معالم الدين في فقه آل ياسين المجلد 1

هوية الكتاب

المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري

الناشر: مؤسسة الامام الصادق عليه السلام

المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

الطبعة: 1

الموضوع : الفقه

تاريخ النشر : 1424 ه.ق

ISBN (ردمك): 964-357-049-5

المكتبة الإسلامية

إشراف العلامة المحقّق جعفر السبحاني

معالم الدين في فقه آل ياسين

دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية

تأليف: الفقيه البارع شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

(كان حياً عام 832 ه)

الجزء الأول

تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري

المحرر الرقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

فهرستنويسی پيش از انتشار توسط: موسسه تعلیماتی و تحقیقاتی امام صادق عليه السلام

قطان حلي، محمد بن شجاع، - 832؟ق

معالم الدين في فقه آل ياسين: دورة فقهية كاملة علی وفق مذهب الإمامية / تأليف شمس الدين ابن قطان الحلي ؛ إشراف جعفر السبحاني؛ تحقيق إبراهيم البهادري - قم: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام، 1423 ق - 1381

ج.

ISBN : 964 - 357 - 049 - 5

كتابخانه به صورت زيرنویس.

1. فقه جعفری - - قرن 9 ق. الف ، سبحانی تبریزی ، جعفر ، 1308 - ، مشرف .ب. بهادری، ابراهيم، 1325 - ، مصحح .ج. موسسة الامام الصادق عليه السلام .د. عنوان.

BP 182/5/ ق6م6

297/342

اسم الكتاب: معالم الدين في فقه آل ياسين / الجزء الأول

المؤلف: شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلي

إشراف: آية اللّه جعفر السبحاني

المحقق: الشيخ إبراهيم البهادري

الطبعة: الأولی - 1424 ه

المطبعة: مطبعة مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

الكمية: 1500 نسخة

الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

تنضيد وإخراج: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام / سيد محسن البطاط

توزيع

مكتبة التوحيد

ايران - قم؛ ساحة الشهداء

7745457 - 2925152

البريد الإلكتروني: Info@imamsadeq.org

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ

الصافات: 130.

ص: 3

ص: 4

مقدّمة بقلم سماحة آية اللّه جعفر السبحاني

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المسائل الخلافيّة و دورها في الاستنباط

اشارة

الحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه ، والصلاة والسلام على أفضل خليقته وأشرف بريّته أبي القاسم محمد وعلى خلفائه المبشّرين المعصومين ، الموصوفين بكل جميل ، ما تعاقب جيل بعد جيل.

أمّا بعد ؛ فإنّ عدم محاباة العلماء بعضهم لبعض من أعظم مزايا هذه الأمّة الّتي أعظم اللّه بها عليهم النعمة ، حيث حفظهم عن وصمة محاباة أهل الكتابين ، المؤدّية إلى تحريف ما فيهما ، واندراس تينك الملّتين ، فلم يتركوا لقائل قولا فيه أدنى دخل إلّا بيّنوه ، ولفاعل فعلا فيه تحريف إلّا قوّموه ، حتّى اتّضحت الآراء وانعدمت الأهواء ، ودامت الشريعة الواضحة البيضاء على امتلاء الآفاق

ص: 5

بأضوائها ، وشفاء القلوب بها من أدوائها ، مأمونة من التحريف ، مصونة عن التصحيف. (1)

إنّ القرآن الكريم يشيد بالوحدة ، واتّفاق الكلمة والاعتصام بالعروة الوثقى ، ورفض التشتّت والتفرّق ، ويندّد بالاختلاف والفرقة ، يقول سبحانه : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (2).

فهذا المقطع من الآية الكريمة بإيجازها يتكفّل بيان أمرين :

1 - يأمر بتوحيد الكلمة والاعتصام بحبل اللّه.

2 - يزجر عن التفرّق والتشتّت.

وهذان الأمران من الوضوح بمرتبة لا يختلف فيهما اثنان.

ومع الاعتراف بذلك كلّه فاختلاف الكلمة إنّما يضرّ إذا كان صادرا عن ميول وأهواء ، فهذا هو الّذي نزل الكتاب بذمّه في غير واحدة من آياته ، يقول سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ ) (3) ، ويقول : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ ) (4) ، فهؤلاء اختلفوا بعد ما تمّت عليهم الحجة وبانت لهم الحقيقة ، فهذا النوع من الاختلاف آية الأنانية أمام الخضوع للحقائق الراهنة.

وأمّا إذا كان الاختلاف موضوعيا نابعا عن حب تحرّي الحقيقة وكشف

ص: 6


1- إبانة المختار لشيخ الشريعة الاصبهاني ، نقله عن بعض الأعاظم : 10.
2- آل عمران : 103.
3- الأنعام : 159.
4- آل عمران : 105.

الواقع ، فهذا أمر ممدوح ، وأساس للوصول إلى الحقائق المستورة ، وإرساء لقواعد العلم ودعائمه.

إنّ الاختلاف بين الفقهاء أشبه بالخلاف الّذي وقع بين نبيّين كريمين : داود وسليمان - على نبينا وآله وعليهما السلام - في واقعة واحدة حكاها سبحانه في كتابه العزيز وقال : ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ* فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ) (1).

وكما آتى سبحانه لكلّ منهما حكما وعلما ، فقد آتى لكلّ فقيه ربّاني فهما وعلما ، يدفعه روح البحث العلمي إلى إجراء المزيد من الدقّة والفحص في الأدلّة المتوفّرة بين يديه ، بغية الوصول إلى الواقع ، وهذا العمل بطبيعته يورث الاختلاف وتعدّد الآراء.

ولأجل ذلك نجم الاختلاف في الشريعة بعد رحيل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم واتّسعت شقّته في القرن الثاني والثالث.

وقد اهتمّ كثير من العلماء منذ وقت مبكّر بالمسائل الخلافية وصنّفوا فيها كتبا متوفّرة ، جمعوا فيها آراء الفقهاء في مسائل خلافية إلى أن عادت معرفة العلم بالخلافيات علما برأسه وأساسا لصحّة الاجتهاد ، حتّى قيل : إنّ معرفة الأقوال في المسألة نصف الاستنباط. وإليك فيما يلي أسماء بعض الكتب الّتي ألّفت في الخلافيات ، فمن السنّة :

1 - « الموطّأ » للإمام مالك ( المتوفّى 179 ه ) يذكر فيه أقوال الفقهاء السابقين في مختلف أبوابه.

ص: 7


1- الأنبياء : 78 - 79.

2 - كتاب « الأمّ » الّذي جمع فيه البويطي ثم الربيع المرادي أقوال الإمام الشافعي ، وقد ضمّ فصولا عديدة في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ، واختلاف أبي حنيفة والأوزاعي ، واختلاف الشافعي مع محمد بن الحسن.

3 - « مسائل إسحاق الكوسج » قد تضمنت اختلاف الإمام أحمد مع معاصريه كابن راهويه وغيره.

4 - « اختلاف الفقهاء » تأليف الإمام أبي عبد اللّه محمد بن نصر المروزي ( 202 - 294 ه ) المطبوع بتحقيق الدكتور محمد طاهر حكيم ، ط عام 1420 ه.

5 - « اختلاف الفقهاء » تأليف الإمام أبي بكر محمد بن المنذر النيسابوري الشافعي ( المتوفّى 309 ه ).

6 - « اختلاف الفقهاء » تأليف الإمام محمد بن جرير الطبري ( المتوفّى 310 ه )

ذكر في كتابه اختلاف مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأبي حنيفة مع أبي يوسف ومحمد بن الحسن ثم أبي ثور ، وذكر بعض فقهاء الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى المائة الثالثة ، ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل ، وحكي انّه سئل عن سبب ذلك؟ فقال : لم يكن أحمد فقيها وانّما كان محدثا.

وقد لعب بالكتاب طوارق الحدثان ولم يبق منه إلّا القليل يبتدأ بكتاب المدبّر فالبيوع والصرف والسلم والمزارعة والمساقاة والغصب والضمان ، والمطبوع من الكتاب مجلد واحد يشتمل عليها.

7 - « اختلاف العلماء » تأليف الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي ( المتوفّى 321 ه ) واختصره الإمام أبو بكر أحمد بن علي

ص: 8

الجصّاص الحنفي ( المتوفّى 370 ه ) ونشره الدكتور محمد صغير حسن.

8 - «اختلاف الفقهاء»تأليف محمدبن محمدالباهلي الشافعي (المتوفّى 321 ه ).

9 - « الخلافيات » للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( 384 - 458 ه ) ناقش فيه أدلّة الحنفية وانتصر لمذهب الشافعية. وطبعت بتحقيق مشهور بن حسن آل سلمان.

10 - « اختلاف العلماء » تأليف أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي الوزير ( المتوفّى 555 ه ).

هذه عشرة كاملة ذكرناها لإيقاف القارئ على أهمية معرفة الخلافيات وعناية الفقهاء بها. هذا ما لدى السنّة وأمّا الشيعة فهي بدورها قد اهتمّت بهذا العلم أيضا منذ عصر مبكّر وألّفت فيه كتبا ، نذكر منها ما يلي :

1 - كتاب « الاختلاف » لأبي عبد اللّه محمد بن عمر الواقدي ( 130 - 207 ه ) ذكر ابن النديم : انه كان يتشيّع ، حسن المذهب ، يلزم التقية ، وقال : وكتاب « الاختلاف » يحتوي على اختلاف أهل المدينة والكوفة في الشفعة والصدقة والعمرى والرقبى والوديعة والعارية والبضاعة والمضاربة والغصب والسرقة والحدود والشهادات ، وعلى نسق كتب الفقه ما يبقى.

2 - « اختلاف الفقهاء » للقاضي أبي حنيفة نعمان بن أحمد المصري المغربي ( المتوفّى 363 ه ) نقله ابن خلّكان عن ابن زولاق في كتابه « أخبار مصر » ، قال : إنّه ينتصر فيه لأهل البيت عليهم السلام وعبّر عنه في « كشف الظنون » باختلاف أصول المذاهب.

ص: 9

3 - « مسائل الخلاف في الفقه » للشريف المرتضى ( 355 - 436 ه ) ذكره الشيخ الطوسي في « الفهرست ». وقد أحال المصنّف إليها في كتاب « الناصريات ».

4 - « مسائل الناصريات » ألّفه الشريف المرتضى وفاء لجده الناصر على الرغم من اختلاف المذهب بينهما ، ويتجلّى فيه روح التفاهم والتسالم بين عالمين إماميّ وزيديّ ، وهو لا يقتصر على المسائل الخلافية بين الإمامية والزيدية ، بل يحوي جلّ الخلافات الفقهية على مستوى المذاهب.

5 - « الخلاف في الأحكام » لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( المتوفّى 460 ه ) ويقال له « مسائل الخلاف » وهو مرتّب على ترتيب كتب الفقه ، وقد صرح فيه بأنّه ألّفه بعد كتاب « التهذيب » و « الاستبصار » وناظر فيه المخالفين جميعا ، وقد طبع مرارا.

6 - « المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف » تأليف أمين الإسلام فضل بن الحسن الطبرسي ( 471 - 548 ه ) وقد لخّص به كتاب « الخلاف » للشيخ الطوسي ونشر في ثلاثة أجزاء ، وأثبت هو في ذلك الكتاب انّ الخلاف بين الشيعة والسنّة في المسائل الفقهية ليس على نحو التباين ، بل كثيرا ما يوافق الشيعة مذهبا ويخالف مذهبا آخر ، وهذا هو الأمر السائد في معظم المسائل الفقهية.

7 - « خلاف المذاهب الخمسة في الفقه » للشيخ تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي ( 647 - 707 ه ) صاحب كتاب الرجال المشهور برجال ابن داود.

ص: 10

8 - « تذكرة الفقهاء » للعلّامة حسن بن المطهر ( 648 - 726 ه ) والكتاب مشحون بنقل أدلّة الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وقد طبع قديما ويطبع حاليا طبعة جديدة محقّقة من قبل مؤسسة آل البيت عليهم السلام حيث صدر منه أكثر من 12 جزءا.

9 - « منتهى المطلب في تحقيق المذهب » للعلّامة الحلي وهو أفضل ما ألّف في الفقه المقارن نقلا وتحقيقا ، يذكر آراء العلماء برحابة صدر ويناقش فيها ، والكتاب من حسنات الدهر. وقد طبع قديما وحديثا.

10 - « مختلف الشيعة » له أيضا وهو يختص ببيان اختلافات الشيعة في المسائل الفقهية ، وقد طبع طبعات عديدة محقّقة. (1)

هذا بعض ما يمكن أن يذكر في المقام ، ولعلّك تلمس بما ذكرناه اهتمام العلماء بالخلافيات ، وجدير بالذكر انّ الخلاف بين العلماء كان مرافقا في الغالب برعاية أدب الخلاف وصحيح الحوار.

* * *

هذا البحث الموجز أوقفك على وجود الاختلاف في المسائل الفقهية في عصر الصحابة والتابعين والفقهاء إلى يومنا هذا ، إلّا أنّ الكلام في أسباب الاختلاف ودوافعه ، فهناك أمران :

الأوّل : ما هو الحافز لاختلاف فقهاء السنّة أنفسهم بينهم حتّى أفردت

ص: 11


1- لاحظ في الوقوف على أسماء هذه الكتب وميزاتها كشف الظنون : 1 / 64 ، مادة اختلاف ؛ الذريعة : 1 / 360 ، مادة اختلاف و 7 / 236 ، مادة خلاف ؛ مقدّمة كتاب اختلاف الفقهاء للمروزي والخلافيات للإمام البيهقي واختلاف الفقهاء لأبي جعفر الطبري وغيرها.

كتب كثيرة - كما مرّت - لبيان اختلاف أئمة المذاهب السائدة أو البائدة؟!

الثاني : ما هو سبب الاختلاف بين الفقهين : الإماميّ والسنّيّ؟

أمّا الأوّل فلا نحوم حوله ونتركه عسى ان نستوفي حقّه في مجال آخر ، وانّما المهم في المقام بيان سبب الاختلاف بين الفقه السنّيّ والفقه الشيعيّ ، مع أنّهما صنوان من أصل واحد يصدران عن الكتاب والسنّة ، ومع ذلك نرى بين الفقهين اختلافا واضحا.

إنّ هناك أسبابا للاختلاف في الفتاوى والآراء لا يمكن استقصاؤها في هذا التقديم ، وانّما نذكر في المقام ، العناصر الّتي تركت تأثيرا كبيرا على اتّساع الهوّة بين الفقهين :

1 - الاختلاف في ثبوت السنّة :

اتّفقت الأمّة الإسلامية على حجّية السنّة وانّها مصدر ثان للتشريع بعد الذكر الحكيم ، لكن الكلام في شرائط ثبوت السّنة النبوية.

فالشيعة الإمامية اعتبروا وثاقة الراوي في عامّة سلسلة السند من دون فرق بين الصحابي والتابعي ومن تلاهم. فلا يأخذون بحديث إلّا إذا أحرزت وثاقة الرواة جميعهم بلا استثناء.

وأمّا السنّة فقد اعتبروا إحراز الوثاقة في سلسلة السند إلّا في الصحابة ، لبنائهم على عدالة كل صحابي ، سواء عرف أم لم يعرف ، وثّق أم لم يوثّق ، صدر منه ما يخالف الكتاب والسنّة أم لم يصدر ، فالكلّ عدول مطهّرون وفي غنى عن التوثيق والتعديل ، فعند ذلك يظهر الاختلاف في ثبوت السنّة.

ص: 12

فتكون النسبة بين النظرين عموما وخصوصا مطلقا ، فالسنّة الثابتة عند الشيعيّ ثابتة أيضا عند السنّيّ دون العكس.

2 - الاختلاف في حجية العقل :

إنّ العقل أحد الحجج الأربع الّذي اتفق فقهاء الشيعة على حجيته في موارد خاصة ، والاستدلال بالعقل يتم بأحد طرق ثلاثة :

أ - الاستقراء.

ب - التمثيل.

ج - القياس المنطقي.

فالاستقراء التام ، أعني : تتبّع عامّة الموارد ، غير المورد الّذي يريد إقامة الدليل عليه ، حجة عند أكثر فقهاء السنّة أو جميعهم ، وأمّا الناقص فلم يعتبروه إلّا القليل منهم.

وأمّا التمثيل الّذي هو عبارة عن القياس الأصولي ، فأصحاب المذاهب الأربعة مجمعون على حجيّته خلافا للشيعة والظاهرية حيث حرّموا العمل بالقياس.

إنّما الكلام في القياس المنطقي وهو الاحتجاج بحكم العقل في الحقل الّذي للعقل فيه إدراك وحكم ، فهو حجة عند الشيعة الإمامية القائلين بالحسن والقبح العقليين دون الأشاعرة - نفاة التحسين والتقبيح العقليّين - وتنحصر حجية القول في مجال الاستنباط في مجالين :

الأوّل : إذا استقلّ العقل بحسن شي ء أو قبحه مع قطع النظر عن كل

ص: 13

شي ء يترتّب عليه من المصالح والمفاسد ، فالشيعة على أنّه حجّة في كشف حكم الشارع عليه بالوجوب والحرمة ، وهذا ما يعبّر عنه بالمستقلّات العقلية.

الثاني : إذا كانت إحدى المقدّمتين عقلية ، والأخرى شرعية كما في باب الملازمات العقلية ، فإنّ العقل يحكم بثبوت التلازم بين وجوب الشي ء ووجوب مقدّمته ، وانّ طالب الشي ء طالب لمقدّماته أيضا ، أو يحكم بثبوت التلازم بين الأمر بالشي ء وحرمة أضداده ، ويكشف عن أنّ حكم الشرع في كلا الموردين أيضا كذلك.

ومن الواضح انّه لا يمكن التوصّل بهذا الحكم الكلّي ، أي وجوب الوضوء إلّا بعد تنصيص الشارع بوجوب الصلاة وتوقّفها عليه ، فيقال - إذا أريد ترتيب القياس وأخذ النتيجة - : الوضوء ممّا يتوقّف عليه الواجب ( الصلاة ) ، وهذه مقدّمة شرعية ، وكلّ ما يتوقّف عليه الواجب فهو واجب عقلا ، وهذه مقدّمة عقلية ، فينتج : الوضوء واجب عقلا. وهذا ما يعبّر عنه بغير المستقلّات العقلية.نعم يعلم وجوب الوضوء شرعا بالملازمة بين حكمي العقل والشرع.

ومن عجيب الأمر انّ الفقه السنّي يعمل بالاستقراء والقياس وكلاهما دليلان ظنّيان ولا يأخذ بالقياس المنطقي - الّذي هو دليل قطعي - إلّا في فترات يسيرة.

3 - أحاديث العترة الطاهرة :

إن العترة الطاهرة - بتنصيص النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم - قرناء الكتاب وأعداله حيث قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ». والحديث متواتر أو متضافر رواه الفريقان. أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي

ص: 14

في سننه وأحمد في مسنده إلى غير ذلك من المصادر المتوفّرة. (1)

فعلى ذلك قولهم حجة قاطعة مصون من الخطأ كالكتاب العزيز بحكم انّهما عدلان وصنوان.

والحديث يركّز على أنّ المرجع العلمي بعد رحيل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هو الكتاب والعترة ، وانّ قول العترة قول الرسول وكلامه ، وبقولهم تحفظ السنّة عبر القرون ، غير أنّ أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم تلقّوا روايات أهل البيت فتاوى خاصة لهم ، فلم يعتبروها حجّة شرعية على الجميع ، وهذا النوع من التفسير لأحاديثهم مخالف لحديث الثقلين أوّلا وكلامهم ثانيا ، فإنّهم يعتبرون كل ما يروون ، سنّة الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم يرويه كابر عن كابر إلى أن يصل إلى الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم.

هذا هو النجاشي ينقل في ترجمة محمد بن عذافر الصيرفي عن أبيه قال : كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر عليه السلام ، فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر عليه السلام له مكرما ، فاختلفا في شي ء ، فقال أبو جعفر عليه السلام : « يا بني قم فأخرج كتاب عليّ عليه السلام » فأخرج كتابا مدروجا عظيما ، ففتحه وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة ، فقال أبو جعفر عليه السلام : « هذا خط عليّ عليه السلام وإملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم » وأقبل على الحكم ، وقال : « يا أبا محمد اذهب أنت وسلمة بن كهيل وأبو المقدام حيث شئتم يمينا وشمالا ، فو اللّه لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل عليه السلام ». (2)

فإذا كانت هذه مكانة أقوال أئمة أهل البيت فلا حجّة للسنّيّ في الإعراض

ص: 15


1- لاحظ صحيح مسلم : 7 / 122 و 123 ، باب فضائل علي ؛ سنن الترمذي : 2 / 308 ؛ مستدرك الصحيحين : 3 / 109 و 148 ؛ مسند أحمد : 3 / 17 و 26 و 4 / 371 و 5 / 181 ؛ الطبقات الكبرى لابن سعد : 2 / 2 ؛ حلية الأولياء : 1 / 355 و 9 / 64 ؛ كنز العمال : 1 / 47 و 96.
2- رجال النجاشي : 1 / 262 ، الترجمة 967.

عن أحاديثهم والالتجاء إلى قواعد ، كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع وفتحها وقول الصحابي إلى غير ذلك من القواعد الّتي ألجأهم إلى تأسيسها وإرسائها قلّة النصوص النبويّة في الشريعة والأحكام الفرعية.

ولكنّهم لو رجعوا فيما لم يرد فيه نصّ في الكتاب والسنّة النبويّة إلى أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام ، لاستغنوا عن إرساء هذه القواعد والعمل بالظنون الّتي لا تغني من الحق شيئا.

ففي هذه النقطة بالذات تتّسع الشقّة بين الفقهين ، فقهاء الشيعة يعملون بكلا الثقلين ، ولكن فقهاء السنّة يعملون بالكتاب دون الثقل الآخر ويعتبرون مكانه قواعد ظنيّة اخترعت لأجل إعواز النصوص ، وقد كان لقلّة النصوص بعد رحيل الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم دور في توسيع الشقّة بين الصحابة ، حتّى أنّ بعض المتورّعين من الصحابة ينهون عن السؤال عمّا ليس في الكتاب والسنّة.

روى الدارمي في سننه عن ابن عمر وقد جاءه رجل فسأله عن شي ء ، فقال له : ولا تسأل عمّا لم يكن.

وقال القاسم : إنّكم تسألون عن أشياء ما كنّا نسأل عنها ، وتنقرون عن أشياء ما كنّا ننقر عنها ، تسألون عن أشياء ما أدري ما هي؟! ولو علمناها ما حلّ لنا أن نكتمها.

وقال عبادة بن يسر الكندي : أدركت أقواما ما كانوا يشدّدون تشديدكم ، ولا يسألون مسائلكم. (1)

ص: 16


1- سنن الدارمي : 1 / 49 و 50.

ولكن التورّع عن الإجابة كان لبعض الصحابة دون الأكثرية ، فجماهيرهم إذا لم يجدوا جمعوا رؤساء الناس فاستشاروهم ، فإذا اجتمع رأيهم على شي ء قضي به ، وعلى ذلك جرى الخلفاء بعد الرسول. (1)

يقول عبد اللّه بن مسعود : من عرض له منكم قضاء فليقضينّ بما في كتاب اللّه ، فإن لم يكن في كتاب اللّه فليقضينّ بما قضى به نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللّه ولم يقض به نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فليقض بما قضى به الصالحون ، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللّه ولم يقض به نبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولم يقض به الصالحون فليجتهد برأيه ، فإن لم يحسن فليقم ولا يستحي. (2)

وفي الحقيقة انّ الفقه المبنيّ على هذه الموازين غير المستندة إلى الكتاب والسنّة أشبه بالفقه الوضعي ، لأنّه من نتائج الفكر وضرب الآراء بعضها على بعض.

وقد كان عمر بن الخطاب - ومن جاء بعده - واقفا على قيمة هذا النوع من الرأي ، فقد روي أنّ رجلا لقاه ، فقال عمر بن الخطاب له : ما صنعت؟

قال : قضى عليّ وزيد بكذا ، قال : لو كنت أنا لقضيت بكذا ، قال : فما يمنعك والأمر أليك؟ قال : لو كنت أردّك إلى كتاب اللّه أو إلى سنّة نبيّه لفعلت ، ولكنّي أردّك إلى رأي ، والرأي مشترك ، فلم ينقض ما قال عليّ وزيد. (3)

ص: 17


1- اعلام الموقعين : 1 / 62.
2- اعلام الموقعين : 1 / 62 - 63.
3- اعلام الموقعين : 1 / 65.

4 - الاختلاف فيما هو المرجع عند عدم النصّ :

هذا هو السبب الرابع لوجود الاختلاف بين الفقهين ، فالمرجع عند عدم النصّ في الفقه الشيعي ، عبارة عن القواعد العامّة السارية في عامّة أبواب الفقه على نظام خاصّ.

1 - البراءة فيما إذا كان الشك في أصل التكليف ، كما إذا شك المجتهد في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو حرمة شي ء من المأكولات والملبوسات ، فالمرجع بعد التفحّص في الكتاب والسنّة وعدم العثور على الدليل هو أصل البراءة من الوجوب والحرمة.

لقوله سبحانه : ( وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (1) ، والرسول كناية عن البيان ، وبهذا المضمون آيات أخرى.

ولقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : « رفع عن أمّتي تسعة أشياء : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون .... ». (2)

2 - الاحتياط والاشتغال فيما إذا كان الشك في المكلّف به مع العلم بالتكليف ، فيما إذا شك في أنّ الواجب هو القصر أو التمام ، فالواجب عندئذ هو الجمع بينهما أخذا بحكم العقل ، وهو انّ الاشتغال اليقيني بالواجب يقتضي البراءة اليقينية ، وهو لا يحصل إلّا بالجمع بين الصلاتين.

ونظير ذلك إذا شك في القبلة في الصحراء مع عدم الأمارة المورثة للاطمئنان فيصلّي إلى جهات أربع.

ص: 18


1- الإسراء : 15.
2- الوسائل : 11 ، الباب 56 من أبواب جهاد النفس ، الحديث 1.

3 - التخيير : ومجراه عبارة عمّا إذا دار حكم الموضوع بين الوجوب والحرمة ، فبما انّ الاحتياط غير ممكن فيحكم العقل بالتخيير.

هذا كلّه فيما إذا لم يكن للحكم أو الموضوع حالة سابقة وإلّا فتصل النوبة إلى الأصل الرابع ، أعني :

4 - الاستصحاب : وهو الأخذ بالحالة السابقة موضوعا وحكما ، والدليل عليه قول الإمام الصادق عليه السلام : « لا تنقضوا اليقين بالشك » إلى غيره من الأحاديث.

نعم ربّما يتمسّك ببعض هذه الأصول فقهاء السنّة ، ولكنّهم لم يبيّنوا مجاريها وشروطها ومراتبها على النحو المقرر في الفقه الشيعي.

وأمّا المرجع فيما لا نص فيه عند أهل السنّة فهو القواعد الّتي أشرنا إليها في الأمر الثالث ، فهم يعملون بالقواعد التالية على اختلاف بينهم في حجية البعض.

كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع أو فتح الذرائع وقول الصحابي ونظائرها ، غير أنّ إثبات حجّية هذه الأصول والقواعد دونه خرط القتاد ، فمعظم الفقه السنّي يستنبط من أمثال تلك القواعد ، فلو كان لها مثل هذا الشأن لورد النص عليها في الكتاب والسنّة ، مع أنّك لا ترى فيهما دليلا واضحا على حجّية هذه الأصول وانّما ألجأهم إلى تأسيسها إعواز النصوص ورفض العقل في المجالين الماضيين خصوصا الأوّل منهما ، والأدلّة الّتي زعموها قائمة على حجية هذه الأصول ليست إلّا انطباعات لهم من الكتاب والسنّة دون أن يكون الكتاب والسنّة مشيرين إليها.

ص: 19

هذه إلمامة عابرة لبيان ميزات الفقه الإمامي وأسباب الاختلاف مع نظيره السنّي.

ومع ذلك فإنّ وجود الشقّة بين الفقهين لم يكن مانعا عن موافقة المذهب الشيعيّ لأحد المذاهب الفقهيّة غالبا ، إلّا في نوادر الأمور وشواذّها ، كالعول والتعصيب والإيصاء بالوارث.

هذا وقد سمعت من الفقيه المعاصر الدكتور وهبة الزحيلي عند ما حلّ ضيفا علينا في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام ودار الحديث بين الفقهين ، فقال : إنّ الخلاف بين الفقهين ليس بأكثر من وجود الخلاف بين فقهاء السنّة أنفسهم ، بل الاختلاف في الأوّل أقلّ من الثاني. وهذا قول من ألّف دورة فقهيّة وألمّ بالأقوال والآراء.

ص: 20

السيرة الذاتية لابن قطان الحلّي :

اشارة

الحلّة الفيحاء مدينة كبيرة تقع بين الكوفة وبغداد ، بناها سيف الدولة الأسدي لمّا نزل بها في محرم سنة 495 ه ، فبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة ، وتأنّق أصحابه في مثل ذلك ، فصارت ملجأ ، وقد قصدها التجّار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدة حياة سيف الدولة ، فلمّا قتل بقيت على عمارتها. (1)

وقد بخس الحموي حق المؤسّس أو لم تسنح له الفرصة لأداء حقّه ، فلم يذكر عنه إلّا شيئا طفيفا ، مع أنّ لهذا الأمير ، المساعي المشكورة والأيادي البيض في تأسيس الحلّة الفيحاء وجعلها مقر إمارته وعاصمة ملكه ، وإنشائه المعاهد العلمية فيها حتّى أصبحت محط رجال العلماء ودار هجرة الأدباء بعد ما كانت قاعدة إمارة آبائه بلدة النيل ، وكانت له رغبة باقتناء الكتب ، فألّف خزانة كتب قيّمة.

فإذا كان هذا حال الأمير فبه يعرف حال الرعايا ، فلم تزل تربة الحلّة تربة خصبة تربّي العلماء والأدباء والشعراء في أحضانها ، وكفى فخرا لها انّ الفقيه البارع محمد بن إدريس ( المتوفّى 598 ه ) صاحب السرائر ، ونجم الدين أبا القاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلي ( المتوفّى 676 ه ) ، وابن أخته نابغة الآفاق الإمام حسن بن المطهر الحلّي ( المتوفّى 726 ه ) ، وعشرات من أمثالهم من أبنائها.

ص: 21


1- معجم البلدان : 2 ، مادة حلة.

وقد كانت مركزا فكريا وثقافيا في أكثر القرون ، لا سيّما القرنين السابع والثامن ، فقد كانت البلدة في أوائل القرن الثامن وأواخر السابع تحتضن أكثر من 440 مجتهدا. (1)

يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في مقدّمته على كتاب « البابليات » تأليف الشيخ محمد علي اليعقوبي :

وقد ساعد الحلّيّين على هذه العبقرية ولطف القريحة والأريحيّة ، طيب التربة ولطافة الهواء وعذوبة الماء ، ومن هنا شاع نعتها بالحلّة الفيحاء ، ونبغ منها العشرات بل المئات من أساطين علماء الإمامية ودعائم هذا المذهب الحق ، ناهيك بابن إدريس والمحقّق وأسرته الكرام بني سعيد ، وابن عمه يحيى بن سعيد صاحب الأشباه والنظائر ، وآل طاوس ، وآل المطهر كالعلّامة وأبيه سديد الدين وولده فخر المحقّقين ، انّ كثيرا من أمثال هؤلاء الأماثل من مشايخ الإجازة. (2)

ففي هذه التربة المباركة نبغ الفقيه البارع محمد بن شجاع الأنصاري المعروف بشمس الدين بن القطّان الحلّيّ ( الّذي كان حيا عام 832 ه ) واشتغل بالفقه والحديث ، وروى عن الفقيهين :

1 - المقداد عبد اللّه الأسدي السيوري الحلي ( المتوفّى 826 ه ).

يقول العلّامة بحر العلوم : وقد تكرّر ذكره في الإجازات.

ففي إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد

ص: 22


1- رياض العلماء : 1 / 361.
2- البابليات : ه ، المقدمة بقلم الشيخ كاشف الغطاء.

الشيخ البهائي : وعن الشيخ شمس الدين بن داود ، عن السيد الأجل المحقّق السيد علي دقماق الحسيني ، عن الشيخ الفاضل المحقّق شمس الدين محمد بن شجاع القطّان ، عن الشيخ المحقّق أبي عبد اللّه المقداد بن عبد اللّه السيوري الحلّيّ الأسديّ ، عن الشهيد.

ثم قال : رأيته أيضا في إجازة الشيخ شمس الدين محمد الشهير ب- « ابن المؤذن » شيخ الشهيد الثاني وابن عم الشهيد الأوّل ، قال : وأجزت له أن يروي عنّي جميع كتب أصحابي الماضين ، عن السيد علي بن دقماق ، عن شيخه الشيخ محمد بن شجاع القطّان ، عن شيخه أبي عبد اللّه المقداد. (1)

2 - زين الدين علي بن الحسن الأسترآبادي ( المتوفّى حدود 837 ه )

اشارة

من كبار علماء الإمامية ، روى عنه شيخنا المترجم في كتابه « نهج العرفان ». (2)

ويروي عنه السيد علي بن محمد بن دقماق الحسيني ( المتوفّى 840 ه ) ، كما مرّ ذكره في الإجازات.

الإطراء عليه في كتب التراجم :

والحق انّ التاريخ بخس حقّ الرجل مع انّا راجعنا أكثر من خمسة عشر مصدرا لم نظفر له بترجمة وافية. ونذكر ما قيل في حقّه.

قال الشيخ الحر العاملي في « أمل الآمل » : الشيخ شمس الدين محمد بن شجاع القطّان فاضل صالح ، يروي عن المقداد بن عبد اللّه السيوري. (3)

ص: 23


1- رجال السيد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية : 3 / 278 - 279.
2- كما في الذريعة : 24 / 422 ، رقم الترجمة 2209.
3- أمل الآمل : 2 / 275 ، رقم الترجمة 811.

وبنفس هذا التعبير ذكره في « الرياض ». (1)

والمحدّث القمّيّ في « الفوائد الرضوية ». (2)

والسيد الخوئي في « معجم رجال الحديث ». (3) وباختلاف يسير في الكنى والألقاب. (4)

آثاره العلمية :

قد ترك شيخنا المترجم آثارا فقهية وأخلاقية عسى أن يقيّض المولى سبحانه أصحاب الهمم العالية للتفحّص عنها في المكتبات ونشرها في الملأ العلمي مرفّقا بالتحقيق.

1 - نهج العرفان في أحكام الإيمان : فرغ من تصنيفه 819 ه ، وفرغ من تبييضه سنة 831 ه. ذكره شيخنا الطهراني في « الذريعة » ووصفه بقوله : رتّب الكتاب على قاعدتين وخاتمة ، فالقاعدة الأولى في الإيمان ، وفيها كتب ، أوّلها كتاب الإيمان ، وفيه أبواب أوّلها حقيقة الإيمان ، ورواياته عن الكليني والصدوق والطوسي بالاسانيد المتصلة إلى الشهيد. يقول في أوّله : « يقول الفقير إلى اللّه محمد بن شجاع الأنصاري مصنّف الكتاب عفا اللّه عنه : إنّ هذا الحديث أبلغ ما سمع في هذا الباب. وذكر في آخره انّه فرغ من تصنيفه في 19 شعبان من

ص: 24


1- رياض العلماء : 5 / 108.
2- الفوائد الرضوية : 538.
3- معجم رجال الحديث : 16 / 176 ، برقم 10941.
4- الكنى والألقاب : 3 / 70.

شهور سنة 819 ه ، والنسخة موجودة في الخزانة الغروية بخط المؤلف. (1)

2 - المقنعة في آداب الحج : قال الأفندي التبريزي في « الرياض » : رأيته في أردبيل بخط الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن علالة المجاز من أستاذه الفاضل المقداد في سنة 822 ه ، وفي آخر الكتاب : [ هذا آخر كلام المصنّف دامت فضائله ، حرّره العبد علي بن حسن بن علالة في يوم الأحد الحادي عشر من شعبان سنة 822 ه ]. (2)

3 - معالم الدين في فقه آل ياسين : رتّبه على أربعة أقسام تبعا لمن تقدّم عليه من كبار الفقهاء ، كالمحقق الحلّيّ في « الشرائع » وغيره ، وإليك الإلمام بهذه الأقسام على وجه موجز :

الأوّل : في العبادات : ابتدأ بكتاب الطهارة وأنهاه بكتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الثاني : في العقود : ابتدأ بكتاب الصلح وختمه بكتاب النكاح.

الثالث : في الإيقاعات : ابتدأ بكتاب الطلاق وختمه بكتاب الكفّارات.

الرابع : في الأحكام : ابتدأ بكتاب المواريث وختمه بكتاب الديات.

ويعدّ الكتاب دورة فقهية كاملة ، جرّد المؤلّف فيه الفتاوى عن ذكر الروايات واستعراض الأقوال غالبا ، وكرّس جهوده في الإشارة إلى عامّة مسائل الباب حتّى لا يفوته فرع مذكور في الكتب الفقهية المتداولة ، وقد سار على ضوء كتاب « القواعد » للعلّامة الحلي و « الدروس » للشهيد الأوّل غالبا ، و « الشرائع »

ص: 25


1- الذريعة : 24 / 422 ، مادة نهج.
2- الذريعة : 22 / 124.

للمحقّق الحلّيّ ، و « التنقيح الرائع » لأستاذه الفاضل المقداد في بعض الأحيان.

وقد كان الكتاب موضع اهتمام كبار الفقهاء حتّى أنّ الشيخ الأنصاري نقل آراء المؤلف في كتاب « المكاسب » (1) ، ورسالة المواسعة والمضايقة. (2)

وأكثر ما أفتى به موافق للمشهور ، إلّا أنّه خالف في بعض الموارد ، نذكر منها ما يلي

1 - أفتى بأنّ الحدث بين الصلاة وصلاة الاحتياط لا يبطل ، فعليه الإتيان بصلاة الاحتياط بعد تحصيل الطهارة.

2 - لو كان في أوّل الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس ، فلو لم يصلّ أوّل الوقت وصلّى آخره ، فهو مخيّر بين الإتمام والقصر.

وبذلك يعلم صحّة ما قاله العلّامة بحر العلوم في حق الكتاب من أنّه قد يغرب في بعض التفاريع ، قال قدس سره :

وجدت في ظهر نسخة لهذا الكتاب : بلغ مقابلة من أوّله إلى آخره مع النسخة الّتي قرئت على مصنّفه ، وفيه خطّه طاب ثراه ، وهو محمد بن شجاع الأنصاري الحلّيّ ، ويظهر من تتبع الكتاب فضيلة المصنّف ، وهو على طريقة الفاضلين [ المحقّق الحلّيّ والعلّامة الحلّيّ ] في أصول المسائل ، لكنّه قد يغرب في التفاريع ، والّذي أرى صحة النقل عنه. (3)

ومن غرائب الكلام ما ذكره إسماعيل باشا في « إيضاح المكنون » في

ص: 26


1- المكاسب المحرّمة : مسألة بيع كلب الماشية : 55.
2- رسالة المواسعة والمضايقة : 25 ، ضمن الرسائل الفقهية للشيخ الأنصاري المطبوعة.
3- رجال السيد بحر العلوم : 3 / 280.

الذيل على كشف الظنون حيث قال : معالم الدين في آل ياسين لشمس الدين محمد بن شجاع القطّان الحلّيّ الشيعي من تلاميذ المفيد!! (1)

فأين المؤلّف الّذي كان حيّا عام 832 ه من الشيخ المفيد الّذي توفّي عام 413 ه؟! ولعلّ « المفيد » مصحّف « المقداد » ، مضافا إلى أنّه وصف الكتاب بأنّه « في آل ياسين » والصحيح في فقه آل ياسين.

هذا ولشيخنا المترجم تراجم موجزة في كتب التراجم والفهارس - وراء ما مرّ ذكره - (2).

منهجيّة التحقيق :

قد تقدّم في وصف الكتاب انّه جرّد الفتاوى عن ذكر الروايات واستعراض الأقوال ، ولذلك ركّز محقّق الكتاب العلّامة الحجّة الشيخ إبراهيم البهادري المراغي ( حفظه اللّه ) جهوده الحثيثة على تقويم النصّ وتمييز الصحيح عن السقيم ، وتعيين مقاطع العبارات ، وتقدير كلمة أو جملة بين المعقوفتين يقتضيها سياق العبارة ، والاستعانة لتسهيل فهم مقاصد الكتاب بنقل عبارات الفقهاء في الهامش ، إلى غير ذلك من الأمور الّتي تيسّر فهم مقاصد الكتاب.

هذا وقد اعتمد في تصحيح الكتاب وتحقيقه على نسخ ثلاث ، هي :

ص: 27


1- إيضاح المكنون : 4 / 503.
2- تنقيح المقال في علم الرجال : 3 / 131 برقم 10846 ؛ إيضاح المكنون : 2 / 694 ؛ أعيان الشيعة : 9 / 363 ؛ طبقات أعلام الشيعة : 4 / 118 ؛ معجم المؤلفين : 10 / 64 ؛ فهرست نسخه هاى خطى : 1 / 414 برقم 399 ؛ ريحانة الأدب : 8 / 157 ؛ فرهنگ بزرگان : 4 / 5 ؛ معجم دهخدا : 2 / 340.

1 - نسخة مكتبة آية اللّه الگلپايگاني المسجّلة برقم 30 / 143 ، فهي تشتمل على 262 ورقة وكل ورقة على 19 سطرا ، ورمز إليها المحقّق ب- « أ ».

2 - نسخة مكتبة آية اللّه المرعشي المسجّلة برقم 399 في فهرس المخطوطات وقد سقطت من أوّلها ورقة فهي تشتمل على 198 ورقة ، وكل ورقة على 18 سطرا ، ورمز إليها المحقّق ب- « ب ».

3 - نسخة المكتبة الرضويّة في مشهد ، المسجّلة برقم 781 ، وتشتمل على 335 ورقة وكلّ ورقة على 18 سطرا ، وهي بخط الناسخ محمد بن عراد الحسيني ، ولم يذكر تاريخ نسخها ، وهي ناقصة من أوّلها. ولكنّها أدقّ النسخ وأضبطها. ورمز إليها المحقّق ب- « ج »

ولم يقتصر المحقّق في تقويم النصّ على هذه النسخ ، بل راجع الكتب الّتي سار المصنّف على ضوئها حين التأليف فميّز الصحيح من السقيم على ضوء عباراتها ، كما أنّه استعان بها في توضيح العبارات المغلقة.

فهاك نسخة صحيحة تامّة ، هي حصيلة جهود محقّق صرف جلّ عمره في إحياء التراث الإسلامي ونشر فضائل أئمّة أهل البيت عليهم السلام وآثار الفقهاء ، وقد صدر له لحدّ الآن تحقيق الكتب التالية :

1 - الاحتجاج : لشيخنا أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في جزءين.

2 - إصباح الشيعة : للفقيه الأقدم قطب الدين البيهقي الكيدري.

3 - إشارة السبق : تأليف الشيخ علاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضل ، المعروف بالحلبي.

ص: 28

4 - جواهر الفقه : للقاضي ابن البراج.

5 - الرسائل الاعتقادية : للشيخ الطوسي.

6 - عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار عليّ بن أبي طالب عليه السلام : لابن البطريق الحلّي في جزءين.

7 - غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع : لابن زهرة الحلبي في جزءين.

8 - المسائل الميّافارقية : للسيد الشريف المرتضى.

9 - تحرير الأحكام : للعلّامة الحلّي في خمسة أجزاء ، سادسها الفهارس العامّة للكتاب.

مضافا إلى هذا الكتاب الماثل بين يديك والّذي يزفّه الطبع إلى القرّاء الكرام.

ونحن بدورنا نبارك له هذه الخدمات الّتي قدّمها إلى المكتبة الإسلامية ، ونرجو له من اللّه سبحانه مزيدا من التوفيق ودوام الصحّة.

جعفر السبحاني

قم - مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام

19 ربيع الثاني عام 1423 ه-

ص: 29

ص: 30

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الّذي خلقني من ولد آدم الّذي كرّم ، وجعلني من أمّة محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم الّتي سلّم ، وهداني إلى الولاية الّتي ألزم ، ووفّقني لطلب العلم الّذي عظّم. أحمده على ما أولى وأنعم ، وأصلّي على المبعوث إلى كافّة العالم محمّد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى آله قادة الأمم ، ما دجى ليل وأعتم وأضاء صبح وبسم.

وبعد فإنّ أولى ما توجّهت إليه الهمم وتواضعت له تيجان القمم ، ما به بقاء نوع الإنسان ، والفارق بين العدل والعدوان ، أعني : الشريعة المحمّدية المنسوبة إلى العترة العلويّة ، فحملني ذلك على تصنيف كتاب يشتمل على تجريد مسائله بعد تحقيق أصوله ودلائله ، وفق ما كنت أتوق إليه أيّام الطّلب ، ويروق لي وجود مثله في الكتب ، فالحمد لله الّذي وهب لي ما كنت أتمنّاه ، وله الشكر على جميل نعمه وجزيل عطاياه ، وأسأله قبوله ، وأرجو منه قبوله ، وأن ينفع به كلّ مستفيد ، ويقمع عنه كلّ حاسد عنيد ، فإنّه أكرم المسئولين وأجود المعطين.

وسمّيته « معالم الدّين في فقه آل يس » ورتّبته على أربعة أقسام :

ص: 31

ص: 32

كتاب الطهارة

[ القسم ] الأوّل : في العبادات

اشارة

وفيه كتب :

كتاب الطهارة

ص: 33

ص: 34

وهي استعمال الماء أو التراب على وجه يبيح الصلاة ، ومباحثها ثلاثة :

[ البحث ] الأوّل : فيما تفعل به

اشارة

وهو الماء والتراب ، فالماء إن استحقّ إطلاق الاسم وكذب سلبه ، فمطلق ، وإلّا فمضاف.

أمّا المطلق ففيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في حقيقته

خلق الماء طهورا ، يرفع الحدث ويزيل الخبث ، فإن مازجه طاهر وغيّر أحد أوصافه ، فإن صدق الاسم فحكمه باق ، وإلّا زالت طهوريّته.

وإن مازجته نجاسة صار أقساما :

الأوّل : الجاري ، ولا ينجس بالملاقاة إذا كان له مادّة ، من عين ، أو نهر وإن قلّت ، ولا ينجس بمروره على النجاسة ، وينجس بالتغيير الحقيقيّ لا التقديري ، كما لو وافقته النجاسة في الصفات ، ويختص المتغير منه بالنّجس (1) إلّا أن

ص: 35


1- في « ب » : بالتنجيس.

ينقص التحت عن الكر ، ويستوعب التغيير العرضي ، فينجس المتغيّر وما تحته.

وما لا مادّة له ، كالواقف ، وماء الغيث حال نزوله كالجاري ، فإن انقطع فكالواقف ، ومثله ماء الحمّام إذا كان له مادّة من كرّ ، وكذا غير الحمّام إن شرطنا في المادّة الكرّية وإلّا فلا.

الثاني : الواقف ، فالكثير منه - وهو ألف ومائتا رطل بالعراقيّ ، وهو أحد وتسعون مثقالا ، أو ثلاثة أشبار ونصف ، طولا وعرضا وعمقا من مستوي الخلقة - لا ينجس بالملاقاة بل بالتغيير الحقيقي.

ولا فرق بين الغدير والمحصور في آنية أو حوض.

ويشترط ميعانه وتحقّقه ، فلو شكّ (1) في الكريّة نجس بالملاقاة لا بالشكّ في وقوع النجاسة.

ولو اغترف من الكرّ وفيه نجاسة ، فإن تميّزت فالمأخوذ (2) طاهر وإلّا فالجميع. ولو تغيّر بعضه اختص بالتنجيس إن بلغ الباقي كرّا ، وإلّا فالجميع.

ولو تغيّر بطول اللبث ، أو بوقوع منتن (3) طاهر ، أو شكّ ، في استناد التغيّر إلى النجاسة لم ينجس.

والقليل ينجس بالملاقاة وإن كان دما قليلا ، إلّا ماء الاستنجاء.

الثالث : ماء البئر ينجس بالتغيير إجماعا ، ولو تغيّر بمتنجّس كالجلد ، نزح منزوح نجاسته وإن بقيت الرائحة ، وفي نجاسته بالملاقاة توقّف ، ( ووجوب النزح واضح ، وفي إلحاق السماوية توقّف ). (4)

وماء العين المحبوس كالبئر وغيره كالجاري.

ص: 36


1- في « ب » : ولو شك.
2- كذا في « ب » ولكن في « أ » : فالمأخوذ منه.
3- في « ب » : نتن.
4- ما بين القوسين يوجد في « ب ».
الفصل الثاني : في تطهيره
اشارة

يطهر المتغيّر من الجاري بتدافعه والزائد على الكرّ بتموّجه حتّى يزول التغيّر.

و [ يطهر ] الكرّ بإلقاء كرّ دفعة (1) فكرّ حتّى يزول تغيّره ، لا بزواله من نفسه ، ولا بتصفيق الرّياح ولا بوقوع أجسام طاهرة ، فيطهر حينئذ بإلقاء كرّ دفعة وإن لم يزل به التغيّر (2) لو لا ذلك.

والقليل المتغيّر كالكثير وغيره بإلقاء كرّ دفعة ، أو باتّصال الغيث أو الجاري أو الكريّة ، ويشترط الشياع إن ورد عليه ، وإلّا فلا ، ولا يطهر بإتمامه كرّا ، ولا بالنّبع من تحته.

وماء البئر بزوال التّغير. (3)

وينزح الجميع لموت البعير ، ووقوع الخمر والمسكر والفقّاع والمنيّ وأحد الدّماء الثلاثة وغير المنصوص ، فإن غلب تراوح أربعة رجال (4) يوما.

ونزح كرّ لموت الحمار أو البغل أو الدابّة أو البقرة أو الثور.

وسبعين دلوا لموت الإنسان ، وخمسين للعذرة الرطبة أو الذّائبة ، والدم الكثير كذبح الشاة فصاعدا.

ص: 37


1- أي إذا زال وإلّا فكرّ آخر. لاحظ القواعد : 1 / 186 ؛ الدروس : 1 / 118.
2- في « أ » : التغيير.
3- في القواعد مكان العبارة : « وماء البئر بالنزح حتّى يزول التغيّر ». قواعد الأحكام : 1 / 187.
4- في « ب » : أربع أربع رجال.

وأربعين للسنّور أو الشاة أو الكلب أو الخنزير أو الثعلب أو الأرنب ولبول الرّجل.

وثلاثين لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلاب (1) فإن تغيّرت الصّورة فلذي الحكم حكمه ، ولخرء الكلب ثلاثون دلوا ، لأنّها له مع غيره فلا يحتمل الأكثر ، والأقلّ غير معلوم.

ويمكن أن ينزح ذلك لبول المرأة ، لإطلاق لفظ البول.

وعشرة للعذرة اليابسة وللدم القليل كذبح الطير فما دون ، وما بين الدّمين كثير.

وسبع لموت الطّير والفأرة المنتفخة أو المنفسخة ولبول الصّبي ، واغتسال الجنب ، وخروج الكلب حيّا وفي إلحاق الخنزير به احتمال قويّ.

وخمس لذرق الدّجاج الجلّال. وثلاث لموت الفأرة والحيّة والوزغة. ودلو للعصفور وشبهه ، ولبول الرضيع قبل اغتذائه بالطّعام.

فروع

الأوّل : حكم المتنجس بأحدها حكمه ، فلو صبّ الدلو الأخير فيها أعاد النزح.

الثاني : يستوي الكلّ والجزء والصّغير والكبير والذّكر والأنثى.

الثالث : يراعى الاسم ، فيتساوى الرّجل والمرأة في العذرة دون البول.

ص: 38


1- في « ب » : وخرء الكلب.

الرابع : لو تضاعفت النجاسة تداخلت مع التماثل ، وعدمه وينزح الأكثر. (1)

الخامس : يجب تطهير الدّلو إذا خرجت فيه النجاسة قبل النزح.

السادس : [ لو ] تعدد الدلاء [ فالاعتبار ] بالدلو المعتاد ، ولا يعتبر التعدّد في إزالة التغير ، ولو لم يمتل الدلو وجب المائح (2) وإن تعذّر جاز التلفيق ، وعفي عن الساقط من الدّلو.

السابع : لا تجب النّية في النزح.

الثامن : لا ينزح إلّا بعد إخراج النجاسة أو استحالتها ، ولو انمعطّ الشعر (3) كفى عليه بخروجه. (4)

التاسع : لو غار الماء سقط النزح.

العاشر : يتولّى النزح كلّ أحد حتّى الكافر إن لم يباشر.

الحادي عشر : إذا قلنا ؛ لا ينجس الماء بالملاقاة ويجب النزح ، لم تجز الطهارة به قبله ، نعم يطهر به الثوب.

الثاني عشر : لو تغيّرت بما يوجب نزح الجميع أجزأ زوال التغيّر (5) ولو كان بالبعض.

ص: 39


1- في « ب » : وينزح للأكثر.
2- في المعجم الوسيط : ماح ميحا : نزل إلى قرار البئر يملأ الدلو لقلّة مائها ، فهو مائح.
3- في المعجم الوسيط : امتعط وامّعط الشّعر : تساقط.
4- كذا في « ب » ولكن في « أ » : « ولو أحطّ الشّعر كفى عليه كظن بخروجه » وهو لا يخلو عن غموض.
5- في « أ » : التغيير.

لو وقع فيها ميتة ما يجب النزح لموته ، نزح مقدّره ، ويحتمل الجميع.

الثالث عشر : لا يشترط توالي النزح.

الرابع عشر : إذا أكمل (1) النزح طهر الماء والجدران والحبال والدلو والنازح.

وقد تطهر بالجاري أو الكثير إذا شاع ، لا بإتمامها كرّا ولا بزوال تغيّرها من نفسها ، ولا بوقوع أجسام طاهرة ، فيجب نزح الجميع وإن كفى بعضه في الإزالة.

ويستحبّ تباعد البئر عن البالوعة ب- [ قدر ] خمس أذرع في الصلبة ، أو كانت البئر فوقها ، وإلّا فسبع ، ولا ينجس بالتقارب بل بوصول ماء البالوعة إليها مع التغيّر ، وإلّا فالتوقّف.

الفصل الثالث : في المستعمل والأسآر وفضلة الوضوء والغسل

والمستعمل منها طاهر مطهّر ، وكذا ماء الاستنجاء إلّا أن يتغيّر بالنجاسة أو تلاقيه نجاسة خارجة ، وغيره تابع للمحلّ قبل غسله ، وغسالة الحمام المجهول نجسة.

وسؤر الكلب والخنزير والكافر نجس ، وفي حكمه الخوارج والغلاة والنواصب.

ويكره سؤر الحمير والبغال والمسوخ وآكل الجيف مع خلو الفم منها ،

ص: 40


1- في « ب » : كمل.

والجلّال والحائض المتهمة ، والدّجاج والفأرة والحيّة والوزغة والثعلب والأرنب وولد الزنا.

ويحرم استعمال النّجس في الأكل والشرب اختيارا ، وفي الطهارة وإزالة النجاسة مطلقا ، فيعيد المتطهّر به طهارته وصلاته مطلقا ، ومزيل النجاسة به الصلاة عالما وناسيا في الوقت وخارجه ، والجاهل لا يعيد مطلقا.

ولو وجد النجاسة في الماء بعد الطهارة وشكّ في سبقها عليها لم يعد ، ولو علم السّبق وشكّ في الكرّية أعاد.

والماء المشتبه بالنّجس مثله ، ولا يجزي التحرّي.

ويتيمّم فاقد غيرهما ، ولا تجب الإراقة ، وربّما حرمت.

ولا يقوم ظنّ النّجاسة مقام العلم مطلقا ، نعم يجب قبول الشاهدين لأنّهما حجّة في الشرع ، ومع التّعارض يلحق بالمشتبه.

ويقبل قول الفاسق في مائه وفي طهارة ما وكل في تطهيره دون الصبيّ وإن راهق ، وتبطل الطهارة بالمغصوب والمشتبه به ويطهر النجس بهما.

وأمّا المضاف ، فهو المعتصر من الأجسام والمصعّد والممتزج بجسم يسلبه الإطلاق ، ولا عبرة بوصف لم يسلبه ، ولو مزج بالمطلق فإن سلبه الاسم فمضاف وإلّا فمطلق ، وكذا لو تغيّر بطول اللبث وهو طاهر غير مطهّر من الحدث والخبث ، وينجس بالملاقاة وإن كثر ، ولا يطهر بإلقاء كرّ دفعة ، ولا باتّصال الجاري والغيث به حتّى يصير مطلقا ، ولو اشتبه المطلق به وليس سواهما بما تطهّر بكل منهما ، ولو انقلب أحدهما تطهّر بالآخر وتيمم ، ولو لم يكفه المطلق وجب إتمامه بالمضاف إن بقي الاسم.

ص: 41

ويكره طهارة الحيّ بالمشمّس في الآنية ، وتغسيل الميّت بالمسخّن بالنار ، وفي وضوئه به توقّف ، ولا يعتبر القصد فيهما بل بقاء الوصف ، ويجوز تغسيله بالمشمّس ، وتكره الطهارة بالمنتن بغير النجاسة ، وشرب ما مات فيه الوزغة والعقرب ، أو خرجتا منه ، والتداوي بمياه العيون الخمسة ، ولا بأس بالطهارة منها.

ص: 42

[ البحث ] الثاني : في أقسامها

اشارة

وهي : وضوء وغسل وتيمم.

الأوّل : الوضوء
اشارة

والنظر في أمور :

الأوّل : في غايته :

إنّما يجب للصّلاة والطواف ومسّ كتابة القرآن إن وجب ، ويستحبّ لمندوب الأوّلين ولقراءة القرآن ولدخول المساجد وحمل المصحف والنوم وصلاة الجنائز وزيارة المقابر والسعي في حاجة ونوم الجنب وجماع المحتلم والحامل ، والكون على طهارة والتجديد ، وذكر الحائض ، وتكفين الميّت.

الثاني : في أسبابه :

وهي البول ، والغائط ، والريح من المعتاد وغيره إذا اعتاد ، والنوم الغالب ، وما يزيل العقل كالإغماء والجنون ، والاستحاضة القليلة ، وهي الّتي لا توجب الغسل ، فالّذي لا يغمس القطنة عند الصّبح كثير وعند الظهر قليل ، (1) ولا ينقض غير ذلك كالمذي والقي ء وخروج الدّم وإن كان من السّبيلين إلّا الدّماء الثلاثة ، ولا تقليم الظّفر ، وحلق الشّعر ، ومسّ القبل والدّبر ،

ص: 43


1- كذا في جميع النسخ والظاهر زيادة قوله : « عند الصبح كثير وعند الظهر » والصحيح « فالذي لا يغمس القطنة قليل » ولاحظ نظرية المصنف في القليلة والمتوسطة والكثيرة ص 32 من هذا الكتاب ، ولعل التحريف تطرّق إلى النسخ.

ولمس المرأة ، والارتداد ، ولا ما يخرج من السّبيلين إلّا أن يستصحب ناقضا.

ويجب في الخلوة ستر العورة وترك الاستقبال والاستدبار مطلقا ، ولو بنى عليهما وجب الانحراف ، وغسل مخرج البول بالماء بمثلي ما على الحشفة ، ومخرج الغائط بالماء إن تعدّى حتّى ينقى ، ولا عبرة بالرائحة ، وإلّا أجزأ ثلاثة أحجار طاهرة وشبهها من خرق أو خزف وجلد ، لا باليد.

ويجزئ ذو الجهات الثلاث وفي إلحاق غير المعتاد به توقّف.

ويجب إمرار كلّ حجر على المخرج ، وإزالة العين دون الأثر ، والزيادة إن لم ينق بالثلاثة ، ويستحبّ الوتر ، ولو نقى بدونها أكملها وجوبا والماء أفضل ، والجمع في الحالين أكمل.

ولا يجزئ الصّقيل والمستعمل والأعيان النجسة والنجس مطلقا ، بل يجب الماء ويحرم العظم والروث والمطعوم وتربة الحسين عليه السلام ويجزئ.

ويستحبّ تغطية الرأس ، والتسمية ، وتقديم اليسرى دخولا والدعاء عنده وعند البراز والفراغ ورؤية الماء ، والاستبراء ، والاستنجاء للرجل ، وتقديم اليمنى خروجا ، ومسح بطنه.

ويكره استقبال الشمس والقمر بفرجه ، واستقبال الرّيح ، وفي المشارع والشوارع ، وتحت المثمرة وفي ء النزّال ، ومواضع اللعن ، وأفنية الدّور ، وحجرة الحيوان ، والبول في الصلبة ، وفي الماء جاريا وواقفا ومطمحا (1) ، والكلام إلّا بالذكر والحاجة ، أو آية الكرسي ، وحكاية الأذان ، والأكل ، والشرب ، والسّواك ، والاستنجاء باليمين ، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم اللّه تعالى [ أ ] واسم أنبيائه أو الأئمّة عليهم السلام.

ص: 44


1- في المعجم الوسيط : طمح الماء وغيره طموحا وطماحا : ارتفع.
الثالث : في كيفيّته
اشارة

وفروضه سبعة : النّية : وهي إرادة إيجاد الفعل بالقلب لوجوبه أو ندبه متقرّبا ، ويجب قصد رفع الحدث أو الاستباحة ، ويختصّ دائم الحدث والمستحاضة بالاستباحة.

وتجب المقارنة بها لأوّل جزء من الوجه مستدامة ، فتبطل بما ينافي اثنائها (1) فلو نوى الندب عن الوجوب أو بالعكس بطلت ، ولو نوى الندب بدل الوجوب وصلّى ثمّ أحدث وتوضأ واجبا وصلّى أعاد الأولى إن نسى البطلان وإلّا الجميع. (2)

ولو أخلّ بلمعة (3) في الأولى فغلسها في الثانية أو في المجدّد لم يصحّ.

ولو دخل الوقت في المندوبة ، أو ظنّ الدّخول فتوضّأ واجبا ، ثمّ دخل في الأثناء أو بعد الفراغ استأنف.

ولو نوى الرّياء أو التبرّد أو ضمّهما أو تجدّدا بطلت.

ولا تصحّ طهارة الكافر لتعذّر القربة ، وتبطل بالكفر في الأثناء.

ص: 45


1- في « أ » : « اجزائها » وما أثبتناه هو الأنسب. قال العلّامة في التذكرة : 1 / 141 : ويجب استدامتها حكما إلى الفراغ ، يعني إنّه لا يأتي بنيّة لبعض الأفعال يخالفها.
2- توضيحه : ان المصنف قائل بوجوب قصد الوجه في العبادات ومنها الوضوء ، وعلى ذلك لو توضأ ندبا وقد دخل وقت الفريضة وصلى ، بطلت صلاته ومع ذلك لو احدث وتوضأ واجبا وصلّى الصلاة الأخرى فحينئذ ان لم يتذكر بطلان صلاته الأولى ، تصحّ الثانية ويعيد الأولى ، لان الترتيب شرط علميّ لا واقعيّ ، وان تذكر ومع ذلك صلى الصلاة الثانية ، يعيد الجميع ، لفقدان شرط الترتيب. ولاحظ القواعد : 1 / 201.
3- في مجمع البحرين : اللمعة - بضم اللام وسكون الميم وفتح العين المهملة وفي آخره هاء - :القطعة من الأرض اليابسة العشب الّتي تلمع وسط الخضرة ، استعيرت للموضع لا يصيبه الماء في الغسل والوضوء من الجسد حيث خالف ما حولها في بعض الصفات.

ولا يجب تعيين الحدث وإن تعدّد ، فلو عيّنه ارتفع الباقي ، وإن نفى (1) إلّا أن ينوي غير الواقع إلّا مع الغلط.

ولو نوى عند كلّ فعل رفع الحدث عنه بطل ، ولو أطلق صحّ.

ويجب في الاستباحة إرادة فعل مشروط بالطّهارة وإن كان مندوبا ، لا ما يستحبّ له ، ولا يجب تعيينه ، فلو نوى صلاة استباح غيرها وإن نفاها.

ولا يشترط حضور وقته ولا إمكانه ، فلو نوى استباحة الظهر ضحوة أو استباحة الطواف وهو ناء صحّ ، ولا استحضار النّية في كلّ الأفعال ، فيصحّ مع غروب النّية في الأثناء إلّا أن ينوي غيره كالتّبرد ، ولا نيّة القطع في الأثناء إلّا أن يجفّ ما فعله.

ولا يجزئ اللّسان وحده ، ولو ضمّه فالمعتبر القلب ، ويبطل بعدم المقارنة ولو وضّى العاجز تولّى النّية.

ويجب النّطق لأجل المقارنة.

والصّبيّ ينوي النّدب في جميع عباداته ، لأنّ (2) خطابه تمرينيّ.

والنيّة عند غسل اليدين أفضل.

الثاني : غسل الوجه ، وهو من القصاص إلى الذقن طولا وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا ، وحال الأنزع (3) والأغمّ (4) وعريض الوجه وقصير الأصابع وعكسه على مستوي الخلقة.

ص: 46


1- ناظر إلى فتوى الشهيد في الدروس حيث قال : ولو نوى رفع حدث بعينه أو استباحة صلاة بعينها فلا حرج. ولو نفى غيرهما بطل. الدروس : 1 / 90.
2- في « أ » : « انّ » وما اثبتناه هو المناسب.
3- في المعجم الوسيط : نزع ينزع نزعا : انحسر شعره عن جانبي جبهته ، فهو أنزع.
4- في المعجم الوسيط : غمّ يغمّ غمما : سال شعر رأسه حتّى ضاقت جبهته وقفاه ، فهو أغمّ.

وتجب البدأة بالقصاص ، والجريان وتخليل الشّعر الخفيف دون الكثيف ، بل يغسل الظاهر ، وكذا المرأة ، ولا يجب غسل المسترسل ولا الدّلك ، بل يكفي إجراء الماء أو الغمس.

الثالث : غسل اليد اليمنى ثمّ اليسرى من المرفق إلى الأصابع ، ويجب غسل باطن الظفر ، والزائد تحت المرفق مطلقا ، وما فوقه إن كان يدا غير متميّزة ، ولو تميّزت غسل الأصليّة خاصّة ، ولو انكشط (1) لحم من فوقه وتدلّى من تحته ، وجب غسله دون العكس ، ويسقط غسل ما قطع.

وتجب اجرة الوضوء على المعذور وإن زادت عن المثل إن تمكّن ، وإلّا سقط ، ولا يجب القضاء.

ويحرّك الخاتم وشبهه وجوبا إن منع وصول الماء ، وإلّا ندبا.

الرابع : مسح بشرة مقدّم الرّأس أو شعره إن لم يخرج بالمدّ عنه بأقلّ اسمه بأحد اليدين ، ولا يجب تحريكها ، ويحرم مسح جميع الرأس والتطوق ومسح الاذنين ، ولا يبطل الوضوء ، ويستحبّ بثلاث أصابع مضمومة مقبلا ، ويكره مدبرا ، ولا يجوز المسح على حائل وإن خفّ ، ولو كان شعرا.

الخامس : مسح ظاهر الرجلين من رءوس الأصابع إلى الكعبين - وهما مفصل السّاق - باليد بأقلّ اسمه ، ويستحبّ بالكفّ ، ويجوز النكس ، وتقديم اليسرى ، ومسحهما باليدين دفعة ، مناسبا ومخالفا وبأحدهما مفرقا ومعا.

ولو قطع البعض مسح الباقي ، ولو استوعب سقط ، ولا يجزئ الغسل ولا المسح على حائل ، ثمّ إن لم يجفّ البلل أعاد المسح ، وإلّا أعاد الوضوء

ص: 47


1- كشطه عنه : أزاله عنه. المعجم الوسيط.

ويجزئ ذلك مع الضرورة أو التقية ، والغسل أولى من المسح على الحائل.

ولو زال العذر أعاد إن تمكّن ، وإلّا فلا ، سواء عاد السبب أو لا ، ويجوز المسح على الشراك ، ولا يجب تخليله.

وتجب المسحات بالبلل ، فإن جفّ ، أخذ من أجفانه ولحيته ولو من المسترسل ، لأنّه ماء الوضوء حتّى لو جمعه في إناء ثمّ مسح به جاز ، فإن فقده استأنف.

ولو فقد البلل لإفراط الحرّ تمّم بماء جديد ، ولا يمسح بالزند واليد الزائدة ، ولو لم يتميّز مسح بهما ، ويجوز المسح بالإصبع الزائدة ، وبظاهر اليد على توقّف.

السادس : الترتيب كما ذكرنا ، فإن أخلّ به حصّله إلّا أن يجفّ البلل فيستأنفه.

ولو غسل المضطرّ ثلاثة دفعة بطل. (1)

السابع : الموالاة ، وهي المتابعة اختيارا ومراعاة الجفاف اضطرارا ، فإن أخلّ بها ولم يجف السابق أتمّ وإلّا استأنف ، ولو نذرها فأخلّ بها ، فإن أطلق أعاد الوضوء متواليا ، وكذا لو عيّن والوقت باق ، وإلّا كفّر.

وتجب طهارة الماء ، وطهوريّته وإباحته ، ويعذر جاهل الغصبيّة وإن علم قبل الصلاة ، دون جاهل الحكم والناسي.

ص: 48


1- أي لو غسل المضطرّ ثلاثة أشخاص كلّ يتصدّى لغسل عضو منه دفعة يبطل لفقدان الترتيب. قال العلاّمة في القواعد: 1 / 204: «ولو استعان بثلاثة للضّرورة فغسّلوه دفعةً لم يجزئ».

والمسنون وضع الإناء على اليمين ، وغسل اليدين قبل إدخالهما فيه مرّة عقيب النّوم أو البول ، ومرّتين عقيب الغائط ، وثلاثا عقيب الجنابة ، ويسقط غسلهما في غيره [ الإناء ] ، ولا ينقضه الحدث ، لأنّه يجامعه ، والسواك ، والاغتراف باليمين ، والمضمضة والاستنشاق ثلاثا ، ولا ينقضهما الحدث أيضا ، والدعاء بعدهما ، والتسمية ، والدعاء عند كلّ فعل ، وتثنية الغسلات ، دون المسح ، وتحرم الثالثة ، ويبطل المسح بها ، وبدأة الرّجل بظاهر ذراعيه ، والمرأة بباطنهما ، وفي الثانية بالعكس ، والدعاء بعد الفراغ.

والوضوء بمدّ ، وتحرم التولية اختيارا ، وتكره الاستعانة ، والتمندل.

[ فرع ]

[ فرع ](1)

ذو اليدين إن بانا اثنين تولّى كلّ واحد النيّة وغسل وجهه ويديه ، ومسح رأسه مرتّبا مواليا - ومسح الرجلين واجب على الكفاية - وإن بانا واحدا تولّى أحدهما النية وباقي الأفعال مرتّبا مواليا ، ولو تولّاها الآخر أو اشتركا ، جاز مع مراعاة الترتيب والموالاة.

وذو الرأسين يمسحهما معا.

الرابع : في أحكامه

يجب نزع الجبيرة وشبهها ، فإن لم يمكنه كرّر الماء حتّى يصل إلى البشرة ، فإن تعذّر مسح عليها ولو في [ موضع ] الغسل ، ويعيد إذا زال العذر.

ص: 49


1- أثبتناه على ضوء القواعد للعلّامة قدس سره.

ويتوضأ المبطون والسّلس (1) والمستحاضة لكلّ صلاة ، ويكتفى به وإن تجدّد الحدث في الأثناء.

ولو تيقن الطهارة وشكّ في الحدث أو بالعكس عمل بالمتيقّن ، ولو تيقّنهما وشكّ في المتأخّر ، تطهّر ، ولا يستصحب حاله قبلهما ، لجواز تعقّب مثله ، ولو علم ترك عضو أتى به وبما بعده ما لم يجف السابق كلّه ، فيعيد ، وكذا لو شكّ فيه قبل انصرافه ، وبعده لا يلتفت ، وكذا المرتمس ومعتاد الموالاة وغيره.

ولا يجب طهارة غير محلّ الوضوء ، فلو أخلّ بغسل أحد المخرجين ، وصلّى ، غسله وأعاد الصلاة حسب في الوقت وخارجه وإن كان ناسيا.

ولو جدّد ندبا وصلّى ، ثمّ ذكر أنّه أحدث عقيب الطهارتين ، أو ذكر إخلال عضو من أحدهما أعاد الطهارة والصلاة ، ولو صلّى بكلّ واحدة صلاة أعادهما وإن تساويا عددا ، أمّا لو تطهّر وصلّى ، ثمّ أحدث ثمّ توضأ وصلّى ، وذكر الإخلال المجهول أعاد الطهارة والصلاتين إن اختلفتا عددا وإلّا فالعدد.

ولو تطهّر طهارتين واجبتين إمّا بنذر الثانية أو بإيقاعها ناسيا ، أو مندوبتين قبل الوقت ، إمّا بأن يوقع الثانية ناسيا أو لم يوجب الرفع أو الاستباحة ، ثمّ صلّى وذكر الإخلال من أحدهما ، لم يعد شيئا.

ولو صلّى (2) الخمس بخمس طهارات ، ثمّ ذكر أنّه أخلّ بواجب من

ص: 50


1- المبطون : عليل البطن ، أو من به داء البطن ، وهو خروج الغائط شيئا فشيئا من دون اختيار ، أو هو أعمّ من أن يكون بريح أو غائط. والسّلس : هو تقطير البول من غير اختيار.
2- في « أ » : « وصلى » والصّحيح ما أثبتناه.

إحداهما ، أو أحدث عقيبها ، صلّى الحاضر صبحا ومغربا وأربعا مطلقا ، والمسافر مغربا وثنائيّة مطلقة ، والمشتبه كالحاضر إن أطلق الصبح ، وإلّا زاد ثنائية.

ولو كان من طهارتين من يوم يقينا صلّى الحاضر صبحا ورباعيّتين بينهما المغرب ، والمسافر ثنائيّتين بينهما المغرب ، وأطلق الصّبح.

ولو اشتبه بيوم تخيّر ، فإن شاء التّمام فالأربع وإلّا فالخمس.

ولو اشتبه يوم تقصير بيوم تخيير ، فإن شاء التقصير فالثلاث ، وإن شاء [ التخيير ] فالخمس.

ولو كان في يومين يقينا ، صلّى الحاضر عن كلّ يوم صبحا ومغربا وأربعا ، والمسافر ثنائية ومغربا.

والمشتبه كالحاضر إن أطلق الصّبح ، وإلّا زاد ثنائية.

لو جهل الجميع (1) والتفريق ، صلّى الحاضر عن كلّ يوم ثلاثا ، والمسافر اثنتين هكذا ثنائية ثمّ مغربا ، والمشتبه كالحاضر إن أطلق الصبح وإلّا زاد ثنائيّة قبل المغرب ، وأخرى بعدها.

والحاضر في أحدهما يقينا يصلّي عن كلّ يوم خمسا : ثنائيّة وأربعا ، ثمّ مغربا ثمّ ثنائية وأربعا ، ولو كان من ثلاث قضى الحاضر الخمس والمسافر ثنائيّتين ثمّ مغربا ثمّ ثنائيّة.

والمشتبه يزيد على الحاضر ثنائية قبل المغرب وأخرى بعدها مع إطلاق الصّبح.

ص: 51


1- كذا في « أ » : ولعلّ الصواب : « ولو جهل الجمع ».

ولو كان من أربع أو من الخمس صلّى الحاضر والمسافر الخمس ، والمشتبه يزيد على الحاضر ظهرين وعشاء قصرا.

ولو صلّاها بأربع طهارات أو بثلاث ، وذكر الإخلال في واحدة ، فإن جمع بين الرباعيّتين بطهارة ، صلّى صبحا ومغربا وأربعا مرّتين ، وإلّا ثلاثا ، والمسافر ثنائيّتين والمغرب ، والمشتبه يزيد على الحاضر ثنائيّة بعد المغرب مع إطلاق الصبح.

ولو صلّاها بطهارتين ، أعاد الجميع كيف كان. (1)

القسم الثاني : في الغسل

اشارة

وفيه فصلان :

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] الواجب

اشارة

فمنه ما يجب لنفسه ، وهو غسل الميّت ، والجنابة ، فينوي الوجوب مطلقا ، وقد يتضيّق إذا بقي لطلوع فجر يوم يجب صومه قدر الغسل.

ومنه ما يجب لما وجب له الوضوء خاصّة ، وهو غسل مسّ الميّت ، فيجوز الصّوم مع المسّ ولا يبطله ، ولا يحرم دخول المساجد ، ولا قراءة العزائم ، وينوي الوجوب إن وجبت الغاية ، وإلّا الندب.

ومنه ما يجب لما وجب له الوضوء ، ولدخول المسجدين ، واللّبث في

ص: 52


1- لاحظ في تحقيق صور هذه المسائل جامع المقاصد : 1 / 240 - 253.

غيرهما ، وقراءة العزائم إن وجبت ذلك ، وللصوم ، وهو غسل الحيض والنّفاس ، (1) وكذا غسل الاستحاضة إلّا في قراءة العزائم ، فتنوي (2) الوجوب إن وجبت الغاية ، وإلّا الندب.

ويجب ضمّ الوضوء فيما عدا الأوّلين ، فلا يستبيح المشروط بدونه ، وليس جزءا من الغسل ، فلو أحدث قبله لم يعد الغسل ، وبالعكس يعيد الوضوء ، ولو قصر الماء عن الوضوء يتيمّم عنه.

فالأغسال ستّة :

الأوّل : الجنابة ، وفيه مباحث :
اشارة

الأوّل : في الموجب ، وهو أمران للرّجل والمرأة :

[ الأمر الأوّل ] : خروج المنيّ مطلقا ،

فإن اشتبه اعتبر برائحة الطلع (3) ، أو التلذّذ به ، أو بدفقه ، أو مقارنته للشهوة ، وفتور البدن ، ويجتزئ المريض بالشهوة وفتور البدن ، فإن خلا عن ذلك لم يجب الغسل.

ولو وجد المنيّ على بدنه أو ثوبه أو فراشه الخاصّين به ، وجب الغسل ، ويعيد كلّ صلاة يحتمل سبقها ، ومع الاشتراك لا غسل عليهما ، ويحتمل وجوبه على من وجده رطبا في نوبته.

ولو ائتمّ أحدهما بالآخر ، صحّت صلاة الإمام.

ص: 53


1- في « أ » : « وكنفاس » وهو مصحّف.
2- في « أ » : فينوي.
3- قال المحقّق الكركي في جامع المقاصد : 1 / 255 : أي طلع النخل ، وقريب منه رائحة العجين ، وذلك ما دام رطبا ، فإذا جفّ فرائحة بياض البيض.

ولا يجب على المرأة إعادة الغسل بخروج منيّ الرّجل إلّا أن يخالطه منيّها يقينا.

[ الأمر ] الثاني : التقاء الختانين ،ويحصل بغيبة الحشفة أو قدرها في الآدميّ مطلقا ، لا ببعضها ، ولا بوطء البهيمة.

ولا فرق بين الميّت والحيّ ، والفاعل والمفعول ، ولو وطئ الخنثى امرأة أو رجلا ، لم يجنب أحدهم ، ولو وطئ الرّجل في دبر الخنثى فكلاهما جنب ، ولو وطئ الرجل في قبل الخنثى ، وهي في فرج المرأة ، فالخنثى جنب قطعا ، وأحدهما جنب لا بعينه ، فيحرم اجتماعهما في مسجد ، ويتعلّق الحكم بإيلاج الملفوف والصّبيّ ، ويلزمه الوليّ بالأحكام ويصحّ منه الغسل ، كالوضوء ، ويعيده بعد البلوغ.

الثاني : في الحكم : يحرم على المجنب الصّلاة ، والطواف ، ومسّ كتابة القرآن ، وإن نسخ حكمه ، لا منسوخ التلاوة (1) واسم اللّه ، واسم أنبيائه والأئمّة عليهم السلام بالظواهر لا البواطن ، وقراءة العزائم أو بعضها حتّى المشتركة إذا نواها منها ، واللّبث في المساجد ، والجواز في المسجدين ، ووضع شي ء فيها إلّا الأخذ منها.

ويكره مسّ المصحف ، وحمله ، والأكل والشرب قبل المضمضة والاستنشاق ، والنّوم قبل الوضوء ، وقراءة ما زاد على سبع ، وفي إباحة تكرارها توقّف.

الثالث : في الغسل : وتجب طهارة المحلّ أوّلا فأوّلا ، ثمّ النّية مقارنة

ص: 54


1- وهو ما نسخ لفظه دون حكمه ، كآية الرّجم على زعم الجمهور ، والمشهور عند الشيعة خلافه.

مستدامة الحكم ، ويجب فيها رفع الحدث أو الاستباحة والوجوب ، والقربة ، ويستحبّ عند غسل اليدين.

فرع :

لو اجتمعت أسباب الغسل ، فنيّة الجنابة تجزئ عن غيره دون العكس وإن ضمّ الوضوء ، نعم لو نوى مطلق الحدث أو الاستباحة ارتفع الجميع ، ولو تعدّد غير الجنابة فنوى أحدها ، ارتفع الباقي وإن نفاه.

ثمّ يغسل الرأس والرّقبة ، ثمّ الجانب الأيمن ، ثمّ الأيسر ، ويجب تخليل ما يفتقر إليه حتّى الشعر الكثيف.

والترتيب كما ذكر ، والمباشرة ، وغسل جميع البشرة بأقلّ اسمه ، ولا يجب غسل الشعر ، ولا الموالاة إلّا دائم الحدث ، ولا الترتيب في الارتماس لا عينا ، ولا حكما ، ولا مقارنة النيّة فيه لجميع البدن ، لتعذّره ، ولهذا جاز تحت المطر والميزاب ، بل يقارن جزءا من البدن ، ويسرع في غسل الباقي.

وإذا رأى بللا مشتبها بعد الغسل والصلاة ، أعاد الغسل خاصّة ، إلّا مع البول أو الاستبراء.

ويعيده المحدث في أثنائه ، ويجزئ عن الوضوء بخلاف غيره ، ولا يبطل بالردّة.

ويجب على الكافر ، ويشترط في صحّته الإسلام ، ولا يسقط به.

ويستحبّ للرّجل الاستبراء أو البول ، وغسل اليدين ثلاثا ، والمضمضة والاستنشاق كذلك ، والغسل بصاع ، وإمرار اليد على الجسد ، وتخليل ما يصل إليه الماء ، والدعاء عنده.

ص: 55

الثاني : غسل الحيض
اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : في فائدته وماهيّته :
اشارة

من حكمته تعالى زيادة المرأة دما لتغذية الولد حملا ورضيعا ، وهو في الأغلب أسود أو أحمر ، يخرج بحرقة وحرارة ودفع ، ولقليله حدّ ، ويحكم للعذرة بتطوّق القطنة ، ويحكم به ، وإن لم يكن بصفته إذا حصلت شرائطه.

وأقلّه ثلاثة أيام متتالية ، وأكثره عشرة بين أقلّ الطهر ، فلو رأت ثلاثة ، وانقطع عشرة ، رأته ثلاثة فما زاد فحيضتان.

ولو انقطع دون العشرة ، ثمّ رأته ، فإن انقطع على العاشر ، فالدّمان وما بينهما حيض ولو استمرّ فله تفصيل.

ويجامع الحمل.

وما تراه المرأة قبل التّسع وبعد اليأس - وهو مضيّ خمسين سنة - أو ثلاثة في العشرة ، أو دون أقلّه ، أو بعد أكثره ، أو أكثر النفاس ، ومن الأيمن على قول (1) ، فليس بحيض.

وتثبت العادة برؤية الدم عددا لا يزيد على عشرة ، ثمّ ينقطع أقلّ الطّهر ، ثمّ ترى مثل العدد ، ويشترط اتّحاد الوقت ، وقد يستفاد من التمييز بأن ترى خمسة أسود ، وأقلّ الطهر أصفر ، ثمّ تراه كذلك ، فإذا جاء الدّم في الشّهر الثالث لونا واحدا ، جعلت خمسة حيضا والباقي استحاضة.

ص: 56


1- القائل هو الصدوق في الفقيه : 1 / 54 ذيل الحديث 203.

وذات العادة تترك الصّلاة برؤية الدم ، والمبتدئة والمضطربة بعد ثلاثة ، وإذا انقطع قبل العشرة فعليها الاستبراء بالقطنة ، فإن خرجت نقيّة اغتسلت ، وإلّا انتظرت النّقاء أو مضيّ العشرة.

وذات العادة تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين ، ثمّ تعمل عمل المستحاضة ، فإن انقطع على العاشر قضت الصّوم ، وإن استمرّ فلا قضاء ، وفي قضاء ما تركته في الاستظهار توقّف.

وإذا تجاوز الدّم عشرة ، فذات العادة ترجع إليها ، والمبتدئة والمضطربة إلى التمييز ، وشرطه اختلاف لون الدم ، وأن لا ينقص ما شابه الحيض عن ثلاثة ، ولا يزيد عن عشرة ، فتجعل الحيض ما أشبهه والباقي استحاضة ، ومع فقده ترجع المبتدئة إلى عادة أهلها ، ثمّ إلى أقرانها من بلدها ، ثمّ تتحيّض هي والمضطربة بسبعة من كلّ شهر ، أو بثلاثة من شهر ، وعشرة من آخر ، وهكذا حتّى تستقرّ العادة ، ولو رأت العادة والطرفين أو أحدهما ، فإن تجاوز الجميع العشرة فالحيض العادة ، وإلّا فالجميع.

فروع

الأوّل : لو ذكرت العدد دون الوقت [ ألزمت ] بأسوإ الأحوال ، وهي أحكام المستحاضة والحائض ، والغسل للحيض عند كلّ صلاة ، وتقضي صوم العدد ، وقد يحصل لها حيض بيقين ، بأن يقصر نصف الوقت عن العدد ، فالزائد نصفه (1) حيض كستّة في العشر الأولى ، فالخامس والسادس حيض بيقين.

ص: 57


1- في « أ » : ضعفه.

الثاني : ولو ذكرت الوقت دون العدد ، فإن عرفت أوّل حيضها أكملته ثلاثة ، وإن عرفت الوسط ضمّت إليه يوما قبله وآخر بعده ، ولو لم تعرف شيئا تحيّضت بثلاثة ، وعملت في باقي الزمان بأسوإ الأحوال ، وتقضي صوم عشرة إلّا أن يقصر الوقت.

الثالث : لو نسيتهما معا ألزمت بأسوإ الأحوال ، وتصوم شهر رمضان ، وتقضي أحد عشر يوما ، وتصوم عن قضاء يوم أوّل وثاني عشر ، ويوما بعد الثاني وقبل الحادي عشر.

البحث الثاني : في أحكامه

لا يصحّ منها الطهارة ، ولا يرتفع لها حدث ويحرم عليها كلّ مشروط بها ، كالصلاة ، والصوم ، والطواف مطلقا ، ومسّ كتابة القرآن واسم اللّه ، والأنبياء ، والأئمّة عليهم السلام ، ودخول المسجدين ، واللّبث فيما عداهما ، والجواز إن لم تأمن التلويث ، وإلّا كره ، وقراءة العزائم وأبعاضها ، وتسجد لو تلت أو استمعت.

ويحرم وطؤها قبلا ، فيعزّر المتعمّد العالم.

وتستحبّ الكفّارة ، وهي دينار في أوّله ، ونصف في وسطه ، وربع في آخره ، ويعتبر ذلك بحسب العادة ، فالثالث أوّل لذات التّسعة ووسط لذات السّتة وأخير لذات الثلاثة ، ويتكرر باختلاف الزمان لا باتّحاده ، وإن تخلّل التكفير.

ولو وطئ أمته ، تصدّق بثلاثة أمداد من طعام.

ص: 58

ولا يصحّ طلاق الحائل مع دخوله وحضوره أو حكمه.

ويجب الغسل عند النّقاء كالجنابة ، والوضوء قبله أو بعده ، وقضاء الصّوم دون الصلاة اليومية إلّا أن تحيض بعد مضيّ مقدار الطهارة والصلاة ، ولو طهرت وقد بقي قدر الطهارة وركعة ، وجب الأداء ، ومع الإخلال القضاء ، ولو قصر عن ذلك لم تقض.

ويكره حمل المصحف ولمس هامشه ، والجواز في المساجد ، والخضاب ، والوطء قبلا قبل الغسل ، وتخفّ بغسل فرجها.

ويستحبّ لها الوضوء والجلوس بمصلّاها بقدر الصّلاة ، ذاكرة لله تعالى.

الثالث : غسل الاستحاضة

ودمها في الأغلب أصفر ، بارد ، رقيق ، يخرج بفتور ، وقد يكون مثله حيضا ، إذ الصّفرة والكدرة في أيّام الحيض ، حيض ، والأسود والأحمر في أيّام الطهر استحاضة ، فإن ظهر على القطنة ، وجب تغييرها والوضوء لكلّ صلاة ، وكذا لكلّ ركعتين من النّوافل ، وإن غمسها ولم يسل ، وجب مع ذلك تغيير الخرقة ، والغسل لصلاة الغداة ، وإن سال وجب مع ذلك غسل للظهرين تجمع بينهما ، وغسل للعشاءين كذلك.

ويجب أن تعقّب الصّلاة بالأفعال إلّا أن تشتغل بالنوافل ومقدّمات الصلاة ، أو تنتظر الجماعة ، وتعتبر الدّم عند القيام إلى الصلاة ولا اعتبار بالقبل والبعد.

ويجوز الجمع بين الصلاتين في أوّل الوقت ، ويستحبّ التأخير إلى وقت الثانية.

والمتنفّلة تجمع بين نوافل الليل وصلاة الغداة بغسل فتقدّمه على

ص: 59

الفجر بقدر النوافل ، وغيرها تؤخّر عنه (1) إلا أن تريد الصّوم.

وهي مع الأحكام بحكم الطاهرة ، فالإخلال ببعض الأفعال يبطل صلاتها ، وبالغسل يبطل صومها.

ويجوز وطؤها ، وانقطاعه للبرء يوجب الوضوء وإن كثر ، لأنّ الغسل واجب لغيره ، وإن انقطع في أثناء الصلاة بطلت.

الرابع : النفاس

دم مع الولادة أو بعدها وإن كان الحمل مضغة مطلقا ، أو علقة مع شهادة أربع نساء أنّها مبدأ الولد ، فلو ولدت بغير دم فلا نفاس ، ولا حدّ لأقله ، وأكثره عشرة أيّام ، ولو تجاوز رجعت ذات العادة إليها ، والمبتدئة والمضطربة إلى العشرة ، لا إلى التمييز وتوابعه.

ولو رأته يوم الولادة أو العاشر فهو النفاس ، ولو رأتهما فالعشرة نفاس.

ولو رأت يوم الولادة وانقطع عشرة ، فالأوّل نفاس والثاني يمكن أن يكون حيضا.

ولو تجاوز عادتها ففي وجوب الاستظهار توقّف.

وذات التوأمين تتنفّس بوضع الأوّل وتعتدّ من وضع الثاني ، فقد يزيد على عشرة ، ولا كذا المتقطّع. (2)

وأحكامها كالحائض.

ص: 60


1- أي غير المتنفّلة تؤخّر الغسل عن الفجر.
2- في « ب » و « ج » : المقطّع.
الخامس : غسل الميّت وأحكامه
اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل :

من لطفه تعالى ترغيب العبد في ذكر الموت وتقديم المرض عليه ، ليفيق الجاهل وينبّه الغافل ، وأكّد ذلك بالحجر عليه في ثلثي ماله ، وأوجب الوصيّة لما فيها من حضور فراق الدّنيا بالبال ، ومرور لقاء اللّه بالخيال ، ليصير ادعى إلى استدراك ما أغفله وأوعى إلى فعل ما غفله وحثّ على عيادته تذكرة للنّاسين وتبصرة للمفرطين ، وتجب التوبة.

ويستحبّ له ترك الشكوى ، وحسن الظنّ بربّه ، والإذن في عيادته إلّا في العين ، وتخفيفها إلّا أن يريد المريض الإطالة.

وإذا طال مرضه ترك وعياله.

فإذا احتضر وجب توجيهه إلى القبلة ، ويستحبّ تلقينه الشّهادة ، والإقرار بالأئمّة عليهم السلام ، وكلمات الفرج ، ونقله إلى مصلّاه ، فإذا قضى نحبه استحبّ تغميض عينيه ، وإطباق فيه ، ومدّ يديه إلى جنبيه ، وتغطيته بثوب ، والإسراج ليلا ، وقراءة القرآن ، والاسترجاع ، وإعلام المؤمنين ، وتعجيل تجهيزه إلّا مع الاشتباه ، فيعتبر بالأمارات ، أو يصبر عليه ثلاثة أيام.

ولا يترك المصلوب أكثر منها ، ويكره طرح الحديد على بطنه ، وحضور الجنب والحائض.

ص: 61

[ الفصل ] الثاني : الغسل وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] المحلّ ، وهو المسلم ومن بحكمه وإن خالف الحقّ على الأقوى إلّا الخوارج ، والغلاة ، والنّواصب ، والشهيد بين يدي الإمام ، بل يصلّى عليه ويدفن بثيابه ، وينزع الخفّان والفرو والابريسم وإن أصابها الدّم ، ولو جرّد كفن ، ولو شكّ في قتله فهو كغيره.

ولا فرق بين الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، ومن قتل بحديد وغيره.

ومن وجب قتله يؤمر بالاغتسال ثلاثا ، ثمّ لا يعاد بعد القتل ، إلّا أن يحدث.

ويغسل السّقط لأربعة أشهر ، فلو لم يبلغها لفّ في خرقة ودفن ، والصدر كالميّت حتّى في الحنوط ، ويكفي الثوب الواحد ، ويمتنع فيه التيمّم ، والقطعة ذات العظم تغسل وتدفن ، والخالية تلفّ في خرقة وتدفن ، والعظم كالأولى ، والقلب كالثانية ، على توقّف فيهما.

ويكره تغسيل المخالف فإن اضطرّ غسّله غسلهم.

[ المبحث ] الثاني : [ في ] الفاعل ، تجب المماثلة في الذكورة والأنوثة إلّا الزّوجين ، فيغسل كلّ واحد منهما الآخر اختيارا ، والمملوكة كالزوجة إن خلت من زوج ، وفي المعتدّة رجعيّة توقّف.

ولا يغسل المسلم إلّا مثله ، ولو فقد فذات الرّحم من وراء الثياب ، ثمّ الكافر ، والمسلمة لا يغسلها إلّا مثلها ، ولو فقدت فذو الرّحم من وراء الثياب ثمّ الكافرة.

ص: 62

ولو وجد المسلم بعده قبل الوضع في القبر أعيد ، ولو لم يوجد للرجل إلّا الكافرة وللمرأة إلّا الكافر دفنا بغير غسل ، وتسقط المماثلة في بنت ثلاث سنين ، وكذا الابن.

ويغسل الخنثى المشكل محارمه من وراء الثياب وبالعكس لو فقدت المماثلة.

ويقرع على القطعة المجهولة ثمّ يغسلها المماثل.

[ المبحث ] الثالث : في الكيفيّة ، ويبدأ الغاسل بإزالة النجاسة وستر العورة ، ثمّ النيّة ، وتغسيله بماء السدر ، ثمّ بماء الكافور ، ثمّ بالقراح مرتّبا كغسل الجنابة ، ويسقط بغمسه في الكثير مع الخليط ، ولا يجب الدلك ، ولو تعذّر الخليط غسله بالقراح ثلاثا ، ولو قصر الماء عن الثلاث بدأ (1) بالأوّل فالأوّل ، ويمّم عن الباقي ، ولو فقد الماء يمّم عن الجميع.

ولو خاف الغاسل على نفسه أو على الميّت يمّمه ثلاثا ، ولا ينقضه خروج الحدث ، بل يجب غسله ، والغريق كغيره ، وكذا المقتول ، ويبدأ بغسل الدم ، ويربط جراحه بالقطن والتعصيب.

ولو بان الرأس غسله ثمّ البدن مرتّبا ، ويضمّ الرأس ، ثمّ يوضع القطن ويعصب.

ويستحبّ فتق قميصه ونزعه (2) من تحته ووضعه على ساجة ، واستقباله بالقبلة تحت الظّلال ، وحفر حفيرة للماء ، وغسل رأسه أوّلا برغوة السّدر ،

ص: 63


1- في « أ » : « نوى » بدل « بدأ ».
2- في « ب » و « ج » : وينزعه.

وفرجه بماء السّدر والحرض ، (1) وغسل يديه ، وتوضئته (2) ، والبدأة بشقّ رأسه الأيمن ، وغسل كلّ عضو ثلاثا في كلّ غسلة ، وتليين أصابعه برفق ، وغمز بطنه في الأولتين إلّا الحامل ، ووقوف الغاسل على يمينه ، وغسل يديه مع كلّ غسلة.

ويكره وضعه بين رجليه وإقعاده ، وقصّ أظفاره ، وترجيل شعره وحلقه ، وإرسال الماء في الكنيف ، ولا بأس بالبالوعة.

[ الفصل ] الثالث : [ في ] التكفين
اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في جنسه وقدره

وهو ما تجوز الصّلاة فيه للرّجال ، ويستحبّ القطن الأبيض المحض والمغالاة ، ويكره الكتّان والأسود والممتزج بالابريسم ، ويجب للرّجل مئزر ، وقميص ، وإزار ، ومع الضّرورة واحد ، ويستحبّ حبرة (3) عبريّة غير مطرزة بالذهب أو الابريسم ، ومع التعذر لفّافة أخرى والخامسة (4) وطولها ثلاثة أذرع ونصف ، والعرض شبر تقريبا ، وعمامة وليست من الكفن ، لأنّه ما يلفّ به الميت.

ص: 64


1- في مجمع البحرين : الحرض - بضمّتين وإسكان الرّاء أيضا - وهو الأشنان بضمّ الهمزة ، سمّي بذلك ، لأنّه يهلك الوسخ.
2- في « أ » : وتوضّيه.
3- في مجمع البحرين : حبرة كعنبة : ثوب يصنع باليمن قطن أو كتّان مخطّط.
4- والمراد بها خرقة يشدّ بها الفخذين. لاحظ الدروس : 1 / 108.

والمرأة كالرّجل لكن تعوّض عن العمامة قناعا ، وعن الحبرة نمطا ، وتزاد لفّافة أخرى لثدييها ، ويحرم غير ذلك ، كالبرقع والعصابة.

ويجب من الكافور مسمّاه حقيقة وقدرا ، وأفضله ثلاثة عشر درهما وثلث ، ثمّ أربعة دراهم ، ثمّ درهم.

ويستحبّ الذّريرة والجريدتان حتّى للصّبي ، لأنّهما يونسان المحسن ويدرءان العذاب عن المسي ء ، وهي بقدر الزند من النخل ، ولو تعذّر فالسدر ، فالخلاف ، فشجر رطب ، ويلفّ عليهما القطن ، والكتابة على الحبرة والإزار والقميص والجريدتين فلان يشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأنّ محمّدا رسول اللّه ، وأنّ الأئمّة أمير المؤمنين إلى آخرهم ، بتربة الحسين عليه السلام ، فإن تعذّر فبإصبعه.

ويكره بالسّواد ، وخياطته من غيره ، وبلّ الخيوط بالريق ، وابتداء الأكمام ، وقطعه بالحديد وتجميره.

[ البحث ] الثاني : في كيفيته

يستحبّ اغتسال الغاسل قبله أو الوضوء ، وتنشيف الميّت بثوب ، وسحق الكافور باليد ، ويكره بغيرها ، ثمّ يمسح به مساجده ، ويكره [ جعل الكافور ] في سمعه وبصره وفيه ، ويضع الفاضل على صدره ، ويحشى القطن فيما يخشى خروج النجاسة منه ، ثمّ يشدّ فخذيه بالخامسة ، ثمّ يؤزره ، ثمّ يفرش الحبرة وفوقها الإزار ، ثمّ القميص ، وينثر الذريرة (1) على الجميع ،

ص: 65


1- « الذريرة » نوع من الطيب ، والمقصود نثرها على جميع قطع الكفن لا وضعها في مواضع معيّنة.

لم يضعه (1) على ذلك ، ويلبسه القميص ، ثمّ يثني الجانب الأيسر على الأيمن وبالعكس ، ويلصق إحدى الجريدتين بجلده الأيمن من ترقوته ، والأخرى من جانبه الأيسر بين الإزار والقميص ويعمّمه محنكا ، ويعقد الطرفين.

مسائل : يغسل الكفن من نجاسة الميّت قبل الوضع في القبر ، ويقرض بعده ، ومن غيره يغسل مطلقا ، ويطرح في الكفن ما يسقط منه ، ويحرم غير الكافور والذرية ، ولا يقربان من المحرم.

والواجب من الكفن مقدّم على الدّين ، وغيره من الثلث إن أوصى به ، وللغرماء المنع منه ، لو ضاقت.

ويجب على الزوج بذله وإن كانت موسرة ، والمعسر ييسر بموتها إن قلنا بانتقال التركة إلى الوارث.

ولا يجب بذله إلّا من بيت المال ، وكذا الأعيان كالماء ، ويستحب للمسلمين بذله ، أمّا الأعمال فعلى الكفاية.

[ الفصل الرّابع : ] في نقله إلى المصلّى والدفن
اشارة

يستحبّ إعلام المؤمنين ، وتربيع الجنازة وتشييعها ، والمشي خلفها أو إلى جانبها ، وقول المشاهد : الحمد لله الّذي لم يجعلني من السّواد المخترم ، فإذا صلّى عليها دفعت إلى القبر ، فيقول من عاينه : اللّهمّ اجعله روضة من رياض الجنّة ولا تجعله حفرة من حفر النّار.

ص: 66


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : « ثمّ يضعه ».

وتجب إباحته وكونه حارسا للميّت ، ساترا رائحته ، ويستحبّ [ تعميق القبر ] قامة أو إلى الترقوة ، واللّحد من جهة القبلة بقدر الجلسة ، ونقلها ثلاثا ، (1) وإنزال الرّجل من قبل رجلي القبر سابقا برأسه ، وإنزال المرأة ممّا يلي القبلة عرضا ، وأن يتولّاه الأجنبيّ إلا في المرأة ، ويتحفّى النازل ، ويكشف رأسه ، ويحلّ أزراره (2) ويقول عند تناوله :

بسم اللّه وباللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملّة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم اللّهمّ إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله ، اللّهمّ زدنا إيمانا وتسليما.

ويجب أن يضجعه على جانبه الأيمن مستقبل القبلة ويستحبّ حلّ عقدتي الكفن ووضع خدّه على التراب وجعل شي ء من التربة معه ، وتلقينه.

فإذا شرج اللّبن قال :

اللّهمّ صل وحدته ، وآنس وحشته ، وارحم غربته ، واسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك ، واحشره مع من كان يتولّاه.

ثمّ يخرج من قبل رجليه ، ويهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ مسترجعين ، وتكره إهالة الرّحم ومن غير ترابه ، ثمّ يرفع القبر أربع أصابع ،

ص: 67


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « ونقل الرجل ثلاثا » وفي الدروس : « ووضع الميّت أوّلا عند رجلي القبر ثم نقله ثلاثا وإنزاله في الثالثة ... ».
2- في مجمع البحرين : الزّرّ - بالكسر وشدّة الراء - واحد أزرار : القميص.

ويصبّ الماء عليه من رأسه دورا ، والفاضل على صدره ، ثمّ يضع يديه عليه مستقبل القبلة ، ويفرّق أصابعه ، ويغمزها في التراب ، ويترحّم عليه ، ويقرأ فاتحة الكتاب مرّة ، وإنّا أنزلناه سبع مرّات.

وتستحبّ التّعزية قبل الدفن وبعده للرّجال والنّساء ، وأقلّها الرؤية ؛ وتلقين الوليّ بعد الانصراف بأعلى صوته مستقبل القبلة والقبر.

خاتمة

يثقّل راكب البحر أو يجعل في وعاء ويرسل فيه مستقبل القبلة ، والكافر لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ، ولا يدفن في مقبرة المسلمين إلّا الحامل من مسلم ، ويستدبر بها القبلة.

وإذا ماتت الحامل دون الولد شقّ جوفها وأخرج ، وخيطت بطنها ، وبالعكس يقطّع ويخرج.

ويحرم نبش القبر بعد الدفن المشروع ، وشقّ الرجل على غير الأب والأخ ، وحمل ميّتين على نعش ، ويكره دفنهما في قبر دفعة ، ونقل الميّت إلّا إلى مشاهد الأئمّة عليهم السلام ، وفرش القبر (1) بالساج إلّا مع الحاجة وتجديده وتجصيصه وتظليله ، والمقام عنده ، والمشي عليه ، والاستناد به.

وتستحبّ زيارة القبور ، وإهداء القرآن ، والاستغفار ، والدعاء ، ووجوه القرب إليهم.

ويجوز البكاء والنوح بالحقّ.

ص: 68


1- في « أ » : وفراش القبر.
السادس : غسل مسّ الميّت

كلّ من يجب تغسيله يجب الغسل بمسّه بعد برده وقبل تطهيره ، حتّى ذات العظم وإن أبينت من حيّ ، وفي العظم وحده توقّف ، ويستوي المسلم والكافر ، ولا يجب بمسّ الشهيد والمقتول شرعا ، ولا بمسّه قبل البرد ، ولا يجب غسل اليد ، ولا بمسّ السّن والظّفر وإن أبينتا من حيّ ، ولا بمسّ الخالية من عظم أو ميّت غير النّاس ، وتغسل اليد ، ويتعدّى الرّطب دون اليابس.

ويجب الغسل بمسّ المتيمّم ومن مات قبل قتله ، أو قتل بسبب آخر ، ومن غسله كافر.

ولو كمل غسل البعض ، لم يجب الغسل بمسّه بل بمسّ الباقي.

وهو كالجنابة ويجب معه الوضوء.

الفصل الثّاني : [ في ] الأغسال المسنونة

الفصل الثّاني (1) : [ في ] الأغسال المسنونة

فالمشهور منها : غسل الجمعة ، ووقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزّوال ، ويقضى إلى آخر السّبت ، وكلّما قرب من الزّوال في الأداء والقضاء أفضل ، ويقدّمه المعذور يوم الخميس ، ويعيده لو وجده ، وأوّل ليلة من شهر رمضان ، ونصفه ، وسبع عشرة وتسع عشرة (2) ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين منه ، وليلة الفطر ويومه ، ويوم عرفة ، والأضحى ، ويوم الغدير ، والمباهلة ، وليلة نصف

ص: 69


1- وهو عدل للفصل الأوّل الّذي مرّ في ص 52.
2- في « ب » و « ج » : وسبعة عشر وتسعة عشر.

رجب ، ويوم المبعث ، وليلة النّصف من شعبان ، وغسل الإحرام ، والطواف ، وزيارة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة عليهم السلام ، ولقضاء صلاة الكسوف إذا تعمّد الترك واحترق جميع القرص ، وغسل المولود ، والتوبة عن فسق أو كفر ، ولرؤية المصلوب بعد ثلاثة ، ولصلاة الحاجة ، والاستخارة ، ولدخول الحرم ، ومكّة ، والمسجد ، والكعبة ، والمدينة ، ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وما للزمان فيه ، وما للفعل والمكان قبله. (1)

وهذه الأغسال تجامع الحدث ، ولا ينقضها ولا يبطلها في الأثناء ، ولا تجزئ عن الواجب ، وبالعكس ، ولا تتداخل ، والمستعمل فيها يرفع الحدث إجماعا. (2)

القسم الثالث : في التيمّم

اشارة

ويجب لما وجب له المبدل ، ولخروج الجنب من المسجدين ، وقد تجب الثلاثة بنذر وشبهه ، أو عهد أو يمين ، ويصحّ نذر الوضوء مطلقا وغيره عند سببه ، ويجب في النيّة رفع الحدث أو الاستباحة ، إلّا أن يكون على طهارة.

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في شرطه وهو اثنان :

[ الشرط ] الأوّل : ضيق الوقت إن رجي زوال العذر ، وإلّا جاز في أوّله ،

ص: 70


1- وفي التنقيح في هذا الموضع : « ثم انّها إمّا للزمان فلا يجوز قبله ، وإمّا للفعل أو للمكان فيكون قبلهما » التّنقيح : 1 / 129.
2- ذكر قدس سره للأغسال المندوبة خواصّا فلاحظ.

واعتبار الضّيق شرط في صحّة التيمّم لا في صحّة الصّلاة ، فلو ظنّ الضّيق فتيمّم فظهر خلافه أجزأ.

ولو تيمّم لفائتة قبل الوقت ، جاز أن يؤدّي الحاضرة في أوّل وقتها.

ولو تيمّم لحاضرة في آخر الوقت ثمّ خرج ، جاز أن يؤدّي أخرى في أوّل وقتها ، ووقت الفائتة ذكرها ، ووقت الآتية حصول سببها ، و [ وقت ] الاستسقاء الاجتماع في الصحراء.

[ الشرط ] الثاني : العجز عن استعمال الماء :

إمّا لعدمه فيجب الطّلب في الوقت ، وهو في السهلة غلوة سهمين ، وفي الحزنة (1) غلوة سهم في الجهات الأربع ، ولو اختلفت الجهات اختلف الضرب.

ولا تجب إعادته لصلاة أخرى ، ويجب وان علم عدم الماء لإطلاق النصّ (2) ، ولعلّه جبر لفوات فضيلة الماء ، ولو أخلّ به ثمّ تيمّم وصلّى ، عصى ولا قضاء.

ولو وجد الماء في موضع الطلب ، أو في رحله ، أو مع أصحابه الباذلين ، تطهّر وأعاد ، ولو خرج الوقت قضى ، ولو وجده مع غيرهم فلا قضاء ، وما لا يكفي فكالمعدوم.

وإزالة النجاسة ، وشرب الحيوان المحترم ، أولى من الطهارة.

ويجب شراء الماء وإن كثر الثمن ما لم يضرّ به في الحال ، وشراؤه في

ص: 71


1- الحزن : ما غلظ من الأرض. الصحاح.
2- الوسائل : 2 / 963 ، الباب 1 من أبواب التيمّم ، الحديث 1 و 2.

الذمّة إذا كان له قضاء ، وقبول هبته لا هبة ثمنه ، ولو أهرقه في الوقت وتيمّم وصلّى قضى ، ولو أهرقه قبل الوقت لم يقض.

وإمّا (1) لخوف على النفس أو المال أو البضع ، أو لخوف المرض أو الشين ، أو العطش في الحال أو بعده على نفسه ، أو على حيوان محترم ، أو خاف الفوات لو سعى إلى الماء لا خوف الالم.

وإمّا لعدم الآلة ، فيجب شراؤها مع التمكّن وإن زاد على ثمن المثل ما لم يضرّه في الحال ، وغير الواجد فاقد ، ولو بيعت (2) بثمن في الذمة وجب الشراء إذا قدر على القضاء.

ولو وهب آلة أو ثمنها لم يجب القبول ، ولو أعير وجب القبول.

المبحث الثاني : فيما يفعل به

وهو الصّعيد وما يطلق عليه اسم الأرض ، كالحجر ، والمدر ، والمطبوخ ، فلا يصحّ بالمعدن والمنسحقات ، (3) ويصح بأرض النورة والجص والملوّن والبطحاء والمستعمل وتراب القبر.

ويستحب من العوالي.

ويكره بالسّبخة والرّمل.

ويشترط فيه الملك ، والطهارة ، والإباحة ، وخلوصه ، إلّا أن يصدق الاسم.

ومع فقد التراب تيمّم بغبار الثوب ، أو لبد السّرج ، أو عرف الدابّة ، فإن تعذّر فبالوحل.

ص: 72


1- عطف على قوله « إمّا لعدمه ».
2- في « ب » و « ج » : « ولو بذلت » بدل « بيعت » ولعلّه مصحّف.
3- في القواعد : 1 / 237 : فلا يجوز التيمّم بالمعادن ... ولا النبات المنسحق كالأشنان.

المبحث الثالث : في كيفيته :

تجب نيّة البدل (1) والاستباحة ، والوجوب أو الندب ، والقربة ، مقارنة لضرب الأرض بكلتا يديه ، مستدامة ، فلا يجزئ الرفع ولا التعرّض لمهبّ الرياح ، ثمّ يمسح بهما وجهه من القصاص إلى طرف الأنف الأعلى ، ثمّ ظاهر الكف اليمنى ببطن اليسرى من الزّند إلى طرف الأصابع ، ثمّ ظاهر اليسرى ببطن اليمين كذلك ، فلو نكس بطل.

وتجب الموالاة وإن كان بدلا من الغسل ، ونزع الحائل دون تخليل الأصابع ، والترتيب فلو أخلّ به أعاد على ما يحصل معه من غير ضرب مستأنف ، والمباشرة إلّا مع العذر ، واستيعاب الممسوح لا الماسح ، وطهارتهما إلّا مع التعذّر بشرط عدم الرطوبة.

ولا يشترط طهارة غيرهما ، ولا علوق التراب ، ولا يجزئ تمعيك (2) الأعضاء ولا تردّد (3) ما على وجهه بالمسح ، ولو أخلّ بالبعض أتى به من غير ضرب.

ويضرب ضربة للوضوء وضربتين للغسل ، ولو اجتمع الموجب تعدّد بحسبه.

ويمسح المقطوع ما بقي ، والعاجز يستنيب إلّا في النية.

[ المبحث ] الرابع : في حكمه :

يستباح به كلّما يستباح بالمائيّة ، ولا يتعدّد بتعدّد الصلاة ، ولا يرفع الحدث ، فلو تيمّم المجنب ، ثمّ أحدث حدثا أصغر ، أعاد

ص: 73


1- في « أ » : نيّة المبدل.
2- معك الدّابّة : مرّغها في التراب. المعجم الوسيط.
3- في « أ » : ولا يردّد.

بدلا من الغسل ، ولو وجد الماء اغتسل ولم يجزئ الوضوء ، ولا يعيد ما صلّى به مطلقا.

وينقضه الحدثان ، والتمكّن (1) من استعمال الماء قبل الدخول في الصلاة (2) فإن عدمه استأنف ، ولو وجده في الأثناء استمرّ مطلقا ، ولا يجب العدول إلى النفل.

ولو فقده قبل الفراغ أو بعده قبل التمكّن من استعماله لم ينتقض.

ولو وجده بعد الصلاة على الميّت ، وجب تغسيله وإعادة الصلاة إن كان قبل الدفن ، وإلّا فلا إلّا ان يقلع.

ولو تعذّر نزع الجبيرة مسح عليها ، ولو زال العذر أعاد.

ويختصّ الجنب بالماء المباح والمبذول دون الميّت والمحدث.

ويجوز التيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة ندبا.

ص: 74


1- في « أ » : وإن تمكّن.
2- وفي القواعد : 1 / 240 : والتمكّن من استعمال الماء ، فلو وجده قبل الشروع بطل.

البحث الثالث : في توابعها

البحث الثالث (1)

وهي أربعة :

الأوّل : النجاسات عشرة : البول والغائط من ذي النفس السائلة غير المأكول ، وإن عرض التحريم كالوطء أو الجلل ، ويكره بول البغال ، والحمير ، والدّوابّ ، وأرواثها وذرق الدّجاج ، وما كره لحمه.

والمنيّ من ذي النفس وإن أكل لحمه.

والدم منه إلّا المتخلّف في الذبيحة ، (2) والعلقة نجسة ، والمجهول والمشتبه بالطاهر طاهر.

والميتة من ذي النفس مطلقا وأجزاؤها إلّا ما لا تحلّه الحياة إلّا من نجس العين.

ومنها ما أبين من حيّ ممّا تحلّه الحياة إلّا المسك والفأرة.

والكلب والخنزير وأجزاؤها إلّا كلب الماء ، والمتولّد من المحلّل وأحدهما يتبع الاسم.

ص: 75


1- تقدم البحث الثاني في ص 43.
2- في « ب » و « ج » : لا المتخلف في الذّبيحة.

والكافر أصليّا ومرتدّا وإن انتهى إلى الإسلام ، كالخوارج ، والغلاة ، والنواصب.

وفي القدريّة ، والمجسّمة ، قولان.

والخمر ، والمسكر والفقّاع ، وفي حكمه العصير إذا غلا واشتدّ ، ومنه المستحيل في العنب.

وما عدا ذلك طاهر حتّى تعرض له النّجاسة.

ويكره عرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلّالة ، والمسوخ ، والفأرة ، والوزغة ، والثعلب ، والأرنب.

والرّواية (1) بنجاسة لبن البنت متروكة.

الثاني : يجب إزالتها عن الثوب والبدن للصّلاة ، والطّواف ، ودخول المساجد ، وعن المساجد ، والمصحف ، واسم اللّه ، واسم أنبيائه ، والأئمّة عليهم السلام ، وعن قبورهم ، وعن المأكول ، والمشروب ، فيعيد من صلّى مع نجاسة ثوبه أو بدنه عالما عامدا مختارا في الوقت وخارجه ، وكذا جاهل الحكم والناسي على الأقوى.

وجاهل النجاسة لا يعيد مطلقا ، ولو علم في الأثناء أزالها وأتمّ إلّا أن يفتقر

ص: 76


1- ورد في شواذّ الأخبار نجاسة لبن الجارية لأنّ لبنها يخرج من مثانة أمّها ولبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين. لاحظ الوسائل : 2 / 1003، الباب 3 من أبواب النجاسات ، الحديث 4 ؛ ومستدرك الوسائل : 2 / 554 ، الباب 2 من أبواب النجاسات ، الحديث 1 و 2 ، وقال المحقّق في المعتبر : 1 / 437 : لبن الآدميات طاهر لبن ابن كان أو لبن بنت ، قال بعض فقهائنا : لبن البنت نجس ، لأنّه يخرج من مثانة أمّها ، ومستنده حديث السكوني عن جعفر والسكوني ضعيف ، والطهارة هي الأصل. ولاحظ السرائر : 3 / 125.

إلى فعل كثير واستدبار ، فتبطل ، ولا يعيد الشاكّ في سبقها على الصّلاة ، ولو لم يجد غير النجس ، صلّى عاريا ، فإن اضطرّ صلّى فيه ، ولا إعادة.

ولو اشتبه بطاهر وفقد غيرهما ، صلّى فيهما مرّتين ، ولا يشترط ضيق الوقت ولا تعذّر غسله ، ولو عدم أحدهما صلّى في الباقي وعاريا.

ولو تعدّد النجس فإن علم عدده زاد عليه واحدا ، وإلّا صلّى في الجميع ، ولو ضاق الوقت صلّى عاريا ، وقيل : ما يحتمله [ الوقت ] (1).

ويعيدها حامل النجاسة وإن ضبط وعاها (2) لا حامل الحيوان المحرّم ، ولا الحبل المتّصل بالكلب وإن تحرّك بحركته.

ولو احتبس تحت جلده دم وجب نزعه ما لم يتضرّر ، وكذا لو جبّر بعظم نجس ، لكن لا يصلي في المسجد ، ولا يلحق بالبواطن ، لأنّه غريب ، ولا كذا لو شرب نجسا أو مغصوبا.

وعفي عمّا نقص عن سعة الدّرهم البغليّ (3) من الدّم ، إلّا الدماء الثلاثة ، فإن مازجه مائع زال العفو وإن استهلكه الدّم ، ولو لاقاه نجاسة زال العفو ، لأنّ المحلّ النجس يقبل النجاسة ، ولهذا لو لاقى الخمر نجاسة لم يطهر بالانقلاب.

ص: 77


1- ذهب إليه الشهيد الأوّل في الدروس : 1 / 127.
2- كذا في « أ » : ولكن في « ب » : « ويعيد حامل النجاسة ويعيدها وان ضبط وعاها » وفي « ج » : « ويعيدها حامل النجاسة ويعيدها وإن ضبط وعاها ».
3- قال ابن إدريس : وهو منسوب إلى مدينة قديمة يقال لها « بغل » قريبة من « بابل » بينها وبينها قريب من فرسخ ، متّصلة ببلدة الجامعين تجد فيها الحفرة ( جمع الحافر أريد منه من يحفر الأرض ويطلق على الدابّة أيضا ، لأنّها تحفر بقدمها الأرض ) والغسالون دراهم واسعة ، شاهدت درهما من تلك الدراهم ، وهذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة السلام ، المعتاد ، تقرب سعته من سعة أخمص الرّاحة. السرائر : 1 / 177.

ولا فرق بين نجس العين وغيره ، وبجمع المتفرّق في الثياب وما في الثوب والبدن ، وعن دم القروح والجروح الجارية ، وعن نجاسة ما لا تتمّ الصلاة فيه منفردا من الملابس وإن غلظت ، إذا كانت في محالّها ولم تتعدد في غير المسجد ، وعن نجاسة ثوب المربّية للصّبي إذا غسلته في اليوم والليلة مرّة ، وكذا المربي للصّبية ، وعمّا يتعذّر طهارته ، ومنه ثوب المربية في الشّتاء.

الثالث : في المطهرات

وهي اثنا عشر :

الماء ، وتطهّر الشمس الأرض والبواري والحصر والأبنية ممّا لا ينقل إذا جفّ.

والأرض باطن النّعل والقدم إذا زالت العين ولو بالمعك.

ومنه التراب في الولوغ ، والأحجار في الاستنجاء.

والنار ما أحالته رمادا أو دخانا أو خزفا أو آجرا.

والاستحالة في العذرة تصير ترابا ، والنطفة والعلقة حيوانا ، والكلب ملحا ، والميتة دودا ، والغذاء النجس سرجينا ، والانتقال في الدم إلى القراد (1) وشبهه.

والنقص في البئر والعصير.

واستبراء الحيوان ، وغيبته مع زوال العين.

ص: 78


1- القراد - كغراب - : هو ما يتعلّق بالبعير ونحوه ، وهو كالقمّل للإنسان. مجمع البحرين. وفي المعجم الوسيط : القراد : دويبة متطفّلة ذات أرجل كثيرة ، تعيش على الدواب والطيور.

وانقلاب الخمر والعصير خلًّا.

وإسلام الكافر.

وزوال العين في البواطن ، ولا تطهّر الذّنوب (1) الأرض ولا المسح الصّقيل (2) ولا الدباغ الميّت ولا الفرك.

الرابع : في كيفية التطهير

اشارة

يجب إزالة العين في العينيّة لا اللون العسر [ الإزالة ] ولا عبرة بالرائحة ، ويستحبّ صبغ الثوب من الحيض بالمشق ، (3) ويغسل من غيرها مرّة ، ومن البول مرّتين ، وإن كان يابسا.

ويجب عصر الثوب في غير الجاري والكرّ (4) ويكفي في بول الرّضيع صبّ الماء وان تغذّى بالطعام ، وكذا الحشايا والبسط والجلود والقرطاس إذا غمرها. (5)

ولو جهل موضع النجاسة غسل المشتبه بها ، ولو لاقت النجاسة الرطبة

ص: 79


1- في مجمع البحرين : الذّنوب : الدلو العظيم لا يقال لها ذنوب إلّا وفيها ماء. وفي القواعد : 1 / 194 : وتطهر الأرض بإجراء الماء الجاري أو الزائد على الكرّ عليها لا بالذّنوب وشبهه.
2- في الدروس : 1 / 126 : ولا يطهر الجسم الصّقيل كالسيف بالمسح ، خلافا للمرتضى.
3- قال العلّامة في القواعد : 1 / 195 : « ويكفي إزالة العين والأثر وإن بقيت الرائحة واللون العسر الإزالة كدم الحيض ، ويستحب صبغه بالمشق وشبهه » وفي مجمع البحرين : المشق - بالكسر - : المغرة وهو طين أحمر.
4- كذا في « ب » و « ج » : ولكن في « أ » : « في غير الجاري والكثير ».
5- قال في الدروس : 1 / 124 : ولا يجب العصر في الحشايا والجلود ويكفي التغمير.

شيئا وجب غسله ، بخلاف اليابسة إلّا الميت.

ويستحبّ رشّ الثوب بالماء ومسح اليدين بالأرض إذا لاقاهما الكلب.

ويشترط في التطهير ورود الماء على المحل دفعة أو دفعات ، وانفصاله عنه ، فلا يطهر شي ء من المائعات إلّا الماء النجس بالكرّ.

ويجب غسل الآنية لاستعمالها من ولوغ الكلب ثلاثا ، أولاهنّ بتراب طاهر وإن تكرّر ، فلا يجزئ الممزوج بالماء وغيره إذا خرج عن الاسم ولا التراب النجس وإن كان بالكلب ، ولو فقد التراب فبالأشنان وشبهه ، ولو فقد ففي إجزاء الماء توقّف ، ومن ولوغ الخنزير سبعا بالماء ، ومن الخمر والجرذ ثلاثا ، ويستحبّ سبعا ومن باقي النجاسات مرّة ، ويستحبّ ثلاثا.

ويطهر إناء الخمر وإن كان خشبا أو قرعا أو خزفا غير مغضور (1) فيصبّ الماء في الإناء ويديره ثمّ يهرقه ، ولا يجب إملاؤه ولا يجزئ فيضانه.

وتسقط الغسلات المائيّة في الجاري والكرّ.

وأواني المشركين طاهرة وإن كانت مستعملة ما لم يعلم نجاستها.

تتمة

يحرم اتّخاذ أواني الذّهب والفضّة واستعمالها في أكل أو شرب وغيره حتّى المكحلة ومفرقة الاذن دون الميل ، ويكره المفضّض والمذهّب ، ويجب اجتناب موضعهما إن أمكن.

ص: 80


1- المغضور : المدهون بشي ء يقويه ويمنع نفوذ المائع في مسامّه ، كالدهن الأخضر الّذي تدهن به الأواني غالبا. لاحظ جامع المقاصد : 1 / 195.

ويجوز تحلية السّيف والمصحف بهما ، واتّخاذها من الجواهر وإن غلت.

ويشترط في الجلد طهارة أصله والتذكية.

ويستحبّ دبغ ما لا يؤكل لحمه ، وفي العظم طهارة أصله ، وأن لا يكون من آدميّ.

ولا تطهر الميتة بالدبغ.

* * *

ص: 81

ص: 82

كتاب الصلاة

اشارة

وهي قسمان :

ص: 83

ص: 84

[ القسم ] الأوّل : الواجبة

اشارة

وهي سبعة :

اليوميّة ، والجمعة ، والعيدان ، والآيات ، والطواف ، والأموات ، والملتزم بنذر وشبهه.

فهنا فصول :

[ الفصل ] الأوّل : اليوميّة واجبة بالكتاب والسنّة والإجماع ، فمستحلّ تركها كافر ، وتركها كبيرة موبقة ، وإذا ردّت ردّ سائر عمله ، لأنّها أخت الإيمان (1) ووجوبها على الأعيان.

وتجب على البالغ العاقل الخالي من حيض أو نفاس ، وعلى الكافر ولا تصحّ منه.

فلا تجب على الصّبي والمجنون والمغمى عليه ، ولو جنّ أدوارا فإن أفاق بقدرها وجبت ، وإلّا فلا.

ومقاصدها ثلاثة :

ص: 85


1- في « ب » و « ج » : « أحبّ الايمان ».

[ المقصد ] الأوّل : [ في ] المقدّمات :

اشارة

وهي سبع (1) :

الأولى : في عددها

وهي خمس ، وركعاتها سبعة عشرة ركعة ، الظّهر أربع في الحضر ، وفي السّفر اثنتان ، وكذا العصر والعشاء ، والمغرب ثلاث ، والصّبح اثنتان فيهما.

ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة ، ثمان قبل الظهر وكذا قبل العصر ، وأربع بعد المغرب ، وركعتان من جلوس ، تعدّان بركعة ، وهي الوتيرة ، وثمان للّيل بعد نصفه ، ثمّ الشفع ، ثمّ الوتر ، وركعتان للفجر قبل صلاة الصّبح.

وتسقط في السفر نافلة الظهرين والوتيرة.

وكلّ النوافل ركعتان بتشهّد وتسليم ، إلّا الوتر وصلاة الأعرابي (2) وتصحّ من جلوس ، والأفضل احتساب ركعتين بركعة ، ولا يجوز الاضطجاع.

ص: 86


1- في « أ » : وهي سبعة.
2- وهي عشر ركعات ، ولها كيفيّة خاصّة من أراد فليرجع إلى تحرير الأحكام للعلّامة الحلّي : 1 / 296.
المقدمة الثانية : في الوقت
اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في تعيينه

أمّا الفرائض فوقت الظهر والعصر من زوال الشمس إلى غروبها ، ويختصّ الظّهر من أوّله بمقدارها ، وكذا العصر من آخره ، وما بينهما مشترك ، والظّهر مقدّم.

ووقت المغرب والعشاء من الغروب إلى نصف الليل ، ويختصّ المغرب من أوّله بمقدارها ، والعشاء من آخره كذلك ، وما بينهما مشترك ، والمغرب مقدّم (1) ويقدّر المختصّ بالمجزئ.

ووقت الصبح من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.

ويعلم الزّوال بزيادة الظلّ أو بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن للمستقبل العراقي (2) ، والغروب بذهاب الحمرة المشرقيّة ، والفجر بظهور الضّوء المعترض في المشرق.

والوقت موسّع ، فلو أخّر الصلاة عن أوّل وقتها بظنّ الحياة جاز ، فلو مات فجأة لم يعص (3) ، ولو ظنّ الموت عصى بالتأخير ، ولو عاش فالأداء

ص: 87


1- في النسخ الثلاث : « مقدمه ».
2- في « أ » : « إلى الجانب الأيمن » : وفي الدروس : 1 / 138 : أو بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمستقبل قبلة العراق.
3- في « ب » و « ج » : « لم يقض » ولعلّه مصحّف.

باق ، وقيل : مضيّق فلو أخّر المختار عصى ويعفى عنه ويكون مؤدّيا (1) وقيل : قاضيا. (2)

ويستحبّ إيقاعها في أوّل الوقت ، وهو للظّهر من الزّوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شي ء مثله ، والمماثلة بين الظل الأوّل والزائد ، وللعصر من الفراغ من الظهر إلى أن يصير ظلّ كلّ شي ء مثليه ، وللمغرب من الغروب إلى ذهاب الشفق ( في جانب المغرب ) (3) وللعشاء إلى ثلث الليل ، وللصّبح من طلوع الفجر إلى ظهور الحمرة المشرقيّة.

وقد يستحبّ التأخير لطالب كمال الطهارة أو الصّلاة ، وفضيلة المسجد ، أو الجماعة ، وللصّائم إذا نازعته نفسه للإفطار ، أو كان له منتظر.

وللمفيض من عرفات تأخير العشاءين إلى المزدلفة ولو بربع الليل.

وللمتنفّل تأخير الظهرين والصبح ، وللمستحاضة تأخير الظهر والمغرب ، ويستحب تأخير العشاء حتّى يذهب الشفق.

وأمّا النوافل فوقت نافلة الظّهر من الزوال حتّى يصير الفي ء على قدمين ، وللعصر أربع (4) أقدام ، وللمغرب حتّى يذهب الشفق ، والوتيرة وقت العشاء ، ويستحبّ جعلها خاتمة نوافله ، ولصلاة اللّيل من انتصافه إلى الفجر ، وآخره أفضل ، ولنافلة الصّبح من طلوع الفجر الأوّل إلى ظهور الحمرة المشرقيّة ،

ص: 88


1- وهو خيرة المفيد في المقنعة : 94.
2- نقله العلّامة في المختلف عن ابن أبي عقيل ، لاحظ المختلف : 2 / 62.
3- ما بين القوسين يوجد في « ج ».
4- في « أ » : أربعة.

ويجوز التقديم على الفجر ، وتستحبّ الإعادة بعده ورخّص في نافلة الظّهر إذا أدرك ركعة أن يزاحم بالباقي ، فينوي الأداء وكذا في نافلة العصر ، وفي نافلة الليل إذا تلبس بأربع.

ولا يقدّم النافلة على وقتها إلّا نافلة الظهرين يوم الجمعة ، وصلاة الليل للمسافر والشاب ، والقضاء أفضل ، ويقضي في كلّ وقت ما لم يدخل وقت فريضة.

ويستحبّ التعجيل فيقضي نافلة النهار ليلا وبالعكس ، ويكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها [ نصف النّهار ] وبعد الصّبح والعصر إلّا ذات السبب وإن كان اختيارا.

البحث الثاني : في الأحكام

يحرم (1) تقديم الصلاة على الوقت وتأخيرها عنه ، فيجب القضاء في كلّ وقت ما لم تتضيّق الحاضرة ، ولو ظنّ الخروج صارت قضاء ، فإن كذب ظنّه فالأداء باق ، فيعدل في الأثناء ، ويعيد بعده ، ويعوّل على العلم ثمّ الظّنّ ، ولو كذب ظنّه فإن دخل الوقت بعد الفراغ ، أعاد وفي الأثناء يبني ، ولو عدم العلم والظّنّ اجتهد ، فإن طابق فعله الوقت أو تأخّر أو دخل قبل فراغه صحّ ، وإلّا أعاد.

ويقلد الأعمى والعاجز عن الاجتهاد.

ص: 89


1- في « أ » : ويحرم.

ولو تجدّد الحيض أو الجنون أو الإغماء ، فإن مضى زمان الطهارة والصلاة ، وجب القضاء ، وإلّا فلا.

ولو زال المانع وقد بقي مقدار الطهارة وركعة ، صلّى ويكون مؤدّيا للجميع ، ولو أهمل قضى ، وكذا لو فرّط المكلّف ، أو بلغ الصبيّ.

ولو بلغ في الأثناء بغير المبطل ، استأنف إن اتّسع الوقت للطهارة وركعة ، وإلّا أتمّ ندبا ، ولو بقى للغروب مقدار أربع اختصّ به العصر.

ولو بقى مقدار خمس ، وجب الفرضان ، ولا تجب هنا السورة ، فلو أدرك بها أربعا وبدونها خمسا ، سقطت.

ولو أدرك خمسا قبل الانتصاف ، وجب الفرضان.

ولو أدرك أربعا ، فالعشاء خاصّة.

ولو صلّى العصر قبل الظهر عامدا أعاد وإن دخل المشترك قبل الفراغ ، ولو كان ناسيا ، فإن ذكر في الأثناء عدل بنيّته ، وإلّا فإن وقعت في المشترك أو دخل في الأثناء صحّت وإلّا أعادها بعد الظّهر.

ولو صلّى العشاء في المختصّ بالمغرب عامدا بطلت ، وناسيا يصحّ ، لإدراك المشترك بركعة ، ولو ذكر في الأثناء عدل إن أمكن ، وإلّا أتمّ ، ثمّ يأتي بالمغرب.

ص: 90

المقدّمة الثالثة : في القبلة
اشارة

وفيها مباحث :

[ البحث ] الأوّل : القبلة : الكعبة للمشاهد ومن بحكمه ، والجهة للغائب وإن طال الصفّ ، وليست هي البنية ، فلو (1) زالت - والعياذ باللّه - توجّه إلى جهة مقاديرها ، وكذا المصلّي على الأعلى منها ، أو إلى بابها ، وفي وجوب اتّحاد جهة الإمام والمأموم توقّف ، فلو استداروا حولها أمكن الصحة بشرط أن لا يكون المأموم أقرب إليها من الإمام.

ولو صلّى داخلها استقبل أحد جدرانها ، وفوقها يبرز منها قليلا ، ولا يجب نصب شي ء ، ومحراب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يفيد العلم بجهتها.

وأهل الدنيا يتوجّهون إلى أركانها ، فلأهل العراق ومن والاهم ركن الحجر ، وعلامتهم : جعل الفجر يوم الاعتدال على المنكب الأيسر ، والمغرب على الأيمن ، والجدي خلف الأيمن ، وعين الشمس عند الزّوال على طرف الحاجب الأيمن ممّا يلي الأنف.

ولأهل الشام الشاميّ ، وعلامتهم : جعل بنات نعش عند مغيبها خلف الأذن اليمنى ، والجدي عند طلوعه خلف الكتف الأيسر ، وطلوع سهيل بين العينين ومغيبه على العين اليمنى والصّبا على الخدّ الأيسر ، والشمال على الكتف الأيمن.

ص: 91


1- في « أ » : فإن.

ولأهل المغرب المغربي ، وعلامتهم : جعل الثريا عند طلوعها على اليمين والعيّوق على اليسار ، والجدي على الخدّ الأيسر.

ولأهل اليمن اليماني ، وعلامتهم : جعل الجدي عند طلوعه بين العينين ، وسهيل عند مغيبه بين الكتفين ، والجنوب على مرجع الكتف اليمنى.

ومهبّ الصّبا بين الجدي والمشرق ، والدّبور يقابله.

ومهبّ الشّمال بين الجدي والمغرب ، والجنوب يقابله. (1)

البحث الثاني : فيما يستقبل له ، وهو فرائض الصّلاة ، (2) والذبح ، والميّت عند احتضاره ، والصّلاة عليه ، ودفنه ، ويسقط مع العذر كصلاة المطاردة ، وذبح المتردية ، والصائلة ، ويستحبّ في النافلة ، وفي الدعاء ، وفي جميع الأحوال ، إلّا في القضاء.

ولا تصلّى الفريضة على الراحلة اختيارا وإن كانت معقولة ، ولو

ص: 92


1- « الصّبا » و « الدّبور » و « الشمال » و « الجنوب » أسماء لرياح أربع ، قال الشهيد الأوّل في « الذكرى » : 3 / 162 : الصَّبا، ومحلّها ما بين مطلع الشمس إلى الجدي، وهي قد تقع على ظهر المصلّي، وقد يقال ان مبدأ هبوبها من مطلع الشمس يجعله الشامي على الخد الأيسر. الدَّبور، وهي من مغرب الشمس إلى سهيل، وهي مقابلة للصبا، وتكون على صفحة وجه المصلي اليمنى . الشمال، ومحلها من الجدي إلى مغرب الشمس في الاعتدال، وتمرّ إلى مهب الجنوب كما أنّ الجنوب تمرّ إلى مهب الشمال، ويجعلها الشامي على الكتف اليمنى . الجَنوب: ومحلها ما بين مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في الاعتدالين، والظاهر انّها في البلاد الشامية تستقبل بطن كتف المصلّي الأيسر ممّا يلي وجهه إلى يمينه، ويجعلها اليمني على مرجع الكتف اليمنى .
2- في « ب » و « ج » : الصّلوات.

اضطرّ توجّه إليها إن أمكن ، وإلّا فالممكن ولو بالتكبير ، وإلّا سقط.

ولو دارت السفينة استدار.

وتصلّى النافلة على الراحلة اختيارا سفرا وحضرا.

البحث الثالث : في المستقبل ، من وجد العلم بالجهة عوّل عليه فالعلامات (1) ، فالاجتهاد ، فالتقليد للعدل العارف وإن كان عبدا أو امرأة ، ولو تعذّر قلّد الكافر أو الفاسق إن أفاد الظّنّ.

ولو تعارض قول العدل وغيره عمل بأقوى الظنّين ، ويقلّد المخبر عن علم دون المخبر عن اجتهاد.

والقادر على الاجتهاد يقلّد المخبر عن علم ، والأعمى يقلّد ولا يرجع إلى رأيه إلّا لأمارة ، ولو أبصر في الأثناء استمرّ إن كان عاميّا وإلّا اجتهد إن لم يفتقر إلى فعل كثير ثمّ إن وافق أو كان الانحراف يسيرا استقام وأتمّ ، وإلّا أعاد.

ولو عمي (2) في الأثناء استمرّ على حاله ، ويعوّل على قبلة البلد إلّا مع علم الخطأ ، وهل يقدّم (3) على التقليد؟ احتمال ، ولو ترك الاجتهاد مع القدرة عليه أعاد.

وفاقد العلم والظّنّ يصلّي إلى الجهات الأربع أربعا ، ولو تعذّر البعض أو ضاق الوقت ، صلّى إلى ما يحتمله ، وسقط الباقي.

ص: 93


1- في « ب » و « ج » بالعلامات.
2- في « ب » و « ج » : ولو أعمى.
3- في « أ » : « وهل يعوّل ».
فروع :

[ الفرع ] الأوّل : لو فرّط قضى ما بقي من الجهات إن استمر الاشتباه ، ولو زال فإن وافق فعله القبلة ، سقط الباقي ، وإلّا قضى إليها.

[ الفرع ] الثّاني : لو بقى من الوقت ما يسع الثمان صلّى الظّهر والعصر ، ولو وسع أكثر اختصت الظّهر بالتكرار إلّا أن يبقى للعصر شي ء.

[ الفرع ] الثّالث : لا يجتهد ثانيا للثّانية إلّا أن يشكّ في الأوّل ، فلا يعيد الأولى ، ولو شكّ في الأثناء اجتهد ، فإن وافق صحّ ، وإلّا فإن كان الانحراف يسيرا استقام وأتمّ وإلّا أعاد.

هذا إذا لم يفتقر إلى زمان طويل أو فعل كثير ، وإلّا بطلت.

[ الفرع ] الرّابع : لو تبيّن الخطأ في الأثناء ، فإن عرف القبلة وكان الانحراف يسيرا ، استدار وأتمّ ، وإلّا أعاد ، ولو غمت عليه بطلت صلاته.

ولو تبيّن بعد الفراغ ، فالمنحرف يسيرا لا يعيد مطلقا ، والمستدير يعيد مطلقا ، والمشرّق أو المغرّب يعيد في الوقت.

[ الفرع ] الخامس : لا يأتمّ بمن يخالف اجتهاده ، ولا يتمّ به عدد جمعته ، وتحلّ له ذبيحته ، ويعتدّ بصلاته على الميت.

ص: 94

المقدّمة الرابعة : [ في ] اللباس
اشارة

وفيه فصلان :

[ الفصل ] الأوّل : في جنسه

وهو ما يتّخذ من النّبات (1) وجلد المأكول المذكّى ، وعظمه ، وصوفه ، وشعره ، ووبره ، وريشه ، وإن كان من الميتة ، ويغسل المتّصل بها.

ولا تجوز الصّلاة في جلد الميتة وإن دبغ ، وفي حكمه المطروح ، والمأخوذ من الكافر أو مستحلّ الميتة بالدبغ بخلاف المأخوذ من مسلم أو من سوق المسلمين ، ويقبل قول المستحلّ في التذكية.

ولا في جلد غير المأكول وإن لم تتمّ فيه الصلاة وإن ذكّي ودبغ ، ولا في شي ء منه إلّا وبر الخزّ والسنجاب.

ويجوز لبسه في غير الصلاة إذا ذكّي ، ويستحبّ دبغه.

ولا في الذهب والحرير المحض للرجال والخناثى ، ويجوز للضرورة وفي الحرب وللنساء إلّا في الحداد ، ولو لم يجد سواه صلّى عاريا ، والنّجس أولى منه.

ويحرم أيضا القلنسوة وشبهها ويجوز افتراشه ، وركوبه ، والصلاة عليه ، والكفن.

وفي الفرو توقّف ، ويصحّ في الممتزج وغيره وإن قلّ ، ولا اعتبار بصدق

ص: 95


1- في « أ » : « من الثياب » والظاهر انّه مصحّف.

اسم الحرير عليه مع تحقّق المزج ، ولا فيما لا يعلم أنّه من جنس ما يصلّى فيه ، ولا فيما يستر ظهر القدم [ كالشمشك ] إلّا ما له ساق [ كالخفّ والجرموق ] ، ولا في الحاكي ما تحته ، ولا في ثقيل يمنع من أحد الواجبات إلّا لضرورة.

ويشترط طهارته وإباحته ، فتبطل في المغصوب عالما أو جاهلا لا باستصحابه ، وفي الناسي توقّف.

ولو أذن المالك للغاصب أو لغيره صحّت ، ولو أطلق لم يدخل الغاصب.

وتستحبّ في النعل العربيّة ، والقطن الأبيض وتعدّد الثياب.

وتكره في الثياب السود عدا العمامة والخفّ ، والقباء المشدود إلّا في الحرب ، وثوب المتّهم ، والملبوس تحت وبر الأرانب والثّعالب وفوقه ، وفي الواحد ، واشتمال الصّمّاء ، واللّثام ، والنقاب ، والخلخال المصوّت ، وما فيه تماثيل ، وخاتم فيه صورة ، وترك الحنك والرداء ، وان يأتزر فوق القميص ، وأن يصحب حديدا ظاهرا.

الفصل الثاني : فيما يستر

وهو القبل والدبر للرّجل وجميع البدن للمرأة إلّا الوجه والكفّين والقدمين ، ورخّص للأمة والصبيّة كشف الرأس ، فلو أعتقت في الأثناء وعلمت استترت ، ولو استلزم المنافي استأنفت مع السّعة.

ولو بلغت الصبيّة في الأثناء ، فإن اتّسع الوقت استأنفت وإلّا فلا ، والخنثى كالمرأة والمعتق بعضها كالحرّة.

ويجب ستر العورة في الصّلاة مطلقا ، وفي غيرها مع الناظر ، فلو أخلّ

ص: 96

به عمدا مع القدرة بطلت وفي الناسي توقّف ، ولو انكشفت العورة بغير فعله لم تبطل.

وتجب المبادرة إلى السّتر ، ولو فقد السّاتر اجتزأ بورق الشجر أو الطّين ولو فقد [ الجميع ] (1) صلّى عاريا قائما موميا مع أمن المطّلع ، وإلّا قاعدا موميا ، ويختصّ القبل لو وجد ما يستر أحدهما ولا يجب الستر من أسفل ، ويجمع الثوب على الخرق بيده ، ولو وضعها عليه لم يجز.

ويستحب لمن ستر العورة وعدم الثوب أن يضع على عاتقه شيئا ولو خيطا ، وأن يستر ما بين السرّة والرّكبة ، وستر جميع البدن أفضل ، وهو مع الرّداء والحنك أكمل.

ولا يشترط الستر في صلاة الجنائز ، فيصحّ مع الناظر.

المقدّمة الخامسة : في المكان
اشارة

وشرطه الملك أو الإذن بعوض أو بغيره صريحا ، ك- « صلّ فيه » أو فحوى مثل « كن فيه » أو بشاهد الحال ، كالصّلاة في الصحراء أو الخربة إلّا أن يكره المالك ، فلا تصحّ في المغصوب مع العلم والاختيار ، وفي الناسي توقّف.

ولو أذن المالك صحّت صلاة المأذون ، ولو أطلق أبيح لغير الغاصب ، ولا يزول الغصب بالإذن ، ولو أمره بالخروج مع الصريح قبل التلبّس امتثل مع سعة الوقت وإلّا خرج مصلّيا ، وفي الأثناء لا يلتفت مطلقا ، ومع الفحوى وشاهد

ص: 97


1- في « أ » : ولو فقدا.

الحال قبل التلبّس كالصريح ، وفي الأثناء تبطل إن اتّسع الوقت ، وإلّا خرج مصلّيا ، وكذا لو علم بالغصب والغاصب يبادر الخروج وإن فاتت الصلاة.

وتشترط طهارته من نجاسة تتعدّى إلى بدنه أو ثوبه أو إلى ما يتّصل به ، وطهارة موضع الجبهة مطلقا ، وعدم صلاة امرأة إلى جانبه أو قدّامه على قول ، (1) سواء كانت الصلاة واجبة أو مندوبة ، والمرأة محرما أو أجنبيّة ، منفردة أو لا ، ولا فرق بين الاقتران وعدمه.

ويزول المنع بالحائل ، أو التأخّر ، أو بعد عشرة أذرع ، ولو لم يمكن التباعد ، فإن كان المكان لهما أو لغيرهما ، وضاق (2) الوقت لهما ، أقرع ، وإن اتّسع لهما ، استحبّ تقديم الرجل ، وإن ضاق لأحدهما كالتمام والقصر ، قدّم المقصّر ، وإن كان لأحدهما اختصّ به.

وتكره الفريضة في الكعبة وعلى سطحها ، دون النافلة ، وفي البيداء ، ووادي ضجنان ، والشقرة ، وذات الصلاصل ، (3) وبين المقابر ، إلّا مع الحائل

ص: 98


1- لاحظ المقنعة : 152 ؛ والنهاية : 100.
2- في « أ » : أو ضاق.
3- في الجواهر : قيل : إنّ ذات الصلاصل اسم الموضع الّذي أهلك اللّه فيه نمرود ، وضجنان واد أهلك اللّه فيه قوم لوط. و «البيداء» هي الّتي يأتي إليها جيش السفياني قاصداً مدينة الرسول (صلى اللّه عليه وآله وسلم) فيخسف اللّه به تلك الأرض . وفي خبر ابن المغيرة المرويّ عن كتاب الخرائج والجرائح: «نزل أبو جعفر (عليه السلام)في ضجنان فسمعناه يقول ثلاث مرّات: لا غفر اللّه لك، فقال له أبي: لمن تقول جعلت فداك؟ قال: مرّ بي الشامي لعنه اللّه يجرّ سلسلته الّتي في عنقه وقد دلع لسانه يسألني أن أستغفر له، فقلت له: لا غفر اللّه لك». وعن عبد الملك القمي: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام)يقول: بينا أنا وأبي متوجّهان إلى مكة من المدينة فتقدم أبي في موضع يقال له «ضجنان» إذ جاءني رجل في عنقه سلسلة يجرّها فأقبل عليّ فقال: اسقني، فسمعه أبي فصاح بي وقال: لا تسقه لا سقاه اللّه تعالى، فإذا رجل يتبعه حتّى جذب سلسلته وطرحه على وجهه في أسفل درك الجحيم، فقال أبي: هذا الشامي لعنه اللّه تعالى. والمراد به على الظاهر معاوية صاحب السلسلة الّتي ذكرها اللّه تعالى في سورة الحاقّة. أُنظر جواهر الكلام: 8 / 349 ; والوسائل: 3 / 450، الباب 33 و34 من أبواب مكان المصلّي. وقال في مجمع البحرين: في الحديث: نُهِيَ عن الصلاة في وادي شقرة _ وهو بضم الشين وسكون القاف. وقيل: بفتح الشين وكسر القاف _ : موضع معروف في طريق مكة. قيل: إنّه والبيداء وضجنان وذات الصلاصل مواضع خسف وأنّها من المواضع المغضوب عليها .

ولو عنزة (1) أو بعد عشرة أذرع ، وفي الحمّام ، وليس المسلخ منه ، وبيوت النّيران والغائط والخمر ، وبيت المجوسي دون أخويه (2) ومعاطن الإبل ، وقرى النمل ، ومرابط الخيل والبغال والحمير ، دون مرابض الغنم ، وجوادّ (3) الطرق ، ومجرى الماء ، و [ أرض ] السّبخة ، والثلج ، وإلى إنسان مواجه ، أو نار مضرمة ، أو تصاوير ، أو حائط ينزّ (4) من بالوعة البول ، أو مصحف أو باب مفتوحين ، ولا بأس بالبيّع والكنائس.

تتمّة

اتّخاذ المساجد سنّة مؤكّدة ، وكذا قصدها ، والمشي إليها ، والصّلاة فيها ، فالمفروضة في المسجد الحرام بمائة ألف ، ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بعشرة آلاف ، وفي

ص: 99


1- في مجمع البحرين : العنزة بالتحريك أطول من العصا وأقصر من الرّمح.
2- في « ب » و « ج » : دون اخوته.
3- الجادّة : وسط الطريق ، والجمع : جوادّ كدابّة ودوابّ. مجمع البحرين.
4- قال الطريحي قدس سره : في الحديث « وقد سئل عن حائط في القبلة ينزّ من بالوعة » أي يتحلّب منها ، من النزّ بالفتح وهو ما يتحلّب من الأرض من الماء.

جامع الكوفة والأقصى بألف وفي مسجد الجامع بمائة ، و [ في ] مسجد القبيلة بخمس وعشرين ، و [ في ] مسجد السوق باثني عشرة ، وفي البيت واحدة.

ويكره فيه لجار المسجد ، وتستحبّ النافلة في البيت ، وتكره في المسجد ، خصوصا نافلة الليل.

ويستحبّ كشفها ، والمنارة مع حائطها ، والميضاة على بابها ، ورمّها ، والإسراج فيها ، وكشفها ، والاختلاف إليها ، وتقديم اليمنى داخلا واليسرى خارجا ، والدّعاء ، وتعاهد النعل ، وصلاة التحية ، وتعظيمها.

ويكره الوضوء فيها من البول والغائط ، وتظليلها والشرف ، وتعليتها ، وجعل المنارة والميضاة في وسطها ، وتعميق المحاريب ، والبصاق والتنخم فيستره بالتّراب ، وقصع (1) القمل ، فيدفنه ، والنّوم ، وعمل الصنائع ، وكشف العورة ، وخذف الحصا (2) ، والبيع والشراء ، وتمكين الصبيان والمجانين ، وإنفاذ الأحكام ، وإقامة الحدود ، وتعريف الضوال ، وسلّ السيف ، وإنشاد الشعر ، وفي إيراده توقّف ، ورفع الصوت ، وجعلها طريقا ، وأن يكون في فيه رائحة الثوم أو البصل.

وتحرم زخرفتها ونقشها بالصور ، وبيع آلتها ، واتّخاذ شي ء منها في طريق أو ملك ، وإن خربت وباد أهلها فيعاد ، وإدخال النجاسة إليها مطلقا وإزالتها فيها ، والدفن فيها.

ويجوز بناؤها على بئر الغائط ، ونقض المستهدمة ، واستعمال آلته في غيره.

ص: 100


1- في « أ » : « وقتل » وفي كتاب العين : قصع صؤابا أو قملة : أي قتلها بين ظفريه.
2- الخذف ، قال في مجمع البحرين المشهور في تفسيره : أن تضع الحصاة على بطن إبهام يدك اليمنى وتدفعها بظفر السبّابة ، وهو من باب ضرب.

ويحرم هدم البيع والكنائس العادية ، واتّخاذ شي ء منها في طريق أو ملك وإن خربت وباد أهلها ، ويجوز جعلها مساجد ، واستعمال آلتها في المساجد إلّا أن يريد أهلها إعادتها ، والمسجد المتّخذ في المنزل يجوز تغييره والتصرف فيه ، ولا يثبت له حرمة المسجد إلّا أن يوقّف.

المقدّمة السادسة : فيما يسجد عليه

إنّما يصحّ على الأرض أو النبات غير المأكول والملبوس عادة ، فلا يجوز على ما ليس بأرض كالجلد ، والصوف ، ولا ما استحال منها كالمعدن ، ولا المطعوم والملبوس ولو بالقوّة كالحنطة والقطن ، ولو اضطرّ إلى ذلك جاز ، ويجوز على القرطاس المتخذ من النبات لا الممنوع منه (1) كالقطن والكتّان ، ويكره المكتوب.

وتشترط طهارته ، والملك أو حكمه ، وتمكين الجبهة ، فلا يصحّ على النجس وإن لم يتعد ، ولا على المغصوب والمشتبه بهما ، ولا يعذر الجاهل ، وفي الناسي توقّف ، ولا على الرّمل المنهال والوحل ، ولو اضطرّ أومأ ، ولا على يده إلّا مع الحرّ وعدم الثوب.

ومع عدم الأرض ونباتها يسجد على الثلج والقير وغيرهما.

وجاهل النجاسة في الموضع المحصور يجتنب الجميع (2) بخلاف المتّسع.

ص: 101


1- في الدروس : 1 / 157 : ولو اتّخذ القرطاس من القطن أو الكتّان أو الحرير لم يجز.
2- قال العلّامة في القواعد : 1 / 263 : ويجتنب كلّ موضع فيه اشتباه بالنّجس إن كان محصورا كالبيت وإلّا فلا.

ويشترط في باقي المساجد عدم الغصب والنجاسة المتعدّية ، عينيّة كانت أو حكميّة ، والواجب وضع مسمّاها ولو لم تقع الجبهة على المشترط دسّه تحتها.

المقدّمة السابعة : في الأذان والإقامة
اشارة

وفيه أبحاث :

[ البحث ] الأوّل : في غايته

وهي اليوميّة أداء وقضاء للمنفرد والجامع والرجل والمرأة لكن تسرّ به ، ويتأكّد في الجهريّة وآكده الصّبح والمغرب ، ولا يؤذّن للنوافل ولا لباقي الفرائض ، بل يقول المؤذن : « الصّلاة » ثلاثا.

ويكره أذان عصر يوم الجمعة والعصر في عرفة والعشاء في مزدلفة.

والقاضي كالمؤدّي ولو أذّن لأوّل ورده وأقام للبواقي كان أدون فضلا.

وأوجبه الشيخ (1) في الجماعة لتحصيل فضيلتها ، ويعتدّ فيها بأذان المنفرد لنفسه لو أراد الجماعة ، والأولى أنّه لتمام الفضيلة.

ص: 102


1- النهاية : 64 - 65 ؛ المبسوط : 1 / 95 ؛ الاقتصاد : 259 ؛ الرسائل العشر : 178 - مؤسسة النشر الإسلامي -.
[ البحث ] الثاني : في فاعله

وهو المسلم العاقل الذّكر ، ويؤذّن العبد والصبيّ المميّز ، والمرأة للنّساء وللمحارم.

ويستحبّ كونه عدلا ، صيّتا ، بصيرا بالأوقات ، متطهّرا ، قائما على مرتفع.

ولو تعدّدوا ترتّبوا مع الاتّساع ، وإلّا اجتمعوا.

ويكره التراسل ، ومع التشاحّ يقدّم الأكمل ، ثمّ القرعة.

وتحرم الأجرة ، ويجوز الرزق من بيت المال.

ويكره الالتفات يمينا وشمالا.

[ البحث ] الثالث : في مادّته وصورته

وهو التكبير أربعا ، ثمّ الشهادة بالتوحيد ، ثمّ بالرسالة ، ثمّ « حيّ على الصّلاة » ثمّ « حيّ على الفلاح » ثمّ « حيّ على خير العمل » ثمّ التكبير ، ثمّ التهليل مثنى مثنى.

والإقامة كلّها مثنى إلّا التهليل في آخرها ، فانّه وتر ، وزاد « قد قامت الصلاة » مرّتين بعد « حيّ على خير العمل ».

ويشترط الترتيب فيهما ، ويستحبّ الوقف على الفصول فيهما ، والتأنّي في الأذان والحدر في الإقامة ، ورفع الصوت ، ويتأكّد في الإقامة ، والفصل بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة أو خطوة أو سكتة وفي المغرب بخطوة أو سكتة أو تسبيحة.

ويكره الكلام في خلالهما ، والسكوت الطويل ، والترجيع لغير الإشعار.

ويحرم التثويب.

ص: 103

[ البحث ] الرّابع : في أحكامه

لا يصحّ قبل الوقت ، ورخّص في الصبح ، وتستحبّ إعادته بعده ، ولو صلّى خلف من لا يقتدي به أذّن لنفسه وأقام ، فإن خشي الفوات اجتزأ بتكبيرتين و « قد قامت الصّلاة ».

والناسي يرجع ما لم يركع دون العامد ، ويستحبّ حكايته ، والتلفّظ بالمتروك.

ويكره الكلام بعد « قد قامت الصلاة » إلّا بما يتعلّق بالصلاة.

ولو أحدث في الصّلاة أعادها دونهما إلّا أن يتكلم ، فيعيد الإقامة ، ولو ارتدّ بعده اعتدّ به ، وفي الأثناء يستأنفه.

ولو أحدث في أحدهما تطهّر وبنى ، وتستحبّ إعادة الإقامة ، ولو نام خلالهما أو أغمي عليه ، جاز البناء ، والأفضل الاستيناف.

ومن المقدّمات التوجّه بسبع تكبيرات في سبع مواضع ، عند أوّل كلّ فريضة ، وأوّل ركعة من نافلة الزّوال ، وأوّل ركعة من نافلة المغرب ، وأوّل ركعتي الوتيرة ، وأوّل ركعة من صلاة اللّيل ، وقبل الوتر ، وأوّل ركعتي الإحرام.

وهل يصحّ التوجّه بها لو صارت الفريضة نافلة كالمعيد صلاته للجماعة وصلاة العيد مع اختلال الشرائط؟ فيه توقّف.

وكيفيّة التوجّه بها : أن يكبّر ثلاثا ، رافعا بها يديه إلى أذنيه ، ثمّ يدعو ، ثمّ يكبّر مرّتين كذلك ، ثمّ يدعو ، ثمّ يكبّر مرّتين ، ثمّ يتوجّه ويجعل تكبيرة الإحرام أحدها.

ص: 104

المقصد الثّاني : في ماهيّتها

اشارة

ويجب أمام فعلها العلم بأفعالها إمّا بالدّليل أو بالتقليد لأهله.

وأفعالها واجبة ومندوبة.

أمّا الواجب فثمانية :
الأوّل : القيام

وهو في جميع الصلاة ركن ، وحدّه الانتصاب مستقلّا (1) مع القدرة ، ( وإطراق الرأس جائز ، ولا يكفي الاعتماد على أحد الرّجلين مع القدرة ) (2) فإن عجز اعتمد أو استند (3) في البعض أو الكلّ ، ثمّ يقعد كذلك ، ويجوز القعود للخوف.

ولو قدر على القيام للركوع وجب ، ولو عجز عن القعود استند ، وإن تعذّر

ص: 105


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : مستقبلا.
2- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».
3- في « أ » : اعتمد واستند.

اضطجع في الكلّ أو البعض ، ثمّ يستلقي كذلك ، ويومي في الحالين عن الركوع والسجود ، ويتصوّر الأفعال ويتلفّظ بالأذكار ، فإن عجز تصوّرها ولو تجدّد العجز أو القدرة انتقل إلى الممكن ، ويقرأ هاويا ، ويسكت قائما ، ولو خفّ (1) بعد القراءة قام للركوع ، وفي أثنائه قبل الطمأنينة يقوم راكعا ثمّ ينتصب قائما ، وبعدها يقوم للانتصاب من الركوع.

ولو خفّ بعد الانتصاب منه قام لطمأنينة ، ولو خفّ بعدها قام للهويّ إلى السجود.

ولو عجز في الركوع ، قعد راكعا وانتصب قاعدا.

ويستحبّ وضع اليدين على مقدّم فخذيه ، ونظره إلى مسجده.

ويكره أن ينظر إلى السّماء ، وأن يجعل بين رجليه أكثر من شبر.

ويستحبّ للقاعد التربيع قارئا ، وثني رجليه راكعا ، والتورّك متشهّدا ، والقيام في النافلة ، فيجوز قاعدا ، والأفضل احتساب ركعتين بركعة ، ولا يجوز الاضطجاع والاستلقاء.

الثاني : النيّة

وهي ركن ، ومحلّها القلب ، وحقيقتها استحضار ذات الصّلاة إجمالا ، والقصد بها إلى صلاة معيّنة لوجوبه أو ندبه ، أداء وقضاء قربة إلى اللّه.

وتجب مقارنة آخرها لأوّل التكبير ، واستدامة حكمها إلى الفراغ ، دون

ص: 106


1- الخفّ : ضدّ الثّقل ، خفّ يخفّ خفّا وخفّة : صار خفيفا. لسان العرب.

التّعرض لعدد الركعات والتّمام والقصر وإن تخيّر ، والإمامة إلّا في الجمعة والعيدين.

فلو نوى غير الواقع من الوجوب والأداء ، أو مقابلهما ، أو الخروج أو التردّد (1) فيه ، أو أنّه سيخرج ، أو علّقه بأمر ممكن ، أو نوى الرياء بها أو ببعضها ، وإن كان [ ذكرا ] مندوبا ، أو نوى به غير الصلاة ، بطلت ، لا بنيّة فعل المنافي ، ولا بغروب النية ، ولا بالزيادة على الواجب من الهيئات لزيادة الطمأنينة إلّا مع الكثرة أو نيّة الرياء.

ولو شكّ في إيقاع النيّة بعد انتقاله لم يلتفت ، وفي الأثناء يستأنف.

ولو شكّ فيما نواه بنى على ما قام إليه ، ولو نسيه استأنف.

ولو نوى الأداء فبان الانقضاء أجزأ ، ولو نوى القضاء فظهر البقاء أعاد في الوقت لا بعده.

ويجب في النوافل المسبّبة (2) كالعيد والاستسقاء التعرض لسببها.

ويجوز نقل النيّة إلى الفائتة ، وإلى النافلة ، لطلب الجماعة ، ولناسي الأذان وسورة الجمعة ، ويجب النقل إلى السابقة في الأداء والقضاء.

الثالث : تكبيرة الإحرام

وهي ركن ، وصورتها : « اللّه أكبر » مواليا مرتّبا بالعربيّة ، إخفاتا ، فلو عرّف أكبر ، أو أضافه ، أو قرنه بمن وإن عمّم مثل أكبر الأشياء أو من كلّ شي ء ، أو عكس أو ترجم بطلت.

ص: 107


1- في « ب » و « ج » : أو يردّد.
2- في « ب » و « ج » : المشتبه.

والأعجميّ يتعلّم ، فإن ضاق الوقت أحرم بلغته ، والأخرس يحرّك لسانه ، ويعقد بها قلبه.

ويجب قطع الهمزتين فيهما ، وترك المدّ المخرج عن المعنى ، وإسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، والقيام فلو صاحبها به ، أو ركع المأموم قبل انتهائه بطلت.

ولو كبّر ثانيا ولم ينو الخروج بطلت ، وإن كبّر ثالثا صحّت ، وهكذا تصحّ في الفرد وتبطل في الزوج.

ويستحبّ ترك المدّ غير المخرج ، وكون « أكبر » على وزن أفعل ، وإسماع [ الإمام ] المأموم ، ورفع اليدين بها إلى أذنيه. (1)

الرابع : القراءة

وليست ركنا ، ويتعيّن الحمد وسورة في الثانية والأوليين من غيرها.

وتجب البسملة فيهما ، والعربيّة ، والموالاة ، والترتيب في الآيات والكلمات والحروف ، فلا تجزئ الترجمة ولو مع العذر.

ولو قرأ فيها من غيرها ولم يرتّب ناسيا ، أعاد القراءة ، وعامدا يعيد الصلاة ولو نوى قطع القراءة وسكت ، استأنف القراءة لا مع أحدهما ، ولو طال السكوت بطلت الصلاة وكذا بترك البسملة ، أو حرف ، أو إعراب ، أو تشديد ، أو بزيادة ذلك ، أو إبدال حرف ، وإن لم يتميّز في السّمع كالضاد والظاء ، وجاهل القراءة يقرأ في المصحف في آخر الوقت ، ويجب التعلّم.

وجاهل الحمد يقرأ من غيرها بقدرها ، ولو جهل البعض اجتزأ بما يحسنه ، ويحتمل وجوب التفويض عن الباقي في محلّه.

ص: 108


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : ورفع يديه إلى أذنيه.

ولو عجز عن القراءة أصلا كبّر اللّه وهلّله وسبّحه بقدرها ، مع اشتغاله بالتعلّم.

ولا يجوز الذكر بالترجمة إلّا مع العجز ، ولا عوض للسورة ، بل يقرأ ما يحسن منها ، فإن لم يحسن شيئا صلّى بالحمد في آخر الوقت ، ويشتغل بالتعليم.

والأخرس يعقد قلبه بها ، ويحرّك لسانه.

ويجب إخراج الحروف من مخارجها ، فيصلح الألثغ وشبهه لسانه مع الإمكان ، والبدأة بالحمد.

والجهر في الصّبح وأولتي العشاءين ، وحدّه إسماع القريب ، والإخفات في البواقي ، وحدّه إسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، ولا جهر على النّساء ، ولو جهرت ولم يسمعها أجنبي جاز ، وكذا الخنثى.

ويحرم الترجيع وما يفوت الوقت بقراءته ، والقرآن والعزيمة في الفريضة ، فلو قرأها ناسيا عدل إلّا أن يتجاوز محلّ السّجود ، ويجوز في النافلة ، ويسجد ثمّ ينهض فيتمّ ، وإن كان أخيرا قام ثمّ قرأ الحمد ، ليركع عن قراءة.

و « الضحى » و « ألم نشرح » سورة واحدة ، وكذا « الفيل » و « لإيلاف » ، وتجب إعادة البسملة بينهما.

ويجوز الانتقال من سورة إلى أخرى إلّا أن يتجاوز النصف إلّا من التوحيد والجحد ، إلّا إلى الجمعة والمنافقين في ظهري الجمعة ، وينتقل مطلقا من نسي باقي السورة ، وإذا انتقل أعاد البسملة.

ويتخيّر في الثالثة والرابعة بين الحمد والتسبيح ، وهو « سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر » مرّة أو ثلاثا.

ص: 109

ويستحبّ التعوّذ سرّا في الركعة الأولى ، وسكوت خفيف بين الحمد والسورة ، وبينهما وبين تكبيرة الركوع ، والجهر بالبسملة في موضع الإخفات ، والوقف (1) في موضعه ، وتعهّد الإعراب ، والترتيل ، والجهر في الجمعة وظهرها ، وسؤال الرّحمة ، والتعوذ من النقمة عند آيتها ، وقصار المفصّل في الظهرين والمغرب ، ومتوسّطاته في العشاء ، ومطوّلاته في الصبح ، و « هل أتى » في صبح الاثنين والخميس ، و « الجمعة » و « الأعلى » في عشاء الجمعة ، وهي و « التوحيد » في صبحها ، و « الجمعة » و « المنافقين » في ظهريها (2) ، والإقبال بالقلب ، والسورة في النافلة ، وقصار السور في نوافل النهار إخفاتا ، والطوال في نوافل الليل جهرا.

وقراءة « الجحد » في أوّل ركعتي الزّوال وأوّل نافلة المغرب (3) والليل ، والغداة إذا أصبح ، والفجر (4) ، وأوّل ركعتي الإحرام والطواف ، وفي الثواني بالتوحيد،وروي العكس. (5)

وقراءة التوحيد ثلاثين مرّة في أولتي صلاة اللّيل مضافا إلى الجحد.

الخامس : الركوع

وهو ركن ، والركنيّة الانحناء ، ويجب في كلّ ركعة مرّة ، وفي ركعة الآيات خمس ، والانحناء بقدر ما يمكن وضع يديه على ركبتيه ، وينحني طويل اليدين وقصيرهما وفاقدهما كالمستوي.

ص: 110


1- في « أ » : الوقوف.
2- كذا في « أ » : ولكن في « ب » و « ج » في ظهرها.
3- في « أ » : نافلتي المغرب.
4- ولعلّ المراد قراءة الجحد في فريضة الغداة إذا أصبح وفي نافلة الفجر قبل الإصباح.
5- لاحظ الوسائل : 4 / 751 ، الباب 15 من أبواب القراءة ، الحديث 2.

والعاجز يأتي بالممكن ، فإن عجز أومأ برأسه ، ثمّ بعينه.

والراكع خلقة أو لكبر أو لمرض يزيد انحناء. (1)

ويجب فيه الذكر ، وأفضله « سبحان ربّي العظيم وبحمده » والطمأنينة بقدره ، فلو شرع فيه قبل انتهاء الركوع ساهيا ، فإن ذكر قبل الرفع أعاده ، وإلّا فلا.

ولو رفع قبل إكماله ساهيا ، لم يجز العود ، وصحّت صلاته ، ولو تعمّد في الموضعين بطلت.

والرفع والطمأنينة فيه مع القدرة ، والعاجز يعتمد ، فإن تعذّر سقط.

ويستحبّ التكبير أمامه قائما رافعا يديه محاذيا أذنيه ، ووضعهما على ركبتيه مفرّجات الأصابع ، وتسوية ظهره ، ومدّ عنقه موازيا ظهره ، والتجافي ، والدعاء أمام الذكر ، والنظر بين رجليه ، والتسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، و « سمع اللّه لمن حمده » إذا انتصب ، ثمّ الدعاء ، ورفع الإمام صوته بالذكر.

ويكره وضع يديه تحت ثيابه ، ولا يلحق السجود به.

السادس : السّجود
اشارة

وهو ركن ، والركنيّة وضع الجبهة مرّتين على ما يصحّ السجود عليه ، ويجب مساواة موقفه مسجده ، ويجوز العلوّ بقدر لبنة لا أزيد ، والسجود على الكفّين والركبتين ، وإبهامي الرّجلين ، والاعتماد عليها.

والواجب مسمّاها ، ولو تعذّر أحدها سقط وذو الدّمل يحفر حفيرة ، فإن

ص: 111


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : انحنائه.

تعذّر سجد على أحد الجبينين ، ثمّ على ذقنه ، ثمّ يومئ ، والعاجز يرفع ما يسجد عليه ، ثمّ يومئ.

ويجب الذّكر ، وأفضله « سبحان ربّي الأعلى وبحمده » والطمأنينة بقدره ، والبحث فيه كالركوع ، ولو عجز عنها سقطت ، ويتمّه رافعا ، ولا يبدأ به آخذا وكذا في الركوع ، ورفع الرأس ، والجلوس ، والطمأنينة ، ثمّ يسجد كالأولى.

ويستحبّ التكبير له قائما وتلقّي الأرض بيديه ، والتخوية (1) للرّجل ، والإرغام بالأنف ، ورفع الذراعين عن الأرض ، وانخفاض موضع الجبهة ، ومساواة موضع الأعضاء ، ووضع يديه بحذاء أذنيه ساجدا ، وعلى فخذيه جالسا ، والنظر إلى طرف أنفه ساجدا ، وإلى حجره جالسا.

والدّعاء أمام الذكر ، والتسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، والتكبير عند انتصابه من الأولى ، وللأخذ في الثانية ، وللانتصاب ( بها ) (2) والجلوس عقيبها ، والدعاء بين السجدتين ، والتورّك (3) واعتماده على يديه عند القيام منه ، سابقا برفع ركبتيه قائلا « بحول اللّه وقوّته أقوم وأقعد ».

ويكره الإقعاء. (4)

ص: 112


1- في مجمع البحرين : يتخوّى : أي يجافي بطنه عن الأرض في سجوده ، بأن يجنح بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ، ولا يفرشهما افتراش الأسد ، ويكون شبه المعلّق ، ويسمّى هذا تخوية ، لأنّه ألقى التخوية بين الأعضاء.
2- ما بين القوسين يوجد في « ب ».
3- قال العلّامة في النهاية : 1 / 493 : التورك في الجلوس : بأن يجلس على وركه الأيسر ويخرج رجليه معا ، ويجعل رجله اليسرى على الأرض وظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى ويفضي بمقعدته إلى الأرض. ولاحظ الذكرى : 3 / 398.
4- قال المحقّق في المعتبر : 2 / 218 : والإقعاء : أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه ، وقال بعض أهل اللّغة : هو أن يجلس على إلييه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب ، والمعتمد الأوّل ، لأنّه تفسير الفقهاء وبحثهم على تقديره.
تتمّة

يجب السجود للعزائم الأربع : سجدة « لقمان » (1) و « حم السجدة » و « النجم » و « القلم » (2) على القاري والمستمع ، ولو تركها قضاها ، ويستحبّ للسامع وللجميع في « الأعراف » و « الرّعد » و « النحل » و « بني إسرائيل » و « مريم » و « الحجّ » في موضعين و « الفرقان » و « النمل » و « ص » و « إذا السماء انشقت ».

ولا طهارة فيها ، ولا استقبال ، ولا تكبير ، ولا تشهّد ، ولا تسليم ، ولا ذكر.

وتستحبّ سجدتا الشكر عند تجدّد النّعم ، ودفع النّقم ، وعقيب الصلاة ، والتعفير بينهما.

السابع : التشهّد

وليس بركن ، ويجب في الثنائية مرّة وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين ، وصورته : « أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ».

وتجب العربية ، ومراعاة الصّيغة ، والترتيب ، والموالاة ، والجلوس له ، والطمأنينة بقدره ، فلو أتى بالترجمة أو بالمرادف ، أو أسقط حرف العطف ، أو اكتفى به أو بالضمير ، أو غير ذلك ، أو بدأ به قبل الرفع من السجود ، أو نهض قبل إكماله ، بطلت.

ص: 113


1- المراد سورة « الم » السجدة الواقعة بعد سورة « لقمان ».
2- المراد سورة العلق الّتي ورد فيها قوله : « علّم بالقلم ».

ولو جهل بعضه أتى بما يحسنه ثمّ يتعلّم ، فإن ضاق الوقت ، حمد اللّه بقدره ، وكذا لو جهل العربيّة.

ولا تجزئ الترجمة في شي ء من الأذكار مع القدرة ، ويجوز في غيرها.

ويستحبّ التورّك ، ووضع يديه على فخذيه ، ونظره إلى حجره ، وزيادة التحميد ، والدعاء ، والتحيّات ، و « السّلام عليك أيّها النبي ورحمة اللّه وبركاته » في الأخير ، وإسماع الإمام من خلفه.

الثامن : التسليم

وليس بركن ، ومحله آخر التشهد ، وبه يخرج من الصلاة وإن لم يقصده ، وصورته إمّا « السّلام عليكم ورحمة وبركاته » أو « السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين » ويجوز الجمع ، فتستحبّ الأخيرة.

ويجب الجلوس له ، والطمأنينة بقدره ، والعربيّة ، والترتيب ، والموالاة ، والإعراب ، وكذا الأذكار الواجبة.

ويستحبّ للمنفرد أن يسلّم إلى القبلة ، ويومئ بمؤخّر عينيه إلى يمينه ، والإمام بصفحة وجهه ، وكذا المأموم ، فإن كان (1) على يساره أحد فأخرى إليه ، (2) وأن يقصد المنفرد والإمام الأنبياء والأئمّة والملائكة ومسلمي الإنس والجنّ والمؤتم الإمام.

ص: 114


1- في « ب » و « ج » : وإن كان.
2- في « أ » : « فأحزى إليه » ولعلّه مصحّف.
وأمّا المندوبات فثلاثة
اشارة

الأوّل : القنوت ، ومحلّه في كلّ ثانية قبل الركوع ، وكيفيّته أن يرفع يديه تلقاء وجهه مبسوطتين نحو السماء ، ويدعو بالمأثور ، وأقلّه ثلاث تسبيحات ، وأفضله كلمات الفرج ، والتكبير أمامه ، ورفع اليدين به ، والنظر إلى باطنهما ، ويتأكّد في الفريضة ، وآكدها الجهريّة ، ثمّ الغداة والمغرب.

والناسي يقضيه بعد الركوع ، ويتبع الصلاة في الجهر والإخفات.

وفي الجمعة قنوتان في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده.

ويجوز فيه الدعاء بالمباح وبغير العربية.

الثاني : التكبير بعد التسليم ثلاثا رافعا يديه.

الثالث : التعقيب بالمنقول ، وأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام.

تتمّة

المرأة كالرّجل ، إلّا أنّها في القيام تجمع بين قدميها ، وتضع يديها على ثدييها (1) وفي الركوع على فخذيها ، وفي الهويّ تقعد ثمّ تسجد لاطئة بالأرض غير متجافية ، وتضمّ فخذيها ، وترفع ركبتيها في الجلوس بين السجدتين وفي التشهد ، وإذا قامت انسلّت انسلالا.

ص: 115


1- في الدروس : 1 / 183 : « وتضمّ بيديها ثدييها » وفي « ب » و « ج » : على بدنها.

المقصد الثالث : في عوارضها

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في المبطل

وهو الحدث مطلقا ، وتعمّد الكلام بحرفين أو بحرف مفهم أو بحرف قبله مدّة (1) ، ومنه أن يقصد بالقرآن الإفهام ، ولو قصد القراءة (2) والإفهام ، أو أكره على الكلام ، لم تبطل ، والسكوت الطويل ، والقهقهة ، والبكاء للدّنيا ، والدعاء بالمحرّم ، والفعل الكثير ، والأكل والشرب مطلقا ، وليس منه ابتلاع النخامة وبقايا الغذاء.

وفي مصّ الصّمغ وشبهه توقّف ، والشرب إلّا في الوتر لمريد الصيام مع ضيق الوقت ، ( والقرآن ) (3) والالتفات إلى ورائه. (4)

ويكره التطبيق والعقص للرّجل ، والالتفات يمينا وشمالا ، والتّثاؤب ،

ص: 116


1- في القواعد : 1 / 280 : وفي الحرف الواحد المفهم والحرف بعده مدّة والكلام المكره عليه نظر.
2- في « ب » : ولو قصد القرآن.
3- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».
4- في القواعد : 1 / 281 : « إلى ما ورائه ».

والتمطّي ، والعبث ، ونفخ موضع السجود ، والتنخّم ، والبصاق ، والأنين بحرف ، والتأوّه ، وفرقعة الأصابع ، ومدافعة الأخبثين ، وفي الخفّ الضّيّق.

ويجوز ردّ السلام بسلام عليكم ، لا الابتداء به ، والإشارة باليد ، والتّصفيق ، وقتل الحيّة والعقرب ، وقطعها لفوات غريم أو تردّي طفل أو حفظ مال.

ويستحبّ الحمد للعاطس وتسميته.

الفصل الثاني : في الخلل
اشارة

وهو ثلاثة

الأوّل : العمد ، وتبطل بزيادة فعل واجب وتركه وإن لم يكن ركنا ، وبترك شرط أو كيفيّة أو فعل أو ترك. (1)

وجاهل الحكم عامد إلّا في الجهر والإخفات وقصر الصلاة ، ويعذر جاهل نجاسة البدن والثوب والمكان وغصبهما وغصب الماء.

الثاني : السّهو ، لو زاد ركعة ، فإن جلس آخر الصلاة بقدر التشهد ، صحّت صلاته ، وإلّا بطلت ، ولو نقصها وذكر قبل المنافي أتم.

وتبطل بالمبطل عمدا وسهوا ، لا بالمبطل عمدا ، وكذا لو ترك التسليم.

وتبطل لو زاد ركنا ، أو نقصه وذكر بعد الدخول في ركن وإن كان سهوا ، ولو ذكر قبل دخوله في ركن أتى به وإن دخل في فعل ، كمن أخلّ بالسجود حتّى قرأ ، فيسجد ثمّ يقرأ.

ص: 117


1- في « أ » و « ب » : أو فعل ترك.

ولو زاد غير ركن سهوا لم تبطل ، وكذا لو نقصه لكن قد لا يتدارك ، كما لو دخل في ركن أو في فعل ولزم منه زيادة ركن ، كمن نسي القراءة ، أو بعضها أو الجهر أو الإخفات حتّى يركع ، أو ذكر الركوع أو الطمأنينة فيه حتّى ينتصب ، أو رفع رأسه ، أو الطمأنينة فيه حتّى يسجد ، أو ذكر السجود ، أو وضع بعض الأعضاء ، أو الطمأنينة فيه حتّى يرفع ، أو الرفع من الأولى أو الطمأنينة حتّى يسجد ثانيا.

وقد يتدارك كما لو دخل في فعل ولم يلزم زيادة ركن ، كمن نسي قراءة الحمد وذكر في السورة ، فيقرأ الحمد والسورة ، أو نسي التشهد أو بعضه وذكر قبل الركوع ، فيقعد ويأتي به.

وقد يتدارك مع سجود السّهو ، كمن نسي سجدة أو التشهد أو الصلاة ويذكر بعد الركوع ، فيقضيه ، ويسجد للسّهو ، ويسجد أيضا من تكلّم ناسيا ، أو سلّم في غير موضعه ، أو شكّ بين الأربع والخمس ، والأقوى وجوبه للزيادة والنقصان غير المبطلين ، ولا يتداخل ولا يترتّب.

ومحلّه بعد التسليم مطلقا ، ويجب فيه النيّة وسجدتان ، والذكر ، وأفضله : « بسم اللّه وباللّه السلام عليك أيّها النّبي ورحمة اللّه وبركاته » أو « بسم اللّه وباللّه اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد » والتشهد والتسليم ، ولا يجب التكبير ، والطهارة ، والاستقبال على توقّف.

ولا تبطل الصلاة بتركه وإن طال الزمان ، ولا تجب نيّة الأداء ولا القضاء.

ولا حكم لمن كثر سهوه ، ولا لمن سها في سهو ، ولا لشكّ الإمام مع حفظ المأموم ، وبالعكس ، ولو سها أحدهما فله حكم نفسه ، ولو اشتركا في الواجب اشتركا في الحكم.

ص: 118

تتمّة

يجب في الأجزاء المنسية ما يجب في مبدلها ، وينوي الوجوب ، والقربة ، والأداء ، والقضاء ، وتترتّب على الفائتة ، ولا تبطل الصّلاة بتخلّل الحدث.

الثالث : الشك ، من شكّ في واجب وغلب على ظنّه شي ء بنى عليه ، وإلّا فإن كان محلّه باقيا ، أتى به ركنا كان أو فعلا ، ولو بان أنّه فعله بطلت إن كان ركنا وإلّا فلا وإن تعدّاه لم يلتفت وإن كان ركنا.

ولو ترك السّجدتين وشكّ في أنّهما من ركعة أو من ركعتين بطلت ، ويعيد من لم يدر كم صلّى ، ومن شكّ في الثنائيّة أو الثلاثيّة أو في أولتي الرّباعيّة ، أو تعلّق شكّه بهما كقوله : لا أدري قيامي لثانيّة أو لثالثة ، وكذا لو قال عند الرفع من الركوع.

ولو تيقّنهما وشكّ في الزائد ، فإن غلب على ظنّه أحد الطرفين بنى عليه ، وإلّا احتاط في خمس مسائل :

الأولى : الشاكّ بين الاثنتين والثلاث ، بنى على الثلاث ثمّ يتمّ ، ويصلّي ركعة قائما أو ركعتين جالسا.

الثانية : الشاكّ بين الثلاث والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط كالأولى.

الثالثة : الشاكّ بين الاثنتين والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط بركعتين قائما.

الرابعة : الشاكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط بركعتين قائما ، ثمّ بركعتين جالسا ، ولا تصحّ قبل السجدتين إلّا المسألة الثانية.

ص: 119

الخامسة : الشاكّ بين الأربع والخمس قائما ، يقعد ويسلّم ويحتاط كالأولى ، وبعد الركوع تبطل ، وبعد السّجود تصحّ ، ويسجد للسّهو.

فروع

الأوّل : حكم ما يرجع في المعنى إلى هذه المسائل حكمها ، فلو قال : لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة ، فهو شك بين الاثنتين والثلاث ، ولو قال : لرابعة أو خامسة قعد وسلّم ، وصار شكّا بين الثلاث والأربع ، ويسجد للسّهو ، ولو قال : لثالثة أو خامسة قعد وصار شكّا بين الاثنين والأربع ، ويسجد للسّهو ، ولو قال ذلك عند القيام من الركوع ، بطلت صلاته ، إلّا في الأولى ، فإنّه يتمّ ويحتاط.

الثاني : الأولى بطلان الصلاة في غير هذه الصور ، لاستقرارها في الذمة بيقين فلا تزول إلّا بمثله أو بما هو أقرب إليه كالنصّ ، ولأنّ الشكّ إذا تعلّق بخامسة مع ثانية أو ثالثة أو معهما ، فلا يجوز البناء على الأكثر ، لأنّه ليس من عدد الصلاة ، ولا على الأقلّ ، لأنّه خلاف المعهود من الشّرع.

الثالث : يجب في الاحتياط النية وجميع ما يجب في الصّلاة ، وقراءة الحمد خاصّة إخفاتا ، ومساواة الجهة ، فلو تغيّر اجتهاده قبل الاحتياط ، فإن قلنا إنّها صلاة منفردة صلّى إلى الثانية ، وإلّا فإن كان بين المشرق والمغرب صلّى إليها أيضا وإلّا أعاد الصّلاة.

الرابع : لو ذكر النقصان بعد الاحتياط لم يلتفت ، وقبله يكمل الصّلاة ما لم يفعل المنافي ، وفي الأثناء يستأنف ، ويحتمل إجزاء الإتمام.

الخامس : لو ذكر التمام صحّت مطلقا ، لكن في الأثناء يتخيّر في القطع والإتمام نافلة.

ص: 120

السادس : لو ذكر في الصورة الرابعة بعد الركعتين من قيام أنّها ثلاث بطلت ، أو أنّها اثنتان صحّت ، ولا يجب الباقي ، ولو بدأ بالركعتين من جلوس انعكس الحكم.

السابع : لا يبطلها الحدث قبل الاحتياط.

الثامن : لو فات ، ترتّب على الفائت.

الفصل الثالث : في الإهمال ويجب به القضاء
اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : في سببه

وهو فوات الصّلاة من المكلّف المسلم السالم من الإغماء ، والحيض ، والنفاس ، المتمكّن من المطهّر ، فلا يجب قضاء على الصّبي (1) والمجنون ، والمغمى عليه ، والكافر الأصليّ وإن وجبت عليه ، ولا على الحائض والنفساء إذا استوعب العذر الوقت أو قصر عن الطهارة وركعة ، ولا على المخالف إذا استبصر ، ولا عادم المطهّر ، ويجب على غير هؤلاء وإن كان سهوا إلّا الجمعة والعيدين ، وعلى النائم إن استوعب الوقت ، وعلى متناول المسكر والمرقد لا بما اتّفق به ، وعلى المرتدّ عن فطرة وغيرها.

ويقتل مستحلّ تركها إن ولد على الفطرة ، وإلّا استتيب ، فإن امتنع قتل ، وتزال الشبهة المحتملة ، فإن لم يقبل قتل.

ص: 121


1- في « ب » و « ج » : فلا قضاء على الصبيّ.

وغير المستحلّ يعزّر ثلاثا ، فإن عاد قتل [ في الرّابعة ].

الثاني : في حكمه

يجب قضاء الفائتة الواجبة إلّا ما استثني ، ويستحبّ قضاء النافلة المرتّبة ، ولا يتأكّد الفائت بمرض ، بل يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ ، فإن عجز فعن كلّ يوم (1) بمدّ.

ووقت القضاء الذكر إلّا أن تتضيّق الحاضرة ، ولو اتّسع استحبّ تقديمها ، وإن اتّحدت فيستحبّ العدول لو (2) ذكر في الأثناء.

وهو مثل الأداء حتّى القصر والإتمام والجهر والإخفات إلّا هيئة المضطرّ.

ويجب الترتيب مع الذكر ، فلو قدّم اللّاحقة ناسيا صحّت ، ولو ذكر في الأثناء عدل مع الإمكان.

ولو فاته صلاة حضر وسفر واشتبه التّرتيب ، اعتمد على ظنّه ، فإن تساوى صلّى كلّ واحد على حدته (3) حتّى يظنّ الوفاء.

ولو اشتبه التمام والتقصير صلّى تماما وقصرا حتّى يغلب الوفاء.

ولو نسي عين الفائتة صلّى صبحا ومغربا وأربعا ، والمسافر ثنائيّة ومغربا ، ويتخيّر في المطلقة بين الجهر والإخفات ، ولو تعدّدت صلّى هكذا حتّى يغلب الوفاء.

ولو ذكر المعيّن ونسي العدد ، كرّرها حتّى يغلب الوفاء.

ص: 122


1- في « أ » : فعن كلّ يومين.
2- في « ب » و « ج » : ولو.
3- في « أ » : فإن تساوى كلّ واحد صلّى على حدته.

ولو نسيهما صلّى أيّاما حتّى يغلب الوفاء.

ولا ترتيب بين اليوميّة وباقي الفرائض ، ولا بين أنفسها ، ويترتّب الاحتياط كالمجبورات (1) وكذا الأجزاء المنسية بالنّسبة إلى صلاة أو صلوات ، وتترتّب نوافل اليومية ، فلو قضى نوافل العصر قبل نوافل الظهر ، أو قضى نوافل السّبت قبل نوافل الجمعة ، لم يصحّ ، أمّا لو اعتنى بقضاء نوافل السّبت خاصّة ثمّ عنّ (2) له قضاء نوافل الجمعة صحّ.

ويجوز القضاء عن رمضان دون غيره ، ولو أراد القضاء عن الرّمضانات وجب الترتيب.

ولا يترتّب القضاء على الأداء ، فيجوز لتارك نافلة الظّهر أن يؤدّي نافلة العصر.

الفصل الرابع : [ في ] الخوف
اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل :

الخوف موجب لقصر الرّباعيّة سفرا وحضرا ، جماعة أو فرادى (3) سواء كان من عدّو ، أو لصّ ، أو سبع ، أو سيل ، أو حرق ، أو غرق ، أو من مطالب بدين لا يقدر عليه ، أو من فوات واجب كعرفة.

ص: 123


1- قال العلّامة في القواعد : 1 / 311 : ويترتّب الاحتياط لو تعدّدت المجبورات بترتيبها.
2- في مجمع البحرين : عنّ لي الأمر يعنّ عنّا : إذا اعترض.
3- في « ب » و « ج » : جماعة وفرادى.

ولو ظنّ السّواد عدوّا فقصّر ، أو أومأ ، ثمّ بان خطاؤه لم يعد ، وكذا لو لم يعلم الحائل.

ولا يقصّر الموتحل ، ولا الغريق إلّا في سفر أو خوف ، ويصلّيان بحسب الإمكان.

ولا يقصّر العاصي بسفره.

البحث الثاني : في أنواعها
اشارة

وهي أربعة :

الأوّل : « صلاة ذات الرّقاع » ، وشروطها :

كون العدوّ في غير جهة القبلة.

وقوّته بحيث لا يؤمن هجومه.

وكثرة المسلمين بحيث إذا افترقوا فرقتين تقاوم كلّ فرقة العدوّ.

وعدم الاحتياج إلى أكثر من فرقتين.

فيصلّي الإمام بطائفة ركعة ، فإذا قام إلى الثانية ، انفرد من خلفه ، وأتمّوا ، ثمّ تأتي الأخرى ، فيصلّي بهم ركعة ، فإذا جلس للتّشهد أتمّ من خلفه ثمّ يسلّم بهم. (1)

ولا يجب على الإمام تأخير قراءة الحمد حتّى تدخل الفرقة الثانية معه ، ولا قراءتها في تشهّده.

ص: 124


1- في القواعد : 1 / 319 : فإذا جلس في الثانية قاموا فأتمّوا ولحقوا به ويسلّم بهم.

وفي المغرب يصلّي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين ، ولا تشهّد معه ، ويجوز العكس فينتظر الثانية في الركعة الثالثة أو في التشهّد ، ولا يأتمّون به حتّى يقوم إلى الثالثة.

وليس أحد الصورتين أرجح ، لأنّ في الأولى زيادة جلوس ، وفي الثانية زيادة ائتمام القائم بالقاعد.

ويجوز تفريقهم ثلاث فرق ، ويصلّي بكلّ فرقة ركعة.

ويجب في هذه الصّلاة انفراد المؤتمّ عند رفع الإمام من السجود ، وانتظار الإمام للمأموم ، والاقتداء بالقاعد.

الثاني : « صلاة عسفان » ، وشروطها :

كون العدوّ في جهة القبلة.

وإمكان الافتراق.

وعدم ترتيبهم أكثر من صفّين.

ويحرم بهم جميعا ، فإذا ركعوا سجد بالأوّل ، وحرسه الثاني ، فإذا قام سجد الثاني ، ثمّ يتقدّم ويتأخّر الأوّل ، ثمّ يركع بالجميع ، ويسجد بمن يليه ، ويحرس المتأخّر ، فإذا جلس للتشهّد سجد المتأخّر ، وسلّم بالجميع. (1)

الثالث : « صلاة بطن النّخل » وشرطها كون العدوّ في جهة القبلة

الثالث : « صلاة بطن النّخل » وشرطها كون العدوّ في جهة القبلة ، (2) ويفرّقهم الإمام فرقتين ، ثمّ يصلّي بكلّ فرقة صلاة ، والأخرى تحرسهم ، فالثانية له سنّة.

ص: 125


1- لاحظ لمزيد الإيضاح المبسوط : 1 / 166 - 167.
2- كذا في النسخ الّتي بأيدينا ولكن في القواعد : 1 / 320 : « صلاة بطن النخل : وهي أن لا يكون العدوّ في جهة القبلة ». ونحوه في الذّكرى : 4 / 356.

ولا يشترط فيها الخوف.

الرّابع : « صلاة شدّة الخوف »

ويصلّون بحسب الإمكان رجالا وركبانا ، ويسجد على قربوس سرجه ، ومع التعذّر يومئ ، ويستقبل ما أمكن ولو بتكبيرة الإحرام ، فإن تعذّر سقط ، وتجوز الجماعة إن اتّفقت.

فإن اشتدّ الحال ، اعتاض عن كلّ ركعة ب- « سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلّا اللّه واللّه اكبر ».

وتجب النيّة ، والتكبير ، والتشهّد ، والتسليم.

البحث الثالث : في الأحكام

لا حكم لسهو المأموم حال متابعته بل حال انفراده ، ويجب أخذ السلاح وإن كان نجسا ، ولو منع واجبا لم يجز إلّا أن يضطرّ ، ولو رجا الأمن استحبّ التأخير ، فلو قصّر ثمّ زال الخوف فلا إعادة ، ولو زال الخوف قبل الصلاة أتم ، ولو أمن في الأثناء أتمّ صلاة مختار ، ولو خاف أتمّ صلاة خائف.

ولو فاتته الصّلاة قضى قصرا إن استوعب الخوف الوقت ، ويقضي فائت الأمن مثله في الكميّة ، أمّا الكيفيّة فيجب الحال.

ويصلّي الجمعة بصلاة ذات الرّقاع بشرط الحضر وكمال العدد ، ويخطب للأولى ، وبصلاة عسفان ، وبطن النخل ، لكن يصلّي بالثانية ظهرا.

ويصلّي صلاة العيد بصلاة ذات الرقاع وعسفان دون بطن النخل ، لأنّها لا تعاد ، ولا بدل لها.

ويصلّي الآيات والاستسقاء بالجميع ، ولو اشتدّ الخوف بالآيات ، سبّح عن كلّ ركعة خمسا.

ص: 126

الفصل الخامس : [ في ] السفر
اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في سبب القصر

وهو الضّرب في الأرض ، وإن لم يشقّ ، لأنّه مظنّة المشقّة ، ويتحقق بخفاء الجدران والأذان ، فلو أدرك أحدهما لم يقصّر ، ولو منع بعدهما قصّر إن استدام نيّة السّفر ، ولو قصّر ثمّ بدا له لم يعد.

وهما نهاية الضرب ، ولا اعتبار بأعلام البلدان ، ولا بالصحاري والمزارع.

ولو حوى القرى سور ، لم يشترط مجاوزته ، والبلد المرتفع أو المنخفض يحملان على المستوي.

[ المبحث ] الثاني : في المحلّ

وهو الرّباعية ونافلة الظهرين والوتيرة ، فيسقط من الرباعيّة الأخيرتين والنافلة أجمع ، ولا قصر في غير العدد ، ولا تقصر فوائت الحضر إذا صلّيت في السّفر.

ويشترط استغراق السّفر الوقت ، فلو خرج في الوقت أو حضر فيه ، فالوجه الإتمام ، والتخيير حسن.

والقضاء تابع للأداء.

[ المبحث ] الثالث : في الشرائط : وهي ستّة :
[ الشرط الأوّل : ] اعتبار المسافة ، وهي ثمانية فراسخ ، أو أربعة لمريد الرجوع ليومه أو ليلته ، دون المتردّد في ثلاثة.

[ الشرط الأوّل : ] اعتبار المسافة ، وهي ثمانية فراسخ ، أو أربعة لمريد الرجوع ليومه (1) أو ليلته ، دون المتردّد في ثلاثة. (2)

ص: 127


1- في « ب » و « ج » : في يومه.
2- وفي القواعد : 1 / 324 مكان العبارة : « ولو قصد التردّد ثلاثا في ثلاثة فراسخ لم يجز القصر ».

والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف ذراع ، والذّراع أربعة وعشرون إصبعا من مستوي الخلقة.

ولو سلك مريد الإقامة في المنتهى أبعد الطريقين ، قصّر ذاهبا وعائدا إن رجع به ، وإلّا أتمّ في الرّجوع.

ولو بدأ بالأقرب أتمّ ذاهبا وعائدا إن رجع به ، وإلّا قصّر في العود.

ولو لم يرد الإقامة ، فإن بدأ بالأبعد ، وقصد العود به ، قصّر ذاهبا وعائدا وفي البلد ، وكذا إن رجع بالأقرب. (1)

ولو بدأ بالأقرب ، فإن قصد العود به أتمّ ذاهبا وعائدا وفي البلد إلّا أن يرجع في يومه.

وإن قصد الرجوع بالأبعد ، أتمّ ذاهبا وفي البلد ، وقصّر في الرّجوع ، وكذا البحث لو كان له في المنتهى ملك.

[ الشرط ] الثاني : قصد المسافة

فلا يترخّص للهائم وطالب الآبق وشبهه ، ولا لمن قصد دون المسافة ، وهكذا وإن بلغ المسافة ، ويقصّر في الرّجوع.

ولو أكره على السّفر لم يقصّر.

[ الشرط ] الثالث : استمرار القصد

فلو نوى في الأثناء إقامة عشرة أيّام ، أو اتّخذه دار إقامته ، أتمّ وصحّ ما

ص: 128


1- في « ب » و « ج » : في الأقرب.

قصّر وإن لم يقطع مسافة ، إلّا أن يكون ذلك من نيّته فتعتبر المسافة إلى موضع الإقامة.

ولو رجع بعد صلاة على التمام ، أو بعد تعدّي محلّ القصر ، أتمّ حتّى يخرج ، وإن رجع قبلهما قصّر ، ولا عبرة بإتمام الصلاة ناسيا ، وليس الشروع في الصوم كالصلاة.

ويقطعه أيضا مضيّ ثلاثين يوما في مصر متردّدا وإن عزم على السّفر.

ولا تقطعه نيّة إقامة عشرة أيّام في خلل (1) متفرّقة وإن تقارنت ، ولا نيّة الرّجوع ، فلو نواه ثمّ نوى السّفر قصّر ، وإن بقى من سفره دون المسافة.

ومنتظر الرّفقة إن كان على حدّ مسافة قصّر مطلقا إلى شهر ، وإلّا مع الجزم بالسّفر.

[ الشرط ] الرابع : عدم وصوله إلى بلد له فيه ملك استوطنه ستة أشهر

ثمّ إن كان بين منزله والملك مسافة قصّر في الطّريق خاصّة ، وإلّا أتمّ فيهما.

ولو تعدّدت المواطن اعتبر ما بين الملكين ، وقصّر إن كان مسافة ، وإلّا فلا.

ويكفي الوقف في الملك إن كان خاصّا دون العامّ ، كالمدارس.

ويشترط الإقامة أو حكمها ، فتحسب من السّتة أشهر العشرة المنويّة ، والأيّام الّتي بعدها ، والّتي بعد الثلاثين ، والّتي بعد الصلاة على التمام ، وإن نوى

ص: 129


1- في مجمع البحرين : الخلل - كجبل - : الفرجة بين الشيئين.

الرجوع ، والأيّام الّتي أتمّها جاهلا ، والّتي في أحد الأماكن الأربعة ، لا أيّام كثير السّفر والعاصي بسفره.

ولا يشترط التوالي ، ولا استيطان الملك ، (1) ولا صلاحيّة السّكنى ، ولا العلم بالملك ، ولا الإسلام والبلوغ والعقل.

ولو انتقل عنه صار كالفاقد.

[ الشرط ] الخامس : عدم زيادة السّفر على الحضر

وهو أن لا يقيم في بلده عشرة أيّام ، كالمكاري والملّاح ، والبريد ، والراعي ، والتّاجر الّذي يطلب الأسواق ، والبدويّ الّذي يطلب القطر والكلأ (2).

ولو أقام أحدهم في بلده عشرة أيام مطلقا ، أو في غير بلده مع نيّة الإقامة ، ثمّ قصد مسافة قصّر حتّى يكثر سفره ، ويكفي صدق الاسم ، ولو قصد البدويّ مسافة قصّر كغيره.

[ الشرط ] السّادس : إباحة السفر

فلا يترخّص للعاصي به ، كسالك المخوف ، وتابع الجائر ، والصّائد للهو دون التجارة.

وينقطع الترخّص بقصد المعصية لا بفعلها فيه.

ولو زال القصد ، أو نوى المباح ، قصّر إن بقي من سفره مسافة.

ص: 130


1- قال في الدّروس : 1 / 211 : واشترط بعضهم سبق الملك على الاستيطان فلو تأخّر لم يعتدّ به.
2- في مجمع البحرين : الكلأ - بالفتح والهمز والقصر - : العشب رطبا كان أو يابسا ، والجمع « أكلاء » مثل سبب وأسباب.
[ المبحث ] الرابع : في الأحكام

التّقصير رخصة واجبة إلّا في « المسجد الحرام » و « مسجد النبيّ » صلى اللّه عليه وآله وسلم و « جامع الكوفة » و « الحائر » فيتخيّر والإتمام أفضل ، فإن فاتت في الأماكن تخيّر فيها ، وقصر في غيرها ، ولو بقى للغروب مقدار أربع ، قصّر الظّهر وتخيّر في العصر.

ولو شكّ بين الاثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع وجب الاحتياط ، بخلاف الشكّ بين الاثنتين والأربع. نعم يستحبّ.

ولو شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وجبت الركعتان من جلوس ، وتستحبّ الاثنتان من قيام.

ولا تجب نيّة القصر بمعنى أنّه لا يجب قصده في النيّة ، ولو قصر اتفاقا أعاد ، بمعنى أنّه يجب قصده عند التسليم.

ولو تعمّد التّمام أعاد مطلقا ، والجاهل لا يعيد مطلقا ، والنّاسي يعيد في الوقت للرواية. (1)

ولو نوى العشرة في بلد ثمّ خرج إلى دون المسافة ، عازما على العود والإقامة أتمّ ذاهبا وعائدا وفي البلد ، ولو عزم على العود دون الإقامة قصّر.

ولو قصّر في أوّل سفره ثمّ رجع لم يعد ، ولو رجع لغرض من حدّ مسافة قصّر وإلّا فلا.

والصّوم كالصّلاة في الشروط والحكم إلّا في المواطن الأربعة.

ص: 131


1- لاحظ الوسائل : 5 / 530 ، الباب 17 من أبواب صلاة المسافر ، الحديث 1 و 2.

ويستحبّ جبر المقصورة بثلاثين تسبيحة ، ويجوز الجمع بين الفريضتين ، ويكره في الحضر.

ويقصّر الصّبي كالبالغ.

الفصل السادس : [ في ] الجماعة
اشارة

وفيه أبواب :

[ الباب ] الأوّل : في محلّها

وهو الفرض وما أصله فرض ، كالمعادة والعيد إذا اختلّت شرائطه ، فلا تصحّ في المندوب إذا نذر.

وهي مستحبّة وتتأكّد في الخمس ، فالصلاة بخمس وعشرين.

وتجب في الجمعة والعيدين وبالنذر ، وتحرم في النوافل عدا الاستسقاء ، وصلاة الغدير على قول وتكره في مواضع.

[ الباب ] الثاني : في الشرائط

وهي عشرة.

الأوّل : كون الإمام بالغا ، عاقلا ، عدلا ، طاهر المولد ، مؤمنا ، ذكرا إن أمّ الرّجال أو الخناثى ، وإلّا يكون مؤتما ، فلا تصحّ إمامة الصبيّ والمجنون والفاسق وولد الزنا والكافر والمخالف ولو بأمثالهم ، ولا يأتمّ الرّجل بالأنثى ولا بالخنثى ، وتأتمّ المرأة بالرّجل وبمثلها ، وبالخنثى ، ولا يأتمّ الخنثى بمثله.

ص: 132

ويشترط أيضا عدم الإقعاد والخرس والأميّة (1) وإبدال الحروف إذا خلا المأموم من ذلك أو خالفه.

ولا تشترط الحريّة ، ولا البصر ، ولا البلوغ في النفل المستثنى ، ويكره بمن يعتوره الجنون حال إفاقته.

وصاحب المسجد والمنزل والإمارة. والهاشميّ أولى مع الشرائط.

وإذا تشاحّ الأئمّة قدّم المختار (2) ومع الاختلاف يقدّم الأقرأ ، فالأفقه ، فالأقدم هجرة ، فالأسنّ ، فالأصبح [ وجها ].

الثاني : العدد ، وأقلّه اثنان إلّا في الجمعة والعيدين.

الثالث : عدم الحائل حتّى الظلمة على توقّف إلّا بين الرّجال والنساء ، ولا يضرّ القصير ، والمخرّم ، والحاكي ، ولا الصفوف وإن تباعدت.

وتبطل صلاة من إلى جناحي المحراب. (3)

الرّابع : عدم التباعد الكثير عادة إلّا مع توالي الصّفوف ، ويجوز في السّفن المتعدّدة.

ويستحبّ أن يكون بين الصفين مربط عنزة.

الخامس : عدم علوّ الإمام بالمتعدّ كالأبنية لا الأرض المنحدرة ، ويجوز علوّ المأموم به.

ص: 133


1- قال العلّامة في التحرير : 1 / 319 : لا يجوز إمامة الأميّ للقارئ ويجوز العكس ، والأمّي : من لا يحسن الحمد أو بعضها.
2- أي مختار المؤتمّين.
3- في « أ » : جناح المحراب.

السادس : مساواتهما في الموقف ، أو تقدّم الإمام أو تساوي النساء (1) والعراة ، لكن يجب الجلوس والإيماء في العراة.

ويشترط اتّحاد الجهة داخل الكعبة ، وفي المستديرين حولها قرب الإمام إليها.

ويجب تقديم الرّجل على الخنثى ، وهو على الأنثى.

ويستحبّ للرجل اليمين ، وللمرأة والجماعة الخلف.

ويكره الانفراد بصفّ إلّا في المرأة.

السّابع : توافق الصّلاتين في النوع لا في الشخص ، فلا يقتدى في اليومية بالآيات والجمعة ، ويجوز في الظهر بالعصر مثلا.

الثّامن : وحدة الإمام ، فلا يأتمّ بأكثر من واحد دفعة ، ويجوز الانتقال في حال الاستخلاف.

ولو ائتمّ المقيمون بالمسافر ، أو المسبوقون بسابق ، فبعد تسليم الإمام يأتمّون بأحدهم ، ولا يستديم المؤتمّ بالمسافر بنيّته إذا دخل في أخرى.

ولا ينتقل المنفرد. (2)

التاسع : تعيين الإمام ، فلو اقتدى بأحدهما لم يصحّ ، وكذا لو بان أنّ الإمام غير المنويّ.

ولو نويا الإمامة صحّت ولو نويا الائتمام أو شكّا بطلت.

ص: 134


1- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : أو يتساوى النساء.
2- قال العلّامة في القواعد : 1 / 315 : ولو صلّى منفردا ثمّ نوى الائتمام لم يجز.

العاشر : نية الائتمام دون الإمامة ، فلو تابع بغير نيّة بطلت ، وشرطها أن تقع بعد نيّة الإمام ، فلو صاحبه أعاد.

الباب الثالث : في الأحكام

تجب المتابعة في الأفعال دون الأذكار ، فلو تقدّم المأموم عمدا استمرّ ، وناسيا يعيد. (1)

ولو خالف فيهما أتمّ ولم تبطل. (2)

ويدرك الركعة بإدراك الإمام راكعا وإن ذكر بعد رفعه ، وإن أدركه بعد الرفع انتظره حتّى يقوم ، ثمّ يأتمّ به.

ولو كان في الأخيرة اقتدى به ، فإذا سلّم استأنف وإن سجد معه سجدة ، ولو أدركه بعد السجود كبّر وجلس فإذا سلّم قام واستقبل صلاته.

ولو خاف الداخل الرفع كبر ومشى راكعا إلى الصّف ، مع مراعاة شرائط الصلاة والجماعة.

وتحرم القراءة خلف المرضي مطلقا ، ولا تبطل الصلاة بها ، ويقرأ مع غير المرضي ، فإن سبقه سبّح وأبقى آية ليركع عن قراءة.

ولو علم فسق الإمام ، أو كفره ، أو حدثه ، أو نجاسته بعد الصلاة ، لم يعد ، وفي الأثناء ينفرد.

ص: 135


1- قال العلّامة في القواعد : 1 / 317 : فلو رفع أو ركع أو سجد قبله عامدا استمرّ إلى أن يلحقه الإمام ، والنّاسي يعود.
2- في الدروس : 1 / 221 : فلو تقدم المأموم عمدا أثم واستمرّ.

ويجوز التسليم قبل الإمام ، ويحرم الانفراد بغير نيّة أو عذر ولا تبطل الصلاة.

وتتأخّر النساء لو جاء الرجال ولا موقف لهم أمامهنّ.

وما يدركه في الأثناء أوّل صلاته ، فإذا سلّم الإمام أتمّ صلاته ، فيقرأ في الأخيرتين الحمد لا غير أو التسبيح وإن سبّح الإمام.

وإذا استنيب المسبوق أومأ عند انتهائهم ليسلّموا. (1)

ويستنيب الإمام لضرورة وغيرها ، والمأمومون إذا مات الإمام أو جنّ أو أغمي عليه ، ويقرأ من حيث قطع.

ولو أعتقت الأمة ولم تعلم ، فصلّت مكشوفة الرأس جاز للعالمة به الائتمام بها ، وكذا لو علم نجاسة ثوب الإمام ، ولم يوجب الإعادة على جاهلها في الوقت.

ويجب على الأميّ الائتمام بالعارف ، ويجب التعلّم.

ويستحبّ قطع النافلة إن خاف الفوات ، ونقل الفريضة إلى النّفل إن أمكن ، ولو خاف الفوات قطعها ، ولو كان إمام الأصل قطعها مطلقا ، وإعادة الصلاة للمنفرد إماما كان أو مأموما ، فيقتدي المفترض بمثله وبالمتنفّل ، والمتنفّل بمثله وبالمفترض ، (2) وتقديم الفضلاء في الصفّ (3) الأوّل ، وتسوية الصفّ ، ووقوف

ص: 136


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : ليتمّوا.
2- قال الشهيد الأوّل في البيان : 137 : ويجوز الائتمام في ركعتي الطواف باليوميّة ، وفي الفريضة بالنافلة وبالعكس.
3- في « أ » : بالصف.

الإمام في الوسط ، والقيام عند « قد قامت الصلاة » ، وإسماع الإمام من خلفه ذكر الركوع والشهادتين ، واستنابة من شهد الإقامة ، ولبث الإمام حتّى يتمّ المسبوق ، والتطويل إذا أحسّ بداخل ، وتخفيف الصلاة.

ويكره التّطويل ، واستنابة المسبوق ، ووقوف المأموم وحده ، وتمكين الصبيان من الصفّ الأوّل ، والتنفّل بعد الإقامة ، والائتمام بالمسافر في الرّباعيّة ، وبالأغلف على تفصيل ، (1) وبالمحدود بعد توبته ، (2) وبمن يكرهه المأموم ، والصّحيح بأبرص أو أجذم ، والمهاجر بالأعرابيّ ، والمتطهّر بالمتيمّم.

الفصل الثاني : في صلاة الجمعة
اشارة

وهي ركعتان كالصّبح بدلا عن الظهر ، وتختصّ بأمور :

[ الأمر ] الأوّل :

المكلّف بهاوهو الذّكر الحرّ الحاضر السليم من العمى والعرج والمرض والكبر المعجز ولم يزد موطنه عن فرسخين ، فلا يجب على عادم هذه الصفات وإن كان مكاتبا أو مدبّرا أو مهايا وإن اتّفقت في نوبته ، وكلّ هؤلاء إذا حضروا الجامع وجبت عليهم ، وانعقدت بهم ، إلّا الصّبي والمجنون والمرأة.

ص: 137


1- قال العلّامة في نهاية الأحكام : 2 / 143 : الختان شرط في الإمام لا مطلقا ، بل إذا كان بالغا متمكّنا من الختان وأهمل كان فاسقا فلا يصلح للإمامة باعتبار فسقه ... أمّا إذ لم يكن متمكّنا منه ، أو ضاق الوقت من غير تفريط بالإهمال ، فإنّ الصلاة خلفه جائزة.
2- في « أ » : على توبة.

ويشترط الإسلام في الصّحّة لا في الوجوب ، فلا تصحّ من الكافر ، ولا تنعقد به ، والمسافر إن أتمّ (1) وجبت عليه وانعقدت به وإلّا فلا.

وتجب على [ أهل ] السواد وساكني الخيم مع التوطّن ، ولو بعد بأقلّ من فرسخ وجب الحضور مطلقا ولو بعد بأكثر ، فإن لم يزد على فرسخين وجب الحضور إذا لم يجد جمعة ، وإن زاد استحبّ إذا لم يجد جمعة.

ويجوز لمن لا تجب عليه أن يصلّي الظّهر في وقت الجمعة ، ولا يستحبّ التأخير حتّى تصلّى الجمعة ، ولو حضر لم تجب عليه وإن زال المانع إلّا الصّبي إذا بلغ.

ولو صلّى المكلّف بها الظّهر بطلت ، وأتى بها ، فإن فاتت أعاد الظهر.

ويستحبّ حضور من لم تجب عليه.

[ الأمر ] الثاني : في وقتها

وهو من زوال الشّمس إلى أن يصير ظلّ كلّ شي ء مثله ، ولو كبّر فخرج الوقت أتمّها جمعة ، إماما أو مأموما ، ولو فاتت لم تقض ، بل تعاد ظهرا.

ولو علم أو ظنّ اتّساع الوقت للخطبة والجمعة مخفّفتين وجبت ، وإلّا صلّى الظهر.

ويكره السّفر بعد الفجر ، ويحرم بعد الزّوال.

ص: 138


1- في « أ » : « إن ائتمّ » والظاهر انّه مصحّف.
[ الأمر ] الثالث : في الشروط

وهي خمسة :

الأوّل : السّلطان العادل أو نائبه ، وهو كإمام الجماعة.

ويشترط الذكورة لا عدم الجذام والبرص ، ولو مات في الأثناء أو أغمي عليه قدّموا من يتمّ بهم ، ويقدّم الإمام لو أحدث ، ويجوز لغيرهم الدخول معهم.

ويستحبّ في الغيبة الاجتماع لها وتجزئ عن الظّهر.

الثاني : العدد ، وهو خمسة ، الإمام أحدهم ، وهو شرط في الابتداء ، فلو نقص قبل التّلبّس سقطت لا بعده ولو بالتكبير فيجب الإتمام ولو بقى واحد.

ولو انفضّوا في أثناء الخطبة وجاء غيرهم وجبت إعادتها.

الثالث : الخطبتان ، ويجب في كلّ واحدة الحمد لله ، والصّلاة على النبيّ وآله عليهم السلام ، والوعظ وقراءة سورة خفيفة.

ويجب وقوعها بعد الزّوال قبل الصلاة ، وقيام الخطيب ، والجلوس بينهما ، وإسماع العدد.

ولا تجب الطّهارة ولا الإصغاء ، ولا عدم الكلام.

وتستحبّ بلاغة الخطيب ومواظبته على أوّل وقت الصلاة ، والتعمّم والتردّي (1) ، والاعتماد على شي ء ، والتسليم أوّلا ، والجلوس أمامها ، ورفع صوته ، واتّصافه بما يعظ به.

ويكره الكلام فيهما ، ولا يحرم اللّغو.

ص: 139


1- في مجمع البحرين : ارتدى وتردّى : لبس الرّداء.

الرابع : الجماعة فلا تصحّ فرادى إلّا أن يتفرّقوا عن الإمام في الأثناء ، ويجوز استنابة المسبوق وإن لم يحضر الخطبة.

ويجب تقديم الإمام ، فإن تعذّر استناب ، وتدرك الجمعة بإدراك ركعة بل بإدراكه راكعا في الثانية ، ويتمّ بعد فراغهم ، ولو شكّ في كونه راكعا بطلت.

الخامس : وحدة الجمعة في فرسخ ، فإن تعدّدت واقتربتا بطلتا ، وأعادا جمعة إن بقي الوقت ، وإلّا ظهرا ، وإن سبقت إحداهما صحّت ، وصلّت الأخرى ظهرا ، ولو اشتبهت السابقة صلّى الجميع ظهرا.

ولو اشتبه السبق والاقتران أعادا جمعة وظهرا مع بقاء الوقت ، وإلّا ظهرا.

ويتحقّق السّبق بالتكبير لا بالخطبة والتسليم.

[ الأمر ] الرابع : في أحكامها

يحرم الأذان الثاني ، والبيع وقت النداء على المخاطب بها وإن كان أحدهما (1) ، وينعقد ، وكذا ما يشبه البيع.

وإذا منع السجود في الأولى سجد بعد قيامهم ، ويلحق ولو في الركوع ، ولو لحقه رافعا انفرد وأتمّ جمعة.

ولو لم يتمكّن من السّجود ، لم يركع معه في الثانية ، بل يسجد وينوي بهما الأولى ، فلو أهمل أو نوى بهما الثانية بطلت ، ولو تعذّر السجود في الثانية أيضا ، فاتت الجمعة ، ولم يجز العدول إلى الظهر ، بل يستأنف.

ولو منع من الرّكوع في الأولى ، ركع بعده ولحقه ، فإن تعذّر ركع معه

ص: 140


1- في النسخ الموجودة بأيدينا : « إحداهما ».

في الثانية وسجد ، ونوى بهما الأولى ، ثمّ يتمّ بعد تسليم الإمام ، ولو لم يمكنه الركوع بطلت.

[ الأمر ] الخامس : في آداب يوم الجمعة

يستحبّ الجهر جمعة وظهرا ، وقراءة الجمعة في الأولى والمنافقين في الثانية ، وإيقاع الظهر في الجامع ، وتقديمه إذا لم يرض الإمام ، ولو صلّى معه ركعتين ثمّ أتى بعده جاز ، والغسل والتنفّل بعشرين ركعة ومنها نافلة الظهرين ستّا عند انبساط الشّمس ، وستّا عند ارتفاعها ، وستّا قبل الزّوال ، وركعتين عنده ، والمباكرة إلى المسجد ، والدّعاء قبل التوجّه بالمأثور ، والمشي على سكينة ووقار ، وحلق الرأس ، والأخذ من الشّارب ، وقصّ الأظفار ، ولبس الفاخر ، والتطيّب ، (1) والإكثار من فعل الخير والصّلاة على محمّد وآله ( إلى الألف ، وفي غير الجمعة إلى المائة ) (2) وزيارة النبي والأئمّة عليهم السلام.

الفصل الثالث : [ في ] صلاة العيد

وهي ركعتان كالصّبح ، وتختصّ بأشياء ، وإنّما تجب على من تجب عليه الجمعة.

ووقتها من طلوع الشمس إلى الزّوال فإن فاتت سقطت.

وشروطها كالجمعة ، إلّا أنّها إذا اختلّ بعضها استحبّت جماعة وفرادى.

ص: 141


1- في « أ » : والطّيب.
2- ما بين القوسين يوجد في « أ ».

وجاز تعدّدها في فرسخ ، ولا بدل لها مع الفوات ، والخطبتان بعدها ، وتقديمهما بدعة ولا تجزئ.

ويجب في الرّكعة الأولى بعد قراءة الحمد والسورة خمس تكبيرات ، وفي الثانية أربع ، والقنوت عقيب كلّ تكبيرة.

ويستحبّ في الأولى « الأعلى » ، وفي الثانية « الشمس ».

ولو شكّ في التكبير بنى على الأقلّ ، ولو أدرك الإمام في البعض سقط الفائت ، ولو أدركه راكعا سقط الجميع.

ويحرم السّفر قبل الزّوال على المخاطب بها حتّى يأتي بها ، ويكره قبل طلوع الشمس ، والخروج بالسلاح اختيارا ، والتنفّل بعدها وقبلها إلّا في مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ونقل المنبر.

ولو اتّفق يوم الجمعة ، خيّرهم الإمام في حضور الجمعة.

ويستحبّ الإصحار بها إلّا بمكّة أو لعذر ، وخروج الإمام ماشيا ، حافيا ، على سكينة ووقار ذاكرا لله سبحانه وتعالى ، وأن يطعم قبل خروجه في الفطر ، وبعد عوده في الأضحى ممّا يضحى به ، والجهر بالقراءة ، والقنوت ، وإسماع الخطبتين ، والسّجود على الأرض ، والتكبير في الفطر عقيب أربع صلوات أوّلها مغرب ليلة الفطر وآخرها صلاة العيد ، وفي الأضحى عقيب خمس عشرة ، أوّلها ظهر العيد بمنى ، وفي الأمصار عقيب عشر يقول : « اللّه أكبر » ثلاثا « لا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ، الحمد لله على ما هدانا وله الشّكر على ما أولانا » ويزيد في الأضحى : « ورزقنا من بهيمة الأنعام ».

ص: 142

الفصل الرابع : في صلاة الكسوف

وهي ركعتان كالصّبح وتختصّ بأشياء وتجب بكسوف الشمس ، وخسوف القمر ، والزلزلة ، والآيات ، وأخاويف السماء.

ووقت الأوّلين من الاحتراق إلى الأخذ في الانجلاء ، فلو قصر لم يجب ، ولو خرج في الأثناء لم يجب الإتمام.

ووقت الباقي عند حصول السبب وإن قصر الوقت.

ويجب القضاء على المفرط والناسي ، وعلى الجاهل مع استيعاب الاحتراق.

ويقرأ بعد الحمد سورة ثمّ يركع ، فإذا انتصب قرأ الحمد وسورة ، وهكذا خمسا ، وإن شاء قسّم السورة على الخمس ، فلا يكرّر الحمد ، بل يقرأ من حيث قطع ، وإن قسّمها على أكثر من ركوع جاز ، فيكرّر الحمد كلّما تمّم السورة ، ويتمّ عند الخامس ، وكذا يفعل في الثانية.

وتستحبّ الجماعة والإطالة بقدر الكسوف ، والإعادة قبل الانجلاء ، وقراءة السور الطوال مع السعة ، والركوع بقدر القراءة ، والتكبير إذا انتصب منه إلّا من الخامس والعاشر فيقول : « سمع اللّه لمن حمده » ، والقنوت خمسا.

ويتخيّر في الجهر والإخفات.

ولو اتّفقت مع الحاضرة ، فإن تضيّقتا قدّمت الحاضرة وجوبا ، ولو اتّسعتا قدّمت استحبابا ، وإن تضيّق إحداهما وجب تقديمه ، وهي أولى من النافلة ، وإن فات وقتها قضيت.

ص: 143

ولا يصلّي ماشيا ولا على الراحلة اختيارا ، ولو أدرك الإمام في أثناء الأولى اقتدى به في الثانية ، فإذا سلّم أتمّ.

الفصل الخامس : [ في ] صلاة الأموات
اشارة

وهي دعاء مخصوص مستقبل القبلة قائما ، وتجب على الكفاية ، وتصلّى في كلّ وقت ، فلو اتّفقت مع الحاضرة ، فإن اتسعتا أو تضيّقتا قدّمت الحاضرة إلّا أن يخاف عليه ، ولو تضيّقت إحداهما قدّمت ، وهنا مباحث :

الأوّل : فيمن تجب عليه

وهو كلّ مسلم ومن بحكمه ممّن بلغ ستّ سنين ، ذكرا كان أو أنثى ، حرّا أو عبدا ، فلا يصلّى على الكافر والناصب والخارجي.

ولو اشتبه المسلم بالكافر ، صلّى عليهما ، وأفرد المسلم بالنيّة.

وتكره على المخالف ، ويستحبّ على من لم يبلغ السّت إذا ولد حيّا ، دون السقط وإن ولجته الرّوح.

والصدر كالميّت دون غيره ، ولا يصلّى (1) على الغائب.

الثاني : في المصلّي

وهو الأولى بالميراث ، والذكر أولى من الأنثى ، والأب من الابن ، والأخ من الأبوين أولى ممّن ينسب بأحدهما ، والحرّ من العبد ، والزّوج أولى من الجميع ، وإمام الأصل أولى مطلقا.

ولو تساوى الأولياء قدّم الأفقه ، فالأقرأ ، فالأسن ، فالأصبح ، ومع التساوي

ص: 144


1- في « ب » و « ج » : « لم يصلّ » ولعلّه تصحيف.

يقرع ، ولو لم يصلح الوليّ قدّم غيره ، ويستحبّ الهاشميّ مع الشرائط.

ولا يتقدّم أحد بغير إذن ، ولو كان صبيّا فالحاكم.

ويقف العاري في صفّ العراة ، وكذا المرأة بالنساء ، وتتأخّر النساء عن الرّجال ، وتنفرد الحائض بصفّ.

ولا تشترط الجماعة ولا العدد ، بل يكفي الواحد وإن كان امرأة.

الثالث : في الكيفية

ويجب القيام ، واستقبال القبلة واستلقاء الميت ، وجعل رأسه إلى المغرب ، وقربه ، والنيّة ، والتكبير خمسا ، والدّعاء بينها ، وأفضله الشهادتان بعد الأولى ، والصلاة على النّبي وآله بعد الثانية ، والدّعاء للمؤمنين بعد الثالثة ، والدّعاء للميّت بعد الرابعة إن كان مؤمنا ، وعليه إن كان منافقا ، وبدعاء المستضعفين إن كان منهم ، وأن يحشره مع من كان يتولّاه إن جهله ، وأن يجعله لنا ولأبويه فرطا وأجرا إن كان طفلا ، وينصرف بالخامسة.

وتستحبّ الطهارة ، ونزع النعل ، والجماعة ، والصلاة في الموضع المعتاد ، ورفع اليدين بالتكبير ، ووقوف المأموم خلف الإمام وإن اتّحد ، وتعمّد الصفّ الأخير ، والوقوف حتّى ترفع الجنازة ، ووقوف الإمام بحذاء وسط الرجل وصدر المرأة ، ولو اجتمعا جعل الصدر بحذاء الوسط.

ولو اجتمعت الجنائز ، تخيّر الإمام في الصّلاة على كلّ واحد أو على كلّ طائفة ، أو في صلاة واحدة على الجميع ، فيجعل الرجل ممّا يلي الإمام ، ثمّ الصّبي ، ثمّ العبد ، ثمّ الخنثى ثمّ المرأة ، ثمّ الصبيّة ، ثمّ الأمة ، ثمّ الطفل لدون السّت ، ثمّ الطفلة.

ويستحب جعل رأس الأبعد بحذاء ورك الأقرب ، ويقف الإمام في الوسط ، والتفريق أفضل.

ص: 145

ولو حضرت أخرى بعد التلبّس ، أتمّ الأولى ، واستأنف على الثانية ، وإن شاء استأنف عليهما.

ولا يصلّى على الميّت إلّا بعد تغسيله وتكفينه ، فإن تعذّر الكفن وضع في القبر وسترت عورته ، ثمّ يصلّى عليه.

ومن دفن بغير صلاة صلّى عليه في يوم وليلة حسب ، إلّا أن يقلع فيصلّى عليه مطلقا.

ولا يتحمّل الإمام شيئا ، ولو أدركه في الأثناء ، تابعه ثمّ أتمّ الباقي ولاء ، وإن (1) رفعت الجنازة ، وإن دفنت أتمّ على القبر ، ولو سبقه بالتكبير أعاد معه استحبابا.

ولا قراءة فيها ولا تسليم.

وتكره الإعادة ، ويستحبّ لغير من صلّى.

الفصل السادس : في صلاة النذر

وشرطها شرائط اليومية ، ويزيد ما عيّنه من زمان أو مكان أو هيئة مشروعة ، فلو نذر في الركعة ركوعين أو سجدة ، بطل ويتعيّن الزّمان مطلقا والمكان بشرط المزيّة ، فلو أوقعها في غير الزمان المعيّن قضى ، وكفّر إلّا أن يتكرّر ، وفي غير المكان يعيد فيه مع المزيّة ولا يجزئ الأزيد مزيّة.

ولو قيّده بقراءة سورة أو آيات ، أو ذكر تعيّن ، فيعيد لو خالف.

ولو عيّن عددا سلّم عند كلّ ركعتين ، ولو قيّد الأربع بتسليم صحّ ، دون

ص: 146


1- في « أ » : ولو.

الخمس ، ولو أطلق وجبت ركعتان ، ولا تجزئ الفريضة ، وفي إجزاء الركعة توقّف.

ولو قيّده بركعة انعقد.

ويصحّ نذر الفريضة والنافلة ، وتجب الهيئة والعدد والوقت في المؤقّتة دون التعقيب وصلاة الليل الثماني.

ولو نذر هيئة في غير وقتها أو عند عدم سببها ، كالكسوف والاستسقاء بطلت.

ولو نذر صلاة مقيّدة بمرجوح كالنافلة إلى غير القبلة لم ينعقد القيد.

وحكم اليمين والعهد كالنذر.

وفي اشتراط خلوّه من صلاة واجبة توقّف.

ص: 147

القسم الثاني : في المندوبة

اشارة

وهي إمّا أن تختص بوقت أو لا.

فالأوّل : النافلة اليوميّة ، ونافلة رمضان

وهي ألف ركعة يصلّي في كلّ ليلة عشرين ، ثمانيا بعد المغرب ، واثني عشر بعد العشاء ، وفي العشر الأخير كلّ ليلة ثلاثين ، وفي كلّ ليلة من الافراد مائة ، ويجوز الاقتصار على المائة ؛ فيصلّي في كلّ جمعة عشر ركعات بصلاة عليّ وفاطمة وجعفر عليهم السلام وفي الجمعة الأخيرة عشرين بصلاة عليّ عليه السلام ، وفي عشيّتها عشرين بصلاة فاطمة عليها السلام ، وصلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم الجمعة ، وصلاة ليلة الفطر ، ويوم الغدير ، وليلة المبعث ، ونصف شعبان ، وغير ذلك من الصلوات.

الثاني : صلاة الاستسقاء

وسببها نضب (1) العيون وغور الآبار ، وجفاف الأنهار ، وقلّة الأمطار.

وهي كصلاة العيد ، إلّا أنّ قنوتها استعطاف اللّه تعالى ، وسؤاله الإغاثة ،

ص: 148


1- نضب الماء ينضب - من باب قعد - نضوبا : إذا غار في الأرض وسفل. مجمع البحرين.

وأفضله (1) المرسوم ، ويستحبّ الصوم ثلاثا ، وكون الثالث الاثنين أو الجمعة ، والخروج إلى الصحراء حفاة على سكينة ووقار ، وإخراج الصلحاء والشيوخ والعجائز والأطفال ، والتفريق بينهم وبين أمّهاتهم.

ويكره إخراج أهل الذمّة ، وإيقاعها في المساجد ، وتصلّى جماعة وفرادى.

ويقول المؤذّن : الصّلاة ثلاثا ، ويأمرهم الإمام بالتوبة والاستغفار ، فإذا فرغ حوّل الرداء من اليمين إلى اليسار وبالعكس ، ثمّ يكبر مائة نحو القبلة ، ثمّ يسبّح مائة عن يمينه ، ثمّ يهلّل مائة عن يساره ، ثمّ يستقبل الناس ويحمد مائة ، ويرفع صوته بالجميع ، والناس يتابعونه ، ثمّ يخطب خطبتين ، ولو لم يحسن جاز الدعاء بدلهما ، ويكرّر الخروج لو تأخّرت الإجابة حتّى تدركهم الرحمة.

ولو سقوا قبل الصلاة سقطت ، وفي أثنائها يتمّها.

ومنها : صلاة عليّ عليه السلام وفاطمة عليها السلام وجعفر عليه السلام ، وصلاة الحاجة والاستخارة والشكر.

* * *

ص: 149


1- في « أ » : وأفضلها.

ص: 150

كتاب الزكاة

اشارة

وهي قسمان :

ص: 151

ص: 152

[ القسم ] الأوّل : [ في ] زكاة المال

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في شرائط الوجوب

اشارة

وهي خمسة :

الأوّل : البلوغ

وهو شرط في الذهب والفضّة إجماعا وفي غيرهما على الأقوى ، ويستحبّ في غلّات الطفل وأنعامه ، وفي الصامت إن اتّجر به الوليّ ، ويتناوله الإخراج ، ويسقط لو أهمل ، ولو ضمن واتّجر به لنفسه وكان مليا ، فله الربح ، والزكاة عليه ، ولو انتفى أحد الوصفين فالربح لليتيم ولا زكاة.

الثاني : العقل

والبحث في المجنون كالصّبي ، ولو اعتوره الجنون ، اشترط العقل حولا.

ص: 153

الثالث : الحريّة

فلا زكاة على المملوك ، ولو قيل بملكه ، فيجب على مولاه ، وكذا المدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق إلّا أن يتحرّر منه ما يبلغ نصيبه نصابا.

الرابع : الملك

فلا بدّ من تمامه ، فلا يجري (1) المقروض والموهوب في الحول قبل القبض ، ولا الموصى به قبل الموت والقبول ، ولا الغنيمة قبل القسمة والقبض ، وعزل الإمام كاف إن حضر الغانم ، ولا المبيع الممنوع من قبضه ويجري (2) المبيع من حين العقد وإن شرط الخيار ، وكذا الأجرة ، ومال الخلع من وقوعه ، والصداق من العقد ، فلو طلّقها بعد الحول وقبل الدخول ، فالزكاة عليها فلو تلف نصفه أخذ الساعي من العين ورجع الزّوج عليها.

ولو طلّقها بعد الإخراج من العين ، لم ينحصر حقّه في الباقي ، بل تغرم له النصف كملا.

وينقطع الحول بنذر النصاب صدقة وإن كان مشروطا ، وكذا لو جعل هذه الأنعام ضحايا بنذر وشبهه.

ولو استطاع بالنصاب ، ثمّ حال الحول ، لم يمنع الحجّ الزكاة ، لوجوبها في العين دون الحجّ.

ص: 154


1- أي لا يحاسب من الحول ما لم يقبض ، وفي نسخة « أ » : لا يجزي.
2- في « أ » : ويجزي.
الخامس : إمكان التصرّف عقلا وشرعا

الخامس : إمكان التصرّف (1) عقلا وشرعا

فلا زكاة في المغصوب ، والضالّ ، والمرهون ، والوقف ، والمحجور عليه ، والمجحود بغير بيّنة ، والمفقود ، فإن عاد بعد سنين زكّاه لسنة استحبابا ، ولا في النفقة المعدّة لعياله في غيبته ، وتجب مع حضوره.

وإمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب ، فلو لم يتمكّن من الأداء وتلفت لم يضمن ، ولو تمكّن وأهمل ضمن.

ولا يمنع الكفر من الوجوب ، نعم لا يصحّ معه ، وتسقط بالإسلام ، ولا الدّين فلو اقترض نصابا وتركه حولا وجبت ، وكذا لو نذر مالك النصاب الصدقة بمثله ثمّ حال الحول.

ولو وجبت الزكاة في التركة ، قدّمت على الدين ، ولو وجبت ثمّ فلس ، قدّمت على الغرماء ، ولو كان تأخير الدين من المدين لم تجب عليه في قول. (2)

الفصل الثاني : في المحلّ

اشارة

وهو نوعان :

الأوّل : ما تجب فيه
اشارة

وهو الأنعام ، والذهب ، والفضّة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب.

ص: 155


1- في « أ » : مكان التصرّف.
2- قال الشهيد في الدروس : 1 / 231 : وفي وجوبها في الدّين مع استناد التأخير إلى المدين قولان ، أقربهما السّقوط.
ذكر زكاة الأنعام ، وفيه بحثان :
الأوّل : في الشرائط
اشارة

وهي أربعة :

الأوّل : النصاب

وهو في الإبل اثنا عشر نصابا : خمسة ، كلّ واحد خمس ، ثمّ ستّ وعشرون ، ثمّ ستّ وثلاثون ، ثمّ ستّ وأربعون ، ثمّ إحدى وستّون ، ثمّ ستّ وسبعون ، ثمّ إحدى وتسعون ، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ، فأربعون أو خمسون.

وفي البقر نصابان : ثلاثون وأربعون.

وفي الغنم خمسة : أربعون ، ثمّ مائة وإحدى وعشرون ، ثمّ مائتان وواحدة ، ثمّ ثلاثمائة وواحدة ، ثمّ كلّ مائة ، ولا يفرق بين مجتمع في الملك ، ولا يجمع بين متفرق فيه وإن حصلت شرائط الخلطة.

وما نقص عن النصاب يسمّى في الإبل شنقا ، وفي البقر وقصا ، وفي الغنم عفوا.

الثاني : السوم

فلو علفها المالك أو غيره بإذنه أو بغير إذنه من مال المالك وإن كان لعذر أو اعتلفت من نفسها بطل ، ولا اعتبار باللحظة ، ولو اشترى كلأ أو أرضا للرعي ، أو استأجرها له ، فهو علف.

ص: 156

ولا بدّ من سوم السّخال حولا.

الثالث : الحول

وهو مضيّ أحد عشر شهرا ، فيجب بدخول الثاني عشر ، ويحتسب من الحول الثاني.

ويشترط استمرار الشرائط في جميع الحول ، فلو اختلّ بعضها ، ولو فرارا بطل ولو عارض النصاب بمثله استأنفه.

وينقطع بالارتداد عن فطرة فتستأنفه الورثة لا عن غير فطرة.

وتعدّ السخال مع الأمّهات عند سومها إن تمّ بها النصاب ، ولو كان تامّا ، فإن بلغت نصابا مستقلّا كخمس من الإبل نتجت خمسا ، وجب شاة عند تمام حول كلّ خمس.

وإن لم يستقلّ كثلاثين بقرة نتجت عشرا بعد ستّة أشهر ، وجب في الثلاثين عند تمام حولها تبيع أو تبيعة ، ولم يجب في العشر عند انتهاء حولها شي ء ، إلّا إذا أخرج الفريضة من غير الثلاثين أو نتجت أحد عشر فصاعدا ، فيجب في الثلاثين عند تمام حولها تبيع أو تبيعة ، وعند تمام حول الزائد ربع مسنّة ، وهكذا.

ويحتمل في ثاني حول الثلاثين ثلاثة أرباع مسنّة ، ثمّ ربع مسنّة وهكذا ، وكذا البحث لو ملك الزيادة.

ولو تغيّرت الفريضة بأن ملك بعد خمس من الإبل أحدا وعشرين فصاعدا وجب عند تمام حول الخمس شاة وعند تمام حول الزيادة

ص: 157

أحد وعشرون جزءا من ستّة وعشرين جزءا من بنت مخاض ، وهكذا.

ويحتمل في ثاني ( تمام ) (1) حول الخمس خمسة أجزاء من ستّة وعشرين جزءا دائما.

الرّابع : ألّا أن تكون عوامل ، ولا تشترط الأنوثة.
البحث الثاني : في الفريضة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : يجب في كلّ خمس من الإبل شاة ،وفي ستّ وعشرين بنت مخاض وفي ستّ وثلاثين بنت لبون ، وفي ستّ وأربعين حقّة ، وفي إحدى وستّين جذعة ، وفي ستّ وسبعين بنتا لبون ، وفي إحدى وتسعين حقّتان ، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ، ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون ، بالغا ما بلغ.

ولو اجتمعا في عدد تخيّر المالك.

وفي ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة ، وفي أربعين مسنّة.

وفي أربعين من الغنم شاة ، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان ، وفي مائتين وواحدة ثلاث ، وفي ثلاثمائة وواحدة أربع ، ثمّ في كلّ مائة شاة ، بالغا ما بلغ.

ص: 158


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

[ المبحث ] الثاني : في صفتها وأقلّ (1) الشاة جذع من الضأن ، أو ثني من المعز ، وبنت المخاض ما دخلت في الثانية ، وبنت اللبون ما دخلت في الثالثة ، والحقة ما دخلت في الرابعة ، والجذعة ما دخلت في الخامسة ، والتبيع ما دخل في الثانية ، والمسنّة ما دخلت في الثالثة.

ويجزئ الذكر والأنثى من الغنم ومن غير غنم البلد وإن كانت أدون ، وعراب الإبل والبخاتي ، وعراب البقر والجاموس ، والضأن والمعز سواء ، والخيار في ذلك للمالك.

ولا تؤخذ الرّبّى - وهي الوالد إلى خمسة عشر يوما - ولا المريضة ، ولا الهرمة ، ولا ذات العوار ، ولا الأكولة ، ولا فحل الضراب.

وذو المراض والمعيب لا يكلّف الصحيح ، ويؤخذ من الممتزج بالنسبة.

[ المبحث ] الثالث : في البدل ، وهو في الأصناف القيمة السوقيّة ، والعين أفضل ، ويجزئ ابن اللبون عن بنت المخاض وإن قصرت قيمته ، والأنقص بسنّ مع دفع شاتين أو عشرين درهما عن الأعلى بسنّ مع أخذ شاتين أو عشرين درهما عن الأنقص بسنّ ويجوز ذلك اختيارا.

ولا يجزئ فيما فوق الجذع ولا مع تضاعف السّنّ ، ولا في أسنان غير الإبل ، بل يرجع إلى السوقية.

ولا تجزئ بنت المخاض عن الشاة إذا قصرت القيمة ، ويجزئ المسنّ عن التبيع لا عن المسنّة.

ص: 159


1- في « أ » : فأقلّ.
ذكر زكاة الذّهب والفضّة
اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في الشرائط

وهي ثلاثة :

الأوّل : النصاب ، وهو في الذّهب عشرون مثقالا ، ثمّ أربعة ، بالغا ما بلغ.

وفي الفضّة مائتا درهم ، ثمّ أربعون ، بالغا ما بلغ ، فلا زكاة فيما دون ذلك.

والمثقال عشرون قيراطا ، والقيراط ثلاث حبّات ، والحبّة أربع أرزات ، والدّرهم ستّة دوانيق ، والدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير ، فالعشرة منها سبعة مثاقيل.

الثاني : كونهما مضروبين بسكّة المعاملة وإن هجرت ، ولا يشترط سكّة الإسلام ، فلا زكاة في السبائك والنقار والحلي مطلقا ، والآنية والآلة وإن فرّ به ، إلّا أن يكون بعد الحول.

الثالث : مضيّ حول الأنعام ، فلو نقص في أثنائه ، أو تبدّل بالجنس أو بغيره وإن كان فرارا ، سقطت ، ويبطل الحول ببيعه (1) وإن عاد بفسخ استأنفه.

[ المبحث ] الثاني : [ في ] الفريضة

وهي ربع العشرة ، ففي الذهب نصف دينار ثمّ قيراطان وفي الفضة خمسة دراهم ، ثمّ درهم وتجزئ القيمة.

ص: 160


1- في « أ » : ويبطل الحول بيعه.
[ المبحث ] الثالث : في الأحكام

لا يكمّل نصاب أحد النقدين بالآخر ، نعم يكمّل الجيّد بالردي ء ، فإن تطوّع بالأرغب وإلّا قسّط.

والمغشوش إن بلغ خالصه نصابا وجبت وإلّا فلا ، ثمّ إن علم مقداره أخرج عنه خالصا أو عن الجملة منهما ان تساوت وإلّا بالنسبة ، وإن جهل فإن أخرج عن الجملة جيادا صحّ ، وإن ماكس ألزم التّصفية ، ولو شكّ استحبّت.

ولو تساوت الحقيقة واختلفت القيمة كالعتق والجدد تخيّر ، ويستحبّ التقسيط.

وزكاة الحليّ إعارته استحبابا.

ذكر زكاة الغلّات
اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في الشروط

وهي ثلاثة :

الأوّل : بلوغ النصاب ،وهو ألفان وسبعمائة رطل بالعراقي ، وتجب في الزائد وإن قلّ.

الثاني : بدوّ الصلاح ،وهو اشتداد الحبّ ، واحمرار الثمرة أو اصفرارها ، وانعقاد الحصرم.

ص: 161

الثالث : ملك النصاب بالاستنماء وإن لم يملك الأصل ، كعامل المزارعة والمساقاة ، ولو اشترى زرعا أو ثمرة قبل بدوّ الصلاح ، وجبت عليه ، ولو كان بعده فالزكاة على البائع.

[ البحث ] الثاني : يجب العشر إن سقيت سيحا (1) أو بعلا أو عذيا ، (2) ونصفه إن سقيت بغيره ، ولو اجتمعا حكم للأغلب نفعا ، فإن تساويا فثلاثة أرباعه ، وكذا مع الشكّ.

وتضمّ الزّروع والنخيل المتباعدة وإن سبق إدراك بعضها ، فإن بلغ السابق نصابا زكّاه ولم يتربّص الآخر ، وإلا أرجئ حتّى يكمل النصاب ، وما يطلع مرّتين في حكم الواحد.

ولا يضمّ العلس إلى الحنطة ، ولا السّلت إلى الشعير.

ويجوز للسّاعي الخرص مع الضمان لحصّة المالك (3) أو تضمينه الزكاة ، أو جعلها أمانة في يده ، فلا يأكل من الثمرة.

ويشترط في الضمان السلامة ، فلو تلف شي ء بغير تفريط سقط عنه بحسابه ، ولو ادّعى النقص المحتمل أو التلف أو الغلط قبل لا كذب الخارص.

ويجوز التخفيف (4) للحاجة ، فيسقط بحسابه.

ويكفي الخارص الواحد.

ص: 162


1- في مجمع البحرين : السّيح : الماء الجاري ، تسمية بالمصدر.
2- في مجمع البحرين نقلا عن الأصمعي : البعل : ما شرب من عروقه من غير سقي ولا سماء ، والعذي : ما سقته السّماء.
3- في « ب » و « ج » : مع ضمان حصّة المالك.
4- في « أ » : التجفيف.

ويجوز بيع الثمرة بعد الخرص والضمان ، وقيل (1) : يبطل في حصّة الفقراء.

ووقت الإخراج عند التّصفية والجفاف ، ويجوز قبله بالخرص على تقدير الجفاف ، ولا يجزئ الرطب عن الجاف ، ولو أخذه السّاعي رجع بنقصه ، ولو تفاوتت الثمرة والزرع في الجودة قسّطت.

ولو مات من عليه دين مستوعب بعد بدوّ الصّلاح قدّمت الزكاة ، ولو مات قبله فلا زكاة ، ولو لم يستوعب فإن فضل لكلّ وارث نصاب وجبت عليه.

ولا تجب الزكاة إلّا بعد المؤن كحصّة السلطان والبذر وثمن الثمرة ، دون ثمن النخل.

ولا تكرّر بعد الإخراج وإن بقيت أحوالا.

النوع الثاني : ما تستحبّ فيه
اشارة

وهو أربعة :

الأوّل : مال التجارة
اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في ماهيّته

وهو المملوك بعقد معاوضة بحصّة للاكتساب عند التملّك ، فلا زكاة في

ص: 163


1- القائل هو العلّامة في القواعد : 1 / 343.

الميراث والمردود بعيب وإن أخذه للتجارة ، ولا في الموهوب وعوض الخلع والنكاح ، ولا فيما ملك للقنية ثمّ يجعل للتجارة.

[ المبحث ] الثاني : في الشروط :

وهي خمسة :

الأوّل : وجود النصاب طول الحول ، فلو كان أقلّ استأنفه عند بلوغه ، ولو نقص في أثنائه فلا زكاة ، ولو زاد ، فحول الأصل من حين الانتقال ، والزيادة من حينها ، ولا يشترط بقاء عينه.

الثاني : استدامة قصد التجارة ، فلو ملكه للتجارة ، ثمّ نوى به القنية فلا زكاة.

الثالث : عدم انقطاع الحول ، فلو باع عرض التجارة (1) بآخر للقنية ثمّ ردّ عليه ، فلا زكاة.

الرابع : أن يطلب برأس المال فصاعدا ، فلو طلب بنقصه (2) سقطت ، ولو زاد اعتبر الحول عنده ، ولو مضى أحوال ناقصا استحبّت زكاته سنة.

الخامس : كماليّة الحول ، فلو اشترى بنصاب الزكاة متاع التجارة ، استأنف حولها من حين الشراء.

[ المبحث ] الثالث : في الأحكام

الزكاة تتعلّق بقيمة المتاع ، ويقوّم بأحد النقدين ، فلو بلغت بأحدهما

ص: 164


1- في « أ » : « عرضا لتجارة ». في مجمع البحرين : العرض - بالفتح فالسكون - : المتار. وكلّ شي ء فهو عرض سوى الدراهم والدنانير ، فإنّهما عين.
2- في « أ » و « ج » : بنقيصه.

استحبّت ، ويخرج ربع عشر القيمة ، ويجوز الإخراج من العين.

ولو اشترى أربعين شاة للتجارة فأسامها حولا وجبت الماليّة دون زكاة التجارة وإن أوجبناها ، ولو أسامها بعد مدّة (1) فإن تمّت شرائط العينيّة وجبت ، وسقطت زكاة التجارة ، وإلّا استحبّت ، وسقطت العينيّة.

ولو عارض نصابا سائما للقنية بمثله للتجارة استأنف حول الماليّة ، ولا يبنى على الأوّل ، لتعلّق العينيّة بالشخص.

ولو ظهر في مال المضاربة ربح ضمّت (2) حصّة المالك إلى أصله.

وحول الأصل من حين الشراء للمضاربة ، وحول الربح من حين ظهوره.

ولا يستحبّ في حصّة العامل إلّا مع بلوغ النصاب والقسمة ، لنقص ملكه.

وليس نتاج مال التجارة منها ، لعدم استنمائها ، وكذا ثمرة نخل التجارة ، ونماء الزّرع وإن كان ببذر التجارة ، نعم تجب الماليّة.

ولو كانت السّلعة عبدا ، أخرج زكاة التجارة وفطرته.

والدّين لا يمنع الزكاة.

الثاني :

الثاني (3): كلّ ما تنبت الأرض ممّا يكال أو يوزن كالأرز ، وحكمه حكم الغلّات في السّقي وقدر النصاب والفريضة واحتساب المؤن ولا يضمّ ما يزرع مرّتين كالذّرة.

ص: 165


1- في « أ » : بعده مدّة.
2- في « ب » و « ج » : « ضممنا » بدل « ضمّت ».
3- أي الثاني من النوع الّذي تستحبّ فيه الزّكاة.

ولا زكاة في الخضر ، وفي بذرها نظر.

الثالث :

الثالث (1) : الخيل الإناث السائمة حولا ،ففي العتيق ديناران ، وفي البرذون دينار ، ويشترط وحدة المالك ، فلا زكاة في المشترك ، وفي اشتراط كونها غير عاملة نظر.

ولا زكاة في البغال والحمير والرقيق.

والمتولّد من زكاتيّ وغيره يتبع الاسم.

الرابع :

الرابع (2) الرابع حاصل العقار المتّخذ للنماء ، ولا يشترط النصاب في ثمنه ولا في حاصله ، ولا الحول ، والمخرج ربع العشر.

ولا زكاة في المساكن والأمتعة المتّخذة للقنية.

الفصل الثالث : فيمن تصرف إليه

اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : في أصنافهم :

وهي ثمانية :

الفقراء والمساكين ويشملهما من لم يملك مئونة السنة له ولعياله ، والفقير أسوأ حالا ، ويعطى ذو الدّار والخادم والدابة مع الحاجة والاعتياد.

ص: 166


1- أي الثالث من النوع الّذي تستحبّ فيه الزكاة.
2- أي الرابع من النوع الّذي تستحبّ فيه الزكاة.

ويمنع من يقوم به كسبه ، ولو قصر تناولها ، ويمنع من يملك خمسين إذا استنمى بها الكفاية.

ويعطى ذو السبعمائة إذا عجز عن الاستنماء ، ولو ملك قدر المئونة منع مطلقا.

وذو الملك المتّخذ للنماء إذا قصر ثمنه عن المئونة أعطي ، وإلّا فلا.

ويصدّق مدّعي الفقر بغير يمين وإن كان قويّا أو ذا أصل مال إلّا مع علم الكذب ، ولو بان كذبه استعيد ، فإن تعذّر لم يضمن الدافع.

ولا يجب الإعلام بأنّها زكاة ، بل يستحب صرفها إلى المرتفع على وجه الصّلة.

والعاملون : وهم السّعاة في جباية الصدقة ، ولو بالكتابة والحساب والدلالة ، وللإمام الجعالة ، والإجارة.

والمؤلّفة : وهم الكفّار يستمالون للجهاد.

والرقاب :وهم المكاتبون ، والعبيد ( الّذين ) (1) تحت الشدّة ، والعبد يعتق إذا لم يوجد مستحق أو عن من عليه كفّارة مع العجز.

ويعطى المكاتب مع ثبوت كتابته ، أو تصديق المولى ، أو عدم تكذيبه ، بغير يمين.

ويجوز إعطاء سيّده ، ولو صرفها في غير الكتابة ارتجعت ، ويدفعها السّيد إليه ولا يقاصّه.

ص: 167


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

والغارمون : وهم المدينون (1) في غير معصية مع العجز عن القضاء عنه ، ولو بغير إذنه ، وإن كان واجب النفقة حيّا وميتا ، والمقاصّة له ولغيره.

ويقبل قوله في الغرم ، إلّا أن يكذبه المستحقّ.

ولو صرفه في غيره ارتجع.

وفي سبيل اللّه : وهو الجهاد وكلّ قربة ، ولا يشترط فقر الغازي ، ويعطى على حسب حاله ، وإذا غزا لم يرتجع منه الفاضل ، ولو لم يغز ارتجع منه الجميع.

وابن السّبيل : وهو المنقطع به في غير بلده ، وإن كان غنيا فيه ، فيأخذ ما يوصله إليه ، ويعيد الفاضل ، ومنه الضّيف ، ويجوز الأخذ بأكثر من سبب.

البحث الثاني : في الأوصاف

يشترط في الجميع إلّا المؤلّفة الإيمان ، والولد تابع ، فلا يعطى كافر ولا مخالف وإن كان مستضعفا ، ولو أعطى المخالف مثله أعاد إن استبصر.

ولا تشترط العدالة ، وقيل : يشترط مجانبة الكبائر (2) وهو حسن.

وأن لا يكون هاشميّا إلّا أن يعطيه مثله ، أو يقصر الخمس فيعطى التتمة خاصّة ، وتجوز المندوبة مطلقا.

والهاشمي من ولده أبو طالب والعبّاس والحارث ، وأبو لهب ، ولا يمنع مواليهم ولا بنو المطلب.

ويزيد في الفقراء والمساكين أن لا يكونوا واجبي النفقة بالنسب أو

ص: 168


1- في « أ » : المديونون.
2- ذهب إليه ابن الجنيد والسيّد المرتضى ، لاحظ المختلف : 3 / 83 ، المسألة 57.

الزوجيّة أو الملك ، إلّا أن يكون غازيا أو عاملا أو غارما أو مكاتبا أو ابن سبيل ، ويعطى ما زاد عن نفقة الحضر.

و [ يشترط ] في العامل ، العقل والبلوغ والإيمان ، وكونه غير هاشميّ ، والعدالة ، وفقه الزكاة ، لا الحرّيّة ، وفي المكاتب عجزه ، وفي الغارم عدم المعصية به أو (1) جهل سببه ، ويعطى المنفق فيها من سهم الفقراء (2) وفي ابن السّبيل والضّيف الحاجة وإباحة السّفر.

الفصل الرابع : في كيفيّة الإخراج

وفيه مباحث :

الأوّل : المخرج وهو المالك أو وكيله ، ووليّ الطفل أو المجنون ، ويستحبّ صرفها إلى الإمام خصوصا في الظاهرة ، وفي الغيبة إلى الفقيه المأمون ، ولو طلبها الإمام وجب الدفع إليه ، فلو فرقها حينئذ لم يجز.

ويجب نصب العامل ، والدفع إليه مع الطلب ، ولا يفرّقها إلّا بإذن الإمام.

ويصدّق المالك في الإخراج بغير بيّنة ويمين ، ويستحبّ بسطها على الأصناف وجمعيّة كلّ صنف ، وصرفها في بلد المال ، والفطرة في بلده ، ودعاء الإمام إذا قبضها ، والعزل لو لم يوجد (3) المستحقّ ، ويجب الإيصاء بها إذا ظنّ الوفاة.

ص: 169


1- في « أ » : « لو » بدل « أو ».
2- قال العلّامة في القواعد : 1 / 349 : وله أن يدفع إلى من أنفق في معصية من سهم الفقراء.
3- في « ب » و « ج » : لم يجد.

ويجوز أن يخص صنفا وإن كان واحدا ، وأقلّ ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأوّل ، ولا حدّ للأكثر إلّا أن تتعاقب العطيّة فبلغ مئونة السّنة.

ولا يجوز نقلها مع وجود المستحقّ ولوالي بلد المالك ، ويجزئ مع الإثم والضمان ، وينتفيان مع فقده.

ويكره أن يملك ما أخرجه اختيارا.

الثاني : الوقت ، وهو هلال الثاني عشر ، مع وجود المستحقّ ، والتمكّن من الدّفع إليه ، ويجب على الفور ، ويضمن لو أخّر ، ولا يجوز تقديمها ، فإن آثر مثلها قرضا احتسبه مع الوجوب وصفة الاستحقاق ، وإلّا استعيدت ، فلو تعذّر غرم ، وللقابض دفع العوض مثلا أو قيمة وقت القبض ، ولو تعذّر المثل فالقيمة وقت التعذّر.

وللمالك الاستعادة ودفع غيرها وصرفها إلى غيره وإن كان مستحقا ، وليست زكاة معجّلة ، فلا يؤخذ منه النماء المتّصل والمنفصل ، ولو استغنى به جاز الاحتساب وإلّا فلا ، ولو تمّ به النصاب سقطت.

ولو نواها زكاة معجّلة ، فإن علم الفقير وجب الردّ مع طلبها ، وإلّا فالقول قول المالك مع اليمين في قصد التعجيل أو ذكره ، وكذا لو اختلفا في كونها زكاة أو قرضا ، إلّا أن يعلم اللفظ.

الثالث : النيّة ، ويجب التعيين وقصد الوجوب أو النّدب ، ولا يكفي اللفظ ، ويجب مقارنة الدفع إلى الفقير أو الإمام أو السّاعي ، ثمّ لا يفتقر إلى نيّة أخرى.

ولو لم ينو المالك ، ونوى الإمام أو الساعي أجزأ ، وقيل : إن أخذت

ص: 170

كرها أجزأ وإلّا فلا (1) ، ولو دفع إلى وكيله ونويا أو أحدهما أجزأ.

ويتولّاها الوليّ عن الطفل والمجنون ويجزئ بعد الدفع إلى الفقير مع بقاء العين.

ولا يشترط تعيين ما يخرج عنه ، فيجوز أن ينوي عن أحد ماليه ، وكذا لو قال : « إن كان مالي باقيا فهذه زكاته وإن كان تالفا فهي نفل ».

ولو قال : « إن كان مالي باقيا فهذه زكاته ، أو نفل » لم يجزئ ، وكذا لو نوى عن مال يرجو حصوله.

ولو دفعها عن الغائب فبان تالفا ، جاز النقل إلى غيره مع بقاء المدفوع مطلقا ، ومع تلفه إن علم الفقير بالحال.

الفصل الخامس : في اللواحق

إذا قبضها الإمام أو الساعي أو الفقير ، برئت ذمّة المالك. ولو تلفت ، بخلاف قبض الوكيل ، ولو عزلها زكاة تعيّنت ، وليس له إبدالها.

ولو لم يخلّف المشتري من الزكاة وارثا ورثه أربابها.

وتتعلّق الزكاة بالعين ، فلو باع المالك قبل الأداء ، فسخ العامل في قدر الزكاة ، إلّا أن يؤدّي المالك من غيره ، وللمشتري الخيار لو لم يؤدّ ، وإن لم يفسخ العامل لتزلزل الملك ، وهل له ذلك مع الأداء؟ الأقرب لا ، لزوال الشركة.

ص: 171


1- ذهب إليه العلّامة في القواعد : 1 / 354.

وهذا التعلّق أصليّ لا كتعلّق الشركة ، لجواز إخراج القيمة ، ولا كتعلّق الدين بالرهن ، لسقوطها أو بعضها بتلف النصاب أو بعضه ، بخلاف تلف الرهن أو بعضه ، ولا كتعلّق أرش الجناية ، لعدم سقوطها بإبراء الفقير ، بخلاف ما لو عفا المجنيّ عليه.

وأجرة الكيّال والوزّان على المالك.

ويستحبّ وسم النّعم في القويّ المنكشف ، ويكتب ما هي له. (1)

ص: 172


1- وفي الدروس مكان العبارة : « ووسم النّعم في القويّ الظاهر ، كالفخذ في الإبل والبقر ، وأصول الآذان في الغنم ، ويكتب في الميسم اسم اللّه وأنّها زكاة أو صدقة أو جزية » الدروس الشرعية : 1 / 248.

القسم الثاني : في زكاة الفطرة

وفيه مطالب :

الأوّل : فيمن تجب عليه ،وهو المكلّف الحرّ الغنيّ ، فلا تجب على الصّبيّ ، ولا المجنون ، والمغمى عليه عند الهلال ، ولا على العبد القنّ والمدبّر ، وأمّ الولد ، والمكاتب المشروط ، والّذي لم يؤدّ ، فإن تحرّر بعضه قسّطت إلّا أن يعوله المولى ، ولا على الفقير ، وهو من لم يملك مئونة السّنة له ولعياله بالفعل ، فلا تجب على ذي الصنعة القائمة به ، لأنّه ليس غنيّا ، ومنعه من أخذ الزكاة لعدم الشرط وهو الحاجة.

وتستحبّ للفقير ، وأقلّه صاع يديره على عياله ثمّ يتصدّق به ، ولا يجزئ هنا احتساب قيمة الصّاع.

وتعتبر الشرائط عند الهلال ، فلو حصلت بعده قبل الزّوال استحبّت.

وتجب على الكافر والمرتدّ ، ولا تصحّ منهما ، وتسقط بإسلام الكافر لا المرتدّ.

الثاني : فيمن تخرج عنه ،وهو كلّ من يعوله فرضا أو نفلا ، كبيرا أو صغيرا ، حرّا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، حتّى الضّيف ، ويتبع الاسم ، ولا يشترط الأكل.

ص: 173

ومن تجب زكاته على غيره تسقط عنه كالضّيف والزّوجة الموسرين ، والحقّ أنّ الوجوب تحمّل لا أصالة ، فلو أخرجت زوجة الموسر أجزأ.

ولو أعسر الزّوج وأيسرت المرأة وجبت عليها.

ولو تحرّر بعض العبد لم تخصّ المهاياة صاحب النوبة ، وزكاة العبد المشترك ، عليهما بالنسبة إلّا أن يعوله أحدهما.

وتقسّط التركة على زكاة المملوك والدين لو ضاقت إن مات بعد الهلال ، وإلّا وجبت على الوارث على توقّف.

ولا تسقط عن المولى بالإباق والغصب والرهن والضلال إلّا أن يعوله أحد.

وزكاة الموهوب على المتّهب إن قبض قبل الهلال ، وإلّا فعلى الواهب ، ولو مات المتّهب قبل القبض وجبت على الواهب ، ولو مات الواهب قبله ، وجبت على الوارث.

ولو قبل الوصيّة به قبل الهلال فالزكاة عليه ، وبعده يجب على الوارث على توقّف.

الثالث : في الواجب ، وهو صاع من الحنطة ، أو الشعير ، أو التمر ، أو الزبيب ، أو الارز ، أو الاقط ، أو اللبن وقيل من اللّبن أربعة أرطال (1).

وأفضلها التمر ، ثمّ الزبيب ، ثمّ غالب القوت ، ويخرج من غيرها بالقيمة السوقية.

ص: 174


1- وهو خيرة العلّامة في القواعد : 1 / 360.

والدقيق أصل دون الخبز ، والسّمن والجبن والرطب والعنب فيخرج بالقيمة.

ولا يجزئ المعيب ولا نصف صاع أعلى يساوي صاعا أدنى ، ولا صاع من جنسين أو أكثر.

الرابع : في وقتها ،وتجب بهلال شوّال بعد الغروب ، ويمتدّ إلى الزوال ، ولا يجوز التقديم على الهلال إلّا قرضا.

ويستحبّ التأخير إلى قبل الخروج إلى المصلّى ، ولو خرج وقت الصلاة فإن عزلها أخرجها أداء ، وإلّا قضاء ، ولو أخّر دفعها بعد العزل ضمن مع الإمكان ، وإلّا فلا.

ولا يجوز حملها مع وجود المستحقّ ، فيضمن معه لا مع عدمه.

الخامس : في مصرفها ،وهو مصرف زكاة المال ، ويكره أن يعطي الفقير أقلّ من صاع إلّا مع الاجتماع والقصور ، ويجوز أن يعطي الواحد ما يغنيه دفعة ، ويستحبّ تخصيص القرابة بها ، ثمّ الجيران ، ودفعها إلى الإمام أو نائبه ، وفي الغيبة إلى فقهاء الشّيعة ، ولو أخرجها المالك جاز.

* * * * *

ص: 175

ص: 176

كتاب الصّدقة

ص: 177

ص: 178

وهي التّبرع بالشّي ء قربة إلى اللّه تعالى ، ولا تختصّ بمحلّ ولا نصاب ولا قدر.

ويشترط الإيجاب والقبول والقبض بإذن المالك ، والقربة ، ولا يصحّ الرجوع فيها مطلقا ، والتوسعة على العيال من أفضل الصدقة ، وأفضلها على القرابة ، ثمّ الإخوان.

فالمطلقة الدرهم بعشرة ، وعلى ذي العاهة بسبعين ، وعلى القريب بسبعمائة ، وعلى العالم بتسعة آلاف ، وعلى الميت بسبعين ألفا ، وصدقة السّرّ بسبعين.

والمتّهم يعلن بها.

وتجوز على الهاشميّ والذمّي مطلقا ، وتحرم على الناصب.

وتستحبّ بالمحبوب.

وفائدتها في الآخرة الثواب وفي الدنيا تدفع سبعين بابا من السوء ، كميتة السوء ، والحرق ، والغرق ، والهدم ، والجنون ، وتدفع الظّلوم ، وتشفي المريض.

ويستحبّ أن يعطى السائل بيده ، ويؤمر بالدعاء له ، ويتنزّل بها الرزق ، وتدفع شرّ يومها وشرّ ليلها ، وتعيذ المسافر من الوعثاء ، وتقضي الدين ، وتزيد المال ، وتخلف بالبركة.

ص: 179

وتستحبّ البدأة بها ، وتعجيلها ، وتصغيرها ، وسترها ، وعن الولد ، ويستحبّ بيده ، والوكيل في الصدقة أحد المتصدّقين ولو تعدد.

ويكره ردّ السائل ولا سيّما ليلا ، والصدقة بجميع ماله.

وتحرم مع التضرّر ، وصدقة المديون بالمجحف ، والمنّ بها ، وشكوى الفقر ، والسؤال لغير اللّه ، ولا سيّما إلى المخالف ، ولغير الحاجة.

ومنها الضيافة ، والهدية ، وسقي الماء ، والكلمة الليّنة ، وبذل الجاه ، وإنظار المعسر ، فإنّه بكلّ يوم صدقة.

وصنائع المعروف تدفع مصارع السوء.

* * * * *

ص: 180

كتاب الخمس

اشارة

ص: 181

ص: 182

وفيه بحثان :

الأوّل : في محلّه

وهو سبعة :

الأوّل : غنائم دار الحرب : ما حواه العسكر - كالأمتعة - أولا - كالأرض - ومنها ما يغنم من أموال البغاة.

الثاني : الكنز ، وهو المال المذخور تحت الأرض ، ومنه ما وجد في ملك أو دابّة مبتاعين ، ولم يعرفه (1) المالك ، فإن عرفه فهو له من غير بيّنة ويمين. ولا يعرّف ما يوجد في جوف السّمكة.

والموجود في دار الإسلام ولا أثر له عليه كنز ، وإلّا فلقطة وإن كانت مواتا.

والموجود في دار الحرب مطلقا كنز وإن كانت عامرة.

والقول قول المؤجر مع يمينه في ملكيّة الكنز ، وقول المستأجر في قدره.

الثالث : المعدن منطبعا كالذهب ، أو مائعا كالقير ، أو غيرهما كالياقوت ، والنّصاب فيه وفي الكنز عشرون دينارا بعد المئونة.

ص: 183


1- في « ب » : ولم يعرف.

الرابع : ما يخرج بالغوص كالدرّ والجوهر ، لا ما أخذه بغير غوص ، (1) إذا بلغت قيمته دينارا فصاعدا دفعة أو دفعات ، ومنه العنبر إن أخذ بالغوص ، وإلّا فمعدن.

ويجب على الواجد ، سواء الحرّ والعبد ، والصغير والكبير ، والمسلم والكافر ، وكذا في الكنز والمعدن ، ولا نصاب لغير هذه الثلاثة.

الخامس : ما يفضل عن مئونة السّنة له ولعياله ( مطلقا ) (2) من أرباح التجارة والصناعة والزراعة والغرس لا غير ، ويحسب عليه الإسراف ، وله التّقتير ، وله تأخيره حولا ، ولا يتوقّف الوجوب عليه.

ويجبر الخسران في الحول بالرّبح فيه ، ولو كسب دفعة اعتبر الحول ، ولو كان تدريجا اعتبر من حين الشروع في التكسب ، ثمّ يخمّس عند انتهائه.

وتؤخذ المئونة من طارف المال لا من تلاده. (3)

السادس : الحلال الممتزج بالحرام ، مع اشتباه المالك والقدر ، فلو عرفهما أدّاه ، ولو عرف مالكه صالحه ، أو المقدار تصدّق به ، ولو علم الزيادة على الخمس تصدّق بالزائد مع الخمس.

ولو وجب قبل المزج الخمس قدم ما أوجبه المزج.

السابع : الأرض الّتي اشتراها الذّمي من مسلم ، سواء وجب فيها الخمس كالمفتوحة عنوة ، أو لا كالّتي اسلم أهلها طوعا.

ص: 184


1- في « أ » : ولا ما أخذه بغير غوص.
2- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».
3- في مجمع البحرين : الطارف والطريف من المال : المستحدث ، وهو خلاف التالد والتليد.

البحث الثاني : في مستحقه

وهو اللّه سبحانه وتعالى ، والنبيّ ، والإمام وهو ذو القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل ، فنصيب الثلاثة الأولى للنّبي ، وبعده للإمام عليه السلام.

ويشترط في الباقين انتسابهم إلى عبد المطّلب بالأبوّة ، وهم أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب ، الذكر والأنثى ، والإيمان أو حكمه لا العدالة ، وفقر اليتيم وحاجة ابن السبيل في بلد التسليم.

ولا يجب استيعاب الأصناف ولا التعميم ، ويجوز المقاصة للحي والميت.

ويحرم حمله مع وجود المستحقّ ، فيضمن معه لا مع عدمه.

وينتقل ما قبض النبيّ والإمام إلى وارثه.

وله ما يفضل عن كفاية الطوائف بالاقتصاد ، وعليه التمام.

ويجب دفعه إليه ، ومع الغيبة يصرف النصف إلى أربابه ، ويحفظ حقّه بالوصاة أو الدفن ، إلّا أن يعوز الأصناف فيتمّ لهم ، ولا يتولّى ذلك إلّا ( الإمام ) (1) الحاكم.

ص: 185


1- ما بين القوسين يوجد في « ج ».

فصل

الأنفال بعد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم للإمام ، وهي الأرض المملوكة بغير قتال انجلى أهلها ، أو سلّموها طوعا ، والموات الّتي باد أهلها ، أو لم تملك ، ورءوس الجبال ، وبطون الأودية وما بها ، والآجام ، وغنيمة من قاتل بغير إذنه ، وميراث من لا وارث له ، وصوافي الملوك وقطائعهم غير المغصوبة من مسلم أو معاهد.

وله أن يصطفي من الغنيمة الأمة الحسنة ، والفرس الجواد ، والثوب الفاخر ، وغير ذلك من غير إجحاف.

وإذا قاطع على شي ء من حقوقه ، وجب عليه الوفاء ، وحلّ الفاضل.

والمتصرّف في حقّه بغير إذنه غاصب ، والفائدة له.

وأبيح لنا خاصّة في الغيبة المناكح والمساكن والمتاجر ، سواء كان كلّه للإمام أو بعضه ، ولا يجب إخراج حصّة الطوائف.

ص: 186

كتاب الصّوم

اشارة

ص: 187

ص: 188

وهو لغة الإمساك ،وشرعا الإمساك عن المفطرات نهارا مع النيّة ، والنظر في مقاصد :

الأوّل : في ركنه

اشارة

وهو اثنان :

الأوّل : النيّة

ويكفي في المتعيّن الواجب والمندوب القصد إلى الصّوم لوجوبه أو ندبه قربة إلى اللّه تعالى ، ويجب التعيين (1) في غيره ، وهو القصد إلى صوم خاصّ كالكفّارة ، وتبطل لو ذهل عنه.

ووقتها ليلا ، وتتضيّق عند أوّل جزء من الصّوم (2) ، وتبطل بتركها عمدا ، ولا تجب الكفّارة ، ويمتدّ وقتها للناسي وجاهل الوجوب ومن تجدّد عزمه إلى الزّوال ، ولا تمتدّ نيّة النّفل بامتداد النهار ، ولا يجب تجديدها بعد المنافي.

ويشترط الجزم فلو ردّد نيّته بين الواجب والندب ، أو نوى ليلة الشك

ص: 189


1- في « ب » و « ج » : ويجب التعيّن.
2- في « أ » : جزء منه.

الوجوب إن كان من رمضان وإلّا ندبا ، أو الوجوب لظنّ انّه منه لم يجزئ.

ويجب استمرارها حكما ، فلو نوى الإفطار ليلا ثمّ جدّد النيّة قبل الزوال لم ينعقد ، وكذا لو نوى بعد الصوم الإفطار ثمّ نوى الصّوم.

وتتعدّد النيّة بتعدّد الأيّام في غير رمضان وفي بعضه إجماعا ، فلا تجزئ فيه نيّة واحدة عن الشهر على الأقوى.

ولو نوى ليلة الشكّ الندب ، فبان أنّه من رمضان أجزأ عنه ، وكذا لو بان في الأثناء إن جدّد النيّة ، ولو بعد الزّوال ولو نواه عن القضاء أجزأ عن رمضان ، وإن أفطر بعد الزّوال فلا كفّارة مطلقا.

ولو نوى الإفطار ثمّ ثبت قبل الزوال ، جدّد النيّة وأجزأه ، وبعده يمسك واجبا ويقضي ، ولو كان تناول أمسك وقضى مطلقا ، ولا يجزئ الناسي تقديم النيّة.

ولو نوى في رمضان غيره لم يجزئ عن أحدهما.

الركن الثاني : الإمساك ، وهو أقسام :

الأوّل : الإمساك عمّا يوجب القضاء والكفّارة ، وهو تعمّد الجماع قبلا أو دبرا ، وكذا المفعول به ، لا بوطء الدابّة ، والاستمناء والإمناء بالملاعبة والملامسة لا بالنظر ، والاستمتاع على توقّف ، والبقاء على الجنابة (1) حتّى يطلع الفجر ، والنوم على الجنابة غير ناو للغسل والنوم بعد انتباهتين حتّى يطلع الفجر ، والأكل والشرب وإن لم يكن معتادا ، وفي معناه الغبار ، وابتلاع بقايا الغذاء في الأسنان ،

ص: 190


1- في « أ » : على جنابة.

والنخامة إذا صارت في فضاء الفم لا بالمنحدرة من الدماغ وإن قدر على قطعها.

ويجب مع القضاء والكفّارة التعزير ، فإن تكرّر مرّتين قتل في الثالثة ، ويعذر الناسي مطلقا ، والمكره ومن وجر في حلقه ، ومن خوّف على توقّف ، لا الجاهل ، فلو أكل بعد إفطاره ناسيا توهّما إباحة الإفطار وجبت عليه.

ويجوز الجماع إذا بقي لطلوع الفجر قدر الوقاع والغسل ، فلو علم التضيّق كفّر ، ولو ظنّ السّعة فلا شي ء إن راعى (1) وإلّا فالقضاء.

ويجوز الأكل والشرب إلى أن يطلع الفجر فيلفظ ما في فيه ، فإن ابتلعه كفّر.

ولو تركت الحائض أو المستحاضة الغسل ليلا ، وجب القضاء دون الكفّارة.

القسم الثاني : الإمساك عمّا يوجب القضاء ، ويجب بفعل المفطر والفجر طالع ظانّا بقاء اللّيل ، وبتقليد المخبر ببقائه ، وبترك تقليده في طلوع الفجر ، وبتقليد المخبر بدخول اللّيل ولم يدخل ، مع القدرة على المراعاة في ذلك كلّه ، وبالإفطار للظّلمة الموهمة دخول اللّيل لا مع غلبة الظنّ ، وبتعمّد القي ء دون ذرعه (2) ، وبسبق الماء إلى الحلق إذا تمضمض واستنشق عبثا أو للتبرّد لا للطهارة ، وبسبق ما وضعه في فيه لغير غرض صحيح ، والحقنة بالمائع.

والسّعوط بما يتعدّى إلى الحلق لا إلى الدماغ ، وبصبّ الدواء في الإحليل إذا وصل إلى الجوف ، وبنوم الجنب ثانيا مع نيّة الغسل وطلوع

ص: 191


1- في « أ » : إن رعى.
2- ذرع القي ء فلانا : غلبه وسبق إلى فيه. المعجم الوسيط.

الفجر ، ولا شي ء في النومة الأولى ، وبالارتماس لا بغمس رأسه في الماء.

ويقضي ناسي غسل الجنابة الصّوم والصلاة ، ولا يقضي المتمكّن من الغسل إذا أهمل وفقد الماء.

ولا يفطر بابتلاع الريق إلّا أن ينفصل عن الفم ، ولا بمضغ العلك (1) إلّا أن يتعيّن طعمه به ، ولا بتبقية الغذاء في الأسنان ، ولا بالاكتحال وإن صبغ الريق ، ولا بالفصد والحجامة ، ولا بالتقطير في الأذن إلّا أن يصل إلى الجوف ، ولا بابتلاع الذبابة إلّا أن يقصد ، ولا بدخول ماء الاستنشاق دماغه ، ولا بشرب الدماغ الدهن ، ولا بمصّ الخاتم وذوق الطّعام ومضغه للصبي وزقّ الطائر.

ويستحبّ السّواك بالرطب واليابس.

القسم الثالث : الإمساك عن أشياء وإن حرمت بغير الصوم ، وهي الكذب على اللّه ورسوله والأئمّة عليهم السلام ، والكذب مطلقا ، والغيبة ، والهذيان ، وأنواع المعاصي.

وتكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة ، والاكتحال بما فيه مسك أو صبر (2) ، وإخراج الدم ، والحمام المضعفين ، وشمّ الرياحين ، ويتأكّد النّرجس ، والسعوط بغير المتعدي ، والحقنة بالجامد ، وبلّ الثوب على الجسد ، واستنقاع الرجل في الماء ، وجلوس المرأة فيه ومضغ العلك والتقطير في الأذن.

ويستحبّ الإمساك للمريض والمسافر عند القدوم والبرء على تفصيل يأتي ، وللحائض والنفساء إذا طهرتا بعد الفجر ، والكافر إذا أسلم بعده ، والصبيّ والمجنون والمغمى عليه إذا كلّفوا في أثناء النّهار.

ص: 192


1- في مجمع البحرين : العلك - كحمل - : كلّما يمضغ في الفم من لبان وغيره.
2- في مجمع البحرين : الصبر - بكسر الباء في المشهور - : الدواء المرّ.

المقصد الثاني : في شرطه

وهو اثنان :

الأوّل : قبول الزمان ، فلا يصحّ صوم العيدين وأيّام التشريق للناسك ، ولا صوم اللّيل وإن ضمّه إلى النّهار ، ولو نذر الأيّام الخمسة أو الليل لم ينعقد ( وهي العيدان وأيّام التشريق ) (1) ولو وافقت نذره أفطر ولا قضاء.

واليوم من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب الحمرة.

الثاني : قبول المحلّ له ، فلا يجب على الصّبي ، والمجنون ، والمغمى عليه ، ولا يصحّ منه وإن سبقت منه النيّة ، ويصحّ من النائم مع سبقها أو تجديدها قبل الزوال ، ولا من السكران وإن وجب عليه ، ولا من المسافر مع وجوب القصر ، ولا يصحّ منه الواجب إلّا ما يستثنى ، ويكره المندوب ، وشرائط القصر والحكم هنا كالصلاة ، ويزيد الخروج قبل الزّوال.

ولا يفطر حتّى يتوارى الجدران أو يخفى الأذان ، وهو نهاية السّفر.

ولو خرج قبل الزّوال وزالت الشّمس قبل خفاء الجدران لم يقصّر وإن خفيت.

ص: 193


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

ولو قدم قبل الزوال ولم يتناول أمسك واجبا ، ولو انتفى الأمران أو أحدهما أمسك ندبا.

ولو علم قدومه قبل الزوال جاز الإفطار ، والإمساك أفضل. ويقضي العالم بوجوب القصر دون الجاهل والناسي.

ولا على المريض المتضرر به ويعلم بالوجدان أو بقول عارف ولو تكلّفه قضاه ، وبرؤه كقدوم المسافر.

ولا على الحائض والنفساء ولو في أثناء النهار ، ويصحّ من المستحاضة مع غسلي (1) النّهار ، فلو أخلّت بأحدهما قضت ولا كفّارة.

ولا يصحّ من الكافر وإن وجب عليه ، ولو ارتدّ المسلم في الأثناء فسد صومه وإن تاب ، ولا من متعمّد البقاء على الجنابة حتّى يصبح ، فلو لم يعلم بها في رمضان والمعيّن أو استيقظ جنبا فيهما أو لم يتمكّن من الغسل ، أو احتلم بالنّهار ، لم يفسد.

ولو استيقظ جنبا في غيرهما فسد ، بخلاف ما لو احتلم في الأثناء.

ويستحبّ تمرين الصّبي والصّبية لسبع مع الطاقة ، وهو شرعي فيثاب عليه ، ويجب عند البلوغ.

ويتحقق بالاحتلام أو الإنبات أو بلوغ خمس عشرة في الذكر وتسع في الأنثى.

ص: 194


1- في « ب » و « ج » : مع غسل.

المقصد الثالث : في أقسامه

اشارة

وهو واجب ، وندب ، ومحرّم ، ومكروه. فالواجب ستّة : شهر رمضان ، والكفّارات ، وبدل الهدي ، والنذر وشبهه ، وقضاء الواجب ، وصوم الاعتكاف الواجب.

أمّا شهر رمضان ففيه بحثان :

الأوّل : في علامته

وهي رؤية هلاله (1) وإن انفرد وردت شهادته ، ويعلم بالشياع وبمضيّ ثلاثين من شعبان ، ويثبت بشهادة عدلين مطلقا ، ولو تغاير وقت الرؤية مع اتّحاد اللّيلة ، فلو شهد أحدهما برؤية شعبان ليلة الخميس والآخر برؤية رمضان ليلة السّبت لم يقبل ، ولو اسندها أحدهما إلى مضيّ ثلاثين من شعبان ، والآخر إلى الرؤية لم يثبت.

ولو شهدا بالأوّليّة وجب الاستفسار ، وهل يستفسر الحاكم (2) لو أخبر بها ، فيه احتمالات.

ص: 195


1- في « ب » و « ج » : رؤية الهلال.
2- في « أ » « وهل يستقيم الحكم » ولعلّه مصحّف ، وفي الدروس : 1 / 286 مكان العبارة : ولو قال [ الحاكم ] : اليوم الصوم أو الفطر ففي استفساره على السامع ثلاثة أوجه ، ثالثها إن كان السامع مجتهدا.

ولو ثبت بشهادتهما أوّل شهر رمضان ولم ير ليلة إحدى وثلاثين مع الصحو ، لزم الإفطار على توقّف.

وحكم البلاد المتقاربة متّحد بخلاف المتباعدة ، فلو رأى هلال رمضان في بلده ثمّ لم ير في البعيدة صام معهم الحادي وثلاثين ، وبالعكس يفطر التاسع والعشرين.

ولو أصبح معيّدا (1) ثمّ انتقل إلى موضع لم ير فيه صام.

ولو أصبح صائما ثمّ انتقل إلى موضع رئي فيه أفطر.

ولا يثبت بشهادة الواحد ولا بالنساء منفردات ولا منضمّات ، ولا بالجدول ، والعدد ، ولا بعدّ خمسة من الماضية ، والتطوّق ، والغيبوبة بعد الشّفق ، ورؤيته قبل الزّوال.

ولو اشتبه هلال شعبان عدّ ما قبله ثلاثين وهكذا باقي الشهور.

والمحبوس يصوم شهرا متتابعا ويجزئ إن استمرّ الاشتباه ، أو تأخّر عن رمضان ، ولو تقدّم لم يجزئ ، ولو نقص وكمل رمضان أتمّ.

وناذر الدهر سفرا وحضرا لو سافر سنة واشتبه العيدان لم يفطر عنهما بل يقضي رمضان.

البحث الثاني : [ في ] ما يجب بإفطاره ، وهو ثلاثة :

اشارة

الأوّل : القضاء ، ويجب على من ترك الصوم لسفر ، أو مرض ، أو نوم ، أو حيض ، أو نفاس ، أو ردّة مطلقا ، لا لصغر أو جنون أو إغماء أو كفر أصليّ.

ص: 196


1- في مجمع البحرين : عيّدوا : شهدوا عيدا.

ويستحبّ فيه التتابع ، ويجوز فيه الإفطار قبل الزوال ، ويحرم بعده.

ولا يجوز تأخيره من عام الفوات ، ويستحبّ تعجيله.

الثاني : الكفّارة ، ويجب بتعمّد الإفطار في رمضان ، والنذر المعيّن والاعتكاف الواجب ، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ، وفي القضاء بعد الزّوال إطعام عشرة مساكين ، لكلّ مسكين مدّ ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

وتتكرّر بتكرّر الموجب في يومين لا في يوم مطلقا وإن وجب الإمساك.

ولو أكره زوجته تحمّل عنها الكفّارة لا القضاء ، ولو طاوعته كفّر كلّ واحد عن نفسه وعزّر بخمسة وعشرين سوطا.

وفي التحمّل عن الأمة والأجنبيّة والغلام وتحمّل المرأة لو أكرهته توقّف ، ولا يتحمّل من أكره غيره على الجماع ، ولا المجنون ، ولا المسافر ، إذا أكرها زوجتهما.

ولو أفسد الصوم ثمّ سقط فرضه بسبب اختياريّ كسفر المختار ، لم تسقط الكفّارة ، وإلّا سقطت.

ولو كفّرت بالعتق ثمّ حاضت بطل.

ويجوز التكفير عن الميّت وعن الحيّ إلّا في الصوم.

ويجب بالمحرّم كفّارة الجمع.

الثالث : الفدية ، وهي مدّ من طعام عن كلّ يوم ، وله أسباب :

الأوّل : تأخير قضاء المريض حتّى يلحقه رمضان آخر متهاونا أي

ص: 197

غير عازم على القضاء أو عازم على تركه ، ولو كان عازما عليه قضى ولا فدية ، وإن استمر مرضه فدا ولا قضاء.

ولو مات في مرضه فلا قضاء ولا فدية ، ويستحبّ لوليّه القضاء ، ولو بقي من السنة ما يسع الفائت تعيّن القضاء ، فإن أخلّ به وجب القضاء والفدية ، وإن وسع البعض صامه ، وحكم الباقي ما تقدّم من التهاون وعدمه.

فرع

لا يلحق بالمريض غيره من ذوي الأعذار على توقّف.

ويجب على الوليّ قضاء كلّ صوم واجب تمكّن الميّت من قضائه وأهمله ، ويقضى ما فات في السفر مطلقا ، والوليّ أكبر أولاده الذكور ، فلو تعدّد قسّط ويجوز اتّحاد الزمان وتغايره ، فلو بقي يوم وجب على الكفاية.

ولو تبرّع بعض سقط عن الباقين ، ولو تبرّع الغير أو استأجره الوليّ أجزأ مطلقا.

ولو كان عليه شهران صام الوليّ شهرا ، وتصدّق من التركة عن شهر.

ولا يقضى عن المرأة.

ومع عدم الوليّ يتصدّق من تركته عن كلّ يوم بمدّ.

الثاني : خوف الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن على الولد ، فيجوز لهما الإفطار ويجب القضاء والفدية ، ولا يلحق بذلك الخوف على أنفسهما ولا الخوف على الغير من الهلاك. (1)

ص: 198


1- قال العلّامة في القواعد : 1 / 379 : وهل يلحق بهما منقذ الغير من الهلاك مع افتقاره إلى الإفطار؟ الأقرب العدم.

الثالث : عجز الشيخ والشيخة وذي العطاش ، فيجوز لهم الإفطار ، وتجب الفدية والقضاء مع المكنة.

وأمّا باقي الصوم الواجب فسيأتي في مواضعه إن شاء اللّه.

ثمّ إنّ الواجب منه معيّن ، وهو رمضان ، وقضاؤه ، والنذر ، والاعتكاف ، وقد يجب مع المعيّن غيره كصوم كفّارة الجمع.

ومنه مخيّر وهو صوم كفّارة رمضان ، وخلف النذر والعهد وكفّارة حلق الرأس والاعتكاف الواجب.

ومنه مرتّب وهو صوم كفّارة قتل الخطأ ، والظهار ، واليمين ، وقضاء رمضان ، وبدل الهدي ، وجزاء الصّيد ، والإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا عالما.

ومنه مخيّر مرتّب ، وهو صوم كفّارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه.

ثمّ الواجب قد يجب فيه التتابع ، وهو أقسام :

الأوّل : صوم رمضان ، والنذر المعيّن ، فلو أخلّ به بنى وكفّر.

الثاني : صوم كفّارة اليمين وكفّارة قضاء رمضان ، وصوم الاعتكاف وبدل الهدي ، فلو أخلّ به استأنف إلّا في بدل الهدي إذا صام يومين وكان الثالث العيد.

الثالث : صوم كفّارة قتل الخطأ والظهار ( وكفّارة رمضان والنذر المعيّن ). (1)ونذر شهرين متتابعين ، وكفّارة المملوك في الظهار ، وقتل الخطأ ، ونذر شهر متتابع ، فإن أخلّ به لعذر بنى وتجب المبادرة ، وإلّا استأنف ، إلّا أن يصوم من

ص: 199


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

الشهرين شهرا ويوما ، ومن الشهر خمسة عشر يوما ، ويباح التفريق ، ولا يصوم المتتابع إلّا في زمان يسلم فيه.

وقد لا يجب ، وهو السبعة في بدل الهدي ، وجزاء الصّيد ، وقضاء رمضان ، والنّذر المطلق.

وروي أنّ القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها وإن دخل العيد وأيّام التشريق (1) ويمكن أن يقال : يصوم شهرين منها إلّا العيد وأيّام التشريق.

والمندوب : جميع أيّام السنة إلّا المستثنى ، والمؤكّد أوّل خميس ، وآخر خميس ، وأوّل أربعاء من العشر الثاني ، وتقضى لو فاتت ، ويجوز تأخيرها إلى الشتاء مع المشقّة ، ولو عجز تصدّق عن كلّ يوم بدرهم أو مدّ ، وصوم أيّام البيض ، وكلّ خميس وجمعة ، ويوم دحو الأرض ، وأوّل ذي الحجّة ، وعرفة مع تحقّق الهلال لمن لا يضعف عن الدعاء ، ويوم الغدير ، والمباهلة ، وعاشوراء حزنا ، ويوم مولد النبيّ ، ومبعثه ، ورجب ، وشعبان ، ولا يجب بالشروع فيه ، ويكره بعد الزّوال ، ويصحّ ممّن عليه صوم واجب.

والمحرّم : صوم العيدين ، وأيّام التشريق للناسك ، ويوم الشك بنيّة رمضان ، ونذر المعصية ، والصّمت ، والوصال ، وصوم المملوك ندبا بغير إذن مولاه ، والمرأة بدون إذن الزّوج ، أو مع النهي ، وصوم المسافر واجبا إلّا ثلاثة أيّام لدم المتعة ، وبدل البدنة للمفيض من عرفات قبل الغروب عامدا ، والمنذور سفرا وحضرا ، فلو نذر الدّهر كذلك لم يتناول رمضان في السّفر ، ويجوز سفره فيه اختيارا ، ثمّ يجب الإفطار والقضاء إذا حضر ، لأنّ رمضان وقضاءه مستثنيان.

ص: 200


1- الوسائل : 7 / 278 ، الباب 8 من أبواب بقيّة الصوم الواجب ، الحديث 1 و 2.

والمكروه : صوم عرفة مع الضّعف عن الدعاء أو الشك وهو أن يرى الهلال من لا تقبل شهادته ، وصوم النافلة للمدعو إلى طعام ، وللمسافر إلّا بالمدينة ثلاثة أيّام للحاجة ، وللولد بغير إذن أبيه ، والضّيف بغير إذن مضيفه.

ويكره لمن أبيح له الإفطار الجماع والتملي من الطعام والشراب.

ص: 201

ص: 202

كتاب الاعتكاف

اشارة

ص: 203

ص: 204

وهو لبث مشروط بالصّوم ثلاثة أيّام في مكان مخصوص ، وهو سنّة مؤكّدة ، ويتأكّد في العشر الأخير من رمضان ، ولا يجب إلّا بنذر وشبهه ، أو بمضيّ يومين ، ولا يجوز قطع الواجب المعيّن ، ويجوز في المطلق بعد ثلاثة ، وفي المندوب قبل الثالث.

وفيه مباحث :

الأوّل : في أركانه

وهي ثلاثة :

الأوّل : المعتكف ،وهو كلّ من يصحّ منه الصوم ، فلا يصحّ من الكافر والمرتدّ وإن طرأ ، ولا من المجنون ، والمغمى عليه ، والسكران ، والجنب ويصحّ من المميّز.

الثاني : الزمان ، وأقلّه ثلاثة أيام بليلتين متتابعة ، فلو فرّقها ، أو اقتصر على النهار بطل ، ولو نذرها كذلك لم ينعقد ، ولو نذر اعتكافا وجب ثلاثة بليلتين ، ولو وجب عليه قضاء يوم ضمّ إليه آخرين ، ويتخيّر في تعيّنه.

ولا حدّ لأكثره ، ولا يدخل الليل إلّا تبعا ، فلو نذر اعتكاف شهر أو « رجب » مثلا ، لم تجب الليلة الأولى.

ص: 205

الثالث : المكان ، وهو المسجد الحرام ، ومسجد النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ومسجد علي عليه السلام بالكوفة والبصرة ، لا غير.

البحث الثاني : في شرائطه

وهي أربعة :

الأوّل : النيّة ، ووقتها ليلا حتّى يطلع الفجر ، فلو أصبح بها عامدا بطل ، وكذا الناسي في المندوب والنذر المطلق ، وفي المعيّن يجدّدها قبل الزّوال.

ويجب فيها القصد إلى الفعل والوجوب أو الندب ، والقربة.

الثاني : الصوم ، فلا يصحّ بدونه ، ويشترط قبول الزمان له ، فلا يصحّ في العيدين ، وأيّام التشريق ، والحيض ، والنفاس ، والمرض ، والسّفر المانعين منه ، ولا يشترط الصوم عنه ، بل أيّ صوم اتّفق وإن كان مستحبا ، ولا مماثلة الصوم ، فلو اعتكف ندبا في رمضان ، أو النذر المعيّن ، أو صام ندبا في اعتكاف واجب أجزأ ، لأنّ الاعتكاف لا يوجب الصوم بل يجب له.

الثالث : استدامة اللّبث ، فلو خرج مختارا أو مكرها بطل ، وكذا لو خرج بعض بدنه ، ولو خرج لضرورة ، كالغسل ، وقضاء الحاجة ، أو لعبادة كتشييع مؤمن ، أو جنازة ، أو للصّلاة عليه ، أو عيادة مريض ، أو إقامة الشهادة وإن لم تتعيّن عليه لم يبطل ، لكن يحرم المشي تحت الظلال ، والجلوس اختيارا ، والصلاة إلّا بمكّة ، أو تضيّق الوقت عن الرجوع.

ولا يبطله الخروج ساهيا ، بل يعود بسرعة فلو تهاون بطل ، ولا يجب تجديد النيّة إذا عاد.

ص: 206

وتخرج الحائض والنفساء والمريض إذا لم يمكن تمرّضه فيه ، أو لم يأمن وقوع النجاسة.

والمطلّقة رجعية تعتدّ في منزلها ثمّ تقضيه إن لم يتعين وإلّا في المسجد.

وفي كون صعود السّطح خروجا توقّف.

الرابع : إذن من له ولاية في المندوب ، كالزوج والمولى ، فلو بادر أحدهما بطل ، ولا فرق بين القنّ ، والمدبّر ، والمكاتب ، وأمّ الولد ، وله الرجوع في الإذن ما لم يجب.

ولو أعتق بعد التلبس أتمّ واجبا مع وجوبه وإلّا ندبا ، ولو هاياه المعتق بعضه لم يشترط إذنه في نوبته.

ولو نذر بإذن المولى ، فله المبادرة في المعيّن دون المطلق.

البحث الثالث : في الأحكام

وهي ثلاثة :

الأوّل : يحرم على المعتكف ليلا ونهارا النّساء وطيا ولمسا وتقبيلا ، والاستمناء ، وشمّ الطّيب ، والمراء ، والبيع والشراء ، إلّا أن يضطر ، والإفطار نهارا ، ولا يحرم عقد النكاح ، ولا محرّمات الإحرام ، ويجوز النّظر في المعاش ، والخوض في المباح.

ويستحبّ أن يشترط الرجوع في الواجب والندب لعذر وغيره على الأقوى.

ص: 207

ومحلّه في الندب نيّة الاعتكاف ، فيخرج متى شاء ولو في الثالث ، وفي النذر المعيّن صيغة النذر ، فإذا خرج سقط ولا قضاء ، وليس له أن يشترطه في نيّة الاعتكاف ، وغير المعيّن إن شرطه في صيغة النذر سقط بخروجه ، وله أن يشترطه في نيّة الاعتكاف ، فحينئذ إن خرج وكان متتابعا استأنف ، وإلّا بنى إن أكمل ثلاثة.

الثاني : كلّ ما يفسد الصوم يفسده ، فتجب الكفّارة بفعل المفطر في النذر المعيّن واليوم الثالث ، وبالجماع ليلا ونهارا ، وفي غير المعيّن القضاء خاصّة ، ولا شي ء في المندوب.

ولو جامع في ليل رمضان فكفّارة وفي نهاره فكفّارتان.

ولو أكره زوجته المعتكفة ليلا فكفّارتان ونهارا أربع.

ولا يفسد بالبيع والشراء ، وكفّارته كبيرة وإن وجب باليمين.

الثالث : كلّ ما يشترطه في النذر من الزمان والمكان والهيئة المشروعة يتعيّن ، فلو نذر أن يعتكف صائما أو مصلّيا وجب ، ولو شرط التتابع لفظا أو معنى أو هما وجب ، فلو خرج في أثناء الأوّل استأنف ، وفي الثاني يصحّ ما فعل إن كان ثلاثة فصاعدا ، ويتمّ ما بقي ، ويقضي ما أهمل ويكفّر ، وفي الثالث يستأنف ويكفّر.

ولا يجب التتابع في القضاء ، ولو لم يشترط التتابع صحّ تفريقه ، وأقلّه ثلاثة ثلاثة ، ويبطل ما دونها ، وقيل (1) يصحّ أن يأتي بيوم من النذر ويضمّ إليه آخرين إلى أن يفرغ.

ص: 208


1- القائل هو العلّامة في القواعد : 1 / 392.

ولا يجوز تفريق الساعات إجماعا.

ولو نذر اعتكاف شهر كفاه الهلالي وثلاثون ، ولو عيّن العشر الأخير كفاه التسعة لو نقص.

ولو نذر اعتكاف يوم صحّ ولم تدخل الليلة وضمّ إليه آخرين ، ولو قال : « لا غير » بطل.

ولو نذر أربعة فأخلّ بيومين استأنف ، وبيوم يصحّ ما فعل ويضمّ آخرين ، ولو لم يعلم بالشهر المعيّن حتّى خرج قضاه ولا كفّارة ، ولو اشتبه تخيّر ، وكذا لو غمت الشهور.

ولو مات بعد تمكّنه من قضائه وجب على الوليّ القضاء.

ص: 209

ص: 210

كتاب الحجّ

اشارة

ص: 211

ص: 212

وهو لغة القصد ، وشرعا القصد إلى بيت اللّه الحرام لأداء مناسك مخصوصة في زمان مخصوص ، وهو من أعظم أركان الإسلام ، ويجب بأصل الشرع مرّة واحدة على من استكمل الشروط من الرّجال والنساء والخناثي وجوبا على الفور ، وقد يجب بالنذر وشبهه وبالإيجار والإفساد ، ويتكرّر بتكرّر السبب.

وغير ذلك مستحبّ.

والنظر في أنواعه وشرائطه وأفعاله ولواحقه.

[ النّظر ] الأوّل : الحجّ تمتّع وإفراد وقران

أمّا التمتّع ففيه بحثان :

الأوّل : في صورته ، وهو أن يحرم من الميقات بعمرة التمتّع ، ثمّ يطوف لها (1) ثمّ يصلّي ركعتيه ، ثمّ يسعى ، ثمّ يقصّر ، ثمّ يحرم للحج ، ثمّ يقف بعرفة إلى الغروب ، ثمّ بالمشعر إلى طلوع الشمس يوم النحر ، ثمّ يأتي منى فيرمي جمرة العقبة ، ثمّ يذبح ، ثمّ يهدي (2) ثمّ يحلق رأسه أو يقصّر ، ثمّ يمضي إلى مكّة

ص: 213


1- في « أ » : بها.
2- هكذا في النسخ ومراده من الإهداء هو إطعام « البائس الفقير » على ما في الآية ، الحجّ : 28 ، لكن في « القواعد » : 1 / 398 مكان العبارة : « ثم يذبح هديه ».

فيطوف للحجّ ، ويصلّي ركعتيه ، ثمّ يسعى له ، ثمّ يطوف للنساء ، ويصلّي ، ثمّ يعود إلى منى للرمي والمبيت.

الثاني : في شروطه ، وهي خمسة :

الأوّل : النيّة.

الثاني : وقوعه في أشهر الحجّ ، وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجّة ، فلا يجوز إنشاء عمرة التمتّع قبلها وإن فعل بعض الأفعال فيها.

الثالث : أن يأتي بالحجّ والعمرة في عام واحد.

الرابع : تقديم العمرة على الحجّ.

الخامس : أن يحرم بالحجّ من بطن مكّة.

وهذا القسم فرض من نأى عن مكّة ثمانية وأربعين ميلا من كلّ جانب.

وأمّا الإفراد ففيه بحثان :

الأوّل : في صورته وهو أن يحرم من الميقات أو من دويرة أهله إن كانت أقرب ، ثمّ يقف بعرفة ، ثمّ بالمشعر ، ثمّ يأتي بالمناسك يوم النحر ، ثم يطوف للحجّ ، ويصلّي له ، ثمّ يسعى للحجّ ، ثمّ يطوف للنساء ، ويصلّي له ، ثمّ يحرم بعمرة مفردة من أدنى الحلّ ، ولا تصحّ من دون ذلك ، وإن خرج إليه يستأنف فيه ، ثمّ يأتي بأفعالها.

ويصحّ وقوعها في غير أشهر الحجّ.

ص: 214

البحث الثاني : في شروطه

وهي أربعة :

الأول : النيّة.

الثاني : إيقاع الحجّ في أشهره.

الثالث : تأخير العمرة عن الحجّ.

الرابع : إحرامه من الميقات أو من دويرة أهله.

وأمّا القران ، فصورته وشروطه كالإفراد ، ويتميّز عنه بسياق الهدي عند الإحرام ، ونيّة القران ، ويسقط الهدي عن القارن والمفرد ، ويستحبّ التضحية.

وهذا القسم والإفراد فرض أهل مكّة وغير النائي ومن أقام بمكة سنتين ، فلو أقام دونها لم ينتقل فرضه ، ولزمه الخروج إلى الميقات ، فإن تعذّر فإلى خارج الحرم ، ثمّ من موضعه.

والنازل بمكّة وناء يعتبر أغلبهما ، ومع التساوي يتخيّر ، ولا يجوز أن يعدل من أحدهما إلى فرض الآخر إلّا لضرورة ، فيعدل المتمتّع إلى الإفراد لظنّ ضيق الوقت ، والحائض والنفساء إذا ضاق وقت التربّص ، ويعدل المفرد أو القارن إلى المتعة لخوف العدو ، أو فوات الصحبة ، أو خوف الحيض.

ويجوز للمفرد لا القارن إذا دخل مكّة العدول إلى التمتّع وروي (1) انّه إذا لبّى بعد سعيه فلا متعة له.

ص: 215


1- الوسائل : 8 / 210 ، الباب 19 من أبواب أقسام الحجّ ، الحديث 1.

ويجوز للمفرد والقارن إذا دخلا مكّة الطواف ندبا ، وتقديم طواف الحجّ على الوقوف بعرفات ، والأولى تجديد التلبية بعد صلاة الطواف لئلّا يحلّا ، وقيل : يحلّ المفرد لا القارن (1) ولا يجوز الإحرام بالحجّ والعمرة ، ولا إدخال أحدهما على الآخر ، ولا نيّة حجّتين ولا عمرتين ، ولو فعل لم ينعقد شي ء.

ص: 216


1- القائل هو الشيخ في التهذيب : 5 / 44 - 45 ، ولاحظ الدروس : 1 / 332.

النظر الثاني : في الشرائط

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في شرائط حجّة الإسلام

اشارة

وهي أربعة :

الأوّل : البلوغ فلا يجب على الصّبيّ ، وتصحّ من المميّز إذا أذن له الوليّ ، ولا يصحّ من غير المميّز ، بل يحرم عنه الوليّ ، فإن كملا قبل المشعر أجزأ عن حجّة الإسلام ، ويفعل ما يمكنه من الأفعال ، ويتولّى الوليّ ما يعجز عنه ، ويجنّبه تروك الإحرام.

وعلى الوليّ الزائد عن نفقة الحضر ، ولوازم المحظورات ، والهدي ، فإن فقده صام عنه ، ويجوز أن يأمر المميّز بالصّوم.

ويستحبّ وضع الحصى في كفّ غير المميّز ، ثمّ يأخذه ويرمي عنه.

ولو وطئ قبل المشعر وجب القضاء على الصّبيّ إذا بلغ ، ولا يجزئ عن حجّة الإسلام إلّا أن يبلغ في الفاسدة قبل الوقوف.

ص: 217

والوليّ وليّ المال دون الأمّ.

الثاني : العقل ، فلا يجب على المجنون ، ولا يصحّ منه ، بل يحرم عنه الوليّ ويجزئه لو كمل قبل المشعر ، ويأتي الوليّ بالأفعال ، ويجنّبه محرّمات الإحرام.

ولو كان أدوارا ووسعت النوبة الأفعال وجب.

الثالث : الحريّة ، فلا يجب على المملوك ، قنّا كان أو غيره وإن تحرّر بعضه ، ولا يصحّ منه إلّا بإذن مولاه ، فلو بادر فله فسخه ، وله الرّجوع قبل التلبس لا بعده ، فلو علم بالرجوع لم يصحّ إحرامه وإلّا صحّ ، وليس للمولى فسخه ، والأمة تستأذن الزوج أيضا ، ولو أعتق قبل الوقوف بالمشعر أجزأ عن حجّة الإسلام ، ويجب تجديد نيّة الوجوب لا استئناف الإحرام ، ولا يجزئ لو أعتق بعده.

ولو أعتق غير المأذون استأنف الإحرام من الميقات ، ولو (1) تعذّر فمن موضعه ، فإن وسع الوقت التمتّع وجب ، وإلّا انتقل إلى غيره.

ولو أفسد المأذون وجب الإتمام والقضاء ، وعلى الوليّ تمكينه ، فإن أعتق في الفاسد قبل المشعر أتمّ ، وعليه البدنة والقضاء (2) ويجزئ عن حجّة الإسلام ، ولو كان بعده لم يجزئ (3) ووجبت حجّة الإسلام مقدمة ، ولا حكم لفساد غير المأذون.

ص: 218


1- في « أ » : فلو.
2- في « ج » : وعليه الفدية والقضاء.
3- في « أ » : « لم يجب » بدل « لم يجزئ ».

ولو هاياه ، فإن وسعت نوبته الحجّ صحّ وإن لم يأذن مولاه ، وليس له تحليله إلّا مع القصور ، ويجزئ عن حجّة الإسلام إن أعتق قبل الوقوف.

ويجب على المملوك الصّوم عن الهدي ولوازم الكفّارات ، وليس للمولى منعه منه.

الرابع : الاستطاعة ، وهي الزاد والراحلة ونفقة عياله حتّى يرجع.

أمّا الزاد : فهو قدر الكفاية من القوت والمشروب بنسبة حاله ذاهبا وعائدا ، ومنه الأدوية المحتاج إليها.

وأمّا الراحلة : فتشرط فيمن يفتقر إلى قطع المسافة ، قربت أو بعدت ، وتعتبر راحلة مثله ، فيجب المحمل أو شقّه مع الحاجة (1) ويكفي ملك المنفعة ولو بالبذل ، فلا يجب على فاقدهما وإن قدر على المشي.

وأمّا نفقة عياله ، فالمراد من تجب نفقته.

ومن الاستطاعة علف الدوابّ ونفقة الجمال وشبهه ، وثمن الآلات والأوعية ، ويجب شراؤها وإن زادت عن ثمن المثل ، فإن فقدها أو فقد بعضها سقط الحجّ.

ولو تكلّفه لم يجزئه ، ولو بذلت له أو بعضها وقدر على الباقي وجب ، ولا يفتقر البذل إلى القبول بل الهبة ، ولا يجب القبول ، فإن قبل استطاع ، وكذا لو وهب مالا ، ولو حجّ في نفقة غيره أجزأه (2).

ص: 219


1- وفي القواعد : 1 / 404 مكان العبارة : « والمحمل إن افتقر إليه أو شقّ محمل مع شريك ».
2- في « ب » و « ج » : أجزأ.

ولا يجب بيع دار السكنى ، والخادم ، وثياب البدن في الحجّ ، وليس وجود ذلك شرطا في الاستطاعة ، ولا تصرف أمتعة المنزل ، وآلات الصّنعة ، والسلاح ، والحليّ المعتاد فيه على توقّف.

ولا يجب التكسّب له وإن قدر عليه ، نعم لو استؤجر للمعونة بقدر الاستطاعة أو بعضها ، وبيده الباقي ، أو شرطت له ، استطاع.

ولا يجب على المديون إلّا أن يفضل عن دينه ما يقوم بالحجّ ، والمدين إن قدر على اقتضاء ما يحتاج إليه ، فهو مستطيع ، وإلّا فلا.

ويجب بيع العروض وإن كان بدون ثمن المثل ، أو الاقتراض وإن كان بفائدة.

ويصرف رأس ماله في الحجّ وإن افتقر إليه في تجارته ، وكذا العقار وإن صار فقيرا.

وصرف المال في الحجّ أولى من النكاح وإن خاف العنت.

ولا يشترط الرجوع إلى بضاعة أو صناعة أو حرفة ، ولو حجّ عن غيره لم يجزئه إذا استطاع.

ولو حجّ المستطيع بمال مغصوب أجزأ إن كان ثمن ثوبي الإحرام والهدي وما يطوف عليه ويسعى مباحا.

ولا يجب على الولد البذل لأبيه.

ومن الاستطاعة إمكان المسير ، فيدخل تحته أمور : (1)

ص: 220


1- في « أ » : « صور » بدل « أمور ».

الأوّل : الصحّة من المرض ، فلو تضرّر بالركوب سقط وإلّا وجب.

الثاني : الاستمساك على الراحلة ، فلو كان معضوبا (1) لا يستمسك أصلا سقط ، ولو أمكنه بمحمل أو مزامل وجب ، فان تعذّر سقط ، والعاجز عن الحركة العنيفة مع احتياجه إليها يتوقّع زوالها والقدرة عليها ، فلو مات قبل ذلك لم يقض عنه.

والأولى انّ المريض والمعضوب إن استطاعا قبل العذر ، فإن رجي زواله توقّعاه ، ولو ماتا قضي عنهما ، وإلّا وجبت الاستنابة ، وإن استطاعا فيه لم يجب بل يستحبّ.

الثالث : سعة الوقت لقطع الطريق وأداء المناسك ، ويجب المسير مع أوّل قافلة إلّا أن يثق بغيرها ، فإن أخّر وبقيت الاستطاعة إلى انقضاء الحجّ استقرّ الحجّ في ذمّته وإلّا فلا.

ولو ضاق الوقت ، أو افتقر إلى طيّ المنازل وعجز ، سقط في عامه.

الرابع : تخلية السرب ، فلو خاف على النفس أو المال أو البضع سقط ، ويكفي الظّنّ ، ولو تعدّدت الطرق وتساوت في الأمن تخيّر ، ولو اختصّ به أحدها تعيّن وإن بعد مع سعة الوقت والنفقة ، والبحر كالبرّ.

ولو طلب العدوّ مالا وجب مع المكنة ، ولو بذله باذل فقد استطاع ، ولو وهبه إيّاه ليدفعه إلى العدوّ لم يجب القبول ، وكذا أجرة البدرقة (2).

ص: 221


1- في مجمع البحرين : الأعضب من الرّجال : الزّمن الّذي لا حراك فيه ، كأنّ الزمانة عضبه ومنعه الحركة.
2- في مجمع البحرين : البدرقة : هي الجماعة الّتي تتقدّم القافلة وتكون معها ، تحرسها وتمنعها العدوّ ، وهي مولّدة قاله في المغرب.

ولو احتاج إلى القتال لم يجب وإن ظنّ السّلامة.

والأعمى كالبصير ، ولو احتاج إلى قائد اعتبر هو ونفقته في الاستطاعة.

والمرأة كالرجل ، ويزيد اشتراط الأمن على البضع ، فلو خافت المكابرة سقط ، ولو أمنت بالمحرم وجب ، ولو تعذّر سقط ، ويعتبر نفقته وأجرته في الاستطاعة.

والمحرم من تحرم عليه مؤبّدا.

ولا يشترط إذن الزّوج في الواجب ، ويشترط في الندب ، والمطلّقة رجعيّة كالزوجة دون البائن ، ولا الإسلام فيجب على الكافر ، ولا يصحّ منه ، ويسقط بالإسلام إلّا أن تبقى الاستطاعة ، فيحرم من الميقات ، فإن تعذّر فمن موضعه ، وعلى المرتدّ ولا يصحّ منه.

ولو ارتدّ بعد الحجّ لم يعده ، ولو ارتدّ بعد إحرامه ثمّ تاب ، بنى ، ولا يسقط بالتوبة بل يأتي به بعدها ، فإن مات قضي عنه من أصل تركته ، ولو مات مرتدّا لم يجب القضاء.

وحجّ المخالف صحيح ، فلا تجب إعادته لو استبصر إلّا أن يخلّ بركن ولو حجّ مفردا أو قارنا ، إلّا أن يكون قرانه ضمّ النّسكين في نية (1) ، ويستحبّ له الإعادة.

ص: 222


1- أي أتى بفريضة الحجّ والعمرة بنيّة واحدة.
خاتمة

إذا اجتمعت الشرائط فحجّ متسكّعا أو في نفقة غيره أجزأ ، ولو أهمل أثم ووجب القضاء على الفور ولو مشيا مع المكنة ، ولو مات قضي عنه من أقرب الأماكن من أصل تركته ، فلو ضاقت عن الدين وأجرة الحجّ قسّطت بالنسبة ، فإن قصر قسط الحجّ صرف في الدين.

ولو مات في الطريق ، فإن كان بعد الإحرام ودخول الحرم برئ ، وإن كان قبل ذلك ، فإن كان في سنة الاستطاعة لم يجب القضاء ، وإلّا وجب.

الفصل الثاني : في شرائط حجّ النذر وشبهه

وهي خمسة :

الأوّل : كمال العقل ، فلا يصحّ نذر الصّبي والمجنون والمغمى عليه والسكران.

الثاني : القصد ، فلا يصحّ من النائم والساهي.

الثالث : الحرية ، فلا يصحّ نذر العبد بدون إذن مولاه ومعه لا يملك منعه.

الرابع : إذن الزوج في الجميع وإذن الأب في اليمين.

الخامس : الإسلام ، فلا يصحّ من الكافر ، ولا تشترط الاستطاعة ، بل إذا تمّت الشروط وجب الوفاء به ولو ماشيا ، فلو نذر الحجّ ثمّ استطاع وجب تقديم حجّ الإسلام ، وإذا أطلق تخيّر في الأنواع.

ص: 223

وإذا قيّده بزمان أو صفة تعيّن ، فلو قيّده بعام فأخلّ به مع القدرة قضى وكفّر ، ويقضى عنه لو مات ، ولو عجز سقط.

ولو أطلق جاز التأخير حتّى يظنّ الموت فيتضيّق ، ولو مات قبل التمكّن سقط ، وإلّا قضي عنه من أصل تركته.

ولو كان عليه حجّة الإسلام أخرجتا من الأصل ، ولو وفي بأحدهما صرف في حجّة الإسلام ، ولا يجب على الولي حجّة النذر بل تستحبّ.

ولو قيّده بالمشي وجب من بلده ، ويقوم في موضع العبور ، ولا تجرئ السياحة ، ويسقط بعد طواف النّساء ، فلو ركب في المطلق أعاد ماشيا ، ولو ركب البعض فقولان ، وفي المعيّن يكفّر ولا قضاء.

ولو عجز في المعيّن ركب وساق بدنة ندبا ، وفي المطلق يتوقّع المكنة.

ولو قيّده بطريق تعيّن إن كان له مزيّة (1) وإلّا فلا.

ولو نذر حجّة الإسلام تداخلا ، ولو نذر غيرها أو أطلق لم يتداخلا.

ولو نذر وهو معضوب ، فإن رجا زواله توقّعه ، وإلّا استناب.

الفصل الثالث : في شرائط النيابة

اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : في المنوب عنه

ويشترط فيه الإسلام والإيمان والموت أو حكمه ، فلا تصحّ النيابة عن الكافر والمخالف فيه إلّا أن يكون أبا للنائب ، ولا

ص: 224


1- في « أ » : « مئونة » وهو مصحّف.

يلحق به الجدّ للأب ، ولا عن الحيّ في الواجب إلّا على التفصيل ، ويجوز في المندوب مطلقا.

ولو أوصى بحج واجب ولم يعيّن الأجرة ، أخرج من الأصل ما يستأجر به من أقرب الأماكن ، ولو عيّنها فزادت عن أجرة المثل ، أخرج الزائد من الثلث مع عدم الإجارة إن احتمله وإلّا المحتمل.

ولو عيّن النائب تعيّن واستؤجر بأجرة المثل ، ولو امتنع استؤجر غيره بها.

ولو عيّنهما تعيّنا ، فإن رضي بالقدر ، وإلّا استوجر غيره بأجرة المثل إن تعلّق غرضه بالمعيّن ، وإن تعلّق بالحجّ استوجر غيره بذلك القدر.

ولو كان مندوبا أخرج القدر من الثلث ، فإن اتّسع له من بلده وجب ، وإلّا فمن حيث يحتمل ، ولو لم يرغب فيه صرف في البرّ.

ولو أوصى بالحجّ فإن علم الوجوب حمل (1) عليه وإلّا على الندب.

ولو عدّده فإن قصد التكرار وجب ، وإلّا كفت المرّة ، ولو أراد التكرار وعيّن ما يؤخذ منه فقصر ، جمع ما لسنتين أو أكثر لسنة.

ولو أوصى بحجّ وغيره ، فإن وجبا أخرجا من الأصل ، فإن قصرت التركة قسّطت ، وإن استحبّا فكذلك من الثلث ، ولو وجب أحدهما أخرج من الأصل ، والآخر من الثلث.

ويخرج عمّن وجب عليه الحجّ وإن لم يوص ، ويبرأ بالتبرّع عنه وإن ترك مالا.

ص: 225


1- في « ب » و « ج » : حمله.

ولو خلّف ما لا يفي بالحجّ من أقرب الأماكن ، كان ميراثا ، إلّا أن يسع أحد النسكين فيجب.

ويجوز التبرّع عن الميّت مطلقا وعن المعضوب بإذنه.

وإذا حصل بيد إنسان مال لميّت وعلم بأنّ عليه حجّة الإسلام ، وأنّ الوارث لا يؤدّي ، وجب أن يحجّ عنه ، ولو لم يفعل ضمن ، ولا يشترط إذن الحاكم ، ولو علم أنّ البعض يؤدّي وجب إذنه ، إلّا أن يخاف الإشاعة.

وهل يتعدّى ذلك إلى غير حجّة الإسلام ، أو إلى العمرة ، أو إلى الزكاة ، أو إلى الخمس ، أو الدّين؟ فيه احتمال قويّ.

البحث الثاني : في النائب

ويشترط فيه البلوغ والعقل ، والإسلام (1) ، ومعرفة فقه الحجّ ، والقدرة على أفعاله ، والخلوّ من حجّ واجب ، فلا تصحّ نيابة الصّبيّ وإن كان مميّزا ، ولا المجنون ، والكافر ، والجاهل إلّا أن يحجّ مع مرشد ، ولا العاجز ، ولا من في ذمّته (2) حجّ إلّا مع العجز ولو مشيا.

ويجوز لمن عليه حجّ أن يعتمر عن غيره وبالعكس.

ولا تنفسخ الإجارة بتجدّد الاستطاعة.

وتشترط العدالة في الاستنابة لا في صحّة النيابة ، فلو استأجر فاسقا لم

ص: 226


1- وفي « أ » : « والحريّة » الظاهر أنّها زيادة من النساخ لما سيأتي من المصنّف من صحّة نيابة المملوك.
2- في « أ » : بذمّته.

يصحّ وإن عدل ، ولو حجّ الفاسق عن غيره صحّ ، وتعلم الصحّة بمصاحبة الوليّ أو إخبار العدل ، وفي قبول إخباره توقّف.

ولا تشترط الحريّة والذكورة ، فتصحّ نيابة المملوك بإذن مولاه ، والمرأة عن الرجل والمرأة ، ويكره الصرورة ، دون الرجل الصرورة.

ولو اشترط التعجيل فأخّر انفسخت ، ولو أطلق وجبت المبادرة ، ولا تنفسخ بالإهمال ، ويجوز اشتراط التأخير أكثر من عام ، ولا يجوز ذلك للوصيّ إلّا لعذر.

وتجب نيّة النيابة واستدامتها ، فلو نوى عنه وعن المنوب لم تنعقد عن أحدهما ، وكذا لو نقل نيّته إليه ، ولا أجرة له ، وتعيين المنوب قصدا ، ويستحبّ لفظا عند كلّ فعل.

ويجب أن يأتي بالنوع المشترط ، فلا يجوز العدول ، ولو إلى الأفضل ، ولو كان الحجّ ندبا ، أو نذرا مطلقا ، أو مخيّرا فيه كذي المنزلين المتساويين ، جاز العدول إلى الأفضل.

ولو شرط الطريق تعيّن مع الغرض ، فإن خالف صحّ الحجّ ، ورجع عليه بالتفاوت ، ومع إطلاق الإجارة لا يؤجر نفسه لآخر ، ومع التقييد بسنة يصحّ قبل أو بعد.

ولو استأجره اثنان فإن اقترن العقدان وزمان الإيقاع بطلا ، ولو اختلف زمان الإيقاع صحّا ، ولو انعكس صحّ السابق.

ويجوز أن يستأجره اثنان في سنة لعمرتين أو لعمرة مفردة ، وله أن يستأجر اثنين عن واحد لحجّ الإسلام والنذر في عام واحد.

ص: 227

ويستحقّ النائب الأجرة بنفس العقد ، ولا يستنيب غيره إلّا بإذن المستأجر ، ويلزمه الهدي وكفّارات الإحرام في ماله.

ولو فوّت الحجّ تحلّل بعمرة عن نفسه ، ولا أجرة له ، ولو فاته تحلّل بعمرة وله من الأجرة بنسبة ما فعل ، ولو كان مطلقا لزمه الحجّ في المسألتين ، وله الأجرة.

ولو صدّ أو أحصر تحلّل بالهدي ، ثمّ إن تعيّن الزمان انفسخت الإجارة ، واستعيد أجرة المتخلّف ، ولا يجاب لو ضمن الحجّ ، وإن كان مطلقا لم تنفسخ ، وله الحجّ في القابل.

ولو أفسد قضى الحجّ وأجزأ عنه وعن المنوب ، معيّنة كانت أو مطلقة ، وله الأجرة.

ولو مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنهما وقبله يردّ ما قابل الباقي من الأجرة ، وتستحبّ إعادة فاضل الأجرة والإتمام لو أعوز.

وتجوز النيابة في أفعال الحجّ مع العجز.

ص: 228

النّظر الثالث : في أفعال الحجّ

اشارة

وفيه فصلان :

[ الفصل ] الأوّل : في حجّ التمتع

اشارة

في حجّ التمتع (1)

وهو أن يعتمر ثمّ يحجّ.

القول في عمرة التمتع

وفيه مطالب :

الأوّل : الإحرام
اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في المواقيت

وهي ستّة : « العقيق » لأهل العراق ، وأفضله المسلخ ، ثمّ « نمرة » ، ثمّ « ذات عرق » ؛ و « مسجد الشجرة » لأهل المدينة اختيارا ، و « الجحفة » اضطرارا ، وهي ميقات أهل الشام اختيارا ، و « يلملم » لأهل اليمن ، و « قرن المنازل » لأهل الطائف ،

ص: 229


1- والفصل الثاني في حجّ الإفراد والقران يأتي في ص 263.

وميقات من منزله أقرب من الميقات منزله ، ومكّة لحجّ التمتع ، وخارج الحرم للعمرة المفردة ، وموضع العذر للمعذور.

ومن حجّ على ميقات غيره أحرم منه ، ولو خلا الطريق من ميقات أحرم عند ظنّ محاذاة أحدها ، فإن ظهر تقدّمه أعاد وإلّا أجزأ ، ولو تعدّدت المحاذاة أحرم من أدنى الحلّ.

وهذه المواقيت للحجّ والعمرة ، ولا يجوز الإحرام قبلها وإن مرّ بها ما لم يجدّده فيها.

ويجوز للناذر أن يوقعه في أشهره ، وهل يلحق به اليمين والعهد؟ توقّف ، ولمريد العمرة في رجب إذا خشى تقضّيه ، ولا يجوز تأخيره عنها ، ولو تعمّده عاد إلى الميقات ، فإن تعذّر بطل ولو كان لمانع أو ناسيا أو جاهلا رجع إلى الميقات ، فإن دخل مكّة خرج إليه ، فإن تعذّر فمن أدنى الحلّ ، ولو تعذّر فمن مكّة ، وكذا لو لم يرد النّسك ، أو كان مقيما بمكّة ووجب عليه التمتع ، أو أراده.

ويحرم الصبيان من موضع الإحرام ، ويجرّدون من « فخّ » (1) على طريق المدينة (2).

المبحث الثاني : في المقدّمات

يستحبّ قطع العلائق ، والوصيّة ، وجمع أهله ، وصلاة ركعتين ، والدعاء بالمأثور ، والوقوف على باب داره ، والتوجّه إلى طريقه ، ثمّ يقرأ « الحمد » أمامه وعن يمينه وشماله ، وكذا « آية الكرسي » ويدعو بكلمات الفرج ، وبالدعاء

ص: 230


1- « فخّ » بفتح أوّله وتشديد ثانيه : بئر قريبة من مكّة على نحو من فرسخ. مجمع البحرين.
2- قال في الدروس : 1 / 342 : وإحرام الصبيان من فخّ ، وقيل : من الميقات ويجرّدون من فخّ.

المأثور ، والصدقة أمام التوجّه ، وتوفير شعر الرأس من أوّل ذي القعدة ، ويتأكّد إذا أهلّ ذو الحجّة ، وقصّ أظفاره ، وتنظيف جسده ، والإطلاء ، ولو كان مطليا أجزأه ما لم تمض خمسة عشر يوما ، والغسل ، والتيمّم لو تعذّر الماء ، وإعادة الغسل لو أكل أو لبس ما لا يجوز للمحرم ، ويجوز تقديمه على الميقات للمعوز ، ويعاد لو وجد الماء.

ويجزئ غسل النهار ليومه والليل لليلته إلّا أن ينام فيعاد معه لا مع الحدث.

ونافلة الإحرام ركعتان يقرأ في الأولى الحمد والجحد ، وفي الثانية الحمد والتوحيد ، ويستحبّ ايقاعها عقيب الغسل ما لم تتضيّق فريضة ، ثمّ يصلّي الظهر ويحرم عقيبها ، وإن لم يتّفق فعقيب فريضة ، فإن لم يتّفق فعقيب ستّ ركعات أو ركعتين.

ولو نسي الغسل أو الصلاة أعاد الإحرام بعدهما ، والمعتبر الأوّل ، فيترتّب عليه أحكامه.

المبحث الثالث : في الكيفية

والواجب ثلاثة :

الأولى : لبس ثوبي الإحرام ، يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، ولو ائتزر ببعض الثوب الطّويل وارتدى بالباقي أجزأ ، ويحتمل العدم.

ويشترط فيهما الإباحة وجنسيّة ما يصلّى فيه ، وكونه غير حاك ولا مخيط ، وكذا ما اشتبه كالدرع ، ويجوز بالممتزج من الحرير ، ولبس أكثر من ثوبين ، وإبدالهما لكن الأفضل الطواف فيهما.

ص: 231

ولو فقدهما جاز لبس السّراويل والقبا مقلوبا ، يجعل ذيله على كتفيه.

واللبس شرط في صحّة الإحرام ، فلو أحرم عاريا أو في مخيط لم ينعقد على توقّف.

ويجوز للنساء لبس الحرير والمخيط.

ويستحبّ القطن ، وأفضله الأبيض.

ويكره السّود ، والمعصفرة ، والمعلمة ، والوسخة ، والنوم على المصبوغة خصوصا السود.

الثاني : النيّة ، وهي ركن يبطل الإحرام بتركها عمدا وسهوا ، وصورتها : أن يقصد ما يحرم به من حجّ أو عمرة ، وما يحرم له من حجّ الإسلام أو غيره ، ونوعه من تمتّع وغيره ، وصفته من وجوب أو ندب ، والتقرب إلى اللّه تعالى ، ولا يعتبر النطق بل لو اقتصر عليه بطل ، ويجوز ضمّه.

ولو نوى نوعا ونطق بغيره ، فالمعتبر المنويّ ، ولو نوى الحجّ والعمرة بطلا وإن كان في أشهر الحجّ ، ولو أطلق الإحرام بطل ، وقال الشيخ : إن كان في أشهر الحجّ تخيّر بين الحجّ والعمرة ، وإلّا اعتمر (1).

ولو نسي المنويّ تخيّر فيهما ، ولو لزمه أحدهما تعيّن ، ولو نوى كإحرام فلان صحّ إن علم.

الثالث : التلبيات الأربع ، وهي : « لبيك اللّهمّ لبّيك ، لبّيك إنّ الحمد والنّعمة لك ، والملك لك ، لا شريك لك لبّيك ».

ص: 232


1- المبسوط : 1 / 316.

ولا يجوز ترجمتها اختيارا ، ولا ينعقد إحرام المتمتّع والمفرد إلّا بها ، وللقارن أن يعقد بها ، أو بالاشعار ، أو بالتقليد ، (1) وبأيّها بدأ استحبّ الآخر.

والأخرس يحرّك بها لسانه ، ويعقد بها قلبه ، ويشير بيده ، ولو نوى الإحرام وفعل قبلها ما يحرم عليه لم يلزمه كفّارة وإن لبس ثوبيه.

ويستحبّ رفع الصوت بها للرجال ، وللمحرم لحجّ التمتّع إذا أشرف على « الأبطح » وللراكب على طريق المدينة إذا علت راحلته « البيداء » وللراجل حيث يحرم ، وتكرارها عند صعود الاكام (2) وهبوط الأهضاب ، وعند النوم واليقظة ، وعند تجدّد الأحوال ، إلى زوال شمس عرفة للحاج ، وإلى مشاهدة بيوت مكّة للمعتمر بالمتعة ، وإلى دخول الحرم للمعتمر مفردا ، وإلى مشاهدة الكعبة لمن خرج من مكّة للإحرام.

ويستحبّ أن يشترط على ربّه أن يحلّه حيث حبسه ، وإن لم يكن حجّة فعمرة لفظا ، فلو نواه لم يعتدّ به ، وفائدته جواز تعجيل التحلّل للمحصور ، ولا يفيد سقوط الحجّ في القابل ولا سقوط الهدي.

المبحث الرابع : في أحكامه

الإحرام ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه حتّى أكمل مناسكه صحّ ، ويحرم إنشاء إحرام آخر قبل الإكمال ، فلو أحرم بالحجّ قبل التقصير عامدا بطلت متعته ، وصارت حجّة مبتولة ، والناسي يمضي في حجّه ، ويستحبّ الدّم.

ص: 233


1- في « ب » و « ج » : أو التّقليد.
2- الأكمة كقصبة : تلّ صغير. مجمع البحرين.

ويجوز للمفرد إذا دخل مكّة أن يجعل حجّه عمرة التمتع إلّا أن يلبّي فينعقد إحرامه مفردا ، وإذا تمتّع بالعمرة ندبا ، وجب الحجّ.

وإحرام المرأة كإحرام الرجل إلّا ما استثني ، ويصحّ من الحائض والنفساء لكن لا تصلّي له ، فلو تركته لظنّ فساده رجعت إلى الميقات ، فأحرمت منه ، ولو تعذّر فمن أدنى الحلّ ، فإن تعذّر فمن موضعها ولو بمكّة.

ويجب الإحرام على كلّ مريد الدخول إلى مكّة إلّا المتكرر ومن دخل لقتال أو قبل مضيّ شهر من إحرامه الأوّل.

وكلّ ما يجب ويستحبّ في إحرام العمرة ، فهو كذلك في إحرام الحجّ.

المبحث الخامس : فيما يحرم به

وهو اثنان وعشرون شيئا :

الأوّل : صيد البرّ ، وهو الحيوان الممتنع بالأصالة ، فيحرم الفرخ والبيض ، ولا يحرم الإنسيّ بالتوحّش ، كما لا يحلّ الوحشي بالاستيناس ، والمتولّد منهما يلحق بالاسم ، فإن انتفيا اعتبر جنسه.

ولا فرق بين المباح والمملوك ، فيحرم اصطيادا وذبحا وأكلا وإن ذبحه محلّ ، وإشارة ، ودلالة وإغلاقا ، إلّا السباع والحيّة والعقرب والفأرة والدجاج الحبشي.

ويجوز رمي الحدأة والغراب ، وشراء القماري والدّباسي (1) وإخراجها من مكة لا قتلها.

ص: 234


1- في مجمع البحرين : في الحديث ذكر القمري والدّباسي ، هو بفتح الدال المهملة ، ويقال له : الدبسي أيضا بضمّ الدال : طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب لأنّهم يغيّرون في النسب.

ويجوز صيد البحر ، وهو ما يبيض ويفرخ في الماء.

الثاني : النساء وطيا ، ولمسا ، وتقبيلا ، ونظرا بشهوة ، وعقدا له ولغيره ، وشهادة عليه ، وإقامة وإن تحمّلها محلّا ، ولو تحمّلها محرما جاز الأداء بعد الإحلال.

ولو عقد المحرم لنفسه أو لغيره ، محلّا كان أو محرما بطل ، وكذا لو عقد له غيره.

ولو وكّله محرما فعقد بعد الإحلال صحّ ، ولو انعكس بطل.

ويجوز توكيل الأب المحرم محلّا عن ولده المحلّ ، ويقدّم قول مدّعي إيقاع العقد في الإحلال مع اليمين وعدم البيّنة ، فإن كان المرأة فلها المهر ويلزمها حقوق الزوجية ، وبالعكس يلزمه المهر وتوابع العقد كتحريم الأخت والخامسة ، ولا يرجع عليها بما قبضت من المهر ، ولا تطالبه به مع عدم الدخول ، ومعه تطالب بأقلّ الأمرين من المسمّى ومهر المثل.

ولو شكّا في وقوعه في الاحلال والإحرام ، فالأصل الصحّة ، ويجوز الرجعة وشراء الإماء وإن كان للتسري ، والطلاق وشبهه ، ويكره الخطبة له ولغيره.

ويحرم على المرأة ما يحرم على الرّجل.

الثالث : الطيب على العموم أكلا ولمسا وشمّا ، ويجوز ابتداء واستدامة ، إلّا خلوق الكعبة ، فإن اضطرّ قبض على أنفه ، ولا يقبض عليه من الكريهة (1) ، ولو

ص: 235


1- في « ب » و « ج » : الكراهة.

مات المحرم منع من الكافور في الغسل والحنوط ، ويحرم في الكحل والدّهن وقبل الإحرام إذا بقيت رائحته بعده.

ويجوز شراء الطّيب ومسّه ما لم يتعلّق به أو بثوبه رائحته ، ولا تحرم الفاكهة والرياحين ولا الشيح والخزامي (1) وشبهه.

الرابع : الادهان إلّا لضرورة ، ويجوز أكله.

الخامس : إزالة الشعر عن رأسه أو بدنه اختيارا ، فيجوز للأذى.

السادس : قلم الأظفار.

السابع : إخراج الدّم اختيارا ولو بالسّواك والحكّ.

الثامن : الحنّاء للزينة لا للسّنة ، وفي حكمه ما يبقى بعده.

التاسع : لبس الخاتم للزينة ، ويجوز للسّنة.

العاشر : النظر إلى المرآة.

الحادي عشر : قتل هوامّ الجسد ، ويجوز نقله وإلقاء القراد والحلم. (2)

الثاني عشر : لبس السلاح لغير ضرورة ، ولا تحرم المنطقة. (3)

الثالث عشر : الفسوق ، وهو الكذب.

الرابع عشر : الجدال ، وهو الحلف.

ص: 236


1- في مجمع البحرين : الشيح والخزامى : نبتان من نبات البادية.
2- في مجمع البحرين : القراد - كغراب - : هو ما يتعلّق بالبعير ونحوه وهو كالقمّل للإنسان. والحَلَمُ - بالتحريك: القُراد الضّخم.
3- في مجمع البحرين : المنطق كمنبر : ما يشدّ به الوسط.

الخامس عشر : قطع الشجر والحشيش إلّا المملوك والإذخر (1) وشجر الفواكه والنخل وعودي المحالة. (2)

السادس عشر : الاكتحال بالسواد.

السابع عشر : ويختصّ الرجل بتحريم تغطية الرأس ولو بالماء والحمل ، فإن غطّاه ناسيا ألقاه واجبا ، وجدّد التلبية استحبابا.

الثامن عشر : ولبس ما يستر ظهر القدم كالخفّ والشمشك ، ولو اضطرّ جاز ، والنعل أولى من الخفّ ، ولا يجب شقّه ، ولا قطع الشراك.

التاسع عشر : ولبس المخيط وإن لم يضمّ البدن (3) ، ويحتمل اشتراطه ، لأنّه المتبادر إلى الفهم ، فعلى الأوّل يحرم المرقّع (4) لا على الثاني ، ويجوز لبس الطيلسان لكن لا يزرّه.

العشرون : والتظليل سائرا اختيارا فلو زامل المضطرّ أو المرأة اختصا به ، ويجوز المشي تحت الظّلال.

الحادي والعشرون : وتختص المرأة بتحريم لبس الحليّ إلّا المعتاد ، فيحرم إظهاره للزوج.

ص: 237


1- في مجمع البحرين : الإذخر - بكسر الهمزة والخاء - : نبات معروف ، عريض الأوراق ، طيب الرائحة ، يسقّف به البيوت ، يحرقه الحداد بدل الحطب والفحم.
2- المحالة : هي البكرة العظيمة الّتي يستقى بها. مجمع البحرين.
3- وفي الدروس : 1 / 376 مكان « الضمّ بالبدن » : الإحاطة به.
4- الرّقعة بالضم : الخرقة الّتي يرقع فيها الثوب. مجمع البحرين.

الثاني والعشرون : وتغطية الوجه ، ويجوز النقاب وسدل القناع إلى أنفها ، ولا تلصق به وجهها. (1)

المطلب الثاني : [ في ] الطواف
اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في مقدّماته ، وهي واجبة ومندوبة ، فالواجب :

إزالة النجاسة عن الثوب والبدن ، ولا يعفى عمّا عفي عنه في الصلاة ، فلو طاف مع علم النجاسة أعاد ، وفي الناسي توقّف ، ولو علم في الأثناء أزالها وأكمله ، ولو علم بعده أجزأ.

والطهارة من الحدث في الواجب ، فلو أخلّ بها أعاد الطواف والصلاة ، وتستحبّ الإعادة في النفل.

والختان في الرجل مع التمكّن.

وستر العورة ، ولا يشترط المشي فيجوز الركوب فيه.

والمندوب : الغسل لدخول الحرم ولدخول مكّة ، والأفضل من بئر « ميمون » أو من « فخّ » ومع التعذّر بعد دخوله ، ومضغ الإذخر ، ودخول مكّة من أعلاها حافيا على سكينة ووقار ، ثمّ الغسل لدخول المسجد الحرام ، ثمّ يقف على باب « بني شيبة » ويسلّم على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ويدعو بالمأثور ، ويدخل منه.

المبحث الثاني : في الكيفيّة
اشارة

وفيها واجب وندب.فالواجب اثنا عشر :

ص: 238


1- في « ج » : فلا تلصق به وجهها.

الأوّل : النيّة ، ويجب أن يقصد به عمرة التمتع لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، والمقارنة لأوّله والاستدامة.

الثاني : البدأة بالحجر ، وهو أن يحاذي بأوّل جزء من بدنه من الحجر (1) ممّا يلي الركن اليماني ، ويكفي الظنّ ، فلو بدأ بغيره أعاد عنده.

الثالث : الختم بما بدأ.

الرابع : جعل البيت على اليسار ، فلو خالف بطل وإن استقبله.

الخامس : خروجه بجميع بدنه عن البيت ، فلو مشى على أساسه أو مسّه بيده لم يصحّ. (2)

السادس : إدخال الحجر ، فلو أخرجه ، أو مشى على حائطه أو مسّ خارجه ، بطل.

السابع : إخراج المقام.

الثامن : مراعاة بعده في الجوانب.

التاسع : الموالاة ، فلو قطعه لحدث ، أو لحاجة ، أو لغيره ، أو لدخول البيت ، فإن تجاوز النصف بنى وإلّا أعاد ، وكذا لو قطعه لصلاة فريضة حاضرة أو للوتر ، أو لإزالة النجاسة ، وفي النافلة بنى مطلقا.

العاشر : إكمال سبعة أشواط ، من الحجر إليه شوط ، فإن زاد في فريضة عمدا بطل ، ولو كان سهوا فإن ذكر قبل بلوغ الحجر قطع ، وصحّ طوافه ، وبعده يكمل اسبوعين ندبا ، ويصلّي للفرض قبل السّعي ، وللنفل بعده.

ص: 239


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : أن يحاذى بأوّل جزء من بدنه أو جزء من الحجر.
2- في « أ » : لم يقع.

ولو نقضه (1) فإن جاوز النصف رجع وأكمله ، وإلّا استأنفه ، ولو رجع إلى أهله استناب.

وتكره الزيادة في النافلة ، وينصرف على الوتر استحبابا.

الحادي عشر : حفظ العدد ، فلو شكّ في عدده بعد انصرافه لم يلتفت (2) مطلقا ، ولو شك في الأثناء بطل في النقيصة ، ولو كان في الزيادة ، فإن تعلّق الشك بالسابع ولم يبلغ الحجر بطل ، وإن بلغ أو خرج السابع من الشكّ صحّ.

ويجوز التعويل على غيره في العدد ، فإن شكّا وتساويا فكما تقدّم ، وإن اختلفا ألحق الحكم بشكّ الطائف ، ولو شكّ في النافلة بنى على الأقلّ.

الثاني عشر : صلاة ركعتين كالصّبح بعده ، ومحلّها مقام إبراهيم عليه السلام ، حيث هو الآن ، فإن منعه زحام صلّى خلفه أو إلى أحد جانبيه ، ويصلّي ركعتي طواف النافلة في المسجد حيث شاء.

ولو نسيهما رجع ، ولو شقّ قضاهما حيث ذكر ، ولو مات قضاهما الوليّ.

ويستحبّ أن يقرأ في الأولى الحمد والتوحيد ، وفي الثانية الحمد والجحد.

والندب عشرة :

الأوّل : استقبال الحجر بجميع بدنه.

الثاني : حمد اللّه تعالى والثناء عليه ، والصّلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والدّعاء.

ص: 240


1- في « أ » : نقصه.
2- في « أ » « لم يثبت » ولعلّه مصحّف.

الثالث : استلامه ببدنه ، فإن تعذّر فبيده ، فان منع أشار بها ، ومع فقدها يشير إليه.

ويستلم الأقطع بموضع القطع.

الرابع : المشي.

الخامس : الاقتصاد فيه ، وقيل : يرمل الثلاثة (1) الأول في طواف القدوم.

السادس : استلام الأركان كلّها ، وآكدها العراقي واليماني ، وتقبيلهما.

السابع : التداني من البيت.

الثامن : الدّعاء بالمرسوم (2) وتلاوة القرآن.

التاسع : التزام المستجار في السابع ، وبسط يديه على حائطه ، وإلصاق خدّه وبطنه به ، وذكر ذنوبه ، والدعاء بالمأثور ، والاستغفار ، ولو تجاوزه رجع والتزم.

العاشر : الطواف ثلاثمائة وستّين طوافا ، فإن عجز فثلاثمائة وستّون شوطا ، ويجعل الأخير عشرة أو يزيد أربعة.

ويكره الكلام في خلاله بغير القرآن والدعاء.

ص: 241


1- القائل هو العلّامة في القواعد : 1 / 428 ، قال : « يرمل ثلاثا ويمشي أربعا في طواف القدوم ». وقال المحقّق الكركي: الرَّمَلُ محرّكاً: هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، دون الوثوب والعدو ويسمّى الخبب، والمراد بطواف القدوم: أوّل طواف يأتي به القادم إلى مكّة. جامع المقاصد: 3 / 199 .
2- في « أ » : بالمرقوم.
المبحث الثالث : في أحكامه

الطواف ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه قضاه ، ولو تعذّر عوده استناب ، ويجب تقديمه على السّعي في الحجّ والعمرة ، ولو أخّره أعاد ثمّ يسعى ، ولو ذكر في السعي أنّه لم يطف طاف ثمّ استأنف السّعي ، وكذا لو ذكر في السّعي نقصانه ولم يتجاوز النصف ، ولو تجاوز رجع فأتمّه ، ثمّ أتمّ السعي ، وإن كان شوطا.

ويحرم لبس البرطلة (1) في الطواف مطلقا ، والقران في الفريضة ، ولو طيف بالمعذور ثمّ برئ لم يعده.

ولو نذره على أربع لم ينعقد ، وإن كان امرأة ، ويحتمل انعقاد الطواف دون القيد.

المطلب الثالث : [ في ] السّعي
اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في مقدّماته

وكلّها مستحبّة ، وهي الطهارة ، واستلام الحجر ، والشرب من زمزم ، والصبّ على جسده من الدلو المقابل للحجر ، والخروج من باب الصفا ، والصّعود عليه ، وإطالة الوقوف عليه ، والتكبير سبعا ، وكذا التهليل ، والدعاء

ص: 242


1- قال في جامع المقاصد : 3 / 205 : البرطلة - بضمّ الباء والطاء المهملة وإسكان الراء وتشديد اللّام مع الفتح - : هي قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما ، وروي أنّها من زيّ اليهود.

بالمأثور ، وأن يقول ثلاثا : « لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير وهو على كلّ شي ء قدير ».

الثاني : في الكيفيّة

والواجب تسعة :

الأوّل : النيّة : ويجب أن يقصد به عمرة التمتّع لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، مقارنة لأوّله ، مستدامة الحكم.

الثاني : البدأة بالصّفا بأن يصعد عليه أو يلصق عقبه (1) به.

الثالث : الختم بالمروة بأن يصعد عليها أو يلصق أصابع قدميه بها.

الرابع : سعيه في الطريق المعهود ، فلو انتهى إلى المروة أو إلى الصفا بغيره لم يجزئ.

الخامس : استقبال المقصد (2) بوجهه ، فلو مشى القهقرى لم يصحّ.

السادس : إكمال سبعة أشواط ، من الصّفا إليه شوطان ، فلو زاد على السبعة عمدا أعاد ، ولو كان سهوا قطع أو أكمل اسبوعين ، ولا يستحبّ السعي إلّا هنا ، فلو نقص شوطا أو بعضه أتى به ، فإن رجع إلى أهله وجب العود ، فإن تعذّر استناب.

السابع : إيقاعه بعد الطواف ، فلو قدّمه أعاده.

الثامن : تأخيره عن الركعتين ، فيعيد لو قدّمه.

ص: 243


1- في « أ » و « ج » : عقبيه.
2- في « ب » و « ج » : المقصود.

التاسع : إيقاعه في يوم الطواف مع القدرة ، فلو أخّره أثم وأجزأ ، ويستحبّ المشي معه مع القدرة ، والهرولة للرجل ما بين المنارة وزقاق العطّارين ، ماشيا كان أو راكبا ، ولو نسيها رجع القهقرى فتداركها ، والدّعاء في أثنائه.

الثالث : في أحكامه

السّعي ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه أتى به ، فإن تعذّر استناب ولو لم يحصّل عدده بطل ، وكذا لو حصّله وشكّ فيما بدأ به وكان في الفرد على الصّفا وفي الزوج على المروة ، وبالعكس يصحّ (1) والشكّ فيه كالطواف.

ولو ظنّ الكمال في عمرة التمتّع فأحلّ وواقع ، ثمّ ذكر النقص أتمّه ، وكفّر ببقرة ، وكذا لو قلّم ظفره أو قصّ شعره.

ويجوز قطعه لصلاة فريضة أو لحاجة له ولغيره ، ثمّ يعود فيتمّ ، ولا يشترط مجاوزة النّصف ، (2) والجلوس خلاله للراحة ، والركوب.

الرابع : [ في ] التقصير

وهو نسك ، ومحلّه مكة ، ويستحبّ على المروة ، وزمانه بعد السّعي فيقصّر شيئا من شعر رأسه أو بدنه ، ويجزئ القرض والنتف ، وقصّ بعض الأظفار ، ويجب مسمّاه ، ولا يجزئ الحلق بل يحرم ، ويجب به شاة إن تعمّد

ص: 244


1- في « أ » : صحّ.
2- في « ج » : تجاوز النّصف.

ويمرّ الموسى على رأسه يوم النحر ، وينوي به (1) التحلّل لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، ويحلّ به ما حرّم عليه.

ويستحبّ له التشبّه بالمحرمين في ترك المخيط.

ولو أحرم بالحجّ قبله عامدا بطلت متعته ، وصارت حجّة مفردة ، ولو كان ناسيا لم يبطل وعليه دم استحبابا.

ولو جامع قبله عامدا ، وجب على الموسر بدنة ، والمتوسّط بقرة ، والمعسر شاة.

ويكره له الخروج من مكّة قبل أن يحرم بالحجّ إلّا لضرورة.

ص: 245


1- في « أ » : « فيه ».
القول في حجّ التمتع
اشارة

وفيه مطالب :

الأوّل : [ في ] الإحرام

وهو ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ، ولو نسيه حتّى أكمل مناسكه فقد تمّ حجّه ، ومحلّه مكّة ، وأفضلها المسجد ، وأفضله المقام أو تحت الميزاب ، فلو أحرم من غيرها عمدا بطل ، واستأنفه بها ، وناسيا يعيده فيها. وإن دخلها بإحرامه ، فإن تعذّر فحيث يمكن ولو بعرفة ، ولا يسقط الدم.

ووقته يوم التروية استحبابا ، وأفضله عند الزوال عقيب الظهرين ، ومقدّماته وكيفيّته وأحكامه وتروكه كما مرّ ، إلّا أنّه ينوى به حجّ التمتّع.

ويستحبّ للماشي التلبية في موضع الإحرام ، وللراكب إذا ثار به بعيره ، ورفع الصوت بها إذا أشرف على الأبطح ، وتكرارها إلى زوال شمس عرفة.

المطلب الثاني : في نزول منى

وحدّها من العقبة إلى وادي محسّر ، ويستحبّ الخروج إليها يوم التروية إلّا لمن يضعف عن الزّحام ، فالإمام قبل الزوال يصلّي الظهرين بها وغيره بعد الصلاة في المسجد ، والدعاء عند التوجّه وعند دخولها وخروجه منها والمبيت بها إلى الفجر ، وليس بنسك ، ولا يقطع وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.

ويكره الخروج منها قبل الفجر إلّا للمضطرّ.

ص: 246

ويستحبّ للإمام الإقامة بها إلى طلوع الشمس ، وأن يخطب يوم السابع ، ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأوّل ، ويعلّم النّاس مناسكهم.

المطلب الثالث : في الوقوف بعرفة

وفيه مباحث :

الأوّل : في حدّ عرفة ، وهو من بطن عرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز ، فلو وقف بهذه الحدود أو بغيرها كتحت الأراك بطل حجّه ، وأفضل عرفة السّفح في ميسرة الجبل ، ويكره الوقوف عليه إلّا عند الضرورة.

ويستحبّ أن يضرب خباءه بنمرة.

الثاني : في كيفيّة ،والواجب النيّة ، وهي أن يقصد به ما أحرم له لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى ، مستدامة الحكم إلى الغروب ، والكون بعرفة من زوال الشمس إلى الغروب ، والركن منه مسمّاه وإن كان سائرا ، فلو أفاض قبله عامدا عالما جبره ببدنة ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما ، ولو كان جاهلا أو ناسيا لم يلزمه شي ء.

ولا يجب (1) الكون بها كلّ الوقت بل لا ينفر حتّى الغروب ، فلو أدرك عرفة قبل الغروب بلحظة أجزأه ، ولو تعذّر الوقوف نهارا ، وقف ليلا في أيّ وقت شاء.

ولا يجب الكون إلى الفجر بل مسمّى الحضور وإن كان مختارا ، ولا يصحّ مع الجنون والإغماء والسكر والنوم ، ولا يضرّ تجدّده في الوقت.

ص: 247


1- في « أ » : ولا يلزم.

والندب أن يغتسل ويجمع رحله ، ويسدّ الخلل به وبنفسه ويقف في السّهل ، ويدعو بالمرسوم وبغيره له ولوالديه وللمؤمنين ، ويكون قائما ، ويكره قاعدا وراكبا.

الثالث : في أحكامه : الوقوف ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ، فلو تركه ناسيا أو لعذر تداركه ليلا ، ولو ترك الاضطراريّ عامدا بطل حجّه ، ولو تركه لعذر أو نسيه اجتزأ بالمشعر ، وكذا لو خاف فوات المشعر به.

ويدرك الحجّ بإدراك الاختياريين وبأحدهما وبالاضطراريين ، لا بأحدهما وباضطراريّ واختياريّ.

المطلب الرابع : في الوقوف بالمشعر
اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في حدّه

وهو ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر ، (1) ومع الزحام يجوز الوقوف على الجبل.

ويستحبّ الاقتصاد في سيره ، والدّعاء إذا بلغ الكثيب الأحمر عن يمين الطريق ، وتأخير العشاءين إلى المزدلفة ولو بربع الليل ، والجمع بينهما بأذان وإقامتين ، ولو منع صلّى في الطريق.

ص: 248


1- في « أ » : « إلى حياض وادي محسّر ». قال العلّامة في القواعد : 1 / 436 : « وحدّه ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر ».
الثاني : في كيفيّته

وفيه مسائل :

الأولى : النيّة واستدامتها حكما ، ويجب أن يقصد بها ما أحرم له (1) لوجوبه قربة إلى اللّه تعالى.

الثانية : المبيت به إلى طلوع الفجر ، فلو أفاض قبله عامدا جبره بشاة وصحّ حجّه إن كان وقف بعرفات نهارا ، ولا شي ء على المرأة والناسي والخائف.

الثالثة : الوقوف بعد الفجر إلى طلوع الشمس ويجب استدامة النية ، (2) فلو أفاض قبله أثم وصحّ حجّه إن كان وقف بعرفة ، ولو فاته ناسيا أو لعذر تداركه قبل الزوال.

وتشترط السلامة من الجنون والإغماء والنوم والسكر في بعض الوقت ، فلو استوعب بطل.

الثالث : في أحكامه

الوقوف بالمشعر ركن ، فلو تركه عامدا بطل حجّه ، ولو تركه ناسيا صحّ إن كان وقف بعرفات اختيارا ، ولو نسيهما معا بطل حجّه ، والركن فيه مسمّاه ، وكذا في الاضطراريّ وإن كان سائرا.

ص: 249


1- في « ب » و « ج » : أن يقصد بها إلى ما أحرم له.
2- في « ب » و « ج » : ويجب استئناف النيّة.

ويستحبّ الوقوف بعد صلاة الفجر ، والدّعاء بالمرسوم ، والصلاة على النّبيّ وآله ، ووطء الصرورة المشعر برجله ، والصعود على قزح ، وذكر اللّه عليه ، والإفاضة قبل طلوع الشمس ، ولا يجاوز وادي محسّر حتّى تطلع ، ولا يفيض الإمام إلّا بعد طلوعها ، والهرولة في وادي محسّر وهو يقول : « اللّهمّ سلّم لي عهدي ، وأقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني فيمن تركت بعدي » ، ولو ترك الهرولة رجع فتداركها.

المطلب الخامس : في مناسك منى يوم النحر
اشارة

وهي ثلاثة :

[ النّسك ] الأوّل : [ في ] الرّمي

وفيه مسائل :

الأولى : المرمى :وهو جمرة العقبة ، فلو رمى غيرها لم يجزئ.

الثانية : الرّامي وهو الحاج مطلقا دون المعتمر ويستحبّ له الطهارة ، والدعاء ، والتباعد عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا ، وكونه راجلا ، والدعاء ، والتكبير مع كلّ حصاة ، واستقبال الجمرة ، واستدبار القبلة.

الثالثة : المرمي به ، وهو الحصى ، ويجب أن يكون أبكارا من الحرم عدا المساجد ، ويستحب التقاطه من جمع ، وأن يكون برشا ، رخوة ، بقدر الأنملة ، كحيلة ، منقطة.

ويكره الصّلبة ، والمكسّرة ، والسود ، والبيض ، والحمر.

ص: 250

الرابعة : الرّمي ، ويشترط فيه أمور :

الأوّل : النيّة ، ويجب أن يتعرّض للأداء والعدد.

الثاني : إصابة الجمرة بفعله ، فلو شاركه غيره في الابتداء أو الأثناء لم يجزئ.

الثالث : إصابتها بما يسمّى رميا ، فلو وضع الحصاة على الجمرة من غير رمي ، أو وضعها على شي ء فانحدرت على الجمرة لم يجزئ ، أمّا لو رمى فأصابت شيئا ثمّ أصابت الجمرة أجزأ ، ولو شك في الإصابة أعاد.

الرابع : تفريق الرّمي لا الإصابة ، فلو رمى اثنتين دفعة حسبت واحدة وإن تتابعت الإصابة ، ولو تتابع الرّمي فهما اثنتان وإن اتّفقت الإصابة.

الخامس : المباشرة ، فلو استناب لم يجزئ إلّا لعذر كالمرض والغيبة.

السادس : إكمال سبع حصيات يقينا ، فلو شكّ فيه بنى على الأقلّ ، ويستحبّ الرّمي خذفا. (1)

ص: 251


1- قال في جامع المقاصد : 3 / 235 : « فسّره المعظم : بأن يضع الحصاة على بطن إبهام يده اليمنى ، ويدفعها بظفر السبّابة ، وفسّره السيّد : بأن يضعها على إبهام يده اليمنى ويدفعها بظفر الوسطى ، وفي الصحاح أنّه الرّمي بأطراف الأصابع ».
[ النّسك ] الثّاني : [ في ] الذبح
اشارة

وفيه فصول :

الأوّل : في هدي التمتّع
اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في وجوبه

ويجب على المتمتّع دون غيره مفترضا كان أو متنفّلا مكيا أو لا ، وعلى المملوك المأذون ، ولمولاه أن يأمره بالصوم ، فإن أعتق قبله تعيّن الهدي ، والمعتق قبل أحد الموقفين يلزمه الهدي ، ومع العجز الصوم.

ولا يجزئ الواحد إلّا عن واحد ، ويجزئ في المندوب عن سبعة ذوي خوان واحد.

ولا تباع ثياب التجمّل فيه ، ولو تكلّفه جاز.

الثاني : في صفاته

وهي أربعة :

الأوّل : كونه من النّعم ، وأفضله الإبل ، ثمّ البقر ، ثمّ الغنم.

الثاني : كونه ثنيّا ، وهو من الإبل ما دخل في السادسة ، ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية ، ويجزئ الجذع من الضأن ، ويستحبّ من الإبل والبقر الإناث ومن الغنم الذكران.

ص: 252

الثالث : الكمال فلا تجزئ العوراء ، والجرباء ، والعضباء (1) والعرجاء البيّن عرجها ، والمريضة ، ومقطوعة الأذن ، ومكسورة القرن الداخل ، ولا الخصيّ ، ويكره الموجوء (2) والجمّاء خلقة ، والصمعاء وهي فاقدة الأذن خلقة.

الرابع : السمن ، وهو أن يكون على كليتها شحم ، ويكفي الظنّ ، فلو اشتراها على أنّها سمينة فبانت مهزولة أجزأت وكذا بالعكس ، ولو ظنّ التمام فبانت ناقصة لم تجزئ بخلاف العكس.

ويستحبّ كونها تنظر في سواد وتمشى في سواد ، وتبرك في مثله ، أي لها ظلّ ، وهو كناية عن السّمن ، وأن تكون ممّا عرّف به. (3)

الثالث : في ماهيّة الذبح

وتجب النيّة في النّحر والذبح ، وتجزئ الاستنابة ، والمباشرة أفضل ، ودونه جعل يده مع يد الذابح ، ومكانه منى ، وزمانه يوم النحر ، فلو أخّره لا لعذر أجزأ في ذي الحجّة وأتم ، ومع العذر لا إثم ، ولو ضلّ فذبح غيره (4) لم يجزئ.

ويستحبّ نحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة ، وطعنها من الجانب الأيمن ، والدّعاء ، وقسمته أثلاثا ، ويجب الأكل منه.

ص: 253


1- العضباء بالمدّ : مكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الأذن. مجمع البحرين.
2- قال العلّامة في التذكرة : 8 / 264 : ويكره الموجوء ، وهو مرضوض الخصيتين.
3- قال العلّامة في التذكرة : 8 / 267 : ويستحبّ أن يكون الهدي ممّا عرّف به ، وهو الّذي أحضر عرفة عشيّة عرفة إجماعا لقول الصادق عليه السلام : لا يضحى إلّا بما قد عرّف به ....
4- في « أ » : فذبح عنه.
الرابع : في البدل

لو فقد الهدي ووجد الثمن ، خلّفه عند من يشتريه ويذبحه عنه في ذي الحجّة ، ولو تعذّر ففي القابل فيه ، ولو فقدهما صام ثلاثة أيام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله ، ولو جاور بمكّة انتظر الأقلّ من مضيّ شهر ووصوله إلى بلده.

ويجوز صوم الثلاثة من أوّل ذي الحجّة ( بعد التلبّس بالمتعة وإن أحلّ من العمرة ، ويجوز في باقي ذي الحجّة ) (1) ، فإن خرج ولم يصم تعيّن الهدي في القابل بمنى.

ولو وجد الهدي بعد التلبية لم يجب الهدي بل يستحبّ ، ولو مات قبل الصوم صام الوليّ العشرة ، ولو لم يصل إلى بلده.

ويجب تتابع الثلاثة إلّا أن يكون الثالث العيد ، فيأتي به بعد النفر ، ولو كان الثاني صام الجميع بعد النفر ، ويجوز تفريق السبعة.

ولو مات بعد وجوب الهدي أخرج من أصل تركته.

الفصل الثاني : في هدي القران

وهو ما يسوقه المحرم في إحرام الحجّ أو العمرة ، وهو مستحبّ بأصل الشرع ، ولا يخرج عن ملكه ، لكن إذا ساقه فلا بدّ من ذبحه أو نحره بمنى للحاجّ ، وبمكّة للمعتمر بالحزورة ، (2) وزمانه يوم النحر ، فلو أخّره أثم وأجزأ ، ولا تجب

ص: 254


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».
2- بفتح الحاء المهملة ، وإسكان الزاي وتخفيف الواو المفتوحة ، والراء بعدها ، وزان « قسورة » : موضع كان به سوق مكّة بين الصفا والمروة. مجمع البحرين.

الصدقة به ، ولو عجز ذبحه أو نحره مكانه ، وأعلمه ، ويجوز إبداله ما لم يشعره أو يقلّده ، والتصرف فيه وإن أشعره أو قلّده ، وشرب لبنه ما لم يضرّ (1) به أو بولده.

ولو انكسر جاز بيعه ، وتستحبّ الصدقة بثمنه أو إقامة بدله ، ولو هلك لم يجب بدله إلّا إذا كان مضمونا.

ولو ضلّ فأقام بدله ثمّ وجده ، ذبحه دون بدله ، ولو وجده بعد (2) ذبح البدل استحبّ ذبحه.

ولو ضلّ فذبح عن صاحبه أجزأ إن ذبح في محلّه.

ويستحبّ الأكل منه ، وهديّة ثلثه ، والصدقة بثلثه.

الفصل الثالث : في الأضحية

وهي سنّة مؤكّدة ، ويجزئ عنها الهدي الواجب ، والجمع أفضل ، ويختصّ بالنّعم ، ولا يجزئ إلّا الثنيّ من الإبل والبقر والغنم ، ويجزئ الجذع من الضأن.

ويستحبّ الإناث من الإبل والبقر والذكران من الغنم.

وتكره التضحية بالثور ، والجاموس ، والخصيّ ، والموجوء.

ويستحبّ فيها صفات الهدي ، فإن لم يجدها تصدّق بثمنها.

ولو اختلف جمع الأعلى والأوسط والأدون ، وتصدّق بثلث الجميع.

ووقتها بمنى يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي الأمصار يوم النحر ويومان بعده ، ولو خرج وقتها فاتت ، ولا تختصّ بمكان.

ص: 255


1- في « أ » : ما لم يتضرّر.
2- في « أ » : « وقد ».

ويستحبّ الأكل منها ويهدي ثلثا ويتصدّق بثلث ، والتضحية بما عرّف به وبما يشتريه ، ويكره بما يربّيه ، وبيع جلودها وإعطاؤها الجزّار ، بل يتصدّق بها ، وإخراج شي ء من أضحيته عن منى لا من أضحية غيره.

ويجوز إخراج السنام ، ولا يلحق به ألية الغنم ، ولا يجوز بيع لحمها ، ويجوز ادّخاره.

الفصل الرابع : في بقيّة الدماء
اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : في أقسامها

وهي المنذورات والكفّارات ودم التحلّل.

أمّا المنذور فإن عيّنه تعلّق به الوجوب ، فلا يجزئ غيره ، ولو تلف لم يجب بدله ، ويزول ملكه عنه ، وهو أمانة في يده لا يضمنه إلّا مع التفريط ، ولا يجوز الأكل منه ، فيضمن قيمة ما أكل.

ولو ضلّ فذبحه واجده عن صاحبه أجزأ ، وإن أطلق النذر ولم يتعلّق الوجوب بما ساقه فله إبداله والتصرّف فيه ، ولا يزول ملكه عنه إلّا بذبحه ، ولو تلف ضمن بدله.

ولو ضلّ فأقام بدله ، ثمّ وجده تخيّر إلّا أن يعيّن أحدهما ، ولو وجد الأوّل بعد ذبح الأخير لم يجب ذبحه إلّا مع تعيينه.

وأمّا الكفّارات ودم التحلّل فسيأتي.

ص: 256

ويستحبّ أن يبعث المحل هديا ، ويواعد أصحابه وقتا لسياقه ، ووقتا لذبحه ، فإذا كان (1) وقت السّياق اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر ، ولا يلبّي ، وإذا كان وقت الذبح أحلّ ، ولو أخطأ ظنّه لم يضمن.

ولو أتى بما يحرم على المحرم كفّر استحبابا.

الثاني : في وقتها ومكانها
اشارة

أمّا المنذور فبحسب النذر ، فالمطلق لا يختصّ بزمان ، ومكانه مكّة ، ولو عيّن مكّة أو منى تعيّن ، ولو عيّن غيرهما لم ينعقد.

وأمّا الكفّارات فلا تختصّ بزمان ، نعم تجب عند حصول سببها ، ومكانها مكّة إن كان معتمرا ، ومنى إن كان حاجا.

وأمّا دم التحلّل فزمان دم الصدّ منه إلى الفوات ، فيتحلّل بعمرة ، ولا يجب دم للفوات عندنا ، ومكانه موضع الصدّ ، وزمان دم الحصر يوم النحر وأيّام التشريق ، ومكانه مكّة للمعتمر ومنى للحاجّ ، وزمان دم التحلّل من عمرة الفوات وقت الصدّ ، ومكانه عنده ، وللحصر مكّة.

فائدة

الدم الواجب منه مضيّق اختيارا ، وهو دم المتعة وجزاء الصيد ، ومنه مضيّق مطلقا ، وهو دم الإحصار وكذا دم الصدّ ، لكن يسقط بالفوات ، ومنه مخيّر وهو دم أذى الحلق.

ص: 257


1- في « أ » : فإن كان.
النسك الثالث : [ في ] الحلق أو التقصير

والحاجّ مخيّر فيهما ، والحلق أفضل خصوصا الصّرورة والملبّد ، (1) ويحرم على النساء ، وفي إجزائه توقّف.

وتجب النيّة ، وحصول مسمّاه ، وأن يكون من الرأس ، ويمرّ الموسى عادم الشعر على رأسه ، وأن يكون بمنى ، فلو رحل قبله رجع وأتى به ، فإن تعذّر حلق أو قصّر مكانه ، وبعث شعره ليدفن بها استحبابا ، وأن يقدّمه على طواف الحجّ وسعيه ، فلو أخّره عامدا أجزأ ، وجبره بشاة ، ولا شي ء على الناسي.

ويستحبّ الدعاء عند الحلق ، والبدأة بالنّاصية من القرن الأيمن إلى العظمين خلف الأذنين ، ودفن الشعر بمنى.

ويحلّ بأحدهما من كلّ شي ء إلّا الطيب والنساء والصّيد ، وهو التحلّل الأوّل.

ويجب ترتيب مناسك منى ، وليس شرطا في الصحّة.

ويستحبّ لمن حلق قبل الذبح إمرار الموسى على رأسه بعده.

المطلب السادس : في زيارة البيت
اشارة

ويجب بعد الحلق أو التقصير المضيّ إلى مكة ، ويستحبّ ليومه خصوصا المتمتّع ، ويجوز تأخيره إلى غده ، ويحرم بعده ، ويجزئ طول ذي الحجّة ،

ص: 258


1- تلبيد الشّعر : أن يأخذ عسلا أو صمغا ويجعله في رأسه لئلّا يقمل أو يتّسخ. تذكرة الفقهاء : 8 / 335.

ويجوز للقارن والمفرد التأخير على كراهية ، ولا يجوز بعده مطلقا.

ويستحبّ قبل دخول مكّة ما تقدّم ، وتقليم الأظفار ، والأخذ من الشارب ، والدعاء على باب المسجد ، ثمّ يطوف الحجّ فيحلّ له الطيب ، وهو التحلل الثاني ، ولو نسيه وواقع أهله بعد الذكر فعليه بدنة ، ولا شي ء على الناسي ، ثمّ يسعى للحجّ.

ولا يجوز للمتمتّع تقديم الطّواف والسّعي على الموقفين ، ومناسك منى يوم النحر إلّا لعذر ، كالمرض (1) وخوف الحيض ، والزحام للعاجز ، ويكره للقارن والمفرد ، ثمّ يطوف للنساء وهو التحلّل الثالث.

ولا يجوز تقديمه للمتمتّع وغيره إلّا لضرورة أو خوف الحيض ، ولا تقديمه على السّعي عامدا إلّا لضرورة أو خوف الحيض ، ولو قدّمه ساهيا أجزأه.

وهو واجب في الحجّ والعمرة المبتولة دون عمرة التمتع على الرجال والنساء والخناثي والصبيان والمملوك ، فيحرم بتركه الوطء والعقد والشهادة عليه وأنواع الاستمتاع ، ويلزم به الصّبيّ المميّز ويطوف الوليّ بغير المميّز ، فلو أخلّا به منعا من الاستمتاع بهنّ قبل البلوغ وبعده حتّى يقضياه.

ولو طاف للنساء في إحرام آخر لم يسقط القضاء.

وليس بركن ، فلو تركه عامدا لم يبطل حجّه بل يجب الرّجوع له ، ولو تعذّر استناب.

ولو تركه سهوا أجزأته النيابة مطلقا.

ص: 259


1- في « ب » و « ج » : كالمريض.

ويحلّ له النّساء بطواف النائب ، فلو واعده في وقت لم يحللن له عنده على توقّف ، ولو قلنا بالحلّ فظهر عدمه اجتنبهنّ.

ولو مات قضاه الوليّ.

وكيفية الطواف والسعي كما تقدّم إلّا في النيّة.

تنبيه

قد علم من هذا الاستقراء الشرعي أنّ مواطن التحلّل ثلاثة : عند الحلق أو التقصير ، وعند طواف الزيارة ، وعند طواف النساء ، وتحريم الصّيد لمكان الحرم ، فلو أكل من صيد غيره جاز.

ويستحبّ ترك المخيط حتّى يطوف للحجّ ، وترك الطيب حتّى يطوف للنّساء.

المطلب السابع : [ في ] العود إلى منى

ويجب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، ولو لم يتّق الصّيد والنساء ، أو غربت شمس الثاني عشر وجب المبيت ليلة الثالث عشر ، فإن أخلّ بالمبيت لزمه عن كلّ ليلة شاة إلّا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة ، أو يخرج من منى بعد نصف الليل.

ويجب رمي الجمار الثلاث في كلّ يوم من أيّام التشريق ، كلّ جمرة بسبع حصيات كما تقدّم ، ووقته من طلوع الشمس إلى غروبها ، ويجوز ليلا للمعذور ، كالخائف ، والراعي ، والعبد ، والمريض.

ص: 260

ويجب الترتيب ، يبدأ بالأولى ، ثمّ الوسطى ، ثمّ جمرة العقبة ، ولو نكس أعاد على الوسطى ثمّ جمرة العقبة ، ويحصل الترتيب برمي أربع للناسي لا بأقلّ ، ولو تعمّد بنى على الأربع واستأنف اللاحقة.

ولو رمى ثلاثا ثمّ رمى اللاحقة ، استأنف فيهما على قول ، أمّا لو رمى الأخيرة بثلاث ، ثمّ قطع بنى عليها ، عامدا كان أو ناسيا.

ولو ترك حصاة واشتبه محلّها ، رمى الثلاث بثلاث ، ولا يجب الترتيب ، ولو فاتته جمرة وجهل عينها ، أعاد على الثلاث ، ويجب الترتيب ، ولو لم يرم قضاه من الغد قبل الحاضر ولو كان حصاة ، ويرتّب كالأداء.

ويستحبّ رمي الفائت بكرة والحاضر عند الزّوال ، ولو نسى الرمي حتّى دخل مكّة رجع ورمى ، ولو فات وقته قضاه في القابل.

وتجوز الاستنابة والرّمي عن المعذور ، كالمريض ، والغائب ، وليس وكالة محضة ، فلو أغمي على المنوب لم ينعزل النائب لزيادة العذر ، ويرمي عمّن أغمي عليه إذا خيف الفوات ، ولو زال العذر لم تجب الإعادة ، ولو زال في الأثناء بنى.

ولمن اتّقى الصّيد والنساء النفر في الأوّل لكن بعد الزوال ، ويجوز في الثاني قبله ، وغير المتّقي يتعيّن عليه المقام إلى النفر الأخير.

ويستحبّ لمن نفر في الأوّل دفن حصى الثالث عشر.

ويستحبّ رمي الأولى والثانية عن يمينه ، مستقبل الجمرة والقبلة ، ويقف ويدعو ، واستقبال جمرة العقبة مستدبر القبلة ، ولا يقف ، والقيام عن يسار الطريق إذا فرغ من الأولى مستقبل القبلة ، ويدعو ، وكذا إذا فرغ من الثانية ، والإقامة

ص: 261

بمنى أيّام التشريق ، والتكبير بها ، وأن يخطب الإمام ، ويعلّمهم ذلك.

المطلب الثامن : [ في ] العود إلى مكّة

ويجب العود على من بقى عليه شي ء من مناسكها ، ويستحبّ لوداع البيت وصلاة ستّ ركعات بمسجد (1) الخيف عند المنارة الّتي في وسطه ، وكذا فوقها إلى جهة القبلة بنحو من ثلاثين ذراعا ، وكذا عن يمينها وشمالها ، والتحصيب (2) لمن نفر في الأخير ، والاستلقاء فيه ، والغسل لدخول مكة والمسجد ، والدعاء ، ودخول الكعبة بعد الغسل ، ويتأكّد للصرورة ، وصلاة ركعتين بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء ، يقرأ في الأولى « الحمد » و « حم السجدة » وفي الثانية بعدد آيها (3) ، والصلاة في زوايا الكعبة ، والدّعاء بالمرسوم ، واستلام الأركان والمستجار والشرب من زمزم وإتيان الحطيم وهو ما بين الباب والحجر وهو أشرف البقاع وفيه تاب اللّه على آدم ، وطواف الوداع ، والخروج داعيا من باب الحنّاطين ، والسّجود عنده مستقبل القبلة ، والدّعاء ، والصدقة بتمر يشتريه بدرهم ، والعزم على العود ، والطواف للمجاور أفضل من الصلاة ، والمقيم بالعكس.

وتكره المجاورة بمكّة ، والحجّ على الإبل الجلّالة ، ورفع بناء فوق الكعبة ، ومنع سكنى دور مكّة.

ص: 262


1- في « أ » : في مسجد.
2- قال في الدروس : 1 / 464 : وهو النزول بمسجد الحصبة بالأبطح الّذي نزل به رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ويستريح فيه قليلا ويستلقي على قفاه.
3- في « أ » : آياتها.

والأيّام المعلومات عشر ذي الحجّة ، والمعدودات أيّام التشريق ، ويوم النفر الأوّل : الثاني عشر ، ويوم النفر الثاني : الثالث عشر.

الفصل الثاني : في حجّ الإفراد والقران

وهو أن يحجّ ثمّ يعتمر ، ويمتاز القارن بسياق الهدي ، وتجب نيّة الإفراد والقران ، والإحرام من الميقات أو من دويرة أهله ، ثمّ يأتي بمناسك الحجّ إلّا الهدي ، ثمّ يعتمر.

ويجب في العمر مرّة واحدة على الفور بشرائط الحجّ ، فلو استطاع لأحدهما وجب خاصّة على توقّف.

وميقاتها ميقات الحجّ أو أدنى الحلّ ، وأفضله الجعرانة أو التنعيم أو الحديبيّة ، ولا يصحّ من الحرم إلّا لضرورة.

ووقتها عند انقضاء الحجّ بعد أيّام التشريق ، أو في استقبال المحرّم.

وواجباتها : النيّة ، والإحرام من الميقات ، ثمّ الطواف وركعتاه ، ثمّ السعي ، ثمّ التقصير ، ثمّ طواف النّساء وركعتاه.

ويتحلّل بالتقصير من كلّ شي ء إلّا النساء ، فإذا طاف لهنّ حللن له ، ويجوز الحلق ، وهو أفضل ، ولو أفسد حجّ الإفراد وجب إتمامه والبدنة ، والإتيان بالعمرة ، ثمّ يقضي الحجّ خاصّة.

ولو جامع في العمرة قبل السعي عالما عامدا ، فسدت ووجب القضاء والبدنة ، وكذا يجب على المرأة لو طاوعت ، ويحمل البدنة عنها لو أكرهها.

ص: 263

ولو جامع بعد السّعي وجبت البدنة وإن كان بعد الحلق قبل طواف النساء.

وقد يجب بالنذر وشبهه ، والإفساد ، والفوات ، ودخول مكة لغير المتكرّر والمعذور ، ويتكرّر الوجوب بتكرّر السبب.

ووقت الواجب عندحصول سببه ووقت المندوب جميع أيّام السّنة،وأفضلها«رجب ».

ويجوز الإتباع مطلقا ، وقيل بعد سنة (1) وقيل بعد شهر (2) وقيل بعد عشرة أيام (3).

ولمن اعتمر في أشهر الحجّ أن ينقلها إلى عمرة التمتّع دون العكس اختيارا.

ص: 264


1- ذهب إليه ابن أبي عقيل ، كما نقله عنه العلّامة في المختلف : 4 / 368.
2- وهو خيرة الحلبي في الكافي في الفقه : 221 ، وابن حمزة في الوسيلة : 196 ، والعلّامة في المختلف : 4 / 369.
3- ذهب إليه الشيخ في المبسوط : 1 / 304 ، والقاضي في المهذّب : 1 / 211 ، والمحقّق في الشرائع : 1 / 303.

النّظر الرابع : في لواحقه

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في الصّدّ

وفيه بحثان :

الأوّل : في حقيقته ، وهو المنع من مكّة أو الموقفين بعدوّ أو حبس على مال ظلما أو مستحقا مع العجز ، فالقادر غير مصدود.

ويتحقّق الصدّ بالمنع من مكّة في إحرام العمرة ، وبالمنع من الموقفين أو أحدهما مع فوات الآخر في إحرام الحجّ ، وبالمنع من منى ومكّة معا على الأقوى.

ولا يتحقّق بالمنع من منى ، بل يحلق مكانه ، ويستنيب في الرمي والذبح ، ويسقط المبيت ، ولا بالمنع من مكّة ، بل يأتي بالطواف والسعي في ذي الحجّة ، فإن تعذّر بقى على إحرامه بالنسبة إلى الطّيب والنساء ، حتّى يقضيه في القابل.

البحث الثاني : في حكمه :إذا تحقّق الصدّ ، فإن كان له طريق آخر ،

ص: 265

وجب سلوكه مع القدرة وإن خشي الفوات ، ولا يتحلّل بخوفه بل إن تحقّق تحلّل بعمرة ثمّ يقضيه واجبا إن وجب ، وإلّا ندبا ، ولو لم يكن له إلّا طريق العدوّ ، أو كان وقصرت نفقته ، تحلّل بذبح هدي أو نحره ، والتقصير ، ونيّة التحلّل عند الذبح ، فيحلّ من كلّ شي ء أحرم عنه.

ويجوز التحلّل في الحرم وغيره حتّى في بلده ، لأنّه لا يراعى في التحلّل زمان ولا مكان ، ثمّ يجب القضاء مع وجوبه.

وإذا ظنّ انكشاف العدوّ استحبّ الصّبر ، فإن انكشف والوقت باق أتمّ ، وإن فات تحلّل بعمرة.

ولو انكشف بعد تحلّله ، فإن اتّسع الوقت وجب الإتيان به إن بقيت الشرائط ، ولا تشترط الاستطاعة من بلده ، ولا بدل لهدي التحلّل ، فلو لم يجده أو فقد ثمنه بقى على إحرامه ، ولا يحلّ (1) بدونه وإن تحلّل.

ثمّ إنّ بتحقّق الفوات تحلّل (2) بعمرة ، بأن ينقل نيّته إليها ، فلو صدّ عن إتمامها تحلّل بالهدي ، ولا يسقط بالاشتراط ، ويجزئ عنه هدي السياق ، ولو أفسد ثمّ صدّ ، فإن تحلّل كان عليه بدنة الإفساد ، ودم التحلل ، والقضاء ، وحجّ العقوبة ، فإن انكشف العدوّ والوقت باق ، وجب القضاء ، وهو حجّ يقضى لسنته ، ويبقى عليه حجّ (3) العقوبة ، وإن لم يتحلّل ، فإن انكشف العدوّ والوقت باق مضى في الفاسد ، وقضاه في القابل.

ص: 266


1- في « أ » : ولا تحلّل.
2- في « ب » و « ج » : يحلّ.
3- في « ب » و « ج » : حجّة.

ولو كان الحجّ ندبا فإن فات تحلّل بعمرة ، وعليه القضاء والبدنة ، ولو كان الوقت باقيا تحلّل بالدم ، وعليه بدنة الإفساد ، وقضاء واحد ، وكذا البحث لو صدّ ثمّ أفسده.

وحكم المعتمر حكم الحاجّ.

ولا يجب قتال العدوّ وإن ظنّ السلامة ، ولو طلب مالا ، فالحكم ما تقدّم.

الفصل الثاني : [ في ] الحصر

وهو المنع عن مكّة أو الموقفين بالمرض ، وإن كان بعد التلبّس بالحجّ أو العمرة ، بعث ما ساقه إلى مكّة إن كان معتمرا ، أو منى إن كان حاجّا ، وإن لم يسق بعث هديا أو ثمنه ، ويواعد نائبه وقتا معيّنا لذبحه أو نحره ، فإذا بلغ محلّه ، قصّر وتحلّل من كلّ شي ء إلا النساء حتّى يحجّ من قابل ، ولو عجز أو كان الحجّ ندبا ، جاز أن يستنيب في طواف النساء.

ولو أحصر في عمرة التمتّع حلّ له النساء ، إذ لا طواف لهنّ ، وفيه توقّف للعموم.

ولو لم يجد الهدي ولا ثمنه ، بقى على إحرامه ، إذ لا بدل له ، ولو بان عدم الذبح لم يبطل تحلّله ، بل يجب في القابل ، ويجزئ هدي السياق إلّا أن يكون منذورا أو معيّنا عن نذر أو كفّارة ، ولا يسقط بالشرط ، وفائدته تعجيل التحلّل.

ولو زال العذر بعد البعث وقبل التحلّل ، التحق ، فإن أدرك أحد الموقفين

ص: 267

صحّ حجّه ، وإلّا تحلّل بعمرة وإن ذبح هديه ، ولزمه القضاء مع وجوبه.

ولو أخّر التحلّل حتّى تحقّق الفوات ، لزمه لقاء البيت ليتحلّل بعمرة ولو كان قد ذبح هديه وقت المواعدة.

ولو زال العذر بعد البعث والتحلّل ، فإن اتّسع الوقت وجب الإتيان به مع وجوبه وإلّا ففي القابل.

ويقضي القارن قارنا والمعتمر عند زوال العذر.

ولو صدّ وأحصر تخيّر في الأخذ بحكم أحدهما.

الفصل الثالث : في كفّارة الصّيد

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : الصّيد منه ما لا كفّارة له ، ومنه ما له كفّارة ، ومنه ما فيه القيمة.
اشارة

أمّا الأوّل فالسباع الماشية والطائرة ، والدّجاج الحبشي ، والبرغوث ، والحيّة ، والعقرب ، والفأرة ، والحيوان المحرّم إلّا ما يستثنى. (1)

وأمّا الثاني فثلاثة :

الأوّل : ما له مثل من النّعم وبدل مخصوص ، وهو خمسة :

الأوّل : النعامة وفيها بدنة ثنيّة فصاعدا ، وفي فرخها من صغار الإبل ، فإن

ص: 268


1- في « ب » و « ج » : نستثني.

عجز فضّ ثمنها على البرّ وأطعم ستّين مسكينا لكلّ واحد مدّان ، فإن عجز صام عن كلّ مدّين يوما ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما.

الثاني : بقر الوحش وحماره ، وفي كلّ واحد بقرة أهليّة ، فإن عجز فضّ ثمنها على البرّ وأطعم ثلاثين مسكينا كما مرّ ، فإن عجز صام ثلاثين يوما ، فإن عجز صام تسعة أيّام.

الثالث : الظبي وفيه شاة ، فإن عجز فضّ ثمنه ، وأطعم عشرة ، كما مرّ ، ثمّ صيام العدد ، ثمّ صيام ثلاثة أيّام ، وألحق الثعلب والأرنب بالظبي.

الرابع : بيض النعام ، وفي كسر الواحدة بكرة من الإبل إن تحرّك الفرخ ، وإلّا أرسل فحولة الإبل في إناث بعدد البيض ، فالناتج هدي ، فإن عجز ففي كلّ بيضة شاة ، ثمّ إطعام عشرة مساكين ، ثمّ صيام ثلاثة أيّام.

ولو بان فاسدا لم يلزمه شي ء.

الخامس : بيض القطا والقبج ، وفي كسر الواحدة صغير من الغنم إن تحرّك الفرخ ، وإلّا أرسل فحولة الغنم في إناث بعدد البيض ، فالناتج هدي ، فإن عجز أطعم عشرة مساكين ، ثمّ صيام ثلاثة أيّام.

فروع

الأوّل : لو زادت قيمة الجزاء عن البرّ (1) أو نقصت ، لم يجب الزائد ولا الإتمام.

الثاني : الإبدال على الترتيب.

ص: 269


1- في « ب » و « ج » : على البرّ.

الثالث : لو قدر في الصّوم الثاني على أكثر منه لم يجب ، ولو عجز عن بعضه لم يجب الباقي ، واستغفر اللّه تعالى.

الرابع : لو عجز عن البدنة ، وفقد البرّ دون ثمنه ، انتقل إلى الصوم ، ويحتمل تعديله عند ثقة.

الخامس : يفدي عن المعيب والمريض بمثله ، والصّحيح أفضل ، ويستحبّ التماثل في الذكورة والأنوثة.

السادس : لو أبطل امتناعه لزمه فداء كامل ، وعلى قاتله قيمة معيب ، ولو أبطل أحد امتناعيه لزمه الأرش.

السابع : لو ضرب حاملا فماتا ، فداها بحامل ، فإن تعذّر قوّم الجزاء حاملا ، ولو ألقته ثمّ ماتا ، فداهما بمثلهما ، ولو مات أحدهما فداه خاصّة ولو معيبا فالأرش.

ولو ألقته ميتا لزمه ما بين قيمتها حاملا ومجهضا ، ولو ألقته حيّين سليمين فلا شي ء.

الثاني : ما لا مثل له ولا بدل مخصوص من النّعم ، ففي كلّ واحدة من الحمام ، وهو كلّ طائر يهدر ويعبّ الماء (1) شاة على المحرم في الحلّ ، ودرهم على المحلّ في الحرم ، وفي فرخها حمل (2) على المحرم في الحلّ ، ونصف

ص: 270


1- قال في جامع المقاصد : 3 / 310 : معنى « يهدر » : انّه يواتر صوته ، ومعنى « يعبّ الماء » : يكرع كرعا ، لا يأخذه قطرة قطرة بمنقاره كالدّجاج والعصافير.
2- قال في جامع المقاصد : 3 / 311 : الحمل بالتحريك : من أولاد الضأن ماله أربعة أشهر فصاعدا.

درهم على المحلّ في الحرم ، وفي كسر بيضها على المحرم في الحلّ حمل إن تحرّك الفرخ ، وإلّا درهم ، وعلى المحلّ في الحرم ربعه ، ويجتمع الأمران على المحرم في الحرم في الجميع.

ويستوي الأهلي وحمام الحرم في القيمة إذا قتل في الحرم ، إلّا أنّ حمام الحرم يشترى بقيمته علف لحمامه ، وقيمة الأهليّ يتصدّق بها.

وفي كلّ واحدة من القطا ، والحجل ، والدراج ، حمل قد فطم ورعى الشجر ، وفي كلّ واحدة من القنفذ ، والضبّ ، واليربوع ، جدي ، وفي البطة أو الأوزة أو الكركي شاة على قول ، (1) وقيل : في الأسد إذا لم يرده كبش. (2)

وفي الجراد الكثير شاة ، ولو لم يمكن التحرّز منه فلا شي ء.

وفي شرب لبن الظبية دم وقيمة اللبن.

ولو ضرب بطير على الأرض ( فمات ) (3) فعليه دم وقيمته للحرم والضّمير للطّير (4) وأخرى لاستصغاره (5) ، فيلزمه في الحلّ دم وقيمة ، ويحتمل أنّه للحرم ، فيلزمه دم لا غير ، وعلى المحلّ في الحرم قيمتان على القولين.

وفي دخول النعامة في الطير هنا وإلحاق غيره به توقّف.

ص: 271


1- ذهب إليه الشيخ في المبسوط : 1 / 346.
2- وهو خيرة الشهيد في الدروس : 1 / 359.
3- ما بين القوسين يوجد في « أ ».
4- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : « للمحرم ».
5- قال في الدروس : 1 / 362 : « لو ضرب بطير على الأرض في الحرم فعليه دم وقيمة له وقيمة أخرى لاستصغاره ، والّذي في رواية معاوية بن عمّار ثلاث قيم ». لاحظ الوسائل : 9 / 242 الباب 45 من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث 1. ولاحظ أيضا القواعد : 1 / 462.

الثالث : ما كفّارته من غير النّعم ، ففي كلّ واحد من العصفور ، والصعوة ، والقبرة ، وشبهه ، مدّ من الطّعام ، وفي العظاءة (1) كفّ من طعام ، وفي الجرادة تمرة ، وفي إلقاء القمّلة أو قتلها كفّ من طعام ، وفي الزّنبور كفّ تمر أو طعام.

وأمّا الثالث : وهو ما لا نصّ فيه كالبطّة والأوزة والكركي ، ويحكم بقيمته ذوا عدل ومعرفة ، ولا يكفي الواحد ، ويجوز أن يكون أحدهما أو هما القاتل إلّا مع العمد إلّا مع التوبة.

ويعتبر القيمة وقت الإتلاف ، ولا يقوّم ما لا قيمة له كالخنزير ، ويعتبر قيمة الجزاء وقت الإخراج ، ومحلّه منى في إحرام الحجّ ، ومكّة في إحرام العمرة.

المبحث الثاني : في موجبات الضمان

وهو ثلاثة :

الأوّل : المباشرة ، من قتل صيدا فعليه فداء ولو أكل منه ففداء آخر ، وفي عينيه قيمته وفي إحداهما النّصف ، وكذا في يديه ورجليه ، (2) وفي قرنيه النّصف ، وفي إحداهما الربع ، ولو أصاب ولم يؤثّر فيه فلا شي ء.

ولو شكّ في الإصابة ، أو في كونه صيدا ، أو في الحرم ، فلا شي ء.

ولو شك في تأثير الإصابة ، أو علمها وجهل حاله ، لزمه الفداء ، ولو جرحه فرآه سويّا فالأرش إن علم قدره ، وإلّا فربع القيمة.

ص: 272


1- في مجمع البحرين : العظاء ممدود : دويبة أكبر من الوزغة ، الواحدة عظاءة وعظاية.
2- في « أ » : وفي رجليه.

ولا يقدّر الأرش من الفداء ، فلو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته وجب ذلك لا عشر الشاة ، ولا عشر قيمتها ، وعلى كلّ من المشتركين فداء كامل ، محرمين كانا أو محلّين في الحرم.

ولو رماه محلّا فقتله محرما لم يضمنه ، وكذا لو وضع في رأسه ما يقتل القمّل ، ثمّ أحرم فقتله.

ولو دفع الصّيد عنه فأدّى إلى قتله أو جرحه ، فلا ضمان إلّا أن ينجع الأخفّ فيتعدّاه. (1)

ومذبوح المحرم ميتة ، ولو كسر بيضا لم يحرم أكله ، وكذا لو صاد ثمّ ذبحه محلّ.

ولو أمر عبده المحلّ في الحلّ بالذبح ، لم يحرم على توقّف ، والجزاء على المولى.

الثاني : اليد ، يحرم على المحرم إثبات يده على الصّيد ، ويضمنه ، فلو أفلس مشتريه بعد إحرام البائع لم يختصّ به ، ولو كان مودعا وجب دفعه إلى المالك ، ثمّ إلى الحاكم ، ثمّ إلى ثقة ، فإن تعذّر الجميع أرسله وضمن.

ولا يملكه بالاصطياد ، ولا بأحد الأسباب المملّكة إن كان معه ، وإلّا ملكه ، فلو ورث صيدا لم يملكه حتّى يحلّ ، ويزول ملكه عنه بإحرامه ، ويجب إرساله ، فإن تلف قبله ضمنه ، ولو أرسله غيره أو قتله لم يضمن ، ولو صاده محلّ بعد الإرسال ملكه.

ص: 273


1- قال العلّامة في القواعد : 1 / 462 : لو صال عليه صيد فدفعه وأدّى دفعه إلى القتل أو الجرح فلا ضمان ، ولو تجاوز إلى الأثقل مع الاندفاع بالأخفّ ضمن.

ولو استبقاه حتّى أحلّ لم يجب الإرسال ، ولا يزول ملكه عن النائي عنه.

ولو أمسكه محرم فذبحه مثله ، فعلى كلّ منهما فداء ، ولو كان الذابح محلّا ضمنه الممسك.

ولو كسر بيضا فخرج فاسدا لم يضمنه ، ولو نقله ففسد (1) ضمنه ، ولو أحضنه فخرج الفرخ سليما فلا شي ء عليه.

الثالث : التّسبيب وهو فعل ما يحصل معه التلف ، فلو خلّص صيدا من شبكة أو سبع فتلف أو عاب ضمنه ، فلو أغلق على حمام الحرم وفراخ وبيض ضمن ، فإن أرسلها سليمة سقط الضمان ، وإلّا ضمن الحمامة بشاة والفرخ بحمل والبيضة بدرهم ، ويضمن المحلّ الحمامة بدرهم والفرخ بنصف والبيضة بربع ، وكذا لو جهل حاله بعد الإغلاق.

ولو أوقد جماعة نارا فوقع فيها صيد ، فإن قصدوا الاصطياد فعلى كلّ واحد فداء ، وإلّا فعلى الجميع فداء ، ولو قصد البعض تعدّد في حقّهم ، وعلى الباقي فداء واحد ، وإن اتّحد على توقّف.

ولو رمى صيدا فاضطرب وقتل آخر ضمنهما.

ولو رمى اثنان فأصاب أحدهما فعلى كلّ واحد فداء.

ولو أمسك صيدا في الحرم فمات ولده فيه أو في الحلّ ضمنه ، وكذا لو أمسكه المحرم في الحلّ فمات ولده فيه أو في الحرم.

ولو أمسكه المحلّ في الحلّ ، فإن مات ولده في الحرم ضمنه ، وإلّا فلا.

ص: 274


1- في « أ » : وفسد.

ولو نفّر صيدا فهلك بآفة سماويّة أو بمصادمة (1) شي ء ، أو أخذه جارح (2) ضمنه.

ولو نفّر حمام الحرم ، فإن عاد الجميع فشاة ، ولو لم يعد فعن كلّ واحدة شاة ، ويكفي الظنّ ، ولو شكّ في العدد بنى على الأقلّ ، وفي حمل البعض إذا عاد أو انقطع على الجميع توقّف ، لعدم النصّ.

ولا شي ء في الواحدة لو رجعت ، ولا يتعدّى إلى غير الحمام.

ولو اشترى محلّ لمحرم بيض نعام فأكله ، لزم المحرم عن كلّ بيضة شاة والمحلّ عن كلّ بيضة درهم ، ولا يتعدّى إلى باقي البيوض ولا إلى غير البيض.

ولو أغرى كلبه أو حلّ رباطه ، أو انحلّ لضعف الرّبط ، فقتل صيدا ضمنه.

ولو نصب شبكة فهلك فيها صيد ضمنه ، وكذا لو حفر بئرا في غير ملكه عدوانا ، أو في الحرم مطلقا.

ويضمن الدالّ والمشير والسائق ما تجنيه دابّته مطلقا ، وكذا الراكب إذا وقف ، والسائر والقائد ما تجنيه بيديها ورأسها.

المبحث الثالث : في صيد الحرم
اشارة

يحرم بالحرم ما يحرم بالإحرام ، وتجب به القيمة ، فلو قتل المحلّ صيدا في الحرم فعليه قيمته ، وعلى المحرم فداء وقيمة ، ولو بلغ بدنة لم يتضاعف ،

ص: 275


1- في « أ » : بمصادفة.
2- في « ب » و « ج » : « خارج ». قال في القواعد : 1 / 464 : ولو نفّر صيدا فهلك بمصادمة شي ء أو أخذه آخر ضمن إلى أن يعود الصيد إلى السكون.

ولو قتله اثنان وأحدهما محرم ، تضاعف الفداء في حقّه.

ويتساوى في التضاعف العالم والجاهل والعامد والمخطئ.

وما لا دم فيه يتضاعف الفداء ، وما لا نصّ فيه ، تتضاعف القيمة.

ولو قتله جماعة فعلى كلّ واحد قيمة ، ولو أصابه خارج الحرم فمات فيه أو بالعكس ضمنه ، ولو ربط صيدا في الحلّ فدخل الحرم لم يجز إخراجه ، ولو رماه من الحلّ فقتله في الحرم أو بالعكس ضمنه ، وكذا لو قتل ما بعضه في الحرم ، أو كان على فرع شجرة في الحلّ ، وأصلها في الحرم أو بالعكس.

ولو رمى بسهم في الحلّ فمرّ به في الحرم ، وقتل صيدا في الحلّ لم يضمن.

ويجب إرسال ما دخل به إلى الحرم ، فلو تلف قبله ضمنه.

ولو أخرج صيدا منه وجبت إعادته ، فلو تلف قبله ضمنه ولو كان مريضا أو طائرا مقصوصا ، وجب حفظه حتّى يكمل.

ويحرم حمام الحرم في الحلّ ، فإن تلف ضمنه.

ولو نتف ريشة من حمام الحرم ، فعليه صدقة بتلك اليد مع الأرش ، ولا يجزئ بغيرها.

ولو نتف بغير اليد ، أو سقط باضطرابه في يده تصدّق كيف شاء ، وتتعدّد الصدقة بتعدّد الريش ، ولا تتعدّى إلى نتف غيره.

ويكره ما يأمّ الحرم ، والاصطياد بين البريد والحرم ، وتستحبّ الصدقة عنه بشي ء لو فقأ عينه أو كسر قرنه.

ص: 276

ومذبوح المحلّ في الحرم كمذبوح المحرم في الحلّ ، ولا يملك المحلّ صيدا في الحرم إلّا أن يكون نائيا.

تتمّة

فداء المملوك في الحلّ لصاحبه ، وغيره يتصدّق به ، وفداء المملوك في الحرم لله ، والقيمة للمالك ، ويضمن الصّيد بقتله عمدا وسهوا وخطأ ، فلو رمى غرضا فقتل صيدا ضمنه ، وكذا لو مرق السهم فأصاب آخر.

وتتكرّر الكفّارة بتكرّر القتل سهوا بعد سهو وسهوا بعد عمد أو بالعكس إجماعا ، وبتكرّره عمدا بعد عمد على الأقوى.

ومحلّ الخلاف إذا حصل التكرّر في إحرام واحد أو في إحرامين بينهما ارتباط كعمرة التمتّع وحجّه ، وإلّا تكرّر قطعا.

ولو اضطرّ المحرم إلى الصّيد أكل منه ما يمسك الرّمق وفداه.

ولو وجد ميتة أكل منه إن وجد الفداء ، وإلّا من الميتة.

ومن وجب عليه شاة في كفّارة الصّيد فلم يجد ، أطعم عشرة مساكين ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيّام.

ومن وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر فعجز ، كان عليه سبع شياه والمراد بالكفارة البدنة ، وبالدّم الشاة وبالصيام ثلاثة أيّام.

وما يجب في الحجّ يذبح بمنى ، وفي العمرة بمكّة ، والإطعام تابع ، ولا يتعيّن للصوم مكان.

ص: 277

الفصل الرابع : [ في ] كفّارة النّساء

وفيه مسائل :

الأولى : من جامع زوجته قبلا أو دبرا قبل عرفة أو المشعر عامدا عالما بالتحريم فسد حجّه ، وعليه بدنة ، والحجّ من قابل ، فرضا كان حجّه أو نفلا ، ولو طاوعته لزمها مثل ذلك ، وعليهما الافتراق في القابل (1) إذا بلغا موضع الخطيئة بمصاحبة ثالث محترم حتّى يقضيا المناسك.

ولو جامع في الفاسد وجب عليه بدنة أخرى لا غير ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا ، ولو أفسد القضاء لزمه ما لزمه أوّلا وهكذا.

والقضاء تابع للفاسد في النوع والفوريّة ، وكذا حكم المملوكة والمستمتع بها والأجنبية والغلام ، ولا يفسد بوطء البهيمة.

ولو أكرهها تحمّل عنها البدنة ، ولم يقض عنها ، ولو أكرهته لم تتحمّل عنه ، ولو أكرههما آخر فلا شي ء على المكره.

ولو أكره أمته تحمّل عنها الكفّارة ، ولا يجب الحجّ بها ولا تمكينها.

ولو استمنى بيده فعليه البدنة خاصّة ، والأولى فرضه (2) والثانية عقوبة ، وقيل : بالعكس (3) ، فلو نذر الحجّ في سنة معيّنة فأفسد ، لم تلزمه الكفّارة.

ص: 278


1- في « أ » : من قابل.
2- في « أ » : والأولى فريضة.
3- القائل هو الحلّي في السرائر : 1 / 550.

ولو أعتق العبد في الفاسدة بعد الوقوف ، لم يكفه الإتمام والقضاء عن حجّة الإسلام.

ولو استؤجر لسنة معيّنة فأفسد ، لم تنفسخ الإجارة وينعكس الحكم على الثاني.

الثانية : لو جامع عامدا عالما بعد المشعر وقبل طواف الزيارة ، فبدنة ، فإن عجز (1) فبقرة أو شاة ، ولو جامع قبل طواف النساء أو بعد ثلاثة أشواط ، فبدنة ، ولو كان بعد خمسة فلا شي ء ، ويتمّ طوافه ولا تكفي الأربعة.

الثالثة : لو جامع المحلّ أمته المحرمة بإذنه ، فعليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن عجز فشاة ، أو صيام ، ولو طاوعت لزمها الإتمام والحجّ من قابل ، والصوم عن البدنة ، وكذا حكم غلامه المحرم ، ولا شي ء عليه لو أكره زوجته المحرمة على الأقوى ، ولو طاوعت لزمها الأحكام.

الرابعة : ولو عقد محرم أو محلّ لمحرم على امرأة فدخل ، فعلى كلّ واحد كفّارة ، ولا شي ء على المرأة إذا كانت محلّة. (2)

الخامسة : لو نظر إلى غير أهله فأمنى ، فعلى الموسر بدنة ، والمتوسّط بقرة ، والمعسر شاة ، ولو نظر إلى أهله بشهوة فبدنة إن أمنى ، وبدونها لا شي ء وإن أمنى.

ولو مسّ امرأة بشهوة فشاة وإن لم يمن ، وبغيرها لا شي ء وإن أمنى.

ص: 279


1- في « ب » و « ج » : وإن عجز.
2- في « أ » : لو كانت محلّة.

ولو قبّلها بشهوة فجزور أمنى أو لا ، وبغير شهوة فشاة ، ولو أمنى عن ملاعبة فجزور.

ولو استمع على مجامع ، أو استمع (1) كلام امرأة من غير نظر ، فلا شي ء عليه وإن أمنى.

السادسة : لو جامع في إحرام العمرة قبل السّعي ، لزمته بدنة وقضاؤها ، ويستحبّ في الشهر الداخل.

الفصل الخامس : في باقي الكفّارات

اشارة

في استعمال الطيب شاة وكذا في دهن الطيب ، (2) وإن اضطرّ انتفى الإثم حينئذ ، ولا شي ء في غير الطيب وإن حرم ، وفي لبس المخيط شاة وإن اضطرّ ، وفيما يستر ظهر القدم شاة ، وفي تغطية الرأس شاة ، وفي التظليل سائرا شاة ، وفي حلق الرأس لأذى وغيره شاة أو إطعام عشرة مساكين ، لكلّ واحد مدّ ، أو صيام ثلاثة أيّام.

ولا فرق بين كلّ الرأس وبعضه إن سمّى حلقا ، وإلّا تصدّق بشي ء.

وفي نتف الإبطين شاة ، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين.

ولو سقط من شعر رأسه ولحيته في غير الوضوء ، فكفّ طعام ، ولا شي ء فيه ، وفي قلم الظفر مدّ من طعام.

ص: 280


1- في « ب » و « ج » : تسمّع.
2- كذا في القواعد : 1 / 472 : ولكن في النسخ الّتي بأيدينا « الدهن الطيب ».

وفي أظفار يديه ورجليه دم ، وفي مجلسين دمان ، والإصبع واليد الزائدتان كالأصلية.

ولو أفتاه مفت بالقلم ، فأدمى إصبعه ، فعلى المفتي شاة وإن تعدّد ، وفي قلع الضرس شاة ، وفي الجدال كذبا مرّة شاة ، ومرّتين بقرة ، وثلاثا بدنة ، وفي الصّدق ثلاثا شاة ، ولا شي ء فيما دونها.

وفي الشجرة الكبيرة من الحرم بقرة ، والصغيرة شاة وإن كان محلّا.

ولا كفّارة في قطع الحشيش وإن أثم ، ولا يجب منع السائمة من الرعي.

ولو قلع شجرة من الحرم وغرسها في غيره أعادها ولو جفّت ضمن قيمتها.

خاتمة

كلّ محرم أكل أو لبس (1) ما لا يحلّ له فعليه شاة ، ولا تجب الكفّارة على الجاهل ، والناسي ، والمجنون ، إلّا في الصّيد ، وإذا اختلفت الأسباب تعدّدت الكفّارة ، سواء كفّر عن السابق أو لا ، اتّحد الوقت أولا.

وتتكرّر الكفّارة بتكرّر الوطء مطلقا ، وبتكرّر الحلق إن اختلف الوقت وإلّا فلا ، وبتكرّر الطيب واللبس إن تغاير المجلس ، وإلّا فلا.

ويجب على الحاجّ زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فإن امتنعوا أجبروا ، وتستحبّ صلاة ركعتين بالمعرّس (2) ، والغسل لدخول المدينة ، وزيارة فاطمة عليها السلام من الروضة ،

ص: 281


1- في « ب » و « ج » : أكل ولبس.
2- قال في الدروس : 2 / 19 : « المعرّس » - بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة ، ويقال : بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الرّاء - وهو بذي الحليفة بإزاء مسجد الشجرة إلى ما يلي القبلة.

والأئمّة بالبقيع ، والصلاة في الروضة ، والصوم ثلاثة أيّام للحاجة ، والصلاة ليلة الأربعاء عند اسطوانة أبي لبابة ، وليلة الخميس عند الاسطوانة الّتي تلي مقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وإتيان المساجد وقبور الشهداء خصوصا قبر حمزة (1) ، والمجاورة بالمدينة (2) وتكره بمكّة.

وحرم المدينة من عائر إلى وعير.

ويكره عضد شجره دون صيده إلّا ما كان بين الحرّتين. (3)

* * * *

ص: 282


1- في « أ » : وقبور الشهداء وقبر حمزة.
2- في « أ » : والمجاورة للمدينة.
3- قال في الدروس : 2 / 21 في شرح « الحرّتين » : « حرّة ليلى وحرّة واقم ».

كتاب الجهاد

اشارة

ص: 283

ص: 284

والنظر في أمور :

الأوّل : الجهاد فرض كفاية

وقد يصير فرض عين بالخوف على بيضة الإسلام ، أو بتعيين الإمام ، أو نائبه ، أو بقصور القائمين ، أو بالنذر وشبهه ، ويجب في كلّ عام مرّة أو مرّتين ، ويجوز تركه للمصلحة.

وإنّما يجب بدعاء الإمام أو نائبه ، إلّا أن يدهم المسلمين عدوّ فيجب مطلقا ، ويجب إمّا للكفّ عن الدّين ، أو للدّعاء إليه ، أو لقراره (1) كحرب البغاة.

ويحرم في أشهر الحرم إلّا أن يبدأ العدو ، أو أنّه لا يرى لها حرمة ، ويجوز في الحرم ، وقد يجب القتال للدفع عن نفسه أو ماله إذا غلب السلامة ، أو كان بين أهل الحرب وغشيهم عدوّ ، ويخاف منه على نفسه ، فيقاتل معهم بقصد الدفع مطلقا لا الإعانة ، وليس ذلك جهادا ، فلا تلحقه أحكامه.

والهجرة باقية ببقاء الكفر ، وتجب عن بلاد الشرك مع العجز عن إظهار شعار الإسلام.

والمرابطة مستحبّة ، وهي إرصاد لحفظ الثغر ، ولا يشترط إذن الإمام ، فتجوز في الغيبة ، وأقلّها ثلاثة أيّام وأكثرها أربعون يوما ، فلو زاد فله ثواب الجهاد ، وأفضلها أخطر الثغور.

ويكره نقل الأهل والذريّة معه ، ولو نذرها ، أو نذر شيئا للمرابطين ، أو آجر نفسه ، وجب الوفاء مطلقا.

ومنها أن يربط فرسه أو غلامه.

ص: 285


1- في « ب » و « ج » : أو لفراره.

النظر الثاني : فيمن يجب عليه

وهو كلّ مكلّف ، ذكر حرّ ، غير همّ (1) ولا أعمى ، ولا مريض ، ولا مقعد ، ولا معسر ، فلا يجب على الصبيّ ، والمجنون ، والمرأة ، والخنثى المشكل ، والعبد وإن أمره مولاه أو تحرّر بعضه ، ولا على الشيخ العاجز ، والأعمى ، والمريض إذا عجز عن الركوب والعدوّ ، والمقعد وإن قدر على الركوب ، والعاجز عن نفقة طريقه وعياله ، وثمن سلاحه ، ومئونته ، ويختلف ذلك بحسب الأحوال.

ولو بذل للمعسر ما يفتقر إليه وجب ، بخلاف الاستئجار.

ويجب على العاجز الموسر أن يجهز غيره ، ويجوز ذلك مع القدرة إلّا أن يعيّنه الإمام.

ولو تجدّدت الأعذار بعد التحام الحرب ، لم يسقط فرضه إلّا مع العجز.

وللأبوين منع الولد إلّا أن يعيّنه الإمام ، بخلاف الجدّين.

ولصاحب الدّين منع المديون مع الحلول واليسر.

ولا يجوز إخراج المخذّل والمرجف والمتجسّس ، (2) ولو أخرجوا لم يسهم لهم.

ص: 286


1- في مجمع البحرين : الهمّ - بالكسر والتشديد - : الشيخ الكبير.
2- في « ب » و « ج » : « والمتجسّسين ». قال العلّامة في التحرير : 2 / 138 : ولا ينبغي للإمام أن يخرج معه من يخذّل النّاس ويزهّدهم في الجهاد كمن يقول : الحرّ شديد ، أو لا يؤمن هزيمة هذا الجيش. ولا المرجف ، وهو الّذي يقول : هلكت سريّة المسلمين ، ولا مدد لهم ، ولا طاقة لهم بالكفّار ... ولا من يعين على المسلمين بالتجسّس للكفّار ومكاتبتهم بأخبار المسلمين ...

النظر الثالث : فيمن يجب جهاده

اشارة

وهم ثلاثة :

الأوّل : غير أهل الذمّة وإن انتسبوا إلى أحد الأنبياء ، سواء عبدوا غير اللّه أو لا ، وهؤلاء لا يقبل منهم غير الإسلام وإن بذلوا الجزية ، فإن أصرّوا قوتلوا حتّى يسلموا أو يقتلوا.

الثاني : أهل الذمّة وهم اليهود والنّصارى والمجوس إذا أخلّوا بشرائط الذمّة ، فيقاتلون حتّى يلتزموا بها أو يقتلوا.

الثالث : البغاة وهم من خرج على إمام عادل ، فيقاتلون حتّى يفيئوا أو يقتلوا فها هنا مقاصد :

ص: 287

[ المقصد ] الأوّل : في أحكام الكفّار

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في كيفيّة القتال
اشارة

يبدأ بقتال الأقرب إلّا مع خطر الأبعد ، ولا يجوز القتال إلّا بعد الدّعاء إلى محاسن الإسلام ، ولا يتولّاه إلّا الإمام أو نائبه ، ويسقط فيمن عرفها.

ولا يجوز الفرار إذا بلغ العدوّ الضّعف أو أقلّ ، ولو غلب الهلاك إلّا متحرّفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ، كثيرة كانت أو قليلة ، بعيدة أو قريبة ، وإن زاد على الضّعف جاز الفرار.

ويستحبّ الثّبات إذا ظنّ السّلامة ، ولو ظنّ العطب وجب الانصراف.

والمعتبر العدد ، فيجوز فرار مائة بطل من مائتي ضعيف وواحد ، ولا يجوز فرار مائة ضعيف من مائة بطل. (1)

ولو انفرد اثنان من المشركين بواحد جاز الفرار ، ويجوز القتال بكلّ ما

ص: 288


1- في « أ » : « من مأتي بطل » والصحيح ما في المتن.

يرجى به الفتح ، كهدم الحصون والبيوت ، ورمي المناجيق ، والحصار ، وقطع السابلة.

ويحرم بإلقاء السمّ إلّا أن يتوقّف الفتح عليه ، ويكره بإلقاء النار ، وتسليط المياه ، وقطع الشجر إلّا مع الضرورة.

ولو تترّسوا بالنّساء والصبيان والمجانين والمسلمين ، جاز رميهم حال الحرب ، ولم يجز قتلهم وإن حاربوا إلّا مع الحاجة ، ولا قود ولا دية في قتل المسلم ، وفي الكفّارة قولان.

ويحرم قتل الشيخ الفاني ، والخنثى المشكل ، والتمثيل بهم ، والغدر ، والغلول منهم ، ويقتل الراهب.

ويستحبّ القتال بعد صلاة الظهرين ، والمبارزة إذا ندب إليها الإمام ، وتجب إذا ألزم بها ، وتكره بغير إذنه ، وتحرم لو منع منها.

وإذا طلبها المشرك استحبّ للظهير الخروج ، ويحرم على الضعيف ، فإن شرط الانفراد لم يجز معونة قرنه إلّا أن يغرّ (1) فيتبعه المشرك ، فيجوز دفعه ، ولو لم يتبعه لم تجز محاربته ، ولو استنجد أصحابه انتقض أمانه ، فلو تبرّعوا فإن منعهم ، فهو على عهده ، وإلّا جاز قتاله معهم.

ولو لم يشترط الانفراد جازت المعونة.

وتجوز الخدعة في الحرب ، ويكره القتل صبرا ، وحمل الرأس من المعركة ، والتّبييت ، وتعرقب الدابّة ، والقتال قبل الزّوال إلّا مع الحاجة ، وأن يتولّى المسلم قتل أبيه.

ص: 289


1- في « أ » : أن يضرّ.

وتجب مواراة الشهيد دون الحربي ، فإن اشتبه وارى من كان كميش الذّكر.

خاتمة

ويجوز للإمام الاستعانة بالمشركين إذا أمن غائلتهم ، وبذل ما يستعين به المقاتل من بيت المال ، وجعل الجعائل للمصلحة من الغنيمة ، معيّنا أو مجهولا كجارية.

فإن عيّنه وفتح البلد صلحا ، فإن اتّفق (1) أربابه والمجعول له على بذله أو بذل عوضه صحّ ، وإلّا فسخ الصّلح وردّوا إلى مأمنهم.

ولو تلف الجعل قبل التسليم مع إمكانه ، ضمن المثل في المثلي وإلّا القيمة.

ولو عجزنا عن الفتح فلا شي ء ، إلّا أن يفتح بعد [ ذلك ] بدلالته ، ولو فتح غيرنا بها فلا شي ء عليه. (2)

ولو أخّرناه لمصلحة فلا شي ء إلّا أن يفتح بدلالته.

ولو لم يحصل سوى الجعل اختصّ به ، ولو لم يجده فلا شي ء.

ولو كان الجعل جارية فأسلمت قبل الفتح مطلقا أو بعده والمجعول له كافر ، فله قيمتها.

ويجوز التّنفيل لبعض المجاهدين مع الحاجة ، كأن ينفذ الإمام سريّة ،

ص: 290


1- في « أ » و « ب » : اتّفقوا.
2- قال العلّامة في القواعد : 1 / 500 : ولو فتحها طائفة أخرى لمّا سمعوا الدلالة فلا شي ء عليهم ، إذ لم يجر الشرط معهم.

ويجعل لها الربع بعد الخمس ، فإذا غنمت شيئا أخرج خمسه وأعطاها ربع الباقي ، ثمّ يقسّم الفاضل بينها وبين الجيش ، ولا يستحقّ النفل إلّا بالشرط وإن حسن بلاؤه ، ولا تقدير له ، بل بحسب نظر الإمام.

وأنفل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في البدأة الرّبع وفي الرّجعة الثلث ، (1) وليس ذلك توظيفا.

ولا يحسب النفل من سهمه.

المبحث الثاني : في الأسراء

الإناث يملكن بالسبي إن كانت الحرب قائمة ، وكذا الطّفل ، ولو اشتبه بالبالغ فإن أنبت قتل إلّا أن يدّعى خروجه بالدواء ، وإلّا ألحق بالذّراري إن جهل سنّه ، والذكور البالغون إن أخذوا حال الحرب وجب قتلهم ، إلّا أن يسلموا.

ويتخيّر الإمام بين ضرب الرّقاب ، وقطع الأيدي والأرجل ، وتركهم حتّى ينزفوا ويموتوا.

وإن أخذوا بعد انقضائها ، حرم قتلهم ، ويتخيّر الإمام بين المنّ ، والفداء ، والاسترقاق وإن أسلموا.

ولا يجوز قتل الأسير إذا عجز عن المشي ولو قتله مسلم فهدر ،

ص: 291


1- قال في القواعد : 1 / 499 : « البدأة : هي السريّة الّتي تنفّذ أوّلا ، والرّجعة هي المنفّذة الثانية بعد رجوع الأولى ».

ويجب إطعامه وسقيه وإن أريد قتله ، ويكره قتله صبرا.

وينفسخ النكاح بأسر الزوج الصغير مطلقا ، وباسترقاق الكبير لا بأسره ، وبأسر الزوجة مطلقا ، وبأسر الزوجين كذلك ، ولو كانا مملوكين تخيّر الغانم إن وقعا في سهمه.

والطفل المسبي يتبع أبويه ، فمن أسلم منهما تبعه ، ولو سبي منفردا تبع السّابي في الطهارة خاصّة.

ولو أسلم الحربي في دار الحرب قبل الظّفر به ، حقن دمه ، وعصم ماله المنقول ، وغيره للمسلمين ، ويلحق به ولده الصغار ، ويدخل الحمل دون أمّه ، فيجوز استرقاقها ، وكذا لو وطئ المسلم حربيّة شبهة.

ولو أسلم عبد الحربي قبل مولاه ، فإن خرج قبله تحرّر ، وإلّا فلا.

ولو أسر المسلم ثمّ أطلق على مال ، أو شرط عليه الإقامة عندهم ، [ أ ] والأمن منه ، وجب الوفاء بالأخير. (1)

ولو صالحا (2) أهل المسبيّة على إطلاقها بإطلاق المسلم فأطلق ، لم يجب إعادتها ، ولو كان بعوض جاز إلّا إذا استولدها مسلم.

ص: 292


1- إذا استعدّ المشركون على إطلاق الأسير المسلم بشرط مال يحمله إليهم من دار الإسلام ، أو مقامه في دار الحرب ، أو يكون المشركون في أمان من جانبه ، لا يجب عليه القبول إلّا في الأخير. لاحظ المبسوط : 2 / 25.
2- كذا في النسخ الّتي بأيدينا ولعلّ الصواب « صولح ». قال في القواعد : 1 / 489 : ولو صولح أهل المسبيّة على إطلاقها بإطلاق أسير مسلم في أيديهم فأطلقوه لم يجب إعادة المرأة.
المبحث الثالث : في الاغتنام
اشارة

وفيه فصلان :

[ الفصل ] الأوّل : الغنيمة
اشارة

هنا المال المكتسب بالجهاد ، فليس منها ما انجلى عنه الكفّار بغير قتال ، ولا المسروق ، والمختلس ، واللقطة ، والمباحات الأصلية إلّا أن يكون عليها أثر الملك ، كالطير المقصوص ، فالأوّل للإمام والباقي لآخذه.

وأقسامها ثلاثة :

الأوّل : ما ينقل ، ولا يصحّ تملّكه للمسلم ، وليس غنيمة ، بل منه ما ينبغي إتلافه كالخنزير ، وكتب الكفر والزندقة ، ومنه ما يجوز إتلافه وإبقاؤه ، كالخمر للتخليل ، وما يصحّ تملّكه كالذّهب والفضّة والأمتعة ، فهو غنيمة ، ويختصّ بها الغانمون بعد الخمس والجعائل.

ولا يجوز للغانم التصرّف فيها بغير ما لا بدّ منه ، كالأكل والعليق وإن كان هناك سوق ، ولو أكل اللحم ردّ الجلد فإن تصرّف فيه فعليه أجرته وأرشه ، ولو تلف ضمنه ، ولو زادت قيمته بصنعته فلا شي ء له.

وإذا أدخل (1) دار الإسلام ردّ ما يفضل ، ولا يجوز غير ذلك كلبس الثوب ، وركوب الدابّة ، ووطء الجارية.

ويجوز أن يقرض الغانم مثله من الغنيمة ، ويفيد أولويّة لا ملكا ، وليس

ص: 293


1- في « أ » و « ب » : وإذا دخل.

للأوّل مطالبته به ، ويجوز ردّه عليه ، فيصير أولى إلّا أن يخرجا أو أحدهما من دار الحرب ، فيردّه على المغنم.

ولو أقرض غير الغانم لم يصحّ ، واستعيدت ، ولو باع مثله بشي ء منها لم يكن بيعا ، وكلّ أحقّ بما في يده.

ولو باع غيره لم تتمّ فائدته ، وردّ المبيع على المغنم ، ولو كان الثمن من غيرها فكذلك.

ويجوز للإمام أن يبيع من الغنيمة قبل القسمة للغانم وغيره مع المصلحة ، وتتمّ فائدته.

الثاني : ما لا ينقل ، كالعقار والأرض ، فإن فتحت عنوة فالمحياة حال الفتح (1) للمسلمين قاطبة بعد إخراج الخمس ، وللإمام إفرازه من العين أو من الحاصل.

ولا يصحّ التصرّف فيها ببيع أو هبة أو وقف ، ولا يملكها المتصرّف على الخصوص ، ولو ماتت لم يجز إحياؤها.

والنظر فيها إلى الإمام ، ويصرف حاصلها إلى المصالح العامّة كسدّ الثغور ، وأرزاق الولاة.

والموات للإمام خاصّة ، ولا يجوز إحياؤها إلّا بإذنه ، ولا يملكها بدونه ، ولو تصرّف قبله كان عليه طسقها (2) ، ويجوز إحياؤها في الغيبة ويملكها المحيي.

ص: 294


1- كذا في « ج » ولكن في « أ » : « وإن فتحت عنوة فالمحياة حال الفتح » وفي « ب » : « وإن فتحت عنوة والمحياة حال الفتح ».
2- « الطّسق » هو الخراج ، فارسي معرّب. جامع المقاصد : 3 / 404.

وإن فتحت صلحا على أنّها للمسلمين ، ولهم السكنى ، وعليهم الجزية ، فهي كالمفتوحة عنوة ، عامرها (1) للمسلمين ومواتها للإمام ، وإن صولحوا على أنّها لهم وعليها الجزية لزم ، ويملكونها على الخصوص ، ولهم التصرّف فيها بجميع أنواعه.

فلو بيعت من مسلم انتقل ما عليها إلى ذمة البائع.

ولو أسلم صاحبها سقط عنه مال الصلح ، واختصّ بملكها.

وكلّ أرض أسلم عليها أهلها فهي لهم ، وعليهم الزكاة في حاصلها مع الشرائط.

الثالث : السبايا والذّراري ، ويختصّ بهم الغانمون بعد إخراج الخمس.

فروع

الأوّل : لو وجد في دار الحرب ما يصلح للمسلمين والكفّار ، فهو لقطة.

الثاني : الغانم يملك حصّته من الغنيمة بالاستيلاء ، ويحتمل انّه يملك ، ويحصل الملك بالقسمة ، فعلى الأوّل لا يسقط حقّه بالإعراض ، ولو كان في الغنيمة من ينعتق (2) عليه عتقت حصّته ، وفي التقويم عليه خلاف.

ولو وطئ جارية من الغنيمة عالما ، سقط عنه من الحدّ بقدر نصيبه ، وينعقد الولد حرّا ، ويقوّم عليه يوم سقوطه حيّا ، ويلزمه حصص

ص: 295


1- في « ج » : وعامرها.
2- في « أ » : يعتق.

الباقين منه ومن العشر أو نصف العشر ، (1) وعلى الثاني ينعكس الحكم.

الثالث : يملك النفل والجعل المعيّن بالاستيلاء ، وغير المعيّن والرضخ بالقبض ، فلو أعرض عنهما سقطا.

الرابع : لا يملك العسكر المرصد للجهاد رزقه من بيت المال إلّا بقبضه ، ولو مات بعد حلوله طالب به الوارث لا قبله.

الفصل الثاني : في قسمة الغنيمة
اشارة

تجب البدأة بالجعائل والمؤن والرضخ ، ثمّ الخمس ، ثمّ يقسّم الباقي بين المقاتلين ومن حضر القتال ، حتّى المولود بعد الحيازة قبل القسمة ، وحتّى المدد المتّصل بهم ، دون النساء والعبيد والأعراب وإن قاتلوا ، ودون من حضر للتجارة والضيعة إلّا أن يقاتلوا.

وللرّاجل سهم ، وللفارس سهمان ، ولذي الأفراس وإن كثرت ثلاثة وإن قاتلوا في السّفن.

ولو اشتركا في فرس اقتسما سهمه ، ولا يفضل أحد لعظمه ، ولا لشدّة بلائه.

ويعتبر كونه فارسا عند الحيازة ، فلو خرج فارسا ، ثمّ صار راجلا عندها ، فسهم ، وبالعكس سهمان.

وإنّما يسهم للخيل العراب وغيرها ، ولا يسهم للإبل ، والبغال ، والحمير ،

ص: 296


1- قال العلّامة في القواعد : 1 / 495 : والأقرب وجوب العشر مع البكارة ونصفه مع عدمها.

ولا من الخيل للقحم ، والرازح ، والضّرع ، والحطمة ، والأعجف. (1)

ولا يشترط الملك ، فيسهم للمستأجر والمستعار ، والسهم للمقاتل ، ولا يسهم للمغصوب مع غيبة مالكه (2) وله أجرته ، ولو حضر فالسهم له ، وللمقاتل سهم الراجل ، وتحسب الأجرة من السّهم ، فإن قصر أكمله الغاصب.

فإن تعدّدت أفراس الغاصب فالأقرب أنّ السهام له ، وعليه الأجرة.

ولو تعدّدت أفراس المالك فله الأجرة ، وللغاصب سهم راجل.

ولو تعدّدت أفراسهما فلكلّ واحد سهامه ، وعلى الغاصب الأجرة.

والجيش يشارك السريّة وبالعكس إن صدرت عنه لا عن جيش البلد ، ولا يتشارك الجيشان إلى الجهتين.

ولو غنم المشركون المسلمين وأموالهم ثمّ ارتجعت منهم ، فلا سبيل على الأحرار ، وتردّ الأموال على أربابها إن عرفت قبل القسمة ، وإلّا نقضت وردّت ، ومع التفرّق يرجع الغانم بقيمتها على الإمام.

ويكره تأخير القسمة عن دار الحرب ، وإقامة الحدود فيها.

ويرضخ للنساء والعبيد والكفّار والأعراب - وهم من أظهر الإسلام ولم يصفه - (3) ولا قدر له بل بحسب ما يراه الإمام ، ولا يبلغ السّهم ، ويجوز التّفضيل فيه.

ص: 297


1- « القحم » : هو الكبير الهرم. و « الرازح » : هو الّذي لا حراك به. و « الضّرع » : وهو الصغير. و «الحطمة»: وهو الّذي ينكس الحطم ككتف، هو الّذي بقوائمه داء يكاد يقع على رأسه منه وهو معنى النّكس. و «الأعجف»: وهو المهزول. جامع المقاصد: 3 / 416 .
2- في « أ » : مع غيبة المالك.
3- قال في جامع المقاصد : 3 / 415 : والمراد ب- « من أظهر الإسلام ولم يصفه » : من لم يعرف معناه ، بحيث يعبر عنه بنعوته وإنّما أظهر الشهادتين خاصّة ، وليس له علم بمقاصد الإسلام.
خاتمة

السّلب ما اتّصل بالمقتول ، وكان محتاجا إليه ، فالثياب والعمامة والسلاح والفرس وما عليها سلب ، ورحله وجنائبه وعبيده وباقي سلاحه غنيمة.

وما اتّصل به ولم يحتج إليه ، كالخاتم والمنطقة والهميان ، فيه توقّف.

والسلب للقاتل بشروط :

الأوّل : أن يشرطه الإمام. (1)

الثاني : كون القاتل ذا نصيب من الغنيمة وإن كان رضخا ، فلا سلب للمخذّل وشبهه.

الثالث : أن يغرر القاتل بنفسه ، (2) فلو رمى سهما من صفّ المسلمين فقتل مقابله ، لم يستحقّ سلبه.

الرابع : أن تكون الحرب قائمة ، فلا سلب إذا ولّوا الدبر.

الخامس : أن يقتله أو يعطّله ، فلو أسره لم يستحقّ سلبه وإن قتله الإمام.

السادس : كون المقتول مقاتلا ممتنعا ، فلو قتل الأسير أو المثخن بالجراح ، لم يستحقّ سلبه.

السابع : كون المقتول مقاتلا وإن لم يستحقّ القتل ، كالصبي والمرأة والمجنون.

ص: 298


1- في « أ » : أن يشترطه الإمام.
2- قال في جامع المقاصد : 3 / 424 : والمراد منه : أن يخاطر بها مخاطرة زائدة على أصل الجهاد المشترك بين الكلّ.

ومع الشّروط يستحقّه القاتل وإن كان صبيّا أو مجنونا أو امرأة ، ولا ينقص سهمه بسببه.

ولو تعدّد [ القاتل ] قسّم بينهم إلّا أن يصيّره الأوّل غير ممتنع ، فيختصّ به.

المبحث الرابع : [ في ] الذمام

والنظر في شرائطه وأركانه وأحكامه

أمّا الأوّل : فيشترط اشتماله على المصلحة كاطّلاعنا على عوراتهم (1) وترفيه الجند وانتفاء المفسدة ، فلو آمن جاسوسا لم يصحّ.

وأمّا الثاني :

فخمسة :

الأوّل : العقد ، وهو كلّ لفظ دلّ على معناه صريحا ، مثل « أجرتك » أو « آمنتك » أو « أنت في ذمّة الإسلام » ويصحّ بالكتابة والإشارة الدالّة عليه ، ولو قال : « لا تخف » أو « لا بأس عليك » احتاج إلى قرينة تدلّ عليه.

ولا بدّ من قبول باللفظ أو الإشارة ، ويكفي السكوت. نعم لو ردّ بطل.

ولو سمع كلاما فتوهّمه أمانا لم ينعقد ، وردّ إلى مأمنه.

الثاني : العاقد ، ويشترط بلوغه وعقله واختياره ، ويصحّ من العبد والمرأة ،

ص: 299


1- في « ب » و « ج » : على عواراتهم.

وللإمام أن يذمّ عامّا كالبلد ، وكذا نائبه في ولايته ، وللمسلم أن يذمّ الآحاد وإن كثروا.

الثالث : المعقود له ، وهو من يجب جهاده.

الرابع : وقته ، وهو قبل الأسر وإن كان بعد الظهور (1) ، فلا يذمّ الأسير.

ويقبل قول المسلم في تقديمه ، ولو ادّعاه المشرك فأنكر المسلم قدّم قوله بغير يمين ، ولو تعذّر جوابه بطلت دعواه ، وفي الحالين يردّ إلى مأمنه.

الخامس : مقدار زمانه ، وهو سنة فما دون ، فلا ينعقد الأكثر إلّا مع الحاجة.

وأمّا الثالث : فإذا انعقد الأمان وجب الوفاء به ، ولا يلزم من جهة الكافر ، فلو نبذه صار حربيا ، ويعصم به نفسه وماله إلّا أن يظهر منه خيانة ، فلو قتله مسلم أثم ولا ضمان ، ولو أتلف ماله ضمنه.

ولو فسد العقد لم يجب الوفاء به ، ووجب ردّه إلى مأمنه ، وكذا لو دخل لتجارة أو صحب رفقة أو طلبه ، فلم يقبل منه.

وإذا عقد الحربي الأمان لنفسه ليسكن دار الإسلام ، تبعه ماله ، ولو التحق بدار الحرب للاستيطان ، انتقض أمانه لنفسه دون ماله ، فلو مات وله وارث مسلم انتقل إليه ، وإلّا انتقض الأمان فيه أيضا ، وصار فيئا يختصّ به الإمام ، وكذا لو مات في دار الإسلام ولم يكن له وارث.

ولو أسره المسلمون فاسترقّ ملك ماله تبعا لرقبته ، ويختصّ به الإمام لا من وقع في سهمه ، ولو أعتقه لم يرجع إليه.

ص: 300


1- في القواعد : 1 / 503 مكان العبارة : « ويصحّ قبل الأسر وإن أشرف جيش الإسلام على الظّفر ».

ولو عاد لغرض مع نيّة العود فالأمان باق ، وكذا لو دخل إلينا ليسمع كلام اللّه أو لسفارة.

ولو استأمن المسلم فسرق وجبت إعادة المسروق وإن كان من محارب في أي الدارين كان. (1)

ولو اقترض مالا أو اشترى متاعا ، وجب ردّ القرض والثمن.

ولو أسلم الزّوجان ألزم الزّوج بالمهر إن كان ممّا يملك ، وإلّا القيمة.

ولو أسلم الزّوج لم يكن لزوجته ولا لوارثها مطالبته بالمهر ، ولو أسلمت قبله طالبته ، ولو ماتت ثمّ أسلم ، أو أسلمت قبله ثمّ ماتت ، طالبه وارثها المسلم دون الحربيّ.

المبحث الخامس : في المهادنة
اشارة

وهي المعاهدة على ترك القتال مدّة معيّنة بعوض وغيره ، فلا يجوز إطلاق المدّة إلّا أن يشترط الإمام لنفسه الخيار متى شاء ، ولا تجهيلها كبلوغ الغلّات.

وإنّما تجوز مع المصلحة ، كرجاء الدخول في الإسلام ، وتحرم مع عدمها كقوّة المسلمين على الخصم ، واشتمالها على المفسدة ، وقد تجب مع الحاجة إليها كقوّة الكفّار وضعف المسلمين.

ص: 301


1- قال العلّامة في القواعد : 1 / 504 : ولو دخل مسلم دارهم مستأمنا فسرق وجب عليه إعادته إلى مالكه ، سواء كان المالك في دار الإسلام أو في دار الحرب.

وعاقدها الإمام أو نائبه ، وتقدّر المدّة بقدر الحاجة وإن كثرت ، ومع عدمها واشتمالها على مصلحة يجوز أربعة أشهر إلى سنة ولا يتجاوزها.

ويجب الوفاء بها حتّى تنتهي المدّة إلّا أن تقع منهم خيانة ، فإن جهلوا أنّها خيانة أنذروا ولم يغتالوا (1) ، وكذا لو فسد العقد.

ولو استشعر الإمام منهم خيانة جاز له نبذ العهد إليهم ، وينذرهم.

ويجب الوفاء بالشّرط الصحيح كردّ مسلم يؤمن افتتانه لكثرة عشيرته ، ولو لم يؤمن افتتانه ، أو شرط إعادة الرجال مطلقا بطل.

ويبطل باشتراط الفاسد كترك المسلم في أيديهم ، وإعادة المهاجرة ولو إلى زوجها ، بل يرد الإمام (2) عليه من بيت المال ما سلّم إليها من المهر المباح دون المحرّم ، ولا يدفع قيمته ولا عوض النفقة والهبة.

فروع

الأوّل : لو طلبها زوجها فارتدّت ، لم تردّ عليه لأنّها بحكم المسلمة ويردّ المهر.

الثاني : لو جاء فمات قبل المطالبة فلا شي ء ، وبعدها يردّ على وارثه ؛ ولو ماتت قبل المطالبة فلا شي ء له ، وبعدها يردّ عليه.

الثالث : لو طلّقها قبل المطالبة بائنا لم يردّ عليه شي ء ، لزوال الحيلولة ، ولو كان رجعيّا فإن راجع فله المطالبة ، وإلّا فلا.

ص: 302


1- في « أ » : « ولو يقاتلوا » بدل « ولم يغتالوا ».
2- في « أ » : ويردّ الإمام.

الرابع : لو أسلم في العدّة الرجعيّة ردّت عليه ، ويستعاد منه ما أخذ ، ولو أسلم بعدها لا تردّ إليه (1) ثمّ إن كان طالب بالمهر قبل انقضاء العدة فله المطالبة وإلّا فلا.

المبحث السادس : في التحكيم

إذا حاصر الإمام بلدا جاز أن يعقد العهد على أن ينزلوا على حكمه أو حكم غيره ، ويراعى فيه البلوغ وكمال العقل والإسلام والذكورة والعدالة والعلم بفقه ما يحكم فيه ، ويتخيّره الإمام أو الفريقان ، ولو تخيّر أهل الحرب من فيه الشرائط أجزأ ، ولو مات قبل الحكم بطل ، ويردّون إلى مأمنهم.

ويجوز تعدّده ، ولو مات أحدهم لم يمض حكم الآخر ، ولو اختلفا لم يمض حكمهما.

ويجب امتثال الحكم إذا كان فيه الحظّ للمسلمين ، ولم يخالف المشروع ، فلو حكم بقتل الرّجال وسبي النساء والذرّيّة وغنيمة المال نفذ ، فإن أسلموا قبل الحكم عصموا أنفسهم من القتل ، والذريّة من السّبي ، والمال من الاغتنام ، وإن كان بعد الحكم بذلك سقط القتل خاصّة ، ولو منّ الإمام على من حكم بقتله أو على بعضهم جاز.

ص: 303


1- في « أ » : فلا تردّ إليه.

المقصد الثاني : في أحكام أهل الذمّة

اشارة

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : في عقد الجزية

وهو أن يقول العاقد : « أقررتكم على دينكم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الإسلام » وما في معناه فيقول : الذمّي : « قبلت » ويجب اشتراط هذين الشرطين ويجوز اشتراط غيرهما.

ويصحّ مؤبّدا ومعلّقا بمشيئة الذمي ، وفي الموقّت والمعلّق بمشيئة الإمام توقّف.

ولو اختلّ أحد شروطه فسد ويردّون إلى مأمنهم ولا يقاتلون.

المطلب الثاني : العاقد

وهو الإمام أو نائبه ، فلا يصحّ من غيرهما وإن كان لواحد ، ويردّ إلى مأمنه ، ولا تلزمه الجزية وإن أقام حولا ، ويجب على الإمام القبول إن بذلوه (1) إلّا من الجاسوس أو مع خوف غائلتهم.

المطلب الثالث : المعقود له

وهو الكتابي وإن كان عربيّا ، دون الوثني وإن كان أعجميّا ، ولا فرق بين الراهب وغيره ، والسّامرة من اليهود والصابئون من النصارى (2) إلّا أن يكفّروهم.

ص: 304


1- في « ب » و « ج » : إذا بذلوا.
2- قال في جامع المقاصد : 3 / 448 في شرح كلام العلّامة في القواعد « والصائبون من النصارى والسامرة من اليهود، إن كفّروهم لم يقرّوا وإن جعلوهم مبتدعة أُقرّوا» ما هذا نصّه : قد قيل: إن الصابئين من النصارى، وقيل: إنهم يسبتون فهم من اليهود، وقيل: إنهم من المجوس، وقيل: إنهم يعبدون الكواكب ويقولون: إن الكواكب السبعة آلهة وإن الفلك حي ناطق وعلى هذا فلا يقرون بالجزية. والّذي اختاره المصنف: أنّهم من النصارى، والسامرة من اليهود، وأنّهم إن كان كلّ من الفريقين عند فريقه كافراً لمخالفته له في الاعتقاد لم يقرّوا بالجزية، وإن كانوا عندهم مبتدعة لا يخالفونهم في أصل الاعتقاد فهم منهم حقيقة يقرّون بالجزية. لكن قد يقال: إنّ المرجع في ذلك إن كان إلى اليهود والنصارى أشكل، من حيث إنّ الإقدام على قتلهم بقول الكفّار الذين لا يؤمنون ممّا يخالف اُصول المذهب، والاطلاع على حالهم إلاّ من قبلهم عزيز. ولو قيل بأخذ الجزية منهم، تعويلاً على ما نقل من كونهم من النصارى واليهود إلى أن يعلم تكفيرهم إيّاهم وعدمه، أو رجوعاً إلى إخبارهم عن أنفسهم بذلك، وبأنّهم لا يكفرونهم لكان وجهاً، لأنّ دعوى من ادّعى أنه من أهل الجزية مسموعة ما لم يعلم خلافها.

وإذا أطلق العقد دخلت زوجاته وأصاغر ولده ، ولا تتبعه نساء أقاربه إلّا مع الشرط.

ولو ادّعى قوم الذّمّة وبذلوا الجزية قبل بغير بيّنة وأقرّوا إلّا أن يثبت كذبهم.

ولا تؤخذ الجزية من العبد والهمّ والمقعد والصبي والمجنون إلّا أن يفيق حولا ، ولو جنّ أدوارا سقطت.

ولو أعتق العبد ، أو بلغ الصّبي ، أو أفاق المجنون ، كلّفوا الإسلام أو بذلوا الجزية ، (1) فإن امتنعوا صاروا حربا.

ولا جزية على النساء ، فلو شرطها الرّجال عليهنّ أو بذلنها ليأمن الرجال ، لم يصحّ.

ص: 305


1- في « أ » : أو بذل الجزية.

ولو قتل الرجال قبل العقد للجزية أو بعده ، فسأل النساء إقرارهنّ ببذل الجزية لم يصحّ.

ولو توثّن الذمّي أو تذمّم الوثني تبعه ولده الصغير ، ولو تولّد بين ذمّي ووثنيّ تبع أباه دون أمّه.

وإنّما يقرّ أهل الذمّة إذا دخل آباؤهم في اليهوديّة أو النصرانيّة أو المجوسيّة قبل بعثة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وإن كان بعد التبديل (1).

المطلب الرابع : في شرائط الذّمّة

وأصنافها ثلاثة :

الأوّل : ما يجب شرطه وهو قبول الجزية والتزام أحكام الإسلام ، فلو أخلّ بهما أو بأحدهما بطل العقد.

الثاني : ما لا يجب شرطه بل يقتضيه الإطلاق ، وهو أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان ، كالعزم على حرب المسلمين ، وإعانة المشركين ، فمتى فعلوا شيئا من ذلك انتقض العهد وإن لم يشترط.

الثالث : ما إذا شرط نقض العهد وإلّا فلا ، وهو الزّنا بنساء المسلمين ، واللّواط بهم ، والسرقة منهم ، وقطع الطريق عليهم ، والدلالة على عوراتهم ، وإصابة المسلمة باسم النكاح ، وافتتان المسلم ، وإيواء عين المشركين ،

ص: 306


1- يريد انّه انّما يقبل دخول آباء هذه الطوائف في هذه الشرائع قبل المبعث لا بعده ، لأنّ الدخول بعد البعثة ونسخ الملّة السّابقة تبديل للدين ، وقال عليه السلام : « من بدّل دينه فاقتلوه » ولذلك احتمل المصنّف قدس سره قبول التبديل قبل البعثة. لاحظ جامع المقاصد : 3 / 447.

والتجسيس لهم ، وإظهار الخمر والخنزير في بلاد الإسلام ، والتظاهر بالشرب والأكل منهما ، ونكاح المحرّمات ، وإحداث كنيسة أو بيعة ، وضرب الناقوس ، وإطالة بنائه على بناء المسلم.

وكلّما نقض العهد استوفى الإمام ما يقتضيه الجرم ، ثمّ يتخيّر بين المنّ ، والفداء ، والقتل ، والاسترقاق.

فإن أسلم قبل الحكم بشي ء من ذلك ، سقط الجميع عدا القود والحدّ وإعادة ما أخذ.

وإن أسلم بعد الاسترقاق أو المفاداة لم يسقط ذلك عنه.

ولو لم ينقض (1) فهم على عهدهم ، ويفعل بهم ما يقتضيه جنايتهم من حدّ وتعزير.

ولو سبّوا النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم قتل السابّ ، ولو نالوه بما دونه ، فإن شرط عليهم الكفّ نقضوا ، وإلّا فلا وعزّروا.

وينبغي للإمام أن يشترط في العقد تمييزهم بمخالفة اللباس في اللون ، وشد الزّنار ، ويمنعون من فرق الشعر ، ومن التقلد بالسيوف ، ومن كنى المسلمين ، ومن ركوب الخيل ومن السّروج في غيرها ، بل يركبون عرضا ، ولا يمنعون من فاخر الثياب.

ص: 307


1- في « أ » : لم ينتقض.
المطلب الخامس : في الجزية

ولا تقدير لها ، بل تناط بنظر الإمام ، وما قدّره عليّ عليه السلام (1) ليس توظيفا (2) ويجوز وضعها على الرّءوس ، أو على الأرض أو الجمع (3).

وتؤخذ عند انتهاء الحول ، فلو أسلم قبله أو بعده قبل الأداء سقطت ، ولو مات بعد الحول أخذت من أصل تركته ، وتقسّط عليها وعلى الدّين ، ولو تعدّد الحول تعدّدت.

ولو مات الإمام بعد التقرير دائما ، لم يغيّره الإمام الثاني ، وكذا لو قدّره بمدّة ولم تخرج ، ولو خرجت أو أطلق جاز التغيير.

وللإمام أن يغيّر ما قرّره النائب.

ويجب « الصّغار » وهو عدم تقدير الجزية وقيل : الإهانة (4) فتؤخذ منه قائما والمسلم جالسا ، ويؤمر بإخراج يده من جيبه ويطأطئ رأسه ، ويضطرّ إلى أضيق الطّرق (5).

ويكره أن يبدأ بالسلام.

ويجوز أن يشترط عليهم مع الجزية ضيافة مارّة العسكر ، ويجوز

ص: 308


1- لاحظ الوسائل : 11 / 115 ، الباب 68 من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث 5.
2- قال العلّامة في القواعد : 1 / 511 : وضع عليّ عليه السلام على الفقير في كلّ حول اثني عشر درهما ، وعلى المتوسط أربعة وعشرين وعلى الغنيّ ثمانية وأربعين ، وليس ذلك لازما ، بل بحسب ما يراه الإمام في كلّ وقت.
3- في « أ » : والجمع.
4- لاحظ القواعد : 1 / 512.
5- في « أ » : اضيق الطريق.

الاقتصار على الضيافة ، فيجب أن يزيد على أقلّ الجزية ، وأن تكون الضيافة معلومة الجنس والقدر من القوت ، والأدم ، وعدد الضيفان ، والأيّام ، وكذا علف الدّواب.

ويستحقّ الجزية المجاهدون ، وكذا ما أخذ صلحا ، وهو للمسلمين مع فقدهم.

والمسروق من أهل الحرب في غير زمان الهدنة لآخذه ، وفيه الخمس ، وفي زمانها يعاد على أهله.

وما يتركه الكفّار بغير حرب فهو للإمام ، وكذا ما غنم بغير إذنه.

المطلب السادس : في الأحكام

إذا صحّ العقد لزمنا أمور :

الأوّل : عصمة أنفسهم وأموالهم.

الثاني : وجوب الذّبّ عنهم.

الثالث : الكف عمّا أبيح لهم ، فلا يتعرّض لمواضع تعبّداتهم ، ولا لما ستروا من خمورهم وخنازيرهم ، فيجب على الغاصب ردّه ، وعلى المتلف قيمته.

ويلزمهم أمور :

الأوّل : منعهم من إحداث الكنائس ، والبيع ، والمدارس ، والربط في بلدة استجدّها المسلمون ، أو فتحت عنوة ، أو صلحا على أنّ الأرض لنا وتزال لو

ص: 309

أحدثت ، ولو فتحت صلحا على أنّها لهم جاز الإحداث ، ولهم استدامة ما كان قبل الفتح وإن صولحوا على أنّها لنا.

ولو جهل تقدّم الكنيسة على الفتح لم تنقض ، ويجوز الرّمّ وإعادة المنهدم.

الثاني : منعهم من دخول المسجد الحرام وغيره من المساجد ، لبثا واجتيازا وإن أذن المسلم.

الثالث : منعهم من دخول الحرم وإن كان اجتيازا.

الرابع : منعهم من استيطان الحجاز ، ويراد به مكّة والمدينة ، ويجوز الاجتياز به والامتيار (1) منه ، وحدّ بثلاثة أيّام.

الخامس : منعهم من استيطان جزيرة العرب ، وحدّها من عمان إلى ريف عبّادان طولا ، ومن تهامة وما والاها إلى أطراف الشام عرضا (2).

السادس : منعهم من إعلاء بنائهم على المسلم وإن كان بناؤه منخفضا ، وتجوز المساواة ، ولا يراعى غير جيرانه.

ويقر العلوّ المبتاع من مسلم ، ولا يمنع من ابتياعه ، ولو انهدم لم تجز إعادته.

ولو تعدّى بالرفع فاشتراه مثله كلّف هدمه ، ولو اشتراه المسلم لم يكلّف الهدم.

ص: 310


1- في مجمع البحرين : الميرة - بالكسر فالسكون - : طعام يمتاره الإنسان أي يجلبه من بلد إلى بلد.
2- في جامع المقاصد : 3 / 464 : الريف : هي المزارع ومواضع المياه ، و « عبادان » جزيرة تحيط بها شعبتان من دجلة وفرات. وإنّما كانت هذه جزيرة ، لأن بحر الهند الّذي هو بحر الحبشة وبحر فارس والفرات ودجلة محيط بها ، وإنّما نسب إلى العرب ، لأنّها منزلهم ومسكنهم ومعدنهم.
المطلب السابع : في الانتقال

لا يجوز انتقال الكافر بعد البعثة إلى غير الإسلام وإن كان مذهب أهل الكتاب ، ويلزم بالإسلام أو يقتل ، ولا يقبل منه العود إلى ملّته (1) حربيّا كان أو كتابيّا ، وقبل البعثة يقبل انتقال الحربي واليهوديّ والمجوسيّ إلى النصرانيّة وإن كان بعد التبديل ، بخلاف العكس.

خاتمة

إذا فعل الذّميّ سائغا في شرعهم سرّا لم يعترض ، وإن جهر به قوبل بما يقتضيه شرع الإسلام ، ولو لم يكن سائغا تخيّر الحاكم (2) في الحكم بشرعنا ودفعه إلى أهل نحلته ، ليعاملوه بشرعهم ، وكذا إذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم.

ولا يجوز للكافر ابتياع المصحف ، والمسلم ، ولا وصيّته ببناء كنيسة ، أو بيعة ، أو كتابة شي ء من التوراة والإنجيل ، وتصحّ وصيّته للراهب والقسّيس.

ويكره ابتياع كتب الأحاديث.

ص: 311


1- في « أ » : إلى مثله.
2- في « ب » : تخيّر الإمام.

المقصد الثالث : في أحكام أهل البغي

الباغي من خرج على إمام عادل وإن لم يبايع غيره ، وتجب إجابة داعي الإمام على من استنفره (1) عموما أو خصوصا ، والعقود كبيرة والوجوب على الكفاية إلّا أن يعيّن الإمام أو يقوم من لا كفاية فيه ، وقتالهم كقتال المشركين ، والفرار كالفرار.

ثمّ إن كان لهم فئة جاز الإجهاز على جريحهم ، وإتباع مدبرهم ، وقتل أسيرهم ، وإلّا اقتصر على تفريقهم ، ويحبس الأسير منهم حتّى تنقضي الحرب.

ولو (2) قاتل معهم النساء والذريّة فإن لم يمكن التحرّز جاز قتلهم ، وإلّا فلا ، ولا يجوز سبي نسائهم.

ويقسّم ما حواه العسكر بين المقاتلة كغنيمة المشركين ، دون ما لم يحوه.

والمقتول من أهل ( الحرب ) (3) العدل شهيد ، ومن البغاة كافر ، لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم :

ص: 312


1- في « أ » : « استنصره ».
2- في « أ » : « وإن ».
3- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

« حربك حربي » (1).

ويضمن الباغي ما يتلفه من نفس أو مال حال الحرب أو غيرها ، ولا يضمن العادل شيئا.

وللإمام أن يستعين بأهل الذمّة ، ولو عاونوا البغاة خرقوا الذمّة.

ولو فعل الباغي موجب الحدّ واعتصم بدار الحرب ، أقيم عليه عند الظفر.

ويقتل سابّ الإمام العادل ، ومانع الزكاة مستحلّا ويقاتل غيره حتّى يدفعها.

ص: 313


1- إحقاق الحقّ : 4 / 258 ؛ الغدير : 10 / 126 و 278 ؛ أمالي الطوسي : 1 / 374 ؛ أمالي الصدوق ، المجلس 21 ، برقم 1 ، مناقب ابن المغازلي : 50 ؛ بحار الأنوار : 28 / 45 ؛ عوالي اللآلي : 4 / 87. أقول: إنّ في هذا المقام للشارح المعتزلي كلاماً أُحِبّ أن أُشير إليه حيث قال: «لنفرض أنّ النبيّ (صلى اللّه عليه وآله وسلم)ما نصّ عليه بالخلافة بعده، أليس يعلم معاوية وغيره من الصحابة أنّه قال له في ألف مقام: أنا حرب لمن حاربت وسلم لمن سالمت... وحربك حربي وسلمك سلمي». شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 18 / 24 .

النظر الرابع : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

اشارة

ويجبان بالإجماع ، والمستند السمع ، والوجوب على الأعيان ، والأمر بالواجب واجب وبالمندوب مندوب ، وكذا النهي عن المكروه ، والنهي كلّه واجب ، وشرطه العلم بالوجه ، وتجويز التأثير ، وانتفاء المفسدة ، وعدم إقلاعه عن موجبهما.

ويجبان بالقلب ، وهو أن يغضب لله تعالى غضبا يظهر على وجهه ، فإن لم ينجع فالإعراض ، فالكلام الليّن ، ثمّ الخشن ، الأيسر فالأيسر ، ثمّ الضرب الأسهل فالأسهل ، فإن افتقر إلى الجراح توقّف على إذن الإمام.

ولا يقيم الحدود والتعزيرات إلّا الإمام أو نائبه ، ويجوز للفقيه المجتهد من الإماميّة إقامتها في الغيبة مع المكنة ، ويجب على العامّة إعانته.

ولو ولي من قبل الجائر كرها أقامها معتقدا نيابة الإمام ، ولو ألزمه بإقامتها جازت إجابته إلّا في القتل.

وللمولى إقامة الحدّ على عبده وأمته ، وللرجل إقامته على ولده وزوجته ، ولا فرق بين الجلد والرجم ، ولا يشترط في الزوجة الدخول بل الدّوام ، ولا يتعدّى إلى ولد الولد.

ص: 314

وللمجتهد أيضا الحكم بين الناس إذا أمن ، ويجب الترافع إليه ، فإن آثر الخصم المضيّ إلى قضاة الجور كان مرتكبا للمنكر.

ولو أكرهه الجائر على القضاء جاز قبوله ، ويعتمد الحقّ ما أمكن فإن اضطرّه إلى الحكم بمذهب أهل الخلاف امتثل ما لم يكن قتلا ظلما.

ويجوز الافتاء لغير المجتهد على الأصحّ إذا قلّده مشافهة أو بواسطة ثقة حيّ.

تتمّة

يجب دفع الضرر عن المسلمين ، وإعانة الملهوفين ، والتفريج عن المكروبين ، وإطعام الجائعين ، وكسوة العراة مع القدرة ، وإقامة الحجج العلميّة ، ونقض الشّبهات ، وحلّ المشكلات ، وعمل الصنائع الّتي لا غنى عنها ، كلّ ذلك يجب على الكفاية.

* * * * *

قال المحقّق : إلى هنا تمّ القسم الأوّل في العبادات من أربعة  أقسام. ويتلوه القسم الثّاني في العقود.

ص: 315

ص: 316

القسم الثاني :

في العقود

فيه كتب :

كتاب الصلح

اشارة

ص: 317

ص: 318

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل :

أنفع العقود الصلح لعموم فائدته ، لأنّه يفيد فائدة البيع والهبة والإجارة والعارية والإبراء ، وليس فرعا عليها بل هو أصل في نفسه ، ويخالف البيع فلا يلحقه خيار المجلس.

ويصحّ على الدّين بالدّين وعلى الربويّات مع التفاضل ، فيصحّ من ألف مؤجّلة على خمسمائة حالّ وبالعكس ، وعلى ثوب أتلفه وقيمته درهم بدرهمين ولو قال : بعتني ، فهو إقرار بخلاف صالحتني.

ويخالف الصّرف ، فيصحّ على الدّراهم بمثلها وبالدنانير ، ولا يشترط القبض في المجلس.

ويخالف الهبة ، فلا يشترط القبض ، ولا يصحّ الرجوع ، ولا يصحّ على ما في ذمّة غيره.

ويخالف الإجارة ، فيصحّ على منفعة بغير عوض.

ويخالف العارية ، فلو ادّعى دارا فأنكر ثمّ صالحه على سكنى سنة صحّ ، وليس له الرجوع ، وكذا لو أقرّ.

ويخالف الإبراء فيصحّ على براءة ذمّته بعوض وغيره.

ويشترط القبول بخلاف الإبراء ، ويفيد أيضا إثبات الحقوق الماليّة بغير

ص: 319

عوض ، كالصلح على إثبات مال في ذمّة الغير ، وتخصيص أحد الشريكين بالربح ، وقسمة ما في الذّمم ، وجعل المدفوع من الدين المشترك لقابضه ، (1) وغير الماليّة كتأجيل الحالّ وبالعكس ، وعلى الإقالة بزيادة الثمن من البائع ، أو نقيصة من المشتري ، وعلى إسقاط الشفعة ، واستحقاق الاستطراق ، ومسيل الماء ، وحقّ الهواء ، كالصلح على إحداث روشن في المرفوعة ، وإبقاء الأغصان على الجدار أو في الهواء ، مع تقدير الزيادة أو المدّة ، وعلى امتداد العروق في الأرض كذلك ، وعلى قطع التنازع في الدّين والغبن وغير ذلك.

ويصحّ على بعض الدين المقرّ به وعلى بعض المجحود ، مع جهل المتنازعين وعلمهما وعلم المدّعي ، ولو علم المنكر خاصّة لم يبرأ ، ولو صدق أحدهما وكذب الآخر فإن رضيا باطنا صحّ مطلقا ، وإلّا حكم بصحّته ظاهرا ، ولا يبرأ المنكر ممّا أبرئ ، ولا يحلّ للمدّعي ما أخذه.

ويصحّ مع الإقرار والإنكار (2) إلّا ما أحلّ حراما ، كالصلح معه ليشهد أو يكفّ ، أو حرّم حلالا ، كالصلح على ترك الاستمتاع.

ولا بدّ فيه من الإيجاب والقبول ، وصدورهما عن كامل جائز التصرّف إمّا عن نفسه أو عن غيره كالأب والجدّ له والوصيّ والحاكم والوكيل.

ولا يشترط سبق الخصومة ، ولا ذكر العوض ، لأنّ مناط هذا العقد الرّضا مع الإيجاب والقبول من أهله ، فلو ذكره وجب تقديره ، وصحّة تملّكه ،

ص: 320


1- في « ب » و « ج » : لقارضه.
2- قال الشيخ في المبسوط : 2 / 289 : ويجوز الصلح على الإنكار ، وصورته : أن يدّعي على رجل عينا في يده أو دينا في ذمّته فأنكر المدّعى عليه ، ثمّ صالحه منه على مال اتّفقا عليه ، ويصحّ الصلح ، ويملك المال الّذي يقبضه من المدّعى عليه.

فلا يصحّ على المجهول ، ولا على الخمر والخنزير.

ويجوز جعل الخدمة المقدّرة بالزمان أو بالعمل عوضا ، وكذا سقي الزّرع والشجر بمائه.

ويشترط في المصالح عليه جواز أخذ العوض عنه ، سواء كان مالا ، كالأعيان والديون ، أو لا كأرش الجنايات والقصاص ، دون الحدّ والتعزير والقسم بين الزوجات والصلح على مال ليقرّ له بدعواه أو بالزوجيّة.

وهو لازم من الطرفين ، لا ينفسخ إلّا بالتقايل أو باستحقاق أحد العوضين.

ولو ظهر عيب في أحد العوضين ، فله الفسخ أو الأرش ، ولو ظهر غبن فاحش تخيّر.

الفصل الثاني : في أحكامه

إذا صالح غير المتبايعين ، فإن دفع بإذنه رجع عليه بالعوض ، وإلّا فلا.

ولو كان لواحد ثوب بعشرين ، وللآخر بثلاثين ، ثمّ اشتبها وتعاسرا ، بيعا معا ، وقسّم الثمن بينهما أخماسا.

ويحتمل بيعهما منفردين ، ثمّ إن تساويا فلكلّ واحد منهما ثمن ثوب ، وإن تفاوتا فالكثير لصاحب الأكثر.

ويحتمل عدم الإجبار على البيع إذ قد يتضمّن ضررا ، بل إن تساويا في القيمة أعطي كلّ واحد ثوبا ، وإلّا فالأكثر لذي الأكثر.

ص: 321

وهل يتعدّى ( ذلك ) (1) إلى بقيّة الأمتعة؟ احتمال ، والأشبه القرعة.

ولو أودعه واحد درهمين وآخر درهما ، ثمّ امتزجا لا عن تفريط ، وتلف أحدهما ، وتناكرا في التالف ، فلصاحب الدّرهمين درهم ونصف ، وللآخر نصف.

وكذا لو كان معهما درهمان ، فادّعاهما أحدهما وادّعى الآخر درهما.

ولو ادّعى عينا (2) فأنكر ، ثمّ صالحه على بعضها جاز.

الفصل الثالث : في تزاحم الحقوق

أمّا الطرق النافذة فالناس فيها شرع ، فيجوز إحداث الروشن ، والسّاباط ، والأجنحة ، إلّا أن يضرّ بالمارّة أو يظلم الطريق بها ، ويجوز استيعاب الطريق بها ، وفتح الأبواب ، ونصب الميازيب ، دون بناء الدّكّة ومربط (3) الدابّة.

وأمّا المرفوعة فهي ملك لأربابها لا يجوز إحداث روشن ولا جناح ولا غيره إلّا بإذنهم ، فلو أحدث بغير إذن جاز لكلّ من له عليه استطراق إزالته ولا ضمان ، ولهم الرجوع في الإذن ، ولا فتح باب أدخل من بابه للاستطراق وغيره ، وان سدّ بابه.

ويجوز إخراج بابه وإن لم يسدّ الأوّل ، ولو سدّه جاز العود إليه ، ويتشارك

ص: 322


1- ما بين القوسين يوجد في « أ ».
2- في النسخ الّتي بأيدينا « عيبا » ولعلّه مصحّف.
3- في « ب » و « ج » : وربط.

صاحب الأولى والثانية فيما يمرّان عليه ، ويختصّ الثاني بما (1) بين البابين وهكذا ، فللأوّل إحداث باب في المشترك دون المختصّ ، ويختصّ الأخير بالباقي ، والفاضل في صدر الدرب للجميع.

ويجوز فتح الروشنة والشباك ، وفتح باب بين الدارين في سدّتين مرفوعتين ، وفتح باب في النافذة لذات المرفوع دون العكس ، ولو صولحوا على ذلك دائما أو مدّة معيّنة لزم ، سواء كان بعوض أو لا.

وأمّا الجدار المختصّ فلمالكه التصرّف فيه مطلقا ، ولا يجوز لغيره التصرّف فيه إلّا بإذنه ، وتجوز استعارته لوضع جذع وغيره ، وتستحبّ الإجابة وإذا أذن جاز الرجوع مع الأرش ، ولو خرب لم تجز إعادته إلّا بإذن جديد.

ولو صالحه على ذلك دائما أو مدّة معيّنة لزم ، فتشترط مشاهدة الجذع أو وصفه بما يرفع الجهالة.

وأمّا المشترك فلا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذن الشركاء حتّى ضرب الوتد وفتح الروزنة والشباك ، فلو فعل بغير إذنه فله إلزامه بإزالته أو بالأرش ويجوز الاستناد به ، والاستظلال بظلّه وقسمته في كلّ الطول ونصف العرض ، وكذا في كلّ العرض ونصف الطول ، وتجوز القرعة في الصورة الثانية دون الأولى ، بل يختصّ كلّ بوجهه ، لجواز أن تقضى القرعة بخلافه ، ومع ضرر أحدهما لم يجبر الممتنع وإلّا أجبر.

ولو طلبها المتضرّر أجبر الآخر.

ص: 323


1- في « أ » : « فيما » وفي « ب » : « لما ».

ولو هدمه أحدهما لخوف منه فلا شي ء عليه ولا إعادة ، ويحتمل الأرش دون الإعادة.

ولو هدمه بإذن شريكه ، فإن شرط عليه الإعادة وجبت وإلّا فلا.

ولو انهدم أو استرمّ لم يجبر أحدهما على العمارة ، ثمّ إن أعاده بالنقض عاد ملكه مشتركا ، ويتوقّف على إذن الشريك ، وليس له منعه من الوضع ، وإن بناه بآلة منه لم يتوقّف على الإذن ، وله منعه من الوضع ، وللشريك مطالبته بهدمه.

ولو انهدم السّفل لم يكن لصاحب العلو إجباره على الإعادة ولا منعه منها ، فإن أعاده لم يكن له منع الأعلى من الانتفاع.

ولو طلب الأعلى إعادة السّفل بنقض صاحبه ، فله منعه ، ولو أعاده بآلة منه فليس له منعه ، ويكون ملكا له.

ولا يمنع الأسفل من الانتفاع بسفله ، ويمنعه من فتح الكوّة وضرب الوتد.

ولو أنفق أحد الشركاء على البئر أو القناة ، لم يكن له منع الباقين من الانتفاع.

ومن له حقّ إجراء الماء في ملك غيره ، لا يجبر على إصلاحه وإن خرب بالماء.

ولكلّ أحد التصرّف في ملكه وإن تضرّر جاره ، ولو كان السقف مشتركا بين صاحب العلو والسّفل فلصاحب العلو الجلوس عليه ، ووضع ما تقتضيه العادة دون المضرّ والحفر وضرب الوتد ، ولصاحب السفل أن يستكنّ (1) وتعليق ما لا يضرّ كالثوب.

ص: 324


1- في « أ » : « أن يستكريه » ولعلّه مصحّف. قال العلّامة في القواعد : 2 / 175 : « ولصاحب السّفل الاستكنان وتعليق ما لا يتأثّر به السقف المشترك كالثوب ».

[ الفصل ] الرّابع : في التنازع

وفيه مسائل :

الأولى : لو تداعيا جدارا بينهما حكم لذي البيّنة ، ومع عدمها فإن اتّصل ببناء أحدهما أو بعقده أو بخشبه على الأقوى قضي له مع اليمين ، ولا يترجّح بالخوارج كالنقش ، ولا بالدواخل كالروازن.

ولو اتّصل ببنائهما أو كان لهما عليه عقد أو خشب ، أو خلا عن ذلك ، فلا اختصاص لأحدهما ، وحلفا وقضي به لهما ، وكذا لو نكلا ، ولو حلف أحدهما قضى له به ، ولو كان أحدهما أكثر رجّح مع اليمين ، ويقضى بالخصّ لمن إليه معاقد القمط.

والمسنّاة بينهما كالجدار.

الثانية : لو تنازع صاحب البيت والغرفة في الجدران قضي لكلّ واحد بجدران ملكه مع اليمين.

ولو تنازعا في السقف قضي لصاحب البيت إن لم يكن إحداثه بعد بناء العلو ، كالأزج (1) المتّصل ببنائه اتّصال ترصيف ، وإلّا فهو لهما إن حلفا أو نكلا ، ولمن حلف دون الآخر.

ويقضى بالغرفة للأسفل مع اليمين وإن كان لها باب مفتوح إلى خصمه.

ص: 325


1- قال في جامع المقاصد : 5 / 451 : « الأزج » : بناء معروف يعقد فوق الجدران بالجصّ والآجر غالبا.

الثالثة : لو تنازعا في عرصة الخان قضي لصاحب السفل إن كان المرقى في الدهليز ، وإلّا تساويا في المسلك إلى العلوّ ، والباقي لصاحب السفل.

ويقضى بالدرجة لصاحب العلو ، وبالخزانة تحتها لهما ، كلّ ذلك مع اليمين.

الرابعة : لو وجد بناء الغير أو مجرى مائه أو خشبه في ملكه ، ولم يعلم السبب ، قدّم قول المالك في عدم الاستحقاق.

الخامسة : يقضى للراكب دون قابض اللجام مع يمينه ، ولذي الحمل دون غيره ، ولابس الثوب أولى من ماسكه ، ولو كان في يد أحدهما أكثره فهما سواء.

* * * * *

ص: 326

كتاب التكسّب

اشارة

ص: 327

ص: 328

وينقسم إلى الأحكام الخمسة.

فالواجب : أن يتوقّف تحصيل قوته وقوت عياله عليه.

والندب : أن يقصد به التوسعة على عياله.

والحرام : ما اشتمل على وجه قبح.

والمكروه : ما نهي عنه نهي تنزيه.

والمباح : ما عدا ذلك.

والحرام أقسام :

الأوّل : ما يحرم بعينه ، (1) وهو بيع الأعيان النجسة كالخمر ، والفقّاع ، والميتة ، والدم ، وروث ما لا يؤكل لحمه ، وبوله وبول ما يؤكل لحمه إلّا بول الإبل للاستشفاء ، ويجوز بيع روث ما يؤكل لحمه ، والكافر ، والكلاب إلّا كلب الهراش ، وإجارتها ، واقتناؤها ، واقتناء الأعيان النجسة لفائدة كالسرجين لتربية الزرع ، والخمر للتخليل.

ويحرم اقتناء المؤذيات : كالسّبع والحيّة والعقرب.

الثاني : كلّ مائع نجس لا يقبل الطهارة ، إلّا الدّهن لفائدة الاستصباح به تحت السّماء دون الألية [ المقطوعة ] من الحيّ والميّت ، ومنه الترياق

ص: 329


1- في « أ » : « امّا لعينه ».

المشتمل على الخمر ولحم الأفعى ، ولا يجوز التداوي به إلّا مع خوف التلف.

ويجوز بيع الماء النجس لقبوله الطهارة.

الثالث : ما لا ينتفع به ، فلا يجوز بيع المسوخ البحريّة والبرّيّة إلّا الفيل للانتفاع بعظمه ، والحشرات والخنافس والديدان ، إلّا دود القزّ والنّحل مع مشاهدته وانحصاره ، ولا فضلات الحيوان إلّا لبن الآدميّات.

ويجوز بيع السّباع كلّها ، كالأسد والنمر ، وبيع الجوارح ، كالبازي والرّخم (1) وبيع النبات السّمّي إن انتفع به.

الرابع : ما يقصد به الحرام ، كعمل آلات اللّهو والقمار ، وهياكل العبادة وبيعها ، وبيع السلاح لأعداء الدين ، كفّارا كانوا أو بغاة أو قطّاع الطريق على توقّف.

ويكره ما يكن كالدرع ، وبيع العنب ليعمل خمرا ، والخشب ليعمل صنما ، ويكره على من يعملهما ، وإجارة السفن والمساكن والدوابّ للمحرّمات.

ويجوز الحمل لإراقته أو تخليله.

ويبطل العقد حيث حرّمناه.

الخامس : ما هو محرّم في نفسه ، كعمل الصور المجسّمة ، والغناء وتعليمه وتعلّمه واستماعه ، ورخّص في العرس للمرأة إذا لم تتكلّم بالباطل ، ولم يدخل عليها الرجال ، فيباح أجرها ، والنوح بالباطل ، وتدليس الماشطة ، والقمار حتّى بالخاتم والبيض ، والسّحر ، والكهانة ، والقيافة ، وتعليمها ، وتعلّمها ، والغشّ بما

ص: 330


1- في لسان العرب : الرّخم : نوع من الطير ، واحدته رخمة ، وهو موصوف بالغدر والموق ، وقيل بالقذر.

يخفى ، ومعونة الظالمين في الظلم لا في غيره كالبناء والطبخ ، وهجاء المؤمن وسبّه ، والغيبة ، والنميمة ، (1) وذمّ مستحقّ المدح وبالعكس ، والتشبيب بالمرأة الأجنبيّة والصّبي مطلقا إذا كانا معروفين ، وحفظ كتب الضلال ونسخها لغير النقض والحجّة ، ونسخ التوراة والإنجيل وحفظهما ، وتعلم ذلك كلّه وتعليمه ، وتزيين الرجل بما يحرم عليه وكذا المرأة.

ويحرم الاكتساب بهذه الأشياء ، واعتقاد تأثير النجوم بالاستقلال أو بالاشتراك ، وتعليمها ، وتعلّمها ، والتكسّب بها ، أمّا لو اعتقد تأثيرها بتقدير العزيز الحكيم جاز ذلك كلّه.

وفي الفال والرمل توقّف (2).

السادس : ما يجب فعله ، كتغسيل الميّت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، ويجوز الاستئجار على المندوبات ، كاللّحد والحمل إلى المشاهد.

ولا يحرم ثمن الماء والكافور والكفن ، ويحرم أخذ الأجرة على تحمّل الشهادة وأدائها ، وتعليم الواجب من الفقه ، والقرآن ، والأصول ، والصلاة بالناس (3) والأذان ، والقضاء ، ولا بأس بالرزق من بيت المال.

ولا يحرم على تعليم المستحبّ ، والعلوم الأدبيّة ، والطبّ ، والحكمة ،

ص: 331


1- في « أ » : « والتهمة ».
2- قال الشهيد قدس سره في الدروس : 3 / 165 : وأمّا الرمل والفال ونحوهما فيحرم مع اعتقاد المطابقة لما دلّ عليه ، لاستيثار اللّه تعالى بعلم الغيب ، ولا يحرم إذا جعل فالا ، لما روي أنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يحبّ الفال.
3- قال العلّامة في القواعد : 2 / 10 : « تحرم الأجرة على الإمامة والشهادة وأدائها ». قال في جامع المقاصد : 4 / 37 في شرح العبارة : « المراد إمامة الناس في الصلوات من غير فرق بين الواجبة والمندوبة ».

ونسخ القرآن وتلاوته ، وخطبة الإملاك (1) وعقد النكاح ، ويحرم على تعليم الصّيغة.

السابع : الرّشا في الحكم ، سواء حكم لباذله أو عليه ولو بالحقّ ، وفي هدية غير المعتاد توقّف.

ويحرم على الولد مال أبيه وبالعكس إلّا مع الإذن أو مع وجوب النفقة وعدم البذل.

وللأب الاقتراض من مال ولده الصغير أو المجنون ، والابتياع منه بثمن المثل ، وتقويم جاريته على نفسه ووطؤها ، وليس للإمام ذلك.

ويحرم على الزوجة مال زوجها وبالعكس إلّا على وجه التقاصّ ، ويجوز لها الصدقة من ماله ما لم تجحف أو ينهاها ، ولا يجوز ذلك لأقاربه حتّى الأمّ.

ولو دفع إلى إنسان مالا ليصرفه في قبيل ، فإن عيّن اقتصر عليه ، فيضمن لو خالف ، وإن أطلق حرم عليه الأخذ وإن كان بصفتهم ، ويعطي عياله مع الاتّصاف.

وأمّا المكروه فخمسة :

الأوّل : ما يؤدّي إلى محرّم أو مكروه غالبا ، كالصرف ، والصّياغة ، وبيع الأكفان والرقيق والطعام ، واتّخاذ النحر والذبح صنعة ، وركوب البحر للتّجارة.

الثاني : ما يتطرّق إليه الشبهة ، ككسب الصبيان ، ومن لا يجتنب المحارم ، ومعاملة الظلمة.

ص: 332


1- قال المحقق الكركي قدس سره : « الخطبة » بالضمّ : ما اشتمل على حمد اللّه والصلاة على رسوله وآله صلوات اللّه عليهم. و « الإملاك » بكسر الهمزة : التزويج ، والزوج مملك بفتح اللّام. وأمّا الخطبة بكسر الخاء : فهو طلب المرأة من وليّها ونحوه. جامع المقاصد : 4 / 37.

الثالث : ما كان وضيعا ، كالحياكة ، وضراب الفحل ، والحجامة مع الشرط ، وكسب القابلة معه ، ومعاملة السفلة والأدنين وأهل الذّمّة.

الرابع : ما يتضرّر بمعاملته ، كالمحارفين.

الخامس : معاملة الأكراد وذوي العاهات ، وأخذ الأجرة على تعليم القرآن ، والربح على الموعود بالإحسان ، وعلى المؤمن إلّا مع الحاجة أو الشراء للتجارة ، وطلب الحاجة من المخالف ومستحدث النّعمة ، وقد تكره أشياء تذكر في مواضعها إن شاء اللّه تعالى.

وأمّا المباح فغير ذلك وإن كثر وجوده ، كبيع الماء والتراب والحجر ، وتباح أجرة البدرقة ، وما ينثر في الأعراس مع علم الإباحة أو شاهد الحال ، وجوائز الظالم إلّا أن يعلم غصبها ، فإن قبضها ردّها على مالكها ، فإن جهله تصدّق بها على غير الظالم ، وما يأخذه الجائر من الغلّات باسم المقاسمة ، ومن الأموال باسم الخراج ، ومن الأنعام باسم الزكاة ، ولا تجب إعادته على ربّه وإن عرفه.

وتجوز الولاية من قبل الإمام ، وقد تجب إذا تعيّن أو توقّف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليها.

وتحرم من قبل الجائر ، فإن أمن من ارتكاب المحرّم وتمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحبّت.

ولو أكرهه عليها جازت لدفع الضّرر الكثير كالقتل ، أو اليسير على كراهية ، ويمتثل ما يؤمر به إلّا القتل ظلما.

ص: 333

خاتمة

يستحبّ التفقّه فيما يتولّاه ، والدعاء عند دخول السّوق ، وسؤال الخير فيما يبيعه ، والبركة فيما يشتريه ، والتسوية بين المتبايعين ، والإقالة ، وإعطاء الراجح ، وأخذ الناقص ، والمسامحة في البيع والشراء والقضاء والاستقضاء ، والتكبير ، والشهادتان للمشتري ، والمباكرة في طلب الرزق.

ويكره دخول السوق أولا ، والسوم بعد الفجر إلى طلوع الشمس ، والبيع في الظلماء ، واليمين على المبيع (1) ، وكتمان العيب ، والاستحطاط بعد الصّفقة ، (2) والزيادة وقت النداء (3) ، والكيل والوزن لمن لم يعرفهما ، ومدح البائع وذمّ المشتري ، والدخول في سوم المؤمن.

* * * * *

ص: 334


1- في « ب » و « ج » : على البيع.
2- في القواعد : 2 / 14 مكان هذه العبارة : « والاستحطاط بعد العقد ».
3- في « ب » و « ج » : « والزيادة بعد وقت النّداء » والصحيح ما في المتن ، والمراد : وقت نداء المنادي على السلعة ، بل يزيد إن شاء إذا سكت المنادي. لاحظ جامع المقاصد : 4 / 51.

كتاب البيع

اشارة

ص: 335

ص: 336

وهو اسم لما ينقل به الأعيان المملوكة ، بعوض مقدّر عن تراض ، ولم ينه عنه ، فيخرج بالأعيان الإجارة وبعوض مقدّر الصلح والهبة ، وبالتراضي عقد المكره ، وبالقيد الأخير ما نهي عنه لعينه كبيع الكالئ بالكالئ ، وبيع الغرر ، وحبل الحبلة ، وهو بيع نتاج النتاج ، أو البيع بأجل إلى نتاج النتاج ، وعسيب الفحل ، وهو نطفته ، والمضامين وهي : ما في أصلاب الفحول ، والملاقيح وهو : ما في بطون الأمّهات ، والمجر وهو [ بيع ] ما في الأرحام ، والملامسة وهو : جعل اللّمس بيعا ، والمنابذة وهو : جعل النبذ بيعا ، ورمي الحصاة وهو : أنّ المبيع ما تقع عليه الحصاة ، وبيعتين في بيعة فيقول : بعتك بمائتين نسيئة وبمائة نقدا فخذ بأيّها شئت ، والرّبا ، وكلّ ذلك فاسد.

وقد نهي عن أشياء لعارض لا يفسد به العقد ، كالسوم بعد قرار الثمن وقبل العقد ، وأن يقول الرجل للبائع في مدّة خياره : أنا أزيدك في الثمن ، وللمشتري في مدة خياره : أنا أبيعك مثل السّلعة بأقلّ من الثمن أو خيرا منها به ، والبيع بعد النداء ، (1) وبيع المعتكف ، والنجش ، وهو : زيادة من واطأه البائع ، والإخبار بأزيد من الثمن في المرابحة والتولية ، والاحتكار وهو : حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، قيل (2) : والسمن والملح لإرادة الزيادة مع عدم الباذل ، ويجبر على البيع لا على التسعير ، ومنه تلقّي الركبان على قول (3) وحدّه أربعة فراسخ مع الجهل بسعر البلد ، ويثبت الخيار مع الغبن ، ولو زاد على الأربعة لم يحرم ، ولا فرق بين البائع والمشتري.

ثمّ النظر في البيع يعتمد على قطبين :

ص: 337


1- والمراد : بعد نداء الجمعة ، كما في الدروس : 3 / 178.
2- القائل هو الشهيد في الدروس : 3 / 180.
3- لاحظ الدروس : 3 / 179.

[ القطب ] الأوّل : في العقد

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في أركانه

اشارة

وهي أربعة :

[ الركن ] الأوّل : الصّيغة

وهي : الإيجاب والقبول مع التراضي ، فالإيجاب « بعت » و « شريت » و « ملّكت » والقبول « ملّكت » و « ابتعت » و « اشتريت » و « تملّكت » و « قبلت ».

ويشترط صيغة الماضي ، فلو قال : « أبيعك » فيقول : « سأشتري » أو « أبتع » فيقول : « بعني » لم يصحّ ، وتقديم الإيجاب والمطابقة زمانا ومعنى ، فلو تأخّر القبول بحيث لا يعدّ جوابا أو قال : « بعتك بألف » فقال : « اشتريت بخمسمائة » أو « نصفه بخمسمائة » أو قال : « بعتكما هذا بمائة » فقال أحدهما : « قبلت نصفه بخمسين » لم ينعقد.

وتكفي الإشارة مع العجز لا الكتابة معه ، ولا المعاطاة في الجليل

ص: 338

والحقير وإن حصلت أمارة الرّضا ، نعم يباح التصرّف ويلزم (1) بتلف أحد العينين.

الركن الثاني : العاقد

ويشترط في البائع والمشتري البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يصحّ بيع الصّبيّ ولا ابتياعه وإن بلغ عشرا وأذن الوليّ ، وكذا المجنون والمغمى عليه والمكره والسكران والنائم والغافل ، ولو رضي أحدهم بعد زوال العذر لم يصحّ إلّا المكره.

ويشترط عدم الإسلام في بيع الخمر والخنزير وشرائهما ، وإذن المولى في بيع العبد وشرائه ، ويصحّ أن يشتري نفسه من مولاه لغيره.

ويشترط في البائع الملك أو الولاية ، (2) فلو باع ما يملك وغيره صحّ في ملكه ، ووقف غيره على الإجازة ، فان كانا مثليّين بسط الثمن عليهما ، وإلّا قوّما جميعا ، ثمّ يقوّم أحدهما ويقسّط الثمن بالنسبة إلى القيمتين ، فإن أجاز الغير ، وإلّا تخيّر المشتري ، ولا فرق بين المختصّ والمشترك ، فيأخذ من الثمن بقدر حصّته.

فلو باع عبدا له نصفه ، كان له نصف الثمن ، ولو باع جميع الثمرة (3) وفيها الزكاة ، صحّ في نصيبه.

ولو باع أربعين شاة وفيها الزكاة لم يصحّ ، لتجهيل ثمن نصيبه ، ولو ضمن حصّة الفقراء في الموضعين صحّ في الجميع.

ص: 339


1- في « أ » : ويلزمه.
2- في « أ » : « والأولوية » وهو مصحّف.
3- في « أ » : جميع ثمرة.

وعقد الفضولي يقف على الإجازة ، ولا يكفي السكوت وإن كان حاضرا ، ولا تشترط الفوريّة ، فله الإجازة ما لم يردّ.

ويشترط كون المجيز مالكا ، جائز التصرف في الحال ، فلو باع ملك غيره ثمّ انتقل إليه فأجاز ، أو ملك الصبيّ أو المجنون فأجازا بعد الكمال لم يصحّ.

ولو قبض الفضولي الثمن وقف على إجازة أخرى وإن كان الثمن معيّنا (1) ويحصل الانتقال بالإجازة ، فالنّماء قبلها للمالك ، ولو فسخ رجع على المشتري بالعين وبما استوفاه من نماء أو منفعة ، ويرجع بذلك على البائع مع جهله أو ادّعاء الإذن ، وإلّا رجع بالثمن خاصّة مع بقائه ، ولا يتوقّف الرجوع على دعوى الملكية.

ولو تلفت العين رجع المالك على البائع أو المشتري بالمثل أو القيمة ، وبالزائد والمنافع ، ويستقرّ الضمان على المشتري مع علمه ، وعلى البائع مع الجهل ، ولا فرق بين الغاصب وغيره.

فلو باع فرسا على زيد ، واشترى بالثمن عبدا ، وباع زيد الفرس على عمرو ، فإن كان المشتري الأوّل جاهلا بالغصب ، فللمالك تتبّع العقود بالإجازة والإبطال ، ورعاية مصلحته في سلسلتي الثمن والمثمن.

وإن كان [ المشتري ] عالما فله الإجازة والإبطال في جانب المثمن دون الثمن ، لأنّه ملك الغاصب.

والولاية للأب والجدّ له والحاكم وأمينه والوصي والوكيل ، فيمضى

ص: 340


1- في « أ » : « معيبا » وهو مصحّف.

تصرّف الأب والجدّ له على الصبيّ والمجنون حتّى يكملا ، ولهما تولّي طرفي العقد ، فيبيع عن ولده من نفسه وبالعكس ، وتصرّف الحاكم وأمينه على الصغير والمجنون والمفلّس والسّفيه والغائب ، وتصرّف الوصيّ بعد الموت على الصغير والمجنون ، وله أن يقوّم على نفسه أو يقترض إن كان مليّا والوكيل على الموكّل مع حياته وجواز تصرّفه ، فيبطل بموته أو جنونه أو إغمائه ، وله أن يتولّى طرفي العقد مع الإذن لا بدونه.

ولو باع الوكيلان على اثنين ، فإن اقترنا بطلا وإلّا بطل الأخير ، ولو باعا على شخص ووكيله واقترنا ، فإن اتّفق جنس الثمن وقدره صحّ وإلّا بطل ، ويحتمل التخيير ، ولو تقدّم أحدهما صحّ خاصّة.

ويشترط في المشتري الإسلام إذا اشترى مصحفا أو مسلما ، إلّا أن يستعقب الشراء العتق ، وكذا في المستأجر والمرتهن دون المستعير والمودع.

ولو أسلم عبد الكافر أجبر على إخراجه عن ملكه ببيع أو غيره ، ولا يكفي رهنه أو إجارته أو كتابته ولا الحيلولة ، ولو امتنع باعه الحاكم بثمن المثل ، فإن لم يتّفق راغب ، وجبت الحيلولة ، (1) ويملك ثمنه وكسبه قبل بيعه ، وعليه نفقته.

ولو ردّ بالعيب فيه أو في ثمنه المعيّن أجبر على الإخراج ثانيا.

ولو مات المالك قبل البيع بيع على وارثه الكافر.

ولو أسلمت أمّ ولده لم يجبر على البيع أو العتق ، بل تجب الحيلولة.

ولا يباع الطفل بإسلام أبيه أو جدّه.

ص: 341


1- في « ج » : راغب به وجبت الحيلولة.
الركن الثالث : المبيع

وشروطه ثمانية

الأوّل : الطهارة أو قبولها ، والإباحة ، والمغايرة للمشتري ، فلا يصحّ بيع عبده في نفسه ، وتصحّ كتابته.

الثاني : قبول الملك ، فلا يصحّ بيع الحرّ وما لا منفعة فيه ، كالخنافس والفضلات عدا اللبن ، ولا ما لم تجر العادة بتملّكه كحبّة حنطة وإن حرم غصبها ، ولا المباحات قبل الحيازة ، ولا الأرض المفتوحة عنوة وقيل (1) : يجوز تبعا لآثار التصرّف. (2)

ويجوز بيع بيوت مكّة.

ولو باع ما يملك وغيره كالعبد والحرّ ، صحّ فيما يملك وبطل ، في الآخر فيقوّم الحرّ لو كان رقّا ، ويقسّط (3) الثمن عليه وعلى قيمة المملوك.

ولو حفر البئر أو النهر في المباح ملك الماء ، وكذا ما يظهر فيها من المعادن.

الثالث : تمام الملك ، فلا يصحّ بيع الوقف إلّا أن يؤدّي اختلاف أربابه إلى خرابه ، ولا بيع أمّ الولد إلّا أن يموت ولدها أو في ثمن رقبتها مع إعسار مولاها ، ولا بيع الرهن إلّا مع الإذن.

ص: 342


1- القائل هو العلّامة في القواعد : 2 / 23.
2- في « أ » : المتصرّف.
3- في « ب » و « ج » : ويبسط.

ويصحّ بيع الجاني ، فإن كانت خطأ ، ألزم بأقلّ الأمرين من قيمته وأرش الجناية ، فإن أدّى لزم البيع ، ولو امتنع أو كان معسرا فانتزعه المجنيّ عليه أو وليّه بطل ، وللمشتري الفسخ مع جهله قبل الافتداء.

ولو كانت [ الجناية ] عمدا صحّ مراعى ، فإن قتل أو استرقّ بطل.

الرابع : القدرة على تسليمه ، فلا يصحّ بيع الطير في الهواء إلّا مع اعتياده ، ولا السمك في الماء إلّا مع مشاهدته وانحصاره ، ولا الآبق منفردا وإن قدر المشتري على تحصيله إلّا على من هو في يده أو منضمّا ، فإن لم يظفر به كان الثمن بإزاء الضميمة ، ولا يرجع على البائع بشي ء ، ويشترط فيها ما يشترط في المبيع ، وتكفي الواحدة وإن تعدّد الآبق.

وليس الآبق جزءا من المبيع بل تابع ، فلو تلف قبل قبضه لم ينقص من الثمن شي ء ، ولو ظهر فيه عيب فلا ردّ ولا أرش.

ولو ردّت الضميمة بعيب أو بخيار تبعها الآبق ، ولا يلحق به الضالّ ، فيصحّ بيعه بغير ضميمة ويضمنه البائع حتّى يسلّمه ما لم يسقطه المشتري.

ويصحّ بيع المغصوب على غاصبه وعلى من يقدر على قبضه ، فإن عجز تخيّر ، وبيع ما لا يمكن تسليمه إلّا بعد مدّة ، فإن تعذّر تخيّر المشتري.

الخامس : تقديره بالكيل أو الوزن العامين ، أو العدّ أو الذرع ، فلا يصحّ جزافا ، ولا بمكيال مجهول ، ولو تعسّر الوزن أو العدّ اعتبر مكيال ، وأخذ بحسابه.

وتكفي المشاهدة في الأرض والثوب ، ولو أخبره بالقدر فزاد ، فالزيادة للبائع في متساوي الأجزاء ومختلفها ، ويتخيّر المشتري للشركة ، وإن نقص تخيّر أيضا بين الفسخ والإمضاء بحصّته من الثمن.

ص: 343

ولا يجب في الأرض التوفية من المجاورة لها ، وقيل : للبائع الخيار إذا زاد بين الفسخ والإمضاء بالجميع ، وللمشتري الخيار إن نقص بين الفسخ والإمضاء بالجميع.

ويجوز ابتياع جزء مشاع من معلوم بالنسبة ، تساوت أجزاؤه أو اختلفت ، وابتياع جزء مقدّر من متساوي الأجزاء وإن كان من أصل مجهول إذا علم وجوده فيه كصاع من هذه الصّبرة ولا ينزل على الإشاعة فيتعيّن ما يبقى مبيعا ويجوز بيع جزء مقدر من مختلف الأجزاء مع علم الأصل وقصد الإشاعة ، كذراع من عشرة ، ولو لم يقصد الإشاعة فإن عيّن المبدأ والمنتهى صحّ وإلّا فلا ، فلو باعه عشرة أذرع من هنا إلى هناك صحّ بخلاف من هنا إلى حيث ينتهي الذرع.

ولو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم صحّ مع العلم بقدرها ، وكذا [ لو قال : ] بعتك هذه الأرض كلّ ذراع بدرهم.

السادس : العلم بجنسه وصفته ، فلا يباع الحاضر إلّا مع المشاهدة أو الوصف ، فلو باع الحنطة الّتي في البيت لم يصحّ ، وتكفي مشاهدة بعضه إن دلّ على الباطن ، كصبرة الحنطة ، لأنّ الظاهر استواء ظاهرها وباطنها ، فإن تغيّر تخيّر بخلاف صبرة البطّيخ ، لاختلاف ظاهرها وباطنها غالبا وسلّة (1) الفاكهة.

ولو أراه أنموذجا فإن أدخله في العقد صحّ وإلّا فلا.

ص: 344


1- في مجمع البحرين : السلّة : وعاء يحمل فيه الفاكهة.

ولو غاب المشاهد وقت الابتياع ، فإن مضت مدّة يقطع فيها بتغيّره لم يصحّ وإن احتمل صحّ ، ثمّ إن ثبت التغيّر تخيّر المشتري ، والقول قوله لو ادّعى حدوثه.

ويفتقر الغائب إلى ذكر الوصف والجنس وإن كان من ثالث ، فلو وصف لأحدهما أو لهما ، فإن وافق لزم وإلّا تخيّر الجاهل به ، فالبائع مع الزيادة والمشتري في النقيصة.

ولو زاد في الكيف ونقص في الكمّ أو بالعكس تخيّر.

ولو رأى بعض ضيعة ووصف له باقيها فخرجت على الخلاف تخيّر في الجميع ، ولو جهل البعض تجهّل الكلّ إلّا أن يكون غير مقصود ، فيصحّ بيع الأمّ مع الحمل ، بخلاف بيع سمك الأجمّة مع القصب ، واللبن في الضرع مع المحلوب منه.

ويصحّ بيع الصوف والشعر والوبر على الظهر مع إرادة جزّه أو مع شرط إبقائه (1) إلى أوانه.

ولا يجوز بيع الجلد على الظهر ، ولا اللبن في الضرع.

ويوضع للظروف ما يحتمل الزيادة والنقصان أو ما هو معتاد لا ما يزيد إلّا مع الشرط.

السابع : اختبار المذوق والمشموم إذا لم يفسده.

ص: 345


1- في « أ » : مع شرط بقائه.

ويجوز بيع المسك في فأره ، ويستحبّ فتقه ، ويجزئ الوصف على الأقوى ، فيتخيّر مع العيب بين الردّ والأرش.

وما يفسد باختباره كالبيض والبطّيخ ، فإن كان لمكسوره قيمة فالأرش ، وإلّا رجع بالثمن ، وهل يبطل البيع من أصله أو من حين التصرّف؟ فعلى الأوّل مئونة النقل على البائع ، وعلى الثاني على المشتري.

ولو تبرأ البائع من العيب فلم يخرج لمكسوره قيمة ، فيه توقّف ، من حيث إنّه أكل مال بالباطل.

ولا فرق بين المبصر والأعمى في ذلك.

الثامن : عدم إبهامه فلو باعه شاة من قطيع أو قطيعا إلّا شاة أو عبدا من عبدين بطل ، وكذا ما يضرب الصياد بشبكته ، وكذا إبهام البعض ، فلو باعه الثوب وأحد العبدين بطل.

وإبهام الطريق كإبهام المبيع ، فلو أطلق وتعدّد بطل ، ولو فقد تخيّر المشتري.

ولو باعه أرضا محتفّة بملكه ، فإن عيّن (1) الطريق صحّ وإلّا بطل.

ولو قال : بحقوقها استحقّ الممرّ من كلّ جهة ، ويحتمل البطلان ، ولو اتّصلت بشارع أو بملك المشتري وباعها بحقوقها فكالأوّل ، ويحتمل الاجتزاء بذلك.

ص: 346


1- في « أ » : « تحقّق ».
الركن الرابع : الثمن

ويشترط العلم بقدره وجنسه ووصفه ، فلو باع بحكم أحدهما أو ثالث ، أو بسعر ما بعت وجهل المشتري فسد ، ولا تكفي المشاهدة.

ولو عيّن النقد لزم ، ولو أطلق انصرف إلى نقد البلد ، ولو أبهم بطل ، كما لو باعه بعشرين درهما من صرف العشرين بالدينار ، وكان الصرف متعدّدا أو مجهولا ، وكذا لو باعه بدينار إلّا درهما نقدا مع جهل النسبة ، أو نسبه بنقد وقت الحلول ، أو بما يتجدّد.

ومتى فسد ضمن القابض المثليّ بالمثليّ والقيميّ بالقيمة يوم التلف ، وأرش نقصه ومنافعه مع التفويت والفوات لا تفاوت السّعر (1).

ولو زاد بفعل المشتري فهو له ، عينا كان أو منفعة ، وإلّا فللبائع.

ولو باعه بنصف دينار لزمه شق دينار إلّا أن يشترط الصحيح أو يراد عرفا.

ويجوز استثناء جزء معلوم من الثمن أو المثمن ، مثال الأوّل : بعتك هذه السلعة بعشرة إلّا خمسة ، ومثال الثاني : بعتكها إلّا نصفها بعشرة ، وكذا بعتكها بعشرة إلّا ما يساوي واحدا بسعر اليوم إن علما به ، ولم يستغرق المبيع.

ولو كان المستثنى مجهولا بطل إلّا أن يعلم بالجبر وغيره ، (2) مثال الثمن :

ص: 347


1- كذا في « أ » « ولكن في « ب » و « ج » : « لا بفوات السّعر » والمراد أنّه لا يضمن ارتفاع قيمة السّلعة لا قبل التلف ولا بعده ، بل يضمن قيمة يوم التلف مطلقا.
2- كالمقابلة والخطأين والأربعة المتناسبة. لاحظ جامع المقاصد : 4 / 120.

لو باعه بعشرة إلّا نصف الثمن ، فالثمن ستة وثلثان ، لأنّ الثمن شي ء يعادل عشرة إلّا نصف شي ء ، فإذا جبرت العشرة بنصف شي ء وزدت مثله على مقابله صارت العشرة تعدل شيئا ونصفا ، فالشي ء ستة وثلثان.

ولو باعه بعشرة إلّا ثلث الثمن ، فالثمن سبعة ونصف ، لأنّ الثمن شي ء يعدل عشرة إلّا ثلث شي ء ، فاجبر العشرة بثلث شي ء وزد مثله على مقابله يبقى عشرة يعدل شيئا وثلثا ، فالشي ء سبعة ونصف.

ومثال المثمن : بعتك هذا العبد إلّا ما يخصّ واحدا بكذا ، فانظر إلى ما تقرّر عليه العقد ، فيكون هو المبيع ، فإذا كان الثمن أربعة صحّ البيع في أربعة أخماسه بجميع الثمن الّذي يخصّ الواحد شي ء ، فالعبد إلّا شيئا في مقابلة الأربعة ودراهم ، فيجبر العبد بشي ء ويزاد على مقابله مثله ، وهو درهم ، فيصير العبد في مقابلة خمسة دراهم ، فالّذي يخصّ الواحد خمسة.

ولو عطف على المبيع شيئا مجهولا ، مثل : بعتك هذا الثوب والصبرة بكذا بطل ، وكذا الثمن إلّا أن يعلم بالجبر.

فلو باعه العبد بعشرة ونصف الثمن ، فالثمن عشرون ، لأنّ الثمن شي ء يعدل عشرة ونصف شي ء ، فإذا أسقطت نصف شي ء بمثله ، بقى عشرة تعدل نصف شي ء ، فالشي ء عشرون.

ولو باعه بعشرة وثلث الثمن ، فهو خمسة عشر ، لأنّ الثمن شي ء ، يعدل عشرة وثلث شي ء فيسقط الثلث ومقابله من الثمن ، فالعشرة تعدل ثلثي الثمن ، فالثمن خمسة عشر.

ص: 348

الفصل الثاني : في لزوم العقد وجوازه

اشارة

ويلزم بالأصل ويعرض له الجواز بالخيار أو العيب فهنا بحثان (1) :

[ البحث ] الأوّل : في الخيار
اشارة

وفيه فصلان :

الأوّل : في أنواعه

وهي سبعة :

الأوّل : خيار المجلس ، ويختصّ بالبيع ، ويثبت للمتبايعين ما داما في المجلس أو فارقاه مصطحبين ، ولا عبرة بالحائل ، ولا يسقط بالإكراه على المفارقة إلّا أن يتمكّن من الاختيار ، ولو أمره بالاختيار فسكت فخيارهما باق.

ويسقط بمفارقة أحدهما ولو بخطوة ، عالما كان أو جاهلا ، وبشرط السقوط ، وبإيجابهما وإيجاب أحدهما ورضى الآخر ، ومع عدمه يسقط خيار الموجب خاصّة ، وبابتياع من ينعتق عليه ، وبموت أحدهما ، ويحتمل انتقاله إلى الوارث.

ولا يعتبر مجلس الوارث لأنّه غير عاقد ، ولو جنّ أو أغمي عليه تخيّر

ص: 349


1- وسيوافيك أنّ البحوث ثلاثة لاحظ ص 355 و 359.

الوليّ مع المصلحة ، ولو خرس كفت الإشارة المفهمة ، ثمّ الكتابة ، فإن تعذّر الاستعلام ففي خيار الحاكم مع المصلحة توقّف.

ويثبت خيار العاقد عن اثنين دائما ما لم يسقطه أو يلتزم ، ولو التزم به من طرف سقط دون الآخر ، وكذا لو باع أو اشترى من ولده الصغير.

ولو ادّعى أحدهما التفرّق وأنكر الآخر ، قدّم قوله مع اليمين.

ولو اتّفقا على التفرّق وادّعى أحدهما الفسخ قبله حلف الآخر.

الثاني : خيار الحيوان ، ويختصّ بالمشتري وإن كان الثمن حيوانا ، وزمانه ثلاثة أيّام من حين العقد ، ويسقط باشتراط سقوطه ، وبالتزام العقد ، وبالتصرّف الناقل ، لازما كان كالبيع أو لا ، كالهبة قبل القبض ، وبغير الناقل كالركوب ، فلو تلف في الثلاثة كان من المشتري ، وبدون التصرّف من البائع.

الثالث : خيار الغبن ، ويثبت للبائع والمشتري في كلّ معاوضة مالية عدا الصلح ، بشرط أن لا يتغابن بمثله وقت العقد ، وجهله بالقيمة عنده ، فيتخيّر بين الفسخ والإمضاء بالمسمّى ، ولا يثبت به أرش بل الردّ.

ولا يسقط بدفع التفاوت ولا بحدوث عيب بل يضمن أرشه.

ويسقط بالتصرّف الناقل أو المانع من الردّ كالاستيلاد والعتق ، ويحتمل أنّه إن كان للبائع لم يسقط بتصرّف المشتري مطلقا ، وإن كان للمشتري سقط بتصرّفه الناقل أو المانع من الردّ.

وتجب فوريّته مع العلم به ، ويعذر جاهل الحكم.

ص: 350

الرابع : خيار الرؤية ، ويثبت في كلّ مبيع شخصيّ موصوف غير مطابق للوصف ، فيتخيّر البائع إن زاد والمشتري إن نقص ، ولو زاد ونقص باعتبارين تخيّرا.

وفي فوريّته خلاف ، ولو شرط سقوطه بطل العقد للغرر.

وإذا فسخ لم يجب البدل أمّا غير الشخصي الموصوف بصفات السلم فله المطالبة بالبدل.

الخامس : خيار من باع ولم يقبض الثمن ولا سلّم المبيع ولا شرط تأخير الثمن ومضى ثلاثة أيّام ، فيتخيّر بين الفسخ والصبر ، ويسقط ببذل الثمن قبل الفسخ لا بطلب البائع ، فلو تلف المبيع فهو من البائع في الثلاثة وبعدها.

ولو قبض بعض المبيع أو بعض ثمنه ، أو أجّل بعض الثمن (1) ولم ينقد الحالّ ، أو كان الثمن مؤجّلا وأخّره عن أجله فلا خيار.

ولو كان يفسد ليومه ، فله الفسخ عند انقضائه إلّا أن يشرف على التلف قبله.

السادس : خيار الشرط ، وهو اتّفاق لزوم العقد على رأي البائع أو المشتري أو هما مدّة مضبوطة.

ويجوز اشتراطه لأجنبيّ منفردا أو منضما إلى أحدهما أو إليهما ، وليس لازما بالأصل.

ص: 351


1- في « ج » : بعض المثمن.

ويشترط ذكره في نفس العقد دون ما قبله أو بعده.

ويثبت في كلّ عقد عدا النكاح والوقف وشراء القريب ، ولا يثبت في العتق والطلاق والإبراء ، وفي الصّرف توقّف.

ولا بدّ من تعيين المدّة وتقديرها بحسب الشرط ، ويجوز اختلافها إذا تعدّد المشروط له.

ومبدأها من حين العقد مع الإطلاق ، ولا يجب اتّصاله بها ، فلو شرط بعد مدّة لم يتخيّر قبل انقضائها.

ولا يجوز إبهامه ، فلو شرط لأحد المتبايعين ، أو في أحد المبيعين بطل.

ويجوز اشتراط المؤامرة ، وفي اشتراط المدّة توقّف ، ولو مات المستأمر لم ينقل إلى وارثه.

ويجوز للبائع أن يشترط ارتجاع المبيع في مدّة مضبوطة إذا ردّ فيها الثمن أو مثله ، فليس له الفسخ بدون ردّه ، والنماء للمشتري قبله ، والتلف منه.

ولو شرط ارتجاع بعضه ببعض الثمن جاز.

ويجوز للمشتري أيضا أن يشترط ارتجاع الثمن إذا ردّ المبيع ، فلو فسخ قبل ردّه لم يصحّ.

ولو شرط كلّ واحد الارتجاع ، فإن اتّحد الوقت صحّا قطعا ، وكذا إن تغاير على الأقوى ، فإن ارتجع السابق صحّ ، وإلّا ارتجع الآخر.

السابع : خيار العيب : وسيأتي.

ص: 352

الفصل الثاني : في أحكامه

أنواع الخيار موروثة كالمال إلّا المشروط للأجنبيّ ، ويرثه كلّ وارث حتّى الزوجة الممنوعة من الأرض المبتاعة بخياره ، فإن أجازت العقد لم ترث من الأرض شيئا ، وإن فسخت ورثت من الثمن ، وبالعكس لو كان بائع الأرض الزّوج فإن أجازت ، ورثت من الثمن ، وإن فسخت لم ترث من الأرض.

وليس للورثة تفريقه بخلاف المشتريين.

ولو مات العبد المأذون فخياره لمولاه ، ولو جنّ مشترطه لم ينقض تصرّف الوليّ بعد إفاقته.

ويملك المبيع بالعقد ، والنماء في مدّة الخيار للمشتري ، فإن فسخ البائع لم يستردّه.

ولا يشترط في الفسخ مطلقا حضور الغريم ، ولا الحضور عند الحاكم ، ولا الإشهاد.

ويحصل الفسخ والإجازة بالقول أو الفعل ، سواء كان بتلف العين ، أو بفعل آثار الملك ، كالاستخدام ، والوطء ، والنظر إلى ما يحرم على غير المالك ، واللمس ، والقبلة بشهوة ، وكذا لو قبّلت الجارية المشتري بإذنه (1) أو رضي به ، أو كان بالعتق ، أو البيع وشبهه ، لا بالعرض عليه ، وتنفذ (2) العقود.

ص: 353


1- قال العلّامة في القواعد : 2 / 71 : لو قبّلت الجارية المشتري ، فالأقرب أنّه ليس بتصرّف وإن كان مع شهوة إذا لم يأمرها ، ولو انعكس الفرض فهو تصرّف وإن لم يكن عن شهوة.
2- في « ب » : وينفذ.

ولو باع من لا خيار له وقف على رضا الآخر ، ولو كان الخيار لهما أو للبائع توقّف (1) بيع المشتري على رضا البائع دون العكس.

وليس السكوت إجازة.

والتصرّف في مدّة الخيار من البائع فسخ ومن المشتري إجازة ولو تعارضا قدم الفسخ ولا يجوز للبائع التصرف في مدّة الخيار للمشتري ، ويجوز تصرّف المشتري في المختصّ بالبائع والمشترك ، فلو وطأ في أحدهما لم يمنع البائع من الفسخ ، فإن حملت صارت أمّ ولد فيرجع على المشتري بقيمتها لا بقيمة الولد والعقر ، ويسقط بالتصرّف أو الإذن فيه ، فلو اشترك فتصرّف أحدهما بإذن الآخر سقط الخياران (2).

والعين في يد المشتري بعد فسخه مضمونة ، وبعد فسخ البائع أمانة.

ويملك الأجنبيّ الفسخ دون الشرط.

ولو تلف المبيع قبل قبض المشتري بطل البيع والخيار ، وكان من مال بائعه ، وإن تلف بعد القبض وانقضاء الخيار ، فهو من المشتري ، وفي مدّة الخيار بغير تفريط ممّن لا خيار له ، ولو كان لهما أو لأجنبيّ فمن المشتري.

ولا يبطل الخيار بالتلف ، فلو فسخ البائع رجع بالمثل أو القيمة ، ولو فسخ المشتري رجع بالثمن ، وقيل : انّ الاختيار بالذوق والركوب والطحن والحلب غير مسقط للخيار ، إذ به يعرف حاله (3).

ص: 354


1- في « ج » : يتوقّف.
2- في « ب » و « ج » : سقط الخيار.
3- قال في الدروس : 3 / 272 : استثنى بعضهم من التصرّف ركوب الدابّة والطحن عليها وحلبها ، إذ بها يعرف حالها للمختبر ، وليس ببعيد.
البحث الثاني : في العيب
اشارة

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : في ضابطه

وهو ثلاثة :

الأوّل : ما زاد أو نقص عن الخلقة الأصليّة كفوات عضو ، أو حدب في الظهر أو الصدر ، أو سبل (1) في الأجفان ، أو بخر ، أو صنان (2) لا يقبلان العلاج ، وبول الكبير في الفراش ، والعمى ، والعور ، والجبّ والخصيّ ، وعدم الحيض ممّن شأنها الحيض والحبل ، واستمرار المرض كالممراض ، أو عروضه كحمّى يوم ، والسّلعة (3) والثّفل (4) غير المعتاد في الزيت وشبهه.

الثاني : ما قضى العرف بكونه عيبا ، كالإباق القديم ، والزنا ، والخيانة ، واستحقاق القتل والحدّ والتعزير المخوف ، والقطع ، وعدم الختان في الكبير ، وكون الضيعة منزل الجند ، أو ثقيلة الخراج ، أو كونه نجسا لا يقبل الطهارة ، وليس العسر (5) عيبا ، وكذا الكفر ، والغناء ، والجهل بالصنائع ووجوه الخدمة ، وكونه ولد

ص: 355


1- قال العلّامة في القواعد : 2 / 72 : السّبل : وهو زيادة في الأجفان.
2- « البخر » : النّتن يكون في الفم والرائحة المتغيّرة فيه. والصّنان : ذفر الإبط. لسان العرب.
3- في مجمع البحرين : السّلعة - بكسر السين - : زيادة في الجسد كالغدّة ، وتتحرّك ، إذا حركت.
4- في القاموس : 3 / 342 : الثفل - بالضمّ - : ما استقرّ تحت الشي ء من كدرة.
5- قال في جامع المقاصد : 4 / 328 : العسر [ هنا ] هو قوة اليد اليسرى على ما تقوى عليه اليمنى مع ضعف اليمنى.

زنا ، أو أمة تحرم عليه مؤبّدا ، وإن نقص بعض انتفاعه لبقاء القيمة ، أو متزوّجة ، أو معتدّة ولا الثيبوبة إلّا مع شرط البكارة وثبوت عدمها.

الثالث : عدم ما يشترطه من الصفات المحمودة ، ولا يعدّ فقده عيبا ، كالبكارة وجعودة الشعر ، وزجج (1) الحواجب ، والإسلام ، ومعرفة الطبخ ، والصّنعة ، والكتابة ، وكون الحيوان حاملا ، والفهد صائدا ، وغير ذلك ممّا يتعلّق به غرض أو ماليّة إلّا أن يتعذّر ، كالطحن ، والحلب قدرا معيّنا.

ولو شرط غير المحمودة كسبط الشّعر ، فبان بخلافه فلا خيار.

المطلب الثاني : في أحكامه

وفيه مسائل :

الأولى : إطلاق العقد يقتضي السلامة من العيوب ، فلو وجد بالمبيع عيبا سابقا ، تخيّر بين الردّ والأرش.

ويسقطان بالتبرّي من العيوب في نفس العقد ولو إجمالا ، وبعلم المشتري به قبله وبالرّضا به بعده.

ويسقط الردّ خاصّة بإسقاطه ، وبابتياع من ينعتق عليه وإن لم يعلم ، وبالحمل في الأمة وغيرها ، وبذهاب صفة كاملة عند المشتري كالكتابة ، وبتلف المبيع أو عتقه ، وبالتصرّف فيه وإن لم يعلم بالعيب ، سواء كان ناقلا أو لا ، إلّا أن يكون التصرّف وطأ والعيب حبلا ، فيردّها مع نصف عشر قيمتها ، وبحدوث

ص: 356


1- في لسان العرب : زجّجت المرأة حاجبها بالمزجّ : دقّقته وطوّلته ، وقيل : أطالته بالإثمد.

عيب عنده وإن لم يكن من جهته ، إلّا أن يكون حيوانا ، فله ردّه في الثلاثة ، إلّا أن يتصرّف.

ويسقط الأرش خاصّة في المعيب بالحبل ، وفي المصرّاة ، وفيما لو اشترى ربويّا بجنسه فظهر فيه عيب.

وقد يتعذّر الردّ والأرش ، كما لو اشترى ربويّا بمساويه جنسا ، فوجد فيه عيبا ، وتجدّد (1) عنده آخر ، فلو ردّه مع الأرش ، واستردّ جزءا من الثمن لزم الربا ، وردّه مجّانا والصّبر عليه كذلك ظلم ، فيحتمل الفسخ ، ولا يردّ المبيع ، بل يغرم قيمته من غير الجنس معيبا بالأوّل سليما من الثاني كالتالف ، ويحتمل ردّه مع الأرش كالمقبوض بالسّوم.

الثانية : لو حدث (2) عيب قبل القبض فكالأوّل ، ولو أحدث في البعض ، فله الأرش أو ردّ الجميع ، لا المعيب خاصّة ، ولو حدث (3) عيب في مدّة الخيار فله الردّ فيها خاصّة ، إلّا أن يتصرّف فله الأرش.

ولو حدث الجنون ، أو الجذام ، أو البرص في الرّقّ بين العقد وسنة فله الردّ ، إلّا أن يتصرّف ، فيثبت الأرش.

الثالثة : لو اشترى شيئين صفقة ووجد في أحدهما عيبا ، تخيّر في ردّ الجميع والأرش ، لا ردّ المعيب خاصّة ، ويسقط الردّ بالتصرّف في أحدهما دون الأرش.

ص: 357


1- في « أ » : « أو تجدّد » والصحيح ما في المتن.
2- في « أ » : أحدث.
3- في « أ » : أحدث.

ولو اشترى اثنان من أحد شيئا صفقة فلهما الاجتماع على الرّدّ أو الأرش لا التفريق ، وكذا لو ورثا خيارا ، ولو تعدّدت الصفقة جاز التفريق.

ولو اشتراه من اثنين صفقة جاز له الردّ على أحدهما وأخذ الأرش من الآخر.

والأرش جزء من الثمن ، نسبته إليه كنسبة قيمة المعيب إلى الصحيح ، بأن يقوّم صحيحا ومعيبا يوم العقد ، ويؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت.

ولو اختلف المقوّمون عمل بالأوسط.

ويشترط في المقوّم العدالة والمعرفة والتعدّد.

الرابعة : لا يجب في الفسخ حضور البائع ، ولا كونه عند الحاكم ، ولا الفوريّة وإن علم وطال الزمان ، ولو زاد ردّ معه الزيادة ، ويجوز الفسخ قبل القبض وبعده.

الخامسة : لو اشترى من الوكيل ، ردّه بالعيب على الموكّل ، والقول قوله مع يمينه في عدم تقدّمه ، فلو أقرّ الوكيل بتقدّمه لم ينفذ في حقّ الموكّل.

السادسة : لو باع الجاني عمدا وقف على إجازة المجنيّ عليه ، فإن لم يجز بطل ، وإن أجاز ضمن البائع الأقلّ من الأرش والقيمة ، وللمشتري الفسخ إن جهل ، فيرجع بالثمن ، أو الإمضاء فيرجع بالأرش ، فإن استوعبت [ الجناية ] القيمة فالأرش ثمنه.

ولو كانت الجناية طرفا ، فإن علم المشتري فلا شي ء له ، وإلّا تخيّر بين الردّ والأرش.

ص: 358

ولو كان خطأ صحّ البيع إن كان موسرا ، وإلّا فإن ضمن المولى (1) أقلّ الأمرين صحّ أيضا ، وإلّا تخيّر المجنيّ عليه في الإجازة والفسخ.

السابعة : لو ادّعى عدم البكارة المشترطة ، حكم بشهادة أربع ، ولو ردّ السّلعة بالعيب فأنكرها البائع قدّم قوله مع اليمين ، وكذا لو ردّها بأحد أنواع الخيار على توقّف.

ولو ادّعى سبق العيب ولا بيّنة ولا شاهد حال قدّم قول البائع مع اليمين.

ولو ادّعى التبرّي أو علم المشتري قدّم قول المشتري مع اليمين ، وكذا لو تنازعا في تصرّف المشتري أو حدوث عيب عنده.

البحث الثالث : في التدليس

البحث الثالث (2)

في التدليس

وهو إحداث صفة في الخلقة كالتحمير للوجه وتبيضه ، ووصل الشعر وتسويده ، بخلاف تسويد يد العبد أو ثوبه بالحبر ، ليظنّ أنّه كاتب.

والتصرية تدليس ، وهي جمع اللبن في الضرع ليظنّ المشتري أنّه قدر حلبها في كلّ يوم بخلاف ما لو ظنّه لعظم ضرعها.

وتثبت في الشاة إجماعا وفي الناقة والبقرة على الأقوى إلّا في الأتان والأمة ، إلّا أن يشترط كثرة اللبن فيظهر خلافه.

ص: 359


1- في « أ » : « فإن ضمن الوليّ » والصحيح ما في المتن.
2- في « أ » : « البحث الثاني » وقد مرّ البحث الأوّل في ص 349. والثاني في ص 355. وهذا هو البحث الثالث.

وتختبر بثلاثة أيّام ، فإن صارت التصرية عادة قبل انقضائها سقط الخيار لا بعدها.

ويثبت الرّدّ دون الأرش ، ولا يمنع منه التصرّف بالحلب ، ويردّ معها لبنها وأرشه إن عاب ، فإن تعذّر فالمثل أو القيمة السوقيّة ، وفي وجوب الردّ المتجدّد في الثلاثة أو قيمته توقّف.

والخيار على الفور ، فلو علم بالتصرية في الثلاثة وأهمل سقط ، وكذا لو علم بها قبل العقد أو بعده قبل الحلب ، أو رضى بعده ، أو ماتت المصرّاة ، أو تجدّد عيب وإن لم يعلم بالتدليس ، والأرش في الجميع.

ولو رضي بالتصرية فظهر عيب ردّ به إن لم يحلب ، وإلّا فله الأرش خاصّة.

الفصل الثالث : في أحكام العقد

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] ما يدخل في المبيع

والضابط ما يتناوله اللفظ لغة أو عرفا أو شرعا ، وعند الإطلاق يعتبر الشرعي ، ثمّ العرفي ثمّ اللغوي ، ولنذكر من الألفاظ أحد عشر :

الأوّل : الأرض ، ويدخل فيها البئر ، والعين ، وماؤهما ، والمعادن ، فإن جهل البائع تخيّر ، والأحجار المخلوقة ، ولو أضرّت فللمشتري الخيار إلّا أن يعلم ، ولا يدخل المدفونة (1) وعلى البائع نقلها ، وتسوية الحفر ، ولا أجرة

ص: 360


1- في « أ » « المدفون » والصحيح ما في المتن.

للمشتري عن مدّة النقل وإن كان جاهلا ، ولو تعيّبت تخيّر مع الجهل.

ولو تركها فإن أضرّت تخيّر المشتري وإلّا فلا ، ولا يملكها بالإعراض عنها.

ولا يدخل فيها البناء ، والشجر ، والبذر ، والزرع وإن كان كامنا وإن قال : بحقوقها.

وتجب تبقية البناء والغرس حتّى يهلك ، والزرع حتّى يحصد ، والّذي يجزّ مرّة بعد أخرى حتّى يستقلع.

وعلى البائع قلع ما يضر من العروق وتسوية الحفر.

ولو اشترط المشتري دخول ذلك جاز ، وكذا لو قال : ما أغلق عليه بابها.

ولو لم يعلم المشتري بالبذر تخيّر في الفسخ والإمضاء مجّانا ، وتدخل الأرض في ضمان المشتري بالتّسليم.

الثاني : الدار ويدخل فيها الأرض ، والبناء ، والأخشاب المستدخلة ، والأسفل ، والأعلى ، إلّا أن تشهد العادة باستقلاله (1) ، وجميع المرافق ، كالبئر ، والحوض ، ومائهما ، والحمام المعروف بها ، والأبواب ، والأغلاق ، والرفوف ، والأوتاد ، والسلّم المثبّتات ، والمفاتيح ، والدراريب والمجاز ، فإن تعدّد وجب التعيين وإن قال : بحقوقها.

ولا يدخل الرحى والدّنان (2) والخوابي (3) وإن كانت مثبّتات ، ولا

ص: 361


1- الضمير يرجع إلى « الأعلى ». وفي « أ » : بالاستقلال.
2- في المعجم الوسيط : الدّنّ : وعاء ضخم للخمر ونحوها.
3- جمع خابية ، وهي : فارسية معرّبة ، وهي الحبّ الّذي يجعل فيه الماء ، لسان العرب.

الشجر ، والنخل إلّا مع الشرط ، أو يقول : ما أغلق عليه بابها.

الثالث : القرية ، وفي معناها الضيعة والدّسكرة ، (1) ويدخل فيها الأبنية ، والعرصات ، والطرق ، دون المزارع والشجر وإن كان في وسطها ، إلّا مع القرينة أو العرف.

الرابع : البستان ، وفي معناه الحائط والباغ ، ويدخل فيه الأرض ، والشجر ، والنخل ، والحيطان ، والدولاب والشرب ، والمجاز (2) دون البناء إلّا مع العرف ، ولو استثنى نخلة أو شجرة معيّنة فله المدخل والمخرج إليها ، والانتفاع بمدى جرائدها من الأرض ، ولو ماتت بطل حقّه ، ولم يكن له غرس بدلها.

الخامس : الشجر ، ويدخل فيه الأغصان الرطبة ، والورق ، والعروق ، ويستحقّ الإبقاء مغروسا لا المغرس ، فلو انقلعت شجرة أو ماتت بطل حقّه ، ولم يكن له استخلاف أخرى وإن كان من فروخها.

ولا تدخل الأرض إلّا مع الشرط ولو قال : بحقوقها ، ولا الثمرة ، وللبائع التبقية حتّى يبلغ أوان أخذها ، وكذا لو كان المقصود (3) الورد أو الورق.

السادس : النخل ، ويدخل فيه السّعف الأخضر ، والجذع ، والليف ، والعروق ، والفراخ والطلع غير المؤبّر ، وللمشتري الإبقاء مغروسا.

ولا تدخل الأرض ولا الثمرة الموجودة عند العقد إلّا الطلع المؤبّر وللبائع تبقيتها إلى بلوغها مجّانا ، ويرجع فيه إلى العادة.

ص: 362


1- في القاموس : الدسكرة : القرية والصومعة ، والأرض المستوية ، وبيوت الأعاجم يكون فيها الشراب والملاهي ، أو بناء كالقصر حوله بيوت ، وجمعه دساكر.
2- في « أ » : والمجاري.
3- في « أ » : المقصد.

ولو تضرّرت الأصول بالتبقية ضررا يسيرا لم يجب القطع ، وإلّا وجب ، وفي الأرش توقّف.

ولو باع المؤبّر وغيره دخل غير المؤبّر ، ولو اشتبه وجب الصلح.

ويعتبر التأبير في الإناث ، ولا فرق بين تأبير البائع وغيره وما أبّرته اللواقح.

ولو انتقل النخل بغير البيع لم يدخل غير المؤبّر ، سواء كان بعقد معاوضة أو لا.

السابع : الحمّام ، ويدخل فيه بيوته ، وخزانة مائه ، وقدره (1) المثبّتة ، وجدرانه ، وموقده ، ومطرح موقده ، (2) ومحقن غسالته ، ومسلخه ، وبئر مائه ، ولا يدخل أزره وأقداحه.

الثامن : المملوك ، فلا يدخل الحمل ولا ما يضاف إليه ، ولا ما في يده ، وإن قلنا يملك ، وفي ثيابه توقّف.

ولو بيع مع ماله ، صحّ بشرط العلم وعدم الربا.

التاسع : السّفينة ، ويدخل المخداف (3) المشدود وإن تعدّد ، والسّكان والظلال الثابت دون المردي ، (4) وفي الحبال والشراع توقّف.

العاشر : الدابّة ، ولا يدخل السرج واللجام والبرذعة ، ويدخل النعل.

ص: 363


1- في « أ » : قدوره.
2- في « ب » و « ج » : ومطرح وقده.
3- في المعجم الوسيط : الخدف : سكّان السفينة : ذنبها الّذي به تعدّل وتقوّم.
4- في المعجم الوسيط : المردي : خشبة طويلة ينحّي بها الملّاح السفينة عن الأرض أو يدفعها بها.

الحادي عشر : الكتاب ، ويدخل أجزاؤه ، والجلد والخيوط ، والأوراق المثبّتة فيه (1) دون الغلاف.

وكلّ ما لا يدخل إذا شرط دخل ، إلّا أن يلزم منه فساد العقد.

المبحث الثاني : في الشرط
اشارة

وفيه مطلبان :

الأوّل :

العقد قابل للشرط لا للتعليق عليه ، ويشترط كونه سائغا مقدورا معلوما ، فلو شرط البائع أو المشتري خياطة ، أو عتقا ، أو كتابة ، أو تدبيرا ، أو قرضا ، أو إجارة ، أو رهنا ، أو بيعا ، أو هبة ، أو تزويجا ، أو سلفا ، أو ضمينا على الثمن ، أو على المبيع في السلم ، أو كفيلا ، أو شاهدا ، صحّ.

ويجوز اشتراط حمل الأمة والدابّة ، فيفسخ لو ظهرت حائلا.

ولو شرط البائع عدم التصرّف بالبيع ، أو الهبة ، أو الوطء ، أو العتق ، أو الاستخدام ، أو بيعه على نفسه أو على غيره ، أو أنّ الولاء له ، أو تأخير تسليم المبيع إلى مدّة مجهولة ، أو شرط المشتري تأخير الثمن كذلك أو ابتياع الثمرة ، أو صيرورة الزرع سنبلا ، أو كون الأمة ولودا ، أو لا خسارة ، (2) أو كون الثمن على أجنبيّ أو أنّ التلف بعد القبض من البائع ، لم يصحّ.

وكلّما فسد الشرط بطل العقد.

وشرط ما يقتضيه العقد يؤكّده كخيار المجلس.

ص: 364


1- في « ب » و « ج » : المتثبتة فيه.
2- في « أ » : أن لا خسارة.
المطلب الثاني : في أحكامه

لو باع عبدا بشرط العتق عنه بطل ، ولو أطلق أو شرطه عن المشتري صحّ ، فإن أعتق وقع عن المشتري ، وله الولاء وكسبه قبل عتقه ، ولو لم يعتقه تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء ، وليس له إجبار المشتري.

ولو أعتقه بعد أن عاب بما لا يوجب العتق ، أو أعتق الأمة بعد حبلها منه أجزأ ، ولو نكّل به عتق ولم يجزئه ، وللبائع الفسخ والرجوع بالقيمة يوم التلف ، وكذا لو تعيّب بما يوجب العتق ، أو مات ، أو أتلفه المشتري ، وله الرجوع بما نقّصه شرط العتق.

ولو أتلفه غيره رجع البائع عليه بما قابل شرط العتق ، والمشتري بالباقي ، وليس للبائع إسقاطه لتعلّق حقّ اللّه تعالى والعبد به.

ويجب تعيين الرهن المشترط بالمشاهدة أو الوصف ، وفي جواز اشتراط رهن المبيع على ثمنه توقّف.

ولا يكفي عقد البيع عن عقد الرهن ولو جمعهما في عقد ، ولو قدّم الرهن بطل قطعا ، ولو قدّم البيع كقوله : بعتك الدار بمائة وارتهنت العبد بها ، فيقول : اشتريت ورهنت ، بطل على الأقوى.

ولو امتنع من الرهن تخير البائع ، فلو أجاز فلا خيار للمشتري.

ولو هلك الرهن المعيّن تخيّر البائع وليس له بدله ، ولو تعيّب لم يجب إتمامه.

ويجب تعيين الكفيل وضامن الدرك بالمشاهدة أو الوصف كرجل ثقة ،

ص: 365

أو النسب كفلان بن فلان ، ولو أخلّ به تخيّر صاحبه.

ولا يجب تعيين الشهود ، لأنّ الضابط العدالة ، ولو عيّنهم تعيّنوا ، فلو امتنعوا من التحمّل تخيّر البائع.

ولو أسقط البائع الشرط صحّ إلّا في العتق.

المبحث الثالث : في القبض
اشارة

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : في حقيقته

وهو التخلية فيما لا ينقل كالأرض والشجر ، والنقل في المنقول كالثياب ، والكيل أو الوزن في المكيل والموزون ، والعدّ في المعدود ، فلو باع بعد الكيل أو الوزن لم يكف عن اعتبار القبض ولو من المولّى عليه أو اشترى منه كفى استمرار القبض الأوّل ، وليس الرضا ببقائه في يد البائع قبضا.

ويصحّ من غير البائع كالوكيل ، وقبل استيفاء الثمن وبعده ، ولا يشترط إذن البائع ولا اختياره.

وإطلاق العقد يقتضي تقابض العوضين ، فإن تعاسرا أجبرا وتقابضا معا ، وإلّا أجبر الممتنع.

ولو شرطا أحدهما التأخير أجبر الآخر.

ولو شرط التأخير وكانا غنيّين أو أحدهما صحّ ولو كانا في الذمّة بطل ، لأنّه بيع الكالئ بالكالئ.

ص: 366

ويجب تفريغ المبيع من المتاع والزّرع والعروق المضرّة والحجارة المدفونة ، وتجب تسوية الحفر ، ولو احتاج إلى هدمه جاز ، وعلى البائع الأرش.

المطلب الثاني : في أحكامه

وفيه مسائل :

الأولى : القبض يزيل ضمان البائع ويمنعه من الفسخ بتأخير الثمن ، ويبيح التصرّف للمشتري.

ويكره بيع ما لم يقبض إن كان مكيلا أو موزونا ، ويتأكّد في الطعام خصوصا إذا بيع بربح ، ومنه لو ورث ما لم يقبضه مورّثه ، ثمّ باع قبل قبضه ، وكذا لو أصدقها ما لم يقبضه ثمّ باعته (1).

ولو كان له طعام من سلم وعليه مثله ، فأحال غريمه به ، فهو كالبيع قبل القبض ، ولا كذا لو قال : اقبضه لي ثمّ لنفسك ، لكن منع الشيخ من تولّي طرفي القبض (2).

ولو دفع إليه مالا وقال : اشتر لي به طعاما ثمّ اقبضه لنفسك ، فهي كالأولى ولو قال : اشتر لي به طعاما ، ثمّ اقبضه لي ، ثمّ لنفسك ، فهي كالثانية.

ولو قال : اشتر لك به طعاما بطل ، ولو كان الطعامان أو المحال به قرضا صحّ إجماعا.

ص: 367


1- والمراد : قد اشترى شيئا ولم يقبضه ومع ذلك جعله صداقا لمرأة وباعته المرأة. لاحظ جامع المقاصد : 4 / 401.
2- لاحظ المبسوط : 2 / 121.

ولو ملك بغير البيع (1) كالصداق والميراث والخلع ، جاز قطعا ، وكذا لو باع مال القراض والشركة والأمانات قبل القبض.

الثانية : كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ، وينفسخ العقد ، ولو أتلفه البائع أو الأجنبيّ فللمشتري الفسخ والمطالبة بقيمته ، وإتلاف المشتري قبض وكذا جنايته ، ولو عاب من قبل البائع أو من قبله تعالى ، فللمشتري الفسخ أو الأرش.

ولو عيّبه أجنبيّ فعليه الأرش للمشتري إن التزم ، وللبائع ان فسخ.

ولو تلف بعد قبض المشتري ، فهو من ماله ، إلّا أن يتلف في مدّة خياره ، فيكون من البائع.

والنماء المتجدّد قبل القبض وفي مدّة الخيار للمشتري وإن تلف الأصل ، فيضمنه البائع مع التفريط.

الثالثة : لو تلف بعض المبيع وله قسط من الثمن ، كقفيز من كرّ ، وعبد من عبدين ، فللمشتري الفسخ للتبعيض ، وأخذه بحصّته من الثمن ، وإن لم يكن له قسط فله الردّ والإمساك مع الأرش.

ولو قبض البعض وتلف الباقي ، فللمشتري الفسخ بالتبعيض ، وأخذه بحصّته من الثمن.

ولو باع أحد المتبايعين ما قبض ثمّ تلف غير المقبوض ، بطل العقد الأوّل دون الثاني ، ورجع من لم يقبض بعوض سلعته مثلا أو قيمته يوم التلف.

ص: 368


1- في « أ » : « بغير القبض البيع » والصحيح ما في المتن.

الرابعة : لو غصب المبيع قبل قبضه ، فإن استعيد بسرعة فلا خيار للمشتري ، وإلّا تخيّر في الفسخ واتّباع الغاصب ، وعلى الغاصب الأجرة عن مدّة الغصب للبائع مع الفسخ وللمشتري مع عدمه ، ولو منعه البائع من التسليم لزمه أجرة مدّة المنع.

ولو امتزج المبيع قبل قبضه فللمشتري الفسخ وإن بذل له البائع الممزوج ، وله الشركة ، ومئونة القسمة على البائع ، وكذا لو امتزجت اللقطة من الخيار وشبهه ، ولا ينفسخ البيع مع عدم التمييز.

الخامسة : لو أسلف في طعام بالعراق مثلا لم يكن له المطالبة به في غيره ، ويكره الاعتياض عنه قبل قبضه ، وقيل : يحرم (1) ولو كان قرضا لم يجب المثل في غير العراق بل القيمة بسعره.

والغاصب يطالب بالمثل حيث كان ، وبالقيمة يوم الإعواز.

المبحث الرابع : في الاختلاف
اشارة

إذا عيّن المتبايعان نقدا أو كيلا أو وزنا تعيّن ، وإذا أطلقا انصرف إلى نقد البلد وكيله ووزنه ، ولو تعدّد فإن غلب أحدها انصرف إليه وإلّا بطل.

ولو اتّفقا على ذكر الثّمن واختلفا في قدره أو وصفه ، قدّم قول البائع إن كانت السّلعة قائمة ، وقول المشتري إن كانت تالفة.

ولو ادّعى البائع نقص الثمن أو المشتري نقص المبيع ، قدّم قول من لم يحضر الاعتبار (2).

ص: 369


1- لاحظ المبسوط : 2 / 123 - 124.
2- أي وقت استيفاء الثمن والمثمن ، وفي حاشية الروضة في توضيح قول الشهيد « إن لم يكن حضر الاعتبار » : أي في وقت اعتبار المبيع بما يخصّه من الأمور المذكورة. لاحظ الروضة البهيّة طبعة عبد الرحيم : 2 / 393.

ولو اختلفا في تعجيل الثمن أو تأجيله ، أو قدر الأجل ، أو في قدر المبيع ، فقال : « بعتك ثوبا » فقال : « بل ثوبين » قدّم قول البائع.

ولو اختلفا في عينه فقال : « بعتك هذا الثوب » فقال : « بل هذا » تحالفا وبطل البيع ، ولو قال : « بعتكه » فقال : « بل وهبتنيه » تحالفا وردّ إلى المالك.

ولو اختلفا في اشتراط شرط أو رهن أو ضمين من البائع أو من المشتري ، فالقول قول المنكر.

ولو اختلفا فيما يفسد البيع قدّم قول مدّعي الصّحّة ، فلو قال : « بعتك بعبد » فقال : « بل بحرّ » فالقول قول البائع.

ولو ادّعى الإكراه أو الصّبا أو الجنون حال البيع قدّم قول المشتري وإن ثبت ( له ) (1) حالة جنون ، وكذا يقدّم قول مدّعي اللّزوم ، فلو قال : « فسخت قبل التفرّق » قدّم قول المنكر.

وكلّ من قدّم قوله لا بدّ من اليمين ، والوارث كمورّثه في تقديم قوله وعدمه.

فرع

لو تحالفا بعد تلف العين ، ضمن مثلها أو قيمتها يوم التلف ، ولو عابت فالأرش ، ولو أبق فالقيمة للحيلولة ، فإن عاد ردّت.

ص: 370


1- ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

الفصل الرابع : في اللواحق

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل :

كلّ ما يجب على البائع فعله كوزن المتاع وكيله وبيعه فأجرته عليه ، وكلّ ما يجب على المشتري كنقد الثمن ووزنه والشراء فأجرته عليه ، ولا أجرة للمتبرّع وإن أجاز المالك.

وأجرة الدلّال على الآمر بالبيع أو الشراء إن باع أو اشترى ، وإلّا فلا أجرة ، إلّا أن يريد البائع معرفة السّعر فتجب الأجرة ، ولا يتولّى البيع والشّراء في سلعة واحدة ، ولا يضمن الدلّال إلّا مع التفريط ، والقول قوله في عدمه وفي التلف والقيمة مع التفريط ، وقول المالك في عدم الردّ.

المبحث الثاني : في الإقالة

وليست بيعا بل فسخا في حقّ المتعاقدين قبل القبض وبعده ، ولا يثبت فيها خيار ولا شفعة ، ويصحّ في عقد السلم وغيره وفي البعض ، ويبطل باشتراط زيادة في الثمن ونقصه.

وتفتقر إلى الإيجاب والقبول بالقول كقوله : « أقلتك » فيقول : « استقلت » أو « قبلت » ولو التمسها أحدهما فأقاله ففي الاحتياج إلى القبول توقّف.

وإذا تمّت رجع كلّ عوض إلى مالكه ، فإن فقده ضمن المثلي بمثله والقيمي بقيمته يوم التلف ، فإن اختلفا قدّم قول منكر الزيادة مع اليمين.

ولا تسقط أجرة الدلّال والكيّال والوزّان والناقد بالتقايل.

ص: 371

المبحث الثالث : في الشفعة
اشارة

المبحث الثالث : في الشفعة (1)

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل :

الشفعة استحقاق أحد الشريكين حصّة شريكه المنقولة بالبيع.

المطلب الثاني : في شرائطها

وهي خمسة :

الأوّل : الشركة ، فلا تثبت بالجوار.

الثاني : الشياع (2) ، فلا تثبت فيما قسّم وميّز إلّا مع بقاء الشركة في النّهر أو الطريق.

الثالث : عدم الزّيادة على اثنين ، فلا تثبت مع الزيادة عليهما.

الرابع : انتقال الشقص بالبيع ، فلو انتقل بالهبة أو الصلح ، أو جعله صداقا ، أو صدقة ، أو جعلا لم تثبت.

ولا يشترط اللّزوم ، فلو باع بخيار لم يمنع الخيار من الأخذ بالشفعة ، كما لا يمنع (3) الأخذ بها من الخيار ، ولو أخذ بالشفعة ، ففسخ البائع أو المشتري

ص: 372


1- طرح الشفعة في أثناء البحث عن أحكام البيع مع أنّ الرائج هو جعلها بحثا مستقلّا ، ولعلّه بملاحظة اختصاص الشفعة بالبيع.
2- والمراد بالشياع كون الملك مشاعا غير مقسوم. وفي « أ » « التبايع » ولعلّه مصحّف.
3- في « ب » و « ج » : لا يمنعه.

بالخيار بطلت ، ولو فسخ أحدهما بالخيار منع من الأخذ بالشفعة.

ولو باع بخيار ثمّ باع شريكه ، فللمشتري الأوّل الشّفعة قبل فسخ البائع ، فإن فسخ بطلت ، ولو فسخ قبل الأخذ بالشفعة ، لم يكن للبائع ولا للمشتري شفعة.

الخامس : قبول القسمة ، وضابطه بقاء المنفعة المقصودة منه ، فلا تثبت في الأماكن الضيّقة كالحمّام الصغير والعضائد الضيّقة والنهر والطريق الضيّقين والبئر ، نعم لو كان معها أرض تسلم لأحدهما ثبتت الشفعة.

ولا يشترط كون الثمن مثليا ، ولا كون حصّة الشريك طلقا ، فلو بيع الطلق استحقّ صاحب الوقف الشفعة إن كان واحدا ، ولو بيع الوقف في صورة الجواز استحقّ الشريك الشفعة.

[ المطلب ] الثالث : [ في ] المحلّ

وهو العقار كالأرض والبساتين والمساكن دون البناء والغرس والدولاب ، وتثبت فيها منضمّات إلى الأرض.

ولا تثبت في المنقول وإن كان حيوانا أو رقيقا أو ثمرة وإن انضمّ إلى الأرض.

ويشترط الثبات ، فلا تثبت في الغرفة إذا كان السقف لصاحب السّفل.

[ المطلب ] الرابع : في المستحقّ

وهو الشريك الواحد بحصّة مشاعة بشرط القدرة على الثمن وبذله ،

ص: 373

وإسلامه إذا كان المشتري مسلما ، فلا تثبت للعاجز والمماطل والهارب والكافر على مسلم ، وتثبت له على مثله وإن كان البائع مسلما وللمسلم مطلقا.

ولو ادّعى تعذّر الثمن أجلّ بثلاثة أيّام ، فإن انقضت ولم يحضره بطلت.

ولو ادّعى غيبته ، أجلّ قدر ذهابه وإيابه وثلاثة أيّام ، إلّا أن يتضرّر المشتري ، ولا يجب على المشتري قبول رهن أو ضمين.

وتثبت للغائب وإن طال الزّمان ، ويجب عليه السّعي أو التوكيل مع القدرة لا الإشهاد ، فلو أهمل بطلت وإن قصد بالترك المطالبة في بلد البيع ، وكذا حكم المريض والمحبوس ظلما أو بحقّ يعجز عنه.

وتثبت للصبي والمجنون والمغمى عليه والسفيه ، فيأخذ الوليّ مع الغبطة ، فلو ترك فلهم المطالبة بعد الكمال ، ولهم نقضها لا معها لا الأخذ ، ولو كان الترك للعسر لم يكن له المطالبة ولا للصبيّ الأخذ عند اليسر.

وتثبت للمفلّس ، وليس للغرماء خيرة عليها ولا منعه منها ، بل من دفع الثّمن ، فلو أذنوا له أو صبر المشتري تعلّق به حقّ الغرماء ، وللمكاتب مطلقا وإن لم يرض المولى ، وللعبد المأذون وللمولى منعه.

ولو اشترى عامل المضاربة شقصا لها ، ثمّ باع الشريك ، فللعامل الأخذ إن لم يكن في الشقص ربح ، فإن ترك فللمالك الأخذ.

ولو اشترى شقصا في شركة ربّ المال ، فليس للمالك أخذه بالشفعة ، بل إن فسخ المضاربة فيه ملكه بالشراء ، وللعامل الأجرة ، وإن كان فيه ربح ملك العامل نصيبه.

ص: 374

[ المطلب ] الخامس : [ في ] المأخوذ منه

وهو المشتري ، ويشترط سبق ملك الشريك ، فلو تأخّر أو اشتريا فلا شفعة ، ولوليّ الطّفل والمجنون أن يأخذ لهما من نفسه ما اشتراه منهما أو من الغير ، وأن يأخذ لنفسه منهما ما اشتراه (1) لهما من الغير أو منه ، وأن يأخذ ما باعه عنهما ، وللوصيّ والوكيل الأخذ.

ولا تبطل الشفعة على المكاتب بفسخ سيّده.

[ المطلب ] السادس : في كيفيّة الأخذ

يستحقّ الشفعة بالعقد وإن لم ينقض الخيار ، ويأخذ بمثل الثمن المثلي وبقيمة القيمي يوم البيع ، ولا يلزم المؤن كالدلّال ، ولا ما يزيده المشتري في الثمن وإن كان في مدّة الخيار ، ويسقط ما أخذ المشتري من أرش المعيب لا ما يحطّه البائع عنه.

ولو كان الثمن مؤجّلا أخذ به في الحال ، ويؤدّيه في الأجل ، ويلزم بكفيل إن لم يكن مليّا.

ولو مات المشتري حلّ الثمن عليه لا على الشفيع ، ولو مات الشفيع لم يحلّ ، ولا يملك إلّا بدفع الثمن والتلفظ بالأخذ (2) ، فلا يكفي أحدهما.

ص: 375


1- في « أ » : « ما اشترى به » وفي الدروس : 3 / 361 : « ولو باع الوليّ نصيب المشترك بينه وبين المولّى عليه فله الأخذ لنفسه ، ولو باع نصيب المولّى عليه فله الأخذ لنفسه ».
2- في « أ » و « ب » : « أو التلفظ بالأخذ » والصحيح ما في المتن.

ولا يشترط تجديد عقد من المشتري ، ولا رضاه ، ولا القبض ، فلو تصرّف قبله صحّ.

ويشترط العلم بالثمن والشقص ، فلو جهل أحدهما لم يصحّ ، والفور فلو أهمل مع القدرة بطلت إلّا مع العذر ، كالعجز عن مباشرة الطلب والتوكيل ، ومنه النسيان وجهل الفورية والبيع.

ولا يجب تغيير عادته في مشيه ولا قطع عبادته وإن كانت مندوبة.

وله التأخير إلى الصّبح ، وشهادة الجماعة ، والصلاة في أوّل وقتها ، وفعل مسنوناتها ، وقضاء غرضه من الحمّام والأكل والشرب ، والتأنّي في المشي ، والبدأة بالسلام ، والدعاء المعتاد ، والسؤال عن كميّة الثمن والشقص.

وليس له أخذ البعض ، نعم لو اشترى شقصين من دارين كان له أخذ أحدهما.

ولو اشترى شقصا وعرضا صفقة أخذ الشقص بحصّته من الثمن ولا خيار للمشتري ، لأنّ التبعيض لحق البيع بعد انعقاده ، وللمشتري الامتناع من دفع الشقص حتّى يقبض جميع الثمن ، وعليه أن يمكّنه من رؤية الشقص.

وليس عليه أخذ الشقص من البائع وتسليمه إلى الشفيع ، بل يخلّي بينهما ، ويكفي قبضه عن المشتري والدرك حينئذ على المشتري.

وليس للشفيع فسخ البيع والأخذ من البائع ، ولا الإقالة منه.

ولو انهدم الشقص أو عاب بغير فعل المشتري أو بفعله قبل المطالبة ،

ص: 376

تخيّر الشفيع بين الأخذ بكلّ الثمن أو الترك ، والانقاض (1) للشفيع ، ولو كان بعد المطالبة ضمن.

والنماء المتّصل كالوديّ (2) يصير نخلة للشفيع ، والمنفصل للمشتري ، فلو كان قبل العقد سقط من الثمن ما قابله.

ولو ثبت استحقاق الثمن المعيّن بطلت الشفعة ، بخلاف غير المعيّن ، وما دفعه الشفيع.

ولو تلف الثمن المعيّن قبل قبضه وبعد الأخذ ، رجع البائع بقيمة الشقص ، ولو تلف قبل الأخذ بطلت.

ولو ظهر فيه عيب فللبائع ردّه إن لم يحدث فيه حدث ، وطالب بقيمة الشقص ، وإلّا طالب بالأرش ، ولا يرجع المشتري به على الشفيع إن أخذه بالصحيح.

ولو تلف الشقص في يد المشتري سقطت ، ولو أتلفه بعد المطالبة لم تسقط ، وطالب بقيمته.

ولو تلف بعضه فله أخذ الباقي بحصّته من الثمن.

ولو ظهر فيه عيب بعد الأخذ ، فللشفيع ردّه دون الأرش إلّا أن يكون المشتري أخذه من البائع.

ولو اشتراه بالتبرّي من العيوب ، فللشفيع الفسخ مع عدم العلم.

ص: 377


1- في جامع المقاصد : 6 / 419 : الأنقاض - بفتح الهمزة ثمّ النون والقاف بعدها والضاد المعجمة آخرا - جمع نقض - بكسر النون - : وهي الآلات الّتي تبقى من البناء بعد نقضه.
2- في مجمع البحرين : الوديّ بالياء المشدّدة : هو صغار النخل قبل أن يحمل.

وتشفع الأرض المشغولة بالزرع عاجلا ، وعليه التبقية إلى الحصاد بغير أجرة ، وليس له الأخذ عند الحصاد.

ولو غرس أو بنى تخيّر الشفيع من إزالته ودفع الأرش ، وفي دفع قيمته مع رضا المشتري ، وفي ترك الشفعة ، وللمشتري القلع ولا يجب عليه إصلاح الأرض ، ولا أرش النقص ، وحينئذ يأخذ الشفيع بالثمن أو يترك.

ولا تبطل الشفعة الإقالة ولا الردّ بالعيب ولا التصرّف ، فإن تصرّف المشتري بالبيع (1) فللشفيع الأخذ ، فإن تعدّد فأخذ بأحدها صحّ ما قبله ، وبطل ما بعده ، والدرك على المأخوذ منه ، وإن كان بغير البيع فللشفيع إبطاله وإن كان وقفا.

ولو أبطل الهبة فالثمن للمشتري ، ويرجع المتّهب بما دفعه عوضا.

[ المطلب ] السابع : [ في ] المسقط

فإذا حضر البيع ولم يأخذ سقطت الشفعة ، وإن غاب فعلم بالتواتر أو بخبر المعصوم أو أخبره عدلان ، بادر أو وكّل ، فإن أخّر بطلت ، ولو أخبره واحد فأخّر لم تسقط وإن كان عدلا ، إلّا أن يصدّقه.

ولو اعترف الشفيع بغصب الثمن أو بتلفه قبل القبض ، أو قال للمشتري : « بعني » أو « هبني » أو « قاسمني » أو « صالحني » أو صالحه على تركها ، أو بارك لأحدهما ، أو عفا بطلت.

ص: 378


1- في « أ » : « بالمبيع » بدل « بالبيع ».

ولو أقرّ المتبايعان باستحقاق الثمن وأنكر الشفيع ، لم تبطل ، وعليه اليمين إن ادّعى عليه العلم.

ولو باع الشفيع نصيبه بعد العلم بالشفعة بطلت ، وللمشتري الأوّل الشفعة على الثاني ، ولو لم يعلم لم تبطل.

ولو قال : « بكم اشتريت » أو نزل عنها (1) قبل العقد ، أو توكّل لأحدهما قبل البيع ، أو شهد [ على البيع ] ، أو أذنه فيه ، أو ترك لتوهّم زيادة الثمن ، أو أنّه من جنس فبان من غيره ، أو بلغه أنّه اشتراه لنفسه ، فبان لغيره أو بالعكس ، لم تسقط (2).

وتجوز الحيلة على الإسقاط بزيادة الثمن والإبراء من الزيادة ، أو تعويضه بالقليل عنه ، أو بيعه سلعة بثمن كثير ، ثمّ يشتري الشقص به ، أو يهبه الشقص ويشترط عليه عوضا.

والشفعة موروثة كالمال ، ولو عفا البعض أخذ الباقي الجميع وإن كان واحدا ، ولا تمنعها الكثرة ، لأنّ مستحقّها واحد ، وتقسم على السّهام لا على الرءوس.

ويرثها وارث المفلّس.

ولو بيع بعض عقار الميّت في الدّين ، لم يستحقّ الوراث الشفعة ، وكذا لو كان شريكا للميّت بالباقي.

ص: 379


1- أي عن الشفعة.
2- جواب الشرط الوارد في قوله : « ولو قال : بكم اشتريت ... ».
[ المطلب ] الثامن : في التنازع

لو اختلف الشفيع والمشتري في الثمن ، قدّم قول المشتري مع يمينه ، ولو أقاما بيّنتين حكم ببيّنة المشتري على الأقوى.

ولو كان الخلاف بين المتبايعين فالقول قول البائع ، ويأخذ الشفيع بما ادّعاه المشتري.

ولو أقاما بيّنة حكم ببيّنة المشتري ، ولو اختلفا في قيمة الثمن رجع إلى أهل الخبرة ، فإن تعذّر قدّم قول المشتري.

ولو ادّعى تأخّر شراء شريكه قدّم قول الشريك ، وله أن يحلف أنّه لا يستحقّ عليه شفعة.

ولو ادّعى السبق كلّ منهما تحالفا ، وبقى الملك على ما كان عليه ، وكذا لو أقاما بيّنة بالسّبق.

ولو شهدت البيّنة لأحدهما بالتقدّم قضي بها.

ولو ادّعى على أجنبيّ الشراء منه فأنكر ، قضي للشريك بالشفعة.

ولو ادّعى على شريكه الابتياع ، فادّعى الإرث ، قدّم قول الشريك.

ولو أقاما بيّنة حكم ببيّنة الشفيع ، وكذا لو ادّعى الشريك الإيداع.

المبحث الرابع : في البيع الفاسد

لا يملك البائع الثمن به ولا المشتري السّلعة ويجب ردّها مع النماء

ص: 380

المتّصل والمنفصل ، وأجرة مدّة إمساكه ، وأرش نقصه ، وقيمته يوم تلفه ، ولا تنفذ تصرّفاته.

ولو باعه وجب ردّه على مالكه ، ويرجع على بائعه بما دفعه إليه مع جهله ، فإن تلف في يده تخيّر المالك في الرجوع على من شاء بقيمته ، فإن رجع على الأوّل فله الرجوع على الثاني ، وإن رجع على الثاني لم يرجع على الأوّل مع علمه.

ولو أعتق العبد لم ينفذ ، ولو وطئ الأمة جاهلا لم يحدّ ، والولد حرّ ، وعليه المهر ، وأرش البكارة ، والنقص بالولادة ، وقيمة الولد يوم سقوطه حيّا ، ولا يضمنه لو سقط ميّتا ، ولا تجبر قيمة الولد النقص بالولادة ، ويضمن قيمتها لو ماتت بها.

ولو أتلف البائع الثمن ردّ مثله أو قيمته ، فإن أفلس فللمشتري أسوة الغرماء.

ص: 381

القطب الثاني : في أنواع البيع

اشارة

القطب الثاني (1) : في أنواع البيع

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل :

اشارة

في قسمته بالنّسبة إلى تعجيل الثمن والمثمن ، وتأجيلهما ، أو تعجيل أحدهما وتأجيل الآخر ، وهو أربعة (2) :

الأوّل : بيع النقد ، وهو أن يشتري مطلقا أو بشرط حلول الثمن ، وفائدته تسلّط البائع على الفسخ إذا ماطل المشتري.

الثاني : بيع الكالئ بالكالئ ، وهو أن يشترط تأجيل الثمن والمثمن ، وهو باطل إجماعا.

الثالث : بيع النسيئة وهو أن يشترط تأجيل الثمن ، ولا بدّ من ضبط الأجل ، فلو وقّته بقدوم الحاجّ وشبهه ، أو باعه بثمن حالّا وبأزيد مؤجّلا ، أو بثمن إلى أجل أو بأكثر إلى آخر بطل.

أمّا لو باعه سلعتين في عقد وأجلّ ثمن إحداهما ، أو سلعة بثمن واحد وشرط تأجيل بعضه ، أو أجّله نجوما معلومة جاز.

ص: 382


1- مضى القطب الأوّل في ص 338.
2- قال العلّامة في القواعد : 2 / 42 : العوضان إن كانا حالّين فهو النّقد وإن كانا مؤجّلين فهو بيع الكالئ بالكالئ ، وهو منهيّ عنه. وإن كان المعوّض حالّا خاصّة فهو النسيئة وبالعكس السّلف.

ولا حدّ للأجل إلّا أن يكون أجلا لا يبلغانه كألف سنة.

ومبدأه من حين العقد لا من التفريق.

ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله ، ولا قبضه ، ويجب بعده ، فإن امتنع فهلك بغير تفريط فهو من البائع ، وللمشتري التصرّف فيه فيصير في ذمّته ، وكذا لو دفع البائع المسلم فيه بعد حلوله فامتنع المشتري ، وكذا كلّ حقّ امتنع صاحبه من قبضه.

ويجوز أن يشتري ما باعه قبل الأجل بزيادة أو نقيصة حالّا ومؤجّلا إذا لم يشترطه في العقد ، وكذا بعد الحلول بغير الجنس ، وبه مع التساوي ، ويكره مع الزيادة والنقصان.

ولا يجوز تأخير الثمن الحالّ ولا شي ء من الحقوق الماليّة بزيادة ، ويجوز تعجيلها بنقيصة.

ولا حرج في بيع المتاع بأزيد من قيمته حالّا ومؤجّلا مع المعرفة.

ولو شرط خيار الفسخ في مدّة معيّنة إن لم ينقده الثمن فيها صحّ ، ولو شرط أن لا بيع [ إن لم يأت به فيها ] بطل البيع والشرط.

الرابع : السّلم

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في حقيقته

وهو ابتياع عين مضمونة إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه

ص: 383

بشروط ستأتي ، ولا بدّ فيه من إيجاب مثل « سلفت » و « أسلمت » و « بعت » و « ملّكت » ومن قبول مثل « قبلت » و « رضيت ».

ولا ينعقد البيع بلفظ السلم كقوله : أسلمت إليك هذا الثوب في هذا الدينار ، ولا الهبة بلفظ البيع كقوله : بعتك هذا بلا ثمن ، فإن قبضه ضمنه.

ويجوز إسلاف الأثمان في الأعواض ، وإسلاف الأعواض في الأثمان ، وفي الأعواض إن اختلفا ، ولا يجوز إسلاف الأثمان في الأثمان وإن اختلفا.

ويجوز اشتراط الرهن والضمين ، وكلّ سائغ مقدور وأصواف نعجات معيّنة.

المبحث الثاني : في المحلّ

وهو كلّ ما ينضبط (1) وصفه كأنواع الحيوان ، والفواكه ، والحبوب ، والثياب ، والطيب ، واللبن ، والسّمن ، والشحم ، والبيض ، والجوز ، واللوز ، والخضر ، وما تنبت الأرض ، والرصاص ، والنحاس ، والحديد ، والصفر ، والذهب ، والفضّة ، والزئبق ، والكحل ، والكبريت ، والطين الأرمني ، وعيدان النبل قبل عمله ، والأشربة والأدوية البسيطة والمركّبة إذا علمت بسائطها ، وكذا المختلطة كالعتابيّ (2) إذا قصدت أجزاؤها ، ولو لم يقصد الخليط جاز مطلقا ، كالجبن وفيه الأنفحة ، والخلّ وفيه الماء.

وكلّ ما لا يمكن ضبطه أو يعزّ (3) وجوده لا يصحّ السلم فيه ، كالجلود ،

ص: 384


1- في « أ » : يضبط.
2- في جامع المقاصد : 4 / 215 : هو قماش معروف منسوب إلى « عين تاب » بلد بالشام أدغمت النون في التّاء.
3- في « ب » و « ج » : « أو يفرق » ولعلّه مصحّف.

والخبز ، واللحم نيّه ومشويه ، والنبل المعمول ، والعقار ، والأرض ، وجوز القزّ ، والجواهر ، واللآلي الكبار ، ويجوز في الصّغار.

المبحث الثالث : في شروطه زيادة على شروط البيع

وهي ستّة :

الأوّل : ذكر الجنس الدالّ على الحقيقة ، كالحنطة ، والوصف الفارق بين أنواعها ، كالصّرابة (1).

ويشترط في اللفظ أن يكون ظاهر الدلالة في اللغة ، معلومة للمتعاقدين وغيرهما ، ولا يجب الاستقصاء لعسره ، بل يقتصر على ما يختلف الثمن لأجله ، فيذكر في الآدمي النوع كالهندي ، والصّنف إن اختلف النوع ، والذكورة أو الأنوثة ، والقدر كخماسي ، والسّن ، ويرجع فيه إلى البيّنة ، فإن فقدت فإلى السّيد مع صغره ، وإلى الغلام مع بلوغه ، وإلى أهل الخبرة مع اشتباهه.

ولا يشترط ذكر الملاحة لعدم ضبطها.

ويذكر في الخيل النوع كهجين (2) والسنّ ، والذكورة والأنوثة ، واللّون ، لا الشيات كالأغرّ والمحجّل (3) ، ولو نسبه إلى أب جاز مع الكثرة وإلّا فلا.

ص: 385


1- في جامع المقاصد : 4 / 221 : « المراد بالصرابة : كونها خالصة من خليط آخر كتراب ونحوه ، ولم أظفر له بمعنى في اللغة ، وكأنّه خطأ ». ولكن في المنجد : اصرأبّ الشي ء : صفا واملاسّ. ( مادّة صرب ).
2- في جامع المقاصد : 4 / 220 : الهجين كريم الأب خاصّة :
3- قال المحقّق الكركي : الشيات جمع شية ، وهي في الأصل مصدر وشاه وشيا وشية : إذا خلط بلونه لونا آخر. و «الأغرّ» هو: ذو البياض في وجهه . و «المحجّل»: ذو البياض في قوائمه أو في رجليه أو إحداهما مع اليدين، أو إحداهما.

وفي الإبل النوع ، كالعربيّ ، واللّون ، والذكورة ، والأنوثة ، والسنّ ، ولو نسبه إلى نتاج قوم صحّ مع الكثرة وإلّا فلا.

ويذكر في باقي الحيوان مثل ذلك إلّا اللون في الجاموس لاتّحاده وإلّا النتاج في البغال لعدمه ، بل يذكر النسبة إلى البلد ، وإلّا السّن في الطير.

ويذكر في السمك النّوع ، كالبني ، والمكان ، والكبر ، والصغر ، والذكر والأنثى.

ويذكر في التمر النوع ، كالبرنيّ ، والكبر ، والحداثة أو العتق.

وفي الرّمّان النوع ، كالتركي ، والحلاوة أو ضدّها ، والبلد.

وفي العنب النوع والبلد.

وفي الزبيب البلد ، والنوع ، والكبر ، والصغر.

وفي الجوز واللوز الصّنف ، والحداثة ، والعتق ، والكبر ، والصغر ، والنوع من القشر وعدمه.

وفي التفّاح النوع ، كالمركّب ، والقدر والبلد (1) وفي باقي الفواكه والخضر صفاتها الّتي تمتاز بها بعضها عن بعض.

وفي اللبن النوع ، كالبقريّ ، والمرعى ، والحداثة وضدّها ، وكذا في الزبد ، والسّمن.

ص: 386


1- في « ب » و « ج » : القدري والبلدي.

وفي العسل البلد ، كالمكّيّ ، والزمان كالرّبيعيّ ، واللّون ، وينصرف الإطلاق إلى المصفّى من الشمع.

وفي الصوف والشعر والوبر النوع ، والبلد ، والجزّ أو القلع ، والزمان ، والطّول والقصر ، والذكورة والأنوثة ، واللون ، والنعومة ، والخشونة.

وفي القطن البلد ، والمنزوع من الحبّ وغيره ، واللّون ، والنظافة من التقاه (1) إلّا المعتاد.

وفي الغزل النوع كالقطن ، واللّون ، والبلد ، والرفع أو الغلظ ، (2) ويضبط بالعدّ.

وفي الثياب النوع ، والبلد ، والطول والعرض ، والصفاقة ، والرقة ، والنعومة وضدّها ، ويلزمه الخام ، ويجوز اشتراط القصير أو الصّبغ ، ويذكر لونه وشدّته وعدمها ، ولا يجب ذكر الوزن ، ولا يجوز اشتراطه من غزل امرأة معيّنة ، ولا الثمرة من بستان معيّن.

ويجوز في ذلك كلّه اشتراط الجيّد والرديّ والأردإ دون الأجود.

الثاني : تقدير الثمن بالكيل أو الوزن أو العدّ ، فلا تكفي المشاهدة ، والقبض قبل التفرق ، فلو افترقا قبله بطل ، ولو قبض البعض صحّ فيه ، ولا يجبر على قبضه ، ولو أحال البائع بالثمن ، أو أحاله به المشتري صحّ مع القبض قبل التفرق ، وإلّا بطل ، وحضوره أو حكمه ، فلا يجوز تأجيله ، ولو أجّل بعضه بطل في الجميع.

ص: 387


1- في « أ » : من اللّقاطة.
2- قال في الدروس : 3 / 251 : ولو أسلف في الغزل وجب ذكر ما سلف واشتراط الغلظ أو الدّقة.

ويكره أن يجعله من دين له عليه ، ولو أطلق جازت المقاصّة به.

ويصحّ (1) أن يكون منفعة كسكنى الدار ، ولو بان الثمن المعيّن من غير الجنس بطل ، وكذا المضمون إن تفرّقا وإلّا وجب البدل (2) ، ولو بان من الجنس معيبا ، فله في المعيّن الرّدّ أو الأرش لا الإبدال ، وفي المضمون الأرش أو الإبدال وإن تفرّقا.

ولو بان مستحقّا ، فإن كان معيّنا بطل مطلقا ، وإلّا بطل إن تفرّقا قبل إبداله.

الثالث : تقدير المسلم فيه بالكيل أو الوزن أو الذّرع ، ويشترط العموميّة ، فلو عوّلا على مكيال أو صخرة مجهولين بطل ، ولا يكفي العدّ في المعدود ، بل يجب الوزن دون الكيل.

ويجوز تقدير المكيل بالوزن دون العكس ، وله مل ء المكيال وما يحتمله بغير هزّ ولا دقّ.

ولا يجوز في القصب أطنانا ، ولا في الحطب حزما ، ولا في الماء قربا ، ولا في المجزوز جزّأ (3).

الرابع : تقدير الأجل بما لا يؤدي إلى الجهالة وإن قلّ ، كنصف يوم ، فلو قال : متى شئت أو أيسرت أو إلى قدوم الحاجّ بطل.

وتحمل الشهور على الأهلّة مع الإطلاق ، ويجوز التقييد بالشمسيّة.

وإذا عقد في أوّله اعتبرت الأهلّة ، وفي أثنائه يكمل المنكسر ثلاثين ، والباقي بالأهلّة ، ويلفّق اليوم.

ص: 388


1- في « أ » : « ويجوز ».
2- في « ب » و « ج » : « وجب البذل » ولعلّه مصحّف.
3- في « أ » : جززا.

ولا يعتبر الطول والقصر.

ولو قال إلى شهر رمضان أو الجمعة حمل على الأقرب ، ويحلّ بأوّل جزء منهما ، ولو تعدّد ك- « ربيع » حمل على الأوّل.

ولو قال : إلى شهر كذا حلّ بأوّله (1).

ولو قال : إلى شهر حلّ بآخره.

ولو قال : في شهر كذا بطل ، ولو أخلّ بالأجل ففي انعقاده بيعا وجهان.

الخامس : ذكر موضع التسليم إذا كان العقد في مكان لا تجري العادة بالتسليم فيه ، كالبادية أو بلد يفارقانه قبل الحلول ، وإلّا انصرف التسليم إلى موضع العقد وإن كان في حمله مئونة ، ولو عيّناه تعيّن ، ويجوز التسليم في غيره مع الرّضا.

السادس : وجود المسلم فيه وقت الحلول في موضع التسليم ، فلا يكفي وجوده في غيره إلّا أن يعتاد نقله ، ولا يضرّ عدمه وقت العقد ، ولو لم يوجد لحاجة أو علم ذلك قبل الحلول ، تخيّر المشتري بين الصّبر والفسخ ، وكذا لو وجد ولم يسلّم حتّى انقطع.

ولو قبض البعض وتعذّر الباقي ، تخيّر في الصّبر بالمتخلّف وفي الفسخ فيه وفي الجميع.

وليس الخيار على الفور ، ويسقط بالإبطال لا بالإهمال ، ومع الفسخ يرجع بالثمن لا بالقيمة.

ص: 389


1- في « ب » و « ج » : « أجّل بأوّله ».
المبحث الرّابع : في الأحكام

لا ريب في صحّة المؤجّل وفي الحالّ قولان ، ويجب دفع المشترط ، ويلزم أقلّ ما يتناوله الوصف وقت الحلول ، ويجب قبضه أو الإبراء منه ، وقبض الأجود دون الزائد ، ولو امتنع قبضه الحاكم ، ولو رضي بغير الجنس جاز.

ولو دفع قبل الحلول لم يجب القبول إن انتفى الضرر عن المسلم ، أو كان هناك غرض للمسلم إليه ، كفكّ الرّهن أو الضمين أو خوف الانقطاع في المحلّ.

ولو وجد به عيبا فردّه زال ملكه عنه ، وعاد حقّه إلى الذمّة صحيحا.

ويجب خلوّ الحبوب من التراب غير المعتاد ، ويجوز دفع البعض والأردإ للتعجيل ، واشتراط الأداء في نجوم إذا عيّن قسط كلّ نجم.

ولو أسلم جارية صغيرة في كبيرة موصوفة ، فصارت الصغيرة بالصفات ، وجب قبضها إذا دفعها ، وإن وطئها فلا شي ء عليه.

ولو أسلم الذميّ إلى مثله في الخمر فأسلم المشتري بطل ورجع بالثمن ، ولو أسلم البائع فللمشتري القيمة عند مستحلّيه.

ولا يجوز بيع المسلم قبل حلوله ، ويكره بعده قبل القبض على الغريم وغيره ، وكذا بيع بعضه وتوليته وتولية بعضه.

ويصحّ السّلم (1) في شيئين بثمن واحد صفقة مع التماثل وعدمه.

ص: 390


1- في « أ » : « المسلم » وهو مصحّف.

ولو اختلفا في قبض الثمن أو أداء المسلم فيه ، قدّم قول المنكر ، ولو اعترفا بالقبض واختلفا في كونه قبل التفرق أو بعده ، قدّم قول مدّعي الصحّة ، وكذا لو قال البائع : قبضته ثمّ رددته إليك قبل التفرّق ، وأنكر المشتري.

ولو اختلفا في اشتراط الأجل ، فإن قلنا بوجوبه ، قدّم قول مدّعيه ، ترجيحا لجانب الصحّة ، وإلّا قدّم قول نافيه.

ولو اختلفا في المسلم فيه ، تحالفا وبطل ، ولو اختلفا في قدره ، فالقول قول منكر الزّيادة.

الفصل الثاني : في قسمته بالنسبة إلى ذكر رأس المال وعدمه

اشارة

وهو أربعة ، لأنّه إن لم يذكر في العقد رأس المال فهو مساومة ، وهو أفضل أقسامه ، وإن ذكره مع زيادة فهو مرابحة ، ومع النقيصة مواضعة ، ومع المساواة تولية.

وأمّا المرابحة ، فيجب فيها الصّدق في الإخبار برأس المال ، وذكر الصرف والأجل ، وطريان العيب ، وتقدير الربح ، فيقول : رأس مالي كذا وبعتكه به وبربح كذا ، بخلاف بعتكه بما اشتريت وربح كذا أو برأس مالي وهو كذا وبربح ما نشاء.

وينبغي أن ينسب الرّبح إلى السّلعة كما عرفت ، ويكره إلى المال ، مثل ربح عشرة دراهم.

ثمّ البائع إن لم يعمل فيه شيئا فالعبارة : اشتريته بكذا ، أو : رأس مالي

ص: 391

كذا ، أو : هو عليّ ، وإن عمل فيه بنفسه قال : وعملت فيه بكذا ، ولو استأجر عليه قال : يقوم عليّ (1).

ولو قال : بعتكه بما قام عليّ ، استحقّ مع الثمن مؤن التجارة ، كأجرة الدلّال والحمّال والحمل والحافظ والبيت إن لم يكن له ، لا مؤن الملك كالنفقة ، والكسوة ، والدواء ، وعلف الدّابّة إلّا أن يخبر بالحال.

ولو زادت القيمة بتجدد النماء كالنتاج والثمر أخبر بالثمن خاصّة ، ولا يضع ما استوفاه منه ، ولا ما حطّه البائع عنه في زمن الخيار ، ولا يلحق ما زاده فيه.

ولو نقصت العين بتلف بعضها ، أو القيمة بمرض وغيره أخبر بالحال ، وكذا لو باع الدابّة بعد وضعها.

ولو اشتريا ثوبا بعشرة ، ثمّ اشترى أحدهما نصيب الآخر بستّة صحّ أن يخبر بأحد عشر.

ويجب أن يسقط من الثمن ما أخذه من أرش العيب لا ما أخذ من أرش الجناية ، ولا يضمّ (2) ما فداه به.

ولا يجب الإعلام بالعين ولا بالبائع وإن كان ولده أو غلامه الحرّ.

ولو اشترى شيئا بثمن ، ثمّ باعه بربح ، ثمّ اشتراها بالثمن الأوّل ، أخبر به ، ولا يجب حطّ الربح.

ص: 392


1- في « أ » : « تقوّم عليّ ».
2- في « أ » : « ولا يضمن » ولعلّه مصحّف.
فروع

الأوّل : إذا أخبر البائع بشي ء فبان خلافه لم يفسد البيع ، فلو أهمل ذكر الأجل (1) أو بعضه ، تخيّر المشتري بين الفسخ والأخذ بالثمن ، وليس له مثل الأجل ، ولا يبطل الخيار بالتصرّف.

الثاني : لو ظهر كذبه في قدر الثمن أو جنسه أو وصفه تخيّر المشتري في الرّدّ وأخذه بالمسمّى ، ولا يسقط الخيار بالتلف.

ولو ادّعى البائع الغلط [ في الإخبار ] لم تسمع دعواه ولا بيّنته ، (2) وله إحلاف المشتري على عدم العلم ، ولو صدّقه المشتري تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء.

الثالث : يجوز أن يبيع سلعته (3) على غيره ثمّ يشتريها منه بزيادة ليخبر بالثمن الثاني ، ولو اشترط في العقد بطل ، ويكره قصده.

الرابع : لو اشترى أمتعة صفقة لم يجز بيع بعضها ، بل يخبر بالحال.

الخامس : لو قوّم (4) على الدلّال متاعا ولم يواجبه البيع [ وجعل الزائد على ما قوّم له ] ، لم يجز بيعه مرابحة ، ولا يملك الربح وإن استدعاه التاجر ، بل له الأجرة.

وأمّا المواضعة فهي البيع بوضيعة عن رأس المال فيقول : رأس مالي

ص: 393


1- فيما إذا اشترى بالأجل وباعه من الآخر مرابحة من دون ذكر الأجل. لاحظ الدروس : 3 / 219.
2- في « أ » و « ب » : بيّنة.
3- في « أ » : سلعة.
4- في « أ » : « لو قدّم » ولعلّه مصحّف.

كذا وبعتكه به ووضيعة كذا ، فإذا قال : بعتك بمائة ووضيعة درهم من كلّ عشرة لزمه تسعون.

ولو قال : من كلّ أحد عشر ، فالثمن أحد وتسعون إلّا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم.

وأمّا التولية فهي البيع برأس المال فيقول : ولّيتك البيع ، أو بعتك هذا الثوب بما هو عليّ ، وشبهه ، فيقول : قبلت.

ويشترط العلم برأس المال لا ذكره ، وتولية البعض تشريك كقوله : ولّيتك نصفه مثلا بنصف رأس ماله ، أو بعتك.

ولو قال : شرّكتك من هذا الثوب نصفه بنصف ثمنه احتمل الجواز.

الفصل الثالث : في ذكر بعض المبيعات

اشارة

وإنّما اختصّت بالذكر لاشتمالها على وصف زائد على مطلق البيع ، وهي أربعة :

بيع الحيوان
اشارة

وفيه فصلان :

[ الفصل ] الأوّل : فيما يقبل الملك

وهو ما عدا الإنسان المسلم ومن بحكمه ، فالكافر الأصليّ يملك

ص: 394

بالسّبي ، ثمّ يسري الرّقّ في أعقابه وإن أسلموا إلّا أن يتحرّروا.

ويملك الرّجل كلّ أحد سوى الآباء وإن علوا ، والأولاد وإن نزلوا ، والأخت وبنتها ، وبنت الأخ وإن نزلتا ، والعمّة والخالة وإن علتا.

وتملك المرأة كلّ أحد إلّا العمودين. والرضاع كالنّسب ، ويكره تملّك باقي الأقارب.

ويملك أحد الزّوجين صاحبه ويبطل النكاح.

ولو قهر حربيّ مثله فباعه صحّ وإن كان ممّن ينعتق عليه ، ويكون استنقاذا ، فلا تثبت أحكام البيع كخيار المجلس ، والحيوان ، والرّدّ بالعيب ، وطلب الأرش ، ويحتمل ثبوته بالنسبة إلى المشتري.

ويملك اللقيط من دار الحرب إلّا أن يكون فيها مسلم ، ولا يملك من دار الإسلام ، ثمّ إن بلغ فأقرّ بالرّقّ حكم عليه به ، وكذا لو أقرّ بالغ رشيد مجهول النّسب ، ثمّ لا يقبل رجوعه.

ولو اشترى عبدا فادّعى الحرّية لم يقبل إلّا بالبيّنة.

ولو أسلم عبد الكافر أجبر على بيعه من مسلم ، وله ثمنه.

ويجوز للشيعة خاصّة ابتياع ما يسبيه الظّالم في حال الغيبة ، ووطء الأمة وإن كان كلّه للإمام أو بعضه.

الفصل الثاني : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : يستحبّ بيع المملوك إذا كره سيّده ، ويجب على بائع الأمة

ص: 395

الموطوءة الاستبراء قبل بيعها بحيضة إن كانت متحيّضة ، وإلّا فبخمسة وأربعين يوما ، فإن جهله المشتري وجب عليه قبل وطئها ، ويسقط بإخبار الثقة أو كانت لامرأة أو صغيرة ، أو آيسة ، أو حائضا ، أو حاملا.

ويحرم وطء الحامل ، ويكره إذا كان عن زنا بعد أربعة أشهر وعشرة أيّام ، فلو وطئ استحبّ العزل ، فإن أنزل كره له بيع ولدها ، واستحبّ أن يعزل له قسطا من ميراثه.

ويكره وطء المولودة من الزنا بالملك والعقد.

الثانية : يجوز النظر إلى وجه من يريد شراءها ومحاسنها ، ويستحبّ تغيير اسمه ، وإطعامه حلوا ، والصدقة عنه بشي ء ، ويكره أن يريه ثمنه في الميزان.

الثالثة : لا يدخل الحمل في بيع أمّه إلّا أن يشترطه المشتري ، ومعه لو سقط قبل القبض أو في الثلاثة رجع المشتري بما بين الحمل والإجهاض.

ويصحّ استثناء الخدمة مدّة معلومة لا الوطء.

الرابعة : العبد لا يملك شيئا ، وقيل (1) : يملك فاضل الضريبة وأرش الجناية وما يملّكه مولاه ، ولا يدخل ما له في بيعه (2) وإن علم به البائع ، ولو باعه وماله صحّ إن كان بغير الجنس ، أو به مع زيادة في الثمن إن كان ربويّا وإلّا صحّ مطلقا.

ولو قال [ العبد ] : اشترني ولك عليّ كذا لم يلزم.

ص: 396


1- القائل هو الشيخ في النهاية : 543.
2- في « أ » : ويدخل ماله في بيعه.

الخامسة : تحرم التفرقة بين الطفل وأمّه قبل استغنائه عنها ، وتكره بعده ، ويحصل ببلوغ سبع سنين ذكرا كان أو أنثى.

السادسة : يجوز بيع بعض الحيوان بشرط الإشاعة وعلم النّسبة ، كنصفه وثلثه دون يده وجزء منه ، ولو عيّن النصف أو الثلث بطل ، ولو أطلق حمل على الصحيح.

ولو باعه واستثنى الرأس أو الجلد بطل إلّا أن يكون مذبوحا ، أو باعه بشرط الذّبح.

ولو شرط أحد الشريكين الرأس أو الجلد لم يصحّ ، وكان شريكا بما نقد.

السابعة : لو دفع إلى مشتري العبد في الذّمّة عبدين ليختار أحدهما فأبق واحد ضمنه بقيمته ، وطالب بما اشتراه ، ولو اشترى عبدا من عبدين لم يصحّ.

الثامنة : لو ظهرت المستولدة مستحقّة ، فالولد حرّ ، ويرجع المالك على الواطئ بعشر قيمتها مع البكارة ، وبنصفه مع الثيبوبة ، وبقيمة الولد يوم سقوطه حيّا ، وبأجرة الخدمة ، ويرجع على البائع بجميع ذلك مع جهله.

ولو علم الاستحقاق والتحريم فهو زان ، عليه المهر إن أكرهها ، والولد رقّ.

التاسعة : لو قال : اشتر حيوانا بشركتي ، فهو لهما بالسّويّة ، وعلى كلّ واحد نصف الثمن ، فإن نقد أحدهما عن الآخر بإذنه رجع عليه ، وإن تلف الحيوان ، وإلّا فلا رجوع.

ولو قال : الربح لنا ولا خسران عليك ، لم يلزم.

ص: 397

العاشرة : لو وطئ أحد الشريكين الأمة لم يحدّ مع الشبهة ، وإلّا حدّ بقدر نصيب الشريك ، ولو حملت صارت أمّ ولد ، وانعقد الولد حرّا ، وقوّمت عليه حصّة الشريك منها يوم الوطء ومن الولد يوم وضع حيّا ، ولا تقوّم بمجرّد الوطء.

الحادية عشرة : لو حدث في الحيوان عيب بعد العقد وقبل القبض ، تخيّر المشتري بين الرّدّ والأرش ، وكذا لو عاب بعد القبض في الثلاثة ، إلّا أن يحدث المشتري فيه حدثا فلا ردّ ، ولو تلف فيها فهو من البائع ما لم يكن من جهة المشتري ، أو يحدث فيه حدثا ، ولو عاب بعد الثلاثة منع الرّدّ بالعيب السّابق وله الأرش.

الثانية عشرة : لو اشترى أمة سرقت من أرض الصلح دفعها إلى الحاكم ، واستعاد الثمن من البائع أو من وارثه ، ولا يستسعها لو فقدهما.

الثالثة عشرة : لو اشترى كلّ من المأذونين صاحبه من مولاه حكم للسابق ، فإن اقترنا أو جهل السّبق بطل العقدان ، ولو جهل السّابق أقرع.

الرابعة عشرة : لو دفع إلى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحجّ بباقي المال ، فاشترى أباه وأعتقه وحجّ ، ثمّ تحاقّ (1) مولاه ومولى الأب وورثة الدافع ، حكم لذي البيّنة ، ومع عدمها لمولى المأذون مع اليمين.

ص: 398


1- التّحاقّ : التخاصم. مجمع البحرين.
الثاني : بيع الثمار والخضر
أمّا الثمار
اشارة

ففيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل :

يجوز بيع ثمرة النخل مع أصولها ، ولا يجوز بيعها منفردة قبل ظهورها عاما إجماعا ، ولا عامين على الأشهر وإن ضمّها إلى غيرها ، ولو ظهر بعض الثمرة جاز بيع الجميع ، اختلف الجنس أو اتّحد.

ويجوز بعد ظهورها وبدوّ صلاحها عاما أو عامين بغير شرط إجماعا ، وكذا قبل البدوّ على الأقوى ، وقيل : بشرط القطع أو الضميمة أو الزيادة على عام (1).

ولو باع الأصل واستثنى الثمرة أو باعها على مالك الأصل ، فلا شرط إجماعا.

وإذا بدا صلاح بعض البستان جاز بيع الجميع وإن اختلفت أنواعه ، وكذا البستانان.

وبدوّ الصّلاح : أن تحمر أو تصفر الثمرة ، والعام زمان الثمرة.

ويجوز استثناء ثمرة نخلة معيّنة ، فلو أبهم بطل البيع ، واستثناء حصّة

ص: 399


1- ذهب إليه الشيخ في المبسوط : 2 / 113 ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : 356 ، وابن البرّاج في المهذّب : 1 / 380 ، والشهيد في الدروس : 3 / 234.

مشاعة أو أرطال معلومة ، فإن خاست (1) الثمرة سقط من المستثنى بحسابه.

والشجر كالنخل إلّا أنّ بدوّ صلاحه انعقاد الحبّ ، فلا يصلح قبله ، ولا يشترط الزيادة عليه.

ولا فرق بين البارز وغيره كالمشمش ، والجوز (2).

والمقصود ورقه كالحنّاء والتوت والآس يجوز (3) بيعه خرطة وخرطات بشرط ظهوره ، ويجوز بيعه مع أصوله.

البحث الثاني : في الأحكام

يجب على البائع تبقية الثمرة إلى أوان أخذها ، إلّا أن يشترط القطع بسرا أو رطبا أو عنبا ، ومع الإطلاق يرجع إلى العادة ، وما اعتبر فيه الأمران يحمل على الأغلب ، وكذا لو بيعت الأصول دون الثمرة.

ولو بيعت الثمرة بشرط القطع وجب على المشتري ، فإن امتنع تخيّر البائع في قطعه وتركه بالأجرة.

ولا يجب السقي على البائع بل تمكين المشتري منه ، ولكلّ منهما السقي ما لم يتضرّر ، فإن تضرّر أحدهما رجّحنا مصلحة المشتري ، ويقتصر على قدر الحاجة ، ويرجع إلى أهل الخبرة.

ولو تعذّر السّقي لم يجب القطع وإن تضرّر الأصل ، فإذا أصيبت الثمرة قبل

ص: 400


1- في مجمع البحرين : خاس اللحم خيسا : فسد وتغيّر ومنه « خاست الثّمرة » : إذا تغيّرت وفسدت.
2- في القواعد : 2 / 33 : ولا فرق بين البارز كالمشمش ، والخفيّ كاللّوز.
3- في « أ » : « ويجوز » ولعلّ الواو زائدة.

القبض فهو من مال البائع ، وللمشتري تغريمه المثل أو الفسخ ، ولو أصيب البعض فله أخذ الباقي بحصّته والفسخ.

ولو أتلفها أجنبيّ تخيّر المشتري في الفسخ ومطالبة المتلف ، وإتلاف المشتري قبض ، ولو كان بعد القبض - وهو التخلية - فمن المشتري.

ويجوز لمشتري الثمرة أن يبيعها قبل القبض بزيادة ونقصان ، وأن يتقبل (1) أحد الشريكين بحصّة صاحبه بشي ء معلوم ، وهو من باب الصلح ، ولزومه مشروط بالسلامة.

ولو باع الصّبرة من الثمرة (2) أو الغلّة بمثلها صحّ إن علما قدرهما وإلّا فلا ، وإن تساويا عند الاعتبار ، سواء اتّحد الجنس أو اختلف.

ولا يجوز بيع الثمرة بالثمرة ولو من غيرها ، وهي المزابنة (3) ورخّص بيع ثمرة العريّة بخرصها تمرا ، والعريّة : النخلة تكون في دار إنسان أو بستانه وقيل : أو مستعيرهما أو مستأجرهما (4).

ويشترط وحدتها مع اتّحاد الدار والبستان ، وكون الثمن من غيرهما ، ولا يجوز إسلاف أحدهما بالآخر ، وتقديره بالكيل أو الوزن ، فلا تكفي المشاهدة ، ولا يشترط التقابض قبل التفرق بل الحلول ، ولا التماثل بين ثمنها وثمرتها عند

ص: 401


1- في « أ » : يقبل.
2- في « أ » : من التّمر.
3- في مجمع البحرين : وفي الخبر « نهى عن بيع المزابنة » وهي بيع الرّطب في رءوس النخل بالتمر ، وأصله من الزّبن وهو الدّفع ، كأنّ كلّ واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقّه بما يزداد منه ، والنّهي عن ذلك لما فيه من الغبن والجهالة.
4- القائل هو الشهيد في الدروس : 3 / 238.

الجفاف ، بل عدم التفاضل عند العقد ، ولا عدم الزيادة على خمسة أوسق ولا عريّة في غير النخل.

وأمّا الخضر فيجوز بيعها بعد ظهورها وانعقادها ، مع أصولها ومنفردة ، لقطة ولقطات ، فإن تجدّدت أخرى قبل القبض ولم تتميّز ، فللمشتري الفسخ وإن بذل له الجميع ، وبعد القبض يصطلحان.

ولو كان المقصود الأصل كالجزر والثوم ، فلا بدّ من قلعه ليشاهد ، وإن كان الجميع كالبصل والفجل كفى رؤية الظاهر.

ويجوز بيع ما يجز كالكراث جزة وجزات ، ويرجع في الخرطة واللقطة والجزة إلى العرف ، ويجوز بيع الزرع قائما وحصيدا قبل انعقاد الحبّ وبعده ، سواء كان بارزا أو غيره ، وبيع السنبل منفردا ومع أصوله ، ولو نبت الزرع بعد قطعه فهو للمشتري إن شرط الأصل ، وإلّا فهو للبائع.

ولا يجوز بيع البذر الكامن ، ولو صولح عليه جاز على توقّف.

ولو سقط من الحصيد حبّ فنبت في القابل ، فهو لصاحب البذر ، ولصاحب الأرض قلعه وتركه بالأجرة.

ولو باع الزرع بشرط القصل وجبت إزالته ، فإن امتنع تخيّر البائع في قطعه وتركه بالأجرة.

ولا يجوز بيع السنبل من الحنطة والشعير بحبّ منه أو من غيره ، وهي المحاقلة ، ويجوز بيع جنسه كالأرز.

ورخّص لمن مرّ بالنخل أن يأكل من الثمرة إذا لم يقصد ولا يفسد ولا يحمل ، وفي شجر الفواكه والزرع قولان.

ص: 402

الثالث : في الصرف
اشارة

وهو بيع الأثمان (1) بمثلها متّفقين ومختلفين ، وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في شروطه

وهو التقابض في المجلس وإن كانا غير معيّنين ، فلو افترقا قبله بطل ، ولو فارقا المجلس مصطحبين ثمّ تقابضا قبل التفرّق صحّ ، ولو قبض الوكيل قبل تفرّقهما صحّ ويبطل بعده ، ولو قبض البعض صحّ فيه وفي مقابله ، ولو [ أ ] قبضه نصف الثمن ثمّ اقترضه ودفعه عن الباقي صحّ الصّرف.

ولو اشترى دراهم ثمّ ابتاع بها دنانير قبل قبض الدراهم لم يصحّ الثاني ، فإن تفرّقا بطلا.

ولو كان له في ذمّته دراهم فاشترى بها دنانير قبل قبض الدراهم صحّ ، وكذا لو كان له دراهم فساعره ثمّ أمره أن يحوّلها دنانير أو بالعكس وإن تفرقا ، لأنّ النقدين من واحد.

ولا يشترط في بيع النقد الّذي في الذّمّة تشخيص ثمنه بل قبضه قبل التفرّق ، ولو باعه على غيره وجب تقابضهما ، وكذا لو تصادقا بما في ذمّتهما ، ولا

ص: 403


1- قال المحقق الكركي في جامع المقاصد : 4 / 181 : الأثمان هي الذهب والفضّة كما نصّ عليه في التذكرة ، وفي حواشي شيخنا الشهيد عن قطب الدين : انّ الذهب والفضّة ثمنان وإن باعهما بعرض ، ولهذا لو باع دينارا بحيوان ثبت للبائع الخيار بالاتّفاق ، قال : وإن كانا عوضين فكلّ منهما بائع ومشتر ، فلو باع حيوانا بحيوان ، ثبت لكلّ منهما الخيار.

في القبض معرفة النقد والوزن بل اشتماله على الحقّ ، فلو دفع إليه أكثر ليكون وكيلا في الزائد ، أو ليزن حقّه منه ، فالزيادة أمانة.

ولو دفع إليه الحقّ فبان زائدا ، فإن كانا معيّنين كقوله : بعتك هذا الدينار بهذا الدينار بطل ، وإلّا صحّ ، كقوله : بعتك دينارا بدينار (1) وتكون الزيادة أمانة على الأصحّ ، وله الإبدال قبل التفرّق والفسخ بعده للشركة.

أمّا لو كانت الزيادة لاختلاف الموازين ، فإنّها للمشتري ، ولو بان ناقصا فمع التعيين ، له الردّ وأخذه بحصّته من الثمن مع اختلاف الجنس ، ويبطل مع اتّحاده.

ولو اشترى ما يظنّ وجوده كالوديعة ، وقبض الثمن في المجلس ، ثمّ ظهر تلفها ، بطل الصرف.

البحث الثاني : في حكمه

وفيه مسائل :

الأولى : يتعيّن الثمن والمثمن بالتعيين في الصرف وغيره ، فلو وجد أحدهما ما قبضه من غير الجنس بطل ، وليس له بدله ، ولو وجد البعض بطل فيه ، ويتخيّر في الباقي بين الفسخ وأخذه بحصّته من الثمن.

ولو وجده من الجنس معيبا كخشونة الجوهر ، فليس له الإبدال ، وله الردّ أو الأرش ان اختلف الجنس مع عدم التفرّق ، ومعه إن كانا من غير الأثمان ، ولو اتّحد فله الرّدّ لا غير.

ص: 404


1- في « أ » : بعتك هذا الدينار بدينار.

ولو لم يعيّنا وظهر من غير الجنس فله الإبدال قبل التفرّق ، ويبطل بعده.

ولو كان البعض اختصّ بالحكم ، وله الفسخ.

ولو وجده من الجنس معيبا فله الرّدّ دون الأرش مع اتّحاد الجنس ، ويجوز [ الأرش ] مع الاختلاف [ ما داما ] في المجلس ومع التفرّق إن كانا من غير الأثمان لا منها.

ولو ظهر بعضه معيبا اختصّ بالحكم ، وليس له ردّه خاصّة إلّا مع التراضي.

ولو تقابضا وتلف أحدهما ، ثمّ ظهر في التالف عيب من الجنس أو من غيره فالحكم ما تقدّم.

الثانية : يجب التساوي مع اتّحاد الجنس لا مع اختلافه ، ويتّحد المكسور والمصوغ ، والجيّد والرّدي ، ويجوز بيع المغشوش إذا علم الغشّ بجنسه مع زيادة تقابل الغشّ أو بغيره ، وإن جهل بيع بغير الجنس أو بغيرهما.

وليس من المغشوش جوهر الصّفر والرصاص وإن كان فيهما ذهب أو فضّة ، لأنّه غير مقصود ، ولا تنفق الدراهم المغشوشة مع جهالة الغشّ إلّا بعد إبانتها أو تكون معلومة الصرف ، ولو قبض دراهم مغشوشة جاهلا بها ، لم يجز إخراجها على الجاهل بحالها.

الثالثة : المصاغ من النقدين إن علم قدرهما بيع بهما أو بأحدهما مع زيادة من جنسه أو ضميمة من غيره ، وإن جهل بيع بغيرهما مع التساوي وبالأقلّ مع التفاوت.

الرابعة : المحلّى بأحد النقدين إن علم قدره بيع بالآخر ، أو بجنسه مع زيادة في الثمن ، أو اتّهاب المحلّى ، أو بغيرهما ، وإن جهل بيع

ص: 405

بالآخر أو بجنسه مع الضميمة ، أو بهما ، أو بغيرهما.

الخامسة : يجوز صرف عين بعين وصرف عين بما في الذمّة قطعا ، وكذا لو تصارفا بما في ذمّتهما على توقّف ، ولو باعه خمسة دراهم بنصف دينار لزمه شقّ دينار إلّا أن يشترط الصحيح أو يقتضيه العرف.

السادسة : يباع تراب الصّياغة بالجوهرين أو بغيرهما ، ويتصدّق به إذا جهل أربابه ، ويباع تراب أحد النقدين بالآخر أو بغيرهما ، ولو اجتمعا بيعا بهما أو بغيرهما.

ورخّص بيع درهم بدرهم ، ويشترط صياغة خاتم ، ولا يتعدّى ، ولو باعه بدينار إلّا درهما صحّ مع علم النسبة ، وبطل مع الجهل.

الرابع : [ في ] الرّبا
اشارة

وهو لغة الزيادة ، وفي الشرع بيع المكيل أو الموزون بمثله ، مع اتّحاد الجنس والتّفاضل ، تحقيقا أو تقديرا ، فلا يجوز بيع قفيز بقفيزين نقدا ولا قفيز بقفيز نسيئة ، وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في شرطه

[ البحث ] الأوّل : في شرطه (1)

وهو اثنان :

الأوّل : تماثل جنس الثمن والمثمن ، فيحرم التّفاضل مع اتّفاقهما ،

ص: 406


1- في « ج » : في شروطه.

ويجوز مع اختلافهما نقدا ، ويكره نسيئة ، ويحرم في الصرف.

ولا يشترط التقابض قبل التفرّق.

وضابط الجنس تناولهما اسم خاصّ (1) كالحنطة بخلاف الطعام ، فالجيّد والرديّ جنس ، وكذا الصحيح والمكسور ، والحنطة والشعير هنا جنس على توقّف.

والأصل وما يتفرّع منه جنس كالحنطة ، والدقيق ، والسويق ، والخبز ، وكذا الرّطب ، والعنب ، وما يعمل منهما ، حتّى الخلّ.

واللحوم مختلفة باختلاف الحيوان ، فلحم المعز والضأن جنس ، وكذا البقر والجاموس ، وعراب الإبل والبخاتيّ.

والطيور أجناس ، والحمام مختلف باختلاف أسمائه ، وكذا السموك.

واللحم مخالف للشحم ، وفي اتّحاد الألية والشحم خلاف ، ولبن كلّ جنس مخالف للآخر.

واللبن وما يستخرج منه جنس حتّى المخيض.

والأدهان تابعة لأصولها ، فالسمسم وما يعمل منه أو يضاف إليه كدهن البنفسج جنس ، وكذا بزر الكتّان.

والمعمول من جنسين يباع بهما أو بأحدهما مع زيادة من جنسه أو ضميمة من غيره ، أو بغيرهما.

الثاني : الكيل والوزن ، فلا ربا في غيرهما وإن كان معدودا ، فيجوز بيع

ص: 407


1- أي شمول اللّفظ الخاصّ لهما.

الثوب بالثوبين ، والبيضة بالبيضتين ، ويكره نسيئة ، وبيع دجاجة فيها بيضة بمثلها ، وبدجاجة أو بيضة ، (1) وشاة في ضرعها لبن بمثلها أو بخالية أو بلبن.

ويكره بيع اللحم بالحيوان وإن تماثلا.

والاعتبار بما كان مكيلا أو موزونا في عصره صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ولا اعتبار بالعرف الطارئ ، نعم لو جهل حاله اعتبر العرف ، فإن اختلف فلكلّ بلد عرفه.

ولا ربا في الماء ، والحجارة ، والتراب إلّا الطين الأرمني ، ولا يخرج عن المكيل والموزون بالقلّة والكثرة كحبة حنطة وزبرة من حديد ، ويخرج بالصنعة إذا لم يتعدّ وزنه كالآلة والأبنية من الحديد أو الصّفر.

ولا يجوز بيع المكيل بجنسه وزنا أو جزافا ، ولا الموزون بجنسه كيلا أو جزافا.

وإذا اتّحد الجنس واختلف التقدير ، كالحنطة المقدّرة بالكيل ، والدقيق المقدّر بالوزن ، جاز بيع أحدهما بالآخر وزنا لا كيلا (2).

ويشترط اعتبار التساوي في الرطوبة واليبوسة ، فيباع الرّطب بمثله والتمر كذلك ، ولا يباع الرطب بالتمر متساويا ومتفاضلا ، وكذا العنب بالزبيب ، وكلّ يابس برطب ، ورخّص بيع الخلّ (3) بمثله ، وكذا الخبز ، وإن احتمل اختلاف الرطوبة فيهما.

ص: 408


1- في « ج » : أو ببيضة.
2- في « أ » : « وكيلا » قال العلّامة في القواعد : 2 / 62 : لو كانا في حكم الجنس الواحد واختلفا في التقدير كالحنطة المقدّرة بالكيل والدقيق المقدّر بالوزن احتمل تحريم البيع بالكيل أو بالوزن للاختلاف قدرا ، وتسويغه بالوزن.
3- في « أ » : « بيع الخيار » ولعلّه مصحّف.
البحث الثاني : في حكمه

لا يقدح في المساواة ممازجة ما جرت العادة بمثله كقفيز حنطة فيه تراب أو زوان (1) بقفيز خال ، ويجوز بيع جنسين ربويّين بأحدهما مع زيادة تقابل الآخر ، كبيع مدّ ودرهم بمدّين ، أو بدرهمين ، أو بمدّين ودرهمين ، أو بمدّ ودرهمين أو بمدّين ودرهم ، ولا يشترط قصد المخالفة.

وقد يتخلّص من الربا بأن يبيع كلّ واحد سلعته من صاحبه بثمن ويتقاصّان ، أو يبيعه بالمساوي ويهبه الزائد ، أو يهب كلّ واحد سلعته من الآخر ، أو يتقارضان ويتبارءان (2) ، كلّ ذلك من غير شرط ، وكذا إذا ضمّ إلى الناقص شيئا.

ولا يشترط في الضّميمة أن تكون ذات وقع فلو ضم فلسا إلى مائة درهم ثمنا لمائتين جاز.

ورخّص الربا بين الوالد وولده دون الجدّ والأمّ ، وبين الزّوجين دون المتعة ، وبين المولى وعبده المختصّ دون المشترك ، وبين المسلم والحربيّ دون الذميّ ، وينعكس الجميع إلّا الأخير.

ويجب ردّ الرّبا على مالكه أو وارثه مع العلم بالتحريم لا مع الجهل ، ويحتمل ردّه مع بقائه ، ولو جهل المالك دون القدر تصدّق به ، وبالعكس يصالحه ، ولو جهلهما أخرج خمسه.

والقسمة تمييز فتصحّ في الرّبوي وإن تفاضلا ، ويجوز أن يأخذ أحدهما الرطب والآخر التمر.

ص: 409


1- الزّوان والزّوان : ما يخرج من الطعام فيرمى به ، وهو الرّدي ء منه ، وخصّ بعضهم به الدوسر. لاحظ لسان العرب.
2- يبرئ كلّ ذمّة الآخر.

ص: 410

كتاب الديون

اشارة

وتوابعه

وفيه مطالب :

ص: 411

ص: 412

[ المطلب ] الأوّل : في الدّين

اشارة

وفيه فصول :

الأوّل :

يكره الدين اختيارا ، وتخفّ الكراهية إذا كان له مال بإزائه ، وتزول مع الضرورة ، لكن يقتصر على حاجته.

وقبول الصدقة للمستحقّ أولى من التعرض له.

ويجب فيه القضاء والسعي له ، والاقتصاد في النفقة لا التقتير ، ويحرم التبذير.

ويكره نزول صاحب الدّين على الغريم ، والإقامة عنده أكثر من ثلاثة أيّام.

ويستحبّ احتساب هديته من الدّين ، ولا سيّما إذا لم تجر عادته بها.

وتحتسب العروض بقيمتها يوم القبض.

ويجب دفع ما يفضل عن دار سكناه ، وثياب البدن والخادم ، وفرس الركوب ، وقوت يوم وليلة له ولعياله الواجبي النفقة مع الحلول.

ولو باع أحدها جاز أخذ ثمنه ، ويتضيّق الوجوب مع المطالبة.

وتصحّ معها العبادة الموسّعة المنافية في أوّل وقتها ، وكذا الحقوق الواجبة كالزّكاة والخمس.

ص: 413

وإذا غاب المدين غيبة منقطعة وجبت نيّة القضاء والعزل عند الوفاة ، والوصية بإيصاله إليه أو إلى وارثه ، وإذا جهله اجتهد في طلبه ، ومع اليأس يتصدّق به عنه ويضمن.

وتحرم مطالبة من التجأ إلى الحرم ، إلّا أن يكون استدان فيه ، ومطالبة المعسر وحبسه مع ثبوت إعساره ، أو علم المدين به.

ولو خشى الحبس باعترافه جاز الإنكار ، ويحلف مورّيا ، ويجب القضاء مع اليسر.

ولا يتعين الدّين ملكا لصاحبه إلّا بقبضه ، فلا تصحّ المضاربة به قبله لا للمديون ولا لغيره ، فالربح كلّه للمديون إن كان هو العامل ، وإلّا فللمدين وعليه الأجرة.

ولو باع الذمّيّ ما لا يملكه المسلم جاز له أخذ ثمنه عن حقّه ، ولو باعه المسلم أو الحربيّ لم يجز.

ولا يجب دفع المؤجّل قبل حلوله ولا قبضه لو دفعه وإن انتفى الضرر ، ويجب عند حلوله ، فإن امتنع صاحبه دفعه إلى الحاكم ، وبرئ ، ولو تعذّر فهلك فهو من صاحبه ، وكذا إذا حلّ السّلم فامتنع المشتري من أخذه ، وكذا كلّ حقّ حالّ أو حلّ وامتنع صاحبه من قبضه.

ولصاحب الدين الحالّ منع المديون من السفر ، وليس له ذلك في المؤجّل وإن حلّ قبل الرجوع ، ولا المطالبة بكفيل ، وكذا السّفر معه ليطالبه عند الأجل إلّا أنّه لا يلازمه.

ص: 414

ويبرأ المديون بقضاء المتبرّع ، ويجب قبضه.

وتحلّ الدّيون المؤجّلة بموت المديون لا بموت المدين.

ولا يبطل الحقّ بتأخير المطالبة وإن طالت المدّة.

ولا تجوز قسمة ما في الذّمم بل الحاصل لهما والتاوي (1) منهما ، ولو اصطلحا على ذلك جاز.

الفصل الثاني : [ في ] بيع الدين

لا يجوز بيع الدين بدين آخر ، ويصحّ بيع الدين الحالّ والمؤجّل بعد حلوله على المديون وغيره ، بحاضر أو مضمون لا بالمؤجّل ، ولا يجوز بيع المؤجّل قبل حلوله مطلقا ، وقيل (2) : يباع على من هو عليه بالحالّ لا بالمؤجّل.

ويشترط في الربويّ إذا بيع بجنسه تساويهما والحلول.

وإذا بيع الدين بأقلّ منه لم يلزم الغريم أكثر من الثمن إلّا أن يكون بعقد صلح فيجب الجميع ، وهل يكون مضمونا على البائع قال الشيخ : نعم. (3)

ولا يجوز بيع أرزاق السلطان والسهم من الزكاة والخمس قبل قبضها.

ص: 415


1- التّوى - مقصور ويمدّ - : هلاك المال ، يقال : توي المال - بالكسر - : هلك. مجمع البحرين.
2- القائل هو العلّامة في التذكرة : 2 / 3 الطبعة القديمة ، والقواعد : 2 / 106.
3- لاحظ النهاية : 310 - 311.

الفصل الثالث : في دين المملوك

لا يملك العبد شيئا وإن ملّكه مولاه ، ولا يشتري ولا يقترض بغير إذنه ، فإن بادر وقف على الإجازة ، ومع عدمها يرجع صاحب العين فيها ، فإن تلفت في يد العبد أتبع بالمثل أو القيمة ، ولو تلفت في يد المولى تخيّر المالك في مطالبة المولى وإتباع المملوك إذا عتق.

وإذا أذن له في التجارة جاز ولا يتعدّى الإذن إلى عبده ، وله أن يفعل كلّما يتعلّق بالتجارة أو يستلزمها ، (1) ويقتصر على ما حدّ له من النوع والمدّة ، ولا يصير مأذونا بسكوته عند التصرّف ولا بدعواه ، بل بتصديق السّيد ، أو البيّنة ، أو بالشياع على توقّف.

ولا يبيع ولا يشتري إلّا بالنقد ، فإن أذن له في النسيئة كان الثمن في ذمّة المولى ، فلو تلف ضمن المولى عوضه ، وإذا اشترى تعلّق الثمن بما في يده من مال التجارة ، ويقبل إقراره بما يتعلّق بها ، فإن كان بقدر ما في يده قضي منه وإلّا أتبع بالزائد.

ولا يتعدّى الإذن إلى ما يكتسبه بالاحتطاب وشبهه ، وينعزل بالبيع لا بالإباق ، ولا يتبع على سيّده ، ولا يشتري منه بخلاف المكاتب ولا يتصدّق ولا ينفق على نفسه إلّا بإذنه.

ولو استدان لأجل التجارة صحّ ولزم المولى ، ولو استدان لغيرها فإن أذن

ص: 416


1- في « ب » : أو أن يستلزمها.

المولى لزمه أيضا وإن أعتقه أو باعه ، ولو مات كان كديونه ، وإن لم يأذن لزم ذمّة العبد ، ويتبع به إن أعتق وإلّا ضاع ولا يستسعى إن كان (1) المدين جاهلا بالرقية ، وكذا قيمة المتلفات.

الفصل الرابع : في القرض

وفيه أجر كثير ، (2) حتّى أنّ ثوابه ضعف الصدقة ، وفيه مباحث :

الأوّل : لا بدّ فيه من إيجاب من أهله مثل أقرضتك ، أو ملّكتك وعليك ردّ عوضه ، أو خذه أو تصرّف فيه ، أو انتفع به وعليك ردّ مثله ، ومن قبول وهو ما يدلّ على الرّضا قولا أو فعلا.

ويجوز للوليّ إقراض مال الطفل للمصلحة ، ويجب الرهن إن وجد.

ولا يجوز اشتراط الزّيادة في العين أو الصفة وإن لم يكن ربويّا ، وفي حكم الزيادة أن يشترط فيه رهنا على دين آخر أو كفيلا كذلك.

ومنها أن يشترط عليه بيعا أو إجارة بدون عوض المثل.

ومنها اشتراط الصحاح بدل المكسّرة ، (3) واشتراط النقد بدل المصوغ وبالعكس ، واشتراط الخالص بدل المغشوش ، واشتراط المرغوب فيه دون غيره.

ص: 417


1- في « ب » و « ج » : وإن كان.
2- في « أ » : أجر كبير.
3- في « ب » و « ج » : المكسورة.

وإذا شرط الزيادة بطل ولم يفد الملك ، ولو تبرّع بها المقترض جاز.

وليس من الزيادة اشتراط الرهن أو الضّمين ، أو ردّه بأرض أخرى ، أو قرض أو إجارة أو بيع.

ولا محاباة فيها ، ويجوز اشتراط النّقيصة في القدر والوصف ، ولا يلزم اشتراط الأجل ، ولا تأجيل الدّين الحالّ ، مهرا كان أو غيره إلّا أن يشترطه في عقد لازم ، أو بعقد صلح أو بنذر وشبهه.

ولو شرط تعجيل المؤجّل بوضع بعضه ، أو أداء القرض في مكان معيّن جاز وإن كان في حمله مئونة.

ولو أطلق انصرف إلى مكان القرض ، ثمّ إن طالب المقرض أو دفع المقترض في غيره لم يجبر الممتنع ( وكذا كلّ دين حالّ أو حلّ ). (1)

الثاني : في المحلّ : وهو كلّ عين مقدّرة بالكيل أو الوزن أو العدّ ، ويجوز اقتراض الخبز وزنا وعددا مع عدم التفاوت الكثير ، ولو أقرضه المكيل أو الموزون أو المعدود جزافا أو بمكيال غير عامّ لم يصحّ ، ويضمن القابض.

ويجوز اقتراض المثليّ وغيره كالجواري ، ويثبت في الذمّة المثل في المثليّ ، فإن تعذّر وجبت القيمة يوم المطالبة ، والقيمة في القيمي وقت القرض.

الثالث : في حكمه : يملك المقترض بالقبض ، ولا يتوقّف على التصرّف ، فيعتق عليه من ينعتق بالملك ، وله وطء الأمة ، وتصير أمّ ولد بالحمل.

وله دفع المثل أو القيمة مع وجود العين ، ودفعها في المثلي وإن نقصت

ص: 418


1- ما بين القوسين يوجد في « أ ».

السّعر ، والمطالبة بالجميع وإن فرق القرض وبالعكس.

وللمقترض التفريق وإن اقترض دفعة ، ويجب قبول البعض ثمّ يطالب بالباقي.

ولو دفع ما يشتمل على الحقّ وزيادة ، وجعل الزيادة أمانة لم يجب القبول ، ولو جعلها عن دين آخر وجب.

ولو سقطت المعاملة بالنقد المقترض فليس على المقترض إلّا مثله ، (1) فإن تعذّر فالقيمة عند التعذّر من غير الجنس.

ولو سقطت بعد البيع فليس على المشتري إلّا النقد الأوّل.

ص: 419


1- في الدروس : 3 / 323 : لو سقطت المعاملة بالدراهم المقرضة فليس على المقترض إلّا مثلها.

المطلب الثاني : في الرهن

اشارة

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في حقيقته

اشارة

وهو وثيقة لدين المرتهن ، ويجوز سفرا وحضرا.

ولا بدّ فيه من إيجاب مثل رهنت ، أو هذا رهن أو وثيقة لدينك ، وقبول وهو ما دلّ على الرّضا بالإيجاب ، وتكفي إشارة الأخرس فيهما ، ولا يقوم شرط الرهن في عقد البيع مقام القبول وإن قلنا بجواز تقديمه على الإيجاب.

وهو عقد لازم من جهة الراهن خاصّة ، فلو أدّى ، أو أبرأه المرتهن أو أسقط حقّه بطل ، وصار الرّهن أمانة محضة يقبل قوله في الردّ ، ولا يجب دفعه إلّا مع المطالبة.

ولو شرط ما يقتضيه العقد جاز مثل اشتراط بيعه في الدين والتقدّم به ومنع الراهن من التصرّف لا ما ينافيه كمنع المرتهن من بيعه في حقّه ، أو لا يبيعه إلّا بقدر معيّن.

ص: 420

ولا يشترط فيه القبض ، نعم يجوز اشتراطه واشتراط وضعه على يد عدل فيلزم ، ويشترط فيه ما يشترط في الوكيل.

فروع

الأوّل : ليس للحاكم أو لأحدهما نقله عنه (1) ما لم يتّفقا عليه ، فإن تغيّرت حاله أجيب طالب النقل ، فإن اتّفقا على غيره ، وإلّا دفعه الحاكم إلى الثقة.

الثاني : للعدل دفعه إليهما لا إلى أحدهما إلّا برضاء الآخر ، فإذا دفعه إليهما وجب القبول ، فإن امتنعا جبرهما الحاكم ، فإن استترا سلّمه إلى الحاكم ، فإن تعذّر فإلى الثقة ولو لم يمتنعا لم يجز تسليمه إلى الحاكم ولا إلى غيره (2) إلّا بإذنهما ومع عدمه يضمن هو والقابض ، ويستقرّ الضمان على من تلف في يده.

ولو غابا أو أحدهما لم يجز دفعه إلى الحاكم إلّا لضرورة ، ولا إلى غيره إلّا بإذنه ، إلّا أن يتعذّر.

وكلّ موضع لا يجوز الدفع يضمن ، ولا ضمان مع الجواز.

الثالث : لو اضطر العدل إلى السّفر ، أو عجز عن الحفظ ، وتعذّر المالك ، سلّمه إلى الحاكم أو إلى من يقبض عنه ، فإن تعذّر فإلى الثقة ولا ضمان.

الرابع : يجوز وضعه على يد عدلين ، وليس لأحدهما التفرّد به (3) وإن أذن الآخر ، فيضمن النّصف. (4)

ص: 421


1- الضمير يرجع إلى العدل.
2- في « أ » : ولا إلى غيرهما.
3- في « أ » : التفرد به فيه.
4- قال العلّامة في القواعد : 2 / 119 : لو جعلاه على يد عدلين جاز وليس لأحدهما التفرّد به ولا ببعضه ، ولو سلّمه أحدهما إلى الآخر ضمن النّصف ، ويحتمل أن يضمن كلّ منهما الجميع.

الفصل الثاني : [ في ] الحقّ

ويشترط ثبوته أو آئل إليه (1) وإمكان استيفائه من الرّهن ، فلا يصحّ على ثمن ما يشتريه ، أو ما يستدينه ، ولا على ما حصل سبب ثبوته كمال الجعالة قبل الردّ ، والدّية قبل استقرار الجناية.

ويجوز على كلّ قسط بعد حلوله على العاقلة في الخطأ ، ومطلقا في غيره ، لأنّ الدية تثبت في ذمّة الجاني بنفس الجناية ، بخلاف العاقلة ولا على الإجارة المتعلّقة بعين المؤجر ، لعدم إمكان استيفاء المنفعة من الرّهن ، بخلاف ما لو استأجره على عمل مطلق ، لإمكان الاستيفاء.

ويجوز على الدّين المؤجّل ، وعلى مال الجعالة بعد الردّ ، ومال السبق والرماية ، وعلى النفقة الماضية أو الحاضرة ، دون المستقبلة ، وعلى الثمن في مدّة الخيار ، وعلى مال الكتابة وإن كانت مشروطة ، فإن فسخ فيهما بطل الرّهن.

وفي جوازه على الأعيان المضمونة كالمغصوب والمقبوض بالسّوم والعارية المضمونة ، قولان ، ومعنى الجواز الاستيفاء من الرهن إن تعذّر الرّدّ ، أو تلفت أو نقصت ، وإلّا فلا.

ويجوز زيادة الرهن بالدين الواحد وبالعكس ، ولا يشترط فسخ الرهن

ص: 422


1- في القواعد : 2 / 114 في عداد شروط الحقّ : « أن يكون دينا لازما أو آئلا إليه ». قال في جامع المقاصد : 4 / 87 : والمراد بكونه آئلا إلى اللزوم : أن يكون ثبوته في الذمّة بالقوّة القريبة من الفعل كما في مسألة التشريك بين الرّهن وسبب الدّين.

الأوّل ثمّ يرهنه على الدينين ، ولا إرادة كونه رهنا عليهما ، فلو أطلقا لم يبطل الأوّل ، وكذا لو رهنه عند آخر وأجاز الأوّل.

ويجوز جمع سبب الدين والرهن في عقد واحد بشرط تقديم السبب ، فيقول : بعتك الدار بمائة أو أقرضتك مائة وارتهنت العبد بها ، فيقول : قبلتهما أو اشتريت ورهنت.

الفصل الثالث : [ في ] المرهون

اشارة

وشرطه أن يكون عينا ، مملوكا ، يمكن قبضه ، ويصحّ بيعه ، معيّنا كان أو مشاعا ، فلا يصحّ رهن الدين ، ولا المنفعة ، ولا ما لا يملكه مالك ، كالحشرات ، ولا ما لا يملك المسلم ، كالخمر إذا كان أحدهما مسلما ، وإن رهنها الذمي عند المسلم على يد ذمّي ، ولو رهن ما لا يملك وقف على الإجازة ، وكذا لو ضمّه إلى ملكه.

ولا أرض الخراج ، ويصحّ رهن ما فيها من البناء والشجر ، ولا الطير في الهواء إلّا أن يعتاد عوده ، ولا السمك في الماء إلّا أن يكون محصورا مشاهدا ، ولا [ العبد ] المسلم والمصحف عند الكافر ، إلّا أن يوضعا على يد مسلم ، ولا الوقف وإن اتّحد الموقوف عليه ، ولا المكاتب مطلقا ، ولا أمّ الولد ولو في ثمن رقبتها.

ويصحّ رهن المدبّر فيبطل التدبير ، ورهن ذي الخيار ، وهو من البائع فسخ ومن المشتري إجازة ، ورهن المرتدّ مطلقا ، وكذا الجاني ، ولا يجبر السيد على افتدائه ، فإن فداه أو المرتهن فالرهن باق ، وإلّا قدّم حقّ الجناية ، فإن

ص: 423

استغرق الأرش قيمته بطل ، وإلّا ففي المقابل ، ورهن اللّقطة من الخضر إذا حلّ الحقّ قبل تجدّد الثانية وبعدها إن تميّزت وإلّا فتوقّف ، ورهن الغلام الحسن والجارية الحسناء عند الفاسق ، ورهن ذات الولد الصغير فيباعان معا ، ويختصّ المرتهن بقيمة الأمّ ، فتقوّم مع الولد وبدونه ، ويؤخذ من الثمن بالنسبة ، ويحتمل تقويم الولد منفردا ، ورهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل إن شرط بيعه وجعل الثمن رهنا ، وإن شرط عدمه بطل ، وإن أطلق صحّ ، ويباع ويجعل ثمنه رهنا على رأي ، ولو طرأ الفساد استأذن الراهن في بيعه ، فإن تعذّر فالحاكم.

فروع

الأوّل : لو رهن ما لا يملك فصادف الملك بميراث وشبهه صحّ ، ولو رهن ما يملك فيه الرجوع قبل الرّجوع كالموهوب لم يصحّ.

الثاني : لو رهن الوارث التركة وهناك دين بني على انتقال التركة وعدمه ، فعلى الأوّل إن قضى الدّين صحّ الرهن وإلّا بطل ، وعلى الثاني يبطل من رأس.

الثالث : لو رهن عصيرا فصار دبسا أو خلًّا فالرهن باق ، ولو صار خمرا زال ملك الراهن ، وبطل الرهن ، ولو عاد خلًّا عاد الملك والرهن.

الرابع : لا يبطل الرهن بتغيّر الصفة ، فلو أحضن البيضة ، أو زرع الحبّ ، أو نسج الثوب ، فالرهن باق.

الخامس : لو استعار للرهن جاز ، وللمالك الرجوع قبل العقد لا بعده وإن لم يقبض ، ولا يجب ذكر قدر الدّين وجنسه ووصفه وتأجيله وحلوله ، فإن عيّن شيئا من ذلك لم يتعدّه ، فإن رهن على أنقص صحّ ، وإن رهن على أزيد فإن

ص: 424

قال : وعلى كلّ جزء منه ، بطل في الجميع وإلّا في الزائد ، ولو كانت الزيادة في الأجل بطل فيما زاد ، وإن لم يعيّن رهنه كيف شاء ، وللمالك أن يطالبه بالفكّ متى شاء إن لم يعيّن أجلا ، وإلّا عند الحلول لا قبله.

وإذا باعه الغريم رجع المالك على الراهن بالأكثر من قيمته وما بيع به ، ولو أتلف أو تعذّرت إعادته ضمنه الراهن بقيمته وإن لم يفرّط ، وكذا لو لم يرهنه ، ولا شي ء على المرتهن لو تلف في يده.

السّادس : لا تدخل زوائد الرهن فيه ، متّصلة كانت أو منفصلة ، ولو شرط الدخول دخلت.

الفصل الرابع : في الراهن

اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل :

يشترط فيه كمال العقل ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، والملك أو حكمه كالمستعير ، فلا ينعقد رهن الصّبي والمجنون وإن أجاز الوليّ.

ويجوز للوليّ رهن ماله مع الحاجة والمصلحة كالاستدانة لنفقته ، أو لإصلاح ماله.

ولا يجوز رهن المحجور عليه لسفه أو فلس ، ولو تجدّد لزم وإن لم يقبض ، ولا رهن المكره ، نعم لو أجاز بعد زواله صحّ.

ولو تعدد الرّاهن فقضى واحد ، فإن شرط المرتهن الرهن على كلّ جزء من الدّين لم تنفك حصّته ، وإلّا انفكّت ، ولو أراد قسمته مع المرتهن توقّف على إذن الشريك ، سواء كان متساوي الأجزاء أو لا.

ص: 425

البحث الثاني : في أحكامه

لا يجوز للراهن التصرّف في الرهن إلّا بإذن المرتهن ، فلو بادر وقف على الإجازة وإن كان عتقا ، ولا يغرم له رهنا بدله ، ولا تقع العقود باطلة ، بل يلزم من جهة الراهن ، فلا يقبل رجوعه قبل الفكّ ، ولو وهب بإذنه فرجع قبل القبض صحّ.

ولو باع بإذنه صحّ ، وبطل الرهن ، ولا يجب رهن الثمن إلّا مع الشرط ، ولو اختلفا في الاشتراط حلف الراهن ، وله الرجوع في الإذن قبل البيع لا بعده.

ولو باع بغير إذن فطلب المرتهن الشفعة لم يصحّ ، ولم يكن إجازة.

ولو وطئ المرهونة بإذنه لم يبطل الرّهن ، ولو أحبلها صارت أمّ ولد ، والرهن مقدّم ، فتباع في الدين ، وكذا لو لم يأذن.

ولو ماتت في الطلق ضمن قيمتها يومه.

الفصل الخامس : في المرتهن

اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل :

يشترط فيه كمال العقل ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، ولوليّ الطفل والمجنون الارتهان على إسلاف مالهما مع الغبطة ، دون إقراضه إلّا أن يخشى تلفه ، فيأخذ عليه رهنا ، فإن تعذّر أقرضه من الثقة الملي ء.

ويجوز للمكاتب والمأذون في التّجارة الارتهان إيجابا وقبولا ، ولو

ص: 426

تعدّد المرتهن كان بمنزلة عقدين ، فكلّ منهما مرتهن للنصف (1) فإذا قضى أحدهما أو أبرأ انفكّت حصّته ، وله مطالبة المرتهن الآخر بالقسمة إن لم يكن ضرر ، وإلّا فنصفه في يده رهن والنصف الآخر أمانة.

البحث الثاني : في أحكامه
اشارة

لا يجوز للمرتهن التصرّف في الرهن ، ولو تصرّف وقف على الإجازة إلّا العتق ، ومع التصرّف يلزمه الأجرة ويحسبها من النفقة ، ويضمن العين بالمثل أو القيمة يوم تلفه.

ولو باع بإذن الراهن قبل الأجل لم يجز له التصرّف في الثمن.

والرهن أمانة في يده لا يضمنه إلّا بتفريط ، ولا يسقط بتلفه شي ء من الحقّ ، ولو لم يوجد في تركته فهو كسبيل ماله.

ولو أكره المرهونة على الوطء فعليه العشر أو نصفه ، ولا شي ء لو طاوعت.

ويجوز للمرتهن أن يشترط وضعه على يد عدل ، (2) والوكالة لنفسه أو لوارثه أو لأجنبي في العقد فيلزم ، ولا يملك الراهن فسخها ، وتبطل بموته دون الرهانة ، وبموت المرتهن ، ولا تنتقل إلى وارثه إلّا بالشرط.

وتنتقل الرهانة كباقي الحقوق ، ويجوز اشتراط الوصيّة أيضا ، وتبطل بموت المرتهن دون الرهانة ، إلّا أن يشترطها لوارثه.

ص: 427


1- في « ب » و « ج » : مرتهن النصف.
2- في « أ » : عادل.

ولو أقرّ بالدّين انتقلت الرهانة دون الوكالة والوصيّة ، ولو لم يكن وكيلا ولا وصيّا وحلّ الدّين ، أو كان حالّا وامتنع الراهن من الإيفاء باع الحاكم عن الراهن أو حبسه حتّى يبيع.

ولا يجوز اشتراط الرهن مبيعا عند الحلول وعدم الأداء ، بل يبطل البيع ، ويضمنه بعد الحلول لا قبله ، لأنّه قبل الحلول مقبوض بالرّهن الفاسد وبعده بالبيع الفاسد ، وإذا أمر المالك المرتهن بالبيع والقبض والاقتضاء صحّ الجميع ، ولا يكفي القبض عن الاقتضاء بل لا بدّ من تجديد الكيل أو الوزن.

ولو قال : بعه لي واقبضه لنفسك صحّ البيع وفسد القبض ، وضمن.

ولو قال : بعه لنفسك ، بطل ، ولو أطلق صحّ ، ولم يقبض الثمن إلّا بإذنه.

فروع

الأوّل : لو (1) شرط الوكالة لأجنبيّ صحّ ولزمت من جهة الراهن خاصّة ، ولا يبيع إلّا بإذن المرتهن ، ولا يفتقر إلى إذن الراهن ، ولو أتلفه أجنبيّ ضمن مثله أو قيمته ، ويكون رهنا ، ولم يكف الإذن الأوّل.

الثاني : إذا عيّنا له قدرا فباعه بأقلّ ممّا يتغابن به صحّ ، وإلّا بطل ويضمن قيمته.

ولو أطلقا باعه بثمن المثل نقدا بنقد البلد ، فإن تعدّد فبالأغلب ، ومع التساوي فبمثابة الحقّ ، ولو (2) خالفهما (3) عيّن الحاكم ، ولو اختلفا في التعيين باعه بأمر الحاكم.

ص: 428


1- في « أ » : إذا.
2- في « أ » : فلو.
3- الضمير المرفوع في « خالفهما » يرجع إلى الحقّ والضمير المثنّى يعود إلى النقدين المستفاد من سياق الكلام ، ولمزيد التوضيح لاحظ جامع المقاصد : 5 / 117.

الثالث : لو ادّعى (1) قبض الثمن من المشتري فكذّباه ، فالقول قوله مع يمينه على الأقوى.

الرابع : لو ادّعى تلف الرهن أو تلف الثمن ، قبل قوله مع اليمين ولا يضمن ، ولو تلف في يده بغير تفريط فهو من الراهن.

الخامس : لو ادّعى دفع الثمن إلى المرتهن ولم يقم بيّنة ولا صدّقه الراهن ، فالقول قول المرتهن مع يمينه ، ويرجع على الوكيل بأقلّ الأمرين من القيمة والدّين ، ولا يرجع الوكيل على الراهن ، وللمرتهن الرجوع على الراهن ، فيرجع على الوكيل إلّا أن يكون الدّفع بحضرته أو ببيّنة غابت أو ماتت.

السادس : لو خرج الرهن مستحقّا بعد بيعه ، رجع المشتري بالثمن مع بقائه ، ومع تلفه يرجع على الراهن إن علم بالوكالة ، وإلّا رجع على الوكيل ، ولو كان بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري عليه ، ولو ردّه بعيب رجع على الراهن إن علم بالوكالة ، وإلّا على الوكيل إن أقرّ بالعيب ، ويرجع على الراهن إن أقرّ به (2) وإلّا حلّفه.

السابع : إذا باع الوكيل وقبض الثمن ، فالعهدة على الرّاهن حتّى يقبضه المرتهن.

ص: 429


1- في « ب » و « ج » : ولو ادّعى.
2- في « ب » و « ج » : إن أقرّا به.

الفصل السادس : في أحكامه

اشارة

وفيه مسائل :

الأولى : إذا تمّ الرهن استحقّ المرتهن دوام يده ، وصار أولى من الغرماء ، سواء الحيّ والميّت ، ولو أعوز ضرب معهم.

ولا يشترط الأجل في دين الرهن ولا في الارتهان.

الثانية : لو خاف جحود الوارث استوفى دينه من الرهن ، فإن أقرّ به كلّف البيّنة ، وله إحلاف الوارث على نفي العلم.

ولو كان بالدينين رهنان فأدّى أحدهما لم يجز إمساكه بالآخر ، ولو كان بأحدهما رهن فأدّى ما عليه لم يجز إمساكه بالآخر.

الثالثة : يجب على الراهن علف الدابة ، وسقيها ، وسقي الشجر ، وأجرة الجذاذ والمسكن ، وجميع المؤن ، وله الفصد والحجامة والختن ، لا ما هو بخطر كقطع السّلع.

وفوائد الرهن له ، فلا يدخل الحمل ولا الثمرة وإن تجدّدت ، ولا ثمرة النخل وإن لم تؤبّر وفي إجباره على الإزالة توقّف ، ولا الزرع والشجر في رهن الأرض وإن قال : « بحقوقها » ولا ما ينبت فيها إلّا أن يكون من الرهن.

ويدخل الجميع مع الشرط ، والنّماء المتّصل مطلقا ، ومنه اللّبن في الضرع ، والصوف وشبهه على الظّهر.

الرابعة : لو جنى العبد المرهون قدّم حقّ المجنيّ عليه ، فيقتصّ في

ص: 430

العمد أو يسترقّ الجميع إن استوعبت وإلّا المقابل ، فالباقي رهن ، وفي الخطأ إن فكّه المولى فالرّهن بحاله ، وإن سلّمه فللمجنيّ عليه بيعه أو استرقاقه إن استغرقت الجناية ، وإلّا المقابل ، فالباقي رهن.

ولو جنى عليه قدّم حقّ المولى ، فيقتصّ في العمد أو يعفو ، ولا يجب عليه أخذ القيمة ، وفي الخطأ تؤخذ القيمة من الجاني ، ويتعلّق الرّهن بها دون الوكالة والوصيّة ، والخصم الراهن فإن امتنع فالمرتهن ، ومع نكول الغريم يحلف الرّاهن دون المرتهن ، ولو عفا الرّاهن أخذ المال من الجاني ، ثمّ إن فكّه صحّ العفو ، وإلّا فلا.

ولو أبراه المرتهن لم يصحّ ، ولم يسقط حقّه من الارتهان.

الخامسة : لو رهن الغاصب أو المستعير أو المودع أو المستأجر ، تخيّر المالك في الرجوع عليهم أو على المرتهن ، ويرجع عليهم مع الجهل لا مع العلم.

السادسة : يبطل الرّهن بالأداء أو الإبراء أو الضمان أو الاعتياض ، وبإسقاط حقّ الرّهانة ، فلو أدّى البعض فإن شرط الرهن على كلّ جزء منه لم ينفكّ إلّا بأداء الجميع ، وإلّا انفكّ بنسبة ما أدّى.

ولو رهن شيئين صفقة لم ينفكّ أحدهما إلّا بأداء الجميع ، ولو تعدّدت انفكّ بأداء ما يخصّه.

ولو كانت التركة مرهونة فأدّى أحد الورّاث من الدين ما يخص نصيبه منها لم ينفكّ.

السابعة : لو أقرّ الراهن بغصب العبد أو جنايته أو عتقه قبل رهنه ،

ص: 431

فإن صدّقه المرتهن بطل الرهن ، وحكم بموجب الإقرار ، وإن كذّبه حلف على نفي العلم ، وبقي الرّهن ، وغرم المقرّ للمقرّ له [ للحيلولة ] ، وإن نكل [ المرتهن ] حلف المقرّ له ، وبطل الرّهن ، وعمل بما يقتضيه الإقرار.

فإن نكل المقرّ له بقي الرّهن ، ويغرم المقرّ للمغصوب منه قيمة العبد ، وللمجنيّ [ عليه ] أرش الجناية أو أقلّ الأمرين ، وللعبد فكّه إن كان الدّين حالّا أو عند الحلول.

فروع

الأوّل : لو تعذّر فكّه وبيع في الدّين ، وجب على المقرّ ابتياعه بقيمته مع البذل ، وبالأزيد على توقّف ، ويحكم بعتقه ، ويغرم له المقرّ أجرة ما استوفاه المشتري من منافعه دون غيرها.

الثاني : لو أعتقه المشتري طالب العبد المقرّ بأجرة ما استوفاه المشتري من المنافع ، ولو لم يعتقه ضمنها المقرّ لما يتبع به بعد العتق (1).

ولو مات العبد ولم يكن عليه شي ء ، رجع بها الوارث إن كان ، وإلّا الإمام إن لم يكن للمقرّ ولاء.

الثالث : لو أعتقه المشتري تبرّعا ثمّ مات ولا وارث له ، ورثه المشتري ، وضمن المقرّ للإمام إن لم يكن له ولاء وإلّا فلا.

الرابع : لو أعتقه المشتري في كفّارة أو نذر غير معيّن ثمّ مات ، فورثه المقرّ ، أخرج الكفّارة والنذر من خاصّته ، ولو نذر عتقه لم يضمن المقرّ شيئا.

ص: 432


1- لاحظ في توضيح العبارة جامع المقاصد : 5 / 169 - 171.

الخامس : لو كاتبه المشتري وجب على المقرّ أداء ما عليه ، فإن أدّى من سعيه ضمنه له ، وإن أعتقه من الزكاة أو أبرأه المولى لم يضمن له شيئا ، ولو كانت مشروطة فاسترقّ لعجزه رجع المقرّ بما دفعه.

السادس : لو استولدها المشتري ثمّ مات ، فورثه المقرّ والولد ، لم يحسب على الولد نصيب المقرّ.

الفصل السابع : في التنازع

في التنازع (1)

لو اختلفا في وقوع الارتهان ، أو في الردّ ، أو في دخول الثمرة ، أو في أنّ الرهن على بعض الدّين ، أو على المؤجّل ، أو في كون المدفوع وديعة أو رهنا ، أو في قدر الرهن أو الدين ، قدّم قول الراهن مع اليمين.

ولو اختلفا في التفريط ، أو في قيمة الرّهن ، أو القضاء ، أو الإبراء ، أو في أنّه رجع على الإذن في البيع قبله ، قدّم قول المرتهن.

ولو اختلفا في رهن العبد أو الجارية حلف الراهن على ما أنكره وانتفى الرّهن ، أمّا لو اختلف البائع والمشتري في رهن العبد أو الجارية على الثمن قدّم قول الراهن ، ولو كان بأحد الدّينين رهن فادّعى أنّه دفع من ذي الرّهن قدّم قوله مع اليمين ، ولو لم ينو وزّع.

ولو ادّعى رهن عبدهما فصدّقه أحدهما قبلت شهادته على الآخر ، إلّا أن يكون الرّهن على كلّ جزء من الدّين.

ص: 433


1- في « أ » : في النزاع.

أمّا لو كذّباه لم تقبل شهادة أحدهما على الآخر ، لزعم كذبهما.

ولو ادّعيا رهن عبده عندهما فصدّق أحدهما ثبت رهن نصفه ، وفي الشركة وجهان ، فإن قلنا بها لم تقبل شهادته للآخر وإلّا قبلت.

ولو اختلفا فيما يباع به الرهن بيع بالنقد الغالب ، فإن تعدّد بيع بمثابة الحقّ ولو طلبا غير الغالب ردّهما الحاكم إليه.

ولو ادّعى على العبد المرهون أنّه جنى ، لم يقبل تصديق الرّاهن ولا المرتهن ، لكن إذا صدّقه الرّاهن فإن بيع في الدّين سقط حقّ المجنيّ عليه ، ولا ضمان على الرّاهن ، وإن فكّ تعلّقت به الجناية.

ولو أقرّ واحد بالجناية عليه فكذّبه المرتهن ، فللرّاهن أخذ الأرش ، ولم يتعلّق به الرّهن ، ولو كذّبه الرّاهن فللمرتهن أخذ الأرش ، ويتعلّق به الرهن ، ثمّ إن قضى الدّين من غيره صار مالا ضائعا.

ص: 434

المطلب الثالث : في الضّمان

اشارة

وهو التّعهد بمال أو نفس ، فإن كان بمال وليس عليه مثله ، فهو الضمان ، وإلّا فهو الحوالة ، وإن كان بنفس فهو الكفالة ، فهنا مقاصد :

[ المقصد ] الأوّل : في الضمان

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : الصيغة : وهي « ضمنت » وما بمعناه ك- « تحمّلت » وعليّ له ما على فلان.

ويشترط تنجيزه فلو علّقه بشرط أو صفة ، أو قرنه بخيار بطل ، وتجزئ الكتابة والإشارة مع العجز والقرينة.

ويصحّ ضمان الحالّ والمؤجّل بأجله ، وبأزيد وأنقص ، وضمان المؤجّل حالّا وبالعكس ، فلا يطالبه الضامن حتّى يؤدّي.

ويحلّ بموت الضامن ، فإن كان الأصل حالّا طالب وارثه وإلّا صبر حتّى يحلّ.

ص: 435

ولو مات المضمون عنه حجر الحاكم على قدر الدّين من التركة ، وتلفه من الوارث ، والنماء له ، ولو أذن في ضمان المؤجّل حالّا فللضّامن المطالبة حالّا ، وإلّا عند الأجل.

ويجوز ترامي الضمان (1) ودوره (2) ، واشتراطه من مال معيّن وإن لم يف بالدّين ، فإن علم بذلك عند الضمان لم يجب الإتمام وإلّا وجب ، ولو تلف بطل الضمان إلّا أن يكون بتفريط الضامن.

الثاني : الضامن : ويشترط كماله ، وجواز تصرّفه ، فلا يصحّ ضمان الصّبي وإن أذن له الوليّ ، ولو ادّعى وقوعه في الصّبا قدّم قوله مع اليمين ، ولو ادّعى وقوعه في الجنون ، فإن عرف سبقه فكذلك وإلّا فلا.

ويصحّ ضمان السّفيه بعد الحجر ، ولا المفلّس بالنسبة إلى الغرماء ، ولا ضمان المملوك إلّا بإذن مولاه ، فيتبع به ، ولو اشترطه في كسبه جاز ، كما لو شرط من مال معيّن ، والمكاتب كالمملوك.

ويشترط أيضا الملاءة وقت الضمان ، أو العلم بالإعسار ، ولو جهل الغريم حاله كان له الفسخ بخلاف ما لو تجدّد.

الثالث : المضمون له : وهو ذو الدّين ، ويشترط رضاه لا العلم به ولا القبول ، بل عدم الردّ.

الرابع : المضمون عنه : وهو المديون ، ولا يشترط معرفته بل امتيازه ،

ص: 436


1- بأن يضمن الضامن ضامن آخر ، والضامن الثاني ثالث وهكذا.
2- أي دور الضمان ، بأن يضمن الضامن الأخير المضمون عنه الأوّل ، لاحظ جامع المقاصد : 5 / 331.

ولا رضاه فيصحّ من المتبرّع ، ولا حياته فيصحّ من الميّت ، ولو أنكر الدين لم يبطل الضّمان.

الخامس : في المضمون [ به ] : وهو كلّ مال ثابت في الذمّة وإن تزلزل كالثمن في مدّة الخيار ، ويشترط اللزوم أو المآل إليه : كمال الجعالة قبل العمل ، ويصحّ ضمان مال الكتابة والسبق والرماية والأعيان المضمونة : كالغصب ، والمقبوض بالسوم والبيع الفاسد ، دون الأمانات إلّا العارية المضمونة ، وضمان عهدة الثمن للبائع ، فيرجع على الضامن إذا بطل البيع من رأس ، وعلى البائع إن تجدّد الفسخ : كالتقايل وتلف المبيع قبل القبض ، أو بعيب سابق ، وضمان عهدة المبيع للمشتري ، فيرجع على الضامن لو خرج المبيع مستحقّا ، ولا يصحّ أن يضمن له درك ما يحدثه من غرس أو بناء ، ولو ضمنه البائع صحّ.

ولا يشترط العلم بالكميّة إذا أمكن معرفته كالّذي في ذمّته ، ويلزم ما تقوم به البيّنة في تاريخ سابق على الضمان ، أو أقرّ به المضمون عنه كذلك ، لا ما يقرّ به بعده ، ولا يثبت بالنكول أو بردّ اليمين ، ولا ما يوجد في دفتر وكتاب ، وإن لم يمكن معرفته لم يجز كبعض ما عليه.

ولو قال : ضمنت من واحد إلى عشرة لزمته عشرة ويحتمل ثمانية.

السادس : في الحكم : الضّمان ناقل وإن لم يرض المديون ، فليس للمضمون له مطالبة المضمون عنه ، ولو أبرأه لم يبرأ الضامن ، ولو أبرأ الضامن برئا معا.

وضمان عهدة الثمن للبائع ضمّ ذمّة إلى ذمّة إجماعا ، فللمضمون له مطالبة من شاء ، ثمّ إن كان الضمان بإذنه يرجع بما أدّاه وإن أدّى بغير إذنه ، ولو ضمن

ص: 437

بغير إذنه لم يرجع عليه وإن أدّى بإذنه ، ويطالب الضامن بما يغرمه ، فلو أبرأ من البعض طالب بالباقي خاصّة.

ولو صولح عن الدين بالأقلّ قدرا أو وصفا رجع بالأقلّ ، ولو صولح بالأزيد رجع بالدين ، ولا يطالب قبل الأداء.

ولو تعدّد الضمان صحّ الأوّل ، ولو اقترنا بطلا.

ولو ضمن كلّ من المديونين صاحبه بإذن المضمون له انتقل ما على كلّ واحد إلى ذمّة الآخر ، ويبرأ كلّ واحد منهما بأداء ما ضمنه.

ولو أبرأ الغريم أحدهما برئ ممّا ضمنه دون الآخر.

ولو كان بغير إذنه فإن أجازهما طالب كلّا بما ضمنه ، وإلّا طالب من أجاز ضمانه بالجميع.

ولو أنكر الضامن الضمان ، فالقول قوله مع يمينه ، فلو استوفى الغريم بالبيّنة فإن أنكر الأصيل الدّين أو الإذن لم يرجع عليه ، وإلّا رجع.

ولو أنكر الغريم القبض ، فالقول قوله مع يمينه ، فإن شهد الأصيل قبل إن لم تكن تهمة ، وإلّا حلف الغريم ، وغرم الضامن ثانيا ، ويرجع (1) عليه بالأوّل ، ولو لم يشهد رجع عليه بالثاني إن لم يزد على الأوّل.

تتمّة

لو خاف أحد ركّاب السّفينة الغرق ، فألقى متاعه ، لم يرجع على أحد وإن

ص: 438


1- في « أ » : ورجع.

نوى الرجوع ، وكذا لو قال أحدهم : ألقه فألقاه ، ولو قال : وعليّ ضمانه ضمنه خاصّة.

ولو قال : عليّ وعلى الركبان ضمانه ، وقصد الاشتراك لزمه ما قصد ، ولم يضمن الباقون شيئا ، ولو أطلق كان كأحدهم ، ويحتمل النّصف.

ولو ادّعى إذنهم فأنكروا ، وحلفوا وضمن الجميع.

ولا يصحّ الضمان مع عدم الخوف ، ولا في مثل : مزّق ثوبك أو اجرح نفسك وعليّ ضمانه.

ويجوز في المباح مثل : طلّق زوجتك وعليّ كذا.

المقصد الثاني : في الحوالة

اشارة

وفيها بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في الشروط
اشارة

يشترط رضا المحيل والمحتال والمحال عليه ، والعلم بقدر الدّين ، ولزومه أو ما آل إليه ، وملاءة المحال عليه أو العلم بإعساره ، فيصحّ بالثمن في مدّة الخيار ، وبمال الكتابة وإن لم تحلّ النجوم ، وأن يحيل مولاه بثمن ما باعه ، وبالدّين الذي له.

ولو جهل إعساره كان له الفسخ وإن تجدّد إيساره.

ولا يجب قبولها على الملي ء ، ويلزم لو قبل ، فليس له الفسخ وإن تجدّد إعساره.

ص: 439

ولا يشترط الحلول ، فيصحّ تأجيل القبض وإن كان الدين حالّا ، ولا مساواة الحقّين جنسا ونوعا وصفة ، ولا شغل ذمّة المحال عليه.

فلو طالب المحال عليه المحيل بما قبض المحتال ، فادّعى شغل ذمّته بمثله ، قدّم قول المحال عليه مع اليمين ، ويرجع على المحيل بما أدّاه.

فروع

الأوّل : لو أحال مشغول الذمة على برئ ، فإن لم يشترط الشغل فهو بالضمان أشبه ، فإذا أدّى رجع على المحيل ، ولو أبرأ المحتال برئ هو والمحيل ، وإن شرطناه فهو اقتراض ، فإذا قبض المحتال رجع المحال عليه على المحيل ، ولو أبرأه المحتال لم يصحّ ، لأنّه لا دين له عليه ، نعم لو قبض منه ثمّ وهبه برئ ورجع المحال على المحيل.

[ الثاني ] ولو أحال البري ء على مشغول الذمّة فهو وكالة ، ولو أحال البري ء على البري ء فهو وكالة في اقتراض.

البحث الثاني : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : الحوالة ناقلة ، فيبرأ المحال عليه من المحيل ، والمحيل من المحتال وإن لم يبرئه ، ولا يرجع المحتال على المحيل وإن افتقر المحال عليه ، ولو أدّى المحيل بعد الحوالة بإذن المحال عليه برئ ورجع عليه ، وإلّا برئ ولم يرجع.

ص: 440

الثانية : الحوالة استيفاء لا اعتياض (1) فلو أحال المشتري البائع بالثمن ثمّ ردّ المبيع بعيب سابق بطلت الحوالة ، لترتّبها على البيع ، فإن لم يقبضه البائع فلا يقبضه ، وإن قبضه وقع عن المشتري على الأقوى ، وبرئ المحال عليه ، ورجع المشتري على البائع بعين ما قبضه ، فإن تلف رجع ببدله.

وعلى أنّها اعتياض لم تبطل الحوالة ، وللبائع القبض ، وإن كان قبض رجع عليه المشتري ، ولا يتعيّن عليه المقبوض ، والأقرب أنّ له الرجوع قبل القبض.

ولو أحال البائع أجنبيّا على المشتري ثمّ تجدّد الفسخ لم تبطل الحوالة ، ولو بطل البيع من أصله بطلت في الموضعين ، فيتخيّر المشتري في الرجوع على البائع أو المحتال.

الثالثة : لو أحال البائع على المشتري بثمن العبد ، فادّعى العبد الحريّة ، فإن أقام بيّنة أو صدّقه الثلاثة ثبتت الحريّة وبطلت الحوالة ، ويرجع المشتري على المحتال بما أدّاه ، ويبقى حقّه على البائع ، ولو صدّقه المحيل والمحال عليه فإن أقام العبد بيّنة أو قامت بيّنة الحسبة فكذلك ، ولو أقاما البيّنة لم تسمع ، لأنّهما كذّباها (2) بالبيع ، ولو أمكن الجمع سمعت كادّعاء البائع عتق وكيله وادّعاء المشتري جهل العتق.

ولو صدّقهما المحتال وادّعى الحوالة بغير الثمن ، فالقول قوله مع اليمين ، وتقبل بيّنته ، لعدم التكذيب.

ص: 441


1- في الحوالة احتمالات ثلاثة : 1 - استيفاء.2- بيع.3- اعتياض ، لاحظ في الوقوف على مفاهيمها جامع المقاصد : 5 / 365 - 366.
2- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : كذّباهما.

ولو صدّقه المحيل والمحتال ثبتت (1) وبطلت الحوالة ، وليس لهما مطالبة المحال عليه بشي ء.

ولو صدّقه المحتال والمحال عليه ثبتت وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما ، وليس للمحتال الرجوع على المحيل.

الرابعة : إذا أحاله ثمّ ادّعى قصد الوكالة وأنكر المحتال ، قدّم قول المحيل قبل القبض قطعا وبعده على الأقوى ، ولو انعكس الفرض قدّم قول المحتال.

ولو قال : احلتني فقال : بل وكّلتك ، قدّم قول مدّعي الوكالة باليمين ، ثمّ إن كان قبضه لم يملكه ، ولو لم يقبضه منع منه ، لإنكاره الوكالة ، ويطالب غريمه بدينه.

ولو انعكس الفرض قدّم قول منكر الحوالة باليمين ، وليس له القبض لانعزاله بإنكار المالك الوكالة ، ويطالبه بدينه ، ولو قبضه ملكه.

المقصد الثالث : في الكفالة

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل :

الكفالة التزام بإحضار الغريم عند المطالبة به ، وصورة العقد أن يقول الكفيل : أنا كفيل فلان ، فيقبل المكفول له ، ويجوز أن يعبّر عن الجملة بنفسه ووجهه وبدنه ، لا برأسه وكبده وقلبه ، وإن لم يمكن الحياة بدونه على الأقوى ، وكذا ما يمكن الحياة بدونه : كيده ورجله ، أو بجزء مشاع : كثلثه.

ص: 442


1- في « أ » : ثبت.

ويشترط التلفّظ بما يدلّ على الوقوع ، فلو قال : أنا أكفله أو أحضره لم ينعقد ، والتنجيز فلو قال : إذا قدم الحاجّ فأنا كفيل به لم يصحّ.

ولو قال : إن لم أحضره كان عليّ كذا ، فهو كفالة.

ولو قال : عليّ كذا إلى كذا إن لم أحضره ، فهو كالضمان إلّا أن يموت الكافل قبل الحلول فيبطل ، ولا يجب في تركته شي ء ، وفي الضّمان يحلّ المال بموته ، ويجب في تركته ، لأنّ الضمان ناقل.

والكفالة تقتضي إحضار المكفول خاصّة ووجوب المال لتعذّر الإحضار ، ولا بدّ من رضا الكفيل والمكفول له ، لا رضا المكفول بل تعيينه ، فلو كفل أحدهما أو قال : زيدا أو عمرا لم تصحّ.

وتصحّ حالّة ومؤجّلة ، ويشترط ضبط الأجل ، وينصرف الإطلاق إلى التعجيل والتسليم في بلد العقد ، ولو عيّن غيره تعيّن.

ولا يدخل فيها الخيار ، وفي الفساد به توقّف.

ويصحّ توقيتها فيقول : أنا كفيل بفلان شهرا ، فتحلّ بخروجه.

المبحث الثاني : في المكفول

وهو من يجب إحضاره مجلس الحكم ، سواء كان بالغا أو صبيا ، عاقلا أو مجنونا وتصحّ كفالة بدن الميّت ليشهد على صورته ، والآبق والمكاتب ووجوب الإحضار إمّا بدين لازم أو حقّ تصحّ المطالبة به : كحقّ الزوجية والعقوبة والقصاص ودعوى الكفالة.

ولا تصحّ الكفالة على حد اللّه ، ولا كفالة من في يده مال مضمون :

ص: 443

كالغاصب على توقّف ، أو أمانة كالوديعة ، ولا يشترط الثبوت بل استحقاق الحضور ، فلو ادّعى ولم يقم بيّنة جازت الكفالة وإن أنكر الغريم.

المبحث الثالث : في الحكم

إذا تمّت الكفالة وجب تسليم المكفول عند المطالبة به إن كانت مطلقة أو معجّلة أو عند الحلول ، ولو كان غائبا أنظر بقدر ذهابه وعوده ، وينظر في المؤجّلة بعد حلولها بقدر ذلك ، ولو امتنع من التسليم حبس حتّى يحضره أو يؤدّي ما عليه ، ويرجع على المكفول بما أدّاه ، سواء كفل بإذنه أو لا ، ويرجع على المكفول له إذا بان موت المكفول قبل الأداء.

ويجب على المكفول الحضور مع الكفيل إن كفله بإذنه ، وإلّا فإن طلب منه وجب الحضور ، وإلّا فلا.

ويبرأ بالتسليم التامّ في بلد الكفالة ، أو في المشترط ، وإن كره المكفول له ، وبموت المكفول إن لم يشهد على عينه ، (1) وبالغيبة المنقطعة على توقّف ، وبتسليمه نفسه ، وبانتقال الحقّ عن المستحقّ ، وبإبراء المكفول له أحدهما ، ولا يبرأ بالتسليم في حبس الظالم ، بخلاف الحاكم.

وينتقل حقّ الكفالة إلى الوارث.

ومن أطلق غريما من صاحب الحقّ قهرا لزمه إحضاره أو أداء ما عليه ، ولو كان قتلا لزمه الإحضار والدية ، ولا يسقط القتل بدفعها ، فلو حضر الغريم ردّ الوارث ما أخذه ، وله القتل.

ص: 444


1- قال في القواعد : 2 / 168 : ويخرج الكفيل عن العهدة بتسليمه .... وبموت المكفول في غير الشهادة على عينه ، أو فيها بعد الدفن إن حرّمنا النبش لأخذ المال.

ولو ادّعى الكفيل براءة المكفول قدّم قول المكفول له ، فإن أدّى عنه لتعذّر إحضاره لم يرجع عليه.

ولو ادّعى أنّه أبرأ المكفول ، قدّم قوله أيضا ، فإن ردّ اليمين عليه فحلف برئ من الكفالة دون المكفول.

ويصحّ ترامي الكفالة ، (1) ويلزم كلّ أجير إحضار من قبله ، وهكذا حتّى ينتهي إلى المديون ، فإن مات المديون أو أبرأه صاحب الحقّ برئوا جميعا ، ولو مات أحدهم برئ كفيله دون مكفوله.

ويصحّ أن يكفل كلّ من الكفيلين بدن صاحبه ، فإذا مات المديون أو أبرئ برئا معا ، وإن مات أحدهما لم يبرأ الآخر.

ولو كفل اثنان رجلا فسلّمه أحدهما برئ الآخر ، ولو كفله لاثنين فسلّمه إلى أحدهما لم يبرأ من الآخر.

ص: 445


1- أي لو كفل الكفيل كفيل ، ثمّ كفل هذا الكفيل كفيل ، وهكذا. لاحظ جامع المقاصد : 5 / 397.

المطلب الرابع : في المفلّس

اشارة

وهو من لا يفي ماله بديونه ، ويحسب منه معوّضات الديون ، ولا يتحقّق الحجر بالفلس إلّا بشروط : ثبوت ديونه عند الحاكم ، وحلولها ، وقصور أمواله عنها ، وسؤال الغرماء الحجر ، فلو سأله الغرماء قبل ثبوت ديونهم لم يجابوا ، وكذا لو كانت مؤجّلة ، وإن كان بعضها حالّا ، فإن وفت أمواله به فلا حجر وإن قصرت عن المؤجّلة ، ولو قصرت عن الحالّة حجر عليه ، وقسمت فيها خاصّة ، ثمّ لا يشارك صاحب المؤجّلة إلّا أن تحلّ قبل القسمة ، ولا تحلّ بالحجر بل بالموت ، ولا يدام الحجر لأجلها.

ولو سأل بعض أرباب الحالّة الحجر فإن قصر ماله عنها صحّ ، وعمّ الجميع ، وإلّا فلا.

ولو وفت أمواله بديونه وله كسب ينفق منه ، لم يحجر عليه ، بل يؤمر بالقضاء ، فإن امتنع حبسه الحاكم ليؤدّي أو باع عليه.

ولو تبرّع الحاكم بالحجر ، لظهور فلسه أو لسؤال المديون لم ينفذ ، نعم له الحجر لدين اليتيم والمجنون لا الغائب.

ويحجر على من لا مال له في المتجدّدات كالإرث والاحتطاب وشبهه.

ص: 446

ويستحبّ إظهار الحجر لئلّا يستضرّ الناس.

وإذا تمّ الحجر تعلّق حقّ الغرماء بجميع ماله حتّى عوض الجناية في الخطأ وفي العمد مع التراضي ، فلا يجب عليه قبول الدية.

ويلحق به أحكام :

الأوّل : منعه من التصرّف المبتدأ في المال الموجود وقت الحجر بعوض : كالبيع والإجارة ، أولا : كالهبة والوقف والعتق ، سواء كان العوض مساويا أو لا ، ويقع التصرّف باطلا لا موقوفا.

أمّا ما لا يصادف المال : كالنكاح ، والخلع ، والقصاص ، والعفو عنه ، أو يصادف المال بالتحصيل : كالاحتطاب ، وقبول الوصية ، أو يصادفه بعد الموت : كالتدبير والوصية ، فإنّه ماض.

ويمضى تصرّفه فيما يتعلّق بالذّمّة ، فلو اشترى فيها ، أو باع سلما ، أو اقترض ، صبر معامله إن كان عالما بالحجر ، وإلّا اختصّ بعين ماله ، فإن تعذّر ضرب مع الغرماء.

ولا يمنع من الردّ بالعيب مع الغبطة ، ولا من الفسخ بالخيار أو الإمضاء وإن لم يكن غبطة ، ولا من وطء مستولدته ، ويمنع من وطء أمته ، فإن أحبلها صارت مستولدة ، ويقدّم حقّ الغرماء مع القصور.

ويمنع من قبض بعض حقّه ، ولو وهب قبل الفلس بشرط الثواب لم يكن له إسقاطه.

ولو أقرّ بدين مطلقا لم يشارك المقرّ له الغرماء ، ولو أسنده إلى ما قبل الحجر شاركهم ، ولو أسنده إلى ما بعده فإن كان عن إتلاف مال أو جناية

ص: 447

فكذلك ، وإن كان عن معاملة لزمه وصبر صاحبه إلى بعد الحجر.

ولو أقرّ بعين دفعت إلى المقرّ له على توقّف ، فإن كذّبه قسّمت ، وكذا التوقّف لو صدّق المشتري في شراء هذه العين منه قبل الحجر.

ولو أقرّ بمال مضاربة لغائب حلف وأقرّ في يده ، ولو قال لحاضر فإن صدّقه دفع إليه ، وإن كذّبه قسّم.

وتجب مؤاجرة دابّته وداره ومملوكه وإن كانت أمّ ولده.

الثاني : اختصاص الغريم بعين ماله ، فمن وجد عين ماله كان أحقّ بها ، مع الوفاء وعدمه وإن لم يكن سواها ، ويشترط في الميّت الوفاء ، والخيار على الفور ويعذر جاهله ، ولو وجد البعض أخذه بحصّته من الثمن ، وضرب بالباقي.

ثمّ البحث في الشروط والأحكام

أمّا الشروط فأربعة :

الأوّل : انتقال العين بمعاوضة محضة ، فلا يثبت في النكاح والخلع والعفو [ عن القصاص (1) ] على مال لو فلس الزوج بالمهر والزّوجة بالفدية والجاني بالمال ، ويثبت في البيع والسلم والإجارة ، فلو أفلس المسلم إليه ففسخ المسلم رجع إلى رأس ماله ، فإن تلف ضرب به.

ولو أفلس المستأجر ففسخ المؤجر ، رجع بالعين المستأجرة ، ولو قدّم بالأجرة لم يجب عليه القبول ، فإن ضرب آجرها الحاكم ودفع الأجرة إلى الغرماء.

ص: 448


1- وما يليه من فلس الزوج والزوجة والجاني من قبيل النشر واللّف المرتّب على ما تقدّم عليهما من النكاح والخلع والعفو.

ولو أفلس مستأجر الأرض بعد زرعها ففسخ المؤجر ، ترك الزرع بأجرة مقدّمة على الغرماء.

ولو أفلس مشتري الأرض بعد زرعها ففسخ البائع ، ترك الزّرع بغير أجرة.

والفرق انّ المعاوضة في الأولى على المنفعة ولم يمكن من استيفائها وفي الثانية على العين وقد أخذها.

ولو أفلس المؤجر فإن كانت الإجارة على عين ، قدّم المستأجر بالمنفعة ، وإن كانت في الذمة رجع إلى الأجرة مع بقائها ، وإلّا ضرب بقيمة المنفعة.

ولو أفلس ثمّ انهدم المسكن ففسخ المستأجر ، رجع بالأجرة مع بقائها ، وإلّا ضرب بها.

الثاني : سبق المعاوضة على الحجر ، فلو باعه بعده لم يكن له الرجوع ، ولا الضرب إن كان عالما ، بل ينظره إلى الميسرة.

الثالث : بقاء العين في ملكه ، فلو تلفت أو أعتق أو كاتب أو أرهن فلا رجوع ، وكذا لو انتقلت عنه وإن عادت بغير عوض كالهبة ، امّا لو ارتجعه بخيار أو إقالة أو ردّ بالعيب فله الرجوع.

ولا يشترط عدم زيادة القيمة عن الثمن لعموم النصّ.

الرابع : حلول الثمن ، فلو كان مؤجّلا لم يكن له الرجوع وإن حلّ قبل فكّ الحجر ، ولا يوقف السلعة حتّى يحلّ ، ولا يحلّ بالفلس.

ص: 449

وأمّا الأحكام :

فمتى زادت العين زيادة متّصلة كالنموّ والسّمن فله أخذها (1) مجّانا ، وكذا تعلّم الصنعة ، وإن كانت منفصلة : كالولد والثمرة أخذ الأصل خاصّة بكلّ الثمن وإن كان الولد جنينا والثمرة غير مؤبّرة ، وعليه إبقاؤها إلى الجذاذ.

ولو استولد الأمة فله أخذها وبيعها.

ولو كانت الزيادة صفة محضة : كطحن الحب وقصارة الثوب ، فإن لم تزد بها القيمة رجع مجّانا ولا شركة ، وإن زادت تشاركا ، فلو كانت قيمة الثوب عشرة ومقصورا خمسة عشرة ، وأجرة القصر درهم ، فإن ألحقنا الصفة بالأعيان قدّم البائع بعشرة والمؤجر بدرهم والغرماء بأربعة ، وإن لم يلحقها فللغرماء خمسة ، ويضرب المؤجر بالدرهم ، وكذا لو باعه غزلا فنسجه.

وإن كانت الزيادة عينا من وجه وصفة من وجه كالصبغ ، فإن لم تزد القيمة فلا شركة ، وإن زادت بمثل قيمة الصبغ - بأن كان قيمة الثوب أربعة والصبغ دينارين ، ومصبوغا ستّة - فللمفلّس ثلث الثمن ، وإن زادت بأكثر من قيمته فعلى إلحاق الصّفة بالأعيان الزيادة للمفلّس ، وإلّا بسطت على قيمة الثوب والصّبغ ، فلو ساوى ثمانية قسّم الثمن أثلاثا ، وإن نقصت قيمته كما لو ساوى خمسة فالنقصان على المفلّس.

ولو مزجت العين بأخرى ولم تتميّز كالزيت ، فإن كانت بمثله أو أردى رجع وإلّا ضرب.

ص: 450


1- في « ب » و « ج » : أخذهما.

ولو غرس الأرض أو بنى ثمّ فلس بثمن الأرض ، فللبائع الرجوع لإزالة الغرس أو البناء وإن بذل الأرش بل يباعان وله ما قابل الأرض ، ولو امتنع جاز بيع الغرس أو البناء منفردا.

ولو أفلس بثمن الغرس فلبائعه الرجوع وإزالته ، وعليه تسوية الحفر.

ولو أفلس بثمن الجميع فلكلّ الرجوع ، فإن قلع صاحب الأرض كان عليه الأرش ، وإن قلع صاحب الغرس كان عليه طمّ الحفر.

ومتى عاب من قبله تعالى أو من قبل المفلّس أخذه بغير أرش أو ضرب بالثمن ، وإن عاب بجناية أجنبيّ أخذه وضرب بالأرش وإن كان بقدر الثمن ، كما أنّ له أخذه صحيحا وقيمته ضعف الثمن.

هذا إذا لم يكن للتالف قسط من الثمن كيد العبد ، وإن كان له قسط كعبد من عبدين فله أخذ الباقي بحصّته من الثمن ويضرب بثمن التالف.

ولو كان بتغيّر الحقيقة كصيرورة الحبّ زرعا والبيضة فرخا لم يكن له الرجوع ، بخلاف ما لو باعه ثمرة لم تبلغ ثمّ بلغت.

وليس للمحرم الرجوع في الصيد ، والرجوع فسخ فلا يشترط معرفة المبيع ، ولا القدرة على تسليمه ، ولو غاب ومضى عليه مدّة يتغيّر فيها صحّ الرجوع ، وله الخيار مع التغير ، (1) فلو رجع في الآبق ، صحّ وإن لم يقدر عليه ، وتلفه بعد الرجوع منه لا قبله ، فيضرب بالثمن.

الثالث : (2) في بيع ماله وقسمته ، ويتولّاهما الحاكم ، فينبغي له أن يحضر

ص: 451


1- في « أ » : التغيير.
2- مضى حكم القسم الثاني بقوله : « الثاني اختصاص الغريم بعين ماله » في ص 448.

كلّ متاع في سوقه ، وإحضار الغرماء والمفلّس ، ويبدأ بما يخشى تلفه ، ثمّ بالمرهون والجاني.

ويعيّن الحاكم مناديا مع عدم الاتّفاق ، ويبيع حالّا بثمن المثل بنقد البلد ، فإن خالف حقّ الغرماء دفع إليه بالقيمة ، ولا يسلّم المبيع قبل قبض الثمن ، فإن تعاسرا تقابضا معا.

ولا تباع دار سكناه ولا خادمه وفرسه ، إلّا ما يفضل عن حاجته ، ولا أمّ ولده ، ولو طلب ما بيع (1) بزيادة لم ينفسخ العقد ، ولا يجب على المشتري فسخه بل يستحبّ.

ولو خرج المبيع مستحقّا ، فإن كان الثمن باقيا أخذه صاحبه ، وإلّا قدّم به.

وأجرة الدلّال والوزّان والكيّال والحمّال والمسكن على المفلّس ، وينفق عليه وعلى عياله نفقة مثله إلى يوم القسمة ، ونفقة يومها ، ويقدّم كفنه الواجب ، فإذا بيعت أعواضه فإن اقتضت المصلحة تأخير القسمة ، جعل المال في ذمّة مليّ ثقة ، فإن تعذّر أودع من الثقة ، وإلّا قسّم بين ذوي الديون الحالّة ، ولا يكلّفون الحجّة على عدم غيرهم ، بل تكفي إشاعة حاله بحيث لو كان لظهر.

ولو ظهر غريم نقضت القسمة ، وشارك في النماء المتجدّد ، ولا يشارك من حلّ دينه عند النقض.

ولو تلف المال بعد النقض لم يحسب على الغرماء على توقّف.

ويزول الحجر بالقسمة ، ويجب إطلاقه ، ولو بقى عليه شي ء لم تجب مؤاجرته ، وتؤجر أمّ ولده والموقوف عليه.

ص: 452


1- في « أ » : ما يبيع.

الرابع : في حبسه ، كلّ من عليه دين يجب قضاؤه ، فإن عرف له مال ظاهر ألزم التسليم ، فإن امتنع حبسه الحاكم ، أو باع عليه ووفّى عنه ، وإن ثبت فقره إمّا بالبيّنة أو بإقرار الغرماء خلّى سبيله.

وإذا ادّعى الإعسار وكذّبه الغريم ، فإن أقام بيّنة عمل بها ، وإلّا فإن عرف له أصل مال حبس حتّى يثبت إعساره ، سواء كان أصل الدعوى مالا أو لا ، وإن لم يعرف له أصل مال فإن كان أصل الدعوى مالا حبس حتّى يثبت الإعسار ، وإلّا قدّم قوله مع اليمين.

ولا تقبل (1) بيّنة الإعسار إلّا مع المعرفة الباطنة ، وللغريم إحلافه ، ولو شهدت بالتلف قبلت وإن لم تخبره ، (2) وليس له إحلافه.

ص: 453


1- في « أ » : ولا يثبت.
2- أي لم تخبر بالإعسار ، فالعبارة ناظرة إلى ردّ كلام القائل بالإحلاف كالعلّامة في التذكرة وغيره.

ص: 454

كتاب الحجر

اشارة

ص: 455

ص: 456

وهو المنع من التصرّف في المال ، وأسبابه ستّة :

الأوّل : الصّغر

اشارة

ويحجر على الصّغير إلّا في إيصال الهديّة وفتح الباب للداخل.

ويزول الحجر بوصفين :

الأوّل : البلوغ ، ويحصل بنبت الشّعر الخشن على العانة ، لا بالزّغب (1) وبخروج المنيّ من المعتاد ، أو ببلوغ خمسة عشر سنة في الذكر وتسع في الأنثى ، والحيض دليل على سبقه وكذا الحمل ، ويعلم بالوضع فيحكم بالبلوغ قبله بستّة أشهر ولحظة.

ويحكم ببلوغ الخنثى المشكل إذا أمنى من الفرجين ، أو حاض من فرج الأنثى وأمنى من فرج الذكر.

ولو ادّعى البلوغ بالإمناء في وقت ممكن صدّق بغير يمين ، ولو ادّعاه بالسّن لم يصدّق إلّا بالبيّنة.

الثاني : الرشد ولا يزول الحجر بدونه وإن طعن في السّن ، (2) وهو إصلاح

ص: 457


1- الزّغب محرّكة : صغار الشعر ولينه حين يبدو من الصبيّ. مجمع البحرين.
2- ومعنى قوله : « وإن طعن في السنّ » : ذهابه فيه على نحو قولهم : طعن في المفاوزة : أي ذهب فيها ، والمراد : أنّه لو صار شيخا وهذه حالته فحجره باق. جامع المقاصد : 5 / 186.

المال ، ولا يشترط العدالة إلّا أن يستلزم عدمها التبذير : كصرف ماله في الخمر ، ويعلم باختياره بما يلائمه من التصرّفات ، وقوّته على المكايسة وتحفّظه من الانخداع في المعاملات ، والاعتناء بما يناسبه من الحركات : كالصنعة والاستغزال.

ويثبت بشهادة الرجال في الرجال والنساء في النساء ، والعقد المختبر به صحيح.

ولا يصحّ بيعه وشراؤه بدونهما وإن أذن الوليّ ولا تصرّفه مطلقا (1) على الأقوى.

فصل

وليّ الطفل أبوه أو جدّه له وإن علا ، وإن وجدا اشتركا ، ولو فقدا فالوصيّ ، ولو فقد فالحاكم ، وليس للأمّ وباقي الأقارب ولاية.

ولا يتصرف الوليّ إلّا بالغبطة ، فلا يصحّ إسقاط ما في ذمّة الغير ، ولا الطلاق عنه وإن كان بعوض ، ولا العفو عن القصاص مجّانا بل على مال ، ولا إسقاط الشفعة إلّا لمصلحة ولا يبيع عقاره لغير حاجة ، ولا إقراض ماله إلّا مع إرادة السّفر ، أو خوف تلفه بنهب أو غرق ، أو بسبب بقائه إذا لم يمكن بيعه ، فيجب الرهن إن أمكن.

ويصحّ عتق الكبير العاجز ، واستيفاء القصاص ، ورهن ماله للحاجة عند

ص: 458


1- من غير فرق بين البيع والشراء.

الثقة ، والمضاربة بماله ، وإبضاعه (1) ، وبناء عقاره ، وكتابة رقيقه مع الغبطة ، وجعله في المكتب بأجرة ، أو في صنعة تليق به.

ويجب حفظ ماله ، ويستحبّ استنماؤه ، ويجوز الاستئجار ، والاستنابة في ذلك ، وكذا للوصيّ ، وله أن ينفق عليه منفردا ، وأن يخلطه مع عياله ، فينبغي أن يحسب عليه مثل أقلّهم.

ويقبل قوله في الإنفاق عليه وعلى ماله بالمعروف ، وفي التلف من غير تفريط أبا كان أو غيره ، وله أن يأخذ أجرة المثل ، ويستحبّ أن يستعفف مع الغنى أو مع تبرّع الأجنبيّ على توقّف.

الثاني : الجنون

وهو زوال العقل أو تشعّبه ، ويمنع المجنون من كلّ تصرّف حتّى يرشد.

وحكمه حكم الصبيّ فيما تقدّم ، وأنّ للوليّ أن يطلّق عنه ، وأن يزوّجه مع الحاجة ، وله أن يزوّج الصّبيّ مطلقا ، ولا ينفذ بيعه بإذن الوليّ إجماعا.

الثالث : السّفه

وهو ضعف في العقل يقتضي إضاعة المال ، والسفيه من يصرف أمواله في غير الأغراض الصحيحة أو في الأغذية التي لا تليق به ، بخلاف صرفه في وجوه القرب.

ولا يثبت الحجر بظهوره بل بحكم الحاكم ، وينبغي له إظهار أمره ، ولا يزول إلّا بحكمه.

ص: 459


1- قال في القواعد : 2 / 136 : المراد من الإبضاع : دفع مال اليتيم إلى غيره والربح كلّه لليتيم.

ومع الحجر لا تصحّ تصرّفاته الماليّة : كالبيع ، والشراء ، والهبة ، وإن ناسبت أفعال العقلاء ، ويرتجع الحاكم ما باعه ويردّ الثمن إن وجده وإلّا ضاع ، ويرتجع البائع ما اشتراه إن وجده ، وإلّا ضاع ، ولا يرجع عليه وإن فكّ حجره ، سواء علم بالحجر أو لا ، هذا إن قبض بإذنه ، وإلّا ضمن ، وكذا القرض وكلّ مال حصل في يده برضاء صاحبه.

ولو أودع أو أعير فأتلف أو تلف بتفريط لم يضمن على توقّف.

ولو أتلف مال غيره ، أو غصبه ضمنه ، وكذا حكم الصبيّ والمجنون.

ولا يصحّ إقراره بدين ، أو تلف مال ، أو جناية توجب المال ، ولا يلزم بعد الفك.

ولو أجاز الوليّ عقوده صحّت ، ولو تقدّم الإذن صحّت إن عيّن ، وإلّا فلا ، ولو اتّهب أو باع عن غيره جاز ، ويجوز تصرّفه في غير المال : كالطلاق ، واللعان ، والظهار ، والخلع ، لكن لا يسلّم إليه الفدية ، وطلب القصاص ، والعفو عنه ، لا عن الدية والأرش ، وإن عفا على مال لا يسلّم إليه ، والإقرار بالنسب ، وينفق على الملتحق من بيت المال.

ولو أقرّ بما يوجب قصاصا أو حدّا استوفي منه.

ولو أقرّ بالسرقة قبل في القطع لا في المال ، ويجوز تزويجه مع المصلحة ، ولو بادر ، وقف على إجازة الوليّ ؛ وشراء (1) أمة يطأها ، ولو استولدها عتقت بموته.

وهو في العبادة كغيره لكن لا يتولّى إخراج الزكاة والخمس ، ويمكّن من الحجّ الواجب وإن زادت نفقته على الحضر ، ومن المندوب إن لم تزد ،

ص: 460


1- عطف على قوله : « تزويجه » أي يجوز شراء أمة لغاية الوطء.

أو أمكنه تحصيل الزّائد بالاكتساب ، وإلّا حلّله الوليّ بالصوم (1).

والولاية في ماله للحاكم وأمينه خاصّة ، وإذا رشد وفكّ حجره ثمّ عاد التبذير حجر عليه.

الرابع : الملك

ويمنع المملوك من التصرّف في نفسه بإجارة ، أو نكاح ، أو قبول هبة ، أو وصيّة أو وكالة وفيما في يده ببيع وغيره ، إلّا بإذن مولاه وإن قلنا انّه يملك.

ويصحّ خلعه ، وطلاقه وإن نهاه مولاه ، وليس له أهليّة الملك ، فلو ملّكه مولاه ، أو اشترى لنفسه بإذنه لم يملك ، ويستبيح البضع بالإذن.

ولا يقبل إقراره بمال أو قصاص أو حدّ ، ويتبع به ، وينفذ لو صدّقه مولاه.

الخامس : المرض

وهو ما يتّفق معه الموت وإن لم يكن مجنونا ، ويحجر على المريض في ثلثي ماله ، فلو تبرّع منه بشي ء منجّزا أو وصيّة لم يصحّ إن مات في مرضه ، ولم تجز الورثة ، وينفذ إقراره من الأصل ، ومع التهمة من الثلث ، سواء الوارث وغيره.

وتحلّ الديون المؤجّلة بموته ، ولا تحلّ ديونه.

السادس : الفلس

وقد تقدّم.

ص: 461


1- أي إذا أحرم ولم يتمكّن من التكسب فيكون كالمحصور يحلّ بالهدي وإلّا فيصوم عشرة بدله. لاحظ جامع المقاصد : 5 / 202.

ص: 462

كتاب الإجارات

اشارة

ص: 463

ص: 464

لمّا مسّت الحاجة إلى نقل المنافع شرّع ذلك إمّا بتقدير المنفعة والعوض ، (1) أو بتجهيلهما ، (2) أو بتقدير المنفعة دون العوض (3) أو بالعكس (4) فهنا فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في تقديرهما

اشارة

وهو الإجارة :

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : في العقد

وهو كلّ لفظ يقتضي انتقال المنافع المملوكة بعوض مقدّر ، ويفتقر إلى

ص: 465


1- وهو الإجارة.
2- وهو المضاربة.
3- وهو المزارعة والمساقاة.
4- وهو الجعالة. وقد بحث المؤلّف عن الجميع في باب الإجارة تحت فصول أربعة خلافا للفقهاء حيث خصّوا كلّ واحد بكتاب خاصّ.

الإيجاب والقبول ، فالإيجاب : آجرتك أو أكريتك ، بخلاف أعرتك وبعتك ، وإن نوى به الإجارة ، ويجوز ملّكتك سكنى الدار ، بخلاف بعتك سكناها وإن نوى الإجارة.

والقبول ما يدلّ على الرّضا : كقبلت.

ويدخله خيار الشرط لهما أو لأحدهما أو لأجنبيّ ، بخلاف خيار المجلس.

وهو لازم من الطرفين ، لا يبطل إلّا بالتقايل كالبيع ، ولا بموت أحدهما إلّا أن يكون المؤجر موقوفا عليه ، ويموت قبل مضيّ المدّة ، ولا بالعذر مع إمكان الانتفاع.

ولا بدّ من صدوره من بالغ عاقل جائز التصرّف ، ولو عقد المميّز بإذن الوليّ صحّ على توقّف.

المطلب الثاني : في الأركان

اشارة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : المحلّ

وهو كلّ عين ينتفع بها مع بقائها ، فلا تصحّ إجارة الطعام للأكل ، والشمع للعلق ، وتجوز إجارة المشاع ، ويشترط في المعيّنة المشاهدة ، أو الوصف بما يرفع الجهالة ، ومشاهدة ما يتوقّف عليه الانتفاع كشرب البستان ، والدولاب ، وأتّون (1) الحمّام ، ومرمى رماده ، ومجرى مائه ، أو وصف ذلك.

ص: 466


1- الأتّون بالتشديد : الموقد. لسان العرب.

ولا تبطل بعتق العبد ، وعلى العبد الوفاء بباقي المدّة ، ولا يرجع على مولاه بأجرة المثل ، ويجب عليه نفقته إلّا أن يكون شرطها على المستأجر ، ولا بالبيع بل يتخيّر المشتري مع جهله بين الفسخ والإمضاء مجّانا ، فالأجرة للبائع ، ولو ردّها المستأجر بالعيب فالمنفعة للبائع ، ولو اشتراها المستأجر لزمته الأجرة والثمن.

ويشترط في المطلقة الوصف ، ولا يبطل العقد بالتلف بل يجب الإبدال ، فإن تعذّر فللمستأجر الفسخ.

ويبطل بتلف المعيّنة قبل القبض أو عقيبه ، ولو انتفع بطل في الباقي ، ورجع بما قابل المتخلّف من الأجرة ، وكذا لو ظهر استحقاقها.

ولا يؤجر العقار في الذمة إلّا مع التعيين أو الوصف.

ويجب علف الدابة وسقيها على المستأجر ، ويرجع به ، فلو أهمل ضمن ، وكذا نفقة الأجير المنفذ في حوائجه ، إلّا أن يشترط سقوطها ، والواجب نفقة مثله ، ولا يجب دواء مرضه ، ولا يسقط حقّه من النفقة به ، وله أن يستفضل ما زاد عن كفايته.

وتصحّ إجارة الصبيّ مدّة يجوز (1) بلوغه فيها ، فإن اتّفق تخيّر في الفسخ والإمضاء ، ولا تبطل بموت الوليّ أو انتقالها (2) عنه.

ص: 467


1- في « أ » : يصحّ.
2- أي انتقلت الولاية إلى غيره. لاحظ القواعد : 2 / 283.
المبحث الثاني : [ في ] العوض

وهو ما يصحّ أن يكون ثمنا ، عينا كان أو منفعة ، ويشترط العلم بقدر المكيل والموزون ، وتكفي المشاهدة في غيرهما أو الوصف الرافع للجهالة ، فلو استأجر الدار بعمارتها ، أو الراعي باللّبن ، أو الطحّان بالنخالة ، أو السلّاخ بالجلد لم يصحّ.

ولو استأجره لطحن قفيز بصاع منه ، أو للجذاذ بجزء مشاع من الثمرة ، أو لإرضاع الرقيق بجزء مشاع منه صحّ.

ولو استأجره لطحن قفيز بصاع منه ، أو للجذاذ بجزء مشاع من الثمرة ، أو لإرضاع الرقيق بجزء مشاع منه صحّ.

ولو استأجره لحمل متاع إلى مكان في وقت معيّن فإن قصر نقص من أجرته شيئا جاز ، ولو شرط الأجرة لم يجز ، وكان له أجرة المثل.

ولو قال : إن خطته فارسيّا فلك درهم وإن خطته روميّا فلك درهمان ، أو إن خطته غدا فلك درهم ، وإن خطته اليوم فدرهمان صحّ.

ولا يجوز آجرتك كلّ شهر بدرهم ، ولا هذا الشهر بدرهم ، وما زاد بحسابه ، ولا نقل الصبرة كلّ قفيز بدرهم.

ويجوز أن يؤجر الشي ء بأكثر ممّا استأجره به إن آجر بغير الجنس أو أحدث فيه حدثا ، وإلّا فقولان ، وكذا لو تقبّل عملا بشي ء ثمّ قبله لغيره بأقلّ ، أو سكن البعض وآجر الباقي بزيادة.

ويملك [ المؤجر ] الأجرة بالعقد كما يملك المنفعة به ، ويجب التعجيل إن أطلق أو شرطه ، ويجوز اشتراط الأجل نجما أو نجوما بشرط تقديره.

ولو كانت على عمل لم يجب تسليم الأجرة إلّا به وبتسليم العين

ص: 468

معمولة (1) فلو تلفت قبله لم يستحقّ أجرة وإن لم يفرّط إلّا أن يكون العمل في ملك المستأجر.

ولو سلّم العين المستأجرة : كالدار والدابّة ، ومضت مدّة يمكن استيفاء المنفعة فيها ، لزمته الأجرة وإن لم ينتفع ، سواء اقترنت بزمان أو لا ، وكذا لو بذل العين فلم يأخذها ، ومضت مدّة يمكن فيها الاستيفاء.

ولو طلب المستأجر العين فامتنع المؤجر فهو غاصب ، وكذا لو لم يعمل في الوقت المشترط ، ولو عمل بعده لم يستحقّ أجرة.

وإذا استوفى المنفعة أو بعضها ثمّ بان فساد العقد ، فعليه أجرة المثل ، زادت عن المسمّى أو نقصت.

وإذا (2) ظهر في الأجرة عيب فإن كانت مضمونة فله المطالبة ببدلها ، فإن تعذّر فله الفسخ أو الأرش ، دون البدل.

وإذا تمّت الأجرة المعيّنة فالنماء للمؤجر ، سواء كانت في يده أو في يد المستأجر ، فإن فسخت الإجارة فالمتّصلة للمستأجر دون المنفصلة على توقّف.

ولو ظهر البطلان فهي للمستأجر قطعا ، ولو أفلس المستأجر فللمؤجر الفسخ.

ويكره استعمال الأجير قبل المقاطعة على الأجرة وتضمينه مع انتفاء التّهمة.

ص: 469


1- أي يشترط في وجوب تسليم الأجرة أمران : 1 - إنجاز العمل.2- وتسليم العين مع إجراء العمل عليها كخياطة الثوب مثلا.
2- في « أ » : فإذا.
المبحث الثالث : [ في ] المنفعة
اشارة

فلا تتعلّق الإجارة بالأعيان إلّا للحاجة : كاستئجار الظئر لإرضاع الولد ، والشاة لإرضاع السّخلة ، والفحل للضراب ، وماء الحمّام للاستحمام ، والبئر للاستقاء.

ويشترط في المنفعة أمور :

الأوّل : إباحتها ، فلا تصحّ لكتابة الكفر ، ولا للغناء ، أو لحمل المسكر ، أو إحرازه ، ولا تستأجر الأرض للزرع ببعض ما يخرج منها ، مقدّرا كان أو مشاعا ، وهي المخايرة.

الثاني : كونها غير واجبة ، فلا تصحّ على الغسل والوضوء ، ولا على تعليم القدر الواجب من القرآن والفقه ، وتصحّ على تعليم الحكم والآداب والطّب ونسخ المصحف.

الثالث : كونها مملوكة ، إمّا تبعا للغير ، أو منفردة : كالمستأجر ، فيؤجر مثله أو أدون ضررا ، سواء كان قبل القبض أو بعده ، للمؤجر وغيره ، ولو شرط عليه استيفاء المنفعة بنفسه لم تصحّ ، فيضمن بالتسليم.

ويقف عقد الفضولي على الإجازة.

الرابع : كونها معتبرة في نظر العقلاء ، فلو استأجر الحائط المزوّق للتنزّه ، والطّعام أو الشمع للتجمّل ، لم تصحّ ، ولو استأجر الشجرة لتجفيف الثياب ، أو للاستظلال ، أو السّتور للتجمّل ، أو الطيب للشمّ صحّ على توقّف.

الخامس : عدم المانع الشرعي أو الحسي من استيفائها ، فلو آجر نفسه للحجّ مع وجوبه عليه وتمكّنه منه ، لم يصحّ ، ولا يؤجر نفسه لصلاة عليه مثلها ، فلو صلّى لم تقع عن أحدهما ، ويجب ترتيبها كما فاتت الميّت ، فلو استأجر

ص: 470

الوليّ اثنين كلّ واحد لسنة ، فإن تعاقب الإيقاع برئا ، ولو اقترن قضى كلّ واحد نصف سنة ، سواء علم كلّ واحد بعقد الآخر أولا.

ويصحّ أن يؤجر نفسه للجهاد عن الحي والميّت إلّا أن يتعيّن على المنوب ، وكذا الحجّ المندوب والزيارة ، أمّا الحجّ الواجب فيشترط موت المنوب ، ويشترط ذلك في الصلاة والصوم مطلقا.

ولو استأجر جنبا أو حائضا للطواف أو لكنس المسجد أو الكافر مسلما للخدمة ، أو زوجة الغير لما يمنع بعض حقوقه بغير إذنه لم تصحّ ، وكذا لو استأجره لقطع يد صحيحة ، أو لقلع ضرس سليم ، ولو كانت اليد متأكّلة والسنّ متألّما صحّ ، ولو زال الألم قبل العمل بطلت الإجارة.

السادس : تمييزها إذا تعدّدت ، فلو قال : آجرتك هذه الدابّة وأطلق لم يصحّ حتّى يقول للحمل مثلا ، ولو قال : آجرتك هذه الدار صحّ.

السابع : إمكان تسليمها ، فلو آجره عبدا آبقا لم تصحّ وإن ضمّ إليه غيره ، ولا ما في يد الغاصب مع تعذّر انتزاعه ، ولا الدابّة العاصية أو الصائلة أو الضالّة ، ولا لصيد شي ء بعينه ، ويجوز للاحتطاب وشبهه.

الثامن : إمكان استيفائها ، فلو استأجر الأخرس للتعليم ، والأعمى للحفظ ، أو أرضا معطّلة بالماء أو بعدمه للزرع ، أو شاة للحمل أو الحرث لم تصحّ.

ولو انهدم المسكن في الأثناء ، فللمستأجر الفسخ والرجوع بنسبة المتخلّف إلّا أن يبادر المؤجر إلى إصلاحه ، ولا يجبر عليه ، ولو انهدم البعض تخيّر في الفسخ وإمساك الباقي بحصّته ، وكذا لو غرقت الأرض أو انقطع ماؤها ، ولو نقص انتفاعه فله الفسخ والإمضاء بالجميع.

ص: 471

ولو منعه المؤجر من الاستيفاء ، فله الفسخ والمطالبة بالمسمّى والإمضاء والمطالبة بأجرة المثل ، ولو منعه في الأثناء لم تسقط أجرة الماضي ، وحكم الباقي كالأوّل.

ولو غصبه ظالم قبل القبض ، وجب على المؤجر التخليص ، فإن تعذّر فللمستأجر الفسخ ومطالبة المؤجر بالمسمّى ، والإمضاء ومطالبة الغاصب بأجرة المثل ، ولو كان بعد القبض لم يجب عليه التخليص وإن قدر عليه ، ولم تبطل ، ويرجع على الغاصب بأجرة المثل.

ولو منع الخوف من استيفاء المنفعة ، فلكلّ منهما الخيار.

التاسع : العلم بقدرها ، ويختلف التقدير باختلاف الأعيان فهاهنا (1) فصول :

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] عمل الآدمي

ويقدّر بالعمل : كخياطة الثوب ، أو بالزمان : كخياطة يوم ، وكلاهما يقع معيّنا وفي الذمّة ، فالأوّل كخياطة هذا الثوب أو خياطة ثوب من نوع كذا بصفة كذا ، والثاني كخياطة هذا اليوم أو خياطة يوم.

ويشترط ضبطه ، لتفاوت الأيّام ، ولا يصحّ جمع الزمان المعيّن والعمل المعيّن.

والمستأجر لمدّة معيّنة أجير خاصّ ، ولا يجوز له العمل فيها لغير

ص: 472


1- في « أ » و « ب » : فهنا.

المستأجر إلّا بإذنه ، فإن لم يعمل له أثم ، ولا يجب عليه العمل في غيرها ، ولو لم يستعمله فيها استحقّ الأجرة بمضيّها.

والمستأجر لعمل في الذمّة أجير مشترك ، يصحّ أن يعمل لغيره بغير إذنه ، ويأثم بالتأخير عند المطالبة.

ولا بدّ من تعيين العمل ، وذكر نوعه ، ووصفه ، بما يرفع الجهالة ، وذكر المحلّ إن اختلف العمل باختلافه : كالنسج ، وتعليم سورة من القرآن ، ولو عجز الأجير فإن كانت معيّنة بطلت ، وإلّا لزمه الاستئجار.

ولو عجز عن البعض ، فله من الأجرة بنسبة ما عمل.

ولو مات فإن تعيّن الوقت بطلت ، وإلّا استؤجر من التركة.

ويجب على الأجير كلّ ما يتوقّف العمل عليه : كآلات الصنائع ، وفي إيجاب الخيوط على الخيّاط ، والحبر على الناسخ ، والصّبغ على الصبّاغ ، والكشّ (1) على اللّاقح قولان ، والأقوى اتّباع العرف.

وتقدّر المدّة باليوم ، والليلة ، والأسبوع ، والشهر ، والسّنة ، والنهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وينعكس في الليلة ، فلو قال : إلى النهار ، فهو إلى أوّله ، وكذا إلى الليل.

ويصحّ تقدير الشهر والسّنة بالقمر والشّمس.

ص: 473


1- في لسان العرب : الكشّ : ما يلقح به النخل ، وفي التهذيب عن ابن الأعرابي الكشّ : الحرق الّذي يلقح به النّخل.
الفصل الثاني : في عمل الدّوابّ

ويقدّر الركوب بمشاهدة الراكب أو وصفه ، لا بوزنه ، ومشاهدة الدّابّة أو وصفها ، فيذكر (1) جنسها ، ونوعها ، والذكورة والأنوثة ، ثمّ إن كانت المنازل معلومة ، أو السّير إلى غير المتآجرين لم يحتج إلى ذكر أوقاته ، وإلّا ذكر.

ولو عيّناه ليلا أو نهارا تعيّن ، ومع الإطلاق يحمل على العرف.

ويركبه المؤجر على ما يليق بالدابّة ، من سرج أو إكاف (2) أو زاملة (3) إلّا مع التعيين ، وليس له رفع (4) شي ء من الآلات ، والتعاليق ، والزاد ، والوطاء ، (5) إلّا مع الشرط ، ويجب ضبط ذلك بالمشاهدة أو الوصف.

وعليه أن يركبه ويوقف له الدابة للصلاة الواجبة ، وقضاء الحاجة.

ويجوز أن يستأجر للعقبة فيجب التقدير ، وأن يستأجر نوبا (6) مقدّرة بالزمان أو الفرسخ.

ص: 474


1- في « أ » : ويذكر.
2- الإكاف : البردعة ( وهو ما يوضع على الحمار أو البغل ليركب عليه كالسّرج للفرس ) المعجم الوسيط.
3- قال في جامع المقاصد : 7 / 193 : الزاملة هو الّذي يحمل عليه من الإبل وغيرها ، ولعلّ المراد بها هنا نوع من الحمل أو ممّا يوطأ به على الدابّة.
4- في « أ » و « ج » : دفع.
5- الوطاء - بكسر أوّله - : هو الّذي يفرش في المحمل ليجلس عليه. جامع المقاصد : 7 / 195.
6- قال في جامع المقاصد : 7 / 203 : يمكن أن يكون المراد بالعقبة فيما تقدّم استئجاره للركوب بالنوبة مع شخص آخر ، ويكون المراد هنا : استئجاره للنوبة مع كونه وحده.

وإذا شرط المحمل ، فإن اتّفقت المحامل كفى ذكر الجنس ، وإلّا وجبت مشاهدته ، أو وصفه ووزنه ، وكذا الغطاء.

وليس له إبدال ما تعيّن من الزاد بالأكل المعتاد إلّا مع الشرط أو التلف.

وعلى المؤجر الحداجة (1) والزمام ، والسّرج ، واللجام ، والبردعة ، والحزام ، وما يفتقر إليه ، وكذا رفع المحمل وشدّه ، وحطّه إلّا أن يقتضي العرف غير ذلك إلّا مع الشرط.

ويقدّر الحمل بالوزن أو الكيل ، وذكر الجنس ، وتكفي المشاهدة.

ولا بدّ من تقدير المسافة وتعيين الطريق إن تفاوتت الطرق ، وذكر البطء مع الحاجة : كالزجاج والفاكهة ، ولو استأجر لحمل ما شاء لم يصحّ والظرف على المستأجر ولا يدخل في الوزن ، فلو استأجر لمائة رطل لم يحسب منها الظرف.

ويقدّر الطحن بالوزن أو الكيل (2) أو الزمان ، وتجب مشاهدة الحجر أو وصفه.

ويقدّر الاستيفاء على الدولاب بالزمان أو بمل ء شي ء معيّن ، لا بسقي البستان.

ويشترط مشاهدة الدولاب أو وصفه ، وسقي الماشية بالزمان أو بالعدد ، مع المشاهدة أو الوصف ، وذكر ظمئها.

ويقدّر الحرث بالزمان أو بموضع معلوم ، ويشترط مشاهدة الأرض أو وصفها.

ص: 475


1- الحدج : الحمل ، ومركب من مراكب النساء كالهودج والمحفّة. المعجم الوسيط.
2- في « أ » : بالوزن والكيل.
الفصل الثالث : [ في ] منفعة الأرض

وينحصر في الزرع ، والغرس ، والبناء ، والسكنى ، ويشترط مشاهدة الأرض أو وصفها بما يرفع الجهالة ، وتعيين (1) أحد منافعها ، فلو أطلق أو آجرها لينتفع بما شاء أو لأحد المنافع لم يصحّ ، وذكر المدّة وضبطها ، ولا يشترط اتّصالها بالعقد ، ولو أطلق اقتضى الاتّصال ، ولو شرط التأخير صحّ.

ولو استأجرها للزرع وجب مع ذلك إمكان بلوغه في المدّة ، فلو شرط إبقاءه إلى بلوغه لم يصحّ ، وكذا لو قصرت إلّا أن يشترط نقله بعدها ، ولو انقضت قبل بلوغه بسبب المستأجر فللمؤجر نقله أو إبقاؤه بأجرة ، وإن كان لآفة سماويّة ، فعليه تبقيته ، وله المسمّى وأجرة الزيادة ، وليس له منعه من زرع ما يبقى بعد المدّة ، بل له إزالته بعدها.

و [ يشترط ] وجود الماء أو العلم بوجوده عند الحاجة غالبا لا نادرا ، فإن لم يكن بطلت مع الجهل ، وصحّت مع العلم ، وينتفع بما شاء إلّا الغرس والبناء.

ولو انقطع في الأثناء فله الفسخ ، وعليه أجرة ما سلف.

ولو كانت مستغرقة أو جرت العادة بغرقها أو كان الماء ينحسر عنها تدريجا لم يصحّ.

ولو علم انحساره عند الحاجة صحّ إن عرفت الأرض أو أمكن معرفتها ، وكذا لو أمكن معه الزرع كالرّز. (2)

ص: 476


1- في « ب » و « ج » : ويتعين.
2- في المعجم الوسيط : الرّزّ لغة في الأرز.

ولو انقطع الماء أو غرقت قبل القبض أو عقيبه ، وتعذّر الزرع بطلت ، ولو كان بعد الزرع وزّعت الأجرة على قيمة المدّتين.

ولو قلّ الماء بحيث يمكن الزرع على نقص ، فإن كان قبل الزرع تخيّر المستأجر في الفسخ والإمضاء بكلّ الأجرة ، وإن كان بعده تخيّر في الفسخ والإمضاء بما بعد الأرش ، فإن فسخ فله إبقاء الزرع إلى الحصاد ، وعليه من المسمّى ما قابل المدّة قبل الفسخ ، وأجرة المثل إلى الحصاد.

وإطلاق العقد يقتضي زرع ما شاء ، ويحتمل وجوب التعيين لتفاوت الضرر ، ولو شرط شيئا معيّنا جاز زرع ما يساويه في الضرر أو ينقص عنه ، ولو شرط الاقتصار عليه لم يجز غيره.

ولو استأجرها للغرس وجب تعيين المغروس من نخل أو شجر ، ولو تفاوت الشجر وجب البيان وتقدير المدّة ، وإن بقى بعدها فيجب قلعه عند انتهائها ، وكذا لو شرط القلع عنده ، ولا أرش على المالك ولا على الغارس إلّا أن يقلعه قبل المدّة ، ولو اتّفقا على إبقائه مدّة معيّنة بعوض أو على دفع المالك قيمته جاز ، ولا يجبر أحدهما.

ولو استأجرها للبناء وجب تعيين الموضع ، والطول ، والعرض ، والعلوّ ، وتقدير المدّة.

ولو استأجرها للسكنى وجب تقدير المدّة وله النزول فيها وضرب خباه بها ، وحطّ رحله ، ووضع الحطب والحشيش بها ، وأمثال ذلك.

ولو استأجر دارا وأطلق صحّ ، وله السكنى بنفسه وعياله ، ووضع ما جرت

ص: 477

العادة بوضعه ، من الرحل ، والطعام ، والحطب ، والأثاث دون الأشياء الثقيلة فوق السّطح والغرفة ، ودون الدولاب والرحى إلّا مع العادة ، ويجوز أن يسكن مساويه في الضرر ، إلّا مع شرط التخصيص.

وإذا سكنها المؤجر بعض المدّة تخيّر المستأجر في فسخ الجميع ، فيدفع قسط ما سكن من المسمّى ، وفسخ ما سكن المؤجر فيسترجع قسطه من المسمّى ، وفي إمضاء الجميع فعليه المسمّى ويأخذ من المؤجر أجرة مثل ما سكن وإن زادت (1) على المسمّى.

ولو منعه من السكنى لم يسقط عن المستأجر أجرة ما مضى ، ولم تنفسخ الإجارة فيما بقي ، وله الفسخ والإمضاء ، فيطالب بأجرة المثل وإن زادت.

وعلى المالك إصلاح ما يخرب ، وتنقية البالوعة والكنيف ، وجيّة الحمام (2) في الابتداء ، وفي الأثناء على توقّف ، ولا يجب على المستأجر التنقية عند الانتهاء ، نعم يجب عليه كنس رماد الأتّون ، والقمامة ، والزبالة الحادثة في المدّة ، وعليه تسليم الدار فارغة ، وتسليم المفتاح ، ولو ضاع لم يجب بدله ، ويضمنه المستأجر مع التفريط.

ويجوز الإبراء من الأجرة بعد تحقّقها في الذمّة ومن المنفعة الثابتة في الذمّة دون المعيّنة.

ص: 478


1- أجرة المثل على المسمّى من الأجرة.
2- قال الشيخ في « المبسوط » : 3 / 251 : وأن يشاهد جوبة الحمّام ويسمّى جيّة. وفي مجمع البحرين : الجوبة : الحفرة المستديرة الواسعة.

المطلب الثالث : في اللواحق

اشارة

وهي قسمان :

الأوّل : في الضمان

عقد الإجارة لا يقتضي ضمان العين المستأجرة وإن كان فاسدا ، ولو شرطه بطل العقد ، ويضمن بالتعدّي أو التفريط ، وبامتناع تسليم العين مع طلبها.

ويضمن الصانع ما يفسده وإن كان حاذقا ، والحمّال ما يزلق به أو يصدمه ، والكحّال ، والطبيب ، والختّان ، وقاطع السّلعة ، والبيطار إلّا مع البراءة ، والمكاري ما يتلف بقوده أو سوقه أو بقطع العرى والحبال ، والملّاح ما يتلف بجذفه (1) أو مدّه ، ولا يشترط التفريط في ذلك كلّه ، ولو تلف بغير سببهم ضمنوا مع التفريط.

ولا فرق بين الأجير الخاصّ والمشترك ، سواء كان في ملكه أو ملك المستأجر ، مع حضوره وغيبته.

وإذا أتلف الثوب بعد نسجه تخيّر المستأجر في تضمينه ثمن الغزل والأجرة ، وفي تضمينه قيمته منسوجا ، وعليه الأجرة ، فلو نقصت قيمته عن الغزل فله قيمة الثوب والأجرة ، ولو زاد في طول الثوب أو عرضه أو فيهما لم يستحقّ أجرة الزيادة ، ولو نقص سقط من المسمّى ما قابل النقص ، وضمن نقص القيمة في الموضعين.

ص: 479


1- قال في جامع المقاصد : 7 / 268 : الجدف - بالدال والذال - : ما يعالج به السفينة [ من ] الحبل والخشبة ونحوهما.

ولو أمره بقطعه قميصا فقطع غيره ، أو قميص رجل فقطعه قميص امرأة ضمن ما بين الصحيح والمقطوع.

ولو أمره بقطعه قميصا إن كفاه ، فقطع ولم يكفه ضمن.

ولو قال : هل يكفي؟ فقال : نعم ، فأمره بقطعه فلم يكفه لم يضمن.

وللأستاذ ضرب المتعلّم ويضمن جنايته.

ويضمن المولى ما يفسده المملوك في كسبه إذا أجره أو استوجر بإذنه.

ومن أمر غيره بعمل له أجرة عادة استحقّ عنده أجرة مثله.

ولا يضمن الحمّامي إلّا مع الإيداع والتفريط ، ولا المستأجر الأجير.

ولو أدخل الدابة بيتا مستهدما فانهدم عليها ، أو تعدّى المسافة المشترطة ، أو سلك بها غير الطريق المعيّن ضمن الدابّة ولو تلفت بغير ذلك ، وكذا لو غصبت ويبرأ بدفعها إلى المالك ، ولو كان الطريق أشقّ من المشترط ضمن التفاوت ، وكذا لو شرط (1) حمل القطن فحمل الحديد ، ولو زاد في القدر ضمن جميع القيمة ، ولو كذب في إخباره فحملها المؤجر ضمن النّصف.

ولو ظهر في الحمل زيادة عن الحمل المشترط ، فإن تولّى المستأجر كيله ضمن الدابّة وأجرة الزيادة ، وإن تولّاه المؤجر ضمن الزائد ولا أجرة له ، وله المسمّى ، وإن تولّاه أجنبيّ ضمن ما ضمناه إلّا المسمّى.

ويضمن الراعي بنومه وغفلته ، وبتقصيره في الحفظ ، وسلوك الموضع المخيف ، وبعدها عنه. (2)

ص: 480


1- في « أ » : لو اشترط.
2- الضمير يرجع إلى الدابّة السائمة ، والمراد تركها حتّى تتباعد عن الراعي. كما في القواعد : 2 / 307.

ويصحّ اشتراط السائغ ، فيضمن لمخالفته وإن تلف بغير ذلك ، كاشتراط السير ليلا أو نهارا.

وللمستأجر ضرب الدابّة بالمعتاد وحثّها وكبحها (1) باللجام ولا ضمان.

ويضمن المؤجر الحمل بتفريطه ، وللمستأجر تضمينه قيمته في موضع التسليم ولا أجرة ، أو في موضع التلف ، وعليه الأجرة ، ومع الضمان يضمن المثلي بمثله والقيمي بقيمته يوم التلف.

القسم الثاني : في التنازع

لو تنازعا في أصل الإجارة قدّم قول منكرها مع اليمين ، ولو اختلفا في قدر المستأجر ، أو في قدر المنفعة ، أو في قدر المدّة ، أو في ردّ العين ، قدّم قول المؤجر مع يمينه.

ولو اختلفا في قدر الأجرة ، أو في التفريط ، أو في التعدّي ، أو في قيمة العين معهما ، أو في تلف العين ، قدّم قول المستأجر مع يمينه.

ولو ادّعى الصّانع أو الملّاح أو المكاري هلاك المتاع وأنكر المالك ولا بيّنة ، قدّم قولهم مع اليمين.

ولو قال : أمرتك بقطعه قميصا ، فقال : بل قباء ، فالقول قول المالك مع يمينه ، ولا أجرة للخيّاط بل عليه الأرش ، ثمّ إن كانت الخيوط من الثوب أو من المالك لم يكن للخيّاط فتقه ، وإلّا فله أخذها.

ص: 481


1- قال الجوهري في الصحاح : 1 / 398 : كبحت الدابّة : إذا جذبتها إليك باللجام لكي تقف ولا تجري ، يقال : أكمحتها ، وأكفحتها ، وكبحتها هذه وحدها بلا ألف عن الأصمعي.

ولو أراد المالك أن يشدّ خيطه في الخيط ليصير مكانه فيسلّه ، فله منعه.

ولو اختلفا في بطلان العقد قدّم قول مدّعي الصحّة.

الفصل الثاني : في تجهيلهما

اشارة

الفصل الثاني : (1)

في تجهيلهما

وهو المضاربة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في العقد

ولفظ الإيجاب : ضاربتك ، أو قارضتك ، وما في معناهما على أن يعمل في هذا المال بربح كذا ، تساويا أو تفاوتا. ولفظ القبول : ما يدلّ على الرّضا مثل : قبلت.

وهو جائز من الطرفين لكلّ منهما فسخه ، ويبطل بالجنون ، أو الإغماء ، أو الموت.

وإطلاق العقد يقتضي مقتضى الوكالة المطلقة ، فيتصرّف بالبيع والشراء كيف شاء ، وبما شاء ، وأين شاء ، ومتى شاء ، وعلى من شاء ، وأيّ متاع شاء.

ويجب قصد الاسترباح ، كما يجب على الوكيل قصد المصلحة.

ويقتضي مقتضى الوديعة ، فلا يمزج مال المضاربة بماله ولا بمال غيره ،

ص: 482


1- من الفصول الأربعة الّتي أشرنا إليها في أوّل كتاب الإجارة.

ولا بمضاربة أخرى للمالك أو لغيره ، ولا يودعه ، ولا ينتفع به ، ولا يقصّر في حفظه والقيام بمصالحه ، ولا يجحده عند طلبه ، ولا يؤخّر الدفع عند المطالبة مع المكنة ، فيضمنه إذا خالف في هذه المواضع.

ولو قال له المالك : اعمل برأيك ، أو اصنع ما شئت ، فهو تفويض إلّا في النسيئة ، ويجب مراعاة المصلحة.

ويصحّ البيع والشراء بنقد البلد وبغيره ، وبثمن المثل وأزيد مع تصوّر (1) مصلحة استقباليّة. (2)

وإطلاق العقد يقتضي التجارة في بلد القراض ، فلا يجوز السفر إلّا بإذنه ، فيضمن لو خالف.

والربح على الشرط ، ويقبل من الشروط ما لا ينافيه كشرط مضاربة أخرى ، أو بضاعة ، أو قرض ، أو قضاء حاجة ، أو البيع على شخص معيّن ، أو الشراء منه ، أو شراء متاع معيّن ، أو عمل غلام المالك ، أو عدم السّفر بالمال مطلقا أو عن جهة مخصوصة ، دون ما ينافيه كشرط اللزوم ، وضمان المال ، أو قسط من الخسران ، أو البيع برأس المال ، ويفسد العقد بذلك.

ولو شرط الأجل لم يلزم ولم يفسد العقد ، لكن لا يتصرّف العامل بعده.

ولو قال : اشتر إلى سنة ثمّ بع ولا تشتر ، أو بالعكس لزم.

ولو قال : قارضتك سنة على أن لا أملك فيها منعك لم يصحّ وإذا فسد العقد نفذ التصرّف ، والربح للمالك ، وعليه أجرة المثل.

ص: 483


1- في « أ » : « قصور » بدل « تصوّر » ولعلّه مصحّف.
2- لعلّه قيد لشراء الأزيد من ثمن المثل ، فيجوز إذا كانت هناك مصلحة في المستقبل.

المبحث الثاني : في المتعاقدين

ويشترط فيهما التكليف ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، فلا يصحّ من الصّبيّ والمجنون والمملوك والسّفيه والمفلّس والمكره ، ويجوز تعدّد المالك واتّحاده ، وكذا العامل.

ويصحّ من المريض وإن شرط للعامل ما يزيد على أجرة المثل ، ولا يحسب الزّائد من الثلث ، بخلاف ما لو حابى الأجير في الأجرة.

ويصحّ أن يكون العامل مملوك الغير بإذنه والحصّة لمولاه.

ولوليّ اليتيم أن يقارض على ما له من الثقة لا من غيره ، فيضمن.

ولو قارض العامل لنفسه (1) بطل ، ولو قارض للمالك صحّ مع الإذن ، ولا شي ء له من الرّبح ، وإن لم يأذن لم يصحّ ، فلو عمل الثاني فالربح للمالك ، وله أجرة المثل على الأوّل مع جهله ، وإن تلف في يده فللمالك مطالبة من شاء ، لكن إن طالب الأوّل رجع على الثاني مع علمه ، وإن طالب الثاني رجع على الأوّل مع جهله.

المبحث الثالث : في المال

وشرطه : أن يكون دراهم أو دنانير ، فلا يصحّ بالنقرة والسبائك والحليّ والفلوس والدّراهم المغشوشة ، ولا بالعروض ، ولا بدفع آلة الصيد أو الصنعة ، فلو اكتسب بها فهو له ، وعليه الأجرة.

ص: 484


1- أي ضارب العامل غيره ليكون الربح له كلّا أو جزءا منه. لاحظ القواعد : 2 / 332.

وأن يكون موجودا ، فلو قارضه بما في ذمّته أو ذمّة زيد لم يصحّ ، وكذا لو قال له : اعزل ما في ذمّتك ، أو اقبض ما في ذمّة زيد ، أو بع هذا الثوب واقبض ثمنه ، واعمل فيه مضاربة ، ولو وكّله في العقد بعد الانضاض في ذلك كلّه جاز.

ولو قال : أقرضتك هذا المال شهرا ثمّ هو مضاربة لم يصحّ ، ولو عكس صحّ.

وأن يكون معيّنا فلو ضاربه على أحد الكيسين المتساويين ، أو على أيّهما شئت لم يصحّ.

وأن يكون معلوم القدر والوصف ، فلا تكفي المشاهدة على الأقوى ، ولو قلنا بالصحّة فالقول قول العامل في قدره مع يمينه.

ويجوز أن يكون مشاعا ، وأن يجعل الوديعة والمغصوب مضاربة ، ويبرأ بالدفع إلى البائع لا بعقد المضاربة.

وأن يكون في يد العامل ، فلو شرط المالك انفراد يده بطل ، ولو شرط مشاركة يده أو مراجعته أو مراجعة ثقة صحّ. (1)

المبحث الرابع : [ في ] العمل

وشرطه : أن يكون تجارة ، وهي : الاسترباح بالبيع والشراء ، ويدخل فيها توابعها ، كالنقل والكيل والوزن ، فلو شرط ابتياع أصل يشتركان في نمائه كالبستان لم يصحّ.

ص: 485


1- ما في المتن مطابق لنسخة « ب » و « ج ». وقد عبّر في القواعد بتعبير واضح قال : « أمّا لو شرط أن يكون مشاركا في اليد أو يراجعه في التصرّف أو يراجع مشرفه فالأقرب الجواز » القواعد : 2 / 334.

وإطلاق العقد يقتضي فعل ما يتولّاه المالك من البيع والشراء ، وإقباض المبيع وقبض الثّمن وإحرازه ، وعرض القماش وطيّه ونشره ، وإحرازه ، وحفظ المال وحراسته.

ولا يجب عليه ما لا يليه عادة ، كالنداء على المتاع ، ونقله ، ووزنه ، وكيله ، ورفع الأحمال وحطّها ، فيستأجر له ، ولو تولّاه لم يستحقّ أجرة ، ولو استأجر للأوّل لزمته الأجرة.

المبحث الخامس : [ في ] الربح

وشرطه : أن يختصّ بالمتعاقدين ، فلو شرط بعضه لأجنبيّ بطلت ، إلّا أن يعمل ، أو يكون غلام أحدهما.

وأن يكون مشتركا ، فلو اختصّ به المالك أو العامل ، مثل خذه مضاربة والربح لي أو لك بطل ، ولو لم يذكر مضاربة فإن قال : والربح لي فهو بضاعة ، ولو قال : والربح لك (1) فهو قرض.

ولو قال : خذه فاتّجر به ولا أجرة لك ، فهو وكالة.

ولو قال : فلك كذا فإن ضبط العمل فهو إجارة ، وإلّا فهو جعالة.

وأن تكون حصّة العامل معلومة ، فلو شرط له ما شاء أو ما شئت ، أو مثل حصّة عامل فلان ولم يعلماها ، أو ذكر حصّته خاصّة بطلت ، ولو اقتصر على حصّة العامل صحّ.

ص: 486


1- النسخ هنا مشوّشة صحّحنا المتن على القواعد : 2 / 336.

ولو قال : خذه على النصف ، أو على أنّ الرّبح بيننا ، فالربح بينهما نصفان ، وكذا لو قال : لك نصف ربحه ، أو ربح نصفه.

ولو قال : ضاربتك على أنّ النّصف لك والثلث لي صحّ ، وكان السدس للمالك.

ولو قال : لك النّصف وثلث ما بقي ، فله الثلثان ، ولو قال : وربع ما بقي ، فله نصف وثمن.

ولو قال : لك الثلث وثلثا ما بقي فله سبعة أتساع ، ولو قال وثلث ما بقي ، فله خمسة أتساع ، ولو قال : وربع ما بقي فله النصف ، سواء عرفا الحساب (1) أو لا.

وأن يكون التقدير بالجزء المشاع كالنصف والثلث ، فلو شرط أحدهما شيئا معيّنا ، والباقي بينهما أو للآخر ، أو قال : لك ربح هذه الألف وربح الأخرى لي ، أو ربح شهر معيّن لك ، أو ربح أحد السفرتين فسد.

المبحث السادس : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : العامل أمين لا يضمن إلّا بتعدّ أو تفريط.

الثانية : لا ينفذ تصرّفه إلّا مع الغبطة ، فيصحّ شراء المعيب ، والردّ بالعيب ، وأخذ الأرش ، ومع الاختلاف فيهما يراعى الغبطة ، ومع التساوي يقدّم اختيار المالك.

ص: 487


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : عرف الحساب.

ولا يبيع إلّا بثمن المثل فصاعدا ، فلو باع بأقلّ فللمالك الفسخ ، ويستردّه ، فإن تعذّر رجع بقيمته على المشتري ، ويرجع على العامل بالثمن ، وإن رجع على العامل رجع العامل على المشتري بالزائد من قيمته.

ولو اشترى بأكثر ردّه واستعاد الثمن ، فإن تعذّر ضمن التفاوت.

الثالثة : لا يبيع إلّا بنقد البلد نقدا إلّا مع التفويض ، فإن خالف ضمن ، ووقف على الإجازة ، ويجوز بالعروض مع الغبطة ، ويجب الشراء بالعين إلّا مع الإذن العامّ أو الخاصّ ، فإن خالف وقع له إلّا أن يذكر المالك ، فيقف على الإجازة ، ولو أضافه في النّية وقع للعامل ظاهرا.

الرابعة : لا يصحّ أن يشتري من ينعتق على المالك ، فإن أذن صحّ وعتق وبطل القراض.

ثمّ إن ظهر فيه ربح ضمن المالك حصّته وقيل : الأجرة (1) وإن لم يظهر ربح فعلى الأوّل لا شي ء له ، وعلى الثاني الأجرة.

وإن لم يأذن فإن اشتراه بالعين بطلت ، وإن اشتراه في الذمّة فإن ذكر المالك وقف على الإجازة ، وإلّا وقع له ، سواء علم بالنسب أو لا.

ولو اشترى من ينعتق عليه ، فإن كان فيه ربح وقلنا : يملك بالظهور صحّح ، وعتق عليه نصيبه ، ولا يسري عليه ، بل يسعى العبد ، ويحتمل البطلان ، وإن قلنا : لا يملك صحّ ، ولم يعتق ، وإن لم يكن فيه ربح صحّ وجاز بيعه ، إلّا أن يظهر فيه ربح لارتفاع السوق ، فيعود البحث.

ص: 488


1- القائل هو العلّامة في القواعد : 2 / 339.

ولو اشترى زوجة المالك لم يصحّ ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وكذا زوج المرأة إلّا مع الإذن.

الخامسة : الحصّة لازمة بالشرط دون الأجرة ، ويملكها بالظهور لا بالانضاض ، وتستقر بالقسمة أو بالفسخ أو بالانضاض ، فتورث عنه ، ويضمن بالإتلاف ، وليس له أخذ شي ء منها بغير إذن المالك وهو وقاية لرأس المال ، فيحسب التالف منه ، سواء كان قبل دورانه في التجارة أو بعده ، وسواء قبل الانضاض أو بعده ، وكذا الخسارة ، سواء كان في سلعة أو أكثر ، أو في صفقة أو أكثر.

ولو تعدّدت المضاربة لم يجبر خسران إحداهما من ربح الأخرى ، ولو أذن المالك في المزج صارت واحدة ، وكذا لو مزج بغير إذنه لكن يضمن الجميع.

ولو أخذ المالك من المال شيئا بعد الخسران حسب عليه حصّته منه ، فلو كان المال مائة فخسر عشرين ، ثمّ أخذ المالك عشرين ، فرأس المال إذن خمسة وسبعون ، فلو ربح لم يجبر منه خسارة المأخوذ.

ولو أخذ المالك منه بعد ربحه حسب له حصّته من الربح ، فلو كان مائة فربح عشرين ، ثمّ أخذها المالك ، فرأس المال ثلاثة وثمانون وثلثا ، فإذا خسر لم يجبر من ربح المأخوذ ، وكان للعامل حصّته منه.

ولو نفق قدر الربح فاقتسماه ثمّ خسر ، ردّ العامل الأقلّ من الخسارة وممّا أخذ.

السادسة : يستحقّ العامل كمال النفقة بالعقد في السفر من مال

ص: 489

القراض ، وينفق في الحضر من ماله ، ولو كان معه مال يتّجر به قسّطت النفقة ، سواء كان لنفسه أو لغيره ، ويجب الاقتصاد والاقتصار على نفقة أمثاله ، فيحسب عليه الزائد ولو أنفق من خاصّة ما له فله الرجوع بها ، ولو أخذ المالك ماله في السفر فعلى العامل نفقة الرجوع ، ولو مات لم يجب تكفينه ، ولا يقيم في سفره أكثر من غرضه ، فنفقة الزائد من خاصّته ويضمن ، ويرجع في السفر إلى العرف.

السابعة : ليس للمالك أن يشتري من مال المضاربة ، ولا الأخذ بالشفعة ، ويجوز للعامل مع الإذن إلّا أن يظهر ربح فيبطل في نصيبه.

الثامنة : يجوز للعامل أن يأخذ مضاربة من آخر ، إلّا أن يتضرّر الأوّل ، فإن فعل اختصّ بنصيبه من الثانية ، وضمن ما تضرّرت به الأولى.

ولو شرط عليه أخذ بضاعة صحّ ، ووجب الوفاء به ، ويلزم العامل قسطها من النفقة.

ولو أخذ مضاربة يعجز عنها ضمن ما يهلك إن جهل المالك وإلّا فلا. (1)

التاسعة : لا يجوز للعامل وطء أمة المضاربة ، فإن وطئ قبل ظهور الربح فعليه المهر والحدّ ، والولد رقّ ، وإن كان بعده صارت أمّ ولد ، والولد حرّ ، وعليه قيمتها وقيمة الولد ، ويسقط من الحدّ ومن قيمة الولد بقدر حصّته ولو أحلّها له جاز ، ولو أذن له أن يشتري جارية يطأها لم يجز.

ص: 490


1- قال في القواعد : 2 / 341 : ولو أخذ من واحد مالا كثيرا يعجز عن العمل فيه ضمن مع جهل المالك.

العاشرة : إذا قارض العامل غيره بإذن المالك ، وشرط الربح بين المالك والعامل الثاني صحّ ، ولو شرط لنفسه منه شيئا لم يصحّ ، ولو كان بغير إذنه لم يصحّ ، ويضمن المال بالتسليم ، فإن ربح فهو للمالك ، ويرجع الثاني على الأوّل بأجرة المثل مع الجهل وإلّا فلا.

الحادية عشرة : موت كلّ منهما يبطل المضاربة ، فلو مات المالك لم يجز للعامل التصرّف إلّا بإذن الوارث ، ولا السّفر بها إذا علم بالموت ، فلو سافر ضمن ، ولو اضطرّ سلّم المال إلى وكيل الوارث ، فان فقد فإلى الحاكم ، فإن تعذّر فإلى الثقة ، ولو ربح قاسمه الوارث ، ويقدّم على الغرماء.

ويجب عليه تحصيل الدين دون بيع العروض ، ولو أقرّه الوارث لم يصحّ ، ناضّا كان المال أو لا.

ويجوز تجديد العقد إن كان المال ناضّا.

ولو مات العامل فإن عيّن مال المضاربة أخذه صاحبه ، وإلّا فإن علم قدّم وإلّا فله أسوة الغرماء ، ولو ظهر ربح قاسمه الوارث ، ولو أقرّه المالك لم يصحّ.

ولو كان المال ناضّا صحّ استئناف العقد ، وإلّا فلا.

الثانية عشرة : إذا فسخ المالك العقد ولم يكن ربح أخذ المال ، وعليه أجرة المثل ، وإن كان ربح اقتسماه على الشرط ، وفي مطالبة العامل بالإنضاض توقّف ، وعليه استيفاء الدّين ، وكذا البحث لو فسخ العامل.

الثالثة عشرة : إذا تلف المال قبل الشراء بطل العقد ، وإن تلف بعده بطل البيع ، ولو اشترى في الذّمة بإذن المالك لم يبطل ، وعلى المالك بدله ، والجميع رأس المال.

ص: 491

الرابعة عشرة : لو تعدّد المالك وشرطا التفاضل في الربح مع تساوي المالين ، أو التساوي مع تفاضلهما لم يصحّ ، ولو تعدّد العامل جاز التفاضل والتساوي وإن تفاضل العمل.

الخامسة عشرة : إذا فسد القراض جاز تصرّف العامل بالإذن السابق ، والربح للمالك ، وعليه أجرة المثل وإن لم يظهر ربح ، إلّا أن يكون الفساد يجعل الربح كلّه للمالك.

المبحث السابع : في النزاع

وفيه مسائل :

الأولى : لو اختلفا في قدر رأس المال ، أو تلفه ، أو قدر الربح ، أو في الخيانة ، أو التفريط ، أو في الخسران ، أو عدم الربح ، أو في الشراء للمضاربة ، أو لنفسه أو في النهي عن شراء ما اشتراه ، قدّم قول العامل مع يمينه.

ولو اختلفا في ردّ المال أو بعضه ، أو في قدر الحصّة ، أو في الإذن في النسيئة ، أو في الإذن بالبيع بكذا أو بالشراء بكذا ، أو في التفويض ، قدّم قول المالك مع يمينه.

ولو ادّعى العامل الخسران بعد الرّبح قبل ، ولو ادّعى الخطأ أو النسيان لم يقبل.

ولو أنكر القراض ثمّ اعترف به وادّعى التلف ، لم يقبل ، ولو أنكر الاستحقاق أوّلا قبل.

ص: 492

الثانية : لو ادّعى المالك أنّ رأس المال ثلثا الحاصل والباقي ربح نصفه بين العاملين فصدّقه أحدهما وكذّبه الآخر وادّعى العكس ، حلف المكذب وأخذ سدس الحاصل ، ويأخذ المالك رأس ماله الّذي ادّعاه بتصديق الآخر وثلثي الباقي ، والمصدّق ثلثه ، لأنّ الزيادة الّتي أخذها الحالف كالتالف من الربح ، فيحسب عليهما بنسبة استحقاقهما.

الثالثة : لو ادّعى المالك القراض والعامل القرض تحالفا ، ويثبت للعامل أكثر الأمرين من المدّعى حصّة وأجرة المثل.

ولو أقاما بيّنة طلب الترجيح. (1)

ولو انعكس لأجل الخسارة قدّم قول المالك مع اليمين ، وكذا لو ادّعى المالك القرض والعامل الإبضاع ، ولو انعكس تحالفا ويثبت للعامل أجرة المثل.

ولو ادّعى المالك الإبضاع والعامل القراض تحالفا ، ويثبت للعامل أقلّ الأمرين من الأجرة والمدّعى نصيبا ، ويبعد العكس ، ولو أمكن فالقول قول العامل مع يمينه.

ص: 493


1- قال في جامع المقاصد : 8 / 172 : والمعروف في التعارض بين البيّنتين هو الترجيح للأعدل ، ثمّ للأكثر عددا ، ثمّ يقرع ويقضى للخارج بيمينه.

الفصل الثالث : في تقدير المنفعة دون العوض

اشارة

الفصل الثالث (1)

في تقدير المنفعة دون العوض

وهو المزارعة والمساقاة

فهنا بحثان :

الأوّل : [ في ] المزارعة

اشارة

وهي معاملة على أرض الزّرع مدّة معلومة بحصّة مشاعة من نمائها.

ومطالبها أربعة :

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] العقد

ويفتقر إلى الإيجاب مثل : زارعتك على هذه الأرض ، أو عاملتك عليها ، أو سلّمتها إليك للزرع مدّة كذا بربع الحاصل مثلا ، وإلى القبول ، وهو كلّ لفظ دلّ على الرضا.

ولا ينعقد بلفظ الإجارة ، ولا يصير إجارة لعدم العلم بالأجرة.

وهو عقد لازم من الطرفين ، لا ينفسخ إلّا بالتقايل ، ولا يبطل بموت

ص: 494


1- من الفصول الأربعة الّتي أشرنا إليها في أوّل كتاب الإجارة.

أحدهما ، ويقبل الشّروط السائغة ويلزم ، ويكره اشتراط ذهب أو فضّة مع الحصّة.

المطلب الثاني : في الشروط

وهي ثلاثة :

الأوّل : إمكان زرع الأرض ، بأن يكون لها ماء من عين أو نهر أو بئر أو مصنع ، وكذا لو أجرها للزّراعة ، فلو زارعه على أرض لا ماء لها لم يصحّ.

ولو آجرها للزراعة فللعامل الفسخ مع الجهل لا مع العلم ، فيثبت المسمّى ، ولو أطلق الإجارة لم يكن له الفسخ ، ولو كانت في بلاد تشرب بالغيوث غالبا صحّ الجميع ، ولو انقطع في الأثناء فللمزارع أو المستأجر الفسخ ، وعليه أجرة ما يتلف.

ولو كان الماء لا ينحسر عنها لم تصحّ المزارعة ولا الإجارة للزراعة وإن رضي المستأجر ، وكذا لو كان ينحسر تدريجا لجهالة وقت الانتفاع.

الثاني : تعيين المدّة وضبطهما بالأيّام أو الشهور أو الأعوام ، ولا يكفي تعيين المزروع ، ويشترط إمكان إدراكه فيها ، فلو علم عدمه بطلت ، ولو ظنّه فلم يتّفق فللمالك إزالته بغير أرش وأجرة ما مضى ، سواء كان من قبل اللّه أو من تفريط الزارع (1) ولو اتّفقا على الإبقاء بعوض جاز ، ويجب تقديره وتقدير المدّة ، ولو شرط في العقد الإبقاء إن تأخّر فسد.

ولو لم يزرع حتّى خرجت المدّة لزمته أجرة المثل ولو كان إجارة

ص: 495


1- في « ب » و « ج » : الزّراع.

لزمه المسمّى ، فلا يشترط اتّصال المدّة بالعقد.

الثالث : ذكر الحصّة فيجب تقديرها بالجزء المشاع ، فلو جهلها أو أهملها أو قدّرها بالأرطال بطلت ، ويجب الاشتراك في النماء متساويا أو متفاضلا ، فلو شرطه لأحدهما ، أو شرط له قدرا معلوما والباقي له أو بينهما ، أو شرط لكلّ واحد نوعا كالهرف والأفل (1) أو ما يزرع على الجداول وغيره (2) لم يصحّ.

المطلب الثالث : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : إطلاق العقد يقتضي تخيير العامل في زرع ما يشاء إلّا أن يعيّن نوعا ، وفي الزّرع بنفسه أو المشاركة ، ومزارعة غيره ، إلّا مع التّخصيص ، ويقتضي وجوب خراج الأرض ومئونتها على ربّها ، إلّا أن يشترط على العامل.

الثانية : لا يجوز زرع غير المشترط ، فإن زرع الأضرّ فللمالك أجرة المثل أو المسمّى مع الأرش ، وإن زرع الأخفّ تخيّر في الحصّة وأجرة المثل.

الثالثة : لو شرط زرع نوعين وجب تقديرهما ، ويجوز التساوي في الحصّة منهما والاختلاف ، تساويا في الضّرر أو لا ، وكذا لو شرط غرسين أو غرسا وزرعا ، وكذا الإجارة ، فلو استأجرها مدّة ليغرس فيها ما يبقى بعدها فله إزالته بغير أرش على الأقوى.

ص: 496


1- في جامع المقاصد : 7 / 324 : الهرف : ما زرع عاجلا ، والأفل خلافه.
2- في « أ » : « أو غيره ». في جامع المقاصد : 7 / 324 : ربما فسّرت الجداول بالألواح من الأرض الّتي تحفّ بجمع التراب حولها ، وعبارة التذكرة تشعر بأنّ المراد بها الأنهار ، فانّه قال : أو يشترط أحدهما ما على الجداول والسواقي ، والآخر ما عداه.

الرابعة : يصحّ أن يكون من أحدهما الأرض ومن الآخر البذر والعمل والعوامل ، ويجوز أن يشترط (1) على صاحب الأرض بعضها لا على ثالث.

الخامسة : لو انتثر حبّ من الزرع فنبت في القابل فهو لهما ، وعلى المزارع أجرة الأرض ، ولصاحبها قلعه ، ولو كانت مستأجرة فهو لصاحب البذر ، وعليه أجرة الأرض ولصاحبها قلعه.

السادسة : يجوز للمالك الخرص على العامل ، فيتخيّر في القبول ، فإن قبل لزم ، ويملك الزائد ، ويغرم النقص ، ويشترط في استقراره السلامة ، فلو تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة لم يلزمه شي ء ، ولو تلف البعض سقط عنه بنسبته.

السابعة : إذا فسدت المزارعة فالزرع لصاحب البذر ، فإن كان ربّ الأرض فعليه أجرة العامل ، وإن كان العامل فعليه أجرة الأرض.

المطلب الرابع : في النزاع

لو اختلفا في المدّة قدّم قول منكر الزيادة مع اليمين ، ولو اختلفا في قدر الحصّة قدّم قول صاحب البذر ، فإن أقاما بيّنة قدّمت بيّنة العامل.

ولو قال العامل : أعرتنيها ، وادّعى المالك الحصّة أو الأجرة ، قدّم قوله ، ويثبت له أقلّ الأمرين من أجرة المثل والحصّة ، وللزّارع التبقية إلى إدراكه.

ولو قال : غصبتها حلف ، وله الإزالة والمطالبة بأجرة المثل وأرش الأرض وطمّ الحفر.

ص: 497


1- في « ب » : أن يشرط.

البحث الثاني : [ في ] المساقاة

اشارة

وهي معاملة على أصول ثابتة بحصّة من ثمرها.

ومطالبها ثلاثة :

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] العقد

ولا بدّ فيه من إيجاب مثل : ساقيتك ، أو عاملتك ، ومن قبول : وهو كلّ لفظ دلّ على الرضا ، ولا يصحّ (1) بلفظ الإجارة ، وهو عقد لازم من الطرفين لا يبطل بموت أحدهما.

[ المطلب ] الثاني : في الشروط ، وهي ستّة :

الأوّل : الوقت ، ويصحّ قبل ظهور الثمرة وبعدها إذا بقى للعامل مستزاد في الثمرة كالتأبير لا كالجداد. (2)

الثاني : المحلّ ، وهو كلّ أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه ، كالنخل وشجر الفواكه والورق والزهر المنتفع بهما كالثمرة ، ولو ساقى على وديّ (3) غير

ص: 498


1- في « أ » : ولا يصلح.
2- أي إذا بقي للعامل عمل تزيد به الثمرة كالتأبير. لاحظ القواعد : 2 / 317. وفي جامع المقاصد : 7 / 351 : الجداد - بالدالين المهملتين مع فتح أوّله وكسره - : هو صرامها وتجفيف الثمرة ونقلها ونحو ذلك.
3- الوديّ : فسيل النخل وصغاره. لسان العرب.

مغروس ، أو على الخضر كالبطيخ والباذنجان ، أو على شجر لا ثمرة له كالغرب (1) لم يصحّ ، ولو كان الوديّ مغروسا صحّ بشرط أن يحمل مثله في المدّة غالبا ، فلو قصرت قطعا أو ظنا أو تساوى الاحتمالان بطلت.

الثالث : المدّة ، ويشترط تقديرها بالشهور والأعوام ، وحصول الثمرة فيها غالبا ، فلو قدّرها بما يحتمل الزيادة والنقصان كقدوم الحاجّ ، وبلوغ الثمرة ، أو خرجت المدّة قبل ظهور الثمرة بطلت ، ولو خرجت قبل كمالها صار شريكا لم يجب عليه العمل.

الرابع : العمل ، وإطلاق العقد يقتضي وجوب كلّ عمل فيه مستزاد للثمرة على العامل : كإصلاح الأجاجين ، وطرق السقي ، وإزالة الحشيش المضرّ بالأصول ، والحرث تحتها ، والعمل بالناضح أو الاستقاء (2) ، والسّقي (3) وبقر الحرث وآلته ، وتهذيب الجريد [ من الشوك ] وقطع ما يحتاج إلى القطع ، وزبر الكرم والبطيخ ، والتعديل ، والجداد ، وإصلاح موضع الشمس (4) ، ونقل الثمرة إليه وحفظها.

ويقتضي وجوب حفر النهر والبئر ، وعمل ما يستقى به من دولاب ودالية والسماد على المالك ، ويرجع في بقر الدولاب والكش إلى العرف.

ويجوز أن يشترط العامل على المالك بعض ما يجب عليه لا كلّه ، وكذا

ص: 499


1- الغرب : ضرب من شجر تسوّى منه السهام ، ويطلق في الشام على الحور ، وهو جنس شجر من الفصيلة الصفصافية يزرع حول الجداول لخشبه. المعجم الوسيط.
2- في « أ » : والاستقاء.
3- في القواعد : 2 / 319 مكان العبارة : وسقي الشجر واستقاء الماء.
4- في القواعد : 2 / 319 : وإصلاح موضع التشميس.

العكس ، وأن يشترط أجرة بعض ما يجب عليه على المالك أو عليهما بشرط أن يبقي شيئا ، وأن يشترط عمل غلام المالك معه ، وإن كان لخاصّه (1) ونفقته على مولاه ، ولو شرطها على العامل أو عليهما أو من الثمرة صحّ بشرط العلم بها.

الخامس : كون الثمرة مشتركة بينهما ، فلو اختص بها أحدهما بطلت.

السادس : ذكر حصّة العامل وتعيينها بالجزء المشاع ، فلو أهمل ذكرها ، أو جهلها كالنصيب ، أو قدّرها بالأرطال بطلت ، وكذا لو شرط لأحدهما قدرا معلوما والباقي للآخر أو بينهما ، أو شرط لأحدهما ثمرة نوع أو ثمرة نخلات معيّنة والباقي للآخر ، أو بينهما ، أو شرط مع الحصّة جزءا من الأصل ، أو ساقاه بالثلث إن سقى سيحا وبالنّصف إن سقى بالناضح.

ولو ذكر حصّة العامل خاصّة صحّ بخلاف العكس.

ولو ساقاه على أحد البستانين بالنصف على أن يساقيه على الآخر بالثلث صحّ ، وكذا لو تفاوتت الحصّة من البستانين ، ومن النوعين إذا علم قدرهما ، ومن الشريكين إذا علم حصّة كلّ منهما.

ولو تعدّد العامل جاز التساوي وعدمه.

الثالث : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : إذا ظهرت الثمرة ملك العامل الحصّة وتحقّقت الشركة ، فالتالف منهما والباقي لهما ، وتجب الزكاة على من بلغت حصّته نصابا ، وهو أمين فالقول

ص: 500


1- المراد اشتراط لخاصّ العامل. لاحظ جامع المقاصد : 7 / 364.

قوله في التلف ، وعدم التفريط والخيانة ، فإن ثبتت [ الخيانة ] فللمالك رفع يده عن حصّته لا عن حصّة العامل ، وله أن يضمّ إليه حافظا وأجرته على [ المالك ] خاصّة (1) فإن لم ينفع (2) الحافظ جاز رفع يده ، ويكلّف عاملا وعليه أجرته.

الثانية : ليس للعامل أن يساقي غيره.

الثالثة : الخراج على المالك إلّا أن يشترطه على العامل أو عليهما.

الرابعة : إذا فسدت المساقاة فالثمرة للمالك ، وعليه أجرة العامل.

الخامسة : لو بانت الأصول مستحقّة بطلت المساقاة ، فإن كان قبل التلف أخذ المالك الثمرة ، وعلى الغاصب أجرة العامل ، ولو كان بعده فللمالك الرجوع على الغاصب بالجميع ، ويرجع الغاصب على العامل بما أخذ ، وعليه الأجرة ، وله الرجوع على العامل ، ويرجع على الغاصب بما أخذه وبالأجرة ، وله الرجوع عليهما ، ويرجع العامل على الغاصب بالأجرة ، كلّ ذلك مع الجهل ، وإلّا فلا أجرة للعامل.

السادسة : إذا هرب العامل ، فإن تبرّع عنه بالعمل أحد أو بذلت الأجرة من بيت المال فلا خيار ، وإلّا كان له الفسخ ، فإن فسخ فعليه أجرة المثل لما مضى ، وإلّا استأذن الحاكم في الإجارة عنه ، فإن تعذّر استأجر ورجع إن أشهد وإلّا فلا.

السابعة : إذا مات العامل لم يجب على الوارث العمل ، فإن لم تظهر الثمرة استأجر الحاكم من التركة من يتمّ العمل ، فإن لم تكن تركة أو تعذّر الاستئجار فللمالك الفسخ وعليه الأجرة إلى حين الموت ، وإن ظهرت باع الحاكم من

ص: 501


1- هذا ما أثبتناه ، وفي النسخ الّتي بأيدينا : « وأجرته على خاصّه ».
2- في « أ » : فإن لم يبلغ.

نصيبه ما يستأجر به من يتمّ العمل ولو احتيج إلى بيع الجميع باعه.

الثامنة : لو اختلفا في قدر الحصّة أو فيما عليه المساقاة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، ولو أقاما بيّنة قدّمت بيّنة العامل.

تتمّة

لو دفع إليه أرضا ليغرسها على أنّ الغرس بينهما لم يصحّ ، ولصاحب الأرض الإزالة والأجرة ، وعليه أرش النقص بالقلع.

ولو دفع المالك قيمة الغرس أو الغارس قيمة الأرض ، لم يجبر الممتنع ، وكذا لا يجبر صاحب الأرض على أخذ أجرة بقاء الغرس.

الفصل الرابع : في تقدير العوض دون المنفعة

اشارة

الفصل الرابع (1)

في تقدير العوض دون المنفعة

وهو أحد أقسام الجعالة ، مثل من ردّ عبدي فله دينار ، وقد يجتمع في الجعالة الأقسام الأربعة (2) :

مثال العلم بالعوض والمنفعة : من ردّ عبدي من الكوفة فله دينار.

مثال الجهل بهما : من ردّ عبدي فله شي ء أو ثوب.

ص: 502


1- من الفصول الأربعة الّتي أشرنا إليها في أوّل كتاب الإجارة.
2- يريد أنّه قد يجتمع في الجعالة الأمور الأربعة ، أعني : الإجارة والمضاربة والمزارعة والمساقاة ، ويكون العقد بظاهره جعالة ولكنّه في الواقع إجارة أو مضاربة أو مزارعة ومساقاة أو جعالة كما تقدّمت الإشارة إليها في أوّل كتاب الإجارات فراجع.

ومثال العلم بالعوض دون المنفعة : من ردّ عبدي فله دينار.

ومثال العكس : من ردّ عبدي من الكوفة فله شي ء أو ثوب ، لكن إذا كان العوض مجهولا ثبت بالردّ أجرة المثل.

وهنا مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : في الصّيغة

وهي كلّ لفظ دلّ على طلب الفعل بعوض كما تقدّم ، ولا يشترط القبول نطقا.

وهي جائزة من الطرفين ، فيصحّ فسخ الجاعل قبل العمل وبعده ، وعليه أجرة ما عمل ، وفسخ العامل قبل العمل ولا أجرة له.

ويجوز جمع الزمان والعمل مثل : من خاط ثوبي في يوم فله درهم ، بخلاف الإجارة ، وإذا عقّب الجعالة بأخرى عمل بالأخيرة.

المطلب الثاني : في الشرائط

يشترط في الجاعل أهليّة الاستئجار لا كونه مالكا ، فلو قال : من ردّ عبد فلان فله درهم ، لزمه الجعل ، ولو كذب المخبر في قوله : إنّ فلانا جعل كذا ، فردّه لم يستحقّ على المخبر والمالك شيئا.

و [ يشترط ] في العمل إمكانه وإباحته وكونه مقصودا لا تقديره ، فلو أبهمه جاز.

ص: 503

و [ يشترط ] في العامل إمكان العمل ، فلو جعل للمقعد لم يستحقّ وإن استعان في الردّ ، ولا يشترط تكليفه ، فلو ردّه الصبيّ استحقّ ، ولا تعيينه لكن لو عيّنه فردّ غيره لم يستحقّ شيئا.

و [ يشترط ] في الجعل تقديره بالكيل أو الوزن أو العدد ، فلو جهله ثبت بالردّ أجرة المثل إلّا في الآبق أو البعير ، فانّه في ردّ أحدهما من المصر دينار ، ومن غيره أربعة دنانير وإن نقصت القيمة.

ولو لم تمنع الجهالة من التسليم جاز مثل : من ردّ عبدي فله نصفه.

ولو استدعى الردّ بغير جعل فالرادّ متبرّع ، وكذا لو ردّ ابتداء وإن عرف بردّ الإباق ، أو ردّ قبل سمعه الجعالة وإن لم يقصد التبرّع.

المطلب الثالث : في الأحكام

اشارة

إذا سعى العامل في تحصيل الضّالة وسلّمها استحقّ الجعل ، فلو حصلت في يده قبل الجعالة لم يستحقّ شيئا ، وكذا لو هربت منه قبل التسليم وإن بلغ [ بها ] باب منزله ، أمّا لو ماتت استحقّ بالنسبة.

ولو جعل على فعل لم يتكرّر ، مثل : من ردّ عبدي فله درهم ، فردّه جماعة تشاركوا فيه ، ولو كان يتكرّر مثل من : دخل داري فله درهم ، فدخل جماعة ، فلكلّ واحد درهم.

ولو جعل لكلّ من ثلاثة جعلا متساويا أو متفاوتا ، فردّه أحدهم ، فله جعله ، ولو ردّه اثنان فلكلّ نصف جعله ، ولو ردّه الثلاثة فلكلّ واحد ثلث

ص: 504

جعله ، وهكذا لو عيّن (1) لواحد وأبهم لآخر فللأوّل نصف المسمّى وللثاني نصف أجرة المثل.

ولو عيّن لواحد فتبرّع الآخر ، فللمعيّن النّصف ولا شي ء للآخر.

ولو عيّن المسافة فردّه من غيرها لم يستحقّ شيئا ، ولو ردّه من بعضها فله من الجعل بالنسبة ، ولو ردّه من أزيد لم يستحقّ غير المسمّى.

ولو جعل على ردّ شيئين متساويين جعلا فردّ أحدهما ، استحقّ نصفه ، وإن تفاوتا استحقّ بالنسبة.

ولو جعل على ردّ شي ء فردّ بعضه استحقّ بالنسبة.

ولو مات الجاعل قبل العمل بطلت ، وله بعد التلبّس (2) من التركة بنسبة عمله ، وبعد الردّ الجميع.

ولو اختلفا في ذكر الجعل ، أو في المجعول عليه ، أو في الجهة ، أو في سعي العامل ، أو في الردّ ، قدّم قول الجاعل مع يمينه.

ولو اختلفا في قدر الجعل ، أو في جنسه ، تحالفا ، ويثبت للعامل أقلّ الأمرين من الأجرة والمدّعى ، ولو زاد ما ادّعاه المالك عن أجرة المثل وجبت الزيادة.

ومن هذا الباب السبق والرماية على قول (3).

ص: 505


1- كذا في « ب » ولكن في « أ » و « ج » : ولو عيّن.
2- في « أ » : بعد العمل.
3- القائل هو الشيخ في المبسوط : 6 / 300.
[ السبق ]
اشارة

أمّا السّبق ففيه مباحث :

الأوّل : في ألفاظه

فالسّبق - بسكون الباء - : المصدر ، وبالتحريك : العوض ، ويقال له : الخطر ، ويقال : سبّق بالتشديد إذا أخرج السبق أو أحرزه.

والسابق : ما تقدم بالعنق والكتد (1) ، وهو المجلّى ، ثمّ المصلي ، ثمّ التالي ، ثمّ البارع ، ثمّ المرتاح ، ثمّ الحظيّ ، ثمّ العاطف ، ثمّ المؤمل ، ثمّ اللطيم ، ثمّ السّكيت ، والفسكل : الأخير ، والمحلّل (2) : هو الداخل بين المتراهنين يأخذ إن سبق ، ولا يغرم إذا سبق.

ص: 506


1- في القاموس : الكتد - محرّكة - : مجتمع الكتفين من الإنسان والفرس كالكتد ، أو هما الكاهل ، أو ما بين الكاهل إلى الظهر.
2- قال في جامع المقاصد : 8 / 323 : هذه أسماء خيل الحلبة، وهي _ بالحاء المهملة وإسكان اللام _ خيل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من إسطبل واحد. فالمجلّي: هو السابق كأنّه جلى عن نفسه، أي عبّر عنها وأظهرها بسبقه، أو جلى عن صاحبه وأظهر فروسيته، أو جلى همه بأنه سبق. والتالي للمصلّي هو الثالث، ويليه البارع، وسمّي بذلك لأنه برع المتأخر عنه أي فاته، ثم المرتاح وسمّي بذلك لأنّ الارتياح النشاط، فكأنّه نشط فلحق بالسوابق، ويليه الحظيّ، لأنّه حظا عند صاحبه حيث لحق بالسوابق، أي صار ذا حظوة عنده، أي نصيب أو في مال الرهان، ثم العاطف; لأنّه عطف إليها أي مال إليها، أو كرّ عليها فلحقها، ثم المؤمل مؤمل سبقه أو كونه إحدى السوابق، ثم اللطيم كأمير، ثم السكيت مصغّراً، قال في الجمهرة في باب ما تكلم به العرب مصغراً: والسكيت آخر فرس يجيء في الرهان وهو الفسكل. والمحلّل سمّي محلّلاً لتحريم العقد المذكور بدونه.
الثاني : [ في ] الصيغة

وهي أن يقول باذل الخطر : من سبق فهو له ، ويكون أحد المتراهنين أو هما أو أجنبيّ أو الإمام من بيت المال ، ولا يفتقر إلى قبول ، وهي جائزة كالجعالة ، فلكلّ منهما فسخه قبل الشروع ، ويبطل بالموت.

الثالث : في ما يسابق عليه

وهو ما له خفّ كالإبل والفيلة ، أو ماله حافر : كالخيل والبغال والحمير ، فلا يصحّ بغير ذلك ، كالبقر ، والطير ، والمصارع ، والسفن ، والقدم.

الرابع : في شروطه

وهي ستة :

الأوّل : تقدير المسافة ابتداء وانتهاء ، فلو جعل الرهن لمن سبق في الميدان لم يصحّ.

الثاني : تعيين ما يسابق عليه بالاسم أو المشاهدة وإن تقدّمت إلّا أن يحتمل التعيين ، وإذا عيّن لم يجز إبداله.

الثالث : تساوي ما به السّباق في احتمال السّبق وعدمه ، فلو علم قصور أحدهما لم يصحّ.

الرابع : تساويهما في الجنس ، فلا يصحّ بالفرس والحمار ، ويجوز اختلاف الصنف كالعربي والبرذون.

ص: 507

الخامس : تقدير الخطر ، ويصحّ أن يكون عينا ، أو دينا ، حالّا أو مؤجّلا.

السادس : جعل الرهن للسابق منهما وللمحلّل (1) ، فلا يصحّ جعله للمسبوق ، ولا لغيرهما ، ولا للمصلّي خاصّة ، ولو جعله له وللسّابق لم يجز ، ويجوز مع التفاوت مثل من سبق فله عشرة ، ومن صلّى فله خمسة.

ولا يشترط المحلّل ، ولا التساوي في الموقف.

الخامس : في الأحكام

إذا تمّ العمل استحقّ الرهن ، فلو ظهر استحقاقه طالب بالمثل أو القيمة ، ولو ظهر الفساد ففي وجوب الأجرة توقّف.

ولو جعل لجماعة جعلا فهو للسابق ، فإن تساووا فلا شي ء لهم ، ولو سبق اثنان مثلا فإن كان الجعل معيّنا مثل : من سبق فله هذا الدرهم ، تساويا فيه ، وإلّا ضمن لكلّ واحد درهما.

ولو قال : من سبق فله هذه العشرة ، ومن صلّى فله هذه الخمسة ، فسبق عشرة وصلّى واحد ، كان لكلّ سابق واحد وللمصلّي خمسة.

ويجوز لكلّ من المتسابقين أن يجعل مثل جعل الآخر أو أزيد أو أنقص ، فيقول أحدهما : إن سبقتني فلك عليّ درهم ، ويقول الآخر : إن سبقتني فلك عليّ درهمان أو نصف.

ص: 508


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « أو للمحلّل ». وفي القواعد : 2 / 374 مكان العبارة : « جعل العوض للسابق منهما ، أو منهما ومن المحلّل ».

ويجوز التساوي في الجنس وعدمه ، وأن يتولّاهما أحدهما مثل إن سبقتني فلك عليّ كذا ، وإن سبقتك فلي عليك كذا.

ولو أخرجا سبقين وقالا : من سبق فله السبقان ، فإن تساويا فلكلّ سبقه ، وإن سبق أحدهما فهما له.

ولو أدخلا المحلّل فإن تساووا أو سبقاه فلكلّ سبقه ، ولا شي ء له ، ولو سبق أحدهم أحرزهما ، ولو سبق أحدهما والمحلّل فللسابق ماله ، ويقتسمان مال المسبوق.

ولو اختلفا في قدر الرهن فالقول قول الجاعل مع يمينه.

[ الرماية ]
اشارة

وأمّا الرماية ، فمباحثها أربعة :

الأوّل : في معرفة الألفاظ

فالرّشق بالفتح : الرّمي ، وبالكسر : عددها ، ويقال : رشق وجه ويد ، معناه : الرّمي ولاء حتّى يفرغ. (1)

ص: 509


1- قال في الحدائق : 22 / 369 : « يقال : رشق وجه ويد بكسر الراء ويراد به الرمي ولاء حتّى يفرغ الرّشق » ثم نقل عن الجوهري : انّ الرشق : الاسم وهو الوجه من الرّمي ، فإذا رمى القوم بأجمعهم في جهة واحدة قالوا : رمينا رشقا. ثم قال: والمراد برِشق اليد هذا المعنى أيضاً، وإضافته إلى اليد كإضافته إلى الوجه، فيقال: رِشق يد ورشق وجه إذا كانت جهة الرّمي واحدة، ويمكن مع ذلك إضافته إليهما.

ويوصف السهم بالحابي (1) والخاصر ، والخاسق ، والمارق ، والخارم والمزدلف. (2)

والغرض : ما يقصد إصابته.

والهدف : ما يجعل فيه الغرض من تراب وغيره.

والمبادرة : أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرشق.

والمحاطّة : إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة.

والمناضلة : المسابقة والمراماة.

الثاني : في شروطها

وهي تعيين الرشق ، وعدد الإصابة ، وصفتها ، وقدر المسافة ، والغرض ، والخطر ، وتماثل جنس الآلة ، وتساويهما في عدد الرشق ،

ص: 510


1- قال العلّامة في « التذكرة » : وقد اختلف في الحابي. فقيل : انّ أبا حامد الأسفرائيني وهم هنا حيث جعل الحوابي صفة من صفات السهم ، وسمّاه حوابي - بإثبات الياء - وفسّره بأنّه السهم الواقع دون الهدف ، ثم يحبو إليه حتّى يصل إليه ، مأخوذا من حبو الصبيّ ، ونوع من الرمي المزدلف ، يفترقان في الاسم ، لأنّ المزدلف أحدّ والحابي أضعف ، ويستويان في الحكم. وقال قوم: إنّ الحواب _ بإسقاط الياء _ : نوع من الرّمي... والمشهور انّ الحابي ما وقع بين يدي الغرض ثمّ وثب إليه فأصابه، وهو المزدلف. تذكرة الفقهاء: 2 / 360 _ الطبعة الحجريّة _ .
2- الخاصر : هو ما أصاب أحد جانبي الغرض ، ومنه الخاصرة. والخاسق: هو ما فتح الغرض وثبت فيه . والمارق: هو ما نفذ من الغرض ووقع من ورائه . والخارم: هو الّذي يخرم حاشيته . والمزدلف: هو الّذي يضرب الأرض ثم يثب إلى الغرض . لاحظ القواعد: 2 / 377 ; والتحرير: 3 / 167 .

وجعل الخطر للسابق ، وإمكان الإصابة ، فلو امتنعت كشرط الإصابة من ألف ذراع ، أو وجبت كشرطها من ذراع بطلت ولا بدّ من اشتراط أحد أقسامها.

ولا يشترط تعيين المبتدئ بالرمي ، فيقرع مع المشاحّة ، ولا ذكر المبادرة والمحاطّة.

الثالث : في أقسامها

وهي ثلاثة :

الأوّل : المفاضلة ،وهي : أن يشترط الزيادة في الإصابة مثل : من زاد في الإصابة واحدا أو اثنتين من عشرين مثلا ، فهو السابق.

ولو رميا عشرا فأصابها أحدهما وأخطأ الآخر ، وجب الإكمال.

ولو رميا اثنى عشر فأصابها أحدهما وأخطأها الآخر ، لم يجب الإكمال ، ولو أصاب عشرا (1) رميا الثالث عشر ، فإن أصابا أو أخطئا أو أصاب الأوّل ، فقد سبق ، ولا يجب الإكمال ، وإن أصاب الثاني رميا الرابع عشر وهكذا.

الثاني : المبادرة ، وهي : أن يشترطا السبق إلى الإصابة مثل : من سبق إلى إصابة خمس من عشرين فهو السابق ، فلو رميا عشرة فأصاب كلّ واحد خمسة فلا سبق ، لتساويهما في الرشق (2) والإصابة ، ولا يجب الإكمال ، لخروجه عن المبادرة.

ص: 511


1- وفي القواعد : « ولو أصاب عشرا ، لزمهما رمي الثالثة عشر » وفي جامع المقاصد في شرح العبارة : أي لو أصاب أحدهما عشرا وأخطأ الآخر الجميع وقد رميا اثنتا عشرة. جامع المقاصد : 8 / 362.
2- في « أ » : في الرمي.

ولو أصاب أحدهما خمسة والآخر أربعة ، فالأوّل سابق ، ولا يجب الإكمال ، لحصول المبادرة.

الثالث : المحاطّة ، وهي : أن يشترط إسقاط ما يتساويان فيه من الإصابة ، مثل : من أصاب خمسة من عشرين بعد إسقاط المساوي فهو السابق ، فإذا أكملا الرشق وتحاطّا وفضل لأحدهما العدد المشترط ، فقد فضل صاحبه ، ولو فضل أقلّ لم يفضله.

ولو لم يكملاه فأراد صاحب الأقل الإكمال ، فإن ظهر له فائدة من رجحان أو مساواة أو منع صاحبه بعد المحاطّة من التفرّد بالإصابة أجيب وإلّا فلا ، فلو رمى أحدهما عشرة فأصاب ستّة ، وأصاب الآخر واحدا ، فإذا أكمل أمكن أن يصيب العشرة الباقية دون صاحبه ، فيحصل له بعد المحاطّة الرجحان.

ولو رميا خمسة عشر فأصاب أحدهما عشرة والآخر خمسة ، فإذا أكمل وأصاب الخمسة الباقية ساواه بعد المحاطّة.

ولو أصاب الأوّل أربعة عشر والثاني خمسة ، فلو أكمل وأصاب الخمسة الباقية ، منعه من التفرد بالإصابة ، ولو أصاب خمسة عشر لم يجب الإكمال.

الرابع : في الأحكام

إذا تمّ النضال ملك الناضل العوض ، وله التصرّف فيه كيف شاء ، والاختصاص به ، وإطعام أصحابه ، ويجوز أن يشترط إطعامه لحزبه.

وإذا فسدت المناضلة سقط المسمّى لا إلى بدل.

ولو ظهر العوض مستحقّا فعلى الباذل مثله أو قيمته.

ولو قيل للناضل : اطرح الفضل بكذا لم يجز ، وعليه ردّه لو أخذه.

ص: 512

كتاب الأمانات

اشارة

وفيه مطالب :

ص: 513

ص: 514

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] الوديعة

اشارة

وفيها مباحث :

الأوّل : [ في ] العقد

وهو الإيجاب والقبول الدالّين على الاستنابة في الحفظ ، فالإيجاب : أودعتك ، أو هو وديعة عندك ، وما في معناه ، والقبول كلّ قول أو فعل يدلّ على الرضا ، فلو أكره على قبضها أو طرحت عنده لم يلزمه حفظها.

وهو عقد جائز من الطرفين يبطل بالموت والجنون والإغماء ، ولكلّ منهما فسخه ، فيصير أمانة شرعيّة ، فلا يقبل قوله في الردّ ، ومثله الثوب يلقيه الريح في غير دار صاحبه ، ويجب إعلامه به ، فإن لم يفعل ضمن.

ويشترط في المودع والمستودع البلوغ والعقل وجواز التصرّف ، فلو أودع الصّبيّ أو المجنون لم يصحّ ، ويضمن المستودع منهما إلّا مع خوف التلف ، ولا يبرأ إلّا بالردّ إلى الوليّ ولو أودعا لم يضمنا بالإهمال ، ولو أكلها الصّبي أو أتلفها ضمن إن كان له مال وإلّا فلا.

ص: 515

ولو أودع المجنون لم يضمن بالإتلاف،ولوأودع العبد فأتلف تبع (1) بها [ بعد العتق ].

الثاني : في لازمها

ويجب جعل الوديعة في حرز مثلها ، وحفظها بما جرت العادة به ، كالثوب في الصّندوق ، والدابّة في الاصطبل ، والشاة في المراح ، والدفع هنا بحسب المكنة ، فلو أهمل ضمن.

ولو افتقر إلى المداواة (2) عنها ، وجب ويرجع به ، ويجوز بيع بعضها في ذلك.

ولو عيّن له موضعا ضمن بالنقل إلى مثله أو أحرز ، ولو خاف عليها فيه وجب النقل ولو إلى أدون ، فإن أهمل ضمن وإن تلف بغير الأمر المخوف.

ولو أنكر المالك سبب الخوف قدّم قول المستودع مع يمينه.

ولو لم يعيّن جاز النقل من حرز إلى آخر وإن كان أدون من الأوّل ، ولو نهاه عن النقل عن المعيّن لم يجز نقلها ولو إلى الأحرز إلّا مع خوف التلف فيه وإن قال : وإن (3) تلفت.

ولو قال : لا تنقلها وإن خفت التلف جاز مع الخوف النقل وعدمه ، ولو نقلها لا معه ضمن.

ص: 516


1- في « أ » : اتبع.
2- في النسخ التي بأيدينا : « المداراة » والصحيح ما في المتن بقرينة قوله : « ويرجع به [ على المالك ] ».
3- في « أ » : ولو.

ولو وضعها المالك في صندوق له أو للمستودع بالعارية ضمن بالنقل إلى غيره ، ولو نهاه عن القفل فقفل لم يضمن.

ولو قال له : ضعها في المنزل ، فوضعها في ثوبه ، أو : في جيبيك ، فوضعها في كمّه أو يده ضمن بخلاف العكس.

ولو قال : ضع الخاتم في الخنصر ، فوضعه في البنصر لم يضمن ، ولو عكس ضمن.

وتجب المبادرة إلى الإحراز بمجرى العادة ، قريبا كان الحرز أو بعيدا ، فإن أخّر مع القدرة ضمن.

ويجب نشر الثوب المحتاج إليه ، وتعريضه للريح مع الحاجة ، ولبسه كذلك إلّا أن ينهى المالك ، وعدم جعله في موضع يعفّنه.

ولا يجوز إغراء الطرّار بها كربط الخيط من خارج. (1)

ويجب سقي الدابة وعلفها وإن لم يأمره المالك ، ويرجع به عليه وإن نهاه ، ما لم يتبرّع ، وإن امتثل نهيه أثم ولا ضمان ، ويجوز أن يتولّاهما بنفسه أو بغلامه ، ولا يجوز إخراجها لهما إلّا لعذر.

ويجب على من حضره الموت دفعها إلى المالك ، ثمّ وكيله ، ثمّ الحاكم ، ثمّ الثقة ، فإن تعذّر وجب الإيصاء بها مع القدرة ، فلو أهمل أو أجمل ضمن ولو مات فجأة لم يضمن.

ص: 517


1- مثلا إذا قال المالك للودعي : اربطها في ثوبك فربطها ولكن جعل الخيط الرابط في خارج الكمّ لا تحته ضمن ، لأنّه إغراء للطرّار.

ولا يبرأ بالوصيّة إلى الفاسق إلّا أن يتعذّر العدل.

ولو لم توجد في تركته فإن ثبت أنّه مات وهي عنده ضمنها كالدين ، وإن ثبت أنّ عنده وديعة لم يضمن على توقّف.

الثالث : [ في ] الضمان

الوداعة مشتقّة من الودع ، وهو السكون ، فلا يجوز التصرّف فيها بوجه ، فإن تصرّف بما ينافي غرض الشارع فهو التفريط ، وبما ينافي غرض المالك ، فهو التعدّي ، وقد يجتمعان.

مثال التفريط : أن يضعها في المواضع الّتي تضرّ بها ، أو في غير حرز ، أو في حرز لا يناسبها ، أو إيداعها لغير ضرورة ولا إذن ، وإن كان لزوجته أو ولده أو عبده ، وترك علف الدابّة وسقيها مدّة لا تصبر عليها ، والسّفر بها وإن أودع في السّفر مع أمن الطريق وخوفه ، إلّا أن يخاف تلفها مع الإقامة.

ولو أراد السفر وتعذّر المالك دفعها إلى الحاكم ، فإن فقد فإلى الثقة ، فإن تعذّر فإشكال ، وكذا لو أراد ردّها وتعذّر المالك أو وكيله ، ويضمن لو خالف هذا الترتيب ، ويجب على الحاكم القبض ، ولو دفنها ضمن إلّا أن يخاف المعاجلة. (1)

ص: 518


1- قال في جامع المقاصد : 6 / 22 : فسّر شيخنا الشهيد المعاجلة بتفسيرين : أحدهما: معاجلة السّراق، وهو المتبادر من عبارة التذكرة، فانّه قال: ولو خاف المعاجلة عليها فدفنها فلا ضمان، وهو صحيح، لأنّ حفظها حينئذ لا يكون الاّ بالدفن، لكن يعتبر الدفن في موضع يعدّ حرزاً، وشأنه أن يخفى على السّراق . الثاني: معاجلة الرفقة إذا أراد السفر وكان ضروريّاً، وكان التخلّف عن تلك الرفقة مضرّاً .

ومثال التعدّي : الانتفاع بها كلبس الثوب ، وركوب الدابّة ، والنوم على الفراش ، والنظر في الكتاب.

ولا يضمن بنيّة الانتفاع إلّا أن يخرجها من حرزها له وإن كان الحرز له ، وكذا لو نوى بالأخذ من المالك الانتفاع ، أو جدّد نيّة الإمساك لنفسه.

ولو حلّ الكيس أو فتح ختمه ضمن وإن لم يأخذ شيئا ، ولو كان الشدّ والختم من المستودع لم يضمن بهما بل بالأخذ ، فإن أخذ بعضها ضمنه خاصّة وإن أعاده بعينه ، وكذا لو أعاد بدله ومزجه مزجا يتميّز ، ولو لم يتميّز ضمن الجميع ، وكذا لو تميّز بعضه.

ولو أذن المالك في الأخذ فردّ بدله بغير إذنه ، ومزجه ولم يتميّز ضمن الجميع ، وإن تميّز ضمن المأخوذ خاصّة إلّا أن يأذن له في الردّ والمزج.

ولو خلطها بماله أو بوديعة أخرى وإن اتّحد المالك ضمن.

ولو أذن في المزج أحد المودعين ضمن للآخر.

ولو مزج أجنبيّ ضمن خاصّة.

ومع التفريط أو التعدّي لا يعود الاستئمان (1) بردّها إلى الحرز ما لم يجدّده (2) المالك ، أو يبرئه (3) من الضّمان أو يردّها إليه.

ومثال الاجتماع : تضييعها وإتلافها ، أو إتلاف بعضها ، كقطع يد العبد ودلّة السارق (4) وإغرائه ، والإقرار بها لظالم ، أو السعي بها إليه ، ولا يضمن بتسليمها كرها ،

ص: 519


1- في « ب » : لا يعود الاستئجار.
2- في « أ » : ما لم يتجدّده.
3- في « أ » : أو يبرأ به.
4- قال الأزهري في تهذيب اللغة : 14 / 66 : الدّلّة : الإدلال.

ويجب الاختفاء عنه ، والحلف له مع التورية ، ولو خيّره بين التسليم واليمين فسلّم ضمن.

ولا يجب تحمّل الضرر الكثير ، كالجراح ، وذهاب المال.

ولو طلبها المالك ، أو سأله عنها فجحدها ، ثمّ ادّعى التلف لم يقبل ، وضمن وإن أقام بيّنة.

ولو جحدها فأقيم عليه بيّنة ، فإن كانت صيغة الجحود إنكار الإيداع لم يقبل قوله في الردّ والتلف ، مع البيّنة وعدمها ، وإن كانت إنكار اللّزوم قبل منه وإن لم يقم بيّنة.

الرابع : في الأحكام

يجب ردّ الوديعة على المالك أو وكيله مع طلبها وإن كان كافرا ، فلو أخّر لا لعذر ضمن ، وليس من العذر استيفاء الغرض من الأكل والحمّام والجماع وأمثاله.

وتجب المبادرة بمجرى العادة ، ولو ردّها على الوكيل ولم يشهد فأنكر لم يضمن ، ولو ترك الإشهاد على قضاء دينه ضمن.

ومئونة الردّ على المالك.

ولو أودعه الغاصب ردّها على المالك ، فإن جهله عرّفها سنة ، ثمّ يختار الصدقة بها عن المالك ويضمن ، أو إبقاءها أمانة ولا ضمان ، ولا يجوز تملّكها.

والممتزجة بمال الغاصب يردّها على المالك إن تميّزت ، وإلّا ردّ الجميع على الغاصب.

ص: 520

ولو مات المودع سلّمها إلى وارثه ، فإن تعدّد فإلى الجميع أو إلى القائم مقامهم ، فإن دفعها إلى البعض ضمن حصص الباقين.

والقول قول المستودع في عدم الإيداع ، وفي الردّ ، والتلف ، وعدم التفريط ، وقدر القيمة معه مع اليمين.

ولو دفعها إلى غير المالك وادّعى إذنه فأنكر ، قدّم قول المالك مع يمينه ، وإن صدّقه في الإذن وأنكر الدفع ، قدّم قول المستودع مع يمينه وإن ترك الإشهاد.

ولو ادّعى الوديعة اثنان فصدّق أحدهما قبل مع اليمين ، فإن نكل غرم للآخر ، ويكفي اليمين الواحد لهما.

* * *

ص: 521

المطلب الثاني : في العارية

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في العقد

والإيجاب كلّ لفظ دلّ على تسويغ الانتفاع بالعين مع بقائها ، ولا يختصّ بلفظ ، والقبول ما دلّ على الرضا قولا أو فعلا ، وليس بلازم من الطرفين.

وتشترط إباحة المنفعة ، فلا يجوز إعارة العبد المسلم أو المصحف من الكافر ، ولا الجواري للاستمتاع ، ويجوز للخدمة لأجنبيّ وغيره.

وتكره استعارة الأبوين لها.

وليس للمحرم استعارة الصّيد من المحلّ والمحرم ، ويضمنه للمحلّ بالإمساك وإن لم يشترط ، ويجوز أن يستعاره للمحلّ من المحرم ، لزوال ملكه بالإحرام ، ولا يضمنه ، ولا يجب ردّه ، ثمّ إن نوى الملك ملكه ، وإلّا كان مباحا.

ويجوز إطلاقها وتقديرها بالمدّة والعمل ، ولو تعدّدت المنفعة فإن عيّن تعيّنت ، فلو أعاره الأرض للغرس لم يجز البناء ، وبالعكس ، وله الزرع ،

ص: 522

ولو أعارها للزرع لم يجز الغرس ، ويزرع ما شاء.

ولو عيّن المزروع كالحنطة زرع المساوي والأدون لا الأضر.

ولو نهاه عن التخطّي حرم ، فلو فعل لزمته الأجرة والضمان ، ولو أطلق تخيّر ، فلو أعاره الدابّة فله الحمل والركوب.

ولو أعاره الأرض فله الغرس ، أو البناء ، أو الزرع.

ويرجع في الانتفاع إلى ما جرت العادة به ، فلو أعاره الدابّة للحمل وأطلق ، فله الحمل عليها ما جرت عادة مثلها ، ولو عيّن قدرا جاز النقصان دون الزيادة ، فيضمن الدابّة وأجرة الزيادة.

الثاني : في المعير

وشرطه أن يكون مكلّفا جائز التصرّف ، مالكا للمنفعة ولو بالإجارة ، فلا تصحّ إعارة الصّبيّ ، والمجنون ، والمحجور عليه ، والمستعير ، والغاصب ، فلو استعار منه عالما بالغصب رجع المالك على من شاء بالأجرة وأرش النقص والقيمة مع التلف ، ويستقرّ الضمان على المستعير مع العلم ، وإلّا فعلى الغاصب.

الثالث : [ في ] المستعير

وشرطه التعيين ، والكماليّة ، فلو أعار أحد هذين أو صبيّا أو مجنونا لم يصح.

ويجوز له استيفاء المنفعة بنفسه ووكيله.

ص: 523

الرابع : [ في ] المستعار

وهو كلّ عين يصحّ الانتفاع بها مع بقائها : كالعبد للخدمة ، والثوب للّبس ، دون الأطعمة لاستهلاكها بالانتفاع.

وتجوز إعارة الكلب والفهد للصّيد ، والفحل للضراب ، والشاة للحلب ، وهي المنحة ، وله الرّجوع في اللبن الموجود.

الخامس : [ في ] الضمان

العارية أمانة لا تضمن إلّا بالشرط ، أو التعدّي ، أو التفريط ، أو كانت ذهبا أو فضّة إلّا أن يشترط السقوط ، وباستعارة المحرم صيدا ، وبإهمال الردّ مع الطلب والتمكّن منه ، وبتعدّي ما عيّن له فيضمن العين والأجرة ، وبجحود العارية.

ولا يضمن لو تلفت العين بالاستعمال أو نقصت به ، فلو استعملها ثمّ تلفت بتفريط ضمن قيمتها يوم التلف ، وكذا لو شرط الضمان فنقصت بالاستعمال ثمّ تلفت.

ويضمن المثل بمثله والقيمي بالقيمة يوم التلف.

ولا يبرأ بالردّ إلى الحرز ، ولا بردّ الدابّة إلى المسافة المشترطة لو تجاوزها ، بل بإبراء المالك ، أو الردّ إليه أو إلى وكيله.

السادس : في الرجوع

وهو جائز إلّا في إعارة القبر بعد الدفن ، ويجوز الرجوع قبل الطمّ وبعد الاندراس.

ص: 524

ويضمن المالك ما يتلف على المستعير بالرجوع ، فلو أعاره للبناء (1) أو الغرس أو الزرع ثمّ رجع قبله ، منع منه ، فإن خالف أزاله المالك مجّانا ، وطالبه بالأجرة وطمّ الحفر ، وإن رجع بعده فله إزالته ولو قبل إدراك الزرع مع دفع الأرش ، وليس له الإزالة بدونه ، ولو دفع المالك القيمة أو المستعير الأجرة افتقر إلى التراضي.

ولو خرب البناء ، أو مات الشجر لم يجز له الإعادة بغير إذنه.

ولا يجب على المستعير طمّ الحفر إلّا أن يقلع الغرس باختياره ، ولو عين للغرس وقتا جاز الرجوع قبل الانقضاء مع الأرش ، وبعده مجّانا.

ولو حمل السّيل حبّا إلى أرض إنسان فنبت ، فلصاحب الأرض إزالته مجّانا ، أو إجبار المالك على القلع وتسوية الحفر.

ولو رجع في إعارة الحائط للتسقيف جاز وإن أدّى إلى خراب ملك المستعير ، ويجب دفع الأرش.

السابع : في الحكم

للمستعير الدّخول إلى الأرض المعارة ، والاستظلال بالبناء (2) والشجر ، وبيع غروسه وأبنيته للمعير وغيره ، وليس له الإعارة والإجارة إلّا بإذن المالك ، فإن بادر تخيّر المالك في الرّجوع بالأجرة على من شاء ، ويرجع الثاني على الأوّل مع الجهل لا مع العلم ، ومئونة الردّ عليه.

ص: 525


1- في « أ » : « فلو أعاره البناء » والصحيح ما في المتن.
2- في « أ » : « والبناء » والصحيح ما في المتن.

ولو ادّعى المالك الإجارة قبل الانتفاع قدّم قول المستعير مع اليمين ، وبعده يقدّم قول المالك مع يمينه ، ويثبت له الأقل من المدّعى وأجرة المثل.

ولو ادّعى الغصب قدّم قول المستعير مع يمينه ، ويثبت له أجرة المثل.

والقول قول المالك في الردّ وقول المستعير في التلف ، وفي عدم التفريط ، وفي القيمة معه ، وفي عدم التضمين.

ص: 526

المطلب الثالث : في الشركة

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في حقيقتها

وهو اجتماع حقوق الملّاك في الشي ء الواحد على سبيل الشياع ، وقد يكون في عين إمّا بالإرث ، أو بعقد البيع ، أو الهبة ، أو الصدقة ، والوصيّة ، والصلح ، والاغتنام ، والمزج ، والحيازة بأن يقلعا شجرة دفعة أو يغترفا ماء كذلك ، أو في منفعة إمّا بعقد الإجارة ، أو الوقف ، أو في حقّ إمّا باستحقاق القصاص ، أو حدّ القذف ، أو الخيار ، والرّهن ، والشفعة ، ومرافق الطرق.

وإنّما تصحّ شركة العنان (1) : وهي امتزاج الأموال بحيث لا تتميّز ،

ص: 527


1- قال في جامع المقاصد : 8 / 10 : العنان ككتاب : سير اللجام الّذي تمسك به الدابة قال المصنّف في « التذكرة » : فأمّا شركة العنان فإن يخرج كل مالا ويمزجاه ، ويشترطا العمل فيه بأبدانهما. وقد اختلف فيما اخذت منه هذه اللفظة: فقيل من عنان الدابة، إمّا لاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف، واستحقاق الربح على قدر رأس المال كاستواء طرفي العنان، أو كاستواء الفارسين إذا سوّيا بين فرسيهما في السير، أو لأن كلّ واحد منهما يمنع الآخر من التصرّف كما يشتهي كمنع العنان الدابة. وإما لأن الأخذ بعنان الدابة حبس إحدى يديه على العنان، ويده الأُخرى مطلقة يستعملها كيف شاء. كذلك الشريك منع بالشركة نفسه من التصرف في المشترك كما يريد، وهو مطلق اليد بالنظر إلى سائر أمواله. وقيل: من عنَّ إذا ظهر، إمّا لأنّه ظهر لكل منهما مال صاحبه، أو لأنّها أظهر أنواع الشركة، ولذلك أجمع على صحّتها .

اختيارا كان المزج أو اتّفاقا.

وصيغتها كلّ لفظ دلّ على الرضا بالمزج مثل شاركتك ، أو اشتركنا ، وشبهه.

ويشترط في المتعاقدين أهليّة التصرّف ، وفي المال التماثل في الجنس (1) والصفة ، وكونه معيّنا معلوم القدر ، سواء كان من الأثمان ، أو العروض ، فلا يصحّ في جنسين ، ولا في الدين والمجهول.

وغير المثلي : كالثّياب والعبيد لا تتحقّق فيه الشركة بالمزج ، فإن أريدت باع أحدهما حصة ممّا في يده بحصّة ممّا في يد الآخر ، أو بيعا معا بثمن واحد فيشتركان في الثّمن بالنسبة.

ولا تصحّ شركة الأبدان : وهي الاشتراك فيما يحصل بالصّنعة أو الحرفة ، تساوت أو اختلفت ، بل يختصّ كلّ واحد بأجرة عمله ، ومع الاشتباه يجب الصلح.

ولا [ تصحّ ] شركة الوجوه (2) : وهي أن يبيع الوجيه مال الخامل وله حصّة

ص: 528


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « التماثل والجنس » والصحيح ما في المتن.
2- قال العلّامة في « التذكرة » : شركة الوجوه فسرت بمعان أشهرها : أن يشترك اثنان وجيهان عند الناس لا مال لهما ليبتاعا في الذمة إلى أجل ، على أن ما يبتاعه كل واحد منهما يكون بينهما فيبيعاه ويؤدّيا الأثمان، فما فضل فهو بينهما. وقيل: أن يبتاع وجيه في الذمّة ويفوّض بيعه إلى خامل، ويشترطا أن يكون الربح بينهما. وقيل: أن يشترك وجيه لا مال له وخامل ذو مال، ليكون العمل من الوجيه والمال من الخامل ويكون المال في يده لا يسلّمه إلى الوجيه والربح بينهما . وقيل: أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ليكون بعض الربح له. تذكرة الفقهاء: 2 / 220 _ الطبعة الحجرية _ .

من الربح ، أو يبتاع وجيه في الذمّة ويفوّض بيعه إلى غير وجيه والربح بينهما ، بل الرّبح في الأولى كلّه للخامل ، وعليه أجرة المثل للوجيه ، وفي الثانية بالعكس ، ومنه أن يشتري كلّ واحد بجاهه شيئا في الذمّة ويشتركان في الربح ، بل لكلّ واحد ربح ما اشتراه.

ولا [ تصحّ ] شركة المفاوضة : وهي الاشتراك في كلّ ما يملكانه ويغرمانه ، بل لكلّ واحد غنمه وعليه غرمه.

ومن الشركة الباطلة أن يؤاجرا دابّتيهما أو يحملاهما مباحا ويكون الحاصل بينهما ، بل لكلّ واحد حاصل دابّته ، فإن اشتبه وجب الصلح.

ومنها : أن يدفع إنسان إلى آخر دابّته ليشتركا في الحاصل ، بل الأجرة لصاحبها ، وعليه مثل أجرة العامل.

ولو تقبّل حملا فالأجرة له ، وعليه مثل أجرة الدابّة (1) ولو احتطب عليها كان له ، وعليه مثل أجرة الدابة.

ومنها : أن يدفع واحد دابّة وآخر راوية (2) إلى سقّاء ليشتركوا في الحاصل ،

ص: 529


1- وفي القواعد : 2 / 329 مكان العبارة « وإن تقبّل حمل شي ء فحمله عليها أو حمل عليها شيئا مباحا فباعه فالأجرة والثمن له ، وعليه أجرة مثل الدابّة لمالكها ».
2- الرواية : المزادة فيها الماء. لاحظ القاموس.

بل للسّقّاء جميع الحاصل ، وعليه أجرة مثل الراوية والدابّة.

ومنها : أن يجوز مباحا ، أو يصيد بنيّة أنّه له ولغيره ، بل جميع ذلك له خاصّة ، ولا أثر للنيّة.

البحث الثاني : في الأحكام

الشركة عقد جائز من الطرفين ينفسخ بالجنون والموت ، وبفسخ أحد الشركاء ، ولا يلزم فيه التأجيل ، فيرجع كلّ واحد منهم متى شاء ، ولا يتصرّف أحدهم إلّا بإذن الباقين ، فإن أطلق تصرّف كيف شاء مع اعتبار المصلحة ، وإن عيّن للمأذون جهة السفر أو نوع التجارة ضمن لو خالف.

ولو أذن كلّ واحد لصاحبه وأطلقا جاز الانفراد ، ولو شرط الاجتماع لم يجز الانفراد.

ويجوز الرّجوع في الإذن والمطالبة بالقسمة ، لا المطالبة بإقامة رأس المال ، بل يقتسمان العين إلّا أن يتّفقا على البيع.

ويتبع الربح والخسارة رأس المال ، ولو شرطا التفاوت مع تساوي المالين أو بالعكس لزم إن شرطت الزيادة للعامل أو لذي الخبرة.

ولو تساويا في المال ، وأذن في العمل لصاحبه على أن يتساويا (1) في الربح فهو بضاعة ، ولو تفاوتا فيه فهو قراض.

ولو باعا سلعة بينهما صفقة شاركه الآخر فيما يستوفيه وإن تعدّد

ص: 530


1- في « ج » : أن تساويا.

المشتري ، ولو باع كلّ منهما حصّته فلا شركة وإن اتّحد المشتري.

ولو ظهر فساد الشركة فالربح على قدر رأس المال ، ويرجع كلّ واحد على الآخر بأجرة عمله.

ولو اشتريا شيئا بمال الشركة ، فوجدا فيه عيبا ، تخيّرا في الردّ والأرش ، ولو أراد الافتراق فإن علم البائع بالشركة جاز وإلّا فلا.

ولو كان لكلّ واحد قفيز حنطة فباعاهما صفقة جاز ، ويقسّم الثمن بالسويّة ، وفي المختلف كالعبدين يقسّم الثمن بالنّسبة.

البحث الثالث : في النزاع

الشريك أمين لا يضمن ما يقبضه بإذن شريكه إلّا بتعدّ أو تفريط ، ويقبل قوله في التلف مع يمينه ، سواء كان بسبب ظاهر كالغرق ، أو خفيّ كالسّرق ، وكذا في عدم التفريط والخيانة ، وفي شرائه لنفسه أو للشركة.

ولو باع أحد الشريكين بإذن الآخر ، وكان وكيلا في القبض ، فادّعى المشتري قبضه وصدّقه (1) الشريك ، وأنكر البائع ، فالقول قوله مع يمينه ، ويبرأ المشتري من نصيب الشريك ، ويستوفي البائع حقّه من المشتري ، ولا يشاركه الشريك ، وتقبل شهادة الشريك على البائع في حقّه ، ولا تقبل شهادة المشتري للشريك لأنّها على فعله.

وإن لم يكن وكيلا وصدّقه الشريك ، وأنكر البائع ، فالقول قوله مع يمينه أيضا ، ولم يبرأ المشتري منه ، لإنكاره ولا من الشريك ، لعدم الدفع إليه أو إلى

ص: 531


1- في « ب » و « ج » : فصدّقه.

وكيله ، ويستوفي كلّ منهما حقّه منه ، ولا تقبل شهادة الشريك على البائع لأنّها تدفع الشركة فيما يقبضه.

ولو ادّعى قبض الشريك وكان وكيلا في القبض ، وصدّقه البائع ، وأنكر الشريك ، فحكمه كالأوّل معكوسا.

وإن لم يكن وكيلا وصدّقه البائع وأنكر الشريك ، فالقول قوله مع يمينه ، ولم يبرأ المشتري من حقّ البائع ، لأنّه لم يدفعه إليه ، ولا إلى وكيله ولا من حقّ الشريك لإنكاره ، وطالبه البائع ، ولا يمين عليه ، ويشاركه الشريك ، وإن شاء طالب المشتري بحقّه ، ولا تقبل شهادة البائع لأنّه يدفع بها مشاركته.

ص: 532

المطلب الرابع : في الوكالة

اشارة

وهي الاستنابة في التصرّف.

وفيه مباحث :

الأوّل : في العقد

فالإيجاب كلّ لفظ دلّ على قصد الاستنابة عموما مثل : وكّلتك ، أو استنبتك ، أو فوّضت إليك ، وشبهه ، أو خصوصا مثل : بع هذا ، أو أعتقه ، وتكفي الإشارة مع العجز.

والقبول قد يكون لفظا مثل : قبلت ، أو رضيت ، وشبهه ، أو فعلا كأن يفعل ما أمر به ، ولا تجب فوريّته ، فيجوز تأخيره عن الإيجاب.

ولا يجوز تعليق الوكالة بشرط أو صفة ، فيفسد العقد ، ولا يسوغ التصرّف على الأقوى.

ويجوز تعليق التصرّف إذا نجزها فيمنع من التصرّف قبله.

وهي جائزة من الطرفين لكلّ فسخها.

وتبطل بعزل الوكيل نفسه فيفتقر في تصرّفه إلى تجديد العقد ، حاضرا

ص: 533

كان الموكّل أو غائبا ، ويستأمن عليه الحاكم مع غيبته ، وكذا لو ردّ الوكالة وإن لم يعلم الموكّل على رأي.

وإذا عزله الموكّل بطلت إن علم الوكيل بالعزل ، فلو تصرّف قبله صحّ وإن كان قصاصا ، ولا يجوز لشاهد العزل الشراء منه.

وعبارة العزل : عزلتك ، أو فسخت وكالتك ، أو أبطلتها ، أو أزلت نيابتك.

وإنكار الوكالة ليس عزلا فيما مضى ، بل في المستقبل إلّا مع غرض الإخفاء.

وتبطل أيضا بالموت ، والجنون ، والإغماء من أيّهما كان ، وبالحجر على الموكّل فيما يمنع من التصرف فيه ، وبفعل متعلّق الوكالة (1) وبتلفه : كموت العبد الموكّل في بيعه أو عتقه ، وموت المرأة الموكّل في طلاقها ، وبتلف الثمن ، والتصرّف فيه.

ولا تبطل بالنوم وإن تطاول ، ولا بفسق الوكيل إلّا في موضع الأمانة : كوليّ اليتيم ، وتبطل أيضا بفسق موكّله ، ولا بالسكر ، ولا بالتعدّي كأن يلبس الثوب بل يضمن ، ويبرأ بالتسليم إلى المشتري ، ولا يضمن الثمن ، ولا يعود الضمان لو ردّ المبيع بالعيب على توقّف.

ص: 534


1- في القواعد : 2 / 364 مكان العبارة : وتبطل الوكالة بفعل الموكل متعلّق الوكالة وما ينافيها مثل أن يوكّله في طلاق زوجته ، ثمّ يطأها ، فانّه يدلّ عرفا على الرغبة واختيار الإمساك.

البحث الثاني : في الموكّل

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، وجواز التصرّف فيما وكّل فيه ، فلا يصحّ توكيل الصّبيّ وإن أذن الوليّ أو بلغ عشرا ، ولا المجنون ، والمغمى عليه ، والسكران ، ولا العبد بغير إذن مولاه ، إلّا فيما لا يتوقّف على إذنه : كالطلاق والخلع ، وليس السكوت إذنا ، ولا المحجور عليه إلّا فيما لا يمنع منه الحجر كالطلاق ، والخلع ، واستيفاء القصاص ، ولا الوكيل إلّا بإذن الموكّل صريحا أو فحوى : كافعل ما شئت ، أو بشاهد الحال : كارتفاع الوكيل عن المباشرة ، أو عجزه عنها ، ولو عجز عن البعض وكّل فيه خاصّة ، ولا يوكّل إلّا عدلا ، ولو خاف وجب عزله.

والوكيل الثاني وكيل الموكّل ، فلا يملك الأوّل عزله ، ولا ينعزل بموته ، ولو وكّل بإذنه لنفسه ملك عزله ، وانعزل بموته ، وللموكّل عزله ، وينعزل بموته.

وللأب والجدّ له أن يوكّلا عن الصغير ، والمجنون.

وللحاكم أن يوكّل عن السفهاء وللحاضر في الطلاق ، وللمرأة في النكاح ، وللفاسق في تزويج ولده ، وللمكاتب مطلقا ، وللمأذون في التجارة فيما جرت العادة بالتوكيل فيه.

البحث الثالث : في الوكيل

وشرطه : البلوغ ، وكمال العقل ، وجواز تولّي ما وكّل فيه ، فلا تصحّ وكالة الصّبيّ والمجنون مطلقا ، والمحرم في عقد النكاح وبيع الصّيد وشرائه ، والمعتكف ، ومن وجب عليه السعي للجمعة في عقد البيع.

ص: 535

وتصحّ وكالة الفاسق وإن كان في النكاح ، والمحجور عليه لسفه أو فلس ، والمرأة في النكاح والطلاق وإن كان لنفسها والعبد بإذن مولاه وإن كان في شراء نفسه أو في إعتاقه ، والمكاتب بإذن مولاه ، ولو كان بجعل صحّ مطلقا ، والمرتدّ ، ولا يبطل بتجدّده ، والكافر وإن كان في تزويج المسلمة.

ويتوكّل الذّمي للذّمّي على مثله ، والذّمّي على الذّمّي لمسلم ، ولا يتوكّل على مسلم وإن كان لمسلم.

ويكره أن يتوكّل المسلم للذمّي على المسلم.

ولا تبطل وكالة زوجته وعبد غيره بطلاقها وعتقه وابتياعه ، وفي بطلان وكالة عبده بعتقه توقّف.

ويجوز أن يوكّل في استيفاء الحدّ ، والقصاص ، والدّين حتّى من نفسه ، وأن يتوكّل الواحد عن المتعاقدين دون المتخاصمين ، ويجوز تعدّد الوكلاء.

ولو وكّل اثنين وسوّغ لهما الانفراد ، جاز لكلّ واحد الاستقلال بالتصرّف في الجميع ، ولو سوّغ لأحدهما اختصّ به ، ولو أطلق أو شرط الاجتماع ، لم يجز الانفراد وإن كان في الخصومة ، ولو غاب أحدهما أو مات منع الآخر من التصرّف ، ولم يكن للحاكم أن يضمّ إليه أمينا.

ولو وكّلا في حفظ شي ء وجب حفظه في حرز لهما.

الرابع : في متعلّق الوكالة

ويعتبر فيه أمور :

الأوّل : أن يكون مملوكا للموكّل ، فلو وكّله في عتق عبد يريد شراءه ،

ص: 536

أو طلاق امرأة يريد نكاحها ، أو في بيع خمر ، لم يصحّ.

الثاني : أن يكون قابلا لملكه ، فلو وكّل المسلم ذمّيا في شراء خمر أو خنزير ، والكافر مسلما في شراء مسلم أو مصحف ، أو المحرم محلّا في شراء صيد أو عقد نكاح لم يصحّ ، ولا يشترط استقرار الملك فلو وكّله في ابتياع من ينعتق عليه صحّ.

الثالث : أن يكون معلوما ، ولا يجب الاستقصاء ، فلو وكّله في شراء عبد تركيّ جاز ، ولو نصّ على عموم التصرّف مثل : وكّلتك في كلّ قليل وكثير قيل (1) : يجوز ويراعى مصلحة الموكّل ، وكذا لو قال : [ وكّلتك ] بما إليّ من قليل أو كثير ، أمّا لو قال : بما إليّ من ( كلّ ) (2) تطليق زوجاتي وعتق عبيدي وبيع أملاكي جاز ، وكذا لو قال : بع مالي كلّه واقض ديوني كلّها ، أو بع ما شئت من مالي أو اقض ما شئت من ديوني (3).

ويشترط علم الموكّل بالحقّ المبرأ منه ، لا علم الوكيل والمديون.

ولو قال : أبرئه من كلّ قليل وكثير جاز.

الرابع : أن يكون قابلا للنيابة ، وهو ما لا يقع غرض الشارع بإيقاعه من المكلّف مباشرة : كالعقود ، وقبض الثمن ، والأخذ بالشفعة ، والفسخ ، والعتق ، والتدبير ، والكتابة ، وإخراج الصدقات ، والجهاد مع عدم التعيين ، والحجّ مع العذر

ص: 537


1- القائل هو ابن إدريس في السرائر : 2 / 89 - 90.
2- ما بين القوسين يوجد في « أ ».
3- كذا وفي النسخ : « واقض » والظاهر « واقبض .... » وفاقا لما في القواعد : 2 / 356.

على قول ، واستيفاء الديون والقصاص ، والحدود ، وقبض الديات ، وقرض الصداق ، وإثبات حدود الآدميّين ، والاصطياد ، والاحتطاب ، والاحتشاش ، والالتقاط ، وإحياء الموات ، والقسمة ، وعقد الجزية وقبضها ، وتسليمها ، وغسل البدن والثياب والأواني من النجاسات.

أمّا ما يتعلّق غرض الشارع بإيقاعه من المكلّف مباشرة فإنّه لا تصحّ فيه النيابة : كالطهارة مع القدرة ، والصلاة عن الحيّ ، إلّا ركعتي الطواف مع العذر ، والصّوم ، والاعتكاف ، والحجّ الواجب مع القدرة ، والنذور ، (1) والأيمان ، والعهود ، والسرقة ، والغصب ، والقتل ، وجميع المحرّمات ، ويلزم المباشر أحكامها ، والقسم بين الزوجات ، والاستيلاد ، والظهار ، والإيلاء ، واللعان ، وقضاء العدّة ، والإقرار وفي كونه إقرارا توقّف ، وإقامة الشهادة إلّا على وجه الشهادة على الشهادة.

الخامس : فيما تثبت به

الوكالة لا تثبت إلّا بشاهدين عدلين ، أو بحكم الحاكم بعلمه ، أو بتصديق الموكّل ، لا بشهادة النساء ، ولا بشاهد وامرأتين ، ولا بشاهد ويمين ، ولا بخبر الواحد ، ولا بتصديق الغريم.

ويشترط عدم انتفاعهما بها ، فلو شهد مالكا الأمة بوكالة الزّوج في طلاقها ، أو بالعزل لم يصحّ.

و [ يشترط ] توافقهما في لفظ العقد ووقته ، فلو شهد أحدهما أنّه وكّله

ص: 538


1- في « أ » : والنذر.

بالعربيّة والآخر بالعجميّة ، أو أنّه قال : « وكّلتك » والآخر « استنبتك » أو وكّله يوم الجمعة ، والآخر يوم السّبت ، لم تقبل.

ولو تعدّد العقد أو كانت على الإقرار قبلت ، ولو عدلا عن حكاية لفظ الموكّل ، فقال أحدهما : « وكّله » والآخر « أذن له » قبل مطلقا.

ولو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيع العبد والآخر في بيعه مع الجارية تثبت في بيع العبد إلّا مع اتّحاد العقد.

ولو شهد أحدهما أنّه وكّله في البيع وحده ، والآخر مع زيد ، أو في بيع سالم والآخر في بيع غانم ، أو في بيعه على زيد ، والآخر على عمرو لم تثبت ، سواء كان على لفظ العقد أو الإقرار.

ولو شهدا بالوكالة ، ثمّ شهد أحدهما بالعزل لم تثبت إلّا أن يحكم بها حاكم ، وفي الضمان توقّف.

ولا تقبل شهادة الوكيل في الخصومة لموكّله فيها إلّا أن يعزل قبلها ، وتقبل عليه وله فيما لا ولاية له فيه.

وتسمع بيّنة الوكالة على الغائب ، ولو ادّعاها عن غائب في قبض ماله ، فأنكر الغريم ، صدّق بغير يمين ، وإن صدّقه فإن كان الحقّ عينا لم يؤمر بالتسليم ، فإن سلّم فللمالك استعادتها ، ومع التلف يلزم أيّهما شاء مع إنكاره الوكالة ، ولا يرجع أحدهما على الآخر ، وكذا لو كان الحقّ دينا ، إلّا أنّه مع دفعه ليس للمالك مطالبة الوكيل ، وللغريم العود عليه مع بقاء العين أو تلفت بغير تفريط منه وإلّا فلا.

ص: 539

السادس : في الأحكام

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل :

إطلاق التوكيل يقتضي الإذن في مقتضياته عرفا ، فلو وكّله في البيع ملك تسليم المبيع إلى المشتري مع إحضار الثمن ، فإن سلّم قبله ضمن ، ولا يملك الإبراء منه ولا قبضه إلّا مع القرينة : كالبيع في مكان غائب عنه.

ولا يبيع إلّا بثمن المثل بنقد البلد حالا ، فإن تعدّد فالأغلب ، ومع التساوي يتخيّر ، ولا يبيع بأقلّ منه ممّا يتغابن الناس بمثله ، ولا به مع بذل الأزيد.

وله أن يبيع على ولده مطلقا ، وعلى نفسه مع الإذن.

ولو وكّله في الشراء ملك تسليم الثمن لا قبض المبيع ، واقتضى شراء الصحيح بثمن المثل بنقد البلد حالّا لا أزيد ، وله الردّ بالعيب إلّا أن يرضى الموكّل به ، ولا يجب إجابة البائع في استيمار الموكّل.

ويجوز أن يشتري من ولده مطلقا ، ومن نفسه مع الإذن.

وغير المقتضى (1) يفتقر إلى النصّ عليه صريحا أو فحوى ، فلو عيّن البائع ، أو المشتري ، أو الوقت ، أو المكان مع القرض ، أو السّلعة ، أو الشراء بالعين أو في الذمّة تعيّن ، وكذا النقد والنسيئة إن عيّن الأجل ، ولو أطلق بطل ، ويحتمل التخيير مع مراعاة المصلحة.

ص: 540


1- ناظر إلى قوله المتقدّم « إطلاق التوكيل يقتضي الإذن في مقتضياته » فالخارج عن حدود المقتضى ، يحتاج إلى نصّ الموكّل.

ولو باعه نقدا بما أذن فيه نسيئة ، أو اشترى نسيئة بما أذن فيه نقدا صحّ إلّا مع الغرض.

ولو وكّله في بيع عبد بمائة فباعه بأزيد ، أو باع نصفه بها صحّ وله بيع الباقي.

ولو وكّله في بيع عبدين بمائة فباع واحدا بها صحّ ، وله بيع الآخر.

ولو وكّله في شراء عبد معيّن بمائة فاشتراه بخمسين أو في شراء نصفه بمائة فاشتراه بها صحّ.

ولو أمره بابتياع شاة بدرهم فاشترى شاتين به ، ثمّ باع إحداهما بدرهم ، صحّ الشراء ، ووقف البيع على الإجازة.

ولو وكّله في قبض حقّه من فلان ، فله مطالبة وكيله والقبض منه دون وارثه ، ولو قال : في قبض حقّي الّذي على فلان ، فله مطالبة الوارث والقبض منه.

ولو وكّل عبده في عتق عبيده ، أو زوجته في طلاق نسائه ، أو غريمه في إبراء غرمائه ، دخل الوكلاء.

وإذا باع الوكيل ، ملك الموكّل الثمن ، ولو كان في الذمّة ، فلكلّ منهما مطالبة المشتري ، ولو اشترى انتقل المبيع إلى الموكل ، فلو اشترى الوكيل أباه لم يعتق عليه ، ولو اشترى في الذمّة فالثمن في ذمّة الموكّل ، فليس للبائع مطالبة الوكيل مع علمه بالوكالة ، ولو أبرأه لم يبرأ الموكّل ، ولو جهل الوكالة فله مطالبته.

ولو ظهر في المبيع عيب ردّه على الموكّل.

ص: 541

البحث الثاني : في المخالفة

إذا خالف الوكيل الموكّل كان حكمه حكم الأجنبيّ ، فلو أذن في البيع نقدا فباع نسيئة ، أو بالعكس ، أو في الشراء بالعين فاشترى في الذمّة ، أو بالعكس ، وقف على الإجازة ، وكذا لو باع بدون ثمن المثل ، أو اشترى بأكثر منه.

فإذا فسخ الموكّل الشراء ، فإن كان أضافه (1) إليه لفظا لم يلزمه الثمن ، وإلّا قضي به عليه ظاهرا ، وكذا كلّ موضع يبطل فيه الشراء للموكّل.

ولو ادّعى علم البائع ، فإن صدّقه ردّ ما أخذه ، وإلّا حلف وضمن الوكيل الثمن.

وإذا أضافه إلى نفسه وقع له ، ولم يكن للموكّل الإجازة ، نعم له إحلافه أنّه لم يضفه إليه.

ولو زوّجه بغير المعيّنة وقف على الإجازة.

البحث الثالث : في الضمان

الوكيل أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلّا بتعدّ أو تفريط ، فلو باع ما تعدّى فيه زال ضمانه بتسليمه إلى المشتري.

ولو وكّله في البيع وقبض الثمن فقبضه ، ثمّ تلف قبل طلبه لم يضمنه ، ولو كان بعده فإن تمكّن من الدفع ضمن وإلّا فلا ، وإن زال العذر ضمن بالتأخير.

ولو باع الوكيل فخرج المبيع مستحقّا ، أخذه المستحقّ ورجع المشتري

ص: 542


1- في « أ » : أضاف.

على الوكيل ، ويستقرّ الضمان على الموكّل ، هذا مع جهل الغصب وإلّا فلا رجوع له على أحد.

ولو اشترى فتلف المبيع بعد قبضه ، ثمّ خرج مستحقّا ، رجع المستحقّ على البائع ، أو على الوكيل ، أو الموكّل ، ولا رجوع لأحدهم مع العلم ، ولو كانا جاهلين استقرّ الضمان على البائع.

ولو وكّله في الإيداع فأودع ولم يشهد لم يضمن الوكيل إذا أنكر المودع.

ولو وكّله في قضاء الدين فلم يشهد بالإقباض ضمن بالإنكار.

البحث الرابع : في النزاع

وفيه مسائل :

الأولى : من أنكر الوكالة قدّم قوله مع اليمين ، فلو زوّجه امرأة بالوكالة ، فأنكر الزوج ولا بيّنة ، حلف ، وألزم الوكيل بنصف المهر ، وقيل : بالجميع (1) ثمّ إن كان الوكيل صادقا وجب على الزوج الدخول أو الطلاق ، وله مقاصّته بما دفع إلى الزوجة.

ولو صدّقت الوكيل لم تتزوّج حتّى يطلّقها الزّوج أو يموت ، ولا يجبر عليه ، فيطلّق الحاكم ، أو تفسخ المرأة على توقّف.

ولو كذّبته فلا مهر لها.

الثانية : لو اعترفا بالوكالة واختلفا في صفتها مثل : أن يقول : وكّلتك في بيع العبد ، فيقول : بل في بيع الأمة ، أو نقدا فيقول : بل نسيئة ، أو في الشراء ، فيقول : في

ص: 543


1- ذهب إليه العلّامة في القواعد : 2 / 367.

البيع ، قدّم قول الموكّل مع يمينه ، وكذا لو قال : اشتريته بمائة ، فيقول الموكّل : بخمسين ، وقيل : يقدّم قول الوكيل ، ويحتمل تقديم قوله إن اشترى بالعين ، وقول الموكّل إن اشترى في الذمّة ، لأنّ غارم الزائد في الأولى الوكيل وفي الثانية الموكّل.

الثالثة : لو ادّعى الوكيل ردّ العين أو الثمن قدّم قول الموكّل مع اليمين وإن لم يكن بجعل.

ولا يقبل قول الوصيّ في تسليم المال إلى الموصى له ، وكذا حكم الأب والجدّ والحاكم وأمينه والشريك والمضارب والملتقط إذا ادّعوا الإقباض.

الرابعة : لو ادّعى الوكيل التصرّف أو الشراء لنفسه أو للموكّل ، أو القبض من الغريم أو من المشتري ، أو عدم التفريط ، أو التلف ، قدّم قوله مع اليمين ، سواء كان سبب التلف ظاهرا أو لا ، وكذا الوصيّ والأب والجدّ له والحاكم وأمينه.

الخامسة : لو أنكر الوكيل القبض ثمّ اعترف به ، أو قامت به بيّنة فادّعى الردّ أو التلف لم يقبل قوله ولا بيّنته.

السادسة : لو طالب الوكيل الغريم ، فادّعى [ الغريم ] العزل أو الإبراء ، لم يكن له إحلافه إلّا أن يدّعي عليه العلم ، ولو قال [ الغريم ] : لا يستحقّ [ الوكيل ] المطالبة لم تسمع دعواه.

ص: 544

كتاب العطايا

اشارة

ص: 545

ص: 546

العطيّة إمّا عين أو منفعة ، وكلّ منهما إمّا منجّزة أو معلّقة بالموت ، فالمطالب أربعة (1) :

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] الصدقة والهبة ومنها الهدية

اشارة

والهبة تمليك عين منجّزا بغير عوض ولا قربة ، وترادف النحلة والعطية.

وفيها بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في أركانها

وهي خمسة :

الأوّل : العقد ، وهو الإيجاب والقبول ، فالإيجاب كلّ لفظ دلّ على معناها ، مثل : وهبتك ، وأعطيتك ، وملّكتك ، ولا تكفي الأفعال الدالّة عليه ، نعم تفيد الإباحة ، وتكفي الإشارة مع العذر.

والقبول كلّ لفظ دلّ على الرّضا بالإيجاب ، مثل : قبلت ورضيت ، ويشترط مقارنته للإيجاب.

ص: 547


1- المطلب الأوّل في الصدقة ، والمطلب الثاني في الوقف ، والمطلب الثالث والرابع في الوصية بعين أو منفعة.

الثاني : الواهب ، وهو كلّ مالك مكلّف جائز التصرّف ، فلا تصحّ هبة غير المالك ، ولا الصبيّ ، والمجنون ، والمحجور عليه.

وتقف هبة الفضولي على الإجازة.

الثالث : المتّهب ، ويشترط فيه التكليف وجواز التصرّف ، فلا يصحّ قبول الصّبيّ والمجنون ، ويصحّ قبول الوليّ عنهما ، ولو وهب العبد أو اتّهب لم يصحّ.

الرابع : الموهوب ، وهو كلّ ما يصحّ بيعه ، فلا تصحّ هبة الحمل ، واللّبن في الضرع ، والطير في الهواء ، والسّمك في الماء ، ويصحّ في الصوف على الظهر ، وفي الكلب المملوك والمشترك قبل القسمة للشريك وغيره.

ويشترط وجوده وتعيينه لا تقديره ، فلا تصحّ هبة شاة من قطيع ، ولا أحد العبدين ، وتصحّ هبة الصبرة المشاهدة ، والمغصوب من الغاصب وغيره مع إمكان القبض ، والمرهون بإذن المرتهن.

وهبة الدين لمن هو عليه إبراء ولا تصحّ لغيره ، ولا يشترط القبول بل علمهما بما في الذمّة ، أو جهلهما ، أو علم المبرئ ، فلو علم المدين خاصّة لم يبرأ وإن بالغ المبرئ في الكثرة.

الخامس : القبض ، وهو شرط في صحّة العقد لا في لزومه ، فيحكم بالملك عنده ، فلو مات الواهب قبله بطلت وإن كان بعد الإذن فيه.

ويشترط إذن الواهب وكونه للهبة ، فلو قبض بغير إذنه ، أو قبض لغيرها لم يملك ، ويصدّق في قصده.

ص: 548

ويصحّ الرجوع في الإذن قبل القبض لا بعده ، ولا يشترط فوريّته ولا ابتداؤه ، فلو وهبه ما في يده لم يجب تجديده ، ولا مضيّ زمان يمكن فيه [ القبض ] ، وكذا لو وهب وليّ الطفل ما في يده ، أو الموكّل ما في يد وكيله أو مستودعه.

ولو كان في يد الغاصب أو المستأجر أو المستعير افتقر إلى تجديده ، ولو وهبه غير الوليّ افتقر إلى قبضه أو قبض الحاكم.

ويحكم على المقرّ بالإقباض وإن كان في يد الواهب ما لم يعلم كذبه ، ولا يقبل إنكاره بعده ، ولا تقبل دعوى المواطأة ، ولا إحلافه على عدمها (1).

وهو كقبض المبيع ، وقبض المشاع (2) بتسليم الجميع إلى المتّهب بإذن الشريك ، أو إلى الشريك بإذن المتّهب ، (3) فإن امتنعا نصب الحاكم من يسلّمه لهما.

ولو قبضه بغير إذن الشريك أخطأ وأجزأ.

ولو أقرّ بالهبة وأنكر القبض ، صدّق مع اليمين ، وكذا لو قال : وهبته وملكته ثمّ أنكره وكان مالكيّا (4).

ص: 549


1- كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : وتقبل دعوى المواطأة ، وله إحلافه على عدمها.
2- في « أ » : « قبض المتاع » وفي « ب » و « ج » : « وقبض المبتاع » والصحيح ما في المتن.
3- وفي القواعد : 2 / 407 : والقبض في المشاع بتسليم الكلّ إليه ، فإن امتنع الشريك قيل للمتّهب : وكّل الشريك في القبض لك ونقله.
4- أي معتقدا برأي « مالك » حيث يرى حصول الملك في الهبة بمجرّد العقد من دون قبض. لاحظ بداية المجتهد: 329/2.

البحث الثاني : في الأحكام

وفيه فصلان

[ الفصل ] الأوّل : الهبة لا تستلزم العوض وإن كان الواهب أدنى ، فإن عوّض لم يجب القبول ، ولو شرطه وأطلق عوضه بما شاء ، فإن رضي به الواهب وقبضه لزمت وإلّا تخيّر المتّهب بين دفع الموهوب وعوض مثله ، ولو عيّنه تعيّن ، ويجوز أن يرضى بدونه.

ولا يجبر المتّهب على دفع العوض ، نعم للواهب الرجوع ، فلو تلف الموهوب حينئذ أو عاب لم يضمنه.

ولو تلف العوض قبل قبضه ضمن بدله ، ولو خرج مستحقّا وكانت مطلقة لم يجب البدل بل للواهب الرجوع ، ولو كانت مشروطة به وجب البدل مع الإطلاق ، ومثله أو قيمته مع التعيين ، وله ردّ العين.

ولو خرج معيبا ألزم بالأرش أو دفع العين إن كان معيّنا لا مع الإطلاق.

ولا يشترط في لزوم الهبة بالعوض قبضه ، نعم لو تلف قبله صحّ الرّجوع.

[ الفصل ] الثاني : لا يصحّ الرجوع للواهب إلّا في صورة واحدة وهي : أن يهب الأجنبيّ ولم يعوّض والعين باقية ، ولا يقصد الثواب ، ولا يتصرّف تصرّفا متلفا أو ناقلا ، لازما كان أو جائزا ، فلو وهب الأقارب ، أو عوّض ، أو تلفت العين ، أو قصد الثواب ، أو باع أو وهب ولم يقبض ، لم يكن له الرجوع وإن عاد الملك أو انقضت مدّة الإجارة أو فسخت الكتابة.

وحكم الزّوجين حكم الأقارب.

ص: 550

وموت المتّهب أو جناية الموهوب يمنع من الرجوع ، ولا يمنع جنون الواهب ، فللوليّ الرجوع مع الغبطة ، ولا إفلاس المتّهب وإن حجر عليه.

والرجوع إمّا باللفظ مثل : رجعت ، وارتجعت ، وفسخت ، أو بالفعل كالبيع ، والعتق ، ويقع صحيحا على الأقوى ، لأنّ الفسخ به يستلزم صحّته.

ولو كانت الهبة فاسدة صحّ إجماعا ، كما لو باع مال مورّثه فصادف ملكه ، ولو رجع بعد النقص فلا أرش ، وإن كان بفعل المتّهب ، وله الزيادة المتّصلة دون المنفصلة.

ولو صبغ الثوب شاركه بقيمة الصبغ ، ولا ينتقل حقّ الرجوع إلى الوارث.

وتستحبّ العطيّة لذي الرحم ، وتتأكّد في الوالد والولد ، والتسوية بين الأولاد ، ويكره التفضيل.

وتملك الهديّة بالقبض إلّا أن يريد الجزاء عليها ، ولا تفتقر إلى الإيجاب والقبول.

ص: 551

المطلب الثاني : [ في ] الوقف والسكنى والحبس

اشارة

وفيه مقصدان :

[ المقصد ] الأوّل : في الوقف

اشارة

وهو تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة ، والنظر في أركانه وشرائطه وأحكامه.

[ النّظر ] الأوّل : في الأركان
اشارة

وهي أربعة :

الأوّل : العقد

ولفظه الصريح : « وقفت » وغيره يفتقر إلى القرينة ، كحبست ، وسبّلت ، وحرّمت ، فإن تجرّد عنها لم يحمل على الوقف ، ولو ادّعى أنّه نواه حكم عليه بإقراره.

ولا يكفي الفعل كبناء المسجد وإن صلّى فيه (1) ، أو أذن في الصلاة.

ص: 552


1- سيوافيك من المصنّف ما يخالف ما ذكره في الشرط الرابع من شرائط الوقف. لاحظ ص 557.

ولا بدّ من قبول البطن الأوّل ، فيبطل بردّه ، ولا يشترط القبول في باقي البطون ، فلا يبطل بردّهم ، ولا في الوقف على الفقراء والمصالح ، ولا يجب قبول الحاكم أو الناظر ، ويقبل الوليّ عن المولّى عليه.

الثاني : الواقف

ويعتبر فيه البلوغ ، وكمال العقل ، وجواز التصرّف ، والملك ، والقصد ، فلا يصحّ وقف الصّبيّ مطلقا ، والمجنون والمحجور عليه لسفه أو فلس ، ولا من الغافل ، والنائم ، والسكران ، ووقف المريض من الثلث ما لم يجز الوارث ، وكذا الوصية به ، ووقف الفضولي يقف على الإجازة ، ولو وقف المشتري في مدّة خياره لزم وفي خيار البائع يقع مراعى.

الثالث : الموقوف عليه

وشروطه خمسة :

الأوّل : ذكره ، فلو قال : هذا وقف أو صدقة محرّمة ، ولم يذكر مصرفها بطل.

الثاني : وجوده ، فلا يصحّ الوقف على معدوم ابتداء ، ولا على حمل كذلك ، ولو شرك بين الموجود والمعدوم ، فللموجود النّصف.

الثالث : تعيينه ، فلا يصحّ على مبهم كرجل ، أو على أحد الرجلين.

الرابع : صحّة تملّكه ، فلا يصحّ على الدابّة ، والمملوك القنّ ، ولا ينصرف [ الوقف ] إلى مولاه ، ولا على المدبّر ، وأمّ الولد ، والمكاتب ، إلّا أن

ص: 553

يتحرّر بعضه ، فيصحّ في قدره ، ولا على الملك ، والجنّ ، والميّت.

ويصحّ على المساجد ، لأنّه على بعض مصالح المسلمين.

الخامس : إباحة الوقف عليه ، فلا يقف المسلم على البيع ، والكنائس ، وكتابة التوراة والإنجيل ، ويصحّ من الذمّي.

ولا يصحّ الوقف على بيت النار ، والصنم مطلقا ، ولا على الزناة وشاربي الخمر ، إذا قصد معونتهم.

ولا يصحّ وقف المسلم على الحربيّ مطلقا ، وعلى الذمّيّ الأجنبيّ.

ويصحّ على الفاسق والغنيّ.

فرع :

إذا وقف على من لا يصحّ الوقف عليه ، ثمّ على من يصحّ ، فهو منقطع الأوّل ، ولو عكس فهو منقطع الأخير ، ويصحّ الثاني حبسا دون الأوّل ، ولو كان منقطع الأوسط صحّ حبسا على الأوّل ، ويبطل على الأخير.

ولو كان منقطع الطرفين فيهما بطل فيهما.

والوقف على المسلمين ينصرف إلى معتقد الصلاة إلى القبلة وإن لم يصلّ إلّا الخوارج والغلاة والنواصب ، والصّبي والمجنون تابعان.

والمؤمنون : هم الاثنا عشريّة وكذا الإماميّة.

والشيعة : من قدّم عليا عليه السلام ، وهم الإماميّة ، والجارودية والكيسانيّة ، والإسماعيليّة.

ص: 554

والزّيدية : من قال بإمامة زيد.

والمنتسب إلى أب يشترط انتسابه إليه بالأب ، فالهاشمية من ولده هاشم وهم : أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب.

والطالبيّة : من ولده أبو طالب ، وهم أولاد عليّ وجعفر وعقيل.

والعلويّة : من ولده عليّ ، وهم أولاد الحسن والحسين عليهما السلام ، وابن الحنفيّة والعباس وعمر.

ولو وقف على من دان بمقالة كالشافعية فهو لمن اعتقدها (1) ولو وصفه بصفة كالفقهاء ، فهم المجتهدون.

والعشيرة القبيلة.

وعترة الرجل : الأدنون منه ، وذريّته ولده ، وقومه أهل لغته الذكور ، والجار يرجع إلى العرف ، والأقارب من يعرف بقرابته ، سواء القريب والبعيد ، ويدخل من يتجدّد بعد الوقف ، وأهل بيته كأقاربه ، والأقرب كمراتب الإرث ، ويساوي (2) الذكر والأنثى في ذلك كلّه إلّا أن يفضّل ، وكذا لو وقف على الأعمام والأخوال.

والبرّ كلّ قربة ، وكذا سبيل اللّه ، وسبيل الخير ، وسبيل الثواب.

ولو وقف المسلم على الفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين ، والكافر إلى فقراء نحلته ، ويعطى فقراء البلد ومن حضره ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا يتبع

ص: 555


1- في القواعد : 2 / 391 - 392. مكان العبارة : « ولو وقف على من اتصف بصفة أو دان بمقالة اشترك فيه كلّ من يصدق عليه النسبة ، كالشافعية ، يندرج فيهم كل من اعتقد مذهب الشافعيّ من الذكور والإناث »
2- في « ب » و « ج » : ويتساوى.

غيرهم ، ولا يعطى أقلّ من ثلاثة وكذا القبيل المنتشر ، أمّا المنحصر فيجب الاستيعاب والتتبّع.

ولو وقف على مصلحة فبطل رسمها صرف في البرّ.

ويجوز استعمال ما يفضل من آلة المسجد في مسجد آخر بخلاف المشهد.

الرّابع : الموقوف

وشرطه : أن يكون عينا معيّنة ، مملوكة ، ينتفع بها مع بقائها انتفاعا محلّلا ، وإمكان قبضها : كالدار ، والبستان ، والثياب ، والأثاث ، والآلات ، فلا يصحّ وقف المنفعة والدّين والمبهم ، كدار وفرس وأحد الدارين ، ولا الحرّ وملك غيره إلّا مع الإجازة ، ولا الدف والشطرنج ، ولا المأكول ، ولا الشمع المعلّق ، والدنانير والدراهم إلّا أن يفرض لها منفعة مع بقائها ، ولا الآبق والضالّ.

ويصحّ وقف من ينعتق على الموقوف عليه ولا ينعتق عليه ، والمشاع ، وقبضه كالبيع.

النظر الثاني : في شرائطه

وهي خمسة :

الأوّل : نيّة القربة على قول ، فلا يصحّ وقف الكافر.

الثاني : التنجيز ، فلو علّقه بشرط أو صفة بطل.

ص: 556

الثالث : الدوام ، فلو قرنه بمدّة كان حبسا ، فيبطل بانقضائها إلّا أن يطلقه بعدها ، كالوقف على ولده سنة ثمّ على الفقراء ، ولو وقف على من ينقرض قطعا ، كالوقف على زيد ، أو غالبا كأولاده ، أو يسوقه في بطون تنقرض غالبا كعقبه ، ولم يذكر المصرف بعدهم ، كان حبسا يرجع بعد الانقراض إلى الواقف أو إلى ورثته.

الرابع : القبض فلو مات أو ارتدّ قبله بطل ، ولا يقبل الفسخ بعده وإن اتّفقا عليه ، ولا تشترط فوريّته ولا تجديده ، فلو وقف على أصاغر ولده كفى القبض السابق ، وكذا الجدّ للأب والوصيّ.

وإذا وقف على الفقراء نصب من يقبض لهم ، ولا يشترط إذن الحاكم.

ولو كان على مصلحة قبض الناظر فيها.

ولو وقف مسجدا أو مقبرة فالصلاة الصحيحة ودفن المسلم كالإقباض ، فلا يكفي الإيجاب من دونهما ، فلو مات قبلهما بطل.

وللواقف الرّجوع قبل الإقباض ، ويجوز اشتراط النظر لنفسه وللموقوف عليهم وللأجنبيّ ، ولو بطل نظره فالحاكم.

ولو أطلق الوقف ، فالنظر للموقوف عليهم ، وفي الجهات العامّة للحاكم.

الخامس : إخراجه عن نفسه ، فلو وقف على نفسه أو عليه ثمّ على غيره بطل ، وكذا لو شرط الانتفاع به أو قضاء ديونه أو إدرار مئونته منه.

ولو وقف على الفقهاء وهو فقيه أو صار منهم ، أو على الفقراء فصار فقيرا ، شارك.

ص: 557

ولو شرط عوده إليه عند الحاجة بطل الوقف ، وصار حبسا يعود إليه عند الحاجة ويورث.

وكلّ شرط ينافي الوقف يبطله ، فلو شرط إخراج من يريد ، أو نقله إلى من سيوجد ، أو بيعه متى شاء ، أو الرجوع فيه ، أو الخيار بطل.

ولو شرط دخول ولده المتجدّد (1) أو أكل أهله منه ، أو لا يؤجر من متغلّب أو مماطل ، أو أكثر من سنة مثلا ، أو لا يوقع عليه عقدا حتّى تنقضي مدّة الأوّل صحّ ، وليس له إدخال غيرهم معهم وإن كانوا أطفاله.

ويجب إجراء الوقف على سبيله المشترط ، فلو شرط سهام الأيّم فتزوّجت منعت ، فإن طلّقت بائنا أو خرجت عدّة الرجعية استحقّت.

ولو شرط الواقف في الموقوف عليه وصف كمال كالفقه فلم يوجد في أحد البطون منع ، وكان للّذي بعده إن وجد فيه الوصف (2).

النظر الثالث : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : الوقف إن كان على مصلحة كالمساجد انتقل إلى اللّه تعالى ، وإلّا فإلى الموقوف عليه ، فيثبت بالشاهد واليمين ، ويجب عليه نفقة المملوك وإن كان مكتسبا ، ويستحقّ الشفعة ، ويزوّج الأمة ، ويقسم مع صاحب الطلق ، ولا يجوز بيعه كأمّ الولد.

ص: 558


1- في « أ » : متجدّدا.
2- في « أ » : إن وجد الوصف دخل في الوقف.

ولو انهدمت الدار لم يجز بيع العرصة ، وكذا لو انقلعت النخلة إذا أمكن الانتفاع بأجرة الجذع.

ولو وقع بين الموقوف عليهم خلف يخشى معه خرابه جاز بيعه ، ويختصّ بالثمن الموجودون ، وإلّا لم يجز البيع وإن كان أعود.

ولو خرب المسجد لم يعد إلى ملك الواقف ، ولم يجز بيعه.

ولو أخذ السّيل ميّتا ، فالكفن للوارث مع اليأس منه.

ولا يجوز عتق العبد لتعلّق حقّ باقي البطون به ، ومن ثمّ لو أعتق الشريك [ حصّته ] صحّ ولم يقوّم عليه ، نعم لو أقعد أو عمي أو جذم عتق وسقطت نفقته.

الثانية : المنافع المتجدّدة : كالصوف ، واللبن ، والنتاج ، والشجرة ، وعوض البضع ، والأجرة يملكها الموقوف عليه ملكا تامّا ، وكذا الصوف والشعر واللبن الموجودة حال الوقف ، بخلاف الحمل والثمرة على الشجر وإن كان نخلا لم يؤبّر.

ولو شرط دخول النتاج في الوقف دخل.

الثالثة : يجوز تزويج الأمة ، والمهر للموجودين ، وكذا الولد إن كان من مملوك أو من حرّ شرطت رقيّته ، وإلّا فالولد حرّ ، ولا قيمة عليه.

ولو وطئها حرّ لشبهة فالولد حرّ ، وعليه قيمته للموجودين.

ولو حملت من زنا فالولد لهم ، والواقف كالأجنبي.

ص: 559

ولو وطئها الموقوف عليه أثم ، والولد حرّ ، ولا قيمة عليه ولا مهر إن اختصّ به ، وإلّا غرم نصيب الشريك من العقر والولد.

وفي نفوذ عتق الاستيلاد توقّف ، فإن قلنا به أخذ قيمتها من تركته ، واشترى بها ما يكون وقفا.

الرابعة : لو جنى الموقوف عمدا ، فليس للمجنيّ عليه استرقاقه ، فإن اقتصّ منه بطل الوقف ، ولو كان طرفا فالباقي وقف ، ولو كانت خطأ تعلّقت بكسبه ، وإن جنى عليه حرّ عمدا أقيم بما قابل الدية ، أو الأرش بدله ، ويحتمل انّه للموجودين ، ولو كان الجاني عبدا فلهم استرقاقه والقصاص والعفو على مال ، وفي الخطأ الدية أو الأرش.

وفي مصرف المال الوجهان ، ولو استرقّوا الجاني ففيه الوجهان أيضا.

الخامسة : إذا وقف على أولاده اشترك الذكور والإناث والخناثى المنفصلين ، ولو عيّن أحد الأصناف اختصّ ، ولا يتناول الأولاد الحفدة إلّا مع القرينة ، كقوله الأعلى فالأعلى أو لم يكن له ولد الصّلب.

ولو قال : على أولاد أولادي اشترك أولاد البنين والبنات بالسوية.

ولو قال : من انتسب (1) إليّ أو على عقبي لم يدخل أولاد البنات.

ولو قال : على أولادي وأولاد أولادي اختصّ بالبطنين.

ولو قال : ما تعاقبوا وتناسلوا عمّ جميع البطون.

ولو قال : على أولادي فإن انقرضوا وانقرض أولاد أولادي فعلى الفقراء ،

ص: 560


1- في « أ » : نسب.

لم يدخل أولاد الأولاد بل يكون انقراضهم شرطا في استحقاق الفقراء ، والنماء قبله لورثة الواقف.

السادسة : إذا كان له موال من أعلى وأسفل ، فوقف على مواليه صرف إليهما ، ولو وقف على مولاه انصرف إلى أحدهما بالقرينة وإلّا بطل.

ولو وقف على زيد والفقراء فله النصف.

السابعة : إذا عطف بعض الموقوف عليهم على بعض « بالفاء » أو « ثمّ » فهو وقف ترتيب ، (1) وكذا لو قال : الأعلى فالأعلى ، فلا يستحقّ البطن الثاني حتّى يعدم الأولى ، وإن عطف بالواو فهو وقف تشريك ، فلو قال : على أولادي وأولاد أولادي أعطي الجميع.

ولو قال : على أولادي ثمّ على أولاد أولادي من مات منهم فنصيبه لولده ، فهو ترتيب بين الولد ووالده وتشريك بين الولد وعمّه.

ولا تجوز قسمة الوقف سواء اتّحد الواقف أو تعدّد.

الثامنة : إذا آجر أهل الوقف مدّة ثمّ انقرضوا قبل انقضائها بطلت الإجارة ، وإن قلنا لا تبطل بالموت لعدم انحصار الملك فيهم ، فيتخيّر من بعدهم بين الإجازة والفسخ ، ويرجع المستأجر على تركة الأوّلين بما قابل المتخلف.

ص: 561


1- في « ب » و « ج » : فهو ترتيب.

المقصد الثاني : في السكنى والحبس

أمّا السكنى ففائدتها التسلّط على استيفاء المنفعة مع بقاء الملك على مالكه ، وتختلف أسماؤها بحسب اختلاف الإضافة ، فإذا قال : « اسكنتك » فهي سكنى ، فإن قدّرها بمدّة تعيّنت ، وإلّا كفى مسمّاها ، فيخرجه متى شاء ، وتختصّ بالبيت والدار.

وإن قال : أعمرتك مدّة عمري أو عمرك ، فهي عمرى ، وهي مشتقّة من العمر ، ولا تختصّ بعين ، ولو اقتصر على « أعمرتك » بطلت.

ولو قال : أرقبتك هذه الدار أو العبد مدّة كذا ، فهي رقبى ، إمّا من الارتقاب أو من رقبة الملك.

وتفتقر إلى إيجاب كما تقدّم وإلى قبول ، وهو الرضا بالإيجاب ، وإلى قبض فلا يلزم بدونه ، وفي اشتراط نيّة القربة توقّف.

وإنّما يصحّ إعمار ما يصحّ وقفه ، وإذا تمّت (1) لم يكن له الرجوع حتّى تخرج المدّة المشترطة ، ولو قرنت بعمر المالك أو بمدّة فمات الساكن فلورثته السكنى حتّى يموت المالك أو تنقضي المدّة.

ولو قرنت بعمر الساكن أو بمدّة فمات المالك لم يكن لورثته إخراجه قبل موته أو مضيّ المدّة.

ص: 562


1- في « أ » : ثبت.

ولا تبطل ببيع رقبة الملك ، ويتخيّر المشتري مع جهله ، ولو أسكنه مطلقا كان بيعه رجوعا.

وإذا أطلق سكن بنفسه وأهله وولده ، ولا يسكن غيرهم إلّا مع الشرط.

وله إدخال الضّيف والدوابّ إن جرت عادة المسكن بذلك ، والزرع (1) في أرض شأنها ذلك ، وليس له إيجاره إلّا بإذن المالك.

وأمّا الحبس فهو أن يحبس فرسه أو بعيره في سبيل اللّه ، أو معونة الزائر والحاج ، أو غلامه في خدمة بيوت العبادة والمشاهد.

وتشترط القربة ، ويخرج عن الملك بالعقد ، ولو حبس ملكه على إنسان فإن أطلق رجع متى شاء ، وإن عين مدّة عاد الملك إليه أو إلى وارثه بعد انقضائها.

* * *

ص: 563


1- في « أ » : ومع الزّرع.

المطلب الثالث والرابع : في الوصيّة بعين أو منفعة

اشارة

المطلب الثالث والرابع (1) : في الوصيّة بعين أو منفعة

وفيه أبواب

[ الباب ] الأوّل : في الوصيّة بالمال

اشارة

وفيه مقصدان

[ المقصد ] الأوّل : في الأركان
اشارة

وهي أربعة :

الأوّل : في الماهيّة :

الوصيّة تمليك عين أو منفعة بعد الوفاة ، ولا بدّ من إيجاب مثل : اعطوه كذا ، أو أوصيت لفلان بكذا ، أو هذا له بعد وفاتي ، أو اعتقوا فلانا ، أو حجّوا عنّي ، ونحو ذلك.

وتصحّ بغير العربيّة ، وتكفي الإشارة مع العذر دون الكتابة ، وإن

ص: 564


1- وهو المطلب الرابع من المطالب الأربعة من كتاب العطايا ، فالوصيّة مطلقا من فروع العطايا لدى المصنّف.

شوهدت ، أو عمل ببعضها الورثة ، أو اعترف بها ، أو عرفت.

ولو أخرج خطّا وقال للشاهد : اشهد عليّ بمضمونه لم يصحّ إلّا أن يقرّ بما فيه ، ولو قرأ عليه فأقرّ به ، أو قرأه الشاهد مع نفسه ثمّ اعترف الموصي بما فيه ، صحّ وكذا الكلام في الإقرار.

ثمّ إن كانت الوصيّة في جهة عامّة أو بالعتق وشبهه لم تفتقر إلى قبول ، وإلّا افتقرت فيقبل الموصى له أو وليّه مع الغبطة.

ولا يشترط مقارنته للإيجاب ، فيجوز التراخي ووقوعه قبل الموت وبعده وإن تأخّر عنه.

ولو مات قبل القبول قام وارثه مقامه ، سواء مات قبل الموصي أو بعده إلّا أن يتعلّق غرضه بالموروث ، ولا يدخل في ملك الميّت بل في ملك الوارث ، فلو أوصى لزوج الأمة بها أو بالحمل وهو منه فمات قبل القبول ، وقبل الوارث لم يعتق الحمل على الميّت بل على الوارث إن كان ينعتق عليه ، كما لو كان الوارث ابنا والحمل بنتا ، ولو كان الوارث ابنا وبنتا انعتق ثلثاه ، وإذا عتق كلّه ورث مع الجماعة لا مع الواحد ، وإلّا فبنسبة ما انعتق منه.

ولو قبل أحد الوارثين صحّ في نصيبه ولم يشاركه الآخر ، ولا يكفي الموت عن القبول ولا العكس بل لا بدّ منهما.

والوصية عقد جائز من الطرفين ، فللموصي الرجوع وللموصى له الردّ ، ولا أثر له قبل الموت ، فلو ردّ قبله جاز القبول بعده ، ولو ردّ بعده قبل القبول بطلت وإن كان بعد القبض ، ولو ردّ بعد القبول لم تبطل وإن كان قبل القبض على الأقوى.

ص: 565

ولو ردّ بعد الموت والقبول والقبض لم تبطل إجماعا ، ولو ردّ البعض بطل فيه.

ويصحّ القبول بالفعل ، فلو أوصى له بزوجته ، فأولدها بعد الموت ملكها وصارت أمّ ولد.

والوصيّة تكون مطلقة مثل : إن متّ فلزيد كذا فمتى مات صحّت ، ومقيّدة مثل : إن متّ في هذا السّفر ، أو في هذا المرض ، أو في هذا الشهر ، أو في هذه البلدة ، فلزيد كذا ، فإن قدم أو برئ أو بقي بعد الشهر أو مات في غير البلد بطلت.

الثاني : في الموصي

ويعتبر فيه البلوغ وكمال العقل وجواز التصرّف والحريّة والاختيار ، فلا تصحّ من الصّبيّ وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون إلّا أن يعتوره ويوصي حال إفاقته ، ولا من السكران والسفيه.

ولو جرح نفسه بالمهلك ثمّ أوصى لم تصحّ وصيّته ، ولو أوصى ثمّ جرح نفسه صحّت ، ولا من المكره ، ولا من العبد القنّ وإن قلنا يملك ، للحجر عليه ، ولو اعتق وملك نفذت إن علّقها على الحرّية وإلّا فلا ، ولا من المدبّر والمكاتب المشروط ، والّذي لم يؤدّ ، ولو أدّى شيئا نفذ من وصيّته بقدره.

وتصحّ وصيّة الكافر للمسلم بما يملكه المسلم ، وللكافر مطلقا ، وبعمارة كنيسة أو قبور الأنبياء.

وتصحّ وصيّة الأخرس إذا فهمت إشارته ، وكذا من اعتقل لسانه ، ووصيّة الفقير إذا استغنى.

ص: 566

وتجب الوصيّة على كل من عليه حقّ لله أو لآدميّ ، وتتضيّق إذا ظنّ الموت.

الثالث : في الموصى له
اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في شروطه

وهي خمسة :

الأوّل : وجوده ، فلا يصحّ لمعدوم وإن علّقه بوجوده ، ولا لما تحمله المرأة ، ولا لمن سيوجد من أولاد فلان ، ولا لميّت ، فلو ظنّ حياته فبان ميّتا بطلت.

وتصحّ للحمل إن جاء لدون ستّة أشهر أو لأكثر من مدّة الحمل إن خلت من زوج أو مولى (1) وإلّا بطلت ، وتستقرّ بانفصاله حيّا ، فلو وضعته ميّتا بطلت ،

ص: 567


1- قال في جامع المقاصد : 10 / 41 - 42 : يشترط لصحة الوصيّة للحمل أمران : أحدهما: أن يكون موجوداً حالة الوصية، لأنّ الوصية للمعدوم لا تصحّ إجماعاً . الثاني: انفصاله حيّاً فتبطل بدون ذلك ومع الشرطين تصحّ الوصية له إجماعاً، كما يثبت إرثه. ويتحقّق وجوده بأن تأتي به أُمّه لأقلّ من ستّة أشهر من حين الوصيّة للقطع بوجوده حينئذ، فلو كان لستة فصاعداً ولها زوج أو مولى فليس وجوده حين الوصية بمعلوم، لإمكان تجدّده، والأصل عدمه، نعم لو خلت عن زوج ومولى وأتت به لما دون أكثر مدّة الحمل من حين الوصية، فإنّ الوصيّة تصحّ أيضاً، للحكم بوجوده شرعاً حين الوصية، لوجوب إلحاقه بصاحب الفراش. أقول: بناء على ما ذكره المحقّق الثاني (رحمه اللّه) فالأولى أن يقول المصنّف «لدون أكثر من مدة الحمل» بدل «لأكثر من مدّة الحمل» .

ولو وضعت حيّا وميّتا فللحيّ الجميع ، ولو انفصل حيّا ثمّ مات فهي لوارثه.

ولو تعدّد الحمل قسمت عليهم بالسويّة وإن اختلفوا في الذكورة والأنوثة.

ولو قال : إن كان في بطنها ذكر فله ديناران وإن كان أنثى فله دينار ، فولدت أحدهما فله وصيّته ، وإن ولدتهما فلكلّ واحد وصيّته.

ولو كانا ذكرين أو انثيين احتمل الإيقاف حتّى يصطلحان بعد البلوغ ، ويتخيّر الوارث.

ولو قال : إن كان حملها أو الّذي في بطنها أو ما في بطنها ذكرا فله ديناران ، وإن كان أنثى فدينار فولدت أحدهما فله وصيّته ، وإن ولدت ذكرين أو انثيين أو هما بطلت.

الثاني : صحّة تملّكه ، فلو أوصى للملك أو الدابّة بطلت ، إلّا أن يقصد علفها ، فيدفعه إلى المالك ، ولا يجوز له صرفه في غيره ، ولا يصحّ لمملوك الأجنبيّ ، ولا لمدبّره ، ولا لأمّ ولده ، ولا لمكاتبه المشروط ، والّذي لم يؤدّ ، ولو تحرّر بعضه صحّ بالنسبة ، ولا تصحّ لجزئه الحرّ ، وتصحّ لعبده ومدبّره ومكاتبه وأمّ ولده ، ويعتق من الوصيّة ، والفاضل له ، وإن قصرت عن قيمته سعى فيما يبقى وإن بلغت ضعف الوصيّة.

ولو أوصى بعتق مملوكه وعليه دين ، قدّم الدين وعتق ثلث الفاضل ، ولو نجّز عتقه فإن كان قيمته ضعف الدّين أعتق وسعى في خمسة أسداس قيمته وإن كانت أقلّ بطلت.

ص: 568

الثالث : تعيينه على الأقوى ، فلو أوصى لأحدهما بطلت ، ويحتمل الصحّة فيتخيّر الوارث ، ويحتمل القرعة.

الرابع : ألّا يكون حربيّا وإن كان رحما ، ولا مرتدّا مطلقا ، ويجوز للذمّي ، ولو أوصى المسلم لقرابته لم يدخل الكافر ، وكذا لا يدخل المسلم لو كان الموصي كافرا.

الخامس : إسلامه إذا أوصي له بمصحف أو بعبد مسلم ، ولو أوصى كافر لمثله فأسلم قبل الموصى له بطلت ، وكذا بعده قبل القبول ، ولو كان بعدهما صحّت وبيع عليه من مسلم.

البحث الثاني : في أحكامه

إطلاق اللفظ يقتضي دخول ما يتناوله لغة أو عرفا بالحقيقة ، فإن تعدّدت حمل على المجاز ، فلو أوصى لأولاده فهو لمن ولدهم دون الحفدة ، فإن عدم أولاد الصلب استحقّوا.

ولو أوصى لمولاه صرف إلى معتقه دون معتق أبيه إلّا مع عدمه ، والمشترك كالمولى يصرف إلى الموجود من المعتق والمعتق ، ولو اجتمعا بطلت إلّا مع القرينة ، ولو أتى بلفظ الجمع دخلا.

والعلماء : الفقهاء والمفسّرون والمحدّثون إن عرفوا الطّريق ، دون الأدباء والأطبّاء والمنجّمين.

والقرّاء : حافظو القرآن بالاستقلال دون القارئ بالمصحف.

والعصبة : العاقلة ، وختنه : زوج ابنته وصهره أب زوجته.

ص: 569

وقرابة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : بنو عبد المطلب.

ولو أوصى للمساكين دخل الفقراء دون العكس.

ومستحقّ الزكاة : الأصناف الثمانية.

واليتيم : من مات أبوه ولم يبلغ.

والأرملة : من مات زوجها أو بانت عنه بسبب ، والأيّم : الخالية من البعل.

والأعزب : من لا زوجة له.

وأعقل الناس : الزهاد والعلماء ، والأزهد والأتقى والأعلم : من ظنّ اتّصافه بذلك ، وباقي الألفاظ تقدّمت في الوقف.

وتصحّ الوصيّة للوارث كالأجنبيّ ، ويتساوى الذكر والأنثى ، إلّا أن يقول : على كتاب اللّه.

وتتساوى الأعمام والأخوال في الوصية.

ولو أوصى لله ولزيد فله النّصف ، ويصرف سهم اللّه إلى الفقراء.

ولو قال : لجبرئيل وزيد ، أو لزيد والرّيح ، فلزيد النصف ويبطل الباقي.

ولو أوصى لزيد والمساكين فله النصف ، ولا يعطى منهم أقلّ من ثلاثة.

ولو أوصى لقبيل منتشر أعطي من حضر البلد من الذكور والإناث ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا يتبع من غاب ، ولا يجوز التفضيل ولا النقص عن ثلاثة ، ولو كان منحصرا وجب الاستيعاب والتسوية والتتبّع.

ولو أوصى لبني فلان ، فإن انتشروا دخل الإناث وإلّا فلا.

ص: 570

ولو أوصى لعصبة فلان فمات الموصي قبله أعطوا ، ولو قال : لورثته بطلت.

ولو أوصى للمسجد صرف في مصالحه ، ولو قصد التملّك بطلت.

ولو مات الموصى له قبل الموصي بطلت.

ولو قال : اعطوا فلانا كذا ، ولم يبيّن الوجه صرف إليه يصنع به ما يشاء.

وتستحبّ الوصيّة للقريب وإن كان وارثا.

الرابع : في الموصى به
اشارة

وفيه فصلان

[ الفصل ] الأوّل : في شروطه

وهي ستّة :

الأوّل : الملك ، فلا تصحّ الوصيّة بملك الغير وإن أجاز على توقّف ، وتصحّ بالمشترك وينصرف إلى نصيبه.

الثاني : قبول الملك ، فلا تصحّ الوصيّة بالحرّ ، ولا بالخمر والخنزير إلّا أن يكونا ذمّيّين ، ولا بجلد الميتة وإن كان لمستحلّه ، وتصحّ بالسّباع والكلاب المملوكة.

الثالث : كونه منتفعا به ، فلا تصحّ الوصيّة بالخنافس ، والديدان ، والفضلات ، وتصحّ بالزبل.

ص: 571

الرابع : كون الانتفاع سائغا ، فلو أوصى بمعونة الظالمين ، أو بآلة اللّهو أو القمار ، لم تصحّ ، ولو تناول اللفظ المحلّل والمحرّم صرف إلى المحلّل ، فلو أوصى له بطبل من طبوله أو عود من عيدانه ، نزّل على طبل الحرب وعود يملك ، فإن لم يكن له إلّا المحرّم فإن انتفع به بعد إزالة الصفة المحرّمة صحّت ، وإلّا فلا.

ولو أوصى له بطبل لهو بطلت إلّا أن يقصد الرضاض (1) ، ولو أوصى له بما يصلح لهما كالدفّ صحّ لجواز اتّخاذه للعرس.

الخامس : عدم منافاته الشرع ، فلو أوصى المسلم بكتابة التوراة أو كتب الضلال ، أو بناء كنيسة أو عمارتها لم يصحّ.

السادس : عدم زيادته على الثلث إلّا أن يجيز الوارث ، ولا يشترط كونه عينا ، ولا معلوما ، ولا معيّنا ، ولا موجودا بالفعل ، ولا مقدورا على تسليمه ، فتصحّ بالمنافع كسكنى الدار ، وبالقسط ، وبأحد العبدين ، وبما تحمل الدابّة والشجرة ، والمملوك ، والآبق ، والطير في الهواء ، والسمك في الماء ، وبالمجهول ، والمبهم فيتخيّر الوارث ويعتبر ما يتخيّره من الثلث ، فإن زاد وقف على إجازته ، وليس اختياره ما يزيد على الثلث إجازة إلّا مع العلم والقصد.

ص: 572


1- قال في جامع المقاصد : 10 / 108 : رضاض الشي ء - بضم الراء - : هو فتاته.
الفصل الثاني : في أقسامه
اشارة

الموصى به إمّا عين أو منفعة ، والأوّل إمّا معلوم أو مبهم ، فالأقسام ثلاثة :

[ القسم ] الأوّل : المعلوم

ويرجع فيه إلى دلالة اللفظ لغة أو عرفا ، فالشاة اسم للضأن ، والمعز ، والصغير ، والكبير ، والذكر ، والأنثى ، والصحيح ، والمعيب ، دون الظبي ، والكبش للذكر الكبير من الضأن ، والتيس للذكر الكبير من المعز ، والبعير للذكر والأنثى من الإبل ، والجمل للذكر ، والناقة للأنثى وكذا البدنة.

ولو قال : اعطوه واحدة من الإبل ، أعطي أنثى ، وإن نزع التاء أعطي ذكرا ، ولو قال : ثلاثة من الإبل أعطي ذكورا ولو نزع التاء أعطي إناثا.

والبقر اسم جنس للذكر والأنثى دون الجاموس ، وبقر الوحش والثور للذكر ، والبقرة للأنثى.

والدابّة لذات الحافر إلّا يخصّ العرف أحدها (1) والحمار للذكر ، والأتان للأنثى ، والفرس للذكر والأنثى ، والحصان للذكر ، والحجرة للأنثى.

ولو أوصى بالحمل لم يدخل الحامل ، وبالعكس ، ويشترط تحقّقه ، وضابطه في الأمة بعادة الشرع وفي غيرها بعوائدها.

ص: 573


1- في « ب » و « ج » : أحدهما.

ويدخل في الدار ما يدخل في المبيع (1) ، ولو انهدمت لم تبطل ، وله النقض ، وليس زيادة العمارة رجوعا.

ويحمل اللفظ على حقيقته ، فلو أوصى بمملوك (2) انصرف إلى الرقّ دون البهيمة (3) ولو تعدّدت بأن كان مشتركا كالدابّة تخيّر الوارث في أحدها (4) إلّا مع القرينة كقوله : دابّة يسهم لها ، فينصرف إلى الخيل ، ولو قال : ينتفع بنسلها (5) خرج الذكور والبغال.

ولو كان اللفظ مشكّكا حمل على الأظهر من معانيه ، فلو أوصى له بقوس أعطي قوس النشّاب أو النبل أو الحسبان ، دون قوس البندق والندف ، إلّا مع القرينة كقوله : قوس يتعيّش به ، فينصرف إلى قوس النّدف ، ولو كان له قوس بندق وقوس ندف أعطي قوس البندق ، لأنّه أسرع إلى الفهم ، ويعطى الوتر الموجود.

ولو قال : اعطوه قوسا ، ولا قوس له اشتري له أحد الثلاثة.

ولو كان متواطيا كقوله : أعطوه رأسا من رقيقي ، تخيّر الوارث في الذكر والأنثى والخنثى ، والصغير والكبير ، والمسلم والكافر ، والصّحيح والمعيب ، وكذا لو قال : اشتروا له رأسا.

ولو قال : عبدا أعطي ذكرا ، ولو قال : أمة أعطي أنثى.

ص: 574


1- كذا في القواعد : 2 / 462 ، ولكن في النسخ الّتي بأيدينا « في البيع ».
2- في « ب » و « ج » : « لمملوك » والصحيح ما في المتن.
3- في « أ » : « دون القيمة » ولعلّه مصحّف.
4- في « ب » و « ج » : في أخذها.
5- في « ب » و « ج » : ينتفع بها بنسلها.

ولو قال : أعطوه عبدا من عبيدي ، لم يجز ما يشتريه ، ولو قال : عبدا من مالي ، تخيّر الوارث بين أحدهم والشراء.

ولو قال : أعطوه عبدا ، ولا عبد له ثمّ ملك عبدا صحّت ، ولو قال : من عبيدي بطلت ، وكذا لو كان له عبد واحد لا غير.

ولو قال : ثلث عبيدي ثمّ ملك آخرين أعطي ثلث الجميع.

ولو أوصى له بعبده ثمّ أعتقه بطلت ، وصحّ العتق.

ولو أوصى بعتق رقبة مؤمنة وجب ، فلو لم تجد أعتق من لم يعرف بنصب ، ولو ظنّ الإيمان فأعتق فبان الخلاف أجزأ.

ولو عيّن ثمن الرقبة فلم يوجد به توقّعه ، فإن لم يتّفق اشترى بأقلّ وأعتق ودفع إليه الباقي.

ولو قال : أعطوه أحد عبيدي ثمّ ماتوا بطلت ، ولو بقي واحد تعيّن ، ولو قتلوا لم تبطل ، ويعيّن الوارث ، وتؤخذ القيمة منه إن دفعت إليه ، وإلّا فمن الجاني ، وإن قتل بعضهم عيّن الوارث أحد الباقين أو أحد المقتولين.

ولا يدخل في العبد الثوب ولا في الدابّة السرج.

وجمع الكثرة يحمل على ثلاثة مع الإطلاق ، مثل أعتقوا عنّي عبيدا ، ولو قيّده بقدر ، مثل أعتقوا عنّي عبيدا بثلث مالي ، وجب الشراء به وإن زاد على الثلاثة ، تحصيلا للكثرة ، ويجزئ في جمع القلّة الثلاثة وإن قيّده تحصيلا للقلّة.

ولو أوصى بكفّارة مرتّبة أخرج أقلّ رقبة تجزئ ، وكذا لو أوصى بعتق رقبة.

ص: 575

ولو أوصى بالمخيّرة أخرج أقلّ الخصال قيمة.

ولو أوصى بالأزيد أخرج المجزئ من الأصل والزيادة من الثلث ، ولو لم يف المجموع أخرجت الدنيا وبطل الزائد.

وتصحّ الوصية بالمضاربة بتركته أو ببعضها على أنّ الربح بينه وبين الوارث.

القسم الثاني : المبهم

إذا فسّر الشارع لفظا رجع إليه ، وإلّا فإلى الوارث ، فلو أوصى بجزء من ماله فهو العشر ، فجزء الجزء عشر العشر ، والسّهم الثمن ، والشي ء السّدس ، والكثير ثمانون ، وقيل : يختصّ بالنذر (1).

ولو أوصى بوجوه فنسي الوصيّ وجها صرف في وجوه البرّ ، وكذا لو عيّن وجها فتعذّر.

ولو قال : أعطوه حظّا من مالي ، أو قسطا ، أو نصيبا ، أو جليلا ، أو عظيما ، أو خطيرا ، أو جزيلا ، أو قليلا ، أو يسيرا ، رجع إلى الوارث في تفسيره.

ولو ادّعى الموصى له تعيين الموصي قدّم قول الوارث بغير يمين إلّا أن يدّعي علمه (2).

ولو أوصى بسيف دخل الجفن والحلبة ، ولو أوصى له بصندوق أو جراب دخل ما فيهما مع القرينة.

ص: 576


1- القائل هو الحلّي في السرائر : 3 / 188.
2- إلّا أن يدّعي الموصى له علم الوارث بصدق مقال الموصى له فيحلف الوارث عندئذ.

ولو أوصى بإخراج أحد أولاده بطلت.

القسم الثالث : الوصيّة بالمنفعة

تصحّ الوصيّة بسكنى الدار ، وغلّة البستان وثمرته ، ومنافع المملوك والحيوان ، مؤبّدة ومؤقّتة ومطلقة ، فيتخيّر الوارث.

وهي تمليك منفعة بعد الموت لا مجرّد إباحة ، فلو مات الموصى له ورثت عنه.

وتصحّ إجارته وإعارته ، ولا يضمن العين إلّا أن يفرّط ، ولا يجبر الوارث ولا الموصى له على عمارة الدار وسقي البستان ، وتحسب [ المنافع ] من الثلث فإذا كانت مؤبّدة ، وطريقه تقويم العين بمنافعها على التأبيد ، ثمّ تقوّم مسلوبة المنافع ، فالتفاوت هو الموصى به ، ولو لم يكن لمسلوبة المنفعة قيمة كان المخرج من الثلث قيمة العين بمنافعها ، وكذا لو أوصى لواحد بإحدى المنفعتين وللآخر بالأخرى كالغزل والنسج.

ولو أوصى لشخص بإحداهما صحّ ، وقوّمت كالأوّل ، ويرجع في استيفائها إلى العادة ، ولو انتفت وجب الصّلح.

ولو أوصى لواحد بالرّقبة ولآخر بالمنفعة ، قوّمت الرقبة على الأوّل إن كانت لها قيمة ، والمنفعة على الثاني ، وإذا كانت مؤقّتة قوّمت مع المنفعة ثمّ مسلوبة تلك المدّة ، فالنقص قيمة المنفعة.

وتجب نفقة العبد وفطرته ونفقة الحيوان على الوارث وإن كانت الوصيّة مؤبّدة ، ويملك جميع اكتساب العبد الموصى بمنافعه من الاصطياد والاحتطاب والأجرة ، ولا يملك الوطء والعقر والولد على توقّف ، ويمنع الوارث من

ص: 577

الوطء ، فلو وطئ أحدهما لم يحدّ للشبهة ، ولا تصير أمّ ولد بالحمل من الموصى له بل من الوارث.

ولو وطئت سفاحا فالولد للوارث ، ولو كان للشبهة فالولد حرّ ، وعلى الواطئ العقر وقيمة الولد للوارث على التوقّف.

ولا يتزوّج [ العبد ] إلّا برضاهما ، ويملك الوارث إعتاقه ، ولا تبطل الوصيّة به ، ولا يجزئ عن الكفّارة ، ونفقته على الموصى له على توقّف ، ويملك كتابته ، ويؤدّى من الصدقات ، ولا يملك بيعه إن كانت مؤبّدة إلّا من الموصى له ، وإن كانت مؤقّتة جاز ، كبيع المستأجر ، وكذا بيع الموصى ببعض منافعه.

وإذا قتل بطلت الوصيّة ، فإن أوجب القصاص تولّاه الوارث ، وإن أوجب الدية صرفت إليه ، وله أرش طرفه.

ولو جنى قدّم حقّ الجناية ، وإن قتل بطلت الوصية ، وكذا إن بيع ، وإن فداه الوارث استمرّت ، وكذا إن فداه الموصى له.

ويجبر المجنيّ عليه على القبول على توقّف.

ولو أوصى لواحد بحبّ الزرع ولآخر بتبنه فالنفقة عليهما بالنسبة.

المقصد الثاني : في الأحكام
اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في كيفيّة تنفيذ الوصايا

يستحبّ تقليل الوصيّة بخلاف باقي الصدقات ، فالربع أفضل من الثلث ، والخمس أفضل من الرّبع ، ويمنع من الزيادة على الثلث ، صحيحا كان أو

ص: 578

مريضا ، ويقف على إجازة الوارث ، فلو أجاز الوصيّة بالنصف ثمّ ادّعى ظنّ القلّة صدّق مع اليمين.

ولو كانت الوصيّة بمعيّن ثمّ ادّعى ظنّ أنّها بقدر الثلث ، أو أكثر بقليل ، أو كثرة المال ، أو عدم الدين ، صدّق على توقّف.

ولو أجاز البعض مضى في نصيبه ، ولو أجاز في البعض صحّ فيه خاصّة.

ويشترط في المجيز البلوغ ، والعقل ، وجواز التصرّف.

والإجازة تنفيذ لا ابتداء عطيّة ، فلا تحتاج إلى قبول وقبض ، فلو أجاز الورثة عتق العبد أو الوصيّة بعتقه فلا ولاء لهم ، ولو كانوا إناثا فالولاء لعصبته لا لعصبتهنّ.

ولو كان المجيز مريضا لم يعتبر من ثلث ماله.

ويعتبر الثلث حين الوفاة لا حين الوصيّة ، ولا ما بينهما.

وتنفذ بعد الوفاة إجماعا وقبلها على الأصحّ (1) ، ولفظها : أجزت ،

ص: 579


1- قال المحقّق الكركي : أطبق الأصحاب على أنّ الإِجازة من الوارث إذا وقعت بعد الموت كانت معتبرةً، واختلفوا في اعتبارها لو وقعت قبل الموت: فاعتبرها الأكثر: كالشيخ، وابن الجنيد، وابن بابويه، وابن حمزة والمحقّق ابن سعيد، والمصنّف في المختلف، والتذكرة. وذهب المفيد، وسلاّر، وابن إدريس إلى عدم اعتبارها. والأصحّ الأوّل، لنا عموم قوله تعالى: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدما سَمِعَهُ) البقرة: 181 وقوله تعالى: (مِنْ بَعْد وصيّة) النساء: 11 _ 12 خرج ما أخرجه الدليل فيبقى الباقي على الأصل. وأيضاً فإن الرّدّ حقّ الورثة، فرضاهم مسقط له، بدليل أنّ الحقّ ثابت وإلاّ لم يمنع الموصي من الزائد. فإن قيل: لم يملكوا شيئاً بعد. قلنا: لا يلزم من عدم الملك عدم الحقّ أصلاً. وأيضاً فإنّه لو لم يكن لهم حقّ لانحصر الحقّ كلّه في الموصي، وهو باطل، ومع ثبوته فهم مسلّطون على إسقاطه كسائر الحقوق، وقد روى منصور بن حازم في الصحيح، ومحمد بن مسلم في الحسن كلاهما عن الصادق (عليه السلام) في رجل أوصى بوصيّة وورثته شهود، فأجازوا ذلك، فلمّا مات الرجل نقضوا الوصيّة، هل لهم أن يردّوا ما أقرّوا به في حياته؟ قال: «ليس لهم ذلك، الوصيّة جائزة عليهم إذا أقرّوا بها في حياته» الوسائل: 13 / 371، الباب 13 من أبواب كتاب الوصايا، الحديث 1 . وادّعى الشيخ على ذلك إجماعنا. احتجّ الآخرون بأنّها إجازة فيما لا يستحقّونه بعد، فجرى مجرى ردّهم حينئذ. أجاب المصنّف أي العلاّمة الحلّي (قدس سره) بأنّه لولا تعلّق حقّ الوارث لم يمنع المريض. والفرق بين الإجازة والردّ ظاهر، فإن الردّ إنّما لم يعتبر حال حياة الموصي ; لأنّ استمرار الوصيّة يجري مجرى تجدّدها حالاً فحالاً، بخلاف الإجازة فإن الدوام يؤكّدها. والحاصل: ان الردّ لمّا لم يكن مانعاً من إنشاء الوصيّة لم يكن معتبراً، بخلاف الإجازة فإنّها إسقاط لحقٍّ قد ثبت، ودليل الثبوت ما سبق، ولا يتوقّف الثبوت على حصول الملك. إذا عرفت ذلك فاعلم أنّّ المفهوم من عبارة الأكثر ومن استدلالهم، أن هذا الحكم إنّما هو فيما إذا أجاز الوارث وصيّة المريض وما في حكمها. أمّا وصيّة الصحيح فمقتضى قولهم: أنّ الوارث بالإجازة أسقط حقّه ان إجازته حينئذ لا تؤثّر، إذ لا حقّ له. والمصنّف في التحرير عمّم الحكم في الإجازة للوصيّة حال المرض والصحة لاحظ التحرير: 3 / 341 ، وعموم الرواية الحاصل من ترك الاستفصال يتناوله، وكلّ منهما محتمل وإن كان التعميم لا يخلو من إشكال. جامع المقاصد: 10 / 113 .

وأنفذت وشبهه.

ولو أوصى لاثنين بما يزيد على الثلث ولم تجز الورثة ، فإن جمع تساويا قدر الثلث ، وإن رتّب فالنقص على الثاني.

ولو أوصى بثلثه لزيد فله ثلث كلّ شي ء ، ولو كانت بمعيّن ملكه الموصى

ص: 580

له بالموت والقبول ، فإن كان باقي التركة غائبا تصرّف في ثلثه وأوقف الباقي حتّى يحضر الغائب على توقّف.

وإذا أوصى بواجب وغيره أخرج الواجب من الأصل وغيره من الثلث ، فإن لم يف به ولم تجز الورثة فإن جمع بسط على الجميع ، وإن رتّب بدأ بالأوّل فالأوّل حتّى ينفذ الثلث ، ويبطل الزائد ، وكذا لو كان الجميع غير واجب ، فلو أوصى لزيد بربع ولعمرو بسدس بطل من وصيّة عمرو النصف إلّا مع الإجازة.

ولو اشتبه الأوّل أقرع ، ولو أوصى له بعبد ولآخر بتمام الثلث ، وكانت قيمته بقدر الثلث بطلت الثانية وإن نقصت فالباقي للثاني ، ولو عاب العبد فله ما فضل عن قيمته صحيحا وكذا لو مات.

ويحصل الترتيب بالتقديم ، وبالفاء ، وثمّ ، وبالواو على توقّف.

ويقدّم المنجّز في المرض على المعلّق بالموت وإن تأخّر في اللفظ ، إلّا أن ينصّ على خلافه.

ولو أوصى بثلثه للمساكين ، جاز صرفه في بلده وفي غيره ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا يتبع من غاب (1) ، وكذا لو كانت أمواله متفرّقة.

وتحسب الدية والأرش من التركة وإن أخذت في العمد ، فتخرج الوصايا من ثلث ذلك.

ولو اقتضى التشقيص بالوصيّة التصرّف في أكثر من الثلث ، كما لو كانت قيمة التركة ثلاثين ، ورجعت بالتشقيص إلى عشرة ، فالنقص كالإتلاف على توقّف ، ولو كان النقص بتشقيص الورثة ، فهو كالإتلاف قطعا.

ص: 581


1- في « أ » : من غائب.

ولو أوصى بعتق مماليكه دخل المشترك ، ولا يقوّم عليه ولا على الورثة ، ولو لم يكن سواهم عتق ثلثهم بالقرعة ، ومع الترتيب يبدأ بالأوّل فالأوّل حتّى يستوفى الثلث.

ولو عيّن العدد دون الشخص ، استخرج بالقرعة قدر الثلث.

ولو أوصى بعتق رقاب وجب ثلاثة إن وسع الثلث ، وإلّا ما يحتمله ، ويجب تحصيل ثلاثة أو ما قرب منها وإن كانوا أخسّة ، (1) فلو أمكن شراء اثنين وشقص لم يقتصر عليهما ولو قصر الثلث إلّا عن واحد أو بعضه وجب ولو لم يتّفق شقص صرف إلى الورثة.

ولو أوصى بثلثه لواحد ثمّ به لآخر كان رجوعا عن الأوّل ، ويقرع مع الاشتباه ، وكذا لو أوصى بعين لواحد ثمّ أوصى بها لآخر.

البحث الثاني : في المسائل الحسابيّة

لو أوصى لواحد بعشرة وبالحجّ الواجب من الثلث ، وكانت أجرة مثله عشرة صحّ ، وفائدته مزاحمة الوصيّة بالضرب بأجرة مثل الحجّ في الثلث ، فيقسم الثلث بين الموصى له وأجرة مثل الحجّ بالسويّة ، فما أصاب الحجّ إن وفّى به فلا بحث ، وإلّا تمّم من رأس المال ، فينقص المال ، فينقص الثلث فينقص نصيب الحجّ ، فتزيد القيمة ، فينقص المال أكثر ، فينقص الثلث أكثر ، فيدور ، فيجب تفسيره بالجبر والمقابلة ، فلو كانت التركة ثلاثين فنقول : ينقص [ من ] التركة شي ء وهو تتمّة أجرة الحجّ فيبقى ثلاثون إلّا شيئا ، فإذا أخذ ثلث ذلك كان عشرة إلّا ثلث شي ء ، فيقسّم بين الموصى له وأجرة الحجّ بالسويّة ، فأجرة الحجّ

ص: 582


1- في مقابل النفيسة لتكون قيمتها رخيصة قابلة لاشتراء الأكثر من اثنين.

خمسة إلّا سدس شي ء ، فإذا ضمّ إليه الشي ء المأخوذ من التركة اجتمع خمسة وخمسة أسداس شي ء تعدل عشرة ، هي أجرة مثل الحجّ ، فتسقط خمسة بخمسة تبقى خمسة أسداس شي ء تعدل خمسة ، فالشي ء ستّة هي التتمّة ، فإذا أخرجت من الأصل بقى أربعة وعشرون ، ثلثها ثمانية ، أربعة للموصى له ، ومثلها للحجّ ، وقد حصل ستّة هي التتمّة فيكمل للحجّ عشرة.

ولو أوصى له بمثل نصيب أبيه وله ابن واحد ، فالوصيّة بالنصف ، ولو كان له اثنان فهي بالثلث ، ولو كانوا ثلاثة فهي بالربع وهكذا ، والضابط أن يجعل كأحدهم.

ولو أوصى بنصيب ابنته بطلت ، ولو قال : مثل نصيب بنتي ، وله بنت واحدة ، فله النّصف مع الإجازة ، وإلّا الثلث ، ولو كان له بنتان فله الثلث مطلقا.

ولو قال : مثل نصيب ابني ومعه بنت ، فله خمسان مع الإجازة والثلث مع عدمها ، ولو أجاز أحدهما فله من نصيبه خمسان ومن نصيب الآخر الثلث.

ولو أوصى بمثل نصيب من لا نصيب له كالقاتل بطلت.

ولو قال : مثل نصيب بنتي ومعها زوجة ، فإن أجازتا فله سبعة من خمسة عشر وكذا للبنت وللزوجة سهم ، وإن لم تجيزا فله أربعة من اثني عشر ، وسبعة للبنت ، وسهم للزوجة.

وإن أجازت إحداهما ضربت فريضة الإجازة - وهي خمسة عشر - في وفق فريضة عدم الإجازة ، وهي أربعة تبلغ ستّين ، ويأخذ من نصيب كلّ واحدة بالنسبة ، وإن أجازت الزوجة فلها أربعة وللبنت خمسة وثلاثون ، وللموصى له أحد وعشرون.

ص: 583

وإن أجازت البنت فللزوجة خمسة ، وللبنت ثمانية وعشرون ، وللموصى له سبعة وعشرون.

ولو أوصى له بمثل نصيب إحدى زوجاته وكنّ أربعا مع بنت ، فله سهم من ثلاثة وثلاثين.

ولو قال : مثل نصيب أحد وراثي ، فإن تساووا جعل كأحدهم ، وإلّا مثل أضعفهم سهما ، إلّا أن يعيّن غيره ، فلو كان له ثلاث أخوات وثلاثة إخوة كانت كأخت فله سهم من عشرة.

ولو أوصى بضعف نصيب ولده فهو مثلاه ، وبضعفيه ثلاثة أمثاله ، وقيل : أربعة ، وكذا ضعف الضّعف.

الباب الثاني : في الوصية بالولاية

اشارة

وفيه مطالب (1)

[ المطلب ] الأوّل : في أركانها

وهي أربعة :

الأوّل : الصيغة ، وهي وصّيت إليك ، أو فوّضت إليك أمور أولادي ، أو جعلتك وصيّا عليهم ، أو قائما مقامي في أمورهم ، ولا تفتقر الأولى إلى الضميمة ،

ص: 584


1- سيوافيك انّ فيه مطلبان : الأوّل في الأركان ، والثاني في الأحكام.

ولو اعتقل لسانه فقرئ عليه كتاب الوصيّة أو ذكرت له فأشار برأسه بما يدلّ على الرضا بها كفى في الإيجاب.

ولا بدّ من القبول قبل الموت أو بعده ، وإذا أطلق الإذن تصرّف (1) عاما ، ولو عيّن اقتصر.

ولو قال : جعلت لك النظر في مالي ، دخل المتجدّد ، ولو قيّده بالموجود لم يدخل.

الثاني : الموصى فيه ، وهو ما له التصرّف فيه ، كقضاء الدّيون واقتضائها ، وردّ الأمانات وارتجاعها ، وتفريق الحقوق الواجبات ، أو التبرّعات ، والنظر في أموال أولاده الأطفال والمجانين ، والتصرّف فيها بما فيه الحظّ لهم ، والولاية عليهم.

ولا يجوز الإيصاء في تزويجهم إلّا لمن بلغ فاسد العقل ، ولا على أولاده الكاملين ، ولا على غير أولاده وإن كانوا ورثة غير كاملين.

الثالث : الموصي ، وهو الأب والجدّ له ، أو من عليه حقّ أو له ، وليس للجدّ أن يوصي على أولاد أولاده (2) مع وجود الأب ولا للأب مع الجدّ الإيصاء على أولاده وتبطل مطلقا ، ولا للأمّ وإن عدم الأب والجدّ ، ولا للوصيّ إلّا مع الإذن ، ومع عدمه فالنظر للحاكم ، وكذا إن مات بلا وصيّ ، فإن تعذّر جاز لبعض المؤمنين التولّي.

ويجوز للأب مع الجدّ نصب وصيّ في إخراج الحقوق واستيفائها.

ص: 585


1- في « أ » : يصرف.
2- في « أ » : أولاد الأولاد.

الرابع : الوصيّ ، ويشترط فيه البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، والحريّة ، وقدرته على القيام بالوصية ، فلا يصحّ إلى الصّبيّ منفردا وإن كان مميّزا ، ويجوز منضمّا إلى بالغ ، ويستبدّ البالغ حتّى يبلغ ثمّ لا ينفرد.

وليس له نقض ما أبرمه الكامل قبل بلوغه ، إلّا أن يخالف الشرع.

ولو مات الصّبي أو بلغ فاسد العقل انفرد الكامل.

ولو مات الكامل أو فسق ثمّ بلغ الصّبي رشيدا فالأقوى عدم الانفراد ، ولا إلى المجنون وإن ضمّ إليه عاقلا ، وتبطل بتجدّده ، ولا يعود بزواله ، ولا وصيّة المسلم إلى الكافر وإن كان رحما ، ويجوز العكس إلّا أن تكون التركة خمرا أو خنزيرا.

ويجوز أن يوصى إليه مثله إلّا أن يكون على أطفال مسلمين.

ولا تشترط عدالته في دينه ، ولا إلى عبد غيره إلّا بإذنه وإن كان مدبرا أو مكاتبا ولا إلى عبد نفسه ويجوز إلى مكاتبه ومدبره على الأصحّ ولا إلى العاجز عنها ، ولو عرض العجز لم ينعزل ، بل ضمّ إليه الحاكم.

ولا تشترط العدالة على الأقرب ، أمّا لو فسق بعد الموت استبدل به الحاكم ، ولا يعود بالتوبة.

ولو فسق ولم يعلم فسقه لم يمض تصرّفه في نفس الأمر ، إلّا على وجه الحسنة (1).

والشروط معتبرة في حال الوصية إلى حين الموت ، فلو اختلّ بعضها ،

ص: 586


1- في « أ » : الحسبة.

أو كملت بعد الوصيّة لم تصحّ وإن كان قبل الموت.

وتصحّ الوصيّة إلى المرأة والأعمى والوارث مع الشرائط.

النظر الثاني : في الأحكام

النظر الثاني (1) : في الأحكام

الوصيّة بالولاية جائزة ، وللموصي الرجوع ، وللموصى إليه الردّ في حياة الموصي ، فإن بلغه الردّ بطلت وإلّا لزمت ، وكذا لو لم يعلم حتّى يموت الموصي ويجبره الحاكم لو امتنع.

ولا يجب قبول الوصيّة بل تلزم بالموت وعدم الردّ.

والوصيّ أمين لا يضمن إلّا بتعدّ أو تفريط أو بمخالفة ما شرط عليه ، وله أن يوكّل فيما عليه يعتاد التوكيل فيه ، والإنفاق بالمعروف ، والقول قوله فيه ، وفي قدره ، وفي التلف ، وفي عدم التبرّع ، والتفريط ، والخيانة ، وفي تأخّر موت الموصي ، وله استيفاء دينه ممّا في يده من غير إذن الحاكم ، وإن كان له حجّة ، وقضاء دين غيره إذا علمه بعد إحلافه ، وردّ الودائع ، والأمانات ، والبيع من نفسه على الطفل والشراء منه ، كلّ ذلك بثمن المثل.

وليس له تزويج الطّفل إلّا أن يبلغ فاسد العقل ، وله تزويج إمائه وعبيده.

ولا تصحّ شهادته له بما يتعلّق ولايته به ، أو يتّسع ، كما لو كان وصيّا في الثلث فيشهد بما يقتضي زيادته.

ويجوز أن يجعل له أجرة المثل والزائد مع الإجازة والخروج (2) من

ص: 587


1- كذا في النسخ الّتي بأيدينا ولعلّ الصواب « المطلب الثاني ».
2- في « أ » : أو الخروج.

الثلث ، ولو لم يجعل له أخذ أقلّ الأمرين من أجرة المثل وقدر الكفاية مع الحاجة ، ويستحبّ الاستعفاف.

وتجوز الوصيّة إلى اثنين فصاعدا ، فإن شرط الاجتماع أو أطلق لم يجز الانفراد لأحدهما في التصرّف ، فإن تشاحّا نفذ ما تمسّ الحاجة إليه ، كمئونة اليتيم ، وعلف دوابّه.

ويجبرهما الحاكم على الاجتماع ، فإن تعاسر استبدل بهما ، أو عزل أحدهما وضمّ إليه لا جعله منفردا.

ولا تجوز قسمة المال ولا قسمة الأطفال ، ولو عجز أحدهما أو جنّ ضمّ الحاكم إلى الآخر ، وكذا لو فسق أو مات على الأقوى.

ولو سوّغ لهما الانفراد مضى تصرّف كلّ واحد على حدته.

وجاز اقتسام المال أو الأطفال (1) ويتصرّف كلّ واحد في قسمه وفي قسم الآخر.

ولو عجز أحدهما أو مرض أو مات أو فسق لم يجب الضمّ.

ويجوز اشتراط الانفراد لأحدهما دون الآخر ، وأن يجعل لأحدهما النظر في المال أو الأطفال ، أو في بعضهما وللآخر الباقي.

ولو أوصى إلى زيد ثمّ إلى عمرو وقبلا أفاد الجمع إلّا مع قرينة الانفراد ، ولو قبل أحدهما تصرّف وحده ، ولو جمعهما فالأقوى انّه لا ينعزل به (2) صاحبه ، نعم يضمّ إليه الحاكم.

ص: 588


1- في « أ » : والأطفال.
2- كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : لا ينعزل بردّ.

ويجوز الترتيب مثل أوصيت إلى زيد فإن مات فإلى عمرو ، أو فإن بلغ ابني فإليه.

وإذا أوصى إليه بتفريق شي ء على قبيل لم يجز له الأخذ وإن كان بصفتهم ، وله إعطاء أهله وولده مع الوصف ، ولو قال : ضعه أين شئت ، جاز له الأخذ.

ولو أوصى إليه بتفريق ثلثه ، وبيده شي ء من التركة ، فإن امتنع الوارث من تسليم ثلث ما في يده جاز تفريق الثلث كلّه ممّا في يده ، وإلّا فلا.

الباب الثالث : في اللواحق

اشارة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : فيما تثبت به الوصيّة

أمّا الوصيّة بالمال فبشهادة مسلمين عدلين ، وبشاهد ويمين ، وشاهد وامرأتين ، وشهادة امرأة في الربع بغير يمين ، وامرأتين في النصف ، وثلاث في ثلاثة الأرباع ، وأربع في الجميع.

ولا يثبت بشهادة العدل النصف بل ولا الربع.

وإذا عدم المسلمون قبلت شهادة أهل الذمّة خاصّة.

وأمّا الوصيّة بالولاية فلا تثبت إلّا بشهادة عدلين ، لا بشاهد ويمين ، ولا بشاهد وامرأتين ، ولا بشهادة النساء وإن كثرن ، ولا بشهادة أهل الذمّة وإن عدم المسلمون.

ص: 589

البحث الثاني : في الرجوع

وله صور :

الأولى : اللفظ الصريح كرجعت ، ونسخت ، ونقضت ، أو لا تعطوه شيئا ، أو الفحوى مثل هذا لوارثي ، أو إرث (1) أو ميراثي أو ميراث ، بخلاف هو تركتي.

ولو قال : أعطوا زيدا ما أوصيت به لعمر ، فهو رجوع بخلاف الجحود.

الثانية : فعل ما يخرجه عن مسمّاه كطحن الطعام ، وخبز الدقيق ، وغزل القطن ، ونسج الغزل ، وبناء الأرض وغرسها ، وهدم الدار.

وفي قطع الثوب قميصا وجعل الخشب بابا ودقّ الخبز فتيتا وجعل اللحم قديدا وصبغ الثوب وندف القطن وحشوه توقّف ، أمّا تجفيف الرطب ، ونقل الموصى به إلى غير بلد الموصى له فلا.

ولو تغيّر من قبل نفسه كما لو أوصى له بحبّ فصار زرعا ، أو بحصرم فصار عنبا ، أو ببسر فصار رطبا ، أو بدار فانهدمت وصارت براحا ، لم تنفسخ.

الثالثة : مزجه بحيث لا يتميّز ، فلو أوصى له بصاع معيّن من حنطة ثمّ خلطه بمثله فهو رجوع ، فلو أوصى له بصاع من صبرة ثمّ مزجها بمثلها ، أو بأردإ أو انهال (2) لم يكن رجوعا ، ولو مزجها بأجود كان رجوعا.

ص: 590


1- في « أ » : إرثي.
2- أي انها المثل أو الاردأ إلى الصاع لم يكن رجوعا. وفي القواعد : 2 / 570 مكان العبارة : « ولو كانت أردأ لم يكن رجوعا ، ولو انهالت عليه حنطة أجود ففي كونه رجوعا إشكال ».

الرابعة : فعل ما ينافي الوصيّة ، كالبيع ، والعتق ، والكتابة ، والتدبير ، والوصيّة به لآخر.

الخامسة : فعل مقدّمات المنافي ، كالعرض على البيع ، ومجرّد الإيجاب في الهبة والرهن ، وتزويج المملوك وختانه (1) ، وإجارته ، وفي وطء الأمة توقّف.

الباب الرابع : في تصرّفات المريض

اشارة

المرض المخوف كغيره ، وضابطه ما تيقّن فيه الموت وما لا يسمّى مرضا كوقت المراماة ، والطلق ، وحال الأسر ، وتموّج البحر ، وزمان الوباء لا حجر فيه.

وإذا تصرّف المريض بما يلزمه من الحقوق الماليّة كأداء الزكاة ، وأرش الجناية وإن وقعت في الصحّة ، والضمانات كإتلاف مال الغير عمدا أو سهوا ، وقضاء الدّين ، من الأصل.

ويجوز له أن يقضي بعض الدين ولا يشاركه الباقون وإن قصرت التركة ، ولو أوصى بذلك لم يصحّ.

ولو أوصى بحجّ واجب فهو من الأصل ، والصلاة والصّوم من الثلث.

ويجوز أن يشتري المأكول والمشروب والملبوس بثمن المثل وإن لم يكن من عادته ، وشراء الأدوية بأكثر من ثمن المثل إذا لم يوجد إلّا به ، والبيع والشراء وجميع المعاوضات بثمن المثل ، والنكاح بمهر المثل أو أقلّ ، ولو زاد فالزيادة من الثلث.

ص: 591


1- في « ب » و « ج » : واختنانه.

وللمريضة أن تنكح نفسها بدون مهر المثل ولا يحسب النقص من الثلث.

ونكاح المريض مشروط بالدخول ، فلو مات أو ماتت قبله بطل ويكره له الطلاق.

ولو خصّص كلّ وارث بشي ء وقف على الإجازة.

وإذا تصرّف بالتبرّعات كالهبة ، والوقف ، والصدقة المندوبة ، والعتق فهو كالوصيّة ، ويخالفها في أنّه ليس له الرّجوع ، وفي أنّها تلزم مع البرء ، وفي تقديمها على الوصيّة إن لم يسعها (1) الثلث ، وفي كون القبول على الفور ، وفي اعتبار قيمة المنجّز عتقه عند الإعتاق ، وقيمة الموصى بعتقه عند الوفاة.

ومن التبرّعات الإقرار مع التهمة ، وكذا لو نذر صدقة أو أبرأ مديونا أو أقبض ما وهب في الصحّة ، أو كاتب عبده وإن كان بأكثر من ثمنه ، أو اشترى قريبه ، بخلاف ما لو قبل هبته أو الوصية به ، أو آجر نفسه به.

ولو وهب وشرط عوض المثل صحّ من الأصل ، ولو شرط أقلّ فالتمام من الثلث.

ومن التبرّعات المحاباة ، وهي : أن يبيع بدون ثمن المثل ، أو يشتري بأكثر منه ممّا يتغابن الناس بمثله ، فيحسب ما قابل السّلعة من الأصل والزائد من الثلث.

ومنها أن يؤجر عبده أو دابّته أو عقاره بأقلّ من أجرة المثل.

ص: 592


1- في « ب » و « ج » : لم يسعهما.
فروع

الأوّل : لو اشترى من ينعتق عليه فهو من الثلث.

الثاني : لو أعتق عبده وليس له سواه ، عتق ثلثه ، وسعى للورثة في الباقي ، ولو أعتق ثلثه لم يقوّم عليه الباقي وسعى في باقيه ، ولو كان له ضعفه عتق كلّه ، ولو كان له أقل عتق ما يحتمله الثلث.

ولو أوصى بعتق الثلث لم يقوّم عليه إلّا أن يوصي بالتقويم.

الثالث : لو وجد شرط النذر في المرض أعتق من الأصل.

الرابع : لو أعتق أمته وجعل عتقها مهرها ودخل ، صحّ الجميع ، وورثت إن خرجت من الثلث ، وإلّا فبالنسبة ، ويحتمل عدم الإرث ، لبطلان النكاح ببطلان عتق بعضها.

الخامس : لو تزوّجها بمهر ودخل صحّ النكاح والمهر إن خرجت من الثلث وورثت ، وإلّا بطل العتق في الزائد ومن المهر ما قابله ولا إرث.

السادس : لو أعتق أمته وقيمتها ثلث التركة ، ثمّ أصدقها مثله ودخل ، صحّ النكاح ، وبطل المسمّى وإلّا دار (1) ، وثبت لها مهر المثل ، فإن كان بقدر القيمة عتق ثلاثة أرباعها ولها ثلاثة أرباع المسمّى ، لأنّه عتق منها شي ء ، ولها من مهر المثل شي ء ، وللورثة شيئان في مقابلة العتق لا مقابلة المهر ، لأنّه من الأصل ، فالتركة في تقدير أربعة أشياء.

ص: 593


1- لاحظ جامع المقاصد : 11 / 221 في توضيح الدور.

ولو كان مهر المثل بقدر نصف القيمة ، عتق بقدر سبعي التركة ، ولها سبع بالمهر ، لأنّه عتق منها شي ء ، ولها من مهر المثل نصف شي ء ، وللورثة شيئان ، فالتركة في تقدير ثلاثة ونصف ، فتبسط أنصافا (1) فتكون سبعة.

ولو كان مهر المثل ضعف القيمة ، عتق منها بقدر خمس التركة ، ولها خمسان بالمهر ، لأنّه عتق منها شي ء ، ولها من مهر المثل شيئان ، وللورثة شيئان ، فالتركة في تقدير خمسة أشياء.

السابع : لو باع الربوي المستوعب بمثله ، وقيمته ضعف الثمن ، بطل البيع في الثلث خوفا من الربا ، وكذا غير الربوي ، فلو باع العبد المستوعب بمثل قيمة نصفه صحّ البيع في ثلثيه بثلثي الثمن (2) وطريقه : أن يسقط الثمن من قيمة المبيع ، وينسب الثلث إلى الباقي ، فيصحّ البيع في قدر تلك النسبة.

خاتمة

لو أحاط الدّين بالتركة لم يجز للوارث التصرّف في شي ء منها إلّا بعد الأداء أو الإبراء أو الضمان مع قبول صاحب الدّين ، والأصحّ أنّ التركة تبقى على حكم مال الميّت ، فالنماء من التركة ، وقيل : ينتقل إلى الوارث فالنماء له ، ويتعلّق الدّين بها تعلّق الرهن ، وعلى التقديرين فالمحاكمة للوارث فيما على الميّت وله ، فلو أقام شاهدا حلف معه الوارث دون الديّان ، فإن امتنع فللديّان إحلاف

ص: 594


1- في « أ » : أيضا.
2- في « ب » و « ج » : في ثلثه بثلثي الثمن.

الغريم ، فيبرأ منهم لا من الوارث ، فإن حلف (1) بعد ذلك أخذ الديّان منه لا من الغريم ، ولو لم يحط كان الفاضل طلقا.

[ وفي نسخة « ألف » ما يلي : ]

تمّ الجزء الأوّل من كتاب معالم الدين

في فقه آل يس وشرعت في الثاني منه

* * *

قال المحقّق :

تمّ التحقيق والتعليق - بحمد اللّه - على الجزء الأوّل عشية يوم الثلاثاء

خامس جمادى الأولى سنة 1423 ه ميلاد الصدّيقة الصغرى زينب

الكبرى بطلة كربلاء عليها السلام ويتلوه الجزء الثاني ويبتدئ ب- « كتاب

النكاح ». بإذن اللّه سبحانه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

ص: 595


1- في « ب » و « ج » : فلو حلف.

ص: 596

فهرس الموضوعات

الموضوع / الصحفة

مقدمة... 5

كتاب الطهارة

فيما تفعل به الطهارة... 35

في الماء المطلق وأقسامه... 35

في تطهير الماء المتغير... 37

في الماء المستعمل والأسار... 40

في أقسام الطهارة... 43

في الوضوء... 43

ص: 597

الموضوع / الصحفة

في أسباب الوضوء... 43

في كيفية الوضوء... 45

في أحكام الوضوء... 49

في الغسل... 52

في الأغسال الواجبة... 53

غسل الحيض... 56

في احكام غسل الحيض... 58

في غسل الاستحاضة... 59

في النفاس... 60

في غسل الميت وأحكامه... 61

في التكفين... 64

في غسل مس الميت... 69

في الأغسال المسنونة... 69

في التيمم وشرائطه... 70

في كيفية التيمم... 75

في النجاسات... 75

ص: 598

الموضوع / الصحفة

في المطهرات... 78

في كيفية التطهير... 79

في حرمة اتخاذ أو اني الذهب والفضة... 80

كتاب الصلاة

الصلوات الواجبة... 85

الصلاة اليومية واجبة بالكتاب والسنة والإجماع... 85

في المقدمات... 86

في الوقت... 87

في الأحكام... 89

في القبلة... 91

فيما يستقبل له... 92

في اللباس... 95

فيمايستر... 96

في مكان المصلي... 97

ص: 599

الموضوع / الصحفة

في استحباب اتخاذ المساجد... 99

فيما يسجد عليه... 101

في الأذان والإقامة... 102

صورة الأذان والإقامة... 103

في أحكام الأذان والإقامة... 104

في ماهية الصلاة... 105

أما الواجب فثمانية... 105

الأول القيام... 105

الثاني النية... 106

الثالث تكبيرة الإحرام... 107

الرابع القراءة... 108

الخامس الركوع... 110

السادس السجود... 111

في وجوب السجود للعزائم الأربع... 113

السابع التشهد... 113

ص: 600

الموضوع / الصحفة

الثامن التسليم... 114

في مندوبات الصلاة... 115

في مبطلات الصلاة... 116

في الخلل... 117

في الشك... 119

في قضاء الصلاة... 121

في سبب القضاء... 121

في حكم القضاء... 122

في صلاة الخوف... 123

الخوف موجب لقصر الرباعية... 123

صلاة ذات الرقاع... 124

صلاة عسفان... 125

صلاة بطن النخل... 125

صلاة شدة الخوف... 126

في صلاة المسافر... 127

ص: 601

الموضوع / الصحفة

في شرائط القصر... 127

في أحكام صلاة المسافر... 131

في صلاة الجماعة... 132

في شرائط صلاةالجماعة... 132

في احكام الجماعة... 135

في صلاة الجمعة... 137

في وقت صلاة الجمعة... 138

في شروط صلاة الجمعة... 139

في احكام صلاة الجمعة... 140

في اداب يوم الجمعة... 141

في صلاة العيد... 141

في صلاة الكسوف... 143

في صلاة الاموات... 144

في كيفية صلاة الميت... 145

في صلاة النذر... 146

في الصلوات المندوبة... 148

ص: 602

الموضوع / الصحفة

النوافل اليومية... 148

صلاة الاستسقاء... 148

صلاةعلي عليه السلام وفاطمة عليها السلام وجعفر عليه السلام... 149

كتاب الزكاة

في شرائط الوجوب... 153

ما تجب فيه الزكاة... 155

في زكاة الانعام... 156

في شرائط زكاة الانعام... 156

البحث في الفريضة... 158

في زكاة الذهب والفضة... 160

ف شرائط زكاة الذهب والفضة... 160

البحث في الفريضة... 160

البحث في الأحكام... 161

في زكاة الغلات... 161

ص: 603

الموضوع / الصحفة

في شروط زكاة الغلات... 161

في وجوب العشر ان سقيت سيحا او بعلا او عذيا... 162

ما تستحب فيه الزكاة... 163

زكاة مال التجارة... 163

استحباب زكاة كل ما تنبت الارض مما يكال او يوزن... 165

استحباب الزكاة في الخيل الاناث السائمة حولا... 166

استحباب الزكاة في حاصل العقار المتخذ للنماء... 166

في أصناف مستحقي الزكاة... 166

في اوصاف مستحفي الزكاة... 168

في كيفية الاخراج... 169

وقت الاخراج... 170

في اعتبار النية... 170

في زكاة الفطرة... 173

فيمن تجب عليه زكاة الفطرة... 173

فيمن تخرج عنه... 173

ص: 604

الموضوع / الصحفة

في الواجب وهو صاع من الحنطة او الشعير او التمر... 174

في وقت زكاة الفطرة... 175

في مصرف زكاة الفطرة... 175

كتاب الصدقة

في معني الصدقة... 179

كتاب الخمس

فيما يجب فيه الخمس... 183

الاول غنائم دار الحرب... 183

الثاني الكنز... 183

الثالث المعدن... 183

الرابع ما يخرج بالغوص... 184

الخامس ما يفضل عن مؤونة السنة... 184

السادس الحلال الممتزج بالحرام... 184

ص: 605

الموضوع / الصحفة

السابع الارض التي اشتراها الذمي من مسلم... 184

في مستحق الخمس... 185

في الانفال... 186

كتاب الصوم

في اركان الصوم... 189

في شرط الصوم... 193

في أقسام الصوم... 195

ظفي ثبوت هلال رمضان... 195

فيما يجب بافطاره... 196

في الصوم المندوب... 200

في الصوم المحرم... 200

في الصوم المكروه... 201

كتاب الاعتكاف

في اركان الاعتكاف... 205

في شرائط الاعتكاف... 206

ص: 606

الموضوع / الصحفة

في احكام الاعتكاف... 207

كل ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف... 208

كتاب الحج

الحج تمتع وافراد وقران... 213

صورة حج التمتع... 213

صورة حج الافراد... 214

شروط حج الافراد... 214

صورة حج القران... 215

في شرائط حجة الاسلام... 215

الاول البلوغ... 217

الثاني العقل... 217

الثالث الحرية... 218

الرابع الاستطاعة... 219

ص: 607

الموضوع / الصحفة

في شرائط حج النذر وشبهه... 223

في شرائط النيابة... 224

شرائط المنوب عنه... 224

شرائط النائب... 226

في أفعال الحج... 229

في عمرة التمتع... 229

في المواقيت... 229

في مقدمات الاحرام... 230

في كيفية الاحرام... 231

في التلبية... 232

في احكام الاحرام... 233

محرمات الاحرام... 236

في الطواف ومقدماته... 238

في كيفية الطواف... 238

في مندولات الطواف... 240

ص: 608

الموضوع / الصحفة

في احكام الطواف... 242

في السعي... 242

في كيفية السعي... 243

في احكام السعي... 244

في التقصير... 244

في حج التمتع... 246

في نزول مني... 246

في الوقوف بعرفة... 247

في الوقوف بالمشعر... 248

في كيفية الوقوف... 249

في احكام الوقوف بالمشعر... 249

في مناسك يوم مني... 250

في الرمي... 250

في الذبح... 252

في وجوب هدي التمتع وصفاته... 252

ص: 609

الموضوع / الصحفة

في ماهية الذبح... 253

في هدي القران... 254

في الاضحية... 257

في الحلق والتقصير... 258

في زيارة البيت... 258

في العود الى مني... 260

في العود الى مكة... 262

في حج الافراد والقران... 263

في حقيقة الصد وحكمه... 267

في الحصر... 267

في كفارة الصيد... 268

في موجباب الضمان... 272

في صيد الحرم... 275

في كفارة النساء... 278

في باقي الكفارات... 280

ص: 610

الموضوع / الصحفة

كتاب الجهاد

فيمن يجيب عليه الجهاد... 286

فيمن يجب جهاده... 287

في كيفية القتال... 288

في الاسراء... 291

في الاغتنام... 293

في قسمة الغنيمة... 296

السلب للقاتل بشروط... 298

في الذمام وشرائطه... 299

في المهادنة... 301

في التحكيم... 303

في احكام اهل الذمة... 304

في شرائط الذمة... 306

في الجزية... 308

في احكام اهل الذمة... 309

ص: 611

الموضوع / الصحفة

في الانتقال... 311

في احكام اهل البغي... 312

في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر... 314

كتاب الصلح

الصلح اصل في نفسه... 319

في احكام الصلح... 321

في تزاحم الحقوق... 322

في التنازع... 325

كتاب التحسب

في انواع التكسب... 329

خاتمة فيما يستحب في التكسب... 334

كتاب البيع

في معني البيع... 337

في عقد البيع... 338

ص: 612

الموضوع / الصحفة

في شرائط العاقد... 339

في عقد الفضولي... 340

في شروط المبيع... 342

في شروط الثمن... 347

في الخيارات... 349

الاول خيار المجلس... 349

الثاني خيار الحيوان... 350

الثالث خيار الغبن... 350

الرابع خيار الرؤية... 351

الخامس خيار من باع ولم يقبض الثمن... 351

السادس خيار الشرط... 351

السابع خيار العيب... 352

في احكام الخيارات... 353

في العيب وضابطه... 355

في احكام العيب... 356

ص: 613

الموضوع / الصحفة

في التدليس... 359

في احكام العقد... 360

في ما يدخل في المبيع... 360

في الشرط... 364

في احكام الشرط... 365

في القبض وحقيقة... 366

في احكام القبض... 367

في اختلاف المتبايعين... 369

في الاقالة... 371

في الشفعة... 372

في شرائط الشفعة... 372

في كيفية الاخذ... 375

في مسقطات الشفعة... 378

في البيع الفاسد... 380

في انواع البيع... 382

ص: 614

الموضوع / الصحفة

في بيع الكالي بالكالي... 382

في بيع السلم وحقيقة... 383

في محل بيع السلم... 384

في شروط بيع السلم... 385

في احكام بيع السلم... 390

في اقسام البيع بالنسبة الى راس المال وعدمه... 391

في بيع المرابحة... 391

في بيع المواضعة... 393

في بيع التولية... 394

في بيع الحيوان... 394

في احكام بيع الحيوان... 395

في بيع الثمار والخضر... 399

في احكام بيع الثمار... 400

في بيع الصرف... 403

في شروط بيع الصرف... 403

ص: 615

الموضوع / الصحفة

في احكام بيع الصرف... 404

في الربا... 406

في شرط الربا... 406

في طرق التخلص من الربا... 409

كتاب الديون

كراهية الدين اختيارا... 413

عدم جواز بيع الدين بالدين... 415

في دين المملوك... 416

في القرض... 417

في الرهن وحقيقته... 420

في المرهون... 423

في الراهن... 425

في احكام الراهن... 426

في المرتهن... 426

ص: 616

الموضوع / الصحفة

في احكام المرتهن... 427

في احكام الرهن... 430

في التنازع... 433

في عقد الضمان... 435

في شروط الضامن المضمون له والمضمون عنه... 436

في شروط المضمون له... 437

في حكم الضمان... 437

في الحوالة... 439

في احكام الحوالة... 440

في الكفالة... 442

في المكفول... 443

في حكم الكفالة... 444

في المفلس... 446

في الشروط والأحكام... 448

ص: 617

الموضوع / الصحفة

كتاب الحجر

أسباب الحجر... 457

الاول الصغر... 457

الثاني الجنون... 459

الثالث السفه... 459

الرابع الملك... 461

الخامس المرض... 461

السادس الفلس... 461

كتاب الإجارات

في عقد الإجارة... 465

في العوض... 468

في المنفعة... 470

في عمل الادمي... 472

في عمل الدواب... 474

ص: 618

الموضوع / الصحفة

في منفعة الارض... 476

في اللواحق... 479

في التنازع... 481

في المضاربة... 482

في عقد المضاربة... 482

في المتعاقدين... 484

في مال المضاربة... 484

في العمل... 485

في الربح... 486

في الأحكام... 487

في النزع... 492

في المزارعة المساقاة... 494

في عقد المزارعة... 494

في شروط المزارعة... 495

في احكام المزارعة... 496

ص: 619

الموضوع / الصحفة

في النزاع... 497

في المساقاة... 498

في عقد المساقاة... 498

في شروط المساقاة... 498

في احكام المساقاة... 500

في الجعالة... 502

في صيغة الجعالة... 503

في شرائط الجعالة... 503

في احكام الجعالة... 504

السبق والرماية... 505

في الفاظ السبق... 506

في صيغة السبق وشروطه... 507

في احكام السبق... 508

في الرماية والفاظها... 509

في شروط الرماية... 510

ص: 620

الموضوع / الصحفة

في اقسام الرماية... 511

في احكام الرماية... 512

كتاب الامانات

في الوديعة... 515

في العقد... 515

في لازم الوديعة... 516

في ضمان الوديعة... 518

في أحكام الوديعة... 520

في العارية... 522

في العقد... 522

في المعير... 523

في المستعير... 523

في المستعار... 524

في ضمان العارية... 524

ص: 621

الموضوع / الصحفة

في الرجوع في العارية... 524

في حكم العارية... 525

في الشركة... 527

في حقيقة الشركة... 527

في احكام الشركة... 530

في النزاع... 531

في الوكالة... 533

في عقد الوكالة... 533

في الموكل... 535

في الوكيل... 535

في متعلق الوكالة... 536

فيما تثبت به الوكالة... 538

في احكام الوكالة... 540

حكم ما لو خالف الوكيل الموكل... 542

الوكيل أمين... 542

في النزاع... 543

ص: 622

الموضوع / الصحفة

كتاب العطايا

في الهبة وأركانها... 547

في أحكام الهبة... 550

في الوقف واركانه... 552

في شرائط الوقف... 556

في احكام الوقف... 558

في السكني والحبس... 562

في ماهية الوصية واركانها... 564

في الموصي... 566

في الموصى له... 567

في الموصى به وشروطه... 571

في اقسام الموصى به... 573

القسم الاول المعلوم... 573

القسم الثاني المبهم... 576

القسم الثالث الوصية بالمنفعة... 577

ص: 623

الموضوع / الصحفة

في أحكام الوصية... 578

في كيفية تنفيذ الوصايا... 578

في المسائل الحسابية... 582

في الوصية بالولاية واركانها... 584

في احكام الوصية بالولاية... 587

فيما تثبت به الوصية... 589

في احكام الرجوع... 590

في تصرفات المريض... 591

فهرس محتويات الكتاب... 597

* * *

ص: 624

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.