كشف الرّموز في شرح المختصر النافع المجلد 2

هوية الكتاب

المؤلف: الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي

الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي

المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي

الطبعة: 1

الموضوع : الفقه

تاريخ النشر : 1410 ه.ق

الصفحات: 741

المكتبة الإسلامية

460

كشف الرموز في شرح المختصر النافع

تأليف: زين الدين أبي علي الحسن بن أبي طالب ابن أبي مجد اليوسفي المعروف بالفاضل والمحقق الآبي

فرغ من مآليفه عام 672 ه. ق

الجزء الثاني

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

ص: 2

كتاب الصلح

ص: 3

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الصلح

وهو مشروع لقطع المنازعة.

ويجوز مع الإقرار والإنكار إلا ما حرم حلالا أو حلل حراما.

ويصح مع علم المصطلحين بما وقعت المنازعة فيه ، ومع جهالتهما دينا تنازعا أو عينا. وهو لازم من طرفيه ، ويبطل بالتقائل.

ولو اصطلح الشريكان على أن الخسران على أحدهما والربح له وللآخر رأس ماله صح.

______________________________________________________

أقول : ما بينه (نبه خ) في هذا الكتاب ، على خلاف بين الطائفة فاذكر (فاذكره خ) مثالا للصلح المؤدي إلى تحليل حرام أو (و خ) تحريم حلال.

قال شيخنا : مثاله أن يصالحا على أن يشربا الخمر ، أو أحدهما ، أو على العقوق ، أو على الزنا ، ومثل أن يصالحا على أن لا يقربا أو أحدهما زوجته ، أو لا يأكلا اللحم الحلال.

وقال صاحب الواسطة : مثال ما يؤدي إلى تحليل حرام أن يصالحا على معاملة تؤدي إلى الربا (ربا خ) وما يؤدي إلى تحريم حلال مثل من ادعى جارية في يد غيره ثم يصالحه على أن يأخذها (لا يأخذها خ) ولا يلامسها ، وغير ذلك ولا بحث في الأمثلة.

ص: 4

ولو كان بيد اثنين درهمان فقال أحدهما : هما لي ، وقال الآخر : هما بيني وبينك ، فلمدعي الكل درهم ونصف ، والآخر ما بقي.

وكذا لو أودعه إنسان درهمين وآخر درهما فامتزجت لا عن تفريط وتلف واحد فلصاحب الاثنين درهم ونصف ، وللآخر ما بقي.

ولو كان لواحد ثوب بعشرين درهما وللآخر ثوب بثلاثين فاشتبها ، فإن خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه وإلا بيعا وقسم الثمن بينهما أخماسا.

وإذا ظهر استحقاق أحد العوضين بطل الصلح.

______________________________________________________

وأما ما ذكره من جواز الصلح على الإقرار والإنكار ، فهو مما انفرد به أصحابنا ، فإن عند أبي حنيفة ومالك لا يجوز إلا على الإنكار ، وعند الشافعي لا يجوز إلا على الإقرار.

لنا قول النبي صلى اللّه عليه وآله : الصلح جائز بين المسلمين (1) الخبر.

وقوله تعالى : ( والصلح خير ) (2).

ووجه الاستدلال التمسك بالعموم.

ص: 5


1- الوسائل باب 3 حديث 2 من كتاب الصلح.
2- النساء - 128.

ص: 6

كتاب الشركة

ص: 7

كتاب الشركة

وهي اجتماع حق مالكين فصاعدا في الشئ الواحد على سبيل الشياع.

وتصح مع امتزاج المالين المتجانسين على وجه لا يمتاز أحدهما عن الآخر.

ولا تنعقد بالأبدان والأعمال ، ولو اشتركا كذلك إن لكل واحد أجرة عمله.

ولا أصل لشركة الوجوه والمفاوضة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » ولا أصل لشركة الوجوه والمفاوضة.

أقول : الشركة على أربعة أضرب ، عند الفقهاء شركة الأموال ، وهو المسمى بشركة العنان بالنونين تشبيها بفارسين ، متساويين في العدو ، بحيث يكون عناناهما متقابلين ، وسببه إما العقد ، وإما الإرث ، وإما الحيازة.

وشركة المفاوضة ، وهو أن يشتركا فيما يملكانه.

وشركة الوجوه ، وهو أن يكونا وجيهين من غير مال ، فيعقدان الشركة على أن

ص: 8

وإذا تساوى المالان في القدر فالربح بينهما سواء ، ولو تفاوتا فالربح كذلك ، وكذا الخسران بالنسبة.

ولو شرط أحدهما في الربح زيادة فالأشبه أن الشرط لا يلزم.

ومع الامتزاج ليس لأحد من الشركاء التصرف إلا مع إذن الباقين.

______________________________________________________

يتصرف كل واحد منهما في السوق بجاهه في ذمته ، والربح بينهما.

وشركة الأبدان ، وهو اشتراك الصناع في كسبهم.

فهذه الثلاث الأخيرة عند الإمامية باطلة ، إما لاشتمالها على الغرر ، وإما لعدم الدليل على تشريعها ، والأولى صحيحة مشروعة بالإجماع.

ولو زاد هنا (1) - إن شركة الأموال المتفق على صحتها ، إنما تكون باختلاط مالين غير متميزين ، ولو تميزا لم يلزم ، ولا سبيل إلى ذلك في المفاوضة والوجوه والأبدان - كان حسنا.

« قال دام ظله » : ولو شرط أحدهما في الربح زيادة ، فالأشبه الشرط لا يلزم.

أقول : اختلف المرتضى والشيخ في هذه المسألة ، فذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط إلى أن هذا الشرط يبطل الشركة ، وعليه ابن البراج والمتأخر وغيرهما من أصحاب الفروع.

وقال المرتضى : يجوز ذلك ، ولا تبطل الشركة ، مستدلا بالإجماع.

ودعوى الإجماع مشكل ، فالأول (والأول خ) أشبه لعدم ما يقابل تلك الزيادة.

وجمع صاحب الواسطة بين القولين ، بأنه لو كان التصرف ، من أحدهما ، أو منهما ، مع كون أحدهما أعرف بالتجارة ، فالقول قول المرتضى ، إشارة إلى وجود ما يقابل تلك الزيادة ، ومع عدم ذلك فالقول قول الشيخ ، وهذا حسن.

ص: 9


1- قوله : ولو زاد هنا إلى قوله : كان حسنا ، ليس في خمس نسخ من النسخ ألست التي عندنا.

ويقتصر من التصرف على ما يتناوله الإذن ، ولو كان الإذن مطلقا صح.

ولو شرط الاجتماع لزم.

وهي جائزة من الطرفين ، وكذا الإذن في التصرف.

وليس لأحد الشركاء الامتناع من القسمة عند المطالبة إلا أن يتضمن ضررا.

ولا يلزم أحد الشريكين إقامة رأس المال ، ولا ضمان على أحد الشركاء ما لم يكن بتعد أو تفريط.

ولا تصح مؤجلة ، وتبطل بالموت.

وتكره مشاركة الذمي وإبضاعه وإيداعه.

ص: 10

كتاب المضاربة

ص: 11

كتاب المضاربة

وهي أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليعمل فيه بحصة من ربحه.

ولكل منهما الرجوع سواء كان المال ناضا أو مشتغلا.

ولا يلزم فيها اشتراط الأجل ، ويقتصر على ما يعين له من التصرف.

ولو أطلق تصرف في الاستنماء كيف شاء ، ويشترط كون الربح مشتركا.

ويثبت للعامل ما شرط له من الربح ما لم يستغرقه.

وقيل : للعامل أجرة المثل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وقيل : للعامل أجرة المثل.

القائل بهذا هو الشيخ في نهايته (النهاية خ) والمفيد وأبو الصلاح وسلار ، وذهب في المبسوط والخلاف والاستبصار ، إلى أن للعامل الربح ، على حسب الشرط ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا ، وهو المختار (و خ) لنا وجوه :

(الأول) قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (1).

ص: 12


1- المائدة - 1.

وينفق العامل في السفر من الأصل كمال النفقة ، ولا يشتري العامل إلا بعين المال.

______________________________________________________

(ثانيها) قولهم عليهم السلام : المؤمنون عند شروطهم (1).

(ثالثها) أنه شرط لا يخالف الكتاب والسنة فيجب الوفاء به.

(رابعها) ما رواه الشيخ عن رجاله (2) عن ابن أبي عمير ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المال الذي يعمل به مضاربة ، له من الربح ، وليس عليه من الوضيعة شئ ، إلا أن يخالف صاحب المال (3).

وما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال سألته عن مال المضاربة؟ قال : الربح بينهما ، والوضيعة على المال (4).

ويؤيد هذا القول ، اتفاق الأصحاب ، أن العامل لو اشترى أباه ، وظهر في المال ربح عتق نصيب العامل من الربح ويسعي (5) الأب فيما بقي لصاحب المال.

وحمل بعض الأصحاب ، القول الأول ، على ما إذا كانت المضاربة فاسدة ، جمعا بين القولين

وقال صاحب الواسطة : يحمل القول الأول ، على الوجوب ، والثاني ، على الاستحباب.

« قال دام ظله » : وينفق العامل في السفر من الأصل كمال النفقة.

ص: 13


1- الوسائل باب 20 ذيل حديث 4 من أبواب المهور من كتاب النكاح ، وعوالي اللئالي ج 2 باب الديون ص 257 تحت رقم 7 وراجع الوسائل أيضا باب 9 من أبواب الخيار من كتاب التجارة.
2- سند الحديث كما في الوسائل هكذا : محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان ويحيى ، عن أبي المعزا ، عن الحلبي.
3- الوسائل باب 1 حديث 4 من كتاب المضاربة.
4- الوسائل باب 3 حديث 5 من كتاب المضاربة.
5- في بعض النسخ (بيع) بدل (يسعى) والصواب الأول.

ولو اشترى في الذمة وقع الشراء له ، والربح له.

ولو أمر بالسفر إلى جهة فقصد غيرها ضمن ، ولو ربح كان الربح بينهما بمقتضى الشرط.

وكذا لو أمره بابتياع شئ فعدل إلى غيره.

وموت كل واحد منهما يبطل المضاربة.

ويشترط في مال المضاربة أن يكون عينا : دنانير أو دراهم.

فلا تصح بالعروض.

ولو قوم عرضا وشرط للعامل حصة من ربحه كان الربح للمالك ، وللعامل الأجرة.

ولا تكفي مشاهدة رأس مال المضاربة ما لم يكن معلوم القدر ، وفيه قول بالجواز.

ولو اختلفا في قدر رأس المال فالقول قول العامل مع يمينه.

ويملك العامل نصيبه من الربح بظهوره وإن لم ينض.

ولا خسران على العامل إلا أن يكون بتعد أو تفريط.

______________________________________________________

أقول : ذهب الشيخ في المبسوط ، إلى أنه ليس للعامل ، أن ينفق منه ، لا سفرا ولا حضرا ، وذهب في النهاية إلى أن له أن ينفق سفرا من غير إسراف ، وهو اختياره في مسائل الخلاف ، مستدلا بالجماع ، واختاره المتأخر وصاحب الواسطة.

ويقرب عندي ، أنه ينفق القدر الذي يزيد لأجل السفر ، على نفقة الحضر ، مثل زيادة مأكول أو ملبوس ، وتفاوت سعر من ثمن ماء وغيره.

« قال دام ظله » : ولا تكفي مشاهدة رأس مال المضاربة ، ما لم يكن القدر ، وفيه قول بالجواز.

ص: 14

وقوله مقبول في التلف ولا يقبل (قوله خ) في الرد إلا ببينة على الأشبه.

ولو اشترى العامل أباه فظهر فيه ربح عتق نصيب العامل من الربح وسعى في العبد في باقي ثمنه.

ومتى فسخ المالك المضاربة صح وكان للعامل أجرته إلى ذلك الوقت

ولو ضمن (1) صاحب المال العامل صار الربح له.

______________________________________________________

هذا القول حكى شيخنا ، عن المرتضى في الدرس ، وما وقفت عليه ، والأول أشبه وعليه العمل ، ومستنده لزوم الغرر مع عدم العلم بالمقدار ، والغرر منفي (منهي عنه خ).

« قال دام ظله » : ولا يقبل (قوله خ) في الرد إلا ببينة على الأشبه.

وإنما قال : الأشبه ألا يقبل بناء على سائر الدعاوي ، للأصل المسلم ، يعني قوله عليه السلام : البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر (2) واختار الشيخ في المبسوط ، القبول ، تمسكا بأنه أمين.

ثم اعلم أن الأمناء على ثلاثة أضرب : (منهم) من يقبل قوله في الرد اتفاقا ، وهو كل من قبض الشئ ، لمنفعة مالكه كالمودع والوكيل.

(ومنهم) من لا يقبل قوله في الرد اتفاقا ، وهو من قبض الشئ ، ومعظم المنفعة له ، كالمرتهن والمكتري

(ومنهم) من قبض الشئ ومنفعته مشتركة بينه وبين مالكه ، كالعامل في القراض والوكيل بجعل ففيه خلاف ، منشأه النظر إلى من المنفعة له؟ فمن نظر إلى

ص: 15


1- ضمن - بالتشديد - أي جعله ضامنا فإنه كذلك يصير المال قرضا على العامل ويكون ملكا له وربحه له.
2- الوسائل باب 25 ذيل حديث 3 من أبواب كيفية الحكم وراجع أيضا باب 3 منها وراجع عوالي اللئالي ج 1 ص 244 وص 453 و ج 2 ص 258 وص 345 و ج 3 ص 523 - طبع قم مطبعة سيد الشهداء.

ولا يطأ المضارب جارية القراض ولو كان المالك أذن له ، وفيه رواية بالجواز متروكة.

ولا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض.

ولو كان بيده مضاربة فمات ، فإن كان عينها لواحد بعينه أو عرفت منفردة وإلا تحاص فيها الغرماء.

______________________________________________________

إن المالك ينفع بالقبض فيقبل قول القابض ، ومن نظر إلى أن القابض منتفع (ينتفع خ) فلا يقبل قوله.

قلت : وإذا تعارض هذان الوجهان ، ومع أحدهما ترجيح من الأصل المسلم ، فيلزم الرجوع إليه عملا بالمرجح ، وأيضا أن العامل إنما قبض لينتفع هو به ، وانتفاع المالك من لوازمه ، وليس مقصودا بالقبض.

« قال دام ظله » : وفيه (أي في وطئ الجارية) رواية بالجواز متروكة.

وهي ما رواها الشيخ عن رجاله ، عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : قلت : رجل سألني أن أسألك ، أن رجلا أعطاه مالا مضاربة يشتري له ما يرى من شئ ، وقال : اشتر جارية تكون معك ، والجارية إنما هي لصاحب المال ، إن كان فيها وضيعة فعليه ، وإن كان فيها ربح فله (فللمضارب خ) (للمضارب خ) أن يطأها؟ قال : نعم (1).

ثم أقول : في طريق هذه الرواية سماعة (2) وهو ضعيف ، واقفي ، وهي مخالفة للأصل ، قليلة الورود ، فالأولى الإعراض عنها ، إلا أن تحمل على من أحلها للمضارب ، لئلا يلزم إطراحها ، واللّه أعلم.

ص: 16


1- الوسائل باب 11 حديث 1 من كتاب المضاربة ، والسند (كما في الوسائل) هكذا : محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي.
2- بل الحسن بن محمد بن سماعة ، كما في التهذيب والوسائل.

كتاب المزارعة والمساقاة

اشارة

ص: 17

كتاب المزارعة والمساقاة

أما المزارعة :

فهي معاملة على الأرض لحصة من حاصلها ، ويلزم المتعاقدين. لكن لو تقاتلا صح ، ولا تبطل بالموت.

وشروطها ثلاثة :

أن يكون النماء مشاعا ، تساويا فيه أو تفاضلا.

وأن يقدر لها مدة معلومة.

وأن تكون الأرض مما يمكن الانتفاع بها.

وله أن يزرع الأرض بنفسه وبغيره ، ومع غيره إلا أن يشترط عليه زرعها بنفسه ، وأن يزرع ما شاء إلا أن يعين له.

وخراج الأرض على صاحبها إلا أن يشترط على الزراع. وكذا لو زاد السلطان زيادة.

ولصاحب الأرض أن يخرص على الزارع ، والزارع بالخيار في القبول ، فإن قبل كان استقراره مشروطا بسلامة الزرع.

ويثبت أجرة المثل في كل موضع تبطل فيه المزارعة

ص: 18

وتكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة والشعير.

وأن يؤجرها بأكثر مما استأجرها به إلا أن يحدث فيها حدثا ، أو

______________________________________________________

« قال دام ظله » ويكره (1) ان يوجرها با كثر مما استاجرها به ... الخ.

ذهب الشيخ في النهاية الى المنع قال : ان استاجر الارض بالدراهم والدنانير لم يجز أن يؤجرها باكثر من ذلك.

ومستند ما رواه في التهذيب عن رجاله (2) عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة ، فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به (3) الحديث.

وذهب المفيد وسلار والمتأخر وشيخنا إلى الجواز مع كراهية ، وهو المختار ، لنا مقتضى الإجارة تمليك المستأجر المنفعة ، والناس مسلطون على أملاكهم (4).

ويؤيد ذلك عدة روايات (منها) ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المعزا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يستأجر (يواجر ئل) الأرض ، ثم يواجرها بأكثر مما استأجرها؟ فقال لا بأس ، إن هذا ليس كالحانوت ، ولا الأجير ، إن فضل الحانوت والأجير حرام (5).

وفي معناها ما روي عن الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام. (6)

ص: 19


1- هكذا في النسخ الست ، التي عندنا ولكن ليس في المتن لفظة (يكره).
2- وسنده (كما في الكافي والتهذيب) هكذا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن صفوان  ... الخ
3- الوسائل باب 21 حديث 2 من كتاب الإجارة.
4- في بعض النسخ : والإنسان مسلط على ملكه ، ولكن أصل الحديث : الناس مسلطون على أموالهم ، عوالي اللئالي ج 1 ص 458 طبعة قم.
5- الوسائل باب 20 حديث 4 من كتاب الإجارة.
6- راجع الوسائل باب 20 حديث 2 و 3 من كتاب الإجارة.

يؤجرها بغير الجنس الذي استأجرها به.

وأما المساقاة :

فهي معاملة على الأصول بحصة من ثمرتها (ثمرها خ). وتلزم المتعاقدين كالإجارة.

وتصح قبل ظهور الثمرة إجماعا ، وبعده إذا بقي للعامل عمل فيه المستزاد.

ولا تبطل بموت أحدهما على الأشبه إلا أن يشترط تعيين العامل.

______________________________________________________

ومنشأ الكراهية ، التوفيق بين الروايتين ، على أن رواية إسحاق لا تصلح أن تعارض هذه ، ولأن الأصل معنا ، ويأباها (1) .

« قال دام ظله » : ولا تبطل (أي المساقاة) بموت أحدهما ، على الأشبه.

هذا رد على الشيخ ، فإنه ذهب في المبسوط ، إلى أن بالموت تبطل المساقاة ، عندنا ، كالإجارة ومن خالف في الإجارة خالف هنا.

واختار شيخنا أنها لا تبطل ، وفي الإجارة نحقق هذا البحث ونبين (نحقق خ) الأصح من الأقوال.

وموت العامل والمالك سواء عند شيخنا ، فإن مات المالك ، يقوم العامل بالعمل ، وإن مات العامل يعرض على ورثته ، لا إلزاما ، فإن قاموا به ، وإلا يكتري الحاكم من تركته من يقوم به وإن لم يكن ، فإن تطوع المالك بالإنفاق فلا بحث ، وإن امتنع وكانت الثمرة غير ظاهرة ، فسخ العقد ، وعلى المالك أجرة عمل العامل ، وإن كانت ظاهرة تعرض المبايعة على المالك ، والخيار إليه بيعا أو شراء ويلزم على أحدهما.

ص: 20


1- يعني أن الأصل يأبى رواية إسحاق.

وتصح على كل أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه.

ويشترط فيها المدة المعلومة التي يمكن حصول الثمرة فيها غالبا.

ويلزم العامل من العمل ما فيه مستزاد الثمرة.

وعلى المالك بناء الجدران وعمل النواضح وخراج الأرض إلا أن يشترط على العامل.

ولا بد أن تكون الفائدة مشاعة ، فلو اختص بها أحدهما لم تصح ، وتملك بالظهور.

وإذا اختل أحد شروط المساقاة كانت الفائدة للمالك ، وللعامل الأجرة.

ويكره أن يشترط المالك مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة ، ويجب الوفاء لو شرط ما لم يتلف الثمرة.

ص: 21

ص: 22

كتاب الوديعة والعارية

اشارة

ص: 23

كتاب الوديعة والعارية

أما الوديعة :

فهي استنابة في الاحتفاظ ، ويفتقر إلى القبول قولا كان أو فعلا.

ويشترط فيها الاختيار ، ويحفظ كل وديعة بما جرت به العادة.

ولو عين المالك حرزا اقتصر عليه ، ولو نقلها إلى أدون أو أحرز ضمن ، إلا مع الخوف.

وهي جائزة من الطرفين ، وتبطل بموت كل واحد منهما.

ولو كانت دابة وجب علفها وسقيها ، ويرجع به على المالك.

والوديعة أمانة لا يضمنها المستودع إلا مع التفريط والتعدي.

ولو تصرف فيها باكتساب ضمن ، وكان الربح للمالك ، ولا يبرأ بردها إلى الحرز.

وكذا لو تلفت في يده بتعد أو تفريط فرد مثلها إلى الحرز ، بل لا يبرأ إلا بالتسليم إلى المالك أو من يقوم مقامه.

ولا يضمنها لو قهره عليها ظالم ، لكن إن أمكنه الدفع وجب.

ولو أحلفه أنها ليست عنده حلف موريا ، وتجب إعادتها إلى المالك

ص: 24

مع المطالبة ، ولو كانت غصبا منعه وتوصل في وصولها إلى المستحق.

ولو جهله عرفها كاللقطة حولا ، فإن وجده وإلا تصدق بها عن المالك إن شاء ، ويضمن إن لم يرض.

ولو كانت مختلطة بمال المودع ردها عليه إن لم يتميز.

وإذا ادعى المالك التفريط فالقول قول المستودع مع يمينه.

ولو اختلفا في مال ، هل هو وديعة أو دين؟ فالقول قول المالك مع يمينه أنه لم يودع إذا تعذر الرد أو تلفت العين.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو جهله (أي مالكها) عرفها كاللقطة حولا ، فإن وجده وإلا نصدق بها عن المالك ... الخ.

أقول : أما التعريف لأنه مال حصل (حاصل في يده ، ومالكه غير معين الشخص ، وكل من حصل في يده مال للغير (الغير خ) ولا يعرفه يجب تعريفه ، أما (المقدمة خ) الأولى فمسلمة ، وأما الثانية فللحذر (من الحذر خ) من إضاعة المال المنهي عنها (عنه خ) شرعا.

وأما التصدق مع عدم الوجدان ، فمستنده ما رواه سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في لص أودع رجلا متاعا ، قال : لا يرد عليه ، ويرد على صاحبه إن أمكن ، وإلا تصدق بها ، فإن جاء بعد ذلك خيره بين الأجرة والغرم (1) هذا اختيار الشيخ أبي جعفر وأتباعه ، وبه أفتى.

وقال المفيد وسلار يتصدق بخمسها على مستحق الخمس ، والباقي على فقراء المؤمنين ، ولست أعرف منشأ التفصيل.

وأما المتأخر أعرض عن التصدق وذهب إلى حملها إلى إمام المسلمين ، كاللقطة.

ص: 25


1- الوسائل باب 8 حديث 1 من كتاب اللقطة - نقل بالمعنى (ملخصا) فلاحظ.

ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه.

وقيل : قول المستودع وهو أشبه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اختلفا في القيمة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، وقيل : قول المستودع ، وهو أشبه.

وذهب الشيخ (1) في النهاية والمفيد في المقنعة إلى القول الأول ، وإني اعتبرت الأحاديث فما ظفرت بحديث يؤيد هذا القول ، وذهب المتأخر وشيخنا إلى الثاني ، وهو المختار.

لنا وجوه (الأول) قوله البينة على المدعي واليمين على من أنكر (2). المستودع مستند إلى الأصل ، وهو عدم الزيادة فيكون القول قوله. (والثالث) هو غارم وكل من يغرم مع الاختلاف يقبل قوله ، لأنه هو المدعى عليه.

(إن قيل) : على وجه المعارضة ، (و خ) أن الثابت في الذمة هو التالف ، ومع تعذر (3) المثل والقيمة ، فالمستودع يدعي أن الثابت في الذمة (في ذمته خ) هذا المقدار ، خلاصا لما ثبت في ذمته ، فعليه البينة ، وكل من يتوجه البينة عليه ، فالقول قول الآخر مع اليمين ، عملا بالخبر المسلم (4).

(قلنا) : لا نسلم إنه يدعي بل ينكر قول المالك ويقر بالقدر المتفق عليه ، فلا يقال : إنه مدع ، لأن المدعي هو الذي يدعي خلاف الأصل ، أو أمرا خفيا ، وقيل : هو الذي يترك لو ترك الخصومة ، وأيا ما كان فالمستودع خارج عنه.

(لا يقال) : هو يدعي أمرا خفيا (لأنا نقول) : القدر المتفق عليه لا يكون خفياً.

ص: 26


1- في بعض النسخ : ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة.
2- الوسائل باب 25 ذيل حديث 3 من أبواب كيفية الحكم وراجع باب 3 منها أيضا وعوالي اللئالي ج 1 ص 244 وص 453 و ج 2 ص 258 وص 345 و ج 3 ص 523 طبع قم مطبعة سيد الشهداء.
3- هكذا في النسخ ، والصواب : ومع تعذره المثل والقيمة.
4- الظاهر إنه إشارة إلى قولهم عليهم السلام : البينة على المدعي واليمين على من ادعي عليه.

ولو اختلفا في الرد فالقول قول المستودع.

ولو مات المودع وكان الوارث جماعة دفعها إليهم أو إلى من يرتضونه. ولو دفعها إلى البعض ضمن حصص الباقين.

وأما العارية :

فهي الإذن في الانتفاع بالعين تبرعا ، وليست لازمة لأحد المتعاقدين.

ويشترط في المعير كمال العقل وجواز التصرف.

وللمستعير الانتفاع بما جرت به العادة ، ولا يضمن التلف ولا النقصان ولو اتفق بالانتفاع ، بل لا يضمن إلا مع تفريط أو عدوان أو اشتراط ، إلا أن يكون العين ذهبا أو فضة ، فالضمان يلزم وإن لم يشترط.

ولو استعار من الغاصب مع العلم ضمن.

وكذا لو كان جاهلا لكن يرجع على المعير بما يغترم.

وكل ما يصح الانتفاع به مع بقائه تصح إعارته ، ويقتصر المستعير على ما يؤذن له.

ولو اختلفا في التفريط فالقول قول المستعير مع يمينه.

ولو اختلفا في الرد فالقول قول المعير.

ولو اختلفا في القيمة فقولان ، أشبههما : قول الغارم مع يمينه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » - في العارية : ولو اختلفا في القمية فقولان ، أشبههما قول الغارم مع يمينه.

ص: 27

ولو استعار ورهن من غير إذن المالك ، انتزع المالك العين ويرجع المرتهن بماله على الراهن.

______________________________________________________

هذا القول للمتأخر (1) وشيخنا ، وذهب الشيخان وسلار إلى أن القول قول المالك ، ولست أعرف من أين قالوا؟ فما وجدت حديثا يدل على هذا القول ، والأول هو المختار ، والبحث فيه كالبحث في الوديعة على الوجه المذكور قبل هذا.

ص: 28


1- يعني ابن إدريس (رحمه اللّه).

كتاب الإجارة

اشارة

ص: 29

كتاب الإجارة

وهي تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم ، وتلزم الطرفين وتنفسخ بالتقائل ، ولا تبطل بالبيع ولا بالعتق.

وهل تبطل بالموت؟ قال الشيخان : نعم. وقال المرتضى - رحمة اللّه - : لا تبطل ، وهو أشبه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل تبطل بالموت؟ قال الشيخان : نعم ، وقال المرتضى رحمه اللّه لا تبطل ، وهو أشبه.

أقول : للأصحاب في هذه المسألة ثلاثة أقوال ، فمذهب المفيد ، وسلار ، وابن البراج ، والشيخ في النهاية ، والخلاف ، أنها تبطل.

وتردد في المبسوط ، فقال : والأظهر عند الأصحاب أن تبطل بموت المستأجر ، ولا تبطل بموت المؤجر ، واختاره صاحب البشرى.

ومذهب المرتضى وأبي الصلاح والمتأخر وشيخنا ، أنها لا تبطل بموت أحدهما ، وهو المختار.

(لنا) النص والنظر ، أما الأول فقوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (1) وهذا عقد يجب

ص: 30


1- المائدة - 1.

وكل ما يصح إعارته تصح إجارته.

وإجارة المشاع جائزة ، والعين أمانة لا يضمنها المستأجر ، ولا ما ينقص منها ، إلا مع تعد أو تفريط.

وشرائطها خمسة :

(أحدها) أن يكون المتعاقدان كاملين جائزي التصرف.

(ثانيها) أن تكون الأجرة معلومة ، كيلا أو وزنا.

______________________________________________________

الوفاء به ، وقولهم عليهم السلام (عليه السلام خ) : المؤمنون عند شروطهم (1).

وأما الثاني فإن المنفعة كانت حقا للمؤجر ، وهو جائز التصرف ، وتصرف بعقد لازم ، فلا يجوز إبطاله ، ثم انتقل إلى المستأجر ، فإن مات يرثه وارثه كسائر الحقوق.

واستدل الشيخ في الخلاف بالإجماع ، وبأنه صار ملكا للورثة واستيفاء المنفعة من ملك الغير غير جائز.

أما الإجماع فغير ثابت وأما أن استيفاء المنفعة من ملك الغير غير جائز فهو ممنوع لأن تملك الرقبة لا يستلزم تملك المنفعة فإن في العمرى يتملك المعمر المنفعة ورقبة الملك للمعمر فإن مات تملك الوارث الرقبة ومنفعتها للمعمر كما كانت.

« قال دام ظله » : أن تكون الأجرة معلومة كيلا أو وزنا ، وقيل تكفي المشاهدة

هذا القول للشيخ في المبسوط ، قال : والأصح جواز كون مال الإجارة جزافا ، وإن لم يكن موزونا.

وذهب في النهاية إلى أن الإجارة لا تنعقد إلا بأجل معلوم ، ومال معلوم ، وهو الأصح.

(لنا) لو لم يكن معلوما بالوزن ، لكان غررا ، والغرر منهي ، منتف ، فملزومه

ص: 31


1- الوسائل باب 20 حديث 4 من أبواب المهور من كتاب النكاح ، وعوالي اللئالي ج 2 باب الديون ص 257 تحت رقم 7 وراجع الوسائل أيضا باب 9 من أبواب الخيار من كتاب التجارة.

وقيل : تكفي المشاهدة ولو كان مما يكال أو يوزن.

وتملك الأجرة بنفس العقد معجلة مع الإطلاق أو اشتراط التعجيل ، ويصح تأجيلها نجوما ، أو إلى أجل واحد.

ولو استأجر من يحمل له متاعا إلى موضع في وقت معين بأجرة معينة ، فإن لم يفعل نقص من أجرته شيئا معينا صح ، ما لم يحط بالأجرة.

(ثالثها) أن تكون المنفعة مملوكة للمؤجر أو لمن يؤجر عنه وللمستأجر أن يؤجر إلا أن يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه.

(رابعها) أن تكون المنفعة مقدرة في نفسها كخياطة الثوب المعين ، أو بالمدة المعينة كسكنى الدار ، وتملك المنفعة بالعقد.

وإذا مضت مدة يمكن استيفاء المنفعة والعين في يد المستأجر استقرت الأجرة ولو لم ينتفع.

______________________________________________________

كذلك.

وأيضا عقد الإجارة يحتاج ثبوته إلى دليل شرعي ، ولا دليل لو لم تكن الأجرة معلومة ، ولا خلاف في انعقاده مع الوزن ، فيلزم القول به.

ويؤيد ذلك ما رواه أبو الربيع الشامي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها ، فأي وجه (وجوه خ يب) القبالة أحل؟ قال : يتقبل الأرض من أربابها ، بشئ معلوم ، إلى أجل معلوم (1) وعلى هذا انعقد عمل الأصحاب.

ص: 32


1- الوسائل باب 18 حديث 5 من كتاب المزارعة والمساقاة ، وفيه : بشئ معلوم إلى سنين مسماة ، فيعمر ويؤدي الخراج ، فإن كان فيها علوج ، فلا يدخل العلوج في قبالته ، فإن ذلك لا يحل.

وإذا عين جهة الانتفعاع لم يتعدها المستأجر ، ويضمن مع التعدي.

ولو تلفت العين قبل القبض أو امتنع المؤجر من التسليم مدة الإجارة بطلت الإجارة. ولو منعه الظالم بعد القبض لم تبطل ، وكان الدرك على الظالم

ولو انهدم المسكن (أو عاب خ) تخير المستأجر في الفسخ ، وله إلزام المالك بإصلاحه.

ولا يسقط مال الإجارة لو كان الهدم بفعل المستأجر.

(خامسها تكون المنفعة مباحة ، فلو آجره ليحمل خمرا أو ليعلم الغناء لم تنعقد.

ولا تصح إجارة الآبق.

ولا يضمن صاحب الحمام الثياب إلا أن يودع فيفرط فيفرط.

ولو تنازعا في الاستئجار فالقول قول المنكر مع يمينه.

ولو اختلفا في رد العين فالقول قول المالك مع يمينه.

وكذا لو كان في قدر الشئ المستأجر.

ولو اختلفا في قدر الأجرة فالقول قول المستأجر مع يمينه. وكذا لو ادعى عليه التفريط.

وتثبت أجرة المثل في كل موضع تبطل فيه الإجارة.

ولو تعدى بالدابة المسافة المشترطة ضمن ، ولزمه في الزائد أجرة المثل.

وإن اختلفا في قيمة الدابة أو أرش نقصها فالقول قول الغارم مع

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وإن اختلفا في قيمة الدابة ، أو أرش نقصها ، فالقول قول الغارم مع يمينه ، وفي رواية : القول قول المالك.

هذه رواها أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن أبي عبد اللّه عليه

ص: 33

يمينه. وفي رواية : القول قول المالك.

ويستحب أن يقاطع من يستعمله على الأجرة ، ويجب إيفاؤه عند فراغه ، ولا يعمل الأجير الخاص لغير المستأجر.

______________________________________________________

السلام (في حديث طويل) قال : اما ان يمحلف هو (اي صاحبها) على القيمة فيلزمك وان (فان خ) رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك او يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل (1) الغرض من الحديث (2).

وهذه مشهورة بين الأصحاب ، وأفتى عليها الشيخ في النهاية.

والأصل أن القول قول الغارم ، لأنه مدعى عليه ، وصاحب الدابة يدعي الزيادة ، ونحن من وراء التردد بين العمل بالأصل أو بالرواية ، وبترجيح (ترجح خ) الأول.

ص: 34


1- الوسائل باب 17 قطعه من حديث 1 من كتاب الإجارة.
2- هكذا في أكثر النسخ التي عندنا والظاهر أن المراد أن هذا المقدار الذي نقلناه هو الحديث وإلا فهو أكثر منه.

كتاب الوكالة

اشارة

ص: 35

كتاب الوكالة

وهي تستدعي فصولا :

(الأول) الوكالة :

عبارة عن الإيجاب والقبول الدالين على الاستنابة في التصرف. ولا حكم لوكالة المتبرع.

ومن شروطها أن تقع منجزة. فلا تصح معلقة على شرط ، ولا صفه ، ويجوز تنجيزها وتأخير التصرف إلى مدة ، وليست لازمة لأحدهما.

ولا ينعزل ما لم يعلم العزل وإن أشهد بالعزل على الأصح.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا ينعزل ما لم يعلم العزل ، وإن أشهد بالعزل ، على الأصح

قوله (على الأصح) ، دال على أن في المسألة خلافا ، وتحقيق هذه المسألة أن الموكل إن تمكن من الإعلام ، ولم يعلم فلا ينعزل إلا بالإعلام إجماعا ، وهل ينعزل لو لم يتمكن؟ قال الشيخ في النهاية : نعم ، واختاره المتأخر.

وذكر في الخلاف للأصحاب قولين ، وقوى أنه لا ينعزل ، وتردد في المبسوط.

والأشبه أنه لا ينعزل ، (لنا) وجوه :

(الأول) أن الأصل الحكم ببقاء الثابت ، ما لم يعلم الرافع.

ص: 36

وتصرفه قبل العلم ماض على الموكل ، وتبطل الوكالة بالموت والجنون والاغماء وتلف ما يتعلق به.

ولو باع الوكيل بثمن فأنكر الموكل الإذن بذلك القدر ، فالقول قول الموكل مع يمينه.

ثم يستعاد العين إن كانت موجودة ، ومثلها إن كانت مفقودة ، أو

______________________________________________________

(الثاني) أن حكم النهي لا يتعلق بالمنهي إلا مع العلم كما بلغ تحويل القبلة إلى أهل قبا ، فداروا وبنوا على صلاتهم ، ولم يؤمروا بالإعادة.

(الثالث) أن الموكل (الوكيل خ) حكم بالظاهر ، والحكم بالظاهر في الشريعة لازم (1).

(الرابع) الروايات (فمنها) ما ذكره الشيخ وابن بابويه ، عن جابر بن يزيد ومعاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : موكل رجلا على إمضاء أمر من الأمور ، فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها ، كما اعلمه الدخول فيها (2).

وفي رواية عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافهه بالعزل عن الوكالة (3).

وفي هذا المعنى روايات كثيرة ، اقتصرنا على ما ذكرنا ، حذر التطويل ، وبما ذكره في النهاية رواية (4) وأعرضنا عنها لمخالفتها للدلائل المذكورة ، وهي لا تصلح معارضة.

ص: 37


1- في بعض النسخ : لازم للوكيل ، والصواب ما أثبتناه.
2- الوسائل باب 1 حديث 1 من كتاب الوكالة.
3- الوسائل باب 2 قطعة من حديث 1 من كتاب الوكالة.
4- لعلها من العامة ، وأما من الخاصة فلم نعثر عليها فتتبع.

قيمتها إن لم تكن لها مثل.

وكذا لو تعذر استعادتها.

(الثاني) ما تصح فيه الوكالة :

وهو كل فعل لا يتعلق غرض الشارع فيه بمباشر معين كالبيع والنكاح.

وتصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر على الأصح ، ويقتصر الوكيل على ما عينه الموكل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر ، على الأصح.

أقول : مستند الصحة للغائب ، الإجماع ، وعموم الروايات الواردة بذلك ، واختلف الأقوال في الحاضر.

ففي النهاية : لا يجوز ، ومستنده ما رواه الشيخ عن رجاله (1) عن ابن سماعة عن جعفر بن سماعه ، عن حماد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا تجوز الوكالة في الطلاق (2).

وفي الاستدلال بهذا الرواية ضعف من وجوه (أولا) لأن من جملة الرواة معلى بن محمد ، وقد ضعفه النجاشي ، وابن الغضائري متردد فيه ، و (ثانيا) لضعف جعفر بن سماعة ، فإنه واقفي المذهب ، و (ثالثا) أنها مشتملة على نفي الجواز مطلقا ، فتخصيصها بالحاضر على خلاف الأصل ، و (رابعا) مع تسليمها ، فهي معارضة بروايات كثيرة صحيحه (3) ناطقة بصحة الوكالة في الطلاق مطلقا ، والكثرة إمارة الترجيح.

ص: 38


1- رجاله كما في التهذيب هكذا : محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ... الخ.
2- الوسائل باب 39 حديث 5 من أبواب مقدمات المقدمات
3- راجع الوسائل باب 39 من أبواب مقدمات الطلاق وباب 3 من كتاب الوكالة.

ولم عمم الوكالة صح إلا يقتضيه الإقرار.

(الثالث) الموكل :

ويشترط كونه مكلفا جائز التصرف ، فلا يوكل العبد إلا بإذن مولاه ، وإلا الوكيل أن يؤذن له.

وللحاكم أن يوكل عن السفهاء والبله.

ويكره لذوي المروءات أن يتولوا المنازعة بنفوسهم.

(الرابع) الوكيل :

ويشترط فيه كمال العقل ويجوز أن تلي المرأة عقد النكاح لنفسها ولغيرها

______________________________________________________

وإذا تقرر هذا فالأصح ، ما اختاره الشيخ في الخلاف والمبسوط ، والمفيد في المقنعة ، والمتأخر ، وهو وجواز الوكالة مطلقا ، في الغائب والحاضر ، عملا بالروايات السالمة عن المصادم ولعموم الإذن في التوكيل ، فإنه لا مانع منه شرعا ولا عقلا.

« قال دام ظله » ولو عمم الوكالة صح إلا ما يقتضيه الإقرار.

أقول : معناه لو جعل الموكل وكالته عامة(1) (بحيث يجب له ما يجب لموكله ، ويجب عليه ما يجب عليه ، كما لو كان الموكل (2) نذر شيئا أو ما في معناه يجب على الوكيل الإقامة به خ) هو إشارة إلى ما ذكره الشيخان ، أن الإنسان إذا وكل غيره في الخصومة عنه والمطالبة والمحاكمة ، وقبل الوكيل ، فصار وكيلا له ، يجب له ما يجب لموكله ، ويجب عليه ما يجب على موكله ، إلا ما يقتضيه الإقرار من الآداب ، والحدود ، والأيمان ، يعني بالآداب التعزيرات ، والمستثنى منه هو قوله : (ما يجب على موكله) ، وقوله : (من الآداب) بيان لمقتضى الإقرار ، ومعناه أن التعزير والحد واليمين لا يتوجه على الوكيل

ص: 39


1- في بعض النسخ : بحيث يجب للموكل ما يجب للوكيل ويجب عليه ما يجب على موكله.
2- في بعض النسخ بدل قوله (رحمه اللّه) : نذر إلى قوله : به (هو المباشر) هكذا : كما لو كان الموكل هو المباشر وهو إشارة ... الخ.

والمسلم يتوكل للمسلم على المسلم والذمي على الذمي.

وفي وكالته له على المسلم تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي وكالته له على المسلم تردد.

أي في وكالة المسلم للذمي ، فالضمير الأول راجع إلى المسلم ، والثاني راجع للذمي (إلى الذمي خ).

وحاصل هذه المسائل لا يزيد على ثمانية ، لأن الوكيل لا يخلو إما أن يكون مسلما أو ذميا.

فإن كان مسلما فمسائله أربع 1 (أن خ) يتوكل للمسلم على المسلم 2 وللذمي 3 ويتوكل للذمي على الذمي 4 ويتوكل للذمي على المسلم ، على تردد ، منشأه خلاف بعض الأصحاب.

وإن كان الوكيل ذميا ، فمسائله أربع 1 يتوكل على الذمي للمسلم 2 وللذمي على الذمي 3 ولا يتوكل على مسلم 4 لا ذمي ولا لمسلم.

ففي خمسة مواضع الوكالة صحيحة (إجماعا خ) وفي موضعين ممنوعة.

وفي وكالة المسلم للذمي على المسلم خلاف ، ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة إلى المنع ، وذهب سلار إلى الجواز ، وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط بالكراهية ، واختاره المتأخر ، وهو حسن جمعا بين القولين.

والوجه الجواز ، لأنه لا خلاف أن للذمي أهلية المطالبة للذمي والمسلم ، فيطالب بأي وجه تمكن ، ما لم يمنعه الشارع ، ومنع الشارع في هذه الصورة غير واقع ، فإن كتب الأصحاب خالية عن حديث وارد في هذا المعنى ، واعتبرت كتب الأحاديث فما ظفرت بشئ ، وكذا ذكر شيخنا وصاحب البشرى قدس اللّه روحهما.

وتوهم بعض الشارحين لرسالة سلار وجود حديث مروي بذلك ، فقال : إن الخبر الوارد بذلك للتقية.

وقال المتأخر إن ذلك الخبر بالمنع من أخبار الآحاد.

ص: 40

والذمي يتوكل على الذمي للمسلم وللذمي ، ولا يتوكل على مسلم ، والوكيل أمين لا يضمن إلا مع تعد أو تفريط.

(الخامس) في الأحكام وهي مسائل :

(الأولى) لو أمره بالبيع حالا فباع مؤجلا ولو بزيادة لم يصح ووقف على الإجازة.

وكذا لو أمره بالبيع مؤجلا بثمن فباع بأقل عاجلا ، ولو باع بمثله أو أكثر صح إلا أن يتعلق بالأجل غرض ، ولو أمره بالبيع في موضع فباع في غيره بذلك الثمن صح ، ولا كذا لو أمره ببيعه من إنسان من غيره (بغيره خ ل) فإنه يقف على الإجازة ، ولو باع بأزيد.

(الثانية) إذا اختلفا في الوكالة ، فالقول قول المنكر مع يمينه.

ولو اختلفا في العزل أو في التفريط فالقول قول الوكيل.

وكذا لو اختلفا في التلف.

ولو اختلفا في الرد فقولان : (أحدهما) القول قول الموكل مع يمينه ،

______________________________________________________

قلت : في الأمثال المولدة ، ثبت العرش ثم أنقش.

« قال دام ظله » : ولو اختلفا في الرد فقولان

قال في المبسوط : إن كانت الوكالة بغير جعل ، فالقول قول الوكيل لأنه كالوديعة ، لأنه قبض المال لمنفعة الغير ، وإن كانت بجعل ففيه قولان ، والأقوى أن القول قول المنكر (الموكل خ) لأنه قبض المال لمنفعة نفسه ، والمتأخر يجعل القول قول الموكل على الإطلاق ، والتفصيل حسن ، بناء على الأصل (ما خ) ذكره الشيخ وقد ذكرنا ذلك (الأصل خ) فيما تقدم.

ص: 41

(والثاني) القول قول الوكيل ما لم يكن بجعل وهو أشبه.

(الثالثة) إذا زوجه (وكيل خ) مدعيا وكالته فأنكر الموكل فالقول قول المنكر مع يمينه ، وعلى الوكيل مهرها.

وروي نصف مهرها (المهر خ) لأنه ضيع حقها ، وعلى الزوج أن يطلقها سرا إن كان وكل.

______________________________________________________

ولو توكل لرجل في عقد على امرأة ، فأنكر الموكل ، فالقول قوله مع يمينه وعليه المهر.

« قال دام ظله » : وروي نصف المهر ، لأنه ضيع حقها (1).

هذه رواها في التهذيب عن رجاله (2) مرفوعا إلى داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل قال لآخر : اخطب لي فلانة ، فما فعلت من شئ مما قالت : من صداق أو ضمنت من شئ أو شرطت ، فذلك لي رضا وهو لازم لي ، ولم يشهد على ذلك ، فذهب فخطب له وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه وسألوه ، فلما رجع إليه أنكر ذلك كله؟ قال : يغرم لها نصف الصداق عنه وذلك أنه هو الذي ضيع حقها (الغرض من الحديث)(3) وأفتى عليها في المبسوط.

وقال في النهاية : بوجوب المهر كاملا (كملا خ) واختاره المتأخر ، وهو أشبه ، لأن المهر يستقر بالعقد ، ولا ينصفه إلا الطلاق قبل الدخول ، عملا بالنص ، والرواية من الآحاد ، فلا يخص بها الأصل المسلم.

ص: 42


1- في بعض النسخ هكذا : ولو توكل الرجل في عقد على امرأة ، فأنكر الموكل ، فالقول قوله مع يمنه ، وعليه المهر ، وروي نصف المهر ... الخ.
2- رجاله كما في التهذيب هكذا : محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن دينار (ذبيان خ) بن حكيم ، عن داود بن الحصين.
3- الوسائل باب 4 حديث 1 من كتاب الوكالة ، وللحديث ذيل فلاحظ.

كتاب الوقوف والصدقات والهبات

اشارة

ص: 43

كتاب الوقوف والصدقات والهبات

أما الوقف :

اشارة

فهو تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة.

ولفظه الصريح « وقفت » وما عداه يفتقر إلى القرينة الدالة على التأبيد.

ويعتبر فيه القبض.

ولو كان على مصلحة كالقناطر أو موضع عبادة كالمساجد قبضه الناظر فيهما (فيها خ).

ولو كان على طفل قبضه الولي - كالأب والجد للأب أو الوصي -.

ولو وقف عليه الأب أو الجد صح ، لأنه مقبوض بيده.

والنظر إما في الشروط أو اللواحق.

والشروط أربعة أقسام :

(الأول) في الوقف :

ويشترط فيه التنجيز ، والدوام ، والإقباض ، وإخراجه عن نفسه.

فلو كان إلى أمد كان حبسا.

ص: 44

ولو جعله لمن ينقرض غالبا صح ، ويرجع بعد موت الموقوف عليه إلى ورثة الواقف طلقا.

وقيل : ينتقل إلى ورثة الموقوف عليه ، والأول مروي.

______________________________________________________

« قال دام ظله » وقيل ينتقل الى ورثة الموقوف عليه والاول مروي.

القائل بهذا المفيد وسلاروالمتأخر تمسكا بأنه وقف تام خرج عن ملك الواقف فلا يعود اليه.

وذهب الشيخ في النهاية والخلاف وصاحب الواسطة الى أنه ينتقل الى الواقف او الى ورثته مع عدمه تمسكا بأن الأصل بقاء الملك على مالكه الا الدليل ولا دليل على الانتقال إلى ورثة الموقوف عليه.

وتردد في المبسوط حاكيا أن القولين للأصحاب ، وإن رواياتهم شاهدة برجوعه إلى الواقف حيا وورثته ميتا.

ولنا في المسألة تردد ، منشأه هل هذا وقف صحيح أو إعمار؟

ولم أظفر بعد بالروايات ، إلا بما رواه(1) الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن جعفر بن حنان ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقف غلة له على قرابته من أبيه وقرابته من أمه وأوصى لرجل ولعقبه ليس بينه وبينه قرابة ، بثلاثمائة درهم في كل سنة ، ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وقرابته من أمه؟ فقال جائز للذي أوصى له بذلك.

قلت : أرأيت إن لم يخرج من غلة الأرض التي وقفها إلا خمسمائة درهم؟ فقال : أليس في وصيته أن يعطي الذي أوصي له من الغلة (من تلك الغلة يه) ثلاثمائة درهم ، ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وقرابته لأمه؟ قلت : نعم ، قال : ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلة شيئا حتى يوفوا الموصى له ثلاثمائة درهم ، ثم لهم ما يبقى

ص: 45


1- لا يخفى أن الرواية المنقولة في النسخ كانت مغلوطة ومختلفة جدا ، ولذا نقلناها من الوسائل.

ولو شرط عوده عند الحاجة فقولان ، أشبههما : البطلان.

(الثاني) في الموقوف

ويشترط أن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها انتفاعا محللا ، ويصح إقباضها ، مشاعة كانت أو مقسومة.

(الثالث) في الواقف عليه :

ويشترط فيه البلوغ وكمال العقل وجواز التصرف.

______________________________________________________

بعد ذلك.

قلت : أرأيت إن مات الذي أوصي له؟ قال : إن مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها بينهم فأما إذا انقطع ورثته فلم يبق منهم أحد كانت الثلاثمائة درهم لقرابة الميت يرد ما يخرج من الوقف ، ثم يقسم بينهم يتوارثون ذلك ما بقوا ، وبقيت الغلة.

قلت : فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا ولم يكفهم ما يخرج من الغلة؟ قال : نعم إذا رضوا كلهم ، وكان البيع خيرا لهم باعوا(1).

« قال دام ظله » : ولو شرط عوده عند الحاجة ، فقولان ، أشبههما البطلان.

أقول : ذهب الثلاثة (2) وسلار وأتباعهم إلى أن الشرط صحيح ، وله الرجوع ، إلا أن الشيخ في النهاية أخرجه من الوقف ، فقال : إذا مات الواقف ، والحال ما ذكرناه فيكون ميراثا ، ولم يمض الوقف.

وذهب المتأخر إلى بطلان الوقف ، وهو أشبه (لنا) أن المقتضي للوقف التأبيد ، وهو شرط في صحته ، فمتى انتفى الوقف ، وللشيخ قول في المبسوط ، ومسائل الخلاف في كتاب البيوع ، بأن الشرط في الوقف يبطل لأنه عقد لازم من الطرفين

ص: 46


1- الوسائل باب 6 حديث 8 من كتاب الوقوف والصدقات.
2- هم علم الهدى والشيخ المفيد الشيخ الطوسي قدس سرهم.

وفي وقف من بلغ عشرا تردد ، والمروي : جواز صدقته ، والأولى : المنع.

ويجوز أن يجعل الواقف النظر لنفسه على الأشبه ، وإذا أطلق فالنظر لأرباب الوقف.

(الرابع) في الموقوف عليه :

ويشترط وجوده وتعيينه ، وأن يكون ممن يملك ، وأن لا يكون الوقف عليه محرما.

______________________________________________________

فتعميم هذا القول ما اخترناه.

« قال دام ظله » : وفي وقف من بلغ عشرا تردد ، والمروي جواز صدقته .. الخ.

أقول : التردد من المصنف ، والرواية إشارة إلى ما رواه زرعة ، عن سماعة ، قال : سألته عن طلاق الغلام ، ولم يحتلم وصدقته؟ فقال : إذا طلق للسنة ووضع الصدقة في موضعها وحقها ، فلا بأس ، وهو جائز(1).

فقال الشيخ في الاستبصار : وقد حد ذلك بعشر سنين ، وأفتى عليه في النهاية.

والمتأخر ذاهب إلى المنع ، وهو المختار.

(لنا) إن الحجر عن التصرف ثابت ، فلا يرتفع إلا بمؤثر ، وهو البلوغ خمسة (بخمسة خ) عشر سنة ، أو الإنبات ، أو الاحتلام ، فمع عدمه لا يصح التصرف.

« قال دام ظله » : ويجوز أن يجعل الواقف النظر لنفسه ، على الأشبه.

هذا مقتضى النظر ومذهب الشيخ لأنه حق له ، فله أن يضعه حيث شاء ، فأما مع الإطلاق فمبني (فيبنى خ) على انتقال الملك فمن قال : ينتقل إلى اللّه ، فالنظر إلى الحاكم ، ومن قال : ينتقل إلى الموقوف عليهم ، وهو المذهب ، فالنظر إليه.

ص: 47


1- الوسائل باب 32 حديث 7 ج 15 ص 325.

فلو وقف على من سيوجد لم يصح.

ولو وقف على موجود وبعده على من يوجد صح.

والوقف على البر يصرف إلى الفقراء ووجه القرب.

ولا يصح وقف المسلم على البيع والكنائس.

ولو وقف المسلم على الحربي ولو كان رحما ، ويقف على الذمي ولو كان أجنبيا.

ولو وقف المسلم على الفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين.

ولو كان كافرا انصرف إلى فقراء نحلته.

والمسلمون من صلى إلى القبلة.

والمؤمنون : الاثنا عشرية وهم الإمامية. وقيل : مجتنبو الكبائر خاصة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو وقف على ذلك الكافر ، صح ، وفيه وجه آخر.

تقديره ولو وقف الكافر على البيع والكنائس صح الوقف.

فأما الوجه الآخر ، سألت المصنف عن ذلك ، فأجاب بأنه يمكن أن يقال : أن نية القرية شرط في الوقف ، ولا يمكن ذلك في الكافر ، فلا يصح منه الوقف.

ولقائل(1) أن يمنع المقدمتين ، والوجه الصحة ، إذ كل قوم يدان بدينهم ومعترفون بمعبود يتوجهون إليه.

« قال دام ظله » : والمؤمنون : الاثنا عشرية ، وهم الإمامية ، وقيل ، مجتنبو الكبائرخاصة.

أقول : اختلف أهل الكلام في المؤمن ، فأكثر المعتزلة أنهم مجتنبو الكبائر إذ

ص: 48


1- في بعض النسخ : ولقائل أن يقول : بمنع المقدمتين.

والشيعة : الإمامية والجارودية.

والزيدية : من قال بإمامة زيد.

والفطحية : من قال بالأفطح.

والإسماعيلية : من قال بإسماعيل بن جعفر عليه السلام.

والناووسية : من وقف على جعفر بن محمد عليهما السلام.

والوقفية : من وقف على موسى بن جعفر عليهما السلام.

والكيسانية : من قال بإمامة محمد بن الحنفية.

ولو وصفهم بنسبة إلى عالم كان لمن دان بمقالته كالحنفية.

ولو نسبهم إلى أب كان لمن انتسب إليه بالأبناء دون البنات على الخلاف ، كالعلوية والهاشمية ، ويتساوى فيه الذكور والإناث.

______________________________________________________

الفاسق عندهم لا يكون مؤمنا ، وهو اختيار المفيد والشيخ في النهاية.

وعند المرتضى والشيخ في الكتب الكلامية أن المؤمن هو الاثنا عشري سواء كان مجتنبا للكبائر أو لم يكن ، وأكثر أصحاب الحديث على الأول ، وتحقيق هذا البحث بالكتب الكلامية أليق.

« قال دام ظله » : والشيعة الإمامية ، والجارودية .. إلى آخره.

أقول الشيعة فرق كثيرة ، وكلهم انقرضوا إلا الإمامية ، أي الاثنا عشرية ، وقوم برز من غيرها كالإسماعيلية ، ومعظمهم الاثنا عشرية وهز القائلون بإمامة علي عليه السلام وأحد عشر إماما عليهم السلام من ذرية فاطمة عليها السلام ، آخرهم (محمد بن الحسن) المنتظر عليه السلام.

والزيدية ، وهم فرق شتى ، ومعظمهم أربعة : الجارودية ، (وهم خ) ينسبون إلى أبي الجارود ، وهم قائلون بإمامة علي عليه السلام بعد النبي صلى اللّه عليه وآله بلا فصل والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام وبعده ينتقلون إلى زيد بن علي.

ص: 49

وقومه أهل لغته ، وعشيرته الأدنون في نسبة.

______________________________________________________

والبترية(1) ينسبون إلى كثير النوا وكان أبتر اليد فسموا به (البترية خ) وهم القائلون بإمامة الثلاثة ، وعلي والحسن والحسين ، وعلي ابنه عليهم السلام ، وزيد بن علي.

والصالحية ، وينسبون إلى الحسن بن صالح وهم قطعوا بإمامة الشيخين ، وتوقفوا في فسق عثمان بالنظر إلى ظاهر أفعاله وإن النبي صلى اللّه عليه وآله أخبر بدخوله الجنة بزعمهم.

والسليمانية ، وهم ينسبون إلى سليمان بن حريز ، وهم قائلون بإمامة الشيخين وقطعوا على فسق عثمان ، ثم انتقلوا إلى علي والحسن والحسين وعلي عليهم السلام وزيد بن علي ، ولا يعد من الشيعة إلا الجارودية.

« قال دام ظله » : وقومه ، أهل لغته وعشيرته ، الأدنون في نسبه.

أما عشيرته فمسلم ، وأما أهل لغته فيشكل لغة وعرفا وبذلك وردت رواية (2) وهو مذهب الشيخين وسلار وقد يستدل عليه بقوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه )(3) .

والأنسب أن يختص بالأهل والعشيرة من الرجال دون النساء ، لقوله تعالى : لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء(4) وقال زهير :

وما أدري وسوف إخال أدري *** أقوم آل حصن أم نساء (5)

ص: 50


1- بضم الباء الموحدة وقيل بكسرها ثم سكون التاء المثناة من فوق فرق من الزيدية (تنقيح المقال مقباس الهداية ج 3 ص 85).
2- لم نعثر عليها إلى الآن.
3- إبراهيم - 4.
4- الحجرات - 2 والآية الشريفة هكذا : ( لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ) .
5- هذا البيت مذكور في نسختين من النسخ الست التي عندنا.

ويرجع في الجيران إلى العرف ، وقيل : هو من يلي داره إلى أربعين ذراعا. وقيل : إلى أربعين دارا. وهو مطروح.

ولو وقف على مصلحة فبطلت قيل : يصرف إلى البر.

وإذا شرط إدخال من يوجد مع الموجود صح.

وإذا أطلق الوقف وأقبض لم يصح إدخال غيرهم معهم ، أولادا كانوا أو أجانب.

وهل له ذلك مع أصاغر ولده؟ فيه خلاف ، المروي : الجواز ، وأما النقل عنهم فغير جائز.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويرجع في الجيران إلى العرف ، وقيل : هو من يلي داره إلى أربعين ذراعا ، وقيل : إلى أربعين دارا.

هذا قول مستنده رواية (عائشة خ) عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، أنه سأل عن حد الجوار ، فقال : إلى أربعين دارا (1).

والتحديد بالذراع للشيخين وسلار والمتأخر ، ويريدون به أربعين ذراعا من كل جانب.

والقول الأول اختيار شيخنا ، وهو أشبه ، لأن التحديد بالذراع والدور لم يحده أهل اللغة ، والرواية بذلك من الآحاد ، قليلة الورود ، لا يحكم بها ، ومتى كان التحديد خاليا عن الشرع واللغة يلزم المصير إلى العرف.

« قال دام ظله » : ولو وقف على مصلحة فبطلت ، قيل : يصرف إلى البر.

ص: 51


1- راجع الوسائل باب 99 (حد الجوار ... الخ) من أبواب العشرة من كتاب الحج ، وأما الحديث المنقول عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وآله فلم نعثر عليه إلى الآن والذي عثرنا هو رواية ابن قدامة في المغني ج 6 ص 686 طبع دار الفكر بيروت ولفظه هكذا : روى أبو هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : الجار أربعون دارا هكذا وهكذا وهكذا.

وأما اللواحق فمسائل :

(الأولى) إذا وقف في سبيل اللّه انصرف إلى القرب كالحج والجهاد والعمرة وبناء المساجد.

(الثانية) إذا وقف على مواليه دخل الأعلون والأدنون.

(الثالثة) إذا وقف على أولاه (1) اشترك أولاد البنين والبنات ، الذكور والإناث بالسوية.

(الرابعة) إذا وقف على الفقراء انصرف إلى فقراء البلد ومن يحضره ، وكذا كل قبيل متعدد كالهاشمية والعلوية والتميمية ، ولا يجب تتبع من لم يحضره.

(الخامسة) لا يجوز إخراج الوقف عن شرطه ، ولا بيعه إلا أن يقع فيه

______________________________________________________

القول للشيخين والمتأخر ، ولشيخنا فيه تردد ضعيف ، طلبا للدليل.

ويمكن أن يستدل على ذلك بأن الوقف على المصلحة مثل بناء القناطير (القناطر خ) وإصلاح الشوارع والمساجد وقف في التحقيق على المسلمين (و خ) المنتفعين به ، فزوال تلك المصلحة لا يخرجه عن الوقفية الأصلية ، فلهذا يصرف في وجوه البر.

« قال دام ظله » : لا يجوز إخراج الوقف عن شرطه ، ولا بيعه ، إلا أن يقع فيه خلف يؤدي إلى فساده (فساد خ) على تردد.

أقول : مقتضى الوقف تحبيس الأصل ، وهو أن يبقي الرقبة على حالها وينتفع بحاصلها.

وإذا تقرر هذا ، فهل يجوز تغيير الوقف أو بيعه لمصلحة؟ قال الثلاثة وسلار : نعم

ص: 52


1- في بعض النسخ « أولاد أولاده » بدل « أولاده ».

خلف يؤدي إلى فساد ، على تردد.

(السادسة) إطلاق الوقف يقتضي التسوية ، فإن فضل لزم.

(السابعة) إذا وقف على الفقراء وكان منهم جاز أن يشركهم.

ومن اللواحق : مسائل السكنى والعمرى.

وهي تفتقر إلى الإيجاب والقبول والقبض.

______________________________________________________

لو كان ذلك أنفع للموقوف عليهم وأصلح.

ولعل الاستناد ما رواه ابن بابويه عن ثقات ، والشيخ في التهذيب مرفوعا (1) إلى الحسين بن سعيد ، عن علي بن مهزيار ، قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام ، أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في (من خ) الوقف الخمس ، ويسأل عن رأيك في بيع حصتك من الأرض أو تقويمها على نفسه بما اشتراها أو يدعها موقفة (2) فكتب عليه السلام إلي : أعلم فلانا إني آمره ببيع (3) حقي من الضيعة ، وإيصال ثمن ذلك إلي وأن ذلك رأيي إن شاء اللّه أو تقويمها(4) على نفسه إن كان ذلك أوفق له ، وكتبت إليه : إن الرجل كتب (ذكر خ) إن بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده ، فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل إنسان منهم ما وقف له من ذلك أمرته ، فكتب (5) بخطه إلي : وأعلمه أن رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن بيع الوقف أمثل ، فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس (6).

ص: 53


1- يعني متصلا سنده إلى الحسين ، وليس المراد منه الرفع المصطلح.
2- في الاستبصار : موقوفة.
3- أن يبيع خ ئل.
4- أو يقومها ئل.
5- في الوسائل : وكتب إليه بخطه عليه السلام.
6- الوسائل باب 6 حديث 5 و 6 من كتاب الوقوف والصدقات.

وفائدتهما التسليط على استيفاء المنفعة تبرعا مع بقاء الملك للمالك. وتلزم لو عين المدة وإن مات المالك.

وكذا لو قال له : عمرك ، لم تبطل بموت المالك ، وتبطل بموت الساكن.

ولو قال : حياة المالك ، لم تبطل بموت الساكن وانتقل ما كان له إلى ورثته.

وإن أطلق ولم يعين مدة ولا عمرا تخير المالك في إخراجه مطلقا.

ولو مات المالك - والحال هذه - كان المسكن ميراثا لورثته وبطلت السكنى.

______________________________________________________

وهذه الرواية مشتملة على الكتابة ، فهي في قوة المرسلة ، فلا تصلح (يصح خ) الاستدلال بها.

وحملت على أن الوقف كان محبوسا عليهم ، دون غيرهم.

وقال في التهذيب : أنها (إنما خ) وردت رخصة ، بشرط أن يؤدي الوقف إلى ضرر واختلاف ، وهرج ومرج وخراب ، والتأويل الأول أشبه.

وتمسك المتأخر بمقتضى الأصل ، وذهب إلى المنع من ذلك على كل حال ، مستدلا بأن الإجماع حاصل إن تغيير الوقف عن وجهه غير جائز.

وفي دعوى الإجماع نظر وفي القطع بفتوى الثلاثة (1) تردد ، منشأه الالتفات إلى قولهم من غير دليل ، وإلى الأصل المسلم ، وكان شيخنا يذهب إلى أن البيع - لو كان خوف الخراب - جائز ، وإن كان (لكون خ) البيع أنفع لهم غير جائز ، وهذا وجه حسن قريب.

ص: 54


1- وهم علم الهدى والشيخ المفيد والشيخ الطوسي قدس اللّه أسرارهم.

ويسكن الساكن معه من جرت العادة به كالولد والزوجة والخادم ، وليس له أن يسكن غيره إلا بإذن المالك.

ولو باع المالك الأصل لم تبطل السكنى إن وقتت بأمد أو عمر.

ويجوز حبس الفرس والبعير في سبيل اللّه ، والغلام والجارية في خدمة بيوت العبادة ، وتلزم ذلك ما دامت العين باقية.

وأما الصدقة :

فهي التطوع بتمليك العين بغير عوض ، ولا حكم لها ما لم تقبض. بإذن المالك ، وتلزم بعد القبض وإن لم يعوض عنها.

ومفروضها محرم على (بني هاشم) إلا صدقة أمثالهم أو مع الضرورة ، ولا بأس بالمندوبة.

والصدقة سرا أفضل منها جهرا إلا أن يتهم.

وأما الهبة :

فهي تمليك العين تبرعا مجردا عن القربة.

ولا بد فيها من الإيجاب والقبول والقبض ، ويشترط إذن الواهب في القبض ، ولو وهب الأب أو الجد للولد الصغير لزم ، لأنه مقبوض بيد الولي.

وهبة المشاع جائزة كالمقسوم.

ولا يرجع في الهبة لأحد من الأبوين بعد القبض ، وفي غيرهما من

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يرجع في الهبة لأحد من الوالدين (الأبوين خ) بعد القبض ، وفي غيرهما من ذوي الأرحام ، على الخلاف.

ص: 55

ذوي الأرحام على الخلاف.

ولو وهب أحد الزوجين الآخر ففي الرجوع تردد ، أشبهه : الكراهية.

ويرجع في هبة الأجنبي ما دامت العين باقية ما لم يعوض عنها.

وفي الرجوع مع التصرف قولان ، أشبههما : الجواز.

______________________________________________________

أقول : الصواب يقال : لأحد الأبوين والأولاد ، لأن الإجماع حاصل على أنه لا يرجع في الهبة للوالدين والأولاد ، وسألت المصنف عن الإخلال بذكر الأولاد ، فقال : كان زيغا (رفعا خ) للقلم.

ونحقق مسائل الهبة في هذا التقسيم ، فنقول : حكم الهبة على ثلاثة أضرب ، ضرب لا يجوز الرجوع فيها إجماعا ، وضرب يجوز إجماعا ، وضرب مختلف فيه.

فالأول : هبة الوالدين والأولاد مع القبض ولغيرهما مع العوض أو هلاك العين.

والثاني : هبة الأجنبي مع بقاء العين وعدم التصرف والعوض.

والثالث : هبة لذي رحم غير الوالدين والأولاد مع القبض ، وللأجنبي مع التصرف وبقاء العين فإن فيها خلافا.

أما الذي للرحم فذهب الشيخان في النهاية والاستبصار في باب الهبة المقبوضة والمقنعة إلى إنه لا يجوز الرجوع فيها.

وقال في الخلاف : بالجواز ، وتردد المتأخر فيه ، فقوى في موضع ، المنع ، وفي موضع ، الجواز.

والمنع أشبه وهو المختار وعليه شيخنا.

(لنا) النظر ، والنص ، والأثر.

أما النظر فهو أن الموهوب صار ملكا للموهوب منه (1) بعقد (بعد خ) الهبة ، لأنه يقتضي التمليك ، فلا (ولا خ) يعود إلى ملك الواهب إلا بعقد جديد أو ما في حكم

ص: 56


1- هكذا في النسخ كلها ، والصواب للموهوب له.

______________________________________________________

العقد من بيع أو هبة أو إرث وغير ذلك.

(أما) أنه صار ملكا له فلوجهين (أحدهما) جواز التصرف من بيع أو هبة أو إجارة وما أشبه ذلك من توابع الملك.

(وأما) أنه لا يعود إلى ملك الواهب إلا بعقد جديد أو ما في حكمه فلأن ذلك معلوم من عادة الشرع.

وأما النص ، فقوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (1).

وأما الأثر فما رواه في التهذيب والاستبصار ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه وعبد اللّه بن سنان (سليمان يب) قالا : سألنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يهب الهبة أيرجع فيها إن شاء أم لا؟ فقال : تجوز الهبة لذوي القربى والذي يثاب من هبته ويرجع في غير ذلك إن شاء (2).

وما رواه في الكتابين عن الحسين بن سعيد ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : الهبة والنحل (النحلة خ) يرجع فيها صاحبها إن شاء حيزت أو لم تحز ، إلا لذي رحم ، فإنه لا يرجع فيها (3) وغير ذلك من الروايات.

(فإن قيل) : هذه الروايات معارضة بروايات كثيرة ناطقة(4) بجواز الرجوع (قلنا) : هي لا تصلح معارضة (إما) لمخالفتها الأصل والكتاب (وإما) لضعف سندها (5).

وأما للأجنبي مع التصرف فذهب الشيخان وأتباعهما وابن البراج وصاحب

ص: 57


1- المائدة - 1.
2- الوسائل باب 6 حديث 1 من كتاب الهبات ، إلا أنه ليس فيه (عن أبان) لكنه موجود في التهذيبين.
3- الوسائل باب 6 حديث 2 من كتاب الهبات.
4- راجع الوسائل باب 4 وبعض أحاديث باب 5 من كتاب الهبات.
5- فكأن الشارح رحمه اللّه غفل عن ذكر الوجه الثاني ، أو لعله سقط من قلم النساخ.

______________________________________________________

الرائع وصاحب الواسطة (1) والمتأخر إلى أنه لا يجوز الرجوع ، واختار شيخنا الجواز ، والأول أشبه ، وبه أفتي.

(لنا) الإجماع والنظر ، والنص ، والأثر ، أما الإجماع فتقريره من وجهين (أحدهما) إن فقهاء الأصحاب المتقدمين بين مفت بالمنع من الرجوع وبين ساكت عنه ، والساكت لا فتوى له ، فكل قائل ، يفتي بالمنع (وثانيها) إن هؤلاء فضلاء الأصحاب يفتون بذلك ، ومن خالف معروف باسمه ونسبه ، فيكون الحق في خلافه.

وأما النظر ، والنص فبمثل ما مضى في مسألة ذي الرحم ، ويزيد على ذلك أن القول بجواز الرجوع يستلزم الضرر المنفي والإضرار المنهي لقوله عليه السلام : لا ضرر ولا ضرار (2) ومستلزم المنفي والمنهي منفي ومنهي.

أما بيان الأول ، هو أن الموهوب لو كان - مثلا عرصة ، فبني فيها الموهوب منه (3) دارا قويا (قوية ظ) وأنفق عليها مالا عظيما ، في زمان طويل ، أو كان ثوبا خاما (4) فقصره وخاطه قباء ، أو كان حيوانا صغيرا فرباه مع الانفاق عليه ، أو ضيعة خربة فأعمرها ، وأخرج ماءها من قناتها - فلا ريب إن من القول بجواز الرجوع ، يلزم ضرر وإضرار ، وفساد ونزاع بين الواهب والموهوب منه ، وكل ذلك غير جائز.

وأما الثاني فظاهر مسلم لا ينكره إلا معاند.

ص: 58


1- هما القطب الراوندي وعماد الدين الطوسي رحمهما اللّه.
2- راجع الوسائل باب 13 من كتاب إحياء الموات.
3- هكذا في النسخ ، والصواب الموهوب له.
4- في الحديث ، مثل المؤمن كخامة الزرع تكفيها الرياح كذا وكذا ، وكذا المؤمن تكفيه تكفيه الأوجاع والمراض الخامة بتخفيف الميم الفضة الطرية من الثياب وألفها منقلبة عن واو (مجمع البحرين).

______________________________________________________

وأما الأثر فعدة روايات (منها) ما رواه الشيخ في الكتابين ، مرفوعا إلى إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : أنت بالخيار ، ما دامت في يدك فإذا خرجت إلى صاحبها فليس لك أن ترجع ، الحديث(1) وفي معناه غير ذلك.

(فإن قيل) : هذه منافية لما ذكرتم من الروايتين في مسألة ذي الرحم (قلنا) : هما محمولتان على عدم التصرف ، ووجود القبض ، وهذه على وجود التصرف ، توفيقا بين الروايات ، وحذرا للإلغاء فلا منافاة.

وكذا باقي الروايات الواردة في معارضة هذه إما مؤولة أو مستضعفة ، وباحثت شيخنا رحمه اللّه (2) في هذه المسألة في الدرس ، واستقصيت في المنع والتسليم ، فما ظفرت بشئ يوجب لي الرجوع إلى قوله ، ولولا وصيته رحمه اللّه إياي أن لا أقلده في الفتاوى لما (فما خ) أقدمت على مخالفته ، فليس لأحد مع الحق خلاف.

(فإن قال) قائل : قد ادعيتم الإجماع على كثير من مسائل الهبة ، والمرتضى مخالف في ذلك كله ، ويذهب إلى جواز الرجوع في الكل ، سوى ما يقصد به وجه اللّه تعالى (قلنا) : هو قول شاذ له (تنازله خ) في الانتصار ، يباحث المخالفين ، ويدعي عليه إجماع الإمامية ، ويستوي (يسوى خ) بين ذوي الأرحام والدا أو ولدا أو غيرهما ، وبين الأجانب ، فلا اعتبار بقوله هنا.

وأما الزوجان فيجوز الرجوع في هبتها على كراهية ، قاله الشيخ في النهاية وأتباعه ، وعليه المتأخر.

ص: 59


1- الوسائل باب 10 حديث 4 من كتاب الهبات ، وتمامه : وقال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من رجع في هبته فهو كالمراجع في قيئه ، وراجع سائر أحاديث الباب وباب 8 و 9 وبعض أحاديث باب 7 و 8 من كتاب الهبات.
2- هذه الجملة وقوله : لولا وصيته رحمه اللّه تدلان على كون شيخه قدس سره حين تأليف هذا الموضع قد فارق الدنيا ولكنه مناف لما يأتي منه - في شرح كلماته الآتية من قوله قده : قال دام ظله واللّه العالم.

________________________________________________________

ولشيخنا فيه تردد ، منشأه هل يعدان في الرحم أم لا؟ والأشبه : لا.

وفي رواية ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال : إنه لا يرجع الرجل فيما يهبه لزوجته ، ولا المرأة فيما تهبه (تهب خ) لزوجها ، الحديث (1).

ص: 60


1- الوسائل باب 7 حديث 1 من كتاب الهبات ، وتمامه : حيز أو لا يحز ، لأن اللّه تعالى يقول : ولا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ، وقال : فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ، وهذا يدخل في الصداق والهبة ، والآية الأولى في سورة البقرة - 229 هكذا : ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ) والآية الثانية في سورة النساء - 4.

كتاب السبق والرماية

ص: 61

كتاب السبق والرماية

ومستندهما قوله عليه السلام : لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر (1).

ويدخل تحت النصل السهام والحراب والسيوف ، وتحت الخف الإبل والفيل ، وتحت الحافر الخيل والبغال والحمير ، ولا يصح في غيرها.

ويفتقر انعقادهما إلى إيجاب وقبول ..

وفي لزومهما تردد ، أشبهه : اللزوم.

ويصح أن يكون السبق عينا أو دينا.

ولو بذل السبق غير المتسابقين جاز.

______________________________________________________

قال دام ظله : وفي لزومهما تردد ، أشبهه اللزوم.

أقول : اختلف قول الشيخ في هذه المسألة ، فذهب في الخلاف إلى أنها لا تلزم لأنها من العقود الجائزة كالجعالة ، وفي المبسوط يذهب إلى اللزوم ، وكذا الجمهور اختلفوا.

والأشبه اللزوم ، لقوله تعالى : أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وهو عقد ، فيجب الوفاء به.

ص: 62


1- الوسائل باب 3 حديث 1 و 2 و 4 مع تقديم وتأخير في الثلاثة ج 13 ص 348.

وكذا لو بذل له أحدهما ، أو بذل من بيت المال.

ولا يشترط المحلل عندنا.

ويجوز جعل السبق للسابق منهما ، وللمحلل إن سبق ، ويفتقر المسابقة إلى تقدير المسافة والخطر وتعيين ما يسابق عليه. وتساوى ما به السباق في احتمال السبق.

وفي اشتراط التساوي في الموقف تردد :

ويتحقق السبق بتقديم الهادي (1).

وتفتقر المراماة إلى شروط تقدير الرشق وعدد الإصابة وصفتها وقدر المسافة والغرض والسبق.

وفي اشتراط المبادرة والمحاطة تردد ، ولا يشترط تعيين السهم ولا القوس.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي اشتراط التساوي في الموقف تردد.

ذهب قوم من الجمهور إلى الاشتراط ، واختاره الشيخ في بعض أقواله ، والأشبه أنه لا يشترط ، لأن الأصل عدم الاشتراط ، ولأنه مبني على التراضي.

« قال دام ظله » : ويتحقق السبق بتقديم (بتقدم خ) الهادي.

الهادي هو العنق ، وعند الأكثرين يتحقق السبق بالهادي والكتد معا ، وهو ما بين أصل العنق إلى الظهر.

وإنما يثبت هذا إذا كان ما يسبق عليه متساوي الخلقة ، فأما مع الاختلاف فيتحقق السبق للقصير بالهادي أو بعضه ، وللطويل إذا سبق بقدر الزائد مع زيادة يصدق معها السبق.

« قال دام ظله » : وفي اشتراط المبادرة والمحاطة تردد.

ص: 63


1- العنق الكتد.

ويجوز المناضلة على الإصابة وعلى التباعد ، ولو فضل أحدهما الآخر وقال (فقال خ) : اطرح الفضل بكذا لم يصح لأنه مناف للغرض من النضال.

______________________________________________________

أقول : المبادرة أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع تساويهما في عدد الرمي ، والمحاطة أن يبادر أحدهما إلى عدد الإصابة مع التساوي في الرشق ، بكسر الراء ، وهو عبارة عن عدد الرمي بعد إسقاط ما تساويا في الإصابة.

وهل يجب اشتراطهما؟ قال الشافعي : يجب ، والأشبه أنه لا يجب ، لأن العقد يتضمن المبادرة ولأن الاشتراط منفي بالأصل ، ولا دليل على ثبوته.

ص: 64

كتاب الوصايا

اشارة

ص: 65

كتاب الوصايا

وهي تستدعي فصولا :

(الأول) :

الوصية تمليك عين أو منفعة ، أو تسليط على تصرف بعد الوفاة.

ويفتقر إلى الإيجاب والقبول وتكفي الإشارة الدالة على القصد ، ولا تكفي الكتابة ، ما لم تضم القرينة الدالة على الإرادة ، ولا يجب العمل بما يوجد بخط الميت.

وقيل : إن عمل الورثة ببعضها لزمهم العمل بجميعها ، وهو ضعيف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وقيل : إن عمل الورثة ببعضها لزمهم العمل بجميعها ، وهو ضعيف.

والقائل بهذا هو الشيخ في النهاية ، ولعل المستند ما رواه في التهذيب مرفوعا (1) إلى إبراهيم بن محمد الهمداني ، قال : كتبت إليه ، رجل كتب كتابا (بخطه ولم يقل لورثته : هذه وصيتي ولم يقل إني قد أوصيت إلا أنه كتب كتابا خ قيه) فيه ما أراد

ص: 66


1- ليس المراد الرفع المصطلح في علم الدراية ، فإن سندها كما في التهذيب هكذا : محمد بن أحمد بن يحيى ، عن عمر بن علي ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني.

ولا تصح الوصية في معصية كمساعدة الظالم.

وكذا وصية المسلم للبيعة والكنيسة.

(الثاني) في الموصي :

ويعتبر فيه كمال العقل والحرية.

وفي وصية من بلغ عشرا في البر تردد ، والمروي : والجواز.

______________________________________________________

أن يوصي به ، هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطه ولم يأمرهم بذلك؟ فكتب عليه السلام إن كان له ولد ، ينفذون كل شئ يجدونه في كتاب أبيهم في وجه البر وغيره (1).

وهذه مشتملة على الكتابة ، والمكتوب إليه مجهول (2) ومضمونها غير دال صريحا على نفس الفتوى ، فهي ضعيفة ساقطة ، والرجوع لازم إلى المتيقن ، وهو كتاب اللّه تعالى وسنة نبيه محمد المصطفى صلى اللّه عليه وآله.

« قال دام ظله » : وفي وصيته من بلغ عشرا في البر تردد ، والمروي الجواز.

أقول : اختلفت الروايات في حد البلوغ ، وجواز وصيته ، ففي رواية عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا بلغ الصبي خمسة أشبار ، أكلت ذبيحته ، وإذا بلغ عشر سنين جازت وصيته (3).

وفي أخرى ، عن أبي بصير وأبي أيوب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الغلام ابن عشر سنين يوصي ، قال : إذا أصاب موضع الوصية جازت (4).

وفي أخرى ، عن أبان بن عثمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه

ص: 67


1- الوسائل باب 48 حديث 2 من كتاب الوصايا.
2- قد ذكر في الوسائل إنه أبو الحسن عليه السلام.
3- الوسائل باب 44 حديث 5 من كتاب الوصايا.
4- الوسائل باب 44 حديث 6 من كتاب الوصايا.

________________________________________________________

السلام ، قال : سألته عن وصية الغلام هل تجوز؟ قال : إذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته (1).

وفي معناها ، ما روي عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، إذا بلغ الغلام عشر سنين ، فأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته ، الحديث (2) وفي هذا المعنى أكثر من هذه (3).

فأما ما رواه أحمد بن عمر الحلبي ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (في حديث) قال : إذا أتت عليه ثلاث عشر سنة ، كتبت له الحسنات ، وكتبت عليه السيئات وجاز أمره أن يكون سفيها أو ضعيفا ، فقال : وما السفيه؟ فقال : الذي يشتري الدرهم بأضعافه ، قال ، وما الضعيف؟ قال : لإبله (4).

وما رواه الحسن بن الياس ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا بلغ أشده ثلاث عشر سنة ودخل في الأربع عشرة ، وجب عليه ما يجب (وجب خ) على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم ، وكتبت عليه السيئات ، وكتبت له الحسنات وجاز له كل شئ إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا (5) وغير ذلك مما يدل على ثلاث عشرة أو أربع عشرة.

ص: 68


1- الوسائل باب 44 حديث 7 من كتاب الوصايا.
2- الوسائل باب 44 حديث 2 من كتاب الوصايا ، وتمامه : إذا كان ابن سبع سنين فأوصى في ماله باليسير في حق جازت وصيته.
3- لاحظ باقي أحاديث باب 44 من كتاب الوصايا.
4- الوسائل باب 44 ذيل حديث 8 من كتاب الوصايا ، وصدره : قال سأله أبي وأنا حاضر عن قوله اللّه عزوجل : حتى إذا بلغ أشده؟ قال : الاحتلام ، قال : فقال : يحتلم في ست عشر وسبع عشر سنة ونحوها؟ فقال : لا إذا أتت ... الخ.
5- الوسائل باب 44 حديث 11 من كتاب الوصايا.

_______________________________________________________

فلا تنافي بينها وبين ما ذكرناه في بلوغ العشرة (العشر خ) لأنها مخصوصة بالوصية ، فيجوز أن يحكم الشارع بصحة الوصية ممن بلغ عشرا وإن لم يبلغ حد البلوغ المعتبر.

(فإن قيل) : الروايات الواردة بثلاث عشرة أو أربع عشرة تنافي القول بأن حد البلوغ خمسة عشر سنة (سنين خ) والرواية المخصوصة بذلك.

(قلنا) : تحمل رواية ثلاث عشرة أو أربع عشرة وما دونه إلى عشر على ما إذا كان الغلام قد احتلم أو أنبت شعر العانة فيها توفيقا بين الروايات.

ولأن الاحتلام في تلك السنين قد يقع كثيرا ، ورواية خمس عشر سنة مخصوصة ممن لم يحتلم أو لم ينبت شعر العانة.

فأما ما رواه العبدي ، عن الحسن بن راشد عن العسكري عليه السلام ، قال : إذا بلغ الغلام ثمان سنين فجائز أمره في ماله ، وقد وجب عليه الفرائض والحدود ، وإذا تم للجارية سبع سنين فكذلك (1).

فهي متروكة بإجماع الطائفة ، لضعف سندها.

وإذا تقرر هذا ، فلنرجع إلى ما نحن بصدده ، فأقول : ذهب الشيخ ، والمفيد ، وسلار ، وأبو الصلاح ، وأتباعهم إلى أن وصية من بلغ عشرا جائزة في المعروف ، من وجوه البر ، وقال الشيخ : تصح هبته أيضا ، ومنعه الآخرون وهو أشبه.

وأقدم المتأخر على منع الروايات كلها وفتوى الأصحاب ، وذهب إلى أن جميع تصرفات الغلام غير جائزة لكونه محجورا عليه إلى أن يبلغ (بلغ خ) خمس عشر سنة ، أو احتلم ، أو أنبت شعر العانة.

ومنشأ تردد شيخنا من النظر إلى الروايات ومن الأصل الذي ذكره

ص: 69


1- الوسائل باب 38 حديث 13 من أبواب حد السرقة إلا أن فيه : وعن سليمان بن جعفر المروزي ، عن الرجل عليه السلام قال : إذا تم ... الخ.

ولو جرح نفسه بما فيه هلاكها ثم أوصى لم يقبل.

ولو أوصى ثم جرح قبلت ، وللوصي الرجوع في الوصية متى شاء.

(الثالث) في الموصى له :

ويشترط وجوده ، فلا يصح لمعدوم ، ولا لمن ظن بقاؤه وقت الوصية فبان ميتا.

وتصح الوصية للوارث كما تصح للأجنبي ، وللحمل بشرط وقوعه حيا.

وللذمي ولو كان أجنبيا وفيه أقوال.

______________________________________________________

المتأخر (1).

والحق عندي اتباع الأصحاب ، والعمل بالروايات في الوصية خاصة ، لكثرتها ، والتزام الأصل في غير الوصية.

« قال دام ظله » : وللذمي ولو كان أجنبيا ، وفيه أقوال.

ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار إلى أنها تجوز لذوي الرحم الكفار ، لا الأجنبي ، فالذمي يدخل تحت لفظ الكفار ضمنا (تضمنا خ).

وقال في الخلاف : يجوز لأهل الذمة خاصة لا الحربي.

وقال أبو الصلاح : لا تصح لكافر أجنبي لا في الواجب ولا في المسنون ، نعم يجوز لو كانت الوصية مكافاة على مكرمة.

وقال المتأخر : يجوز لجميع الكفار على العموم عملا بعموم الآية (2).

ص: 70


1- في بعض النسخ هكذا : ومنشأ تردد شيخنا بين النظر في الروايات وبين الأصل ... الخ
2- إشارة إلى قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) . البقرة - 180.

ولا تصح للحربي ، ولا لمملوك غير الموصي ولو كان مدبرا أو أم ولد ، نعم لو أوصى لمكاتب قد تحرر بعضه مضت الوصية في قدر نصيبه من الحرية.

وتصح لعبد الموصي ومدبره ومكاتبه وأم ولده.

______________________________________________________

والمختار عند شيخنا ، أنه يجوز للذمي رحما وأجنبيا ، ولا يجوز للحربي ، ولو كان (كانت خ) رحما ، وهو انسب.

(لنا) النظر ، والأثر ، أما النظر ، فنقول : الوصية تصرف في المال ، فيجوز للمالك ، كيف شاء لقولهم : الناس مسلطون على أموالهم (1) ترك العمل بذلك في الحربي ، لقوله تعالى : ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (2) أي الذين كفروا.

وبوجه آخر معونة الكفار حرام غير جائزة (جائز خ) على اختلاف أصنافهم ، والوصية لهم معونة ، فلا تجوز.

(إن قيل) : هذا الدليل يتناول الذمي والحربي (قلنا) : دليل العقل يخصص بالأخبار.

وهي ما رواه في التهذيب مرفوعا (3) إلى محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، في رجل أوصى بماله في سبيل اللّه ، قال : اعط (اعطه خ) لمن أوصي له ولو (وإن خ) كان يهوديا أو نصرانيا ، إن اللّه تعالى يقول : فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ الآية. (4)

ص: 71


1- عوالي اللئالي ج 1 ص 457 مطبعة سيد الشهداء بقم رقم 198.
2- هود - 113.
3- يعني متصلا سنده إليه ، ولا يراد الرفع المطلح.
4- الوسائل باب 35 حديث 5 من كتاب الوصايا ، وفيه : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام وفي باب 32 حديث 1 منه ، وفيه : سألت أبا جعفر عليه السلام ، وفيه أيضا بالسند الرابع كما هنا ، وتمام الآية الشريفة : فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، البقرة - 181 والظاهر أن ذكر هذه الروايات تتمم لما ذكره قده (والأثر ... الخ).

ويعتبر ما يوصي به لمملوكه بعد خروجه من الثلث ، فإن كان بقدر قيمته أعتق ، وكان الموصى به للورثة ، وإن زاد أعطى العبد الزائد ، ولو نقص عن قيمته يسعى في الباقي.

وقيل : إن كانت قيمته ضعف الوصية بطلت ، وفي المستند ضعف.

______________________________________________________

وما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الريان بن شبيب (في حديث) قال : سألت الرضا عليه السلام ، فقلت : إن أختي أوصت بوصية لقوم نصارى ، فأردت أن أصرف ذلك إلى قوم من أصحابنا مسلمين؟ فقال : امض الوصية على ما أوصت به ، قال اللّه تعالى : فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ (1).

وفي هذا المعنى روايات أخر (2) فمن شاءها فليطلبها في كتب الأحاديث.

وبهذه الروايات يخصص عموم آية الوصية للذمي (التي خ) (الذي ظ) تمسك به المتأخر.

« قال دام ظله » : ويعتبرمايوصي به لمملوكه بعد خروجه من الثلث ، فإن كان بقدر قيمته أعتق ، وكان الموصى به للورثة ، فإن زاد أعطى العبد الزائد ولو نقص عن قيمته يسعى في الباقي ، وقيل : إن كان قيمته ضعف الوصية بطلت ، وفي المستند ضعف.

أقول : إذا أوصى للمملوك (لمملوكه خ) بمقدار ثلث المال أو أقل فلا خلاف بيننا إنه ينتقل إلى نفسه فيقوم ويعتق مع التساوي ويعطى الزائد ، إذا كانت الوصية أزيد.

وإنما الخلاف لو كانت قيمته أفضل من الوصية ، فقال الشيخ في الخلاف وابن

ص: 72


1- الوسائل باب 35 حديث 1 من كتاب الوصايا ، وصدره قال : أوصت ماردة لقوم نصارى فراشين بوصية ، فقال أصحابنا : أقسم هذا في فقراء المؤمنين من أصحابك فسألت الرضا عليه السلام.
2- راجع الوسائل باب 32 و 35 من كتاب الوصايا.

ولو أعتقه عند موته وليس له غيره دين ، فإن كانت قيمته بقدر الدين مرتين صح العتق ، وإلا بطل ، وفيه وجه آخر ضعيف.

______________________________________________________

بابويه في رسالته ، وسلار وأبو الصلاح والمتأخر ، وشيخنا : يعتق بقدر الوصية ، ويستسعى العبد في الباقي.

وقال في النهاية والمفيد في المقنعة : إن كانت الزيادة بمقدار السدس لربع أو الربع أو الثلث أعتق بذلك المقدار ، ويستسعى في الباقي ، وإن كانت القيمة على الضعف من ثلثه ، بطلت الوصية.

والمستند ما رواه الحسن بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل أوصى لمملوكه (لمملوك له خ) بماله قال : فقال : يقوم المملوك بقيمة عادلة ، ثم ينظر ما ثلث الميت؟ فإن كان الثلث أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة ، استسعى العبد في ربع القيمة ، وإن كان الثلث أكثر من قيمة العبد ، أعتق العبد ، ودفع إليه ما فضل من الثلث بعد القيمة (القسمة خ) (1).

وفي التمسك بهذه الرواية ضعف ، فإن الحسن بن صالح ، زيدي المذهب ، فلا يعمل بما ينفرد به ، مع أنها لا تدل على إبطال الوصية صريحا ، لما ادعاه الشيخ.

« قال دام ظله » : ولو أعتقه عند موته وليس غيره وعليه دين ، فإن كانت قيمته بقدر الدين مرتين صح العتق ، وإلا بطل ، وفيه وآخر ضعيف.

أقول : ولنفرض لهذه المسألة مثالا وهو عبد قيمته مائة دينار والدين الذي على المولى خمسون دينارا ، فالعتق صحيح ، فيسعى العبد للديان بخمسين ، وللورثة بثلاثة وثلاثين وثلث دينار ، وينعتق بقدر الباقي ، وهو ثلث المال بعد الدين ، وإن كانت قيمته أقل من ذلك ، بطلت الوصية.

ومستند هذه المسألة ما رواه جميل عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في

ص: 73


1- الوسائل باب 79 حديث 2 وباب 1 حديث 11 من كتاب الوصايا.

______________________________________________________

رجل أعتق مملوكه عند موته ، وعليه دين ، قال : إن كانت قيمته مثل الذي عليه ومثله جاز عتقه ، وإلا لم يجز (1).

وفي هذا المعنى رواية عن عبد الرحمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، فالرواية واردة فيمن أعتق عبده عند موته (2).

وهو يقتضي أن يكون منجزا ، فشيخنا تبع لفظ الرواية ، والشيخ ذكره في النهاية في كتاب الوصية بلفظ (من أوصى بعتق عبده) ولسنا نعرف به شاهدا فنطالبه به.

فأما في باب العتق فقد ذكره بلفظ العتق ، كما هو لفظ الرواية.

فنحن إن عملنا بالرواية اقتصرنا على ألفاظها ، وإن عدلنا إلى الوصية ، فنعمل بالأصل ، وهو تقديم الدين على الوصية ، ويسعى العبد للديان ، ثم يعتق بقدر الثلث ، وإن زادت قيمته على الثلث بعد السعي للديان ، فيسعى للورثة بقدر ذلك السواء بلغت قيمته ضعفي الدين أو لم تبلغ.

وتوهم المتأخر أن الرواية وردت بلفظ الوصية ، فقال : الأصل أن الدين يقدم على الوصية كما ذكرنا ، ثم قال : وإن عمل عامل بالرواية يلزمه أن يستسعى العبد سواء كانت قيمته ضعفي الدين أو أقل من ذلك ، وهذا قول ضعيف ، لا يقوله محصل.

وفيه تناقض ظاهر ، فكأنه يقول : مين يعمل بالرواية يلزمه أن يعدل عن الرواية إلى الأصل الذي يذكره.

فقوله (3) : (وفيه وجه آخر ضعيف) إشارة إلى قول المتأخر ، بناء للمسألة على

ص: 74


1- الوسائل باب 39 حديث 6 من كتاب الوصايا بالسند الرابع.
2- الوسائل باب 39 حديث 2 من كتاب الوصايا ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : إذا ترك الذي عليه ، ومثله أعتق المملوك واستسعى.
3- يعني قول المصنف رحمه اللّه.

ولو أوصى لأم ولده صح ، وهل تعتق من الوصية أو من نصيب الولد؟ فيه قولان ، فإن أعتقت من نصيب الولد كان لها الوصية.

______________________________________________________

العتق ، كما هو لفظ الرواية ، واختاره في الشرائع (1) ، فبني المسألة على الوصية ، كما هو نقل الشيخ.

وعلى التقديرين الإشكال ظاهر ، أما على تقدير الوصية فظاهر ، وأما على تقدير العتق ، فلأن العتق إذا وقع منجزا لا يكون للديان عليه سبيل ، خصوصا على مذهب من يقول : العطايا المنجزة من الأصل.

« قال دام ظله » : ولو أوصى لأم ولده صح ، وهل تعتق من الوصية أو من نصيب الولد؟ فيه قولان.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية إلى أنها تعتق من نصيب الولد وتعطى من الثلث قدر الوصية.

وقال المتأخر : تعتق من الوصية ، لأنها مقدمة على الإرث ، ويعطى الزائد على القيمة لو حصل ، ولو نقص يضاف إليه من نصيب الولد وتنعتق.

وما وقفت بما ذكره الشيخ على حديث مروي ، نعم قد ذكر في التهذيب عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له أم ولد له منها غلام ، فلما حضرته الوفاة أوصى لها بألفي درهم أو أكثر ، للورثة أن يسترقوها؟ قال : فقال : لا بل تعتق من ثلث الميت ، وتعطى ما أوصى لها به ، قال : وفي كتاب العباس تعتق من نصيب ابنها ، وتعطى من ثلثه ما أوصى لها به(2).

وكتاب العباس لا يصح التمسك بما وجد فيه.

ص: 75


1- في بعض النسخ بعد قوله : في الشرائع هكذا : وأما المتأخر فبني المسألة على الوصية كما هو نقل الشيخ.
2- الوسائل باب 82 حديث 4 من كتاب الوصايا.

وفي رواية أخرى تعتق من الثلث ولها الوصية.

وإطلاق الوصية يقتضي التسوية ما لم ينص على التفضيل.

وفي الوصية لأخواله وأعمامه رواية بالتفضيل كالميراث ، والأشبه : التسوية.

وإذا أوصى لقرابته فهم المعروفون بنسبة.

______________________________________________________

ولنا في المسألة تردد منشأه النظر إلى تقديم الوصية على الدين.

وقوله : (وفي رواية أخرى تعتق من الثلث ولها الوصية) إشارة إلى ما ذكرناه من رواية أبي عبيدة ، وإلى ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر (البزنطي ئل) قال : نسخت من كتاب بخط الرضا أبي الحسن الرضا عليه السلام أنها تعتق في الثلث ولها الوصية (1).

وهذه ضعيفة ، والأولى متروكة وقد ذكرها (هما خ) ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه.

« قال دام ظله » وفي الوصية لأخواله وأعمامه رواية بالتفصيل ، كالميراث ، والأشبه التسوية.

هذه الرواية رواها الشيخ في التهذيب ، وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله ، فقال : لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث (2).

وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، وقال المتأخر : هذا الخبر من الآحاد ، والتفضيل منفي بالأصل ، وحمله على الميراث قياس ، وهو أشبه.

« قال دام ظله » : وإذا أوصى لقرابته ، فهم المعروفون بنسبه ، وقيل : لمن يتقرب

ص: 76


1- الوسائل باب 82 حديث 1 من كتاب الوصايا ، منقول بالمعنى فلاحظ.
2- الوسائل باب 62 حديث 1 من كتاب الوصايا.

وقيل : لمن يتقرب إليه بآخر أب وأم في الإسلام.

ولو أوصى لأهل بيته دخل الآباء والأولاد.

والقول في العشيرة والجيران والسبيل والبر والفقراء كما مر في الوقف.

وإذ مات الموصى له قبل الموصي انتقل ما كان للموصى له إلى ورثته ، ما لم يرجع الموصي على الأشهر.

______________________________________________________

إليه بآخر أب وأم في الإسلام.

القول (الأول خ) اختيار الشيخ في الخلاف والمبسوط والمتأخر ، والقول الثاني اختيار الشيخين في النهاية والمقنعة.

وقال في المبسوط : لا أعرف لهذا القول أي الثاني من شاهد (شاهدا خ ل) من نص أو دليل مستخرج.

والأول أشبه ، لأن اللفظ إذا أطلق ولا يكون له في اللغة ، والشرع موضع يحمل على عرف العادة.

ويعني بقولهم : (آخر أب وأم في الإسلام) الوالدان اللذان ينسب إليهما رهط الميت في الإسلام فإن لكل جماعة أبا تعرف به فإن عرفت بأب لهم قبل الإسلام لم يعتد به ، لقوله صلى اللّه عليه وآله : قطع الإسلام أرحام الجاهلية (1).

« قال دام ظله » : وإذا مات الموصى له قبل الموصي ، انتقل ما كان للموصى له إلى ورثته ما لم يرجع الموصي على الأشهر.

أقول : هذا الذي ذكره ، عليه انعقد العمل ، ويؤيده النظر والأصل ، وهو أن الموصى به صار بالوصية حقا للموصى له لو لم يرجع الموصي ، فعلى هذا التقدير إذا

ص: 77


1- لم نعثر عليه في الكتب المعتمدة إلى الآن.

ولو لم يخلف وارثا رجعت إلى ورثة الموصي.

وإذا قال : أعطوا فلانا كذا دفع إليه يصنع به ما شاء.

ويستحب الوصية لذوي القرابة ، وارثا كان أو غيره.

(الرابع) في الأوصياء :

ويعتبر فيهم التكليف والإسلام.

______________________________________________________

مات الموصي له ينتقل حقه إلى ورثته.

ويدل عليه ما رواه الشيخ مرفوعا (1) إلى محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أوصى لآخر والموصى له غائب فتوفي الموصى له الذي الوصي له قبل الموصي ، قال : الوصية لوارث الذي أوصى له ، قال : ومن أوصى لأحد شيئا شاهدا كان أو غائبا فتوفي الموصى له قبل الموصي ، فالوصية لوارث الذي أوصى له ، إلا أن يرجع في وصيته قبل موته (2).

وما رواه محمد بن عمر الباهلي (الساباطي يه يب صائل) قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل أوصي إلي وأمرني أن أعطي عما له في كل سنة شيئا ، فمات العم؟ فكتب : أعط ورثته (3).

فأما ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل أوصى لرجل بوصيته إن حدث به حدث ، فمات الموصى له قبل الموصي؟ قال : ليس بشئ (4).

وما رواه أبو بصير وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد جميعا ، عن أبي عبد اللّه عليه

ص: 78


1- يعني متصلا سنده إلى محمد بن قيس ، وليس المراد الرافع المصطلح عند أهل الحديث.
2- الوسائل باب 30 حديث 1 من كتاب الوصايا.
3- الوسائل باب 30 حديث 3 من كتاب الوصايا.
4- الوسائل باب 30 حديث 5 من كتاب الوصايا.

وفي اعتبار العدالة تردد ، أشبهه : أنها لا تعتبر.

أما لو أوصى إلى عدل ففسق بطلت الوصية ، ولا يوصي إلى المملوك إلا بإذن مولاه.

وتصح إلى الصبي منضما إلى كامل لا منفردا ، ويتصرف الكامل حتى يبلغ الصبي ، ثم يشتركان.

______________________________________________________

السلام ، قال : سأل عن رجل أوصى لرجل ، فمات الموصى له قبل الموصي؟ قال : ليس بشئ (شئ خ ل) (1).

فحملها (فحملهماخ ل) الشيخ على تغييرالموصي الوصية قبل (بعدخ ل) بعد موت الموصى له(2) ، كما تضمنه رواية محمد بن قيس ، وهذا التأويل حسن ، لئلا يلزم الإطراح.

« قال دام ظله » : وفي اعتبار العدالة تردد.

أقول : ذهب الشيخان في النهاية والمبسوط ، والمقنعة وأتباعهما إلى اعتبار العدالة وقال المتأخر مستحب ذلك ، لأنه يجوز أن يودع الفاسق والخائن.

وقال سلار : إن لم يوجد العاقل والعادل يصح أن يوصي إلى السفيه والفاسق.

وقول المتأخر قريب من الصواب ، والعقل معتبر قطعا.

ومنشأ تردد شيخنا ، من النظر إلى القولين ، وعلى القولين تبطل الوصية بتجدد فسق الموصي ، لأنه ربما أوصى إليه لعدالته.

ص: 79


1- الوسائل 30 حديث 4 من كتاب الوصايا.
2- في التهذيب بعد نقل الخبرين الأخيرين هكذا : فالمعنى في هذين الخبرين هو أنه إنما لا يكون ذلك شيئا إذا غير الموصي الوصية بعد موت الموصى له ، فأما مع إقراره الوصية على ما كانت فإنها تكون لورثته حسب ما تضمنه الروايات المقدمة ، وقد فصل ذلك في رواية محمد بن قيس أبي جعفر عليه السلام التي ذكرناها أولا (انتهى)

وليس له نقض ما أنفذه الكامل بعد (قبل خ) بلوغه.

ولا تصح وصية المسلم إلى الكافر ، وتصح من مثله.

وتصح الوصية إلى المرأة.

ولو أوصى إلى اثنين وأطلق ، أو شرط الاجتماع ، فليس لأحدهما الانفراد.

ولو تشاحا لم يمض إلا ما لا بد منه كمؤونة اليتيم.

وللحاكم جبرهما على الاجتماع ، فإن تعذر جاز الاستبدال بهما.

ولو التمسا القسمة لم يجز ، ولو عجز أحدهما ضم إليه آخر.

أما لو شرط لهم الانفراد تصرف كل واحد منهما وإن انفرد ، ويجوز أن يقتسما.

وللموصي تغيير الأوصياء ، وللموصى إليه رد الوصية ، وتصح إن بلغ الرد.

ولو مات الموصي قبل بلوغه لزمت الوصية.

وإذا ظهر من الوصي خيانة استبدل به.

والوصي أمين لا يضمن إلا مع تعد أو تفريط.

ويجوز أن يستوفي دينه مما في يده.

وأن يقوم مال اليتيم على نفسه ، وأن يقترضه إذا كان مليا.

ويختص ولاية الوصي بما عين له الموصي ، عموما كان أو خصوصا.

ويأخذ الوصي أجره المثل ، وقيل : قدر الكفاية ، هذا مع الحاجة.

______________________________________________________

قال دام ظله : ويأخذ الوصي أجرة المثل ، وقيل : قدر الكفاية ، هذا مع الحاجة.

ص: 80

وإن أذن له في الوصية إلى غيره جاز ، ولو لم يأذن فقولان : أشبههما : أنه لا يصح.

______________________________________________________

القول الأول مقتضى النظر ، ويدل عليه ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن تولى مال اليتيم ماله أن يأكل منه؟ قال : ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فيأكل بقدر ذلك (1).

وقال الشيخ في النهاية : يأخذ قدر الكفاية ، وعليه أتباعه والمتأخر ، وللشيخ فيه قول في الخلاف : بأنه يأخذ أقل الأمرين من أجرة المثل وقدر الكفاية ، وهو أحسن الأقوال ، وأجود من التهجم على أموال اليتامى ، وقد نقل في تفسير قوله تعالى : ( فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) القولان (2).

« قال دام ظله » : ولو (أن خ) أذن له في الوصية (إلى غيره خ) جاز ، ولو لم يأذن فقولان ، أشبههما أنه لا يصح.

أقول : نفرض هنا ثلاث مسائل الأولى) أذن الموصي (الوصي خ) في الإيصاء (والثانية) منع منه (والثالثة) أطلق لا منع ولا أذن.

الأولى والثانية لا خلاف فيهما ، وفي الثالثة قولان ، قال الشيخ : بالجواز ، وما ظفرت بدليل يقوم بمدعاه ، ولا حديث مروي يدل عليه إلا ما رواه هو في التهذيب ،

ص: 81


1- الوسائل باب 72 حديث 5 من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة.
2- النساء - 6 ، معناه من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية على جهة القرض ثم يرد عليه ما أخذ منه ، إذا وجد ، عن سعيد بن جبير ومجاهد وأبي العالية والزهري وعبيدة السلماني وهو مروي عن الباقر عليه السلام وقيل : معناه يأخذ قدر ما يسد به جوعته ويستر عورته السلماني وهو مروي عن الباقر عليه السلام وقيل : معنا يأخذ قد ما يسد به جوعته عورة لاعلى جهة القرض عن عطاء بن ابي رباح وقتادة وجماعة ولم بوجبوا اجرة المثل لان اجرة المثل ربما كانت اكثر من قدر الحاجة والظاهر في روايات اصحابنا ان له اجرة المثل سواء كان قدر كفايته او لم يكن (مجمع البيان ج 3 ص 9 طبعة شركة المعارف الاسلامية)

ومن لا وصي له فالحاكم ولي تركته.

(الخامس) في الموصى به :

وفيه أطراف :

(الأول) في متعلق الوصية :

ويعتبر فيه الملك ، فلا تصح بالخمر وبآلات اللّهو. ويوصي بالثلث فما نقص.

ولو أوصى بزيادة عن الثلث صح في الثلث وبطل في الزيادة ، فإن أجاز الورثة بعد الوفاة صح. وإن أجاز بعض الورثة صح في حصته.

وإن أجازوا قبل الوفاة ففي لزومه قولان ، المروي : اللزوم.

______________________________________________________

قال : كتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد عليه السلام : رجل كان وصى رجل ، فمات وأوصى إلى رجل ، هل يلزم الوصي وصية الرجل الذي كان هذا وصيه؟ فكتب عليه السلام : يلزمه بحقه إن كان له قبله حق إن شاء اللّه (1).

وفي الاستدلال بهذا ضعف ، لأنها مشتملة على المكاتبة ، ولفظها غير دال على محل النزاع.

وقال المفيد : لا يجوز له ذلك ، وعليه المتأخر وشيخنا ، وهو أشبه ، لأنه عقد ثان (ثابت خ ل) يحتاج إلى دليل ثان ، فمع الفحص وعدم الوقوف عليه ، يجب القول بامتناعه.

« قال دام ظله » : وإن أجازوا قبل الوفاة ، ففي لزومه قولان ، المروي اللزوم.

أقول : اختلف الشيخان في هذه المسألة ، قال المفيد وسلار : إن لهم الرجوع واختاره المتأخر ، مستدلا بأنها إجازة في غير ما يستحقونه فلا تلزم.

ص: 82


1- الوسائل باب 70 حديث 1 من كتاب الوصايا.

ويملك الموصى به بعد الموت.

وتصح الوصية بالمضاربة بمال ولده الأصاغر.

ولو أوصى بواجب وغيره أخرج الواجب من الأصل والباقي من الثلث ، ولو حصر الجميع في الثلث بدئ بالواجب ، ولو أوصى بأشياء تطوعا ، فإن رتبه بدئ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث ، وبطل ما زاد ، وإن جمع أخرجت من الثلث ووزع النقص على الجميع ، وإذا أوصى بعتق مماليكه دخل في ذلك المنفرد والمشترك.

(الثاني) في المبهمة :

______________________________________________________

وذهب الشيخ إلى اللزوم مستدلا بالإجماع ، وبأن المال لا يخرج عنهم ، وقد أقروا به جميعا فيلزم.

وبما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، إن الوصية بما زاد عن الثلث باطلة ، إلا أن يجيز الورثة (1).

وهو على العموم وبه روايات (منها) ما روي بإسناد ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصى بوصية وورثته شهود ، فأجازوا ذلك ، فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟

فقال : ليس لهم ذلك ، الوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته (2).

ورويت هذه بطريق آخر ، وهو عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عنه عليه السلام. (3)

ص: 83


1- راجع سنن أبي داود ، باب ما جاء فيما لا يجوز للموصي في ماله ج 3 ص 112 من كتاب الوصايا ولم نعثر على هذه الرواية بلفظها.
2- الوسائل باب 13 حديث 1 من كتاب الوصايا.
3- الوسائل باب 13 حديث 1 من كتاب الوصايا.

من أوصى بجزء من ماله كان العشر ، وفي رواية : السبع ، وفي أخرى : سبع الثلث.

______________________________________________________

ويمكن أن يقال : إن المنع من الزائد عن الثلث ، إنما هو لمصلحة الورثة فمتى أجازوا ، فقد أسقطوا حقوقهم.

وجمع صاحب الرائع بين القولين ، فقال : متى كانت الورثة أغنياء وأجازوا من غير استدعاء من الموصي ، فليس لهم الرجوع ، ومتى كانوا فقراء ، ودعاهم الموصي إلى الإجازة ، فأجازوا استحياء منهم فلهم الرجوع.

وفي هذا الجمع تكلف بعيد عن محل الفرض.

والمختار عندي ، قول الشيخ لما ذكرنا من الأدلة ، النظرية والسمعية.

« قال دام ظله » : من أوصى بجزء من ماله ، كان العشر ، وفي رواية ، السبع ، وفي أخرى ، سبع الثلث.

أقول : حمل الجزء على السبع أظهر بين الأصحاب ، وذهب إليه الشيخان وأتباعهما والمتأخر وسلار وغيرهم.

وهو في رواية محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن رجل أوصى بجزء من ماله ، فقال : واحد من سبعة ، إن اللّه تعالى يقول : لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ الحديث (1).

ومثله رواه إسماعيل بن همام الكندي ، عن الرضا عليه السلام (2).

فأما القول بالعشر لابن بابويه في رسالته ، وهو مروي عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة ، عن معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

ص: 84


1- الوسائل باب 54 حديث 12 من كتاب الوصايا ، والآية في الحجر - 44.
2- الوسائل باب 54 حديث 12 من كتاب الوصايا.

ولو أوصى بسهم كان ثمنا ولو كان بشئ كان سدسا.

______________________________________________________

رجل أوصى بجزء من ماله؟ فقال : جزء من عشرة ، قال اللّه عزوجل : ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ، وكانت الجبال عشرة أجبال (1).

ومثلها في رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وجمع الشيخ في الاستبصار والتهذيب ، بأن رواية العشر ، تحمل على الوجوب ، ورواية السبع ، على الاستحباب ، وهو حسن ، توفيقا بين الروايات.

وأما رواية سبع الثلث ، رواها البزنطي ، عن الحسين بن خالد (الحسن بن خالد خ ل) عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : سألته عن رجل أوصى بجزء من ماله ، قال : سبع ثلثه (3) ذكرها ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه.

« قال دام ظله » : ولو أوصى بسهم كان ثمنا.

هذا مروي ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سئل عن رجل يوصي بسهم من ماله؟ فقال : السهم واحد من ثمانية ، لقول اللّه تعالى : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، الآية (4).

وروي ذلك عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (في حديث) عن الرضا عليه السلام (5).

وقال علي بن بابويه في رسالته ، والشيخ في الخلاف ، هو سهم من ستة ، وفي من لا يحضره الفقيه أنه متى أوصى بسهم من سهام الزكاة ، كان واحدا من ثمانية.

ص: 85


1- الوسائل باب 54 حديث 3 من كتابا الوصايا ، والآية في البقرة - 260.
2- الوسائل باب 54 حديث 2 من كتاب الوصايا بالسند الثاني ، وأراد الشارح (رحمه اللّه) بقوله : (ومثلها) ما هو بمعناها ، وفي آخر هذه الرواية ، فالجزء هو العشر من الشئ فلاحظ.
3- الوسائل باب 54 حديث 14 من كتاب الوصايا.
4- الوسائل باب 55 حديث 3 من كتاب الوصايا ، والآية الشريفة في التوبة - 60.
5- الوسائل باب 55 حديث 1 ، نقل بالمعنى فراجع.

ولو أوصى بوجوه فنسي الوصي وجها صرف في البر ، وقيل : يرجع ميراثا.

______________________________________________________

ومتى أوصى بسهم من سهام الميراث كان واحدا (جزءا خ) من ستة (1).

وكأنه جمع بين القولين ، وفي رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سهم من عشرة (2).

والرواية ضعيفة ، وحملها الشيخ على ضعف الراوي (3).

« قال دام ظله » : ولو أوصى بوجوه فنسي الوصي وجها ، صرف في البر ، وقيل : يرجع ميراثا.

ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة ، وابن بابويه ، إلى الأول ، وهو مروي ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن ريان ، قال : كتبت إليه - يعني علي بن محمد عليهما السلام - أسأله عن إنسان أوصى بوصية ، فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها ، كيف يصنع في الباقي؟ فوقع عليه السلام : الأبواب الباقية اجعلها في البر (4) وهي مشتملة على المكاتبة.

وذهب الشيخ في الحائريات إلى أنها ترجع ميراثا واختاره (وعليه خ) المتأخر ، وهو أشبه.

ص: 86


1- الظاهر أن وجه الأول كون المستحقين ثمانية أصناف ، ووجه الثاني كون السهام المفروضة في الكتاب العزيز ، ستة ، النصف ونصف النصف ونصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما ، والتفصيل موكول إلى محله.
2- الوسائل باب 55 حديث 4 من كتاب الوصايا ، نقل بالمعنى.
3- في الوسائل : أقول : حمله الشيخ على ما مر في الجزء (انتهى) وذكر في الجزء ما هذا لفظه : قال الشيخ : الوجه أن نحمل الجزء على أنه يجب أن ينفذ في واحد من العشرة ، ويستحب للورثة إنفاذه في واحد من السبعة لتتلاءم الأخبار (انتهى).
4- الوسائل باب 61 حديث 1 من كتاب الوصايا.

ولو أوصى بسيف وهو في جفن وعليه حلية دخل الجميع في الوصية على رواية ، يجبر ضعفها الشهرة.

وكذا لو أوصى بصندوق وفيه مال دخل المال في الوصية.

وكذا قيل : لو أوصى بسفينة وفيها طعام استنادا إلى فحوى رواية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أوصى بسيف وهو في جفن ، وعليه حلية دخل الجميع في الوصية ، على رواية يجبر ضعفها الشهرة.

أقول : ضعف الرواية من حيث أن من رواتها أبا جميلة ، عن الرضا عليه السلام (1) وهو كذاب ملعون طعن فيه نقاد (ثقات خ) الرجال.

ووجه شهرتها أن عليه فتوى الشيخ وأتباعه ، وما وقفت على أحد أقدم على منعها.

وقوله دام ظله (في السفينة) : (استنادا إلى فحوى رواية) إشارة إلى ما رواه محمد بن عبد اللّه بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل قال : هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها ، وفيها طعام ، أيعطيها الرجل وما فيها؟ قال : هي للذي أوصى له بها ، إلا أن لا يكون صاحبها استثنى ما فيها (2).

وفحوى الكلام (3) معناه الذي قصد به من غير دلالة اللفظ ، ولما كان قوله عليه السلام (إلا أن يستثني صاحبها ما فيها) غير دال غير دخول المتاع فيها من حيث اللفظ ، ويدل من حيث قصد المعنى ، فلهذا قال دام ظله : (استنادا إلى فحوى رواية).

ص: 87


1- راجع الوسائل باب 55 حديث 4 من كتاب الوصايا ، نقل بالمعنى.
2- الوسائل باب 59 حديث 1 من كتاب الوصايا على نقل الصدوق وعلى نقل الكليني إلا أن يكون صاحبها متهما وليس للورثة شئ.
3- يريد توضيح عبارة المصنف رحمه اللّه فلا تغفل.

ولا يجوز إخراج الولد من الإرث ولو أوصى الأب ، وفيه رواية مطرحة.

(الطرف الثالث) في الأحكام ، وفيه مسائل :

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يجوز إخراج الولدمن الإرث ، ولو أوصى الأب ، وفيه رواية مطرحة.

أقول : لما كان الإرث تابعا للنسب بحكم الشارع لا باختيار الموروث فلا يخرج الوارث بإخراج الموروث (المورث خ ل).

ويؤيد ذلك ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، عن سعد بن سعد ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام ، عن رجل كان له ابن يدعيه ، فنفاه وأخرجه من الميراث ، وأنا وصيه ، فكيف أصنع؟ فقال عليه السلام : لزمه الولد لإقراره بالمشهد (و خ لا) يدفعه الوصي عن شئ قد علمه (1).

وأما الرواية المهجورة ، فهي ما رواه الوشاء ، عن محمد بن يحيى ، عن وصي علي بن السري ، قال : قلت : لأبي الحسن عليه السلام : إن علي بن السري توفي ، وأوصى إلي ، فقال : رحمه اللّه ، فقلت : وإن ابنه جعفرا وقع على أم ولد له ، فأمرني إن أخرجه من الميراث ، فقال لي : أخرجه إن كنت صادقا فسيصيبه خبل (2) (الحديث).

ذكرها الشيخ في التهذيب ، وابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وقالا : متى لم يحدث هذا الحدث ، فلا يخرج من الإرث.

والأشبه الإرث في الحالين ، لأن في الرواية ضعفا ، من حيث أن الوصي - وهو الراوي - مجهول الحال والاسم.

ص: 88


1- الوسائل باب 90 حديث 1 من كتاب الوصايا.
2- الوسائل باب 90 حديث 2 من كتاب الوصايا

(الأولى) إذا أوصى بوصية ثم عقبها بمضادة لها عمل بالأخيرة ولو لم تضادها عمل بالجميع ، فإن قصر الثلث بدئ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث.

(الثانية) تثبت الوصية بالمال بشهادة رجلين أو بشهادة أربع نساء ، وبشهادة الواحدة في الربع.

وفي ثبوتها بشهادة شاهد ويمين تردد ، فلا يثبت إلا بشهادة رجلين.

(الثالثة) لو أشهد عبدين له على أن حمل المملوكة منه ثم ورثهما غير الحمل فأعتقهما فشهدا للحمل بالبنوة صح وحكم له ، ويكره له تملكهما.

(الرابعة) لا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه ، وتقبل شهادته للموصى في غير ذلك.

(الخامسة) إذا أوصى بعتق عبده أو أعتقه عند الوفاة وليس له سواه انعتق ثلثه. ولو أعتق ثلثه عند الوفاة وله مال غيره أعتق الباقي من ثلثه ،

______________________________________________________

قال دام ظله : وفي ثبوتها بشاهد (1) ويمين ، تردد.

أقول : منشأ التردد أن الشاهد واليمين لا يحكم به إلا في المال أو ما المقصود منه المال ، فالوصية بالمال يصح أن يقال : المقصود منها المال فثبتت ، ويمكن أن يقال : أنها حكم برأسه ، فلا يثبت.

« قال دام ظله » : لو أشهد عبدين له ، إلى آخره.

أقول : قد ذكرت هذه المسألة بعينها في كتاب الشهادات ، وهناك أليق ، وسيجئ شرحها ثم إن شاء اللّه.

ص: 89


1- بشهادة (شاهد خ).

ولو أعتق مماليكه عند الوفاة أو أوصى بعتقهم ولا مال له سواهم أعتق ثلثهم بالقرعة ، ولو رتبهم أعتق الأول فالأول حتى يستوفي الثلث ، وبطل ما زاد.

(السادسة) إذ أوصى بعتق رقبة أجزأه الذكر والأنثى والصغير والكبير ، ولو قال : مؤمنة لزم. فإن لم يجد : أعتق من لا يعرف بنصب ، ولو ظنها مؤمنة فأعتقها ، ثم بانت بخلافه أجزأت.

(السابعة) إذا أوصى بعتق رقبة بثمن معين ، فإن لم يجد توقع ، وإن وجد بأقله أعتقها ودفع إليها الفاضل.

(الثامنة) تصرفات المريض إن كانت مشروطة بالوفاة فهي من الثلث. وإن كانت منجزة وكان فيها محاباة أو عطية محضة فقولان ، أشبههما : أنها من الثلث.

وأما الإقرار للأجنبي فإن كان متهما على الورثة فهو من الثلث. وإلا فهو من الأصل ، وللوارث من الثلث على التقديرين.

ومنهم من سوى بين القسمين.

(التاسعة) أرش الجراح ودية النفس يتعلق بهما الديون والوصايا كسائر أموال الميت.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الثامنة تصرفات المريض إن كانت مشروطة ، إلى آخره.

أقول : تصرفات المريض إما معجلة ، وإما مؤجلة ، فالأولى تسمى بالمنجزة من نجز الحاجة إذا قضاها عاجلا ، ويقال : ناجزا بناجز أي يدا بيد ، وهي التصرفات التي يعجلها ، مثل البيع والهبة وغير ذلك مما لو يؤجلها.

فإذا تقرر هذا ، هل هي من الثلث أو من الأصل؟ حكى الشيخ في الخلاف

ص: 90

______________________________________________________

والمبسوط أن للأصحاب فيه روايتين وتردد فيه ، وقوي في المبسوط أنها من الأصل ، متمسكا بأنه لو برأ لزمه ، ونفذه ، واختاره المتأخر في باب المهور ، مستدلا بأن للمعطي في حال المرض أن ينفق جميع ماله بلا خلاف ، فإذا أبان عن ماله ، وسلمه إلى المعطى له ، فقد حصل في ملك المعطى له.

واختار شيخنا دام ظله ، أن يخرج من الثلث ، مستدلا بما رواه شعيب بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت ماله من ماله؟ فقال : له ثلث ماله ، وللمرأة أيضا (1).

وبما رواه علي بن عقبة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل حضره الموت ، فأعتق مملوكا له ، ليس له غيره ، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك ، كيف القضاء؟ قال : ما يعتق منه إلا ثلثه ، وسائر ذلك ، الورثة أحق بذلك (به خ ل) ولهم ما بقي (2).

وفي الاستدلال بهما ضعف ، لأن الأولى محمولة على التصرف المؤجل بما بعد الموت ، والثانية مخصوصة بالعتق فلا تعم (3).

وقال المفيد : هبة المريض وصدقته وبيعه من الأصل ، وكذا يظهر من كلامه في النهاية.

والأشبه أن جميع تصرفاته من الأصل ، لوجوه : (الأول) إن الناس مسلطون على أموالهم (4) فلهم التصرف فيها ، كيف شاؤوا. (والثاني) تمسكا بالأصل. (والثالث) لو برأ لزم ونفذ ، وهذا يدل على أن تصرفه في الحال منعقد. (والرابع)

ص: 91


1- الوسائل باب 10 حديث 2 من كتاب الوصايا ، وفيه شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير قال  ... الخ ، وفي سند آخر ، عن يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ... الخ.
2- الوسائل باب 11 حديث 4 من كتاب الوصايا.
3- وكأن الشارح قده اكتفى بهذا عن بيان الشق الثاني المذكور بقوله : وإما مؤجلة.
4- عوالي اللئالي ج 3 ص 457 تحت رقم 198 و ج 1 ص 222 وص 457 و ج 2 ص 138.

______________________________________________________

لفتوى أكثر الأصحاب. (والخامس) لما رواه عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله ، فهو جائز (1).

وأما الإقرار (2) فقد اختلفت فيه عبارة الأصحاب وأقوالهم ، قال الشيخ في النهاية : إن لم يكن المقر متهما وكان عدلا موثوقا به ، يلزم من الأصل ، للوارث وللأجنبي ، وإن كان متهما غير موثوق به يلزم من الثلث.

والمستند مضمون روايات (منها) ما رواه ابن مسكان ، عن العلا بياع السابري ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة استودعت رجلا مالا ، فلما حضرها الموت ، قالت له : إن المال الذي دفعته إليك لفلانة ، وماتت المرأة ، فأتى أولياؤها الرجل (فأتى الرجل أولياؤها خ ل) فقالوا : إنه كان لصاحبتنا مال ، ولا نراه إلا عندك ، فاحلف لنا مالها قبلك شئ أفيحلف لهم؟ فقال : إن كانت مأمونة عنده فليحلف لهم ، وإن كانت متهمة ، فلا يحلف ، ويضع الأمر على ما كان ، فإنما لها من مالها ثلثه (3).

(ومنها) ما رواه منصور بن حازم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل أوصى لبعض ورثته ، إن له عليه دينا؟ فقال : إن كان الميت مرضيا ، فاعطه الذي أوصى له (4) ومثلها رواه أبو أيوب عنه عليه السلام (5).

(ومنها) ما رواه هشام بن سالم ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : سألت أبا عبد اللّه

ص: 92


1- الوسائل باب 11 حديث 12 من كتاب الوصايا ، وفيه هكذا : الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين به ، فإن قال : بعدي فليس له إلا الثلث ، قال في الوسائل : ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير نحوه ، إلا إنه قال. فإن تعدي.
2- لا يخفى أنه توضيح لقول الماتن ره في المتن : وأما الإقرار للأجنبي.
3- الوسائل باب 16 حديث 2 من كتاب الوصايا.
4- الوسائل باب 16 حديث 1 من كتاب الوصايا.
5- الوسائل باب 16 حديث 8 من كتاب الوصايا.

______________________________________________________

عليه السلام ، عن رجل أقر لوارث له ، وهو مريض ، بدين له عليه؟ قال : يجوز عليه إذا أقر به دون الثلث (1) فحمل الشيخ هذه على تهمة المقر ، والأخرى على غير التهمة.

وقال في الخلاف : إن إقرار المريض للوارث جائز ولم يفصل ، تمسكا بأن الأصل الجواز ، وبعدم المانع ، وبإجماع الفرقة.

وهو في رواية ابن محبوب ، عن أبي ولاد ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل مريض أقر عند الموت لوارث بدين له عليه؟ قال : يجوز ذلك ، قلت : فإن أوصى لوارث بشئ؟ قال : جائز (2).

وقال المفيد : إقراره ماض في واجب لمن أقر به ، للأجنبي وللوارث.

وقال سلار : إقراره في مرضه كإقراره في صحته.

وبمثله يفتي المتأخر ، فإنه ذهب إلى أن إقراره صحيح على كل حال ، عدلا كان أو فاسقا ، متهما (كان خ) أو غير متهم ، وهو يقوى عندي.

واختار شيخنا ، أن المقر إن كان متهما وأقر لأجنبي فهو من الثلث ، وإن لم يكن متهما فهو من الأصل ، وإن كان إقراره لوارث فهو من الثلث ، على التقديرين ، يعني متهما وغير متهم.

وهذا إشارة إلى رواية إسماعيل بن جابر (3) وإلى ما رواه عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته بدين له عليه ، وهو مريض؟ قال : يجوز عليه ما أقر به إذا كان قليلا (4).

ص: 93


1- الوسائل باب 16 حديث 3 من كتاب الوصايا.
2- الوسائل باب 16 حديث 4 من كتاب الوصايا.
3- تقدمت قبيل هذا
4- الوسائل باب 16 حديث 9 من كتاب الوصايا.

______________________________________________________

وفي هذه المسألة اختلاف من الأقوال ، واضطراب من الروايات ، فإياك وتقليد الكتب والمصنفين ، وعليك بإمعان النظر في تحقيق الحق.

وقوله دام ظله : (ومنهم من سوى بين القسمين) إشارة إلى المتأخر ، لأنه سوى بين الوارث والأجنبي ، في صحة الإقرار لهما من الأصل.

ص: 94

كتاب النكاح

اشارة

ص: 95

كتاب النكاح

وأقسامه ثلاثة :

الأول : في الدائم

وهو يستدعي فصولا :

الأول : في صيغة العقد وأحكامه وآدابه
اشارة

: أما الصيغة : فالإيجاب والقبول.

ويشترط النطق بأحد الألفاظ الثلاثة : زوجتك ، وأنكحتك  ، ومتعتك.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويشترط النطق بأحد الألفاظ الثلاثة (بأحد ألفاظ ثلاثة خ ل)  ... الخ.

أقول : وجه انحصار عقد النكاح في الألفاظ الثلاثة أن تمليك البضع على هذا الوجه ، مستفاد من الشارع (الشرع خ) فيكون موقوفا على إذنه والأذن في غيرها (وإذن غيرها خ ل) منفي فالتطرق إليه غير جائز.

ولأن جواز التعدي إلى غيرها من الألفاظ يستلزم جواز التعدي إلى كل الألفاظ حتى إلى لفظ الإباحة ، وهو منفي بالإجماع ، فذاك منفي.

فإذا تقرر هذا فلا يجوز العدول عن ظاهر هذه الألفاظ الثلاثة إلى معناها ، بأي

ص: 96

______________________________________________________

لغة كانت ، مع القدرة على التلفظ بها ، لعدم الإذن ، وعدم الدلالة على ثبوته.

وأيضا لما لم يجز العدول إلى ما يفيد معناها من لغة العرب ففي غيرها أولى.

وقد صرح الشيخ بذلك في المبسوط ، وشيخنا دام ظله في الشرائع ، والمسائل الكاملية (الكمالية خ) وسألت السيد الفاضل الشريف جمال الدين صاحب كتاب البشرى (1) قدس اللّه روحه وقت الاجتماع به ، فأشار إلى نفي الجواز.

وما ظفرت بفقيه أو تصنيف يذهب إلى انعقاد هذا العقد بغير العربية إلا نسخة لكتاب الرائع (2) كان فيها ، أن العقد بالألفاظ العربية مستحب غير واجب ، وما ذكره في نسخة الأصل ، كذلك.

وليس ذلك بشئ ، إذ لا دليل على شرعية الاستحباب ، وما أعرف من أين قيل؟

(لا يقال) : عدم الوقوف على الدليل ، لا يدل على عدم الوجود.

(لأنا نقول) : ليس على المجتهد إلا التعمق (التعميق خ) في تحصيل الدليل ، فمتى لم يجده يحكم (3) بعدمه بالنسبة إليه ولا يجوز تقليد الكتب والمصنفين ، وحسن الظن بهم ، إذ المجتهد الكامل على أسى (4) (أس خ) المسألة فكيف حال المقلد المسكين.

ص: 97


1- هو أخو السيد ابن طاووس المعروف قدس سرهما
2- للشيخ السعيد قطب الدين الراوندي قده كما صرح به الشارح ره في مقدمة الكتاب ويحتمل كونه عماد الدين الطوسي صاحب الوسيلة كما ذكره في الكنى والألقاب ج 1 ص 257 ويشهد له أنه رحمه اللّه أفتى باستحباب العربية في الإيجاب والقبول في الوسيلة فراجع الفصل الأول من كتاب النكاح منه.
3- (لا يحكم بعدمه خ).
4- لعل المراد (واللّه العالم) أن المجتهد ولو كان كاملا يحتاج إلى السؤال التفحص فكيف من لم يجتهد واكتفى بالتقليد في النقل.

والقبول هو الرضا بالإيجاب.

وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ بلفظ الماضي؟ الأحوط : نعم ، لأنه صريح في الإنشاء ولو أتى بلفظ الأمر كقوله للولي : زوجنيها ، فقال : زوجتك ، قيل : يصح كما في قضية سهل الساعدي (1).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والقبول (و خ) هو الرضا بالإيجاب.

تقدير الكلام ، وهو النطق الدال على الرضا بالإيجاب ، وحذف ، لدلالة ما تقدم (2) عليه.

« قال دام ظله » : وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ ، بلفظ الماضي؟ الأحوط نعم

قلت : لما كانت العقود لا تنعقد إلا باللفظ الإنشائي ، وهو إثبات الحكم مجردا عن الدلالة على الزمان خص بها الماضي ، لاستبعاده في المستقبل والحال ، وللأمن من بقاء الاشتراك.

وأما منشأ التردد فيه ، من النظر إلى خبر سهل الساعدي ، إذ قال : زوجنيها يا رسول اللّه ، فقال : زوجتكها (زوجتها خ ل) بما معك من القرآن (3) وإلى خبر أبان عن الصادق عليه السلام (4).

والأحوط الاقتصار على المتيقن ، وهو الماضي للاتفاق على صحته ، والاحتراز من غيره ، أمنا من التزام الاشتراك (الاشتمار خ ل) المؤدي إلى الإباحة المنفي بالإجماع.

ص: 98


1- لاحظ سنن أبي داود ج 2 ص 236.
2- يعني قول المصنف : ويشترط النطق بأحد الألفاظ ... الخ.
3- سنن أبي داود ج 2 ص 236 باب في التزويج على العمل حديث 1 من كتاب النكاح.
4- لاحظ الوسائل باب 18 حديث 1 من أبواب التيمم ، وفيها عن أبان بن تغلب ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : كيف أقول لها إذا خلوت بها ، قال : تقول : أتزوجك متعة على كتاب اللّه وسنة نبيه (الحديث) فإنه عليه السلام أتى بلفظ المضارع.

ولو أتى بلفظ المستقبل كقوله : أتزوجك ، قيل : يجوز كما في خبر أبان عن الصادق عليه السلام في المتعة (1) : أتزوجك ، فإذا قالت : نعم فهي امرأتك.

ولو قال : زوجت بنتك بفلان (من فلان خ) فقال : نعم ، فقال الزوج : قبلت صح ، لأنه يتضمن السؤال.

ولا يشترط تقديم الإيجاب ، ولا تجزي الترجمة مع القدرة على النطق ، وتجزي مع العذر كالأعجم.

وكذا الإشارة للأخرس.

وأما الأحكام فمسائل :

(الأولى) لا حكم لعبارة الصبي ولا المجنون ولا السكران.

وفي رواية : إذا زوجت السكري نفسها ثم أفاقت فرضيت به أو دخل بها وأقرته كان ماضيا.

______________________________________________________

قال دام ظله : وفي رواية ، إذا زوجت السكري نفسها ، إلى آخره.

روي هذه في التهذيب ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة ابتليت بشرب النبيذ ، فسكرت ، فزوجت نفسها رجلا في سكرها ، ثم أفاقت ، فأنكرت ذلك ثم ظنت أنه يلزمها (لزمها خ ل) ففزعت (فروعت خ ل) منه ، فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج أحلال هو لها أم التزويج فاسد لمكان السكر ، ولا سبيل للزوج عليها؟ فقال : إذا أقامت معه بعد ما أفاقت فهو رضا منها ، قلت : ويجوز ذلك التزويج عليها؟ فقال : نعم (2).

ص: 99


1- لاحظ الوسائل باب 18 حديث 1 من أبواب المتعة ج 14 ص 466 باب في التزويج على العمل بعمل.
2- الوسائل باب 14 حديث 1 من أبواب عقد النكاح.

(الثانية) لا يشترط حضور شاهدين ولا ولي ، إذا كانت الزوجة بالغة رشيدة على الأصح.

______________________________________________________

والرواية صحيحة ، وأفتي عليها الشيخ في النهاية ، وابن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه ، إلا أن الشيخ قال : العقد باطل ، ويمضي لو أفاقت ورضيت.

وقال المتأخر : العقد باطل ، فلا يقف على الإجازة ، وهذا حسن ، مع تسليم بطلان العقد.

« قال دام ظله » : لا يشترط حضور شاهدين ، ولا ولي ، إذا كانت الزوجة بالغة رشيدة ، على الأصح.

ذهب الشيخ (المشايخ خ) من أصحابنا إلى أن النكاح صحيح بغير الشاهد والولي ، وليس ذلك من شرطه ، بل هو من فضله ، وما أعرف فيهم (منهم خ) مخالفا ، إلا ابن أبي عقيل ، فإنه يشترط فيه وهو مذهب الجمهور.

وتمسكهم بقول النبي صلى اللّه عليه وآله : لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل (1).

والجواب عن ذلك ، الطعن في السند ، وقد أنكره الزهري من الفقهاء ، ومدار الحديث عليه.

سلمنا ذلك فهو من الآحاد ، لا يعارض عموم القرآن ، من قوله تعالى : ( فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ) (2) وقوله تعالى : ( فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (3).

نزلنا عن هذا فإنه معارض بما روي عن ابن عباس ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ليس للولي مع الثيب أمر (4).

ص: 100


1- سنن أبي داود ج 2 ص 229 باب في الولي حديث 3 من كتاب النكاح ، إلى قوله : بولي.
2- البقرة - 232 و 230.
3- البقرة - 232 و 230.
4- كنز العمال ج 16 ص 311 رقم 44650.

(الثالثة) لو ادعى زوجية امرأة فادعت أختها زوجيته فالحكم لبينة الرجل (لبينته خ) إلا أن يكون مع المرأة ترجيح من دخول أو تقدم تاريخ ، ولو عقد على امرأة فادعى آخر زوجيتها لم يلتفت إلى دعواه إلا مع البينة.

______________________________________________________

(لا يقال) : إنه مخصوص بالثيب (لأنا نقول) كل من قال : بعدم اشتراطه في الثيب ، قال : بعدم اشتراطه في البكر.

نزلنا عن هذا ، فنقول : يحتمل أن يكون المراد نفي الفضل والكمال لا نفي الصحة كما في قوله عليه السلام : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (1) ولا صدقة وذو رحم محتاج (2).

(لا يقال) : الإضمار منفي والأصل عدمه (لأنه) يلزم على القولين ، من قولهم يلزم نفي الصحة ، ومن قولنا نفي الفضل والكمال ، وليس تقدير الصحة أولى من تقدير الفضل والكمال.

وأما أدلة الأصحاب ، فالمرتضى والشيخ استدلا بالإجماع ، وبعمومات القرآن ، والأحاديث (وبالأحاديث خ) المروية عن الأئمة الطاهرة (الطاهرين خ) عليهم السلام.

(منها) ما رواه حنان بن سدير ، عن مسلم (محمد خ) بن بشر (بشير خ) عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن رجل تزوج امرأة ، ولم يشهد؟ قال : أما فيما بينه وبين اللّه ، فليس عليه شئ ، ولكن إن أخذه السلطان الجائر (سلطان جائر ئل) عاقبه (3).

وبه روايات أخر ، لا يحتاج إلى ذكرها.

ص: 101


1- الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب أحكام المساجد.
2- الوسائل باب 20 حديث 5 من أبواب الصدقات من كتاب الزكاة.
3- الوسائل باب 43 حديث 7 من أبواب مقدمات النكاح ، ولاحظ سائر أحاديث هذا الباب.

(الرابعة) لو كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة ولم يسمها ثم اختلفا في المعقود عليها فالقول قول الأب ، وعليه أن يسلم إليه التي قصدها في العقد إن كان الزوج رآهن ، وإن لم يكن رآهن فالعقد باطل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو كان لرجل عدة بنات ، إلى آخره.

أقول : مستند هذه المسألة ، ما رواه الكليني (في كتابه) عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن رجل كانت كانت له ثلاث بنات أبكار ، فزوج واحدة منهن (إحداهن خ) رجلا ولم يسم التي زوج للزوج ولا للشهود ، وقدكان الزوج فرض لها صداقا (صداقها كا) فلما بلغ إدخالها على الزوج بلغ الزوج (الرجل كا) أنها الكبرى من الثلاثة ، فقال الزوج لأبيها : إنما تزوجت منك الصغيرة (الصغرى خ) من بناتك؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : إن كان الزوج رآهن كلهن ، ولم يسم له واحدة منهن ، فالقول في ذلك قول الأب ، وعلى الأب فيما بينه وبين اللّه أن يدفع إلى الزوج الجارية التي كان نوى أن يزوجها إياه عند عقدة النكاح ، وإن كان الزوج لم يرهن كلهن ، ولم يسم له واحدة منهن عند عقدة النكاح ، فالنكاح باطل (1).

وذكرها الشيخ أيضا في التهذيب ، وأفتى عليها في النهاية.

وأقدم المتأخر على دفعها ، (فتارة) يتمسك بأن المعقود عليها مجهولة الاسم والصفة ، فلا يصح العقد (وتارة) يلجأ إلى الاحتياط ، بأن الصحة ثابتة مع التمييز بالاتفاق ، وليس كذلك مع عدمه ، لعدم الدليل عليه ، أو لوجود الخلاف فيه ، وحكي أن الشيخ رجع عن مقالته في النهاية والمبسوط.

والذي أحققه أن الشيخ ما ذكر هذه المسألة بعينها في المبسوط ، بل قال فيه في فصل ما ينعقد به النكاح : إن النكاح لا يصح إلا أن تكون المنكوحة متميزة

ص: 102


1- الوسائل باب 15 حديث 1 من أبواب عقد النكاح.
وأما الآداب : فقسمان :

(الأول) آداب العقد ، ويستحب له أن يتخير من النساء البكر العفيفة كريمة الأصل ، وأن يقصد السنة لا الجمال والمال فربما حرمهما ، ويصلي ركعتين ، ويسأل اللّه تعالى أن يرزقه من النساء أعفهن وأحفظهن فرجا وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة.

ويستحب الإعلان والإشهاد والخطبة أمام العقد ، وإيقاعه ليلا.

ويكره والقمر في العقرب ، وأن يتزوج العقيم.

(القسم الثاني) آداب الخلوة :

______________________________________________________

بالإشارة ، أو التسمية ، أو الصفة.

وقد فسر هو (1) كلامه هذا في المبسوط ، فقال ، لو كانت له بنتان ، وقال : زوجتك بنتي ونوي (فنوى خ ل) الكبيرة ، وقبل الزوج ونواها ، فالنكاح صحيح.

ففي مسألتنا الأب قد بين (ميز خ ل) المنكوحة بصفة البنتية ، وأشار إليها بالنية ، والزوج قبل ذلك ورضي به حالة العقد.

نزلنا عن هذا فإن (فلأن) الأصل (2) الذي ذكره المتأخر ليس بحيث لا يجوز تخصيصه بالرواية الصحيحة.

(فإن قال) : هي من الآحاد (قلنا) : سلمنا ذلك ، ولكن أنت مع دعواك ترك العمل بأخبار الآحاد كتابك مملو منها ، ولننظر (ولينظر خ ل) في كتاب الصلاة ، وكتاب الحج ، وكتاب الحدود والديات ، هل وردت بجميع ذلك أخبار متواترة ، أو انعقد عليه إجماع الطائفة ، فانظر أرشدك اللّه بعين التوفيق (التحقيق خ ل) وجانب التقليد وسوء التوفيق.

ص: 103


1- أي الشيخ بنفسه بين مراده من التميز ، في ضمن مسألة أخرى.
2- الظاهر أن المراد من الأصل ، أصالة الاحتياط.

ويستحب صلاة ركعتين إذا أراد الدخول والدعاء ، وأن يأمرها بمثل ذلك عند الانتقال ، وأن يجعل يده على ناصيتها ويكونا على طهر ، ويقول : اللّهم على كتابك تزوجتها إلى آخر الدعاء ، وأن يكون الدخول ليلا ، ويسمي عند الجماع ، ويسأل اللّه تعالى أن يرزقه ولدا ذكرا.

ويكره الجماع ليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، وعند الزوال ، وعند الغروب حتى يذهب الشفق ، وفي المحاق ، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس ، وفي أول ليلة من كل شهر إلا في شهر رمضان ، وفي ليلة النصف ، وفي السفر إذا لم يكن معه ماء للغسل ، وعند الزلزلة ، والريح السوداء ، والصفراء ، ومستقبل القبلة ، ومستدبرها ، وفي السفينة ، وعاريا ، وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء ، والجماع وعنده من ينظر إليه ، والنظر إلى فرج المرأة ، والكلام عند الجماع بغير ذكر اللّه تعالى.

مسائل

(الأولى) يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وكفيها ، وفي رواية إلى شعرها ومحاسنها.

وكذا إلى أمة يريد شراءها ، وإلى أهل الذمة لأنهن بمنزلة الإماء ما لم يكن لتلذذ ، وينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا ، وإلى محارمه ما خلا العورة.

(الثانية) الوطء في الدبر ، فيه روايتان ، أشهرهما الجواز على الكراهية (كراهية خ).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الوطء في الدبر ، فيه روايتان ، أشهر هما الجواز على كراهية.

أقول : اختلف الأصحاب في جواز ذلك ، ومذهب أكثر الجمهور ، التحريم ، فمن

ص: 104

______________________________________________________

أصحابنا ، ذهب الشيخ وعلم الهدى المتأخر إلى إباحة ذلك ، وعليه أتباعهم والحلبيون كلهم يفتون بذلك.

فأما القدماء القميين ، والشيخ السعيد جمال الدين أبو الفتوح (1) ، وصاحب الواسطة (2) يذهبون إلى تحريم ذلك ، وكان فاضل منا شريف ، يذهب إليه ، ويدعي أنه سمع ذلك مشافهة عمن قوله حجة (3).

فأقول : لا ريب أن مقتضى الأصل هو الحل ، وإنما الخلاف نشأ من النظر إلى الروايات (فيه خ).

فأذكر (أذكر خ) (فسأذكر خ) طرفا منها ، ذكر الشيخ في الكتابين ، بسند صحيح (4) ، مرفوعا إلى عبد اللّه بن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال : لا بأس إن (إذا خ) رضيت ، قلت : فأين قول اللّه عزوجل : فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ؟ فقال : هذا في طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث أمركم اللّه تعالى ، إن اللّه عزوجل يقول : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (5).

وروى الحسين بن علي بن يقطين ، عن موسى بن عبد الملك ، عن رجل ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام ، عن إتيان الرجل المرأة من خلفها (في دبرها خ ل)؟ فقال : أحلتها آية من كتاب اللّه قول لوط : هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ، وقد علم أنهم لا يريدون الفرج. (6)

ص: 105


1- يعني الشيخ أبو الفتح الكراجكي ، صاحب كنز الفوائد.
2- يعني علي بن حمزة الطوسي ، صاحب الوسيلة وغيرها.
3- لعله كناية عن التشرف بحضور الحجة المهدي عجل اللّه تعالى فرجه الشريف.
4- ليس المراد الرفع المصطلح كما نبهنا عليه مرارا.
5- الوسائل باب 73 حديث 2 من أبواب مقدمات النكاح ، والآيتان في البقرة 222 و 223.
6- الوسائل باب 73 حديث 3 من أبواب مقدمات النكاح.

______________________________________________________

وهي وإن كانت مقطوعة السند ، لكن الآية تدل على محل النزاع.

وعن علي بن الحكم ، قال : سمعت صفوان يقول : قلت للرضا عليه السلام : إن رجلا من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة ، فهابك واستحيى منك أن يسألك عنها ، قال (فقال خ) : ما هي؟ قال : قلت : الرجل (للرجل خ) أن يأتي المرأة (امرأته خ) في دبرها؟ قال : نعم ، له ذلك ، قال : فقلت : وأنت تفعل ذلك؟ قال : لا ، إنا لا نفعل ذلك (1).

وعن صفوان بن يحيى ، عن عبد الملك بن عمر ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل (الرجل خ) يجامع المرأة في دبرها ، فقال : لا بأس هي لعبة الرجل ، يلعب بها كيف شاء (2).

(ومن) الروايات الواردة بالتحريم ، ما روي عن سدير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : محاش (3) النساء على أمتي حرام (4).

وطريق هذه الرواية مخبط (5).

وعن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال هاشم : لا تقرب (لا يفرى خ) (لا تعرى خ) (لا تفرش خ) (لا تغرث خ) وابن بكير قال : لا تعرى ، أي لا يأتي من

ص: 106


1- الوسائل باب 73 حديث 1 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب 73 حديث 1 من أبواب مقدمات النكاح.
3- المحاش جمع محشه ، وهي الدبر ، وكنى بها عن الأدبار ، كما يكنى بالحشيش عن مواضع الغائط ، والمحشة في الأصل ، الأسفل.
4- الوسائل باب 72 حديث 2 و 5 من أبواب مقدمات النكاح.
5- أي مختلط ومشتبه ، فإن سنده هكذا : محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن موسى ، عن يونس أو غيره ، عن هاشم بن المثنى ، عن سدير ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ... الخ وفي التهذيب (الميثمي) بدل المثنى.

(الثالثة) العزل عن الحرة بغير إذنها ، قيل : ، يحرم وتجب به دية النطفة عشرة دنانير ، وقيل : مكروه وهو أشبه ، ورخص في الإماء.

______________________________________________________

غير هذا الموضع (1).

فالشيخ حمل هاتين الروايتين على الكراهية ، توفيقا بين الروايات ، قال : ويدل على الكراهية ، ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، يرفعه إلى (عن خ) ابن أبي يعفور ، قال : سألته عن إتيان النساء في أعجازهن؟ فقال : ليس به بأس وما أحب أن تفعل (تفعله خ ل) (2).

والخبر الذي قدمناه من قول الرضا عليه السلام ، إنا لا نفعل ذلك (3) أيضا يدل على الكراهية.

ويحتمل أن يكون الخبران وردا للتقية.

« قال دام ظله » : العزل عن الحرة بغير إذنها قيل : يحرم وتجب به دية النطفة ، عشرة دنانير ، وقيل : مكروه (يكره خ).

القول الأول للمفيد ، والشيخ ذهب إلى كراهية العزل في كتاب النكاح واختاره سلار ، وإلى إيجاب الدية في كتاب الديات محيلا على الروايات ، وهو اختيار أبي الصلاح ، وذهب المتأخر إلى كراهية العزل وسقوط الدية ، متمسكا بالأصل.

وهو حسن ، لأن الأصل حفظ المال على المسلم ، فلا يتهجم عليه (إليه خ) في موضع الخلاف.

ويؤيد ذلك ما رواه ابن بابويه ، عن محمد بن مسلم ، أنه سأل أبا جعفر عليه السلام ، عن العزل؟ فقال : الماء للرجل يصرفه حيث يشاء (4).

ص: 107


1- الوسائل باب 72 حديث 3 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب 73 حديث 6 من أبواب مقدمات النكاح.
3- الوسائل باب 73 حديث 1 من أبواب مقدمات النكاح.
4- الوسائل باب 75 حديث 1 من أبواب مقدمات النكاح ، وعن الكافي : ذلك إلى الرجل.

(الرابعة) لا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين ، ولو دخل قبل ذلك لم تحرم على الأصح.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين ، ولو دخل قبل ذلك ، لم تحرم على الأصح.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية - في الباب الأول من كتاب النكاح - إلى أنه متى وطأ الرجل المرأة (امرأته خ) قبل تسع سنين فرق بينهما ، ولم تحل له أبدا.

وفي موضع آخر منه ، لو وطأها قبل تسع سنين ، فعابت ، كان ضامنا لعيبها ، ويفرق بينهما ، ولم تحل له أبدا ، فشرط هنا العيب ، وهو الإفضاء.

وقد صرح بذلك باقي الأصحاب ، والشيخ في الاستبصار.

أما مستند التفرقة والتحريم ، فما رواه محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين ، فرق بينهما ، ولم تحل له أبدا (1).

وأما مستند الضمان في الدية ، فهو ما رواه الحسن بن محبوب عن الحارث بن محمد بن النعمان صاحب الطاق ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل افتض (اقتض خ) جارية يعني امرأته فأفضاها ، قال عليه السلام : عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين ، قال : فإن أمسكها ، ولم يطلقها فلا شئ عليه ، وإن دخل بها ولها تسع سنين ، فلا شئ عليه ، إن شاء أمسك وإن شاء طلق (2).

والشيخ جمع بين هذين الخبرين ، فحمل خبر بريد على أن المرأة إذا اختارت

ص: 108


1- الوسائل باب 34 حديث 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- الوسائل باب 34 حديث 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(الخامسة) لا يجوز للرجل ترك وطء المرأة أكثر من أربعة أشهر.

(السادسة) يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا.

(السابعة) إذا دخل بصبية (بالصبية خ) لم تبلغ تسعا فأفضاها. حرم عليه وطؤها ولم تخرج من حبالته. ولو لم يفضها لم تحرم على الأصح.

الفصل الثاني في أولياء العقد :
اشارة

لا ولاية في النكاح لغير الأب والجد للأب وإن علا ، والوصي ، والمولى ، والحاكم.

وولاية الأب والجد ثابتة على الصغيرة وإن ذهبت بكارتها بزنا أو غيره.

______________________________________________________

المقام ، معه ، واختار هوأيضاذلك ورضيت بذلك عن الدية ، فلا يجوزله وطؤها على كل حال ، كما تضمنه خبر يعقوب بن يزيد ، عن بعض أصحابنا ، حتى (1) يعمل بالأخبار كلها ، هذا كلامه في الاستبصار.

والوجه أن رواية يعقوب بن يزيد ضعيفة السند ، لأن سهل بن زياد مطعون فيه ، وهي مرسلة ، فلا يصح التمسك بها وليعمل بخبر بريد العجلي.

فنقول : التحريم لا يكون إلا مع الإفضاء ، وكذلك الدية ، كما يتضمنه الخبر.

ويدل عليه أيضا ما رواه ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حمران ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سئل عن رجل تزوج جارية لم تدرك ، فأفضاها؟ قال : إن دخل بها ولها تسع سنين ، فلا شئ عليه ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك ، فافتضها ، فإنه قد أفسدها وعطلها عن (على خ) الأزواج ، فعلى الإمام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها

ص: 109


1- يعني هذا الجمع لأجل أن يعمل بالأخبار ولا يطرح بعضها.

ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الأب ، وقيل : يشترط ، وفي المستند ضعف.

______________________________________________________

ولم يطلقها حتى يموت فلا شئ عليه (1).

ومعنى قول فقهائنا (فرق بينهما) أي في الوطء ولا يعنون به الفسخ ، فإنها لا تبين إلا بالطلاق.

الفصل الثاني : في أولياء العقد

« قال دام ظله » : ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الأب ، وقيل : يشترط ، وفي المستند ضعف.

القول الأول للمفيد وسلار وعلم الهدى والشيخ في كتبه ، سوي كتاب النهاية ، فإنه يشترط فيها.

والقول الثاني للشيخ في النهاية وأبو الصلاح وصاحب الرائع (2) وصاحب الواسطة (3) تبعا للكلام الشيخ.

ويظهر من كلام ابن أبي عقيل في المتمسك ، انفراد الأب بالولاية ، وهو متروك.

والأول أشبه ، وعليه شيخنا والمتأخر (لنا) أن ولاية الجد ثابتة شرعا ، فالتخصيص بموضع لا يجوز إلا بمخصص ، وما تمسكوا به في تخصيصها ضعيف ، فسنذكرها (وسنذكره خ).

ص: 110


1- الوسائل باب 34 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وفيه بعد قوله : (لم تدرك) ، فلما دخل بها افتضها فأفضاها ... الخ وفيه أيضا بعد قوله : (من ذلك) بقليل حين افتضها.
2- وهو القطب الرواندي قده كما مر مرارا.
3- هو علي بن حمزة الطوسي أحد تلامذة الشيخ الطوسي على المشهور صاحب الوسيلة أيضا كما تقدم مرارا.

ولا خيار للصبية مع البلوغ ، وفي الصبي قولان ، أظهر هما : أنه كذلك.

______________________________________________________

وأيضا لا خلاف في أن مع بقاء الأب فالجد أولى من الأب في الولاية وأقوى ، فلو سقط بموت الأب لانقلب الفاضل مفضولا ومستند التخصيص (المخصص خ) ما رواه جعفر بن سماعة ، عن أبان ، عن الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن الجد إذا زوج ابنة ابنه ، وكان أبوها حيا ، وكان الجد مرضيا جاز ، قلنا : فإن هوى أبو الجارية هوى وهوى الجد هوى ، وهما سواء في العدل والرضا؟ قال : أحب إلي أن ترضى بقول الجد (1).

ووجه ضعفها أن في طريق الرواية ، الحسن بن محمد بن سماعة ، وجعفر بن سماعة ، وهما واقفيان.

وأيضا هي غير دالة على سقوط ولاية الجد بموت الأب ، إلا بدليل الخطاب.

« قال دام ظله » : ولا خيار للصبية مع البلوغ ، وفي الصبي قولان ، أظهرهما أنه كذلك.

القولان للشيخ ، ذهب في النهاية إلى أن له الخيار ، إذا بلغ ، ومستنده ما رواه يزيد (بريد خ) الكناسي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أن الغلام إذا زوجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك وبلغ خمسة عشر سنة (الحديث) (2).

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن الصبي يزوج الصبية؟ قال : إن كان أبواهما اللذان زوجاهما ، فنعم جائز ولكن لهما الخيار إذا أدركا (الحديث) (3).

ص: 111


1- الوسائل باب 11 حديث 4 من أبواب عقد النكاح.
2- الوسائل باب 6 قطعة من حديث 9 من أبواب عقد النكاح.
3- الوسائل باب 6 حديث 8 من أبواب عقد النكاح.

ولو زوجاها فالعقد للسابق ، فإن اقترنا ثبت عقد الجد.

ويثبت ولا يتهما على البالغ مع فساد عقله ذكرا كان أو أنثى ، ولا خيار له لو أفاق ، والثيب تزوج نفسها ، ولا ولاية عليها لأب ولا غيره.

ولو زوجها من غير إذنها وقف على إجازتها.

أما البكر البالغة الرشيدة فأمرها بيدها ، ولو كان أبوها حيا قيل : لها الانفراد بالعقد ، دائما كان أو منقطعا.

______________________________________________________

وعليه اتباع الشيخ والمتأخر.

فأما للشيخ قول آخر في التهذيب والاستبصار بسقوط خيار الصبي ، وهو أشبه ، لأن ولايته مشروعة ، فيكون العقد شرعيا صحيحا ، فلا يتطرق إليه الخيار ولأنها (ولأنه خ) مأذون فيها ، ومطلق الإذن يقتضي الثبوت والاستمرار ، ولنا في المسألة تردد ، منشأه النظر إلى قول النهاية ، والرواية الواردة به.

« قال دام ظله » : أما البكرالبالغة الرشيدة ، فأمرها بيدها ، ولو كان أبوها حيا ، قيل : لها الانفراد بالعقد ، دائما كأن أو منقطعا (وقيل) : العقد مشترك بينهما وبين الأب ، فلا ينفرد أحدهما به (وقيل) : أمرها إلى الأب ، وليس لها معه أمر ، ومن الأصحاب من أذن لها في المتعة دون الدائم ، ومنهم من عكس ، والأول أولى.

القول الأول للمرتضى والمفيد في أحكام النساء ، وهو اختيار الشيخ في التبيان وصاحب الواسطة والمتأخر وسلار وشيخنا ، ونصوا جميعا أن المستحب أن لا تعقد إلا بإذن الأب.

والقول الثاني اختيار المفيد في المقنعة وأبي الصلاح في الكافي.

والقول الثالث للشيخ في النهاية والخلاف ، وفي المبسوط اختاره أيضا على تردد ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، والشيخ أجاز لها في المتعة ، أن تعقد على نفسها.

وقوله : (ومنهم من عكس) ، يعني إذن في الدائم دون المتعة ، وما وقفت على

ص: 112

وقيل : العقد مشترك بينها وبين الأب فلا ينفرد أحدهما به.

وقيل : أمرها إلى الأب وليس لها معه أمر.

ومن الأصحاب من أذن لها في المتعة دون الدائم. ومنهم من عكس ، والأول أولى.

ولو عضلها الولي سقط اعتبار رضاه إجماعا.

ولو زوج الصغيرة غير الأب والجد وقف على رضاها عند البلوغ (إجماعا خ) ، وكذا الصغير.

وللمولى أن يزوج المملوكة ، صغيرة أو كبيرة بكرا أو ثيبا ، عاقلة أو مجنونة ، ولا خيرة لها ، وكذا العبد.

ولا يزوج الوصي إلا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة ، وكذا الحاكم.

______________________________________________________

قائل به إلى الآن ، واستعلمت المصنف عنه ، فما كان ذاكرا.

والمختار عندي القول الأول ، لوجوه أذكرها ، ثم أذكر بعدها مستند كل واحد من هؤلاء الفضلاء المذكورين والجواب عنه.

فأقول : (لنا) في المسألة ، النظر ، والنص ، والأثر.

أما النظر فمن وجوه :

(الأول) التمسك بالأصل ، فإنه يقتضي سقوط الولاية عنها.

(الثاني) كونها بالغة رشيدة موجب لجواز تصرفها ، ونفاذ أمرها في سائر العقود والأحكام ، ولا دليل على التخصيص ، فيجب العمل بالمقتضي السالم عن الصادم.

(إن قيل) : لم قلتم لا دليل على التخصيص؟ (قلنا) : لضعف (ضعف خ) ما تمسك به الخصم ، وسنبين ذلك فندعي أنه (كونه خ) غير صالح للتخصيص.

(الثالث) القول : بصحة تصرفها - في سائر العقود من بيع وهبة وإجارة ووكالة

ص: 113

______________________________________________________

وتوكيل في الخلع والمباراة وغير ذلك - مع القول ببطلان عقد نكاحها ، لو عقدت بنفسها ، مما لا يجتمعان ، والثابت صحة تصرفها في سائر العقود فلا يبطل عقد نكاحها.

أما أنهما لا يجتمعان ، فلأنا نقول : كونها بالغة رشيدة يقتضي جواز تصرفها في العقود ، فإن كان (1) لزم ، في الموضعين ، وإن لم يكن ، سقط في الموضعين ، فيثبت أنهما لا يجتمعان.

وأما أن الثابت صحة تصرفها فهو إجماعي ، فليس للخصم فيه تنازع (نزاع خ) حتى يستدل عليه.

وأما النص فعموم آيات (منها) قوله تعالى : ( فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (2).

وقوله تعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (3).

ووجه التمسك أن وقوع الطلقتين يصح في البكر والثيب ، فلا تخصيص (فلا مخصص خ) فيجب الحكم بالعموم عملا بالنص.

وقوله تعالى : ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) (4) ، والنكاح من المعروف.

وأما الأثر فروايات دالة عليه بالعموم والخصوص (فمنها) ما رواه سعد بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير (بغير خ) إذن أبيها (5).

ص: 114


1- يعني فإن كان يقتضي جواز التصرف لزم في عقد النكاح وفي غير عقد النكاح من سائر العقود والايقاعات ، وإن كان لا يقتضي فاللازم عدم الاقتضاء في الموضعين.
2- البقرة - 230 و 230 و 234.
3- البقرة - 230 و 230 و 234.
4- البقرة - 230 و 230 و 234.
5- الوسائل باب 9 حديث 4 من أبواب عقد النكاح

______________________________________________________

(ومنها) ما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله : الثيب يعرب عنها لسانها (تعرب عن نفسها خ ل) والبكر إذنها صماتها (1).

(ومنها) ما رواه عمر بن أذينة ، عن الفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة بن أعين ، وبريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ، ولا المولى عليها ، تزويجها بغير ولي جائز (2).

(ومنها) ما رواه عمر بن أبان الكلبي ، عن ميسرة ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد ، فأقول لها : ألك زوج؟ فتقول : لا ، فأتزوجها؟ قال : نعم هي المصدقة على نفسها (3).

(ومنها) ما رواه موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا كانت المرأة مالكة أمرها ، تبيع وتشتري ، وتعتق ، وتشهد ، وتعطي من مالها ما شاءت ، فإن أمرها جائز تزوج إن شاءت بغير إذن وليها ، وإن لم تكن كذلك ، فلا يجوز تزويجها ، إلا بإذن (بأمر خ) وليها (4).

فهذه الروايات تدل على محل النزاع بالعموم ، والشيخ حمل أكثرها على الثيب ، وهو تحكم.

ولنرجع إلى بيان مستندهم ، والجواب عنه ، فالمرتضى استدل بالإجماع ، وبرواية (بروايات خ) عن أبي هريرة ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، لا تنكح اليتيمة (الثيب خ) إلا بإذنها ، فإن سكتت فهو إذنها (5).

ص: 115


1- كنز العمال ج 16 ص 312 وفيه : الثيب تعرب عن نفسها والبكر رضاؤها صمتها. وسنن أبي داود ج 2 ص 232 باب في الثيب حديث 1 من كتاب النكاح ، وفيه : الأيم أحق بنفسها من وليها.
2- الوسائل باب 3 حديث 1 و 5 من أبواب عقد النكاح.
3- الوسائل باب 3 حديث 1 و 5 من أبواب عقد النكاح.
4- الوسائل باب 9 حديث 6 من أبواب عقد النكاح.
5- سنن أبي داود ج 2 ص 231 باب في الاستئمار حديث 1 و 2 من كتاب النكاح.

______________________________________________________

والجواب ، أما الإجماع فلا يتحقق مع الخلاف ، ورواية أبي هريرة ، يمكن أن يستدل بها على مخالفي المذهب.

والمفيد استند إلى ما رواه صفوان ، قال : استشار عبد الرحمن ، موسى بن جعفر عليهما السلام في تزويج ابنته لابن أخيه ، فقال : أفعل ، ويكون ذلك برضاها ، فإن لها في نفسها نصيبا ، قال : واستشار خالد بن داود ، موسى بن جعفر عليهما السلام ، في تزويج ابنته ، علي بن جعفر ، فقال : أفعل ، ويكون ذلك برضاها فإن لها في نفسها حظا (1).

وما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، تستأمر البكر وغيرها ، ولا تنكح إلا بأمرها (بإذنها خ) (2).

والجواب عن الرواية الأولى ، روى صفوان ، عن ابن فضال (3) وهو مقدوح فيه.

على أنه ليس فيها أن للأب معها اشتراكا في العقد ، بل ظاهرها ينهض بأن ليس للأب أن يعقد عليها إلا بإذنها ، وهو الذي اخترناه ، وكذلك الرواية الثانية.

والشيخ استدل بروايات كثيرة (منها) ما رواه (هو خ) مرفوعا (4) إلى ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا تنكح ذوات (لا تتزوج ذات خ) الآباء من الأبكار ، إلا بإذن آبائهن (5).

وروي أيضا في سند صحيح عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : لا تستأمر الجارية ، إذا كانت بين أبويها ، ليس لها مع الأب أمر (6).

ص: 116


1- الوسائل باب 9 حديث 2 و 1 من أبواب عقد النكاح.
2- الوسائل باب 9 حديث 2 و 1 من أبواب عقد النكاح.
3- هكذا في النسخ كلها ، والصواب : روى ابن فضال ، عن صفوان ، والأمر سهل.
4- يعني متصلا إليه لا الرفع المصطلح ، في علم الدراية.
5- الوسائل باب 6 حديث 5 من أبواب عقد النكاح .
6- الوسائل باب 4 حديث 3 من أبواب عقد النكاح ، وتمام الحديث : وقال : يستأمرها كل أحد ما عدا الأب.
ويلحق بهذا الباب مسائل

(الأولى) الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه ، ولو أذنت في ذلك فالأشبه الجواز. وقيل : لا ، وهي رواية عمار (1).

______________________________________________________

وروي عبد اللّه ابن الصلت ، قال : سألت أبا الحسن (الرضا خ) عليه السلام ، عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها ، ألها أمر إذا بلغت؟ قال : لا ، (ليس لها مع أبيها أمر كا) قال : وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ فقال : ليس لها مع أبيها أمر ، ما لم تثيب (لم تكبر خ) (2) وبه عدة روايات أخر.

والجواب عنها أنها أخبار آحاد ، وأكثرها ضعيفة السند ، ومع صحة سندها فلا تخصص عمومات القرآن.

على أنها يحتمل أن يراد بها الاستحباب والفضل ، لئلا تتنافى الروايات ، فعلى هذا لا يلزم تخصيص عام ، ولا اطراح رواية ، وهو وجه في الجمع بين الروايات.

وأما تمسك من أذن لها في المتعة دون الدائم (الدوام خ) فهو جمع بين رواية سعدان بن مسلم (3) والروايات الواردة بخلاف ذلك.

وهو تحكم ، إذ رواية سعدان مطلقة ، وليس حملها على المتعة ، بأولى من حمل سائر الروايات على الاستحباب (4).

« قال دام ظله » : الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه ، ولو أذنت في ذلك فالأشبه الجواز ، وقيل : لا ، وهي رواية عمار.

هذه رواها أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن

ص: 117


1- راجع الوسائل باب 10 حديث 4 من أبواب عقد النكاح ج 14 ص 217.
2- الوسائل باب 6 حديث 3 من أبواب عقد النكاح ، وفيه : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام.
3- الوسائل باب 9 حديث 4 من أبواب عقد النكاح.
4- واعلم أن الشارح قده لم يتعرض لذكر وجه القول بالعكس لما نبه عليه من عدم وجدان قائله ولعل من جوابه قده عن الثالث يعلم وجه الرابع فتفطن.

(الثانية) النكاح يقف على الإجازة في الحر والعبد ، ويكفي في الإجازة سكوت البكر ، ويعتبر في الثيب النطق.

(الثالثة) لا تنكح الأمة إلا بإذن المولى ، رجلا كان المولى أو امرأة.

وفي رواية سيف : يجوز نكاح أمة المرأة من غير إذنها متعة (1) ، وهي منافية للأصل.

______________________________________________________

عمار الساباطي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن المرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها أيحل لها أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها ، فتقول (تقول خ) له : قد وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال : لا ، قلت : له جعلت فداك ، وإن كانت أيما؟ قال : وإن كانت أيما ، قلت : فإن وكلت غيره بتزويجها منه (أيزوجها منه؟ خ) قال : نعم (2).

واختار الشيخ في المبسوط الجواز ، وهو الأشبه ، لأنه لا مانع منه ، ولأنه يصح أن يكون موجبا قابلا كما في الولي لو زوج ابنة ابنه بابن ابنه (3) أو يشتري ما هو ملك المولى عليه لنفسه.

والجواب عن الرواية أنها ضعيفة السند وهي قليلة الورود.

« قال دام ظله » : وفي رواية سيف ، يجوز نكاح أمة المرأة من غير إذنهامتعة ، وهي منافية للأصل.

هذه رواها سيف بن عميرة ، عن علي بن المغيرة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يتمتع بأمة المرأة (امرأة خ) بغير إذنها؟ فقال : لا بأس به (4).

والرواية ضعيفة السند ، فإن سيف (سيفا خ) مطعون فيه ملعون ، لكن أفتى

ص: 118


1- راجع الوسائل باب 14 حديث 1 من أبواب المتعة ج 14 ص 463.
2- الوسائل باب 10 حديث 4 من أبواب عقد النكاح.
3- (ابن بنته بنت ابنه خ).
4- الوسائل باب 14 حديث 1 من أبواب المتعة.

(الرابعة) إذا زوج الأبوان الصغيرين صح وتوارثا ، ولا خيار لأحدهما عند البلوغ.

ولو زوجهما غير الأبوين وقف على إجازتهما.

فلو ماتا أو (مات خ) أحدهما بطل العقد وسقط المهر والإرث.

ولو بلغ أحدهما فأجاز ثم مات عزل من تركته نصيب الباقي ، فإذا بلغ أحلف أنه لم يجز للرغبة وأعطى نصيبه.

(الخامسة) إذا زوجها الأخوان برجلين ، فإن تبرعا اختارت أيهما شاءت ، وإن كانا وكيلين وسبق أحدهما فالعقد له ، ولو دخلت بالآخر لحق به الولد وأعيدت إلى الأول بعد انقضاء العدة ، ولها المهر للشبهة.

وإن اتفقا بطلا ، وقيل : العقد عقد الأكبر.

______________________________________________________

عليها الشيخ في النهاية والتهذيب واستضعفها في الاستبصار ، فقال : إن سيف (سيفا خ) (تارة) يرويها عن علي بن المغيرة (وتارة) عن داود بن فرقد (وتارة) عن أبي عبد اللّه عليه السلام بلا واسطة (1) ومع ذلك هي غير مطابقة لكتاب اللّه.

فأقول : الوجه اطراح الرواية ، والعمل بما يقتضيه الأصل ، وهو تحريم التصرف في أمة الغير إلا بإذنه وبقوله (ولقوله خ) ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) (2).

وهو اختيار المفيد في كتاب مختصر له ، وقال : يستحق فاعله الإثم ، ويجب عليه الحد ، وكذلك الشيخ في الحائريات ، وعليه المتأخر ، وهو المعول عليه.

قال « دام ظله » وإن اتفقا بطلا ، وقيل : العقد ، عقد الأكبر.

أقول : وجه البطلان حصول العقدين معا على امرأة واحدة ، وهو منهي عنه ولا ترجيح لأحدهما فيحكم له ، هذا مقتضى النظر.

ص: 119


1- راجع الوسائل باب 14 من أبواب المتعة ، تجد ما ذكره الشيخ.
2- النساء - 25.

(السادسة) لا ولاية للأم ، فلو زوجت الولد فأجاز صح ، ولو أنكر بطل ، وقيل : يلزمها المهر ، ويمكن حمله على دعوى الوكالة عنه.

______________________________________________________

وأما أن العقد عقد الأكبر فهو اختيار الشيخ في النهاية والتهذيب وما أعرف به حديثا مرويا ، بل إن الشيخ ذكر في التهذيب ما رواه صفوان ، عن ابن مسكان ، عن وليد بياع الأسفاط (1) ، قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام وأنا عنده ، عن جارية كان لها أخوان زوجها الأكبر بالكوفة ، وزوجها الأصغر بأرض أخرى ، قال : الأول بها أولى ، إلا أن يكون الآخر (الأخير خ) قد دخل بها (فإن دخل بها يب) فهي امرأته ونكاحه جائز (2).

فقال الشيخ مؤولا لهده الرواية : والوجه في هذا الخبر أنه إذا جعلت الجارية أمرها إلى أخويها معا فيكون حينئذ الأكبر أولى بالعقد فإن اتفق العقدان في حالة واحدة ، كان عقد الأكبر أولى ، ما لم يدخل الذي عقد عليه الأخ الصغير.

وفي حمل الأول على الأكبر بعد ، فإنه بالحمل على العاقد الأول أقرب ، ويؤيده النظر أيضا.

ولو سلمنا أن المراد بالأول هو الأكبر تسليم بحث ، فمن أين أنه إذا اتفقا كان العقد عقد الأكبر ، فإنه لا تدل عليه الرواية ، لا بالمطابقة ولا بالفحوى.

« قال دام ظله » : لاولاية للأم ، فلو زوجت الولد ، فأجاز صح ، ولو أنكر بطل ، وقيل : يلزمها المهر ، ويمكن حمله على دعوى الوكالة عنه.

أقول : قد تقرر عندنا أن الأم لا ولاية لها على الولد الصغير ، فمتى زوجت الولد ، فأنكر ، فالعقد باطل بلا خلاف ، وهل يلزم الأم المهر؟ قال الشيخ : نعم ، وقال المتأخر : لا يلزمها.

ص: 120


1- السفط محركة واحد الأسفاط التي يعبى فيه الطيب ، ويستعار للتابوت الصغير ، ومنه فاخرج في سفط (مجمع البحرين).
2- الوسائل باب 7 حديث 4 من أبواب عقد النكاح.

ويستحب للمرأة أن تستأذن أباها بكرا أو ثيبا ، وأن توكل أخاها إذا لم يكن لها أب ولا جد ، وأن تعول على الأكبر وأن تختار خيرته من الأزواج.

الفصل الثالث في أسباب التحريم ، وهي ستة :
(الأول) النسب :

ويحرم به سبع : الأم وإن علت ، والبنت وإن سفلت ، والأخت ، وبناتها وإن نزلن ، والعمة وإن ارتفعت ، وكذا الخالة ، وبنات الأخ وإن هبطن.

(الثاني) الرضاع :
اشارة

ويحرم منه ما يحرم من النسب. وشروطه أربعة :

الأول : أن يكون اللبن عن نكاح.

فلو در أو كان عن زنا لم ينشر.

الثاني : الكمية : وهي ما أنبت اللحم وشد العظم ، أو رضاع يوم وليلة.

______________________________________________________

واستدل الشيخ بما روي عن الكاهلي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأله عن رجل زوجته أمه ، وهو غائب؟ قال : النكاح جائز ، إن شاء المتزوج قبل ، وإن شاء ترك ، فإن ترك المتزوج تزويجه ، فالمهر لازم لأمه (1).

والجواب عنه ، هذه رواية شاذة ، وفي طريقها من (2) هو مجهول الحال.

وقال شيخنا : يمكن حمل الرواية علي أن الأم ادعت الوكالة عن الولد ، فيلزمها المهر ، لأنها غار (غارة خ) وتدعي الصحة ، ولا بينة لها على الوكالة.

ص: 121


1- الوسائل باب 7 حديث 3 من أبواب عقد النكاح.
2- وهو - على ما في تنقيح المقال ج 2 ص 134 نقلا من النجاشي - إسماعيل بن سهل الدهقان ، وفيه إسماعيل سهل الدهقان ضعفه أصحابنا (انتهى).

ولا حكم لما دون العشر.

وفي العشر روايتان ، أشهرهما : أنه لا ينشر.

ولو رضع خمس عشرة رضعة نشر.

ويعتبر في الرضعات قيود ثلاثة : كمال الرضعة ، وامتصاصها من الثدي ، وأن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة.

______________________________________________________

في الرضاع

« قال دام ظله » : وفي العشر روايتان ، أشهرهما أنه (أنها خ) لا ينشر.

أقول : بحسب الروايتين قولان ، فذهب الشيخ إلى أنه لا يحرم أقل من خمس عشرة رضعة متواليات وعليه أتباعه ، روى ذلك هشام بن سالم ، عن عمار بن موسى الساباطي ، عن جميل بن صالح ، عن زياد بن سوقة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : هل للرضاع حد يؤخذ به؟ قال : لا يحرم الرضاع أقل من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات ، من امرأة واحدة ، من لبن فحل واحد ، لم يفصل بينهما (بينها خ) رضعة امرأة غيرها ، فلو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد ، وأرضعتها (أرضعتهما خ) امرأة أخرى ، من فحل آخر عشر رضعات ، لم يحرم نكاحها (نكاحهما خ) (1).

وقال المفيد : يحرم عشر رضعات متواليات ، واختاره سلار وأبو الصلاح ، وابن أبي عقيل.

وما وردت به رواية دالة عليه صريحا ، بل يدل عليه فحوى روايتين (إحداهما) ما رواه هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يحرم من الرضاع إلا ما شد العظم ، وأنبت اللحم ، فأما الرضعة والرضعتان

ص: 122


1- الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

______________________________________________________

والثلاث ، حتى بلغ عشرا ، إذا كن متفرقات فلا بأس (1).

والأخرى رواها معاوية بن وهب ، عن عبيد بن زرارة ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام (إلى أن قال) : فما الذي يحرم من الرضاع؟ فقال : ما انبت اللحم والدم ، فقلت : وما الذي ينبت اللحم والدم؟ فقال : كأن يقال : عشر رضعات ، قلت : فهل يحرم عشر رضعات ، فقال : دع هذا (ذائل) ، وقال : ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع (2).

فإن الرواية الأولى لا تدل على محل النزاع ، إلا بدليل الخطاب ، وهو ضعيف ، والثانية لا يقول عليه السلام هو نفسه (3) وقوله عليه السلام : (دع ذا) أيضا يدل على أنه عليه السلام غير قائل به.

على أنهما معارضتان بما ذكرنا ، وبما رواه الشيخ في سند صحيح ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت : ما يحرم من الرضاع؟ قال : ما انبت اللحم وشد العظم ، قلت : فيحرم عشر رضعات؟ قال : لا لأنها (لأنه خ ئل) لا تنبت اللحم ولا تشد العظم عشر رضعات (4).

وروي أيضا مرفوعا (5) إلى عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، يقول : عشر رضعات لا يحرمن شيئا (6).

وإذا تقرر هذا فمذهب الشيخ أبي جعفر أشبه ، وهو المختار.

ص: 123


1- الوسائل باب 2 حديث 19 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
2- الوسائل باب 2 حديث 18 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
3- يعني أن الإمام عليه السلام لم يحكم بعشر رضعات بل نسبه إلى القول ، بقوله عليه السلام : كأن يقال.
4- الوسائل باب 2 حديث 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
5- ليس المراد الرفع المصطلح كما قدمناه غير مرة.
6- الوسائل باب 2 حديث 3 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

الثالث : أن يكون في الحولين ، وهو يراعى في المرتضع دون ولد المرضعة على الأصح.

______________________________________________________

أما (أولا) فلأن الروايات به أكثر وأصح.

وأما (ثانيا) فلأن الأصل عدم التحريم ، ترك العمل به في خمس عشرة رضعة للإجماع ، فالباقي على أصله ، وإنما قلنا : الإجماع حاصل على خمس عشرة رضعة ، لأن كل من يقول : بتحريم عشرة فهو قائل بتحريم خمس عشرة ، ولا ينعكس.

ورأيت المتأخر مترددا في هذا المسألة ، اختار في الباب الأول من كتاب النكاح تحريم العشرة ، مستدلا بما لا طائل له ، فلا ينبغي أن يذكر ، واختار في باب الرضاع تحريم (1) خمس عشرة متمسكا بالإجماع.

« قال دام ظله » : الثالث أن يكون في الحولين ، وهو يراعى في المرتضع ، دون ولد المرضعة ، على الأصح.

أقول : مراعاته في المرتضع مجمع عليها ، وفتوى الأصحاب على أنه لا يعتبر في ولد المرضعة ، إلا أبا الصلاح ، فإنه قال : شرط تحريم الرضاع أن يكون الراضع والمرتضع من أبيه ينقص سنهما عن الحولين.

وكان شيخنا يحكي ذلك في الدرس ، عن ابن بابويه ، وما وقفت عليه ، نعم ذكر في من لا يحضره الفقيه ، ما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله : لا رضاع بعد فطام (2). وفسره ، فقال : معناه إذا ارتضع الصبي حولين ثم شرب بعد ذلك من أخرى ، لم يحرم ذلك الرضاع ، لأنه بعد فطام.

فكأن شيخنا يشير إلى هذا ، وهو كما ترى ، والأشبه ما قدمناه.

ص: 124


1- (القول بتحريم خ).
2- الوسائل باب 5 حديث 1 و 9 و 11 و 12 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

الرابع : أن يكون اللبن لفحل واحد ، فيحرم الصبيان يرتضعان بلبن واحد ولو اختلفت المرضعتان ، ولا يحرم لو رضع كل واحد من لبن فحل آخر وإن اتحدت المرضعة.

ويستحب أن يتخير للرضاع المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة ، ولو اضطر إلى الكافرة استرضع الذمية ، ويمنعها من شرب الخمر ولحم الخنزير.

ويكره تمكينها من حمل الولد إلى منزلها.

ويكره استرضاع المجوسية ، ومن لبنها عن زنا ، وفي رواية : إذا أحلها مولاها طاب لبنها (1).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويكره استرضاع المجوسية ومن لبنها من زنا ، وفي رواية : إذا أحلها مولاها طاب لبنها.

هذه رواها محمد بن يعقوب الكليني - في كتابه ، عن ثقات عن محمد بن مسلم (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في المرأة يكون لها الخادم قد فجرت ، فيحتاج إلى لبنها ، قال : مرها فتحللها يطيب (فيطيب خ) اللبن (3).

ومثلها رواها البزنطي في كتابه الجامع ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن غلام لي وثب على جارية لي فأحبلها ، فولدت ، واحتجنا إلى لبنها ، فإن أحللت لهما ما صنعا أيطيب لبنها؟ قال : نعم. (4)

ص: 125


1- راجع الوسائل باب 39 من أبواب نكاح العبيد والإماء ج 14 ص 542.
2- هكذا في جميع النسخ ، ولكن سند الحديث كما في الكافي والتهذيب والوسائل هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وجميل بن دراج وسعد بن أبي خلف ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (فلاحظ).
3- الوسائل باب 75 حديث 3 و 5 من أبواب أحكام الأولاد.
4- الوسائل باب 75 حديث 3 و 5 من أبواب أحكام الأولاد.
وهنا مسائل

(الأولى) إذا كملت الشرائط صارت المرضعة أما ، وصاحب اللبن أبا ، وأختها خالة وبنتها أختا ، ويحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على المرتضع وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.

(الثانية) لا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا لأنهم في حكم ولده.

وهل ينكح أولاده الذين لم يرتضعوا في أولاد هذا الفحل؟ قال في الخلاف : لا ، والوجه الجواز :

______________________________________________________

وفي النهاية ، لو كانت له أمة قد ولدت أو كانت ولدت من الزنا (واحتاج إلى لبنها يه) ، فيجعلها في حل من فعلها ، ليطيب (بذلك يه) لبنها.

فيسأل هنا إذا كانت ولدت من الزنا فتكون أمها زانية ، فلا تأثير لحل الأمة.

والجواب أن في بعض نسخ النهاية (وكانت ولدت من الزنا) بغير ألف (1) وعلى هذا لا إشكال.

وبتقدير ثبوت الألف ، يفرض إذا كانت الأمة وأمها مملوكتين له ، فيجعل المالك ، الزانية في حل ، أمة كانت أو أمها ، والضمير راجع إلى الزانية ، لدلالة الكلام عليها.

« قال دام ظله » : وهل تنكح أولاده الذين لم يرتضعوا في أولاد هذا الفحل (2)؟ قال : في الخلاف : لا ، والوجه الجواز.

أقول : الضمير في قوله : (أولاده) راجع إلى أب المرتضع ، الذي في المتن

ص: 126


1- يعني أن بعض نسخ النهاية (وكانت) بدل (أو كانت).
2- (وفي أولاد هذه المرضعة وأولاد فحلها) كذا في النسخة المطبوعة.

______________________________________________________

الذي ذكره في مسألة قبل هذه.

والأشبه فيها ، أن أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا لا يحرمون على أب المرتضع لقولهم عليهم السلام. يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. (1)

وهنا لا يحرم من النسب ، فلا يحرم من الرضاع.

لكن ذهب الشيخ في النهاية والخلاف وأتباعه إلى تحريم ذلك ، تمسكا بما رواه علي بن مهزيار ، قال : سأل عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني عليه السلام ، عن امرأة أرضعت لي صبيا ، فهل يحل لي أن أتزوج بنت (ابنة خ) زوجها؟ فقال : ما أجود ما سألت؟ من ههنا يؤتى أن يقول الناس حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل ، هذا هو لبن الفحل لا غيره ، فقلت له : إن الجارية ليست بنت (ابنة خ) المرأة التي أرضعت لي ، هي ابنة (بنت خ) غيرها ، فقال : لو كن عشرا متفرقات ما حل لك شئ منهن ، وكن في موضع بناتك (2).

وبما ذكره الشيخ في التهذيب ، عن أيوب بن نوح ، قال : كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السلام ، امرأة أرضعت بعض ولدي ، هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟ فكتب عليه السلام : لا يجوز ذلك لأن ولدها صاروا (صارت ئل) بمنزلة ولدك (3).

وما أعرف في هذه المسألة مخالفا ، فهي مشهورة بين الأصحاب ، وعليها العمل.

فأما أولاد أب المرتضع الذين هم إخوة المرتضع ، فلا أرى وجها في منع نكاحهم في أولاد صاحب اللبن ، لأنه لا يحرم من النسب.

ص: 127


1- لاحظ الوسائل باب 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
2- الوسائل باب 6 حديث 10 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
3- الوسائل باب 16 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(الثالثة) لو تزوج رضيعة فأرضعتها امرأته حرمتا إن كان دخل بالمرضعة وإلا حرمت المرضعة حسب.

ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة حرمتا عليه مع الدخول ، ولو أرضعتها لأخرى فقولان ، أشبههما : أنها تحرم أيضا.

______________________________________________________

ومثاله في النسب ، زيد له ابن ، وزينب لها بنت (ابنة خ) ، فتزوج زيد بزينب ، وأولد منها (أولدها خ) ولد ، ثم مات زيد أو طلقها ، وتزوجت زينب برجل آخر ، وأتى لها منه ولد ، فهذا الولد يجوز أن ينكح في ابن زيد الذي ولد (ولده خ) من غير زينب.

وإذا لم يحرم من النسب ، فلا يحرم من الرضاع ضرورة.

وصرح الشيخ في النهاية بالتحريم ، وكذلك يظهر التحريم من فحوى كلامه في الخلاف ، لا من ظاهره ، وحكايته إذا حصل الرضاع المحرم لم يحل للفحل نكاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه ، ولا لأحد من أولاده من غير المرضعة ومنها لأن إخوته وأخواته صاروا بمنزلة أولاده.

ونحن نطالب الشيخ بوجه التحريم ، والأصل يقتضي الحل ، وعليه فتوى شيخنا والمتأخر.

« قال دام ظله » : ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة ، حرمتا عليه مع الدخول ، ولو أرضعتها الأخرى ، فقولان ، أشبههما أنها تحرم أيضا.

أقول : الضمير في قوله : (فأرضعتها) راجع إلى الرضيعة ، لأن تقدير الكلام ، له زوجتان إحداهما رضيعة ، وحذف لأن ما قبل الكلام يدل عليه.

وفي قوله : (حرمتا) الضمير فيه راجع إليهما ، وقوله : (ولو أرضعتها الأخرى) تقديره ، زوجة أخرى غير الزوجتين ، الرضيعة والمرضعة.

والقولان للشيخ في المبسوط : بتحريم المرضعة الثانية ، واختاره شيخنا والمتأخر.

ص: 128

ولو تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأته حرمن كلهن إن كان دخل بالمرضعة ، وإلا حرمت المرضعة.

(السبب الثالث) في المصاهرة :
اشارة

والنظر في الوطء والنظر ، واللمس.

أما الأول : فمن وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أم الموطوءة وإن علت وبناتها وإن سفلن ، سواء كن قبل الوطء أو بعده ، وحرمت الموطوءة على أب الواطئ وإن علا وأولاده وإن نزلوا.

ولو تجرد العقد عن الوطء حرمت أمها على الواطئ عينا على الأصح.

______________________________________________________

وهو أشبه ، لأنها إذا أرضعتها فقد صارت أم من كانت زوجته ، فتدخل تحت عموم قوله تعالى : ( وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) (1).

وقال في النهاية : لا تحرم المرضعة الثانية.

ووجهه أنها أرضعتها بعد انفساخ العقد ، بإرضاع الأولى.

وكذا الحكم ، لو أرضعت زوجة له زوجتين رضيعتين ، فتحرم الكبيرة والرضيعتان مع الدخول.

السبب الثالث : المصاهرة

« قال دام ظله » : ولو تجرد العقد عن الوطء ، حرمت أمها على الواطئ عينا ، على الأصح.

قوله : (على الأصح) احتراز عما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، وحماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الأم والبنت سواء ، إذا لم يدخل بها ، يعني إذا تزوج المرأة ثم طلقها ، قبل أن يدخل بها ، فإنه إن

ص: 129


1- النساء - 22.

وبنتها جمعا لا عينا ، فلو فارق الأم حلت البنت.

ولا تحرم مملوكة الابن على الأب بالملك ، وتحرم بالوطء.

وكذا مملوكة الأب.

ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخر ما لم يكن عقد أو تحليل ، نعم ويجوز أن يقوم الأب مملوكة ابنه الصغير على نفسه ثم يطأها.

ومن توابع هذا الفصل تحريم أخت الزوجة جمعا لا عينا.

وكذا بنت أخت الزوجة وبنت أخيها ، فإن أذنت إحداهما صح.

ولا كذا لو أدخل العمة أو الخالة على بنت الأخ أو الأخت.

______________________________________________________

شاء تزوج أمها ، وإن شاء بنتها (1).

ومما رواه محمد بن يعقوب ، في سند صحيح مرفوعا (2) إلى منصور بن حازم ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام ، فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة ، فماتت قبل أن يدخل بها ، أيتزوج بأمها؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام ، قد فعله رجل منا ، فلم يربه بأسا ، الحديث (3).

فقال الشيخ : هذان الخبران وردا شاذين ، مخالفين لكتاب اللّه ، وهو قوله : ( وأمهات نسائكم ) ، الآية (4) ، فلا يعمل بهما ، لأنه روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، وعن الأئمة عليهم السلام ، إذا جاءكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب اللّه فإن (فما خ) وافق (وافقه خ) فأخذوه (فخذوه خ) وما خالف (خالفه خ) فاطرحوه ، أو ردوه علينا (5).

ص: 130


1- الوسائل باب 20 حديث 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- يعني متصلا سنده إلى منصور ، لا الرفع المصطلح في الدراية.
3- الوسائل باب 20 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
4- النساء - 23.
5- راجع الوسائل كتاب القضاء باب 9 و 13 و 15 و 16 وغيرها من أبواب آداب القاضي ، مما ورد في هذا المعنى - ج 18 من الطبع الحديث).

ولو كان عنده العمة أو الخالة فبادر بالعقد على بنت الأخ أو الأخت كان العقد باطلا.

______________________________________________________

ثم في سند الحديث الأول اضطراب ، فإن جميلا وحمادا (تارة) يرويانه (يرويان خ ل) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، بلا واسطة (وتارة) بواسطة الحلبي (1).

وقيل (2) : إن الخبرين وردا للتقية فإنه عمل (به خ) بعض الجمهور.

والضابط أنهما متروكان ، والعمل على أن بمجرد العقد على البنت تحرم الأم لقوله تعالى : ( وأمهات نسائكم ) (3) والروايات الصحيحة الواردة (4) بالتحريم فمن شاء فليطلبها في التهذيب والاستبصار ، فإنا في هذا الموضع مستغنون عن ذكرها.

« قال دام ظله » : ولو كان عنده العمة أو الخالة ، فبادر بالعقد على بنت الأخ أو الأخت ، كان العقد باطلا ، وقيل : تتخير العمة أو الخالة بين الفسخ والامضاء ، أو فسخ عقدها.

ص: 131


1- من قول الشارح قده : هذان الخبران إلى هنا مضمون كلام الشيخ في التهذيب لا عين عباراته راجع التهذيب باب ما أحل اللّه النكاح.
2- هذا القول احتمله الشيخ أيضا في الاستبصار ، بقوله ره : ويمكن أن يكون الخبران وردا على ضرب من التقية (انتهى).
3- النساء 23.
4- لاحظ الوسائل باب 20 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

______________________________________________________

أقول : اختلفت عبارات الأصحاب في هذه المسألة ، فذهب الشيخان وسلار إلى أنه لا يجوز تزويج المرأة على عمتها وخالتها إلا بإذنهما ، فإن بادر بغير الإذن فلهما التخيير بين ثلاثة أشياء : إما فسخ عقد المرأة ، أو فسخ عقد نفسها والاعتزال بغير طلاق ، أو إمضاء عقد المرأة.

وقال علم الهدى في الانتصار : لا يجوز العقد على بنت الأخ أو الأخت إلا مع إذنهما (إذنها خ) واقتصر على هذا.

وقال أبو الصلاح : يتوقف العقد على إذنهما ، وهو قريب من مقالة المرتضى.

فأقول : المتفق عليه أن العقد بغير إذن (الإذن خ) منهي عنه.

ومستنده روايات (فمنها) ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لا تتزوج ابنة الأخت على خالتها إلا بإذنها ، وتزوج الخالة على ابنة (بنت خ) الأخت بغير إذنها. (1)

(ومنها) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ، ولا على أختها من الرضاعة (2).

(ومنها) ما رواه السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، إن عليا أتي برجل تزوج امرأة (بامرأة خ) على خالتها فجلده ، وفرق بينهما. (3)

فأما التخيير بين الفسخ والامضاء ، فما أعرف مستنده.

والأشبه القول ببطلان العقد ، عملا بالروايات ، والتوقف في تسلطهما على الفسخ والامضاء طلبا للدليل ، وهو اختيار شيخنا وصاحب البشرى (4) معترفين بعدم الاطلاع على ما يوجب التخيير المذكور.

ص: 132


1- الوسائل باب 30 حديث 6 و 8 و 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- الوسائل باب 30 حديث 6 و 8 و 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 30 حديث 6 و 8 و 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
4- هو أخو السيد ابن طاووس المعروف قدس سرهما.

وقيل : تتخير العمة أو الخالة بين الفسخ والامضاء أو فسخ عقدها.

وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد ، أشبهه أنه لا يحر م.

وأما الزنا فلا تحرم الزانية ولا الزوجة وإن أصرت على الأشهر.

______________________________________________________

وقال المتأخر : العمة أو الخالة مخيرة بين الفسخ والامضاء والاعتزال ، فإن أمضت كان ماضيا.

ومقتضى مذهبنا أنه يحتاج إلى استئناف عقد جديد ، لأن العقد الأول منهي عنه ، وشيخنا متردد في استئناف العقد ، والأحوط الاستئناف.

« قال دام ظله » : وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد ، أشبهه أنه لا يحرم.

أقول : منشأ التردد من النظر إلى أن الوطء الصحيح ينشر تحريم المصاهرة ، فكذا ما هو في حكمه ، وهو الذي اختاره الشيخ في المبسوط.

والأشبه إن حمله على النكاح الصحيح والزنا قياس ، والأصل عدم التحريم ، فلا يذهب إليه ، وهو الذي اختاره شيخنا والمتأخر (1).

« قال دام ظله » : وأما الزنا فلا تحرم الزانية ، ولا الزوجة ، وإن أصرت على الأشهر.

أقول : لا خلاف أن مع عدم الإصرار لا تحرم على الزوج ، وأما مع الإصرار ، اختلفت الأقوال ، قال سلار : متى أصرت تحرم.

ولعله استند إلى ما رواه عثمان بن عيسى ، عن أبي المعزا ، عن الحلبي ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ، ولا يتزوج الرجل المعلن بالزنا ، إلا بعد أن تعرف منهما التوبة (2).

وهي بعيدة عن محل النزاع.

ص: 133


1- (المتأخر وشيخنا رحمه اللّه خ).
2- الوسائل باب 13 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وفيه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي المعزا ... الخ.

وهل ينشر حرمة المصاهرة؟ قيل : نعم إن كان سابقا ، ولا ينشر إن كان لاحقا ، والوجه : أنه لا ينشر.

______________________________________________________

وقال المفيد : لا يجوز إمساكها مع الإصرار ، إلا أن تظهر التوبة.

والأشبه أنها لا تحرم ، لكن (إلا أنه خ) يستحب للرجل طلاقها.

ويدل على عدم التحريم الأصل ، وما رواه عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد صلوات اللّه عليهما ، قال : لا بأس أن يمسك الرجل امرأته ، إن رآها تزني ، إذا كانت تزني ، وإن لم يقم عليها الحد ، فليس عليه من إثمها شئ (1).

وهو اختيار الشيخ وأتباعه والمتأخر.

« قال دام ظله » : وهل ينشر حرمة المصاهرة؟ قيل : نعم ، إن كان سابقا ، ولا ينشر إن كان لاحقا ، والوجه أنه لا ينشر.

أقول : ذهب الشيخ رحمه اللّه إلى أنه متى فجر بامرأة حرمت (حرم خ) عليه أمها وبنتها.

ومستنده ما ذكره في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن رجل يفجر بالمرأة ، أيتزوج ابنتها؟ قال : لا ، ولكن إن كانت عنده امرأة ، ثم فجر بأمها أو أختها لم تحرم عليه التي عنده (2).

وما رواه الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باشر امرأة وقبل ، غير أنه لم يفض إليها ، ثم يتزوج ابنتها؟ قال : إذا (إن خ) لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس ، وإن كان أفضى إليها فلا يتزوج بابنتها. (3)

ص: 134


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- الوسائل باب 8 حديث 7 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 6 حديث 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

ولو زنى بالعمة أو الخالة حرمت عليه بناتهما.

______________________________________________________

وذهب المفيد وسلار إلى أنه لا يحرم ، واختاره الشيخ في التبيان ، والمتأخر ، وحكي ذلك عن المرتضى ، وهو مقتضى الأصل ، وبه عدة روايات ، ولنذكر بعضها (بعضا منها خ).

(فمنها) ما رواه ابن أبي عمير ، عن هشام بن المثنى ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام ، فقال له رجل : رجل فجر بامرأة أتحل له ابنتها؟ قال : نعم ، إن الحرام لا يفسد الحلال (1).

وما رواه صفوان ، عن حنان بن سدير ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام ، إذ سأله سعيد ، عن رجل تزوج امرأة سفاحا هل تحل له ابنتها؟ قال : نعم ، إن الحرام لا يحرم الحلال (2).

وحمل الشيخ هذه الروايات على كون عقد البنت سابقا على الزنا.

والذي أتحققه أن مع تعارض الروايات ، الرجوع إلى الأصل ، وعمومات القرآن أولى ، كقوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) (3) ، وغير ذلك من الآيات.

ويحرم بالمصاهرة أربعة ، الأم والبنت على الزوج ومنكوحة الأب على الابن ومنكوحة الابن على الأب فهذا معنى قولهم : تحرم المصاهرة.

« قال دام ظله » : ولو زنى بالعمة أو الخالة حرمت عليه بناتهما.

أقول : الاعتماد في ذلك على عمل الأصحاب من الثلاثة ، (4) وسلار وأتباعهم.

ويدل على ذلك ما رواه علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ومحمد

ص: 135


1- الوسائل باب 6 حديث 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- الوسائل باب 6 حديث 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- النساء - 3.
4- وهم المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى قدس اللّه أسرارهم ، كما صرح به في ديباجة الكتاب.

وأما اللمس والنظر بما لا يجوز لغير المالك (فمنهم) من نشر به الحرمة على أب اللامس والناظر وولده.

(ومنهم) من خص التحريم بمنظورة الأب ، والوجه الكراهية في ذلك كله.

______________________________________________________

بن زياد ، عن أبي أيوب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سأله محمد بن مسلم ، وأنا جالس ، عن رجل نال من خالته وهو شاب ، ثم ارتدع ، أيتزوج بنتها؟ قال : لا ، قال : إنه لم يكن أفضى إليها ، إنما كان شئ دون ذلك ، قال : كذب (1).

وقال المتأخر : إن حصل في ذلك إجماع ، فهو مسلم ، وإلا فعمل المذكورين ليس حجة.

قلت : هذا مما اشتهر بين الأصحاب ، ولا مخالف له فيجب العمل به.

« قال دام ظله » : ومنهم من خص التحريم بمنظورة الأب ، والوجه الكراهية في ذلك كله.

هذا المشار إليه هو المفيد في المقنعة ، وأبو الصلاح ، وهو في رواية الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي بن عبد اللّه ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا جرد الرجل الجارية ، ووضع يده عليها ، فلا تحل لابنه (2).

وفي رواية جميل بن دراج ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل ينظر إلى الجارية ، يريد شراءها ، أتحل لابنه؟ فقال : نعم ، إلا أن يكون نظر إلى عورتها (3).

ص: 136


1- الوسائل باب 10 حديث 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- الوسائل باب 3 حديث 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 3 حديث 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

______________________________________________________

وقال الشيخ في النهاية : إذا وطأ الابن أو الأب (والأب خ) جارية كل واحد منهما ، أو نظر إلى ما يحرم على غير مالكها ، أو قبلا بشهوة حرم (يحرم خ) عقد الآخر عليها.

وقال في المبسوط : النظر إلى الفرج ينشر تحريم المصاهرة.

وقال المتأخر : يحرم بالجماع ، لا بالنظر واللمس في الأب والابن ، وحكي ذلك عن المفيد وسلار.

وأما المفيد فقد ذكرنا كلامه ، وأما سلار ، فإنه قال : وروي تحريم منظورة الأب على الابن ، إذا كان النظر يحرم على غير المالك وبما قاله الشيخ ، يشهد ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن الرجل تكون له الجارية ، فيقبلها ، هل تحل لولده؟ فقال : بشهوة؟ قلت : نعم ، قال : ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة ، ثم قال : ابتداء منه إن جردها فنظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه (1).

وروى ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه في هذه المعنى ، في سند صحيح ، يرفعه إلى عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية يجردها ، وينظر إلى جسدها (جسمها خ) نظر شهوة ، هل تحل لأبيه؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه؟ قال : إذا نظر إليها نظر شهوة ، ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه ، فإن فعل ذلك ، الابن ، لم تحل لأبيه (للأب خ). (2)

وأما استناد المتأخر إلى قوله : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ (3) وقوله : أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ (4) فالجواب أن تخصيص العموم جائز ، بالأحاديث الصحيحة

ص: 137


1- الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وتمامه : قلت : إذا نظر إلى جسدها؟ فقال : إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه.
2- الوسائل باب 3 حديث 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- النساء - 3.
4- النساء - 3.

ولا يتعدى التحريم إلى أم الملموسة والمنظورة ولابنتهما.

ويلحق بهذا الباب مسائل

(الأولى) لو ملك أختين فوطأ واحدة حرمت الأخرى.

______________________________________________________

المشهورة بين الأصحاب.

« قال دام ظله » : لو ملك أختين ، فوطأ واحدة ، حرمت الأخرى.

هذا لا خلاف فيه ، لقوله تعالى : ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ) (1) فأما لو وطأ الثانية هل تحرم الأولى؟ فيه روايات وأقوال.

قال الشيخ : متى وطأ الثانية عالما بالتحريم ، حرمت الأولى إلى (إلا خ) إن تموت الثانية أو يخرجها (أخرجها خ) عن ملكه لا بنية الرجوع إلى الأولى ، ولو كان جاهلا بالتحريم ، تحل الأولى بإخراج الثانية وهو مجموع روايتين ، إحداهما عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : الرجل يشتري الأختين ، فيطأ إحداهما ، ثم يطأ الأخرى بجهالة ، قال : إذا وطأ الأخيرة بجهالة لم تحرم عليه الأولى ، وإن وطأ الأخيرة ، وهو يعلم أنها عليه حرام حرمتا (2).

قال الشيخ : معناه حرمتا ما دامتا في ملكه ، فإذا زال الملك حلت الأخرى.

والثانية من الرواية ما رواه أبو الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل عنده أختان مملوكتان ، فوطأ إحداهما ، ثم ، وطأ الأخرى؟ فقال : حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى ، قلت : أرأيت إن باعها؟ فقال : إنما باعها لحاجته ولا يخطر على باله من الأخرى شئ ، فلا أرى بذلك بأسا ، وإن كان إنما يبيع (باع خ) ليرجع إلى الأولى فلا (3).

ص: 138


1- النساء - 3.
2- الوسائل باب 29 حديث 5 و 9 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 29 حديث 5 و 9 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

ولو وطأ الثانية أثم ولم تحرم عليه الأولى ، واضطربت الروايات ، ففي بعضها : تحرم الأولى حتى تخرج الثانية عن ملكه لا للعود.

وفي الأخرى : إن كان جاهلا لم تحرم ، وإن كان عالما حرمتا عليه.

(الثانية) يكره أن يعقد الحر على الأمة ، وقيل : يحرم إلا أن يعدم الطول ويخشى العنت.

______________________________________________________

وفي معناها رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

ولست أرى بين الروايتين تنافيا ، فإنه تصدق (إحداهما) مع صدق (الأخرى) (2).

وفي هذا الباب روايات مضطربة ذكرها الشيخ في الاستبصار ، فمن أرادها ، فليطلبها ثمة (3).

وقال المتأخر : ومتى أخرج (خرج خ) إحداهما عن ملكه على أي حال كان ، فقد حلت له الأخرى.

وقال شيخنا في الشرائع : تحرم الثانية لا الأولى ، على التقديرين ، يعني العلم والجهل.

وهو قريب ، وما ذكره المتأخر أشبه بمقتضى النظر ، لكن تعارضه الروايات ، فالأحوط مراعاتها.

« قال دام ظله » : يكره أن يعقد الحر على الأمة ، وقيل : يحرم ، إلا أن يعدم الطول ، ويخشى العنت.

ص: 139


1- الوسائل باب 29 نحو حديث 9 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- حاصله إن لفظة (إحداهما) ولفظة (الأخرى) الواردتين في رواية أبي الصباح والحلبي تصدقان مع كل واحدة من الأولى والأخيرة فلا تنافي بينهما.
3- راجع الوسائل باب 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(الثالثة) لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين ، أو حرة وأمتين ، أو أربع إماء.

(الرابعة) لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها ، ولو بادر كان العقد باطلا.

______________________________________________________

القول بالكراهية للشيخ في النهاية والتهذيب والتبيان ، وبالتحريم للشيخ في المبسوط والخلاف ، والمفيد في المقنعة ، وصاحب الرائع ، وصاحب الواسطة ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، وهو أشبه (الأشبه خ).

يدل على ذلك قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) ، الآية (1) جعل عدم الاستطاعة - وهو المهر والنفقة وخوف العنت ، وهو المشقة من الترك (مشقة الترك خ) - شرطا في جواز نكاحهن.

ويؤيد ذلك ما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الحر يتزوج الأمة؟ قال : لا بأس إذا اضطر إليها (2).

وما رواه محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن الرجل يتزوج

المملوكة؟ قال : إذا اضطر إليها فلا بأس (3).

واختار المتأخر الجواز على كراهية وحكى ذلك عن المفيد ، في مقنعه ، ولعله سهو

للقلم ، أو للحاسة فإنها قد تغلط.

« قال دام ظله » : لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها ، ولو بادر كان العقد باطلا ، إلى آخره.

أقول : الصحيح إن عقد الأمة على الحرة لا يجوز ، إلا بالشرطين المذكورين في نكاح الأمة ، وهنا ثالث بغير خلاف ، وهو إذن الحرة.

ص: 140


1- النساء - 29.
2- الوسائل باب 45 حديث 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 45 حديث 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

______________________________________________________

فلوبادرالزوج ولم يستأذنها ، قال في التبيان والمبسوط : كان العقد باطلا ، وادعى في المبسوط ، الإجماع وقال في النهاية ، والمفيد وسلار : تكون الحرة مخيرة بين فسخ عقد الأمة وإمضائه وبين فسخ عقد نفسها ، وبه رواية ضعيفة ، رواها الحسن بن محبوب ، عن يحيى بن اللحام ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل تزوج أمة على حرة ، فقال : إن شاءت الحرة أن تقيم مع الأمة أقامت ، وإن شاءت ذهبت إلى أهلها ، قال : قلت له : وإن لم ترض بذلك وذهبت إلى أهلها أله عليها سبيل إذا لم ترض بالمقام؟ قال : لا سبيل (له خ) عليها ، إذا لم ترض حين تعلم ، قلت : فذهابها إلى أهلها طلاقها؟ قال : نعم ، إذا خرجت من منزله ، اعتدت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء ثم تتزوج إن شاءت (1).

ووجه ضعفها من سماعة ، فإنه واقفي.

والأول أظهر ، اختاره ابن بابويه أيضا في المقنع ، وابن أبي عقيل ، والمتأخر ، وبه تشهد روايات.

(منها) ما رواه ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة ، ومن تزوج أمة على حرة فنكاحها باطل. (2)

ومثله رواه عبد اللّه بن مسكان ، عن الحسن بن زياد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام. (3)

وفي رواية حذيفة بن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل تزوج أمة على

ص: 141


1- الوسائل باب 47 حديث 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
2- الوسائل باب 46 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 46 حديث 5 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وفيه بعد قوله عليه السلام : على الحرة ، زاد : ولا النصرانية ، ولا اليهودية على المسلمة ... الخ.

وقيل : كان للحرة الخيرة بين إجازته وفسخه.

وفي رواية : لها أن تفسخ عقد نفسها ، وفي الرواية ضعف. ولو أدخل الحرة على الأمة جاز ، وللحرة الخيار إن لم تعلم ،. ولو جمع بينهما في عقد واحد صح عقد الحرة دون الأمة.

(الخامسة) لا يحل العقد على ذات البعل ولا تحرم به ، نعم لو زنى بها حرمت.

وكذا في عدة الرجعية.

(السادسة) من تزوج امرأة في عدتها جاهلا فالعقد فاسد ، ولم تحرم ، ولو دخل حرمت عليه ولحق به الولد ، ولها المهر بوطء الشبهة ، وتتم العدة للأول وتستأنف أخرى للثاني.

______________________________________________________

حرة لم يستأذنها؟ قال : يفرق بينهما ، قلت : عليه أدب؟ قال : نعم اثنا عشر سوطا ونصف ثمن حد الزاني وهو صاغر (1).

« قال دام ظله » : من تزوج امرأة في عدتها جاهلا ، فالعقد فاسد ، إلى آخره.

أقول : العاقد في العدة إن كان عالما لا تحل له أبدا ، وكذا إن كان جاهلا ودخل ، وإن لم يدخل فسد العقد ولم تحرم ، بل له أن يستأنف العقد بعد خروجها من العدة (بل تحل له إن استأنف العقد ... الخ خ).

ولو دخل وهو جاهل ، يفرق بينهما ، وفي عدتها خلاف.

قال في النهاية : تتم العدة الأولى ، وتستأنف عدة أخرى ، لهذا العاقد في العدة مع دخوله.

ويدل عليه ما رواه ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه

ص: 142


1- الوسائل باب 47 حديث 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

وقيل : تجزى عدة واحدة ، ولو كان عالما حرمت بالعقد.

ولو تزوج محرما عالما حرمت وإن لم يدخل ، ولو كان جاهلا فسد ولم تحرم ولو دخل.

(السابعة) من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أم الغلام وبنته وأخته.

(السبب الرابع) في استيفاء العدد :

إذا استكمل الحر أربعا بالغبطة (1) حرم عليه ما زاد ، ويحرم عليه من

______________________________________________________

السلام ، قال : سألته عن المرأة الحبلى يموت (منها خ) زوجها ، فتضع ، وتتزوج قبل أن يمضي لها أربعة عشر أشهر وشهرا؟ فقال : إن كان دخل بها ، فرق بينهما ، ولا تحل (لم خ) له أبدا ، واعتدت مابقي عليها من الأول ، واستقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء ، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما ، واعتدت بمابقي عليها من الأول ، وهو خاطب من الخطاب (2).

فأما الفرق بأن عدة واحدة ، تجزى ، فهو في رواية صفوان ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها؟ فقال : يفرق بينهما ، وتعتد عدة واحدة منهما جميعا (3).

وحملها الشيخ على أنه لم يدخل الثاني ، توفيقا بين الروايتين ، وهو حسن.

وخرج شيخنا وجها ثالثا ، وهو أنه لو بقي عليها من العدة الأولى شئ ، ولو يوما فرق بينها وبين الثاني ، وتتمها (وتعتد خ) للثاني ، وإلا (4) تقتصر على عدة الثاني.

ص: 143


1- أي الدوام من قولهم : أغبطت عليه الحي إذا دامت ، وأغبطت السماء إذا دام مطرها (الرياض).
2- الوسائل باب 17 حديث 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 17 حديث 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
4- يعني لو لم يبق من الأول شئ ... الخ.

الإماء ما زاد على اثنتين.

وإذا ، استكمل العبد حرتين أو أربعا من الإماء غبطة حرم عليه ما زاد ، ولكل منهما أن يضيف إلى ذلك بالعقد المنقطع وملك اليمين ما شاء.

وإذا طلق واحدة من الأربع حرم عليه ما زاد غبطة حتى تخرج من العدة أو تكون المطلقة بائنة.

وكذا لو طلق امرأة وأراد نكاح أختها.

ولو تزوجهما في عقد واحد بطل.

______________________________________________________

والأنسب عندي العمل بفتوى النهاية ، إذا التسلط على استباحة الفروج ، لا يجوز إلا مع اليقين ، ولا يقين إلا بانقضاء العدتين.

السبب الرابع : في استيفاء العدد

« قال دام ظله » : ولو تزوجهما (1) في عقد واحد بطل ، وقيل : يتخير ، والرواية مقطوعة.

أقول : وجه البطلان أنة غير جائز في نظر الشارع ، وكل ما كان كذلك فهو الفاسد هو الباطل.

وأيضا هو عقد منهي عنه ، والنهي يقتضي الفساد ، عند من يقول به في المعاملات ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط ، والمتأخر.

وذهب الشيخ في النهاية إلى التخيير ، ومستنده الرواية المشار إليها ، فإنها مقطوعة

وهي ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن علي بن السندي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما عليهما السلام ، في رجل تزوج أختين في عقد واحد (عقد واحدة ئل) قال : هو بالخيار أن يمسك أيتهما شاء ، ويخلي سبيل

ص: 144


1- يعني الأختين.

وقيل : يتخير ، والرواية مقطوعة.

ولو كان معه ثلاث فتزوج اثنتين في عقد واحد ، فإن سبق بإحداهما صح دون اللاحقة.

وإن (لوخ) قرن بينهما بطل فيهما.

وقيل : يتخير أيتهما شاء.

وفي رواية جميل (1) لو تزوج خمسا في عقد (واحد خ) يتخير أربعا ويخلي باقيهن ، وإذا استكملت الحرة طلقات ثلاثا حرمت حتى تنكح

______________________________________________________

الأخرى (2).

وهي مقطوعة ، كما ذكره ، لكن هي مؤيدة بمارواه ابن بابويه - في من لا يحضره الفقيه - في سند صحيح ، عن محمد بن الحسن ، عن الحميري ، عن أيوب بن نوح ، وإبراهيم بن هاشم ، ومحمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل تزوج أختين في عقد واحد (عقدة واحدة ئل) قال : يمسك أيتهما شاء ، ويخلي سبيل الأخرى ، وقال في رجل تزوج خمسا في عقد واحد (عقدة واحدة ئل) : يخلي سبيل أيتهن شاء (3).

فالأظهر العمل بها (والجواب) عن حجتهم ، أن حاصل أدلتهم أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه في المعاملات وهو غير مسلم ، وبيانه في علم الأصول ، وبتقدير التسليم لا نسلم أن العقد على الأختين منهي ، بل إمساكهما زوجتين أو الدخول بهما منهي.

« قال دام ظله » : ولو قرن بينهما بطل فيهما ، وقيل : يتخير أيتهما شاء ، وفي رواية جميل : لو تزوج خمسا في عقد واحد أمسك أربعا ويخلي باقيهن.

ص: 145


1- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد.
2- الوسائل باب 25 حديث 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب 25 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

زوجا غيره ولو كانت تحت عبد.

وإذا استكملت الأمة طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا غيره ، ولو كانت تحت حر.

والمطلقة تسعا للعدة تحرم على المطلق أبدا

(السبب الخامس) اللعان :

ويثبت به التحريم المؤبد.

وكذا قذف الزوج امرأته الصماء أو الخرساء بما يوجب اللعان

(السبب السادس) الكفر.
اشارة

ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعا.

وفي الكتابية قولان أظهرهما : أنه لا يجوز غبطة ، ويجوز متعة ، وبالملك في اليهودية والنصرانية.

______________________________________________________

القائل بالتخيير هو الشيخ في النهاية ، وبالبطلان ، المتأخر ، وأدلتهما كما مرت في مسألة الأختين.

وقوله : في رواية جميل ، إشارة إلى ما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة ، قال : يخلي سبيل أيتهن شاء ، ويمسك الأربع.

(1)

السبب السادس : الكفر

« قال دام ظله » : وفي الكتابية قولان ، أظهرهما أنه لا يجوز غبطة ويجوز متعة.

هذا اختيار الشيخ في النهاية وأبي الصلاح وسلار ، وقال المفيد في المقنعة ، وابن

ص: 146


1- الوسائل باب 25 ذيل حديث 1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

______________________________________________________

بابويه في المقنع والمرتضى في الانتصار : لا يجوز مطلقا ، وللمفيد قول في المسائل الغرية بالجواز متعة ودواما وهو اختيار ابن أبي عقيل.

ومستندهما قوله تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) (1).

والمختار الأول (لنا) في المنع عن الدوام قوله تعالى : ( وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) (2) ، وقوله تعالى : ( وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ) (3) وقوله تعالى : ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (4).

وما رواه علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لا ينبغي نكاح أهل الكتاب ، فقلت : جعلت فداك وأين تحريمه؟ قال : قوله : وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (5).

وفي أخرى عن زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن قول اللّه عزوجل : وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ؟ قال : هي منسوخة بقوله تعالى : وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (6).

ولو استدللنا على جواز المتعة ، لاستدللنا بما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية ، فقال : لا بأس ، فقلت : المجوسية؟ فقال : لا بأس به ، يعني متعة (7).

وبأنه جمع بين الروايات المانعة والمجوزة.

أما المانعة فقد ذكرنا بعضها ، وسنذكر المجوزة في استدلال الشيخ.

وأما المفيد في المقنعة وموافقوه تمسكوا بعموم الآيات والروايات الواردة بالمنع مطلقا

ص: 147


1- المائدة - 25.
2- الممتحنة - 10.
3- البقرة - 221.
4- هود - 113.
5- الوسائل باب 1 حديث 4 من أبواب ما يحرم بالكفر.
6- الوسائل باب 1 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالكفر.
7- الوسائل باب 13 حديث 4 من أبواب المتعة.

وفي المجوسية قولان ، أشبههما : الجواز

ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال ، ولو كان بعد الدخول وقف على انقضاء العدة إلا أن يكون الزوج مولودا على الفطرة فإنه لا يقبل عوده ، وتعتد زوجته عدة الوفاة.

وإذا أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه ، سواء كان قبل الدخول أو بعده.

______________________________________________________

قلت : هنا تخصيصها بالدوام أليق حذرا من اطراح الدليل ، وتوفيقا بين الروايات والآيات.

وأما المبيح فقد استند إلى ما رواه أبو مريم الأنصاري ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن طعام أهل الكتاب ونكاحهم حلال هو؟ فقال : نعم قد كانت تحت طلحة يهودية (1).

ومثله أخرى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ قال : لا بأس به ، أما علمت أنه كانت تحت طلحة بن عبيد اللّه يهودية ، على عهد النبي (رسول اللّه خ) صلى اللّه عليه وآله (2).

وأما المجوسية فمن يلحقها بأهل الكتاب ، فالحكم واحد ، ومن لم يلحقها ، فيمنع في (من خ) النكاح مطلقا.

وهل يجوز وطؤها بملك اليمين؟ قال في النهاية : نعم ، على كراهية ، عملا بما رواه العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ فقال : لا ، ولكن إذا كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ، ويعزل عنها ، ولا يطلب ولدها (3).

ص: 148


1- الوسائل باب 5 حديث 3 و 4 من أبواب ما يحرم بالكفر.
2- الوسائل باب 5 حديث 3 و 4 من أبواب ما يحرم بالكفر.
3- الوسائل باب 6 حديث 1 من أبواب ما يحرم بالكفر.

ولو أسلمت زوجته دونه انفسخ النكاح في الحال إن كان قبل الدخول ، ووقف على العدة إن كان بعده.

وقيل : إن كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا ، ولا يمكن من

______________________________________________________

وهو اختيار ابن بابويه في المقنع ، وقال المفيد في المقنعة : لا يجوز على حال ، وعليه المتأخر ، مستدلا بعموم الآيات ، وهو أشبه.

« قال دام ظله » : ولو أسلمت زوجته دونه ، انفسخ النكاح في الحال ، إن كان قبل الدخول ، ووقف على (انقضاءخ) العدة إن كان بعده ، وقيل : إن كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا ، ولا يمكن من الدخول عليها ليلا ولا من الخلوة بها نهارا.

أقول : ذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط ، إلى الانفساخ ، واختاره المتأخر وصاحب الواسطة ، ويدل عليه قوله تعالى : ( ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا ) (1).

وما رواه - في التهذيب في سند صحيح - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية ، فتسلم هل يحل له أن تقيم معه؟ قال : إذا أسلمت لم تحل له ، قلت : جعلت فداك ، فإن الزوج أسلم بعد ذلك ، أيكونان على النكاح؟ قال : لا ، يتزوج بتزويج (بتزويج خ يب) جديد (2).

والقول باعتبار شرائط الذمة للشيخ في النهاية والاستبصار.

والمستند رواية عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إن أهل الكتاب وجميع من له ذمة ، إذا أسلم أحد الزوجين ، فهما على نكاحهما ، وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها ، ولا يبيت معها ، ولكنه يأتيها بالنهار ، الحديث (3) والأول أثبت.

ص: 149


1- النساء - 141.
2- الوسائل باب 5 حديث 5 من أبواب ما يحرم بالكفر.
3- الوسائل باب 9 حديث 5 من أبواب ما يحرم بالكفر.

الدخول عليها ليلا ، ولا من الخلوة بها نهارا.

وغير الكتابيين يقف على انقضاء العدة بإسلام أيهما اتفق.

ولو أسلم الذمي وعنده أربع فما دون لم يتخير ، ولو كان عنده أكثر من أربع تخير أربعا.

وروى عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن إباق العبد بمنزلة الارتداد ، فإن رجع والزوجة في العدة فهو أحق بها ، وإن خرجت من العدة فلا سبيل له عليها » (1) وفي الرواية ضعف.

مسائل سبع

(الأولى) التساوي في الإسلام شرط في صحة العقد.

وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ الأظهر : لا ، لكنه يستحب ويتأكد في المؤمنة. نعم لا يصح نكاح الناصب ولا الناصبية (الناصبية خ) بالعداوة لأهل البيت عليهم السلام ، ولا يشترط تمكن الزوج من النفقة ، ولا يتخير الزوجة لو تجدد العجز عن الانفاق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يشترط في الإيمان؟ الأظهر لا.

أقول : للأصحاب في المسألة قولان ، ذهب المفيد إلى أن أهل الإسلام أكفاء ، وقال الشيخ : يشترط الإيمان.

ولم يصرح سلار بذلك ، قال : يعتبر الكفأة في الدين في عقد الدوام.

والأول أشبه لقوله تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) (2) والثاني أحوط ، تفصيا من الخلاف ، وحذرا من التهجم على استباحة الفروج وتطهيرا للتناسل.

ويدل على ذلك (أيضا خ) ما رواه الكليني ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه

ص: 150


1- لاحظ الوسائل باب 72 حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
2- النساء - 3.

ويجوز نكاح الحرة بالعبد ، والهاشمية بغير الهاشمي ، والعربية بالعجمي ، وبالعكس.

وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجبت إجابته وإن كان أخفض نسبا ، وإن منعه الولي كان عاصيا.

ويكره أن يزوج الفاسق ويتأكد في شارب الخمر ، وإن تزوج المؤمنة بالمخالف.

ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة ، وهو من لا يعرف بعداوة (بعناد خ).

______________________________________________________

عليه السلام ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (في حديث طويل) أنه قام إليه رجل  - وهو على المنبر - فقال : يا رسول اللّه فمن نزوج؟ قال : الأكفاء ، فقال : يا رسول اللّه ومن الأكفاء؟ فقال : المؤمنون بعضهم أكفاء بعض ، المؤمنون بعضهم أكفاء بعض (1)

ويؤيده ما رواه زرارة ، عن عيسى بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه السلام ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يوما ونحن عنده : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه ، فزوجوه (الحديث) (2).

ومثله عن علي بن مهزيار ، قال : قرأت كتاب أبي جعفر عليه السلام إلى ابن شيبة الإصبهاني ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، إنكم ألا تفعلوا ذلك ، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (3).

ص: 151


1- الوسائل باب 23 قطعة من حديث 2 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب 28 حديث 6 من أبواب مقدمات النكاح.
3- ما نقله في الوسائل نقلا من الكافي ، هكذا : عن علي بن مهزيار ، قال : كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر عليه السلام في أمر بناته ، وأنه لا يجد أحدا مثله ، فكتب إليه أبو جعفر عليه السلام : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك ، وأنك لا تجد أحدا مثلك فلا تنظر في ذلك رحمك اللّه فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال ... الخ ما في المتن. ثم قال : ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال ، عن علي بن مهزيار ، قال : قرأت كتاب أبي جعفر عليه السلام إلى ابن (أبي خ) شيبة وذكر مثله ، باب 28 حديث 1 من أبواب مقدمات النكاح.

(الثانية) إذا انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها ، ففي رواية الحلبي : يفسخ النكاح.

(الثالثة) إذا تزوج امرأة ثم علم أنها كانت زنت فليس له الفسخ ولا الرجوع علي الولي بالمهر.

______________________________________________________

وفي هذا المعنى روايات كثيرة ، فمن طلبها وجدها في التهذيب (1) وغيره من كتب الأحاديث.

« قال دام ظله » : إذا انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها ، ففي رواية الحلبي ، يفسخ النكاح.

هذه رواها ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي (في حديث) قال : قال في رجل يتزوج المرأة فيقول لها : أنا من بني فلان ، فلا يكون كذلك ، فقال : تفسخ النكاح أو ترد. (2)

والرواية صحيحة السند ، وأفتى عليها في النهاية.

وقال في المبسوط : ويقوى أن الغروربالنسب لايوجب الخيار ، واختاره المتأخر وشيخنا في الشرائع ، ولنا فيه نظر.

« قال دام ظله » : إذا تزوج امرأةثم علم ، أنها كانت زنت ، فليس له الفسخ ، ولا الرجوع على الولي بالمهر ، وفي رواية لها الصداق بما استحل من فرجها ، إلى آخره.

أقول : الذي ذكره أولا ، هو مقتضى الأصل ، لقوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (3) ولأن العقد لا ينفسخ إلا بدليل ولا دليل.

وأما الرواية ، فهي عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المرأة ، تزني ، ولا يعلم بذلك غير وليها ، وقد عرف منها توبة ، أو

ص: 152


1- راجع الوسائل باب 28 من أبواب مقدمات النكاح وغيره.
2- الوسائل باب 16 حديث 1 من أبواب العيوب والتدليس من كتاب النكاح.
3- المائدة - 1.

وفي رواية : لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويرجع به على الولي ، وإن شاء تركها.

(الرابعة) لا يجوز التعريض بالخطبة لذات العدة الرجعية ، ويجوز في غيرها ، ويحرم التصريح في الحالين.

(الخامسة) إذا خطب فأجابت كره لغيره خطبتها ولا تحرم.

(السادسة) نكاح الشغار باطل ، وهو أن تزوج امرأتان برجلين ، على أن مهر كل واحدة نكاح الأخرى.

(السابعة) يكره العقد على القابلة المربية وبنتها ، وأن يزوج ابنه

______________________________________________________

معروفا؟ قال : إن للمرأة الصداق بما استحل من فرجها ، وله أن يرجع به على وليها ، وإن شاء زوجها أمسكها (1).

وأفتى عليها الشيخ في باب الكفاءة في النكاح من النهاية ، قال : متى علم أنها زنت ، فله أن يرجع على وليها بالمهر ، ما لم يدخل ، فإن دخل كان لها المهر ، بما استحل من فرجها ، وهو مخير بين الإمساك والطلاق.

وفي باب التدليس ، قال : متى زنت قبل العقد فليس للرجل ردها ، وله أن يرجع على وليها بالمهر ، وليس له فراقها إلا بالطلاق ، وما اختاره شيخنا حسن فإن في كلام الشيخ اضطرابا.

ص: 153


1- الذي وجدناه في هذا المعنى في الوسائل هكذا : عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المرأة تلد من الزنا ، ولا يعلم بذلك أحد إلا وليها ، أيصلح له أن يزوجها ، ويسكت علي ذلك إذا كان قد رأى منها توبة أو معروفا؟ فقال : إن لم يذكر ذلك لزوجها ثم علم بعد ذلك ، فشاء أن يأخذ صداقها من وليها بما دلس عليه ، كان ذلك على وليها ، وكان الصداق الذي أخذت لها ، لا سبيل عليها فيه بما استحل من فرجها ، وإن شاء زوجها أن يمسكها فلا بأس (باب 6 حديث 1 من أبواب العيوب والتدليس من كتاب النكاح) وليس فيها أنها تزني بل مفروض السؤال ، أنها تلد من الزنا ، اللّهم إلا أن يكون المراد ، كونها تزني ثم تحبل ، ثم تلد ، لا أنها مولودة من الزنا ، واللّه العالم.

بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها ، ولا بأس بمن ولدتها قبل ذلك ، وأن يزوج بمن كانت ضرة لأمه مع غير أبيه وتكره الزانية قبل أن تتوب.

القسم الثاني : في النكاح المنقطع

اشارة

والنظر في : أركانه وأحكامه.

وأركانه أربعة :

(الأول) الصيغة : وهي تنعقد بأحد الألفاظ الثلاثة خاصة.

وقال علم الهدى : ينعقد في الإماء بلفظ الإباحة والتحليل.

(الثاني) الزوجة : ويشترط كونها مسلمة أو كتابية ، ولا يصح بالمشركة والناصبية.

ويستحب اختيار المؤمنة العفيفة ، وأن يسألها عن حالها مع التهمة ، وليس شرطا.

ويكره بالزانية وليس شرطا.

وأن يستمتع ببكر ليس لها أب ، فإن فعل فلا يفتضها ، وليس محرما ، ولا حصر في عددهن.

ويحرم أن يستمتع أمة على حرة إلا بإذنها ، وأن يدخل على المرأة بنت أخيها وأختها ما لم تأذن.

(الثالث) المهر ، وذكره شرط ويكفي فيه المشاهدة ، ويتقدر بالتراضي ولو بكف من بر ، ولو لم يدخل ووهبها المدة فلها النصف ويرجع بالنصف لو كان دفع المهر ، وإذا دخل استقر المهر ، ولو أخلت بشئ من المدة قاصها ، ولو بان فساد العقد فلا مهر إن لم يدخل.

ص: 154

ولو دخل فلها ما أخذت ، وتمنع ما بقي ، والوجه أنها تستوفيه مع جهالتها ويستعاد منها مع علمها.

ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهالتها (وجهلها خ) كان حسنا.

(الرابع) الأجل ، وهو شرط في العقد ، ويتقدر بتراضيهما كاليوم والسنة والشهر ، ولا بد من تعيينه.

ولا يصح بذكر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر.

______________________________________________________

في النكاح المنقطع

« قال دام ظله » : ولو دخل فلها ما أخذت ، وتمنع ما بقي ، إلى آخره

هذا القول للشيخ ، ومستنده ما رواه ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا بقي عليه شئ من المهر ، وعلم أن لها زوجا ، فما أخذته فلها بما استحل من فرجها ، ويحبس عليها ما بقي عنده (1).

وفي الرواية إشكال ظاهر.

قوله : (والوجه أنها تستوفيه مع جهالتها ، ويستعاد منها مع علمها) فيه نظر ، لأنه لقائل أن يقول : أن العقد وقع فاسدا فلا يؤثر فيه الجهالة.

وأما إيجاب مهر المثل مع الدخول والجهل أحسن الوجوه حملا على الدوام.

وقال المتأخر : ليس له أن يعطيها شيئا ، وما أخذت يكون حراما عليها.

وهو ضعيف ، منشأه أن للفرج عوضا.

« قال دام ظله » : ولا يصح بذكر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر ، وفيه رواية بالجواز ، فيها ضعف.

هذه رواها ابن فضال ، عن القاسم بن محمد ، عن رجل سماه ، قال : سألت أبا عبد اللّه

ص: 155


1- الوسائل باب 28 حديث 1 من أبواب المتعة.

وفيه رواية (1) بالجواز ، فيها ضعف.

وأما الأحكام فمسائل :

(الأولى) الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد ، وذكر المهر من دون الأجل يقلبه دائما.

(الثانية) لا حكم للشروط قبل العقد ، وتلزم لو ذكرت فيه.

(الثالثة) يجوز اشتراط إتيانها ليلا أو نهارا ، وأن لا يطأها في الفرج ، ولو رضيت به بعد العقد جاز ، والعزل من دون إذنها ، ويلحق به الولد وإن عزل ، لكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان.

(الرابعة) لا يقع بالمتعة طلاق إجماعا ، ولا لعان على الأظهر ، ويقع الظهار على تردد.

______________________________________________________

عليه السلام ، عن الرجل يتزوج المرأة على عرد (2) واحد؟ فقال : لا بأس ، ولكن إذا فرغ فليحول وجهه ، ولا ينظر (3).

ووجه ضعفها ، من ابن فضال ، فإنه فاسد العقيدة.

وقال الشيخ : هي محمولة على الرخصة ، والأحوط التقييد باليوم.

قلت : الرواية ضعيفة قليلة الورود ، فالاعراض عنها جدير ، والعمل ، على ما هو محقق ، وهو التقييد بالزمان.

« قال دام ظله » : لا يقع بالمتعة طلاق إجماعا ولا لعان ، على الأظهر.

الخلاف في اللعان ، ومذهب الشيخ وأبي الصلاح والمتأخر وأتباعهم ، أنه لا يقع ، قال المرتضى والمفيد في المسائل الغرية : يقع.

ص: 156


1- لاحظ الوسائل باب 25 حديث 2 و 4 و 5 من أبواب المتعة.
2- المراد بالعرد ، الواحدة من المواقعة (مجمع البحرين).
3- الوسائل باب 25 حديث 4 من أبواب المتعة.

(الخامسة) لا يثبت بالمتعة ميراث ، وقال المرتضى : يثبت ما لم يشترط السقوط ، نعم لو شرط الميراث لزم.

______________________________________________________

وبالأول وردت روايات كثيرة (1) ، وعليه العمل.

وهل يقع الظهار؟ قال المرتضى والمفيد وابن أبي عقيل وأبو الصلاح : نعم ، وقال ابن بابويه : لا يقع إلا على موضع الطلاق ، وعليه المتأخر.

ويدل على ذلك ما رواه ابن فضال ، عمن أخبره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق (2).

والرواية مرسلة فضالية ، لا يثبت بها تشريع ، وما وقفت للشيخ على قول.

وشيخنا متردد ، نظر إلى أن المتمتع بها ليس لها إجبار الزوج على الوطء والأشبه الوقوع ، عملا بعموم الآية.

« قال دام ظله » : لا يثبت بالمتعة ميراث ... الخ.

أقول : للأصحاب فيه (ثلاثة خ) أقوال ، وقال المرتضى وابن أبي عقيل : لا يسقط الإرث إلا مع شرط المسقوط.

وقال أبو الصلاح : لا يثبت بينهما توارث شرط أو لم يشرط ، وهو يظهر من كلام ابن بابويه ، فإنه قال : لا ميراث بينهما ، وعليه المتأخر ، وهو أشبه عندي.

وقال الشيخ : لا يتوارثان ، إلا مع شرط التوارث.

(لنا) في المسألة ، النظر والأثر ، أما النظر فوجوه :

(الأول) مقتضى الأصل عدم التوارث ، ترك العمل به في الدوام ، وبقي في المتعة على الأصل ، لئلا تكثر مخالفة الأصل.

(الثاني) نقول : تعارض الأقوال والروايات في المسألة ، ولا ترجيح ، فالرجوع إلى الأصل لازم

ص: 157


1- راجع الوسائل باب 43 من أبواب المتعة وباب 2 من كتاب الظهار وغيرهما.
2- الوسائل باب 2 حديث 3 من كتاب الظهار.

______________________________________________________

(الثالث) الإرث حكم شرعي ، فلا يثبت إلا بدليل قاطع (مع القاطع خ) (بالنطق القاطع خ) فمع الفحص ، وعدم الوقوف يجب الحكم بالمنع.

وأما الأثر (فما خ) روى ذلك الحسن بن موسى ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة متعة ، ويشترط الميراث؟ قال : ليس بينهما ميراث ، اشترط أو لم يشترط (1).

وذكر ابن بابويه - في من لا يحضره الفقيه - ، رواية جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، أن نكاح المتعة غير موروث (2).

ويدل على ذلك أيضا ، ما روى جميل بن صالح ، عن عبد اللّه بن عمرو ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة؟ فقال : حلال لك من اللّه ورسوله ، قلت : فما حدها؟ قال : من حدودها أن لا ترثها لا ترثك ، قال : فقلت : كم (فكم خ) عدتها؟ قال : خمسة وأربعون يوما أو حيضة مستقيمة (3).

ومن يرجح قول المرتضى ، يقول : الإرث ثابت بعموم آية الميراث ، فلا يسقط إلا بشرط (بالشرط خ) لقولهم عليهم السلام : المؤمنون عند شروطهم (4).

ويؤيد ذلك ما رواه ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول في الرجل يتزوج المرأة متعة : إنهما يتوارثان إذا لم يشترطا ، وإنما الشرط بعد النكاح (5).

ص: 158


1- الوسائل باب 32 حديث 7 من أبواب المتعة.
2- الوسائل باب 35 من أبواب مقدمات النكاح حديث 2 ومتن الحديث هكذا : عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خطب الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه أحل لكم الفروج على ثلاثة معان ، فرج موروث وهو البنات ، وفرج غير موروث وهو المتعة ، وملك أيمانكم.
3- أورد صدره في الوسائل باب 32 حديث 8 من أبواب المتعة وذيله في باب 22 حديث 4 من أبواب المتعة.
4- الوسائل باب 20 حديث 4 من أبواب المهور.
5- الوسائل باب 32 حديث 2 من أبواب المتعة.

(السادسة) إذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر وإن كانت ممن تحيض ، وإن لم تحض فخمسة وأربعون يوما ، ولو مات عنها ففي العدة روايتان أشهرهما : أربعة أشهر وعشرة أيام ، وقيل شهران وخمسة أيام.

(السابعة) لا يصح تجديد العقد قبل انقضاء الأجل ، ولو أراده وهبها

______________________________________________________

والجواب عن الآية ، أنها مختصة بالدوام ، بدليل أن آيات الإرث نزلت قبل تحليل المتعة ، والإرث فرع العقد ، فلا يثبت مع عدمه.

وعن الرواية ، أن المرتضى لا يرضى بها دليلا لأنها (فإنها خ) من الآحاد ، وضعيفة السند.

وأما الشيخ استند إلى عدة روايات (منها) ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : تزويج المتعة نكاح بميراث ونكاح بغير ميراث ، إن اشترطت (الميراث خ يب) كان وإن لم تشترط لم يكن (1).

(ومنها) ما رواه عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام كم المهر؟ يعني في المتعة قال : (فقال خ ما تراضيا عليه (إلى أن قال) ، وإن اشترطا الميراث فهما على شرطهما (2) (في حديث الفرض) (3) هذا.

والجواب عنهما ، إن الرواية الأولى في طريقها (علي بن إبراهيم ، عن أبيه) وفيه كلام ، ورواية عاصم بن حميد ، وغيرها من الروايات معارضة بما ذكرنا من الروايات ، فبقي الأصل ، وأدلة النظر معنا ، ومع تسليمها نحملها على الاستحباب توفيقا بينها وبين الروايات المانعة.

« قال دام ظله » : إذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر ، إلى آخره.

أقول : اختلفت أقوال الأصحاب وعباراتهم في هذه المسألة ، فذهب الشيخ إلى أن عدتها حيضتان ، أو خمسة وأربعون يوما ، قاله في باب المتعة في النهاية.

ص: 159


1- الوسائل باب 32 حديث 1 من أبواب المتعة.
2- الوسائل باب 32 حديث 5 من أبواب المتعة.
3- هكذا في النسخ ، ولعل الأنسب إسقاط هذه ، والزيادة من النساخ أو سهو من قلمه الشريف ، واللّه العالم.

ما بقي واستأنف.

______________________________________________________

وحمله شيخنا على أن المراد به حيضة تامة ، ورؤية الدم من الحيضة الثانية ، وذلك لا يكون إلا في طهرين توفيقا بينه وبين قوله في باب العدد (العدة خ) : عدتها قرآن ، ويعني بالقرءين ، الطهرين ، لأنه محقق.

وصرح المفيد بأنه طهران ، واختاره المتأخر مدعيا للإجماع (الإجماع خ).

وأطلق ابن بابويه وأبو الصلاح أن عدتها خمسة وأربعون يوما نظرا إلى إطلاق ما رواه موسى بن بكير (بكر خ) ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : عدة المتعة خمسة وأربعون يوما (1).

ولعله محمول على من تعتد بالشهور.

وقال ابن أبي عقيل : عدتها حيضة ، وهو في رواية ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنة قال : إن كانت تحيض فحيضة ، وإن كانت لا تحيض فشهر ونصف (2).

قلت : تحمل هذه على حيضة بين طهرين ، توفيقا بين الروايات ، جمعا بين الأقوال.

والأظهر بين الأصحاب أن عدتها طهران ، وهو الأشبه ، لأن جميع الأقوال يدخل فيه التأويل وهو عري عنه على أن في قول الشيخ احتياطا يؤمن من تورط الشبهات.

فأما المتوفى عنها زوجها ، فذهب الشيخ وابن بابويه إلى أن عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.

ويدل على ذلك ما رواه صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ، ثم يتوفى عنها ، هل عليها العدة؟ فقال : تعتد أربعة أشهر وعشرا (الحديث) (3).

ص: 160


1- الوسائل باب 22 حديث 3 من أبواب المتعة ، وتمامه : كأني أنظر إلى أبي جعفر عليه السلام ، يعقده بيده خمسة وأربعين ، فإذا جاز الأجل كانت فرقة بغير طلاق.
2- الوسائل باب 22 حديث 1 و 5 من أبواب المتعة.
3- الوسائل باب 22 حديث 1 و 5 من أبواب المتعة.

القسم الثالث : في نكاح الإماء

اشارة

والنظر إما في العقد ، وإما في الملك.

أما العقد :

فليس للعبد ولا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحا ما لم يأذن المولى.

ولو بادر أحدهما ففي وقوفه على الإجازة قولان ، ووقوفه على الإجازة أشبه.

______________________________________________________

ومثله في رواية ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام (1) واختاره صاحب الرائع والواسطة (2) ، وهو أشبه لمطابقة الكتاب (مطابق للكتاب خ).

وقال المفيد وسلار : عدتها شهران وخمسة أيام ، وهو يظهر من كلام المرتضى ، واختاره ابن البراج.

ومستنده رواية علي بن عبيد اللّه بن علي بن شعبة الحلبي ، عن أبيه ، عن رجل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل تزوج امرأة متعة ، ثم مات عنها ، ما عدتها؟ قال : خمسة وستون يوما (3).

وحملها الشيخ على كون الزوجة مملوكة ، والأولى الطعن فيها بكونها (لكونها خ) مرسلة ، والعمل على الأولى ، (الأول خ) وبه أفتى.

في نكاح العبيد والإماء

« قال دام ظله » - : في نكاح الإماء - : ولو بادر أحدهما ، ففي وقوفه على الإجازة ، قولان

القولان للشيخ ، قال في النهاية : بأنه موقوف ، وفي الخلاف ، يقول بالبطلان ، والأول

ص: 161


1- الوسائل باب 52 حديث 2 من أبواب العدد من كتاب الطلاق.
2- هما أخو السيد ابن طاووس ، وابن حمزة.
3- الوسائل باب 52 حديث 4 من أبواب العدد.

وإن أذن المولى ثبت في ذمة مولى العبد المهر والنفقة ، وثبت لمولى الأمة المهر ، ولو لم يأذنا فالولد لهما ، ولو أذن أحدهما كان للآخر.

وولد المملوكين رق لمولاهما ، ولو كانا لاثنين فالولد بينهما بالسوية ما لم يشترطه أحدهما.

وإذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر إلا أن يشترط المولى رقيته ، على تردد.

______________________________________________________

أشبه ، وتحقيق هذا القول ما ذكرناه في كتاب البيع.

« قال دام ظله » : وإذا كان أحد الأبوين حرا ، فالولد حر ، إلا أن يشترط المولى رقيته ، على تردد.

التردد لشيخنا ، ومنشأه عدم الدليل ، والأصل أن الحر لا يسترق ، بل ذكر الشيخ ذلك ، جمعا بين الروايات التي بعضها ناطقة بأن أحد الأبوين ، إذا كان حرا ، فالولد حر ، وهي ما رواه ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل الحر تزوج (يتزوج ئل) بأمه قوم ، الولد مماليك أم (أو خ) أحرار؟ قال : إذا كان أحد أبويه حرا ، فالولد أحرار (1).

وفي هذا المعنى أخرى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وبعضها ناطقة بأنه مملوك ، وهي ما رواه إبراهيم بن هاشم ، عن أبي جعفر ، عن أبي سعيد ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لو أن رجلا دبر جارية ، ثم زوجها من رجل ، فوطأها ، كانت جاريته وولدها منه مدبرين ، كما لو أن رجلا أتى قوما ، فتزوج إليهم مملوكتهم ، كان ما ولد لهم مماليك (3).

ص: 162


1- الوسائل باب 30 حديث 5 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
2- الوسائل باب 30 حديث 9 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
3- الوسائل باب 30 حديث 10 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

ولو تزوج الحر أمة من غير إذن مالكها ، فإن وطأها قبل الإجازة عالما بالتحريم فهو زان والولد رق للمولى وعليه الحد والمهر ، ويسقط الحد لو كان جاهلا دون المهر ، ويلحقه الولد. وعليه قيمته يوم سقط حيا.

وكذا لو ادعت الحرية فتزوجها على ذلك.

وفي رواية : يلزمه بالوطء عشر القيمة إن كانت بكرا ، ونصف العشر لو كانت ثيبا.

ولو أولدها فكهم بالقيمة ، ولو عجز سعى في قيمتهم.

______________________________________________________

فقال الشيخ : هذه تحمل على أن الولد مماليك ، إذا اشترط ذلك ، وإن لم يجز ذكر الشرط بدليل ما ذكرنا من الرواية المتقدمة ، كذا قاله رحمه اللّه.

وعندي أن الأولى اطراح الرواية الأخيرة ، لكونها مقطوعة السند (1) وترك التأويل ، والعمل بما يقتضيه الأصل السليم ، فإن بمثل (تقبل خ ل) تلك الرواية - وتأويلها على بعد - لا يخص مقتضى الأصل (المسلم خ).

« قال دام ظله » : وفي رواية يلزمه بالوطء عشر القيمة ، إن كانت بكرا ، ونصف العشر لو كانت ثيبا.

هذه رواها في التهذيب ، عن محمد بن يعقوب ، يرفعه إلى الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) وإن كان زوجه إياها ولي لها ، ارتجع على وليها بما أخذت منه ، ولمواليها عشر ثمنها ، إن كانت بكرا ، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها ، بما استحل من فرجها (الحديث) (2).

ص: 163


1- قوله : مقطوعة السند ، نقول : لو كان المراد أن الخبر لم ينته إلى المعصوم عليه المعصوم عليه السلام ، فقد رأيت أنه منقول عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في التهذيبين والوسائل ولذا أثبتناه نعم لم تكن لفظة (أبي عبد اللّه عليه السلام) بموجودة في النسخ التي عندنا من الكتاب.
2- الوسائل باب 67 حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

ولو أبي عن السعي قيل : يفديهم الإمام ، وفي المستند ضعف.

ولو لم يدخل بها فلا مهر.

ولو تزوجت الحرة عبدا مع العلم فلا مهر لها وولدها رق ، ومع الجهل يكون الولد حرا ولا يلزمها قيمته ، ويلزم العبد مهرها إن لم يكن مأذونا ويتبع به إذا تحرر.

ولو تسافح (1) المملوكان فلا مهر ، والولد رق لمولى الأمة.

وكذا لو زنى بها الحر.

ولو اشترى الحر نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أبي عن السعي ، قيل : يفديهم الإمام ، وفي المستند ضعف.

القائل هو الشيخ في النهاية ، والمستند ما ذكره في التهذيب ، يرفعه إلى سماعة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن مملوكة أتت قوما فزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل منهم وأولدها ولدا ، ثم إن مولاها أتاهم ، فأقام عندهم البينة أنها مملوكته ، وأقرت الجارية بذلك؟ فقال : تدفع إلى مولاها هي وولدها ، وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه ، قلت : فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به؟ قال : يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤديه ويأخذ ولده ، قلت : فإن أبى الأب أن يسعى في ثمن ابنه ، قال : فعلى الإمام أن يفتديه (يفديه خ) به ، ولا يملك ولد حر (2).

ووجه ضعفها سماعة.

وذهب المتأخر إلى أن الثمن في ذمة أبيه ، ولا يفكهم الإمام.

وما ذكره الشيخ أن على الإمام أن يفديهم من سهم الرقاب ، فنحن مطالبوه بحجة عليه ، فإن الخبر عري منه.

ص: 164


1- والسفاح - بالكسر - الزنا ، يقال : سافح الرجل المرأة مسافحة وسفاحا من باب قاتل وهو المزاناة.
2- الوسائل باب 67 حديث 5 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

ولو أمضى الشريك العقد لم تحل ، وبالتحليل رواية فيها ضعف.

وكذا لو كان بعضها حرا.

ولو هايأها مولاها على الزمان ففي جواز العقد عليها متعة في زمانها تردد. أشبهه : المنع.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أمضى الشريك العقد لم تحل (1) وبالتحليل رواية فيها ضعف.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية إلى التحليل بهذه العبارة : ومتى اشترى الزوج نصيب أحدهما حرمت عليه ، إلا أن يشتري النصف الآخر ، أو يرضى (ويرضى خ) مالك النصف بالعقد ، فيكون كالقعد المستأنف.

وقال المتأخر : الأولى أن يقال : أو يرضى (به خ) بأن يبيحه من وطئها ، لأن الفرج لا يتبعض بالملك والعقد.

قلت : وكذلك لا يتبعض بالملك والإباحة.

فإذا ، الوجه بطلان العقد ، كما ذهب إليه شيخنا ، والرواية هي ما رواه محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن جارية بين رجلين ، دبراهما جميعا ، ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه؟ فقال : هوله حلال (الحديث) (2) ذكرها ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.

وفي بعض رجالها ضعف وفي هذه الرواية : فإن أحب أن يتزوجها متعة بشئ في ذلك اليوم الذي تملك فيه نفسها ، فيتمتع منها بشئ فل أو كثر (3).

« قال دام ظله » : ولو هايأها مولاها على الزمان ، ففي جواز العقد عليها ، متعة في زمانها تردد ، أشبهه المنع.

ص: 165


1- لم يحل (وطؤها خ).
2- الوسائل باب 41 حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء بالسند الثالث والرابع ، عن الشيخ والصدوق رحمهما اللّه تعالى.
3- الوسائل باب 41 حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

ويستحب لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا ، ولو مات المولى كان للورثة الخيار في الإجازة والفسخ ، ولا خيار للأمة.

ثم الطوارئ ثلاثة : العتق ، والبيع ، والطلاق.

أما العتق : فإذا أعتقت الأمة تخيرت في فسخ نكاحها وإن كان الزوج حرا على الأظهر.

______________________________________________________

المجوز الشيخ في النهاية ، ومستنده ما ذكرناه من تمام الرواية (1).

والمانع شيخنا ، والمنع أشبه ، لاستحالة تبعض (تبعيض خ) الفرج ، ومعنى المهاياة أن يجعل لها يوما وللمولى يوما من خدمتها.

« قال دام ظله » : فإذا أعتقت الأمة ، تخيرت في فسخ نكاحها ، وإن كان الزوج حرا على الأظهر.

أقول : لا خلاف أن الأمة إذا أعتقت ، وهي تحت عبد فلها الخيار (2) ، وأما لو كانت تحت حر ، فالأشبه أنه لا خيار لها ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط والخلاف ، والمتأخر وشيخنا في الشرائع.

وقال في النهاية : لها الخيار.

(لنا) وجوه : (الأول) أن العقد ثابت ، فلا يحكم بانتفائه إلا بدليل قاطع (رافع خ) فمع العدم يحكم بالبقاء.

(الثاني) عقد محكوم بصحته ، وهي أمة (أمته خ) فيجب أن يستدام ذلك استصحابا للحال الأولى.

(الثالث) إن تسليط الزوجة على الفسخ حكم مستأنف ، فلا يثبت إلا بدليل قاطع ،

ص: 166


1- يعني يستفاد حكم المهاياة من قوله عليه السلام في آخر الرواية المذكورة ، من قوله عليه السلام : فإن أحب أن يتزوجها ... الخ.
2- وهل لها الخيار لو كانت تحت حر؟ ... الخ (هكذا في نسختين).

ولا خيره للعبد لو أعتق ولا لزوجته كانت حرة.

وكذا تخيرت الأمة لو كانا لمالك فأعتقا أو أعتقت ، ويجوز أن يتزوجها ويجعل العتق صداقها.

ويشترط تقديم لفظ (التزويج) في العقد.

وقيل : يشترط تقديم العتق.

وأم الولد رق وإن كان ولدها باقيا ، ولو مات جاز بيعها ، وتنعتق

______________________________________________________

ولا دليل فيجب الحكم بانتفائه.

وبما قاله في النهاية روايات (منها) ما ذكره في التهذيب ، عن محمد بن آدم ، عن الرضا عليه السلام ، قال : إذا أعتقت الأمة ، ولها زوج خيرت إن كانت تحت عبد أو حر (1).

وفي هذا المعنى رويت رواية عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2) وفي طريقها أبو جميلة.

وعبد اللّه بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل نكح أمة مملوكة ، ثم أعتقت قبل أن يطلقها ، قال : هي أملك ببضعها (3).

والجواب عن الكل أنها أضعف أخبار الآحاد ، فإن ابن بكير وأبا جميلة (4) مطعونان ملعونان باتفاق ثقات (نقاد خ) الرجال ، وفي ابن آدم أيضا كلام.

« قال دام ظله » : ويشترط تقديم لفظ التزويج في العقد ، وقيل : يشترط تقديم العتق.

الأول للشيخ ، وصورته تزوجتك وجعلت مهرك عتقك.

وبه روايات (منها) ما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن رجل قال لأمته : أعتقتك وجعلت عتقك مهرك؟ فقال : عتقت ، وهي بالخيار إن شاءت تزوجته ، وإن شاءت فلا ، فإن تزوجته فليعطها شيئا ، وإن (فإن خ) قال :

ص: 167


1- الوسائل باب 52 حديث 12 و 13 و 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
2- الوسائل باب 52 حديث 12 و 13 و 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
3- الوسائل باب 52 حديث 12 و 13 و 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
4- الأول واقع في طريق الأخيرة والثاني في طريق ما قبلها.

بموت المولى من نصيب ولدها ، ولو عجز النصيب سعت في المتخلف.

ولا يلزم الولد السعي على الأشبه ، وتباع مع وجود الولد في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها.

______________________________________________________

قد تزوجتك وجعلت مهرك عتقك ، فإن النكاح واقع ولا يعطيها شيئا (1).

(ومنها) ما روي ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل تكون له الأمة ، فيريد أن يعتقها فيتزوجها ، أيجعل عتقها مهرها (مهرها عتقها خ) ويعتقها ثم يصدقها؟ وهل عليها منه عدة؟ وكم تعتد إن أعتقها؟ (2) وهل يجوز له نكاحها بغير مهر؟ وكم تعتد عن غيره؟ قال : يجعل عتقها صداقها إن شاء ، وإن شاء أعتقها ثم أصدقها وإن كان عتقها صداقها ، فإنها لا تعتد ، ولا يجوز نكاحها إذا أعتقها إلا بمهر (الحديث) (3).

واختار المتأخر هذا القول مدعيا للإجماع.

والقول الثاني ، وصورته : أعتقتك ، وتزوجتك ، وجعلت مهرك عتقك ، وهو لصاحب الرائع ، وأورد إشكالا على قول الشيخ ، قال : إن تزويج المملوكة لا يصح ، وعقد النكاح لا يقف على الشرط ، فالعتق (والعتق خ) اللاحق لا تأثير له في العقد السابق.

قلت : الإشكال وارد لكن لا حكم له مع النص ، على أنه يرد على قوله أيضا ، وهو أن العتق ، إذا قدم فتصير حرة ، فتكون مخيرة ، فإن اختارت التزويج ، تحتاج إلى عقد جديد ، وإن اختارت الفسخ فلها ، ويؤيد ذلك (ويؤيده خ) رواية علي بن جعفر عليه السلام (4).

« قال دام ظله » : ولا يلزم الولد السعي ، على الأشبه.

أقول : هذا رد على قول الشيخ في النهاية ، وتحقيق هذا يجئ في باب العتق.

ص: 168


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
2- وفي الاستبصار والتهذيب : فإن أعتقها هل يجوز له نكاحها ... الخ.
3- الوسائل باب 11 حديث 4 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
4- المتقدمة آنفا ، راجع الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

ولو اشترى الأمة نسيئة فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها فحملت ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها ، فالأشبه : أن العتق لا يبطل ولا يرق الولد.

وقيل : تباع في ثمنها فيكون حملها كهيئتها لرواية هشام بن سالم (1).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اشترى الأمة نسيئة ، فأعتقها ، وتزوجها ، إلى آخره.

ذهب الشيخ إلى أنه متى لم يترك الميت غير الجارية ، كان العقد والعتق فاسدين ، والأمة للبائع ، وكذا الولد للبايع إن كانت حاملا.

وهو استناد إلى ما رواه في التهذيب يرفعه (2) إلى هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام ، وأنا حاضر ، عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة ، فلما قبضها المشتري أعتقها من الغدو تزوجها وجعل مهرها عتقها ، ثم مات بعد ذلك بشهر ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : إن كان للذي اشتراها إلى سنة مال أو عقدة يوم اشتراها وأعتقها يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فإن عتقه وتزويجه جائز ، وإن لم يكن للذي اشتراها و تزوجها مال ولا عقدة يوم مات تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فإن عتقه ونكاحه باطل ، لأنه أعتق ما لا يملك ، وأرى أنها رق لمولاها الأول ، قيل له : فإن كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوجها ما حال ما في بطنها؟ فقال : الذي في بطنها مع أمه كهيئتها (3).

والحديث صحيح السند ، إلا أن الكشي روى في هشام بن سالم حديثا يشتمل على أنه فاسد العقيدة.

والصحيح أنه ثقة فإن النجاشي قال : إنه ثقة ثقة.

ومقتضى الدليل أن العتق صحيح والولد انعقد حرا ، فلا يسترق ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا.

ص: 169


1- راجع الوسائل باب 25 حديث 1 من كتاب العتق.
2- يعني يتصل سنده إلى هشام وليس المراد الرفع المصطلح في علم الدراية والحديث كما مر مرارا.
3- الوسائل باب 71 حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

وأما البيع : فإذا بيعت ذات البعل تخير المشتري في الإجازة والفسخ تخيرا على الفور.

وكذا لو بيع العبد وتحته أمة.

وكذا قيل : لو كان تحته حرة : لرواية (1) فيها ضعف.

ولو كانا لمالك فباعهما لاثنين فلكل منهما الخيار.

وكذا لو باع أحدهما لم يثبت العقد ما لم يرض كل واحد منهما.

ويملك المولى المهر بالعقد ، فإن دخل الزوج استقر ، ولا يسقط لو باع ، أما لو باع قبل الدخول سقط ، فإن أجاز المشتري كان المهر له ، لأن

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وكذا قيل : لو كان تحته حرة ، لرواية فيها ضعف.

القائل هو الشيخ في النهاية ، والرواية إشارة إلى ما رواه في الاستبصار ، عن موسى بن بكر ، عن محمد بن علي ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : إذا تزوج المملوك حرة ، فللمولى أن يفرق بينهما ، فإن زوجه المولى ، فله أن يفرق بينهما (2).

ووجه ضعفها ، موسى بن بكر ، فإنه مقدوح بأنه واقفي ، والأصل لزوم العقد ، وعدم الخيار ، فلا يثبت بمثل هذه الرواية ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر ، وادعى هو أن الشيخ رجع في المبسوط عن مقالة (مقالته في خ) النهاية ، ولم نقف عليه ، فإن كانت (كان خ) إشارة (إشارته خ) إلى قوله : (فإن كانت للعبد زوجة ، فباعه مولاه ، فالنكاح باق بالإجماع) (3) فإن بقاء العقد ليس منافيا للخيار.

ص: 170


1- راجع الوسائل باب 64 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
2- الوسائل باب 64 حديث 4 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
3- عبارة المبسوط قبل هذه العبارة هكذا : إذا باع الرجل أمته ولها زوج صح البيع وكان بيعها طلاقها ، وبه قال ابن عباس ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا : النكاح بحاله ، فأما إذا آجرها منه ثم باعها فإنها لا تبطل الإجارة إجماعا ، وإن كان للعبد زوجة ... الخ.

الإجازة كالعقد.

وأما الطلاق : فإذا كانت زوجة العبد حرة أو أمة لغير مولاه فالطلاق بيده وليس لمولاه إجباره.

ولو كانت الأمة لمولاه كان التفريق إلى المولى ، ولا يشترط لفظ الطلاق.

النظر الثاني في الملك:

اشارة

وهو نوعان :

(الأول) ملك الرقبة : ولا حصر في النكاح به ، وإذا زوج أمته غيره حرمت عليه لمسا ووطئا ونظر بشهوة ما دامت في العقد والعدة ، وليس للمولى انتزاعها ، ولو باعها تخير المشتري دونه ، ولا يحل لأحد الشريكين وطء المشتركة.

ويجوز ابتياع (1) ذوات الأزواج من أهل الحرب وأبنائهم وبناتهم ، ولو ملك الأمة فأعتقها حل له وطؤها بالعقد وإن لم يستبرئها ، ولا تحل لغيره حتى تعتد كالحرة ، ويملك الأب موطوءة ابنه وإن حرم عليه وطؤها.

وكذا الابن.

(النوع الثاني) ملك المنفعة : وصيغته أن يقول : أحللت لك وطأها أو جعلتك في حل من وطئها ، ولم يتعدهما الشيخ.

ص: 171


1- في الرياض : « ويجوز ابتياع ذوات الأزواج » اللواتي « هن » من أهل الحرب « والكفار الغير القائمين بشرائط الذمة » وأبنائهم من أزواجهن وآبائهن وغيرهم من أهل الضلال السابين لهم بلا خلاف ، لأنهن كآبائهن وأزواجهن فئ للمسلمين فيجوز التوسل إلى أخذهم بكل وجه من ابتياع أو غيره (انتهى).

واتسع آخرون بلفظ الإباحة.

ومنع الجميع لفظ العارية ، وهل هو إباحة أو عقد؟ قال علم الهدى : وهو عقد متعه.

وفي تحليل أمته لمملوكة تردد ومساواته بالأجنبي أشبه.

______________________________________________________

النوع الثاني ملك المنفعة

« قال دام ظله » واتسع آخرون بلفظة (بلفظ خ) الإباحة.

أقول : حكى المتأخر عن المرتضى ، إنه قال في الانتصار : إن التحليل والإباحة عبارة عن ذلك العقد.

وما وقفت عليه ، نعم ذكر أن لفظ العارية عبارة عن النكاح ، لأن في النكاح معنى العارية من حيث إن ذلك إباحة للمنافع.

« قال دام ظله » : وفي تحليل أمته لمملوكه تردد ، ومساواته بالأجنبي أشبه.

أقول : لا خلاف عندنا في جواز تحليل الأمة للأجنبي (به خ) وهل يجوز للمملوك؟ الأشبه الجواز ، واختاره شيخنا والمتأخر.

وقال الشيخ وأتباعه : لا يجوز ، تمسكا بما رواه في التهذيب ، مرفوعا (1) إلى علي بن يقطين ، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام أنه سئل عن المملوك أيحل له أن يطأ الأمة ، من غير تزويج إذا أحل له مولاه؟ قال : لا يحل له (2).

(لنا) الإباحة الأصلية ، وأن منفعة مملوكته له ، يجوز له التصرف فيها ، لقوله تعالى : ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) (3) ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) (4) ، ينزل على العقد والوطء.

ص: 172


1- يعني متصلا سنده إلى علي بن يقطين ، وليس المراد الرفع المصطلح في الدراية والرجال كما نبهنا عليه غير مرة.
2- الوسائل باب 33 حديث 2 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
3- المؤمنون - 25.
4- النور - 32.

ولو ملك بعض الأمة فأحلته نفسها لم يصح.

وفي تحليل الشريك تردد ، والوجه : المنع.

ويستبيح ما يتناوله اللفظ ، فلو أحل التقبيل اقتصر عليه.

وكذا اللمس ، لكن لو أحل الوطء حل له ما دونه. ولو أحل الخدمة لم يتعرض للوطء.

وكذا لا تستبيح الخدمة بتحليل الوطء.

وولد المحللة حر ، فإن اشترط الحرية في العقد فلا سبيل على الأب.

______________________________________________________

ولو رجحنا مقالة الشيخ (1) لقلنا : الأصل أن الفرج معصوم بإذن الشارع ، فلا يلزم من جواز التمليك (التحليل خ) في طرف الحر الأجنبي ، جوازه في مملوكه (المملوك خ) لحصول الإجماع في الحر الأجنبي وعدمه في مملوكه ، أو نقول : التحليل تمليك للمنفعة ، والعبد لا يملك.

ولنا أن نؤيده بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) (2) الآية.

ووجه دلالته على محل النزاع أن هذه المملوكة ليست بزوجة للمملوك ولا هي مملوكته ، والجواز في الآية منحصر فيهما ، أو نقول : طريقة الاحتياط تقتضي ألا يتهجم على استباحة الفروج إلا بيقين.

« قال دام ظله » : وفي تحليل الشريك تردد ، والوجه المنع.

أقول : منشأ التردد أن استباحة الفروج لا تتبعض للآية (3) فإن استباحة الفروج موقوفة على إذن الشارع ، ولا يتهجم عليها بأخبار الآحاد.

وذهب الشيخ في النهاية إلى جواز ذلك اعتمادا على رواية (4).

ص: 173


1- وهو عدم الجواز.
2- المؤمنون - 5.
3- وهي قوله تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون ، المؤمنون ) - 5.
4- راجع الوسائل باب 41 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

فإن لم يشترط ففي إلزامه قيمة الولد ، روايتان ، أشبههما : أنها لا تلزم.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : فإن لم يشترط ففي إلزامه قيمة الولد روايتان ، أشبههما أنها لا تلزم.

أقول : الرواية الواردة بإلزام القيمة ، رواها إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن عليه السلام ، في امرأة قالت لرجل : فرج جاريتي لك حلال ، فوطأها فولدت ولدا؟ قال : يقوم الولد عليه بقيمته (1)

وفي رواية ضريس بن عبد الملك ، عن أبي عبدا لله عليه السلام : إن كان له مال للأب اشتراه بالقيمة (2).

وفي رواية حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يحل فرج جاريته لأخيه؟ فقال : لا بأس بذلك ، قلت : فإنه أولدها؟ قال : يضم إليه ولده ، وترد الجارية على مولاها (3).

ومثلها رواه إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يحل جاريته لأخيه أو حرة حللت جاريتها لأخيها؟ قال : يحل له من ذلك ما أحل له ، قلت : فجاءت بولد؟ قال : يلحق بالحر من أبويه (4).

فالشيخ رحمه اللّه جمع بين هذه الروايات ، توفيقا بينها بأنه متى شرط كان الولد حرا ، ومتى لم يشرط كان مملوكا رقا ، ثم قال : وقوله عليه السلام : يضم إليه ولده ، المراد به بالثمن ، لأن ولده لا يجوز أن يمكن من استرقاقه ، بل يلزم أن يعطى أباه (إياه خ) بالقيمة حسبما تضمنته رواية ضريس وابن عبد الحميد.

ص: 174


1- الوسائل باب 37 حديث 3 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
2- الوسائل باب 37 ذيل حديث 1 من أبواب نكاح العبيد والإماء ، وصدرها هكذا : ضريس بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يحل لأخيه جاريته ، وهي تخرج في حوائجه؟ قال : هي خلال ، قلت : أرأيت إن جاءت بولد ما يصنع به؟ قال هو لمولى الجارية ، إلا أن يكون اشترط عليه حين أحلها له أنها إن جاءت بولد فهو حر ، فإن كان فعل فهو حر ، قلت : فيملك ولده؟ قال : إن كان ... الخ.
3- الوسائل باب 37 حديث 3 و 7 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
4- الوسائل باب 37 حديث 3 و 7 من أبواب نكاح العبيد والإماء.

ولا بأس أن يطأ الأمة وفي البيت غيره ، وأن ينام بين أمتين ، ويكره في الحرائر.

وكذا يكره وطء الفاجرة ومن ولدت من الزنا.

ويلحق بالنكاح النظر في أمور خمسة :
(الأول) في العيوب ، والبحث في أقسامها وأحكامها :
اشارة

عيوب الرجل أربعة : الجنون والخصاء والعنن والجب.

وعيوب المرأة سبعة : الجنون والجذام والبرص والقرن والافضاء والعمى والاقعاد.

وفي الرتق تردد أشبهه : ثبوته عيبا لأنه يمنع الوطء.

______________________________________________________

وعلى هذا فتواه في كتب الفتاوي.

وقال المتأخر : الولد انعقد حرا فلا يسترق ، إلا أن يشترط المولى رقيته مدعيا حصول الإجماع على أن كل وطء حلال وأحد الأبوين حر يلحق الولد بالحر.

قلت : الإجماع لم نحققه ، لكن يشهد بقوله رواية حريز وإسحاق بن عمار ، وهو أشبه بالأصل ، فعليك به.

في العيوب

« قال دام ظله » : وفي الرتق تردد أشبهه ثبوته عيبا ... الخ.

التردد منه دام ظله ، ومنشأه عدم الوقوف على دليل يدل عليه.

وأيضا ، الأصل لزوم العقد ، فلا يسلط بالفسخ إلا بإذن الشارع ، فمع عدم الإذن لا يفسخ ، لكن أفتى الشيخان وسلار والمتأخر أنه عيب يوجب الفسخ ، وهو أشبه بالنظر إلى أن المراد الأهم من الزوجية ، الوطء والرتق مانع فيرد به.

وأما المحدودة في الزنا ، فذهب المفيد وسلار إلى أنها ترد به.

ص: 175

______________________________________________________

وقال الشيخ في النهاية : لا ترد به ، واختاره المتأخر.

وتردد في الخلاف فقال : ومن أصحابنا من ألحق (يلحق خ) به العمى ، وكونها محدودة. وأما العرج فذهب الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار ، والمتأخر إلى أنه عيب ترد به ، ويدل عليه روايات.

(منها) ما رواه في الاستبصار ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يتزوج المرأة ، فيؤتى بها عمياء ، أو برصاء ، أو عرجاء؟ قال : ترد على وليها ، ويكون (1) لها المهر على وليها ، وإن كان بها (2) زمانة لا تراها الرجال ، أجيزت شهادة النساء عليها (3).

وفي رواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام : ترد البرصاء والعمياء والعرجاء (4).

فأما الشيخ لم يذكره في الخلاف والمبسوط عيبا ، بل عد ستة : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والرتق ، والقرن ، والافضاء.

وقال في الاستبصار : مثل العمى ، والعرج والزمانة محمولة على الكراهية ، يستحب أن لا ترد بها.

أقول : ومقتضى الأصل عدم الرد ، فينبغي أن لا ترد إلا بما هو متفق عليه المشهور بين الأصحاب ، وهو الستة المذكورة في الخلاف.

وابن بابويه في الرسالة لم يذكر الجذام والرتق ، وزاد الزمانة ، وابنه في المقنع لم يذكر

ص: 176


1- من قوله : ويكون إلى قوله : وليها لم ينقله في نسخ الكتاب ، ولكنه موجود في الاستبصار والتهذيب والوسائل.
2- يعني في المرأة - الوسائل.
3- أورده مقطعا في الوسائل ، قطعة في باب 1 حديث 9 وقطعة باب 2 حديث 6 وقطعة في باب 4 حديث 1 من أبواب العيوب والتدليس.
4- هذه الرواية لم ينقلها في بعض النسخ.

ولا ترد بالعور ولا بالزنا ولو حدت فيه ، ولا بالعرج على الأشبه.

وأما الأحكام فمسائل :

(الأولى) لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول.

وفي المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن.

وقيل : تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن تجدد.

______________________________________________________

الرتق والافضاء.

ولنذكر تفسير بعض هذه الألفاظ ، أما البرص فهو بياض في البدن ، وهو يكون ظاهرا وخفيا ، فالظاهر ما لا ينكر ، وفيه الخيار ، وما ينكر من الخفي ، فالقول قول منكره ، ويثبت بشهادة عارفين من أهل الطب.

والجذام يبس يتناثر معه اللحم.

والرتق سدة ، في الفرج يمنع من الجماع.

والعفل والقرن عظم ينبت في الفرج يمنع من الجماع ، وقال بعض أهل الخبرة ، هو يظهر عند الولادة ، وفي الصحاح : القرن العقلة الصغيرة.

« قال دام ظله » : وفي المتجدد بعد العقد ترد عدا العنن.

التردد لشيخنا ، ومنشأه النظر إلى عموم الأخبار الواردة بثبوت الرد ، وفتوى الشيخ عليها ، ومن النظر إلى أن العقد وقع صحيحا سليما عن المصادم فيستمر ، وبه يفتي المتأخر. والأول أثبت.

وإنما استثني العنن لأنه لا يحصل العلم به إلا بعد العقد ومرور زمان ، فقبل العقد لا حكم له.

« قال دام ظله » : وقيل : تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة (الصلوات خ) وإن تجدد.

القائل هو الشيخان ، وسلار ، وابن بابويه في الرسالة.

ص: 177

(الثانية) الخيار في العيب على الفور.

وكذا في التدليس.

(الثالثة) الفسخ فيه ليس طلاقا ، فلا يطرد معه تنصيف المهر (قبل الدخول خ).

(الرابعة) لا يفتقر الفسخ بالعيب (بالعيوب خ) إلى الحاكم ، ويفتقر في العنن لضرب الأجل.

(الخامسة) إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر ، ولو فسخ بعده فلها المسمى ويرجع به الزوج على المدلس.

وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر إلا في العنن ، فلو (ولو خ) كان بعده فلها المسمى.

ولو فسخت بالخصاء يثبت (ثبت خ) لها المهر مع الخلوة ويعزر.

______________________________________________________

ولشيخنا فيه تردد ، منشأه عدم الدليل من كتاب أو حديث أو إجماع ، فإنه قال : لم يثبت عندي رواية محققة بذلك.

نعم روى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : سئل أبو إبراهيم عليه السلام ، عن امرأة يكون لها زوج قد أصيب في عقله بعد ما تزوجها ، أو عرض له جنون؟ قال : لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت (1).

قلت : يلزم من هذه الرواية الفسخ مطلقا.

لكن القاسم بن محمد وعلي بن أبي حمزة واقفيان ، فالرواية ضعيفة.

وعندي فيه نظر ، والبحث فيه على تقدير أنه متجدد بعد العتق ، فإن السابق يوجب الفسخ مطلقا بغير خلاف.

ص: 178


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب العيوب والتدليس ج 14 ص 607.

(السادسة) لو ادعت عننه فأنكر فالقول قوله مع يمينه ، ومع ثبوته يثبت لها الخيار ولو كان متجددا ، إذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن وطء غيرها.

ولو ادعى الوطء فأنكرت فالقول قوله مع يمينه.

(السابعة) إن صبرت مع العنن فلا بحث ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجلها سنة من حين الترافع ، فإن عجز عنها وعن غيرها فلها الفسخ ونصف المهر.

تتمة

لو تزوج على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ ، ولا مهر لو لم يدخل.

______________________________________________________

تتمة

« قال دام ظله » : لو تزوج على أنها حرة ، فبانت أمة ، فله الفسخ ، ولا مهر لو لم يدخل ، ولو دخل فلها المهر على الأشبه.

أقول : ذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط إلى أن العقد باطل ، فعلى هذا لا يلزم المهر دخل أو لم يدخل.

والأشبه أن العقد صحيح ، لأن للأمة أهلية العقد عليها ، غير أنه إذا علم أنها أمة ثبت له الخيار.

ولو لم يدخل فلا مهر بغير خلاف ، ومع الدخول يلزمه مهر المثل بما استحل من فرجها.

فإن لم يكن مدلس فلا يرجع به على أحد ، لعدم المقتضي ، وإن كان مدلس يرجع به عليه ، ولو كانت هي مدلسة يرجع به عليها إذا أعتقت.

وقوله : (وقيل لمولاها العشر أو نصف العشران لم يكن مدلسا).

هذا القول لابن بابويه ، وتقديره : لها العشر إن كانت بكرا ونصف العشر إن لم تكن بكرا.

ص: 179

ولو دخل فلها المهر على الأشبه ويرجع به على المدلس.

وقيل : لمولاها العشر أو نصف العشر إن لم يكن مدلسا.

وكذا تفسخ هي لوبان زوجها مملوكا ، ولا مهر قبل الدخول ولها المهر بعده.

ولو اشترط كونها بنت مهيرة فبانت بنت أمة فله الفسخ ولا مهر ويثبت لو دخل.

ولو تزوج بنت المهيرة (مهيرة خ) فأدخلت عليه بنت الأمة ردها ، ولها المهر مع الوطء للشبهة ويرجع به على من ساقها ، وله زوجته.

ولو تزوج اثنان فأدخلت امرأة كل واحد منهما على الآخر كان لكل موطوءة مهر المثل على الواطئ للشبهة ، وعليهما العدة وتعاد على زوجها وعليه مهرها الأصلي.

ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد ، وفي رواية ينتصف (ينقص خ) مهرها.

هذه رواها محمد بن جزك ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام سأله عن رجل تزوج جارية بكرا ، فوجدها ثيبا ، هل يجب لها الصداق وافيا أم ينتقص؟ قال : ينتقص (1).

والرواية ضعيفة لكونها مكاتبة.

وفي النهاية : ينتقص شيئا ، وتوهم الراوندي أن لفظ الشئ منصوص عن الأئمة عليهم السلام ، ففسره بالسدس كما في الوصية ، وهو تحكم.

وقال المتأخر : ينقص من المسمى ما بين مهر البكر إلى مهر الثيب عادة ، واختاره شيخنا

ص: 180


1- الوسائل باب 10 حديث 2 من أبواب العيوب والتدليس.

وفي رواية (1) ينتصف (ينقص خ) مهرها.

(النظر الثاني) في المهور (المهر خ) وفيه أطراف :

(الطرف الأول) كل ما يملكه المسلم يكون مهرا ، عينا كان أو دينا أو منفعة كتعليم الصنعة والسورة ، ويستوي فيه الزوج والأجنبي.

أما لو جعلت المهر استئجار (استئجاره خ) مدة فقولان ، أشبههما : الجواز.

______________________________________________________

في الشرائع.

وقال (2) في نكت النهاية : يفوض ذلك إلى الحاكم.

والوجه عندي ، أن ينقص من المسمى بنسبة تفاوت ما بين البكر والثيب من مهر المثل ، مثاله نفرض أنها لو كانت بكرا كان مهر مثلها مائة دينار وثيبا تسعين ، فالتفاوت بالعشر فينقص من المهر المسمى ، العشر.

في المهور

« قال دام ظله » : أما لو جعلت المهر استئجاره مدة فقولان ، أشبههما الجواز.

القولان للشيخ ، قال في النهاية : لا يجوز العقد على إجارة ، وهو أن يعقد على أن يعمل لها أو لوليها أياما معلومة ، أو سنين معلومة.

وقال في الخلاف : جميع منافع الحر يصح أن يكون مهرا مثل تعليم قرآن (القرآن خ) أو شعر مباح ، أو بناء أو خياطة ثوب ، وكل ما له أجرة.

واستثنى أصحابنا من ذلك استئجاره (الإجارة خ) لأنه كان يختص موسى على نبينا وآله وعليه السلام.

ص: 181


1- الوسائل باب 10 حديث 2 من أبواب العيوب والتدليس ، وفيه « ينتقص » بدل « وينتصف ».
2- يعني المحقق صاحب الشرائع.

ولا تقدير للمهر في القلة ، ولا في الكثرة على الأشبه ، بل يتقدر بالتراضي.

______________________________________________________

والأشبه أن جميع المنافع ، يصح أن يكون مهرا ، لأنه لا مانع منه

ومستند قوله (1) في النهاية رواية السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يحل النكاح اليوم في الإسلام بإجارة بأن يقول : أعمل عندك كذا وكذا سنة ، على أن تزوجني ابنتك أو أختك؟ قال : حرام لأنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها (2).

والجواب من وجوه : (الأول) الطعن في السند. (الثاني) مع تسليمها أن المنع تعلق بأن الأجرة للأب أو الأخ ، فنلتزم على هذا التقدير مضمون الرواية ، ولا يضرنا. (الثالث) أن نحملها على الكراهية توفيقا بين مقتضى الأصل ، وبين الرواية.

ويؤيد الكراهية ما رواه علي بن إسماعيل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن عليه السلام (في حديث) قلت : الرجل يتزوج المرأة ، ويشترط لأبيها إجارة شهرين ، يجوز ذلك؟ قال : إن موسى عليه السلام قد علم أنه سيتم له شرطه ، فكيف لهذا بأن يعلم أنه سيبقى حي يفي (الحديث). (3)

« قال دام ظله » : ولا تقدير للمهر ، في القلة ولا في الكثرة ، على الأشبه ... الخ.

أقول : أما طرف القلة ، لا خلاف إنه لا يتقدر ، وفي طرف الكثرة قال علم الهدى في الانتصار : لا يزيد على خمسمائة درهم ، أو خمسين دينارا ، ولو زيد رد إليه ، وتابعه أبو الصلاح.

وقال ابن بابويه : إذا تزوجت فانظر أن لا تجاوز (تتجاوز خ) مهر السنة ، وقال

ص: 182


1- (ومستند ما قاله خ).
2- الوسائل باب 22 حديث 2 من أبواب المهور.
3- الوسائل باب 22 قطعة من حديث 1 من أبواب المهور.

______________________________________________________

الشيخان وسلار وأتباعهم : من السنة ألا يزاد على خمسمائة درهم ، ولو زيد يلزم ، وعليه العمل.

(لنا) النظر والنص والأثر.

أما النظر فإنه عقد معاوضة ، فينعقد بالتراضي.

وأما النص فقوله تعالى : ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا ) ، الآية (1).

وأما الأثر فروايات (منها) ما رواه الوشاء عن الرضا عليه السلام ، قال : سمعته يقول : لو أن رجلا تزوج المرأة وجعل مهرها عشرين ألفا ، وجعل لأبيها عشرة آلاف ، كان المهر جائزا ، والذي جعل (جعله ئل) لأبيها فاسدا (2).

(ومنها) ما رواه فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : الصداق ما تراضيا عليه من قليل (3) أو كثير ، فهذا الصداق (4).

(ومنها) ما روي عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المهر ، فقال : ما تراضي عليه الناس ، أو اثنتا عشر أوقية ونش ، أو خمسمائة درهم (5).

ومثله ما رواه أبو الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (6).

ومن المشهور أن عمر تزوج أم كلثوم ، فأصدقها أربعين ألف درهم (أربعة آلاف درهم خ) (7) ولم ينكره أحد من الصحابة.

ص: 183


1- النساء - 20.
2- الوسائل باب 9 حديث 1 من أبواب المهور.
3- قليلا كان أو كثيرا خ).
4- الوسائل باب 1 حديث 3 من أبواب المهور.
5- الوسائل باب 1 حديث 4 من أبواب المهور. إلى قوله عليه السلام : عليه الناس.
6- الوسائل باب 1 حديث 1 من أبواب المهور.
7- الوسائل باب 9 حديث 2 من أبواب المهور.

ولا بد من تعيينه بالوصف أو الإشارة.

وتكفي المشاهدة عن كيله ووزنه ، ولو تزوجها على خادم ولم يعين فلها الوسط (وسطه خ ل) (وسط خ).

وكذا لو قال : دارا أو بيتا ، ولو قال : على السنة كان خمسمائة درهم.

ولو سمى لها مهرا ولأبيها شيئا سقط ما سمي له.

ولو عقد الذميان على خمر أو خنزير صح ، فلوا أسلما أو أحدهما قبل القبض فلها القيمة ، عينا كان أو مضمونا.

______________________________________________________

وحكي الشيخ أن الحسن بن علي عليهما السلام ، تزوج امرأة فأصدقها مائة جارية ، مع كل جارية ألف درهم (1).

واستدل المرتضى بالإجماع ، وبأن القدر المعين عنده مجمع عليه أنه مشروع ، ولا دليل على الزائد.

(والجواب) أن الإجماع غير ثابت ، ويمكن أن يحصل في طرفنا ، إذ خلاف الواحد لا يقدح في الإجماع ، وإن الدليل على صحة الزائد ما قدمناه.

قلت : وبما ذكره علم الهدى رواية عن محمد بن سنان ، عن مفضل بن عمر ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام ، فقلت له : أخبرني عن مهر المرأة الذي لا يجوزوه (يتجاوزوه خ)؟ قال : فقال : السنة المحمدية ، خمسمائة درهم ، فمن زاد على ذلك ، رد إلى السنة (الحديث). (2).

لكن مفضل بن عمر مطعون ، وفي ابن سنان (3) كلام.

وبالجملة أنها من الآحاد معارضة لكتاب اللّه (بكتاب اللّه خ) وعمل الصحابة والتابعين ، قليلة الورود.

ص: 184


1- الوسائل باب 9 حديث 3 من أبواب المهور.
2- الوسائل باب 8 صدر حديث 14 من أبواب المهور.
3- يعني محمد بن سنان.

ولا يجوز عقد المسلم على الخمر ، ولو عقد صح ولها مع الدخول مهر المثل.

وقيل : يبطل العقد.

(الطرف الثاني) في التفويض.

ولا يشترط في الصحة ذكر المهر ، فلو أغفله أو شرط أن لا مهر (لها خ) فالعقد صحيح ، ولو طلق فلها المتعة قبل الدخول ، وبعده فلها مهر المثل.

ويعتبر في مهر المثل حالها في الشرف والجمال ، وفي المتعة حاله.

فالغني يمتع بالثوب المرتفع أو عشرة دنانير فأزيد ، والفقير بالخاتم أو

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يجوز عقد المسلم على الخمر ، ولو عقد صح ، ولها مع الدخول مهر المثل ، وقيل : يبطل العقد.

لا خلاف أن جعل الخمر والخنزير وجميع ما لا يملك في شرعنا (شريعتنا خ) صداقا غير جائز.

وهل إذا عقد يكون العقد (عقد النكاح خ) صحيحا أو باطلا؟ قال في الخلاف والمبسوط : بالأول ، مع لزوم مهر المثل ، واختاره شيخنا والمتأخر.

وذهب في النهاية والمقنعة وسلار إلى الثاني ، والأول أشبه.

(لنا) إن ذكر المهر ليس من شرط العقد فذكر ما (1) هو غير جائز أن يكون مهرا ، يكون في حكم أنه لم يذكر لأنه ليس المنطوق به في الحكم بأزيد من المسكوت عنه.

(فإن قيل) : إنه منهي عنه ، والنهي يدل على فساده (قلنا) : لا نسلم ذلك في المعاملات ، وبيانه في علم أصول الفقه.

ص: 185


1- (فذكر ما) مبتدأ خبره (يكون في ... إلخ).

الدرهم ، والمتوسط بينهما.

ولو جعل الحكم لأحدهما في تقدير المهر صح ، ويحكم الزوج بما شاء وإن قل ، وإن حكمت المرأة لم يتجاوز مهر السنة.

ولو (فلو خ) مات الحاكم قبل الدخول وقبل الحكم فالمروي لها المتعة.

(الثالث) في الأحكام ، وهي عشرة.

(الأول) تملك المرأة المهر بالعقد ، وينتصف بالطلاق قبل الدخول ، ويستقر بالدخول وهو الوطء قبلا أو دبرا ، ولا يسقط معه لو لم يقبض.

______________________________________________________

في التفويض

« قال دام ظله » : فلو مات الحاكم قبل الدخول وقبل الحكم ، فالمروي لها المتعة.

هو إشارة إلى ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات ، أو ماتت قبل أن يدخل بها؟ فقال : لها المتعة والميراث ، ولا مهر لها (الحديث) (1).

فأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وقال في المبسوط : متى مات أحدهما قبل الفرض فلا مهر ، وفي الخلاف : الخلاف في المتعة هل يستحقها؟ قيل : لا ، وقيل : نعم ، لأنها للمطلقة قبل الدخول ، ولم يسم لها مهرا ، فلها المتعة.

والأول هو اختيار شيخنا والمتأخر وابن أبي عقيل ، وبه أقول.

(لنا) أن المتعة حكم مشروع ولا يثبت إلا بحكم الشارع ، فمع عدمه منفي ، ولأن الأصل حفظ المال (حفظه خ) على مالكه ، فلا يتهجم عليه بالخبر الواحد.

ص: 186


1- الوسائل باب 21 حديث 2 من أبواب المهور.

ولا يستقر بمجرد الخلوة على الأشهر.

______________________________________________________

في الأحكام

« قال دام ظله » : ولا يستقر بمجرد الخلوة على الأشهر.

أقول : اختلفت الروايات في الخلوة المجردة عن الوطء هل يستقر بها المهر أم لا؟

روى الاستقرار موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا تزوج (الرجل خ) المرأة ثم خلى بها ، وأغلق (فأغلق خ) عليها بابا ، وأرخى سترا ثم طلقها ، فقد وجب الصداق ، وخلاؤه بها دخول (1).

ومثلها روي عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، أن عليا عليه السلام كان يقول : من أغلق (أجاف خ ئل) من الرجال على أهله بابا وأرخى سترا ، فقد وجب عليه الصداق (2).

وروي - أنه لا يستقر - يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : لا يوجب المهر إلا لوقاع في الفرج (3).

وروى مثله العلاء ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، متى يجب المهر؟ قال : إذا دخل بها (4).

وفي أخرى عن حفص البختري ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، إذا التقى الختانان ، وجب المهر ، والعدة ، والغسل (5).

وفي رواية أخرى عن يونس بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل تزوج امرأة ، فأدخلت عليه فأغلق الباب وأرخى الستر ، ولمس وقبل ، ثم طلقها على تلك الحال؟ قال : ليس عليه إلا نصف المهر (6).

ص: 187


1- الوسائل باب 55 حديث 3 من أبواب المهور.
2- الوسائل باب 55 حديث 4 من أبواب المهور.
3- الوسائل باب 54 حديث 6 من أبواب المهور.
4- الوسائل باب 54 حديث 7 من أبواب المهور.
5- الوسائل باب 54 حديث 4 من أبواب المهور.
6- الوسائل باب 55 حديث 5 من أبواب المهور.

(الثاني) قيل : إذا لم يسم لها مهرا وقدم لها شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرا لها ما لم يشترط غيره.

______________________________________________________

إذا تقرر هذا ، فالأشبه العمل بالروايات الأخيرة ، لكونها أشبه بالأصل ، وأصح سندا ومطابقة لنص القرآن من قوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ) الآية (1).

وقد كان ابن أبي عمير يجمع بين الروايات ، بأنه متى أرخى الستر ، يجب على الحاكم أن يحكم بالظاهر أن المهر كله لازم ، ولا يحل لها فيما بينها وبين اللّه إلا نصف المهر إذا لم يدخل بها ، واستحسنه الشيخ في الاستبصار ، وأفتى عليه في النهاية ، وتردد في الخلاف ، واختار أنه لا يستقر إلا بالوطء ، وبه يقول المتأخر ، وابن أبي عقيل في المتمسك.

« قال دام ظله » : قيل إذا لم يسم لها مهرا ، وقدم شيئا قبل الدخول ، كان ذلك مهرا لها ، ما لم يشترط غيره.

القائل هو الثلاثة (2) وسلار وأتباعهم ، وما أعرف فيه مخالفا ، وادعى المتأخر عليه الإجماع ، ولم يثبت.

أما الشيخ فلما نظر إلى الروايات الواردة بأن الدخول يسقط المهر - وظاهرها متروك بالإجماع - حملها على من قدم شيئا ، ولم يسم مهرا.

واستشهد بما رواه علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة (وجميل بن صالح خ) عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل تزوج امرأة فدخل بها فأولدها ، ثم مات عنها ، فادعت شيئا من صداقها على ورثة زوجها ، فجاءت تطلبه منهم ، وتطلب الميراث؟ فقال : أما الميراث فلها أن تطلبه ، وأما الصداق فإن الذي أخذت من الزوج قبل أن يدخل عليها (قبل أن تدخل عليه خ يب) فهو الذي حل للزوج به فرجها.

ص: 188


1- البقرة - 237.
2- هم : الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى قدس اللّه أسرارهم.

(الثالث) إذا طلق قبل الدخول رجع بالنصف إن كان أقبضها ، أو طالبت بالنصف إن لم يكن أقبضها ، ولا يستعيد الزوج ما تجدد من النماء بين العقد والطلاق ، متصلا كان كالسمن أو منفصلا كالولد ، ولو كان النماء موجودا وقت العقد رجع بنصفه كالحمل ، ولو كان تعليم صنعة أو علم فعلمها رجع بنصف أجرته ، ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه.

(الرابع) لو أمهرها مدبره ثم طلق قبل الدخول صارت بينهما نصفين.

______________________________________________________

قليلا كان أو كثيرا ، إذا هي قبضته منه ، وقبلته ودخلت عليه ولا (فلا خ) شئ لها بعد ذلك (1).

فأما علم الهدى وسلار عللا ذلك بأن تمكينها له من الدخول ، رضا بأن ما أخذته مهر.

ولشيخنا فيه تردد مطالبة للدليل ، ويقوى عنده متابعتهم ، وكذا عندي ، لقول الصادق عليه السلام ، خذ ما اشتهر بين الناس (الأصحاب خ) ودع الشاذ النادر (2).

« قال دام ظله » : لو أمهرها مدبرة ثم طلق قبل الدخول ، صارت بينهما نصفين ، وقيل : يبطل التدبير لجعلها مهرا ، وهو أشبه.

القول الأول للشيخ في النهاية ، وحجته ما رواه في التهذيب ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن معلى بن خنيس ، قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام ، وأنا حاضر ، عن رجل تزوج امرأة على جارية له مدبرة قد عرفتها المرأة ، وأقدمت (وتقدمت خ) على ذلك ، ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، قال : فقال : أرى للمرأة نصف خدمة المدبرة (و خ) يكون للمرأة من المدبرة يوم من الخدمة ، ويكون لسيدها

ص: 189


1- الوسائل باب 8 حديث 13 من أبواب المهور.
2- لاحظ الوسائل باب 9 من أبواب آداب القاضي من كتاب القضاء.

وقيل يبطل التدبير لجعلها مهرا وهو أشبه.

(الخامس) لو أعطاها عوض المهر متاعا أو عبدا آبقا وشيئا آخر ثم طلق رجع بنصف المسمى دون العوض.

(السادس) إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع فسد الشرط دون العقد والمهر ، كما لو شرطت أن لا يتزوج أو لا يتسرى.

وكذا لو شرطت تسليم المهر في أجل فإن تأخر عنه فلا عقد له.

أما لو شرطت أن لا يفتضها صح ، ولو أذنت له بعده جاز ، ومنهم من خص جواز الشرط بالمتعة.

______________________________________________________

الذي دبرها يوم في الخدمة ، قيل له : فإن ماتت المدبرة قبل المرأة والسيد ، لمن يكون الميراث؟ قال : يكون نصف ما تركت للمرأة ، والنصف الآخر لسيدها الذي دبرها (1).

وفي التمسك بهذه الرواية ضعف ، فإن أبا جميلة كذاب ملعون.

والقول الثاني للمتأخر وشيخنا وهو المختار (لنا) إن التدبير وصية ، والوصية تبطل بالتصرف.

« قال دام ظله » : أما لو شرطت (اشترطت خ) أن لا يقتضها (يفتضها خ ئل) صح ، ولو أذنت بعده جاز.

هذا مذهب الشيخ في النهاية ، وحجته ما رواه في التهذيب ، يرفعه (2) إلى إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : رجل تزوج بجارية عاتق على أن لا يفتضها ، ثم أذنت له بعد ذلك ، قال : إذا أذنت له فلا بأس (3).

ص: 190


1- الوسائل باب 23 حديث 1 من أبواب المهور.
2- يعني يتصل السند إلى إسحاق بن عمار ، وليس المراد الرفع المصطلح.
3- الوسائل باب 36 حديث 2 من أبواب المهور.

(السابع) لو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم ، ولو شرط لها مائة إن خرجت معه ، وخمسين إن لم تخرج ، فإن أخرجها إلى بلد الشرك فلا شرط له ولزمته المائة ، وإن أرادها إلى بلد الإسلام فله الشرط.

______________________________________________________

وخصصها في المبسوط بالمتعة ، لأن المراد الأهم من الدوام ، الولد بواسطة الافتضاض (الافتضاض خ) والوجه بطلان الشرط ، لأنه شرط مخالف الكتاب والسنة ، وهو مذهب المتأخر.

ويدل على ذلك ، ما رواه محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، إنه قضى في رجل تزوج امرأة ، واصدقته هي (1) واشترطت عليه أن بيدها الجماع والطلاق؟ قال : قد خالفت السنة ، ووليت حقا ليست بأهله (2) فقضى أن عليه الصداق (3) ، وبيده الجماع والطلاق وذلك السنة (4).

« قال دام ظله » : لو شرط أن لا يخرجها من بلدها ، لزم ، إلى آخره.

أقول : هذه المسألة ذكرها الشيخ في النهاية ، وأفتى عليها ، وهي في رواية هشام بن سالم ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يتزوج المرأة ، ويشترط لها أن لا يخرجها من بلدها؟ فقال : يفي بذلك ، أو قال : يلزمه ذلك (5).

وقال المتأخر : الشرط باطل ، لأنه مخالف للكتاب والسنة.

فأما لو شرط لها مائة إن خرجت ، وخمسين إن لم تخرج ، فمستنده ما رواه الكليني في كتابه ، والشيخ في التهذيب - ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، قال : سئل وأنا حاضر ، عن رجل تزوج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده ، فإن لم تخرج معه ، فإن مهرها خمسون دينار إن أبت أن تخرج معه إلى بلاده؟ قال : فقال : إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك ،

ص: 191


1- (وأصدقها خ يب).
2- وولت الحق من ليس بأهله خ يب).
3- (فقضى إن على الرجل النفقة خ يب).
4- الوسائل باب 29 حديث 1 من أبواب المهور.
5- الوسائل باب 40 حديث 1 من أبواب المهور.

______________________________________________________

فلا شرط له عليها في ذلك ، ولها مائة دينار التي أصدقها إياها ، وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ، ودار الإسلام ، فله ما اشترط (شرط خ) عليها ، والمسلمون عند شروطهم ، وليس له أن يخرج بها إلى بلاده ، حتى يؤدي إليها صداقها ، أو ترضى منه من ذلك بما رضيت ، وهو جائز له (1).

وهذه الرواية حسنة الطريق ، وعليها فتوى الأصحاب ، والشيخ في النهاية.

ووجه تخريجها إن العقد وقع على مائة ، وشرط نقصان خمسين إن لم تخرج ، فلو أراد إخراجها إلى بلاد الإسلام ، ولم تخرج هي ينقص المهر خمسين ، لأن له أن يخرجها ، وليس لها المنع ، فإذا امتنعت ينقص (ينتقص خ) المهر ، عملا بالشرط ، فأما إذا أخرجها إلى بلاد الشرك ، فالمهر باق على ما انعقد عليه ذلك ، وليس له ولا عليها مطاوعته ، فهو بمنزلة أنه لم يرد الإخراج ، فيلزمه المهر كاملا (كملا خ).

وأقدم المتأخر على منع الرواية ، قال : لأن عليها مطاوعته في الخروج ، وإلا كانت عاصية.

والجواب إنا لا نسلم أنه يجب مطاوعته إذا أخرجها إلى بلاد الكفر ، بل يجب إذا أخرجها إلى بلاد الإسلام.

قال المتأخر : وقد رجع الشيخ عن ذلك في الخلاف في مسألة إذا أصدقها ألفا وشرط أن لا يسافر بها ، فالشرط باطل ، والنكاح والصداق صحيح (2).

ص: 192


1- الوسائل باب 40 حديث 2 من أبواب المهور.
2- قال في الخلاف (في مسألة 32 من كتاب الصداق.) ما هذا لفظه : إذا أصدقها ألفا وشرط أن لا يسافر أو لا يتزوج عليها أو لا يتسرى عليها كان النكاح والصداق صحيحين والشرط باطلا ، وقال الشافعي : المهر فاسد ، ويجب مهر المثل ، فأما النكاح فصحيح ، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال : ما بال أقوام يشترطون (يشرطون خ) شروطا ليست في كتاب اللّه ، كل شرط ليس في كتاب اللّه تعالى فهو باطل ، ولم يقل : الصداق باطل ، انتهى كلامه قده.

(الثامن) لو اختلفا في أصل المهر فالقول قول الزوج مع يمينه ولو كان بعد الدخول. وكذا لو خلا بها فادعت المواقعة.

(التاسع) يضمن الأب مهر ولده الصغير إن لم يكن له مال وقت العقد ، ولو كان له مال كان على الولد.

(العاشر) للمرأة أن تمنع (تمتنع خ) حتى تقبض مهرها ، وهل لها ذلك بعد الدخول؟ فيه قولان ، أشبههما : أنه ليس لها ذلك.

(النظر الثالث) في القسم والنشوز والشقاق.

أما القسم : فللزوجة الواحدة ليلة ، وللاثنتين ليلتان ، وللثلاث ثلاث ،

______________________________________________________

قلت : بين المسألتين (فرق خ) بعيد ، على أن في تلك المسألة نظرا ، منشأه قولهم عليهم السلام : المؤمنون عند شروطهم (1).

« قال دام ظله » : للمرأة أن تمتنع ، حتى تقبض مهرها ، وهل لها ذلك بعد الدخول؟ فيه قولان : أشبههما أنه ليس لها.

أقول : المهر حق للمرأة فلها المطالبة به (مطالبته خ) متى شاءت ، بأي وجه يمكن ، فلو امتنعت من تمكين نفسها (من خ) قبل الوطء (مطالبة خ) للمهر ، فلها ذلك بلا خلاف.

وهل يجوز بعد الوطء؟ قال في الخلاف : لا يجوز تمسكا بأن البضع حقه ، فلا يجوز منع (امتناع خ) حق لامتناع حق ، وعليه المتأخر.

وقال في المبسوط : الأقوى أن لها الامتناع.

وإطلاق الشيخين يدل عليه.

والوجه أنها لو لم تتمكن من تحصيل مهرها إلا به جاز الامتناع ولو تمكنت بغير ذلك لا يجوز.

ص: 193


1- الوسائل : باب 20 حديث 4 من أبواب المهور.

والفاضل من الأربع له أن يضعه حيث شاء ، وإن (ولو خ) كن أربعا فلكل واحدة ليلة ، ولا يجوز الإخلال إلا مع العذر أو الإذن.

والواجب المضاجعة لا المواقعة ، ويختص الوجوب بالليل دون النهار.

وفي رواية الكرخي : إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها (1)

وإذا (ولو خ) اجتمع مع الحرة أمة بالعقد فللحرة ليلتان وللأمة ليلة.

والكتابية كالأمة. ولا قسمة للموطوءة بالملك.

ويختص البكر عند الدخول بثلاث إلى سبع ، والثيب بثلاث.

وتستحب التسوية بين الزوجات في الانفاق وإطلاق الوجه والجماع ، وأن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها.

وأما النشور : فهو ارتفاع أحد الزوجين عن طاعة صاحبه مما (فيما خ) يجب له ، فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان وعظها ، فإن لم ينجع هجرها في المضجع ، وصورته أن يوليها ظهره في الفراش ، فإن لم ينجع ضربها مقتصرا على ما يؤمل معه طاعتها ما لم يكن مبرحا (2).

ولو كان النشوز منه فلها المطالبة بحقوقها ، ولو تركت بعض ما يجب عليه أو كله استمالة جاز له القبول.

وأما الشقاق : فهو أن يكره كل منهما صاحبه ، فإذا خشي الاستمرار بعث كل منهما حكما من أهله ، ولو امتنع الزوجان بعثهما الحاكم ، ويجوز أن يكونا أجنبيين ، وبعثهما تحكيم لا توكيل ، فيصلحان إن اتفقا ،

ص: 194


1- الوسائل باب 5 حديث 1 من أبواب القسم والنشور.
2- بالحاء المهملة من التفصيل أي شديدا كثيرا.

ولا يفرقان إلا مع إذن الزوج في الطلاق والمرأة في البذل.

ولو اختلفا الحكمان لم يمض لهما حكم.

(النظر الرابع) في أحكام الأولاد.
اشارة

ولد الزوجة الدائمة يلحق به مع الدخول ومضي ستة أشهر من حين الوطء.

ووضعه لمدة الحمل أو أقل ، وهي تسعة أشهر.

وقيل : عشرة أشهر ، وهو حسن.

وقيل : سنة ، وهو متروك.

______________________________________________________

في أحكام الأولاد

« قال دام ظله » : - في أقل مدة الحمل - : وهي تسعة أشهر.

وهو مذهب الشيخين ، وبه روايات منها ما رواه الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سمعت أبا إبراهيم عليه السلام ، يقول : إذا طلق الرجل امرأته ، فادعت حبلا انتظر بها تسعة أشهر ، فإن ولدت ، وإلا اعتدت بثلاثة أشهر ، ثم قد بانت منه (1).

وروي أيضا عن العبد الصالح عليه السلام ، إنما الحمل تسعة أشهر (2).

قوله : (وقيل : عشرة) ذكره سلار محيلا على الرواية.

قوله : (وقيل سنة) هو (هي خ) للمرتضى ، مستدلا بالإجماع ، ولم يثبت ، واختاره أبو الصلاح ، وهو في رواية أبان ، عن ابن حكيم ، عن أبي إبراهيم ، أو أبيه عليهما السلام ، أنه قال ، في المطلقة يطلقها زوجها ، فتقول : أنا حبلى ، فتمكث سنة؟

ص: 195


1- الوسائل باب 25 حديث 1 من أبواب العدد من كتاب الطلاق.
2- الوسائل باب 17 ذيل حديث 5 من أبواب أحكام الأولاد.

فلو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم يلحق به.

ولو أنكر الدخول فالقول قوله مع يمينه ، ولو اعترف به ثم أنكر الولد لم ينتف عنه إلا باللعان ، ولو اتهمها بالفجور أو شاهد زناها لم يجز له نفيه ، ولحق به (ويلحق به الولد خ) ، ولو نفاه لم ينتف إلا باللعان.

وكذا لو اختلفا في مدة الولادة.

ولو زنى بامرأة فأحبلها لم يجز إلحاقه به وإن تزوج بها.

وكذا لو أحبل أمة غيره بزنا ثم ملكها.

ولو طلق زوجته فاعتدت وتزوجت (غيره خ) وأتت بولد لدون ستة أشهر فهو للأول ، ولو كان لستة أشهر فصاعدا فهو للأخير.

ولو لم تتزوج فهو للأول ما لم يتجاوز أقصى الحمل.

وكذا الحكم في الأمة لو باعها بعد الوطء.

وولد الموطئة بالملك يلحق بالمولى ويلزمه الإقرار به.

لكن لو نفاه انتفى ظاهرا ، ولا يثبت بينهما لعان.

ولو اعترف به بعد النفي لحق به ، وفي حكمه ولد المتعة.

وكل من أقر بولد ثم نفاه لم يقبل نفيه ، ولو وطأها المولى والأجنبي

______________________________________________________

قال : إن جاءت به لأكثر من سنة لم تصدق ولو بساعة (ساعة خ) واحدة في دعواها (1).

وهي متروكة ، والعمل على الأول ، تعويلا على الأغلب ، أو على الثاني ، لوجودها ولو نادرا.

ص: 196


1- الوسائل باب 25 حديث 3 من أبواب العدد من كتاب الطلاق.

حكم به للمولى.

فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظن أنه ليس منه لم يجز له إلحاقه ولا نفيه ، بل يستحب أن يوصي له بشئ ولا يورثه ميراث الأولاد.

ولو وطأها البائع والمشتري فالولد للمشتري ، إلا أن يقصر الزمان عن ستة أشهر.

ولو وطأها المشتركون فولدت وتداعوه أقرع بينهم والحق بمن يخرج اسمه ويغرم حصص الباقين من قيمته وقيمة أمه.

ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل ، ولا مع التهمة بالزنا.

والموطوءة بالشبهة يلحق ولدها بالواطي.

ولو تزوج امرأة لظنه خلوها فبانت محصنة ردت على الأول بعد الاعتداد من الثاني ، وكانت الأولاد للواطئ مع الشرائط.

ويلحق بذلك أحكام الولادة :

وسننها : استبداد النساء بالمرأة وجوبا إلا مع عدمهن ، ولا بأس بالزوج وإن وجدن.

ويستحب غسل المولود ، والأذان في أذنه اليمنى ، والإقامة في اليسرى ، وتحنيكه بتربة الحسين عليه السلام ، وبماء الفرات ، ومع عدمه بماء فرات ، ولو لم يوجد إلا ماء ملح خلط بالعسل أو التمر.

ويستحب تسميته بالأسماء المستحسنة. وأن يكنيه.

ويكره أن يكنى محمد بأبي القاسم ، وأن يسمى حكما أو حكيما ، أو خالدا أو حارثا ، أو ضرارا ، أو مالكا.

ويستحب حلق رأسه يوم السابع مقدما على العقيقة ، والتصدق

ص: 197

بوزن شعره ذهبا أو فضة.

ويكره القنازع (1).

ويستحب ثقب إذنه وختانه فيه ، ولو أخر جاز ، ولو بلغ وجب عليه الاختتان.

وخفض الجواري مستحب.

أن يعق عنه فيه أيضا ، ولا تجزي الصدقة بثمنها ، ولو عجز توقع المكنة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وأن يعق عنه.

أقول : لا خلاف في فضل العقيقة ، وإن (فإن خ) فيها ثوابا جزيلا ، ولكن اختلفوا ، هل هي (أنها خ) واجبة أو مندوبة؟ قال الشيخان بالثاني ، وعليه أتباعهما ، والمتأخر ، وقال المرتضى بالأول ، مستدلا بالإجماع ، وبأن النسك عبادة وخير ، وهو واجب ، لقوله تعالى : ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (2) وبمطلق قول النبي صلى اللّه عليه وآله : في المولود ، اهرقوا عنه دما (3).

وهو انسب عندي ، نظرا إلى ظاهر روايات كثيرة.

(منها) ما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن العقيقة أواجبة هي؟ قال : نعم هي واجبة (4).

ص: 198


1- (القزيعة) كشريفة (والقزعة) كقبرة : الخصلة - بالضم - من الشعر تترك على رأس الصبي ، وهي كالذواب في نواصي الرأس ، أو القليل من الشعر في وسط الرأس ، خاصة كالقنزعة ، ويذكر في ق ن زع (القاموس في قزع) وقال هناك : هي الشعر حوالي الرأس ، ج قنازع وقنزعات ، والخصلة من الشعر تترك على رأس الصبي أو هي ما ارتفع من الشعر وطال (القاموس : في مادة قنزع).
2- الحج 77.
3- سنن أبي داود ج 2 ص 105 باب في العقيقة من كتاب الضحايا حديث 6 وفيه : فأهرقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى.
4- الوسائل باب 38 حديث 4 من أبواب أحكام الأولاد.

ويستحب فيها شروط الأضحية.

وأن تختص القابلة بالرجل والورك. ولو كانت ذمية أعطيت ثمن الربع.

ولو لم تكن قابلة تصدقت به الأم ، ولو لم يعق الوالد استحب للولد إذا بلغ.

______________________________________________________

(ومنها) ما رواه ابن أبي عمير ، عن أبي المعزا ، عن علي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : العقيقة واجبة (1).

وعن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، كل مولود مرتهن بالعقيقة (2).

(ومنها) ما روى عبد اللّه بن سنان ، عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إني واللّه ما أدري كان أبي عق عني أم لا؟ قال : فأمرني أبو عبد اللّه عليه السلام ، فعققت عن نفسي وأنا شيخ كبير (الحديث). (3)

وقال عمر بن يزيد : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : كل امرء مرتهن بعقيقته ، والعقيقة أوجب من الأضحية (4).

وعن حفص الكناسي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال : الصبي إذا ولد عق عنه وحلق رأسه ، وتصدق بوزن شعره ورقا ، وأهدى إلى القابلة الرجل مع الورك ، ويدعي نفر من المسلمين ، فيأكلون ، ويدعون للغلام ، ويسمي يوم السابع (5).

وفي هذا المعن وفي هذا المعنى روايات كثيرة ، فمن شاء فليطلبها في كتب أحاديث الأصحاب (6) وهي وإن ضعف بعضها ، لكن الكثرة تجبره.

ص: 199


1- الوسائل باب 38 حديث 3 و 2 من أبواب أحكام الأولاد.
2- الوسائل باب 38 حديث 3 و 2 من أبواب أحكام الأولاد.
3- الوسائل باب 39 حديث 1 من أبواب أحكام الأولاد.
4- الوسائل باب 38 حديث 1 من أبواب أحكام الأولاد.
5- الوسائل باب 44 حديث 12 من أبواب أحكام الأولاد.
6- راجع الوسائل من باب 38 إلى باب 48 من أبواب أحكام الأولاد.

ولو مات الصبي في السابع قبل الزوال سقطت ، ولو مات بعد الزوال لم يسقط الاستحباب.

ويكره أن يأكل منها الوالدان ، وأن يكسر شئ من عظامها ، بل يفصل مفاصلها (مفاصل الأعضاء خ).

ومن التوابع : الرضاع والحضانة

وأفضل ما رضع لبان (لبن خ) أمه ، ولا تجبر الحرة على إرضاع ولدها.

ويجبر الأمة مولاها.

وللحرة الأجرة على الأب إن اختارت إرضاعه.

وكذا لو أرضعته خادمتها ، ولو كان الأب ميتا فمن مال الرضيع.

ومدة الرضاع حولان ، ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا لا أقل ، والزيادة بشهر أو بشهرين لا أكثر ، ولا تلزم الوالد أجرة ما زاد عن حولين.

والأم أحق بإرضاعه إذا تطوعت أو قنعت بما يطلب غيرها ، ولو طلبت زيادة عما قنع غيرها فللأب نزعه واسترضاع غيرها.

وأما الحضانة : فالأم أحق بالولد مدة (بمدة خ) الرضاع إذا كانت حرة مسلمة.

وإذا فصل فالحرة أحق بالبنت إلى سبع سنين.

______________________________________________________

في الحضانة

« قال دام ظله » : وإذا فصل ، فالحرة أحق بالبنت إلى سبع سنين ، وقيل : إلى تسع.

ص: 200

وقيل : إلى تسع سنين.

والأب أحق بالابن.

ولو تزوجت الأم سقطت حضانتها ، ولو مات الأب فالأم أحق به من الوصي.

القول الأول للشيخ في النهاية ، وعليه المتأخر ، والثاني للمفيد وسلار.

وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط : وإن كان طفلا يميز بين الضرر والنفع - وهو بلوغ (ببلوغ خ) سبع أو ثمان - فالأب أحق بالذكر ، والأم بالأنثى.

وذكر أيوب بن نوح في مسائل الرجال - لأبي الحسن عليه السلام ، قال : كتب بشر بن يسار (بشير بن بشار خ) جعلت فداك ، رجل تزوج امرأة وولدت منة ، ثم فارقها ، متى يجب له أن يأخذ ولده؟ فكتب عليه السلام : إذا صار له تسع سنين فإن أخذه فله ، وإن تركه فله (1).

روى ابن بابويه بلفظ سبع (2) والغلط من أحد الناسخين.

وهذه محمولة على ما إذا كان المولود (الولد خ) أنثى.

فإذا تقرر هذا فالقول الأول ، هو المختار (لنا) إن الأب له استحقاق الولاية ، فمصلحة المولود مفوضة إليه ، لكن ترك العمل بذلك في البنت إلى سبع ، للإجماع ، وعمل به في الباقي فلو لا الإجماع في سبع ، لما قلنا بذلك.

ص: 201


1- والأولى نقل الخبر كما في الوسائل بعينه : محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم : مولانا أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام : رواية الجوهري والحميري ، عن أيوب بن نوح ، قال : كتبت إليه مع بشر بن بشار : جعلت فداك ، إلى آخر الخبر ، وفيه (سبع) بدل (تسع) الوسائل باب 81 حديث 7 آخر الباب من أبواب أحكام الأولاد.
2- الوسائل باب 81 حديث 6 من أبواب أحكام الأولاد ، ولفظه هكذا : أيوب بن نوح ، قال : كتب إليه بعض أصحابه : كانت لي امرأة ولي منها ولد وخليت سبيلها ، فكتب عليه السلام : المرأة أحق بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين ، إلا أن تشاء المرأة.

وكذا لو كان الأب مملوكا أو كافرا كانت الأم الحرة أحق به ولو تزوجت ، فإن أعتق الأب فالحضانة له.

(النظر الخامس) في النفقات ، وأسبابها ثلاثة : الزوجية والقرابة والملك.
اشارة

أما الزوجية : فيشترط في وجوب نفقتها شرطان :

العقد الدائم ، فلا نفقة للمتمتع بها. والتمكين الكامل ، فلا نفقة للناشزة (لناشزة خ).

ولو امتنعت لعذر شرعي لم تسقط كالمرض والحيض وفعل الواجب. أما المندوب فإن منعها منه فاستمرت سقطت نفقتها.

وتستحق الزوجة النفقة ولو كانت ذمية أو أمة.

وكذا تستحقها المطلقة الرجعية دون البائن والمتوفى عنها زوجها إلا أن تكون حاملا فتثبت نفقتها في الطلاق على الزوج حتى تضع.

وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي الوفاة في (من خ) نصيب الحمل ، على إحدى الروايتين.

أقول : المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها على مال الميت ، لأن علقة الزوجية ، انقطعت بالموت.

ولو كانت حاملا هل ينفق عليها من نصيب الحمل؟ فيه قولان ، وتمسك كل واحد منهما برواية.

قال المفيد في المقنعة (التمهيد خ) وابن أبي عقيل : لا نفقة لها ، تمسكا بأن الحمل لا مال له ، فكيف ينفق عليها من نصيبه.

قلت : وهذا مشكل (أشكل خ) مع تسليم وجوب عزل نصيبه.

وبما ذكره المفيد رواية عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه

ص: 202

ونفقة الزوجة مقدمة على نفقة الأقارب ، وتقضى لو فاتت.

وأما القرابة : فالنفقة على الأبوين والأولاد لازمة ، وفيمن علا من الآباء والأمهات تردد ، أشبهه : اللزوم.

ولا تجب على غيرهم من الأقارب ، بل تستحب ، وتتأكد في الوارث.

______________________________________________________

قال : في الحبلى المتوفى عنها زوجها ، أنه لا نفقة لها (1).

ومثله عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وقال الشيخ وأبو الصلاح وأتباعهما : إنه ينفق عليها من نصيب ولدها ، تمسكا بما رواه محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها. (3)

وحمل الشيخ ما رواه العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من ماله (4) على أن التقدير من مال ولده.

« قال دام ظله » : أما القرابة ، فالنفقة على الأبوين والأولاد ، لازمة ، وفيمن علا من الآباء والأمهات تردد؟ أشبهه اللزوم.

أقول : منشأ التردد ، أنه هل يطلق اسم الأب والأم على الجد والجدات؟ وذلك لأن الانفاق على خلاف الأصل ، وترك (ثبت خ) في الأب والأم ، بالإجماع ، فمن قال : بأنه أب مطلقا ، - وهو أشبه نظرا إلى العرف - لزمه القول بوجوب الانفاق ، وعليه فتوى الشيخين وأتباعهم ، وما أعرف فيه مخالفا بيننا (منا خ).

ص: 203


1- الوسائل باب 9 حديث 1 من أبواب النفقات.
2- الوسائل باب 9 حديث 2 من أبواب النفقات ، ولكن لفظه هكذا : في المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها ، هل لها نفقة؟ قال : لا.
3- الوسائل باب 10 حديث 1 من أبواب النفقات.
4- الوسائل باب 9 حديث 4 من أبواب النفقات.

ويشترط في الوجوب الفقر والعجز عن الاكتساب ، ولا تقدير للنفقة بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن ، ونفقة الولد على الأب ، ومع عدمه أو فقره فعلى أب الأب وإن علا مرتبا ، ومع عدمهم تجب على الأم وآبائها الأقرب فالأقرب ، ولا تقضى نفقة الأقارب لو فاتت.

وأما المملوك فنفقته واجبة على مولاه.

وكذا الأمة ، ويرجع في قدر النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى.

ويجوز مخارجة (1) المملوك على شئ. فما فضل يكون له ، فإن كفاه وإلا أتمة المولى.

وتجب النفقة على البهائم المملوكة ، فإن امتنع مالكها أجبر على بيعها أو ذبحها إن كانت مقصودة بالذبح.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويجوز مخارجة المملوك (المخارجة للمملوك خ) على شئ.

المخارجة في اللغة المناهدة (المناهذة خ) بالأصابع ، يعني المقارعة ، والمراد هنا أن يقاطع المملوك على شئ يوصله إلى السيد ، والفاضل له ، فكأنه قارعه على ذلك.

ص: 204


1- المخارجة : هي ضرب خراج معلوم على الرقيق يؤديه كل يوم أو مدة مما يكتسبه (المالك).

كتاب الطلاق

اشارة

ص: 205

كتاب الطلاق

والنظر في : أركانه وأقسامه ولواحقه.

الركن الأول في المطلق.

ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد.

فلا اعتبار بطلاق الصبي.

وفيمن بلغ عشرا رواية بالجواز فيها ضعف.

______________________________________________________

في المطلق

« قال دام ظله » : وفي من بلغ عشرا ، رواية بالجواز ، فيها ضعف.

هذه رواها ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : يجوز طلاق الصبي ، إذا بلغ عشر سنين. (1)

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وفي ابن فضال كلام.

على أنها معارضة بما رواه محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ليس طلاق الصبي بشئ. (2)

ص: 206


1- الوسائل باب 32 حديث 6 من أبواب مقدمات الطلاق.
2- الوسائل باب 32 حديث 1 من أبواب مقدمات الطلاق.

ولو طلق عنه الولي لم يقع إلا أن يبلغ فاسد العقل ، ولا يصح طلاق المجنون ولا السكران ولا المكره ولا المغضب مع ارتفاع القصد.

الركن الثاني في المطلقة :

ويشترط فيها الزوجية والدوام والطهارة من الحيض والنفاس إذا كانت مدخولا بها ، وزوجها حاضر معها ، ولو كان غائبا صح.

وفي قدر الغيبة اضطراب ، محصلة : انتقالها من طهر إلى آخر.

______________________________________________________

فالأولى العدول عنها لأن في سندها ضعفا ، والرجوع إلى الأصل ، وهو بقاؤه (إبقاؤه خ) على الحجر والمنع من التصرف ، تمسكا بالأحوط ، وتحفظا من تطرق كلام إلى التناكح والتناسل ، وهو مذهب شيخنا والمتأخر.

في المطلقة

« قال دام ظله » : وفي قدر الغيبة اضطراب ، محصلها انتقالها من طهر إلى (طهر خ) آخر.

قلت : إذا اشترط في صحة طلاق الحاضر ، ارتفاع الحيض ، وعدم الطهر المقارب ، فلا بد فيه من تقدير الغيبة بمدة لا يعتبر بعدها الشرطان ، إذ طلاق الغائب جائز ، وهو جنس يقع على الزمان القليل ، كما يقع على الكثير.

وفي ذلك التقدير روايات.

ففي رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا (1).

وفي رواية جميل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر ، ليس له أن يطلق ، حتى يمضي ثلاثة أشهر (2).

ص: 207


1- الوسائل باب 26 حديث 3 و 7 من أبواب مقدمات الطلاق.
2- الوسائل باب 26 حديث 3 و 7 من أبواب مقدمات الطلاق.

______________________________________________________

وجمع (الشيخ خ) بينهما في النهاية وقال : ما بين شهر إلى ثلاثة.

وفي أخرى ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : الغائب الذي يطلق أهله كم غيبته؟ قال : خمسة أشهر ، ستة أشهر ، قلت : حد دون ذلك؟ قال : ثلاثة أشهر (1).

وجمع في الاستبصار بين هذه ، ورواية جميل (2) وبين رواية إسحاق بن عمار (3) بأن يعتبر ذلك باختلاف عادة النساء شهر إلى ثلاثة ، أو أقل ، أو خمسة.

ويفوح من مجموع كلامه ، أنه لا يطلق في أقل من شهر ، ويعتبر في الزائد ، العادة ، ويمكن أن يحمل كلام النهاية على هذا ، ورجح صاحب البشرى (4) دامت سيادته رواية جميل ، وعمل بها على إطلاقها ، معللا بأنها أصح.

أما المتأخر ، ذهب إلى اعتبار العادة ، بحيث ينتقل من الطهر الذي فارقها فيه إلى طهر آخر ، في شهر كان أو أقل ، وهو اختيار شيخنا دام ظله.

وأما المفيد ، أطلق القول بأن الغائب يطلق متى أراد على كل حال ، وتبعه سلار.

فكأنه نظر إلى أن اشتراط الانتقال معلوم مشهور ، فلا يحتاج إلى ذكره ، فهو كقول المتأخر.

وإذا ثبت هذا فهل يصح (يبيح خ) للحاضر الذي في حكم الغائب الطلاق في الحيض؟ قال الشيخ وأتباعه : نعم ، مع اعتبار المدة.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في التهذيب ، عن محمد بن يعقوب ، عن ثقات ذكرهم مرفوعا (5) إلى عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ،

ص: 208


1- الوسائل باب 26 حديث 8 من أبواب مقدمات الطلاق.
2- المتقدمة قبيل هذا.
3- المتقدمة آنفا.
4- هو أخو السيد ابن طاووس المعروف.
5- يعني متصلا سنده إليه.

______________________________________________________

عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها (أهله قيه) وهي في منزل أهلها (أهله قيه) وقد أراد أن يطلقها ، وليس يصل إليها ، فيعلم طمثها إذا طمثت ، ولا يعلم طهرها (بطهرها ئل) إذا طهرت؟ قال : فقال : هذا مثل الغائب عن أهله ، يطلقها (يطلق ئل) بالأهلة والشهور (الحديث) (1).

وأقدم المتأخر على المنع ، وقال : لا يجوز طلاقه ، لأنه حاضر ، والاجماع منعقد على أن طلاق الحاضر في الحيض ، لا يصح ، فذاك لا يصح ، وإلحاقه بالغائب ، قياس ، وهو باطل عندنا.

والجواب ، أنا لا نسلم أن كل حاضر لا يصح طلاقه في الحيض.

وقوله : (الإجماع منعقد على ذلك) : قلنا : لا نعرف ثبوته ، فعليك البيان (بالبيان خ).

ولو سلمنا ذلك في من يصل إلى امرأته ، نمنع في من لا يصل.

وقوله : (إلحاقه بالغائب قياس) ، قلنا : بعيد عن القياس ، لأن القياس عبارة عن إلحاق حكم مسكوت عنه نفيا وإثباتا ، بحكم منطوق به نفيا وإثباتا ، لاشتراكهما في علية (علة خ) جامعة ، والذي نحن بصدده ، خارج عنه ، بل هو إدخال حكم تحت جملة متفق عليها ، وهي قولنا : (الغائب يصح طلاقه) وهذا غائب أو في حكم الغائب ، فيصح طلاقه ، لأنا (لأنا نعلم أن) (2) الشرع لا يعتبر غيبوبة الشخص عن البلد ، وإلا لزمه هنا تقدير المسافة ، لمساس الحاجة إليها ، أو التخصيص ، وهو (على خ) خلاف الأصل.

سلمنا أن ذلك قياس ، لكن عند من يستند إلى العلة (الجامعة خ) ونحن استنادنا (نستند خ) إلى الرواية الصحيحة الناطقة (3) بذلك.

ص: 209


1- الوسائل باب 28 حديث 1 من أبواب مقدمات الطلاق ، وفيه : سألت أبا الحسن عليه السلام.
2- إذا الشرع لا يعتبر ... الخ خ.
3- وهي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة.

ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صح طلاقها من غير تربص ولو اتفق في الحيض.

والمحبوس عن زوجته كالغائب.

ويشترط رابع ، وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه ، ويسقط اعتباره في الصغيرة واليائسة والحامل.

أما المسترابة ، فإن تأخرت الحيضة صبرت ثلاثة أشهر ، ولا يقع طلاقها قبله.

وفي اشتراط تعيين المطلقة تردد.

الركن الثالث في الصيغة :

ويقتصر على طالق تحصيلا لموضع الاتفاق ، ولا يقع بخلية ولا برية.

وكذا لو قال : اعتدي ، ويقع لو قال (قيل خ) هل طلقت فلانة؟ فقال : نعم.

ويشترط تجريده عن الشرط والصفة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي اشتراط تعيين المطلقة تردد.

منشأ التردد ، النظر إلى قول الأصحاب ، ذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه لا يشترط ، فلو قال : زوجتي طالق ، وله أزيد من واحدة يقع الطلاق ، ويستخرج بالقرعة.

وقال أبو الصلاح : يشتر ط التعيين ، وعليه المتأخر ، وهو أشبه ، لأن الأصل بقاء العقد ، لكن ترك العمل به في المعينة إجماعا ، وعمل به في غيرها.

واختار شيخنا دام ظله مذهب الشيخ ، حملا على قول السيد ، عبدي معتق ، وله عبيد ، وفيه نظر.

ص: 210

ولو فسر الطلقة باثنتين أو ثلاث صحت واحدة وبطل التفسير.

وقيل : يبطل الطلاق.

______________________________________________________

في الصيغة

« قال دام ظله » : ولو فسر الطلقة ، باثنتين أو ثلاث ، صحت واحدة ، وبطل التفسير (وقيل) : يبطل الطلاق.

ذهب الشيخ إلى أن إرسال الطلاق أزيد من واحد حرام ، ويقع الواحد صحيحا مع الشروط ، وهو المختار ، وعليه الأكثر.

وقال علم الهدى في الناصريات والانتصار : يبطل في الكل ، وبه قال ابن أبي عقيل ، إلا أنه قال في الانتصار ، في أثناء كلامه : والصحيح من مذهبنا ، أنه تقع واحدة.

(لنا) النقل والاعتبار ، أما النقل ، فمنه ما روى عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثا في مجلس واحد ، فحزن عليها حزنا شديدا ، فسأله رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، كيف طلقتها؟ قال : طلقتها ثلاثا ، قال : في مجلس واحد؟ قال : نعم ، قال صلى اللّه عليه وآله : إنما تلك واحدة فراجعها إن شئت (1).

ومن طريق الأصحاب ، ما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن الذي يطلق في حال الطهر (طهر خ) في مجلس

ص: 211


1- نقله ابن رشد في بداية المجتهد ج 2 كتاب الطلاق ص 61 ، وفي آخره : إنما هي طلقة واحدة فارتجعها. ولاحظ أيضا سنن أبي داود ج 2 ص 259 باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث ، حديث 2 من كتاب الطلاق ، والحديث منقول بالمعنى ، وفيه : عبد يزيد أبو ركانة وإخوته أم ركانة ، فلاحظ السنن. ولاحظ كنز العرفان أيضا ج 9 كتاب الطلاق من قسم الأفعال حديث 27900 قريب بهذا المضمون (عن ابن مسعود).

______________________________________________________

(واحد خ) ثلاثا؟ قال : هي واحدة (1).

وما رواه صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي بصير الأسدي ، ومحمد بن علي الحلبي ، وعمر بن حنظلة جميعا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الطلاق ثلاثا في غير عدة ، إن كانت على طهر فواحدة ، وإن لم تكن على طهر ، فليس بشئ (2).

وما رواه محمد بن حمران (عمران خ) عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام ، في التي تطلق في حال الطهر (طهر خ) في مجلس (واحد خ) ثلاثا؟ قال : هي واحدة (3).

وغير ذلك من الروايات مذكورة في مظانها.

وأما الاعتبار ، فإن الطلاق واقع بقوله : أنت طالق ، ولا نسلم إن لانضمام التفسير إليه تأثيرا لجواز كونه لغوا.

وبما ذكره المرتضى روايات ، إما مضطربة المتن ، أو ضعيفة السند ، وأصحها ما رواه ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : من طلق (امرأته خ) ثلاثا في مجلس (واحد خ) فليس بشئ ، من خالف كتاب اللّه عزوجل رد إلى كتاب اللّه عزوجل وذكر طلاق ابن عمر (4).

وهي محتملة أن تكون نفي الشيئية عن المجموع ، لاعن كل جزء منه ، ويدل عليه قوله عليه السلام : رد إلى كتاب اللّه.

وحملها الشيخ على اختلال بعض الشرائط ، وفيه بعد.

ص: 212


1- الوسائل باب 29 حديث 3 من أبواب مقدمات الطلاق ، وفيه نقلا من الكافي ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام.
2- الوسائل باب 29 حديث 1 من أبواب مقدمات الطلاق.
3- الوسائل باب 29 حديث 11 و 8 من أبواب مقدمات الطلاق.
4- الوسائل باب 29 حديث 11 و 8 من أبواب مقدمات الطلاق.

ولو كان المطلق يعتقد الثلاث لزمه.

الركن الرابع في الإشهاد :

ولا بد من شاهدين يسمعانه.

ولا يشترط استدعاؤهما إلى السماع.

ويعتبر فيهما العدالة ، وبعض الأصحاب يكتفي بالإسلام.

______________________________________________________

في الإشهاد

« قال دام ظله » : ويعتبر فيهما العدالة ، وبعض الأصحاب يكتفي بالإسلام.

قلت : بعض الأصحاب ، إشارة إلى الشيخ في النهاية ، وإلا باقي الأصحاب يشترطون العدالة ، تمسكا بقوله تعالى : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (1) والأمر مطلق ، يقتضي الوجوب ، وبه تشهد (شهد خ) روايات ، وهو المذهب.

فأما الشيخ اقتصر على الإسلام ، نظرا إلى ظاهر بعض الروايات (فمنها) ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : طلاق السنة ، يطلقها تطليقة ، يعني على طهر من غير جماع ، بشهادة شاهدين (2) الغرض من الحديث (3) وفي هذا المعنى رواية أبي بصير (4).

وكلها محمولة ، على أن العدالة مرادة فيهما (فيها خ) حذرا من اطراح غيرها ،

ص: 213


1- الطلاق - 2.
2- الوسائل باب 16 حديث 3 من أبواب مقدمات الطلاق ، منقول بالمعنى ملخصا فلاحظ.
3- يعني أن ما نقلناه من قوله عليه السلام : طلاق السنة يطلقها .... الخ إنما نقلناه بعنوان حاصل الحديث لا بألفاظه.
4- لم نعثر على رواية أبي بصير بهذه العبارات ، ولعل المراد ما رواه أبو بصير ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إن عمر بن رياح زعم أنك قلت : لإطلاق الأبنية ، فقال : ما أنا قلته ، بل اللّه تبارك وتعالى يقوله (الوسائل باب 10 حديث 13 من أبواب مقدمات الطلاق) فتأمل وعليك بالتتبع ، لعلك تعثر على غيرها أيضا.

ولو طلق ولم يشهد ثم أشهد ، كان الأول لغوا ولا تقبل فيه شهادة النساء.

النظر الثاني : في أقسامه

اشارة

وينقسم إلى بدعة وسنة :

فالبدعة طلاق الحائض الحائل مع الدخول وحضور الزوج أو غيبته دون المدة المشترطة ، وفي طهر قد قربها فيه بجماع.

______________________________________________________

وتوفيقا بينهما (بينها خ) وبين القرآن.

وأيضا هذه عامة ، وتلك خاصة ، وإذا تعارض العام والخاص ، رجح الخاص ، عملا بهما (1).

في أقسام الطلاق

« قال دام ظله » : وينقسم الطلاق ، إلى بدعة وسنة ، إلى آخره.

قلت : اختلفت عبارات الأصحاب ، في هذا التقسيم ، فذهب الشيخان ، وسلار ، وابن بابويه إلى أن الطلاق على ضربين ، طلاق العدة ، وطلاق السنة ، ثم قسموه إلى بائن ورجعي ، وفسروا طلاق السنة بأن لا يراجعها حتى تخرج من العدة ، وطلاق العدة بأن يراجعها في العدة ويطأها ، ثم يطلقها في غير طهر المواقعة ، ثلاثا بهذا الشرط (الشرائط خ) ففي الثالثة ، تحرم حتى تنكح زوجا غيره.

ومنشأ هذا التفسير ، الالتفات إلى الروايات ، فإن فيها اختلافا مع اضطراب.

فالأولى أن يقال : الطلاق (إما) مأذون فيه شرعا ، (أو) لا ، الثاني هو البدعة.

والثاني (إما) أن تجوز (للزوج خ) المراجعة أولا ، فالأول هو الرجعي ، والثاني

ص: 214


1- في بعض النسخ هكذا : وأيضا هذه وأيضا هذه مطلقة وتلك مقيدة ، وإذا تعارض المطلق والمقيد ، رجح المقيد عملا بهما (انتهى).

وطلاق الثلاث المرسلة. وكله لا يقع.

وطلاق السنة ثلاث : بائن ، ورجعي ، والعدة (للعدة خ).

فالبائن ما لا يصح معه الرجعة ، وهو طلاق اليائسة على الأظهر.

______________________________________________________

هو المسمى بالعدة ، على التفسير المذكور

(فإن قيل) : فعلى هذا لا يحصل مسمى طلاق العدة إلا بعد حصوله (قلنا) : يلزم (يلزمه خ) (نلتزم خ) هذا ، ولا حذر ، وهو لازم على القسمين (التقسيمين خ) (1) لكن ما ذكرنا أقرب إلى الذهن وأسهل ، لأن على ما ذكروه يشتبه بعض التطليقات ببعض ، واللّه أعلم.

« قال دام ظله » : وطلاق الثلاث المرسلة (2) وكله لا يقع

يسأل هنا ، أن على مذهبه دام ظله تقع واحدة في الثلاث المرسلة ، فكيف يصدق (وكله لا يقع).

والجواب أنه حكم على مجموع الثلاث بعدم الوقوع ، فلا يستلزم حكم المفردات حكم المجموع ، فإن الأحكام تتغاير بتغاير الماهية.

« قال دام ظله » : فالبائن ، مالا يصح معه الرجعة ، وهو طلاق اليائسة ، على الأظهر.

اختلفوا في اليائسة ، هل طلاقها بائن أم لا؟ ومنشأ الخلاف إن العدة هل هي واجبة عليها أو لا؟ اختار المرتضى الوجوب ، والشيخ السقوط ، فعلى اختيار المرتضى طلاقها ليس ببائن ، لأنها لا تملك نفسها ، وعلى مذهب الشيخ بائن ، وتحقيق هذا البحث مذكور في باب العدد.

ص: 215


1- وكذا طلاق السنة على ما فسروه ، إذ (ثم خ) لم يختلف فيه (فقه خ) باختلاف التفسير (التقسيمين خ).
2- أي طلاق الثلاث من غير رجعة بينها (شرائع الإسلام).

ومن لم يدخل بها ، والصغيرة ، والمختلعة ، والمبارأة ما لم ترجعا في البذل ، والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان ، والرجعي ما يصح معه الرجعة ولو لم يرجع.

وطلاق العدة ما يرجع فيه ويواقع ثم يطلق ، فهذه تحرم في التاسعة تحريما مؤبدا ، وما عداها تحرم في كل ثالثة حتى تنكح غيره.

وهنا مسائل

(الأولى) لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثلاثة.

(الثانية) يصح طلاق الحامل للسنة (1) كما يصح للعدة على الأشبه.

______________________________________________________

هنا مسائل

« قال دام ظله » : لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثلاثة.

معنى هذا الكلام ، إن المرأة إذا طلقت بالشرائط ، واستوفت العدة ثلاثا ، ففي الثالثة تحرم على المطلق ، حتى تنكح زوجا غيره ، وهو رد على ما رواه عبد اللّه بن بكير ، في روايته : متى استوفت العدة هدم ما قبلها ، ولو مائة مرة (2).

وهو فطحي ، وفي الرواية ضعف ، ووجهه ما ذكره الشيخ أنه سأل (سأله خ) تارة عن هذه المسألة ، فاستند (فأسند خ) إلى زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، و (تارة) قال : هذا مما (ما خ) رزقني اللّه من الرأي (3).

فعلى هذا لا اعتماد عليها ، وقال الشيخ في الاستبصار : وما كان عليه من المذهب أفحش من سند هذا (الكلب خ) (الكتاب خ).

« قال دام ظله » : يصح طلاق الحامل للسنة ، كما يصح للعدة ، على الأشبه.

فقه هذه المسألة ، أن الحلبي إذا طلقت ، ثم راجعها الزوج ، هل يجوز طلاقها ثانيا ،

ص: 216


1- يعني السنة بالمعنى الأخص وهو أن يطلق على الشرائط المعتبرة في صحة الطلاق ثم يتركها حتى تخرج من العدة ثم يتزوجها إن شاء.
2- الوسائل باب 3 حديث 11 من أبواب أقسام الطلاق ، نقلها بالمعنى فلاحظ.
3- الوسائل باب 3 حديث 12 من أبواب أقسام الطلاق.

______________________________________________________

قبل الوضع؟ اختلفت الروايات في ذلك.

ففي بعضها طلاق الحبلى واحدة ، وهي ما رواه الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : طلاق الحامل واحدة وعدتها أقرب الأجلين (1).

وما رواه إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها ، فقد بانت منه. (2)

وما رواه حماد بن عثمان (عيسى خ ئل) عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : طلاق الحبلى واحدة ، فإن شاء راجعها قبل أن تضع ، فإن وضعت قبل أن يراجعها ، فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب (3).

وفي بعضها ، يطلق طلاق العدة ، (فمنها) ما رواه صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : الحامل يطلقها زوجها ، ثم يراجعها ، ثم يطلقها ، ثم يراجعها ، ثم يطلقها الثالثة؟ قال : تبين منه ، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (4).

فالشيخ رحمه اللّه جمع بينهما ، وحمل الرواية الأولى (الروايات الأول خ) على طلاق السنة ، والثانية على العدة على ما فسرناه (فسرهما خ) وهو تحكم.

فأما (وأما خ) المفيد وابن بابويه ، ذهبا إلى أن طلاق الحبلى واحدة عملا بالروايات الأول (الأولى خ).

والأولى إن مع تعارض الروايات واختلافها ، يتمسك (التمسك خ) بالأصل ، وهو جواز الطلاق ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر.

ولو عملنا بالروايات عملنا بالأولى لأنها أصح سندا.

ص: 217


1- الوسائل باب 20 حديث 3 من أبواب أقسام الطلاق.
2- الوسائل باب 20 حديث 1 من أبواب أقسام الطلاق.
3- الوسائل باب 20 حديث 2 و 6 من أبواب أقسام الطلاق.
4- الوسائل باب 20 حديث 2 و 6 من أبواب أقسام الطلاق.

(الثالثة) يصح أن يطلق ثانية في الطهر الذي طلق فيه وراجع فيه ، ولم يطأ لكن لا يقع للعدة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : يصح أن يطلق ثانية في الطهر الذي طلق فيه ... الخ.

لا يصح تكرار الطلاق مع الوطء ، في طهر واحد ، بلا خلاف كما ذكرناه.

وهل يصح مع عدم الوطء؟ فيه روايتان ، إحداهما المنع ، وهي ما رواه محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلق امرأته : له أن يراجع ، وقال : لا يطلق الطلقة (التطليقة خ) الأخرى حتى يمسها (1).

والأخرى الجواز ، وهي ما رواه سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : قلت له : رجل طلق امرأته ، ثم راجعها بشهود ، ثم طلقها ، ثم بدا لها ، فراجعها بشهود ، ثم طلقها بشهود ، ثم راجعها (فراجعها خ) بشهود ، تبين منه؟ قال : نعم ، قلت : كل ذلك في طهر واحد ، قال : تبين منه (الحديث) (2).

ثم أقول : سيف مطعون ، وإسحاق مقدوح ، فالأولى تفريق التطليقات على الأطهار ، وتحمل الرواية على ما إذا كان في طهر واحد ، فأما إذا كان في طهر آخر ، ولم يمسها ، قال الشيخ : لا يجوز للعدة ويجوز للسنة.

وهو جمع بين ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سألت الرضا عليه السلام ، عن رجل طلق امرأته بشاهدين ، أيقع عليها التطليقة الثالثة (3) وقد راجعها ، ولم يجامعها؟ قال : نعم (4).

ص: 218


1- الوسائل باب 17 حديث 2 من أبواب أقسام الطلاق.
2- الوسائل باب 9 حديث 5 من أبواب أقسام الطلاق ، وتمامه قلت : فإنه فعل ذلك بامرأة حامل أتبين منه؟ قال : ليس هذا مثل هذا.
3- هكذا في النسخ التي عندنا ، وهي ست نسخ ، ولكن في التهذيب والاستبصار والوسائل (الثانية) بدل (الثالثة).
4- الوسائل باب 19 حديث 2 من أبواب أقسام الطلاق.

(الرابعة) لو طلق غائبا ثم حضره ودخل بها ثم ادعى الطلاق لم يقبل دعواه ولا بينته ، ولو أولدها الحق به.

(الخامسة) إذا طلق الغائب وأراد العقد على أختها أو على خامسة تربص تسعة أشهر احتياطا.

______________________________________________________

وعن عبد الحميد بن عواض ، ومحمد بن مسلم ، قالا : سألنا أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل طلق امرأته ، فأشهد على الرجعة ، فلم يجامع ، (ولم يجامعها خ) ثم طلق في طهر آخر على السنة ، أتثبت التطليقة الثانية بغير جماع؟ قال : نعم ، إذا هو أشهد على الرجعة ، ولم يجامع ، كانت التطليقة ثابتة (ثانية خ) (1).

وبين (2) ما يتضمن المنع من الطلاق ، لا مع الوطء على العموم (منها) ما رواه عبد الرحمن ، وقد ذكرناها (3).

(ومنها) رواية المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الذي يطلق ، ثم يراجع امرأته تطليقة ، ثم يطلقها الثانية ، قبل أن يراجع؟ قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا يقع الطلاق الثاني حتى يراجع ويجامع. (4)

فحمل رواية الجواز على السنة ، ورواية المنع على العدة ، على ما فسرهما ، وهو حسن لأن طلاق العدة ، لا يحصل إلا بالوطء.

والأصح إطلاق القول بصحته ، لكن لا يسمى عدة.

وقال ابن أبي عقيل : لا يصح طلاقها إلا في طهر آخر ، ولا ينقضي الطهر الأول ، إلا بتدنيس (بتقدير خ) المواقعة بعد المراجعة (الرجعة خ).

ص: 219


1- الوسائل باب 19 حديث 1 من أبواب أقسام الطلاق.
2- عطف على قوله قده : بين ما رواه أحمد ... الخ.
3- وقد تقدمت آنفا.
4- الوسائل باب 17 حديث 5 من أبواب أقسام الطلاق. وفيه هكذا : عن شعيب الحداد أظنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو عن المعلى بن خنيش. عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

النظر الثالث : في اللواحق

اشارة

وفيه مقاصد :

الأول :

يكره الطلاق للمريض ، ويقع لو طلق ، ويرث زوجته في العدة الرجعية وترثه هي ولو كان الطلاق بائنا إلى سنة ما لم تتزوج أو يبرأ من مرضه ذلك.

المقصد الثاني في المحلل.

ويعتبر فيه البلوغ والوطء في القبل بالعقد الصحيح الدائم.

وهل يهدم ما دون الثلاث؟ فيه روايتان ، أشهرهما. أنه يهدم.

______________________________________________________

في المحلل

« قال دام ظله » : وهل يهدم (المحلل خ) ما دون الثلاث؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنه يهدم.

قلت : الزوج يهدم التطليقات ، بغير خلاف ، واختلفت الروايات في هدمه أقل من ثلاث ، ففي كثير منها أنه لا يهدم ، فمن ذلك ما رواه صفوان ، عن منصور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في امرأة طلقها زوجها واحدة أو اثنتين ثم تركها حتى تمضي عدتها ، فتزوجها غيره فيموت أو يطلقها ، فتزوجها الأول؟ قال : هي عنده على ما بقي من الطلاق (1).

ومثله عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عنه عليه السلام. (2)

ومنها ما رواه موسى بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أن عليا عليه السلام ، كان يقول في الرجل يطلق امرأته تطليقة واحدة ، ثم يتزوجها بعد زوج : إنها

ص: 220


1- الوسائل باب 6 حديث 9 من أبواب أقسام الطلاق.
2- الوسائل باب 6 حديث 9 من أبواب أقسام الطلاق ، بالسند الثاني.

ولو ادعت أنها تزوجت ودخل وطلق فالمروي القبول إذا كانت ثقة.

______________________________________________________

عنده على ما بقي من طلاقها (1).

فحمل الشيخ هذه كلها إما على عدم دخول الثاني ، أو على تزويج المتعة ، أو على كون الزوج الثاني غير بالغ.

وفي رواية البرقي أنه يهدم ، وهي ما ذكره هو ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن رفاعة بن موسى ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل طلق امرأته تطليقة واحدة فتبين منه ، ثم يتزوجها آخر ، فطلقها (فيطلقها ئل) على السنة ، فتبين منه ، ثم يتزوجها الأول ، على كم هي عنده؟ قال : على غير شئ ، ثم قال : يا رفاعة كيف إذا طلقها ثلاثا ، ثم يتزوجها ثانية ، استقبل الطلاق ، فإذا طلقها واحدة ، كانت على اثنتين (2).

وعليها عمل مشايخ أصحابنا ، وهو أشبه من حيث الاعتبار ، لأنه إذا هدم الثلاث يهدم الواحدة والاثنتين (3).

وهو مما يشعر بأن الالتفات إلى عمل الأصحاب ، لا إلى مجرد الروايات ، وإلا فالروايات الأول أكثر وأوضح (أصح خ).

« قال دام ظله » : ولو ادعت أنها تزوجت ، ودخل وطلق ، فالمروي القبول ، إذا كانت ثقة.

هذه رواها في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل طلق امرأته ثلاثا ، فبانت منه ، فأراد مراجعتها ، قال (فقال ئل) لها : إني أريد (أن صا) أراجعك (مراجعتك ئل) فتزوجي زوجا غيري

ص: 221


1- الوسائل باب 6 حديث 10 من أبواب أقسام الطلاق.
2- الوسائل باب 6 حديث 4 من أبواب أقسام الطلاق.
3- يدخل فيه هدم الواحدة والاثنتين خ.

المقصد الثالث في الرجعة :

وتصح نطقا كقوله : راجعت ، وفعلا كالوطء والقبلة واللمس بالشهوة ، ولو أنكر الطلاق كان رجعة ، ولا يجب في الرجعة الإشهاد بل يستحب.

ورجعة الأخرس بالإشارة.

وفي رواية يأخذ القناع ، ولو ادعت انقضاء العدة في الزمان الممكن قبل.

______________________________________________________

قالت له : قد تزوجت زوجا غيرك ، وحللت لك نفسي ، أيصدق قولها ، ويراجعها ، وكيف يصنع؟ قال : إن كانت المرأة ثقة ، صدقت في قولها. (1)

في الرجعة

« قال دام ظله » : ورجعة الأخرس ، بالإشارة ، وفي رواية يأخذ (أخذ خ) القناع.

روى هذه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، طلاق الأخرس ، أن يأخذ مقنعها ، ويضعها على رأسها ويعتزلها (2).

وعليها فتوى ابن بابويه في المقنع.

فأما الأشهر في الروايات ، فما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر (البزنطي ئل) عن الرضا عليه السلام ، في الرجل تكون عنده المرأة ، يصمت فلا يتكلم ، قال : أخرس هو؟ قلت : نعم ، ويعلم منه بغض لامرأته وكراهة لها ، أيجوز أن يطلق عند وليه؟

ص: 222


1- الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب أقسام الطلاق.
2- الوسائل باب 19 حديث 3 من أبواب مقدمات الطلاق ، وفيه عن السكوني ، قال : طلاق الأخرس ... الخ ولكنه في الكافي كما في المتن ، وقد نبه عليه في هامش الوسائل أيضا ، وفي الكافي (ثم يعتزلها.).

المقصد الرابع في العدد :

والنظر في فصول :

(الأول) لا عدة على من لم يدخل بها عدا المتوفى عنها : زوجها ، ونعني بالدخول الوطء قبلا أو دبرا ، ولا تجب بالخلوة.

(الثاني) في المستقيمة الحيض : وهي تعتد بثلاثة أطهار على الأشهر إذا كانت حرة ، وإن كانت تحت عبد.

وتحتسب بالطهر الذي طلقها فيه ، ولو حاضت بعد الطلاق بلحظة ،

______________________________________________________

قال : لا ، ولكن يكتب ويشهد على ذلك ، قلت : فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها؟ قال : بالذي يعرف من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها (1).

وعليها عمل الشيخ وأتباعه ، ويمكن العمل بالأولى أيضا ، إذا كان أخذ القناع ، علامة يعرف منه قصده.

المقصد الرابع : في العدد

« قال دام ظله » : في المستقيمة الحيض ، وهي تعتد بثلاثة أطهار ، على الأشهر ... الخ.

أقول : الذي انعقد عمل الأصحاب عليه ، أن الأقراء هي الأطهار ، وبه تشهد روايات كثيرة (فمنها) ما رواه ثعلبة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : الأقراء هي الأطهار (2).

وأخرى ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : القرء ما بين الحيضتين.

ص: 223


1- الوسائل باب 19 حديث 1 من أبواب مقدمات الطلاق.
2- رواها والأربعة التي بعدها في الوسائل باب 14 حديث 3 و 1 و 2 و 7 بسندين من أبواب العدد.

وتبين برؤية الدم الثالث.

وأقل ما تنقضي به عدتها ستة وعشرون يوما ولحظتان ، وليست الأخيرة من العدة بل دالة على الخروج (1).

(الثالث) في المسترابة : وهي التي لا تحيض ، وفي سنها من تحيض ، وعدتها ثلاثة أشهر ، وهذه تراعي الشهور والحيض وتعتد بأسبقهما.

أما لو رأت في الثالث حيضة وتأخرت الثانية أو الثالثة ، صبرت تسعة أشهر لاحتمال الحمل ثم اعتدت بثلاثة أشهر.

وفي رواية عمار تصبر سنة ثم تعتد بثلاثة أشهر.

______________________________________________________

ومثله عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام.

وما رواه عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : عدة التي تحيض ، ويستقيم حيضها ، ثلاثة أقراء (قروء ئل) وهي ثلاث حيض.

وما رواه مثل ذلك لفظا بلفظ ، حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وغير ذلك.

فلا عمل (2) عليها (عليه خ) إما لضعفها ، وإما لأنها محمولة على التقية.

وجمع المفيد بين الروايتين ، بأن الطلاق لو وقع في آخر الطهر ، تعتد بالحيض ، ولو وقع في أول الطهر ، تعتد بالأطهار ، واستحسنه الشيخ رحمه اللّه.

« قال دام ظله » : وفي رواية عمار ، تصبر سنة ، ثم تعتد بثلاثة أشهر.

هذه رواها هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل عنده امرأة شابة ، وهي تحيض في كل شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة واحدة ، كيف يطلقها زوجها؟ قال : أمر هذه شديد (3) هذه تطلق طلاق

ص: 224


1- وفي نسختين « دلالة الخروج ».
2- خبر لقوله قده : وما رواه ... الخ.
3- هذه أمرها شديد خ.

ولا عدة على الصغيرة ، ولا اليائسة على الأشهر.

______________________________________________________

السنة تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود ، تم تترك حتى تحيض ثلاث حيض متى حاضتها فقد انقضت عدتها ، قلت له : فإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض؟ فقال : يتربص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ، ثم قد انقضت عدتها الحديث (1).

وأفتى عليها في النهاية ، وهذا من لوازم مذهب علم الهدى في الجمل ، وحملها الشيخ في الاستبصار على الفضل والاستحباب ، واختار أنها تتربص تسعة أشهر ، مدة أقصى الحمل (أقصى مدة الحمل خ) ثم تعتد بثلاثة أشهر ، عملا برواية سورة بن كليب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال : (إذا تأخرت الحيضة) : فإنها تتربص تسعة أشهر ، من يوم طلقها ، ثم تعتد ذلك ، بثلاثة أشهر ، ثم تتزوج إن شاءت (2) وهي أصح.

« قال دام ظله » : ولا عدة على الصغيرة ولا اليائسة ، على الأشهر.

روى صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ثلاث يتزوجن على كل حال ، التي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قال : قلت : وما حدها؟ قال : إذا أتى لها أقل من تسع سنين ، والتي لم يدخل بها ، والتي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، قلت : وما حدها؟ قال : إذا كان لها خمسون سنة (3).

وروى زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الصبية التي لا تحيض مثلها ، والتي قد تيأس (يئست خ) من المحيض قال : ليس عليهما عدة ، وإن دخل بهما (4).

وعليهما عمل الشيخين وابن بابويه ، وابن أبي عقيل ، وسلار.

ص: 225


1- الوسائل باب 13 حديث 1 من أبواب العدد.
2- الوسائل باب 13 حديث 2 من أبواب العدد.
3- الوسائل باب 2 حديث 4 من أبواب العدد.
4- الوسائل باب 3 حديث 3 من أبواب العدد ، وفيه : حماد بن عثمان ، عمن رواه (زرارة خ).

وفي حد اليأس روايتان ، أشهرهما : خمسون سنة.

ولو رأت المطلقة الحيض مرة ثم بلغت اليأس أكملت العدة بشهرين.

ولو كانت لا تحيض إلا في خمسة أشهر أو ستة اعتدت بالأشهر.

(الربع) في الحامل : وعدتها في الطلاق بالوضع ولو بعد الطلاق بلحظة ، ولو لم يكن تاما مع تحققه حملا.

ولو طلقها فادعت الحمل تربص بها أقصى الحمل.

ولو وضعت توأما بانت به على تردد ، ولا تنكح حتى تضع الآخر.

______________________________________________________

ويدل على ذلك ، قوله تعالى : ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ) (1).

وقال علم الهدى ، تعتد بثلاثة أشهر ، نظرا إلى عموم الآية ، مؤولا لقوله تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أي إن كنتم مرتابين في عدتها (عدة هؤلاء النساء خ) وفيه توقف.

وبما قاله تشهد رواية ابن سماعة ، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : عدة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر ، والتي قد قعدت عن الحيض (المحيض خ) ثلاثة أشهر (2).

وأما حد اليأس ، فيه (ففيه خ) روايتان أحدهما خمسون ، وقد ذكرناها (3).

والأخرى أن النبطية والقرشية ، قد تريان الدم إلى ستين سنة (4) والأولى أظهر.

« قال دام ظله » : ولو وضعت توأما ، بانت به على تردد ، ولا تنكح حتى تضع

ص: 226


1- الطلاق - 4.
2- الوسائل باب 2 حديث 6 من أبواب العدد.
3- يريد صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة آنفا.
4- الوسائل باب 31 حديث 9 من أبواب الحيض من كتاب الظهار.

ولو طلقها رجعيا ثم مات استأنفت عدة الوفاة.

ولو كانت بائنا اقتصرت على إتمام عدة الطلاق.

(الخامس) في عدة الوفاة : تعتد الحرة بأربعة أشهر وعشرا إذا كانت حاملا ، صغيرة كانت أو كبيرة ، دخل بها أو لم يدخل. وبأبعد الأجلين إن كانت حاملا.

ويلزمها الحداد ، وهو ترك الزينة دون المطلقة ، ولا حداد على الأمة.

(السادس) في المفقود : لا خيار لزوجته إن عرف خبره أو كان له ولي ينفق عليها

______________________________________________________

الأخير (الآخر خ).

أصل هذه المسألة ، رواية رواها عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه البصري ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل طلق امرأته وهي حبلى ، وكان في بطنها اثنان فوضعت واحدا ، وبقي واحد؟ فقال : تبين بالأول ، ولا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها (1).

وفي الطريق الحسن بن سماعة وجعفر بن سماعة ، وهما مقدوحان ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية.

وقال في الخلاف : لا تبين إلا بوضع الثاني ، وهو أشبه.

يدل عليه قوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) (2) وهذه ما وضعت حملها ، بل بعض حملها ، لأنها يصدق عليها حامل ، وهو اختيار شيخنا في الشرائع والمتأخر.

ومنشأ التردد هنا ، النظر إلى الرواية ، وإلى عموم القرآن.

ص: 227


1- الوسائل باب 10 حديث 1 من أبواب العدد.
2- الطلاق - 4.

ثم إن فقد الأمران ورفعت أمرها إلى الحاكم أجلها أربع سنين ، فإن وجده وإلا أمرها بعدة الوفاة ثم أباحها النكاح (لنكاح خ ل) فإن جاء في العدة فهو أملك بها ، وإن خرجت وتزوجت فلا سبيل له عليها.

وإن (ولو خ) خرجت ولم تتزوج فقولان ، أظهرهما : أنه لا سبيل له عليها.

(السابع) في عدة الإماء والاستبراء.

عدة الأمة في الطلاق مع الدخول قرءان ، وهما طهران على الأشهر.

ولو كانت مسترابة فخمسة وأربعون يوما ، تحت عبد كانت أو تحت حر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو (إن خ) خرجت ولم تتزوج فقولان ، أظهرهما أنه لا سبيل له عليها.

ذهب الشيخ في النهاية والخلاف ، إلى أنه متى جاء الزوج ، وهي في العدة ، أو خرجت ولم تتزوج ، فهو أولى.

وما نعرف المستند ، بعد تتبع كتب الأحاديث ، وكذا قال شيخنا وصاحب البشرى ، يعني ما وقفنا عليه.

وقال في المبسوط : في المسألة روايتان ، الأقوى أنه لا سبيل له عليها.

وهو مذهب المفيد وسلار والمتأخر ، وهو أشبه ، لأن حكم الشرع بالبينونة ، بمنزلة الطلاق ، وإلا لم تتميز حال (حالة خ) البينونة عما قابلها (يقابلها خ).

وأيضا الحكم بالتسلط يحتاج إلى دليل ، والتقدير عدمه ، فمن ادعى فعليه البيان.

« قال دام ظله » : عدة الأمة في الطلاق مع الدخول ، قرءان وهما طهران على الأشهر.

قد بينا أن القرء هو الطهر عند أكثر الأصحاب ، والبحث هنا في عدة الأمة

ص: 228

ولو أعتقت ثم طلقت لزمها عدة الحرة.

وكذا لو طلقها رجعيا ثم أعتقت في العدة أكملت عدة الحرة.

ولو طلقها بائنا أتمت عدة الأمة.

وعدة الذمية كالحرة في الطلاق والوفاة على الأشبه.

______________________________________________________

ففي رواية عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عدتها قرءان (1).

ومثلها عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام ، قال : طلاق الأمة تطليقتان ، وعدتها حيضتان فإن كانت قد قعدت عن الحيض ، فعدتها شهر ونصف (2) وعليها عمل الأصحاب.

فأما ما رواه ليث بن البختري المرادي ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : وكم تعتد الأمة من ماء العبد؟ قال : حيضة (3).

فهي متروكة ، ويمكن أن تحمل على حيضة بين طهرين ، لما ثبت أن الاعتبار في العدة بالأطهار.

« قال دام ظله » : وعدة الذمية كالحرة في الطلاق والوفاة ، على الأشبه.

قلت : الذي انعقد عليه العمل ، أن عدة الذمية مساوية للحرة في الطلاق والوفاة ، وبه تشهد رواية ابن محبوب ، عن يعقوب السراج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

وهو أشبه ، نظرا إلى عموم الآية (5) وفي رواية عدتها عدة الأمة (6) وهي متروكة.

ص: 229


1- الوسائل باب 40 حديث 1 و 5 و 6 من أبواب العدد.
2- الوسائل باب 40 حديث 1 و 5 و 6 من أبواب العدد.
3- الوسائل باب 40 حديث 1 و 5 و 6 من أبواب العدد.
4- الوسائل باب 45 حديث 2 من أبواب العدد ، ولكنها تشهد على ذلك في عدة الوفاة خاصة ، فراجع.
5- قال اللّه تعالى : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) (البقرة - 229) وقال اللّه تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا، يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) (البقرة - 228 ، 235).
6- راجع الوسائل باب 45 حديث 1 من أبواب العدد.

وتعتد الأمة من الوفاة بشهرين وخمسة أيام ، ولو كانت حاملا اعتدت مع ذلك بالوضع.

وأم الولد تعتد من وفاة الزوج كالحرة ، ولو طلقها الزوج رجعية ثم مات وهي في العدة استأنفت عدة الحرة.

ولو لم تكن أم ولد استأنفت عدة الأمة للوفاة.

ولو مات زوج الأمة ثم أعتقت أتمت عدة الحرة ، تغليبا لجانب الحرية.

ولو وطأ المولى أمته ثم أعتقها اعتدت بثلاثة أقراء.

ولو كانت زوجة الحر أمة فابتاعها بطل نكاحه (نكاحها خ) ، وله وطؤها من غير استبراء.

تتمة

لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج الزوجة من بيته إلا أن تأتي

______________________________________________________

« قال دام ظله » : إلا أن تأتي بفاحشة وهو ما يجب به الحد ، وقيل : أدناه أن تؤذي أهله.

اختلف في تفسير الفاحشة ، قال ابن عباس : هي أن تؤذي أهل الرجل ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وبه رواية عن محمد بن علي بن جعفر ، قال : سأل المأمون الرضا عليه السلام ، عن قول اللّه عزوجل : لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ؟ قال : يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها (الحديث) (1).

ص: 230


1- الوسائل باب 23 حديث 2 من أبواب العدد وتمامه : فإذا فعلت فإن شاء أن يخرجها ، من قبل أن تنقضي عدتها فعل.

بفاحشة ، وهو ما يجب به الحد.

وقيل : أدناه أن تؤذي أهله.

ولا تخرج هي ، فإن اضطرت خرجت بعد انتصاف الليل وعادت قبل الفجر.

ولا يلزم ذلك في البائن ولا المتوفى عنها زوجها ، بل تبيت كل منهما حيث شاءت.

وتعتد المطلقة من حين الطلاق ، حاضرا كان المطلق أو غائبا إذا عرفت الوقت ، وفي الوفاة من حين يبلغها الخبر.

______________________________________________________

وقال ابن مسعود : الفاحشة ، أن تزني فتخرج وتحد ، ثم ترد إلى موضعها ، وهو اختيار المفيد.

وفي النهاية ، إذا أتت الفاحشة ، أخرجت وأقيم عليها الحد ، وعليه المتأخر.

والوجه ، أن تحمل عليهما بمعنى أيهما حصل ، ثبت به الحكم ، وهو اختيار أبي الصلاح ، وشيخنا في الشرائع ، جمعا بين القولين.

ص: 231

ص: 232

كتاب الخلع والمباراة

اشارة

ص: 233

كتاب الخلع والمباراة

والكلام في : العقد والشرائط واللواحق.

وصيغة الخلع أن يقول : خلعتك ، أو فلانة مختلعة على كذا.

وهل يقع بمجرده؟ قال علم الهدى : نعم. وقال الشيخ : لا حتى يتبع بالطلاق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يقع بمجرده؟ قال علم الهدى : نعم ، وقال الشيخ : لا حتى يتبع بالطلاق.

قلت : ذهب علم الهدى إلى أن الخلع ، لا يحتاج إلى الطلاق ، لأنه جار مجرى الطلاق ، في اعتبار العدد (العدة خ).

وقال الشيخ : الصحيح من المذهب أنه يحتاج إلى التلفظ بالطلاق ، وهو مذهب جماعة من المتقدمين.

واستدل بروايات (منها) ما رواه إبراهيم بن بكير ، عن موسى بن بكير ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام ، قال : قال علي عليه السلام : المختلعة يتبعها الطلاق ، ما دامت في عدة (1).

ص: 234


1- الوسائل باب 3 حديث 5 من كتاب الخلع ، إلا أن فيه وفي التهذيب ، إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سمال ، عن موسى بن بكر.

______________________________________________________

والمتقدمون استدلوا بأن من شرائط الخلع أن يقول : إن رجعت فيما بذلته (بذلت خ) فأنا أملك ببضعك.

وهو شرط لا يقع الفرقة بالشرط ، وفيه ضعف.

وبما ذكره المرتضى روايات (منها) ما رواه ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المختلعة التي تقول لزوجها : إخلعني وأنا أعطيك ما أخذت منك؟ قال (فقال خ) : لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول : واللّه لا أبر لك قسما ، ولا أطيع لك أمرا ، ولآذنن في بيتك بغير إذنك ، فإذا فعلت (قالت ئل) ذلك من غير أن يعلمها حل له ما أخذ منها ، وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها (1).

ومثله في رواية عن أبي بصير (2) وفي طريقها سهل بن زياد.

وفي أخرى عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

والشيخ حملها على التقية ، والعمل على اختيار الشيخ إما احتياطا وإما تقليدا له وإذا تقرر هذا ، فهل على مذهب المرتضى ، الخلع طلاق أو فسخ قال المرتضى ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، بالأول وبه يشهد مضمون ما ذكرنا من الروايات.

وقال الشيخ في المبسوط والخلاف (4) : ليس لأصحابنا فيه نص ، والصحيح أنه

ص: 235


1- أورد صدره في الوسائل باب 1 حديث 4 من كتاب الخلع ، وذيله في باب 3 حديث 3 منه ، وتمامه : وكانت بائنا لذلك ، وكان خاطبا من الخطاب.
2- الوسائل باب 1 حديث 7 وباب 3 حديث 2 من كتاب الخلع.
3- الوسائل باب 1 حديث 3 من كتاب الخلع.
4- الأنسب أن ننقل عبارة الشيخ في الخلاف بعينها ، ليتضح حقيقة المراد ، قال : الصحيح أن يقول : إنه (يعني الخلع) فسخ وليس بطلاق ، لأنه ليس على كونه طلاقا دليل ، ويدل عليه قوله تعالى. الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ، ثم ذكر الفدية بعد هذا (ذلك خ ل) ثم ذكر الطلقة الثالثة ، فقال : فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، فذكر الطلاق ثلاثا وذكر الفدية في أثنائه ، لو كان الطلاق أربعا ، وهذا باطل الاتفاق (كتاب الخلع مسألة 3).

ولو تجرد كان طلاقا عند المرتضى ، وفسخا عند الشيخ لو قال بوقوعه مجردا.

وما صح (يصح خ ل) أن يكون مهرا ، صح أن يكون فدية في الخلع ، ولا تقدير فيه ، بل يجوز أن يأخذ منها زائدا عما وصل إليها منه ، ولا بد من تعيين الفدية وصفا أو إشارة.

وأما الشرائط :

فيعتبر في الخالع : وكمال العقل والاختيار والقصد.

وفي المختلعة مع الدخول في الطهر الذي لم يجامعها فيه ، إذا كان زوجها حاضرا ، وكان مثلها تحيض. وأن تكون الكراهية منها خاصة صريحا.

ولا يجب لو قالت : لأدخلن عليك من تكرهه ، بل يستحب.

ويصح خلع الحامل مع الدم لو قيل (ولو قيل خ) : إنها تحيض.

______________________________________________________

فسخ ، مستدلا بأن الطلاق إذا وقع ثلاثا على الشرائط ، لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ، فلو قلنا : بأن الفدية طلاق يلزم جواز النكاح له بعد الثلاث ، من غير محلل ، يبين ذلك قوله تعالى : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ) (1) ثم ذكر الفدية ، ثم قال : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (2).

ص: 236


1- البقرة - 228.
2- البقرة - 229.

ويعتبر في العقد حضور شاهدين عدلين وتجريده عن الشرط ، ولا بأس بشرط يقتضيه العقد ، كما لو شرط الرجوع إن رجعت.

وأما اللواحق فمسائل :

(الأولى) لو خالعها والأخلاق ملتئمة لم يصح ، ولم يملك الفدية.

(الثانية) لا رجعة للخالع ، نعم لو رجعت في البذل يرجع إن شاء.

ويشترط رجوعها في العدة ، ثم لا رجوع (بعدها خ).

(الثالثة) لو أراد مراجعتها ولم ترجع في البذل افتقر إلى عقد جديد في العدة أو بعدها.

(الرابعة) لا توارث بين المختلعين ولو مات أحدهما في العدة لانقطاع العصمة بينهما.

والمباراة

هو أن يقول : بارأتك على كذا ، وهي تترتب على كراهية الزوجين كل منهما صاحبه.

ويشترط اتباعها بالطلاق على قول الأكثر.

والشرائط المعتبرة في الخالع والمختلعة مشترطة هنا ، ولا رجوع للزوج إلا أن ترجع هي في البذل.

وإذا خرجت من العدة فلا رجوع لها ، ويجوز أن يفارقها بقدر ما وصل إليها منه فما دون ، ولا يحل له ما زاد عنه.

ص: 237

ص: 238

كتاب الظهار

اشارة

ص: 239

كتاب الظهار

وينعقد بقوله : أنت علي كظهر أمي ، وإن اختلفت حروف الصلة.

وكذا يقع لو شبهها بظهر ذي رحم نسبا أو رضاعا.

ولو قال كشعر أمي أو يدها لم يقع ، وقيل : يقع برواية فيها ضعف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قال : كشعر أمي ، أو يدها ، لم يقع ، وقيل : يقع برواية فيها ضعف.

روى هذه في التهذيب ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن سهل بن زياد ، عن غياث بن إبراهيم ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن سدير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : الرجل يقول لامرأته : أنت علي كشعر أمي أو ككفها أو كبطنها أو كرجلها ، قال : ما عني إن أراد به الظهار ، فهو الظهار (1).

وعليها فتوى الشيخ ، وابن بابويه في المقنع ، ومن لا يحضره الفقيه.

وفي الرواية ضعف ، منشأه من (سهل بن زياد) فإنه مطعون فيه (غياث بن إبراهيم) ، فإنه بتري ، وأما (محمد بن سليمان) إن كان الديلمي فهو ضعيف ، وإن

ص: 240


1- الوسائل باب 9 حديث 2 من كتاب الظهار.

ويشترط أن يسمع نطقه شاهدا عدل.

وفي صحته مع الشرط روايتان ، أشهرهما. الصحة ، ولا يقع في يمين ولا إضرار ولا غضب ولا سكر.

______________________________________________________

كان (محمد سليمان بن الجهم) فهو ثقة وهو من أصحاب أبي محمد عليه السلام ، والأقرب أنه الديلمي.

فالأشبه الأظهر أن الظهار لا يقع إلا بقوله : (أنت علي كظهر أمي) اقتصارا على المتيقن ، وحفظا من التهجم على التفريق.

وهو اختيار علم الهدى في الانتصار ، وأبي الصلاح وابن أبي عقيل والمتأخر.

وأما لو شبهها بإحدى المحرمات غير الأم ، فالذي عليه فتوى الشيخين وسلار وابن أبي عقيل وأبي الصلاح ، أنها تحرم.

وبه عدة روايات (منها) رواية علي بن رئاب ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الظهار؟ قال (فقال خ) : هو من كل ذي محرم من أم أو أخت أو عمة أو خالة (الحديث) (1).

ورواية ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يقول لامرأته : أنت علي كظهر عمته أو خالته؟ قال : هو الظهار (الحديث) (2).

ويظهر من كلام المتأخر المنع من ذلك ، تمسكا بظاهر الآية ، وحكى الشيخ في الخلاف أن للأصحاب فيه روايتين ، الأشهر الوقوع ثم قال : ودليل المنع قوله تعالى : ( مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ) (3).

« قال دام ظله » : وفي صحته مع الشرط روايتان ، أشهرهما الصحة.

ذهب الشيخ في النهاية والخلاف ، وابن بابويه إلى أن الظهار بالشرط واقع ،

ص: 241


1- الوسائل باب 4 حديث 1 و 2 من كتاب الظهار.
2- الوسائل باب 4 حديث 1 و 2 من كتاب الظهار.
3- المجادلة - 3.

______________________________________________________

تمسكا بالروايات.

(فمنها) ما رواه في التهذيب مرفوعا (1) إلى حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الظهار ظهاران ، أحدهما (فأحدهما خ) أن يقول : أنت علي كظهر أمي ، ثم يسكت ، فذلك يكفر (2) قبل أن يواقع ، فإذا قال : أنت علي (كظهر أمي إن فعلت كذا ، أو (و خ) كذا ، ففعل (وحنث ئل يب) وجبت عليه (فعليه ئل يب ) الكفارة حين يحنث (3).

(ومنها) ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال الظهار ضربان أحدهما الكفارة فيه قبل المواقعة والآخر بعده ، فالذي يكفر قبل المواقعة ، أن يقول : أنت علي كظهر أمي ، ولا يقول : إن فعلت بك كذا وكذا والذي يكفر بعد المواقعة الذي يقول : أنت علي كظهر أمي إن قربتك (4).

ومن هذه حمل قول الشيخ في النهاية ، أعني قوله (والثاني ، لا يجب فيه الكفارة إلا بعد أن يفعل ما شرط أنه لا يفعله ، أو يواقعها فمتى واقعها ، كان عليه كفارة واحدة) علي أنه (5) إذا كان الشرط مواقعته.

وقال المتأخر : لا يقع بالشرط ، وحكى ذلك عن المفيد وعلم الهدى وجله المشيخة. (6)

ص: 242


1- يعني متصلا سنده إلى حماد ، وليس المراد الرفع الاصطلاحي.
2- يكفره - يب صا.
3- الوسائل باب 16 حديث 7 من كتاب الظهار.
4- الوسائل باب 16 حديث 1 من كتاب الظهار.
5- قوله. على أنه متعلق بقوله قده. حمل ... الخ.
6- والمناسب نقل عبارة السرائر بعينها ، قال في مقام الاستدلال على عدم صحة الظهار مع الشرط ما هذا لفظه. لأنه لا خلاف بينهم أن حكمه حكم الطلاق ، ولا خلاف بينهم أن الطلاق لا يقع إذا كان مشروطا ، وهو اختيار السيد المرتضى وشيخنا المفيد وجل المشيخة من أصحابنا ، والأصل براءة الذمة (انتهى).

ويعتبر في المظاهر. البلوغ ، وكمال العقل ، والاختيار ، والقصد.

وفي المظاهرة طهر لم يجامعها فيه ، إذا كان زوجها حاضرا ومثلها تحيض.

وفي اشتراط الدخول تردد ، والمروي. الاشتراط.

______________________________________________________

أما المفيد وعلم الهدى ، فما وقفت منها (منهما خ؟ على قول بعد التفتيش ، ولو ذكراه هذا ، لا يكون حجة.

ثم استدل بأن الأصل براءة الذمة.

(قلنا) : مع وجود النص أو عدمه؟ والثاني مسلم ، والأول ممنوع.

وبأن (1) الطلاق لا يقع بالشرط ، فكذا الظهار (قلنا) ما الملازمة بينهما؟ واتفاق الأحكام في بعض الصور لا يستلزم العموم.

ثم أقول : وبما قاله رواية ، عن أبي سعيد الآدمي ، عن القاسم بن محمد بن الزيات ، قال : قلت : لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إني ظاهرت من امرأتي فقال : كيف قلت؟ قال : قلت : أنت علي كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا ، فقال لي : لا شئ عليك ، ولا تعد (2).

وفي أخرى عن ابن فضال ، عمن أخبره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يكون الظهار ، إلا على مثل موضع الطلاق (3).

لكن لا يرضى المتأخر بهما استدلالا ، لأنهما مع الكون من أخبار الآحاد ، فيهما ضعف ، فإن أبا سعيد طعن فيه الشيخ وابن بابويه وغيرهما من نقاد الرواة (النقاد للرواة خ) ، وابن فضال فطحي ، وروايته مرسلة.

« قال دام ظله » : وفي اشتراط الدخول تردد ، المروي الاشتراط.

ص: 243


1- عطف على قوله. بأن الأصل.
2- الوسائل باب 16 مثل حديث 4 من كتاب الظهار.
3- الوسائل باب 2 حديث 3 من كتاب الظهار.

وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، أشبههما : الوقوع.

______________________________________________________

ذهب الشيخ إلى أن الظهار لا يقع بغير المدخول (الدخول خ) بها وكذا ابن بابويه ، وبه روايات مشهورة.

إحداهما ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر أو أبي عبد اللّه عليهما السلام ، قال في المرأة التي لم يدخل بها زوجها : لا يقع عليها إيلاء ولا ظهار (1).

وأخرى ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل مملك ، ظاهر من امرأته ، فقال لي : لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها (2) وغير ذلك ، مما ذكره في التهذيب.

واستدل في الخلاف - بعد الإجماع - بأن الأصل جواز الوطء ، من غير شرط ، فلا يترك إلا بدليل.

فأما المرتضى والمفيد وسلار ذهبوا إلى وقوعه بالزوجة ، دخل بها أو لم يدخل ، فكأنه نظر إلى عموم الآية ، (3) وهو اختيار المتأخر ، ويظهر ذلك من كلام ابن أبي عقيل.

« قال دام ظله » : وفي وقوعه بالمتمتع بها بها قولان ، أشبههما الوقوع.

قد ذكرنا هذا البحث في باب المتعة.

وقوله : (وكذا الموطوءة بالملك) تقديره ، وكذا فيها قولان ، ذهب الشيخ إلى وقوعه.

والمستند ما رواه صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يظاهر من جاريته؟ فقال : الحرة والأمة في هذا (إذا خ) سواء (4).

ص: 244


1- الوسائل باب 8 حديث 2 و 1 من كتاب الظهار.
2- الوسائل باب 8 حديث 2 و 1 من كتاب الظهار.
3- وهي قوله تعالى. والذين يظاهرون من نسائهم ، الآية (المجادلة - 3).
4- الوسائل باب 11 حديث 1 من كتاب الظهار.

وكذا الموطوءة بالملك ، والمروي. أنها كالحرة.

وهنا مسائل

(الأولى) الكفارة تجب بالعود وهو إرادة الوطء والأقرب أنه

______________________________________________________

ومثله في أخرى ، عن فضالة ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

وما رواه العلاء بن رزين (في سند صحيح) عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سئل عن الظهار عن الحرة والأمة؟ فقال : (قال ئل) نعم (2) وعليها فتواه في النهاية والخلاف ، مستدلا بالإجماع ، وبقوله تعالى : ( والذين يظاهرون من نسائهم ) (3) واختيار ابن أبي عقيل في المتمسك.

وذهب المفيد والمرتضى في بعض مسائله ، وسلار وأبو الصلاح والمتأخر إلى أنه لا يقع ، وبه رواية ، عن علي بن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران ، قال : قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه؟ فقال : يأتيها ، وليس عليه شئ (4).

والأول أرجح ، ورواياته أصح ، فإن ابن فضال فاسد العقيدة ، وكذا ابن بكير ، وحمزة بن حمران مجهول الحال.

(فإن قيل) : كذا عمار فطحي (قلنا) : قد وثقة الشيخ ، ويعمل بمفرداته (بمنفرداته خ) مع أنها مؤيدة بروايات أخر.

وقال المتأخر : الأمة ليست من النساء ، فلا تدخل تحت الآية ، وليس بشئ ، إذ هو مجرد الدعوى.

ص: 245


1- الوسائل باب 11 حديث 4 من كتاب الظهار ، ولفظها هكذا. قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من جاريته؟ قال. هي مثل ظهار الحرة.
2- الوسائل باب 11 حديث 2 من كتاب الظهار.
3- المجادلة - 3.
4- الوسائل باب 11 حديث 6 من كتاب الظهار.

لا استقرار لوجوبها.

(الثانية) لو طلقها وراجع في العدة لم تحل حتى يكفر.

ولو خرجت فاستأنف النكاح ، فيه روايتان ، أشهرهما : أنه لا كفارة.

(الثالثة) لو ظاهر من أربع بلفظ واحد لزمه أربع كفارات ، وفي رواية كفارة واحدة.

______________________________________________________

هنا مسائل

« قال دام ظله » : لو ظاهر من أربع بلفظ واحد ، لزمه أربع كفارات ، وفي رواية كفارة واحدة.

هذه رواها غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام ، في رجل ظاهر من أربع نسوة؟ قال : عليه كفارة واحدة (1).

وفي غياث كلام ، والرواية متروكة.

فذهب الشيخان إلى أن عليه لكل واحدة (زوجة خ) كفارة ، عملا برواية ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللّه أو أبي الحسن عليهما السلام ، في رجل كان له عشر جوار ، فظاهر منهن جميعا ، كلهن (جميعا خ) بكلام واحد؟ فقال : عليه عشر كفارات (2).

ومثله في رواية صفوان ، قال : سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضا عليه السلام (3).

ص: 246


1- الوسائل باب 14 حديث 3 و 1 من كتاب الظهار.
2- الوسائل باب 14 حديث 3 و 1 من كتاب الظهار.
3- الوسائل باب 14 حديث 2 من كتاب الظهار ، عن صفوان قال : سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضا عليه السلام ، عن رجل ظاهر من أربع نسوة؟ قال : يكفر لكل واحدة كفارة ، وسأله عن رجل ظاهر من امرأته وجاريته ما عليه؟ قال : عليه لكل واحدة منهما كفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.

وكذا البحث لو كرر ظهار الواحدة.

(الرابعة) يحرم الوطء قبل التكفير.

فلو وطأ عامدا لزمه كفارتان. ولو كرر لزمه بكل وطء كفارة.

(الخامسة) إذا أطلق الظهار حرمت حتى يكفر ، ولو علقه بشرط لم تحرم حتى يحصل الشرط.

وقال بعض الأصحاب : أو يواقع وهو بعيد ، ويقرب ذلك إذا كان الوطء هو الشرط.

______________________________________________________

وكذا لو كرر من امرأته مرات ، فعليه لكل مرة كفارة.

يدل على ذلك ، ما رواه العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر؟ فقال : قال علي عليه السلام : مكان كل مرة كفارة (1).

ومثله ما رواه ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

(فأما) ما رواه محمد بن الحسين بن الخطاب ، عن أبي بصير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل ظاهر من امرأته أربع مرات ، في كل مجلس واحدة ، فقال : عليه كفارة واحدة (3).

فضعيفة السند ، لا عمل عليها.

« قال دام ظله » : وقال بعض الأصحاب : أو يواقع ، وهو بعيد.

هو إشارة إلى قول الشيخ في النهاية ، وقد ذكرناه ، فلا إعادة.

ص: 247


1- الوسائل باب 13 حديث 4 من كتاب الظهار.
2- الوسائل باب 13 مثل حديث 4.
3- الوسائل باب 13 حديث 6 من كتاب الظهار ، وفيه كما في الاستبصار وبعض نسخ التهذيب ، ابن أبي نصر بدل أبي بصير ، ولعله الصحيح.

(السادسة) إذا عجز عن الكفارة قيل : يحرم وطؤها حتى يكفر ، وقيل : يجزي بالاستغفار وهو أشبه.

(السابعة) مدة التربص ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، وعند انقضائها يضيق عليه حتى يفئ أو يطلق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : إذا عجز عن الكفارة ، قيل : يحرم عليه وطؤها حتى يكفر ، وقيل : يجتزي بالاستغفار ، وهو أشبه.

ذهب الشيخ في النهاية ، إلى أنه متى عجز عن الكفارة ، وما يقوم مقامها من الصوم لا يجوز له الوطء ، حتى يكفر.

ومستنده ما رواه في الاستبصار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه من صوم أو عتق أو صدقة ، في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك ، مما يجب على صاحبه فيه الكفارة ، فالاستغفار له كفارة ، ما خلا يمين الظهار ، فإنه إذا لم يجد ما يكفر به ، حرم (حرمت خ) عليه أن يجامعها ، وفرق بينهما ، إلا أن ترضى المرأة أن يكون معها ، ولا يجامعها (1).

وفي رواية صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة ، فليستغفر ربه وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع ، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة ، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر يوما من الأيام ، فليكفر ، فإن (وإن خ) تصدق فأطعم (وأطعم خ) نفسه وعياله ، فإنه يجزيه إذا كان محتاجا ، وإلا يجد (وإذا لم يجد خ) استغفر اللّه (فليستغفر ئل) ربه وينوي أن لا يعود ، فحسبه ذلك واللّه كفارة (2).

وجمع في الاستبصار بينهما ، بأن الاستغفار تجزي إذا عزم على الكفارة لو ظفر بها ،

ص: 248


1- الوسائل باب 6 حديث 1 من أبواب الكفارات من كتاب الإيلاء.
2- الوسائل باب 6 حديث 4 من أبواب الكفارات.

______________________________________________________

وإلا فلا.

وقال المتأخر : الصحيح أن الاستغفار يجزي ، مع عدم القدرة (الفدية خ) وهو كفارة العازم (العادم خ).

وما استند (أسند خ) إلى دليل ، هو يرضى برواية إسحاق ، استدلالا ، وما جمعه الشيخ حسن ، واللّه أعلم.

ص: 249

ص: 250

كتاب الإيلاء

ص: 251

كتاب الإيلاء

ولا ينعقد إلا باسم اللّه سبحانه ، فلو حلف بالطلاق أو العتاق لم يصح ، ولا ينعقد إلا في الإضرار.

فلو حلف لصلاح لم ينعقد كما لو حلف لاستضرارها بالوطء أو لصلاح اللبن ، ولا يقع حتى يكون مطلقا أو أزيد من أربعة أشهر.

ويعتبر في المولي : البلوغ ، وكمال العقل ، والاختيار ، والقصد.

وفي المرأة : الزوجية ، والدخول.

وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، المروي : أنه لا يقع.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، المروي أنه لا يقع.

روى هذه ، العلاء بن رزين ، عن عبد اللّه بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا إيلاء على الرجل من المرأة التي يتمتع بها (1).

وعليها فتوى الشيخ والمرتضى ، وابن أبي عقيل والمتأخر.

واستدل المرتضى بقوله تعالى : ( فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2).

ص: 252


1- لم نقف عليها في الوسائل ، ولكن نقلها الشيخ في التهذيب في باب حكم الإيلاء من كتاب الطلاق حديث 33 فلاحظ وتتبع.
2- البقرة - 226.

وإذا رافعته أنظره الحاكم أربعة أشهر ، فإن أصر على الامتناع ثم رافعته بعد المدة خيره الحاكم بين الفئة والطلاق ، فإن امتنع حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يكفر ويفئ أو يطلق ، وإذا طلق وقع رجعيا ، وعليها العدة من يوم طلقها.

ولو ادعى الفئة فأنكرت فالقول قوله مع يمينه.

وهل يشترط في ضرب المدة المرافعة؟ قال الشيخ : نعم ، والرواية (والروايات خ) مطلقة.

______________________________________________________

وجه الاستدلال أن يقال : المراد من النساء في الآية ، الدائميات ، لتعقيبها الطلاق بمن لم يفئ ، والطلاق في المتمتع بها منفي ، فالايلاء منفي.

قلت : هذا من باب تخصيص العام ، باللفظ الخاص ، وقد بين ضعفه في أصول الفقه.

فالأولى التمسك بالرواية الصحيحة الصريحة ، وقال أبو الصلاح : يقع بها وقد حكي (يحكى خ) ذلك عن المفيد في بعض مسائله ، وعلى الأول العمل.

« قال دام ظله » : وهل يشترط في ضرب المدة ، المرافعة؟ قال الشيخ : نعم ، والروايات مطلقة.

والبحث هذا (هنا خ) مطالبة الشيخ بالتقييد ، وتبعه (تابعه خ) المتأخر ، فكأنه غفل عن الرجوع إلى الأصل ، والتمسك بالبراءة ، وباقي الأصحاب ، أطلقوا ، بحسب الروايات

ص: 253

ص: 254

ذكر الكفارات

اشارة

ص: 255

« ذكر الكفارات »

ولنتبع ذلك بذكر : الكفارات ، وفيه مقصدان :

الأول في حصرها :

وتنقسم إلى مرتبة ومخيرة ، وما يجتمع فيه الأمران ، وكفارة الجمع.

فالمرتبة : كفارة الظهار ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.

ومثلها كفارة قتل الخطأ.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ومثلها كفارة قتل الخطأ (1).

أي في الترتيب هو (و خ) الذي عليه العمل ، والقرآن ناطق به (2) والروايات واردة (3) والأصحاب مطبقون عليه ، ما خلا سلار ذهب إلى التخيير ، وما أعرف المستند ، إلا رواية مهجورة ضعيفة (4) وهو المقصود من كلام المفيد في المقنعة ، في

ص: 256


1- لا يخفى أن هذه العبارة في الشرح كانت متأخرة على قوله ره : وكفارة من أفطر ... الخ ونحن قدمناها طبقا للمتن.
2- إشارة إلى قوله تعالى : ( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) - الآية ، النساء - 92.
3- راجع الوسائل باب 10 حديث 1 من أبواب الكفارات.
4- راجع الوسائل باب 10 حديث 4 من أبواب القصاص في النفس (رواية أبي المعزا) حيث أتى بالخصال بالواو الدالة على الجمع المحمول على التخيير ، للإجماع على عدم وجوب الجمر. ولاحظ أيضا باب 8 حديث 1 من أبواب بقية الصوم الواجب.

وكفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال عامدا إطعام عشرة مساكين ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعات.

______________________________________________________

باب الكفارات ، وسنذكر الكلام فيه ، وقد صرح بالترتيب في باب القصاص.

« قال دام ظله » : وكفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان ، إلى آخره.

اختلفت الروايات في هذه الكفارة ، ففي رواية حريز ، عن زرارة - وفي الطريق ، علي بن الحسن بن فضال - أن عليه مثل كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان ، لأن ذلك اليوم عند اللّه من أيام رمضان (1).

ذهب إليها ابن البراج ، للاحتياط ، واختاره (ها خ) ابن بابويه في المقنع.

وقال الشيخ : هذا الخبر شاذ نادر.

ويمكن حمله على من أفطر تهاونا واستخفافا.

وروى عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام - وفي طريقها أيضا علي بن الحسن بن فضال : ليس عليه شئ (2).

وحمله الشيخ على أنه لا شئ عليه من العقاب ، وهو تحكم.

وفي رواية الحرث (الحارث ئل) بن محمد ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه السلام : أنه يتصدق على عشرة مساكين (3).

وفي أخرى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : إن أفطر بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين ، فإن لم يمكنه

ص: 257


1- الوسائل باب 29 حديث 3 من أبواب أحكام شهر رمضان ، منقول بالمعنى.
2- الوسائل باب 29 حديث 4 من أبواب أحكام شهر رمضان ، وفيه : ليس عليه شئ إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه.
3- الوسائل باب 29 حديث 1 من أبواب أحكام شهر رمضان.

والمخيرة : كفارة شهر رمضان ، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.

ومثله كفارة من أفطر يوما منذورا على التعيين.

وكفارة خلف العهد على التردد.

______________________________________________________

صام ثلاثة أيام ، كفارة لذلك (1).

وهو اختيار الثلاثة وأبي الصلاح ، وقوله عليه السلام : (بعد العصر) محمول على بعد الزوال ، لأن العرب تستعمل ذلك.

وقال سلار : عليه كفارة يمين ، وما نعرف المستند.

وتردد المتأخر ، فاختار في أول الباب مذهب الشيخ ، وفي آخره مذهب سلار. وليس بشئ ، إذ لا دليل عليه من حديث أو نظر ، وذهب إلى أن عليه ، صوم يومين. يوم قضاء رمضان ، ويوم قضاء اليوم الذي أفطر فيه قاضيا.

وما أعرف من أين قاله؟ ولا دليل على ذلك من كتاب أو سنة أو خبر.

« قال دام ظله » : وكفارة خلف العهد على التردد ، وأما كفارة خلف النذر ففيه قولان ، أشبههما أنها صغيرة.

قلت : ذهب الثلاثة وسلار إلى أن كفارة خلف النذر والعهد ، كفارة رمضان.

والمستند ما رواه بياع السابري ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : من جعل عليه عهد اللّه وميثاقه ، في أمر اللّه طاعة ، فحنث ، فعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا (2).

ص: 258


1- الوسائل باب 29 حديث 2 من أبواب أحكام شهر رمضان ، وفي التهذيب والاستبصار كما في الوسائل هكذا : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام. رجل وقع على أهله ، وهو يقضي شهر رمضان؟ فقال : إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر ، فلا شئ عليه ، يصوم يوما بدل يوم ، وإن فعل بعد العصر ... الخ ما في المتن.
2- الوسائل باب 24 حديث 2 من أبواب الكفارات.

وأما كفارة خلف النذر ففيه قولان ، أشبههما : أنها صغيرة.

وما يجتمع فيه الأمران : كفارة اليمين ، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات.

وكفارة الجمع : لقتل (كقتل خ) المؤمن عمدا عدوانا ، وهي عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا.

______________________________________________________

ومثله عن جميل بن دراج ، عن عبد الملك بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

وفي رواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن رجل عاهد اللّه في غير معصية ، ما عليه إن لم يف بعهده؟ قال : يعتق رقبة ، أو يتصدق (تصدق خ) بصدقة ، أو يصوم شهرين متتابعين (2).

وقال ابن بابويه ، كفارة النذر كفارة اليمين ، وهو في رواية حفص بن غياث ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن كفارة النذر؟ فقال : كفارة النذر كفارة اليمين (الحديث). (3)

وهي ضعيفة ، فإن حفص بن غياث بتري ، وفي طريقها سليمان بن داود المنقري ، وقد طعن فيه ابن الغضائري ، وقال أنه ضعيف جدا.

وفي رواية جميل بن صالح ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، أنه قال : كل من عجز عن نذر نذره فكفارته ، كفارة يمين (4).

وقال المتأخر : إن كان النذر صوما معينا ، فكفارته ما قاله الشيخان ، وإن كان غير الصوم ، فكفارة خلافه ، كفارة اليمين.

ص: 259


1- الوسائل باب 23 حديث 7 من أبواب الكفارات.
2- الوسائل باب 24 حديث 1 من أبواب الكفارات.
3- الوسائل باب 23 حديث 4 من أبواب الكفارات.
4- الوسائل باب 23 حديث 5 من أبواب الكفارات.

مسائل ثلاث

(الأولى) قيل : من حلف بالبراءة لزمته كفارة ظهار.

______________________________________________________

ونحن نطالبه بتوزيع الحكم على التفصيل ، فإن الروايات على ما ذكرناه.

وإذا تقرر هذا ، فالذي ينبغي عليه العمل ، هو مذهب الشيخين ، لأن الروايات بذلك أصح ، وهو أظهر بين الطائفة ومنشأ التردد ، النظر إلى الخلاف ، وهو ضعيف.

وقوله : (أشبههما أنها صغيرة) التفات إلى رواية حفص بن غياث (1).

والأولى الإعراض عنها رأسا ، فإنها لا تصلح معارضة ، ولا إثبات حكم بها ، لضعفها.

« قال دام ظله » : قيل : من حلف بالبراءة ، لزمته كفارة ظهار.

القائل هو المفيد في المقنعة ، والشيخ في النهاية ، ويعني البراءة ، من اللّه ورسول اللّه والأئمة عليهم السلام

وفي النهاية : فإن لم يقدر على كفارة الظهار ، فعليه كفارة اليمين.

والمستند في الكل غير معلوم ، نعم روي في التهذيب ، عن الكليني ، عن محمد بن يحيى ، قال : كتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد عليه السلام : رجل حلف بالبراءة ، من اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وآله (والأئمة عليهم السلام خ) فحنث ، ما توبته وكفارته؟ فوقع عليه السلام : يطعم عشرة مساكين ، لكل مسكين مد ، ويستغفر اللّه عزوجل (2).

وهي مع كونها مشتملة على المكاتبة ، غير دالة على المدعي.

فالأولى التمسك بالأصل ، والقول بعدم الكفارة ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف والمبسوط ، مستدلا بالإجماع ، وعليه المتأخر ، ولا خلاف في الإثم.

ص: 260


1- كما تقدمت آنفا ، حيث قال عليه السلام فيها : كفارة النذر كفارة اليمين.
2- الوسائل باب 20 حديث 1 من أبواب الكفارات.

ومن (لوخ) وطأ في الحيض عامدا لزمه دينار في أوله ونصف في وسطه وربع في آخره.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ومن (لوخ) وطأ في الحيض عامدا ، إلى آخره.

قد ذكرنا هذا البحث في باب الحيض ، والمختار استحباب الكفارة ، واختار المرتضى في الانتصار ، الوجوب.

فأما (1) من تزوج امرأة في عدتها ، عالما ، ففي رواية (2) فارقها ، وكفر عن فعله بخمسة أصواع من دقيق.

وهو مذهب الشيخين في النهاية والمقنعة ، وقال المتأخر : تحمل الرواية على الاستحباب ، وهو أشبه.

وقال علم الهدى في الانتصار : من تزوج امرأة ولها زوج ، وهو لا يعلم بذلك ، فعليه أن يفارقها ، ويتصدق بخمسة دراهم.

وأشار إلى انعقاد الإجماع بذلك ، ولم يثبت.

فأما من نام عن العشاء ، حتى صار (تجاوز خ) نصف الليل ، فمذهب الثلاثة وأتباعهم أن يصبح صائما كفارة لذنبه وجوبا.

وهو مروي ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عمن حدثه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل نام عن العتمة ولم يقم (3) إلا بعد انتصاف الليل ، قال : يصليها ، ويصبح صائما (4).

واستدل المرتضى على ذلك ، بعد الإجماع ، بقوله تعالى : ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (5).

وقال المتأخر : تحمل الرواية على الاستحباب ، وهو حسن ، واختاره شيخنا دام

ص: 261


1- وفي نسخة : قال دام ظله : من تزوج امرأة ... الخ ، بدل قوله ره : فأما من تزوج امرأة ... الخ
2- الوسائل باب 36 حديث 1 من أبواب الكفارات ، منقول بالمعنى ، فلاحظ.
3- وفي الوسائل : فلم يقم إلى انتصاف ... الخ.
4- الوسائل باب 29 حديث 8 من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.
5- الحج - 77.

ومن تزوج امرأة في عدتها فارقها وكفر بخمسة أصواع من دقيق.

ومن نام عن العشاء الآخرة حتى جاوز نصف الليل أصبح صائما ، والاستحباب في الكل أشبه.

(الثانية) في جز المرأة شعر رأسها في المصاب كفارة شهر رمضان ، وقيل : كفارة مرتبة. وفي نتفه في المصاب كفارة يمين ، وكذا في خدش وجهها. وكذا في شق الرجل ثوبه لموت ولده أو زوجته.

______________________________________________________

ظله ، على أن في الرواية ضعفا لإرسالها.

وعندي في الوجوب تردد ، منشأه النظر إلى دعوى الإجماع ، وفتوى الثلاثة ، وإلا (1) الأصل براءة الذمة.

« قال دام ظله » : في جز المرأة شعر رأسها في المصاب ، كفارة شهر رمضان ، وقيل : كفارة مرتبة.

قلت : كفارة جز شعر الرأس التخيير ، ومستنده ما ذكر الشيخ في التهذيب ، عن أحمد بن محمد بن داود القمي رحمه اللّه في نوادره ، قال : روى محمد بن عيسى ، عن أخيه جعفر بن عيسى ، عن خالد بن سدير ، أخي حنان بن سدير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل شق ثوبه على أبيه أو على أمه ، أو على أخيه ، أو على قريب له ، قال : لا بأس بشق الجيوب ، قد شق موسى بن عمران على أخيه هارون عليهما السلام ، ولا يشق الوالد على ولده ، ولا زوج على امرأته ، وتشق المرأة على زوجها ، وإذا شق زوج على امرأته أو والد على ولده ، فكفارته حنث يمين ، ولا صلاة لهما ، حتى يكفرا ، أو يتوبا من ذلك ، وإذا خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أو نتفته ، ففي جز الشعر ، عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، وفي الخدش إذا دميت وفي النتف كفارة حنث يمين ، ولا شئ في اللطم

ص: 262


1- هكذا في النسخ ، ولعل الصواب : وإلى أن الأصل براءة الذمة.

(الثالثة) من نذر صوم يوم معين فعجز عنه تصدق بإطعام مسكين مدين من طعام ، فإن عجز تصدق بما استطاع ، فإن عجزا استغفر اللّه.

المقصد الثاني في خصال الكفارة :

وهي : العتق ، والاطعام ، والكسوة ، والصيام.

______________________________________________________

على الخد (الخدود خ) سوى الاستغفار والتوبة ، ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات ، على الحسين بن علي عليهما السلام ، وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب (1).

وادعى المرتضى على ذلك الإجماع.

وقال سلار كفارتها كفارة قتل الخطأ ، وهو عنده على التخيير ، فلا بحث هنا.

ويشكل كلام الشيخين هنا ، فذهبا إلى أن كفارتها كفارة قتل الخطأ ، عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، ففسرا كفارة قتل الخطأ بالمخيرة ، وهي عندنا مرتبة.

وما أعرف من أين نشأ التمثيل ، فشيخنا دام ظله نظر إلى المتمثل ، فحمل كلامهما على الترتيب مفسرا لعتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، على أن المراد منه ، بيان الأجناس ، لا التخيير ، فحكم بأنها مرتبة عندهما.

والذي أتوهمه أن المراد ، هو التخيير ، والتمثيل وقع في القلم سهوا ، أو يكون اختيارهما هنا ، أن قتل الخطأ كفارته مخيرة (2) كما هو مذهب سلار ، وبه رواية (3).

لكن بعيد أن يكون هذا مذهبهما ، وأوردت هذا تنبيها على مقالتهما ، وإلا فالعمل المجمع عليه (على خ) ما قدمناه ، واللّه أعلم.

ص: 263


1- الوسائل باب 31 حديث 1 من أبواب الكفارات من كتاب الإيلاء.
2- في بعض النسخ : إن في قتل الخطأ كفارة مخيرة.
3- الوسائل باب 58 حديث 1 من أبواب بقية الصوم الواجب ج 7 ولاحظ أيضا باب 10 من أبواب القصاص في النفس (ج 19 ص 21).

أما العتق : فيتعين على الواحد في المرتبة ، ويتحقق ذلك بملك الرقبة أو الثمن مع إمكان الابتياع.

ولا بد من كونها مؤمنة أو مسلمة ، وأن تكون سليمة من العيوب التي تعتق بها.

وهل يجزي المدبر؟ قال في النهاية : لا ، وفي غيرها بالجواز وهو أشبه.

ويجزئ الآبق ما لم يعلم بموته ، وأم الولد.

وأما الصيام : فيتعين مع العجز عن العتق في المرتبة.

ولا يباع ثياب البدن ولا المسكن في الكفارة إذا كان قدر الكفاية ، ولا الخادم.

ويلزم الحر في كفارة قتل الخطأ والظهار صوم شهرين متتابعين ، والمملوك صوم شهر.

فإذا صام الحر شهرا ومن الثاني شيئا ولو يوما أتم.

ولو أفطر قبل ذلك أعاد إلا لعذر كالحيض والنفاس والاغماء والمرض والجنون.

وأما الإطعام : فيتعين في المرتبة مع العجز عن الصيام.

______________________________________________________

في خصال الكفارة

« قال دام ظله » : وهل يجزي المدبر؟ قال في النهاية : لا ، وفي غيرها بالجواز ، وهو أشبه.

ذهب في المبسوط والخلاف ، إلى أن عتق المدبر في الكفارة جائز ، مستدلا بالإجماع ، وبأنه عبد يجوز بيعه ، فكذا الإعتاق ، لعدم المانع ، وعليه المتأخر ، هذا وجه الأشبهية ، وأما ما ذكره في النهاية من المنع ، فلم يثبت.

ص: 264

ويجب إطعام العدد لكل واحد مد من طعام ، وقيل : مدان مع القدرة.

ولا يجزي إعطاؤه لما دون العدد.

ولا يجوز التكرار من الكفارة الواحدة مع التمكن ، ويجوز مع التعذر.

ويطعم ما يغلب على قوته.

ويستحب أن يضم إليه إداما أعلاه اللحم ، وأوسطه الخل ، وأدناه

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويجب إطعام العدد ، لكل واحد مد من طعام ، وقيل : مدان مع القدرة.

وهذا القول للشيخ ، والأول للمفيد وابن بابويه وسلار والمتأخر ، وهو أشبه ، وبه روايات (1) واردة في كفارة اليمين ، وباقي الكفارات ملحق (تلحق خ) بها.

« قال دام ظله » : ولا يجوز التكرار من الكفارة الواحدة مع التمكن.

مستند ذلك ، رواية إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام ، عن إطعام عشرة مساكين أو إطعام ستين مسكينا أيجمع ذلك لإنسان واحد يعطاه؟ قال : لا ، ولكن يعطي انسانا انسانا ، كما قال اللّه تعالى ، قلت : فيعطيه الرجل قرابته إن كانوا محتاجين؟ قال : نعم (الحديث) (2).

ويجوز مع عدم التمكن فيهم عملا برواية النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام إن لم يجد في الكفارة إلا الرجل والرجلين فيكرر عليهم حتى يستكمل العشرة ، يعطيهم اليوم ، ثم يعطيهم غدا (3).

ومعنى المسألة يعرف من الرواية.

ص: 265


1- راجع الوسائل باب 14 من أبواب الكفارات.
2- الوسائل باب 16 حديث 2 من أبواب الكفارات.
3- الوسائل باب 16 حديث 1 من أبواب الكفارات.

الملح.

ولا يجزي إطعام الصغار منفردين ويجوز منضمين.

ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد.

مسائل

(الأولى) كسوة الفقير ثوبان مع القدرة. وفي رواية (1) يجزي الثوب الواحد وهو أشبه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو انفردوا ، احتسب الاثنان بواحد.

وهو عمل برواية غياث ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يجزي إطعام الصغير في كفارة اليمين ، ولكن صغيرين بكبير (2).

فأما ما رواه يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن عليه السلام ، (الصغير والكبير والنساء والرجال سواء) (3) فحمله الشيخ على جواز ذلك ، إذا كانوا منضمين إلى الكبار ، توفيقا بين الروايتين ، وهو حسن.

مسائل

« قال دام ظله » : كسوة الفقير ثوبان مع القدرة ، وفي رواية ، يجزي الثوب الواحد ، وهو أشبه.

ذهب الشيخان وسلار ، إلى أن الكسوة ثوبان ، وهو في رواية الفضل بن

ص: 266


1- راجع أكثر أخبار باب 15 من أبواب الكفارات ج 15 ص 568 من الوسائل.
2- الوسائل باب 17 حديث 1 من أبواب الكفارات.
3- الوسائل باب 17 حديث 3 من أبواب الكفارات ، ولفظ الحديث هكذا : يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : سألته عن رجل عليه كفارة إطعام عشرة مساكين ، أيعطى الصغار والكبار سواء والنساء والرجال ، أو يفضل الكبار على الصغار ، والرجال على النساء؟ فقال : كلهم سواء (الحديث).

______________________________________________________

شاذان ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في كفارة اليمين يطعم (عند خ ئل) عشرة مساكين ، لكل مسكين مدين من حنطة ، ومد من دقيق وحفنة (1) ، أو كسوتهم لكل إنسان ثوبان ، أو عتق رقبة ، وهو في ذلك بالخيار ، أي ذلك (الثلاثة ئل) شاء صنع ، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاث ، فالصيام عليه واجب ثلاثة أيام (2).

ومثله في رواية القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

وذهب المتأخر إلى أن الثوب الواحد يجزي ، ولو سراويلا غسيلا ، وهو في رواية ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ؟ فقال : ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك؟ قلت : وما أوسط ذلك؟ قال : الخل والزيت والتمر والخبز ، يشبعهم به مرة واحدة ، فقلت : كسوتهم؟ فقال : ثوب واحد (4).

ومثله (5) رواية محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام.

ووجه الأشبهية فيه ، أن الأصل حفظ مال المسلم.

وحمل الشيخ هذه على من لم يقدر على الثوبين ، توفيقا بين الروايات ، وهو قريب ، واللّه تعالى أعلم.

ص: 267


1- الحفنة بالفتح والسكون ، ملؤ الكفين من طعام ، والجمع حفنات (مجمع البحرين).
2- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب الكفارات.
3- الوسائل باب 12 حديث 2 من أبواب الكفارات.
4- الوسائل باب 14 حديث 5 من أبواب الكفارات.
5- يعني مثله في الدلالة على كفاية الثوب الواحد في الكسوة ، لا في جميع ألفاظ الرواية ، فراجع الوسائل باب 14 حديث 1 وباب 15 حديث 1 من أبواب الكفارات.

وكفارة الإيلاء مثل كفارة اليمين.

(الثانية) من عجز عن العتق فدخل في الصيام ثم تمكن من العتق لم يلزمه العود وإن كان أفضل.

(الثالثة) كل من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز صام ثمانية عشر يوما ، فإن لم يقدر تصدق عن كل يوم بمد من طعام ، فإن لم يستطع استغفر اللّه سبحانه.

(الرابعة) يشترط في المكفر : البلوغ ، وكمال العقل ، والإيمان ونية القربة ، والتعيين.

ص: 268

كتاب اللعان

اشارة

ص: 269

كتاب اللعان

والنظر في أمور أربعة :

الأول : السبب

وهو أمران :

(الأول) قذف الزوجة بالزنا مع ادعاء المشاهدة وعدم البينة.

ولا يثبت لو قذفها في عدة بائنة ، ويثبت لو قذفها في رجعية.

(الثاني) إنكار من ولد على فراشه لستة أشهر فصاعدا من زوجة موطوءة بالعقد الدائم ما لم يتجاوز أقصى الحمل.

وكذا لو أنكره بعد فراقها ولم تتزوج أو بعد أن تزوجت وولدت لأقل من ستة أشهر منذ دخل الثاني.

الثاني : في الشرائط

ويعتبر في الملاعن : البلوغ ، والعقل.

وفي لعان الكافر قولان ، أشبههما : الجواز ، وكذا المملوك.

______________________________________________________

في الشرائط

« قال دام ظله » : وفي لعان الكافر ، قولان ، أشبههما الجواز ، وكذا المملوك.

القولان للشيخين ، فذهب المفيد - وتابعه سلار - إلى أنه لا لعان بين الحر

ص: 270

وفي الملاعنة : البلوغ ، والعقل ، والسلامة من الصمم والخرس ، ولو

______________________________________________________

والمملوكة ، وبين المسلم والذمية.

والمستند ما رواه الحسن بن محبوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يلاعن الحر الأمة ، ولا الذمية ، ولا التي يتمتع بها (1).

ومثله (2) ما رواه العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام.

وقال الشيخ ، وابن بابويه في المقنع : يثبت بينهما اللعان.

والمستند ما رواه أيوب ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (في حديث) قال : بين الحر والأمة ، والمسلم والذمية ، لعان. (3)

ويؤيده عموم آية اللعان (4).

وقال المتأخر : لا يثبت بالقذف ، ويثبت بنفي الولد ، وهو اختيار الشيخ في الاستبصار.

أما أنه لا يثبت بالقذف ، يدل على ذلك ما رواه إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليه السلام قال : ليس بين خمس من النساء وأزواجهن ملاعنة ، اليهودية تكون تحت المسلم فقذفها (فيقذفها ئل) والنصرانية ، والأمة تحت الحر فيقذفها ، والحرة تكون تحت العبد فيقذفها ، والمجلود في الفرية ، لأن اللّه تعالى يقول : ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، والخرساء ليس بينها وبين زوجها لعان ، إنما

ص: 271


1- الوسائل باب 5 حديث 4 من كتاب اللعان.
2- يعني مثله في اشتماله على هذا المضمون ، لا في ألفاظ الرواية ، فلاحظ الوسائل باب 5 حديث 11 من كتاب اللعان ويأتي عن قريب.
3- الوسائل باب 5 حديث 6 من كتاب اللعان.
4- قال اللّه تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) (النور - 6).

قذفها مع أحدهما بما يوجب اللعان حرمت عليه أبدا.

وأن يكون عقدها دائما.

______________________________________________________

اللعان باللسان (1).

وأما أنه يثبت بنفي الولد ، يدل على ذلك إطلاق رواية حريز (2).

وجمع فاضل منا بين القولين ، بأنه لا يقع بينهم في المتمتع بها ، ويقع في الدوام ، وهو بعيد.

والذي يظهر ، هو اختيار المفيد ، عملا بالروايات الكثيرة ، وتمسكا بأن اللعان إما أيمان أو شهادات ، وكلاهما لا يصحان من الكافر.

فأما ما يدل على الوقوع من رواية أيوب (3) لا يصلح معارضته لما ذكرنا من الأخبار ، لأنه خبر واحد.

وتفصيل المتأخر (4) في محل المنع ، إذ لا دليل عليه ، فإن إسماعيل بن أبي زياد (5) مقدوح مضعف (ضعيف خ) جدا ، فلا اعتماد على ما ينفرد به.

ويؤيد ما قلناه ما ذكر في مسائل الكاظم لأخيه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل مسلم تحته يهودية أو نصرانية ، أو أمة تنفي ولدها ، وقذفها ، هل عليه لعان؟ قال : لا (6).

وربما حمل الشيخ الرواية الواردة بالمنع ، على التقية ، وهو ضعيف ، إذ الجمهور أيضا مختلفون ، بل مذهب الأكثرين هو الجواز.

« قال دام ظله » : وأن يكون عقدها دائما.

قلت : هذا هو المذهب المعمول عليه ، والمستند روايات ، (منها) رواية ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (7) وقد ذكرناها قبل.

ص: 272


1- الوسائل باب 5 حديث 12 من كتاب اللعان.
2- المتقدمة قبيل هذا.
3- المنتهية إلى حريز ، المتقدمة آنفا.
4- بين القذف فلا يثبت ، ونفي الولد فيثبت.
5- المتقدمة آنفا الدالة على نفي اللعان بالقذف في الجملة.
6- الوسائل باب 5 حديث 11 و 4 من كتاب اللعان.
7- الوسائل باب 5 حديث 11 و 4 من كتاب اللعان.

وفي اعتبار الدخول قولان ، المروي : أنه لا يقع قبله ، وقال ثالث بثبوته بالقذف دون نفي الولد.

ويثبت بين الحر والمملوكة. ، وفيه رواية بالمنع ، وقول ثالث بالفرق.

ويصح لعان الحامل ، لكن لا يقام عليها الحد حتى تضع.

______________________________________________________

(ومنها) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها (منها خ) (1).

وذهب المفيد في بعض مسائله ، والمرتضى في الانتصار - إذ باحثوا المخالفين في المتعة - ( إلى صحة اللعان من المتمتع بها نظرا إلى عموم ) الآية (2).

« قال دام ظله » : وفي اعتبار الدخول قولان ، المروي أنه لا يقع قبله ، وقال ثالث بثبوته دون نفي الولد.

ذهب الشيخ إلى اعتبار الدخول ، ومستنده ما رواه في التهذيب ، عن البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا يقع اللعان ، حتى يدخل الرجل بامرأته ، ولا يكون اللعان ، إلا بنفي الولد (3).

وعبد الكريم واقفي ، لكن النجاشي وثقه ، فلا بأس به.

والجواز يظهر من إطلاق كلام المفيد.

وأما الثالث فهو المتأخر ، ذهب إلى ثبوته بالقذف ، للآية ، واللاثبوت بنفي الولد ، لأن الولد لا يلحق به مع إنكاره ، فلا يحتاج إلى لعان ، وفيه نظر.

« قال دام ظله » : ويثبت بين الحر والمملوكة ، إلى آخره.

البحث هنا كالبحث في الكافر ، حذو النعل بالنعل.

والثالث إشارة إلى المتأخر ، وقول الشيخ في الاستبصار ، كما ذكرناه.

« قال دام ظله » : ويصح لعان الحامل.

ص: 273


1- الوسائل باب 10 حديث 1 من كتاب اللعان.
2- النور - 6.
3- الوسائل باب 2 حديث 6 من كتاب اللعان.

الثالث : الكيفية

وهي أن يشهد الرجل أربعا باللّه إنه لمن الصادقين فيما رماها به ، ثم يقول : إن لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين. ثم تشهد المرأة أيضا أربعا إنه لمن الكاذبين فيما رماها به ، ثم تقول إن غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين.

والواجب فيه النطق بالشهادة.

وأن يبدأ الرجل بالتلفظ على الترتيب المذكور ، وأن يعينها بالذكر أو الإشارة ، وأن ينطق باللفظ العربي مع القدرة.

والمستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة.

وأن يقف الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره وأن يحضر من يسمع.

______________________________________________________

هذا مذهب الشيخ وأتباعه ، وقال المفيد وسلار : لا يلاعن الحامل ، والأول أظهر وأقوى ، لأنه لا مانع ، نعم لا تحد إلا بعد الوضع.

واستناد المفيد إلى رواية أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يلاعن (المرأة خ) على (في خ) كل حال ، إلا أن تكون حاملا (1).

ومستند الشيخ رواية الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2) وهي أشهر.

الثاني في الكيفية

« قال دام ظله » : وأن يقف الرجل عن يمينه ، والمرأة عن يساره.

أقول : كيفية الوقوف ، أن يكونا على قيام ، وهو اختياره في المبسوط ويدل عليه

ص: 274


1- الوسائل باب 13 حديث 2 من كتاب اللعان.
2- راجع الوسائل باب 6 حديث 2 و 4 من كتاب اللعان.

ووعظ الرجل بعد الشهادة قبل اللعن. وكذا المرأة قبل ذكر الغضب.

الرابع : في الأحكام

وهي أربعة :

(الأول) يتعلق بالقذف وجوب الحد على الزوج. وبلعانه سقوطه (عنه خ) وثبوت (ويثبت خ) الرجم على المرأة إن اعترفت أو نكلت ومع لعانها سقوطه عنها ، وانتفاء الولد عن الرجل ، وتحريمها عليه مؤبدا.

ولو نكل الرجل عن اللعان ، أو اعترف بالكذب حد للقذف.

(الثاني) لو اعترف بالولد في أثناء اللعان لحق به وتوارثا وعليه الحد.

ولو كان بعد اللعان لحق به وورثة الولد ولم يرثه الأب ولا من يتقرب به ، ويرثه الأم ومن يتقرب بها.

وفي سقوط الحد هنا روايتان. ، أشهرهما : السقوط.

______________________________________________________

رواية العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن عليه السلام (في حديث) قال : وسألته عن الملاعنة قائما يلاعن أو قاعدا؟ قال : الملاعنة وما أشبهها من قيام (1).

وهو اختيار المفيد وسلار وأتباعهم.

وقال المتأخر : تكون المرأة قاعدة ، وما أعرف من أين قاله؟ وحكى ذلك عن الشيخ في المبسوط ، وما وجدت فيه إلا ما ذكرت واللّه أعلم ، والعمل على الأول.

« قال دام ظله » : وفي سقوط الحد هنا روايتان ، أشهرهما السقوط.

قوله : (هنا) إشارة إلى الاعتراف بالولد بعد اللعان.

ص: 275


1- الوسائل باب 1 حديث 6 من كتاب اللعان.

ولو اعترفت المرأة بعد اللعان لم يثبت الحد إلا أن تقر أربعا على تردد.

______________________________________________________

وأما أنه يسقط الحد أم لا؟ فمذهب المفيد وابن أبي عقيل : لا ، وبه تشهد رواية الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : سألته عن رجل لاعن امرأته ، وانتفى من ولدها ، ثم أكذب نفسه ، هل يرد عليه ولده؟ فقال : إذا أكذب نفسه جلد الحد ، ورد عليه ابنه ، ولا ترجع إليه امرأته (1).

وقال الشيخ في الاستبصار : المراد به إذا أكذب قبل اللعان.

وهو عدول عن الظاهر.

وقال في النهاية : الأظهر السقوط ، ويدل عليه ما رواه ابن أبي عمير ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لاعن امرأته وهي حبلى ، وقد استبان حملها ، وأنكر ما في بطنها ، فلها وضعت (وضعته خ) ادعاه وأقربه وزعم أنه منه؟ قال : يرد عليه ولده ويرثه ، ولا يجلد ، لأن اللعان (بينهما خ) قد مضى (2).

وهو اختيار المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، ويقويه قوله تعالى : ( وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ) ، الآية (3) وفي المبسوط والخلاف : إذا أكذب الزوج بعد اللعان ، أقيم عليه الحد ، واستدل بالإجماع.

وعلى التقديرات لا يرث الأب الولد ، ويرثه الولد.

« قال دام ظله » : ولو اعترفت المرأة بعد اللعان ، لم يثبت الحد ، إلا أن تقر أربعا على تردد.

منشأ التردد من النظر إلى قوله تعالى : ( وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ) ، الآية (4). والوجه ثبوت الحد ، لأن موجبه شئ متجدد ، وهو الإقرار

ص: 276


1- الوسائل باب 6 حديث 6 من كتاب اللعان.
2- الوسائل باب 6 مثل حديث 4 من كتاب اللعان وباب 13 حديث 1 منه.
3- النور - 8.
4- النور - 8.

(الثالث) لو طلق فادعت الحمل منه فأنكر ، فإن أقامت بينة أنه أرخى عليها الستر لا عنها وبانت منه ، وعليه المهر كملا ، وهي رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام (1).

وفي النهاية : وإن لم تقم بينة لزمه نصف المهر وضربت مائة سوط ، وفي إيجاب الجلد إشكال.

(الرابع) إذا قذفها فماتت قبل اللعان فله الميراث ، وعليه الحد للوارث.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو طلق فادعت الحمل منه ، فأنكر ، إلى آخره.

قلت : هذه المسألة مبنية على أن إرخاء الستر بمنزلة الدخول ، وهو ضعيف.

وأما (2) إلزام نصف المهر مع عدم البينة ، برواية (3) علي بن جعفر(4) وكذا ضرب مائة سوط ، ومع تسليم الرواية يرتفع الإشكال.

وبعض المتأخر الرواية وقال : بنصف المهر ، ولا لعان ولا ضرب.

ونحن نطالبه بتنصيف المهر ، من أين قاله؟ مع إسقاط الرواية ، وحمله على الطلاق قياس.

« قال دام ظله » : إذا قذفها ، فماتت قبل اللعان ، فله الميراث ، إلى آخره.

اختلف قول الشيخ في هذه المسألة ، فذهب في النهاية إلى أن الزوج لا يرث بموتها ، إلا إذا لم يقم أحد من أهلها بالملاعنة (ليلا عنه خ) عملا برواية أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام(5) .

ص: 277


1- الوسائل باب 2 حديث 1 من كتاب اللعان ج 15 ص 590.
2- إشارة إلى ما في المتن من قوله قده : وفي النهاية : وإن لم تقم بينة ... الخ.
3- هكذا في جميع النسخ وهي ستة ، والصواب (فبرواية.)
4- الوسائل باب 2 حديث 1 من كتاب اللعان.
5- الوسائل باب 15 ذيل حديث 1 من كتاب اللعان ، وفيها : وإن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها ، ولاحظ صدره.

وفي رواية أبي بصير : إن قام رجل من أهلها فلا عنه فلا ميراث له (1).

______________________________________________________

وإليه ذهب في الخلاف ، قال : فمتى (متى خ) مات المقذوف أو المقذوفة ، قبل اللعان ، انتقل ما كان لها ، من المطالبة بالحد إلى ورثتها ، ويقومون مقامها ، واستدل بأن ذلك من حقوق الآدميين ، بناء على الإجماع المركب. (2)

وقال في موضع منه : والذي يقتضيه مذهبنا ، إن أحكام اللعان من سقوط الحد وانتفاء النسب والفراش والتحريم وغير ذلك ، يتعلق بتحريم الزوجين ، فما لم يوجد منها ، لم يثبت شئ منها ، وكذا يلوح من كلامه في المبسوط.

وهو اختيار المتأخر ، ذاهبا إلى أن الرواية ما أوردها أحد في كتاب ، ولا أودعها في تصنيف غير شيخنا أبي جعفر في النهاية.

قلت : وقد ذكر ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، في باب الميراث ، رواية في معناه ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، في رجل قذف امرأته ، ثم خرج ، فجاء وقد توفيت ، قال : يخير واحدة من اثنتين ، يقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب ، فيقام فيك (عليك ئل) الحد ، وتعطي الميراث ، وإن شئت أقررت فلاعنت أدنى قرابتها إليها ، ولا ميراث لك (3).

فالاقدام على إطلاق منع الإيراد ليس بحسن ، إذا البحث ليس في عين (شخصية خ) الرواية.

والوجه أن يقال : إن كان الموت قبل لعانهما ، فالميراث ثابت بحاله ، وإن كان

ص: 278


1- الوسائل باب 15 قطعة من حديث 1 من كتاب اللعان ج 15 ص 806.
2- بمعنى أن من قال : بأن الحقوق موروثة قال به مطلقا ، ومن لم يقل به لم يقل مطلقا ، فالتفصيل بين حق القذف وغيره خرق للإجماع المركب ومخالف له.
3- الوسائل باب 15 حديث 2 من كتاب اللعان.

وقيل : لا يسقط الإرث لاستقراره بالموت ، وهو حسن.

______________________________________________________

قبل لعانها وبعد لعانه ، فعلى قولين ، فمن قال : إن الأحكام الأربعة تتعلق بلعان الرجل ، فالميراث ساقط ، ومن قال : تتعلق بلعانهما معا ، فالميراث ثابت.

وقوله دام ظله : (وقيل : لا يسقط الميراث) تكرار ، إذ اختار في أول المسألة ثبوت الإرث ، وأشار بالقائل إلى المتأخر.

ص: 279

ص: 280

كتاب العتق

اشارة

ص: 281

كتاب العتق

والنظر في : الرق وأسباب الإزالة.

أما الرق :

فيختص بأهل الحرب دون أهل الذمة ، ولو أخلوا بشرائطها جاز تملكهم.

ومن أقر على نفسه بالرقية مختارا في صحة من رأيه ، حكم برقيته.

وإذا بيع في الأسواق ثم ادعى الحرية لم يقبل منه إلا ببينة.

ولا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وإن علوا ، ولا الأولاد وإن سفلوا.

وكذا لا يملك الرجل خاصة ذوات الرحم من النساء المحرمات كالخالة والعمة والأخت وبنتها وبنت الأخ ، وينعتق هؤلاء بالملك ، ويملك غيرهم من الرجال والنساء على كراهية ، وتتأكد الكراهية فيمن يرثه.

وهل ينعتق عليه بالرضاع من ينعتق عليه بالنسب؟ فيه روايتان ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل ينعتق عليه بالرضاع من ينعتق عليه بالنسب؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنه ينعتق.

ص: 282

أشهرهما : أنه ينعتق. ولا ينعتق على المرأة سوى العمودين.

وإذا ملك أحد الزوجين صاحبه بطل العقد بينهما ويثبت الملك.

______________________________________________________

روى محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير وأبي العباس وعبيد كلهم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا ملك الرجل والديه ، أو أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخيه (أخته خ) وذكر أهل هذه الآية من النساء ، عتقوا جميعا ، ويملك عمه وابن أخيه والخال ، ولا يملك أمه من الرضاعة ، ولا أخته ولا عمته ولا خالته (فإنهن يب) إذا ملكن عتقن ، وقال : ما يحرم من النسب ما يحرم من الرضاعة ، وقال : يملك الذكور ما خلا والدا وولدا ، ولا يملك من النساء ذات رحم محرم ، قلت : يجري في الرضاع مثل ذلك؟ قال : نعم يجري في الرضاع مثل ذلك (1).

وفي مثل ذلك رواية وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وفي رواية الحلبي وابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في امرأة أرضعت ابن جاريتها ، قال : تعتقه. (3).

وغيرها من الروايات ، وعليها فتوى الشيخ وابن بابويه في المقنع.

وذهب المفيد إلى أنه لا بأس أن يملك الإنسان أمه من الرضاع وأخته منه وابنته وخالته وعمته منه ، لكن يحرم وطيهن كالنسب ، وهو اختيار أبي الصلاح والمتأخر ، تمسكا بأن الأصل بقاء الملكية ، ولا دليل على العتق.

وهو ضعيف ، مع ورود ما ذكرنا من الروايات.

نعم وردت رواية ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال :

ص: 283


1- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب بيع الحيوان وفيه ما يحرم من النسب فإنه يحرم ... إلخ.
2- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب بيع الحيوان .
3- الوسائل باب 4 حديث 3 من أبواب بيع الحيوان ، وباب 8 حديث 1 من كتاب العتق.

وأما إزالة الرق.

فأسبابها أربعة : الملك والمباشرة والسراية والعوارض. وقد سلف الملك.

أما المباشرة : فالعتق والكتابة والتدبير والاستيلاد.

وأما العتق : فعبارته الصريحة التحرير.

______________________________________________________

إذا اشترى الرجل أباه أو أخاه فملكه فهو حر ، إلا ما كان من قبل الرضاع (1).

وأخرى ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في بيع الأم من الرضاع (الرضاعة خ) قال : لا بأس بذلك إذا احتاج (2).

وفي ثالثة ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام (في حديث) قال : يملك الرجل أخاه وغيره من ذوي قرابته من الرضاعة (3).

لكن في طريق الأولى سماعة ، ومحمد بن زياد ، وفي طريق الثانية ابن فضال ، وفي الثالثة أيضا أنها مشتملة على تمليك الرجال من الأقرباء وهم لا يملكون بالنسب.

نزلنا عن هذه ، فالروايات الأول أكثر ، فلها الترجيح.

« قال دام ظله » : وأما إزالة الرق فأسبابها أربعة ... إلى آخره.

وذكر دام ظله الاستيلاد في أسباب إزالة الرق (وفيه نظر) منشأه أن نفس الاستيلاد ، ليس سببا للعتق عنده.

ويمكن أن يقال : لما كان للاستيلاد ، تأثير في العتق ، بحيث لو انضم موت المولى حصل العتق حسن ذكره في أسبابه.

ص: 284


1- نقل هذين الخبرين في تعليقه الوسائل (المطبوعة بالطبع الجديد ج 16 ص 12) من التهذيب والاستبصار فلاحظ التهذيب كتاب العتق حديث 116 و 117 والاستبصار ج 4 ص 19 حديث 9 و 10 من باب 10 من كتاب العتق.
2- نقل هذين الخبرين في تعليقه الوسائل (المطبوعة بالطبع الجديد ج 16 ص 12) من التهذيب والاستبصار فلاحظ التهذيب كتاب العتق حديث 116 و 117 والاستبصار ج 4 ص 19 حديث 9 و 10 من باب 10 من كتاب العتق.
3- الوسائل باب 7 ذيل حديث 2 من كتاب العتق وباب 13 حديث 3 منه.

وفي لفظ العتق تردد ، ولا اعتبار بغير ذلك من الكنايات وإن قصد بها العتق ، ولا تكفي الإشارة ولا الكتابة مع القدرة على النطق.

ولا يصح جعله يمينا ، ولا بد من تجريده عن شرط متوقع أو صفه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي لفظ العتق تردد.

منشأ التردد ، النظر إلى لفظ العتق ، هل هو مرادف للتحرير ، أو كناية عنه؟ فمن قال بالثاني لا يجوز ، لأن الكنايات لا تأثير لها عندنا في العقود ، ومن قال بالأول  - وهو الأظهر - يذهب إلى الجواز ، ويقويه استعمالهم العتق في التحرير ويدل على ذلك ما رواه زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من أعتق مسلما ، أعتق اللّه العزيز الجبار بكل عضو منه ، عضوا من النار (1).

(ومنها) ما ذكره إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : قرأت عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، فإذا هو : هذا ما أعتق جعفر بن محمد ، أعتق فلانا غلامه لوجه اللّه (2).

ويؤيده اتفاق فقهائنا على حصول العتق ، بقول القائل : أعتقتك وجعلت مهرك عتقك.

ويظهر من كلام الأصحاب أن اللفظ الذي يحصل به العتق ، قوله : (أنت حر) إلا ابن أبي عقيل ، فإنه صرح في المتمسك بأعتقتك.

« قال دام ظله » : ولا يصح جعله يمينا ، ولا بد من تجريده عن شرط متوقع أو صفة.

قلت : تعليق الحكم على شئ إن كان لزجر النفس يسمى يمينا ، فكأنه يحلف (على خ) أن لا يفعل ، وإن لم يكن زجرا ، إما أن يعلق على ما هو لازم ، فيسمى صفة ، أو على جائز ، فيسمى شرطا.

ص: 285


1- الوسائل باب 1 حديث 3 من كتاب العتق.
2- الوسائل باب 6 حديث 1 من كتاب العتق ، وتمامه : لا يريد به جزاء ولا شكورا على أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحج البيت ويصوم شهر رمضان ويوالي أولياء اللّه ويتبرأ من أعداء اللّه شهد فلان وفلان وفلان ثلاثة.

ويجوز أن يشترط مع العتق شئ.

ولو شرط إعادته في الرق إن خالف فقولان ، المروي : اللزوم.

ويشترط في المعتق : جواز التصرف ، والاختيار ، والقصد ، والقربة.

وفي العتق الصبي إذا بلغ عشرا رواية بالجواز حسنة ، ولا يصح عتق السكران

______________________________________________________

(فمثال الأول) أنت حر إن شربت الخمر (ومثال الثاني) عبدي حران زالت الشمس (ومثال الثالث) عبدي حران قدم فلان من سفره.

« قال دام ظله » : ويجوز أن يشترط مع العتق شئ ، ولو شرط إعادته في الرق ، إن خالف ، فقولان ، المروي اللزوم.

هذه رواها الكليني في الكافي والشيخ في التهذيب ، مرفوعا (1) إلى إسحاق بن عمار وغيره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يعتق مملوكه ، ويزوجه ابنته ، ويشترط (ويشرط خ) عليه إن هو أغارها أن يرده في الرق ، قال : له شرطه (2).

وعليها فتوى الشيخ ، وهو مذهب ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.

وقال المتأخر : بالعتق صار حرا ، والحر لا يعود رقا ، والشرط مخالف للكتاب والسنة فلا تأثير له وهو قريب ، وفي الرواية ضعف.

وقال شيخنا في الشرائع : وقيل يبطل العتق ، لاشتراط الاسترقاق.

وهو ضعيف ، لأن الشرط هنا واقع (وقع خ) بعد العتق ، وما وقفت على القائل به ، وأشار دام ظله في الدرس إلى المتأخر ، واللّه أعلم.

« قال دام ظله » : وفي عتق الصبي إذا بلغ عشرا رواية بالجواز حسنة.

ص: 286


1- يعني متصلا سنده إلى إسحاق ، وليس المراد الرفع المصطلح.
2- الوسائل باب 12 حديث 2 من كتاب العتق.

وفي وقوعه من الكافر تردد ، ويعتبر في المعتق أن يكون مملوكا حال العتق مسلما.

______________________________________________________

هذه رواية رواها في التهذيب ، عن موسى بن بكير (بكر خ) عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا أتى على الغلام عشر سنين ، فإنه يجوز له من ماله ما أعتق وتصدق ، على وجه المعروف فهو جائز (1).

وعليها فتواه وفتوى أتباعه.

وأقدم المتأخر على المنع ، ذاهبا إلى أنه لا دليل على العمل بها ، لكونها مخالفة للكتاب والسنة.

قلت : عدم الوجدان لا يدل على عدم الدليل ، والوجه المصير إلى الرواية ، إذ الرواية صحيحة ، لكن بتقدير أن يكون الصبي مميزا.

وذكر شيخنا في كتاب نكت النهاية : أن هذه الرواية موقوفة على زرارة ، غير مستندة إلى الإمام عليه السلام ، فلا عمل عليها.

وكأنه سهو النظر ، أو كان وقف على أخرى ، فاقتصر ، وقد صرح بالإسناد في  كتاب الشرائع ، والشيخ في كتب الأخبار.

« قال دام ظله » : وفي وقوعه من الكافر ، تردد.

منشأ التردد ، إن العتق هل يشترط فيه التقرب إلى اللّه وطلب وجهه أم لا؟ فمن قال بالثاني ، فقد يصح العتق من الكافر ، ومن قال بالأول ، وهو الأكثر ، فلا يصح ، لأن القربة متعذرة في طرفه ، لعدم معرفته باللّه تعالى ، وهو مذهب المتأخر ، وحكي ذلك عن بعض الأصحاب.

وقال الشيخ في الخلاف : يصح منه ، ولو أعتق مسلما يكون الولاء له ، لكن لا يرث إلا بإزالة الكفر.

ويمكن أن يقال : لا نسلم أن الكافر على الإطلاق ، لا يعرف اللّه تعالى ، وذلك

ص: 287


1- الوسائل باب 56 حديث 1 من كتاب العتق.

ولا يصح لو كان كافرا ، ويكره لو كان مخالفا. ولو نذر عتق أحدهما لزم.

ولو شرط المولى على المعتق الخدمة زمانا معينا صح.

______________________________________________________

أن موجبات الكفر مختلفة (فقد) تكون إنكار مؤثر مختار أو وحدانيته وما في معناه (وقد) تكون إنكار نبوة محمد صلى اللّه عليه وآله (وقد) (1) تكون إنكار إمامة من يقوم مقامه.

سلمنا الجهالة باللّه (به خ) تعالى في الأول ، ويمنع في الثاني والثالث وغيرهما.

« قال دام ظله » : ولا يصح ، لو كان كافرا.

ذهب الشيخ في الخلاف في باب الظهار إلى أن غير المؤمن يجزي في كفارة ظهار أو يمين أو كان نذر عتق رقبة مطلقا ، وغير ذلك ، وتكره في الكافر ، إلا في القتل خاصة ، فإنه لا يجزي غير المؤمن ، اقتصارا على النص.

وقال في النهاية - في باب النذر - : لا يجوز عتق الكافر إلا في النذر ، ويكره المخالف.

وأطلق المفيد والمرتضى وسلار المنع تمسكا بأنه تسليط على مكاره أهل الإسلام ، وأذيتهم ، وهو غير جائز ، وإليه ذهب المتأخر ، مستدلا بقوله تعالى : ( وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (2).

ووجه الاستدلال أن الانفاق يقع على كل ما يخرج به لوجه اللّه ، وإليه يميل الشيخ في التبيان ، وهو حسن.

« قال دام ظله » : ولو شرط المولى على المعتق الخدمة ، زمانا معينا ، صح ، إلى آخره.

قلت : شرط الخدمة على المعتق جائز ، وهل إذا أخل بالخدمة آبقا ، تبقى في ذمته أم لا؟ قال في النهاية : ليس للورثة عليه سبيل ، اعتمادا على ما رواه الحسين بن

ص: 288


1- يستفاد منه أن إنكار الإمامة الخاصة موجب للكفر فتأمل.
2- البقرة - 267 -

ولو أبق ومات المولى فوجد بعد المدة فهل للورثة استخدامه؟ المروي (1) لا.

وإذا طلب المملوك البيع لم يجب إجابته.

ويكره التفريق بين الولد وأمه. وقيل : يحرم.

وإذا أتى على المملوك المؤمن سبع سنين يستحب عتقه ، وكذا لو ضرب مملوكه ما هو حد.

مسائل سبع

(الأولى) : لو نذر تحرير أول مملوك يملكه فملك جماعة تخير في

______________________________________________________

سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل أعتق جاريته ، وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين ، فأبقت ، ثم مات الرجل ، فوجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا (2).

وروى هذه الكليني ، وأبو جعفر بن بابويه.

وقال المتأخر : يكون لهم أجرة الخدمة ، وهو حسن ، ولكن حمل قول الشيخ على أن الضمير في قوله (3) عليه راجع إلى الخدمة وفيه نظر ، وعلى هذا لا تنافي بين قوله والرواية.

« قال دام ظله » : ويكره التفريق بين الولد وأمه ، إلى آخره.

قد ذكرنا هذا البحث في بيع الحيوان.

« قال دام ظله » : لو نذر تحرير أول مملوك يملكه ، فملك جماعة ، إلى آخره.

في المسألة أقوال : قال الشيخ : يقرع بينهم ، وفي رواية ، يختار أحدهم.

ومستند القرعة ما رواه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه ، عن أبيه ، في سند

ص: 289


1- راجع الوسائل باب 11 من كتاب العتق ج 16 ص 14.
2- الوسائل باب 11 حديث 1 من كتاب العتق ، بطريق الشيخ.
3- يعني الشيخ في النهاية.

أحدهم ، وقيل : يقرع بينهم ، وقال ثالث : لا يلزمه عتق.

(الثانية) : لو نذر عتق أول ما تلده أمه فولدت توأمين عتقا.

(الثالثة) : لو أعتق بعض مماليكه فقيل له : هل أعتقت مماليكك؟ فقال نعم. لم ينعتق إلا من سبق عتقه.

(الرابعة) : لو نذر عتق أمته إن وطأها فخرجت عن ملكه انحلت اليمين وإن عادت بملك مستأنف.

______________________________________________________

صحيح ، مرفوعا (1) إلى عبيد اللّه بن علي الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر ، فورث تسعة (سبعة خ) جميعا؟ قال : يقرع بينهم ويعتق الذي قرع (2).

وروى الشيخ هذه في سند صحيح ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

وما رواه فضالة ، عن أبان ، عن عبد اللّه بن سليمان ، قال : سألته عن رجل ، قال : أول مملوك أملكه فهو حر ، فلم يلبث أن ملكه ستة أيهم يعتق؟ قال : يقرع بينهم ، ثم يعتق واحدا (الحديث) (3).

ومستند التخيير ما رواه الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن إسماعيل بن يسار (بشار خ) الهاشمي ، عن عبد اللّه بن غالب القيسي ، عن الحسن الصيقل ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل قال : أول مملوك أملكه ، فهو حر فأصاب ستة؟ قال : إنما كانت نيته على واحد ، فليتخير (فليختر خ) أيهما شاء ، فليعتقه (4).

وقال المتأخر : يسقط النذر بسقوط شرطه ، وهو الأولية.

ص: 290


1- يعني متصلا سنده إلى عبيد اللّه.
2- الوسائل باب 7 حديث 1 من كتاب العتق.
3- الوسائل باب 57 حديث 2 و 3 من كتاب العتق.
4- الوسائل باب 57 حديث 2 و 3 من كتاب العتق.

(الخامسة) : لو نذر عتق كل عبد قديم في ملكه أعتق من كان في ملكه ستة أشهر فصاعدا.

______________________________________________________

وجمع شارح النهاية بين الروايتين بأن العبيد لو ملكوا من جهة الإرث ، أخرج (يخرج خ) الواحد بالقرعة ، وإن ملكوا بالبيع ، فالتخيير.

ومنشأ التفصيل (التخصيص خ) مجهول ، وقول المتأخر قريب ، لو فسر الأول بأنه هو السابق ، ولا كذا : لو قيل : هو الذي لم يسبق.

والأولى الرجوع إلى الرواية الأولى ، لصحتها ، اقتداء بالشيخ.

(فإن قيل) : هذا عتق ما لا يملك ، وهو عندكم غير صحيح (قلنا) : مسلم ، ولكن البحث هنا في النذر ، وهو واقع يجب الوفاء به ، والممنوع مجرد العتق.

« قال دام ظله » : لو نذر عتق كل عبد قديم في ملكه ، أعتق من كان في ملكه ستة أشهر.

هذه المسألة مشهورة بين الأصحاب ، ومستندها رواية ، رواها علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن داود النهدي ، عن بعض أصحابنا ، قال : دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا عليه السلام (إلى أن قال) : فقال له : أسألك عن مسألة ، فقال له : لا أخا لك تقبل مني ، ولست من غنمي ، ولكن هلمها ، فقال له رجل قال عند موته : كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه اللّه تعالى؟ قال : نعم ، إن اللّه عزوجل يقول (قال خ) في كتابه : حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ، فما كان من مماليكه ، أتى له (عليه كا) ستة أشهر ، فهو قديم (وهو كا) حر (1).

ص: 291


1- الوسائل باب 30 حديث 1 من كتاب العتق. والرواية على ما نقلها في الكافي هكذا : علي. عن أبيه. عن داود الهندي. عن بعض أصحابنا. قال : دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا عليه السلام. فقال له : أبلغ اللّه من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك. فقال له : مالك. أطفأ اللّه نورك . وادخل الفقر بيتك. أما علمت أن اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى عمران إني واهب لك ذكرا فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى عليه السلام ، فعيسى من مريم ومريم من عيسى ، ومريم وعيسى شئ واحد وأنا من أبي وأبي مني وأنا وأبي شئ واحد. فقال له ابن أبي سعيد : وأسألك عن مسألة. فقال : لا أخا لك تقبل مني (إلى قوله « ع ») : وهو حر. ثم قال (يعني الراوي) : فخرج من عنده وافتقر حتى مات. ولم يكن عنده مبيت ليله - لعنه اللّه (الكافي كتاب العتق - باب النوادر - الرواية 6).

(السادسة) : مال المعتق لمولاه وإن لم يشترطه. وقيل : إن لم يعلم به فهو له ، وإن علم ولم يستثنه فهو للعبد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : مال المعتق لمولاه ، وإن لم يشترطه ، وقيل : إن لم يعلم به ، فهو له ، وإن علم ولم يستثنه فهو للعبد.

قلت : مضى البحث في أن العبد لا يملك شيئا إلا فاضل الضريبة وأرش الجناية (أروش الجنايات خ) على قول الأكثرين ، فإذا أعتق ، فالأصل أن ماله لمولاه بناء على ذلك.

لكن عارضت هذا الأصل رواية محمد بن حمران ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل أعتق عبدا له ، وللعبد مال ، لمن المال؟ فقال : إن كان يعلم أن له مالا تبعه ماله ، وإلا فهو له (1).

ومثلها روى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا كاتب الرجل مملوكه أو أعتقه ، وهو يعلم أن له مالا ، ولم يكن استثنى السيد المال حين أعتقه ، فهو للعبد (3).

وعليها فتوى الشيخ.

ويؤيدها رواية أبي جرير ، عن أبي الحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه :

ص: 292


1- الوسائل باب 24 حديث 4 من كتاب العتق. إلا أن فيه : سألت أبا جعفر عليه السلام. كما في الكافي والتهذيب.
2- الوسائل باب 24 حديث 6 من كتاب العتق. مع اختلاف في ألفاظه فراجع.
3- الوسائل باب 24 حديث 1 من كتاب العتق ، وفيه : زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ولكن في الكافي والتهذيب كما في النسخ التي كانت عندنا.

(السابعة) : إذا أعتق ثلث عبيده استخرج الثلث بالقرعة.

وأما السراية : فمن أعتق شقصا من عبده عتق كله ، ولو كان له شريك قوم عليه نصيبه إن كان مؤسرا ، وسعى العبد في فك باقيه إن كان المعتق معسرا.

وقيل : إن قصد الإضرار فكه إن كان مؤسرا ، وبطل العتق إن كان معسرا.

______________________________________________________

أنت حر ولي مالك ، قال : لا يبدأ بالحرية قبل العتق (المال خ) يقول : لي مالك وأنت حر ، برضا المملوك ، فإن ذلك أحب إلي (1).

وهو اختياره أيضا في النهاية.

وذكر شيخنا دام ظله في نكت النهاية ، أنه لا تنافي بين قوله : (إن المملوك لا يملك) وبين مضمون هذه الروايات ، لأن المنع من الملك مع بقاء الرقية ، لا يستلزم المنع في حال الحرية.

وفيه نظر ، منشأه أن البحث ليس في تجدد الملك ، والعتق غير مؤثر في تحصيل الملكية السالفة (السابقة خ).

فأما المتأخر فأقدم على منع الروايات ، وبني على أن العبد لا يملك.

وفي المسألة تردد ، موجبه الالتفات إلى الروايات.

« قال دام ظله » : وقيل : إن قصد الإضرار فكه ، إن كان موسرا ، وبطل العتق ، إن كان معسرا.

قلت : إذا أعتق العبد المشترك (إما) أن يكون المعتق موسرا أو معسرا ، فإن كان الأول (إما) إن قصد الإضرار أو لا.

ص: 293


1- الوسائل باب 24 حديث 5 من كتاب العتق.

___________________________________________________

فإن قصده ، قال في النهاية والخلاف : عليه أن يفك نصيب الآخر ، وبه تشهد رواية الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سئل عن رجلين كان بينهما عبد ، فأعتق أحدهما نصيبه؟ فقال : إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله ، وإلا استسعى العبد في النصف الآخر (1).

ورواية ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن ذلك فساد على أصحابه ، فلا تستطيعون بيعه ، ولا مؤاجرته ، قال : يقوم قيمة ، فيجعل على الذي أعتقه عقوبة وإنما جعل ذلك بما أفسده (2).

ومثله في رواية ابن مسكان ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : قلت : لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل ورث غلاما وله فيه شركاء ، فأعتق لوجه اللّه نصيبه ، فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة ، وهو موسر ، ضمن للورثة ، وإذا أعتق (نصيبه قيه) لوجه اللّه ، كان الغلام قد أعتق من حصة من أعتق ، ويستعملونه على قدر ما أعتق منه له ، ولهم ، فإن كان نصفه عمل لهم يوما وله يوما ، وإن أعتق الشريك مضارا ، وهو معسر ، فلا عتق له ، لأنه أراد أن يفسد على القوم ، ويرجع القوم على حصصهم (3).

وقال المتأخر : العتق باطل ، لأنه ما قصد به وجه اللّه ، وهو شرط في صحة العتق ، سواء كان موسرا أو معسرا.

وإن لم يقصد الإضرار - وهو القسم الثاني - فالعتق صحيح ، وهل يلزم بشراء

ص: 294


1- الوسائل باب 18 حديث 2 من كتاب العتق.
2- الوسائل باب 18 حديث 9 من كتاب العتق ، ولكن السند هكذا : هشام بن سالم ، وعلي بن النعمان ، عن ابن مسكان جميعا ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه؟ قال : إن ذلك ... إلخ
3- الوسائل باب 18 حديث 12 من كتاب العتق.

وإن قصد القربة لم يلزمه فكه ، وسعى العبد في حصة الشريك فإن امتنع العبد استقر ملك الشريك على حصته.

______________________________________________________

الباقي؟ قال في النهاية : يستحب له ذلك ، وألا يستسعى العبد ، ولم يكن لشريكه استخدامه.

وقال في المبسوط : يلزمه (يلزم خ) شراء الباقي ، وعليه المتأخر ، وهو حسن ، تمسكا بظاهر الرواية ، عن سليمان بن خالد (1).

وبما رواه عاصم ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : من كان شريكا في عبد أو أمة ، قليل أو كثير ، فأعتق حصته ولم يبعه ، فليشتره من صاحبه ، فيعتقه كذلك ، وإن لم يكن له سعة من المال (مال ئل) نظر قيمته يوم أعتق ، ثم يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق (2).

وإن كان معسرا - وهو القسم الثاني من التقسيم الأول - قال في النهاية والخلاف : كان العتق باطلا ، إن قصد الإضرار ، وإلا يمضي في نصيبه.

ويدل على ذلك ما ذكرناه من رواية ابن مسكان ، عن حريز (3).

وبه أخرى ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4) وهي مرسلة.

وقال المرتضى في الانتصار : يقوم على الموسر ، ويستسعى العبد مع إعساره ، وما تعرض للأضرار وعدمه.

فمحصول هذه الجملة ، إن مع اليسر وعدم الإضرار ، يقوم على المعتق ، ومع العسر يستسعى العبد ، ويبطل العتق مع الإضرار على كل حال.

ص: 295


1- الوسائل باب 18 حديث 9 من كتاب العتق.
2- الوسائل باب 18 حديث 3 من كتاب العتق.
3- الوسائل باب 18 حديث 12 من كتاب العتق
4- الوسائل باب 18 حديث 11 من كتاب العتق.

وإذا أعتق الحامل تحرر الحمل ولو استثنى رقه لرواية السكوني (1). وفيه مع ضعف السند إشكال منشأه عدم القصد إلى عتقه.

وأما العوارض : فالعمى ، والجذام ، وتنكيل المولى بعبده.

وألحق الأصحاب الإقعاد ، فمتى حصل أحد هذه الأسباب فيه انعتق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وإذا أعتق الحامل ، تحرر الحمل ، ولو استثنى رقه ، لرواية السكوني ، إلى آخره.

هذه رواها النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام ، في رجل أعتق أمته ، وهي حبلى ، فاستثنى ما في بطنها ، قال الأمة حرة ، وما في بطنها حر ، لأن ما في بطنها منها (2).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وأقدم المتأخر على منعها ، وذهب إلى صحة الاستثناء ، وهو قريب من المذهب ، وحمل الرواية على التقية ، لأنها موافقة لمذهب الشافعي ، إشارة إلى أن عند الشافعي ، الحمل بمنزلة عضو من الأعضاء.

« قال دام ظله » : والحق الأصحاب ، الإقعاد ... إلخ.

قلت : نسب الإلحاق إليهم ، لأن الروايات خالية عنه ، ففي رواية ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال : إذا عمى المملوك عتق (3).

ومثله روى إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام (4).

وفي رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام إذا عمى أو

ص: 296


1- الوسائل باب 69 حديث 1 من كتاب العتق ج 1. ص 17.
2- الوسائل باب 69 حديث 1 من كتاب العتق ج 2. ص 17.
3- الوسائل باب 23 حديث 1 من كتاب العتق.
4- الوسائل باب 23 حديث 6 من كتاب العتق ، ولفظه هكذا : إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا عمى المملوك أعتقه صاحبه ولم يكن له أن يمسكه.

وكذا لو أسلم العبد في دار الحرب سابقا على مولاه.

وكذا لو كان وارثا ولا وارث له غيره دفعت قيمته إلى مولاه.

______________________________________________________

جذم ، فلا رق عليه. (1)

وفي رواية ابن محبوب ، عمن ذكره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كل عبد يمثل (مثل خ ئل) به ، فهو حر (2).

وفي رواية هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام ، في من نكل بمملوكه أنه حر ، لا سبيل له عليه سائبة يذهب يتوالى (فيتولى إلى خ) من أحب ، فإذا ضمن حدثه فهو يرثه (3).

ص: 297


1- الوسائل باب 23 حديث 2 من كتاب العتق ، نقل بالمعنى ، فلاحظ.
2- الوسائل باب 22 حديث 1 من كتاب العتق.
3- الوسائل باب 22 حديث 2 من كتاب العتق

ص: 298

كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد

اشارة

ص: 299

كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد

أما التدبير

فلفظة الصريح : أنت حر بعد وفاتي. ولا بد فيه من النية ولا حكم لعبارة الصبي ولا المجنون ولا السكران ولا المحرج (1) الذي لا قصد له.

وفي اشتراط القربة تردد.

ولو حملت المدبرة من مولاها لم يبطل تدبيرها ، وتعتق بوفاته من الثلث.

ولو حملت من غيره بعد التدبير فالولد مدبر كهيئتها ، ولو رجع المولى

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي اشتراط القربة تردد.

منشأ التردد أن التدبير نوع من العتق ، فيشترط فيه القربة كالعتق.

ويمكن أن يقال : هو بمنزلة الوصية ، فلا قربة ، والأول اختيار المتأخر ، والثاني أشبه ، ويدل عليه إطلاق الروايات بالتدبير (2).

« قال دام ظله » : ولو حملت المدبرة من غيره بعد التدبير ، فالولد مدبر كهيئتها ، إلى آخره.

ص: 300


1- بالحاء المهملة وهو الملجأ إلى التدبير (الرياض).
2- لاحظ الوسائل باب 11 من أبواب التدبير.

______________________________________________________

تدبير الحامل لا خلاف في جوازه (الجواز خ) وهل يكون ولدها مدبرا؟ نعم ، لو علم المولى بحملها ، عملا بما رواه الشيخ في التهذيب ، وأبو جعفر بن بابويه ، مرفوعا (1) إلى الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، في رجل دبر جارية ، وهي حبلى؟ فقال : إن كان يعلم (علم خ) بحمل (بحبل خ) الجارية ، فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لا يعلم (لم يعلم خ فما في بطنها رق (2).

وعليها فتوى الشيخ وابن بابويه في المقنع.

وروى الشيخ في هذا المعنى أخرى ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام (3) ، بسند - في طريقه محمد بن علي ، وهو ضعيف - لكنها مؤيدة برواية الوشاء.

وقال المتأخر : لا يكون الولد مدبرا ، لأنه غير مقصود ، وهو اختيار شيخنا دام ظله ، أما لو حملت بعد التدبير ، فالولد مدبر بغير خلاف أعرفه ، وادعى الشيخ عليه الإجماع ، وبه روايات منها رواية (ما رواه خ) أبان بن تغلب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

وهل ينتقض تدبير الأولاد ، لو نقض تدبير الأم؟ قال الشيخ : لا ، واستدل بالإجماع.

وهو في رواية أبان بن تغلب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال : إنما كان له أن يرجع في تدبير أمهم إذا احتاج ، ورضيت هي بذلك (5).

ص: 301


1- يعني متصلا سنده إلى الوشا ، لا الرفع المصطلح عند أهل الحديث.
2- الوسائل باب 5 حديث 3 من أبواب التدبير ، وفيه : عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن رجل ... الخ
3- الوسائل باب 5 حديث 3 بالسند الرابع ، لكن فيه (محمد بن عيسى) لا (محمد بن علي).
4- الوسائل باب 5 حديث 1 من أبواب التدبير.
5- الوسائل باب 7 ذيل حديث 1 من أبواب التدبير ، ولاحظ صدره أيضا.

في تدبيرها لم يصح رجوعه في تدبير الأولاد ، وفيه قول آخر ضعيف.

ولو أولد المدبر من مملوكة كان أولاده مدبرين.

ولو مات الأب قبل المولى لم يبطل تدبير الأولاد وعتقوا بعد موت المولى من ثلثه ، ولو قصر سعوا فيما بقي منهم. ولو دبر الحلبي لم يسر إلى ولدها ، وفي رواية (1) إن علم بحبلها فما في بطنها بمنزلتها.

ويعتبر في المدبر جواز التصرف والاختيار والقصد.

وفي صحته من الكافر تردد ، أشبهه : الجواز

والتدبير وصية يرجع فيه المولى متى شاء ، فلو رجع قولا صح قطعا.

أما لو باعه أو وهبه فقولان ، أحدهما : يبطل به التدبير ، وهو الأشبه ،

______________________________________________________

وقال المتأخر : له أن يرجع في (عن خ) تدبير الأولاد ، لأن التدبير بمنزلة الوصية بغير نزاع.

والجواب إنه فرق بين التدبير الاختياري والتدبير الذي بحكم الشارع ، مع عدم الاختيار ، الأول مسلم أنه بمنزلة الوصية ، والثاني ممنوع ، لعدم الجامع ، سلمنا أنه بمنزلة الوصية ، لكن نمنع تساوي الأحكام ، فيحتاج مثبته إلى دليل.

« قال دام ظله » : وفي صحته من الكافر تردد ، أشبهه الجواز.

منشأ التردد ، أنه هل يشترط القربة في التدبير ، أم لا؟ الأظهر لا ، وبتقدير الاشتراط ، البحث فيه كالبحث في العتق ، وقد مضى ، وقد صرح المرتضى والمتأخر بالمنع.

« قال دام ظله » : أما لو باعه أو وهبه ، فقولان ، إلى آخره.

ذهب الشيخ في النهاية إلى أن بيع المدبر وهبته لا يجوز إلا بعد نقض التدبير ، وهو

ص: 302


1- الوسائل باب 5 حديث 3 من أبواب التدبير ج 16 ص 76.

والآخر : لا يبطل ويمضي البيع في خدمته ، وكذا الهبة.

والمدبر رق ، ويتحرر بموت المولى من ثلثه.

والدين مقدم على التدبير سواء كان سابقا على التدبير أو متأخرا. وفيه رواية (1) بالتفصيل متروكة.

ويبطل التدبير بإباق المدبر. ولو ولد له في حال إباقه كان أولاده رقا.

______________________________________________________

جمع بين الروايات الواردة بمنع بيع المدبر ، والروايات الواردة بأنه بمنزلة الوصية (2).

والوجه أن مع تعارض الروايات واختلاف الأقوال ، المصير إلى الأصل ، وهو أن التدبير بمنزلة الوصية ، فالتصرف فيه يكون رجوعا عنه ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف واختاره المتأخر ، وحكي ذلك عن المرتضى ، وهو أشبه.

« قال دام ظله » : والدين مقدم على التدبير ، سواء كان سابقا على التدبير أو متأخرا ، وفيه رواية بالتفصيل متروكة.

روى هذه الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن بيع المدبر؟ قال : إذا أذن في ذلك ، فلا بأس به ، وإن كان على مولى العبد دين ، فدبره فرارا من الدين ، فلا تدبير له ، وإن كان دبره في صحة وسلامة ، فلا سبيل للديان عليه ، ويمضي تدبيره (3).

ومثله رواية (روى خ) ابن بابويه والشيخ عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

وعليها فتوى النهاية ، والوجه أن التدبير لا يثبت إلا بعد قضاء الديون على كل حال ، بناء على أن التدبير بمنزلة الوصية ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر.

ص: 303


1- الوسائل باب 9 حديث 2 من أبواب التدبير.
2- راجع الوسائل باب 1 وباب 13 من أبواب التدبير.
3- الوسائل باب 9 حديث 1 و 2 من أبواب التدبير.
4- الوسائل باب 9 حديث 1 و 2 من أبواب التدبير.

ولو جعل خدمة عبده لغيره ثم قال : هو حر بعد وفاة المخدوم صح على الرواية (1) ، ولو أبق لم يبطل تدبيره وصار حرا بالوفاة ولا سبيل عليه.

وأما المكاتبة

فتستدعي بيان أركانها وأحكامها.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو جعل خدمة عبده لغيره ، ثم قال : هو حر بعد وفاة المخدوم ، صح على الرواية.

روى الشيخ في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، مرفوعا (2) إلى يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يكون له الخادم ، فقال (فيقول خ) : هي لفلان تخدمه ما عاش ، فإذا مات فهي حرة ، فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين ، أو ست سنين ، ثم يجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها إذا أبقت؟ فقال : إذا (لما خ) مات الرجل ، فقد عتقت (3).

وأفتى عليها في النهاية.

والمتأخر مقدم على منعها ، تمسكا بأن معنى التدبير عتق العبد بعد موت مولاه خاصة ، وبأن التدبير يبطل بالإباق ، والرواية تتضمن الصحة ، ومشتملة على منع الورثة من الرجوع ، وهو خلاف مقتضى التدبير. والكل ضعيف ، (أما الأول) فلعدم دليل التخصيص (والثاني) أنه ليس على ذلك إجماع ، أو تواتر أخبار ، بل يثبت (ثبت خ) بخبر مثل خبرنا هنا ، ولا تنافي بين العمل بهما ، تنزيلا لهما على محل الورود.

(والثالث) إنا نمنع أن المنع من الرجوع ، خلاف مقتضى التدبير.

ص: 304


1- الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب التدبير.
2- يعني متصلا سنده إلى يعقوب.
3- الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب التدبير.

والأركان أربعة : العقد والملك والمكاتب والعوض.

والكتابة مستحبة مع الديانة وإمكان الاكتساب ، وتتأكد بسؤال المملوك ، وتستحب مع التماسه ولو كان عاجزا.

وهي قسمان : فإن اقتصر على العقد فهي مطلقة ، وإن اشترط عوده رقا مع العجز فهي مشروطة.

وفي الإطلاق يتحرر منه بقدر ما أدى. وفي المشروطة يرد رقا مع العجز.

وحده أن يؤخر النجم من محله. وفي رواية (1) أن يؤخر نجما إلى نجم ، وكذا لو علم منه العجز.

ويستحب للمولى الصبر لو عجز ، وكل ما يشترطه المولى على المكاتب لازم ما لم يخالف المشروع.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وحده أن يؤخر النجم عن محله.

قلت : هذا الحد أشبه ، التزاما للشرط ، وعملا برواية أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، (في حديث) قال : إن عجز من نجومه فهو رد في الرق (2).

وبما رواه معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له (في كلام) ما (فما خ) حد العجز؟ قال : إن قضاتنا يقولون : إن عجز المكاتب أن يؤخر النجم إلى النجم الآخر ، حتى يحول عليه الحول ، قلت : فما تقول أنت؟ قال : لا ولا كرامة ، وليس له أن يؤخر نجما عن أجله ، إذا كان ذلك في شرطه (3).

ص: 305


1- لاحظ الوسائل باب 5 حديث 1 من أبواب المكاتبة ج 16 ص 88 ، ولكن في دلالته تأمل فتدبر فيها.
2- الوسائل باب 6 ذيل حديث 2 من أبواب المكاتبة.
3- الوسائل باب 5 ذيل حديث 1 من أبواب المكاتبة.

ويعتبر في المالك جواز التصرف والاختيار والقصد.

وفي اعتبار الإسلام تردد ، أشبهه : أنه لا يعتبر. ويعتبر في المملوك التكليف.

وفي كتابة (المملوك خ) الكافر تردد ، أظهره : المنع.

______________________________________________________

وهو اختيار الشيخ في التهذيب ، والمفيد والمتأخر.

فأما) ما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليهم السلام ، كان يقول : إذا عجز المكاتب لم ترد مكاتبته في الرق ، ولكن ينتظر عاما أو عامين ، فإن قام بمكاتبته وإلا رد مملوكا (1).

وما رواه جابر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ينظر بالمكاتب ثلاثة أنجم (2) فمحمول (محمول خ) على الاستحباب ، وإن ذهب إليه الشيخ في النهاية.

وفي طريق الأخيرة سيف ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، وسيف مطعون ، وعمرو كذاب ملعون ، على ما قالوه ، واللّه أعلم.

« قال دام ظله » : وفي اعتبار الإسلام تردد ، أشبهه أنه لا يعتبر.

وقد مضى مثل هذا البحث في العتق والتدبير.

« قال دام ظله » : وفي كتابة الكافر تردد ، أظهره المنع.

منشأ التردد اختلاف التفسير في قوله تعالى : ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) (3).

قال الشيخ في المبسوط والخلاف : المراد بالخير الأمانة والكسب وعن ابن عباس (رضي اللّه عنهما خ) أنه الثقة والأمانة ، وقيل : هو الدين والإيمان ، واختاره الراوندي والمتأخر

ص: 306


1- الوسائل باب 4 حديث 13 من أبواب المكاتبة.
2- راجع الوسائل باب 4 حديث 14 من أبواب المكاتبة ، منقول بالمعنى.
3- النور - 33.

ويعتبر في العوض كونه دينا مؤجلا معلوم القدر والوصف مما يصح تملكه للمولى ، ولا حد لأكثره لكن يكره أن يتجاوز قيمته.

ولو دفع ما عليه قبل الأجل فالمولى في قبضه بالخيار. ولو عجز المطلق عن الأداء فكه الإمام عليه السلام من سهم الرقاب وجوبا.

وأما الأحكام فمسائل :

(الأولى) إذا مات المشروط بطلت الكتابة وكان ماله وأولاده لمولاه.

وإن مات المطلق وقد أدى شيئا تحرر منه بقدره وكان للمولى من تركته بنسبة ما بقي من رقيته ولو رثته بنسبة الحرية إن كانوا أحرارا في الأصل ، وإلا تحرر منهم بقدر ما تحرر منه والزموا بما بقي من مال الكتابة ، وإذا أدوه تحرروا.

______________________________________________________

فعلى هذا التفسير ، لا يجوز كتابة الكافر ، ويجوز على ما تقدم ، إلا أن يقال : إن الكافر ليس محلا للأمانة ، واختيار الراوندي أقرب ، لأن لفظة الخير في الأشخاص عرفا ، لا تستعمل إلا في من له دين.

« قال دام ظله » : وإن مات المطلق ، وقد أدى شيئا ، تحرر منه بقدره ، إلى آخره.

قلت : تبطل الكتابة بالموت ، لكن إن كان مشروطا ، فوارثه مولاه وأولاده عبيد له ، إن ولدوا في حال الكتابة من غير الحرة.

وإن كان مطلقا ، ففيه قولان ، قال في النهاية : للمولى بقدر ما بقي من العبودية ، والباقي للوارث ، وبه روايات.

منها ما رواه الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) أنه قال : يؤدي بعض مكاتبته ، ثم يموت ويترك ابنا ، ويترك مالا أكثر مما عليه من مكاتبته؟ قال : يوفى مواليه ما بقي من مكاتبته ،

ص: 307

______________________________________________________

وما بقي فلولده (1).

ومثله ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

(فإن قيل) : لفظ النهاية مطلق ، وكذا الرواية ، فمن أين حملتم على المكاتب المطلق؟

(قلت) : يعرف من الشرع ضرورة أن المراد بهذا المكاتب هو المطلق ، إذ المشروط يرثه مولاه ، وأولاده عبيد له قولا واحدا.

والمراد من لفظ النهاية هو المطلق ، من حيث ذكر حكم المشروط قبله ، وكذا من الخبر من حيث (إنه ظ) بين إجماله ، ما رواه ابن أبي عمير أيضا ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في مكاتب يموت ، وقد أدى بعض مكاتبته ، وله ابن من جاريته ، قال : إن اشترط عليه إن عجز فهو مملوك ، رجع ابنه مملوكا والجارية ، وإن لم يكن اشترط عليه أدى ابنه ما بقي من مكاتبته ، وورث ما بقي (3).

ومثله في التفصيل (بالتفصيل خ) عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

واختار في الاستبصار أداء تمام مال الكتابة من نصيب الولد وأخذ الحصة بقدر العبودية ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو مقتضى النظر.

وإذا ثبت هذا ، فهل الكتابة عقد جائز أم لازم؟ فيه أقوال ، والذي اختاره الشيخ في المبسوط ، أن المطلقة لازمة من الطرفين ، والمقيدة - أي المشروطة - من طرف السيد لا العبد.

ص: 308


1- الوسائل باب 19 حديث 2 من أبواب المكاتبة.
2- الوسائل باب 19 حديث 2 من أبواب المكاتبة ، بالسند الثاني.
3- الوسائل باب 19 حديث 3 من أبواب المكاتبة.
4- الوسائل باب 19 نحو حديث 3 من أبواب المكاتبة.

ولو لم يكن لهم مال سعوا فيما بقي منهم ، وفي رواية (1) يؤدون ما بقي من مال الكتابة وما فضل لهم.

والمطلق إذا أوصى أو أوصي له صح في نصيب الحرية وبطل في الزائد. وكذا لو وجب عليه حد أقيم عليه من حد الأحرار بنسبة ما فيه من حريته (الحرية خ) ومن حد العبيد بنسبة ما فيه من الرقية.

ولو زنى المولى بمكاتبته المطلقة سقط عنه من الحد بقدر نصيبه منها وحد بما تحرر.

(الثانية) ليس للمكاتب التصرف في ماله بهبة ولا عتق ولا إقراض إلا بإذن المولى ، وليس للورثة التصرف في ماله بغير الاستيفاء ، ولا يحل له وطء المكاتبة بالملك ولا بالعقد.

ولو وطأها مكرها لزمه مهرها ، ولا تتزوج إلا بإذنه.

ولو حملت بعد الكتابة كان حكم ولدها حكمها إذا لم يكونوا أحرارا.

(الثالثة) يجب على المولى إعانته من الزكاة ، ولو لم تكن استحب تبرعا.

وأما الاستيلاد

فهو يتحقق بعلوق أمته منه في ملكه وهي مملوكة ، لكن لا يجوز بيعها

            ___________________________________________________

في الاستيلاد

« قال دام ظله » : وأما الاستيلاد ، فهو يتحقق بعلوق أمته منه في ملكه ، وهي مملوكة ، إلى آخره.

ص: 309


1- لاحظ الوسائل باب 7 من أبواب المكاتبة.

ما دام ولدها حيا إلا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها ولا جهة لقضائه غيرها.

ولو مات الولد (ولدها خ) جاز بيعها ، وتتحرر بموت المولى من نصيب ولدها.

ولو لم يخلف الميت سواها عتق منها نصيب ولدها وسعت فيما بقي.

            __________________________________________________

قوله : (في ملكه) احتراز مما ذكره الشيخ في الخلاف في المسألة الأخيرة من الجزء الثالث ، إذا أولد من أمة غيرة ، وشرط رقية الولد ، ثم ملكها وملك الولد عتق الولد ، وهي تكون أم ولد.

واستدل على الثاني بالاشتقاق ، وهو ضعيف لعدم الدليل.

والأظهر عندنا أنه لا يجوز بيعها مع حياة الولد ، إلا في ثمن رقبتها دينا ، ولا شئ غيرها ، لرواية حماد بن عثمان ، عن عمرو بن يزيد ، عن أبي الحسن (أبي إبراهيم خ) عليه السلام ، (في حديث) قال : قلت له : أسألك؟ قال : سل ، قلت ، لم باع أمير المؤمنين عليه السلام أمهات الأولاد؟ فقال : في فكاك رقابهن ، قلت : وكيف ذلك؟ قال : أيما رجل اشترى جارية فأولدها ، ثم لم يؤد ثمنها ، ولم يدع من المال ما يؤدي عنه ، أخذ من ولدها ثمنها منها وبيعت وادي ثمنها ، قلت : فتباع فيما سوى ذلك من الدين؟ قال : لا (1).

وفي معنا وفي معناها رواية ابن أبي البلاد ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي إبراهيم عليه السلام (2).

وما أعرف به خلافا ، إلا من علم الهدى ، ذهب في الانتصار إلى المنع من بيعهن مع حياة الولد على كل حال.

« قال دام ظله » : ولو لم يخلف الميت سواها ، عتق منها نصيب ولدها ، وسعت فيما بقي.

ص: 310


1- الوسائل باب 2 حديث 1 ونحوه من أبواب الاستيلاد.
2- الوسائل باب 2 حديث 1 ونحوه من أبواب الاستيلاد.

وفي رواية (1) تقوم على ولدها إن كان موسرا ، وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : قضى علي عليه السلام في وليدة كانت نصرانية أسلمت وولدت من مولاها غلاما ومات المولى فأعتقت وتزوجت نصرانيا وتنصرت فقال عليه السلام : ولدها لابنها من سيدها وتحبس حتى تضع وتقتل (2).

______________________________________________________

تقديره ، سعت للورثة غير ولدها ، وعلى هذا انعقد العمل ، وبه عدة روايات.

(منها) ما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل اشترى جارية يطأها ، فولدت له ، فمات ولدها ، فقال : إن شاؤوا باعوها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها ، وإن كان لها ولد قومت على ولدها من نصيبه (3).

وفي رواية يونس (في حديث) تستسعى في بقية ثمنها (4).

فأما ما رواه محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى علي عليه السلام في رجل توفي وله سرية لم يعتقها؟ قال : سبق كتاب اللّه ، فإن ترك سيدها مالا ، تجعل في نصيب ولدها ، ويمسكها أولياء ولدها حتى يكبر ولدها ، فيكون المولود هو الذي يعتقها ، ويكون الأولياء هم الذين يرثون ولدها ، ما دامت أمة ، فإن أعتقها ولدها ، فقد عتقت ، وإن مات (5) ولدها قبل أن يعتقها فهي أمة إن شاؤوا (6) أعتقوا وإن شاؤوا استرقوا (7).

ص: 311


1- راجع الوسائل باب 6 من أبواب التدبير ج 16 ص 107.
2- الوسائل باب 8 حديث 1 من أبواب التدبير.
3- الوسائل باب 5 حديث 2 من أبواب الاستيلاد.
4- الوسائل باب 5 ذيل حديث 3 من أبواب الاستيلاد.
5- وإن توفي عنها ولدها (فقيه).
6- فإن شاؤوا أرقوا وإن شاؤوا أعتقوا (فقيه).
7- الوسائل باب 6 حديث 1 من أبواب الاستيلاد ، نقلنا الحديث من التهذيب ، ولفقه في الوسائل في مقام النقل من الكافي والفقيه والتهذيب فلاحظ.

وفي النهاية : يفعل بها ما يفعل بالمرتدة ، والرواية شاذة.

______________________________________________________

فحملها الشيخ على أنه إذا كان ثمنها دينا على مولاها ، فيوقف على (إلى خ) بلوغ الولد فإن أعتقها بأداء الدين عن أبيه تنعتق ، وإن مات قبل البلوغ ، بيعت في ثمنها ، وأدى منه الدين.

ثم قال رحمه اللّه : ولو لم يحمل على هذا لكانت تنعتق حين حصلت في نصيب الولد أو ما (بما خ) يصيبه (و خ) إن قصر الميراث ، وتستسعى في الباقي.

وبه تشهد رواية وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل اشترى جارية ، فولدت منه ولدا ، فمات؟ قال : إن شاء أن يبيعها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها ، باعها ، وإن كان لها ولد ، قومت على ابنها من نصيبه ، وإن كان ابنها صغيرا انتظر به حتى يكبر ، ثم يجبر على قيمتها (ثمنها خ) فإن مات ابنها قبل أمه بيعت في ميراثه إن شاء الورثة (1).

وعلى هذا فتوى الشيخ في النهاية.

والوجه أن تباع في ثمنها بموت الولد ، ولا ينتظر البلوغ مع الحياة ، ولا يجبر ، فإن في الرواية ضعفا ، وهي مخالفة للأصل ، كذا اختاره المتأخر ، وحكي أن الشيخ رجع عن مقالته في عدة مواضع ، واللّه أعلم بالصواب.

« قال دام ظله » : وفي النهاية يفعل بها ، ما يفعل بالمرتدة.

قلت : أشار الشيخ إلى أنها لا تقبل ، لأن المرتدة عندنا لا تقتل ، بل يضيق عليها في المأكول والملبوس محبوسة ، وكأن عدوله إلى هذه العبارة كراهية الإقدام على منع الرواية بذلك بالتصريح.

ص: 312


1- الوسائل باب 6 حديث 4 بالسند الثاني من أبواب الاستيلاد ، والتهذيب أواخر باب السراري وملك الأيمان.

كتاب الإقرار

اشارة

ص: 313

كتاب الإقرار

والنظر في : الأركان واللواحق.

والأركان أربعة :

(الأول) الإقرار : وهو إخبار الإنسان بحق لازم له ، ولا يختص لفظا ، ويقوم مقامه الإشارة.

ولو قال : لي عليك كذا ، فقال : نعم أو أجل فهو إقرار. وكذا لو قال : أليس لي عليك كذا؟ فقال : بلى.

ولو قال : نعم ، قال الشيخ : لا يكون إقرارا. وفيه تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قال نعم ، قال الشيخ : لا يكون إقرارا ، وفيه تردد.

معناه ، ولو قال نعم ، في جواب أليس عليك كذا؟

ومنشأ التردد وضع أهل اللغة (نعم) محققة للكلام السابق نفيا أو إثباتا ، واستعمال أهل العرف للإيجاب في الحالين فكأن الشيخ نظر إلى الحقيقة اللغوية ، فحكم بأنها بعد النفي لا تفيد الإقرار ، بل تحقيق النفي ، وشيخنا إلى أن اللفظ ، إذا دار بين الحقيقة اللغوية والعرفية يرجح العرف ، وتردد لفتوى الشيخ.

ويمكن أن يقال : إن مع القرينة الحالية أو المقالية ، ينزل على مقتضاها ، ومع

ص: 314

ولو قال : أنا مقر لم يلزمه إلا أن يقول به. ولو قال : بعنيه أو هبنيه فهو إقرار.

ولو قال : لي عليك كذا ، فقال : اتزن أو انتقد لم يكن شيئا.

وكذا لو قال : أتزنها أو انتقدها

أما لو قال : أجلتني بها أو قضيتكها فقد أقر وانقلب المقر مدعيا.

(الثاني) المقر : ولا بد من كونه مكلفا حرا مختارا جائز التصرف ، فلا يقبل إقرار الصغير ولا المجنون ولا العبد بماله. ولا حد ولا جناية ولو أوجبت قصاصا.

(الثالث) في المقر له. ويشترط فيه أهلية التملك ، ويقبل لو أقر. للحمل تنزيلا على الاحتمال وإن بعد ، وكذا لو أقر لعبد ويكون للمولى.

(الرابع) في المقر به : فلو قال : له علي مال قبل تفسيره بما يملك وإن قل.

ولو قال : شئ فلا بد من تفسيره بما يثبت في الذمة.

ولو قال : ألف ودرهم رجع في تفسير الألف إليه.

______________________________________________________

عدمها ، يرجع إلى العرف (1) كما ثبت في أصول الفقه.

« قال دام ظله » : ولو قال : ألف ودرهم ، رجع في تفسير ألف إليه.

قلت : لما كان الواو تقتضي (2) المغايرة ، بقيت (بقي خ) الألف مجهولة ، محتاجة (مجهولا ، محتاجا خ) إلى التفسير ، لعدم الدليل على المراد منه ، وكذا إلى العشرة ، وكذا مع المائة.

ص: 315


1- يرجح العرف خ.
2- كانت الواو تقتضي خ.

ولو قال : مائة وعشرون درهما فالكل دراهم.

وكذا كناية عن الشئ ، فلو قال كذا درهم فالاقرار بدرهم.

وقال الشيخ : لو قال : كذا كذا درهما لم يقبل تفسيره بأقل من أحد عشر.

ولو قال : كذا وكذا لم يقبل أقل من أحد وعشرين.

______________________________________________________

ولا كذا لو قال : ألف وعشرون ، ومائة وعشرون ، وغير ذلك.

وإن عرف من استعمال العرف أن المراد واحد ، كان تميزها شئ واحد.

« قال دام ظله » : و (كذا) كناية عن الشئ ، فلو قال : كذا درهم ، فالاقرار بدرهم ، وقال الشيخ : لو قال : كذا كذا درهما ، لم يقبل تفسيره بأقل من أحد عشر ، إلى آخره.

خالف شيخنا دام ظله الشيخ في تفسير ما بعد (كذا وكذا درهما) قال الشيخ : لأنها أقل عدد ينصب ما بعده ، وبالرفع يقبل بدرهم ، وبالخفض بمائة درهم ، لا أقل منها ، لما قلنا.

ولو قال : كذا كذا درهما بالنصب ، لا يقبل بأقل من أحد عشر ، وعلى هذا فقس.

فأما شيخنا دام ظله نزله (نزل كذا خ) منزلة شئ ، ففي الكل عنده يقبل التفسير بدرهم لا أقل ، إلا في قوله : كذا درهم بالخفض ، فإنه يحتمل بعض الدراهم (الدرهم خ) يعني على تقدير شئ هو بعض درهم ، اللّهم إلا أن يعرف من قصد المتكلم ما ذكره الشيخ.

قلت : وينبغي أن يبني البحث على أن (كذا) هل هو كناية عن الشئ ، أو عن العدد ، فإن ثبت الثاني ، فالقول ما قاله الشيخ ، وإن ثبت الأول وهو أظهر في اللغة (لغة خ) فمذهب شيخنا دام ظله.

ص: 316

والأقرب الرجوع في تفسيره إلى المقر ولا يقبل أقل من درهم. ولو أقر بشئ مؤجلا فأنكر الغريم الأجل لزمه حالا ، وعلى الغريم اليمين.

و (أما خ) اللواحق ثلاثة :

(الأول) في الاستثناء ، ومن شروطه (شرطه خ) الاتصال العادي ، ولا يشترط (الاتحاد خ) في الجنسي ولا نقصان المستثنى عن المستثنى منه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الأول في الاستثناء ، ومن شرطه الاتصال العادي.

معناه يتصل الاستثناء بالمستثنى منه من غير فاصلة ، إلا بما (لا خ) يعتبر به عادة مثل التنفس وجواب السلام وغيره ، وإلا لم يكن استثناء زيادة.

قلت : ومن المهم في الاستثناء معرفة كون الاستثناء من النفي إثباتا ، ومن الإثبات نفيا ، وأن الاستثناء من الجنس جائز ، وكذا من غيره ، وأن الاستثناء لا يستغرق المستثنى منه ، ولا يزيد عليه.

فمثال الأول ، له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة ، فهو إقرار بثمانية ، وذلك لأن قوله علي عشرة إثبات ، فنفى بقوله إلا خمسة ، خمسة ، ثم أثبت ثلاثة ، لأنها بعد النفي ، أضيفت إلى الخمسة الباقية ، تكون ثمانية.

ويرجع - إذا كانت في الكلام استثناءات كل واحد إلى ما يليه ، ما لم يستغرقه أو يزيد عليه (مثاله) له علي عشرة إلا سبعة إلا ثلاثة ، فالثلاثة مستثنى من السبعة ، ولو قال : عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة يسقطان من العشرة ، ضرورة حفظ الكلام من اللغو.

ومثال الثاني ، له علي ألف درهم إلا ثوبا ، يكلف تقويم (بتقويم خ) الثوب ، ويسقط من الألف.

ولو قيل : إن الاستثناء من غير الجنس ، لا يصح ، بطل الاستثناء هنا ، فلو قال : علي ألف إلا درهما ، يكون إقرارا بتسعمائة وتسع وتسعين - (و خ) لو منع الاستثناء

ص: 317

فلو قال : له علي عشرة إلا ستة لزمه أربعة

ولو قال : بنقص (ينقص خ) ستة لم يقبل منه.

ولو قال : له عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة لزمه ثمانية

ولو قال : له عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة كان إقرارا بأربعة

ولو قال : درهم ودرهم إلا درهما لزمه درهمان.

ولو قال : عشرة إلا ثوبا سقط من العشرة قيمة الثوب ويرجع إليه في تفسير القيمة ما لم يستغرق العشرة.

(الثاني) في في تعقيب الإقرار بما ينافيه.

لو قال : هذا لفلان بل لفلان فهو للأول ويغرم القيمة للثاني

ولو قال : له علي مال من ثمن خمر لزمه المال.

ولو قال : ابتعت بخيار. فأنكر (وأنكر خ) البائع الخيار قبل إقراره في البيع دون الخيار

وكذا لو قال : من ثمن مبيع لم أقبضه.

______________________________________________________

من غير الجنس - تنزيلا لكلام العاقل على الصحيح ، ويرجع في تفسير الألف إليه لو قلنا بجوازه.

ومثال الثالث ، له علي عشرة إلا عشرة ، فلا يقبل الاستثناء ، لأنه استغرق المستثنى منه ، وكذا لو قال : علي خمسة وخمسة إلا خمسة إلا عند من يقول : الاستثناء عقيب الجمل ، يرجع إليها جميعا.

« قال دام ظله » : لو قال : من ثمن مبيع ، لم اقبضه.

معناه يقبل إقراره (بثمن المبيع) ولا يقبل قوله : (لم اقبضه) لعدم البينة.

وفصل الشيخ بين أن يقول : (علي ألف) وقطع ، ثم يقول : (من ثمن مبيع لم

ص: 318

(الثالث) الإقرار بالنسب ، يشترط في الإقرار بالولد الصغير إمكان البنوة وجهالة نسب الصغير وعدم المنازع.

ولا يشترط التصديق لعدم الأهلية.

ولو بلغ فأنكر لم يقبل.

ولا بد في الكبير من التصديق.

وكذا في غيره من الأنساب ، وإذا تصادقا توارثا بينهما ، ولا يتعدى المتصادقين

ولو كان للمقر ورثة مشهورون لم يقبل (إقراره خ) في النسب ولو تصادقا.

وإذا أقر الوارث بآخر وكان أولى منه دفع إليه ما في يده ، وإن كان مشاركا دفع إليه بنسبة نصيبه من الأصل.

ولو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما.

ولو أقر بأولى منه ثم بمن هو أولى من المقر له فإن صدقه الأول دفع إلى الثاني ، وإن كذبه ضمن المقر ما كان نصيبه.

ولو أقر بمساو له فشاركه ثم أقر بمن هو أولى منهما فإن صدقه المساوي دفعا إليه ما معهما ، وإن أنكر غرم للثاني ما كان في يده.

ولو أقر للميتة بزوج دفع إليه مما في يده بنسبة نصيبه. ولو أقر بآخر

______________________________________________________

اقبضه) وبين أن يقول : (ألف من ثمن مبيع) وقطع ، ثم يقول : (لم اقبضه) بأن في الصورة الأولى ، لا يقبل النفي ، ويقبل في الثانية.

وشيخنا اطرد المنع فيهما ، وهو قوي ، وفي الفرق نظر.

ص: 319

لم يقبل إلا أن يكذب نفسه فيغرم له إن أنكر الأول.

وكذا الحكم في الزوجات إذا أقر بخامسة.

ولو أقر اثنان (عادلان خ) من الورثة صح النسب وقاسم الوراث.

ولو لم يكونا مرضيين لم يثبت النسب ودفعا إليه مما في أيديهما بنسبة نصيبه من التركة.

ص: 320

كتاب الأيمان

اشارة

ص: 321

كتاب الأيمان

والنظر في أمور ثلاثة :

الأول ما به تنعقد :

ولا تنعقد إلا باللّه وبأسمائه الخاصة وما ينصرف إطلاقه إليه كالخالق والبارئ دون ما لا ينصرف إطلاقه إليه كالموجود ، ولا تنعقد. لو قال : أقسم أو أحلف حتى يقول : باللّه.

ولو قال : لعمر اللّه كان يمينا ، ولا كذا لو قال : وحق اللّه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قال : لعمر اللّه كان يمينا.

يسأل إذا كانت اليمين لا تنعقد إلا بأسمائه و (أو خ) ما ينصرف إليه على الإطلاق ، فلا ينعقد بقوله : لعمر اللّه.

والجواب أن مقتضى النظر ما ذكرتم ، لكن ترك للنص والأثر ، أما الأول فلقوله (قوله خ) تعالى : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) (1).

وأما الثاني روى ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) أما قوله : لعمر اللّه ، وقوله : لاهاه ، فإنما ذلك باللّه عزوجل (2).

ص: 322


1- الحجر - 72.
2- الوسائل باب 30 ذيل حديث 4 كتاب الأيمان.

ولا تنعقد الحلف بالطلاق والعتاق والظهار ولا بالحرم ولا بالكعبة ولا بالمصحف.

وتنعقد لو قال : حلفت برب المصحف.

ولو قال : هو يهودي أو نصراني أو حلف بالبراءة من اللّه أو رسوله أو الأئمة عليهم السلام لم يكن يمينا.

والاستثناء بمشية اللّه (بالمشية خ) في اليمين يمنعها الانعقاد إذا اتصلت بما جرت به العادة.

ولو تراخى عن ذلك من غير عذر لزمت اليمين وسقط الاستثناء وفيه رواية (1) بجواز الاستثناء إلى أربعين يوما وهي متروكة.

______________________________________________________

(فإن قيل) : يلزم على الأول ، انعقاد اليمين بكل ما أقسم اللّه تعالى به (قلنا) : ذلك ممنوع بالإجماع ، وإلا التزمناه.

« قال دام ظله » : وفيه رواية بجواز الاستثناء إلى أربعين يوما ، وهي متروكة.

هذه رواها الحسين القلانسي ، أو بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : للعبد أن يستثنى في اليمين ، فيما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي (2).

وفي رواية الحلبي وزرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، في قول اللّه عزوجل : وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ؟ قال : إذا حلف الرجل ، فنسي أن يستثني ، فليستثن إذا ذكر (3).

لكن في طريقها هذه ، منهم أبو جميلة المفضل بن صالح ، وهو مطعون.

ص: 323


1- الوسائل باب 29 حديث 3 و 6 من كتاب الأيمان ج 16 ص 158.
2- الوسائل باب 29 حديث 3 من كتاب الأيمان.
3- الوسائل باب 29 حديث 2 من كتاب الأيمان والآية في الكهف - 24.

الثاني الحالف :

ويعتبر فيه التكليف بالبلوغ والاختيار والقصد ، فلو حلف عن غير نية كانت لغوا ولو كان اللفظ صريحا.

ولا يمين للسكران ولا المكره ولا الغضبان إلا أن يكون لأحدهم قصد إلى اليمين.

وتصح اليمين من الكافر ، وفي الخلاف : لا تصح.

ولا تنعقد يمين الولد مع الوالد إلا بإذنه ، ولو بادر كان للوالد حلها إن لم تكن في واجب أو ترك محرم. وكذا الزوجة مع زوجها والمملوك مع مولاه.

الثالث في متعلق اليمين :

ولا يمين إلا مع العلم.

ولا تجب بالغموس كفارة.

وتنعقد لو حلف على فعل واجب أو مندوب أو على ترك محرم أو

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتصح اليمين من الكافر ، وفي الخلاف ، لا تصح.

وجه الصحة عموم الأحاديث ، وأنه لا تخصيص (مخصص خ) فأما الشيخ ، فقد استدل في الخلاف ، بأن اليمين لا تصح إلا ممن كان عارفا ، والكافر ليس كذلك.

وهو محل النزاع ، وبتقدير الصحة ، هل يصح منه التكفير لو حنث؟ فيه توقف ، منشأه التوقف في صحة القربة منه ، وقد ذكرنا ذلك.

« قال دام ظله » : ولا تجب بالغموس كفارة.

اليمين الغموس هو اليمين على الماضي ، قيل : سميت بذلك ، لأنها تغمس في الإثم صاحبها.

ص: 324

مكروه.

ولا تنعقد لو حلف على ترك (فعل خ) واجب أو مندوب أو فعل محرم أو مكروه.

ولو حلف على مباح - وكان الأولى مخالفته في دينه أو دنياه - فليأت ما هو خير ، ولا إثم ولا كفارة.

وإذا تساوى فعل ما تعلقت به اليمين وتركه وجب العمل بمقتضى اليمين.

ولو حلف لزوجته أن لا يتزوج وأن لا يتسرى لم تنعقد يمينه.

وكذا لو حلفت هي أن لا تتزوج بعده.

وكذا لو حلفت أن لا تخرج معه.

ولا تنعقد لو قال لغيره : واللّه لتفعلن كذا. ولا يلزم أحدهما.

وكذا لو حلف لغريمه على الإقامة بالبلد وخشي مع الإقامة الضرر.

وكذا لو حلف ليضربن عبده فالعفو أفضل ، ولا إثم ولا كفارة.

ولو حلف على ممكن فتجدد العجز انحلت اليمين.

______________________________________________________

قلت : فكأنها من شدة عقوبتها ، لا ترتفع بالكفارة ، فما شرعت.

ويدل على ذلك ما روي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الأيمان ثلاثة ، يمين ليس فيها كفارة ، ويمين فيها كفارة ، ويمين غموس توجب تعقب النار (1).

وأما أنه لا كفارة فيها ، فلاتفاق الأصحاب على ما عرفت.

ص: 325


1- الظاهر أن المراد منه هو ما في الوسائل باب 23 حديث 5 من كتاب الأيمان نقلا عن الصدوق مرسلا ، ولكنه منقول بالمعنى ، فلاحظ.

ولو حلف على تخليص مؤمن أو دفع أذية لم يأثم ولو كان كاذبا ، وإن أحسن التورية ورى.

ومن هذا لو وهب له مالا وقد كتب له ابتياع وقبض الثمن فنازعه الوارث على تسليم الثمن حلف ولا إثم عليه ويوري ما يخرجه عن الكذب.

وكذا لو حلف أن مماليكه أحرار وقصد التخلص من الظالم لم يأثم أو لا يتحرروا.

ويكره الحلف على القليل وإن كان صادقا.

مسألتان

(الأولى) روى ابن عطية فيمن حلف أن لا يشرب من لبن عنزة له ولا يأكل لحمها أنه يحرم عليه لبن أولادها ولحومهم لأنهم منها (1). وفي الرواية ضعف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : روى ابن عطية في من حلف أن لا يشرب من لبن عنزة ، إلى آخره.

روى هذه في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن سهل بن الحسن ، عن يعقوب بن إسحاق الضبي ، عن أبي محمد (جعفر خ) الأرمني ، عن عبد اللّه بن الحكم ، عن عيسى بن عطية ، عن أبي جعفر عليه السلام ، الخبر (2).

وفي السند ضعف ، فإن (سهل بن الحسن) مجهول الحال ، وكذا (يعقوب بن إسحاق) و (عيسى بن عطية) وأما (الأرمني) فقد ضعفه النجاشي ، وقال ابن الغضائري : هو ضعيف مرتفع القول.

ص: 326


1- الوسائل باب 37 حديث 1 من كتاب الأيمان ج 16 ص 170.
2- الوسائل باب 37 حديث 1 من كتاب الأيمان.

وقال في النهاية : إن شرب لحاجة لم يكن عليه شئ والتقييد حسن.

(الثانية) روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعجبته جارية عمته فخاف الإثم فحلف بالأيمان أن لا يمسها أبدا ، فورث الجارية ، أعليه جناح أن يطأها؟ فقال عليه السلام : إنما حلف على الحرام ولعل اللّه رحمه فورثه إياها لما علم من عفته (1).

______________________________________________________

وأفتى عليها الشيخ بتقييد ارتفاع الحاجة إليه ، وهو حسن ، لكن يبقى الإشكال في منع لبن الأولاد ، ولحمها.

ص: 327


1- الوسائل باب 39 حديث 1 من كتاب الأيمان ج 16 ص 180.

ص: 328

كتاب النذور والعهود

اشارة

ص: 329

كتاب النذور والعهود

والنظر في أمور أربعة :

(الأول) الناذر :

ويعتبر فيه التكليف والإسلام والقصد.

ويشترط في نذر المرأة إذن الزوج. وكذا نذر المملوك ، فلو بادر أحدهما كان للزوج والمالك فسخه ما لم يكن (في خ) فعل واجب أو ترك محرم. ولا ينعقد (ولا يصح خ) في سكر يرفع القصد ولا غضب كذلك.

______________________________________________________

(الثاني) الصيغة :

وهي أن تكون شكرا كقوله : إن رزقت ولدا فلله علي كذا. أو استدفاعا كقوله : إن برئ المريض فلله علي كذا ، أو زجرا كقوله : إن فعلت كذا من المحرمات أو إن لم أفعل كذا من الطاعات فلله علي كذا : أو تبرعا كقوله : لله علي كذا. ولا ريب في انعقاده مع الشرط.

وفي انعقاد التبرع قولان ، أشبههما : الانعقاد.

« قال دام ظله » : وفي انعقاد التبرع قولان ، أشبههما الانعقاد.

الخلاف في المسألة دائر بين المرتضى والشيخ ، فمذهب علم الهدى إلى أنه لا ينعقد.

ص: 330

______________________________________________________

وقال الشيخ في الخلاف بالانعقاد ، واستدل بعد الإجماع ، بطريقة الاحتياط ، وبقوله تعالى : ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) (1) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ) (2).

وبقول النبي صلى اللّه عليه وآله من نذر أن يطع (يطيع خ) اللّه فليطعه (3).

وبقول جميل بن معمر :

فليت رجلاً فيك قد نذر وا دمي *** وهموا بقتلي يابثين بقوتي

وبقول عشيرة (عنزة خ) العبسي :

الشاتمي عرضي ولم اشتمهما *** والناذرين إذا لم ألقهما (ألفهما خ) دمي

وفي الكل ضعف (أما) الإجماع فلعدم تحققه مع الخلاف.

(وأما) طريقة الاحتياط ، فإنها (فلأنه خ) لا تفيد الوجوب.

و (أما) الاستدلال بالآيات ، والأبيات فمصادرة على المطلوب ، إذ ليس فيها بيان كيفية النذر.

وأما المرتضى استدل بالإجماع ، وبأن معنى النذر أن يكون متعلقا على الشرط ، فمع عدمه لا يكون نذرا ، فلا يلزم الوفاء.

ويؤيده ما حكي عن أبي عمرو (عمير خ) غلام تغلب : إن النذر عند العرب هو الوعد بالشرط (بشرط خ).

والجواب عن دعوى الإجماع ما قدمناه ، فأما أن معنى النذر أن يكون متعلقا على الشرط ، فمجرد دعوى ، وقول غلام تغلب (ثعلب خ) لا يكون حجة.

على أنه ليس فيه تصريح ، إن مع عدم الشرط ، لا يكون نذرا ، وما البحث إلا فيه.

ص: 331


1- الإنسان - 7.
2- النحل - 91.
3- سنن أبي داود (ج 3 ص 232 باب ما جاء في النذر في المعصية رقم 3289 من كتاب الأيمان.). ولفظ الحديث هكذا : من نذر أن يطيع اللّه فليطعه ، ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه.

ويشترط النطق بلفظ الجلالة ، فلو قال : علي كذا لم يلزم.

ولو اعتقد أنه إن كان كذا فلله علي كذا ولم يتلفظ بالجلالة فقولان ، أشبههما : أنه لا ينعقد وإن كان الإتيان به أفضل.

وصيغة العهد أن يقول : عاهدت اللّه متى كان كذا فعلي كذا.

وينعقد نطقا. وفي انعقاده اعتقادا قولان ، أشبههما : أنه لا ينعقد.

______________________________________________________

وإذا تقرر هذا ، فالوجه في بيان ذلك المصير إلى العرف ، ورأيناهم يطلقون على المطلق اسم النذر.

وأيضا ينهض به مضمون الروايات (روايات خ) وهو صريح في رواية منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا قال الرجل : علي المشي إلى بيت اللّه وهو محرم بحجة ، أو علي هدي كذا وكذا ، فليس بشئ ، حتى يقول : لله علي المشي إلى بيته ، أو يقول : لله علي أن أحرم بحجة ، أو يقول : لله علي هدي كذا وكذا إن لم أفعل كذا وكذا (1).

ويؤيده قوله تعالى : ( إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ) (2) إذ قولها (ما في بطني محررا) بيان للمنذور (للنذر خ) وعليه المتأخر ، وشيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : ولو اعتقد أنه إن كان كذا فلله على كذا ، ولم يلفظ (يتلفظ خ) بالجلالة فقولان ، أشبههما أنه لا ينعقد.

ذهب الشيخ في النهاية ، إلى أن بالاعتقاد مجردا عن التلفظ ، ينعقد النذر ، فكذا العهد.

وقال : في المبسوط في كتاب الأيمان : يعتبر التلفظ ، وهو أشبه ، لأنه لا يكون ناذرا ، إلا مع التلفظ ، وهو اختيار المتأخر ، وكذا البحث في العهد جوزه الشيخ ، ومنعه المتأخر.

ص: 332


1- الوسائل باب 1 حديث 1 من كتاب النذر والعهد.
2- آل عمران - 35.

ويشترط فيه القصد كالنذر.

(الثالث) في متعلق النذر :

وضابطه ما كان طاعة لله مقدورا للناذر ، ولا ينعقد مع العجز ، ويسقط لو تجدد العجز.

والسبب إذا كان طاعة اللّه وكان النذر شكرا لزم ، ولو كان زجرا لم يلزم. وبالعكس لو كان السبب معصية.

ولا ينعقد لو قال : لله علي نذر واقتصر به.

وينعقد لو قال : قربة ، ويبرأ بفعل قربة ولو صوم يوم أو صلاة ركعتين.

ولو نذر صوم حين كان ستة أشهر.

ولو قال : زمانا ، صام خمسة أشهر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والسبب إذا كان طاعة (لله خ) وكان النذر شكرا لزم ، ولو كان زجرا لم يلزم ، وبالعكس لو كان السبب معصية.

قلت : ينهض من هذا المجموع أربع مسائل ، وذلك يحصل من ضرب السبب والنذر في الطاعة والمعصية.

(فالأول) يلزم لو كان النذر شكرا مثاله ، أن أحج السنة ، فلله علي كذا مريدا للحج ، ولا يلزم لو كان النذر (الحج خ) زجرا ، ومثاله أن أحج السنة ، فلله علي صوم شهر زاجرا للنفس ، والفرق بين المسألتين يبين (يتبين خ) بالقصد.

(والثاني) كون السبب معصية لا يلزم لو كان النذر شكرا ، ومثاله ، إن زنيت بفلانة فلله علي صوم يوم ، شكرا للظفر. ويلزم لو كان زجرا ، ومثاله ، لو سرقت أو ربت بعد اليوم ، فلله علي أن أتصدق بدينار.

ص: 333

ولو نذر الصدقة بمال كثير كان ثمانين درهما.

ولو نذر عتق كل عبد له قديم أعتق (من كان خ) له في ملكه ستة أشهر فصاعدا ، هذا إذا لم ينو شيئا غيره.

ومن نذر في سبيل اللّه صرفه في البر.

ولو نذر الصدقة بما يملكه لزم ، فإن شق قومه وأخرج شيئا فشيئا حتى يوفي.

(الرابع) في اللواحق.

وهي مسائل.

(الأولى) لو نذر أن يصوم يوما معينا فاتفق له السفر أفطر وقضاه.

وكذا لو مرض أو حاضت المرأة أو نفست.

ولو شرط صومه سفرا وحضرا صام وإن اتفق في السفر.

ولو اتفق يوم عيد أفطر ، وفي القضاء تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اتفق يوم عيد ، أفطر ، وفي القضاء تردد.

منشأ التردد ، النظر إلى ما رواه الشيخ في التهذيب ، عن علي بن مهزيار (في حديث) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن : يا سيدي ، رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي ، فوافق ذلك اليوم ، يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق ، أو سفر أو مرض ، هل عليه صيام (صوم خ) ذلك اليوم أو قضاؤه (وكيف يصنع يا سيدي خ)؟ فكتب إليه ، قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها ويصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه (الحديث) (1).

ص: 334


1- الوسائل باب 10 صدر حديث 1 من كتاب النذر والعهد ، وباب 10 حديث 1 من أبواب من يصح منه الصوم.

______________________________________________________

وطريق هذه الرواية حسن.

ومثل هذا المعنى في أخرى غير مستندة ، وهي عن أبي القاسم الصيقل (1) وأفتى عليها في النهاية.

وقال المتأخر : لا يجب القضاء ، لأنه نذر غير واقع ، إذ صيام العيدين محرم ، وهو اختيار ابن البراج في مهذبه ، وهو أشبه ، والعمل بالرواية أحوط ، تفصيا من الخلاف.

أما لو عجز عن صومه أصلا قيل : يسقط القضاء.

وفي رواية يتصدق عنه بمد ، معناه لو عجز عن صوم النذر بمنع (لمانع خ) لا يرجى زواله ، يسقط قضاؤه ، وإلا فعليه القضاء مع زوال المنع (المانع خ).

والتقييد حسن ، وعليه المتأخر ، وأطلق الشيخ في النهاية.

وأما الرجوع إلى التصدق ، ففيه روايات (منها) ما رواه محمد بن منصور عن الرضا عليه السلام ، قال : كان أبي يقول : على من عجز عن صوم نذره مكان كل يوم مد (2).

ومثلها روى الكليني في سنده ، مرفوعا إلى علي بن إدريس عن الرضا عليه السلام (في حديث) قال : تصدق عن كل يوم وفاتك بمد من الحنطة أو شعير (3) وروى هذه ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه (4).

ص: 335


1- الوسائل باب 10 حديث 3 من أبواب من يصح منه الصوم.
2- الوسائل باب 12 حديث 2 عن محمد بن منصور أنه سأل موسى بن جعفر عليهما السلام عن رجل نذر صياما فثقل الصيام عليه؟ قال : يتصدق لكل يوم بمد من حنطة.
3- الوسائل باب 15 ذيل حديث 1 من أبواب بقية الصوم وفيه : يكفر عن كل يوم بمد حنطة أو شعير.
4- الوسائل باب 15 حديث 5 من أبواب بقية الصوم ، وفيهما إدريس بن زيد وعلي بن إدريس.

ولو عجز عن صومه أصلا قيل : يسقط. وفي رواية (1) يتصدق عنه بمد.

(الثانية) ما لم يعين بوقت يلزم الذمة مطلقا. وما قيد بوقت يلزم فيه ولو أخل (به خ) (2) لزمته الكفارة.

وما علقه بشرط ولم يقرنه بزمان فقولان ، أحدهما : يتضيق فعله عند الشرط ، والآخر : لا يتضيق ، وهو أشبه.

(الثالثة) من نذر الصدقة في مكان معين أو الصوم والصلاة في وقت معين لزم ، ولو (فإن خ) فعل ذلك في غيره أعاد.

(الرابعة) لو نذر إن برئ مريضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم قبل النذر لم يلزم ، ولو كان بعده لزم.

(الخامسة) من نذر إن رزق ولدا حج به أو حج عنه ثم مات ، حج به أو حج عنه من أصل التركة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وما علقه بشرط ولم يقرنه بزمان ، فقولان ، أحدهما يتضيق فعله عند الشرط ، والآخر لا يتضيق ، وهو أشبه.

والقول الأول للشيخ وأتباعه ، والثاني لشيخنا دام ظله ، وفيه نظر.

« قال دام ظله » : من نذر صدقة في مكان معين ، إلى آخره.

إذا كان تعليق النذر صدقة أو صلاة أو صوما بمكان ، يتفاوت الغرض فيه ، لكونه موضع طاعة ، لا خلاف أنه يلزم الوفاء به ، لو لم ينصرف عنه إلى غيره ، وهل يعيد مع تساوي الأمكنة؟ قال الشيخ : نعم ، وعليه أتباعه ، والعمل ، ولشيخنا فيه تردد والإعادة أحوط.

ص: 336


1- الوسائل باب 12 حديث 2 من كتاب النذر ج 16 ص 195.
2- بما لزمه خ.

(السادسة) من جعل دابته أو جاريته هديا لبيت اللّه بيع ذلك وصرف ثمنه في معونة الحاج والزائرين.

(السابعة) روى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل كانت عليه حجة الإسلام فأراد أن يحج ، فقيل له : تزوج ثم حج ، وقال : إن تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر فبدأ بالنكاح ، وقال : تحرر الغلام (1) وفيه إشكال إلا أن يكون ذلك نذرا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : روى إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، إلى آخره.

وجه الإشكال في هذه الرواية الالتفات إلى أن العتق بالشرط ، لا يلزم عندنا ، فأما مع النذر فلا بحث في لزومه ويتضمنه الرواية.

وصورتها ما روى الشيخ في التهذيب عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : قلت له : رجل عليه حجة الإسلام ، فأراد أن يحج ، فقيل له تزوج ثم حج ، فقال : إن تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر ، فتزوج قبل أن يحج ، فقال : أعتق غلامه ، فقلت : لم يرد بعتقه وجه اللّه تعالى ، فقال : إنه نذر في طاعة اللّه ، والحج أحق بالتزويج ، وأوجب عليه من التزويج ، فقلت : فإن كان الحج تطوعا؟ فقال : وإن كان تطوعا ، فهي طاعة اللّه عزوجل (2).

وأما وجه الإشكال في رواية رفاعة فظاهر (3) لكن أفتى عليها الشيخ في النهاية.

ص: 337


1- الوسائل باب 7 حديث 1 من كتاب النذر ، ج 16 ص 191 وفيه « إسحاق عن أبي عبد اللّه » وفي الكافي « عن أبي إبراهيم » وذيل الحديث نقل بالمعنى.
2- الوسائل باب 7 حديث 1 من كتاب النذر والعهد.
3- ذكرها المصنف في المتن أي النافع - هكذا في بعض النسخ.

(الثامنة) روى رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نذر الحج ولم يكن له مال فحج عن غيره ، أيجزي عن نذره؟ قال : نعم (1) وفيه إشكال إلا أن يقصد ذلك بالنذر.

(التاسعة) قيل : من نذر أن لا يبيع خادما أبدا لزمه الوفاء به وإن احتاج إلى ثمنها ، وهو استناد إلى رواية مرسلة (2).

(العاشرة) العهد كاليمين يلزم حيث تلزم ، ولو تعلق بما الأعود مخالفته دينا أو دنيا خالف إن شاء ، ولا إثم ولا كفارة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : قيل : من نذر أن لا يبيع خادما أبدا ، لزمه الوفاء به ، وإن احتاج إلى ثمنها ، إلى آخره.

مستند هذه المسألة ، ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسن بن علي ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : قلت له : إن لي جارية ، ليس لها مني مكان ولا ناحية ، وهي تحتمل الثمن ، إلا أني كنت حلفت منها (فيها خ) بيمين ، فقلت : لله علي أن لا أبيعها أبدا ، ولي إلى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤونة؟ فقال : ف لله بقولك له (3).

والرواية ليست بمرسلة ، كما قاله بعض الأصحاب (4) لكن بعض رجالها غير

ص: 338


1- راجع الوسائل باب 7 حديث 3 من أبواب الحج ، ج 8 ص 49.
2- الوسائل 18 حديث 5 من كتاب الأيمان ، والرواية ليست مرسلة اصطلاحا ، ولعل الشارح قدس سره أراد عدم اعتبارها بملاحظة عدم توثيق أو ضعف في بعض رواتها ، فراجع ج 16 ص 146 من الوسائل.
3- الوسائل باب 17 حديث 11 من كتاب النذر والعهد.
4- فإن سندها (كما في التهذيب) هكذا : محمد بن أحمد الكوكبي ، عن أبي عبد اللّه الرازي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسن بن علي ، عن أبي الحسن عليه السلام ، وفي الاستبصار والوسائل : محمد بن أحمد بن يحيى بدل (محمد بن أحمد الكوكبي) عن أبي عبد اللّه الرازي ... الخ.

______________________________________________________

مشهورين ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية.

وقال المتأخر : هذا غير مستقيم ، بل الفتوى على أنه متى كان لصاحبها في المخالفة صلاح ديني أو دنياوي فله البيع ولا كفارة.

والجواب إن هذا مسلم ، وتحمل الحاجة في الرواية ، على حاجة لا يتضرر بفوات مصلحة ، ينسخ (تقبح خ) (1) مخالفة النذر ، فلا تنافي.

ص: 339


1- وفي بعض النسخ : تبيح.

ص: 340

كتاب الصيد والذبائح

اشارة

ص: 341

كتاب الصيد والذبائح

يؤكل من الصيد ما قتله السيف والرمح والسهم والمعراض إذا خرق.

ولو أصاب السهم معترضا حل إن كان فيه حديدة ، ولو خلا منها لم يؤكل إلا أن يكون حادا فخرق.

وكذا ما يقتله الكلب المعلم دون غيره من الجوارح.

ولا يؤكل ما قتله الفهد وغيره من جوارح البهائم.

ولا ما قتله العقاب وغيره من جوارح الطير إلا أن يذكى ، وإدراك ذكاته بأن يجده ورجله تركض أو عينه تطرف. وضابطه حركة الحيوان.

ويشترط في الكلب أن يكون معلما يسترسل إذا أغري وينزجر إذا زجر ، وأن لا يعتاد أكل صيده ، ولا عبرة بالندرة.

ويعتبر في المرسل أن يكون مسلما أو بحكمه قاصدا بإرساله الصيد مسميا عند الإرسال. فلو تركه (ترك خ) التسمية عمدا لم يؤكل صيده ، ويؤكل لو نسي إذا اعتقد الوجوب.

ولو أرسل وسمى غيره لم يؤكل صيده إلا أن يذكيه.

ص: 342

ويعتبر أن لا يغيب عنه ، فلو غاب وحياته مستقرة ثم وجده مقتولا أو ميتا لم يؤكل.

وكذا السهم ، ما لم يعلم أنه القاتل.

ويجوز الاصطياد بالشرك والحبالة وغيرهما من الآلات وبالجوارح لكن لا يحل منه إلا ما ذكي.

والصيد ما كان ممتنعا ، فلو قتل بالسهم فرخا أو قتل الكلب طفلا غير ممتنع لم يحل ، ولو رمى طائرا فقتله وفرخا لم يطر حل الطائر دون فرخه.

مسائل من أحكام الصيد

(الأولى) إذا تقاطعته الكلاب قبل إدراكه حل.

(الثانية) لو رماه بسهم فتردى من جبل أو وقع في ماء فمات لم يحل ، وينبغي هنا اشتراط استقرار الحياة.

(الثالثة) لو قطعه السيف باثنين ولم يتحركا حلا ، ولو تحرك أحدهما فهو الحلال إن كانت حياته مستقرة لكن بعد التذكية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو رماه بسهم ، فتردى من جبل ، أو وقع في ماء فمات ، لم يحل.

هذا الإطلاق للشيخ في النهاية ، وشرط في المبسوط استقرار الحياة ، وإن مع عدمه لا يحل ، وهو مقتضى المذهب ، واختيار المتأخر وشيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : لو قطعه السيف باثنين (اثنتين خ) ولم يتحركا حلا ، إلى آخره.

قلت : إذا قطع الصيد أو غيره باثنتين ، فلا يخلو إما أن يتحركا أو لا يتحركا ، أو تحرك أحدهما دون الآخر.

(فالأول) يؤكل إن لم تكن الحياة مستقرة ، وألا يؤكل الذي فيه الرأس بعد

ص: 343

ولو لم تكن مستقرة حلا. وفي رواية : يؤكل الأكبر دون الأصغر (1). وهي شاذة. ولو أخذت الحبالة منه قطعة فهي ميتة.

______________________________________________________

التذكية ، ويرمي بالباقي (بالثاني خ) لأنه بمنزلة قطعة أخذت من حي.

وقال في الخلاف (2) - على الإطلاق - : أكل الذي مع الرأس ، إن كان أكثر دون الباقي ، والأول أشبه ، وعليه المتأخر.

(والثاني) يؤكلان معا ، وقيد في النهاية بخروج الدم ، وهو حسن ، وعليه أتباعه ، عملا بالغالب في العادة.

وبالإطلاق رواية ، عن النضر بن سويد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه (3).

(وإن) تحرك أحدهما دون الآخر - وهو الثالث - قال في النهاية : يؤكل المتحرك دون الآخر.

ولعل المستند ما رواه النضر بن سويد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ما لم يتحرك أحد النصفين حلا ، وإن تحرك أحدهما حل دون الآخر (4).

وقال المتأخر : يؤكلان ، إذا سال منهما الدم ، والرواية مطلقة.

وفي رواية النوفلي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : إذا قطعته

ص: 344


1- هذه الجملة بعينها لم نجدها في الأخبار ، لكن يستفاد هذا المضمون مما رواه الوسائل باب 25 حديث 1 و 2 من أبواب الصيد ج 16 ص 223.
2- عبارة الخلاف - في كتاب الصيد والذباحة - هكذا : مسألة 17 إذا قطع الصيد بنصفين حل أكل الكل بلا خلاف ، وإن كان الذي مع الرأس أكبر (أكثر خ) حل الذي مع الرأس دون الباقي ... الخ.
3- الوسائل باب 35 حديث 3 من أبواب الصيد : في الظبي وحمار الوحش يعترضان بالسيف فيقدان؟ قال : لا بأس بكليهما ، ما لم يتحرك أحد النصفين ، فإذا تحرك أحدهما لم يؤكل الآخر ، لأنه ميتة.
4- قد ذكرناه في ذيل الحديث السابق ، ولا يخفى أن الشارح قده نقله بالمعنى.

(الرابعة) إذا أدرك الصيد وفيه حياة مستقرة ولا آلة (له خ) فيذكيه لم يحل حتى يذكى. وفي رواية جميل : يدع الكلب حتى يقتله (1).

______________________________________________________

جزءين ، فارم بأصغرهما ، وكل الأكبر ، وإن اعتدلا فكلهما (2).

وفي رواية إسحاق بن عمار : يؤكل ما يلي الرأس ، ويدع الذنب (3).

وفي إسحاق كلام ، وفي الطريق يحيى بن المبارك مجهول الحال.

« قال دام ظله » : إذا أدرك الصيد ، وفيه حياة مستقرة ، ولا آلة فيذكيه (ليذكيه خ) لم يحل حتى يذكى ، وفي رواية جميل ، يدع الكلب حتى يقتله.

روى هذه ، محمد بن يعقوب صاحب الكافي ، بسند صحيح مرفوعا (4) إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يرسل الكلب على الصيد ، فيأخذه ، ولا يكون معه سكين ، فيذكيه بها ، أفيدعه حتى يقتله ، ويأكل منه؟ قال : لا بأس ، قال اللّه عزوجل : فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ (5).

وروي في التهذيب هذه عن أبي مالك الحضرمي ، عن جميل بن دراج عنه عليه السلام (6).

وعليها فتوى الشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه ، وهو أشبه.

ص: 345


1- الوسائل باب 4 حديث 4 من أبواب الصيد ج 16 ص 224.
2- الوسائل باب 35 حديث 4 من أبواب الصيد ، ولكن في التهذيب سند الحديث هكذا : محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام. قال : قلت له : ربما رميت بالمعراض فأقتل؟ فقال : إذا قطعته جدلين فارم ... الخ
3- الوسائل باب 35 حديث 2 من أبواب الصيد ، وصدره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل ضرب غزالا بسيفه حتى أبانه أيأكله؟ قال : نعم يؤكل مما يلي الرأس ويدع الذنب.
4- يعني متصلا سنده إلى أحمد بن محمد.
5- الوسائل باب 8 حديث 1 من أبواب الصيد ، والآية في المائدة - 4.
6- الوسائل باب 8 حديث 2 من أبواب الصيد.

______________________________________________________

وقال المتأخر : لا يحل أكله ، واختاره شيخنا.

(لنا) النص والأثر والاعتبار.

أما النص فقوله تعالى : ( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ) (1) وأما الأثر ، فقد قدمناه.

وأما الاعتبار ، فمن وجهين أما (أولا) فلأنه إذا حل بقتله قبل الإدراك حل (فقد يحل خ) بعد الإدراك.

(أما الأولى) فمسلمة ، و (أما) الملازمة ، فإن العلة القائمة ثم ، وهو كونه صيدا ، قائمة هنا ، فوجب الحكم ، وإلا لزم تخلف العلة عن المعلول.

(فإن قيل) : لا نسلم وجود العلة هنا (قلنا) : الدليل ، النقل والعرف.

أما النقل ، فلأن المعنى من الصيد ، هو المصيد ، فبعد الإدراك لا يخرج عن ذلك.

ويدل عليها أيضا قول الشاعر :

كلاب عوت لا قدس اللّه روحها *** فجاءت بصيد لا يحل لآكل

وقول الآخر :

جاؤوا بصيد عجب من العجب *** أزرق العينين طوال (طول خ) الذنب

وأما العرف فظاهر لا ينكر ، يقال : مع فلان صيد حي وقال اللّه تعالى : ( لا تقتلوا الصيد ) (2).

والمراد به المصيد المدرك حياته ، لتعلق النهي به ، وإلا لكان عبثا.

وأما الوجه الثاني أنه إذا جاز الذبح بغير الحديد مع العجز ، فيجوز بالكلب لعدم (بعدم خ) المخصص.

ص: 346


1- المائدة - 4.
2- المائدة - 95.

(الخامسة) لو أرسل مسلم كلبه وأرسل كافر كلبه فقتلا صيدا ، أو مسلم لم يسم أو من لم يقصد لم يحل.

(السادسة) لو رمى صيدا فأصاب غيره حل. ولو رمى لا للصيد فقتل صيدا لم يحل.

(السابعة) إذا كان الطير مالكا جناحه فهو لصائده إلا أن يعرف مالكه فيرده إليه. ولو كان مقصوصا لم يؤخذ لأن له مالكا.

ويكره أن يرمي الصيد بما هو أكبر منه.

ولو اتفق قيل : يحرم ، والأشبه : الكراهية.

وكذا يكره أخذ الفراخ من أعشاشها ، والصيد بكلب علمه مجوسي ، وصيد السمك يوم الجمعة قبل الصلاة ، وصيد الوحش والطير بالليل.

والذبائح

اشارة

تستدعي بيان فصول :

______________________________________________________

(فإن قيل) : المخصص هو الإجماع (قلنا) : لا نسلم ، فإن كابروا كابرنا بمثل تلك الدعوى ، فإن رجعوا إلى الروايات ، فكذا نحن.

واستدل المتأخر بأنه ليس بصيد ، لكونه غير ممتنع.

وقد مضى الجواب ، ومعنى قول الفقهاء : الصيد ما كان ممتنعا ، أي ما من شأنه الامتناع.

« قال دام ظله » : ويكره أن يرمي الصيد بما هو أكبر منه ، ولو اتفق قيل : يحرم ، والأشبه الكراهية.

ذهب في النهاية إلى أنه لا يجوز رمي الصيد بما هو أكبر منه ، ولو خالف لم يجز أكله ، وحمله شيخنا على الكراهية في الموضعين ، وهو حسن.

ص: 347

(الأول) الذابح :

ويشترط فيه الإسلام أو حكمه ولو كان أنثى.

وفي الكتابي روايتان ، أشهرهما : المنع (1). وفي رواية ثالثة (2) : إذا سمعت تسميته فكل ، والأفضل أن يليه المؤمن ، نعم لا تحل ذباحة المعادي لأهل البيت عليهم السلام

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي الكتابي روايتان ، أشهرهما المنع.

روى أبو بصير : قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : لا تأكل من ذبيحة المجوسي ، قال : وقال لا تأكل ذبيحة نصارى تغلب ، فإنهم مشركوا العرب (3).

وعن إسماعيل بن جابر ، قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : لا تأكل ذبائحهم ، ولا تأكل في آنيتهم ، يعني أهل الكتاب (4).

وفي رواية حماد ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن ذبائح نصارى العرب ، هل تؤكل؟ فقال : كان علي عليه السلام ، ينهاهم عن أكل ذبائحهم وصيدهم ، وقال : لا يذبح لك يهودي ولا نصراني أضحيتك (5).

وعن ابن مسكان ، عن قتيبة الأعشى (في رواية) لا تأكلها فإنما هو الاسم ، ولا يؤمن عليه إلا مسلم ، فقال له الرجل : قال اللّه تعالى : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام : كان أبي عليه السلام يقول : إنما هو الحبوب وأشباهها (6).

ص: 348


1- راجع الوسائل باب 26 من أبواب الذبائح.
2- الوسائل باب 27 حديث 17 و 18 من أبواب الذبائح ج 16 ص 285.
3- الوسائل باب 27 حديث 22 من أبواب الذبائح.
4- الوسائل باب 27 حديث 10 من أبواب الذبائح.
5- الوسائل باب 27 حديث 19 من أبواب الذبائح.
6- الوسائل باب 26 حديث 1 من أبواب الذبائح ، والآية في الأنعام : 5.

______________________________________________________

وفيه غير ذلك من الروايات (1).

وعليها عمل الأصحاب

وحكى شيخنا ، أن المفيد ، قال في رسالته الغرية بجواز ذلك ، وهو متروك.

ويؤيد ما ذكرناه قوله تعالى : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) (2) وهو نص في موضع الخلاف ، لأنهم لا يرون التسمية لا فرضا ولا ندبا.

فأما ما رواه زرارة ، عن حمران ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : في ذبيحة الناصب واليهودي ، والنصراني لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اللّه ، قلت : (فقلت خ) والمجوسي؟ قال : نعم إذا سمعته يذكر اسم اللّه ، أما سمعت قول اللّه تعالى : وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ (3).

وما رواه جميل ومحمد بن حمران ، إنهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن ذبائح اليهود والنصارى والمجوس؟ فقال : كل ، فقال بعضهم : إنهم لا يسمون ، فقال : فإن حضرتموهم فلم يسموا ، فلا تأكلوا ، وقال : إذا غاب فكل (4).

وما في معناهما من الروايات محمولة (5) على حالة الضرورة ، أو التقية.

وبالتقية يشهد ما رواه بشير بن أبي غيلان الشيباني ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن ذبائح اليهود والنصارى والنصاب ، فلوى شدقه ، وقال : كلها إلى يوم ما (6).

ص: 349


1- راجع الوسائل باب 26 و 27 و 28 من أبواب الذبائح.
2- الأنعام - 121.
3- الوسائل باب 27 حديث 31 من أبواب الذبائح.
4- الوسائل باب 27 حديث 33 من أبواب الذبائح.
5- قوله : (محمولة) خبر لقوله (فأما ما رواه زرارة ... الخ).
6- الوسائل باب 28 حديث 6 من أبواب الذبائح ، والشدق ، هو بالفتح والكسر جانب الفم (مجمع البحرين).

(الثاني) الآلة :

ولا تصح إلا بالحديد مع القدرة ويجوز بغيره مما يفري (يقطع خ) الأوداج عند الضرورة ، ولو بمروة أو ليطة أو زجاجة.

وفي الظفر والسن مع الضرورة تردد.

______________________________________________________

فأما في ذبيحة الناصب ، فالأشهر في الروايات المنع ، (فمنها) رواية زرعة ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : ذبيحة الناصب لا تحل (1).

وفي رواية يونس بن يعقوب ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري اللحم من السوق وعنده من يذبح ويبيع من إخوانه ، فيتعمد الشراء من النصاب؟ فقال : أي شئ تسألني أن أقول؟ قال : ما يأكل إلا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير (الحديث) (2).

ولا يحرم شيخنا دام ظله إلا من الغلاة والخوارج والمجسمة على الأقوى ، واتبعهم المجبرة على تردد.

والاجتناب في البواقي على الاحتياط ، تمسكا بما رواه زكريا بن آدم ، قال : قال أبو الحسن عليه السلام : إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك إلا في وقت الضرورة إليه (3).

« قال دام ظله » : وفي الظفر والسن مع الضرورة تردد.

منشأ التردد ، النظر إلى فتوى الشيخ في الخلاف بالمنع ، متصلين أو منفصلين ، مستدلا بالإجماع.

وبما رواه رافع بن خديج أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ما انهر الدم ،

ص: 350


1- الوسائل باب 28 حديث 2 من أبواب الذبائح.
2- الوسائل باب 28 حديث 4 من أبواب الذبائح ، وتمامه : قلت : سبحان اللّه مثل الدم والميتة ولحم الخنزير؟ فقال : نعم وأعظم عند اللّه من ذلك ، ثم قال : إن هذا في قلبه على المؤمنين مرض.
3- الوسائل باب 28 حديث 5 من أبواب الذبائح.

(الثالث) الكيفية :

وهي قطع الأعضاء الأربعة : المرئ ، والودجان ، والحلقوم.

وفي الرواية : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (1).

ويكفي في النحر الطعن في الثغرة.

______________________________________________________

وذكر اسم اللّه عليه ، فكلوا ، إلا ما كان من سن أو ظفر ، وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم من الإنسان ، وأما الظفر فمدى الحبشة (2).

وإلا فمقتضى المذهب جواز الذبح مع الضرورة بكل ما يفري الأوداج ، وبه روايات (3) وهو اختيار المذهب المتأخر ، وهو قريب ، ويحمل قول الشيخ على حال الاختيار

« قال دام ظله » : وفي الرواية : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم ، فلا بأس.

هذه رواها ابن محبوب ، عن زيد الشحام ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل لم يكن بحضرته سكين أيذبح بقصبة؟ قال : أذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود ، إذا لم تصب الحديدة إذا قطع الحلقوم وخرج الدم ، فلا بأس (4).

وفي معناه رواية عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : إذا فرى الأوداج فلا بأس (5).

وليس في الرواية وجوب قطع الأعضاء الأربعة ، بل ذكره الشيخ في المبسوط والخلاف وانعقد الإجماع ، وعليه العمل ، وهو حسن ، وما أعرف فيه مخالفا.

ص: 351


1- راجع الوسائل باب 12 حديث 3 من أبواب الذبائح ج 16 ص 264.
2- سنن أبي داود ج 3 ص 202 باب في الذبيحة بالمروة حديث 1 من كتاب الأضاحي والحديث هنا منقول بالمعنى فلاحظ.
3- راجع الوسائل باب 2 من أبواب الذبائح.
4- الوسائل باب 2 حديث 3 من أبواب الذبائح.
5- الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب الذبائح.

ويشترط استقبال القبلة بالذبيحة مع الإمكان ، والتسمية ، فلو أخل بأحدهما عمدا لم يحل ، ولو كان ناسيا حل.

ويشترط نحر الإبل وذبح ما عداها ، فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور لم يحل.

ولا يحل حتى يتحرك بعد التذكية حركة الحي.

وأدناه أن يتحرك الذنب أو تطرف العين ويخرج الدم المعتدل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وأدناه أن يتحرك الذنب ، أو تطرف العين ، ويخرج الدم المعتدل ، قيل : تكفي الحركة ، وقيل : يكفي أحدهما ، وهو أشبه.

ذهب المفيد وسلار إلى اعتبار الحركة وخروج الدم ، وابن بابويه إلى اعتبار الحركة ، والشيخ إلى أيهما حصل من الحركة وخروج الدم.

فأما استناد ابن بابويه ، فإلى ما رواه عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الشاة تذبح فلا تحرك ويهراق منها دم كثير عبيط؟ فقال : لا تأكل ، إن عليا عليه السلام كان يقول : إذا ركضت الرجل ، أو طرفت العين ، فكل (1).

واستناد الشيخ إلى رواية الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الذبيحة؟ فقال : إذا تحرك الذنب أو الطرف أو الأذن ، فهو ذكي (2).

وفي معناها عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، إذا طرفت العين ، أو ركضت الرجل ، أو تحرك ، فكل (3).

ص: 352


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب الذبائح.
2- الوسائل باب 11 حديث 3 من أبواب الذبائح.
3- الوسائل باب 11 حديث 6 من أبواب الذبائح ، ولفظه هكذا : عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال : في كتاب علي عليه السلام ، إذا طرفت العين ، أو ركضت الرجل أو تحرك الذنب فكل منه فقد أدركت ذكاته.

وقيل : تكفي الحركة.

وقيل : يكفي أحدهما ، وهو أشبه.

وفي إبانة الرأس بالذبح قولان ، المروي : أنها تحرم (1).

______________________________________________________

وإلى ما رواه الحسين بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (في حديث) قال : فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح ، خرج الدم معتدلا ، فكلوا وأطعموا ، وإن كان خرج خروجا متثاقلا ، فلا تقربوه (2).

وما وقفت على حديث يتضمن اعتبارهما كما هو مذهب المفيد ، ولعله رحمه اللّه جمع بين الروايات.

والأقرب مذهب الشيخ ، لأنه عمل بروايات كثيرة ، ولا يسقط منه رواية ، إلا رواية عاصم ، وهي أيضا تحمل على الاستحباب ، ويقويه التمسك بالأصل.

« قال دام ظله » : وفي إبانة الرأس بالذبح قولان ، المروي أنها تحرم.

قال في النهاية ، وابن بابويه ، بالتحريم مع العمد ، ولعل مستندهما رواية حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) أنه سأله عن الرجل يذبح فينسى أن يسمي أتؤكل ذبيحته؟ فقال : نعم إذا كان لا يتهم وكان يحسن الذبح قبل ذلك ولا ينخع ، ولا يكسر الرقبة (رقبتها خ) حتى تبرد الذبيحة (3).

ومثله في رواية ابن مسكان ، عن محمد الحلبي ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام ، ولا تنخع الذبيحة حتى تموت ، فإذا ماتت فانخعها (4) وعليه صاحب الواسطة.

وقال الشيخ في الخلاف : تكره إبانة الرأس من الجسد ، وقطع النخاع ، ولا تحرم

ص: 353


1- راجع الوسائل باب 6 من أبواب الذبائح ج 16 ص 260.
2- الوسائل باب 12 حديث 2 من أبواب الذبائح ، ولاحظ صدره.
3- الوسائل باب 15 قطعة من 3 أبواب الذبائح.
4- الوسائل باب 6 حديث 2 من أبواب الذبائح.

ولو سبقت السكين فأبانته لم تحرم الذبيحة.

ويستحب في الغنم ربط يدي المذبوح وإحدى رجليه ، وإمساك صوفه أو شعره حتى يبرد.

وفي البقر عقل يديه ورجليه ، وإطلاق ذنبه.

وفي الإبل ربط أخفافه إلى إبطيه.

في الطير إرساله.

وتكره الذباحة ليلا ، ونخع الذبيحة ، وقلب السكين في الذبح ، وأن

______________________________________________________

لو خالف ، مستدلا بأن الأصل الإباحة ، وبقوله : ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) (1) وهو اختيار المتأخر وصاحب الرائع (2).

والوجه تحريم الفعل ، عملا بالروايات ، لا تحريم الأكل ، تمسكا بالأصل ، ولأنه لا دليل على تحريم الأكل.

ويدل على ذلك ما ذكر في كتاب حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت : الرجل يذبح فينخعها ، قال : أساء ، قلت : أتترك أو تؤكل؟ قال : بل تؤكل (3).

وما رواه أبو جعفر بن بابويه في كتابه ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سئل عن رجل ذبح طيرا ، فقطع رأسه ، أيؤكل منه؟ قال : نعم ، ولكن لا يتعمد قطع رأسه (4).

« قال دام ظله » : وقلب السكين.

وهو أن يقطع من الحلق إلى فوق ، وهو في رواية حمران بن أعين ، عن أبي عبد اللّه

ص: 354


1- الأنعام - 118.
2- هو القطب الراوندي قده.
3- لم نعثر إلى الآن على موضع الحديث في الكتب التي عندنا من الأحاديث ، ولعل كتاب حريز كان عند الشارح قده فنقله منه.
4- الوسائل باب 9 حديث 5 من أبواب الذبائح.

يذبح حيوانا وآخر ينظر إليه ، وأن يذبح بيده ما رباه من النعم.

ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها.

وقيل : يكره ، وهو أشبه.

ويلحق به أحكام.

(الأول) ما يباع في أسواق المسلمين يجوز ابتياعه من غير تفحص.

(الثاني) ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان كالمستعصي والمتردي في بئر يجوز عقره بالسيف وغيره مما يجرح إذا خشي تلفه.

(الثالث) ذكاة السمك ، إخراجه من الماء حيا.

ولا يعتبر في المخرج الإسلام ولا التسمية.

______________________________________________________

عليه السلام ، قال : سألته عن الذبح قال : إذا ذبحت فأرسل ، ولا تكتف ولا تقلب السكين (الحديث) (1).

« قال دام ظله » : ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها ، وقيل : يكره ، وهو أشبه.

ذهب الشيخ في النهاية وأتباعه إلى تحريم السلخ وأكله.

والمستند ما رواه في التهذيب ، عن محمد بن يحيى رفعه ، قال : قال أبو الحسن الرضا عليه السلام : إذا ذبحت الشاة وسلخت ، أو سلخ شئ منها قبل أن تموت ، فليس يحل (لم يحل ئل) أكلها (2) وروى هذه الكليني أيضا في كتابه.

وهي مجهولة الطريق ، وذهب المتأخر وشيخنا دام ظله إلى الكراهية ، وهو أشبه استنادا (للاستناد خ) إلى الأصل. (3)

ص: 355


1- الوسائل باب 3 قطعة من حديث 2 من أبواب الذبائح.
2- الوسائل باب 8 حديث 1 من أبواب الذبائح.
3- وفي أكثر النسخ قدم شرح قوله : وقلب السكين على شرح قوله : ويحرم سلخ الذبيحة ... الخ والصواب ما أثبتناه.

ولو وثب أو نضب عنه الماء فأخذ حيا حل. وقيل : يكفي إدراكه بأن (و خ) يضطرب.

ولو صيد فأعيد في الماء فمات لم يحل وإن كان في الآلة.

وكذا الجراد ذكاته أخذه حيا.

ولا يشترط إسلام الآخذ ، ولا التسمية ، ولا يحل ما يموت قبل أخذه.

وكذا لو أحرقه قبل أخذه. ولا يحل منه ما لم يستقل بالطيران.

(الرابع) ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمت خلقته. وقيل : يشترط مع إشعاره أن لا تلجه الروح ، وفيه بعد. ولو خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو وثب أو نضب عنه الماء ، فأخذ حيا حل ، وقيل : يكفي إدراكه بأن يضطرب (ويضطرب خ).

القائل بكفاية الاضطراب هو الشيخ في النهاية ، وهو في رواية سلمة بن أبي حفص ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن عليا كان يقول في الصيد والسمك (1) : إذا أدركتها ، وهي تضطرب ، وتضرب بيديها (بيدها ئل) وتحرك ذنبها وتطرف بعينها ، فهي ذكاتها (2).

قلت : أراد بالاضطراب أن يكون فيها حياة مستقرة ، فلا تنافي بين القولين ، والادراك هنا عبارة عن القدرة على الأخذ باليد.

« قال دام ظله » : ذكاة الجنين ذكاة أمه ، إذا تمت خلقته ، إلى آخره.

(ذكاه الجنين) مبتدأ ، على اصطلاح النحو ، و (ذكاة أمة) خبره ، وقياس النحو أن يكون كل من المبتدأ والخبر يقوم مقام الآخر ، لكن هنا القرينة الحالية تمنع ، وقدم (ذكاة الجنين) للأهمية ، لأن المقصود من البحث هو ، ومعناه ، إذا ذكيت الأم

ص: 356


1- في صيد السمك ، كذا في الكافي في باب صيد السمك.
2- الوسائل باب 34 حديث 2 من أبواب الذبائح.

______________________________________________________

فهو ذكاة الجنين ، بمعنى أنه لا يحتاج إلى ذكاته ثانيا.

وشرط الشيخ فيه أن يكون أشعر أو أوبر ، ولم يلجه الروح ، ويكون تام الخلقة ، وعليه أتباعه ، إلا شيخنا دام ظله وصاحب البشرى دامت سيادته (1).

أما اشتراط كونه تام الخلقة فمسلم للاتفاق عليه ، وبه رواية عن ابن مسكان ، عن أبي جعفر عليه السلام (2).

وأخرى عن جراح المدائني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

وأخرى عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام وغير ذلك من الروايات ، ذكرها الشيخ وأصحاب الحديث.

وأما اشتراط عدم إيلاج الروح مع الأشعار أو الأيبار ، فممنوع ، أما (أولا) فلعدم الدليل ، وأما (ثانيا) فلكونه بعيدا عن العادة.

ص: 357


1- هو أخو السيد الجليل ابن طاووس قدس سرهما.
2- أورده واللذين بعده في الوسائل باب 18 حديث 6 و 7 و 9 من أبواب الذبائح ولاحظ غيرها من أخبار ذلك الباب.

ص: 358

كتاب الأطعمة والأشربة

اشارة

ص: 359

كتاب الأطعمة والأشربة

والنظر فيه يستدعي أقساما (مها خ) :

في حيوان البحر : ولا يؤكل منه إلا سمك له فلس ولو زال عنه كالكنعت (1). ويؤكل الربيثا (2) والأربيان (3) والطمر (4) والطبراني (5) والايلامي (6).

ولا يؤكل السلحفاة (7) ولا الضفادع (8) ولا السرطان (9).

وفي الجري (10) روايتان ، أشهرها : التحريم.

وفي الزمار والمارماهي والزهو روايتان (11). والوجه : الكراهية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي الجري روايتان.

روي في الاستبصار والتهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا تأكل الجري (الجريث خ)

ص: 360


1- شير ما هي.
2- قسمي از ما هي است كه فلس لطيف دارد.
3- سفيد ما هي.
4- سياه ما هي.
5- آن هم سفيد ما هي است.
6- بكسر الهمزة وسكون الباء المنقطة من تحت بنقطة واحدة (الرياض).
7- سنك پشت ، لاك پشت.
8- وزغ.
9- خرچنگ.
10- هو سمك طويل أملس
11- راجع الوسائل باب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة.

______________________________________________________

ولا المارماهي ولا طافيا ولا طحالا ، لأنه بيت الدم ومضغة الشيطان (1).

وعن ابن فضال ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الجري والمار ما هي والطافي حرام في كتاب علي عليه السلام (2).

وهو اختيار الشيخ إلا في المار ما هي ، فإنه يقول فيه بالكراهية.

واختيار ابن بابويه والمتأخر ، التحريم في الكل.

ويظهر من كلام الشيخ في الاستبصار الكراهية ، وهو أشبه.

ويدل على ذلك ما رواه صفوان ، عن ابن مسكان ، عن محمد الحلبي ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا يكره شئ من الحيتان إلا الجري (3).

وفي رواية عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجري والمار ما هي والزمار (الزمير خ ئل) وما ليس فيه (له خ) قشر من السمك أحرام هو؟ فقال : يا محمد اقرأ هذه الآية التي في الأنعام ، قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ، الآية ، قال : فقرأتها حتى فرغت منها ، فقال : إنما الحرام ما حرم اللّه ورسوله في كتابه ، ولكنهم قد كانوا يعافون أشياء ، فنحن نعافها (4).

وأما الزهو والمارماهي والزمار فللشيخ فيها قولان ، وبحسبهما روايتان ، ذهب في كتاب الصيد والذبائح من النهاية إلى الكراهية ، وكذا في الاستبصار.

وفي كتاب الحدود ، قال : يعزر آكل الجري والمار ما هي ومسوخ السمك كلها ، وهو أظهر بين الأصحاب وأشبه لأنها بلا قشر.

وقال المتأخر : هذه كلها لا تسمى سمكا لا لغة ولا عرفا ، وهو (واللّه خ) أعلم بما قاله.

ص: 361


1- الوسائل باب 9 حديث 2 من أبواب الأطعمة المحرمة.
2- الوسائل باب 9 حديث 15 من أبواب الأطعمة المحرمة.
3- الوسائل باب 9 حديث 17 من أبواب الأطعمة المحرمة.
4- الوسائل باب 9 حديث 12 من أبواب الأطعمة المحرمة ، والآية في الأنعام - 145.

ولو وجدت في جوف سمكة سمكة أخرى حلت إن كانت مما يؤكل. ولو قذفت الحية سمكة تضطرب. فهي حلال إن لم تنسلخ فلوسها.

ولا يؤكل الطافي وهو الذي يموت في الماء وإن كان في شبكة أو حظيرة.

ولو اختلط الحي منها بالميت حل ، والاجتناب أحوط.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اختلط الحي منها (فيها خ) بالميت حل ، والاجتناب أحوط.

ذهب الشيخ إلى أنه متى اجتمعت في الشبكة والحظيرة حيتان ، قد مات بعضها ، ولم يتميز ، فقد حل الكل ، وهو جمع بين ما رواه حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، قال : سألته عن الحظيرة من القصب يجعل في الماء للحيتان ، فيدخل فيه (فيها خ) الحيتان ، فيموت بعضها فيها؟ فقال : لا بأس به ، إن تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد بها (1).

وفي معناها رواية مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال ، سمعت أبي يقول : إذا ضرب صاحب الشبكة بالشبكة ، فما أصاب فيها من حي أو ميت فهو حلال ، ما خلا ما ليس له قشر ، ولا يؤكل الطافي من السمك (2).

فجمع بينهما وبين الروايات المطلقة بتحريم الطافي والميت ، فاعتبر عدم التمييز جمعا بينهما.

وأما قوله : (والاجتناب أحوط) ففيه نظر ينشأ (منشأه خ) أن مع تسليم الرواية ، فلا اجتناب ومع طرحها (إطراحهما خ) يلزم التحريم قطعا ، لا احتياطا ، كما هو مذهب المتأخر ، تمسكا بأنها ماتت في الماء ، فيكون حراما بالاتفاق.

ص: 362


1- الوسائل باب 35 حديث 3 من أبواب الذبائح.
2- الوسائل باب 35 حديث 4 من أبواب الذبائح.

ولا يؤكل جلال السمك حتى يطعم علفا طاهرا يوما وليلة.

وبيض السمك المحرم مثله. ولو اشتبه أكل منه الخشن لا الأملس.

(القسم الثاني) في البهائم : ويؤكل من الإنسية النعم.

ويكره الخيل الحمير (والحمر خ) والبغال ، وكراهية البغل أشد.

ويحرم الجلال منها على الأصح ، وهو ما يأكل عذرة الإنسان محضا ، ويحل مع الاستبراء بأن يربط ويطعم العلف الطاهر. وفي (كميته خ ل) اختلاف ، محصلة : استبراء الناقة بأربعين والبقرة بعشرين ، والشاة بعشرة.

______________________________________________________

والمختار مذهب الشيخ ، أما (أولا) فتسليما للروايات ، وأما (ثانيا) لأن التقدير أنه مات في الشبكة ، فهو بمنزلة أخذ اليد وقوله (1) : (مات في الماء) مسلم ، لكن لا نسلم أن كل ما مات في الماء فهو حرام ، لجواز أن يؤخذ باليد ويموت واليد في الماء ، فلا يحرم ، لأنه مصيد.

ويؤيد مذهب الشيخ ، ما رواه الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام كل شئ يكون فيه حرام وحلال ، فهو لك حلال أبدا ، حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (2).

« قال دام ظله » : ويحرم الجلال منها (أي من الخيل والبغال والحمير) على الأصح.

التحريم هو مقتضى المذهب ، وحكى شيخنا دام ظله عن المبسوط ، قولا بالكراهية ، فلهذا قال على الأصح.

« قال دام ظله » : وفي كمية (كميته خ) الاستبراء خلاف.

ص: 363


1- يعني قول المتأخر وهو ابن إدريس رحمه اللّه.
2- الوسائل باب 28 حديث 2 من أبواب الأطعمة.

ويؤكل من الوحشية : البقر والكباش الجبلية والحمر والغزلان واليحامير.

ويحرم كل ماله ناب ، وضابطه : ما يفترس (يفرس خ) كالأسد والثعلب.

ويحرم الأرنب (1) والضب (2) واليربوع (3) والحشار : كالفأرة والقنفذ والحية والخنافس (4) والصراصر (5) وبنات وردان (6) والقمل.

(الثالث) في الطير : والحرام (يحرم خ) منه ما كان سبعا كالبازي والرخمة (7).

وفي الغراب. روايتان ، والوجه : الكراهية : وتتأكد في الأبقع.

______________________________________________________

ثم (8) ذكر الناقة والبقرة والشاة ، وهو اختيار النهاية ، ومما تستبرئ البطة وشبهها بخمسة أيام ، والدجاجة بثلاثة أيام.

وقال ابن بابويه : تستبرئ الناقة أربعين ، والبقرة ثلاثين ، والشاة عشرين ، وجعل العشرة رواية ، والبطة والدجاجة ثلاثة ، والسمك يوما إلى الليل.

وقال أبو الصلاح : في الإبل والبقر أربعين ، والشاة سبعة ، والدجاجة خمسة ، وجعل الثلاثة رواية ، وبالكل روايات (9) مذكورة في مظانها ، والأكثرون على مذهب الشيخ ، وهو أحوط.

« قال دام ظله » : وفي الغراب روايتان ، والوجه الكراهية ، وتتأكدا في الأبقع.

ص: 364


1- خرگوش
2- سوسمار.
3- موش صحرائي.
4- جعل.
5- سيس.
6- دودة تخرج من فضلة الآدمي بعد انفصاله عن مخرجه.
7- كركس وشبه كركس.
8- في بعض النسخ بعد قوله : خلاف هكذا : ومحصله استبراء الناقة بأربعين يوما والبقرة بعشرين والشاة بعشرة.
9- لاحظ الوسائل باب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة.

______________________________________________________

روى الشيخ عن محمد بن يعقوب مرفوعا إلى أبي يحيى الواسطي ، قال : سئل الرضا عليه السلام عن الغراب الأبقع؟ قال : لا يؤكل (1).

وعن علي بن جعفر ، عن أخيه (أبي الحسن ئل) موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن الغراب الأبقع والأسود أيحل أكلهما؟ فقال : لا يحل أكل شئ من الغربان ، زاغ وغيره (2).

وعليها فتوى الشيخ في الخلاف والمبسوط ، روى زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : إن أكل الغراب ليس بحرام ، إنما الحرام ما حرمه اللّه في كتابه ، ولكن الأنفس تتنزه عن كثير من ذلك تقززا (3).

فجمع بينها (بينهما خ) بالكراهية ، واختاره في النهاية والاستبصار والتهذيب ، وعليه المتأخر ، وشيخنا دام ظله

ويدل على ذلك ، ما رواه غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن محمد عليهما السلام ، أنه قال : كره أكل الغراب ، لأنه فاسق (4).

وجه التأكيد في الأبقع كونه أكثر استخباثا.

والمتأخر يذهب إلى تحريمه ، وكذا الشيخ في الخلاف والمبسوط.

وضابطه أن الغربان ، أربعة أصناف ، الغداف وهو أكبرهم ، يأكل الجيف ، ويسكن الخربان (الخرابات خ) وهو حرام ، والأبقع الذي يسمى العقعق ، الطويل الذنب ، وبالفارسية عندنا ، شمشير ذنب ، وهو مكروه على الأشبه ، والأغبر ، وهو

ص: 365


1- الوسائل باب 7 حديث 4 من أبواب الأطعمة المحرمة ، وتمامه : ومن أحل لك الأسود؟
2- الوسائل باب 7 حديث 3 من أبواب الأطعمة المحرمة.
3- الوسائل باب 7 حديث 1 من أبواب الأطعمة المحرمة ، والتقزز. التباعد من الدنس (مجمع البحرين).
4- الوسائل باب 7 حديث 2 من أبواب الأطعمة المحرمة.

ويحرم من الطير ما كان صفيفه أكثر من دفيفه ، وما ليس له قانصة (1) ولا حوصلة (2) ولا صيصية (3).

ويحرم الخفاش والطاووس.

وفي الخطاف (4) تردد. والكراهية أشبه.

ويكره الفاختة (5) والقبرة (6). وأغلظ كراهية الهدهد ،

______________________________________________________

جنس كثير يفرس أي يصيد ، فهو حرام ، وغراب الزرع ، وهو أصغر الغربان ، حلال على كراهية.

« قال دام ظله » : وفي الخطاف تردد ، والكراهية أشبه.

منشأ التردد ، النظر إلى فتوى الشيخ في النهاية بالمنع ، وهو في رواية البرقي (7) عن أبي عبد اللّه عليه السلام (8) وإلى ما رواه عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يصيب خطافا في الصحراء ويصيده ، أيأكله؟ فقال : هو مما يؤكل وعن الوبر يؤكل؟ فقال : لا هو حرام (9).

فحمله في الاستبصار على التعجب من ذلك ، دون الإخبار بإباحته ، وهو بعيد (10).

والوجه اطراح هذه الرواية لضعفها ، أو حمل الأولى على الكراهية.

وقال المتأخر : لا خلاف في تحريم الخطاف والخشاف.

ص: 366


1- سنگ دان.
2- چينه دان.
3- چنگ كوچك.
4- پرستوك.
5- ماسوجة.
6- پشتك.
7- هو الحسن بن داود البرقي.
8- الوسائل باب 17 حديث 1 من أبواب الأطعمة المحرمة.
9- الوسائل باب 17 حديث 2 من أبواب الأطعمة المحرمة.
10- وجه البعد أنه عليه السلام صرح في الجواب عن السؤال الثاني بالحرمة فهو قرينة كون الجواب عن الأول هي الحلية.

والصرد (1) والصوام (2) ، والشقراق (3).

ولو كان أحد المحللة جلالا حرم حتى يستبرأ ، فالبطة (4) وما أشبهها بخمسة أيام ، والدجاجة (5) بثلاثة أيام.

ويحرم الزنانير ، والذباب ، والبق والبراغيث (البرغوث خ) ، وبيض ما لا يؤكل لحمه.

ولو اشتبه أكل منه ما اختلف طرفاه وترك ما اتفق.

مسألتان

(الأولى) إذا شرب المحلل لبن الخنزيرة كره ، فإن (ولو خ) اشتد به حرم لحمه ولحم نسله.

(الثانية) لو شرب خمرا لم يحرم بل يغسل (لحمه خ) ، ولا يؤكل ما في جوفه. ولو شرب بولا لم يحرم وغسل ما في جوفه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو شرب خمرا لم يحرم ، بل يغسل ، ولا يؤكل ما في جوفه ، ولو شرب بولا لم يحرم ، وغسل ما في جوفه.

يسأل هنا عن الفارق بين الخمر والبول (والجواب) إن الفرق مستفاد من النقل ، روى أبو جميلة ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : في شاة شربت خمرا حتى سكرت ، ثم ذبحت على تلك الحال : لا يؤكل ما في بطنها (6).

وأفتى عليها الشيخ ، وأبو جميلة ضعيف ، ونزلها المتأخر على الكراهية ، وهو قريب.

وروى - في البول - موسى بن أكيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر عليه

ص: 367


1- مرغ سرخ سينه ودرخت كوب.
2- چوكه.
3- كراكر ويا داركوب.
4- أردك
5- مرغ خانگى.
6- الوسائل باب 24 حديث 1 من أبواب الأطعمة المحرمة.

القسم الرابع) في الجامد ، وهو خمسة :

(الأول) الميتات : والانتفاع بها محرم ، ويحل (1) منها ما لا تحله الحياة إذا كان الحيوان طاهرا في حال الحياة. وهي عشرة : الصوف ، والشعر ، والوبر ، والريش ، والقرن ، والعظم والسن ، والظفر ، والظلف ، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى ، والإنفحة (2).

وفي اللبن (3) روايتان ، والأشبه : التحريم.

______________________________________________________

السلام ، في شاة شربت بولا ، ثم ذبحت ، قال : فقال : يغسل ما في جوفها ، ثم لا بأس به (4).

وهي مرسلة ، لكنها مطابقة للأصل ، فلا بأس بالعمل بها.

« قال دام ظله » : اللبن روايتان ، والأشبه التحريم.

روى علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الإنفحة تخرج من الجدي الميت؟ قال : لا بأس به ، قلت : اللبن يكون في ضرع الشاة ، وقد ماتت؟ قال : لا بأس به ، قلت : والصوف والشعر وعظام الفيل والجلد والبيض يخرج من الدجاجة؟ فقال : كل هذا لا بأس به (5).

وعليها فتوى الشيخين (الشيخ خ) وابن بابويه.

فأما ما رواه وهب ، عن جعفر ، عن أبيه أن عليا عليهم السلام ، سئل عن شاة

ص: 368


1- في بعض النسخ المخطوطة : ونحل منها ما كان طاهرا في الحياة.
2- ما عده قدس سره أحد عشر ، فأما يجعل العظم مع القرن أو السن واحدا أو الظفر والظلف واحدا.
3- شيردان.
4- الوسائل باب 24 حديث 2 من أبواب الأطعمة المحرمة ، وتمامه : وكذلك إذا اعتلفت بالعذرة ، ما لم تكن جلالة والجلالة التي يكون ذلك غذاها.
5- الوسائل باب 33 حديث 1 من أبواب الأطعمة المحرمة.

(الثاني) ما يحرم من الذبيحة ، وهو خمسة : القضيب (1) ، والأنثيان ، والطحال (2) ، والفرث (3) ، والدم.

______________________________________________________

ماتت ، فحلب منها لبن ، فقال علي عليه السلام : إن ذلك حرام محضا (4).

ضعيف من حيث أن وهب بن وهب كذاب مدبر (5) طعن نقاد الرجال.

وهو اختيار سلار ، وعليه المتأخر ، مدعيا أنه مذهب المحصلين من الأصحاب ، ولا خلاف بينهم.

ومستدلا بطريقة الاحتياط ، وبأنه مائع لاقى الميتة فنجس ، والدعوى مجوفة (محرفة خ).

وفي الاستدلال ضعف ، أما الأول فلأن الشيخين وابن بابويه مخالفوه ، والمرتضى وأتباعه غير ناطقين به ، فما أعرف من بقي معه من المحصلين.

وأما الثاني فلأن الاحتياط لا يفيد التحريم ، ولأنا نمنع أن كل مائع لاقى الميتة  - على أي وجه كان - فقد نجس.

« قال دام ظله » : الثاني ما يحرم من الذبيحة ، وهو خمسة ، إلى آخره.

هذه الخمسة حرام بلا خلاف ، واقتصر عليها المفيد وسلار.

وأما المثانة والمرارة والفرج ففيها تردد ، منشأه عدم دليل التحريم ، وبالنظر إلى الاستخباث يلزم التحريم ، وهو قوي ذهب إليه الشيخ وأبو الصلاح ، وأضاف إليها الشيخ : النخاع والعلباء والغدد وذات الأشاجع والحدق والخرزة تكون في الدماغ ، وعليه أتباعه والمتأخر.

ص: 369


1- ذكر.
2- اسپرز.
3- سرگين.
4- الوسائل باب 33 حديث 11 من أبواب الأطعمة المحرمة ، وفيه : ذلك الحرام محضا ، كما في التهذيب أيضا.
5- هكذا في جميع النسخ كلها ، ولم نعثر على هذه الكلمة (مدبر) في الكتب الرجالية فلاحظ وتتبع.

وفي المثانة (1) والمرارة (2) تردد ، أشبهه : التحريم للاستخباث.

وفي الفرج والعلباء والنخاع وذات الأشاجع والغدد وخرزة الدماغ والحدق خلاف ، أشبهه : الكراهية.

ويكره الكلى وأذنا القلب والعروق.

وإذا شوي الطحال مثقوبا فما تحته حرام ، وإلا فهو حلال.

(الثالث) الأعيان النجسة : كالعذرات وما أبين من حي.

والعجين إذا عجن بالماء النجس ، وفيه رواية بالجواز بعد خبزه ، لأن النار قد طهرته.

(الرابع) الطين ، وهو حرام ، إلا طين قبر الحسين عليه السلام

______________________________________________________

والوجه الكراهية ، فيما سوى الثمانية (3) تمسكا بالأصل ، إذ لا دليل قاطعا على التحريم.

« قال دام ظله » : والعجين إذا عجن بالماء النجس ، إلى آخره.

قلت : فيه روايتان وقولان ، ذهب الشيخ في باب المياه من النهاية إلى طهارة الخبز ، وبه (وهو في خ) رواية محمد بن عبد اللّه الزبير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن البئر تقع فيها الفأرة أو غيرها من الدواب فتموت فيعجن من مائه ، أيؤكل ، ذلك الخبز؟ قال : إذا أصابته النار لا بأس بأكله (4).

واختار في كتاب الأطعمة التحريم ، وجعل الجواز رواية ، وهو أشبه ، وعليه (وعليها خ) فتوى المفيد.

ص: 370


1- بول دان.
2- زهره دان.
3- وهي الخمسة المذكورة في المتن ، وإضافة المثانة والمرارة والفرج.
4- الوسائل باب 14 حديث 17 من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.

للاستشفاء ولا يتجاوز قدر الحمصة.

(الخامس) السموم القاتلة ، قليلها وكثيرها ، وما يقتل كثيره فالمحرم منه ما بلغ ذلك الحد.

(القسم الخامس) في المائعات ، والمحرم منها خمسة :

(الأول) الخمر ، وكل مسكر ، والعصير إذا غلى.

(الثاني) الدم. وكذا العلقة ولو في البيضة ، وفي نجاستها تردد ، أشبهه : النجاسة.

ولو وقع قليل دم في قدر وهي تغلي ، لم يحرم المرق ، ولاما فيه إذا ذهب بالغليان.

ومن الأصحاب من منع من المائع وأوجب غسل التوابل (1) وهو حسن ، كما لو وقع غيره من النجاسة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الثاني الدم وكذا العلقة ، ولو في البيضة ، وفي نجاستها تردد ، أشبهه النجاسة.

منشأ التردد ، أن العلقة هل هي دم أم لا؟ والأول أثبت لغة وعرفا ، فالتردد ضعيف.

« قال دام ظله » : ومن الأصحاب من منع من المائع (2) وأوجب غسل التوابل ، وهو حسن.

هذا إشارة إلى المتأخر ، وذهب الشيخ إلى أنه إذا غلت القدر ، طهر ما فيها من

ص: 371


1- يعني آنچه كه درميان ديگ از جوامد مثل گوشت وچلو وغيره است. ففي مادة « دبل » من القاموس : دبلة الطعام وأبلته محركتين تخمته ، انتهى والتخمة كهمزة.
2- يعني من الأصحاب من منع من شرب المايع الذي وقع فيه قليل الدم ، وأوجب غسل اللحم وغيره من الجوامد التي فيه من الحبوبات.

(الثالث) كل مائع لاقته النجاسة (نجاسة خ) فهو نجس ، كالخمر والدم والميتة والكافر الحربي.

وفي الذمي روايتان ، أشهرهما : النجاسة.

وفي رواية : إذا اضطر إلى مؤاكلته أمره بغسل يديه وهي متروكة.

______________________________________________________

المائع ، وهو استناد إلى رواية سعيد الأعرج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن قدر فيها جزور ، وقع فيها قدر أوقية من دم ، أيؤكل؟ قال ، نعم ، فإن النار تأكل الدم ، روى هذه محمد بن يعقوب ، والشيخ وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه (1).

وإلى رواية زكريا بن آدم ، قال : سألت الرضا عليه السلام (وذكر حديثا منه) فإن (فإنه ئل) قطر فيه دم؟ قال : الدم تأكله النار ، إن شاء اللّه (2).

وسعيد الأعرج مجهول الحال ، وفي طريق رواية ابن آدم محمد بن موسى ، وقد ذكر ابن الغضائري والنجاشي ، أن القميين طعنوا فيه ورموه بالغلو.

وقال المفيد : لا يجوز أكله ، إلا بعد زوال عين الدم وتفرقها ، ويحرم ما خالط الدم ، والتقييد حسن.

« قال دام ظله » : وفي الذمي روايتان ، أشهرهما النجاسة ، وفي رواية ، إذا اضطر إلى مؤاكلته أمره بغسل يده ، وهي متروكة.

أما نجاسة المائع بملاقاة الذمي (3) فهو الذي انعقد عليه العمل وبه روايات (4).

وحكي عن المفيد في رسالته (الرسالة خ) الغرية الطهارة ، وهو متروك ، وبه

ص: 372


1- الوسائل باب 44 حديث 2 من الأطعمة المحرمة.
2- الوسائل باب 38 قطعة من حديث 8 من أبواب النجاسات.
3- هكذا في كثير النسخ التي عندنا وفي بعضها : بملاقاة النجاسة.
4- راجع الوسائل باب 52 و 53 و 54 من أبواب الأطعمة المحرمة من كتاب الأطعمة ج 16 ص 382 ... وباب 3 من أبواب الأسئار ج 1 ص 165 وباب 14 من أبواب النجاسات ج 2 ص 1018.

ولو كان مما وقع فيه النجاسة جامدا القي ما يكتنف (يكتنفه خ) النجاسة وحل ما عداه.

ولو كان المائع دهنا جاز بيعه للاستصباح به تحت السماء لا تحت الأضلة.

ولا يحل ما يقطع من أليات الغنم ، ولا يستصبح بما يذاب منها.

وما يموت فيه ماله نفس سائلة من المائع ينجس (نجس خ) دون ما لا نفس له.

(الرابع) أبوال ما لا يؤكل لحمه حرام.

وهل يحرم بول ما يؤكل لحمه؟ قيل : نعم ، إلا أبوال الإبل ،

______________________________________________________

رواية (1) محمولة على التقية.

وأما أن مع الاضطرار ، يأمره بغسل يده ، فمذهب الشيخ في النهاية ، وبه يشهد ما رواه العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مؤاكلة اليهودي والنصراني والمجوسي؟ فقال : لا بأس إذا كان من طعامك ، وسألته عن مؤاكلة المجوسي؟ فقال : إذا توضأ فلا بأس (2).

والمعنى بالتوضي هنا ، غسل اليد ، وفيه إشكال ، اللّهم إلا أن يحمل على أن يكون الطعام يابسا.

وقال المتأخر : لا يجوز مؤاكلة الكفار أي جنس كان ، لأنهم أنجاس.

« قال دام ظله » : وهل يحرم بول ما يؤكل لحمه؟ قيل : نعم إلا بول (أبوال خ) الإبل ، والتحليل أشبه.

ص: 373


1- راجع الوسائل باب 54 حديث 1 و 8 من أبواب الأطعمة المحرمة.
2- الوسائل باب 53 حديث 4 من أبواب الأطعمة المحرمة.

والتحليل أشبه.

(الخامس) ألبان الحيوان المحرم كاللبؤة (1) والذئبة (2) والهرة.

ويكره ما كان لحمه مكروها كالأتن (3) حليبه وجامده.

(القسم السادس) في اللواحق ، وهي سبع :

(الأولى) شعر الخنزير نجس سواء أخذ من ميت أو حي على الأظهر ، فإن اضطر استعمل ما لا دسم فيه وغسل يده.

ويجوز الاستقاء به وبجلود الميتة ولا يصلى بمائها.

(الثانية) إذا وجد لحم فاشتبه القي في النار ، فإن انقبض فهو ذكي ، وإن انبسط فهو ميتة.

ولو اختلط الذكي منها بالميتة اجتنبا.

______________________________________________________

والأول مذهب الشيخ وأتباعه ، والثاني مذهب المتأخر في موضع من الكتاب ، واختار شيخنا ، وقد مضى هذا البحث.

« قال دام ظله » : شعر الخنزير نجس ، سواء أخذ من ميت أو حي ، على الأظهر.

والخلاف مع علم الهدى ، فإنه يذهب إلى طهارته وقد مضى هذا البحث في أول الكتاب.

« قال دام ظله » : ويجوز الاستقاء به وبجلود الميتة ، ولا يصلى بمائها.

مستند الجواز كثرة الاحتياج إلى استعمالها (الاستعمال خ) وينجس الماء بالملاقاة ، فلا يصلى به ولا يشرب ، وينجس منه الثياب ، لكن يستعمل في الزراعات والمساقاة وشرب الدواب ، والاجتناب أفضل.

« قال دام ظله » : ولو اختلط الذكي (منها خ) بالميتة اجتنبا ، وفي رواية الحلبي يباع

ص: 374


1- أنثى الأسد.
2- أنثى الذئب.
3- بضم الهمزة والتاء وسكون النون جمع أتان بالفتح أنثى الحمار (الرياض).

وفي رواية الحلبي : يباع ممن يستحل الميتة.

(الثالثة) لا يأكل الإنسان من مال غيره إلا بإذنه. ( وقد رخص مع عدم الإذن في الأكل من بيوت من تضمنته ) الآية (1) إذا لم يعلم الكراهية.

وكذا ما يمر الإنسان به من ثمرة النخل.

وفي ثمرة الزرع والشجر تردد. ولا يقصد (2) ولا يحمل.

(الرابعة) من شرب خمرا أو شيئا نجسا فبصاقه طاهر ما لم يكن متغيرا بالنجاسة.

______________________________________________________

ممن يستحل الميتة.

هذه رواها ، علي بن الحكم ، عن أبي المعزا ، عن الحلبي ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : إذا اختلط الذكي والميتة (بالميت ئل) باعه ممن يستحل الميتة ، وأكل ثمنه (3).

ومثله في رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

وعليها فتوى الشيخ ، والاجتناب أشبه بالمذهب ، لأن ثمن الحرام حرام ، وكذا الانتفاع به ، والتصرف فيه ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : وفي ثمر (ثمرة خ) الزرع والشجر تردد.

ص: 375


1- النور : 61.
2- في بعض الحواشي : أي قصد الإضرار.
3- الوسائل باب 36 حديث 1 من أبواب الأطعمة المحرمة.
4- الوسائل باب 36 حديث 2 من أبواب الأطعمة المحرمة ، ولفظه هكذا : عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سأل عن رجل كان له غنم وبقر فكان يدرك الذكي منها فيعزله ويعزل الميتة ، ثم أن الميتة والذكي اختلطا كيف يصنع به؟ قال : يبيعه ممن يستحل الميتة ، ويأكل ثمنها ، فإنه لا بأس به.

(الخامسة) إذا باع ذمي خمرا ثم أسلم فله قبض ثمنها.

(السادسة) الخمر تطهر (تحل خ) إذا انقلبت خلا ولو كان بعلاج ، ولا تحل لو القي فيها (خل خ) إذا استهلكها.

وقيل : ولو القي في الخل خمر من إناء فيه خمر لم يحل حتى يصير ذلك الخمر خلا ، وهو متروك.

(السابعة) لا تحرم الربوبات ولا الأشربة وإن شم منها رائحة المسكر.

______________________________________________________

مضى البحث في كتاب البيوع.

« قال دام ظله » : وقيل لو القي في الخل خمر من إناء فيه خمر ، لم يحل حتى يصير ذلك الخمر خلا ، وهو متروك.

القائل هو الشيخ رحمه اللّه في النهاية والتهذيب ، تأويلا لرواية فضالة ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الخمر يجعل خلا؟ قال : لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها. (1)

قال في التهذيب : معناه إذا جعل فيه ما يغلب عليه ، فيظن أنه خل ، ولا يكون مثل خمر قليل يطرح عليه كثير من الخل ، فإنه يصير بطعم الخل ، ومع هذا لا يجوز استعماله حتى يعزل من تلك (الخمرة خ) ويترك مفردا حتى يصير خلا فحينئذ حل (يحل خ) ذلك الخل.

وفي التأويل تعسف ، مع بعده عن المذهب.

وصورة المسألة أن يفرض إناءان في أحدهما خل ، وفي الآخر خمر ، فوقع شئ من إناء الخمر في الخل ، فقد نجس الخل بملاقاة الخمر. فقال الشيخ : إذا صار إناء

ص: 376


1- الوسائل باب 31 حديث 4 من أبواب الأشربة المحرمة.

ويكره الأسلاف في العصير. وأن يستأمن على طبخه من يستحله قبل أن يذهب ثلثاه ، والاستشفاء بمياه الجبال الحارة التي يشم منها رائحة الكبريت.

______________________________________________________

الخمر خلا فقد حل إناء الخل.

وهو مشكل ، إلا على مذهب من يقول بطهارة الخمر ، فلا يحتاج إلى الانتظار ، وكذا من قال : بأن الاستحالة تطهره ، والقولان (1) متروكان عندنا.

ص: 377


1- يعني القول بطهارة الخمر ، والقول بمطهرية الاستحالة بالنسبة إلى الإناء الآخر الذي وقع فيه شئ من الخمر متروكان عند الإمامية.

ص: 378

كتاب الغصب

اشارة

ص: 379

كتاب الغصب

والنظر في أمور :

الأول :

الغصب هو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا. ولا يضمن لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة.

وكذا لو منعه من القعود على بساطه ويصح غصب العقار كالمنقول ويضمن بالاستقلال به.

ولو سكن الدار قهرا مع صاحبها ففي الضمان قولان ، ولو قلنا بالضمان ضمن النصف ويضمن ، حمل الدابة لو غصبها.

وكذا الأمة.

ولو تعاقبت الأيدي على المغصوب فالضمان على الكل ، ويتخير المالك.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو سكن الدار قهرا مع صاحبها ، ففي الضمان قولان.

قال في المبسوط : يضمن النصف ، وقول آخر إنه لا يضمن شيئا ، واختاره شيخنا في الشرائع ، نظرا إلى عدم الاستقلال بإثبات اليد ، والأول أقوى.

ص: 380

والحر لا يضمن ولو كان صغيرا ، لكن لو أصابه تلف بسبب الغاصب ضمنه.

ولو كان لا بسببه كالموت ولدغ الحية فقولان.

ولو حبس صانعا لم يضمن أجرته ، ولو انتفع به ضمن أجرة الانتفاع.

ولا يضمن الخمر لو غصب من مسلم ، ويضمنها لو غصبها من ذمي.

وكذا الخنزير.

ولو فتح بابا على مال فسرق ضمن السارق دونه ولو أزال القيد عن فرس فشرد أو عن عبد مجنون فأبق ضمن ، ولا يضمن لو أزاله عن عاقل.

الثاني في الأحكام :

يجب رد المغصوب وإن تعسر كالخشبة في البناء واللوح في السفينة ، ولو عاب ضمن الأرش.

ولو تلف أو تعذر العود ضمن مثله إن كان متساوي الأجزاء ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كان لا بسببه كالموت ولدغ الحية ، فقولان.

القولان للشيخ ، قال في المبسوط ، في كتاب الغصب : لم يضمنه ، وفي كتاب الجراح قال : يضمنه الغاصب ، وتردد في الخلاف ، نظرا إلى أن الأصل براءة الذمة. ونظرا إلى طريقة الاحتياط ، والأول اختيار شيخنا دام ظله.

في الأحكام

« قال دام ظله » : ولو تلف أو تعذر العود ، ضمن مثله إن كان متساوي الأجزاء ، وقيمته يوم الغصب إن كان مختلفا ، إلى آخره.

ص: 381

وقيمته يوم الغصب إن كان مختلفا.

وقيل : أعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف.

وفيه وجه آخر. ومع رده لا يرد زيادة القيمة السوقية. ويرد الزيادة لزيادة في العين أو الصفة.

ولو كان المغصوب دابة فعابت ردها مع الأرش.

وتتساوى بهيمة القاضي والشوكي.

ولو كان عبدا وكان الغاصب هو الجاني رده ودية الجناية إن كانت مقدرة.

وفيه قول آخر ، ولو مزج الزيت بمثله رد العين.

وكذا لو كان بأجود منه ، ولو كان بأدون ضمن المثل. ولو زادت

______________________________________________________

إذا تلف المغصوب أو تعذر إعادته بوجه ما ، فلا يخلو إما أن يكون متساوي الأجزاء أو مختلفها ، فإن كان الأول ، فيرد المثل ولا بحث ، وإن كان الثاني فالقيمة.

وفي كميتها خلاف ، قال في المبسوط : قيمة يوم الغصب ، وعليه المتأخر (وقال :) في الخلاف وموضع من المبسوط : بأعلى القيم من حين الغصب إلى التلف ، وأما الوجه الآخر فهو أن يقال : لا نسلم أن مع اختلاف الأجزاء يرجع إلى القيمة ، لم لا يجوز الرجوع إلى المثل مع وجوده؟ فأما (وأما خ) مع عدم المثل يرجع فيها وفي المتساوي الأجزاء إلى قيمته يوم التلف ، لأن قبل التلف ، كان المغصوب معينا للرد ، وبعد التلف تعين المثل ، فمع عدمه تتعين القيمة.

« قال دام ظله » : ولو كان عبدا ، وكان الغاصب هو الجاني رده ودية الجناية ، إن كانت مقدرة.

وفيه قول آخر ، والأول للشيخ ، والثاني لشيخنا دام ظله ، وهو إلزام الغاصب بأكثر الأمرين (بالأكثر خ) من المقدر والأرش ، وهو قريب.

ص: 382

قيمة المغصوب فهو لمالكه.

أما لو كانت الزيادة لانضياف العين كالصبغ والآلة في الأبنية أخذ العين (الزائدة خ) ورد الأصل ، ويضمن الأرش إن نقص.

الثالث في اللواحق ، وهي ستة :

(الأولى) فوائد المغصوب للمالك منفصلة كانت كالولد ، أو متصلة كانت كالصوف والسمن ، أو منفعة كأجرة السكنى وركوب الدابة. ولا يضمن من الزيادة المتصلة ما لم تزد به القيمة كما لو سمن المغصوب وقيمته واحدة.

(الثانية) لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد ويضمنه وما يحدث من منافعه وما يزداد في قيمته لزيادة صفة.

(الثالثة) إذا اشتراه عالما بالغصب فهو كالغاصب ، ولا يرجع بما يضمن. ولو كان جاهلا دفع العين إلى مالكها ، ورجع بالثمن على البائع وبجميع ما غرمه مما لم يحصل له في مقابله عوض كقيمة الولد.

______________________________________________________

في اللواحق

« قال دام ظله » : إذا اشتراه عالما بالغصب ، فهو كالغاصب ، إلى آخره.

قلت : إذا اشترى المغصوب ، فلا يخلو (أما) أن يكون المشتري عالما بالغصبية (أم لا) فالأول لا يرجع بالثمن على البائع إن كان الثمن تالفا.

وهل يرجع لو كان باقيا؟ قال أكثر الأصحاب : لا لأنه مبيح للثمن (بغير عوض خ) فكأنه أسقط حقه منه.

وقال شيخنا في بعض المواضع : نعم تمسكا بأن العقد فاسد ، فلا يفيد الملك ، فالثمن باق على ملك مالكه ، فله الانتزاع ، لقوله عليه السلام : الناس مسلطون على

ص: 383

وفي الرجوع بما يضمن من المنافع كعوض الثمرة وأجرة السكنى تردد.

(الرابعة) إذا غصب حبا فزرعه ، أو بيضة فأفرخت ، أو خمرا فخللها ،

______________________________________________________

أموالهم (1) وهو قوي.

لكن الأكثرون على الأول ، وما أعرف عليه دليلا نقليا أو عقليا قويا ، بل نتبعهم تقليدا لهم.

(وأما الثاني) وهو كون المشتري جاهلا بالغصبية ، فلا يخلو (إما) أن يكون المغصوب قائما أو تالفا (ففي الأول) يرجع المشتري بالثمن إلى البائع ، بعد دفع المبيع ، وبما غرمه ، لو لم يحصل في مقابلته نفع.

وهل يرجع بما حصل كالمنافع المضمونة لصاحبها ، نحو ثمرة النخلة وسكنى الدار؟ ففيه قولان واختيار (اختار خ) الشيخ أنه لا يرجع.

ووجهه أنه تلف في يده ، فهو مباشر للاتلاف ، مع حصول ما يقابل ما غرمه.

والقول الآخر : إن له الرجوع على الغاصب ، لأنه غار ، وإذا تعارض المباشر والسبب الغار فالمباشر لا حكم له.

والوجه هو الأول ، ومنشأ التردد النظر إلى القولين.

(وفي الثاني) قال في النهاية والمفيد في المقنعة : يرجع المغصوب منه إلى الغاصب بقيمته يوم الغصب.

وقال المتأخر : هو مخير إن شاء رجع على الغاصب بأكثر القيمة (القيم خ) من يوم الغصب إلى يوم التلف ، وإن شاء رجع على المشتري بأكثر قيمته من يوم شرائه إلى يوم التلف ، ويرجع المشتري على الغاصب بما غرمه ، لو لم يحصل له في مقابلته نفع ، كما قدمناه.

« قال دام ظله » : إذا غصب حبا فزرعه ، أو بيضة فأفرخت ، أو خمرا فخللها ،

ص: 384


1- عوالي اللئالي ج 1 آخر هذا الجزء (طبع قم).

فالكل للمغصوب منه.

(الخامسة) إذا (لوخ) غصب أرضا فزرعها فالزرع لصاحبه ، وعليه أجرة الأرض ، ولصاحبها إزالة الغرس ، وإلزامه بطم (طم خ) الحفرة وبالأرش (والأرش خ) إن نقصت ، ولو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس لم يجب إجابته.

(السادسة) لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة فالقول قول الغاصب.

وقيل : القول قول المغصوب منه.

______________________________________________________

فالكل للمغصوب منه.

اختلف قول الشيخ في هذه المسألة ، فذهب في كتاب الغصب من الخلاف والمبسوط ، إلى أن الحب والزرع للغاصب ، مستدلا بأن عين المغصوب غير باقية ، فالثابت في الذمة هو القيمة.

وقال في كتاب الدعاوى من الخلاف : أنه للمغصوب منه ، وكذا أشار في كتاب العارية من المبسوط.

وهو الوجه ، لأنه نماء ملكه (ماله خ) ومنفعته ، وهو اختيار علم الهدى في الطبريات ، والمتأخر في كتابه ، متمسكا بإجماع أهل البيت عليهم السلام ، وعليه شيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة ، فالقول قول الغاصب ، وقيل : القول قول المغصوب منه.

القول الثاني للشيخين في باب بيع الغرر من النهاية ، وباب إجازة البيع من المقنعة ، والقول الأول للمتأخر ، تمسكا بأنه غارم ، والمغصوب منه يدعي زيادة ، وربما يقويه شيخنا.

ص: 385

ص: 386

كتاب الشفعة

اشارة

ص: 387

كتاب الشفعة

الشعفة (وهي خ) استحقاق حصة الشريك لانتقالها بالبيع.

والنظر فيه يستدعي أمورا :

الأول ما تثبت فيه :

وتثبت في الأرضين والمساكن إجماعا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الأول ما تثبت فيه ، إلى آخره.

أقول : المبيع على ضربين ، ما يتصور فيه الشفعة ، وما لا شفعة فيه ، فالثاني هو الممتاز المنفرد فيه بالملكية.

والأول على قسمين ، قسم متفق فيه على ثبوت الشفعة فيه ، وقسم مختلف فيه.

فالأول الأرضون (الأرضين خ) والمساكن كالعراص (العوار) والبساتين وما سواها هو الثاني.

قال علم الهدى وابن أبي عقيل : تثبت الشفعة في كل مبيع من ضيعة ومتاع وحيوان وغير ذلك.

واستدل المرتضى بإجماع الإمامية ، والاحتراز من المضرة اللازمة للمشترك (المشتركة خ) (للشركة خ) فيه ، وهو اختيار المفيد ، والشيخ في الاستبصار ، وأبي

ص: 388

______________________________________________________

الصلاح - واستثنى السفينة والرقيق - والمتأخر.

وبه رواية عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ ولمن تصلح؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ فقال : الشفعة جائزة في كل شئ من حيوان وأرض ومتاع ، إذا كان الشئ بين شريكين (الشريكين خ) لا غيرهما ، فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره ، وإن زاد على الاثنين فلا شفعة لأحد منهم (1).

وفي رواية هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الشفعة في الدور أشئ واجب للشريك ويعرض على الجار فهو أحق بها من غيره؟ فقال : الشفعة في البيوع إذا كان شريكا فهو أحق بها بالثمن (2).

وقال الشيخ في أول باب الشفعة من النهاية بمقالة المرتضى ، وقال في أثناء الكلام : ولا شفعة فيما لا تصح قسمته مثل الحمام والأرحية.

أما استناد الأول (3) فما قدمناه من الرواية.

واستناد الثاني (4). يمكن أن يكون ما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق (5).

وذهب في الخلاف ، إلى أنه لا شفعة في السفينة ، وكل ما يمكن قسمته من

ص: 389


1- الوسائل باب 7 حديث 2 من كتاب الشفعة.
2- الوسائل باب 2 حديث 1 من كتاب الشفعة.
3- يعني الاستناد في الدعوى الأولى ، وهي ثبوتها في كل مبيع ، كما هي مقالة المرتضى ، وهي رواية يونس المتقدمة.
4- يعني في الدعوى الثانية ، وهي عدم الشفعة فيما لا تصح قسمته.
5- الوسائل باب 8 حديث 1 من كتاب الشفعة.

______________________________________________________

الحبوب والثياب والحيوان وغير ذلك.

واستدل في السفينة ، برواية السكوني (1) ، وفي الحيوان ، بما رواه هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ليس في الحيوان شفعة (2).

وبما رواه جابر بن عبد اللّه ، قال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، إنما جعلت الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق فلا شفعة. (3)

ووجه الاستدلال أن لفظة (إنما) لإثبات المذكور ونفي ما سواه.

وقال ابنا بابويه : لا شفعة في سفينة ولا طريق ولا حمام ولا رحى ولا نهر ولا ثوب ، ولا في شئ مقسوم ، وتثبت فيما عدا ذلك من حيوان وأرض ورقيق وعقار.

ويمكن أن يكون الاستناد إلى رواية السكوني (4) ورواية يونس (5) وقد ذكرناهما.

وفي رواية علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل اشترى دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر ، قال : ليس لأحد فيها شفعة (6).

وقال أبو يعلى سلار : لا شفعة فيما لا يصح قسمته ، وتثبت فيما تصح.

وهو في رواية طلحة بن يزيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام ،

ص: 390


1- المتقدمة قبيل هذا.
2- الوسائل باب 7 حديث 6 من كتاب الشفعة.
3- سنن أبي داود ج 3 ص 285 باب في الشفعة حديث 2 من كتاب البيوع.
4- الوسائل باب 8 حديث 1 من كتاب الشفعة.
5- الوسائل باب 7 حديث 2 من كتاب الشفعة.
6- الوسائل باب 11 حديث 1 من كتاب الشفعة.

______________________________________________________

قال : لا شفعة إلا لشريك غير مقاسم ، وقال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قال : لا يشفع في الحدود ، وقال : لا تورث الشفعة (1).

واختار شيخنا دام ظله وصاحب الواسطة (2) مذهب الشيخ في الخلاف ، مستدلا بأن الشفعة منع المالك من التصرف في ماله ، وهو منفي بالأصل ، ترك العمل به في موضع الإجماع ، فالباقي باق على أصله ، فلا يخصصه أخبار الآحاد مع  ضعفها ، واختلاف الفتاوي.

فيجيب (3) عما احتج به المرتضى عن الأول ، بأن الإجماع لا يتحقق مع الخلاف ، وعن الثاني إنا نمنع حصول المضرة ، سلمنا ذلك فما الدليل على إنه العلة هي دفع المضرة؟ والخبر الوارد بذلك ضعيف ، وهو ما رواه عقبة بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ، وقال : لا ضرر ولا ضرار (الحديث) (4).

نعم يغلب في الظن عليته (عليتها خ) فلا يعارض المتيقن.

وعن رواية يونس بأنها مرسلة ، فلا عمل عليها ، نزلنا عن ذلك ، فالرواية تتضمن الجواز ، والبحث في اللزوم.

وإذا تقرر هذا ، فهل يثبت للوقف على الطلق شفعة؟ قال المرتضى : نعم ، وتابعه أبو الصلاح والمتأخر بناء على مذهبهم ، وقال الشيخ وأتباعه : لا تثبت اعتمادا على الرواية.

ص: 391


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من كتاب الشفعة.
2- هو الشيخ العميد عماد الدين الطوسي ره.
3- يعني يجيب الشيخ عن الاستدلالين المذكورين للسيد المرتضى من الإجماع والمضرة.
4- الوسائل باب 5 حديث 1 من كتاب الشفعة ، وتمامة : وقال : إذا أرفت الحدود وحدت الحدود فلا شفعة.

وهل تثبت فيما ينقل كالثياب والأمتعة؟ فيه قولان ، والأشبه : والاقتصار على موضع الإجماع. وتثبت في الشجر والنخل والأبنية تبعا للأرض.

وفي ثبوتها في الحيوان قولان ، المروي (1) : أنها لا تثبت.

ومن فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره.

ولا تثبت فيما لا ينقسم كالعضائد والحمامات والنهر والطريق الضيق على الأشبه.

ويشترط انتقاله بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو صدقة أو إقرار.

ولو كان الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم يثبت للموقوف عليه.

وقال المرتضى : تثبت ، وهو أشبه.

الثاني في الشفيع.

وهو كل شريك بحصة مشاعة قادر على الثمن ، فلا يثبت لذمي (للذمي على مسلم خ) ، ولا بالجواز ، ولا لعاجز عن الثمن ، ولا فيما قسم وميز إلا بالشركة في الطريق أو النهر إذا بيع أحدهما أو هما مع الشقص.

وتثبت بين شريكين ، ولا تثبت لما زاد ، على أشهر الروايتين.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتثبت بين شريكين ولا تثبت لما زاد على أشهر الروايتين.

روى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه

ص: 392


1- الوسائل باب 6 حديث 3 من كتاب الشفعة ج 17 ص 321.

ولو ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام ، فإن لم يحضره بطلت.

ولو قال : إنه في بلد آخر ، أجل بقدر وصوله وثلاثة أيام ما لم يتضرر

______________________________________________________

السلام ، قال لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يتقاسما (يقاسما خ) فإذا صاروا ثلاثة ، فليس لواحد منهم شفعة (1).

وعليها فتوى الثلاثة وأتباعهم ، وفتوى علي بن بابويه في الرسالة ، وابنه في المقنع.

وذهب في من لا يحضره الفقيه إلى أنها على عدد الرؤوس ، إلا في الحيوان ، فإنها لا تكون إلا بين اثنين ، عملا بما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا شفعة في حيوان ، إلا أن يكون الشريك فيه واحدا (رقبة واحدة خ) (2).

وأما أنه على عدد الرؤوس ، فهو في رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام ، قال : الشفعة على عدد الرجال (3).

وهو مذهب ابن الجنيد من أصحابنا في الحيوان وغيره ، وهو قول شاذ ، والرواية ضعيفة متروكة ، فلا تعارض الروايات الكثيرة ، فالعمل على الأول ، للروايات  ، ولفتوى الأكثرين ، ولأن الشفعة على خلاف الأصل ، فلا يحكم بها إلا في موضع دليل.

« قال دام ظله » : ولو قال إنه في بلد آخر أجل بقدر وصوله وثلاثة أيام.

تقدير الكلام ، بقدر وصول المال إليه ، ويؤجل بعد الوصول ثلاثة أيام ، وهو في رواية علي بن مهزيار ، عن أبي جعفر الثاني (في حديث) وإن طلب - الشفيع - الأجل

ص: 393


1- الوسائل باب 7 حديث 1 من كتاب الشفعة.
2- الوسائل باب 7 ذيل حديث 7 من كتاب الشفعة ، إلا أنه لم ينسبه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام. لا صدرا ولا ذيلا بل قال في صدره : إنه سأله وفي آخره : ثم قال عليه السلام ، فلاحظ.
3- الوسائل باب 7 حديث 5 من كتاب الشفعة.

المشتري. وتثبت للغائب والسفيه والمجنون والصبي ويأخذ لهم الولي مع الغبطة ، ولو ترك الولي فبلغ الصبي أو أفاق المجنون فله الأخذ.

الثالث في كيفية الأخذ :

ويأخذ بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد.

ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجوهر أخذه بقيمته.

______________________________________________________

إلى أن يحمل المال من بلد إلى آخر ، فينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة ، وينصرف ، وزياد ثلاثة أيام إذا قدم ، فإن وافاه ، وإلا فلا شفعة له (1).

والشيخ أعرض في النهاية عن ذكر ثلاثة أيام ، واقتصر على التأجيل بقدر وصول المال ، وقد صرح ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه وأبو الصلاح بمضمون (المضمون خ) الرواية ، وهو حسن ، فعليك به.

« قال دام ظله » : ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجوهر (الجواهر خ) أخذه بقيمته ، وقيل : تسقط الشفعة ، استنادا إلى رواية فيها احتمال.

القائل هو الشيخ في الخلاف (2) قال : لا شفعة في ما لا مثل له ، كالحيوان والثياب ، واستدل - بعد الإجماع - بأنه لا دليل على ثبوت الشفعة في ذلك.

فأما الرواية ، فهي ما رواه الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3) وقد ذكرناها ، وقال (4) : (فيها احتمال) لأنها مقصورة على من اشترى دارا (دراهم خ) برقيق ومتاع وبز وجوهر ، فالتعدي إلى غير ذلك من المحتمل ، وكذا يحتمل أن تكون الشركة في الدار.

وقال المفيد : ولو كان الثمن عبدا أو أمة ، فللشريك المطالبة بقيمته ، وكذا في جميع العروض.

ص: 394


1- الوسائل باب 10 ذيل حديث 1 من كتاب الشفعة ، إلا أن فيه : وإن طلب الأجل.
2- وفي نسخة : في الخلاف والاستبصار.
3- الوسائل باب 11 حديث 1 من كتاب الشفعة.
4- يعني المصنف قده.

وقيل : تسقط الشفعة استنادا إلى رواية فيها احتمال.

وللشفيع المطالبة في الحال. ولو أخر لا لعذر بطلت شفعته. وفيه قول آخر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وللشفيع المطالبة في الحال ، ولو أخر لا لعذر ، بطلت شفعته ، وفيه قول آخر.

اختلف الشيخ والمرتضى ، في أن الشفعة هل هي على الفور أم لا؟ قال الشيخ : نعم متى تركها مع القدرة تبطل ، تمسكا بأن الدليل قائم على الفور ، وهو الإجماع ، ولا دليل على التأخير ، فلا يرجع إليه ، وهو اختيار شيخنا دام ظله.

وذهب المرتضى إلى أن الشفعة باقية ولا تسقط إلا بأن يصرح الشفيع بإسقاط حقه ، واستدل بالإجماع ، وبأن الحقوق الثابتة لا تسقط بالإمساك عقلا ونقلا ، فكذا الشفعة لأنها لا تخرج منهما ، واختاره المتأخر وأبو الصلاح.

والأول هو الوجه ، لأنا لو جوزنا ذلك ، لأدى (يؤدي خ) إلى الإجحاف بالمشتري والأضرار ، وهو منفي بقوله عليه السلام : لا ضرر ولا ضرار (1).

(لا يقال) : يسقط الإضرار بعرض المبيع على الشفيع (لأنا نقول) : نفرض فيمن لم يعرض ، والعرض ليس بلازم له ، حتى يكون المشتري هو المدخل الضرر على نفسه.

والجواب عن دعوى الإجماع قد كرر (2) وعن قوله : (إن الحقوق لا تسقط بالإمساك) إنا لا نسلم ذلك إلا لدليل (بدليل خ) على أن مثل ذلك ثابت في الشرع ، نحو سقوط حق الرد بالعيب في الزوجية بالتأخير مع العلم (3).

ص: 395


1- راجع الوسائل باب 13 من كتاب إحياء الموات ، وباب 5 حديث 1 من كتاب الشفعة.
2- من أن ما هو محل الخلاف لا يستدل عليه بالإجماع.
3- يعني أن العيوب المجوزة للفسخ في الزوج والزوجة موجبة لسقوط حق الرد ، مع أن حق الرد فوري.

ولو كان لعذر لم تبطل.

وكذا لو توهم زيادة ثمن أو جنسا من الثمن فبان غيره. ويأخذ الشفيع من المشتري ، ودركه عليه.

ولو انهدم المسكن أو عاب بغير فعل المشتري أخذ الشفيع بالثمن أو ترك ، وإن كان بفعل المشتري أخذ بحصته من الثمن.

ولو اشترى بثمن مؤجل قيل : هو بالخيار بين الأخذ عاجلا والتأخير ، وأخذه بالثمن في محله.

وفي النهاية يأخذ الشقص ويكون الثمن مؤجلا ويلزمه كفيلا إن لم يكن مليا (مليئا خ) وهو أشبه.

ولو دفع إليه الشفيع الثمن قبل حلوله لم يلزم (البائع خ) أخذه.

ولو ترك الشفيع قبل البيع لم تبطل.

أما لو شهد على البائع أو بارك للمشتري أو البائع أو أذن في البيع

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اشترى بثمن مؤجل ، قيل : هو بالخيار بين الأخذ عاجلا والتأخير ، إلى آخره.

هذا القول للشيخ في الخلاف والمبسوط (وما) ذكره في النهاية ، أن الثمن يكون مؤجلا (الثمن مؤجل خ) ويقيم كفيلا ، لو لم يكن مليا (أشبه) (1) لأنه استحق المبيع بالشراء ، فيأخذه ويقيم كفيلا مع عدم الملاءة ، تحصيلا لوثوق البايع ، (المشتري خ) وهو اختيار المفيد في المقنعة والمتأخر.

« قال دام ظله » : أما لو شهد على البائع ، أو بارك للمشتري ، أو البائع ، أو أذن في

ص: 396


1- هكذا في جميع النسخ التي عندنا ، ولا يخفى ما فيه من الحزازة ، ولكن عبارة النهاية هكذا : وإن بيع الشئ نسيئة كان عليه الثمن كذلك إذا كان مليا ، فإن لم يكن مليا وجب عليه إقامة كفيل بالمال (انتهى).

ففيه تردد ، والسقوط أشبه.

ومن اللواحق مسألتان

(الأولى) قال الشيخ : الشفعة لا تورث.

وقال المفيد وعلم الهدى : تورث ، وهو أشبه. ولو عفا أحد الوراث (الورثة خ) من (عن خ) نصيبه أخذه الباقون ولم تسقط.

(الثانية) لو اختلف المشتري والشفيع في الثمن فالقول قول المشتري مع يميته لأنه ينتزع الشئ من يده.

______________________________________________________

البيع ، ففيه تردد ، والسقوط أشبه.

منشأ التردد ، النظر إلى أن الإشهاد والمباركة (1) لا يدلان على الإسقاط صريحا.

والوجه السقوط ، لأن الشفعة لدفع الضرر ، فالحضور مع السكوت يدل على الرضا بذلك ، فيكون مسقطا ، ولأن المباركة قلما تقع إلا عن (على خ) التراضي ، وهو اختيار الشيخين وابني بابويه وأتباعهم.

ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الحضور الموصوف يدل على الرضا ، لجواز قيام المانع من النطق.

ومن اللواحق

« قال دام ظله » : قال الشيخ : الشفعة لا تورث ، وقال المفيد وعلم الهدى : تورث ، وهو الأشبه.

ذهب الشيخ في النهاية والخلاف في كتاب الشفعة إلى أنها لا تورث ، استنادا إلى رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام ، قال : قال

ص: 397


1- بأن يقول الشفيع للمشتري : بارك اللّه لك في هذا البيع.

______________________________________________________

رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الشفعة لا تورث (1).

ذكرها هو في التهذيب وابنا بابويه في من لا يحضره الفقيه والمقنع ، وقد قدمناها بتمامها.

وتمسكا بأنه لا دليل على ثبوتها ، فتمنع.

والجواب عن الرواية الطعن في سندها ، فإن طلحة بتري لا يوثق بما (على ماخ) ينفرد به.

وعن قوله : (لا دليل على ثبوتها) إن عموم آيات المواريث دالة عليها من قوله تعالى : ( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ ) (2) وقوله : ( فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) (3) ، ( فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ) (4) وغير ذلك.

وجه الاستدلال أن الشفعة حق للميت ، فتورث كسائر الحقوق ، لعدم المخصص.

(لا يقال) : الشفعة تبطل بالموت ، فلا يصدق عليها التركة (الترك) لأنا نقول هذه مصادرة.

فالوجه ما ذهب إليه المرتضى والمفيد ، لما ذكرنا ، وهو اختيار المتأخر ، وشيخنا دام وجوده ، وإليه ذهب الشيخ في كتاب البيوع من الخلاف ، قال : مسألة ، خيار الثلث موروث ، ولا ينقطع بالوفاة (5).

وكذلك إذا مات الشفيع قبل الأخذ بالشفعة ، قام وارثه مقامه ، واستدل بأن الخيار حق للميت يورث كسائر الحقوق ، فمن أخرجه يحتاج إلى دليل.

ص: 398


1- الوسائل باب 12 ذيل حديث 1 من كتاب الشفعة.
2- النساء - 11.
3- النساء 175.
4- النساء - 10.
5- قال في الخلاف - في كتاب البيوع - مسألة 36 خيار الثلاث موروث سواء كان لهما أو لأحدهما ويقوم الوارث مقامه ، ولا ينقطع الخيار بوفاته (ج 2 ص 12 من مطبعة الحكمة - قم).

كتاب إحياء الموات

ص: 399

كتاب إحياء الموات

والعامر ملك لأربابه لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنهم

وكذا ما به صلاح العامر كالطريق والشرب (والقناة خ) والمراح.

والموات ما لا ينتفع به لعطلته مما لم يجر عليه ملك أو ملك وباد أهله ، فهو للإمام عليه السلام لا يجوز إحياؤه إلا بإذنه ، ومع إذنه يملك بالإحياء.

ولو كان الإمام عليه السلام غائبا فمن سبق إلى إحيائه كان أحق به ، ومع وجوده له رفع يده.

ويشترط في التملك بالإحياء : أن لا يكون في يد مسلم ، ولا حريما لعامر ، ولا مشعرا للعبادة كعرفة ومنى ، ولا مقطعا ولا محجرا ، والتحجير يفيد أولوية لا ملكا مثل أن ينصب عليها ميرزا.

وأما الإحياء فلا تقدير للشرع فيه ويرجع في كيفيته إلى العادة.

ويلحق بهذا مسائل

(الأولى) الطريق المبتكر في المباح إذا تشاح أهله فحده خمسة أذرع ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الطريق المبتكر في المباح ، إذا تشاح أهله ، فحده خمس أذرع ،

ص: 400

وفي رواية : سبعة أذرع.

(الثانية) حريم بئر المطعن أربعون ذراعا ، والناضح ستون ذراعا ، والعين ألف ذراع ، وفي الصلبة خمسمائة.

(الثالثة) من باع نخلا واستثنى واحده كان له المدخل إليها والمخرج ومدى جرائدها.

(الرابعة) إذا تشاح أهل الوادي في مائة حبسه الأعلى للنخل إلى الكعب ، وللزرع إلى الشراك ، ثم يسرحه إلى الذي يليه.

(الخامسة) يجوز للإنسان أن يحمي المرعى في ملكه خاصة ، وللإمام مطلقا.

(السادسة) لو كان له رحى على نهر لغيره لم يجز له أن يعدل بالماء عنها إلا برضاء. صاحبها.

______________________________________________________

وفي رواية سبع أذرع.

هذه رواها مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : والطريق إذا تشاح عليه أهله ، فحده سبع أذرع (1).

ومثل ذلك في رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (2).

وعليها فتوى النهاية وأتباع الشيخ.

وما اختاره شيخنا من الخمس ، هو رواية أبان ، عن أبي العباس البقباق ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا تشاح قوم في طريق ، فقال بعضهم سبع أذرع ،

ص: 401


1- الوسائل باب 11 مثل ذيل الحديث 6 من كتاب إحياء الموات.
2- الوسائل باب 15 حديث 2 من كتاب الصلح.

(السابعة) من اشترى دارا فيها زيادة من الطريق ففي رواية : إن كان ذلك فيما اشترى فلا بأس.

وفي النهاية : إن لم يتميز لم يكن له عليه شئ. وإن تميز رده ورجع على البائع بالدرك.

والرواية ضعيفة ، وتفصيل النهاية في موضع المنع ، والوجه : البطلان ، وعلى تقدير الامتياز يفسخ إن شاء ما لم يعلم.

______________________________________________________

وقال بعضهم : أربع أذرع ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا بل خمس أذرع (1) وهذه أصح من الأولى.

« قال دام ظله » : من اشترى دارا فيها زيادة من الطريق ففي رواية : إن كان ذلك فيما اشترى ، فلا بأس ، إلى آخره.

هذه رواها علاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن رجل اشترى دارا فيها زيادة من الطريق؟ قال : إن كان ذلك (داخلا ئل) فيما اشترى ، فلا بأس (2) وهي متروكة.

وأما (ما ذكره) في النهاية ، أنه إذا تميز له ، رده إلى البائع بعد العلم ، ويرجع بالثمن ، وإن لم يتميز فلا شئ عليه (فما أعرف) له حديثا.

وفيه إشكال ، ومنشأه التصرف في ملك الغير واستباحته ، وفي البطلان أيضا إشكال ، لأن البيع وقع صحيحا ، فيكون البعض مستحقا ، لا يقدح في إمضاء الباقي ، اللّهم إلا أن يكون المشتري اختار الفسخ ، فالأقرب المصير إلى ما فصله الشيخ.

ص: 402


1- الوسائل باب 15 حديث 1 من كتاب الصلح.
2- الوسائل باب 10 حديث 3 من أبواب أحكام العيوب ج 12 ص 422 وفيه : علي بن الحكم عن محمد بن مسلم عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام وكذلك في التهذيب في أواخر باب العيوب الموجبة للرد.

(الثامنة) من كان له نصيب في قناة أو نهر جاز له بيعه بما شاء.

(التاسعة) روى إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عن رجل في يده دار لم يزل في يده ويد آبائه ، وقد علم أنها ليست لهم ولا يظن مجئ صاحبها ، قال : ما أحب أن يبيع ما ليس له ، ويجوز أن يبيع سكناه.

والرواية مرسلة ، وفي طريقها : الحسن بن سماعة ، وهو واقفي.

وفي النهاية : يبيع تصرفه فيها ، ولا يبيع أصلها ، ويمكن تنزيلها على

______________________________________________________

ووجه أن مع عدم الامتياز التخلص منه عسر ، والمنع منه إضرار ، ولا كذا مع الامتياز ، وهو اختيار شيخنا في نكت النهاية ، وما أرى للبطلان وجها.

وقوله (1) : وعلى تقدير الامتياز يفسخ إن شاء ما لم يعلم ، معناه إن شاء يفسخ المبيع ، وإن شاء يمضيه بقدر ملك البائع وفي التقييد بقوله : ما لم يعلم ، نظر ، موجبه عدم الفارق بين سبق العلم وعدمه.

(لا يقال) الفارق موجود ، وهو أن مع العلم ، كأنه أسقط حقه ، فلا رجوع (لأنا) لا نسلم أنه أسقط حقه ، ولو سلمنا تسليم الجدل ، لا نسلم أن الحق اللازم ، يسقط بمثل هذا الإسقاط ، فلا بد من دليل.

« قال دام ظله » : من (كان خ) له نصيب في قناة أو نهر ، جاز له بيعه بما شاء

معناه ، يجوز بيع نصيبه ، أي شربه ، وإلا بيع الماء لا يجوز ، لجهالته.

« قال دام ظله » : روى إسحاق بن عمار ، عن العبد الصالح ، إلى آخره (2).

قلت : الرواية في طريقها الحسن بن محمد بن سماعة ، وهو واقفي معاند في الوقف ، وهي غير مسندة (3) إذ عبد صالح لا يفيد تحقيقا ولا تعيينا ، وما تأوله شيخنا - من حملها على أرض باطلة قريب.

ص: 403


1- يعني قول المصنف قده.
2- الوسائل باب 1 حديث 5 من أبواب عقد البيع ج 2 ص 250.
3- يعني غير مسندة إلى معصوم معين.

أرض موات عاطلة أحياها غير المالك بإذنه ، فللمحيي التصرف والأصل للمالك.

ص: 404

كتاب اللقطة

اشارة

ص: 405

كتاب اللقطة

وأقسامها ثلاثة :

الأول في اللقيط :

وهو كل صبي (1) ضائع لا كافل له.

ويشترط في الملتقط التكليف.

وفي اشتراط الإسلام ترد ، ولا يلتقط المملوك إلا بإذن مولاه ، وأخذ اللقيط مستحب.

واللقيط في دار الإسلام حر ، وفي دار الشرك رق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي اشتراط الإسلام تردد.

منشأ التردد ، أن الصبي ينخدع عن الدين ، وأنه لا سبيل للكافر على المحكوم بإسلامه ، لقوله تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ) (2) وإلا فإطلاق الجواز ، يتناول المسلم والكافر ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف.

فأما الفاسق ، يجوز له أخذه بلا خلاف عندنا ، ويترك عنده بغير انضمام بدل آخر إليه ، خلافا لبعضهم.

ص: 406


1- في النسخة المطبوعة هكذا « كل صبي أو مجنون ... إلخ ».
2- النساء - 131.

وإذا لم يتوال أحدا فعاقلته ووارثه الإمام عليه السلام إذا لم يكن له وارث ، ويقبل إقراره على نفسه بالرقية مع بلوغه ورشده.

وإذا وجد الملتقط سلطانا استعان به على نفقته ، فإن لم يجد استعان بالمسلمين ، فإن تعذر الأمران أنفق الملتقط ورجع عليه إذا نوى الرجوع ، ولو تبرع لم يرجع.

القسم الثاني في الضوال :

وهو كل حيوان مملوك ضائع.

وأخذه في صورة (صور خ) الجواز مكروه ، ومع تحقق التلف مستحب.

فالبعير لا يؤخذ ، ولو أخذ ضمنه الآخذ.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وأخذه في صورة الجواز مكروه.

الضالة (إما) أن تكون حيوانا ممتنعا من صغار السباع أو كبارها (أو) لا تكون فالأول مثل الإبل والبقر والبغال والحمير ، وما أشبه ذلك ، فلا يجوز أخذه ، لقول النبي صلى اللّه عليه وآله ، حين سأله السائل عن الإبل الضوال : مالك ولها ، معها حذاؤها وسقاؤها يعني خفها وكرشها (1).

وروي ابن بابويه ، عنه عليه السلام ، بطنه وعاؤه وخفه حذاؤه ، وكرشه سقاؤه (2).

ولما رواه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام ، إياكم واللقطة فإنها ضالة المؤمن ، وهي حريق من حريق جهنم (3).

والثاني مثل الغنم وأولاد البقر والحمير وغير ذلك ، فيجوز أخذه على كراهية ،

ص: 407


1- راجع الوسائل باب 13 حديث 1 وذيل 5 من كتاب اللقطة (نقل بالمعنى) والفقيه ج 3 ص 295 طبع الغفاري : باب اللقطة والضالة وزاد بعد قوله : سقاؤه : خل عنه
2- راجع الوسائل باب 13 حديث 1 وذيل 5 من كتاب اللقطة (نقل بالمعنى) والفقيه ج 3 ص 295 طبع الغفاري : باب اللقطة والضالة وزاد بعد قوله : سقاؤه : خل عنه
3- الوسائل باب 1 حديث 8 من كتاب اللقطة.

وكذا حكم الدابة والبقرة ، ويؤخذ لو تركه صاحبه من جهد في غير كلاء ولا ماء ، ويملكه الآخذ.

والشاة إن وجدت في الفلاة أخذها الواجد لأنها لا تمتنع من صغير السباع ويضمنها.

وفي رواية ضعيفة : يحبسها عنده ثلاثة أيام ، فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بثمنها.

وينفق الواجد على الضالة إن لم يتفق سلطان ينفق من بيت المال.

وهل يرجع على المالك؟ الأشبه : نعم.

______________________________________________________

لقول النبي صلى اللّه عليه وآله ، لما سأل عن الشاة الضالة بالفلاة : هي لك أو لأخيك ، أو للذئب ، قال : وما أحب أن أمسها (1).

فهذا معنى قوله (2) : (وأخذه في صورة الجواز مكروه) هذا إذا وجد في الخراب.

فإذا وجد في العمران ، فلا يجوز الأخذ بحال.

وإذا تقرر هذا ، فإذا وجدت الشاة في فلاة ، ففي رواية ابن أبي يعفور ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : جاءني (جاء خ) رجل من أهل المدينة ، يسألني (فسألني خ) عن رجل أصاب شاة ، فأمرته أن يحبسها عنده ثلاثة أيام ، ويسأل عن صاحبها ، فإن جاء صاحبها ، وإلا باعها وتصدق بثمنها عنه (3).

وعليها فتوى الشيخ وتبعه المتأخر ، واختاره شيخنا في الشرائع.

وقال المفيد : يأخذها ويضمن قيمتها ، وهو اختيار شيخنا في هذا الكتاب.

« قال دام ظله » : وهل يرجع (أي المنفق) على المالك؟ الأشبه نعم.

ص: 408


1- الوسائل باب 13 صدر حديث 5 من كتاب اللقطة.
2- يعني المصنف رحمه اللّه.
3- الوسائل باب 13 حديث 7 من كتاب اللقطة.

ولو كان للضالة نفع كالظهر أو اللبن. قال (الشيخ خ) في النهاية : كان بإزاء ما أنفق ، والوجه التقاص.

القسم الثالث (في المال خ) :

وفيه ثلاثة فصول :

(الأول) اللقطة : كل مال ضائع أخذ ولا يد عليه ، فما دون الدرهم ينتفع به من غير تعريف.

وفي قدر الدرهم روايتان.

______________________________________________________

ذهب الشيخان وسلار وأتباعهم إلى أن المنفق يرجع إلى المالك بما أنفق ، إلا إذا تبرع وهو قوي ، احترازا من ضرر الالتقاط وقال المتأخر : لا يرجع ، لأنه لا دليل على الرجوع.

فأما لو كان للضالة نماء ، قال الشيخ : كان بإزاء ما أنفق ، وهو حسن ، بتقدير التساوي (المساواة خ) وإلا يرجع المنفق بالناقص ، ويرد الفاضل.

وقال المتأخر : يرد النماء أو مثله ، ولا يرجع بما أنفق (أنفقه خ) لأنه بغير إذنه ، وليس بشئ.

« قال دام ظله » : وفي قدر الدرهم روايتان.

قلت : يفرض هنا ثلاث مسائل ، أن تكون قيمة اللقطة أقل من درهم ، أو مثله ، أو أزيد ، (زائد خ).

ففي الأول والثالث (الأولى والثالثة خ) لا خلاف في التعريف.

وفي الثاني روايتان ، روى محمد بن أبي حمزة ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن اللقطة؟ قال : تعرف سنة ، قليلا كان أو كثيرا ، قال : وما كان دون الدرهم فلا يعرف (1).

ص: 409


1- الوسائل باب 4 حديث 1 من كتاب اللقطة.

وما كان أزيد ، فإن وجده في الحرم كره أخذه.

______________________________________________________

وهي وإن كانت مرسلة ، ودلالتها بدليل الخطاب ، لكن يؤيدها ما رواه في التهذيب ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال ، سألته عن رجل يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع بها؟ قال : يعرفها سنة ، فإن لم تعرف ، حفظها في عرض ماله ، حتى يجئ طالبها (صاحبها خ) فيعطيها إياه ، وإن مات أوصى بها وهو لها ضامن (1).

وعليها فتوى الشيخين وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، وعليه المتأخر.

وقال أبو الصلاح وسلار : لا يعرف ما مقداره درهم ، إلا إن زاد ، والأول أشبه ، وعليه العمل ، وأيضا هو مقتضى الاحتياط في الدين.

« قال دام ظله » : وما كان أزيد ، فإن وجده في الحرم كره أخذه ، وقيل : يحرم ، إلى آخره.

قال الشيخ في النهاية : لقطة الحرم لا يجوز أخذها ، وقال في الخلاف : يجوز أخذها ، ويجب تعريفها ، ويظهر مثل ذلك من كلام المفيد وابن بابويه في المقنع وسلار.

وقال علي بن بابويه في رسالته : والأفضل له ترك لقطة الحرم. (2)

ومستند النهاية ما روي عن أبي بصير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام ، عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه ، قال : بئس ما صنع ، ما كان ينبغي له أن يأخذه ، قال : قلت : فإن (فقد خ) ابتلي بذلك؟ قال : يعرفه ، قلت : فإنه قد عرفه ، فلم يجد له باغيا؟ قال : يرجع إلى بلده ، فيتصدق به على أهل بيت من المسلمين ، فإن جاء صاحبه (طالبه خ) فهو له ضامن (3).

ص: 410


1- الوسائل باب 20 حديث 2 من كتاب اللقطة.
2- في بعض النسخ : أن يترك لقطة الحرم.
3- الوسائل باب 17 حديث 2 من كتاب اللقطة.

______________________________________________________

ومستند (إطلاق خ) الخلاف ، ما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، أنه قال : لا تحل لقطة الحرم إلا لمنشد (1) يعني لمعرف فالوجه (والوجه خ) الكراهية ، توفيقا بين الروايات.

وعلى التقديرات ، لا تحل تملكها ، ويجب التعريف حولا ، فإن لم يجد صاحبها ، إما يستبقيها أمانة ، أو يتصدق عنه.

وهل يضمن لو لم يرض الصاحب بالصدقة؟ فيه قولان ، قال في باب اللقطة من النهاية ، والمفيد في المقنعة : يتصدق ، ولا شئ عليه ، وهو التمسك بأنه تصرف مأذون فيه شرعا فالضمان (والضمان خ) منفي بالأصل ، إلا في موضع الدلالة ، واختاره ابن البراج في المهذب ، وسلار في رسالته.

وذهب في الخلاف وفي كتاب الحج من النهاية إلى أنه يتصدق بها بشرط الضمان ، وهو في رواية علي بن أبي حمزه (2) وقد قدمناها ، واختاره المتأخر ، مستدلا بأنه مال الغير ، وقال الرسول (النبي خ) صلى اللّه عليه وآله : لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيبة نفس منه (3).

وهو ضعيف ، لأنا سلمنا أنه مال الغير ، ولكن أذن الشرع - (الشارع خ) في التصدق به ، وفي التصرف الشرعي - يسقط الضمان ، حذرا من الإضرار ، فالأشبه هو الأول.

والجواب عن الرواية (4) أن التهجم على الأموال بخبر الواحد ، غير جائز ،

ص: 411


1- عوالي اللئالي ج 3 ص 487 رقم 12.
2- الوسائل باب 17 ذيل حديث 2 من كتاب اللقطة.
3- وفي الوسائل باب 1 حديث 4 من كتاب الغصب ، قال : وفي حديث آخر عن صاحب الزمان عليه السلام ، قال : لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه ، ورواه في العوالي ج 1 ص 222 إلا أنه قال صلى اللّه عليه وآله : بطيب من نفسه بدل قوله : عن طيبة نفس منه.
4- يعني رواية علي بن أبي حمزة.

وقيل : يحرم ولا يحل أخذه إلا مع نية التعريف.

ويعرف حولا ، فإن جاء صاحبه وإلا تصدق عنه أو استبقاه أمانة ، ولا يملك.

ولو تصدق به بعد الحول فكره المالك لم يضمن الملتقط على الأشهر ، وإن وجده في غير الحرم يعرف حولا ، ثم الملتقط بالخيار بين التملك والصدقة وإبقاؤها أمانة.

ولو تصدق بها فكره المالك ضمن الملتقط.

ولو كانت مما لا يبقى كالطعام قومها عند الوجدان وضمنها وانتفع بها ، وإن شاء دفعها إلى الحاكم ، ولا ضمان.

ويكره أخذ الإداوة (1) والمخصرة (2) والنعلين والشظاظ (3) والعصا والوتد والحبل والعقال ، وأشباهها.

مسائل

(الأولى) ما يوجد في خربه أو فلاة أو تحت الأرض فهو لواجده (4).

______________________________________________________

وخصوصا في موضع الخلاف ، مع كونه ضعيف السند ، فإن في الطريق وهب بن حفص

(فإن قيل) : لم فرقتم بينها وبين لقطة غير الحرم ، فذهبتم إلى ضمانها؟ (قلنا) : لوجهين ، الأول ، لاتفاق فقهائنا عليه ، والثاني ، لوجود الفارق ، وهو كونه لقطة غير الحرم مجوزة التملك ، ولا كذا لقطة الحرم

ص: 412


1- لوله هنگ يا أفتابه.
2- سوط.
3- چوب گوشهء جوال.
4- في النسخة المخطوطة التي عندنا « فهو لواجده إلا في أرض لها مالك ولو كان مدفونا ... إلخ ».

ولو وجده لها مالك أو بائع - ولو كان مدفونا - عرفه المالك أو البائع ، فإن عرفه وإلا كان للواجد.

وكذا ما يجده في جوف دابة.

ولو وجده في جوف سمكة قال الشيخ : أخذه بلا تعريف.

(الثانية) ما وجده في صندوقه أو داره فهو له ، ولو شاركه في التصرف غيره كان كاللقطة إذا أنكره.

(الثالثة) لا تملك اللقطة بحول الحول ، وإن عرفها ما لم ينو التملك.

وقيل : تملك بحول الحول.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو وجده في جوف سمكة ، قال الشيخ : أخذه بلا تعريف.

ذهب في النهاية والمفيد في المقنعة ، إلى أنه متى وجد في جوف سمكة درة أو سبيكة وما أشبه ذلك ، أخرج الخمس ، والباقي له ، وذهب أبو يعلى سلار إلى أنه يعرف إن ابتاعه ، ولا يعرف إن ورثه.

وقال المتأخر : يعرف البايع ، لأنه لم يبع ما وجده المشتري.

والحق أن تعريفه لا حكم له ، ولا دليل عليه ، بخلاف الشاة والبقرة والإبل ، فالأشبه هو الأول ، وهو اختيار شيخنا دام ظله ، وتعليل المتأخر ضعيف ، لأن البايع ما ملك ما في بطن السمكة فيحتاج إلى تعريفه.

« قال دام ظله » : لا تملك اللقطة بحول الحول ، وإن عرفها ، ما لم ينو التملك (وقيل) : تملك بحول الحول.

نص الشيخ في الخلاف ، أن لا تملك إلا باختياره ، وللشافعي فيه أقوال.

وفي عبارات الأصحاب اختلاف ، قال المفيد وسلار : يتصرف فيه بعد السنة ، وعليه الضمان ، وقال في النهاية وابنا بابويه : فإن جاء صاحبها بعد السنة وإلا (هي خ) كسبيل ماله ، وكذا ذكره المتأخر ، والأول أشبه.

ص: 413

(الثاني) الملتقط : من له أهلية الاكتساب ، فلو التقط الصبي أو المجنون جاز ويتولى الولي التعريف.

وفي المملوك تردد ، أشبهه : الجواز.

وكذا المكاتب والمدبر وأم الولد.

(الفصل الثالث) في الأحكام ، وهي ثلاثة مسائل :

(الأولى) لا تدفع اللقطة إلا بالبينة ، ولا يكفي الوصف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي المملوك تردد ، أشبهه الجواز.

منشأ التردد ، النظر إلى أن العبد ليس له أهلية التملك ، وإلى ما رواه أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ما للمملوك واللقطة ، والمملوك لا يملك من نفسه شيئا ، فلا يعرض لها المملوك (الحديث) (1).

واختارها ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.

وذهب الشيخ في المبسوط والخلاف ، إلى أن له أن يلتقط ، عملا بعموم الأخبار ، وهو أشبه ، لأن له أهلية الاكتساب ، والاستئمان (والائتمان خ) ، وأما المكاتب والمدبر وأم الولد ، فلهم الالتقاط ، ولا تردد فيه.

« قال دام ظله » : لا تدفع اللقطة إلا بالبينة ، ولا يكفي الوصف (وقيل) : يكفي في الأموال الباطنة ، كالذهب والفضة ، وهو حسن.

(قلت) : إذا أقام صاحب اللقطة ، البينة ، وجب دفعها إليه ، فأما أن وصف عفاصها ، ووكاؤها (وكاها خ) أو وزنها ، وعددها وحليتها ، ويغلب في الظن صدقه ، جاز دفعها إليه ، ولا يجب.

وعلى هذا انعقد العمل ، وإليه ذهب الجمهور ، إلا أهل الظاهر ، فإنهم يذهبون

ص: 414


1- الوسائل باب 20 قطعة من حديث 1 من كتاب اللقطة ، وصدره : قال سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة؟ فقال ... الخ.

وقيل : يكفي في الأموال الباطنة كالذهب والفضة ، وهو حسن.

(الثانية) لا بأس بجعل الآبق ، فإن عينه لزم بالرد ، وإن لم يعين (لم يعينه خ) ففي رد العبد من المصر دينار ، ومن خارج البلد أربعة دنانير ، على رواية ضعيفة ، تؤيدها الشهرة.

وألحق الشيخان : البعير ، وفيما عداهما أجرة المثل.

(الثالثة) لا يضمن الملتقط في الحول لقطة ولا لقيطا ولا ضالة ما لم يفرط.

______________________________________________________

إلى وجوب دفعها.

فأما التفصيل ، فما أعرف منشأه ، ولا القائل به ، واستحسنه شيخنا ، نظرا إلى تعذر إقامة البينة بذلك.

« قال دام ظله » : ففي رد العبد من المصر دينار ، ومن خارج البلد أربعة دنانير ، على رواية ضعيفة.

هذه رواها ابن أبي يسار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن النبي صلى اللّه عليه وآله ، جعل في جعل الآبق دينارا إذا أخذه في مصره ، وإن أخذه في غير مصره ، فأربعة دنانير (1).

ووجه ضعفها من حيث أن في الطريق سهل بن زياد ، وهو مقدوح فيه ، عند أكثر نقاد (ثقات خ) الرجال ، ومحمد بن الحسن بن ميمون المصري (البصري خ) وهو عال.

وأسند إلحاق البعير إلى الشيخين ، لسبقهما بذلك القول ، وما أعرف منشأه ، ولهذا قال الشيخ في الخلاف والمبسوط : لم ينص بذلك أصحابنا على شئ ، من

ص: 415


1- لم نعثر عليها كلما تتبعنا ، ونقلها في الرياض عن مسمع بن عبد الملك.

______________________________________________________

جعل اللقطة والضوال إلا على إباق العبد ، وفيما عداه أجرة المثل ، وذكر الحديث الوارد به.

ولكن الوجه (والوجه خ) الرجوع إلى أجرة المثل ، ولو قلنا بالتقدير ، لم يتجاوز العبد ، اقتصارا على مورد النص.

وقال في المبسوط : لا يستحق شيئا ، إلا بجعل صاحبه ، وهو اختيار المتأخر والأول أشبه ، لأنه أقرب إلى العدل.

ص: 416

كتاب المواريث

اشارة

ص: 417

كتاب المواريث

والنظر في : المقدمات والمقاصد واللواحق.

والمقدمات ثلاثة :

الأولى : في موجبات الإرث ، وهي نسب وسبب.

فالنسب ثلاث مراتب :

1 الأبوان ، والأولاد وإن نزلوا.

2 - والأجداد وإن علوا ، والأخوة وأولادهم وإن نزلوا.

3 - والأعمام والأخوال.

والسبب قسمان : زوجية وولاء. والولاء ثلاث مراتب : ولاء العتق ، ثم ولاء تضمن الجريرة ، ثم ولاء الإمامة.

الثانية في موانع الإرث ، وهي ثلاثة : الكفر والرق والقتل.

اشارة

أما الكفر ، فإنه يمنع في طرف الوارث ، فلا يرث الكافر مسلما ، حربيا كان الكافر أو ذميا أو مرتدا ، ويرث الكافر أصليا ومرتدا ، وميراث المسلم لوارثه المسلم إذا انفرد بالنسب أو شاركه الكافر أو كان أقرب حتى لو كان ضامن الجريرة مع ولد كافر فالميراث للضامن.

ص: 418

ولو لم يكن وارث مسلم فميراثه للإمام ، والكافر يرثه المسلم وإن اتفق ، ولا يرثه الكافر إلا إذا لم يكن وارث مسلم.

ولو كان وارث مسلم كان أحق بالإرث وإن بعد وقرب الكافر.

وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا في النسب ، وحاز الميراث إن كان أولى ، سواء كان المورث مسلما أو كافرا.

______________________________________________________

في موجبات الإرث

« قال دام ظله » : وإذا سلم الكافر على ميراث ، قبل قسمته ، إلى آخره.

قلت : ثبت أن الكفر يمنع من الإرث ، فإذا ارتفع هذا المانع ، فلا خلو (إما) أن يكون قبل القسمة (أو) بعدها ، فعلى الثاني يحرم.

وعلى الأول ، لا يخلو (إما) أن يكون له مشارك واحد أو أكثر (أو) لا مشارك له ، إلا الإمام عليه السلام ، فعلى الأول يحرم ، وعلى الثاني يرث بغير خلاف.

وهل يرث على الثالث؟ فلنبين على قولين ، فمن قال : إن الإمام عليه السلام بمنزلة الوارث في جميع الأحوال ، فلا يرث ، وهو اختيار الشيخ في النهاية والمتأخر ، ومن قال : إنه عليه السلام ليس كالوارث ، بل له ميراث من لا وارث له بحكم الشرع فيرث.

ويؤيده ما رواه علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن رجل مسلم مات وله أم نصرانية وله زوجة وولد مسلمون؟ قال : فقال : إن أسلمت أمه قبل أن يقسم ميراثه ، أعطيت السدس ، قلت : فإن لم يكن له مرأة ولا ولد ولا وراث له سهم في الكتاب من المسلمين ، وأمه نصرانية ، وله قرابة نصارى ممن له سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين لمن يكون ميراثه؟ قال : إن سلمت أمه فإن جميع ميراثه لها ، وإن لم تسلم أمه وأسلم بعض قرابته ممن له سهم

ص: 419

ولو كان الوارث المسلم واحدا لم يزاحمه الكافر وإن أسلم لأنه لا يتحقق هنا قسمة.

مسائل

(الأولى) الزوج المسلم أحق بميراث زوجته من ذوي قرابتها الكفار ، كافرة كانت أو مسلمة.

له النصف بالزوجية والباقي بالرد. وللزوجة المسلمة الربع مع الورثة الكفار والباقي للإمام.

ولو أسلموا أو أحدهم ، قال الشيخ : يرد عليهم ما فضل من سهم الزوجية ، وفيه تردد.

______________________________________________________

في الكتاب فإن ميراثه له ، وإن لم يسلم من قرابته أحد فإن ميراثه للإمام (1) ويختاره شيخنا.

وفي المبسوط ، إن أسلم قبل نقل المال إلى بيت المال يرث ، ولا يرث بعد النقل.

وفيه نظر ، موجبه جهالة منشأه ، والمنع أقرب على التقادير ، لأن الإمام عليه السلام بالموت استحق الإرث.

مسائل

« قال دام ظله » : ولو أسلموا أو أحدهم ، قال الشيخ : يرد عليهم ما فضل عن سهم الزوجية.

قلت : إذا ماتت الزوجة وخلفت زوجا لا غير ، فالميراث له ، النصف بالتسمية ، والباقي بالرد.

ص: 420


1- الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب موانع الإرث وما نقله في المتن موافق للكافي والتهذيب والفقيه ونحن نقلناه من التهذيب (راجع ج 9 من التهذيب ص 369).

______________________________________________________

ولو مات الزوج وله زوجة ليس له سواها ، فلها الربع بالتسمية ، وهل لها الباقي بالرد؟ فيه أقوال ثلاثة.

قال الشيخ في الإيجاز والنهاية : لها الربع والباقي للإمام ، وهو مذهب المفيد في كتاب له (1) والمرتضى في الانتصار ، وابن بابويه في الرسالة ، وابنه في المقنع ، وسلار في الرسالة ، وعليه المتأخر ، وشيخنا دام ظله (وجوده خ) وبه عدة روايات.

(منها) ما رواه أبو بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن امرأة ماتت وتركت زوجها ، لا وارث لها غيره؟ قال : إذا لم يكن غيره فله المال ، والمرأة لها الربع ، وما بقي فللإمام (2).

ومثله في رواية محمد بن مروان ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في زوج مات وترك امرأته؟ قال : لها الربع ، ويدفع الباقي إلى الإمام (3).

وقال المفيد في المقنعة : مع عدم وارث ، يرد على الأزواج ، وهو في رواية محمد بن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : رجل مات وترك امرأته؟ قال : المال لها ، قال : قلت : امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال : المال كله له (4).

واستضعف علم الهدى هذه الرواية ، وحملها محمد بن بابويه (في من لا يحضره الفقيه خ) على زمان غيبة الإمام عليه السلام ، توفيقا بينها وبين ما قدمناه من الروايات.

ص: 421


1- في بعض النسخ : في كتاب الأعلام.
2- الوسائل باب 3 حديث 5 من أبواب ميراث الأزواج.
3- الوسائل باب 3 حديث 7 من أبواب ميراث الأزواج.
4- الوسائل باب 4 حديث 6 من أبواب ميراث الأزواج ، وتمامه ، قلت فالرجل يموت ويترك امرأته؟ قال المال لها.

(الثانية) روى (1) مالك بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام في

______________________________________________________

ونزلها الشيخ في الاستبصار إما على هذا التأويل ، أو على كونها ذات قرابة له ، والأول هو المعمول عليه.

إذا تقرر هذا ، فلو مات أحدهما وخلف الآخر مسلما وورثة كفارا ، فلو كان هو الزوج ، فالمال له على ما تقرر ، فلو أسلم الورثة (الوراث خ) فلا ميراث له ، لأن القسمة غير ممكنة ، لأنه بالموت حاز الإرث ، وعليه المتأخر.

وقال في النهاية : يرد عليه فاضل الزوجية ، وهو بعيد مع تسليم هذه المقدمات.

وتردد شيخنا في ذلك ، التفاتا إلى قول الشيخ ، ولو كان يخلف (المخلف خ ل) الزوجة ، تأخذ الإرث على ما قدمناه ، فلو أسلم على الميراث أحد الورثة (الوراث خ) فله الفاضل من سهمها على الصحيح ، بناء على ما اخترناه.

« قال دام ظله » : روى مالك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في نصراني مات ، إلى آخره.

هذه الرواية أوردها الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، وابن بابويه في من

ص: 422


1- نقول : وكأن المصنف نقلها ملخصة ، وإلا فمتن الحديث كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، جميعا عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن مالك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن نصراني مات وله ابن أخ مسلم وابن أخت مسلم ، وللنصراني أولاد وزوجة نصارى ، (قال : - كما في الكافي والتهذيب) فقال : أرى أن يعطي ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك ، ويعطي ابن أخته ثلث ما ترك إن لم يكن له ولد صغار ، فإن كان له ولد صغار فإن على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا ، قيل له : كيف ينفقان (على الصغار كما في الفقيه)؟ (قال : - كما في الكافي والتهذيب) فقال : يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة ويخرج وارث الثلث ثلث النفقة ، فإذا أدركوا قطعا (قطعوا - كما في الفقيه) النفقة عنهم ، قيل له : فإن أسلم الأولاد (أولاده - كما في الفقيه) وهم صغار؟ (قال : - كما في الكافي والتهذيب) فقال : يدفع ما ترك أبوهم إلى الإمام حتى يدركوا ، فإن بقوا (أتموا - كما في الفقيه) على الإسلام (إذا أدركوا - كما في الفقيه) دفع الإمام ميراثهم (ميراثه - كما في الفقيه) إليهم ، وإن لم يبقوا (لم يتموا كما في الفقيه) على الإسلام إذا أدركوا دفع الإمام ميراثه إلى ابن أخيه وابن أخته المسلمين ، يدفع إلى ابن أخيه ثلثي ما ترك ، و (يدفر. كما في الكافي والفقيه) إلى ابن أخته ثلث ما ترك. ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن مالك من أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام. ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عبد الملك بن أعين أو مالك بن أعين مع اختلاف يسير كما أشرنا إليه.

نصراني مات وله ابن أخ وابن أخت مسلمان وأولاد صغار ، لابن الأخ الثلثان ، ولابن الأخت الثلث ، وينفقان على الأولاد بالنسبة ، فإن أسلم الصغار دفع المال إلى الإمام عليه السلام ، فإن بلغوا على الإسلام دفعه

______________________________________________________

لا يحضره الفقيه (1) وهي من المشاهير.

لكن فيها إشكال ، منشأه توقيف الميراث وإنفاقه على الأولاد المحكوم (المحكومين خ) بكفرهم ، ورده إليهم بعد القسمة ، لو أسلموا بعد البلوغ.

فالأقرب ما اختاره المتأخر وشيخنا دام ظله في نكت النهاية ، أن لا ينفق عليهم ، ولا يرد عليهم بإسلامهم بعد البلوغ ، لكونهم بحكم الكفار ، وإلا لما جازت قسمة الميراث ، اللّهم إلا أن يحمل على الرواية ، فيعمل بها في تلك الصورة خاصة ، ويرجع إلى الأصل بتغيرها.

ولقائل أن يقول : إن عنيتم بقولكم : (أولاد الكفار بحكم الكفار) إنهم كافرون ، بحيث يجري عليهم أحكامهم ، فهو غير مسلم ، ما الدليل عليه؟ وإن عنيتم أنهم ليسوا بمسلمين ، فهو مسلم (فمسلم خ) ولكن لا يتم به دليلكم ، لأن المانع من الإرث هو الكفر.

ص: 423


1- والكليني ره أيضا « في الكافي ج 7 ص 143 باب آخر في ميراث أهل الملل ، ورواه في الوسائل ، عن هشام بن سالم عن عبد الملك بن أعين ومالك بن أعين جميعا » ، عن أبي جعفر عليه السلام (راجع باب 2 حديث من أبواب موانع الإرث من الوسائل ج 17)

الإمام عليه السلام إليهم. وإن (لوخ) لم يسلموا دفع إلى ابن الأخ الثلثين وإلى ابن الأخت الثلث.

(الثالثة) إذا كان أحد أبوي الصغير مسلما الحق به ، فإن بلغ أجبر على الإسلام ، ولو أبى كان كالمرتد.

(الرابعة) المسلمون يتوارثون وإن اختلفت آراؤهم.

وكذا الكفار وإن اختلفت مللهم.

(الخامسة) المرتد عن فطرة يقتل ولا يستتاب ، وتعتد امرأته عدة الوفاة ، ويقسم أمواله.

ومن ليس عن فطرة يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، وتعتد زوجته عدة الطلاق مع الحياة وعدة الوفاة لا معها ، والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب ولو كانت عن فطرة.

(السادسة) لو مات المرتد كان ميراثه لوارثه المسلم ، ولو لم يكن له

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو مات المرتد ، كان ميراثه لوارثه المسلم ، ولو لم يكن له وارث إلا كافر ، كان ميراثه للإمام عليه السلام ، على الأظهر.

المرتد (إما) أن يكون عن فطرة أو لا ، فالأول يقسم ماله بالارتداد ، وتعتد زوجته عدة الوفاة ، لأنها بائنة ، وارتداده بمنزلة قتله ، لوجوبه عليه ، ولا يستتاب ، فإن لحق بدار الحرب ، فماله لوارثه ، أو للإمام عليه السلام ، مع عدمهم.

والثاني يستتاب ، فإن تاب ، وإلا قتل ، وتعتد زوجته عدة الوفاة ، فإن لحق بدار الحرب تعتد عدة الطلاق ، لأنها بحكم الزوجة المطلقة ، فإن أسلم في العدة فهو أملك بها.

وهل تقسم أمواله ، إذا لحق بدار الحرب؟ قال في الخلاف والمبسوط : لا إلا

ص: 424

وارث إلا كافرا كان ميراث المرتد (ميراثه خ) للإمام عليه السلام على الأظهر.

وأما القتل فيمنع الوارث عن الإرث إذا كان عمدا ظلما ، ولا يمنع لو كان خطأ.

______________________________________________________

بالموت أو القتل ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر ، وهو أشبه.

وقال في النهاية : نعم ، وهو يشكل ، لتقسيم مال الحي بغير دليل ، على أن له تشبثا بالإسلام ، بحيث لو أسلم وزوجته في العدة ، يرجع إليها.

ولو مات على الكفر ، ولا وارث مسلما له ، فميراثه للإمام على الأظهر ، ذهب إليه الشيخ في كتب الفتاوى وأتباعه عليه.

وقال في الاستبصار : يكون لولده الكفار مع عدم المسلمين ، وهو تأويل لما رواه ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن رجل (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : نصراني أسلم ، ثم رجع إلى النصرانية ، ثم مات؟ قال : ميراثه لولده النصارى ، ومسلم تنصر ، ثم مات؟ قال : ميراثه لولده المسلمين (2).

وفي التأويل ضعف ، وحملها في النهاية على التقية وقد أورد الرواية ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ولم يرسلها (3) وأفتى عليها في المقنع.

والعمل على الأول ، وحمل الرواية على التقية قريب ، أو نطرحها لإرسالها ، أو لكونها منافية للأصل.

« قال دام ظله » : وأما القتل فيمنع الوارث من الإرث ، إذا كان عمدا ظلما ، ولا يمنع لو كان خطأ ، وقال الشيخان : يمنع من الدية حسب.

ص: 425


1- ليس في الوسائل لفظة (عن رجل) مع أنه نقلها عن الشيخ ره.
2- الوسائل باب 6 حديث 1 من أبواب موانع الإرث (ج 17).
3- راجع الفقيه باب ميراث أهل الملل الرواية 14 (ج 4 ص 245).

______________________________________________________

لا خلاف أن القاتل عمدا ظلما محجوب من الإرث ، وإنما اختلفت الروايات في القاتل خطأ ، فقال المفيد في المقنعة : يرث مطلقا ، وكذا قال الشيخ في أول باب ميراث القاتل من النهاية.

عملا برواية عاصم بن حميد الحناط ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : إذا قتل الرجل أمه خطأ ورثها ، وإذا قتلها متعمدا فلا يرثها (1).

ورواية عبد اللّه بن سنان ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل قتل أمه أيرثها؟ قال : إن كان خطأ ، ورثها ، وإن كان عمدا لم يرثها (2).

ثم قال في النهاية : وقد روي أنه لا يرث ، وإن كان خطأ (3) وقد كان شيخنا المفيد ، يحملها على أنه لا يرث من الدية ، ويرث من التركة ، جمعا بين الأخبار ، وعلى هذا أعمل ، لأنه أحوط ، هذا آخر كلامه في النهاية.

وعليه فتواه في الخلاف ، وفتوى المرتضى في الانتصار ، استنادا إلى الإجماع ، وعليه أتباعهم والمتأخر وأبو الصلاح.

ويؤيده ما رواه محمد بن سعيد الدارقطني ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد اللّه بن عمرو ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، وذكر حديثا فيه : فإن قتل أحدهما صاحبه عمدا ، فلا يرث من ماله ولا من ديته ، وإن قتله خطأ ورث من ماله ، ولا يرث من ديته (4).

فأما رواية المنع ، فهي ما رواها حماد بن عثمان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي

ص: 426


1- الوسائل باب 9 حديث 1 من أبواب موانع الإرث.
2- الوسائل باب 9 حديث 2 من أبواب موانع الإرث.
3- لاحظ الوسائل باب 9 حديث 3 و 4 من أبواب موانع الإرث.
4- الخلاف للشيخ قده مسألة 22 من كتاب الفرائض.

وقال الشيخان : يمنع من الدية حسب.

ولو اجتمع القاتل وغيره فالميراث لغير القاتل وإن بعد ، سواء تقرب بالقاتل أو بغيره ، ولو لم يكن وارث سوى القاتل فالإرث للإمام عليه السلام.

وهنا مسائل

(الأولى) الدية كأموال الميت يقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه وإن قتل عمدا إذا أخذت منه الدية.

وهل للديان منع الوارث من القصاص؟ الوجه : لا ، وفي رواية : لهم المنع حتى يضمن الوارث الدين

______________________________________________________

عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يقتل الرجل بولده إذا قتله ، ويقتل الولد بوالده إذا قتل والده ، ولا يرث الرجل أباه (الرجل خ ئل) إذا قتله وإن كان خطأ (1).

وما حمل عليه من منعه من الدية ، وجه قريب ، واستحسنه الشيخ في النهاية والاستبصار.

« قال دام ظله » : وهل للديان منع الوارث عن (من خ) القصاص؟ الوجه لا ، وفي رواية : لهم المنع حتى يضمن الوارث الدين.

هذه رواها أبو بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل قتل ، وعليه دين ، وليس له مال ، فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله ، وعليه دين؟ فقال : إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل ، فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل ، ضمنوا الدية للغرماء وإلا فلا (2).

ص: 427


1- الوسائل باب 9 حديث 3 من أبواب موانع الإرث.
2- الوسائل باب 59 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس وباب 24 حديث 2 من أبواب الدين والقرض.

(الثانية) يرث الدية من يتقرب بالأب ذكرانا وإناثا ، والزوج والزوجة.

ولا يرث من يتقرب بالأم.

______________________________________________________

وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، في باب قضاء الدين عن الميت.

والرواية نادرة الورود ، ضعيفة السند ، مخالفة للأصل المسلم ، وهو كون القتل العمد موجبا للقصاص ، منافية لقوله تعالى ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) (1) ومستلزمة للاجتراء على القتل ، اعتمادا على منع الديان من القصاص ، وهو مضاد لقوله تعالى ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ) (2).

فالأولى إسقاطها ، والتمسك بالأصل ، المستلزم لعدم منع الديان من القصاص ، ولهذا قال دام ظله : (الوجه لا) وعليه المتأخر.

لكن توهم (3) هنا أن الشيخ استند في الفتوى إلى ما رواه صفوان بن يحيى ، عن عبد الحميد بن سعيد ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام ، عن رجل قتل وعليه دين ، ولم يترك مالا ، فأخذ أهله الدية من قاتله ، أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال : نعم ، قلت : وهو لم يترك شيئا ، قال : إنما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا عنه الدين (4).

فطفق في التأويل على وفق اختياره.

وهو وهم ، وقلة الاطلاع على النقل ، وذكرت هذا تنبيها لئلا يغتر (يعتبر خ) بكلامه (5).

« قال دام ظله » : ولا يرث من يتقرب بالأم ، وقيل : يرثها من يرث المال.

والقول الأول للشيخين في النهاية والمقنعة ، ومستنده روايات ، منها ما رواه ابن

ص: 428


1- الإسراء - 33.
2- البقرة - 179.
3- الظاهر كونه بصيغة المعلوم ، يعني توهم المتأخر.
4- الوسائل باب 24 حديث 1 من أبواب الدين والقرض ، بالسند الخامس.
5- يعني لئلا يجعل كلامه معتبرا ومحلا للاعتماد.

وقيل : يرثها من يرث المال.

(الثالثة) إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوى الإمام عليه السلام فله القود أو الدية مع التراضي ، وليس له العفو. وقيل : له العفو.

______________________________________________________

محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : قضى أمير المؤمنين عليه السلام ، إن الدية يرثها الورثة ، إلا الإخوة (من الأم خ) والأخوات من الأم ، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا (1).

(ومنها) ما رواه عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال : الدية يرثها الورثة على فرائض الميراث إلا الإخوة من الأم ، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا (2).

ومثلها ، عن علي بن رباط ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

وعليه أتباعهما ، والمتأخر في كتاب الميراث.

والقول الثاني للشيخ في المبسوط والخلاف ، مستدلا بالإجماع ، واختاره المتأخر في كتاب الجنايات ، تمسكا بقوله تعالى : ( وَأُولُو الْأَرْحَامِ ) ... الآية (4) وهو أشبه بالنظر إلى عموم الآيات ، والأول أكثر في الفتاوى ، اعتبارا للروايات.

« قال دام ظله » : إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث ، سوى الإمام عليه السلام ، فله القود أو الدية مع التراضي ، وليس له العفو ، وقيل : له العفو.

وهو مذهب الأصحاب وبه روايتان (إحداهما) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن

ص: 429


1- الوسائل باب 10 حديث 2 من أبواب موانع الإرث.
2- الوسائل باب 10 حديث 4 من أبواب موانع الإرث.
3- الوسائل باب 10 حديث 5 من أبواب موانع الإرث ، ولفظه هكذا : قال ، لا يرث الإخوة من الأم من الدية شيئا.
4- الأنفال - 75 ، الأحزاب - 6.

______________________________________________________

أبي ولاد الحناط ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يقتل وليس له ولي إلا الإمام عليه السلام : إنه ليس للإمام عليه السلام أن يعفو ، له (وله خ) أن يقتل ، أو يأخذ الدية ، فيجعلها في بيت مال المسلمين ، لأن جناية المقتول كانت على الإمام ، وكذلك تكون ديته لإمام المسلمين (1).

وفي أخرى عنه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أيضا (في حديث) وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية ، وليس له أن يعفو (2).

وما أعرف فيه مخالفا إلا المتأخر ، فإنه ذهب إلى جواز العفو ، واختصاصه بالدية ، من غير أن يجعلها في بيت مال المسلمين ، تمسكا (بأن) الإمام ولي المقتول ، ووارثه لو مات ، والدية يرثها من يرث المال ، إلا كلالة الأم.

و (بأن) جنايته على الإمام عليه السلام ، لأن عاقلته ، فكذا ميراثه المستلزم لجواز العفو (وادعى) أن الشيخ رجع عن مقالته في بعض الكتب ، ولم يعين.

وفي الكل ضعف ، أما قوله : (الإمام ولي المقتول) قلنا : إن عنيت بالولي أن له أن يقتص عن المقتول ، فلا مشاحة فيه ، لأن هذا حد مفوض إيقاعه إليه ، ولكن لا يتم الدليل بهذا القدر ، وإن عنت به أعم من هذا ، بحيث يدخل فيه أن له الصلح على الدية والعفو عنها ، فالثاني غير مسلم.

مستند الأول (3) إن جواز أخذ الدية ، يتعلق بمصالح المسلمين ، وهو عليه السلام قائم بمصالحهم ، فله أن يقتص ، لأنه صاحب الحدود ، يصالح (يصطلح خ) على الدية ، ويتركها في بيت مال المسلمين ، لأنه قائم به ، والتخيير مستفاد من الشرع ، ومستنده الإجماع هنا.

ص: 430


1- الوسائل باب 60 حديث 2 من أبواب القصاص في النفس (ج 19).
2- الوسائل باب 60 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس (ج 19).
3- يعني بالأول ما ذكره ره بقوله : إن عنيت بالولي.

وأما الرق فيمنع في الوارث والموروث. ولو اجتمع مع الحر فالميراث للحر دونه ولو بعد وقرب المملوك ، ولو أعتق على ميراث قبل قسمته (القسمة ج) شارك إن كان مساويا وحاز الإرث إن كان أولى.

ولو كان الوارث واحدا فأعتق الرق لم يرثه (لم يرث خ) وإن كان أقرب لأنه لا قسمة (له خ).

ولو لم يكن وارث سوى المملوك أجبر مولاه على أخذ قيمته وينعتق ليحوز الإرث.

______________________________________________________

ومنع الثاني (1) لاستلزام العفو هدر دم المسلم المنهي عنه ، لقوله (بقوله خ) عليه السلام : لا يطل (يبطل ئل) دم امرء مسلم (2) وملزوم المنهي عنه منهي ، فالعفو منهي.

قوله : (والإمام وارثه لو مات) قلنا : لا نسلم ، بل له ميراث من لا وارث له.

سلمنا ذلك لكن لا نسلم أنه عليه السلام يرث من الدية ككلالة الأم ، فإن استندت فيها إلى الرواية ، فكذا نحن هنا ، وإن استندت إلى الإجماع ، نمنع ، لوجود الخلاف ، وقد قدمناه.

ومفهوم قولهم : (الدية يرثها من يرث المال) أن الدية لا يرثها إلا من يرث المال ، لأن كل من يرث المال يرث الدية.

قوله : (جنايته على الإمام ، لأنه عاقلته ، فكذا ميراثه) قلنا : ما الملازمة؟ وأما دعوى النقل عن الشيخ لا يصححها إلا الوجود.

« قال دام ظله » : ولو لم يكن وارث سوى المملوك ، أجبر مولاه على أخذ

ص: 431


1- يعني بالثاني ما ذكره ره بقوله : وإن عنيت به أعم من هذا.
2- راجع الوسائل باب 8 من أبواب دعوى القتل من كتاب القصاص ج 19 ، ويستفاد هذا المضمون من سنن أبي داود ج 4 ص 179 (باب في ترك القود بالقسامة من كتاب الديات).

______________________________________________________

قيمته ، وينعتق ، ليحوز الإرث ، ولو قصر المال عن قيمته لم يفك ، وقيل : يفك ويستسعى (يسعى خ) في باقيه ، ويفك الأبوان والأولاد ، دون غيرهما (وقيل) : يفك ذو القرابة ، وبه رواية ضعيفة ، وفي الزوج والزوجة تردد.

(قلت) : علق الحكم على المملوك ، ثم خصصه بالأبوين والأولاد ، وذكر الخلاف ، ففي العبارة إبهام ما.

بل العبارة المهذبة ، أن يقال ، ولو لم يخلف الميت سوى المملوك ، أجبر مولاه على بيعه ، إن كان أحد أبوي الميت أو أولاده ، اتفاقا منا ، ويفك و (قيل) : يفك ذو القرابة ، على رواية ، وقيل : والزوجان ، وفيه تردد.

فأقول : إذا خلف الميت من له أهلية استحقاق الإرث ، فلا يخلو (إما) أن يكون حرا (أو) مملوكا ، فعلى الأول والثاني محجوب ، وقد ذكر حكمه في مواضعه.

والثاني لا يخلو (إما) أن تفي التركة بقيمته (أو) تقصر ، فعلى الأول ، لا يخلو (إما) أن يكون الأبوين أو الأولاد أو غيرهما.

فالأول يجبر مولاه على البيع ويعتق ، ليحوز الإرث اتفاقا.

وكذا الثاني ، وقال سلار : ولا يعتق سوى الأبوين.

وفي الثالث خلاف بين الثلاثة (1) ، قال الشيخ في النهاية والمبسوط ، وتبعه الراوندي وأبو الصلاح : يعتق ذو القرابة واقتصر المفيد والمرتضى على العمودين ، واختاره المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، وهو أصح.

(لنا) على الأول ، الإجماع و (على الثاني) الأخبار ، منها ما رواه ابن أبي عمير ، عن بكار ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل مات ، وترك ابنا له مملوكا ، ولم يترك وارثا غيره ، وترك مالا ، فقال : يشتري الابن ويعتق

ص: 432


1- يعني بالثلاثة : المفيد ، والشيخ الطوسي ، والسيد المرتضى ، قدس اللّه أسرارهم.

______________________________________________________

ويورث ما بقي من المال (1).

وما رواه الفضل بن شاذان ، عن أبي ثابت ، عن حنان بن سدير ، عن ابن أبي يعفور ، عن إسحاق بن عمار ، قال : مات مولى لعلي عليه السلام ، فقال : انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل : إن له ابنتين باليمامة مملوكتين ، فاشتراهما من مال الميت ، ثم دفع إليهما بقية الميراث (2).

وما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يموت وله ابن مملوك ، قال : يشترى ويعتق ، ثم يدفع إليه ما بقي (3).

ثم نقول مقتضى الأصل ، منع الإجبار على البيع ، ولقوله صلى اللّه عليه وآله : الناس مسلطون على أموالهم (4).

ترك العمل به في العمودين ، للدليلين ، وعمل به في الباقي.

فإن استدل الشيخ لذي القربى (القرابة خ) بما رواه أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا مات الرجل وترك أباه وهو مملوك ، أو أمه وهي مملوكة ، أو أخا أو أختا ، وترك مالا والميت حر ، اشتري مما ترك أبوه أو قرابته ، وورث ما بقي من المال (5).

وبما رواه محمد وأحمد ابنا الحسن ، عن أبيهما ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا مات الرجل وترك أباه وهو مملوك أو أمه وهي مملوكة أو أخاه أو أخته ، وترك مالا ، والميت حر ، اشتري مما

ص: 433


1- الوسائل باب 20 حديث 10 من أبواب موانع الإرث.
2- الوسائل باب 20 حديث 8 من أبواب موانع الإرث.
3- الوسائل باب 20 حديث 4 من أبواب موانع الإرث.
4- عوالي اللئالي ج 1 ص 222 و 457.
5- الوسائل باب 20 حديث 3 من أبواب موانع الإرث.

ولو قصر المال عن قيمته لم يفك.

وقيل : يفك ويسعى في باقيه ، ويفك الأبوان والأولاد دون غيرهما.

وقيل : يفك ذو القرابة.

وفيه رواية ضعيفة.

وفي الزوج والزوجة تردد.

ولا يرث المدبر ولا أم الولد ولا المكاتب المشروط ، ومن تحرر بعضه يرث ويورث باقيه من الحرية ، ويمنع بما فيه من الرقية.

______________________________________________________

ترك أبوه أو قرابته ، وورث ما بقي من المال (1).

أجبنا (2) بالطعن في السند ، فإن ابني الحسن فطحيان ، وهما ابنا الحسن بن علي بن فضال ، وفي عبد اللّه بن بكير قدح ، على أنهما مرسلتان ، ورجالهما واحد.

وأما الزوجان ، فاطرد الشيخ فيهما في النهاية ، حكم ذي القربى ، وهو استناد إلى ما رواه ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : كان علي عليه السلام ، يقول : في الرجل الحر يموت ، وله أم مملوكة ، تشترى من مال ابنها ، ثم تعتق ، ثم يورثها (3).

وحملها في الاستبصار على أنه عليه السلام فعله تبرعا ، لأن له ميراث من لا وارث له.

وتردد فيه شيخنا دام ظله ، نظرا إلى إطلاق الرواية (4) وهي صحيحة ، وتأويل الاستبصار بمقتضى الأصل.

ص: 434


1- الوسائل باب 20 حديث 9 من أبواب موانع الإرث.
2- جواب لقوله قده : فإن استدل الشيخ ... الخ
3- الوسائل باب 20 حديث 1 من أبواب موانع الإرث.
4- يعني رواية سليمان بن خالد الأخيرة.

المقدمة الثالثة : في السهام ، وهي ستة : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.

فالنصف للزوج مع عدم الولد وإن نزل ، وللبنت ، والأخت للأب والأم أو للأب.

والربع للزوج مع الولد وإن نزل ، وللزوجة مع عدمه.

والثمن للزوجة مع الولد وإن نزل.

والثلثان للبنتين فصاعدا ، وللأختين فصاعدا للأب والأم أو للأب.

والثلث للأم مع عدم من يحجبها من الولد وإن نزل ، أو الإخوة ، وللاثنين فصاعدا من ولد الأم.

والسدس لكل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل ، وللأم مع من يحجبها عن الزائد ، وللواحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى.

______________________________________________________

والأوجه التزام الأصل ، والتأويل لأنها واحدة (1).

وأما الثاني من القسم الأول ، وهو أن تقصر التركة عن القيمة ، فلا يجبر المولى على البيع ، وهو مذهب الشيخين ، وسلار والمتأخر وشيخنا دام ظله ، وفي قول يجبر ويسعى العبد في الباقي ، وهو متروك ، والعمل على الأول.

« قال دام ظله » : المقدمة الثالثة ، في السهام ، إلى آخره.

أقول : إذا أردت أن يسهل عليك ضبط مقادير السهام ، فخذ الثلثين والنصف ، وخذ من كل (واحد خ) منهما نصفه ونصف نصفه ، يحصل لك ستة (2) كما ذكره.

ص: 435


1- هكذا في جميع السنخ ، ولعل الصواب لأنهما ، يعني الأصل والتأويل.
2- (أحدها) الثلثان (ثانيها) نصف الثلثين ، وهو الثلث (ثالثها) النصف (رابعها) نصف النصف وهو الربع (خامسها) نصف نصف النصف ، وهو الثمن (سادسها) نصف نصف الثلثين ، وهو السدس.

والنصف يجتمع مع مثله ، ومع الربع والثمن ، ومع الثلث والسدس.

ولا يجتمع الربع مع الثمن.

ويجتمع الربع مع الثلثين والثلث والسدس.

ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس.

ولا يجتمع مع الثلث ، ولا الثلث مع السدس تسمية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : النصف يجتمع مع مثله ، إلى آخره.

أقول : ضابطه أن تأخذ مقادير السهام ، وهي ستة ، وتضرب في ستة ، لأنه المجتمع فيه ، يصعد إلى ستة وثلاثين ، فتسقط ثمانية عشر ، لحصولها من العكس ، فلا فائدة فيها ، فتبقى ثمانية عشر.

فإذا أردت معرفة الاجتماع بينهما واللااجتماع ، فاعتبر الثلثين معهما ومع ما بعدهما على الترتيب ، ثم ما بعدهما معه ، ومع ما بعده حتى الآخر.

(فخذ الثلثين)

فلا يجتمع مع مثله ، لبطلان العول على ما سنذكره ، ولا مع النصف ، لما قلناه.

ويجتمع مع الثلث ، ومثاله ، اثنان من كلالة الأم فصاعدا ، مع الأختين من الأب والأم ، أو الأب فصاعدا.

ومع الربع ، زوج مع بنتين فصاعدا.

ومع السدس ، أب أو أم وبنتان.

ومع الثمن ، زوجة وبنتان فصاعدا.

(ثم تأخذ النصف)

وهو يجتمع مع النصف وما تحته.

فمثال الأول ، زوج وأخت.

والثلث زوج وأم ، أو كلتاها اثنين (اثنتين خ) فصاعدا.

ص: 436

مسألتان

(الأولى) التعصيب باطل ، وفاضل التركة يرد على ذوي السهام عدا

______________________________________________________

والربع أخت وزوجة.

والسدس بنت وأم.

والثمن بنت وزوجة.

(ثم تأخذ الثلث)

فلا يجتمع مع مثله ، لأنه إما نصيب الأم أو كلالتها ، ولا يجتمعان.

ويجتمع مع الربع زوجة وأم أو كلالتها اثنتين.

ولا يجتمع مع السدس ، لأنه إما نصيب الأب أو الأم.

ولا مع الثمن لاقتضاء الثمن وجود الأولاد والثلث عدمهم.

(ثم تأخذ الربع)

فلا يجتمع مع مثله ، لاختصاصه بالزوج والزوجة.

ويجتمع مع السدس أم وزوج مع الولد.

ولا يجتمع مع الثمن ، لاختصاصهما بالزوج والزوجة.

(ثم تأخذ السدس)

فلا يجتمع مع مثله إلا في أب وأم مع الولد.

ويجتمع مع الثمن أم وزوجة مع الولد.

(ثم تأخذ الثمن)

فلا يجتمع مع مثله ، لاختصاصه بالزوجة.

وهذا كله في التسمية ، وإلا ففي الاتفاق قد يجتمع الكل ، وليس له ضابط.

التعصيب

« قال دام ظله » : مسألتان ، الأولى التعصيب باطل ، إلى آخره.

ص: 437

______________________________________________________

عصبة الرجل بنوه وقرابته من أبيه ، وفي الاصطلاح مخصوص بقرابة الأب.

فالتعصيب ، توريث الوارث (الورثة خ) (العصبة خ) مع وجود من هو أقرب منه (أولى به خ) وهو عندنا باطل ، دون الجمهور ، وسنبينه (سنبين خ) في مثال ، بنت وعم أو ابنه ، أو بنت وأخت ، فعندنا المال كله للبنت ، نصفه بالتسمية والباقي (ونصفه خ) بالرد ، وعندهم النصف لها بالتسمية ، والباقي للعم أو ابنه أو الأخت ، ويخصون العم لا العمة ، وكذا في كل موضع تفضل الفريضة على السهام.

(لنا) في المسألة النص والأثر ، أما النص فقوله عز وعلا : وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ (1) ولا شك أن المراد الأقرب فالأقرب ، وقوله تعالى : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) (2) ، شرط في استحقاق الأخت النصف عدم الولد ، فمع الوجود لا يستحق ، حذرا من خلو الشرط عن الفائدة.

وأما الأثر فقوله صلى اللّه عليه وآله : الأقرب يمنع الأبعد (3).

وما رواه من طريقنا عبد اللّه بن بكير ، عن حسين البزاز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المال للأقرب ، والعصبة في فيه التراب (4).

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال : إن في كتاب علي عليه السلام ، إن كل ذي رحم فهو بمنزلة

ص: 438


1- الأحزاب - 5 ، الأنفال - 75.
2- النساء - 176.
3- لم نجد إلى الآن ما بهذا المضمون والذي وجدناه ما نقله في كنز العمال : إن اللّه تعالى يوصيكم بالأقرب فالأقرب (راجع ج 11 ص 4).
4- الوسائل باب 1 حديث 2 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ، ولفظه هكذا : حسين البزاز ، قال : أمرت من يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام ، المال لمن هو؟ للأقرب أو العصبة؟ قال : المال ... الخ.

______________________________________________________

الرحم الذي يجر به ، إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه (1).

(فإن قيل) : في الخبرين ضعف ، وهما معارضان ، بأخبارنا (قلنا) : أخباركم تصلح معارضة على ما سنذكره.

وأما الضعف ، فلا نسلم ، ولو ثبت ، فينجبر بإجماع طائفتنا ، وهو حجة مع تحققه ، ولنا فيه غنية هنا ، والزيادة تبرع.

احتجوا بالنص ، والأثر ، والنظر ، أما الأول فقوله تعالى : ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي ) ، الآية (2).

قالوا : خاف العصبة ، وهي بنوا العم هنا ، قال اللّه وليا لا وليه ، فيدل أن مع الولي ترث العصبة.

وأما الأثر ، فما رواه أبو طالب الأنباري ، عن الفرياني ، والصاغاني ، قالا : حدثنا أبو كريب ، عن علي بن سعيد الكندي ، عن علي بن عابس ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، أنه قال : الحقوا بالأموال الفرائض ، فما أبقت الفرائض فلأولي عصبة ذكر (3).

وما روى عبد اللّه بن محمد بن عقيل ، عن جابر أن سعد بن الربيع قتل يوم أحد وأن النبي صلى اللّه عليه آله زار امرأته ، فجاءت بابنتي سعد بن الربيع ، فقالت : يا رسول اللّه إن أباهما قتل يوم أحد ، وأخذ عمهما المال كله ، ولا تنكحان إلا ولهما مال ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : سيقضي اللّه في ذلك ، فأنزل اللّه تعالى :

ص: 439


1- الوسائل باب 2 حديث 6 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ، وصدره هكذا : قال : إن في كتاب علي عليه السلام : إن العمة بمنزلة الأب ، والخالة بمنزلة الأم ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكل ذي رحم ... الخ.
2- مريم - 5.
3- الوسائل باب 8 حديث 5 من أبواب موجبات الإرث (ج 17 ص 432).

______________________________________________________

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ، حتى ختم الآية ، فدعا النبي صلى اللّه عليه وآله عمهما ، وقال : إعط الجاريتين الثلثين ، واعط أمهما الثمن ، وما بقي لك (1).

وأما النظر ، فهو أن الفرض بالتسمية معلوم ، فالزيادة تكون مخالفة للنص.

والجواب عن الآية ، لا نسلم أن المراد بالموالي بنو العم ، والظاهر أن المراد هم مع غيرهم ، لجواز الخوف من بنات العم أيضا ، لأنهن بسبب الأرحام ، وسؤال الولي إنما كان ، لأنه أحب إلى طبع البشر.

على أنا لا نسلم أن المراد بالولي هو الذكر ، فإن فعيلا يستعمل في المذكر والمؤنث.

وعن الخبر الأول ، بأن فيه ضعفا من وجوه (الأول) اختلاف (باختلاف خ) ألفاظه ، فإنه روي : لأولي رجال ذكر (رحم خ). (الثاني) فقد روي عن طاووس بخلاف ذلك ، وأنه تبرأ من هذا القول ، وكذا ابن عباس.

رواه أبو طالب الأنباري ، عن محمد بن أحمد العزيزي (البربري خ) (البريدي ئل) (التبريزي خ) مرفوعا (2) إلى قارية بن مضرب ، قال : جلست إلى ابن عباس ، وهو بمكة ، فقلت : يا بن عباس : حديث يرويه أهل العراق عنك وعن طاووس مولاك ، يرويه ، إن ما أبقت الفرائض ، فلأولي عصبة ذكر ، فقال : أمن أهل

ص: 440


1- الوسائل باب 8 حديث 8 من أبواب موجبات الإرث ، ورواه أبو داود في سننه ج 3 ص 121 في باب ميراث الصلب بما لفظه : عن جابر بن عبد اللّه ، قال : خرجنا مع رسول اللّه صلى عليه [ وآله ] وسلم حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواق ، فجاءت المرأة بابنتين [ لها ] فقالت : يا رسول اللّه هاتان بنتا ثابت بن قيس ، قتل معك يوم أحد ، وقد استفاء عمهما مالهما وميراثهما كله ، فلم يدع لهما مالا إلا أخذه ، فما ترى يا رسول اللّه؟ فواللّه لا تنكحان أبدا إلا ولهما مال ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم : يقضي اللّه في ذلك ، قال : ونزلت سورة النساء (يوصيكم اللّه في أولادكم) الآية ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم : ادعوا لي المرأة وصاحبها ، فقال لعمهما : اعطهما الثلثين ، واعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك ، قال أبو داود : أخطأ بشرفيه إنما هما ابنتا سعد بن الربيع ، وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة.
2- يعني متصلا سنده إلى قارية بن مضرب.

______________________________________________________

العراق أنت؟ قلت : نعم ، قال : أبلغ من وراك إني أقول : إن قول اللّه عزوجل : آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ، وقوله تعالى : وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وهل هذه إلا فريضتان؟ وهل أبقتا شيئا؟ ما قلت بهذا (هذا ئل) ولا طاووس يرويه علي ، قال قارية بن مضرب : فلقيت طاووسا ، فقال : لا واللّه ، ما رويت هذا على ابن عباس قط ، وإنما الشيطان ألقاه على ألسنتهم (الحديث) (1).

وأيضا هذه ما رويت إلا عن طاووس وحده.

(وعن) الخبر الثاني ، أن عبد اللّه بن محمد بن عقيل ضعيف ، مقدوح فيه عندهم ، لا يحتجون بخبره.

وعن النظر إنا لا نسلم لزوم المخالفة ، لأن الزيادة بالرد لا تنافي التسمية.

وربما استدلوا بقضاء معاذ بن جبل بذلك في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

(والجواب) أنه ليس بحجة.

(فإن قيل) : لم ينكره النبي صلى اللّه عليه وآله (قلنا) : لجواز أنه ما أخبر به ، ولو سلمنا أنه وصله ، فمن أين عرفتم عدم الإنكار؟ فعدم الوصول لا يدل على عدمه.

وأما تخصيصهم العم دون العمة ، فغلط ، يبينه قوله تعالى : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ) ، الآية (2) فالتخصيص مناف لمدلول الآية ، فهو باطل.

ص: 441


1- الوسائل باب 8 حديث 4 من أبواب موجبات الإرث ، وتمامه : قال سفيان (أحد الرواة) : أراب من قبل ابنه عبد اللّه بن طاووس ، فإنه كان على خاتم سليمان بن عبد الملك ، وكان يحمل على هؤلاء حملا شديدا ، يعني بني هاشم.
2- النساء - 7.

الزوج والزوجة ، والأم مع وجود من يحجبها على تفصيل يأتي.

(الثانية) لا عول في الفرائض لاستحالة أن يفرض اللّه سبحانه في مال ما لا يفي به ، بل يدخل النقص على البنت أو البنتين ، أو على الأب أو من يتقرب به ، وسيأتي بيانه إن شاء اللّه.

______________________________________________________

ويمكن أن يستدل بهذا على بطلان القول بالتعصيب أصلا ، من حيث أن هذا من لوازمه ، ومستلزم الباطل باطل ضرورة ، فالتعصيب باطل.

في العول

« قال دام ظله » : الثانية لا عول في الفرائض ، إلى آخره.

العول في اللغة من أسماء الأضداد ، يستعمل (يستعملونه خ) في الزيادة والنقصان ، ويسمى (سمي خ) في الاصطلاح به لزيادة السهام على الأموال (المال خ) وبعبارة أخرى ، لنقصان المال عن السهام ، وهما متساويان ، والاختلاف في اللفظ.

وهو باطل عندنا الإمامية ، خلافا لعامة الفقهاء منهم.

وتحقيق محل النزاع يتبين في مثال.

متوفى خلف زوجا وأختين ، فلا يفي المال بسهامهما ، فهل تعول الفريضة إلى سبعة؟

فعندهم نعم ، وعندنا لا ، بل يأخذ الزوج النصف ، والأختان الباقي ، فعلى هذا يدخل النقص على الأختين حسب ، وعلى قولهم يكون داخلا على الفريقين.

(ولنا) في الاستدلال مسالك (الأول) إجماع أهل البيت عليهم السلام ، وهو حجة ، على ما بين في أصول الفقه.

(الثاني) إدخال النقص مخالف للدليل وكلما (فكلما خ) كان أقل ، كان أولى ،

ص: 442

______________________________________________________

فاقتصرنا على الأختين ، حذرا من تكثير مخالفة الدليل (فإن قيل) : لم خصصتم بالأختين (قلنا) : لعدم القائل بالفصل (بالتفصيل خ).

(الثالث) أدخلنا النقص على الأختين ، لإجماع المخالف والمؤالف ، ولا دليل على الزوج ، فهو باق على الأصل.

(الرابع) الزوج والزوجة لهما فرضان الأعلى والأدون ، وليس للأختين (للبنت خ) والأخت إلا فرض واحد (فرضا واحدا خ) فأدخل النقص عليهما خاصة تساويا بينهم.

(الخامس) الروايات منها ما رواه عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم ، قال : أقراني أبو جعفر عليه السلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وخط علي عليه السلام بيده ، فإذا فيها أن السهام لا تعول (1).

(ومنها) ما رواه محمد بن مسلم والفضل بن يسار وبريد بن معاوية العجلي وزرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : السهام لا تعول أكثر من ستة (2).

(ومنها) ما روي عن علي عليه السلام ، فمن شاء باهلته ، إن الذي أحصى رمل عالج ، ما جعل في مال نصفا وثلثا وربعا (3).

(ومنها) ما رواه الزهري ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، قال : سأل زفر بن

ص: 443


1- الوسائل باب 6 حديث 5 من أبواب موجبات الإرث.
2- الوسائل باب 6 حديث 2 من أبواب موجبات الإرث.
3- الذي وجدناه في الوسائل هو ذيل حديث 9 من باب 6 من موجبات الإرث (في حديث) عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول : إن الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول على ستة لو يبصرون وجهها لم تجز ستة ، ونحوه نقل عن ابن عباس في حديث 12 و 15 منه ولم نجد ما نقله الشارح قدس سره بهذا اللفظ عن علي عليه السلام.

______________________________________________________

أوس البصري ، عبد اللّه بن عباس ، من أعال الفريضة أولا؟ قال : عمر بن الخطاب  - لما التفت الفرائض عنده ، ودفع بعضها - بعضا فقال (قال خ) : واللّه ما أدري أيكم قدم اللّه ، وأيكم أخر (اللّه خ) فأعالها ، فقال له زفر بن أوس : هلا أشرت إليه؟ فقال : هيبة ، وكان امرءا مهيبا (1).

(السادس) القول بالعول يستلزم المحال (للمحال خ) ، ومستلزم المحال محال (أما الأولى) لاستدعائه أن يكون في ستة ، الثلثان والنصف ، وهو محال ، وكذا في كل صورة (وأما الثانية) فمن المسلمات.

واستدلوا بوجوه (الأول) بالقياس على من توفي وعليه دين لجماعة ، والمال لا يفي به ، فيدخل النقص على الجميع بالحصص ، فكذا الإرث.

(الثاني) بالقياس على من وصى لجماعة بحصص معينة ، والمال ينقص عنها.

(الثالث) بالمسألة المنبرية ، وهي ما رواها سماك بن حرب عن عبيدة السلماني ، قال : كان علي عليه السلام على المنبر ، فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين رجل مات وترك ابنتيه وأبويه وزوجته (زوجة ئل) فقال علي عليه السلام : صار ثمن المرأة تسعا (الحديث) (2).

قالوا : وهذا صريح بالعول ، لأن نصيبها ينقص عن الثمن.

(الرابع) بعمل عمر بن الخطاب ، وعدم إنكار الصحابة.

والجواب عن الأول ، المطالبة بالجامع ، بل الفارق موجود ، وهو كون الدين حقا ثابتا في ذمة الميت ، وأصحاب الديون فيه على السوية ، فيدخل النقصان (النقص

ص: 444


1- هذا ملخص ما نقل عن عبد اللّه بن عباس فراجع تفصيليه في الوسائل باب 7 حديث 6 من أبواب موجبات الإرث (ج 17 ص 427).
2- الوسائل باب 7 حديث 14 من أبواب موجبات الإرث (ج 17 ص 429) وقريب منه رواية 13 منه.

______________________________________________________

خ) على جميعهم ، وليس كذا الميراث ، وأيضا أصحاب الديون معوضون عن النقصان في الآخرة ، وليس كذلك أصحاب الفرائض.

(وعن الثاني) بإنا (فإنا خ) لا نسلم دخول النقص في الموصى لهم جميعا ، بل يبدأ بالأول فالأول ، ويدخل النقص على الموصى له أخيرا ، لأنه وصية بما لا يملكه.

(فإن قيل) : فما قولكم لو ذكرتم (ذكرهم خ) جميعا حالة واحده (قلنا) حينئذ لا يكون لكل واحد منهم سهم معين ، بل لجميعهم قدر معين ، فيدخل النقص فيه ، لا على السهام ، فلا نفع لكم فيه.

وهذا الجواب مبني على مذهبنا ، فننزل عن هذا ، ونبين الفارق (فنقول) : تعيين سهام على مال لا يفي بها ، جهل أو قبيح ، وأيا ما كان ، فهو على اللّه تعالى محال ، ولا يستحيل على الموصي (إما) لعدم معرفته (أو) لجواز وقوع القبيح منه.

على أنا قد أبطلنا القول بالقياس ، والجواب تبرع.

(وعن الثالث) أولا بالطعن في الخبر (وثانيا) أنه عليه السلام قال ذلك على سبيل الإنكار ، لا الأخبار ، وذلك لأن هذه المسألة بعينها وقعت في عهد عمر ، فأعالها ، وأشار علي عليه السلام إليه (إلى خ) مذهب الحق فلم يقبل ، فلما سئل بعد ذلك ، أجاب على سبيل الإنكار على من خالفه ، (وثالثا) إن الجواب خرج للتقية.

وبيانه أن القول بالعول ، قد استقر في مذهب القوم ، فلم يمكنه عليه السلام مخالفة ذلك.

(وعن الرابع) بأن عمل عمر لا حجة فيه ، قوله : (فلم ينكر عليه أحد) قلنا : لا نسلم ، روي أن عليا عليه السلام أنكر عليه (1) وأيضا عدم الوصول (العول خ)

ص: 445


1- يمكن استفادة إنكار علي عليه السلام ، من ذيل حديث 5 من باب 7 من أبواب موجبات الإرث فراجع الوسائل الباب المذكور.

وأما المقاصد فثلاثة :

الأول في الأنساب ، ومراتبهم ثلاث :

(الأولى) الآباء والأولاد :
اشارة

فالأب يرث المال إذا انفرد. والأم الثلث والباقي بالرد ، ولو اجتمعا فللأم الثلث وللأب الباقي ، ولو كان له إخوة كان لها السدس ، ولو شاركهما زوج أو زوجة فللزوج النصف وللزوجة الربع ، وللأم ثلث الأصل إذا لم يكن حاجب ، والباقي للأب ، ولو كان لها حاجب كان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له ، ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية ، ولو كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان ، وللأنثى سهم.

ولو اجتمع معهما الأبوان فلهما السدسان والباقي للأولاد ذكرانا كانوا أو إناثا (أو ذكرانا وإناثا خ).

ولو كانت بنتا (بنت خ) فلها النصف ، وللأبوين السدسان ، والباقي يرد أخماسا.

ولو كان من يحجب الأم رد على الأب والبنت أرباعا.

ولو كان (كانت خ) بنتان فصاعدا فللأبوين السدسان ، وللبنتين أو البنات الثلثان بالسوية.

ولو كان معهما أو معهن أحد الأبوين كان له السدس ، ولهما أو لهن الثلثان والباقي يرد أخماسا.

______________________________________________________

لا يدل على عدم الإنكار (سلمنا) أنه لم ينكر ، لكن ليس بدليل ، لأنه يحتمل وجوها سوى الرضا به خوفا وتقية ، مثل ما قال ابن عباس : (هيبة) واعتقاد أن كل مجتهد مصيب ، وجهلا بالفتوى ، وتوقعا (توقيفا خ) (توقفا خ) لإنكار الغير.

ص: 446

ولو كان مع البنت والأبوين زوج أو زوجة كان للزوج الربع ، وللزوجة الثمن ، وللأبوين السدسان ، والباقي للبنت. وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها ، وعلى الأبوين أخماسا.

ولو كان من يحجب الأم رددناه على البنت والأب أرباعا.

ويلحقه مسائل

(الأولى) أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ، ويأخذ

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كان مع البنت والأبوين ، زوج أو زوجة ، إلى آخره.

(قلت) : هذه المسألة لا تتبين (لا تبين خ) إلا بمثالين ، بنت وأبوان وزوج ، فللزوج الربع ، وللأبوين السدسان ، والباقي للبنت ، وهذا يخرج من اثنتي عشر ، لأنه أقل عدد فيه السدس والربع.

(المثال الثاني) تبدل بالزوج الزوجة ، فلها الثمن ، وللأبوين السدسان ، وللبنت النصف ، والفاضل يرد عليها ، وعلى الأبوين إن لم يحجب الأم ، وإلا فعلى الأب والبنت.

والمسألة تخرج من أربعة وعشرين ، ومع تصحيح الرد من مائة وعشرين ، إن لم يكن حجب ، وإلا فمن ستة وتسعين على ما عرفت ، فقوله : (والباقي للبنت) يعني في المثال الأول ، وقوله : (حيث يفضل عن النصف) في المثال الثاني.

(فإن قيل) : لم نسب الفاضل (الفضل خ) إلى النصف ، وهو من الجميع؟ قلت : لما كان النقص على البنت ، فأضاف الفعل (الفضل خ) إليها ، تقاربا ، وهو تسامح في اللفظ.

« قال دام ظله » : أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ، إلى آخره.

في المسألة بين الأصحاب خلاف ، فذهب الشيخان وابنا بابويه وأبو الصلاح وأتباعهم ، إلى أن ولد الولد ، يقوم مقام والده يأخذ نصيبه ، ابنا كان أو بنتا.

ص: 447

______________________________________________________

وذهب المرتضى ، وابن أبي عقيل ، والمصري (البصري خ) منا في كتاب التحرير ، والمتأخر ، إلى أن ولد الولد ولد يأخذ نصيب الولد ، من الابن كان أو من البنت ، والأول أشبه.

(لنا) النظر والخبر ، أما النظران نقول : ولد الولد ليس بولد حقيقة ، فلا يأخذ نصيب الولد ، أما الأولى لأنه لو حلف أحد أنه ليس له ولد وله ولد الولد (ولد خ) فلا يحنث.

(وأيضا) لو قال : أخلع على أحد أولادي ، وله أولاد وأولاد أولاد ، فلا يفهم منه ، إلا أولاد الصلب ، وسبق الفهم دليل على الحقيقة.

وأيضا لو كان ولدا لكان يرث مع أولاد الصلب ، للآية ، لكن لا يرث ، فليس بولد.

(وأما الثانية) فللإجماع ، أعني الإجماع المركب ، هذا عند البحث.

وعند التحقيق يختار أنه ولد حقيقة ، وعليه الأكثر ، لكن لا يلزم منه أن يأخذ مثل ولد الصلب ، لأنه يرث بغير وسط ، بخلاف ولد الولد.

وأما الخبر فما رواه الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : بنات البنت (الابنة خ) يقمن مقام البنت (الابنة خ) إذا لم يكن للميت بنات ، ولا وارث غيرهن ، وبنات الابن يقمن مقام الابن ، إذا لم يكن للميت ولد ، ولا وارث غيرهن (1).

ومثل هذا رواه الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام ، لفظا بلفظ (2).

وما روي عن علي عليه السلام ، إن كل ذي رحم يأخذ نصيب رحمه الذي

ص: 448


1- الوسائل باب 7 حديث 4 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد (ج 17 ص 450).
2- الوسائل باب 7 حديث 3 من أبواب ميراث الأبوين ، وفيه (مقام البنات) بدل (مقام البنت).

كل فريق نصيب من يتقرب به ، ويقتسمونه (ويقسمونه خ) للذكر مثل حظ الأنثيين ، أولاد ابن كانوا أو أولاد بنت على الأشبه.

ويمنع الأقرب الأبعد ، ويرد على ولد البنت كما يرد على أمه ذكرا كان أو أنثى.

ويشاركون الأبوين كما يشاركهما الأولاد للصلب على الأصح.

______________________________________________________

يمت به (1) وهذا الخبر متلقى بالقبول.

وفي معناه ما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر (يمت) به.

استدلوا بوجوه (الأول) أنه يلزم من مذهبكم كون البنت أحسن حالا من الابن في مثل متوفى خلف بنت ابن وعشرين ابنا من بنت ، وهو مخالف لمدلول الآية.

(الثاني) يلزم منه كون البنت مساوية للابن ، وهو في مثل من خلف ابن بنت وبنت بنت.

(الثالث) يلزم أن لا تأخذ البنت الواحد ، النصف ، ولا البنتان الثلثين ، وهو إذا كن للابن ، ولهم على هذا النمط (النظر خ) حجج أخر (أخرى خ).

والجواب عن الكل إنا نلتزم ما ذكر ثم ، ولا محال ، وتخصيص الآية بعد الواسطة ، كما خصصتم أنتم ، إذا اجتمع ولد الصلب ، وولد الولد.

« قال دام ظله » : ويشاركون الأبوين ، كما يشاركهم الأولاد للصلب ، على الأصح.

قوله : (على الأصح) تنبيه على مخالف ، وهو محمد بن علي بن بابويه ، ذهب إلى

ص: 449


1- الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب موجبات الإرث ، وفيه : إن في كتاب علي أن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به ، إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه ، ونحوه في حديث 9 من باب 5 من أبواب ميراث الإخوة مع صدر وذيل للحديث فراجع ج 17 ص 487.

(الثانية) يحبى الولد الأكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك ، ولو كان الأكبر بنتا أخذه الأكبر من الذكور ويقضي عنه ما تركه من صلاة وصيام. وشرط بعض الأصحاب أن لا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.

______________________________________________________

إن أولاد الأولاد لا يشاركون الآباء ، تمسكا بروايتي الفضل بن شاذان والحسن بن محبوب (1) بقوله : (ولا وارث غيرهن).

وقال الشيخ في التهذيب : هذا غلط ، لأن المراد ، إذا لم يكن وارث غيرهن من  أولاد الصلب.

وباقي الأصحاب على أنهم يشاركون ، وهو المختار ، وحملهم على الجد ضعيف ، لعدم الملازمة.

ويلحق مسائل

« قال دام ظله » : الثانية يحبى الولد الأكبر ، بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه ، إذا خلف الميت غير ذلك ، إلى آخره.

قلت : اختصاص الأكبر بشئ ، مخالف للأصل ، لكن الأصحاب جوزوا ذلك ، اعتمادا على الروايات.

ولكونها مخالفة للأصل اختلف عباراتهم ، فأما الشيخ أفتى على ظاهر ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد (بن عيسى ئل) عن حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا هلك الرجل ، وترك ابنين ، فللأكبر السيف والدرع والخاتم.

ص: 450


1- (الأولى) عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (والثانية) عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام ، راجع الوسائل باب 7 حديث 4 و 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد وقد تقدمتا (ج 17 ص 449 وص 450).

(الثالثة) لا يرث مع الأبوين ولا مع الأولاد جد ولا جدة ولا أحد من ذوي القرابة ، لكن يستحب للأب أن يطعم أباه وأمه السدس من أصل

______________________________________________________

والمصحف ، فإن حدث به حدث ، فللأكبر منهم (1).

وما رواه ابن أبي عمير ، عن ربعي بن عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا مات الرجل فللأكبر من ولده سيفه ومصحفه وخاتمه ودرعه (2).

وفي أخرى ، عن ربعي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا مات الرجل ، فسيفه وخاتمه ومصحفه وكتبه ورحله وراحلته وكسوته لأكبر ولده ، فإن كان الأكبر بنتا (ابنة ئل) فللأكبر من الذكور (3).

والمراد بالكسوة ثياب البدن ، لا سائر الثياب (الأثوبة خ).

وقال علم الهدى : يعطى ويحتسب من نصيبه بالقيمة.

وكأنه جمع بين الروايات (4) وفيه بعد ، مع تسليم الروايات.

وقال أبو الصلاح : ومن السنة أن يحبى الولد بسيفه ومصحفه وخاتمه وثياب مصلاه.

وفيه إجمال ، فإن أراد بالسنة الوجوب ، فهو وفاق للشيخ ، وإن أراد الاستحباب ، فنطالبه من أين قاله؟

وصرح ابن الجنيد منا بالاستحباب ، والفتوى على مذهب الشيخ ، إلا أنه شرط أن لا يكون سفيها ، ولا فاسد الرأي.

ومنشأه غير معلوم ، واختار بعض ، فضلاء الوقت ، الاستحباب أو (و خ) مذهب المرتضى على الأحوط.

ص: 451


1- الوسائل باب 3 حديث 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
2- الوسائل باب 3 حديث 2 و 1 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
3- الوسائل باب 3 حديث 2 و 1 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
4- في بعض النسخ : الروايات والآيات ، ولعل المراد حينئذ عموم آيات الإرث.

التركة بالسوية ، إذا حصل له الثلثان ، وتطعم الأم أباها وأمها النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لأحدهما نصيبه الأعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.

ولا طعمة لأحد الأجداد إلا مع وجود من يتقرب به.

(الرابعة) لا يحجب الإخوة الأم إلا بشروط أربعة :

أن يكون أخوين أو. أخا وأختين أو أربع إخوة فما زاد ، لأب وأم أو لأب مع وجود الأب غير كفرة ولا رق.

وفي القتلة قولان ، أشبههما : عدم الحجب.

وأن يكونوا منفصلين لا حملا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : (في مسألة الحجب) : وفي القتلة ، قولان ، أشبههما عدم الحجب.

شرط الشيخ وأتباعه والمتأخرون وبعض الفضلاء في أن الإخوة يحجبون الأم ، بأن (أن خ) لا يكونوا ممنوعين من الإرث لكونهم (بكونهم خ) مملوكين أو كفارا أو قاتلي الميت.

وقال المفيد وابنا بابويه : إنما يحجب الإخوة للأب ، لأنهم عياله وعليه نفقتهم ، والعلة مروية.

فعلى هذا ، القاتل يحجب ، لأن نفقته غير ساقطة ، بخلاف الكافر والمملوك.

وما شرط سلار إلا عدم الكفر والرق ووجود الأب.

وقوله دام ظله : (أشبههما عدم الحجب) كأنه نظر إلى استصحاب (الاستحباب خ) الأصل.

ولقائل أن يقول : هذا الأصل منقطع بقوله تعالى : ( فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ

ص: 452

(المرتبة الثانية) الإخوة والأجداد :
اشارة

إذا لم يكن أحد الأبوين ولا ولد وإن نزل ، فالميراث للإخوة والأجداد.

فالأخ الواحد للأب والأم يرث المال ، وكذا الإخوة ، والأخت إنما ترث النصف بالتسمية ، والباقي بالرد.

وللأختين فصاعدا الثلثان بالتسمية ، والباقي بالرد.

ولو اجتمع الإخوة والأخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان ، وللأنثى سهم.

وللواحد من ولد الأم السدس ذكرا كان أو أنثى.

وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا أو إناثا أو ذكرانا وإناثا.

ولا يرث مع الإخوة للأب والأم ولا مع أحدهم أحد من ولد الأب ،

______________________________________________________

السُّدُسُ ) (1) وبعموم روايات الحجب (2) فأما التخصيص بالكافر والمملوك ، لما رواه ابن أبي يعفور ، عن الفضل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المملوك والمملوكة ، هل يحجبان إذا لم يرثا؟ قال : لا (3).

ولما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوك ، والمشرك يحجبان إذا لم يرثا؟ قال : لا (4) ، فالأشبه الحجب.

ص: 453


1- النساء - 6.
2- راجع الوسائل باب 7 من أبواب موانع الإرث.
3- الوسائل باب 14 حديث 2 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ج 17 ص 459.
4- الوسائل باب 14 حديث 1 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

لكن يقومون مقامهم عند عدمهم. ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.

ولو اجتمع الكلالات كان لولد الأم السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كانوا أكثر ، والباقي لولد الأب والأم. ويسقط أولاد الأب فإن أبقت الفريضة فالرد على كلالة الأب والأم.

ولو أبقت الفريضة مع ولد الأم وولد الأب ، ففي الرد قولان ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أبقت الفريضة مع ولد الأم وولد الأب ، ففي الرد قولان ، إلى آخره.

يريد بولد الأم ، كلالتها ، أخا كان أو أختا أو هما ، وبولد الأب ، الأخت ، وإنما تبقى الفريضة ، إذا كانت الورثة ، كلالة الأم وأختا من الأب ، فتأخذ كلالة الأم نصيبها السدس أو السدسين ، والأخت ، النصف ، فيبقى السدس أو السدسان على حسب كلالة الأم ، وقد يفضل مع الأختين من الأب وواحد من كلالة الأم السدس.

وإذا تقرر هذا ، فهل يرد الباقي عليهما أو على كلالة الأب خاصة؟ قال في النهاية : يرد على الأخت من الأب خاصة ، وعلل بأنه لما كان النقص يدخل عليها ، فكذلك الرد جبرا.

وهو اعتماد على ما رواه الحسن بن فضال ، مرفوعا (1) إلى محمد بن مسلم ، قال سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن ابن أخت لأب ، وابن أخت لأم؟ قال : لابن الأخت من الأم ، السدس ، ولابن الأخت من الأب ، الباقي (2).

ص: 454


1- يعني متصلا سنده إلى محمد بن مسلم.
2- الوسائل باب 5 حديث 11 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ، وسنده كما في الاستبصار هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم.

(أحدهما) يرد على كلالة الأب ، لأن النقص يدخل عليهم ، مثل أخت لأب ، مع واحد أو اثنين فصاعدا من ولد الأم ، أو أختين لأب ، مع واحد من ولد الأم. (والآخر) يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما ، وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لأب كان أو لأم.

وكذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة ، فإن كانا لأب فلهما المال ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كانا لأم فالمال بالسوية.

وإذا اجتمع الأجداد المختلفون ، فلمن يتقرب بالأم الثلث على الأصح ، واحدا كان أو أكثر ، ولمن تقرب بالأب الثلثان ولو كان واحدا.

______________________________________________________

والتعليل ضعيف ، لعدم اطراده ، ألا ترى أن الأبوين يرد عليهما مع البنت ، ومع هذا يدخل النقص عليها (1) وفي الرواية قدح ، منشأه ابن فضال ، وهي مخالفة للأصل.

فالوجه ما اختاره الشيخ في المبسوط ، قال : إن الباقي يرد عليهما ، وفي أصحابنا من قال : يرد على الأخت من الأب ، والأول أصح ، هذا آخر كلامه ، وهو اختيار شيخنا دام ظله ، والمتأخر ، وهو أشبه ، لتساويهما في الدرجة ، ولا دليل على التخصيص.

« قال دام ظله » : وإذا اجتمع الأجداد المختلفون ، فلمن تقرب بالأم الثلث ، على الأصح ، واحدا كان أو أكثر.

قوله : (على الأصح) تنبيه) على وجود مخالف منا ، وهو أبو الصلاح الحلبي ، ذهب

ص: 455


1- أي على البنت.

ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذ النصيب الأعلى. ولمن يتقرب بالأم ثلث الأصل ، والباقي لمن يتقرب بالأب.

والجد الأدنى يمنع الأعلى.

وإذا اجتمع معهم الإخوة والأخوات ، فالجد كالأخ ، والجدة كالأخت.

مسألتان

(الأولى) لو اجتمع أربعة أجداد لأب ، ومثلهم لأم كان لأجداد الأم الثلث بينهم أرباعا ، ولأجداد الأب وجداته الثلثان ، لأبوي أبيه ثلثا الثلثين أثلاثا ، ولأبوي أمه الثلث أثلاثا أيضا ، فيصح من مائة وثمانية.

______________________________________________________

إلى أن للواحد من كلالة الأم السدس ، أخا كان أو أختا ، جدا كان أو جدة.

وما أعرف من أين قاله؟ وباقي الأصحاب على أن للجد الثلث ، واحدا كان أو أكثر ، وبه عدة روايات ، وانعقد عليها العمل.

« قال دام ظله » : لو اجتمع أربعة أجداد لأب ، ومثلهم لأم ، كان لأجداد الأم الثلث بينهم أرباعا ، ولأجداد الأب وجداته ، الثلثان ، إلى آخره.

يريد بالأجداد ، أجداد أب الميت ، لا أجداد الميت الأدنين ، لأنهم لا يزيدون على أربعة.

ووجه القسمة أن يأخذوا أجداد الأم الثلث ، ويكون بينهم بالسوية ، على القضية المسلمة ، وأجداد الأب الثلثين للذكر مثل حظ الأنثيين.

فأصحاب الفرائض ، أجداد الأم ، ويطلبون الثلث ، فيأخذ أقل عدد له ثلث وهو ثلاثة لا تنقسم عليهم ، فتضربها في عدد المنكسر عليهم ، وهو أربعة ، ترتقي إلى اثني عشر ، فلأجداد الأم منها الثلث ، وهو أربعة ، تنقسم عليهم ، لكن الباقي وهو ثمانية

ص: 456

(الثانية) الجد وإن علا يقاسم الإخوة والأخوات ، وأولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الأجداد والجدات ، ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به. ثم إن كانوا أولاد إخوة أو أخوات لأب اقتسموا المال ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كانوا لأم اقتسموا بالسوية.

______________________________________________________

لا تنقسم على أجداد الأب ، لأن سهامهم ستة ، وبينها وبين الثمانية اشتراك بالنصف ، فتضرب نصف الستة لأنها عدد المنكسر عليهم في أصل المال ، وترتقي إلى ستة وثلاثين وسهام أجداد الأب أيضا لا تنقسم عليهم ، فتضرب تارة أخرى ثلاثة في ستة وثلاثين ، ترتقي إلى مائة وثمانية ، فمنها تصح القسمة.

وبطريقة أخرى ، على رأي البعض ، تطلب أقل عدد له ثلث ولثلثيه ثلث ، لأن أجداد الأب يقتسمون للذكر مثل حظ الأنثيين ، وذلك العدد (1) تسعة وثلثها (2) لا ينقسم على أربعة ، فتضربها (3) فيها ترتقي إلى اثني عشر ، فلا تنقسم ثلثا (4) أجداد الأب عليهم ، فتضرب التسعة في اثني عشر ، ترتقي إلى مائة وثمانية ، وهو المطلوب.

« قال دام ظله » : الجد وإن علا يقاسم الإخوة.

هذا ما (لا خ) أعرف فيه مخالفا من الأصحاب ، إلا ما ذكره سلار من أن الإخوة والأخوات يمنعون من يتقرب بالجد والجدة.

وهو وهم ، وكأنه نظر إلى أن الآباء لما كانوا مع الأولاد في طبقة ، والأجداد مع الإخوة في طبقة فيلزم أن يكون الجد الأعلى في طبقة أخرى.

ص: 457


1- يعني أقل العدد الذي له ثلث ، ولثلثه ثلث هو تسعة.
2- يعني ثلث التسعة ، وهو الثلاث لا ينقسم على الأجداد الأربعة للأم.
3- يعني تضرب الثلاثة في الأربعة تبلغ اثني عشر.
4- يعني ثلثا الاثني عشر ثمانية ، وهي لا تنقسم على الأجداد الأربعة للأب ، لاختلافهم في السهام بالتثليث ثانيا.
(المرتبة الثالثة) الأعمام والأخوال : للعم المال إذا انفرد.
اشارة

وكذا للعمين فصاعدا.

وكذا العمة والعمتان والعمات.

وللعمومة والعمات ، للذكر مثل حظ الأنثيين.

ولو كانوا متفرقين ، فلمن يتقرب (تقرب خ) بالأم السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية والباقي لمن يتقرب بالأب والأم ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، ويسقط من يتقرب بالأب معهم ، ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا يرث الأبعد مع الأقرب ، مثل ابن خال مع خال أو عم ، أو ابن عم مع خال أو عم ، إلا ابن عم لأب وأم مع عم لأب ، فابن العم أولى.

وللخال المال إذا انفرد.

وكذا للخالين والأخوال والخالة والخالتين والخالات.

ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كان.

ولو كانوا متفرقين ، فلمن تقرب بالأم السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كانوا أكثر والثلثان لمن تقرب (يتقرب خ) بالأب والأم ، ويسقط من تقرب (يتقرب خ) بالأب معهم ، والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث وللأعمام الثلثان.

ولو كان معهم زوج أو زوجة فلهما النصيب الأعلى. ولمن يتقرب بالأم ثلث الأصل ، والباقي لمن يتقرب بالأب.

ص: 458

ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها كان لمن يتقرب بالأم الثلث بينهم أرباعا. ولمن يتقرب بالأب الثلثان ، ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا ، وثلثه لخاله وخالته بالسوية ، على قول.

______________________________________________________

وهو قياس ضعيف ، غير مطرد ، فكيف والجد اسم يقع على الأعلى والأسفل.

« قال دام ظله » : (في اجتماع العمومة والخؤولة) : وثلثه لخاله وخالته بالسوية ، على قول.

هذا القول للشيخ في النهاية (وفيه إشكال) منشأه أن الخال والخالة هنا يتقربان بالأب ، وأقرباء الأب يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما ثبت في الجد والجدة من قبل أبيه (للأم خ).

(فإن قيل) : إنما ورثا بالسوية ، لأنهما للأم (قلنا) : فينتقض بالجد والجدة ، فعليكم بالفارق.

وأجاب شيخنا دام ظله عن هذا الإشكال في نكت النهاية ، بأن للمتقربين بالأب نصيب الأب ، فيقسم نصيبه بينهم ، كما يقسم تركته ، فيكون لعمه وعمته الثلثان ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولخاله وخالته الثلث بالسوية ، ولا كذا في الأجداد ، فإن نصيب أب الميت يقسم بين أبوي أبيه وأبوي أمه أثلاثا ، ويصرف نصيب أمه إلى أبويها أثلاثا ، كما لو ماتت أم الأب ، وتركت أبويها ، فإن لأمها الثلث ، ولأبيها الثلثان.

(ولقائل) أن يقول : في الجواب نظر ، وذلك أنك قررت أن الجد والجدة ، من قبل الأب للأم ، يأخذ نصيب أم أب الميت ، ففرضت موتها ، وأعطيتهما من نصيبها أثلاثا كتركتها ، فكذلك ينبغي أن يعمل في الخال والخالة من قبل الأب ، نفرض موت أم أب الميت ، ونعطيهما أثلاثا ، لأنها أخت لهما كتركتهما.

على أنه يلزم من هذا الجواب ، أن أجداد أم الميت من قبل الأب يرثون للذكر

ص: 459

مسائل

(الأولى) عمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة أبيه وخؤولته.

وكذا أولاد كل بطن أقرب ، أولى من البطن الأبعد.

ويقوم أولاد العمومة والعمات والخؤولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم ، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.

(الثانية) من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالأول كابن عم لأب هو ابن خال لأم ، وزوج هو ابن عم ، وعمة هي خالة لأم.

والثاني كابن عم هو أخ لأم.

(الثالثة) حكم أولاد العمومة والخؤولة مع الزوج والزوجة حكم

______________________________________________________

مثل حظ الأنثيين ، لأنه يفرض أنهما يرثان نصيب (1) أم الميت ، فيقتسمونه كتركته ، لا بالسوية ، لكن هذا منفي بالإجماع ، فلازمه منفي.

وإذا تقرر هذا ، فالأشبه إجراء حكم الخال والخالة مجرى الجد والجدة ، اللّهم إلا أن يقوم على الفرق دليل.

« قال دام ظله » : من اجتمع له سببان ، ورث بهما ، ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالأول كابن عم لأب ، وهو ابن خال لأم ، مثال هذا ، رجل له ابن تزوج بامرأة لها بنت ، فولد الرجل منها ابنا ، ثم زوج ابنه بنتها ، وولد منها ولدا ، فالابن الذي من الرجل والمرأة ، خال وعم لهذا الولد ، فابنه يكون ابن العم وابن الخال ، للولد المذكور.

ص: 460


1- (أب أم الميت خ) (أم أب الميت خ).

آبائهم ، يأخذ من تقرب (يتقرب خ) بالأم ثلث الأصل ، والزوج نصيبه الأعلى ، وما بقي لمن تقرب (يتقرب خ) بالأب.

المقصد الثاني : في ميراث الأزواج :

اشارة

للزوج مع عدم الولد النصف ، وللزوجة الربع ، ومع وجوده وإن نزل نصف النصيب.

ولو لم يكن وارث سوى الزوج رد عليه الفاضل.

وفي الزوجة قولان : (أحدهما) لها الربع والباقي للإمام عليه السلام. (والآخر) يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث : بالرد مع عدم الإمام عليه السلام والأول : أظهر.

وإذا كن أكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج.

وكذا الزوج.

وفي العدة الرجعية خاصة ، لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج ، ولا ترث البائن إلا هنا.

ويرث الزوج من جميع ما تركته المرأة.

وكذا المرأة عدا العقار ، وترث من قيمة الآلات والأبنية ، ومنهم من

______________________________________________________

في ميراث الأزواج

« قال دام ظله » : وفي الزوجة قولان.

أقول : قد مضى هذا البحث ، فلا إعادة.

« قال دام ظله » : وكذا المرأة ، عدا العقار ، وترث من قيمة الآلات والأبنية.

تقدير الكلام : (وكذا المرأة ترث من جميع ما تركه الزوج ، عدا العقار) وحذف

ص: 461

______________________________________________________

ذلك لدلالة ما قبل الكلام عليه وفي المسألة خلاف بين الأصحاب على أربعة أقوال.

قال ابن الجنيد في كتابه الأحمدي في فقه المحمدي : ترث من كل شئ ، تمسكا بعموم القرآن ، وهو متروك.

وقال المفيد : لا تمنع إلا من الرباع والمساكن ، وتعطى قيمة الخشب والطوب والبناء والآلات.

وهو اقتصار على ما رواه العلاء ، عن محمد بن مسلم ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ترث المرأة الطوب ، ولا ترث من الرباع شيئا (الحديث) (1).

وما رواه يزيد الصائغ ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : إن النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئا ، لكن لهن قيمة الطوب والخشب ، قال : فقلت له : إن الناس لا يأخذون بهذا ، فقال : إذا وليناهم ، ضربناهم بالسوط ، فإن انتهوا ، وإلا ضربناهم بالسيف عليه (2).

وما رواه عبد الملك بن أعين ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : ليس للنساء من الدور والعقار شئ (3).

والرباع هي المنازل والعقارات.

وقال الشيخ : وتمنع من الأرضين والقرى والمساكن والرباع ، وتعطى حصتها من الطوب والخشب والآلات والأبنية.

مستدلا بما ذكرناه من الروايات ، وبما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن

ص: 462


1- الوسائل باب 6 حديث 2 من أبواب ميراث الأزواج.
2- الوسائل باب 6 حديث 11 من أبواب ميراث الأزواج ، وفي الكافي : ضربناهم عليه بالسيف ، وليس في التهذيب والاستبصار لفظة (عليه).
3- الوسائل باب 6 حديث 10 من أبواب ميراث الأزواج.

______________________________________________________

أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة وبكير وفضيل وبريد ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، منهم من رواه عن أبي جعفر عليه السلام ، ومنهم من رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ومنهم من رواه عن أحدهما عليهما السلام ، إن المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض ، إلا أن يقوم الطوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها (1).

وبما رواه محمد بن حمران ، عن محمد بن مسلم وزرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، إن النساء لا يرثن من الدور ولا من الضياع شيئا (الحديث) (2).

وفي رواية علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، إن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا ، وترث من المال والرقيق (والفرش خ) (الفرس خ) والثياب ومتاع البيت (الحديث) (3).

وخرج علم الهدى وجها (4) ، تمنع من نفس المنازل والرباع ، وتعطى قيمتها ، وهو جمع بين عموم القرآن ، والرواية المتواترة.

وفيه ضعف ، منشأه أن مع تسليم الروايات ، يجب العمل على ظاهرها.

وإذا تقرر هذا ، فالذي يجب العمل عليه ، هو اختيار المفيد ، لأنه أكثر في

ص: 463


1- الوسائل باب 6 حديث 5 من أبواب ميراث الأزواج.
2- الوسائل باب 6 حديث 13 من أبواب ميراث الأزواج ، وتمامه : إلا أن يكون أحدث بناء فيرثن ذلك البناء.
3- الوسائل باب 6 حديث 12 من أبواب ميراث الأزواج ، وزاد في سنده بعد قوله : (عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام) قوله : (وخطاب أبي محمد الهمداني ، عن طربال بن رجاء ، عن أبي جعفر عليه السلام) وتمام الحديث : ويقوم النقض والجذوع والقصب ، فتعطى حقها منه ، وليس فيه لفظة (الفرش أو الفرس) فراجع ج 17 ص 520.
4- الظاهر أنه هو القول الرابع الذي ذكر الشارح أن في المسألة أقوالا أربعة.

طرد الحكم في أرض المزارع والقرى ، وعلم الهدى يمنعها من العين دون القيمة.

مسألتان

(الأولى) إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للأخيرة ربع الثمن مع الولد أو ربع الربع مع عدمه ، والباقي بين الأربعة بالسوية.

(الثانية) نكاح المريض مشروط بالدخول ، فإن مات قبله فلا مهر

______________________________________________________

الروايات ، وهو القدر المتفق عليه ، وعليه المتأخر.

وهل يشترط في منعها عدم الأولاد؟ قال الشيخ في النهاية ، ومحمد بن علي بن بابويه : نعم ، استنادا إلى رواية ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، في النساء ، إذا كان لهن ولد ، أعطين من الرباع (1).

وأطلق في الاستبصار المنع ، وجعل الشرط حكاية عن ابن بابويه ، وهو أشهر ، عملا بظواهر الروايات ، ورواية ابن أبي عمير واحدة ، غير مسندة ، قلية الورود ، فلا تعارض رواياتنا ، ولا يخصصها ، وهي معارضة بما رواه ، هو عن ثقات ، وقد قدمناه.

« قال دام ظله » : إذا طلق واحدة من أربع ، وتزوج أخرى ، إلى آخره.

أعلم أن مستند هذه المسألة ، رواية علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، ذكرها الشيخ في التهذيب (2).

وعليها فتواه ، وما أعرف لها مخالفا ، إلا المتأخر ، فإنه ذهب إلى القرعة بينهن ، وليس بشئ ، لأنه ليس بمشكل أمره.

ص: 464


1- الوسائل باب 7 حديث 2 من أبواب ميراث الأزواج.
2- راجع الوسائل باب 9 حديث 1 من أبواب ميراث الأزواج ج 17 ص 526.

لها ولا ميراث.

المقصد الثالث : في الولاء ، وأقسامه ثلاثة.

(القسم الأول) ولاء العتق :

ويشترط : التبرع بالعتق وأن لا يتبرأ من ضمان جريرته.

فلو كان واجبا كان المعتق سائبة.

وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة.

ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا ، واشتركوا في المال إن كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم فللأصحاب فيه أقوال ، أظهرها انتقال الولاء إلى الأولاد الذكور دون الإناث ، فإن لم يكن الذكور فالولاء لعصبته.

______________________________________________________

في ميراث الولاء

« قال دام ظله » (في الولاء) : ولو عدم المنعم ، فللأصحاب أقوال ، أظهرها انتقال الولاء ، إلى الأولاد الذكور ، دون الإناث.

اختلف الأصحاب في هذه المسألة على أربعة أقوال ، قال ابن بابويه ، للأولاد الذكور والإناث.

وفي الخلاف ، لمن يتقرب إلى مولاه من جهة الأب ، وهو قريب من الأول ، مستدلا بالإجماع ، وبقوله صلى اللّه عليه وآله : الولاء لحمة كلحمة النسب (1).

ص: 465


1- لم نعثر على هذه العبارة ، نعم روي في كنز العمال : إن الولاء كالرحم ، وفي لفظة : كالنسب لا يباع ولا يوهب (ج 10 ص 338 تحت رقم 29703) وروي أيضا عن علي عليه السلام : قال : الولاء شعبة من النسب (ص 342 تحت رقم 29726).

ولو كان المعتق امرأة فإلى عصبتها دون أولادها ، ولو كانوا ذكورا.

ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.

ولا يصح بيعه ولا هبته

ويصح جره من مولى الأم إلى مولى الأب إذا كان الأولاد مولودين على الحرية.

______________________________________________________

وقال المفيد : للأولاد الذكور دون الإناث ، فإن لم يكن ذكر ، فلعصبة مولاه.

وبه رواية ذكرها الشيخ في باب الزيادات ، في كتاب التهذيب ، عن عبد اللّه بن علي بن عمر بن يزيد ، عن عمه محمد بن عمر ، أنه كتب إلى أبي جعفر عليه السلام ، يسأله عن رجل مات ، وكان مولى لرجل ، وقد مات مولاه قبله ، للمولى ابن وبنات ، فسأله عن ميراث المولى؟ فقال : هو للرجال (للرجل خ) دون النساء (1).

وقال في النهاية : إن كان المعتق رجلا فلأولاده (فللأولاد خ) الذكور دون الإناث ، وإن كان (كانت خ) امرأة فلعصبتها دون أولادها ، وبه تشهد روايات.

والأشبه من الأقوال ، هو الأول ، فيجب أن يكون عليه العمل ، لأن في المسألة خلافا وليس على التخصيص دليل فيتبع الأصل ، وعليه المتأخر.

واختار أتباع الشيخ مذهب النهاية ، وهو أظهر.

« قال دام ظله » : ويصح جره - أي الولاء - من مولى الأم إلى مولى الأب ، إذا كان الأولاد مولودين على الحرية.

هذا هو جر الولاء ، وصورته إن تزوج عبده بمعتقة غير مولاه ، فولاء أولادها منه يكون لمعتقها ، فإن أعتق (عتق خ) جدهم لأبيهم ، انجر الولاء إلى معتقه ، فإن أعتق

ص: 466


1- الوسائل باب 1 حديث 18 (آخر أحاديث الباب) من أبواب ميراث ولاء العتق ، وفيه أنه كتب إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ... الخ.

(القسم الثاني) ولاء تضمن الجريرة :

من توالى إنسانا يضمن حدثه ويكون ولاؤه له يثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن.

ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذور والكفارات أو من لا وارث له.

ولا يرث الضامن إلا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق ، ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى وما بقي له ، وهو أولى من بيت مال الإمام عليه السلام.

(القسم الثالث) ولاء الإمامة :

ولا يرث إلا مع فقد كل وارث عدا الزوجة ، فإنها تشاركه على الأصح.

ومع وجوده فالمال له يصنع به ما شاء.

______________________________________________________

(عتق خ) بعد ذلك أبوهم (1) انجر الولاء إلى معتقه من معتق أبيه ، ولا ينجر منه إلى أحد (آخر خ) لأنه أقرب.

وعلى هذا لو تصاعدت الأجداد ، ينجر من الأعلى إلى الأقرب ولا ينجر من موالي (مولى خ) الأجداد إلى مولى الأم ولا أجدادها.

« قال دام ظله » : القسم الثالث ، ولاء الإمامة ، ولا يرث إلا مع فقد كل وارث ، عدا الزوجة ، فإنها تشاركه على الأصح.

هذا البحث مبني على أن الزوجة إذا انفردت هل يرد عليها الباقي أم لا ، وقد بينا الأصح من الأقوال ، فيما مضى.

ص: 467


1- في نسخة : انجر الولاء من معتق الجد إلى معتق الأب ، ولا ينجر ... الخ. وفي نسخة أخرى : انجر الولاء إلى مولى أبيهم ، ولا ينجر منه إلى أحد ... الخ.

وكان علي عليه السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا ، ومع غيبته يقسم في الفقراء ، ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة فصول :

الأول في ميراث ابن الملاعنة :

اشارة

ميراثه لأمه وولده ، للأم السدس ، والباقي للولد ، ولو انفردت كان

______________________________________________________

في ميراث ابن الملاعنة

« قال دام ظله » : الأول في ميراث ابن الملاعنة.

أقول : في تخصيص الابن بالذكر ، تسامح ، لأن الابن والبنت فيه سواء فلو بدل (الابن) بالولد لكان أشبه.

واعتذر المصنف دام ظله ، بأني اتبعت لفظ الرواية.

قلت : وفي العذر أيضا نظر ، لأن الرواية المشار إليها ، ليست إلا واحدة.

وهي ما رواه سيف بن عميرة ، عن منصور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كان علي عليه السلام ، يقول : إذا مات ابن الملاعنة ، وله إخوة ، قسم ماله على سهام اللّه (1).

وهي حكاية الحال ، وباقي الروايات يتضمن الولد (فمنها) ما رواه زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، إن ميراث ولد الملاعنة لأمه ، فإن كانت أمه ليست بحية (2) فلأقرب الناس إلى أمه ، أخواله (3)

ومثله في غيرها ، فمن أرادها فليطلبها في مظانها (4).

ص: 468


1- الوسائل باب 1 حديث 3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
2- فإن لم تكن أمه حية (الوسائل).
3- الوسائل باب 1 حديث 2 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
4- راجع الوسائل باب 1 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وباب 14 من كتاب اللعان.

لها الثلث ، والباقي بالرد.

ولو انفردت الأولاد فللواحدة (فلبنت الواحدة خ) النصف ، وللاثنتين (وللأنثيين خ) فصاعدا الثلثان ، وللذكران المال بالسوية.

ولو اجتمعوا فللذكر سهمان وللأنثى سهم.

ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى مع عدم الولد وإن نزل ، والأدنى معهم.

ولو عدم الولد ورثه من يتقرب بأمه الأقرب فالأقرب ، الذكر والأنثى سواء.

ومع عدم الوارث يرثه الإمام.

ويرث هو أمه ومن يتقرب بها على الأظهر.

ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويرث هو (أي ولد الملاعنة) أمه ، ومن يتقرب بها على الأظهر.

قوله : (على الأظهر) تنبيه على ما رواه سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل لاعن امرأته؟ قال : يلحق الولد بأمه ، يرثه أخواله ، ولا يرثهم الولد (1).

وسماعة واقفي ، لا عمل على ما ينفرد به ، خصوصا مع المعارض ، وقد نبه الشيخ أيضا في النهاية على هذه الرواية.

والعمل على أنهم يرثونه ، وهو يرثهم ، وأشبه.

وبه عدة روايات (منها) رواية أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (في حديث) قال : قلت : أرأيت إن ماتت أمه ، وورثها الغلام ، ثم مات الغلام من يرثه؟

ص: 469


1- الوسائل باب 4 حديث 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ، وليس فيه سماعة عن أبي بصير ، ولكن سنده هكذا : الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهيب بن حفص عن أبي بصير.

ولو اعترف به الأب لحقه (لحق به خ) ، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ، ولا عبرة بنسب الأب.

ولو ترك إخوة لأب وأم مع أخ أو إخوة لأم كانوا سواء في المال.

وكذا لو ترك جدا لأم مع أخ أو أخت أو إخوة أو أخوات (أو أخ أو أخوات خ) من أب وأم.

خاتمة تشتمل على مسائل

(الأولى) ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من (ذوي خ) الأنساب.

______________________________________________________

قال : عصبة أمه ، قلت : وهو يرث أخواله؟ قال : نعم (1).

ومثله في رواية زيد الشحام ، عنه عليه السلام ، قال : إذا مات الغلام يرثه عصبة أمه ، وهو يرثه (يرث خ) أخواله (2).

قال الشيخ : العمل على هذه تقتضيه شريعة الإسلام.

« قال دام ظله » : ولو اعترف به الأب ، لحق به ، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابته.

قلت : (أما) أن يرث هو من أبيه ، فلا بحث فيه (وأما) أن لا يرث من أقارب أبيه ، ففيه خلاف ، ذهب الشيخ وأتباعه والمتأخر إلى المنع.

وذهب أبو الصلاح خاصة إلى أنه يرث أباه وأقارب أبيه.

وتردد فيه بعض فضلاء الوقت.

والأول أشبه ، لأنه باللعان انفصل عن الأب ، وإقراره به بعده لا يقبل في حقه ، وعليه العمل ، وقول أبي الصلاح متروك.

« قال دام ظله » : ولد الزنا ، لا ترثه أمه (ثم قال بعد كلام) : وقيل ترثه أمه

ص: 470


1- الوسائل باب 4 ذيل حديث 2 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
2- الوسائل باب 4 ذيل نحو حديث 3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

ويرثه ولده وإن نزل والزوج أو الزوجة. ولو لم يكن أحدهم فميراثه للإمام عليه السلام.

وقيل : ترثه أمه كابن الملاعنة.

(الثانية) الحمل يرث إن سقط حيا ويعتبر بحركة الأحياء كالاستهلال ، والحركات الإرادية دون التقلص.

(الثالثة) قال الشيخ : يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الأدنى.

______________________________________________________

كابن الملاعنة.

هذا القائل هو المرتضى ، وهو في رواية محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن موسى بن الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، إن عليا عليه السلام ، كان يقول : ولد الزنا وابن الملاعنة ، ترثه أمه وأخواله وإخوته لأمه أو عصبتها (1)

وحملها الشيخ على أن الراوي ، إنما سمع ولد الملاعنة ، فألحق به ولد الزنا ، توهما ، وفي الحمل بعد ، وفتح باب مثل هذا التأويل ، يوقع الشك في جميع الروايات ، فلا يجوز ارتكابه.

وباقي الأصحاب على الأول ، وبه ينهض مضمون روايات ، وعليه العمل.

(والجواب) عن رواية الصفار ، الطعن في سندها ، فإنها مما انفرد به إسحاق بن عمار ، وضعف عقيدته مشهور.

« قال دام ظله » : قال الشيخ : يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

أضاف القول إلى الشيخ ، لأنه عار عن خبر مروي ، إلا أن النظر يؤيده ، وهو غير خفي.

ص: 471


1- الوسائل باب 8 حديث 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(الرابعة) يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالأب.

(الخامسة) إذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة) المفقود يتربص بماله.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : المفقود يتربص بماله ، وفي قدر التربص روايات ، إلى آخره.

أما رواية الأربع ، رواها عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المفقود يحبس ماله على الورثة ، قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ، فإن لم يقدر عليه ، قسم ماله بين الورثة (الحديث) (1).

وسماعة واقفي ، ومذهب المرتضى وأبي الصلاح.

ورواية العشرة رواها علي بن مهزيار ، قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام ، عن دار كانت لامرأة ، وكان لها ابن وبنت (ابنة خ) فغاب الابن في البحر (بالبحر خ) وماتت المرأة ، فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت هذه الدار لها ، وباعت أشقاصها (أشقاصا خ) منها ، وبقيت من (في خ) الدار قطعة ، إلى جنب دار رجل من أصحابنا ، وهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن ، وما يتخوف أن لا يحل (له خ) شراؤها وليس يعرف للابن خبر؟ فقال لي : ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، فقال : انتظر (ينتظر خ) به غيبة عشر سنين ، ثم تشتري (يشترى خ) (الحديث) (2) وهذا حكم خاص في واقعة ، فلا يتعدى ، لكن اختارها المفيد في المقنعة ، قال : لا بأس أن يبتاع الإنسان عقار المفقود بعد عشر سنين ، والبائع ضامن.

أما إن الورثة تقتسمه (تقسمه خ) بشرط الملاء رواه صفوان ، عن إسحاق بن

ص: 472


1- الوسائل باب 6 حديث 9 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ، وتمامه : فإن كان له ولد حبس المال ، وأنفق على ولده تلك الأربع سنين.
2- الوسائل باب 6 حديث 7 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ، وتمامه : فقلت : إذا انتظر به غيبة عشر سنين يحل شراؤها؟ قال : نعم.

وفي قدر التربص روايات : أربع سنين ، وفي سندها ضعف. وعشر سنين ، وهي في حكم خاص ، وفي ثالثة : يقتسمه الورثة إذا كانوا ملاء ، وفيها ضعف أيضا.

وقال في الخلاف : حتى تمضي مدة لا تعيش مثله إليها ، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة.

(السابعة) لو تبرأ من جريرة ولده وميراثه ، ففي رواية : يكون ميراثه للأقرب إلى أبيه ، وفي الرواية ضعف.

______________________________________________________

عمار ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام ، قال : سألته عن رجل كان له ولد ، فغاب بعض ولده ، ولم يدر أين هو؟ ومات الرجل ، فأي شئ يصنع بميراث الرجل الغائب من أبيه؟ قال : يعزل حتى يجئ ، قلت : فعلى ماله زكاة؟ قال : لا حتى يجئ ، قلت : فإذا جاء يزكيه؟ قال : لا حتى يحول عليه الحول في يده ، قلت : فقد الرجل فلم يجئ؟ قال : كان ورثة الرجل ملاء بماله ، اقتسموه بينهم ، فإذا هو جاء ردوه عليه (1).

وفي الطريق سماعة ، وفي إسحاق كلام.

فالأشبه بالمذهب ، ما ذكره الشيخ في الخلاف ، أنه (أن خ) يتربص به مدة ، لا يعيش مثله إليها ، وعليه بعض فضلاء الوقت ، وهو المختار ، لأن في الروايات مع التعارض ضعفا ، والفتاوى مختلفة ، والتهجم على الأموال منهي ، إلا مع اليقين ، وهو مرتبط به.

« قال دام ظله » : لو تبرأ الأب من جريرة ولده وميراثه ، ففي رواية ، يكون ميراثه

ص: 473


1- الوسائل باب 6 حديث 6 و 8 من أبواب ميراث الخنثى ، وما أشبهه ، ولكن سند الأولى صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، وفي سند الثانية ، الحسن بن محمد بن سماعة ، عن ابن رباط ، وعبد اللّه بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار وليس في واحد منهما سماعة ، فراجع.

الثاني في ميراث الخنثى :

من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول ، فمن أيهما سبق يورث عليه.

فإن بدر منهما ، قال الشيخ : يورث على الذي ينقطع منه أخيرا ، وفيه تردد.

______________________________________________________

للأقرب إلى أبيه ، وفي الرواية ضعف.

هذه رواها محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن يزيد (بريد خ) بن خليل ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل تبرأ عند السلطان من جريرة ابنه وميراثه ، ثم مات الابن وترك مالا ، من يرثه؟ قال : لأقرب الناس إلى أبيه. (1)

ومثلها عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان (من جريرة ابنه وميراثه) (2) (ثم مات الابن) (3) من يرثه (لمن ميراثه ئل)؟ قال : ميراثه (4) لأقرب الناس إلى أبيه. (5)

وفيهما ضعف ، فإن يزيد بن خليل مجهول ، والثانية غير مسندة (مستندة خ) إلى الإمام عليه السلام.

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وتوقف فيها في الحائريات ، فقال : الرواية شاذة ، وفيها نظر ، فالأشبه الإرث ، لأن التبري لا يحصل بالتلفظ ، بل هو موقوف على حكم شرعي.

في ميراث الخنثى

« قال دام ظله » : (في ميراث الخنثى) : فإن بدر منهما ، قال الشيخ : يورث على

ص: 474


1- الوسائل باب 7 حديث 2 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
2- ومن ميراثه وجريرته - الوسائل.
3- ليست هذه الجملة في الوسائل.
4- في الوسائل ، قال : قال علي عليه السلام : هو لأقرب الناس إليه.
5- الوسائل باب 7 حديث 3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

______________________________________________________

الذي ينقطع منه أخيرا ، وفيه تردد ، إلى آخره.

أقول : الخنثى يعتبر بالبول ، فإن بال منهما ، يعتبر الأسبق ، ومستند هذا القول ، ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال : قضى علي عليه السلام (في الخنثى ، له ما للرجال وله ما للنساء) قال : يورث من حيث يبول ، فإن خرج منهما جميعا ، فمن حيث سبق ، فإن خرج منهما سواء ، فمن حيث ينبعث (قطع خ) فإن كانا سواء ، ورث ميراث الرجال (وميراث ئل) النساء (1).

وروى إسحاق بن عمار ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عليهما السلام أن عليا عليه السلام ، كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فإن بال منهما جميعا ، فمن أيهما سبق البول ورث منه ، فإن مات ولم يبل ، فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل (2).

ثم أقول : إن سبق منهما ، ففتوى الشيخين وأتباعهم والمتأخر ، أن يعتبر الانقطاع

وما أعرف له دليلا من آية أو نظر ، ولا مستندا من رواية ، ولهذا تردد فيه شيخنا دام ظله ، طالبا للدليل.

فأما مع التساوي ، فاختلف الأقوال ، قال الشيخ في الخلاف : يعمل فيه بالقرعة ، مستدلا بقولهم عليهم السلام : (كل مشكل فيه القرعة) (3) وادعى عليه الإجماع ، أعني على الخبر ، لا على الفتوى.

ص: 475


1- الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب ميراث الخنثى ، بسند الشيخ ، وصدره هكذا قلت له : المولود يولد ، له ما للرجال وله ما للنساء ، قال : يورث ... إلخ.
2- الوسائل باب 2 حديث 2 من أبواب ميراث الخنثى.
3- عوالي اللئالي ج 2 ص 112 وفيه : كل أمر مشكل ... الخ.

فإن تساويا ، قال في الخلاف : يعمل فيه بالقرعة.

وقال المفيد وعلم الهدى : تعد أضلاعه.

______________________________________________________

وقال المفيد في كتاب الأعلام ، والمرتضى : يعد الأضلاع.

وهو استناد إلى رواية معاوية بن ميسرة (بن ئل) شريح ، عن أبيه ، حكاية عن علي عليه السلام (1) وهي معروفة غنية عن الذكر ، وتبعهما المتأخر ، وادعوا عليه الإجماع.

وقال الشيخان في المقنعة والنهاية والايجاز والمبسوط ، وسلار في الرسالة ، وبعض فضلاء الوقت : يعطى نصف ميراث رجل ، ونصف ميراث امرأة.

وهو المختار ، وعليه ابنا بابويه ، إلا أنهما جعلا وقت الانتقال إلى التنصيف (النصف خ) بعد التساوي في السبق ، والأولون جعلوا بعد الانقطاع.

(لنا) الروايتان ، وأنه رأس واحد ، يحتمل أن يكون ذكرا ، وأن يكون أنثى ، فالتخصيص بأحدهما ترجيح من غير مرجح ، وبهما ممنوع اتفاقا ، فالتنصيف هو مقتضى الحصر والنظر.

(والجواب) عن القرعة ، أنه لا إشكال مع النص والنظر ، وعن الإجماع ، أنه غير متحقق ، وكيف؟ وأكثر الأصحاب على خلافه.

والذي يقتضي منه العجب ، حال المتأخر هنا ذكر اختلاف الأصحاب ، وأنه كان يفتي بالقرعة برهة من الزمان ، مع جماعة من معاصريه ، ثم ادعى الإجماع على عد الأضلاع ، فكيف يصير قول اثنين أو ثلاثة إجماعا؟

(فإن قيل) : المخالف مشهور باسمه ونسبه ، فلا يقدح في الإجماع (قلنا) : لا نسلم ، فمن أين عرفت أنه لا مخالف غيرهم؟ و (أو خ) من أين باقي الإمامية شرقا وغربا ، موافقون معك.

ص: 476


1- راجع الوسائل باب 2 حديث 3 من أبواب ميراث الخنثى ، والحديث طويل.

وقال في النهاية والايجاز المبسوط : يعطي نصف ميراث رجل ونصف امرأة ، وهو أشهر.

فلو اجتمع مع الخنثى ذكر وأنثى ، قيل : للذكر أربعة ، وللخنثى ثلاثة ، وللأنثى سهمان.

وقيل : تقسم الفريضة مرتين ، فتفرض مرة ذكرا ومرة أنثى ويعطى نصف النصيبين ، وهو أظهر.

مثاله : خنثى وذكر نفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى ، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف ، فيكون اثني عشر ، فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.

ولو كان بدل الذكر أنثى حصل للخنثى سبعة وللأنثى خمسة.

ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت

______________________________________________________

« قال دام ظله » : فلو اجتمع مع الخنثى ذكر وأنثى ، قيل : للذكر أربعة ، وللخنثى ثلاثة ، وللأنثى سهمان ، وقيل : تقسم الفريضة مرتين ، إلى آخره.

قلت : بين القولين تفاوت ما ، والأول من لوازم القول بالتنصيف ، وهو مذهب الشيخ في النهاية ، والايجاز ، والمصري (البصري خ) منافي التحرير ، (1) ، والقول الثاني ذكره في المبسوط مع الأول ، وهو قريب.

« قال دام ظله » : ولو شاركهم زوج أو زوجة ، صححت فريضة الخنثى ، ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة ، في تلك الفريضة ، فما ارتفع فمنه تصح.

ص: 477


1- التحرير في الفقه للشيخ معين الدين أبي الحسن سالم بن بدران بن سالم بن علي المصري المازني المتوفى قبل سنة 661 كما يظهر من دعاء تلاميذه له ومنهم المحقق خواجة نصير الدين الطوسي وهو الذي نسب التحرير في الفقه إلى أستاذه المذكور ونقل عنه في رسالته الفرائض النضرية. (الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 3 ص 377).

مخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به ، فإن انتبه أحدهما فهما اثنان (وإلا فواحد خ).

الثالث في الغرقى والمهدوم عليهم :

وهؤلاء يرث بعضهم بعضا إذا كان لهم أو لأحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.

وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

______________________________________________________

ولنبين هذا في مثال ، ابن وخنثى ، محرج نصيبهما اثنا عشر ، فإذا أضيف إليهما الزوج - ضربت مخرج نصيبه وهو أربعة - في اثني عشر ، يرتقي إلى ثمانية (ثمان خ) وأربعين فريضة ، إثنا عشر للزوج ، والباقي يقسم بينهما على الحساب المذكور.

ولو كان (كانت خ) الزوجة ، تضرب مخرج نصيبها - ثمانية - في اثني عشر ، ترتقي إلى ستة وتسعين ، وهو المطلوب ، وعلى هذا فقس.

في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

« قال دام ظله » : وفي ثبوت هذا الحكم ، بغير سبب الغرق والهدم ، تردد.

إعلم أن التوارث - وهو أن يرث كل واحد من الموتى من الآخر مشروع في الغرقى ، والمهدوم (المنهدم خ) عليهم باتفاق الأصحاب.

وبه روايات (منها) ما رواه ابن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن القوم يغرقون ، أو يقع عليهم البيت؟ قال : يورث بعضهم من بعض (1).

ص: 478


1- الوسائل باب 1 حديث 3 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

ومع الشرائط يورث الأضعف أولا ، ثم الأقوى ، ولا يورث مما ورث منه.

وفيه قول آخر ، والتقديم على الاستحباب على الأشبه.

______________________________________________________

وما رواه الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في امرأة وزوجها سقط عليهما بيت ، مثل ذلك لفظا بلفظ (1).

ويعتبر فيه شرائط ثلاثة (أحدها) حصول المال لهم ، أو لأحدهم ، وثبوت التوارث ، والاشتباه في المتقدم (التقديم خ) بالموت.

وهل يثبت حكم التوارث في غير الغرقى والمهدوم عليهم إذا اشتبه التقديم؟ قال الشيخان وأبو الصلاح والمتأخر والأتباع : نعم إلا بالموت على الفراش.

واقتصر ابن (ابنا خ) بابويه على مورد النص ، وهو أشبه ، لأنه مقتضى الأصل عدم التوارث ، ترك العمل به فيهما للدليل ، وعمل به في الباقي ، وتردد فيه شيخنا دام ظله ، نظرا إلى فتوى الأكثرين.

« قال دام ظله » : ومع الشرائط يورث الأضعف أولا ، ثم الأقوى ، ولا يورث مما ورث منه ، وفيه قول آخر ، والتقديم على الاستحباب على الأشبه.

أقول : تقديم الأضعف على الأقوى قولان ، قال في النهاية والمفيد في المقنعة ، وسلار في الرسالة : بوجوبه ، وهكذا يظهر من كلام ابني بابويه.

ولعل المستند ظاهر ما رواه عبيد بن زرارة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يسقط (سقط خ) عليه وعلى امرأته بيت؟ فقال : تورث المرأة من الرجل ، ثم يورث الرجل من المرأة (2).

وما رواه العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، مثله

ص: 479


1- الوسائل باب 1 حديث 4 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ، وقوله : (لفظا بلفظ) من كلام الشارح وإلا ففي الوسائل بل التهذيب (مثل ذلك).
2- الوسائل باب 6 حديث 2 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

______________________________________________________

لفظا بلفظ (1) إلا قوله : (ثم) فإنه مبدل (بالواو) ولهذا قال في المبسوط : لا يتغير بالتقديم والتأخير حكم ، إلا أنا تبعنا الأثر ، واستحسن المتأخر هذا.

والحق أن في الاستدلال بالروايتين ضعفا ، فإن (الواو) لا توجب الترتيب و (ثم) غير محمولة على ترتيب الإرث ، بل يحمل على ترتيب الخبر على الخبر ، كما في قوله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) (2) وقوله : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) (3).

ومعلوم أن الاهتداء قبل التوبة ، وخلق العرش قبل خلق السماوات والأرض ، وقد جاء كثير في كلام اللّه تعالى.

وقال الشيخ في الإيجاز وأبو الصلاح في الكافي : ويستحب التقديم ، وكأنه للحذر من إلغاء الرواية ، ونحن نمنع الإلغاء.

فأما أنه لا يورث مما ورث منه ، فهو مذهب الشيخ وأتباعه وأبو الصلاح وسلار والمتأخر.

وقال المفيد : يورث من الجميع من تركته ، ومما ورثه ، وعلى هذا يظهر للتقديم فائدة.

ونسب بعض فضلاء الوقت هذا القول إلى كونه قريبا من الاستحالة وعلل بامتناع الانقطاع.

وهو ضعيف إذ القائل به يفرض الانقطاع.

وقدح شيخنا دام ظله فيه ، بأن التوريث مما ورث منه يستدعي فرض الحياة بعد فرض الموت ، وهو غير ممكن عادة.

ص: 480


1- الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
2- طه - 82.
3- يونس - 3.

فلو غرق أب وابن ورث الأب أولا نصيبه منه ، ثم ورث الابن من أصل تركة أبيه لا مما ورث منه ، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لأحدهما وارث أعطي ما اجتمع لذي الوارث ، وما اجتمع

______________________________________________________

وهذا أيضا غير وارد عليه ، لأن فرض الشئ لا ينافي اللا إمكان (الإمكان خ) بالعادة.

نعم يرد عليه أن الإرث لا يكون إلا في تركة الميت ، وما ورثه غير ما خلفه ، فلا إرث فيه.

وإن القول بالتوريث مما ورث منه مستلزم لتخيير الحاكم على منع بعض الورثة ، وتخصيص الآخر بمال كثير ، بغير سبب شرعي في صورة أخوين متساويين الاستحقاق والنسب ، مختلفي الورثة ، وترك أحدهما ألف دينار ، والآخر دينارا واحدا ، والاتفاق هنا قائم على جواز التقديم ، فأيهما قدم ، يكون ورثة الآخر ممنوعين ، فهذا التخيير ممنوع ومعنا ، أن مستلزم الممنوع ممنوع ، قضية بديهية.

ويرد عليه أيضا أن ما رواه حمران بن أعين ، عمن ذكره ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، في قوم غرقوا جميعا أهل بيت (البيت ئل) ، قال : يورث هؤلاء من هؤلاء ، وهؤلاء من هؤلاء ، ولا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ، ولا يورث هؤلاء مما ورثوا هؤلاء شيئا (1) ينافيه (2).

(فإن قيل) : على الأول ، نحن نفرض أنه من تركة الميت ، وعلى الثاني أن كونه ممنوعا في صورة ، غير مستلزم لكل الصور ، وعلى الرواية أنها مرسلة لا يعمل بها (فأجيب) بأن فرض الشئ لا يفيد وقوعه في نفس الأمر (وعن الثاني) أنه لا قائل بالفصل (وعن الرواية) أنها منجبرة بعمل كثير من الأصحاب ، وبما قلناه.

ص: 481


1- الوسائل باب 3 حديث 2 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
2- قوله قده : (ينافيه) خبر لقوله : (ما رواه).

للآخر للإمام عليه السلام.

ولو لم يكن لهما وارث ، غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الإمام عليه السلام.

وإذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم كالأخوين ، فإن كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لأحدهما مال صار ماله لأخيه ، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ، ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الإمام عليه السلام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا ، وكان ميراث كل منهما لورثته.

الرابع في ميراث المجوس :

وقد اختلف الأصحاب فيه

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو لم يكن لهما وارث غيرهما ، انتقل مال كل منهما إلى الآخر ، ثم منهما إلى الإمام عليه السلام.

يسأل هنا عن فائدة الانتقال ، إذ على التقديرين ، المال للإمام عليه السلام (والجواب) هو إمكان تعلق الحقوق الواجبة أصلا وفرعا (عرضا خ) (أو غيرهما خ) بذمتهما (بذمتهم خ) وذمة أحدهما (هم خ) فتنتقل ليتصرف (ليصرف خ) فيها أو ليتصرف (ليصرف خ) منها ، ثم ينتقل الباقي إلى الإمام عليه السلام.

في ميراث المجوس

« قال دام ظله » : الرابع ، في ميراث المجوس ، وقد اختلف الأصحاب فيه ، إلى آخره.

لما كان المجوس يبيحون العقد على المحرمات ، ظهر (فيهم خ) نسب صحيح

ص: 482

______________________________________________________

وفاسد ، وكذلك السبب ، وبحسب ذلك اختلف الأصحاب على أقوال ثلاثة ، فذهب الفضل بن شاذان والمفيد إلى أنهم يورثون (يرثون خ) بالنسب الصحيح والفاسد ، والسبب الصحيح لا غير.

وذهب يونس بن عبد الرحمن إلى أنهم لا يورثون إلا بالنسب والسبب الصحيحين ، وهو مذهب المفيد في كتاب الأعلام ، وأبو الصلاح في الكافي ، واختيار المتأخر ، ويظهر ذلك من كلام ابن بابويه في المقنع.

وذهب الشيخ إلى أنهم يورثون بالنسب والسبب ، صحيحين كانا أو فاسدين ، واختاره سلار ، وعليه أتباع الشيخ.

والمختار هو الأول (لنا) أن النسب الفاسد منشأه عقد الشبهة بالنسبة إلينا ، وكل نسب منشأه عقد الشبهة يستحق به الإرث ، فالنسب الفاسد يستحق الإرث.

(أما الأول) فلاشتباهه عليهم بالحلال ، واعتقادهم حل الوطء (وأما الثاني) فاتفاقي.

فأما في السبب الفاسد ، فلا يصدق أن كل سبب منشأه عقد الشبهة ، فيستحق به الإرث.

(ولنا) أن جميع آيات الإرث ، تتناول النسب الفاسد ، لكونه ولد الحلال ، والتسمية باقية ، ولا تتناول السبب الفاسد ، لبطلان العقد ، والتسمية زائلة.

واستدلوا على الثاني ، أعني مذهب يونس - وهو عظيم القدر والمنزلة ، كان من مصنفي الصادق عليه السلام (1) وتصانيفه في مذهب الشيعة تكون قرب (قريب

ص: 483


1- هكذا في جميع النسخ ، ولكن الظاهر أن يونس هذا كان من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام ، نعم في رجال النجاشي ما هذا لفظه : يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين بن موسى مولى بني أسد أبو محمد كان وجها في أصحابنا متقدما عظيم المنزلة ولد في أيام هشام بن عبد الملك ورأي جعفر بن محمد عليهما السلام بين الصفا والمروة ، ولم يرو عنه ، وروى عن أبي الحسن موسى والرضا عليهما السلام ، (انتهى) رجال النجاشي ص 311 طبع بمبئ ويمكن إرادة كونه جامعا لأحاديث أصحاب الصادق واللّه العالم.

______________________________________________________

من خ) أربعمائة - بقوله تعالى : ( وأن أحكم بينهم بما أنزل اللّه ) (1) ( فإن جاؤوك ( فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) (2) ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) (3) وبانعقاد الإجماع ، على أن الحكم بمذهب مخالفينا في الاعتقاد غير جائز.

(والجواب) عن الآية الأولى والثالثة ، لم قلتم أن الحكم بغير ما ذهبتم إليه حكم بغير ما أنزل اللّه وبغير القسط؟ ومن أين أن مذهبكم هو المتصف بتلك الصفة؟

(وعن الآية الثانية) أنه أمر بمطلق الحكم فلا يتناول محل النزاع.

(وعن الإجماع) أنكم أي شئ عنيتم بالحكم ، ما يخالف مذهبنا أو مطلق الحكم؟

الأول مسلم والثاني ممنوع ، لكن من أين أن الحكم بغير ما اخترتم حكم مخالف مذهبنا؟ فلا بد من دليل.

واستدل للشيخ على مذهبه ، بروايات (منها) صريحة ، وهي ما رواه ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ، عليهما السلام ، أنه كان يورث المجوسي إذا تزوج بأمه وبابنته ، من وجهين ، من وجه أنها أمه ، ووجه أنها زوجته (4).

(ومنها) مجملة دالة بالفحوى ، وهي ما روي أن رجلا سب مجوسيا بحضرة أبي عبد اللّه عليه السلام فزبره ونهاه عن ذلك ، فقال : إنه قد تزوج بأمه؟ فقال : أما علمت أن ذلك عندهم النكاح (5).

ص: 484


1- المائدة - 49.
2- المائدة - 43.
3- المائدة - 43.
4- الوسائل باب 1 حديث 1 من أبواب ميراث المجوس.
5- الوسائل باب 1 حديث 2 من أبواب ميراث المجوس.

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب ، وعن الفضل بن شاذان : أنه يورثهم بالنسب ، صحيحه وفاسده ، والسبب الصحيح خاصة ، وتابعه المفيد رحمه اللّه.

وقال الشيخ : يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

فلو خلف أما هي زوجة فلها نصيب الأم دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

______________________________________________________

وما روي عنه عليه السلام ، أن كل قوم دانوا بشئ ، يلزمهم حكمه (1).

ولاختلاف دلالتي الروايتين ، قال في النهاية عند الاستدلال : وبه تشهد الروايات ، ثم قال عقيب ذلك بكلام (كلاما خ) مع أنه قد رويت (وردت خ) الرواية الصريحة بذلك ، إشارة إلى رواية السكوني (2).

ودق عليه المتأخر مشنعا بأنه لم قال في الأول : (روايات) بالجمع ، وفي الأخير (رواية) بالتوحيد ، وهو تناقض.

قلت : أبصر ضعف نظر هذا المشنع ما تنبه (يتنبه خ) لمدلول الروايات ، على أن الشيخ قد نبه على ذلك ، بقوله : قد رويت الرواية الصريحة.

(والجواب) عن الرواية الأولى ، أن السكوني عامي ضعيف ، لا يعتمد على ما ينفرد به ، و (عن الثانية والثالثة) أنهما مرسلتان ، على أنهما غير دالتين على محل النزاع.

« قال دام ظله » : ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

صورة هذا : رجل تزوج بنت بنته فأولد منها ولدا ، فتوفي ، فتكون بنت الرجل.

ص: 485


1- الوسائل باب 1 حديث 3 من أبواب ميراث المجوس.
2- المتقدمة قبيل ذلك.

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت ، لأنه لا ميراث للأخت مع البنت.

خاتمة في حساب الفرائض

مخارج الفروض ستة :

ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

______________________________________________________

للصلب جدة هذا الولد وأخته. (1)

« قال دام ظله » : خاتمة في حساب الفرائض ، إلى آخرها.

وليس فيها إشكال فأحكيه (فأحله خ) لكن أذكر زيادة على ما ذكره دام ظله تماس (لماس خ) الحاجة إليها.

فأقول : إذا كان في الفريضة نصفان ، فمخرجه من اثنين ، وكذا إذا كان نصف وما بقي.

وإن حصل فيهما ربع ونصف ، أو ربع وما بقي ، فمن أربعة ، والثمن وما بقي ، فمن ثمانية.

والثمن والثلث والسدس من أربعة وعشرين.

والربع مع السدس أو الثلث من اثني عشر.

ونعني بقولنا : وما بقي من سهم صاحب الفرض.

وهو يكون باجتماع صاحب الفرض وغيره ، فيأخذ صاحب الفرض المسمى له.

وما بقي إن انقسم على الورثة فلا بحث ، وإن انكسر نضرب سهام المنكسر عليهم ، في أصل الفريضة حتى يحصل المطلوب.

(قال خ) (2) : وإذا اجتمع عددان ، فلا يخلو إما أن يكونا متساويين أو لا.

(فالأول) لا يحتاج إلى ضرب ، بل يحصل المطلوب منه.

ص: 486


1- من قوله قده : قال دام ظله (إلى قوله) : وأخته ليس في بعض النسخ ، ولكنه موجود في عدة نسخ.
2- وفي بعض النسخ بعد قوله : (المطلوب) هكذا : زيادة أخرى وإذا اجتمع ... إلخ.

فالنصف من اثنين.

والربع من أربعة.

والثمن من ثمانية.

والثلثان والثلث من ثلاثة.

والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر :

وما كان بقدرها ، فإن انقسم من غير كسر ، وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة.

مثل : أبوين وخمس بنات ، وتنكسر الأربعة على الخمسة ، فتضرب خمسة في أصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة ، لأنه الأوفق بين نصيبهن وعددهن.

______________________________________________________

(والثاني) وهو المختلفان إما أن يفني أقلهما الأكثر ، ويسمى المتداخلين ، ويحصل المطلوب من الأكثر.

وإما أن لا يفني ، ويسمى متوافقين ، وهو المصطلح عليه في هذا الكتاب ، أو مشتركين على اصطلاح بعض الفضلاء ، والباقي لو أفنى الآخر ، يكون بينهما اشتراك ، أو الوفق ، (فيفق خ) في مخرجه

وإن لم يفنه فيفنيه الباقي (1) وعلى هذا إلى أن يبقى واحد ، فيسمى متباينين ، فيحصل المطلوب بضرب أحد العددين في الآخر.

وفي المتوافقين يحصل بضرب محل الوفق أو مخرج الاشتراك على اختلاف العبارتين في العدد الآخر ، والمعتبر وفق العدد لا النصيب.

ص: 487


1- في بعض النسخ : قالا : فالاشتراك أو الوفق في مخرج الباقي.

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في أصل الفريضة.

مثل : أبوين وست بنات ، للبنات أربعة ، وبين نصيبهن وهو أربعة ، وعددهن وهو ستة ، وفق ، وهو النصف ، فتضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة ، فما اجتمع صحت منه الفريضة.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ، ويدخل النقص على البنت أو البنات أو (على خ) من يتقرب بالأب والأم أو الأب.

مثل : أبوين وزوج وبنت ، فللأبوين السدسان ، وللزوج الربع ، والباقي للبنت.

وكذا أبوان أو أحدهما : وبنت أو بنتان وزوج ، النقص يدخل على البنت أو البنات.

واثنان من ولد الأم وأختان للأب والأم أو للأب مع الزوج أو الزوجة ، يدخل النقص على من يتقرب بالأب والأم أو الأب خاصة.

ثم إن انقسمت الفريضة على صحة ، وإلا ضربت سهام من انكسر عليه (عيلهم خ) في أصل الفريضة.

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة ، ولا على الأم مع وجود من يحجبها ، مثل : أبوين وبنت.

فإذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وإن كان حاجب فالرد أرباعا ، تضرب مخرج سهام الرد في أصل

ص: 488

الفريضة ، فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في المناسخات

ونعني به أن يموت الإنسان فلا تقسم تركته ، ثم يموت أحد وراثه.

ويتعلق الفرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فإن اختلف الوارث الاستحقاق أو هما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه ، وإلا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة

______________________________________________________

« قال دام ظله » : تتمة في المناسخات ، إلى آخرها.

المناسخة أن يموت أحد الورثة (الوارث خ) قبل القسمة ، وله ورثة أخرى.

فإن كان نصيبه ينقسم عليهم ، فلا بحث ، ويتصور في مثل إخوة مع أخوات ، من جهة الأب.

وإن انكسر ، فإن كان بين نصيب الميت الثاني والفريضة الثانية وفق ، فاضرب وفق الفريضة - لا النصيب - في الفريضة الأولى ، فما بلغ فهو المطلوب.

ولنبين في مثال ، أخوان من أب ، وإخوان من أم وزوج ، ثم مات الزوج ، وخلف ابنا وبنتين ، فالفريضة الأولى إثنا عشر ، نصيب الزوج منها ستة ، تنكسر (فتنكسر خ) على سهام ورثته ، وهي أربع ، وبين نصيبه وسهامهم - وهي الفريضة الثانية - وفق بالنصف ، فتضرب وفق الفريضة في الفريضة الأولى فيحصل المطلوب.

وإن كان بينهما تباين ، فاضرب الفريضة (الثانية خ) في الفريضة الأولى ، وعلى هذا الحساب لو كثر الموتى تعمل في الثالثة مع الأولى والثانية ، مثل ما عملت في الثانية مع الأولى ، وكذا في الرابعة معها.

« وقوله دام ظله » : « فإن اختلف الوراث (الوارث خ) أو الاستحقاق أو هما » مثال الأول ، متوفى خلف أولادا ، ثم مات أحدهم ، وخلف أولادا أخر (والثاني)

ص: 489

الأولى ، إن كان بين الفريضتين وفق.

وإن لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الأولى ، فما بلغ صحت منه الفريضتان.

______________________________________________________

خلف أولادا من الأب ، ثم مات أحدهم ، وخلف معهم إخوة لأم (والثالث) خلف بنتين (بنين خ) ثم مات إحداهما (أحدهم خ) وخلف ابنين (بنين خ) وبنات ، فورثة الثاني ، غير ورثة الأول ، واستحقاقهم مخالف لاستحقاقهم ، واللّه أعلم بالصواب.

ص: 490

كتاب القضاء

اشارة

ص: 491

كتاب القضاء

والنظر في : الصفات والآداب وكيفية الحكم وأحكام الدعوى.

والصفات ست : التكليف والإيمان والعدالة وطهارة المولد والعلم والذكورة.

ويدخل في العدالة اشتراط الأمانة والمحافظات على الواجبات.

ولا ينعقد إلا لمن له أهلية الفتوى ، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولا بد أن يكون ضابطا ، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

______________________________________________________

القضاء في الاصطلاح ، هو الحكم بين الناس على وجه شرعي ، لمن (ممن خ) له أهلية الحكم ، وهو في مرتبة عالية ودرجة سامية ، لكن التعرض لذلك خطر ، والتخلص فيه (منه خ) عسر ، قال عز من قائل : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) (1) (وفي موضع خ) ( هُمُ الظَّالِمُونَ ) (2) (وفي موضع خ) ( هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (3) (آية تتلو آية خ) وقال : ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) . (4)

وهو يستدعي حصول المعرفة التامة بالأصول والفروع ، ولا يعتمد على فتوى

ص: 492


1- المائدة - 44 - 45 - 47 على الترتيب.
2- المائدة - 44 - 45 - 47 على الترتيب.
3- المائدة - 44 - 45 - 47 على الترتيب.
4- النساء - 58.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه : نعم ، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبي صلى اللّه عليه وآله إلا بها.

______________________________________________________

الكتب والرجال.

ولهذا قال دام ظله : (ولا ينعقد إلا لمن له أهلية الفتوى) هو أن يكون عارفا بالكتاب ناسخه ومنسوخه عامه وخاصه ندبه وإيجابه ، عالما باللغة والإعراب ، لقول الصادق عليه السلام : ونحن قوم فصحاء ، فإذا رويتم عنا (حديثا خ) فأعربوه (ها خ) (1).

وقال : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرضا (الرحمة خ) وملائكة العذاب. (2)

وعنه عليه السلام من حكم درهمين بغير ما أنزل اللّه ، فهو كافر (3).

« قال دام ظله » : وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه نعم ، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبي صلى اللّه عليه وآله إلا بها.

اختلف في أن النبي صلى اللّه عليه وآله هل كان عالما بالكتابة بعد البعثة أم لا؟ المروي نعم ، لاحتياج الحكومة إليها ، وقيل : لا ، لقوله تعالى : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ) (4).

فمن قال بالأول ، يشترط هنا الكتابة ، ومن قال بالثاني ، لا يشترط.

ويرد عليه أنه ربما كان في طرفه عليه السلام لحسن ضبطه وحفظه وأمنه من النسيان.

ص: 493


1- الوسائل باب 8 حديث 25 من أبواب صفات القاضي ، ولفظه في الوسائل هكذا : أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء.
2- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب صفات القاضي ، وتمامه : ولحقه وزر من عمل بفتياه.
3- راجع الوسائل باب 5 من أبواب صفات القاضي ، تجد هذا في غير واحد من أخبار الباب.
4- العنكبوت - 48.

ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للأعمى تردد ، والأقرب : أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة.

وفي اشتراط الحرية تردد ، الأشبه : أنه لا يشترط.

ولا بد من إذن الإمام ، ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الإمام عليه السلام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت عليهم السلام الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق من نفسه

______________________________________________________

والأول اختيار الشيخ في المبسوط وأتباعه والمتأخر ، وكذا اختار ألا يكون أعمى ، وهو أقرب احتياطا ، لوقوع الغلط والاشتباه.

« قال دام ظله » : وفي اشتراط الحرية تردد ، الأشبه أنه لا يشترط.

منشأ التردد النظر إلى فتوى الشيخ في المبسوط بالاشتراط ، وما نعرف المستند.

والوجه الانعقاد ، ولو كان عبدا ، عملا بالأصل ، ولقول الصادق عليه السلام : من روى أحاديثنا ، وعرف أحكامنا ، فاجعلوه قاضيا فإني جعلته قاضيا (1) ولفظ (من) يتناول الحر والعبد.

« قال دام ظله » : وقبول القضاء ، عن السلطان العادل مستحب ، لمن يثق بنفسه ،

ص: 494


1- الوسائل باب 11 حديث 6 من أبواب صفات القاضي ، ولفظه هكذا : عن أبي خديجة ، قال : بعثني أبو عبد اللّه عليه السلام إلى أصحابنا ، فقال : قل لهم : إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارى في شئ من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق ، اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا ، وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر ، وليلاحظ حديث 1 من هذا الباب أيضا وإن كان لفظه مختلفا.

(بنفسه خ) ، وربما وجب.

النظر الثاني : في الآداب

اشارة

وهي مستحبة ومكروهة :

فالمستحب : إشعار رعيته بوصوله إن لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة ، وأن يأخذ ما في يد المعزول من

______________________________________________________

وربما وجب.

أقول : استحباب القبول يكون في موضع يوجد مثله ، ولا يلزمه حاكم الأصل إلزاما بتة (البتة خ) ومع نقيض الشرطين وجب القبول ، ولهذا قال الشيخ في الخلاف : لو ألزمه الإمام عليه السلام ، لم يكن له الامتناع.

ورد عليه شيخنا دام ظله في الشرائع ، وقال : نحن نمنع الإلزام ، إذ الإمام عليه السلام ، لا يلزم بما ليس لازما.

والذي يظهر أن هذا غير وارد على كلام الشيخ ، لأنه قال في مقدم كلامه (الكلام خ) : متى عين الإمام عليه السلام واحدا مع وجود مثله لم يكن له الامتناع منه ، لأن المعصوم إذا أمر لا يجوز خلافه ، فمنع الامتناع ، لأنه مخالفة المعصوم ، لا لأنه لازم له ، والإمام لا بد له من تعيين واحد (أحد خ) فلو جوزنا الامتناع (من قبوله خ) لكان تجويزا لمخالفة الإمام عليه السلام ، وهو غير جائز. (1)

« قال دام ظله » : والجلوس في قضائه مستدبر القبلة.

هذا مذهب الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، ليكون وجه الخصوم إلى القبلة ، فيكون أردع ، وعليه المتأخر.

وقال في المبسوط : مستقبل القبلة ، لقول النبي صلى اللّه عليه وآله : خير المجالس ما استقبل به القبلة (2).

ص: 495


1- في أكثر النسخ (غير لازم) بدل قوله (غير جائز) والصواب ما أثبتناه.
2- الوسائل باب 76 حديث 3 من أبواب العشرة من كتاب الحج 8 ص 475.

حجج الناس وودائعهم ، والسؤال عن أهل السجون وإثبات أسمائهم والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب إطلاقه ، وتفريق الشهود عند الإقامة ، فإنه أوثق ، خصوصا في موضع الريبة ، عدا ذوي البصائر ، لما يتضمن من الغضاضة (1) ، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه (2) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات : الاحتجاب وقت القضاء ، وأن يقضي مع ما يشغل النفس ، كالغضب والجوع والعطش والغم والفرح والمرض وغلبة النعاس ، وأن يرتب قوما للشهادة ، وأن يشفع إلى الغريم في إسقاط الحق أو إبطاله.

مسائل خمس

(الأولى) للإمام عليه السلام أن يقضي بعلمه في الحقوق مطلقا ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : للإمام عليه السلام أن يقضي بعلمه في الحقوق مطلقا (ولغيره خ) في حقوق الناس ، وفي حقوق اللّه قولان.

القولان للشيخ قال في النهاية : للإمام عليه السلام أن يحكم بعلمه في حقوق اللّه (3) وليس لغيره ذلك.

وقال في الخلاف : للحاكم أن يحكم بعلمه في الحقوق كلها ، وحكى ذلك عن المرتضى.

وقول النهاية أشبه ، لأن حدود اللّه مبنية على التخفيف.

ص: 496


1- هي الحقارة.
2- أي : يعينه ، من الخوض في المطالب ، والمراد هنا الخوض في المطالب المتعلقة بالقضاء لئلا يقع. في الخطأ حينا.
3- راجع الوسائل باب 18 من أبواب كيفية الحكم فإنه ربما يستفاد منه ذلك.

ولغيره عليه السلام في حقوق الناس ، وفي حقوق اللّه قولان.

(الثانية) إن عرف عدالة الشهود حكم ، وإن عرف فسقهما أطرح ، وإن جهل الأمرين فالأصح : التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة) تسمع شهادة التعديل مطلقة ، ولا تسمع شهادة الجرح إلا مفصلة.

(الرابعة) : إذا التمس الغريم إحضار غريمه (الغريم خ) وجب إجابته ولو كان امرأة إن كانت برزة.

ولو كان مريضا أو امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة) الرشوة على الحاكم حرام ، وعلى المرتشي إعادتها.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : إن عرف عدالة الشهود ، حكم ، إلى آخره.

أقول : حال الشهود لا يخلو من ثلاثة (إما) معلوم العدالة ، وهو يقتضي قبول الشهادة (وإما) معلوم الفسق ، وهو يقتضي إطراحها (وإما) مجهول الحال ، وهنا قولان ، قال الشيخ : يقبل ، مستدلا بالإجماع ، وبأن الأصل في المسلم هو العدالة ، وبأنه لم ينقل عن الصحابة ، والتابعين البحث عن حال المسلم.

وقال المفيد وسلار : يتوقف حتى يستبين حالهم.

وهو الوجه ، واختاره المتأخر وشيخنا دام ظله.

(والجواب) عن الإجماع منعه (وعن الثاني) أن الإسلام لا يقتضي العدالة ، وقوله (فقولكم خ) (قولك خ) : الأب الأصل في المسلم هو العدالة بهذا المعنى مسلم ، وبمعنى آخر ممنوع ، وقد يجوز (جاز خ) (جوزنا خ) تأخر المقتضى عن المقتضي لمانع ، فلا تكون العدالة متحققة ، وشرط قبول الشهادة هو العلم بالعدالة ، لا التجويز.

(وعن الثالث) إن عدم النقل لا يدل على عدم الوقوع ، ولو ثبت لا يكون حجة ، لجواز عدم الحاجة إليه في أعصارهم.

ص: 497

النظر الثالث : في كيفية الحكم

وفيه مقاصد :

الأول في وظائف الحاكم ، وهي أربع :

(الأولى) التسوية بين الخصوم في السلام والكلام والمكان والنظر ، والانصات والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية) لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهر به على خصمه.

(الثالثة) إذا سكتا استحب له أن يقول : تكلما ، أو إن كنتما حضرتما لشئ فاذكراه ، أو ما ناسبه.

(الرابعة) إذا بدر أحد الخصمين سمع منه ، ولو قطع عليه غريمه منعه حتى ينتهي دعواه وحكومته

ولو ابتدرا بالدعوى سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وإن اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني في جواب المدعى عليه :

وهو إما إقرار ، أو إنكار ، أو سكوت.

أما الإقرار فيلزم إذا كان جائز الأمر ، رجلا كان أو امرأة ، فإن التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه ، أو يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحيلة.

ص: 498

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة.

ولو التمس حبسه حبس ، ولو ادعى الإعسار كلف البينة ، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية ، وأشهر منها : تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الإنكار ، فعنده يقال للمدعي : ألك بينة؟ فإن قال : نعم ، أمر بإحضارها ، فإذا حضرت سمعها.

ولو قال : البينة غائبة ، أجل بمقدار إحضارها.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي تسليمه إلى الغرماء ، رواية ، وأشهر منها تخليته.

هذه رواها السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، إن عليا عليه السلام كان يحبس في الدين ، ثم ينظر ، فإن كان له مال أعطى الغرماء ، وإن لم يكن له مال ، دفعه إلى الغرماء ، فيقول لهم : اصنعوا به ما شئتم (الحديث) (1).

والسكوني عامي وأشهر منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كان علي عليه السلام ، لا يحبس في السجن (2) (إلا ثلاثة ، الغاصب ، ومن أكل مال اليتيم (يتيم خ) ظلما ، ومن اؤتمن على أمانة ، فذهب بها ، وإن وجد له شيئا باعه غائبا كان أو شاهدا (3).

« قال دام ظله » : فإن قال : نعم ، أمر بإحضارها.

الأمر هنا بمعني القول ، تقديره يقول له : أحضرها ، وليس هذا القول لازما له ،

ص: 499


1- الوسائل باب 7 حديث 3 من كتاب الحجر ، وتمامه : إن شئتم أجروه ، وإن شئتم استعملوه.
2- وفي الوسائل كما في التهذيب (في الدين) بدل (في السجن).
3- الوسائل باب 11 حديث 2 من أبواب كيفية الحكم.

وفي تكفيل المدعي عليه تردد.

ويخرج من الكفالة عند انقضاء الأجل ، وإن قال : لا بينة ، عرفه الحاكم أن له اليمين.

ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي. فإن تبرع أو أحلفه الحاكم لم يعتد بها ، وأعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر : إما أن يحلف أو يرد ينكل.

فإن حلف سقطت الدعوى ، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجزله المقاصة ، ولو عاود الخصومة لم يسمع دعواه.

ولو أقام بينة لم تسمع.

وقيل : يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته ، فإن رد اليمين على

______________________________________________________

وتبع شيخنا كلام الشيخ في النهاية ، والأولى السكوت عند ذلك ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وعليه المتأخر.

« قال دام ظله » : وفي تكفيل المدعى عليه هنا ، تردد.

منشأ التردد أن في التكفيل احتياطا في حفظ الأموال ، وهو مختار الشيخ في النهاية ، وإلا فمقتضى الأصل عدم التكفيل ، لأنه كالحبس بغير استحقاق ، اختاره في الخلاف ، وتبعه المتأخر ، وهو الذي اعتقده ، إلا في موضع الريبة.

« قال دام ظله » : ولو أقام بينة لم تسمع.

هذا اختيار الشيخ في كتبه ، وقال المفيد تسمع ما لم يشترط الحالف ، سقوط الحق ، وبالأول روايات (1) وهو أشبه ، حذرا من خلو اليمين عن فائدة.

ص: 500


1- راجع الوسائل باب 7 و 8 من أبواب كيفية الحكم.

المدعي صح ، فإن حلف استحق ، وإن امتنع سقطت دعواه.

ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر قضي عليه بالنكول ، وهو المروي (1).

وقيل : يرد اليمين على المدعي ، فإن حلف ثبت حقه ، وإن نكل بطل.

ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت إليه.

ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.

وأما السكوت ، فإن كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره أو إنكاره ، وإن افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد ، ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر ، قضي عليه بالنكول ، وهو المروي.

هذه رواها محمد بن مسلم عن ، الصادق عليه السلام من قضية الأخرس ، التي قضى بها أمير المؤمنين عليه السلام (إلى قوله عليه السلام : ثم غسله ، وأمر الأخرس أن يشربه ، فامتنع ، فألزمه الدين) (2).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، والمفيد وسلار وابن بابويه في المقنع ، وقال في المبسوط والخلاف - واختاره المتأخر - ترد على المدعي ، فإن حلف وإلا أسقطت دعواه والأول أظهر في العمل ، والثاني أحوط.

ص: 501


1- راجع الوسائل باب 7 من أبواب كيفية الحكم خصوصا حديث 1 ، ج 18 ص 176.
2- راجع الوسائل باب 33 حديث 1 من أبواب كيفية الحكم ، والحديث طويل فلاحظه.
المقصد الثالث في كيفية الاستحلاف :
اشارة

ولا يستحلف أحد إلا باللّه ولو كان كافرا لكن إن رأى الحاكم إحلاف الذمي بما يقتضيه دينه (1) أردع جاز.

ويستحب للحاكم تقديم العظة

ويجزيه أن يقول ; واللّه ماله قبلي كذا

ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان

ولا تغليظ لما دون نصاب القطع

ويحلف الأخرس بالإشارة وقيل : يوضع يده على اسم اللّه تعالى في المصحف

وقيل : يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد إعلامه فإن شربه كان حالفا وإن امتنع ألزم الحق

ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويحلف الأخرس بالإشارة ، إلى آخره.

أقول : الحلف بالإشارة للمصنف ، حملا على سائر أموره.

والقول بوضع يده على اسم اللّه في المصحف مع الإشارة ، قول الشيخ رحمه اللّه في النهاية ، وتبعه المتأخر ، تقوية للإشارة.

والقول بشرب غسالة اليمين (في خ) المكتوبة ، قول صاحب الوسيلة ، استنادا إلى رواية محمد بن مسلم المتقدمة (2).

ص: 502


1- إن رأى الحاكم إحلاف الذمي بل مطلق الكافر كما قيل بما يقتضيه دينه كونه أردع ، وأكثر منعا له عن الباطل إلى الحق من الحلف باللّه عزوجل جاز (الرياض).
2- المتقدم ذكرها آنفا.

أو امرأة غير برزة.

ولا يحلف المنكر إلا على القطع.

ويحلف على فعل غيره على نفي العلم كما لو ادعى على الوارث فأنكر ، أو ادعى على أن يكون وكيله قبض أو باع.

أما المدعي ولا شاهد له ، فلا يمين عليه إلا مع الرد أو مع نكول المنكر على قول ، ويحلف على الجزم.

ويكفي مع الإنكار الحلف على نفي الاستحقاق.

ولو ادعى المنكر الإبراء أو الأداء انقلب مدعيا والمدعي منكرا ، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.

ولا يتوجه على الوارث - بالدعوى على مورثه - إلا مع دعوى علمه بموته أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.

ولا يسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة ، ولا يتوجه بها يمين على المنكر.

ولو ادعى الوارث لمورثه مالا سمعت دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يتوجه (أي اليمين) على الوارث ، بالدعوى على مورثه ، إلا مع دعوى علمه بموته ، أو إثباته وعلمه بالحق ، وأنه ترك في يده مالا.

أقول : إذا كانت الدعوى على المورث ، فلا تتوجه اليمين بتلك الدعوى على الوارث ، إلا أن يدعي موت المورث (الموروث خ) والوارث ينكر (أو) أثبت الموت ، ولكن الوارث ينكر أن له عليه حقا (أو) يسلم لكن يمنع أن له تركة ، ففي هذه المواضع ، تتوجه عليه اليمين على نفي العلم بالموت ، أو ثبوت الحق ، أو عدم التركة.

ص: 503

ويقضي بالشاهد واليمين في الأموال والديون.

ولا يقبل في غيره (1) مثل : الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ويشترط شهادة الشاهد أولا وتعديله ، ولو بدأ باليمين وقعت لاغية ، ويفتقر إلى إعادتها بعد الإقامة.

ولا يحلف مع عدم العلم ، ولا يثبت مال غيره.

مسألتان

(الأولى) لا يحكم الحاكم بأخبار حاكم آخر ، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره. نعم لو حكم بين الخصوم وأثبت الحكم وأشهد على نفسه فشهد شاهدان بحكمه عند آخر وجب على المشهود عنده إنفاذ ذلك الحكم.

(الثانية) القسمة تميز (تميز خ) الحقوق ، ولا يشترط حضور قاسم ، بل هو أحوط ، وإذا (فإذا خ) عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة ، وكل ما يتساوى أجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة والشعير.

وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه إذا لم يكن في القسمة ضرر كالأرض والخشب ، ومع الضرر لا يجبر الممتنع.

النظر الرابع : في الدعوى

اشارة

وهو يستدعي فصولا :

(الأول) المدعي : هو الذي يترك لو ترك الخصومة.

اشارة

ص: 504


1- أي : غير ما ذكر (الرياض).

وقيل : هو الذي يدعي خلاف الأصل أو أمرا خفيفا.

ويشترط التكليف ، وأن يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه ، وإيراد الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعي به مملوكا.

ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها.

ولو كانت دينا والغريم مقر باذل أو مع جحوده وعليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع دون الحاكم.

ولو فات أحد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو كان من غير جنس الحق.

وفي سماع الدعوى المجهولة تردد ، أشبهه : الجواز.

مسائل

(الأولى) من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به ، ومن هذا أن

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كانت دينا والغريم مقر ، باذل أو مع جحوده ، وعليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع دون الحاكم.

معناه إذا كانت الدعوى دينا ، أقر المدعى عليه بثبوت الحق ، ولا يمنع من الرد ، أو يجحد (أنكر خ) المدعى عليه لكن للمدعي (عليه خ) بينة ، فليس له (للمدعي خ) أن ينتزعه قهرا من يد المدعى عليه ، بل عند الحاكم حسما للخصومة.

« قال دام ظله » : وفي سماع الدعوى المجهولة تردد.

هذا التردد منه منشأه أنها دعوى جازمة لا تسقط ، وقال الشيخ : لا تسمع ، وكأنه نظرا إلى تعذر الحكم مع ثبوتها ، والدعوى المجهولة مثل أن يدعي دينا غير معين ، أو عرضا (فرسا خ) غير موصوف أو غير ذلك. والأول أحوط.

« قال دام ظله » : مسائل ، إلى آخرها.

ص: 505

يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.

(الثانية) لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه البحر فهو لأهله ، وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه.

وفي الرواية (1) ضعف.

(الثالثة) روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة فخلطها بماله ويتجر بها ، فقال : ذهبت ، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم ،

______________________________________________________

أقول : مسألة الكيس رواها يونس بن عبد الرحمن ، عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وهي حسنة ، وعليها العمل.

ومثله (مسألة ظ) السفينة ، رواها علي بن يقطين ، عن أمية بن عمرو ، عن الشعيري ، قال : قال : سئل الصادق عليه السلام ، الرواية (3).

ووجه ضعفها جهالة السائل ، وحملت على أن ما أخرجه البحر وصاحبه حاضر فهو له ، وما أخرجه وصاحبه غائب ، وأباحه فهو لمخرجه.

فعلى هذا لاشكال في الرواية ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، وادعى المتأخر عليها الإجماع ، وهو أعرف به ولم نحققه.

ومسألة البضاعة رواها حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4) وهي مشكلة ، إلا أن يحمل على ما ذكره دام ظله.

ومسألة الأجير ، رواها محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (وهو واقفي) عن زيد

ص: 506


1- الوسائل باب 11 حديث 2 من كتاب اللقطة ، ج 17 ص 361.
2- راجع الوسائل باب 17 حديث 1 من أبواب كيفية الحكم ، بطريق الشيخ ره
3- راجع الوسائل باب 11 حديث 2 من كتاب اللقطة
4- لم نعثر عليه في الوسائل وأورده في التهذيب باب الزيادات من كتاب القضاء حديث 6.

قال : يرجع عليه بماله ويرجع هو على أولئك بما أخذ. ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة) لو وضع المستأجر الأجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر ضامنا إلا أن يكون الأجير دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.

(الخامسة) يقضي على الغائب مع قيام البينة ، ويباع ماله ، ويقضي دينه ، ويكون الغائب على حجته ، ولا يدفع إليه المال إلا بكفلاء.

(الثاني) في الاختلاف في الدعوى ، وفيه مسائل :

(الأولى) لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها ، فإن أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية تذهب حيث شاءت.

(الثانية) لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ، ولكل منهما إحلاف صاحبه. ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث ، وللخارج إحلافه. ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له ،

______________________________________________________

بن إسحاق ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

فإن صح النقل ، فموجب ضمان المستأجر أنه ما قبض الأجير الأجرة ولا وكيله ، بخلاف ما إذا دعاه الأجير إلى ذلك ، فإنه وضع حقه عند من أراده ، فتلف منه.

ومسألة الخص (2) فيها ضعف (و خ) منشأه ، عن عمرو بن شمر ، وأفتى عليها الشيخ ، وادعى المتأخر عليها الإجماع ، وهو أعرف بما ادعاه.

ص: 507


1- الوسائل باب 6 حديث 1 من كتاب الإجارة.
2- الوسائل باب 14 حديث 2 من كتاب الصلح ج 13 ص 173.

وللآخر إحلافه. ولو صدقهما قضي لهما بالسوية ، ولكل منهما إحلاف الآخر. وإن كذبهما أقرت في يده.

(الثالثة) إذا تداعيا خصا (1) قضي لمن إليه معاقد القمط ، وهي رواية عمر وبن شمر عن جابر (2) ، وفي عمرو ضعف. وعن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن عليا عليه السلام قضى بذلك (3) ، وهي قضية في واقعة.

(الرابعة) إذا ادعى أبو الميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الأنساب.

وفيه رواية بالفرق ضعيفة.

(الخامسة) إذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال ، ولها

______________________________________________________

« قال دام ظله » : إذا ادعى أبو الميتة عارية بعض متاعها ، كلف البينة ، وكان كغيره من الأنساب ... الخ.

هذا مقتضى الأصل ، وعليها فتوى الشيخ في الحائرات (الحائريات خ) وتبعه المتأخر.

ورواية الفرق رواها محمد بن إسماعيل ، عن جعفر بن عيسى ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام ، المسألة ، فكتب في الأب يجوز بلا بينة ، وفي الزوج والأم وغيرها لا يجوز (4).

« قال دام ظله » : إذا تداعى الزوجان متاع البيت ، فله ما للرجال ولها ما للنساء ، وما يصلح لهما يقسم بينهما ، إلى آخره.

ص: 508


1- هو الحائل بين الملكين من قصب أو خشب أو غيرهما (هامش لنسخة مخطوطة في المختصر).
2- الوسائل باب 14 حديث 2 من كتاب الصلح ، ج 13 ص 173 وفيه « أن الخص للذي إليه القماط ».
3- الوسائل باب 14 حديث 1 من كتاب الصلح.
4- الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب كيفية الحكم ، والحديث هنا منقول بالمعنى

ما للنساء ، وما يصلح لهما يقسم بينهما.

وفي رواية : هو للمرأة وعلى الرجل البينة.

وفي المبسوط : إذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.

(الثالث) في تعارض البينات :

يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الأشبه.

______________________________________________________

هذا مروي ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن مسكين ، عن رفاعة النخاس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا طلق الرجل امرأته ، وفي بيتها متاع ، فلها ما يكون للنساء ، وما يكون للرجال والنساء قسم بينهما ، قال : وإذا طلق الرجل المرأة ، فادعت أن المتاع لها ، وادعى الرجل أن المتاع له ، كان له ما للرجال ولها ما يكون للنساء (1).

وعليها فتوى الشيخ في النهاية والخلاف ، واختاره المتأخر.

وفي رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : المتاع للمرأة ، إلا أن يقيم الرجل البينة ، معللا بجريان العادة بنقل المتاع من بيت المرأة إلى الزوج (2).

واختارها الشيخ في الاستبصار ، والأول أظهر ، اعتبارا للفتاوى وجريان العادة ، وما ذكره في المبسوط - قد عرفته من المتن - أشبه ، نظرا إلى الأصل ، ورواية ابن أبي عمير (3) متروكة ، وقد وردت أخرى (4) على عكسها ، والعمل على الأول.

« قال دام ظله » : الثالث في تعارض البينات ، إلى آخره.

أقول : ضابط هذا الفصل أن يقال : مع تحقق التعارض (إما) أن تكون العين

ص: 509


1- الوسائل باب 8 حديث 4 من أبواب ميراث الأزواج ، وتمامه : وما يكون للرجال والنساء قسم بينهما.
2- راجع الوسائل باب 8 حديث 1 من أبواب ميراث الأزواج ، والحديث طويل.
3- راجع الباب المذكور.
4- راجع الباب المذكور.

______________________________________________________

في يد أحدهما (أو) في يدهما (أو) في يد ثالث ، فإن كان الأول ، وشهدتا بالملك المطلق يخص (قضى خ) بها الخارج (للخارج خ) ، لأن بينه صاحب اليد ، لا حكم لها ، ويؤيده قول النبي صلى اللّه عليه وآله : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه (على من أنكره خ) (1).

وقوله : (على الأشبه) تنبيه على قول الشيخ في الخلاف : إذا ادعيا ملكا مطلقا ، ويد أحدهما على العين كانت بينته أولى.

وأظنه زيغا وقع من القلم ، فكأنه أراد ، إذا كانت بينته بالسبب.

(واستدلاله) بخبر النبي صلى اللّه عليه وآله ، وهو ما رواه جابر ، أن رجلين اختصما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في دابة أو بعير ، فأقام كل (واحد خ) منهما البينة أنها له أنتجها ، فقضى بها للذي في يده (2) وقضاء علي عليه السلام (3)  - وسنذكره - (يشهد) بما قلت.

وأيضا استدل بقوله صلى اللّه عليه وآله : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه (4).

وهو يقتضي خلاف مدعاه وهو موافق لما اختاره في الاستبصار.

فأما إن شهدتا بالسبب قضى للخارج لما قلناه ، ولما رواه محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حفص ، عن منصور ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها وأقام البينة العدول بالنتاج ، وجاء آخر بمثل تلك البينة مدعيا ، قال : حقها للمدعي ، ولا أقبل من الذي

ص: 510


1- راجع الوسائل باب 4 من أبواب كيفية الحكم.
2- راجع الخلاف ص 248 الطبع الحجري مسألة 2.
3- الوسائل باب 12 حديث 2 من أبواب كيفية الحكم ، والحديث طويل ، فراجع.
4- راجع الوسائل باب 3 من أبواب كيفية الحكم.

ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك.

وكذا الابتياع.

ولو تساويا في السبب فروايتان ، أشبههما : القضاء للخارج.

______________________________________________________

في يده ، لأن اللّه عزوجل أمر أن تطلب البينة من المدعي (1).

واختار الشيخ في الاستبصار والخلاف ، القضاء لصاحب اليد.

فكأنه استناد إلى قضاء علي عليه السلام في دابة ادعى عليها رجلان وأقاما البينة بالإنتاج ، فقضى لصاحب اليد ، وقال : لو لم يكن في يده لجعلتها بينهما نصفين (2).

وهذا قضية في واقعة ، فلا تتعدى ، والأول أشبه ، وعليه ينبغي أن يكون العمل.

فإن شهدت لصاحب اليد بالسبب ، وللآخر بالملك المطلق ، يقضى لصاحب اليد ، وهو اختيار الشيخ في كتبه ، واختيار شيخنا دام ظله.

(وقيل) : يقضى للخارج ، عملا بقوله عليه السلام : البينة على المدعي ، وعلى الجاحد (الخارج خ) اليمين (3) والتفصيل قاطع للشركة.

والأول أقوى ، لأن بينته شهدت بالملك وزيادة ، فالمرجح حاصل ، وإن كان الثاني يقضي بها بينهما نصفين ، مع فرض التساوي في البينة.

وإن حصل مع إحداهما ترجيح ، قضى له ، وإن كان الثالث قضى بالأرجح في العدالة والكثرة ، وإلا فالقرعة مع اليمين ، وهو أشبه بما (مما خ) ذكره في المبسوط ، وقد عرفته في المتن.

ص: 511


1- الوسائل باب 12 حديث 14 من أبواب كيفية الحكم ، والحديث هنا تلخيص من الشارح قده فلاحظه.
2- الوسائل باب 12 حديث 2 من أبواب كيفية الحكم ، وقد تقدمت الإشارة إليه.
3- راجع الوسائل باب 3 من أبواب كيفية الحكم.

ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر ، فيكون بينهما نصفين.

ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالأعدل فالأكثر ، فإن تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له ، ولو امتنع أحلف الآخر ، ولو امتنعا قسم بينهما.

وفي المبسوط ، يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق ، ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد ، والأول أشبه.

ص: 512

كتاب الشهادات

اشارة

ص: 513

كتاب الشهادات

والنظر في أمور :

الأول في أوصاف (صفات خ) الشاهد :

وهي ستة (ست خ) :

(الأول) البلوغ ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا.

وقيل : تقبل إذا بلغ عشرا ، وهو شاذ.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وقيل : تقبل إذا بلغ عشرا ، وهو شاذ.

هذا في رواية ، رواها الكليني - في كتابه - (في حديث) : أنه إذا بلغ الغلام عشر سنين جاز أمره ، وجازت شهادته (1) وأفتى عليها في النهاية.

وذكر ابن بابويه أخرى ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام ، قال : شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرقوا ، أو يرجعوا إلى أهليهم (أماكنهم خ) (2).

فتحمل على ما إذا بلغوا عشر سنين ، للاتفاق على أنه فيما دون العشر لا يقبل ،

ص: 514


1- الوسائل باب 22 ذيل حديث 3 من كتاب الشهادات.
2- الفقيه : ج 3 ص 44 ح 3294 من أبواب القضايا والأحكام ، طبع الغفاري ، وراجع الوسائل باب 22 ح 6 من كتاب الشهادات.

واختلفت عبارة الأصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات ، ومحصلها القبول في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا ، ويؤخذ بأول قولهم ، وشرط الشيخ في الخلاف : أن لا يفترقوا.

______________________________________________________

وطلحة بن زيد عامي ، ذكر ذلك الشيخ والنجاشي.

« قال دام ظله » : واختلفت عبارة الأصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات ، إلى آخره.

أسند الاختلاف إلى العبارة ، وهو حسن ، لأنهم ما اختلفوا في القبول.

قال المفيد : تقبل شهادتهم في الجراح والقصاص (1) إذا كانوا يعقلون ما يشهدون به ، ويعرفونه ، ويؤخذ بأول كلامهم ، ولا يؤخذ بآخره (2).

وفي رواية جميل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، يقبل في القتل ، ويؤخذ بأول كلامهم لا بالثاني(3) ، ومثله عن محمد بن حمران (4).

وقال الشيخ في النهاية : تقبل في الشجاج والقصاص ، ويؤخذ بأول كلامهم وعليه المتأخر.

وفي الخلاف ، تقبل في الجراح ما لم يتفرقوا ، إذا اجتمعوا على مباح ، وبه قال أبو الصلاح الحلبي.

والقدر المجمع (المجتمع خ) عليه القبول في الجراح ، مع بلوغ العشر ، وأول الكلام ، فعليك به.

ص: 515


1- في نسخة المقنعة المطبوعة في الشجاج والجراح.
2- الوسائل باب 22 حديث 6 من كتاب الشهادات.
3- الوسائل باب 22 حديث 1 من كتاب الشهادات ، ولفظه هكذا : قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : تجوز شهادة الصبيان؟ قال : نعم في القتل ، يؤخذ بأول كلامه ، ولا يؤخذ بالثاني منه.
4- الوسائل باب 22 حديث 2 من كتاب الشهادات.
(الثاني) كمال العقل : فالمجنون لا تقبل شهادته ، ومن يناله الجنون أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.
(الثالث) الإيمان : فلا تقبل شهادة غير الإمامي (المؤمن خ).

وتقبل شهادة الذمي في الوصية خاصة مع عدم المسلم.

وفي اعتبار الغربة تردد.

وتقبل شهادة المؤمن على أهل الملل ، ولا تقبل شهادة أحدهم على مسلم (المسلم خ) ولا غيره.

وهل تقبل على أهل ملته؟ ففيه رواية بالجواز ضعيفة ، والأشبه : المنع.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتقبل شهادة الذمي في الوصية خاصة ، مع عدم المسلم.

المراد بالمسلم ، الإمامي ، وحذف ذلك لدلالة ما قبل الكلام عليه.

« قال دام ظله » : وفي اعتبار الغربة ، تردد.

وجه التردد ، النظر إلى قول الشيخ ، قال في المبسوط ، تقبل شهادة الذمي في السفر مضطرا ، وهو اقتصار على قوله تعالى : ( أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) ، الآية (1) وهو أشبه.

وفي النهاية والخلاف : تقبل في حال الضرورة ، وهو قول المفيد وأبي الصلاح والمتأخر ، وهو أكثر في الفتوى.

« قال دام ظله » : وهل تقبل على أهل ملته (نحلته خ)؟ فيه رواية بالجواز ضعيفة ، والأشبه المنع.

هذه رواها ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن عبيد اللّه بن علي الحلبي ،

ص: 516


1- المائدة - 106.
(الرابع) العدالة : ولا ريب في زوالها بالكبائر.

وكذا في الصغائر مصرا ، أما الندرة من اللمم فلا. ولا يقدح اتخاذ الحمام للأنس ، وإنفاذ الكتب. أما الرهان عليها فقادح لأنه قمار.

واللعب بالشطرنج ترد به الشهادة.

وكذا الغناء وسماعه ، والعمل بآلات اللّهو وسماعها ، والدف إلا في الأملاك والختان ، ولبس الحرير للرجل إلا في الحرب ، والتختم بالذهب ، والتحلي به للرجال.

ولا تقبل شهادة القاذف ، وتقبل لو تاب.

وحد توبته إكذاب (أن يكذب خ) نفسه.

وفيه قول آخر متكلف.

______________________________________________________

قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام : هل تجوز شهادة أهل الذمة (ملة خ) على غير أهل ملتهم؟ قال : نعم ، إن لم يوجد من أهل ملتهم ، جاز شهادة غيرهم ، أنه لا يصلح ذهاب حق أحد. (1)

وعليها فتوى الشيخ في النهاية.

والمنع مذهبه في المبسوط ، وهو أشبه.

إذ العدالة شرط في القبول ، ولا فسق أعظم من الكفر ، وعليه المتأخر.

« قال دام ظله » : وحد توبته إكذاب نفسه ، وفيه قول آخر متكلف.

القول الأول للأصحاب إلا المتأخر ، ومستنده روايات (منها) ما رواه محمد بن أبي الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القاذف بعد ما يقام عليه الحد ، ما توبته؟ قال : يكذب نفسه ، قلت : أرأيت إن

ص: 517


1- الوسائل باب 40 حديث 1 من كتاب الشهادات.
(الخامس) ارتفاع التهمة : فلا تقبل شهادة الجار نفعا ، كالشريك فيما هو شريك فيه ، والوصي فيما له فيه ولاية.

ولا شهادة ذي العداوة الدنيوية ، وهو الذي يسر بالمساءة ويساء بالمسرة.

والنسب لا يمنع القبول.

وفي قبول شهادة الولد على أبيه خلاف ، أظهره : المنع.

______________________________________________________

أكذب نفسه ، وتاب أتقبل شهادته؟ قال : نعم (1).

وما رواه ابن محبوب ، عن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحدود إذا تاب أتقبل شهادته؟ فقال : إذا تاب ، وتوبته أن يرجع مما قال ويكذب نفسه ، عند الإمام وعند المسلمين ، فإذا فعل فإن على الإمام أن يقبل شهادته بعد ذلك (2).

وأورد المتأخر عليه إشكالا ، تقريره أن القاذف مأمور بالتوبة ، فلا تجوز التوبة بإكذاب نفسه ، لأنه قد يكون صادقا ، فيكون كاذبا في هذا القول ، فيحتاج إلى توبة أخرى ، ويلزم أيضا أن يكون مأمورا بإكذاب نفسه (بالكذب خ) وذهب إلى أن توبته أن يقول : القذف حرام أو باطل ، أو يقول : أخطأت.

هذا هو القول المتكلف ، وخرجه المروزي أولا ، واستحسنه الشيخ في الخلاف ، واختاره المتأخر ، وهو أشبه ، ولولا الخبر المتلقى بالقبول ، لقلنا به (واللّه أعلم خ).

« قال دام ظله » : وفي قبول شهادة الولد على أبيه خلاف ، أظهره المنع.

ذهب الشيخان ، وابنا بابويه ، وسلار ، وأبو الصلاح إلى المنع ، وادعى المتأخر

ص: 518


1- الوسائل باب 36 حديث 1 من كتاب الشهادات ، وفيه محمد بن الفضيل بدل محمد بن أبي الفضيل.
2- الوسائل باب 37 حديث 1 من كتاب الشهادات.

وكذا تقبل شهادة الزوج لزوجته.

______________________________________________________

عليه الإجماع.

وقال المرتضى : تقبل ، تمسكا بالأصل ، وبقوله تعالى : ( وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ ) (1).

وفي الاستدلال به ضعف ، لأن أداء الشهادة لا يستلزم القبول ، واستناد الأولين إلى الروايات وعليه العمل.

« قال دام ظله » : وكذا تقبل شهادة الزوج لزوجته ، وشرط بعض الأصحاب انضمام غيره من أهل الشهادة وكذا في الزوجة ، وربما صح فيها الاشتراط.

ذهب الشيخ وأتباعه إلى أن شهادة الزوج لزوجته ، والزوجة لزوجها لا تقبل ، إلا إذا انضمت إليها شهادة عدل آخر.

أقول : أما في الزوجة ، فقد روى الشيخ في التهذيب ومحمد بن يعقوب الكليني في الكافي ، عن ثقات ، مرفوعا إلى الحلبي (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : تجوز شهادة الرجل لامرأته ، والمرأة لزوجها ، إذا كان معها غيرها (3) وفي هذا المعنى أخرى ، عن زرعة ، عن سماعة (4).

ويقويها أن في الزوجة ضعف قوة في المزاج ، يميل معه طبعها إلى موافقة الزوج.

وأما في الزوج فما وقفنا فيه على دليل ، فنطالب الشيخ بالبرهان ، وادعى المتأخر على المسألتين الإجماع ، وما ثبت ، فالوجه التفصيل ، وهو مذهب شيخنا دام ظله.

ويظهر فائدة الضميمة في الزوج عند من يقول بها ، فيما يجوز قبول شهادة الواحد

ص: 519


1- النساء - 135.
2- يعني متصلا سنده إلى الحلبي وليس المراد الرفع المصطلح في علم الحديث.
3- الوسائل باب 25 حديث 1 من كتاب الشهادات.
4- الوسائل باب 25 حديث 3 من كتاب الشهادات ، ولفظه هكذا : قال (في حديث) : وسألته عن شهادة الرجل لامرأته؟ قال : نعم ، والمرأة لزوجها؟ قال : لا ، إلا أن يكون معها غيرها.

وشرط بعض الأصحاب انضمام غيره من أهل الشهادة.

وكذا في الزوجة ، وربما صح فيها الاشتراط.

والصحبة لا تمنع القبول كالضيف والأجير على الأشبه.

______________________________________________________

مع اليمين ، وفي الزوجة في الوصية ، إذا كانت لزوجها.

« قال دام ظله » : والصحبة ، لا تمنع القبول ، كالضيف والأجير ، على الأشبه.

أقول : شهادة الضيف لا نزاع في قبولها ، وإنما اختلف في شهادة الأجير لمن استأجره.

فذهب ابنا بابويه والشيخ وأتباعه إلى المنع من قبولها ، وهو في رواية أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل النميري ، عن العلاء ، بن سيابة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يجيز (لا يجوز خ) شهادة الأجير (1).

وحملها الشيخ في الاستبصار على حال كونه أجيرا لمن هو أجير له (2).

والوجه الطعن في الرواية ، فإن الحسن بن علي بن فضال ، فاسد العقيدة ، والذهاب إلى ما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا ، قال : وتكره شهادة الأجير لصاحبه ، ولا بأس بشهادته لغيره ، ولا بأس به له بعد مفارقته (3).

(فإن قيل) : في طريقها سماعة (قلنا) ينجبر ضعفها بقوله تعالى ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ) (4) وقوله تعالى : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (5).

ص: 520


1- الوسائل باب 29 حديث 2 من كتاب الشهادات.
2- في الاستبصار بعد نقل الخبر ما هذا لفظه. قال محمد بن الحسن : هذا الخبر وإن كان عاما في أن شهادة الأجير لا تقبل على سائر الأحوال ومطلقا ، فينبغي أن يخص ويقيد بحال كونه أجيرا لمن هو أجير له ، فأما لغيره أو له بعد مفارقته له فإنه لا بأس بها على كل حال ، انتهى (ج 3 ص 21).
3- الوسائل باب 29 حديث 3 من كتاب الشهادات.
4- البقرة - 282.
5- الطلاق. - 2.

ولا تقبل شهادة السائل بكفه لما يتصف به من مهانة النفس ، فلا يؤمن خدعه.

وفي قبول شهادة المملوك روايتان ، أشهرهما : القبول.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي قبول شهادة المملوك روايتان ، أشهرهما القبول.

رواية المنع رواها صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام (في حديث) قال : والعبد المملوك لا يجوز شهادته (1).

ورواها أيضا الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لا تجوز شهادة العبد المسلم على الحر المسلم (2).

ورواية القبول رواها الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في شهادة المملوك ، قال : إذا كان عدلا ، فهو جائز الشهادة ، إن أول من رد شهادة المملوك عمر بن الخطاب (3).

ورواها ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا (4).

وعليها عمل الأصحاب ، إلا ابن الجنيد وابن أبي عقيل.

وجمع الشيخ بين الروايتين ، بحمل الأوليين على التقية ، أو على أن المراد منها

ص: 521


1- الوسائل باب 23 ذيل حديث 10 من كتاب الشهادات.
2- الوسائل باب 23 حديث 12 من كتاب الشهادات.
3- الوسائل باب 23 حديث 5 من كتاب الشهادات ، وتمامه ، وذلك أنه تقدم إليه مملوك في شهادة ، فقال : إن أقمت الشهادة تخوفت على نفسي ، وإن كتمتها أثمت بربي ، فقال : هات شهادتك ، أما إنا لا نجيز شهادة مملوك بعدك.
4- الوسائل باب 23 حديث 1 من كتاب الشهادات.

وفي شهادته على المولى قولان ، أظهرهما : المنع ، ولو أعتق قبلت للمولى وعليه.

ولو أشهد عبديه بحمل أنه ولده فورثهما غير الحمل فأعتقهما الوارث

______________________________________________________

شهادة المملوك لمولاه لا غير.

وإذا تقرر هذا ، فهل تقبل شهادته على مولاه؟ قال المفيد والشيخ في النهاية : لا ، وتقبل له ، وهو اختيار سلار وأبي الصلاح ، وادعى المتأخر عليه الإجماع.

واختيار الشيخ في الاستبصار أنه لا تقبل لمواليهم ، وتقبل لمن عداهم ، تأويلا للروايات الواردة بالمنع مطلقا ، فيلزم من هذا أنه تقبل عليهم ، لأنه داخل في الاستثناء ، وهو الظاهر من كلام ابني بابويه.

وحكى المتأخر ، عن الاستبصار أن الشيخ قال فيه : لا تقبل شهادة العبد لسيده ولا عليه ، وهو غلط ، إما منه أو في النسخة ، ودعوى الإجماع هنا طرفة (غلط خ).

واستناد الشيخين وأتباعهما يمكن أن يكون برواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل المملوك المسلم تجوز شهادته لغير مولاه (مواليه خ)؟ فقال : يجوز في الدين والشئ اليسير (1).

ووجه الاستدلال ، أنها إذا كانت على مواليه ، فقد يصدق أنها لغير مواليه.

ومضمون الخبر دال على أن في غير الدين والشئ اليسير لا تسمع ، لكن من جوز في صورة جوز في الجمع ، وكذا من منع.

ووجه ما اختاره في الاستبصار ، هو التوفيق بين الروايتين.

ووجه دعوى الإجماع ، هو المكابرة.

« قال دام ظله » : ولو أشهد عبدين (عبديه خ) بحمل أنه ولده ، فورثهما (فورث خ)

ص: 522


1- الوسائل باب 23 حديث 8 من كتاب الشهادات.

فشهدا للحمل قبلت شهادتهما ، ورجع الإرث إلى الولد.

ويكره له استرقاقهما.

ولو تحمل الشهادة الصبي أو الكافر أو العبد أو الخصم أو الفاسق ثم زال المانع وشهدوا قبلت شهادتهم.

(السادس) طهارة المولد : فلا تقبل شهادة ولد الزنا.
اشارة

______________________________________________________

غير الحمل ، إلى آخره.

أصل هذه المسألة ربما يكون رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل مات وترك جارية ومملوكين ، فورثهما أخ له ، فاعتق العبدين ، وولدت الجارية غلاما ، فشهدا بعد العتق أن مولاهما كان أشهدهما أنه كان يقع على الجارية ، وأن الحبل (الحمل خ) منه ، قال : تجوز شهادتهما ، ويردان عبدين كما كانا (1).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، ذاهبا إلى أنه لا يجوز للولد أن يأخذهما عبيدا (عبدا خ) إن ادعيا أن والده أعتقهما.

وحمله شيخنا على الكراهية ، لأن شهادتهما لا تسمع لهما ، وقال : وتشكل الرواية على قول من يقول : إن شهادة المملوك لا تقبل لمولاه.

ويمكن أن يجاب عنه بأنهما شهدا في حالة حكم الشرع بقبول شهادتهما - أعني حالة العتق - والعبودية عرضت لهما بعد أداء الشهادة ، فلا يقدح فيها.

« قال دام ظله » : السادس ، طهارة المولد ، فلا تقبل شهادة ولد الزنا ، وقيل : تقبل في الشئ الدون ، وبه رواية نادرة.

هذا القول للشيخ في النهاية ، والرواية رواها فضالة ، عن أبان ، عن عيسى بن عبد اللّه ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن شهادة ولد الزنا؟ فقال : لا تجوز

ص: 523


1- الوسائل باب 23 حديث 7 من كتاب الشهادات.

وقيل : تقبل في الشئ الدون ، وبه رواية نادرة.

ويلحق بهذا الباب مسائل

(الأولى) التبرع بالأداء قبل الاستنطاق يمنع القبول لتطرق التهمة ، وهل (1) يمنع في حقوق اللّه تعالى؟ على (فيه خ) تردد.

______________________________________________________

إلا في الشئ اليسير ، إذا رأيت منه صلاحا. (2)

والوجه أن تبنى المسألة على قولين ، فمن قال : إن ولد الزنا كافر - وهو الأكثر - فالقول الأول ، ومن قال : ليس بكافر ، تقبل في الدون وغيره.

وندرة الرواية (3) قلة ورودها.

وهي مخالفة للأصل ، فلا عمل عليها ، ومعارضة بما رواه عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لا تجوز شهادة ولد الزنا ، ولا يؤم الناس (4).

ولهذا قال في الخلاف : لا تقبل شهادة ولد الزنا ، وإن كان عدلا ، واختاره المتأخر ، بناء على كفره ، وعليه العمل.

« قال دام ظله » : التبرع بالأداء قبل الاستنطاق ، يمنع القبول ، لتطرق التهمة ، وهل يمنع في حقوق اللّه تعالى؟ فيه تردد.

لا شك أن التبرع بأداء الشهادة يوهم التهمة ، فلا تقبل في حقوق الناس بلا خلاف.

وفي حقوق اللّه قولان ، أطلق في النهاية المنع فيهما ، للتهمة ، وفصل (فصله خ) في

ص: 524


1- وهل يمنع في حقوق اللّه أم لا؟ قولان ، على تردد (الرياض).
2- الوسائل باب 31 حديث 5 من كتاب الشهادات.
3- يعني ما ذكره المصنف من قوله قدس سره : (نادرة) المراد القلة.
4- الوسائل باب 31 حديث 6 من كتاب الشهادات ، ولفظه هكذا : قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : لو أن أربعة شهدوا عندي بالزنا على رجل ، وفيهم ولد ، وفيهم ولد الزنا لحددتهم جميعا ، لأنه لا تجوز شهادته ولا يؤم الناس.

(الثانية) الأصم ، تقبل شهادته فيما لا يفتقر إلى السماع.

وفي رواية : يؤخذ بأول قوله.

وكذا تقبل شهادة الأعمى فيما لا يفتقر إلى الرؤية.

(الثالثة) لا تقبل شهادة النساء في الهلال والطلاق. وفي قبولها في الرضاع تردد ، أشبهه : القبول.

______________________________________________________

المبسوط أي تقبل في حقوق اللّه ، ولا تقبل في حقوق الناس.

وهو حسن ، حذرا من تعطيل (سقوط خ) حدود اللّه ، إلا نادرا ، ومنشأ التردد ، احتمال الوجهين.

« قال دام ظله » : الأصم تقبل شهادته ، فيما لا يفتقر إلى السماع ، وفي رواية يؤخذ بأول قوله.

لما كانت الشهادة هي العلم بالمشهود به ، فلا يشترط فيه السماع ، إلا فيما لا يعلم إلا بالسماع ، مثل الإقرار وغيره ، وعليه فالأصم تقبل شهادته ، إلا فيه.

وأما ما يشتمل عليه رواية درست ، عن جميل ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن شهادة الأصم في القتل؟ قال : يؤخذ بأول قوله ، ولا يؤخذ بالثاني. (1)

ففيه إشكال ظاهر ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، والعمل على الأول.

« قال دام ظله » : لا تقبل شهادة النساء في الهلال والطلاق ، وفي قبولها في الرضاع تردد أشبهه القبول.

منشأ التردد ، النظر إلى قول الأصحاب ، فإن الشيخ ذهب في الخلاف إلى المنع مستدلا بالإجماع ، وعليه أكثر أتباعه والمتأخر ، وذكر في المبسوط القولين.

وذهب المفيد وسلار إلى القبول ، واختاره شيخنا دام ظله ، وهو أشبه ، لأنه مما يخفى على الرجال غالبا.

ص: 525


1- الوسائل باب 42 حديث 3 من كتاب الشهادات.

ولا تقبل في الحدود ، وتقبل مع الرجال في الرجم على تفصيل يأتي.

وفي الجراح والقتل بأن يشهد رجل وامرأتان ، وتجب بشهادتهن الدية لا القود.

وفي الديون مع الرجال.

ولو انفردن كالمرأتين مع اليمين فالأشبه : عدم القبول.

وتقبلن منفردات في العذرة وعيوب النساء الباطنة.

وتقبل شهادة القابلة في ربع ميراث المستهل ، وامرأة واحدة في ربع الوصية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو انفردن (أي في الديون) كامرأتين (كالمرأتين خ) مع اليمين ، فالأشبه عدم القبول.

القبول مذهب الشيخ وأبي الصلاح وشيخنا دام ظله في الشرائع ، وهو فيما رواه ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) أن أباه أخبره أن رسول اللّه عليه وآله أجاز شهادة النساء في الدين (الديون خ) مع يمين المطالب ، يحلف باللّه أن حقه لحق. (1)

وهي محمولة على أن المراد شهادة امرأتين ، يبينه ما رواه سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، قال : حدثني الثقة ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : إذا شهد لطالب (لصاحب ئل) الحق امرأتان ويمينه ، فهو جائز. (2)

واختار شيخنا هنا عدم القبول ، لقوله تعالى : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (3) ، والمتأخر تردد فيه ، والأول أظهر.

ص: 526


1- الوسائل باب 24 ذيل حديث 2 من كتاب الشهادات.
2- الوسائل باب 24 حديث 31 من كتاب الشهادات.
3- الطلاق - 2.

وكذا كل امرأة تثبت شهادتها في الربع حتى يكملن أربعا فتقبل شهادتهن في الوصية أجمع.

ولا ترد شهادة أرباب الصنائع المكروهة كالصياغة ، والصنائع الدنية كالحياكة والحجامة ، ولو بلغت الدناءة كالزبال والوقاد ، ولا ذوي العاهات كالأجذم والأبرص.

الثاني فيما يصير به شاهدا :

وضابطه : العلم ، ومستنده : المشاهدة أو السماع.

فالمشاهدة للأفعال كالغصب والقتل والسرقة والرضاع والولادة والزنا واللواط.

أما السماع ، فيثبت به النسب والملك والوقف والزوجية.

ويصير الشاهد متحملا بالمشاهدة لما يكفي فيه المشاهدة ، والسماع لما يكفي فيه السماع وإن لم يستدعه المشهود عليه.

وكذا لو قيل له : لا تشهد فسمع من القائل ما يوجب حكما.

وكذا لو خبئ (1) فنطق المشهود عليه.

وإذا دعي الشاهد للإقامة وجب ، إلا مع ضرر غير مستحق ، ولا يحل الامتناع مع التمكن.

ولو دعي للتحمل فقولان ، المروي : الوجوب.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو دعي للتحمل ، فقولان ، المروي الوجوب.

ذهب الشيخ في النهاية وأتباعه وأبو الصلاح في الكافي ، إلى وجوب التحمل ،

ص: 527


1- من الخباء - الخاء المعجمة بمعنى الستر.

ووجوبه على الكفاية ، ويتعين مع عدم من يقوم بالتحمل.

ولا يشهد إلا مع المعرفة أو شهادة عدلين بالمعرفة.

ويجوز أن تسفر المرأة ليعرفها الشاهد.

ويشهد على الأخرس بالإشارة ، ولا يقيمها بالإقرار.

مسائل

(الأولى) قيل : يكفي في الشهادة بالملك مشاهدته بتصرف

______________________________________________________

وبه رواية رواها في التهذيب مرفوعا (1) إلى ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في قول اللّه عزوجل : وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا (2) فقال : لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها ، أن يقول : لا أشهد لكم عليها. (3)

ومثله رواه عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في قوله تعالى : وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا؟ قال : قبل الشهادة (4) بناء على جواز تسمية الشئ بما يؤول إليه ، وفيه احتمال.

وذهب في المبسوط إلى عدم الوجوب ، واختاره المتأخر ، وهو أشبه ، والأول أحوط.

« قال دام ظله » : قيل : يكفي في الشهادة بالملك ، مشاهدة (مشاهدته خ) بتصرف فيه ، وبه رواية.

القائل هو الشيخ في النهاية والخلاف ، مستدلا بالإجماع ، وتردد في المبسوط ،

ص: 528


1- يعني متصلا سنده إلى ابن أبي عمير.
2- البقرة - 282.
3- الوسائل باب 1 حديث 4 من كتاب الشهادات ، وزاد : فقال فذلك قبل الكتاب (نقلا عن الكافي).
4- الوسائل باب 1 حديث 1 من كتاب الشهادات.

(يتصرف خ) فيه ، وبه رواية (1) ، والأولى الشهادة بالتصرف لأنه دلالة الملك وليس بملك.

(الثانية) تجوز الشهادة على ملك لا يعرفه الشاهد إذا عرفه المتبايعان.

(الثالثة) لا يجوز إقامة الشهادة إلا مع الذكر ، ولو رأى خطه.

______________________________________________________

وجعل الجواز رواية الأصحاب ، واختاره المتأخر ، مستدلا بأنه كما يجوز أن يشتريه فيجوز أن يشهد له بالملك.

وهو ضعيف لأن الشهادة تستدعي حصول العلم التام ، لقوله صلى اللّه عليه وآله : ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد ، أو دع (2) بخلاف البيع ، فإنه يكفي فيه الأمارة.

والوجه أن يقتصر بالشهادة على التصرف.

ويظهر لي أن مع طول المدة وعدم المنازع ، تجوز بالملك أيضا لا مع قصرها أو وجود المنازع ، وإلا (3) يلزم الحاكم أن يحكم بتعارض البينتين ، مع علمه بتصرف المالك ، إذا أقام المدعي البينة ، منفردا بها ، وليس كذلك.

« قال دام ظله » : لا يجوز إقامة الشهادة إلا مع الذكر ، ولو رأى خطه ، وفي رواية : إن شهد معه آخر جاز إقامتها ، وفي الرواية تردد.

هذه رواها حماد بن عثمان ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يشهدني على الشهادة (شهادة خ) فأعرف خطي وخاتمي ، ولا أذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا؟ قال : فقال لي : إذا كان صاحبك ثقة ، ومعه رجل ثقة ،

ص: 529


1- الوسائل باب 8 حديث 4 من كتاب الشهادات ، ج 18 ص 235.
2- عوالي اللئالي ج 3 ص 528 تحت رقم 1 من باب الشهادات.
3- وفي عدة من النسخ : (ولا يلزم) بدل (وإلا يلزم) والصواب ما أثبتناه.

وفي رواية (1) : إن شهد معه آخر جاز إقامتها.

وفي الرواية تردد.

(الرابعة) من حضر حسابا أو سمع شهادة ولم يستشهد كان بالخيار في الإقامة ما لم يخش بطلان الحق إن امتنع ، وفيه تردد.

______________________________________________________

فاشهد له (2).

وقد ضعفها الشيخ في الاستبصار ، وذكر أنها مخالفة للأصل (للأصول خ) وذهب إليها في النهاية.

والأولى إطراحها ، لما ذكره ، ولكونها معارضة بروايات.

(منها) ما رواه إدريس (بن) الحسين ، عن علي بن غياث ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا تشهدن بشهادة حتى تعرفها ، كما تعرف كفك (نفسك خ) (3).

وما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تشهد بشهادة لا تذكرها ، فإنه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما (4).

والترجيح لها ، لكونها موافقة للأصل.

ويؤيدها قول النبي صلى اللّه عليه وآله : على مثل الشمس فاشهد ، أودع (5) وعليها عمل شيخنا والمتأخر ، وبعض أتباع الشيخ ، تبعوا فتوى النهاية

« قال دام ظله » : من حضر حسابا ، أو سمع شهادة ، ولم يستشهد ، كان بالخيار في الإقامة ، ما لم يخش بطلان الحق ، إن امتنع ، وفيه تردد.

ص: 530


1- الوسائل باب 8 حديث 1 من كتاب الشهادات.
2- الوسائل باب 8 حديث 1 من كتاب الشهادات.
3- الوسائل باب 8 حديث 3 من كتاب الشهادات.
4- الوسائل باب 8 حديث 4 من كتاب الشهادات.
5- عوالي اللئالي ج 3 ص 528 تحت رقم 1 من باب الشهادات.

ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي استدعاؤه إلى حاكم يرد شهادته.

(الخامسة) الشهادة على الشهادة ، وهي مقبولة في الديون والأموال والحقوق ، ولا تقبل في الحدود.

ولا يجزي إلا اثنان على شاهد الأصل.

وتقبل الشهادة على شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن (منفردات خ) على تردد.

______________________________________________________

التردد فيه بقوله : (كان بالخيار) ومنشأه قوله تعالى : ( وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ، وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) (1).

وذهب الشيخ في النهاية إلى الخيار ، والأولى سقوطه هنا ، وهو اختيار شيخنا دام ظله والمتأخر.

في الشهادة على الشهادة

« قال دام ظله » : وتقبل على الشهادة شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن (منفردات خ) على تردد.

ومنشأ التردد النظر إلى قول الشيخ ، فإنه ذهب في المبسوط ، إلى أنه لا مدخل للنساء في الشهادة على الشهادة وهو اختيار المتأخر.

وقال في الخلاف : تقبل في الديون والأملاك والعقود ، وقال الشافعي : لا تقبل بحال ، وقال أبو حنيفة : تقبل في ما لشهادتهن مدخل فيه ، واختار شيخنا ، الأول ، وفيه نظر ، ووقع في بعض النسخ : (وتقبل الشهادة على شهادة النساء) وهو انحراف

ص: 531


1- البقرة - 282.

وأجلى الألفاظ أن يقول : أشهد على شهادتي أنني أشهد على كذا.

ولا تقبل شهادة الفرع إلا مع تعذر حضور شاهد الأصل بمرض (لمرض خ) أو غيبة أو موت.

ولو شهد الفرع فأنكر شاهد الأصل فالمروي (1) : العمل بأعدلهما ، فإن تساويا اطرح الفرع.

وفيه إشكال ، لأن قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شاهد الأصل.

ولا تقبل شهادة على شهادة على شهادة في شئ.

______________________________________________________

القلم ، كان وقع وقت التصنيف ، وقد أصلحه دام ظله بقراءتي عليه ، لأن هذه المسألة وإن كانت صحيحة ، إلا أنه لا خلاف فيها ، ولا تردد ، وقد قيدها به.

« قال دام ظله » : ولو شهد الفرع ، فأنكر شاهد الأصل ، فالمروي العمل بأعدلهما ، فإن تساويا ، اطرح الفرع ، وفيه إشكال ، لأن قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شهادة الأصل.

أقول : الإشكال على ما يتضمنه الرواية من العمل بالأعدل ، ومنشأه أن تعذر شهادة الأصل هل هو شرط في قبول الفرع أم لا؟ الأول أظهر وأشبه ، وعمل الشيخ في النهاية على الرواية والمتأخر متردد هنا.

وبتقدير تسليم الرواية مع التساوي ، يطرح الفرع ، وهو مذهب الشيخ وأتباعه ، وهو حسن.

وقال علي بن بابويه في رسالته : يقبل الفرع ويطرح الأصل.

وهو بعيد ، ضرورة عدم كون الفرع أقوى من الأصل ، وفي بعض النسخ ، اطرح الأصل ، وهو يكون على مذهب ابن بابويه وليس بمراد هنا ، وعلى هذا التقدير ، يكون الإشكال على قبول الفرع ، لا على الرواية.

ص: 532


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من كتاب الشهادات.
الأمر الثالث في اللواحق :

وفيه مسائل :

(الأولى) إذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم يحكم ، ولو رجعا بعد القضاء لم ينقض الحكم وضمن الشهود.

وفي النهاية : إن كانت العين قائمة ارتجعت ولم يغرما ، وإن كانت تالفة ضمن الشهود.

(الثانية) إذا ثبت أنهما شاهدا زور نقض الحكم واستعيدت العين مع بقائها ، ومع تلفها أو تعذرها يضمن الشهود.

(الثالثة) لو كان المشهود به قتلا أو رجما أو قطعا فاستوفي ثم رجع الشهود ، فإن قالوا : تعمدنا ، اقتص منهم أو من بعضهم ، فيرد البعض ما وجب عليهم ، ويتم الولي إن بقي عليه شئ ، ولو قالوا : أخطأنا ،

______________________________________________________

مسائل

« قال دام ظله » : الأولى ، إذا رجع الشاهدان قبل القضاء ، لم يحكم ، ولو رجعا بعد القضاء ، لم ينقض الحكم ، وضمن الشهود ، إلى آخرها.

أقول : رجوع الشاهدين عن الشهادة لا يخلو إما أن يكون قبل حكم الحاكم أو بعده (فعلى الأول) لا ينفذ الحاكم الحكم (وعلى الثاني) لم ينقض الحكم ، بل يضمن الشهود ، ما أتلفوا بشهادتهم ، على اختيار الشيخ في الخلاف والمبسوط ، واختيار المتأخر.

وهو أشبه ، لأن حكمه كان شرعيا ثابتا ، ورجوع الشهود يحتمل الكذب ، فلا يقدح فيما جزم به.

وقال في النهاية : لا يضمن الشهود ، إلا مع تلف العين ، ومع بقائها ينقض الحكم ، ومنشأ التفصيل غير معلوم ، فالعمل على الأول.

ص: 533

لزمتهم الدية ، ولو قال بعضهم : أخطأنا ، لزمه نصيبه من الدية ولم يمض إقراره على غيره. ولو قال : تعمدت ، رد عليه الولي ما يفضل ويقتص منه إن شاء.

وفي النهاية : يرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة أرباع الدية ويقتل ، والرواية (1) صحيحة السند ، غير أن فيها تسلطا على الأموال المعصومة بقول واحد.

(الرابعة) لو شهدا بطلاق امرأة فتزوجت ثم رجعا ضمنا المهر وردت إلى الأول بعد الاعتداد من الثاني.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو شهدا بطلاق امرأة فتزوجت ، ثم رجعا ، ضمنا المهر ، إلى آخره.

أصل هذه المسألة ، رواية رواها علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في شاهدين شهدا على امرأة بأن زوجها طلقها ، فتزوجت ، ثم جاء زوجها ، فأنكر الطلاق ، قال : يضربان الحد ، ويضمنان الصداق للزوج ، ثم تعتد ، ثم ترجع إلى زوجها الأول. (2)

ولا يصح حمل هذه الرواية على ظاهرها ، لما يتضمن من الاضطراب (3).

ص: 534


1- الوسائل باب 12 حديث 2 و 3 من كتاب الشهادات ، وباب 10 حديث 1 منه.
2- الوسائل باب 13 حديث 1 من كتاب الشهادات.
3- اضطرابها من وجهين أو ثلاثة (الأول) حكمه عليه السلام بضرب الحد ، مع أن شهادتهما صار سببا للوطء بالشبهة ، ولو يثبت كذب الشاهدين ، ولم يفرض في الرواية رجوعهما عن الشهادة (الثاني) ضمان الشاهدين للصداق مع لزومه على الزوج الثاني لكونه دخل بها ، ولم يكن عن زنا ، إلا أن يقال : إن شهادتها كانت جزء السبب للازدواج فتأمل. ثم على تقدير كونه بحكم الزنا لم أمر عليه السلام باعتدادها ، مع أنه لا عدة في ماء الزاني فتأمل ، فإنه يمكن أن يقال بعدم التلازم بين الأمر بالحد وبين عدم كذب الشاهدين واللّه العالم.

وتحمل هذه الرواية (1) على أنها نكحت بسماع الشهادة لامع حكم الحاكم ، ولو حكم لم يقبل الرجوع.

(الخامسة) لو شهد اثنان على رجل بسرقة فقطع ثم قالا : أوهمنا ، والسارق غيره ، أغرما دية يد الأول ، ولم يقبلا على (في خ) الأخير لما يتضمن من عدم الضبط.

(السادسة) تجب أن يشهر (شهرة خ) شاهد الزور وتعزيره بما يراه الإمام عليه السلام حسما للجرأة.

______________________________________________________

فحمل الشيخ في النهاية ، ضمان الشهود على ما إذا رجعوا ، وحمل المتأخر الحد على التعزير ، لأنهما شاهدا زور ، والرجوع إلى الأول ، على أنها تزوجت بسماع الشهادة ، لا بحكم الحاكم.

وزاد الشيخ في النهاية على ما في الرواية (ودخل بها) وهو مدلول الاعتداد التزاما.

(وما ذكره) شيخنا دام ظله في الشرائع من التفصيل ، بأنه إن كان الطلاق بعد الدخول لم يضمنا ، وإن كان قبل الدخول ضمنا نصف المهر (مغاير) لما نحن بصدده ، لأن في مسألتنا ، إنها تزوجت بعد الطلاق ، وضمان المهر للزوج الثاني ، وفي مسألة الشرائع أنها ما تزوجت والمهر للزوج الأول (الثاني خ) ، وهي مسألة من مسائل الخلاف ، قد ضمنها الشيخ في مسألتين فيه.

ص: 535


1- الوسائل باب 13 حديث 1 من كتاب الشهادات.

ص: 536

كتاب الحدود والتعزيرات

اشارة

ص: 537

كتاب الحدود والتعزيرات

وفيه فصول :

الفصل الأول : في حد الزنا

اشارة

والنظر في : الموجب والحد واللواحق.

أما الموجب :

فهو إيلاج الإنسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة.

ويتحقق بغيبوبة الحشفة قبلا أو دبرا.

ويشترط في ثبوت الحد : البلوغ (والعقل خ) والعلم بالتحريم والاختيار.

فلو تزوج بمحرمة كالأم أو المحصنة سقط الحد مع الجهالة بالتحريم.

ويثبت مع العلم ، ولا يكون العقد بمجردة شبهة في السقوط.

ولو تشبهت الأجنبية بالزوجة فعليها الحد دون واطئها.

______________________________________________________

في حد الزنا

« قال دام ظله » : ولو تشبهت الأجنبية بالزوجة ، فعليها الحد دون واطئها ، وفي

ص: 538

وفي رواية (1) : يقام عليها الحد جهرا ، وعليه سرا وهي متروكة.

ولو وطأ المجنون عاقلة ففي وجوب الحد تردد.

______________________________________________________

رواية : يقام عليها الحد جهرا ، وعليه سرا ، وهي متروكة.

هذه رواها هشام بن بشير ، عن أبي بشير (بشر خ) عن أبي روح ، أن امرأة تشبهت بأمة لرجل ، وذلك ليلا ، فواقعها ، وهو يرى أنها جاريته ، فرفع إلى عمر ، فأرسل إلى علي عليه السلام ، فقال : اضرب الرجل حدا في السر ، واضرب المرأة علانية. (2)

وهي نادرة وجلد (حد خ) الرجل مخالف للأصل ، أي سقوط الحد بالشبهة ، وقد ذكرها الشيخ في النهاية.

وقد حكى شيخنا دام ظله عن بعض معاصريه ، أنه عليه السلام أراد إيهام الحاضرين بإقامة الحد عليه لئلا يتخذ الجاهل الشبهة عذرا من غير أن حد ، وفي هذا عدول فاسد.

فالأشبه أن يقام عليها الحد ، ويسقط عن الرجل للشبهة ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف وشيخنا والمتأخر.

ويسقط عنها أيضا لو ادعت الشبهة ، وكذا لو اضطجعت هي على فراشه ، وأتت بعذر يقرب من الصدق ، على الأشبه.

« قال دام ظله » : ولو وطأ المجنون عاقلة ، ففي وجوب الحد تردد ، وأوجبه الشيخان.

منشأ التردد كون المجنون مرفوع القلم ، واستناد الشيخين إلى ما رواه أبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد ، وإن كان محصنا رجم ، قال : قلت : وما الفرق بين المجنون والمجنونة ، والمعتوه والمعتوهة؟

ص: 539


1- الوسائل باب 38 حديث 1 من أبواب حد الزاني ، ج 18 ص 409.
2- الوسائل باب 38 حديث 1 من أبواب حد الزنا.

وأوجبه الشيخان.

ولا حد على المجنونة.

ويسقط الحد بادعاء الزوجية ، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعي.

______________________________________________________

فقال : المرأة إنما تؤتى ، والرجل يأتي ، وإنما يأتي إذا عقل كيف يأتي اللذة. (1)

ونعم ما فرق به عليه السلام ، فإن الواطئ لا يحصل من الوطء ، إلا مع القصد ، لا الموطوءة.

(فإن قيل) : هو وإن قصد إلى ذلك لكن الحد عنه ساقط ، لقوله عليه السلام : رفع القلم عن المجنون حتى يفيق. (2)

(قلنا) : هو معارض بعموم الآيات والأخبار المتناولة وجوب الحد عليه فالترجيح (والترجيح خ) لها ، فإن ادعوا التخصيص فيها ، فكذا نحن في الخبر.

وذهب المتأخر إلى سقوط الحد عنه تمسكا بما قلناه ، ويؤيد قوله ما رواه الأصبغ بن نباتة ، قال : أتي عمر بخمسة نفر ، أخذوا في الزنا ، فأمر أن يقام عليهم الحد ، فقال علي عليه السلام : ليس هذا حكمهم ، قال عمر : فأقم أنت الحد عليهم ، فضرب واحدا عنقه ، ورجم آخر ، وحد الثالث ، ونصفه في الرابع ، وعزر الخامس ، فتعجب القوم ، فقال عليه السلام : الأول كان ذميا ، والثاني محصنا ، والثالث غير محصن ، والرابع عبدا ، والخامس مجنونا مغلوبا على عقله. (3)

ص: 540


1- الوسائل باب 21 حديث 2 من أبواب حد الزنا ، وتمامه : وإن المرأة إنما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يعقل بها ، وفي الوسائل كما في الكافي : (وإنما يزني) بدل قول عليه السلام : (وإنما يأتي).
2- الوسائل باب 4 قطعة من حديث 4 من أبواب مقدمة العبادات ، وباب 8 قطعة من حديث 2 من أبواب مقدمات الحدود.
3- فروع الكافي كتاب الحدود باب النوادر حديث 26 ، وفي الوسائل في باب 1 حديث 16 من أبواب حد الزنا. ولفظه هكذا : عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتي عمر بخمسة نفر أخذوا في الزنا ، فأمر أن يقام على كل واحد منهم الحد ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا ، فقال : يا عمر ليس هذا حكمهم ، قال : فأقم أنت الحد عليهم ، فقدم واحدا منهم فضرب عنقه ، وقدم الآخر فرجمه ، وقدم الثالث فضربه الحد ، وقدم الرابع فضربه نصف الحد ، وقدم الخامس فعزره ، فتحير عمر وتعجب الناس من فعله ، فقال عمر : يا أبا الحسن خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمسة حدود ليس شئ منها يشبه الآخر؟ فقال أمير المؤمنين : أما الأول فكان ذميا فخرج عن ذمته لم يكن له حد إلا السيف وأما الثاني فرجل محصن كان حده الرجم ، وأما الثالث فغير محصن حده الجلد ، وأما الرابع فعبد ضربناه نصف الحد ، وأما الخامس فمجنون مغلوب على عقله.

ولا يثبت الإحصان الذي يجب معه الرجم حتى يكون الزاني بالغا حرا له فرج مملوك بالعقد الدائم أو الملك ، يغدو عليه ويروح ، وتستوي المسلمة والذمية.

وإحصان المرأة كإحصان الرجل لكن يراعى فيها العقل إجماعا.

ولا تخرج المطلقة الرجعية عن الإحصان.

وتخرج البائن.

وكذا المطلق (1).

ولو تزوج معتدة عالما (بالتحريم خ) (2) حد مع الدخول.

______________________________________________________

وهذا مع كونها حكاية الحال ، لكن التعليل يؤذن بالإطراد ، وللبحث في المسألة مجال ، والأظهر ما قدمناه.

« قال دام ظله » : يغدو عليه ويروح.

أي يقدر (عليه خ) غداة ورواحا ، بمعنى أن لا يكون بينهما أكثر من مسافة ، وهو يقدر على قطعها ، وإلا يكون ممنوعا عنها (منها خ).

ص: 541


1- يعني وكذا أن لا يخرج المطلق عن الإحصان إذا كان الطلاق رجعيا ، وإن كان الطلاق بائنا يخرج عن الإحصان ، فتفطن.
2- في الرياض « عالما بالعدة » بدل « بالتحريم ».

وكذا المرأة.

ولو ادعيا الجهالة أو أحدهما قبل على الأصح إذا كان ممكنا في حقه.

ولو راجع المخالع لم يتوجه عليه الرجم حتى يطأ (يطأها خ).

وكذا العبد لو أعتق ، والمكاتب إذا تحرر.

ويجب الحد على الأعمى ، فإن ادعى الشبهة فقولان ، أشبههما :

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو ادعيا الجهالة ، أو أحدهما ، قبل ، على الأصح ... الخ.

قوله : (على الأصح) تنبيه على إطلاق الشيخ في النهاية ، بوجوب الحد ، وما ذكره دام ظله تمسك بكون الدعوى شبهة ، وهو حسن ، وقيد المتأخر بكون المدعي قريب العهد بالإسلام.

والحق أن الجهل يمكن فيما قدم زمانه في الإسلام ، ولم يخالط العلم وأهله ، فالشبهة قائمة ، فالحد عنه ساقط.

« قال دام ظله » : ويجب الحد على الأعمى ، فإن ادعى الشبهة فقولان ، أشبههما القبول مع الاحتمال.

القول بعدم القبول للشيخين في النهاية والمقنعة ، والوجه فيه يمكن أن يكون أن الواجب عليه الاحتياط في معرفة الموطوءة ، لعدم حاسته ، فمع الإقدام لا يسمع قوله : (اشتبه علي).

وقال المتأخر : لا يقبل إن كانت الحال شاهدة ، بخلاف قوله ، ويقبل لو شهدت الحال بذلك ، واختار شيخنا القبول مطلقا ، وهو أشبه ، لقوله : ادرأوا الحدود بالشبهات (الحديث). (1)

ص: 542


1- الوسائل باب 24 صدر حديث 4 من أبواب مقدمات الحدود.

القبول مع الاحتمال.

وفي التقبيل والمضاجعة والمعانقة : التعزير.

ويثبت الزنا بالإقرار أو البينة.

ولا بد من بلوغ المقر وكماله واختياره وحريته وتكرار الإقرار أربعا.

وهل يشترط اختلاف مجالس الإقرار؟ أشبهه : أنه لا يشترط.

ولو أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يشترط اختلاف مجالس الإقرار؟ أشبهه أنه لا يشترط.

اشترط الشيخ في المبسوط والخلاف ، اختلاف المجالس ، تمسكا بحكاية إقرار ماعز (1).

وفيه ضعف ، فإنه حكاية حال ، فالأشبه عدم الشرط ، تمسكا بالأصل ، وهو اختيار شيخنا.

« قال دام ظله » : ولو أقر بحد ولم يبينه ، ضرب حتى ينهى عن نفسه.

معناه حتى يزجر المقر الضارب عن الضرب.

ومستند هذه الفتوى ، ما رواه محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ، عن علي (أمير المؤمنين) عليهما السلام ، في رجل أقر على نفسه بحد ، ولم يسم أي حد هو؟ قال : أمر أن يجلد حتى يكون هو الذي ينهى عن نفسه في الحد (2).

والرواية مشهورة ، وأفتى عليها الشيخ وأتباعه ، وفي محمد بن قيس اشتباه.

وقال المتأخر : لا يزاد على مائة ، وإن لم ينه ، ولا ينقص عن ثمانين وإن نهي ، وصوبه شيخنا في طرف المائة لأن الحد لا يزيد عليها ، ولم يصوبه في طرف الثمانين ، لأن التعزير قد يسمى حدا ، وهو حسن ، وإطلاق الرواية شاهد به.

ص: 543


1- راجع الوسائل باب 15 من أبواب حد الزنا.
2- الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب مقدمات الحدود.

ولو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط عنه ، ولا يسقط غيره.

ولو أقر ثم تاب كان الإمام عليه السلام مخيرا في الإقامة ، رجما كان وغيره.

ولا يكفي في البينة أقل من أربعة رجال ، أو ثلاثة وامرأتين.

ولو شهد رجلان وأربع نساء يثبت بهم الجلد لا الرجم.

ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل.

ولا شهادة النساء منفردات.

ولو شهد ما دون الأربع لم يثبت ، وحدوا للفرية.

ولا بد في الشهادة من ذكر المشاهدة ، كالميل في المكحلة.

ولا بد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد.

ولو أقام الشهادة بعض حدوا ولم يرتقب إتمام البينة.

وتقبل شهادة الأربعة على الاثنين فما زاد.

ولا يسقط بالتوبة بعد قيام البينة ، ويسقط لو كانت قبلها ، رجما كان أو غيره.

النظر الثاني في الحد :

يجب القتل على الزاني بالمحرمة كالأم والبنت.

وألحق الشيخ كذلك امرأة الأب.

______________________________________________________

في الحد

« قال دام ظله » : والحق الشيخ كذلك امرأة الأب.

أقول : أسند الإلحاق إلى الشيخ ، لعدم الدليل عليه ، والشيخ سابق به ، وأضاف

ص: 544

وكذا يقتل الذمي إذا زنى بالمسلمة ، والزاني قهرا.

ولا يعتبر الإحصان ، ويتساوى فيه الحر والعبد ، والمسلم والكافر.

وفي جلده قبل القتل تردد.

ويجب الرجم على المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة.

ويجمع للشيخ والشيخة بين الجلد (الحد خ ل) والرجم إجماعا.

______________________________________________________

المتأخر امرأة الابن إليه ، وصاحب الوسيلة جارية الأب إليهما.

والحق أن الدماء لا يتهجم على الفتوى بسفكها ، إلا لدليل وإلا يقلد مجرد الدعوى (الدعاوي خ) (1) والروايات واردة بوجوب القتل على الواطئ بمحرماته.

والمراد المحرمات التي تتضمنها الآية ، نسبا ، وإلا يلزم اطراد الحكم في كل  المحرمات ، وليس كذلك.

« قال دام ظله » : وفي جلده قبل القتل تردد.

منشأ التردد إطلاق الأصحاب بالقتل ، مجردا عن الجلد ، والنظر إلى قوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) ، الآية (2).

والذي يظهر ، الجلد ثم القتل ، عملا بمقتضى الدليلين ، السنة والآية ، إذ لا يتنافى العمل بهما ، وهو اختيار المتأخر.

« قال دام ظله » : ويجمع للشيخ والشيخة ، بين الحد (الجلد خ) والرجم إجماعا ، وفي الشاب روايتان ، أشبههما الجمع.

يريد الشاب المحصن ، ذهب الشيخ في النهاية ، والمبسوط ، والتهذيب ، والاستبصار ، وأبو الصلاح في الكافي ، إلى أنه لا يجمع.

ص: 545


1- الظاهر أن المراد منه أنه لو جاز التهجم على الفتوى يلزم أن يقلد المتأخرون مجرد الدعاوى التي ادعاها المتقدمون.
2- النور - 2.

وفي الشاب روايتان ، أشبههما : الجمع.

ولا يجب الرجم بالزنا بالصغيرة والمجنونة :

ويجب الجلد.

وكذا لو زنى بالمحصنة صغير.

ولو زنى بها المجنون لم يسقط عنها الرجم.

ويجز (1) رأس البكر مع الحد ، ويغرب عن بلده سنة.

______________________________________________________

وهو في رواية محمد بن حفص ، عن عبد اللّه بن طلحة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ، ثم رجما عقوبة لهما ، وإذا زنى النصف من الرجال ، رجم ، ولم يجلد ، إذا كان قد أحصن ، وإذا زنى الشاب الحدث السن جلد ، ونفي سنة من مصره (2).

ومثله في رواية أبي هاشم ، عن محمد بن جعفر ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، لفظا بلفظ (3) وذهب المفيد وعلم الهدى وسلار إلى أن يجمع ، أما الجلد فللآية ، وأما الرجم فللإجماع ويؤيده قول علي عليه السلام ، لما جلد شراحة يوم الخميس ، ورجمها يوم الجمعة جلدتها بكتاب اللّه تعالى ورجمتها بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (4).

وهو أشبه ، واختاره الشيخ في التبيان ، وعليه المتأخر.

« قال دام ظله » : ولو زنى بها المجنون ، لم يسقط عنها الرجم.

يريد عدم السقوط عن المحصنة لاعن المجنون ، إذ المجنون لا يحد عنده.

ص: 546


1- أي : يحلق (الرياض).
2- الوسائل باب 1 حديث 11 من أبواب حد الزنا.
3- الوسائل باب 1 مثل حديث 11 ، إلا أنه قال : الشيخ والشيخة.
4- كنز العمال ج 5 ص 420 رقم 13486 مع اختلاف يسير.

والبكر من ليس بمحصن.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والبكر من ليس بمحصن ، وقيل : الذي أملك ولم يدخل.

القول الأول للشيخ في الخلاف ، مستدلا بالإجماع ، وعليه المتأخر ، تمسكا بما رواه عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : البكر بالبكر جلد مائة ، وتغريب عام ، والثيب بالثيب ، جلد مائة ثم الرجم. (1)

قال : ووجه الاستدلال تقسيم الزناة إلى قسمين لا غير.

والقول الثاني للشيخ في النهاية ، ومستنده رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : المحصن يجلد مائة ، ويرجم والذي لم يحصن يجلد مائة جلدة ، ولا ينفى والذي قد أملك ولم يدخل بها ، يجلد مائة وينفى (2) وفي طريقها فضالة.

وما رواه عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام ، في الشيخ والشيخة أن يجلدا مائة ، وقضى في المحصن (للمحصن خ) ، الرجم ، وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا ، أن يجلدا (جلدة خ) مائة ، ونفي سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد أملكا ، ولم يدخل بها (3).

والأول أظهر ، فعلى اختيار الشيخ في النهاية المسألتين ، يقسم الزنا (الزناة خ) خمسة أقسام.

(من) يقتل ، وهو الوطئ إحدى المحرمات نسبا ، (والذمي) ، الزاني بمسلمة ، وغاصب الفرج.

و (من) يحد ثم يرجم ، وهو الشيخ والشيخة المحصنان.

ص: 547


1- سنن أبي داود (ج 4 - باب في الرجم ص 144 تحت رقم 4415) والحديث هكذا : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل اللّه لهن سبيلا ، الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة ، والبكر بالبكر جلد مائة ، ونفي سنة ، والظاهر كون ما في المتن نقل بالمعنى.
2- الوسائل باب 1 مثل حديث 7 من أبواب حد الزنا.
3- الوسائل باب 1 حديث 2 من أبواب حد الزنا.

وقيل : الذي أملك ولم يدخل.

ولا تغريب على المرأة ولا جز.

والمملوك يجلد خمسين ، ذكرا كان أو أنثى ، محصنا أو غير محصن ، ولا جز على أحدهما ولا تغريب.

ولو تكرر الزنا كفى حد واحد.

ولو حد مع كل واحد مرة قتل في الثالث.

______________________________________________________

و (من) يرجم لا غير ، وهو المحصن والمحصنة شابين.

و (من) يجلد ، وينفى عن البلد ، وهو البكر على التفسير المذكور.

و (من) يجلد لا غير ، وهو كل زان ليس أحد ما ذكرناه.

وعلى القول الآخر ينقسم ثلاثة أقسام ، لأنه لا تميز بين الشاب والشيخ في الإحصان ولا في البكر ، بين من أملك ولم يدخل ، وبين من لم يملك.

« قال دام ظله » : ولو حد مع كل واحد مرة ، قتل في الثالثة (وقيل) : في الرابعة ، وهو أحوط.

القول الأول ، ادعى المتأخر عليه الإجماع من الطائفة (إجماع الطائفة خ) لقوله عليه السلام : أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة (1).

ورواه أيضا يونس ، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام ، قال : أصحاب الكبائر كلها ، إذا أقيم عليهم الحد مرتين ، قتلوا في الثالثة (2).

وخصها الشيخ بما عدا حد الزنا من شرب الخمر وغيره.

والقول الثاني للشيخين وسلار وأبو الصلاح ، وهو في رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : الزاني إذا زنى يجلد ثلاثا ، ويقتل

ص: 548


1- راجع الوسائل باب 5 من أبواب مقدمات الحدود.
2- الوسائل باب 5 حديث 1 من أبواب مقدمات الحدود.

وقيل : في الرابعة وهو أحوط.

والمملوك إذا أقيم عليه حد الزنا سبعا قتل في الثامنة.

وقيل : في التاسعة ، وهو أولى.

والحاكم في الذمي بالخيار في إقامة الحد عليه وتسليمه إلى أهل نحلته ليقيموا الحد على معتقدهم.

ولا يقام على الحامل حد ولا قصاص حتى تضع وتخرج من نفاسها وترضع الولد.

ولو وجد له كافل جاز.

ويرجم المريض والمستحاضة ، ولا يحد أحدهما حتى يبرأ.

ولو رأى الحاكم التعجيل ضربه بالضغث المشتمل على العدد.

______________________________________________________

في الرابعة (1).

وهو أظهر ، وذهب شيخنا إليه ، لأن الحدود مبنية على التخفيف ، وفيه احتياط في حفظ الدماء.

قال دام ظله ولو رأى الحاكم التعجيل ، ضربه بالضغث المشتمل على العدد.

موجب التعجيل قد يكون لانزجار الغير ، وقد يكون لخوف فوات الحد.

أما الضرب بالضغث فمستنده رواية يونس بن عبد الرحمن ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : (قال خ) : أتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله برجل دميم قصير قد سقى بطنه ، وقد درت عروق بطنه ، قد فجر بامرأة ، فقالت المرأة : ما علمت به إلا وقد دخل علي ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أزنيت؟ فقال له : نعم ، ولم يكن أحصن ، فصعد رسول اللّه صلى اللّه

ص: 549


1- الوسائل باب 5 حديث 2 من أبواب مقدمات الحدود.

ولا يسقط الحد باعتراض الجنون.

ولا يقام في الحر الشديد ، ولا البرد الشديد.

ولا في أرض العدو ، ولا على من التجأ إلى الحرم ، ويضيق عليه (في

______________________________________________________

عليه وآله بصره وخفضه ، ثم دعا بعذق فقده مائة ، ثم ضربه بشماريخه (1).

ومثله (2) رواه حنان بن سدير ، عن يحيى بن عباد المكي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

وأما الإمهال حتى يبرأ ، فمروي عن محمد بن سعيد ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل أصاب حدا ، وبه قروح في جسده كثيرة ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أقروه حتى يبرأ ، ولا تنكؤها عليه فتقتلوه (3).

وروى مثل ذلك عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

فهذه المسألة جمع بين هاتين الروايتين.

وضابطته (ضابطه خ) أن إقامة الحدود (الحد خ) مفوضة إلى الإمام عليه السلام ، فهو يعمل بحسب ما يراه من المصلحة.

« قال دام ظله » : ولا يقام في الحر الشديد ، ولا البرد الشديد ... الخ.

هذا إذا كان الحد جلدا ، فأما إذا كان قتلا أو رجما ، فيقام عليه ، في كل الأوقات ، لأن الغرض إهلاكه.

ص: 550


1- الوسائل باب 13 حديث 5 من أبواب مقدمات الحدود.
2- يعني مثله في اشتماله على الضرب بالضغث لا في ألفاظ الحديث ، وإلا فألفاظه مختلفة جدا ، فلاحظ الوسائل باب 13 حديث 1 من أبواب مقدمات الحدود.
3- الوسائل باب 13 حديث 4 من أبواب مقدمات الإحرام.
4- مع اختلاف في ألفاظه فلاحظ الوسائل باب 13 حديث 6 من أبواب مقدمات الحدود.

المطعم والمشرب خ) حتى يخرج للإقامة.

ولو أحدث في الحرم ما يوجب حدا حد فيه.

وإذا اجتمع الحد والرجم جلد أولا.

ويدفن المرجوم إلى حقويه ، والمرأة إلى صدرها ، فإن فر أعيد.

ولو ثبت الموجب بالإقرار لم يعد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو ثبت الموجب بالإقرار لم يعد ، إلى آخره.

هذا القول للمفيد ، وكأنه نظر إلى أن الإنكار هنا مسقط للإقرار ، والفرار إنكار فعلي.

وفصل الشيخ ، قال : يعاد إن لم تصبه الحجارة ، ولا يعاد مع الإصابة.

وبما ذكره المفيد ، يشهد ما رواه عمرو بن عثمان ، عن الحسين بن خالد ، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام ، أخبرني عن المحصن إذا هرب من الحفيرة هل يرد حتى يقام عليه الحد؟ فقال : يرد ولا يرد ، قلت : وكيف ذاك؟ فقال : إذا (إن خ) كان هو المقر على نفسه ، ثم هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شئ من الحجارة لم يرد ، وإن كان إنما قامت عليه البينة ، وهو يجحد ، ثم يضرب ، رد وهو صاغر ، حتى يقام عليه الحد ، وذلك أن ماعز (1) بن مالك أقر عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالزنى ، فأمر به أن يرجم ، فهرب من الحفيرة ، فرماه الزبير بن عوام بساق بعير ، فعقله فسقط ، فلحقه الناس فقتلوه ، ثم أخبروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذلك ، فقال لهم : فهلا تركتموه إذا هرب يذهب ، فإنما هو الذي أقر على نفسه ، قال : وقال لهم : أما لو كان علي (عليه السلام) حاضرا معكم لما أضللتم ، قال : وفداه (ووداه خ ل) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من بيت مال المسلمين. (2)

ص: 551


1- بالعين المهملة والزاي المعجمة (تنقيح المقال) للمتتبع المامقاني قده ج 2 ص 47 من باب الفاء.
2- الوسائل باب 15 حديث 1 من أبواب حد الزنا.

وقيل : إن لم تصبه الحجارة أعيد.

ويبدأ الشهود بالرجم ، ولو كان مقرا بدأ الإمام.

ويجلد الزاني قائما مجردا.

وقيل : إن وجد بثيابه جلد بها أشد الضرب.

وقيل : متوسطا ، ويفرق على جسده.

ويتقى وجهه وفرجه.

______________________________________________________

ووجه الاستدلال ، أن إطلاق الأمر بالوجوب ، يقتضي الإتمام ترك العمل به في من أصابته الحجارة ، عملا بظاهر ما يتضمنه الخبر من قوله : هرب بعد ما يصيبه شئ من الحجارة ، وحكاية ماعز ، وعمل به في الباقي.

و (لقائل) أن يقول : التعليل الذي في حكاية ماعز (يعني قوله صلى اللّه عليه وآله : هلا تركتموه إذا هرب يذهب ، فإنما هو الذي أقر على نفسه) يدل على ترك إعادة كل من أقر ، كما هو مذهب المفيد ، هذا وجه الخلاف بين الشيخين.

ومذهب المفيد أثبت ، لأن الحدود مبنية على التخفيف ، واختيار (واختاره خ) شيخنا وسلار ، والمتأخر فيه متردد.

« قال دام ظله » : ويتقى وجهه.

ذكر اتقاء الوجه ، وأهمل الفرج (1) ، والأصحاب قائلون به ، وهو مروي ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال : يضرب على كل عضو ، ويترك الوجه والمذاكير. (2)

وفي رواية حماد ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال :

ص: 552


1- في النسخ التي عندنا من المتن : ويتقي فرجه ووجهه.
2- الوسائل باب 11 ذيل حديث 1 من أبواب حد الزنا ، وصدره : يضرب الرجل الحد قائما ، والمرأة قاعدة ، ويضرب ... الخ.

وتضرب المرأة جالسة ، وتربط (1) ثيابها.

ولا يضمن ديته لو قتله الحد.

ويدفن المرجوم عاجلا.

ويستحب إعلام الناس ليتوفروا.

ويجب أن يحضر طائفة.

______________________________________________________

يفرق الحد على الجسد كله ، ويتقى الوجه والفرج ، ويضرب بين الضربين (2).

وهذه مع إرسالها مؤيدة بالأولى ، وعمل الأصحاب.

« قال دام ظله » : ويجب أن يحضره طائفة ، وقيل : يستحب وأقلها واحد.

القول بوجوب الحضور للشيخ في النهاية ، وهو اختيار المتأخر ، مستندا إلى قوله تعالى : ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (3) إذ مطلق الأمر يقتضي الوجوب ، وقال في الخلاف : بالاستحباب ، والأول أشبه.

وعلى كم يقع لفظ الطائفة؟ قال في النهاية : أقلها واحد ، وهو مروي عن الباقر عليه السلام (4) وابن عباس ، واختاره الفراء.

وكأنه نظر إلى أن الطائفة قطعة من الشئ ، قال اللّه تعالى : ( طائف من ربك ) (5) ، أي قطعة ، والواحد قطعة من الجماعة.

وقال في الخلاف : عشر ، ولو قلنا يغير ذلك كان جائزا ، وقال المتأخر : أقلها ثلاثة ، وهو قول الزهري ، والطبرسي في التفسير (6).

ص: 553


1- في الرياض « وتربط عليها ثيابها ».
2- الوسائل باب 11 حديث 7 من أبواب حد الزنا.
3- النور - 2.
4- الوسائل باب 11 حديث 6 من أبواب حد الزنا.
5- القلم - 19.
6- قال الطبرسي عند ذكر قوله تعالى : طائفة من المؤمنين أي جماعة ، وهم ثلاثة فصاعدا عن قتادة والزهري وقيل : الطائفة : رجلان فصاعدا ، عن عكرمة ، وقيل : أقله رجل واحد عن ابن عباس ومجاهد وإبراهيم ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام آه (مجمع البيان ج 7 ص 124 المطبوعة سنة 1379).

وقيل : يستحب ، وأقلها واحد.

ولا يرجمه من لله قبله حد.

وقيل : يكره.

النظر الثالث في اللواحق :

وفيه مسائل :

(الأولى) إذا شهد أربعة بالزنى قبلا فشهد أربع نساء بالبكارة فلا حد.

وفي حد الشهود قولان.

______________________________________________________

ووجهه (ووجه خ) أن لفظ الطائفة موضوع للجماعة ، وأقل الجمع ثلاثة.

(ولقائل) أن يقول : إن الطائفة موضوع للجماعة ، والجمعية موجودة في الاثنين ، فأقلها اثنان ، فأما أن أقل الجمع ثلاثة ، فهو من اصطلاح أهل اللسان ، لا يتعلق باللغة ، وهو حسن ، وروي ذلك عن عكرمة ، وليس للاحتياط في المسألة. مدخل ، كما استدل به قوم منا.

مسائل

« قال دام ظله » : وفي حد الشهود ، قولان.

ذهب الشيخ في النهاية في كتاب الشهادات إلى أن يحد الشهود ، وهو أشبه ، لكونهم من المفترين.

وقال في المبسوط : لا تحد ، فكأنه نظر إلى أن ظاهر الشهادة الصحة (العصمة خ).

واختلف قول المتأخر في سرائره ، قال في كتاب الشهادة : بمقالة النهاية ، واختار في كتاب الحدود قول المبسوط ، قال : لأنه لا دليل على الحد - وهو مردود - ثم حكى هنا أن الشيخ ما ذكر هذه المسألة في النهاية.

ص: 554

(الثانية) إذا كان الزوج أحد الأربعة فيه روايتان.

______________________________________________________

وهو وهم ، وأظنه نظر وقت التصنيف في كتاب الحدود من النهاية ، فما وجدها فحكم بالنفي.

والمسألة مبنية على ما إذا كان دعوى الوطء في القبل ، وإلا تسمع الشهادة.

« قال دام ظله » : إذا كان الزوج أحد الأربعة ، فيه روايتان ، ووجه السقوط أن يسبق منه القذف.

أقول : إذا شهد أربعة على امرأة بالزنى ، وزوجها أحدهم ، فإما أن تقدم (يقدم خ) منه قذفها ، أو لا ، فإن كان الأول ، لا تقبل الشهادة ، ويحد الأربعة ، وإن كان الثاني تقبل ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وعليه المتأخر وشيخنا دام ظله.

وقال في النهاية : مطلقا تقبل ، وتحد المرأة.

ومستند ما رواه إبراهيم بن نعيم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن أربعة شهدوا على امرأة بالزنى ، أحدهم زوجها؟ قال : تجوز شهادتهم (1).

وذهب محمد بن بابويه في المقنع إلى أن يحد الثلاثة ، ويلاعن الزوج المرأة ، تمسكا بما رواه إبراهيم بن نعيم ، عن أبي سيار مسمع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في أربعة شهدوا على امرأة بالفجور (بفجور ئل) أحدهم زوجها؟ قال : يجلد الثلاثة ويلاعنها زوجها ، ويفرق بينهما ، ولا تحل له أبدا (2).

وروى هذه في التهذيب في كتاب الحدود.

وبما رواه محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن خراش ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام ، في أربعة شهدوا على امرأة بالزنى أحدهم زوجها ، قال : يلاعن الزوج ويجلد الآخرون (3).

ص: 555


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من كتاب اللعان.
2- الوسائل باب 12 حديث 3 من كتاب اللعان.
3- الوسائل باب 12 حديث 2 من كتاب اللعان.

ووجه السقوط بأن (أن خ) يسبق منه القذف.

(الثالثة) يقيم الحاكم حدود اللّه تعالى.

أما حقوق الناس فيقف على المطالبة.

(الرابعة) من افتض بكرا بإصبعه فعليه مهرها.

ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها.

______________________________________________________

وقال الشيخ في الاستبصار - بعد ذكر هذه الرواية - والأولى العمل بالأولى - يعني رواية إبراهيم بن نعيم - لكونها موافقة لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ ) الآية (1) فبين اللّه تعالى أن اللعان لا يجوز (إنما يجوز خ) إلا إذا لم يكن للرجل من الشهود إلا نفسه ، فأما إذا أتى بالشهود الذين يتم بهم أربعة فلا لعان ، هذا آخر كلامه.

وفيه نظر لأن الشهود المعتبرين أربعة ، وأقلها في حكم العدم ، فيصدق هنا قوله تعالى : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ ) (2).

ويلزم (فيلزم خ) اللعان ، قوله : (أتى بالشهود الذين يتم بهم أربعة) ، قلنا : المتمم (المتم خ) به نفسه ، وهو المستثنى في الآية ، فلا يصلح شاهدا ، فالأولى حملها على سبق القذف ، كما قدمناه.

وقوله دام ظله : (ووجه السقوط) يريد به سقوط الحد عن المرأة ، واللام في السقوط بدل المضاف إليه.

« قال دام ظله » : من افتض بكرا بإصبعه ، فعليه مهرها ، ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها.

استند شيخنا دام ظله ، في هذه المسألة في نكت النهاية إلى رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام ، قال : إذا اغتصب الرجل أمة ،

ص: 556


1- النور - 6.
2- النور - 6.

(الخامسة) من زوج أمته ثم وطأها فعليه الحد.

(السادسة) من أقر أنه زنى بفلانة فعليه مع تكرار الإقرار حدان.

______________________________________________________

فافتضها فعليه عشر قيمتها ، وإن كانت حرا فعليه الصداق (1).

قال : وهذه وإن ضعف سندها ، لكنها مؤيدة بروايات دالة بالفحوى على معنى هذه.

وذكر الشيخان ، وسلار ، وابن بابويه في المقنع وأتباعهم ، والمتأخر ، أن على المفتض المهر أو العشر ، ويجلد من ثلاثين إلى تسعة وسبعين ، وفي بعض نسخ النهاية (وتسعين) (2).

وما ذكره جمع بين الروايات فإن في رواية بكير بن أعين ، يجلد خمسين (3) ، وفي رواية ابن أبي عمير ، يحد (4) فجمع بينهما ، بمعنى أن ذلك مفوض إلى الإمام عليه السلام ، يعمل ما يراه أردع ، ولا يتجاوز حدا.

وأعرض عنه شيخنا دام ظله هنا ، وفي الشرائع أيضا ، والأولى ذكره ، عملا بالروايات ، وتبعا للأصحاب ، وإلا إيراد هذه المسألة بعيد عن ترتيب الكتاب.

واستدل المتأخر في الأمة ، وقال : الأولى الغرم ما بين البكر والثيب ، إن لم تكن مطاوعة ، وإلا فلا شئ ، وكذا في الحرة العقر ، أي مهر المثل ، إن لم تكن طاوعته (مطاوعة خ).

« قال دام ظله » : من أقر أنه زنى بفلانة ، فعليه مع تكرار الإقرار حدان ، ولو أقر

ص: 557


1- الوسائل باب 45 حديث 2 من أبواب المهور من كتاب النكاح ج 15 ص 52.
2- يعني (تسعين) بدل (سبعين).
3- الوسائل باب 22 حديث 2 من أبواب حد الزنا من كتاب الحدود ج 18 ص 390 وفيه كما في الكافي والتهذيب : مالك بن أعين فراجع.
4- الوسائل باب 4 حديث 3 من أبواب حد السحق والقيادة من كتاب الحدود ج 18 ص 429 ، ولفظ الحديث ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال في امرأة افتضت جارية بيدها : عليها المهر وتضرب الحد.

ولو أقر مرة فعليه حد القذف.

وكذا المرأة ، وفيهما تردد.

(السابعة) من تزوج أمة على حرة مسلمة فوطأها قبل الإذن فعليه ثمن حد الزنا.

(الثامنة) من زنى في زمان شريف أو مكان شريف عوقب زيادة على الحد.

الفصل الثاني : في اللواط والسحق والقيادة

اشارة

واللواط (فاللواط خ) يثبت بالإقرار أربعا ، ولو أقر دون ذلك عزر.

ويشترط في المقر التكليف والاختيار والحرية ، فاعلا كان أو مفعولا.

ولو شهد أربعة يثبت ، ولو كانوا دون ذلك حدوا.

ويقتل الموقب ولو لاط بصغير أو مجنون ، ويؤدب الصغير ، ولو كانا بالغين قتلا.

______________________________________________________

مرة فعليه حد القذف ، وكذا المرأة ، وفيهما تردد.

أقول : يريد تكرار الإقرار أربعا ، وهو موجب للحد كما عرفت ، وموجب الحد الثاني ، هو القذف ، يعني قوله : (زنيت بفلانة) وهو إضافة الزنا إليها.

وتردد شيخنا في الحد الثاني ، منشأه أن قوله : (زنيت) إقرار على نفسه ، فربما لا يكون المفعول بها (المفعولة خ) زانية ، لكونها نائمة أو مغصوبة أو مجنونة ، ومع الاحتمال لا يثبت حد ، وما قدمناه فتوى الشيخ وأتباعه ، وكذا البحث ، لو كان المقر امرأة.

ص: 558

وكذا لو لاط بعبده.

ولو ادعى العبد الإكراه (إكراهه خ) درئ عنه الحد.

ولو لاط الذمي بمسلم قتل وإن لم يوقب.

ولو لاط بمثله فللإمام عليه السلام الإقامة أو دفعه إلى أهل ملته ليقيموا عليه حدهم.

وموجب الإيقاب القتل للفاعل والمفعول إذا كان (1) بالغا عاقلا ، ويستوي فيه كل موقب.

ولا يحد المجنون ولو كان فاعلا على الأصح.

والإمام مخير في الموقب بين قتله ورجمه وإلقائه من جدار وإحراقه ، ويجوز أن يضم الإحراق إلى غيره من الآخر (الآخرين خ).

ومن لم يوقب فحده مائة على الأصح ، ويستوي فيه الحر والعبد ، ولو

______________________________________________________

في اللواط

« قال دام ظله » : ولا يحد المجنون ولو كان فاعلا على الأصح.

ذهب الشيخان إلى وجوب الحد عليه ، كما في الزنا ، ومخالفوهما ثم وهنا واحد ، والوجه ما ذكرنا ثم.

وذهب سلار إلى رفع الحد ، وابن بابويه إلى وجوبه إذا كان زانيا ، وما أعرف قائلا بالتفصيل.

والوجه أن يقال : يقتل الفاعل إن عرف منه القصد فيهما ، وإليه ذهب أبو الصلاح.

« قال دام ظله » : ومن لم يوقب فحده مائة ، على الأصح.

ص: 559


1- أي إذا كان منهما (الرياض).

______________________________________________________

قوله : (على الأصح) تنبيه على تفصيل الشيخ في النهاية والخلاف ، إلى أنه إن كان محصنا فاعلا كان أو مفعولا ، فالرجم ، وإن لم يكن محصنا ، فجلد مائة.

ومستنده مضمون روايات ، منها ما رواه أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : الملوط (المتلوط خ ل) حده حد الزاني (1).

وما رواه محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : حد الواطئ (2) مثل حد الزنا ، وقال : إن كان قد أحصن رجم ، وإلا جلد (3).

وما رواه محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللواط؟ فقال : ذلك الكفر بما (لما خ) أنزل اللّه على نبيه (رسوله خ) صلى اللّه عليه وآله (4).

فقال الشيخ المراد من الروايات ، إذا كان الفعل دون الإيقاب ، فإنه يعتبر هناك الإحصان وعدمه ، وإلا مع الإيقاب القتل ، على كل حال.

وذهب المفيد وعلم الهدى وسلار وأتباعهم والمتأخر إلى أن مع عدم الإيقاب يقتصر على الجلد ، على كل حال.

وهو أشبه لأن الأصل حفظ الدماء المعصومة ، وروى ذلك سليمان بن هلال ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يفعل بالرجل ، قال : فقال : إن كان دون الثقب فالجلد ، وإن كان ثقب أقيم قائما ، ثم ضرب بالسيف ضربة أخذ السيف منه ما أخذ ، فقلت له : هو القتل؟ قال : هو ذاك (5).

ص: 560


1- الوسائل باب 1 حديث 1 من أبواب حد اللواط (ج 18).
2- (اللائط خ) (اللوطي خ) (اللاطي خ) (المتلوط خ).
3- الوسائل باب 1 حديث 3 من أبواب حد اللواط (ج 18).
4- الوسائل باب 20 حديث 3 من أبواب النكاح المحرم من كتاب النكاح (ج 14).
5- الوسائل باب 1 حديث 2 من أبواب حد اللواط.

تكرر مع الحد قتل في الرابعة على الأشبه.

ويعزر المجتمعان تحت إزار مجردين ولا رحم بينهما ، من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين.

ولو تكرر مع تكرار التعزير حدا في الثالثة.

______________________________________________________

وما ذكره الشيخ قريب في الجمع بين الروايات ، فإن معنا عدة روايات (1) متضمنة لاعتبار الإحصان.

وذهب محمد بن علي بن بابويه في المقنع ، إلى أن الفاعل يقتل إن كان محصنا ، ويجلد إن لم يكن ، ويقتل المفعول به كل على حال.

وهو في رواية حماد بن عثمان ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل أتى رجلا ، قال عليه السلام : إن كان محصنا القتل ، وإن لم يكن محصنا فعليه الجلد ، قلت : فما على المؤتى به؟ قال : عليه القتل على كل حال ، محصنا كان أو غير محصن (2).

« قال دام ظله » : ولو تكرر مع الحد ، قتل في الرابعة ، على الأشبه.

ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط إلى هذا ، ووجه الأشبهية أن فيه احتياطا من التهجم على سفك الدماء ، وهو في رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الزاني إذا زنى يجلد ثلاثا ، ويقتل في الرابعة (3).

وقال الشيخ في موضع من الخلاف : يقتل في الخامسة ، وهو متروك ، وقال المتأخر : في الثالثة ، اعتمادا على رواية يونس ، عن أبي الحسن عليه السلام (4) وقد قدمناها ، والفتوى على الأول.

ص: 561


1- راجع باقي أحاديث باب 1 من أبواب حد اللواط.
2- الوسائل باب 1 حديث 4 من أبواب حد اللواط.
3- الوسائل باب 20 حديث 1 من أبواب حد اللواط.
4- عن أبي الحسن الماضي عليه السلام ، قال : أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين ، قتلوا في الثالثة ، والوسائل باب 5 حديث 1 من أبواب مقدمات الحدود ج 18.

وكذا يعزر من قبل غلاما بشهوة.

ويثبت السحق بما يثبت به اللواط.

والحد فيه مائة جلدة ، حرة كانت أو أمة ، محصنة كانت أو غير محصنة ، للفاعلة والمفعولة.

وفي النهاية : ترجم مع الإحصان ، وتقتل المساحقة في الرابعة مع تكرار الحد ثلاثا.

ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة كاللواط ، ولا يسقط بعد البينة.

ويعزر المجتمعتان تحت إزار واحد مجردتين ، ولو تكرر مرتين مع التعزير أقيم عليهما الحد في الثالثة ، ولو عادتا قال في النهاية : قتلتا.

مسألتان

(الأولى) لا كفالة في حد (الحد خ) ولا تأخير إلا لعذر ، ولا شفاعة في إسقاطه.

______________________________________________________

في حد السحق

« قال دام ظله » : والحد فيه مائة جلدة حرة كانت أو أمة ، محصنة كانت أو غير محصنة ، للفاعلة و (أو خ) المفعولة ، في النهاية : ترجم مع الإحصان.

القول الأول للمفيد والمرتضى ، وسلار ، وأبي الصلاح ، والمتأخر ، وأتباعهم ، وهو في رواية عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : السحاقة (المساحقة خ) تجلد (1).

وما في النهاية - أنها ترجم مع الإحصان - فما نعرف مستنده ، ولهذا أحال (أحاله خ) شيخنا دام ظله إلى النهاية.

ص: 562


1- الوسائل باب 1 حديث 2 من أبواب السحق والقيادة.

(الثانية) لو وطأ زوجته فساحقت بكرا فحملت من مائة فالولد له ، وعلى زوجته الحد والمهر ، وعلى الصبية الجلد.

وأما القيادة : فهي الجمع بين الرجال والنساء للزنا. أو الرجال والصبيان للواط.

ويثبت بشاهدين أو الإقرار مرتين.

والحد فيه خمس وسبعون جلدة.

وقيل : يحلق رأسه ويشهر.

ويستوي فيه الحر والعبد ، والمسلم والكافر ، وينفى بأول مرة.

وقال المفيد : في الثانية. والأول مروي.

ولا نفي على المرأة ولا جز.

الفصل الثالث : في حد القذف

ومقاصده أربعة :

(الأول) في الموجب :

وهو الرمي بالزنا أو اللواط.

وكذا لو قال : يا منكوحا في دبره بأي لغة اتفق ، إذا كانت مفيدة للقذف في عرف القائل.

ولا يحد مع جهالته بفائدتها.

وكذا لو قال لمن أقر ببنوته : لست ولدي.

ولو قال : زنى بك أبوك ، فالقذف لأبيه. أو زنت بك مك ، فالقذف لأمه.

ص: 563

ولو قال يا بن الزانيين ، فالقذف لهما.

ويثبت الحد إذا كانا مسلمين ولو كان المواجه كافرا.

ولو قال للمسلم : يا بن الزانية وأمه كافرة ، فالأشبه : التعزير.

وفي النهاية : يحد.

______________________________________________________

الفصل الثالث : في حد القذف

« قال دام ظله » : ولو قال للمسلم : يا بن الزانية ، وأمه كافرة ، فالأشبه التعزير ، وفي النهاية : يحد.

أقول : لما كانت الكفاءة ، أو كون المقذوف أعلى منزلا معتبرا في حد القذف ، يلزم سقوط الحد في مسألتنا ، والعدول إلى التعزير ، لأنه إيذاء للابن المسلم.

وقال في النهاية : يحد ، ولعل مستنده ما رواه في التهذيب مرفوعا (1) إلى أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : النصرانية اليهودية تكون تحت المسلم ، فيقذف ابنها ، يضرب القاذف ، لأن المسلم قد حصنها (2) روى هذه محمد بن يعقوب الكليني في كتابه ، وفي السند إلى أبان ، اختلاف.

وقال ابن الجنيد : يحد للقذف ، ولو كانت أمه ذمية ، قال : وروي ذلك ، عن أبي جعفر عليه السلام (3).

وضعف شيخنا الاستناد (الإسناد خ) إلى رواية أبان ، وما أعرف منشأه ، واختار المتأخر الأول ، وفيه نظر ، موجبه الرواية.

ص: 564


1- يعني متصلا سنده إلى أبان.
2- الوسائل باب 17 حديث 6 من أبواب حد القذف.
3- لعل المراد ما رواه أبو بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في الرجل يقذف بعض جاهلية العرب؟ قال : يضرب الحد إن ذلك يدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، الوسائل باب 17 حديث 7 من أبواب حد القذف.

ولو قال : يا زوج الزانية ، فالحد لها.

ولو قال : يا أبا الزانية أو أخا الزانية ، فالحد للمنسوبة إلى الزنا دون المواجه.

ولو قال : زنيت بفلانة ، فللمواجه حد.

وفي ثبوته للمرأة تردد.

والتعريض يوجب التعزير.

وكذا لو قال لامرأته : لم أجدك عذراء.

وكذا لو قال لغيره ما يوجب أذى كالخسيس والوضيع.

وكذا لو قال : يا فاسق أو يا شارب الخمر ما لم يكن متظاهرا.

ويثبت القذف بالإقرار مرتين من المكلف الحر المختار ، أو بشهادة عدلين.

ويشترط في القاذف : البلوغ والعقل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قال : زنيت بفلانة ، فللمواجه حد ، وفي ثبوته للمرأة تردد.

منشأ التردد ، احتمال كونها غير زانية ، لكونها نائمة أو مغصوبة أو مجنونة ، فلا يتحقق القذف بالنسبة إليها ، فلا مطالبة لها وذهب الشيخ في كتبه وأتباعه إلى ثبوت الحد ، وتبعه المتأخر ، والأول أصح.

وقال شيخنا : يمكن أن يعلل قول الشيخ ، بأن الزنا فعل واحد يقع بين اثنين ، فنسبة أحدهما بالفاعلية والآخر بالمفعولية ، فمتى كذب في أحدهما كذب في الآخر.

وأراه مغالطة ، فإن الزنا ليس بفعل واحد ، بل هو فعل ينسب إلى الفاعل ، وفعل ينسب إلى المفعول ، كما يقال : زنت فلانة ، ولو سلمنا أنه فعل واحد ، فلا نسلم أنه متى كذب في أحدهما كذب في الآخر.

ص: 565

فالصبي لا يحد بالقذف ويعزر.

وكذا المجنون.

(الثاني) المقذوف :

ويشترط فيه : البلوغ وكمال العقل والحرية والإسلام والستر.

فمن قذف صبيا أو مجنونا أو مملوكا أو كافرا أو متظاهرا بالزنا لم يحد بل يعزر.

وكذا الأب لو قذف ولده ، ويحد الولد لو قذفه.

وكذا الأقارب.

(الثالث) في الأحكام :

فلو قذف جماعة بلفظ واحد فعليه حد إن جاؤوا وطالبوا مجتمعين ، وإن افترقوا فلكل واحد حد.

وحد القذف يورث كما يورث المال ، ولا يرثه الزوج ولا الزوجة.

ولو قال : ابنك زان أو بنتك زانية فالحد لهما.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قال : ابنك زان ، أو بنتك زانية ، فالحد لهما ، وقال في النهاية : له المطالبة والعفو.

أقول : مقتضى النظر ، أن الحد والعفو والمطالبة للمقذوف ، واختاره المتأخر مقيدا بأن يكون المقذوف حيا غير مولى عليه.

وفي التقييد تكلف ، فإن الصغير لا قذف له في موضع.

وقال في النهاية : على القاذف الحد ، وللمواجه به المطالبة ، سواء كان المقذوف حيا أو ميتا ، وكذا العفو له ، إلا أن يسبقه المقذوف إلى العفو (فسأل العفو خ) وما أعرف من أين قاله؟

ص: 566

وقال في النهاية : له المطالبة والعفو.

ولو ورث الحد جماعة فعفا أحدهم كان لمن بقي الاستيفاء على التمام.

ويقتل القاذف في الرابعة إذا حد ثلاثا.

وقيل : في الثالثة.

والحد ثمانون جلدة ، حرا كان القاذف أو عبدا ، ويجلد بثيابه ولا يجرد ، ويضرب متوسطا ، ولا يعزر الكفار مع التنابز.

(الرابع) في اللواحق :

وهي (فيه خ) مسائل :

(الأولى) يقتل من سب النبي صلى اللّه عليه وآله.

وكذا من سب أحد الأئمة عليهم السلام. ويحل دمه لكل سامع إذا أمن.

(الثانية) يقتل مدعي النبوة.

وكذا من قال : لا أدري محمد صلى اللّه عليه وآله صادق أم لا؟ إذا كان على ظاهر الإسلام.

(الثالثة) يقتل الساحر إذا كان مسلما. ويعزر إذا كان كافرا.

(الرابعة) يكره أن يزاد في تأديب الصبي من عشرة أسواط.

وكذا العبد ، ولو فعل استحب عتقه.

(الخامسة) يعزر من قذف عبده أو أمته.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويقتل القاذف ، في الرابعة ، إذا حد ثلاثا ، وقيل : في الثالثة.

الخلاف هنا ، كما في الزنا واللواط ، وفي الأول احتياط.

ص: 567

وكذا كل من فعل محرما أو ترك واجبا بما دون الحد.

الفصل الرابع : في حد المسكر

اشارة

والنظر في أمور ثلاثة :

(الأول) في الموجب :

وهم تناول المسكر والفقاع اختيارا مع العلم بالتحريم.

ويشترط : البلوغ والعقل.

فالتناول يعم الشارب والمستعمل في الأدوية والأغذية ، ويتعلق الحكم ولو بالقطرة.

وكذا العصير إذا غلى ما لم يذهب ثلثاه.

وكل ما حصلت فيه الشدة المسكرة ، ويسقط الحد عمن جهل المشروب أو التحريم.

ويثبت بشهادة عدلين أو الإقرار مرتين من مكلف حر مختار.

(الثاني) الحد :

وهو ثمانون جلدة ، ويستوي فيه الحر والعبد والكافر مع التظاهر ، ويضرب الشارب عريانا على ظهره وكتفيه ، ويتقى وجهه وفرجه ، ولا يحد حتى يفيق.

وإذا حد مرتين قتل في الثالثة وهو المروي.

______________________________________________________

الفصل الرابع : في حد المسكر

« قال دام ظله » : وإذا حد مرتين ، قتل في الثالثة ، وهو المروي ، وقال (الشيخ خ)

ص: 568

______________________________________________________

في الخلاف : في الرابعة (1).

القول الأول للشيخ في النهاية ، وعليه أتباعه ، واختاره المتأخر ، ويدل عليه ، ما رواه الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن الأصبغ ، عن حبة العرني (2) قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة : من شرب (يشرب خ) شربة خمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد فاقتلوه (3).

وما رواه النضر ، عن هشام ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد الثالثة فاقتلوه (4).

وفي معناها أخرى ، عن المعلى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن اللّه صلى اللّه عليه وآله (5).

وأخرى ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (6).

والقول الثاني للشيخ في الخلاف والمبسوط ، والعمل على الأول (بالأول خ) للروايات (7).

ص: 569


1- وفي بعض النسخ : (وقيل : في الرابعة) بدل قوله (وقال في الخلاف : في الرابعة).
2- بضم العين المهملة وفتح الراء الغير المعجمة والنون والياء ، قال ابن داود : منسوب إلى عرينة بن عرين آه (تنقيح المقال للمتتبع المامقاني قده ج 1 ص 250).
3- الوسائل باب 11 حديث 10 من أبواب حد المسكر.ج 18 ص 47.
4- الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب حد المسكر.
5- قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، إذا أتي بشارب الخمر ضربه ، ثم إن أتي به ثانية ضربه ، ثم إن أتي به ثالثة ضرب عنقه (الوسائل باب 11 حديث 4 من أبواب حد المسكر.
6- الوسائل باب 11 حديث 3 من أبواب حد المسكر.
7- يعني الروايات المذكورة.

وقال (الشيخ خ) في الخلاف : في الرابعة.

ولو شرب مرارا ولم يحد كفى حد واحد.

(الثالث) في الأحكام

وفيه مسائل

(الأولى) لو شهد واحد بشربها وآخر بقيئها حد.

(الثانية) من شربها مستحلا استتيب ، فإن تاب أقيم عليه الحد ، وإلا قتل.

وقيل : حكمه حكم المرتد ، وهو قوي.

ولا يقتل مستحل غير الخمر ، بل يحد مستحلا ومحرما.

(الثالثة) من باع الخمر مستحلا استتيب ، فإن تاب وإلا قتل ، وفيما سواها يعزر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : من شربها (أي الخمر) مستحلا ، استتيب ، فإن تاب أقيم عليه الحد وإلا قتل ، وقيل : حكمه ، حكم المرتد (المرتدين خ) ، وهو قوي.

ذهب الشيخ في النهاية ، إلى أن شارب الخمر المستحل لها ، دمه حلال ، وعلى الإمام عليه السلام ، أن يستتيب عليه ، فإن تاب حده ، وإلا قتل.

والأولى أن يقال : أن مستحل الحرام (الخمر ظ) كافر ، فيكون حكمه حكم المرتد ، فإن كان عن فطرة يقتل ، وإن كان عن غير فطرة يستتاب ، وهذا من إفادة المتأخر ، واعتذر عن الشيخ في موضع بأن الاستحلال ربما يكون عن اعتراض شبهة في تحريمه ، فيكون باقيا على الإسلام.

والأولى الاجتناب عن مثل هذا الاعتذار ، فإن الخمر تحريمها معلوم من الدين ، ضرورة اللّهم إلا إذا كان جديد العهد بالإسلام ، كما وقع في خلافة أبي بكر.

ص: 570

(الرابعة) لو تاب قبل قيام البينة سقط الحد ، ولا يسقط لو تاب بعد البينة ، وبعد الإقرار يتخير الإمام عليه السلام في الإقامة.

ومنهم من حتم الحد.

الفصل الخامس : في حد السرقة

وهو يعتمد فصولا :

(الأول) في السارق :

ويشترط : التكليف وارتفاع الشبهة ، وأن لا يكون والدا (الوالد خ) من ولده ، وأن يهتك الحرز ، ويخرج المتاع بنفسه ، ويأخذ سرا ، فالقيود إذا ستة.

فلا يحد الطفل ولا المجنون ، لكن يعزران.

وفي النهاية : يعفى عن الطفل أولا ، فإن عاد أدب فإن عاد حكت

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وبعد الإقرار ، يتخير الإمام عليه السلام في الإقامة ، ومنهم من حتم الحد.

تقديره إذا تاب بعد الإقرار ، فالإمام مخير ، إن شاء عفا وإن شاء أقام الحد ، وعلى هذا فتوى الشيخ في النهاية.

وقال في الخلاف والمبسوط ، بتحتم الحد ، لعدم الدليل على السقوط ، واختاره المتأخر ، وفيه نظر.

الفصل الخامس ، في حد السرقة

« قال دام ظله » : فلا يحد الطفل ولا المجنون ، لكن يعزران ، وفي النهاية : يعفى عن الطفل أولا ، إلى آخره.

ص: 571

أنامله حتى تدمى ، فإن عاد قطعت أنامله ، فإن عاد قطع كما يقطع البالغ.

ولو سرق الشريك ما يظنه نصيبا (له خ) لم يقطع.

وفي سرقة أحد الغانمين من الغنيمة روايتان (1) ، إحداهما : لا يقطع ، والأخرى : يقطع لو زاد عن نصيبه قدر النصاب.

______________________________________________________

ما ذكره أولا مستنده البراءة الأصلية ، ولكونهما مرفوعي القلم (2).

ومستند النهاية ربما يكون ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال : إذا سرق الصبي عفي عنه ، فإن عاد عزر ، فإن عاد قطع أطراف الأصابع ، فإن عاد قطع أسفل من ذلك (3).

وهي خبر واحد ، فالأحسن في الحدود ، الاجتناب عنه ، والمتأخر على الأول ، وجعل الثاني رواية ، والأول أشبه.

« قال دام ظله » : وفي سرقة أحد الغانمين من الغنيمة روايتان ، إحداهما لا يقطع ، والأخرى يقطع ، لو زاد عن نصيبه قدر النصاب.

والرواية الأولى ، عن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن عليا أتي برجل سرق من بيت المال ، قال : لا يقطع ، فإن له نصيبا (4).

ومثلها عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أن

ص: 572


1- راجع الوسائل باب 24 ولاحظ حديث 4 و 5 و 6 من أبواب حد السرقة ، ج 18 ص 519.
2- إشارة إلى ما ورد من رفع القلم عن الصغير والمجنون راجع الوسائل باب 30 حديث 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ج 5 ص 345
3- الوسائل باب 28 حديث 2 من أبواب حد السرقة.
4- الوسائل باب 24 حديث 2 من أبواب حد السرقة.

______________________________________________________

عليا عليه السلام قال : (قضي خ) في رجل أخذ بيضة من المغنم (المقسم خ) فقالوا : قد سرق أقطعه ، فقال : إني لم أقطع أحدا له فيما أخذ شركاء (شرك خ) (1).

وفي رواية النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : أربعة لا قطع عليهم المختلس ، والغلول ، ومن سرق من الغنيمة ، وسرقة الأجير ، لأنها (فإنها خ) خيانة (2).

وعليها فتوى المفيد وسلار.

والرواية الثانية ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت : رجل سرق من المغنم ، أي شئ يجب عليه أيقطع؟ قال : ينظركم نصيبه؟ فإن كان الذي أخذ أقل من نصيبه عزر ودفع إليه تمام ماله ، وإن كان أخذ مثل الذي له فلا شئ عليه ، وإن كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن وهو ربع دينار قطع (3) وعليهما فتوى الشيخ في النهاية وسائر كتبه.

وحمل في الاستبصار ما رواه فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن البيضة التي قطع (فيها خ) أمير المؤمنين عليه السلام (عليها خ)؟ فقال : كانت بيضة حديد ، سرقها رجل من المغنم فقطعه (4) على أنه (5) لم يكن للسارق فيها نصيب ، وهو حسن.

ويؤيد الرواية الثانية ، قوله تعالى : ( السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) (6) الآية

ص: 573


1- الوسائل باب 24 حديث 1 من أبواب حد السرقة.
2- الوسائل باب 14 حديث 2 من أبواب حد السرقة.
3- الوسائل باب 24 حديث 4 من أبواب حد السرقة.
4- الوسائل باب 24 حديث 3 من أبواب حد السرقة.
5- قوله قده (على أنه ... الخ) متعلق بقوله (وحمل في الاستبصار).
6- المائدة - 38.

ولو هتك الحرز غيره ، وأخرج هو لم يقطع.

والحر والعبد ، والمسلم والكافر ، والذكور (والذكر خ) والأنثى سواء.

ولا يقطع عبد الإنسان بسرقة ماله ، ولا عبد الغنيمة بالسرقة منها.

ويقطع الأجير إذا أحرز المال من دونه على الأشهر ، والزوج والزوجة.

______________________________________________________

والتفصي عنه ، بأن يقال : لو ادعى السارق الشبهة ، يدرأ عنه الحد ، لقوله عليه السلام : ادرأوا الحدود بالشبهات (1) وإلا يقطع ، وهو اختيار المتأخر ، وهو أنسب.

« قال دام ظله » : ويقطع الأجير ، إذا أحرز المال من دونه ، على الأشهر.

ذهب الشيخ في النهاية وابن بابويه في المقنع إلى أن الأجير لا يقطع ، لو سرق من المستأجر ، وبه روايات.

(منها) ما رواه ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يستأجر أجيرا ، فسرق (يسرق خ) من بيته ، هل يقطع يده؟ قال : هذا مؤتمن ليس بسارق ، وهذا خائن (2).

وما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان ، عن سماعة ، قال : سألته عمن استأجر أجيرا ، فأخذ الأجير متاعه فسرقه؟ فقال هذا (هو خ) مؤتمن ، ثم قال :  الأجير والضيف أمناء ليس يقع عليهما (عليهم خ) حد السرقة (3).

وهذه ضعيفة ، لكونها غير مسندة ، والأولى (4) في رجالها تردد ، والفتوى مناف لعموم الآية ، بل الأشبه أن يقطع لو أحرز دونه ، وإلا فلا لعدم الشرط.

ويمكن تأويل الروايات على هذا ، وما وجدت بهذا رواية ، فلو قال دام ظله بدل

ص: 574


1- الوسائل باب 24 حديث 4 من أبواب مقدمات الحدود.
2- الوسائل باب 14 حديث 3 من أبواب حد السرقة.
3- الوسائل باب 14 حديث 4 (بالسند الثاني) من أبواب حد السرقة.
4- يعني رواية سليمان بن خالد.

وكذا الضيف.

______________________________________________________

(الأشهر) (الأشبه) لكان أشبه بالترتيب المرسوم ، والمتأخر على ما اخترناه.

« قال دام ظله » : وكذا الضيف.

تقدير الكلام ، وكذا الضيف يقطع إذا أحرز دونه ، وهو خلاف لمذهب ابن بابويه في المقنع ، والشيخ في النهاية ، فإنهما ذهبا إلى أن الضيف لا يقطع مطلقا ، عملا بما رواه علي بن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : الضيف إذا سرق لم يقطع فإن أضاف الضيف ضيفا فسرق ، قطع ضيف الضيف (1).

وبرواية سماعة (2) وقد قدمناها مبينا ضعفها ، على أن سماعة واقفي ، ومحمد بن قيس مجهول التعيين (3).

ووفاق (4) لمذهب الشيخ في الخلاف.

وقال في المبسوط : إن سرق من البيت الذي نزل فلا يقطع ، ويقطع إن سرق من غيره.

وخبط المتأخر هنا (في كلام طويل) نخبته أنه ذكر أولا ، روى أصحابنا ، أن الضيف لا يقطع إذا سرق من مال مضيفه ، قال : ويمكن حمل الرواية على ما إذا لم يسرق مما أحرز عنه (عليه خ) وإلا فعليه القطع ، لقوله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) الآية (5) قال : ومن أسقط الحد ، فقد أسقط حدا من حدود اللّه بغير دليل من كتاب وسنة وإجماع ، ثم ذكر قولي الشيخ في الخلاف والمبسوط ، وقال أخيرا رادا لكلام

ص: 575


1- الوسائل باب 17 حديث 1 من أبواب حد السرقة.
2- تقدم ذكر موضعها قبيل هذا.
3- فإنه مشترك بين موثق وضعيف ومجهول.
4- عطف على قوله قده : وخلاف لمذهب ابن بابويه.
5- المائدة - 28.

وفي رواية : لا يقطع.

وعلى السارق إعادة المال ولو قطع.

(الثاني) في المسروق :

ونصاب القطع ربع دينار ذهبا خالصا مضروبا بسكة المعاملة أو ما قيمته ذلك.

ولا بد من كونه محرزا بقفل أو غلق أو دفن.

______________________________________________________

الشيخ هنا ، والذي ينبغي تحصيله ، أن الضيف لا يقطع ، سواء سرق من حرز أو غير حرز للإجماع وتواتر الأخبار (فمن) خصص بأنه إذا سرق من غير حرز يقطع (يحتاج) إلى دليل ، فأدخل نفسه فيمن أسقط حدا من حدود اللّه على دعواه.

والعجب (العجب خ) هنا كيف حصل الإجماع وتواتر الأخبار ، وهو ما فرع تنميق قائمة (1).

والمختار المعمول عليه ، مذهب الشيخ في الخلاف.

« قال دام ظله » : ولا بد من كونه أي المسروق - محرزا بقفل أو غلق أو دفن (وقيل) : كل موضع ليس لغير المالك دخوله إلا بإذنه ، فهو حرز.

القول الأول للشيخ في الخلاف والمبسوط ، وزاد فيهما ، أو كان مراعى بعين صاحبه ، والمتأخر على الأول.

والقول الثاني للشيخ في النهاية.

والأول أسلم ، لأنه يورد على الثاني من جهة الطرد (الاطراد خ) أنه ينتقض بالدار المغصوبة ، إذا سرق فيها صاحبها ، وبالدار المفتوحة الأبواب ، من جهة العكس ، فإن الأول للمالك ، الدخول ، وليس (وليست خ) حرزا بالنسبة إليه ، والثاني ليس للغير ، الدخول ، وهو حرز بالنسبة إليه.

ص: 576


1- (ما رفع من تنميق قائمة خ) (ما فرع من عنق قائمة خ).

- وقيل : كل موضع ليس لغير المالك دخوله إلا بإذنه فهو حرز.

ولا يقطع من سرق من المواضع المأذون في غشيانها كالحمامات والمساجد.

وقيل : إذا كان المالك مراعيا للمال كان محرزا.

ولا يقطع من سرق من جيب إنسان أو كمه الظاهرين ، ويقطع لو كانا باطنين.

ولا قطع (يقطع خ) في الثمر على الشجر.

ويقطع سارقه بعد إحرازه.

وكذا لا قطع (يقطع خ) في سرقة مأكول (في خ) عام سنت (1).

ويقطع من سرق مملوكا.

______________________________________________________

وللشيخ أن يلتزم في الموضعين ، بأنه لا يقطع فيهما ، لعدم الحرز ، اللّهم إلا أن يقوم دليل من الخارج على القطع.

« قال دام ظله » : وقيل : إذا كان المالك مراعيا للمال ، كان محرزا.

هذا القول للشيخ (قول الشيخ خ) في المبسوط ، ولعله نظر إلى ما روي أن النبي صلى اللّه عليه وآله قطع سارق مئزر صفوان في المسجد. (2)

فعلى هذا يكون الجمال والغنم وغيرهما ، محرزة بمراعاة الراعي ، وهو اختياره في المبسوط ، وعليه المتأخر ، ولا يقطع إن كان الراعي قائدا ، يعني مقدما عليها ، وعليه الشيخ في المبسوط ، وقال المتأخر : هو في حكم المختلس ، فلا (لا خ) يقطع.

ص: 577


1- أي : القحط والغلاء.
2- سنن أبي داود ج 4 ص 138 - باب من سرق من حرز ، حديث 1 من كتاب الحدود ، والحديث منقول بالمعنى ، والمستفاد منه ، أنه صلى اللّه عليه وآله أمر بقطع يد السارق ، لأجل خميصة كانت لصفوان وفي بعض طرق الحديث (الرداء).

ولو كان حرا فباعه قطع لفساده ، لا حدا.

ويقطع سارق الكفن (1).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويقطع سارق الكفن ، لأن القبر حرز له ، ويشترط بلوغه النصاب وقيل : لا يشترط ، لأنه ليس حدا للسرقة ، بل لحسم الجرأة.

ظاهر كلام الشيخ في النهاية ، أنه لا يشترط هنا النصاب ، وقد صرح المفيد بذلك في المقنعة ، وسلار في الرسالة.

ويدل على ذلك ظاهر روايات (منها) ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن محبوب ، عن عيسى بن صبيح ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الطرار والنباش والمختلس؟ فقال : يقطع الطرار والنباش ، ولا يقطع المختلس (2).

وما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه ، أن عليا عليه السلام ، قطع نباش القبر ، فقيل له : أتقطع في الموتى؟ فقال : إنا نقطع لأمواتنا ، كما نقطع لأحيائنا (3).

وقال في الاستبصار : لا يقطع ، إلا إذا كان اتخذ النبش عادة ، فأما إذا لم يكن ذلك عادة (عادته خ) نظر ، فإن كان نبش وأخذ الكفن ، وجب قطعه ، وإن (فإن خ) لم يأخذ ، لم يكن عليه إلا التعزير ، عملا بما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن علي بن سعيد ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن النباش؟ قال : إذا لم يكن النبش له بعادة لم يقطع ويعزر (4).

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : النباش إذا كان معروفا بذلك قطع (5).

ص: 578


1- في النسخة المطبوعة بمصر زاد « لأن القبر حرز له ».
2- الوسائل باب 19 حديث 10 من أبواب حد السرقة.
3- الوسائل باب 19 حديث 12 من أبواب حد السرقة.
4- الوسائل باب 19 حديث 15 من أبواب حد السرقة.
5- الوسائل باب 19 حديث 14 من أبواب حد السرقة.

______________________________________________________

وحمل الروايات المطلقة على هذا.

وقال في الخلاف : يقطع النباش لأنه سارق عملا بالآية ، والدليل على أنه سارق ، إن السارق هو من أخذ الشئ مستخفيا متفرغا ، والنباش كذا (1).

فهذا يدل بالالتزام على اشتراط النصاب.

وسلك المتأخر هنا مسلكه في الضيف ، فاشترط في ابتداء المسألة النصاب ، في الدفعة الأولى ، مستدلا بقولهم عليهم السلام : سارق موتاكم كسارق أحيائكم (2).

ثم قال : وهو اختيار المفيد في المقنعة ، وهو مقتضى أصول المذهب ، ويحكم بصحته أعيان الآثار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام ، وأيضا الأصل براءة الذمة ، فمن خالفه يحتاج إلى دليل.

ثم حكى مذهب الشيخ في الخلاف ، وقال : والذي اعتمد عليه ، وأفتي به ويقوى في نفسي ، قطع النباش ، إذا أخرج الكفن ، سواء كان قيمة الكفن ربع دينار ، أو أقل من ذلك أو أكثر ، في الدفعة الأولى أو الثانية ، لإجماع الأصحاب ، وتواتر الأخبار ، أن النباش يقطع ، من غير تفصيل ، وفتاواهم على ذلك ، هذا كلامه.

وقد ذكرته تنبيها على اختلاف قوليه ، لئلا يغتر بطمطراقه في الكلام ، ودعوى الإجماع.

والذي (يظهر و خ) ينبغي أن يعتمد عليه ، قول الشيخ في الاستبصار ، فإنه عمل بروايات كثيرة قريبة من التواتر ، بعضها بالمنطوق ، وبعضها بالمفهوم (المحمول خ).

ص: 579


1- الظاهر أنه مأخوذ من حديث 8 و 12 من باب 19 من أبواب حد السرقة.
2- راجع الوسائل باب 19 من أبواب حد السرقة حديث 4 - 8 - 12 ج 19 ص 510.

ويشترط بلوغه النصاب.

وقيل : لا يشترط ، لأنه ليس حدا للسرقة ، بل لحسم الجرأة.

ولو نبش ولم يأخذ عزر ، ولو تكرر وفات السلطان جاز قتله ردعا.

(الثالث) :

يثبت الموجب بالإقرار مرتين أو بشهادة عدلين ، ولو أقر مرة أغرم (غرم خ) ولم يقطع.

ويشترط في المقر : التكليف والحرية والاختيار.

ولو أقر للضرب لم يقطع ، نعم لو رد السرقة بعينها قطع.

وقيل : لا يقطع لتطرق الاحتمال ، وهو أشبه.

ولو أقر مرتين تحتم القطع ولو أنكر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أقر للضرب لم يقطع ، نعم لورد السرقة بعينها قطع ، وقيل : لا يقطع لتطرق الاحتمال ، وهو أشبه.

القول الأول للشيخ ، ووجهه أن رد السرقة من عنده - مع التهمة السابقة - دليل على كونه سارقا (على أنه سارق خ).

ولقائل أن يقول : يحتمل أن سرقه آخر ، ثم انتقل إليه ببيع أو هبة أو غصب أو غير ذلك ، من طرق الانتقال ، ومع الاحتمال لأحد ، وهو اختيار المتأخر ، وعليه العمل.

« قال دام ظله » : ولو أقر مرتين ، تحتم القطع ولو أنكر.

فقه هذه المسألة ، أن الإقرار ، موجب للقطع ، ولا تأثير لإنكاره بعد الإقرار.

وظاهر كلام الشيخ في النهاية ، يفوح منه السقوط ، لأنه قال : ومن أقر بالسرقة ، ثم رجع ، ألزم السرقة ويسقط عنه القطع ، وربما حمل هذا على من أقر مرة.

فأما في الخلاف ، فقد صرح ، وقال : ولو ثبت القطع باعترافه ، ثم رجع ، سقط

ص: 580

(الرابع) في الحد :

وهو قطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى ، وتترك له الراحة والإبهام

ولو سرق بعد ذلك قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ، ويترك العقب.

ولو سرق ثالثة حبس دائما.

ولو سرق في السجن قتل.

ولو تكررت السرقة من غير حد كفى حد واحد.

______________________________________________________

عنه القطع ، واستدل بإجماع الفرقة ، ولم يثبت.

نعم روى جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما ، عليهما السلام (في حديث) قال : لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين ، فإن رجع ضمن السرقة ، ولم يقطع ، إذا لم يكن شهود (1).

والرواية مرسلة ، ولا وجه للسقوط.

فالحق ما اختاره في المبسوط فإنه قال فيه : والحق عندي أنه لا يسقط.

وعليه المتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو في رواية الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل أقر على نفسه بحد ثم جحد بعد ، فقال : إذا أقر على نفسه عند الإمام أنه سرق ، ثم جحد قطعت (الحديث) (2).

روى هذه أيضا محمد بن مسلم ، عنه عليه السلام (3).

ص: 581


1- الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب حد السرقة.
2- الوسائل باب 12 صدر حديث 1 من أبواب مقدمات الحدود.
3- الوسائل باب 12 مثل حديث 1 بالسند الثالث للشيخ ره.

ولا يقطع اليسار مع وجود اليمنى (اليمين خ) ، بل يقطع اليمين ولو كانت شلاء.

وكذا لو كانت اليسار شلاء.

ولو لم يكن يساره قطعت اليمين.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو لم يكن يساره ، قطعت اليمين ، وفي رواية : لا تقطع ، وقال في النهاية : ولو لم تكن يسار ، قطعت رجله اليسرى ، ولم تكن له رجل ، لم يكن عليه أكثر من الحبس ، وفي الكل تردد.

الكل إشارة إلى الانتقالات ، ومنشأه أن قطع الأعضاء والحبس تشريع ، فيتوقف على تنصيص الشارع ، وحيث لا نص ، فلا قطع ولا عقوبة.

وكأن الشيخ نظر إلى أن السرقة توجب العقوبة ، فمع عدم اليسار لا تقطع اليمين لئلا يبقى بلا يدين ، عملا برواية عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا لم يكن يسار لا تقطع اليمين ، لئلا يبقى بلا يدين (1).

وهي المشار إليها في الكتاب (2) فينتقل إلى الرجل اليسرى ، كما لو لم تكن يمين ، ينتقل إلى اليد اليسرى ، فمع عدم الرجل يحبس ، كما لو سرق ثلاثا ، وهذا التخريج بعيد عن المذهب.

وقال في المبسوط : إذا لم يكن يسار تقطع اليمين ، وهو أشبه ، عملا بالآية ، ثم قال ومع عدم اليمين ينتقل إلى الرجل.

وفي الكل إشكال ، لعدم الدليل ، والحاصل أن اللازم على السارق قطع اليمين ، إن كان له يسار ، وهو متفق عليه ، ومع عدم اليسار يقطع أيضا على الأشبه ، عملا

ص: 582


1- وكأنه مأخوذ من مضمون حديث 9 من باب 5 من أبواب حد السرقة ، ولم نجد غيره بهذا المضمون ، عن عبد الرحمن.
2- يعني في عبارة المصنف من قوله قده : ولو لم يكن رجل لم يكن عليه أكثر من الحبس.

وفي رواية : لا تقطع.

وقال في النهاية : ولو لم تكن له يسار قطعت رجله اليسرى ، ولو لم تكن له رجل لم يكن عليه أكثر من الحبس.

وفي الكل تردد.

ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة لا بعدها.

ويتخير الإمام عليه السلام معها بعد الإقرار في الإقامة ، على رواية (1) فيها ضعف.

______________________________________________________

بعموم الآية (2).

فإن لم يكن يمين ، فلا يخلو إما أن ذهبت حال القطع أو قبله (ففي الأول) لا قطع عليه ، لتعلقه بالذاهبة ، (وفي الثاني) يكون مفوضا إلى حكم الشارع (حاكم الشرع خ) بالأصالة ، يعمل فيه ما يراه أردع.

وقال الشيخ في المسائل الحلبية : يفوض إلى الإمام إذا لم تكن يد ولا رجل ، وما ذكرنا أشبه ، لأن التخطي من عضو إلى عضو ، يحتاج إلى دليل.

« قال دام ظله » : ويتخير الإمام معها - أي التوبة - بعد الإقرار ، في الإقامة ، على رواية فيها ضعف.

فقه هذه المسألة ، إن السارق إذا أقر عند الإمام مرتين ، ثم تاب ، يتخير الإمام عليه السلام في إقامة القطع عليه والعفو ، عملا بما رواه أبو عبد اللّه البرقي ، عن بعض أصحابه ، عن بعض الصادقين عليهم السلام ، قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فأقر بالسرقة فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : أتقرأ شيئا من كتاب اللّه (القرآن خ)؟ قال : نعم سورة البقرة قال : قد وهبت يدك لسورة البقرة ، فقال

ص: 583


1- الوسائل باب 16 حديث 6 من أبواب مقدمات الحدود.
2- المائدة - 28.

والأشبه : تحتم الحد ، ولا يضمن سراية الحد.

(الخامس) في اللواحق :

وفيه مسائل :

(الأولى) إذا سرق اثنان نصابا ، قال في النهاية : يقطعان.

وفي الخلاف اشترط بلوغ نصيب كل واحد نصابا.

(الثانية) لو قامت الحجة بالسرقة ثم أمسكت فقطع ، ثم شهدت

______________________________________________________

الأشعث (الأشعب خ) أتعطل حدا من حدود اللّه؟ قال : وما يدريك يا هذا ، (ما هذا خ) إذا قامت البينة ، فليس للإمام أن يعفو ، وإذا أقر الرجل على نفسه ، فذلك إلى الإمام إن شاء عفا وإن شاء قطع (1).

وضعف الرواية بين ، لكن عمل عليها الشيخ في النهاية والخلاف ، وتبعه أبو الصلاح ، ويظهر من كلامه في المبسوط ، أنه لا يسقط ، وهو أشبه ، وعليه المتأخر وشيخنا.

« قال دام ظله » : إذا سرق اثنان نصابا ، قال في النهاية : يقطعان ، وفي الخلاف : اشترط (يشترط خ) بلوغ نصيب كل منهما نصابا.

ووجه ما ذكره في النهاية ، أن كل واحد منهما سارق النصاب ، وسارق النصاب يقطع ، أما الأول فلأنه لو انفرد لكان (كان خ) مستقلا بنفسه ، فلا تأثير لاجتماع الآخر معه ، وأما الثاني ، فمسلم ، وإليه ذهب المرتضى في الانتصار.

وأما ما قاله في الخلاف ، فإنه استدل بإجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط ، وبأن الأصل براءة الذمة.

وفي الاستدلال نظر ، وفي المسألة تردد ، والأول أظهر ، والمتأخر على الثاني.

« قال دام ظله » : لو قامت الحجة بالسرقة ، ثم أمسكت ، فقطع ، ثم شهدت عليه

ص: 584


1- الوسائل باب 18 حديث 3 من أبواب مقدمات الحدود.

عليه بأخرى (سابقة خ) (بالسرقة الأخرى خ) قال في النهاية : قطعت يده بالأولى ورجله بالأخرى ، وبه رواية (1).

والأولى التمسك بعصمة الدم إلا في موضع اليقين.

(الثالثة) قطع السارق موقوف على مرافعة المسروق منه ، فلو لم يرافعه لم يرفعه الإمام عليه السلام ، ولو رافعه لم يسقط الحد ولو وهبه.

الفصل السادس : في المحارب

وهو كل مجرد سلاحا في بر أو بحر ، ليلا أو نهارا ، لإخافة السابلة وإن لم يكن من أهلها على الأشبه.

ويثبت ذلك بالإقرار ولو مرة أو بشهادة عدلين.

______________________________________________________

بأخرى سابقة ، قال في النهاية : قطعت يده بالأولى ورجله بالأخرى ، وبه رواية.

هذه رواها سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن بكير بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال : ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى ، ثم أمسكوا حتى تقطع (يده خ) ثم شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة ، قطعت رجله اليسرى (2).

وفي السند قدح (3) والفتوى منافية للأصل ، فإن قطع الرجل مشروط بمعاودة السرقة ، فالأولى إطراحها ، والذهاب إلى ما ذكره في المبسوط ، أنه لا يقطع ، واختاره المتأخر وشيخنا دام ظله ، تمسكا بأن القطع لا يتهجم عليه إلا مع اليقين.

ص: 585


1- راجع الوسائل باب 9 حديث 1 من أبواب حد السرقة ، ج 18 ص 499.
2- الوسائل باب 9 ذيل حديث 1 من أبواب حد السرقة.
3- (وفي سهل قدح خ) ، (وفي السند سهل خ).

ولو شهد بعض اللصوص على بعض لم تقبل.

وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض.

وحده : القتل أو الصلب أو القطع مخالفا أو النفي.

وللأصحاب اختلاف.

______________________________________________________

الفصل السادس في المحارب

« قال دام ظله » : وللأصحاب اختلاف ، قال المفيد بالتخيير ، وهو الوجه ، وقال الشيخ بالترتيب ، إلى آخره.

أما وجه قول المفيد ، فهو ظاهر التنزيل ، قال اللّه تعالى ، ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، الآية (1).

ومستند النهاية ، الروايات (منها) ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن عبيد اللّه بن إسحاق المدائني ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سئل عن قول اللّه عزوجل : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ، الآية؟ فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟ فقال : إذا حارب اللّه ورسوله وسعى (يسعى خ) في الأرض فسادا ، فقتل ، قتل به ، وإن قتل وأخذ المال ، قتل وصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل ، قطعت يده ورجله من خلاف ، وإن شهر السيف ، وحارب اللّه ورسوله ، وسعى في الأرض فسادا ، ولم يقتل ولم يأخذ المال ، نفي من الأرض سنة إلى مصر آخر ، ويكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي ، فلا تجالسوه ، ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه ، فيفعل ذلك به سنة (الحديث) (2).

ص: 586


1- المائدة - 23.
2- أورد صدره في الوسائل باب 1 حديث 4 ، وذيله باب 3 حديث 2 من أبواب حد المحارب ، وتمامه : فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره ، كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة ، قلت ، فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها؟ قال : إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها.

قال المفيد بالتخيير ، وهو الوجه.

وقال الشيخ بالترتيب يقتل إن قتل.

ولو عفا ولي الدم قتل حدا.

ولو قتل وأخذ المال استعيد منه وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثم قتل وصلب.

وإن أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفا ونفي.

ولو جرح ولم يأخذ المال اقتص منه ونفي.

ولو شهر السلاح مخيفا نفي لا غير.

ولو تاب قبل القدرة عليه سقطت العقوبة ولم يسقط حقوق الناس ،

______________________________________________________

وروى مثل ذلك ، محمد بن سليمان الديلمي ، عن عبيد اللّه المدائني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

وما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال : ومن شهر السلاح في مصر من الأمصار ، وضرب وعقر وأخذ المال ، ولم يقتل ، فهو محارب ، فجزاؤه جزاء المحارب ، وأمره إلى الإمام ، إن شاء قتله (2) وإن شاء صلبه ، وإن شاء قطع يده ورجله (الحديث) (3).

يؤيد مذهب المفيد ، وهو اختيار المتأخر.

وذكر ابن بابويه في المقنع ، ومن لا يحضره الفقيه الروايتين ، فأراه (واراه خ) مترددا.

ص: 587


1- الوسائل باب 1 نحو حديث 4 بالسند الأول والثاني وباب 3 نحو حديث 2 بالسند الثالث والرابع من أبواب حد المحارب ، مع اختلاف يسير.
2- في الوسائل : إن شاء قتله وصلبه.
3- الوسائل باب 1 حديث 1 من أبواب حد المحارب.

ولو تاب بعد ذلك لم يسقط.

ويصلب المحارب حيا على القول بالتخيير ، ومقتولا على القول الآخر ، ولا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ، وينزل ويغسل على القول بصلبه حيا ويكفن ويصلى عليه ويدفن.

وينفى المحارب عن بلد ، ويكتب بالمنع من مؤاكلته ومجالسته ومعاملته حتى يتوب.

واللص محارب ، وللانسان دفعه إذا غلب السلامة ، ولا ضمان على الدافع ، ويذهب دم المدفوع هدرا.

وكذا لو كابر امرأة على نفسها ، أو غلاما فدفع ، فأدى إلى تلفه أو دخل دارا فزجره فأدى الزجر والدفع إلى تلفه ، أو ذهاب بعض أعضائه.

ولو ظن العطب سلم المال.

ولا يقطع المستلب ولا المختلس ولا المحتال ولا المبنج ولا من سقى غيره مرقدا ، بل يستعاد منهم ما أخذوا ، ويعزرون بما يردع.

الفصل السابع : في إتيان البهائم ووطء الأموات وما يتبعه

إذا وطأ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم كالشاة والبقرة حرم لحمها ولحم نسلها.

ولو اشتبهت في قطيع قسم نصفين وأقرع هكذا حتى تبقى واحدة فتذبح وتحرق ويغرم قيمتها إن لم يكن له.

ولو كان المهم ظهرها (لا لحمها خ) كالبغل والحمار والدابة أغرم ثمنها إن لم تكن له ولو أخرجت إلى غير بلده وبيعت.

ص: 588

وفي الصدقة بثمنها قولان ، الأشبه : أنه يعاد عليه. ويعزر الواطئ على التقديرين.

______________________________________________________

في وطء البهيمة والأموات

« قال دام ظله » : في وطء البهيمة - : وفي الصدقة بثمنها قولان ، الأشبه أن (أنه خ) يعاد عليه.

واطئ البهيمة لا يخلو (إما) أن تكون الموطوءة له أو لغيره ، فإن كانت له يعزر ، ويخرج البهيمة إلى بلد آخر ، إن لم يؤكل لحمها ، وتباع ، والثمن لصاحبها ، وإن كانت لغيره يعزر ويغرم ثمنها ، وتخرج إلى بلد آخر للبيع ، كما ذكرنا ، ويعاد الثمن إلى (على خ) المغرم.

هذا على مذهب الشيخ وأتباعه والمتأخر ، وقال يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يأتي البهيمة ، قال إن كانت البهيمة للفاعل ، ذبحت ، فإذا ماتت أحرقت بالنار ، ولم ينتفع بها ، وضرب هو خمسة وعشرون (عشرين خ) سوطا ، ربع حد الزاني وإن لم تكن البهيمة له ، قومت ، وأخذ ثمنها منه ، ودفع إلى صاحبها ، وذبحت وأحرقت بالنار ، ولم ينتفع بها ، وضرب خمسة وعشرون (عشرين خ) سوطا (الحديث) (1).

وقال المفيد : يتصدق بثمنها على التقديرين ، ويغرم قيمتها إن لم تكن له.

وما نعرف مستنده ، والأول أشبه ، تمسكا بأن الأصل حفظ الأموال على أربابها ، وعليه العمل.

ص: 589


1- الوسائل باب 1 حديث 1 من أبواب نكاح البهائم ، ولكن السند هكذا : عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وعن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وعن صباح الحذاء ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم موسى عليه السلام ، في الرجل يأتي البهيمة ... الخ. وفي آخره : فقلت وما ذنب البهيمة؟ فقال : لا ذنب لها ، ولكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فعل هذا ، وأمر به ، كي لا يجترئ الناس بالبهائم ، وينقطع النسل.

ويثبت هذا الحكم بشهادة عدلين ، أو الإقرار ولو مرة ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمات.

ولو تكرر الوطء مع التعزير ثلاثا قتل في الرابعة.

ووطء الميتة كوطء الحية في الحد واعتبار الإحصان ، ويغلظ هنا زيادة على الحد ، ولو كانت زوجة فلا حد ويعزر.

ولا يثبت إلا بأربعة شهود.

وفي رواية : يكفي اثنان لأنها شهادة على واحد.

ومن لاط بميت كمن لاط بحي ، ويعزر زيادة على الحد.

ومن استمنى بيده عزر بما يراه الإمام عليه السلام.

ويثبت بشهادة عدلين أو الإقرار مرتين.

ولو قيل : يكفي المرة كان حسنا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يثبت إلا بأربعة شهود ، وفي رواية ، يكفي اثنان ، لأنها شهادة على واحدة.

القول الأول هو الأصل المسلم ، أعني أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة ، وأما ما أحاله إلى الرواية ، فهو للشيخ في النهاية.

« قال دام ظله » : ويثبت بشهادة عدلين ، أو الإقرار مرتين ولو قيل : يكفي المرة ، كان حسنا.

أقول : الثبوت بإقرارين لا نزاع فيه ، لكن هل يثبت بالمرة الواحدة؟ قال المتأخر : لا ، وخرج شيخنا الثبوت ، وهو أشبه.

(لنا) أن مقتضى الأصل قبول إقرار العاقل على نفسه ، ولو مرة ، ترك العمل به في مواضع ، لدلالة النص ، وعمل به فيما خلا عنه.

ص: 590

كتاب القصاص

اشارة

ص: 591

كتاب القصاص

وهو : إما في النفس وإما في الطرف. والقود موجبه (1) : إزهاق البالغ العاقل النفس المعصومة المكافئة عمدا (عدوانا خ).

ويتحقق العمد بالقصد إلى القتل بما يقتل ولو نادرا.

أو القتل بما يقتل غالبا وإن لم يقصد القتل.

ولو قتل بما لا يقتل به غالبا ولم يقصد القتل فاتفق ، فالأشهر : أنه خطأ ، كالضرب بالحصاة والعود الخفيف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قتل بما لا يقتل به غالبا ، ولم يقصد القتل فاتفق ، فالأشهر أنه خطأ ... الخ.

أقول : البحث لا يتحقق إلا بترديد المسائل ، فنقول : القتل العمد (العدوان خ) لا يخلو حصوله (إما) من مكافئ أو لا ، فللثاني تفصيل وأحكام تجئ في مواضعه.

والأول (أما) إن قصد القاتل القتل أم لا (فالأول) يسمى عمدا محضا ، على كل حال ، سواء قتله بما يقتل غالبا أو نادرا.

ففي رواية أبان بن عثمان ، عن أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام ،

ص: 592


1- في بعض النسخ المخطوطة هكذا « موجبه قصد البالغ العاقل إزهاق النفس ... إلخ ».

______________________________________________________

قال : قلت له : ارمي الرجل بالشئ الذي لا يقتل مثله ، قال : هذا خطأ (الحديث) (1).

وهو محمول على ما إذا لم يقصد القتل.

(والثاني) إما أن يقصد بالفعل (2) المقتول ، أو لم يقصده ، فالثاني هو الخطأ المحض.

والأول إما أن يكون الفعل بما (مما خ) يقتل غالبا أو نادرا ، وكلاهما (3) يسمى شبيه (شبه خ) العمد.

واختلفت فيه الروايات ، ففي رواية أبي العباس (4) ، أنه خطأ ، والمراد خطأ شبيه (يشبه خ) العمد.

يدل على ذلك ما رواه أبو العباس أيضا وزرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن العمد أن تتعمده فتقتله بما يقتل مثله ، والخطأ أن تتعمد ولا تريد قتله بما لا يقتل مثله ، والخطأ الذي لا شك فيه أن تتعمد شيئا آخر فيصيبه (5).

وفي رواية علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : قال : أبو عبد اللّه عليه السلام : لو أن رجلا ضرب رجلا بحربة (بخزفة خ) أو بآجرة أو بعود فمات ، كان عمدا (6) والجمع بينها ما ذكرنا من الحصر.

ص: 593


1- الوسائل باب 11 صدر حديث 7 من أبواب القصاص في النفس ، وذيله : ثم أخذ حصاه صغيرة فرمى بها ، قلت : ارمي الشاة فأصيب رجلا؟ قال : هذا الخطأ الذي لا شك فيه ، والعمد الذي يضرب بالشئ الذي يقتل بمثله.
2- يعني من دون أن يقصد قتله.
3- وفي الأول إشكال جدا.
4- تقدمت قبيل هذا.
5- الوسائل باب 11 حديث 13 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 27.
6- الوسائل باب 11 حديث 8 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 26.

أما الرمي بالحجر الغامز (1) والسهم المحدد (أو بالسهم خ) فإنه يوجب القود لو قتل.

وكذا لو ألقاه في النار.

أو ضربه بعصا مكررا ما لا يحتمله مثله فمات.

أو ألقاه إلى الحوت فابتلعه.

أو إلى الأسد فافترسه ، لأنه كالآلة عادة.

ولو أمسك واحد وقتل الآخر ونظر ثالث فالقود على القاتل ويحبس الممسك أبدا وتفقأ عين الناظر.

ولو أكره على القتل فالقصاص على القاتل لا المكره.

وكذا لو أمره بالقتل فالقصاص على المباشر.

ويحبس الآمر أبدا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويحبس الآمر أبدا ، ولو كان المأمور عبده فقولان ، أشبههما أنه كغيره ، والمروي ، يقتل به السيد ، إلى آخره.

القول الأول ، ذكره الشيخ في النهاية ، وكأنه استناد إلى ما رواه علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل أمر رجلا (آخر خ) بقتل رجل ، فقتله ، فقال : يقتل به الذي قتله ، ويحبس الآمر بقتله في الحبس حتى يموت (2).

واختاره في الاستبصار ، ويدل عليه قوله تعالى ( أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) (3).

فأما ما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا ، فقتله ، قال : فقال : يقتل السيد به (4).

ص: 594


1- أي : الكابس على البدن لثقله. (الرياض).
2- الوسائل باب 13 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 32.
3- المائدة - 45.
4- الوسائل باب 14 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 33.

ولو كان المأمور عبده فقولان ، أشبههما : أنه كغيره. والمروي (1) : يقتل به السيد.

وقال في الخلاف : إن كان العبد صغيرا أو مجنونا سقط القود ووجبت الدية على المولى.

ولو جرح جان فسرت الجناية دخل قصاص الطرف في النفس.

أما لو جرحه وقتله فقولان ، أحدهما : لا يدخل قصاص الطرف في النفس ، والآخر : يدخل.

______________________________________________________

فحمله الشيخ على من تعود الأمر بقتل الناس.

وقال في الخلاف : إن كان العبد عالما بأنه لا يستحق القتل ، فعليه القود ، وإن كان صغيرا أو مجنونا يسقط القود ، والدية على السيد (انتهى) ، والتفصيل حسن.

وفي المبسوط : إذا كان العبد عاقلا مميزا يقتل (به خ) ولا يقتل السيد (2).

(فإن قيل) : إذا كان الصغير أو المجنون لا يقتل بالقود ، ففتوى الخلاف والنهاية غير مختلف ، إلا أن في الخلاف ، صرح به نطقا (قلنا) : تظهر الفائدة بين الكتابين ، على مذهب الشيخ في النهاية ، فإن (إن خ) الصغير إذا بلغ عشرا أو خمسة أشبار ، يقتل بالقود.

« قال دام ظله » : أما لو جرحه وقتله فقولان ، أحدهما لا يدخل قصاص الطرف في النفس ، والآخر يدخل ، وفي النهاية ، إن فرقه لم يدخل ، ومستندها رواية محمد بن قيس (3).

ص: 595


1- الوسائل باب 14 حديث 2 من أبواب قصاص النفس.
2- في نسختين من نسخ الكتاب هكذا : (وإلا يقتل السيد) بدل قوله : (ولا يقتل السيد).
3- عن أحدهما عليهما السلام ، في رجل فقأ عيني رجل وقطع أذنيه ثم قتله ، فقال : إن كان فرق ذلك اقتص منه ، ثم يقتل ، وإن كان ضربه ضربة ضربت عنقه ولم يقتص منه.

وفي النهاية : إن فرقه لم يدخل ، ومستندها رواية محمد بن قيس.

وتدخل دية الطرف في دية النفس إجماعا.

مسائل من الاشتراك

(الأولى) لو اشترك جماعة في قتل حر مسلم فللولي قتل الجميع ، ويرد على كل واحد ما فضل من ديته عن جنايته ، وله قتل البعض ، ويرد الآخرون قدر جنايتهم.

فإن فضل للمقتولين فضل قام به الولي ، وإن فضل منهم كان له.

______________________________________________________

والقولان للشيخ ، قال في الخلاف ، وفي موضع من المبسوط : يدخل ، وهو في رواية أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، (1) وفي موضع آخر من المبسوط : لا يدخل ، والمتأخر على الأول.

وتفصيل النهاية قريب ، وذلك لأنه متى فرقه ، وجب بالضربة الأولى قصاص ، وبالثانية قصاص لبقاء الحياة مع الأولى ، وعملا بظاهر التنزيل.

فأما لو ضربه واحدة فهو قتل بضربة لها تأثيران ، فلا يقتص لكل أثر ، لعدم الدليل.

مسائل من الاشتراك

« قال دام ظله » : - في مسألة الاشتراك - : فإن فضل للمقتولين فضل ، قام به الولي ، وإن فضل منهم ، كان له.

أما أنه يفضل للمقتولين ، فظاهر ، وأما أنه يفضل منهم فيكون في صورة اشترك (اشتراك خ) حر ، ومن نقصت ديته عن دية الحر في قتل حر ، واختار الولي قتل

ص: 596


1- لم نعثر على رواية أبي عبيدة بهذا المضمون.

(الثانية) يقتص من الجماعة في الأطراف كما يقتص في النفس. فلو قطع يده جماعة كان له التخيير في قطع الجميع ويرد (ورد خ) فاضل الدية ، وله قطع البعض ، ويرد عليهم الآخرون.

(الثالثة) لو اشتركت في قتله امرأتان قتلتا ولا رد إذ لا فاضل لهما ، ولو كن أكثر رد الفاضل إن قتلهن ، وإن قتل بعضا رد البعض الآخر.

ولو اشترك رجل وامرأة فللولي قتلهما ، ويختص الرجل بالرد.

______________________________________________________

الناقص ديته.

ولنعين مثالا للبيان ، وذلك (1) حر وخنثى اشتركا في قتل حر ، واختار ولي المقتول قتل الخنثى ، فيلزم الشريك أن يرد خمسمائة دينار إلى شريكه المقتول ، لكن دية الخنثى ، سبعمائة وخمسون (دينارا خ) فخمسمائة منها في مقابل جنايته ، ويبقى له مائتان وخمسون دينارا أخذ مما رده الشريك وهو خمسمائة.

ويفضل من ذلك مائتان وخمسون ، يأخذها ولي المقتول ، هذا معنى قوله : (وإن فضل منهم كان له).

« قال دام ظله » : ولو اشترك رجل وامرأة فللولي قتلهما ، ويختص الرجل بالرد ، والمفيد جعل الرد أثلاثا.

تقرير هذا الكلام ، أنه إذا اشترك رجل وامرأة في قتل رجل ، فولي المقتول بالخيار ، إن شاء قتلهما ، ويرد خمسمائة على ولي الرجل ، ولا شئ لولي المرأة ، لأن ديتها خمسمائة تمشي بجنايتها ، وهو مقتضى النظر ، ذهب إليه الشيخ وأتباعه والمتأخر.

وقال المفيد : بجعل الرد أثلاثا ، لأولياء الرجل ثلثاه ، وللمرأة ثلثه.

ص: 597


1- في بعض النسخ : ولنعين مثالا في ذلك ، حر وخنثى ... الخ.

والمفيد جعل الرد أثلاثا ، ولو قتل الرجل ردت عليه نصف ديته. ولو قتل المرأة فلا رد ، وله مطالبة الرجل بنصف الدية.

(الرابعة) لو اشترك حر وعبد في قتل حر (عمدا خ).

______________________________________________________

وما حققت من أين قاله؟ ويخطر أنه رحمه اللّه نظر إلى ديتهما ، فوزع الدية عليهما ، كما لو قتل ابتداء ، وهذا نوع من القياس ، وهو بمعزل عن المذهب الحق.

وإن (1) شاء قتل الرجل ، وترد المرأة إلى أوليائه نصف ديته ، لأنه جنايتها ، كما عرفت.

وفي النهاية ، تؤدى نصف ديتها ، مائتان وخمسون دينارا ، وهو بعيد ، ولا وجه له.

وإن شاء قتل المرأة ولا شئ لها ، ويرد الرجل نصف الدية إلى المقتول.

« قال دام ظله » : ولو اشترك حر وعبد في قتل حر (عمدا خ) ، قال في النهاية : له قتلهما ويرد على سيد العبد قيمته ، إلى آخره.

في هذه المسألة أقوال ، وفي الكل إشكال ، أما على قول النهاية ، ففي قوله : (ويرد على سيد العبد قيمته) فإن الصواب أن يقول : ويرد على الحر نصف ديته ، وعلى سيد العبد ما زاد من قيمته على خمسمائة.

وفي قوله : أو يقتلوا العبد ، لمولاه على الحر شئ (سبيل خ) إشكال ، فإنهما (2) مشتركان في الجناية ، فكيف يفرد أحدهما بالقصاص ، ويخلى الآخر بلا رد ، بل الصواب هنا أن يرد الحر على مولاه من قيمته الزائد على خمسمائة ، وتمام خمسمائة إلى ولي المقتول ، ولو لم تزد قيمته على خمسمائة شئ ، فرد (يرد خ) الولي خمسمائة.

وقال أبو الصلاح : له قتلهما ، ويرد قيمة العبد إلى السيد وورثة الحر ، أو يقتل الحر ، ويرد السيد سيد العبد خ) إلى ورثة المقتول نصف ديته ، أو يقتل العبد ،

ص: 598


1- عطف على قوله قده : (إن شاء قتلهما) وكذا قوله : وإن شاء قتل المرأة.
2- هذا بيان الإشكال.

______________________________________________________

ويرد الحر إلى سيده نصف قيمته.

واختار المتأخر هذا القول ، وقال : هذا مقتضى أصول المذهب.

ولست أعرف أي أصل يقتضيه ، فإن عليه إشكالات ثلاثة (الأول) على قوله : (له قتلهما ، ويرد قيمة العبد إلى السيد والولي) فإن ولي الحر ، مطالب بخمسمائة وقيمة العبد تتفاوت ، و (1) جنايته (بجنايته خ) بخمسمائة ، فلا يحكم عليه ، والحال هذه بالإطلاق.

(الثاني) قوله : (أو يقتل الحر ويرد السيد إلى ورثة المقتول نصف ديته) فإن السيد لا يغرم جناية العبد إلا عن رضاه.

(الثالث) على قوله : (أو يقتل العبد ويرد الحر إلى سيده نصف قيمته) والإشكال فيه ظاهر.

وقال الشيخ في الاستبصار : إن للولي (الولي خ) إذا قتل الحر (2) يجب على مولى العبد أن يرد على ورثة المقتول نصف الدية أو يسلم العبد إليهم.

وقال المتأخر هنا : نعم رجع الشيخ في الاستبصار عما ذكره في النهاية (3).

وقال شيخنا في الشرائع : إما يقتلهما ويرد إلى الحر نصف ديته وإلى المولى الزائد من قيمته على خمسمائة ، وإلا فلا شئ ، أو يقتل العبد ، ويؤدى إلى المولى (مولاه خ) الزائد من قيمته على خمسمائة ، ومع استيعاب قيمته ديته (خمسمائة خ) من غير زيادة ، فلا شئ له ، وإلا كان تمام الدية لأولياء الأول (4) .

ص: 599


1- الظاهر كون الواو بمعنى مع.
2- يعني إذا قتله العبد يلزم على مولى العبد أن يرد على ورثة المقتول الحر نصف الدية ، قال في الاستبصار : لو كان (أي المقتول) حرا لكان عليه ذلك (يعني يجب على مولاه أن يرد على ورثة المقتول الثاني نصف الدية أو يسلم العبد إليه) الاستبصار ج 4 ص 283.
3- في بعض النسخ هكذا : نعم الرجوع إلى الحق أي عن النهاية.
4- في الشرائع : للأولياء الأول.

قال في النهاية : له قتلهما ، ويرد على سيد العبد قيمته ، وله قتل الحر ، ويرد عليه سيد العبد خمسة آلاف درهم أو يسلم العبد إليهم أو يقتلوا العبد ، وليس لمولاه على الحر سبيل.

والحق أن نصف الجناية على الحر ونصفها على العبد ، فلو قتلهما الولي رد على الحر نصف ديته ، وعلى مولى العبد ما فضل من قيمته عن نصف الدية.

ولو قتل الحر رد مولى العبد عليه نصف الدية أو دفع العبد ما لم تزد قيمته من النصف فتكون الزيادة للمولى.

ولو قتل العبد رد على المولى ما فضل عن نصف الدية إن كان في العبد فضل.

______________________________________________________

وما ذكر الحكم في قتله الحر ، وفي كلامه هنا عقدة.

وفيه إشكال ، فإن مع قتل العبد ، لا يرد أولياء (1) المقتول الأول شيئا ، بل يرد شريك العبد في القتل.

وفي تمام الدية لأولياء المقتول الأول أيضا ، إشكال ، فإنه ليس على الحر إلا خمسمائة ، والمولى لا يغرم جناية عبده ، وقيمة العبد لا تفي بجنايته ، فمن يتم الدية للأول؟

وأقرب الأقوال ما ذكره شيخنا دام ظله في هذا الكتاب.

ويبقى الإشكال عليه ، في اختيار الولي (المولى خ) قتل العبد ، وقيمته تنقص عن خمسمائة ، ومنشأه تعذر الطريق إلى من يتم الدية للمقتول الأول.

والجواب أنه دم يسقط ، ولظهوره ما ذكره شيخنا.

ص: 600


1- في بعض النسخ : لا يرد إلى أولياء المقتول الأول شيئا ، والظاهر أصوبية ما أثبتناه.

ولو قتلت امرأة وعبد (1) فعلى كل واحد منهما نصف الدية ، فلو قتل العبد وكانت قيمته بقدر جنايته فلا رد ، فإن زادت رد (ردت خ) (2) على مولاه الزيادة.

القول في الشرائط المعتبرة في القصاص :

وهي خمسة :

(الأول) الحرية : فيقتل الحر بالحر ، ولا رد ، وبالحرة مع الرد ، والحرة بالحرة وبالحر.
اشارة

وهل يؤخذ منها الفضل؟ الأصح : لا.

وتتساوى المرأة والرجل في الجراح قصاصا ودية حتى يبلغ ثلث دية الحر فتنصف (فينتصف خ) ديتها ويقتص له مع رد التفاوت ، وله منها ولا رد.

ويقتل العبد بالعبد وبالأمة ، والأمة بالأمة وبالعبد.

______________________________________________________

شرائط القصاص

« قال دام ظله » : وهل يؤخذ منها الفضل؟ الأصح لا.

قوله : (الأصح لا) تنبيه على ما روي عن علي عليه السلام ، أن الحرة تقتل بالحر ، ويؤخذ منها فاضل ديتها (3) وهي متروكة ، لا عمل عليها.

ص: 601


1- رجلا حرا (الرياض).
2- المرأة أو الولي (الرياض)
3- الذي عثرنا عليه بهذا المضمون ما أورده في الوسائل ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، إن أمير المؤمنين عليه السلام ، قتل رجلا بامرأة قتلها عمدا ، وقتل امرأة قتلت رجلا عمدا ، وقال في الوسائل - بعد نقلها - أقول : هذا محمول على رد بقية الدية ، لما مر. الوسائل باب 33 حديث 14 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 61.

ولا يقتل الحر بالعبد ، بل تلزمه قيمته لمولاه يوم قتله ، ولا يتجاوز دية الحر.

ولو اختلفا في القيمة فالقول قول الجاني مع يمينه.

ويعزر القاتل ، وتلزمه الكفارة.

ولو كان العبد ملكه عزر وكفر.

وفي الصدقة بقيمته رواية فيها ضعف.

وفي رواية. إن اعتاد ذلك قتل به.

ودية المملوكة قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كان العبد ملكه عزر وكفر ، وفي الصدقة بقيمته رواية فيها ضعف ، وفي رواية : إن اعتاد ذلك قتل به.

أقول : أما التعزير والكفارة فلا خلاف فيهما ، وأما الصدقة بقيمته ، فعليه ، فتوى الشيخ وأتباعه وأبي الصلاح والمتأخر ، وما أعرف مخالفا ، وبه رواية (1).

وأما أنه يقتل إذا (إن خ) اعتاد قتل العبد ، فمذهب الجماعة المذكورين ، وروى ذلك جماعة عن الفتح بن يزيد الجرجاني (الخزاعي خ) عن أبي الحسن عليه السلام ، في رجل قتل مملوكه ومملوكته ، قال : إن كان المملوك له أدب وحبس ، إلا أن يكون معروفا بقتل المماليك ، فيقتل به (2).

وعليه حمل الشيخ ما رواه إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام ، أنه قتل حرا بعبد قتله عمدا (3).

وفي إسماعيل بن أبي زياد كلام.

ص: 602


1- بل روايتان أوردهما في الوسائل باب 37 حديث 1 و 5 من أبواب القصاص في النفس فتأمل.
2- الوسائل باب 38 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس.
3- الوسائل باب 40 حديث 9 من أبواب القصاص في النفس.

وكذا لا تتجاوز بدية عبد الذمي دية الحر منهم ولا بدية الأمة دية الذمية.

ولو قتل العبد حرا لم يضمن مولاه ، وولي الدم بالخيار بين قتله واسترقاقه ، وليس للمولى فكه مع كراهية الولي.

ولو جرح حرا فللمجروح القصاص ، وإن شاء استرقه إن استوعبته الجناية ، وإن قصرت استرق منه بنسبة الجناية أو يباع فيأخذ من ثمنه حقه.

ولو افتداه المولى فداه بأرش الجناية ، ويقاد العبد لمولاه إن شاء الولي.

ولو قتل عبدا مثله عمدا فإن كانا لواحد فالمولى بالخيار بين الاقتصاص والعفو ، وإن كانا لاثنين فللمولى قتله إلا أن يتراضى الموليان بدية أو أرش ، ولو كانت الجناية خطأ كان لمولى القاتل فكه بقيمته ، وله دفعه ، وله منه ما فضل من قيمته (قيمة المقتول خ) ولا يضمن ما يعوز.

والمدبر كالقن.

ولو استرقه ولي الدم ففي خروجه عن التدبير قولان ، وبتقدير أن

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والمدبر كالقن ، ولو استرقه ولي الدم ، ففي خروجه عن التدبير قولان ، وبتقدير أن لا يخرج ، هل يسعى في فك رقبته؟ المروي أنه يسعى.

القولان للشيخ ، قال في التهذيب والنهاية : لا يخرج ، ويستسعى في دية المقتول ، بعد موت المدبر.

واستند إلى ما رواه هشام بن أحمد (احمر خ) قال : سألت أبا الحسن عليه السلام

ص: 603

______________________________________________________

عن مدبر قتل رجلا خطأ ، قال : أي شئ رويتم في هذا؟ قال : قلت : روينا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه (قال خ) يتل برمته إلى أولياء المقتول ، فإذا مات الذي دبره عتق (أعتق خ) قال : سبحان اللّه ، فيبطل دم امرء مسلم؟ قال : قلت : هكذا روينا ، قال : غلطتم (1) على أبي (يتل برمته إلى أولياء المقتول) فإذا مات الذي دبره ، استسعى في قيمته (2).

فهي دالة على أن العبد لا يخرج عن التدبير ، ويستسعى في قيمته بعد موت المدبر

والشيخ قال : يستسعى في دية المقتول واستدل في الاستبصار والتهذيب ، بهذه الرواية.

وحكى المتأخر كلام الشيخ معتقدا أنه مروي ، وقال ، تحمل الرواية على ما إذا كان التدبير عن نذر واجب ، فأما إذا لم يكن عن واجب ، يسترق العبد ، ولا يقتل ، ومعنى قوله : (يتل برمته) يدفع بجملته.

والقول الثاني للشيخ في الخلاف ، قال : إذا سلمه المولى إليهم ، فهو رجوع عن التدبير ، وهو اختيار شيخنا في نكت النهاية.

وهو أشبه ، لأن التدبير بمنزلة الوصية ، ولا يخرج الرقبة عن الملكية ، فينتقل إلى أولياء المقتول ، كالقن.

وبه يشهد ما رواه الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن مدبر قتل رجلا عمدا؟ قال : يقتل به ، قال :

ص: 604


1- الظاهر أن المراد ، أنكم غلطتم على أبي في نسبة هذه الجملة ، إن أبي قال : (يتل برمته إلى أولياء المقتول ... الخ) وفي هامش بعض نسخ الوسائل : لعل المراد ، غلطتم في فهم الحديث ، إذ ليس فيه الحكم بعدم السعي ، أو غلطتم في إسقاط آخر الحديث ، وكأنه أقرب (منه رحمه اللّه) انتهى.
2- الوسائل باب 9 حديث 5 من أبواب ديات النفس من كتاب الديات ج 19 ص 156.

لا يخرج هل يسعى في فك رقبته؟ المروي (1) : أنه يسعى.

والمكاتب إن لم يؤد أو كان مشروطا فهو كالرق المحض ، وإن كان مطلقا وقد أدى شيئا ، فإن قتل حرا مكافئا عمدا قتل به.

وإن قتل مملوكا فلا قود ، وتعلقت الجناية بما فيه من الرقية مبعضة ، ويسعى في نصيب الحرية ويسترق الباقي منه أو يباع في نصيب الرق.

ولو قتل خطأ فعلى الإمام بقدر ما فيه من الحرية ، وللمولى الخيار بين فك ما فيه من الرقية بالأرش ، وتسليم حصة الرق ليقاص بالجناية.

وفي رواية علي بن جعفر : إذا أدى نصف ما عليه فهو بمنزلة الحر.

______________________________________________________

قلت : فإن قتله خطأ؟ قال فقال : يدفع إلى أولياء المقتول ، فيكون رقا لهم (لهم رقا خ) (الحديث) (2).

والبحث كله مبني على قتل الخطأ ، فاعرفه.

« قال دام ظله » : وفي رواية علي بن جعفر ... الخ.

هذه رواها هو ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عليهما السلام (في حديث) قال : وسألته عن المكاتب الذي إذا أدى نصف ما عليه ، قال : هو بمنزلة الحر في الحدود ، وغير ذلك من قتل أو غيره (3).

واختارها الشيخ في الاستبصار.

وما ذكره أولا من خيار المولى ، فهو اختيار الشيخ في النهاية ، وعليه أتباعه

ص: 605


1- راجع الوسائل باب 9 حديث 2 و 5 من أبواب ديات النفس ، ج 19 ص 155 و 156.
2- الوسائل باب 42 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ، وتمامه : فإن شاؤوا باعوا وإن شاؤوا استرقوا ، وليس لهم أن يقتلوه ، قال : ثم قال : يا أبا محمد إن المدبر مملوك. ج 19 ص 75.
3- الوسائل باب 10 قطعة من حديث 3 من أبواب ديات النفس من كتاب الديات ج 19 ص 157.
مسائل

(الأولى) لو قتل حر حرين فليس للأولياء إلا قتله.

ولو قتل العبد حرين على التعاقب ففي رواية : هو لأولياء الأخير.

______________________________________________________

والمتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو أظهر (أشبه خ).

مسائل

« قال دام ظله » : ولو قتل العبد حرين على التعاقب ، ففي رواية : هو لأولياء الأخير ، وفي أخرى : يشتركان فيه ، ما لم يحكم به لولي الأول.

الرواية الأولى رواها أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن عبد قتل أربعة أحرار ، واحدا بعد واحد؟ قال : فقال : هو لأهل الأخير من القتلى ، إن شاؤوا قتلوه ، وإن شاؤوا استرقوه (الحديث) (1).

والرواية ضعيفة ، فإن الحسن بن (2) علي بن فضال فطحي ، وكذا ابن عقبة.

وحلمها المتأخر على ما إذا استرقه أولياء الأول ، وعفوا عنه ، واختاره بهذا المعنى.

والرواية الأخيرة رواها ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في عبد جرح رجلين ، قال : هو بينهما ، إن كانت جنايته تحيط بقيمته ، قيل له : فإن جرح رجلا في أول النهار ، وجرح آخر في آخر النهار؟ قال : هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول ، قال : فإن جنى بعد ذلك جناية ، فإن جنايته على الأخير (3).

ص: 606


1- الوسائل باب 45 حديث 3 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 77.
2- في النسخ التي عندنا كلها : رواها علي بن فضال ... الخ ثم قال الشارح ره : فإن علي بن فضال فطحي ... الخ ، والصواب ما أثبتناه كما في التهذيب والاستبصار والوسائل.
3- الوسائل باب 45 حديث 1 من أبواب القصاص ج 19 ص 77.

وفي أخرى : يشتركان فيه ما لم يحكم (به خ) لولي الأول.

(الثانية) لو قطع يمنى رجلين قطعت يمينه للأول ويسراه للثاني.

وقال في النهاية : لو قطع يدا وليس له يدان قطعت رجله اليمنى باليد.

وكذا لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه بالأول فالأول ، والرجل بالأخير فالأخير ، ولمن يبقى بعد ذلك الدية ، ولعله استناد إلى رواية حبيب السجستاني عن أبي جعفر عليه السلام (أبي عبد اللّه عليه السلام خ) (1).

(الثالثة) إذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه ففي العتق تردد ،

______________________________________________________

واختارها في الاستبصار وشيخنا في الكتابين ، وهو أشبه.

ويدخل في حكم الحاكم استرقاق الأولياء وعفوهم ، لأنه يكون بحكمه ، خصوصا مع وجود الحاكم بالأصالة ، ولهذا خص الرواية بحكم الوالي.

وقال المتأخر : لا تأثير لحكم الحاكم ، وعلى ما قلناه لا منع ، واختياره (2) موافق له.

وقول المصنف : (على التعاقب) احتراز من أن يكون القتل معا.

« قال دام ظله » : إذا قتل العبد حرا عمدا فاعتقه مولاه ، ففي العتق تردد ، أشبهه أنه لا ينعتق.

التردد للشيخ في المبسوط ، فله فيه قولان ، وقال في الخلاف : يتعلق حق المجني عليه عمدا بالعبد ، وعليه العمل.

فأما إذا كان القتل خطأ ، ففي النهاية : جاز عتقه ، ولزم المولى دية المقتول ، لأنه

ص: 607


1- الوسائل باب 12 حديث 2 من أبواب قصاص الطرف ، ج 19 ص 131 وفيه « عن حبيب السجستاني قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ».
2- لعله كناية عن أنه لا تأثير لهذا الاختيار أو إن المراد أن اختياره موافق لنفسه بمعنى أنه متفرد في هذا الاختيار.

أشبهه : أنه لا ينعتق ، لأن للولي التخيير في الاسترقاق ، ولو كان خطأ ففي رواية عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام (1) : يصح ، ويضمن المولى الدية.

وفي عمرو ضعف ، والأشبه : اشتراط الصحة بتقدم الضمان.

(الشرط الثاني) الدين : فلا يقتل المسلم بكافر ، ذميا كان أو غيره ولكن يعزر ويغرم دية الذمي.

(الشرط الثاني) الدين : فلا يقتل المسلم بكافر ، ذميا كان أو غيره

______________________________________________________

عاقلته ، وهو مروي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى علي (أمير المؤمنين خ) عليه السلام في عبد قتل حرا خطأ ، فلما قتله ، أعتقه مولاه ، قال : فأجاز عتقه وضمنه الدية (2).

وعمرو بن شمر مطعون ، بأنه يضع الحديث عن جابر ، فلا عمل على ما ينفرد به.

وقال المتأخر : مقصود الشيخ أنه إذا تبرع به المولى ، فأعتقه فولاؤه له ، وهو عاقلته (3).

والشيخ غير راض بهذا التفسير ، فإن الفرض أن العتق حصل بعد الجناية ، فكيف يعقل المولى ما جناه حال العبودية.

لكن يمكن أن يحمل كلام الشيخ على ما أن المولى كان مخيرا بين تسليم العبد وافتكاكه ، فأما إذا أعتقه دل على أنه يريد افتكاكه ، فيضمن جنايته.

ولو نزلنا عن هذا التأويل نقدح (ليقدح خ) في الرواية ، ونذهب إلى أن العتق غير صحيح ، إلا إذا ضمن جنايته ، متقدما على ما على العتق ، كان حسنا (4).

ص: 608


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب ديات النفس ، ج 19 ص 160.
2- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب ديات النفس.
3- عبارة السائر هكذا : وإنما مقصود شيخنا أبي جعفر ، إذا أعتقه مولاه تبرعا فإنه مولاه ، وله ولاؤه ، وهو يعقل عنه بعد ذلك (انتهى).
4- الظاهر أن قوله : كان حسنا جواب لقوله : ولو نزلنا.

ولكن يعزر ويغرم دية الذمي.

ولو اعتاد ذلك جاز الاقتصاص مع رد فاضل ديته (دية المسلم خ).

ويقتل الذمي بالذمي بالذمية مع رد فاضل ديته ، ويقتل الذمية بمثلها ، وبالذمي ولا رد.

ولو قتل الذمي مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، ولهم الخيرة بين قتله واسترقاقه.

وهل يسترق ولده الصغار؟ الأشبه : لا.

ولو أسلم بعد القتل كان كالمسلم.

ولو قتل خطأ لزمت الدية في ماله.

ولو لم يكن له مال كان الإمام عاقلته دون قومه.

(الشرط الثالث) أن لا يكون القاتل أبا : فلو قتل ولده لم يقتل به ، وعليه الدية والكفارة والتعزير ، ويقتل الولد بأبيه.

وكذا الأم تقتل بالولد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يسترق ولده الصغار؟ الأشبه لا.

إنما قال : الأشبه ، لأن الأولاد (أولاده خ) أحرار ، فلا يسترقون إلا بدليل ، ولا دليل.

وذهب سلار إلى أنهم يسترقون ، وما أعرف من أين قاله؟

« قال دام ظله » : ولو لم يكن له مال ، كان الإمام عاقلته ، دون قومه.

يسأل لم مع وجود المال لا يعقله الإمام ويعقله مع عدمه؟ (والجواب) أن أهل الذمة بمنزلة مماليكه عليه السلام ، فإذا كانوا متمولين ، فما لهم أيضا للإمام يؤدي الدية عنه ، فإذا لم يكن مال يؤدي من حاصله (خاصته خ).

ص: 609

وكذا الأقارب.

وفي قتل الجد بولد الولد تردد.

(الشرط الرابع) كمال العقل : فلا يقاد المجنون ولا الصبي ، وجنايتهما عمدا وخطأ على العاقلة.

وفي رواية : يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي قتل الجد بولد الولد ، تردد.

منشأ التردد ، الخلاف في الجد ، هل يطلق عليه لفظ الأب أم لا؟ فمن قال : يطلق ، وهو الظاهر من كلام اللّه وكلام الفصحاء ، لا يقتل عنده ، ومن قال : لا يطلق : يقتل عنده.

« قال دام ظله » : وفي رواية : يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا ، وفي أخرى : إذا بلغ خمسة أشبار تقام عليه الحدود ، والأشهر أن عمده خطأ ، حتى يبلغ التكليف.

فأما رواية العشر ، فقد ذكرناها قبل هذا (1).

ورواية الأشبار ، رواها النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار ، اقتص منه ، وإلا قضى بالدية (2).

فأما عمدهم كالخطأ ، به عدة روايات (منها) ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : عمد الصبي وخطأه واحد (3).

ص: 610


1- لم نعثر على رواية دالة على ثبوت القصاص بالخصوص على من بلغ شهرا ، نعم قد وردت أخبار تدل على نفوذ وصيته فراجع باب 44 من كتاب الوصية.
2- الوسائل باب 36 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 66 وباب 11 حديث 4 من أبواب العاقلة ج 19 ص 307 ، ولفظه هكذا : قال : أمير المؤمنين عليه السلام ، في رجل وغلام اشتركا في قتل رجل فقتلاه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار ، اقتص منه ، وإذا لم يبلغ خمسة أشبار ، قضى بالدية ، ولا يخفى أنه ليس فيه أنه تقام عليه الحدود واللّه العالم.
3- الوسائل باب 11 حديث 2 من أبواب العاقلة.

وفي أخرى : بلغ خمسة أشبار تقام عليه الحدود ، والأشهر : أن عمده خطأ حتى يبلغ التكليف.

أما لو قتل العاقل ثم جن لم يسقط القود.

ولو قتل البالغ الصبي قتل به على الأشبه ، ولا يقتل العاقل بالمجنون.

وتثبت الدية على العاقل إن كان عمدا أو شبيها ، وعلى العاقلة إن كان خطأ.

______________________________________________________

وفي أخرى ، عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام : عمد الصبيان خطأ تحمله (يحمل على خ) العاقلة (1) وأفتى الشيخ في النهاية على رواية العشر والأشبار ، فقال : القاتل غير البالغ ، وحده عشر سنين ، حكم عمده حكم الخطأ (2) وفي موضع آخر ، إلى أن يبلغ الصبي عشر سنين أو خمسة أشبار.

وذهب في الخلاف والمبسوط ، إلى ما تضمنه رواية محمد بن مسلم (3) وأمثالها ، وعليه المتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو أشبه ، وموافق للأصول.

وذهب المفيد وابن بابويه في المقنع إلى رواية الأشبار ، وهي ضعيفة.

« قال دام ظله » : ولو قتل البالغ الصبي ، قتل به على الأشبه.

قوله : (على الأشبه) تنبيه على أن في المسألة خلافا ، فقال : الأشبه القصاص ، لقوله تعالى : ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) (4) وقوله تعالى : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) (5).

وأما أن العاقل لا يقتل بالمجنون ، فهو متفق عليه.

ص: 611


1- الوسائل باب 11 حديث 3 من أبواب العاقلة.
2- هكذا في جميع النسخ ، لكن في النهاية هكذا : ومتى كان القاتل غير بالغ ، وحده عشر سنين فصاعدا ، أو يكون مع بلوغه زائل العقل إما أن يكون مجنونا أو مؤوفا ، فإن قتلهما وإن كان عمدا ، فحكمه حكم الخطأ (انتهى).
3- المتقدمة قبيل هذا.
4- المائدة - 45.
5- البقرة - 194.

ولو قصد العاقل دفعه كان هدرا.

وفي رواية : ديته من بيت المال.

ولا قود على النائم ، وعليه الدية.

وفي الأعمى تردد ، أشبه : أنه كالمبصر في توجه القصاص.

وفي رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام : أن جنايته خطأ تلزم العاقلة ، فإن لم تكن له عاقلة فالدية في ماله تؤخذ في ثلاث سنين.

وهذه فيها مع الشذوذ تخصيص لعموم الآية (1).

(الشرط الخامس) أن يكون المقتول محقون الدم.
اشارة

القول في ما يثبت به ، وهو : الإقرار أو البينة أو القسامة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قصد القاتل دفعه ، كان هدرا.

هذا مذهب الشيخ ، ومقتضى قوله تعالى : ( ما على المحسنين من سبيل ) (2).

وفي رواية أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) يعطى ورثته الدية من بيت مال المسلمين (الحديث) (3).

وعمل عليها المفيد ، والأول أشبه.

« قال دام ظله » : وفي الأعمى تردد ، أشبهه أنه كالمبصر ... الخ.

منشأ التردد النظر إلى رواية الحلبي (4) وفتوى الشيخ ، وهي شاذة ، أي قليلة الورود ، مخصصة لعموم الآية ، فلا تسمع.

ص: 612


1- إشارة إلى قوله تعالى « وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ... إلخ » المائدة - 45.
2- التوبة - 91.
3- الوسائل باب 28 قطعة من حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 52.
4- الوسائل باب 10 حديث 1 من أبواب العاقلة ولفظه هكذا : والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها ثلاث سنين ، راجع تمام الحديث.

أما الإقرار : فيكفي المرة ، وبعض الأصحاب يشترط التكرار (مرتين خ).

ويعتبر في المقر : البلوغ والعقل والاختيار والحرية.

ولو أقر واحد بالقتل عمدا والآخر خطأ تخير الولي في تصديق أحدهما.

ولو أقر واحد بقتله عمدا وأقر آخر أنه هو الذي قتله ورجع الأول درئ عنهما القصاص والدية ، وودي من بيت المال ، وهو قضاء الحسن بن علي عليهما السلام.

______________________________________________________

ما يثبت به القتل

« قال دام ظله » : أما الإقرار فيكفي المرة ، وبعض الأصحاب يشترط التكرار مرتين.

يريد ببعض الأصحاب الشيخ في النهاية وأتباعه والمتأخر ، فإنهم ذهبوا إلى أنه يكفي الإقرار دفعتين ، ومقتضى النظر أن إقرار البالغ العاقل مقبول ، فتكفي المرة الواحدة ، وهو اختيار شيخنا تمسكا بالأصل ، إذ لا دليل هنا على وجوب التكرار.

« قال دام ظله » : ولو أقر واحد بقتله عمدا ، وأقر آخر أنه هو الذي قتله (إلى قوله) : وهو قضاء الحسن بن علي عليهما السلام.

روى علي بن إبراهيم ، عن بعض أصحابنا ، رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل وجد في خربة وبيده سكين ملطخ بالدم ، وإذا برجل مذبوح يتشحط في دمه ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ما تقول؟ قال : أنا قتلته ، قال : اذهبوا فأقيدوه به ، فلما ذهبوا به ، أقبل رجل مسرع (إلى أن قال) : فقال : أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام للأول : ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال : وما كنت أستطيع أن أقول ، وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال ، وأخذوني وبيدي سكين ، ملطخ بالدم ، والرجل يتشحط في دمه ، وأنا قائم عليه ،

ص: 613

وأما البينة فهي : شاهدان عدلان ، ولا يثبت بشاهد ويمين ، ولا بشاهد وامرأتين ، ويثبت بذلك ما يوجب الدية : كالخطأ ودية الهاشمة والمنقلة والجائفة وكسر العظام.

ولو شهد اثنان أن القاتل زيد ، وآخران أن القاتل عمرو ، قال الشيخ في

______________________________________________________

خفت الضرب ، فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة ، وأخذني البول ، فدخلت الخربة ، فرأيت الرجل متشحطا في دمه ، فقمت متعجبا ، فدخل علي هؤلاء فأخذوني ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن وقولوا له : ما الحكم فيهما؟ قال : فذهبوا إلى الحسن عليه السلام وقصوا عليه قصتهما ، فقال الحسن عليه السلام : قولوا لأمير المؤمنين عليه السلام : إن كان هذا ذبح ذاك ، فقد أحيى هذا ، وقد قال اللّه عز وجل : وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ، يخلا عنه يخلا عنهما ، وتخرج دية المذبوح من بيت المال (1).

وهذه حكومة في واقعة ، فالأولى أن لا نجاوز (يتجاوز خ) والأصحاب ذاهبون إليها ، وما أعرف لها مخالفا.

« قال دام ظله » : لو شهد اثنان أن القاتل زيد ، وآخران أن القاتل عمرو ، قال الشيخ في النهاية : يسقط القصاص ، ووجبت الدية نصفين ، إلى آخره.

يسأل هنا كيف يجب أخذ الدية منهما ، وأحدهما غير قاتل يقينا؟ وأجاب شيخنا بأن البينتين إذا (لما خ) تعارضتا ، وليس نسبة القتل إلى أحدهما بأولى من نسبته (النسبة خ) إلى الآخر ، توزعت الدية عليهما ، عملا بالبيتين.

ويخطر أن الأولياء لو كانوا عينوا القاتل مضافا إلى البينة ، فيحكم بها ، ويسقط الأخرى ، لتطرق التهمة إليها ، ولو لم يعينوا فلهم الخيار في تصديق أحدهما (2) فإذا

ص: 614


1- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب دعوى القتل ج 19 ص 107.
2- هكذا في النسخ التي عندنا ، والصواب (إحداهما) كما لا يخفى.

النهاية : يسقط القصاص ووجبت الدية نصفين ، ولو كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما ، ولعلهما احتياط في عصمة الدم لما عرض من تصادم البينتين.

ولو شهدا أنه قتله عمدا ، فأقر آخر أنه هو القاتل دون المشهود عليه. ففي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام : للولي قتل المقر ، ثم لا سبيل

______________________________________________________

صدقوا فلهم الخيار في القود وفي الدية.

« قال دام ظله » : ولو شهدا أنه قتله عمدا ، فأقر آخر أنه هو القاتل ، دون المشهود عليه ، إلى آخره.

أعلم أن هذه المسألة مستفادة من رواية الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام (1) وقد ذكرها في المتن ، إلا أن في الرواية : (وإن طلبوا الدية كانت عليهما نصفين) (2) وما ذكره شيخنا لكن ذكر الإشكال الوارد عليه.

و (ما) يتضمنه الرواية أن المقر يرد على أولياء المشهود عليه - لو قتل - نصف الدية ، ولا يرد المشهود عليه على أولياء المقر لو قتل (مشكل) منشأه عدم الفرق بين البينتين.

وقال المتأخر : في قتلهما نظر ، ثم قال - (بعد كلام) - : والأولى عندي أن يرد الأولياء إذا قتلوهما دية كاملة إلى ورثتهما ، إذ قد ثبت أنهما قاتلان.

وفي كلامه خبط (أولا) لأنه توقف فيما ظهرت حجته (وثانيا) إنا لا نسلم ثبوت كونهما قاتلين ، بل ثبت كون واحد منهما قاتلا لا على التعيين.

ص: 615


1- الوسائل باب 5 حديث 1 من أبواب دعوى القتل.
2- لا يخفى إنه ليس في الرواية هذه الجملة (وإن طلبوا الدية اه) نعم فيها هكذا : قلت : إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال : فقال : الدية بينهما نصفان ، لأن أحدهما أقر والآخر شهد عليه.

على المشهود عليه. وله قتل المشهود عليه ، ويرد المقر على أولياء المشهود عليه نصف الدية ، وله قتلهما ، ويرد على أولياء المشهود عليه خاصة نصف الدية (1) وفي قتلهما إشكال لانتفاء العلم بالشركة.

وكذا في إلزامهما بالدية نصفين ، لكن الرواية من المشاهير.

مسائل

(الأولى) قيل : يحبس المتهم بالدم ستة أيام ، فإن ثبتت الدعوى وإلا خلى سبيله.

وفي المستند ضعف ، وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.

(الثانية) لو قتل وادعى أنه وجد المقتول مع امرأته قتل به إلا أن يقيم البينة بدعواه (2).

(الثالثة) خطأ الحاكم في القتل والجرح على بيت المال.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : قيل يحبس المتهم بالدم ستة أيام ، إلى آخره.

هذه الفتوى مستفادة مما رواه السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن النبي صلى اللّه عليه وآله ، كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام ، فإن جاء أولياء المقتول ، ثبت ، وإلا خلى سبيله (3).

والسكوني عامي ، والقائل به هو الشيخ ، وربما كان نظره أيضا ، إلى أنه فيه احتياطا في تفتيش الدماء.

ص: 616


1- راجع الوسائل باب 5 من حديث 1 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ، ج 19 ص 108 ، ولا يخفى أن الحديث منقول بالمعنى ، فراجع.
2- بصدق دعواه. (الرياض).
3- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب دعوى القتل.

ومن قال : حذار ، لم يضمن.

ومن اعتدي عليه فاعتدى بمثله لم يضمن وإن تلفت.

وأما القسامة : فلا تثبت إلا مع اللوث ، وهو أمارة يغلب معها الظن بصدق المدعي كما لو وجد في دار قوم أو في محلتهم أو في قريتهم أو بين قريتين ، وهو إلى إحداهما أقرب ، فهو لوث ، ولو تساوت مسافتهما كانتا سواء في اللوث.

أما من جهل قاتله كقتيل الزحام والفزعات ، أو من وجد في فلاة أو في معسكر أو في سوق أو جمعة ، فديته من بيت المال ، ومع اللوث يكون للأولياء إثبات الدعوى بالقسامة.

وهي في العمد : خمسون يمينا ، وفي الخطأ : خمسة وعشرون على الأظهر.

ولو لم يكن للمدعي قسامة كررت عليه الأيمان حتى يأتي بالعدد.

______________________________________________________

القسامة

« قال دام ظله » : وهي (أي القسامة) في العمد خمسون يمينا ، وفي الخطأ خمسة وعشرون على الأظهر.

أقول : القسامة عند الفقهاء عبارة عن كثرة اليمين ، وسميت لكثرة (لتكثير خ) اليمين فيها وفي اللغة عبارة عن أسماء الحالفين.

واختلفت أصحابنا في عدة القسامة ، قال المفيد وسلار والمتأخر : هي خمسون رجلا في قتل العمد والخطأ.

وهو استناد إلى إطلاق ما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله بطرق مختلفة ، أن الأنصار ادعوا على اليهود القتل ، قال : فليقسم خمسون رجلا منكم على أنهم

ص: 617

ولو لم يحلف وكان للمنكر من قومه قسامة حلف كل منهم حتى يكملوا ، ولو لم يكن له قسامة كررت عليه الأيمان حتى يأتي بالعدد.

ولو نكل ألزم الدعوى عمدا أو خطأ.

(وقيل : رد اليمين على المدعي خ) ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة مع التهمة.

فما كانت ديته دية النفس كالأنف واللسان ، فالأشهر : أن

______________________________________________________

قتلوه (1) وعليه الجمهور.

وقال الشيخ في جميع كتبه وأتباعه : هي خمسون رجلا في العمد ، وخمسة وعشرون في الخطأ ، وبه عدة روايات ، روى عبد اللّه بن سنان ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام في القسامة خمسون رجلا في العمد ، وفي الخطأ خمسة وعشرون ، وعليهم أن يحلفوا باللّه (2).

ومثله ما رواه محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الرضا عليه السلام (3).

وهو أظهر بين الأصحاب ، وعليه الفتوى ، وهو أرجح ، لأن روايات النبي صلى اللّه عليه وآله كلها مجهولة (مجملة خ) محمولة على العمد ، وهو الظاهر منها ، فمن شاء فليعتبرها ، وما روينا مفصلة ، والتفصيل قاطع للشركة.

« قال دام ظله » : فما كانت ديته دية النفس ، كالأنف واللسان ، فالأشهر أن القسامة سته رجال.

هذا مذهب الشيخ وأتباعه ، ومستنده ما رواه سهل بن زياد ، عن الحسن بن ظريف ، عن أبيه ظريف بن ناصح ، عن عبد اللّه بن أيوب ، عن أبي عمرو (عمر خ)

ص: 618


1- راجع سنن أبي داود ج 4 ص 177 باب القتل في القسامة.
2- الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب دعوى القتل ج 19 ص 119.
3- الوسائل باب 11 قطعة من حديث 2 من أبواب دعوى القتل.

القسامة ستة رجال يقسم كل منهم يمينا ومع عدمهم يحلف الولي ستة أيمان.

وقيل : خمسون يمينا احتياطا.

ولو لم يكن قسامة أو امتنع أحلف المنكر مع قومه ستة أيمان ، ولو لم يكن له قوم أحلف هو الستة ، وما كانت دون دية النفس فبحسابه من ستة.

القول في كيفية الاستيفاء :

اشارة

قتل العمد يوجب القصاص ، ولا يثبت الدية فيه إلا صلحا.

______________________________________________________

المتطبب ، قال : عرضت على أبي عبد اللّه عليه السلام ، ما أفتى به أمير المؤمنين عليه السلام في الديات (إلى أن قال) : ثم جعل من كل شئ من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية ، والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا ، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر (الحديث) (1).

الغرض من الحديث هذا ، والرواية ضعيفة ، لكنها مشهورة بين الأصحاب ، وعند المفيد ومن تابعه أن القسامة في الكل خمسون.

وقوله في المتن : (وما كانت ديته دية النفس فبحسابه من ستة) تفسيره أن تقاس دية هذا العضو على ما ديته دية النفس ، فإن كانت سدسه حلف (الحلف خ) هو وحده ، وإن كانت ثلثه يحلف هو ومعه آخر ، وإن كانت نصفه ، فهو مع اثنين ، وإن كانت ثلثيه فهو مع ثلاثة ، وإن كانت أربعة أخماس ، فهو مع أربعة ، وفوق ذلك يكون مثله ، يحلف ستة نفر.

ص: 619


1- الوسائل باب 11 قطعة من حديث 2 من دعوى القتل.

ولا تخيير للولي ، ولا يقضي بالقصاص ما لم يتيقن التلف بالجناية ، وللولي الواحد المبادرة بالقصاص.

وقيل : يتوقف على إذن الحاكم ، ولو كانوا جماعة توقف على الاجتماع.

قال الشيخ : ولو بادر أحدهم جاز ، وضمن الدية عن حصص الباقين.

ولا قصاص إلا بالسيف أو ما جرى مجراه ، ويقتصر على ضرب العنق غير ممثل ولو كانت الجناية بالتحريق أو التغريق أو الرضخ بالحجارة ، ولا يضمن سراية القصاص ما لم يتعد المقتص.

وهنا مسائل

(الأولى) لو اختار بعض الأولياء الدية فدفعها القاتل لم يسقط القود

______________________________________________________

في كيفية الاستيفاء

« قال دام ظله » : لو اختار بعض الأولياء الدية ، فدفعها القاتل ، لم يسقط القود على الأشهر (الأشبه خ) إلى آخره.

اختلفت الروايات في سقوط القود ، روى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل وله أم وأب وابن؟ فقال الابن : أنا أريد أن أقتل قاتل أبي ، وقال الأب : أريد أن أعفو ، وقالت الأم : أريد أن آخذ الدية ، قال : فقال : فليعط الابن لأم (أم خ) المقتول السدس من الدية ، ويعطي ورثة القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا ، وليقتله (1).

ص: 620


1- الوسائل باب 52 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 83.

على الأشبه ، وللآخرين القصاص أن يردوا على المقتص منه نصيب من فأداه ، ولو عفا البعض لم يقتص الباقون حتى يردوا عليه نصيب من عفا.

(الثانية) لو فر القاتل حتى مات ، فالمروي (1) : وجوب الدية في

______________________________________________________

وهذه مشهورة بين الأصحاب ، عمل عليها الشيخان وأتباعهما والمتأخر.

فأما ما رواه جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجلين قتلا رجلا عمدا ، وله وليان ، فعفا أحد الوليين ، فقال : إذا عفا عنهما بعض الأولياء ، درئ عنهما القتل ، وطرح عنهما من الدية ، بقدر حصة من عفا ، وأدى الباقي من أموالهما إلى الذي لم يعف (الحديث) (2).

ومثله ما رواه عبد الرحمن ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

وإن اختص بالعفو (4) لكن البحث واحد أعني في العفو وطلب الدية ، وحملهما الشيخ على أنه إذا لم يؤد (يرد خ) الذي يريد القتل مقدار نصيب من عفا ، فينتقل إلى الدية ، والتأويل قريب.

ويؤيد ما قلناه ما رواه جميل بن دراج ، عن بعض أصحابه ، رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، في رجل قتل وله وليان ، فعفا أحدهما ، وأبى الآخر أن يعفو ، قال : إن أراد الذي لم يعف أن يقتل قتل ، ورد نصف الدية على أولياء المقتول المقاد منه (5).

« قال دام ظله » : لو فر القاتل حتى مات ، فالمروي وجوب الدية في ماله ، ولو لم

ص: 621


1- الوسائل باب 4 حديث 3 من أبواب العاقلة ، ج 19 ص 303.
2- الوسائل باب 54 حديث 3 من أبواب القصاص في النفس ، وتمامه : وقال : عفو كل ذي سهم جائز ج 19 ص 86.
3- الوسائل باب 54 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 85.
4- يعني وإن اختص ما رواه عبد الرحمن بالعفو ولم يتعرض لطلب الدية.
5- الوسائل باب 52 حديث 2 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 84.

ماله ، ولو لم يكن له مال أخذت من الأقرب فالأقرب.

وقيل : لا دية.

(الثالثة) لو قتل واحد رجلين أو رجالا قتل بهم ، ولا سبيل إلى ماله ، ولو تراضوا بالدية فلكل واحد دية.

(الرابعة) إذا ضرب الولي الجاني وتركه ظنا أنه مات فبرئ ففي رواية (1) يقتض من الولي (2) ثم يقتله الولي أو يتتاركان ، والراوي أبان بن عثمان ، وفيه ضعف إرساله الرواية (إرسال الرواية خ).

______________________________________________________

يكن له مال ، أخذت من الأقرب فالأقرب ، وقيل : لا دية.

الرواية عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل رجلا متعمدا ، ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال : إن كان له مال أخذت الدية من ماله ، وإلا فمن الأقرب فالأقرب (الحديث) (3).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وهو (4) مشكل بأن (بما أن خ) الدية (إما) في قتل الخطأ (أو) عن رضا القاتل.

وقال في المبسوط : تسقط ، ويميل إليه في الخلاف ، وهو أصح ، لعدم التراضي ، وعليه المتأخر.

ص: 622


1- الوسائل باب 61 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 94.
2- بمثل ذلك الضرب. (الرياض).
3- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب العاقلة ، وتمامه : وإن لم يكن له مال قرابة أداه الإمام ، فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم ج 19 ص 303.
4- يعني وجوب الدية في الفرض المذكور - كما أفتى به في النهاية - مشكل ، فإن وجوب الدية إما بحكم الشارع كما في قتل الخطأ ، أو لأجل رضا القاتل بإعطاء ما في قتل العمد ، وكلاهما في المقام مفقود.

والوجه : اعتبار الضرب ، فإن كان مما (بما خ) يسوغ به الاقتصاص لم يقتص من الولي ، ولو قتل صحيح مقطوع اليد فأراد الولي قتله رد دية اليد إن كانت قطعت في قصاص أو أخذ ديتها ، وإن شاء طرح دية اليد وأخذ الباقي ، وإن كانت قد ذهبت في غير جناية جناها ولا أخذ لها دية كاملة قتل قاتله ولا رد ، وهي رواية سورة بن كليب عن أبي عبد اللّه عليه السلام. (1)

القسم الثاني : في قصاص الطرف

ويشترط فيه التساوي كما في قصاص النفس ، فلا يقتص  في الطرف لمن لا يقتص له في النفس ، ويقتص للرجل من المرأة ، ولا رد وللمرأة من الرجل مع الرد فيما زاد عن (على خ) الثلث.

ويعتبر التساوي في السلامة : فلا يقطع العضو الصحيح بالأشل.

ويقطع الأشل بالصحيح ما لم يعرف أنه لا ينحسم.

______________________________________________________

في قصاص الطرف

« قال دام ظله » : ويقطع الأشل بالصحيح ، ما لم يعرف أنه لا ينحسم

الحسم القطع ، والانحسام انصلاح الجراح ، لأن الدم إذا انقطع ، انصلح (انحسم خ) الجرح غالبا ، وفي الحديث : أنه أتي بسارق ، فقال عليه السلام : اقطعوه ، ثم احسموه (2) أي اكووه بالنار ، لينقطع الدم فينصلح.

ص: 623


1- راجع الوسائل باب 50 من أبواب القصاص في النفس ج 19 ص 82.
2- لعله مضمون الأحاديث التي أوردها في الوسائل باب 30 من أبواب حد السرقة فراجع ج 18 ص 528.

ويقتص للمسلم من الذمي ويأخذ المسلم منه ما بين الديتين.

ولا يقتص للذمي من المسلم ولا للعبد من الحر.

ويعتبر التساوي في الشجاج مساحة طولا وعرضا لا نزولا ، بل يراعى حصول اسم الشجة.

ويثبت القصاص فيما لا تعزير فيه كالخارصة والموضحة ، ويسقط فيما فيه التعزير كالهاشمة والمنقلة والمأمونة والجائفة وكسر العظام.

وفي جواز الاقتصاص قبل الاندمال تردد ، أشبه : الجواز.

ويتجنب القصاص في الحر الشديد والبرد الشديد ، ويتوخى اعتدال النهار.

______________________________________________________

ومعنى الكلام أن الأشل يقطع بالصحيح ، ما دام يجهل اللا إنحسام ، وهو أعم من قولنا : (عرف الانحسام) فلهذا عدل إلى تلك العبارة ، ويكون ذلك بأن يحكم أهل الخبرة بأنه لا ينحسم أو كانوا شاكين فيه.

« قال دام ظله » : وفي جواز الاقتصاص قبل الاندمال تردد ، أشبهه الجواز.

منشأ التردد النظر إلى قولي الشيخ ، قال في الخلاف : بالجواز ، واستحباب الصبر إلى الاندمال.

وقال في المبسوط : لا يجوز لما لا يؤمن من السراية ، وبه يشهد مضمون رواية غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، أن عليا عليه السلام كان يقول : لا يقضي (لا يقتص خ) في شئ من الجراحات حتى تبرأ (1).

وظاهر التنزيل على الأول (2) ، ولهذا قال : (الأشبه الجواز).

ص: 624


1- الوسائل باب 42 حديث 2 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 211.
2- المراد بالتنزيل قوله تعالى : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) (إلى قوله) وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ. المائدة 45.

ولو قطع شحمة الأذن فاقتص منه فألصقها المجني عليه كان للجاني إزالتها ليتساويا في الشين.

ويقطع الأنف الشام بعادم الشمم ، والأذن الصحيحة بالصماء. ولا يقطع ذكر الصحيح بالعنين.

وتقلع عين الأعور (1) بعين ذي العينين وإن عمي.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتقلع عين الأعور ، بعين ذي العينين وإن عمي ، وكذا يقتص له منه بعين واحدة ، وفي رد نصف الدية قولان ، المروي الجواز.

القول للشيخ قال في النهاية : يخير بين الدية كاملة ، وبين قلع إحدى عينيه ، وأخذ نصف الدية.

ومستند هذا القول ، ما روي ، عن محمد بن قيس ، قال ، قال أبو جعفر عليه السلام ، قضى أمير المؤمنين عليه السلام ، في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ، ففقئت ، أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ، ويعقل له نصف الدية ، وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفى عن عين صاحبه (2).

ومثله عن أبي عمران الأرمني ، عن عبد اللّه بن الحكم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

وقال في الخلاف : هو مخير إما (أن خ) يقتص من إحدى عينيه ، أو يأخذ الدية كاملة ، واختاره شيخنا والمتأخر ، وهو أشبه ، أما الاقتصاص فللآية (4) وأما أخذ

ص: 625


1- أي : ذي العين الواحدة خلقه أو بآفة أو قصاص أو جناية (بعين ذي العينين) المماثلة لها محلا وإن عمي بذلك الأعور وبقي بلا بصر (الرياض).
2- الوسائل باب 27 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 252.
3- الوسائل باب 27 حديث 4 من أبواب ديات الأعضاء قل بالمعنى فراجع.
4- قال اللّه تعالى : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ ) المائدة - 45.

وكذا يقتص له منه بعين واحدة ، وفي رد نصف الدية قولان ، المروي : الجواز.

وسن (وسني خ) الصبي ينتظر فيه ، فإن عادت ففيها الأرش وإلا كان فيها القصاص.

ولو جنى بما أذهب النظر مع سلامة الحدقة اقتص منه ، بأن يوضع على أجفانه القطن المبلول ويفتح العين ويقابل بمرآة محماة مقابلة للشمس حتى يذهب النظر

______________________________________________________

الدية كاملة ، فلتواتر الأخبار ، (منها) ما ذكرناه (ومنها) ما رواه محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا قطع الأنف من المارن ففيه الدية تامة ، - وعد أعضاء - ثم قال : والعينان كذلك وفي العين العوراء الدية تامة (1).

والمراد بالعوراء العين الصحيحة من الأعور ، لأن الفاسدة ليست لهادية كاملة.

وتوهم المتأخر أن المراد من العوراء هي الفاسدة ، ونزل كلام الشيخ في النهاية : (في العين العوراء الدية كاملة : إذا كانت خلقة) أو قد ذهبت في آفة من جهة اللّه تعالى - عليها (2) وفسر الدية الكاملة بخمسمائة.

وهو وهم ، فإنه لم يذهب ذاهب إلى أن في الفاسدة خمسمائة قائمة كانت أو مطبوقة (مطبقة خ) وقول الشيخ إذا كانت خلقة ، تقديره إذا كانت الذاهبة خلقة ، وحذفت ، لأن لفظ العوراء دالة عليها.

ص: 626


1- الوسائل باب 1 حديث 8 من أبواب دية الأعضاء ، وفيه بعد قوله : تامة ، هكذا : وفي أسنان الرجل الدية تامة ، وفي أذنيه الدية كاملة ، والرجلان والعينان بتلك المنزلة : ج 19 ص 216.
2- يعني نزله على ما إذا كانت عوراء خلقة.

ولو قطع كفا مقطوعة الأصابع ، ففي رواية : يقطع كف القاطع ويرد عليه دية الأصابع.

ولا يقتص ممن لجأ إلى الحرم ، ويضيق عليه في المأكل والمشرب حتى يخرج فيقتص منه ، ويقتص ممن جنى في الحرم فيه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قطع كفا مقطوعة الأصابع ، ففي رواية ، يقطع كف القاطع ، ويرد عليه دية الأصابع.

هذه رواها سهل بن زياد ، عن الحسن بن العباس بن الحريش (1) ، عن أبي جعفر الثاني (في حديث) قال : اقطع يد قاطع الكف أصلا ، ثم أعطه دية الأصابع (الحديث) (2).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية والخلاف.

وقال في المبسوط (الخلاف خ) ليس له أخذ الدية ، إلا أن يكون هو أخذ ديتها.

وقال المتأخر : يسقط القصاص هنا ، لأنه لا خلاف بيننا أنه لا يقتص من العضو الكامل للناقص ، ويعدل إلى الحكومة ، وهو وجه ، لو ثبت دعواه.

« قال دام ظله » : ولا يقتص ممن لجأ إلى الحرم ، إلى آخره.

هذا هو المتفق عليه ، وألحق الشيخان : وإلى (3) مشاهد الأئمة عليهم السلام.

ص: 627


1- بالحاء المهملة المفتوحة والراء المهملة المكسورة والياء المثناة من تحت الساكنة والشين المعجمة وقيل هو مصغر على وزن زبير (هكذا في هامش أصول الكافي ج 1 ص 205).
2- الوسائل باب 10 قطعة من حديث 1 من أبواب قصاص الطرف ، ثم قال : وهذا حكم اللّه ج 19 ص 129.
3- يعني وألحق الشيخان من لجأ إلى مشاهد الأئمة عليهم السلام بمن لجأ إلى الحرم.

ص: 628

كتاب الديات

اشارة

ص: 629

كتاب الديات

والنظر في أمور أربعة :

(الأول في أقسام القتل ومقادير الديات :

وأقسامه ثلاثة : عمد محض ، وخطأ محض وشبيه بالعمد.

فالعمد أن يقصد إلى الفعل والقتل ، وقد سلف مقاله.

والشبيه بالعمد : أن يقصد إلى الفعل دون القتل ، مثل : أن يضرب للتأديب أو يعالج للإصلاح فيموت.

والخطأ المحض : أن يخطئ فيهما ، مثل : أن يرمي للصيد فيتخطأ (فيخطأ خ) السهم إلى إنسان فيقتله.

فدية العمد : مائة من مسان الإبل ، أو مائتا بقرة ، أو مائتا حلة كل حلة ثوبان من برود اليمن ، أو ألف دينار ، أو ألف شاة ، أو عشرة آلاف درهم ، وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني ، ولا تثبت إلا بالتراضي.

وفي دية شبيه العمد روايتان ، أشهرهما : ثلاث وثلاثون بنت لبون ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي دية شبيه العمد روايتان.

في رواية علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في

ص: 630

______________________________________________________

حديث) قال : الدية المغلظة التي تشبه العمد ، وليست بعمد ، أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل ، ثلاثة وثلاثون حقة ، وثلاثة وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية ، كلها طروقة الفحل (الحديث) (1).

ومثلها في رواية محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وفي رواية ابن سنان ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : قال أمير المؤمنين عليه السلام : في الخطأ شبيه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر ، إن دية ذلك تغلظ ، وهي مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة ، من بين ثنية إلى بازل عامها ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون ، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة ، وثلاثون بنت (ابنة خ) لبون ، وعشرون ابن مخاض ، وعشرون ابن لبون ذكر (الحديث) (3).

والشيخ جمع في الاستبصار بين هذه الروايات ، بأنه مفوض إلى الإمام عليه السلام يعمل ما يراه.

واختار المفيد وسلار وأبو الصلاح ، الأولى ، وهي أصح سندا من الأخيرة.

واختاره ابن بابويه في المقنع ، الأخيرة.

(فأما) ما ذكره شيخنا من أن الأشهر ثلاث وثلاثون بنت لبون ، وثلاث

ص: 631


1- الوسائل باب 2 قطعة من حديث 4 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 147.
2- الوسائل باب 1 قطعة من حديث 3 من أبواب ديات النفس ، وفيها : والدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب بالحجر والعصا ، الضربة وإلا ثنتين ، فلا يرد قتله ، فهي ثلاث ، ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية كلها خلفة ، من طروقة الفحل (الحديث) ج 19 ص 145.
3- الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 146.

وثلاث وثلاثون حقة ، وأربع وثلاثون ثنية من طروقة الفحل ، ويضمن هذه الجاني لا العاقلة.

وقال المفيد رحمه اللّه ، تستأدى في سنتين.

وفي دية الخطأ أيضا روايتان ، أشهرهما : عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وتستأدى في

______________________________________________________

وثلاثون حقة ، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل (فما) أعرف به رواية مشهورة ، نعم ذكره الشيخ في النهاية ، واختاره شيخنا في الكتابين.

والذي ذكره المفيد : أنها (تستأدى في سنتين) فما نعرف له وجها ، والشيخ ذكر ذلك في النهاية حكاية عنه.

« قال دام ظله » : وفي دية الخطأ أيضا روايتان ، أشهرهما عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة.

هذا في رواية ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن علي عليه السلام (1) وقد ذكرناها.

وهو اختيار الشيخين وابن بابويه في المقنع وسلار وأبي الصلاح.

وفي رواية محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : في قتل الخطأ مائة من الإبل ، خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة (الحديث) (2) والعمل على الأول.

ص: 632


1- الوسائل باب 2 قطعة من حديث 1 من أبواب ديات النفس ، وفيه : وعشرون ابن لبون ذكر.
2- الوسائل باب 1 قطعة من حديث 13 من أبواب ديات النفس ، وفيها بعد قوله عليه السلام من الإبل : أو ألف من الغنم ، أو عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار ، وإن كانت الإبل فخمس وعشرون  ... الخ ج 19 ص 145.

ثلاث سنين ، وتضمنها العاقلة لا الجاني.

ولو قتل في الشهر الحرام ألزم دية وثلثا تغليظا.

وهل يلزم مثل ذلك في الحرم؟ قال الشيخان : نعم ، ولا أعرف الوجه.

ودية المرأة على النصف من (دية خ) الجميع.

ولا يختلف دية الخطأ والعمد في شئ من المقادير عدا النعم.

وفي دية الذمي روايتان ، والمشهور : ثمانمائة درهم.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي دية الذمي روايتان ، والمشهور ثمان مائة درهم.

روى يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : دية اليهودي والنصراني والمجوسي ثمانمائة درهم (1).

ومثله رواه ليث المرادي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن دية النصراني واليهودي والمجوسي؟ فقال : ديتهم جميعا سواء ثمانمائة درهم ثمانمائة درهم (2).

وعن ابن أبي عمير ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : بعث النبي صلى اللّه عليه وآله خالد بن الوليد إلى البحرين ، فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس ، فكتب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، إني أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى ، فوديتهم ثمانمائة درهم ثمانمائة ، وأصبت دماء قوم من المجوس ، ولم تكن عهدت إلي فيهم عهدا ، فكتب إليه رسول اللّه صلى إليه عليه وآله : أن ديتهم مثل دية اليهودي والنصراني (اليهود والنصارى) وقال : إنهم أهل

ص: 633


1- الوسائل باب 13 حديث 2 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 160.
2- الوسائل باب 13 حديث 5 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 161.

وديات نسائهم على النصف من ذلك.

ولا دية لغيرهم من أهل الكفر.

وفي دية ولد الزنا قولان ، أشبههما : أن ديته كدية المسلم الحر.

______________________________________________________

الكتاب (1).

وبه غيرها من الروايات.

فأما ما رواه منصور (بن حازم خ) عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : دية النصراني واليهودي دية المسلم (2).

وما رواه أبو نصر ، عن أبي بصير (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : دية اليهودي والنصراني والمجوسي أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمانمائة درهم (4).

فحمله الشيخ على من يتعود قتلهم ، فإن للإمام عليه السلام أن يأخذ منه بما يراه أردع ، ولا ينقص عن ثمانمائة درهم.

« قال دام ظله » : وفي دية ولد الزنا قولان ، أشبههما أن ديته كدية المسلم ... الخ.

ذهب المرتضى وابن بابويه في المقنع ، إلى أن دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة درهم ، وهو في رواية جعفر بن بشير ، عن بعض رجاله ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن دية ولد الزنا ، فقال : ثمانمائة درهم ، مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي (5).

وفي رواية عبد الرحمن بن عبد الحميد ، عن بعض مواليه ، قال : قال لي أبو الحسن

ص: 634


1- الوسائل باب 13 حديث 7 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 161.
2- الوسائل باب 14 حديث 2 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 163.
3- في الوسائل : عن علي عن أبي بصير.
4- الوسائل باب 14 حديث 4 من أبواب ديات النفس ، وفي آخره : وقال أيضا : إن للمجوس كتابا يقال له جاماس ج 19 ص 163.
5- الوسائل باب 15 حديث 2 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 164.

وفي رواية : كدية الذمي ، وهي ضعيفة.

ودية العبد قيمته ، ولو تجاوزت دية الحر ردت إليها ، وتؤخذ من مال الجاني إن قتله عمدا أو شبيها بالعمد ، ومن عاقلته إن قتله خطأ.

ودية أعضائه بنسبة قيمته ، فما فيه من الحر ديته فمن العبد قيمته كاللسان والذكر ، وما فيه دون ذلك فبحسابه.

______________________________________________________

عليه السلام : دية ولد الزنا دية العبد (1) ثمانمائة درهم (2).

وهما مرسلتان ذكرهما الشيخ في باب الزيادات من كتاب التهذيب ، في الجزء السادس.

وقال المتأخر : لا دية له ، لأن الأصل براءة الذمة ، وحكى هو عن المرتضى ، أن ديته دية الذمي ، وقال : لم أعرف لباقي الأصحاب فيه قولا.

قلت : عدم عرفانه لا يدل على عدم الوجود ، ثم أقول : ينبغي أن يكون البحث مبنيا على أن ولد الزنا ، هل يكون مسلما أم لا؟ (3) فمن قال بالأول - وهو أشبه ، فديته دية الحر المسلم ، كما اختاره شيخنا ، ومن قال ليس بمسلم ، فأما أن يعمل بالرواية ، فيذهب إليها وإلا يعمل (أو لا يعمل خ) فيقول بمقالة المتأخر ، لو ثبت أن كل كافر دمه هدر ، إلا ما خرج بالدليل ، وإلا تمسك بعموم (بظاهر عموم خ) التنزيل.

فإن تمسك المتأخر بالبراءة الأصلية (قلنا) هي منقطعة بعمومات القرآن (فإن قال) : عموماته قد اختصت (قلنا) : لكنها باقية على الحقيقة في الباقي عن المخرج ، على ما بين في الأصول.

ص: 635


1- هكذا في جميع النسخ ولكن في التهذيب والوسائل (دية اليهودي) بدل (دية العبد).
2- راجع الوسائل باب 15 من أبواب ديات النفس ج 91 ص 164.
3- هل هو مسلم؟ خ.

والعبد أصل للحر فيما لا تقدير فيه.

ولو جنى جان على العبد بما فيه قيمته فليس للمولى المطالبة حتى يدفع العبد برمته ، ولو كانت الجناية بما دون ذلك أخذ أرش الجناية ، ليس له دفعه والمطالبة بالقيمة.

ولا يضمن المولى جناية العبد ، لكن يتعلق برقبته ، وللمولى فكه بأرش الجناية ، ولا تخير لمولى المجني عليه.

ولو كانت جنايته لا تستوعب قيمته تخير المولى في دفع الأرش أو تسليمه ليستوفي المجني عليه قدر الجناية استرقاقا أو بيعا.

ويستوي في ذلك الرق المحض والمدبر ، ذكرا كان أو أنثى.

وأم الولد على التردد.

(النظر الثاني) في موجبات الضمان.

اشارة

والبحث إما في المباشرة ، أو التسبيب ، أو تزاحم الموجبات.

أما المباشرة : فضابطها الإتلاف لامع القصد ، فالطبيب يضمن في ماله من يتلف بعلاجه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » والعبد أصل للحر ، فيما لا تقدير فيه.

معناه لو جنى على الحر وليس لتلك الجناية في الشرع تقدير ، يفرض أن الحر عبد ثم يقوم ، كما لو كان عبدا ، ويحكم كما في العبد ، فالعبد أصل للحر فيما لا تقدير فيه ، والحر أصل للعبد ، فيما فيه تقدير ، وقد عرفت معنى هذا من المتن.

« قال دام ظله » : وأم ولد (أم الولد خ) على التردد.

منشأ التردد أن أم الولد هل تسترق وتباع أم لا ، وقد تقدم هذا البحث ، ولهذا قال : (على التردد) بالتعريف ، إشارة إلى التردد المعهود.

ص: 636

ولو أبرأه المريض أو الولي فالوجه : الصحة ، لإمساس الضرورة إلى العلاج.

ويؤيده رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

وقيل : لا يصح ، لأنه إبراء مما لا يجب.

وكذا البحث في البيطار.

والنائم إذا انقلب على إنسان أو فحص برجله فقتل ضمن في ماله على تردد.

______________________________________________________

في موجبات الضمان

« قال دام ظله » : ولو أبرأه المريض أو الولي ، فالوجه الصحة ، إلى آخره.

لما ثبت أن الطبيب ضامن لما يتلف بعلاجه ، ومست الحاجة إليه ، لزم على الشارع تشريع وسيلة يتوصل بها إليه ، وهي إبراء المريض أو الولي.

فروى السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ، من تطبب أو تبيطر ، فليأخذ البراءة من وليه ، وإلا فهو له ضامن (2).

وعليه فتوى الشيخ وأتباعه وأبي الصلاح.

وقال المتأخر : لا يصح هذا الإيراد لأنه إسقاط حق غير ثابت (والجواب) أنه لم لا يجوز أن يسوغ الشرع هنا ، لضرورة دفع الضرر.

« قال دام ظله » : والنائم إذا انقلب على إنسان ، أو فحص برجله ، فقتل ، ضمن في ماله ، على تردد ... الخ.

وجه التردد من أنه قتل خطأ ، فيكون ديته على العاقلة.

ص: 637


1- الوسائل باب 24 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 195.
2- الوسائل باب 24 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 194.

(وقيل : في مال العاقلة ، وهو أشبه خ) أما الظئر : فإن طلبت بالمظائرة الفخر ضمنت الطفل في مالها إذا انقلبت عليه فمات ، وإن كان للفقر فالدية على العاقلة.

______________________________________________________

لكن ذهب الشيخان إلى أنه من ماله ، لأنه شبيه العمد ، وهو مشكل على ما فسر شبيه العمد ، فنحن مطالبون بالدليل ، فالأولى أن يكون على العاقلة.

وحكى شيخنا (1) دام ظله عن بعض الأصحاب.

واضطرب قول المتأخر ، قال : ومقتضى أصول مذهبنا أن الدية على العاقلة ، لأن النائم غير عامد في فعله ولا في قصده ، وإنما ذلك (تلك خ) أخبار آحاد ، لا يرجع بها عن الأدلة ، والذي ينبغي تحصيله في هذا ، أن الدية على النائم بعينه ، لأن أصحابنا جميعهم يوردون ذلك في باب ضمان النفوس ، وذلك لا يحمله العاقلة ، هذا آخر كلامه (2).

وينبغي للمحصل أن يتعجب من هذا الكلام ، ذكر أولا أنه أخبار آحاد لا يرجع بها عن الأدلة ، ثم رجع عقيب كلامه ، مستدلا بأن الأصحاب يوردونه في ضمان النفوس ، فأبصر الاستدلال ، واقض العجب مما رأيت.

على أن الدعوى (3) غير مسلمة ، وإيراد الاثنين أو الثلاثة لا يكون حجة.

ص: 638


1- هكذا في جميع النسخ ، ولعل الصواب (وحكاه) بالضمير كما لا يخفى.
2- قال في السرائر - بعد ذكر الرواية - ما هذا لفظه : والذي يقتضيه أصول مذهبنا أن الدية في جميع هذا على العاقلة ، ثم لأن النائم غير عامد في فعله ولا عامد في قصده ، وهذا حد قتل الخطأ المحض ، ولا خلاف أن دية قتل الخطأ المحض على العاقلة ، وإنما هذه أخبار آحاد لا يرجع بها عن الأدلة ، والذي ينبغي تحصيله في هذا أن الدية على النائم نفسه لأن أصحابنا جميعهم يوردون ذلك في باب ضمان النفوس وذلك لا يحمله العاقلة بلا خلاف السرائر ص 427 الطبع الأول.
3- يعني دعوى إيراد الأصحاب ذلك في باب ضمان النفوس لا في الجنايات غير مسلمة ، ومجرد إيراد اثنين منهم أو الثلاثة تلك المسألة في باب الضمان غير حجة.

ولو أعنف بزوجته جماعا أو ضما فماتت ضمن الدية.

وكذا الزوجة.

وفي النهاية : إن كانا مأمونين فلا ضمان.

وفي الرواية (1) ضعف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو أعنف بزوجته جماعا أو ضما فماتت ، ضمن الدية ، وكذا الزوجة ، وفي النهاية : إن كانا مأمونين فلا ضمان ، وفي الرواية ضعف.

أما ضمان الدية مطلقا ، فلأنه شبيه العمد ، ولما رواه الحلبي ، وسليمان بن خالد ، قالا : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت من عنفه؟ قال : الدية كاملة ، ولا يقتل الرجل. (2)

وهو اختيار سلار وشيخنا والمتأخر ، أفاد هنا تفصيلا بأن قال : إذا كانا متهمين وادعى الولي القتل عمدا ، يرجع إلى القسامة ، وإن كانا مأمونين فالدية ، وهو حسن.

فأما تفصيل النهاية - وهو مذهب المفيد أيضا - فاستند الشيخ إلى ما رواه يونس عن بعض أصحابنا (أصحابه خ) ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل أعنف على امرأته ، أو امرأة أعنفت على زوجها ، فقتل أحدهما الآخر ، فقال : لا شئ عليهما ، إذا كانا مأمونين (الحديث) (3).

وفسر بأن المراد ، لا شئ عليه من القود لا من الدية ، وما قدمناه هو المختار ، وضعف الرواية لإرسالها.

ص: 639


1- راجع الوسائل باب 29 حديث 3 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 200.
2- الوسائل باب 31 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 201.
3- الوسائل باب 31 حديث 4 من أبواب موجبات الضمان ، وتمامه : فإن اتهما الزما اليمين باللّه أنهما لم يردا القتل ج 19 ص 202.

ولو حمل إنسان على رأسه متاعا بأجرة فكسره أو أصاب إنسانا ضمن ذلك من ماله.

وفي رواية السكوني : أن عليا عليه السلام ضمن ختانا قطع حشفة غلام (1). وهي مناسبة للمذهب.

ولو وقع على إنسان من علو فقتله ، فإن قصد وكان يقتل غالبا قيد به ، وإن لم يقصد فهو شبيه بالعمد (عمد خ) يضمن الدية في ماله ، فإن (وإن خ) دفعه الهواء أو زلق فلا ضمان. ولو دفعه دافع فالضمان على الدافع.

وفي النهاية : دية المقتول على الواقع (المدفوع خ) ويرجع بها على الدافع.

ولو ركبت جارية أخرى فنخستها ثالثة فقمصت فصرعت الراكبة فماتت ، قال في النهاية : الدية بين الناخسة والقامصة نصفان.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي النهاية : دية المقتول على الواقع ، ويرجع بها على الدافع.

مستند هذا القول ، رواية عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام. (2)

والأشبه أن الدافع يضمن ، وهو اختيار أبي الصلاح وشيخنا والمتأخر.

« قال دام ظله » : ولو ركبت جارية أخرى ، فنخستها ثالثة ، فقمصت ، فصرعت الراكبة ، فماتت ، إلى آخره.

في هذه المسألة خمسة أقوال بين الأصحاب ، ثلاثة قد ذكرها (3) والرابع أن

ص: 640


1- الوسائل باب 24 حديث 2 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 195.
2- راجع الوسائل باب 5 حديث 2 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 177.
3- يعني قد ذكرها الماتن قدس سره.

وفي المقنعة : عليهما ثلثا الدية. ويسقط الثلث لركوبها عبثا ، والأول رواية أبي جميلة ، عن سعد (الإسكاف - كما في الوسائل) عن الأصبغ قال : قضى علي عليه السلام بذلك (1).

وفي أبي جميلة ضعف ، وما ذكره المفيد حسن.

وخرج متأخر وجها ثالثا ، فأوجب الدية على الناخسة إن كانت ملجئة ، وعلى القامصة إن لم تكن ملجئة.

وإذا اشترك في هدم الحائط ثلاثة فوقع على أحدهم فمات ، ضمن الآخران ديته.

______________________________________________________

الراكبة إن كانت صغيرة مكرهة ، فالدية نصفان ، وإن كانت بالغة مختارة ، فالدية أثلاث ، قاله الرواندي في الرائع ، وهو جمع بين قولي الشيخين.

وقال أبو الصلاح : إن كانت راكبة بأجر ، فالدية على الناخسة والقامصة ، وإلا فنختار مذهب المفيد ، وقال : هو قضاء علي عليه السلام ، والمشهور من قضائه عليه السلام ما ذكره الشيخ (2).

وأما استناد الشيخ فإلى الرواية ، وضعفها بين.

ووجه قول المفيد هو أن لكل واحدة تأثيرا في القتل ، فكأنهن مشتركات.

وتفصيل المتأخر حسن ، لأنها إذا لم تكن الناخسة ملجئة ، فلا تأثير لها في القتل ، وإذا كانت ملجئة ، فإنها (فكأنها خ) مستقلة ، والمركوبة كالآلة ، واختار شيخنا في كتبه قول المفيد ، ولا أرى بقول المتأخر بأسا ، وهو أوثق في الحكم.

« قال دام ظله » : وإذا اشترك في هدم الحائط ثلاثة ، إلى آخره.

روى عبد اللّه بن طلحة ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه

ص: 641


1- الوسائل باب 7 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 178.
2- لاحظ الوسائل باب 7 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 178.

وفي الرواية (1) ضعف ، والأشبه : أن يضمن كل واحد ثلثا ، ويسقط ثلث لمساعدة التالف.

ومن اللواحق مسائل

(الأولى) من دعا غيره فأخرجه من منزله ليلا ضمنه حتى يرجع إليه.

______________________________________________________

السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في حائط ، اشترك في هدمه ثلاثة نفر ، فوقع على واحد منهم ، فمات ، فضمن الباقين ديته ، لأن كل واحد منهما ضامن لصاحبه (2).

وابن أبي حمزة قيل : كان واقفيا ، فلا وثوق (يوثق خ) على ما ينفرد به ، وأفتى عليها الشيخ في النهاية وابن بابويه في المقنع.

فالأصح أن الثلاثة مشتركون في السبب ، فيسقط ثلث المهدوم عليه ، وعلى الآخرين الثلثان ، وهو اختيار المتأخر ويظهر ذلك من كلام الشيخ في المبسوط.

« قال دام ظله » : من دعا غيره فأخرجه من منزله ليلا ، ضمنه حتى يرجع إليه ، إلى آخره.

من أخرج غيره من منزله ، لا يخلو (إما) أن يوجد (3) حيا (أو) قتيلا (أو) ميتا (فعلى الأول) لا بحث (وإن كان الثاني) - ولا بينة على تعيين القاتل - فعليه الدية ، على الأظهر من أقوال (كلام خ) الأصحاب.

ص: 642


1- راجع الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ، والظاهر ، أن ضعفها بالإرسال ووجود علي بن أبي حمزة بل ووجود أبي بصير.
2- الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ، بسند الشيخ ج 19 ص 175.
3- في أربع نسخ هكذا : إما أن يوجد (وجد خ) بعد الإخراج أو لم يوجد ، فإن وجد (بعده خ) فلا يخلو إما أن يكون حيا ... الخ.

ولو وجد مقتولا وادعى قتله على غيره وعدم البينة ، ففي القود تردد ، أشبهه : أنه لا قود ، وعليه الدية ، ولو وجد ميتا ففي لزوم الدية قولان ، أشبههما : اللزوم.

______________________________________________________

ويظهر من رواية عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أن عليه القود (1) والفتوى على الأول.

(وإن كان الثالث) وهو أن يوجد (وجد خ) ميتا فإن ادعى المخرج أنه مات حتف أنفه ، فعليه البينة ، ومع عدمها ، فالدية ، على قول الشيخين وسلار وشيخنا دام ظله هنا.

وهو الأشبه بالنظر إلى ما سلم من قولهم : من أخرج غيره من بيته فهو ضامن حتى يرجع إليه ، وهو مروي ، عن عبد اللّه بن ميمون ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام. (2)

وعن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله. (3)

وقال المتأخر : لا دية عليه ، إلا أن يكون متهما ، وقال شيخنا في الشرائع : ولعل الأشبه أنه لا يضمن ، وهو بالنظر إلى البراءة الأصلية ، وإن لم يدع المخرج موته ، فعليه الدية ، ومع دعوى الأولياء العمد ، يثبت بالقسامة (القسامة خ).

ص: 643


1- راجع الوسائل باب 18 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ، والرواية طويلة فراجع ج 19 ص 36.
2- الوسائل باب 18 حديث 2 من أبواب القصاص في النفس ، ولفظه هكذا : إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته.
3- الوسائل باب 18 قطعة من حديث 1 من أبواب القصاص في النفس ، واللفظ هكذا : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو ضامن إلا أن يقيم عليه البينة أنه قد رده إلى منزله ... إلخ.

(الثانية) إذا عادت الظئر بالطفل فأنكره أهله ، صدقت مع اليمين ما لم يثبت كذبها ويلزمها الدية أو إحضاره أو من يحتمل أنه هو.

(الثالثة) لو دخل لص فجمع متاعا ووطأ صاحبة المنزل قهرا فثار ولدها فقتله اللص ثم قتله المرأة ذهب دمه هدرا ، وضمن مواليه دية الغلام ، وكان لها أربعة آلاف درهم في تركته لمكابرتها على فرجها. وهي رواية عبد اللّه بن طلحة عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

وعنه في امرأة أدخلت الحجلة صديقا لها ليلة بنائها ، فاقتتل هو وزوجها ، فقتله الزوج فقتلت المرأة الزوج ضمنت دية الصديق وقتلت بالزوج (2).

والوجه أن دم الصديق هدر.

(الرابعة) لو شرب أربعة فسكروا فوجد جريحان وقتيلان ، ففي رواية

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو شرب أربعة فسكروا ، إلى آخره.

رويت في هذا روايتان ، إحداهما عن محمد بن قيس (3) ، وقد ذكرها الشيخ في النهاية والتهذيب.

والأخرى عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كان قوم يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم ، فرفعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فسجنهم فمات منهم رجلان وبقي رجلان ، فقال أهل المقتولين :

ص: 644


1- الوسائل باب 23 حديث 2 من أبواب قصاص النفس ج 19 ص 45 ، وفي آخره « قال رسول صلى اللّه عليه وآله : من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود ».
2- الوسائل باب 23 حديث 3 من أبواب قصاص النفس ، ج 19 ص 45 ، وباب 21 حديث 1 منه ص 193.
3- راجع الوسائل باب 1 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 172.

محمد بن قيس : أن عليا عليه السلام قضى بدية المقتولين على المجروحين بعد أن أسقط جراحة المجروحين من الدية (1).

وفي رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام : أنه جعل دية المقتولين على قبائل الأربعة وأخذ دية المجروحين من دية المقتولين (2).

والوجه أنه (أنها خ) قضية في واقعة ، وهو عليه السلام أعلم بما أوجب في ذلك الحكم.

______________________________________________________

يا أمير المؤمنين عليه السلام أقدهما بصاحبينا ، فقال للقوم : ما ترون؟ فقالوا : نرى أن نقيدها ، فقال علي عليه السلام للقوم : فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه ، قالوا ما ندري ، فقال علي عليه السلام : بل اجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة ، وآخذ دية جراحة الباقيين من دية المقتولين ، قال : وذكر إسماعيل بن الحجاج بن أرطاة ، عن سماك بن حرب ، عن عبيد اللّه بن أبي الجعد ، قال : كنت أنا رابعهم ، فقضى علي عليه السلام هذه القضية فينا (3).

وأرى هذه أقرب إلى الصواب ، لأن القاتل غير معين ، واشتراكهم في القتل أيضا مجهول ، لجواز أن يكون حصل القتل من أحدهم ، فلا يجوز الحكم بالقود ، فرجع إلى الدية لئلا يبطل دم امرء مسلم ، وجعلها على قبائل الأربعة ، لأن لكل منهم تأثيرا في القتل.

وقال المتأخر : مقتضى أصول المذهب أن القاتلين يقتلان بالمقتولين ، ومع الاصطلاح تؤخذ الدية كملا.

وليس بشئ إذ القاتلان غير معلومين ، ولا معلوم أن القاتل واحد أو اثنان أو أزيد ، وعلى هذا لا يصح أخذ الدية كملا ، ويكون إبطالا لدية الجراحة.

ص: 645


1- الوسائل باب 1 حديث 1 و 2 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 173.
2- الوسائل باب 1 حديث 1 و 2 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 173.
3- الوسائل باب 1 حديث 2 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 173.

ولو كان في الفرات ستة غلمان فغرق واحد فشهد اثنان منهم على الثلاثة أنهم غرقوه ، وشهد الثلاثة على الاثنين ، ففي رواية السكوني ومحمد بن قيس جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وعن أبي جعفر عليه السلام أن عليا عليه السلام قضى بالدية أخماسا بنسبة الشهادة.

وهي متروكة ، فإن صح النقل فهي واقعة في عين ، فلا يتعدى لاحتمال ما يوجب الاختصاص.

البحث الثاني في التسبيب : وضابطه : ما لولاه لما حصل التلف ، لكن علته غير السبب كحفر البئر ونصب السكين وطرح المعاثر والمزالق في الطريق وإلقاء الحجر ، فإن كان ذلك في ملكه لم يضمن ، ولو كان في غير ملكه أو كان في طريق مسلوك ضمن. ومنه نصب الميازيب ، وهو جائز إجماعا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كان في الفرات ستة غلمان ، إلى آخره.

هذا مروي بطريقين (أحدهما) عن الحسين بن سعيد ، عن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ، عن علي عليهما السلام (1).

والأخرى ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عن علي عليهما السلام (2).

وهي منافية للأصل ، من حيث أن شهادة الغلمان لا تسمع ، إلا في الجراح ، بشرط بلوغ العشر ، واعتبار عدد الشهود ، مخالف لهذا الأصل أيضا ، ولو صح النقل ، فلا يحكم بتعديه.

ص: 646


1- راجع الوسائل باب 2 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 174.
2- راجع الوسائل باب 2 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 174.

وفي ضمان ما يتلف به قولان ، أحدهما أنه لا يضمن ، وهو الأشبه.

وقال الشيخ : يضمن ، وهي رواية السكوني (1).

ولو هجمت دابة على أخرى ضمن صاحب الداخلة جنايتها ولم يضمن صاحب المدخول عليها.

والوجه اعتبار التفريط في الأولى.

ولو دخل دارا فعقره كلبها ضمن أهلها إن دخل بإذنهم وإلا

______________________________________________________

في التسبيب

« قال دام ظله » : وفي ضمان ما يتلف به - أي نصب الميزاب - قولان (أحدهما) أنه لا يضمن ، وهو الأشبه ، وقال الشيخ : يضمن ، وهي رواية السكوني.

القول بالضمان للمفيد ، فإنه ذهب في المقنعة إلى أن من أحدث في طريق المسلمين ما أباحه اللّه تعالى له ، وجعله وغيره سواء ، فلا ضمان ، لأنه لم يتعد واجبا ، واختاره المتأخر وشيخنا دام ظله.

وقال الشيخ في النهاية والخلاف : إنه يضمن ، مستدلا بإجماع الأمة ، وقال : جواز نصب الميازيب مشروط بالسلامة.

والاجماع غير متحقق ، نعم وردت به رواية ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من أخرج ميزابا أو كنيفا ، أو أوتد وتدا ، أو أوثق دابة أو حفر شيئا (بئرا خ) في طريق المسلمين ، فأصاب شيئا فعطب ، فهو له ضامن. (2)

« قال دام ظله » : والوجه اعتبار التفريط في الأولى.

يريد تفريط مولى الدابة في حفظها ، والشيخ أطلق في النهاية ، تبعا للفظ

ص: 647


1- لاحظ الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 182.
2- الوسائل باب 11 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 182.

فلا ضمان.

ويضمن راكب الدابة ما تجنيه بيديها.

وكذا القائد ، ولو وقف بها ضمن جنايتها ولو برجليها.

وكذا لو ضربها فجنت.

ولو ضربها غيره ضمن الضارب.

وكذا السائق يضمن جنايتها.

ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان.

ولو كان معها صاحبها ضمن دون الراكب.

ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك إلا أن تكون ألقت (الإلقاء خ) بتنفيره.

ولو اركب مملوكه دابة (دابته خ) فأتلفت ضمن المولى.

______________________________________________________

الرواية (1) ، والتقييد حسن ، وهو في الرواية مراد.

« قال دام ظله » : ولو اركب مملوكة دابة فأتلفت ضمن المولى ، ومن الأصحاب من شرط في ضمان المولى صغر المملوك.

الشارط هو المتأخر ، وله شرط آخر ، وهو أن لا يكون الجناية على الأموال ، فإنه لا يضمن ، لأن حمله على بني آدم قياس.

وبما شرطه ثانيا ينهض ما رواه علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل حمل عبده على دابته ، فوطأت رجلا ، فقال (قال ئل) : الغرم على مولاه (2) وأطلق باقي الأصحاب.

ص: 648


1- لاحظ الوسائل باب 19 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 182.
2- الوسائل باب 16 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 188.

ومن الأصحاب من شرط في ضمان المولى صغر المملوك.

البحث الثالث في تزاحم الموجبات : إذا اتفق المباشر والسبب ضمن المباشر كالدافع مع الحافر ، والممسك مع الذابح.

ولو جهل المباشر السبب ضمن المسبب كمن غطى بئرا حفرها في غير ملكه فدفع غيره ثالثا فالضمان على الحافر على تردد.

ومن الباب واقعة الزبية : وصورتها وقع واحد تعلق بآخر والثاني بالثالث وجذب الثالث رابعا فأكلهم الأسد ففيه روايتان.

______________________________________________________

وعلى ما شرطه ، قال : لو كان الراكب بالغا ، وجنى على بني آدم ، تتعلق الجناية برقبته (بقيمته خ) يباع فيها ، أو يفديه السيد ، وإن كان جنى على الأموال ، فيسقط.

واختار شيخنا في الشرائع ، أنها تتعلق برقبته ، يتبع بها إذا أعتق ، وهو أشبه.

في تزاحم الموجبات

« قال دام ظله » : فالضمان على الحافر ، على تردد.

التردد هنا ضعيف ، والوجه الضمان ، كما هو مذهب الأصحاب.

« قال دام ظله » : ومن الباب واقعة الزبية ، إلى آخره.

إنما قال : من الباب ، لأنها زوحم فيها ، وفيها روايتان ، إحداهما عن محمد بن قيس (1) وهي مشهورة بين الأصحاب.

والأخرى ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك (2).

ص: 649


1- الوسائل باب 4 حديث 2 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 176.
2- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 176.

(إحداهما) رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين علي عليه السلام في الأول فريسة الأسد ، وأغرم أهله ثلث الدية للثاني ، وغرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية ، وغرم الثالث لأهل الرابع الدية (1).

(والأخرى) رواية مسمع بن أبي عبد اللّه ، أن عليا عليه السلام

______________________________________________________

وهي ضعيفة السند ، فإن (سهل بن زياد) عامي و (ابن شمون) غال ، فهي مطرحة.

وقال سلار في رسالته : على الأول ثلث الدية ، وعلى الثاني ثلث الدية (الثلث) وعلى الثالث الثلث ، ويعطى الرابع الدية الكاملة (كاملة خ).

وقال الشارح لرسالته (2) أن هذا القول موافق لرواية محمد بن قيس ، مفسرا لها ، بأن أولياء الأول ، يعطون ثلث الدية للثاني ، ويضيف أولياء الثاني إلى ذلك الثلث ، ثلثا آخر ، ويعطون للثالث ، فيحصل عنده ثلثان ، فيضيف أولياؤه إليها ، ثلثا آخر ، ويعطون للرابع ، فيكون عنده الدية كاملة.

وقال ابن أبي عقيل في كتابه المتمسك : الثلاثة قتلوا الرابع بجرهم إياه ، فعلى كل واحد ثلث الدية.

فأقول : على هذا إنما منع الأول من الدية ، لأنه قتل وما قتل ، والثاني والثالث ، لأنهما قتلا وقتلا ، فأخذا ، وأعطيا ، واختص الرابع ، لأنه قتل وما قتل.

ص: 650


1- الوسائل باب 4 حديث 2 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 176.
2- لم نعثر على شارحها ، نعم ذكر في الذريعة إلى تصانيف الشيعة - ج 20 ص 298 عند ذكر المراسم لأبي يعلى حمزة الملقب بسلار أو سالار بن عبد العزيز الديلمي - ما هذا لفظه : وعند الشيخ محمد السماوي نسخة عليها إجازة القطب الراوندي سعيد بن هبة اللّه الذي توفي 573 وهي بخطه الشريف (إلى أن قال) : وهي أول النسخة (الجواهر) لابن البراج وكلها بخط واحد والشرح أيضا ناقص من أول الزكاة إلى الحدود المنتهي إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو آخر المراسم (انتهى).

قضى للأول ربع الدية ، وللثاني ثلث الدية ، وللثالث نصف الدية ، وللرابع الدية تماما ، وجعل ذلك على عاقلة الذين ازدحموا (1).

وفي سند الأخيرة إلى مسمع ضعف ، فهي ساقطة ، والأولى مشهورة ، وعليها فتوى الأصحاب.

(النظر الثالث) في الجناية على الأطراف :

اشارة

ومقاصده ثلاثة :

الأول في ديات الأعضاء : وفي شعر الرأس الدية ، وكذا اللحية ، فإن نبتا فالأرش.

اشارة

وقال المفيد : إن لم ينبتا فمائة دينار.

وقال الشيخ في اللحية : إن نبتت ثلث الدية.

______________________________________________________

في الجناية على الأطراف

« قال دام ظله » : وقال المفيد : إن لم ينبتا فمائة دينار ، وقال الشيخ : في اللحية ، إن نبت (نبتت خ) ثلث الدية.

أما قول المفيد ، فما وقفت على مستنده ، وكذا قاله شيخنا دام ظله.

وأما قول الشيخ - وبه قال ابن بابويه في المقنع - فمستنده رواية مسمع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام ، في اللحية ، إذا حلقت فلم تنبت الدية كاملة ، فإذا نبتت فثلث الدية (2).

وفي طريقها إلى مسمع (سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون) وهما ضعيفان ، ولهذا قال : (وفي الرواية ضعف).

ص: 651


1- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 176.
2- الوسائل باب 37 حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 260.

وفي الرواية ضعف ، وفي شعر رأس المرأة ديتها ، فإن نبت فمهرها (فمهر مثلها خ).

وفي الحاجبين خمسمائة دينار ، وفي كل واحد مائتان وخمسون ، وفي بعضه بحسابه.

وفي العينين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية.

وفي الأجفان الدية.

قال في المبسوط : وفي كل واحد ربع الدية.

وفي الخلاف : في الأعلى الثلثان ، وفي الأسفل الثلث.

وفي النهاية : في الأعلى ثلث الدية ، وفي الأسفل النصف ، وعليه الأكثر.

وفي عين الأعور الصحيحة الدية الكاملة إذا كان العور خلقة أو ذهبت بشئ من قبل اللّه.

وفي خسف العوراء روايتان ، أشهرهما : ثلث الدية.

______________________________________________________

أفتى بها المتأخر.

وليت شعري إذا لم يعمل بخبر الآحاد ، فمن أين الإجماع ، أو تواتر الأخبار ، أو نص القرآن على هذا؟

« قال دام ظله » وفي خسف العوراء روايتان ، أشهرهما ثلث الدية.

روى عبد اللّه بن سليمان ، عن عبد اللّه بن أبي جعفر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في العين العوراء ، تكون قائمة ، فتخسف؟ قال : قضى فيها علي بن أبي طالب عليه السلام ، بنصف الدية ، في العين الصحيحة. (1)

ص: 652


1- الوسائل باب 29 حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 254.

وفي الأنف الدية.

وكذا لو قطع مارنه أو كسر ففسد ، ولو جبر على غير عيب فمائة دينار ، وفي شلله ثلثا ديته.

وفي الحاجز نصف الدية.

وفي أحد المنخرين نصف الدية ، وفي رواية ثلث الدية.

وفي الأذنين الدية ، وفي كل واحد نصف الدية ، وفي بعضها بحساب

______________________________________________________

وهو اختيار الشيخ في النهاية وأبي الصلاح.

وفي أخرى ، عن عبد اللّه بن سليمان أيضا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل فقأ عين رجل ذاهبة ، وهي قائمة ، قال : عليه ربع دية العين (1) واختاره المفيد.

وفي طريق هذه الرواية ، أبو جميلة ، وفيه ضعف ، فالأولى أشهر ، وللمتأخر هنا وهم ، وقد أشرنا إليه قبل هذا في مسألة وتقلع عين الأعور.

« قال دام ظله » : وفي أحد المنخرين نصف الدية ، وفي رواية ، ثلث الدية.

هذه رواها غياث ، عن أبي جعفر عن أبيه ، عن علي عليهم السلام (في حديث) (2).

ومثله في رواية محمد بن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام (3).

ص: 653


1- الوسائل باب 29 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 255.
2- الوسائل باب 43 ذيل حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ، وفيه : وفي كل جانب من الأنف ثلث دية الأنف.
3- الوسائل باب 43 ذيل حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ، وفيه : وفي خشاش الأنف كل واحد ثلث الدية 19 ص 268 وفي رواية 3 من باب 4 منها : عن مسمع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قضى في خرم الأنف ثلث دية الأنف ج 19 ص 221.

ديتها ، وفي شحمتها ثلث ديتها ، في خرم الشحمة ثلث ديتها.

وفي الشفتين الدية ، وفي تقدير دية كل واحدة خلاف.

قال في المبسوط : في العليا الثلث ، وفي السفلى الثلثان ، واختاره المفيد.

______________________________________________________

والنصف مذهب الشيخ في المبسوط ، وما نعرف المستند ، فالعمل بمضمون الرواية أولى.

« قال دام ظله » : وفي الشفتين ، الدية ، وفي تقدير دية كل واحدة خلاف ، إلى آخره.

أقول : ما اختاره في المبسوط أظهر بين الأصحاب ، وذهب إليه المفيد ، وأبو الصلاح وسلار والمتأخر.

وما ذكره في النهاية والخلاف ، فاستنادا إلى ما رواه أبو جميلة ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : في الشفة السفلى ستة آلاف درهم ، وفي العليا أربعة آلاف ، لأن السفلى تمسك الماء (1).

وأما قول ابن بابويه ، فمستنده رواية ظريف بن ناصح (2).

وبما قاله ابن أبي عقيل ، رواية ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : الشفتان ، العليا والسفلى سواء في الدية (3).

ويدل عليه قولهم عليهم السلام : كلما في الجسد منه اثنان ، ففيه نصف الدية (4).

ص: 654


1- الوسائل باب 5 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 222.
2- راجع الوسائل باب 5 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 222.
3- الوسائل باب 1 ذيل حديث 10 من أبواب ديات الأعضاء ، لكن بصورة الإضمار ، فراجع.
4- راجع الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 213.

وقال في الخلاف : في العليا أربعمائة دينار ، وفي السفلى ستمائة.

وكذا في النهاية ، وبه رواية (1) فيها ضعف.

وقال ابن بابويه : في العليا نصف الدية ، وفي السفلى الثلثان.

وقال ابن أبي عقيل : في كل واحدة نصف الدية ، وهو قوي وفي قطع بعضها بحساب ديتها.

وفي اللسان الصحيح الدية الكاملة ، ولو قطع بعضه اعتبر بحروف المعجم.

وهي ثمانية وعشرون حرفا ، وفي رواية : تسعة وعشرون حرفا ، وهي مطروحة.

وفي لسان الأخرس ثلث ديته ، وفي بعضه بحساب ديته.

______________________________________________________

وهذا متفق عليه ، ولهذا قال المتأخر : وما ذكره ابن أبي عقيل قوي ، إلا أن الإجماع على اختلاف الشفتين في الدية.

« قال دام ظله » : وهي ثمانية وعشرون حرفا.

هي في رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن علي عليه السلام (2).

وفي رواية حماد بن عيسى ، أنها تسعة وعشرون (3) والأولى مشهورة.

ص: 655


1- الوسائل باب 5 ضمن حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 222 وفيه ودية الشفة السفلى إذا استوصلت ثلثا الدية ستمائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار (انتهى) ولم نعثر إلى الآن على خصوص الستمائة فتبع.
2- راجع الوسائل باب 2 حديث 6 من أبواب ديات النافع ج 19 ص 275.
3- راجع الوسائل باب 2 حديث 2 و 5 من أبواب ديات المنافع ج 19 ص 274.

ولو ادعى ذهاب نطقه ، ففي رواية : يضرب لسانه بالأبرة ، فإن خرج الدم أسود صدق.

وفي الأسنان الدية ، وهي ثمانية وعشرون ، منها المقاديم ، إثنا عشر ، في كل واحدة خمسون دينار ، والمآخير ستة عشر ، في كل واحدة خمسة وعشرون ، ولا دية للزائدة لو قلعت منضمة.

ولها ثلث دية الأصلية لو قلعت منفردة.

وفي اسوداد السن ثلثا الدية ، وفي سقوط السواد ثلث الدية.

وكذا روي في انصداعها (1) ولم يسقط.

وفي الرواية ضعف ، فالحكومة أشبه.

وفي قلع السوداء ثلث الدية.

ويتربص بسن الصبي الذي لم يثغر ، فإن نبت فله الأرش ، وإن لم

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو ادعى ذهاب نطقه ، ففي رواية ، يضرب لسانه بالأبرة ، إلى آخره.

هذه رواها محمد بن الوليد ، عن محمد بن الفرات ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه السلام (2) وذهب إليها أبو الصلاح.

والعمل على ما قاله الشيخ في النهاية ، أن عليه القسامة ، واختاره شيخنا في الشرائع.

« قال دام ظله » : ويتربص بسن الصبي ، الذي لم يثغر ، فإن نبت فله الأرش ، إلى آخره.

ص: 656


1- راجع الوسائل باب 18 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 224.
2- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب ديات المنافع بطريق الشيخ ج 19 ص 279.

ينبت فله دية المثغر.

وفي رواية : فيها بعير من غير تفصيل ، وهي رواية السكوني (1) ومسمع (2) ، والسكوني ضعيف ، والطريق إلى مسمع في هذه ضعيف أيضا.

وفي اليدين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية ، وحدهما (وحدها خ) المعصم.

وفي الأصابع الدية ، وفي كل واحدة عشر الدية على الأشهر.

______________________________________________________

الثغر (3) هو سن الصبي التي تنبت بعد السقوط ، يقال : اثغر وثغر ، إذا نبتت بعد السقوط ، وثغر الغلام ، إذا سقطت سن اللبن منه ، فدية المثغر ، هو دية البالغ الصحيح السن.

فأما ما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن عليا عليه السلام ، قضى في سن الصبي ، إذا لم يثغر ببعير (4) ، فهو اختيار الشيخ في المبسوط.

وزعم المتأخر أنه ما أفتى بها أحد من أصحابنا إلا الشيخ في مبسوطه.

« قال دام ظله » : وفي الأصابع الدية ، وفي كل واحدة عشر الدية ، على الأشهر.

قوله : (على الأشهر) تنبيه على ما رواه ظريف بن ناصح في كتابه ، أن الأصابع متساوية ، إلا الإبهام ، فإن لها ثلث الدية (5).

ص: 657


1- راجع الوسائل باب 38 حديث 5 من أبواب ديات الأعضاء ، ج 19 ص 263.
2- الوسائل باب 8 حديث 6 من أبواب ديات الأعضاء ، ج 19 ص 225.
3- هكذا في النسخ ، ولعل الصواب الثغر بدون التاء وفي القاموس الثغر من خيار العشب وتحرك واحده بهاء وكل جوبة أو عورة منفتحة والفم أو الأسنان أو مقدمها أو ما دامت في منابتها (انتهى).
4- الوسائل باب 33 حديث 3 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 258.
5- الوسائل باب 17 قطعة من حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ، وفيها : ودية الأصابع ، دية كل إصبع منها سدس دية الرجل ، ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار ودية قصبة الأربع سوى الإبهام ... الخ.

وقيل : في البهام ثلث دية اليد ، ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث عقد ، وفي الإبهام على اثنتين ، وفي الإصبع الزائدة ثلث الأصلية ، وفي شلل الأصابع أو اليدين ثلثا ديتها.

وفي الظفر إذا لم ينبت أو نبت أسود عشرة دنانير ، فإن نبت أبيض

______________________________________________________

وذهب إليها الشيخ في الاستبصار ، قال : ويجوز أن يحمل الروايات الأخر ، على هذا التفصيل ، وإليه أشار بقوله : (وقيل في الإبهام ثلث الدية).

والأظهر بين الأصحاب ، والأشهر في الروايات ، هو الأول ، روى ذلك علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (في حديث) قال : وسألته عن الأصابع ، أهن سواء في الدية؟ قال : نعم (الحديث) (1).

وروى زرعة ، عن سماعة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الأصابع ، هل لبعضها على بعض فضل؟ فقال : هن سواء في الدية (2).

وفي رواية ابن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية ، في كل إصبع عشر من الإبل ، وفي الظفر خمسة دنانير (3).

فقال الشيخ : قوله : (في كل إصبع عشر من الإبل) من كلام الراوي ، وهو حسن ، وإلا يطرح الرواية (4).

« قال دام ظله » : وفي الظفر إذا لم ينبت ، أو نبت أسود ، عشرة دنانير ، فإن نبت

ص: 658


1- الوسائل باب 39 ذيل حديث 3 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 264.
2- الوسائل باب 39 حديث 6 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 265.
3- أورد صدره في الوسائل باب 39 حديث 4 (ج 19 ص 264) وذيله باب 41 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ص 267.
4- وفي نسخة : (ولا تطرح الرواية).

فخمسة دنانير ، وفي الرواية (1) ضعف.

وفي الظهر إذا كسر الدية.

وكذا لو احدودب أو صار بحيث لا يقدر على القعود ، ولو صلح فثلث الدية.

وفي ثديي المرأة ديتها ، وفي كل واحدة نصف الدية.

وقال ابن بابويه : في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية وهو مائة وخمسة وعشرون دينارا.

______________________________________________________

أبيض ، فخمسة دنانير ، وفي الرواية ضعف.

هذه رواها عبد اللّه بن عبد الرحمن ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام ، في الظفر إذا قلع (قطع ئل يب) ولم ينبت وخرج أسود فاسدا عشرة دنانير ، فإن خرج أبيض فخمسة دنانير (2).

وفي طريقها (سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون) وقد عرفت ضعفها ، لكنهما اشتهرت ، وعليها عمل الشيخ في النهاية.

وفي رواية عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (في حديث) قال : وفي الظفر خمسة دنانير (3) ذكرهما الشيخ في التهذيب.

وقال المتأخر : إن لم يخرج ، عشرة دنانير ، وإن خرج أسود فثلثا ديته ، وما أعرف منشأه.

« قال دام ظله » : وفي ثديي المرأة ، ديتها ، وفي كل واحدة نصف الدية ، وقال ابن بابويه : في حلمة ثدي الرجل ، ثمن الدية ، مائة وخمسة وعشرون دينارا.

ص: 659


1- راجع الوسائل باب 41 حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ، ج 19 ص 267.
2- الوسائل باب 41 حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 266.
3- الوسائل باب 41 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ص 267.

وفي حشفة الذكر (الرجل خ) فما زاد ولو استؤصل الدية.

وفي ذكر العنين ثلث الدية ، وفيما قطع منه بحسابه.

وفي الخصيتين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية ، وفي الرواية (1) (رواية خ) في اليسرى ثلثا الدية لأن الولد منها. وفي أدرة (2) الخصيتين أربعمائة دينار ، فإن فحج (3) فلم يقدر على المشي فثمانمائة دينار.

وفي الشفرتين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية.

وفي الإفضاء الدية ، وهو أن يصير المسلكين واحدا.

______________________________________________________

أقول : وجوب الدية في الثديين ، هو على الأصل المسلم ، أعني قولهم : (كل ما في الجسد منه اثنان ففيه الدية) (4).

أما في الحلمتين فذهب الشيخ في المبسوط والخلاف ، إلى أن فيهما الدية.

وفيه إشكال ، منشأه تساويهما بالثديين ، أما أن فيهما ثمن الدية ، ذهب إليه ابن بابويه ، والشيخ في التهذيب ، تمسكا برواية ظريف (5).

« قال دام ظله » : وفي الإفضاء ، الدية ، وهو أن يصير المسلكين واحدا ، (وقيل) : أن يخرق الحاجز بين مجرى (مخرج خ) البول ومخرج الحيض.

ص: 660


1- راجع الوسائل باب 18 حديث 3 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 236.
2- انتفاخهما (الرياض).
3- الفحج : تباعد ما بين الرجلين في الأعقاب مع تقارب صدور القدمين (مجمع البحرين).
4- الوسائل باب 1 حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ص 213 ومتن الحديث هكذا : عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية ، مثل اليدين والعينين.
5- راجع التهذيب ج 10 ص 307 من طبعة النجف الأشرف ، ولفظه هكذا : وأفتى عليه السلام في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا ... إلخ ، ولم نجده في الوسائل.

وقيل : أن يخرق الحاجز بين مجرى (مخرج خ) البول ومجرى الحيض ، ويسقط ذلك من الزوج لو وطأها بعد البلوغ ، أما لو كان قبله ضمن الدية مع المهر ولزمه الانفاق عليها حتى يموت أحدهما.

وفي الرجلين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية ، وحدهما مفصل الساق والقدم.

وفي أصابعهما ما في أصابع اليدين.

مسائل

(الأولى) دية كسر الضلع خمسة وعشرون دينار إن كان مما خالط (يخالط خ) القلب ، وعشرة دنانير إن كان مما يلي العضدين.

(الثانية) لو كسر بعصوص (1) الإنسان أو عجانه (2) فلم يملك

______________________________________________________

الذي ذكره أولا ورد في اللغة ، يريد مسلك البول والغائط ، وما قاله ثانيا تحديد الفقهاء.

(فإن قيل) : المسلكان هما مجرى البول ومخرج الحيض ، فيكون القول الثاني والأول واحدا (قلنا) : المسلكان أعم منهما ، بل يتناول مخرج الغائط أيضا ، ولهذا غلط بعض الفقهاء ، وقال : الإفضاء أن يصير مجرى البول والغائط واحدا (3) ، وهو بعيد.

« قال دام ظله » : لو كسر بعصوص الإنسان أو عجنانه (عجانه خ) فلم يملك غائطه ولا بوله ، ففيه الدية.

ص: 661


1- استخوان نشستگاه ، كعصفور ، عظم الورك (مجمع البحرين).
2- العجان : ككتاب ، ما بين الخصية وحلقة الدبر (مجمع البحرين.)
3- في جميع النسخ (واحد) بالرفع والصواب ما أثبتناه.

غائطه ولا بوله ففيه الدية.

(الثالثة) قال الشيخان : في كسر عظم من عضو خمس ديته ، فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره.

وفي موضحته ربع دية كسره.

وفي رضه ثلث دية العضو ، فإن برئ على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه.

وفي فكه بحيث يتعطل ثلثا ديته ، فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه.

(الرابعة) قال بعض الأصحاب : في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا ، والمستند كتاب « ظريف ».

(الخامسة) روي : أن من داس بطن إنسان حتى أحدث ديس بطنه

______________________________________________________

أقول : البعصوص عظم رقيق حول الدبر ، والعجان ما بين الفقحة (1) والخصية.

والفتوى مستفادة ، عن رواية هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل كسر بعصوصه ، فلم يملك استه ، ما فيه من الدية؟ قال : دية كاملة (الحديث) (2).

ورواية ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، مسموعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن عليا قضى في الرجل يضرب على عجانه ، فلا يستمسك بوله ولا غائطه ، أن في ذلك الدية كاملة. (3)

« قال دام ظله » : روي أن من داس بطن إنسان ، حتى أحدث ، ديس بطنه ، إلى آخره.

ص: 662


1- الفقحة بالفتح حلقة الدبر ، والجمع الفقاح (مجمع البحرين).
2- الوسائل باب 9 صدر حديث 1 من أبواب دية المنافع ج 19 ص 284.
3- الوسائل باب 9 حديث 2 من أبواب دية المنافع ص 284.

أو يفتدي ذلك بثلث الدية ، وهي رواية السكوني ، وفيه ضعف.

(السادسة) من افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها ففيه ديتها ومهر نسائها على الأشهر.

______________________________________________________

هذا مروي ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه ، فقضى عليه أن يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث ، أو يغرم ثلث الدية (1).

وعليها فتوى الشيخين وسلار ، وقال المتأخر : عليه التعزير لا غير.

« قال دام ظله » : من اقتض بكرا بإصبعه ، فخرق مثانتها ، فلم تملك بولها ، ففيه ديتها ، ومهر نسائها على الأشهر ، وفي رواية : ثلث ديتها.

هذه رواها الحسين بن عثمان ، عن أبي عمرو المتطبب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قضى علي عليه السلام ، في رجل اقتض جارية بإصبعه ، فخرق مثانتها ، فلم تملك بولها ، فجعل لها ثلث الدية ، مائة وستة ستين دينارا وثلثي دينار ، وقضى عليه بصداق مثل نساء قومها (2) وفي طريقها ابن فضال.

وروى هشام بن إبراهيم ، عن أبي الحسن عليه السلام ، أن عليه الدية كاملة (3).

والشيخ ذهب إلى أن عليه مهر نسائها ، وسكت عن الدية ، وكذا أتباعه والمتأخر.

فأما شيخنا دام ظله ، تبع لفظ الرواية ، وهو أولى.

وفي رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، رفعت

ص: 663


1- الوسائل باب 20 حديث 1 من أبواب قصاص الطرف من كتاب القصاص ج 19 ص 137.
2- الوسائل باب 30 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 256.
3- الوسائل باب 30 حديث 3 من أبواب ديات الأعضاء ، فراجع الباب بالنسبة إلى سند الحديث بل واصله.

وفي رواية : ثلث ديتها.

المقصد الثاني في الجناية على المنافع :

في العقل الدية ، ولو شجه فذهب لم تتداخل الجنايتان.

وفي رواية : إن كان بضربة واحدة تداخلتا ، ولو ضربه على رأسه فذهب عقله فينتظر (انتظر خ) به سنة ، فإن مات قيد به ، وإن بقي ولم يرجع عقله فعليه الدية.

______________________________________________________

جاريتان إلى علي عليه السلام ، اقتضت إحداهما الأخرى في الحمام ، فقضى على التي فعلت عقرها (1).

ذكرها ابن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه.

في الجناية على المنافع

« قال دام ظله » : في العقل الدية ، ولو شجه فذهب ، لم تتداخل الجنايتان ، وفي رواية : إن كان بضربة واحدة تداخلتا ، إلى آخره.

هذه رواها الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة ، فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله؟ قال : إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة ، ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له ، فإنه ينتظر به سنة ، فإن مات فيما بينه وبين السنة أقيد به ضاربه ، وإن لم يمت فيما بينه وبين

ص: 664


1- الوسائل باب 45 حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ، ولفظه هكذا : عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن عليا عليه السلام ، رفع إليه جاريتان أدخلتا الحمام ، فافتضت إحداهما الأخرى بإصبعها ، فقضى على التي فعلت عقلها ، وفي التهذيب أيضا بلفظ العقل لا العقر كما في المتن وكلاهما بمعنى الدية ، قال في مجمع البحرين : وفي الحديث ذكر العقر بالضم وهو دية الفرج آه وذكر أيضا أن العقل الدية.

وفي السمع دية ، وفي سمع كل أذن نصف الدية ، وفي البعض (بعض السمع خ) بحسابه من الدية ، وتقاس الناقصة إلى الأخرى بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة ويصاح به حتى يقول : لا أسمع ، وتعتبر المسافة من جوانبه الأربع ، ويصدق مع التساوي ويكذب مع التفاوت ، ثم تطلق الناقصة وتسد الصحيحة ، ويفعل به كذلك ، ويؤخذ من ديتها بنسبة التفاوت ، ويتوخى القياس في سكون الهواء.

______________________________________________________

السنة ، ولم يرجع إليه عقله ، أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله ، قلت : فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال : لا ، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين ، فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية ، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان ، إلا أن يكون فيهما الموت بواحدة ، وتطرح الأخرى ، فيقاد به ضاربه ، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة ، فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ، ما لم يكن فيها الموت ، فيقاد به ضاربه (الحديث) (1).

وعلى هذا فتوى الشيخ في النهاية ، ويميل إليه المتأخر.

وقال في المبسوط ، لا تتداخل الجنايتان على مذهبنا ، واختاره شيخنا.

ويدل على ذلك ما رواه محمد بن خالد البرقي ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قضى علي (أمير المؤمنين ئل) عليه السلام في رجل ضرب رجلا بعصا ، فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه ، وانقطع جماعه - وهو حي - بست ديات (2) وهي حسنة.

ص: 665


1- الوسائل باب 7 حديث 1 من أبواب ديات المنافع ، وتمامه قال : فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات ج 19 ص 281.
2- الوسائل باب 6 حديث 1 من أبواب ديات المنافع ج 19 ص 280.

وفي ضوء العينين الدية ، ولو ادعى ذهاب نظره عقيب الجناية وهي قائمة أحلف باللّه القسامة.

وفي رواية (1) تقابل بالشمس ، فإن بقيتا مفتوحتين صدق ، وإن أطبقهما كذب خ).

ولو ادعى نقصان إحداهما قيست إلى الأخرى ، وفعل في النظر إلى المنظور (بالمنظور خ) كما فعل بالسمع ، ولا يقاس العين في يوم غيم ، ولا في أرض مختلفة.

وفي الشم الدية ، فلو ادعى ذهابه اعتبر بتقريب الحراق ، فإن دمعت عيناه وحول أنفه فهو كاذب.

ولو أصيب فتعذر إنزال المني كان فيه الدية.

وقيل : في سلس البول الدية

وفي رواية : إن دام به إلى الليل لزمته الدية ، وإلى الزوال ثلثا الدية ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وقيل : وفي سلس البول ، الدية ، وفي رواية : إن دام إلى الليل لزمته الدية ، وإلى الزوال ثلثا الدية ، وإلى الضحوة ثلث الدية.

هذه رواها صالح بن عقبة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سأله رجل وأنا عنده (حاضر خ) عن رجل ضرب رجلا ، فقطع بوله؟ فقال له : إن كان البول يمر إلى الليل ، فعليه الدية ، لأنه قد منعه المعيشة ، وإن كان إلى آخر النهار ، فعليه الدية ، وإن كان إلى نصف النهار ، فعليه ثلثا الدية ، وإن كان إلى ارتفاع النهار ، فعليه ثلث الدية (2).

ص: 666


1- راجع الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب ديات المنافع.
2- الوسائل باب 9 حديث 3 من أبواب ديات المنافع ج 19 ص 285.

وإلى الضحوة ثلث الدية.

المقصد الثالث في الشجاج والجراح :

اشارة

والشجاج ثمانية (ثمان خ) : الخارصة والدامية والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة والمأمومة والجائفة.

فالخارصة : هي التي تقشر الجلد ، وفيها بعير.

وهل هي الدامية؟ قال الشيخ : نعم ، والأكثرون على خلافه. فهي التي تأخذ في اللحم يسيرا ، وفيها بعيران.

______________________________________________________

وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، وابن بابويه في المقنع والمتأخر.

وقال : في سائر الأوقات يحتسب (يحاسب خ) عليه ، ويريد (بسائر الأوقات) أوقات ذلك اليوم ، لأن ديته لا تزيد على دية النفس.

والأول في رواية (رواه خ) غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليهم السلام ، قضى في رجل ضرب - (رجلا خ) حتى سلس ببوله - بالدية الكاملة (كاملة خ) (1).

وهي ضعيفة ، فإن غياثا قيل : بتري ، وقد ضعفها شيخنا في الشرائع.

في الشجاج

« قال دام ظله » : وهل هي الدامية؟ قال الشيخ : نعم ، والأكثرون على خلافه ، إلى آخره.

أقول : الأكثرون إشارة إلى المرتضى ، والمفيد ، وسلار ، وباقي فقهائنا ، وكذا أكثر أهل اللغة إلا أبا الصلاح فإنه يقول بمقالة الشيخ ، وكذا الأصمعي ، على

ص: 667


1- الوسائل باب 9 حديث 4 من أبواب دية المنافع ج 19 ص 285.

______________________________________________________

ما حكى عنه الشيخ.

ويدل على ذلك ما رواه مسمع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن علي عليه السلام ، قال : قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (في حديث) في الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين ، وقضى في المتلاحمة ثلاثة أبعرة (الحديث) (1).

ومثله رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (2).

ومستند الأكثرين ، ما رواه منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : في الحرصة (3) (الجرحة خ) شبه الخدش بعير ، وفي الدامية بعيران ، وفي الباضعة - وهي دون السمحاق - ثلاث من الإبل ، وفي السمحاق - وهي دون الموضحة - أربع من الإبل ، وفي الموضحة خمس من الإبل (4).

فالشيخ جعل الحارصة والدامية واحدا ، والباضعة والمتلاحمة اثنين ، والباقون من الفقهاء بالعكس.

واختلفت الروايات في الشجاج ، والأصحاب على قولين فيما ذكرنا ، لا غير.

وأما تفسير الشجاج ، وإن كان ذكره شيخنا ، لكن نريد أن نفسره بأوضح منه.

(فالحارصة) مشتقة من حرص القصار الثوب ، إذا شقه ، فهي التي تشق الجلد.

(والدامية) أما بهذا المعنى ، وهي التي تأخذ في اللحم يسيرا ، وسميت بذلك ،

ص: 668


1- الوسائل باب 2 حديث 6 من أبواب ديات الشجاج والجراح ج 19 ص 291.
2- الوسائل باب 2 حديث 8 من أبواب ديات الشجاج والجراح.
3- وفي بعض النسخ : الحارصة ، قال في مجمع البحرين : الحارصة هي الشجة التي تشد الجلد قليلا ، ولا تجري الدم وكذا الحرصة.
4- الوسائل باب 2 حديث 14 من أبواب ديات الشجاج والجراح ج 19 ص 293.

______________________________________________________

لأنها تدمى.

(والباضعة) هي التي تشق اللحم بعد الجلد.

(والمتلاحمة) هي التي تأخذ في اللحم كثيرا ، ولم تبلغ العظم ، وإما بمعنى الباضعة.

(والسمحاق) وهي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة تسمى السمحاق (السمحاقة خ) ومنه قيل : في السماء سماحيق من غيم ، وعلى الشاة سماحيق من شحم ، وعلى القولين هي الرابعة.

(والموضحة) هي التي توضح العظم.

(المنقلة) بكسر القاف ، وحكي عن الجوالقي (الجواليقي خ) بالفتح ، وهنا بالكسر وهي التي تخرج (1) فراش العظام بفتح الفاء ، وهو قشرة تكون على العظم دون اللحم.

فأما الهاشمة والمأمومة والجايفة ، فلا مزيد فيها على ما فسره ، إلا أنه قال في المأمومة ثلاثة وثلاثون بعيرا ، عملا برواية ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) وفي المأمومة ثلاثة وثلاثون بعيرا (من الإبل ئل) الحديث (2) ومثله عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

وفي رواية معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الشجة المأمومة؟ قال : ثلث الدية (الحديث) (4).

ص: 669


1- يحتمل أن تكون (تحوج) بدل (تخرج) كما في المتن ونقله في الرياض عن جماعة ويحتمل أن تكون (تجرح) بالجيم والحاء.
2- الوسائل باب 2 قطعة من حديث 11 من أبواب ديات الشجاج والجراح ج 19 ص 293.
3- الوسائل باب 2 قطعة من حديث 4 من أبواب ديات الشجاج والجراح ج 19 ص 291.
4- الوسائل باب 2 حديث 12 من أبواب ديات الشجاج والجراح ج 19 ص 293.

والمتلاحمة : هي التي تأخذ في اللحم كثيرا ، وهل هي غير الباضعة؟ فمن قال : الدامية غير الخارصة فالباضعة هي المتلاحمة ، ومن قال : الدامية هي الخارصة فالباضعة غير المتلاحمة ، ففي المتلاحمة إذا ثلاثة أبعرة.

والسمحاق : هي التي تقف على السمحاقة ، وهي الجلدة المغشية  للعظم ، وفيها أربعة أبعرة.

والموضحة : هي التي تكشف عن العظم ، وفيها خمسة أبعرة.

والهاشمة : هي التي تهشم العظم ، وفيها عشرة أبعرة.

والمنقلة : هي التي تحوج إلى نقل العظم ، وفيها خمسة عشر بعيرا.

والمأمومة : هي التي تصل إلى أم الرأس ، وهي الخريطة الجامعة للدماغ ، وفيها ثلاثة وثلاثون بعيرا.

والجائفة : هي التي تبلغ الجوف ، وفيها ثلث الدية.

مسائل

(الأولى) دية النافذة في الأنف ثلث ديته ، فإن صلحت فخمس ديته ، ولو كانت في أحد المنخرين إلى الحاجز فعشر الدية.

(الثانية) في شق الشفتين حتى تبدو الإنسان ثلث ديتهما ، ولو برئت فخمس ديتهما ، ولو كانت في إحداهما فثلث ديتها ، ومع البرء خمس ديتها.

______________________________________________________

وعليها فتوى سلار وأبي الصلاح ، والشيخان فسرا الثلث بثلاث وثلاثين لا غير ، من غير زيادة ولا نقصان ، جمعا بين الروايات ، وادعى المتأخر عليه الإجماع.

فأما إن كانت الدية من غير الإبل ، فلا خلاف في الثلث الكامل.

ص: 670

(الثالثة) إذا أنفذت نافذة في شئ من أطراف الرجل فديتها مائة دينار.

(الرابعة) في احمرار الوجه بالجناية دينار ونصف ، وفي اخضراره ثلاثة دنانير ، وفي اسوداده ستة.

وقيل : فيه كما في الاخضرار ، وقال جماعة منا : وهي في البدن على النصف.

(الخامسة) كل عضو له دية مقدرة ، ففي شلله ثلثا ديته ، وفي قطعه بعد شلله ثلث ديته.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : في احمرار الوجه بالجناية دينار ونصف ، وفي اخضراره ثلاثة دنانير ، وفي اسوداده ستة دنانير.

(وقيل) فيه كما في الاخضرار ، وقال جماعة منا ، وهي في البدن على النصف.

أقول : القول بالتفصيل للشيخ وابن بابويه في المقنع ، ومن لا يحضره الفقيه ، ومستندهما ما رواه الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام ، في اللطمة يسود أثرها في الوجه ، أن أرشها ستة دنانير ، فإن لم تسود واخضرت ، فإن أرشها ثلاثة دنانير ، وإن احمرت (احمارت ئل) ولم تخضر (تخضار ئل) فإن أرشها دينار ونصف (1) ، وهذا اختاره شيخنا.

والقول بالتسوية للمفيد والمرتضى وسلار وأبي الصلاح ، وتبعهم المتأخر ، وما وقفت على مستند لهم ، فأما الجماعة إشارة إلى الشيخين وسلار وأتباعهم.

ص: 671


1- الوسائل باب 4 حديث 1 من أبواب ديات الشجاج والجراح ، بطريق الشيخ قال : وكذا الصدوق نحوه ، وزاد : وفي البدن نصف ذلك (انتهى) ج 19 ص 295.

(السادسة) دية الشجاج في الرأس والوجه سواء ، وفي البدن بنسبة العضو الذي يتفق فيه.

(السابعة) كلما فيه من الرجل ديته ، ففيه من المرأة ديتها ، ومن الذمي ديته ، ومن العبد قيمته ، وكلما فيه من الحر مقدر فهو من المرأة بنسبة ديتها ، ومن الذمي كذلك ، ومن العبد بنسبة قيمته ، لكن الحرة تساوي الحر حتى تبلغ الثلث ، ثم ترجع إلى النصف.

والحكومة والأرش عبارة عن معنى واحد ، ومعناه : أن يقوم سليما لو كان عبدا ، ومجروحا كذلك ، وينسب التفاوت إلى القيمة ، ويؤخذ من الدية بحسابه.

(الثامنة) من لا ولي له فالإمام عليه السلام ولي دمه ، وله المطالبة بالقود أو الدية.

وهل له العفو؟ المروي : لا.

النظر الرابع في اللواحق :

اشارة

وهي أربعة :

والأول في الجنين : ودية جنين الحر المسلم إذا اكتسى اللحم ولم تلجه

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والحكومة والأرش ، عبارة عن معنى واحد.

هذا على اصطلاح شيخنا في أكثر المواضع ، فأما عند باقي الفقهاء ، الأرش أعم من الحكومة ، لأنهم يستعملونه في المقدر وغيره ، والحكومة لا تستعمل إلا في غير المقدر ، فاعرفه.

« قال دام ظله » : وهل له - أي الإمام - العفو؟ المروي لا.

قد ذكرت هذا البحث في المواريث ، فلا أعيده.

ص: 672

الروح مائة دينار ، ذكرا كان أو أنثى.

ولو كان ذميا فعشر دية أبيه.

وفي رواية السكوني : عشر دية أمه.

ولو كان مملوكا فعشر قيمة أمه المملوكة ، ولا كفارة.

ولو ولجته الروح فدية (فالدية خ) كاملة للذكر ونصفها للأنثى.

ولو لم يكتس اللحم ففي ديته قولان ، أحدهما : غرة ، والآخر : توزيع الدية على حالاته ، ففيه عظما ثمانون ، ومضغة ستون ، وعلقة أربعون ، ونطفة بعد استقرارها في الرحم عشرون.

______________________________________________________

في دية الجنين

« قال دام ظله » : ولو لم يكتس اللحم ، ففي ديته قولان ، أحدهما غرة والآخر توزيع الدية على حالاته ، إلى آخره.

القول بالغرة للشيخ في التهذيب والمبسوط والخلاف ، تمسكا بما رواه ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : جاءت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها ، فألقت جنينا ، فقال الأعرابي : لم يهل ولم يصح ، ومثله يطل ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : اسكت سجاعة (1) عليك غرة وصيف عبد أو أمة (2).

ومثله رواه في التهذيب ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، إن رجلا جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، وقد ضرب امرأة حبلى ، فأسقطت سقطا ميتا ، فأتى زوج المرأة إلى النبي صلى اللّه عليه

ص: 673


1- يعني اسكت يا سجاعة وهي كناية عن أن هذه العبارات التي تقول ، من قولك : لم يهل آه ، من قبيل تلفيق السجع وقافية الكلام ، بل أنت مقصر ، فعليك غره آه.
2- الوسائل باب 20 حديث 2 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 242

وقال الشيخ رحمه اللّه : وفيما بينهما بحسابه.

______________________________________________________

وآله ، فاستعدى عليه ، فقال الضارب : يا رسول اللّه ما أكل ولا شرب ولا استهل ولا صاح ، ولا استبشر (استبش خ) فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : إنك رجل سجاعة ، فقضى فيه رقبة (1).

والقول بالتوزيع للشيخين في النهاية والمقنعة ، وسلار وابن بابويه في المقنع ، وهو الأكثر ، وبه عدة روايات.

(منها) واحدة ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، عن علي بن الحسين عليهما السلام (2).

وأخرى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام (3).

« قال دام ظله » : وقال الشيخ : وفي ما بينهما ، بحسابه.

هذا من كلام الشيخ ، ورأيت من عاصرناه من الفقهاء ، يتوقف في معناه ، أو ينطق (يتعلق خ) بما لا حقيقة له.

وتعرض المتأخر لتفسيره ، فقال : النطفة تمكث عشرين يوما ، ثم تصير علقة ، وبعد عشرين تصير العلقة مضغة ، فيكون لكل يوم دينار.

وهو غلط لأن (فإن خ) النطفة على ما ثبت في الروايات تصير بعد أربعين يوما علقة ، وكذا العلقة تصير بعد أربعين ، مضغة ، فما نعرف منشأ العشرين ، فنطالبه ببيانه ، ولم يثبت ، ولو ثبت ، فمن أين أن التفاوت مقسوم على الأيام؟.

فأما نحن فقد اجتهدنا في تحقيقه ، فما بان لنا من أين أخذ الشيخ هذا الكلام؟ فضلا عن تفسيره.

وقال شيخنا دام ظله : يمكن أن تكون إشارة بذلك إلى ما رواه يونس الشيباني ،

ص: 674


1- الوسائل باب 20 حديث 4 من أبواب ديات الأعضاء ص 243.
2- الوسائل باب 19 حديث 8 من أبواب ديات الأعضاء ص 240 ولاحظ متن الحديث.
3- الوسائل باب 19 حديث 4 من أبواب ديات الأعضاء ص 238 والحديث طويل فلاحظه.

ولو قتلت المرأة فمات ولدها معها فللأولياء دية المرأة ونصف الديتين عن الجنين إن جهل حاله ، وإن علم ذكرا كان أو أنثى كانت الدية بحسابه.

وقيل : مع الجهالة يستخرج بالقرعة لأنه مشكل ، وهو غلط لأنه لا إشكال مع النقل.

______________________________________________________

قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : فإن خرج في النطفة قطرة من دم؟ فقال : القطرة عشر النطفة فيها اثنان وعشرون دينارا ، قلت : فإن قطرت قطرتين؟ قال : أربعة وعشرون دينارا ، قلت : فإن قطرت ثلاث؟ قال : فستة وعشرون دينارا ، قلت : فأربع؟ قال : فثمانية وعشرون دينارا ، وفي خمس ، ثلاثون ، وما زاد على النصف ، فعلى حساب ذلك حتى تصير علقة ، فإذا صارت علقة ففيها أربعون (1).

وقال أبو شبل : حضرت يونس وأبو عبد اللّه عليه السلام يخبره بالديات إلى أن قال : فإن العلقة صار فيها شبه العرق من لحم؟ قال : اثنان وأربعون العشر (دينارا) قال : فقلت : فإن عشر أربعين أربعة؟ قال : لا ، إنما هو عشر المضغة ، لأنه إنما ذهب عشرها ، فكلما زادت زيد ، حتى تبلغ الستين ، الحديث (2).

« قال دام ظله » : وقيل مع الجهالة ، يستخرج بالقرعة ، لأنه مشكل ، وهو غلط ، لأنه لا إشكال مع النقل.

القائل هو المتأخر ، رجع إلى القول بالقرعة ، بعد منع النقل ، ولا يتوجه عليه الإشكال مع النقل ، لأنه منعه (مانعه خ).

نعم يرد عليه ، أنه رجوع عن خبر إلى خبر ، بلا أولوية (فإن) ادعى عليه الإجماع (قلنا) : هو مكابرة ، ومع تعارض الخبرين ، فالعمل بخبرنا أولى ، لأنه خاص ،

ص: 675


1- الوسائل باب 19 حديث 5 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 239.
2- الوسائل باب 19 قطعة من حديث 6 من أبواب ديات الأعضاء ص 239.

ولو ألقته مباشرة أو تسبيبا فعليها دية ما ألقته ، ولا نصيب لها من الدية.

ولو كان بإفزاع مفزع فالدية عليه. ويستحق دية الجنين وراثه ، ودية جراحاته بنسبة ديته.

ومن أفزع مجامعا فعزل فعليه عشرة دنانير.

ولو عزل عن زوجته اختيارا قيل : يلزمه دية النطفة عشرة دنانير ،

______________________________________________________

ولنذكره هنا.

روى علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس (أو غيره ئل) ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، (في حديث) قال : وإن قتلت المرأة ، وهي حبلى ، فلم يدر أذكرا كان ولدها أو (أم خ) أنثى؟ فدية الولد ، نصف دية الذكر ، ونصف دية الأنثى ودية (ديتها خ) كاملة. (1)

وروى يونس وابن فضال ، قالا : عرضنا كتاب الفرائض عن علي عليه السلام ، على أبي الحسن عليه السلام ، فقال : هو صحيح ، وكان مما فيه : وإن قتلت امرأة وهي حبلى متم ، فلم يسقط ولدها ، ولم يعلم أذكر هو أم أنثى؟ ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها؟ فديته نصفين ، نصف دية الذكر ، ونصف دية الأنثى ، ودية المرأة كاملة بعد ذلك (الحديث) (2).

ومع تسليم هذا النقل ، لا يتوجه على الفتوى سؤال عن الاحتمال وغيره.

« قال دام ظله » : ولو عزل عن زوجته اختيارا ، قيل : يلزمه دية النطفة عشر (عشرة خ) دنانير ، والأشبه الاستحباب.

ص: 676


1- الوسائل باب 21 ذيل حديث 1 من أبواب ديات النفس من كتاب الديات ج 19 ص 169
2- الوسائل باب 19 قطعة من حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 لكن السند ينتهي إلى ظريف بن ناصح ، نعم في الوسائل بعد نقل الحديث ، قال : ورواه الصدوق والشيخ كما مر نحوه.

والأشبه : الاستحباب.

الثاني في الجناية على الحيوان : ولو (من خ) أتلف حيوانا مأكولا كالنعم بالذكاة لزمه الأرش.

وهل لمالكه دفعه والمطالبة بقيمته؟ قال الشيخان : نعم ، والأشبه :

______________________________________________________

والقائل باللزوم هو المفيد ، والشيخ في النهاية ، وأبو الصلاح في الكافي ، وعليه أتباع الشيخ ، وبه رواية ، عن ابن فضال ومحمد بن عيسى ، عن يونس جميعا ، قالا : عرضنا كتاب الفرائض ، عن أمير المؤمنين ، على أبي الحسن عليهما السلام ، فقال : هو صحيح ، وكان مما فيه : في مني الرجل ، يفرغ عن عرسه فيعزل عنها الماء ، ولم يرد ذلك ، نصف خمس المائة ، عشرة دنانير (الحديث) (1).

وفي أخرى ، لا يعزل عن الحرة ، إلا بإذنها ، فإن عزل ، فعليه عشرة دنانير (2).

وقال المتأخر : هذه رواية شاذة ، لا عمل عليها ، فلا دية.

ويؤيد قوله ما رواه ابن بابويه ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن العزل؟ فقال : ذاك إلى الرجل يصرفه حيث شاء (3).

ولقائل أن يقول : جواز العزل لا يدل على سقوط الدية ، وشيخنا يذهب إلى الاستحباب ، حذرا من اطراح الرواية ، وظاهرها يقتضي الوجوب ، وهو الأكثر ، وأما الاعتزال فقد مضى البحث فيه ، في كتاب النكاح.

في الجناية على الحيوان

« قال دام ظله » : وهل لمالكه دفعه ، والمطالبة بقيمته؟ قال الشيخان : نعم.

أقول : ربما كان نظرهما إلى أنه أتلف المقصود الأهم منه ، فالنظر إلى صاحبه ،

ص: 677


1- الوسائل باب 19 قطعة من حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 238.
2- راجع الوسائل باب 19 حديث 1 من أبواب ديات الأعضاء ج 19 ص 238.
3- الوسائل باب 75 حديث 1 من أبواب مقدمات النكاح ج 14 ص 105.

لا ، لأنه إتلاف لبعض منافعه فيضمن التالف ، ولو أتلفه لا بالذكاة لزمته قيمته يوم إتلافه.

ولو قطع بعض جوارحه أو كسر شيئا من عظامه فللمالك الأرش.

وإن كان مما لا يؤكل ويقع عليه الذكاة كالأسد والنمر ضمن أرشه.

وكذا في قطع أعضائه مع استقرار حياته.

ولو أتلفه لا بالذكاة ضمن قيمته حيا ، ولو كان مما لا يقع عليه الذكاة كالكلب والخنزير.

ففي كلب الصيد أربعون درهما ، وفي رواية السكوني : يقوم.

وكذا كلب الغنم وكلب الحائط ، والأول أشهر.

______________________________________________________

كأنه أتلف الكل.

وقال شيخنا : ليس له ذلك ، لأن المتلف بعض المنافع ، فلا يضمن إلا ذلك القدر ، لأن موجب البعض لا يوجب الكل ، وهو قوي ، وعليه المتأخر.

« قال دام ظله » : ففي كلب الصيد ، أربعون درهما ، وفي رواية السكوني : يقوم ، وكذا كلب الغنم وكلب الحائط ، والأول أشهر ، إلى آخره.

روى ابن أبي عمير (1) ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وأبي عمير ، عن أحدهما عليهما السلام ، إن دية الكلب السلوقي أربعون درهما ، جعل ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

ص: 678


1- كان هذا السند تلفيق من سندين ، (أحدهما) ما رواه ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، الوسائل باب 19 حديث 1 من أبواب ديات النفس (ثانيهما) ما رواه علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، الوسائل باب 19 حديث 2 منها ج 19 ص 167.

وفي كلب الغنم كبش.

وقيل : عشرون درهما.

وكذا قيل في كلب الحائط ، ولا أعرف الوجه.

وفي كلب الزرع قفيز من بر.

______________________________________________________

وفي رواية أبي بصير ، ودية كلب الغنم كبش ، ودية كلب الزرع جريب من بر ، ودية كلب الأهل قفيز من تراب أهله.

فالشيخان اقتصرا على مورد النص ، وخصا الدية بالسلوقي ، وسلوق قرية باليمن ، أكثر كلابها معلمة.

والذي يظهر ، أن المراد من السلوقي في الرواية ، كلاب الصيد كلها ، سلوقية كانت أو غيرها ، ونسبت إليها للغلبة ، وهو اختيار ابن بابويه والمتأخر وشيخنا ، ولعل مراد الشيخين أيضا كلب الصيد.

فأما ما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ، في من قتل كلب الصيد ، قال : يقومه ، وكذا البازي ، وكذا كلب الغنم وكلب الحائط (1).

فلا تعارض الأولى لضعفها وقلة استعمالها.

فأما كلب الغنم على ما اختاره ، فمستنده رواية أبي بصير (2).

وقال الشيخان : فيه عشرون درهما ، واختاره ابن بابويه في المقنع وسلار.

والمستند رواية ابن فضال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).

ص: 679


1- الوسائل باب 19 حديث 3 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 167.
2- الوسائل باب 19 حديث 2 من أبواب ديات النفس ج 19 ص 167.
3- راجع الوسائل باب 19 حديث 4 من أبواب ديات النفس.

ولا يضمن المسلم ما عدا ذلك.

وأما ما يملكه الذمي كالخنزير فالمتلف يضمن قيمته عند مستحليه ، وفي الجناية على أطرافه الأرش ، ويشترط في ضمانه استتار الذمي به.

مسائل

(الأولى) قيل : قضى علي عليه السلام في بعير بين أربعة ، عقله أحدهم فوقع في بئر فانكسر : أن على الشركاء حصته ، لأنه حفظه وضيع الباقون (1) وهو حكم في واقعة فلا تعدى (يعدى).

(الثانية) في جنين البهيمة عشر قيمتها ، وفي عين الدابة ربع قيمتها.

______________________________________________________

وكذا قال الشيخان وسلار في الحائط ، وما وقفت على المستند.

وإذا تقرر هذا فقال الشيخ وشيخنا : ليس فيما عدا ما ذكرناه شئ ، وقال ابن بابويه (في المقنع خ) فيه زنبيل (قفيز خ) من تراب ، ولعله أخذه من رواية أبي بصير (2).

« قال دام ظله » : قيل : قضى علي عليه السلام ، في بعير بين أربعة ، إلى آخره.

القائل هو الشيخ والمتأخر ، والرواية ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى علي عليه السلام ، في أربعة أنفس شركاء في بعير ، فعقله أحدهم ، فانطلق البعير ، يعبث بعقاله فتردى فانكسر ، فقال أصحابه للذي عقله : أغرم لنا بعيرنا ، قال : فقضى بينهم أن يغرموا له حظه من أجل أنه أوثق حظه

ص: 680


1- الوسائل باب 38 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ، ج 19 ص 207.
2- وفيها : ودية كلب الأهل قفيز من تراب لأهله ، وفي خبر ابن فضال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ودية الكلب الذي ليس للصيد ، ولا للماشية زنبيل من تراب ، على القاتل أن يعطي ، وعلى صاحبه أن يقبل ، راجع الوسائل باب 19 حديث 2 و 4 من أبواب ديات النفس ج 16 ص 168.

(الثالثة) روى السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال : كان لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويضمن ما أفسدته ليلا (1) والرواية مشهورة ، غير أن في السكوني ضعفا ، والأولى اعتبار التفريط ليلا كان الإفساد أو نهارا.

الثالث في كفارة القتل : تجب كفارة الجمع بقتل العمد ، والمرتبة بقتل الخطأ مع المباشرة دون التسبيب ، فلو طرح حجرا في ملك غيره أو سابلة فهلك به عاثر ضمن الدية ولا كفارة ، وتجب بقتل المسلم ذكرا كان أو أنثى صبيا أو مجنونا ، حرا أو عبدا ، ولو كان في ملك القاتل.

______________________________________________________

فذهب بعضهم بحظه منه (2).

والرواية حكاية حال ، فالأولى أن لا تتعدى.

« قال دام ظله » : روى السكوني عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) إلى آخره.

هذه رواها في التهذيب ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام ، قال : كان علي عليه السلام ، لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ، ويقول : على صاحب الزرع أن يحفظ (حفظ ئل) زرعه ، وكان يضمن ما أفسدت البهائم ليلا (3).

وأفتى عليها في النهاية ، وكذا أتباعه ، وكذا المتأخر ، وما أعرف لها رادا.

وربما كان الوجه أن في النهار جرت العادة بحفظ صاحب الزرع زرعه على الأغلب ، فإذا أخل به فيكون التفريط منه ، وبالليل يلزم صاحب البهيمة إمساكها ، فمع الإرسال أو الإخلال به ، فالتفريط منه ، فيكون ضامنا.

ص: 681


1- الوسائل باب 40 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان ج 19 ص 208.
2- الوسائل باب 39 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان من كتاب الديات ج 19 ص 207.
3- الوسائل باب 40 حديث 1 من أبواب موجبات الضمان.

وكذا تجب بقتل الجنين إن ولجته الروح ، ولا تجب قبل ذلك.

ولا تجب بقتل الكافر ذميا كان أو معاهدا.

ولو قتل المسلم مثله في دار الحرب عالما لا لضرورة فعليه القود والكفارة ، ولو ظنه حربيا فلا دية وعليه الكفارة.

الرابع في العاقلة : والنظر في المحل وكيفية التقسيط واللواحق.

أما المحل : فالعصبة والمعتق وضامن الجريرة والإمام.

والعصبة : من تقرب إلى الميت بالأبوين أو بالأب كالأخوة وأولادهم ، والعمومة وأولادهم ، والأجداد وإن علوا.

______________________________________________________

في العاقلة

« قال دام ظله » : الرابع في العاقلة.

لما اختلف في تفسير العاقلة ، فأحببت ذكرها ، اقتداء بالفقهيات ، العقل في اللغة الدية ، قيل : سميت العاقلة بها ، لأنها تحمل الدية.

وقيل : العقل المنع ، وسميت العاقلة بها ، لأنها تمنع القتل ، وأصل ذلك (أن خ) في الجاهلية كانت العشيرة تمنع القتل عن القائل بالسيف ، فسميت عاقلة.

وقيل : العقل الشد ، وسميت العاقلة بها ، لأنها تشد البعير بفناء ولي المقتول ، والأول أقرب.

واختلف فقهاؤنا في العاقلة من هم؟ قال الشيخ في النهاية : هم الذين يرثون القاتل لو قتل.

وهو ممنوع ، فإن الدية يرثها الذكر والأنثى ، والزوج والزوجة ، ويختص بها الأقرب فالأقرب ، كما في الأموال ، وليس كذا العقل ، فإنه يختص به العصبة من الذكور ، دون من يتقرب بالأم ، ودون الزوجين.

ص: 682

______________________________________________________

وقال في الخلاف (1) : العاقلة كل عصبة غير الوالدين والمولودين ، وهو الإخوة وأبناؤهم من جهة الأب والأم ، أو من جهة الأب والأعمام وأبنائهم والموالي.

وقال المفيد : هم عصبة الرجال دون النساء ، ولا يؤخذ من إخوته لأمه شئ (2).

وكان ابن بابويه يشرك من تقرب (بالأم مع من يتقرب بالأب والأم خ) كالأب والأم أو بالأب.

وهو استناد إلى ما رواه (الحسن خ) بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل ، قال : أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل قد قتل رجلا خطأ ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ، من عشيرتك وقرابتك؟ فقال : مالي بهذا البلد عشيرة ولا قرابة ، قال : فقال : فمن أي البلدان أنت؟ قال : أنا رجل من أهل الموصل ولدت بها ، ولي بها قرابة وأهل بيت ، قال : فسأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام ، فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة ، قال : فكتب إلى عامله على الموصل : أما بعد فإن فلان بن فلان ، وحليته كذا وكذا قتل رجلا من المسلمين خطأ ، فذكر أنه رجل من أهل الموصل ، وإن له بها قرابة وأهل بيت ، وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان وحليته كذا وكذا ، فإذا ورد عليك إن شاء اللّه وقرأت كتابي ، فافحص عن أمره وسل عن قرابته من المسلمين ، فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها ، وأصبت له قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك ، ثم انظر فإن كان رجل منهم يرثه ، له سهم في الكتاب ، لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته ، فالزمه الدية وخذه بها نجوما

ص: 683


1- عبارة الخلاف هكذا : مسألة 98 ، العاقلة كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين (المولدين خ) وهم الإخوة وأبناؤهم إذا كانوا من جهة أب وأم أو من جهة أب والأعمام وأبنائهم وأعمام الأب وأبنائهم والموالي (انتهى) ج 2 الطبع الحجري ص 157.
2- ص 115 الطبع الحجري باب القضاء في الديات والقصاص وزاد : ولا من أخواله.

وقيل : هم الذين يرثون دية القاتل لو قتل ، والأول أظهر.

ومن الأصحاب من يشرك (شرك خ) بين من تقرب (يتقرب خ) بالأم مع من يتقرب بالأب والأم أو بالأب ، وهو استناد إلى رواية سلمة بن كهيل (1) وفيه ضعف

ويدخل الآباء والأولاد في العقل على الأشبه. ولا يشركهم القاتل.

ولا تعقل المرأة ولا الصبي ولا المجنون وإن ورثوا من الدية.

وتحمل العاقلة دية الموضحة فما فوقها اتفاقا.

وفيما دون الموضحة قولان ، المروي : أنها لا تحمله ، غير أن في الرواية ضعفا.

______________________________________________________

في ثلاث سنين ، فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب ، وكانوا قرابته سواء في النسب ، وكان له قرابة من قبل أبيه وأمه سواء في النسب ففض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ، ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين ، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل أمه ، ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد ونشأ بها ، ولا تدخلن (ولا تدخل خ) فيهم غيرهم من أهل البلد ، الحديث (2) وفي سلمة بن كهيل كلام.

« قال دام ظله » : ويدخل الآباء والأولاد في العقل ، على الأشبه.

قوله : (على الأشبه) تنبيه على ما ذكره الشيخ في الخلاف والمبسوط ، أنهما لا يدخلان ، وعلى تعريفه العاقلة في النهاية يلزم الدخول ، وهو أكثر ، وذهب إليه شيخنا والمتأخر.

« قال دام ظله » : وفيما دون الموضحة قولان ، المروي أنها لا تحمله غير أن في الرواية ضعفا.

ص: 684


1- لاحظ الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب العاقلة ، ج 19 ص 301.
2- الوسائل باب 2 حديث 1 من أبواب العاقلة ، فراجع ج 19 ص 301.

وإذا لم تكن عاقلة من قومه ولا ضامن جريرة ضمن الإمام جنايته.

وجناية الذمي في ماله وإن كانت خطأ ، فإن لم يكن له مال فعاقلته الإمام عليه السلام لأنه يؤدي إليه ضريبته ، فلا يعقله قومه.

وأما كيفية التقسيط : فقد تردد فيه الشيخ ، والوجه وقوفه على رأي الإمام عليه السلام أو من نصبه للحكومة بحسب ما يراه من أحوال العاقلة.

ويبدأ بالتقسيط على الأقرب ، ويؤجلها عليهم على ما سلف.

وأما اللواحق فمسائل :

(الأولى) لو قتل الأب ولده عمدا دفعت الدية منه إلى الوارث ،

______________________________________________________

هذه رواها أبو مريم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى علي عليه السلام ، أن لا يحمل على العاقلة ، إلا الموضحة فصاعدا (الحديث) (1).

وفي طريقها ابن فضال ، فضعفها منه ، وهو اختيار الشيخ في النهاية.

وقال في الخلاف : تحمل العاقلة قدر جنايته ، قليلا كان أو كثيرا.

« قال دام ظله » : وأما كيفية التقسيط ، فقد تردد فيه الشيخ.

إنما قال : (تردد فيه الشيخ) لأنه ذهب في الخلاف إلى أنه الموسر عليه نصف دينار ، والمتوسط ربع دينار ، يوزع على الأقرب فالأقرب ، وقال في المبسوط : لا يقدر ذلك ، بل يقسم الإمام على ما يراه.

وهو مقتضى مذهبنا ، واختاره شيخنا دام ظله.

ص: 685


1- الوسائل باب 5 حديث 1 من أبواب العاقلة ، وتمامه : وما دون السمحاق أجر الطبيب سوى الدية ص 304.

ولا نصيب للأب منها ، ولو لم يكن وارث فهي للإمام عليه السلام ، ولو قتله خطأ فالدية على العاقلة ويرثها الوارث.

وفي توريث الأب قولان ، أشبههما : أنه لا يرث ، ولو لم يكن له وارث سوى العاقلة ، فإن قلنا : الأب لا يرث فلا دية ، وإن قلنا : يرث ففي أخذه الدية (له خ) من العاقلة تردد.

(الثانية) لا تعقل العاقلة عمدا ولا إقرارا ولا صلحا ولا جناية الإنسان على نفسه.

ولا يعقل المولى عبدا قنا كان أو مدبرا أو أم ولد على الأظهر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي توريث الأب ، قولان ، أشبههما أنه لا يرث.

هذا البحث مبني على أن القاتل هل يرث أم لا؟ وقد بيناه في كتاب الميراث ، ويرد الإشكال على من يقول : إنه يرث ، ومنشأه أنه يقتل ويأخذ الدية من الغير ، وهو بعيد.

« قال دام ظله » : ولا يعقل المولى عبدا ، قنا كان أو مدبرا أو أم ولد ، على الأظهر.

قد بينا أن جناية العبد تتعلق برقبته ، إن كان عمدا يقتص منه ، والخطأ يباع فيه أو يسترق ، إلا أن يفكه (يفتكه خ) مولاه ، وكذا المدبر والمكاتب المشترط ، لأنهما في حكم العبد (العبيد خ) وبه روايات.

(منها) ما رواه هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن مدبر قتل رجلا عمدا؟ قال : يقتل به ، قال : قلت : فإن قتله خطأ؟ قال : فقال : يدفع إلى أولياء المقتول ، فيكون لهم رقا ، فإن شاؤوا باعوا ، وإن شاؤوا استرقوا ، وليس لهم أن يقتلوه ، قال : ثم قال : يا أبا محمد إن المدبر مملوك (1).

ص: 686


1- الوسائل باب 43 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس من كتاب القصاص.

______________________________________________________

وروى إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في مكاتب قتل رجلا خطأ ، قال ، عليه ديته بقدر ما أعتق ، وعلى مولاه ما بقي من قيمة المملوك ، فإن عجز المكاتب ، فلا عاقلة له ، إنما ذلك على إمام المسلمين (1).

فأما أم الولد ، فقال في التهذيب : جنايتها خطأ محضا تلزم مولاها ، وبه يشهد ما رواه مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : أم الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها ، وما كان في حقوق اللّه عزوجل في الحدود ، فإن ذلك في بدنها ، قال : ويقاص منها للمالك (للمماليك خ) (الحديث) (2).

وذهب في المبسوط إلى أن لا عاقلة لها ، وهو أظهر بين الأصحاب ، وأشبه ، لأنها مملوكة.

وحيث انتهى ما أردنا بيانه ، ونجز ما قصدنا تبيانه فلنقطع الكلام حامدين لرب العالمين ، ومصلين على سيد الأنبياء والمرسلين ، وخاتم النبيين والوصيين.

ثم أعلم أيها المستفيد إني قد أخذت في تعليق هذه الأوراق ، بإلحاح بعض الأحباء ، الخلصاء ، وكنت على جناح السفر والتهيؤ ، للرجوع إلى الحضر ، داخلا في سلك المشتغلين ، مترددا إلى العلماء المبرزين ، حرصا على أن أتفكه بثمار العلوم ، وشوقا إلى أن أتلذذ منها بالفنون ، نظرا إلى المثوبة الأبدية ، وتنزها عن الصفات البهيمية ، فكنت كما قال القائل :

وما رأيه في عسجد يستفيده *** ولكنه في مفخر يستجده

فلا جرم ضاق الوقت عن هذا المقصد فأبرزته على الاستعجال وجزت فيه على

ص: 687


1- الوسائل باب 12 حديث 1 من أبواب العاقلة من كتاب الديات.
2- الوسائل باب 43 حديث 1 من أبواب القصاص في النفس من كتاب القصاص وتمامه ، ولا قصاص بين الحر والعبد ، ج 19 ص 76.

(الثالثة) لا تعقل العاقلة بهيمة له ولا إتلاف مال ، ويختص ضمانها بالجناية على الأدمي فحسب.

فهذا ما أردنا ذكره ، وقصدنا حصره ، مختصرين مطوله ، مجردين محصله ، ونسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا ممن شكر بلطفه وكرمه وعلمه ، وغفر بفضله وسعة رحمته زلله.

______________________________________________________

سبيل الاقتصار.

فإن وقع فيه زلل ، أو بان فيه خلل ، فلتكن تنظر بعين الرضا ذاكرا لقوله عزو علا : ( ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) (1).

هذا وعهدي مع اللّه سبحانه إن تمكنت في وطن يخلو الشر (2) أشرع في

دستور يتضمن شرح الكتابين (3) ويجوز (يحرز خ) سبق

القصب إلى ميدانين (الميدانين خ) (في الميدانين خ)

فقل مخلصا : اللّهم سهل ووفق يا رب العالمين ، آمين

واتفق فراغ مصنفه (وقع الفراغ من تنميقه خ)

في سنة اثنين وسبعين وستمائة

تمت بحمد اللّه.

ص: 688


1- النساء - 82.
2- في بعض النسخ : في وطن خلو السر ، وفي بعض أخرى : في وطن حلو السر.
3- يعني الشرائع ومختصره (ظاهرا).

فهرس ما في المجلّد الثاني من « كشف الرموز »

كتاب الصلح

في مشروعية الصلح مطلقا وأنه عقد لازم مطلقا... 4

حكم ما لو كان بيد أحدهما درهمان وادعى الكل ، والاخر هما بيني وبينك... 5

حكم ما لو كان لواحد ثوب بعشرين وللآخر ثوب بثلاثين واشتبها... 5

حكم ما لو ظهر استحقاق أحد العوضين... 5

كتاب الشركة

بيان أنواع الشركة عند الفقهاء وما يصح منها... 8

حكم ما لو شرط لاحدهما زيادة في الربح... 9

لزوم الاقتصار في التصرف على ما يتناوله الاذن... 10

جواز عقد الشركة من الطرفين... 10

عدم الضمان على أحد الشركاء مالم يكن متعديا... 10

عدم صحة الشركة مؤجلة... 10

كراهة مشاركة الذمي وإبضاعه وإيداعه... 10

كتاب المضاربة

بيان حد المضاربة وعدم لزوم اشتراط الاجل... 12

ص: 689

حكم ما لو شرط للعامل جميع الربح... 12

حكم إنفاق العامل نفقته من الاصل... 13

حكم ما لو اشترى في الذمة... 14

لزوم العمل بالشرط على العامل... 14

شروط مال المضاربة... 14

حكم مشاهدة رأس المال وأنها هل تكفي؟... 14

حكم ما لو اختلفا في قدر رأس المال... 14

يملك المالك نصيبه من الربح بالظهور مطلقا... 14

عدم الضمان على العامل إلا بالتعدي... 14

قبول قول العامل في التلف دون الرد... 15

حكم ما لو اشترى العامل أباه... 15

حكم ما لو فسخ المالك في أثناء المدة... 15

حكم ما لو ضمن صاحب المال العامل... 15

حكم وطء المضارب جارية القراض... 16

كتاب المزارعة والمساقاة

بيان حد المزارعة... 18

شروط المزارعة... 18

عدم لزوم المباشرة في الزراعة على القابل... 18

خراج الارض على صاحبها... 18

جواز التخريص على الزارع... 18

ثبوت اجرة المثل مع بطلان المزارعة... 18

حكم إجارة الارض بأكثر مما استأجرها... 19

بيان حد المساقاة

ص: 690

عدم بطلان المساقاة بموت أحدهما... 20

صحة المساقاة على كل أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه... 21

لزوم العمل بما فيه مستزاد الثمرة... 21

حكم اشتراط المالك مع الحصة شيئا... 21

كتاب الوديعة والعارية

بيان حد الوديعة... 24

جوازها من الطرفين... 24

بيان ما هو وظيفة الودعي... 24

عدم ضمان الودعي لو قهره ظالم... 24

حكم ما لو جهل الودعي المالك... 25

حكم ما لو اختلطت بمال الودع... 25

حكم ما لو اختلفا في مال هل هو وديعة أم لا... 25

حكم ما لو اختلفا في القيمة... 26

حكم ما لو اختلفا في الرد وحكم موت المودع... 27

بيان حد العارية... 27

شرائط المعير والمستعير... 27

جواز انتفاع المستعير بما جرت العادة به... 27

بيان ما يصح إعارته... 27

لو اختلفا في التفريط أو الرد أو القيمة... 27

حكم ما لو استعار ورهن من غير إذن المالك... 28

كتاب الاجارة

بيان حد الاجارة... 30

هل تبطل بالموت؟... 30

ص: 691

ما يصح إجارته... 31

جواز إجارة المشاع... 31

شرائطها... 31

عدم صحة إجارة الآبق... 33

عدم ضمان صاحب الحمام الثياب... 33

حكم ما لو تنازعا في الاستئجار أورد العين أو قدر المستأجر أو قدر الاجرة... 33

ثبوت اجرة المثل فيما لو بطلت الاجارة... 33

حكم ما لو اختلفا في قيمة الدابة أو أرش نفصها... 33

استحباب مقاطعة من يستعمله على الاجرة... 34

كتاب الوكالة

بيان حد الوكالة... 36

من شرائطها التنجيز... 36

عدم انعزال الوكيل مالم يعلم العزل... 36

حكم ما لو باع الوكيل بثمن فأنكر الموكل... 37

ما تصح فيه الوكالة... 38

شرائط الموكل والوكيل... 39

هل تصح وكالة المسلم للذمي؟... 40

الذمي يتوكل على الذمي للمسلم والذمي... 41

لو اختلفا في الوكالة أو في العزل أو التلف أو الرد... 41

حكم ما لو زوجه مدعيا للوكالة فأنكره... 42

كتاب الوقوف والصدقات والهبات

بيان حد الوقوف وبيان صيغته... 44

اعتبار القبض وما يتفرع عليه... 44

ص: 692

شروط الوقف... 44

حكم ما لو جعل الوقف لمن ينقرض... 45

ما يشترط في الموقوف والواقف... 46

حكم وقف من بلغ عشرا... 47

حكم ما لون شرط الواقف عود الوقف عند الحاجة... 47

ما يشترط في الموقوف عليه... 47

حكم الوقف على من سيؤجل أو على موجود وعلى من يؤجل... 48

ما يصح الوقف عليه وحكم ما لو وقف على الكافر... 48

لو وقف على المؤمنين فمن المراد منهم؟... 48

حكم ما لو وقف على الشيعة أو الزيدية أو ... الخ... 49

لو وقف على قومه... 50

لو وقف على الجيران... 51

حكم ما لو وقف على مصلحة فبطلت... 51

حكم ما لو اطلق الوقف واقبض... 51

في اللواحق

(1) لو وقف في سبيل اللّه... 52

(2) لو وقف على مواليه... 52

(3) لو وقف على أولاده... 52

(4) لو وقف على الفقراء... 52

(5) لا يجوز اخراج الوقف عن شرطه... 52

(6) إطلاق الوقف يقتضي التسوية... 53

(7) إذا وقف على الفقراء وكان منهم... 53

مسائل السكنى والعمرى

فائدتهما... 53

ص: 693

حكم ما لو قال : عمرك أو حياة المالك أو أطلق... 54

يسكن الساكن من جرت العادة به... 54

عدم بطلان السكنى ببيع المالك... 54

جواز حبس الحيوانات في سبيل اللّه... 55

بيان حد الصدقة وجملة من أحكامها... 55

حرمة مفروض الصدقة على بني هاشم... 55

صدقة السر أفضل... 55

بيان حد الهبة واحتياجها إلى الايجاب والقبول... 55

جواز هبة المشاع... 55

عدم جواز الرجوع في هبة ذي الرحم... 55

حكم الرجوع في هبة أحد الزوجين للآخر... 56

حكم الرجوع فيها مع التصرف... 56

كتاب السبق والرماية

معنى قوله عليه السلام « لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر » ... 62

حكم لزومهما وصحة كون السبق عينا « أو دينا » ... 62

جواز كون السبق من غير المتسابقين... 62

جواز جعل السبق للسابق أو المحلل... 63

اشتراط تقدير المسافة في السبق وهل يعتبر التساوي؟... 63

شروط المراماة... 63

هل يشترط المبادرة والمحاظة؟... 63

كتاب الوصايا

بيان حد الوصية وافتقارها إلى الايجاب والقبول... 66

حكم ما يوجد بخط الميت... 66

ص: 694

عدم جواز الوصية في معصية... 67

شرائط الموصي... 67

حكم وصية من بلغ عشرا... 67

حكم ما لو جرح نفسه... 70

اشتراط وجود الموصى له... 70

صحة الوصية للوارث والاجنبي والذمي... 70

عدم صحة الوصية للحربي والمملوك... 71

إذا أوصى لمملوكه... 72

إذا أعتقه عند موته... 73

إذا أوصى لام ولده... 75

إطلاق الوصية يقتضي التسوية... 76

إذا أوصى لقرابته... 76

إذا أوصى لاهل بيته أو الجيران أو العشيرة ... إلخ... 77

حكم ما لو مات الموصى له قبل الموصي... 77

يعتبر في الاوصياء التكليف والاسلام... 78

هل تعتبر العدالة أم لا؟... 79

صحة جعل الصبي وصيا « منضما » إلى كامل... 79

عدم صحة وصية المسلم إلى الكافر... 80

صحة الوصية إلى المرأة... 80

حكم ما لو أوصى إلى اثنين... 80

للموصي تغيير الوصية... 80

لو مات الموصي قبل بلوغه... 80

جواز استبدال الوصي إذا خان... 80

عدم ضمان الوصي إلا مع التعدي... 80

ص: 695

يجوز للوصي استيفاء دينه وتقويم مال اليتيم على نفسه والاقتراض من مال الوصاية إذا كان مليا 80

يجوز للوصي أخذ اجرة مثل عمله... 80

حكم وصية الوصي إلى غيره... 81

الحاكم ولي تركة من لاوصي له... 82

يعتبر في الموصى به الملك... 82

يوصي بالثلث فما نقص وحكم ما لو أوصى بالزيادة عنه... 82

صحة الوصية بالمضاربة بمال ولده الصغار... 83

حكم ما لو أوصى بجزء من ماله... 84

حكم ما لو أوصى بسهم... 85

حكم ما لو أوصى بوجوه فنسي الوصي بعضها... 86

حكم ما لو أوصى بسيف في جفن أو صندوق فيه مال أو سفينة فيها طعام... 87

عدم جواز إخراج الولد من الارث بالوصية... 88

حكم ما لو عقب الوصية بمضادها... 89

ما تثبت به الوصية... 89

حكم ما لو أشهد عبديه على كون حمل المملوكة منه... 89

عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصي فيه... 89

لو أوصى بعتق عبده وليس له غيره... 89

لو أوصى بعتق رقبة يكفيه عتق مطلق الرقبة... 90

لو أوصى بعتق رقبة بثمن معين... 90

حكم تصرفات المريض أو إقراره... 90

أرش الجراح ودية النفس بحكم التركة... 90

ص: 696

كتاب النكاح

النكاح الدائم

كيفية صيغة عقد النكاح... 96

عدم اعتبار تقديم الايجاب وعدم إجزاء الترجمة ... إلخ... 99

مسائل

(1) لاحكم لعبارة الصبي... 99

(2) لا يشترط حضور شاهدين... 100

(3) لو ادعى زوجية امرأة وادعت اختها زوجيته... 101

(4) لو زوج واحدة من بناته ولم يسمها... 102

آداب العقد... 103

آداب الخلوة... 103

مسائل

(1) جواز النظر إلى امرأة يريد نكاحها... 104

(2) حكم الوطء في الدبر... 104

(3) حكم العزل... 107

(4) عدم جواز الدخول بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين... 108

(5) عدم جواز ترك وطء المرأة أكثر من أربعة أشهر... 109

(6) يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا... 109

(7) حكم ما لو دخل بالصبية قبل أن تبلغ تسعا... 109

أولياء العقد

لا ولاية لغير الاب والجد للأب والوصي والمولى والحاكم... 109

لا يشترط في ولاية الجد بقاء الاب... 110

لاخيار للصبية مع البلوغ... 111

ص: 697

ثبوت ولاية الاب والجد على البالغ الفاسد العقل... 112

الثيب تزوج نفسها... 112

حكم ولايتهما على البكر البالغة... 112

سقوط ولاية الولي لو عضلها... 113

حكم ما لو زوج الصغير غير الاب... 113

للمولى أن يزوج المملوكة... 113

لا يزوج الوصي إلا من بلغ فاسد العقل... 113

مسائل

(1) الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه... 117

(2) النكاح يقف على الاجارة... 118

(3) لا تنكح الامة إلا بإذن المولى... 118

(4) حكم ما لو زوج الابوان الصغيرين... 119

(5) حكم ما لو زوجها الأخوان برجلين... 119

(6) لا ولاية للام... 120

يستحب للمرأة أن تستأذن أباها مطلقا... 121

أسباب التحريم

1 - النسب ، وهو سبع... 121

2 - الرضاع وشرائطه... 121

ما يستحب أن يتخير للرضاع وما يكره... 125

مسائل

(1) ما يترتب على مالو كملت شرائط الرضاع... 126

(2) لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن... 126

(3) لو تزوج رضيعة فأرضعتها امرأته... 128

3 - المصاهرة وما يحرم منها وبسببها... 129

ص: 698

تحرم اخت الزوجة جمعا لاعينا وبنت اختها وبنت أخيها من دون إذنها... 130

حكم ما لو بادر على تزويج بنت الاخ أو الاخت... 131

هل يترتب على وطء الشبهة ما يترتب على المصاهرة؟... 133

حكم زنا الزوجة هل تحرم على زوجها؟... 133

هل ينشر الزنا حرمة المصاهرة؟... 134

حرمة بنتي العمة أو الخالة لوزني بامهما... 135

حكم التحريم باللمس والنظر... 136

مسائل

(1) لو ملك اختين فوطأ واحدة... 138

(2) يكره أن يعقد الحر على الامة... 139

(3) لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين... 140

(4) لايجوز نكاح الامة على الحرة... 140

(5) لايحل العقد على ذات البعل... 142

(6) من تزوج امرأة في عدتها... 142

4 - استيفاء العدد وهو أربع في الجملة ، وجملة من فروعه... 143

5 - اللعان... 146

حكم تزويج الكتابية... 146

6 - الكفر ، لايجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعا... 146(ش)

حكم تزويج المجوسية... 148

حكم مالو ارتد أحد الزوجين... 148

مسائل سبع

(1) التساوي في الاسلام شرط ، وحكم اشتراط التساوي في الايمان... 150

لايشترط التساوي في القبيلة مطلقا... 151

حكم إجابة الخاطب... 151

ص: 699

كراهة تزويج الفاسق خصوصا شارب الخمر... 151

(2) لو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها... 152

(3) لو تزوج امرأة ثم علم أنها كانت زنت... 152

(4) يحرم التعريض بالخطبة لذات البعل... 153

(5) اذا خطب فأجابت كره لغيره خطبتها... 153

(6) نكاح الشغار باطل... 153

(7) يكره العقد على القابلة الربية وبنتها... 153

النكاح المنقطع

(1) كيفية صيغته... 154

(2) ما يعتبر في الزوجة المتمتع بها وجوبا واستحبابا... 154

(3) اشتراط ذكر المهروما يكفي فيه... 154

(4) ذكر الاجل وما يعتبر فيه... 155

أحكامه

(1) الاخلال بذكر المهر مبطل للعقد... 156

(2) حكم الشروط قبل العقد وفيه... 156

(3) جواز اشتراطها ليلا ونهارا... 156

(4) لا تصح بالمتعة طلاق ، وحكم اللعان والظهار... 156

لايثبت بالمتعة ميراث... 157

عدتها لو انقضى أجلها... 159

عدم جواز تجديدها قبل انقضاء الاجل... 159

نكاح الاماء

اشتراط إذن المولى وحكم الفضولي... 161

ولد المملوكين رق لمولا هما... 162

حكم ما لو كان أحد الابوين حرا... 162

ص: 700

حكم ما لو تزوج الحرأمة من غير إذن مالكها... 163

حكم ما لو ادعت الحرية فتزوجها على ذلك... 163

لامهر للحرة التي تزوجت عبدا مع العلم... 164

اشتراء نصيب أحد الشريكين من زوجته مبطل للعقد... 164

حكم ما لو أمضى الشريك العقد... 165

حكم ما لو هايأها مولاها على الزمان... 165

يستحب لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا... 166

الطوارئ

العتق وما يتفرع عليه... 166

البيع وما يتفرع عليه... 170

الطلاق وما يتفرع عليه... 171

النكاح بالملك

لاحصر في النكاح بالملك... 171

جواز ابتياع ذوات الازواج من أهل الحرب... 171

كيفية الصيغة في ملك المنفعة... 171

عدم جوازه بلفظ العارية... 172

حكم تحليل أمته لمملوكه... 172

عدم صحة تحليل نفسها لمن ملك بعضها... 173

يستبيح ما يتناوله اللفظ... 173

ولد المحللة حر وحكم اشتراط الحرية... 173

جواز وطء الامة وفي البيت غيره ... إلخ... 175

النظر في امور خمسة

1 - في العيوب

عيوب الرجل أربعة وعيوب المرأة سبعة يجوز معها الفسخ... 175

ص: 701

عدم ردها بالعور ولا بالزنا ولابالعرج... 177

عدم فسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول وحكم تجدده بعد العقد... 177

الخيار في العيب على الفور... 178

الفسخ فيه ليس طلاقا وعدم افتقاره إلى الحاكم... 178

عدم افتقار الفسخ إلى الحاكم... 178

حكم ما لو فسخ كل واحد منهما قبل الدخول... 178

لو ادعت عننه... 179

جواز صبرها مع العنن... 179

لو تزوجها على أنها حرة فبانت أمه... 179

لو اشترط كونها بنت مهيرة فبان الخلاف... 180

حكم ما لوتزوج اثنان فادخلت امرأة كل واحد على الاخر... 180

حكم ما لو تزوجها بكرا « فوجدها ثيبا » ... 180

2 - في المهر

كل ما يملكه المسلم يكون مهرا... 181

لاتقدير للمهر... 182

تعيين المهر وكيفية تعيينه... 184

لو عقد الذميان على خمر أو خنزير صح... 184

لايجوز عقد المسلم على الخمر... 185

عدم اشتراط ذكر المهر... 185

يعتبر في مهر المثل حالها في الشرف والجمال وفي المتعة حاله... 185

أحكام عشرة

(1) تملك المرأة المهر بالعقد وينتصف بالطلاق وعدم استقراره بالخلوة... 186

(2) حكم ما لو لم يسم لها مهرا « وقدم لها شيئا » قبل الدخول... 188

(3) حكم ما لو طلق قبل الدخول... 189

ص: 702

(4) حكم ما لو أمهرها مدبرة ثم طلق... 189

(5) حكم ما لو أعطاها عوض المهر متاعا ثم طلق... 190

(6) لو شرط في العقد ما يخالف المشروع... 190

(7) لو شرط أن لايخرجها من بلدها... 191

(8) لو اختلف في أصل المهر... 193

(9) يضمن الاب بمهر ولده الصغير... 193

(10) للمرأة أن تمتنع حتى تقبض مهرها... 193

3 - القسم والنشوز والشقاق

بيان محل القسم والواجب منه في الحرة والامة... 193

بيان النشوز وأحكامه... 194

4 - أحكام الاولاد

أقل الحمل ستة أشهر من حين الوطء وبيان أكثره... 195

حكم ما لو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر... 196

لو أنكر الدخول... 196

لو اختلفا في مدة الولادة... 196

لو زنى بامرأة فأحبلها... 196

لو تزوجت بعد عدتها من الطلاق وولدت لدون ستة أشهر... 196

ولد الموطوء بالملك يلحق بالمولى... 196

لايقبل إنكار الولد بعد الاقرار به... 196

حكم ما لو حصل فيه أمارة يغلب معها الظن... 197

حكم ما لو وطأها المشتركون فولدت... 197

عدم جواز نفي الولد لمكان العزل... 197

لو تزوج امرأة لظنه خلوها فبانت محصنة... 197

ما يستحب حين الولادة وبعدها وما يكره... 197

ص: 703

ما يستحب أن يسمى به وما يكره... 197

استحباب حلق رأسه يوم السابع... 197

كراهة القنازع... 198

جملة مما يستحب أو يكره في حق الولد من الاضحية وآدابها... 198

لبن الام أفضل ما رضع ، ولا تجبر الحرة على إرضاع ولدها... 200

للحرة الاجرة على الاب في إرضاعها ، وكذا الخادمة... 200

مدة الرضاع ، والام أحق بإرضاعه لو تطوعت... 200

الحضانة وبيان من هو أحق بها... 200

5 _ في النفقات

وجوب نفقة الزوجة مطلقا بشرط الدوام والتمكين... 202

تستحق المطلقة الرجعية النفقة دون البائن ، وكذا المتوفى عنها زوجها إلا أن تكون حاملا... 202

نفقة الزوجة مقدمة على نفقة الاقارب... 203

وجوب نفقة الابوين والاولاد مع الفقر... 203

وجوب نفقة المملوك على مولاه... 204

كتاب الطلاق

في المطلق وشرائطه... 206

في المطلقة وشرائطها... 207

في الصيغة وكيفيتها... 210

في الاشهاد وما يعتبر في الشاهدين... 213

أقسام الطلاق

طلاق البدعة... 214

ص: 704

طلاق السنة وأنواعه ثلاثة بائن ورجعي وعدي... 215

مسائل

(1) لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثلاثة... 216

(2) يصح طلاق الحامل للسنة... 216

(3) صحة طلاقها في الطهر الذي طلق فيه ثانيا « وثالثا » ... 218

(4) لو طلق غائبا ثم حضره... 219

(5) إذا طلق الغائب وأراد العقد على اختها... 219

اللواحق

يكره الطلاق للمريض... 220

ما يعتبر في المحلل... 220

لو ادعت أنها تزوجت ودخل وطلق... 221

تصح الرجعة نطقا « وفعلا » ، ورجعة الاخرس بالاشارة... 222

في العدد

لاعدة على من لم يدخل بها... 223

عدة مستقيمة الحيض... 223

لاعدة على الصغيرة واليائسة... 225

حد اليأس... 226

عدة الوفاة... 227

حكم المفقود... 227

عدة الاماء بأقسامها... 228

لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج الزوجة من بيته إلا ما خرج... 230

تعتد المطلقة من حين الطلاق... 231

كتاب الخلع والمباراة

كيفية صيغة الخلع... 234

ص: 705

ما صح أن يكون مهرا صح أن يكون فدية... 236

شرائط الخالع والمختلعة... 236

ما يعتبر في عقد الخلع... 237

في اللواحق

لو خالعها والاخلاق ملتئمة... 237

لارجعة للخالع... 237

لو أراد مراجعتها ولم ترجع في البذل... 237

لا توارث بين المختلعين... 237

حكم المباراة... 237

كتاب الظهار

صيغته وشرائطه... 240

هل يقع مع الشرط؟... 241

شرائط المظاهر... 243

مسائل

(1) وجوب الكفارة بالعود... 245

(2) لو طلقها وراجع في العدة... 246

(3) لو ظاهر من أربع بلفظ واحد... 246

(4) جواز الوطء قبل التكفير... 247

(5) حكم ما لو اطلق الظهار... 247

(6) إذا عجز عن الكفارة... 248

(7) مدة التربص... 248

كتاب الإيلاء

عدم انعقاده إلا باسم اللّه سبحانه... 252

ص: 706

ما يعتبر في المولي... 252

حكم ما لو رافعته... 253

حكم ما لو ادعى الزوج الفئة... 253

هل يشترط في ضرب المدة المرافعة... 253

ذكر الكفارات

كفارة الظهار مرتبة ، وكذا كفارة قتل الخطأ... 256

كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان مرتبة... 257

كفارة شهر رمضان والنذر المعين وخلف العهد مرتبة... 258

كفارة اليمين مرتبة ، مخيرة... 259

كفارة قتل المؤمن كفارة الجمع... 259

مسائل ثلاث

(1) من حلف بالبراءة ومن وطأ في الحيض عامدا... 260

(2) في جز المرأة شعر رأسها في المصاب... 262

(3) من نذر صوم يوم معين فعجز... 263

خصال الكفارات

العتق ، الصيام ، الاطعام وشرائطها... 264

مسائل

(1) كسوة الفقير... 266

(2) من عجز عن العتق... 268

(3) لو عجز عن الصوم المتتابع... 268

(4) شروط المكفر... 268

كتاب اللعان

(1) قذف الزوجة بالزنا... 270

ص: 707

(2) إنكار من ولد على فراشه... 270

شرائط الملاعن والملاعنة... 270

هل يعتبر الدخول؟... 273

ثبوت اللعان بين الحر والمملوكة... 273

يصح لعان الحامل... 273

كيفية اللعان... 274

أحكام اللعان

(1) وجوب الحد على الزوج وثبوت الرجم على المرأة... 275

(2) حكم ما لو اعترف الولد في أثناء الحد أو المراة بعد اللعان... 275

(3) لو طلق فادعت الحمل... 277

(4) لو قذفها فماتت قبل اللعان... 277

كتاب العتق

يختص الرق بأهل الحرب... 282

ذكر من يملكه الرجل أو المرأة... 282

هل ينعتق من ينعتق بالنسب؟... 282

حكم ما لو ملك أحد الزوجين صاحبه... 283

أسباب إزالة الرق... 284

صيغة العتق... 285

جواز اشتراط شئ مع العتق... 286

شرائط العتق (بالكسر)... 286

عدم صحة عتق الكافر... 288

جواز اشتراط الخدمة على المعتق (بالفتح)... 288

حكم ما لو أبق ومات المولى... 289

عدم وجوب إجابة المملوك لو طلب العتق... 289

ص: 708

حكم التفريق بين الولد وامه... 289

يستحب عتق من أتى عليه سبع سنين إذا كان مؤمنا... 289

مسائل سبع

(1 و 2) لو نذر تحرير أول مملوك أو أول ما تلده أمته... 289

(3 و 4) لو أعتق بعض مماليكه أو نذر عتق أمته إن وطأها... 290

(5) لو نذر عتق كل عبد قديم... 291

(6) مال المعتق لمولاه... 292

(7) لو أعتق ثلث عبيده... 293

حكم ما لو أعتق الحامل... 296

ما يوجب الانعتاق قهرا... 296

كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد

اللفظ الصريح من التدبير... 300

هل يشترط قصد القربة؟... 300

عدم بطلان التدبير بالحمل من مولاها وحكم الحمل من غيره... 300

أولاد المدبر مدبرون لو كانوا من مملوكة... 302

ما يعتبر في المدبر (بالكسر)... 302

التدبير نوع من الوصية... 302

المدبر رق... 303

الدين مقام على التدبير... 303

بطلان التدبير بالاباق... 303

حكم ما لو جعل خدمة عبده لغيره... 304

أركان المكاتبة... 305

المكاتبة على قسمين... 305

ص: 709

في الاطلاق يتحرر منه بقدر ما أدى وفي المشروطة يرد رقا مع العجز... 305

حد العجز... 305

استحباب الصبر للمولى لو عجز العبد... 305

ما يعتبر في المكاتب (بالكسر)... 306

حكم كتابة المملوك الكافر... 306

ما يعتبر في مال الكتابة... 307

مسائل

(1) لو مات المشروط أو المطلق... 307

حكم ما لو أوصى المكاتب المطلق... 309

(2) ليس للمكاتب التصرف... 309

حكم ما لوزنى المولى بمكاتبته... 309

(3) يجب على المولى إعانته من الزكاة... 309

ما يتحقق به الاستيلاد... 309

لو مات الولد ، وحكم ما لو لم يخلف الميت سواها... 310

كتاب الاقرار

أركانه أربعة :

(1) معنى الاقرار... 314

حكم ما لو قال : لي عليك كذا فقال : نعم... 314

حكم ما لو قال : أنا مقر... 315

حكم ما لو قال : لي عليك كذا فقال : اتزن... 315

(2) شرائط المقر... 315

(3) شرائط المقرله... 315

(4) المقر به... 315

ص: 710

حكم ما لو أقر بألفاظ الكنايات... 316

لواحقه ثلاثة

(1) في الاستثناء وشروطه وأنحائه... 317

(2) في تعقيب الاقرار بما ينافيه... 318

(3) في الاقرار بالنسب وشروطه... 319

كتاب الايمان

(1) ما ينعقد به اليمين... 322

حكم الاستثناء بمشية اللّه... 323

(2) الحالف وما يعتبر فيه... 324

صحة اليمين من الكافر... 324

(3) في متعلق اليمين وما يعتبر فيه... 324

عدم انعقاد اليمين على ترك الراجح أو فعل المرجوح... 325

انعقاد اليمين على المتساوي فعلا وتركا... 325

عدم انعقاد اليمين على ترك التزوج والتسري... 325

عدم انعقاد يمين المرأة على ترك التزوج بعده أو عدم الخروج معه... 325

عدم انعقاد اليمين لو قال لغيره : واللّه لتفعلن كذا... 325

حكم ما لو حلف لغريمه على الاقامة بالبلد وخشي الضرر... 325

عدم انعقاد اليمين لو حلف ليضربن... 325

انحلال اليمين على ممكن قد عجز عنه... 325

حكم ما لو حلف كاذبا على تخليص مؤمن أو أن مماليكه أحرار... 326

كراهة الحلف على القليل وإن كان صادقا... 326

لو حلف أن لا يشرب لبن عنزة له... 326

لو حلف أن لا يمس جارية أعجبته... 327

ص: 711

كتاب النذور والعهود

ما يعتبر في الناذر... 330

حكم نذر الزوجة والمملوك بدون إذن الزوج والمولى... 330

كيفية صيغة النذر... 330(ش)

حكم انعقاد نذر التبرع... 330(ش)

اشتراط النطق بلفظ الجلالة... 332

هل ينعقد النذر بمجرد النية؟... 332

صيغة العهد... 332

ضابط متعلق النذر كونه طاعة لله مقدورا... 333

حكم ما لو قال : لله علي نذر ، أو قربة... 333

حكم ما لو نذر صوم حين أو زمان... 333

حكم ما لو نذر الصدقة بمال كثيرا أو عتق كل عبد قديم له... 334

في اللواحق

(1) لو نذر صوم يوم معين فاتفق السفر أو المرض أو الحيض... 334

لو نذر صوم يوم سفرا « وحضرا » ... 334

لو نذر صوم يرم سفرا وحضرا واتفق يوم عيد... 334

(2) لو لم يعين وقتا أو قيده بوقت أو علقه بشرط... 336

(3) لو نذر الصدقة ونحوها في مكان أو زمان معين... 336

(4) لو علق المتعلق على وجود صفة كانت موجودة قبل النذر... 336

(5) حكم ما لو نذر إن رزق ولدا حج به... 336

(6) حكم ما لو جعل دابته أو جاريته هديا لبيت اللّه... 337

(7) حكم ما لو قال : إن تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر... 337

(8) حكم ما لو نذر الحج فحج عن غيره... 338

ص: 712

(9) حكم ما لو نذر عدم بيع خادمه أبدا... 338

(10) العهد كاليمين... 338

كتاب الصيد والذبائح

يؤكل من الصيد ما قتله السيف ونحوه لو خرق... 342

يؤكل الصيد ما يقتله الكلب المعلم فقط... 342

بيان المراد من المعلم... 342

ما يعتبر في المرسل وبيان كيفية الارسال... 342

اعتبار العلم بأن السهم قتل الصيد... 343

بيان المراد من الصيد... 343

مسائل

(1) لو تقاطعته الكلاب قبل ادراكه... 343

(2) حكم ما لو رماه بسهم فتردى... 343

(3) حكم ما لو قطعه السيف باثنين... 343

(4) لو أدركه وفيه حياة... 345

(5) لو أرسل مسلم وكافر كلبيهما فقتلاه... 347

(6) لورمى صيدا فأصاب غيره... 347

(7) لو كان مالكا جناحه... 347

الذبائح

(1) ما يشترط في الذابح... 347

(2) ما يشترط في الالة... 350

(3) كيفية الذبح... 351

يشترط استقبال القبلة... 352

ص: 713

يشترط نحر الابل وذبح ما عداه... 352

اشتراط التحرك بعد التذكية... 352

هل يعتبر خروج الدم المعتدل؟... 352

ما يستحب عند ذبح الغنم والبقر ونحر الابل... 354

كراهة الذباحة ليلا... 354

حرمة سلخ الذبيحة قبل بردها... 355

يلحق به أحكام

(1) ما يباع في أسواق المسلمين... 355

(2) ما يتعذر ذبحه... 355

(3) ذكاة السمك... 355

(4) ذكاة الجنين... 356

كتاب الاطعمة والاشربة

لايحل من حيوان البحر إلا سمك فيه فلس ، وحكم الجري... 360

حكم ما لو وجدت سمكة في جوف سمكة اخرى... 362

لو اختلط الحي بالميت... 362

ما يحرم من البهائم وما يكره... 363

ما يؤكل من الوحشية ومالا يؤكل... 364

ما يحرم من الطير ومالا يحرم... 366

حرمة الجلال ما لم يستبرئ... 367

البيض تابع في الحل والحرمة... 367

اذا شرب المحلل لبن الخنزيرة أو خمرا... 367

يحرم من الجامد خمسة

الميتات ، ويحل منها مالا تحله الحياة مع طهارة الحيوان... 368

ص: 714

ما يحرم من الذبيحة وهو خمسة... 369

الاعيان النجسة... 370

الطين إلا طين قبر الحسين عليه السلام... 370

السموم قليلها وكثيرها... 371

يحرم من المائعات خمسة

(1 و 2) الخمر والدم... 371

(3) كل مائع لاقته النجاسة... 372

عدم حرمة الجامد بملاقاة النجاسة... 373

جواز بيع الدهن المتنجس للاستصباح... 373

حرمة ما يقطع من الاليات... 373

موت ماله نفس سائلة ينجس دون غيره... 373

(4) أبوال مالا يؤكل لحمه... 373

(5) ألبان الحيوان المحرم... 374

اللواحق سبع

(1) حكم شعر الخنزير... 374

(2) حكم اللحم المشتبه... 374

(3) حرمة أكل مال الغير... 375

(4) حكم بصاق شارب الخمر... 375

(5) حكم ما لو باع ذمي خمرا فأسلم... 376

(6) طهارة الخمر بالانحلال... 376

(7) عدم حرمة الربوبات والاشربة وإن كان فيها رائحة المسكر... 376

كتاب الغصب

تعريف الغصب وعدم كون منع المالك من إمساك الدابة أو منعه عن القعود على بساطه غصبا 380

ص: 715

حكم ما لو سكن الدار قهرا... 380

حكم ما لو تعاقبت الايدي على المغصوب... 380

لا يضمن الحر مطلقا... 381

حكم ما لو حبس صانعا... 381

عدم ضمان الخمر لو غصب من مسلم... 381

حكم ما لو فتح بابا على مال فسرق... 381

وجوب رد المغصوب وضمانه لو تلف وبيان وقت الضمان... 381

وجوب رد أرش المغصوب لو عاب مطلقا... 381

حكم مالو مزج المغصوب مع غيره... 382

حكم ما لو زاد المغصوب... 382

اللواحق ستة

(1) فوائد المغصوب للمالك مطلقا... 383

(2) لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد... 383

(3) حكم ما لو اشتراه عالما بالغصب... 383

(4) حكم ما لو غصب حبا فزرعه أو بيضة فأفرخت... 384

(5) حكم ما لو غصب أرضا فزرعها... 385

(6) حكم ما لو تلف المغصوب... 385

كتاب الشفعة

تعريف الشفعة ، وثبوتها في الارضين والمساكن... 388

هل تثبت فيما ينقل؟... 392

هل تثبت فيما لا ينقسم؟... 392

يشترط انتقاله بالبيع فقط... 392

ص: 716

من هو الشفيع الذي تثبت له الشفعة؟... 392

حكم ما لو ادعى غيبة الثمن... 393

في كيفية أخذ الشفعة... 394

للشفيع المطالبة في الحال... 395

حكم ما لو انهدم المسكن أو عاب... 396

لو اشترى بثمن مؤجل... 396

لو شهد على البائع أو بارك للمشتري أو البائع... 396

حكم إرث حق الشفعة... 397

لو اختلف المشتري والشفيع في الثمن... 397

كتاب إحياء الموات

عدم جواز التصرف في العامر إلا بإذن أربابه... 400

بيان المراد من الموات... 400

ما يشترط في التملك بالاحياء... 400

يرجع في الاحياء إلى العادة... 400

مسائل

(1) لو تشاخ أهل الطريق المبتكر في المباح... 400

(2) حريم البئر... 401

(3) من باع نخلا واستثنى واحدة... 401

(4) لو تشاح أهل البواري في مائة... 401

(5) يجوز للانسان أن يحمي المرعى... 401

(6) لو كان له حي على نهر لغيره... 401

(7) من اشترى دارا فيها زيادة... 402

ص: 717

(8) من كان له نصيب في قناة... 403

(9) حكم من كان في يده دار يعلم أنها ليست له... 403

كتاب اللقطة

اللقيط وبيان المراد منه... 406

شرائط الملتقط... 406

اللقيط في دار الاسلام حرو في دار الشرك رق... 406

حكم مالو لم يتوال أحدا... 407

حكم مالو وجد الملتقط سلطانا... 407

الضال كل حيوان مملوك ضائع... 407

لايؤخذ البعير... 407

حكم أخذ غير البعير من سائر الدواب... 408

ينفق الواجد على الضالة وحكم رجوعه على المالك... 408

حكم ما لو كان للضالة نفع... 409

لقطة المال كل مال ضائع اخذ ولا يد عليه... 409

المراد من الدرهم... 409

حكم ما كان أزيد من الدرهم... 410

حكم اللقطة بعد التعريف حولا... 412

حكم ما لو كانت اللقطة مما لا يبقى كالطعام... 412

كراهة أخذ ما كان من قبيل الادواة... 412

مسائل

(1) حكم ما يوجد في خربة أو فلاة أو تحت الارض... 412

(2) حكم ما وجده في صندوقه أو داره... 413

(3) لا تملك اللقطة بحول الحول... 413

ص: 718

الملتقط من له أهلية الاكتساب... 414

أحكام اللقطة

لا تدفع اللقطة إلا بالبينة ، وحكم الوصف... 414

لا بأس بجعل الابق... 415

لا يضمن الملتقط في الحول مطلقا مالم يفرط... 415

كتاب المواريث

في موجبات

الارث بيان مراتب النسب... 418

بيان أن السبب قسمان... 418

في موانع الارث

الكفر مانع من طرف الوارث... 418

حكم مالو لم يكن وارث مسلم... 419

حكم ما لو أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته... 419

مسائل

(1) الزوج المسلم أحق بميراث زوجته من ذوي قرابته الكفار... 420

(2) نصراني مات وله ابن أخ وابن اخت مسلمان... 423

(3) لو كان أحد أبوي الصغير مسلما... 424

(4) المسلمون يتوارثون مطلقا... 424

حكم المرتد عن فطرة... 424

حكم المرتد عن غير فطرة... 424

لو مات المرتد كان ميراثه لوارثه المسلم... 424

القتل العمدي مانع من الارث... 426(ش)

حكم ما لو اجمتع القاتل وغيره... 427

ص: 719

مسائل

(1) الدية كأموال الميت... 427

هل للديان منع الوارث من القصاص؟... 427

(2) يرث الدية من يتقرب بالاب... 428

(3) لو لم يكن للمقتول عمدا وارث... 429

يمنع الرقية من الارث في الوارث والموروث... 431

حكم ما لو لم يكن سوى المملوك... 431

حكم الزوج والزوجة في مانعية الرقية... 434

لافرق بين أنواع الرقية في المانعية... 434

في السهام

النصف ، الربع ، الثمن... 435

الثلث ، الثلثان ، السدس... 435

بيان اجتماع هذه الفروض بعضها مع بعض في الجملة... 436

التعصيب باطل وبيان المراد منه... 437

لاعول في الفرائض وبيان المراد منه... 442

في الانساب

مراتب الانساب ثلاثة... 446

أولاد الاولاد يقومون مقام آبائهم... 447

يمنع الاقرب الابعد ويرد على البنت كما يرد على امه... 449

ما يحبى الولد الاكبر... 450

لا يرث مع الابوين ولا مع الاولاد جد ولا جدة... 451

استحباب الطعمة لابويه ومقدارها... 451

شرائط حجب الاخوة أربعة... 452

لو لم يكن المرتبة الاولى فالميراث للاخوة والاجداد... 453

ص: 720

حكم ما لو اجتمع الاخوة والاجداد... 453

عدم إرث الاخوة من الاب مع وجود الاخوة من الابوين... 453

حكم مالو اجتمع الكلالات الثلاث... 454

حكم ما لو أبقت الفريضة مع ولد الام وولد الاب... 454

للجد المال لو انفرد مطلقا وكذا الجدة... 455

حكم ما لو اجتمع جد وجدة... 455

حكم مالو اجتمع الاجداد المختلفون... 455

حكم ما لو اجتمع مع الاجداد زوج أزوجة... 456

حكم مالو اجتمع أربعة أجداد لاب ومثلهم لام... 456

الجد وإن علا يقاسم الاخوة والاخوات... 457

أولاد الاخوة والاخوات يقومون مقام آبائهم... 457

المرتبة الثالثة الاعمام والاخوال... 458

لكل واحد منهم المال لو انفرد... 458

للعمومة والعمات للذكر مثل حظ الانثيين... 458

حكم ما لو كانوا متفرقين من حيث التقرب بالاب والام... 458

لايرث الابعد مع الاقرب إلا ابن عم لاب... 458

حكم ما لو تفرق الاخوال والخالات من حيث التقرب بالام... 458

حكم ما لو اجتمع الاعمام والاخوال... 458

حكم ما لو اجتمع الاعمام والاخوال الثمانية... 459

مسائل

عمومة الميت وخؤولته أولى من عمومة أبيه وخؤولته... 460

حكم من اجتمع له سببان... 460

حكم أولاد العمومة والخؤولة... 460

ص: 721

ميراث الازواج

ميراث الزوج والزوجة مع الولد وعدمه... 461

حكم ما لو لم يكن وارث سوى الزوج أو الزوجة... 461

إرث الزوجة في العدة الرجعية... 461

لو طلق واحدة من أربع... 464

نكاح المريض مشروط بالدخول... 464

في الولاء

شرط الارث بالولاء التبرع بالعتق... 465

لايرث المعتق مع وجود مناسب ، ويرث مع الزوج والزوجة... 465

حكم ما لو عدم المنعم... 465

حكم ما لو كان المعتق امرأة... 466

لا يرث جر الولاء من يتقرب بأم المنعم... 466

يصح جر الولاء من مولى الام إلى مولى لاب... 466

ولاء ضمان الجريرة لا يتعدى الضامن... 467

شرائط ولاء ضمان الجريرة... 467

ولاء الامامة ، لايرث إلا مع فقد كل وارث عدا الزوجة... 467

فصول أربعة

(الاول) في ميراث ابن الملاعنة... 468

حكم ما لو انفردت الاولاد... 469

حكم ما لو عدم الولد... 469

حكم ما لو اعترف به الاب... 470

مسائل

(1) حكم إرث ولد الزنا... 470

(2) الحمل يرث إن سقط حيا... 471

ص: 722

(3) يوقف للحمل نصيب ذكرين... 471

(4) من يرث دية الجنين؟... 472

(5) اذا تعارفا بما يقتضي الميراث... 472

(6) حكم المفقود... 472

(7) حكم ما لو تبرأ من جريرة ولده وميراثه... 473

(الثاني) في ميراث الخنثى... 474

حكم إرث من ليس له فرج أصلا... 478

حكم إرث من له رأسان... 478

(الثالث) في إرث الغرقى والمهدوم عليهم... 478

(الرابع) في ميراث المجوس ، وفيه أقوال... 482

حساب الفرائض

مخارج الفروض ستة وبيان المراد منها... 486

في بيان أن النسبة بين العددين إما متساويين أو متداخلين أو متوافقين أو متباينين وبيان كل واحد منها بالمثال        486(ش)

في المناسخات وبيان المراد منها بالمثال... 489

كتاب القضاء

ما يعتبر في القاضي من صفات... 492

لاينعقد القضاء إلا لمن له أهلية الفتوى... 492

لابد أن يكون ضابطا... 492

هل يشترط علمه بالكتابة؟... 493

عدم انعقاد القضاء للمرأة... 494

في انعقاده للاعمى تردد وكذا في اشتراط الحرية... 494

لابد من إذن الامام إلا أن يتراضى الخصمان... 494

ينفذ قضاء الفقيه الجامع للصفات مع عدم الامام عليه السلام... 494

ص: 723

استحباب قبول القضاء عن السلطان العادل... 494

في جملة من آداب القضاء استحبابا وكراهة... 495

مسائل خمس

(1) للامام عليه السلام أن يقضي بعلمه مطلقا... 496

(2) لو جهل عدالة الشهود وفسقهم فعليه التوقف... 497

(3) تسمع شهادة التعديل مطلقا... 497

(4) حكم ما لو التمس الغريم إحضار غريمه... 497

(5) تحرم الرشوة على الحاكم... 497

في كيفية الحكم

وظائف الحاكم أربع : (1) التسوية بين الخصوم... 498

(2) عدم جواز تلقين أحد الخصمين... 498

(3) استحباب الامر بالتكلم إذا سكتا... 498

(4) حكمه مع مبادرة أحد الخصمين... 498

جواب المدعي عليه إن كان إقرارا يجب مع اجتماع الشرائط... 498

عدم جواز الكتابة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه... 498

حكم مالو امتنع المقر من التسليم... 499

حكم ما التمس حبسه... 499

ما يقال للمدعي لو أنكر المدعى عليه... 499

حكم ما لو ادعى غيبوبة البينة... 499

حكم تكفيل المدعى عليه... 500

عدم جواز إحلاف المنكر من دون التماس المدعي... 500

بيان وظيفة المنكر... 500

حكم ما لو أقام المنكر بينة... 500

حكم ما لو أكذب نفسه... 500

ص: 724

حكم ما لو نكل عن اليمين... 501

عدم تأثير حلف المنكر بعد الحكم بالنكول... 501

حكم ما لو سكت المدعى عليه... 501

في كيفية الاستحلاف

لايستحلف أحد إلا باللّه... 502

جواز إحلاف الكافر بما يكون أردع في دينه... 502

جواز تغليظ اليمين مطلقا... 502

كيفية إحلاف الاخرس... 502

لابد للحاكم أن يحلف في مجلس قضائه إلا في المريض... 502

لا يحلف المنكر إلا على القطع في فعل نفسه وعلى نفي العلم في فعل غيره... 503

لايمين على المدعي إلا مع الرد... 503

كفاية الحلف على نفي الاستحقاق... 503

حكم ما لو ادعى المنكر الابراء... 503

عدم توجه اليمين على الوارث إلا في مواضع خاصة... 503

عدم سماع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة... 503

حكم ما لو ادعى الوارث لمورثه مالا... 503

موارد ثبوت المدعي بالشاهد واليمين... 504

لزوم تقديم الشهادة إن كانت على اليمين... 504

موارد جواز حكم حاكم بإخبار حاكم آخر... 504

معنى القسمة... 504

في الدعوى

تعريف المدعي وشرائطه... 504

حكم ما لو كانت دعواه عينا « أو دينا » ... 505

ص: 725

حكم ما لو فات أحد الشروط... 505

حكم سماع الدعوى المجهولة... 505

مسائل

(1) من انفرد بالدعوى... 505

(2) لو انكسرت سفينة في البحر... 506

(3) حكم ما لو خلط البضائع بماله... 506

(4) لو وضع المستأجر الاجرة على يد أمين... 507

(5) يقضى على الغائب مع قيام البينة ... إلخ... 507

الاختلاف في الدعوى

(1) لو اختلف الرجل والمرأة في كون الجارية مملوكته وادعت حريتها... 507

(2) لو تنازعا عينا... 507

(3) لو تداعيا خصا... 508

(4) لو ادعى أبوالميتة عارية بعض متاعها... 508

(5) لو تداعى الزوجان متاع البيت... 508

في تعارض البينات

يقضى مع التعارض للخارج... 509

يقضى لصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب... 511

حكم ما لو تساويا في البينة... 511

حكم ما لو كانت يدا هما عليه... 512

حكم ما لو كان المدعي به في يد ثالث... 512

كتاب الشهادات

صفات الشاهد

(1) البلوغ... 514

حكم شهادة الصبيان في الجنايات... 515

ص: 726

(2 و 3) يعتبر العقل والايمان... 516

قبول شهادة الذمي في الوصية ، وحكم اعتبار الغربة... 516

قبول شهادة المؤمن على أهل الملل دون العكس... 516

حكم قبول شهادة الذمي على أهل ملته... 516

(4) يعتبر العدالة... 517

(5) يعتبر ارتفاع التهمة... 518

هل تقبل شهادة الولد على أبيه؟... 518

تقبل شهادة الزوج على زوجها... 519

الصحبة غير مانعة عن القبول... 520

حكم قبول شهادة السائل بكفه... 521

حكم قبول شهادة المملوك... 521

الملاك في الاوصاف حين الشهادة لاحين التحمل... 523

(6) يعتبر طهارة المولد... 523

مسائل

(1) حكم التبرع بأداء الشهادة... 524

(2) حكم شهادة الاصم... 525

(3) ما يقبل من شهادة النساء وما لا يقبل... 525

ضابط ما يصير به شاهدا ، العلم وبيان مستنده... 527

حكم ما لو دعي الشاهد للإقامة... 527

حكم ما لو دعي للتحمل... 527

جواز إسفار المرأة ليعرفها الشاهد... 528

جواز الشهادة على الاخرس بالاشارة... 528

مسائل

(1) ما يكفي في الشهادة بالملك... 528

ص: 727

(2) جواز الشهادة على ملك عرفه المتبايعان... 529

(3) عدم جواز إقامتها إلا مع الذكر... 529

(4) حكم من حضر حسابا أو سمع شهادة... 530

(5) حكم الشهادة على الشهادة... 531

لواحق الشهادة

(1) حكم ما لو رجع الشاهدان... 533

(2) لو ثبت كونهما شاهدي زور... 533

(3) حكم ما لو كان المشهود به قتلا أو رجما « أو قطعا » ... 533

(4) حكم ما لو كان شهدا بطلاق امرأة فتزوجت ثم رجعا... 534

(5) حكم ما لو شهد اثنان على رجل بسرقة ... إلخ... 535

(6) يجب أن يشهد شاهد الزور وتعزيره... 535

كتاب الحدود والتعزيرات

حد الزنا

تعريف موجبه وذكر شرائطه... 538

حكم ما لو كان جاهلا بتحريم الزنا... 538

حكم ما لو تشبهت الزوجة بالاجنبية... 538

حكم زنا المجنون بالعاقلة ولا حد على المجنونة... 539

حكم ما لو ادعى الزوجية أو ما يوجب الشبهة... 540

تعريف الاحصان في الرجل والمرأة... 541

حكم ما لو تزوج معتدة عالما... 541

لو ادعيا الجهالة... 542

لا رجم على المخالع الراجع... 542

وجوب الحد على الاعمى أيضا... 542

ص: 728

في التقبيل والمضاجعة والمعانقة... 543

يثبت الزنا بالاقرار وشرائط المقر واعتبار التكرار أربعا... 543

هل يشترط اختلاف مجالس الاقرار؟... 543

حكم ما لو أقر بحد ولم يبينه... 543

حكم ما لو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر... 544

حكم ما لو أقر ثم تاب... 544

يثبت الزنا بالبينة وكيفية إقامتها... 544

لو أقام بعض الشهود حد... 544

عدم سقوط الحد بالتوبة بعد البينة... 544

في الحد

الزنا الذي يوجب القتل... 544

الزنا الذي يوجب الرجم... 545

الزنا الذي يوجب الجمع بين الجلد والرجم... 545

الزنا الذي يوجب الجلد... 546

لوزنى صغير أو مجنون بالمحصنة... 546

يجز رأس البكر مع الحد... 546

البكر من ليس بمحصن... 547

لاتغريب على المرأة... 548

حد المملوك... 548

تكرار الزنا... 548

لايقام على الحامل حد حتى تضع... 549

يرجم المريض والمستحاضة... 549

عدم سقوط الحد بعروض الجنون... 550

الزمان أو المكان الذي لا يقام فيه الحد... 550

ص: 729

حكم مالو أحدث في الحرم ما يوجب حدا... 551

لو اجتمع الحد والجلد وكيفية الرجم... 551

حكم ما لو فر... 551

يبدأ الشهود بالرجم أو الامام ، وكيفية الحد وما يستحب... 552

مسائل

حكم تعارض شهادة الرجال بالزنا مع شهادة النساء بالبكارة... 554

حكم ما لوكان الزوج أحد الاربعة... 555

يقيم الحاكم حدود اللّه ، وحقوق الناس لو طالبها الناس... 556

من افتض بكرا... 556

حكم وطء أمته المزوجة... 557

من أقر أنه زنى بفلانة... 557

حكم من تزوج أمة على حرة مسلمة... 558

من زنى في زمان شريف أو مكان شريف... 558

في اللواط والسحق والقيادة

يثبت اللواط بالاقرار أربعا... 558

يقتل الموقب مطلقا ويؤدب الصغير... 558

حكم ما لو لاط بعبده ، وما لولاط الذمي بمسلم أو الذمي بذمي... 559

وموجب الإيقاب القتل مطلقا... 559

حكم ما لو لاط المجنون... 559

حكم ما لو أوقب وما لو لم يوقب... 559

حكم ما لو تكرر منه هذا الفعل... 561

يعزر المجتمعان تحت إزار مجردين... 561

يعزر من قبل غلاما بشهوة... 562

حد السحق ، ويعزر المجتمعتان تحت إزار مجردتين... 562

ص: 730

لا كفالة في حد... 562

حكم ما لو وطأ زوجته فساحقت بكرا فحملت... 563

تعريف القيادة وثبوتها بشاهدين أوالاقرار مرتين... 563

حد السحق... 563

حد القذف

أنواع القذف وعبارتها... 563

لو قال : يا بن الزانيين... 564

حكم ما لو قال للمسلم : يا بن الزانية وامه كافرة... 564

لو قال : يا زوج الزانية... 565

لو قال : يا أب الزانية أو أخاها... 565

لو قال : زنيت بفلانة... 565

حكم التعريض ، وما لو قال : لم أجدك عذراء... 565

حكم ما لو قال لغيره ما يوجب أذاه... 565

ما يشترط في القاذف... 565

ما يشترط في المقذوف... 566

لو قذف جماعة... 566

حد القذف يورث... 566

لو ورث الحد جماعة فعفا أحدهم... 567

يقتل القاذف في الرابعة... 567

مقدار حد القذف... 567

مسائل

(1) يقتل ساب النبي أو أحد الائمة صلوات اللّه عليه وعليهم... 567

(2) يقتل مدعي النبوة أو الشاك فيها... 567

(3) يقتل الساحر المسلم ويعزر الكافر... 567

ص: 731

(4) ما يكره في تأديب الصبي... 567

(5) يعزر من قذف عبده... 567

حد المسكر

موجب حد السكر تناول المسكر والفقاع... 568

يثبت شهادة عدلين أو الاقرار مرتين... 568

مقدار حد المسكر... 568

مسائل

(1) لو شهد واحد بشربها والاخر بقيئها... 570

(2) من شربها مستحل... 570

(3) من باع الخمر مستحلا... 570

(4) لو تاب قبل قيام البينة... 571

حد السرقة

شرائط السارق وما يتفرع عليها... 571

حكم ما لو سرق الشريك أو أحد الغانمين... 572

حكم ما لو هتك واحد وأخرج آخر... 574

تساوي الكل في ذلك... 574

حكم قطع الاجير والزوج والزوجة... 574

حكم قطع الضيف... 575

على السارق إعادة المال... 576

نصاب القطع... 576

الحرز وتعريفه... 576

حكم ما لو سرق من جيب إنسان... 577

لاقطع في الثمر على الشجر ولا في سرقة مأكول في عام قحط وغلاء... 577

حكم قطع مالو باع حرا أو سرق الكفن... 578

ص: 732

هل يشترط في سارق الكفن بلوغ النصاب؟... 580

حكم ما لو نبش ولم يأخذ... 580

يثبت الموجب بالبينة أو بالاقرار مرتين مع شرائط الاقرار... 580

حد السرقة قطع الاصابع الاربعة... 581

حد من تكررت منه السرقة... 581

لايقطع اليسار مع وجود اليمنى... 582

حكم ما لو لم يكن له يسار... 582

سقوط القطع بالتوبة قبل البينة لا بعدها... 583

حكم سقوطه بالتوبة بعد الاقرار... 583

مسائل

لو سرق اثنان نصابا... 584

لو قامت الحجة بالسرقة ثم قامت بسرقة اخرى قبلها... 584

قطع السارق موقوف على مرافعة المسروق منه... 585

حد المحارب

تعريف المحارب وطريق ثبوت المحاربة... 585

حكم ما لو شهد بعض اللصوص على بعض... 586

حد المحارب... 586

حكم ما لو قتل وأخذ المال... 587

حكم ما لو شهر السلاح مخيفا... 587

حكم ما لو تاب قبل القدرة عليه... 587

يصلب المحارب حيا على قول ومقتولا على آخر... 588

لزوم تجهيزه بعد ثلاثة أيام... 588

حكم اللص ولا يقطع المستلب ونحوه... 588

ص: 733

إتيان البهائم ووطء الاموات حكم ما لو وطأ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم... 588

حكم ما لو كان المهم ظهرها... 588

ثبوت الحكم بالبينة أو الاقرار مطلقا... 590

حكم ما لو تكرر الوطء مع التعزير... 590

حكم ما لولاط بميت... 590

حكم من استمنى بيده... 590

ثبوته بالبينة أو الاقرار... 590

كتاب القصاص

حد موجب القصاص ، وتعريف العمد... 592

ذكر عدة مما يعد عمدا... 593(ش)

القصاص على المباشر للقتل لا المكره له أو الامر... 594

حكم ما لو كان المأمور بالقتل عبده... 595

حكم ما لو سرت الجناية... 595

مسائل من الاشتراك

(1) لو اشترك جماعة في قتل حر مسلم... 596

(2) يقتص من الجماعة في الاطراف... 597

(3) حكم ما اشتركت في قتله امرأتا أو رجل وامرأة... 597

(4) لو اشترك حر وعبد في قتل حر عمدا... 598

حكم ما لو قتلت امرأة وعبد... 601

شرائط القصاص لخمسة

(الاول) الحرية ، ويتساوى المرأة والرجل في الجراح قصاصا ودية حتى يبلغ ثلث دية الحر... 601

لا يقتل الحر بالعبد بل تلزمه قيمته... 602

ص: 734

حكم ما لو اختلفا في القيمة... 602

دية المملوكة قيمتها... 602

لو قتل العبد حرا لم يضمن مولاه... 603

حكم ما لو جرح العبد حرا « ، أو قتل عبدا » مثله... 603

المدبر كالقن ، وحكم ما لو استرقه ولي الدم... 603

حكم المكاتب... 605

مسائل

لو قتل حر حرين أو قتل العبد حرين... 606

لو قطع يمنى رجلين... 607

لو قتل العبد حرا « عمدا » ... 607

(الثاني) التساوي في الدين... 608

لا يقتل المسلم الكافر إلا إذا كان معتاد القتل له... 609

يقتل الذمي بالذمي... 609

لو قتل الذمي مسلما... 609

(الثالث) عدم كون القاتل أبا للمقتول... 609

(الرابع) كمال العقل... 610

حكم القصاص من الصبي البالغ عشرا... 610

حكم قتل البالغ الصبي... 611

(الخامس) أن يكون محقون الدم... 612

ما يثبت به القتل... 612

يكفي الاقرار مرة وما يعتبر في المقر... 613

حكم ما لو أقر بقتله عمدا فأقر آخر أنه قتله خطأ... 613

يثبت بالبينة وبيان أنها ما هي؟... 614

لو تعارضت البينات في القاتل... 614

ص: 735

حكم ما لو شهدا أنه قتله عمدا فأقر آخر أنه هو القاتل... 615

مسائل

هل يحبس المتهم بالدم قبل ثبوت القتل... 616

لو قتل بادعاء أنه وجده مع امرأته... 616

حكم خطأ الحاكم... 616

من قال حذار لم يضمن... 617

من اعتدي عليه فاعتدى بمثله... 617

أحكام القسامة وطريق ثبوتها... 617

ثبوت الحكم في الاعضاء بالقسامة وعددها فيها... 618

حكم ما لو لم يكن قسامة... 619

كيفية الاستيفاء

يجوز الصلح بالدية في قتل العمد... 619

كيفية القصاص... 620

مسائل

حكم ما لو اختار بعض الدية هل يسقط القود للباقي؟... 620

حكم ما لو فر القاتل... 621

لو قتل واحد رجلين أو أكثر... 622

لو ضرب الولي الجاني وتركه ظنا أنه مات فبرئ... 622

قصاص الطرف

اشتراط التساوي فيه كما في النفس... 623

يقطع الاشل بالصحيح... 623

حكم قصاص المسلم من الذمي... 624

يعتبر التساوي في الشجاج... 624

ثبوت القصاص فيما لا تعزير فيه... 624

ص: 736

هل يجوز القصاص قبل الاندمال؟... 624

يتجنب القصاص في الحر أو البرد الشديد... 624

لو قطع شحمة الاذن... 625

يقطع الانف الشام بعادم الشمم ... إلخ... 625

يقلع عين الاعور بعين ذي العينين ، وكذا يقتص له منه... 625

سن الصبي ينتظر فيه... 626

حكم ما لو جنى بما أذهب البصر... 626

حكم ما لو قطع كفا مقطوعة الاصابع... 627

لايقتص ممن لجأ إلى الحرم... 627

كتاب الديات

أقسام القتل ثلاثة وحد كل واحد منها... 630

بيان دية العمد ، ودية شبيه العمد... 630

دية الخطأ... 632

لو قتل في الشهر الحرام أو الحرم... 633

دية المرأة على النصف من دية الجميع... 633

عدم اختلاف دية الخطأ والعمد في شئ عد النعم... 633

دية الذمي ، وأن ديات نسائهم على النصف... 633

لادية لغير الذمي من الكفار... 634

في دية ولد الزنا كدية الحر المسلم... 634

دية العبد قيمته ، ودية أعضائه بنسبة قيمته... 635

العبد أصل للحر فيما لا تقدير فيه... 636

حكم ما لو جنى جان على العبد... 636

لا يضمن المولى جناية العبد... 636

ص: 737

حكم ما لو كانت جنايته لاتستوعب قيمته... 636

موجبات الضمان

ضابط المباشرة الاتلاف لامع القصد... 636

حكم ما لو أبرأه المريض أو الولي... 637

حكم النائم لو انقلب على إنسان أو فحص برجله فقتل... 637

حكم ما لو أعنف على زوجته جماعا « أو ضما » فماتت... 639

حكم ما لو كسر الاجير ما حمله على رأسه... 640

حكم مالو وقع على إنسان من علو فقتله... 640

لو ركبت جارية اخرى فنخستها ثالثة فماتت الراكبة... 640

إذا اشترك في هدم الحائط... 641

مسائل

(1) من دعا غيره فأخرجه ليلا... 642

(2) إذا عادت الظئر بالطفل فأنكره أهله... 644

(3) لو دخل لص فجمع متاعا ... إلخ... 644

(4) لو شرب أربعة فسكروا فوجد جريحان وقتيلان... 644

لو كان في الفرات ستة غلمان فغرق واحد ... إلخ... 646

ضابط التسبيب ما لولاه لما حصل التلف... 646

لو هجمت دابة على اخرى ضمن صاحب الداخلة... 647

لو دخل دارا فعقره كلبها... 647

حكم ضمان راكب الدابة أو السائق... 648

لو اركب مملوكه دابة فأتلفت... 648

في تزاحم الموجبات

لو اتفق المباشر والسبب... 649

حكم ما لو جهل المباشر السبب... 649

ص: 738

واقعة الزبية المعروفة... 649

ديات الاعضاء

دية الشعر بأنواعه من الرأس واللحية والحاجبين... 651

دية العينين والاجفان... 652

دية الانف ، المارن والحاجز وإحدى المنخرين... 653

دية الاذنين ، شحمتهما وخرم الشحمة... 653

دية الشفتين... 654

دية اللسان أو بعضه... 655

حكم ما لو ادعى ذهاب نطقه... 656

دية الاسنان... 656

دية اليدين والاصابع... 657

دية الظفر... 658

دية كسر الظهر واحديدابه... 659

دية ثدي المرأة وحلمة ثدي الرجل... 659

دية الذكر والخصيتين والشفرتين... 660

دية الافضاء... 660

مسائل

(1) دية كسر الضلع... 661

(2) دية البعصوص والعجان... 661

(3) دية كسر العضو... 662

(4) دية الترقوة... 662

(5) دية دوس البطن... 662

(6) دية افتضاض البكر بالاصبع... 663

(6) دية افتضاض البكر بالاصبع... 663

في الجناية على المنافع

ص: 739

دية ذهاب العقل... 664

دية ذهاب السمع... 665

دية ذهاب ضوء العينين... 666

دية ذهاب الشم ودية سلس البول... 666

في الشجاح والجراح

الشجاح ثمانية ودية كل واحد منها وذكر أنواعها... 667

مسائل

(1) ديد النافذة... 670

(2) دية شق الشفتين... 670

(3) لو أنفدت نافذة في شئ من أطراف الرجل... 671

(4) دية احمرار الوجه... 671

(5) كل عضو له دية مقدرة ، وذكر دية شلله وقطعه... 671

(6) دية الشجاح في الرأس والوجه والبدن... 672

(7) كلما فيه من الرجل ديته ففيه من المرأة ديتها... 672

(8) حكم من لا ولي له... 672

اللواحق أربعة

1 - دية الجنين بأقسامه... 672

لو مات ولد المرأة المقتولة... 675

حكم من أفزع مجامعا فعزل... 676

حكم من عزل عن زوجته اختيارا... 676

2 - في الجناية على الحيوان... 677

حكم ما لو قطع بعض جوارحه... 678

حكم ما لو أتلفه لا بالذكاة... 678

ديات أنواع الكلاب... 678

ص: 740

حكم إتلاف ما يملكه الذمي كالخنزير... 680

مسائل

(1) حكم بعيرين بين أربعة عقله أحدهم... 680

(2) حكم إتلاف جنين البهيمة... 680

(3) حكم ما أفسدت البهائم... 681

3 - في كفارة القتل

وجوب كفارة الجمع بقتل العمد... 681

وجوبها بقتل الجنين بعد ولوج الروح... 682

عدم وجوب الكفارة بقتل الذمي... 682

4 - في العاقلة

محل العاقلة أربعة : (أحدها) العصبة... 682

عند عدم العصبة والمعتق وضامن الجريرة ضمن الامام عليه السلام... 685

بيان كيفية التقسيط... 685

مسائل

حكم ما لو قتل الاب ولده عمدا وحكم توريثه... 685

لاتعقل العاقلة في موارد أربعة... 686

لاتعقل العاقلة بهيمة... 688

تم الفهرس بحمد اللّه ومنه

ص: 741

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وصلى الله على محمد نبي الله وعلى آله آل الله

لقد قامت مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم المشرفة بنشاطات واسعة في مجال نشر المعرفة و إحياء التراث الإسلامي وإليكم سرداً لبعض منشوراتها :

من الکتب التي تمّ طبعها

1 - أحاديث المهدي من مسند أحمد بن حنبل / إعداد السيد محمد جواد الجلالي

2 - أدب الحسين وحماسته / تأليف الشيخ أحمد الصابري الهمداني

3 - إرشاد الأذهان ج 1 و2 = العلامة الحلي

4 - الاسلام السعودي الممسوخ = السيد طالب الخرسان

5 - الاصطلاحات في الرسائل العملية = الشيخ ياسين عيسى العاملي

6 - الامام الصادق (عليه السلام) ج 1 و2 = الشيخ محمد حسين المظفر

7 - الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج 1 و2 / إشراف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

8 - البحث في رسالات عشر = الشيخ محمد حسن القديري

9 - بحوث في الفقه، وتشمل على : = الشيخ محمد حسين الاصفهاني

أ - صلاة الجماعة

ب - صلاة المسافر / تحقيق مؤسسة النشر الاسلامي

ج - الاجارة

ص: 742

10 - بحوث في الاصول، وتشمل على: تأليف الشيخ محمد حسين الاصفهاني

أ - الاصول على النهج الحديث

ب - الطلب والإرادة / تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي

ج - الاجتهاد والتقليد

11 - تأويل الآيات الظاهرة = السيد علي الحسيني الاسترآبادي

12 - التوضيح النافع في شرح ترددات صاحب الشرايع = الشيخ حسين علي الفرطوسي

13 - الحدائق الناضرة ج 1 - 25 = الشيخ يوسف البحراني

14 - حقائق هامة حول القرآن = السيد جعفر مرتضى العاملي

15 - الخلاف ج 1 و2 = شيخ الطائفة الطوسي

16 - دراسات وبحوث في التاريخ والاسلام ج 1 و 2 = السيد جعفر مرتضى العاملي

17 - درر الفوائد ج 1 و 2 = آية الله الشيخ عبدالكريم الحائري

18 - الذرية الطاهرة = محمد الرازي الدولابي

19 - رياض السالكين ج 1 = السيد علي خان المدني

20 - السرائرج 1 = ابن إدريس الحلى

21 - شرح الأخبار ج 1 - 4 = القاضي النعمان المغربي

22 - الصلاة ج 1 (تقريرات بحث المحقق الداماد) = الشيخ محمد المؤمن

23 - الصلاة ج 2 و 3 (تقريرات بحث المحقق الداماد) = الشيخ عبدالله الجوادي الآملي

24 - صلاة الجمعة = الشيخ مرتضى الحائري

25 - فرائد الاصول = الشيخ مرتضى الأنصاري

26 - فوائد الاصول ج 1 و 2 (تقرير بحث آية الله النائيني) = الكاظميني الخراساني

27 - فوائد الاصول ج 3 و 4 ( تقرير بحث آية الله النائيني) = = =

مع حواشي آية الله آغاضياء الدين العراقي

ص: 742

28 - قاعدة لاضرر وإفاضة القدير تأليف شيخ الشريعة الاصفهاني

29 - قاموس الرجال ج1 = العلامة الشيخ محمدتقي التستري

30- کشف الرموز ج1 = الشيخ حسن الفاضل الآبي

31 - كشف المراد ( في شرح تجريد الاعتقاد) = العلامة الحلي

مع تعليقات عليه تحقيق الشيخ حسن زاده الآملي

32 - كنز الدقائق ج1 - 3 = ميرزا محمد المشهدي

33 - مبعوث الحسين (عليه السلام) = محمد علي عابدين

34 - مجمع الفائدة والبرهان ج 1-7 = المقدس الأردبيلي

في شرح إرشاد الأذهان تحقيق الشيخ مجتبى العراقي والشيخ علي پناه الاشتهاردي وآغا حسين اليزدي

35 - معادن الحكمة ج 1 و 2 = محمد ابن الفيض الكاشاني

39 ۔ معالم الدين وملاذ المجتهدين = الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني

تحقيق مؤسسة النشر الاسلامي

37 - المقنعة = الشيخ المفيد

تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي

38 - منتقى الجمان ج 1 و2و3 = الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني

تحقيق علي اكبر الغفاري

39- المنهج الجديد في تعليم الفلسفة ج 201 = الاستاذ محمد تقي مصباح اليزدي

40 - من هو المهدي (عليه السلام) = الشيخ أبوطالب التجليل التبريزي

41 - المهذب البارع ج 1 = ابن فهد الحلي

42 - وقعة الطف = أبي مخنف

43 - الوهابية في الميزان = الشيخ جعفر السبحاني

ص: 743

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.