الموضوع / الصفحة
الفصل الثاني في جواب الدعوى... 353
الفصل الثالث في الاستحلاف وفيه مباحث... 355
المبحث الاول في المحلوف به... 355
المبحث الثاني في الحالف... 356
البحث الثالث في كيفية اليمين... 357
الفصل الرابع في الشاهد والميمين... 359
فروع... 360
المطلب الرابع في اللواحق وفيه مقاصد... 362
المقصد الاول في الحكم على الغائب... 362
المقصد الثاني في كتاب قاض الى قاض... 363
المقصد الثالث في التواصل الى الحق... 365
المقصد الرابع في القسمة وفيه مباحث... 366
المبحث الاول في حقيقتها... 366
المبحث الثاني في القاسم... 367
المبحث الثالث في المقسوم... 367
ص: 630
الموضوع / الصفحة
المبحث الرابع في كيفية القسمة... 369
الاول قسمة الاجبار... 369
الثاني قسمة التراضي... 371
المبحث الخامس في الاحكام... 371
المقصد الخامس في احكام تعارض الدعاوي وفيه فصول... 372
الفصل الاول في دعوى الاملاك... 372
الفصل الثاني في دعوى العقود... 380
الفصل الثالث في دعوى المواريث... 382
الفصل الرابع في دعوى الولد... 384
كتاب الشهادات
وفيه مقاصد
المقصد الاول في صفات الشاهد... 387
تنبيه يعتبر اجتماع الشرائط عند الاداء لاعند التحمل... 391
المقصد الثاني في التحمل والاداء... 393
المقصد الثالث في مستند الشهادة... 395
ص: 631
الموضوع / الصفحة
المقصد الرابع في اقسام الحقوق... 397
الاول حق اللّه تعالى... 397
الثاني حق الادمي... 398
المقصد الخامس في التوافق... 400
المقصد السادس في الرجوع... 402
تتمة في كيفية الغرم... 404
المقصد السابع في الشهادة على الشهادة... 405
كتاب الغصب
وفيه فصول
الفصل الاول في حقيقة... 409
تنبيه لاينحصر الضمان في الغصب... 410
خاتمة لوتعاقبت الايدي تخير المالك... 411
الفصل الثاني في الاحكام وفيه مباحث... 413
المبحث الاول بجب رد المغصوب وان تعذر... 413
المبحث الثاني في زيادة الصفة... 415
ص: 632
الموضوع / الصفحة
المبمحث الثالث في النقص... 416
البحث الرابع في التلف... 418
المبحث الخامس في تصرفات الغاصب... 419
الفصل الثالث في التنازع... 423
كتاب الاطعمه والاشربه
وفيه مطالب
المطلب الاول في الحيوان وفيه مباحث... 427
المبحث الاول في حيوان البحر... 427
المبحث الثاني في حيوان البر... 428
المبحث الثالث في الطير... 429
المطلب الثاني في الجامد... 431
المطلب الثالث في المائعات... 433
تتمة يحرم استعمال شعر الخنزير... 435
المطلب الرابع في حال الاضطرار وفيه بحثان... 436
الاول في المضطر... 436
الثاني في كيفية الاستباحة... 437
خاتمة في اداب الاكل... 438
ص: 633
الموضوع / الصفحة
كتاب الصيد
وفيه فصول
الفصل الاول في الالة... 441
الفصل الثاني في شرائط الكلب... 442
الفصل الثالث في شرائط النصل... 444
الفصل الرابع في الاحكام... 446
الفصل الخامس في اسباب الملك... 448
تفريح لو جني على عبد او بهيمة او صيد... 450
كتاب التذكية
الاول الذباحة وفيه بحثان... 455
البحث الاول في اركانها... 455
البحث الثاني في الاحكام... 457
الثاني في باقي الاقسام... 459
تتمة كل ما يباع في اسواق المسلمين من اللحم حلال... 460
ص: 634
الموضوع / الصفحة
كتاب اللقطة
القسم الاول الانسان ويسمى لقيطا وملقوطا ومنبوذا وفيه مباحث... 463
المبحث الاول في اللقيط... 463
المبحث الثاني في الملتقط... 464
المبحث الثالث في الاحكام... 465
القسم الثاني الحيوان... 467
القسم الثالث في لقطة الاموال وفيه فصول... 469
الفصل الاول في الالتقاط... 469
الفصل الثاني الملتقط... 469
الفصل الثالث في اللقطة... 470
الفصل الرابع في الاحكام... 471
كتاب احياء الموات والمشتركات
احياء الموات... 477
في شروط التملك بالاحياء... 477
في المشتركات... 479
ص: 635
الموضوع / الصفحة
كتاب الحدود والتعزيرات
وفيه فصول
الفصل الاول في حد الزنا وفيه مباحث... 485
المبحث الاول في الموجب... 485
المبحث الثاني فيما يثبت به... 486
الاول الاقرار... 486
الثاني البينة... 487
المبحث الثالث في الحد... 488
المبحث الرابع في كيفية الاستيفاء... 490
المبحث الخامس في اللواحق... 492
الفصل الثاني في اللواط والسحق والقيادة... 493
تتمة وطء الاموات كالأحياء... 495
الفصل الثالث في وطء البهائم... 496
تتمة لو استمنى بيده... 497
الفصل الرابع في حد القذف وفيه مباحث... 498
المبحث الاول في الموجب... 498
المبحث الثاني في القاذف... 500
ص: 636
الموضوع / الصفحة
المبحث الثالث في المقذوف... 500
المبحث الرابع في الحد... 501
الفصل الخامس في حد الشرب وفيه مباحث... 504
المبحث الاول في الموجب... 504
المبحث الثاني في الحد... 505
المبحث الثالث في الاحكام... 506
الفصل السادس في حد السرقة وفيه مباحث... 507
المبحث الاول في السارق... 507
المبحث الثاني في المسروق... 509
المبحث الثالث في طريق ثبوته... 512
المبحث الرابع في الحد... 513
المبحث الخامس في الاحكام... 514
الفصل السابع في حد المحارب وفيه مباحث... 516
المبحث الاول في تعريف المحارب... 516
المبحث الثاني في الحد... 517
المبحث الثالث في الدفاع... 518
ص: 637
الموضوع / الصفحة
الفصل الثامن في حد المرتد وفيه بحثان... 521
البحث الاول في تعريف المرتد... 521
البحث الثاني في حكمه... 522
تتمة في كلمة الاسلام... 524
كتاب القصاص
مقدمة... 527
القسم الاول في قصاص النفس وفيه مقاصد... 527
المقصد الاول في الموجب... 527
تنبيه اذا اجتمع السبب والمباشر... 532
المقصد الثاني في شرائطه... 534
الشرط الاول التساوي في الحرية او الرقية وفيه فصول... 534
الفصل الاول في جناية الاحرار على مثلهم... 534
الفصل الثاني في جناية المماليك على مثلهم... 536
الفصل الثالث في جناية الاحرار والمماليك... 537
تتمة اذا قتل العبد حراً عمداً... 539
ص: 638
الموضوع / الصفحة
الشرط الثاني التساوي في الدين... 541
الشرط الثالث انتفاء الابوة... 542
الشرط الرابع التكليف... 543
الشرط الخامس كون المقتول ومحقون الدم... 544
المقصد الثالث في دعوى القتل وما يثبت به وفيه مباحث... 544
المبحث الاول في الاقرار... 545
المبحث الثاني في البينة... 546
المبحث الثالث في القسامة واركانه ثلاثة... 548
الركن الاول في اللوث... 548
الركن الثاني في الكمية... 550
الركن الثالث في الحكم... 551
المقصد الرابع في الاستيفاء وفيه مباحث... 552
المبحث الاول يجب بقتل العمد العدوان مع الشرائط... 552
المبحث الثاني في المستوفي... 553
المبحث الثالث في الكيفية... 555
القسم الثاني في قصاص الطرف وفيه مقدمة ومطالب... 558
المطلب الاول في اليد والرجل وفيه فصلان... 558
ص: 639
الموضوع / الصفحة
الفصل الاول في الشروط... 558
الاول التساوي في الاسلام والحرية... 558
الثاني التساوي في السلامة... 559
الثالث التساوي في المحل... 560
الرابع التساوي في الاصالة والزيادة... 561
الفصل الثاني في الاحكام... 563
المطلب الثاني في باقي الاعضاء... 564
المطلب الثالث في الاختلاف... 569
المطلب الرابع في العفو... 570
كتاب الديات
وفيه فصول
الفصل الاول في الموجب... 575
الاول المباشرة... 575
الثاني التسبيب... 578
الثالث اذا اجتمع المباشر والسبب ضمن المباشر... 580
الفصل الثاني في الواجب وفيه مطالب... 582
ص: 640
الموضوع / الصفحة
المطلب الاول في دية النفس... 582
خاتمة تجب كفارة الجمع على قاتل المسلم ومن بحكمه... 584
المطلب الثاني في دية الطرف... 585
خاتمة في كسر الضلع المخالط للقلب... 592
المطلب الثالث في دية المنافع... 593
المطلب الرابع في الشجاج والجراح... 596
فروع... 597
خاتمة المراة كالرجل في ديات الاعضاء والجراح حتى تبلغ ثلث دية الرجل فتصير على النصف 599
المطلب الخامس في دية الجنين والميت... 600
فروع... 601
الفصل الثالث في محل الواجب وفيه مباحث... 604
المبحث الاول في المحل... 604
المبحث الثاني في المضمون... 605
المبحث الثالث في كيفية التوزيع... 606
خاتمة في الجناية على الحيوان... 608
كلمة المحقق... 610
فهرس محتويات الكتاب... 611
ص: 641