معالم الدين في فقه آل ياسين المجلد 2

هوية الكتاب

المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري

الناشر: مؤسسة الامام الصادق عليه السلام

المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

الطبعة: 1

الموضوع : الفقه

تاريخ النشر : 1424 ه.ق

ISBN (ردمك): 964-357-083-5

المكتبة الإسلامية

المكتبة الإسلامية

إشراف العلامة المحقّق جعفر السبحاني

معالم الدين في فقه آل ياسين

دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية

تأليف: الفقيه البارع شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

(كان حياً عام 832 ه)

الجزء الأول

تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري

المحرر الرقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

فهرستنويسی پيش از انتشار توسط: موسسه تعلیماتی و تحقیقاتی امام صادق عليه السلام

قطان حلي، محمد بن شجاع، - 832؟ق

معالم الدين في فقه آل ياسين: دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية / تأليف شمس الدين ابن قطان الحلي ؛ إشراف جعفر السبحاني؛ تحقيق إبراهيم البهادري - قم: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام، 1423 ق - 1381

2ج.

(ج.1) ISBN : 964 - 357 - 049 - 5

(ج.2) ISBN : 964 - 357 - 083 - 5

كتابخانه به صورت زيرنویس.

1. فقه جعفری - - قرن 9 ق. الف ، سبحانی تبریزی ، جعفر ، 1308 - ، مشرف .ب. بهادری، ابراهيم، 1325 - ، مصحح .ج. موسسة الامام الصادق عليه السلام .د. عنوان.

BP 182/5/ ق6م6

297/342

اسم الكتاب: معالم الدين في فقه آل ياسين / الجزء الثاني

المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلي

إشراف: آية اللّه جعفر السبحاني

المحقق: الشيخ إبراهيم البهادري

الطبعة: الأولی - 1424 ه

المطبعة: مطبعة مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

الكمية: 1500 نسخة

الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

تنضيد وإخراج: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام / سيد محسن البطاط

توزيع

مكتبة التوحيد

ايران - قم؛ ساحة الشهداء

7745457 - 2925152

البريد الإلكتروني: Info@imamsadeq.org

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ

الصافات: 130.

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال المحقّق :

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسّلام على خاتم أنبيائه محمّد وآله الطاهرين.

أمّا بعد :

فهذا هو الجزء الثاني من كتاب « معالم الدين في فقه آل ياسين » للفقيه البارع شمس الدين « محمّد بن شجاع » القطّان الحليّ قدس سره نقدّمه إلى القرّاء الكرام محقّقا ، مصحّحا مخرجا ، ومزدانا ببعض التعاليق. راجين منهم العفو عمّا زاغ عنه البصر.

وقد بذلنا جهودنا في تقويم النصّ بعرضه على النسخ الّتي بأيدينا وما في سائر المكتبات ، وبما أنّ المؤلف قدس سرّه قد اقتفى فيه نمط الإيجاز والاختصار فربما أوجد تعقيدا في الكلام ، فأوضحنا كلامه بنقل كلمات الفقهاء في الموضوع في الهامش حرصا لتبيين المقصود.

فهاكم أيّها القرّاء دورة فقهيّة كاملة موجزة ، من التراث الفقهي الخالد ، والّتي كانت محبوسة في رفوف المكاتبات.

نرجو من اللّه سبحانه أن يكتب ما بذلنا من الجهود في سجلّ الحسنات وأن يعفو عن الزّلات ، إنّه بذلك قدير وبالإجابة جدير.

قم - مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

إبراهيم البهادري

10 جمادى الثانية 1424 ه. ق

ص: 5

ص: 6

كتاب النكاح

اشارة

وفيه مقدّمة ومقاصد

ص: 7

ص: 8

أمّا المقدّمة

اشارة

ففيها مباحث :

الأوّل :

النكاح لغة الوطء وكذا في الشرع ، لأصالة عدم النقل ، ولقوله تعالى : ( حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (1) وقيل حقيقة شرعية في العقد مجاز في الوطء (2) لقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ) (3) وقيل : مشترك (4) لقوله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) . (5)

الثانى :

النكاح واجب على القادر إذا تاقت نفسه ، وخاف الوقوع في الزّنا.

ومستحبّ لغيره سواء تاقت نفسه أو لا ، وهو أفضل من التخلّي للعبادة المندوبة.

ومحرّم كنكاح الخامسة والشغار ، وما يأتي في مواضعه إن شاء اللّه تعالى.

ومكروه كنكاح القابلة وبنتها وبنت زوجة ابنه إذا ولدتها بعد مفارقته ، ومن

ص: 9


1- البقرة : 230.
2- وهو خيرة فخر المحقّقين في الإيضاح : 3 / 2.
3- الأحزاب : 49.
4- نقله في كشف اللثام عن أبي القاسم الزّجاجي ، لاحظ كشف اللثام : 7 / 5.
5- النساء : 22.

كانت ضرّة أمّه مع غير أبيه ، (1) والزانية قبل التوبة ، ومن ولدت من الزنا ، والعقد على الأمة مع وجود الطول وعدم العنت.

وليس في النكاح مباح.

الثالث :

لا يجوز النظر إلى الأجنبيّة إلّا للضرورة كالشهادة عليها ، حتّى الخصي ولو إلى مولاته ، ورخّص النظر إلى وجهها وكفّيها مرّة ، ولا تجوز المعاودة ، وكذا للمرأة.

ويجوز النظر إلى وجه من يريد نكاحها وكفّيها قائمة وماشية ، وتكراره بغير إذنها ، وكذا إلى أمة يريد شراءها ، وإلى أهل الذمّة بغير ريبة وتلذّذ ، وإلى جسد زوجته باطنا وظاهرا حتّى العورة ، وإلى محارمه عدا العورة ، وكذا المرأة.

ولا يجوز للأعمى سماع صوت الأجنبيّة ، ولا للمرأة النظر إليه.

ويجوز أن ينظر الرجل إلى مثله وإن كان حسنا ، لا لريبة وتلذذ ، وكذا المرأة ، واللّمس كالنظر.

الرابع :

تستحبّ الخطبة مثل ربّ راغب فيك ، أو إنّ اللّه سائق إليك خيرا ، ويجوز ذكر النكاح مثل ربّ راغب في نكاحك.

ونهى اللّه تعالى عن المواعدة سرّا بغير المعروف ، امّا صريح مثل :عندي نكاح يرضيك ، أو تعريض مثل : ربّ جماع يرضيك.

وتحرم الخطبة لذات البعل والمعتدّة رجعيّة والمحرّمة أبدا ، تصريحا وتعريضا.

ص: 10


1- في « أ » : من غير أبيه.

ويحرم (1) التصريح للمطلّقة ثلاثا في العدّة من الزوج وغيره ، ويجوز التعريض منهما ، ويجوز في البائن بخلع أو فسخ التعريض من الزوج وغيره ، والتصريح من الزوج خاصّة.

ولا تحرم بالخطبة في موضع المنع ، وتحرم خطبة المجيبة ، ولا تحرم به.

الخامس : في آداب العقد

تستحبّ صلاة ركعتين ، والدعاء بعدهما ، والإعلان ، والإشهاد ، والخطبة أمام العقد ، وإيقاعه ليلا ، وأن يختار البكر الولود ، العفيفة ، الكريمة الأصل ، الخفرة. (2)

ويكره العقيم ، وإيقاع العقد والقمر في العقرب ، وفي النهار ، والتزويج للثروة والجمال.

السادس : في آداب الدخول

تستحبّ صلاة ركعتين والدعاء بعدهما ، وكذا المرأة عند الانتقال إليه ، وطهارتهما ، ووضع يده على ناصيتها ، والدعاء والدخول ليلا ، وسؤال اللّه ولدا

ص: 11


1- في « أ » : « ويجوز » والصحيح ما في المتن ، قال في القواعد : 3 / 7 : « والمطلقة ثلاثا يجوز التعريض لها من الزوج وغيره ، ويحرم التصريح منهما في العدّة ». وقال في جامع المقاصد: 12 / 50: لمّا كانت المطلقة ثلاثاً حراماً على المطلِّق إلى أن تنكح زوجاً غيره، كان التصريح من الزوج لها بالخطبة حراماً في العدّة وبعدها.
2- خفرت المرأة : اشتدّ حياؤها ، فهي خفرة. المعجم الوسيط مادة « خفر ».

ذكرا سويّا ، والتسمية عند الجماع ، والوليمة عند الزفاف يوما أو يومين ، ودعاء المؤمنين إليها ، وتستحبّ الإجابة والأكل وإن كان صائما ندبا.

ويجوز أكل ما ينثر في العرس وأخذه بإذن أربابه نطقا أو بشاهد الحال ، ويملك بالأخذ.

ويكره الجماع في المحاق ، وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وعند الزوال ، والغروب حتّى يذهب الشفق ، وفي ليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، وعند الريح السوداء ، والصفراء ، والزلزلة ، وفي أوّل ليلة من كلّ شهر إلّا رمضان ، وفي ليلة النصف ، وفي السفر مع عدم الماء ، وعاريا ، ومستقبل القبلة ومستدبرها ، وفي السّفينة ، ومحتلما من غير وضوء ، ولا بأس بتكرير الجماع ، والنظر إلى الفرج حال الجماع ، والكلام بغير ذكر اللّه تعالى ، وأن يكون عنده من ينظر إليه ، وفي الدبر ، وأن يطرق المسافر أهله ليلا.

السابع : في خصائص النبي صلى اللّه عليه وآله

وهي في النكاح وجوب تخيير نسائه بين إرادته ومفارقته ، واختيار المفارقة فسخ ، وتحريم نكاح الإماء بالعقد والكتابيات ، وتحريم الاستبدال بنسائه إذا اخترن اللّه ورسوله ، والزيادة عليهنّ ، ثمّ نسخ بقوله تعالى : ( إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ) (1) وتحريم زوجاته على غيره ، سواء فارقهنّ قبل الدخول أو بعده ، وسواء كان بفسخ أو طلاق أو موت ، وليس ذلك لتسميتهنّ أمّهات ، ولا لتسميته أبا.

ص: 12


1- الأحزاب : 50.

ويجوز له الزيادة على أربع بالعقد ، وترك القسم بين زوجاته ، والعقد بلفظ الهبة ، ولا يلزمه مهر في الابتداء ولا في الانتهاء ، وأيّما امرأة نظرها ورغب فيها وجب على زوجها طلاقها. (1)

وفي غير النكاح وجوب السواك ، والأضحية ، والوتر ، وقيام الليل ، وتحريم الصدقة ، وخائنة الأعين وهو الغمز بها ، ونزع لامته (2) قبل لقاء العدوّ ، وقول الشعر.

وأبيح له الوصال في الصوم ، ودخول مكة بغير إحرام ، وخصّ أيضا ببقاء معجزته وهو القرآن إلى يوم القيامة ، وبأنّه سيّد الأنبياء ، وخاتم الرسل ، وبعموم نبوّته ، وتنام عينه ولا ينام قلبه ، وينظر من ورائه كما ينظر من أمامه ، بمعنى شدّة الحسّ ، ونصر بالرّعب حتّى كان العدوّ يرهب من مسيرة شهر ، وأبيح له ولأمّته الغنائم ، والأرض مسجدا ، وترابها طهورا ، وعصمت أمّته من نزول العذاب عليهم.

ص: 13


1- ولعل سرّه من جانب الزوج امتحان إيمانه واعتقاده بتكليفه النزول عن أهله ، ومن جانب النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ابتلاؤه ببليّة البشريّة. تذكرة الفقهاء : 2 / 567 من الطبعة القديمة. ولاحظ جامع المقاصد : 12 / 63.
2- قال ابن الأثير في النهاية : لأمة الحرب : أداته ، وقد يترك الهمز تخفيفا.

وأمّا المقاصد : فأربعة

[ المقصد ] الأوّل : في أقسامه

اشارة

وهي ثلاثة

الأوّل : في الدائم

اشارة

وفيه أبواب

[ الباب ] الأوّل : في العقد
اشارة

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] الصيغة

وهي الإيجاب والقبول ، فالإيجاب : زوّجتك ، أو أنكحتك ، أو متّعتك ، والقبول تزوّجت ، وقبلت ، ورضيت.

ولا يشترط مطابقة الإيجاب ، فلو قال عقيب زوّجتك : قبلت النكاح وبالعكس جاز ، ويجوز الاقتصار على قبلت وشبهه.

ص: 14

وتشترط العربيّة مع القدرة ، ولو عجز عن النطق كفت الإشارة دون الكتابة ، والتنجيز فلو علّقه لم يصحّ ، والتوالي فلو أخّر القبول أو جنّ ، أو أغمي عليه بطل ، وكذا لو ارتدّ أحدهما قبله ، وإيقاعهما بلفظ الماضي دون الأمر والمضارع.

ولو قال (1) : زوّجت بنتك من فلان؟ فقال : نعم ، كفى في الإيجاب ، فإذا قال : الزّوج قبلت انعقد ، ويجوز تقديم القبول.

ولا ينعقد بلفظ البيع ، والهبة ، والتمليك ، والصدقة ، والإجارة وإن قصد النكاح ، سواء ذكر المهر أو لا ، ولا بالإباحة والعارية.

الفصل الثاني : في المتعاقدين

ويشترط فيهما : البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والاختيار ، فلا يصحّ عقد الصّبي والمجنون وإن أجاز الولي ، ولا عقد السكران وإن أفاق وأجاز.

ويشترط امتياز الزّوجة بالإشارة أو التسمية أو الصّفة ، فلو زوّجه إحدى بنتيه أو هذا الحمل بطل ، ولو زوّجه إحدى بناته ونواها صحّ ، فإن اختلفا في المعقود عليها فالقول قول الأب إن كان الزوج رآهن وإلّا بطل العقد.

ولا يشترط في تزويج البالغة الرشيدة الوليّ ولا الإشهاد ، فيجوز إيقاعه سرّا ، والتآمر بالكتمان (2).

ص: 15


1- في « ب » و « ج » : « ولو قيل » وفي جامع المقاصد : 12 / 72 : لو قال المتوسط للولي : زوّجت بنتك من فلان؟ فقال : نعم ...
2- قال في جامع المقاصد : 12 / 85 : ولا يشترط عدم تآمرهما الكتمان أي تواطئهما عليه ، وذهب مالك من العامّة إلى أنّ الإشهاد غير شرط ، لكن يشترط عدم التواطؤ على الكتمان ، وليس بشي ء.

وعبارة المرأة صحيحة في نكاح نفسها وغيرها إيجابا وقبولا.

ولو اعترف أحد الزّوجين بالزّوجية فصدّقه الآخر قضي به وتوارثا ، ولو لم يصدّقه قضي على المعترف خاصّة.

ولو ادّعى زوجيّة امرأة وادعت أختها زوجيّته وأقاما بيّنة رجّحنا بيّنتها إن كان دخل بها أو كان تاريخ بيّنتها أسبق ، وإلّا رجّحنا بيّنته.

ولو ادّعى زوجيّة امرأة لم تثبت إلّا بالبيّنة.

الفصل الثالث : في الأولياء
اشارة

وفيه أبحاث :

الأوّل : في أسباب الولاية

وهي أربعة :

الأوّل : الأبوّة وإن علت ، فلا ولاية لغير الأب والجدّ له ، ولا يشترط في ولاية الجدّ بقاء الأب ، ولا يسقط بموته ، وتثبت ولايتهما على الصّبيّ والمجنون ، ذكرا كان أو أنثى ، بكرا كان أو ثيّبا ، ولا خيار لهما بعد البلوغ والرشد إلّا أن يزوّجها بدون مهر المثل أو مفوضة ، ولا يزوّجان (1) المجنون أو المجنونة إلّا مع الحاجة ، ويقتصر على الوحدة بخلاف الصّبي.

ص: 16


1- في « أ » : « ولا يزوّجها » ولعلّه مصحّف.

ولا ولاية على البالغة الرشيدة وإن كانت بكرا في الدائم والمتعة ، فلو زوّجها أحدهما وقف على الإجازة.

ويستحبّ للمرأة أن تستأذن أباها وتوكيل أخيها ، والتعويل على الأكبر ، وأن تختار خيرته.

الثاني : الملك، وتثبت ولاية المولى على مملوكه وإن كان بالغا رشيدا ، وله إجباره على النكاح.

ولو تزوّج بغير إذنه وقف على الإجازة ، وكذا الأمة ، وإن كان متعة.

ولا يجبر من تحرّر بعضه على النكاح.

وللوليّ تزويج أمة الصبيّ والمجنون (1) وليس لهما الفسخ بعد الكمال.

الثالث : الوصاة، وتثبت ولاية الوصيّ على من بلغ فاسد العقل مع الحاجة ، لا على من تجدّد فساد عقله بعد البلوغ ، ولا على الصّغير (2) وإن نصّ عليها الموصي وإن كان مجنونا.

الرابع : الحكم، وتثبت ولاية الحاكم على من بلغ فاسد العقل ، أو تجدّد فساده بعد البلوغ مع المصلحة ، لا على الصّغير وإن كان مجنونا ، ولا ولاية له مع الأب والجدّ ، وليس عليه مشاورة الأقارب.

ولا يتزوّج المحجور عليه لسفه لغير ضرورة ، ومعها يجوز بإذن الحاكم ، سواء عيّن أو أطلق ، وبغير إذنه لكن لو زاد عن مهر المثل بطل في الزائد.

ص: 17


1- في « ب » و « ج » : أو المجنون.
2- في « ب » و « ج » : على الصغار.

ولا ولاية لغير هؤلاء كالأمّ والعصبة والمعتق ، ولو عقد أحدهم وقف على إجازة المعقود عليه أو وليّه.

ويكفى سكوت البكر عن النطق والثيب تعرب عن نفسها.

الثاني : فيما يسلب الولاية

وهو أربعة :

الأوّل : الكفر، فلا ولاية للأب والجدّ الكافرين على الولد المسلم ، وتثبت على مثله ، ولو كان أحدهما كافرا فالولاية للمسلم ، وتزول الولاية بالردّة فإن تاب عادت.

الثاني : الرق، فلا ولاية للعبد على ولده وإن كان مثله ، سواء كان لمولاه أو لغيره ، وكذا المدبّر والمكاتب.

الثالث : عدم الكمال، فلا ولاية للصّبيّ والمجنون والمغمى عليه والسكران.

الرابع : الإحرام ،وهو يسلب عبارة المولى ، فإن أحلّ عادت ، ويصحّ من المحرم الرجعة والطلاق وشراء الإماء.

الثالث : في الأحكام

يجوز للأب والجدّ أن يتولّيا طرفي العقد ، وكذا وكيل الرشيدين ، ولوكيلها أن يزوّجها من نفسه مع الإذن ، وإلّا فلا.

ص: 18

ولو زوّج الأبوان الصغيرين لزمهما العقد ، فإن مات أحدهما ورثه الآخر ، ولو عقد غيرهما ثمّ مات أحدهما قبل البلوغ بطل العقد ، وسقط المهر ، ولا إرث.

ولو بلغ أحدهما وأجاز لزم العقد من جهته ، فلو مات عزل نصيب الآخر ، فإذا بلغ وفسخ ردّ النصيب على ورثة الميّت.

ولو أجاز أحلف أنّه لم يجز رغبة في الميراث ، وورث.

فلو مات قبل الحلف لم يرث ، ولو جنّ عزل نصيبه إلى أن يفيق.

ولو نكل الزوج ففي وجوب المهر وإرثه منه توقّف ، ولا ينسحب الحكم في البالغين.

ولو زوج أحدهما الوليّ والآخر الفضوليّ فإن مات الأوّل عزل نصيب الثاني ، وأحلف بعد بلوغه ، وإن مات الثاني قبل بلوغه بطل العقد ، وهكذا بعده قبل إجازته.

ولو كان الفضولي أحد المتعاقدين لزم العقد من طرف المباشر ، فإن كان زوجا حرم عليه الأمّ والبنت والأخت والخامسة ، وإن كانت زوجة حرم عليها نكاح غيره إلّا أن يفسخ الزوج ، والطلاق هنا يدلّ على الإجازة ، فيلزمه نصف المهر.

ولو اختار الأب زوجا والجدّ غيره ، وتشاحّا ، قدّم اختيار الجدّ ، ولو عقدا صحّ عقد السابق ، ولو اقترنا صحّ عقد الجدّ خاصّة.

ولو زوجها الوليّ بمن به عيب تخيّرت عند البلوغ ، وكذا الصّبي ولا خيار لو زوّجهما برقّ ، ويجوز للوليّ التوكيل ، ويجب تعيين الزوج.

ويجوز للرشيدة تفويض الوكيل لكن لا يزوّجها إلّا من كفو.

ص: 19

ولو زوّجها الأخوان الوكيلان فإن تعاقبا صحّ عقد الأوّل ، فإن دخل بها الثاني فرّقا ولزمه المهر إن جهلت ، ولحق به الولد ، وأعيدت إلى الأوّل بعد العدّة ، وإن اقترنا بطلا ، ولا يحكم بعقد الأكبر.

ولو كانا غير وكيلين تخيّرت في إجازة أحدهما مع الاقتران وعدمه ، وتستحبّ إجازة عقد الأكبر ، والدخول بأحدهما كالإجازة.

وعقد الأمّ يقف على الإجازة ، ولا يلزمها بالردّ مهر إلّا أن تدّعي الوكالة.

ولو قال الزوج بعد العقد : زوّجك العاقد بغير إذن فادّعته قدّم قولها مع اليمين ، ولو ادّعى الإذن فأنكرته فإن كان قبل الدّخول قدّم قولها مع اليمين ، وإن كان بعده قدّم قوله مع اليمين.

ولا يقبل عقد النكاح الخيار ، ويصحّ اشتراطه في الصداق ، ولا يفسد المعقد به.

وإذن المولى لعبده يقتضي الاقتصار على مهر المثل ، فإن زاد فعلى المولى مهر المثل ، ويتبع العبد بالزيادة ، وكذا لو عيّن له فزاد.

الباب الثاني : في الكفاءة

وهي شرط في صحّة النكاح ، وعبارة عن التساوي في الإسلام والإيمان ، فلا يتزوّج الكافر بالمسلمة ولا المخالف بالمؤمنة على الأظهر ، ولا المسلم بالحربيّة ، ويجوز بالكتابيّة متعة لا دائما ، والناصبة كالحربيّة ، والمجوسيّة كالكتابية.

ص: 20

ويستحبّ للمؤمن نكاح المؤمنة ، وتجب إجابته مع القدرة وإن كان منخفضا ، ويعصي الوليّ بردّه.

ويكره تزويج الفاسق لا سيّما شارب الخمر ، ولا يعتبر في الكفاءة الحريّة وشرف النسب واليسار ، فيجوز أن يتزوّج العبد بالحرّة ، وغير الهاشمي بالهاشميّة ، والعجمي بالعربية ، وبالعكس ، وذو الصنعة الدنيّة بالشريفة ، والفقير بالمؤسرة ، وليس لها الفسخ لو تجدّد عجزه ، [ عن النفقة ] ، وكذا لو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها ، أو ظهر تقدّم زناها.

الباب الثالث : في الصّداق
اشارة

وليس ذكره شرطا في العقد الدائم ، فهنا مطلبان

[ المطلب ] الأوّل : في ذكره ، والنظر في أمور :
[ الأمر ] الأوّل : في المهر الصحيح

وهو ما يصحّ تملّكه ، عينا كان أو منفعة ، ولا فرق بين منفعة الحرّ وغيره ، فلو أصدقها عملا محلّلا ، أو تعليم صنعة أو سورة أو إجارة الزوج نفسه مدّة معيّنة صحّ.

ويجوز للذّميين العقد على خمر أو خنزير ، ولو أسلم أحدهما بعد القبض برئ الزّوج ، وقبله تجب القيمة عند مستحلّيه ، معيّنا كان أو مضمونا.

ص: 21

ولا حدّ للمهر في القلّة والكثرة ، فيصحّ على الأقلّ من مهر السنّة والأكثر منه.

ولا يشترط ذكره ، فلو أغفله أو شرط ألا مهر صحّ ، ويجب مع الدخول مهر المثل.

ولا يجب تقدير المعيّن كهذه الصبرة ، ويجب تقدير المضمون بالكيل أو الوزن أو الوصف الرافع للجهالة ، فلو أبهمه فسد دون العقد.

ولو أصدقها تعليم سورة وجب تعيينها ، فلو أبهمها فسد المهر ، وإذا عيّنها تعيّنت وإن لم يعرفها ، ولو طلبت غيرها لم يجب إجابتها ، ولا يجب تعيين الحروف وتلقينها الجائز (1) وحدّه الاستقلال ولا يكفي تتبّع نطقه ، ولو استقلّت بالآية ثمّ نسيتها بعد تلقين الثانية لم يلزمه إعادة التعليم.

ولو تعذّر تعليمها أو تعلّمت من غيره فله الأجرة ، وكذا الصنعة.

ولو تزوّج أكثر من واحدة بمهر واحد صحّ ، وقسط على مهور أمثالهن.

ولو عقد على خادم أو بيت أو دار ولم يعيّن ولا وصف فلها الوسط.

ولو تزوّج على كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فالمهر خمسمائة درهم.

ولو تزوّجها بمهر سرّا وبآخر جهرا ، فالمعتبر الأوّل.

ولو تلف المهر قبل تسليمه ضمن مثله أو قيمته عند تلفه ، وإتلاف المرأة قبض.

ص: 22


1- المراد من « الحروف » القراءة ، المنقسمة إلى القراءة المشهورة وهي الجائزة ، والشاذّة وهي غير الجائزة ، والمصنّف أخذها بالإطلاق ولم يوجب تعين القراءة الجائزة تبعا للعلّامة في القواعد حيث قال : « لم يجب تعيين الحروف ولقّنها الجائز على رأي ». لاحظ القواعد: 3 / 74، وجامع المقاصد: 3 / 345، والمبسوط: 4 / 273 .

ولو أتلفه أجنبيّ رجعت عليه أو على الزوج.

ولها الامتناع من تسليم نفسها قبل الدخول حتّى تقبضه مؤسرا كان الزوج أو معسرا لا بعده.

وإذا دفعه الزّوج وجب عليها التمكين ، ولو طلبت الإمهال للتنظيف أو للحداد (1) أجيبت ، لا لتحصيل الجهاز أو النقاء من الحيض.

ولا تمتنع مع تأجيله ، فلو امتنعت فحلّ ففي جواز الامتناع توقّف.

ولو قبضته فامتنعت لم يكن له استرداده ، بل استرداده ، بل تجبر على التمكين.

وتمهل المريضة والصّبيّة ، ولا يجب دفعه مع تعذّر الاستمتاع ، وفي الصبيّة توقّف.

ويستقرّ المهر بالدخول قبلا أو دبرا ، وبموت أحد الزّوجين ، لا بالخلوة.

ويستحبّ تقليل المهر ، ويكره مجاوزة مهر السنّة ، والدخول قبل تقديم المهر أو بعضه أو غيره ، ولو هدية ولو دخل قبل تسليم المهر لم يسقط بل هو دين وإن طالت المدّة.

ولو لم يسمّ مهرا ودخل ، فإن قدّم شيئا كان هو المهر ، وإلّا وجب مهر المثل.

ص: 23


1- وفي القواعد : 3 / 75 : وإذا سلّم الصداق فعليه أن يمهلها مدّة استعدادها بالتنظيف والاستحداد ». وفي لسان العرب : الاستحداد : الاحتلاق بالحديد.
الأمر الثاني : في المهر الفاسد
اشارة

وله أسباب :

الأوّل : عدم قبول الملك كالخمر والخنزير مع إسلامهما أو إسلام أحدهما ، أو ما لا قيمة له كالحرّ ، أو ما لا منفعة فيه ، أو كانت غير مباحة ، فلو تزوّجها على شي ء من ذلك صحّ العقد وفسد المهر ، وكذا لو أصدقها ظرفا على أنّه خلّ فبان خمرا ، أو عبدا فبان حرّا ، ولو ظهر مستحقّا وجب مثله أو قيمته.

الثاني : جهالة المضمون ، فلو عقد على مجهول أو ضمّه إلى معلوم صحّ العقد وفسد المهر ، ويجوز الجمع بين التزويج والشراء والإجارة ، ويقسط العوض بنسبة مهر المثل والقيمة والأجرة ، ولو جمع بين تزويج أمته وبيعها بطل النكاح ، ويسقط من العوض بنسبة مهر المثل.

ولو جمعت بين نكاحها وبيع دينار بدينار صحّ النكاح بما يقتضيه التقسيط وبطل البيع ، ولو اختلف الجنس صحّ الجميع.

الثالث : عدم الغبطة ، فلو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل ، أو زوّجه بأكثر منه بطل المهر ، وصحّ العقد.

الرابع : اقتضاء ثبوته نفيه ، كما لو زوّج ابنه بامرأة وأصدقها من يعتق على الابن ، كأمّه المبتاعة بعد ولادته ، أو أخته ، فيصحّ (1) العقد ويفسد المهر ، لأنّها تعتق على الابن ، لدخولها في ملكه قبل الزوجة.

ص: 24


1- في « ب » و « ج » : صحّ.

وقد يفسد العقد والمهر كما لو زوّج عبده بحرّة وجعل رقيّته صداقها وبمخالفة الزوجة كما لو عيّنت مهرا فزوّجها بأقلّ منه ، أو لم يذكر مهرا.

ولو أطلقت التزويج اقتضى مهر المثل ، فلو زوّجها بأقلّ ردّ إليه ، ولو لم يذكر مهرا بطل العقد على توقّف.

تتمّة

عقد النكاح قابل للشرط الصحيح ، وهو ما كان سائغا مقدورا ، فلو شرط أن لا يقتضّها صحّ.

ولو أذنت بعده جاز ، ولو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم ولو شرط لها مهرا إن خرجت معه وأقلّ إن لم تخرج فأراد إخراجها إلى بلد الإسلام لزمها الخروج ، ولو أراد بلد الشرك فلها الامتناع وأخذ الزائد.

ويجوز اشتراط الخيار في المهر ، ثمّ إن اختار ثبوته لزمه ، وإلّا لزمه مهر المثل.

ولو شرط الخيار في النكاح بطل.

ولو شرط ما يخالف المشروع مثل أن لا يتزوّج عليها أو لا يتسرّى ، أو لا ينفق عليها ، أو لا يقسم لضرّتها ، أو لا يمنعها من التبرّج ، بطل الشرط خاصّة ، وكذا لو شرط تسليم المهر في وقت فإن لم يفعل فلا عقد.

ولو سمّى لها مهرا ولأبيها شيئا لزمه المهر خاصّة ، ولو شرط لأبيها من مهرها شيئا ففي لزومه قولان.

ص: 25

الأمر الثالث : في تنصيف المهر

تملك المرأة نصف الصداق بالعقد ، فلها التصرّف فيه قبل القبض وبعده ، وتختصّ بالنماء ، وينتصف بالطلاق أو بفسخ لا يكون من جهتها ، فلو لم يدفعه طالبته بالنصف ، فلو تعيّب في يده من قبله فلها نصفه ونصف الأرش (1) ، وكذا لو أخذ أرشه ، ولو كان من قبل اللّه تعالى فلها نصفه معيبا.

ولو تلف أو غصب فلها مثل نصفه أو نصف قيمته ، فلو اختلفت بين العقد والتسليم لزم الأقلّ (2) ولو دفعه رجع بنصفه ، فإن تلف ضمنت نصفه ، ولو تعيّب رجع بنصف العين والأرش إن كان بسببها ، أو استوفته وإلّا بنصف العين المعيبة.

ولا يضمن نقص السوق ، ولو زاد زيادة منفصلة فهي لها ، ولو كانت متّصلة فلها دفع نصف العين أو نصف قيمتها عارية عن الزيادة.

ولو زادت ونقصت باعتبارين كوجود صنعة وعدم أخرى لم تجبر الزوجة على دفع نصف العين ولا الزوج على أخذها ، وتجبر على دفع القيمة والزوج على أخذها.

ولو أصدقها حاملا فله نصف الجميع.

ولو أصدقها عبدين فتلف أحدهما ، فله نصف الموجود ونصف قيمة التالف.

ص: 26


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : فلو تعيّب في يده من قبلها فله نصفه ونصف الأرش.
2- في « ب » : لزمه الأقلّ.

ولو كان الصداق تعليم سورة أو صنعة فإن علّمها رجع بنصف أجرة التعليم ، وإلّا رجعت بنصف أجرته.

ولو أمهرها مدبّرة بطل التدبير ، ورجع بنصفها ، ولو عوّضها عن المهر بشي ء رجع بنصف المسمّى لا العوض.

ولو وهبته المهر المعيّن أو أبرأته من المضمون ، ثمّ طلّقها أو خلعها به ، رجع بالنّصف ، ولو وهبته نصفه ثمّ طلّقها فله الباقي.

ولو انتقل عنها بعقد لازم كالبيع والعتق رجع بنصف المثل أو نصف القيمة.

ولو تعلّق به حقّ لازم كالإجارة والرّهن ، فإن صبر حتّى يزول أخذ نصف العين ، وإلّا رجع بنصف المثل أو القيمة.

ولو باعت بخيار لها أو وهبت ولم تقبض ، أو دبّرت رجع بنصف العين.

ولو تزوّج الذميّان على خمر فأسلم أحدهما ، فإن كان قبل القبض رجعت عليه بنصف قيمته عند مستحلّيه ، لا بنصفه وإن صار خلًّا ، وإن كان بعده فله نصف القيمة لا نصفه وإن انقلب خلًّا.

الأمر الرابع : في العفو
اشارة

إذا عفت المرأة عن حقّها صحّ ، ولو عفا من بيده عقدة النكاح - وهو الأب والجدّ له لا من تولّيه أمرها - عن البعض جاز لا عن الكل.

ويجوز للزوج أن يعفو عن حقّه ، ولا يجوز لوليّه ، لعدم الغبطة.

ص: 27

ويصحّ من الزوج في العين بلفظ الهبة والعفو ، ويجب القبول والقبض لا بالإبراء ، لأنّه لا يزيل الملك.

ويصحّ في الدين بلفظ الهبة والعفو أو الإبراء ، ولا حاجة إلى القبول ، ولو عفا من عليه المال لم ينتقل عنه إلّا بالتسليم.

فرع

إذا كان المهر دينا على الزوج ، فإن عفا فهو هبة ، وإن عفت فهو إبراء ، ولو تلف في يد الزوجة انعكس الحكم ، فكلّ موضع يكون هبة لا بدّ من القبض عند التسليم.

مسألة : لو كان المهر فاسدا فأبرأته من مهر المثل بعد الدخول صحّ ، ولو أبرأته منه قبله لم يصحّ ، لعدم الاستحقاق ، وكذا لو تزوّجها مفوّضة فأبرأته قبل الدخول والفرض والطلاق من مهر المثل أو المتعة أو منهما.

تتمّة

إذا زوّج الأب أو الجدّ له الولد الصّغير وله مال لزمه المهر ، وإلّا فهو على الأب وإن بلغ الولد وأيسر ، وكذا لو مات ، ولو مات الأب أخذ من أصل تركته ، ولو دفعه إلى المرأة وطلق الولد بعد بلوغه قبل الدخول ، فله النّصف دون الأب ، وكذا لو تبرّع بالأداء عن الولد الكبير ، وفي الأجنبيّ توقّف.

ص: 28

المطلب الثاني : في التفويض
اشارة

وهو قسمان :

الأوّل : تفويض البضع

وهو أن يعقد بغير مهر ، أو يشرط عدمه ، فإذا تراضيا بعد العقد على شي ء لزمه ، سواء كان بقدر مهر المثل أو لا.

ثمّ إن طلّق قبل الدخول فلها نصفه وبعده الجميع ، وإن لم يفرض شيئا فإن طلّق قبل الدخول فلها المتعة ، وبعده مهر المثل ، سواء الحرّة والأمة ، ولا يجبان بمجرّد العقد ، فلو مات أحدهما قبل الفرض والطلاق والدخول فلا شي ء.

ولا تجب المتعة بغير الطلاق ، فلو اشترى زوجته المفوّضة بطل النكاح ، ولا مهر ، ولا متعة ، وللمرأة المطالبة بالفرض وحبس نفسها لأجله.

ويجوز الزيادة على مهر المثل والسنة ، فإن تعاسرا فرض الحاكم لها مهر المثل.

ويشترط في المفوّضة البلوغ والرشد.

وللوليّ أن يزوّج الصغيرة مفوّضة ، فتثبت المتعة بالطلاق قبل الدخول ، ومهر المثل بعده.

وقيل : لا يجوز فيثبت (1) مهر المثل بالعقد ونصفه بالطلاق (2).

ص: 29


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : وقيل : يجوز فيثبت.
2- نسبه في جامع المقاصد إلى الشيخ في المبسوط ، لاحظ جامع المقاصد : 13 / 417 ؛ والمبسوط : 4 / 294 - 295.

وللمولى أن يزوّج أمته مفوّضة ، فلو باعها فإن أجاز المشتري النكاح كان فرض المهر بينه وبين الزوج والمهر له.

ولو أعتقها قبله فأجازت العقد ، فالفرض إليه وإليها ، والمهر لها.

ويعتبر في المتعة حال الزوج فيمتّع الغنيّ بالدابّة أو الثوب المرتفع أو عشرة دنانير ، والمتوسّط بالثوب المتوسط أو خمسة دنانير ، والفقير بالدينار أو الخاتم.

ويعتبر في مهر المثل حال الزوجة في الشرف والجمال ، وعادة نسائها من أهل بلدها إن ساوتهنّ في العقل واليسار والجمال والبكارة ، وكلّما يختلف المهر بسببه ، هذا إن لم يتجاوز مهر السنّة ، فإن تجاوز ردّت إليه ، وتساويها أقاربها دون أمّها.

ويعتبر مهر المثل عند العقد ، فلا عبرة بزيادة صفاتها ونقصانها عند الوطء.

ويكره أن يدخل بالمفوّضة قبل الفرض.

القسم الثاني : تفويض المهر

وهو أن يذكر مجملا ، ويفوّض تقديره إلى أحد الزّوجين ، وفي الأجنبي توقّف ، فتقول : زوّجتك نفسي على ما شئت أو شئت أو ما شاء زيد ، فإن كان الحاكم الزوج حكم بما شاء ، قلّ أو كثر وإن زاد على مهر المثل أو السنّة ، وإن كان الزوجة لم يقدّر في طرف القلة بل في طرف الكثرة ، فلا تزيد على مهر السنّة.

ص: 30

ولو طلّقها قبل الدخول وبعد الحكم لزمه نصف ما حكم به ، وإن كان قبلهما ألزم من إليه الحكم به ، ولها نصفه.

ولو مات الحاكم قبل الحكم فلها المتعة ، ولو مات قبل الحكم وبعد الدخول فلها مهر المثل.

ولو مات بعد الحكم فلها ما حكم به سواء دخل أو لا.

الأمر الخامس : في التنازع

إذا اختلفا في أصل المهر قدّم قوله مع اليمين ، ثمّ إن طلّق قبل الدخول فعليه المتعة ، وبعده مهر المثل ، إلّا أن يقصر ما تدّعيه عنهما ، وكذا لو اختلفا في قدره أو وصفه أو في كون المدفوع هبة أو مهرا.

ولو اختلفا في التسليم قدّم قولها مع اليمين سواء دخل أو لا ، وكذا لو قالت : علّمني غير السورة أو الصنعة ، أو ادّعى تكرار العقد الواحد وادّعت تغايرهما ، فيجب عليه مهران.

ولو خلا بها فادّعت المواقعة قبلا فأنكر الزوج ، فإن أقام بيّنة بالبكارة بطلت دعواها ، وإلّا فالقول قوله مع يمينه.

والوارث تابع إلّا أنّه يحلف (1) على نفي العلم.

ولو كان أحد الزّوجين في هذه المواضع صغيرا أو مجنونا أخّر يمينه حتّى يكمل.

ص: 31


1- في « أ » إلّا أن يحلف.

القسم الثاني : في النكاح المنقطع

اشارة

وهو سائغ في الإسلام لتحقّق شرعه وعدم نسخه ، وفيه مطلبان

[ المطلب ] الأوّل : في أركانه

وهي أربعة :

الأوّل : العقد ، وإيجابه وقبوله كالدائم ، ويزيد وجوب ذكر المهر والأجل ، فتقول : متّعتك نفسي مدّة كذا وكذا ، والقبول كلّ لفظ دلّ على الرضى مثل : قبلت ، ورضيت.

ولا ينعقد بلفظ الهبة والإجارة وغيرها من العقود.

ويصحّ تقديم القبول مثل تمتّعتك مدّة كذا بكذا ، فتقول متعتك أو زوّجتك أو أنكحتك.

ولا يصحّ بغير الماضي على الأقوى.

الثاني : المتعاقدان، ويشترط كمالهما ، وكون الزوج مسلما أو مؤمنا إذا كانت الزوجة كذلك ، وكون الزوجة مسلمة أو كتابيّة ، ويمنعها من شرب الخمر وارتكاب المحارم ، وتحرم على المسلم الوثنيّة والناصبيّة.

ولا يجوز إدخال الأمة على الحرّة ، ولا بنت الأخ أو الأخت على العمّة أو الخالة إلّا بإذنهما ، وحكم الدائم في المصاهرة.

ص: 32

ويستحبّ أن يستأذن أبا البكر.

ويكره أن يتمتّع ببكر لا أب له ، فإن فعل فلا يفتضّها ، وبالزانية.

تفريع : لو أسلم المشرك على كتابيّة استقرّ العقد وإن لم يدخل ، ولو أسلمت قبله ، انفسخ العقد قبل الدخول ، وبعده تنتظر العدّة أو المدّة فأيّهما انقضت قبل إسلامه انفسخ ، ولزمه المهر.

ولو أسلم على وثنية قبل الدخول انفسخ ، وبعده يقف على انقضاء العدّة أو المدّة.

الثالث : ذكر المهرفيبطل العقد بإهماله ، ويشترط فيه صحّة التملك ، وتقديره بالكيل ، أو الوصف ، أو الوزن ، أو المشاهدة ، وحدّه التراضي فيصحّ على كفّ من برّ ، ويجب [ دفعه ] بالعقد ويستقرّ بالدخول بشرط الوفاء بالمدّة ، فلو أخلّت ببعضها وضع منه بنسبتها.

وينتصف بهبة المدّة قبل الدخول.

ولو ظهر فساد العقد قبل الدخول فلا شي ء وتردّ ما أخذت ، ولو كان بعده فلها المسمّى مع جهلها ، ولا شي ء مع علمها.

ولو منع من الاستمتاع بحيض أو مرض أو موت أو ظالم لم ينقص من المهر شي ء وإن استغرق المدة.

الرابع : ذكر الأجل ، ويجب تقديره بالزمان المضبوط كاليوم ، والليلة ، والشهر ، والسنة ، فلو أبهمه أو قيّده بعمل كخياطة الثوب بطل.

ولو أخلّ به فالأكثر ينقلب دائما ، وقيل : يبطل (1) وإن قيّده ببعض يوم فإن

ص: 33


1- وهو قول العلّامة في القواعد : 3 / 52.

قرنه بغاية معلومة كباقي هذا اليوم أو إلى الزوال صحّ ، وإلّا فلا.

ولو قال : مرّة أو مرّتين فإن قيّده بزمان مضبوط صحّ وإلّا فلا ، ولو انقضى الزمان قبل الفراغ بطل ، ولا حدّ للزمان في القلّة والكثرة.

وإطلاق العقد يقتضي اتّصال المدّة بالعقد ، ويجوز تأخيرها عنه ، فليس له وطؤها ولا نكاح أختها ولا بنتها قبل حضورها ، وليس لها نكاح غيره ، ولو مات بطل العقد ولا مهر ولا عدّة.

المطلب الثاني : في أحكامه

للبالغة الرشيدة أن تعقد بغير إذن الوليّ وإن كانت بكرا ، ولا يجب بهذا العقد نفقة ولا ميراث وإن شرطا.

وتقبل الشروط السائغة وتلزم إذا وقعت في متنه ، ولا يجب إعادتها بعده ، ولا عبرة بالمتقدّمة والمتأخّرة ، ويجوز اشتراط الإتيان ليلا أو نهارا ، والعزل بغير إذنها ، ويلحق به الولد ، وينتفي بنفيه بغير لعان ، ويقع بها الظهار دون الطلاق واللعان والايلاء وتبين بانقضاء المدّة أو هبتها.

وتعتدّ مع الدخول بحيضتين ، ولو لم تحض وهي في سنّه فبخمسة وأربعين يوما.

وتعتدّ الحائل من الوفاة (1) بأربعة أشهر وعشرة أيّام وإن لم تدخل ، والحامل بأبعد الأجلين ، والأمة الحائل بشهرين وخمسة أيّام ، والحامل بأبعد الأجلين.

ص: 34


1- في « أ » : في الوفاة.

القسم الثالث : في نكاح الإماء

اشارة

ويستباح بأمرين :

الأوّل : العقد
اشارة

الأوّل : العقد (1)

وفيه فصلان

[ الفصل ] الأوّل في محلّه

وفيه مباحث

الأوّل : لا يجوز العقد على أمته إلّا أن يجعل عتقها مهرها ، ولا على أمة غيره إلّا بإذنه وإذن زوجته الحرّة ، ولا يشترط عدم الطول وخوف العنت.

فلو تزوّج بغير إذن المولى وقف على الإجازة ، فلو وطأ قبلها عالما بالتحريم فهو زان ويجب الحدّ والمهر إن كانت جاهلة ، وأرش البكارة مطلقا ولو علمت وطاوعت حدّت أيضا ولا مهر ، والولد رقّ للمولى.

ولو وطأ جاهلا أو بشبهة فلا حدّ ، والولد حرّ ولمولاها قيمته يوم ولد حيّا والمهر إن كانت جاهلة وإلا فلا.

ص: 35


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : أحدهما العقد.

ولو ادّعت الحريّة فعقد عليها لزمه العشر إن كانت بكرا ونصفه إن كانت ثيّبا ، ويستعيد المهر ، ولو تلف تبعت به ، والولد رقّ ويفكّه الزّوج بقيمته يوم سقط حيّا ، ويلزم المولى دفعه ، ولا يتبعها به ، وإن كان معسرا سعى في القيمة ، فإن أبى (1) قيل : يفديهم الإمام من سهم الرقاب (2) وقيل : من سهم الغارمين.

الثاني : لو تزوّج أمة بين اثنين فاشترى حصّة أحدهما بطل العقد وإن أجازه الشريك أو أحلّها ، ولو كان بعضها حرّا لم يجز للمالك وطؤها بالملك ولا بالعقد دائما أو منقطعا ، وإن هاياها وعقد في الزمان المختصّ بها ، وكذا لو عقد غيره.

الثالث : لا يجتمع العقد والملك، فلو ملك زوجته أو بعضها ، أو ملكت زوجها أو بعضه ، انفسخ العقد. ثمّ إن كان المالك الرجل استباحها بالملك ، وإن كان المرأة حرمت إلّا أن تعتقه وتجدّد العقد.

الرابع : لو تزوّج العبد بحرّة بغير إذن مولاه ، فإن علمت بالتحريم فلا مهر ولا نفقة ، والولد رقّ ، وإن جهلت تبع العبد بالمهر ، والولد حرّ ولا قيمة عليها ، ولو أذن مولاه فالولد حرّ ، ولو شرط رقّه لزم ، وكذا لو زوّج أمته بحرّ وشرط رقّ الولد ، وحينئذ يمكن أن يكون العلوي رقّا ، فلو كوتب منع من الزكاة لا من الخمس.

الخامس : ليس للعبد ولا للأمة العقد بغير إذن مولاهما، فلو بادر أحدهما وقف على الإجازة ، ولا يجب تخصيص الإذن ، فلو أطلقه تخيّر المأذون في التعيين ، وإذا أذن مولى العبد فعليه المهر والنفقة لزوجته أو لمولى الأمة فلو أعتقه

ص: 36


1- في « أ » : فإن كان أبى.
2- وهو قول الشيخ في النهاية : 477 ، والقاضي في المهذب : 2 / 216.

سقطت عنه النفقة دون المهر ، ولو باعه وجبت على المشتري إن أجاز.

ولو تعدّد المولى افتقر إلى إذن الجميع.

والإجازة تنفيذ فتجب نفقة المدّة الّتي قبلها.

السادس : إذا زوّج أمته فعليه تسليمها إلى زوجها ليلا ، ويجب كمال النفقة ، وقيل : ليلا ونهارا ، وللزوج نقلها إلى منزله ، وللمولى السفر بها ، فتسقط النفقة إلّا أن يصحبها الزوج ، وليس للمولى منعه.

السابع : إذا زوّج عبده بأمته وجب القبول، ويستحبّ للمولى أن يعطيها شيئا ، ولو تزوّج بأمة غيره فإن أذنا أو لم يأذنا فالولد لهما إلّا أن يشترطه أحدهما ، ويجوز أن يشترط الأكثر ، ولو أذن أحدهما فالولد للآخر ولو كان أحدهما مشتركا فأذن أحدهما ومولى المختصّ فالولد للجميع على توقف.

الثامن : لو زنى العبد بأمة مولاه أو تزوّجها بغير إذنه ، فالولد رقّ.

ولو زنى بأمة غيره فالولد لمولى الأمة.

ولو زنى بالحرّة فالولد حرّ.

ص: 37

الفصل الثاني : في مبطلاته
اشارة

وهي ثلاثة :

الأوّل : العتق

إذا أعتقت (1) الأمة فلها الفسخ ، سواء كان زوجها حرّا أو عبدا ، ولو كانت تحت عبده أو عبد غيره ثمّ أعتقا دفعة أو على الترتيب ، فلها الخيار خاصّة ولا خيار للعبد لو أعتق ولا لزوجته إن كانت حرّة ، ولا لمولاه ، ولا لمولى زوجته.

والخيار على الفور ، فلو جهلت ثبوته أو عتقها أو الفوريّة لم يسقط ، ولا خيار للصغيرة والمجنونة إلّا بعد الكمال ، ولو أعتقت في العدّة الرجعيّة فلها الفسخ ، فإن فسخت منع من الرجعة ، واتمّت عدّة الحرّة ، وإن لم تفسخ فراجع فلها الفسخ ، وتستأنف عدّة الحرّة.

ولو أعتق بعضها فلا خيار حتّى يعتق الباقي ، ولو فسخت قبل الدخول فلا شي ء لها ، وبعده لها المسمّى.

ويجوز أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها ، ويلزم العقد ، ولا يشترط تقديم العقد ولا العتق ، فيقول : أعتقتك ، وتزوّجتك ، وجعلت عتقك مهرك ، ولا يجب القبول ، ولا يتعدّى إلى أمة الغير.

ولا يصحّ عتق بعض الأمة مهرا ، سواء كان الباقي حرّا أو رقّا أو لغيره ،

ص: 38


1- في « أ » : عتقت.

ولا عتق جميعها وجعل بعضه مهرا على توقّف.

ولو كان ثمنها دينا فأعتقها ، وجعل عتقها مهرها ، ثمّ أولدها ، وأفلس بالثمن ، ومات قيل : تباع في الدين ويصير الولد رقّا (1) وفيه توقّف.

فإذا طلّقت المجعول عتقها مهرها قبل الدّخول ، نفذ العتق ورجع عليها بنصف القيمة عند العقد.

ولا تنعتق الأمة بالاستيلاد ، بل يمنع المولى من بيعها ، وتعتق بوفاته من نصيب ولدها ، فإن نقص أو لم يخلف سواها سعت في الباقي دون الولد ، ولو مات قبل أبيه عادت رقّا وجاز بيعها.

ويجوز البيع مع وجوده في ثمن رقبتها إذا لم يملك المولى سواها ولا تباع في الدين إذا قصرت التركة عنه.

الثاني : البيع

إذا بيع أحد الزوجين فللمشتري الفسخ والإمضاء على الفور ، سواء كانا رقّين أو أحدهما ، ولو كانا لاثنين فبيع أحدهما تخيّر المشتري ، فإن أجاز تخيّر مالك ، الآخر ، وإن بيعا واتّحد المشتري تخيّر ، وإن تعدّد فلكلّ الخيار.

فلو اختلفا قدّم الفسخ ، ولو كانا لواحد واتّحد المشتري تخيّر ، وإن تعدّد تخيّرا فلو تخالفا قدّم الفسخ.

ولو باع أحدهما تخيّر البائع والمشترى.

ص: 39


1- وهو قول الشيخ في النهاية : 544 - 545.

ولو باع الأمة قبل الدخول ، فإن فسخ المشتري سقط المهر ، وإن أجاز كان له.

ولو باعها بعده ، فالمهر له ، سواء أجاز المشتري أو لا.

ولو باع العبد فللمشتري الفسخ وإن كانت زوجته حرّة ، وعلى البائع نصف المهر إن كان قبل الدخول ، والجميع بعده.

ولو باع أمته ثمّ ادّعى أنّ حملها منه وأنكر المشتري ، لم يقبل قوله في فساد البيع (1) ، ويقبل في التحاق الولد ، لأنّ إمكان الضرر بشرائه قهرا نادر. (2)

الثالث : الطلاق

إذا تزوّج العبد بإذن مولاه فالطلاق بيده ، وليس له إجباره عليه ، ولا منعه منه إذا كانت زوجته حرّة أو أمة غيره ، ولو كانت أمة مولاه فله التفريق بغير لفظ الطلاق ، كالفسخ والأمر بالاعتزال ، ولا يعدّ في الطلقات.

وليس الأمر بالطلاق فسخا ، ولو طلّقها الزوج ثمّ باعها مولاها أتمّت العدّة وكفت عن استبراء المشتري.

ص: 40


1- لأنّ البائع يدّعي أنّه باع أمّ الولد وبيع أمّ الولد في غير المواضع المستثناة باطل.
2- لمّا كان قبول إقراره في الولد موجبا لضرر المشتري وذلك عند ما مات البائع ولم يكن له وارث غير الولد المقرّ به ، فعندئذ يشترى الولد من تركة البائع ، وهذا يورث ضررا على المشتري. فدفع المصنف هذا الإشكال بأنّه فرد نادرٌ لا يوجب عدم قبول إقراره. ولاحظ جامع المقاصد: 13 / 149 _ 150 .
الأمر الثاني : الملك
اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : ملك اليمين

للإنسان أن يطأ بملك اليمين ما شاء ، والجمع بين الأمّ وبنتها في الملك ، فإن وطئ إحداهما حرمت الأخرى عينا ، والجمع بين الأختين فيه ، فإن وطئ إحداهما حرمت الأخرى جمعا ، فإن أخرج الموطوءة عن ملكه حلّت الأخرى وإلّا فلا.

وللأب أن يملك موطوءة ابنه ، ويحرم وطؤها ، وكذا الابن.

وتحرم الأمة المشتركة على الشريك بالعقد والإباحة ، وتحلّ لغيرهما بأحدهما.

وإذا زوّج أمته حرم عليه الوطء والنظر بشهوة إلى ما لا يجوز لغير المالك حتّى يفارقها الزّوج وتعتدّ ، وليس له فسخ العقد ، ولا للمشتري إذا أجاز النكاح أو علم به وسكت ، ولو لم يجز كفى (1) الاستبراء عن العدّة.

وكلّ من ملك أمة حرم عليه وطؤها حتّى يستبرئها بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما إن لم تحض وهي في سنّه ، ويجب على البائع قبل البيع ، ويسقط عن المشتري بإخبار البائع العدل ويسقط أيضا بما تقدّم.

ص: 41


1- في « أ » : كفاه.

ولو تقايلا البيع بعد القبض وجب الاستبراء ، ولو أعتقها وتزوّجها سقط ، لكن يستحبّ.

ولو وطئها ثمّ أعتقها حرمت على غيره حتّى تعتدّ عدّة الطلاق.

ويجوز شراء ذوات الأزواج من أهل الحرب وبناتهم ، وما يسبيه أهل الضّلال [ منهم ].

البحث الثاني : ملك المنفعة والنظر في الصيغة والشروط والحكم

أمّا الأوّل : فهي : أحللت لك وطأها ، أو جعلتك في حلّ من وطئها ، وفي الإباحة قولان ، ولا يستباح بالإجارة ، والعارية ، والهبة ، والتمليك ، وبيع منفعة البضع ، ولا يفتقر إلى القبول ، لأنّه إباحة فيجوز تحليل أمته لمملوكه.

وأمّا الثاني : فيشترط في المحلّل الملك ، فلا يصحّ من غير المالك إلّا مع الإجازة ، وتمامه فلو أحلّه الشريك لم يحلّ ، وجواز التصرّف فلا يصحّ من المحجور عليه ، والتمكّن من التصرّف فلا يصحّ تحليل المرهونة والموقوفة والمكاتبة وإن كانت مشروطة ، ويجوز تحليل المدبّرة وأمّ الولد ، وفي المحلّل له والمحلّلة إباحة الوطء فلا تحلّ المسلمة للكافر والناصب وبالعكس ، ولا المؤمنة للمخالف ، ولا للمحرمة بالنسب والمصاهرة ، ولا يشترط تعيين المدّة.

وأمّا الثالث : فيجب الاقتصار على مدلول اللفظ وما دلّت عليه القرينة ، فلو أحلّ له الوطء حلّ له مقدّماته بخلاف العكس ، ولو أحلّ له الخدمة لم يحلّ له الوطء ولا شي ء من مقدّماته وكذا العكس ، فلو وطئ عالما بالتحريم

ص: 42

فالولد رقّ للمولى ، ويجب الحدّ والعقر مع جهلها أو إكراهها ، ولو كان جاهلا بالتحريم فالولد حرّ وعليه قيمته للمولى يوم ولد حيّا.

وولد المحلّلة حرّ وإن لم يشترط الحريّة.

ولا بأس بوطء الأمة وفي البيت غيره والنوم بين أمتين ، ويكره ذلك في الحرّة.

ص: 43

المقصد الثاني : في أسباب التحريم

اشارة

وهي خمسة :

الأوّل : النسب

وتحرم به الأمّ والجدّة للأب أو للأمّ (1) وإن علت ، والبنت وبنتها وبنت الابن وإن نزلن ، والأخت وبنتها وبنت الأخ وإن سفلن لأب وأمّ أو لأحدهما ، والعمّة وإن علت لأب أو لأمّ أو لهما وكذا الخالة.

ويحرم على النساء مثلهنّ من الرجال ، فيحرم الأب وإن علا ، والولد وإن نزل ، والأخ وابنه وابن الأخت وإن نزلا ، والعمّ والخال وإن ارتفعا.

ويثبت النسب بالنكاح الصحيح والشبهة لا بالزنا.

والتحريم يتبع اللغة ، فلو أولد من الزنا ولدا ، فإن كان ذكرا حرم على أمّه ، وإن كان أنثى حرمت على أبيه ، وكذا النظر ، ولا يلحقه غير ذلك من توابع النسب ، كالعتق ، والشهادة ، والقود ، وتحريم الحليلة ، وغير ذلك.

ص: 44


1- في « أ » : أو الأمّ.

ولو وطئت المطلّقة (1) بالشبهة ، ثمّ أتت بولد لستّة أشهر من وطء الأوّل ، ولأقلّ من وطء الثاني ألحق بالأوّل ، ولو كان لستّة من وطء الثاني ولعشرة من وطء الأوّل ألحق بالثاني ، ولو كان لأقلّ من ستّة من وطء الثاني ولأكثر من عشرة من وطء الأوّل ، لم يلحق بأحدهما ، ولو كان لستّة من وطء الثاني ولأقلّ من عشرة من وطء الأوّل فهو للثاني ، واللبن تابع للنّسب.

ولو أنكر ولده ولا عن انتفى النّسب وتبعه اللبن ، ولو أكذب نفسه عاد النسب ولم يرثه الأب.

الثاني : الرضاع

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في أركانه

وهي ثلاثة :

الأوّل : المرضعة ، وهي كلّ امرأة حيّة حامل ووالدة (2) عن نكاح صحيح وإن فسد عندنا ، وكذا عن الشبهة ، فلا اعتبار بلبن الرجل والبهيمة والميتة ، وبما درّ من غير حمل أو ولادة ، أو كان عن زنا ، فلا ينشر شي ء من ذلك وإن تمّم به.

ص: 45


1- في « أ » : ولو وطئت الأمة.
2- اقتصر العلّامة في القواعد على لفظة « حامل » ، وفي التحرير على « والدة » والمصنّف جمع بين التعبيرين في الكتابين ، لاحظ القواعد : 3 / 21 ؛ والتحرير : 3 / 447.

ولا يشترط في النشر إذن الزّوج والمولى ، ولا بقاء الزوج ، ولا النكاح ، فلو أرضعت بلبنه بعد موته نشر الحرمة إلى أقاربه.

ولو أرضعت زوجة الميّت ، أو المطلّقة الحامل أو المرضعة ، نشر وإن خرجت العدّة ، وكذا لو انقطع ثمّ عاد ، أو زاد أو نقص.

ولو تزوّجت بآخر وحملت منه فاللبن للأوّل ، ولو انقطع ثمّ عاد فإن أمكن أنّه للثاني كان له ، وإلّا فللأوّل ، ولو استمرّ إلى الوضع فما قبل الوضع للأوّل (1) وما بعده للثاني.

ويستحبّ اختيار العاقلة المؤمنة العفيفة الوضيئة (2) ، فإن اضطرّ إلى الكافرة استرضع الكتابيّة ، ويمنعها من أكل لحم الخنزير وشرب الخمر ، ولا يمكّنها من حمله إلى منزلها.

وتكره المجوسيّة ومن ولدت من الزنا.

الثاني : اللّبن ، ويشترط وصوله صرفا إلى جوف الصّبي بالامتصاص من الثدي ، فلو أكله جبنا أو أقطا (3) أو خرج بما وضع في فيه من كونه لبنا ، أو وجر في حلقه ، أو حقن به ، أو أسعط به ، أو قطر في إحليله حتّى يصل إلى الجوف لم ينشر.

الثالث : المحلّ ، وهو معدة الرضيع الحي ، فلو أرضعت الكبير أو الميّت لم ينشر.

ص: 46


1- في « أ » : فلأوّل.
2- في مجمع البحرين : امرأة وضيئة : أي حسنة جميلة.
3- قال في مجمع البحرين : الأقط - بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها - : لبن يابس مستحجر يتخذ من مخيض الغنم.
الفصل الثاني : في شروطه

وهي ثلاثة :

الأوّل : أن ينبت اللحم ويشدّ العظم ، أو يكون يوما وليلة ، أو خمسة عشر رضعة.

ولا بدّ من إكمال الرضعة ، وهو أن يروى ويصدر من قبل نفسه ، فلو لم يكملها أو منع من إكمالها لم تحسب ، ولو لفظ الثدي ثمّ عاوده فإن كان إعراضا فهي رضعة وإلّا فالجميع رضعة.

و [ لا بدّ ] من تتالي الرضعات من امرأة واحدة ، فلو فصل بلبن أخرى أو أكمله به بطل حكم الأوّل وإن اتّحد الفحل.

ولو وجر في حلقه من لبن أخرى ، أو تخلّله مأكول أو مشروب لم يعدّ فصلا.

ولو شكّت في العدد أو في وقوعه في الحولين فلا تحريم.

الثاني : وقوعه في الحولين بالنسبة إلى المرتضع لا إلى ولد المرضعة فلو كمل لولدها حولان ثمّ أرضعت من له أقلّ نشر ، وبالعكس لم ينشر ، ولو كملت الأخيرة بعد الحولين لم ينشر ، ولو تمّت بتمامها نشر.

الثالث : اتّحاد الفحل ، فلو أرضعت جماعة بلبن فحل واحد حرم بعضهم على بعض ، وكذا لو تعدّدت زوجاته وأرضعن جماعة ، ولو أرضعت اثنين بلبن فحلين لم ينشر ، وكذا لو أرضعت واحدا بلبن فحلين.

ص: 47

الفصل الثالث : في أحكامه
اشارة

وهي مسائل :

الأولى : إذا تمّت شرائطه انتشرت الحرمة من المرتضع إلى المرضعة والفحل ومنهما إليه ، فتصير المرضعة أمّا ، والفحل أبا وآباؤهما أجدادا وجدّات ، وأولادهما إخوة وأخوات ، وإخوتهما أعماما وأخوالا.

فيحرم على المرتضع أمّهات الفحل والمرضعة وأخواتها ومثلهنّ من الرجال لو كان المرتضع أنثى.

ولا تحرم عليه أمّ المرضعة ولا أختها من الرّضاع ، ولا عمّتها وخالتها منه ، ولا بنات أختها وأخيها منه ، لعدم اتّحاد الفحل.

ويحرم عليه أولاد الفحل ولادة ورضاعا وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.

ويحرم على أب المرتضع أولاد الفحل ولادة ورضاعا وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.

ولا تحرم المرضعة على أبيه ولا على أخيه ، ويجوز لأولاد أبيه الّذين لم يرتضعوا من لبن هذا الفحل النكاح في أولاد المرضعة وأولاد فحلها ولادة ورضاعا على الأقوى.

ولو أرضعت ابنا لقوم وبنتا لآخرين لم يحرم إخوة كلّ واحد منهما على إخوة الآخر قطعا وإن اتّحد الفحل.

الثانية : كلّما منع الرّضاع من النكاح سابقا يبطله لاحقا ، فلو أرضعت

ص: 48

أمّه أو جدته أو أخته أو زوجة الأب زوجته الصغيرة فسد النكاح ولزمه نصف المسمّى وإلّا المتعة ، ويرجع به على المرضعة إن تولّت الإرضاع وإلّا فلا.

ولو أرضعت زوجته الكبيرة زوجته الصغيرة بلبنه حرمتا مطلقا ، ولو كان بلبن غيره حرمتا إن دخل بالكبيرة ، وإلّا حرمت الكبيرة خاصّة ويلزمه مهر الكبيرة مع الدخول ، وإلّا فلا ، ونصف مهر الصغيرة ، ويرجع به على الكبيرة إن تولّت الإرضاع وإلّا فلا.

ولو أرضعت الكبيرة الأصاغر بغير لبنه ، حرم الجميع إن دخل بالكبيرة ، وإلّا حرمت الكبيرة ، ولو كان بلبنه حرم الجميع مطلقا ، ولو أرضعت الكبيرتان الصغيرة بلبنه انفسخ وحرمن مطلقا ولو كان بلبن غيره حرمت الصّغيرة والأولى قطعا ، وفي الثانية خلاف.

ولو أرضعت الكبيرة الصغيرتين بلبنه دفعة حرم الجميع ، ولو كان بلبن غيره حرمت الكبيرة مطلقا والصغيرتان إن دخل بالكبيرة.

ولو تعاقب حرمن جمع إن كان بلبنه ، وإلّا حرمن مع الدخول ، ومع عدمه تحرم الكبيرة ، وينفسخ نكاح الأولى خاصّة ، لأنّ الثانية رضعت من الكبيرة ، وهي بائن.

نعم لو أرضعت ثالثة انفسخ نكاحهما للجمع بين الأختين.

الثالثة : لو تزوّجت [ الأمة ] بصغير ثمّ فسخت لعتقها أو لعيب ثمّ تزوجت بكبير وأرضعته بلبنه حرمت عليهما. أمّا الكبير فلأنّها كانت حليلة ابنه

ص: 49

[ من الرضاع ] ، وأمّا الصغير فلأنّها منكوحة أبيه (1) ، وكذا لو تزوجت بكبير ثمّ طلّقها وتزوّجت بصغير ثمّ أرضعته بلبنه.

الرابعة : لو كان لواحد زوجة كبيرة ولآخر صغيرة ثمّ طلّقا ، وتزوّج كلّ واحد بزوجة الآخر ، ثمّ أرضعت إحداهما الأخرى ، حرمت الكبيرة عليهما مؤبّدا ، والصغيرة على من دخل بالكبيرة.

الخامسة : لو وطئ أمته ثمّ أرضعت زوجته بلبنه حرمتا ، ولم يزل الملك ، وعليه نصف المهر ، ولا يرجع به على الأمة إلّا أن تكون مكاتبة ، ولو كانت موطوءة بالعقد تبعت به ، ولو كان اللبن لغيره حرمتا إن دخل بالأمة ، وإلّا الأمة خاصّة.

السادسة : لو زوّج أمته الموطوءة بصغير ثمّ أرضعته حرمت عليهما.

السابعة : لو زوّج ابنه الصغير بابنة أخته [ أو أخيه ] (2) الصغيرة ثمّ أرضعت جدّتهما أحدهما انفسخ النكاح ، لأنّ المرتضع إن كان الذكر فهو إمّا عمّ أو خال ، وإن كان الأنثى فهي إمّا عمّة أو خالة. (3)

ص: 50


1- وعلّل في جامع المقاصد : تحريمها على الصغير بأنّه ابنها من الرضاع وهو أوضح ممّا ذكره المصنّف. لاحظ جامع المقاصد : 12 / 246.
2- في « أ » : « بابنة أخيه ».
3- وعلى هذا فما جعلناه بين المعقوفتين « أو أخيه » ممّا لا محيص عنه في تقويم النصّ. وفي القواعد مكان العبارة : « لو أرضعت جدّة الصغيرين أحدهما انفسخ النكاح ، لأنّ المرتضع إن كان هو الزوج فهو إمّا عمّ زوجته أو خال ، وإن كان الزوجة فهي إمّا عمّة أو خالة لزوجها ». القواعد : 3 / 27.
تتمّة :

يثبت الرضاع بشاهدين ، أو بشاهد وامرأتين ، وبأربع نساء ، ويجوز أن تكون المرضعة إحداهنّ إلّا أن تدّعي أجرة.

ولا يثبت الإقرار به إلّا بشاهدين.

ويشترط في المتحمّل (1) مشاهدة الصّبي ملتقما ثدي المرأة ماصّا له ، والكرع (2) حتّى يصدر ، ثمّ يذكر الوقت أو العدد ، ولا تقبل إلّا مفصّلة ، ويجوز الإطلاق في الإقرار به.

السبب الثالث : في المصاهرة وتوابعها

اشارة

أمّا المصاهرة فلا ريب في تحقّقها بالنكاح الصحيح ، وفي ثبوتها بوطء الشبهة والزنا والنظر واللمس قولان ، فيحرم على من وطئ بالعقد الدائم ، أو المنقطع ، أو الملك : أمّ الموطوءة وإن علت ، وبناتها وإن نزلن ، تقدّمت ولادتهنّ (3) أو تأخّرت وإن لم تكن في حجره ، تحريما مؤبّدا.

ص: 51


1- في « أ » : التحمّل.
2- في مجمع البحرين : كرع من الماء - من باب نفع - كروعا : شرب بفيه ، وإن شرب بكفّيه فليس بكرع.
3- في « أ » و « ج » : الولادة.

ولو تجرّد العقد [ عن الوطء ] حرمت الأمّ عينا ، والبنت جمعا.

ويشترط لزوم العقد من طرفه ، فلو عقد الفضولي عن الزوجة حرمت الأمّ قبل الفسخ ، وتحلّ بعده.

والرضاع كالنّسب في ذلك كلّه ، وتحرم منكوحة الابن على الأب وبالعكس ، ولو وطئ أحدهما زوجة الآخر لم تحرم على الزّوج ، ولو كان لشبهة لزمه (1) مهر المثل ولو عاودها الزوج لم يلزمه غير المهر الأوّل.

ولو وطئ أحدهما مملوكة الآخر لم تحرم على المالك ، ولا يحرم الملك بالوطء وبالعكس.

ولا يجوز لأحدهما وطء مملوكة الآخر إلّا بعقد أو ملك أو إباحة ، فإن بادر من دون ذلك كان زانيا ويحدّ الابن دون الأب ، ويسقط الحدّ بالشبهة.

ولو حملت مملوكة الأب من الابن لشبهة عتق الولد مطلقا.

ولو حملت مملوكة الابن من الأب بذكر لم يعتق عليه ، وعلى الأب فكّه ، ولو كان بأنثى عتقت على الابن ولا قيمة على الأب ، ولا عتق مع الزنا.

ويجوز للأب تقويم جارية ولده الصّغير ثمّ يطأها.

فرع :

الدّخول المحرّم يتناول الفرجين ، ولا يشترط إباحة الوطء ، ولا البلوغ والعقل ، ووطء الشبهة والزنا كالصحيح ، فلو وطئها لشبهة أو زنى بها حرمت أمّها

ص: 52


1- في « ب » و « ج » : لزم الواطئ.

وبنتها ، ولو كان النكاح سابقا فلا تحريم ، ولو وطأ امرأة بزنا أو بشبهة حرم على أبيه وولده نكاحها.

ولا خلاف في تحريم بنت العمّة والخالة إذا زنى بأمّهما قبل العقد عليهما ، ولو تأخّر فلا تحريم.

وأمّا نظر الأب أو الابن إلى ما لا يحرم على غير المالك ، كالنظر إلى الوجه ولمس الكفّ ، فلا ينشر الحرمة قطعا.

وما يحرم على غير المالك كنظر الفرج ، ولمس باطن الجسد بشهوة ، والقبلة ، فالأقوى أنّه لا ينشر الحرمة إلى أب الناظر واللامس وابنه ، وكذا لا تحرم أمّ المنظورة والملموسة ولا بنتهما ولا أختهما.

وأمّا التوابع فأمران

الأوّل : في أسباب تحريم العين

وهي سبعة :

الأوّل : من عقد على امرأة في عدّتها عالما حرمت أبدا ، ولو جهل العدّة والتحريم فكذلك إن دخل وإلّا فسد ، وله الاستئناف بعد الانقضاء ، ومع الجهل يلحق به الولد إن جاء لستّة أشهر فصاعدا من دخوله ، وعليه المهر إن جهلت ، وتتمّ عدّة الأوّل ثمّ تستأنف عدّة للثاني.

ويحرم العقد على ذات البعل ، ولا يلحق بالمعتدّة ، وكذا لو وطئ في مدّة الاستبراء.

ص: 53

وعدّة البائن والرجعيّة والوفاة سواء ، وفي تربّص المسترابة توقّف.

الثاني : من زنى بذات بعل أو في عدّة رجعية حرمت أبدا ، دون الأمة الموطوءة ، ولو زنى بأيّم أو في عدّة البائن لم تحرم ، ولو زنت امرأته لم تحرم وإن أصرّت ، ولا يحرم نكاح الزانية وإن اشتهرت.

الثالث : من لاط بغلام حي أو ميّت فأوقبه حرمت عليه أمّه وأخته وبنته إن سبق وإلّا فلا ، ولا فرق بين الصّغير والكبير في الفاعل والمفعول به ، وفي الخنثى المشكل توقّف.

الرابع : لو عقد المحرم عالما حرمت أبدا وإن لم يدخل ، ويفسد مع الجهل ولم تحرم وإن دخل.

الخامس : من طلّق تسعا للعدّة ينكحها بينها رجلان حرمت أبدا إن كانت حرّة ،

وأربعة رجال إن كانت أمة.

وتسمية التسع للعدة مجاز إمّا من تسمية الشي ء باسم أكثر أجزائه ، وإمّا باسم مجاوره. (1)

السادس : يحرم وطء زوجته قبل بلوغها تسعا ،فإن أفضاها حرمت مؤبّدا ، وتبين بغير طلاق ، ويجب عليه نفقتها حتّى يموت أحدهما ما لم تتزوّج بغيره إلّا أن تفارقه.

ولا يثبت ذلك في الكبيرة والأمة والأجنبيّة.

ص: 54


1- قال العلّامة في القواعد : 3 / 33 : إطلاق الأصحاب كون التسع للعدّة مجاز ، لأنّ الثالثة من كلّ ثلاث ليست منها ، بل هي تابعة للأوليين ، فلو وقعت الثانية للسنّة ، فالّتي للعدّة الأولى لا غير ، ولو كانت الأولى فكذلك على الأقوى.

السابع : من لاعن زوجته حرمت عليه أبدا ، وكذا من قذف زوجته الصّمّاء أو الخرساء (1) بما يوجب اللعان ، وتبين بغير طلاق.

ويكره للحرّ أن يعقد على الأمة إلّا أن يعدم الطول ويخشى العنت.

الثاني : في أسباب تحريم الجمع

وهي ثلاثة :

الأوّل : يحرم الجمع بين الأختين في النكاح لا في الملك ، فلا تحلّ أخت الزوجة قبل مفارقتها وانقضاء العدّة ، ولو تزوّجهما صحّ السّابق ، ولو اشتبه أقرع ، ولو كان في عقد أو اقترن العقدان بطل ، وليس له التخيير.

ولا يشترط في تحريم الأخت نكاحها بالعقد ، ولا دوامه ، ولا الدخول ، ولا بقاء النكاح ، فلو طلّقت رجعيّا حرمت الأخت حتّى تخرج العدّة ، ولا تحرم في البائن ، ويكره نكاحها قبل خروج العدّة.

ولا فرق بين الأخت لأب أو لأمّ أو لهما.

وتحرم أخت الموطوءة بالملك حتّى تخرج الأولى عن ملكه بعقد لازم كالعتق والبيع بغير خيار ، ولا يكفي تحريمها بعقد غير مخرج كالتّزويج والرّهن ، فلو وطئ الثانية قبل الإخراج حرمت الأولى إن كان عالما بالتحريم حتّى يخرج الثانية عن ملكه لا للعود إلى الأولى.

الثاني : تحرم بنت أخ الزوجة وبنت أختها وإن نزلتا جمعا لا عينا إلّا مع

ص: 55


1- في « ب » و « ج » : والخرساء.

الإذن ، فلو بادر بطل العقد ، وليس للعمّة أو الخالة فسخ العقد وإمضاؤه ولا فسخ عقدهما.

وله إدخال العمّة والخالة عليهما ولو كرهتا ، ولهما فسخ عقدهما مع الجهل لا عقد بنتي الأخ والأخت.

ولا فرق بين كون بنت الأخ والأخت حرّتين أو أمتين أو ملك يمين.

الثالث : لا يجوز لزوج الحرّة أن ينكح أمة بالعقد إلّا بإذنها ، فلو بادر بطل ، ولا تتخيّر الحرّة في الفسخ والإمضاء ، ولا في فسخ عقدها.

ولو تزوّج بالحرّة على الأمة صحّ ، وللحرّة فسخ عقدها مع الجهل لا عقد الأمة.

ولو عقد عليهما صحّ عقد الحرّة ، ووقف عقد الأمة على الإجازة.

السبب الرابع : في استيفاء العدد والطلاق

اشارة

أمّا الأوّل ، فإذا تزوّج الحرّ أربع حرائر بالعقد الدائم حرم عليه ما زاد غبطة ، ومن الإماء ما زاد على اثنتين من الأربع ، فلا يحلّ له ثلاث إماء وحرّة ، ولا ثلاث حرائر وأمتان ، ويحل له حرّتان وأمتان.

ويحرم على العبد ما زاد على أربع إماء ومن الحرائر ما زاد على اثنتين ( من الأربع ) (1) فلا يحلّ له ثلاث حرائر ولا حرّتان وأمة ، ويحلّ له حرّة وأمتان.

ص: 56


1- ما بين القوسين يوجد في « أ ».

ولكلّ منهما أن ينكح بالمنقطع وملك اليمين ما شاء مع النصاب وبدونه. (1)

فروع

الأوّل : لو ماتت واحدة من النصاب ، أو فارقها بطلاق بائن أو فسخ ، حلّ له أخرى في الحال على كراهية في العدّة ، وفي الرّجعي يصبر حتّى تنقضي العدّة.

الثاني : لو طلّق من النصاب واحدة بائنا ثمّ تزوج اثنتين دفعة بطل ، ولو رتّب صحّ الأوّل.

الثالث : المعتق بعضه كالحرّ بالنسبة إلى الإماء وكالعبد بالنسبة إلى الحرائر ، فلا يحلّ له من الإماء أكثر من أمتين (2) ومن الحرائر أكثر من حرّتين.

والمعتق بعضها كالحرّة بالنسبة إلى العبد وكالأمة بالنسبة إلى الحرّ فتحسب على الحرّ من الأمتين وعلى العبد من الحرّتين.

وأمّا الثاني [ أي استيفاء عدد الطلاق ] فمن طلّق زوجته الحرّة ثلاث طلقات بينها رجعتان حرمت عليه حتّى تنكح زوجا غيره وإن كان [ المطلّق ] عبدا ، ولو طلّق الأمة طلقتين بينهما رجعة حرمت عليه حتّى تنكح غيره وإن كان [ المطلّق ] حرا.

ص: 57


1- في « ب » و « ج » : مع النصاب ودونه. وفي القواعد : 3 / 37 : « ما شاء مع العدد وبدونه ».
2- في « أ » : من اثنتين.

السبب الخامس : الكفر

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأول : في أصناف الكفّار

وهي ثلاثة :

من لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب وهم أهل الحرب.

ومن لهم شبهة كتاب ، وهم المجوس.

ومن لهم كتاب ، وهم اليهود والنصارى خاصّة ، ولا عبرة بغير التوراة والإنجيل من الكتب المنزلة.

ويلحق السامرة باليهود والصابئون بالنصارى إن خالفوا في الفروع ، وإن خالفوا في الأصول فهم أهل حرب.

ولا خلاف في تحريم الصنف الأوّل ، والأقوى تحريم نكاح الأخيرتين في المؤبّد دون المنقطع ، وملك اليمين ونكاح الكفّار صحيح معتبر إلّا أن يكون فاسدا عندنا وعندهم ، ونقرّهم على الصحيح عندهم وإن فسد عندنا ، وعلى الفاسد عندهم إذا كان صحيحا عندنا.

ولو قهر حربيّ حربيّة وكان ذلك عندهم نكاحا أقرّا عليه ، بخلاف ما لو قهر ذمّيّ ذمّيّة ، لأنّ على الإمام الذّب عنهم.

ص: 58

ويجوز للحاكم أن يزوّجهم تزويج المسلمين ، فلا يعقد على خمر ولا خنزير ، ولو تزوّجا عليه ثمّ ترافعا إلينا بعد قبضه برئ ، وقبله يحكم بقيمته عند مستحلّيه لا به.

وطلاق المشركين صحيح ، فتحرم بالطلاق ثلاثا حتّى تنكح زوجا غيره وإن كان كافرا ، ولو (1) أسلما حلّت به.

الفصل الثاني : في الانتقال
اشارة

وفيه مسائل :

الأولى : إذا أسلم الكافران دفعة أقرّا على النكاح ،سواء كانا حربيّين أو كتابيّين.

وإذا (2) أسلم الكافر على كتابيّة أقرّ على نكاحه وإن كان وثنيّا ، ولو أسلم على وثنيّة لم يقرّ وإن كان كتابيّا.

ولو كانا كتابيّين فأسلمت الزوجة قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر ، وبعده يقف على انقضاء العدّة ، ولو أسلم دونها استقرّ العقد سواء كان قبل الدّخول أو بعده.

وينفسخ نكاح الحربيّين بإسلام أحدهما قبل الدّخول ، وبعده يقف على انقضاء العدّة ، فإن أسلم الآخر استقرّ العقد وإلّا انفسخ.

ص: 59


1- في « أ » : فلو.
2- في « أ » : وإن.
فرعان :

الأوّل : تجب نفقة العدّة إذا أسلمت دونه ، بخلاف العكس إلّا أن يسلم معها ، ولو اختلفا في السابق فالقول قول الزّوج مع اليمين.

ولو علم السبق واشتبه السّابق قبل الدّخول ، فإن لم تقبض المهر أخذت من الزوج نصف المهر ووقف [ النصف الآخر ] وإن قبضت رجع الزّوج بالنصف ووقف النّصف الآخر [ إلى أن يعلم الحال ].

الثاني : لا يعدّ الفسخ من الطلقات ويساوي الطلاق في تقدير المهر ، فلو أسلم الوثنيّ قبل الدّخول فإن سمّى مباحا فعليه نصفه وإلّا نصف مهر المثل ، ولو لم يسمّ فلها المتعة ، وبعد الدخول عليه المسمّى إن كان مباحا ، وإلّا مهر المثل.

ولو أسلمت دونه قبل الدخول فلا شي ء ، ولها المسمّى بعده إن كان مباحا ، وإلّا مهر المثل.

الثانية : إذا ارتدّ أحد الزوجين قبل الدّخول انفسخ النكاح في الحال ، سواء كان عن فطرة أو لا ، ثمّ إن كان من الزّوج فعليه نصف المسمّى أو المتعة ، وإن كان من المرأة سقط المهر ، ولو كان بعده فإن كان عن غير فطرة وقف على انقضاء العدّة ، من الرجل كان أو من المرأة وإن كان عن فطرة من الرجل انفسخ في الحال ، وإن كان من المرأة وقف على انقضاء العدّة ، ويجب المهر في الموضعين.

وروي : أنّ إباق العبد بمنزلة ارتداده. (1)

ص: 60


1- لاحظ وسائل الشيعة : 15 / 402 ، الباب 35 من أبواب أقسام الطلاق ، الحديث 1.

الثالثة : إذا انتقلت المسلمة إلى غير ملّتها من ملل الإسلام لم ينفسخ النكاح ، سواء كان قبل الدّخول أو بعده.

الرابعة : إذا انتقلت الذميّة إلى ملّة من ملل الكفر لم يقبل ، سواء أقرّ أهله عليه أو لا ، ولا يقبل منها الرّجوع ، ثمّ إن كان قبل الدّخول انفسخ العقد في الحال ، وإن كان (1) بعده وقف على انقضاء العدّة ، فإن أسلما قبله استقرّ العقد وإلّا بطل ، وكذا الوثنية.

خاتمة

للمسلم إلزام زوجته الذّميّة بإزالة المنفّر كشعر العانة وطول الأظفار والنتن ، ومنعها من شرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، واستعمال النجاسات ، والخروج إلى البيع والكنائس ، وليس له إجبارها على الغسل وإن حرّمنا الوطء قبله. (2)

الفصل الثالث : في حكم الزائد على العدد
اشارة

إذا أسلم الكتابيّ الحرّ على أربع حرائر كتابيّات ، أو حرّتين وأمتين ، أو ثلاث حرائر وأمة ، أو أسلم العبد على أربع إماء ، أو حرّة وأمتين ثبت نكاح الجميع.

ص: 61


1- في « ب » و « ج » : ولو كان.
2- ظاهر العبارة أنّ « إن » وصليّة ولكن المتبادر من عبارة القواعد انّها شرطيّة حيث قال : « وإن حرّمنا الوطء قبله أوجبناه » القواعد : 3 / 40.

وإن أسلم الحرّ أو العبد على أكثر من ذلك اختار كلّ منهما عدده ، واندفع نكاح البواقي من غير طلاق ، سواء ترتّبت عقودهن أولا ، دخل أولا ، وسواء اختار السوابق أو اللواحق ، ولا مهر قبل الدخول ، ويجب المسمّى بعده.

ولو أسلم عن أمة وبنتها فإن لم يطأهما تخيّر ، وإن وطئهما حرمتا ، وإن وطأ إحداهما حلّت خاصّة.

ولو أسلم عن امرأة وبنتها بعد الدّخول بهما أو بالأمّ حرمتا ، وقبله تحرم الأمّ خاصّة ، ولا اختيار.

ولو أسلم عن أختين تخير إحداهما مع الوطي وعدمه وإن كانت الثانية.

ولو كان عن امرأة وبنت أخيها أو أختها ، فإن أجازت (1) العمّة أو الخالة صحّ الجميع وإلّا تخيّر.

ولو كان عن أمة وحرّة ، تخيّر الحرّة ، ولو تعدّدت الحرائر ورضين ، اختار منهن ثلاثا ، ولو تعدّدت الإماء ورضيت الحرّة اختار معها أمتين.

ولو أسلم الحربيّ الحرّ على أزيد من أربع وثنيّات بعد الدّخول ، فإن خرجت العدّة قبل إسلام إحداهنّ بطل عقدهنّ ، وإن أسلم فيها أربع فما دون وخرجت العدّة ثبت عقدهنّ ، وإن كنّ أكثر تخيّر أربعا من الأوائل أو الأواخر ، واندفع الباقيات.

ولو سبق إسلام أربع في العدّة فله التربّص ، فإن لم يزدن حتّى خرجت ثبت عقدهنّ ، ولا خيار له ، وإن زدن على أربع في العدّة ، اختار أربعا من السابقات أو اللّاحقات.

ص: 62


1- في « ب » و « ج » : « اختارت » بدل « أجازت » والصحيح ما في المتن.

ولو اختار السّوابق وهنّ أربع ، لم يكن له اختيار اللّواحق وإن أسلمن في العدّة ، وليس له فسخ نكاح السّوابق ، لجواز أن لا تسلم البواقي في العدّة.

وكلّ من لحق به في العدّة ثبت نكاحها وإن كانت أمة ، وبطل عقد من تأخّرت وإن كانت حرّة.

وحكم العبد في ذلك حكم الحرّ ، فلو أسلم عن أربع حرائر وثنيّات فصاعدا ، فأسلم معه اثنتان ، ثمّ أعتق وأسلم الباقي في العدّة ، تخيّر اثنتين ، واندفع البواقي ، ولو أعتق ، ثمّ أسلم ، ثمّ أسلمن ، تخيّر أربعا.

ولو أسلم على أربع إماء ، فأسلمت اثنتان ، ثمّ أعتق. فأسلمت الباقيتان في العدّة ، تخيّر اثنتين ، ويحتمل الأولتين.

ولو أسلم الحرّ عن أربع مدخول بهنّ منع من العقد على خامسة وعلى أخت إحداهنّ إلّا بعد العدّة وبقائهنّ على الكفر ، أو بقاء إحداهنّ أو بقاء الأخت.

ولو أسلمت الوثنيّة فتزوّج زوجها بأختها فإن خرجت العدّة وهو كافر ثبت عقده ، ولو أسلم هو والثانية في العدّة (1) تخيّر.

تنبيه

قد علمت أنّه إذا أسلم على أكثر من أربع حرائر وثنيّات مدخول بهنّ وتبعه أربع في العدّة ، أنّ له الاختيار والانتظار ، فإن اختار الأربع انقطعت عصمة البواقي ، فإن أسلمن في العدّة بن من حين الاختيار ومنه

ص: 63


1- أي أسلم الزوج والأخت في عدّة الأولى تخيّر. لاحظ القواعد : 3 / 43.

ابتداء العدّة ، وإن بقين على الكفر بن من حينه باختلاف الدين.

وإن انتظر إسلامهنّ فإن أسلمن في العدّة اختار أربعا انفسخ نكاح البواقي من حين اختياره ومنه ابتداء العدّة وإن بقين على الكفر بن من حين اختلاف الدين وظهر انقضاء العدّة ولزمه نكاح المسلمات.

الفصل الرابع : في الاختيار
اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : في كيفيته

وهو إمّا بالقول ، مثل أمسكتك ، أو اخترتك ، ويشترط التنجيز ، فلو علّقه بطل ، والطلاق الصحيح اختيار دون الإيلاء والظهار ، فيحسب من الأربع ، ولو طلّق أربعا ثبت نكاحهنّ وطلّقن.

ولو قذف واحدة فإن اختارها أسقط الحدّ باللعان أو بالبيّنة ، وإن اختار فراقها حدّ إلّا أن يقيم بيّنة.

ولو رتّب اختيار من زاد على العدد ثبت نكاح الأربع الأولى واندفع البواقي ، وكذا لو اختار فراق الزائد على الأربع.

وإمّا بالفعل ، وهو الوطء أو اللّمس بشهوة دون التقبيل ، فلو وطئ أربعا ثبت عقدهنّ وانفسخ عقد البواقي.

ولو تزوّج بأخت إحداهنّ لم يصحّ ، ولم يكن اختيارا لفراق الأولى.

ص: 64

البحث الثاني : في وجوب الاختيار

إذا امتنع الزوج من التعيين حبس ، فإن أصرّ عزّر ، فإن مات قبله اعتدّت الحائل بالأبعد من ثلاثة أقراء وأربعة أشهر وعشرة أيّام ، والحامل بالأبعد من الوضع وعدّة الوفاة ، ويوقف لهنّ ربع الميراث أو ثمنه حتّى يصطلحن على الأقوى.

هذا إذا ورث الجميع ، ولو ورث البعض كأربع وثنيّات وأربع كتابيّات ، فأسلم الوثنيّات ثمّ مات فلا إنفاق ، لاحتمال أن يختار فراق المسلمات ، وكذا لو أسلم على ثمان كتابيّات ، فأسلم أربع ثمّ مات قبل الاختيار.

ولو أسلم الكتابيّات قبل القسمة احتمل إيقاف الحصّة ، وكذا لو قال للمسلمة والكتابيّة : إحداكما طالق ، ثمّ مات قبل التعيين.

الفصل الخامس : في النفقة

لو أسلم وأسلمن لزمه نفقة الجميع حتّى يختار أربعا فتسقط نفقة الباقيات ، وكذا لو أسلمن أو بعضهنّ قبله ، ولو لحق الباقيات في العدّة وجبت لمدّة التقدّم.

ولو أسلم قبلهنّ سقطت النفقة إن كنّ وثنيّات ، ولو لحقن لم تجب لمدّة التقدّم ، ولو كنّ كتابيّات وجبت وإن بقين على الكفر.

ويطالب بنفقة الماضي والحاضر.

ص: 65

ولو ادّعى كلّ منهما السّبق قدّم قول الزّوج ، وكذا لو ادّعى أنّ إسلامه بعد العدّة ، وقالت : بل فيها.

ولو ادّعى أنّ إسلامه قبل الوطء فأنكرت قدّم قولها.

ص: 66

المقصد الثالث : في سبب الخيار

اشارة

وهو ثلاثة :

الأوّل : العتق وقد تقدّم.

الثاني : العيوب.

وفيه بحثان :

الأوّل : في أقسامها

منها ما يشترك فيه الزوجان ، وهو الجنون ، سواء كان مطبقا أو أدوارا ، فلا اعتبار بالسّهو السّريع زواله ، ولا بالإغماء الحاصل من غلبة المرّة إلّا أن يدوم على توقّف.

ومنها ما يختصّ بالرجل وهو ثلاثة :

الأوّل : الجبّ المستوعب ، فلو بقي ما يحصل معه الوطء فلا خيار.

الثاني : الخصاء ، وفي معناه الوجاء (1)

ص: 67


1- في جامع المقاصد : 13 / 226 : الخصاء : سلّ الأنثيين ، والوجاء - بكسر أوّله والمدّ - : رضّ الخصيتين بحيث تبطل قوّتهما.

الثالث : العنن وهو مرض تضعف معه القوّة عن نشر العضو والإيلاج ، ولا يردّ الرجل بغير ذلك.

ومنها ما يختصّ بالمرأة وهو سبعة :

الأوّل : الجذام ، وهو مرض يظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم ، فلا عبرة بالاحتراق وتعجّر الوجه واستدارة العين.

الثاني : البرص ، وهو بياض يظهر على صفحة البدن لغلبة البلغم ، فلا يفسخ بالمشتبه ولا بالبهق.

الثالث : القرن ، وهو يسمّى العفل ، وهو لحم ينبت في الرحم يمنع الوطء ، وقيل انّه عظم. (1)

الرابع : الرتق وهو التصاق الشفرين بحيث لا يمكن معه الوطي ولا يمكن إزالته ، أو يمكن وتمتنع من الإزالة ، ولا تجبر عليها.

الخامس : الإفضاء ،وهو صيرورة مخرج البول والحيض واحدا.

السادس : العرج إذا بلغ الإقعاد.

السابع : العمى.

ولا تردّ المرأة بغير ذلك من المنفّرات كالبخر (2) والصّنان (3).

ص: 68


1- القائل هو الشيخ في المبسوط : 4 / 250.
2- في مجمع البحرين : بخر الفم بخرا - من باب تعب - : أنتنت رائحته.
3- الصّنان : ذفر الإبط ، وامرأة ذفرة : ظهرت ريحها واشتدّت ، طيّبة كانت كالمسك أو كريهة كالصّنان. مجمع البحرين : مادة « ذفر » و « صنن ».

البحث الثاني : في الأحكام

العيب الحادث قبل العقد ( أو الوطء ) (1) يفسخ به الرجل والمرأة مطلقا مع الجهل ، والحادث بعد العقد أو الوطء لا يفسخ به الرّجل ، أمّا المرأة فإنّها لا تفسخ بالخصاء المتجدّد بعد العقد ، وتفسخ بالجنون والجبّ مطلقا ، وبالعنن المتجدّد بعد العقد قبل الوطء بشرط عجزه عن وطء زوجته وغيرها ، فلو وطئها مرّة ثم عنّ ، أو عنّ عنها دون غيرها فلا خيار ، وكذا لو عنّ قبلا لا دبرا.

والخيار على الفور. وليس الفسخ طلاقا ، فلا يعدّ في الثلاث.

ثمّ إن كان الفسخ قبل الدخول سقط المهر من أيّهما كان إلّا في العنن ، فإنّه ينتصف ، ولو كان بعده فإن كان من الرّجل وجبت العدّة ، ولا نفقة إلّا مع الحمل ، ولها المسمّى ويرجع به على المدلّس وإن كان الزّوجة ، لكن يبقى لها ما يمكن أن يكون مهرا ، وإن كان من المرأة فلها المسمّى خاصّة (2) ، وكذا لو وطئ الخصيّ.

ولو علم بالعيب بعد الطلاق لم يسقط عنه شي ء ، سواء كان قبل الدّخول أو بعده.

ولا يتوقّف الفسخ على إذن الحاكم إلّا في ضرب أجل العنن ، ثمّ تستقلّ المرأة بالفسخ.

ص: 69


1- ما بين القوسين يوجد في « أ ».
2- في « ب » و « ج » : من خواصّه.

ويثبت العيب بالإقرار مرّة وبشهادة عدلين عارفين ، وفي عيوب النساء الباطنة بشهادة أربع.

ويثبت العنن بإقرار الزّوج ، أو البيّنة على إقراره ، أو بنكوله ، ولو ادّعته المرأة قدّم قوله مع اليمين.

ومع ثبوته إن صبرت فلا كلام ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجّلها سنة من حين الترافع ، ثمّ إن وطئها أو غيرها فلا خيار ، وإلّا فلها الفسخ.

ولو ادّعى وطئها قبلا أو دبرا ، أو وطء غيرها قبل مع اليمين.

ولو اختلفا في العيب ولا بيّنة فالقول قول منكره.

وإذا رضيت الأمة بعيب زوجها فلا خيار لمولاها.

السبب الثالث : التدليس

اشارة

وهو إخبار الزّوج أو الزوجة أو الوليّ أو السّفير [ بينهما ] بالكمال والأمر بخلافه ، فلا اعتبار بإخبار الأجنبيّ ولو زوّجت نفسها وأطلقت (1) أو زوّجها الوليّ كذلك فبان عدم الكمال ، ففي ثبوت الخيار توقّف ، ينشأ من أنّ التدليس بالفعل هل هو كالتدليس بالقول أم لا؟ الأقرب عدمه ، فلو ظنّها حرّة فبانت أمة فلا خيار ، ولا فرق بين الإخبار والاشتراط.

ص: 70


1- أي من غير إخبار بالصحة في ذات العيب وبالكمالية في ذات النّقص. لاحظ جامع المقاصد : 12 / 283.

وإنّما يقع في النسب ، والحريّة ، والبكارة ، وما يؤثّر في الكفاءة ، دون غيرها كالجمال.

إذا عرفت هذا فلو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها فلها الفسخ ، وكذا الزّوجة.

ولو تزوّجها على أنّها حرّة فبانت أمة فله الفسخ ، ولا مهر قبل الدخول ، ولها المسمّى بعده ، ويرجع به على المدلّس ، فإن دلّست نفسها تبعها به إذا تحرّرت ، ولو كان مولاها فإن تلفّظ بما يقتضي العتق ، حكم به وبصحّة العقد ، وكان لها المهر ، وإلّا فهي رقّ ولا مهر قبل الدخول وبعده ، ولو كان دفعه إليها استعاده أو ما بقى منه ، ويتبعها بالباقي.

ولو تزوّجته على أنّه حرّ فبان عبدا ، فلها الفسخ ، ولا مهر قبل الدّخول بل بعده ، وترجع به على المدلّس ، فإن كان الزّوج تبع به.

ولو تزوّجها على أنّها بنت مهيرة فبانت بنت أمة ، فله الفسخ ، ولا مهر قبل الدّخول ، ولها المسمّى بعده ، ويرجع به على المدلّس أبا كان أو غيره ، ولو دلّست نفسها رجع به عليها.

ولو زوّجه بنته من المهيرة فأدخل عليه بنته من الأمة ، فلا خيار بل يردّ بنت الأمة ، ثمّ إن دخل فلها مهر المثل ، ويرجع به على السابق ، وتردّ إليه زوجته ، ولها مهرها ، وكذا كلّ من سيق إليه غير زوجته فوطئها.

ولو شرط بكارتها فبانت ثيّبا ، فإن ثبت عدمها تخيّر ويدفع المهر ، ويرجع به على المدلّس ، فإن كان هي فلا شي ء لها ، وإن لم يثبت فلا خيار له ، وله أن بنقص من مهرها ما بين مهر البكر والثيّب.

ص: 71

ولو شرط إسلامها فله الفسخ مع عدمه ، ولو ظنّها مسلمة فتمتّع بها فبانت كتابيّة فليس له فسخ إلّا بهبة المدّة ولا إسقاط شي ء من المهر.

ولو أدخلت امرأة كلّ واحد من الزوجين على الآخر فوطئها ، فلكلّ واحدة مهر المثل على الواطئ ، والمسمّى على زوجها وتردّ عليه ، ولا يطؤها إلّا بعد العدّة ، ويتوارثان فيها.

فروع

الأوّل : لا يرجع إلّا الجاهل بالتدليس ، فلو علم لم يرجع ، وإنّما يرجع بعد الغرم.

الثاني : كلّ موضع يرجع بالمهر بعد الدّخول فالأولى وجوب أقلّ ما يمكن أن يكون مهرا.

الثالث : الحقّ أنّ المعتق كالحرّ ، فلو تزوّجها على أنّها حرّة فبانت معتقة ، أو تزوّجته على أنّه حرّ فبان معتقا فلا خيار.

الرابع : كلّ وطء عن عقد صحيح يوجب المسمّى وإن لحقه الفسخ بعيب سابق ، وكلّ وطء عن عقد فاسد يوجب مهر المثل.

ص: 72

المقصد الرّابع : في توابع النكاح

اشارة

لكلّ واحد من الزّوجين حقّ على صاحبه ، فيجب على الزوج : القسم ، والإنفاق ، والإسكان ، وعلى الزّوجة : التمكين من الاستمتاع ، وإزالة المنفّر ، وطاعة الزوج.

فهنا فصول

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] القسم

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في حقيقته

وهي المضاجعة دون الوقاع ، ووقته اللّيل إلّا أن يكون معاشه فيه ، فيقسم بالنهار ، وأقلّة ليلة ، فلا يقسم بعضها ، ولا حدّ لأكثره ، فلا يجوز له الدخول على الضّرة إلّا لعيادتها ، فإن استوعب الليلة أو طال المكث قضى مثله من نوبتها (1) ،

ص: 73


1- في « أ » : من يومها.

وكذا لو زاد الصحيحة ، ولو واقعها لم يقض المواقعة.

ومكانه إمّا بيته فيستدعيها ، وإمّا بيوتهنّ فيدور عليهنّ ، وله أن يستدعي بعضا ويدور على بعض ، وأن يساكن واحدة ، ويستدعي الباقيات.

ويجب أن يفرد كلّ واحدة بمسكن إلّا مع الرضاء أو انفصال المرافق.

البحث الثاني : في مستحقّه

وهو الزوجة بالعقد الدائم مع التّمكين ، سواء كانت حرّة أو أمة ، مسلمة أو كتابيّة ، أو مريضة ، أو رتقاء ، أو حائضا ، أو نفساء ، أو محرمة ، أو مظاهرة ، أو مؤلى منها ، ولا تستحقّه المتمتّع (1) بها ، ولا السّرية ، ولا الصّغيرة ، ولا المجنونة المطبقة ، ولا الناشز إلّا أن تطيع.

ومن النشوز السّفر بغير إذنه إلّا لواجب.

ولو سافرت بإذنه في غرضه فعليه القضاء ، بخلاف ما لو كان في غرضها.

ويجب على الحرّ ، والعبد ، والمسلم ، والكافر ، والعنّين ، والخصيّ ، والمجبوب ، والمجنون ، ويقسم عنه الوليّ ، ولو كان له حال إفاقة قسّمت الحالات بينهنّ.

والقسم حقّ مشترك بين الزوجين ، فلو أسقطت حقّها منه تخيّر الزوج ، ولو وهبته ليلتها وضعها حيث شاء [ منهنّ ] أو انعزل [ عنهنّ ].

ولو وهبتها لإحداهنّ ورضي الزوج اختصّت بها الموهوبة ، فان اتّصلت بليلتها وجب الاتّصال وإلّا فلا.

ص: 74


1- في « أ » : المستمتع.

ولو وهبتها للجميع قسّمها عليهنّ ، ولا يصحّ الرجوع في الماضي بمعنى أنّه لا يقضي ، ويصحّ في المستقبل ، ولو لم يعلم بالرجوع لم يقض الماضي.

وليس للمولى منع أمته من طلب القسمة ولا من الإسقاط.

ولو عاوض عن الليلة بشي ء لم يصحّ.

البحث الثالث : في كيفيّته

للزوجة ليلة من أربع وله ثلاث يضعها حيث شاء ، وللاثنتين ليلتان ، وله ليلتان ، وللثلاث ثلاث وله ليلة ، ولكلّ من الأربع ليلة.

ولا يجوز له الإخلال بذلك إلّا مع العذر ، أو السفر ، أو الإذن.

ويبتدئ بالقرعة ، ولو تزوّج أربعا دفعة رتّبهنّ بالقرعة ، ولا يجوز أن يجعل القسمة أكثر من ليلة إلّا (1) برضاهنّ.

وتستحبّ التسوية بالإنفاق ، وإطلاق الوجه ، والجماع ، وأن يصبح عند صاحبة الليلة.

البحث الرابع : في التفاضل

وأسبابه ثلاثة :

الأول : الحرّيّة ، فللحرّة ليلتان ، وللأمة ليلة ، فلو بدأ بالحرّة وأعتقت الأمة

ص: 75


1- في « ب » و « ج » : ولا يجوز أن يجعل أكثر من ليلة القسمة إلّا.

في قسم الحرّة أو في قسم الأمة استحقّت ليلتين ، ولو أعتقت بعد تمام ليلتها فقد استوفت حقّها ، ثمّ يسوّي بينهما.

ولو بدأ بالأمة فأعتقت قبل تمام قسمتها صارت كالحرّة ، ولو كان بعده فقد استوفت حقّها ، ثمّ يوفّي الحرّة ليلتين ، ثمّ يسوّي بينهما.

والأولى في المعتق بعضها التقسيط.

الثاني : الإسلام ، فالكتابيّة كالأمة ، والبحث في تجدّده كالعتق.

الثالث : تجدّد النكاح ، فتختصّ البكر بسبع ، والثيّب بثلاث ، ثمّ يستأنف القسم أو يتمّه ، ويستوي في ذلك الحرّة والأمة ، ولا يقضي هذه المدّة للباقيات.

ولو بات عند الثيّب ثلاثا فالتمست زيادة لم يبطل حقّها من الثّلث. (1)

البحث الخامس : في القضاء

ويجب قضاء ما أخلّ به إن أمكن ، فلو كان له ثلاث نساء فأخلّ بليلة إحداهنّ قضاها من ليلته ، ولو كنّ أربعا فبات ليلة خارجا بقيت المظلمة حتّى يفارق إحداهنّ ، وإن باتها عند إحداهنّ قضى من قسمتها.

ولو ظلم واحدة ثمّ أبانها تعذّر القضاء ، فإن جدّد نكاحها فإن بات عند

ص: 76


1- خلافا لجماعة من أهل السنة حيث ذهبوا إلى أنّ اقتراحها الزيادة مبطل حقّها من الثلاث استنادا إلى حديث أمّ سلمة حيث بات الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم عندها ثلاثا والتمست الزيادة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : إن شئت سبّعت عندك وسبّعت عندهنّ وإن شئت ثلّثت عندك ودرت » العزيز في شرح الوجيز : 8 / 371.

إحدى الثلاث قضى من قسمتها ، وإن بات خارجا أو جدّد نكاح غيرهنّ فقد تعذّر القضاء ، وبقيت المظلمة.

ولو طلق إحداهنّ وقد حضرت ليلتها أتمّ ، فإن راجعها أو تزوّجها قضى الليلة إن باتها عند إحدى الضّرات من قسمها ، وإلّا بقيت المظلمة.

ولو نشزت إحداهنّ ثمّ بات عند اثنتين ثلاثين ليلة ثمّ أطاعت وفّى الثالثة خمس عشرة ليلة والناشزة خمسا ، فيبيت عند الثالثة ثلاثا وعند الناشزة ليلة خمسة أدوار ثمّ يستأنف القسم.

ولو بات عند اثنتين من الثلاث عشرين ليلة ، ثمّ تزوّج برابعة قضى حقّها بثلاث أو سبع ، ثمّ يبيت ثلاثا عند الثالثة وليلة عند الرابعة ثلاثة أدوار ، ثمّ يبيت ليلة عند الثالثة وثلث ليلة عند الرابعة ثمّ يخرج إلى مسجد أو [ بيت ] صديق بقيّة الليلة ثمّ يستأنف القسم.

ولو بات عند واحدة نصف ليلة فأخرجه السلطان فعليه أن يبيت عند الأخرى نصف ليلة ثمّ يخرج إلى صديق أو مسجد.

ولو حبس بعد القسمة لثلاث فإن تمكّن من استدعاء الرابعة وجب ، وإلّا قضى ليلتها إن باتها عند إحداهنّ وإلّا بقيت المظلمة.

البحث السادس : في السفر

إذا سافر سفر الغيبة لم يجب استصحاب إحداهنّ ، ويجوز له إخراجهنّ وإخراج بعضهنّ ، وتستحبّ القرعة ، ولا تتعيّن من أخرجتها القرعة ، فيجوز

ص: 77

له إخراج غيرها ، وإذا عاد من سفره لم يجب القضاء أقرع أو لا.

ولو كان السّفر للنقلة (1) وجب القضاء وإن كان بالقرعة ، ولو أقام في أثناء مقصده قضى مدّة الإقامة دون باقي السفر.

ولو أقام على رأس مقصده ثمّ أنشأ سفرا آخر ورجع ، قضى مدّة الإقامة خاصّة.

ولو خرج بزوجاته ثمّ تزوّج في السفر خصّها بسبع أو بثلاث ، ثمّ قسّم بينهنّ.

ولو خلّفهنّ ثمّ تزوّج بواحدة خصّها بسبع أو بثلاث بعد الرجوع ولم يجب القضاء للمتخلّفات ، وكذا لو تزوّج بواحدة ثمّ سافر بها.

ولو تزوّج ذو الزوجتين بأخرتين ثمّ سافر بإحداهما [ بالقرعة ] وفّاها حقّها من التخصيص بعد العود ، وكذا المقيمة.

وذو الزوجتين في بلدين ، له الإقامة عند إحداهما واستدعاء الأخرى والمضيّ إليها.

ص: 78


1- أي الانتقال من بلد إلى بلد آخر للإقامة فيه بالاستيطان.

الفصل الثاني : في النشوز

وأصله الارتفاع ، وهو خروج أحد الزوجين عن طاعة الآخر ، فإن كان من الرّجل بأن يمنعها حقوقها أو يقصّر فيما يجب عليه ، فلها مطالبته ، وللحاكم إلزامه به ، ولو تركت بعض حقوقها استمالة له حلّ له قبوله ، ولو قهرها عليه لم يحلّ.

ولو منعها بعض حقوقها (1) أو أغارها (2) فبذلت له شيئا ليخلعها صحّ ولم يكن إكراها.

ولو ظهر أنّه لا يوفّيها حقّها أسكنه الحاكم إلى جنب ثقة ليطالبه بما يحلّ به من حقوقها ، ولا يمنعه من السّفر بها بل يكاتب حاكم ذلك البلد بالمراعاة.

وإن كان من المرأة بأن يظهر منها أمارة الخلاف كأن تقطّب في وجهه ، أو تتبرّم بحوائجه ، أو تمنعه من الوطء قبلا أو دبرا مع عدم العذر العقليّ كالمرض ، أو الشرعيّ كالحيض ، أو تمنعه من الاستمتاع بغير الجماع ، أو تمتنع من السكنى في موضع يليق بها ، أو تخرج بغير إذنه في مندوب أو مباح ، أو تفعل المنفّر ، وعظها ، فإن لم تنجع هجرها في المضجع ، وهو أن يحوّل ظهره في الفراش ، فإن أصرّت جاز ضربها غير مبرح.

وللزوج منعها من الخروج من منزله إلّا في الواجب ، ومنعها من عيادة أبويها ، ويستحبّ له أن يأذن لها في حضور موت أبويها.

ص: 79


1- في « أ » : حقّها.
2- أي تزوّج عليها.

الفصل الثالث : في الشقاق

وهو أن يكون النشوز منهما ، ويخشى الحاكم الشقاق بينهما ، فحينئذ يبعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها للنظر في أمرهما ، ويجوز من غير أهلهما ، وبعثهما تحكيم لا توكيل.

ويشترط فيهما البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والعدالة ، ثمّ إن اتّفقا على الإصلاح فعلاه ، وإن اتّفقا على الفرقة توقّف على رضا الزوج في الطلاق ، وعلى رضا الزوجة في بذل الخلع.

ويلزم كلّ ما يشترطه الحكمان إذا كان سائغا ، ويمضى الحكم بالإصلاح على الغائب.

ص: 80

الفصل الرابع : في النفقات

اشارة

وأسبابها ثلاثة :

[ السبب ] الأوّل : الزوجيّة
اشارة

وهي نفقة معاوضة ، ولذلك تقضى دون غيرها.

وهنا مباحث :

الأوّل : في الموجب

وهو العقد الدائم بشرط التمكين التامّ ، فلا يجب للمتمتع بها (1) ولا لغير الممكّنة في بعض الأوقات أو بعض الأمكنة الّتي يسوغ فيها الاستمتاع ، ولا يكفي عدم النشوز ، فلو لم تمكّن قبل الدخول لم تستحقّ نفقة.

ولو ادّعت التمكين فعليها البيّنة ، فإن عدمت حلف الزوج.

وتستحقّها المسلمة ، والكتابيّة ، والأمة المرسلة ليلا ونهارا ، والمريضة ، والقرناء ، والرتقاء ، والضعيفة عن آلته أو عن الوطء لظهور عذرها.

ص: 81


1- في « ب » و « ج » : للمستمتع بها.
البحث الثاني : في قدرها وكيفيّة الإنفاق
اشارة

وفيه مسائل :

الأولى : لا يتقدّر الإطعام بقدر بل يجب سدّ الخلّة من غالب قوت البلد ، ويجب إمّا تمليك الحبّ ومئونة الطّحن والخبز ، أو الدقيق ومئونة الخبز ، أو الخبز ، أو دفع القيمة مع التّراضي.

الثانية : يجب في الأدم الغالب من أدم البلد وما يصلحه ، ولو تبرّمت بجنس وجب إبداله.

وليس لأحدهما أن يكلّف الآخر المؤاكلة معه ، ولو واكلته كفى في الإنفاق.

وتملك نفقة كلّ يوم في صبيحته ، فلو طلّقها في أثنائه أو ماتت لم يستردّها ، ولو نشزت استردّها.

ولو سلّمها طعاما لمدّة فأكلت من غيره أو استفضلت منه وانقضت ممكّنة ملكته ، ولو طلّقها قبل الانقضاء رجع بقسط الباقي إلّا يوم الطلاق.

ولها بيع الطّعام والأدم دون الكسوة إلّا أن نقول بالتمليك ، ولا يجب عليه دواء المرض.

الثالثة : يجب في الكسوة قميص ومقنعة ونعل وتزاد (1) في الشتاء جبّة لليقظة ولحاف للنوم ، ويرجع في حبس ذلك إلى عادة أمثالها من بلدها.

ص: 82


1- في « أ » : ويزداد.

وتجب ثياب التجمل إن كانت من أهله بنسبة أمثالها.

ويجب دفع العين أو القيمة مع التراضي.

والواجب الإمتاع لا التمليك ، فلو استأجر لها ثيابا أو استعار جاز ، ولو دفع إليها كسوة لمدّة فتلفت قبل انقضائها وجب بدلها ، ولو انقضت وهي باقية لم يكن لها المطالبة بغيرها ، ولو لبست غيرها في المدّة استعادها ، وكذا لو ماتت ، ولو مات فهي تركة.

الرابعة : يجب في الفراش عادة أمثالها من بلدها ، كالحصير أو النطع للصّيف ، والبساط أو المضربة للشتاء والمخدّة ، ويجب فراش التجمّل إن كانت من أهله ، ويجب الإمتاع لا التمليك.

الخامسة : يجب الإخدام إن كانت من أهله ولو كانت أمة ، إمّا بنفسه أو بأمته أو باستئجار أو إعارة أو ينفق على خادمها ، وليس له التعيين.

ويجوز الاقتصار على واحدة وإن كانت من ذوات الخدم ، وإخراج خادمتها المألوفة وإن لم تكن ريبة.

ولو طلبت نفقة الخادم لتخدم نفسها لم تجب إجابتها.

ولو تبرّعت بالخدمة لم تستحقّ أجرة ولا نفقة الخادم.

وينفق على خادمها ما جرت عادة خدم ذلك البلد جنسا وقدرا.

ولو لم تكن من أهل الخدمة خدمت نفسها إلّا مع المرض.

السادسة : يجب إسكانها في بيت أمثالها حضريّة كانت أو بدويّة ، بملك أو إجارة أو عارية ، ولها أن تمتنع من مشاركة غير الزوج ، وله منع أبويها من الدخول عليها ومن زيارتها.

ص: 83

ولو سكنت في بيتها بغير إذنه لم تستحقّ أجرة.

السابعة : تجب آلة الطّبخ والشرب ، كالقدر والدست (1) ، والمغرفة ، والحبّ (2) ، والكوز ، ويرجع في جنسه إلى عادة أمثالها من بلدها ، ويجب الإمتاع لا التمليك ، وكذا آلة التنظيف كالمشط والدّهن والمزيل للصّنان ، ولا يجب الكحل والطّيب ولا أجرة الحجّام والحمّام إلّا مع شدّة البرد.

وله منعها من أكل الثوم والبصل وذي الرائحة الكريهة ، ومن تناول السمّ والأطعمة الممرضة.

خاتمة

لو لم ينفق عليها وهي ممكّنة استقرّت في ذمّته وإن لم يقدّرها الحاكم ، ولم يحكم بها ، ويجبره الحاكم على أدائها ، ولو امتنع حبسه أو باع عليه ماله.

ولو أعسر بالنفقة وصبرت لم تسقط ، وصارت دينا ، وإن لم تصبر لم تملك الفسخ ، ولو كان له عليها دين جاز أن يقاصّها يوما فيوما مع يسرها ، ومع العسر إن رضيت.

ولو ادّعى الإنفاق فأنكرت ولا بيّنة قدّم قولها مع اليمين وإن كانت في منزله.

ولو كانت [ الزوجة ] أمة ، فالغريم السيّد في الماضية ، فإن صدّق الزوج

ص: 84


1- في المنجد : الدّست : الوسادة ، الورق ، اللباس ... والدستجة : الإناء الكبير من الزّجاج.
2- الحبّ : الجرّة الضخمة. تهذيب اللغة : 1 / 717.

سقطت ، وإلّا حلف وطالبه ، والغريم في الحاضرة الأمة.

ولو ادّعى النشوز وادّعت التمكين ، قدّم قوله.

ولو طلّق الحامل رجعيّا ، فادّعت وقوعه بعد الوضع وأنكر ، قدّم قولها ، وحكم لها بالنفقة وعليه بالبينونة.

ولو ادّعى الإعسار وأنكرت قدّم قوله إن لم يكن له أصل مال ، ويجب قضاؤها مع التمكين.

البحث الثالث : في المسقط

وهو ستّة :

الأوّل : النّشوز ، فلا يجب للناشز نفقة ولا كسوة ولا سكنى حتّى تعود إلى التمكين ، فلو سافر قبله ، فحضرت عند الحاكم وبذلت نفسها لم تستحقّ نفقة إلّا بعد إعلامه ووصوله أو وصول وكيله ، ولو علم وتهاون سقط عنه قدر وصوله وألزم بما زاد.

ولو نشزت ثمّ أطاعت لم تستحقّ نفقة إلّا بعد علمه ومضيّ قدر وصوله أو وكيله.

ولو ارتدّت ثمّ أسلمت استحقّت وإن لم يعلم بإسلامها.

ولو سافر وهي ممكّنة استحقّت نفقة الغيبة.

ولو نشزت الحرّة بعض يوم سقطت نفقته.

ولو أرسل المولى أمته ليلا أو نهارا سقط الجميع.

ص: 85

الثاني : الصغر ، فلا نفقة للصغيرة وإن كان الزوج صغيرا ، ولو دخل بها الكبير لم تجب إلّا مع الإفضاء ، ولا تسقط عن الصّغير إذا كانت الزّوجة كبيرة.

الثالث : ارتدادها.

الرابع : السّفر المندوب والمباح بغير إذنه ، ولو أذن أو كان واجبا لم تسقط ، وكذا لو سافر معها أو سافرت في حاجة له بإذنه.

الخامس : العبادة الّتي له منعها منها كالصوم والاعتكاف المندوبين ، وليس له منعها من صوم شهر رمضان والنذر المعيّن ، سواء نذرته قبل نكاحه أو بعده بإذنه ، وله منعها في النذر المطلق والمندوب ، فلو صامت سقطت نفقتها إن منعت الوطء وإلّا فلا.

ولا يمنعها من الصلاة الواجبة في أوّل وقتها ، ولا من الحجّ الواجب في عامه.

السادس : الطلاق البائن ، فلا نفقة للمطلّقة بائنا إلّا أن تكون حاملا ، والنفقة للحمل ، فلو لاعن الحامل فلا نفقة لها ، ولو أكذب نفسه بعد اللعان لزمه الإنفاق دون القضاء ، ولو طلّقها وماطل حتّى وضعت لم يقض النفقة.

ولو طلّق العبد فلا نفقة لها ، لأنّ نفقة الأقارب لا تجب على العبد ، ولو قلنا النفقة للحامل وجبت.

ويجب تعجيل النفقة ، فإن ظهر عدم الحمل استردّها ، ولا نفقة للحامل المتوفّى عنها زوجها ، وتجب للمطلّقة رجعيّا.

ولو تزوّج العبد بحرّة أو أمة وشرط مولاه رقّ الولد ، أو تزوّج الحرّ بأمة وشرط مولاها رقّ الولد ، لم يجب على الزّوجين النفقة مع الطلاق بائنا ، لأنّ

ص: 86

النفقة تابعة للملك ، ولو قلنا إنّها للحامل وجبت عليهما ، ولا يجب على الموليين لأنّ الحمل لا يملك إلّا بعد انفصاله حيّا.

[ السبب ] الثاني : القرابة

وهي الإرفاق ، فلذلك لا تقضى ، والنظر في أمور :

الأوّل : فيمن ينفق عليه ، وهو الأبوان وإن علوا والأولاد وإن نزلوا ، ولا تجب على غير العمودين ، بل يستحبّ ويتأكّد على الوارث ، ولا فرق بين أولاد البنت والابن.

ولا تجب نفقة زوجة القريب وإن كان أبا ، ولا نفقة ولد ابنه ولا نفقة ولده الصّغير إذا كان له مال بل ينفق عليه من ماله ، وكذا لو قدر على التكسّب.

ويشترط في المنفق اليسر ، وهو أن يفضل معه شي ء عن قوت يوم له ولزوجته ، ويباع خادمه وداره فيها بخلاف الدين ، ويلزمه التكسّب ، ولا تجب على المملوك [ نفقة قريبه ] ولا على مولاه.

و [ يشترط ] في المنفق عليه : الفقر ، والعجز عن الاكتساب ، والحريّة ، فتجب على مولى الرقّ دون القريب ، ولا يشترط الإسلام ، ولا العدالة ولا نقصان الحكم والخلقة. (1)

الثاني : في قدرها ، ولا تقدير لها بل بحسب الكفاية من الإطعام ،

ص: 87


1- قال العلّامة في القواعد : 3 / 114 : ولا يشترط نقصان الخلقة ولا الحكم ، بل تجب النفقة على الصحيح الكامل في الأحكام العاجز عن التكسّب.

والكسوة والمساكن ، وزيادة الكسوة في الشتاء للتدثّر يقظة ونوما.

ولا يجب الإعفاف وإن كان أبا ، ولا نفقة الخادم إلّا مع المرض ، ولو أخلّ بالإنفاق لم يثبت في ذمّته شي ء إلّا أن يأمره بالاستدانة أو يأمره الحاكم ، ولو مطله واستدان بغير إذن لم يرجع ، نعم يجبره الحاكم ، فإن امتنع حبسه أو دفع إليه من ماله.

الثالث : في ترتيب المنفق والمنفق عليه ، أمّا الأوّل فتجب نفقة الأولاد على الأب دون الأمّ ، فإن فقد أو كان فقيرا فعلى الجدّ له ، فإن عدم أو أعسر فعلى أب الجدّ ، وهكذا ، فإن فقد الأجداد أو أعسروا فعلى الأمّ ، فإن عدمت أو أعسرت فعلى أبويها بالسويّة ، ثمّ على آبائها الأقرب فالأقرب ، ومع التساوي يشتركون ، ويتساوى أبواها وأمّ الأب ، وكذا الأب والولد ، والولد أولى من الأمّ ، وأولاد الذكور كالإناث ، فيتساوى الابن والبنت ، وإن قرب أحدهما تعيّن ، فيجب على البنت دون ابن الابن ، ويتساوى الموسر والمكتسب.

ولو غاب المنفق أمره الحاكم بالأخذ من ماله أو بالاقتراض عليه.

وأمّا الثاني ، فتجب للزوجة وإن تعدّدت ، فإن فضل فالأبوين والأولاد ، فإن فضل فللأجداد وأولاد الأولاد ، وهكذا الأقرب فالأقرب ، وقد تجب للأقرب والأبعد إذا أعسر الواسطة.

ولو اجتمع المتساوون في الدرجة كأبوين أو أحدهما مع ابن أو بنت أو معهما تشاركوا في الفاضل ، فلو لم ينتفع أحدهم بقسطه أقرع بينهم ، أو يقدّم من تشتد حاجته كالصغير والمريض.

ويتساوى الأجداد من الأب والأجداد من الأمّ.

ص: 88

[ السبب ] الثالث : الملك
اشارة

لمّا وجب حفظ المال وجب حفظ الحيوان بالإنفاق عليه ، فهنا فصلان

الأوّل : نفقة الرقيق واجبة على مالكه وإن لم ينتفع به (1) فإن امتنع جبره الحاكم على الإنفاق أو البيع ، فإن كان فقيرا ذا كسب أجبر على التكسّب أو على البيع ، فإن لم يرغب فيه راغب أجبر على الإنفاق ، ولو لم يكن ذا كسب أجبر على البيع إلّا أن يكون المملوك ذا كسب.

ولو عجز عن نفقة أمّ الولد أمرت بالتكسّب ، فإن عجزت زوّجت ، فإن لم يتّفق أنفق عليها من بيت المال ، فإن تعذّر بيعت.

ويجب قدر الكفاية من طعام وإدام (2) وكسوة ومسكن جار عادة أمثال السيّد من [ أهل ] بلده.

وله جعل النفقة من كسبه ، فإن لم يكفه وجب الإتمام ، ولو امتنع أجبر عليه ، وأن يضرب له ضريبة والفاضل للمملوك إن رضي ، فإن كفاه وإلّا أتمّه المولى ، ولو ضرب عليه بقدر كسبه فإن قام بمئونته جاز وإلّا فلا.

وتجب على المكاتب نفقة مماليكه.

الثاني : نفقة البهائم ، وتجب نفقتها على المالك وإن لم يؤكل لحمها ولم ينتفع بها حتّى النحل ودود القزّ ، ويكفي الرّعي في السائمة إن اجتزأت به وإلّا أتمّ لها.

ص: 89


1- في « أ » : وإن لم يتمتع به.
2- في « أ » : أو ادام.

ولو لم ينفق فإن كانت مأكولة جبره الحاكم على العلف أو البيع أو التذكية ، فإن امتنع باعه الحاكم أو باع عقاره وإن كان دار السكنى.

ولو لم تؤكل أجبر على الإنفاق أو البيع ، ولا يجبر على الذكاة إن وقعت عليه ولا يمنع منها.

ويجب أن يوفّر اللبن للولد وله الفاضل.

ولا يجب سقي الزّرع والشجر ، لأنّه ترك التنمية لكنّه يكره ، ولا يكره ترك زراعة الأرض.

خاتمة : في الأولاد
اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في الولادة

ويجب استبداد النساء بالمرأة ، ولو استبدّ بها الزوج جاز ، ومع عدمهنّ يجوز للرجال الأقارب ثمّ الأجانب.

ويستحبّ غسل المولود ، والأذان في أذنه اليمنى ، والإقامة في اليسرى ، وتحنيكه بماء الفرات وتربة الحسين عليه السلام ، فإن تعذّر فبماء عذب ، فإن فقد فبماء مزج فيه عسل أو تمر.

ثمّ يسمّيه بالأسماء الحسنة ، وأفضلها ما تضمّن العبوديّة لله تعالى ، ثمّ محمّد ، ثمّ أسماء الأنبياء والأئمّة عليهم السلام.

ص: 90

ويكنّيه ولا يكنّى محمّد بأبي القاسم ، ويكره حكما وحكيما وخالدا ومالكا وحارثا وضرارا.

ويستحبّ يوم السّابع أربعة أشياء :

الأوّل : حلق الرأس قبل العقيقة ، والصدقة بوزن شعره ذهبا أو فضّة. وتكره القنازع (1).

الثاني : ثقب أذنه.

الثالث : الختان ، ويجوز تأخيره ويجب إذا بلغ ، ويستحبّ خفض الجواري ، ولو أسلم الكافر وجب أن يختن ، ولو أسنّ ويستحب للكافرة.

الرابع : العقيقة عن الذكر بذكر وعن الأنثى بمثلها ، ولا تجزئ الصدقة بثمنها.

ويستحبّ فيها شروط الأضحية ، وأن تخصّ القابلة بالرّجل والورك ، وإن كانت ذميّة أعطيت بثمنه ، ولو لم تكن قابلة تصدّقت به الأمّ.

ولا يسقط الاستحباب بالتأخير ، ولو أهمل الوالد عقّ الولد عن نفسه.

ولو مات الولد قبل الزّوال سقطت ، ولا تسقط بعده ، وتطبخ بالماء والملح ويدعى لها المؤمنون الفقراء ، وأقلّهم عشرة ، ولو فرق اللحم جاز.

ويكره كسر العظام وأكل الأبوين منها.

ص: 91


1- القنازع واحدها قنزعة - بضمّ القاف والزاي وسكون النون - وهي أن يحلق الرأس إلّا قليلا ويترك وسط الرأس. مجمع البحرين.
البحث الثاني : في إلحاق الأولاد بالآباء
اشارة

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] ولد الزوجة

ويلحق في الدائم بالدّخول ، وبمضيّ ستّة أشهر من حين الوطء ، وأن لا يتجاوز أقصى مدّة الحمل ، وهي عشرة أشهر ، فلو لم يدخل أو ولد لأقلّ من ستّة حيّا كاملا ، أو لأكثر من عشرة لم يلحق به ، ولم يجز له إلحاقه.

وإذا اجتمعت الشرائط لم يجز نفيه لمكان التهمة وإن كانت زانية أو شاهد زناها ، ولا لمكان العزل.

ولو وطئها مع الزّوج آخر فجورا فالولد للفراش وإن شابه الزاني في الصفات ، ولو نفاه افتقر إلى اللعان ، وكذا لو اعترف بالدّخول وولادة زوجته له وإن اختلفا في المدّة.

ومتى أقرّ بولد لم يقبل منه نفيه عنه ، ولو اختلفا في الدخول أو في ولادته قدّم قول الزّوج مع اليمين.

ولو أحبلها من زنا ثمّ تزوّجها لم يلحق به الولد ، وكذا لو أحبل أمة ثمّ اشتراها.

ولو طلّق فاعتدّت ثمّ أتت بولد ما بين الطلاق إلى أقصى مدّة الحمل لحق به إن لم توطأ بعقد ولا شبهة.

ص: 92

ولو تزوّجت [ بعد العدّة ] وأتت بولد لستّة أشهر من وطء الثاني فهو له ، ولو كان لأقلّ من ستّة فهو للأوّل ، ولو كان لستّة من وطء الثاني ولأقلّ من الأقصى من وطء الأوّل أقرع ، ويحتمل أنّه للثاني ، ولو كان لأقلّ من ستّة من وطء الثاني ولأكثر من وطء الأوّل انتفى عنهما ، وكذا الأمة إذا وطئها المشتري.

[ الفصل ] الثاني : [ في ] ولد المستمتع بها

ويلحق به إذا اجتمعت شرائط الإلحاق ، ويحرم نفيه ، لكن لو نفاه انتفى بغير لعان.

[ الفصل ] الثالث : [ في ] ولد الشبهة

وحكمه كالصحيح وفي إلحاق النسب ، فلو ظنّ أجنبية زوجته فوطئها لحق به الولد ، ولو كانت أمة غرم للمولى قيمة الولد يوم سقط حيّا.

ولو ظنّها خالية ، أو ظنّت موت الزوج أو طلاقه فتزوّجها ثمّ بان الخلاف ، ردّت إلى الأوّل بعد الاعتداد من الثاني ، والولد للثاني مع الشرائط ، سواء استندت (1) إلى حكم الحاكم ، أو البيّنة ، أو إخبار مخبر.

ص: 93


1- في « ب » و « ج » : استند.
[ الفصل ] الرابع : [ في ] ولد الموطوءة بالملك

من وطئ أمته فجاءت بولد لستّة أشهر فصاعدا ولم يتجاوز أقصى الحمل لزم الإقرار به ، ولا يجوز له نفيه وإن عزل ، وإن نفاه (1) انتفى بغير لعان.

ولو اعترف به ثمّ نفاه لم يقبل منه ، وبالعكس يقبل.

ولو وطئ المولى وأجنبي فجورا ، فالولد للمولى ، فإن حصلت أمارة يغلب معها الظنّ أنّه ليس منه لم يجز إلحاقه ولا نفيه ، ولا يورّثه ، وينبغي أن يوصي له بشي ء ، ولا يملكه الوارث ، ويملك الموصى به.

ولو وطئها الموالي في طهر واحد ثمّ تداعوا الولد أقرع بينهم ، وألحق بمن يخرج (2) اسمه ، وأغرم حصص الباقين من قيمة الأمّ والولد يوم سقط حيّا.

ولو ادّعاه أحدهم ألحق به وألزم حصص الباقين من القيمتين.

ولو انتقلت إلى موال بعد وطء كلّ واحد من غير استبراء ، فالولد للأخير إن جاء لستّة أشهر من وطئه ، وإلّا فللّذي قبله إن جاء كذلك ، وإلّا فللسابق وهكذا.

البحث الثالث : في الرّضاع

لا يجب على الأمّ إرضاع ولدها إلّا باللّباء (3) لأنّه لا يعيش بدونه غالبا ، فلا

ص: 94


1- في « ب » و « ج » : ولو نفاه.
2- في « أ » : أخرج.
3- اللّبأ - بكسر اللام وفتح الباء - : أوّل اللبن في النتاج ، قال أبو زيد : أوّل الألبان اللّبأ عند الولادة ، وأكثر ما يكون ثلاث حلبات وأقلّه حلبة. لسان العرب مادّة ( لبأ ).

تستحقّ الأجرة عنه ، ولا تجبر على غيره ، مسلمة كانت أو ذمّية وإن اعتادت الإرضاع ، ولها المطالبة بالأجرة ، وعلى الأب بذلها إن لم يكن للولد مال وإلّا ففي ماله.

ويصحّ استئجارها وإن كانت في حباله ، ولها أن ترضعه بنفسها أو بغيرها إلّا أن يعيّنها.

وللمولى إجبار أمته ، ولو طلبت الزّوجة ما طلبه غيرها فهي أولى.

ولو طلبت أزيد فللأب الامتناع وإن كان بقدر أجرة المثل أو أقلّ.

ولو تبرّعت الأجنبيّة فالأمّ أولى إن تبرّعت.

ولو ادّعى وجود متبرّعة فعليه إبانتها.

وأفضل ما رضع لبن أمّه ، ولو أرضعته بغير إذن فلا رجوع لها.

ونهاية الرضاع حولان ، ويجوز نقص ثلاثة أشهر وزيادة شهرين ، ولا تجب أجرتهما.

البحث الرابع : في الحضانة

وهي ولاية على تربية الولد ، وتستحقّها الأمّ المسلمة الحرّة العاقلة ، ولا تشترط العدالة ، فالأب الحرّ المسلم العاقل أولى من الأمّ الكافرة أو المملوكة أو المجنونة ، ومدّتها مدّة الرضاع ، وكذا لو طلّقها ما لم تتزوّج ، فإذا فصل فالأب أحقّ بالذكر والأمّ أحقّ بالأنثى إلى سبع سنين ما لم تتزوّج الأمّ ، فإن طلّقت بائنا عادت حضانتها في الحال وبعد العدّة في الرجعيّة.

ص: 95

ولو مات الأب فالأمّ أحقّ بالولد من كلّ أحد حتّى يبلغ وإن تزوّجت ، وكذا لو كان الأب كافرا أو مملوكا أو مجنونا ، فإن أسلم أو أعتق أو أفاق صار أحقّ.

ولو فقد الأبوان فالجدّ وإن علا ، فإن فقد ترتّب الأقارب ترتّب الإرث ، (1) فإن تساوت الدرجة قدّم من زادت قرابته أو نصيبه ، فالأخت من الأبوين أولى من الأخت لأحدهما ، والأخت للأب أولى من الأخت للأمّ ، والجدّة للأب أولى من الجدّة للأمّ ، والجدّة أولى من الأخت ، لأنّها أمّ ، والعمّة أولى من الخالة.

وإذا تعدّد المساوي أقرع ، وإذا غاب الأولى أو امتنع كانت للأبعد ، فإن عاد رجع على حقّه.

والبحث في المجنون كالطفل.

ص: 96


1- في « أ » : ترتيب الإرث.

القسم الثالث

في الايقاعات

وفيه كتب :

كتاب الطلاق

اشارة

والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقه

ص: 97

ص: 98

[ النظر ] الأوّل : في الأركان

اشارة

وهي أربعة :

[ الركن ] الأوّل : المطلّق

ويعتبر فيه شروط :

الأوّل : البلوغ ، فلا يصحّ طلاق الصّبي وإن بلغ عشرا وكان مميّزا ، ولا يصحّ من الوليّ عنه إلّا إذا بلغ فاسد العقل مع الغبطة.

الثاني : العقل ، فلا يصحّ طلاق المجنون والمغمى عليه لمرض وغيره ، وكذا السكران ، ولو اعتوره الجنون صحّ مع الإفاقة ، ويصحّ طلاق الولي عنه ، لا عن السكران (1) والمغمى عليه ، وشارب المرقد ، فإن فقد طلّق عنه السلطان أو من ينصبه.

ص: 99


1- في « أ » : « لا عن المملوك » بدل « لا عن السكران ».

الثالث : الاختيار ، فلا يصحّ طلاق المكره ، ويتحقّق الإكراه إذا غلب على ظنّه فعل القادر ما توعّده عليه في نفسه ، أو ماله ، أو ما يجري مجرى نفسه ، كالولد والأب والأخ ، من الجرح ، والضرب ، والشتم ، وأخذ المال وإن قلّ ، ولا إكراه مع الضّرر اليسير ، ويختلف باختلاف الناس ، فربّ متألّم بشي ء لا يعبأ به غيره.

ولو ظهرت أمارة الاختيار صحّ طلاقه ، كأن يأمره بالكناية فيصرّح ، أو بطلاق غير معيّنة فيعيّن.

الرابع : القصد ، فلا يصحّ من الساهي والنائم والغالط وإن نطق بالصريح ، وكذا لو لقّن الصّيغة من لا يفهمها ولو ادّعى عدم القصد قبل في الظاهر ودين بنيّته وإن تأخّر ما لم تخرج العدّة.

ولو قال الخالي : زوجتي طالق ، فبان أنّ وكيله زوّجه ، أو نسي أنّ له زوجة أو ظنّ أجنبيّة زوجته أو بالعكس وطلّق لم يصحّ.

ويصحّ التوكيل في الطلاق للغائب والحاضر ، للمرأة وغيرها ، فلو أمرها بالطلاق ثلاثا فطلّقت واحدة أو بالعكس صحّت واحدة.

الركن الثاني : المطلّقة

اشارة

وشروطها خمسة :

الأوّل : كونها زوجة ، فلا يقع بالمملوكة والأجنبيّة وإن علّقه بالتزويج ، سواء أطلق أو عيّن ، ولا بالموطوءة بالشبهة.

ص: 100

فرع

لو كان اسم زوجته وجارته « سعدى » فقال : سعدى طالق ، وقال : أردت الجارة لم يقبل ، ولو قال : إحداكما طالق قبل.

ولو كان له زوجتان : زينب وعمرة ، فقال : يا زينب ، فقالت عمرة : لبّيك ، فقال : أنت طالق ، طلّقت المنويّة ، ولو قصد المجيبة لظنّها زينب بطل.

الثاني : دوام العقد ، فلا يقع بالمستمتع بها (1) ولا بالمحلّلة.

الثالث : الاستبراء ، فلا يقع في طهر المجامعة إلّا أن تكون صغيرة أو يائسا أو حاملا أو مسترابة وقد اعتزلها ثلاثة أشهر لم تردما ، فإن طلّقها قبل مضيّ الثلاثة لم يقع إلّا أن تحيض فيقع بعده.

الرابع : الطهر من الحيض والنفاس ، ويعتبر في المدخول بها الحائل الحاضر زوجها أو من هو بحكمه وهو الغائب دون المدّة المشترطة ، فلو طلّق غير المدخول بها أو الحامل في الحيض أو النفاس صحّ ، وكذا طلاق الغائب وإن صادف الحيض أو النفاس.

وحدّ الغيبة أن يعلم انتقالها من الطهر الّذي جامعها فيه إلى آخر ، ويكفي الظنّ ، والحاضر الممنوع عنها كالغائب.

الخامس : تعيّنها إمّا بالاسم أو بالإشارة لفظا أو نيّة كقوله : إحدى نسائي طالق ، وينوي واحدة ، ويقبل تفسيره ، ولو لم ينو واحدة أو قال : زينب طالق أو

ص: 101


1- في « أ » : بالمتمتّع بها.

عمرة ، أو هذه طالق أو هذه بطل ، وقيل : يعيّن من شاء (1) وإن مات قبله أقرع.

فعلى هذا لو قال : هذه طالق أو هذه وهذه ، فإن قصد عطف الثالثة على المطلّقة منهما طلّقت في الحال ، وعيّن منهما من شاء ، وإن قصد عطفها على الأولى أو على الثانية كان لها حكمها.

وإن لم يقصد شيئا ، قيل : هي معطوفة على الثانية لقربها ، وقيل : على المطلّقة ، فعلى الأوّل تكون تابعة لها ، فإن عيّنها للطلاق طلّقت معها ، وإن عيّن الأولى طلّقت خاصّة ، وعلى الثاني تطلق في الحال ، ويعيّن من الأولتين من شاء.

ولو مات قبل التعيين أقرع ، وتكفي رقعتان.

وكذا لو قال : زينب أو عمرة طالق.

الركن الثالث : الصّيغة

وهي : أنت طالق ، ويشترط في الجزء الأوّل دلالته على المطلّقة صريحا ، مثل أنت أو هذه أو فلانة أو زوجتي أو كلّ امرأة لي طالق ، ولا يجزئ ما يدلّ على البعض وإن عبّر به عن الجملة ، مثل وجهك أو نفسك أو عينك أو رأسك أو بدنك ولا يصحّ إضافته إليه مثل أنا منك طالق.

و [ يشترط ] في الجزء الثاني صيغة طالق ، ولو قيل : طلّقت فلانة ، فقال : نعم ، فقولان.

ص: 102


1- لاحظ المبسوط : 5 / 79.

ولا يقع بقوله : طلّقتك وأنت مطلّقة أو الطلاق ، أو من المطلّقات وإن نوى به الطلاق ، ولا بالكناية وإن نواه ، مثل أنت خليّة ، أو بريّة ، أو بائن ، أو حرام ، أو بتّة ، أو بتلة ، أو اعتدّي ، أو حبلك على غاربك ، أو الحقي بأهلك ، وكذا لو خيّرها فاختارت نفسها في الحال ، ولا بالكتابة وإن كان غائبا.

و [ يشترط ] في الجزءين أمور :

الأوّل : إيقاعهما بالعربيّة مع القدرة ، ولا يقع بالإشارة إلّا مع العجز عن النطق.

الثاني : أن يقصد الإنشاء ، فلو قصد الإخبار بطل ، ويصدّق في قصده.

الثالث : التنجيز ، فلو علّقه بشرط أو صفة بطل ، ولو قال : أنت طالق أن دخلت الدار بفتح « أن » وقع في الحال ان عرفت الفرق ، ولو كسرها بطل.

ولو قال : [ أنت طالق ] لرضى فلان ، فإن قصد الغرض وقع ، وإن قصد الشرط بطل.

ولو قال : أنت طالق إلّا أن يشاء زيد لم يقع ، وكذا لو قال : أنت طالق إن شاء اللّه تعالى ، إلّا أن يريد البركة.

ولو قال : أنت طالق إن كان الطلاق يقع بك ، فإن علم أنّها طاهرة صحّ ، وإن جهل حالها بطل.

4. عدم التعقيب بالمنافي فلو قال لطاهر مدخول بها : أنت طالق للسّنّة صحّ ، ولو قال : للبدعة لم يصحّ.

ص: 103

ولو قال : أنت طالق نصف طلقة أو ربع طلقة أو نصف طلقتين لم يقع ولو قال : أنت طالق نصفي طلقة أو ثلاثة أثلاث طلقة أو نصف وثلث وسدس طلقة وقع ، بخلاف نصف طلقة وثلث طلقة وسدس طلقة.

ولو قال : أنت طالق ثلاثا أو اثنتين ، فإن كان مخالفا لزمه ذلك ، وإلّا وقعت واحدة.

ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلّا ثلاثا لغى الاستثناء وصحّت واحدة ، وكذا أنت طالق طلقة إلّا طلقة.

ولو قال : أنت طالق غير طالق ، فإن نوى الرجعة وقعا ، وإن نوى النّقض حكم بالطلقة.

ولو قال : زينب طالق بل عمرة لم تطلق عمرة.

لو قال : أردت بزينب عمرة وهما زوجتان قبل.

ولو قال : أنت طالق ، ثمّ قال : أردت أن أقول : أنت طاهرة قبل ودين بنيّته.

ولو قال لزوجاته : كلّ منكنّ طالق صحّ ، ولو قال : أوقعت بينكنّ أربع طلقات لم يصحّ.

ولو قال : أنت طالق بعد طلقة أو قبلها طلقة لم يقع ، ولو قال : قبل طلقة أو بعدها أو عليها أو معها وقع ، وكذا لو قال : أنت طالق اعدل طلاق أو أكمله أو أحسنه أو أقبحه.

ص: 104

الركن الرابع : الإشهاد

فلا يقع الطلاق بدون سماع شاهدين عدلين دفعة ، فلو طلق ولم يشهد ثمّ طلّق وأشهد ، صحّ الثاني (1) دون الأوّل ، ولو كان الوكيل أحد الشاهدين لم يصحّ ، ويكفي لو سمعاه اتّفاقا ، فلا تقبل شهادة النّساء وإن انضممن إلى الرّجال ، ولا الفاسق وإن تعدّدا وانضمّ إلى عدل.

ولو تفرّقا في السّماع ، أو سمع أحدهما الإنشاء والآخر الإقرار لم يقع.

ولا يشترط الاجتماع في الأداء ولا عند الإقرار ، ولو شهد من ظاهرهما العدالة دون باطنهما وقع ظاهرا ، ولو علم الزّوج فسق أحدهما لم تبن منه ، ولا تحلّ عليهما ولا على من يعلم فسقهما.

ص: 105


1- في « ب » : وقع الثاني.

النظر الثاني : في أقسامه

وينقسم إلى واجب مخيّر كطلاق المظاهر والمولي ، ومندوب كطلاق المشهورة بالزنا ، وعند الشقاق مع عدم الاتّفاق ، ومحظور وهو البدعيّ ، ومكروه وهو غير ذلك ، ولا مباح فيه.

وينقسم أيضا إلى بدعيّ كطلاق الحائض الحائل المدخول بها ، الحاضر زوجها ، والنفساء والموطوءة في طهر المجامعة ، وفي مدّة الاستبراء ، والطلاق ثلاثا.

وإلى شرعيّ وهو :

إمّا طلاق العدّة ، وصورته : أن يطلّق ثمّ يراجع في العدّة ويطأها ، ثمّ يطلّق في طهر آخر ثمّ يراجع ويطأ ، ثم يطلّقها في طهر آخر ، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجا غيره ، ثمّ ينكحها ، ويفعل كالأوّل مرّتين ، فتحرم في التاسعة أبدا.

ولا يكون للعدّة (1) حتّى يطأ بعد الرّجعة.

وإمّا طلاق السّنة ، وهو قسمان :

ص: 106


1- أي لا يوصف الطلاق بكونه عدّيّا حتّى يطأ بعد الرجعة.

[ القسم ] الأوّل : طلاق السنّة بالمعنى الأخصّ ، وهو أن يطلّقها فإذا خرجت العدّة عقد عليها ووطئها ، ثمّ يطلّقها فإذا خرجت العدّة عقد عليها ووطئها ، ثمّ يطلّقها ، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجا غيره ، ولا تحرم هذه في التاسعة ، ولا يهدم استيفاء العدّة تحريمها في الثالثة.

[ القسم ] الثاني : طلاق السنّة بالمعنى الأعمّ ، وله صور :

الأولى : ما ذكر.

الثانية : أن يطلّق ويراجع في العدّة ، ويطلّق قبل الوطء فى طهر آخر.

الثالثة : أن يطلّق ويراجع ، ثمّ يطلّق قبل الوطء في طهر الطلاق ، والأولى تفريق الطلاق على الأطهار.

الرابعة : طلاق الحامل للسنّة على الأقوى ، ويصحّ طلاقها للعدّة (1) إجماعا.

وينقسم إلى بائن وهو طلاق غير المدخول بها ، واليائسة ، والصغيرة وإن دخل بها ، والمختلعة ، والمباراة إلّا أن ترجعا في البذل ، والمطلّقة ثلاثا بينها رجعتان ، وإلى رجعيّ ، وهو ما للزّوج فيه رجعة (2) سواء رجع أو لا.

ص: 107


1- في « أ » : ويصحّ طلاقها للسنّة.
2- في « ب » و « ج » : الرجعة.

النظر الثالث : في لواحقه

اشارة

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل :

إذا شكّ في إيقاعه لم يلزمه الطلاق ، وكان النكاح باقيا ، ولو شكّ في عدده لزمه الأقلّ ، ولو طلّقها غائبا ثمّ جاء فدخل ثمّ ادّعى الطلاق لم تقبل دعواه ولا بيّنته ، ولحق به الولد ، ولو طلّق الغائب لم يجز له العقد على رابعة ولا على أخت الزوجة إلّا بعد سنة ، ولو علم خلوّها كفاه العدّة.

وإذا طلّقت المرأة ثلاثا بينها رجعتان حرمت حتى تنكح زوجا غيره ، وكذا لو طلّقها ثلاثا قبل الدخول.

المطلب الثاني : في طلاق المريض

وهو مكروه ويتوارثان في العدّة الرجعيّة ، وترثه في البائن إلى سنة ما لم تتزوّج أو يبرأ ، فلو تزوّجت ثمّ طلّقت في السّنة أو برئ ثمّ مات في مرض آخر ، أو أعتقت الأمة ، أو أسلمت الذّميّة لم ترثه.

ولو أقرّ [ مريضا ] بالطلاق ثلاثا في الصحّة لم يقبل بالنسبة إليها ، ولو ادّعت وقوعه في المرض وادّعاه الوارث في الصحّة ، فالقول قوله مع يمينه ، ويختصّ الحكم بالطلاق.

ولا ميراث مع اللّعان والفسخ بعيب أو بتجدّد الرضاع ، ولا يمنع

ص: 108

اللواط بعد الطلاق ولا ردّته ، أمّا لو ارتدّت فإن رجعت في العدّة ورثت وإلّا فلا.

المطلب الثالث : في الرّجعة

وهي إعادة النكاح ، ويصحّ باللفظ مطابقة كراجعتك ، والتزاما كإنكار الطلاق ولفظها الصّريح : رجعت ، وراجعت ، وارتجعت ، ورددتك إلى النكاح ، وتزوّجتك ، وفي أعدت الحلّ ، ورفعت التحريم ، توقّف ، وليس الإقرار إنشاء.

ويشترط تجريده عن الشرط ، فلو قال : راجعتك إن شئت ، لم يصحّ وإن شاءت.

ويرجع الأخرس بالإشارة.

وقد يكون بالفعل : كالوطء واللمس والتقبيل بشهوة ، ويشترط قصد الرجعة به ، فلو وطئ نائما أو جهل أنّها الزّوجة لم يقع.

ولا يمنع من رجعة المرتدّة والذميّة.

ولا يشترط علمها بالرجعة ولا رضاها ، فلو تزوّجت قبل العلم بالرجوع ، فإن أقام بيّنة ردّت إليه بعد الاعتداد من الثاني ، وإلّا حلف الثاني على نفي العلم بالرجوع ، ولو نكل حلف الأوّل وردّت إليه ولو صدّقه [ الثاني ] انفسخ نكاحه ، وحلفت على نفي العلم ، وغرم لها المهر أو نصفه ، ولم تردّ إلى الأوّل.

ولو ادّعى [ الرجعة ] عليها ، فإن صدّقته لم ينفذ على الثاني ، ويرجع الأوّل عليها بالمهر ، وإن كذّبته حلفت ، فإن نكلت حلف الأوّل وغرمت له المهر ، وردّت إليه بعد مفارقة الثاني ، واستعادت المهر.

ويجب وقوعها في العدّة.

ويستحبّ الإشهاد ، فلو ادّعى بعد العدّة الرجوع فيها أو بعدها ، أو

ص: 109

ادّعت الانقضاء فادّعى الرجعة قبله ، أو راجع فأنكرت الدّخول ، قدّم قولها مع اليمين (1)

ولو راجع فادّعت الانقضاء قبلها قدّم قوله مع اليمين.

ولو ادّعت خروجها بالحيض (2) في زمان يحتمل صدّقت مع اليمين ، ولو كان بالأشهر ، فإن علم التاريخ اتّبع ، فإن اختلفا فيه أو لم يعلم ، قدّم قول الزوج مع اليمين.

ولو صدّقته الأمة في وقوع الرجعة في العدّة وأنكر المولى قدّم قول الزّوج مع اليمين.

ولو كانت حاملا فادّعت الوضع قدّم قولها ولم تكلّف إحضار الولد.

ولو ادّعت الحمل فأنكر فاحضرت ولدا فأنكر ولادتها له قدّم قوله.

المطلب الرابع : في التحليل

ويشترط في المحلّل البلوغ والوطء في القبل حتّى تغيب الحشفة ، وإن كسل ، وكون العقد دائما صحيحا ، فلا تحلّ بالمتعة والملك والإباحة

ص: 110


1- والعبارة على إيجازها تحتوي مسائل ثلاث : 1. لو ادّعى الزوج بعد العدّة وقوع الرجعة فيها وأنكرته الزّوجة، لم تقبل دعواه إلاّ بالبيّنة، فقدّم قولها مع اليمين . 2. لو ادّعت الزوجة انقضاء العدّة وادّعى الزوج الرجعة قبله، قدّم قولها أيضاً مع اليمين. 3. لو راجع الزوج بعد الطلاق وادّعت المرأة أنّها غير مدخول بها فلا عدّة عليها، قدّم أيضاً قولها مع اليمين. لاحظ القواعد: 3 / 134 .
2- في « أ » : في الحيض.

والعقد الفاسد والوطء بالشبهة ولا بوطء مولاها ولا بملك المطلّق.

ولا يشترط العقل ولا الحريّة ولا الإسلام ، فلو طلّق المسلم ذميّة ثلاثا فتزوّجت ذميّا ثمّ بانت منه وأسلمت ، حلّت للأوّل ، نعم لو وطئها المحلّل في الرّدّة لم تحلّ ، لانفساخ العقد ، ولا إباحة الوطء فتحلّ بوطي المحرم والصائم واجبا ، وفي الحيض ، وقبل التسع.

وتحل بوطء الخصيّ والموجوء والمجبوب مع بقاء ما يطأ به ولو مثل الحشفة ، فيهدم ما دون الثلاث.

ولو ادّعت أنّها تزوّجت وفارقت واعتدّت قبل إذا أمكن ، وكانت ثقة.

ولو ادّعت الإصابة صدّقت وإن كذّبها المحلّل.

المطلب الخامس : في العدد

اشارة

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل :

لا عدّة لغير المدخول بها ، سواء كان الفراق بطلاق أو بفسخ (1) إلّا المتوفّى عنها زوجها ، ولا للصغيرة واليائسة وإن دخل بهما.

ويتحقّق الدخول بإيلاج الحشفة قبلا أو دبرا وإن لم ينزل ، وكذا الخصيّ دون المجبوب ، نعم لو حملت منه اعتدّت بالوضع.

ولا عبرة بالخلوة وإن كملت ، ولو اختلفا في الإصابة قدّم قوله مع اليمين.

ص: 111


1- في « ب » و « ج » : أو فسخ.
الفصل الثاني : في ذات الأقراء

فالحرّة المدخول بها المستقيمة الحيض تعتدّ من الطلاق والفسخ بثلاثة أقراء - وهي الأطهار - وإن كانت تحت عبد وتحسب اللّحظة من طهر الطلاق طهرا ، ولو انتهى الطلاق بانتهاء الطهر صحّ ولم يحسب وترجع في ذلك إليها. (1)

وتخرج العدّة برؤية الدم الثالث ، وأقلّ ما تنقضي به العدّة ستّة وعشرون يوما ولحظتان ، والأخيرة ليست من العدّة بل دالّة على الخروج ، فلا تصحّ فيها الرجعة ، ويصحّ فيها العقد ، فلو ادّعت انقضاءها قبل ذلك لم يقبل.

وإذا استمرّ الدّم فذات العادة ترجع إليها ، والمبتدأة إلى التمييز ، فإن فقدته رجعت إلى عادة نسائها ، فإن اختلفن اعتدّت بأشهر الحيض.

وترجع المضطربة إلى التمييز ، ثمّ إلى الأشهر ، وتجعل زمان الاستحاضة طهرا.

ولو رأت الدّم مرّة ثمّ يئست أكملت العدّة بشهرين.

الفصل الثالث : في ذات الشهور

فالحرّة المدخول بها وهي في سنّ من تحيض ولم تحض تعتدّ من الطلاق والفسخ بثلاثة أشهر ، فإن طلّقت على رأس الشهر اعتدّت

ص: 112


1- يريد أنّها لو حاضت مع انتهاء لفظ الطلاق لم يحتسب طهر الطلاق قرءا ، وافتقرت إلى ثلاثة أقراء مستأنفة بعد الحيض ، كما في القواعد : 3 / 138.

بثلاثة أهلّة ، وفي الأثناء تعتدّ بهلالين ، ثمّ تتمّ الأوّل بثلاثين (1) من الثالث ، وهذه تعتدّ بالأسبق من الشهور والأقراء ، فلو اعتدّت بالأشهر ثمّ رأت الدم في الثالث ، وتأخّرت الحيضة الثانية أو الثالثة صبرت تسعة أشهر ، لاحتمال الحمل ، ثمّ تعتدّ بثلاثة أشهر.

ولو كانت لا تحيض إلّا في ستّة أشهر أو خمسة اعتدّت بالأشهر ، ويرجع في الحيض والطهر إلى المرأة.

ولو ارتابت بالحمل من الأوّل بعد انقضاء العدّة ونكاح آخر لم يبطل النكاح.

ولو ارتابت بعد العدّة وقبل النكاح جاز نكاحها.

ولو ارتابت قبل انقضاء العدّة جاز نكاحها بعدها إلّا مع تعيين الحمل.

وعلى التقديرات لو (2) ظهر حمل بطل نكاح الثاني. (3)

الفصل الرابع : في عدّة الحامل

وتعتدّ من الطلاق والفسخ بالوضع وإن اتّصل بالطلاق ، ويشترط تحقّق الحمل وإن لم يكن تامّا حتّى العلقة ، ولا عبرة بالنّطفة ، فلو وضعت ما يشتبه حكم بشهادة أربع قوابل ثقات أنّه حمل.

ص: 113


1- في « أ » : ثلاثين.
2- في « أ » : فلو.
3- في « أ » و « ب » : النكاح الثاني.

والحامل من الزنا تعتدّ بالأشهر أو بالأقراء ، وتعتدّ من الشبهة بأحدهما بعد الوضع.

ولو حملت من الشبهة ولحق الولد بالواطئ لبعد الزّوج عنها ، ثمّ طلّقها الزوج اعتدّت من الواطئ بالوضع ، واستأنفت للزوج بعد الوضع عدّة الطلاق.

ولو وضعت توأمين لم تبن إلّا بوضع الجميع ، فيصحّ قبل وضع الثاني الرّجعة ، وتجب النفقة والإرث ، وكذا لو وضعت بعض الولد وإن كان ناقصا إصبعا ، ولا عبرة بصدق اسم الآدميّ على الخارج المنقطع لعدم وضع الحمل.

ولو مات في العدّة الرجعيّة استأنفت عدّة الوفاة ، وفي اكتفاء المسترابة بها توقّف ، والبائن تتمّ عدّة الطلاق.

ولو ادّعت الحمل انتظرت تسعة أشهر ، فإن ولدت وإلّا اعتدّت بثلاثة أشهر.

ولو أقرّت بانقضاء العدّة ثمّ أتت بولد لستّة فصاعدا منذ طلّقها ألحق به إذا خلت من بعل ، ولم يتجاوز أقصى الحمل.

ولو ادّعى أحد الزّوجين تقدّم الطّلاق على الوضع وأنكر الآخر ، فالقول قول المنكر مع اليمين.

ولو اتّفقا على زمان الطلاق واختلفا في زمان الوضع ، قدّم قولها مع اليمين ، وبالعكس يقدّم قوله مع اليمين.

ص: 114

الفصل الخامس : في عدّة الوفاة

وتعتدّ الحرّة الحائل المنكوحة بالعقد الصحيح بأربعة أشهر وعشرة أيّام ، حرّا كان الزوج أو عبدا ، صغيرا أو كبيرا ، مسلمة كانت المرأة أو ذميّة ، صغيرة أو كبيرة ، مدخولا بها أو لا ، متحيضة أو لا ، وتعتبر بالأهلّة لا بالأيّام إلا أن ينكسر الأوّل فتتمّه من الرابع ، وتبين بغروب شمس يوم العاشر.

وتعتدّ الحامل بأبعد الأجلين ، ويلزمها الحداد ، وهو ترك الزينة والتطيّب والادهان للزينة ، والحنّاء لها ، وصبغ رأسها وحاجبيها بالسواد ، والكحل به إلّا لضرورة ، ولبس الذّهب ، والفضّة ، واللؤلؤ ، والجوهر ، والثياب الفاخرة ، والمصبوغات ، إلّا الأسود والأرزق.

ويجوز تزيين الولد والخادم ، والتّنظيف ، والحمّام ، وتسريح الشعر ، وقلم الأظفار ، والسواك ، وسكنى المواضع الحسنة ، والجلوس على الفرش النفيسة.

ولو أخلّت بالحداد فعلت حراما واحتسبت عدّتها ، وتستوي فيه الكبيرة والصغيرة ويتولّاه (1) الوليّ ، والمسلمة والذميّة.

ولا حداد على الأمة ، ولا على أمّ الولد وإن عتقت من نصيب ولدها ، ولا على الموطوءة بالعقد الفاسد والشبهة إذا مات الواطئ ، ولا على المطلقة بائنا أو رجعيّة ، ولا على المفسوخ نكاحها.

وتحدّ في موت غير الزّوج ثلاثة أيّام.

ص: 115


1- في « أ » : ويتولّى.
الفصل السادس : في المفقود
اشارة

إذا غاب الزّوج فإن علمت حياته فلا خيار لها ، وكذا لو جهلت حياته وأنفق عليها الوليّ ، ومع عدمه فإن صبرت فلا كلام ، وإلّا رفعت أمرها إلى الحاكم فيؤجّلها أربع سنين ، ثمّ يبحث عنه ، فإن عرف حياته صبرت ، وعلى الإمام نفقتها من بيت المال ، وإلّا أمرها بعدّة الوفاة ، ثمّ تحلّ للأزواج ، فإن جاء زوجها بعد العدّة والنكاح ، فلا سبيل له عليها ، وكذا إن جاء بعد العدّة وقبل النكاح ، وإن جاء فيها فهو أملك بها.

فروع

الأوّل : ضرب الأجل إلى الحاكم ، فلو صبرت أكثر من أربع سنين ثمّ اعتدّت لم يكف.

الثاني : ابتداء الأجل من حين المرافعة لا من انقطاع الخبر.

الثالث : يشترط في العدّة أمر الحاكم بها فلو اعتدّت من قبل نفسها لم يعتبر ، ولا بدّ من طلاقها قبل العدّة ، ولا منافاة ولا نفقة فيها على الغائب إلّا أن يحضر فيها ، فترجع عليه بالماضي.

الرابع : لو طلّق الزّوج أو ظاهر أو آلى منها في العدّة وقع وإلّا فلا.

الخامس : لو نكحت ثمّ ظهر موت الزّوج فالنكاح صحيح ، ولا عدّة ، سواء مات قبل العدّة أو بعدها.

ص: 116

السادس : لو (1) ماتت هي أو الزّوج في العدّة توارثا لا بعدها.

السابع : إذا نكحت صارت فراشا للثاني ، فلو أتت بولد لستّة أشهر من وطئه لحق به ، ولو التحقه الأوّل وذكر أنّه وطأها سرّا لم يقبل.

الثامن : لو أمرها بالاعتداد فلم تعتدّ ، فلها أن تعتدّ بعد ذلك.

الفصل السابع : في عدّة الأمة
اشارة

وتعتدّ الأمة المدخول بها الحائل ، من الطلاق بقرأين وإن كان الزوج حرّا ، وأقلّ ما ينقضي به ثلاثة عشر يوما ولحظتان ، والكلام في اللحظة الأخيرة كما مرّ ، والّتي لم تحض وهي في سنّ من تحيض تعتدّ بشهر ونصف.

وحكم الفسخ كالطلاق ، وتعتدّ الحامل بالوضع ، ولو طلّقت بعد العتق اعتدّت كالحرّة ، ولو أعتقت في العدّة الرجعيّة أتمّت عدّة الحرة ، والبائن تتمّ عدّة الأمة ، ومن الوفاة بشهرين وخمسة أيام ، والحامل بأبعد الأجلين.

ولو مات زوج أمّ الولد اعتدّت كالحرّة ، ولو طلّقها رجعيّا ثمّ مات في العدّة استأنفت عدّة حرّة ، ولو لم تكن أمّ ولد استأنفت عدّة أمة ، ولو كان الطلاق بائنا أتمّت عدّة الطّلاق.

ولو مات زوج الأمة ثمّ أعتقت أتمّت عدّة الحرّة.

ولو وطئها ثمّ دبّرها فمات اعتدّت كالحرّة ، ولو اعتقها في حياته اعتدّت بثلاثة أقراء أو بالأشهر.

ص: 117


1- في « ب » و « ج » : ولو.

والمكاتبة المشروطة والّتي لم تؤدّ كالأمة ، فإن أدّت في أثناء العدّة فهي كالحرّة ، وكذا المعتق بعضها.

والذميّة كالحرّة في الطلاق والوفاة ، ولو طلّقت فلحقت بدار الحرب ثمّ سبيت فى العدّة أتمّت عدّة الحرّة.

تتمّة

يجب الاستبراء بحدوث ملك الأمة الموطوءة وبإرادة زواله ، سواء كان ببيع أو صلح أو ميراث أو اغتنام بحيضة ولو لم تحض وهي في سنّه فبخمسة وأربعين يوما ، والحامل من زوج أو مولى أو من وطء الشبهة بالوضع ، ولو كان من زنا فبانقضاء أربعة أشهر وعشرة أيّام ، ويكره [ وطؤها ] بعد ذلك (1).

ويسقط [ الاستبراء ] بما تقدّم ، وبعتقها ، والعقد عليها ، وبابتياع زوجته ، وبالتقايل قبل التسليم ، وبالردّ بالعيب.

ولو ارتدّت أو ارتدّ المولى ثمّ عاد المرتدّ حلّت بغير استبراء.

ولو أعتقت ولم تفسخ حلّت على الزّوج بغير استبراء.

ولو طلّقت الأمة لم تحلّ على المولى إلّا بالعدّة ، وتكفي عن الاستبراء.

ولو أعتقها المولى حرمت على غيره قبل العدّة وتكفي عنه أيضا.

ص: 118


1- قال العلّامة في القواعد : 3 / 148 : فإن كانت الأمة حبلى من مولى أو زوج أو وطء شبهة لم ينقض الاستبراء إلّا بوضعه ، أو مضيّ أربعة أشهر وعشرة أيّام ، فلا يحلّ له وطؤها قبلا قبل ذلك ، ويجوز في غير القبل ، ويكره بعدها.

ويكفي استبراء مملوكه عنه واستبراء المحرم.

ولا يحرم في مدّة الاستبراء غير الوطء ، ويجوز بيعها قبله لا تزويجها.

الفصل الثامن : في تداخل العدّتين

وفيه مسائل :

الأولى : إذا كانتا لشخصين لم يتداخلا وإن كانت لواحد تداخلتا ، فلو وطئها الزوج في عدّة البائن لشبهة كفى استئناف العدّة ، وكذا في الرجعيّة ، وله الرجوع في بقيّة الأولى دون الزائد.

ولو وطئ امرأة للشبهة مرّتين كفت واحدة.

الثانية : لو طلّق بعد الرجعة قبل الوطء استأنفت العدّة ، وكذا لو خلعها بعد الرجعة ، أمّا لو خلعها بعد الدخول ثمّ تزوّجها في العدّة وطلّقها قبل الدخول فلا عدّة.

الثالثة : لو تزوّجها في العدّة ، فإن كان عالما فهي في عدّة الأوّل ، سواء دخل أو لا ، حملت أو لا ، ولو كان جاهلا فإن لم تحمل أتمّت عدّة الأوّل ، ثمّ استأنفت ( عدّة ) (1) للثاني.

ولو حملت فإن لحق بالأوّل اعتدّت له بوضعه وللثاني بثلاثة أقراء بعد الوضع ، وإن لحق بالثاني اعتدّت له بوضعه ، وتتمّ عدّة الأوّل بعد الوضع.

ولو انتفى عنهما أتمّت عدّة الأوّل بعد الوضع ، ثمّ تستأنف للثاني.

ص: 119


1- ما بين القوسين يوجد في « ج ».

ولو احتمل كونه منهما لحق بالثاني ، وحكمه كما سبق ، وللزّوج الرّجوع في عدّته.

الرابعة : وطء الشبهة يسقط معه الحدّ ، ويجب المهر والعدّة ، ويلحق به الولد ، ولو علمت بالتحريم دونه ، لحق الولد ، ووجبت العدّة ، وعليها الحدّ ولا مهر.

ولو كانت أمة لحق به الولد ، وعليه قيمته يوم سقط حيّا ، والعشر أو نصفه لمولاها.

الخامسة : تعتدّ زوجة الحاضر في الطلاق من حين وقوعه ، فلو علمت خروجها جاز نكاحها ، وفي الوفاة من حين بلوغ الخبر وإن أخبر الفاسق ، لكن لا تنكح إلّا بعد الثبوت ، ولو علمت الطلاق وجهلت وقته اعتدّت من حين البلوغ.

الفصل التاسع : في السكنى والنفقة
اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في مستحقّها

وهي المطلّقة رجعيّة ، سواء كانت حائلا أو حاملا ، مسلمة أو ذميّة ، أو أمة إذا أرسلها مولاها ليلا ونهارا ، والمختلعة (1) إذا رجعت في البذل وعلم الزوج.

ص: 120


1- في « ب » و « ج » : أو المختلعة.

ولا تستحقّهما البائن إلّا إذا كانت حاملا ، والمتوفّى عنها زوجها وإن كانت حاملا.

ولو نشزت في العدّة الرجعيّة ، أو طلّق الناشز رجعيّا لم تستحقّ إلّا مع الطاعة.

ولو فسخ لردّتها لم تستحقّ ، ولو فسخت لردّته استحقّت.

ولا تستحقّها الموطوءة بالشبهة ، ولا بالعقد الفاسد ، ولا أمّ الولد إذا أعتقها سيّدها ، إلّا أن تكون إحداهنّ حاملا.

وفي استحقاق المعتدّة عن الفسخ توقّف.

البحث الثاني : في كيفيّة الإسكان
اشارة

إذا طلّقت في مسكن مثلها لم يجز خروجها إلّا لضرورة ولا إخراجها إلّا أن تأتي بفاحشة مبيّنة ، وهي فعل ما يوجب الحدّ فتخرج لإقامته ، وأدنى الفاحشة أن تؤذي أهله.

ولو اتّفقا على الانتقال عنه إلى مثله لم يجز ، ولو كان مستعارا أو مستأجرا فعلى الزوج الإبدال عند الرجوع في العارية أو انقضاء (1) مدّة الإجارة.

ولو أراد [ الزوج ] مساكنتها لم يمنع في الرجعيّ ، ويمنع في البائن إلّا أن يكون معها محرم أو امرأة تحتشمهما (2) ، أو تكون هناك حجرة منفردة المرافق.

ص: 121


1- في « أ » : وانقضاء.
2- في « أ » : تحشمها.
فروع

الأوّل : تخرج لضرورة بعد نصف اللّيل وتعود قبل الفجر إن أمكن ، وإلّا خرجت متى شاءت ، ويجوز للحاكم إخراجها لإقامة حدّ ، أو استيفاء قصاص ، أو حبس على دين ، أو للدعوى عليها إن كانت برزة.

الثاني : يجوز لها الحجّ الواجب بغير إذنه والمندوب معه ، ولو اعتكفت بإذنه لا تخرج في الواجب المعيّن.

الثالث : لو باع المنزل فإن كانت معتدّة بالأقراء لم يصحّ ، وإلّا صحّ.

الرابع : لو كان المسكن له ثمّ حجر عليه ، كانت أحقّ به زمان العدّة ، ولو كان لغيره استحقّت السكنى في ذمّته ، وتضرب مع الغرماء بأجرة مثل سكناها إن كانت معتدّة بالأشهر ، وإن كانت معتدّة بالأقراء أو بالحمل ضربت مع الغرماء بأجرة سكنى أقلّ الأقراء والحمل ، فإن وافق وإلّا رجعت بالباقي ولو فسد الحمل قبل الأقلّ رجع عليها بالباقي. (1)

الخامس : لو مات في العدّة سقط استحقاقها في الباقي.

السادس : لو حجر عليه ثمّ طلّق ضربت بأجرة المثل ، فإن بقى شي ء كان في ذمّته

السابع : لو طلقها في السّفينة ، فإن كانت مسكنا اعتدّت فيها وإلّا أسكنها حيث شاء.

ص: 122


1- في القواعد : 3 / 154 مكان العبارة : « ولو فسد الحمل قبل أقلّ المدّة رجع عليها بالتفاوت ».

الثامن : إذا سكنت في منزلها أو استأجرت مسكنا ، فإن لم تطلب مسكنا لم يكن لها المطالبة بالأجرة وإن قصدت الرجوع ، وإلّا كان لها المطالبة.

التاسع : لو غاب بعد الطلاق ، أو طلّق غائبا ولا مسكن ، استقرض الحاكم عليه أجرة المسكن ، أو أذن لها في الاستدانة ، ولو استقلّت بذلك ففي الرجوع توقّف.

العاشر : تعتدّ البدويّة في مسكنها ، فإن ارتحل النازلون رحلت معهم ، ولو تأخّر أهلها أقامت معهم إذا أمنت ، وإلّا رحلت ، ولو رحل أهلها جاز لها الرّحيل معهم وإن بقي من فيه منعة.

الحادى عشر : لو طلّقت بعد نقل رحلها أو عيالها اعتدّت في الأوّل ، ولو انتقلت أوّلا اعتدّت في الثاني ، وكذا لو طلّقت في الطريق أو رجعت إلى الأوّل لنقل المتاع.

ص: 123

ص: 124

كتاب الخلع والافتداء والمباراة

اشارة

وفيه فصول

ص: 125

ص: 126

[ الفصل ] الأوّل : في الخلع

اشارة

والنظر في أمور

[ النظر ] الأوّل : في حقيقته

وهو إزالة قيد النكاح بفدية مع كراهية الزّوجة ، (1) والأصحّ أنّه طلاق ، ويقع بمجرّده ، والأقرب إتباعه بالطلاق ، ولا يشترط السلطان فيصحّ بدونه.

وقد يحرم ، وكذا لو أكرهها عليه ، فإن أتبعه بالطلاق وقع رجعيّا وإلّا بطل ، وكذا لو منعها حقّها فخالعته ، وليس من الإكراه ضربها لنشوزها.

ولو أتت بفاحشة جاز عضلها لتفدي نفسها.

وقد يستحبّ إذا قالت : لأدخلنّ عليك من تكرهه.

ويباح مع الكراهية (2) والبذل.

ص: 127


1- في « أ » : مع كراهية الزوج.
2- في « أ » : مع الكراهة.

النظر الثاني : في أركانه

اشارة

وهي أربعة :

[ الرّكن ] الأوّل : الصّيغة

وهي : خلعتك على كذا ، أو أنت مختلعة على كذا ، ولا يقع بفاديتك مجرّدا عن لفظ الطلاق ، ولا بفاسختك ، ولا ابنتك ، ولا بتتّك (1) ، ولا بتلتك (2) ، ولا بالتقايل.

ويشترط سماع عدلين لفظه دفعة ، فلو افترقا لم يقع ، وإيقاعه عقيب البذل ، فإن قدّمه أعاده ، وكون الجواب على الفور ، فإن أخّره وقع رجعيّا إن أتبعه بالطلاق وإلّا بطل ، وتجريده عن الشّرط إلّا أن يقتضيه ، فلو قال : خلعتك إن شئت لم يصحّ وإن شاءت ، وكذا لو قال : إن ضمنت لي ألفا ، أو إن أعطيتني ، أو متى أو مهما ، أو أيّ وقت ، أو أيّ حين ، أو شرط الرّجعة.

ولو قال : إن رجعت رجعت أو شرطت الرجوع في الفدية صحّ.

ولو طلّق بفدية وقع بائنا وإن تجرّد عن لفظ الخلع.

ولو طلبت منه خلعا بعوض فطلّق به وقع رجعيّا ولم يلزم البذل

ص: 128


1- في مجمع البحرين : طلاق البتّة : طلاق البائن. والمبتوتة : المطلّقة بائنا.
2- في مجمع البحرين : البتل : القطع يقال : بتلت الشي ء : إذا قطعته وأبنته من غيره ، ومنه قوله : طلّقها بتّة بتلة.

على القول بأنّه فسخ ، ويلزم على القول بأنّه طلاق أو مفتقر إليه.

ولو طلبت منه طلاقا بعوض فخالعها به ، ولم يتبعه بالطلاق لم يقع على القولين.

ولو قال ابتداء : أنت طالق بألف ، أو عليك ألف ، وقع رجعيّا ولم يلزمها الألف وإن تبرّعت بضمانها ، لأنّه ضمان ما لم يجب.

ولو دفعتها إليه فهي هبة ، ولا تصير بائنا.

ويجوز التوكيل فيه ، وأن يكون الوكيل في البذل والإيقاع واحدا.

الركن الثاني : في الخالع

ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن راهق ولا من وليّه على القول بأنّه طلاق ، ولا من المجنون المطبق ، وإلّا صحّ حال إفاقته ، ولا من المكره إلّا مع أمارة الرّضى ، مثل أن يكرهه على الخلع بفضّة فيخلع بذهب ، ويعلم الإكراه بالبيّنة أو بالقرينة ، ولا من السكران والمغضب مع ارتفاع القصد ، ولا من الغافل والسّاهي.

ويصحّ من المفلّس بعد الحجر ، ومن المريض وإن كان بدون مهر المثل ، ومن السفيه بمهر المثل ، وتبرأ بقبض الوليّ لا بقبضه إلّا أن يجده فيأخذه ، ويرجع عليها مع تلفه ، ومن العبد بغير إذن مولاه والعوض لمولاه ، فإن سلّمته إليه لم تبرأ ، وترجع عليه مع بقائه ، وإلّا بعد العتق ، ومن الذّمّي ومن الحربيّ ، فإن بذلت خمرا أو خنزيرا وأسلما أو أحدهما قبل القبض ضمنت القيمة عند مستحلّيه.

ص: 129

الركن الثالث : في المختلعة

ويعتبر فيها زائدا على الخالع كون الكراهية منها ، فلو كان منهما وجب لفظ المباراة ، ولو كانت منه أو كانت الأخلاق ملتئمة (1) لم يقع ، وكان رجعيّا إن قلنا إنّه طلاق أو أتبع به ، وإلّا بطل ، وأن تكون طاهرا طهرا لم يقربها فيه مع الدّخول وحضور الزوج وعدم اليأس.

ويصحّ خلع الحامل وغير المدخول بها مطلقا ، واليائسة مع الوطء.

وللوليّ أن يخلع المجنونة والصغيرة ، ويبذل مهر المثل فما دون ، ولا يصحّ بذل الصّغيرة وإن أذن الوليّ.

ويصحّ خلع المريضة ، فإن بذلت مهر المثل فهو من الأصل ، والزائد من الثلث ، وخلع الأمة فيلزم السيّد ما تبذله بإذنه ، عينا كان أو دينا.

وإطلاق الإذن ينصرف إلى مهر المثل ، ويلزم السيد ، والزائد عليه تتبع به [ بعد العتق ] ، وإن بذلت بغير إذنه عينا فإن أجاز المولى استحقّها الزّوج وإلّا فعليها مثلها أو قيمتها تتبع به ، وإن بذلت دينا تبعت به.

ولو بذلت المكاتبة المشروطة فإن كان بإذن السّيد تعلّق بما في يدها وإلّا بذمّتها ، ولا يعترض المولى المطلّقة.

ولا يصحّ من السّفيه.

ص: 130


1- في « ب » : ولو كانت منهما وكانت الأخلاق ملتئمة
الركن الرابع : الفدية

كلّ ما يصحّ مهرا يصحّ فدية ، وتجوز زيادتها على ما وصل إليها من مهر وغيره.

ويشترط الملك والتموّل والعلم بقدرها ، فلو خلعها (1) على عين مستحقّة بطل الخلع ، وإن أتبعه بالطلاق وقع رجعيّا ، وكذا لو بانت مستحقّة.

ولو خلعها على شي ء في الذّمة ثمّ دفعه ، فبان مستحقّا صحّ ، وله المثل أو القيمة.

ولو بذلت ما ليس بمال لأحد كالحرّ ، أو للمسلم كالخمر ، بطل الخلع إلّا أن يتبع بالطلاق ، فيقع رجعيّا.

ولو بذلت خلًّا فبان خمرا صحّ وله مثله خلًّا.

ولو بذلت مجهول القدر أو الجنس أو الوصف بطل ، ويكفي في الحاضر المشاهدة.

وإطلاق النقد أو الكيل أو الوزن ينصرف إلى الغالب في البلد ، ولو عيّنه تعيّن.

ويصحّ أن تكون الفدية رضاع ولده أو نفقته ، ويجب تعيين المدة والولد وقدر المأكول والملبوس ، وللزوج الفاضل ، وعليه العائز.

ص: 131


1- في « أ » : فلو خالعها.

ولو مات الولد فللأب أجرة مثل رضاع الباقي ، ومثل النفقة أو قيمتها ، ويستوفيه أدوارا في المدّة لا دفعة ، وليس له أن يرضع غيره.

ولو تلفت الفدية قبل القبض لزمها المثل أو القيمة.

ولو وجد الموصوف أدون فله ردّه والمطالبة بالموصوف.

ولو بان المعيّن معيبا فله الأرش أو الردّ ، ويطالب بالمثل أو القيمة.

ولو خالع اثنتين بفدية واحدة صحّ وكانت عليهما بالسويّة.

ويصحّ البذل منها ومن وكيلها ومن وليّها ومن الضامن عنها بإذنها ، لا من المتبرّع بالبذل أو الضمان ، فلو قال : خالع زوجتك على ألف في ذمّتي أو على ألف من مالها وعليّ ضمانه لم يصحّ.

ولو قال أبوها : طلّقها وأنت بري ء من الصداق ، فطلّق وقع رجعيّا ، ولم يلزمها الإبراء ولم يضمن الأب.

ولو وكّل في خلعها بمائة فزاد صحّ ، ولو نقص بطل ، ولو أطلق فخلع بمهر المثل حالّا بنقد البلد صحّ ، ولو خالف ذلك بطل ، ويجوز بالأكثر والأجود.

ولو وكّلت بمائة فنقص صحّ ، ولو زاد بطل ، ولو أطلقت اقتضى مهر المثل حالّا بنقد البلد ، فإن خالع بدونه أو أدون منه أو مؤجّلا صحّ ، وإن زاد بطل إلّا أن نقول : يصحّ البذل من المتبرّع فالزيادة على الوكيل.

ولو بان بطلان الوكالة بطل الخلع.

ص: 132

النظر الثالث : في الأحكام والنزاع

إذا صحّ الخلع استحقّ الزوج العوض والزوجة الرجوع في الفدية في العدّة ، وللزوج الرجعة فيها ، ولا رجوع له إن لم ترجع ، ولا يصير رجعيّا برجوعها ، فلا يقع بها طلاق إلّا أن يرجع بعد رجوعها في الفدية.

ولو قال : خالعتك على ألف في ذمّتك ، فقالت : بل في ذمّة زيد ، قدّم قولها مع اليمين ، ويصحّ الخلع ويسقط العوض ، ولا شي ء على زيد.

ولو قالت : خالعتك (1) بكذا ، وضمنه عنّي زيد قدّم قوله ، ولزمها الألف.

ولو اختلفا في أصل البذل قدّم قولها مع اليمين ، وحكم عليه بالبينونة ، وتطالبه بحقوق العدّة ، وكذا لو اتّفقا على ذكره واختلفا في قدره ، أو على القدر واختلفا في الجنس أو في إرادته.

ص: 133


1- وفي بعض نسخ القواعد : « خالعتني » وهو أوفق بالمراد. لاحظ القواعد : 3 / 166.

الفصل الثاني : في الافتداء

وهو الطلاق بعوض ، ويشترط فوريّة الجواب فلو قالت : طلّقني بألف ، فإن عقّب الطلاق وقع بائنا ، وله الفدية ، وإن أخّره وقع رجعيّا ولا فدية له.

ولو قالتا : طلّقنا بألف فطلّق واحدة فله النّصف ، فإذا طلّق الأخرى وقع رجعيّا ولا شي ء له.

ولو قالت : طلّقني ثلاثا بألف صحّ ، وليس مشروطا ، ثمّ إن قصدت الثلاث ولاء لم يصحّ البذل وإن طلّقها ثلاثا مرسلا ، لأنّه لم يفعل ما سألته ، وقيل : له الثلث ، لوقوع الواحدة (1).

وإن قصدت ثلاثا بينها رجعتان صحّ ، فإن طلّق ثلاثا فله الألف ، وإن طلّق واحدة فلا شي ء له على الأقوى.

ولو قالت : طلّقني واحدة بألف فطلّقها ثلاثا مرسلا ، وقعت واحدة وله ألف ، ولو طلّقها ثلاثا ولاء فإن قال : الألف في مقابلة الأولى وقعت بائنة ، وله

ص: 134


1- قاله الشيخ في المبسوط : 4 / 352.

الألف ، ولغى الباقي ، وإن قال : في مقابلة الثانية أو الثالثة فالأولى رجعيّة ولا فدية ، وبطل الباقي ، ولو قال : في مقابلة الجميع وقعت الأولى وله الألف ، وقيل : الثلث. (1)

ولو كانت معه على طلقة فقالت : طلّقني ثلاثا بألف فطلّق واحدة فله ثلث الألف ، وقيل : له الألف مع علمها والثلث مع جهلها. (2)

ولو كانت على طلقتين فطلّق اثنتين فله الثلثان على الأوّل وعلى الثاني الجميع مع علمها والثلثان مع جهلها ، ولو طلّق واحدة فله على الأوّل الثلث وعلى الثاني النّصف مع العلم والثلث مع الجهل ، ويحتمل الثلث مطلقا.

ولو كانت معه على طلقة فقالت : طلّقني ثلاثا بألف ، واحدة في هذا النكاح واثنتين في غيره ، فطلّق واحدة ، فله ثلث الألف ، ولم يصحّ الباقي لتأخّره.

ولو قالت : طلّقني بألف ، فطلّق ولم يذكر الألف وقال : لم أقصد الجواب قبل ووقع رجعيّا.

ولو قالت : طلّق نصفي بألف أو نصف طلقة بألف فطلّق وقع رجعيّا ولا فدية.

ص: 135


1- القائل هو الشيخ في المبسوط : 4 / 352.
2- القائل هو الشيخ في المبسوط : 4 / 352.

الفصل الثالث : في المباراة

وصيغتها : بارأتك على كذا فأنت طالق ، ويصحّ بلفظ فاسختك أو أبنتك أو أبتّك ، وغير ذلك من الكنايات مع لفظ الطلاق ، إذ هو المقتضي للبينونة ، فلو قال : أنت طالق على كذا أو بكذا كان مباراة ، إذ هي عبارة عن الطلاق بعوض مع المنافاة بين الزّوجين.

ويشترط في المتبارئين ما شرط في المتخالعين ، ويزيد اشتراط كراهة كلّ من الزّوجين صاحبه ، ووجوب إتباع الطلاق إجماعا ، وكون الفدية بقدر ما وصل إليها فما دون لا أزيد.

ومع الشرائط يقع بائنا ، ولها الرجوع في الفدية في العدّة ، فحينئذ للزّوج الرجوع ، فيها فلو انقضت أو كانت غير معتدّة أو مطلّقة ثلاثا فلا رجوع لأحد.

ص: 136

كتاب الظّهار

اشارة

وفيه فصلان

ص: 137

ص: 138

[ الفصل ] الأوّل : في أركانه

اشارة

وهي أربعة :

[ الركن ] الأوّل : الصّيغة

اشارة

وهي : أنت عليّ كظهر أمّي ، ويجب تمييز الزّوجة عن غيرها بالاسم أو بالإشارة (1) ولو ذكر جملتها مثل : بدنك أو ذاتك جاز بخلاف يدك أو بطنك وشبهه.

ولا اعتبار باختلاف لفظ الصفات مثل : أنت منّي ، أو عندي ، أو عليّ ويجوز حذفها مثل : أنت كظهر أمّي ، دون حذف « الظهر » مثل : أنت عليّ كأمّي وإن قصد الظهار ، وكذا لو حذفهما مثل : أنت كأمّي ، أو أنت أمّي.

ويشترط صدوره من الزّوج ، فلو قالت : أنت عليّ كظهر أمّي لم يقع ، وسماع عدلين دفعة ، وعدم إيقاعه في إضرار أو يمين ، أو معلّقا على صفة.

ويصحّ تقييده بمدّة وإن قصرت عن زمان التربّص ، وتوقّفه على شرط ،

ص: 139


1- في « أ » و « ب » : أو الإشارة.

فلو قال : أنت كظهر أمّي إن شاء زيد فشاء ، وقع ، ولو قال : إن شاء اللّه تعالى لم يقع إلّا أن يريد البركة.

ولو ظاهر إحدى زوجتيه إن ظاهر الأخرى ، ثمّ ظاهر الضّرة وقع الظهاران ، ولو ظاهرها إن ظاهر فلانة الأجنبيّة وقصد النطق به وقع إذا واجهها به ، وإن قصد الشّرعي لم يقع ، وكذا لو قال : أجنبيّة ، ولو قال : إن ظاهرت فلانة ، فتزوّجها وظاهرها وقع الظهاران.

فرع

لو قال : أنت عليّ حرام لم يقع وإن نواه ، وكذا أنت عليّ حرام كظهر أمّي على توقّف ، ولو قال : أنت حرام كظهر أمّي ، أو أنت كظهر أمّي حرام وقع.

ولو قال : أنت طالق كظهر أمّي وقع الطلاق رجعيّا ولغى الظهار وإن قصدهما.

الركن الثاني : المظاهر

ويعتبر فيه البلوغ وكمال العقل والاختيار والقصد ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن كان مميّزا ، ولا من المجنون إلّا أن يناله أدوارا ، ويوقعه حال إفاقته ، ولا من المكره والسكران والمغمى عليه والنّائم والسّاهي والغضبان إذا ارتفع قصده ، ولو نوى بالظهار الطلاق لم يقع أحدهما.

ص: 140

ويصحّ من الخصيّ والمجبوب إن حرّمنا غير الوطء ومن العبد والكافر ، لإمكان التكفير.

الركن الثالث : المظاهرة

ويشترط فيها أن تكون مملوكة الوطء بعقد أو ملك ، وطهرها طهرا لم يجامعها فيه مع حضور الزّوج ، وحيض مثلها ، فلا يقع بالأجنبيّة وإن علّقه بالنكاح ، ويقع بالمستمتع بها وبالموطوءة بالملك وباليائسة وإن كان حاضرا ، وبمن غاب زوجها وإن صادف الحيض ، وبالذّميّة والصغيرة والمجنونة والرتقاء والمريضة الّتي لم توطأ.

ويشترط التّعيين والدّخول ويكفي الدّبر.

الركن الرابع : المشبّه به

وهو ظهر الأمّ ، فلو شبّهها بزوجها (1) أو نفسها أو بطنها أو بالجدّة أو بإحدى المحرّمات بالنّسب أو الرضاع أو المصاهرة لم يقع ، وكذا لو شبّهها بظهر أبيه أو ولده أو الملاعنة أو الأجنبيّة وإن كانت مزوّجة.

ص: 141


1- زوج الأمّ لا يلازم أن يكون أباه فلا يلزم التكرار مع ملاحظة ما يأتي منه قوله : « لو شبهها بظهر أبيه ». وعلى كلّ تقدير فلا يكون ظهارا لأنّه ليست محلّا للاستحلال.

الفصل الثاني : في أحكامه

الظهار حرام ويحرم الوطء وغيره من ضروب الاستمتاع ، ولا يحرم عليها شي ء ، ويحلّ بالكفّارة ، وتجب بالعود وهو إرادة الوطء ، فلا يستقرّ الوجوب بل معناه يحرم الوطء قبلها ، فلو وطئ لزمه كفّارتان وتتكرّر بتكرّره ، ولو علّقه بشرط لم يقع إلّا عنده ، ولو كان الشّرط الوطء وقع الظهار بأوّل فعله ، ولا كفّارة حتّى يعود ، ولا يجب بنفس الوطء.

ولو وطأ في خلال الصّوم لزمه الاستئناف وإن كان ليلا ، والتكفير ثانيا.

ولو طلّقها رجعيّا فقد وفاها حقّها ، فإن راجع لم يحلّ حتّى يكفّر.

ولو تزوّجها بعد العدّة أو في عدّة البائن حلّت بغير كفّارة ، ولا تجب الكفّارة لو ماتا أو مات أحدهما.

ولو اشترى زوجته بعد الظهار بطل العقد ، وحلّت بغير كفّارة ، وكذا لو اشتراها غيره ففسخ ثمّ تزوّجها الزوج.

ولو ظاهر من أربع بلفظ واحد صحّ ولزمه عن كلّ واحدة كفّارة ولو كرّر الظهار من واحدة تكرّرت الكفّارة ، ولو كرّر الظّهار ووطئ لزمه عن الوطء كفّارة وعن الظهار بحسبه.

ص: 142

وإذا عجز عن الكفّارة وعن ما يقوم مقامها أجزأه الاستغفار ، ولو كفّر بالعتق قبل إرادة الوطء لم يجزيه.

وإذا صبرت فلا اعتراض ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أنظره ثلاثة أشهر ، ثمّ يخيّره بين التكفير والرجوع وبين الطلاق ، فإذا انقضت ولم يختر أحدهما ، حبسه وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يختاره ، ولا يجبره على الطلاق ولا يطلّق عنه.

ص: 143

ص: 144

كتاب الإيلاء

اشارة

وفيه فصلان

ص: 145

ص: 146

الفصل الأوّل : في أركانه

اشارة

وهي أربعة :

الأوّل : الصّيغة

اشارة

والصريح : واللّه لا نكتك ، أو لا أدخلت فرجي فرجك ، وشبهه ، ولو أتى بالمحتمل كقوله : واللّه لا جامعتك ، أو لا وطأتك ، أو لا باشرتك ، أو لا باضعتك ، فإن قصد الايلاء وقع ، وإلّا فلا.

ولو قال : لا جمع رأسي ورأسك بيت أو مخدّة ، أو لا ساقفتك لم يقع وإن قصده ، وكذا لا وطأتك في الحيض أو في النفاس (1).

ولا ينعقد إلّا باسم اللّه تعالى بأيّ لسان كان مع القصد ، فلو حلف بغيره كالنبيّ والكعبة والعتاق والتحريم لم يقع وإن قصده ، وكذا لو قال : إن أصبتك فلله عليّ كذا.

ص: 147


1- في « أ » : أو النفاس.

ويشترط تجريده عن الشّرط والصّفة ، والنطق فلا يقع بالنيّة ولو آلى من إحدى زوجتيه ثمّ قال للأخرى : شرّكتك معها لم يقع بالثانية وإن نواه ، لعدم النطق باسم اللّه تعالى ، ووقوعه في إضرار ، (1) فلو حلف لصلاح (2) اللبن أو لتدبير المرض ، أو لا يطأها في الدّبر فليس بمول ، وكان يمينا.

فرع

إذا قال لأربع : واللّه لا وطئتكنّ ، فليس بمول في الحال ، ويحلّ له وطء الثلاث ، وتحرم الرابعة ، ولها المرافعة.

ولو ماتت واحدة قبل الوطء بطل الإيلاء ، لتعذّر وطء الجميع ، ولا كذا لو طلّق واحدة أو أكثر لإمكان الوطء بالشبهة.

ولو قال : لا وطئت واحدة منكنّ تعلّق الإيلاء بالجميع في الحال ، ويحنث بوطء واحدة وتنحلّ اليمين في البواقي.

ولو طلّق واحدة أو أكثر فالإيلاء ثابت في الباقي ، ولو ادّعى التعيين صدّق.

ولو قال : لا وطئت كلّ واحدة منكنّ فهو مولي من كلّ واحدة ، فلو وطئ واحدة فعليه الكفّارة ، والإيلاء ثابت في البواقي ، ولو طلّقها فقد وفاها حقّها ولم تنحلّ اليمين في البواقي.

ولا تتكرّر [ الكفّارة ] بتكرّر الحلف على الواحدة وإن قصد المغايرة ، إلّا أن يتغاير الزّمان كقوله : واللّه لا وطئتك سنة كذا ثمّ يحلف على غيرها.

ص: 148


1- في « أ » : بإضرار.
2- في « أ » : لإصلاح.

الثاني : المولي

ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، ويقع من المملوك والذمّيّ والخصيّ لا من المجبوب ومن المطلّق رجعيّا وتحسب العدّة من مدّة التربّص ، وكذا لو آلى ثمّ طلّق رجعيّا ، ومن المظاهر.

الثالث : المولى منها

وهي المنكوحة بالعقد الدائم بشرط الدخول ، فلا يقع بالمستمتع بها ولا بالموطوءة بالملك ، ويقع بالمسلمة ، والذميّة ، والمطلّقة رجعيّة ، والحرّة ، والأمة ، ولها المرافعة لا للمولى ، والمطالبة بالفئة ، ولا اعتراض للمولى.

الرابع : المدّة

وتكون مطلقة ومقيّدة بالأبد أو بأكثر من أربعة أشهر ، أو بفعل لا يحصل إلّا بعد مدّة التربّص يقينا أو غالبا كقوله [ وهو بالعراق مثلا ] : لا وطئتك حتّى أعود من الصين ، أو ما بقيت.

ص: 149

ولو حلف لا يطأها أربعة أشهر فما دون ، أو علّقه بفعل يحصل قبل المدّة قطعا أو غالبا فلا إيلاء.

ولو قال : لا وطئتك حتّى أدخل الدّار لم يكن موليا ، لإمكان التخلّص من التكفير بالدخول.

ولو قال : حتّى يقدم زيد ، فإن ظنّ تأخّره عن المدّة وقع وإلّا فلا ، وكذا لو قال : حتى يموت زيد.

ولو قال : لا وطئتك سنة إلّا مرّة ، فليس بمول في الحال ، ويقع إذا وطئ وبقي أزيد من مدّة التربّص ، وإلّا بطل.

ص: 150

الفصل الثاني : في الأحكام

إذا وقع الإيلاء وصبرت فلا بحث ، وإن رافعته أنظره الحاكم أربعة أشهر من حين التّرافع ، ويستوي في ذلك الحرّ والعبد ، والمدّة حقّ للزّوج فليس لها مطالبته فيها بالفئة ، فإذا (1) انقضت لم تطلّق [ بانقضائها ] ، وليس للحاكم طلاقها ، وإن رافعته خيّره الحاكم بين الطلاق والفئة ، فإن طلّق خرج من حقّها ووقع رجعيّا ، وإن فاء ووطئ لزمته الكفّارة.

ولو امتنع منهما حبس وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يختار واحدا ، ولا يعيّن عليه أحدهما.

ولو أسقطت حقّ المطالبة لم يسقط ، لأنّه متجدّد.

ولو وطئ في مدّة التربّص أو بعدها عامدا فعليه الكفّارة ، ومع السّهو أو الجنون أو الاشتباه يبطل الإيلاء ولا كفّارة.

ولو ماطل فانقضت المدّة بطل حكمه ، ولا كفّارة مع الوطء.

وفيئة القادر تغيّب الحشفة في القبل ، والعاجز إظهار إرادة الوطء ، ويمهل القادر بما جرت العادة به كخفة المأكول والأكل والراحة للتعبان.

ص: 151


1- في « أ » : فإن.

ولو كان محرما أو صائما ألزم بفيئة العاجز ، فلو وطئ أثم وأتى بالفيئة ، وكذا كلّ وطء محرّم كالحيض.

ولو تجدّدت أعذاره في المدّة لم تنقطع الاستدامة ، ولا يمنع من المواقعة.

فلو ارتدّ في المدّة حسبت عليه ، وكذا لو جنّ فيها ، ولو خرجت ولم يفق تربّص به حتّى يفيق.

ولو تجدّدت أعذارها في المدّة لم تنقطع [ الاستدامة ] فيبنى بعد زوال العذر.

ولو ظاهر ثمّ آلى صحّا ، فإذا انقضت مدّة الظهار أوقف له ، فإن طلّق فقد وفاها الحقّين ، وإن امتنع ألزم بالتكفير والوطء وكفّارة الإيلاء ، وسقط حقّه من التربّص للإيلاء بالظهار.

ولو آلى من زوجته الأمة ثمّ اشتراها وأعتقها وتزوّجها بطل الإيلاء ، وكذا لو اشترت زوجها المولي ثمّ أعتقته وتزوّجت به.

ويقدّم قول مدّعي بقاء المدّة وتأخّر الإيلاء ، وقول الزوج في ادّعاء الإصابة. (1)

ص: 152


1- في « أ » : في ادّعائه الإصابة.

كتاب اللعان

اشارة

وفيه فصول

ص: 153

ص: 154

[ الفصل ] الأوّل : في سببه

وهو اثنان :

الأوّل : القذف ، ويتحقّق برمي الزوجة المحصنة المدخول بها بالزنا قبلا أو دبرا ، مع دعوى المشاهدة وعدم البيّنة.

فلو رمى الأجنبيّة أو غير المدخول بها ، أو لم يدّع المشاهدة حدّ ولا لعان.

ولو رمى المشهورة بالزنا ، أو رماها بغيره كالسحق ، أو أقام بيّنة فلا حدّ ، ولا لعان ولا يصحّ العدول عن البيّنة إلى اللعان ، ولو كان العقد فاسدا أو القاذف أعمى فلا لعان ، ويتعيّن الحدّ.

ولو أضاف الزنا إلى قبل النكاح أو كان في العدّة الرّجعيّة فله اللعان.

ولو قذف البائن فلا لعان وإن أضافه إلى زمان الزوجية ، بل يحدّ ، ولو قذفها ثمّ أبانها فله اللّعان.

فلو قالت : القذف بعد البينونة ، فقال : بل قبلها ، قدّم قوله.

ولو قذف المجنونة ثبت الحدّ ، ولا يقام إلّا بعد الإفاقة والمطالبة ، وليس للوليّ المطالبة به ما دامت حيّة ، وكذا ليس له مطالبة زوج أمته بالتعزير ، فإذا ماتت طالب به.

ص: 155

ولو قذف نساء بلفظ واحد فلكلّ واحدة لعان ولا يكفي الواحد وإن رضين به.

ولو نسبها إلى زنا مكرهة ، فإن قلنا إنّه قذف صحّ اللعان ، وإلّا فلا.

السبب الثاني : إنكار الولد ، ويثبت به اللّعان إذا كانت الزوجة منكوحة بالعقد الدائم ، ووضعت الولد لستّة أشهر فصاعدا من حين الوطء ولم يتجاوز أقصى الحمل ، فلو ولدته لأقلّ من المدّة أو تجاوزت الأكثر انتفى بغير لعان إلّا أن يختلفا بعد الدّخول في زمان الحمل.

ويشترط في الإلحاق إمكان الوطء والتوليد ، فلو تزوّج المشرقيّ بمغربيّة ثمّ أتت بولد لستّة أشهر ، أو دخل الصّبي لدون عشر لم يلحق به ، ولو كان لعشر لحق ، ولو مات قبل البلوغ أو بعده ولم ينكره ألحق به ، وورثه الولد والزّوجة ، ولو لم يمت لم يصحّ لعانه حتّى يبلغ رشيدا.

ويلحق الولد بالوطء قبلا أو دبرا ، وبوطء الخصيّ والمجبوب ، لا بوطء الخصيّ المجبوب.

ولو ولدته والزوج حاضر ولم ينكره مع القدرة ، لم يجز له إنكاره إلّا أن يؤخّره بما جرت به العادة كالصلاة ، والأكل ، والشرب ، والسّعي إلى الحاكم ، وكذا لو أقرّ به صريحا أو فحوى ، مثل أن يجيب المبشّر بما يدلّ على الرّضا كما لو قيل له : بارك اللّه في مولودك ، فيقول : آمين ، أو إن شاء اللّه تعالى ، أمّا لو قال [ مجيبا ] : بارك اللّه فيك أو أحسن اللّه إليك لم يكن إقرارا.

ولو سكت عن الحمل جاز له نفيه بعد ولادته.

وكلّ موضع يلحق به الولد لم ينتف عنه إلّا باللّعان ، فلو طلّقها بائنا

ص: 156

فأتت بولد يلحق به في الظاهر لم ينتف إلّا باللعان.

ولو تزوّجت وأتت بولد لدون ستّة أشهر من وطء الثاني ولأقصى مدّة الحمل من فراق الأوّل ، لحق بالأوّل ، ولم ينتف إلّا باللعان.

ولو طلّق فادّعت الدخول فأنكر ، فأقامت بيّنة أنّه أرخى السّتر عليها ، فلا مهر ولا حدّ ولا لعان ، لعدم الدخول والقذف وإنكار الولد.

ولو قذف زوجته ونفى الولد وأقام بيّنة سقط الحدّ ، ولم ينتف الولد إلّا باللعان ، ولو أنكر ولادته قدّم قوله.

ص: 157

الفصل الثاني : في أركانه

وهي ثلاثة :

الأوّل : الملاعن ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، لا الحريّة والعدالة والإسلام ، فيصحّ لعان العبد والكافر ، ولو قذف الطفل أو المجنون فلا حدّ ولا لعان.

ويصحّ من الأخرس مع تعقّل إشارته ، ولو خرس في الأثناء أتمّه بالإشارة وإن أمكن زواله.

الثاني : الملاعنة ،ويعتبر فيها البلوغ ، والعقل ، وعدم الصّمم والخرس ، وكونها زوجة بالعقد الدائم ، لا الحريّة ، فيصحّ لعان المملوكة ، وفي اشتراط الدخول قولان.

ولو قذف الصغيرة عزّر ولا لعان.

ولو قذف المجنونة وجب الحدّ ولا يقام عليه إلّا بعد الإفاقة والمطالبة ، وله إسقاطه باللعان ولا يلاعن حالة الجنون ، وكذا لو نفى ولدها.

ولو قذف زوجته الصمّاء أو الخرساء حرمتا عليه أبدا ، ولا حدّ ولا لعان ، ويجب لنفي الولد.

ص: 158

ولا تصير الأمة فراشا بالملك ولا بالوطء ، ولا يلحق الولد إلّا بإقراره وإن اعترف بالوطء ، ولو نفاه لم يفتقر إلى لعان.

ويصحّ لعان الحامل فإن نكلت حدّت بعد الوضع.

الثالث : في كيفيّته ، ولا بدّ أن يكون عند الحاكم أو من نصبه ، ولو ارتضيا برجل من العامّة جاز ، ويجوز في المساجد إلّا مع المانع كالحيض ، وغير البرزة ينفذ الحاكم إليها من يستوفيه.

وصورته : أن يقول الرّجل أربع مرّات : أشهد باللّه أنّي لمن الصّادقين فيما رميتها به ، ثمّ يقول : إنّ لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين ، ثمّ تقول المرأة أربع مرّات : أشهد باللّه انّه لمن الكاذبين فيما رماني به ، ثمّ تقول : إنّ غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين.

ويجب الترتيب كما ذكر ، فلو بدأت المرأة قبل الرّجل ، أو قدّم الرّجل اللّعن أو المرأة الغضب على الشهادة لم يصحّ ، والموالاة بين الكلمات ، وإيقاعه بعد تلقين الإمام ، فلو بادر به لم يصحّ ، ومراعاة صورة اللفظ ، فلو أبدل لفظ الشهادة أو لفظ الجلالة ، أو الصادقين بمرادفه ، أو قال : شهدت باللّه ، أو أنا شاهد باللّه ، أو أحلف باللّه ، أو بالرّحمن ، أو ببارئ النسم ، أو أبدل اللّعن بالبعد ، والغضب بالسّخط ، أو الرمي بالرشق ، أو وحّد الصادقين أو الكاذبين ، أو حذف لام التأكيد لم يصحّ.

ويجب إيقاعه بالعربيّة مع القدرة ، ولو جهل الحاكم اللغة افتقر إلى مترجمين عدلين ، وقيامهما عند التلفظ ، وتعيين المرأة باسمها واسم أبيها ، أو بما

ص: 159

يزيل الاحتمال ، وإذا أخلّ بشي ء من ذلك لم يصحّ وإن حكم به الحاكم.

ويستحبّ جلوس الحاكم مستقبل القبلة ، ووقوف الرجل عن يمينه والمرأة عن يمين الرجل ، وإحضار من يسمعه ، ووعظ الرجل بعد الشهادات قبل اللّعن والمرأة قبل الغضب ، وجمع الناس ، والتغليظ بالقول والزمان والمكان.

واللعان أيمان لا شهادات ، فيصحّ من الأعمى.

وفرقة اللعان فسخ لا طلاق.

ص: 160

الفصل الثالث : في أحكامه

إذا قذف زوجته وجب الحدّ ، وله إسقاطه باللعان ، ولا يطالب بأحدهما إلّا الزوجة ، فلو أراد اللعان قبل المطالبة لم يجب وإن كان لنفي النّسب.

وإذا حكم باللعان سقط الحدّ عن الرّجل والمرأة ، وانتفى الولد عن الرّجل خاصّة ، وزال الفراش (1) وحرمت مؤبّدا.

ولو أكذب نفسه في الأثناء أو نكل حدّ ولم يثبت باقي الأحكام.

ولو أقرّت أو نكلت رجمت ، ولا حدّ عليه ، ويبقى الفراش ، فلو ماتت ورثها.

ولو أكذب نفسه بعد كماله حدّ ولحق به الولد ، وورثه ، ولم يرثه الأب ولا المتقرّب به ، وترثه الأمّ والمتقرّب بها ، ولم يعد الفراش ، ولم يزل التحريم.

ولو اعترف بعد اللعان لم ترجم وإن أقرّت أربعا ، ولو أقرّت قبل اللعان أربعا حدّت وسقط عن الزوج.

ص: 161


1- في « ب » و « ج » : وزوال الفراش.

ولو أقرّت مرّة فلا حدّ ولا لعان ، ولو كان هناك نسب لم ينتف إلّا باللعان.

ولو أنكرت بعد الإقرار ، فأقام شاهدين به ، قبل في سقوط الحدّ عنه لا في ثبوته عليها.

ولو كان الزوج أحد الأربعة حدّ الجميع ، وللزوج إسقاطه باللعان.

ولو أنكر القذف ، فأقامت بيّنة حدّ ، وليس له اللعان.

ولو قذفها برجل معيّن ، فإن أقام بيّنة سقط الحدّان ، وإلّا حدّ للرجل (1) ، وله إسقاط حدّها باللعان.

ولو قذفها ولم يلاعن فحدّ ، ثمّ قذفها حدّ به ثانيا أو أسقطه باللعان.

ولو لاعن ثمّ قذفها به فلا حدّ على توقّف.

ولو قذفها به الأجنبيّ حدّ ، ولو لا عنها فنكلت فقذفها الزوج لم يحدّ.

ولو قذفها الأجنبيّ حدّ ، ولو أقرّت به فقذفها به الزوج أو الأجنبيّ لم يحدّا.

ولو ماتت قبل اللّعان سقط ، وورثها الزّوج ، وحدّ للوارث ، وله إسقاطه باللعان وروي أنّه إن لا عنه الوارث فلا ميراث له.

ولو لاعنها فماتت أو مات قبل لعانها توارثا.

ص: 162


1- أي إن لم يقم بيّنة فعليه حدّان : حدّ لقذفه الرجل وحدّ لقذفه الزوجة ، فلو لاعن سقط الحدّ الثاني ، ولكن يبقى الحدّ الأوّل ، والمراد من قوله « حدّ للرجل » أي حدّ لأجل قذفه. ولاحظ القواعد : 3 / 191.

كتاب الإقرار

اشارة

وفيه فصلان

ص: 163

ص: 164

[ الفصل ] الأوّل : في الإقرار بالمال

اشارة

والنظر في أمور :

[ النظر ] الأوّل : في أركانه وهي أربعة :

اشارة

[ الركن ] الأوّل : في حقيقته ، وهو إخبار عن حقّ سابق ، وليس مملّكا بنفسه بل كاشف عن سبق الملك ، وهو نوعان :

الأوّل : المبتدأ ، مثل لك عليّ أو في ذمّتي ، وفي « عندي » توقّف لأنّ « عند » لما قارب لا لما (1) في الذّمة (2).

ويصحّ بغير العربية وإن علمها ، ولو أقر بغير لغته ، ثمّ قال : لقّنت ، قبل إن جهلها.

ص: 165


1- في « ب » و « ج » : لا بما.
2- والمقصود أن لفظة « عند » يطلق لما يكون حاضرا عند المقرّ ولا يطلق لما يكون في الذمّة ، وأقصى ما يدلّ عليه هو أنّه عنده ، وهو أعمّ من كونه وديعة أو غيرها ، وتظهر الثمرة فيما إذا تلفت العين فلا يكون ضامنا ، لأنّ الإقرار بحضور العين عنده أعمّ من كونه موجبا للضمان وعدمه.

ويشترط التنجيز ، فلو قال : لك عليّ كذا إن شئت ، أو إن قدم زيد ، أو إن رضي عمرو ، أو إن شهد فلان لم يصحّ ، ويلزمه لو (1) فتح « أن ».

ولو قال إن شهد فلان فهو صادق ، أو حقّ ، أو صحيح لم يلزمه وإن كان عارفا ، وكذا لو قال : إن شهد لك صدقته ، أو أديت.

ولو قال : كان لك عليّ كذا لزمه ، ولا يقبل دعوى السقوط.

ولو قال : لك عليّ ألف إذا جاء رأس الشهر ، أو إذا جاء رأس الشّهر فلك عليّ ألف ، فإن قصد التعليق بطل ، وإن قصد الأجل صحّ ، وفي قبول التأجيل توقّف.

ولو قال : إن شاء اللّه ، فإن قصد التعليق بطل وإن قصد التبرّك صحّ.

والإقرار بالإقرار إقرار بخلاف الوعد به.

ولو قال : بعني ، أو ملّكني ، أو هبني ، أو اشتريت هذه الدار من فلان ، أو غصبتها منه ، فهو إقرار ، بخلاف ملكتها على يده. (2)

ولو قال : آجرنيه ، فهو إقرار بالمنفعة ، ويستفسر عن المالك إلّا مع القرينة. (3)

ولو قال : بعتك أباك فحلف الولد عتق ولا ثمن عليه.

ص: 166


1- في « أ » : إن.
2- في القواعد : 2 / 412 : « تملّكتها على يده » وفي جامع المقاصد : 9 / 198 : وأمّا تملّكتها على يده فلا يقتضي إلّا جريان سبب الملك على يده ، وهو أعمّ من صدوره منه ، فانّه ربما كان واسطة في ذلك دلّالا أو سمسارا أو غير ذلك.
3- قال في الدروس : 3 / 122 : ولو قال : آجرنيه فهو إقرار بالمنفعة ، ويتوجّه الاستفسار عن المالك فيهما إلّا مع القرينة ، كقوله : هذه الدار لي ، فيقول : بعنيها أو آجرنيها.

ولو قال : أنا قاتل زيد بالجرّ فهو إقرار بخلاف النصب. (1)

الثاني : الإقرار المستفاد من الجواب ، فلو قال : لي عليك ألف ، فقال : قبضتكها ، أو أبرأتني منها ، أو نعم ، أو أجل ، أو صدقت ، أو بررت ، أو قولك صدق ، أو حقّ ، أو أنا مقرّ به ، أو بدعواك ، أو بما ادّعيت ، أو لست منكرا فهو إقرار.

ولو قال : أنا مقرّ ، أو زنه ، أو اتزنه ، أو خذه ، أو انتقده ، فليس إقرارا ، وكذا قوله إن شاء اللّه ، أو أنا أقرّ به (2) على الأقوى.

ولو قال : أليس لي عليك كذا؟ فقال : بلى فهو مقرّ ، وكذا لو قال : نعم ، أو أجل إن لم يعرف الفرق.

ولو قال : اشتريت منّي أو استوهبت ، فقال : نعم فهو إقرار.

[ الركن ] الثاني : في المقرّ ، ويشترط كونه مالكا لما يقرّ به في الظاهر ، والبلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، والحرية ، وجواز التصرف ، فلا يقبل إقرار الصّبي وإن راهق أو أذن له الوليّ ، ولو سوّغنا له الوصيّة والصّدقة والوقف قبل إقراره في ذلك.

ولو اختلف هو والمقرّ له في البلوغ ، قدّم قول الصبيّ بلا يمين إلّا أن يفسّره بالإنبات فيعتبر.

ص: 167


1- قال في جامع المقاصد : 9 / 199 : وجه الفرق انّ اسم الفاعل لا يعمل إلّا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال ، فمع النصب يكون قد أعمل فتعيّن أن لا يكون بمعنى الماضي ، وانتفاء كونه بمعنى الحال معلوم ، فتعيّن أن يكون بمعنى الاستقبال ، وحينئذ فلا يكون إقرارا ، لما علم غير مرّة من أنّ الإقرار إخبار جازم بحقّ سابق ، ومع الجرّ يكون ترك إعماله دليلا على أنّه بمعنى الماضي فيكون إقرارا ، ويؤيده استعمال أهل العرف إيّاه في الإقرار.
2- في « ب » و « ج » : وأنا أقرّ به.

ولا المجنون ولو كان يعتوره قبل حال إفاقته ، ولو اختلفا فيه ، فإن عرف له حالة جنون قبل وإلّا فلا.

ولا المغمى عليه والسكران والنائم والسّاهي والغالط.

ولو ادّعى المقرّ أحد هذه الأمور لم يقبل منه ، ولا المكره فيما أكره عليه ، فلو أكره على شي ء فأقرّ بغيره صحّ ، ولو أكره على أداء مال فباع من ماله لأدائه صحّ البيع ، إلّا أن يعيّن الأداء من ثمنه.

ولو ادّعى الإكراه لم يقبل إلّا مع البيّنة أو القرينة كالحبس والضرب فيقبل مع اليمين.

ولا المملوك فلا يقبل إقراره بمال أو جناية أو حدّ ، نعم يتبع به بعد العتق ، ولا بالرقّ لغير مولاه ، ويقبل إقراره بما له فعله كالطلاق.

ولو تحرّر بعضه نفذ من إقراره بقدره ، ويتبع بالباقي.

ولا المحجور عليه ، فلا يقبل إقرار المريض مع التهمة ، ويقبل من الثلث ، ويصحّ لا معها ، ومع برئه أو تصديق الوارث والإقرار للوارث كغيره.

ولو أقرّ بعين ما له لواحد وبدين لآخر ، قدّم الأوّل (1) وإن تأخّر.

ويقبل إقرار السّفيه في غير المال ، كالطلاق ، والقصاص ، والقطع في السرقة ، لا في المال ، ولا يلزمه بعد زوال حجره.

ولا إقرار المفلس في المال على تفصيل سبق ، ويقبل في غير المال مطلقا.

ص: 168


1- في « أ » : قدّم قول الأوّل.

ولا يعتبر الإسلام والعدالة ، فيصحّ إقرار الكافر والفاسق والأعمى والأخرس إذا فهمت إشارته.

[ الركن ] الثالث : فى المقرّ له ، ويشترط فيه أمور :

الأوّل : أهليّة التملك ، فلو أقرّ للملك (1) أو الجدار بطل ، وكذا للدابّة ، ولو قال : بسببها ، فالأقرب وجوب الاستفسار ، فإن فسّره بالجناية على شخص قبل فإن عيّن ، وإلّا طولب بالتعيين.

ولو قال : لمالكها عليّ بسببها كذا صحّ قطعا ، ولو قال : بسبب حملها لم يصحّ.

ولو أقرّ لحمل وعزاه إلى سبب صحيح كالميراث والوصيّة صحّ وإن عزاه إلى ممتنع كالمعاملة بطل ، ولو أطلق ألزم البيان ، فإن عزاه إلى الممكن صحّ وإلّا بطل.

ولو تعدّد [ الحمل ] فإن كان وصيّة اقتسماه بالسوية إلّا مع التفضيل ، وإن كان إرثا فعلى كتاب اللّه.

وإنّما يستحقّ إذا جاء حيّا لدون ستّة أشهر (2) من وقت الإقرار ، وإن تجاوز أقصى مدّة الحمل بطل ، ولو جاء بينهما فإن خلت من زوج أو مولى استحقّ وإلّا فلا.

ولو ولدت أحدهما ميّتا فهو للآخر.

ص: 169


1- في « أ » : للملك له.
2- في « أ » : إذا جاء حيّا لستّة أشهر.

ولو سقط ميّتا فإن أسنده إلى الإرث رجع إلى باقي الورثة ، وإن أسنده إلى الوصيّة رجع إلى الموصى أو إلى ورثته ، وإن أطلق استفسر ، فإن تعذّر بطل.

ولو أقرّ لعبد كان لمولاه ، ولو أقرّ لميّت وأطلق فهو لوارثه ، وكذا لو ذكر سببا ممكنا كالمعاملة والجناية عليه قبل الموت ، وإن ذكر سببا محالا بطل.

ولو أقرّ لمشهد أو لمصلحة فإن كان السبب صحيحا كالوصية والوقف صحّ ، وإن كان فاسدا وأطلق بطل.

الثاني : تعيينه ، فلو أقرّ بعين لأحد هذين ألزم البيان ، فإن عيّن قبل ، فإن ادّعاها الآخر كانا خصيمين ، (1) ولو ادّعى عليه العلم أحلفه ، ولو أقرّ بها للآخر ، فإن صدّقه الأوّل دفعت إليه ، وإن كذّبه أغرم للثاني ، وللمقرّ إحلاف الأوّل وكذا الثاني.

ولو مات قبل التعيين أقرع ، ولو قال : لا أعلم كانا خصيمين. (2)

ولو (3) ادّعى أحدهما أو هما علمه فالقول قوله مع اليمين.

الثالث : عدم تكذيبه ، فإن كذّبه المقرّ له لم يسلّم إليه ، وترك في يد المقرّ أو الحاكم ، فإن رجع المقرّ لم يقبل ، وإن رجع المقرّ له قبل.

ص: 170


1- في « أ » : كانا خصمين ، وفي « ج » : كان خصيما.
2- في « أ » : كانا خصمين.
3- في « أ » : فلو.

ولو أقرّ له بعبد فأنكر ، لم يعتق ، وبقي على الرقيّة المجهولة [ المالك ].

[ الركن ] الرابع : في المقرّ به ، وهو نوعان :

[ النوع ] الأوّل : [ في ] المعلوم
اشارة

ويشترط فيه أمور :

الأوّل : كونه ممّا يملك ، فلو أقرّ بكلب الهراش ، أو فضلة إنسان ، أو جلد ميتة ، أو بخرء لم يصحّ ، ولو أقرّ بخمر أو خنزير لكافر صحّ ، ويضمن المثل إن كان المقرّ ذميّا وإلّا القيمة.

الثاني : كونه تحت يد المقرّ أو في تصرّفه ، فلو قال : الدار الّتي في يدي أو في تصرّفي لزيد صحّ ، وكذا [ لو قال : ] له في ميراث أبي أو من ميراث أبي مائة ، وكان دينا على التركة.

ولو أقرّ بما في يد غيره لم يصحّ ويكون شهادة.

الثالث : كونه غير مملوك للمقرّ ، فلو قال : داري أو عبدي أو ثوبي لفلان لم يصحّ ، وكذا لو قال : لزيد في ميراثي من أبي أو من ميراثي من أبي (1) أو من داري كذا ، أو ألف من مالي.

ولو قال : في هذه المسائل : بحقّ واجب أو بسبب صحيح وما جرى مجراه صحّ.

ص: 171


1- ردّ لما نقل عن الشوافع بالفرق بين الإقرارين. لاحظ الحاوي الكبير : 7 / 47.
فرع

لو شهد شاهد بإقراره بالدار وأنّها ملكه إلى حين إقراره لم يقبل.

الرابع : نفوذ الإقرار فيه ، فلو أقرّ الموقوف عليه بالوقف لم يصحّ ، ولو أقرّ بالمرهون لم ينفذ في حقّ المرتهن إلّا أن يصدّقه ، ثمّ إنّ فك نفذ الإقرار ، وإن بيع أغرم للمقرّ له بدله.

ويصحّ الإقرار بالدّين إذا لم ينسبه إليه ، فلو قال : الدّين الّذي لي على فلان لزيد لم يصحّ ، ولو قال : الدين المكتوب باسمي على زيد لفلان صحّ.

ولو أقرّت المرأة بصداقها ، فإن أطلقت أو ذكرت سببا ممكنا كالصلح والحوالة صحّ وإلّا ، فلا.

الخامس : إذا عيّن المقرّ وزنا أو كيلا أو نقدا انصرف إليه ، وإن أطلق انصرف إلى الغالب في بلد الإقرار ، فإن تعدّد فسّر ، ولا يلزم المقرّ إلّا المتيقّن ، فإذا أقرّ بشي ء حمل على حقيقته ، فإن تعذّرت (1) فعلى مجازه ، وكذا مع القرينة ، وإذا احتمل القلّة والكثرة حمل على القليل.

ولو قال : له عليّ درهم ودرهم لزمه اثنان ، وكذا لو عطف بثمّ والفاء.

ولو قال : مع درهم ، أو فوق درهم ، أو تحت درهم ، أو معه درهم ، أو فوقه أو تحته لزمه واحد ، وكذا لو قال : قبل درهم أو بعد درهم أو قبله درهم أو بعده درهم ، لاحتماله غير الإقرار.

ص: 172


1- في « ب » و « ج » : تعدّدت.

ولو قال : درهم درهم درهم لزمه واحد.

ولو (1) قال : درهم ودرهم ودرهم لزمه ثلاثة ، فإن قال : أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل ، ولو قال : أردت تأكيد الأوّل لم يقبل ، لعدم المساواة ، ولو اختلف حرف العطف لم يقبل دعوى التأكيد.

ولو قال : درهم في عشرة ولم يرد الحساب لزمه واحد ، ولو أراده لزمه عشرة.

ولو قال : ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية ، وكذا من درهم إلى عشرة على الأقوى.

ولو قال : له عندي زيت في جرّة ، أو كيس في صندوق ، أو سيف في غمد ، أو فصّ في خاتم لم يدخل الظرف ، وكذا غصبت منه ثوبا في منديل ، أو طعاما في سفينة ، أو قماشا في عيبة.

ولو أقرّ بالظرف لم يدخل المظروف.

ولو قال : له عندي خاتم ، أو ثوب ، أو جارية ، وجاء بخاتم فيه فصّ ، وبثوب عليه طراز ، وبجارية حامل جاز استثناء الفصّ والطراز والحمل.

ولو قال : عبد عليه عمامة ، أو دابّة عليها سرج ، ففي جواز استثناء العمامة والسرج توقّف.

ولو قال : عبد بعمامته ، أو دابّة بسرجها لم يجز الاستثناء.

ص: 173


1- في « أ » : فلو.
النوع الثاني في المجهول

وهو أقسام :

الأوّل : الشي ء ، ويجب تفسيره بما يثبت في الذّمة ، فلو فسّر بكلب صيد أو بحدّ ، أو حقّ شفعة ، أو قصاص قبل ، ولو فسّره بخمر أو خنزير أو سرجين نجس ، أو جلد ميتة ، أو كلب عقور ، أو ردّ السلام ، أو عيادة ، أو تعزية ، لم يقبل ، وكذا لو فسّره بحبّة حنطة على قول. (1)

ويحبس على التفسير لو امتنع منه.

ولو قال : غصبته شيئا ، وفسّره بالممنوع منه أو بنفسه لم يقبل.

الثاني : المال ، ويلزمه بيانه بما يتموّل وإن قلّ ، لا بغيره كالميتة ، والخنزير ، والخمر ، والحشرات ، وكلب الهراش ، وشبه ذلك ، ولو قال : مال جليل ، أو عظيم ، أو نفيس ، أو خطير ، قبل تفسيره بما قلّ وإن قال : عظيم جدّا.

ولو قال : أكثر من مال فلان لزمه بقدره وزيادة ، ويرجع في قدرها إليه ، ولو ادّعى ظنّ القلّة ألزم بما ظنّه ، وحلف ، ولو قال : أردت بالأكثريّة البقاء أو النفع ، أي الدّين أكثر بقاء من العين ، والحلال أنفع من الحرام ، لم يقبل.

ولو قال : لك عليّ أكثر من ألف درهم لزمه الألف ، وفسّر الزيادة بما شاء.

ولو قال : مال كثير ، لزم ثمانون درهما على الأقوى ، لأنّه عرف الشرع.

ص: 174


1- قاله العلّامة في القواعد : 2 / 419.

الثالث : إبهام العدد ،فلو قال : له عليّ كذا ألزم التفسير ، وكذا لو قال : كذا كذا ، أو قال : كذا وكذا.

ولو ميّز أحد الصور بدرهم مثلا ، لزمه الدرهم حسب ، سواء رفعه أو نصبه أو جرّه.

ولو علم أنّه قصد استعمال النحاة (1) لزمه في الأولى مع الرفع درهم ، ومع النصب عشرون ، (2) ومع الجرّ مائة (3) ويحتمل بعض درهم ، وفي الثانية مع الرفع درهم ، ومع النصب أحد عشر (4) ومع الجرّ ثلاثمائة ، وفي الثالثة مع الرفع درهم ، ومع النصب أحد وعشرون ، ومع الجرّ ألف ومائة.

ولو بيّن العدد وأبهم جنس التمييز ، مثل : ثلاثة آلاف ، ألزم تفسير الجنس بما يملك ، ولزمه العدد.

ولو أبهم جنس العدد وعطف عليه معيّنا مثل : له ألف ودرهم ، لزمه الدرهم وتفسير الألف ، وكذا لو عكس مثل : له درهم وألف.

ص: 175


1- الأخذ بالإقرار فرع إرادة المقرّ ظاهر كلامه ، فلو كان لكلامه ظهور عرفيّ فيؤخذ به ، ولا يقبل الإنكار ، ولو لم يكن له هذا النوع من الظهور ، وإنّما يستظهر ، حسب القواعد النحويّة الّتي لا يقف عليها إلّا الأوحدي من النحاة ، فالأخذ بهذا النوع من الظهور ، والحكم عليه ، ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، إذ لا تشمله القاعدة المسلمة : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ». من إفادات شيخنا الأستاذ السبحاني ، أدام اللّه ظلّه.
2- ذكره الشيخ في الخلاف : 3 / 365 ، المسألة 8 من كتاب الإقرار ونقله عن محمد بن الحسن الشيباني ، وقال : « دليلنا : أنّ ذلك أقلّ عدد ينصب الدرهم بعده فيجب حمله عليه » وهو صحيح إن أراد من العدد ، العدد المفرد وإلّا فالعدد المركّب ينصب مميّزه مثل : أحد عشر كوكبا.
3- وجهه أنّه أقلّ عدد يخفض بعده الدرهم فيجب حمله عليه. لاحظ الخلاف : 3 / 3. المسألة 11 من كتاب الإقرار.
4- في « أ » : أحد عشر درهم.

ولو عطف على المبهم مبهما مثل : له ألف ومائة ، لزمه تفسيرهما.

ولو ميّز الأخير رجع إلى الجميع مثل : له ألف ومائة درهم ، أو ألف ومائة وخمسون درهما.

الرابع : الإبهام في الجمع ، فيحمل على أقلّه وهو ثلاثة وإن كان جمع كثرة ، معرفة كان أو نكرة ، فلو قال : له دراهم ، وفسّرها بدرهم لم يقبل ، وكذا بدرهمين على الأقوى.

الخامس : الإبهام في الأعيان ، فلو قال : لك في هذه الدار مائة ، طولب بالبيان ، فلو أنكر المقرّ له صدّق المقرّ مع اليمين ، ولو قال : لك أحد هذين ، طولب بالتّعيين ، فإن أنكر المقرّ له حلف المقرّ ، وانتزعه الحاكم ، أو أقرّه في يده ، فلو عاد المقرّ له إلى تصديقه قبل.

ولو قال : لك عليّ دينار أو درهم ، ألزم البيان ويقبل قوله فيه.

ولو قال : لك إمّا درهم أو درهمان ، ثبت درهم ، وقبل قوله في إنكار الآخر.

ولو قال : له ألف أو مائة ، أو عكس ، طولب بالتعيين.

ولو قال : أنت شريكي في هذه الدار ، قبل تفسيره بدون النّصف.

ولو أقرّ بشي ء في مكانين أو زمانين ، أو بلغتين ، أو شهد عليه بذلك في تاريخين ، فإن اختلف السبب تعدّد وإلّا فلا ، ولو أطلق في أحدهما وقيّد في الآخر ، حمل المطلق على المقيّد ، وكذا حكم التمييز.

ولو أقرّ بشي ء ووصفه ، ثمّ أقرّ بمثله وأطلق ، فالإقرار بواحد ، ولو وصف كلّ واحد بصفة ، فإن أمكن الجمع فواحد ، مثل : له عليّ درهم بغداديّ ثمّ

ص: 176

يقول : عراقيّ ، وإن لم يمكن تعدّد ، مثل : له درهم عراقيّ ، له درهم شاميّ.

ويدخل الأقلّ تحت الأكثر ، فلو أقرّ بعشرة ثمّ بخمسة لزمه عشرة إلّا أن يختلف المسبّب.

السادس : إبهام العدد المعلوم بطريق الحساب ، فلو قال : لزيد مائة ونصف ما لعمرو ، ولعمرو مائة ونصف ما لزيد ، فلكل واحد مائتان ، لأنّ لزيد شيئا فلعمرو مائة ونصف شي ء ، فلزيد مائة وخمسون وربع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط الربع بمثله يبقى ثلاثة أرباع شي ء يعدل مائة وخمسين ، فالشي ء مائتان.

ولو أبدل النصف بالثلث فلكلّ واحد مائة وخمسون ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو مائة وثلث شي ء ، فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شي ء يعدل شيئا ، فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ومقابله يبقى ثمانية أتساع شي ء يعدل مائة وثلاثمائة ، فالشي ء مائة وخمسون.

ولو قال لزيد عشرة ونصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة ونصف ما لزيد ، فلكلّ واحد عشرون ، لأنّ لزيد شيئا ولعمرو عشرة ونصف شي ء ، فلزيد خمسة عشر وربع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط الربع بمثله يبقى ثلاثة أرباع شي ء يعدل خمسة عشرة ، فالشي ء عشرون.

ولو أبدل النّصف بالثلث فلكلّ واحد خمسة عشر ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة وثلث شي ء ، فلزيد ثلاثة عشر وثلث وتسع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ، ومقابله يبقى ثمانية أتساع شي ء يعدل ثلاثة عشر وثلثا ، فالشي ء خمسة عشر.

ص: 177

النظر الثاني : في تعقيب الإقرار بمنافيه

اشارة

وفيه فصلان.

[ الفصل ] الأوّل : في المقبول
اشارة

وهو الاستثناء وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في أدواته

وهي « إلّا » و « غير » و « سِوى » و « سُوى » و « سَواء » (1) و « ليس » و « لا يكون » و « ما خلا » و « ما عدا » و « خلا » و « عدا » و « حاشا ».

[ المبحث ] الثاني : في شروطه ، وهي اثنان :

الأوّل : الاتّصال العادي وإلّا لما ثبت إيقاع ، فلو أخّره بما لم تجر به العادة بطل.

الثاني : عدم الاستغراق ، فلا يجوز استثناء المساوي والأكثر ، فلو قال : له عليّ عشرة إلّا عشرة لزمه عشرة ، ولو قال : إلّا خمسة ، لزمه خمسة ، ولو قال

ص: 178


1- السّوى والسّوى : الغير كالسّواء ، وهي من أدوات الاستثناء ، يقال : جاءوا سواء زيد أي غير زيد. لاحظ المنجد.

إلّا تسعة لزمه واحد ، ولو قال : له ثلاثة إلّا درهما ودرهما ودرهما بطل الأخير ولزمه درهم ، ولو قال : إلّا درهمين ودرهما لزمه درهم ، ولو عكس لزمه درهمان.

[ المبحث ] الثالث : في قاعدته ، وهي اثنان :

الأولى : الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفى إثبات فلو قال : له عشرة إلّا درهما بالنصب ، لزمه تسعة ، ولو رفع فعشرة ، ولو نصب عقيب النفي فلا شي ء ، ولو رفع فواحد.

فلو قال : له عشرة إلّا تسعة إلّا ثمانية وهكذا إلى الواحد ، لزمه خمسة ، (1) وضابطه جمع الجمل المثبتة والمنفية وإسقاط المنفي من المثبت ، فالباقي هو المقرّ به.

الثانية : الاستثناء من الجنس حقيقة ومن غيره مجاز ، وهو « جائز » فإذا أطلق حمل على الأوّل ، فلو قال : له ألف إلّا درهما فالجميع دراهم ، ولو قال : أردت المنفصل قبل وطولب بالتفسير ، فإن أبقى شيئا بعد الدرهم صحّ ، وإلّا بطل التفسير ، وكلّف بغيره ، وقيل : ببطلان الاستثناء. (2)

ولو قال : له ألف درهم إلّا ثوبا ، فالأقوى الصحّة فيفسّر قيمة الثوب ، فإن

ص: 179


1- علّله في جامع المقاصد بأنّ الأوّل ينفي تسعة من العشرة والثاني يثبت ثمانية ، فيكون المقرّ به تسعة ، وبالثالث يكون المقرّ به اثنين ، وبالرابع ثمانية ، وبالخامس ثلاثة ، وبالسادس سبعة ، وبالسابع أربعة ، وبالثامن ستّة ، وبالتاسع خمسة. جامع المقاصد : 9 / 300.
2- القائل هو ابن الجنيد. لاحظ المختلف : 5 / 2. المسألة 249.

أبقى شيئا صحّ ، وإن استوعب بطل التفسير ، وطولب بغيره ، وقيل : يبطل الاستثناء ويلزمه الألف. (1)

ولو قال : له عليّ ألف إلّا ثوبا ، أو ألف إلّا شيئا ، ألزم تفسيرهما.

[ المبحث ] الرابع : في حكمه وفيه مسائل :
اشارة

الأولى : إذا تكرّر الاستثناء بحرف العطف رجع الجميع إلى المستثنى منه ، وإن كان بغير عطف فإن نقص الثاني عن الأوّل رجع إليه ، وإن كان أكثر أو مساويا فكالأوّل ، فلو قال : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا اثنين ، لزمه خمسة ، ولو قال : إلّا ثلاثة إلّا اثنين لزمه تسعة.

ولو قال : إلّا عشرة إلّا ثلاثة وإلّا اثنين ، لزمه خمسة ، ولو قال : له ثلاثة إلّا اثنين لزمه تسعة ، ولو قال : له عشرة إلّا تسعة وإلّا ثمانية بطل ، ولو لم يعطف لزمه تسعة.

ولو قال : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا أربعة لزمه ثلاثة ، وكذا لو لم يعطف.

ولو قال : له ثلاثة إلّا ثلاثة إلّا درهمين بطل الأوّل وصحّ الثاني ، فيلزمه درهم ، ويحتمل الصحّة ، لأنّ ثلاثة إلّا درهمين واحد فيستثنى من الإقرار ، فيلزمه درهمان.

الثانية : إذا تعقّب الجمل ، رجع إلى الأخيرة إلّا مع القرينة ، وقيل : إلى

ص: 180


1- القائل هو ابن الجنيد. لاحظ المختلف : 5 / 540، المسألة 249.

الجميع (1) فلو قال : له درهمان ودرهمان إلّا درهمين ، لزمه أربعة ، وعلى الثاني اثنان.

ولو قال له درهمان ودرهم إلّا درهما ، لزمه ثلاثة ، وعلى الثاني درهمان.

ولو قال : درهم ودرهم إلّا درهما ، لزمه درهمان ، وعلى الثاني درهم.

الثالثة : يجوز الاستثناء من الأعيان مثل : له هذه الدار إلّا هذا البيت ، أو هذا الخاتم إلّا فصّه ، ومثله لو قال : له هذه الدار والبيت لي ، وله الخاتم والفصّ لي ، لأنّه إخبار لا إنكار ، والكلام لا يتمّ إلّا بآخره.

ولو قال : له هؤلاء العبيد إلّا هذا العبد صحّ ، وخرج من الإقرار ، ولو قال :

ص: 181


1- قال في جامع المقاصد : 9 / 297 : اختلف في أنّ الاستثناء الواقع بعد جمل هل يرجع إلى الجميع أم يختص بالأخيرة؟ فقال جمع - منهم الشافعي - بالأوّل ، وقال آخرون بالثاني وهو قول أبي حنيفة وقال السيد المرتضى بالاشتراك ، وفصّل أبو الحسين بأنّه إن ظهر الإضراب عن الأولى بأن يختلفا نوعا - سواء اتّحدت القضيّة كالقذف ، أو لا كقوله : أكرم ربيعة والعلماء هم الفقهاء - أو اسما وحكما ويتّحد النوع مثل : أكرم ربيعة وأطعم مضر إلّا الطوال أو أحدهما ، وليس الثاني ضميرا مثل أطعم ربيعة وأطعم مضر ، أو أطعم ربيعة وأكرم ربيعة إلّا الطوال ، فانّ الاستثناء يرجع إلى الأخيرة. وإن تعلّقت إحداهما بالأخرى بأن أضمر حكم الأولى في الثانية مثل أكرم ربيعة مضر إلا الطوال ، أو اسم الأولى مثل أكرم ربيعة وأخلع عليهم إلّا الطوال عاد إلى الجميع. وهذا التفصيل حسن إلاّ إنّه لا يكاد يخرج عن القول الثاني: لأنّه جعل مدار عود الاستثناء إلى الجميع أو إلى الأخيرة على قرائن الأحوال، فالقول الثاني أقوى ووجهه: أنّ التخصيص على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع اليقين، والعود إلى الأخيرة مقطوع به، والباقي محتمل فيجب التمسك فيه بالأصل وهو إجراء اللفظ على ظاهره حتّى يتحقّق الناقل عنه. ولأن الظاهر أنّ المتكلّم لم ينتقل عن الجملة إلى غيرها إلا بعد استيفاء غرضه منها، ولاستلزام العود إلى الجميع إضمارَ الاستثناء في كلّ جملة، أو كون العامل في ما بعد الاستثناء متعدّداً، وكلاهما محذور.

إلّا واحدا ، فإليه التعيين ، ولو ماتوا إلّا واحدا فعيّنه قبل.

ولو ادّعى المقرّ له أنّه غيره قدّم قول المقرّ مع يمينه.

الرابعة : قد يكون الاستثناء مجهولا ، ويعرف بغير قول المقرّ ، مثل : له مائة إلّا قدر مال زيد ، وكذا المسائل الحسابيّة ، فلو قال : لزيد عشرة إلّا نصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا نصف ما لزيد ، فلكلّ منهما ستّة وثلثان ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة إلّا نصف شي ء ، فلزيد خمسة وربع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط ربع شي ء بمقابله تبقى ثلاثة أرباع شي ء يعدل خمسة ، فالشي ء ستّة وثلثان.

ولو قال : لزيد عشرة إلّا ثلث ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث ما لزيد ، فلكلّ واحد سبعة ونصف ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث شي ء ، فلزيد ستّة وثلثان وتسع شي ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ومقابله تبقى ستّة وثلثان تعدل ثمانية أتساع شي ء ، فالشي ء سبعة ونصف.

ولو قال : لزيد عشرة إلّا نصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث ما لزيد ، فيقول : لزيد شي ء ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث شي ء ، فلزيد خمسة وسدس شي ء يعدل شيئا ، فأسقط السدس ومقابله تبقى خمسة أسداس شي ء تعدل خمسة ، فالشي ء ستّة هي لزيد ، ويقول : لعمرو شي ء فلزيد عشرة إلّا نصف شي ء ، فلعمرو ستّة وثلثان وسدس شي ء يعدل شيئا ، فأسقط السدس ومقابله تبقى ستّة وثلثان تعدل خمسة أسداس شي ء ، فالشي ء ثمانية هي لعمرو.

ص: 182

تتمّة

الوصف كالاستثناء إذا اتّصل ، فلو قال : له عليّ درهم ناقص أز زيّف قبل تفسيره ، ولا يقبل في الزّيف الفلوس ، وأمّا البدل فإن لم يرفع مقتضى الإقرار كبدل الكلّ قبل ، وإلّا فلا ، مثل : لك هذه الدار ثلثها.

النظر الثالث : في المردود

وهو غير الاستثناء وشبهه ، وفيه مسائل :

الأولى : إذا أقرّ بشي ء وعطف عليه ببل ، فإن عيّنهما لزمه الجميع ، مثل : له هذا الدّرهم بل هذا ، ولو أطلقهما فإن اختلفا فكذلك ، مثل : له دينار بل درهم ، وبالعكس ، وإن اتّفقا وتساويا لزمه واحد ، مثل : له درهم بل درهم ، وإن تفاوتا لزمه الأكثر ، مثل : له درهم بل درهمان ، وبالعكس ، وإن أطلق أحدهما وعيّن الآخر لزمه المعيّن ، مثل : له هذا الدّرهم بل درهم ، وبالعكس.

ولو عطف ب- « لا » لزمه ما قبلها ، ولو عطف ب- « لكن » لزمه ما بعدها ، لأنّ ما بعد « لا » وما قبل « لكن » منفيّ.

الثانية : لو قال : له عليّ مائة من ثمن خمر أو خنزير أو ثمن مبيع لم أقبضه ، أو تلف قبل قبضه ، أو من ضمان بخيار ، لم تقبل الضمائم وإن وصلها ولو قال : ابتعت بخيار ، أو كفلت به ، أو له ألف لا يلزمني ، لم يقبل المسقط.

ص: 183

الثالثة : لو (1) قال : له ألف وأبرأني منها ، أو قضيتها ، أو قضيت نصفها ، لم يقبل إلّا ببيّنة.

ولو قال : لي عليك ألف ، فقال : قضيتك منها خمسين ، لزمه الألف على توقّف.

ولو قال : أقرضتنى مائة أو أودعتني فلم أقبضه ، لم يقبل.

ولو قال : قبضت منه كذا من ديني فأنكر المقبوض منه السبب قدّم قوله مع اليمين.

الرابعة : لو قال : له عليّ كذا مؤجّلا ، قبل التأجيل مع الاتّصال على توقّف ، ولو انفصل لم يقبل قطعا ، ولو قال : مؤجّلا (2) من جهة [ تحمّل ] العقل ، قبل قولا واحدا ، ولو قال : من جهة القرض لم يقبل قولا واحدا.

الخامسة : لو أقرّ بالبيع وقبض الثمن ، ثمّ ادّعى المواطاة ، سمعت دعواه ، ويحلف المشتري ، أمّا لو شهدت البيّنة بمشاهدة القبض لم تسمع ، ولا يجب اليمين.

السادسة : لو قال له : عندي ألف وديعة ، قبل منه دعوى التلف والردّ.

ولو قال : له عليّ ألف وديعة ألزم بها ولم يقبل التفسير.

ولو قال : لك عليّ ألف ، وأحضرها ثمّ قال : هذه الّتي أقررت بها وكانت وديعة ، فإن صدّقه المقرّ له فلا كلام ، وإلّا قدّم قوله مع اليمين ، وطالبة بالّتي أقرّ بها ، وكذا لو قال : لك في ذمّتي ألف ، وجاء بألف ، وقال :

ص: 184


1- في « أ » : ولو.
2- في « أ » : مؤجّلة.

الّتي أقررت بها كانت وديعة وهذه بدلها ، ويحتمل تقديم قول المقرّ فيهما.

والفرق بين المسألتين بقاء المقرّ به في الأولى وعدمه في الثانية.

ولو قال : لك في ذمّتي ألف ، وهذه الّتي أقررت بها كانت وديعة لم يقبل قطعا ، وتخالف الأولتين ، لأنّه لم يخبر فيهما أنّ المدفوع هو المقرّ به ، بل أخبر بسبب ثبوته في ذمّته ، وفي هذه أخبر بأنّ المدفوع هو المقرّ به ، فلا يقبل منه أنّه وديعة ، لأنّ ما في الذمّة لا يكون وديعة.

ولو قال : له عليّ ألف ، ثمّ دفع ألفا وقال : كانت وديعة ، وكنت أظنّها (1) انّها باقية فبانت تالفة ، لم يقبل ، لأنّه مكذّب لإقراره ، أمّا لو ادّعى تلفها بعد الإقرار قبل.

السابعة : لو قال : له عندي مائة وديعة دينا أو مضاربة دينا صحّ ويضمن ، لجواز أن يتعدّى فيهما ، ولو فسّره بشرط الضمان لم يقبل. (2)

ص: 185


1- في « أ » : أظنّ انّها.
2- ولإيضاح المراد من العبارة نأتي بكلام الشيخ في المبسوط قال : إذا قال: لفلان عندي ألف درهم وديعة وديناً أو مضاربة وديناً، صحّ إقراره بذلك، وقد وصفه بصفتين: إحداهما أنّها وديعة، والأُخرى أنّها دين، أو مضاربة ودين، وهذا لا يحتمل إلاّ وديعة أو مضاربة تعدّى فيها فصارت مضمونة عليه، فإذا فسّره بذلك قبل منه. وإن قال: له عندي ألف درهم وديعة شرط عليّ أنّي ضامن لها، كان ذلك إقراراً بالوديعة ولم يلزمه الضمان الّذي شرط عليه، لأنّ ما كان أصله أمانةً لا يصير مضموناً بشرط، وما يكون مضموناً لا يصير أمانة بشرط. المبسوط: 3 / 19. ولاحظ القواعد: 2 / 436 .

النظر الرّابع : في تعقيب الإقرار بالإقرار

ولو كان بيده شي ء على ظاهر التملك فقال : هذا لزيد بل لعمرو حكم به لزيد وأغرم قيمته لعمرو ، وكذا غصبته من فلان بل من فلان ، أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو ، أو أودعنيه زيد بل عمرو.

ولو قال : هو لزيد بل لعمرو بل لخالد قضى به للأوّل وغرم لكلّ واحد قيمته ، ولو قال : بل لعمرو وخالد ضمن لهما قيمته (1).

ولو قال : لزيد وعمرو بل لخالد ، حكم به لزيد وعمرو وغرم لخالد قيمته.

ولو قال : بل ولخالد غرم له الثلث ، ولو قال : لزيد بل ولعمرو غرم للثاني النّصف ، ولا يغرم مع تصديق الأوّل في ذلك كلّه.

ولو قال : لزيد وعمرو فهو بينهما نصفان.

ولو قال : هذا لزيد وغصبته من عمرو ، حكم به للأوّل ولا يغرم للثاني ، ويغرم لو قال : غصبته من زيد وهو لعمرو ، وفيهما توقّف.

ص: 186


1- في « أ » : قيمة.

الفصل الثاني : في الإقرار بالنّسب

اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : الإقرار بالولد

وشروطه ثمانية.

الأوّل : بلوغ المقر وعقله ، فلا يقبل إقرار الصبيّ والمجنون.

الثاني : أن لا يكذّبه الشرع ، فلا يصحّ الإقرار بمن انتفى عنه شرعا كولد الزّنا.

الثالث : أن لا يكذّبه الحسّ ، فلو أقرّ ببنوّة من هو أكبر منه ، أو في سنّه ، أو أصغر بما لم تجر العادة بأن يلده مثله ، بطل ، وكذا لو كان بينه وبين أمّه مسافة لا يمكن الوصول إليها في مثل عمره.

الرابع : جهل نسبه ، فلو أقرّ بمعلوم النّسب لم يقبل.

ص: 187

الخامس : عدم المنازع ، فلو نازعه منازع لم يلحق بأحدهما إلّا بالبيّنة أو القرعة.

السادس : تصديق الكبير العاقل ، فلو كذّبه لم يثبت ، ولا يعتبر تصديق الصغير والمجنون ، ولا يقبل إنكارهما بعد الكمال.

ولا يشترط حياة المقرّ به ، فلو أقرّ ببنوّة ميّت لحق وإن كان كبيرا ، وسقط اعتبار تصديقه.

السابع : كونه ولد الصلب ، فلو أقرّ بولد الولد اعتبر تصديقه.

الثامن : كون المقرّ أبا ، فلو أقرّت الأمّ اعتبر التصديق ، لإمكان إقامة البيّنة على ولادته ، ولا يلزم من الإقرار بالولد زوجيّة أمّه وإن كانت حرّة ، لاحتمال أنّه من شبهة أو نكاح فاسد.

ولو أقرّ بولد أمته الأيّم لحق به.

ولو أقرّ بولد إحدى أمتيه وعيّنه ، فادّعت الأخرى أنّ المقرّ به ولدها ، قدّم قوله مع اليمين.

ولو مات قبل التعيين عيّن الوارث ، فإن امتنع أو تعذّر أقرع ، وكذا لو اشتبه المعيّن.

ويحكم باستيلاد أمّ من أخرجته القرعة.

ص: 188

البحث الثاني : في الإقرار بغير الولد

اشارة

ويشترط مع ذلك التّصديق ، فلو أقرّ بنسب ولا وارث له ، وصدّقه المقرّ به ، توارثا بينهما ، ولا يتعدّى التوارث إلى من يتجدّد لهما من الورثة ، كالإخوة ، ولو تجدّد لهما أولاد قال الشيخ : يتعدّى (1) وليس ببعيد.

ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل إقراره في النسب ، ويثبت الإرث بظاهر الإقرار.

فروع

الأوّل : لو أقرّ أحد الولدين بثالث ولا وارث سواهما لم يثبت نسبه في حقّ أحدهما ، وأخذ من المقرّ ثلث ما في يده.

ولو أقرّ بأخت أخذت خمس ما في يده ، ولو أقرّا معا فإن كانا عدلين يثبت النسب والميراث ، ولا يثبت الميراث خاصّة ، وأخذ من حصّتهما بالنسبة ، ولو أنكر الثالث أحدهما لم يقبل وكانت التركة أثلاثا.

الثاني : لو أقرّ الولد بآخر شارك ولم يثبت نسبه ، ولو أقرّا بثالث وكانا عدلين ، ثبت نسبه وميراثه ، وإلّا الميراث ، ولو أنكر الثالث الأوّل لم يقبل إلّا أن

ص: 189


1- المبسوط : 3 / 39.

يكون غير معلوم النّسب ، كما لو أقرّ به وارث ظاهر ، فيأخذ الأوّل السدس إن صدّقه الثاني ، وإلّا فلا شي ء له ، والثاني الثلث ، والثالث النّصف ، ولو أنكر الثاني لم يثبت نسبه ، ويأخذ الأوّل الثلث ، والثاني السدس ، والثالث النّصف.

ولو أقرّ بالثالث أحدهما أخذ فاضل نصيبه.

الثالث : لو أقرّ أخوان بابن [ للميّت ] وكانا عدلين ، ثبت النسب والميراث ، ولا دور ، إذ المؤثّر الشهادة لا الإقرار (1) وإن كانا فاسقين ثبت الميراث خاصّة.

الرابع : لو أقرّ الوارث باثنين أولى منه دفعة فصدّقه كلّ واحد عن نفسه ، ثبت الميراث دون النسب ودفع إليهما ما في يده ، ولا عبرة بتناكرهما ، ولو تصادقا ثبت الإرث والنسب مع العدالة ، وإلّا ثبت الإرث.

ولو أقرّ بأولى منهما فإن صدّقاه دفعا إليه ما في يدهما ، وإلّا دفع إليه المقرّ مثل ما دفع إليهما ، وإن صدّقه أحدهما دفع إليه ما في يده وأكمل له المقرّ.

الخامس : لو أقرّت الزوجة مع الإخوة بولد فلها الثمن ، ثمّ إن صدّقوها فالباقي للولد ، وإلّا كان له الثمن الآخر ، والباقي لهم.

السادس : لو أقرّ الولد بزوج أعطاه ربع ما في يده ، وغير الولد يعطيه النّصف ، ولو أقرّ بزوج آخر لم يقبل ، ولو أكذب إقراره الأوّل غرم للثاني مثل الأوّل.

ص: 190


1- ناظر إلى ردّ كلام الشيخ في المبسوط حيث قال : يثبت نسبه ولا يرث ، لأنّه لو ورث لحجب الأخوين ، وخرجا من الإرث ، فيلزم من صحّة الإرث بطلانه ، ومن بطلانه صحّته. فأجاب المصنّف بعدم لزوم الدّور لأنّه يلزم ذلك لو قلنا بأنّ المؤثِّر هو إقرار الأخوين وأمّا إذا قلنا بأنّ المؤثِّر هو الشهادة فلا دور لاحظ المبسوط: 3 / 39، جامع المقاصد: 9 / 357 _ 358 .

ولو أقرّ الولد بزوجة أعطاها الثمن ، فإن أقرّ بأخرى فإن صدّقته الأولى تقاسما ، وإلّا غرم لها مثل نصفه.

ولو أقرّ بثالثة أو برابعة اقتسمن مع التصديق ، وإلّا ضمن لهنّ.

ولو أقرّ بخامسة لم يقبل ، ولو أنكر إحدى الأربع ، غرم لها مثل نصيب إحداهنّ.

ولو أقرّ بالأربع دفعة تساوين في نصيب الزوجيّة وإن تناكرن.

مسألتان :

الأولى : كلّ وارث في الظاهر أقرّ بمساو له دفع إليه ممّا في يده بنسبة نصيبه ، ولو أقرّ بأولى دفع إليه ما في يده ، ولو أقرّ بأولى منهما فإن صدّقه الثاني دفع إليه ما في يده ، وإلّا حلّفه وأغرم له مثل التركة.

ولو أقرّ بمساو ولم يصدّقه الأوّل ، غرم للثاني مثل النصف.

الثانية : لا يثبت النّسب إلّا بشهادة عدلين ، ولا يقبل الفاسق وإن كان وارثا ، ولا رجل وامرأتان ، ولا رجل ويمين.

ص: 191

ص: 192

كتاب العتق

اشارة

ص: 193

ص: 194

وفيه فضل كثير ، وهو إزالة الرقّ ويختصّ الرّقّ بالحربي مطلقا ، وبالذّمي إذا أخلّ بشرائط الذّمّة ، ثمّ يسري الرقّ في أعقابهم وإن أسلموا.

ويحكم برقّ من أقرّ على نفسه بالرقيّة ، مع بلوغه ، وعقله ، وجهل حريته ، ثمّ لا يقبل إنكاره.

ولو كان معلوم الحرّيّة ، أو ادّعاها قبل ذلك ، لم يقبل إقراره.

والملتقط في دار الحرب رقّ إذا لم يكن فيها مسلم.

ويستوي سبي المؤمن والمخالف.

ويزول الرّقّ بالعتق ، والسراية ، والملك ، والعوارض ، والتدبير ، والكتابة (1).

فهنا فصول :

ص: 195


1- عقد لكلّ من الأمور الأربعة الأول ، فصلا ، وبحث كلّا من الأخيرين في كتاب خاص

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] العتق

اشارة

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : في أركانه

اشارة

وهي ثلاثة :

الأوّل : الصّيغة

والصريح : التحرير والعتق على الأقوى ، ولا عبرة بغيرهما وإن قصد به العتق ، مثل : فككت رقبتك ، أو أنت سائبة ، أو لا سبيل عليك.

وصورة الإنشاء : أنت حرّ ، أو معتق ، أو عتيق ، أو أعتقتك ، ولو قيل له : أعتقت عبدك ، فقال : نعم ، وقصد الإنشاء وقع على توقّف.

ولا يقع بقوله : يا حرّ ، أو يا معتق وإن قصد الإنشاء.

ولو كان اسمها حرّة فقال : أنت حرّة ، فإن قصد الإنشاء وقع ، وإن قصد الإخبار لم يقع ، ويرجع إليه في القصد ، ولو تعذّر استعلامه لم يحكم بعتقه.

ص: 196

ولو قال : أردت بقولي : « أنت حرّ » كريم الأصل ، و « أنت حرّة » عفيفة صدّق ، ولا يحلف إلّا بأن يدّعي العبد قصد العتق.

ويشترط التلفظ بالعربيّة ، فلا تكفي الإشارة ، ولا الكتابة مع القدرة على النطق ، ولا بغير العربيّة مع القدرة عليها.

والتنجيز فلو علّقه بشرط أو بصفة لم يقع وإن حصلا ، وكذا أنت حرّ متى شئت.

والتصريح بما يدلّ على الذات مثل : أنت أو هذا أو عبدي أو فلان ، وكذا بدنك أو جسدك ، ولو ذكر الجزء المشاع مثل : نصفك أو ثلثك وقع وسرى إلى الجميع.

ولو ذكر المعيّن مثل : يدك أو رجلك لم يقع ، وكذا وجهك ، وفي عينك ونفسك توقّف.

ولا يصحّ جعله يمينا مثل : أنت حرّ إن فعلت كذا.

الثاني : المعتق

ويشترط فيه البلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، وجواز التصرف ، ونيّة التقرّب ، والملك ، فلا يقع من الصّبيّ وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون ، والمغمى عليه ، والناسي ، والنائم ، والسكران.

ولا من المكره ، والمفلّس ، والمريض إذا استغرق دينه التركة ، أو زاد عن الثلث إلّا مع الإجازة.

ص: 197

ولا من غير المتقرّب إلى اللّه تعالى ، وفي الكافر قولان.

ولا من غير المالك وإن أجاز ، أو علّقه على الملك ، مثل : إن ملكتك فأنت حرّ.

ولو نذر عتقه إن ملكه افتقر إلى صيغة العتق بعد التملك.

ويشترط تمام الملك ، فلا ينفذ عتق الموقوف عليه ، ولا الرّاهن.

ولو قوّم مملوك ولده الصغير صحّ عتقه ، ولو أعتقه قبل التقويم ، أو قوّم مملوك الكبير لم يصحّ.

الثالث : المعتق

ويشترط فيه الإسلام ، فلا يصحّ عتق الكافر والناصب ، ويصحّ عتق المخالف وولد الزّنا والجاني خطأ ، وكذا في العمد ، ثمّ إن رضي المجنيّ عليه بالمال نفذ ، وإلّا بطل.

ويشترط التعيين لفظا أو نيّة ، وقيل : لا يشترط. (1) فلو قال : أحد عبيدي حرّ ، عيّن من شاء ، ثمّ لم يجز العدول ، فلو عدل لم يعتق الثاني ، ولو ادّعى أحدهم أنّه المراد قدّم قول المالك مع يمينه.

ولو مات قبل التعيين أقرع ، ولو ادّعى الوارث العلم رجع إليه ، فلو عيّن ثمّ ادّعاه غيره ، قدّم قول الوارث مع اليمين ، ولو نكل قضي عليه.

ولو عيّن كلّ وارث واحدا عتق نصيبه منه.

ص: 198


1- قاله الشيخ في المبسوط : 6 / 67.

وقبل التعيين يجب الإنفاق على الجميع ، ويحرم استخدامهم وبيع أحدهم.

ولو عيّن ثمّ نسيه أرجئ حتّى يذكر ، ولو مات قبل الذكر أقرع.

ولو عيّن ثمّ عدل عتقا.

ويستحبّ عتق المؤمن ، ويتأكّد فيمن مضى عليه سبع سنين.

ويكره عتق المخالف ، ولا بأس بالمستضعف وعتق العاجز ، وتستحبّ إعانته.

المطلب الثاني : في أحكامه

اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل :
اشارة

العتق لازم لا يصحّ فيه الرجوع وإن توافقا عليه ، ولو شرطه فسد.

ولو شرط عليه شيئا في نفس العتق ، لزمه الوفاء به ، ولو شرط إعادته في الرّقّ لو خالف قولان. (1)

ولو شرط عليه الخدمة مدّة معيّنة فأبق فيها لم يبطل العتق ، وطالب بالأجرة ، ولو كانت مطلقة طالب بالخدمة ، وكذا حكم الوارث.

ص: 199


1- قول بالإعادة وهو خيرة الشيخ في النهاية : 542 والعلّامة في القواعد : 3 / 202 ؛ وقول بعدم الإعادة قاله الحلّي في السرائر : 3 / 11.

ولا يجزئ عن العتق التدبير ، ولا يعتق الحمل بعتق أمّه.

ولو نذر عتق أوّل مملوك يملكه فملك جماعة ، أعتق أحدهم بالقرعة ، وكذا لو قال : أوّل داخل.

ولو قال : أوّل من أملك ، أو أوّل من يدخل ، فملك جماعة أو دخلوا ، أعتقوا كلّهم.

ولو نذر عتق أوّل ما تلده فولدت توأمين دفعة عتقا ، ولو تعاقبا عتق الأوّل ، ولو اشتبه أقرع ، ولو ولدت الأوّل ميّتا بطل النذر.

ولو علّق النذر بآخرهم دخولا ، عتق الدّاخل في آخر عمره.

ولو نذر عتق كلّ عبد قديم ، عتق من له ستّة أشهر فصاعدا ، ولو قصرت مدّة الجميع بطل ، وينسحب في الأمة [ القديمة ] دون الصدقة بماله القديم. (1)

ولو نذر عتق أمته إذا وطئها فأخرجها عن ملكه انحلّ النذر ، ولو ملكها لم يعد.

ولو أعتق بعض مماليكه فقيل له : هل أعتقت مماليكك؟ فقال : نعم ، لم يعتق إلّا من باشر عتقه ، ولا يشترط الكثرة.

ومال العتيق لمولاه وإن علم به.

وإذا أمر غيره بعتق عبده عنه فأعتقه ، وقع عن الآمر ، وينتقل بالأمر بالعتق.

ولو اشترى أمة نسيئة ، ثمّ أعتقها ، وتزوّجها ، وجعل عتقها مهرها ، وأحبلها ، ومات ، ولم يخلّف سواها ، قيل : تردّ على البائع رقّا وحملها كهيئتها. (2)

ص: 200


1- لاحظ الدروس : 2 / 205 ، والقواعد : 3 / 203.
2- قاله الشيخ في النهاية : 544 - 545.

وعتق المريض المتبرّع من الثلث.

فلو أعتق ثلاث إماء لا يملك سواهنّ استخرجت واحدة بالقرعة ، فإن وجد بها حمل تجدّد بعد الإعتاق فهو حرّ وإلّا فهو رقّ.

ولو أعتق ثلاثة أعبد ليس له غيرهم دفعة استخرج واحد بالقرعة ، ولو رتّب عتق الأوّل إن كان بقدر الثلث ، وإلّا بقدره ، فإن نقص أكمل من الثاني ، ولو اشتبه الأوّل أقرع ، وكذا لو أوصى بعتقهم في الجميع والترتيب.

ولو مات أحدهم قبله أقرع بين الميّت والحيّين ، فإن خرجت الحرّيّة عليه حكم بموته حرّا ، فمئونة التجهيز على وارثه أو في بيت المال ، وإلّا حكم بموته رقّا فالمئونة على الوارث ، ولا يحسب من التركة إلّا أن يقبضه الوارث قبل موته ، ثمّ يقرع بين الحيّين ، فإن كان الخارج ثلثهما عتق ، وإن زاد عتق منه بقدر الثلث ، وإلّا أكمل من الآخر ، وكذا لو دبّرهم ومات أحدهم قبله.

فرعان

الأوّل : لو ظهر للميّت مال بقدر ضعفهم ، حكم بعتق الحيّين من حين الإعتاق ، فيبطل التصرّف فيهما ، ولهما الكسب ، ولو زوّجهما الوارث بطل ، ولو زوّجا أنفسهما صحّ.

الثاني : لو حكم بعتق الجميع لخروجهم من الثلث ،ثمّ ظهر دين مستغرق بطل العتق إلّا أن يضمن الوارث الدين ، ولو استغرق النّصف ولم يضمن الورثة ولم يجيزوا ، عتق نصفهم ، واستخرج بالقرعة.

ص: 201

البحث الثاني : في كيفيّة القرعة

إذا أعتق ثلث عبيده ، أو أعتق الجميع وهو مريض وليس له سواهم ، جعلوا ثلاثة أقسام ، ثمّ يكتب أسماء العبيد ، فإن خرج على الحرّيّة كفت الواحدة ، وإلّا أخرج رقعتين ، وإن شاء كتب الحرّيّة في رقعة والرّقيّة في رقعتين ، ثمّ يخرج على أسمائهم فهنا فروض :

الأوّل : تمكن قسمتهم أثلاثا ، والقيمة متّفقة ، كستة قيمة كلّ واحد مائة ، فيقسّم ثلاثة أقسام ثمّ يقرع.

الثاني : تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ويمكن التعديل بالعدد والقيمة ، كستّة قيمة كلّ واحد من اثنين ثلاثمائة ، وقيمة كلّ واحد من اثنين مائتان ، وقيمة كلّ واحد من اثنين مائة ، فيجعل الأوسطين قسما ، وواحدا من الأوّلين مع واحد من الآخرين قسما ، والباقي قسما ، ثمّ يقرع.

الثالث : تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ولا يمكن التعديل بالعدد ، فيعدّلون بالقيمة ، كستّة قيمة واحد مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة ثلاثة مائة ، فيجعل الواحد قسما ، والاثنان قسما ، والثلاثة قسما ، ثمّ يقرع.

الرابع : تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ولا يمكن تعديلهم بالقيمة ، فيعدّلون بالعدد ، كستّة قيمة اثنين ألف ، وقيمة اثنين سبعمائة ، وقيمة اثنين خمس مائة (1) ، فيجعل الأوسطين قسما ، وواحدا من الأوّلين مع واحد من الأخيرين

ص: 202


1- في « أ » : « خمسين » ولعلّه مصحّف.

قسما ، والباقي قسما ، ثمّ يقرع ، فإن خرجت على الّذي قيمته أكثر أقرع بينهما ، فيعتق من وقعت عليه ، ويعتق من الآخر تتمّة الثلث ، وإن خرجت على الأقلّ عتقا وأكمل (1) الثلث من أحد الأربعة بالقرعة.

الخامس : لا تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ولا يمكن التعديل بالعدد ، فيعدّلون بالقيمة ، كسبعة قيمة واحد مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة أربعة مائة ، فيجعل الواحد قسما والاثنين قسما ، والأربعة (2) قسما ، ثمّ يقرع.

السادس : لا تمكن القسمة أثلاثا ، والقيمة مختلفة ، ولا يمكن التعديل بالعدد ولا بالقيمة ، كخمسة قيمة واحد مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة اثنين ثلاثمائة ، فيحتمل التجزية ، فيجعل الأوّل قسما ، وأحد الخسيسين مع أحد النفيسين قسما ، والباقي قسما ، ثمّ يقرع.

ويحتمل عدم التجزية ، فيكتب خمس رقاع ، ثمّ يخرج القرعة على الحرية حتّى يستوفي الثلث ، فإن زاد استسعى في الباقي ، وإن نقص أقرع حتّى يكمل الثلث.

السّابع : مثل الذي قبله ، والقيمة متّفقة ، كخمسة قيمة كلّ واحد مائة ، فيجعل اثنين قسما واثنين قسما ، وواحدا قسما ، ثمّ يقرع ، فإن خرجت على الواحد عتق ، ثمّ يقرع بين القسمين ، فإذا وقعت على قسم أقرع بين الاثنين ، وأكمل الثلث ممّن تقع عليه القرعة.

ويحتمل قويّا عدم التجزية في الجميع.

ص: 203


1- في « ب » و « ج » : وكمل.
2- في « أ » : والأربع.

الفصل الثاني : في السراية

اشارة

من أعتق شقصا من مملوكه عتق عليه كلّه ويشترط (1) الشياع ، فلو أعتق يده لم يصحّ ، ومن عتق نصيبه من المشترك قوّمت عليه حصّة الشريك وعتق جميعه،فهنا بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في شرائطه

وهي ثلاثة :

الأوّل : يسر المعتق ،بأن يملك قيمة حصّة الشريك فاضلا عن قوت يوم وليلة له ولعياله ، وفي بيع مسكنه وخادمه ودابّته توقّف ، فلو كان معسرا عتق نصيبه خاصّة ، ويسعى العبد في فكّ باقيه ، ولو أعسر من البعض قوّم عليه بقدر ما يملك ، ويسعى في الباقي.

ولو عجز أو امتنع [ من السعي ] فله من نفسه بقدر ما عتق ، وللشريك

ص: 204


1- في « أ » : فيشترط.

الباقي ، والكسب بينهما بالنسبة ، وكذا النفقة والفطرة.

ولو هاياه الشريك صحّ وتناولت [ المهاياة ] المعتاد والنادر كاللقطة ، ولا يجبر الممتنع عليها ، ولا عبرة بيسره بعد العتق.

الثاني : المباشرة ، فلو ورث بعض من ينعتق عليه لم يسر ، ولو اتّهبه ، أو اشتراه ، أو قبل الوصية به ، فالأقوى التقويم.

ولو قبل الوليّ هبة بعض أب الطّفل فلا تقويم.

الثالث : أن لا يتعلّق بحصّة الشريك حقّ لازم كالوقف ،بخلاف التدبير ، وفي الرّهن والكتابة والاستيلاد توقّف.

ولا يشترط قصد حصّته ، فلو أعتق الجميع أو النصف (1) انصرف إلى شقصه ، وقوّم عليه الباقي ، ولا قصد الإضرار ، وقيل (2) : إن قصد الإضرار فكّه إن كان موسرا ، وبطل عتقه إن كان معسرا ، وإن قصد القربة عتق نصيبه خاصّة وإن كان موسرا ، وسعى العبد.

ص: 205


1- في « أ » : أو البعض.
2- قاله الشيخ في النهاية : 542.

البحث الثاني : في أحكامه

اشارة

إذا حصلت الشرائط عتق بأداء القيمة (1) وقيل : بالإعتاق.

فروع

الأوّل : لو أعتق الشريك حصته قبل الأداء صحّ على الأوّل ، وبطل على الثاني.

الثاني : لو مات العبد قبل الأداء مات مبعّضا ، ولا شي ء على المعتق ، وعلى الثاني يموت حرّا وتلزمه القيمة.

الثالث : إذا مات المعتق فإن شرطنا الأداء سقطت القيمة وإلّا أخذت من تركته.

الرابع : لو لم نشترط (2) الأداء ثبتت حرّيته فيورث ، ويجب كمال الحدّ ، وإلّا فهو كالمبعّض.

الخامس : لو تداعى الشريكان العتق حلفا ، واستقرّ الرّقّ بينهما إن شرطنا الأداء ، وإلّا تحرر.

ص: 206


1- في « أ » : بأداء الجميع.
2- في « أ » : لم يشترط.

السادس : لو ادّعى شريكه عتق نصيبه ، حلف المنكر ، وبقي نصيبه رقّا ، وعتق نصيب المدّعي مجانّا إن لم نشترط الأداء ، وإلّا بقي رقّا ، ولو نكل أخذت منه القيمة ، ولم يعتق نصيبه.

ولو هرب المعتق انتظر ولو أعسر أنظر.

ولو اعتق اثنان دفعة قوّم عليهما حصّة الثالث بالسوية وإن تفاوتا ، ولو أعسر أحدهما قوّمت على الآخر.

ولو أوصى بعتق بعض مملوكه أو بعتقه (1) وليس سواه لم يقوّم الباقي على الورثة لعدم المباشرة.

ولو أعتقه عند موته عتق من الثلث ولم يقوم عليه ويعتبر قيمة الموصى به بعد الوفاة ، وقيمة المنجّز عند الإعتاق ، وتعتبر قيمة التركة بأقلّ الأمرين من حين الوفاة إلى حين القبض ، لأنّ التالف بعد الوفاة غير معتبر ، والزيادة للوارث ، لأنّها نمت على ملكه.

وحيث يجب السعي فكلّما أدّى شيئا عتق منه بقدره.

ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المباشر إن قلنا يعتق بالإعتاق ، لأنّه غارم ، وإلّا حلف الشريك ، لأنّه متبرّع منه قهرا.

ولو اختلفا في العيب قدّم قول الشريك مع يمينه ، ولو اختلفا في تجدّده قدّم قول المعتق.

ص: 207


1- في « أ » : « أو نصفه » ولعلّه مصحّف.

الفصل الثالث : في الملك

إذا ملك الرّجل أصوله أو فروعه أو إحدى (1) المحرّمات عليه بالنسب أو بالرضاع عتق في الحال ، ويعتق على المرأة العمودان خاصّة نسبا أو رضاعا ، ولو ملك البعض قوّم عليه الباقي إن ملكه باختياره موسرا وإلّا فلا.

ولا يجوز للوليّ قبول الوصيّة بقريب الصبيّ مع الضرر كالوصية بالكبير أو المريض.

ولو اشترى اثنان قريب أحدهما صفقة عتق أحدهما وضمن للأجنبيّ قيمة حصّته.

ولو اشترى الزّوج والولد أمّه صفقة وهي حامل بابن ، قوّمت حصّة الزوج من الأمّ على الولد ، وحصّة الولد من الابن على الزوج ، ولو كان الحمل بنتا عتقت عليهما بغير شي ء ، وكذا لو قبلا هبتها دفعة أو الوصيّة بها دفعة وقلنا : إنّ القبول مملّك ، ولو قلنا : إنّه كاشف فإن أوصى لهما معا فكذلك وإن ترتّب القبول.

ص: 208


1- في « ب » و « ج » : أحد.

الفصل الرابع : في العوارض

إذا عمى العبد أو جذم أو أقعد أو مثل به مولاه عتق ، وكذا لو أسلم المملوك في دار الحرب قبل مولاه وخرج قبله.

ولو مات إنسان ولا وارث له إلّا الرّقّ اشتري من التركة وأعتق.

ص: 209

ص: 210

كتاب التدبير

اشارة

ص: 211

ص: 212

وهو عتق معلّق بموت المولى أو الزوج ، أو بموت من جعلت له الخدمة. والنظر في أمور :

[ الأمر ] الأوّل : في صيغته

والصريح : أنت حرّ ، أو معتق ، أو محرّر ، أو عتيق بعد وفاتي ، وكذا متى مت أو إذا متّ فأنت حرّ.

ولو قال : فأنت ( حرّ ) (1) مدبر لم يصحّ.

ولا اعتبار باختلاف أدوات الشرط.

وهو إمّا مطلق كما ذكر ، أو مقيّد مثل : إذا متّ في مرضي ، أو سفري ، أو في سنتي ، أو سنة كذا ، أو في بلدي ، أو في بلد كذا ، أو في ليل ، أو في نهار ، فلا يتحرّر بدون القيد.

ويشترط تجريده عن الشرط والصفة ، فلو قال : إن شفي مريضي فأنت حرّ بعد وفاتي ، أو إن هلّ الشّهر لم يصحّ ، وكذا لو علّقه بمشيئة زيد ، أو قال : أنت حرّ بعد وفاتي بسنة.

ص: 213


1- ما بين القوسين يوجد في « أ ».

ولو قال : إن أدّيت إليّ كذا أو إلى ولدي فأنت حرّ بعد وفاتي لم يكن تدبيرا ولا كتابة.

ولو قال الشريكان : إذا متنا فأنت حرّ ، فإن قصدا عتقه بعد موتهما بطل ، وإن قصدا توزيع العتق على الملك صحّ ، وعتق نصيب كلّ واحد بعد موته ، ولا يتوقّف على موت الآخر.

ولو أطلقا صحّ ويصرف قول كلّ واحد إلى نصيبه ولم يكن (1) معلّقا على شرط ، فلو مات أحدهما عتق نصيبه وبقي نصيب الآخر مدبّرا.

وتدبير الأخرس بالإشارة ، وكذا رجوعه ، ولو خرس بعد التدبير صحّ رجوعه بالإشارة.

وهو مستحبّ بأصل الشرع فيصح الرّجوع فيه ، وقد يجب بالنذر ، كقوله :لله عليّ أن أدبّر عبدي. فلا يصحّ الرجوع فيه على الأصحّ ، ولو قال : لله عليّ أن أعتق عبدي بعد وفاتي ، لم يصحّ الرجوع قطعا.

وقد يكره كتدبير الكافر والمخالف ، وجواز الرجوع فيه أولى.

ص: 214


1- في « أ » : « وإن لم يكن » ولعلّ « إن » زائدة.

الأمر الثاني : في المباشر

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد وجواز التصرّف ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون والمغمى عليه والمكره والسكران والنائم والسّاهي ، ولا من المحجور عليه.

ولا تشترط نيّة القربة ، لأنّه وصيّة بالعتق ، فيصحّ من الكافر والمرتدّ عن غير فطرة.

ولو دبّر ثمّ ارتدّ عن غير فطرة لم يبطل ، وعن فطرة يبطل.

ولو دبّر الكافر مثله فأسلم بيع عليه من مسلم ، سواء رجع في التدبير أو لا.

ولو مات المولى قبل البيع عتق من ثلثه إن احتمله ، وإلّا فبقدره ، والباقي رقّ للوارث إن كان مسلما وإلّا بيع عليه.

ص: 215

الأمر الثالث : في المحلّ

وهو المملوك ، ويشترط الملك ، فلا يصحّ تدبير ملك غيره وإن علّقه على الملك ، ولا الوقف ، ويصحّ تدبير الجاني ، والرّهن ، والمكاتب ، وأمّ الولد ، ثمّ إن استرقّ الجاني ، أو قتل ، أو بيع الرهن في الدين بطل ، وإلّا صحّ.

وإذا أدّى مال الكتابة عتق بها ، وإن مات المولى قبل الأداء عتق بالتدبير إن خرج من الثلث ، وإلّا عتق منه بقدره ، وسقط من مال الكتابة بنسبته ، والباقي مكاتب.

ويبطل التدبير بالمكاتبة لا بالمقاطعة على مال لتعجل عتقه.

وتعتق أمّ الولد بموت المولى من الثلث ، فإن قصر عتقت بقدره ، وعتق الباقي من نصيب الولد.

والمدبّر رقّ ، فلو حملت منه لم يبطل التدبير ، ولو مات مولاها عتقت بموته من الثلث ، فإن قصر عتق الباقي من نصيب الولد.

ويشترط تعيينه لا إسلامه ، وانفصاله ، فيصحّ تدبير الكافر والحمل إن جاء لأقل من ستّة أشهر من حين التدبير ، ولا يسري إلى أمّه ، كما لا يسري تدبيرها إليه وإن علم به على توقّف.

ص: 216

ولو حملت بعد التدبير بمملوك سرى التدبير إليه ، ويصحّ رجوعه في تدبيرها دون تدبيره ، وكذا لو أتى المدبّر بولد مملوك.

ولو رجع في تدبير الأمّ ، فإن أتت بولد لستّة أشهر فصاعدا من حين رجوعه ، لم يكن مدبّرا ، لاحتمال تجدّده ، وإن كان لأقلّ من ستّة أشهر كان مدبّرا ، لتحقّق الحمل قبل الرجوع.

ولو دبر جزءا مشاعا كنصفه صحّ ، ولا يسري إلى الباقي ، ولا يقوّم عليه حصّة الشريك.

ولو دبّر جزءا معيّنا لم يصحّ.

ص: 217

الأمر الرابع : في أحكامه

الأمر الرابع : في أحكامه(1)

وفيه مسائل :

الأولى : التدبير وصيّة فينفذ من الثلث ، فإن قصر عتق منه بقدره ، فإن لم يكن سواه عتق ثلثه ، ولو خرج من الثلث وباقي التركة غائب ، تحرّر ثلثه ، ثمّ كلّما حصل من الغائب شي ء تحرّر منه بنسبته ، ولو تلف استقرّ عتق الثلث خاصّة.

الثانية : لو دبّر جماعة دفعة ولم يخرجوا من الثلث ، عتق من يحتمله ، ويستخرج بالقرعة ، وإن رتّب بدئ بالأوّل فالأوّل ، حتّى يستوفى الثلث ، ولو اشتبه أو جهل الترتيب أخرج الثلث بالقرعة.

الثالثة : يجوز الرجوع فيه وفي بعضه قولا مثل : رجعت ، وفعلا كالبيع والهبة والعتق ، وإنكار التدبير ليس رجوعا ، والرجوع في تدبير الحمل ليس رجوعا في تدبير أمّه وبالعكس.

الرابعة : يصحّ تدبير الآبق ، ويبطل بالإباق ، والولد المتجدّد قبل الإباق مدبّر وبعده رقّ وإن كان من أمة.

ص: 218


1- في « أ » : « في أركانه » ولعلّه مصحّف.

ولو أبق المعلّق عتقه على موت مخدومه لم يبطل ، وعتق بموته من الأصل.

ولا يبطل بالارتداد إلّا أن يلحق بدار الحرب ، فلو مات المولى قبل لحوقه عتق.

الخامسة : كسب المدبّر قبل وفاة مولاه لسيّده وبعدها له إن خرج من الثلث ، ولا يحسب من التركة ، وإن قصر فله منه بقدر الحرّيّة ، والباقي للوارث ، فلو ادّعى الوارث حصوله قبل الوفاة والمدبّر بعدها ولا بيّنة ، قدّم قول المدبّر مع يمينه.

السادسة : يصحّ من المديون ، ثمّ إن استغرق الدين التركة بطل ، وإلّا صحّ منه بقدر ثلث الباقي ، ولا فرق بين سبق الدين وتأخّره.

السابعة : لا يبطل بالجناية عليه ، وأرشه للمولى ، ولو قتل بطل ، وله قيمته مدبّرا ، ولو جنى على غيره تعلّق الأرش برقبته ، وللمولى فكّه بأقلّ الأمرين ، وبيعه فيها ، أو تسليمه إلى المجنيّ عليه ، فإن فكّه فالتدبير باق ، وإن باعه أو سلّمه بطل إن استغرقته الجناية ، وإلّا بطل ما قابلها ، والباقي مدبّر.

ولو مات المولى قبل الفكّ والتسليم عتق ، وعليه الأرش ، لا على الوارث وإن كان خطأ.

ص: 219

ص: 220

كتاب المكاتبة

اشارة

ص: 221

ص: 222

وهي فكّ رقبة المملوك بعوض ، وليست عتقا بصفة ، ولا بيع العبد من نفسه ، فلا يثبت فيها خيار المجلس والحيوان ، بل هي معاملة مستقلّة.

وهي مستحبّة مع الأمانة والاكتساب ، ويتأكّد بسؤال المملوك ، ومباحة مع انتفاء الأمرين ، ثمّ إن اقتصر على العقد وذكر الأجل والعوض والنية ، فهي مطلقة ، وإن أضاف إلى ذلك : فإن عجزت فأنت ردّ في الرقّ ، فهي مشروطة.

وتقبل الكتابة الشروط السائغة.

ثمّ النظر في أمور :

[ الأمر ] الأوّل : في الأركان

وهي خمسة :

الأوّل : في العقد ، والإيجاب مثل : كاتبتك على كذا منجّما إلى كذا ، والقبول ما دلّ على الرّضا ، ولا يفتقر إلى قوله : فإن أدّيت فأنت حرّ ، نعم لا بدّ من نيّة ذلك.

وهو عقد لازم لا ينفسخ إلّا بالتقايل وإن كانت مشروطة ، ولو مات المولى طالبه الوارث ، وعتق بالأداء ولا تبطل بالمطل بل يحبس ، ولا بالعجز بل ينظر.

ص: 223

وإذا عجز في المشروطة فللمولى الفسخ ، وحدّ العجز أن يؤخّر النجم عن محلّه.

وليس للعبد أن يعجز نفسه بل يجب عليه السّعي ، فإن امتنع أجبر.

الثاني : المولى ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، وجواز التصرّف ، فلا يصحّ من الصّبي وإن أذن له الوليّ ، ولا من المجنون والسّاهي والنائم والغافل والسكران والمكره ، إلّا أن يرضى بعد زوال الإكراه ولا من السّفيه إلّا أن يأذن الوليّ ، ولا من المفلّس ، إلّا أن يأذن الغرماء.

ويصحّ من وليّ الطفل والمجنون مع الغبطة ، ومن المريض إن خرج من الثلث وإلّا فبقدره ، والباقي رقّ.

ولا يشترط الإسلام ، فيصحّ من الكافر مكاتبة مثله ، لأنّ المسلم يباع عليه ، ولو أسلم بعدها لزمت ، فإن عجز بيع عليه.

ولا يصحّ كتابة المرتدّ مطلقا.

الثالث : المملوك ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، فلا يصحّ كتابة الصّبي والمجنون والكافر والمخالف ، لعدم الخير.

ويصحّ مكاتبة بعضه ولا يسري ، وحصّته المشتركة ، ولا يقوّم عليه وإن أدّى مال الكتابة ، ولا يشترط إذن الشريك.

الرابع : العوض ، ويعتبر فيه صحّة تملّكه للمولى ، والعلم بقدره وجنسه ووصفه ، وكونه دينا ، فلو كاتب المسلم على خمر أو خنزير بطل ، ولو كانا ذميّين صحّ ، فإن أسلما أو أحدهما بعد القبض برئ ، وإلّا لزمته القيمة عند مستحلّيه.

ص: 224

ولا يصحّ على مجهول ، ولا على ما لا يمكن ضبطه ، فتوصف الأثمان بما يوصف في النسيئة ، والعروض بما يوصف في السلم ، ولا على عين.

ويصحّ جعل العوض منفعة فيقدر إمّا بالعمل كخياطة الثوب أو بالمدّة كخياطة سنة ويجوز الجمع بين الدّين والمنفعة ، مثل : كاتبتك على خدمة شهر وأداء (1) دينار بعده ، والجمع بين الكتابة وغيرها من المعاوضات في عقد واحد ، فيقسّط على القيمتين.

ولو كاتبه الشريكان بعوض واحد ، قسّط على حصّتهما ، ويجوز أن يتفاوتا وإن اتّفقا في الحصّة وبالعكس ، ثمّ يدفع إليهما ، فلو دفع إلى أحدهما شاركه الآخر إلّا أن يكون بإذنه ، ولا يعتق إلّا بأداء الجميع إليهما ، فلو دفع إلى أحدهما نصيبه بإذن الآخر عتق نصيب القابض ، ولم يقوّم عليه حصّة الآذن.

ولو مات المولى عن اثنين فأدّى إلى أحدهما نصيبه عتق وإن لم يأذن الآخر.

ولو كاتب عبدين فصاعدا فى عقد صحّ ، ويبسّط العوض على قيمتهما يوم العقد ، فمن أدّى حصّته عتق ولم يتوقّف على أداء حصّة الآخر ، ومن عجز رقّ.

ولو شرط على كلّ منهما كفالة صاحبه صحّ ، ولو شرط الضمان (2) فضمنا تحوّل المال وعتقا.

ص: 225


1- في « أ » : « أو أداء » والصحيح ما في المتن.
2- في « أ » : ولو شرطا.

ولو ظهر استحقاق المدفوع ردّ في الرّقّ حتّى يأتي ببدله.

ولو ظهر معيبا تخيّر بين الرّدّ والأرش ، ومع الرّدّ يصير رقّا ، ويمنع الرّد العيب المتجدّد عند السيّد ، ولو دفع الأجود لزمه قبوله ، لا الأدون ولو أبرأه السيّد عتق ، ولو أبرأه من البعض عتق بإزائه إن كانت مطلقة ، ولو أقرّ بالقبض عتق ، ولو كان مريضا متّهما نفذ من الثلث.

الخامس : الأجل ، والحقّ اشتراطه ، فلا تصحّ حالّة ، ويجوز اتّحاد النجم وتعدّده.

ويشترط تعيينه بما لا يحتمل الزيادة والنقصان ، كأجل السّلف والنسيئة ، ويتعيّن (1) وقت الأداء فيه ، فلو جعل النجم ظرفا للأداء لم يصحّ.

ويجوز مساواة النجوم والمال واختلافهما.

ولا يشترط اتّصال الأجل بالعقد.

ص: 226


1- في « أ » : ويعتبر.

الأمر الثاني : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : إذا تمّت المكاتبة ، فالمطلق يتحرّر منه بقدر ما أدّى ، ويتبعه الولد ، ونفقته وفطرته عليه وعلى مولاه بالحصص ، وله من الوصيّة بقدر الحرّيّة ، ويبطل في الباقي ، ويحدّ من حدّ الأحرار بنسبة الحرّيّة ، ومن حدّ العبيد بنسبة الرقّيّة.

ولو زنى بها المولى حدّ بقدر الحرّيّة ، وسقط عنه الباقي ، ولو عجز لم يرقّ ولم يجز بيعه.

ولو مات ولم يؤدّ شيئا مات رقّا ، سواء خلّف أو لا.

ولو أدّى البعض وخلّف مالا ، اقتسمه مولاه ، وورثه بنسبة الحرّية والرقّيّة ، ثمّ إن كان الوارث تابعا له في الكتابة كالولد أدّى من نصيبه ما بقي من مال الكتابة ، ولو كان الوارث حرّا غير تابع ، ورث بقدر الحرّيّة ، ولا شي ء عليه ، ولو لم يخلّف شيئا سعى الأولاد فيما بقي من مال الكتابة بالسويّة ، فإذا أدّوا عتقوا ، فإن امتنعوا جبرهم المولى.

ولو لم يؤدّ شيئا كان أولاده رقّا والمال للمولى.

ص: 227

والمشروط رقّ ولا يعتق (1) إلّا بأداء جميع المال ، أو الإبراء ، أو الاعتياض ، أو الضمان عنه ، وفطرته على مولاه.

ولو مات بطلت وكانت تركته لمولاه ، ويحدّ حدّ المملوك.

الثانية : لو كان على المكاتب ديون ، فإن وفى بالجميع فلا كلام ، وإن قصر تحاصّ المولى والدّيان في المطلقة ، ويختصّ الدّيان بما في يد المشروط ، وكذا لو مات ، ولا يضمن المولى لو قصر.

الثالثة : لو صدّقه أحد الوارثين في الكتابة وكذّبه الآخر ، فإن كان المصدّق عدلا قبلت شهادته ، وإلّا حلف المكذّب ، وصار نصفه مكاتبا ونصفه رقّا.

ولو ادّعى الأداء ، فصدّقه أحدهما قبلت شهادته إن كان عدلا ، وإلّا حلف الآخر ، وصار نصفه مكاتبا ونصفه حرّا.

الرابعة : لو مات قبل الأداء فأبرأه أحد الورّاث من نصيبه ، عتقت حصّته ، ولم يقوّم عليه حصّة الآخر ، وكذا لو أعتق.

الخامسة : لو اشتبه المؤدّي من المكاتبين صبر ، فإن ادّعيا العلم حلف لهما ثمّ يقرع ، ولو مات استخرج بالقرعة.

السادسة : لو دفع قبل الأجل لم يجب القبض ، ولو دفع بعده وجب القبض أو الإبراء ، فإن امتنع قبضه الحاكم ، وعتق ، فإن تعذّر برئ وعتق ، وبقي المال أمانة.

السابعة : تجوز الوصيّة بمال الكتابة إجماعا وبيعه على الأقوى ، ويعتق

ص: 228


1- في « ب » و « ج » : رقّ لا يعتق.

بأدائه إلى المشتري ، ولو عجز وكان مشروطا فسخ المولى وردّ رقّا (1) ويرجع المشتري على مولاه بالثمن.

الثامنة : لو زوّج بنته بمكاتبه ثمّ مات ، انفسخ النكاح.

التاسعة : لو اختلفا في قدر العوض أو النجوم ، قدّم قول منكر الزيادة ، ولو اختلفا في الأداء حلف السيّد.

العاشرة : لا يدخل الحمل في كتابة أمّه ، ولو حملت بعد الكتابة بمملوك لحقه حكمها فيعتق منه بقدر ما يعتق منها ، ولو حملت من حرّ فالولد حرّ ، ولو حملت من مولاها فالكتابة بحالها ، ولو مات قبل الأداء أعتقت من نصيب ولدها ، وإن لم يكن لها ولد سعت في مال الكتابة (2) للوارث.

الحادية عشرة : يجب على المولى إعانة المكاتب من سهم الرقاب إن وجبت عليه الزكاة ، وإلّا استحبّت ، ولا قدر له ، ويجب على المكاتب القبول إن كان من جنس مال الكتابة.

الثانية عشرة : يجوز للمكاتب مقاصّة سيّده بماله عليه ، فإن اتّحد الجنس والصّفة لم يفتقر إلى التراضي ، وإن اختلف أو كانا قيميّين افتقر إليه ، ولا يفتقر إلى التقابض وإن كان أحدهما نقدا والآخر عرضا ، وكذا حكم كلّ غريمين.

ص: 229


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : ففسخ المولى ردّ رقّا.
2- في « أ » : « بيعت من مال الكتابة » ولعلّه مصحّف.

الأمر الثالث : في اللواحق

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في التصرّف ، وهو قسمان :

الأوّل : لا يتصرّف المولى في المكاتب ببيع وغيره إلّا مع عجز المشروط ، ولا تزويج المكاتبة إلّا بإذنها ، ولا وطئها بالملك والعقد ، ولا وطء أمة المكاتب ، فإن وطأ إحداهما لشبهة فعليه المهر ، ولا يتكرر ، ولا يحدّ ، والولد حرّ ، وتصير أمّ ولد ، فإن مات عتقت من نصيب ولدها ، وسقط عنها مال الكتابة ، فإن عجز النصيب عتقت بقدره والباقي مكاتب ، ولو علما بالتحريم فلا مهر مع المطاوعة ، ويعزّران.

وليس له التصرّف في ملكه بغير الاستيفاء ، ولا يتوقّف على الحاكم.

الثاني : لا يتصرّف المكاتب في ماله بما يعرضه للتّلف ،كالقرض والرّهن ، ولا بالإتلاف كالعتق والهبة والمحاباة ، وليس له المضاربة بماله ، ولا أن يكاتب عبده إلّا مع الغبطة ، ولا أن يتزوّج أو يتسرّى ، ولا يزوّج عبيده من إمائه إلّا مع الإذن في ذلك كلّه.

ولو حملت منه أمته فالولد رقّ له ، فإن أدّى عتقا وإلّا رقّا.

ص: 230

وله السّفر ، والتصرّف بجميع وجوه الاكتساب ، كالبيع والشراء من المولى وغيره حالّا.

ولا يبيع مؤجّلا إلّا برهن أو ضمين ، أو بأكثر من ثمن المثل ، ويقبض مقداره ، ويؤخّر الزيادة ، ولا يسلّم المبيع قبل قبض الثمن.

وله أن يشتري مؤجّلا ، وان يستسلف ، ولا يشتري من يعتق عليه إلّا مع الإذن.

ولا يقبل الوصيّة أو الهبة به مع الضّرر ، كالعاجز عن الاكتساب ، وحيث يصحّ لا يعتق ، وليس له أن يخرجه عن ملكه ، بل يتبعه في الرّقّ والعتق ، ونفقته عليه من جهة الملك لا من جهة القرابة.

ويصحّ إقراره بما يملك التصرّف فيه ، وكسبه له.

ويكفّر بالصوم لا بالعتق والإطعام وإن أذن المولى.

[ المبحث ] الثاني : في حكم الجناية ، وهو قسمان.

[ القسم ] الأوّل : في المشروط ، إذا جنى على مولاه عمدا اقتصّ منه في النفس والطرف ، ولو جنى خطأ تعلّقت برقبته ، وله أن يفدي نفسه بالأرش أو بأقلّ الأمرين ، فإن وفى ما في يده بالحقّين عتق بالأداء ، وإلّا قدّم الأرش.

ثمّ إن عجز فللمولى الفسخ ، ولو اختار المولى قبض مال الكتابة أوّلا عتق ثمّ يطالبه بالأرش ، ولو لم يكن له مال ففسخ الكتابة سقط مالها والأرش ، ولو أعتقه سقط مال الكتابة دون الأرش.

ولو جنى على أجنبيّ عمدا ، فله القصاص ، ولو عفا على مال جاز ،

ص: 231

وقدّم على النجوم ، ولو عفا مجّانا فالكتابة بحالها ، وإن كانت خطأ وله مال ، فله فكّ نفسه قبل أداء مال الكتابة ، ولو قصر باع الحاكم منه ما يتمّ به الفكّ ، ويبقى باقيه مكاتبا ، وإن لم يكن له مال ، فإن فداه السيّد فالكتابة بحالها ، وإلّا بيع فيها وبطلت الكتابة.

وإذا جنى على جماعة عمدا ، فلهم القصاص ، وفي الخطأ الأرش ويتعلّق برقبته ، ثمّ إن وفى ماله فكّ ، وإن قصر تمّم من رقبته ، ولو لم يكن له مال تساووا في قيمته بالحصص.

وإذا جنى عبد المكاتب خطأ فللمكاتب فكّه بالأقل من قيمته والأرش.

ولو جنى عبده عليه عمدا فله القصاص ، والخطاء هدر وبالعكس (1) لا قصاص ولا دية.

ولو جنى بعض عبيده على بعض فله القصاص في العمد ، ولا حكم للخطأ.

ولو كان أحد عبيده أباه فقتل الآخر لم يقتصّ منه.

ولو جنى على المكاتب لم يكن له القصاص ، ولو جنى على أجنبيّ لم يكن له فكّه ، وإذا جنى عليه مولاه في النفس بطلت الكتابة ولا شي ء عليه ، ولو جنى عليه أجنبيّ حرّ عمدا بطلت الكتابة ، ولا قصاص ، وعلى الجاني قيمته لسيّده ، وإن كان طرفا فلا قصاص ، وله الأرش دون مولاه ، وكذا في الخطأ.

ولو كان الجاني عبدا أو مكاتبا فله القصاص ، وليس للمولى منعه منه ، وإن عفا على مال فهو له ، ويجوز له العفو مجّانا.

ص: 232


1- في « أ » : « وبالعمد » ولعلّه مصحّف.

ولو جنى المولى على طرفه عمدا فعليه الأرش دون القصاص.

ولو جنى عليه عبد المولى عمدا فلمولاه منعه من القصاص ، وله في الخطأ الأرش ، وليس له الإبراء إلّا بإذن السيّد.

القسم الثاني : في المطلق ، إذا تحرّر بعضه ثمّ جنى عمدا على حرّ أو على أزيد حرّية أو مساو اقتصّ منه ، ولو جنى على مملوك أو مكاتب أو انقص حرّية لم يقتصّ منه ، ولزمه من الأرش بقدر حرّيته ويتعلّق برقبته بقدر رقيّته.

ولو كانت خطأ تعلّق بعاقلته نصيب الحرّية وبرقبته نصيب الرقية ، وللمولى أن يفدي بقدر الرقية بحصّته من الأرش ، سواء كانت الجناية على حرّ أو عبد ولو جنى عليه حرّ أو مكاتب أزيد حرّية عمدا لم يقتصّ منه ، وعليه الأرش ، ولو كان رقّا أو أقلّ حرّية أو مساويا اقتصّ منه.

المبحث الثالث : في حكم الوصيّة

لا تصحّ الوصيّة برقبة المكاتب المطلق ولا بالمشروط إلّا أن يضيفها إلى عوده في الرقّ ، وتصحّ بمال الكتابة ، ولا تصحّ الوصيّة لمكاتب الأجنبيّ المشروط ، وتصحّ للمطلق بحساب ما تحرّر منه ، ولمكاتبه مطلقا ، فيقاصّ الورثة.

ولو أعتقه في مرضه صحّ من الثلث فإن كان بقدر الأكثر من قيمته ومال الكتابة عتق ، وإن زاد أحدهما اعتبر الأقلّ ، فإن احتمله الثلث عتق وإلّا ما يحتمله ، وبطل في الزائد ، ويسعى في باقي الكتابة ، فإن عجز استرقّ الورثة بقدر الباقي ، وكذا لو أبراه من مال الكتابة.

ص: 233

ولو قال : ضعوا عنه نجما ، تخيّر الوارث.

ولو قال : [ ضعوا ] أيّ نجم شاء ، تخيّر المكاتب.

ولو قال : [ ضعوا ] أكثر نجومه ، فهو الأكثر قدرا ، وإن تساوت فالنّصف وزيادة.

ولو قال : [ ضعوا ] أوسط نجومه ، وفيها أوسط قدرا أو عددا ، انصرف إليه ، وإن اجتمعا تخيّر الوارث ، ولو انتفيا فالوسط في الزّوج اثنان ، فيؤخذ من الأربعة الثاني والثالث ، ومن الستّة الثالث والرابع ، ومتى كان العدد فردا فالأوسط واحد.

وإذا قال : ضعوا عنه أكثر ما بقي عليه ، فهو وصيّة بالنّصف وزيادة يقدّرها الوارث.

ولو قال : [ ضعوا ] الأكثر ومثله ، فهو وصيّة بالجميع ، ولا زيادة.

ولو قال : [ ضعوا ] الأكثر ومثل نصفه ، فهو ثلاثة أرباع وزيادة.

ولو قال : [ ضعوا ] ما شاء ، فإن شاء البعض صحّ ، وإن شاء الجميع فقولان.

ولو قال : [ ضعوا ] ما شاء من مال الكتابة ، فشاء الجميع ، ففيه احتمالان باعتبار كون « من » للتبيين أو للتبعيض.

وإذا أوصى بعتقه قبل الحلول وليس غيره ، عتق ثلثه معجّلا ، ثمّ إن أدّى ثلثي مال الكتابة تحرّر كلّه ، وإن عجز كان للورثة استرقاق ثلثيه.

ولو أعتقه في مرض الموت صحّ من الثلث ، ويعتبر الأقلّ من قيمته ومال الكتابة.

ص: 234

كتاب الاستيلاد

اشارة

وفيه بحثان

ص: 235

ص: 236

[ البحث ] الأوّل : في سببه

وهو علوق أمته منه ، فلا يثبت بعلوق الزوجة أو الموطوءة بالشبهة أو بالزّنا وإن ملكها حبلى ، ولا يمنع تحريم الوطء العارض من نفوذ الاستيلاد ، كالصوم ، والحيض ، والإحرام ، والرّهن ، والظهار ، والإيلاء ، وكذا لو ملك المسلم وثنيّة والمرتدّ عن غير فطرة مسلمة.

ولا يشترط الإسلام في المولى والأمة ، فلو أحبل الذميّ أمته صارت أمّ ولد ، لكن لو أسلمت بيعت عليه على الأصحّ ، ويتحقّق بوضع العلقة فصاعدا دون النطفة ، وتظهر الفائدة في التصرّفات بعد الوطء وقبل الوضع.

ولو اشتبه افتقر إلى شهادة أربع نساء.

ص: 237

[ البحث ] الثاني : في الحكم

أمّ الولد رقّ ، فيجوز التصرّف فيها بما لا يخرجها عن ملكه إلّا العتق ، فله استخدامها ، وإجارتها (1) وتزويجها ، وتدبيرها ، ومكاتبتها ، (2) ووطؤها ، وعتقها في الكفّارة وغيرها ، وله كسبها.

ولا يجوز هبتها ، ولا بيعها إلّا في ثمن رقبتها مع إعسار المولى ، سواء كان حيّا أو ميّتا.

ولو مات الولد قبل مولاها رجعت طلقا ، ولا يقوم ولده مقامه ، ولا تعتق بموت مولاها من أصل التركة بل من نصيب ولدها ، فلو لم يكن سواها عتق نصيب الولد وسعت في الباقي ، ولا تقوّم على الولد.

ولا يتعدّى حكم الاستيلاد إلى أولادها ، وكلّما في يدها للوارث.

وتصحّ الوصيّة لها من مولاها خاصّة ، وتعتق من الوصيّة ، فإن لم تف بالقيمة عتقت من نصيب الولد.

ص: 238


1- في « أ » : أو إجارتها.
2- في « أ » أو مكاتبتها.

وإذا جنت خطأ تعلّقت برقبتها ، وللمولى فكّها بالأقلّ من قيمتها والأرش ، وله دفعها إلى المجنيّ عليه.

ولو جنت على جماعة تخيّر المولى أيضا في الفداء والدفع إليهم ، أو إلى ورثتهم على قدر الجنايات ، ولو ماتت قبل الفداء لم يكن على المولى شي ء ، ويقوّم معيبه بالاستيلاد ، ولا يبطل بالجناية على مولاها ولا بالارتداد.

وروي في وليدة نصرانيّة أسلمت عند رجل ، ثمّ ولدت غلاما ، ثمّ مات مولاها ، فأعتقت ، ثمّ تنصّرت وتزوّجت نصرانيّا ، وولدت منه ، فقال : ولدها لابنها من سيّدها ، وتحبس حتّى تضع ، ثمّ تقتل. (1)

وقال الشيخ : يفعل بها كالمرتدة. (2)

ص: 239


1- لاحظ الوسائل : 16 / 109 ، الباب 8 من كتاب الاستيلاد ، الحديث 1 ، والرواية منقولة بمعناها.
2- النهاية : 499 - 500. باب السراري وملك الأيمان.

ص: 240

كتاب اليمين

اشارة

ص: 241

ص: 242

وهو تحقيق ما يحتمل المخالفة بذكر اسم اللّه تعالى ، وقد يجب إذا اشتملت على تخليص مؤمن أو مال أو دفع ظلم ، ويجب التورية ، وقد تحرم إذا كانت كاذبة ولا ضرورة ، ويكره غير ذلك وإن كان صادقا إلّا مع الحاجة ، ويتأكّد على المال القليل ، والنظر في أمور :

[ الأمر ] الأوّل : [ في ] المحلوف به

وهو اللّه تعالى ، أو أسماؤه الخاصة ، أو ما ينصرف إليه عند الإطلاق ، مثل : والّذي نفسي بيده ، والرّحمن ، والخالق ، والرّب ، ولا ينعقد بالموجود ، والحيّ ، والقادر ، وشبهه وإن نوى به الحلف.

ولو قال : وقدرة اللّه أو وعلم اللّه ، وقصد المعاني ، لم ينعقد ، وإن قصد الذات القادرة أو العالمة ، انعقدت.

ولو قال : وجلال اللّه ، وعظمة اللّه ، وحقّ اللّه ، لم ينعقد.

ولو قال : لعمر اللّه انعقدت.

ولو قال : أقسمت ، أو حلفت ، أو أقسم ، أو أحلف لم يكن يمينا حتّى يذكر المقسم به.

ص: 243

ولو قال : أشهد باللّه فهو يمين ، بخلاف أعزم باللّه.

ولا ينعقد بالنبي ، والأئمّة ، والأبوين ، والمصحف ، والكعبة ، والحرم ، ولا بالنجم ، والطلاق ، والعتاق ، والظهار ، والتحريم ، ولا بالبراءة من اللّه ، أو رسوله ، أو أحد الأئمّة ، وكذا هو يهوديّ ، أو نصرانيّ ، ونحوه ، ولا بأيمان البيعة تلزمني. (1)

وحرف القسم : الباء والتاء والواو ، ويجوز تقديره ، وينعقد بقوله : ها اللّه ، وأيمن اللّه ، وأيم اللّه ، ومن اللّه ، وم اللّه.

ويشترط النطق والقصد ، فلو نواه ولم ينطق أو بالعكس ، لم ينعقد.

ولو قال : قصدت الإخبار بقولي أقسم باللّه ، قبل.

والاستثناء بالمشيئة يوقف اليمين بشرط النطق والاتّصال والقصد ، فلا عبرة بالنيّة ، ولا بالمتأخّر عادة ، ولا بما سبق لسانه إليه.

ولا يشترط قصده عند اليمين (2) بل عند التّلفظ به ، ويجوز تقديمه وتأخيره ، ولو علّقها بمشيئة اللّه ، فإن كان المحلوف عليه واجبا ، أو مندوبا ، أو ترك محرّم أو مكروه انعقدت وإلّا فلا.

فلو قال : واللّه لا شربت إلّا أن يشاء اللّه ، أو لا أشرب إلّا أن يشاء اللّه لم يحنث بالشرب وعدمه.

ص: 244


1- أيمان البيعة ممّا أحدثه الحجّاج بن يوسف الثقفي ، أن حلف الناس على بيعتهم لعبد الملك بن مروان بالطّلاق والعتاق واليمين باللّه وصدقة المال ، فكانت هذه الأيمان الأربعة أيمان البيعة القديمة المبتدعة ، ثمّ أحدث المستحلفون من الأمراء عن الخلفاء والملوك وغيرهم أيمانا كثيرة تختلف فيها عاداتهم. الموسوعة الفقهية : 7 / 250، مادّة ( أيمان ). ولاحظ السرائر : 3 /46 - 47.
2- في « أ » : ولا يشترط عند اليمين.

وإن علّقها بمشيئة غيره توقفت على مشيئته ، فلو قال : واللّه لأشربنّ إن شاء زيد ، فإن شاء الشرب انعقدت وإلّا فلا.

( ولو قال : واللّه لا شربت إلّا أن يشاء زيد ، فإن شاء عدم الشرب انعقدت وإلّا فلا ، ولو قال : واللّه لا أشرب وإن يشأ ، فشاء زيد عدم الشرب انعقدت وإلّا فلا ) (1).

ولو قال : واللّه لأشربنّ إلّا أن يشاء زيد ، فقد ألزم نفسه بالشرب إلّا أن يشاء زيد عدمه ، فإن شاء الّا يشرب انحلّت اليمين ، وإن شاء الشرب لم تنحلّ.

ولو قال : واللّه لا أشرب إلّا أن يشاء زيد ، فقد منع نفسه من الشرب إلّا أن يشاء زيد ، فإن شاء الشرب انحلّت ، وإن شاء عدمه لم تنحلّ ، ولو قصد عكس ذلك الحكم بضد ما تقدّم.

وكلّما جهل شرط العقد انحلّت ، وكلّما جهل شرط الحلّ انعقدت ، ولا تدخل المشيئة في غير اليمين وإن كان إقرارا.

ص: 245


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

الأمر الثاني : في الحالف

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، والنيّة ، فلا يقع من الصبيّ والمجنون والمكره والسكران والغافل والنائم والغضبان إلّا أن يملك نفسه ، ولا مع عدم النّية وإن حلف بالصّريح ، وهي يمين اللّغو ، ويقبل قوله في عدم القصد.

وتصحّ من الكافر غير المعطّل ، فإن مات عوقب عليه ، وإن أسلم قبل فوات وقته لزمه مقتضاه ، وإلّا حنث ، وتسقط الكفّارة بالإسلام.

ويشترط إذن الوالد والزّوج والمولى في غير الواجب وترك المحرّم ، فلا تنعقد بدونه ، وقيل : ينعقد ولهم حلّه مع بقاء الوقت والوصف ، فلو خرج قبل الفعل والحلّ وجبت الكفّارة ، ولو مات الأب أو طلّقت الزوجة أو عتق المملوك قبل الفعل : فإن كان الوقت باقيا وجب الوفاء ، وإلّا وجبت الكفّارة (1). والأوّل أشهر.

وإذا أذن المولى لم يمنعه من الأداء في أوّل وقت الإمكان.

ص: 246


1- لاحظ القواعد : 3 / 267.

الأمر الثالث : في متعلّق اليمين

اشارة

وهو أقسام :

[ القسم ] الأوّل :

لا تنعقد على الماضي إثباتا ونفيا ، وهي الغموس ، ولا كفّارة لها ، ولو أكره ورّى إن أحسن.

وإنّما تنعقد على المستقبل إذا حلف على فعل واجب أو مندوب أو مباح راجح الفعل أو متساوي الفعل والترك ، أو على ترك محرّم أو مكروه أو مباح راجح الترك ، ولو حلف على خلاف ذلك لم تنعقد ، وكذا لو حلف لامرأته أن لا يتزوّج ولا يتسرّى ، أو تحلف هي ألّا تتزوّج أو لا تخرج معه ، وكذا يمين المناشدة ، (1) وهي أن يعقد اليمين على فعل غيره مثل واللّه ليفعلن.

ويشترط إمكان المخالفة والموافقة ، فلا تصحّ على الواجب مثل الكون في الحيّز ، ولا على الممتنع عقلا كالجمع بين النقيضين ، أو عادة كالصّعود إلى السّماء ، ولو تجدّد العجز انحلّت إلّا أن تعود القدرة والوقت باق ، أو لم يقترن بوقت.

ص: 247


1- في « ب » و « ج » : « المباشرة » ولعلّه مصحّف.

[ القسم ] الثاني : [ في ] المأكل والمشرب.

اشارة

قاعدة : إذا حلف وأطلق حمل اللفظ على حقيقته العرفيّة ، فإن لم تكن فاللغويّة ، فإن اجتمعا فعلى العرفيّة ، ويجوز أن ينوي به خلاف ظاهره (1) كالحقيقة العرفيّة ويريد اللغوية ، وبالعكس ، وكالحقيقة ويريد المجاز ، وكالعامّ ويريد به الخاصّ ، كما لو حلف على اللحم ، ويريد به لحم الإبل ، وبالعكس كأن يحلف : لا شربت لك ماء من عطش ويريد [ به ] رفع كل منّة ، وبالمطلق ويريد المقيّد كما لو حلف لعتق رقبة ويريد المؤمنة ، وبالعكس كأن يحلف على المؤمنة ويريد مطلق الرقبة.

ولو نوى ما لا يحتمله اللفظ كأن ينوي بالصلاة الصّوم لغت اليمين.

إذا عرفت هذا فالطعام اسم للقوت والأدم والحلو الجامد والمائع.

والقوت اسم للخبز والتمر والزبيب والجبن واللبن إلّا أن يعتاد غيرها.

والأدم اسم لما يؤتدم به كالملح والدبس والطبائخ والأدهان.

والفاكهة اسم للرمان والعنب والرطب وكلّ ما يتفكّه به حتّى البطيخ والنبق (2) ، دون الخضراوات ، وتشترط الرطوبة ، فلا يحنث باليابس منها ، كالزبيب.

والرأس اسم لما فيه عيناه (3) ، وعرفا لرأس الإبل والبقر والغنم.

ص: 248


1- في « أ » : خلاف الظاهر.
2- في مجمع البحرين : النبق - بفتح النون وكسر الباء وقد تسكن - : ثمرة السدر ، أشبه شي ء بها العنّاب قبل أن تشتدّ حمرته.
3- قال في الدروس : 2 / 168 : الرأس لغة عامّ ، وعرفا خاصّ بالأنعام ، فلا يحنث برأس الطير والحوت وقال العلّامة في القواعد : 3 / 271 : ولو حلف لا يأكل رأسا انصرف إلى الغالب ، كالبقر والغنم والإبل دون رأس الطير والسمك.

ويدخل في التمر القسب (1) لغة دون الدّبس والرطب والبسر.

ولا يدخل في الزبيب العنب والحصرم والدبس.

ويدخل في اللّبن ما يحلب من الانسي والوحشي والآدمي ، حليبه ومخيضه ورائبه (2) ، وفي الجبن توقّف ، ولا يدخل السمن والزّبد والأقط (3).

ولا يدخل في اللحم عرفا الرأس والكراع (4) والكبد والرية والكرش والمصران (5) والقلب.

ولا يدخل في الشحم الألية وشحم الظّهر والمخّ والدّماغ.

ويدخل في الدّهن السّمن والزّبد والشيرج ودهن السمك.

والأكل اسم للمضغ والازدراد.

والشرب [ اسم ] للكرع (6) والشرب (7) بالآنية ، والمصّ من بلبله (8) لا

ص: 249


1- في المصباح المنير : 2 / 184 : القسب : تمر يابس ، الواحدة قسبة ، مثل تمر وتمرة.
2- راب اللبن يروب روبا فهو رائب : إذا خثر ( واشتدّ ). المصباح المنير : 1 / 294.
3- الأقط - بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها - : لبن يابس مستحجر يتّخذ من مخيض الغنم. مجمع البحرين.
4- في النسخ الّتي بأيدينا « الكارع » والصحيح ما أثبتناه.
5- المصير كرغيف : المعاء ، والجمع مصران كرغفان. مجمع البحرين.
6- قال الحلّي في السرائر : 3 / 52 : يقال : كرع في الماء يكرع كروعا ، فهو كارع : إذا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفّيه ولا بإناء. ولاحظ المبسوط : 6 / 232.
7- وفي بعض النسخ « وللشرب ».
8- بلبل الإبريق : قناته الصغيرة الّتي يصبّ منها الماء. المنجد.

بمصّ الجسم الرّطب ، كقصب السكّر وحبّ الرمّان.

والذوق اسم للتطعّم بالشي ء. (1)

فروع

الأوّل : لو حلف لا يأكل حنطة فأكل دقيقا ، أو لا يأكل دقيقا فأكل خبزا لم يحنث ، وكذا بالعكس.

الثاني : لو حلف لا يأكل بسرا أو رطبا حنث بالمنصّف. (2)

الثالث : لو حلف لا يأكل لحما حنث بلحم الصّيد دون الألية وشحم الظهر.

الرابع : لو حلف لا أكلت رأسا ، فإن قصد نوعا صرف إليه ، وإلّا حمل على العرف الخاصّ ، فإن لم يكن فعلى الجميع.

الخامس : لو حلف لا أكلت سمنا ، حنث بأكله مع الخبز ، ومذابا على الطعام ، لا بالكليجا (3) وغير المتميّز.

السادس : ولو حلف لا أكلت هذين الطّعامين ، لم يحنث بأحدهما ، وكذا لو قال : هذا الخبز والأدم.

ص: 250


1- في « ب » و « ج » : للتطعيم بالشي ء.
2- في المصباح المنير : 2 / 315 : والمنصف من العصير اسم مفعول ما طبخ حتّى بقي على النّصف.
3- كليجا معرّب « كلوچه » : خبز ممزوج بالدّهن. لاحظ « دهخدا ».

السابع : لو حلف لا يأكل خلًّا ، حنث بالاصطباغ لا بالشرب والسكباج (1).

الثامن : يحنث بالشعير الممتزج (2) بالحنطة إلّا أن يريد المنفرد.

التاسع : لو حلف أن لا يأكل سويقا فشربه ، أو بالعكس ، لم يحنث ، وكذا لو حلف لا يأكل سكرا ، فوضعه في فيه فذاب ثمّ بلعه.

العاشر : لو حلف لا شربت ماء الكوز لم يبرّ بالبعض ، ولو قال : ماء الفرات برّ به ، ولو حلف لا شربت ماء الكوز لم يحنث بالبعض ، ولو قال : ماء الفرات حنث به.

الحادي عشر : ولو حلف على تناول شي ء لم يبرّ إلّا بالجميع ، وإذا حلف على تركه حنث بفعل أحد جزئيّاته.

الثاني عشر : يحنث بالذوق في الأكل أو الشرب دون العكس.

[ القسم ] الثالث : الكلام

لو حلف لا يتكلّم ، حنث بالقرآن وبإيراد الكلام مع نفسه ، واستثني قرآن الصلاة وأذكارها الواجبة ، دون المندوبة والمباحة.

ولو حلف لا يكلّم أحدا ، لم يحنث بتلاوة القرآن ، ويحنث بالدعاء والقراءة على غيره والتسليم عليه ، وكذا لو قصد بتسليم الصّلاة من حضر من الملائكة والإنس والجنّ.

ولو قال : واللّه لا كلّمتك ، وعقبه بقوله : أبدا ، أو ما عشت ، أو كلاما حسنا أو قبيحا ، لم يحنث به ، ولو علّله مثل : لأنّك حاسد فتوقّف.

ص: 251


1- السّكباج بكسر السين : طعام معروف يصنع من خلّ وزعفران ولحم. مجمع البحرين.
2- في « ب » و « ج » : يحنث في الشعير بالممتزج.

ويحنث لو قال : فتنحّ عنّي أو شتمه.

ولو كلّم غيره بقصد إسماعه ، أو كاتبه ، أو راسله ، أو أشار إليه إشارة مفهمة ، أو كلّمه حال نومه ، أو إغمائه ، أو غيبته ، أو موته ، لم يحنث.

ولو سلّم عليه ( أو قرأ عليه ) (1) ، أو صلّى خلفه ، وقصده بالتسليم ، حنث.

ولو حلف أن يهاجره ، حنث بالمكاتبة والمراسلة.

[ القسم ] الرابع : البيت والدار.

قاعدة : إذا حلف على فعل ، ابتداؤه كاستدامته ، حنث بهما ، وإلّا حنث بالابتداء خاصّة.

فالأوّل : كالسكنى ، والإسكان ، والمساكنة ، واللّبس ، والركوب ، والغصب ، والجماع ، وفي التطيّب توقّف.

فلو حلف لا سكنت هذه الدار وهو ساكن بها ، حنث بالاستدامة ، وبرّ بخروجه عقيب اليمين وإن أبقي رحله لا للسكنى ، (2) ولا يحنث بعوده لنقل متاعه وأهله.

ولو حلف لا يسكن زيدا حنث باستدامته ويبرّ بإخراجه عقيب اليمين.

ولو حلف لا يساكنه ، حنث بالاستدامة ويبرّ بانتقال أحدهما ، وكذا البحث في البواقي.

ص: 252


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».
2- قال العلّامة في القواعد : 3 / 274 : ولا يجب نقل الرّحل والأهل ، ولا يحنث بتركهما مع خروجه بنيّة الانتقال.

والثاني : كالدخول والإجارة ، والبيع ، والهبة ، والتزويج ، فلو قال : لا دخلت هذه الدار وهو فيها ، أو لا خرجت ، أو لا بعت ، وكان له خيار ، أو لا وهبت (1) فاستمرّ ، أو لا تزوّجت وله زوجة فلم يطلّقها لم يحنث في الجميع.

ويتحقّق الدّخول بحيث لو ردّ الباب يكون من ورائه وإن نزل بالسّطح لا بطاق الباب.

ولو صعد على السّطح من خارج لم يحنث وإن كان محجّرا على توقّف (2) ويحنث في الدار بالدهليز والغرفة ، ولا يحنث في البيت بدخول غرفته ، ولا بدخول الكعبة والمسجد والحمام.

ويحنث البدوي ببيت الشعر والقصب.

ولو حلف ليخرجنّ فصعد السطح برّ على توقّف. (3)

ولو حلف على الخروج فخرج انحلّت اليمين ، وله العود ، ولا يبرّ بإخراج بعضه ، كما لا يحنث به.

[ القسم ] الخامس : الفعل

وهو يقتضي المباشرة ، فلو حلف ليبيعنّ أو ليشترينّ فوكّل لم يبرّ ، ولو قال : لا أبيع ولا اشتري فوكّل لم يحنث.

ولو قال : لا استخدمه فخدمه بغير إذنه ، أو لا كلّمت عبدا اشتراه زيد ، أو

ص: 253


1- في « أ » أو لا وهبته.
2- قال العلّامة في القواعد : 3 / 273 : إذا حلف على الدخول لم يحنث بصعوده على السطح من خارج وإن كان محجّرا ، فعلى هذا لا يجوز الاعتكاف في سطح المسجد ولا تتعلّق الحرمة به على إشكال.
3- في « ب » : على التوقّف.

امرأة تزوّجها (1) زيد ، فكلّم من اشتراه وكيله أو من زوّجه بها لم يحنث ، ولو قال : عبد زيد أو زوجته حنث.

ولو حلف لا يأكل ما اشتراه زيد لم يحنث بأكل ما رجع إليه بعيب أو إقالة أو قسمة ، ولا ما يملكه بهبة معوّضة ، أو بصلح معوّض ، أو بشفعة ، ويحنث بالسّلم.

وإذا عيّن لبس ثوب فاشترى به أو بثمنه غيره ، لم يحنث بلبسه ، وقد تصرفه القرينة إلى غير المباشرة ، فلو قال : لا بنيت وهو غير بناء ، ثمّ استأجر له حنث ، (2) وكذا لو قال السلطان : لا ضربت ثمّ أمر به.

والحليّ يطلق على المحلّل وغيره ، والخاتم ، واللؤلؤ.

واللبس يشتمل الارتداء والاتّزار إلّا أن يقتضي العرف غيرهما.

فلو قال : لا لبست قميصا ، فارتدى به ، أو اتّزر به ، لم يحنث.

[ القسم ] السادس : العقد

وهو اسم للإيجاب والقبول ، فلو حلف ليبيعنّ ، فأوجب ولم يقبل المشتري لم يبرّ ، ولو حلف لا أبيع ، فأوجب لم يحنث ، وإذا أطلق انصرف إلى الصحيح.

ولو حلف لا يبيعه بعشرة ، فباعه بأكثر لم يحنث ، ولو باعه بأقلّ حنث ، وينعكس في الشراء.

ص: 254


1- في « ب » و « ج » : يتزوّجها.
2- في القواعد : 3 / 275 : لو قال : لا بنيت بناء فبناه الصانع بأمره أو استئجاره ففي الحنث إشكال ، ينشأ من معارضة العرف والوضع ، ولعلّ الأقرب متابعة العرف.

ويدخل في الهبة كلّ عطيّة متبرّع بها ، كالهدية ، والوقف ، والصدقة ، وفي النحلة والعمرى توقّف.

والمال اسم للدين ، والعين ، والآبق ، والمدبّر ، والمكاتب المشروط ، وأمّ الولد ، دون الشفعة والاستطراق ، وفي المنفعة كسكنى الدار توقّف ، فلو حلف ليتصدّقنّ بماله ، انصرف إلى ما صدق عليه.

[ القسم ] السابع : المقيّد ، وفيه مسائل :

الأولى : الإضافة ، فلو حلف لا دخلت دار زيد أو مسكنه ، أو لا استخدمت عبده ، أو لا كلّمت زوجته ، انحلّت اليمين بزوال الإضافة.

وإضافة الملك تنصرف إلى الأعيان دون المنافع ، فلو حلف لا يدخل دار زيد انصرف إلى المملوكة وإن لم يسكنها دون المستأجرة وإن سكنها.

وإضافة الاختصاص يكفي فيها النسبة ، مثل سرج الدابّة ، وثوب العبد ، ويحتمل حمله على ما يملكه بعد عتقه أو كتابته ، مراعاة للحقيقة الممكنة ، بخلاف الدابّة فإنّها لا يمكن ان تملك.

الثانية : الإشارة ، وتختصّ بالمشار إليه ، فلو جمع بين الإضافة والإشارة مثل : لا أكلت هذا تمر زيد ، فباع ، فإن نوى الامتناع باعتبار الإضافة لم يحنث بأكله ، وإلّا فالأولى تغليب الإشارة.

الثالثة : الصّفة ، وتنحلّ بزوالها ، فلو قال : لا كلّمت عبدا ، أو لا أكلت لحم سخلة ، أو لا دخلت دارا ، فكلّم المعتق ، وأكل لحم بقرة ، أو دخل براحا لم يحنث.

ص: 255

ولو جامعت الإشارة مثل : لا كلّمت هذا العبد ، ولا أكلت لحم هذه السخلة ، أو لا دخلت هذه الدار ، ثمّ زالت الصفة حنث ، تغليبا للإشارة ، وكذا لا أكلت هذه الحنطة فصارت دقيقا ، أو هذا العجين فصار خبزا ، أو هذا الرطب فصار تمرا ، أو هذا الدبس فصار ناطفا.

أمّا لو زالت الصّفة بالاستحالة مثل : لا أكلت هذا الحبّ فصار زرعا ، أو هذه البيضة فصارت فرخا ، لم يحنث ، تغليبا للصّفة.

الرابعة : لو أضاف الفعل إلى مباشر معيّن ، فشاركه فيه غيره ، كما لو قال : لا آكل طعاما اشتراه زيد ، فأكل ما اشتراه زيد وعمرو ، لم يحنث وإن اقتسماه.

ولو امتزج ما اشترياه منفردين لم يحنث بالأكل منه وإن أكل أكثر ممّا اشتراه زيد.

الخامسة : لو قال : لا دخلت هذه الدار من هذا الباب ، حمل على النّقب ، فلو حوّل الخشب إلى باب آخر حنث بالأوّل دون الثاني.

ولو حلف لا يدخلها من بابها ، حنث بالمستجدّ ، بخلاف ما لو قال : من بابها هذا.

السادسة : لو حلف لا يلبس ثوبا غزلته فلانة ، حنث بما غزلته في الماضي خاصّة ، ولو قال : ثوبا من غزلها حنث به مطلقا ، ولو قال : لا لبست من غزلها ، حنث بما فيه من غزلها وإن قلّ ، لا بما خيط منه.

السابعة : التخصيص جائز في القول دون الفعل ، فلو حلف لا يسلّم

ص: 256

عليه ، فسلّم على جماعة هو فيهم ، فاستثناه بالنطق أو بالنيّة لم يحنث ، ولو لم يستثنه مع العلم حنث.

ولو حلف لا يدخل عليه فدخل على جماعة هو فيهم واستثناه حنث.

[ القسم ] الثامن : في المسائل المتفرّقة

الأولى : لو حلف ليضرب عبده مائة سوط في حدّ أو تعزير وجب ، ولا يجب تعدّد الآلة.

ولو قال : بمائة سوط وجب التعدّد لمكان الباء ، ويجزئ الضّغث مع التضرّر ، ويجب اشتماله على العدد والإيلام ووصول كلّ شمراخ إلى جسده ، ويكفي الظنّ ، ولو كان للمصالح الدنيويّة فالعفو أولى.

والضرب اسم للمؤلم بالسوط ، والعصى ، واللّطم ، واللّكم ، دون العضّ والقرص.

الثانية : لو حلف لأقضينّ دينك إلى شهر كان غاية ، ولو قال : إلى حين أو زمان لم يحمل على النذر في الصوم (1) بل هو مبهم يتضيّق بظنّ الوفاة ، وكذا لو قال : لا كلّمته حينا أو زمانا.

ولو حلف لا يكلّمه دهرا أو عمرا برّ باللحظة ، ولو قال : لا كلّمته الدّهر أو الزمان كان للأبد ، لمكان التعريف.

ص: 257


1- قال الشيخ في المبسوط : 6 / 230 : إذا حلف إلى حين كان ذلك إلى ستّة أشهر ، وإذا حلف إلى زمان كان ذلك إلى خمسة أشهر ، ونصّ عليه أصحابنا فيمن نذر أن يصوم حينا أو زمانا.

الثالثة : لو حلف لا أفارقك (1) حتّى أستوفي حقّي حنث بالإبراء أو الإحالة ، ولو قال : لا فارقتك ولي قبلك حقّ لم يحنث بهما.

ولو وكّل فقبض الوكيل قبل المفارقة ، لم يحنث في الموضعين.

الرابعة : لو حلف لا أفارقك حتّى أوفيك حقّك ، فأبراه الغريم من الدين لم يحنث ، ولو وهبه العين فقبل حنث.

الخامسة : لو حلف ألّا يفارق (2) غريمه ، ففارقه الغريم فلم يتبعه لم يحنث ، ولو قال لا نفترق حنث.

السادسة : لو حلف لا يتكفّل بمال فتكفّل بمال فتكفّل بنفس (3) لم يحنث وإن أدّى ما عليه.

السابعة : إذا حلف على جنس كالماء ، تناول كلّ جزء منه.

الثامنة : لو حلف لا يأكل هذه التمرة ، فوقعت في تمر ، حنث بأكل الجميع ، ولو تلفت واحدة أو أبقاها لم يحنث بأكل الباقي.

التاسعة : لو حلف ليأكل هذا الطعام غدا ، فأكله اليوم حنث ويكفّر معجّلا ، إلّا أن يضطرّ ، وكذا لو أتلفه ، بخلاف تلفه من غير جهته.

العاشرة : لو حلف على الإثبات كفى الإتيان بجزء في وقت ما ، ولو حلف على النفي تناول الجميع في كلّ الأوقات.

ص: 258


1- في « أ » : لا فارقتك.
2- في « ب » و « ج » : لا يفارق.
3- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : فكفل بالبدن.

الحادية عشرة : لا تجب المبادرة في المطلق ، ويتضيّق بظنّ الوفاة.

الثانية عشرة : إذا خالف اليمين عامدا عالما مختارا حنث ، ولو نسي أو جهل المحلوف عليه (1) أو أكره لم يحنث.

وتتحقّق المخالفة بفعله وبفعل غيره ، كما لو حلف لا يدخل بلدا ، فدخلت به دابّته ، أو سفينته ، أو إنسان مع إذنه أو سكوته.

الثالثة عشرة : التسري : وطء الأمة المخدّرة.

والبشارة اسم للخبر الأول السارّ ، فلو بشّره جماعة دفعة استحقّوا الجعل ، ولو ترتّبوا فهو للأوّل ، بخلاف الإخبار ، لأنّ الثاني مخبر.

وأوّل داخل من دخل بعد اليمين وإن لم يدخل غيره ، وآخر داخل من دخل قبل موته.

الرابعة عشرة : لو حلف لا يطأ جارية عمّته ، فورثها حلّت له ، لأنّه إنما حلف على الحرام ، وكذا لو أحلّتها له ، أو كانت لغير عمّته.

خاتمة : [ في التورية ]

الحلف على الإثبات يقتضي الوجوب وعلى النفي التحريم ، ويجوز التورية للمظلوم وغير الظالم لا له ، وهي أن ينوي باللّفظ غير ظاهره ، مثل : أن يحلف انّ هذا أخي ، وينوي أخوّة الإسلام ، أو انّ جواريّ أحرار ، وينوي سفنه ، أو نسائي طوالق ، وينوى نساء أقاربه ، أو ما كاتبته ، وينوي كتابة العبد ، أو ما في

ص: 259


1- في « ب » و « ج » : وجهل المحلوف عليه.

داري بارية وينوي سكّينا يبري [ بها ] أو يقصد بالبناء : السّماء وبالفراش والبساط : الأرض ، وبالأوتاد : الجبال ، وباللباس : اللّيل.

ولا يجوز استعمال الحيلة المحرّمة ويتمّ [ قصده ] مع الإثم مثل : أن تحمل ابنها على الزنا بامرأة لتحرم على أبيه ، وتجوز المباحة ويتمّ بغير إثم ، مثل : أن تزوّجه بها ، وأن ينكر الاستدانة إذا خشى من دعوى الإسقاط أو الوفاء أو الإبراء أن يلزمه المدّعي ، وكذا لو كان معسرا فخشي الحبس.

والنيّة أبدا نيّة المدّعي إن كان محقّا ، ونيّة الحالف إن كان مظلوما.

ولو أكره على اليمين أنّه لا يفعل مباحا ، حلف وورّى مثل : أن لا يفعله في السماء ، ولو أكره على اليمين أنّه لم يفعل قال : ما فعلت ، وعيّن ب- « ما » الموصولة.

ولو اضطرّ إلى الجواب ب- « نعم » قال وعنى الإبل.

ولو أكره على الطلاق لم يقع عندنا ، فلم يحتج إلى التورية ، وكذا لو حلف ما أخذ جملا أو ثورا أو عنزا ونوى السحاب ، والقطعة الكبيرة من الأقط ، والأكمة.

ولو حلف ليصدّقنّه (1) خلص بقوله : فعلت ما فعلت. (2)

ولو حلف ليخبرنّه بعدد حبّ الرمّان ذكر الممكن.

ص: 260


1- في بعض النسخ : « ولو حلف لتصديقه ».
2- قال العلّامة في القواعد : 3 / 283 : ولو اتّهم غيره في فعل فحلف ليصدّقنه ، أخبر بالنقيضين.

كتاب النذر والعهد

اشارة

ص: 261

ص: 262

أمّا النذر فهو التزام الإنسان بطاعة بقوله : لله متقرّبا

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : في أركانه

اشارة

وهي ثلاثة :

[ الركن ] الأوّل : في صيغته وأقسامه

وهو : برّ وزجر وتبرّع.

فالأوّل قد يكون شكرا مثل : إن رزقت ولدا فلله عليّ كذا ، أو استدفاعا مثل : إن شفي مريضي فلله عليّ كذا.

والثاني قد يكون مانعا من الفعل مثل : إن دخلت الدار فلله عليّ كذا ، أو موجبا له مثل : إن لم أدخل فلله عليّ كذا.

ويشترط في المنع أن يكون السبب محرّما أو مكروها أو مباحا مرجوحا ، وفي الإيجاب أن يكون السبب فعلا واجبا ، أو مندوبا ، أو مباحا راجحا في الدّين أو الدنيا ، أو متساوي الفعل والترك.

ص: 263

وإذا كان الشرط طاعة وقصد الشكر لزم ، وإن قصد الزّجر لم يلزم ، وبالعكس لو كان الشرط معصية.

والثالث مثل : لله عليّ كذا ، وينعقد على الأقوى.

ويشترط النطق والقربة وذكر لفظ الجلالة ، فلو نواه ، أو قصد منع نفسه ، أو لم يقل : « لله » بطل.

[ الركن ] الثاني : الناذر

الناذر (1)

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، والاختيار ، والقصد ، والقدرة ، فلا يقع من الصّبي مطلقا ، ولا من المجنون والكافر ، ولو أسلم استحبّ له الوفاء ، ولا من المكره ، والسكران ، والنائم ، والغضبان الّذي لا قصد له ، ولا من العاجز ، فلو (2) تجدّد العجز سقط إلّا أن يقدر ، ولو كان صوما تصدّق عن كلّ يوم بمدّين استحبابا.

ويشترط إذن الزوج والمولى في نذر المرأة والمملوك في غير الواجب وترك المحرّم ، ولو بادرا وقف على الإجازة ، وقيل : ينعقد ولهما حلّه (3) ، ولا يشترط إذن الوالد.

ص: 264


1- في النسخ الّتي بأيدينا « المطلب الثاني الناذر ».
2- في « أ » : ولو.
3- لاحظ الدروس : 2 / 149.

[ الركن ] الثالث : في الملتزم

في الملتزم (1)

وضابطه ما كان طاعة مقدورة ، كالعبادات الخمس ، والقربات الواجبة والمندوبة ، فلو جعله ترك واجب أو فعل محرّم أو مكروه أو مباح لم ينعقد ، ولو وصف الفعل وجبت الصّفة أيضا.

وهنا مباحث :

الأوّل : الصلاة ، إذا نذر أن يصلّي انصرف إلى ذات الركوع والسّجود ، دون الدعاء وصلاة الجنازة ، وتجب ركعتان ، ولو عيّن ركعة انعقد ويجب فيها (2) كلّ ما يجب في اليوميّة إلا قراءة السورة ولو عيّن صفة لزمت ، ولو نذر هيئة في غير وقتها كالعيد والكسوف لم ينعقد ، وكذا لو عيّن هيئة غير مشروعة.

ولو نذر عددا تعيّن ويسلّم عند كلّ ركعتين.

ولو نذر السّجود انعقد بخلاف الركوع.

ولو نذر إتيان مسجد وجب ولا يلزمه الصلاة ولا عبادة.

ولو نذر فريضة صحّ وتداخلتا ، ولا تجزئ الفريضة عند الإطلاق ، ويتعيّن الزمان مطلقا حتّى المكروه ، والمكان بشرط المزيّة.

ولو نذر الطهارة حملت على المائيّة ، ولو تعذّرت تيمّم على توقّف.

ص: 265


1- في النسخ الّتي بأيدينا « المطلب الثالث الملتزم ».
2- في « أ » : فيهما.

ولو نذر أحد أنواعها تعيّن ويراعى في التيمّم شرطه.

ولو عيّن وقتا فاتّفق كونه متطهّرا لم يجب الحدث.

الثاني : الصّوم ، وإذا أطلق وجب الشرعي ، ويجزئ يوم واحد لا بعض يوم إلّا أن ينذر إتمام صوم التطوّع ، ولو قيّده بعدد تعيّن ، ويتخيّر في التفريق والتتابع.

ولو وصفه بالتتابع وجب بخلاف التفريق ، ولو عيّن زمانه تعيّن.

ولو شرط التتابع في شهر معيّن لم يجب في قضائه ، ولو قيّده بمكان لم يتعيّن ولا يجب المبادرة ، وإن كانت أفضل.

ويشترط قبول الزمان له وإمكانه ، فلو نذر اللّيل ، أو العيدين ، أو أيّام التشريق ، وهو بمنى ، أو يوم قدوم زيد لم ينعقد وإن قدم قبل الزوال.

ولو نذره دائما صام ما بعده ، ويسقط ما يقع في رمضان ، ولا يجب قضاؤه ، ولو اتّفق يوم عيد أفطره ولا قضاء.

ولو وجب عليه صوم متتابع صامه عن النذر ، ولا ينقطع التتابع ، سواء تقدّم النذر أو لا ، وكذا لو نذر كلّ جمعة.

ولو نذر صوم شهر وجب ثلاثون أو عدّة بين هلالين ، ويتخيّر في التتابع والتفريق.

ولو صام شوّالا أتمّه بيوم ، ولو كان ناقصا أتمّه بيومين.

ولو صام ذي الحجّة وهو بمنى أتمّه بأربعة ، ولو كان ناقصا أتمّه بخمسة.

ولو وصفه بالتتابع توخّى ما يحصل فيه ويحصل بصوم خمسة عشر ، فلا يصوم ذا الحجّة.

ص: 266

ولو نذر صوم شهرين متتابعين حصل التتابع بمجاوزة النصف ، ولا يكفي مجاوزة النصف إلّا في الشهر والشهرين ، وطرّده الشيخ في السّنة. (1)

ولو نذر صوم سنة لزمه صوم اثني عشر شهرا كاملة ، ولو ابتدأ بسنة صام عن شهر رمضان والعيدين وأيام « التشريق » ولا يلزمه التتابع ، ولو شرطه وجب ، ولا ينقطع ب- « رمضان » والعيدين ، والحيض ، والمرض ، ولو أخلّ به استأنف ، ولا كفّارة.

ولو عيّنها لم يدخل العيدان وأيّام التشريق بمنى ، ويدخل رمضان ، فيجب بإفطاره عمدا قضاء واحد وكفّارتان ، ولو أفطر في أثنائها لعذر بنى وقضاه ولا كفّارة ، ولو كان لغير عذر بنى وقضى وكفّر ، وكذا لو شرط التتابع.

ولو نذر صوم الدّهر دخل رمضان دون العيدين وأيّام التشريق بمنى ، ولو نوى دخولهما بطل النذر.

ويفطر المسافر والحائض والمريض ولا قضاء ، ولو سافر في رمضان أفطر وقضاه.

ولو نذره سفرا وحضرا لم يدخل رمضان وقضاؤه ، فيفطره في السّفر ويقضيه.

ويجوز تعجيل القضاء ، ولا يجوز له الإفطار فيه ، فإن أفطر قبل الزوال لزمه كفّارة النذر ، وكذا بعده على توقّف.

ص: 267


1- نقله فخر المحقّقين عن الشيخ وكذا الشهيد في الدروس ، ولم نعثر عليه في كتب الشيخ. لاحظ الإيضاح: 56/4 ؛ والدروس: 156/2.

ولو نذر أن يصوم زمانا صام خمسة أشهر ، (1) وحينا ستّة أشهر ، ولو نوى به غير ذلك لزمه.

الثالث : الحجّ ، (2) لو نذر حجّة الإسلام في عام الاستطاعة صحّ ، ولو نذرها في غيره لم يصحّ ، ولو نذر الحجّ تخيّر في أنواعه إلّا أن يعيّن أحدها ، ولا يجزئ حجّ النيابة (3) إلّا أن يقصده.

ولو نذر أن يحجّ ولا مال له فحجّ عن غيره ، أجزأ عن المنوب خاصّة ، ولو قيّده بوقت وجنب الفور وإلّا فلا.

ولو عيّنه بعام فتعذّر بمرض أو صدّ سقط ولا قضاء.

ولو فاته قبل الإحرام لم يجب لقاء البيت ، وبعده يتحلّل بعمرة.

ولو نذر إن رزق ولدا ، حجّ به أو عنه فمات حجّ بالولد أو عنه من صلب التركة.

ولو نذر أن يمشي إلى بيت اللّه الحرام انصرف إلى مسجد مكّة ، وكذا لو قال : إلى بيت اللّه. ويجب النسك حيث لا يجوز الدخول بغير إحرام.

ولو قال : إلى بيت اللّه لا حاجّا ولا معتمرا بطل النذر.

ولو قال : أن أمشي إلى الميقات ، أو مكّة ، أو الصفا ، أو المروة ، أو منى ، أو المشعر ، أو عرفة ، لم ينعقد.

ص: 268


1- في « أ » : « خمسة عشر شهرا » وهو مصحّف.
2- في النسخ الّتي بأيدينا « النوع الثالث الحجّ » بزيادة « النوع » وكذا فيما يأتي من المباحث.
3- في « ب » و « ج » : حجّة النيابة.

ولو نذر المشي فإن قصد موضعا راجحا دينا أو دينا أو دنيا انعقد وإلّا فلا.

الرابع : الهدي ، لو نذره وأطلق انصرف إلى مكّة ، ولو نوى منى لزم ، ولو نوى غيرهما لم ينعقد.

ولو نذر أن يهدي عبدا أو أمة أو دابّة إلى بيت اللّه أو مشهد معيّن ، بيع وصرف في مصالحه ومعونة الحاج والزائرين.

ولو نذر أن يهدي غير ذلك قيل : يباع ويصرف في مصالح البيت ، وقيل : يبطل (1).

وإطلاق الهدي ينصرف إلى النّعم ، ويجب ما يسمّى هديا ، ولا تجزئ البيضة والبدنة الأنثى من الإبل.

ولو نذر الأضحيّة وجب أقلّ ما يجزئ فيها ، ولو عيّنها زال ملكه عنها ، ولو تلفت بتفريط تصدّق بقيمتها ، ولو عابت ذبحها على ما بها ، ولو كان من قبله تصدّق بالأرش ، ولا يمنع النذر استحباب الأكل منها.

الخامس : لو نذر زيارة النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أو أحد الأئمّة عليهم السلام انعقد ، وكذا قبور الصّالحين ، ولو قيّده بوقت تعيّن ، فإن أخلّ به عامدا قضى وكفّر ، وناسيا يقضي خاصّة ، ولو أطلق توسّع ، ويجب مع الحضور التسليم دون الصلاة والدّعاء وإن استحبّا.

ص: 269


1- قال في الجواهر : 35 / 426 : ولو نذر أن يهدي إلى بيت اللّه سبحانه غير النعم قيل : يبطل النذر كما في محكيّ السرائر والجامع والإصباح وغيرها ، وفي كشف اللثام : هو اختيار الحسن والقاضي وأبي علي ، لاختصاص مشروعية الهدي بالنعم ، فلا يتعلّق النذر بغيره. وقيل: كما عن المبسوط يباع ذلك ويصرف في مصالح البيت، وعن الفاضل اختياره في المختلف، لأنه قربة وطاعة ولو لاندراجه في الصدقات ونحوها لافي اسم الهدي.

السادس : العتق ، إذا نذر عتق رقبة أجزأه مسمّاها ، صغيرة أو كبيرة ، ذكرا أو أنثى ، صحيحا أو معيبا إلّا أن يوجب العتق (1).

ولو عيّن مسلما وجب ، ولو عيّن كافرا مطلقا بطل ، وفي المعيّن خلاف.

ولو نذر عتق كلّ عبد قديم أعتق من له في ملكه ستّة أشهر.

ولو نذر أن لا يبيع مملوكا لزم ، ولو اضطرّ جاز.

السابع : الصدقة ، إذا أطلق لزم مسمّاها ، ولا تجزئ الكلمة الطيّبة ، ولا تعليم العلم ، نعم يجزئ إبراء الغريم ، ولو عيّن الجنس أو القدر تعيّن ، ولا تجزئ القيمة.

ولو قال : بمال كثير كان ثمانين درهما ، ولو قيّده بنوع فثمانون من ذلك النوع.

ولو قال : بمال جليل أو عظيم أو خطير ، فسّره بما شاء ، ولو مات فسّره الوليّ.

ولو عيّن المدفوع إليه تعيّن وإن كان غنيّا ، ولا يملك إبراء الناذر ، (2) ولو امتنع بطل النذر.

ويتعيّن الزمان بالتعيين ، فلو خالف كفّر ، ويتعيّن المكان.

ويجب صرفه في أهله ومن حضره ، فإن خالف أعاده ، ولا كفّارة إلّا أن

ص: 270


1- كذا في النسخ الّتي بأيدينا ، ولعلّ الصحيح « أن يوجب القيد » بقرينة قول الشهيد في الدروس حيث قال : « ولو قيّدها بقيد وجب » الدروس : 2 / 156.
2- قال العلّامة في القواعد : 3 / 295 : ولو نذر الصّدقة فأبرأ غريما مستحقّا بنيّة التصدّق أجزأ.

يكون المال معيّنا ، وكذا لو تصدّق على أهله في غيره.

ويجزئ احتساب الدين عن الصدقة ، ولو جعل المال صدقة خرج عن ملكه على الأقوى ، فيتصدّق بالنماء.

ولو نذر الصدقة بجميع ماله لزم ، وله أن يقوّمه ويتصدّق بشي ء فشي ء حتّى ينفد.

وسبيل اللّه وسبيل الخير وسبيل الثواب كلّ قربة.

ولو عيّن مصرف الزكاة أو الخمس تعيّن إلّا أن ينافي التعجيل.

ص: 271

[ المطلب الثاني : في العهد ]

وأمّا العهد ، فصورة المشروط : عاهدت اللّه أو عليّ عهد اللّه أنّه متى كان كذا فعليّ كذا.

وصورة التبرّع : عاهدت اللّه أو عليّ عهد اللّه أن أفعل كذا.

ومتعلّقه كمتعلّق النذر ، وكذا شروطه وأحكامه.

ولا ينعقد بالنّية. (1)

ص: 272


1- قال العلّامة في القواعد : 3 / 295 : ولا ينعقد إلّا باللّفظ على رأي.

كتاب الكفّارات

اشارة

وفيه مقصدان

ص: 273

ص: 274

[ المقصد ] الأوّل : في أقسامها

وهي مرتّبة ، ومخيّرة ، وما فيه الأمران ، وكفّارة الجمع ، وغير ذلك.

أمّا الأولى : فكفّارة الظهار ، وقتل الخطأ ، ويجب فيهما العتق ، ثمّ صيام شهرين متتابعين ، ثمّ إطعام ستّين مسكينا ، وكفّارة من أفطر يوما من قضاء رمضان بعد الزوال ، ويجب إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام متتابعات.

وأمّا الثانية : فكفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان مع وجوبه ، وخلف النذر مطلقا ، والعهد ، وجزّ المرأة شعرها في مصاب الموت على الأقوى ، ولا فرق بين الكلّ والبعض ، ولا يلحق به الحلق والإحراق ، ولا الجزّ في غير المصاب ، ويجب فيها عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكينا.

وأمّا الثالثة : فكفّارة اليمين والإيلاء ، ونتف المرأة شعرها في المصاب وإن كان بعضه ، وكذا خدش وجهها دون غيره من بدنها ، وكفّارة شقّ الرّجل ثوبه في موت ولده أو زوجته خاصّة.

فلا كفّارة على المرأة ولا على الرّجل في الشقّ على الأب والأخ

ص: 275

وغيرهما ، ويجب فيها (1) عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

وأمّا الرابعة : فكفّارة قتل المؤمن عمدا ظلما ، وإفطار يوم من شهر رمضان على محرّم عمدا.

وأمّا الخامسة : فمن حلف بالبراءة من اللّه أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم السلام فعليه إطعام عشرة مساكين ، ويستغفر اللّه ، وقيل : كفّارة ظهار ، فإن عجز فكفّارة يمين ، (2) وقيل : يأثم ولا كفّارة. (3)

ومن تزوّج امرأة في عدّتها عالما ، فارقها فكفّر بخمسة أصواع من دقيق.

قيل : ومن نذر صوم يوم فعجز عنه أطعم مسكينا مدّين فإن عجز عنه تصدّق بما استطاع فإن عجز استغفر اللّه تعالى. (4)

ومن نام عن العشاء حتّى انتصف الليل ، قضى وأصبح صائما.

ولا يلحق بالعشاء غيرها ، ولا بالنائم الناسي والعامد والسكران ، والوجه الاستحباب ، وكذا كفّارة وطء الحائض.

ولو ضرب مملوكه فوق الحدّ كفّر بعتقه.

ص: 276


1- في « ب » و « ج » : فيهما.
2- ذهب إليه الشيخ في النهاية : 570 - باب الكفّارات -.
3- وهو خيرة ابن إدريس في السرائر : 3 / 40.
4- ذهب إليه الشيخ في النهاية : 570 - 571.

المقصد الثاني : في خصالها

اشارة

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] العتق

اشارة

ويتعيّن في المرتّبة على مالك الرقبة ، أو ثمنها مع إمكان الابتياع.

ولاتباع داره ولا ثيابه إلّا أن يفضل أحدهما عن حاجته ، ولا يجب بيع شي ء من ذلك والاستبدال ببعض الثمن ، ولا يكلّف المرتفع عن مباشرة الخدمة بعتق خادمه ، ولا يجب ابتياع نسيئة إلّا أن يكون له وفاء ، ولا قبول هبة الرقبة أو ثمنها.

وتباع ضيعته وعقاره وإن صار مسكينا.

والمديون المستوعب معسر ، ولو يكلّف العتق أجزأ إلّا مع مطالبة الديان.

ولو فقد الرقبة فإن تضرّر بالصّبر كالمظاهر انتقل إلى الصوم وإلّا فلا.

والقدرة معتبرة عند العتق ، فلو عجز بعد اليسر صام ولم يستقرّ العتق ، ولو أيسر بعد العجز أعتق ولم يستقر الصّوم.

ولو شرع في الصّوم ثمّ وجد الرقبة استحبّ العتق.

ولو شرع في الإطعام ثمّ تمكّن من الصّيام استحبّ الصّوم.

ويعتبر في العتق أمران :

ص: 277

[ الأمر ] الأوّل : في أوصاف الرقبة وهي خمسة :

الأوّل : الإيمان ، والمراد به الإسلام ، ويعتبر في القتل إجماعا وفي غيره على الأقوى ، ولا عبرة بإسلام المراهق ، نعم يفرق بينه وبين أبويه.

ويجزئ ولد الزنا ، والكبير الفاني ، والمريض مع استقرار الحياة ، والطّفل مع إسلام أحد أبويه ، ولا يشترط بلوغه الحنث (1) وإن كانت كفّارة القتل ، ولا يجزئ الحمل ولا من سباه المسلم.

الثاني : السلامة من عيب يوجب العتق ، كالعمى ، والإقعاد ، والجذام ، والتنكيل من المولى ، لا من الصّمم والخرس والخصاء ، والجنون ، ويجزئ مقطوع اليد أو الرّجل ومقطوع اليدين لا مقطوع الرّجلين.

الثالث : الملك أو حكمه ، فلو تبرّع عنه متبرّع لم يجز ولم يصحّ العتق ، ولو تبرّع عنه الوارث أجزأ على قول.

ولو أعتق عنه بمسألته أجزأ ولم يلزمه العوض إلّا ، أن يشترطه ، ويحصل

ص: 278


1- قال الجوهري : الحنث : الإثم والذّنب ، وبلغ الغلام الحنث أي المعصية والطاعة. الصحاح : 1 / 280. وفي مجمع البحرين: غلام لم يدرك الحنث أي لم يجرِ عليه القلم. وقد اشترط في بعض الروايات بلوغه الحنثَ في كفّارة القتل، لاحظ الوسائل: 15 / 556 _ 557، الباب 7 من أبواب الكفّارات، الحديث 6. ولم يعمل المصنف بالرواية ولذلك أفتى بعدم الاشتراط .

الملك الضّمني (1) بالشّروع في الإعتاق ، ثمّ يعتق بالباقي ، وقيل : بتمام الإعتاق ثمّ يعتق (2) وقيل : بالأمر. (3)

ولو قال له : كل هذا الطعام ، قيل : يملك بالأخذ ، فله إطعام غيره ، وقيل : بالوضع في الفم ، وقيل : بالمضغ وقيل بالازدراد (4) ، والحقّ أنّه يفيد إباحة التناول لا الملك.

الرابع : تمام الملك ، فلا يجزئ الموقوف والمرهون إلّا أن يجيز المرتهن ، ولا الجاني عمدا إلّا أن يأذن الوليّ ، ولا الجاني خطأ إلّا أن يفديه المولى ، ولا المكاتب المطلق المؤدّي.

ويجزئ غير المؤدّي والمشروط والمدبّر وإن لم ينقض تدبيره ، والموصى بخدمته أبدا ، وأمّ الولد ، والآبق ، والمغصوب.

ولا يجزئ من نذر عتقه أو الصدقة به وإن لم يحصل شرط النذر ، ولو اعتق نصف عبده [ عن الكفّارة ] نفذ في الجميع وأجزأه ولو أعتق شقصه فإن كان موسرا سرى وأجزأ إن قلنا إنّه يعتق بالإعتاق وإلّا فلا ، وإن كان معسرا عتق نصيبه ولم يجزئ إلّا أن ينتقل إليه فيعتقه.

ولو أعتق شقصين من عبدين له عتقا وأجزأه ، ولو كانا مشتركين لم يجزئ.

ص: 279


1- في « ب » و « ج » : « الملك الضمين » ولعلّه مصحّف ، قال الشهيد في الدروس : 2 / 184 : وفي وقت الملك الضمني هنا تردّد ، هل هو بالشروع في الإعتاق ، أو بتمام الإعتاق بملكه آنا ثمّ يعتق ، أو يتبيّن بالإعتاق أنّه ملكه بالأمر؟ ومثار هذه قول النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لا عتق إلّا فيما يملك ».
2- ذهب إليه العلّامة في التحرير : 4 / 381 برقم 5976.
3- لاحظ في تفصيل الأقوال المسالك : 10 / 58 - 60.
4- لاحظ المبسوط : 5 / 165 ؛ والتحرير : 4 / 381.

الخامس : عدم استحقاق العتق ، فلو اشترى أباه ونوى العتق عن الكفّارة لم يجزئ ، وكذا لا يجزئ من شرط عتقه عن البائع ، ويجزئ لو كان عن المشتري.

[ الأمر ] الثاني : [ في ] شرائط العتق

وهي أربعة :

الأوّل : النيّة ويعتبر فيها الوجوب والقربة ، فلا يصحّ من الكافر والمرتدّ مطلقا ، والتعيين إن اختلف الحكم كالمخيّرة والمرتّبة ، وإن اتّحد لم يجب ، سواء اختلف المسبّب كالظهار والقتل ، أو اتّحد كظهارين ، وحينئذ (1) لو كان عليه كفّارة الظهار وكفّارة يوم من رمضان فأعتق ونوى عن أحدهما لم يجزئ ، ولو كان عليه ظهاران أو ظهار وقتل أجزأ.

ولو كان عليه ثلاث كفّارات متساوية فأعتق ونوى التكفير ، ثمّ عجز فصام شهرين ونوى التكفير ، ثمّ عجز فأطعم ستّين مسكينا كذلك برئ من الثلاث.

ولو كان عليه كفّارة وشكّ في أنّها عن قتل أو ظهار ، أو عن ظهار أو عن يوم من رمضان ، فاعتق ونوى التكفير أجزأ.

ولو كان الشك بين نذر وظهار لم يجزئ ، ولو نوى براءة ذمّته أجزأ ، ولو نوى العتق أو نوى الوجوب لم يجزئ.

ولو كان عليه كفّارتان فأعتق نصف أحد عبيده عن إحداهما ونصف الآخر عن الأخرى سرى وأجزأ.

ص: 280


1- في « ب » و « ج » : فحينئذ.

الثاني : تجرّده عن العوض ، فلو قال : أنت حرّ وعليك كذا ، لم يجزئ ، ولا يقع العتق.

ولو قال له : أعتق مملوكك عن كفّارتك وعليّ كذا فأعتقه ، ففي وقوع العتق قولان ، فإن قلنا به وجب العوض ، ولا يجزئ عن الكفّارة.

الثالث : تجرّده عن سبب موجب للعتق ، فلو نكّل به ونوى التكفير عتق ولم يجزئ [ عن الكفّارة ].

الرابع : تنجيز العتق ، فلا يجزئ التدبير وإن نوى به التكفير ، وكذا الاستيلاد.

المطلب الثاني : [ في ] الصّيام

يجب على الحرّ في الظهار أو القتل خطأ صوم شهرين متتابعين ، وعلى المملوك صوم شهر متتابع ، ولو أعتق قبل التلبس كان كالحرّ.

والشهر عدّة بين هلالين أو ثلاثون يوما ، ولا تجب نيّة التتابع.

ويحصل بصوم شهر ومن الثاني ولو يوما ، وفي الشهر يصوم خمسة عشر يوما ، ولا يأثم بتفريق الباقي.

ولا يقطعه العذر كالسّفر الواجب ، أو الضروري ، أو الحيض ، أو النفاس ، أو المرض ، أو الجنون ، أو الإغماء.

وخوف الحامل أو المرضع على أنفسهما أو على الولد عذر ، وكذا الإكراه على الإفطار ، سواء ضرب أو توعّد حتى أفطر ، أو وجر الماء في حلقه.

ص: 281

وينقطع التتابع بصوم رمضان وقضائه لا بصوم الجمع المنذورة دائما.

ولو نذر جمع سنة صبر حتّى تخرج إلّا مع الضرر.

وينقطع بوطء المظاهر ليلا وتجب كفّارة أخرى.

ولو تضرّر بترك الجماع انتقل إلى الإطعام.

ولو تضرّر بطول زمان الإطعام احتمل إباحة الوطء بالاستغفار.

المطلب الثالث : [ في ] الإطعام

وإذا عجز في المرتّبة عن الصّوم وجب إطعام ستّين مسكينا ، لكلّ واحد مدّ ممّا يسمّى طعاما ، كالحنطة ، والشعير ، ودقيقهما ، وخبزهما.

ويستحبّ الأدم (1) وأعلاه اللحم ، وأوسطه الخلّ ، وأدناه الملح.

ويجزئ الإطعام دفعة ، والتسليم مجتمعين ومتفرّقين ، ولا يجزئ دون العدد وإن أعطاهم القدر ، فإن تعذّر العدد جاز التكرار ، ويجوز التكرار من الكفّارات المتعدّدة.

ولا يجزئ إطعام الصغار منفردين ويجوز منضمّين ، ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد ، ولا يجزئ المريض ، ويجب التسليم إلى وليّ الطّفل ، ولا يفتقر إلى إذنه في الإطعام ، ولا تجزئ القيمة.

ص: 282


1- في لسان العرب : 12 / 9 ، مادة « أدم ». الإدام بالكسر والأدم بالضم ما يؤكل بالخبز أيّ شي ء كان.

ويجوز صرفها إلى قريبه الواجب النفقة مع فقره ، وإلى مكاتبه المعسر ، وإلى زوج المرأة.

والمستحقّ من لا يملك مئونة السنة ، ويعطى الفقير لأنّه أسوأ حالا.

ويشترط الإيمان لا العدالة ، ولو بان أنّه غير مستحقّ استردّ ، فإن تعذّر أجزأ.

المطلب الرابع : [ في ] الكسوة

اشارة

ويجب ثوبان مع القدرة وثوب لا معها ، سواء الذكر والأنثى والأطفال وإن انفردوا ، ولا يجب التضعيف. (1)

والثوب اسم للازار ، والقميص ، والقباء ، والسّروال ، دون القلنسوة ، والنعل ، والمنطقة ، والدّرع ويجزئ الغسيل [ من الثياب ] دون البالي والمرقّع.

ولا يجزئ ثوب الصّغير للكبير ويشترط اعتياد لبسه كالقطن والكتّان والصوف والخزّ.

ويجزئ الحرير للنّساء لا للرّجال.

ص: 283


1- خلافا للطعام حيث يحتسب الاثنان من الصغار كواحد ، دون الكسوة.
خاتمة

لا يجوز التكفير قبل موجبه ، ولا بجنسين (1) وإن كانت مخيّرة ، ولا يجزئ دفع القيمة.

والعبد يكفّر بالصّوم ولا يجزئه غيره وإن أذن مولاه ، وكذا لو أعتق عنه إلّا أن نقول : إنّه يملك إذا ملّكه مولاه.

ومن مات وعليه كفّارة وجب في المرتّبة أولى فرضه (2) وفي المخيّرة أدنى الخصال إلّا أن يتطوّع الوارث بالأرغب.

ولو أوصى بالأزيد ولم يجز الوارث فالزائد من الثلث ، فلو لم يف بالعليا أجزأت الدّنيا ، والفاضل ميراث.

ومن وجب عليه شهران متتابعان فعجز ، صام ثمانية عشر يوما ، فإن عجز تصدّق عن كلّ يوم من الثمانية عشر بمدّ من الطعام ، فإن عجز استغفر اللّه تعالى ولا شي ء عليه.

ص: 284


1- في « ب » و « ج » : « ولا يجزئ بجنسين » والصحيح ما في المتن ، قال العلّامة في القواعد : 3 / 306 : ولا يجوز أن يكفّر بجنسين في كفّارة واحدة وإن كان مخيّرا كأن يطعم خمسة ويكسو خمسة.
2- في « أ » : « أدنى فرضه » وفي الدروس : 2 / 189 : ففي المخيّرة أدنى الخصال إلّا أن يتطوّع الوارث بالأرغب ، وفي المرتّبة أدنى المرتبة الّتي هي فرضه.

القسم الرابع

في الأحكام

وفيه كتب :

الأوّل

كتاب المواريث

اشارة

والنظر في أمور:

ص: 285

ص: 286

[ الأمر ] الأوّل : في المقدّمات

اشارة

وهي خمس :

[ المقدمة ] الأولى : في موجبه

اشارة

وهو نسب وسبب ، أمّا النسب فعموده الآباء وإن علوا والأولاد وإن نزلوا ، وله حاشيتان :

إحداهما : أولاد الأبوين وهم الإخوة والأخوات.

وثانيتهما : أولاد آبائهما وهم الأعمام والأخوال.

ومراتبه ثلاثة :

الأولى : الأبوان والأولاد وإن نزلوا.

الثانية : الإخوة والأخوات وإن نزلوا ، والأجداد والجدّات وإن علوا.

الثالثة : الأعمام والعمّات والأخوال والخالات وإن علوا ، وأولادهم وإن نزلوا.

ولا ترث المرتبة اللاحقة مع السابقة ، ولو اشتملت المرتبة على طبقات فالأقرب يمنع الأبعد.

ثمّ الورثة منهم من يرث بالفرض ، وهو الأمّ من الأنساب وكلالتها إلّا

ص: 287

على الردّ ، والزّوج والزوجة من الأسباب إلّا على الرّد.

ومنهم من يرث بالفرض تارة وبالقرابة أخرى ، وهم الأب والبنت والبنات والأخت والأخوات للأب ، فيرث الأب مع الأولاد بالفرض ولا معهم بالقرابة ، والبنت والبنات مع البنين بالقرابة ولا معهم بالفرض ، والأخت والأخوات مع الإخوة بالقرابة ولا معهم بالفرض.

ومنهم من يرث بالقرابة لا غير وهم الباقون.

وأمّا السبب فهو زوجيّة وولاء ، والولاء ثلاث مراتب : ولاء العتق ، ثمّ ولاء تضمّن الجريرة ، ثمّ ولاء الامامة.

قاعدة

إذا كان الوارث ذا فرض أخذ فرضه ، ويردّ عليه الباقي إلّا الزوجة ، فإنّ الفاضل للإمام ، وإن كان معه مساو ذو فرض فإن كان التركة بقدر السّهام أخذ كلّ واحد فرضه ، كأبوين وبنتين ، وإن فضلت فلا تعصيب ، بل يردّ الفاضل عليهم بنسبة السّهام ، كأبوين مع بنت إلّا أن تنقص وصلة أحدهما أو يحجب ، وإلّا الزوجين فانّه لا يردّ عليهما ، وإلّا كلالة الأمّ مع كلالة الأب ، فإنّه لا يردّ على كلالة الأمّ على الأصحّ.

وإن كان معه مساو لا فرض له ، فالفاضل له ، كأبوين أو أحدهما مع ابن وإن نقصت ، وذلك بسبب الزوج أو الزوجة ، فلا عول بل يدخل النقص على البنت أو البنات ، أو الأخت أو الأخوات للأبوين أو للأب دون المتقرّب بالأمّ ، كزوج وأبوين وبنت أو بنتين ، وكزوج وأخت ، أو أختين مع أخت لأمّ.

ص: 288

وإن كان الوارث لا فرض له ، فالمال له ، واحدا كان أو أكثر إن اتّفقت الوصلة ، وإلّا فلكلّ نصيب من يتقرّب به ، كالأعمام لهم نصيب الأب ، والأخوال لهم نصيب الأمّ.

المقدّمة الثانية : في موانع الإرث

وهي ثلاثة :

الأوّل : الكفر ، وهو اعتقاد ما يخرج عن الإسلام ، أو إنكار ما علم من الدّين ضرورة ، ولا فرق بين الحربيّ ، والذّميّ ، والمرتدّ ، والخوارج ، والغلاة ، فلا يرث الكافر مسلما وإن قرب ، ويرثه المسلم وإن بعد.

ولا يرث الكافر مثله مع وارث مسلم حتّى ضامن الجريرة ، فلو لم يخلّف المسلم مسلما ورثه الإمام ، ولو لم يخلّف الكافر مسلما ورثه الكفّار.

والمرتدّ لا يرثه الكافر بل المسلم ، فإن فقد ورثه الإمام ، ولا يمنع الكافر من يتقرّب به.

ولو أسلم على ميراث قبل قسمته اختصّ إن كان أولى ، وشارك إن ساوى ، وكذا لو قسم البعض أو خلّف ما لا ينقسم ، وإسلامه كاشف عن استحقاقه بالموت ، فيشارك في النماء المتجدّد بعده.

ولو أسلم بعد القسمة أو كان الوارث واحدا فلا إرث ، ولا ينزّل الإمام منزلة الوارث الواحد فيرث دون الإمام.

ص: 289

ولو كان الوارث زوجا أو زوجة شارك مع الزوجة دون الزوج.

ولو ادّعى تقدّم الإسلام على القسمة قدّم قول الوارث مع اليمين ، ولو صدّقه أحدهم نفذ في نصيبه ، وتقبل شهادته مع غيره إن كان عدلا لا مع اليمين.

وحكم الطفل حكم أبويه في الإسلام ، فإن كان أحدهما مسلما حكم بإسلامه ، ويتبعه لو أسلم (1) ثمّ إن بلغ فامتنع من الإسلام قهر عليه ، وإن أصرّ فهو مرتدّ.

وروى في نصراني مات عن زوجة وأطفال وابن أخ وابن أخت مسلمين : أن يقتسما المال أثلاثا ، وينفقا على الأطفال بالنسبة ، فإذا بلغ الأطفال مسلمين ، أخذوا باقي التركة ، وإلّا استقرّ الإرث (2).

وعليها أكثر الأصحاب ، فإن عملنا بها فلا يتعدّى.

ويتوارث المسلمون وإن اختلفت آراؤهم والكفّار وإن اختلفوا في النّحل. (3)

والمرتدّ إن كان عن فطرة قسّمت تركته ، وقتل ، وبانت زوجته ، وتعتدّ عدّة الوفاة وإن لم يقتل ، ولا يستتاب ، فإن تاب قبل منه ، ولم تسقط الأحكام ، ويحكم بطهارته وصحّة تصرّفاته ونكاحه وتملّكه و [ يحكم ] بموته مسلما.

وإن كان عن غير فطرة استتيب فإن تاب وإلّا قتل ، ولا تقسّم تركته حتّى

ص: 290


1- في « أ » : إن أسلم.
2- لاحظ الوسائل : 17 / 379 ، الباب 2 من أبواب موانع الإرث ، الحديث 1.
3- قال الشهيد في الدروس : 2 / 346 : ويتوارث الكفّار وإن اختلفوا في الملل والمسلمون وإن اختلفوا في النّحل ما لم يؤدّ إلى الكفر.

يقتل أو يموت ، وتعتدّ زوجته عدّة الوفاة وعدّة الطلاق مع الحياة.

والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتّى تتوب ولو كانت عن فطرة.

الثاني : القتل ، ويمنع القاتل عن الإرث إذا كان عمدا ظلما ، وفي الخطأ يمنع من الدية ، وشبيه العمد كالعمد ، والمشارك كالمنفرد ، والتسبيب كالمباشرة ، فلو قتل بحقّ أو بطّت جراحته فمات لم يمنع.

ولو ضربه تأديبا فمات فإن أسرف منع وإلّا فلا ، ولا يمنع المتقرّب بالقاتل.

ولو لم يكن غير القاتل ورثه الإمام ، وله القود.

والدية دون العفو والدية كأموال الميّت تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه ، سواء الخطأ والعمد إذا أخذت صلحا ، وليس للديّان منعهم من القصاص وإن لم يخلّف شيئا.

ويرث الدية كلّ مناسب ومسابب ، إلّا المتقرّب بالأمّ.

ولا يرث أحد الزوجين القصاص ، ويرثان من الدّية إذا رضي الوارث بها.

الثالث : الرقّ ، ويمنع في الوارث والموروث ، فلا يرث الرّقيق من قريبه ، سواء كان حرّا أو رقيقا ، مدبّرا كان أو مكاتبا ، مشروطا أو مطلقا لم يؤدّ ، أو أمّ ولد.

ولا يرث الرقّ وإن قلنا يملك بل ماله لمولاه.

ولو اجتمع حرّ ورقّ ورث الحرّ وإن بعد ومنع الرقّ وإن قرب ، ولا يمنع برقّه من يتقرّب به.

ص: 291

ولو لم يكن إلّا المملوك اشتراه الإمام بقيمته من التركة وأعتقه ، وأعطي باقي المال.

ولو امتنع أخذه الإمام قهرا وكفى دفع القيمة عن الشراء ، ولو قصرت عن قيمته فالميراث للإمام ، وكذا لو تعدّد الوارث وقصر نصيب كلّ وارث.

ولو قصر نصيب أحدهم فكّ من وفى نصيبه بقيمته ، وورث باقي المال ، سواء وفت التركة بقيمة الجميع أو لا ولو قصر نصيب القريب دون البعيد لم يفكّا.

ويفكّ كلّ وارث حتّى الزوج لا الزّوجة ، ولو ظهر الوارث بعد الشراء والعتق بطلا.

وإذا أعتق المملوك على ميراث قبل قسمته ، فإن كان أولى اختصّ به وإن ساوى شارك ، ولو أعتق بعدها أو كان الوارث واحدا منع ، ولو أعتق بعد قسمة البعض لم يمنع.

ولو كان بعضه حرّا ورث بقدر الحرّية ومنع بقدر الرقيّة ، فإن ورث بالفرض أعطي من فرضه بقدر ما فيه من الحرية ، فلو خلّف بنتا نصفها حرّ ، فلها النصف بالفرض والردّ ، والباقي للإمام.

ولو كان معها أمّ حرّة فلها ربع وثمن ، والباقي للإمام.

وإن ورث بالقرابة أعطي بقدر ما فيه من الحرّية ، فلو خلّف ابنا نصفه حرّ ، فله النّصف والباقي للإمام ، ولو خلّف اثنين نصفهما حرّ ، فلهما النّصف والباقي للإمام.

ولا يمنع بجزئه الحرّ من بعد ، فلو خلّف ابنا نصفه حرّ وابن ابن حرّا

ص: 292

فالمال بينهما بالسويّة ، ولو كان نصفه حرّا فله الرّبع ، والباقي للإمام.

ولو خلّف ابنا نصفه حرّ مع أخ حرّ فالمال لهما ، ولو كان نصفه حرّا فله الربع ، والباقي للإمام.

وللمنع أسباب أخر :

الأوّل : اللّعان ، ويقطع التوارث بين الزّوجين وبين الولد وأبيه ، إلّا أن يعترف به الأب ، فيرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من يتقرّب به.

الثاني : الغيبة المنقطعة تمنع من الإرث حتّى يعلم موته بالبينة ، أو بمضيّ مدّة لا يعيش مثله إليها عادة ، فيرثه الموجود وقت الحكم بموته ، ولو مات قريبه عزل نصيبه وكان كحكم ماله. (1)

الثالث : الحمل ، ويمنع الورثة من القسمة إن حجبوا به حتّى يبين حاله ، وإلّا أعطي من لا ينقصه الحمل جميع نصيبه ومن ينقصه أقلّ مراتبه ، ووقف الباقي.

الرابع : الدين المستوعب للتركة يمنع من الإرث ، وقيل : تنتقل إلى الوارث ، ويتعلّق بها الدين تعلّق الرهن. (2)

فعلى الأوّل يصرف النّماء في الدين ، وعلى الثاني هو للوارث ، ولو لم يستوعب انتقل إلى الوارث ما فضل ، والباقي على حكم مال الميت (3) ويكون جميع التركة كالرّهن.

ص: 293


1- في « ب » و « ج » : بحكم ماله.
2- ذهب إليه العلّامة في القواعد : 3 / 354.
3- في « أ » : ولو لم يستوعب انتقل للوارث ما فضل والباقي في حكم مال الميّت.

المقدّمة الثالثة : في الحجب

وهو قد يكون عن أصل الإرث ، فضابطه القرب ، فلا يرث أبعد مع أقرب ، وقد يكون عن بعض الإرث ، وهو في موضعين :

الأوّل : الولد مطلقا وإن نزل يمنع الزوجين من النصيب الأعلى ، ويحجب الذّكر الأبوين أو أحدهما عما زاد عن السدس ، ولا يحجبهما البنت ولا البنات.

الثاني : الإخوة يمنعون الأمّ عمّا زاد عن السدس (1) بشروط خمسة :

الأوّل : وجود الأب.

الثاني : كونهم أخوين ، أو أخ وأختين ، أو أربع أخوات ، والخنثى كالمرأة.

الثالث : كونهم للأبوين أو للأب ، فلا تحجب كلالة الأمّ.

الرابع : انفصالهم ، فلا يحجب الحمل.

الخامس : انتفاء الكفر والقتل والرقّ ، ولا يحجب أولاد الإخوة.

ص: 294


1- في « ب » و « ج » : على السدس.

المقدّمة الرابعة : في معرفة السّهام

وهي في كتاب اللّه ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسّدس.

فالنصف للبنت والأخت للأبوين أو للأب ، وللزوج مع عدم الولد وإن نزل.

والرّبع للزوج مع الولد وإن نزل ، وللزوجة مع عدمه.

والثمن لها معه وإن نزل.

والثلثان للبنتين فصاعدا ، وللأختين فصاعدا للأبوين أو للأب.

والثلث للأمّ مع عدم الحاجب من الولد والإخوة : وللبنين فصاعدا من ولد الأم.

والسدس لكلّ واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل ، وللأمّ مع الحاجب ، وللواحد من ولد الأمّ.

ص: 295

المقدّمة الخامسة : في معرفة اجتماع السّهام

يجتمع النصف مع مثله ومع الرّبع والثمن والثلث والسّدس ، لا مع الثلثين ، لبطلان العول ، بل يدخل النّقص على الأختين.

ويجتمع الربع مع الثلثين والثلث والسدس.

ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس.

ويجتمع الثلث مع الثلثين.

ولا يجتمع الرّبع مع الثمن ، ولا الثلث مع الثمن ، ولا الثلث مع السّدس تسمية بل بالقرابة كأبوين وزوج.

ص: 296

الأمر الثاني : في التوريث بالنسب

اشارة

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : في ميراث الأبوين والأولاد

اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل :

للأب وحده المال وللأمّ وحدها الثلث ، ويردّ عليها الباقي ، ولو اجتمعا فللأمّ الثلث ومع الإخوة السدس ، والباقي للأب ، ولا شي ء للإخوة ، ولو كان معهما زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى ، وللأمّ ثلث الأصل ، ومع الإخوة السّدس ، والباقي للأب.

وللابن وحده المال ، ولو تعدد الابن تساووا فيه.

وللبنت وحدها النصف ويردّ عليها الباقي ، وللبنتين فصاعدا الثلثان ، ويردّ عليهنّ الباقي.

ولو اجتمع البنون والبنات فللذّكر مثل حظّ الأنثيين.

ص: 297

ولو كان مع الأبوين ابن فلهما السدسان والباقي له ، ولو كان معه أحدهما فله السدس ، والباقي للابن ، وكذا لو تعدّد الابن.

ولو كان معهما بنت فلهما السّدسان ، ولها النصف ، والباقي يردّ أخماسا ، ومع الحاجب أرباعا ، ولو كان زوج فله الرّبع ، وللأبوين السدسان ، وللبنت الباقي ، وللزوجة الثمن ، وللأبوين السدسان ، ويردّ الباقي أخماسا ، ومع الحجب أرباعا.

ولو كان معها أحد الأبوين فله السدس ، ولها النّصف ، ويردّ الباقي أرباعا.

ولو كان هناك زوج أو زوجة فلهما النّصيب الأدنى ، وللبنت النّصف ، ولأحد الأبوين السّدس ، والباقي يردّ أرباعا.

وللبنتين فصاعدا مع الأبوين الثلثان بالسوية ، ولهما السّدسان.

ولو كان هناك زوج أو زوجة فلكلّ منهما نصيبه الأدنى ، وللأبوين السدسان ، والباقي للبنتين.

ولأحد الأبوين مع البنتين السّدس ، ولهما الثلثان ، والباقي يردّ أخماسا.

ولو كان هناك زوج دخل النّقص على البنتين ، ولو كان زوجة ، ردّ الباقي على البنتين وأحد الأبوين أخماسا.

ولو اجتمع الأبوان والأولاد الذكور والإناث ، فلهما السدسان ، والباقي للذّكر مثل حظّ الأنثيين.

ولو كان معهم زوج أو زوجة فله نصيبه الأدنى ، وللأبوين السدسان ، والباقي يقسّمونه كذلك ، ولو كان أحد الأبوين فله السدس ، ولأحد الزوجين نصيبه الأدنى ، والباقي للأولاد كذلك.

ص: 298

البحث الثاني : في التوابع

وهي ثلاثة :

الأوّل : يرث أولاد الأولاد نصيب آبائهم مع عدمهم ، ولا يشترط عدم الأبوين ، ويرثون ويترتّبون الأقرب فالأقرب ، فلا يرث البطن الدنيا مع العليا ، فلو خلف بنت ابن وابن بنت فلبنت الابن الثلثان ، ولابن البنت الثلث ، ولو تعدّدوا اقتسم كلّ فريق نصيبه ، للذّكر ضعف الأنثى.

ولو كان معهم زوج أو زوجة وأبوان فلهما السدسان ، ولأحد الزوجين نصيبه الأدنى ، والباقي لأولاد الابن والبنت أثلاثا.

ولولد البنت النّصف ذكرا كان أو أنثى ، ويردّ عليه الباقي ، ولو اجتمع مع الأبوين يردّ الفاضل أخماسا ، ومع الإخوة أرباعا.

ولولد الابن جميع المال ذكرا كان أو أنثى ، ولو اجتمع مع ذوي الفروض كالأبوين أو أحد الزّوجين فله الفاضل.

الثاني : لا يرث الجدّ ولا الجدّة مع الأبوين ، بل يستحبّ لهما إطعام الجدّ والجدّة أو أحدهما السّدس إن زاد نصيبه عليه ، فلو خلّف أبويه وجدا وجدّة لأب وجدّا وجدّة لأمّ ، استحبّ للأب طعمة أبويه سدس الأصل بالسويّة ، وكذا للأمّ ، ولو وجد أحدهما فالطعمة له ، ولو زاد نصيب أحدهما خاصّة أطعم أبويه دون الآخر ، فلو خلّف أبويه وإخوة أطعم الأب ، ولو خلّفت أبويها وزوجا أطعمت الأمّ ، ولا طعمة للجدّ الأعلى ، ويستحبّ للأولاد طعمة الأجداد.

ص: 299

الثالث : يحبى الولد الأكبر الذكر من تركة أبيه بثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه ، بشرط أن لا يكون سفيها ، ولا فاسد الرأي (1) ولا صبيّا ، وأن يخلّف غير ذلك وإن قلّ ، وأن لا يوصي به.

ولو كان الأكبر أنثى أعطي أكبر الذكور.

ولو تعدّد الأكبر قسّم بينهم.

ويدخل في الثياب السروال دون العمامة ، والمنديل.

ولو تعدّد غير الثياب تخيّر الوارث في التخصيص.

والحباء واجب فلا تجزئ القيمة ، ولا تحسب قيمته من النصيب.

وعلى المحبى قضاء الصّلاة والصّوم.

المطلب الثاني : في ميراث الإخوة والأجداد

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : للأخ المنفرد من الأبوين المال ، وكذا للأخوين فصاعدا بينهم بالسوية ، وللأخت المنفردة النصف ، ويردّ عليها الباقي ، وللأختين فصاعدا الثلثان ، ويردّ عليهنّ الباقي ، ولو كانوا ذكورا وإناثا فللذّكر ضعف الأنثى ، ولا يرث المتقرّب بالأب مع المتقرّب بالأبوين ، ويقوم مقامهم مع عدمهم.

ص: 300


1- في « أ » : « فاسد العقل » وفي القواعد : 3 / 362 : « ولا فاسد المذهب ».

وللواحد المنفرد من الأمّ السّدس ، ويردّ عليه الباقي ، وللاثنين فصاعدا الثلث ويردّ الباقي عليهم بالسويّة.

ولو اجتمعت الكلالات [ الثلاث ] فللواحد من الأمّ السدس ، وللاثنين فصاعدا الثلث والباقي للمتقرّب بالأبوين وإن كان واحدا ، [ وتسقط كلالة الأب ] ، ولو كان [ المتقرّب بالأبوين ] أنثى فلها نصف الأصل ، ويردّ عليها الباقي دون المتقرّب بالأمّ.

ولو كان [ المتقرّب بالأبوين ] أختين فصاعدا ، فلهنّ الثلثان ، وإن بقي شي ء ردّ عليهنّ دون المتقرّب بالأمّ. (1)

وإن كانت الأخت للأب خاصّة مع كلالة الأمّ اختصّ الردّ بكلالة الأب على الأصحّ.

ولو كان زوج أو زوجة فله النصيب الأعلى ولكلالة الأمّ سدس الأصل أو الثلث ، والباقي للمتقرّب بالأبوين ومع عدمهم للمتقرّب بالأب.

المبحث الثاني : للجدّ المنفرد المال لأب كان أو لأمّ وكذا الجدّة.

ولو اجتمعوا فللمتقرّب بالأب الثلثان للذكر ضعف الأنثى ، وللمتقرّب بالأمّ الثلث بينهم بالسوية ، والأقرب يمنع الأبعد ، فلا يرث أب الجدّ مع الجدّ ، لأب كان أو لأمّ ، فإذا عدم الأقرب ورث الأبعد.

فلو خلّف جدّ أبيه وجدّته له ، وجدّه وجدّته لأمّه ، وجدّ أمّه ، وجدّتها لأبيها ، وجدّها وجدّتها لأمّها ، فلأجداد الأمّ الثلث بينهم بالسوية ، ولأجداد الأب

ص: 301


1- النسخ هنا مشوشة صحّحنا العبارة على القواعد والدروس ، لاحظ القواعد : 3 / 363 ، والدروس : 2 / 368.

الثلثان ثلثاهما لأبوي أب الأب بينهما أثلاثا ، وثلثهما لأبوي أمّ الأب كذلك ، ويقسم من مائة وثمانية.

ويمنع الأجداد آباءهم وأولادهم ، أعني : الأعمام والأخوال.

ولو اجتمع معهم زوج أو زوجة فلهما النصيب الأعلى ، وللجدّ أو الجدّة أو لهما للأمّ ثلث الأصل والباقي للجدّ أو الجدّة أو لهما للأب.

المبحث الثالث : الأجداد وإن علوا يشاركون الإخوة وأولادهم وإن نزلوا لكن الأقرب يمنع الأبعد ، فلو اجتمع مع الأجداد الإخوة وأولادهم شاركهم الإخوة خاصّة ، ولو عدم الإخوة شاركهم الأولاد.

ولو اجتمع مع الإخوة الأجداد الأعلون والأدنون شاركهم الأدنون خاصّة ، فإن عدموا شاركهم الأعلون.

المبحث الرابع : إذا اجتمع الإخوة والأجداد ، فالجدّ من الأب كالأخ من قبله ، والجدّة كالأخت ، والجدّ من الأمّ كالأخ من قبلها ، والجدّة كالأخت.

ولو اجتمعت الكلالات مع الأجداد المتفرقين فالثلث للأجداد والإخوة والأخوات من قبل الأمّ بالسوية ، والثلثان للأجداد والإخوة والأخوات من الأبوين ، للذّكر ضعف الأنثى ، ولا شي ء للإخوة والأخوات من الأب ، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.

المبحث الخامس : أولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم وأمّهاتهم عند عدمهم ، فيرث كلّ نصيب من يتقرّب به ، فلولد الأخ من الأبوين نصيب أبويه (1) ولولد الأخت النّصف ويردّ عليه الباقي ، ولأولاد الأختين فصاعدا

ص: 302


1- في « أ » : نصيب أبيه.

الثلثان ويردّ عليهم الباقي ، ويقتسمونه للذّكر ضعف الأنثى ، ولأولاد الأخ أو الأخت من الأمّ السدس بالسوية.

ولأولاد الاثنين فصاعدا الثلث (1) لكلّ طائفة نصيب من يتقرّب به بالسوية ، والباقي يردّ عليهم.

ولو اجتمعت الكلالات فلأولاد الواحد من الأمّ السّدس ، وللاثنين فصاعدا الثلث ، لكلّ نصيب من يتقرّب به ، ولأولاد كلالة الأبوين الثلثان ، لكلّ نصيب من يتقرّب به ، ويسقط المتقرّب بالأب ، ويقوم مقام المتقرّب بالأبوين عند عدمهم.

ولو كان زوج أو زوجة فله النصيب الأعلى ، ولمن يتقرّب بالأمّ سدس الأصل إن كان واحدا ، والثلث إن كان أكثر ، والباقي لأولاد من يتقرّب بالأبوين.

ولو حصل ردّ اختصّوا به ، ولو عدموا قام مقامهم أولاد كلالة الأب.

المطلب الثالث : في ميراث الأعمام والأخوال

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : للعمّ المنفرد المال ، وكذا للعمّين أو الأعمام بالسوية إن استوت الدرجة ، وكذا العمّة والعمّتان والعمّات.

ص: 303


1- في النسخ الّتي بأيدينا « ولأولاد الابنين » وصحّحنا العبارة على القواعد ، قال العلّامة : قال العلّامة : « ولو كانوا أولاد اثنين فصاعدا كان لهم الثلث لكل فريق منهم نصيب من يتقرّب به بالسويّة. قواعد الأحكام : 3 / 367.

ولو اجتمعوا فللذّكر مثل حظّ الأنثيين إن كانوا للأبوين أو للأب وإلّا تساووا.

ولو كانوا متفرّقين فللعمّ أو العمّة من الأمّ السّدس ، وللأكثر الثلث بينهم بالسوية ، والباقي للمتقرّب بالأبوين للذّكر ضعف الأنثى ، ويسقط المتقرّب بالأب ، ويقوم مقامهم عند عدمهم ، ويقتسمون كقسمتهم.

ولو خلّف عمّا أو عمّة لأمّ مع عمّة لأب فللمتقرّب بالأمّ السّدس والباقي للعمّة ، ولا ردّ هنا قطعا.

ولو كان معهم أحد الزوجين فله نصيبه الأعلى ويقسّم الباقي كما مرّ.

ولا يرث ابن العمّ مع العمّ إلّا في مسألة إجماعيّة وهي : ابن عمّ لأب وأمّ مع عمّ لأب بشرط بقاء الصورة ، فلو تبدّلت الذكورة بالأنوثة ، أو كان العمّ لأمّ أو للأبوين ، أو اجتمع معهما عمّ للأبوين أو لأمّ أو خال أو خالة أو زوج أو زوجة مع ابن العمّ ، وكذا لو تعدّد أو أحدهما على توقّف.

[ المبحث ] الثاني : للخال المنفرد المال ، وكذا الخالات والأخوال ، وكذا الخالة والخالتان والخالات ، ولو اجتمعوا تساووا.

ولو اجتمع المتفرّقون فللواحد من الأمّ السّدس ، وللأكثر الثلث بينهم بالسوية ، والباقي للمتقرّب بالأبوين بالسوية أيضا ، ولا شي ء للمتقرّب بالأب ، بل يقومون مقامهم عند عدمهم.

ولو اجتمع معهم أحد الزّوجين ، فله نصيبه الأعلى ، وللخال للأمّ سدس الأصل ، وللأكثر ثلثه ، والباقي للمتقرّب بالأبوين ، ومع عدمهم للمتقرّب بالأب.

ص: 304

ولو خلّف خالا أو خالة لأمّ مع خالة لأب فللمتقرّب بالأمّ السدس وللمتقرّب بالأب الباقي ولا ردّ قطعا.

[ المبحث ] الثالث : لو اجتمع الأعمام والأخوال ، فللخئولة الثلث وإن كان واحدا ، والباقي للعمومة وإن كان واحدا.

ولو كانوا متفرّقين فللأخوال الثلث ، فللواحد من جهة الأمّ سدس الثلث ، وللأكثر ثلث الثلث ، والباقي من الثلث للأخوال من جهة الأبوين ، ومع عدمهم للمتقرّب بالأب ، وللأعمام الثلثان للواحد من الأمّ سدس الثلثين ، وللأكثر ثلثهما بالسويّة ، والباقي للمتقرّب بالأبوين بالتفاوت ، ومع عدمهم للمتقرّب بالأب كذلك.

ولو كان معهم زوج أو زوجة ، أخذ نصيبه الأعلى ، وللأخوال والخالات ثلث الأصل ، والباقي للأعمام والعمّات كما فصّلناه.

[ المبحث ] الرابع : عمومة الميّت وأولادهم وخئولته وأولادهم أولى من عمومة أب الميّت وخئولته ومن عمومة أمّ الميت وخئولتها ، وكذا عمومة الأبوين وأولادهم وخئولتهما وأولادهم أولى من عمومة الجدّين وخئولتهما ، وهكذا الأقرب يمنع الأبعد ، فابن ابن عمّ الميّت أولى من عمّ أبيه ، وابن ابن عمّ الأب أولى من عمّ الجدّ.

[ المبحث ] الخامس : لو اجتمع عمّ الأب وعمّته وخاله وخالته وعمّ الأمّ وعمّتها وخالها وخالتها ، فلمن يتقرّب بالأمّ الثلث بينهم بالسويّة ، وثلث الثلثين لخال الأب وخالته بالسويّة ، وثلثاه للعمّ والعمّة أثلاثا ، فيصحّ من مائة وثمانية.

ص: 305

ولو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على المتقرّب بالأب من العمومة والخؤولة ، دون عمومة الأمّ وخئولتها.

[ المبحث ] السادس : يقوم أولاد الأعمام والأخوال مقام آبائهم وأمّهاتهم عند عدمهم ، والأقرب منهم يمنع الأبعد وإن لم يكن من قبيله ، فابن الخال يمنع ابن ابن العمّ ، وابن العمّ يمنع ابن ابن الخال ، ويرث كلّ واحد نصيب من يتقرّب به ، فلأولاد العمّ أو العمّة للأمّ السّدس بالسويّة ، ولأولاد العمّين (1) فصاعدا الثلث لكلّ فريق نصيب من يتقرّب به بالسوية ، ولأولاد العمّ للأبوين الباقي للذّكر ضعف الأنثى ، ويسقط معه المتقرّب بالأب ، ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولأولاد الخال للأمّ السّدس بالسويّة ، ولأولاد الأكثر الثلث ، لكلّ فريق نصيب من يتقرّب به بالسويّة ، والباقي لأولاد الخال للأبوين بالسويّة.

ولو اجتمع أولاد العمّ أو العمّة وأولاد الخال أو الخالة فلأولاد الخال أو الخالة الثلث ، سدسه لأولاد الخال أو الخالة للأمّ ، وثلثه لأولاد الأكثر ، لكلّ نصيب من يتقرّب به بالسويّة ، وباقي الثلث لأولاد الخؤولة من الأبوين أو للأب بالسوية وسدس الثلثين لأولاد العم أو العمّة للأمّ بالسوية وثلثهما للأكثر ، لكلّ نصيب من يتقرّب به بالسويّة ، والباقي لأولاد العمّ أو العمّة أو هما للأبوين أو للأب للذّكر ضعف الأنثى.

ولو كان معهم زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى ، ولأولاد الأخوال ثلث الأصل ، والباقي لأولاد الأعمام كما بيّناه.

ص: 306


1- في « ب » و « ج » : « ولأولاد الاثنين ».
تنبيه :

إذا اجتمع للوارث سببان فإن تمانعا ورث بالمانع ، مثل أخ هو ابن عمّ وإلّا ورث بهما ، مثل عمّ لأب هو خال لأمّ ، أو عمّة لأب هي خالة لأمّ ، أو ابن عمّ لأب هو ابن خال لأمّ ، أو ابن عمّة لأب هو ابن خالة لأمّ ، أو ابن عمّ هو زوج ، أو بنت عمّة هي زوجة.

ولو خلّف عمّا لأب هو خال لأمّ مع عمّ لأمّ وعمّ لأب وأمّ ، وخال لأب ، وخال لأمّ ، وخال لأب وأمّ ، كان للعمّ من الأمّ سدس الثلثين ، وللعمّ من الأبوين باقيه ، وللخال الّذي هو عمّ وللخال من الأمّ ثلث الثلث بالسويّة ، وباقيه للخال من الأبوين.

فيصحّ من ثمانية عشر ، سهمان للعمّ من الأمّ ، وعشرة للعمّ من الأبوين ، وسهم للخال الّذي هو عمّ ، وسهم للخال من الأمّ ، وأربعة للخال من الأبوين ، ولا شي ء للمتقرّب بالأب.

ولو خلّف عمّا لأب هو خال لأمّ مع عمّ لأب وعمّ لأمّ وخال لأب وخال لأمّ ، فللعمّ من الأمّ سدس الثلثين ، وللعمّين من الأب الباقي ، وللخال الذي هو عمّ وللخال من الأمّ ثلث الثلث بالسويّة ، وباقيه للخال من الأب.

فيصحّ من ثمانية عشر ، للعمّ من الأمّ سهمان ولكلّ من العمّين من الأب خمسة ، وللخال الذي هو عمّ سهم ، وكذا للخال من الأمّ ، وأربعة للخال من الأب.

ص: 307

وكذا الفريضة والقسمة لو خلّف ابن عمّ لأب هو ابن خال لأمّ مع ابن عمّ لأب وابن عمّ لأمّ ، وابن خال لأب وابن خال لأمّ.

ولو خلّف ابن عمّ لأب هو ابن خال لأمّ مع ابن عمّة لأب هو ابن خالة لأمّ ، فلابن العمّ ثلثا الثلثين ونصف الثلث ، ولابن العمّة ثلث الثلثين (1) ونصف الثلث ، فيصحّ من ثمانية عشر ، لابن العمّ أحد عشر ، ولابن العمّة سبعة.

ص: 308


1- في « ب » و « ج » : « ثلث الثلث » وهو مصحّف ، والصحيح ما في المتن.

الأمر الثالث : في التوريث بالسبب

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] الزوجية

للزوج مع الولد وإن نزل الربع ومع عدمه النّصف ، والباقي للمناسب ، وإن فقد فللمعتق ، ثمّ للضامن ، فإن فقد ردّ عليه ، وللزّوجة مع الولد وإن نزل الثمن ولا معه الربع ، والباقي للأقارب ، ثمّ المعتق ، ثمّ الضامن ثمّ الإمام ، ولا يردّ عليها مطلقا ، ولو كنّ أكثر فلهنّ الثمن أو الربع بالسوية.

ولو طلّق إحدى الأربع وتزوج بأخرى ، ثمّ اشتبهت المطلّقة بالثلاث ، فللأخيرة ربع الربع أو ربع الثمن ، والباقي بين الأربع بالسوية ، ولو اشتبهت بواحدة أو باثنتين أقرع.

ونكاح المريض مشروط بالدّخول ، فلو تزوّج في مرضه ، فإن برأ أو دخل صحّ العقد وورثت وإلّا فلا ، ولو ماتت المرأة قبل الدّخول لم يرثها.

ولو تزوج الصحيح بمريضة توارثا مطلقا.

ص: 309

وترث المطلقة الرّجعية وتورث بخلاف البائن إلّا أن يكون الطلاق في المرض ، فإنّها ترث إلى سنة إلّا أن تتزوّج أو يبرأ من مرضه.

فلو طلّق أربعا وتزوّج بعد العدة أربعا ودخل وهكذا ورث الجميع الربع أو الثمن بالسويّة.

ويرث الزّوج من جميع التركة وكذا الزّوجة ذات الولد ، ولو خلت عنه منعت من رقبة الأرض ومن عين الأبنية والآلات والنخل والشجر ، وتعطى منها قيمة حصّتها.

ولو كان معها ذات ولد ورثت (1) من الأرض الثّمن ومن غيرها نصفه.

الفصل الثاني : [ في ] الولاء

اشارة

وهو ثلاثة :

الأوّل : ولاء العتق
اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في تحقّقه وذلك بشروط :

الأوّل : التبرّع بالعتق ، فلو أعتق في واجب كالنذر والكفّارة والمشروط عتقه في البيع ، أو انعتق بعوض كالكتابة ، أو بغيره كعتق القرابة والاستيلاد والتنكيل به ، فلا ولاء.

ص: 310


1- الضمير يرجع إلى ذات الولد ، فهي حسب ما تقدّم ترث من الأرض الثمن ، ومن غير الأرض نصف الثمن ، لوجود الشريكة في الثاني أعني ما لا ولد لها بخلاف الأوّل.

ولو تبرّع بالعتق عن غيره بإذنه ، فالولاء للمعتق عنه ، ولو كان بغير إذنه فالولاء للمعتق ، ولو أمره بالعتق عنه بعوض فالولاء للمعتق عنه.

ولو قال : أعتق عبدك عنك وعليّ ثمنه ، فالولاء للمعتق وعلى الضامن الثمن.

الثاني : عدم التبرّي من ضمان جريرته عند العتق ، ولا يشترط في التبرّي الإشهاد ، بل هو شرط في ثبوته.

الثالث : أن لا يكون للعتيق وارث مناسب ، فلو كان له مناسب لم يرثه المنعم ، فإذا ثبت الولاء على العتيق سرى في أولاده إلّا أن يكون أحدهم حرّ الأصل ، أو يكون له مناسب.

ولا ولاء بالالتقاط ، ولا بالإسلام على يده.

ولو أعتق الكافر مثله وجوّزناه ، فله الولاء ، ولا يسقط بإسلام العبد.

ولو سبي السيّد فأعتقه مولاه ، فولاؤه باق وعليه الولاء لمعتقه ، فلو كان معتقه العبد فلكلّ الولاء على الآخر.

ولو سبي العبد فأعتق فالولاء للثاني دون الأوّل.

ولا يصحّ بيعه ، ولا هبته ، ولا اشتراطه في بيع وغيره ، ويثبت به تحمّل العقل والميراث.

ص: 311

المبحث الثاني : في كيفية الإرث به
اشارة

إذا مات العتيق ولا مناسب له ، ورثه المنعم ، ولو كان معه زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى والباقي للمنعم ، ولو تعدّد ورث كلّ واحد بقدر حصّته ، فلو فقد فإن كان المعتق رجلا فالولاء لأولاده الذكور خاصّة ، وإن كان امرأة فلعصبتها دون أولادها.

ويرث الولاء الأبوان والأولاد ، ولا يشاركهم (1) أحد من الأقارب ، ومع عدمهم يقوم أولادهم مقامهم ، لكلّ نصيب من يتقرّب به.

وإن عدموا ورثه الإخوة دون الأخوات ، ويشترك الإخوة والأجداد دون الجدّات ، فإن عدموا فالأعمام وأولادهم دون العمّات وأولادهنّ.

ولا يرثه (2) من يتقرّب بالأمّ من الإخوة والأخوات ، والأجداد والجدّات ، والأخوال والخالات.

فإن عدم الجميع ورثه معتق المنعم وإن عدموا فقرابة معتق المعتق لأبيه دون أمّه إذا كانوا ذكورا.

فإن عدم الجميع ورثه ضامن الجريرة ، ثمّ الإمام ، ولا يرثه العتيق.

ص: 312


1- في « ب » و « ج » : ولا يشركهم.
2- في « أ » : « ويرثه » والصحيح ما في المتن.
فروع

الأوّل : لو أعتقت امرأة مملوكا فأعتق المملوك آخر ، فميراث الأوّل لمولاته ، وميراث الثاني لمعتقه ، فإن فقد هو ومناسبوه فميراثه لمولاة معتقه.

ولو اشترت أباها فعتق عليها ، ثمّ أعتق الأب آخر ، فإذا مات بعد الأب ولا مناسب له لم ترثه البنت ، لأنّه لا ولاء لعتق القرابة ، فيرثه الإمام.

الثاني : لو اشترى أحد الولدين مع أبيه مملوكا ثمّ أعتقاه ومات الأب ثمّ العتيق ، فللمشتري مع أبيه ثلاثة أرباع التركة وللآخر الرّبع.

الثالث : لو خلّف أبا معتقه وابنه ، فللأب السّدس وللابن الباقي.

ولو خلّف أخا معتقه وجدّه فالمال بينهما ، ولو كان مع الجدّ أبناء الأخ فلهما النّصف بالسوية ، ولو كان مع الجدّ عمّ فالمال للجدّ.

الرابع : لو خلّف المعتق أخا من أب وابن أخ من الأبوين ثمّ مات العتيق ، فالمال للأخ ، ولو خلّف ابن أخ من الأبوين وابن أخ لأب فالمال لابن الأخ من الأبوين.

الخامس : لو أنكر العتيق ولده من المعتقة فتلاعنا فولاء الولد لمولى أمّه ، ولا يرثه الأب ولا المنعم عليه وإن عاد النسب عليه.

السادس : لو اجتمع النسب والولاء ورث بالنّسب ، اتّحد الوارث أو اختلف ، فلو أعتق رجل وابنته عبدا ثمّ مات عنها وعن ابن ، فميراث العبد بينهما نصفان ، وإن قلنا ترث الأنثى فللبنت الثلثان.

ص: 313

المبحث الثالث : في جرّ الولاء

إذا ولدت المعتقة ولدا من حرّ الأصل فلا ولاء عليه ، ولو كان من معتق فولاؤه لمولى أبيه ، ولو كان من مملوك فولاؤه لمولى أمّه ، فإذا أعتق الأب انجرّ الولاء من مولى الأمّ إلى مولى الأب ، وكذا لو أعتق أبوه بعد الحمل به ، فإن عدم مولى الأب فلعصبته ، فإن عدموا فلمولى عصبة مولى الأب ، (1) فإن عدم الموالي وعصابتهم فلضامن الجريرة ، فإن عدم فللإمام ولا يرجع إلى مولى الأمّ.

ولو أعتق الجدّ قبل الأب انجرّ الولاء إلى معتقه ، فإذا أعتق الأب انجرّ الولاء إلى مولاه.

ولو أعتق الجدّ البعيد انجرّ الولاء من مولى الأمّ إليه ، ثمّ منه إلى معتق الجدّ القريب ، ثمّ منه إلى معتق الأب وهكذا.

ولو كان الجدّ حرّ الأصل لم ينجرّ إليه.

ولو ولدت المعتقة من عبد بنتين فاشترتا أباهما عتق ولا ولاء لهما عليه ، فلا ينجرّ الولاء من مولى أمّهما إليهما ، (2) فلو مات الأب فميراثه لهما بالتسمية والردّ لا بالولاء ولو ماتا أو إحداهما فالميراث للأب ومع عدمه ترث السابقة أختها بالتسمية والرّد دون مولى الأمّ ، فإذا ماتت الأخرى ولا مناسب لها (3) فميراثها للإمام.

ص: 314


1- في « ج » : فلمولى عصبته مولى الأب.
2- في « أ » : إليه.
3- في « ب » و « ج » : « لهما » ولعلّه مصحّف.

ولو أولد عبد من معتقة ابنا فالولاء لمولى أمّه ، (1) فلو أعتق الابن عبدا فولاؤه له ، فلو أعتق العبد [ المعتق ] أب الابن انجرّ الولاء من مولى الأمّ إليه ، (2) فصار كلّ واحد منهما مولى الآخر ، ويرث كلّ منهما الآخر بالولاء.

ولو ماتا ولا مناسب فالميراث للإمام ، ولم يرجع الولاء إلى مولى الأمّ.

أمّا لو اشترى الابن أباه عتق عليه ، ولم ينجرّ الولاء إليه ، لأنّه لا ولاء لعتق القرابة.

الثاني : ولاء تضمّن الجريرة

وهو أن يتولّى إنسان غيره يضمن حدثه ، ويكون ولاؤه له ، ولا يضمن إلّا سائبة كالمعتق في الكفّارات والنذور ، أو حرّ الأصل ولا قريب له ، فيرثه الضامن دون العكس مع فقد المناسب والمعتق وعصبته ومعتق معتقه ومن يمت به ، ولا يتعدّى الضامن فلا يرثه أولاده وأقاربه ، ويرث معه (3) الزّوج والزوجة نصيبه الأعلى ، فإذا عدم فالإمام.

الثالث : ولاء الإمامة

ويرث الإمام من لا وارث له حتّى ضامن الجريرة إلّا مع الزّوجة ، فمع ظهوره عليه السلام يصنع به ما يشاء ، وكان عليّ عليه السلام يضعه في فقراء بلد الميّت وضعفاء

ص: 315


1- وذلك لأنّ حرّية الولد رهن كون الأمّ معتقة ، فإذا كان ولاء الأمّ لمعتقها فيكون ولاء الولد له أيضا.
2- الضمير يرجع إلى العبد المعتق. ولاحظ المبسوط : 4 / 98.
3- في « أ » : « ويرث مع الزوج » والصحيح ما في المتن.

جيرانه تبرّعا ، ومع غيبته يحفظ بالوصاة أو الدفن إلى أن يظهر.

وتجوز قسمته في الفقراء والمساكين ويدفع إلى الجائر مع الخوف (1) ولا ضمان.

وله أيضا غنيمة السريّة بغير إذنه ، وما يتركه المشركون فزعا من غير حرب ، وميراث الكافر الّذي لا وارث له.

أمّا ما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين ، ومع عدمهم فلفقراء المسلمين.

وما يؤخذ من المشركين حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس.

وما يؤخذ غيلة في زمان الهدنة ، يعاد عليهم ، وفي غيرها يكون لآخذه بعد الخمس.

ص: 316


1- في « أ » : ولا يدفع إلى الجائر إلّا مع الخوف.

الأمر الرابع : في التوابع

اشارة

وفيه مطالب

[ المطلب ] الأوّل : في ميراث ولد الملاعنة

ويرثه أمّه وولده ، فلأمّه السدس والباقي للولد للذّكر ضعف الأنثى ، ومع عدمه فلها الثلث بالتسمية والباقي بالردّ ، ومع عدمها ترثه إخوته لأمّه وإن نزلوا ، وأجداده لها وإن علوا الأقرب فالأقرب ، فإن فقدوا فالأخوال والخالات وإن نزلوا كذلك.

ويتساوى الذّكر والأنثى في جميع المراتب ، فإن عدم الجميع فالإمام.

ويرث الزوج أو الزّوجة نصيبه الأعلى مع عدم الولد ، والأدنى معه.

ولا يرثه أبوه ولا المتقرّب به ، وكذا العكس إلّا أن يعترف به أبوه ، فيرث أباه دون العكس.

ولا عبرة بنسب الأب ، فالأخ من الأبوين يساوي الأخ من الأمّ ، وكذا ابن الأخ للأبوين مع ابن الأخ للأمّ. (1)

ص: 317


1- في « ب » و « ج » : « مع ابن ابن الأخ للأمّ » والصحيح ما في المتن.

ويرث أمّه إن انفرد ، وله مع الأبوين الفاضل عن السّدسين ، ولو كان أنثى فله النّصف وللأبوين السدسان والباقي يردّ أخماسا.

ولا يمكن الحاجب حتّى يردّ أرباعا.

ولو تبرّأ عند السلطان من جريرة ولده وميراثه لم يقبل.

ولا نسب لولد الزنا ، فلا يرث أبويه ولا يرثانه ولا الأقارب ، وميراثه لولده وإن نزل ، فإن فقد فللإمام.

ويرث الزّوج أو الزوجة نصيبه الأعلى مع عدم الولد والأدنى معه.

المطلب الثاني : في ميراث الخنثى

اشارة

من له فرج الرّجل وفرج المرأة يرث على ما يبول منه ، فإن بال منهما فعلى السابق ، فإن بدرا فعلى المتأخّر ، فإن تساويا في السّبق والتأخير ، فإن انفرد أخذ المال ، وإن تعدّد اقتسموه بالسويّة.

ولو اجتمع مع الخنثى ذكر فرض مرّة ذكرا ومرّة أنثى ، ثمّ تضرب إحدى الفريضتين في الأخرى إن تباينتا ، وفي وفقها إن اتّفقتا ، ثمّ يضرب الحاصل في اثنين ، ثمّ يعطى كلّ وارث نصف النصيبين من المسألتين.

ويجتزئ بإحدى الفريضتين إن تماثلتا وبالأكثر إن تداخلتا.

مثال التباين : ذكر وخنثى ، ففريضة الذكورة اثنان وفريضة الأنوثة ثلاثة ، ومضروب إحداهما في الأخرى ستّة ، ثمّ يضرب المجتمع في اثنين يبلغ

ص: 318

اثني عشر ، للذكر سبعة ، وللخنثى خمسة ، وبالعكس لو كان بدل الذكر أنثى.

مثال التوافق : ذكران وخنثيان ، ففريضة الذكورة أربعة وفريضة الأنوثة ستّة ، فالتوافق بالنصف ، فاضرب وفق إحداهما بالأخرى ، ثمّ المجتمع في اثنين ، يبلغ أربعة وعشرين ، (1) لكلّ ذكر سبعة ولكلّ خنثى خمسة.

ومثال التماثل : أبوان وخنثيان ، ففريضة الذكورة والأنوثة ستّة ، للأبوين سهمان ، ولكلّ خنثى سهمان.

ومثال التداخل : أبوان وذكر وخنثى ، وففريضة الذكورة ستّة ، وفريضة الأنوثة ثمانية عشر ، فاجتزئ بالأكثر ، فيكون للأبوين ستّة ، وللذكر سبعة ، وللخنثى خمسة.

ولو اجتمع مع الخنثى ومشاركيه زوج أو زوجة صحّحت المسألة دون الزوج والزّوجة ، ثمّ اضرب مخرج نصيب الزوج أو الزّوجة في المجتمع ، ثمّ يأخذ نصيبه ، ثمّ يقسم الباقي عليهم ، مثاله :

ابن وبنت وخنثى وزوج ، فريضة الذكورة من دون الزّوج خمسة ، وفريضة الأنوثة أربعة ، فاضرب إحداهما في الأخرى ، ثمّ المجتمع في اثنين ، يبلغ أربعين ، ثمّ تضربها في مخرج سهام الزّوج وهو أربعة ، يبلغ مائة وستّين ، للزّوج أربعون ومن حصل له سهم أخذه مضروبا في ثلاثة.

ولو كان زوجة ضربت المجتمع في ثمانية وعملت كالأوّل.

والعمل في سهم الخناثى من الإخوة للأبوين أو للأب ، والعمومة وأولادهم ، كما ذكرناه في الأولاد.

ص: 319


1- في « ب » و « ج » : يبلغ لأربع وعشرين.

فلو خلّف جدّ الأب وأخا خنثى له فريضة الذكورة اثنان والأنوثة ثلاثة فاضرب إحداهما في الأخرى ، والمجتمع في اثنين تبلغ اثني عشر ، للجدّ سبعة ، وللخنثى خمسة ، وبالعكس لو كان الجدّ أنثى.

ولو كان عمّ ذكرا وآخر خنثى فالفريضة من اثني عشر للذكر سبعة ، وللخنثى خمسة ، ولو كان بدل العمّ عمّة انعكس الاستحقاق.

ولا تحتاج الإخوة للأمّ والأخوال إلى هذا الحساب ، لتساوي الذكر والأنثى.

ويبعد أن يكون الآباء والأجداد خناثى.

وروي انّ امرأة ولدت وأولدت. (1)

وكون الخنثى زوجا أو زوجة أبعد ، لبطلان تزويج الخنثى المشكل.

تتمّة

من لا فرج له يرث بالقرعة فيكتب عليه سهم « عبد اللّه » وعلى آخر « أمة اللّه » ويقول : ما روي عن الصادق عليه السلام :

« اللّهمّ أنت اللّه لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، فبيّن لنا أمر هذا المولود ، وكيف يرث ما فرضت في كتابك ». (2)

ص: 320


1- لاحظ الوسائل : 17 / 576 ، الباب 2 من أبواب ميراث الخنثى ، الحديث 5.
2- الوسائل : 17 / 580 ، الباب 4 من أبواب ميراث الخنثى ، الحديث 2.

ثمّ يورث على ما يخرج.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد ، يوقظ أحدهما فإن انتبها معا فهما واحد ، وإن انتبه أحدهما فهما اثنان ، وكذا التفصيل في الشهادة ، وهما واحد في النكاح مطلقا واثنان في التكليف مطلقا.

ولو قتل أحدهما لم يقتصّ منه مطلقا ، ولو اشتركا اقتصّ منهما ، ثمّ إن حكم ، بالاثنينيّة وجب الردّ وإلّا فلا.

ولو اشتركا في الطرف اقتصّ منهما مع الردّ إن كانا اثنين وإلّا من أحدهما ولا ردّ.

ولو جني عليهما وجب القصاص والدية مع الاثنينيّة وإلّا القصاص خاصّة.

المطلب الثالث : في الحمل

ويرث بشرط انفصاله حيّا ، سواء كان بجناية أو لا إذا تحرّك حركة الأحياء ، فلو ولدته ميّتا أو يتقلص لم يرث.

ولا يشترط حياته عند موت مورّثه ، حتّى أنّه لو ولد لستّة أشهر من موت الواطئ أو لأقصى الحمل ولم تتزوّج ورث.

ويعطى ذو الفرض مع الحمل نصيبه الأدنى ، ثمّ إن سقط ميّتا أكمل له ، ويعطى الابن الموجود الثلث والبنت الخمس ، ويوقف له نصيب ذكرين تغليبا.

ويرث دية الجنين أبواه ومن يتقرّب بهما أو بالأب بالنّسب والسّبب.

ص: 321

المطلب الرابع : في التعارف والإقرار

اشارة

إذا تعارف اثنان ورث بعضهم من بعض ، ولا يكلّفان البيّنة ، وإذا أقرّ الوارث بأولى أو بمشارك فقد عرفت حكمه،ونذكر هنا كمية الاستحقاق وكيفيّة القسمة فنقول :

لو أقرّ الوارث بمشارك ، لم يثبت نسبه وألزم المقرّ بدفع ما يفضل عن ميراثه لا بمشاركته فيه ، لأنّ الإقرار يدلّ (1) على الإشاعة ، فلو أقرّ الابن بآخر ، ثمّ أقرّ بثالث وصدّقه الثاني ، فالمال أثلاثا ، وإن كذّبه دفع الأوّل إلى الثالث ثلث ما في يده ، لأنّه الفاضل عن ميراثه.

وكيفيّة معرفة الفضل أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار أو في وفقها ، ثمّ تضرب ما للمقرّ من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار ، وتضرب ما للمنكر من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار ، فما كان بينهما فهو الفضل.

فلو خلّف ابنا وبنتا فأقرّ الابن بأخرى ، وأنكرت البنت ، فمسألة الإقرار أربعة ، ومسألة الإنكار ثلاثة ، ومضروب المسألتين اثنا عشر ، للابن سهمان من مسألة الإقرار ، مضروبة في مسألة الإنكار تبلغ ستّة ، هي للابن ، وللبنت سهم من مسألة الإنكار مضروب (2) في مسألة الإقرار تبلغ أربعة ، هي للبنت ، فالفاضل سهمان للبنت المقرّ بها.

ص: 322


1- في « أ » : لأنّ الإقرار ينزل.
2- كذا في النسخ ولعلّ الصحيح « مضروبة ».

ولو لم يفضل في يده شي ء لم يغرم شيئا ، كأخت لأبوين وأخ لأمّ فأقرّ الأخ بأخت لأمّ وكذّبته الأخت ، فمسألة الإقرار ثلاثة ومسألة الإنكار ستّة ، ومضروب المسألتين ثمانية عشر ، فللأخ على تقدير الإقرار ثلاثة والإنكار ثلاثة فلا فضل في يده.

مسألة

المفقود يتربّص بماله حتّى تمضي مدّة لا يعيش مثله إليها بمجرى العادة.

المطلب الخامس : في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

ويرث بعضهم من بعض بشروط :

الأوّل : أن يكون لهما مال أو لأحدهما.

الثاني : اشتباه الحال ، فلو علم اقتران الموت فلا توارث ، ولو علم السبق ورث المتأخّر المتقدّم دون العكس.

الثالث : دوران التوارث بينهما ، فلو كان لكلّ منهما وارث أو لأحدهما فلا توارث ، كأخوين غرقا ولكلّ منهما ولد أو لأحدهما ، ويتعدّى الحكم إلى الموت بسبب دون حتف الأنف.

ومع الشرائط يرث كلّ واحد من أصل مال الآخر لا ممّا ورثه ، ولو كان لأحدهما مال انتقل إلى من لا مال له ، ومنه إلى وارثه الحيّ.

ص: 323

ولا يجب تقديم الأضعف في التوريث بل يستحبّ ، فلو غرق أب وابن أو زوج وزوجة ، فرض موت الابن أو الزوج أوّلا ، ثمّ يفرض موت الأب أو الزوجة.

ولو كان لأحدهما وارث أعطي وارثه ما اجتمع له ، وما اجتمع للآخر للإمام.

ولو لم يكن لهما وارث غيرهما انتقل مال كلّ واحد منهما إلى الآخر ومنه إلى الإمام.

ولو كان كلّ واحد منهما أولى من الأحياء ، انتقل مال كلّ واحد منهما إلى الآخر ومنه إلى وارثه ، كأب له إخوة ، وابن له إخوة من أمّ ، فمال الابن ينتقل إلى الأب ، ثمّ منه إلى إخوته ، ومال الأب الأصلي ينتقل إلى الابن ، ثمّ منه إلى إخوته.

ولو كان لهما أو لأحدهما شريك في الإرث ، كأب وابن ولكلّ منهما أولاد فيرث الأب من الابن السدس ، ثمّ منه إلى أولاده الأحياء ، ويرث الابن نصيبه من تركة أبيه الأصليّة ، ثمّ منه إلى أولاده ، وينتقل ما بقي من تركة كلّ واحد منهما إلى أولاده.

ولو تساويا في الاستحقاق فلا تقديم كأخوين ، بل ينتقل مال كلّ واحد إلى الآخر ، ومنه إلى وارثه ، فإن لم يكن وارث فإلى الإمام ، وإن كان لأحدهما وارث انتقل ما صار إليه إلى وارثه ، وما صار إلى الآخر إلى الإمام.

ص: 324

المطلب السادس : في ميراث المجوس

ويورثون بالنسب والسبب الصحيحين والفاسدين ، ونعني بالفاسد ما كان عن نكاح محرّم عندنا لا عندهم ، كما إذا تزوّج بأمّه فأولدها ، فالزوجية والنسب فاسدان.

فلو اجتمع الأمران لواحد ، ورث بهما مثل أمّ هي زوجة ، فلها مع الولد الثمن والسّدس ، ومع عدمه الربع والثلث ، ويردّ عليها الباقي من عدم المشارك.

ولو كانت بنت هي زوجة ، فلها الثمن والنصف ، ويردّ عليها الباقي.

ولو كان معها أبوان فلهما السدسان ، ويردّ عليهم أخماسا ، ومع الحاجب يردّ عليها وعلى الأب أرباعا.

ولو كانت أخت هي زوجة ، فلها الربع والنصف ، ويردّ عليها الباقي مع عدم المشارك.

ولو كانت أخته لأمّه جدّته لأبيه ، أو جدّته لأمّه ، ورثت بالأمرين ، ولو منع أحد السببين الآخر ورث بالمانع ، كبنت هي أخت ، أو بنت هي بنت بنت فلها (1) نصيب البنت.

ولو خلّف عمّة هي أخت لأب ، أو عمّة هي بنت عمّة ، فلها نصيب العمّة.

ص: 325


1- في « أ » : فلهما.

وغير المجوس من الكفّار كالمسلمين إذا تحاكموا إلينا ، وأمّا المسلمون فلا يتوارثون بالسبب الفاسد إجماعا ، سواء كان مجمعا على تحريمه كالأمّ من النّسب والرضاع ، أو مختلفا فيه كأمّ المزنيّ بها أو البنت من الزّنا ، سواء اعتقد الإباحة أو التحريم ، بل المعتبر اعتقاد الحاكم ، ويتوارثون بالنسب الفاسد فلو وطئ بنته للشبهة فأولدها لحق به الولد ، وكان حكمه حكم المجوس.

المطلب السابع : في حساب الفرائض

اشارة

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل : في المقدّمات
اشارة

وهي ثلاثة :

الأولى : في طريق الحساب ومخارج الفروض

أمّا الأوّل فعادتهم إخراج حصص الورّاث من أقلّ عدد ينقسم عليهم من غير كسر ، وأمّا الثاني فمخرج السهم أقلّ عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا ، فمخارج الفروض خمسة : النّصف من اثنين ، والربع من أربعة ، والثلث والثلثان من ثلاثة ، والسدس من ستّة ، والثمن من ثمانية.

فإذا حصل في الفريضة نصفان أو نصف وما بقي ، فهي من اثنين.

ص: 326

ولو اشتملت على ثلث وثلثين ، أو على أحدهما وما بقي فهي من ثلاثة.

ولو اشتملت على ربع ونصف ، أو ربع وما بقي ، فهي من أربعة.

ولو اشتملت على سدس ونصف ، أو سدس وثلثين ، أو سدس وما بقي ، فهي من ستّة.

ولو اشتملت على ثمن ونصف ، أو ثمن وما بقي ، فهي من ثمانية.

وإذا كان مع الربع ثلث أو سدس ، فهي من اثني عشر.

وإذا كان مع الثمن ثلثان أو سدس ، فهي من أربعة وعشرين.

الثانية :

إذا لم يكن في الورثة ذو فرض ، فإن تساووا كثلاثة ذكور ، فعدد رءوسهم أصل المال ، وإن اختلفوا كذكر وأنثى ، فاجعل للذّكر سهمين وللأنثى سهما ، فما اجتمع فهو أصل المال.

وإن كان هناك ذو فرض وغيره ، فاطلب عددا له ذلك الفرض ، ثمّ ادفعه إلى صاحبه ، ثمّ اقسم الباقي على رءوس باقي الورثة إن تساووا ، وعلى سهامهم إن اختلفوا.

الثالثة :

في معرفة الأعداد ، العددان من ذوي الفروض وغيرها إمّا متماثلان ، أو متباينان ، أو متداخلان ، أو متوافقان.

فالأوّل كثلاثة إخوة من أمّ وثلاث أخوات من أب وأمّ في باب الفروض ، وكثلاثة أعمام وثلاثة أخوال في باب القرابة.

والمتباينان (1) هما اللّذان يعدّهما الواحد ، كالخمسة والسّتة.

ص: 327


1- في النسخ الّتي بأيدينا : « والمتباينات ».

والمتداخلان هما اللّذان يعدّ أقلّهما الأكثر ولا يتجاوز نصفه ، كالثلاثة والستّة ، والأربعة والاثني عشر ، والخمسة والعشرين.

والمتوافقان هما اللّذان يعدّهما عدد ثالث ، كالستّة والثمانية ، يعدّهما الاثنان ، والتسعة والاثنى عشر ، يعدّهما الثلاثة ، والثمانية والاثنى عشر ، يعدّهما الأربعة.

فالموافقة بذلك الجزء العادّ ، فإن كان اثنين فالموافقة بالنّصف ، وإن كان ثلاثة ، فالموافقة بالثلث ، وهكذا إلى العشرة.

ولو كان العادّ أحد عشر ، فالموافقة بجزء من أحد عشر وهكذا.

الفصل الثاني : في قسمة الفريضة على الورثة

الفريضة إمّا بقدر السّهام ، أو زائدة ، أو ناقصة.

أمّا الأوّل فإن انقسمت من غير كسر فلا بحث ، مثل أبوين وبنتين ، الفريضة سدسان وثلثان ، ومثل أخت لأب مع زوج ، فالفريضة نصفان.

وإن انكسرت فإمّا على فريق واحد أو أكثر.

فإن كان الأوّل ، فإن لم يكن بين عددهم ونصيبهم ، وفق مثل أبوين وخمس بنات ، فريضتهم من ستّة ، للأبوين السدسان ، وأربعة للبنات ، وهي تنكسر على الخمس ، فاضرب عددهنّ في الفريضة تبلغ ثلاثين ، فتصحّ.

وإن كان وفق فاضرب الوفق من العدد لا من النّصيب في الفريضة ،

ص: 328

مثل أبوين وستّ بنات ، للبنات أربعة وهي توافق عددهنّ بالنّصف ، فاضرب نصف عددهنّ في الفريضة ، تبلغ ثمانية عشر ، فتقسم.

وإن كان الثاني ، فإن كان بين سهام كلّ فريق وعدده وفق ، فردّ كلّ فريق إلى جزء الوفق ، وإن كان للبعض وفق دون بعض ، فردّ من له وفق إلى جزئه واتركه بحاله ، وإن لم يكن للجميع وفق فاترك كلّ عدد بحاله ، ثمّ انظر في الأعداد ، فإن تماثلت اقتصرت على أحدها وضربته في الفريضة ، كثلاثة إخوة لأب ومثلهم لأمّ ، الفريضة ثلاثة تنكسر عليهما ، ولا وفق بينهما ، وهما متماثلان ، فاضرب أحدهما في الفريضة ، تبلغ تسعة ، ومنه تصحّ.

وإن تداخلت كثلاثة إخوة لأمّ ، واثني عشر لأب ، الفريضة ثلاثة تنكسر على الفريقين معا ، ولا وفق بين عدد الإخوة للأمّ ونصيبهم ، فيترك بحاله ، وبين نصيب الإخوة للأب وعددهم وفق بالنّصف ، فردّ عددهم إلى نصفهم وهي ستّة ، وبين الثلاثة والستّة تداخل ، فاضرب الأكثر في الفريضة ، تبلغ ثمانية عشر ، ومنه تصحّ ، وإن توافقت كأربع زوجات وستّة إخوة ، فريضتهم أربعة ، تنكسر على الفريقين ، وبين الأربعة والستّة وفق بالنصف فتضرب نصف أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر ، والمجتمع في الفريضة فما بلغ صحت منه القسمة.

وإن تباينت كأخوين من أمّ وخمسة من أب الفريضة ثلاثة تنكسر على الفريقين ، ولا وفق بين عدد كلّ فريق ونصيبه ، فاضرب أحدهما في الآخر ، والمجتمع في الفريضة ومنه تصحّ.

ص: 329

وأمّا الثاني وهو أن تزيد [ الفريضة ] عن السّهام فيجب الرد على ذوي السّهام عدا الزّوج والزوجة والأمّ مع الإخوة ، ولا يردّ على ذي السبب مع ذي السببين ، فلو خلّف أبوين وبنتا كان للأبوين السدسان وللبنت النصف ، والباقي يردّ أخماسا ، ومع الإخوة أرباعا ، فتجعل الفريضة خمسة أو أربعة أو تضرب مخرج الردّ في أصل الفريضة.

ولو خلّف أحد الأبوين مع بنتين ، فالردّ أخماسا ، ولو كان مع الأبوين أو مع أحدهما خنثى فلا ردّ.

وأمّا الثالث : وهو أن تنقص [ الفريضة ] عن السّهام ، وذلك بدخول الزّوج أو الزّوجة ، كأبوين مع بنت وزوج ، أو مع بنتين وزوجة ، فللأبوين السدسان ، وللزوج الربع وللبنت الباقي ، وللزوجة الثمن وللبنتين الباقي.

ولو كان أخ من الأمّ أو أكثر وأخت من الأبوين أو الأب أو أكثر وزوج ، فللمتقرّب بالأمّ السّدس أو الثلث وللزوج النّصف ، والباقي للأخت أو الأختين فصاعدا.

ثمّ إن انقسمت الفريضة على صحّة وإلّا ضربت بسهام من انكسر عليهم النصيب في الفريضة.

مثال الأوّل : أبوان وزوج وخمس بنات ، الفريضة اثنا عشر ، للأبوين أربعة وللزّوج ثلاثة ، والباقي للبنات بالسوية.

ومثال الثاني : أن تكون البنات ثلاثا فتضرب ثلاثة في الفريضة ، ومنه تصحّ.

ص: 330

الفصل الثالث : في معرفة سهام الورثة من التركة

فإنّ المسألة قد تصحّ من ألف والتركة درهم ، وله طرق :

منها : أن تنسب سهام كلّ وارث من الفريضة وتأخذ له من التركة بتلك النسبة ، فما كان فهو نصيبه ، كأبوين وزوج ، الفريضة ستّة فللأب سهم هو سدس التركة فله سدسها ، وللأمّ سهمان هما ثلث التركة فلها ثلثها وللزوج ثلاثة هي نصف التركة فله نصفها.

ولو انكسرت التركة ضربتها في الفريضة ثمّ قسمتها كذلك ، فلو كانت التركة خمسة ، فاضربها في الفريضة تبلغ ثلاثين ، فابسط التركة على ثلاثين جزءا وافعل كما تقدّم.

ومنها : أن تقسم التركة على الفريضة ، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كلّ وارث ، فما بلغ فهو نصيبه ، فالفريضة بحالها ، ولو كانت التركة أربعة وعشرين ، فإذا قسمت التركة على ستّة خرج لكلّ واحد أربعة فتضرب أربعة في نصيب الزّوج وهو ثلاثة تبلغ اثني عشر فهي نصيبه ، وتضرب أربعة في نصيب الأمّ وهو اثنان تبلغ ثمانية فهي نصيبها ، وتضرب أربعة في نصيب الأب وهو واحد تبلغ أربعة ، فهي نصيبه.

ولو انكسرت التركة فالعمل كذلك ، فلو كانت التركة عشرين خرج بالقسمة لكلّ واحد ثلاثة وثلث ، فتضرب ذلك فى نصيب الزّوج يكون عشرة هي نصيبه ، وتضرب ذلك في نصيب الأمّ يكون ستّة وثلثين وهي نصيبها ، وتضرب ذلك في نصيب الأب يكون ثلاثة وثلثا هي نصيبه.

ص: 331

ومنها : انّه إذا كانت التركة صحاحا ضربت ما حصل لكلّ وارث من الفريضة في التركة ، فما حصل فاقسمه على العدد الّذي صحّت منه الفريضة ، فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث ، كزوج وأبوين ، فالفريضة ستّة والتركة عشرة ، للزوج ثلاثة ، فاضربها في عشرة تبلغ ثلاثين ، فاقسمها على عدد الفريضة ، يخرج لكلّ واحد خمسة ، فللزوج ذلك ، وللأمّ سهمان فاضربها في عشرة تبلغ عشرين ، فاقسمها على ستّة يخرج لكلّ واحد ثلاثة وثلث ، فللأمّ ذلك ، وللأب سهم فاضربه في عشرة تبلغ عشرة ، فاقسمه على ستّة ، يخرج لكلّ واحد واحد وثلثان ، فللأب ذلك.

وإن كان في التركة كسر ، فابسط التركة من جنس ذلك الكسر ، بأن تضرب مخرج الكسر في صحاح التركة ، فما ارتفع تضيف إليه الكسر ، (1) ثمّ تعمل ما عملت في الصّحاح ، فما اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج ، فلو كان الكسر نصفا قسمته على اثنين ، وإن كان ثلثا قسمته على ثلاثة وعلى هذا إلى العشرة.

مثال النّصف أبوان وزوج ، الفريضة ستّة ، وتكون التركة عشرة ونصفا ، فتضرب مخرج الكسر في عشرة تبلغ عشرين ، ثمّ تضيف إليها النصف ، يصير أحد وعشرين ، ثمّ تضرب نصيب الزّوج وهو ثلاثة في التركة ، تبلغ ثلاثة وستّين (2) فتبسطها على ستّة يخرج لكلّ واحد عشرة ونصف ، فتقسمها على مخرج الكسر ، تكون خمسة وربعا ، فهي نصيبه.

ص: 332


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : فما ارتفع تضيفه إليه ذلك الكسر.
2- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : ثم تضرب نصيب الزوج وهو ثلاثة ، فالتركة تبلغ ثلاثة وستّين.

ثمّ تضرب نصيب الأمّ وهو سهمان في التركة ، تبلغ اثنين وأربعين ، فتبسطها على ستّة يخرج لكلّ واحد سبعة فتقسمها على مخرج الكسر ، يكون ثلاثة ونصفا فهي نصيبها.

ثمّ تضرب نصيب الأب وهو سهم في التركة ، تبلغ أحد وعشرين فتبسطها على ستة يخرج للواحد ثلاثة ونصف. فتقسمها على مخرج الكسر يكون واحدا وثلاثة أرباع فهي نصيبه ، فالمجتمع خمسة وربع وواحد وثلاثة أرباع وثلاثة ونصف ، وهو مقدار التركة.

ومثال الثّلث ، الفريضة بحالها ، والتركة عشرة وثلث ، فتضرب مخرج الكسر في عشرة ، يكون ثلاثين ، ثمّ تضيف الثلث يصير أحد وثلاثين ، فتضرب نصيب الزوج وهو ثلاثة في التركة ، تكون ثلاثة وتسعين ، فتبسطها على ستّة يخرج للواحد خمسة عشر ونصف ، فتقسمها على مخرج الكسر يكون خمسة وسدسا ، وهو نصيب الزوج.

ثمّ تضرب نصيب الأمّ وهو سهمان في التركة ، تبلغ اثنين وستّين ، فتبسطها على ستّة يخرج للواحد عشرة وثلث ، فتقسمها على مخرج الكسر يكون ثلاثة وثلثا وتسعا هو للأمّ.

ثمّ تضرب نصيب الأب وهو سهم واحد في التركة ، يكون أحد وثلاثين ، تبسطها على ستّة يخرج للواحد خمسة وسدس ، فتقسمها على مخرج الكسر يكون واحدا وثلثي واحد أو نصف تسع ، فالجميع (1) خمسة ، وسدس ، وثلاثة

ص: 333


1- في « أ » : فالمجتمع.

وثلث ، وتسع ، وواحد ، وثلثان ، ونصف تسع وذلك مجموع التركة ، وهكذا تفعل في باقي الكسور.

ولو كانت الفريضة عددا أصمّ فاقسم التركة على الورثة ، فإن بقي ما لا يبلغ دينارا لكلّ واحد فابسطه قراريط واقسمه ، فإن فضل فابسط الفاضل حبّات واقسمه ، فإن فضل فابسط الفاضل ارزات واقسمه ، فإن فضل فابسط الفاضل بالأجزاء إليها.

مثاله : الورثة أحد عشر والتركة أربعة وعشرون ، فتقسم لكلّ واحد دينارين ، يبقى ديناران فابسطها قراريط ، يكون أربعين قيراطا ، اعط كلّ واحد ثلاثة قراريط ، تبقى سبعة ، فابسطها حبّات تكون أحدى وعشرين حبّة أعط كلّ واحد حبّة ، تبقى عشرة فابسطها ارزات يكون أربعين ، اعط كلّ واحد ثلاث ارزات ، تبقى سبع ارزات ، فابسط كلّ ارزة على عدد الورثة ، فتكون سبعة وسبعين جزءا ، لكلّ واحد سبعة أجزاء ، فيحصل لكلّ وارث (1) ديناران وثلاثة قراريط وحبة وثلاث ارزات وسبعة أجزاء من سبعة وسبعين جزءا من سبع ارزات.

واعلم أنّ الدينار عشرون قيراطا ، والقيراط ثلاث حبّات ، والحبّة أربع ارزات ، والارزة وزن حبّتين من الخردل البرّي ، وليس بعد الارزة اسم خاصّ ، بل بالنسبة إليها.

ص: 334


1- في « ب » : لكل واحد.
الفصل الرابع : في المناسخات

ونعني بها أن يموت بعض الورثة قبل القسمة ، ويتعلّق الفرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد ، وطريقه أن نصحّح مسألة الأوّل ، ثمّ إن كان نصيب الثاني ينهض بفريضته من غير كسر فلا بحث ، وإلّا فإن اتّحد الوارث والاستحقاق فهو كالفريضة الواحدة ، مثل ثلاثة إخوة وثلاث أخوات من جهة واحدة ، فمات واحد بعد واحد حتّى بقي أخ وأخت ، فمال الجميع بينهما أثلاثا إن كانا للأبوين أو للأب ، وبالسوية إن كانا لأمّ.

وإن اختلف الوارث أو الاستحقاق أو هما ، فإن انقسم نصيب الميّت الثاني على ورثته صحاحا فلا كلام ، كزوج مات عن زوجة وابن وبنت ثمّ ماتت الزوجة عن ابن وبنت من غيره ، فلها ثلاثة من أربعة وعشرين ينقسم على وارثها من غير كسر.

وإن لم ينقسم على صحّة ، فإن كان بين نصيب الميّت الثاني من فريضة الأوّل وبين الفريضة الثانية وفق فاضرب وفق الفريضة الثانية ، لا وفق نصيب الميّت الثاني ، في الفريضة الأولى فما بلغ صحّت منه الفريضتان ، كأخوين من أمّ ، ومثلهما من أب ، وزوج ، ثمّ مات الزّوج عن ابن وبنتين ، فالفريضة الأولى اثنا عشر ، والثانية أربعة ، وبين سهمه وفريضته وفق بالنصف ، فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية وهو اثنان ، في اثني عشر لا من النصيب ، فما بلغ صحّت منه الفريضتان.

وإن تباين النّصيب والفريضة ، فاضرب الفريضة الثانية في الأولى فما

ص: 335

بلغ صحّت منه الفريضتان ، كزوج واثنين (1) من كلالة الأمّ ، وأخ من الأب ، ثمّ مات الزوج عن ابنين وبنت ، الفريضة الأولى ستّة والثانية ، خمسة ولا وفق بين نصيبه وفريضته ، فاضرب الخمسة في الستّة يبلغ ثلاثين ، ومنه تصحّ الفريضتان. (2)

ولو مات واحد من وارث الميّت الثاني قبل القسمة ، فالعمل كما تقدّم ، وهكذا.

ص: 336


1- في « أ » و « ج » : « واثنتين » والصحيح ما في المتن.
2- فرض كلالة الأمّ ( 3 / 1 ) ، وفرض الزوج ( 2 / 1 ) ، فالفريضة من (6). نصيب الزوج منها 6 * 2 / 1 = 3 لا ينقسم على ورثته ، لأنّ عددهم (5) فيضرب العدد في أصل الفريضة 5 * 6 = 30. نصيب كلالة الأُمّ 30 * 1/3 = 10، ونصيب الزوج 30 * 1/2 = 15، ونصيب كلالة الأب (5) ينقسم عليهم بلا كسر.

كتاب القضاء

اشارة

وفيه مطالب

ص: 337

ص: 338

[ المطلب ] الأوّل : في المقدّمات

اشارة

وهي ثلاثة :

[ المقدّمة ] الأولى : في التولية والعزل

وفيه مسائل :

الأولى : لا يولّي إلّا الإمام أو نائبه ، فلا يثبت بنصب أهل البلد ولا بنصب الجائر وإن ولى مستكمل الشرائط.

ويجب على الإمام تولية القضاء في البلاد ، ويجوز نصب قاضيين في بلد مشتركين ومنفردين إمّا كلّ واحد في جهة أو في نوع من القضاء ، ولا يصحّ اشتراط اتّفاقهما في الأحكام ، ومع التشريك فإن اتّفق الخصمان على واحد وإلّا تخيّر المدّعي.

وتجب الإجابة على جامع الشرائط ، ولو لم يعرفه الإمام عرّفه نفسه ، ولو لم يوجد سواه تعيّن ، ولو وجد غيره وجب على الكفاية إلّا أن يلزم الإمام أحدهما ، وفي استحباب طلبها توقّف.

ص: 339

ولا يجوز بذل المال ليلي القضاء.

ويجب على أهل البلد القبول ، فلو امتنعوا منه أو من التّرافع إليه قوتلوا حتّى يجيبوا.

ولفظ التولية : ولّيتك الحكم ، أو قلّدتك ، أو استنبتك ، أو استخلفتك ، أو فوّضت إليك ، أو رددت إليك الحكم.

وتثبت بسماعها من الإمام ، أو بشهادة عدلين ، أو بالاستفاضة ، ويثبت بها أيضا الملك المطلق ، والموت ، والنسب ، والوقف ، والنكاح ، والعتق ، ويكفي فيها الظنّ الغالب ، ولا تكفي الأمارة [ الظّنّية ] في قبول قوله.

ويجوز تولية المفضول.

وللقاضي الاستخلاف بإذن الإمام صريحا أو فحوى أو بشاهد الحال ، كاتّساع الولاية ، ويحرم لو أطلق ، أو نهاه عنها.

الثانية : ينفذ في الغيبة قضاء الفقيه الجامع للشرائط ، ويجب الترافع إليه ، ويعصي من يعدل إلى غيره من قضاة الجور ولو تعدّد القضاة (1) ، نعم يتعيّن الترافع إلى الأعلم ، ومع التساوي إلى الأورع ، ويرجّح الأعلم على الأورع.

الثالثة : يجوز أن يتراضى اثنان بحكم واحد من الرعيّة وإن كان في البلد قاض ، ويلزمهما حكمه ، ولا يختصّ بشي ء.

ويشترط فيه ما يشترط في القاضي ، ولا يشترط رضاهما بعد الحكم.

الرابعة : ينعزل القاضي بموت الإمام ، وبسقوط ولاية الأصيل ، وبحدوث

ص: 340


1- في « أ » : ولو تعدّد فكتعدّد القضاة.

مانع من الانعقاد ، كالفسق ، والعمى ، والجنون ، والإغماء ، وغلبة النسيان ، ولا تعود بزواله.

ويجوز العزل لمصلحة أو لوجود أكمل لا اقتراحا ، وينعزل عند بلوغ الخبر (1) ، ثمّ ينعزل بانعزاله كلّ منصوب من قبله.

ولو عزل بعد قيام البيّنة قبل الحكم ، ثمّ ولي أعيدت ، ولو خرج إلى غير ولايته ثمّ رجع لم تعد.

ولا يقبل قوله بعد العزل في القضاء قبله ، ولا شهادته مع غيره أنّ هذا حكم به قاض إن علم أنّه أراد نفسه ، وإلّا قبل ظاهرا.

ولو ادّعى على المعزول القضاء بشهادة فاسقين لم تقبل إلّا بالبيّنة ، وله إحلافه.

المقدّمة الثانية : في صفات القاضي

وهي البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، والعدالة ، والذكورة ، وطهارة المولد ، والعلم ، والكتابة ، والبصر ، والحريّة ، وغلبة الحفظ على النسيان ، وعدم الخرس ، لا الصّمم.

ويشترط أمانته ، ومحافظته على فعل الواجبات ، واستقلاله بشرائط الفتوى ، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ص: 341


1- في « أ » : عند بلوغه الخبر.

ولو اقتضت المصلحة تولية من لم يستكمل الشرائط جاز.

والحكم كالشهادة ، فلا ينفذ حكم الولد على والده ، والعدوّ على عدوّه ، وكذا أحد الخصمين على الآخر ، ويحكم الأب لولده وعليه ، والأخ على أخيه وله.

ومن يتعيّن عليه القضاء إن كان له كفاية لم يحلّ له الرزق من بيت المال ، وإلّا حلّ ، ومن لم يتعيّن جاز له الأخذ والأفضل الترك.

ولا يجوز أخذ الجعل من الخصمين وإن لم يتعيّن عليه وإن كان به ضرورة على الأقوى ، ولو انتفى أحدهما لم يجز قطعا.

ولا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على التحمّل والإقامة وإن لم يتعيّن عليه ، ويجوز أخذ مئونة السّفر.

ويجوز الأخذ من بيت المال للمؤذّن ، والقاسم ، والكاتب ، والمترجم وصاحب الديوان ، ووالي بيت المال ، والكيّال ، والوزّان ، ومعلّم القرآن والآداب.

المقدّمة الثالثة : في آداب القضاء

وهي أربعة أنواع :

الأوّل : يستحبّ أن ينادي بقدومه ، ويواعد الناس يوما لقراءة عهده ، ويتوسّط البلد ، ويتعرّف بمن يحتاج إلى معرفته ، ويجلس للقضاء في موضع متّسع بارز ، ويبدأ بأخذ ما في يد المعزول ، من حجج الناس ،

ص: 342

وودائعهم ، والمحاضر ، وهي نسخ ما ثبت عند الحاكم ، والسجلّات ، وهي نسخ ما حكم به.

ثمّ ينظر في حال المحبوسين ، فمن حبس بحقّ أقرّه ، ومن حبسه بظلم أطلقه ، ومن جهل حاله سأل عن حاله ، فإن قال : لا خصم لي نودي (1) عليه ، فإن لم يظهر له خصم حلّفه وأطلقه.

وإن قال : حبست ظلما ، طلب خصمه ، فإن امتنع أطلق ، وإن حضر طولب بالبيّنة ، فإن أقامها أقرّ ، وإلّا أطلق ، وإن كان غائبا كوتب بالحضور ، فإن لم يحضر أطلق.

ثمّ ينظر في حال الأوصياء ، وأموال الأيتام والمجانين ، ويعتمد على ما يجب من انفاذ أو تضمين أو إسقاط ولاية للبلوغ والرشد ، أو لظهور خيانة ، أو من ضمّ مشارك لظهور عجز ، أو استبدال لفسق ، وينفذ تصرّف الأمين.

ثمّ ينظر في أمناء الحكم ، الحافظين لأموال الأيتام ، والمجانين ، والمحجور عليهم ، والودائع والوصايا ، ويعتمد معهم ما يجب من إقرار ، أو إمضاء ، أو إعانة.

ثمّ ينظر في الضّوال واللقط ، فيبيع ما يخشى تلفه ، أو يستغرق نفقته قيمته ، ويستبقي ما عدا ذلك لأربابه ، ويسلّم إلى الملتقط ما عرفه حولا إن كان في غير يده.

ثمّ يجلس في أحسن هيئته على سكينة ووقار مستدبر القبلة.

ويحضر عنده من العلماء من عسى أن ينبّهه على الخطأ ، أو يوضح له ما يشكل عليه.

ص: 343


1- في « أ » : ينادي.

ويرتّب الكاتب ، والقاسم ، والوزّان ، ويرغّب في الصلح ، وينجز الحكم مع الامتناع.

الثاني : يكره اتّخاذ حاجب وقت القضاء ، والقضاء في المسجد دائما ، والانقباض المانع من اللحن بالحجّة ، أو اللين المفضي إلى جرأة الخصوم ، ومع كلّ شاغل للنفس كالغضب ، والوجع ، والجوع ، والعطش ، والغمّ ، والفرح ، والنعاس ، ومدافعة الأخبثين ، ولو قضى مع ذلك نفذ إن كان حقّا وإلّا ضمن ما يتلف من بيت المال ، وأن يتولّى البيع والشراء لنفسه وأن يرتّب للشهادة قوما معيّنين ، وأن يضيف أحد الخصمين دون الآخر ، وأن يشنع في إسقاط أو إبطال ، وأن يحضر وليمة الخصوم ، ولا بأس بوليمة غيرهم إذا لم يقصد بالدّعوة. (1)

الثالث : يجب إعداء من استعدى ، فإن كان الغريم حاضرا ، استدعاه وإن لم يحرّر الدعوى وإن لم يعلم بينهما معاملة ، وإن كان غائبا حرّر الدعوى ، ثمّ يستدعيه إن كان في بعض ولايته ولا خليفة له فيها ، وإلّا أثبت الحكم عليه بالحجّة ، ولو امتنع من الحضور أو التوكيل جاز الحكم عليه.

والمرأة إن كانت برزة حضرت وإلّا وكّلت ، وإلّا بعث إليها من ينوبه في الحكم ، ولو ثبت عليها يمين بعث وكيله يحلّفها بحضور شاهدين.

وإن تساوى الخصمان في الإسلام والكفر ، وجب على الحاكم التسوية في القيام ، والسلام ، والنظر ، والإكرام ، والجلوس ، والخطاب ، والإنصات ، والعدل في الحكم ويجوز رفع المسلم على الذّمي في المجلس ، وكون المسلم جالسا والذّمي قائما.

ص: 344


1- في القواعد : 3 / 429 مكان العبارة : « إذا لم يكن هو المقصود بالدّعوة ».

ولا تجب المساواة في الميل القلبي.

وإذا حضر الخصمان قال : ليتكلّم المدّعي فإن احتشماه أمر من يقول ذلك.

فإن سبق أحدهما بالدعوى سمع منه ، وإن بدرا سمع من الّذي عن يمين صاحبه.

ولو ازدحم الخصوم قدّم السابق في الورود ، فإن تساووا أقرع.

ويقدّم السابق بخصومة واحدة وإن اتّحد المدّعي.

ويقدّم المسافر المستوفر ، والمرأة.

ولو ازدحموا على المفتي فكالقاضي.

ولو كان على المدرّس ، فإن كان العلم غير واجب تخيّر في التقديم ، وإلّا قدّم السابق ، ومع التساوي يقرع.

الرابع : تحرم الرّشوة وإن حكم بحقّ ، ويأثم باذلها إن توصّل بها إلى باطل ، ويجب ردّها ، فإن تلفت فبدلها ، وفي هدية غير المعتاد توقّف ، وتلقين الخصم بما يضرّ خصمه ، وهدايته إلى وجوه (1) الحجاج ، وأن يثبّط المقرّ عن الإقرار لا في حقّه تعالى ، وأن يسمع دعوى المدّعى عليه قبل إنهاء الحكومة.

ولو ادّعى مدّعي على القاضي رافعه إلى الإمام ، فإن لم يكن فإلى خليفته إن كان في ولايته ، وإلّا فإلى قاضي تلك الولاية.

ولو ادّعى على الشاهدين بالتزوير غرما مع الاعتراف ، وإلّا فعليه البيّنة ، وله مع فقدها اليمين.

ص: 345


1- في « أ » : وجه.

المطلب الثاني : في كيفيّة الحكم

اشارة

وفيه مباحث

[ المبحث ] الأوّل : في مستنده وصورته

للإمام أن يقضي بعلمه في حقّ اللّه تعالى وغيره إجماعا ، وكذا غيره على الأقوى ، ولا فرق بين حصول العلم في زمان ولايته وغيره ، ولو فقد العلم افتقر إلى الحجّة ، فإن علم عدالة الشاهدين حكم مع سؤال المدّعي ، وإن علم فسقهما لم يحكم ، وإن جهل طلب المزكّي ولا يكفي حسن الظنّ ، ولا الإسلام ، ولا اعتراف الخصم بعدالتهما.

ولو تعذّرت التزكية توقّف.

وصورة الحكم أن يقول : حكمت عليك بكذا ، أو قضيت ، أو أنفذت ، أو أمضيت ، أو ألزمتك ، أو اخرج من حقّه ، أو ادفع إليه ماله بخلاف « ثبت عندي حقّك » أو « دعواك ثابتة شرعا ».

ص: 346

المبحث الثاني : في كيفية الاستشهاد

إذا حضرت البيّنة سألها الحاكم بإذن المدّعي إن علم أنّ ذلك حقّ له ، وإلّا ابتدأ بسؤالها ، (1) ويشترط توافق الشاهدين وموافقتهما للدّعوى ، فلو ادّعى على زيد بقبض مائة ، فشهد أحدهما بذلك والآخر بقبض ما قيمته ذلك ، أو أحدهما بقبضه والآخر بقبض وكيله ، سقطت.

ومع التوافق والعدالة يقول للغريم : إن كان عندك جارح فاذكره ، فإن سأل الإنظار أنظره ثلاثة أيّام ، فإن لم يأت به حكم عليه بعد سؤال المدّعي.

وإن ارتاب سأل كلّ واحد منفردا عن الزمان والمكان والكيفية ، فإن توافقا حكم وإلّا أبطلها.

ولو أسقط حقّه من البيّنة ورضي باليمين جاز.

ولو طلب إحلافه ثمّ يقيم البيّنة لم يجب.

ولو ادّعى غيبة البيّنة خيّره الحاكم بين الصبر والإحلاف ، وليس له مطالبته بكفيل ولا ملازمته ، وكذا لو أقام شاهدا واحدا.

ويحرم على الحاكم أن يتعتع الشاهد بمداخلته في الكلام ، وأن يتعقّبه ليستدرجه ، وأن يرغّبه في الإقامة أو يزهّده فيها.

ص: 347


1- في « ب » و « ج » : بسؤالهما.

ويكره أن يعنّت الشهود وأن يفرّقهم إذا كانوا من أهل البصائر ، ويستحبّ في موضع الريبة.

ولا يستحلف المدّعي مع البيّنة إلّا أن تكون الشهادة على ميّت ، فيحلف على بقاء الحقّ في ذمّته ، وكذا لو أوصى له بدين في مرض الموت ومضى زمان يمكن فيه الأداء أو الإبراء.

ويجب ضمّ اليمين أيضا إن شهدت على صبيّ أو مجنون أو غائب ، ويكفي مع الشاهد يمين واحدة ، ثمّ يدفع من مال الغائب بكفيل.

ولا يشترط في سماع البيّنة حضور المدّعى عليه وإن كان في البلد.

المبحث الثالث : في التزكية والجرح

يجب الاستزكاء إذا جهل القاضي الشهود وإن سكت الخصم ، لأنّه حقّ اللّه تعالى ، ولا يتوقّف على طعن الخصم.

ويشترط في المزكّي زائدا على صفات الشاهد الخبرة الباطنة المتكرّرة ، لا معرفة قدر المال ولا المعاملة ، ولا ذكر السبب.

ولفظها : أشهد أنّه عدل مقبول الشهادة ، ويكفي الثاني دون الأوّل ، فربّ عدل لا تقبل شهادته كالمغفّل ، ولا يكفي لا أعلم منه إلّا خيرا.

ولا يجب أن يقول : عليّ ، ولي.

وليس له حبس الغريم قبل التعديل بل ولا مطالبته برهن أو كفيل.

ص: 348

ولا يجرح إلّا مع العلم بموجب الجرح ، ويجب تعيين سببه ، ويكفي فيه المرّة ، ولو فسّره بالزّنا لم يصر قاذفا.

ولو اختلف الشهود في الجرح والتعديل ، قدّم الجرح ، ومع التعارض يقف الحاكم.

ولو رضى الخصم بشهادة الفاسق لم يجز أن يحكم.

وإذا ثبتت العدالة حكم بها ، ولو ارتاب بعد التزكية لم يلتفت.

المبحث الرابع : في نقض الحكم

اشارة

من حكم بحكم يخالف دليلا قطعيّا كالكتاب والسنّة المتواترة أو الإجماع وجب عليه نقضه ، وكذا على غيره ، ولا ينقضه لو خالف دليلا ظنيّا إلّا أن يقع [ الحكم ] خطأ ، ولو تجدّد له بعد الحكم اجتهاد مناف للأوّل لم ينقضه ، ولو تجدّد قبل الحكم حكم بالثاني.

وليس له تتبّع قضايا من سبقه ولا قضايا معاصريه ، وليس عليه تتبّع قضاياه الماضية.

ولو ادّعى المحكوم عليه خطأ الحاكم السابق نظر فيه.

ص: 349

تتمّة

ينفذ الحكم ظاهرا لا باطنا ، فلو علم المحكوم عليه بطلان الحكم لم يحلّ له المحكوم به مالا أو غيره ، فلو أقام شاهدي زور بزوجيّة امرأة فحكم له ، لم يحلّ له وطؤها ، وعليه المهر والحدّ إلّا أن يعتقد الإباحة بذلك ، وعلى المرأة الامتناع بحسب الإمكان ، ولها إنكاح غيره في الباطن.

ولو شهد على طلاقه فاسقان ظاهرهما العدالة ، فحكم به لم تحلّ لهما ولا لمن يعلم فسقهما.

وينبغي للحاكم أن يجمع قضايا كلّ اسبوع ووثائقه وحججه ثمّ الشهر ثم السنة ، ويكتب عليها تاريخها ، ثمّ يختم عليه ليأمن التغيير.

ص: 350

المطلب الثالث : في الدعاوي وتوابعها

اشارة

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] المدّعي

هو الّذي يترك لو سكت ، أو الّذي يدّعي خلاف الأصل ، أو الظاهر ، والمنكر بخلافه ، (1) فلو ادّعى زيد دينا في ذمّة عمرو فأنكر ، فزيد يترك لو سكت ، ويذكر خلاف الأصل والظاهر.

ولو أسلما قبل الوطء فادّعى الزّوج التقارن فالنّكاح باق ، وادّعت المرأة التعاقب (2) فلا نكاح.

فعلى التفسير الأوّل المرأة مدّعية ، لأنّها تترك لو سكتت ، ويستمرّ النكاح ، والزوج مدّعى عليه ، لأنّه لا يترك لو سكت ، وكذا على الثاني ، لأنّ الأصل بقاء النكاح ، وعلى الثالث الزّوج مدّع ، لأنّ الظاهر عدم التقارن ، والمرأة مدّعى عليها لموافقتها الظاهر.

ص: 351


1- في « أ » : بإزائه.
2- في « أ » : ولو ادّعت المرأة التعاقب.

وتقديم (1) قول الودعيّ في الردّ رخصة وإن كان مدّعيا بكلّ وجه لتحصيل الرغبة (2) في الاستيداع (3).

ويشترط في المدّعي التكليف ، وأن يدّعي لنفسه أو لموكّله ، أو لوصّيه (4) ، أو لمولّى عليه ، وهو الأب أو الجدّ له ، أو الوصيّ ، أو الحاكم أو أمينه.

و [ يشترط ] في الدّعوى الصحّة واللّزوم والعلم والجزم ، فلا تسمع دعوى الوقف والهبة قبل القبض ، ولا مع الظنّ والتهمة.

و [ يشترط ] في المدّعى به صحّة التملك ، والتصريح بالملك ، فلا تسمع دعوى المسلم خمرا أو خنزيرا ، ولا هذه بنت أمتي وإن قال : ولدتها في ملكي ، وكذا : هذه ثمرة نخلي ، ولا تسمع البيّنة بذلك حتّى يصرّح بالملك.

ولو قال : هذه بنت أمته ، لم يكن إقرارا ، بخلاف : هذا الغزل من قطنه.

وتسمع الدّعوى بالمجهول كفرس وثوب ، كما يقبل الإقرار به والوصيّة به ، وقال الشيخ لا تسمع. (5)

فيجب ضبط المثلي بصفاته ، ولا يفتقر إلى ذكر قيمته ، وذكرها أحوط ، والقيمي بقيمته ، والأثمان بذكر الجنس والقدر والنّقد.

ولا يشترط الكشف في شي ء من الدعاوي إلّا في القتل ، ولو ادّعت

ص: 352


1- في « ج » : ويقدّم.
2- في « أ » و « ج » : لتحصّل الرغبة.
3- لمّا كان قبول قول المدّعي على خلاف القاعدة ، أشار المصنّف إلى أنّ قبوله في الودعيّ لدليل شرعيّ رخّص فيه قبول قوله لتحصيل الرغبة في الإيداع.
4- في « أ » : « لوصيّه » وهو مصحّف.
5- المبسوط : 8 / 156.

انّه زوجها كفى في دعوى النكاح وإن لم تدّع شيئا من حقوق الزوجيّة ، فلو أنكر ولا بيّنة حلف ولا نكاح ، وإن نكل حلفت ، وثبت النكاح ، وكذا لو كان هو المدّعي.

ولو ادّعى فسق الحاكم ، أو الشهود ، وعلم المحكوم له ، فالأقرب عدم السماع.

الفصل الثاني : في جواب الدعوى

ويطالب الحاكم المدّعى عليه بالجواب بعد التحرير والتماس المدّعي إن علم أنّه حق له ، وإلّا جاز بدون التماسه.

ثمّ إمّا أن يقرّ ، فيلزم بالحقّ إن كان جائز التصرّف ، ويحكم عليه بمسألة المدّعي.

ولو التمس كتابة حجّة أو محضر عليه أجيب إن عرفه باسمه ونسبه ، أو شهادة عدلين ، ويجوز الاكتفاء بالحلية ، وثمن القرطاس من بيت المال ، ومع عدمه من المدّعي.

ولو ادّعى الإعسار ، فإن ظهر صدقه أنظر ولا يدفع إلى غرمائه ليستعملوه أو يؤاجروه ، وإن ظهر كذبه حبس حتّى يخرج من الحقّ.

وإن جهل حاله فكتفصيل المفلّس.

وللمقرّ أن يمتنع من التسليم حتّى يشهد ، ولا يجب دفع الحجّة ولا

ص: 353

دفع كتاب الأصل إلى المشتري ، إلّا أن يشترط دفعه ، ولو طلب انتساخه أجيب.

وإمّا أن ينكر ، فيقول الحاكم للمدّعي : ألك بيّنة؟ ولو عرف أنّه موضع المطالبة بالبيّنة سكت الحاكم حتّى يسأله ، فإن كان له بيّنة أمر بإحضارها ، وإلّا عرّفه أنّ له اليمين ، فإن سأل إحلافه حلّفه الحاكم دون غيره ، فلو أحلفه ابتداء ، أو تبرّع بها المنكر لغت ، فإذا حلف سقطت الدعوى ، ولم يجز للمدّعي مطالبته ولا مقاصّته وإن كان المدعي محقّا ، إلّا أن يكذب نفسه ، ولا تسمع دعواه ولا بيّنته وإن نسيها أو جهل بها ، سواء شرط سقوط الحقّ باليمين أو لا ، وكذا لو أقام بعد الإحلاف شاهدا وبذل معه اليمين.

وللحالف أن يكتب محضرا بيمينه بعد معرفته ، أو ذكر حليته.

ولو ردّ اليمين على المدّعي ، فإن حلف ثبت دعواه ، وإن نكل سقطت.

وإن امتنع [ المنكر ] من اليمين والردّ ، قضى عليه بالنكول ، وهو أن يقول : إن حلفت وإلّا جعلتك ناكلا ، ثلاثا (1) استظهارا لا فرضا ، ولو بذل اليمين بعد النكول لم يلتفت إليه.

ولو ادّعى الغريم الجهل بحكم النكول قبل إن احتمل في حقّه وإلّا فلا ، وقيل : بل يردّ اليمين على المدّعي ، فإن حلف ثبت دعواه وإلّا سقطت إلّا أن يأتي بيّنة ، ولو طلب الإمهال أجيب ، بخلاف المنكر.

وليس للمدّعي إلزام المنكر بإحضار المال قبل اليمين ، ولو بذل المنكر اليمين قبل حلف المدّعي أجيب.

ص: 354


1- أي ثلاث مرّات.

وإمّا أن يسكت ، فإن كان عنادا حبس حتّى يجيب ، وكذا لو قال : لا أجيب ، وإن كان لآفة توصّل الحاكم إلى فهمه.

ولو احتاج إلى المترجم وجب اثنان ، ويشترط فيهما الذكورة والعدالة ، وفي الكاتب التكليف والإسلام والعدالة ، ويستحبّ أن يكون فقيها.

الفصل الثالث : في الاستحلاف

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] المحلوف به

وهو اللّه تعالى ، سواء كان الحالف مسلما أو كافرا ، ويجوز الحلف بالأسماء الخاصّة ، ولا يجوز بغير ذلك من كتاب ، أو نبيّ ، أو إمام ، أو مكان شريف ، ولا بالأبوين.

ويجوز تحليف الذمّي بما هو أردع في دينه.

وصورتها : واللّه ما له قبلي حقّ ، ويجوز التغليظ بالقول والزمان (1) والمكان في جميع الحقوق إلّا المال ، فيشترط بلوغه نصاب القطع.

ويغلّظ على الكافر بما يعظم عنده.

ولا يجبر الممتنع من التغليظ.

ومحلّها مجلس الحكم إلّا مع العذر كالمريض وغير البرزة ، فيستنيب الحاكم حينئذ (2).

ص: 355


1- في « ب » و « ج » : أو الزمان.
2- فى « أ » : فيستنيب الحاكم به.

ويشترط مطابقة الدّعوى والإنكار ، ووقوعها بعد التماس الخصم وعرض الحاكم.

ويستحبّ للحاكم تقديم العظة والتخويف من معاقبة اليمين.

المبحث الثاني : [ في ] الحالف
اشارة

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا عبرة بيمين الصبيّ ، والمجنون ، والمكره ، والمغمى عليه ، والسكران ، والنائم ، والغافل.

ولا يشترط العدالة ، ولا الإسلام ، ولا الذكورة.

ولا يستحلف القاضي المنصوب ، ولا الشاهد ، ولا منكر الوكالة ، سواء كان الحقّ عينا أو دينا ، وإنّما يحلف من إذا أقرّ ألزم ، فلو ادّعى بدين على الموصي أو على الموكّل ، لم يكن له تحليف الوصيّ والوكيل.

ولا يمين في حدّ إلّا في القذف لتعلّقه بحقّ الآدميّ.

ويحلف منكر السرقة لإسقاط الغرم ، ولو نكل حلف المدّعي ويثبت الغرم دون القطع ، وكذا لو أقام شاهدا وحلف معه.

ويصدّق مدّعي إبدال النّصاب في الحول ، ومدّعي الإسلام قبل الحول ، ومدّعي نقصان الخرص بغير يمين.

ولو أعرض عن بيّنته وقنع باليمين أجيب ، وله الرجوع قبل الحلف.

ولو ادّعى على مملوك فالغريم مولاه في دعوى المال والجناية إن تعلّقت برقبته أو كسبه ، وإلّا فالجواب عليه ، فإن حلف سقطت الدعوى ،

ص: 356

وإن نكل قضي عليه بالنكول ، أو بردّ اليمين على المدّعي على قول ، ويتبع بعد العتق.

ويمين الأخرس بالإشارة.

تنبيه

الحالف إمّا منكر مع عدم البيّنة أو معها إذا رضي المدّعي باليمين ، وإمّا مدّع مع الردّ أو النكول على قول ، ومع الشاهد ومع اللّوث في الدم ومع البيّنة في الميّت والغائب.

المبحث الثالث : في كيفية اليمين
اشارة

ويلزمه الحلف على القطع إثباتا ونفيا في فعل نفسه ، وإثباتا في فعل غيره ، وفي نفي فعل غيره يحلف على عدم العلم ، ولا يحلف على الظنّ وإن استند إلى قول عدل أو قرينة حال ، ولا يكفي وجود خطّه وإن حفظه وأمن التزوير ، ولا خطّ مورّثه.

والنيّة نيّة المحقّ منهما ، فلو ألزمه المبطل باليمين ورّى.

والنيّة نيّة الحاكم ، فلو ورّى الحالف (1) لم يصحّ ، ويبطلها الاستثناء.

ولا يمين على الوارث إلّا أن يدّعي عليه العلم بموت الموروث وثبوت

ص: 357


1- في « أ » : « فلو ورّى الحاكم » والصحيح ما في المتن. قال العلّامة في القواعد : 3 / 447 : والنيّة نيّة القاضي ، فلا تصحّ تورية الحالف ، ولا قوله : إن شاء اللّه في نفسه.

الحقّ ، وأنّه ترك في يده مالا ، فلو وافقه على جهل أحدها لم يتوجّه عليه اليمين.

ويحلف في الأوّلين على نفي العلم وفي الأخير على البتّ.

ولو ادّعى قبض وكيله حلف على نفي العلم.

ويكفي المنكر الحلف على نفي الاستحقاق ، ولو ادّعى الإقباض أو الإبراء انقلب مدّعيا والمدّعي منكرا ، فيكفيه الحلف على بقاء الحقّ ، ولو حلف على نفي ذلك كان آكد وليس لازما.

ولا يحلف لإثبات مال غيره ، فلو أقام غريم الميّت شاهدا بمال له حلف الوارث وإن استوعب الدين التركة ، فإن امتنع [ الوارث ] لم يجبر ، ولا يحلف الغريم وكذا المرتهن ، فلو أقام شاهدا بملكيّة الرّهن للراهن وامتنع من اليمين لم يجبر.

ولا يكفي المنكر يمين واحدة مع تعدّد المدّعي إلّا أن يرضوا بالواحدة على توقّف.

وتنقطع الخصومة باليمين وإن كان كاذبا ، لكن لا تبرأ ذمّته.

تتمّة

إذا ادّعى الوصيّ على الوارث أنّ الميّت أوصى بخمس أو زكاة أو وليّ اليتيم على إنسان بمال له فأنكر ، لم يكن لهما الردّ ، بل يحبس الوارث حتّى يحلف ، أو يقرّ.

ويؤخّر غريم اليتيم حتّى يبلغ ويحلّفه.

ص: 358

ولو أقام الوصيّ أو وليّ اليتيم شاهدا لم يحلفا ، بل يفعل كالأوّل.

ولو أقام شاهدا بدين للميّت ولا وارث له غير الإمام ، حبس الغريم حتّى يحلف أو يقرّ ، ولم يحلف الإمام.

ولو ادّعى الصبيّ الاحتلام صدّق بغير يمين ، وكذا لو ادّعى الأسير الإنبات بعلاج ولا يسمع منه في غير ذلك إلّا بالبيّنة.

الفصل الرابع : في الشاهد واليمين

اشارة

ويثبت بهما المال أو ما غايته المال ، كالدين والقرض ، والغصب ، وعقود المعاوضات ، وجناية الخطأ ، وشبيه العمد ، وقتل الأب ابنه ، والحرّ العبد ، وكسر العظام ، والجائفة ، والمأمومة ، والمنقلة ، وفي النكاح إن ادّعته المرأة ، والوصيّة له ، والوقف.

ولا يقبل في الطلاق ، والخلع ، والرجعة ، والقذف ، والقصاص ، والولاء ، والردّة ، والنسب ، والوصيّة إليه ، والعتق ، والتدبير ، والكتابة ، والوكالة ، وعيوب الرّجل والمرأة.

ولو اشتمل الحقّ على الأمرين كالسرقة ثبت المال دون القطع.

ويشترط تقديم الشهادة والتعديل على اليمين ، فلو قدّمت أعيدت ، والحكم بهما ، فلو رجع الشاهد بعده غرم النّصف.

ولو كان المدّعي جماعة حلف الجميع ، فمن حلف ثبت حقّه

ص: 359

دون الممتنع ، ولا يحلف ولد الناكل بالشهادة السابقة إلّا في الوقف ، ولو مات قبل النكول فله أن يحلف ، ولا تجب إعادة الشهادة.

ولو ادّعى الورثة مالا لمورّثهم احلفوا مع شاهدهم ، وقسّم بينهم على الفريضة ، ولو كان وصيّة قسّم بالسويّة إلّا مع التفضيل ، ولا يشارك الممتنع الحالف في المسألتين.

ولو كان أحد الورثة صبيّا أو مجنونا وقف نصيبه ليحلف بعد الكمال ، فإن حلف استحقّ وإلّا فلا.

ولو مات قبله فللوارث الحلف.

وليس للوليّ قبل الكمال المطالبة بكفيل ، ولا يشارك الحالف إلّا أن يحلف بعد الكمال.

فروع

الأوّل : لو قال : هذه مملوكتي وأمّ ولدي ، وأقام شاهدا حلف معه ، وثبت ملكها دون نسب الولد ، ويثبت الاستيلاد بإقراره.

الثاني : لو ادّعى أنّه أعتق العبد الّذي في يد غيره في ملكه ، لم يحلف مع شاهده ليثبت حرّيته.

الثالث : لو ادّعى بعض الورثة أنّ الميّت وقف الدار عليهم وعلى نسلهم ، فإن حلفوا مع الشّاهد قضي بالوقف ، وإن امتنعوا حكم بها ميراثا ، وكان نصيب المدّعين وقفا.

ص: 360

ولو حلف البعض ثبت نصيبه وقفا ، وكان الباقي طلقا ، تنفذ منه الديون والوصايا ، والفاضل ميراث ، والحاصل منه للمدّعين يكون وقفا.

ولو انقرض الممتنع ، فللبطن الثاني الحلف مع الشاهد ، ولا يبطل حقّه بنكول الأوّل ، فإنّهم يأخذون عن البطن الأولى ، وقد ثبت الوقف لها.

الرابع : لو ادّعى الوقف عليه وعلى أولاده وقف ترتيب وحلف مع الشاهد ، قضي لهم ، ولا يلزمهم يمين أخرى ، وكذا لو انقرض البطون وصار إلى الفقراء.

ولو كان وقف تشريك افتقر البطن الثاني إلى يمين أخرى ، لأنّها تأخذ عن الواقف ، فهي كالموجودة وقت الدّعوى.

فلو ادّعى ثلاثة إخوة تشريك الوقف عليهم وعلى أولادهم ، وحلفوا مع الشاهد ثمّ صار لأحدهم ولد ، صار الوقف أرباعا ، فيوقف له الربع ، فإذا كمل (1) وحلف أخذه ، وإن امتنع قيل (2) : يرجع [ الربع ] إلى الإخوة ، ويحتمل صرفه إلى الناكل ، لاعتراف الإخوة له باستحقاقه.

ولو مات أحد الإخوة قبل بلوغ الطفل ، عزل له الثلث من حين الوفاة ، فإن حلف بعد الكمال أخذ الجميع ، وإن نكل فالربع إلى حين الوفاة لورثة الميّت وللأخوين ، والثلث من حين الوفاة للأخوين ، وفيه الاحتمال (3).

أمّا لو أكذب الناكل الوقف لم يردّ عليه شي ء قطعا ، ويصرف إلى الأخوين أو إلى ورثة الواقف على توقّف.

ص: 361


1- في « ب » و « ج » : فإذا أكمل.
2- القائل هو الشيخ في المبسوط : 8 / 201.
3- لاحظ القواعد : 3 / 452.

المطلب الرّابع : في اللواحق

اشارة

وفيه مقاصد

[ المقصد ] الأوّل : في الحكم على الغائب

يقضى على الغائب عن مجلس الحكم مسافرا كان أو حاضرا ، ولا يشترط في الحاضر تعذّر حضوره ، ولا يقضى على من في المجلس إلّا بعد إعلامه.

وإنّما يقضى [ على الغائب ] في حقوق النّاس لا في حقوق اللّه تعالى ، لأنّها مبنيّة على التخفيف.

ولو اشتمل على الحقّين كالسرقة قضي بالمال دون القطع.

ولا بدّ مع البيّنة من اليمين على عدم الاعتياض والإبراء.

ثمّ إن كان الحقّ دينا بيع ماله فيه ، وإن كان عينا سلّمت إليه ، ولا يدفع إليه شي ء إلّا بكفيل.

وإن كان المحكوم به غائبا ضبط بما يميّزه عن غيره ، أو ذكرت قيمته.

ص: 362

ولو كان المدّعي وكيلا لم يحلف بل يسلّم إليه الحقّ بكفيل ، ثمّ إن حلف موكّله وإلّا استعيد منه.

ولو ادّعى الغريم التسليم إلى الموكّل ، أو الإبراء لم ينفعه إلّا بالبيّنة.

ولوليّ الطفل أو المجنون أخذ المال مع البيّنة والكفيل.

ثمّ إنّ الغائب على حجّته ، فإذا حضر وادّعى القضاء أو الإبراء كلّف إقامة البيّنة (1) ، وإلّا حلف الغريم.

ولو ادّعى فسق الشهود كلّف البيّنة على فسقهم حال الشهادة أو الحكم ، فإذا ثبت ذلك نقض الحكم ، واسترجع ما أخذ من ماله.

المقصد الثاني : في كتاب قاض إلى قاض

اشارة

لا عبرة (2) بإنهاء الحكم إلى قاض آخر بالكتابة وإن ختم ، لإمكان التشبيه ، وكذا لو قال لشاهدي الإنهاء : إنّ ما في القبالة حكمي.

ولو قال المقرّ للشاهد : إنّي عالم بما في القبالة ، فاشهد عليّ به ، جاز إن حفظها الشاهد.

ويصحّ الإنهاء بالقول أو بالشهادة (3) ، أمّا القول فهو أن يخبر أحدهما

ص: 363


1- في « ب » و « ج » : كلّف البيّنة.
2- في « أ » : ولا عبرة.
3- في « أ » : وبالشهادة.

الآخر بالحكم ، وأمّا الشهادة فهو أن يشهد على حكمه شاهدين حضرا الواقعة ، ولو لم يحضرا بل حكى لهما الدّعوى والحكم ، وأشهدهما عليه صحّ أيضا ، فإذا شهدا عند آخر بذلك أنفذه لا أنّه يحكم بصحّته ، والفائدة قطع المنازعة ، فلو أخبره بالثبوت عنده أو أشهد شاهدين بالثبوت عنده لم ينفذه الثاني.

ولا يقدح في الإنفاذ تغيّر حال الأوّل بموت أو عزل ، ويقدح لو تغيّرت بفسق ، ولا ينتقض ما أنفذه قبل فسقه.

ولا عبرة بتغيّر حال الثاني ، فيجوز ، للشاهد على الحكم إقامة البيّنة عند غيره ، وكذا لو لم تتغيّر.

تتمّة

يجب أن يضبط الشاهدان المشهود به بما يرفع الجهالة ، وأن يذكرا اسم المحكوم عليه (1) ، واسم أبيه وجدّه أو حليته بحيث يتميّز ، فإن أقرّ المسمّى أنّه المحكوم عليه ألزم ، وإن أنكر أنّه مسمّى بذلك الاسم حلف إلّا أن يقيم المدّعي بيّنة أنّه هو ولو حلف أنّه لا يلزمه شي ء لم يقبل ، وإن نكل حلف المدّعي وألزم ، وإن أنكر أنّه المشهود عليه ، وأظهر المساوي في النسب ، فإن اعترف أطلق الأوّل ، وإلّا وقف الحاكم (2).

ص: 364


1- في النسخ الّتي بأيدينا : « وأن يذكر اسم المحكوم عليه » وما أثبتناه يقتضيه السياق.
2- في « أ » : توقّف الحاكم.

ولو كان ميّتا ، فإن ظهرت أمارة براءته لم يلتفت إليه ، وإلّا وقف الحاكم حتّى يتبيّن.

ولو كانت الشهادة بالحلية المشتركة غالبا ، فالقول قول المنكر مع اليمين.

ولو كان الاشتراك نادرا ، فالقول قول المدّعي مع اليمين.

وللمشهود عليه الامتناع من التسليم حتّى يشهد القابض وإن لم يكن بالحقّ بيّنة (1)

المقصد الثالث : في التوصل إلى الحقّ

من ادّعى عينا في يد غيره فله انتزاعها ولو قهرا ، وإن لم يثبت عند الحاكم ولا أذن له ما لم يثر فتنة ، أمّا الدّين فإن كان الغريم مقرّا باذلا لم يجز له الأخذ إلّا بإذنه ، وإن استمهله زمانا يسيرا فكذلك ، ولو كان منكرا أو مقرّا غير باذل ، فإن أمكن إثباته عند الحاكم جاز الأخذ على الأقوى ، وإلّا جاز الأخذ قطعا ، فإن وجد من جنس حقّه استقلّ بالاستيفاء والاقتصاص وإن كان وديعة عنده.

وإن وجد من غير جنسه أخذه بالقيمة العادلة ، وله بيعه وقبض ثمنه عن دينه ، ولو تلف قبل البيع ففي الضمان توقّف ، فإن قلنا به تقاصّا (2).

ص: 365


1- حاصل مراده انّه لو شهدت البيّنة على وجود عين أو دين عند زيد ، فللمشهود عليه ، أن يمتنع عن التسليم حتّى يشهد القابض على ذلك ، وله أيضا ذلك إذا ثبت الحقّ بلا بيّنة ، حسما لمادّة النزاع ، وإلى هذا أشار المؤلّف بقوله « وإن لم يكن بالحقّ بيّنة ».
2- أي لو قلنا بضمان القابض يجوز التّقاص ، قوله : « تقاصّا » صيغة التثنية. لاحظ المبسوط : 8 / 311.

ومن ادّعى ما لا يد لأحد عليه قضي له به ، ومنه كيس بين يدي جماعة فيدّعيه أحدهم.

ولو انكسرت سفينة في البحر ، فما أخرجه البحر لأهله ، وما أخرج بالغوص لمخرجه مع الإعراض عنه وكونه في تهلكة.

المقصد الرابع : في القسمة

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في حقيقتها

وهي تمييز الحقوق ، وليست بيعا وإن اقتضت ردّا ، ثمّ إن انتفى الضّرر والردّ أجبر الممتنع ، ويسمى قسمة إجبار ، وإن اشتملت على أحدهما لم يجبر الممتنع ، ويسمّى قسمة تراض ، ولو تضمّنت إتلاف العين منعهما الحاكم وإن رضى الشركاء.

ولو طلب أحدهم المهاياة في الأجزاء أو الزمان (1) لم يجبر الممتنع ، ولو اتّفقوا جاز لكن لا تلزم ، ولو استوفى أحدهم أغرم الأجرة.

وإذا (2) امتنعت القسمة انتزعه الحاكم وآجره عليهما إن كان له أجرة.

ص: 366


1- في « ب » و « ج » : في الأجزاء والزّمان.
2- في « أ » : وإن.
المبحث الثاني : في القاسم

يستحبّ للإمام نصبه ، ويعتبر فيه الكمال ، والإيمان ، والعدالة ، ومعرفة الحساب ، لا الحريّة ، ولا يراعى ذلك فيمن تراضى به الخصمان ، ويجوز التراضي بأنفسهم.

ويجزئ القاسم الواحد إلّا أن يشتمل على ردّ فيجب اثنان إلّا مع رضى الشريكين بواحد.

وتلزم قسمة من نصبه الإمام بنفس القرعة ، وغيره يقف اللزوم بعدها على التّراضي.

وأجرة القاسم من بيت المال ، فإن تعذّر فعلى المتقاسمين ، فإن استأجره كلّ واحد بأجرة لزمته ، وإن استأجراه في عقد فإن عيّن نصيب كلّ واحد فذاك ، وإلّا كانت عليهم بنسبة الحصص ، وإن لم يقدّروا أجرة فعليهم أجرة المثل بالنسبة.

المبحث الثالث : في المقسوم

وهو إمّا مثليّ ، وهو متساوي الأجزاء كالحبوب والأدهان ، وإمّا قيميّ ، وهو مختلف الأجزاء كالعقار والحيوان.

فالأوّل يجبر الممتنع على قسمته ، ويقسّم كيلا ووزنا ، متساويا أو متفاوتا ، ربويّا وغيره.

ص: 367

ولو تعدّدت أنواعه فإن طلب أحد الشركاء قسمة كلّ نوع أجبر الممتنع ، وإن طلب قسمة بعضها في مقابلة بعض لم يجبر.

وأمّا الثاني فإن تضرّر الجميع لم تجز القسمة ، ولم يجبر الممتنع ، وإن لم يتضرّر الجميع ، أجبر الممتنع ، وإن تضرّر البعض فإن طلبها المتضرر أجبر الممتنع دون العكس.

ويتحقّق الضرر بنقص القيمة.

ويقسّم الثوب قسمة إجبار إذا لم تنقص قيمته بالقطع ، وإلّا فلا.

وتقسم الثياب والعبيد بعد التعديل بالقيمة قسمة إجبار.

ولو كان لدار علو وسفل فطلب أحد الشركاء قسمتها بحيث يحصل له نصيب من العلوّ والسّفل مع التعديل جاز ، وأجبر الممتنع.

ولو طلب أحدهما الانفراد بالعلوّ أو السّفل لم يجبر الآخر ، وكذا لو طلب قسمة كلّ واحد منهما منفردا أو قسمة أحدهما وتبقية الآخر مشتركا.

ولا تقسّم الدكاكين المتجاورة بعضها في مقابلة بعض (1) قسمة إجبار ، وكذا القرحان (2) المتعدّدة ، ولو طلب قسمة كلّ واحد بانفراده أجبر الآخر.

ويقسّم القراح الواحد وإن اختلفت أشجار أقطاعه.

ص: 368


1- في « أ » : المتجاورة بعضها في بعض.
2- قال في مفتاح الكرامة : 10 / 204 : القرحان جمع كثرة ، فإن كان بكسر الفاء ، كان واحده « قراح » بضمّ الفاء ، كغلام وغلمان ، وغراب وغربان فيكون مطّردا ، وإن كان بضمّ الفاء كان مفرده أيضا بضمّها ، لكنّه قليل غير مطّرد ، كزقاق وزقان. وقال الفقهاء: إنّ القراح الأرض الخالية من البناء والماء والشجر، لكنّ الشيخ في المبسوط صرّح بأنّ القراح ما يكون فيه أشجار. ولعلّه في الأصل كما ذكروه، وصار عرفاً لما ذكر.

وتقسّم الأرض المزروعة دون الزرع قسمة إجبار ، وكذا يقسّم الزّرع منفردا إن ظهر ، سواء كان سنبلا أو قصيلا.

ولو طلبوا قسمة الأرض والزرع بعضا في بعض فلا إجبار ، لأنّ الزّرع كالمتاع.

ولو كان فيها غرس جاز قسمتها بعضا في بعض ، لأنّها كالشي ء الواحد ، ولهذا تصحّ فيه الشّفعة.

ولو طلب قسمة كلّ عين على حدتها لم يجبر الآخر ، لاشتماله على الضرر.

ولا تجوز قسمة الوقف وإن تعدّد الواقف ، وتجوز قسمة الوقف من الطلق وإن اتّحد المالك ، ولو تضمّنت ردّا جاز من صاحب الوقف دون العكس.

المبحث الرابع : في كيفيّة القسمة
اشارة

وهي نوعان :

الأوّل : قسمة الإجبار

وهي أربعة :

الأوّل : أن تتساوى الحصص قدرا وقيمة ، كأرض متساوية الأجزاء في القيمة بين ستّة بالسويّة ، فتقسم ستّة أقسام ، ثمّ يقرع.

ويتخيّر القاسم بين الإخراج على الأسماء أو على السّهام.

فالأوّل أن يكتب كلّ قسم في رقعة ويضعه بما يميّزه عن الآخر ،

ص: 369

ويجعلها في ساتر كشمع أو طين ، ويأمر جاهل ذلك بإخراج واحدة على اسم أحد الشركاء ، فما خرج فهو له ، وهكذا حتّى تفرغ الرقاع.

والثاني أن يكتب اسم كلّ واحد من الشركاء في رقعة ثمّ يصونها ثمّ يخرج على أحد السّهام ، فمن خرج اسمه فله ذلك السّهم ، ثمّ يخرج أخرى وهكذا.

الثاني : أن تتساوى الحصص دون القيمة ، فتعدل السهام بالقيمة ، ويفعل كالأوّل.

الثالث : أن تتساوى القيمة دون الحصص ، كأرض متساوية الأجزاء في القيمة ، لواحد النصف ، ولآخر الثلث ، ولآخر السدس ، فتعدل السّهام على أقلّهم نصيبا ، فتجعل ستّة أسهم ، ويجعل للسّهام أوّل وثان إلى آخرها.

ويعيّن ذلك القاسم ، وإلّا الحاكم ، ثمّ يكتب في ثلاث رقاع ، في كلّ رقعة اسم واحد ، ثمّ يخرج رقعة على السّهم الأوّل ، فإن كانت لصاحب النصف أعطي الثلاثة الأول ، ثمّ يخرج أخرى على الرابع ، فإن كانت لصاحب الثلث أعطي الرابع والخامس ، والباقي لصاحب السدس.

ولو خرجت الثانية باسم صاحب السدس ، فله الرابع ، والباقي لصاحب الثلث.

وإن خرجت الأولى لصاحب الثلث ، فله الأوّلان ، ثمّ يخرج أخرى على الثالث ، فإن خرجت لصاحب النصف فله الثالث والرابع والخامس ، والباقي لصاحب السدس.

وإن خرجت لصاحب السّدس فله الثالث ، والباقي لصاحب النّصف.

وإن خرجت الأولى لصاحب السدس فله الأوّل ، ثمّ يخرج أخرى

ص: 370

على الثاني ، فإن خرجت لصاحب النصف فله الثاني والثالث والرابع ، والباقي لصاحب الثلث.

وإن خرجت لصاحب الثلث فله الثاني والثالث ، والباقي لصاحب النّصف ، ولا يخرج في هذه على الأسماء حذرا من تفريق السّهام.

الرابع : أن تختلف السّهام والقيمة ، فيعدل السّهام بالتقويم ، ثمّ يجعلها على أقلّهم نصيبا ، ثمّ يخرج الرقاع على السّهام كما ذكرناه.

الثاني : قسمة التراضي

وهي ما يتضمّن ردّا في مقابلة زيادة ، كبئر أو شجر أو بناء.

ويشترط فيها التراضي بعد القرعة ، ولا بدّ فيه من اللفظ نحو « رضيت » وشبهه ، ولا يكفي السكوت.

وأمّا قسمة الإجبار فلا يشترط فيها الرضا بعد القرعة ، لأنّ قرعة قاسم الإمام بمنزلة حكمه.

المبحث الخامس : في الأحكام

القسمة إذا لزمت لا تنفسخ إلّا بالتراضي ، ولو ادّعى الشريك الغلط في القسمة أو في التقويم ، فإن أقام بيّنة نقضت ، وإلّا أحلف الآخر إن ادّعى عليه العلم.

ولا فرق بين قسمة الإجبار وقسمة التّراضي.

ولو ظهر البعض مستحقّا ، فإن كان معيّنا مع أحدهما نقضت ، وكذا لو كان معهما لا بالسويّة ، ولو كان بالسويّة لم تنقض ، وأخرج من النصيبين ، وإن كان مشاعا نقضت.

ص: 371

ولا فرق بين علمهما بذلك ، أو جهلهما ، أو جهل أحدهما.

ولو اقتسم الورثة التركة فظهر دين مستغرق ، فإن أدّوه لم تبطل وإلّا بطلت ، ولو اقتسموا البعض فإن وفى الباقي بالدّين لم تنقض وإلّا نقضت.

ولو تلف قبل أدائه فإن أدّوه لم تنقض وإلّا نقضت.

ولو ظهرت وصيّته بجزء من المقسوم فكالمستحقّ ، ولو كانت بمال مطلق فكالدّين.

المقصد الخامس : في أحكام تعارض الدّعاوي

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في دعوى الأملاك
اشارة

إذا تنازعا عينا في يدهما ولا بيّنة حلفا واقتسماها ، وكذا لو نكلا ويحلفان على نفي العلم ، (1) فلو حلف (2) أحدهما يمين النفي ، حلف بعد نكول الآخر يمين الإثبات.

ولو عيّن القاضي أحدهما بالقرعة فنكل ، حلف الآخر يمين النّفي للنصف

ص: 372


1- في « أ » : ويحلفان على النفي.
2- في « أ » : ولو حلف.

الّذي في يده ، ويمين الإثبات للنصف الّذي في يد شريكه ، وتكفيه يمين جامعة بين النفي والإثبات.

ولو تشبّث أحدهما حلف وقضي له ، وإلّا حلف الخارج وانتزعها.

ولو خرجا فإن صدّق ذو اليد أحدهما قضي له مع اليمين وللآخر إحلاف ذي اليد ، وإن (1) نكل المصدّق حلف الآخر وأغرم له.

ولو صدّقهما حلفا واقتسماها ، وكذا لو نكلا ، ولهما إحلافه إن ادّعيا علمه.

وإن أنكرهما حلف لهما مع ادّعاء العلم.

ولو قال : هي لأحدكما ولا اعرفه ، أقرع وحلف من خرجت له.

ولو أقرّ بعد إنكاره لهما أو لأحدهما قبل.

ولو أقاما بيّنة فإن كانت العين في يدهما قضي لكلّ واحد بما في يد الآخر.

ولو أقامها أحدهما قضي له بالجميع وأحلف الآخر ، وكذا لو تداعيا ثوبين وفي يد كلّ واحد ثوب.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للخارج ، سواء شهدتا بالملك المطلق أو بالسبب.

ولو شهدت للخارج بالسبب وللمتشبّث بالمطلق حكم بها للخارج ، وفي العكس قولان.

ص: 373


1- في « أ » : فإن.

ولو أقامها الخارج انتزعها.

ولو أقامها الداخل لم تسقط عنه اليمين.

ولو خرجا قضي للأعدل فالأكثر (1) ، ومع التّساوي يقرع ويقضى لمن خرج اسمه مع اليمين ، ولو نكل أحلف الآخر وقضي له ، ولو نكلا قسّمت بينهما بالسويّة.

ولو أقام أحدهما بيّنة حكم له.

ويقضى بالقسمة فيما يمكن فيه الشركة كالأموال لا ما تستحيل ، كما لو ادّعيا زوجة ، فإذا أقرع وامتنعا من اليمين خرجا عن المدّعى.

وإذا أمكن التوفيق بين الشهود وفّق ، كأن تشهد بيّنة الخارج بالملك وبيّنة الداخل بالشراء منه ، وإلّا تحقّق التعارض ، ويحصل بين الشاهدين والشاهد والمرأتين ، لا بين شاهدين وشاهد ويمين ، ولا بين شاهد وامرأتين وشاهد ويمين ، بل يقضى بالشاهدين والشاهد والمرأتين ، دون الشاهد واليمين.

والشهادة بتقديم الملك أولى من الشهادة بالحادث ، وبالأقدم أولى من القديم ، وبالملك أولى من اليد ، وبسبب الملك أولى من التصرف.

ويرجّح ذو اليد الآن على ذي اليد السابقة ، وفي ترجيح قديم الملك على اليد قولان.

ولو شهدت بملكه أمس لم تسمع حتّى تقول : وهو ملكه الآن ، أو : لا أعلم زواله ، ولو قال : لا أدري زال أم لا لم تقبل.

ص: 374


1- قال الشيخ في النهاية : 343 : فإن كانت أيديهما خارجتين منه ، فينبغي للحاكم أن يحكم لأعدلهما شهودا ، فإن تساويا في العدالة ، كان الحكم لأكثرهما شهودا ...

ولو شهدت بالإقرار أمس ثبتت وإن لم يتعرّض للملك في الحال.

ولو قال : غصبتها ، وقال الآخر : أقرّ لي بها ، وأقاما بيّنة حكم للأوّل ، ولم يضمن المقرّ.

ولو دفعت إليه العين بالبيّنة ، ثمّ أقام صاحب اليد بيّنة ، لم تسمع إلّا أن يدّعي ملكا لاحقا.

وإذا ادّعى دابّة في يد زيد وانّه اشتراها من عمرو ، فشهدت بالشراء والملكيّة للبائع أو للمشتري أو بالتّسليم ، حكم له ، وإن شهدت بالشراء خاصّة لم يحكم.

ولو تداعى الزوجان متاع البيت قضي لذي البيّنة ، ومع فقدها يحلف كلّ منهما لصاحبه ، ويقسّم بالسويّة ، سواء صلح للرجال أو للنساء أو لهما ، وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما ، مع بقاء الزّوجية وزوالها ، وكذا لو تنازع ورثتهما أو ورثة أحدهما والآخر.

ولو ادّعى أبو الميتة إعارة المتاع أو بعضه ، كلّف البيّنة كغيره.

ولو ادّعى رقيّة صغير مجهول النّسب في يده ، قضي به له ظاهرا ، فلو بلغ فأنكر أحلف.

والقول قول الكبير مع يمينه (1) ، ولو ادّعاه اثنان فاعترف لهما حكم عليه ، وإن اعترف لأحدهما حكم له ، وحلف للآخر.

ولو تداعى المتآجران شيئا ، فالثابت للمؤجر ، وغيره للمستأجر.

ويقضى بالثياب لمالك العبد.

ص: 375


1- قال العلّامة في التحرير : 5 / 193 ولو كان كبيرا وأنكر ، فالقول قوله ، لأنّ الأصل الحريّة.
فروع

الأوّل : لو تشبّثا فادّعى أحدهما الكلّ والآخر النصف ولا بيّنة قسّمت وحلف الثاني للأول.

ولو أقاما بيّنة قضي بها لمدّعي الكلّ.

ولو أقامها أحدهما قضي له.

ولو خرجا أقرع بينهما بالنّصف ، وأحلف من خرج له ، فإن امتنع فالآخر ، فإن امتنعا فلمدّعي الكلّ ثلاثة أرباع وللآخر الرّبع.

الثاني : لو تشبّث مدّعي الكلّ والنّصف والثلث ولا بيّنة ، فلكلّ واحد الثلث ، وعلى الأخيرين (1) اليمين لمدّعي الكلّ ، وعليه وعلى الثالث اليمين لمدّعي النّصف ، ولا يمين لمدّعي الثلث.

ولو أقام الأوّل بيّنة أخذ الجميع ، وإن أقام الثاني أخذ النّصف ، والباقي بين الآخرين (2) ، للأوّل السدس بغير منازع ، ويحلف على نصف السدس ، ويحلف الثالث على الرّبع.

وإن أقام الثالث أخذ الثلث ، والباقي بين الآخرين (3) للأوّل السدس بغير منازع ويحلف على السّدس الآخر ، ويحلف الثاني على الثلث (4).

ص: 376


1- في « ب » و « ج » : وعلى الآخرين.
2- في « أ » : بين الأخيرين.
3- في « أ » : بين الأخيرين.
4- في « أ » : على الثالث.

ولو أقاموا (1) بيّنة فعلى القضاء ببيّنة الداخل فلكلّ واحد ثلث. (2) وعلى الآخر ففي يد كلّ واحد أربعة من اثني عشر ، فلمدّعي الكلّ ثلاثة ممّا في يده بلا منازع ، والأربعة التي في يد الثاني ، وثلاثة ممّا في يد الثالث ، ويبقى واحد في يد المستوعب الثاني ، وواحد في يد الثالث يقسّم بعد القرعة والنكول بين الأوّل والثاني ، فيحصل للأوّل عشرة ونصف ، وللثاني واحد ونصف ، ويسقط الثالث (3)

ولو خرجوا ولا بيّنة ، فللمستوعب النّصف بغير منازع ، ثمّ يقرع بينهم في النّصف الآخر ، فإن خرج للمستوعب حلف وأخذه ، وكذا للثاني ، وإن خرج للثالث حلف وأخذ الثلث ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني في السدس ، فيقسم (4) بعد القرعة والنكول.

ولو أقام الأوّل بيّنة أخذه ، ولو أقام الثاني أخذ النّصف ، ويأخذ الأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع بينه وبين الثالث في السدس ، فمن خرج اسمه حلف ، فإن امتنع حلف الآخر ، فإن امتنع (5) قسم.

ولو أقام الثالث أخذ الثلث ، ويأخذ الأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع بينه وبين الثاني في الثلث الآخر ، ويقسم بعد القرعة والنكول.

ولو أقاموا بيّنة فللأوّل النصف بغير منازع ، ويتنازع هو والثاني في السدس والثلاثة في الثلث ، ثمّ يقرع ويقسم مع النكول ، وتصحّ من ستّة وثلاثين ، لمدّعي الكلّ خمسة وعشرون ، ولمدّعي النصف سبعة ، ولمدّعي الثلث أربعة.

ص: 377


1- في « أ » : ولو أقاما.
2- في « ب » و « ج » : ثلثه.
3- في « ب » و « ج » : وسقط الثالث.
4- في « ب » : ويسقط.
5- في « أ » : وإن امتنع.

الثالث : لو تشبّث مدّعي الكلّ والثلثين والنصف وفي يد كلّ واحد الثلث ، فمع عدم البيّنة لكلّ واحد ما في يده ، ويحلف للآخرين.

ومع البيّنة تصحّ من أربعة وعشرين ، فيجمع بين دعوى الأوّل والثاني على ما في يد الثالث ، فللأوّل أربعة بغير منازع ، ويتقارعان في الباقي ، ويقسم بعد النكول بينهما ، فيحصل للأوّل ستّة وللثاني سهمان.

ثمّ يجمع بين دعوى الأوّل والثالث على ما في يد الثاني ، فللأوّل ستّة بغير منازع ، ويتقارعان في الباقي ، ويقسم بعد النكول ، فيحصل للأوّل سبعة وللثالث سهم.

ثمّ يجمع بين دعوى الثاني والثالث على ما في يد الأوّل ، فالثاني يدّعي أربعة ، والثالث سهمين ، ويبقى سهمان للأوّل بغير منازع ، فيكمل للأوّل خمسة عشر ، وللثاني ستّة ، وللثالث ثلاثة.

ولو خرجوا فمع عدم البيّنة للأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع في الثلثين ، فإن خرج الأوّل أو الثاني أحلف وأخذه ، وإن خرج الثالث حلف وأخذ النّصف ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني في السدس الباقي ، ويقسم بعد القرعة والنكول.

ولو أقاموا بيّنة فالثلث للأوّل بغير منازع ، والسدس يدّعيه الأوّل والثاني ، فيقسم بينهما بعد القرعة والنكول ، والنصف يدّعيه الثلاثة ، فيحكم للأعدل فالأكثر ، فالقرعة ، فالقسمة بعد النكول بينهم أثلاثا ، فيصحّ من اثني عشر سبعة للأوّل ، وثلاثة للثاني ، وسهمان للثالث.

الرابع : لو تشبّث مدّعي الكلّ والثلثين والنّصف والثلث ، ففي يد كلّ واحد الرّبع ، فمع عدم البيّنة يقسّم أرباعا ، ويحلف كلّ واحد ثلاثة أيمان إلّا أن يرضوا بيمين واحدة ، وكذا مع البينة إن قضي للداخل ، وإن قضي للخارج جمع بين

ص: 378

كلّ ثلاثة على ما في يد الرابع ، وما يفضل عن الدعاوي للأوّل ، ويقارع في المدّعى به ، ويحلف من خرج له ، فإن نكل حلف الآخر ، فإن نكلوا قسّم ، وتصحّ من اثنين وسبعين.

فإذا اجتمع الثلاثة على ما في يد الثاني وهو ثمانية عشر ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثالث ستّة ، والرابع اثنين ، تبقى عشرة للأوّل ، ويقرع بين الأوّل والثالث في ستّة ، فيحلف الخارج والآخر (1) أو يقسّم ، ثمّ يجمع (2) بين الأوّل والرابع في اثنين ، ويفعل كالأوّل.

ثمّ يجتمع الثلاثة على ما في يد الثالث ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثاني عشرة ، والرابع اثنين ، تبقى ستّة للأوّل ، ويقرع الآخرين (3) ويفعل كما تقدّم.

ثمّ يجتمع الثلاثة على ما في يد الرابع ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثاني عشرة ، والثالث ستّة ، فيبقى اثنان للأوّل ، ثمّ يقارع الآخرين ، ويفعل كما تقدّم.

ثمّ تجتمع الثلاثة على ما في يد الأوّل ، فالثاني يدّعي عشرة ، والثالث ستّة ، والرابع اثنين ، فيخلص (4) ما في يده ، فيحصل للأوّل النّصف ، وللثاني عشرون ، وللثالث اثنا عشر ، وللرابع أربعة.

ولو خرجوا فمع عدم البيّنة للأوّل الثلث بغير منازع ويقرع في الثلثين ، فإن خرجت للأوّل أو الثاني حلف وأخذه ، وإن خرجت للثالث أو الرابع حلف وأخذ مدّعاه ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني وغير الخارج في الباقي ، فمن خرج اسمه حلف وأخذه ، فإن نكل أقرع بين الآخرين ، ويحلف الخارج ، فإن نكل حلف الآخر.

ص: 379


1- في « أ » : فيحلف الخارج أو الآخر.
2- في « أ » : « ثمّ يخرج » ولعلّه مصحّف.
3- في « أ » : ويقارع للآخرين.
4- في « ب » و « ج » : فيحصل.

فإن نكلوا قسّم ، فتصحّ من ثمانية عشر.

ولو أقاموا بيّنة فللأول الثلث بغير منازع ، ويقع التعارض بينهما وبين بيّنة الأوّل والثاني في السدس الزائد على النّصف ، ويقسّم بعد القرعة والنكول.

ثمّ يقع التعارض بينهما وبين بيّنة الثالث في السدس الزائد على الثلث ويقسم بعد القرعة والنكول ثمّ يقع التعارض بينهما وبين بيّنة الثالث في السدس الزائد على الثلث ، ويقسّم بعد القرعة والنكول.

ثمّ يقع التعارض بين الأربعة في الثلث ، فمن خرج اسمه حلف وأخذه ، ولو نكل أقرع بين الثلاثة ، ويحلف من خرج اسمه ، ولو نكل أقرع بين الآخرين ، ويحلف الخارج أو الآخر ، فإن نكل الجميع قسّم بينهم ، وتصحّ من ستّة وثلاثين ، للأوّل عشرون ، وللثاني ثمانية وللثالث خمسة ، وللرابع ثلاثة.

الفصل الثاني : في دعوى العقود

وفيه مسائل :

الأولى : لو ادّعيا الشراء من ثالث وإقباض الثمن ولا بيّنة ، فإن كذّبهما حلف لهما واندفعا عنه ، ولو أقاما بيّنتين وتساويا عددا وعدالة وتاريخا أقرع وقضي للخارج مع يمينه ، ويرجع الآخر بالثمن.

ولو نكل [ الخارج بالقرعة ] حلف الآخر ، فإن نكلا قسّمت ويرجع كلّ منهما بنصف الثمن ولهما الفسخ ، ويرجعان بالثمنين.

ولو فسخ أحدهما فللآخر [ أخذ ] الجميع ، بل يلزمه ذلك.

ص: 380

الثانية : لو ادّعى كلّ منهما البيع من آخر ، فإن صدّقهما قضي عليه بالثمنين ، وإلّا حلف لهما ، وإن أقرّ لأحدهما قضي عليه بالثمن وحلف للآخر ، وإن أقاما بيّنتين واتّحد التاريخ أقرع ويقضى للخارج مع اليمين ، وإن نكل حلف الآخر.

وإن نكلا قسّم الثمن بينهما.

ولو اختلف التاريخ أو اطلقتا أو إحداهما قضي عليه بالثمنين.

الثالثة : لو ادّعى أنّه اشتراه من زيد وأقبضه الثمن ، وادّعى آخر أنّه اشتراه من عمرو وأقبضه الثمن ، وأقاما بيّنتين ، فإن تشبّثا قسّمت بينهما ، ورجع كلّ منهما على بائعه بنصف الثمن ، وإن تشبّث أحدهما قضي للخارج ، ويرجع الداخل بالثمن.

وإن خرجا وتساوت البيّنتان عدالة وعددا وتاريخا ، أقرع وقضي للخارج مع اليمين ، ولو نكل حلف الآخر.

ولو نكلا قسّم المبيع ويرجع كلّ واحد على بائعه بنصف الثمن ، ولهما الفسخ والرجوع بالثمنين.

ولو فسخ أحدهما لم يكن للآخر أخذ الجميع ، لعدم عود النصف إلى بائعه.

الرابعة : لو ادّعى شراء العبد من السيّد ، وادّعى العبد العتق ، فمع عدم البيّنة يقدّم قول السيّد مع اليمين ، ولو أقام أحدهما بيّنة قضي (1) له ، ولو أقاما بيّنتين

ص: 381


1- في « أ » : حكم.

حكم للأسبق ، فإن اتّفقا قضي بالقرعة مع اليمين ، ولو نكلا فنصفه حرّ ونصفه لمدّعي الشراء ، ويرجع بنصف الثمن ، ويقوّم على البائع ، وللمشتري الفسخ ، فيعتق كلّه معه للشهادة بمباشرة عتقه.

ولو كان العبد في يد المشتري قدّمت بيّنة العبد ، لأنّه خارج فيعتق ، ويرجع المشتري بالثمن.

الخامسة : لو ادّعى أنّه استأجر الدار بدينار وادّعى المؤجر أنّه آجره بيتا منها به ولا بيّنة ، تحالفا ، ثمّ إن كان ذلك بعد المدّة وجبت أجرة المثل.

ولو أقام أحدهما بيّنة حكم له ، ولو أقاما بيّنتين ، فإن اتّحد التاريخ أقرع ، وإن اختلف حكم للأسبق ، فإن كانت بيّنة الدار فلا بحث ، وإن كانت بيّنة البيت صحّ العقدان (1) ويحكم بأجرة البيت وأجرة الدّار ، وينقص منها بنسبة ما بين البيت والدار ، فلو كانت (2) بالثلث لزمه دينار وثلثا دينار.

الفصل الثالث : في دعوى المواريث

وفيه مسائل :

الأولى : لو ماتت امرأة وولدها ، فادّعى الزوج سبق موتها والأخ سبق موت الولد ولا بيّنة ، فتركة الولد لأبيه ، وتركة الزوجة بينهما ويحلفان ، ولو أقاما بيّنتين متساويتين أقرع ، ولو أقامها أحدهما حكم له.

ص: 382


1- في « أ » و « ج » : صحّ العقد.
2- في « أ » : فإن كانا.

الثانية : لو مات المسلم عن ابنين واتّفقا على تقديم إسلام أحدهما على موت الأب واختلفا في الآخر ، حلف المتّفق عليه على نفي العلم ، وحاز التركة ، وكذا لو ادّعى الرّقّ سبق عتقه على الموت وأنكر الآخر.

ولو اتّفقا على زمان الإسلام واختلفا في سبق موت الأب عليه قدّم قول مدّعي تأخير الموت مع اليمين.

ولو أقاما بيّنتين أقرع.

الثالثة : لو ادّعى شيئا في يد أجنبيّ له ولشريكه في الإرث ، وأقام بيّنة كاملة ، وهي ذات المعرفة المتقادمة والخبرة الباطنة ، فشهدت بأنّها لا تعلم وارثا غيرهما سلّمت إليهما ، ولو كان شريكه غائبا سلّم إليه النّصف ، وترك الباقي في يد المتشبّث ، أو ينتزعه الحاكم.

ولو لم تكن كاملة وهي الّتي لا خبرة لها لم يسلّم إلى المدّعي شيئا إلّا بعد البحث والتضمين.

ولو كان ذا فرض أعطي مع البيّنة الكاملة نصيبه التامّ ومع غيرها الأقلّ ، وبعد البحث يعطى باقي الحصّة مع التضمين.

ولو كان ممّن يحجب كالأخ أعطي مع البيّنة الكاملة المال ، ومع غيرها يعطى بعد البحث والتضمين.

الرابعة : لو ادّعى ابن الميت الإرث والزوجة الصداق وأقاما بيّنة ، حكم لبيّنة المرأة.

الخامسة : لو قال : إن قتلت فأنت حرّ ، فأقام العبد بيّنة بالقتل والوارث بيّنة بالموت ، أقرع.

ص: 383

السادسة : لو شهد أجنبيّان بالوصيّة لزيد وشهد وارثان أنّه رجع وأوصى به (1) لعمرو ، لم تقبل شهادة الوارث ، لأنّه كالخصم للرجوع عنه ، وكذا لو كان له عبدان كلّ واحد ثلث التركة ، فشهد أجنبيّان بالوصيّة بعتق أحدهما ووارثان بالرجوع عنه والإيصاء بعتق الآخر.

ويحتمل عتق الأوّل وثلثي الثاني.

الفصل الرابع : في دعوى الولد

لو تداعيا صبيّا ولا بيّنة أقرع ، ولو كان في يد أحدهما لم يرجّح بها ، ولو أقاما بيّنة تحقّق التّعارض ، فيقرع مع التساوي.

ونفقته قبل القرعة عليهما ، فإن لحق بأحدهما رجع عليه الآخر ، ولا عبرة بانتسابه إلى أحدهما وإن كان مميّزا.

ولو تداعيا نسب بالغ فصدّق أحدهما قبل ، وإن أنكرهما لم يثبت ، فإن أقاما بيّنة أقرع مع التساوي.

ولو اشترك الفراش أو الدعوى أقرع مع عدم البيّنة ومع وجودها من الطرفين ، سواء كانا مسلمين أو كافرين ، أو حرّين أو عبدين ، أو مختلفين في ذلك ، ولا عبرة بالقيافة.

ويلحق النسب بالفراش المنفرد والدعوى المنفردة.

ص: 384


1- في « أ » : وأوصى بها.

كتاب الشهادات

اشارة

وفيه مقاصد

ص: 385

ص: 386

[ المقصد ] الأوّل : في صفات الشاهد

اشارة

وهي عشرة :

الأوّل : البلوغ ، فلا تقبل شهادة الصّبي وإن بلغ عشرا إلّا في الجراح بشرط الاجتماع على المباح ، وعدم الافتراق ، والأخذ بأوّل قولهم.

الثاني : العقل ، فلا تقبل شهادة المجنون ، ولو ناله أدوارا جاز التحمّل والأداء مع الإفاقة.

الثالث : التفطّن ، فلا تقبل شهادة المغفّل والأبله ومن يغلب عليه السّهو.

الرابع : الإسلام ، فلا تقبل شهادة الكافر إلّا الذمّي في الوصيّة بالمال إذا عدم عدول المسلمين ، ولا يشترط القربة ، ويرجّح على فسّاق المسلمين ، ولا تقبل شهادتهم على مثلهم.

الخامس : الإيمان ، فلا تقبل شهادة المخالف في العقائد وإن اجتهد ، وتقبل شهادة المخالف في الفروع إلّا أن يخالف الإجماع.

السادس : العدالة ، وهي هيئة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى والمروة.

فالتقوى : اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصّغائر ، فلا يقدح

ص: 387

النّدرة وإن أمكن تداركها بالاستغفار ، ولا ترك السنن إلّا أن يظهر منه التّهاون بها.

والمروة : اجتناب الدناءة ، كالأكل في السوق غالبا ، ولبس ما لا يناسبه ، ولا يقدح فيها الصّنائع الدنيّة.

ويقدح في العدالة أمور :

[ الأمر ] الأوّل : القذف إلّا مع البيّنة ، أو اللّعان ، أو تصديق المقذوف ، ويزول الفسق بالتوبة.

وحدّها إكذاب نفسه وإن كان صادقا ويورّي [ باطنا ] (1) ولا يشترط إصلاح العمل بل الاستمرار عليها ، لأنّها صلاح له.

[ الأمر ] الثاني : اللّعب بآلات القمار كلّها وإن قصد الحذق ، حتّى بالجوز والبيض وإن لم يكن برهان.

[ الأمر ] الثالث : اللّهو بالعود والزّمر وغيرها إلّا الدف في الختان والأملاك (2) فاعلا كان أو مسمعا.

[ الأمر ] الرابع : الغناء وهو مدّ الصوت المطرب وإن كان في قرآن ، ورخّص الحداء للإبل وغيرها.

[ الأمر ] الخامس : شرب المسكر وغيره وبيعه ، خمرا كان أو نبيذا أو بتعا أو فضيخا أو مزرا ، وكذا الفقّاع والعصير إذا غلى واشتدّ إلّا أن يذهب ثلثاه.

ص: 388


1- في « ب » و « ج » : « ولا يورّي » ولعلّه مصحّف ، قال في الدروس : 2 / 126 ويزول الفسق بأن يتوب بإكذاب نفسه ، ويورّي باطنا إن كان صادقا.
2- في مجمع البحرين : الملاك بالكسر والإملاك : التزويج وعقد النكاح.

[ الأمر ] السادس : هجاء المؤمن ، والتغزّل بامرأة معروفة محترمة ، وكذا بالصّبيّ.

ويكره الإكثار من غيره إلّا في مدح أهل البيت عليهم السلام.

[ الأمر ] السابع : بغض المؤمن وإظهار الحسد له.

[ الأمر ] الثامن : لبس الرّجال الذهب والحرير إلّا في الحرب.

[ الأمر ] التاسع : الرّهان على الحمام ، ويجوز اتّخاذه للأنس ، وإنفاذ الكتب ، ويكره للتفرّج واللّعب.

السابع : طهارة المولد ، فلا تقبل شهادة ولد الزّنا ولو في اليسير ، وإن قلنا بإسلامه ، ولا بدّ من تحقّقه ، فلا عبرة بنيل الألسن. (1)

الثامن : الحريّة ، والوجه قبول شهادة العبد على غير السيّد ، وتقبل عليه بعد العتق وإن ردّت قبله ، وكذا لو بيع ، والمعتق بعضه ، والمكاتب مطلقا وأمّ الولد كالقنّ.

التاسع : انتفاء الأبوّة ، فلا تقبل شهادة الولد على والده ، وتقبل على الأمّ والجدّ للأب ، ولو شهد على أبيه وغيره بحقّ قبلت في حقّ الغير خاصّة ، ولو شهد عليه بعد موته قبلت.

العاشر : انتفاء التهمة ،والمعتبر فيها خمسة :

1. جرّ النفع بالشهادة ، كالشريكين فيما هو شريك فيه ، والوصيّ كذلك ،

ص: 389


1- قال في الدروس : 2 / 127 : وانّما تردّ شهادته مع تحقّق حاله ، فلا اعتبار بمن تناله الألسن وإن كثرت ما لم يحصل العلم.

وغرماء المفلّس والميّت ، والسيّد لعبده ، والوارث بجرح مورّثه.

2. دفع الضرر ، كشهادة العاقلة بجرح شهود جناية الخطأ ، والوكيل والوصيّ (1) بجرح الشهود على الموكّل والموصي.

3. العداوة الدنيويّة وإن لم تتضمن فسقا ، فلا تقبل شهادة العدوّ على عدوّه ، وتقبل له ، وتتحقّق بالسرور بالمساءة وبالعكس أو بالتقاذف ، ولو تحقّقت العداوة من أحدهما اختصّ بالردّ.

ولا تمنع العداوة الدينيّة ، فتقبل شهادة المسلم على الكافر.

4. دفع عار ردّ الشهادة ، فلو ردّت شهادة المتستر بالفسق فتاب لتقبل شهادته لم تقبل في تلك القضيّة ، وتقبل في غيرها.

ولو ردّت شهادة المعلن به فتاب قبلت.

ولو قيل له في المجلس : تب أقبل شهادتك لم تقبل إلّا أن يعلم أنّه تاب لله تعالى.

وليس من التهمة القرابة والصداقة ، فتقبل شهادة القريب لقريبه وإن كان وارثا لموروث مشرف على الموت ، وتبطل لو مات قبل الحكم ، والصديق لصديقه وإن تأكّدت الصداقة ، وكذا الزوجان.

وتقبل شهادة الأجير والضّيف.

ولو شهد بعض المأخوذين لبعض على اللصوص لم تقبل ، ولو كانوا غير مأخوذين قبلت.

ص: 390


1- في « أ » : « والودعيّ » وهو مصحّف.

وتقبل شهادة بعض غرماء المديون لبعض.

ولا تقبل شهادة السائل بكفّه.

تنبيه

يعتبر اجتماع الشرائط عند الأداء لا عند التحمل ، فلو تحمّل الكافر ، أو الفاسق ، أو الصّبي ، أو العدوّ ، ثمّ زال المانع عند الأداء قبلت شهادتهم ، ولو تجدّد المانع بعد الأداء وقبل الحكم لم يحكم مطلقا.

وقيل (1) : يحكم في حق الآدمي كالقصاص وحدّ القذف ، دون حقّ اللّه تعالى كحدّ الزنا ، وفي السرقة يحكم بالمال دون القطع.

ولو قامت بيّنة بالجرح مطلقا لم ينقض الحكم لاحتمال تجدّده بعد الحكم ، ولو ثبت سبقه على الشهادة نقض ، ولو كان بعد الشهادة وقبل الحكم لم ينقض وعمل بالشهادة إلّا في حقّه تعالى.

وإذا نقض فإن كان الحقّ قتلا أو جرحا فلا قود ، والدية في بيت المال ، باشره الحاكم أو أمر به ، أمّا لو باشره الوليّ بعد الحكم وقبل الإذن ضمن الدية ، وكذا قبل الحكم.

وإن كان مالا استعيد ، فإن تلف ضمنه المحكوم له ، فإن أعسر أنظر ، ولا يضمنه الحاكم.

ص: 391


1- نقله الشهيد في الدروس : 2 / 133.

وإذا ثبت التزوير نقض الحكم واستعيد المال ، فإن تعذّر غرم الشهود ، ولو كان قتلا اقتصّ منهم.

ولو باشر الولي القصاص واعترف بالتزوير اقتصّ منه دونهم.

ولو مات الشاهدان قبل الحكم حكم بشهادتهما ، وكذا لو ماتا ثمّ زكّيا بعد الموت.

ص: 392

المقصد الثاني : في التحمّل والأداء

أمّا التحمّل ، فيجب على الكفاية على الأقوى ، ولو لم يوجد غيره تعيّن ، ويحصل بالدعاء إليه ، وبمشاهدة موجبة ، أو سماعه وإن لم يستشهد وإن نهاه ، وكذا لو جني ثمّ سمع منه ما يوجب حكما.

وليست الشهادة شرطا إلّا في وقوع الطلاق إجماعا منّا ، قيل (1) : وفي التبرّي من ضمان الجريرة ، وفي رجوع المالك بالأجرة لو هرب عامل المساقاة ، وتستحبّ في غير ذلك ، خصوصا في النكاح والرجعة والبيع.

ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي ردّ شهادته عند الإقامة.

وأمّا الأداء ، فيجب على الكفاية إجماعا ، ولو لم يوجد إلّا اثنان تعيّن.

وإنّما يجب عند الاستدعاء ، ولو لم يعلم صاحب الحقّ بهما وجب إعلامه إن خيف ضياع حقّه بترك الإعلام ويجب على العدل (2) وفي الفاسق توقّف ويقوى الوجوب لرجاء التوبة.

ص: 393


1- نقله الشهيد في الدروس : 2 / 135.
2- في « أ » : ويجب على العدول.

ولا تجب الإقامة إذا خاف ضررا غير مستحقّ عليه ، أو على أهله أو على بعض المؤمنين.

ولا يجوز الأداء إلّا بعد الذكر وإن عرف خطّه وأمن التزوير ، أو كان الكتاب عنده ، أو شهد معه ثقة.

ويصحّ تحمّل الأخرس وأداؤه إذا فهمت إشارته أو ترجمها عدلان ، وليسا فرعين ، بل يحكم بشهادته أصلا ، ومن شهد بمعرّفين (1) فهو أصل.

ولا تجزئ إشارة الناطق في التحمّل والأداء.

ولا بدّ في الإقامة من التلفّظ بالشهادة فيقول : أشهد بكذا ، أو أنا شاهد الآن ، أو شهدت عليه ، ولو قال : أعلم أو أتيقّن لم تسمع على قول (2).

ص: 394


1- المراد بقوله : « معرّفين » العدلان.
2- نقله الشهيد في الدروس عن بعض الأصحاب ، لاحظ الدروس : 2 / 135.

المقصد الثالث : في مستند الشهادة

وهو العلم ، ويحصل بالبصر أو بالسمع أو بهما.

فالأوّل الأفعال ، كالقتل ، والغصب ، والرضاع ، والسرقة ، والولادة ، والزنا ، واللواط ، وتقبل فيه شهادة الأصمّ.

الثاني : يثبت بالاستفاضة ، (1) كالنسب ، والموت ، والملك المطلق ، والوقف ، والنكاح ، والعتق ، وولاية القاضي ، والمراد بها إخبار جماعة يتاخم قولهم العلم.

ولو شهد بالملك وأسنده إلى سبب يثبت بالاستفاضة كالإرث قبل فيهما ، ولو لم يثبت بها كالبيع والغنيمة قبل في الملك لا في السبب ، وتظهر الفائدة في الترجيح على مدّع آخر.

وإذا اجتمع في ملك استفاضة ويد وتصرّف بغير منازع ، فهو غاية الإمكان ، فللشاهد أن يشهد بالملك ، والأقوى الاكتفاء بأحدها وترجيح اليد على الاستفاضة مع التعارض.

الثالث : العقود والإيقاعات والإقرار ، فتفتقر إلى السمع لفهم اللفظ ، وإلى

ص: 395


1- في « أ » : ما يكفي فيه الاستفاضة.

البصر لمعرفة المتكلم ، ويجوز أن يتحمّل الأعمى ما يفتقر إلى البصر بشرط معرفة صوت المشهود عليه قطعا ، أو يعرّفه عنده عدلان ، أو يكون مقبوضا [ بيده ] ، وكذا (1) في إقامة الشهادة عليه.

ويصحّ أن يترجم [ الأعمى ] للحاكم.

ص: 396


1- في « أ » : « كما » والصحيح ما في المتن.

المقصد الرابع : في أقسام الحقوق

اشارة

وهي قسمان :

الأوّل : حقّ اللّه تعالى

فمنه : ما لا يثبت إلّا بأربعة رجال ، وهو اللّواط ، والسحق.

ومنه : ما يثبت بأربعة رجال ، أو بثلاثة وامرأتين ، وهو الزنا الموجب للرّجم ، ولو شهد رجلان وأربع نساء ثبت الجلد دون الرجم ، ولا يثبت برجل وستّ نساء ، ولا بالنساء منفردات ، بل يحدّ الشهود.

أمّا الإقرار بالزنا ففي الاكتفاء بشاهدين توقّف.

ومنه : ما لا يثبت إلّا برجلين ، وهو شرب الخمر ، والسرقة ، والردّة ، والقذف ، وإتيان البهائم ، والزكاة ، والخمس ، والكفارات ، والنذر ، والإسلام.

ص: 397

الثاني : حقّ الآدمي

فمنه : ما لا يثبت إلّا برجلين ، وهو ما ليس مالا ولا المقصود منه المال ، كالبلوغ ، والعتق ، والولاء ، والجرح ، والتعديل ، والعفو عن القصاص ، والطلاق ، والخلع ، والرجعة ، والعدّة ، والوكالة ، والوصيّة إليه ، والنسب ، ورؤية الهلال ، والتدبير ، والكتابة والجناية الموجبة للقود ، وفي النكاح توقّف.

ومنه : ما يثبت برجلين ، وبرجل وامرأتين ، وبرجل ويمين ، وهو ما كان مالا أو الغرض منه المال كعقود المعاوضات كالبيع والإجارة والدّين والرهن والقراض والغصب وحقوق الأموال كالخيار ، والفسخ ، والأجل ، والشفعة ، والوصية له ، والوقف ، والجناية الموجبة للمال كقتل الخطأ وشبهه ، والمأمومة ، والجائفة ، والهاشمة ، والمنقّلة ، وكسر العظام ، وما لا قود فيه كقتل الوالد ولده ، والمسلم الكافر ، والحرّ العبد ، وقبض نجوم الكتابة ، وفي النجم الأخير توقّف.

ومنه : ما يثبت بشهادة الرجال والنساء منفردات ومنضمّات ، وهو ما يعسر (1) اطّلاع الرجال عليه غالبا ، كالولادة ، والاستهلال ، وعيوب النساء الباطنة ، والرضاع ، وإذا انفردن فلا بدّ من أربع.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات في غير ذلك وإن كثرن.

ص: 398


1- في « ب » و « ج » : وهو ما يعزّ.

ومنه : ما يثبت بشهادة امرأة واحدة ، وهو الوصيّة بالمال ، والاستهلال ، فيثبت ربع الوصيّة وربع الميراث ، وبالمرأتين النّصف ، وبثلاث ثلاثة أرباع ، وبأربع الجميع ، كلّ ذلك بغير يمين ، ولو حلف مع المرأتين ثبت الجميع.

ولا يجوز للمرأة تضعيف الوصيّة حتّى يصير ما أوصى به الربع ، ولو فعلت ذلك قبل ظاهرا أو استباحه المشهود له إن علم بالوصيّة ، وإلّا فلا ، والرجل الواحد كالمرأة ، ولا تقبل شهادة الرجل الواحد إلّا هنا وإن كان في هلال شهر رمضان.

ولو اشتمل على حقّ اللّه والآدمي كالسرقة ، فالمال يثبت بشاهد وامرأتين ، ولا يثبت القطع إلّا برجلين.

ص: 399

المقصد الخامس : في التوافق

يجب موافقة الشاهدين للدعوى وتوافقهما معنى (1) لا لفظا ، فلو قال أحدهما : غصب ، والآخر : انتزع قهرا أو ظلما ، أو شهد واحد انّه أقرّ بالعربية والآخر بالعجميّة قبل.

ولو قال أحدهما : باع ، وقال الآخر : أقرّ بالبيع لم يقبل ، وكذا لو اختلفا في زمان العقد أو مكانه أو صفته.

ولو انتفى التكاذب بين الشاهدين ، وحلف مع أحدهما قبل ، وكذا مع التكاذب إن كانت شهادة أحدهما موافقة للدعوى وإلّا فلا ، لأنّ التعارض إنّما يكون بين البيّنتين الكاملتين ، فلو شهد أحدهما انّه سرق نصابا معيّنا غدوة والآخر عشيّة لم يقبل ، وكذا لو شهد أحدهما انّه سرق ثوبا أبيض والآخر أسود.

ولو حلف مع أحدهما ثبت الغرم دون القطع.

ولو شهد بكلّ بيّنة فإن كان على معيّن ثبت الغرم لا القطع ، وإلّا ثبت الثوبان والقطع.

ولو شهد واحد انّه باعه هذا الثوب بدينار والآخر بدينارين في ذلك

ص: 400


1- في « أ » : توافق الشاهدين للدعوى معنى.

الوقت لم يثبتا للتعارض ، وله المطالبة بأحدهما مع اليمين.

ولو شهد مع كلّ واحد شاهد آخر ثبت الديناران ، ولا كذا لو شهد واحد بالإقرار بدينار والآخر بدينارين ، بل يثبت الدينار بهما ، والآخر بانضمام اليمين.

ولو شهد بكلّ إقرار شاهدان ثبت الديناران بشهادة الأربعة ، والدينار بشهادة اثنين.

ولو شهد واحد انّه سرق ثوبا قيمته درهم ، وشهد آخر انّه سرقه وقيمته درهمان ، ثبت الدرهم بشهادتهما ، والآخر بالشاهد واليمين.

ولو شهد بكلّ صورة اثنان ثبت الدّرهم بشهادة الأربعة ، والآخر بشهادة اثنين.

ص: 401

المقصد السادس : في الرجوع

اشارة

إذا رجع الشّاهدان قبل الحكم لم يحكم ، وإن كان بعده فهنا مباحث :

الأوّل : الحدّ ، فلو رجعا ما قبل الاستيفاء لم يستوف ، سواء كان حدّا لله أو لآدميّ أو مشتركا.

ولو قال بعد الرجم : تعمّدنا ، فإن صدّقه الباقون فللوليّ قتل الجميع ويردّ ثلاث ديات ، وله قتل ثلاثة ويردّ ديتين ويردّ الآخر ربع دية ، وله قتل اثنين ويردّ دية والآخران نصف دية ، وله قتل واحد ويردّ الثلاثة ثلاثة أرباع الدية.

ولو لم يصدّقوه مضى عليه إقراره ، ولو صدّقوه في أنّه كاذب في شهادته لا في كذب الشهادة اختصّ بالقتل ، ولا شي ء عليهم من الدّية ، ويحدّون للقذف.

ولو شهد أربعة بالزنا ، والآخران بالإحصان فرجم ، ثمّ رجع شهود الزنا اقتصّ منهم ، ولا شي ء على شاهدي الإحصان وبالعكس يجب العكس.

ولو رجع الجميع وزّعت الدية عليهم بالسوية ، ويحتمل التنصيف.

ولو شهد من شهود الزنا اثنان بالإحصان ، ثمّ رجعوا ، فعلى الأوّل على شاهدي الإحصان الثلثان وعلى الآخرين الثلث ، والأقوى تساويهم ، وعلى الثاني على شاهدي الإحصان ثلاثة أرباع وعلى الآخرين الربع.

ص: 402

ولو رجعا عن شهادة الردّة سقط القتل دون باقي الأحكام.

الثاني : القصاص ، لو استوى الوليّ قتلا أو جرحا ثمّ رجعوا ، فإن قالوا :تعمّدنا اقتصّ منهم ، فيردّ الفاضل ، ومن البعض فيردّ الباقون قدر جنايتهم ، وإن قالوا : أخطأنا فعليهم الدية ، ولو تفرّقوا فعلى المتعمّد القصاص بعد ردّ الفاضل عن جنايته ، وعلى المخطئ نصيبه من الدّية.

الثالث : البضع ، لو رجعا عن الطلاق قبل الدخول غرما النّصف ، وبعده لا ضمان.

ولو رجعا عن الشهادة للزوج بنكاح امرأة بعد الدخول ، غرما لها الزائد عن المسمّى من مهر المثل إن كان ، وإلّا فلا ضمان ، ولو كان قبل الدّخول فلا غرم ، سواء طلّقها أو لا.

ولو كانت الشهادة للزوجة ، فإن طلّق قبل الدّخول بأن قال : إن كانت زوجتي فهي طالق ، غرما للزوج نصف المسمّى ، وإن رجعا بعده غرما له الزائد عن مهر المثل من المسمّى إن كان.

الرابع : المال ، إذا رجعا بعد الحكم والاستيفاء وتلف المحكوم به ، لم ينقض ، وغرما للمشهود عليه ، وكذا لو رجعا بعد الحكم والاستيفاء وقبل التلف ، ولو كان قبل الاستيفاء نقض على الأقوى ، ولو أبرأه المحكوم له فلا غرم.

ولو اصطلح الغريمان على شي ء ثمّ رجعا ، غرما أقلّ الأمرين.

ولو رجعا فأقام المدّعي غيرهما فلا غرم ، ولا يغرم الفاسقان بالرجوع.

ولو رجع شهود العتق غرموا القيمة ، بخلاف الرجوع عن التدبير ، لقدرته على نقضه.

ص: 403

ولو رجعا عن الشهادة بالمكاتبة ، فإن ردّ في الرقّ فلا غرم ، وإن أعتق بالأداء ضمنا القيمة.

ولو أراد السيّد تعجيل الغرم غرما ما نقص بالكتابة ، (1) وكذا لو رجعا عن الشهادة بالاستيلاد.

تتمة : في كيفيّة الغرم

إذا رجعا معا غرما بالسوية ، ولو رجع أحدهما غرم النّصف ولو زادوا على اثنين وزّع الغرم عليهم بالسويّة ، ويغرم الشاهد مع المرأتين النصف ، وكلّ امرأة الرّبع.

ولو كان مع عشر غرم الرجل السدس ، وكلّ واحدة نصف السدس (2).

ولا يغرم الغالط ، ولا من ردّت شهادته لفسق ، ولا لمعارضة بيّنة أخرى.

وإذا تاب شاهد الزّور وأصلح العمل قبلت شهادته بعد البحث عن صلاحه.

ص: 404


1- قال العلّامة في القواعد : 3 / 513 : ولو أراد تغريمهما قبل انكشاف الحال ، غرما ما بين قيمته سليما ومكاتبا.
2- قال العلّامة في القواعد : 3 / 514 : لو حكم في المال بشهادة رجل وعشر نسوة فرجعوا ، فعلى الرّجل السدس ، وعلى كلّ امرأة نصف سدس ، ويحتمل وجوب النصف على الرّجل ، لأنّه نصف البيّنة ، وعليهنّ النصف.

المقصد السابع : في الشهادة على الشهادة

وفيه مباحث :

الأوّل : في المحلّ ، وهو حقوق الناس كالطلاق ، والقصاص ، والنسب ، والعتق ، وعقود المعاوضات ، والقرض ، والقراض ، والوكالة ، والوصيّة ، وعيوب النّساء ، والولادة ، والاستهلال.

ولا تقبل في حقّه تعالى كالحدود ، وفي حدّ السرقة والقذف خلاف.

ولو أقرّ باللواط أو بالزّنا بالعمّة أو الخالة ، أو وطء البهيمة ، قبلت الشهادة على الشهادة في نشر الحرمة ، وإثبات مهر المكرهة ، وتحريم البهيمة أو بيعها ، لا في الحدّ والتعزير.

الثاني : العدد ، ويجب أن يشهد على كلّ واحد شاهدان وإن كان امرأة وتكفي شهادة اثنين على كلّ من الشّاهدين وعلى جماعة ، وشهادة أصل مع فرع على شهادة الآخر.

ولا تجوز شهادة النّساء فرعا وإن كان فيما تقبل فيه شهادتهنّ منفردات ، ويحتمل الجواز ، فيجب على كلّ امرأة أربع.

الثالث : في التحمّل والأداء ، وأعلى مراتبه الاسترعاء ، وهو أن يقول :

ص: 405

أشهد على شهادتي أنّي أشهد لفلان على فلان بكذا ، وأدون منه أن يسمعه يشهد عند الحاكم ، وأدون منهما (1) أن يسمعه يقول لا عند الحاكم : أشهد لفلان على فلان بكذا بسبب كذا.

ولا ريب في جواز الأوّلتين ، والأقرب في الثالثة الجواز ، وكذا لو قال : عندي شهادة مجزومة بأنّ لفلان على فلان كذا.

ولو لم يذكر السّبب ولا الجزم لم يجز التحمّل ، ففي الصّورة الأولى يقول : أشهدني على شهادة ، وفي الثانية يقول : سمعته يشهد عند الحاكم بكذا ، وفي الثالثة : سمعته يشهد بكذا بسبب كذا.

الرابع : الحكم ، لا تقبل شهادة الفرع إلّا عند تعذّر الأصل بموت أو مرض أو غيبة ، وضابطه مشقّة الحضور.

ولا بدّ من تسمية الأصل دون تعديله ، فإن علمت عدالته وإلّا بحث عنه الحاكم.

ولا يكفي التعديل بدون التّسمية ، ولا يقدح طريان العمى والموت والإغماء في شهادة الفرع.

ولو طرأ الفسق ، أو الكفر ، أو العداوة قبل الحكم طرحت ، وكذا لو استرقّه المشهود عليه.

ولو قال الأصل : لم أشهده طرح الفرع إلّا أن يحكم بشهادته.

ص: 406


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : وأدون منه.

كتاب الغصب

اشارة

وفيه فصول :

ص: 407

ص: 408

[ الفصل ] الأوّل : في حقيقته

اشارة

وهو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا ، فلا يكفي رفع يد المالك ما لم يثبت الغاصب يده ، فلو منعه من القعود على بساطه ، أو من إمساك دابّته المرسلة فتلفا ، فلا غصب ، ولا ضمان على الأقوى ، أمّا لو منعه من بيع متاعه فنقصت قيمته ، لم يضمن قطعا.

ويتحقّق الإثبات بالنقل في المنقول ، ويكفي في الدابّة الركوب ، وفي الفراش الجلوس ، وبرفع يد المالك وإثبات يده في العقار.

ولو سكن مع المالك قهرا فهو غاصب للنصف عينا وقيمة ، ولو كان ضعيفا لم يضمن إلّا أن يكون المالك غائبا.

ولو قاد الدابّة وصاحبها راكب فلا غصب إلّا مع ضعف المقاومة.

والتقييد بالمال ليخرج الحرّ ، فإنّه لا يضمن إلّا أن يكون صغيرا أو مجنونا ، ويتلف بسبب كاللذع والوقوع ، وكذا منفعته ، فلو حبس صانعا لم يضمن أجرته ، ولو استأجره لعمل فاعتقله ولم يستعمله ، فالوجه الضمان.

ولو استأجر دابّة فحبسها ضمن قطعا.

والخمر والخنزير مال بالنسبة إلى الذمي المتستر دون المسلم

ص: 409

والذّمي المتظاهر ، فيجب ردّها عليه لا عليهما ، ولو تلفت فالقيمة وإن كان المتلف ذميّا.

والمنفعة مال ، فلو آجره دارا ثمّ أثبت يده عليها ، فهو غاصب للمنفعة.

ولا تدخل منفعة البضع سواء كان لحرّة ، أو مملوكة إلّا في مثل الرضاع أو الشهادة بالطلاق كما تقدّم.

وإضافة المال إلى الغير (1) ليخرج إثبات يده على مال نفسه عدوانا ، كالمرهون.

وتقييده بالعدوان ، ليخرج غيره كالمرتهن والوكيل والمستأجر.

تنبيه

لا ينحصر الضمان في الغصب ، بل قد يحصل بالتلف إمّا بالمباشرة ، وهي إيجاد علّة التّلف ، كالأكل والإحراق والقتل ، وإمّا بالسبب ، وهو إيجاد ملزوم العلّة كحفر البئر في غير ملكه ، وطرح المعاثر في المسالك.

ولو اجتمع المباشر والسبب قدّم المباشر ، فلو حفر بئرا في غير ملكه عدوانا ، فدفع غيره إنسانا فوقع فيها ، فالضمان على الدافع ، ولو ضعف المباشر بالإكراه أو الغرر ، فالحوالة على السبب ، فلو أكرهه على أكرهه على أكل طعام الغير ، أو أضاف المالك بطعامه ولم يشعر ، (2) أو أمره بذبح شاة الغير فذبحها جاهلا ، فالضمان على المكره والغارّ ، ولو ضمن المالك المباشر رجع على ذي السبب.

ص: 410


1- حيث قال في تعريف الغصب : « وهو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير ».
2- في الدروس : 3 / 107 : « أو أطعم المالك طعامه من غير شعوره ».

ولو ألقى صبيّا أو حيوانا يعجز عن الفرار في مسبعة فقتلهما السبع ، أو غصب شاة فمات ولدها جوعا ، أو تبعها الولد فهلك ، أو حبس مالك الماشية فتلفت ، أو فكّ القيد عن الدابّة فشردت ، أو عن العبد المجنون فأبق ، أو فتح قفص الطائر ، أو حلّ الدابّة فذهبا في الحال أو بعد مكث ، أو فتح رأس الظرف فسال ما فيه بنفسه ، أو بإذابة الشمس ، أو بقلب الريح ، أو بتقاطر شي ء منه فبلّ أسفله ، أو تجاوز قدر الحاجة من الماء والنار ، فاتّفق الغرق أو الحرق مع ظن التعدّي ضمن.

ولو فتح بابا على مال فسرق ، أو دلّ السّارق ، أو أزال القيد عن العبد العاقل فأبق لم يضمن.

ويضمن المقبوض بالبيع الفاسد وشبهه وبالسّوم ومنافعه العينيّة (1) وصفاته مع جهل البائع وعلمه إن استوفاهما المشتري وإلّا فلا.

ويضمن المثليّ بمثله وغيره بأعلى القيم.

ويضمن المنفعة المستوفاة بالإجارة الفاسدة ، وحمل المغصوب دون حمل المبيع الفاسد والمستام إلّا مع اشتراط دخوله في المبيع.

ولو جحد الوديعة أو العارية أو تعدّى فيهما فهو غاصب ، وكذا كلّ أمين.

خاتمة

لو تعاقبت الأيدي تخيّر المالك في تضمين من شاء وفي إلزام الجميع ببدل واحد ، ويستقرّ الضمان على من تلف في يده ، فلو رجع على غيره رجع عليه.

ص: 411


1- في « أ » : « ومنافع الغنيمة » ولعلّه مصحّف.

ولو آجر المغصوب للمالك رجع عليه بالأجرة وأجرة المثل.

ولو زوّجه بالجارية المغصوبة فاستولدها جاهلا ، نفذ الاستيلاد وبرئ منهما لا من الأرش ، وكذا لو وهبها منه ولو قال : اعتقها عنك أو عني فاعتقها لم يقع.

ولو وهب المغصوب فارتجعه المالك ، لم يرجع المتّهب على الغاصب ، ويرجع بالعوض إن كان.

ص: 412

الفصل الثاني : في الأحكام

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل :

يجب ردّ المغصوب وإن تعذّر ، كالخشبة في البناء ، واللوح في السّفينة وإن أدّى إلى خراب ملكه ، ويضمن أرشهما وأجرتهما ، ولو خيف غرق الغاصب ، أو مال غيره ، أو حيوان محترم كلّف القيمة ، حتّى يصل إلى الساحل ، ثمّ ينتزع اللوح.

ولو خيف غرق السّفينة أو مال الغاصب قال الشيخ : يؤخّر إلى الساحل (1) وهو حسن لكن يطالب بالقيمة حتّى يسلّم العين.

ولو خاط بالخيط المغصوب ثوبا ، فإن أمكن نزعه وجب ، وضمن النقص ، وإلّا ضمن القيمة.

ولو خاط به جرح حيوان محترم ضمنه ، ولم يجز النزع إلّا أن يؤمن التلف أو الشين ، ولو مات نزع منه.

ولو مزج المغصوب بمثله أو بأجود ردّ العين ولو كان بأدون تخير بين

ص: 413


1- المبسوط : 3 / 86 - 87.

أخذ المثل وبين العين مع الأرش ولو مزجه بغير الجنس ، فإن أمكن تمييزه وجب وإن شقّ ، كالحنطة والشعير ، وإلّا ضمن المثل.

ولو نقله إلى غير بلده كلّف ردّه وإن تضاعفت الأجرة ، ولو رضي المالك ببقائه فيه لم يكن للغاصب نقله ، ولو تعذّر ردّ العين وجب البدل.

ويضمن الغاصب أجرة ما له أجرة حتّى يدفع البدل ، ولا يملك العين المغصوبة ، ويملك المالك البدل.

ولو عادت رجع كلّ منهما ، ولا يجبر المالك على إعادة البدل ، ولا على إعادة النّماء المنفصل.

وللمالك النّماء المنفصل المتجدّد بين الغصب ودفع البدل ، وكذا المتّصل بمعنى أنّه يضمنه الغاصب لو زال.

وفي ضمان المتجدد بعد دفع البدل توقف ولو تراضيا بالمعاوضة لم يجبر أحدهما على الردّ وفوائد المغصوب مضمونة للمالك وإن تجدّدت في يد الغاصب ، سواء كانت أعيانا ، كالصوف واللبن ، أو منفعة كالسكنى والركوب.

ويضمن الأجرة عن عمل مطلق وإن لم ينتفع ، ولو انتفع بالأزيد ضمن الزائد.

ص: 414

المبحث الثاني : في زيادة الصّفة

لا يضمن الزيادة المتّصلة إذا لم تزد بها القيمة كالسّمن المفرط في العبد ، ويضمن غيرها ، فلو سمنت الدابّة في يد الغاصب ، أو تعلّم المملوك صنعة أو علما فزادت قيمته ثمّ زالت فنقصت القيمة ضمن الأرش وإن ردّ العين ، ولو تلفت العين ضمنها مع الصّفة.

ولو كان له صناعات لزمه أعلاها ، ولو زالت الصنعة ثمّ عادت والقيمة باقية لم يضمن الأولى.

ولو نقصت قيمة الثانية عن الأولى ضمن التفاوت ، أمّا لو تجدّد غيرها ضمن الأولى.

ولو صبغ الثوب فله إزالة الصّبغ وإن تلف بالقلع ، ويضمن أرش الثوب لو نقص ، وللمالك إزالته ، ولا يضمن نقصه ، وله إجبار الغاصب على إزالته إن قبلها.

ولو أراد أحدهما مال صاحبه بقيمته ، لم يجب القبول ، وكذا لو وهبه إيّاه ثمّ يشتركان في قيمته إن تساوت قيمتهما ولم ينقصا ، وكذا لو زادتا.

ولو زادت قيمة أحدهما فالزيادة لصاحبها ، ولو نقصت ضمن الغاصب للمالك دون العكس.

ولو ساوى المصبوغ قيمة الثوب أخذه المالك مجّانا ، ولو نقص عنها لزم (1) الغاصب إتمام قيمته.

ص: 415


1- في « ب » و « ج » : ضمن.

ولو صاغ أحد الجوهرين حليّا أو آنية ردّه كما هو ، وضمن أرش النقص إن كان.

ولا يملك العين بالاستحالة كزرع الحبّ ، واستفراخ البيض ، ولو طحن الحنطة ، أو قصّر الثوب ، أو خاطه ، ردّ العين مجّانا ، وضمن نقص القيمة.

ولو جبن اللبن ، أو اتّخذ منه زبدا أو سمنا ، أو من العنب زبيبا ، ضمن الأرش.

ولو صار العصير خمرا ، ضمن المثل ، ووجب دفع الخمر ، فإن صار خلًّا في يد المالك ردّ المثل ، ورجع بالأرش.

ولو صار خلًّا في يد الغاصب ترادّا وضمن الأرش.

ولو غصب فصيلا فلم يخرج من داره إلّا بالهدم ألزم به وبالإخراج ، ولا ضمان على صاحب الدابّة ، وكذا لو دخلت الدابّة بسبب من صاحب الدار ، ولو كان من صاحب الدابّة ، أو لم يكن منهما تفريط ضمن صاحب الدابّة النقص.

ولو أدخلت دابّة رأسها في قدر واحتيج إلى ، كسرها كسرت وضمن المفرّط ، ولو فرّطا أو لم يفرّطا ضمن صاحب الدابة.

المبحث الثالث : في النقص

لو نقصت القيمة للسّوق ردّه ولا ضمان ، ولو نقصت بالعيب ردّه مع الأرش ، ولو كان العيب غير مستقرّ كعفن الحنطة ردّها مع الأرش ، ثمّ كلّ ما زاد ضمنه.

ص: 416

ولو غصب شيئين ينقصان بالتفريق ، كزوجي خفّ ، ثمّ تلف أحدهما ، ضمن قيمة التّالف مجتمعا ونقصان الآخر ، وكذا لو غصب أحدهما ثمّ تلف.

ولو نقصت الأرض بترك الزّرع كأرض البصرة ، ضمن الأرش ، ولو زرع الأرض ضمن الأجرة.

ولو جنى العبد في يد الغاصب فاقتصّ منه ، ضمن الغاصب بأعلى القيم.

ولو طلب (1) وليّ الدّم بالدية لزم الغاصب الأقلّ من القيمة والدية.

ولو اقتصّ منه في الطرف ، ضمن الأكثر من نقص القيمة والأرش ، وكذا لو اقتصّ منه بعد ردّه إلى المالك.

ولو ارتدّ في يد الغاصب فقتل ، ضمنه سواء كان في يده أو يد المالك.

ولو غصبه مرتدّا فقتل لم يضمنه.

ولو ارتدّ في يده ثمّ مات في يد المالك ضمن الأرش.

ولو خصي ردّ مع كمال القيمة ، وكذا لو سقط بآفة.

ولو عمي أو أقعد عتق وضمن قيمته.

ولو التحى أو شابّ (2) ضمن الأرش ، وكذا لو انكسر النّهد (3).

ولو أبق ضمن القيمة في الحال ، فإن عاد ترادّا.

ص: 417


1- في « أ » : ولو طالب.
2- في « ب » : « ولو التحى الشاب » والصحيح ما في المتن. قال العلّامة في القواعد : 2 / 233 : ولو غصبه شابّا فصار شيخا ضمن النقص ، وكذا لو كان أمرد فنبت له لحية على إشكال.
3- قال الشهيد في الدروس : 3 / 118 : ولو غصب طفلا حتّى كبر أو شابّا فشاخ أو جارية ناهدا فسقط ثدياها ، ضمن الأرش إن حصل نقص.

ولو أمسك العبد لترتجع القيمة فتلف ، رجع الغاصب بالقيمة ، والمالك بالأكثر من يوم التلف إلى يوم الإقباض.

ولو غصب سارقا فقطع لم يضمنه ، ولو سرق عنده (1) فقطع ضمنه.

المبحث الرابع : في التلف

ويضمن المثلي بمثله ، ويجب شراؤه وإن تضاعفت القيمة ، فإن فقد فأعلى القيم من يوم الإعواز إلى يوم الإقباض ، لأنّه كان مخاطبا بالمثل.

ويضمن القيمي بأعلى القيم من يوم التلف إلى يوم الإقباض ، لأنّه كان مخاطبا بالعين.

ولو غرم القيمة ثمّ قدر على العين استردّ القيمة ، بخلاف ما لو قدر على المثل.

ولو ظفر المالك به في غير مكان الغصب ، ألزم بالمثل وإن كان في حمله مئونة ، ولو فقد فالقيمة وإن زادت.

ولو خرج المثل عن التقويم باختلاف الزمان أو المكان ، كما لو أتلف ماء في مفازة أو الجمد في الصّيف ثمّ اجتمعا على نهر ، أو في الشتاء ضمن القيمة وقت الغصب.

ويضمن الذهب والفضة بالمثل لا بنقد البلد ، ولو تعذّر فإن اختلف جنس المضمون ونقد البلد ، ضمنه بالنقد ، وإن تساويا واتّفق الوزن ضمنه به ، وإلّا قوّم بغير جنسه.

ص: 418


1- في « أ » : « عبده » ولعلّه مصحّف.

المبحث الخامس : في تصرّفات الغاصب

وفيه مسائل :

الأولى : كلّ تصرّف غير الردّ مضمون وإن زادت به القيمة كالخصى ، ولو جنى على الدابّة ردّها مع الأرش ، ولا فرق بين بهيمة القاضي وغيره.

ولا تقدير له بل المرجع (1) إلى السوق ، وكذا لو جنى غيره أو عابت من قبل اللّه تعالى.

ولو قتل المملوك ضمن قيمته وإن تجاوزت دية الحرّ ، وكذا لو مات في يده.

ولو قتله غيره ضمن القاتل الدية والغاصب الزيادة.

ولو جنى عليه بما لا تقدير فيه من الحرّ ضمن ما ينقص من قيمته ، وإن كان مقدّرا ضمن الأكثر من المقدر والأرش.

ولو جنى عليه بما فيه قيمته وجب دفعه مع القيمة ، بخلاف الجاني على غير المغصوب ، ولا يعتق بالتمثيل.

وحكم المدبّر والمكاتب المشروط وأمّ الولد كالقنّ.

الثانية : لو وطئها الغاصب جاهلين بالتحريم لزمه العشر مع البكارة ، ونصفه لا معها ، وأرش ما نقص بالولادة ، وأجرة مثلها إلى حين ردّها ، ولا حدّ ،

ص: 419


1- في « أ » : المرجوع.

والولد حرّ ، وعليه قيمته يوم سقط حيّا ، ولا شي ء لو سقط ميّتا إلّا أن يكون بجنايته.

ولو ضربها أجنبيّ فسقط فعلى الضارب للغاصب دية جنين حرّ ، وعلى الغاصب للمالك دية جنين أمة.

ولو كانا عالمين بالتحريم ، فإن أكرهها فللمولى المهر والولد وأرش الولادة والأجرة ، وعلى الغاصب الحدّ ويتعدّد الحدّ ، والمهر بتعدّد الإكراه.

ولو طاوعته حدّا ولا مهر عليه بل أرش البكارة ، والولد رقّ لمولاها ، ولو مات ضمنه الغاصب.

ولو وضعته ميّتا لم يضمنه.

ولو سقط بجناية جان لزمه دية جنين أمة.

ولو جهل دونها فلا مهر ، وحدّت خاصّة ، والولد حرّ ، وعليه قيمته ، وبالعكس يجب عليه الحدّ والمهر ، ولم يلحق به الولد.

ولو افتضّها بإصبعه ضمن أرش البكارة ، ولو وطئها مع ذلك لزمه الأمران.

الثالثة : لو اشترى من الغاصب عالما فاستعاده المالك ، رجع المشتري بالثمن مع بقائه وإلّا فلا.

ولو تلفت العين رجع المالك على من شاء ، ويستقرّ الضمان على المشتري ، ولو كان جاهلا فعلى الغاصب ، ويرجع المشتري الجاهل بما يغترمه ، سواء حصل له في مقابلته نفع كالسكنى والثمرة ، أو لا كالنّفقة والبناء.

ولو باع الغاصب ثمّ انتقل إليه فقال [ للمشتري ] : بعتك ما لا أملك ،

ص: 420

وأقام بيّنة ، فإن ذكر في البيع ما يدلّ على الملكيّة سمعت بيّنته كقوله : بعتك ملكي ، وإلّا فلا.

الرابعة : لو باع الغاصب الأمة فوطئها المشتري عالما بالغصب ، فكالغاصب ، ولو كان جاهلا فللمالك الرجوع عليه بالعين أو البدل ، وبالأجرة والعقر ، وقيمة الولد يوم سقط حيّا ، ويرجع بذلك على الغاصب ، وله الرجوع على الغاصب.

ويستقرّ الضمان على المشتري مع علمه ، وإلّا فعلى الغاصب.

الخامسة : لو غصب فحلا فأنزاه على أنثى فعليه أجرته وأرش النقص ، والولد لمالكها وإن كان الغاصب.

السادسة : لو كسر المصوغ ضمن الصياغة المتقوّمة وإن كانت بفعله ، ربويّا كان أو غيره.

ولو طلب المالك ردّها أجيب ، ويضمن الغاصب ما ينقص عن قيمة الجوهر ، ولو كانت محرّمة لم يضمنها.

السابعة : لو حفر بئرا في غير ملكه ، فله طمّها خوف الضمان بالتردّي ، ولو نهاه المالك وجب القبول ، وانتفى الضمان.

الثامنة : لو زرع الأرض أو غرسها ، فله الزرع والغرس والنماء ، وعليه الإزالة والأجرة وطمّ الحفر.

ولو بدل أحدهما قيمة ما للآخر لم يجب القبول ، وكذا هبته.

ولو بنى الأرض بآلات المالك لزمه أجرة الأرض مبنيّة ، وليس له

ص: 421

نقضها ، ولو بناها بآلته لزمه أجرة العرصة ، وله نقضها ، وعليه الأرش.

ولو غصب دارا ثمّ نقضها ، فعليه الأرش وأجرة دار إلى حين النقض ، وأجرة عرصة إلى حين الردّ ، وكذا لو بناها بآلته ثمّ نقضها.

ولو بناها بآلتها فعليه أجرة دار قبل النقض وبعد البناء ، وأجرة عرصة وقت النقض.

التاسعة : لو لبس الثوب فخلق ، ضمن الأجرة والنقص ، ولم يتداخلا ، سواء كان النقص بالاستعمال أو لا.

العاشرة : لو اشترى بالعين المغصوبة ، فالربح للمالك إن أجاز البيع ، وإلّا فللغاصب.

ولو ضارب به فالرّبح للمالك ، وعلى الغاصب أجرة العامل الجاهل.

ولو تلف المال تخيّر في الرجوع على من شاء ، ويستقرّ الضمان على العامل مع علمه ، وإلّا فعلى الغاصب.

الحادية عشرة : لو وهب الغاصب من آخر فرجع المالك عليه ، لم يرجع على الغاصب ، فإن أتلفها المتّهب رجع المالك على من شاء ، ثمّ لا يرجع أحدهما على الآخر مع الجهل ، ومع العلم يرجع الغاصب على المتّهب دون العكس.

ص: 422

الفصل الثالث : في التنازع

لو اختلفا في تلف المغصوب قدّم قول الغاصب مع يمينه ، وكذا في القيمة إلّا أن يعلم كذبه ، وكذا في وجود صفة تزيد بها القيمة ، أو في تجدّدها ، أو فيما على العبد (1) ، وفي تخليل الخمر عنده.

ولو اختلفا في ردّ المغصوب ، أو في ردّ بدله ، أو في موته ، أو في وجود عيب ، أو في تجدّده ، قدّم قول المالك مع يمينه.

ص: 423


1- قال العلّامة في القواعد : 2 / 241 : أو تنازعا في الثوب الّذي على العبد.

ص: 424

كتاب الأطعمة والأشربة

اشارة

وفيه مطالب :

ص: 425

ص: 426

[ المطلب ] الأوّل : في الحيوان

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] حيوان البحر

وإنّما يحلّ منه ذو الفلس وإن زال عنه كالكنعت ، وتؤكل الرّبيثا والطّمر والطبراني والإبلامي.

ولا يؤكل ما لا فلس له كالجرّيّ والزّمّار والمارماهيّ والزهو ، ولا غير السمك كالسلحفاة والضفادع والسّرطان ، ولا كلب الماء وخنزيره ، وغير ذلك ، وإن كان جنسه حلالا في البرّ كالشاة.

ولو وجدت سمكة في جوف أخرى لم تحلّ ، وكذا لو وجدت في جوف حيّة إلّا أن توجد حيّة.

ويحرم الطافي ، وهو ما يموت في الماء ، وإن كان في شبكة أو حظيرة ، سواء مات بسبب كضرب العلق ، وحرارة الماء أو لا.

ص: 427

ولو اختلط الحيّ بالميّت ولم يتميّز حرم الجميع.

وبيض السمك تابع ، ولو اشتبه أكل الخشن دون الأملس.

المبحث الثاني : [ في ] حيوان البرّ

ويحلّ من الإنسيّ الإبل والبقر والغنم ، وتكره الخيل والبغال والحمير ، وأشدّها البغل ثمّ الحمار.

ويحرم الكلب ، والسّنور ، والديدان ، والفأرة ، والجرذان ، وبنات وردان ، والنّمل ، والقمّل ، والبراغيث.

ويحلّ من الوحشي البقر ، والكباش ، والغزلان ، واليحامير (1) ، والحمر.

ويحرم السّباع ، وهو ما له ظفر أو ناب يفرس به ، قويّا كالأسد ، أو ضعيفا كالثعلب ، ويحرم أيضا الخنزير ، والأرنب ، والسّنور ، والقنفذ ، والضبّ ، واليربوع ، والوبر (2) والفنك (3) ، والسمور (4) ، والسنجاب ، والخزّ ، والعظاء (5) وابن

ص: 428


1- اليحامير : جمع يحمور ، وهو طائر ، واليحمور أيضا دابّة تشبه العنز ، وقيل : اليحمور حمار الوحش. لسان العرب ( مادة : حمر ).
2- الوبر : - بالتسكين - دويبة على قدر السنّور غبراء أو بيضاء من دوابّ الصحراء ولها كرش تجترّ. لسان العرب : ( مادة : وبر ).
3- الفنك : دابّة يلبس جلدها فروا. لسان العرب : ( مادة : فنك ).
4- السمّور : دابّة معروفة يتّخذ من جلدها فراء مثمنة تكون ببلاد الترك تشبه النمر. مجمع البحرين : ( مادة : سمر ).
5- العظايا : قال ابن الأثير : هي جمع عظاية ، دويبة معروفة. النهاية في غريب الحديث : ( مادة عظا ).

عرس (1) ، واللّحكة (2) والصراصر ، وجميع الحشرات كالحيّة ، والعقرب ، والفأرة ، والخنافس.

المبحث الثالث : [ في ] الطير

اشارة

ويحلّ منه الحمام كالقماريّ ، والدباسي ، والورشان ، والحجل ، والدرّاج ، والقبج ، والطيهوج ، والقطا ، والدّجاج ، والكركي ، والكروان ، والبطّ ، والوز والعصافير ، والزرازير ، والصعوة ، وكلّ ما دفيفه أغلب من صفيفه أو مساو ، أو كان له قانصة أو حوصلة أو صيصية ، إلّا أن ينصّ على تحريمه ، ولا يقدح أكل السمك.

ويحرم ما له مخلاب قويّ كالصقر ، والبازي ، والشاهين ، والعقاب ، والباشق ، أو ضعيف كالنسر ، والرخم والبغاث ، والحداة.

ويحرم أيضا الطاوس ، والخفّاش ، والغربان ، والزنابير ، والديدان ، والبقّ ، وما صفيفه أكثر من دفيفه ، وما خلا (3) عن القانصة والحوصلة والصيصية إلّا أن ينصّ على تحليله.

ص: 429


1- ابن عرس : قال في مجمع البحرين ( مادة : عرس ) : وابن عرس ذكر في الحديث وهي دويبة تشبه الفأر والجمع : بنات عرس.
2- اللّحكة : قال ابن السكّيت : هي دويبة شبيهة بالعظاية تبرق زرقاء ، وليس لها ذنب طويل مثل ذنب العظاية ، وقوائمها خفية. لسان العرب : ( مادة : لحك ).
3- في « أ » : أو ما خلا.

ويعتبر بذلك طير الماء أيضا.

ويكره الهدهد ، والخطاف ، والفاختة ، والقبرة ، والحبارى ، وأشد كراهة الصرد ، والصّوام ، والشقراق.

والبيض تابع فإن اشتبه أكل ما اختلف طرفاه دون ما اتّفق.

خاتمة

قد يعرض التحريم بأمور :

الأوّل : وطء الإنسان ، فيحرم الموطوء ونسله ، فإن اشتبه قسّم القطيع قسمين ، ثمّ يقرع ، وهكذا حتّى تبقى واحدة.

الثاني : الجلل وهو الاغتذاء بعذرة الإنسان محضا ، ويحلّ بالاستبراء ، بأن يربط ويطعم علفا طاهرا ، فالناقة بأربعين يوما ، والبقرة بعشرين ، والشاة بعشرة ، والبطّة وشبهها بخمسة ، والدجاجة وشبهها بثلاثة ، والسمك بيوم وليلة ، وغير ذلك بما يزيل حكم الجلل.

ولا يكره الزرع بالسماد.

الثالث : أن يشرب لبن خنزيرة ، فيحرم لحمه ولحم نسله إن اشتدّ ، وإلّا كره ، ويستحبّ استبراؤه بسبعة أيّام.

ولو شرب خمرا غسل لحمه وأكل ، ويحرم ما في بطنه.

ولو شرب بولا نجسا لم يحرم منه شي ء ، بل يغسل ما في بطنه.

ولو اشتدّ بلبن امرأة كره لحمه.

ص: 430

المطلب الثاني : في الجامد

والمحرّم منه خمسة :

الأوّل : الميتة ، ويحرم أكلها واستعمالها ، إلّا ما لا تحلّه الحياة ، كالصوف ، والشعر ، والوبر ، والريش ، والقرن ، والظلف ، والعظم ، والسنّ ، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى ، والأنفحة ، وفي اللّبن قولان.

ولو امتزج الميّت بالذكي اجتنبا ، ولا يباع من مستحلّ الميتة.

ولو قلع الصوف وشبهه غسل موضع الاتّصال.

ولا يحرم السوس لأنّه ليس من الدود ، والأصل الحلّ.

الثاني : يحرم من الذّبيحة الطحال ، والقضيب ، والفرث ، والأنثيان ، والمثانة ، والمرارة ، والمشيمة ، والدم ، والفرج ، والنخاع ، والعلباء ، والغدد ، وذات الأشاجع ، والحدق ، وخرزة الدماغ.

ويكره الكلا وأذنا القلب ، والعروق.

ولو شوى الطحال مع اللحم مثقوبا ، حرم اللحم إن كان تحته أو معه ، وإلّا فلا.

ص: 431

الثالث : الأعيان النجسة كالعذرة والسّرجين مطلقا.

الرابع : الطين كلّه عدا تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء ، ولا يتجاوز قدر الحمصة ، ويجوز الأرمني (1) للضّرورة.

الخامس : السّموم القاتلة قليلها وكثيرها ، ويجوز ما لا يقتل قليله كالسقمونيا إذا مزج بغيره ، ولا يجوز أن يتناول منه ما يخاف معه الضرر. (2)

ص: 432


1- قال الشهيد الثاني : وهو طين مخصوص يجلب من إرمينية يترتّب عليها منافع ، خصوصا في زمن الوباء والإسهال وغيره ممّا هو مذكور في كتب الطبّ. المسالك : 12 / 69.
2- في « أ » : ما يخاف منه الضرر.

المطلب الثالث : في المائعات

اشارة

ويحرم منها سبعة :

الأوّل : البول كلّه إلّا بول الإبل للاستشفاء.

الثاني : الخمر وكلّ مسكر كالنبيذ ، والبتع (1) ، والفضيخ (2) ، والنقيع (3) ، والمزر (4) ، وفي معناه الفقاع ، وكذا المسكر الجامد إلّا أنّه طاهر.

ويحلّ الخمر بانقلابه خلًّا ، سواء كان بنفسه أو بعلاج ، ويطهر الإناء وما عولج به.

ولو لاقته نجاسة لم تحلّ بالانقلاب ، ولو مزج الخلّ به فاستهلكه لم يحلّ وإن انقلب باقي الخمر.

ص: 433


1- البتع والبتع : نبيذ يتّخذ من عسل كأنّه الخمر صلابة ، وهو خمر أهل اليمن. لسان العرب ( مادّة : بتع )
2- الفضيخ : شراب يتّخذ من البسر المفضوخ وحده من غير أن تمسّه النار. لسان العرب ( مادّة : فضخ ).
3- النقيع : شراب يتّخذ من زبيب ينقع في الماء من غير طبخ ، وقيل في السّكر : إنّه نقيع الزبيب. لسان العرب ( مادّة : نقع ).
4- والمزر : نبيذ الشعير والحنطة والحبوب ، وقيل : نبيذ الذرة خاصّة. لسان العرب ( مادّة : مزر ).

الثالث : العصير إذا غلى واشتدّ من قبل نفسه أو بالنار ، ويحلّ إذا ذهب ثلثاه أو انقلب خلًّا.

ويكره الإسلاف فيه وإن يؤمن على طبخه من يستحلّه قبل ذهاب ثلثيه وإن كان مسلما.

ولا يحرم عصير الزبيب والتمر ما لم يسكر ، ولا شي ء من الربويات وإن شمّ منها رائحة المسكر.

الرابع : الدم المسفوح وإن كان من مأكول اللحم ، وكذا غير المسفوح من المحرّم كدم الضفدع ، دون السمك ، ويحلّ ما لا يقذفه المذبوح.

ولا يحلّ بالغليان بل يغسل اللحم والتوابل ويؤكل دون المرق.

الخامس : لبن المحرّم كاللبوة والمرأة إلا للصبيّ.

ويكره لبن الأتن مائعه وجامده.

السادس : فضلات احيوان حتّى من الإنسان ، ورخّص مصّ لسان المرأة.

السابع : كلّ مائع يموت فيه ذو نفس وإن كان مأكولا ، دون ما لا نفس له ، وكذا ما لاقته نجاسة ، فإن كان قبل التطهير حلّ به وإلّا فلا.

ولا يطهر العجين بخبزه ، ولو وقعت النجاسة في جامد كالسّمن وشبهه ألقيت النجاسة وما يكتنفها.

وبصاق شارب الخمر نجس إن تلوّث وإلّا فطاهر ، وكذا غيره من النجاسات ، وكذا دمع المكتحل بالنجس.

ويجوز بيع الأعيان النجسة مع إعلام المشتري وقبول الطهارة ،

ص: 434

وبيع الدّهن النجس مع الإعلام للاستصباح به تحت السماء تعبّدا ، لأنّ دخان الأعيان النجسة طاهر.

ولا يجوز الاستصباح بما يذاب من الميتة أو بما أبين من حيّ (1).

تتمّة

يحرم استعمال شعر الخنزير ، ومع الضرورة يستعمل ما لا دسم فيه ، ويغسل يده.

ويجوز الاستقاء بجلود الميتة لغير الطهارة ، والاجتناب أفضل.

ولا يجوز الأكل من مال الغير إلّا بإذنه ، ورخّص مع عدمه من بيت من تضمّنته الآية (2) إن لم يعلم الكراهية ، ثمّ لا يحمل ولا يفسد ، وكذا ما يمرّ به من ثمر النخل والشجر ، وفي الزرع توقّف.

ولو نهاه المالك أو علم منه الكراهة حرم ، ولا ترخّص (3) بعد القطع.

ولو باع الذمي خمرا أو خنزيرا ثمّ أسلم قبل القبض ، فله قبضه.

ويكره أكل ما باشره الجنب أو الحائض المتهمين ، وما يعالجه غير متّقي النجاسة ، والاستشفاء بمياه الجبال الحارّة ، وسقي الدواب مسكرا.

ص: 435


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : بما يذاب من الميتة أو من حيّ.
2- وهي الآية 61 من سورة النور.
3- في « أ » : ولا يرخّص.

المطلب الرابع : في حال الاضطرار

اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : في المضطرّ

وهو الخائف من التلف ، أو المرض ، أو طوله ، أو الضعف عن متابعة الرفقة أو عن الركوب ، مع الحاجة إليهما.

ولا يشترط الإشراف على الموت.

ولا يترخّص للباغي ، وهو الخارج على الإمام ، وقيل : من يبغي الميتة ، ولا المعادي وهو قاطع الطريق ، وقيل : من يعدو شبعه (1) ويترخّص للعاصي بسفره.

ص: 436


1- قال الشهيد في الدروس : 3 / 24 : ولا يترخّص الباغي وهو الخارج على الإمام أو الّذي يبغي الميتة ، ولا العادي وهو قاطع الطريق أو الّذي يعدو شبعه.

الثاني : في كيفيّة الاستباحة

اشارة

يباح ما يحفظ الرمق ، ويكره التجاوز عنه وإن لم يبلغ الشبع ، ولو احتاج إليه جاز ، وإذا جاز التناول وجب لحفظ النفس.

ويجوز شرب الخمر للعطش والتداوي إذا خاف التلف ، لا للاستشفاء ، وكذا باقي المسكرات وما مزج به كالترياق.

ويجوز الاكتحال به للضرورة ، وإذا تمكّن من الشراء وجب وإن كان بزيادة عن ثمن المثل.

وإذا امتنع من البيع حلّ قتاله.

وإذا عدم الثمن وجب على المالك بذله ، فإن امتنع قهره عليه ، وضمن ثمنه.

فإن عجز أكل الميتة ومذبوح الكافر والناصب ، والمحرّم أولى من الميتة ، ومذكّى غير المأكول أولى من ميتة المأكول ، وميتة المأكول أولى من ميتة غيره ، وميتة غير المأكول أولى من ميتة الآدمي.

ولو لم يجد إلّا الآدمي حيّا فله قتل المرتدّ عن فطرة أو الحربيّ ، ثمّ المرتدّة أو الحربيّة ، ثمّ الزاني المحصن ، والصبيّ الحربي.

ولا يقتل المسلم ، والذميّ ، ولا عبده ، ولا ولده.

ص: 437

ولا يأكل لحم نفسه (1).

والنبيذ أولى من الخمر ، والبول أولى من النبيذ.

خاتمة

يستحبّ غسل اليدين قبل الأكل وبعده ، ومسحهما بعده ، والتسمية عنده ، والحمد بعده ، والتسمية على كل لون.

ويجزئ بسم اللّه على أوّله وآخره ، ولو سمّى واحد أجزأ عن الباقين.

والأكل والشرب باليمنى مع القدرة.

ويبدأ صاحب الطعام ويختم ، ويغسل يدي من على يمينه ، ويدور إلى آخرهم.

ويجمع الغسالة ويلقيها في موضع طاهر.

ويستلقي بعد الأكل ، ويجعل رجله اليمنى على اليسرى.

ويكره الأكل متّكئا ، والتملّي من الطعام ، والأكل على الشبع ، وربّما حرما ، وباليسار اختيارا ، والشرب بنفس واحد ، ويستحبّ بثلاثة ، والأكل على مائدة الشّرب.

ص: 438


1- قال الشهيد في الدروس : 3 / 24 : وفي جواز اغتذائه بلحم نفسه وجهان. ولاحظ المبسوط : 6 / 288.

كتاب الصّيد

اشارة

وفيه فصول :

ص: 439

ص: 440

[ الفصل ] الأوّل : في الآلة

وهي من الحيوان الكلب ، وجوارح السّباع ، والطير كالفهد والصقر ، ومن غيره السهم ، والسيف ، والرمح ، والشرك ، والحبالة ، والشباك ، والفخ ، فإذا اصطاد بشي ء من ذلك فإن أدرك ذكوته حلّ ، وإلّا فلا ، إلّا ما يقتله الكلب والنصل بشروط.

الأوّل : يشترط في الصائد كونه مسلما أو بحكمه ، مميّزا ، سواء كان ذكرا أو أنثى أو خنثى ، فلو أرسل الكافر لم يحلّ وإن كان ذميّا ، وكذا النّاصب والمجنون والمغمى عليه والسكران والصبيّ غير المميّز.

ويشترط في المصيد امتناعه ، وحشيّا كان أو إنسيّا ، فلو توحّشت البهائم الإنسيّة ، أو صالت فقتلها الكلب أو السهم حلّت.

ولو قتل فرخا لم ينهض ، أو وحشيّا غير ممتنع لم يحلّ إلّا مع التذكية.

ولو رمى الممتنع وغيره حلّ الممتنع خاصّة.

ولا يشترط اتّحاد المرسل والرامي ، فلو تعدّدوا وقتلوه ، حلّ وكان بينهم بالسويّة.

ص: 441

[ الفصل ] الثاني : [ في ] شرائط الكلب

وهي سبعة :

الأوّل : كون الكلب معلّما ، ويتحقّق بالاسترسال والانزجار ، ولا بدّ من تكرار ذلك ، فلا تكفي المرّة ، وأن لا يأكل صيده ، ولا تقدح الندرة ولا شرب الدم.

ولا يشترط في المعلّم الإسلام ، فلو علّمه المجوسي وأرسله المسلم حلّ دون العكس.

الثاني : إرساله ، فلو استرسل من نفسه لم يحلّ ، نعم لو زجره فوقف ، ثمّ أرسله حلّ.

ولو أغراه فزاد عدوه لم يحلّ.

الثالث : إرساله للصّيد ، فلو أرسله لغيره فصاد صيدا فقتله لم يحلّ.

الرابع : التسمية عند الإرسال من المرسل ، فلو تركها عامدا حرم ، وإن تداركها قبل الوصول ، ولو كان ناسيا حلّ ، ولا يجب تداركها قبله.

ولو سمّى غير المرسل لم يحلّ ، وكذا لو أرسلا وسمّى أحدهما إلّا أن يعلم أنّ القاتل كلب المسمّى.

ص: 442

وصورة التسمية « بسم اللّه » أو ذكر اللّه مع الثناء مثل « اللّه اكبر » و « الحمد لله » ولو اقتصر على لفظ الجلالة فتوقّف.

وتجب العربيّة مع القدرة.

الخامس : أن يقصد صيدا ، فلو أرسله على خنزير فقتل صيدا لم يحلّ.

السادس : أن يموت الصّيد بعقر الكلب ، فلو قتله بصدمه أو بغمّه أو إتعابه لم يحلّ.

السابع : أن لا يغيب عنه وحياته مستقرّة ، فلو غاب ثمّ وجده مقتولا لم يحلّ ، سواء كان الكلب واقفا عليه أو لا.

ص: 443

الفصل الثالث : [ في ] شرائط النّصل

وهي سبعة :

الأوّل : كون الآلة محدّدة أو فيها حديد ، كالسيف ، والرمح ، والسّهم ، والمعراض. (1) إذا خرق اللحم ، والسّهم المحدّد وإن خلا عن نصل ، ولو أصابا معترضين (2) لم يحلّ ، بخلاف ما فيه حديد.

الثاني : قصد إصابة الصّيد ، فلو رمى لا لغرض ، أو لغير الصّيد ، فأصاب صيدا لم يحلّ ، وكذا لو نصب سكّينا وشبهها في بئر فقتلت ، لعدم القصد.

ولو قصد أحد الراميين فأصابا لم يحلّ إلّا أن يقتل سهم القاصد.

الثالث : قصد الصيد ، فلو قصد خنزيرا فأصاب لم يحلّ ، وكذا لو ظنّه خنزيرا فبان ظبيا.

الرابع : قصد جنس الصّيد لا عينه ، فلو عيّن واحدا فقتل غيره خطأ ، أو

ص: 444


1- في مجمع البحرين : المعراض كمفتاح وهو السهم الّذي لا ريش له.
2- في « ب » و « ج » : « ولو أصاب معترضا » وفي الدروس : 2 / 397 : ولو أصابا معترضين لم يحلّ ، بخلاف ما فيه الحديد.

رمى جملة فقتل أحدها حلّ ، وكذا لو أرسل على كبار فتفرّقت عن صغار ممتنعة فقتلها.

الخامس : التسمية عند الرمي من الرامي ، فلو سمّى غيره لم يحلّ ، وكذا لو سمّى بعد الرمي قبل الإصابة ، أو سمّى أحد الرّاميين ، إلّا أن يكون القاتل سهم المسمّى.

السادس : موت الصيد بالجرح ، فلو تردّى من جبل ، أو وقع في ماء لم يحلّ إلّا أن يعلم موته بالجرح.

السابع : أن لا يغيب عنه وحياته مستقرّة كما تقدّم.

ولا تشترط إصابة السهم موضع الذكاة ، فلو أصاب غيره وخرق اللحم حلّ ، ولا يضرّ قطع الوتر مع الإصابة ولا إعانة الريح ، فلو أمالت السّهم حلّ وإن كانت الإصابة بالإمالة ، وكذا لو وقع على الأرض ووثب فقتل.

ص: 445

[ الفصل ] الرابع : في الأحكام

إذا قطعت الآلة منه شيئا فإن كان في الباقي حياة مستقرّة ذكّاه وحرم المقطوع ، وإلّا حلال.

ولو قطعه نصفين حلّا إن لم يتحرّكا ، أو تحرّك حركة الموت ، أو تحرّك أحدهما حركة الموت ولم يتحرّك الآخر ، ولو تحرّك أحدهما حركة الأحياء ذكّاه وحرم الآخر.

وإذا أدرك الصّيد مستقرّ الحياة ذكّاه ، ويجب الإسراع ، فإن لم يتّسع الزمان لذبحه حلّ بغير ذكاة ، وإن اتّسع لم يحلّ إلّا بها ، وقيل : إذا فقد الآلة ودع (1) الكلب يقتله (2).

ولو أدركه غير مستقرّ الحياة حلّ بغير ذكاة.

ولو أرسل الكافر كلبا والمسلم سهما ، أو بالعكس ، أو اتّفقا فقتلا صيدا ،

ص: 446


1- قال في مجمع البحرين : ودع الشي ء يدعه ودعي : إذا تركه. والنحاة يقولون : ان العرب أماتوا ماضي « يدع » ومصدره واستغنوا عنه ب- « ترك » ، والنبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أفصح العرب وقد استعمله ، فيحمل قولهم على قلّة استعماله ، فهو شاذّ في الاستعمال صحيح في القياس.
2- القائل هو الشيخ في النهاية : 581.

فإن قتله المسلم أو صيّر حياته غير مستقرّة حلّ ، ولو انعكس أو اشتبه ، أو قتلاه معا ، حرم سواء اتّفق زمان الإصابة أو اختلف.

ويحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة ، ولا يحرم الصّيد (1) ويملكه الصائد ، وعليه الأجرة.

وأدنى ما تدرك ذكاته أن يجده تطرف عينه أو تركض رجله أو يتحرك ذنبه ، إلّا أن يقطع بموته.

ويكره الصّيد ليلا ، وصيد السمك يوم الجمعة قبل الصّلاة ، وأخذ الفراخ من أعشاشها ، ورمي الصّيد بما هو أكبر منه ، ولا يحرم.

ص: 447


1- في « ب » و « ج » : ولا يحرم المصيد.

[ الفصل ] الخامس : في أسباب الملك

اشارة

وهي إثباته (1) أو قبضه باليد ، أو وقوعه في الآلة الّتي يصاد بها عادة.

ويتحقّق الإثبات بإبطال امتناعه ، بحيث يسهل تناوله ، فلو أصابه وأمكنه التحامل طيرانا أو عدوا بحيث لا يقدر عليه إلّا بالإسراع المفرط لم يملكه.

ولو نصب آلة الصّيد كالحبالة والشبكة فوقع فيها صيد ملكه ، ولو أخذه غيره انتزعه منه.

ولا يملك الصّيد بتوحّله في أرضه ، ولا بتعشيشه في داره ، ولا بإلجائه إلى مضيق يمكنه قبضه ، ولا بغلق باب عليه ، ولا بوثوب السمكة في سفينته ، ولا باضطرارها إلى بركته ، ولا بدخوله إلى منزله ، نعم يصير أولى ، فلو أخذه غيره أساء وملكه.

ويشترط في الآلة الاعتياد ، فلو اتّخذ موحلة أو قصد ببناء الدار تعشيش الطّير ، وبالسّفينة وثوب السمكة لم يملكه.

ويشترط في الصّيد أن لا يكون عليه أثر ملك كقصّ الجناح.

ص: 448


1- في « ب » و « ج » : الإثبات.

ولا يزول الملك بإطلاقه وإن قطع النية عن ملكه ، ولا بتوحّشه ، ولا بانفلاته (1) بعد إثباته وإن لم يقبضه ولا بانتقال الطيور إلى برجه.

ولو امتزج الحمام المملوك بمباح غير محصور ولم يتميّز جاز الاصطياد ، ولو امتزج بمحصور لم يجز.

ولو ظهر للصّيد مالك وجب دفعه.

وهنا مسائل :

الأولى : لو رمى اثنان صيدا فإن أثبتاه دفعة فهو لهما ، وإن أثبته أحدهما اختصّ به ، ولو اشتبه المثبت أقرع.

ولو ترتّب الجرحان وحصل الإثبات بهما فهو لهما ، وكذا لو كسر أحدهما رجله والآخر جناحه وكان يمتنع بهما.

ولو أثبته أحدهما وجرحه الآخر دفعة فهو للمثبت ، ولا ضمان على الآخر.

ولو تعاقبا فإن كان المثبت الأوّل ضمن الجارح وإلّا فلا.

الثانية : لو دفّف أحدهما وأزمن الآخر ولم يعلم السابق ، حرم ، لاحتمال تقدّم الأزمان.

ولو رمياه فعقراه ، ثمّ وجد ميّتا ، فإن صادفا مذبحه [ فذبحاه ] حلّ ، وكذا إن أدركاه أو أحدهما فذكّاه ، ولو انتفى الأمران لم يحلّ ، لاحتمال أنّ الثاني قتله وهو غير ممتنع.

ص: 449


1- وفي القواعد : 3 / 315 ولو انفلت قبل قبضه بعد إثباته لم يخرج عن ملكه ، وكذا لو أطلقه من يده ناويا لقطع ملكه عنه.

الثالثة : لو رماه الأوّل فأثبته وصيّره في حكم المذبوح فقتله آخر ، فهو للأوّل ، ولا شي ء على الثاني إلّا أن يفسد منه شيئا.

ولو لم يثبته الأوّل ولا صيّره في حكم المذبوح ، فقتله الثاني كان له ، ولا شي ء على الأوّل.

ولو أثبته الأوّل ولم يصيّره في حكم المذبوح ، ثمّ أتلفه الثاني بالذكاة ، فهو للأوّل ، وعلى الثاني الأرش ، وإن كان لا بالذّكاة حرم ، وعليه قيمته حال رميه ، إلّا أن يكون لميّته قيمة فيضمن الأرش.

وإن جرحه ولم يقتله ، فإن أدرك الأوّل ذكاته حلّ ، وعلى الثاني الأرش ، وإن لم يدرك ذكاته حرم ، وعلى الثاني كمال قيمته معيبا بالأوّل.

هذا إن لم يتمكّن من تذكيته ، ولو تمكّن وأهمل حتّى مات بالجرحين ، فعلى الثاني نصف قيمته معيبا بالجرح الأوّل.

تفريع

لو جنى على عبد أو بهيمة أو صيد مملوك ، وقيمته عشرة دراهم ، فرجعت إلى تسعة ، ثمّ جنى عليه آخر فعادت إلى ثمانية ، ثمّ مات بهما.

ففيه احتمالات :

الأوّل : أن لا يدخل أرش جناية كلّ واحد منهما في دية النفس ، وعليه أرش جنايته ونصف قيمته بعد الجنايتين ، فعلى كلّ واحد منهما خمسة.

ص: 450

ويضعّف بأنّه حيف على الثاني ، لأنّ قيمته وقت جنايته أقلّ من قيمته عند جناية الأوّل.

الثاني : أن يدخل أرش جناية كلّ واحد منهما في دية النفس ، فيجب على الأوّل خمسة ، وعلى الثاني أربعة ونصف.

ويضعّف بأنّه تضييع على المالك مع انحصار الإتلاف فيهما.

الثالث : أن لا يدخل أرش جناية الأوّل ويدخل أرش جناية الثاني ، وعلى كلّ واحد نصف قيمته بعد جناية الأوّل ، لأنّ الأوّل انفرد بالجناية ، والثاني جنى مع جناية الأوّل ، فعلى الأوّل خمسة ونصف ، وعلى الثاني أربعة ونصف.

ويضعّف بأنّ إدخال أرش جناية الأوّل دون الثاني مع اتّحاد السبب لا وجه له.

الرابع : أن يدخل نصف أرش جناية كلّ منهما في بدل النفس ، وعليه نصف قيمته يوم جنايته ، فعلى الأوّل خمسة ونصف ، وعلى الثاني خمسة.

ويضعّف بأنّه حيف عليهما.

الخامس : أن يدخل أرش كلّ واحد منهما في بدل النفس ، ويفرض كأنّه انفرد بقتله ، فيجب عليه كمال قيمته يوم جنايته ، وتضمّ إحدى القيمتين إلى الأخرى ، فيكون تسعة عشر ، ثمّ تبسط على قيمة الصيد وهي عشرة ، فيكون على الأوّل عشرة من تسعة عشر ( من عشرة ) (1) ، وعلى الثاني تسعة من تسعة عشر ( من عشرة ) (2).

ص: 451


1- ما بين القوسين موجود في عامّة النسخ ولعلّه لا حاجة إليه. لاحظ الدروس : 2 / 403.
2- ما بين القوسين موجود في عامّة النسخ ولعلّه لا حاجة إليه. لاحظ الدروس : 2 / 403.

ويضعّف بأنّه حيف عليهما ، لأنّا نضرب عشرة في تسعة عشر تبلغ مائة وتسعين ، على الأوّل مائة ، وعلى الثاني تسعون ، فيأخذ من كلّ تسعة عشر جزءا واحدا ، فتكون المائة خمسة دراهم وخمسة أجزاء من تسعة عشر جزءا من درهم ويكون التّسعون أربعة دراهم وأربعة عشر جزءا من تسعة عشر جزءا من درهم ، فيلزم الأوّل زيادة خمسة أجزاء ، ويلزم الثاني زيادة أربعة أجزاء ونصف.

ولو كانت إحدى الجنايتين من المالك ، سقط ما قابل جنايته ، وطالب الآخر بما يختصّ جنايته ، سواء كان الأوّل أو الثاني.

ص: 452

كتاب التذكية

اشارة

وهي أقسام :

ص: 453

ص: 454

الأوّل : الذّباحة

اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في أركانها

وهي أربعة:

الأوّل : الذابح ، ويعتبر فيه الإسلام أو حكمه ، والعقل ، فلا تحلّ ذبيحة الكافر وإن كان ذميّا ، وسمعت تسميته ، ولا الناصب ، والغالي ، ولا المجنون ، والمغمى عليه ، والسكران ، والصبيّ غير المميّز.

وتحلّ ذبيحة ولد الزنا ، والمخالف ، والمرأة ، والصّبي المميّز ، والخصي ، والخنثى ، والجنب ، والحائض ، والأغلف ، والأعمى إذا عرف.

ولا يشترط العدالة.

الثاني : المذبوح وهو كلّ حيوان طاهر عدا الآدميّ والمسوخ والحشرات ، فلا تقع الذكاة على الكلب والخنزير والآدمي وإن أبيح دمه ، ولا القرد والدّب والفيل والضبّ والفأر وشبهها.

ص: 455

وتقع على مأكول اللّحم ، بمعنى أنّه مباح أكله طاهر ، وعلى السباع كلّها ، بمعنى أنّه طاهر لا غير ، ولا يشترط الدّبغ.

الثالث : الآلة ، وهي الحديد مع القدرة ، فإن تعذّر وخيف فوته ، واضطرّ جاز بما يفري الأعضاء ، كالمروة (1) والليطة (2) والزجاجة.

ولو عدم ذلك ففي السنّ والظّفر قولان. (3)

الرابع : الكيفيّة ، ويجب قطع الأعضاء الأربعة : المري ء ، والحلقوم ، والودجان تحت اللّحيين ، فلو أبقى أحدهما (4) أو يسيرا منه لم تحلّ.

ويطعن المنحور (5) في ثغرة نحره ، وهي وهدة اللبّة ، طعنة تذهب حياته ، فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور حرم.

ويشترط أمور :

الأوّل : قصد الذبح ، فلو صادفت السكين حلقه فذبحته لم يحلّ.

الثاني : استقبال القبلة بمحلّ الذّبح مع الإمكان ، فلو أخلّ به عمدا حرم ، ولو نسي ، أو اضطرّ ، أو جهل جهة القبلة حلّ.

ص: 456


1- قال في مجمع البحرين : المرو : حجارة بيضاء براقة تقدح منها النار ، الواحد منها مروة.
2- قال ابن إدريس : الليط هو القشر اللاصق بها الحادّ ، مشتقّ من لاط الشي ء بقبله إذا لصق به. السرائر : 3 / 107.
3- قول بالجواز ، وهو خيرة الحلّي في السرائر : 3 / 86 - 87 ، وقوّاه العلّامة في التحرير : 4 / 623. وقول بالعدم، وهوخيرة الشيخ في المبسوط: 6 / 263 والخلاف: 6 / 22، المسألة 22 من كتاب الصيد والذبائح .
4- في « أ » : أحدها.
5- في « أ » : ويطعن في المنحور.

ولا عبرة باستقبال الذّابح.

الثالث : التسمية من الذّابح مقارنة للذبح أو النحر ، فلو سمّى غيره أو تركها عمدا حرم ، سواء اعتقد وجوبها أو لا ، ولو نسيها حلّ.

ويحرّك الأخرس لسانه ويعقد بها قلبه.

ولا تصحّ بغير العربيّة ، وصورتها كما (1) تقدّم.

الرابع : متابعة الذبح ، فلو قطع البعض ثمّ تمّمه بعد استقرار الحياة حلّ وإلّا حرم.

الخامس : الحركة بعد الذبح أو النحر ، أو خروج الدم المعتدل ، فلا يجزئ المتثاقل إذا انفرد عن الحركة.

السادس : استناد الموت إلى الذكاة ، فلو أخذ في الذّبح فانتزع آخر حشوته معا ، أو فعل ما لا تستقرّ معه الحياة حرم.

البحث الثاني : في الأحكام

لو ذبح المشرف على الموت ، فإن علم بقاء الحياة حلّ ، وإن علم الموت حرم ، وإن اشتبه فإن تحرّك أو خرج الدّم المعتدل حلّ ، وإلّا حرم.

ومستقرّ الحياة ما تدرك به الذكاة مع الحركة بعد الذّبح ، أو خروج الدم المعتدل.

ص: 457


1- في « أ » : وصورتها ما تقدّم.

وكلّ ما يتعذّر ذبحه أو نحره لاستعصائه أو لتعذّر تذكيته يجوز عقره بالسّيف وغيره ، ويحلّ وإن لم يصادف موضع الذكاة.

ويجوز الاشتراك في الذبح دفعة وعلى التعاقب إلّا أن يفصل.

ويستحبّ في الغنم ربط يديه ورجله (1) وإطلاق الأخرى ، وإمساك صوفه أو شعره حتّى يبرد ، وفي البقر عقل يديه ورجليه وإطلاق ذنبه ، وفي الإبل ربط أخفافه إلى آباطه وإطلاق رجليه ، وفي الطير إرساله بعد الذبح.

وتكره الذباحة ليلا إلّا لضرورة ، ونخع الذبيحة ، وقلب السكين والذبح إلى فوق ، والسّلخ قبل البرد ، وقطع شي ء منها قبله ، وإبانة الرأس ، وذبح حيوان (2) وآخر ينظر إليه.

ص: 458


1- في « أ » : « ورجل » وفي « ب » و « ج » : ربط يده ورجله.
2- في « أ » : وذبح الحيوان.

الثاني : في باقي الأقسام

اشارة

ذكاة الجنين ذكاة أمّه إذا تمّت خلقته ، سواء ولجته الروح أو لا ، فإن خرج ميّتا أو كانت حياته غير مستقرّة حلّ ، وإن خرج وحياته مستقرّة فلا بدّ من تذكيته وإن لم يتّسع الزمان لها.

ولو لم تتمّ خلقته حرم.

وذكاة السمك إخراجه من الماء حيّا ، فلو وثب ، أو نبذه الماء إلى الساحل ، أو نضب (1) عنه [ الماء ] ، فإن قبضه أو بآلته قبل موته حلّ وإلّا فلا ، ولا يكفي إدراكه بنظره.

ولو أخرجه حيّا ثمّ مات في الماء لم يحلّ وإن كان ناشبا في الآلة ، وكذا لو مات في شبكة منصوبة في الماء.

ولو جرحه في الماء فإن مات فيه حرم وإلّا فلا.

ولا يشترط التسمية ولا إسلام المخرج بل مشاهدة إخراجه ، فلو أخرجه كافر فمات حلّ ، بخلاف ما يوجد في يده ميّتا إلّا أن يعلم موته بعد إخراجه.

ص: 459


1- في مجمع البحرين : نضب الماء ينضب من باب قعد نضوبا : إذا غار في الأرض وسفل.

ولو قطع بعض السمكة بعد إخراجها من الماء حلّ وإن وقعت في الماء مستقرّة الحياة ، ولو قطعه في الماء لم يحلّ وإن أخرجت وماتت.

ولو مات بعض ما في الشبكة واشتبه حرم الجميع.

وذكاة الجراد أخذه حيّا ، ولو مات قبل أخذه أو احترق لم يحلّ وإن قصده المحرق.

ولا تشترط التسمية ، ولا إسلام آخذه ، بل إشراف المسلم على أخذه حيّا.

ولا يحل الدّبا (1) حتّى يستقلّ بالطيران.

ويجوز أكل السمك والجراد حيّا بخلاف غيرهما.

تتمّة

كلّ ما يباع في أسواق المسلمين من اللحم حلال ، ولا يجب التفحّص عنه بل لا يستحبّ ، سواء كان البائع مخالفا أو لا.

ولو وجده مطروحا لم يحلّ إلّا مع قرينة الذكاة على توقّف.

ص: 460


1- في مجمع البحرين : الدّبا بفتح الدال المهملة وتخفيف الباء الموحدة والقصر : الجراد قبل أن يطير.

كتاب اللقطة

اشارة

والملقوط ثلاثة :

ص: 461

ص: 462

[ القسم ] الأوّل : الإنسان ، ويسمّى لقيطا وملقوطا ومنبوذا

اشارة

ومنبوذا (1)

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] اللقيط

[ هو ] كلّ صبيّ ضائع لا كافل له ، ولا فرق بين المميّز وغيره ، فلا يلتقط البالغ ، ويجبر على أخذ من تجب نفقته ، وكذا الملتقط أوّلا.

ولو التقط المملوك ردّه على مالكه ، فإن أبق أو ضاع من غير تفريط لم يضمنه.

ويقدّم قول الملتقط في عدم التفريط.

ولو تعذّر استيفاء النفقة باعه فيها بإذن الحاكم.

ص: 463


1- قال في جامع المقاصد : 6 / 97 : اللقيط بمعنى الملقوط ، لأنّ فعيلا هنا بمعنى المفعول كجريح وطريح ، وإنّما يسمّى ملقوطا ، لأنّه يلقط ، ويسمّى منبوذا ، لأنّ النبذ الرّمي ، فلكونه قد رمي سمّي بذلك.

[ المبحث ] الثاني : [ في ] الملتقط

ويعتبر فيه الإسلام والبلوغ والعقل والعدالة والحريّة ، فلا حكم للقطة الكافر إلّا لمثله ، ولا للصّبيّ والمجنون ، وينتزع من يدهما ، ولا العبد ، ولو أذن مولاه جاز ، وينتقل حكمها إليه.

ويصحّ التقاط البدويّ ، ومنشئ السّفر ، والفقير ، والسّفيه على توقّف.

ولو التقط اثنان قدّم السّابق ، ويقرع مع الاقتران إن تساويا ، ويرجّح المسلم على الكافر في التقاط المسلم ، والحرّ على العبد.

وفي ترجيح الموسر على المعسر ، والبلديّ على القرويّ ، والقرويّ على البدويّ ، والمقيم على المسافر توقّف.

وينفق عليه من ماله ، وهو ما وجد معه ، أو عليه ، أو تحته ، أو فوقه ، أو في داره ، أو ما أوقف عليه ، أو وهب أو أوصي له به ، وقبله الحاكم.

ولو وجد على دابّة ، أو في خيمة ، أو في فسطاط ، قضي له بذلك وبما فيه ، بخلاف ما يوجد بين يديه أو قريبا منه.

ولا بدّ من إذن الحاكم إلّا أن يتعذّر ، فلو بادر ضمن.

فإن فقد المال استعان بالسلطان ، فإن تعذّر وجب على المسلمين على الكفاية ، فإن تعذّر أنفق الملتقط ورجع إن نواه.

ص: 464

ولو اختلفا في أصل الإنفاق ، أو في قدره ، أو في إنفاق ماله ، قدّم قول الملتقط مع يمينه.

[ المبحث ] الثالث : في الأحكام

الالتقاط واجب على الكفاية ، وينبغي أن لا يخرجه عن البلد ، واللّقيط تابع للدار ، فيحكم بإسلام من لقط في دار الإسلام إلّا أن يملكها الكفّار ولم يوجد فيها مسلم.

ولو بلغ وأعرب عن نفسه الكفر لم يحكم بردّته.

ويحكم بكفر من لقط في دار الكفر إلّا أن يكون فيها مسلم مقيم وإن كان أسيرا أو محبوسا.

وكذا يحكم برقّ من لقط في دار الكفر وبحريّة من لقط في دار الإسلام ، فيقتصّ له من الحرّ ، ويحدّ من قذفه (1) ، ويملك المال ، ويغرم له من أتلف عليه شيئا.

ودار الإسلام ما ينفذ فيها أحكام المسلمين ، ولا يكون فيها كافر إلّا معاهد.

ودار الكفر ما ينفذ فيها أحكام الكفّار ، ولا يكون فيها مسلم إلّا مسالما ، وقيل : دار الإسلام الّتي سلطانها مسلم ، ودار الكفر الّتي سلطانها كافر.

ولو جنى عليه في النّفس فللإمام القصاص أو الدية ، وكذا في الطرف مع

ص: 465


1- في « أ » ويحدّ بقذفه.

صغره ، وله الاستيفاء مع كبره ، ولو أخذ الحاكم الأرش في العمد فليس له المطالبة بالقصاص إذا بلغ.

ولو جنى عمدا اقتصّ منه ، وفي الخطأ يعقله الإمام ، وشبيه العمد في ماله.

واللقيط سائبة لا ولاء عليه يتولّى من شاء ، وميراثه للإمام مع فقد المناسب والمسابب ، ولو استلحقه الملتقط أو غيره لحق به ، ولو بلغ فأنكر لم يلتفت إليه ، ولو كان بالغا احتاج إلى التصديق.

ولو ادّعى أجنبي بنوّته قبل ، سواء كان حرّا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، وفي الأمّ قولان.

ولو ادّعى بنوّته اثنان ولا بيّنة أقرع ، وكذا لو أقاما بيّنة ، وإن أقامها أحدهما حكم له ، هذا إن تساويا في الإسلام والحريّة ، وإلّا فقولان.

ولو كان أحدهما الملتقط لم يرجّح باليد ، لأنّ لها تأثيرا في المال لا في النسب.

ولو أقرّ بالرقّ قبل مع بلوغه ورشده إذا لم يعلم حريّته ولا ادّعاها.

ص: 466

القسم الثاني : الحيوان

ويسمّى ضالّة ، وهي كلّ حيوان مملوك ضائع لا يد عليه ، فالبعير يجوز أخذه إذا ترك من جهد في غير كلأ وماء ، ويملكه الآخذ ولا ضمان ، وليس للمالك انتزاعه وإن أقام بيّنة ، ولا يؤخذ إذا وجد في كلأ وماء وإن كان مريضا ، أو ترك من جهد ، وكذا لو كان صحيحا في غير كلأ وماء ، فإن أخذه ضمنه ، ولا يبرأ بإرساله ، بل يدفعه إلى مالكه ، فإن تعذّر فإلى الحاكم فيرسله في حماه ، فإن لم يكن باعه وحفظ ثمنه لمالكه ، وكذا حكم الدابّة والحمار والبقرة.

ولا يجوز أخذ الضّوالّ في العمران ، ممتنعة كانت أو لا.

ويجوز أخذ الشاة في الفلاة ، ويتخيّر في تملّكها والضمان ، وفي إمساكها أمانة ، أو دفعها إلى الحاكم ، ولا ضمان ، ولا يجب تعريفها سنة.

ويلحق بها صغار الإبل والبقر والخيل والحمير.

ولو أخذ الشاة في العمران حبسها ثلاثة أيّام ، فإن لم يظهر صاحبها باعها وتصدّق بثمنها ويضمن ، أو احتفظها ولا ضمان.

ولا يفتقر البيع إلى إذن الحاكم ، وليس للمالك فسخه ، بل له المطالبة بالقيمة.

ص: 467

ويجوز التقاط كلب الصّيد.

وإذا أخذ الضالّة رفع أمره إلى السلطان ، لينفق عليها من بيت المال أو يبيعها ، فإن تعذّر أنفق عليها ورجع ، ولو كان لها ظهر أو درّ أو خدمة ، فالوجه التقاصّ.

ولا يشترط في الآخذ البلوغ ولا العقل ولا الإسلام ولا الحريّة ولا العدالة ، فلو التقط الصّبيّ أو المجنون انتزعه الوليّ ، وعرّفه سنة ، ثمّ يفعل الغبطة من الإبقاء أمانة أو التمليك.

ولا يضمن الضالّة بعد الحول إلّا بقصد التملّك ، فلو قصد الحفظ لم يضمن إلّا مع تعدّ أو تفريط أو بنيّة التملّك ، ولو نوى بعدها الحفظ لم يزل الضمان.

ص: 468

القسم الثالث : في لقطة الأموال

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] الالتقاط

[ وهو ] إنّما يكون بالأخذ دون الرؤية ، ويكره في الحرم وغيره على الأصحّ ، وإن وثق في نفسه ، ويتأكّد في الفاسق خصوصا المعسر.

ولو علم من نفسه الخيانة حرمت ، ولو خافها فقولان.

ويستحبّ الإشهاد وأن يعرّف الشهود بعض الأوصاف.

[ الفصل ] الثاني : [ في ] الملتقط

وهو من له أهليّة الاكتساب والحفظ ، وإن كان صبيّا مميّزا ، أو مجنونا ، أو كافرا ، أو فاسقا.

ص: 469

ويشترط في لقطة الحرم العدالة ، وينتزعها الوليّ من الصّبيّ والمجنون ، فلو أهمل ضمن ، ويتولّى التعريف ، وله أن يملّكها إيّاه بعد الحول.

وللعدل حفظ اللقطة ودفعها إلى الحاكم ، وللحاكم انتزاعها من الفاسق ، أو إقامة رقيب حتّى ينقضي الحول ، ثمّ إن اختار التملّك دفعها الحاكم إليه ، ولا يلزم بكفيل ، وإلّا أبقاها في يده أو يد غيره.

وللعبد أخذ اللقطتين ، ويتولّى المولى التعريف ، ويكفي تعريف العبد في تملّك المولى ، والمكاتب أولى من العبد بالجواز.

الفصل الثالث : [ في ] اللقطة

وهي كلّ مال ضائع أخذ ولا يد عليه ، فما نقص عن الدّرهم يجوز أخذه ، ويملكه الآخذ ، ولا يجب ردّه على المالك.

ولو زاد عن ذلك ، فإن كان في الحرم لم يجز أخذه إلّا بنيّة التعريف حولا ، فيتخيّر بعد الحول في إبقائه أمانة ، أو الصدقة ولا ضمان ، وليس له التملّك.

وإن كان في غيره عرّفه سنة ، ثمّ يتخيّر بين التملّك والصّدقة ويضمن ، وبين الإبقاء أمانة ولا ضمان ، هذا فيما يبقى ، وإلّا قوّمه على نفسه وانتفع به وضمن ، أو يدفعه إلى الحاكم ولا ضمان.

ولو افتقر بقاؤه إلى العلاج أعلم الحاكم فيبيع بعضا ، وينفقه على إصلاح الباقي ، أو الجميع ويعرّف ثمنه.

ص: 470

ولا يجوز التقاط ما يتحفّظ بنفسه كالأحجار ، والسفن المربوطة ، والبغال الّتي في أبواب المشاهد.

وتتأكّد الكراهيّة فيما يكثر نفعه ويقلّ ثمنه ، كالعصا ، والوتد ، والشّظاظ (1) والحبل ، والعقال والإداوة (2) ، والسوط ، والنعلين ، وما يوجد في المفاوز ، أو في خربة باد أهلها ، فهو لواجده بغير تعريف ، وكذا المدفون في أرض لا مالك لها ، ولو كان لها مالك أو بائع عرّفه ، فإن عرفه أخذه ، وإلّا كان لواجده ، ولا يجب تتبّع الملّاك ، وكذا ما وجده في جوف الدابّة.

ولو وجده في جوف سمكة ملكه بغير تعريف.

ولو وجد في داره أو صندوقه مالا لا يعرفه فهو له مع عدم المشارك ، وإلّا فهو لقطة.

الفصل الرابع : في الأحكام

يجب التعريف سنة من حين الالتقاط ، فإن أخّره فمن حين التعريف ، سواء نوى التملّك أو لا ، ولا يضمن بالتأخير ، ولا يجب التتابع في الأيّام بل المحافظة عليه بحيث لا ينسى.

وينبغي الإكثار في أوّله ، فيعرّفه كلّ يوم ، ثمّ في كلّ أسبوع مرّة ، ثمّ في كلّ شهر مرّة.

ص: 471


1- الشظاظ بالكسر : عود يشدّ به الجوالق.
2- الإداوة : إناء صغير يحمل فيه الماء. المعجم الوسيط.

وزمانه النّهار دون اللّيل ، وليكن عند اجتماع الناس وظهورهم ، كالغداة ، والعشيّ ، وأيّام المواسم ، والجمع ، والأعياد.

ومكانه الأسواق ، والرحبات ، وأبواب المساجد ، والمشاهد.

وليكن ابتداؤه في موضع الالتقاط ، فلو كان في بريّة عرّف من معه ، ثمّ في أيّ بلد شاء.

ولو التقط في بلد عرّفها فيه دون غيره.

ولو التقط في بلد الغربة عرّفه فيه ، ثمّ يكمل في بلده.

ويذكر في التعريف الجنس كالذهب ، والإبهام أحوط ، مثل : من ضاع له شي ء.

ويجوز أن يتولّاه بنفسه وبغيره.

ولو استأجر لزمته الأجرة وإن نوى الحفظ ، ويكتفي بقول العدل.

ولو مات الملتقط عرّفها الوارث ، ولو مات في الأثناء أتمّه ، ولو مات بعد الحول فللوارث التملّك.

وهي في الحول أمانة لا تضمن إلّا بتعدّ أو تفريط ، وكذا بعده إلّا أن ينوي التملّك أو الخيانة فيضمن.

ولا يزول الضمان بنيّة الأمانة ، ولا يضمن بمطالبة المالك ، ولا يملك بمضيّ الحول ، بل بالتعريف حولا ، ونيّة التملك ، فلا يملك بدونها وإن بقيت في يده أحوالا.

ولو نوى التملّك في الحول جاز له التملّك بعده.

ص: 472

ولا يحتاج إلى اللفظ ، ولا إلى التصرّف.

ولا فرق بين الأثمان وغيرها ، ولا بين الغنيّ والفقير ، والمسلم والكافر.

ويثبت في ذمّته المثل في المثليّ والقيمة في القيميّ ، والزيادة في الحول للمالك ، متّصلة كانت أو منفصلة ، وكذا بعده ، ولا تكون لقطة على توقّف.

ولو باعها الحاكم ولم يجد المالك دفعها إلى الملتقط ، لأنّ له التملّك أو الصّدقة.

ولا يجب دفعها إلّا بالبيّنة ، ولا يكفي الوصف وإن أطنب فيه ، ولا يمنع الملتقط من التسليم ، ولا يجبر عليه.

ولو ردّها بالوصف فأقام آخر بيّنة انتزعها ، فلو تعذّر طالب أيّهما شاء ، ويستقرّ الضمان على الواصف إلّا أن يعترف له الملتقط بالملك.

ولو دفعها ببيّنة فأقام آخر بيّنة ولا ترجيح ، أقرع ، فإن خرج الثاني انتزعت من الأوّل ، فلو تلفت فإن كان دفعها الملتقط بحكم الحاكم لم يضمن ، وإلّا ضمن للثاني.

أمّا لو قامت البيّنة بعد التملّك ودفع العوض إلى الأوّل ، ضمن للثاني على كلّ حال ، ويرجع الملتقط على الأوّل لبطلان الحكم.

ولو أقام المالك البيّنة بعد التملّك لم يكن له انتزاعها ، وله المثل أو القيمة.

ولو ردّ العين كما هي وجب القبول ، ولا يجب لو عابت وإن دفع الأرش.

ولا يجب ردّ النماء المتجدّد بعد التملّك.

ص: 473

ص: 474

كتاب إحياء الموات والمشتركات

اشارة

ص: 475

ص: 476

أمّا الأوّل ، فالعامر لأربابه ، وكذا ما به صلاحه كالطريق ، والشرب ، والقناة ، والمرفق ، فلا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذنهم ، سواء كان في بلاد الإسلام أو الكفر.

والموات للإمام ، وهي ما لا ينتفع به لعطلته إمّا لانقطاع الماء عنه أو لاستيلائه عليه ، أو لاستيجامه ، وكذا كلّ أرض موات باد أهلها ، فلا يجوز إحياء شي ء من ذلك إلّا بإذن الإمام ، فلو أحياها من دونه لم يملكها ، ويملك مع الإذن إن كان المحيي مسلما.

ويجوز لنا في الغيبة إحياؤها ، ويكون المحيي أحقّ بها ما دام قائما بعمارتها ، فلو تركها حتّى بادت آثارها فأحياها غيره ملكها ، وللإمام مع ظهوره رفع يده.

ويصحّ إحياء ما هو بقرب العامر إلّا أن يكون حريما له أو مرافقا له.

ويشترط في التملّك بالإحياء أمور :

الأوّل : أن لا يكون ملكا لمسلم أو معاهد.

الثاني : أن لا يكون مشعرا للعبادة : كعرفة ومنى والمشعر ، ويجوز إحياء ما لا يضرّ منه.

الثالث : أن لا يكون حريما لعامر : كالطريق ، والشرب ، وحريم البئر ، والعين.

ص: 477

والحائط حريمه مطرح ترابه ، وحريم القرية ما يعدّ من مرافقها : كمطرح القمامة والتراب ، ومجتمع النادي ومرتكض (1) الخيل ، ومناخ الإبل.

وحريم الشرب مطرح ترابه ، والمجاز على حافّتيه.

وحريم العين الف ذراع في الرخوة ، وخمسمائة في الصّلبة.

وحريم بئر المعطن أربعون ذراعا ، وبئر الناضح ستّون.

وحريم الدار مطرح ترابها ، وإنّما يثبت الحريم إذا ابتكر ذلك في الموات لا في الأملاك المعمورة.

وحدّ الطريق المبتكر في المباح خمس أذرع ، والثاني بتباعده هذا المقدار.

الرابع : أن لا يكون قد أقطعه النبيّ صلى اللّه عليه وآله أو الإمام إن كان مواتا خاليا عن التحجير.

الخامس : أن لا يكون قد حماه النبي أو الإمام لنفسه ، أو لنعم الصدقة ، أو الجزية ، أو الضوالّ ، ولو زالت المصلحة الّتي حمى لها فالأقرب جواز الإحياء ، وليس لغيرهما أن يحمي.

السادس : أن لا يكون محجّرا ، والتحجير نصب المروز وشبهها : كإدارة التراب أو الأحجار ، ولا يفيد ملكا ، بل أولويّة ، فلا يصحّ بيعه بل الصلح عليه ، ويورث ، وله منع غيره (2) من الإحياء ولو قهره فأحياها لم يملكها.

ص: 478


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « مربط الخيل » قال في جامع المقاصد : 7 / 20 : مرتكض الخيل ، وهو الموضع المعدّ لركضها فيه إذا أريد ذلك.
2- في « ب » و « ج » : ويمنع غيره.

ثمّ إن أهمل العمارة جبره الإمام على الإحياء أو التخلية ، فإن امتنع رفع يده ، وأذن لغيره ، ولا يجوز الإحياء قبل الرفع والإذن.

وأمّا الإحياء ، فهو فعل ما يخرجها عن الموت ، ويرجع فيه إلى العرف ، فالمسكن بالحائط والسقف وإن كان قصبا ، والحظيرة بالحائط ، ولا يشترط تعليق الباب فيهما ، والزّرع بعضد الشجر وتسوية المرز والمسناة (1) ، وسوق الماء ، وبقطع المياه الغالبة ، وتهيئتها للعمارة ، ولا يشترط الحرث ولا الزرع.

ولو غرس وساق الماء تحقّق الإحياء.

ولو برزت أغصانه أو عروقه إلى المباح ، لم يكن لغيره إحياؤه ، وليس له منعه خوف البروز.

لكلّ أحد التّصرف في ملكه بما شاء وإن تضرّر جاره ، فله أن يجعل ملكه بيت حدّاد أو قصّار أو مستنقع الماء أو بئر غائط ، ولا ضمان عليه.

وأمّا المشتركات فثلاثة :

الأوّل : الطرق ، والمساجد ، والمشاهد ، والمدارس ، والرّبط.

أمّا الطرق ففائدتها الاستطراق ، وله الوقوف والجلوس إذا لم يضرّ بالمارّة.

ويجوز الجلوس للبيع والشراء في المواضع المتّسعة كالرحبات ، ولو قام ورحله فيها باق فهو أحقّ ، ولو رفعه بطل حقّه وإن نوى العود.

ص: 479


1- قال في جامع المقاصد : 7 / 74 : المرز ، وجدته مضبوطا بكسر الميم ، وهو جمع التراب حول ما يراد إحياؤه ، والمسناة ، بضمّ الميم على ما وجدته أكبر منه.

وله التظليل بما لا يتضرر به المارّة ، وليس لأحد إحياؤه ولا تحجيره ولا للسلطان إقطاعه.

وأمّا المسجد والمشهد فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به ، وكذا لو قام ورحله باق وإلّا بطل حقّه وإن نوى العود ، أو قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة.

ولو استبق اثنان فإن أمكن الاجتماع والّا أقرع.

وأمّا المدارس والرّبط ، فمن سكن بيتا وهو من أهل السكنى لم يجز إخراجه ولا مشاركته وإن طالت المدة ، إلّا أن يشترط الواقف أمدا فيخرج عند انتهائه.

ولو شرط التشاغل بالعلم أخرج تاركه ، ولو فارق لعذر ورحله باق فهو أولى.

الثاني : المعادن ، فالظاهرة هي (1) الّتي لا تفتقر نيلها إلى مئونة : كالملح ، والكبريت ، والنفط ، والنار ، والموميا ، والكحل ، والبرام ، والياقوت ، وحجر الرحى ، فلا يملك بالإحياء ، ولا يصحّ إقطاعها ولا تحجيرها ، بل من سبق أخذ حاجته ، ولو ورد اثنان فالسابق أولى ، فإن تساويا وقصر عن بغيتهما قسّم ، ومع التعذّر يقرع.

ولو أحيا أرضا بجنب المملحة وساق إليها الملح ملكه.

والمعادن الباطنة هي ما يفتقر نيلها إلى المئونة : كالذهب والفضّة ، والنحاس ، والحديد ، والرصاص ، ويملك بالإحياء ، وهو بلوغ نيلها والتحجير ما دونه ، فإن أتمّه وإلّا أجبر عليه أو على التخلية.

ص: 480


1- في « أ » : المعادن الظاهرة وهي.

وينظر المعذور بقدر عذره ، ثمّ يلزم بأحد الأمرين ، ويجوز إقطاعها قبل ذلك.

ولو ظهر في الأرض المحياة معدن ملكه وإن كان من الظاهرة ، ولو كان ظاهرا قبل الإحياء لم يملكه.

ويملك حريم المعدن وهو منتهى عروقه ومطرح ترابه.

الثالث : المياه ، وهي ثلاثة : (1)

الأوّل : ماء العيون ، والأنهار الكبار ، وماء الغيوث في الأرض المباحة مباح ، فمن حاز من ذلك في إناء ، أو حوض ، أو أجراه (2) في نهره أو مصنعه ملكه.

ويجوز الوضوء والغسل وتطهير الثياب منه إذا لم يكره المالك ، ولا كذا المحرز في الإناء.

الثاني : ماء البئر المحتفرة في ملك أو مباح للتملك ملك ، لمن حفرها ، ولو لم يبلغ الماء فهو تحجير ، وكذا لو استنبط عينا ، ولو كانوا جماعة ملكوه بنسبة العمل أو الخرج ، ويجوز بيعه كيلا ووزنا لأكله.

ولو حفر في المباح لا للتملّك فهو أولى مدّة مقامه ، فإن فارق فمن سبق فهو أولى بالانتفاع ، ولا يملكه أحد.

الثالث : ماء النّهر المملوك ملك لحافره ، فإن ضاق عن أربابه قسّم بينهم بالمهاياة ، أو على قدر حقوقهم ، بأن توضع خشبة في مصدم الماء فيها ثقب متساوية بعدد سهامهم ، ويجعل لكلّ ثقب ساقية.

ص: 481


1- بل أربعة عند المصنّف كما سيأتي.
2- في « أ » : أو جرّه.

فلو كان لواحد نصف ، ولآخر ثلث ، ولآخر سدس ، فللأوّل ثلاث ثقب ، وللثاني اثنان ، وللثالث واحدة.

الرابع : ماء النهر المباح ومسيل الوادي يسقى ما عليه دفعة ، فإن ضاق وتشاحّ أهله بدئ بالأوّل ، وهو من يلي فوهته (1) للزرع إلى الشراك ، وللشجر إلى القدم ، وللنخل إلى الساق ، ثمّ يرسل إلى من دونه ، ولا يجب الإرسال قبل ذلك وإن تلف الأخير.

ولو تساوى اثنان في القرب قسّم بينهما ، فإن ضاق أقرع ويسقى الخارج بنسبة نصيبه وإن لم يفضل للآخر شي ء ، هذا مع جهل السابق في الإحياء وإلّا قدّم السّابق وإن كان في أسفل الوادي ، وأخّر اللّاحق وإن كان على رأسه.

ص: 482


1- في جامع المقاصد : 7 / 59 : الفوهة كقربة : أوّل الوادي.

كتاب الحدود والتعزيرات

اشارة

وفيه فصول

ص: 483

ص: 484

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] حدّ الزّنا

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في الموجب

وهو تغيّب الحشفة في قبل المرأة أو دبرها بغير عقد ولا ملك ولا شبهة ، مع البلوغ ، والعقل ، والعلم بالتحريم ، والاختيار ، فلو وطئ النائمة على فراشه على أنّها زوجته أو أمته فلا حدّ ، ولو تشبّهت عليه حدّت دونه.

ويسقط بدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدّعي ، وبادّعاء الزّوجية ، ولا يكلّف بيّنة ولا يمينا.

ولا حدّ على الصبيّ والمجنون وإن كان فاعلا ، ولا على جاهل التحريم إذا تزوّج محرمة ، ولا يسقط الحدّ بمجرّد العقد ، وكذا لو استأجر امرأة للوطي أو لغيره ، أو أباحته نفسها ، ولو توهّم الحلّ بذلك فلا حدّ ، وكذا كلّ موضع يتوهّمه.

ولا حدّ على المكره ، فلو أكرهها حدّ دونها ، وعليه مهر أمثالها.

ويشترط في الرّجم الإحصان ، ويتحقّق بكون الزاني بالغا ، عاقلا ، حرّا ،

ص: 485

له فرج مملوك بالعقد الدائم أو الملك ، يغدو عليه ويروح.

ويشترط الوطء في القبل لا الإنزال ، فيتحقّق في حقّ الخصيّ وإن اكسل ، دون المجبوب (1) وإن أنزل.

وإحصان المرأة كالرّجل ، والذمّي كالمسلم.

ولا يخرجه الطلاق الرّجعي عن الإحصان ، ويخرجه البائن ، فلو تزوّج معتدّة عالمين ، حدّا مع الدّخول ، ولو ادّعيا الجهالة أو أحدهما قبل إن كان ممكنا في حقّه.

ولو راجع المخالع لم يرجم حتّى يطأ.

والأعمى كالبصير فيقبل منه ادّعاء الشبهة.

المبحث الثاني : فيما يثبت

اشارة

به وهو أمران :

الأوّل : الإقرار

ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والحريّة ، والقصد ، وتكراره أربعا ، لا تعدد المجلس ، فلا يصحّ من الصّبيّ وإن راهق ، ولا من المجنون إلّا أن يعتوره فيقرّ حال إفاقته ، ولا من المملوك إلّا أن يصدّقه مولاه أو يعتقه ، والمدبّر والمكاتب مطلقا وأمّ الولد كالقنّ ، ولا من المكره والنائم والسّاهي.

ص: 486


1- في « ب » و « ج » : « دون المجنون » ولعلّه مصحّف.

ولو أقرّ دون أربع عزّر.

ولو قال : زنيت بفلانة حدّ للقذف ، ويستوي الرّجل والمرأة.

وإقرار الأخرس بالإشارة ، ويجب مترجمان.

ولو أقرّ بحدّ ولم يبيّنه ضرب حتى ينهى عن نفسه ، ولا يكلّف إبانته.

ولو أقرّ بحدّ ثمّ أنكره لم يسقط ، ولو كان رجما (1) سقط ويلحق القتل به.

ولو تاب بعد الإقرار تخيّر الإمام ، رجما كان أو جلدا

ولو حملت الأيّم لم تحدّ إلّا أن تقرّ بالزنا أربعا.

ويشترط [ في الإقرار ] أن يذكر حقيقة الفعل ، وللإمام أن يعرض بالترغيب في ترك الإقرار والإقامة.

الثاني : البيّنة

وشروطها أربعة :

الأوّل : العدد ، وهو أربعة رجال ، أو ثلاثة وامرأتان ، أو رجلان وأربع نساء.

ويثبت بالأوّلين الرجم وبالأخير الجلد.

ولو لم يكملوا حدّوا للفرية.

ولا يثبت بالنساء منفردات ، ولا برجل وستّ نساء ، ولا بشاهدين والإقرار مرّتين ، بل يحدّوا.

ص: 487


1- في « أ » : برجم.

الثاني : معاينة الإيلاج كالميل في المكحلة ، فلو شهدوا بدون ذلك حدّوا ، ولا بدّ أن يقولوا : من غير عقد ، ولا ملك ، ولا شبهة (1) أو لا نعلم سبب التّحليل ، ولو شهدوا بالمعانقة أو بالمضاجعة عزّروا.

الثالث : اتّفاقهم على وحدة الفعل والمكان والزمان والصّفة ، فلو اختلفوا في ذلك حدّوا ، وكذا لو اختلفوا في المطاوعة والإكراه.

الرابع : حضورهم للإقامة دفعة ، فلو سبق أحدهم وشهد حدّ ولم ينتظر الباقون ، ولو جاءوا متفرّقين ثم أقاموا بعد الاجتماع سمعت على توقّف.

ويستحبّ تفريق الشهود ، ولا يقدح في الشهادة تقادم الزنا.

وتقبل شهادة الأربعة على اثنين فصاعدا ، ولو كان الزّوج أحد الأربعة : فإن سبق بالقذف حدّوا وإلّا حدّت ، وله إسقاط حدّه باللعان.

ولو تاب قبل قيام البيّنة سقط الحدّ لا بعدها ، ويستحبّ ترك الإقامة.

المبحث الثالث : في الحدّ

وهو أقسام :

الأوّل : القتل ، ويجب على من زنى بذات محرم ، وعلى الزّاني بامرأة أبيه ، وعلى المكره وعلى الذمّي الزاني بمسلمة.

ولا فرق بين الشيخ والشابّ ، والحرّ والعبد ، والمسلم والكافر.

ص: 488


1- في « ب » و « ج » : أو لا ملك أو لا شبهة.

ولا يشترط الإحصان ، ويقتل بالسّيف.

الثاني : الجلد مائة ثمّ الرّجم ، ويجبان على المحصنين ، شيخين كانا أو شابين.

الثالث : الجلد مائة ثمّ الجزّ والتغريب ، وهو حدّ الذكر الحرّ المملك.

والجزّ للرأس ، ويغرّب إلى غير مصره سنة ، وحدّه مسافة التقصير والمئونة على الزّاني أو في بيت المال.

والغريب يخرج إلى غير بلد الفاحشة ، ولا يمنع من بلده ، والمرأة تجلد لا غير ، مملكة كانت أو لا.

والبكر ، غير المحصن ، وقيل : من أملك ولم يدخل. (1)

الرابع : الجلد مائة ، وهو حدّ البالغ الحرّ غير المملك والمحصن ، وحدّ الحرّة غير المحصنة وإن كانت مملكة ، وحدّ الرجل المحصن إذا زنى بصبيّة أو مجنونة ، وحدّ المحصنة إذا زنت بصبيّ ، ولو زنت بمجنون رجمت.

الخامس : جلد خمسين ، وهو حدّ المملوك البالغ ، ذكرا كان أو أنثى ، محصنا أو غيره ، ولا جزّ ولا تغريب.

السادس : جلد اثني عشر سوطا ونصف ، وهو ثمن حدّ الزّاني لمن تزوّج أمة على حرّة مسلمة ووطئها قبل الإذن.

وفي التقبيل والمعانقة والمضاجعة التعزير بما دون الحدّ.

ومن افتضّ بكرا بإصبعه فعليه مهر نسائها ، وفي الأمة عشر قيمتها.

ص: 489


1- وهو خيرة الشيخ في النهاية : 694.

المبحث الرابع : في كيفية الاستيفاء

ينبغي للإمام أن يشعر الناس وأن يحضرهم ويجب حضور طائفة أقلّها واحد ، وإحضار الشهود ليبدءوا ، ويجلد الرّجل مجرّدا قائما أشدّ الضرب ، ويفرّق على جسده ، ويتقى وجهه ورأسه وفرجه ، والمرأة جالسة ، وتربط ثيابها عليها.

ولا يقام في شدّ الحرّ أو البرد ، ويتوخّى في الشتاء وسط النّهار ، وفي الصّيف طرفيه ، ويجب التوالي.

ويؤخّر المريض حتّى يبرأ ، فإن اقتضت المصلحة التقديم ضرب بضغث مشتمل على العدد.

ولا يشترط وصول كلّ شمراخ إلى جسده ، ويجوز تعدّد الضغث.

ولا يعاد الحدّ إذا برئ.

ولا تؤخّر الحائض.

ولا يسقط الحدّ بالجنون أو الردّة.

ولا يقام في أرض العدوّ ، ولا في الحرم إن التجأ إليه ، ويضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يخرج ، ويحدّ إذا (1) زنى فيه.

ص: 490


1- في « أ » : ويجلد ويحدّ إذا.

وإذا اجتمع حدود بدئ بما لا يفوت معه الآخر ، فيبدأ بالجلد قبل الرجم ، ولا ينتظر البرء.

ويدفن المرجوم إلى حقويه ، والمرأة إلى صدرها بعد الغسل والتكفين.

وينبغي الرجم بالأحجار الصّغار ، وتجب بدأة الشهود إن ثبت بالبيّنة ، وإلّا الإمام.

ولو فرّ ، فإن ثبت بالبيّنة أعيد وإلّا فلا.

ولا يجزئ القتل بالسيف عن الرجم ، ويصبر عن الحامل حتّى تضع ، وينقضي النفاس والرضاع إن لم يوجد مرضع ، وإلّا رجمت.

وإذا تكرّر الزنا من غير حدّ كفى حدّ واحد ، ولو تكرّر قتل في الرابعة ، والمملوك في التاسعة ، وكذا من انعتق بعضه.

ويستوفيه الإمام أو من نصبه إلّا ما استثني ، ويتخيّر في الذمّي بين دفعه إلى أهل نحلته وبين إقامة الحدّ عليه.

ويجب عليه إقامة حدوده تعالى بعلمه ، وتقف حدود الناس على المطالبة.

ص: 491

المبحث الخامس : في اللواحق

لو شهد بالزنا أربعة وبالبكارة أربع سقط الحدّ عن الشهود وعنها وعن الزاني ، ولو شهد بعضهم ثمّ ردّت شهادة الباقي بأمر ظاهر حدّ الجميع وإلّا المردود ، ولو رجع واحد حدّ خاصّة.

ويجوز أن يقتل من وجده يزني بزوجته ، ويقاد في الظاهر به إلّا أن يقيم بيّنة أو يصدّقه الوليّ.

ويحدّ من انعتق بعضه بالنسبة من حدّ الحرّ والمملوك.

ويثبت الحدّ في النكاح المحرّم بالإجماع لا بالمختلف فيه كالمخلوقة من الزّنا والمرضعة عشرا.

ولا كفالة في حدّ ولا شفاعة فيه ، ولا يؤخّر إلّا لمصلحة.

ويزاد على الحدّ لحرمة الزمان والمكان.

ص: 492

الفصل الثاني : في اللواط والسحق والقيادة

اشارة

أمّا اللواط فهو وطء الآدميّ الذكر بالإيقاب وإنّما يثبت بالإقرار أربعا أو بشهادة أربعة رجال بالمعاينة ، فلا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.

ولو أقرّ دون الأربع عزّر ولو شهد دون الأربعة حدّوا للفرية.

ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والاختيار ، لا الإسلام ، وفي الشهادة الاتّفاق في الفعل والزمان والمكان ، ويستوي المحصن وغيره.

ويتخيّر الإمام بين ضربه بالسيف ، ورجمه ، أو إحراقه ، أو إلقائه من شاهق ، أو رمي جدار عليه ، ويجوز ضمّ الإحراق إلى أحدها.

ولو لاط البالغ بالصّبي أو بالعكس ، حدّ البالغ وأدّب الصبيّ ، ولو لاط الصبيّ بمثله أدّبا.

ولو لاط المجنون بعاقل أو بالعكس حدّ العاقل خاصّة.

ولو لاط بعبده حدّا ، ولو ادّعى العبد الإكراه سقط عنه.

ولو لاط الذميّ بمسلم قتل وإن لم يوقب ، ولو لاط بمثله تخيّر الإمام بين إقامة الحدّ عليه ، وبين دفعه إلى قومه ليقيموه عليه.

ص: 493

ويجب بغير الإيقاب جلد مائة وإن كان محصنا.

ولا فرق بين الحرّ والعبد ، والمسلم والكافر بمثله ، فإن حدّ ثلاثا قتل في الرابعة.

ويعزّر المجتمعان تحت إزار مجرّدين ولا رحم بينهما كلّ واحد من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين ، فإن عزّرا مرّتين حدّا في الثالثة.

ومن قبّل غلاما أجنبيّا بشهوة عزّر بما يراه الحاكم.

ولو تاب اللائط قبل قيام البيّنة سقط الحدّ لا بعدها.

ويتخيّر الإمام في المقرّ بين الحدّ وتركه.

وأمّا السّحق فحدّه مائة جلدة للفاعلة والمفعولة ، سواء الحرّة والأمة ، والمسلمة والكافرة ، والمحصنة كغيرها.

ويشترط البلوغ ، والعقل ، وتؤدّب الصّبية.

وإذا حدّت ثلاثا قتلت في الرابعة.

ويسقط الحدّ بالتوبة قبل البيّنة لا بعدها ، ولو تابت بعد الإقرار تخيّر الإمام.

وتعزّر الأجنبيّتان تحت إزار مجرّدتين ، فإن تكرّر مرّتين حدّتا في الثالثة ، فإن عادتا فالتعزير.

ولو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت من ماء الرّجل جلدتا ، ويلحق الولد به ، لا بالكبيرة قطعا ، ولا بالصّبيّة على الأقوى ، وولد الملاعنة عكسه ، وعلى الزوجة مهر البكر ، ونفقتها على الزوج إن قلنا انّها للحمل.

ص: 494

ويثبت السّحق بالإقرار أربع مرّات مع البلوغ والعقل والحريّة والاختيار ، وبشهادة أربعة رجال.

وأمّا القيادة فهي الجمع بين الرّجال والنساء للزنا ، أو بين الرّجال والصبيان للّواط.

وحدّه خمسة وسبعون سوطا ، ويستوي فيه الرجل والمرأة ، والحرّ والعبد ، والمسلم والكافر ، ويؤدّب الصّبي ، ويزاد الرّجل حلق رأسه والشهرة ، وينفى بأوّل مرّة ويثبت بالإقرار مرّتين من أهله ، أو بشهادة رجلين.

تتمّة

وطء الأموات كالأحياء ، فمن زنى بميّتة رجم مع الإحصان ، وجلد لا معه ، ولو كانت إحدى المحرّمات قتل.

ولو وطئ زوجته أو أمته عزّر.

وحكم من لاط بميّت كما مرّ ، وحيث لا يقتل يزاد في عقوبته بما يراه الحاكم.

وإثبات الجميع كما مرّ.

ص: 495

الفصل الثالث : في وطء البهائم

اشارة

إذا وطئ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم كالشاة والبقرة والناقة ، حرم لحمها ولحم نسلها ، وكذا اللبن ، ويجب ذبحها وإحراقها.

ويعزّر الواطئ بما يراه الإمام ، ويغرم قيمتها.

ولو كان الأهمّ ظهرها كالفرس ، والبغل ، والحمار ، لم تذبح بل يعزّر الواطئ ، ويغرم قيمتها لصاحبها ، ثمّ تباع في غير بلد الواقعة ، وعليه النفقة ، ويعاد الثمن على المغترم (1) فلو زاد عن القيمة فالزيادة له ، وكذا النماء.

ولو كانت الدابّة له دفع الثمن إليه.

ويثبت الفعل بشهادة عدلين ، لا بشهادة النساء منفردات ولا منضمّات ، وبالإقرار مرّة.

ويثبت به جميع الأحكام إن كانت الدابة له ، وإلّا ثبت التعزير خاصّة.

ولو عزّر ثلاثا قتل في الرابعة.

ص: 496


1- في « ب » : ويعاد الثمن عليه.

تتمّة

لو استمنى بيده عزّر بما يراه الإمام ، وروي أنّ عليّا عليه السلام ضرب يده حتّى احمرّت ، وزوّجه من بيت المال. (1)

ويثبت بشهادة عدلين أو بالإقرار مرّة ، وفي إلحاق غير اليد بها احتمال قويّ.

ص: 497


1- الوسائل : 18 / 574 ، الباب 3 من أبواب نكاح البهائم ، الحديث 1.

الفصل الرابع : في حدّ القذف

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في الموجب

وهو الرمي بالزّنا أو اللواط مثل زنيت بك ، أو أنت زانية ، أو زنيت ، أو أنت زان ، أو لطت بك ، أو أنت لائط أو ليط بك ، أو يا منكوحا في دبره ، أو يا نكيح (1) إن علم انّه بمعناه ، وكذا كلّ ما أفاد معنى القذف صريحا في عرف القائل بأيّ لغة كان.

ولو قال لمن أقرّ به : لست بولدي ، أو لغيره : لست لأبيك حدّ لهما.

ولو قال : زنى بك أبوك ، أو يا ابن الزاني فهو قذف للأب.

ولو قال : زنت بك أمّك أو ولدت من الزّنا ، أو يا ابن الزّانية ، فهو قذف للأمّ.

ولو قال : زنى بك أبواك ، أو يا ابن الزانيين ، فهو قذف لهما ، ويثبت الحدّ بذلك وإن كان لمواجه كافرا.

ص: 498


1- في بعض النسخ : « أو نكيح ».

ولو قال : يا زوج الزانية أو يا أبا الزّانية أو يا أخا الزانية فالحدّ للمنسوب إليه الزنا وللمواجه التعزير.

ولو قال : زنيت بفلانة ، أو لطت بفلان حدّ لهما.

ولو قال لابن الملاعنة : يا ابن الزانية ، حدّ ، وكذا لو قال للزانية بعد توبتها : يا زانية.

ولو قال : أنت أزنى من فلان ، فهو قذف لهما.

ولو قال لامرأته : زنيت بك حدّ لها ويحدّ للزنا إن أقرّ أربعا.

ولو قال : يا ديّوث ، أو يا كشخان ، أو يا قرنان ، (1) فإن أفاد القذف في عرف القائل حدّ وإلّا عزّر.

ويعزّر بالتعريض مثل ما أنا زان أو لائط ، وبما يكرهه المواجه ولم يفد القذف لغة ولا عرفا مثل لم أجدك عذراء ، أو أنت ولد حرام ، أو ولدت بك أمّك في حيضها ، وكذا ما يؤذي مثل يا فاسق ، أو يا كافر ، أو يا مرتدّ ، أو يا فاجر ، أو يا كلب ، أو يا خنزير ، أو يا أعور ، وشبهه وإن كان كذلك.

وقذف الميّت كالحيّ ، ولو قذف أهل بلد لم يحد ويعزّر.

ص: 499


1- الكشخان : الدّيوث ، ويقال للشاتم : لا تكشخ فلانا. والقرنان : الّذي يشارك في امرأته كأنّه يقرن به غيره ، وهو نعت سوء في الرجل الّذي لا غيرة له على أهله. لاحظ لسان العرب والمعجم الوسيط ( مادّة « كشخ » و « قرن » ).

المبحث الثاني : في القاذف

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا يحدّ الصبيّ والمجنون وإن كمل المقذوف ، ويؤدّب الصبيّ دون المجنون ، ولو اعتوره فقذف وقت الإفاقة حدّ.

ولو ادّعى القذف حال البلوغ أو الإفاقة قدّم قول القاذف بغير يمين.

ولا يحدّ المكره ، والغافل ، والنائم ، والمغمى عليه ، والسكران ، والسّاهي.

ولا يشترط الحريّة فيحدّ المملوك كملا.

المبحث الثالث : [ في ] المقذوف

ويعتبر فيه الإحصان ، وانتفاء البنوّة والتقاذف ، والإحصان هنا البلوغ والعقل والإسلام والحريّة والعفّة ، فلو قذف الكامل صبيّا ، أو مجنونا ، أو كافرا ، أو عبدا ، أو متظاهرا بالزنا ، عزّر.

ولو كمل المنسوب إليه دون المواجه حدّ كقوله لكافر ابن مسلمة : يا ابن الزانية ، ولو كانت ميّتة ولا وارث لها غيره لم يحدّ ، ولو انعكس الحال فقولان.

ولو قال لمسلم : زنيت حال كفرك حدّ.

ص: 500

ولو قذف الأب ولده أو أمّه الميّتة ولا وارث لها إلّا الولد لم يحدّ وعزّر ، ولو كان لها ولد من غيره فله الحد كملا.

ولو قذف الولد أباه حدّ ، وكذا لو قذف أمّه وبالعكس ، وكذا الأقارب.

ولو تقاذف محصنان عزّرا.

المبحث الرابع : في الحدّ

وهو ثمانون جلدة ، سواء الحرّ والعبد ، ويجلد بثيابه ضربا متوسّطا ، ويشهّر لتجتنب شهادته ، ويورث كالمال عدا الزّوجين.

ولا يسقط منه شي ء بعفو البعض بل يستوفيه من لم يعف وإن كان واحدا.

ولو عفا المستحقّ لم يكن له المطالبة بعده ، وله العفو قبل التوبة وبعدها ، ولا اعتراض للحاكم ، وليس له إقامة الحدّ إلّا مع المطالبة.

ويسقط الحدّ بالعفو ، أو بالبيّنة ، أو بتصديق المقذوف ، وفي الزّوجة باللعان أيضا.

ولو تكرّر القذف من واحد وتعدّد المقذوف تعدّد الحدّ مطلقا ، ولو اتّحد فإن لم يتخلّله الحدّ كفى حدّ واحد ، وإلّا تكرّر ، فيقتل في الرابعة.

ولو تعدّد القاذف تكرّر الحدّ وإن اتّحد المقذوف.

ص: 501

لو قذف جماعة بلفظ واحد فإن جاءوا مجتمعين فللجميع حدّ ، وإن تفرّقوا فلكلّ واحد حدّ ، وكذا لو قال : يا ابن الزانيين مع الاجتماع والافتراق.

ولو قال : ابنك زان أو لائط ، أو ابنتك زانية ، فالحدّ للولد ، وليس للأب المطالبة إلّا في الولد الصغير ، فانّ له استيفاء التعزير.

ولو حدّ فقال : الّذي قلت كان صحيحا عزّر ، وكذا لو قذفه بوطء البهيمة وبالتقبيل أو بالمضاجعة أو المساحقة.

ولو قذف المولى عبده أو أمته عزّر كالأجنبيّ ، ويثبت التعزير له لا لمولاه ، فليس له العفو مع مطالبة العبد وبالعكس ، نعم لو مات ورثه المولى.

ولا يزاد في تأديب الصبيّ أو المملوك على عشرة أسواط ، فإن بلغ الحدّ استحقّ عتقه.

ولا يعزّر الكفّار مع التنابز بالألقاب ، والتعيير بالأمراض ، إلّا مع خوف الفتنة ، فيحسمها الإمام بحسب ما يراه.

وكلّ من فعل محرّما ، أو ترك واجبا ، عزّره الإمام بما يراه ، ولا يبلغ حدّ الحرّ في الحر ولا حدّ العبد في العبد.

ويثبت القذف بشهادة عدلين ، أو الإقرار مرّتين.

ويشترط في المقرّ التكليف ، والحريّة ، والاختيار ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمّات ، وكذا موجب التعزير.

ص: 502

ويجب قتل من سبّ النبيّ أو أحد الأئمة عليهم السلام ، ويحلّ قتله لكلّ من سمعه إذا أمن على نفسه وماله وغيره من المؤمنين.

ويجب قتل مدّعي النبوّة ومن شكّ في نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وآله أو في صدقه ، وهو على ظاهر الإسلام.

ويقتل السّاحر المسلم ، ويؤدّب الكافر.

ويقتل من قذف أبوي النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، ويعزّر لو نالهما بدونه.

ص: 503

الفصل الخامس : في حدّ الشرب

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في الموجب

وهو تناول المسكر أو الفقّاع مع الكمال والعلم بالتحريم والاختيار.

ويراد بالتناول الشرب حتّى القطرة والاصطباغ ، وأكله في الأدوية والأغذية وإن لم يسكر.

ويستوي الخمر وغيره من الأنبذة في النجاسة والتحريم ، وكذا العصير إذا غلى واشتدّ من نفسه أو بالنار أو بالشمس وإن لم يقذف بالزّبد ، إلّا أن ينقلب خلًّا أو يذهب ثلثاه بالغليان.

وغير العصير لا يحرم إلّا إذا حصلت فيه الشدّة المسكرة ، فلو غلى الزبيب أو التمر لم يحرم.

ولا حدّ على الصّبيّ والمجنون والمكره ، سواء توعّد عليه أو وجر

ص: 504

في حلقه ، ولا على الحربيّ ، والذّميّ المستتر ، ولا على جاهل المشروب ، ولا على المضطرّ للعطش أو لإساغة لقمة أو غير ذلك.

ولا يعذر العالم بالتحريم إذا جهل وجوب الحدّ.

ولا يجوز التداوي به وإن ركّب مع غيره كالترياق إلّا أن يخشى التلف.

ويثبت بشاهدين عدلين ، أو بالإقرار مرّتين من بالغ عاقل مختار حرّ.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.

ولو شهد واحد بشربها وآخر بقيئها حدّ ، ولو شهدا بالقي ء حدّ على توقّف.

المبحث الثاني : في الحدّ

وهو ثمانون جلدة ، ويستوي الرّجل والمرأة ، والحرّ والعبد ، والمسلم والكافر المتظاهر.

ويضرب عريانا على ظهره وكتفيه ، ويتّقى وجهه وفرجه ، ولا يحدّ إلّا بعد الإفاقة.

وإذا حدّ مرّتين قتل في الثالثة.

ولو تكرّر من غير حدّ فحدّ واحد.

ص: 505

المبحث الثالث : في الأحكام

لو شرب الخمر مستحلّا ارتدّ ، ولو باعها مستحلّا استتيب ، فإن تاب وإلّا قتل ، وغير المستحلّ يعزّر ، ولو شرب غيرها مستحلّا لم يقتل بل يحدّ ، ولو باعها مستحلّا أدّب وإن لم يتب.

وإذا تاب قبل قيام البيّنة سقط الحدّ لا بعدها ، ولو كان مقرّا تخيّر الإمام.

ولو زاد الحدّاد بإذن الحاكم فمات ، ضمن نصف الدية إن كان عالما ، وإلّا ضمنه الحاكم إن تعمّد ، وإلّا في بيت المال.

ولو زاد [ الحدّاد ] بغير إذن الحاكم فالنصف في ماله إن تعمّد وإلّا فعلى عاقلته ، وللوليّ القصاص.

ومقتول الحدّ أو التعزير هدر.

ولو أنفذ الحاكم إلى حامل لإقامة الحدّ فأجهضت خوفا ، فدية الجنين في بيت المال.

ومن اعتقد إباحة محرّم بالإجماع ، أو فعله مستحلّا كالميتة والدم ولحم الخنزير ونكاح المحرّمات ، فهو مرتدّ ، ولو فعله لا مستحلّا عزّر ولو ادّعى جهل التحريم ، قبل مع إمكانه.

ص: 506

الفصل السادس : في حدّ السرقة

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] السارق

ويعتبر فيه أمور :

الأوّل : البلوغ ، فلا يقطع الصّبيّ بل يؤدّب وإن تكرّرت منه السّرقة ، وقيل : يعفى عنه ، ثم يؤدّب ، ثمّ تحكّ أنامله حتّى تدمى ، ثمّ تقطع أنامله ، ثمّ يقطع كالرجل. (1)

الثاني : العقل ، فلا يقطع المجنون وإن تكرّرت ، بل يؤدّب.

الثالث : الاختيار ، فلا يقطع المكره.

الرابع : انتفاء الأبوّة ، فلا يقطع السارق من ولده ، وتقطع الأمّ والولد والأقارب والأصدقاء.

ص: 507


1- ذهب إليه الشيخ في النهاية : 716 - كتاب الحدود -.

الخامس : انتفاء الشبهة ، فلو توهّم الملك فبان خلافه ، أو سرق من الغنيمة ، أو من بيت المال ، أو ممّن يجب عليه نفقته ، أو من الغريم المماطل ، أو الفقير من الزكاة ، أو الهاشمي من الخمس ، أو مال مكاتبه لم يقطع ، وكذا لو سرق من المشترك ما يظنّه نصيبه فزاد بقدر النصاب ، ولو علم الزيادة قطع.

السادس : أن يهتك الحرز منفردا أو مشتركا ، فلو هتك فاخرج غيره لم يقطع أحدهما.

السابع : أن يخرج المتاع بنفسه أو بالشركة مباشرة أو تسبيبا ، كوضعه على دابّة أو طائر ، أو على الماء ثمّ يخرج.

ولو أمر بالإخراج صبيّا غير مميّز أو مجنونا قطع الآمر ، لأنّهما كالآلة.

الثامن : أن يأخذ سرّا ، فلا يقطع المتظاهر بالأخذ ، ولا المستأمن إذا خان.

ولا فرق بين المسلم والكافر ، والذكر والأنثى ، والأعمى والمبصر ، والحرّ والمملوك ، ولو سرق من مولاه لم يقطع ، بل يؤدّب.

ويقطع الأجير لو أحرز المال من دونه ، وكذا الضيف والزوج والزوجة.

ص: 508

المبحث الثاني : [ في ] المسروق

ويعتبر فيه أمور :

الأوّل : كونه مالا ، فلو سرق الحرّ الصغير وباعه قطع لفساده لا حدّا ، ولو لم يبعه أدّب ، ولا يقطع بحليته وثيابه وإن بلغت النصاب.

ولو سرق العبد الصّغير قطع ، وكذا الكبير المجنون ، والنائم ، والمغمى عليه.

ويقطع بالكلب المملوك إذا بلغت قيمته النصاب.

الثاني : كونه ملكا لغير السارق ، فلو سرق ماله من حرز المستأجر ، أو المستعير ( إذا لم يهب ) (1) أو المرتهن ، أو الودعي ، أو الوكيل ، أو الغاصب ، أو المضارب ، أو سرق مال عبده المختصّ لم يقطع.

ولو تجدّد ملكه قبل الإخراج من الحرز أو بعده قبل المرافقة لم يقطع ، ولو ملكه بعدها قطع.

ولو قال [ السارق ] : سرقت مالي لم يقطع ، وكذا لو قال : مال ولدي أو سيّدي وإن كذّباه.

ص: 509


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

الثالث : احترامه ، فلو سرق خمرا أو خنزيرا لم يقطع وإن كان من ذمّيّ مستتر ، نعم يغرم قيمته.

ويقطع المسلم بمال الذمّيّ دون الحربيّ ، ويقطع كلّ أحد بمال المسلم.

ولو سرق آلة اللّهو أو آنية محرّمة فإن بلغت قيمة الرضاض النصاب قطع وإلّا فلا ، ولو قصد الكسر لم يقطع.

الرابع : النصاب ،وهو ربع دينار ذهبا خالصا ، مضروبا بسكّة المعاملة ، أو ما قيمته ذلك ، وإن كان أصله مباحا حتّى الطين والرخام ، وكذا المصحف والموقوف ، فلو سرق ربعا من الذهب الإبريز (1) وقيمته أقلّ من الربع المضروب لم يقطع.

ولو سرق خاتما وزنه أقلّ من ربع وقيمته ربع قطع.

ولو سرق ما يظنّه أقلّ من النصاب وهو نصاب قطع.

ولو سرق ثوبا قيمته أقلّ وفيه نصاب لم يعلمه فلا قطع.

ويشترط انفصاله عمّا في الحرز ، فلو أخرج نصف الثوب من النقب وهو متّصل بالباقي ، وقيمته نصاب ، لم يقطع.

الخامس : أن يكون محرزا بغلق أو قفل أو دفن ، فلو سرق من الحمام ، أو المواضع المأذون في غشيانها كالمساجد لم يقطع وإن راعاه المالك ، وكذا لو سرق ستارة الكعبة ، أو النعم في الصحراء وإن أشرف عليها الرّاعي ، أو الثمرة

ص: 510


1- في مجمع البحرين : الإبريز : الذهب الخالص من الكرورات ، معرّب والهمزة والباء زائدتان.

على الشجر إلّا أن تكون محرزة ، أو من الجيب والكمّ الظاهرين ، ويقطع من الباطنين.

ويقطع سارق باب الحرز وإن كان مفتوحا ، وسارق الكفن وإن لم يكن نصابا ، ولو نبش ولم يأخذ عزّر ، ولو تكرّر وفات السلطان قتل ، ولو سرق من القبر غير الكفن لم يقطع.

ولو آجر الحرز أو أعاره ثمّ سرق منه قطع بخلاف المغصوب ، وكذا لو سرق منه غير المالك.

ورخّص عدم القطع فيمن سرق مأكولا في عام مجاعة.

السادس : إخراج النصاب من الحرز ، فلو أحدث فيه ما ينقص قيمته قبل إخراجه لم يقطع ، ولو ابتلعه ثمّ خرج به ، فإن تعذّر خروجه لم يقطع ، وإلّا قطع.

ولو هتك الحرز جماعة وأخذوا قطعوا إن بلغ نصيب كلّ واحد نصابا ، ولو بلغ نصيب واحد دون الآخر قطع الأوّل دون الثاني.

ولو اشتركا في النقب ثمّ قرّبه أحدهما وأخرجه الآخر قطع المخرج خاصّة.

ولو وضعه في وسط النقب وأخرجه الآخر لم يقطع أحدهما.

ولو أخرج المال ثمّ أعاده ففي القطع توقّف.

ولا يشترط الإخراج دفعة.

ص: 511

المبحث الثالث : في طريق ثبوته

ويثبت بشاهدين عدلين ، أو بالإقرار مرّتين من بالغ عاقل حرّ مختار.

ويثبت برجل وامرأتين أو بالإقرار مرّة الغرم خاصّة ، وكذا باليمين المردودة.

ولو أقرّ المحجور عليه لفلس أو سفه قطع ويتبع بالمال إذا زال الحجر.

ويجب في الشهادة التفصيل ولو رجع بعد الاقرار مرّتين لم يسقط شي ء ولو أكره على الإقرار فردّ المسروق بعينه قيل : يقطع. (1)

ولو أقر العبد فإن صدقه مولاه قطع وإلّا تبع بالمال.

ويستحبّ للحاكم التعريض بالإنكار.

ولو تاب قبل الثبوت سقط الحدّ دون الغرم ، ولو تاب بعد البيّنة وجبا ، وكذا قيل بعد الإقرار مرّتين. (2)

ص: 512


1- القائل هو الشيخ في النهاية : 718.
2- في « أ » : « وكذا قبل الإقرار مرّتين » وفي بعض النسخ : « وكذا قبله بعد الاقرار مرّتين » ولعلّ الصحيح ما في المتن. قال في القواعد : 3 / 565 : ولو تاب بعد الإقرار مرّتين - على رأي - أو رجع بعد المرّتين لم يسقط الحدّ ولا الغرم.

المبحث الرابع : في الحدّ

وهو قطع الأصابع الأربع من اليمين ، وتترك الراحة والإبهام ، ولو سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ، ويترك العقب ، ولو سرق ثالثا حبس دائما ، فإن سرق في الحبس قتل.

ولو تكرّرت السرقة من غير حدّ كفى الواحد.

ولو كان له إصبع زائدة متّصلة بإحدى الأربع قطع ثلاث.

ولو نقصت يده إصبعا أو أكثر اقتصر على قطع الباقي ، وتترك له الراحة والإبهام.

وتقطع اليمنى وإن كانت شلّاء أو كانت اليسار شلّاء ، أو كانتا شلّاوين ، وكذا لو لم يكن له يسار.

ولو ذهبت يمناه بعد السرقة لم يقطع اليسار ، وكذا لو سرق ولا يمين له ، وقيل : يقطع يساره (1) وقيل : رجله اليسرى. (2)

ولو فقد اليدين والرّجل قيل : يحبس (3).

ص: 513


1- ذهب إليه الشيخ في النهاية : 717 والعلّامة في القواعد : 3 / 566.
2- وهو خيرة الشيخ في المبسوط : 8 / 39.
3- لاحظ النهاية : 717.

ولو كان له كفّان قطعت أصابع الأصليّة ، ولو اشتبهت فتوقف.

ولو تعمّد الحدّاد أو قطع اليسار اقتصّ منه ، وقطعت اليمنى بالسرقة.

ولو ظنّها اليمنى فعليها الدّية ، وفي سقوط القطع نظر ، ولا يضمن سراية الحدّ وإن أقيم في حرّ أو برد.

ويستحبّ الحسم بالزيت المغلي وعليه مئونته.

المبحث الخامس : في الأحكام

يجب ردّ العين على المالك ومع التلف مثلها ، ولو تعذّر أو لم يكن له مثل ، فالقيمة ولو عابت ضمن الأرش ، ويضمن النقص والأجرة.

ولو فقد المالك فإلى وارثه ، ومع عدمه فإلى الإمام.

ولو شهدت البيّنة فقطع ، ثمّ شهدت بأخرى لم تقطع رجله على الأقوى ، سواء اتّحد المالك أو لا ، وسواء اتّحد الشهود (1) أو لا.

ولو سرق فلم يقدر عليه فسرق ثانيا أغرم المالين وقطع بالأولى.

ويقف القطع على المطالبة ، فلا يرفعه الإمام وإن علم ، أو قامت البيّنة أو أقرّ.

ص: 514


1- في « أ » : « اتّحد المشهود ».

ولو وهب المالك العين ، أو عفا عن القطع فإن كان قبل المرافعة سقط لا بعدها ، ولو كذب البيّنة لم يسقط القطع.

ولو ادّعى الملك أو الانتقال إليه سقط ، وكذا لو ادّعى انّه ملك شريكه في السرقة وإن أنكر الشريك.

ولو اختلف الشاهدان في العين ، أو الصّفة ، أو في الزمان أو في المكان ، سقط القطع.

ص: 515

الفصل السّابع : في حدّ المحارب

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل :

المحارب من جرّد سلاحا في برّ أو بحر ليلا أو نهارا في مصر وغيره لإخافة الناس ، سواء الذكر والأنثى ، قويّا أو ضعيفا ، من أهل الريبة (1) أو لا.

ولا يشترط السّلاح ، فلو أخاف بالحجر أو العصا فهو محارب ، ولا أخذ المال بل قصد الأخذ قهرا.

ولا حدّ على المستلب ، والمختلس ، والمحتال بالتزوير ، والرسائل ، والبنج ، والمرقد ، بل يعزّر ويعيد المال ، ويضمن جناية ذلك.

ص: 516


1- أي المتّهم بالإخلال في المجتمع ، وهذا ما يعبّر عنه في بعض الكتب بالأشقياء. وفي الدّر المنضود: 3 / 225 تقريراً لدروس السيّد الفقيه الگلپايگاني (قدس سره)«المراد من كونه من أهل الريبة: كونه بحيث يحتمل في حقّه ذلك بأن كان من قبل من أهل الشّر والفساد، في قبال من كان من الصلاح والسّداد على حال لا يحتمل في حقّه ذلك. وحيث إنّ المراد من المحارب هنا ليس كلّ من أتى بحرام وارتكب معصية، بل المراد كما تقدّم هو من حارب المسلمين فقد أُطلق عليه المحارب لله ورسوله تعظيماً للفعل، فمن قال باعتبار الريبة لعلّه يقول به باعتبار دخل ذلك في صدق عنوانه، وأنّه إذا كانت له سابقة في الشّرارة والفساد فإنّه يوجب كونه محارباً».

واللّص محارب ، فإن دخل دارا فلصاحبها دفعه فإن قتله اللّص ضمنه ، وإن قتل فهدر ، ويجوز الكفّ عنه إلّا أن يريد النفس ، فلا يجز الاستسلام ، ولو عجز عنه وجب الهرب مع التمكّن.

ويثبت بشهادة عدلين أو بالإقرار مرّة من أهله.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.

ولو شهد بعض اللصوص على بعض أو بعض المأخوذين لبعض لم تقبل ، ولو قالوا : عرضوا لنا أو أخذ هؤلاء قبل ، وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض وتغاير المشهود عليه.

المبحث الثاني : في الحدّ

ويتخيّر الإمام بين القتل والصّلب والقطع والنفي عن بلده.

وقال الشيخ (1) : يقتل قصاصا إن قتل ، ولو عفا الوليّ قتل حدّا ، ولو قتل ، وأخذ المال ، استعيد منه ، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثمّ يقتل ويصلب.

ولو أخذ المال خاصّة قطع مخالفا ، ونفي ، ولو جرح خاصّة اقتصّ منه ، ونفي ولو أشهر (2) السّلاح وأخاف خاصّة نفي.

وإذا قتل المحارب طلبا للمال ، قتل قودا مع التكافؤ وإلّا قتل حدّا ، وكذا لو

ص: 517


1- لاحظ النهاية : 720.
2- في « أ » : « اشتهر » ولعلّه مصحّف.

عفا الوليّ وإن لم يكن كفوا ، ولو قتل لا للمال فهو عامد أمره إلى الوليّ ، فلو عفا لم يقتل حدّا.

ولو جرح للمال اقتصّ الوليّ ، فإن عفا سقط قتله حدّا.

ويصلب المحارب حيّا عندنا ، ولا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيّام ، ثمّ ينزل ، ويغسّل ، ويكفّن ، ويصلّى عليه ، ويدفن ويصلب مقتولا عند الشيخ (1) فيؤمر قبل ذلك بالاغتسال والتكفين ، ثمّ لا يعادان بعد قتله.

وإذا قطع بدئ باليمنى ، وتحسم ، ثمّ تقطع رجله اليسرى ، وتحسم ، ولا يجب الحسم.

ولو فقد أحد العضوين قطع الآخر.

وإذا نفي كتب إلى بلد النفي بمنع معاملته ومؤاكلته ومجالسته إلى أن يتوب ، ويمنع من بلاد الحرب ، ويقاتلون حتّى يخرجوه.

ولو تاب قبل القدرة عليه سقط الحدّ ، دون المال والقصاص ، ولو تاب بعدها لم يسقط.

المبحث الثالث : في الدفاع

للإنسان أن يدفع عن نفسه وحريمه وماله ، ويجب الأسهل فالأسهل ، فيقتصر على الصياح ، ثمّ الضرب بالعصا ، ثمّ بالسلاح.

ودم المدفوع هدر ، والدّافع كالشهيد ، ويستوي الحرّ والعبد ، والمسلم والكافر.

ص: 518


1- النهاية : 720.

ولا يبدأه حتّى يتحقّق قصده إليه ، فلو أدبر كفّ عنه ، ولو عطّله مقبلا لم يدفّف عليه ، ولو قطع يده مقبلا ، لم يضمن الجرح ولا السراية ، فإن قطع الأخرى مدبرا ضمنها ، فإن سرت الأولى فالقصاص في اليد ، وإن سرت الثانية فالقصاص في النفس ، ولو سرتا اقتصّ في النصف بعد ردّ نصف الدّية.

ولو قطع يده مقبلا ، ورجله مدبرا ، ثمّ يده مقبلا ، وسرى الجميع ، أو قطع يده (1) مقبلا ثمّ رجله مدبرا ، وسرى الجميع ضمن نصف الدية فيهما ، أو يقتصّ منه بعد ردّ النصف.

ولمن وجد مع زوجته أو ولده أو مملوكته أو غلامه من ينال منهم دون الجماع أن يدفعه ، فإن أتى الدفع عليه فهدر.

ومن اطّلع على قوم فلهم زجره ، فإن أصرّ فرموه بحصاة أو عود فهدر ، ولو رموه من غير زجر ضمنوه.

ولو كان المطّلع رحما لنساء صاحب المنزل ، اقتصر على زجره ، فإن رماه ضمن جنايته إلّا أن تكون إحداهنّ مجرّدة.

ولو قتله في منزله وادّعى أنّه أراد نفسه أو ماله ، وأقام بيّنة أنّه دخل بسيف مشهر (2) مقبلا عليه سقط الضمان.

وللإنسان دفع الدابة الصّائلة عن نفسه ، ولا ضمان ، ولو انتزع يده من العاضّ فبدت أسنانه فهدر ، وله تخليص نفسه بالكم والجرح والقتل ، ولا يتخطّى إلى الأشقّ إلّا مع الحاجة ، فلو خالف ضمن.

ص: 519


1- في « أ » : يديه.
2- في « أ » : مشتهر.

ولو أدّب زوجته تأديبا مشروعا ، قيل : يضمن. (1)

ولو أدّب الأب أو الجدّ له الصّبيّ فمات ضمنا الدية في مالهما.

ولو قطع السّلعة بإذن صاحبها فمات فلا دية ، ولو قطعها من المولّى عليه ضمن الدّية ، وليّا كان أو أجنبيّا.

والزّحفان (2) العاديان ضامنان ، فلو صال أحدهما فقصد الآخر الدفع ، ضمن الأوّل ما يجنيه دون الثاني إن لم يتجاوز قدر الحاجة.

ولو تجارح اثنان وادّعى كلّ واحد الدفع حلفا وضمنا.

ولو أمره نائب الإمام بالصعود إلى نخلة أو بالنزول إلى بئر فمات ، فإن أكرهه ضمن الدّية في ماله ، ولو كان لمصلحة عامّة ففي بيت المال ، ولو لم يكرهه فلا ضمان ، وكذا لو أمره غيره ولم يكرهه.

ص: 520


1- القائل هو الشيخ في المبسوط : 8 / 66.
2- وفي جمهرة اللغة : 1 / 527 : « التقى الزحفان أي الجيشان ». وقد استعمله المصنّف في الفارسين وفي القواعد : 3 / 572 مكان : « الزحفان » : « الفارسان ».

الفصل الثامن : في حدّ المرتد

اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل :

المرتدّ من كفر بعد إسلام أصليّ أو مسبوق بكفر ، ويحصل بالفعل كالسجود للصّنم ، وإهانة المصحف ، وإمّا بترك الامتثال كترك السّجود لآدم ، وإمّا بالقول وهو اللفظ الدالّ على جحد ما علم ثبوته بالضرورة من دين النبي صلى اللّه عليه وآله أو ما نافاه ، سواء كان ذلك اعتقادا أو عنادا (1) أو استهزاء.

ويشترط فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فيؤدب الصبيّ بما يردعه ، وكذا المجنون ، ولو ارتدّ العاقل ثمّ جنّ قتل إن كان عن فطرة وإلّا فلا.

ولو أكره على كلمة الكفر لم يرتدّ ، ولو كذّب الشاهدين بالردّة لم يقبل ، ولو نقل الشاهد لفظه فصدّقه وقال : كنت مكرها قبل.

ولا يحكم بردّة الغافل والسكران والنائم والمغمى عليه ، ولو ادّعى عدم القصد قبل بغير يمين ، وكذا لو حكى قول الغير.

ويجوز التلفظ بكلمة الكفر للتقيّة ، ولو صلّى المرتدّ لم يحكم بإسلامه وإن كان في دار الحرب.

ويثبت بعدلين أو الإقرار مرّة من أهله ، ولا تقبل الشهادة إلّا مفصّلة.

ص: 521


1- في « أ » : « اعتيادا » ولعلّه مصحّف.

البحث الثاني : في حكمه

اشارة

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : المرتدّ عن فطرة وهو من ولد على الإسلام ، فالرجل يجب قتله (1) وتبين منه زوجته ، وتعتدّ عدّة الوفاة وإن لم يدخل بها ، وتنتقل أمواله إلى ورثته وإن لم يقتل ، وتقضى منه ديونه والحقوق الواجبة قبل الردّة لا ما يتجدّد فيها وإن جهل به معاملوه ، ولا ينفق عليه ، ولا يملك بشي ء من أسباب التملّك ، ولا يمضى شي ء من تصرّفاته ، ولا يستتاب ، ولو تاب لم تقبل توبته ظاهرا ، وتقبل باطنا بمعنى انّه يحكم بطهارته وصحّة عبادته ومعاملته ونكاحه ، ومع ذلك لا يبطل شي ء من أحكامه.

ويتولّى قتله الإمام ، فلو بادر غيره أخطأ ، ولا قود عليه ولا دية.

والمرأة تستتاب ، فإن لم تتب لم تقتل ، بل تحبس دائما ، وتضرب أوقات الصلاة حتّى تتوب أو تموت ، وكذا لو كانت عن غير فطرة.

المطلب الثاني : المرتدّ عن غير فطرة ، وهو من كفر بعد إسلام مسبوق بكفر ، وهذا يستتاب ثلاثة أيّام ، فإن تاب وإلّا قتل ، ولو قال حلّوا شبهتي لم ينظر ،

ص: 522


1- في « أ » : فالرجل يقتل.

وألزم التوبة في الحال ثمّ يجاب ، ولو ارتدّ ثلاثا قتل في الرابعة.

ولا تزول أملاكه عنه ، ويحجر الحاكم على أمواله ، فإن عاد دفعت إليه ، وإن لحق بدار الحرب حفظت ، ويباع ما في بيعه الغبطة كالحيوان ، ويقضى منها ديونه والحقوق الواجبة وإن تجددت في الردة ، وينفق عليه وعلى أقاربه حتّى يتوب أو يقتل ، ويقضى عنه نفقة القريب زمان ردّته ، وكذا ما يلزمه بالإتلاف حال الردّة.

ويملك بجميع أسباب التملك ، ولا يمضى شي ء من تصرّفاته ، فإن تاب نفذت إلّا العتق ، ويثبت الحجر عليه بالرّدة لا بحكم الحاكم ، وتعتدّ زوجته من حين الارتداد عدّة الطلاق ، فإن تاب فيها فهو على نكاحه وإلّا بانت منه من غير طلاق.

ولو مات أو قتل قضيت ديونه والحقوق الواجبة ، دون نفقة الأقارب ، ويرثه المسلم ، فإن لم يكن فالإمام.

ويضمن المرتدّ مطلقا ما يتلفه على المسلم في الدارين في حال الحرب وبعدها ، وكذا الحربي ، ولو قتل المرتدّ مسلما قتل قودا ، فإن عفا الوليّ قتل حدّا ، ولو كان خطأ فالدية في ماله مخفّفة مؤجّلة ، ويحلّ بالموت أو القتل.

ولو تاب فقتله الجاهل بها ففي القصاص توقّف.

ولا يصحّ أن يتزوّج المرتدّ مطلقا لا بالمسلمة ولا بالكافرة ، وليس له أن يزوّج أولاده ولا مماليكه.

وولده بحكم المسلم ، فإن بلغ مسلما فلا بحث ، وإلّا استتيب ، فإن

ص: 523

امتنع قتل ، ولو قتله قاتل قبل وصفه الكفر قتل به ، سواء قتله قبل بلوغه أو بعده.

ولو ولد بعد الردّة ، وأمّه مسلمة فحكمه كالأوّل.

ولو حملت به المرتدّة بعد ارتدادهما فهو بحكمهما (1) لا يقتل المسلم به ، وفي استرقاقه توقّف ، فإن اختار بعد البلوغ الكفر استتيب ، فإن امتنع قتل.

تتمّة

كلمة الإسلام : أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه.

ويشترط أن يقول : وأبرأ من كلّ دين غير الإسلام ، ولو أقرّ باللّه والنبيّ وجحد وجوده أو عموم نبوّته أضاف إلى الشهادتين ما يدلّ على اعتقاد ذلك. (2)

ص: 524


1- في « أ » : بعد ارتدادها فهو بحكمها.
2- في القواعد : 3 / 575 : فيقول من جحد عموم النبوّة : أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه إلى الخلق أجمعين.

كتاب القصاص

اشارة

ص: 525

ص: 526

مقدّمة

الجناية إمّا عمد محض ، وهو أن يتعمّد الجاني الفعل ويقصد القتل ، وإمّا شبيه عمد ، وهو أن يتعمّد الفعل ويخطئ في قصده ، مثل أن يضرب للتأديب فيموت ، وإمّا خطأ محض ، وهو أن يخطئ فيهما ، مثل أن يقصد صيدا فيصيب إنسانا.

والمراد هنا الأوّل ، وهو قسمان :

[ القسم ] الأوّل : في قصاص النّفس

اشارة

[ القسم ] الأوّل : في قصاص النّفس (1)

وفيه مقاصد :

[ المقصد ] الأوّل : في الموجب

اشارة

وهو إزهاق النفس المعصومة المكافئة عمدا عدوانا ، ويتحقّق بقصد القتل بما يقتل غالبا أو نادرا ، أو يقصد الفعل الّذي يقتل غالبا وإن لم يقصد القتل ، أمّا لو

ص: 527


1- وسيوافيك القسم الثاني في صفحة 558 تحت عنوان « في قصاص الطرف ».

قصد الفعل الذي لا يقتل غالبا ولم يقصد القتل فاتّفق كالضرب بالحصاة أو العود الخفيف فالأقوى أنّه يوجب الدّية دون القود.

ثمّ الموجب إمّا مباشرة ، كالذبح والخنق والضرب بالسّيف والسكين والنشاب وغير ذلك ممّا يخرج من الحديد وغيره ، حتّى لو غرزه بإبرة في مقتل ، أو جرحه جرحا يسيرا فيبقى منه ضمنا (1) حتّى مات أو ورم أو تآكل بسببه فمات ، وكذا لو ضربه بالمثقل أو بالحجر الغامر أو بالعصا مكرّرا بما لا يحتمله مثله بالنسبة إلى زمانه ومكانه وبدنه (2) حتّى يموت ، أو يعقبه مرضا فيموت ، أو يلكزه بها في مقتل ، أو كان ضعيفا بمرض أو صغر ، أو داس بطنه ، أو عصر خصيته (3) فمات ، أو أرسله منقطع النفس ، أو ضمنا فمات.

وإمّا بسبب ، وهو أنواع :

[ النوع ] الأوّل : انفراد الجاني به ، وله صور :

الأولى : الخنق بالحبل أو بوضع شي ء على فيه وأنفه فيموت ، أو يصير ضمنا حتّى يموت ، ولو حبس نفسه زمانا لا يقتل مثله غالبا ثمّ أرسله فمات ، فإن قصد القتل ، أو كان ضعيفا فالقصاص ، وإلّا فالدّية ، وكذا لو اشتبه القصد.

الثانية : أن يرميه بالسّهم أو بحجر المنجنيق فيقتله.

الثالثة : أن يحبسه ويمنعه الطعام أو الشراب مدّة لا يحتملها مثله فيموت ، أو يعقبه مرضا فيموت.

ص: 528


1- الضّمن : الزّمن ، أو المريض المصاب بعاهة أو علّة. المعجم الوسيط مادة « ضمن ».
2- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : بالنسبة إلى زمانه أو بدنه.
3- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : خصيتيه.

الرابعة : طرحه في الماء أو النّار ولا يقدر على الخروج ، ولو علم أنّه ترك الخروج تخاذلا فلا قود ولا دية ، ولو لم يعلم فالقصاص وإن قدر على الخروج ، لأنّه قد يدهش.

أمّا لو جرحه فترك المداواة فسرت ، وجب القصاص ، ولو فصده فلم يشدّه فلا قصاص ، والفرق أنّ عدم الموت بالترك في الأوّل غير مقطوع به ، بخلاف الثاني.

الخامسة : سقى السّم أو شيئا قاتلا فيموت ، ولو قتل كثيره فأطعمه الكثير فهو عمد ، وإن أطعمه القليل فمات به ، فإن قصد القتل فهو عمد وإلّا فلا ، ويتفاوت بتفاوت الأمزجة.

السادسة : أن يقع على غيره من علوّ فيموت ، فإن قصد القتل قيد به ، سواء قتل مثله غالبا أو نادرا ، ولو لم يقصده في النادر فهو شبيه عمد.

ولو أوقعه غيره وقصد قتل الأسفل قيد به وبالواقع إن كان الوقوع ممّا يقتل ، ولو لم يقصده ضمن ديته وقتل بالواقع. (1)

السابعة : أن يقتله بالسحر ، لأنّ له حقيقة.

النوع الثاني : أن ينضمّ إليه مباشرة المجنيّ عليه ، فلو قدّم له طعاما مسموما وكان عالما مميّزا فلا قصاص ولا دية ، ولو كان جاهلا فالقود ، ولو قصد قتل غير الآكل ضمن دية الآكل.

ولو جعل السمّ في طعام صاحب المنزل فأكله جاهلا فمات فعليه القود.

ص: 529


1- في « أ » : وقيد بالواقع.

ولو جعل السّم في طعام نفسه فأكله إنسان لم يضمنه ، سواء دخل بإذنه أو لا إذا لم يقدّمه إليه ، ولو قدمه قيد به.

ولو كان السمّ ممّا لا يقتل غالبا فقتل فهو شبيه عمد.

ولو جرحه فداوى جرحه بدواء سمّيّ فمات ، فإن كان مجهزا فعلى الجارح قصاص الجرح خاصّة ، وإلّا قيد به بعد ردّ نصف الدّية ، سواء غلبت السلامة أو التلف ، وكذا لو خاط الجرح في لحم حيّة (1) فمات منهما ولو حفر بئرا بعيدة ودعا غيره جاهلا بها فوقع فمات فعليه القصاص وكذا لو حفر بئرا وغطّى رأسها ودعا غيره فوقع فيها فمات.

النوع الثالث : أن ينضمّ إليه مباشرة حيوان ، فلو ألقاه إلى البحر فالتقمه الحوت قبل وصوله قيد به ، وكذا لو التقمه بعد الوصول على الأقوى.

ولو ألقاه إلى السّبع فافترسه فعليه القود إن لم يتمكّن من الفرار ، ولو ألقاه مكتوفا في مسبعة فاتّفق الافتراس فعليه الدّية ، وكذا لو لم يعهد بالسباع.

ولو أغرى كلبا عقورا فقتله فعليه القود ، وكذا لو أنهشه حيّة قاتلا (2) فمات ، أو طرحها عليه فقتلته.

ولو جرحه ثمّ عضّه الأسد ، أو نهشته حيّة فسرتا فعليه القود بعد ردّ نصف الدية.

ومثله لو شاركه أبوه أو اشترك عبد وحرّ في قتل عبد.

ص: 530


1- بعبارة أخرى : خاط جرحه فصادف اللحم الحيّة.
2- في المسالك : 15 / 82 : المراد بكونه أنهشه الحيّة أنّه قبضها وأنهشها ببدنه. وعلى هذا يكون المراد من « قاتلا » أي أنهشه بنية القتل وفي بعض النسخ : « قاتلة » فتكون صفة الحية.

النوع الرابع : أن ينضمّ إليه مباشرة إنسان ، فلو حفر بئرا فدفع آخر ثالثا ، فالقود على الدافع.

ولو ألقاه من شاهق فاعترضه آخر فقدّه بنصفين ، فالقصاص على المعترض.

ولو أمسك واحد وقتل آخر ، فالقود على القاتل ، ويحبس الممسك أبدا ، ولو نظر لهما ثالث فسملت عيناه.

ولا يتحقّق الإكراه في القتل بل في غيره ، فلو أكرهه على قطع يد أو جرح فالقصاص على الآمر ، وكذا لو أكرهه على قطع يد أحد هذين (1) فاختار واحدا.

ولو أكرهه على القتل فالقود على المباشر ، ويحبس الآمر أبدا ، هذا إذا كان المقهور بالغا عاقلا ، ولو كان طفلا غير مميّز أو مجنونا فالقود على الآمر ، ولو كان مميّزا حرّا فلا قود ، والدية على عاقلته ، وإن كان مملوكا تعلّقت الدية برقبته.

ولو أكرهه على صعود شجرة فزلق فمات ، فعليه الدّية.

ولو قال : اقتلني وإلّا قتلتك ، لم يسغ قتله ، فلو قتله ففي القود توقّف.

ولو قال للميّز : اقتل نفسك ، فلا شي ء على الملزم إذ لا يتحقّق إكراه العاقل على قتل نفسه ، ولو كان غير مميّز فعلى الملزم القود.

ولو أمره من يخاف ضرره إذا خالفه لم يعذر ، فيقتصّ منه ، ولو أمر السيّد عبده فالقصاص على العبد.

ويباح بالإكراه غير القتل ، كالزنا ، وشرب الخمر ، والإفطار ، حتّى كلمة الشرك ، وأخذ مال الغير.

ص: 531


1- في « ب » و « ج » : على قطع يد أحدهما.

ولو شهد اثنان بما يوجب قتلا كالقصاص ، أو شهد أربعة بالزنا فقتل ، ثمّ ثبت التزوير بعد الاستيفاء ، فالقود على الشهود ، ولا ضمان على الحاكم والحدّاد.

ولو علم الوليّ تزوير هم وباشر فعليه القود دون الشهود ، ولو لم يباشر فالقود على الشهود وإن أذن فيه الوليّ.

تنبيه

إذا اجتمع السبب والمباشر ، فقد يغلب السبب المباشر كقتل الحدّاد بشهود الزّور ، فالقصاص على ذي السبب ، وكذا لو ألقاه في البحر فالتقمه الحوت.

وقد تغلب المباشرة ، كما لو ألقاه من شاهق فاعترضه آخر بالسّيف فقتله ، فالقصاص على المباشر ، وكذا لو تكافئا كالإكراه.

النوع الخامس : أن ينضمّ إلى السبب مثله ، فالضمان على ذي السّابق ، فلو وضع حجرا في الطريق ، وحفر فيه آخر بئرا ، فعثر إنسان بالحجر فوقع في البئر فمات ، فالضمان على واضع الحجر ولو تعدّى أحدهما اختصّ بالضمان.

ولو نصب سكّينا في بئر محفورة في الطريق ، فوقع فيها إنسان فمات بالسكين ، فالضمان على الحافر.

النوع السادس : أن تنضمّ المباشرة إلى مثلها ، فلو جرحه فبقيت حياته غير مستقرّة ، ثمّ قتله آخر ، فالقود على الأوّل ، وعلى الثاني دية الميّت ، ولو كانت مستقرّة فالقود على الثاني ، وعلى الأوّل قصاص الجناية ، سواء قضى الجرح بالموت ، كشقّ الجوف أو لا كقطع الإصبع.

ص: 532

ولو قطع واحد يده وآخر رجله فاندملت إحداهما ثمّ مات ، فالمندمل جارح والآخر قاتل فيقتصّ منه بعد ردّ دية الجرح المندمل ، ولو مات بهما فهما قاتلان.

ولو ادّعى أحدهما اندمال جرحه وصدّقه الوليّ لم يقبل في حقّ الآخر ، لأنّه متّهم لجواز أن يريد أخذ دية الجرح من الجارح والدية من الآخر ، ولأنّ المنكر مدّعي الأصل.

ولو قطع يده من الكوع ، وآخر من المرفق ، فمات بالسراية قتلا به ، لعدم انقطاع سراية الأوّل بشياع ألمه قبل الثاني ، ولو قتله الثاني قتل به ، لانقطاع السراية بالتعجيل ، وعلى الأوّل ضمان القطع.

ولو اتّحد الجاني دخلت دية الطرف في دية النفس إجماعا ، ويدخل قصاص الطرف في قصاص النفس إن اتّحدت الضربة ، ولو فرّق لم يدخل.

ولو قطع يده فسرت إلى النفس فالقصاص في النفس لا في الطرف.

ولو اشترك اثنان فصاعدا في قتل إنسان ، فللوليّ قتلهم بعد ردّ ما فضل عن دية المقتول ، فيأخذ كلّ واحد الفاضل من ديته عن جنايته ، وله قتل واحد ويردّ الباقون دية جنايتهم عليه ، وله قتل أكثر ويردّ الباقون جنايتهم على المقتولين ، وعلى الوليّ ما بقي.

وتتحقّق الشركة بأن يفعل كلّ واحد منهم ما يقتل لو انفرد ، أو ما يكون له شركة في السراية.

ولا يشترط التساوي في الجناية ، فلو جرحه جرحا واحدا وآخر مائة ، ثمّ سرى الجميع فهما سواء في القود والدية.

ص: 533

ولو قطع جماعة طرفا اقتصّ منهم بعد ردّ ما يفضل لكلّ واحد منهم عن جنايته ، وله أن يقتصّ من واحد ويردّ الباقون دية جنايتهم.

وتتحقّق الشركة بالاشتراك في الفعل الواحد ، فلو وضع ثلاثة آلة على يد إنسان واعتمدوا عليها حتّى قطعت تحقّقت الشركة ، ولو قطع كلّ واحد ثلثا [ من يده ] لم تتحقّق ، وكان على كلّ واحد قدر جنايته ، وكذا لو وضع أحد آلته فوق يده والآخر تحتها واعتمدا حتى التقتا.

المقصد الثاني : في شرائطه

اشارة

وهي خمسة :

[ الشرط ] الأوّل : التساوي في الحرّية أو الرقّيّة
اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في جناية الأحرار على مثلهم

يقتل الحرّ بالحرّ وبالحرّة بعد ردّ نصف الدية ، والحرّة بالحرّة وبالحرّ ولا ردّ.

والمرأة تساوي الرّجل قصاصا ودية حتّى تبلغ ثلث دية الحرّ ، ثمّ تصير على النّصف ، فيقتصّ لها منه بعد ردّ التفاوت.

ص: 534

ولو قتل حرّ حرّين فليس للأولياء إلّا قتله ، ولو قتله أحدهم استوفى الحقّ وأخطأ ، ولا يؤخذ من التركة شي ء.

ولو قتل حرّ وحرّة حرّة فللوليّ قتلهما ، ويردّ على المرأة ربع الدية ، وعلى الرّجل ثلاثة أرباع.

وله قتل المرأة ، ويردّ الرّجل الربع.

وله قتل الرجل ، وتردّ المرأة الربع والوليّ النصف.

ولو قتل حرّ وحرّة حرّا فللوليّ قتلهما ، ويردّ على الرّجل نصف الدية.

وله قتل الرّجل ، وتردّ المرأة على وليّه ديتها.

وله قتل المرأة ، ويأخذ من الرجل نصف ديته.

ولو قتل رجلان امرأة ، فلوليّها قتلهما بعد ردّ دية ونصف.

ولو قتلت امرأتان رجلا قتلتا به ، ولا ردّ ، وللوليّ قتل إحداهما ، ويأخذ من الأخرى ديتها.

ويجب تقديم الردّ على الاستيفاء في كلّ موضع يثبت.

ولو قطع يمين رجل ويمين آخر ، قطعت يمينه بالأوّل ويساره بالثاني ، ولو قطع يد ثالث قطعت رجله ، وكذا بالرابع.

ولو لم يكن له يد ولا رجل فعليه الدّية.

ص: 535

الفصل الثاني : في جناية المماليك على مثلهم

يقتل العبد بالعبد وبالأمة ، والأمة بالأمة وبالعبد إن كانا لمالك واختار القصاص ، وكذا لو كانا لمالكين تساويا في القيمة أو تفاوتا ولا ردّ ، ولو طلب الدية تعلّقت برقبة الجاني ، فإن تساوت القيمتان أو نقصت قيمة القاتل ، كان لمولى المقتول استرقاقه ، وإن زادت استرقّ منه بقدر قيمة عبده.

ولا يضمن مولى القاتل شيئا ، نعم لو تراضيا بالمفاداة فداه بأقلّ الأمرين من قيمة القاتل وأرش الجناية.

ولو كان القتل خطأ تخيّر مولى القاتل بين فكّه بقيمته ، وبين دفعه [ إلى مولى المقتول ] وله منه ما يفضل عن قيمة المقتول ، وليس عليه ما يعوز.

والمدبّر كالقنّ فيقتل بالعبد في العمد وإن زادت قيمته ، ولمولى العبد استرقاقه إن لم تزد قيمته ، ولو زادت استرقّ منه بقدر قيمة عبده ، والباقي مدبّر ، ولمولاه مفاداته بالأقلّ من قيمته وأرش الجناية ، ويقوّم مدبّرا ، فإن فكّه فالتدبير باق.

والمكاتب المشروط وغير المؤدّي كالقنّ ، ولو أدى البعض لم يقتل بالقنّ ولا بالمدبّر ولا بالمشروط ولا بالأقلّ حريّة ، ويقتل بمثله وبالأكثر حريّة.

ولو قتل عبدا سعى في نصيب الحريّة ، ويسترقّ باقيه ، أو يباع في نصيب الرقّ ، وتبطل الكتابة بذلك.

وفي الخطأ على الإمام بقدر ما فيه من الحريّة ، ويتعلّق برقبته من

ص: 536

الدية بقدر الرقيّة ، ويتخيّر مولاه بين فكّ نصيب الرقيّة ، وبين تسليمه ليقاصّ به.

ولو قتل عبد عبدين لمالكين ، واختارا القود ، اشتركا في قتله ، إلّا أن يختار الأوّل استرقاقه قبل الجناية الثانية ، فيكون للثاني خاصّة.

ولو قتل عبدان عبدا فلمولاه قتلهما ، ولا شي ء عليه إن لم تزد قيمة أحدهما عن جنايته ، ولو فضل لهما أو لأحدهما ردّ على مولاه الفاضل ، ولا يجبر نقص أحدهما بفضل الآخر إلّا أن يكونا لمالك.

ولو نقصت قيمتهما عن قيمة المقتول فلا شي ء لمولاه.

وله قتل أحدهما ، فإن زادت قيمته عن جنايته ردّ الزيادة ، ويأخذ من مولى العبد الآخر نصف قيمة عبده ، أو يسترقّه إن ساوت قيمته جنايته ، وإلّا ما قابل جنايته.

الفصل الثالث : في جناية الأحرار والمماليك
اشارة

لا يقتل حرّ بعبد ولا بأمة ، بل يغرم القيمة يوم القتل ، ولا يتجاوز بها دية الحرّ وإن كان لامرأة ، ولا بقيمة الأمة دية الحرّة وإن كانت لرجل.

ولو كان ذمّيّا لذميّ لم تتجاوز بقيمة الذكر دية الذميّ ، ولا بالأنثى دية الذميّة.

ولو اختلف الجاني والمولى في قيمته قدّم قول الجاني مع اليمين.

ولو اعتاد الحرّ قتل العبيد قتل حسما للجرأة ، ولا ردّ.

ص: 537

ولو قتل المولى عبده عزّر وكفّر ، قيل : ويتصدّق بقيمته. (1) ولو اعتاد ذلك قيد به.

ولو قتل العبد مولاه فللمولى قتله والعفو ، وكذا لو قتل أحد عبديه الآخر.

ولو قتل العبد حرّا لم يضمنه المولى ، وللوليّ قتله أو استرقاقه ، وليس لمولاه فكّه إلّا برضى الوليّ.

ولو جرح حرّا فله القصاص ، ولو طلب الدية تعلّقت برقبته ، وله استرقاقه إن أحاطت به الجناية وإلّا بقدرها ، وليس له قتله وإن ساوت الجناية قيمته.

وللمولى فكّه بالأرش أو بالأقلّ إذا طلب المجروح الأرش ، وإن طلب القصاص لم يكن له فكّه قهرا.

ولو امتنع من فكّه فللمجروح بيعه إن أحاطت الجناية برقبته ، وإلّا باع ما ساواها.

والمدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق غير المؤدّي كالقنّ ، ولو أدّى البعض فللحرّ القصاص منه في النفس والطرف دون العكس ، وللوليّ استرقاق نصيب الرقية.

ولو قتل العبد حرّين على التعاقب ، فإن استرقّه الأوّل فهو للثاني ، وإلّا اشتركا فيه.

ولو قتل العبد والحرّ حرّا فللوليّ قتلهما ، ويردّ على الحرّ نصف ديته ، وعلى مولى العبد الزائد من قيمته عن جنايته ، ولو تجاوزت قيمته دية الحرّ ردّ إليها.

ص: 538


1- ذهب إليه الشيخ في النهاية : 752 - كتاب الديات باب القود بين الرجال والنساء ....

وله قتل الحرّة ، ويردّ مولى العبد إلى أولياء الحرّ نصف دية الحرّ ، أو يدفع إليهم العبد ليسترقّوه ، ويأخذ من الحرّ نصف ديته.

ولو قتل العبد والحرّة حرّا ، فللوليّ قتلهما ، ولا ردّ على المرأة ، ولو زادت قيمة العبد عن جنايته ردّ الزائد على مولاه ما لم يتجاوز دية الحرّ.

وله قتل المرأة واسترقاق العبد إن ساوت قيمته نصف الدية ، أو نقصت والاسترقاق بقدره.

وله قتل العبد فإن ساوت قيمته جنايته أو نقصت أخذ المولى من المرأة دية جنايتها ، وإن زادت ردّت المرأة الزيادة ما لم تتجاوز دية الحرّ ، ولو فضل كان للوليّ.

ولا يقتل الحرّ الذميّ بالعبد المسلم وإن التحق بدار الحرب واسترقّ ، بل يجب عليه قيمته لمولاه ، ويقتل حدّا ، لأنّه نقض العهد.

ولا يقتل العبد المسلم بالذّميّ ، بل لوارثه المطالبة بديته ، فإن دفعها المولى ، وإلّا استرقّوا العبد إن كانوا مسلمين ، وإلّا بيع على المسلمين.

تتمة

إذا قتل العبد حرّا عمدا فأعتقه مولاه لم يصحّ ، وكذا لو باعه أو وهبه ، ولو كان خطأ صحّ إن ضمن الدّية.

ولو جنى الحرّ على المملوك فسرت إلى نفسه ، فلمولاه كمال قيمته ، ولو تحرّر ثمّ سرت فلا قصاص ، ولمولاه أقلّ الأمرين من دية الجناية (1) والدية عند

ص: 539


1- في « أ » : من قيمة الجناية.

السراية ، لأنّ القيمة إن زادت لم تملك الزيادة ، لأنّها بسبب الحرّية ، وإن نقصت لم يلزم الجاني النقيصة ، لأنّ دية الطرف تدخل في دية النفس.

فلو قطع يده وقيمته ألف ، فعليه النصف ، فلو تحرّر ثمّ قطع آخر يده ، وثالث رجله ، وسرى الجميع ، سقطت دية الطرف ، ووجبت دية النفس ، فيلزم الأوّل ثلث الألف للمولى ، وعلى الآخرين الثلثان للورثة.

ولو قطع حرّ يده ثمّ أعتق فسرت فلا قود ، وعليه دية الحرّ المسلم ، لسيّده نصف قيمته وقت الجناية ، ولورثته الباقي.

ولو قطع آخر رجله بعد العتق ، وسرى الجرحان ، فلا قصاص على الأوّل في النفس لا في الطرف ، وعليه نصف دية الحرّ ، وعلى الثاني القود بعد ردّ نصف ديته إليه.

ولو قطع يده فأعتق ، ثمّ قطع رجله ، فعلى الجاني نصف قيمته وقت الجناية لمولاه ، وعليه القصاص في الجناية حال الحريّة ، فإن اقتصّ المعتق جاز ، وإن طلب الدية أخذ نصفها ، ويختصّ بها دون مولاه.

ولو سرتا فلا قصاص في الأوّل ، وللوليّ (1) القود بعد ردّ ما يستحقه السّيّد ، وله القصاص في الرّجل ، ويأخذ السيّد نصف قيمة العبد وقت الجناية ، وإن فضل شي ء من دية اليد فهو للوارث ، فيحصل له قصاص الرّجل والفاضل من دية العبد.

ص: 540


1- في « ب » و « ج » : وللمولى.
الشرط الثاني : التساوي في الدّين

لا يقتل مسلم بكافر حربيّ ولا غيره ، ذمّيّا كان أو معاهدا أو مستأمنا بل يعزّر ويغرم دية الذّمي ، ولو اعتاد قتل الذميّ قيل : يقتصّ منه بعد ردّ الفاضل (1).

ويقتل الذمّيّ بمثله وبالذميّة بعد ردّ فاضل ديته ، والذميّة بمثلها وبالذميّ ولا ردّ.

ويقتل الذميّ بالمستأمن وبالعكس ، والمستأمن بمثله ، والحربيّ بالذميّ والمرتدّ بمثله مطلقا والذمي بالمرتد وبالعكس على توقّف إلّا أن يتوب فيلزمه دية الذمي.

ولا يقتل ذمّيّ ولا ذو عهد بحربيّ.

ولو قتل الذّميّ مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، ويتخيّرون بين قتله واسترقاقه ، ولا يسترقّ أولاده الصغار.

ولو أسلم قبل الاسترقاق فلهم قتله دون استرقاقه.

ويقتل ولد الرشدة بولد الزنية.

ويشترط التكافؤ حال الجناية ، فلو قتل مسلم ذميّا ثمّ ارتدّ فلا قود ، وعليه دية الذمّيّ ، وكذا لو جرحه ثمّ ارتدّ وسرت.

ص: 541


1- القائل هو الشيخ في النهاية : 749.

ولو قطع مسلم يد ذمّيّ عمدا فأسلم ثمّ سرت ، أو قطع حرّ يد عبد فأعتق ثمّ سرت ، أو صبيّ يد بالغ ثمّ بلغ وسرت ، فلا قصاص في نفس ولا طرف ، لعدم التكافؤ وقت الجناية ، ويضمن دية مسلم ، لأنّ الجناية وقعت مضمونة ، فيعتبر أرشها حال (1) استقرارها.

ولو قطع مسلم يد حربيّ أو مرتدّ فأسلم ثمّ سرت ، فلا قصاص ولا دية ، لأنّها غير مضمونة ، فلا يضمن سرايتها.

ولو رمى حربيّا أو مرتدا أو ذمّيا بسهم فأصابه مسلما (2) فمات فلا قود وعليه الدية وكذا لو رمى عبدا فأصابه معتقا فمات.

ولو قطع مسلم يد مسلم فارتدّ ثمّ سرت ، فلا قصاص في النفس بل في اليد ، ويستوفيه وليّه المسلم ، ومع عدمه الإمام.

ولو عاد إلى الإسلام قبل حصول سرايته اقتصّ في النفس ، ولو عاد بعد حصولها ثمّ مات ، فالأقوى الدّية ، وكذا لو كانت خطأ.

الشرط الثالث : انتفاء الأبوّة

فلا يقتل الأب وإن علا بالولد وإن نزل ، وعليه التعزير والكفّارة والدية ، ويقتل الولد بأبيه ، والأمّ بولدها ، وكذا الأجداد والجدّات من قبلها وجميع الأقارب به.

ص: 542


1- في « أ » : حالة.
2- أي أصابه حال كونه مسلما أو معتقا.

ولو قتل زوجته أو قذفها ولا وارث لها إلّا ولده فلا قصاص ولا حدّ ، ولو كان لها ولد من غيره فله القصاص بعد ردّ نصيب الولد من الدية ، ويستوفى الحدّ كملا.

ولو ادّعى المجهول اثنان فقتله أحدهما أو هما قبل القرعة ، فلا قود.

ولو قتلاه بعد رجوع أحدهما فالقصاص على الراجع بعد ردّ نصف الدية ، وعلى الآخر نصف الدية ، وعلى كلّ واحد كفّارة.

ولو قتله الراجع قيد به.

ولو تداعى اثنان المولود على فراشهما كالأمة أو الموطوءة بالشبهة في طهر واحد ثمّ قتلاه قبل القرعة لم يقتلا ، ولو رجع أحدهما ثمّ قتلاه لم يقتل الرّاجع ، لأنّ البنوّة هنا مستندة إلى الفراش لا إلى مجرّد الدّعوى.

الشرط الرابع : التكليف

فلا قصاص على المجنون والصّبي وإن بلغ عشرا ، سواء كان المقتول كاملا أو لا ، بل تجب الدية على عاقلتهما.

أمّا لو قتل العاقل مثله ثمّ جنّ لم يسقط القود.

ويقتل البالغ بالصبيّ لا بالمجنون ، بل تجب الدية إلى أن يقصد الدفع.

ولو ادّعى الوليّ الكمال وقت الجناية والجاني عدمه قدّم قول الجاني مع يمينه ، وتثبت الدية في ماله.

ولا قود على النائم ، والدية على عاقلته والأعمى كالمبصر.

ص: 543

الشرط الخامس : كون المقتول محقون الدم

فلا يقتل الحربيّ بالحربيّ ، ولا المسلم بمن أباح الشرع قتله ، ولا دية أيضا ، وكذا من هلك بسراية الحدّ أو القصاص أو التعزير.

ولو قتل من وجب عليه القصاص غير مستحقّ اقتصّ منه.

المقصد الثالث : في دعوى القتل ، وما يثبت به

اشارة

أمّا الأوّل ، فشروطه ستة :

الأوّل : تكليف المدّعي ورشده حالة الدعوى ، فلو كان عند الجناية حملا سمعت ، ولا تسمع من الصبيّ والمجنون.

الثاني : استحقاقه حالة الدعوى ،وإن كان أجنبيّا وقت الجناية.

الثالث : تعيين المدّعى عليه ، فلو ادّعى على جماعة مجهولين لم تسمع.

ولو قال : قتله أحد هؤلاء العشرة ، ولا أعرف عينه ، سمعت وله إحلافهم ، ولو أقام بيّنة سمعت لإثبات اللوث لو عيّن الوليّ أحدهم.

الرابع : إمكان المباشرة ، فلو ادّعى على غائب أو جماعة يتعذّر اجتماعهم على قتل الواحد ، كأهل البلد لم تسمع ، ولو رجع إلى الممكن سمعت.

ص: 544

ولو ادّعى انّه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم سمعت ، ولا قود ولا دية ، بل يحكم بالصلح.

الخامس : تحرير الدّعوى ، فيذكر نوع القتل والانفراد أو الاشتراك ، فلو أطلق سمعت ، واستفصله الحاكم ، وليس ذلك تلقينا بل تحقيقا للدّعوى ، ولو لم يبيّن طرحت ولم تسمع البينة.

السادس : عدم التناقض ، فلو ادّعى انّه قتل منفردا ، ثمّ ادّعى على الآخر لم تسمع [ الدعوى ] الثانية ، [ سواء ] برّا الأوّل أو شرّكه ، ولو صدّقه الثاني جازت مؤاخذته.

ولو ادّعى العمد وفسّره بالخطإ أو بالعكس ، لم تبطل أصل الدّعوى ، وعمل بالتفسير.

وأمّا الثاني ، فالإقرار ، أو البيّنة ، أو القسامة.

فهنا مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] الإقرار

وتكفي المرّة ، ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا ينفذ إقرار الصبيّ والمجنون والمكره والمملوك والساهي والنائم والسكران والمغمى عليه.

ولو أقرّ المحجور عليه لسفه أو فلس بالعمد اقتصّ منه ، ولو أقرّ بالخطإ ثبت ، ولم يشارك المقر له الغرماء.

ص: 545

ويستوي القنّ والمدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق وإن أدّى البعض ، ولو صدّقه مولاه نفذ إلّا أن يكون مرهونا إلّا أن يصدّقه المرتهن.

ولو أقرّ واحد بالقتل عمدا وآخر خطأ تخيّر الوليّ في تصديق أحدهما ، ولا سبيل له على الآخر.

ولو أقرّ بالعمد ، فأقرّ آخر انّه القاتل ، ورجع الأوّل ، درئ عنهما القصاص والدية وودي المقتول من بيت المال. (1)

المبحث الثاني : [ في ] البيّنة

وشروطها أربعة :

الأوّل : العدد ،ولا يثبت موجب القصاص إلّا بشاهدين وإن عفا على مال.

ويثبت موجب الدية كقتل الخطأ والمأمومة بهما ، وبشاهد وامرأتين ، وبشاهد ويمين.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات مطلقا ، ولو شهد رجل وامرأتان بهاشمة مسبوقة بإيضاح لم يثبت الهشم ، كما لا يثبت الإيضاح.

ولو شهدوا انّه رمى زيدا فمرق [ السهم ] فأصاب عمرا ثبت الخطأ.

الثاني : تجرّد الشهادة عن الاحتمال ، مثل ضربه بالسّيف فقتله ، أو فمات ، أو فأنهر دمه فمات في الحال ، أو فلم يزل مريضا حتّى مات ، وإن طالت المدّة.

ولو شهدت بأنّه جرح أو جرى الدم لم يقبل حتّى يشهد بالقتل.

ص: 546


1- وردت به رواية ، لاحظ الوسائل : 19 / 107 ، الباب 4 من أبواب دعوى القتل و ... ، الحديث 1.

ولو شهدت بأنّه قتله بالسّحر لم تقبل إلّا أن يشهد على إقرار ، وكذا يشترط في الجراح ، فلو شهدت بأنّهما اختصما ثمّ افترقا وهو مجروح ، أو ضربه فوجداه مشجوجا ، أو فجرى دمه لم تقبل.

ولو قال : ثمّ افترقا وقد جرحه ، أو فوجدناه قد شجّه ، أو فأجرى دمه قبل ، وكذا لو قال : ضربه فأوضحه أو شجّه.

ولو وجد فيه موضحتان فلا قصاص ، ويثبت الأرش ، ولا يقتصّ بأقلّهما ، وكذا لو قال : قطع يده ، ووجد مقطوع اليد ، ولو قال : أسأل دمه فمات قبل في الدامية خاصّة.

الثالث : التوافق ، فلو اختلفا في الزمان أو المكان أو الآلة لم يثبت القتل ولا اللوث ، للتّكاذب.

ولو شهد واحد بالإقرار ، والآخر بالفعل لم يثبت ، وكان لوثا ، لعدم التّكاذب.

ولو قيّد أحدهما بصفة وأطلق الآخر ، ثبت المطلق.

ولو شهد بالإقرار بالقتل ، والآخر به عمدا ، ثبت أصل القتل وألزم المقرّ البيان ، ويقبل تفسيره مع يمينه ، لا إنكاره.

ولو شهد بالقتل عمدا ، والآخر مطلقا ، لم يثبت أصل القتل ، بل يكون شاهد العمد لوثا.

ولو شهد بالقتل عمدا ، والآخر خطأ ، ثبت أصل القتل على توقّف.

ولو شهدا بالقتل على زيد ، وآخران به على عمرو فلا قصاص ، وعليهما الدّية نصفين في العمد ، وعلى العاقلتين في الخطأ ، وتخيير الوليّ قويّ.

ص: 547

ولو شهدا عليه بالعمد ، فأقرّ آخر أنّه القاتل ، وبرّأ الأوّل ، تخيّر الوليّ على توقّف.

الرابع : انتفاء التهمة ، فلو شهدا لمن يرثانه بالجرح بعد الاندمال قبلت لا قبله ، فإن أعيدت بعده قبلت.

ولو شهد لمورّثه المريض قبل.

ولو شهدا بالجرح وهما محجوبان ، ثمّ مات الحاجب أو بالعكس ، اعتبر حال الشهادة.

ولو جرحت العاقلة شهود الخطأ لم يقبل ، وفيمن لا يصل إليه العقل توقّف.

ولو شهدا على اثنين ، فشهدا على الشاهدين من غير تبرّع لم تسمع ، فإن صدّق المدّعي الأوّلين حكم له ، وإن صدّق الأخيرين أو الجميع بطلت الشهادة.

ولو شهدا على أجنبيّ لم تقبل ، ولو شهد أجنبيّان على الشاهدين بالقتل ، فإن تبرّعا سقطت ، وإلّا تخيّر الوليّ.

ولا يحبس المتّهم بالقتل ليحضر المدّعي البيّنة.

المبحث الثالث : [ في ] القسامة
اشارة

وأركانه ثلاثة :

[ الركن ] الأوّل : [ في ] اللوث

وهو أمارة يغلب الظنّ معها بصدق المدّعى ، كشهادة العدل الواحد ،

ص: 548

أو يوجد عنده ذو سلاح ملطّخ بالدم ، أو في صفّ مقابل للخصم بعد المراماة ، أو في دار قوم أو محلّة مقطوعة من البلد لا يدخلها إلّا أهلها ، أو كانت مطروقة بينهم عداوة ، أو في قرية كذلك ، ولو انتفت العداوة فلا لوث.

ولو وجد بين قريتين فاللوث لأقربهما ، ومع التّساوي فهما سواء.

وشهادة الفسّاق أو النّساء مع انتفاء المواطاة لوث ، وكذا الصبيان أو الكفّار مع بلوغ التواتر ، بخلاف شهادة الصبيّ أو الفاسق أو الكافر.

وقول المجروح : قتلني فلان ليس بلوث (1).

ويبطل اللّوث بأمور :

الأوّل : وجود الشكّ فيه كأن يوجد بقرب القتيل ذو سلاح ملطّخ بالدم مع سبع من شأنه القتل.

الثاني : إبهام الشاهد ، كقوله : قتل أحد هذين ، وكذا لو قال : قتله أحد هذين على الأقوى.

الثالث : أن يظهر اللوث في أصل القتل دون كونه عمدا أو خطأ.

الرابع : إنكار الجاني كونه في الدار وقت القتل ، فإذا حلف بطل اللوث.

ولا يقدح تكاذب الوليّين في اللوث ، بل يحلف المدّعي خمسين يمينا ، ويقتصّ بعد الردّ.

وإذا بطل اللوث حلف المنكر يمينا واحدة كسائر الدّعاوي.

ص: 549


1- في « أ » : ليس لوثا.
الركن الثاني : في الكميّة

وهي في العمد خمسون يمينا ، وفي الخطأ خمسة وعشرون ، ولو كان له قوم حلف مع كلّ واحد يمينا ، فإن قصر عددهم كرّرت ، ولو لم يكن له قوم أو امتنعوا حلف المدعي الجميع ، فإن امتنع أحلف المنكر الخمسين ، ويحلف معه قومه كالمدّعي ، وتكرّر مع القصور ، ولو لم يحلف ألزم الدعوى.

ولو تعدّد المدعي قسّمت عليهم بالسوية.

ولو تعدّد المدّعى عليه فعلى كلّ واحد خمسون يمينا.

ولا تجزئ قسامة القوم عن قسامة المدّعي والمدّعى عليه.

والقسامة فيما فيه الدّية ستّة أيمان ، وفيما نقص بالنسبة منها.

ويشترط علم الحالف ، ولا يكفي الظنّ ، وتسمية القاتل والمقتول في كلّ يمين ، ورفع نسبهما بما يزيل الاحتمال ، وذكر الانفراد أو الشركة ، ونوع القتل ، والإعراب إن كان من أهله ، وإلّا أجزأ ما يعلم معه القصد.

ولا يشترط توالي الأيمان في مجلس واحد ، ولا أن يقول : النيّة نيّة المدّعي.

ولا يقسم الكافر على المسلم.

ولمولى العبد أن يقسم وإن كان المدّعى عليه حرّا ، وكذا المكاتب في عبده ، فإن نكل ثمّ مات أو عجز لم يكن لسيّده القسامة ، ولو مات أو عجز قبل نكوله فله أن يقسم.

ص: 550

الركن الثالث : في الحكم

إذا تمّت القسامة ثبت القصاص في العمد ، والدّية في شبيه العمد على القاتل ، وفي الخطأ على العاقلة.

ولو ادّعى على اثنين ، وأقام اللوث على أحدهما أقسم عليه ، فإن قتله ردّ عليه نصف ديته ، وله على الآخر يمين واحدة ، ولو لم يكن لوث حلف الاثنان.

ولو غاب أحد الوارثين حلف الحاضر مع اللّوث خمسين يمينا ، ويثبت حقّه ، ولم يجب الارتقاب ، ثمّ لا يقتصّ بل يكفل القاتل ، فإذا حضر الغائب حلف خمسا وعشرين ثمّ اقتصّا ، ولو لم يحلف اقتصّ الأوّل بعد الردّ ، وكذا لو كان أحدهما صغيرا أو مجنونا.

ولو مات الولي قبل القسامة حلف وراثه ولو مات في الأثناء استأنف ولو نكل لم يحلف الوارث ولو لم يكن وارث فلا قسامة ولو استوفى القصاص أو الدية ثمّ قامت البيّنة بغيبته وقت القتل بطلت القسامة واقتصّ منه أو استعيدت الدية ولو قال بعد استيفاء الدية هي حرام إن فسّره بكذبه استعيدت وإن فسره بأنّه لا يرى القسامة لم يستعد وإن فسر بأنّها غصب فإن عين المالك الزم الدفع إليه ولا رجوع وإن لم يعينه أقرت في يده ولو استوفى القسامة فأقرّ آخر انّه قتله منفردا لم يتخير الولي.

ص: 551

المقصد الرابع : في الاستيفاء

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل :

يجب بقتل العمد العدوان مع الشرائط كفّارة الجمع والقصاص ، ولا تجب الدية إلّا صلحا ، ويجوز الافتداء بأقلّ من الدّية وأكثر مع التراضي.

ولا يجبر الجاني على بذل الدية ، كما لا يجبر الوليّ على أخذها.

ولو عفا على مال فإن رضي الجاني وجب المال وسقط القود ، وإلّا فلا ولو عفا ولم يشترط المال سقط القود والدّية.

ولو هلك القاتل أو هرب فلم يقدر عليه حتّى مات ، وجبت الدية في ماله ، فإن لم يكن له مال أخذت من الأقرب فالأقرب من أوليائه الّذين يرثون ديته.

ولا يقتصّ من الحامل مطلقا حتّى تضع ويشرب الولد اللّبأ (1) ثمّ إن وجد غيرها قتلت ، وإلّا صبر حتى ترضعه ، وكذا لو حملت بعد الجناية.

ولو ادّعته ثبت بشهادة القوابل ، فإن تعذّر صدّقت حتّى يعلم حالها.

ولو قتلت ثمّ بان الحمل فالدية على القاتل (2) إن علم ، وإلّا فعلى الحاكم

ص: 552


1- اللّبأ وزان عنب : أوّل اللبن عند الولادة. المصباح المنير : 2 / 240.
2- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « فالدية على العاقلة » ولعلّ الصحيح ما في المتن ، وهو مطابق لما في القواعد : 3 / 628.

إن علم ، وإلّا ففي بيت المال ، ويضيّق على من لجأ إلى الحرم في المأكل والمشرب حتّى يخرج ويقتصّ منه ، ويقتص في الحرم ممّن جنى فيه.

المبحث الثاني : في المستوفي

وهو وارث المال عدا الزّوج والزوجة ، ويرثان من الدية وإن أحدث صلحا.

ويشترك (1) المكلّفون وغيرهم ، ويرثونه كالمال ، ويتوقّف على إذن الإمام خصوصا الطرف ، فإن كان الوليّ جماعة توقّف على اجتماعهم إمّا بالوكالة أو بالإذن لواحد ، وليس لهم الاجتماع على المباشرة ، فإن فعلوا أساءوا (2) ولم يلزمهم شي ء.

ولو بادر أحدهم عزّر وضمن حصص الباقين.

وللحاضر والكبير والعاقل الاستيفاء بشرط ضمان نصيب الغائب والصغير والمجنون.

وقيل : يجوز حبس القاتل حتّى يجي ء الغائب ويكمل الصّبي والمجنون. (3)

ص: 553


1- في « ب » و « ج » : « ولا يشترك » ولعلّه مصحّف.
2- كذا في « أ » و « ج » ولكن في « ب » : « ولهم الاجتماع على المباشرة وإن فعلوا ساووا » والصحيح ما في المتن ، قال في القواعد : 3 / 623 : وليس للأولياء أن يجتمعوا على استيفائه بالمباشرة ، لما فيه من التعذيب ، فإن فعلوا أساءوا ولا شي ء عليهم.
3- لاحظ القواعد : 3 / 623.

وللأب والجدّ له الاستيفاء عن الصّبيّ والمجنون.

ولو رضي البعض بالدية فللباقين القصاص بعد ردّ نصيب المفادي من الدية ، ولو لم يرض الجاني فلطالب القصاص قتله بعد ردّ نصيب شريكه ولو عفا البعض فللباقين القصاص بعد ردّ نصيب العافي.

ولو قتل الولد الأب والأجنبيّ ، والذّمّيّ المسلم والذّميّ ، اقتصّ من الأجنبيّ والذّمّيّ بعد ردّ المشارك نصف الدية.

ولو كان أحد الشريكين عامدا والآخر مخطئا اقتصّ من العامد بعد الردّ من العاقلة.

ولو شاركه سبع اقتصّ الوليّ بعد ردّ نصف الدية.

ولو أقرّ أحد الوليّين بعفو الآخر على مال لم يقبل [ إقراره ] في حقّ الشريك ، ولهما القصاص ، وللمقرّ أن يقتل بعد ردّ نصيب الشريك ، فإن صدّقه فالردّ له ، وإلّا فللجاني ، والشريك على ما كان في شركة القصاص.

ولو استوفى الوكيل بعد العلم بالعزل اقتصّ منه ، ولو كان قبله فلا قصاص ولا دية.

ولو استوفى بعد العفو عالما فعليه القصاص وإلّا فالدية ، ويرجع بها على الموكّل ، ولو اشتبه فلا شي ء.

ولو اختلف الوليّ والوكيل قدّم قول الوكيل مع يمينه.

ويقتصّ للمحجور عليه لسفه أو فلس ، ولو عفا على مال ورضى الجاني قسّم على الغرماء.

ص: 554

ولو قتل المديون فللوليّ القصاص وإن لم يضمن الدّين ، ولو رضى بالدية صرفت في الديون والوصايا ، وكذا لو قتل خطأ.

ولو تعدّد المقتول فعليه القصاص بسبب كلّ واحد ، سواء قتلهم دفعة أو لا.

ولا يقتل بواحد ، وتؤخذ الدية للباقين ، فإن قتله الجميع استوفوا حقّهم.

ولو قتله واحد أخطأ واستوفى حقّه ، ويطالب الباقون بالدية.

وليس للبعض المطالبة بالدية والباقين بالقصاص.

ولو قطع يد رجل ثمّ قتل آخر ، أو بالعكس ، قطع ثمّ قتل.

ولو قتله وليّ المقتول أساء ولا شي ء عليه ، وتؤخذ دية اليد من تركة القاطع. (1) ولو سرى القطع قبل قتله تشاركا فيه ، ولو سرى بعده أخذ نصف الدّية من تركة الجاني على توقّف.

وقد تقدّم تعدّد القاتل ويعلم منه لو تعدد.

المبحث الثالث : في الكيفيّة

ينبغي للإمام إحضار شاهدين فطنين ، واعتبار الآلة لئلّا تكون مسمومة خصوصا في قصاص الطرف ، فلو كانت كذلك ضمن جناية السمّ ، ويمنع من القصاص بالكالّة ، ولا يقتصّ إلّا بالسّيف وإن قتل بغيره.

ص: 555


1- في « أ » : « من دية القاطع ».

ولا يجوز العدول إلى السكّين.

ويقتصر على ضرب العنق وإن قتله بغيره كالمثقّل ، والتحريق ، ورضخ الحجارة ، والتغريق ، فلو ضربه في غيره فإن كان ممّا يخطأ به كالكتف استوفى ولم يعزّر وإلّا عزّر وأجرة الحدّاد من بيت المال ، فإن لم يكن أو ضاق فعلى القاتل.

ولا يقضى بالقصاص إلّا مع التلف (1) بالجناية ، فإن اشتبه اقتصّ في الجرح خاصّة.

ولو ظنّ وفاته ، فإن ضربه الوليّ بالسائغ في العنق ، فله قتله ثانيا ، وإلّا قتل بعد القصاص منه.

ومن يقتصّ له في النفس اقتصّ له في الطرف والجرح ، ولا يضمن سراية القصاص إلّا مع التعدّي ، فإن تعمّد اقتصّ منه ، وإلّا أخذت منه الدّية.

ولو قطع يده فاقتصّ منه ، ثمّ سرت الأولى ثمّ الثانية ، وقع القصاص بالسراية موقعه ، وكذا لو قطع يده ثمّ قتله ، فقطع يدي الجاني ثمّ سرت إلى نفسه.

أمّا لو سرى قطع الجاني قبل قطع المجنيّ عليه لم تقع سراية الجاني قصاصا ، لوقوعها هدرا.

ولو عفا عن قاطع يده فقتله القاطع ، فللوليّ القصاص في النّفس بعد ردّ دية اليد.

ص: 556


1- في « أ » : إلّا مع علم التلف.

ولو قتل مقطوع اليد ، فإن كان المجنيّ عليه أخذ ديتها أو قطعت في قصاص ، قتل به بعد ردّ دية اليد ، وإلّا قتله ولا ردّ.

ولو قطع كفّا بغير أصابع ، قطعت كفّه بعد ردّ دية الأصابع.

ولو قطع يديه فاقتصّ منه ، ثمّ سرى قطع المجنيّ عليه ، فللوليّ القصاص في النفس.

ولو قطع ذمّيّ يد مسلم فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحة المسلم ، فلوليّه قتل الذمّيّ ، فلو طلب الدية كان له دية المسلم إلّا دية يد ذمّيّ.

ولو قطعت المرأة يد رجل فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحته ، فللوليّ القصاص ولا ردّ ، ولو طلب الدية فله ثلاثة أرباعها.

ولو قطعت يديه ورجليه فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحته ، فللوليّ القصاص في النّفس لا الدّية (1) وفيه توقّف.

ص: 557


1- علّله في القواعد بأنّه استوفى ما يقوم مقام الدية. ثم قال : « وفيه إشكال من حيث إنّ المستوفى وقع قصاصا وللنفس دية بانفرادها ». القواعد : 3 / 630.

القسم الثاني : في قصاص الطرف

اشارة

وفيه مقدّمة ومطالب

والمقدمة : كلّما ينقسم إلى يمين ويسار ، كالعينين ، أو إلى أعلى وأسفل ، كالجفنين والأنامل ، لا يؤخذ أحدهما بالآخر.

ويتحقّق العمد بالجناية على العضو بما يقتله غالبا أو بما يقتله نادرا مع قصد الإتلاف.

المطلب الأوّل : في اليد والرّجل

اشارة

وفيه فصلان

[ الفصل ] الأوّل : في الشروط
اشارة

وهي التساوي في الإسلام والحرّيّة ،أو يكون المجنيّ عليه أكمل ، فيقتصّ للمسلم من المسلم والذمّيّ ، وللذمّيّ من الذمي لا من المسلم ، بل تجب

ص: 558

الدية ، وللحرّ من العبد ، وله استرقاقه إلّا أن تزيد القيمة على الجناية ، فيسترقّ ما قابلها ، ولا خيار للسيّد.

ولا يقتصّ للعبد من الحرّ بل يلزمه قيمته ، ويقتصّ للعبد من مثله ، ومن المدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط ، مع تساوي القيمتين ، أو مع نقص قيمة الجاني ، فإن زادت لم يقتصّ إلّا بعد ردّ قيمة الزائد.

ولمن انعتق بعضه القصاص من مثله ومن الأقلّ حرّيّة لا من الأكثر.

ويقتصّ للرّجل من الرجل ومن المرأة ولا ردّ ، وللمرأة من المرأة ، ومن الرّجل مع الردّ فيما يتجاوز ثلث الدية ، لا فيما نقص عنه.

الثاني : التساوي في السلامة

فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلّاء وإن بذلها الجاني ، فإن قطعها استوفى حقّه ولم يضمن.

وتقطع الشلّاء بالصحيحة ولا يرجع بشي ء ، ولو علم أنّها لا تنحسم فلا قصاص وتجب الدية.

وتقطع الشلّاء بالشلّاء إلّا أن يخاف من السراية.

ولا يقطع الصّحيح بالمجذوم ، ويجوز العكس.

وتقطع الصحيحة بالبرصاء ، ولو نقصت يد الجاني إصبعا اقتصّ ورجع بدية الإصبع إن كان أخذ ديتها ، ولو انعكس اقتصّ في الأصابع وأخذ حكومة الكفّ ، وكذا لو نقصت أصابع المقطوع أنملة ، أو كان ظفره مقلوعا أو متغيّرا.

ص: 559

ولا يشترط التّساوي في الخلقة والمنافع ، فتقطع يد القويّ والكبير والمريض والكسوب بالمقابل.

الثالث : التساوي في المحلّ

وتقطع اليمين باليمين لا باليسار ، واليسار بمثلها لا باليمنى ، والسبّابة بمثلها لا بالوسطى ، وكذا باقي الأصابع.

ولو فقدت اليمين فاليسار ، فإن عدمت فرجله اليمنى [ فإن عدمت ] فاليسرى.

ولو قطع أيدي جماعة على التعاقب قطعت يداه ورجلاه الأوّل فالأوّل ، وللثاني الدية.

ولو قطع يمينا فبذل يسارا فقطعها المجنيّ عليه جاهلا ، فالقصاص باق في اليمين ، ويؤخّر حتّى يندمل اليسار.

ثمّ إن سمع الجاني الأمر بإخراج اليمنى وعلم أنّها لا تجزئ فلا دية له ، ولو لم يعلم فله الدية.

ولو قطعها المجنيّ عليه عالما بأنّها اليسرى ، اقتصّ منه.

وكلّ موضع يلزمه دية اليسرى يضمن سرايتها وإلّا فلا.

ولو اتّفقا على بذلها بدلا لم يصر كذلك ، وعلى القاطع الدية ، وله القصاص في اليمنى.

ص: 560

ولو قال : [ المجنّي عليه ] : بذلها مع العلم لا بدلا ، فأنكر الباذل ، قدّم قوله مع يمينه ، لأنّه أبصر بنيّته.

الرابع : التساوي في الأصالة والزّيادة

فلا تقطع يد زائدة بالأصليّة وكذا العكس ، ولا زائدة بمثلها مع تغاير المحلّ.

ولو كان له كفّان على ساعد ، أو ذراعان على عضد ، أو قدمان على ساق وأحدهما زائدة ، فإن تميّزت قطعت الأصليّة بمثلها والزائدة بمثلها ، ولو لم تتميّز فقطعهما قاطع فعليه القصاص وحكومة الزائدة.

ولو قطع إحداهما فلا قصاص وعليه نصف دية كفّ ونصف حكومة.

ولو قطع ذو اليدين يدا فإن تميّزت الأصليّة قطعت وإلّا فلا قصاص وعليه دية اليد (1).

ولو قطع ذو الإصبع الزائدة يد مثله اقتصّ مع تساوي المحلّ ، ولو كانت للجاني فإن خرجت عن الكفّ اقتصّ منه أيضا ، وإن كانت في سمت الأصابع قطع الأصابع الخمس وأخذ حكومة الكف.

وإن اتّصلت بإحداهما قطع أربعا وأخذ دية إصبع وحكومة الكفّ.

ولو كانت للمجنيّ عليه اقتصّ في الكفّ وأخذ دية الزائدة وهو ثلث دية الأصليّة ، وإلّا اقتصّ في الأربع ، وأخذ دية إصبع وحكومة الكفّ.

ص: 561


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : دية الكفّ.

ولو كان للمجني عليه اقتصّ في أربع وطالب بدية الزائدة وحكومة الكف.

( ولو كانت الزائدة إحدى الخمس للجاني اقتصّ في الكفّ إن كانت في سمت الأصلية وإلّا اقتصّ في الأربع وأخذ دية اصبع وحكومة الكفّ ). (1)

ولو تساويا اقتصّ في الكفّ إن اتّفق المحلّ ، وإلّا فلا.

ولو كان للجاني ستّ أصابع على نسق اليد ، فإن علمت الزائدة قطع خمس أصابع وأخذ حكومة الكفّ ، وإن اشتبهت فلا قصاص ، وطالب بدية اليد ، ولو قطعها أساء واستوفى ، وعليه دية الزائدة.

ولو قطع خمس أصابع أساء واستوفى حقّه لكنّه ناقص ، لجواز زيادة إحداهما ويأخذ حكومة الكفّ.

ولو كان لأنملة المجنيّ عليه طرفان اقتصّ مع التساوي ، وإلّا قطع أنملة وأخذ دية الزائدة.

ولو كانت للجاني فإن تميّزت الأصليّة اقتصّ إن أمكن قطعها منفردة ، وإلّا أخذ دية الأنملة.

ولو قطع أنملة عليا من واحد ووسطى من آخر ، اقتصّ ذو العليا ثمّ ذو السفلى ، ولو عفا ذو العليا اقتصّ صاحب الوسطى بعد ردّ دية العليا.

ولو سبق ذو الوسطى فعليه دية العليا ولذي العليا على الجاني دية أنملته.

ولو كان لإصبع أربع أنامل ، وهي كطول الأصابع ، كانت كغيرها ، ولو قطع

ص: 562


1- ما بين القوسين يوجد في « أ ».

ذو الثلاث أنملة منها فلا قصاص وعليه ربع دية الاصبع ، ولو قطع اثنتين فله النّصف أو يقطع أنملة ، ويأخذ سدس دية الإصبع.

ولو قطع ثلاثا فله قطع أنملتين ونصف سدس دية الإصبع.

ولو كان هو الجاني ، فإن قطع أنملة قطعت أنملته ، وأخذ منه نصف سدس دية الإصبع.

ولو قطع أنملتين اقتصّ منه ، وأخذ منه سدس ديتها.

ولو ادّعى الجاني نقصان إصبع ، قدّم قول مدّعي السلامة ، سواء ادّعى زوالها أو لخلقة.

الفصل الثاني : في الأحكام

لو قطع إصبعه فسرت إلى كفّه ثمّ اندملت فله القصاص في الكفّ لا في الإصبع ، ويأخذ دية الكفّ.

ولو قطع يده من مفصل الكوع اقتصّ منه ، ولو قطع معها بعض الزند اقتصّ في اليد وطالب بحكومة الزند.

ولو قطع من المرفق اقتصّ منه ، وليس له أن يقتصّ في اليد ، ويأخذ دية الزائد.

وكلّ عضو يؤخذ قودا مع وجوده تؤخذ الدية مع عدمه ، مثل أن يقطع إصبعين وله إصبع ، أو كفّا تامّا وكفّه بغير أصابع.

ولو قطع نصف كفّه فله قطع الأصابع وأخذ حكومة الباقي ، وليس

ص: 563

له القصاص من موضع القطع ، ولا قطع الأنامل ، والمطالبة بدية باقي الأصابع أو الحكومة ، ولا قطع الأنامل ثمّ يتمّ قطع الأصابع.

ولو قطع إصبعا فشلّت أخرى ، فله القصاص وثلثا دية الشلّاء.

ولو قطع إصبع رجل ثمّ يد آخر اقتصّ للأوّل ، ثمّ للثاني ، ويرجع بدية الإصبع.

ولو قطعت اليد أوّلا اقتصّ صاحبها ، وطالب صاحب الإصبع بديتها.

ولو سبق فقطع الإصبع أساء ووقع موقعه ، وللآخر قطع الكفّ ودية إصبع.

ولو استحقّ القصاص طفل أو مجنون منعا من الاستيفاء ، فإن قطعا مع بذل الجاني كان هدرا.

ولو قطعا بغير إذنه ، فالقصاص باق ، وعلى العاقلة دية الجناية.

المطلب الثاني : في باقي الأعضاء

وفيه مسائل :

الأولى : في الشجاج والجروح ، ويشترط مع ما تقدّم انتفاء التغرير ، فلا قصاص في المأمومة والجائفة ، وإمكان الاستيفاء بغير حيف ولا زيادة ، فلا قصاص في الهاشمة والمنقّلة وكسر العظام.

ويثبت في الخارصة ، والباضعة ، والسمحاق ، والموضحة ، ويجوز القصاص قبل الاندمال ، ويستحبّ الصّبر.

ص: 564

أمّا لو قطع عدّة أعضاء تزيد على الدية خطأ ، فطلب الدية قبل الاندمال ، اقتصر على دية النفس ، فإن اندملت استوفى الباقي ، وإلّا سقط الزائد ، لأنّ دية الطرف تدخل في دية النّفس إجماعا.

وكيفيّة الاستيفاء : أن يحلق الموضع إن كان به شعر ، ويعتبر التساوي في الشجاج طولا وعرضا ، ويراعى في النزول اسم الشجّة ، ثمّ يؤخذ مثل ذلك من الجاني ، ولو شقّ عليه دفعة فرّقه.

ولو زادت الجناية على عضو الجاني ، اقتصر على ما يحتمله العضو ، وأخذ دية الباقي بالنسبة إلى أصل الجرح.

ولو كان عضو المجنيّ عليه أصغر ، اقتصر على قدر مساحة الجناية.

ولا يقتصّ في الطرف في شدّة الحرّ أو البرد ، ويتوخّى اعتدال النهار.

ولا يقتصّ إلّا بحديدة كالسكّين ، وينتزع العين بحديدة معوجّة.

ولا يقتصّ بالسّيف ولا بآلة مسمومة.

ويشترط معرفة المقتصّ ، فلا يمكّن الجاهل مستحقّا كان أو غيره.

الثانية : العين ،ويقتصّ فيها ، ولو كان الجاني أعور خلقة ، اقتصّ منه وإن عمى ، ولا ردّ.

ولو قلعها ذو عينين اقتصّ بعين واحدة ، وأعطي نصف الدية ، ولو قلع عينا قائمة لم يقتصّ ، وعليه ثلث ديتها.

ولو أذهب ضوء العين خاصة اقتصّ منه ، بأن يطرح القطن المبلول على أجفانه ، ثمّ تحمى المرآة ، ويقابل بالشمس ، ثمّ يكلّف النظر إليها حتّى يذهب الضوء.

ص: 565

وتؤخذ الصحيحة بالعمشاء والحوراء.

ويقتصّ في الأجفان ، والأهداب ، ويقتصّ فاقد الأهداب ، ويرجع عليه الجاني بالتفاوت.

الثالثة : شعر الرأس ، ويقتصّ فيه ، وفي شعر اللحية ، والحاجبين ، والأهداب ، إلّا أن تنبت.

الرابعة : الأذن ، ولا فرق بين الصّغير والكبير ، والسامعة والصمّاء ، والصحيحة والمثقوبة ، بخلاف المخرومة ، بل يقتصّ إلى الخرم ، ويؤخذ حكومة الباقي.

ولو ألصقها المجنيّ عليه فله القصاص ، وللحاكم إزالتها ، وكذا لو ألصقها الجاني.

ولو تعلّقت بجلده لم يؤمر بإزالتها.

ولو قطعها غير الجاني بعد الالتحام اقتصّ منه.

ولو ذهب السّمع بقطع الأذن فهما جنايتان ، ويثبت القصاص في بعضها.

الخامسة : الأنف ،ويساوي الشامّ وغيره ، والكبير والصغير ، والأقنى (1) والأفطس (2) ويقتصّ في المارن.

ولو قطع معه بعض القصبة ، اقتصّ في المارن وأخذ حكومة الباقي.

ص: 566


1- الأقنى من الأنوف : هو ارتفاع في أعلاه بين القصبة والمارن من غير قبح. لسان العرب « مادّة قنا ».
2- الفطس : عرض قصبة الأنف وطمأنينتها ، وقيل : انخفاض قصبة الأنف وتطامنها وانتشارها. لسان العرب « مادّة فطس ».

ويثبت في أحد المنخرين مع تساوي المحلّ.

ولو قطع بعض الأنف نسبنا المقطوع إلى الباقي ، وأخذ من الجاني بحسابه ، ولا يراعى المساحة لأنّه قد يستوعب أنف الجاني.

السادسة : الشفتان ، ويثبت مع التّساوي في المحلّ (1) ، وكذا في بعضها بالنسبة.

السابعة : اللّسان ، ويثبت فيه وفي بعضه مع تساوي المنطق ، ويقتصّ للصغير إن تحرّك لسانه عند البكاء.

الثامنة : السّن ، ويثبت مع اتّفاق الاسم والمحلّ ، فلا تؤخذ ثنيّة بضرس وبالعكس ، ولا الأصليّ بالزائد وبالعكس وإن اتّحد الموضع.

وتؤخذ الزائدة بمثلها إن اتّفق المحلّ.

ولو قلع سنّ مثغر ، فإن عادت صحيحة فلا قصاص ، وعليه الأرش ، وإن عادت متغيّرة أو ناقصة فالحكومة ، ولو لم تعد وجب القصاص.

ولو عادت سنّ المجنيّ عليه لم يغرم سنّ الجاني.

ولو عادت سنّ الجاني لم يكن للمجنيّ عليه إزالتها.

وغير المثغر ينتظر بها سنة ، فإن عادت فالحكومة ، وإلّا القصاص.

ولو مات قبل اليأس من عودها فالأرش.

التاسعة : حلمة الرّجل والمرأة وثديها ، ويثبت القصاص مع المساواة.

ص: 567


1- في « ب » و « ج » : مع تساوي المحلّ.

العاشرة : الذكر ، ويستوي ذكر الشابّ ، والشيخ ، والصّبيّ ، والمجنون ، والفحل ، والخصيّ ، والأغلف ، فلا يقطع الصحيح بالعنّين ، بل يجب ثلث الدية.

ويقطع العنّين بالصحيح ويقتصّ في البعض بالنسبة كالنصف.

الحادية عشرة : الخصيتان ، ويثبت فيهما وفي إحداهما ، ولو خشي ذهاب منفعة الأخرى فالدية.

الثانية عشرة : الشفران (1) ، ويستوي البكر والثيّب ، والكبيرة والصّغيرة ، والمجنونة والرتقاء ، والمفضاة والمقابل.

ولو قطع الرّجل الشفيرين ، والمرأة المذاكير فالدية.

ولو قطع الرّجل مذاكير الخنثى وشفريه ، فإن بان أنّه ذكر اقتصّ في المذاكير وفي الشفرين الحكومة ، وإن بان أنّه أنثى ففي الشفرين الدية وفي المذاكير الحكومة.

ولو كان الجاني امرأة فمع الذكورة ، عليها دية المذاكير وحكومة الشفرين ، ومع الأنوثة يقتصّ في الشفرين ، ويأخذ حكومة المذاكير.

ولو طلب [ الخنثى ] الدية أعطي اليقين ، وهو : دية الشفرين وحكومة المذاكير ، فإن بانت الذكورة أكمل له.

ولو طلب دية عضو مع بقاء القصاص في الباقي لم يجب.

ولو طلب الحكومة مع بقاء القصاص أجيب ، وأعطي أقلّ الحكومتين.

ص: 568


1- قال العلّامة في القواعد : 3 / 644 : هما اللّحم المحيط بالرحم إحاطة الشفتين بالفم.

ولو جنى خنثى على ذكر ، فإن بان أنّه ذكر ثبت القصاص وإلّا الدية ، ولو جنى على أنثى انعكس الحكم.

ولو جنى خنثى على مثله ، فإن علم حالهما ثبت القصاص مع الاتّفاق ، وإلّا الدية في الأصليّ ، والحكومة في الزائد.

المطلب الثالث : في الاختلاف

لو قطع يدي رجل ورجليه شبيه عمد وادّعى [ الجاني ] موته بالسراية والوليّ الاندمال ، فإن مدّ الزمان (1) قدّم قول الجاني مع يمينه ، وإلّا قول الوليّ ، ويقدّم قول الجاني في المدّة.

ولو قطع يده فمات فادّعى الجاني الاندمال ، والوليّ السراية ، قدّم قول الجاني إن احتمل الزمان الاندمال ، وإلّا قول الوليّ ، وإن قصر فادّعى الجاني موته بسبب والوليّ بالسراية ، قدّم قول الوليّ.

ولو اختلفا في المدّة قدّم قول الوليّ على الأقوى.

ولو قدّ الملفوف في الكساء بنصفين ، وادّعى الوليّ حياته والجاني موته ، قدّم قول الوليّ.

ص: 569


1- هكذا في النسخ وفي القواعد : 3 / 645 مكان هذه العبارة : « فإن لم يحتمل الاندمال لقصر الزّمان صدّق الجاني » ولعلّ الصحيح : « لم يمتدّ ».

ولو أوضحه في موضعين ، ثمّ زال الحاجز ، فادّعى الجاني زواله بالسراية والمجنيّ عليه بالإزالة ، قدّم قول المجنيّ عليه.

ولو توافقا على أنّ الجاني أزاله ، فإن قال : أزلته قبل الاندمال فعليّ موضحة [ واحدة ] ، وقال المجنيّ عليه : بل بعده فعليك ثلاث موضحات ، فالقول قول الجاني في الثالثة ، وقول الغريم في الأوليين.

ولو اختلفا في الكفر أو الرقّ قدّم قول الوليّ ، ولو عرف حاله بذلك فادّعى الوليّ سبق الإسلام أو العتق ، قدّم قول الجاني.

ولو ادّعى الجاني صغره عند الجناية ، قدّم قوله إن احتمل وإلّا فلا.

ولو ادّعى الجنون فإن عرف منه ذلك قدّم قوله وإلّا فلا.

ولو اتّفقا على زوال عقله عند الجناية ، وادّعى الجاني الجنون والمجنيّ عليه السكر ، قدّم قول الجاني.

المطلب الرابع : في العفو

ويصحّ قبل الثبوت وبعده لا قبل الاستحقاق ، ويصحّ عفو الوليّ مع الغبطة ، وعفو بعض الورثة ، وللباقين القصاص بعد ردّ دية من عفا. (1)

ولو عفا عن أحد الحقّين لم يسقط الآخر.

ولو عفا عن البعض كاليد لم يصحّ.

ص: 570


1- في بعض النسخ : « بعد ردّ نصيب من عفا ».

ولو وقّته مثل عفوت شهرا صحّ ، وله القصاص بعده.

ولو عفا مقطوع الإصبع عن الجناية قبل الاندمال سقط حقّه ، فلو سرت إلى كفّه سقط قصاص الإصبع وله دية الكفّ.

ولو سرت إلى النفس اقتصّ الوليّ فيها بعد ردّ دية الإصبع.

ولو قال : عفوت عنها وعن سرايتها صحّ العفو عنها لا عن السّراية.

ولو جنى عليه العبد فأبرأه لم يصحّ ، ولو أبرأ السّيد صحّ.

ولو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ العفو عنها لا عن السّراية.

ولو جنى عليه العبد فأبرأه لم يصحّ ولو أبرأ السّيد صحّ.

ولو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ.

ولو أبرأ قاتل الخطأ لم يصحّ ، ولو أبرأ العاقلة أو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ.

ولو أبرأ العاقلة في شبيه العمد لم يبرأ القاتل.

ولو أبرأ القاتل ، أو قال : عفوت عن هذه الجناية برئ.

ولو عفا في العمد عن الدية لم يفد شيئا.

ولو قطع يد القاتل ثمّ عفا عن النفس فسرى القطع ظهر بطلان العفو ولا ضمان ، وكذا لو رمى القاتل بسهم ثمّ عفا قبل الإصابة.

ولو عفا مطلقا لم يجب المال.

ولو عفا على مال فإن قبل الجاني فالأقرب اللزوم ، ولا يسقط القصاص إلّا بالأداء.

ص: 571

ص: 572

كتاب الديات

اشارة

وفيه فصول

ص: 573

ص: 574

[ الفصل ] الأوّل : في الموجب

اشارة

وهو ثلاثة

الأوّل : المباشرة

وهي ما يحصل معه التلف ولم يقصد القتل ، فيضمن الطبيب ما يتلف بعلاجه إن قصّر أو عالج طفلا أو مجنونا بغير إذن الوليّ ، أو بالغا لم يأذن ، ولو أذن العارف فأتلف بعلاجه ضمن في ماله ، ويبرأ بالابراء قبل العلاج.

ويضمن الختّان حشفة الغلام.

وما يتلفه النائم على عاقلته.

ولو انقلبت الظّئر على الصّبيّ [ فقتلته ] ضمنت إن أرادت الفخر ، والعاقلة مع الحاجة.

ولو أنكر الولد أهله قدّم قولها إلّا أن يعلم كذبها ، فتلزم بإحضاره ، أو من يحتمله ، أو بالدية.

ولو سلّمته الظّئر إلى غيرها بغير إذن أهله ، وجهل خبره فعليها ديته.

ص: 575

ولو أعنف بزوجته جماعا أو ضمّا فماتت فعليه الدية ، وكذا الزّوجة.

ولو صاح بمريض ، أو طفل ، أو مجنون ، أو عاقل فجأة ، أو استغفله ضمنه في ماله ، وكذا لو شهر سيفه في وجهه فمات ، أمّا لو فرّ فألقى نفسه في بئر ، أو من سقف ، أو صادفه سبع فأكله ، لم يضمن إلّا أن يجهل البئر ، أو يكون أعمى ، أو يضطرّه إلى مضيق فيفترسه السّبع.

ولو صدم غيره فالصادم هدر وعليه دية المصدوم إلّا أن يقف في الطريق الضيّق المظلم ، فيضمنه المصدوم.

ولو اصطدما فماتا ضمن كلّ واحد نصف دية صاحبه ، وكذا الفارسان ، وعلى كلّ واحد نصف قيمة فرس الآخر ، ويقع التّقاصّ في الدية والقيمة.

ولو كانا حاملين فعلى كلّ واحدة نصف دية الأخرى ، ونصف دية الجنين.

ولو كانا صبيّين ، فإن ركبا أو أركبهما الوليّ فنصف دية كلّ واحد على عاقلة الآخر ، ولو أركبهما أجنبيّ فديتهما عليه.

ولو كانا عبدين فهما هدر ، ولا شي ء على الموليين.

ولو مات أحد المتصادمين فعلى الآخر نصف ديته.

ولو اصطدم الحمّالان فعلى كلّ واحد نصف ما أتلف.

ومن حمل متاعا فكسره ، أو أصاب به غيره ضمنه.

ولو مرّ بين الرّماة فأصابه سهم ، فإن ثبت انّ الرامي حذّر لم يضمن ، وإلّا فعلى العاقلة الدية.

ولو قرّب صبيّا من طريق السّهم ضمنه ، دون الرامي إلّا أن يقصده.

ولو وقع على غيره فمات ، فإن قصد الوقوع وكان يقتل غالبا فهو عمد ، ولو لم يقتل غالبا فهو شبيه عمد.

ص: 576

ولو خوّف حاملا فأجهضت ضمن دية الجنين ، وإن ماتت ضمن ديتهما (1).

وروي عن الصادق عليه السلام في لصّ جمع الثياب ووطئ المرأة كرها ، فثار ولدها فقتله اللّص ، ثمّ قتلته المرأة : إنّ على أوليائه دية الولد ، ويدفعون من تركته أربعة آلاف درهم إلى المرأة لمكابرتها على فرجها ، واللّص هدر. (2)

وعنه عليه السلام في امرأة أدخلت ليلة البناء بها صديقا إلى الحجلة ، فقتله زوجها ، فقتلته المرأة : انّها تضمن دية الصديق ، وتقتل بالزوج (3).

والأقرب أنّ دم الصديق هدر.

وعن عليّ عليه السلام في أربعة سكروا فقتل اثنان وجرح اثنان : إنّ دية المقتولين على المجروحين بعد وضع أرش الجرحين من الدية. (4)

وروي أنّه عليه السلام جعل دية المقتولين على القبائل الأربعة وأخذ دية الجراحة من دية المقتولين. (5)

وعنه عليه السلام في ستّة غلمان في الفرات فغرق واحد ، فشهد اثنان على الثلاثة أنّهم غرقوه ، وشهد الثلاثة على الاثنين بالتغريق : انّ على الاثنين ثلاثة أخماس الدية ، وعلى الثلاثة خمسان. (6)

ص: 577


1- في « أ » : « ديتها ».
2- وسائل الشيعة : 19 / 45 ، الباب 23 من أبواب قصاص النفس ، الحديث 2.
3- وسائل الشيعة : 19 / 45 ، الباب 23 من أبواب قصاص النفس ، الحديث 3.
4- وسائل الشيعة : 19 / 172 ، الباب 1 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 1.
5- وسائل الشيعة : 19 / 173 ، الباب 1 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 2.
6- وسائل الشيعة : 19 / 174 ، الباب 2 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 1.

الثاني : التسبيب

وهو ما يحصل معه التّلف والعلّة غيره ، كحفر البئر ، ونصب السّكّين ، وإلقاء الحجر في الطريق أو في غير ملكه ، فيضمن الفاعل في ماله.

ولو فعل ذلك في مباح أو ملكه لم يضمن ، وكذا لو رضي المالك بالحفر.

ولو عثر بقاعد أو بنائم في الطريق ضمناه ولم يضمنهما.

ويضمن معلّم السباحة الصّغير إذا فرّط دون البالغ الرشيد.

ولو قتل رماة المنجنيق أحدهم سقط من ديته بالنسبة ، ويضمن الباقون قدر حصصهم ، ويتعلّق الضمان بمن يمدّ الحبال دون غيره ، وكذا لو قتل الحائط أحد المشتركين في هدمه.

ولو أصلح سفينة سائرة فغرقت ضمن ما يتلف من نفس أو مال.

ولو وقع حائطه على إنسان فمات ، فإن ظهرت أمارة الوقوع وتمكّن من إزالته ولم يزل ضمن وإلّا فلا.

ولو بناه مائلا إلى الطريق أو إلى ملك غيره ، أو بناه في غير ملكه ضمن.

ولو أجّج نارا في ملكه فتعدّته لم يضمن إن كان بقدر الحاجة ولم يغلب على ظنه التعدّي وإلّا ضمن ، ولو أجّجها في ملك غيره ضمن النفس والمال.

ولو قصد ذلك وتعذّر الفرار فهو عمد.

ولو بالت دابّته في الطريق ، أو رشّ الدرب [ بالماء ] ، أو ألقى فيه

ص: 578

القمامة المزلقة فزلق إنسان ضمن مع عدم المشاهدة ، وإلّا فلا.

ولو وضع على حائطه إناء لم يضمن ما يتلف بسقوطه.

ويضمن ما يتلف بالميازيب ، والرواشن ، والأجنحة ، وإن كانت في الطريق المسلوك.

ويجب حفظ الدابة الصائلة ، كالبعير المغتلم ، والكلب العقور ، ويضمن مع الإهمال.

ولو جهل حالها أو علم ولم يفرط لم يضمن ، ولا يضمن دافعها.

ويجوز قتل الهرّة الضارية ، وفي ضمان جنايتها قولان.

ولو دخلت دابّة على أخرى ضمن صاحب الداخل جنايتها إن فرّط ، وجناية المدخول عليها هدر.

ولو دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوه إن دخل بإذنهم ، وإلّا فلا.

ويضمن الراكب والقائد ما تجنيه الدابة برأسها ويديها ، ولو وقف بها أو ضربها أو ساقها ضمن جناية يديها ورجليها ورأسها ، ولو ضربها غيره ضمن الضارب.

ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان ، ولو كان صاحبها معها ضمن دون الراكب ، ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك إلّا بتنفيره.

ولو أركب مملوكه الصّغير [ دابّة ] ضمن جنايتها ، ولو كان بالغا تعلّقت برقبته إن كانت على نفس آدميّ وإلّا تبع [ به بعد العتق ] (1).

ويضمن من أخرجه من منزله ليلا إلّا أن يعود فإن لم يعد فعليه ديته ، ولو

ص: 579


1- في بعض النسخ : « وإلّا بيع فيها » والمسألة معنونة في كلمات الفقهاء ولمزيد التوضيح يلاحظ السرائر : 3 / 372 ، والقواعد : 3 / 657 ، والتحرير : 5 / 548 ، وجواهر الكلام : 43 / 142.

وجد مقتولا لزمه ديته إلّا أن يثبت على غيره ، ولو وجد ميّتا فقولان.

الثالث : إذا اجتمع المباشر والسّبب ضمن المباشر ،كالحافر مع الدافع ، والممسك مع الذّابح ، وواضع الحجر في الكفّة مع جاذب المنجنيق.

ولو جهل المباشر [ حال ] السبب ضمن السّبب ، كمن حفر بئرا في غير ملكه وسترها فدفع من لا يعلمها ثالثا ، وكذا لو فرّ الخائف فوقع في بئر لا يعلمها.

ولو حفرها في ملكه وسترها ثمّ دعا غيره ضمنه.

ولو اجتمع سببان ضمن السابق ، فلو حفر بئرا في طريق ، ووضع آخر حجرا ، فعثر به ثالث فوقع في البئر ، ضمن الواضع.

ولو حفر بئرا في غير ملكه ، ونصب آخر فيها سكّينا فتردّى إنسان على السكّين ، ضمن الحافر ، هذا مع تساوي العدوان ، فلو اختصّ به أحدهما فالضمان عليه.

ولو أحدر السيل حجرا إلى طرف البئر ضمن الحافر على توقّف.

ولو حفر بعض البئر ثمّ عمّقها آخر اشتركا في الضمان.

ولو ركبت جارية على أخرى فنخستها (1) ثالثة فقمصت (2) فصرعت الراكبة فماتت ، قيل : إن ألجأتها الناخسة فالدية عليها ، وإلّا فعلى القامصة (3).

ص: 580


1- في مجمع البحرين - : نخس الدّابّة ، كنصر وجعل : غرز مؤخّرها بعود ونحوه.
2- قمص البعير وغيره عند الركوب قمصا - من بابي ضرب وقتل - وهو أن يرفع يديه معا ويضعهما معا. المصباح المنير : 2 / 200، وقال الحلّي في السرائر : 3 / 374 : وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا ويعجن برجليه.
3- ذهب إليه الحلّي في السرائر : 3 / 374.

وقيل : بينهما (1).

وقيل : أثلاثا (2).

ولو وقع في زبية الأسد فتعلّق بثان ، والثاني بثالث ، والثالث برابع ، فعن أبي جعفر عليه السلام : إنّ عليّا عليه السلام قضى بأنّ الأوّل فريسة الأسد ، وعليه ثلث دية الثاني ، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث ، وعلى الثالث دية الرابع (3).

وهي قضيّة في واقعة.

ويحتمل أنّ على الأوّل دية الثاني ، وعلى الثاني دية الثالث ، وعلى الثالث دية الرابع.

ولو قلنا بالتشريك بين مباشر الإمساك والمشارك في الجذب ، فعلى الأوّل دية ونصف وثلث ، وعلى الثاني نصف وثلث ، وعلى الثالث ثلث.

ولو جذب الأوّل ثانيا فوقع عليه ، فإن مات الجاذب فهدر ، وإن مات المجذوب ضمنه الجاذب ، ولو ماتا فالأوّل هدر ويضمن دية الثاني في ماله.

ولو جذب الثاني ثالثا فماتوا بوقوع بعضهم على بعض ، فالأوّل مات بفعله وفعل الثاني ، فيسقط نصف ديته ، ويضمن الثاني النصف ، والثاني مات بجذب الأوّل وبجذب الثالث ، فيضمن الأوّل نصف ديته ، ولا ضمان على الثالث بل له دية كاملة.

فإن رجّحنا المباشر فديته على الثاني ، وإن شرّكنا بين القابض والجاذب ، فالدية على الأوّل والثاني نصفان.

ص: 581


1- وهو المشهور كما في التحرير : 5 / 553 ، وبه رواية نقلها في الوسائل : 19 / 178 ، الباب 7 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 1.
2- وهو خيرة المفيد في المقنعة : 750 ، واستجوده العلّامة في التحرير : 5 / 553.
3- لاحظ وسائل الشيعة : 19 / 176 ، الباب 4 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 2.

الفصل الثاني : في الواجب

اشارة

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : في دية النفس

اشارة

ودية الحرّ الذكر المسلم ومن بحكمه في العمد مائة بعير من مسّان الإبل ، أو مائتا بقرة ، أو ألف شاة ، أو مائتا حلّة من برود اليمن ، كلّ حلّة ثوبان ، أو ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، مع التراضي على الدية.

ويؤخذ من مال الجاني ، فيتخيّر في أيّ نوع شاء ، ويجزئ الأدون وغير إبله وغير إبل قومه.

ولا تجزئ المراض ولا القيمة السوقية ولا التلفيق من نوعين.

وهي مغلّظة في السّن والاستيفاء ، فتستأدى في سنة واحدة.

ودية شبيه العمد : ثلاث وثلاثون حقّة ، وثلاث وثلاثون بنت لبون ، وأربع وثلاثون ثنيّة طروقة الفحل ، أو أحد الخمسة الباقية.

وذلك في مال الجاني ، وتستأدى في سنين.

ص: 582

ودية الخطأ : عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقّة.

وذلك من العاقلة ، وتستأدى في ثلاث سنين.

ولو قتل في الشهر الحرام أو في الحرم ألزم دية وثلثا.

ولا تغليظ في الطرف.

ولو رمى في الحلّ فقتل في الحرم ، غلظ دون العكس.

ويضيّق على الملتجئ إلى الحرم في المطعم والمشرب حتّى يخرج ، ويقتص من الجاني في الحرم فيه ، وكذا مشاهد الأئمّة عليهم السلام.

ودية المرأة على النّصف ، وولد الزّنا كالمسلم.

ودية الذمّيّ ثمانمائة درهم ، ونسائهم على النّصف ، ولا دية لغيرهم من الكفّار.

ودية العبد قيمته ، وهي مقسومة على أعضائه كدية الحرّ ، ففي الواحد قيمته ، وكذا في الاثنين ، وفي أحدهما النّصف ، وهكذا ، فالحرّ أصل للعبد في المقدّر ، والعبد [ أصل ] له في غيره ، فيفرض الحرّ عبدا ، ثمّ يقوّم خاليا من الجناية ومتصفا بها ، ثمّ يؤخذ من الدية بنسبة التفاوت.

وإذا جنى عليه الحرّ بما فيه قيمته كاللسان ، لم يكن للسيّد مطالبته بها حتّى يدفعه إليه ، ولا كذا (1) لو قطع واحد يده وآخر رجله ، بل له إمساكه ومطالبة كلّ واحد بجنايته.

ص: 583


1- في « ب » و « ج » : « ولا له » ولعلّه مصحّف.

ولو جني عليه بأقلّ ، فله إمساكه والمطالبة بأرش الجناية ، وليس له دفعه والمطالبة بقيمته.

ودية الأمة قيمتها ، فإن تجاوزت دية الحرّة ردّت إليها.

ولا يضمن المولى جناية عبده ، فلو جنى على الحرّ خطأ تخيّر مولاه بين دفعه وفدائه بأرش الجناية ، ولو لم تستوعب قيمته ، تخيّر بين الفداء وتسليم ما قابل الجناية.

ولا فرق بين القنّ والمدبّر ، وفي أمّ الولد قولان.

خاتمة

تجب كفّارة الجمع على قاتل مسلم ومن بحكمه عمدا ظلما ، ذكرا كان أو أنثى ، حرّا كان أو عبدا ولو كان للقاتل.

وتجب في قتل الخطأ وشبيه العمد كفّارة مرتّبة مع المباشرة لا مع التسبيب ، ولا تجب بقتل الكافر وإن كان ذمّيّا أو معاهدا.

ولو قتل مسلما في دار الحرب عالما بإسلامه لغير ضرورة فعليه القود مع العمد ، والدية لا معه والكفّارة.

ولو ظنّ كفره فلا قود ولا دية ، وعليه الكفّارة.

ولو كان أسيرا فعليه الدية والكفّارة.

ولو قبلت الدية من قاتل العمد وجبت الكفارة إجماعا ، وكذا لو قتل قودا على الأقوى.

ص: 584

ولو اشترك في القتل جماعة فعلى كلّ واحد كفّارة تامّة.

ولا تجب على الصّبيّ والمجنون ، ويجب على الذمّيّ ، وتسقط بإسلامه.

ولا كفارة في قتل من أبيح دمه كاللائط.

المطلب الثاني : في دية الطرف

اشارة

وهو أقسام :

الأوّل : في شعر الرأس الدية ، وكذا في شعر اللحية ، فإن نبتا فالأرش ، وفي شعر المرأة ديتها ، فإن نبت فمهر نسائها ، وفي الأبعاض بالنسبة.

وفي الحاجبين خمسمائة دينار ، وفي أحدهما النّصف ، وفي البعض بحسابه.

وفي الأهداب الدية ، فإن قطعت الأجفان معها فديتان ، وفي غير ذلك الأرش.

الثاني : في العينين الدية ، وفي إحداهما النّصف ، وتستوي الصحيحة والعمشاء ، والجاحظة والحولاء.

وفي الأجفان الدية ، وفي كلّ واحد ربع ، وفي البعض بحسابه ، ولا يتداخل مع العين.

وفي أجفان الأعمى الدية ، وفي خسف العوراء ثلث الدية.

ص: 585

الثالث : في الأنف الدية ، وكذا في المارن ، وهو ما لان منه ، وفي بعضه بحسابه ، ( ولو قطع مع المارن القصبة فالدية ) (1).

ولو قطع المارن ثمّ القصبة ، ففي المارن الدية وفي القصبة الحكومة.

وتقسّط الدية على المنخرين والروثة - وهي الحاجز بينهما - أثلاثا ، وفي قطع بعض المنخر بالنسبة منه.

وفي كسر الأنف الدية إن فسد ، ولو جبر على غير عيب فمائة دينار ، وفي نافذته ثلث الدية ، فإن جبرت فخمس الدية ، وفي شلله ثلثا ديته ، وفي قطعه بعد الشلل الثلث.

الرابع : في الأذنين الدية ، وفي إحداهما النّصف ، وفي البعض بحسابه ، وفي الشحمة ثلث ديتها ، وكذا في خرمها.

والصّماء كالصحيحة.

الخامس : في الشّفتين الدية ، وفي العليا الثلث ، وفي السفلى الثلثان ، وفي البعض بحسابه ، وفي الاسترخاء الثلثان ، وفي التقلّص الحكومة ، وفي شقها حتّى تبدو الأسنان ثلث ديتها ، فإن برأت فالخمس.

وحدّ العليا ما تجافى عن اللّثة متّصلا بالمنخرين ، والسّفلى ما تجافى عنها مع طول الفم.

السادس : في اللسان الدية ، وكذا في الكلام وفي بعضه بنسبة ما يسقط من الحروف ، وهي : ثمانية وعشرون حرفا ، ولا عبرة بما يقطع منه.

ص: 586


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

فلو قطع نصفه فذهب ربع الحروف فربع الدية ، وبالعكس النّصف.

ولو سرع كلامه ، أو ازداد سرعة ، أو ثقل ، أو ازداد ثقلا فالحكومة ، وكذا لو نقل الفاسد إلى الصحيح.

ولو أبدل حرفا بحرف ، فعليه دية الفائت ، ولو أذهب آخر البدل فعليه ديته (1).

ولو قدر على الحروف دون التركيب فالحكومة.

وفي قطعه بعد إعدام الكلام الثلث.

وفي لسان الأخرس الثلث ، وفي بعضه بحسابه.

وفي لسان الطفل الدية ، ولو بلغ حدّ الكلام ولم يتكلّم فالثلث ، وإن تكلّم بعد ذلك اعتبر بالحروف ، فإن نقص بقدر ما أخذ فلا كلام ، وإلّا تمّم له ، أو استعيد منه.

ولو ادّعى الصّحيح ذهاب نطقه بالجناية ، صدّق بالقسامة ، وإذا عاد الكلام لم تسترجع الدية إن علم عدم الرجوع وإلّا رجع.

ولو عادت سنّ المثغر لم يسترجع مطلقا ، وكذا لو أنبت اللّه لسانه.

ولو كان له طرفان فقطع أحدهما ، فإن نطق بالآخر فالأرش ، وإلّا اعتبر بالحروف.

السابع : في الأسنان الدية ، وتقسم على ثمانية وعشرين ، اثنا عشر مقاديم :

ص: 587


1- وفي القواعد : 3 / 675 مكان العبارة : فلو أذهب آخر الحرف الّذي صار بدلا لم يلزمه إلّا ما يخصّ الحرف الواحد ، لاعتبار كونه أصليا.

ثنيّان ورباعيّتان ونابان ، ومثلها من أسفل ، وفي كلّ واحد خمسون دينارا.

وستّة عشر مآخير : ضاحك وثلاثة أضراس من كلّ جانب أعلى وأسفل وفي كلّ واحد خمسة وعشرون ، وفي الزائد ثلث دية الأصليّ إن قلعت منفردة ، وإلّا فلا شي ء.

ولو نقصت سقط ما قابله.

وتستوي البيضاء والسّوداء ، وسنّ المريض والكبير ، ولو اسودّت بالجناية أو انصدعت فثلثا ديتها.

وفي قلع المسوّدة الثلث ، وتثبت الدية إذا قلعت مع السنخ (1) أو كسر البارز خاصّة وبقي السنخ.

ولو قلع آخر السنخ فالحكومة.

وينتظر بسنّ الصغير ، فإن نبت فالأرش وإلّا فدية المثغر ، وفي بعضه بحسابه من الظاهر ، وفي المضطربة الحكومة.

الثامن : في اللحيين الدية ، وفي الواحد النصف إن قلعا بغير أسنان كالطفل والشيخ ، ولو قلعا معا فديتان ، وفي نقص المضغ أو تصلّبهما الأرش.

التاسع : في العنق الدية إذا كسر فأصور الإنسان أو عجز عن الازدراد ، ولو زال فالأرش.

وفي التّرقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا.

ص: 588


1- قال الشيخ في المبسوط : 7 / 137 : السنّ ما شاهدته زائدا عن اللّثة ، والسنخ أصلها المدفون في اللّثة.

العاشر : في اليدين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وحدّها المعصم ، وكذا لو قطعت من المرفق أو المنكب ، أو قطعت الأصابع منفردة.

ولو قطع مع الأصابع بعض الكفّ فنصف الدية والحكومة ، وكذا لو قطعت اليد مع بعض الزند أو بعض العضد.

ولو قطع الأصابع وآخر الكفّ ، فعلى الأوّل نصف الدية ، وعلى الثاني الحكومة.

وفي الذراعين الدية ، وكذا العضدين ، (1) وفي الواحد النصف.

وفي كلّ إصبع مائة دينار ، وفي الأنملة ثلثها ، وفي أنملة الإبهام النّصف.

وفي الظفر عشرة دنانير إن لم ينبت أو نبت أسود ، ولو نبت أبيض فخمسة.

ولو كان له كفّان على زند ففي قطعهما دية وحكومة ، ولو قطع إحداهما فإن كانت الأصليّة فالدية وإلّا الحكومة.

وتعرف الأصليّة بانفرادها بالبطش ، أو كونها أشدّ بطشا.

وفي الإصبع الزائدة ثلث الأصليّة ، وكذا الأنملة.

وفي شلل الأصابع ثلثا ديتها (2) ، وفي قطع المشلولة الثلث وإن كان خلقة.

ص: 589


1- في « ب » و « ج » : وكذا العضد.
2- في « ب » و « ج » : « وفي شلّ الأصابع ثلث ديتها » ولعلّه مصحّف ، قال في الجواهر : 43 / 257 : وفي شلل كلّ واحدة منها ثلثا ديتها بلا خلاف أجده فيه.

الحادي عشر : في كسر الظهر الدية وكذا لو احدودب أو عجز عن القعود ، ولو صلح فثلث الدية ، ولو كسر الصلب فجبر على غير عيب فمائة دينار ، وإن عثم فألف دينار.

ولو كسره فشلّت الرجلان فدية وثلثان.

ولو ذهب مشيه وجماعه فديتان.

وفي قطع النخاع الدّية ، وفي كسر بعصوصه (1) فلم يملك غائطه الدية ، وكذا لو كسر عجانه (2) فلم يملك بوله ولا غائطه.

الثاني عشر : في ثديي المرأة ديتها ، وفي الواحد النّصف ، ولو انقطع اللبن أو تعذّر نزوله فحكومة.

ولو قطع معهما جلدة من الصّدر فدية وحكومة ، ولو أجاف مع ذلك الصدر فدية وحكومة ودية الجائفة.

وفي الحلمتين الدّية ، وقيل : في حلمتي الرجل الرّبع وفي كلّ واحدة الثمن. (3)

ولو داس بطنه حتّى أحدث ، قيل : يفعل به ذلك ، أو يفدي نفسه بثلث الدية. (4)

ص: 590


1- البعصوص من الإنسان : العظم الصغير الّذي بين أليتيه ، لسان العرب « مادّة : بعص ».
2- العجان : الاست ، وقيل : هو القضيب الممدود من الخصية إلى الدبر ، وقيل : هو آخر الذكر ممدود في الجلد ، وقيل : هو ما بين الخصية والفقحة. لسان العرب « مادّة : عجن ».
3- وهو خيرة الفقيه البارع يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : 590.
4- القائل هو العلّامة في القواعد : 3 / 681.

الثالث عشر : في استئصال الذكر الدّية ، وكذا في الحشفة ، سواء الصبي والشابّ والشيخ والخصيّ.

ولو قطع بعض الحشفة فبالنسبة منها ، ولو قطعها ثمّ قطع الباقي ، ففيها الدّية وفي الباقي الحكومة ، وكذا لو قطعه غيره.

وفي شلله ثلثا ديته ، وفيه بعد الشلل الثلث.

وفي ذكر العنّين ثلث الدية ، وفي بعضه بحسابه.

وفي الخصيتين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وفي أدرة (1) الخصيتين أربعمائة دينار ، فإن فجج وعجز عن المشي فثمانمائة دينار.

الرابع عشر : في الأليتين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وفيهما للمرأة ديتها ، وفي الواحدة النّصف.

الخامس عشر : في الشفرين ديتها ،وفي الواحدة النصف ، وفي الرّكب (2) الحكومة ، وكذا في منبت عانة الرجل.

وفي الإفضاء ديتها ، ويسقط عن الزوج إن كان بالوطء بعد البلوغ ، ولو كان قبله فالدية والمهر والإنفاق عليها حتّى يموت أحدهما ، وتحرم أبدا.

ولو كان الواطئ أجنبيّا فإن طاوعته فالدية ، وإن أكرهها فالدية والمهر.

ص: 591


1- الأدرة - بالضمّ - : نفخة في الخصية ، والأدر والمأدور : الذي ينفتق صفاقه فيقع قصبه ولا ينفتق إلّا من جانبه الأيسر ، وقيل : هو الّذي يصيبه الفتق في إحدى الخصيتين. لسان العرب ( مادّة : أدر ).
2- الرّكب بالتحريك : منبت العانة ، فعن الخليل : هو للمرأة خاصة. مجمع البحرين.

ويجب للبكر مع ذلك أرش البكارة.

ولو افتضّ بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها ، فعليه ديتها ، ومهر مثلها ، وفي خرق مثانة الثيّب ديتها.

السادس عشر : في الرّجلين الدية ، وفي الواحدة النّصف ، وحدّها مفصل الساق.

وفي السّاقين الدية ، وفي كلّ واحدة النصف ، وكذا الفخذان.

وفي الأصابع الدية ، وفي كلّ إصبع مائة دينار ، وتقسّم على الأنامل كاليد. (1)

خاتمة

في كسر الضلع المخالط للقلب خمسة وعشرون دينارا ، وفيما يلي العضدين عشرة ، وفي كسر عظم من عضو خمس دية العضو ، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره ، وفي موضحته ربع دية كسره ، وفي رضّه ثلث ديته ، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية رضّه ، وفي فكّه بحيث يتعطّل العضو ثلثا ديته ، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكّه.

ص: 592


1- في « أ » : كاليدين.

[ المطلب ] الثالث : في دية المنافع

وهي سبعة :

الأوّل : العقل ،وفيه الدّية وفي بعضه الأرش بنظر الحاكم ، ولا فرق بين المطبق والأدوار ، وهذا إذا حكم أهل الخبرة بعدم عوده ، وإلّا انتظر حاله ، فإن استمرّ فالدية ، وإن مات فالدية ، ولو عاد فالأرش.

ولو عاد بعد استيفاء الدية لم يرجع.

ولو ذهب بجرح لم يتداخلا.

ولو أنكر الجاني زواله روعي في خلوته ، فإن ظهر اختلاله ثبت بغير يمين ، وإلّا قدّم قول الجاني مع اليمين.

ولا قصاص فيه وإن تعمّد لعدم العلم بمحلّه.

الثاني : السّمع ،وفيه الدية إن أيس من عوده ، أو حكم بالعود ولم يعد ، ولو عاد فالأرش.

ولو أنكر الجاني ذهابه اعتبر بصوت منكر بغتة عند غفلته ، فإن علم صدقه فذاك ، وإلّا أحلف القسامة ، وحكم له.

وفي ذهاب سمع إحدى الأذنين نصف الدية ، ولو ادّعى نقص

ص: 593

سمعها ، قيس إلى الأخرى بأن تسدّ الناقصة وتطلق الصحيحة ، ويصاح به حتّى يقول : لا أسمع ، ثمّ يفعل به ذلك في الجهات الأربع ، فإن تساوت صدّق وإلّا كذّب.

ثمّ تسدّ الصحيحة وتطلق الناقصة ، ويفعل كالأوّل ، ثمّ تمسح المسافتان ، ويؤخذ بنسبة التفاوت.

ولو نقص سمعهما (1) ، فعل به ذلك مع إيقاسه كما قلناه.

ولا يقاس إلّا في المواضع المعتدلة ، وعند سكون الهواء.

وفي ذهابه بقطع الأذنين ديتان ، وبقطع إحداهما دية ونصف.

الثالث : النظر ، وفيه الدية ، ويستوي الأعمش ، والأخفش ، والأعشى ، ومن على حدقته بياض وهو ينظر (2) وفي ضوء إحدى العينين النّصف ، ويثبت بشاهدين من أهل الخبرة ، وبشاهد وامرأتين في الخطأ وشبيه العمد ، فإن أيس من عوده أو رجي في مدّة غير مضبوطة استقرت الدية ، وكذا لو رجي عوده بعد مدّة وانقضت ولم يعد ، أو مات قبل انقضائها ، فإن عاد فيها فالأرش.

ولو اختلفا في عوده قدّم قول المجنيّ عليه مع يمينه.

ولو مات فيها فادّعى الجاني العود قدّم قول الوليّ مع يمينه.

ولو ادّعى ذهاب بصره بالضرب وعينه قائمة أحلف القسامة وقضي له.

وروي أنّه يقابل عينه بالشمس ، فإن بقيتا مفتوحتين صدّق وإلّا كذّب. (3)

ص: 594


1- في بعض النسخ : « سمعها ».
2- في « أ » : وهو يبصر.
3- لاحظ وسائل الشيعة : 19 / 279 ، الباب 4 من أبواب ديات المنافع ، الحديث 1.

ولو ادّعى نقصان إحداهما نسبت إلى الأخرى كما فعل في السّمع.

ولو ادّعى نقصهما نسبت إلى إيقاسه كالسّمع ، ويعطى بحسب التفاوت بعد الاستظهار بالأيمان.

ولا يقاس في يوم غيم ، ولا في أرض مختلفة.

ولو ادّعى أنّ عينه صحيحة والجاني أنّها قائمة ، فوجهان.

الرابع : الشمّ ، وفيه الدّية ، ولو ادّعى ذهابه بالجناية اعتبر بالرائحة الطيّبة والكريهة ، ثمّ يستظهر بالقسامة ، ويقضى له.

وروي أنّه يقرب منه الحرّاق ، فإن دمعت عيناه ونحّى أنفه فكاذب ، ويحلف الجاني ، وإلّا فصادق.

ولو ادّعى نقصه أحلف الأيمان ، ويقضى بالحكومة ، ولو عاد بعد أخذ الدية لم ترجع.

ولو ذهب الشم بقطع الأنف فديتان.

الخامس : الذّوق ، وفيه الدية بعد الأيمان ، ويعتبر بالمرّة المنكّرة ، وفي نقصانه الحكومة.

السادس : في الصوت الدية.

[ السابع : ] وفي كلّ من قوّة المضغ ، والإمناء ، والإحبال ، وتعذّر الإنزال ، وإبطال اللذّة بالجماع أو بالطعام ، ومنفعة المشي الدّية ، وكذا في البطن والسّلس ، وفي قوّة الإرضاع حكومة.

ص: 595

المطلب الرابع : في الشجاج والجراح

اشارة

أمّا الشجاج ، فيختصّ بالرأس والوجه.

ففي الحارصة ، وهي الّتي تقشر الجلد بعير ، وليست الدامية.

وفي الدامية ، وهي الّتي تأخذ في اللحم يسيرا بعيران.

وفي الباضعة ، وهي الّتي تأخذ في اللحم كثيرا ، ولم تبلغ السّمحاق ، ثلاثة أبعرة ، وتسمّى المتلاحمة.

وفي السمحاق ، وهي الّتي تبلغ السّمحاق ، وهي الجلدة المغشية للعظم ، أربعة أبعرة.

وفي الموضحة ، وهي الّتي تكشف الجلد خمسة أبعرة.

وفي الهاشمة ، وهي الّتي تهشم العظم ، عشرة أبعرة أرباعا في الخطأ ، وأثلاثا في شبيه العمد ، ويحكم بدية الكسر وإن لم يجرح.

وفي المنقّلة ، وهي الّتي تحوج إلى نقل العظام ، خمسة عشر بعيرا.

وفي المأمومة ، وهي الّتي تبلغ أمّ الرأس ، وهي الخريطة الجامعة للدماغ ، ثلث الدّية.

ولا قصاص في الثلاثة الأخيرة ، نعم له أن يقتصّ في الموضحة ،

ص: 596

ويأخذ دية الزّائد ، وهي : خمسة في الهاشمة ، وعشرة في المنقّلة ، وثمانية وعشرون وثلث في المأمومة.

والدامغة ، وهي الّتي تفتق الخريطة ، والسلامة معها بعيدة ، فإن اتّفقت زيد على الدامية حكومة.

فروع

الأوّل : لو أوضحه اثنتين فديتان ، فإن وصلهما الجاني فواحدة ، وكذا لو سرتا فذهب ما بينهما ، فلو أخذ دية موضحتين ارتجع منه دية واحدة ، أمّا لو أوصل بينهما في الظاهر وانخرق ما بينهما في الباطن فديتان.

ولو أوصلهما أجنبيّ ، فعلى الأوّل ديتان ، وعلى الواصل دية.

ولو أوصلهما المجنيّ عليه فديتان ، وفعله هدر.

ولو ادّعى الجاني انّه الواصل ، قدّم قول المجنيّ عليه مع يمينه.

الثاني : لو شجّه [ شجّة ] واحدة واختلفت أحوالها ، أخذ دية الأكثر. (1)

الثالث : لو شجّه في عضوين فلكلّ عضو دية وإن اتّحدت (2) الضربة.

ولو شجّه واحدة في رأسه ووجهه ، فهي واحدة.

لو أوضحه فأتمّها آخر هاشمة وثالث منقلة ورابع مأمومة ، فعلى الأوّل خمسة أبعرة ، وكذا على الثاني والثالث ، وعلى الرابع تمام دية المأمومة.

ص: 597


1- في القواعد : 3 / 693 مكان العبارة : « إذا شجّه شجّة واحدة واختلفت أبعادها أخذنا دية الأبعد ».
2- في « ب » و « ج » : إن اتّحدت.

الرّابع : دية الشجّة تابعة للاسم ، ولا عبرة بالكبر والصّغر. (1)

وأمّا الجراح ، فيجب في الجائفة ثلث الدية ، وهي الّتي تبلغ الجوف من أيّ الجهات كان ، ولو في ثغرة النحر ، ولا قصاص فيها.

ولو جرح عضوا ثمّ أجاف لزمه ديتهما.

ولو أجاف ثمّ أدخل سكّينه ، فإن لم يزد عزّر ، وإن وسّعها باطنا وظاهرا فهي جائفة أخرى ، وإن وسّعها في أحدهما فالحكومة.

ولو أبرز آخر حشويه فهو قاتل.

ولو فتق الخياطة بعد الالتحام فجائفة أخرى ، وقبله الأرش ، وبعد التحام البعض حكومة.

ولو طعنه فخرجت من ظهره فجائفتان.

وفي النافذة في الأنف ثلث الدية ، فإن برأت فالخمس ، وفي أحد المنخرين العشر ، وفي شي ء من أطراف الرّجل مائة دينار.

ولو جنى بغير الجرح والكسر ، كاللطم (2) واللّكم والضرب بالعصا أو بالسّوط ، فإن أثّر في الوجه احمرارا فدينار ونصف ، وفي الاخضرار ثلاثة دنانير ، وفي الاسوداد ستّة وهو في البدن على النّصف.

ولو لم يؤثّر الضرب سببا فالتعزير ، وإن أثّر نفخة فالحكومة.

ص: 598


1- في « ب » و « ج » : بالكبير والصغير.
2- لكمه لكما : ضربه بجمع كفّه. المعجم الوسيط « مادّة : لكم ».

وإن أحدث شللا في عضو فثلثا ديته ، وفي قطعه بعد الشلل الثلث ، وفيما لا تقدير له الحكومة.

ولا فرق بين الرأس والوجه في دية الشجاج ، وهو في البدن بنسبة دية العضو الّذي يتّفق فيه من دية الرأس ، ففي حارصة أنملة الإبهام نصف عشر بعير ، وفي أنملة غيرها ثلث عشر بعير.

خاتمة

المرأة كالرّجل في ديات الأعضاء والجراح حتّى تبلغ ثلث دية الرّجل ، فتصير على النّصف ، سواء كان الجاني رجلا أو امرأة ، ففي ثلاث أصابع [ منها ] ثلاثمائة ، وفي الأربع مائتان ، وكذا القصاص فيقتصّ لها منه بغير ردّ ، وفيما بلغ الثلث مع الردّ.

وكلّ عضو من الرّجل ، فيه ديته فيه من المرأة ديتها ، وكذا من الذمّيّ ومن العبد قيمته.

وما فيه مقدّر من الحرّ فهو بنسبته من دية المرأة والذمّيّ وقيمة العبد.

وما لا تقدير فيه من الحرّ فيه الحكومة ، وهي والأرش واحد ومعناه : أن يفرض عبدا ويقوّم صحيحا ، ثمّ يقوّم بتلك الجناية ، ويؤخذ من الدية بنسبة التفاوت.

والإمام وليّ من لا وليّ له ، فيقتصّ في العمد ، ويأخذ الدية في غيره ، وليس له العفو عنهما.

ص: 599

المطلب الخامس : في دية الجنين والميّت

اشارة

دية الجنين الحرّ المسلم مائة دينار إذا تمّ ولم تلجه الرّوح ، ذكرا كان أو أنثى أو خنثى ، ودية جنين الذّمّيّ عشر دية أبيه ، ودية المملوك عشر قيمة أمّه الأمة ، ويعتبر قيمتها (1) عند الجناية لا وقت الإلقاء ، ولو كانت حرّة فوجهان.

ولو ولجته الرّوح فللذّكر دية كاملة وللأنثى نصف ، وللمملوك قيمته ، ولا بدّ من يقين الحياة ، فلا عبرة بالحركة ، لاحتمال الريح.

ولو تعدّد الحمل تعدّدت الدية.

وتجب الكفّارة إذا ولجته الرّوح.

ولو قتل المرأة فمات معها ، فإن ولجته الرّوح لزمه دية المرأة ونصف دية ذكر ونصف دية أنثى إن جهل حاله ، وإلّا لزمه ديته ودية أعضائه وجراحاته بالنسبة إلى ديته ، ففي يده قبل ولوج الروح خمسون دينارا ، وبعده خمسمائة دينار.

ولو لم تتمّ خلقته فغرّة على رواية. (2) والأولى توزيع الدية على أحواله ، ففي النطفة إذا استقرّت في الرّحم عشرون دينارا ، وفي العلقة أربعون ، وفي المضغة ستّون ، وفي العظم ثمانون ، وفيما بين ذلك بحسابه.

ص: 600


1- في « ب » و « ج » : قيمتهما.
2- لاحظ التهذيب : 10 / 286 ، رقم الحديث 1108 - 1110.

وتتعلّق بالنطفة الدّية خاصّة ، وبغيرها الدية وانقضاء العدّة ، وصيرورة الأمة أمّ ولد ، بمعنى تسلّط (1) المالك على إبطال التصرّفات السابقة.

ولو ألقته المرأة مباشرة أو تسبيبا ضمنت الدّية لغيرها من الورثة.

ولو ألقته بإفزاع فالدّية على المفزع.

ولو أفزع المجامع فعزل ، فعلى المفزع عشرة دنانير للزّوجين.

ولو عزل [ المجامع ] اختيارا بغير إذنها فلها عليه العشرة.

ولو منعت النطفة من دخول الرّحم بوضع شي ء في فمه ضمنتها له.

ويرث دية الجنين وارث المال ، الأقرب فالأقرب.

ويضمن الجاني دية الجنين في ماله في العمد وشبهه ، والعاقلة في الخطأ ، وتستأدي في ثلاث سنين.

فروع

الأوّل : لو ضرب الذّمية فأسلمت ثمّ ألقت الجنين ضمن ديته مسلما ، ولو كانت حربيّة فلا ضمان.

ولو كانت أمة فألقته بعد عتقها ، فلمولاها عشر قيمة أمّه وقت الجناية.

الثاني : لو ضربها ثمّ ألقته فمات ، أو بقي ضمنا فمات ، أو وقع وحياته غير مستقرّة قتل به إن تعمّد ، وإلّا فعليه الدية أو على العاقلة [ مع الخطأ ] ، وتجب الكفّارة على التقديرات.

ص: 601


1- في « ب » و « ج » : تسليط.

ولو ألقته مستقرّ الحياة فقتله آخر عزّر الأوّل وقتل الثاني به ، ولو كانت حياته غير مستقرّة انعكس الحكم.

ولو جهل حاله فلا قود ، وعلى الثاني الدّية.

الثالث : لو وطئها مسلم وذمّيّ في طهر واحد بشبهة ، أقرع وألزم الجاني بنسبة [ دية ] من خرج له. (1)

الرابع : لو ألقت عضوا كاليد ، ثمّ ألقت جنينا ناقص اليد ميّتا ، أو غير مستقرّ الحياة ، دخلت دية العضو في ديته ، ولو كانت مستقرّة ضمن دية اليد خاصّة ولو لم يسقط فإن شهد العارفون انّها يد حيّ ، فنصف الدّية ، وإلّا فنصف المائة.

ولو ألقت العضو ثمّ ماتت ضمن ديتها ودية الجنين.

الخامس : لو ألقت عضوا ثمّ جنينا كامل الأطراف فديتان ، ولو ألقت أربع أيد فدية واحدة ، لأنّ الأصل براءة الذمّة من الزائد عن واحدة.

السادس : لو ادّعى وارث الجنين أنّه ضربها فألقته ، فأنكر الضرب ، قدّم قوله مع يمينه ، وكذا لو اعترف بالضرب وأنكر إلقاء شي ء ، أو ادّعى أنّه ليس لها ، قدّم قوله أيضا ، وتقبل هنا شهادة النساء بخلاف الأولى.

ولو اعترف بالضرب والإلقاء وأنكر استناده إلى ضربه ، فإن قصر الزمان قدّم قولها ، وإلّا قدّم قوله.

ص: 602


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : « ألزم الجاني بدية من خرجت له » وفي القواعد : 3 / 699 مكان العبارة : « وألزم الجاني بنسبة دية من ألحق به ».

ولو ادّعى الوارث الاستهلال وأنكر الضارب ، قدّم قوله مع يمينه ، وتقبل [ هنا ] شهادة النّساء.

وفي قطع رأس الميّت الحرّ المسلم مائة دينار ، وكذا لو يبنه وقطع بموته لو كان حيّا (1) ، وفي أعضائه وجراحه وشجاجه بنسبة المائة.

ولو كانت الجناية غير مقدّرة فالأرش ، فيفرض حيّا ، وتنسب الجناية إلى المائة ، ثمّ يؤخذ منها بتلك النسبة.

ولا يرثها الوارث بل يتصدّق بها في وجوه القرب ، ولا يقضي منها ديونه على الأقوى.

وفي قطع رأس الذمّيّ عشر ديته ، وفي رأس العبد عشر قيمته.

ويستوي الذكر والأنثى والصغير والكبير في ذلك.

ص: 603


1- وفي القواعد : 3 / 701 مكان العبارة : « ولو لم يبن الرأس بل قطع ما لو كان حيّا لم يعش مثله فمائة دينار » وهو أظهر ممّا في المتن.

الفصل الثالث : في محلّ الواجب

اشارة

تجب دية العمد مع التّراضي في مال الجاني ، فإن فرّ فلم يقدر عليه حتّى مات أخذت من تركته إن كان له مال ، وإلّا فمن الأقرب فالأقرب ، ودية شبيه العمد على الجاني ، ودية الخطأ على العاقلة.

فهنا مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] المحلّ

وهو العصبة ، والمعتق ، وضامن الجريرة ، والإمام ، فالعصبة من يتقرّب بالأبوين أو بالأب كالاخوة وأولادهم ، والعمومة وأولادهم ، وإن قرب غيرهم.

ويقدّم المتقرّب بالأبوين على المتقرّب بالأب ، ولا يعقل المتقرّب بالأمّ ، ولا الزّوج والزّوجة.

ويشترط الذكورة ، والبلوغ ، والعقل ، والغنى ، والتساوي في الدّين ، والعلم بكيفية انتسابهم إلى القاتل ، ولا يكفي كونهم من القبيلة.

ص: 604

فلا تعقل المرأة والمجنون وإن ورثوا من الدية ، ولا الفقير ، ويعتبر فقره عند المطالبة ، ولا المسلم الكافر وبالعكس.

ولو (1) رمى الذّمّيّ فأصاب مسلما فقتله بعد إسلامه لم يعقله المسلمون ، لأنّه ذمّيّ ، ولا الكفّار ، لأنّه أصابه وهو مسلم ، ويضمن الدية في ماله.

ولو رمى المسلم ثمّ ارتدّ فأصاب مسلما فقتله ، لم يعقله الكفّار ، لأنّه رمى وهو مسلم ، ولا المسلمون لأنّه أصاب وهو كافر ، وفيه توقّف.

وجناية الذّميّ في ماله وإن كانت خطأ ، فإن عجز عقله الإمام دون قومه.

ولا يعقل أهل الديوان (2) ولا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة.

وإذا فقد العصبة عقل المولى من أعلى لا من أسفل ، ثمّ عصبة المولى ، ثمّ معتق المولى ، ثمّ عصباته ، ثمّ معتق أب المعتق ، ثمّ عصباته ، وهكذا كالإرث ، فإن عدموا فالضامن لا المضمون ، ومع عدمه أو فقره فالإمام.

المبحث الثاني : [ في ] المضمون

وهو دية الخطأ المحض ، فلا تحمل العاقلة غرامات الأموال وإن كان خطأ ، كاملا كان المتلف أو لا ، غنيّا [ كان ] أو فقيرا ، ولا جراحات العمد وشبهه وإن أوجبت المال كالهاشمة.

ص: 605


1- في « أ » : فلو.
2- قال في المسالك : 15 / 511 : المراد بأهل الديوان : الّذين رتّبهم الإمام للجهاد ، وأدرّ لهم أرزاقا ، وجعلهم تحت راية أمير يصدرون عن رأيه.

ولا يعقل بهيمة ولا عبدا بل قيمته في مال الجاني وإن كان خطأ ، ولا جناية عبده ، قنّا كان أو مدبّرا ، أو مكاتبا ، أو مستولدة ، ولا إقرارا ، ولا صلحا ، ولا عمدا ، وإن أوجبت الدية ، كقتل الأب ولده ، والمسلم الذّمّيّ ، والحرّ العبد ، ولا جنايته على نفسه خطأ.

وتحمل [ العاقلة ] دية الموضحة فما زاد إجماعا ، لا ما نقص على الأقوى.

وجناية الصّبيّ والمجنون على عاقلتهما مطلقا إن كانت على نفس آدميّ ، وإلّا ففي ماله إن كان له مال ، وإلّا ضاع ، ولا يجب عليه أداؤه عند البلوغ.

المبحث الثالث : في كيفيّة التوزيع

يؤخذ من الغنيّ نصف دينار ومن الفقير ربع ، وقيل : يجب ما يراه الإمام (1) فإن ضاقت فمن البعيد ، ثمّ من الأبعد ، ثمّ من المعتق ، وهكذا كما تقدّم.

فإن زادت الدّية عن العاقلة أجمع أخذ الزائد من الإمام.

ولو زادت العاقلة على الدية لم يخصّ البعض.

ولو غاب البعض لم يخصّ الحاضر.

وتستأدى في ثلاث سنين ، ويؤخذ عند انسلاخ كلّ سنة الثلث ، سواء كانت تامّة أو ناقصة كدية الذمّيّ والمرأة.

ص: 606


1- ذهب إليه الشيخ في المبسوط : 7 / 180.

ولو كان أكثر من الدية كيدين ورجلين ، فإن كان لاثنين حلّ لكلّ واحد ثلث الدية ، وإن كانا لواحد حلّ لكلّ جناية سدس.

وابتداء التأجيل في النفس من حين الموت ، وفي الطرف من حين الجناية ، لا الاندمال ، وفي السراية وقت الاندمال.

ولا يقف ضرب الأجل على حكم الحاكم.

ولو مات البعض في الحول سقط عنه ، وبعده يؤخذ من تركته ، ولو استغنى عند الحلول ففي الوجوب توقّف.

ولو كانت العاقلة غائبة كوتب الحاكم بالواقعة ليوزّع الدية عليهم.

ولو فقدت العاقلة ، أو عجزت ، أو افتقرت أخذت من الجاني ، فإن عجز فمن الإمام.

ولو قتل الأب ولده عمدا ضمن الدّية لغيره من الوارث ، ولا يرث منها ، ولو فقد الوارث فالإمام.

ولو قتله خطأ ضمنت العاقلة للوارث دون الأب ، ولو لم يكن سوى العاقلة فلا دية.

وكذا البحث لو قتل الولد أباه خطأ.

ص: 607

خاتمة : في الجناية على الحيوان

اشارة

وفيه فصول :

الأوّل : [ في ] ما يؤكل ، فلو أتلفه بالذكاة لزمه ما بين كونه حيّا ومذكّى ، وليس للمالك دفعه إلى الجاني والمطالبة بقيمته.

ولو أتلفه بغير الذّكاة فعليه قيمته يوم إتلافه ، ويوضع منها قيمة ما يؤخذ من صوفه وشعره ووبره وريشه.

ولو أتلف منه عضوا أو كسر عظما فالأرش.

الثاني : [ في ] ما لا يؤكل وتقع عليه الذّكاة كالسباع ، فإن أتلفه بالذّكاة ضمن الأرش ، وكذا لو جرحه أو قطع منه عضوا أو كسر عظما ، ولو أتلفه بغير الذّكاة ضمن قيمته حيّا.

الثالث : [ في ] ما لا تقع عليه الذّكاة ، ففي كلب الصّيد أربعون درهما ، ولا يختص بالسّلوقي ، وفي كلب الغنم كبش ، وفي كلب الحائط عشرون درهما ، وفي كلب الزرع قفيز برّ ، ويجب على الجاني.

أمّا الغاصب فيلزمه القيمة السوقية وإن زادت على الدّية.

ولا دية لغير ذلك ممّا لا تقع عليه الذكاة ، نعم لو أتلف خنزيرا لذمّيّ

ص: 608

ضمن قيمته عند مستحلّيه ، وفي أطرافه الأرش ، ويشترط الاستتار ، فلا يضمن مع الإظهار.

ولو كان لمسلم لم يضمنه المتلف وإن كان ذمّيا.

ويضمن صاحب الماشية الزرع إن فرّط في الحفظ ، سواء كان ليلا أو نهارا.

وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في بعير بين أربعة عقله أحدهم ، فوقع في بئر فانكسر : أنّ على الشركاء حصّته ، لأنّه حفظه وضيّعوا (1).

وحيث سبق من الجواد المطلق العناية ببلوغ النهاية ،فلنجعل الغاية كالبداية فنقول :

الحمد لله على نعمه الجسام ، وله الشكر على سائر الأقسام ،

والصّلاة على أشرف الأنام محمّد النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم

وعلى آله خلفاء الإسلام وسلّم تسليما

ص: 609


1- لاحظ وسائل الشيعة : 19 / 207 ، الباب 39 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 1. نقله المصنّف بالمعنى.
كلمة المحقّق :

قد فرغنا من عمليّة تحقيق هذا الكتاب والتعليق عليه وتقويم نصّه على ضوء النسخ وغيرها يوم الخميس ، العاشر من شهر جمادى الأولى من شهور عام 1424 ه - ق.

نحمده سبحانه ونشكره على هذه النّعمة ، ونصلّي ونسلّم على النبيّ محمّد وآله صلوات اللّه عليهم أجمعين ، ونرجو من منّه الجسيم أن يحشرنا مع « آل ياسين عليهم السلام » ويتقبّل هذا العمل من عبده الضّعيف بأحسن قبول ، ويجعله ذخرا ليوم معاده الّذي وصفه سبحانه بقوله : ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلّا مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) .

وفي خاتمة المطاف لا يفوتني أن أعبر عن شكري الجزيل إلى سماحة العلّامة آية اللّه جعفر السبحاني « حفظه اللّه تعالى » لما هيّأ لي من أسباب التحقيق ، وأفادني في هذا المضمار ، كما هو دأبه مع أكثر المحققين في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

قم المقدّسة

إبراهيم البهادري

1424 ه-

ص: 610

فهرس الموضوعات

الموضوع / الصفحة

مقدمة... 5

كتاب النكاح

وفيه مقدمة ومقاصد... 7

مقدمة كتاب النكاح وفيها مباحث... 9

في اداب العقد... 11

في اداب الدخول... 11

في خصائص النبي صلى اللّه عليه وآله... 12

واما المقاصد فأربعة... 14

ص: 611

الموضوع / الصفحة

المقصد الاول في اقسامه وفي ثلاثة... 14

القسم الاول في الدائم وفيه ابواب... 14

الباب الاول في العقد وفيه فصول... 14

الفصل الاول في الصيغة... 14

الفصل الثاني في المتعاقدين... 15

الفصل الثالث في الاولياء وفيه بحوث... 16

الاول في اسباب الولاية... 16

الثاني فيما يسلب الولاية... 18

الثالث في الاحكام... 18

الباب الثاني في الكفاءة... 20

الباب الثالث في الصداق وفيه مطلبان... 21

المطلب الاول في ذكره والنظر في امور... 21

الامر الاول في المهر الصحيح... 21

الامر الثاني في المهر الفاسد... 24

الامر الثالث في تنصيف المهر... 26

الامر الرابع في العفو... 27

فرع اذاكان المهر دينا على الزواج... 28

ص: 612

الموضوع / الصفحة

تتمة اذا زوج الاب او الجد الولدالصغير وله مال... 28

المطلب الثاني في التفويض وفيه قسمان... 29

الاول تفويض البضع... 29

القسم الثاني تفويض المهر... 30

الامر الخامس في التنازع... 31

القسم الثاني في النكاح المنقطع وفيه مطلبان... 32

المطلب الاول في اركانه... 32

المطلب الثاني في أحكامه... 34

القسم الثالث في نكاح الاماء وفيه امران... 35

الاول العقد وفيه فصلان... 35

الفصل الاول في محله... 35

الفصل الثاني في مبطلاته... 38

الاول العتق... 38

الثاني البيع... 39

الثالث الطلاق... 40

الامر الثاني الملك وفيه بحثان... 41

ص: 613

الموضوع / الصفحة

الاول ملك اليمين... 41

الثاني ملك المنفعة والنظر في الصيغة والشروط والحكم... 42

المقصد الثاني في اسباب التحريم... 44

الاول النسب... 44

الثاني الرضاع وفيه فصول... 45

الفصل الاول في اركانه... 45

الفصل الثاني في شروطه... 47

الفصل الثالث في احكامه... 48

تتمة يثبت الرضاع بشاهدين... 51

السبب الثالث في المصاهرة وتوابعها... 51

التوابع وفيها امران... 53

الاول في اسباب تحريم العين... 53

الثاني في اسباب تحريم الجمع... 55

السبب الرابع في استيفاء العدد والطلاق... 56

فروع... 57

السبب الخامس الكفر وفيه فصول... 58

الفصل الاول في اصناف الكفار... 58

ص: 614

الموضوع / الصفحة

الفصل الثاني في الانتقال... 59

الفصل الثالث في حكم الزايد على العدد... 61

الفصل الرابع في الاختيار وفيه بحثان... 64

الاول في كيفيته... 64

الثاني في وجوب الاختيار... 65

الفصل الخامس في النفقة... 65

المقصد الثالث في سبب الخيار وهو ثلاثة... 67

الاول العتق... 67

الثاني العيوب وفيه بحثان... 67

الاول في اقسامها... 67

الثاني في الاحكام... 69

السبب الثالث التدليس... 70

فروع... 72

المقصد الرابع في توابع النكاح وفيه فصول... 73

الفصل الاول في القسم وفيه بحوث... 73

الاول في حقيقة... 73

البحث الثاني في مستحقه... 74

ص: 615

الموضوع / الصفحة

البحث الثالث في كيفية... 75

البحث الرابع في التفاضل... 75

البحث الخامس في القضاء... 76

البحث السادس في السفر... 77

الفصل الثاني في النشوز... 79

الفصل الثالث في الشقاق... 80

الفصل الرابع في النفقات واسبابها ثلاثة... 81

السبب الاول الزوجية وفيه بحوث... 81

الاول في الموجب... 81

البحث الثاني في قدرها وكيفية الانفاق... 82

البحث الثالث في المسقط... 85

السبب الثاني القرابة... 87

السبب الثالث الملك... 89

خاتمة في الاولاد وفيه بحوث... 90

الاول في الولادة... 90

البحث الثاني في الحاق الاولاد بالاباء فيه فصول... 92

الفصل الاول في ولد الزوجة... 92

ص: 616

الموضوع / الصفحة

الفصل الثاني في ولد المستمتع بها... 93

الفصل الثالث في ولد الشبهة... 93

الفصل الرابع في ولد الموطوءة بالملك... 94

البحث الثالث في الرضاع... 94

البحث الرابع في الحضانة... 95

القسم الثالث في الايقاعات وفيه كتب... 97

كتاب الطلاق

النظر الاول في الاركان... 99

الركن الاول المطلق... 99

الركن الثاني المطلقة... 100

الركن الثالث الصيغة... 102

الركن الرابع الاشهاد... 105

النظر الثاني في اقسامه... 106

النظر الثالث في لواحقه وفيه مطالب... 108

المطلب الاول اذا شك في ايقاعه لم يلزمه الطلاق... 108

ص: 617

الموضوع / الصفحة

المطلب الثاني طلاق المريض... 108

المطلب الثالث في الرجعة... 109

المطلب الرابع في التحليل... 110

المطلب الخامس في العدد وفيه فصول... 111

الفصل الاول لاعدة لغير المدخول بها... 111

الفصل الثاني في ذات الاقراء... 112

الفصل الثالث في ذات الشهور... 112

الفصل الرابع في عدة الحامل... 113

الفصل الخامس في عدة الوفاة... 115

الفصل السادس في المفقود... 116

الفصل السابع في عدة الامة... 117

الفصل الثامن في تداخل العدتين... 119

الفصل التاسع في السكني والنفقة وفيه بحثان... 120

البحث الاول في مستحقها... 120

البحث الثاني في كيفية الاسكان... 121

فروع... 122

ص: 618

الموضوع / الصفحة

كتاب الخلع والافتداء والمباراة

وفيه فصول

الفصل الاول في الخلع وفيه نظر... 127

النظر الاول في حقيقة... 127

النظر الثاني في اركانه... 128

الركن الاول الصيغة... 128

الركن الثاني في الخالع... 129

الركن الثالث في المختلعة... 130

الركن الرابع الفدية... 131

النظر الثالث في الاحكام والنزاع... 133

الفصل الثاني في الاقتداء... 134

الفصل الثالث في المباراة... 136

كتاب الظهار

وفيه فصلان

الفصل الاول في اركانه... 139

ص: 619

الموضوع / الصفحة

الركن الاول الصيغة... 139

الركن الثاني المظاهر... 140

الركن الثالث المظاهرة... 141

الركن الرابع المشبه به... 141

الفصل الثاني في احكامه... 142

كتاب الايلاء

وفيه فصلان

الفصل الاول في اركانه... 147

الاول الصيغة... 147

الثاني المولي... 149

الثالث المولى منها... 149

الرابع المدة... 149

الفصل الثاني في الاحكام... 151

كتاب الاعار

وفيه فصول

الفصل الاول في سببه... 155

ص: 620

الموضوع / الصفحة

الفصل الثاني في اركانه... 158

الفصل الثالث في احكامه... 161

كتاب الاقرار

وفيه فصلان

الفصل الاول في الاقرار بالمال وفيه نظر... 165

النظر الاول في اركانه... 164

النظر الثاني في تعقيب الاقرار بمنافيه وفيه فصلان... 178

الفصل الاول في المقبول وفيه مباحث... 178

المبحث الاول في ادواته... 178

المبحث الثاني في شروطه... 178

المبحث الثالث في قاعدته... 179

المبمحث الرابع في حكمه... 180

النظر الثالث في المردود... 183

النظر الرابع في تعقيب الاقرار بالاقرار... 186

الفصل الثاني في الاقرار بالنسب وفيه بحثان... 187

البحث الاول الاقرار بالولد... 187

ص: 621

الموضوع / الصفحة

البحث الثاني في الاقرار بغير الولد... 189

فروع... 189

مسألتان... 191

كتاب العتق

الفصل الاول في العتق وفيه مطلبان... 196

المطلب الاول في اركانه... 196

الاول الصيغة... 196

الثاني المعتق... 197

الثالث المعتق... 198

المطلب الثاني في احكامه وفيه بحثان... 199

البحث الاول العتق لازم لايصح الرجوع فيه... 199

البحث الثاني في كيفية القرعة... 202

الفصل الثاني في السراية وفيه بحثان... 204

البحث الاول في شرائطه... 204

البحث في احكامه... 206

فروع... 206

ص: 622

الموضوع / الصفحة

الفصل الثالث في الملك... 208

الفصل الرابع في العوارض... 209

كتاب التدبير

الامر الاول في صيغة... 213

الامر الثاني في المباشر... 215

الامر الثالث في المحل... 216

الامر الرابع في احكامه... 218

كتاب المكاتبة

الامر الاول في الاركان... 223

الامر الثاني في الاحكام... 227

الامر الثالث في اللواحق وفيه مباحث... 230

المبحث الاول في التصرف... 230

المبحث الثاني في حكم الجناية... 231

المبحث الثالث في حكم الوصية... 233

ص: 623

الموضوع / الصفحة

كتاب الاستيلاد

البحث الاول في سببه... 237

البحث الثاني في الحكم... 238

كتاب اليمين

الامر الاول في المحلوف به... 243

الامر الثاني في الحالف... 246

الامر الثالث في متعلق اليمين وفيه اقسام... 247

القسم الاول لاتنعقد على الماضي اثباتا ونفيا... 247

القسم الثاني في الماكل والمشروب... 248

القسم الثالث الكلام... 251

القسم الرابع البيت والدار... 252

القسم الخامس الفعل... 253

القسم السادس العقد... 254

القسم السابع المقيد... 255

ص: 624

الموضوع / الصفحة

القسم الثامن في المسائل المتفرقة... 257

خاتمة في التورية... 259

كتاب النذر والعهد

وفيه مطلبان

المطلب الاول في اركانه... 263

الركن الاول في صيغته واقسامه... 263

الركن الثاني الناذر... 264

الركن الثالث في الملتزم... 265

المطلب الثاني في العهد... 272

كتاب الكفارات

وفيه مقصدان

المقصد الاول في اقسامها... 275

المقصد الثاني في خصالها وفيه مطالب... 277

المطلب الاول في العتق وفيه امران... 277

ص: 625

الموضوع / الصفحة

الامر الاول في اوصاف الرقبة... 278

الامر الثاني في شرائط العتق... 280

المطلب الثاني في الصيام... 281

المطلب الثالث في الاطعام... 282

المطلب الرابع في الكسوة... 283

خاتمة لايجوز التكفير قبل موجبه... 284

القسم الرابع في الاحكام وفيه كتب... 285

كتاب المواريث

وفيه امور

الامر الاول في المقدمات... 287

المقدمة الاولى في موجبة... 287

قاعدة اذا كان الوارث ذا فرض اخذ فرضه ويرد عليه الباقي الاالزوجة... 288

المقدمة الثانية في موانع الارث... 289

المقدمة الثالثة في الحجب... 294

المقدمة الرابعة في معرفة السهام... 295

ص: 626

الموضوع / الصفحة

المقدمة الخامسة في معرفة اجتماع السهام... 296

الامر الثاني في التوريث بالنسب وفيه مطالب... 297

المطلب الاول في ميراث الابوين والاولاد وفيه بحثان... 297

البحث الاول في الابوين والاولاد... 297

البحث الثاني في التوابع... 299

المطلب الثاني في ميراث الاخوة والاجداد... 300

المطلب الثالث في ميراث الاعمام والاخوال... 303

تنبيه اذا اجتمع للوارث سببان... 307

الامر الثالث في التوريث بالسبب وفيه فصلان... 309

الفصل الاول في الزوجية... 309

الفصل الثاني في الولاء وهو ثلاثة... 310

الاول ولاء العتق وفيه مباحث... 310

المبحث الاول: في تحققه... 310

المبحث الثاني في كيفية الارث به... 312

فروع... 313

المبحث الثالث في جر الولاء... 314

ص: 627

الموضوع / الصفحة

الثاني ولا تضمن الجريرة... 315

الثالث ولاء الامامة... 315

الامر الرابع في التوابع وفيه مطالب... 317

المطلب الاول في ميراث ولد الملاعنة... 317

المطلب الثاني في ميراث الخنثى... 318

المطلب الثالث في الحمل... 321

المطلب الرابع في التعارف والاقرار... 322

المطلب الخامس في ميراث الغرقي والمهدوم عليهم... 323

المطلب السادس في ميراث المجوس... 325

المطلب السابع في حساب الفرائض وفيه فصول... 326

الفصل الاول في المقدمات... 326

الاولى في طريق الحساب ومخارج الفروض... 326

الثانية اذا لم يكن في الورثة ذو فرض... 327

الثالثة في معرفة الاعداد... 327

الفصل الثاني في قسمة الفريضة على الورثة... 328

ص: 628

الموضوع / الصفحة

الفصل الثالث في معرفة سهام الورثة من التركة... 331

الفصل الرابع في المناسخات... 335

كتاب القضاء

وفيه مطالب

المطلب الاول في المقدمات... 339

المقدمة الاولى في التولية والعزل... 339

المقدمة الثانية في صفات القاضي... 341

المقدمة الثالثة في اداب القضاء... 342

المطلب الثاني في كيفية الحكم وفيه مباحث... 346

المبحث الاول في مستنده وصورته... 346

المبحث الثاني في كيفية الاستشهاد... 347

المبحث الثالث في التزكية والجرح... 348

المبحث الرابع في نقض الحكم... 349

المطلب الثالث في الدعاوي وتوابعها وفيها فصول... 351

الفصل الاول في المدعي... 351

ص: 629

الموضوع / الصفحة

الفصل الثاني في جواب الدعوى... 353

الفصل الثالث في الاستحلاف وفيه مباحث... 355

المبحث الاول في المحلوف به... 355

المبحث الثاني في الحالف... 356

البحث الثالث في كيفية اليمين... 357

الفصل الرابع في الشاهد والميمين... 359

فروع... 360

المطلب الرابع في اللواحق وفيه مقاصد... 362

المقصد الاول في الحكم على الغائب... 362

المقصد الثاني في كتاب قاض الى قاض... 363

المقصد الثالث في التواصل الى الحق... 365

المقصد الرابع في القسمة وفيه مباحث... 366

المبحث الاول في حقيقتها... 366

المبحث الثاني في القاسم... 367

المبحث الثالث في المقسوم... 367

ص: 630

الموضوع / الصفحة

المبحث الرابع في كيفية القسمة... 369

الاول قسمة الاجبار... 369

الثاني قسمة التراضي... 371

المبحث الخامس في الاحكام... 371

المقصد الخامس في احكام تعارض الدعاوي وفيه فصول... 372

الفصل الاول في دعوى الاملاك... 372

الفصل الثاني في دعوى العقود... 380

الفصل الثالث في دعوى المواريث... 382

الفصل الرابع في دعوى الولد... 384

كتاب الشهادات

وفيه مقاصد

المقصد الاول في صفات الشاهد... 387

تنبيه يعتبر اجتماع الشرائط عند الاداء لاعند التحمل... 391

المقصد الثاني في التحمل والاداء... 393

المقصد الثالث في مستند الشهادة... 395

ص: 631

الموضوع / الصفحة

المقصد الرابع في اقسام الحقوق... 397

الاول حق اللّه تعالى... 397

الثاني حق الادمي... 398

المقصد الخامس في التوافق... 400

المقصد السادس في الرجوع... 402

تتمة في كيفية الغرم... 404

المقصد السابع في الشهادة على الشهادة... 405

كتاب الغصب

وفيه فصول

الفصل الاول في حقيقة... 409

تنبيه لاينحصر الضمان في الغصب... 410

خاتمة لوتعاقبت الايدي تخير المالك... 411

الفصل الثاني في الاحكام وفيه مباحث... 413

المبحث الاول بجب رد المغصوب وان تعذر... 413

المبحث الثاني في زيادة الصفة... 415

ص: 632

الموضوع / الصفحة

المبمحث الثالث في النقص... 416

البحث الرابع في التلف... 418

المبحث الخامس في تصرفات الغاصب... 419

الفصل الثالث في التنازع... 423

كتاب الاطعمه والاشربه

وفيه مطالب

المطلب الاول في الحيوان وفيه مباحث... 427

المبحث الاول في حيوان البحر... 427

المبحث الثاني في حيوان البر... 428

المبحث الثالث في الطير... 429

المطلب الثاني في الجامد... 431

المطلب الثالث في المائعات... 433

تتمة يحرم استعمال شعر الخنزير... 435

المطلب الرابع في حال الاضطرار وفيه بحثان... 436

الاول في المضطر... 436

الثاني في كيفية الاستباحة... 437

خاتمة في اداب الاكل... 438

ص: 633

الموضوع / الصفحة

كتاب الصيد

وفيه فصول

الفصل الاول في الالة... 441

الفصل الثاني في شرائط الكلب... 442

الفصل الثالث في شرائط النصل... 444

الفصل الرابع في الاحكام... 446

الفصل الخامس في اسباب الملك... 448

تفريح لو جني على عبد او بهيمة او صيد... 450

كتاب التذكية

الاول الذباحة وفيه بحثان... 455

البحث الاول في اركانها... 455

البحث الثاني في الاحكام... 457

الثاني في باقي الاقسام... 459

تتمة كل ما يباع في اسواق المسلمين من اللحم حلال... 460

ص: 634

الموضوع / الصفحة

كتاب اللقطة

القسم الاول الانسان ويسمى لقيطا وملقوطا ومنبوذا وفيه مباحث... 463

المبحث الاول في اللقيط... 463

المبحث الثاني في الملتقط... 464

المبحث الثالث في الاحكام... 465

القسم الثاني الحيوان... 467

القسم الثالث في لقطة الاموال وفيه فصول... 469

الفصل الاول في الالتقاط... 469

الفصل الثاني الملتقط... 469

الفصل الثالث في اللقطة... 470

الفصل الرابع في الاحكام... 471

كتاب احياء الموات والمشتركات

احياء الموات... 477

في شروط التملك بالاحياء... 477

في المشتركات... 479

ص: 635

الموضوع / الصفحة

كتاب الحدود والتعزيرات

وفيه فصول

الفصل الاول في حد الزنا وفيه مباحث... 485

المبحث الاول في الموجب... 485

المبحث الثاني فيما يثبت به... 486

الاول الاقرار... 486

الثاني البينة... 487

المبحث الثالث في الحد... 488

المبحث الرابع في كيفية الاستيفاء... 490

المبحث الخامس في اللواحق... 492

الفصل الثاني في اللواط والسحق والقيادة... 493

تتمة وطء الاموات كالأحياء... 495

الفصل الثالث في وطء البهائم... 496

تتمة لو استمنى بيده... 497

الفصل الرابع في حد القذف وفيه مباحث... 498

المبحث الاول في الموجب... 498

المبحث الثاني في القاذف... 500

ص: 636

الموضوع / الصفحة

المبحث الثالث في المقذوف... 500

المبحث الرابع في الحد... 501

الفصل الخامس في حد الشرب وفيه مباحث... 504

المبحث الاول في الموجب... 504

المبحث الثاني في الحد... 505

المبحث الثالث في الاحكام... 506

الفصل السادس في حد السرقة وفيه مباحث... 507

المبحث الاول في السارق... 507

المبحث الثاني في المسروق... 509

المبحث الثالث في طريق ثبوته... 512

المبحث الرابع في الحد... 513

المبحث الخامس في الاحكام... 514

الفصل السابع في حد المحارب وفيه مباحث... 516

المبحث الاول في تعريف المحارب... 516

المبحث الثاني في الحد... 517

المبحث الثالث في الدفاع... 518

ص: 637

الموضوع / الصفحة

الفصل الثامن في حد المرتد وفيه بحثان... 521

البحث الاول في تعريف المرتد... 521

البحث الثاني في حكمه... 522

تتمة في كلمة الاسلام... 524

كتاب القصاص

مقدمة... 527

القسم الاول في قصاص النفس وفيه مقاصد... 527

المقصد الاول في الموجب... 527

تنبيه اذا اجتمع السبب والمباشر... 532

المقصد الثاني في شرائطه... 534

الشرط الاول التساوي في الحرية او الرقية وفيه فصول... 534

الفصل الاول في جناية الاحرار على مثلهم... 534

الفصل الثاني في جناية المماليك على مثلهم... 536

الفصل الثالث في جناية الاحرار والمماليك... 537

تتمة اذا قتل العبد حراً عمداً... 539

ص: 638

الموضوع / الصفحة

الشرط الثاني التساوي في الدين... 541

الشرط الثالث انتفاء الابوة... 542

الشرط الرابع التكليف... 543

الشرط الخامس كون المقتول ومحقون الدم... 544

المقصد الثالث في دعوى القتل وما يثبت به وفيه مباحث... 544

المبحث الاول في الاقرار... 545

المبحث الثاني في البينة... 546

المبحث الثالث في القسامة واركانه ثلاثة... 548

الركن الاول في اللوث... 548

الركن الثاني في الكمية... 550

الركن الثالث في الحكم... 551

المقصد الرابع في الاستيفاء وفيه مباحث... 552

المبحث الاول يجب بقتل العمد العدوان مع الشرائط... 552

المبحث الثاني في المستوفي... 553

المبحث الثالث في الكيفية... 555

القسم الثاني في قصاص الطرف وفيه مقدمة ومطالب... 558

المطلب الاول في اليد والرجل وفيه فصلان... 558

ص: 639

الموضوع / الصفحة

الفصل الاول في الشروط... 558

الاول التساوي في الاسلام والحرية... 558

الثاني التساوي في السلامة... 559

الثالث التساوي في المحل... 560

الرابع التساوي في الاصالة والزيادة... 561

الفصل الثاني في الاحكام... 563

المطلب الثاني في باقي الاعضاء... 564

المطلب الثالث في الاختلاف... 569

المطلب الرابع في العفو... 570

كتاب الديات

وفيه فصول

الفصل الاول في الموجب... 575

الاول المباشرة... 575

الثاني التسبيب... 578

الثالث اذا اجتمع المباشر والسبب ضمن المباشر... 580

الفصل الثاني في الواجب وفيه مطالب... 582

ص: 640

الموضوع / الصفحة

المطلب الاول في دية النفس... 582

خاتمة تجب كفارة الجمع على قاتل المسلم ومن بحكمه... 584

المطلب الثاني في دية الطرف... 585

خاتمة في كسر الضلع المخالط للقلب... 592

المطلب الثالث في دية المنافع... 593

المطلب الرابع في الشجاج والجراح... 596

فروع... 597

خاتمة المراة كالرجل في ديات الاعضاء والجراح حتى تبلغ ثلث دية الرجل فتصير على النصف         599

المطلب الخامس في دية الجنين والميت... 600

فروع... 601

الفصل الثالث في محل الواجب وفيه مباحث... 604

المبحث الاول في المحل... 604

المبحث الثاني في المضمون... 605

المبحث الثالث في كيفية التوزيع... 606

خاتمة في الجناية على الحيوان... 608

كلمة المحقق... 610

فهرس محتويات الكتاب... 611

ص: 641

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.