المؤلف: الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]
المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: 0
الموضوع : الفقه
تاريخ النشر : 1408 ه.ق
الصفحات: 592
المكتبة الإسلامية
459
كشف الرموز في شرح المختصر النافع
تأليف: زين الدين أبي علي الحسن بن أبي طالب ابن أبي مجد اليوسفي المعروف بالفاضل والمحقق الآبي
فرغ من مآليفه عام 672 ه. ق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد
ص: 1
كشف الرموز
(ج 1 و 2)
تأليف: الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي «الفاضل الآبي»
الموضوع: فقه
تحقيق: الحاج الشيخ علي پناه الاشتهاردي، الحاج آقا حسين اليزدي
عدد الصفحات الدورة: 1336
طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
عدد الأجزاء: جزءان
الطبعة: الثالثة
المطبوع: 500 نسخة
سعر الدورة: 4000 تومان
التاريخ: 1417 ه.ق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ص: 2
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم رسله وخيرة أصفيائه محمد وآله الطاهرين.
لا شك أن الإنسان في أمس الحاجة إلى معرفة ما يضمن سعادته وكماله كي يطبقه في شؤون حياته الفردية والاجتماعية من اقتصادية وسياسية وعسكرية ومن البديهي أن الطريق الوحيد لتحقق سعادة الإنسان هي أحكام الشريعة المحمدية التي يبينها علم الفقه ومن أجل ذلك كان هذا العلم بمادته الأولية موجودا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم تكامل في زمن الصادقين عليهما السلام ومن بعد ذلك أصبح محطا لأنظار العلماء والفقهاء حيث قام بتبيين الأحكام الفرعية المتلقاة من الكتاب الكريم والسنة الشريفة المبينة من قبل العترة الطاهرة ومن أساطين هذا الفن المحقق الحلي قدس سره فإنه ألف كتبا كثيرة في هذا المجال منها المختصر النافع وهو من المتون الأصيلة الفقهية ، ولأهميته وعظمته قام بشرحه عشرات من فحول الفقهاء منهم المحقق الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي « الفاضل الآبي » الذي يعتبر من تلامذة المحقق الحلي أعلى اللّه مقامهما وهو أول شرح على ذلك السفر الجليل سماه ب- « كشف الرموز ».
وقد قامت المؤسسة بنشره بعد ما بذل سماحة العلامة الحاج الشيخ علي الاشتهاردي والعلامة الحاج الشيخ آغا حسين اليزدي جهودا كثيرة في تصحيحه ومقابلته مع نسخ متعددة وإسقاط الألفاظ المغلوطة وتوضيح الغامضة منها كما وتشكر سماحتهما على ما بذلاه من المساعي الوافرة سائلة المولى عز وعلا التوفيق لهما ولها لخدمة الدين الخيف ولإحياء التراث الإسلامي إنه خير ناصر ومعين.
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ص: 3
بسم اللّه الرحمن الرحيم
علي بن محمد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي ، إن اللّه يقول ( في كتابه - خ ) « ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون » (1).
ص: 4
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد نبه اللّه عزوجل معاشر المسلمين على وجه كونهم أفضل من سائر الأمم بأنهم آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ، فقال عز من قائل « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر » الآية (1).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مالهما إلى الأفعال القلبية والجوانحية أو العملية والجوارحية ، وذلك حسب اختلاف متعلقيهما ، فقد يكون متعلقا هما القسم الأول ، وقد يكونان القسم الثاني ، وبكلا قسميهما يسميان فقها علميا أو عمليا.
إن مراتب الوصول إلى الكمال نظير أفراد الكلي المشكك - متفاوتة حسب تفاوت الاستعدادات - تفاوتا بينا ، فكل مرتبة يسلكه السالك إلى اللّه بالجوارح أو بالجوانح فهي مرتبة من مراتب الفقه - لا بالمعنى المصطلح - بل بمعناه الواقعي النفس الأمري ، فللفقه مرتبتان مترتبتان ثانيتهما أعلى مقاما.
( إحديهما ) الفقه الجوارحي وهو الذي يحتاج أبناء نوع بني آدم إليه في السلوك الظاهري ، ويسمى بالفقه بالجوارحي ، سواء تعلقت بالأبدان بجميع أنواعها ، واجبة
ص: 5
أو غير واجبة ، والصوم بجميع أنواعه ( أو ) تعلقت بالأموال كالزكوات والأخماس وأنواع الكفارات والصدقات ( أو ) بهما كالحج والعمرة وعدة من الكفارات.
وسواء كانت مجعولة لانتظام مجتمع أبناء النوع كالحدود والقصاص والديات وأحكام المعاشرات وأحكام القضاء المجعولة لرفع الخصومات والمشاجرات ، بل وأنواع البيوع والإجارات والجعالات أو مجعولة لحفظ النسل والانتسابات كالنكاح والطلاق واللعان والظهار والإيلاءات.
أو متعلقة بكيفية السلوك مع المخلوقات ، سواء كانت من أبناء نوعه حتى أحكام العبيد والإماء كالعتق والتدبير والمكاتبات أم غيرهم في المجالسات والمعاشرات.
( ثانيهما ) الفقه الجوانحي.
والجامع لجميع ما عددناه أمران : ( أحدهما ) كيفية السلوك مع خالقه وتسمى بالعبادات.
( ثانيهما ) كيفية السلوك مع غير خالقه حتى مع نفسه وهي غير العبادات من الأنواع المذكورات ، وكل ذلك يحتاج إلى الفقه العملي أو العملي ، أمرا أو نهيا ، والفقه بكلا معنييه بمنزلة المظهر لمسئلتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين صار سببين لكون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس.
ففي كل مرتبة من المراتب المذكورة لو عمل المسلم بها كان آتيا « بهما ، ولو ترك كان تاركا » لهما ، فالأمر بالمعروف بجميع مراتبه مستلزم للعمل بجميع المندرجات ، والنهي عن المنكر بجميع مراتبه لترك أضداد المذكورات.
وهما بجميع مراتبهما تتعلقان بفعل المكلف ، سواء كان من أفعال الجوارح والأعضاء ، أو من أفعال القلب.
فأسباب الوصول إلى الكمالات ترجع إلى الفقه ، ولذا عرفه غير واحد من أساطين الفن بأنه العلم بالأحكام الشرعية ، فكل موضوع له حكم ما من الشرع المقدس فهو فقه ، سواء كان تكليفيا أو وضعيا ، وسواء كان متعلقا بنظم الدنيا أو نظم الآخرة ، ولذا جعلوا موضوعه أفعال المكلفين.
ص: 6
ومن هنا يظهر السر فيما حكموا به من أنه يجب على غير المجتهد التقليد في الواجبات والمحرمات ، والمندوبات والمكروهات ، وأضاف جمع بقولهم : بل المباحات والعاديات.
بل نقول : يمكن إرجاع مراتب السلوك إلى اللّه - الذي هو المصطلح عند قوم - الذي هو غاية آمال العارفين إلى الفقه كعلم تهذيب النفس وعلم الأخلاق ، والعرفان الذي اصطلح عليه آخرون.
ولقد أحسن الشيخ العلامة المتتبع الحر العاملي - روح اللّه روحه - حيث جعل في كتابه الوسائل - الذي هو مرجع الفقهاء بعد تأليفه - كتاب الجهاد على قسمين ( أحدهما ) أبواب جهاد النفس ، وذكر فيها أكثر ما اصطلح عليه علماء الأخلاق بل وأصحاب السير والسلوك بعنوان الفقه.
مثل ما عنون : باب 1 وجوب جهاد النفس ، باب الفروض على الجوارح إلى آخره ، باب 3 جملة مما ينبغي القيام به من الحقوق الواجبة والمندوبة ، باب 4 استحباب ملازمة الصفات الحميدة واستعمالها وذكر نبذة منها ، إلى غيرها من الأبواب.
بل عنون الأعمال الجوانحية والقلبية عنوانا فقهيا ، مثل : باب 5 استحباب التفكر فيما يوجب الاعتبار والعمل ، باب 6 استحباب التخلق بمكارم الأخلاق إلى آخر أبواب جهاد النفس ، فالجهاد الأصغر الذي هو جميع الفقه الجوارحي - على ما هو المتعارف - متحد مع الجهاد الأكبر الذي هو تهذيب النفس وتكميل القوى ، الذي هو الفقه الجوانحي ، والكل يجمعها التقوى (1) الذي قد أمر اللّه تعالى به في القرآن العزيز.
ولعل الخطبة المنقولة عن مولى الموحدين يعسوب الدين أمير المؤمنين - عليه
ص: 7
صلوات المصلين - الموسومة ب- « خطبة همام » المشتملة على ذكر الأعمال الجوارحية والجوانحية أكبر شاهد على ما ذكرنا من رجوع الكل إلى التقوى ، فإنه - عليه السلام - بصدد بيان أوصاف المتقين التي سألها همام بقوله : ( صف لي المتقين ).
فلا محيض عن إرجاع كل ماله دخل في تربية الإنسان ووصوله إلى الكمال إلى الفقه ، فإنه الذي يهدي إلى الخروج عن حضيض الحيوانية إلى مدارج الإنسانية.
فالترغيب والتحريض على التفقه والتوبيخ على تركه ، المستفادة من قوله تعالى : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (1) إنما هي لأجل أن الوصول إلى الكمالات مولود منه ، فإن الظاهر أن المراد من الحذر هو الحذر من مطلق ما هو خلاف مصلحة السائر إلى اللّه تعالى.
فكل شأن من شؤون الإنسان يحتاج إلى مرتبة من مراتب الفقه
عباراتنا شتى وحسنك واحد *** وكل إلى ذاك الجمال يشير
والفقه العملي الناشئ عن تقوى القلب - الذي أشير إليه في قوله تعالى : ولباس التقوى ذلك خير (2) - هو من مراتب الفقه ، بل هو الفقه حقيقة (3).
فكما أن اللباس الظاهري ساتر للبدن وبه يستتر العيوب الظاهرة ، فالتقوى العملي أيضا بجميع مراتبه ساتر للعيوب الباطنية.
رزقنا اللّه وجميع إخواننا المؤمنين التقوى الجامع بحق النبي محمد وآله الأطهار.
ص: 8
ومن هنا قد شمر جمع كثير من الفطاحل (1) وجم غفير من الأفاضل ذيولهم من زمن الأئمة عليهم السلام ، بل من زمن الصادع بالشرع - عليه صلوات اللّه - لحفظ هذه الوديعة الإسلامية وسابقوا فيها.
ولقد يعجبنا أن ننقل شطرا من الحافظين لهذا العلم من زمن التابعين - رضوان اللّه عليهم أجمعين - فنقول بعون اللّه الملك الوهاب :
علي بن أبي رافع مولى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وآله - ، كان من فقهاء الشيعة وخواص أمير المؤمنين - عليه السلام - وكاتبه ، قال النجاشي في ذكر الطبقة الأولى من مصنفي الشيعة الإمامية :
علي بن أبي رافع (2) ( مولى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وآله - ) ، وهو تابعي من خيار الشيعة ، كانت له صحبة من أمير المؤمنين - عليه السلام - وكان كاتبا وحفظ كثيرا وجمع كتابا في فنون الفقه ، الوضوء والصلاة وسائر الأبواب ، تفقه على أمير المؤمنين - عليه السلام - وجمعه في أيامه ، وكانوا يعظمون هذا الكتاب (3).
فنحن نكتفي بما أودعه محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي - تغمده اللّه بغفرانه -
ص: 9
في رجاله من فقهاء الشيعة قال :
( تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه - عليه السلام - ) قال الكشي : اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر - عليه السلام - ، وأصحاب أبي عبد اللّه - عليه السلام - ، وانقادوا لهم بالفقه ، فقالوا : أفقه الأولين ستة : زرارة ، ومعروف بن خربوذ ، وبريد ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم الطائفي ، قالوا : وافقه الستة زرارة ، وقال بعضهم - مكان أبي بصير الأسدي - : أبو بصير المرادي ، وهو ليث بن البختري (1) ( إنتهى ).
وقال في الجزء الخامس منه :
( تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد اللّه - عليه السلام - ) اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ، وأقروا لهم بالفقه من دون أولئك الستة الذين عددناهم ، وسميناهم ستة نفر : جميل بن دراج ، وعبد اللّه بن مسكان ، وعبد اللّه بن بكير ، وحماد بن عثمان ، وحماد بن عيسى ، وأبان بن عثمان ، قالوا : وزعم أبو إسحاق الفقيه وهو تغلبة بن ميمون أفقه هؤلاء ، جميل بن دراج ، وهم أحداث أصحاب أبي عبد اللّه - عليه السلام - (2) ( إنتهى كلامه - رحمه اللّه - ).
وقال في الجزء السادس منه - ما هذا لفظه - :
( تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا - عليهما السلام - ) أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم وأقروا لهم بالفقه والعلم ، وهم ستة نفر آخر دون الستة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد اللّه - عليه السلام - ، منهم : يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى بياع السابري ،
ص: 10
ومحمد بن أبي عمير ، وعبد اللّه بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، وقال بعضهم - مكان الحسن بن محبوب - : الحسن بن علي بن فضال ، وفضالة بن أيوب ، وقال بعضهم - مكان فضالة بن أيوب - : عثمان بن عيسى ، وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى (1) ( انتهى كلامه - رحمه اللّه - ).
ومن شاء معرفة الفقهاء من أصحاب الأئمة - عليهم السلام - أزيد من هذا فليراجع تراجم الرجال ، وقد أحصى جماعة كثيرة منهم في تأسيس الشيعة فراجع (2).
وهكذا كان دأبهم وديدنهم في زمن الأئمة - عليهم السلام - إلى طول زمن الغيبة الصغرى إلى انقضاء عصر نيابة رابع النواب الأربعة عن الناحية المقدسة ، علي بن محمد السمري - رضي اللّه عنهم جميعا « - فظهر بعده أنجم زاهرة وإن كانت الشمس قد أخذت حجابها واستترت بالسحب المتراكمة - مثل علي بن موسى بن بابويه القمي المتوفى سنة - 329 - ، والحسن بن أبي عقيل العماني (3) ، ومحمد بن أحمد بن جنيد الإسكافي المتوفى سنة 381 على ما قيل كما في الكنى ، ومحمد بن علي بن بابويه ، ومحمد بن النعمان المفيد ، والسيدان الشريفان « المرتضى والرضي » ، ومحمد بن الحسن الطوسي وسالار بن عبد العزيز المعروف ب- « القاضي عبد العزيز البراج » ، وعلي بن حمزة الطوسي ونظرائهم - رضي اللّه تعالى عنهم جميعا » - ، وهكذا إلى أواسط القرن السابع ، فبرز في ذلك أعاظم أولي الفضائل الجمة وأفاضل أولو الفواضل مثل :
ص: 11
محمد بن الحسن المعروف ب- « المحقق خواجة نصير الملة والدين » ، والمحقق جعفر بن الحسن بن يحيى الحلي ، والعلامة الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي ، وقبلهم محمد بن إدريس الحلي ويحيى بن سعيد أبو المحقق ، ويحيى بن أحمد بن يحيى الحلي ابن عم المحقق الحلي وسبط ابن إدريس ، وحمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي صاحب الغنية - رضوان اللّه عليهم -.
كلهم علماء ، أتقياء ، وفقهاء أبرار ، ولكثير منهم أولاد ، وأحفاد ، وأسباط كانوا من الفقهاء الأخيار.
شكر اللّه مساعيهم الجميلة ، وجزاهم عن مشرع الأحكام خير الجزاء ، وحشرهم مع مواليهم الأئمة الأطهار - عليهم صلوات اللّه الملك الجبار -.
ثم إن من الفقهاء الذين يكل اللسان عن توصيفه : جعفر بن الحسن بن سعيد أبو القاسم المعروف ب- « المحقق » بقول مطلق الذي هو أفضل أهل زمانه باعتراف تلميذه العلامة - قدس سره - كما يأتي كلامه فيه.
وحيث إن هذا السفر الذي بين يديك تعليق على رموز مختصر الشرائع ، فالمناسب ذكر مختصر من أحواله - رحمه اللّه - ثم ذكر ترجمة معلقه الشارح - قدس سرهما - ثم ذكر الشروح التي تنورت بأنوار رؤوس أقلام العظماء فنقول :
قال ابن داود (1) في القسم الأول من رجاله ما هذا لفظه :
هو جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد (2) الحلي (3) ، شيخنا نجم الدين أبو القاسم المحقق المدقق الإمام العلامة ، واحد عصره كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة ، وأسرعهم استحضارا « قرأت عليه ، ورباني صغيرا » ، وكان له علي إحسان عظيم والتفات ، وأجاز لي جميع ما صنفه وقرأه ورواه وكل ما تصح روايته عنه (4) ( إنتهى موضع الحاجة ).
وقال العلامة - رحمه اللّه - في بعض إجازاته عند ذكر المحقق : كان أفضل أهل زمانه في الفقه ، وقال الشيخ في إجازته : لو ترك التقييد ب- « أهل زمانه » كان أصوب إذ لا رؤي في فقهائنا مثله (5) ( إنتهى ).
وعن تذكرة المتبحرين (6) - وهي تكملة أمل الآمل - أن حاله في الفضل والعلم والثقة والجلالة والتحقيق والتدقيق والفصاحة والشعر والأدب والانشاء وجميع العلوم والفضائل والمحاسن أشهر من أن يذكر ، وكان عظيم الشأن ، جليل القدر ،
ص: 13
رفيع المنزلة ، لا نظير له في زمانه (1) ( إنتهى موضع الحاجة ).
وهو أعلى وأجل من أن يصفه ، ويعد مناقبه وفضائله مثلي (2).
كنيته أبو القاسم ، وأما ألقابه فهو أول من لقب ب- « المحقق » بقول مطلق ، وأول من لقبه بذلك - على ما عثرنا عليه - تلميذه ابن داود والعلامة كما تقدم ثم تسلمه من تأخر عنه تسلما وقد يقيد ب- « المحقق الحلي » أو الأول وب « نجم الدين ».
وأما أساتذة المحقق ومن يروي عنهم ، فهم جماعة أجلاء أشهرهم :
(1) الفقيه الأجل نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة اللّه بن نما الحلي الربعي (3).
(2) السيد النسابة الجليل ، شمس الدين أبو علي فخار بن معد الموسوي.
(3) والده الحسن بن يحيى بن سعيد - إلى غير ذلك -.
قال السيد الصدر كما في أعلام العرب : وبرز من عالي مجلس تدريسه أكثر من أربع مائة مجتهد جهابذة ، وهذا لم يتفق لأحد قبله (4) ( إنتهى ).
نقول : ولم يعدوا من هؤلاء التلامذة الجهابذة إلا عددا قليلا نحن نذكرهم لئلا يخلو الكتاب من ذكر أسمائهم بالمرة :
(1) جمال الدين آية اللّه العلامة الحلي ابن أخت المحقق ، المتوفى 726.
ص: 14
(2) الشيخ رضي الدين علي بن يوسف صاحب « العدد القوية » أخو العلامة.
(3) السيد عبد الكريم بن طاووس صاحب « فرحة الغري » المتوفى سنة 693.
(4) الشيخ صفي الدين الحلي وهو ابن ابن عم المحقق لأن أباه يحيى صاحب « الجامع » (1) ابن عم المحقق.
(5) الوزير شرف الدين أبو القاسم علي بن الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي.
(6) الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح العباسي.
(7) الشيخ المحدث الفقيه جمال الدين يوسف بن حاتم الثاني صاحب كتاب « الدار النظيم في مناقب الأئمة اللّهاميم » - عليهم السلام - .
(8) الحسن بن داود الحلي.
(9) السيد جلال الدين محمد بن علي بن الطاووس « ابن السيد بن طاووس المعروف ».
(10) جلال الدين محمد بن محمد الهاشمي الحارثي شيخ الشهيد الأول.
(11) صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي الشاعر المشهور.
(12) جمال الدين أبو جعفر محمد بن علي القاشي.
(13) فخر الدين محمد بن العلامة الحلي (2) كما يستفاد من إجازة تلميذه الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي لأحمد بن فهد الحلي.
(14) نجم الدين طمان بن أحمد العاملي الشامي كما في إجازة الشيخ حسن
ص: 15
صاحب « المعالم ».
(15) جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي.
(16) الشيخ عز الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفي صاحب « كشف الرموز » في شرح النافع « الكتاب الذي بين يديك » - رضوان اللّه عليهم أجمعين - إلى غير هؤلاء من تلامذته - كثر اللّه أمثالهم -.
قال ابن داود في جملة كلام المتقدم : له تصانيف حسنة محققة مقروة محررة عذبة فمنها :
(1) كتاب شرايع الإسلام ، مجلدان.
(2) كتاب النافع في مختصره ، مجلد.
(3) كتاب المعتبر في شرح المختصر ، لم يتم ، مجلدان.
(4) كتاب نكت النهاية ، مجلد.
(5) كتاب المسائل الغرية ، مجلد.
(6) كتاب المسائل المصرية ، مجلد.
(7) كتاب المسلك في أصول الدين ، مجلد.
(8) كتاب المعارج في أصول الفقه ، مجلد.
(9) كتاب الكهنة في المنطق ، مجلد (1).
وعن تذكرة المتبحرين للشيخ الحر العاملي - رحمه اللّه - بعد توصيفه بما تقدم م ألفاظه قال :
وله كتب - فعد ما نقلناه عن بن داود ثم قال وزاد :
(10) رسالة التياسر في القبلة.
ص: 16
(11) كتاب نهج الوصول إلى علم الأصول (1).
ونقل في مقدمة كتاب الشرائع المطبوع 1389 بالنجف الأشرف.
(12) مختصر مراسم سلار.
قال الشيخ يوسف البحراني في إجازته الكبيرة - بعد توصيفه ما لفظه - :
وكان أبوه الحسن من الفضلاء المذكورين ، وجده يحيى من العلماء الأجلاء المشهورين ، وقال بعض الأجلاء الأعلام من المتأخرين : رأيت بخط بعض الأفاضل ما صورة عبارته :
في صبح يوم الخميس ثالث عشر ربيع الآخر سنة ستة وسبعين وست مائة (676) سقط الشيخ الفقيه المحقق أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد من أعلى درجة في داره فخر ميتا لوقته من غير نطق ولا حركة ، فتفجع الناس لوفاته واجتمع لجنازته خلق كثير ، وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين - عليه السلام - وسئل عن مولده ، فقال : سنتين وست مائة.
أقول : وعلى ما ذكره هذا الفاضل يكون عمر المحقق المذكور أربعا وسبعين (74) سنة ( إنتهى كلام البحراني ) (2).
في روضات الجنات : وعن بعض تلامذة صاحب البحار أنه توفي سنة ستة وعشرين وسبع مائة (726) عن ثمان وثمانين (88) سنة (3) ( إنتهى ).
نقول : وعلى الأخير يكون مولده سنة 638 لا 602 كما تقدم ، والأمر سهل ، والمشهور المعروف الأول.
ص: 17
قد سمعت من عبارة بعض الأفاضل أنه نقل إلى مشهد أمير المؤمنين - عليه السلام - ، لكل نقل عن الحائري في المنتهى إنكار ذلك.
قال في تنقيح المقال : قال الحائري في المنتهى (1) بعد نقله : إن ما نقله - رحمه اللّه - من حمله إلى مشهد أمير المؤمنين عجيب ، فإن الشايع عند الخاص والعام أن قبره - طاب ثراه - بالحلة ، وهو مزار معروف ، وعليه قبة ، وله خدام يخدمون ، يتوارثون ذلك أبا عن جد ، وقد خرجت عمارته منذ سنين ، فأمر الأستاذ (2) العلامة - دام علاه - بعض أهل الحلة فعمروها ، وقد تشرفت بزيارته قبل ذلك وبعده ، واللّه العالم (3) ( إنتهى ).
ثم قال في التنقيح : وأقول : إن قبره في الحلة كما ذكره إلا أن المطلع على سيرة القدماء يعلم أنهم - من باب التقية من العامة - كانوا يدفنون الميت ببلد موته ثم ينقلون جنازته خفية إلى مشهد من المشاهد.
وقد دفنوا المفيد - رحمه اللّه - في داره ببغداد ثم حمل بعد سنين إلى الكاظمية ، ودفن عند قولويه (4) تحت رجل الجواد - عليه السلام -.
ص: 18
ودفنوا السيد الرضي والمرتضى وأباهما بالكاظمية ثم نقلوهم خفية إلى كربلاء ودفنوهم بجنب قبر جدهم السيد إبراهيم الذي هو في رواق سيد الشهداء - عليه السلام - كما صرح بذلك العلامة الطباطبائي في رجاله.
وكذا صرح في حق المحقق - على ما ببالي - بنقل جنازته بعد حين إلى النجف الأشرف وقبره هنا وإن كان غير معروف إلا أن المنقول عن بحر العلوم بأنه كان يقف بين باب الرواق وبابي الحرم المطهر في وسط الرواق ، فسئل فقال : إني أقرأ الفاتحة للمحقق فإنه مدفون هنا - أي في وسط الرواق بين الباب الأول وبين الأسطوانة التي بين بابي الحضرة المقدسة ، واللّه العالم والأمر سهل ( إنتهى ) ما في التنقيح ).
وفي مقدمة الشرائع المطبوع 1389 هكذا :
ولكن السيد الحسن صدر الدين الكاظمي - كما في هامش اللؤلؤة (1) قال : وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين - عليه السلام - ، المعروف بمشهد الشمس بالحلة وقبره هناك ، وقد وهم بعض المتأخرين وظن أنه حمل إلى النجف الأشرف ، ثم قال سيدنا الصدر - رحمه اللّه - : وكذا وجدته بخط الشيخ زين الدين علي بن فضل اللّه بن هيكل تلميذ الشيخ أحمد بن فهد .. ( إنتهى ).
هذا كله نبذة قليلة من ترجمة المحقق مصنف متن الكتاب الذي بين يديك.
فقد سمعت عند ذكر أسماء تلاميذ المحقق أنه :
ص: 19
عز الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفي (1) - رحمة اللّه ورضوانه عليه -.
ابن زينب ، أو ابن ربيب - شارح النافع - تلميذ المحقق ، الفاضل الآبي (2) كاشف الرموز.
عالم فاضل محقق فقيه قوي الفقاهة - إلى أن قال - : وشهرة هذا الرجل دون فضله ، وعلمه أكثر من ذكره.
وكتابه « كشف الرموز » كتاب حسن مشتمل على فوائد كثيرة وتنبيهات جيدة مع ذكر الأقوال ، والأدلة على سبيل الإيجاز والاختصار ، ويختص بالنقل عن السيد ابن طاووس ، أبي الفضائل في كثير من المسائل.
وله مع شيخه المحقق - رحمه اللّه - مخالفات ومباحثات في كثير من المواضع - إلى أن قال : - وعندي من كتابه نسخة قديمة بخط بعض العلماء ، وعليها خط المجلسي - طاب ثراه - وفي آخرها أن فراغه من تأليف الكتاب سنة اثنتين وسبعين وست مائة (672) وتاريخ نقل النسخة سنة ثمان وستين وسبع مائة (768) (3) ( إنتهى ).
ثم ذكر في تنقيح المقال استظهار العلامة الطباطبائي - رحمه اللّه - أن تأليف كشف الرموز كان قبل تأليف العلامة للمختلف.
ص: 20
لم نعثر على شئ منها ، نعم يستفاد مما نقله في التنقيح عن العلامة الطباطبائي أن شرحه هذا بتمامه كان حال حياة شيخه المحقق ، فإن وفاة المحقق كما سمعت سنة 676 ، وفراغ تلميذه من هذا الشرح كما سمعت من التنقيح كان في سنة 672 ، ولذا عبر - في جميع الموارد التي نقل عن شيخه المحقق - بقوله - رحمه اللّه - : قال « دام ظله » ولم يقل « رحمه اللّه » واللّه العالم.
هو مختصر الشرائع - أي شرايع الإسلام - تصنيف المحقق الحلي الذي مر في القسم الأول ص 47 ، ويقال « النافع في مختصر الشرائع » ولذا سمى القطيفي شرحه له ب- « إيضاح النافع ».
وهو من المتون الفقهية الجعفرية التي عول عليها كافة الفقهاء ودارت عليها رحى التدريس والتعليق والشرح من لدن عصر المؤلف حتى اليوم.
ولقد قيض (1) اللّه سبحانه - بعد انقضاء العصور المظلمة - عدة من رجال الدين النابهين المتنورين المصلحين ، المجتهدين في اتحاد كلمة المسلمين والدفاع عن دسائس المستعمرين فاتفقوا على طبع هذا الكتاب (2) النافع لكافة علماء الدين ، على نفقة أوقاف مصر بعناية سعادة الوزير الباقوري وتقديم مقدمته الكاشفة عن خلوص نيته ، وقرروا التدريس فيه في الأزهر كما يدرس فيه فقه المذاهب الأربعة (3) ( إنتهى ).
ص: 21
ويخطر بالبال أن سيدنا الأستاذ الأكبر المرجع الديني الحاج آقا حسين البروجردي - قدس سره - كان يكثر في تمجيد هذا الكتاب المستطاب ، وقد طبع بإشارته في مصر آلاف متعددة حتى صار من الكتب الرسمية في مدارس مصر بأمر وزير أوقاف مصر بإشارة المرجع المذكور - قدس سره -.
وبالجملة كثرة توجه أعاظم الفقهاء إلى هذا السفر القيم وشرحه والتعليق عليه قرينة على عظم شأنه العلمي.
ولما كان متن هذا الكتاب - أعني المختصر النافع - موردا الأنظار الأكابر من العلماء قديما وحديثا فالمناسب ذكر تعداد المشروح التي خرجت من رؤوس أقلام العلماء الأخيار مطبوعة ومخطوطة.
فنقول بعون الملك الوهاب :
إن العلامة بحر العلوم الطباطبائي - قدس سره - ما نقله عنه في تنقيح المقال قال : - إنه - يعني كاشف الرموز - أحد تلامذة المحقق وشارح كتابه النافع المسمى ب « كشف الرموز » وهو أول من شرح هذا الكتاب ... إلى آخره.
نقول : لعل مرا ده قدس سره - أول من شرح جميع كتب المختصر ، وإلا فالمحقق نفسه هو أول من شرحه إلى أوائل الحج ، وسماه ب- « المعتبر » في شرح المختصر ، ويمكن إرادة الشرح من غيره ، والأمر سهل.
(1) المعتبر للمحقق نفسه.
(2) هذا الكتاب الذي بين يديك للحسن بن أبي طالب الآبي كما عرفته.
(3) التنقيح الرابع في مختصر الشرايع للفاضل المقداد أو الفاضل السيوري
ص: 22
صاحب « شرح الباب الحادي عشر » المتوفى سنة 826 (1).
(4) المهذب البارع في شرح المختصر النافع للشيخ جمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلي الأسدي المتوفى سنة 841.
(5) إيضاح النافع للشيخ إبراهيم بن سليمان البحراني القطيفي (2) ، معاصر المحقق الكركي ينقل عنه العلامة المحقق الأنصاري في كتاب المكاسب.
(6) شرح المختصر النافع للشيخ علي بن إبراهيم القطيفي من أعلام القرن العاشر كما مر في القسم الأول من هذا الجزء ( ج 14 ص 145 ) بعنوان « شرح ترددات النافع في مختصر الشرائع ».
(7) شرح المختصر النافع للمولى أمن أوله إلى نهاية الصوم مجلد كبير بخط المؤلف ، آخره : إنتهى شرح كتاب الصوم على يد مؤلفه الفقير القليل البضاعة محمد أمين في ع 2 سنة 1239 .. إلى آخره.
(8) شرح المختصر النافع للشيخ أحمد بن محمد بن علي البحراني ذكره الشيخ سليمان الماحوزي في رسالته في علماء البحرين ، وقال : إن أكثر مشايخنا كانوا من تلامذته ، وحكى عن شيخه العلامة أنه أجاز في شرحه هذا لكنه ما تممه.
(9) شرح المختصر النافع للسيد محمد تقي بن عبد الرضا الخشتي الموسوم ب- « طوالع اللوامع » فرغ منه عام 1270.
(10) شرح المختصر النافع لآغا محمد جعفر بن محمد علي الكرمانشاهي المتوفى حدود 1250 ، ذكره أخوه قال : لكنه لم يتم ، بل خرج منه قريب ستة آلاف بيت إلى بحث الأغسال ، كتبه في قم في نيف وعشرة بعد المائتين والألف.
(11) شرح المختصر النافع لآغا أحمد بن آغا محمد علي الكرمانشاهي.
(12) شرح المختصر النافع للشيخ إبراهيم بن محمد الغروي المتوفى 1304.
ص: 23
رأيت مجلد العتق منه عند الشيخ محمد شمس الدين فرغ منه 1300.
(13) شرح المختصر النافع للشيخ عبد اللّه بن عباس الستري البحراني المتوفى في حدود سنة 1270 ، عن عمر يقارب الثمانين ، ويسمى ب- كنز المسائل أيضا.
(14) شرح المختصر النافع للمولى عبد الصمد الهمداني الحائري ، الشهيد سنة 1216 ، رأيت قطعة منه من اللقطة إلى المواريث بخطه الشريف عند السادة آل الخرسان في النجف الأشرف بعنوان قوله : « حاويا لنقل الأقوال والأخبار والتحقيقات » وهو أبسط من الرياض بكثير.
(15) شرح المختصر النافع للأمير شرف الدين علي بن حجة اللّه الشولستاني شيخ العلامة المجلسي فرغ منه سنة 1060 ويسمى ب- كنز العمال أيضا.
(16) شرح المختصر النافع الكبير ، اسمه « رياض المسائل وحياض الدلائل » للعلامة المير السيد علي بن محمد بن علي بن أبي المعالي المتوفى سنة 1231 ، وهو ابن أخت الوحيد البهبهاني ، وصهره على بنته ، طبع مكررا « ، وله شرح آخر » الصغير من الكبير ، موجود في : مكتبة كاشف الغطاء ، مكتبة السيد محمد صادق آل بحر العلوم (1).
(17) شرح المختصر النافع للسيد رضا الشيرازي ، اسمه « الأنوار الرضوية » طبع منه مجلد كبير سنة 1287.
(18) شرح المختصر النافع للأمير السيد حسن بن الأمير ، السيد علي بن الأمير ، السيد محمد باقر ابن الأمير إسماعيل الواعظ الاصفهاني ، الشهير ب- الأمير السيد حسن المدرس كان تلميذ شريف العلماء ، وصاحب الجواهر ، والحاج محمد إبراهيم الكلباسي ، والحكيم المولى علي النوري وغيرهم ، وكان معاصرا للعلامة الأنصاري ، بل يرجحه عليه تلميذه العلامة الميرزا هاشم الچهارسوقي ، ومن جملة تلاميذه السيد المجدد الشيرازي المتوفى 1312 ، شرح مبسوط إلا أنه لم يتم ذكره الچهارسوقي ،
ص: 24
ويأتي أن له فقها استدلاليا خرج منه الطهارة وبعض الصلاة والظاهر أنه هذا الشرح.
(19) شرح المختصر النافع للشيخ محمد رحيم البروجردي المجاور للمشهد الرضوي المتوفى بها في نيف وثلاث مائة وألف ، ذكره الفاضل في « مطلع الشمس ».
(20) شرح المختصر النافع للسيد علي بن محمد رضا آل بحر العلوم المتوفى 1298 في ثلاث مجلدات ويسمى ب- البرهان القاطع أيضا.
(21) شرح المختصر النافع للمولى علي أصغر بن المولى محمد حسن البيرجندي شيخ رواية المولى العلامة الشيخ محمد باقر البيرجندي ، ذكره في « بغية الطالب ».
(22) شرح المختصر النافع للسيد المير محمد بن السيد محمد علي الكاشاني المتوفى سنة 1294 اسمه « تكميل الأحكام » ذكره تلميذه المولى حبيب اللّه في « لب الألقاب » ص 79.
(23) شرح المختصر النافع للشيخ فخر الدين محمد بن أحمد بن طريح النجفي المتوفى 1085 اسمه « الضياء اللامع ».
(24) شرح المختصر النافع للسيد محمد بن علي بن أبي الحسن العاملي صاحب « المدارك » المتوفى سنة 1009 اسمه « غاية المرام » ورأيت عند التقوي بطهران نسخة سماه فيها « هدية الطالبين » ورأيت أحد مجلداته من كتاب النكاح إلى آخر النذر بخط بعض تلامذته في مكتبة سيدنا الحسن صدر الدين ، تاريخ فراغه السنة السابعة بعد الألف.
(25) شرح المختصر النافع للسيد محمد بن السيد حسن بن السيد محسن المقدس الأعرجي الكاظمي صاحب « المحصول » الذي توفي 1299 ، وشرحه انتهى فيه إلى آخر العبادات موجود عند أحفاده.
(26) شرح المختصر النافع للسيد نور الدين العاملي أخي صاحب « المدارك » المتوفى 1068 اسمه « غرر الجامع » مبسوط لم يتم.
ص: 25
(27) شرح المختصر النافع للسيد محمد الهندي النجفي المتوفى بها سنة 1323 ودفن في داره بمحلة الحويش.
(28) شرح المختصر النافع للشيخ محمود الجابلقي من كبار تلامذة المحقق الكركي ، ويروي عنه السيد حسين بن حيدر الكركي عن السيد شجاع الدين محمود المازندراني جد سلطان العلماء عن الشيخ محمود الجابلقي هذا عن المحقق الشيخ علي الكركي.
(29) شرح المختصر النافع لآية اللّه السيد محسن الحكيم الطباطبائي - قدس سره - إلى آخر مبحث الدماء ، هو أول ما كتبه في الفقه فرغ منه 1331.
(30) شرح المختصر النافع لآية اللّه العظمى الحاج السيد أحمد الخوانساري - قدس سره - فرغ منه سنة 1401.
(31) شرح المختصر النافع للمولى (1) فضل اللّه المعاصر للعلامة الحلي ، ولم أعرف منه شيئا ، ولعله الموجود في مكتبة كاشف الغطاء ضمن مجموعة رقم (15) (2) من الطهارة إلى آخر صلاة الآيات ، قال في أوله : هذه فوائد علقتها على كتاب النافع مختصر الشرايع لبيان ما يعتمد عليه في الفتوى مما تردد فيه صاحب الكتاب أو أفتى فيه بخلاف ما يقتضيه الدليل.
هذه مجموع الشروح التي أكثرها مذكورة في ( الذريعة إلى تصانيف الشيعة ) للعلامة المتتبع الخبير الحاج الشيخ آغا بزرك الطهراني - شكر اللّه سعيه وجزاه اللّه عن المؤلفين خير الجزاء -.
وعليك بالتتبع في آثار الفقهاء لعلك تعثر على ما زاد على ذلك إذ لم يدع صاحب الذريعة أيضا أنها جميع ما اطلع عليه ، ولذا قال : ونذكر هنا بعض ما اطلعنا
ص: 26
عليه من شروحه (1).
وقد سمعت من صاحب الذريعة أن متنه مما عول عليه كافة الفقهاء .. إلى آخره (2).
وكفاك في الغرض من شرحه ملاحظة الكتاب التي هي بمنزلة المقدمة لهذا الشرح ، ولقد أتى شارحه كاشف الرموز بما هو المطلوب فلاحظ.
أما المتن
نسخة مطبوعة في « دار الكتاب العربي » بمصر تحت نظارة وزارة الأوقاف المصرية ، وعليها مقدمة للشيخ العلامة الحجة محمد تقي القمي مدير « دار التقريب » بمصر ، وتاريخ طبعها سنة 1376 من الهجرة النبوية القمرية.
(2) متن الرياض الذي هو أحد الشروح للنافع المطبوع في سنة 1307 من الهجرة النبوية القمرية.
(3) نسخة مخطوطة بخط حسن ، وعليها حواش عربية وفارسية موضحة لبعض مجملات الكتاب ، وهي قديمة جدا على ما يستفاد من القرائن الخارجية وحيث إنها تكون ناقصة في آخرها بصفحة واحدة لم يعرف تاريخ كتابتها.
نعم لما كانت وقفا كتب في أوائلها تاريخ وقفها هكذا : جرى ذلك في أربع وعشرين من شعبان المعظم 1225.
فإليك ب- « نسخها » :
ص: 27
(1) نسخة عتيقه جيدة الخط تامة من أول الكتاب إلى آخره مشتملة على خطبة الكتاب للشارح كثيرة الفائدة ، وفي آخرها : وقع الفراغ من تنميقه في شهر شعبان المعظم لسنة خمس عشر وتسع مائة هجرية نبوية ، اللّهم اغفر لمصنفه ولكاتبه وخلد ظل صاحبه ( إنتهى ) وهذه النسخة أهداها السيد السعيد الطباطبائي إلى « مكتبة مسجد گوهر شاد ».
(2) نسخة ثمينة مخطوطة بخط حسن مشتملة على خطبة الكتاب تامة من أولها إلى آخرها مشتملة على تاريخ أصل الشرح ، ولفظه هكذا :
واتفق الفراغ مصنفه في شعبان سنة اثنين وسبعين وست مائة ( إنتهى ).
ولم يعلم تاريخ كتابة هذه النسخة ، وهذه النسخة أهديت من « مكتبة مشكاة » وهي أصح النسخ وأمتنها.
(3) نسخة عتيقة ناقصة الأول - إلى أوائل بحث الأذان وفصوله - وفي آخرها هكذا : واتفق الفراغ والاتمام في الخامس عشر من شهر اللّه الحرام سنة ثمانية وثلاثين وتسع مائة من الهجرة النبوية - صلوات اللّه على مشرفها - في بلدة شيراز على يد العبد الفقير .. (1) العمروي حامدا مصليا مسلما على محمد وآله - عليهم السلام -.
(4) نسخة عتيقة تامة ، لكن من أول كتاب الطهارة إلى آخر الكتاب جيدة الخط غير مؤرخة ، عليها بعض الحواشي على بعض مواضع الكتاب ، وعليها بعض علائم المقابلة والقراءة ، وفي أولها بعض العبارات الذي لا يليق بأن يكون من الشارح - قدس سره - ونقلها غير نافع ، بل قادح وهذه النسخة من مكتبة سماحة آية اللّه العظمى السيد شهاب الدين النجفي الحسيني المرعشي - دام ظله -.
(5) نسخة عتيقة غير مؤرخة من أول كتاب الطهارة إلى أواسط كتاب القصاص ناقصة وهي أيضا في عدم وجود الخطبة واشتمالها في أولها على ما لا يليق
ص: 28
نقله - من مكتبته أيضا - دام ظله -.
(6) صورة فتوغرافية من نسخة أخرى تامة من مكتبته أيضا دام ظله جيدة الخط وفي آخرها هكذا :
تم الكتاب بعون اللّه تعالى وحسن توفيقه ( إلى أن قال : ) على يد العبد الفقير إلى رحمة ربه وشفاعة نبيه محمد وآله الطاهرين علي بن شمروخ تقريبا في أضاحي نهار الثلاثاء ثامن عشر من شهر اللّه الحرام الأصب رجب المبارك من سنة ثمان وستين وسبعمائة هلالية من الهجرة.
هذا السفر القيم لما كان مرجعا منذ ألف لأكابر من تأخر عن مؤلفه من الأكابر والأجلة ، لا محالة يحصل دواعي المستفيدين لاستنساخه.
ولما كان المستنسخون مختلفين حسب مراتب دركهم والتعجيل والتأني في الاستنساخ ، يلزمه اختلاف النسخ ، ولا سيما إذا كانت النسخة الأصلية غير مقروة على مؤلفة ، ثم على المشايخ العظام ، أو لم يدقق هو في الاستنساخ أو لم يعمل الدقة في التصحيح لدى القراءة والمقابلة.
ولازم ذلك كله حصول الاشتباه والخطأ والاختلاف ، ولذا كانت النسخ الموجودة عندنا مختلفة غاية الاختلاف فرب كلمة أو جملة وجدت في إحداها ولم توجد في الأخرى ، أو وجدت كلمة أو جملة أخرى في الثالثة أو كانت الكلمتان في الرابعة أو لم توجد واحدة منهما في الخامسة ، فالاختلاف في النسخ من جهات تلي :
1 - من حيث السقط وعدمه.
2 - من حيث الخطأ في الكلمة وعدمه
3 - في نقل الرواية سندا تارة ومتن الحديث أخرى.
4 - في ذكر مآخذ الأحاديث ، فرب حديث ذكر في النسخة أنه من الكافي مثلا وهو غير موجود فيه بل موجود في غيره من الكتب الحديثية أو بالعكس.
ص: 29
فلذا رأينا أن لا نكتفي بما في النسخ ، بل علمنا بما يلي :
1 - إسقاط الألفاظ المغلوطة قطعا وعدم ضبطها أصلا.
2 - اختيار ما هو الأصح أو الصحيح من النسخ - أي نسخة من النسخ الستة التي كانت عندنا - وجعله أصلا وجعل علامة ( خ ل ) أو ( خ ) أو ( كا ) للكافي و ( يب ) للتهذيب و ( قيه ) للفقيه و ( ئل ) للوسائل.
وأضفنا إلى ذلك ما يلي :
1 - توضيح بعض الألفاظ المجملة أو الغامضة غير مأنوسة الاستعمال ، أو غير بينه المراد بقدر ما يقتضي الضرورة ، فإن الضرورات تقدر بقدرها.
2 - ذكر مواضع الآيات أو الروايات وغيرها وتعيين محلها من الوسائل وغيره.
3 - مقابلة الأكثر الأحاديث المستدل بها مع المآخذ المنقولة منها.
4 - نقل تمام الحديث - أحيانا « - الذي لم يكن موجودا » في النسخ أصلا ، أو كان سقط شئ منها ، إلى غير ذلك من التدقيقات.
فصار مجموع ما ذكر - بحمد اللّه بمنزلة نسخة صحيحة - نرجو من اللّه أن يصير مقبولا لدى جنابه ، وأن يجعله ذخرا لنا ولجميع من أعان وسعى وجد واجتهد لنشر هذا التراث العلمي بحق ولي العصر الحجة ابن الحسن العسكري عليه وعلى آبائه الكرام الهداة المهديين ألف ثناء وتحية وصلى اللّه على محمد وآله البررة هداة البرية الذين لا صلاة لمن لم يصل عليهم.
ص: 30
الصورة
ص: 31
الصورة
ص: 32
الصورة
ص: 33
الصورة
ص: 34
الصورة
ص: 35
الصورة
ص: 36
بسم اللّه الرحمن الرحيم
يقول (1) العبد الضعيف ، الراجي عفو ربه ، الحسن بن أبي طالب اليوسفي الآبي.
حمدا لمنعم لا يحمد إلا بنعمته ، وصلاة على سيد لا نرحم إلا بصلته ، وتمسكا بشريف لا يقبل الطاعة إلا بمحبته ، ومحبة عترته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (2).
وبعد فلما وفقني ربي - عظمت نعمته - إرشاد المصالح ، وألهمني معرفة الصالح والطالح ، نظرت بعين صافية محفوظة من العنادية ، تحصيلا للنجاة الأبدية ، وزلفى إلى الحضرة القدسية ، رأيتها مقرونة بحبال المعارف العلمية ، موصولة إلى الوظائف العملية ، مشدودة بضبط العلماء الذين هم ورثة الأنبياء فتعين الجثوم ( الجثو خ ) (3) على ركبة التحصيل بين يديهم ، والقصد إلى سواء السبيل إليهم.
فاتفق - بالطالع المسعود والرأي المحمود - توجهي إلى الحلة السيفية - حماها اللّه من
ص: 37
النوائب ، وجنبها من الشوائب - فقرأت عند الوصول (1) بلدة طيبة ورب غفور (2).
فكم بها من أعيان العلماء بهم التقيت ، والمعارف الفقهاء ، بأيهم اقتديت اهتديت ، وكان صدر جريدتها ، وبيت قصيدتها - جمال كمالها وكمال جمالها - الشيخ الفاضل ( العالم خ ) الكامل عين أعيان العلماء ، ورأس رؤساء الفضلاء ، نجم الدين حجة الإسلام ( والمسلمين ) أبا القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد عظم اللّه قدره وطول عمره.
فاستسعدت ( فاستعدت خ ) ببهاء طلعته ، واستفدت من جنى ثمرته في كل فصل من كل فن ، وصرفت أكثر همى وسابق فهمي إلى العلوم الدينية الفقهية والكلامية ، إذ لا تدرك إلا بكمال العقل ، وصفاء الذهن وعليها مدار الدين ، وتحقيق اليقين.
يشهد بذلك الكلام النبوي صلى اللّه عليه وآله ( صلوات اللّه على قائله خ ) لكل شئ عماد وعماد هذا الدين الفقه ( التفقه خ ) (3) وهو الرتبة العالية والدرجة السامية ما بذلت لكل راغب ، ولا سهلت لكل طالب ، بل خص اللّه بها قوما ومنع ( منعها خ ) آخرين ، ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم (4).
فلما فرغت من بحث كتابة الشرايع ومنتخبه النافع في الشرايع عنيت قرير ناظر العين ، قرين ناظر العيش مستريحا من مناقشة المتعلمين ، ومنافثة المعلمين ، وخلعت العذار (5) على العود ، ورفضت مرحا ( ورقعت مدحا خ ) للسير ، لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (6).
ص: 38
فالتمس مني بعض إخواني في الدين ، ورفقائي في طلب اليقين ، حسن الظن بي - والظن يخطئ ويصيب - أن اكشف قناع الإشكال عن رموزات كتاب النافع ، أعني كتاب مختصر الشرايع ، إذ هي إشارة إما إلى أقوال الأصحاب ، وفتاويهم وأخبارهم وأحاديثهم ، وإما إلى مدلول الأصول المسلمة والاطلاقات المشهورة ، ويصعب على المبتدي ، بل على المنتهي حفظها ، ويشكل ضبطها احتياطا لها إلى مطالعة الكتب وممارستها ، وتكرار الأنظار ومداومتها.
فوجدت طاعته راحة ، وإجابته طاعة ، فقمت به ، مستعينا بمسبب الأسباب ، ومسهل الصعاب ، وشرطت أن لا أجاوز من ( عن خ ) شرح الرمز إلى حل اللفظ ، إلا في الندرة ، مع ماس الحاجة ، وأن لا أخل بإيضاح الرموز ، إلا ما زاغ البصر ، واستغنى منه ، واللّه ولي التوفيق.
( الأولى ) قد قرر المصنف أدام اللّه ظله أن كل ما في كتابه من قوله : ( الأشهر ) يعني به من الروايات المختلفة ( والأظهر ) (1) في فتاوى الأصحاب ، ( والأشبه ) ما تدل عليه أصول المذهب ، من العمومات والاطلاقات ، أو دلالة عقل ، أو تمسك بالأصل ، وفي معناه ، ( الأنسب والأصح ) من الأقوال مما لا يحتمل عند المصنف ، ويستعمل ( الأحوط ) بمعنى المندوب والأولوية.
( المقدمة الثانية ) وقد أودعت - في هذا الكتاب مما استدللت به - الروايات المستعملة غير الشاذة والنادرة (2) واجتهدت في إيراد الأصح منها فالأصح ، اللّهم إلا استعملها المشايخ في فتاويهم ، فأوردتها ، والنظر إلى علمهم لا إليها ، واقتصرت في الاستدلالات على ألفاظ محورة ( محررة خ ) وعبارة مقتصرة ( مقتصرة خ ) غير مخلة
ص: 39
( غير مطنبة خ ) حذار الإضجار ومخافة الإملال.
( المقدمة الثالثة ) قد اقتصرت في ذكر أقوال الأصحاب على المشايخ الأعيان الذين هم قدوة الإمامية ورؤساء الشيعة ، الشيخ جليل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، والشيخ المفيد ، والمرتضى علم الهدى ، والفقيه علي بن بابويه ، وابنه أبو جعفر محمد بن علي ، والحسن بن أبي عقيل العماني ، وأبو الصلاح علي بن تقي الحلبي ، وأبو يعلى سلار ، ومحمد بن إدريس الحلي.
وأخللت بذكر متابعي الشيخ ، إذ به غنية عنهم ، وربما أفرد بذكر القاضي عبد العزيز بن البراج ، والشيخ السعيد قطب الدين الراوندي صاحب المغني والرايع (1) والشيخ العميد عماد الدين الطوسي صاحب الواسطة والوسيلة ، تغمدهم اللّه برحمته ، وحشرهم مع النبي صلى اللّه عليه وآله وعترته عليهم الصلاة والسلام.
وأخللت بذكر ابن الجنيد (2) إلا نادرا ، لما ذكر الشيخ أبو جعفر أنه كان يقول بالقياس ، فتركت تصانيفه.
وقد أعبر عن المصنف ب- ( شيخنا ) دام ظله ، وعن أبي جعفر الطوسي ب- ( الشيخ ) وعنه وعن المفيد ب- ( الشيخين ) وعنهما مع المرتضى ب- ( الثلاثة ) وعن محمد بن إدريس الحلي ب- ( المتأخر ) إذ رجح على متأخري زمانه لحسن ( بحسن خ ) النظر وتدقيقه في أصل الفقه وتفريعه ( تعريفه خ ) ولعمري لقد نبه على مواضع ، ولكن أخفاء بجفائه
ص: 40
على الشيخ ، والإقدام ( الاقدار خ ) على منع العقل ، واللّه أعلم بعواقب الأمور وصوابها.
وسميت ( وسمت خ ) الكتاب بكشف الرموز ، متضرعا إلى اللّه تعالى أن يكون اسما ( اسمه خ ) موافقا لمسماه ، وأن يجعلنا ممن أقام بمدعاه (1) وهذا حين الشروع ، وباللّه التوفيق.
ص: 41
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي صغرت في عظمته عبادة العابدين ، وحصرت عن شكر نعمته ألسنة الحامدين ، وقصرت عن وصف كماله أفكار العالمين ، وحسرت (1) عن إدراك جلاله أبصار العالمين ، « ذلكم اللّه ربكم لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الذين ».
وصلى اللّه على أكرم المرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، محمد خاتم النبيين ، وعلى عترته الطاهرين ، وذريته الأكرمين ، صلاة تقصم (2) ظهور الملحدين ، وترغم نوف الجاحدين.
أما بعد : فإني مورد لك في هذا المختصر خلاصة المذهب المعتبر ، بألفاظ محبرة (3) وعبارات محررة ، تظفرك بنخبه (4) ، وتوصلك إلى شعبه ، مقتصرا « على ما بان لي سبيله ، ووضح لي دليله ، فإن أحللت فطنتك في مغانيه ، وأجلت (5) رويتك في معانيه ، كنت حقيقا » أن تفوز بالطلب ، وتعد في حاملي المذهب.
وأنا أسأل اللّه لي ولك الإمداد بالإسعاد (6) ، والإرشاد إلى المراد ، والتوفيق للسداد ، والعصمة من الخلل في الإيراد ، إنه أعظم من أفاد ، وأكرم من سئل فجاد.
ص: 42
ص: 43
كتاب الطهارة
وأركانها أربعة :
______________________________________________________
وهو في اللغة النظافة ، ولما كان موضوعها في الاصطلاح مشهورا ، وما كانت الحاجة تمس إلى بيانها شديدا ، عدل عنه ( دام ظله ) هنا.
واختلف فقهاؤنا في تعريفها والأكثر منقوض ، والكلام فيه يطول ( مطول خ ) ، ورسمها شيخنا في الشرايع أنها اسم للوضوء أو الغسل أو التيمم على وجه له تأثير في استباحة الصلاة.
وفيه بحث ليس هنا موضع ذكره لما شرطنا (1).
« قال دام ظله » : وأركانها أربعة.
ركن الشئ جانبه الأقوى قال اللّه تعالى : أو آوى إلى ركن شديد (2) فجعل هذه الأربعة أركانا لكتاب الطهارة لأنه لا يتقوم بدون كل واحد منها.
« قال دام ظله » : الأول في المياه.
ص: 44
والنظر في المطلق والمضاف والأسئار.
أما المطلق : فهو في الأصل طاهر ومطهر ، يرفع الحدث ويزيل الخبث.
وكله ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه ، ولا ينجس الجاري منه بالملاقاة ، ولا الكثير من الراكد ، وحكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة ، وكذا ماء الغيث حال نزوله.
وينجس القليل من الراكد بالملاقاة على الأصح.
______________________________________________________
قلت : قدم هذا الركن على الثاني ، لأن الثاني محتاج ، وهو محتاج إليه والمحتاج إليه مقدم على المحتاج ، أما تقديم الثاني على الثالث ، والثالث على الرابع ، فسنذكره إن شاء اللّه.
« قال دام ظله » : والنظر في المطلق والمضاف والأسئار.
هذه الجملة مركبة من المبتدأ والخبر ، والمعنى أن البحث في المياه بحث في المطلق والمضاف والأسئار من حيث أنها مشتملة على الثلاثة ، ونعني بالمطلق ما لا يصح سلب لفظ الماء عنه ، فلا يقال : الفرات أو الحوض أو البئر ، ليس بماء.
وقوله في الأصل : ( ومطهر ) تنبيه على أن النجاسة عارضة له ، فلا يحكم بنجاسة ماء إلا مع تيقنها (1) ، ولا حكم لغلبة الظن ، ولكن ( فلا تكن كبعض خ ) بعض الجهلة يمنعون من استعمال ماء البئر في التطهير ، ويشربون منه.
« قال دام ظله » : وكله ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه.
الضمير في كله راجع إلى المطلق ، وأكده بالكل ، لأن له أصنافا ، من جار ونابع وراكد ، فنبه بهذا التأكيد على أصنافه ، وهو في غاية الإيجاز.
« قال دام ظله » : وينجس القليل من الراكد بالملاقاة على الأصح.
تقديره بملاقات النجاسة لأن أول الكلام من قوله ( وينجس ) يدل عليه.
ص: 45
.........................................................................
______________________________________________________
وقوله على الأصح تنبيه على وجود مخالف فيه ، وهو الحسن بن أبي عقيل ، فعنده لا ينجس إلا بالتغير ، متمسكا بقوله عليه السلام : الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه (1).
والجواب من وجوه ، ( الأول ) منع الخبر ، فإنه ما ذكر أسانيده ، ( الثاني ) وهو أن مع تسليم الخبر أن المراد الماء الكثير أو الجاري ( ماء كثير أو جار خ ) والمخصص روايات وسنذكر بعضها ( الثالث ) إن لفظ الماء كما يحتمل القليل ، يحتمل أن يكون مخصوصا بالجاري والكثير ، فنزله عليهما ، ولو حمل على الإطلاق ، لعورض بما روى عن النبي صلى اللّه عليه وآله : إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ (2).
ووجه المعارضة ، تقييد ارتفاع قبول النجاسة ببلوغ الكر ، فلو كان الحكم قبل البلوغ موجودا لم يكن للتقييد فائدة.
وبما رواه أبو العباس الفضل البقباق عن أبي عبد اللّه عليه السلام في سؤر الكلب ، فقال : رجس نجس لا يتوضأ بفضله ، واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء (3) وبخبر الدجاجة (4) فالترجيح لها ، لكثرتها وظهورها بين
ص: 46
وفي تقدير الكر ( الكثرة خ ) روايات ، أشهرها ألف ومائتا رطل وفسره الشيخان بالعراقي.
______________________________________________________
الأصحاب.
« قال دام ظله » : وفي تقدير الكر روايات.
قلت : وبحسب الروايات أقوال ، قال ابنا بابويه ، ثلاثة أشبار طولا في عرض ثلاثة أشبار في عمق ثلاثة أشبار.
ولعل مستنده (1) رواية إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قلت : وما الكر؟ قال : ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار (2).
وهي ناقصة عن مدعاهما (3) ، بعدم ذكر العمق فيها ، إلا أن تدل قرينة ، حال السائل أو المسؤول عليه ، ولم تعلم.
وروى عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكر من الماء ، كم يكون قدره؟ قال : إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله ، ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء (4)
واختارها الشيخ في النهاية ، وعلم الهدى في بعض كتبه ، لكن عثمان بن عيسى ( واقفي خ ) لا يعمل بروايته مع المعارض.
فإذا تقرر هذا ، فالأشهر من الروايات ، ما رواه محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : الكر ( من الماء الذي لا ينجسه شئ خ ) ألف ومائتا رطل (5).
ص: 47
وفي نجاسة البئر بالملاقاة قولان ، أظهرهما التنجيس.
وينزح - لموت البعير والثور وانصباب الخمر - ماؤها أجمع.
______________________________________________________
وهي أظهر في فتوى الأصحاب ذهب إليها الشيخ في الجمل على التخيير بينه وبين الأول والمرتضى في المصباح والمفيد ، وسلار ، وأبو الصلاح.
وأصح الروايات ، ( رواية ابن أبي عمير خ ) (1).
لا يقال : هي مرسلة ، لأنا نقول : الأصحاب إما عاملون عليها ( بها خ ) ، وإما غير رادين لها.
وهل الرطل عراقي؟ قال الشيخان : نعم ، وهو أشبه ، لأنها تقارب رواية الأشبار ، ولأن الأصل الطهارة ، حتى تعلم قذارة الماء ، وهو بعيد ، مع الاحتمال.
وقال علم الهدى : مدني ، لأنه عليه السلام كان بالمدينة ( في المدينة خ ) وكذا ابن بابويه لو قال بالوزن ، والقولان محتملان ، لكن أكثر الأصحاب على الأول ، وادعى الشيخ عليه الإجماع ، ورطل العراقي ثلثا المدني ، لأنه مائة وثلاثون درهما ، والمدني مائة وخمسة وتسعون درهما.
« قال دام ظله » : وفي نجاسة البئر بالملاقاة قولان أظهرهما التنجيس.
تقديره ( ماء البئر ) (2) بملاقاة النجاسة.
قال الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط ، والمرتضى والمفيد ينجس.
وللشيخ قول آخر في التهذيب ، بأنه لا يغسل الثوب منه ، ولا تعاد الطهارة ، ما لم يتغير بالنجاسة ، ولكن لا يجوز استعماله إلا بعد النزح وقال في الاستبصار : استعماله بعد العلم يوجب الإعادة لا قبله.
وضابط الباب ، إن فتوى فقهائنا اليوم على نجاسته ، إلا شذاذا منهم ، وربما قال
ص: 48
وكذا قال الثلاثة (1) في المسكرات.
وألحق الشيخ الفقاع والمني والدماء الثلاثة ، فإن غلب الماء تراوح عليها قوم ، اثنين اثنين يوما.
ولموت الحمار والبغل كر ، وكذا قال الثلاثة في الفرس والبقرة.
______________________________________________________
قائل لا ينجس الماء ، بل النزح تعبّد وفيه نظر.
ومما يدل على نجاسته ، فتوى الفقهاء من زمن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله الى يومنا هذا بالنزح ، فلو لم ينجس لكان اتفاقهم ( على الزام المشاق ) (2) من غير فائدة والقول بالتعبد ضعيف.
ويوضحه ( يؤيّده ج ) ما رواه ابن ابي يعفور عن الصادق عليه السلام ، قال : اذا اتيت البئر ، وانت جنب فلم تجد دلواً ولا تجد شيئاً تغترف به ، فتيمم بالصعيد ، فان ربّ الماء هو ربّ الصعيد ، ولا تقع في البئر ، ولا تفسد على القوم ماءهم (3).
ولا يحتج بما رواه محمد بن اسمعيل بن بزيع قال : كتبت الى رجل يسأل الرضا عليه السلام عن ماء البئر؟ فقال : ماء البئر واسع ، لا يفسده شيء (4).
لأنها مشتملة على الكتابة ( المكاتبة خ ) ، مع أنها تضعف عن الدلالة ، ومعارضته بروايتنا (5) ، وكذا باقي الروايات الواردة بعدم التنجيس ، مطعون فيها.
« قال دام ظله » : وكذا قال الثلاثة في المسكرات.
قلت : نسبة القول إليهم ، تدل على انفرادهم به ، وعدم حديث به ينهض ، ولو احتج - بما روى عطاء ابن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول اللّه
ص: 49
ولموت الإنسان سبعون دلوا.
وللعذرة عشرة ، فإن ذابت فأربعون أو خمسون.
______________________________________________________
صلى اللّه عليه وآله : كل مسكر خمر (1) ، وبما رواه علي بن يقطين عن ابن الحسن الماضي عليه السلام كل ما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر (2) - لكان وجها اقناعيا.
وكذا في نسبة الإلحاق إلى الشيخ في الفقاع.
ولو قيل - الفقاع خمر فحكمه حكمه - لكان وجها.
( أما الأول ) فلما رواه ابن الحكم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الفقاع؟ قال : لا تشربه فإنه خمر مجهول (3) وعن الرضا عليه السلام هو حرام ، وهو خمر (4).
وأما الثاني فلأنه حكم بنجاسة الماء ، فلا بد من النزح ، وما وجد شئ يحمل عليه أقرب من الخمر ، فحمل عليه.
وذهب محمد بن بابويه في المقنع ، إلى أنه ينزح من الخمر عشرون دلوا ، وفتوى باقي الأصحاب على الكل ، وهو أظهر وأشهر.
وأما المني والدماء الثلاثة ، فشئ ذكره الشيخ موجبا نزح الكل منها ، وما وقفنا على المستند ، وهو أعلم بما قاله.
« قال دام ظله » : ولموت الإنسان سبعون دلوا.
يريد بالإنسان ، الصغير والكبير ، والمسلم والكافر ، لأن الألف واللام للجنس ،
ص: 50
...........................................................................
______________________________________________________
لا للمعهود اللفظي ولا الذهني ، وإلا لصح(1) وقوع الضمير مقامه ، لو كان (2) مفسرا بالمسلم.
وقال المتأخر : الإنسان هنا مخصوص بالمسلم ، كما في الجنب ، في قولهم ينزح منه ، إذا ارتمس في البئر سبع دلاء ، وأوجب لمس الكافر وموته ، نزح الكل.
واستدل على التخصيص ، بأنه ورد منكرا ، والنكرة لا تفيد العموم ، عند المحققين ، من أهل الأصول ، وبأنه لو حمل على العموم هنا ، يلزم حمل الجنب على العموم ، ولكن اللازم منفى (3) فالملزوم غير جايز.
واستدل على وجوب نزح الكل بمماسة الكافر وموته ، بالإجماع ، وقد قوى هذا الإجماع ، ذلك التخصيص.
والجواب عن الأول أن المنكر ورد ( جاء خ ل ) في ألفاظ الأصحاب لا في الحديث (4) فلا يستدل به ، ولو سلمنا أنه ورد في خبر منكرا ، فلا يفيد التخصيص ، بل ( يتناول خ ) واحدا واحدا من إفراد الإنسان ، وذلك لا يضرنا.
وعن الثاني إنا نمنع الملازمة لوجوه.
( الأول ) إن مقتضى الأصل العمل بالعموم في الموضعين ، لكن من ترك العمل به هنا لا يلزم ترك العمل به في الآخر.
( الثاني ) أن نقول : إما أن يكون معنا دليل على تخصيص الجنب ، أو لا ، فإن كان ، فالتخصيص لذلك ، فلا يخص في موضع لا دليل وإن لم يكن ، يلتزم ( يلزم خ ) التسوية.
ص: 51
وفي الدم أقوال ، والمروي في دم ذبح الشاة من ثلاثين إلى أربعين ، وفي القليل دلاء يسيرة.
ولموت الكلب وشبهه أربعون ، وكذا في بول الرجل ، والحق الشيخان بالكلب موت الثعلب والأرنب والشاة.
______________________________________________________
( الثالث ) إن تخصيص الجنب ، للقرينة ، وهي كون الطهارة ( الرافعة للحدث خ ) مرادة من المسلم.
وعن الثالث إن الإجماع غير حال على مدعاه ، وما أعرف به قائلا سوى الشيخ في المبسوط ، على قول ، غير جازم به. وحكايته (1) لموت الكافر ، بنزح الماء أجمع ، لأنه لم يرد به نص ، وقد ذكر هو فيما لم يرد به نص ، أن ينزح الكل للاحتياط ، وإن قلنا بجواز أربعين ، كان سائغا ، والأول أحوط.
فالشيخ متردد فيه على أن كلام الشيخ لا يصلح للاستدلال ، فكيف يدعي الإجماع عليه ( به خ ).
« قال دام ظله » : وفي الدم أقوال. إلى آخره.
قال المفيد : في المقنعة : وفي قليل الدم خمس ، وفي أكثره عشرة ، وقال علم الهدى : من دلو إلى عشرين ، ولم يفرقا بين الدماء.
وقال ابن بابويه : في القليل عشر.
وكذا الشيخ في كتبه قال : للقليل عشر ، وللكثير خمسون.
وما أعرف لأقوالهم ، رحمهم اللّه ، مستندا صحيحا وتمسك الشيخ على ما ذكره في التهذيب ، برواية محمد بن بزيع ، قال : كتب إلى رجل يسأل الرضا عليه السلام ، عن البئر تكون في المنزل ، يقطر فيها قطرات ، من بول أو دم وغير ذلك (2) فوقع في
ص: 52
وروي في الشاة تسع أو عشر.
______________________________________________________
كتاب بخطه (1) ، ينزح منها دلاء (2).
« قال رحمه اللّه » : (3) وأكثر عدد يضاف إلى الجمع عشر فالمراد بالدلاء عشر.
وفي التمسك ضعف ، الآن ما قاله يكون في العدد المضاف وثانيا لأن الرواية المشتملة على المكاتبة تضعف ( تقعد خ ) عن الاستدلال. وما ذكره شيخنا دام ظله من ثلاثين إلى أربعين في رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام قال : سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما ، هل يتوضأ من تلك البئر؟ قال : ينزح منها ، ما بين الثلاثين إلى الأربعين دلوا ، ثم يتوضأ منها ، ولا بأس ، قال : وسألته عن رجل ذبح دجاجة ، أو حمامة ، فوقعت في بئر ، هل يصلح أن يتوضأ منها؟ قال : ينزح منها دلاء يسيره ثم يتوضأ منها (4).
فينبغي أن يعمل عليه ( به خ ) وهو مذهب الشيخ في الاستبصار.
« قال دام ظلة » : وروي في الشاة تسع أو عشر.
روى هذه ابن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه إن عليا عليهم السلام كان يقول : الدجاجة ومثلها تموت في البئر ، ينزح منها دلوان أو ثلاثة ، فإذا كانت شاة وما أشبهها فتسعة أو عشرة (5).
وأما وجه إلحاقهم لها بالكلب فلقول أبي عبد اللّه عليه السلام وللكلب وشبهه أربعون دلوا (6).
ص: 53
وللسنور أربعون ، وفي رواية سبع.
ولموت الطير واغتسال الجنب سبع ، وكذا الكلب لو خرج حيا.
وللفأرة إن تفسخت أو انتفخت ، وإلا فثلاث.
وقيل : دلو.
______________________________________________________
والشاة تشبه الكلب حجماً ( ضخماً خ ) في الاغلب.
وفتوى ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، على الاوّل ، وهو اولى ، لان المشابهة ليست بصريحة فلا تعارض المنطوق ، وايضا روايته أصحّ سنداً وفي الكلب روايات لا يحملها كتابنا والعمل على ما ذكره دام ضله.
« قال دام ظله » : وللسنّور اربعون وفي رواية سبع.
وهو مذهب المفيد والشيخ وعلم الهدى ومستنده رواية علي بن حمزة عن ابي عبداللّه عليه السلام قال : وسألتهعن السنّور؟ قال : اربعون (1).
قال ابن بابويه : بالسبع ومستنده رواية عمرو بن سعيد بن هلال ، قال : سألت ابا جعفر عليه السلام عما يقع في البئر ما بين الفأرة والسنّور الى الشاة؟ قال : كل ذلك تقول سبع دلاء (2).
وعمرو هذا ضعيف فالأول ( فالأولى خ ) أولى وأحوط.
« قال دام ظله » : وللفأرة إن تفسخت أو انتفخت وإلا فثلاث وقيل : دلو.
يشير إلى ابن بابويه ، في من لا يحضره الفقيه ( فأما ) باقي المشايخ ، فعلى الثلاث ، ولا خلاف بينهم ، أن مع التفسخ سبع ، ( دلاء خ ) إلا أن المفيد رحمه اللّه ، زاد ( أو
ص: 54
ولبول الصبي سبع ، وفي رواية ثلاث ، ولو كان رضيعا فدلو واحدة ، وكذا في العصفور وشبهه ، ولو غيرت النجاسة ماءها نزح كله.
______________________________________________________
انتفخت ) وتبعه أبو الصلاح وسلار ( والمتأخر خ ) والمأخذ ما نعرفه.
وأطلق علم الهدى في الفأرة سبعا ، وجعل الثلاث رواية ، والتفصيل الذي ذكره دام ظله ، جمع بين الروايتين ، ذكره الشيخ في الاستبصار ، وبه يشهد رواية أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
وفي رواية أبي خديجة عنه عليه السلام ، في الفأرة أربعون ، وإن نتنت تنزح (2) ، وحملها الشيخ على الاستحباب.
« قال دام ظله » : ولبول الصبي سبع ، وفي رواية ثلاث (3).
بالأولى يفتي الشيخان ، وقال المرتضى : إذا أكل الطعام ، فثلاث دلاء ، وإن ( لوخ ) كان رضيعا دلو واحد ، وكذا قال ابن بابويه.
والرضيع الذي علقوا الحكم عليه ، لا يتناوله لفظ الرواية ، بل يتناول ( يتناوله خ ) الصبي الفطيم.
روى ذلك علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن بول الصبي الفطيم ، يقع في البئر؟ فقال : دلو واحد ، قلت : وبول الرجل؟ قال : ينزح منه أربعون دلوا (4).
ص: 55
ولو غلب الماء فالأولى أن ينزح حتى يزول التغير ، ويستوفى المقدر.
ولا ينجس البئر بالبالوعة (1) ولو تقاربتا ما لم يتصل بنجاستها ، لكن يستحب تباعدهما قدر خمس أذرع إن كانت الأرض صلبة ، أو كانت البئر فوقها ، وإلا فسبع.
وأما المضاف : فهو ما لا يتناوله الاسم بإطلاقه ، ويصح سلبه عنه ، كالمعتصر من الأجسام ، والمصعد ، والممزوج بما يسلبه الإطلاق.
وكله طاهر لكن لا يرفع حدثا.
______________________________________________________
وقال الشيخ في الاستبصار (2) : ويجوز أن تحمل على من لم يأكل الطعام ، وحده المتأخر ، بأن يكون في الحولين ، أكل الطعام ، أو لم يأكل ، وفي الحمل ضعف وما ذكره المتأخر ضعيف ، مبني على الضعف.
« قال دام ظله » : ولو غلب الماء فالأولى أن ينزح ، حتى يزول التغير ، ويستوفى المقدر.
في ( غلب ) ضمير يرجع إلى الماء ، وموضع ( فالأولى ) من الأعراب رفع ، بالابتداء ، وخبره محذوف مقدر بالنزح (3) ، ولفظة : ( الأولى ) دالة على أن في المسألة خلافا ، قال الشيخان : مع تعذر نزح الكل ، ينزح ، حتى يطيب ، وقال المرتضى ، وابن بابويه ، مع التعذر يتراوح ( تراوح خ ل ) عليها أربعة رجال ، غدوة إلى الليل ، وقال أبو الصلاح ، ينزح ، حتى يزول التغير ، وما اعترض لنزح الكل (4).
ص: 56
............................................................................
______________________________________________________
والذي يدل على نزح الكل ، رواية معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : فإن أنتن غسل الثوب ، وأعاد الصلاة ، ونزحت البئر (1) وفي معناها رواية أبي خديجة. (2)
ولا بد أن تحمل الرواية على ما إذا كان النزح مقدورا.
فأما مع عدم القدر ، ينزح حتى يطيب ريحه ، أو طعمه ، عملا برواية جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال : وإن تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح (3).
ورواية ابن بزيع عن الرضا عليه السلام : ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لأن له مادة. (4) حذرا من إطراحها ( إطراحهما خ ).
وأما استيفاء المقدر فشئ ذكره المتأخر ، وشيخنا في هذا الكتاب ، وهو حسن ، للاحتياط ، ولأن مع عدم التغير ، فالمقدر لازم وحصوله غير رافع للحكم السابق لأنه ليست بينهما منافاة.
وأيضا إذا كان الحكم مع عدم التغيير ثابتا ، فمع وجوده لا ينقض ، لأن التغير يزيد قوه التنجيس.
ولقائل أن يقول : التقدير حكم شرعي ، يتعلق بالمقدور ، فلا يثبت مع تعذر الكل ، فالأولى التراوح ، وهو اختياره دام ظله في الشرايع (5).
ص: 57
وفي طهارة محل الخبث به قولان ، أصحهما المنع ، وينجس بالملاقات وإن كثر.
وكلما يمازج المطلق ولم يسلبه الإطلاق لا يخرجه عن إفادة التطهير وإن غير أحد أوصافه.
وما يرفع به الحدث الأصغر طاهر ومطهر ، وما يرفع به الحدث الأكبر طاهر.
وفي رفع الحدث به ثانيا قولان ، المروي ، المنع.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي طهارة محل الخبث به قولان ، أصحهما المنع.
أقول : المنع هو قول الشيخ في كتبه ، والجواز مذهب المفيد والمرتضى ، والأول أشبه ، لأن النجاسة متيقنة فلا تزول إلا بيقين ، وعليه عمل الأصحاب اليوم.
« قال دام ظله » : وفي رفع الحدث به ثانيا قولان ، المروي المنع.
قلت : لا خلاف بيننا ، إن المستعمل في الكبرى (1) طاهر ، لكن هل يرفع الحدث؟ قال الشيخان وابن بابويه وأتباعهم : لا.
والمستند روايات ، منها رواية ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل فقال : قال : الماء الذي يغسل به الثوب ، أو يغتسل به الرجل من الجنابة ، لا يجوز أن يتوضأ به. (2)
وفي معناها رواية بكر بن كرب عنه عليه السلام (3).
ص: 58
وفيما يزال به الخبث إذا لم تغيره النجاسة قولان ، أشبههما التنجيس عدا ماء الاستنجاء.
ولا يغتسل بغسالة الحمام إلا أن يعلم بخلوها من النجاسة.
ويكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في الآنية ، وبماء أسخن بالنار في غسل الأموات.
وأما الأسئار : فكلها طاهرة عدا الكلب والخنزير ، والكافر.
وفي سؤر ما لا يؤكل لحمه قولان ، وكذا في سؤر المسوخ ، وكذا ما
______________________________________________________
وقال علم الهدى : نعم ، وهو أشبه ، لولا الروايات ، فالعمل عليها ، أخذا بالاحتياط ، وتمسكا بها ، وإلا فالأصل التسوية ، بين المستعمل في الصغرى والكبرى ، لأنه ماء طاهر ، إجماعا منا.
« قال دام ظله » : وفيما يزال به الخبث ، إذا لم تغيره النجاسة ، قولان ، أشبههما التنجيس.
القولان للشيخ ، قال في المبسوط : نجس ، ثم تردد ، قال : وفي الناس من قال لا ينجس ، إذا لم يغلب على أحد أوصافه ، وهو قوي ، والأول أحوط ، وجزم في الخلاف ، بنجاسة الأولى ، وطهارة الغسلة الثانية ، والقول بنجاستهما أولى ، لأنه ماء قليل ، لاقى النجاسة.
ولما رواه العيص بن القاسم : قال : سألته عن رجل أصابته قطرة من طشت ( طست خ ل ) فيه وضوء؟ فقال : إن كان من بول أو قذر ، فيغسل ما أصابه (1).
وفيها ضعف ، لكنها مؤيدة بالنظر.
« قال دام ظله » : وفي سؤر ما لا يؤكل لحمه ، قولان.
ص: 59
أكل الجيف مع خلو موضع الملاقاة من عين النجاسة ، والطهارة في الكل أظهر.
وفي نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف (1) من الدم قولان ، أحوطهما النجاسة.
ولو نجس أحد الإناءين ولم يتعين اجتنب ماءهما أجمع.
وكل ماء يحكم بالنجاسة ( حكم بنجاسته خ ل ) لم يجز استعماله ، ولو اضطر معه إلى الطهارة تيمم.
______________________________________________________
قال الشيخ في النهاية ، والمرتضى في المصباح : طاهر ، وللشيخ قول بالتنجيس في التهذيب والاستبصار ، والأول اختيار شيخنا دام ظله ، مستدلا برواية أبي العباس الفضل ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن فضل الهرة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم أترك شيئا إلا سألته عنه؟ فقال : لا بأس به ، حتى انتهيت إلى الكلب (2) فقال : رجس نجس ، لا يتوضأ بفضله ، واصبب ذلك الماء (3) وفي معناه رواية ابن شريح (4).
وأما سؤر المسوخ ، فالشيخ في أكثر أقواله يذهب إلى نجاسته.
ورواية الفضل دالة على طهارته ، هو مقتضى الأصل ، ومثله البحث في سؤر ما أكل الجيف.
« قال دام ظله » : وفي نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم ، قولان ، أحوطهما النجاسة.
قال في المبسوط : معفو عنه ، دما كان ( كانت خ ) أو غيره ، وقال في
ص: 60
وهي وضوء ، وغسل ، فالوضوء يستدعي بيان أمور :
( الأول ) في موجباته :
وهي خروج البول والغائط والريح من الموضع المعتاد ، والنوم الغالب على الحاستين (1) تحقيقا أو تقديرا ، والاستحاضة القليلة.
______________________________________________________
الاستبصار : ما كان مثل رؤوس ( رأس خ ) الإبر فمعفوّ عنه.
وما ذهب اليه شيخنا دام ظله - من الاحوط - قويّ ، ولو قال بدل قوله : احوطها اشبهما كان اشبه بما رسمه ( رسم خ ) لأنّه ماء قليل لاقي النجاسة ، فينجس.
ثم يطالب الشيخ بوجه العفو ، فان استدل بما رواه علي بن جعفر ، عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن رجل رعف ، فامتخط ، فصار بعض ذلك الدّم قطعاً صغاراً ، فاصاب اناءه ، فهل يصحّ الوضوء منه؟ قال : ان لم يكن شيئاً يستبين في الماء ، فلا بأس ، وان كان شيئاً بيّناً ، فلا يتوضأ منه (2).
قلنا : يمكن ان يكون المراد ، اذا اصاب الاناء وشك في وصوله الماء فاعتبر الاستبانه ( استبانته خ ل ) فلا تصلح للاستدلال ( الاستدلال به خ ل ).
الرّكن الثاني في الطهارة المائيّة ، الى آخره
لمّا كانت الطهارة المائيّة في نظر الشارع ، مقدّمة على الترابيّة ، وجب تقديمها عليها ، في الوضع ، أو لأنّ الترابيّة بدل ( من خ ) المائيّة ، والعلم بالبدل موقوف على العلم المبدل منه.
« قال دام ظله » : الأول في موجباته.
ص: 61
وفي مس باطن الدبر وباطن الإحليل قولان ، أظهرهما أنه لا ينقض.
( الثاني ) آداب الخلوة :
والواجب ستر العورة.
ويحرم استقبال القبلة واستدبارها.
______________________________________________________
قلت : الموجبات هي النواقض ، إلا أنها في الاستعمال ، أعم من النواقض ، من حيث أن المكلف في أول الأمر ، ما كان على طهارة ، فلا يستعمل لفظة النواقض بالنسبة إليه ، بل يستعمل الموجبات ، وأما في باقي الحال ، فيستعمل النواقض ، بمعنى أنها نقضت الطهارة المتقدمة ، والموجبات ( يعني خ ) أنها أوجبت طهارة أخرى.
وبعض المتقدمين ( المصنفين خ ) يستعملون ( يستعمل خ ) لفظة النواقض ، موضع ( بدل خ ) الموجبات ، وذلك لا يجوز ، بل يجوز حيث قدم (1) ( ذكر خ ) الطهارة وضعا ، وربما جعلها (2) آخر قسما برأسه ، والأول أخص ( الأخص خ ).
« قال دام ظله » : وفي مس باطن الدبر وباطن الإحليل قولان.
قال الثلاثة : لا ينقض ، وعليه أتباعهم ، مستدلين بروايات كثيرة ، ( منها ) ما رواه حماد بن عثمان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : ليس في القبلة ولا المباشرة ولا مس الفرج ، وضوء (3).
وفي رواية أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام ( في حديث ) ما يعني بهذا ( بقوله خ ) « أو لمستم النساء » (4) إلا المواقعة في الفرج (5).
ص: 62
ولو كان في الأبنية على الأشبه.
ويجب غسل مخرج البول ويتعين الماء لإزالته.
______________________________________________________
( ومنها ) ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل مس فرج امرأته؟ قال : ليس عليه شئ وإن شاء غسل يده (1).
( ومنها ) رواية معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يعبث بذكره في الصلاة المكتوبة؟ فقال : لا بأس به (2).
وبه روايات أخر ( أخرى خ ).
وقال ابن بابويه : ينقض الوضوء ، متمسكا برواية عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سأل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره؟ قال : نقض وضوئه فإن ( وإن خ ) مس باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة ، قطع الصلاة ، فيتوضأ ويعيد الصلاة (3).
وهذه الرواية مع ضعف عمار ، معارضة بروايات كثيرة منها ما ذكرناه.
والوجه أن يتنزه تفصيا من الخلاف ، واحتياطا ، ولأن الروايات الأول عامة تتناول الظاهر والباطن ، وهذه خاصة ، وإذا تعارض العام والخاص ، يقدم الخاص ، توفيقا بين الروايات ، والفتوى على الأول.
« قال دام ظله » : ولو كان في الأبنية ، على الأشبه.
قلت : في استقبال القبلة ، واستدبارها حال الحاجة ، روايات (4).
وللأصحاب فيه أربعة أقوال.
ص: 63
وأقل ما يجزي مثلا (1) ما على الحشفة ومخرج الغائط بالماء ، وحده الإنقاء ، فإن لم يتعد المخرج تخير بين الماء والأحجار.
ولا يجزي أقل من ثلاثة أحجار. ولو نقى بما دونها وجب الإكمال ( إكمالها ) (2).
ولا يستعمل العظم ولا الروث ولا الحجر المستعمل.
وسننها : تغطية الرأس عند الدخول ، والتسمية.
وتقديم الرجل اليسرى ، والاستبراء.
والدعاء عند الدخول وعند النظر إلى الماء ، وعند الاستنجاء ، وعند الفراغ.
والجمع بين الأحجار والماء ، والاقتصار على الماء إن لم يتعد.
وتقديم الرجل اليمنى عند الخروج.
ويكره الجلوس في المشارع والشوارع (3) ، ومواضع اللعن ، وتحت الأشجار المثمرة.
وفئ النزال ، واستقبال الشمس والقمر.
والبول في الأرض الصلبة ، وفي مواطن الهوام (4) ، وفي الماء جاريا وساكنا ، واستقبال الريح به ، والأكل والشرب والسواك.
والاستنجاء باليمين ، وباليسار (5) وفيها خاتم عليه اسم اللّه تعالى.
ص: 64
والكلام إلا بذكر اللّه أو لضرورة.
( الثالث ) في الكيفية :
والفروض سبعة : النية مقارنة لغسل الوجه ، ويجوز تقديمها عند غسل اليدين ، واستدامة حكمها حتى الفراغ.
وغسل الوجه ، وطوله من قصاص شعر الرأس إلى الذقن ، وعرضه ما اشتملت عليه الإبهام والوسطى ، ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية ولا تخليلها.
______________________________________________________
قال الشيخ وعلم الهدى : محرم ( يحرم خ ) أي موضع كان.
وقال ابن الجنيد التجنب مستحب.
وقال المفيد في المقنعة : وإن كان الموضع مبنيا على الاستقبال أو الاستدبار ، لم يضره الجلوس ، وإنما يكره في الصحارى والمواضع التي يمكن الانحراف عنها انتهى (1).
وقال سلار : بالتفصيل ، معناه ينحرف في الصحارى ورخص في البنيان ( في الأبنية خ ).
والأول هو المعول عليه ( المعمول عليه خ ) ويدل عليه ما رواه عيسى بن عبد اللّه الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال : قال النبي صلى اللّه عليه وآله : إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولكن شرقوا أو غربوا (2).
ص: 65
وغسل اليدين مع المرفقين مبتدئا بهما ( أي رؤوس الأصابع خ ) ، ولو نكس فقولان ، أشبههما أنه لا يجزي.
وأقل الغسل ما يحصل له مسماه ولو دهنا.
ومسح مقدم الرأس ببقية البلل بما يسمى مسحا ، وقيل : أقله ثلاث أصابع ( مضمومة خ ).
ولو استقبل فالأشبه الكراهية ، ويجوز على الشعر أو البشرة ، ولا يجزي
______________________________________________________
وإطلاق النهى يدل على التحريم.
« قال دام ظله » - ( في غسل اليدين ) - : ولو نكس فقولان.
قال الشيخ : لا يجزي ، لأن النبي صلى اللّه عليه وآله ، توضأ ولم ينكس ، وفعله صلى اللّه عليه وآله بيان للعمل ( المحل خ ) (1) فيجب امتثاله.
وقال المرتضى في بعض أقواله : يجزي ، لحصول مسمى الغسل ، وكذا البحث بينهما في غسل الوجه ، والأول أكثر بين الأصحاب.
« قال دام ظله » : ومسح مقدم الرأس ببقية البلل ، بما يسمى مسحا ، وقيل : أقله ثلاث أصابع مضمومة.
هذا القول للشيخ في النهاية ، وعلم الهدى في مسائل خلافه ، وعليه ابن بابويه ، والأول مذهب (2) الشيخ في الجمل والمبسوط ، وهو أشبه ( الأشبه خ ) والمختار ، وقال في الخلاف : الأفضل أن يكون بثلاث أصابع ، وكذا المرتضى في المصباح.
« قال دام ظله » : ولو استقبل (3) ، فالأشبه الكراهية.
ص: 66
على حائل ( الحائل خ ) كالعمامة.
ومسح الرجلين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين - وهما قبتا القدم - ، ويجوز منكوسا ، ولا يجوز على حائل من خف وغيره إلا للضرورة ( لضرورة خ ).
والترتيب يبدأ بالوجه ، ثم باليمنى ، ثم باليسرى ، ثم بالرأس ، ثم بالرجلين ولا ترتيب فيهما.
والموالاة ، وهي أن يكمل طهارته قبل الجفاف.
والفرض في الغسلات مرة ، والثانية سنة ، والثالثة بدعة.
ولا تكرار في المسح ، ويحرك ما يمنع وصول الماء إلى البشرة كالخاتم وجوبا ، ولو لم يمنع حركه استحبابا.
______________________________________________________
قلت : للشيخ فيه ( في المسألة خ ) قولان ، قال في المبسوط : يجزيه ، وقال في النهاية ، لا يجزيه ، وكذا قال المرتضى في المصباح ، واختار شيخنا ، والمتأخر ، الكراهية ، تفصيا من الخلاف ، والأخير أحسن (1) ( حسن خ ).
« قال دام ظله » : والفرض في الغسلات مرة ، والثانية سنة والثالثة بدعة.
هذا اختيار الثلاثة ، وقال ابن بابويه : الثانية بدعة ، وقال الشيخ : بل الثالثة ، ولم يصرح المفيد بالبدعة في الثالثة ، بل قال : كلفة (2).
ص: 67
والجبائر تنزع إن أمكن ، وإلا مسح عليها ولو في موضع الغسل.
ولا يجوز أن يولي وضوءه غيره اختيارا.
ومن دام به السلس يصلي كذلك.
وقيل يتوضأ لكل صلاة ، وهو حسن. وكذا المبطون.
______________________________________________________
واستدل ابن بابويه ، بما رواه سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الوضوء؟ فقال : ما كان وضوء علي عليه السلام إلا مرة مرة (1).
وتوضأ النبي صلى اللّه عليه وآله مرة مرة فقال : هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلا به (2).
وهو محمول على الواجب ، وفي سهل طعن واستدل الثلاثة بروايات ، منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : الوضوء مثنى مثنى فمن ( من خ ) زاد لم يؤجر عليه (3).
ووجه الاستدلال عدم الخلاف ، في أن الواحدة هي الواجبة فيحمل الزائد ، على الاستحباب.
ويؤيد ذلك رواية زرارة وبكير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، لما سألاه عن وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فأجاب بما يشتمل على أنه عليه السلام توضأ مرة مرة (4).
« قال دام ظله » : وقيل يتوضأ لكل صلاة ، وهو حسن.
ص: 68
ولو فجأه الحدث في الصلاة توضأ وبنى.
والسنن عشرة : وضع الإناء على اليمين ، والاغتراف بها ، والتسمية ، وغسل اليدين مرة للنوم والبول ، ومرتين للغائط قبل الاغتراف ، والمضمضة ، والاستنشاق ، وأن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه والمرأة بباطنهما ، والدعاء عند غسل الأعضاء ، والوضوء بمد ، والسواك عنده.
ويكره الاستعانة فيه والتمندل منه.
( الرابع ) : في الأحكام :
فمن تيقن الحدث وشك في الطهارة أو تيقنهما وجهل المتأخر تطهر.
ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث ، أو شك في شئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه بنى على الطهارة ، ولو كان قبل انصرافه أتى به وبما بعده.
ولو تيقن ترك عضو أتى به على الحالين وبما بعده ولو كان مسحا.
ولو لم تبق على أعضائه نداوة أخذ من لحيته وأجفانه ولو لم تبق نداوة استأنف الوضوء.
______________________________________________________
للشيخ في المسألة قولان : قال في المبسوط : يصلى بوضوء واحد ، لأن حمله على المستحاضة قياس ، وهو اختيار بعض المتأخرين ، وقال في الخلاف : المستحاضة ومن به سلس البول ، يجددان الوضوء لكل صلاة ، واستحسنه شيخنا دام ظله ، لأن البول حدث ، فيعفى عنه عما لا يمكن دفعه ، وهو صلاة واحدة.
وفيه نظر منشأه أن الوضوء لاستباحة الصلاة ، لا لرفع الحدث كالتيمم ، فموجب الجواز في الصلاتين قائم ، والفرار من القياس لازم.
« قال دام ظله » : ولو فجأه الحدث في الصلاة ، تطهر ( توضأ خ ) وبنى.
ص: 69
ويعيد الصلاة لو ترك غسل أحد المخرجين ولا يعيد الوضوء ، ولو كان الخارج أحد الحدثين غسل مخرجه دون الآخر.
وفي جواز مس كتابة المصحف للمحدث ، قولان أصحهما المنع.
وأما الغسل
ففيه الواجب والندب ، فالواجب منه ستة :
( الأول ) غسل الجنابة :
والنظر في موجبه ( موجباته خ ل ) وكيفيته وأحكامه :
أما الموجب للغسل فأمران :
( أحدهما ) إنزال المني يقظة ونوما ( أو نوما خ ل ) ولو اشتبه اعتبر بالدفق وفتور البدن.
ويكفي في المريض الشهوة ، ويغتسل المستيقظ إذا وجد منيا على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به.
______________________________________________________
الضمير للمبطلون ، وتقديره لوفجأه الحدث مستمراً ، والاّ تجب اعادة الصلاة ، لانّ التخلص مع الاستمرار غير ممكن ، فيكون حرجاً.
« قال دام ظله » : وفي جواز مس كتابة المصحف للمحدث قولان ، أصحهما المنع.
قال في المبسوط : بالكراهية ، وقال في الخلاف : لا يجوز للمحدث والحايض أن يمسوا المكتوب من القرآن ، مستدلا ( مسندا خ ) بالإجماع ، وكذا ابن بابويه ، تمسكا بالأخبار ، واختاره شيخنا دام ظله تمسكا بقوله تعالى : لا يمسه إلا المطهرون (1) وهو الظاهر بين الطائفة ، فينبغي أن يعمل عليه.
ص: 70
والجماع في القبل ، وحده غيبوبة الحشفة.
ومقدارها كالمقطوع وإن لم ينزل (1).
وكذا في دبر المرأة على الأشبه.
وفي وجوب الغسل بوطئ الغلام تردد ، وجزم علم الهدى بالوجوب. وأما الكيفية : فواجبها خمسة : النية مقارنة لغسل الرأس أو متقدمة عند غسل اليدين ، واستدامة حكمها ، وغسل البشرة بما يسمى غسلا ولو كان كالدهن ، وتخليل ما لا يصل الماء إليه إلا به والترتيب : يبدأ برأسه ، ثم ميامنه ، ثم مياسره ، ويسقط الترتيب بالارتماس.
ومسنونها ( سننها خ ل ) سبعة : الاستبراء ، وهو أن يعصر ذكره من المقعدة ( إلى أصله ثلاثا و خ ) إلى طرفه ثلاثا وينتره ثلاثا ، وغسل يديه ثلاثا ، والمضمضة ، والاستنشاق ، وإمرار اليد على الجسد وتخليل ما يصل الماء إليه ، والغسل بصاع.
وأما أحكامه : فيحرم عليه قراءة العزائم ، ومس كتابة القرآن ، ودخول المساجد إلا اجتيازا ، عدا المسجد الحرام ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.
ولو احتلم فيها تيمم لخروجه.
______________________________________________________
« قال دام ظله » في غسل الجنابة : وإن أكسل.
معناه ، وإن جامع ولم ينزل.
« قال دام ظله » : وكذا في دبر المرأة ، على الأشبه.
ص: 71
ووضع شئ فيها على الأظهر.
ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات ، ومس المصحف ( وحمله خ ) ، والنوم ما لم يتوضأ والأكل والشرب ما لم يتمضمض ويستنشق ، والخضاب.
ولو رأى بللا بعد الغسل أعاد إلا مع البول أو الاجتهاد.
______________________________________________________
ذهب الشيخ في النهاية إلى أن الغسل لا يجب ، وهو التمسك بالأصل ، أو استناد إلى ما رواه علي بن الحكم عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا أتى الرجل المرأة في دبرها ، وهي صائمة لم ينقض صومها وليس عليها غسل (1).
وقال في المبسوط : الأشبه وجوب الغسل ، كما ذهب إليه علم الهدى.
وينبغي أن يكون البحث مبنيا على أن اسم الفرج ، هل يطلق على الدبر ، أم لا ، فمن سلم الإطلاق يلزمه الجزم بوجوب الغسل ، مصيرا إلى النقل ، ومع عدم التسليم فللا وجوب (2) أشبه.
وعندي تردد ، وأذهب إلى الوجوب احتياطا.
وكذا البحث في وطي الغلام ، وجزم المرتضى بالوجوب ، مدعيا إجماعا مركبا ، يعني من قال بوجوبه في وطي المرأة ، قال : بوجوبه في الغلام.
وأما في البهيمة فيقوى الوجوب ، وكذا في الميتة من الأناسي.
« قال دام ظله » : ووضع شئ فيها ، على الأظهر.
قلت : ما أعرف مخالفا في تحريم الوضع إلا سلارا ، فإنه يقول بالكراهية،
ص: 72
ولو أحدث في أثناء غسله ففيه أقوال ، أصحها : الإتمام والوضوء.
ويجزي غسل الجنابة عن الوضوء.
______________________________________________________
وكذا قال في قرب المساجد ، وفتوى باقي الأصحاب على التحريم.
« قال دام ظله » : ولو أحدث في أثناء غسله ، ففيه أقوال ، أصحها الإتمام والوضوء.
قال الشيخ وابن بابويه : يعيد الغسل ، وقال ابن البراج يتم ( يتمم خ ) غسله ولا وضوء ، وهو اختيار المتأخر ، وقال المرتضى يتم ( يتمم خ ) ويتوضأ للحدث ، وهو اختيار شيخنا دام ظله.
ووجهه أن الحدث الأصغر موجب للوضوء ، لا الغسل ، ولا لبعض الغسل ، فلا تتأت ( يلزم خ ) الإعادة ، ولا يسقط حكم الحدث في بعض الغسل ، وهو قوي.
فإن استدلوا بقوله : غسل الجنابة يجزي عن الوضوء (1).
قلنا : بعض الغسل ليس بغسل.
والأصل فيه ، إن لكل حدث حكما - أصغر كان أو أكبر - غير متداخل فيه ، فوجب العمل به ، لكن ترك العمل في الوضوء مع الغسل لقولهم عليهم السلام : كل غسل لا بد معه من الوضوء ، إلا غسل الجنابة (2).
وبعض الغسل لا يسمى غسلا ، فالحدث الأصغر باق ، يجب رفعه ، بمقتضاه.
وللبحث فيه مجال ولقائل أن يقول : لا نسلم أنه بعض الغسل ، إذ مسمى الغسل لا يحصل ، إلا بعد الفراغ ، فيصح الاستدلال بالخبر.
« قال دام ظله » : ويجزي غسل الجنابة عن الوضوء.
ص: 73
وفي غيره تردد أظهره أنه لا يجزي.
( الثاني ) غسل الحيض :
والنظر فيه وفي أحكامه :
وهو في الأغلب دم أسود أو أحمر غليظ حار له دفع ، فإن اشتبه
______________________________________________________
هذا اتفاق الأصحاب :
وقوله : « وفي غيره تردد ».
منشأه النظر إلى قول المرتضى : إن كل غسل يجزي عن الوضوء ، ولو كان مندوبا ، مستدلا بما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : الغسل يجزي عن الوضوء ، وأي وضوء أطهر من الغسل (1).
وعن الصادق عليه السلام ، الوضوء بعد الغسل بدعة (2).
وباقي الأصحاب على أنه لا يجزي ، وهو المختار لنا ( أولا ) التمسك بالأصل ( وثانيا ) لقول ( بقول خ ) أبي عبد اللّه عليه السلام كل غسل فقبله ( قبله خ ) وضوء إلا غسل الجنابة (3).
وأيضا عنه عليه السلام كل غسل ففيه الوضوء إلا الجنابة (4).
والعمل على هذه أولى من الأولى لأن هذه مفصلة وإذا تعارضت روايتان مجملة ومفصلة فالترجيح للمفصلة ، لأن التفصيل قاطع للشركة.
« قال دام ظله » : الثاني غسل الحيض ( إلى أن قال ) : وهل يجتمع مع الحبل ( الحمل خ ) فيه روايات ، أشهرها أنه لا يجتمع.
ص: 74
بالعذرة حكم لها بتطوق القطنة ، ولا حيض مع سن اليأس ولا مع الصغر ، وهل يجتمع مع الحمل؟ فيه روايات ، أشهرها أنه لا يجتمع.
وأكثر الحيض عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام ، فلو رأت يوما أو يومين فليس حيضا.
______________________________________________________
الضمير في قوله : ( فيه ) يعود إلى ما يدل عليه قوله : ( هل يجتمع ) وتقديره ، إن في هذا المسؤول عنه ، روايات.
روى محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن الحبلى ترى الدم كما كانت ترى أيام حيضها مستقيما في كل شهر؟ قال : تمسك عن الصلاة ، كما كانت تصنع في حيضها (1).
وكذا روى ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سأل عن الحبلى ترى الدم ، أتترك الصلاة؟ قال : نعم إن الحبلى ربما قذفت بالدم (2).
وعليه فتوى علم الهدى وابن بابويه.
وقال المفيد : لا يجتمع ، ومستنده ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما جمع اللّه بين حيض و حبل (3).
وللشيخ في نهايته قول : بأن ما تراه في زمان عادتها حيض ، وما تأخر عن العادة ، بعشرين يوما ، ليس بحيض ، وهو مروي عن الحسين بن نعيم الصحاف ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).
ص: 75
ولو كمل ثلاثة في جملة عشرة فقولان ، المروي أنه حيض.
وما بين الثلاثة إلى العشرة حيض وإن اختلف لونه ، ما لم يعلم أنه لعذرة أو قرح ، ومع تجاوز العشرة ترجع ذات العادة إليها.
والمبتدءة والمضطربة إلى التميز.
ومع فقده ترجع المبتدءة إلى عادة أهلها وأقرانها.
______________________________________________________
وقال في الخلاف : المستبين حملها لا تحيض بالإجماع ( إجماعا خ ) منا والخلاف في غير المستبين حملها وهو اختياره في المبسوط وقوله : الأشهر ( أنه لا يجتمع ) مع استبانة الحمل.
« قال دام ظله » : ولو كمل ثلاثة في جملة عشرة فقولان ، المروي أنه حيض.
قال الشيخ في النهاية : إنه حيض مستندا إلى رواية يونس عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : فإن ( وإن خ ) انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين ، اغتسلت ، وصلت ، وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام ، فإن رأت في تلك العشرة أيام ، من يوم رأت الدم ، يوما أو يومين ، حتى يتم لها ثلاثة أيام ، فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض ( الحديث ) (1).
وقال في المبسوط والخلاف : أقله ثلاثة أيام ، ( وهو مذهب المرتضى وابن بابويه وقال ابن الجنيد : أقله ثلاثة بلياليها - خ ).
فإذا الأظهر بين الأصحاب اشتراط التوالي ، ورواية يونس مرسلة.
« قال دام ظله » : ومع فقده ، ترجع المبتدءة إلى عادة أهلها ، وأقرانها.
قلت : أورد لفظ الأقران ، جاعلا له في المرتبة الثالثة ، تبعا لكلام الشيخ في الخلاف ، ( الجمل خ ) ، والمبسوط ، وإلا فليس في لفظ الرواية ، ولا فتوى الأصحاب ،
ص: 76
فإن لم يكن ، أو كن مختلفات رجعت هي والمضطربة إلى الروايات وهي ستة أو سبعة ، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر.
وتثبت العادة باستواء شهرين في أيام الدم ولا تثبت بالشهر الواحد.
______________________________________________________
إلا رجوعها إلى نسائها.
رواه زرعة عن سماعة ، قال : سألته عن جارية حاضت أول حيضها ، فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها؟ قال : أقرائها مثل أقراء نسائها ، فإن كن ( كانت خ ) نسائها مختلفات ، فأكثر جلوسها عشرة أيام ، وأقله ثلاثة أيام (1).
وهذه وإن كانت غير مسندة وسماعة ( وإن كان خ ) فطحيا ، لكن عمل الأصحاب يؤيدها ، والشيخ أيضا اختارها في الخلاف ، وعليها اعتمد شيخنا دام ظله في المعتبر والدرس.
« قال دام ظله » : رجعت هي والمضطربة ، إلى الروايات.
المضطربة هي التي لم تستقر لها عادة عددا ولا وقتا ، وقوله : ( ترجع إلى الروايات ) يعني هي مخيرة بين إن شاءت عملت برواية حمنة بنت جحش عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قالت : قلت إني استحضت ( استحاض خ ) حيضة شديدة فقال صلى اللّه عليه وآله : احتشي كرسفا فقالت : إنه أشد من ذلك إني أثجه ثجا فقال : تلجمي وتحيضي في كل شهر في علم اللّه ستة أيام أو سبعة أيام (2).
وأراد صلى اللّه عليه وآله ، التخيير ، لا أن تعمل بالاجتهاد ، كما خير المسافر بين الإتمام والتقصير ، في بعض المواضع.
وإن شاءت تترك الصلاة عشرة أيام في شهر ، وثلاثة في شهر ، عملا برواية ابن
ص: 77
ولو رأت في أيام العادة صفرة أو كدرة ، وقبلها أو بعدها بصفة الحيض وتجاوز العشرة ، فالترجيح للعادة ، وفيه قول آخر.
وتترك ذات العادة الصوم والصلاة برؤية الدم.
______________________________________________________
بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
وفي رواية : تترك ثلاثة من كل شهر (2) ، وهو قول لعلم الهدى.
وفي رواية يونس : تترك الصلاة سبعة ، وتصلي باقي الشهر (3).
وذكرها في التهذيب وأفتى بها ( عليها خ ) ، في الجمل.
وقال ابن زهرة العلوي في كتابه : تجعل عشرة أيام حيضا ، وعشرة أيام طهرا دائما ، وهو بعيد.
والذي يقوى عند شيخنا دام ظله ، العمل بالأولى ، لأن الستة والسبعة ، هي الغالبة ، في النساء ، وعلى التقديرات ، تجعلها من أول الشهر.
« قال دام ظله » : فالترجيح للعادة ، وفيه قول آخر.
قلت : إذا اجتمعت العادة والتمييز في زمان واحد ، فالترجيح للعادة بلا خلاف ، وهل يكون كذا في زمانين؟ قال الشيخ في الجمل والمبسوط ، والمرتضى والمفيد : نعم وعليه أتباعهم.
وهو قوي جدا لأن العادة كالمتيقن ، فيجب المصير إليها ، وصفة الدم ساقطة مع العادة ، لأنها أقوى.
وقال الشيخ في النهاية : ترجع إلى التميز وهو المشار إليه بقوله : ( وفيه قول آخر ).
ص: 78
وفي المبتدءة والمضطربة تردد ، والاحتياط أولى حتى يتيقن الحيض.
وذات العادة مع الدم تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين ، ثم تعمل ما تعمله المستحاضة ، فإن استمر وإلا قضت الصوم.
وأقل الطهر عشرة ولا حد لأكثره.
وأما الأحكام : فلا ينعقد لها صلاة ولا صوم ولا طواف ، ولا يرتفع لها حدث.
ويحرم عليها دخول المساجد إلا اجتيازا عدا المسجدين ، ووضع شئ فيها على الأظهر ، وقراءة العزائم ، ومس كتابة القرآن.
ويحرم على زوجها وطؤها موضع الدم ، ولا يصح طلاقها مع دخوله بها وحضوره ، ويجب عليها الغسل مع النقاء ، وقضاء الصوم دون الصلاة.
وهل يجوز أن تسجد لو سمعت السجدة؟ الأشبه نعم.
______________________________________________________
« قوله » : وفي المبتدءة والمضطربة تردد.
وجهه اختلاف فتوى الأصحاب لكن الأصل يقضي لزوم العبادة ، لأنها في الذمة بيقين فلا تسقط إلا بيقين ، وهو مذهب علم الهدى في المصباح واختيار المتأخر ، وعليه فتوى شيخنا دام ظله (1).
وقال الشيخ : تترك العبادة ، فإن استمر ثلاثة قطعت على الحيض ، وإلا قضت ما فات من العبادة.
« قال دام ظله » : وهل يجوز أن تسجد ، لو سمعت السجدة؟ الأشبه نعم.
في المسألة قولان ، مستندهما الرواية ، وقال الشيخ في النهاية : لا يجوز أن تسجد ، ومستنده رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته
ص: 79
وفي وجوب الكفارة بوطئها على الزوج روايتان أحوطهما الوجوب.
وهي أي الكفارة دينار في أوله ، ونصف في وسطه ، وربع في آخره.
ويستحب لها الوضوء لوقت كل فريضة ، وذكر اللّه تعالى في مصلاها بقدر صلاتها.
ويكره لها الخضاب ، وقراءة ما عدا العزائم ، وحمل المصحف ، ولمس هامشه ، والاستمتاع منها بما بين السرة والركبة ، ووطؤها قبل الغسل.
وإذا حاضت بعد دخول الوقت فلم تصل مع الإمكان قضت ، وكذا لو أدركت من آخر الوقت قدر الطهارة والصلاة وجبت أداء ومع الإهمال قضاء.
______________________________________________________
عن الحايض ، هل تقرأ القرآن ، وتسجد سجدة ، إذا سمعت السجدة؟ فقال : لا تقرأ ولا تسجد (1).
وقال في المبسوط : بجوازه ، والمستند ، رواه علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا قرئ شئ من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد ، وإن كنت على غير وضوء ، وإن كنت جنبا ، وإن كانت المرأة لا تصلى ، وساير القرآن أنت ( فيه خ ) بالخيار (2).
والوجوب ساقط بلا خيار ، فنحملها على الجواز والاستحباب ، وإليه ذهب في الاستبصار ، وهو اختيار شيخنا دام ظله ، والرواية الأولى ممنوعة ، لأن فيها الإذن في قراءتها مطلقا ، أو نحملها على غير العزائم.
« قال دام ظله » : وفي وجوب الكفارة بوطئها على الزوج ، روايتان.
ص: 80
وتغتسل كاغتسال الجنب لكن لا بد معه من الوضوء.
( والثالث ) غسل الاستحاضة :
ودمها في الأغلب أصفر بارد رقيق ، لكن ما تراه بعد عادتها - مستمرا أو بعد غاية النفاس وبعد اليأس وقبل البلوغ ، ومع الحمل على الأشهر - فهو استحاضة ولو كان عبيطا.
ويجب اعتباره ، فإن لطخ باطن القطنة لزمها إبدالها والوضوء لكل صلاة ، وإن غمسها ولم يسل لزمها مع ذلك تغيير الخرقة وغسل للغداة ، وإن سال لزمها مع ذلك غسلان ، غسل للظهر وللعصر تجمع بينهما ، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما ، وكذا تجمع بين صلاة الليل والصبح بغسل واحد إن كانت متنفلة ، فإذا فعلت ذلك صارت طاهرة.
______________________________________________________
قال الشيخ في الجمل والخلاف وموضع من المبسوط : يجب ، وكذا قال المفيد ، وعلم الهدى في المصباح والانتصار.
ويدل عليه رواية داود بن فرقد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في كفارة الطمث ، أنه يتصدق إذا كان في أوله بدينار ، وفي أوسطه نصف ( بنصف خ ) دينار ، وفي آخره ربع دينار (1) وفي رواية عبد اللّه بن سنان عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام ، يتصدق بدينار (2) ( وفي الطريق الوشاء خ ).
وفي رواية عن أبي بصير عنه عليه السلام ، فعليه نصف دينار يتصدق به (3) أما ما روى عن عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل واقع
ص: 81
ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد.
______________________________________________________
امرأته وهي طامث؟ قال : لا يلتمس فعل ذلك ، فقد نهى اللّه أن يقربها.
قلت : فإن فعل ( ذلك خ ) أعليه كفارة؟ قال : لا أعلم فيه شيئا ، يستغفر اللّه (1).
وما رواه ليث المرادي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن وقوع الرجل على امرأته ، وهي طامث خطأ؟ قال : ليس عليه بشئ (2).
فحملها (3) في الاستبصار ، على ما إذا كان جاهلا بحالها لا مع علمه.
واستدل الشيخ في الخلاف ، وعلم الهدى في الاستبصار بالإجماع ، ولا يتحقق الإجماع مع الخلاف.
وقال الشيخ في النهاية ، وفي كتاب النكاح من المبسوط : بالاستحباب.
وفي كمية الكفارة روايات وقد ذكرنا بعضها.
وقال ابن بابويه في مقنعه : يتصدق على مسكين ، وهو في رواية الحلبي ، قال يتصدق على مسكين بقدر شبعه (4).
وفتوى الثلاثة على التفضيل (5) كما ذكرنا عنهم.
وقوله : « أحوطهما الوجوب » معناه لو عملنا بالوجوب كان احتياطا ، لا قطعا للدليل ، وذلك لأن مع تعارض الروايات ، وأقوال الفقهاء ترجع إلى الأصل وهو عصمة مال المسلم ، والأحوط عنده دام ظله ، يفيد الاستحباب.
« قال دام ظله » : ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد.
ص: 82
وعليها الاستظهار في منع الدم من التعدي بقدر الإمكان ، وكذا يلزم من به السلس والبطن.
( الرابع ) غسل النفاس :
ولا يكون نفاس إلا مع الدم ولو ولدت تاما ، ثم لا يكون الدم نفاسا حتى تراه بعد الولادة أو معها.
ولا حد لأقله.
______________________________________________________
معناه لا تجمع في المواضع التي تقتصر فيها على الوضوء ، ولا يظن ظان ، ان هذا - الحكم يستحب ( مستحب خ ) في المواضع كلّها ، ولتكن على حذر من وهم المتأخر هنا تخيّلا من كلام الشيخ في المبسوط والخلاف ، انّ المستحاضة لا تجمع بين فريضتين بوضوء ( على سبيل خ ) الاطلاق.
وليس كذلك بل مراده ما ذكرناه في حالة لا غسل فيها وقد قلّده في ذلك اكثر المتأخرين عنه.
والحق ما ذكرناه - لتجرد قوله : عن الدليل - وهو مذهب الشيخين ، وعلم الهدى ، وابن بابويه ، ولم يذهب إلى ما ذهب إليه المتأخر ، أحد من أصحابنا ، ممن وقفنا على تصنيفه ، إلا ظاهر كلام الشيخ (1).
وربما يقتصر الشيخ في النهاية والمبسوط ، على الأغسال ، وكذا علم الهدى ، وأما الشيخ فيلزم على مذهبه الوضوء ، مع كل غسل ، ولا يلزم على مذهب المرتضى ، لأن عنده كل غسل يجزي عن الوضوء.
« قال دام ظله » : ولا يكون نفاس إلا مع الدم.
معناه لا يحصل مسمى النفاس ، إلا مع الدم ، وهذا رد على الشافعي ، من
ص: 83
وفي أكثره روايات أشهرها أنه لا يزيد عن أكثر الحيض.
وتعتبر حالها عند انقطاعه قبل العشرة ، فإن خرجت القطنة نقية اغتسلت ، وإلا توقعت النقاء أو انقضاء العشرة ، ولو رأت بعدها دما فهو استحاضة.
والنفساء كالحائض فيما يحرم عليها ويكره ، وغسل كغسلها في الكيفية ، وفي استحباب تقديم الوضوء على الغسل وجواز تأخيره عنه.
( الخامس ) غسل الأموات :
والنظر في أمور أربعة :
( الأول ) الاحتضار
______________________________________________________
حيث إن في بعض أقواله ، أن نفس الولادة هو النفاس.
وقوله : ولو ولدت تاما ، تأكيد ، في أن الولادة لا تكون نفاسا ، ولو كان تاما.
ثم قال : ( ثم لا يكون الدم نفاسا ) تنبيها على أن كل الدم ليس بنفاس ، بل ما يكون عقيب الولادة أو معها ( وقال المرتضى : النفاس هو الدم عقيب الولادة خ ) ، ولم يذكر أو معها ، وهو مذهب الشيخين ، ولا خلاف في أن الذي قبلها ليس بنفاس.
« قال دام ظله » : وفي أكثره روايات ، أشهرها أنه لا يزيد عن أكثر الحيض.
قال الشيخ في النهاية والمبسوط والجمل وابن بابويه : إن أكثره عشرة أيام ، وكذا قال المفيد في أحد قوليه ، وقال المرتضى وابن الجنيد وابنا بابويه ثمانية عشر يوما (1) وهو اختيار المفيد في المقنعة.
والاستناد ما رواه محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عن النفساء كم
ص: 84
والفرض فيه : استقبال الميت بالقبلة على أحوط القولين بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها.
والمسنون نقله إلى مصلاه.
______________________________________________________
تقعد؟ فقال : إن أسماء بنت عميس ، أمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، إن تغتسل لثمان ( لثمانية خ ) عشرة ، ولا بأس بأن تستظهر بيوم أو يومين (1).
والأول أظهر بين الأصحاب ، وبه روايات ، لا تصلح هذه أن تكون معارضة لها.
ومنها ما روى ، عن الفضيل ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : النفساء تكف عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها ثم تغتسل (2).
وعن يونس بن يعقوب ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ، ثم تستظهر وتغتسل وتصلي (3).
وأيضا رواية محمد بن مسلم مؤولة ، بما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، إن أسماء بنت عميس ، سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقد أتى لها ثمانية عشر يوما ، ولو سألته قبل ذلك ، لأمرها أن تغتسل ، وتفعل كما تفعله المستحاضة (4) وأيضا الأصل لزوم العبادة ، ترك ( فترك خ ) العمل به في العشر ( في العشرة خ ) إجماعا ، ولا دليل في الزائد عليها.
« قال دام ظله » : والفرض فيه ( أي في الاحتضار ) استقبال الميت بالقبلة.
هذا مذهب المفيد في المقنعة ، وكذا يظهر من كلام الشيخ ، في النهاية في باب
ص: 85
وتلقينه الشهادتين ، والاقرار بالنبي صلى اللّه عليه وآله وبالأئمة عليهم السلام ، وكلمات الفرج ، وأن تغمض عيناه ، ويطبق فوه وتمد يداه إلى جنبيه ، ويغطى بثوب ، وأن يقرأ عنده القرآن ، ويسرج عنده أن مات ليلا ، ويعلم المؤمنون بموته ، ويعجل تجهيزه إلا مع الاشتباه ، ولو كان مصلوبا لا يترك أزيد من ثلاثة أيام.
ويكره أن يحضره جنب أو حائض.
______________________________________________________
القبلة ، وصورته : معرفة القبلة واجبة ، للتوجه إليها في الصلوات ، ولاستقبالها عند الذباحة ، وعند احتضار الأموات.
ويظهر منه (1) في باب تغسيل الأموات ، الاستحباب ، وصرح في الخلاف به ، وكذا مذهب علم الهدى في المصباح ، وهو اختيار شيخنا دام ظله (2) والمتأخر وهو أشبه.
لنا أن مقتضى الأصل ، اللا وجوب ( عدم الوجوب خ ) وليس في الأحاديث ما يدل صريحا على الوجوب ، فيسقط ( فسقط خ ).
وقوله : ( على أحوط القولين ) أي يعمل بالفرض احتياطا ، لا لدليل قائم.
« قال دام ظله » : وتلقينه الشهادتين ، والاقرار ( بالنبي صلى اللّه عليه وآله خ ) و بالأئمة عليهم السلام.
وفي بعض النسخ والتصانيف : والاقرار بالنبي ، والأئمة عليهم السلام ، وهو تكرار.
ص: 86
وقيل : يكره أن يجعل على بطنه حديد.
( الثاني ) الغسل
وفروضه : إزالة النجاسة عنه ، وتغسيله بماء السدر ، ثم بماء الكافور ، ثم بالقراح ، مرتبا كغسل الجنابة ، ولو تعذر السدر والكافور كفت المرة بالقراح.
وفي وجوب الوضوء قولان ، والاستحباب أشبه.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وقيل : يكره أن يجعل على بطنه حديد.
وهو مذهب الشيخين ، وقال في التهذيب : ما وجدنا به حديثا مرويا ، بل سمعناه مذاكرة.
« قال دام ظله » : الثاني الغسل إلى آخره.
أقول : تغسيله الميت ، ثلاث غسلات ( مرات خ ) وجوبا ، مذهب أصحابنا ، إلا سلار ، فإنه اقتصر على المرة فرضا ، والثاني والثالث ندبا ، وهو مقتضى الأصل ، لكن ترك لوجود النص ، وهو ما روت أم عطية ، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، حين توفيت ابنته ، قال اغسليها ثلاثا أو خمسا أو أكثر (1) .
فالأمر بالثلاث على الوجوب ، والباقي ( والثاني خ ) على التخيير ، والندب.
وفي رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام : يغسل الميت ثلاث غسلات ، مرة بالسدر ، ومرة بالماء ، يطرح فيه الكافور ، ومرة بالماء القراح ، ثم يكفن (2).
« قال دام ظله » : وفي وجوب الوضوء قولان.
ص: 87
ولو خيف من تغسيله تناثر جسده ، ييمم.
وسننه : أن يوضع على مرتفع موجها إلى القبلة مظللا ، ويفتق جيبه وينزع ثوبه من تحته وتستر عورته ، وتلين أصابعه برفق ويغسل رأسه وجسده برغوة السدر ويغسل فرجه بالحرض (1).
ويبدأ بغسل يديه ، ثم بشق رأسه الأيمن ثم بالأيسر ويغسل كل عضو منه ثلاثا في كل غسلة ويمسح بطنه في الأوليين إلا الحامل.
ويقف الغاسل عن يمينه ، ويحفر للماء حفيرة ، وينشف بثوب.
ويكره إقعاده وقص أظفاره ، وترجيل شعره ، وجعله بين رجلي الغاسل ، وإرسال الماء في الكنيف ، ولا بأس بالبالوعة.
( الثالث ) الكفن
______________________________________________________
قال المفيد : ينبغي أن يوضأ الميت ، وربما استند إلى قولهم عليهم السلام ، في كل غسل وضوء ، إلا غسل الجنابة (2).
وفي رواية عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، يغسل فرجه ، ثم يوضأ وضوء الصلاة (3).
وكذا في رواية حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الميت يبدأ بفرجه ، ثم يوضأ وضوء الصلاة (4).
ص: 88
والواجب منه مئزر وقميص وإزار مما تجوز الصلاة فيه للرجال ، ومع الضرورة تجزي اللفافة ، وإمساس مساجده بالكافور وإن قل.
والسنن فيه : أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه أو يتوضأ ، وأن يزاد للرجل حبرة يمنية عبرية غير مطرزة بالذهب ، وخرقة لفخذيه وعمامة تثنى عليه محنكا ، ويخرج طرفا العمامة من الحنك ويلقيان على صدره.
ويكون الكفن قطنا أبيض وتطيب بالذريرة ويكتب على الحبرة والقميص واللفافة والجريدتين : فلان يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا صلى اللّه عليه وآله رسول اللّه والاقرار بالأئمة.
ويجعل بين أليتيه قطنا.
وتزاد المرأة لفافة أخرى لثدييها ، ونمطا ، وتبدل بالعمامة قناعا.
ويسحق الكافور باليد ، وإن فضل عن المساجد القي على صدره ،
______________________________________________________
وقال في المبسوط : عمل الأصحاب على ترك الوضوء للميت ، لأن غسل الميت كغسل الجنابة ، وهو في رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (1).
وفي الاستبصار قال : بالاستحباب ، وهو أشبه ، جمعا بين الأخبار ، واختلاف الأقوال ، وعلى القولين ، لا تمضمض ، ولا استنشاق.
« قال دام ظله » : والواجب منه : مئزر وقميص وإزار.
هذا فتوى الأصحاب ، إلا سلارا فإنه اقتصر على واحد فرضا ، والعمل على قولهم ، لدلالة الأحاديث ( عليه خ ) (2).
ص: 89
وأن يكون درهما أو أربعة دراهم ، وأكمله ثلاثة عشر درهما وثلثا.
ويجعل معه جريدتان ، إحداهما من جانبه الأيسر بين قميصه وإزاره ، والأخرى مع ترقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده ، وتكونان من النخل ، وقيل : فإن فقد فمن السدر ، وإلا فمن الخلاف ، وإلا فمن غيره من الشجر الرطب.
ويكره بل الخيوط بالريق ، وأن يعمل لما يبتدأ من الأكفان أكمام وأن يكفن في السواد ، وتجمير الأكفان أو تطييبه بغير الكافور والذريرة ، ويكتب عليه بالسواد ، وأن يجعل في سمع الميت أو بصره شئ من الكافور.
وقيل : يكره أن يقطع الكفن بالحديد.
( الرابع ) الدفن
والفرض فيه : مواراته في الأرض على جانبه الأيمن موجها إلى القبلة ، ولو كان في البحر وتعذر البر يثقل أو جعل ( يجعل خ ) في وعاء وأرسل إليه.
ولو كانت ذمية حاملا من مسلم.
قيل : تدفن ( دفنت خ ) في مقبرة المسلمين ، يستدبر بها القبلة إكراما للولد.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وقيل : يكره أن يقطع الكفن بالحديد.
هذا قول الشيخين ، وقال في التهذيب : سمعناه مذاكرة من المشايخ ، فتبعناهم.
« قال دام ظله » : قيل دفنت (1) في مقبرة المسلمين ويستدبر بها القبلة ، إكراما للولد.
ص: 90
وسننه : اتباع الجنازة أو مع جانبيها وتربيعها ، وحفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة ، وأن يجعل له لحد ، وأن يتحفى النازل إليه ، ويحل أزراره ويكشف رأسه ويدعو عند نزوله ، وأن يكون رحما إلا في المرأة ، ويجعل الميت عند رجلي القبر إن كان رجلا ، وقدامه إن كانت امرأة ، وينقل مرتين ويصير عليه وينزل في الثالثة سابقا برأسه ، والمرأة عرضا.
ويحل عقد كفنه ويلقنه ( الولي الشهادة خ ) ويجعل معه تربة الحسين عليه السلام ويشرج اللحد ، ويخرج من قبل رجليه ، ويهيل الحاضرون بظهور الأكف مسترجعين ولا يهيل ذو الرحم.
ثم يطم ( يعلم خ ) القبر ، ولا يوضع فيه من غير ترابه ، ويرفع مقدار أربع أصابع مربعا ، ويصب عليه الماء من رأسه دورا ، فإن فضل ماء صبه على وسطه ، ويضع الحاضرون الأيدي عليه مترحمين ، ويلقنه الولي بعد انصرافهم.
ويكره فرش القبر بالساج - إلا مع الحاجة -.
وتجصيصه وتجديده ، ودفن الميتين في قبر واحد.
______________________________________________________
العاملي في قوله : إكراما للولد ، هو مفعول لأجله ، في قوله ( دفنت ) لا ل- [ يستدبر ].
والقائل هو الشيخ ، ووجهه أن المرأة لو لم تدفن في مقبرة المسلمين لزم إخراج الولد المسلم عن مقبرتهم ، ولو استقبل بها القبلة ، لكان الولد المسلم مستدبرا ، فدفنت فيها إكراما له ، واستدبرت ليكون الولد مستقبلا (1).
« قال دام ظله » : وتجصيصه وتجديده.
ص: 91
ونقل الميت إلى غير بلد موته إلا إلى المشاهد المشرفة.
ويلحق بهذا الباب مسائل
( الأولى ) كفن المرأة على زوجها ولو كان لها مال.
( الثانية ) كفن الميت من أصل تركته قبل الوصية والدين (1) والميراث.
( الثالثة ) لا يجوز نبش القبر ، ولا نقل الموتى بعد دفنهم.
( الرابعة ) الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل ولا يكفن ، بل يصلى عليه ويدفن بثيابه وينزع عنه الخفان والفرو.
( الخامسة ) إذا مات ولد الحامل قطع وأخرج ، ولو ماتت هي دونه يشق جوفها من الجانب الأيسر وأخرج. وفي رواية : يخاط بطنها.
( السادسة ) إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر ، فهو كما لو وجد
______________________________________________________
واختلفوا في لفظ التجديد ، قال المفيد : بالخاء من خددت ، أي شققت ، وعلى هذا يكون حراما لا مكروها ، وذكر الشيخ في النهاية تجديدها بالجيم ، وقال : لم يكره تطيينها (2).
وروى عن سعد بن عبد اللّه ، بالحاء غير المعجمة ، وعن تسنيمها ، وهو أن يجعل القبر محددا أي مسنما ، مثل سنام الإبل.
وأصل الخبر ، مروي عن علي عليه السلام قال : من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن الإسلام (3) وروي عن البرقي ، تجديثها بالجيم والثاء.
ص: 92
كله ، وإن لم يوجد الصدر غسل وكفن ما فيه عظم ، ولف في خرقة ، ودفن ما خلا من ( عن خ ل ) عظم.
قال الشيخان : ولا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة ، ولو كان لدونها لف في خرقة ودفن.
( السابعة ) لا يغسل الرجل إلا رجل ، وكذا المرأة ، ويغسل الرجل بنت ثلاث سنين مجردة ، وكذا المرأة ، ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب ، وكذا المرأة.
( الثامنة ) من مات محرما كان كالمحل ، لكن لا يقرب الكافور.
( التاسعة ) لا يغسل الكافر ، ولا يكفن ، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
( العاشرة ) لو لاقى ( لقي خ ل ) كفن الميت نجاسة غسلت ما لم يطرح في القبر وقرضت بعد جعله فيه.
( السادس ) غسل من مس ميتا :
يجب الغسل بمس الميت الآدمي بعد برده بالموت ، وقبل تطهيره بالغسل على الأظهر.
وكذا يجب الغسل بمس قطعة فيها عظم ، سواء أبينت من حي أو ميت ، وهو كغسل الحائض.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : يجب الغسل ، بمس الميت الآدمي بعد برده بالموت ، وقبل تطهيره بالغسل ، على الأظهر.
الوجوب اختيار الشيخين وابن بابويه وابن أبي عقيل ، وقال الشيخ : وكذا لو مس قطعة منه فيها عظم ، أبين ( أبينت خ ) من حي أو ميت.
ص: 93
وأما المندوب من الأغسال
فالمشهور ، غسل الجمعة ، ووقته ما بين طلوع الفجر إلى الزوال ، وكلما قرب من الزوال كان أفضل.
وأول ليلة من شهر رمضان ، وليلة النصف منه ، وليلة سبع عشرة منه ، وتسع عشرة ( منه خ ) ، وإحدى وعشرين ( منه خ ) ، وثلاث وعشرين ( منه خ ) ، وليلة الفطر ، ويومي العيدين ، ويوم عرفة ( العرفة خ ) ، وليلة النصف من رجب ، ويوم المبعث ، وليلة النصف من شعبان ، والغدير ، ويوم المباهلة ، وغسل الإحرام ، وزيارة النبي والأئمة عليهم السلام.
______________________________________________________
وقال مرتضى في شرح الرسالة والمصباح : بالاستحباب في الأول ، وما ذكر في مس القطعة شيئا.
والوجوب هو المعمول عليه ، لدلالة الأخبار عليه صريحا ( منها ) ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، من غسل ميتا ، فليغتسل. (1)
( ومنها ) رواية معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا مسه وهو سخين ، فلا غسل عليه ، وإذا برد فعليه الغسل (2).
« قال دام ظلة » : ( في ذكر الأغسال المندوبة ) : فالمشهور غسل الجمعة.
اختلفت الروايات في غسل الجمعة ، روى محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن
ص: 94
ولقضاء الكسوف ، والندم والتوبة ، ولصلاة الحاجة ، والاستخارة ، ولدخول الحرم ، والمسجد الحرام ، والكعبة ، والمدينة ، ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله ، وغسل المولود.
والنظر في أمور أربعة : ( الأول ) شرط التيمم عدم الماء ، أو عدم الوصلة إليه ، أو حصول مانع من استعماله كالبرد والمرض ، ولو لم يوجد إلا ابتياعا وجب وإن كثر الثمن.
______________________________________________________
اذينة ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : قال : سألته عن غسل يوم الجمعة؟ فقال : هو سنة في الحضر والسفر ، إلا أن يخاف المسافر على نفسه القر ( الضرر خ ) (1).
وروى الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن الغسل في يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال : سنة وليس بفريضة (2) وغير ذلك من الروايات.
فأما ما رواه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن الغسل يوم الجمعة؟ فقال : واجب على كل ذكر أو أنثى ، عبد أو حر (3).
وفي معناها أخرى ، عن ابن أبي نصر ، عن محمد بن عبد اللّه عن الرضا
ص: 95
وقيل : ما لم يضر في الحال ، وهو الأشبه.
ولو كان معه ماء وخشي العطش تيمم إن لم يكن فيه سعة عن قدر الضرورة.
______________________________________________________
عليه السلام (1).
وفي طريقها ، سهل بن زياد ، وهو مقدوح.
وما رواه مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل ينسى الغسل ( غسل ) يوم الجمعة ، حتى صلى؟ قال : إن كان في وقت ، فعليه أن يغتسل ، ويعيد الصلاة ، الحديث (2).
فالأولى ، محمولة على شدة الاستحباب ، والثانية والثالثة ضعيفتا السند ، ومع تسليمهما ، تحملان على الاستحباب ، واختار ابن بابويه (3) الوجوب عملا بتلك الروايات.
الركن الثالث في الطهارة الترابية
قدم هذا الركن على الرابع ، لأن الرابع ليس ركنا ، لكتاب الطهارة حقيقة ، لأن ركن الشئ ما يتقوم به ذلك الشئ ، بحيث يلزم من الإخلال به ، الإخلال بذلك الشئ كله أو بعضه ، وركن النجاسات ليس كذلك ، بل هو السبب الموجب للطهارة اللغوية.
« قال دام ظله » : وقيل ما لم يضر في الحال وهو الأشبه.
هذا فتوى الشيخ في كتبه ، ووجه الأشبهية ، الأضرار المنفي بالأصل ، لقوله
ص: 96
وكذا لو كان على جسده نجاسة ومعه ما يكفيه لإزالتها أو للوضوء فتيمم.
وكذا من ( لو خ ) كان معه ماء لا يكفيه لطهارته ، وإذا لم يوجد للميت ماء تيمم كالحي العاجز.
( الثاني ) ما تيمم به ، وهو التراب الخالص دون ما سواه من المنسحقة كالأشنان والدقيق ، والمعادن كالكحل والزرنيخ ، ولا بأس بأرض النورة والجص.
ويكره بالسبخة والرمل.
______________________________________________________
عليه السلام : لا ضرر ولا إضرار (1) ألا ترى أن من خشي اللص من أخذ ماله ، لو سعى لطلب الماء ، لا يجب عليه السعي ، لأنه تعريض للمال للاتلاف ، هكذا ذكره دام ظله في الدرس وربما يخطر فارق (2).
وأما إنه يجب الابتياع وإن كثر الثمن ، فهو اختيار علم الهدى ، ووجهه أنه واجد للماء ، فلا يجوز له التيمم.
ويدل عليه رواية صفوان ، عن أبي الحسن عليه السلام ، في رجل وجد قدر ماء ، يتوضأ به بمائة درهم أو ألف وهو واجد ، قال : يشتري ، قد أصابني مثل هذا ، فاشتريت وما يسؤني بذلك مال كثير (3).
ص: 97
وفي جواز التيمم بالحجر مع وجود التراب تردد ، وبالجواز قال الشيخان ، ومع فقد الصعيد تيمم بغبار الثوب واللبد أو عرف الدابة ، ومع فقده بالوحل.
( الثالث ) في كيفيته ولا يصح قبل دخول الوقت ، ويصح مع ضيقه.
وفي صحته مع السعة قولان ، أحوطهما التأخير.
______________________________________________________
وقال ابن الجنيد من أصحابنا في مختصره : وإذا كان الثمن غاليا يتيمم ( تيمم خ ) وصلى وأعاد إذا وجد الماء.
والأول هو المختار ، فينبغي أن يكون العمل عليه ( أن يعمل عليه خ ).
« قال دام ظله » : وفي جواز التيمم بالحجر مع وجود التراب ، تردد ، وبالجواز قال الشيخان.
قلت : وجه التردد ، وجود الخلاف في الصعيد ، هل هو الأرض وما عليها ، أم ( أو خ ) التراب؟ فمن قال بالأول ، يلزمه القول بالجواز ، ومن قال بالثاني ، لا يجوز عنده ، والمرجع في ذلك إلى أهل اللغة.
وأقوالهم أيضا مختلفة ، فأما الشيخ فقد أطلق القول بالجواز ، في الخلاف والمصباح والجمل ، وقال في النهاية : بالترتيب وقال المفيد في المقنعة : ويجوز للاضطرار ، ومن هذا ( هنا خ ) قال المتأخر : لا يجوز له العدول إلى الحجر ، إلا مع عدم التراب.
وإذا تحرر ( تقرر خ ) هذا فهل يجوز بالنورة؟ قال المرتضى : نعم وبالجص أيضا ، لا بالزرنيخ لأنه معدن ، وقال الشيخان : يجوز بأرض النورة.
« قال دام ظله » : وفي صحته مع السعة قولان ، أحوطهما التأخير.
قال الثلاثة : لا يجوز إلا مع الضيق ، وعليه اتباعهم.
ص: 98
وهل يجب استيعاب الوجه والذراعين بالمسح؟ فيه روايتان ، أشهرها اختصاص المسح بالجبهة وظاهر الكفين.
______________________________________________________
ويدل عليه ما رواه ابن ابي عمير عن ابن اذينة ، عن زرارة عن احدهما عليهما السّلام ، اذا لم يجد المسافر الماء ، فليطلب مادام في الوقت ، فاذا خاف ان يفوته الوقت ، فليتمم ، وليصلّ في اخر الوقت فاذا وجد الماء فلا قضاء عليه (1).
وفي رواية ، عن محمد بن مسلم قال : سمعته يقول : اذا لم تجدماء وأردت التيمّم ، فاخّر التيمّم الى اخر الوقت (2).
وقال ابن بابويه : يجوز مع السعة ، لقوله تعالى : ولم تجدوا مآء فتيمموا (3) والنظر يؤيّده.
والاحتياط في الاوّل ( يقويه خ ) ، والرّوايات به صحيحة ، فعليك بها.
اذا تقرر هذا ، فلو تيمّم في اخر الوقت وصلّى ، ثمّ دخل في صلاة اخرى ، يجوز له ان يصلّي بذلك التيمّم اوّل الوقت على الأقوى ، وهو اختيار شيخنا دام ظله.
« قال دام ظله » : وهل يجب استيعاب الوجه والذارعين بالمسح؟ فيه روايتان الخ.
قلت : عمل الأصحاب عدا علي بن بابويه على مسح الجبهة وظاهر الكفين في التيمم ، وبه روايات.
منها ما رواه ابن بكير ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم؟ قال : فضرب بيده ( بيديه خ ) على الأرض ثم رفعهما ( رفعها خ ) فنفضهما
ص: 99
............................................................................
______________________________________________________
فنفضها خ ) ثم مسح بهما ( بها خ ) جبينه ( جبهته خ يب ) وكفيه مرة واحدة (1).
ومثلها ( ومنها خ ) ما رواه عمرو بن أبي مقدام عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2) وسنذكرها.
ومنها ما رواه صفوان عن الكاهلي ، قال : سألته عن التيمم ، قال : فضرب بيده على البساط ، فمسح بها ( بهما خ ) وجهه ثم مسح كفيه إحديهما على ظهر الأخرى (3).
وفي قصة عمار ، وضع النبي عليه السلام يديه على الأرض ، ثم رفعهما فمسح بهما وجهه ويديه فوق الكف قليلا (4).
ويؤيده قوله تعالى : فامسحوا بوجوهكم (5) إذ لا وجه لدخول الباء على الفعل المتعدي ، إلا التبعيض حذرا من الإلغاء.
وقال علي بن بابويه في رسالته : يمسح الوجه واليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع.
وهو في رواية عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته كيف التيمم؟ فوضع يده ( يديه خ ) على الأرض فمسح بها ( بهما خ ) وجهه وذراعيه إلى المرفقين (6).
ومثله في رواية ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (7).
ص: 100
وفي عدد الضربات أقوال ، أجودها للوضوء ضربة ، وللغسل اثنتان.
______________________________________________________
وفيهما ضعف ، الأولى لسماعة ، والثانية لأن في طريقها محمد بن سنان ، وهو مطعون فيه.
وحملهما الشيخ على التقية ، لكون أكثرهم قائلين به ، والمرتضى على إرادة الحكم لا الفعل.
وشيخنا دام ظله جمع بين الروايات فحمل الأولى على الوجوب ، والأخرى على الجواز ، وهو قريب ، وهو اختيار ابن أبي عقيل في المتمسك.
فإن قيل : خبر عمار والكاهلي (1) يشتملان ( مشتملان خ ) على مسح الوجه وإطلاقه يقتضي الاستيعاب.
قلنا : لا نسلم ، لجواز كون البعض مرادا ، فإن الحكم على المطلق كما يصدق بالكل يصدق بالبعض ، على أن حمل هذا على الاستيعاب يستلزم قولا خارجا (2) ، وهو استيعاب الوجه ، والاقتصار على الكفين.
فعلى القول الأول يمسح الجبهة من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى مما يليه ، وهو المراد من قول أبي جعفر محمد بن بابويه في المقنع : وامسح بهما بين عينيك إلى أسفل حاجبيك ، وعلى القول الثاني يمسح موضع الغسل.
« قال دام ظله » : وفي عدد الضربات ، أقوال.
في المسألة أقوال مضطربة وروايات مختلفة ، قال المرتضى في شرح الرسالة : بالضربة الواحدة في الغسل والوضوء ، وهو اختيار ابن أبي عقيل.
والاستناد ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي بكير عن زرارة ، قال :
ص: 101
والواجب فيه النية ، واستدامة حكمها ، والترتيب يبدأ بمسح الجبهة ، ثم بظاهر اليمنى ، ثم بظاهر اليسرى.
( الرابع ) في أحكامه وهي ثمانية :
( الأول ) لا يعيد ما صلى بتيممه.
ولو تعمد الجنابة لم يجز التيمم ما لم يخف التلف.
______________________________________________________
سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم؟ فضرب بيده ( يديه خ ) على الأرض ، ثم رفعهما ( رفعها خ ) ، فنفضهما ( فنفضها خ ) ، ثم مسح بها جبينه وكفيه مرة واحدة (1).
وما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه وصف التيمم فضرب بيديه على الأرض ، ثم رفعهما ، فنفضهما ، ثم مسح على جبهته ( جبينيه خ ) وكفيه مرة واحدة (2).
وقال علي بن بابويه : بالضربتين لهما ، وهو في رواية إسماعيل بن همام الكندي ، عن الرضا عليه السلام ، قال : التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين (3).
ويقرن من ذلك ، رواية ابن مسكان ، عن ليث المرادي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في التيمم ، قال : تضرب بكفيك الأرض مرتين ، ثم تنفضهما ، وتمسح بهما وجهك وذراعيك (4).
وقال الشيخان وعلم الهدى في المصباح وأبو الصلاح وسلار وأتباعهم : ضربة للوضوء وضربتان للغسل ، وهو جمع بين الروايات وعمل بما رواه حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كيف التيمم؟ قال : هو ضرب واحد
ص: 102
فإن خشي فتيمم وصلى ففي الإعادة تردد ، أشبهه أنه لا يعيد.
وكذا من أحدث في الجامع ومنعه الزحام يوم الجمعة ، تيمم وصلى ، وفي الإعادة قولان.
( الثاني ) يجب على من فقد الماء الطلب في الحزنة غلوة سهم ، وفي السهلة غلوة سهمين ، فإن أخل فتيمم وصلى ، ثم تبين وجود الماء ، تطهر وأعاد.
______________________________________________________
للوضوء ، وللغسل من الجنابة ضربتين (1).
وهو المختار إما لأنه جمع بين الروايتين ( الروايات خ ) فاختير توفيقا بينهما ، وإما عملا بالروايات الواردة بالتفصيل ، إذ التفصيل قاطع للشركة ، فالترجيح لها.
ويمكن الجمع من وجه آخر ، وهو أن تحمل الرواية بالمرة على الوجوب ، والزائدة على الاستحباب ، فيكون عملا بجميع الروايات ، وهو اختيار للمرتضى قدس اللّه روحه وربما يراه ( رآه خ ) شيخنا دام ظله.
( فأما ) ما تضمنه رواية ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن ابن مسلم ، من الضربات الثلاث للوجه ضربة ، ولليدين ضربتان (2) ( فهو متروك ) وإن ذهب إليه ذاهب منا ، على أنه يمكن العمل بها على ما ذكره علم الهدى.
« قال دام ظله » : فإن خشي وتيمم ( فتيمم خ ) وصلى ، ففي الإعادة تردد ، أشبهه أنه لا يعيد.
وجه التردد النظر إلى قول الشيخ في النهاية بالإعادة ، وهو في رواية جعفر بن
ص: 103
( الثالث ) لو وجد الماء قبل شروعه تطهر إجماعا ، ولو كان بعد فراغه فلا إعادة.
______________________________________________________
بشير ، عن عبد اللّه بن سنان أو غيره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أصابته جنابة ، في ليلة باردة ، يخاف على نفسه التلف إن اغتسل؟ قال : تيمم ، ويصلي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة (1).
وقد طعن الشيخ في الاستبصار في هذه الرواية ، من حيث إن جعفر بن بشير رواها عن عبد اللّه بن سنان (2) وهو شاك تارة رواها عن ابن سنان وتارة رواها مرسلة (3).
ثم قال ولو صح الخبر ، يحمل على من أجنب نفسه مختارا ، لأن فرضه الغسل على كل حال.
وفي هذا الحمل ضعف اللّهم إلا أن يثبت ذلك بدليل آخر.
والوجه إلا ( أنه خ ) يعيد ، لأن التيمم مبيح للصلاة ، فالصلاة معه تكون مأمورا بها فلا إعادة ، وإن قيل : التيمم غير مبيح ، قلنا : فالأداء ساقط والفرض خلافه.
فأما من منعه الزحام يوم الجمعة ، قال في النهاية والمبسوط وابن الجنيد منا : يتيمم ، ويصلي ، ثم يعيد حال الإمكان. وهو في رواية السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام (4).
ص: 104
ولو كان في أثناء الصلاة فقولان ، أصحهما البناء ولو كان على تكبيرة الإحرام.
( الرابع ) لو تيمم المجنب ثم أحدث ما يوجب الوضوء أعاد بدلا من الغسل.
( الخامس ) لا ينقض التيمم إلا ما ينقض الطهارة المائية ، ووجود الماء مع التمكن من استعماله.
( السادس ) يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء ندبا.
( السابع ) إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب وهناك ماء يكفي أحدهم تيمم المحدث.
______________________________________________________
والسكوني ضعيف فلا تعارض ما رواه الأصل المسلّم.
« قال دام ظله » : ولو كان في اثناء الصلاة ، فقولان ، أصحهما البناء ولو على تكبيرة الاحرام.
للشيخ في المسألة قولان ، وكذا ( لعلم خ ) علم الهدى ، قال في النهاية : يرجع ما لم يركع ، وبه قال المرتضى في المصباح ، وقال في المبسوط والخلاف : لا يرجع ، ولو تلبس بتكبيرة الاحرام.
وهو حسن معمول عليه ، لأنه شرع في الصلاة شروعا مأمورا به ، فلا يحل الرجوع ، حذرا من إبطال العمل ، وهو مذهب المرتضى في خلافه وشرح الرسالة والمفيد في المقنعة ، وابن الجنيد والمتأخر ، وقال سلار : يرجع ما لم يدخل في صلاة وقراءة.
ص: 105
وهل يختص به الميت أو الجنب؟ فيه روايتان أشهرهما أن يختص به الجنب دون الميت.
( الثامن ) روي فيمن صلى بتيمم فأحدث في الصلاة ووجد الماء قطع وتطهر وأتم.
ونزلها الشيخان على النسيان.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وهل يختص ( يخص خ ) به الميت ، أو الجنب؟ فيه روايتان.
في رواية التفليسي عن أبي الحسن عليه السلام يغتسل الجنب (1) وفي رواية محمد بن علي عن بعض أصحابنا يتيمم الجنب ويغسل الميت بالماء (2).
وهذه مقطوعة مرسلة فالأولى أصح ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية.
وقال في المبسوط : إن لم يكن لأحدهم بدل تخيروا في التخصيص.
وقال المتأخر : إن كان مباحا فلمن حازه وإن تعين عليهما تغسيل الميت.
وقال شيخنا في المعتبر : البحث هنا في الأولوية والتخيير غير منازع فيه ويرجح الجنب عملا برواية التفليسي.
« قال دام ظله » : ( في الثامن ) (3) ونزلها الشيخان على النسيان.
قلت : من صلى بتيمم ، فأحدث في أثناء الصلاة ، ووجد الماء ، روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام ، أنه يخرج ، ثم يتوضأ ، ويبنى على ما مضى من صلاته التي صلاها بالتيمم (4).
ص: 106
والنظر في أعدادها وأحكامها ، وهي عشرة :
البول ، والغائط مما لا يؤكل لحمه ويندرج تحته الجلال ، والمني ، والميتة مما له نفس سائلة ، وكذا الدم ، والكلب ، والخنزير ، والكافر ، وكل مسكر ، والفقاع.
وفي نجاسة عرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلالة ، ولعاب المسوخ ، وذرق الدجاج ، والثعلب ، والأرنب ، والفأرة ، والوزغة ، اختلاف ، والكراهية أظهر.
وأما أحكامها فعشرة :
( الأول ) كل النجاسات يجب إزالتها قليلها وكثيرها ، عن الثوب والبدن عدا الدم فقد عفي عما دون الدرهم سعة في الصلاة ، ولم يعف عما زاد عنه.
______________________________________________________
والرواية من المشاهير مذكورة في كتب الأخبار ( الأحاديث خ ) بأسانيد مختلفة ، وأصلها محمد بن مسلم.
وفيها مع صحة السند إشكال ، منشأه حصول الإجماع ، على أن الحدث عمدا يبطل الصلاة ، فلهذا نزلها الشيخان على النسيان فالتنزيل حسن ، مؤيد بالنظر.
الركن الرابع في النجاسات
« قال دام ظله » : وفي نجاسة عرق الجنب إلى آخره.
ص: 107
وفيما بلغ قدر الدرهم مجتمعا روايتان ، أشهرهما وجوب الإزالة.
ولو كان متفرقا لم تجب إزالته ، وقيل : تجب مطلقا ، وقيل : بشرط التفاحش.
( الثاني ) دم الحيض تجب إزالته وإن قل.
______________________________________________________
عرق الجنب من الحرام والإبل الجلالة ، قال الشيخان بنجاسته ، وقال سلار : يستحب غسله.
ولعاب المسوخ نجس عند الشيخ ، بناء على مذهبه.
وفي ذرق الدجاج ، رواية عن فارس بن حاتم ، مشتملة على الكتابة (1) وهو غال ملعون ، وفي رواية وهب بن وهب ، أنه طاهر (2) وهو أيضا ضعيف ، متهم بالكذب ، فنطرح الروايتين ونلتزم بالأصل ، وهو الطهارة.
وأما الثعلب والأرنب والفأرة والوزغة ، فقد نص الشيخ في التهذيب على نجاسة كل ما لا يؤكل لحمه.
واستثنى في المبسوط ، كل ما لا يمكن التحرز منه ، وقال في النهاية : لا يجوز استعمال ما وقع فيه الوزغ ( العقرب خ ).
ومذهب شيخنا أن الطهارة أشبه ، لعدم الدلالة على التنجيس.
« قال دام ظله » : وفيما بلغ قدر الدرهم ( درهم خ ) مجتمعا ( من الدم خ ) روايتان.
روى حماد عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألته عن الدم الذي يكون في الثوب وأنا في الصلاة؟ قال : لا إعادة عليك ، ما لم يزد على مقدار الدرهم الخبر (3)
ص: 108
وألحق الشيخان به دم الاستحاضة والنفاس.
______________________________________________________
وهو مذهب سلار ،
وفي رواية عبد اللّه بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) لا يعيد صلاته إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة (1).
وكذا في رواية جميل بن دراج عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، إنهما قالا : لا بأس بأن يصلي الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقا ، شبه النضح ، وإن كان قد رآه صاحبه قبل ذلك ، فلا بأس به ، ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم (2).
وعليه فتوى الشيخين وعلم الهدى وأتباعهم وقال المتأخر : الإجماع منعقد على سعة الدرهم ، وهو وهم مع الخلاف.
فأما لو كان متفرقا ، قال في النهاية : يجب إزالته لو تفاحش ، وفي المبسوط قولان ، فأوجب الإزالة احتياطا.
وقال المتأخر : الأظهر في المذهب ، الإزالة وجوبا ، والأحوط للعبادة ، الإزالة.
وقال سلار : يجب الإزالة على الإطلاق ، واختار شيخنا اللا وجوب ، تمسكا برواية ابن أبي يعفور وجميل بن دراج (3).
وأما التفاحش الذي ذكره الشيخ ، فما له تقدير شرعي ولا لغوي ، فالمرجع فيه إلى العادة.
« قال دام ظله » : وألحق الشيخ وألحق الشيخ ( الشيخان خ ) به دم الاستحاضة والنفاس.
قلت : نسب الإلحاق إليه لانفراده به (4) فأما دم الحيض فقد ذكره الثلاثة ،
ص: 109
وعفي عن دم القروح والجروح التي لا يرقى ، فإذا رقى اعتبر فيه سعة الدرهم.
( الثالث ) تجوز الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه الصلاة منفردا مع نجاسته كالتكة والجورب والقلنسوة.
( الرابع ) تغسل الثياب والبدن من البول مرتين ، إلا من بول الرضيع ، فإنه يكفي صب الماء عليه ، وتكفي إزالة عين النجاسة وإن بقي اللون والرائحة.
( الخامس ) إذا علم موضع النجاسة غسل ، وإن جهل غسل كل ما يحصل فيه الاشتباه ، ولو نجس أحد الثوبين ولم يعلم عينه صلى الصلاة الواحدة في كل واحد مرة.
______________________________________________________
وابنا بابويه.
ومستنده رواية أبي بصير ، قال : لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره إلا ( غير خ ل ) دم الحيض ، فإن قليله وكثيره في الثوب ، إن رآه وإن لم يره ، سواء (1).
وهذه مع ضعفها - من حيث هي غير مستندة ، وأن في الطريق أبا سعيد - مشهورة بين الأصحاب مؤيدة بعمل الجماعة.
وأما الدمان الآخران(2) فلا دليل على وجوب إزالتهما قليلا على حسب دم الحيض ، بل هو مذهب الشيخ ومن تابعه ، وربما يكون الوجه تغليظ نجاستهما وقربهما من دم الحيض.
ص: 110
وقيل : يطرحهما ويصلي عريانا.
( السادس ) إذا لاقى الكلب أو الخنزير أو الكافر ثوبا أو جسدا وهو رطب غسل موضع الملاقاة وجوبا ، وإن كان يابسا رش الثوب بالماء استحبابا.
( السابع ) من علم النجاسة في ثوبه أو بدنه وصلى عامدا أعاد في الوقت وبعده.
______________________________________________________
وأجرى الشيخ السعيد الراوندي ، دم الكلب والخنزير مجراهما ( ها خ ) في الحكم وما نعرف من أين قاله ، والقياس على جسدهما لا يجوز على ( مع خ ) أن الجامع منفي (1).
« قال دام ظله » : وقيل يطرحهما ، ويصلي عريانا.
هذا قول ( مذهب خ ل ) الشيخ في المبسوط ، ذكره على رواية ، وحكى ذلك في الخلاف عن بعض الأصحاب ، واختار في النهاية والخلاف والمبسوط على الاحتياط ، أن يصلي في كل واحد ، وهو المختار ، وأشبه بالمذهب ، وقال المتأخر : يصلي عريانا.
لنا في المسألة النقل والاعتبار أما الأول روى صفوان بن يحيى ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في رجل معه ثوبان أصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال : يصلي فيهما جميعا (2).
لا يقال : هي من المكاتبات ، فلا يعمل بها ( فلا يعتمد عليها خ ) لأنا نقول أنها
ص: 111
............................................................................
______________________________________________________
خالية عن المعارضة.
وأمّا الاعتبار فانّ صحة الصلاة مشروطة بستر العورة مع الامكان ، وهنا الامكان حاصل ، فلا صلاة مع عدمه ، والمقدمتان مسلّمتان.
واستدل المتأخر بطريقة الاحتياط ، وبأنّ المؤثر في الافعال يكون مقارناً لها ، لا متأخراً عنها ، وكون الصلاة واجبة وجه تقع الصلاة عليه ، فلا يقف على ما يأتى بعده ، وبأنّ هذا المصلّى مجوّز ( يجوّز خ ) عند افتتاح كل صلاة ، نجاسة الثوب والقطع بحصول ( طهارة الثوب خ ) الطهارة للثوب واجب عنده ، فلا يجوز دخوله في الصلاة إلا كذلك (1).
والجواب ( عن الأول ) أنه ضد الاحتياط ، بل الاحتياط بالإتيان ( في الإتيان خ ) فيها ، وهو ظاهر.
وعن ( الثاني ) إنا لا نسلم اطراد وجوب المقارنة في الشرعيات ، فإن الزكاة يجوز تقديمها فرضا على حول الحول ، وتمام النصاب ، وصوم بدل الهدي يجوز تقديمه من أول ذي الحجة ، ووقت الهدي يوم النحر وكذا نية صوم رمضان يجوز تقديمها ، والمؤثر فيها هو الصوم ، وهو متأخر عنها ، ومثل ذلك كثير.
على ( مع خ ) أنه غير وارد على مسألتنا ، لأن المؤثر مقارن لكل واحدة من الصلاتين ، وهو تحصيل اليقين ببراءة الذمة ، وهو واجب.
( وعن الثالث ) إنا لا نسلم وجوب القطع بطهارة الثوب لجواز كون عدم العلم بالنجاسة كافيا في الصلاة ، فإن قال : يلزم الاكتفاء بواحد ، قلنا : الاشتباه منعه ومع اليقين (2) ببراءة الذمة ، ماذا صلى فيهما ارتفعت الشبهة وحصل اليقين.
ص: 112
ولو نسي في حال الصلاة فروايتان ، أشهرهما أن عليه الإعادة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولو نسي في حال الصلاة ، فروايتان ، أشهرهما أن عليه الإعادة.
في رواية حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، يعيد الصلاة (1) ومثله في رواية وهب بن حفص ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل صلى وفي ثوبه بول أو جنابة؟ فقال : علم به أو لم يعلم فعليه الإعادة ( إعادة الصلاة خ ) إذا علم (2).
وحملهما الشيخ على ما إذا كان في الوقت ، لا في خارجه ، وهو مذهبه في الاستبصار ومذهبه في ساير كتبه.
ومذهب المفيد وعلم الهدى وأتباعهم ، الإعادة في الوقت وخارجه.
يدل على ذلك أيضا ، ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم ، فلا إعادة عليه وإن علم قبل أن يصلي ، فنسي وصلى ، فعليه الإعادة (3).
فأما ما رواه الحسن بن محبوب عن العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشئ ينجسه ، فينسى أن يغسله فيصلي فيه ، ثم يذكر أنه لم يكن غسله ، أيعيد الصلاة؟ فقال ( قال خ ) لا يعيد ( الصلاة خ ) فقد مضت صلاته ( الصلاة خ ) وكتبت له (4).
حمله الشيخ في الاستبصار على ما إذا ذكر النجاسة بعد خروج الوقت ، وخصصه في التهذيب بنجاسة معفو عنها ، والرواية حسنة الرجال.
ص: 113
ولو لم يعلم وخرج الوقت فلا قضاء وهل يعيد مع بقاء الوقت؟ فيه قولان ، أشبههما أنه لا إعادة.
ولو رأى النجاسة في أثناء الصلاة أزالها وأتم ، أو طرح عنه ما هي فيه ، إلا أن يفتقر ذلك إلى ما ينافي الصلاة فيبطلها.
______________________________________________________
وقال شيخنا في المعتبر : تطابقها الأصول ، نظرا إلى أنه صلى صلاة مأمورا بها ، فيسقط بها الفرض ، والفتوى على الأول.
وما ذكره الشيخ في الاستبصار في الموضعين ، جمع بين الروايتين ، وتعويل على رواية علي بن مهزيار ، قال : كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره أنه بال في ظلمة الليل ، وأنه أصاب كفه برد نقطة من البول ، فنسي غسله وصلى فيه - فأجاب عليه السلام بما مضمونه - بأنه يعيد الصلاة في وقتها ، وما فات وقتها فلا إعادة (1).
وهذه الرواية في قوة الضعف لكونها من المكاتبات ، والمكتوب إليه غير معلوم.
« قال دام ظله » : ولو لم يعلم وخرج الوقت ، فلا قضاء وهل يعيد مع بقاء الوقت؟ فيه قولان أشبههما أنه لا إعادة.
قلت : بتقدير خروج الوقت ، لا خلاف فيما ذكره ، وأما مع بقاء الوقت فمذهب المرتضى ، والمفيد ، والشيخ - في باب تطهير الثياب من النهاية - أنه لا يعيد وعليه المتأخر.
وقال الشيخ - في باب المياه من كتاب النهاية : يعيد والأول أظهر وأشبه ، من حيث أنه صلى صلاته مأمورا بها والأمر ، امتثاله يقتضي الإجزاء.
ويدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل يصلي وفي ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم؟ قال : مضت صلاته ولا شئ عليه (2).
ص: 114
( الثامن ) المربية للصبي إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد اجتزأت بغسله في اليوم والليلة مرة.
( التاسع ) من لم يتمكن من تطهير ثوبه ألقاه عريانا ، ولو منعه مانع صلى فيه ، وفي الإعادة قولان ، أشبههما أنه لا إعادة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : المربية للصبي ، إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد اجتزأت بغسله في اليوم والليلة مرة.
تقدير المسألة ، إذا أصاب المربية قميصها بول المولود ، تجتزئ بغسله مرة ، في كل يوم وليلة ، إذا لم يكن لها غير ذلك.
والوجه أن تكرار ( تكرر خ ) البول متعذر إزالته فعفى عنه ، لئلا يلزم الحرج المنفي.
وقوله : ( في اليوم ) اقتصارا على منطوق الرواية ، وهي رواية سيف بن عميرة ، عن أبي حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سأل عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها ، كيف تصنع؟ قال : تغسل القميص في اليوم مرة (1).
ولأن ذكر اليوم (2) يغنى عن ذكر الليلة ، والعرف بذلك شاهد.
و ( سيف ) وإن كان مطعونا فيه ، لكن مضمون الرواية يقويه النظر ، وأفتى عليها الشيخ في النهاية والمبسوط واتباعه.
« قال دام ظله » : ( التاسع ) من لم يتمكن من تطهير ثوبه ألقاه ، وصلى عريانا ولو منعه مانع صلى فيه ، وفي الإعادة قولان أشبههما أنه لا إعادة.
الإعادة مذهب الشيخ في كتب الفتاوى ، وهو في رواية عمار الساباطي ، عن
ص: 115
( العاشر ) الشمس إذا جففت البول أو غيره عن الأرض والبواري والحصر جازت الصلاة عليه.
______________________________________________________
أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل ليس معه ( عليه خ ) إلا ثوب ، ولا تحل الصلاة فيه ، وليس يجد ماء يغسله ، كيف يصنع؟ قال : يتيمم ويصلي ، فإذا أصاب ماء غسله ، وأعاد الصلاة (1).
والرواية فطحية الرجال ، مخالفة للأصل فالأشبه أن لا إعادة ، لأنه صلى صلاة مأمورا بها ، وعليه المتأخر هذا مع وجود المانع من النزع.
فأما مع ارتفاعه ففيه روايتان ، إحديهما ينزع ويصلي عريانا ، روى ذلك سماعه ومحمد الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة ، وليس عليه إلا ثوب واحد وأصاب ثوبه مني؟ قال : يتيمم ويطرح ثوبه فيجلس مجتمعا فيصلي ويومئ إيماء (2).
وعليها فتوى الشيخ وأتباعه.
وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يجنب في ثوبه ( ثوب خ ) وليس معه غيره ، ولا يقدر على غسله؟ قال : يصلي فيه (3).
ومثله رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام (4).
وحملهما الشيخ على من يخاف من النزع بردا أو غيره ، وهو عدول ، فالأولى القول بالتخيير ، لأن ستر العورة وخلو النجاسة شرطان متساويان في صحة الصلاة.
« قال دام ظله » : الشمس إذا جففت البول أو غيره عن الأرض والبواري والحصر ، جازت الصلاة عليه ، إلى آخره.
ص: 116
وهل تطهر النار ما أحالته؟ الأشبه نعم.
وتطهر الأرض باطن الخف والقدم مع زوال النجاسة.
وقيل في الذنوب إذا يلقى على الأرض النجسة بالبول : أنها تطهرها مع بقاء ذلك الماء على طهارته.
______________________________________________________
قال الشيخان والمتأخر : نعم ، وقال ( الشيخ خ ) الفقيه السعيد قطب الدين الراوندي وعماد الدين الطوسي صاحب الوسيلة : لا.
ولكن يجوز الصلاة عليه ، عملا بما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن البواري يصيبها البول ، هل تصح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تغسل؟ قال : نعم لا بأس (1).
وبما رواه عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس ، ثم يبس الموضع ، فالصلاة على الموضع جائزة (2).
وشيخنا دام ظله ، متردد بين أمرين ، إما حمل الرواية على جواز الصلاة عليه دون السجدة وإما على جواز السجدة أيضا لأنها من توابع الصلاة عرفا ، من غير أن يحكم بالطهارة ، وهو حسن.
ويمكن أن يستدل على الطهارة ، بما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر (3).
وبتقدير الطهارة ، هل تطهر بغير الشمس؟ قال الشيخ في موضع من الخلاف :
ص: 117
ويلحق بذلك النظر في الأواني.
ويحرم منها استعمال أواني الذهب والفضة ، في الأكل والشرب وغيره ، وفي المفضض قولان ، أشبههما الكراهية.
وأواني المشركين طاهرة ما لم تعلم نجاستها بمباشرتهم أو بملاقاة نجاسة.
ولا يستعمل من الجلود إلا ما كان طاهرا في حال حياته مذكى.
______________________________________________________
تطهر بهبوب الرياح أيضا ، وفي موضع منه وفي المبسوط لا تطهر بغير الشمس.
والقول بأن إلقاء الذنوب على الأرض النجسة ، يطهر مع بقاء الماء على الطهارة ، هو للشيخ رحمه اللّه في الخلاف ، مستدلا برواية أبي هريرة ، في قصة الأعرابي (1) وهي مشهورة ووجه الاستدلال بها ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله لا يأمر بزيادة التجنيس ، ولا ببقائها.
والرواية ضعيفة جدا لشهرة فسق الراوي وكذبه ، ومنافية للأصل ، فوجه طهارتها ، بإجراء ( إجراء خ ) الماء الكثير ، حتى تستهلك النجاسة ، أو إزالة التراب.
« قال دام ظله » : ويلحق بذلك النظر في الأواني ، إلى آخره.
قلت : لا خلاف في تحريم استعمال أواني الذهب والفضة.
ويدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه ، والشيخ في تهذيبه ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله : لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في
ص: 118
............................................................................
______________________________________________________
صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (1).
وعنه عليه الصلاة والسلام ، الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم (2).
وروى ابن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا تأكل في آنية الذهب والفضة (3).
وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه نهى عن آنية الذهب والفضة (4).
فإن قيل : قد ذكر الشيخ في الخلاف ، أنه يكره استعمالها فكيف ادعيتم عدم الخلاف ، قلنا : مراده بالكراهية التحريم فإنه قد يستعمل الكراهية بمعنى التحريم ، وقد صرح الشيخ بذلك في موضع آخر.
وهل حكم التحريم في غير الآنية من الملاعق وغير ذلك ثابت؟ فيه تردد ، والأحوط نعم.
وفي اتخاذها لغير الاستعمال خلاف ، والأشبه المنع ، لأنه تضييع المال ، وهو منهى عنه ، وقيل يجوز ، لأن التحريم يتعلق بالاستعمال.
وأما المفضض فيه للشيخ قولان ، قال في الخلاف : بمثل قوله في الذهب والفضة ، وقال في المبسوط : بالجواز ، والكراهية أشبه.
ص: 119
ويكره مما لا يؤكل لحمه حتى يدبغ على الأشبه ، وكذا يكره من أواني الخمر ما كان خشبا أو قرعا.
ويغسل الإناء من الولوغ ثلاثا ، أولاهن بالتراب على الأظهر.
______________________________________________________
يدل على ذلك ما رواه عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض ، واعزل فمك عن موضع الفضة (1).
يبينه ما رواه بريد عنه عليه السلام أنه كره الشرب في الفضة وفي القدح المفضض الحديث (2).
وهل عزل الفم واجب؟ قال الشيخ في المبسوط : نعم ، وحمله شيخنا على الاستحباب ، والأول أحوط.
« قال دام ظله » : ويكره مما لا يؤكل لحمه ، حتى يدبغ على الأشبه.
قلت : لا خلاف أن مع الدباغة يجوز الاستعمال ، وهل يجوز مع عدم الدباغة؟ قال الشيخ والمرتضى : لا ، وقال شيخنا والمتأخر : يجوز على كراهية.
والدليل وقوع الذكاة عليه وإلا لكان في حكم الميتة فلا يطهر بالدباغ أيضا.
ولقائل أن يقول : لا نسلم أن مجرد الذكاة هنا مؤثر في جواز الاستعمال ، لم لا يجوز أن تكون الذكاة مع الدباغة؟.
« قال دام ظله » : ويغسل الإناء من الولوغ ثلاثا ، أولاهن بالتراب ، على الأظهر.
اختلف الشيخان في أن الأولى تغسل بالتراب أم ( أو خ ) الوسطى؟ قال الشيخ وأتباعه بالأول ، وقال المفيد بالثاني ، وبالأول وردت رواية ، ذكرها مسلم في كتابه ، عن النبي صلى اللّه عليه ( وآله ) إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم ، فليغسل
ص: 120
ومن الخمر والفأرة ثلاثا ، والسبع أفضل ، ومن غير ذلك مرة. والثلاث أحوط.
______________________________________________________
سبعا أولاهن بالتراب (1).
( فإن قيل ) : الرواية مشتملة على السبع وأنتم غير قائلين به ( قلنا ) : نحملها على الاستحباب.
ورواية من طريق الأصحاب ، رواها أبو العباس الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : سألته عن الكلب؟ فقال : رجس نجس ، لا يتوضأ بفضله ، واصبب ذلك الماء ، واغسله بالتراب أول مرة ، ثم بالماء (2).
« قال دام ظله » : ومن الخمر والفأرة ثلاثا ، والسبع أفضل.
قال الشيخ في النهاية والتهذيب : يغسل ثلاثا ، وفي الجمل والمبسوط : بالسبع ، وعلى حسب القولين روايتان.
روى عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر ، قال : تغسله ثلاث مرات ، وسأل : أيجزيه أن يصب فيه الماء؟ قال : لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات (3).
وروى هو أيضا عنه عليه السلام ، أنه سأله عن الإناء يشرب فيه النبيذ؟ قال : تغسله سبع مرات وكذلك الكلب (4) ووجه الجمع أن تحمل الأخيرة - حذرا من الاطراح - على الاستحباب والأولى على الإجزاء.
ص: 121
ص: 122
ص: 123
كتاب الصلاة
والنظر في المقدمات والمقاصد.
والواجب تسع : الصلوات الخمس ، وصلاة الجمعة ، والعيدين ، والكسوف ، والزلزلة ، والآيات ، والطواف ، والأموات ، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهة ، وما سواه مسنون.
فالصلوات الخمس سبع عشرة ركعة في الحضر ، وإحدى عشرة ركعة في السفر.
ونوافلها أربع وثلاثون ركعة على الأشهر في الحضر.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ونوافلها أربع وثلاثون ركعة ، على الأشهر.
قلت : وإن اختلفت روايات أصحابنا في نوافل اليوم والليلة ، ولكن الذي عليه عملهم ، واشتهر بينهم ما حدثه إسماعيل بن سعد الأحوص الأشعري القمي ، قال : قلت للرضا عليه السلام : كم الصلاة من ركعة؟ قال : إحدى وخمسون ركعة (1) يعني
ص: 124
ثمان للظهر قبلها ، وكذا العصر ، وأربع للمغرب بعدها ، وبعد العشاء ركعتان من جلوس تعدان بواحدة ، وثمان لليل ، وركعتان للشفع ، وركعة الوتر ، وركعتان للغداة.
وتسقط في السفر نوافل الظهرين.
______________________________________________________
الفريضة والنافلة.
يدل على ذلك (1) ما رواه ابن ابي عمير عن ابن اذينة ، عن الفضيل بن يسار عن ابي عبداللّه عليه السلام ( في حديث طويل ) قال : والفريضة والنافلة احدى وخمسون ركعة (2).
فأما ما روي من الأخبار الدالة على أقل من هذا ، وهو ما رواه عبد اللّه بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : لا تصل أقل من أربع وأربعين ركعة (3).
وما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يحيى بن حبيب ، قال : سألت الرضا عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى اللّه عزوجل من الصلاة؟ قال : ستة وأربعون ركعة ، فرائضه ونوافله ، قال : قلت : هذه رواية زرارة؟ قال : أو ترى أحدا اصدع بالحق منه؟ (4).
فلا منافاة بينهما لأنه ليس في هذه الأخبار ، ومثلها النهي عن الزائد على الأولى ، فتحمل الأولى على الأفضلية ، وهذه على الجواز.
والروايات في هذا الباب كثيرة ، وهي مستوفاة في كتب الأخبار ، فليطلب
ص: 125
وفي سقوط الوتيرة قولان ، والسقوط أظهر ، ولكل ركعتين من هذه النوافل تشهد وتسليم وللوتر بانفراده.
والنظر في تقديرها ولواحقها :
أما الأول : فالروايات فيه مختلفة ، ومحصلها اختصاص الظهر عند الزوال بمقدار أدائها ، ثم يشترك الفرضان في الوقت ، والظهر مقدمة حتى يبقى للغروب مقدار أداء العصر فيختص به ثم يدخل وقت المغرب ، فإذا مضى مقدار أدائها اشترك الفرضان في الوقت ، والمغرب مقدمة حتى يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء العشاء فيختص به.
وإذا طلع الفجر الثاني دخل وقت صلاته ممتدا حتى تطلع الشمس.
______________________________________________________
هناك من أرادها.
« قال دام ظله » : وفي سقوط الوتيرة قولان ، ( والسقوط أظهر خ ).
قال الشيخ في الجمل والمبسوط ، والمفيد في المقنعة ، والمرتضى في المصباح : تسقط ، وقال في النهاية : بالتخيير ، فكأنه جمع بين الروايتين لأن رواية الجواز أيضا مروية عن الرضا عليه السلام (1) ذكره الشيخ في التهذيب ، وادعى المتأخر على الأول الإجماع وهو ممنوع ، فالأظهر السقوط.
« قال دام ظله » : الثانية في المواقيت ، إلى آخرها.
قلت : لما كانت الروايات في المواقيت مع كثرتها مختلفة وشرطت في الأول الاختصار ، فأخللت بها مخافة التطويل ، ومحققها ما ذكره دام ظله ، وعليه عمل أكثر الأصحاب ، والخلاف فيها مشهور.
ص: 126
ووقت نافلة الظهر من حين الزوال حتى يصير الفئ على قدمين.
ونافلة العصر إلى أربعة أقدام.
ونافلة المغرب بعدها حتى تذهب حمرة المغربية ، وركعتا الوتيرة تمتدان بامتداد العشاء. وصلاة الليل بعد انتصافه ، كلما قرب من الفجر كان أفضل.
وركعتا الفجر بعد الفراغ من الوتر ، وتأخيرها حتى يطلع الفجر الأول أفضل ، ويمتد حتى تطلع الحمرة المشرقية.
( الأولى ) يعلم الزوال بزيادة الظل بعد انتقاصه ، وبميل الشمس إلى الحاجب الأيمن ممن يستقبل القبلة ، ويعرف الغروب بذهاب الحمرة المشرقية.
( الثانية ) قيل : لا يدخل وقت العشاء حتى تذهب الحمرة المغربية ، ولا يصلي قبله إلا مع العذر ، والأظهر الكراهية.
( الثالثة ) لا تقدم صلاة الليل على الانتصاف إلا لشاب تمنعه رطوبة رأسه أو لمسافر ، وقضاؤها أفضل.
( الرابعة ) إذا تلبس بنافلة الظهر ولو بركعة ثم خرج وقتها أتمها مقدمة على الفريضة ، وكذا العصر وأما نوافل المغرب فمتى ذهبت الحمرة ولم يكملها بدأ بالعشاء.
( الخامسة ) إذ طلع الفجر الثاني فقد فاتت النافلة عدا ركعتي الفجر ، ولو تلبس من صلاة الليل بأربع ركعات زاحم بها ( وأتمها خ ) الصبح ما لم يخش فوات الفرض ولو كان تلبس بما دون الأربع ثم طلع الفجر ، بدأ
ص: 127
بالفريضة وقضى نافلة الليل.
( السادسة ) تصلى الفرائض أداء وقضاء ، ما لم تتضيق الحاضرة ، والنوافل ما لم يدخل وقت الفريضة.
( السابعة ) يكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس ، وعند غروبها ، وقيامها ، وبعد الصبح ، والعصر ، عدا النوافل المرتبة ، وما له سبب (1).
______________________________________________________
« قال دام ظله » : يكره ابتداء النوافل ، عند طلوع الشمس ، إلى آخره.
هذه الأوقات لا تكره فيها الفرائض ، وإنما البحث في النوافل ، قال في الخلاف : يكره ما يبتدأ دون ما له سبب كتحية المسجد ، وصلاة الزيارة ، والطواف ، والاحرام ، والنذر ، ومثلها.
وفي الجمل يكره (2) لابتداء النوافل ومعناه لا يجاد النوافل ابتداء.
وقال المفيد تكره (3) النوافل كلها ، إلا بعد الصبح والعصر ويجوز قضاء النوافل فيها.
ومستند الكراهية لعله ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان ، وتغرب بين قرني الشيطان ، وقال : لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب (4).
ص: 128
( الثامنة ) الأفضل في كل صلاة تقديمها في أول أوقاتها ، عدا ما نستثنيه في مواضعه ، إن شاء اللّه.
( التاسعة ) إذا صلى ظانا دخول الوقت ، ثم تبين الوهم ، أعاد ، إلا أن يدخل الوقت ولم يتم ، وفيه قول آخر.
______________________________________________________
وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب ، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس (1).
والتحريم منفي بالاتفاق ، فتحمل على الكراهية ، حذرا من الإطراح ( من الإطراد خ ).
« قال دام ظله » : الأفضل في كل صلاة ، تقديمها في أول وقتها ، عدا ما نستثنيه في مواضعه ، إن شاء اللّه.
قلت : أراد بالمستثنى ، صلاة المستحاضة ، والمغرب لمن أفاض من عرفات ، والعشاء الآخرة إلى سقوط الشفق.
« قال دام ظله » : ( التاسعة ) ، إذا صلى ظانا دخول الوقت ، إلى آخرها.
قلت : الدخول في الصلاة قبل وقتها محرم مع العلم أما لو دخل ظانا دخوله ، ثم ظهر خلاف ظنه ، قال في المبسوط : يعيد ، إلا أن يدخل الوقت ، ولما يتم ، وهو اختيار شيخنا دام ظله.
قال في النهاية : لو دخل عامدا أو ناسيا ، ثم دخل الوقت ولم يفرغ منها ، فقد أجزأته ( انتهى ).
وفيه ضعف ، المستند غير معلوم ، فلا عمل عليه.
وقال علم الهدى وابن الجنيد من أصحابنا : يعيد الصلاة ، وهو أشبه بالأصل ، لأنه مع العمل منهي عن الشروع ، فيكون به فاسدا ، ومع الظن والنسيان أدى ما لم
ص: 129
وهي الكعبة مع الإمكان ، وإلا فجهتها وإن بعد ، وقيل : هي قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة من صلى في الحرم ، والحرم قبلة أهل الدنيا ، وفيه ضعف.
ولو صلى في وسطها استقبل أي جدرانها شاء ، ولو صلى على سطحها أبرز بين يديه شيئا منها ولو قليلا.
______________________________________________________
يؤمر به ، فلا يكون مجزيا.
ويؤيده ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، من صلى في غير وقت فلا صلاة له (1).
وما ذكره في المبسوط أظهر بين الأصحاب ، لرواية إسماعيل بن رباح ( رياح خ ) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ، ولم يدخل الوقت فدخل الوقت ، وأنت في الصلاة ، فقد أجزأت عنك (2) ومعنى ( ترى ) تظن.
« قال دام ظله » : الثالثة ، في القبلة وهي الكعبة ، إلى آخرها.
ذهب الشيخ في كتبه إلى أن الكعبة قبلة أهل المسجد ، والمسجد قبلة أهل الحرم ، والحرم قبلة من نأى عنه.
واستدل بعد الإجماع ، بأنه لو لم يكن الحرم يخرج ( لخرج خ ) أكثر المصلين في صف واحد عن جهة الكعبة ، وهو باطل ، فالأول باطل.
وبرواية مكحول عن عبد اللّه بن عبد الرحمن ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الكعبة قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل
ص: 130
............................................................................
______________________________________________________
الآفاق (1).
وبما روى أبو الوليد عن جعفر بن محمد عليهما السلام مثل الأول سواء (2) وهو مذهب المفيد وسلار وأتباعهم ، واختيار شيخنا في الشرايع من غير فتوى به.
وذهب علم الهدى إلى أن القبلة هي جهة الكعبة لمن نأى عنها ، متمسكا بقوله تعالى : جعل اللّه الكعبة البيت الحرام قياما للناس (3) وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره (4) وهو اختيار شيخنا دام ظله والمتأخر ، وهو أشبه.
والجواب ( عن الأول ) أن ( دعوى خ ) الإجماع ممنوعة ( ممنوع خ ) و ( عن الثاني ) لا نسلم خروجهم عن القبلة إذ الجهة هي سمت الكعبة و ( عن الثالث ) الطعن في سند الأحاديث ، فكلها ضعيفة الرجال.
والحق أن الخلاف غير مثمر مع الاتفاق على العلائم ، اللّهم إلا في التياسر ، فإنه مستحب على مذهب الشيخ.
ويظهر من كلامه الوجوب ، وهو تعويل على ما روى المفضل بن عمر ، قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام ، لماذا صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟ قال : لأن للكعبة ستة حدود ، أربعة منها على يسارك ، واثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار (5).
ص: 131
وقيل : يستلقي ويصلي موميا إلى البيت المعمور.
ويتوجه أهل كل إقليم إلى سمت الركن الذي يليهم.
فأهل العراق يجعلون المشرق على المنكب الأيسر ، والمغرب على اليمين ( الأيمن خ ) ، والجدي خلف المنكب الأيمن ، والشمس عند الزوال محاذية لطرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف.
وقيل : يستحب التياسر لأهل العراق عن سمتهم قليلا وهو بناء على توجههم إلى الحرم.
وإذا فقد العلم بالجهة والظن ، صلى الفريضة إلى أربع جهات ، ومع الضرورة أو ضيق الوقت يصلي إلى أي جهة شاء.
______________________________________________________
والمفضل مطعون فيه ، وذكر النجاشيّ أنه كان فاسد العقيدة.
« قال دام ظله » : وقيل يستلقي - أي المصلى على سطح الكعبة - ، ويصلى مومياً الى البيت المعمور.
وهذا قول الشيخ في النهاية والخلاف ، مستدلا بالاجماع ، وبرواية اسحاق بن محمد عن عبد السلام بن صالح عن الرضا عليه السلام في الذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة ، قال : إن قام لم يكن له قبلة ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ، ويعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور ، ويقرأ ، فإذا أراد أن يركع غمض عينيه ، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه والسجود على نحو ذلك (1).
ص: 132
ومن ترك الاستقبال عمدا أعاد مطلقا ، ولو كان ظانا أو ناسيا وتبين الخطأ لم يعد ما كان بين المشرق والمغرب.
ويعيد الظان ما صلاه إلى المشرق والمغرب في وقته لا ما خرج وقته ، وكذا لو استدبر القبلة ، وقيل : يعيد ولو خرج الوقت.
ولا تصلى الفريضة على الراحلة اختيارا ، وقد رخص في النافلة سفرا حيث توجهت الراحلة.
لا يجوز الصلاة في جلد الميتة ولو دبغ ، وكذا ما لا يؤكل لحمه ولو ذكي ودبغ ، ولا في صوفه وشعره ووبره ولو كان قلنسوة أو تكة. ويجوز استعماله لا في الصلاة ، ولو كان مما يؤكل لحمه جاز في الصلاة وغيرها ، وإن أخذ من الميتة جزا أو قلعا مع غسل موضع الاتصال.
ويجوز في الخز الخالص لا المغشوش بوبر الأرانب والثعالب.
______________________________________________________
وقال في المبسوط : إن صلى كما يصلي ( في خ ) جوفها كانت صلاة ماضية ، وهو أشبه ، لأن الأول مخالف الأصل في أركان كثيرة.
وفي طريق الرواية إسحاق بن محمد البصري ، وهو ضعيف (1) ، على أنها لا تعارض الأصل المقطوع به ، والاجماع غير متحقق ، وينقضه قول المبسوط.
« قال دام ظله » : ومن ترك الاستقبال عمدا ، إلى آخره.
قلت : لا نزاع إن ترك الاستقبال مع العمد موجب للإعادة ، فأما من صلى ظانا ، ثم تبين خطأه ، لا يخلو حاله إما بأن يكون بين المشرق والمغرب ، أو بأن يكون
ص: 133
............................................................................
______________________________________________________
- صلى إلى الشرق والغرب أو بأن يكون مستدبرا.
فالأول لا يعيد صلاته ، لقوله عليه السلام : ما بين المشرق والمغرب قبلة (1).
فأما لو تبين الخطأ ، وهو في الصلاة يجب عليه أن يحول وجهه إلى القبلة ، لأنه فرضه مع العلم.
وأما الثاني : فيعيد في الوقت ، ولا يعيد لو خرج الوقت ، يدل عليه ما رواه سليمان بن خالد ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ، ثم يضحي فيعلم أنه صلى لغير القبلة ، كيف يصنع؟ قال : إن كان في وقت فليعد صلاته ، وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده (2).
وروى مثل ذلك عبد الرحمن بن الحجاج (3) ورواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (4).
ومقتضى الأصل عدم الإعادة ، لأنها فرض ثان ، يحتاج إلى دليل ثان ، لكن الروايات من المشاهير فيجب اعتبارها ، ولطريقة الاحتياط.
وأما المستدبر فمذهب الشيخان وسلار وأتباعهم إلى أنه يعيد ، سواء كان في الوقت أو خارجه.
والمستند ، ما رواه عمار الساباطي ، وعن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صلى إلى ( على - كا - يب ) غير القبلة ، فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته ، قال :
ص: 134
............................................................................
______________________________________________________
إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين ( ساعة خ ئل ) يعلم وإن كان مستدبرا فليقطع الصلاة (1) ، ثم يحول إلى القبلة الحديث (2).
وهذه ضعيفة السند ، لفساد عقيدة عمار.
وقال المرتضى : يعيد في الوقت ولا يعيد لو خرج الوقت ، واختار المتأخر وشيخنا ، وهو أشبه ( لنا ) أن القضاء فرض مستأنف ، يحتاج إلى دليل مستأنف.
ويدل عليه أيضا عموم رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه ، السلام قال : إذا صليت وأنت على غير القبلة ، واستبان لك أنك على غير القبلة ، وأنت في وقت فأعد ، وإن فاتك فلا تعد (3).
وعموم رواية سليمان بن خالد (4) وقد ذكرناها ، هذا حكم الظان.
فأما الناسي ، فالشيخ ألحقه بالظان ، والأشبه أن عليه الإعادة على التقديرات ( على التقديرين ) لأن صلاته غير مأمور بها ، فلا تكون مجزية.
وإنما قلنا ذلك ، لأن الاستقبال شرط في صحة الصلاة ، فمع الإخلال به لا تصح.
وقولهم عليهم السلام : ما بين المشرق والمغرب قبلة (5) فمحمول على المضطر ، والذي لا يعرف جهة القبلة يقينا بالإجماع ، وأيضا طريقة الاحتياط توجب ذلك.
ص: 135
وفي فرو السنجاب قولان ، أظهرهما الجواز.
وفي الثعالب والأرانب قولان ، أشهرهما المنع.
ولا يجوز الصلاة في الحرير المحض للرجال إلا مع الضرورة أو في الحرب.
______________________________________________________
في لباس المصلي
« قال دام ظله » : وفي فرو السنجاب قولان ، أظهرهما الجواز.
قال في النهاية والمبسوط والاستبصار : لا بأس بالصلاة في السنجاب والحواصل (1).
وقال في النهاية في باب ما لا يحل من الميتة من النهاية : لا يجوز ، وقد رويت ( وردت خ ) رخصة.
والأول هو الأصل ، وإليه ذهب في الخلاف ، وجعل الجواز رواية ، وهو مذهب ابن بابويه والمتأخر.
ومستنده روايات ( منها ) ما رواه داود الصرمي عن بشير بن بشار ، قال : سألته عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو بلاد الإسلام أن أصلي فيه لغير تقية؟ ( قال ئل ) فقال : صل في السنجاب والحواصل الخوارزمية ولا تصل في الثعالب ولا السمور (2).
وما رواه علي بن مهزيار عن أبي علي بن راشد ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما تقول في الفراء أي شئ يصلى فيه؟ قال : أي الفراء؟ قلت :
ص: 136
............................................................................
______________________________________________________
الفنك والسنجاب والسمور ، قال : فصل في الفنك والسنجاب ، فأما السمور فلا تصل فيه ، قلت : فالثعالب يصلى فيها؟ قال : لا ، ولكن تلبس بعد الصلاة ، قلت أصلي في الثوب الذي يليه؟ قال : لا (1).
ومنها ما رواه مقاتل بن مقاتل ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب ( الثعلب خ ) ، فقال : لا خير في ذلك ( ذا خ ) كله ما عدا السنجاب (2).
وقال سلار : قد وردت رخصة في جواز الصلاة فيه.
وأما مستند المنع فروايات تتضمن أن كل ما لا يؤكل لحمه لا يجوز الصلاة في جلده.
وهي ما رواه ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، قال : سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر ، فأخرج كتابا وزعم أنه إملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، إن الصلاة في وبر كل شئ حرام أكله ، فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسدة ، لا تقبل تلك الصلاة حتى تصلي في غيره مما أحل اللّه أكله(3) وغير ذلك من الروايات.
وذهب السعيد قطب الدين الراوندي إلى أنه لا يؤكل لحمه (4) وتجوز الصلاة فيه.
ص: 137
وهل يجوز للنساء من غير ضرورة؟ فيه قولان ، أظهرهما الجواز.
______________________________________________________
فالأظهر بين الطائفة ، الجواز ، والذي أراه الاجتناب احتياطاً ، اذا لخلاف موجود.
وأمّا الثعالب والارانب ، فالأصحاب مطبقون على المنع ، وادّعى علم الهدى والشيخ عليه الاجماع.
وأمّا بيان الروايتين فيهما وقد مضى بعضها - ما روى حمّاد ، عن حريز عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن جلود الثعالب ، أيصلى فيها؟ فقال : ما أحب أن أصلي فيها (1).
وما روى عن جعفر بن محمد بن أبي زيد ، قال : سئل الرضا عليه السلام ، عن جلود الثعالب الذكية ( المذكاة خ ) ، قال : لا تصل فيها (2) ، هذه المعمول عليها.
فأما ما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الصلاة في جلود الثعالب ، فقال : إذا كانت ذكية فلا بأس (3).
وما رواه صفوان ، عن جميل ، عن الحسن بن شهاب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن جلود الثعالب ، إذا كانت ذكية أيصلى فيها؟ قال : نعم (4).
فالشيخ حملها على التقية ، وعلى الجملة فالأصحاب غير عاملين بها.
« قال دام ظله » : وهل يجوز للنساء ، من غير ضرورة؟ إلى آخره.
الصلاة في الحرير للرجال لا تجوز بلا خلاف ، واختلف في النساء ، قال الثلاثة وسلار وأتباعهم : تجوز على كراهية ، وعليه المتأخر ، وأطلق ابن بابويه وأبو الصلاح المنع ، والأول أظهر في العمل.
ص: 138
وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد ، أظهره الجواز مع الكراهية.
وهل يجوز الوقوف عليه والافتراش له؟ فيه تردد ، المروي نعم.
ولا بأس بثوب مكفوف به.
ولا يجوز في ثوب مغصوب مع العلم ، ولا فيما يستر ظهر القدم ما لم يكن له ساق كالخف.
ويستحب في النعل العربية.
وتكره في الثياب السود ما عدا العمامة والخف.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد ، أظهره الجواز مع الكراهية.
منشأ التردد (1) ( أن خ ) الصلاة لما كانت لا تجوز معهما على الانفراد ، فوجودهما كعدمهما ، فلا يتفاوت الحرير وغيره ( ومن ) (2) حيث إن الصلاة في الحرير على الإطلاق منهي عنها ، يلزم عدم الجواز ، وبه تشهد رواية رواها في التهذيب ، عن الكليني ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، قال : كتبت إلى أبي محمد عليه السلام ، أسأله هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب : لا تحل الصلاة في حرير محض (3).
والأول أقوى ، لأن النهي يتناول اللباس المعتبر في الصلاة ، والرواية مشتملة على المكاتبة ، فلا حجة فيها ، وهو مذهب الشيخ وأتباعه والمتأخر.
وأما الركوب عليه والتكأة ( الاتكاء خ ) عليه والافتراش ، فمستند الجواز فيها الإباحة الأصلية ، وما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر
ص: 139
وفي الثوب الذي يكون تحته وبر الأرانب والثعالب أو فوقه ، وفي ثوب واحد للرجال - ولو حكى ما تحته - لم يجز.
وأن يتزر ( يأتزر خ ) فوق القميص ، وأن يشتمل الصماء ، وفي عمامة لا حنك لها.
وأن يؤم بغير رداء ، وأن يصحب معه حديدا ظاهرا ، وفي ثوب يتهم صاحبه ، وفي قباء فيه تماثيل ، أو خاتم فيه صورة.
ويكره للمرأة أن تصلي في خلخال له صوت ، أو متنقبة.
ويكره للرجال اللثام.
______________________________________________________
عليهما السلام ، قال : سألته عن الفراش ( الحرير خ ) ومثله من الديباج والمصلى الحرير هل يصلح للرجل النوم عليه والتكأة والصلاة؟ قال : يفترشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه (1).
( قال دام ظله ) : و ( تكره ) في الثوب الذي يكون تحته وبر الأرانب والثعالب أو فوقه.
قال الشيخ في النهاية وابن بابويه في المقنع : لا تجوز الصلاة فيه.
والمستند ما ذكره في الاستبصار ، إن أبا الحسن الرضا عليه السلام ، سئل عن الصلاة في جلود الثعالب والأرانب؟ فقال : لا تصل في الذي فوقه ، ولا في الذي تحته (2).
وقال في المبسوط : تحمل هذه الرواية على الكراهية ، أو على أنه إذا كان أحدهما رطبا.
ص: 140
وقيل : يكره في قباء مشدود إلا في الحرب.
( الأولى ) ما يصح فيه الصلاة يشترط فيه الطهارة ، وأن يكون مملوكا أو مأذونا فيه.
( الثانية ) يجزي الرجل ستر قبله ودبره ، وستر ما بين السرة والركبة أفضل ، وستر جميع جسده كله مع الرداء أكمل ، ولا تصلي الحرة إلا في درع وخمار ساترة جميع جسدها عدا الوجه والكفين.
وفي القدمين تردد ، أشبهه الجواز ، والأمة المحضة والصبية تجتزءان بستر الجسد ، وستر الرأس مع ذلك أفضل.
( الثالثة ) يجوز الاستتار في الصلاة بكل ما يستر ( به خ ) العورة كالحشيش وورق الشجر والطين ، ولو لم يجد ساترا صلى عريانا قائما موميا إذا أمن المطلع.
ومع وجوده يصلي جالسا موميا للركوع والسجود.
______________________________________________________
وقال المتأخر هذه الأوبار طاهرة ، فلا يمنع الثوب من إتيان الصلاة فيه ، قلت : هذا لا ينافي الكراهية.
« قال دام ظله » : وقيل يكره في قباء مشدود إلا في الحرب.
القائل هو علم الهدى وسلار ، وذهب الشيخان إلى أنه لا يجوز ، وهو محمول على الكراهية.
« قال دام ظله » : وفي القدمين تردد أشبهه الجواز.
أي جواز الصلاة وإن لم تستر القدمين. ومنشأ التردد النظر إلى أن القدمين من العورة أم لا؟ فمن قال بالأول فسترهما واجب ، ومن قال بالثاني فغير واجب ، بل
ص: 141
يصلي في كل مكان إذا كان مملوكا أو مأذونا فيه ، ولا يصح في المكان المغصوب مع العلم ( اختيارا خ ).
وفي جواز صلاة المرأة إلى جانب المصلي الرجل ، قولان ، ( أحدهما ) المنع سواء صلت بصلاته أو منفردة محرما كانت أو أجنبية ، ( والآخر ) الجواز على كراهية ، ولو كان بينهما حائل ، أو تباعدت عشرة أذرع فصاعدا أو كانت متأخرة عنه ولو بمسقط الجسد صحت صلاتهما.
ولو كان في مكان لا يمكن فيه التباعد صلى الرجل أولا ثم المرأة.
______________________________________________________
مستحب ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط وأبي الصلاح (1).
ويؤيده (2) جريان العادة من زمن النبي صلى اللّه عليه وآله إلى يومنا ، بمشي النساء حفاة ، من غير منع أحد ، إذ لو منع لاشتهر ، لمساس الحاجة إليه.
« قال دام ظله » : وفي جواز صلاة المرأة إلى جانب المصلي ( الرجل خ ) قولان ، أحدهما المنع ، إلى آخره.
ذهب الشيخ في المبسوط والنهاية والمفيد في المقنعة ، وأبو الصلاح في الكافي إلى المنع وبطلان الصلاة بذلك ، سواء كانت عن يمينه أو شماله أو قدامه ، إلا أن تصلي خلفه ، أو لم يصل أحدهما ، وبه روايات.
( منها ) ما رواه محمد بن سنان ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل والمرأة يصليان جميعا ، في بيت واحد ،
ص: 142
ولا تشترط طهارة موضع الصلاة إذا لم تتعد نجاسته ، ولا طهارة المسجد عدا موضع الجبهة.
وتستحب صلاة الفريضة في المسجد إلا في الكعبة ، والنافلة في المنزل.
______________________________________________________
المرأة عن يمين الرجل بحذاه ، قال : لا حتى ( إلا أن خ ) يكون بينهما شبر أو ذراع (1).
وفي رواية عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع ، وإن كانت عن يمينه وعن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك ، فإن كانت تصلي خلفه فلا بأس ( الحديث ) (2).
وهما ضعيفان.
( ومنها ) رواية ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن المرأة تصلي عند الرجل؟ فقال : لا تصلي المرأة بحيال الرجل ، إلا أن يكون قدامها ولو بصدره.
وقال ابن بابويه في المقنع : لا تبطل إلا أن تكون هي بين يديك ، ولا بأس لو كانت خلفك و ( أو خ ) عن يمينك و ( أو خ ) عن شمالك ( انتهى ).
وذهب علم الهدى إلى الكراهية على التقديرات ، وعليه المتأخر ، وهو أشبه ، والأول أحوط في التعبد به.
« قال دام ظله » : ولا تشترط طهارة موضع الصلاة ، إذا لم تتعد نجاسته ، إلى آخره.
اختلف الأصحاب في موضع المصلي ، على ثلاثة مذاهب ، قال علم الهدى :
ص: 143
وتكره الصلاة في الحمام ، وبيوت الغائط ، ومبارك الإبل ، ومساكن النمل ، ومرابط الخيل والبغال والحمير ، وبطون الأودية ، وأرض السبخة والثلج ، إذا لم تتمكن جبهته من السجود ، وبين المقابر إلا مع حائل ، وفي بيوت المجوس والنيران والخمور ، وفي جواد الطرق ، وأن يكون بين يديه نار مضرمة أو مصحف مفتوح أو حائط ينز من بالوعة.
ولا بأس بالبيع والكنائس ومرابض الغنم.
وقيل : يكره إلى باب مفتوح أو إنسان مواجه.
لا يجوز السجود على ما ليس بأرض كالجلود والصوف ، ولا يخرج باستحالته عن اسم الأرض كالمعادن.
ويجوز على الأرض وما ينبت منها ما لم يكن مأكولا بالعادة.
______________________________________________________
يشترط طهارة موضع المصلي ، وقال أبو الصلاح الحلبي : يشترط طهارة مواضع السبعة ، وذهب الشيخ وأتباعه إلى طهارة موضع الجبهة ويبوسة الباقي (1) وهو أظهر.
« قال دام ظله » : ( فيما تكره الصلاة ) وأن يكون بين يديه نار مضرمة.
الكراهية قول الشيخ في الخلاف ، وقال في النهاية وابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، بالمنع ( لا يصلى كذلك خ ) ، والكراهية أقرب ، وهو اختيار المفيد والمتأخر.
« قال دام ظله » : وقيل : يكره إلى باب مفتوح ، أو إنسان مواجه.
القائل هو أبو الصلاح ، وسلار في الإنسان المواجه ، وهو حسن لا بأس به.
ص: 144
وفي الكتان والقطن روايتان ، أشهرهما المنع ، إلا مع الضرورة.
ولا يسجد على شئ من بدنه ، فإن منعه الحر سجد على ثوبه.
ويجوز السجود على الثلج والقير وغيره مع عدم الأرض وما ينبت منها ، فإن لم يكن فعلى كفه ، ولا بأس بالقرطاس.
ويكره منه ما فيه كتابة ، ويراعى فيه أن يكون مملوكا أو مأذونا فيه ، خاليا من النجاسة.
والنظر في المؤذن وما يؤذن له ، وكيفية ( الأذان ولواحقه ) (1).
أما المؤذن فيعتبر فيه العقل ، والإسلام ولا يعتبر فيه البلوغ ، والصبي يؤذن ، والعبد يؤذن ، وتؤذن المرأة للنساء خاصة.
ويستحب أن يكون عادلا ، صيتا ، بصيرا بالأوقات ، متطهرا ، قائما على مرتفع ، مستقبل القبلة ، رافعا صوته ، وتسر المرأة ، ويكره الالتفات به يمينا وشمالا.
ولو أخل بالأذان والإقامة ناسيا وصلى ، تداركهما ما لم يركع واستقبل صلاته ، ولو تعمد لم يرجع.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي الكتان والقطن ، روايتان أشهر هما المنع.
ذهب الشيخان وعلم الهدى في المصباح ، وابوالصلاح والمتأخّر ، الى أنّ الصلاة لا تجوز على كل ملبوس ، ومأكول ، القطن والكتان وغير ذلك ، وبه عدة روايات.
ص: 145
وأما ما يؤذن له : فالصلوات الخمس لا غير ، أداء وقضاء ، استحبابا للرجال والنساء ، والمنفرد والجامع ، وقيل : يجبان في الجماعة ، ويتأكد الاستحباب فيما يجهر فيه ، وآكده الغداة والمغرب.
وقاضي الفرائض الخمس يؤذن لأول ورده ، ثم يقيم لكل واحدة ، ولو جمع بين الأذان والإقامة لكل فريضة كان أفضل.
ويجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذان واحد وإقامتين.
ولو صلى في مسجد جماعة ثم جاء آخرون لم يؤذنوا ولم يقيموا ما دامت الصفوف باقية ، ولو انفضت أذن الآخرون وأقاموا ، ولو أذن بنية الانفراد ثم أراد الاجتماع استحب له الاستئناف.
وأما كيفيته فلا يؤذن لفريضة إلا بعد دخول وقتها ، ويتقدم في الصبح رخصة ، لكن يعيده بعد دخوله.
______________________________________________________
( منها ) ما رواه أبو العباس الفضل بن عبد الملك ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا تسجدوا إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض ، إلا ( على خ ) القطن والكتان (1).
وقال ابن بابويه : يجوز على الطبري (2) والأكمام من القطن والكتان (3).
ويحكى ذلك عن المرتضى في مسائل منفردة ، وربما يفتي به شيخنا دام ظله ، وهو في رواية سعد بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن الحسن ( الحسين ئل ) بن
ص: 146
وفصولهما على أشهر الروايات خمسة وثلاثون فصلا ، الأذان ثمانية عشر فصلا ، والإقامة سبعة عشر فصلا ، وكله مثنى عدا التكبير في أول الأذان فإنه أربع ، والتهليل في آخر الإقامة فإنه مرة ، والترتيب فيهما شرط.
والسنة فيه : الوقوف على فصوله ، متأنيا في الأذان ، هادرا في الإقامة ، والفصل بينهما بركعتين أو جلسة أو سجدة أو خطوة ، خلا المغرب ، فإنه لا يفصل بين أذانيها إلا بخطوة ، أو سكتة ، أو تسبيحة.
ويكره الكلام في خلالهما ، والترجيع إلا للإشعار ، وقول : الصلاة
______________________________________________________
كيسان الصنعاني ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام ، أسأله عن السجود على القطن والكتان من غير تقية ولا ضرورة؟ فكتب إلي : ذلك جايز (1).
وهذه مشتملة على المكاتبة ، فلا تعارض الأولى ، على أن الأولى أشهر بين الأصحاب ، وأظهر في فتاويهم.
في الأذان والإقامة
« قال دام ظله » : وفصولهما على أشهر الروايات خمسة وثلاثون فصلا.
اختلفت الروايات ، في فصول الأذان والإقامة ، ففي رواية أباب بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا ، فعدد ذلك بيده واحدا واحدا ، الأذان ثمانية عشر حرفا ، والإقامة سبعة عشر حرفا (2).
ص: 147
خير من النوم.
وأما اللواحق ، فمن السنة حكايته عند سماعه ، وقول ما يخل به المؤذن ، والكف عن الكلام بعد قوله : ( قد قامت الصلاة ) إلا ما يتعلق بالصلاة.
( الأولى ) إذا سمع الإمام أذانا جاز أن يجتزي به في الجماعة ولو كان المؤذن منفردا.
( الثانية ) من أحدث (1) في الصلاة أعادها ، ولا يعيد الإقامة إلا مع الكلام.
( الثالثة ) من صلى خلف من لا يقتدى به أذن لنفسه وأقام ، ولو خشي فوات الصلاة اقتصر من فصوله على تكبيرتين وقد قامت الصلاة.
______________________________________________________
وفي رواية زرارة والفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لما أسري برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فبلغ البيت المعمور ، حضرت الصلاة ، فأذن جبرئيل ، وأقام ، فتقدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وصف الملائكة والنبيون خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قال : فقلنا كيف أذن؟ فقال : اللّه أكبر اللّه أكبر (2) ( ومثله في الآخر على ترتيب الفصول ) والإقامة مثلها ، إلا أن فيها ، قد قامت
ص: 148
وهي ركن ، وإن كانت بالشرط أشبه ، فإنها تقع مقارنة ، ولا بد من نية القربة والتعيين والوجوب أو الندب ، والأداء أو القضاء ، ولا يشترط نية القصر ولا الإتمام ، ولو كان مخيرا ، ويتعين استحضارها عند أول جزء من التكبير ، واستدامتها حكما.
______________________________________________________
الصلاة ، قد قامت الصلاة ، بين حي على خير العمل ، وبين اللّه أكبر ، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بلالا ، فلم يزل يؤذن بها حتى قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (1).
وفي رواية الحضرمي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وكليب الأسدي عنه عليه السلام ، أنه حكى لهما الأذان ، في أوله وآخره اللّه أكبر أربع مرات ، ولا إله إلا اللّه مرتين ، وكذلك الإقامة (2).
فيكون مجموعهما اثنين وأربعين فصلا (3).
والأشهر في الروايات وأكثرها هي الأولى ، وعليها انعقد العمل ، ويحمل البواقي ، على الجواز.
في النية
« قال دام ظله » : النية وهي ركن ، وإن كانت بالشرط أشبه ، فإنها تقع مقارنة.
ص: 149
وهو ركن في الصلاة وصورته : اللّه أكبر ، مرتبا ، ولا ينعقد بمعناه ، ولا مع الإخلال ( بها خ ) ولو بحرف ، ومع التعذر يكفي الترجمة ، ويجب التعلم ما أمكن ، والأخرس ينطق بالممكن ، ويعقد قلبه بها مع الإشارة.
ويشترط فيها القيام ، ولا يجزي قاعدا مع القدرة ، وللمصلي الخيرة في تعيينها من السبع.
وسننها : النطق بها على وزن ( أفعل ) من غير مد ، وإسماع الإمام من خلفه ، وأن يرفع بها المصلي يديه محاذيا وجهه.
وهو ركن مع القدرة ، ولو تعذر الاستقلال اعتمد ، ولو عجز عن البعض أتى بالممكن ، ولو عجز أصلا صلى قاعدا.
______________________________________________________
قلت : لا يتحقق هذا البحث ، إلا بمعرفة ( بعد معرفة خ ) الشرط والجزء ، فنقول : الصلاة ماهية مركبة من قيام ، وتكبير ، وركوع ، وسجود ، ودعاء ، وجزئها ما يتوقف تمام الماهية عليه ، وشرطها أمر خارجي ، يتوقف عليه صحة الماهية.
وإذا تقرر هذا ، فالنية ( فهل النية خ ) شرط أو جزء؟ قلنا : يحتمل الأمرين ، لكن هي بالشرط أشبه ، لأن مع عدمها قد يحكم بوقوع الصلاة لا بصحتها ، فالماهية حاصلة.
في تكبيرة الإحرام
« قال دام ظله » وسننها النطق بها ، على وزن أفعل من غير مد.
قلت : الأشبه أن الإتيان ( النطق خ ) بهذه الصيغة يعد في الواجبات ، لأن بتغير ( تغير خ ) الوزن تخرج عن لفظ الجلالة ، وهو مذهب المتأخر ، ويظهر ذلك من كلام الشيخ ، من غير تصريح.
ص: 150
وفي حد ذلك قولان ، أصحهما مراعاة التمكن ، ولو وجد القاعد خفا ( خفة خ ) نهض قيما ، ولو عجز عن القعود صلى مضطجعا موميا ، وكذا لو عجز فصلى مستلقيا.
ويستحب أن يتربع القاعد قاريا ، ويثني رجليه راكعا وقيل : يتورك متشهدا.
______________________________________________________
في القيام
« قال دام ظله » : وفي حد ذلك قولان.
قال الشيخ في المبسوط : ما يعلمه الإنسان أنه لا يتمكن من الصلاة قائما ، وقد روي أنه إذا لم يقدر على المشي بقدر صلاته (1).
وقال في النهاية : بكليهما ، واختار المتأخر وشيخنا ، الأول ، وهو مروي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، ما حد المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا؟ قال : إن الرجل ليوعك (2) ويحرج ، ولكنه أعلم بنفسه إذ قوى فليقم (3).
وذهب المفيد إلى الثاني ، وهو في رواية سليمان بن حفص المروزي ، قال : قال الفقيه عليه السلام : المريض إنما يصلي قاعدا إذا صار أن يمشي بالحال التي لا يقدر فيها على أن يمشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائما (4).
قلت : وأرى القولين متقاربي المعنى في الأغلب.
« قال دام ظله » : وقيل يتورك متشهدا.
القائل ، هو الشيخ وأتباعه ، وهو حسن ، تشبها بتشهد القادر ، وهو مستحب.
ص: 151
وهي متعينة بالحمد وسورة في كل ثنائية ، وفي الأوليين من كل رباعية وثلاثية ، ولا تصح الصلاة مع الإخلال بها عمدا ولو بحرف ، وكذا الإعراب والتشديد ، وترتيب آيها ( آياتها خ ) ، وكذا البسملة في الحمد والسورة ، ولا تجزي الترجمة ، ولو ضاق الوقت قرأ ما يحسن منها.
ويجب التعلم ما أمكن ، ولو عجز قرأ من غيرها ما تيسر ، وإلا سبح اللّه وكبره وهلله بقدر القراءة ، ويحرك الأخرس لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه.
وفي وجوب سورة مع الحمد في الفرائض للمختار مع سعة الوقت و إمكان التعلم قولان ، أظهرهما الوجوب ، ولا يقرأ في الفرائض عزيمة ، ولا ما يفوت الوقت بقراءتها ، ويتخير المصلي في كل ثالثة ورابعة بين قراءة الحمد والتسبيح ، ويجهر من الخمس واجبا ، في الصبح وأوليي المغرب والعشاء ، ويسر في الباقي وأدناه أن يسمع نفسه ، ولا تجهر المرأة.
ومن السنن : الجهر بالبسملة في موضع الإخفات من أول الحمد والسورة ، وترتيل القراءة ، وقراءة سورة بعد الحمد في النوافل ، والاقتصار في الظهرين والمغرب على قصار المفصل ، وفي الصبح على مطولاته ، وفي العشاء على متوسطاته.
______________________________________________________
في القراءة
« قال دام ظله » : وفي وجوب سورة مع الحمد في الفرائض للمختار ، مع سعة الوقت ، وإمكان التعلم ، قولان ، أظهرهما الوجوب.
ص: 152
............................................................................
______________________________________________________
ذهب علم الهدى والشيخ في الجمل والخلاف إلى الوجوب ، مستدلا ( أولا ) بالإجماع ، و ( ثانيا ) بطريقة الاحتياط.
وقال في المبسوط : الأظهر بين الطائفة ، الوجوب ، وهو يلوح من كلام المفيد وسلار ، وعليه المتأخر.
ويدل على ذلك ما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن الرجل يقرأ سورة واحدة في الركعتين من الفريضة ، وهو يحسن غيرها ، فإن فعل فما عليه؟ قال : إذا أحسن غيرها فلا يفعل ، وإن لم يحسن غيرها فلا بأس (1).
وقال في النهاية : أدنى ما يجزي الحمد وسورة معها ، وإن صلى بالحمد وحدها من غير عذر متعمدا كانت صلاته ماضية.
وقال ابن أبي عقيل في المتمسك : أقل ما يجزي ( يجب خ ) في الصلاة عند آل الرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، من القراءة ، فاتحة الكتاب.
وهو مروى ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة (2).
وحملها الشيخ على حال الضرورة ، والأول أظهر ، وعليه العمل.
وإذا تقرر هذا فهل يجوز قران ( قراءة خ ) سورتين مع الفاتحة؟ قال في المبسوط والخلاف : الأظهر بين الأصحاب التحريم ، وقال في الاستبصار : القران ليس بمفسد الصلاة ( بمبطل للصلاة خ ) ، بل يكره.
وقد صرحت بالكراهية روايات ( منها ) ما رواه صفوان ، عن عبد اللّه بن بكير ،
ص: 153
وفي ظهري الجمعة بسورتها ( بها خ ) وبالمنافقين ، وكذا لو صلى الظهر جمعة على الأظهر.
ونوافل النهار إخفات ، والليل جهر ، ويستحب إسماع الإمام من خلفه قراءته ما لم يبلغ العلو ، وكذا الشهادتين.
______________________________________________________
عن زرارة ، قال : قال ابو جعفر عليه السلام : انّما يكره ان يجمع بين السورتين في الفريضة (1).
وأما رواية ( ما رواه خ ) القروي - ( الهروي خ ) عن أبان ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2) - ناطقة بالجواز في النافلة ، والنهي في الفريضة.
« قال دام ظله » : وفي ظهري يوم الجمعة بها ( بسورتها خ ) وبالمنافقين.
تقدير الكلام ، في ظهري الجمعة بالجمعة وبالمنافقين ( والمنافقين خ ) وهو مشكل ، لما ثبت من أن الإضمار قبل الذكر ليس بمرضى.
ولا يقال : الضمير راجع إلى الجمعة البارزة ، إذ هي مشتركة بين اليوم والسورة ، لما تقرر في أصول الفقه ، من منع تغيير (3) المعنيين المختلفين باللفظ الواحد على المختار ، وفي بعض النسخ : وفي ظهر الجمعة بسورتها والمنافقين ، وهذا التصحيح وقع من المصنف دام ظله بعد مفارقتي إياه.
وهل يجب قراءة السورتين ، أي الجمعة والمنافقين في الجمعة؟ قال المرتضى في المصباح وأبو الصلاح وابنا بابويه : نعم ، وتجب الإعادة للصلاة ( إعادة الصلاة خ )
ص: 154
............................................................................
______________________________________________________
مع الإخلال بهما.
وهو استناد إلى ما رواه عبد اللّه بن المغيرة ، عن جميل ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، إن اللّه تعالى أكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بشارة لهم ، والمنافقين توبيخا للمنافقين ، ولا ينبغي تركهما فمن تركهما متعمدا فلا صلاة له (1).
وإلى ما رواه الحسين بن عبد اللّه الأحول ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : من لم يقرأ في الجمعة ، بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له (2).
وروى ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن عمر بن يزيد ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : من صلى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين ، أعاد الصلاة في سفر أو حضر (3).
وحملها الشيخ على شدة الاستحباب وذهب إلى استحبابهما وجواز غيرهما ، متمسكا بأن الأصل عدم الوجوب ، وبقوله تعالى : فاقرؤا ما تيسر منه (4).
ومستدلا بما رواه الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين ، عن أبيه ، قال : سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا؟ قال : لا بأس بذلك (5).
وبما رواه محمد بن سهل الأشعري عن أبيه ، قال : سألت أبا الحسن
ص: 155
( الأولى ) يحرم قول آمين آخر الحمد وقيل : يكره.
( الثانية ) والضحى وألم نشرح سورة واحدة ، وكذا الفيل ولايلاف.
______________________________________________________
عليه السلام عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة ، بغير سورة الجمعة متعمدا؟ قال : لا بأس ( به - خ ) (1).
وروى أبان عن يحيى الأزرق بياع السابري ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، قلت ( له خ ئل ) : رجل صلى الجمعة ، فقرأ سبح اسم ربك الأعلى ، وقل هو اللّه أحد ، قال : أجزأه (2).
وهو الظاهر من مذهب المفيد ، وصرح المرتضى في الانتصار بذلك ، وعليه المتأخرون ، وهو الوجه ، على استحباب شديد لا يصلح الإخلال بهما احتياطا في العبادة مع عدم المانع.
فأما في ظهري الجمعة ، فلا تجب بل تستحب ، إلا على قول أبي الصلاح ، فإنه يذهب إلى الوجوب ، وجعل المرتضى ذلك رواية.
وكأنه نظر إلى ما رواه أبو أيوب ، عن محمد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : القراءة في الصلاة فيها شئ موظف ( موقت خ ئل )؟ قال : لا إلا الجمعة ، يقرأ فيها الجمعة والمنافقين ( الحديث ) وهو قول متروك لا عمل عليه.
« قال دام ظله » : يحرم قول آمين ، آخر الحمد ، وقيل يكره.
القول بالتحريم مذهب الثلاثة وأتباعهم ، وما أعرف فيه مخالفا ، إلا ما حكى شيخنا دام ظله في الدرس عن أبي الصلاح ، الكراهية ، وما وجدته في مصنفه (3).
ص: 156
............................................................................
______________________________________________________
واستدلوا على التحريم بالإجماع ، ثم بما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين (1).
وأما من طريق أصحابنا ، فيه عدة روايات ( منها ) ما رواه عبد اللّه بن المغيرة ، عن جميل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها ، فقل أنت : الحمد اللّه رب العالمين ، ولا تقل آمين (2).
وما رواه ابن مسكان ، عن محمد الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب آمين؟ قال : لا (3).
وبالجواز رواية عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين؟ قال : ما أحسنها ، واخفض الصوت بها (4).
وطعن الشيخ في هذه ، بان جميلا قد روى بخلاف هذه أخرى ، موافقة لأخرى ، وقد ذكرناها ( هما خ ) فيجب العمل عليها ( عليهما خ ) ، دون المخالفة حذرا من الإطراح ، أو تحمل هذه على التقية لكونها مخالفة للإجماع ، وموافقة للعامة.
ويحسن أن يقال على التحريم : إن هذه اللفظة عرية عن المعنى ، فلا يجوز التلفظ بها.
أما الأول ، فلان هذه اللفظة إما أن يقصد بها أنها من القرآن ، أو لا ، والأول غير جايز اتفاقا ، والثاني إما أن يقصد بها الدعاء أو التأمين على الدعاء ( عليه خ ) ،
ص: 157
وهل تعاد البسملة بينهما؟ قيل : لا ، وهو أشبه.
______________________________________________________
والأول ممنوع ، لأن اللفظ غير موضوع له ، والثاني جايز بتقدير سبق الدعاء.
لكن التقدير عدمه ، فلا يجوز.
( لا يقال ) : يقصد بالفاتحة الدعاء ( لأنا نقول ) : التلاوة شرط في الصلاة ، فمتى قصد الدعاء لا يكون تاليا ، بل داعيا ، سلمنا جواز ذلك ، لكن نفرض فيمن لم يقصد ذلك فلا مخلص لهم.
إلا أن يقولوا بوجوب القصد ، متى أرادوا التلفظ بها ، ولكن ما ذهب إليه ذاهب ، فثبت أنها غير معطية المعنى.
وأما الثاني ، فلأنه يلزم اللغو منه والعبث ، وهو منهي عنه خصوصا في العبادة.
« قال دام ظله » : وهل تعاد البسملة بينهما؟ قيل : لا ، وهو أشبه.
ذهب الشيخ في التبيان والاستبصار ، إلى أنهما في حكم سورة واحدة ، فلا تعاد البسملة.
( أما الأول ) فمستنده روايات ( منها ) ما رواه العلاء ، عن زيد الشحام ، قال : صلى بنا أبو عبد اللّه عليه السلام ، الفجر ، فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة. (1)
وقال المرتضى : إنهما سورة واحدة ، وعليه اتباعهما (2).
( وأما الثاني ) فدليله الاستقراء ، وقال المتأخر : إنهما سورة واحدة ، وتعاد البسملة بينهما ، لأنها ثابتة في المصحف ، ولأن عدد آييهما معلوم بلا خلاف ، فلا تنقص بالبسملة.
وهو يشكل مع تسليم كونهما سورة واحدة ، وكونها ثابتة في المصحف ، لا يدل على وجوب الإعادة ، كما لم يدل كونهما فيه اثنين ، على كونهما سورتين.
ص: 158
( الثالثة ) تجزي بدل الحمد في الأواخر تسبيحات أربع ، صورتها : سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ، وروي تسع ، وقيل : عشر ، وقيل : اثنا عشر ، وهو أحوط.
( الرابعة ) لو قرأ في النافلة إحدى العزائم سجد عند ذكره ، ثم يقوم فيتم ويركع ، ولو كان السجود في آخرها قام وقرأ الحمد استحبابا ، ليركع عن قراءة.
وهو واجب في كل ركعة مرة ، إلا في الكسوف والزلزلة. وهو ركن في الصلاة ، والواجب فيه خمسة. الانحناء قدر ما تصل معه كفاه ركبتيه ، ولو عجز اقتصر عن الممكن وإلا أومأ ، والطمأنينة بقدر الذكر الواجب ، وتسبيحة واحدة كبيرة صورتها : سبحان ربي العظيم وبحمده ، أو سبحان اللّه ثلاثا ، ومع الضرورة تجزي الواحدة الصغيرة (1) وقيل : يجزي مطلق الذكر فيه وفي السجود ، ورفع الرأس منه ، والطمأنينة في الانتصاب.
والسنة فيه : أن يكبر له رافعا يديه ، محاذيا بهما وجهه ، ثم يركع بعد
______________________________________________________
وقوله ( لأنّ عدد آييهما معلوم بلا خلاف ) لا استدلال فيه (2) ، لان البسملة ، إما أن تعد من الآيات أو لا ، فعلى الثاني ، لا نقصان ، وعلى الأول ، تعد في موضع يثبت حكمها ، وهو محل النزاع.
وقوله ( بلا خلاف ) وهو مجرد الدعوى ، لأن كل من لم يثبت حكمها لم ( لا خ ) يعدها آية.
« قال دام ظله » : تجزي بدل الحمد في الأواخر ، تسبيحات أربع ، إلى آخره.
ص: 159
إرسالهما ويضعهما على ركبتيه ، مفرجات الأصابع ، رادا ركبتيه إلى خلفه ، مسويا ظهره ، مادا عنقه ، داعيا أمام التسبيح ، مسبحا ثلاثا ، كبرى فما زاد ، قائلا بعد انتصابه : سمع اللّه لمن حمده ، داعيا بعده ، ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه.
ويجب في كل ركعة سجدتان ، وهما ركن معا في الصلاة.
وواجباته سبع : السجود على الأعضاء السبعة : الجبهة ، والكفين ،
______________________________________________________
قلت : اختلف قول الأصحاب في عدد التسبيحات ، فذهب المفيد إلى أنها أربع ، وهو في رواية الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين؟ قال : أن تقول : سبحان اللّه ، والحمد اللّه ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر (1).
واختاره الشيخ في التهذيب والاستبصار ، والرواية حسنة (2).
وقال ابن عقيل ، وابن بابويه : بالتسع وهو في رواية ابن محبوب (3).
وقال الشيخ في الجمل والمبسوط ، والمرتضى في المصباح : بالعشر ، وهو اختيار المتأخر ، وهو بأن يزيد في التسبيح الثالث اللّه أكبر ، وقال في النهاية : بإثني عشر ، وبالكل روايات ، وجامعها أن تحمل رواية الأقل على الوجوب ، والزائد على الفضل والاستحباب.
ص: 160
والركبتين ، وإبهامي الرجلين ، ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه وألا يكون موضع السجود عاليا بما يزيد عن لبنة ، ولو تعذر الانحناء رفع ما يسجد عليه.
ولو كان بجبهته دمل احتفر حفيرة ليقع السليم على الأرض ، ولو تعذر سجد على أحد الجبينين ، وإلا فعلى ذقنه ، ولو عجز أومأ.
والذكر فيه أو التسبيح كالركوع ، والطمأنينة بقدر الذكر الواجب. ورفع الرأس مطمئنا عقيب الأولى.
وسننه : التكبير الأول قائما ، والهوي بعد إكماله سابقا بيديه ، وأن يكون موضع سجوده مساويا لموقفه ، وأن يرغم بأنفه ، ويدعو قبل التسبيح ، والزيادة على التسبيحة الواحدة ، والتكبيرات ثلاثا ، ويدعو بين السجدتين ، والقعود متوركا ، والطمأنينة عقيب رفعه من الثانية ، والدعاء ، ثم يقوم معتمدا على يديه سابقا برفع ركبتيه ، ويكره الإقعاء بين السجدتين.
وهو واجب في كل ثنائية مرة. وفي الثلاثية والرباعية مرتين.
وكل تشهد يشتمل على خمسة : الجلوس بقدره ، والطمأنينة ، والشهادتان ، والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله ، وأقله أشهد إن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم يأتي بالصلاة على النبي وآله.
وسننه : أن يجلس متوركا ، ويخرج رجليه ، ثم يجعل ظاهر اليسرى على الأرض وظاهر اليمنى على باطن اليسرى ، والدعاء بعد الواجب ، ويسمع الإمام من خلفه.
ص: 161
وهو واجب في ( على خ ) أصح القولين ، وصورته : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ، أو السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
وبأيهما بدأ ، كان الثاني مستحبا.
والسنة فيه : أن يسلم المنفرد تسليمة إلى القبلة ، ويومي بمؤخر عينيه إلى يمينه ، والإمام بصفحة وجهه. والمأموم تسليمتين بوجهه يمينا وشمالا.
______________________________________________________
الثامن التسليم
« قال دام ظله » : وهو واجب ، على أصح القولين.
ذهب علم الهدى وأبو الصلاح ، إلى أن التسليم واجب ، وهو اختيار سلار.
وقال الشيخ في النهاية والجمل والاستبصار ، إنه مستحب ، وتردد في المبسوط والخلاف.
ويظهر من كلام المفيد ، الاستحباب ، وهو اختيار المتأخر.
وبه تشهد رواية أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يصلي ، ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم ، قال : تمت صلاته الحديث (1).
وما روي عنهم عليهم السلام ، إنما صلاتنا هذه تكبير وركوع وسجود (2).
ووجه الاستدلال به ، أن لفظة ( إنما ) موضوعة لإثبات المذكور ، ونفي ما سواه ، فترك لفظ التسليم في الخبر ، يدل على عدم وجوبه.
والمختار هو الأول لوجوه ( الأول ) إن عمل المسلمين من زمن النبي صلى اللّه
ص: 162
............................................................................
______________________________________________________
عليه وآله ، إلى يومنا يدل على الوجوب.
( والثاني ) التمسك بطريقة الاحتياط.
( والثالث ) ما روى بطريق ( من طريق خ ) الجمهور(1) ، وطريقنا عن علي عليه السلام ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، مفتاح ( افتتاح ح ) الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم (2).
ووجه الاستدلال به ، أن التحليل واجب ، وهو منحصر في التسليم فالتسليم واجب.
( إن قيل ) لا نسلم انحصار التحليل في التسليم ، ولا يدل الخبر عليه إلا بدليل الخطاب (3) وأنتم غير قائلين به.
( فنجيب عنه ) : أن الدليل على الانحصار أنه قد ثبت عند أهل اللسان منع كون الخبر أخص من المبتدأ ، بل يكون إما أعم منه ، أو مساويا له ، وإلا تعرى الكلام عن الفائدة ، ولهذا لا يجوز الحيوان إنسان ، واللون سواد ، ويجوز الإنسان حيوان والسواد لون ، لامتناع انحصار الحيوانية والسواد في الإنسان واللون.
وإذا تقرر هذا ، فقوله عليه السلام : ( تحليلها التسليم ) ، لو لم يكن التحليل منحصرا في التسليم ، لكان حاصلا بسواه ، فيكون ( التحليل ) - وهو المبتدأ - أعم من التسليم ، فيكون الخبر أخص منه ضرورة ، وهو غير جايز بلا خلاف ، فذلك لا يجوز.
ولا يرد عليه الإشكال بقولهم : صديقي زيد وعمرو ، لأن المعطوف والمعطوف عليه في حكم شئ واحد ، أو تقدر خبرا محذوفا (4) يدل عليه البارز.
ص: 163
( الأول ) التوجه بسبع تكبيرات ، واحدة منها الواجبة ، بينها ثلاثة أدعية ، يكبر ثلاثا ثم يدعو ، واثنتين ثم يدعو ، ثم اثنتين ويتوجه.
( الثاني ) القنوت في كل ثنائية قبل الركوع ، إلا في الجمعة ، فإنه في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده ، ولو نسي القنوت قضاه بعد الركوع.
( الثالث ) نظره قائما إلى موضع سجوده ، وقانتا إلى باطن كفيه. وراكعا إلى ما بين رجليه ، وساجدا إلى طرف أنفه ، ومتشهدا إلى حجره.
( الرابع ) وضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء أذنيه ، ومتشهدا على فخذيه.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ( في المندوبات ) الأول ، التوجه بسبع تكبيرات.
( يسأل ) هنا إذا كانت إحدى التكبيرات من الواجب ، فكيف يصدق التوجه بسبع؟ ( والجواب ) إذا كانت أحكام العدد المجموعي مغايرا لأحكام مفرداته ، فلا يلزم من الحكم على السبع بالاستحباب ، أن يكون كل جزء منه مستحبا ، لأن الحكم على مجموع السبع من حيث إنه كذلك ، فلا يكذبه كون الواحد أو أزيد واجبا ، لعدم التنافي ، ووجود التغاير.
في القنوت
« قال دام ظله » : القنوت في كل ثنائية قبل الركوع ، إلا في الجمعة ، فإنه في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده.
القنوتان في الجمعة مذهب الأصحاب وبه عدة روايات ، وما أعرف فيه مخالفا إلا المتأخر.
ص: 164
( الخامس ) التعقيب ، ولا حصر له ، وأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام.
______________________________________________________
فمن الروايات ما رواه أبو أيوب الخزاز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كل قنوت قبل الركوع ، إلا في الجمعة فإن الركعة الأولى القنوت فيها قبل الركوع ، والأخيرة بعد الركوع (1).
ومنها ما رواه ابن بابويه في كتابه من لا يحضره الفقيه ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في حديث يتعلق ( يلحق خ ) بالجمعة ، قال : وعلى الإمام فيها قنوتان ، قنوت في الركعة الأولى ، قبل الركوع ، وفي الركعة الثانية ، بعد الركوع (2).
والرواية صحيحة.
وقال ابن أبي عقيل : إن الجمعة والعيدين ، القنوت في الركعتين منهما ، وقال : بذلك تواترت الأخبار.
ولنا أن (3) هذا القنوت دعاء وعبادة ، وهو إما واجب أو مستحب ، لقوله تعالى : ادعوني استحب لكم (4) فادعوا اللّه مخلصين له الدين (5).
وغير ذلك ، فأي ضرورة تلجئ إلى ( على خ ) الإقدام على منعه ، مع أن
ص: 165
يقطع الصلاة كل ما يبطل الطهارة ولو كان سهوا ، والالتفات دبرا ، والكلام بحرفين فصاعدا عمدا ، وكذا القهقهة ، والفعل الكثير الخارج عن الصلاة ، والبكاء لأمور الدنيا.
وفي وضع اليمين على الشمال قولان ، أظهرهما : الإبطال.
ويحرم قطع الصلاة إلا لخوف ضرر ، مثل فوات الغريم ، أو تردي طفل.
وقيل : يقطعها الأكل والشرب ، إلا في الوتر لمن عزم الصوم ولحقه عطش.
______________________________________________________
الأصحاب قائلون به.
وفي رواية يقنت في الأولى حسب (1) وهي متروكة.
خاتمة
« قال دام ظله » : وفي وضع اليمين على الشمال ، قولان ، أظهرهما الإبطال.
استدل علم الهدى ، والشيخ على بطلان الصلاة بذلك ، بإجماع الفرقة ، وما أعرف مخالفا إلا أبا الصلاح الحلبي ، فإنه ذهب إلى الكراهية ، والعمل على الأول.
« قال دام ظله » : وقيل يقطعها الأكل والشرب ، إلا في الوتر الخ.
القائل هو الشيخ ، وابن بابويه ، والمستند رواية سعيد الأعرج ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك ، إني أريد الصوم ، فأكون في الوتر ، فأعطش وأمامي قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاثة ، قال : تسعى إليها وتشرب منها
ص: 166
وفي جواز الصلاة والشعر معقوص قولان ، أشبههما الكراهية.
وتكره الالتفات يمينا وشمالا ، والتثاؤب ، والتمطي ، والعبث ، ونفخ موضع السجود ، والتنخم ، والبصاق ، وفرقعة الأصابع ، والتأوه بحرف ، ومدافعة الأخبثين ، ولبس الخف ضيقا.
ويجوز المصلي تسميت العاطس.
ورد السلام ، مثل قوله : السلام عليكم ، والدعاء في أحوال الصلاة
______________________________________________________
حاجتك وتعود في الدعاء (1).
فاما مستند المنع في الفريضة ، فاتفاق الاصحاب ، ولأنّه فعل كثير.
« قال دام ظله » : وفي جواز الصلاة ، والشعر معقوص ( بشعر معقوص خ ) قولان ، أشبههما الكراهية.
ذهب الشيخ إلى أنه لا يجوز ، ويعيد الصلاة معه ، مستدلا بالإجماع ( بإجماع الفرقة خ ) وبرواية ابن محبوب ، عن مصادف ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل صلى بصلاة الفريضة ، وهو معقوص ( معقص خ ) الشعر ، قال : يعيد صلاته (2).
وقال المفيد : لا ينبغي أن يصلي وشعره معقوص ، إلا أن يحله ، وقال سلار وأبو الصلاح : يكره ذلك وعليه المتأخر.
وهو أشبه من حيث أن الأصل صحة الصلاة ، فلا حكم بالبطلان ، إلا بدليل قاطع ، والاجماع ، ولم يثبت ، وقد قدح الغضائري في مصادف.
« قال دام ظله » : ورد السلام مثل قوله السلام عليكم ، والدعاء في أحوال
ص: 167
بسؤال المباح دون المحرم.
______________________________________________________
الصلاة ، إلى آخره.
ذهب المرتضى والشيخ وأتباعهما إلى أن رد السلام يكون بسلام عليكم ، ولا يقول : وعليكم السلام ، وغير ذلك.
واستدل ( واستدلوا خ ) بعد الإجماع ، بما رواه عثمان بن عيسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل ، يسلم عليه ، وهو في الصلاة؟ فقال : يرد : سلام عليكم ، ولا يقول ، وعليكم السلام (1).
وقال المتأخر : (2) يجوز بقوله سلام عليك وعليكم ، السلام عليكم ، وعليكم السلام ، وتمسك بأن الأصل ، الجواز ، فالتحريم يحتاج إلى دليل.
وبرواية رواها الشيخ في الخلاف ، عن محمد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام ، وهو في الصلاة ، فقلت : السلام عليك فقال : السلام عليك ( عليكم - خ السرائر ) فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلما انصرف قلت : أيرد السلام ، وهو في الصلاة ، قال : نعم مثل ما قيل له (3).
( والجواب ) لا نسلم أن الأصل في الصلاة بعد الشروع ، هو الجواز ، بل الأصل الاشتغال بأفعال الصلاة ، لا غير ، لقوله تعالى : وقوموا لله قانتين (4).
وعن الخبر ، أن الممنوع عندنا قول ( وعليكم السلام ) وليس فيه جواز ذلك ، وقوله عليه السلام : ( نعم مثل ما قيل له ) محمول على ما إذا قيل له : سلام عليكم ، لأن العادة جارية بذلك ، توفيقا بين الروايتين.
ص: 168
( منها )
وهي ركعتان يسقط معها الظهر ، ووقتها ما بين الزوال حتى يصير ظل كل شئ مثله ، وتسقط بالفوات وتقضى ظهرا ، ولو لم يدرك الخطبتين أجزأته الصلاة ، وكذا لو أدرك مع الإمام الركوع ولو في الثانية.
ويدرك الجمعة بإدراكه راكعا على الأشهر.
______________________________________________________
المقصد الثاني
في بقية الصلوات
الجمعة
« قال دام ظله » : ويدرك الجمعة بإدراكه راكعا ، على الأشهر.
قلت : اختلفت الروايات ، في إدراك المأموم الركعة ، بإدراك الركوع ، ففي رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : قال : إذا أدركت الإمام ، وقد ركع ، فكبرت ، وركعت قبل أن يرفع الإمام رأسه ، فقد أدركت الركعة ، فإن ( وإن خ ) رفع الإمام رأسه قبل أن تركع ، فقد فاتتك الركعة (1).
ومثله في رواية سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
وهو مذهب المرتضى ، وأبي الصلاح ، والشيخ في الخلاف والمبسوط في باب الجمعة ، والمتأخر.
ص: 169
ثم النظر في شروطها ، ومن يجب عليه ، ولواحقها ، وسننها.
( الأول ) السلطان العادل.
( الثاني ) العدد.
______________________________________________________
هذا إذا كانت الجماعة في الجمعة ، وأما في غيرها فذهب الشيخ في النهاية والاستبصار ، والمبسوط ، في باب الجماعة ( الجمعة خ ) إلى أنه لا يدرك ، عملا بما رواه ابن أبي عمير عن جميل ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال لي : إذا ( إن خ ) لم تدرك القوم ، قبل أن يكبر الإمام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة. (1)
وبرواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الإمام (2).
وحمل ما قدمناه - من رواية الحلبي وسليمان بن خالد - على إدراك الإمام راكعا في الصف الذي لا يجوز التأخر عنه ، وإدراك تكبيرة الركوع قبل ذلك المكان ، وفيه تعسف.
وأما المرتضى وأتباعه ، فما فرقوا بين الجمعة وغيرها ، وكأن الشيخ نظر إلى الروايات وحمل الكل على غير الجمعة ، وجمع بينهما على ما ذكرنا عنه (3) ، وفي الجمعة ، قال : بمقالتهم نظرا إلى الأصل.
وعندي تردد ، منشأة الالتفات إلى الروايات الصحيحة ، المتضمنة لنفي الإدراك
ص: 170
وفي أقله روايتان ، أشهرهما خمسة ، الإمام أحدهم.
( الثالث ) الخطبتان.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي أقله روايتان ، أشهرهما خمسة ، الإمام أحدهم.
قلت : بحسب الروايتين قولان ، ذهب الشيخ ، وابن بابويه وتبعهما صاحب الرايع (1) والوسيلة إلى أن أقل العدد سبعة.
والمستند ما رواه في التهذيب وابن بابويه ، في كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ( المؤمنين خ ) ولا تجب على أقل منهم ، الإمام ، وقاضيه ، والمدعي حقا ، والمدعى عليه ، والشاهدان ، والذي يضرب الحدود بين يدي الإمام (2).
وذهب المفيد ، والمرتضى ، وسلار ، وأبو الصلاح ، والمتأخر ، إلى أن أقل العدد خمسة ، وبه عدة روايات.
( منها ) ما رواه أبان بن عثمان ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : أدنى ما يجزي في الجمعة سبعة أو خمسة أدناه (3).
( ومنها ) ما رواه صفوان ، عن منصور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد وإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم الحديث (4).
وروى ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة عن زرارة ، قال : كان أبو جعفر عليه السلام يقول : لا تكون الجمعة والخطبة ، وصلاة ركعتين ، على أقل من خمسة
ص: 171
ويجب في الأولى حمد اللّه تعالى والثناء عليه ، والوصية بتقوى اللّه ، وقراءة سورة خفيفة ، وفي الثانية حمد اللّه والصلاة على النبي ، وعلى آله وأئمة المسلمين ، والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات ويجب تقديمها على الصلاة ، وأن يكون الخطيب قائما مع القدرة.
وفي وجوب الفصل بينهما بالجلوس تردد ، أحوطه الوجوب.
______________________________________________________
رهط ، الإمام واربعة (1).
وحمل الشيخ وصاحب الرايع ، هذه الروايات على الاستحباب ، جمعاً بينهما ، وهو يشكل ، اذ لا يقوم المستحب مقام الواجب ، اعنى الظهر ، فالأولى العمل بظواهرها ، والعدول عن الاولى ، ترجيحاً للكثرة.
« قال دام ظله » : ويجب في الاولى حمد اللّه تعالى ، والثناء عليه ، الى آخره.
قلت : اختلفت العبارات ، في كيفية الخطبتين ، قال في النهاية : يقرأ سورة خفيفة ، ويحمد اللّه في خطبته ، ويصلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ، ويدعو لأئمة المسلمين ، ويدعو ايضاً للمؤمنين والمؤمنات ، ويعظ ويزجر.
وقال علم الهدى في المصباح : يحمد اللّه في الاولى ، ويمجّده ، ويثنى عليه ، ويشهد لمحمّد صلّى اللّه عليه وآله بالرسالة ، ويوشّحها بالقرآن ، ويعظ ، وفي الثانية ، الحمد والاستغفار ، والصلاة على النبيّ وعلى آله عليه وعليهم السّلام ، ويدعو لأئمة المسلمين ولنفسه وللمؤمنين.
والذي يظهر ، أنّ الكل جايز ، وبالكلّ روايات ، ما فصّله شيخنا دام ظله حسن.
« قال دام ظله » : وفي وجوب الفصل بينهما بالجلوس تردد ، أحوطه الوجوب.
التردد منه دام ظله ، وكلام الأصحاب يدل على الوجوب.
ص: 172
ولا يشترط فيهما الطهارة.
وفي جواز إيقاعهما قبل الزوال روايتان ، أشهرهما الجواز.
______________________________________________________
وأيضا الخطبتان واجبتان ، وتتميزان بالجلسة ، فالجلسة واجبة.
( لا يقال ) يحصل التميز بشئ آخر ( لأنا نقول ) يكون تشريعا ، غير مأذون فيه.
ووجه تردده كأنه لعدم وقوفه على دليل مقطوع به ، ويمكن أن يقال أيضا : خطب النبي صلى اللّه عليه وآله ، وجلس ( بينهما خ ) (1) وفعله بيان المجمل ، فوجب الاقتداء به.
« قال دام ظله » : ولا يشترط فيهما الطهارة.
عدم اشتراط الطهارة خلاف للشيخ في الخلاف ، وموضع من المبسوط ، فإنه اشترطها فيهما ، وتمسك بطريقة الاحتياط ، تحصيلا لليقين بصحة الصلاة ، وهو اختيار المتأخر.
وشيخنا دام ظله لم يشترط ، وهو أشبه ، لاحتياج الوجوب إلى تشريع ، يحتاج مثبته إلى برهان.
ويمكن أن يقال خطب النبي صلى اللّه عليه وآله متطهرا ، وفعله بيان للمجمل (2) فيجب المصير إليه ( أما الأول ) فلأنه لا خلاف أن الخطبة مع الطهارة أفضل ، وأفضل الخلق (3) لا يخل بالأفضل بما ( لما خ ) هو أدنى منه ( وأما الثاني ) فقد ثبت ذلك ، في أصول الفقه.
« قال دام ظله » : وفي جواز إيقاعهما قبل الزوال ، روايتان ، أشهرهما الجواز.
مما وردت به من الروايات بالجواز ، ما ذكره الشيخ في التهذيب ، عن الحسين
ص: 173
............................................................................
______________________________________________________
بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، يصلي الجمعة ، حين تزول الشمس قدر شراك ، ويخطب في الظل الأول ، فيقول جبرائيل ( جبرئيل خ ) يا محمد قد زالت الشمس ، فأنزل فصل ، الحديث (1).
والرواية صحيحة ، وبه أخر ، فمن أرادها فليطلب في موضعها (2) وعليه ( عليها خ ) فتوى الشيخ.
وقال المتأخر : لا يجوز إلا بعد دخول الوقت ، لأنه مقتضى أصول المذهب ، والنظر يعضده ، فيلزم المصير إليه.
وفيه ضعف ، لأنا (3) نمنع وجود أصل يقتضي ذلك ، غاية ما في الباب ثبوت الأذان في الأيام الأخر ، غير متقدم على الوقت ، فلا يلزم من ثبوته ، في موضع ، الاطراد.
وليس للنظر في الموقتات والمقدرات الشرعية مدخل ، فكيف يكون عاضدا.
وادعى المتأخر أن علم الهدى قال بمقالته ، في المصباح ، وأنا اعتبرته فما وقفت عليه ، والحاسة قد تغلط.
وأما رواية المنع وإن ليست بصريحة فهي ما رواه حريز ، عن محمد بن مسلم ،
ص: 174
ويستحب أن يكون الخطيب بليغا ، مواظبا على الصلاة ، متعمما ، مرتديا ببرد يمنية ، معتمدا في حال الخطبة على شئ ، وأن يسلم أولا ، ويجلس أمام الخطبة ، ثم يقوم فيخطب جاهرا.
( الرابع ) الجماعة ، فلا تصح فرادى.
( الخامس ) أن لا يكون بين الجمعتين أقل من ثلاثة أميال.
والذي يجب عليه : كل مكلف ، ذكر ، حر ، سليم من المرض والعرج والعمى ، غير هم ولا مسافر ، وتسقط عنه لو كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين ، ولو حضر أحد هؤلاء وجب عليه ، عدا الصبي والمجنون والمرأة.
( الأولى ) إذا زالت الشمس وهو حاضر حرم السفر لتعين الجمعة ، ويكره بعد الفجر.
( الثانية ) يستحب الإصغاء إلى الخطبة ، وقيل يجب ، وكذا الخلاف في تحريم الكلام معها.
______________________________________________________
قال : سألته عن الجمعة ، فقال : بأذان وإقامة ، يخرج الإمام بعد الأذان ، فيصعد المنبر ، فيخطب ، ولا يصلي الناس ما دام الإمام على المنبر الحديث (1).
« قال دام ظله » : يستحب الإصغاء إلى الخطبة ، وقيل يجب ، وكذا الخلاف في تحريم الكلام معها.
القول بالوجوب للشيخ في النهاية ، وقال في المبسوط : مستحب وليس بواجب.
وكذا البحث في تحريم الكلام ، قال في الخلاف والنهاية بالتحريم ، مستدلا
ص: 175
( الثالثة ) الأذان الثاني بدعة ، وقيل مكروه.
______________________________________________________
برواية محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا خطب الإمام يوم الجمعة ، فلا ينبغي لأحد أن يتكلم حتى يفرغ من خطبته (1).
وعن أبي هريرة ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : إذا قلت ( لصاحبك خ ) أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت (2) ، وعليه المتأخر وأبو الصلاح.
وفي موضع في الخلاف والمبسوط ، أنه يكره ، وليس بحرام ، وهو أشبه ، والأول أحوط.
« قال دام ظله » : الأذان الثاني بدعة ، وقيل : مكروه.
القولان للشيخ ، قال في الخلاف : إنه بدعة ، وفي المبسوط إنه مكروه ، وهو المسمى بالأذان الثالث باعتبار وضعه ، أو يسمى ثالثا باعتبار إيقاعه بعد الأذان الأول وقبل الإقامة.
والقول بأنه بدعة أقرب ، اعتمادا على رواية حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ، قال : الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة (3).
ولأنه غير مشروع ، وقيل : ابتدعه عثمان ، وقيل : معاوية.
« قال دام ظله » : (4)
فرع
وهل يجوز الأذان في العصر يوم الجمعة؟ الاستحباب تركه لو صلى الجمعة ،
ص: 176
( الرابعة ) يحرم البيع بعد النداء ، ولو باع انعقد.
( الخامسة ) إذا لم يكن الإمام موجودا وأمكن الاجتماع والخطبتان استحب الجمعة ومنعه قوم.
( السادسة ) إذا حضر إمام الأصل مصرا ، لم يؤم غيره إلا لعذر.
( السابعة ) لو ركع مع الإمام في الأولى ومنعه زحام عن السجود ، لم
______________________________________________________
وهل الحكم ثابت لو صلى الظهر؟ قال الشيخ نعم واختاره شيخنا دام ظله (1).
وقال المفيد وابن البراج والمتأخر : لا بل يؤذن ، ويقيم ، وهو حسن.
« قال دام ظله » : يحرم البيع بعد النداء ، ولو باع انعقد.
ذهب الشيخ في الخلاف ، إلى أن البيع لا ينعقد ، لأنه منهي عنه ، والنهي يدل على فساده.
وحكى في المبسوط عن بعض الأصحاب ، الانعقاد ، وقال : الأظهر أنه لا ينعقد ، وهو حسن ، لو سلم أن النهي يدل على فساد المنهي عنه ، في المعاملات ، وعند شيخنا دام ظله ينعقد بناء على منعه ذلك.
« قال دام ظله » : إذا لم يكن الإمام موجودا ، وأمكن الاجتماع والخطبتان ، استحبت الجمعة ، ومنعه قوم.
ذهب الشيخ في النهاية إلى الاستحباب ، ومنعه سلار ، وهو الظاهر من كلام المرتضى في بعض مسائله ، والشيخ في الخلاف ، وعليه المتأخر ، وهو أشبه.
« قال دام ظله » : لو ركع مع الإمام في الأولى ، ومنعه زحام ، إلى آخره.
ص: 177
يركع مع الإمام في الثانية ، فإذا سجد الإمام سجد معه ونوى بهما الأولى ، ولو نوى بهما الأخيرة بطلت الصلاة ، وقيل : يحذفهما ويسجد للأولى.
وسنن الجمعة : التنفل بعشرين ركعة ، ست عند انبساط الشمس ، وست عند ارتفاعها ، وست قبل الزوال ، وركعتان عنده ، وحلق الرأس ، وقص الأظفار ، والأخذ من الشارب ، ومباكرة المسجد على سكينة ووقار ، متطيبا ، لابسا أفضل ثيابه ، والدعاء أمام التوجه.
______________________________________________________
قلت : متى منع بعد الركوع من السجود مع الإمام ، ثم تمكن ( مكن خ ) منه ، فالواجب عليه أن يسجد ناويا للأولى ، ويلحق بالإمام في الثانية ، ويتم معه.
وهل إذا نوى بالسجود أنه للثانية تبطل الصلاة؟ قال في النهاية : نعم ، وعليه الإعادة واختاره المتأخر ، وكأنه نظر إلى أن زيادة السجدتين مبطل للصلاة ، وهو حسن فعليك به.
وقال في الخلاف والمرتضى في المصباح : يحذفهما ويسجد آخرتين ، ناويا بهما عن الأولى ، ويتم الصلاة ، وهو رواية حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
وفي الرواية ضعف ، واستدل الشيخ بالإجماع ، ولم يثبت.
« قال دام ظله » : وسنن الجمعة ، التنفل بعشرين ركعة.
قلت : اختلف في كيفية إيقاع نافلة الجمعة ، قال الشيخان : تقديمها (2) كلها على الزوال أفضل ، وهو في رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام (3).
واختاره المتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو قوي ، لأن خير الخير أعجله.
ص: 178
ويستحب الجهر جمعة أو ظهرا ، وأن يصلي في المسجد ولو كانت ظهرا ، وأن يقدم المصلي ظهره إذا لم يكن الإمام مرضيا ، ولو صلى معه ركعتين وأتمهما بعد تسليم الإمام جاز.
______________________________________________________
وقال المرتضى : ستّ عند انبساط الشمس ، وستّ عند ارتفاعها ، وركعتين عند الزّوال (1) ، وستّ بعد الظهر ، وهو في رواية احمد بن محمد بن ابي نصر ، عن ابي عبد اللّه عليه السلام (2) وفي طريقها سهل بن زياد.
وفي اخرى عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابي الحسن عليه السلام (3).
وقال ابن ابي عقيل : اذا تعالت الشمس ، فصلّ اربع عشرة وستّ بعد الجمعة ، وهو قريب من قول المرتضى.
وقال ابنا بابويه : تأخيرها كلّها الى بعد الزوال افضل ، وهو في رواية زرارة بن اعين (4) ورواية عقبة بن مصعب (5).
قلت : اذا اختلفت اروايات والاقوال فالجامع هو التخيير ، والأفضل مذهب الشيخ ، لأنّه اكثر في الروايات ، واظهر.
« قال دام ظله » : ويستحب الجهر ، جمعة او ظهراً.
اختلفت الروايات ، في أن الجهر يستحب في ظهر يوم الجمعة ، أم لا.
في رواية ابن أبي عمير ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن
ص: 179
............................................................................
______________________________________________________
القراءة في ( يوم خ ) الجمعة ، إذا صليت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ قال : نعم (1).
ومثله في رواية حماد بن عثمان ، عن عمران الحلبي (2) ورواية محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3) وعليها ( عليهما خ ) فتوى الشيخين.
وروى ابن أبي عمير ، عن جميل ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الجماعة يوم الجمعة في السفر؟ قال : يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة ، إنما يجهر إذا كانت خطبة (4) ومثله روى العلاء عن محمد بن مسلم (5).
وحملها الشيخ على حال التقية.
والأولى إن مع تعارض الروايات يلزم ( يلتزم خ ) الأصل ( بالأصل خ ) ، وهو الإخفات ، وعدم الإذن.
وأيضا إذا اختلفت بين المستحب والمحظور ، فالواجب ترجيح الحظر تحصيلا للأمن على التقديرين ، وهو اختيار المتأخر ، وعليه فتوى شيخنا دام ظله ، وإن ذهب في الكتابين إلى الاستحباب ، تبعا للشيخ ره.
والمرتضى متردد فيه ، قال : روى ذا وذا.
ص: 180
( ومنها )
وهي واجبة جماعة بشروط الجمعة ومندوبة مع عدمها جماعة وفرادى.
ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى الزوال ، ولو فاتت لم تقض.
وهي ركعتان يكبر في الأولى خمسا ، وفي الثانية أربعا ، بعد قراءة الحمد والسورة وقبل تكبير الركوع على الأشهر.
______________________________________________________
صلاة العيدين
« قال دام ظله » : وهي ركعتان ، يكبر في الأولى خمسا ، إلى آخره.
قلت : رويت في كيفية التكبيرات فيها ، روايتان ، روى يونس عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في صلاة العيدين ، قال : يكبر ثم يقرأ ، ثم يكبر خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين ، ثم يكبر السابقة ، ويركع بها ، ثم يسجد ، ثم يقوم في الثانية ، فيقرأ ، ثم يكبر أربعا ، ويقنت بين كل تكبيرتين ، ثم يكبر ويركع بها (1).
ومثله في رواية أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : التكبير في الفطر والأضحى ، اثنتا عشرة تكبيرة ، تكبر في الأولى واحدة ، ثم تقرأ ، ثم تكبر بعد القراءة ، خمس تكبيرات ، والسابعة تركع بها ، ثم تقوم في الثانية ، فتقرأ ثم تكبر أربعا ، والخامسة تركع بها ( الحديث ) (2).
ومثله ما رواه يعقوب بن يقطين ، عن العبد الصالح عليه السلام (3).
ص: 181
ويقنت مع كل تكبيرة بالمرسوم استحبابا.
وسننها : الإصحار بها ، والسجود على الأرض ، وأن يقول المؤذن : الصلاة ثلاثا ، وخروج الإمام حافيا على سكينة ووقار ، وأن يطعم قبل خروجه في الفطر وبعد عوده في الأضحى مما يضحي به وأن يقرأ في الأولى بالأعلى ، وفي الثانية بالشمس.
______________________________________________________
وعليها فتوى الأصحاب ، إلا علي بن بابويه في رسالته ، فإنه ذهب إلى تقديم التكبيرات على القراءة.
ومستنده ما رواه الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : التكبير في العيدين في الأولى سبع ( تكبيرات خ ) قبل القراءة ، وفي الأخيرة خمس بعد القراءة (1).
وما رواه إسماعيل بن سعد الأشعري ، عن الرضا عليه السلام مثل ذلك ، لفظا بلفظ(2) ، وغير ذلك من الروايات.
لكن كلها ضعاف ومع ذلك انعقد العمل من الأصحاب ( عمل الأصحاب خ ) على الأول.
« قال دام ظله » : ويقنت مع كل تكبيرة بالمرسوم استحبابا.
قوله : ( بالمرسوم إشارة إلى الدعاء الذي رسم لصلاة العيد ( العيدين خ ل ) وكم يكبر في الركعتين؟ قال الشيخ : تسع ( تسعا خ ) وقال المفيد : ثمان تكبيرات ، وعليه علم الهدى في المصباح ، وابن بابويه في المقنع.
ومنشأ الخلاف أن المفيد(3) يقوم إلى الركعة الثانية بالتكبيرة من غير دعاء كما
ص: 182
والتكبير في الفطر عقيب أربع صلوات ، أولها المغرب ، وآخرها صلاة العيد ، وفي الأضحى عقيب خمس عشرة ، أولها ظهر يوم العيد لمن كان ( بمنى ) ، وفي غيرها عقيب عشر.
يقول : اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، اللّه أكبر والحمد لله (1) على ما هدانا ، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.
وفي الفطر يقول : اللّه أكبر - ثلاثا - لا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، اللّه أكبر ولله الحمد ، اللّه أكبر على ما هدانا.
يكره الخروج بالسلاح ، وأن يتنفل قبل الصلاة وبعدها إلا بمسجد النبي صلى اللّه عليه وآله قبل خروجه.
______________________________________________________
هو مذهبه ، ويجعله من اثني عشر وبه روايات والشيخ يقوم إلى الثانية بالدعاء من غير تكبير ، وهو أظهر ، وأشهر في الروايات.
فعلى مذهب المفيد ( التكبيرات ) الزائدة ثمان ، خمس في الأولى ، وثلاث في الأخيرة ، وعلى مذهب الشيخ فتسع ، خمس في الأولى ، وأربع في الأخيرة ، وبحسب التكبيرات القنتات ( القنوتات خ ).
« قال دام ظله » : والتكبير في الفطر ، عقيب أربع صلوات ، أولها المغرب ، وآخرها صلاة العيد.
ذهب إلى ذلك الشيخان وعلم الهدى وأتباعهم ، وبه تشهد رواية خلف بن حماد. عن سعيد النقاش ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
وقال ابن بابويه : عقيب ست صلوات ، أولها المغرب وآخرها العصر ، من يوم
ص: 183
( الأولى ) قيل : التكبير الزائد واجب ، والأشبه الاستحباب ، وكذا القنوت.
( الثانية ) من حضر العيد فهو بالخيار في حضور الجمعة ، ويستحب للإمام إعلامهم ذلك.
( الثالثة ) الخطبتان بعد صلاة العيدين ، وتقديمهما بدعة ، ولا يجب استماعهما.
( الرابعة ) لا ينقل المنبر ويعمل منبر من طين.
( الخامسة ) إذا طلعت الشمس حرم السفر حتى يصلي العيد ، ويكره قبل ذلك.
______________________________________________________
العيد ، والعمل عمل الأول.
وهل هو واجب؟ قال المرتضى : نعم فيه ، وفي الأضحى ، مستدلا بقوله تعالى : واذكروا اللّه في أيام معدودات (1).
وباقي الأصحاب على الاستحباب ، وبه روايات (2) ، وهو أشبه.
« قال دام ظله » : قيل : التكبير الزائد واجب ، والأشبه الاستحباب ، وكذا القنوت.
قلت : أما التكبير ، فالظاهر من كلام الأصحاب وألفاظ الروايات الوجوب ، ووجه الاستحباب - وهو مذهب شيخنا دام ظله - عدم وقوفه على الدليل المفيد للوجوب ، ولو اكتفينا بظاهر الروايات ، لكان حسنا.
ص: 184
( ومنها )
والنظر في سببها ، وكيفيتها ، وأحكامها :
وسببها : كسوف الشمس ، أو خسوف القمر ، أو الزلزلة.
وفي رواية تجب لأخاويف السماء.
______________________________________________________
وأما القنوت ، فقال المرتضى ( علم الهدى ) في الانتصار : إنه واجب ، وقال الشيخ في الخلاف وابن بابويه ، بالاستحباب ، وهل يتقدر الوجوب ، ويتعين بمرسوم واجب؟ قال الشيخ والمرتضى في المصباح ، وابن بابويه في رسالته : لا ، وعليه المتأخر ، ويظهر من كلام المفيد الوجوب ، والاستحباب أشبه.
وأما القراءة ، فقال المفيد والمرتضى : تقرأ في الأولى ، الحمد والشمس وضحيها ، وفي الثانية ، الحمد والغاشية ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وهو في رواية ابن أبي عمير وفضالة ، عن جميل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
وقال ابن أبي عقيل : بالعكس ، وقال ابن بابويه في رسالته : في الأولى الغاشية ، وفي الثانية الأعلى ، وقال الشيخ في النهاية والمبسوط ، وابن بابويه في كتابه المقنع ، ومن لا يحضره الفقيه ، والمتأخر في كتابه : يقرأ في الأولى الأعلى ، وفي الثانية والشمس وضحيها ، وهو في رواية أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام (2).
والكل جايز ، إذ هو مستحب ، والأول أكثر.
صلاة الكسوف
« قال دام ظله » : وفي رواية تجب لأخاويف السماء.
ص: 185
ووقتها من الابتداء إلى الأخذ في الانجلاء ، ولا قضاء مع الفوات ، وعدم العلم ، واحتراق بعض القرص.
ويقضي لو علم وأهمل ، أو نسي ، وكذا لو احترق القرص كله على التقديرات.
______________________________________________________
هذه رواية محمد بن مسلم وزرارة ، قالا : قلنا لابي جعفر عليه السلام : هذه الرّياح والظلم ( الظلمة خ ) التي تكون هل ( أ - خ ) يصلّى لها؟ فقال : كل أخاويف السماء من ظلمة او ريح او فزع فصلّ له ( لها خ ) صلاة الكسوف حتلى يسكن (1).
ذكرها الشيخ في الخلاف ، وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، وعليها فتوى الشيخ في الخلاف.
وقال في النهاية (2) والمبسوط والجمل ، وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه والمقنع ، والمفيد في المقنعة : تجب ( تختص خ ) للكسوف والزلازل والرياح المظلمة ، وعليه المتأخر.
وقال المرتضى وابن أبي عقيل وأبو الصلاح : تجب لكسوف الشمس والقمر والأول حسن
« قال دام ظله » : ويقضي لو علم وأهمل أو نسي ، وكذا لو احترق القرص كله على التقديرات.
قلت : إذا انكسفت الشمس أو القمر ، لا يخلو إما أن يحترق القرص كله ، أم لا ، فالأول يجب قضاؤه على كل حال عامدا أو ناسيا ، وهل يجب الغسل مع العمد؟ قال المفيد ( والشيخ خ ) وسلار وأبو الصلاح في أبواب الكسوف : نعم.
وهو في رواية الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي
ص: 186
وكيفيتها : أن يكبر ويقرأ الحمد وسورة أو بعضها ، ثم يركع ، فإذا انتصب قرأ بالحمد ثانيا وسورة إن كان أتم في الأولى ، وإلا قرأ من حيث قطع ، فإذا أكمل خمسا سجد اثنتين ثم قام بغير تكبير فقرأ وركع معتمدا بترتيبه الأول ، ثم يتشهد ويسلم.
______________________________________________________
عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ، فكسل أن يصلي ، فليغسل ( فليغتسل خ ) من غد ، وليقض الصلاة ، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر ، فليس عليه إلا القضاء بغير غسل (1) وهي مقطوعة.
وقال الشيخان وسلار في أبواب الأغسال المسنونة : مستحب وهو أشبه ، وحكى المتأخر عن الشيخين الوجوب ، والاستحباب عن سلار على الإطلاق ، واختاره ، والحاسة (2) قد تسهو.
والثاني ، وهو إن لم ( لا خ ) يحترق القرص كله ، فلا يخلو إما ( أن خ ) أخل به عامدا أو لا ، فبالأول يلزم القضاء.
وعلى الثاني ، إما أن يكون ناسيا أو جاهلا (3) ، فبالثاني يجب القضاء ، على مذهب المفيد.
وربما يكون استناده إلى إطلاق ما رويناه عن حماد ، عن حريز. (4)
وهو ضعيف لضعفها ، ولأنها محمولة على احتراق القرص كله ، واختاره المتأخر ، مستدلا بالإجماع على أن من فاتته صلاة فوقتها حين يذكرها ، وبالخبر المجمع عليه من الرسول صلى اللّه عليه وآله : من نام عن صلاة ، فوقتها حين يذكرها (5)
ص: 187
ويستحب فيها الجماعة ، والإطالة بقدر الكسوف.
______________________________________________________
وبطريقة الاحتياط.
والكل ضعيف ( ممنوع خ ) ( أما الأول والثاني ) فلمنع الإجماع ، ولو سلمناه ، لا نسلم أن ( من ) تفيد العموم.
نزلنا على هذا ، لم لا يجوز أن يكون مخصوصا بالفرائض الخمسة؟ لقوله صلى اللّه عليه وآله : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان (1) ترك العمل به في الخمسة للإجماع ، وعمل به في الباقي.
نزلنا عن هذا ، ولكن لا نسلم أن النكرة المفردة - نعني قوله صلى اللّه عليه وآله : ( صلاة ) - تعم ، وهو ممنوع عند أهل الأصول.
وأما الثالث فلمعارضته ببراءة الذمة.
وقال المرتضى في المصباح : لا يجب ، وهو أشبه ، وهو لازم مذهب الشيخ ، وبه روايات ( منها ) ما رواه زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا انكسفت الشمس كلها واحترقت ، ولم تعلم ، ثم علمت بعد ذلك فعليك القضاء ، وإن لم تحترق كلها ، فليس عليك قضاء (2).
وفي أخرى ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : انكسفت الشمس وأنا في الحمام ، فعلمت بعد ما خرجت ، فلم أقض (3).
وأما لو أخل به ناسيا ، فالذي يقتضيه المذهب ، القضاء.
وقال الشيخ : لا يقضي ، وعليه حمل ما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : سألته عن صلاة الكسوف هل علي من تركها قضاء؟
ص: 188
وإعادة الصلاة إن فرغ قبل الانجلاء ، وأن يكون ركوعه بقدر قراءته ، وأن يقرأ السور مع السعة ، ويكبر كلما انتصب من الركوع ، إلا في الخامس والعاشر فإنه يقول : سمع اللّه لمن حمده ، وأن يقنت خمس قنوتات.
______________________________________________________
قال : إذا فاتتك فليس عليك قضاء (1).
وما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الكسوف ، تقضى إذا فاتتنا؟ قال : ليس فيها قضاء ، وقد كان في أيدينا أنها تقضى (2).
أقول : وحمل هذه الرواية على الجاهل أشبه من حملها على الناسي.
« قال دام ظله » : و ( يستحب ) إعادة الصلاة ، لو ( أن خ ) فرغ قبل الانجلاء.
الاستحباب مذهب الشيخ ، ويظهر من كلام المفيد والمرتضى ، الوجوب ، وبه تشهد رواية معاوية بن عمار ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : صلاة الكسوف إذا فرغت قبل أن ينجلي ، فأعد (3).
وما رواه زرارة ومحمد بن مسلم ، قالا : سألنا أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الكسوف ، ( وساقا الحديث ، إلى أن قالا ) : إن فرغت قبل أن ينجلي ، فأعد ( فاقعد خ ) وادع اللّه حتى ينجلي (4) وهما في الصحيح.
وذهب المتأخر إلى أن الإعادة لا واجب ولا مستحب ، تمسكا بأن الأصل براءة الذمة.
ص: 189
( الأول ) إذا اتفق في وقت حاضرة تخير في الإتيان بأيهما شاء على الأصح ما لم تتضيق وقت الحاضرة ، فتعين الأداء ، ولو كانت الحاضرة نافلة فالكسوف أولى ولو خرج وقت النافلة.
( الثاني ) تصلى هذه الصلاة على الراحلة وماشيا ، وقيل : بالمنع إلا مع العدم وهو أشبه.
______________________________________________________
وهو إقدام مع وجود النص الصريح ، وفتوى الأصحاب.
« قال دام ظله » : إذا اتفق في وقت حاضرة ، تخير في الإتيان بأيهما شاء ، على الأصح ، ما لم تتضيق وقت الحاضرة.
قوله : على الأصح ، دال على أن في المسألة خلافا ، وهو أن الشيخ ذهب في النهاية ( التهذيب خ ) إلى أنه يبدأ بالفريضة ، ولو دخلت الفريضة بعد الشروع في الكسوف ، يقطع ويصلي الفريضة.
وتردد في المبسوط ، ثم اختار مذهب النهاية على الأحوط ، محيلا إلى ( على خ ) الرواية ، وهي ما رواه محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة؟ فقال : ابدأ بالفريضة الحديث (1).
والأولى تخصيص هذه بتضييق وقت الفريضة ، يدل على ذلك رواية عن أبي بصير (2) وأخرى عن محمد بن مسلم (3) ، وسنذكرهما.
أما أنه يقطع الكسوف ، ويشرع في ( الصلاة خ ) الفريضة ، لا مع خوف
ص: 190
( ومنها )
والنظر فيمن يصلي عليه والمصلي وكيفيتها ولواحقها وأحكامها :
تجب الصلاة على كل مسلم ومن بحكمه ممن بلغ ست سنين
______________________________________________________
الفوات ، فما أعرف فيه نصّاً ، ويطالب الشيخ ببيان ذلك.
وأما المرتضى قدس اللّه روحه ، ذهب الى أنّه يصلّى ، الاّ ان يخشى فوات الحاضرة ، وهو مذهب الشيخ في الجمل وفي موضع من المبسوط ، وتبع المتأخّر ، وهو أشبه ، لأنّ وقت الكسوف مضيّق ، ووقت الفريضة موسع ، وهما على التساوي في الفرض ، فلزم ( فيلزم خ ) الا تيان بهما ، ويلزم من هذا تقديم الكسوف ، الاّ مع خوف فوات الفريضة.
ويتضمّن ذلك ، ما رواه محمّد بن مسلم ، قال : قلت لابي عبداللّه عليه السلام : جعلت فداك ، ربّما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب ، قبل العشاء الآخرة ، فان صلّيت الكسوف خشينا ان تقوتنا الفريضة؟ فقال : اذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك ، واقض فريضتك ثم عد فيها ، الحديث (1).
ومثله ما رواه ابو ايّوب ابراهيم بن عثمان ، عن ابي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس ، ونخشى فوت الفريضة؟ فقال : اقطعوها ، وصلّوا الفريضة ، وعودوا الى صلاتكم (2).
وأما القول بالتخيير ، فمبني على وجود العلم ، بأن في الكسوف اتساعا ، وإلا فلا.
صلاة الجنائز
« قال دام ظله » : تجب الصلاة على كل مسلم.
ص: 191
ويستوي الذكر والأنثى والحر والعبد.
وتستحب على من لم يبلغ ذلك ممن ولد حيا ، ويقوم بها كل مكلف على الكفاية ، وأحق الناس بالصلاة على الميت أولاهم بميراثه ، والزوج أولى من الأخ.
ولا يؤم إلا من فيه شرائط الإمامة ، وإلا استناب ، ويستحب تقديم الهاشمي ، ومع وجود الإمام فهو أولى بالتقديم.
وتؤم المرأة النساء وتقف في وسطهن ولا تبرز ، وكذا العاري إذا صلى بالعراة ، ولا يؤم من لم يأذن له الولي.
وهس خمس تكبيرات بينها أربعة أدعية ولا يتعين ، وأفضله أن يكبر ويتشهد الشهادتين ، ثم يكبر ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ويدعو للمؤمنين ، وفي الرابعة يدعو للميت ، وينصرف بالخامسة مستغفرا.
______________________________________________________
هذا هو المذهب ، وبه عدة روايات ( منها ) ما رواه في التهذيب ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : صل على من مات من أهل القبلة ، وحسابه على اللّه (1).
وفي رواية السكوني ، عن جعفر عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : صلوا على المرجوم من أمتي ، والقاتل نفسه من أمتي ، لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة (2).
وقال المفيد : لا تجب إلا على المؤمنين ( المؤمن خ ) خاصة ، إلا مع الضرورة ، فيصلى على غيرهم ( غيره خ ) ولا يكبر الخامسة.
ص: 192
وليست الطهارة من شرطها وهي من فضلها ، ولا يتباعد عن الجنازة بما يخرج عن العادة.
ولا يصلى على الميت إلا بعد تغسيله وتكفينه ، ولو كان عاريا جعل في القبر وسترت عورته ، ثم صلى عليه.
وسننها : وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة ، ولو اتفقا جعل الرجل إلى الإمام والمرأة إلى القبلة يحاذي بصدرها وسطه ، ولو كان طفلا فمن ورائها.
ووقوف المأموم وراء الإمام ولو كان واحدا ، وأن يكون المصلي متطهرا حافيا.
رافعا يديه بالتكبير كله ، داعيا للميت في الرابعة إن كان مؤمنا ، وعليه إن كان منافقا ، وبدعاء المستضعفين إن كان مستضعفا ، وأن يحشره مع من يتولاه ، إن جهل حاله.
وفي الطفل : اللّهم اجعله لنا ولأبويه فرطا.
ويقف موقفه حتى ترفع الجنازة والصلاة في المواضع المعتادة.
ويكره الصلاة على الجنازة الواحدة مرتين.
وأحكامها أربعة :
( الأول ) من أدرك بعض التكبيرات أتم ما بقي ولاء وإن رفعت الجنازة ولو على القبر.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : رافعا يديه بالتكبير كله.
قلت : رفع اليدين مع التكبيرة الأولى مستحب مؤكد ، وهل في البواقي كذلك؟ قال الثلاثة : لا ، وبه روايات ( منها ) ما رواه غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه
ص: 193
( الثاني ) لو لم يصل على الميت صلي على قبره يوما وليلة حسب.
( الثالث ) يجوز أن تصلى هذه في كل وقت ، ما لم تتضيق وقت حاضرة.
( الرابع ) لو حضرت جنازة في أثناء الصلاة تخير في الإتمام على الأولى والاستيناف على الثانية ، وفي ابتداء الصلاة عليها.
______________________________________________________
عن أبيه عن علي عليهم السلام ، أنه كان لا يرفع يده في الجنازة ، إلا مرة واحدة ، يعني في التكبير (1).
ومثله في رواية إسماعيل بن إسحاق بن أبان الوراق عن جعفر عن أبيه عليهما السلام (2).
وقال في الاستبصار والتهذيب ( المبسوط خ ) : الأفضل الرفع في الكل ، وهو في رواية العزرمي ، قال : صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام على جنازة ، فكبر خمسا ، يرفع يده ( يديه خ ) في كل تكبيرة (3) ومثله عن مولى بني الصيداء ، وهو محمد بن عبد اللّه بن خالد ( حكاية خ ) ، عن صلاة جعفر بن محمد عليهما السلام (4).
والجمع بين الروايات ، الجواز فيها والترك إذ هو مستحب.
« قال دام ظله » : لو لم يصل على الميت ، صلى على قبره يوما وليلة ( حسب خ ).
هذا التقدير من كلام الشيخين ، وما أعرف به حديثا.
نعم وردت روايات بجواز الصلاة على المدفون ، وروايات بالمنع فما ( فمما خ )
ص: 194
______________________________________________________
يتضمن الجواز ، ما رواه الشيخ في التهذيب ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا بأس أن يصلي الرجل على الميت ، بعد ما يدفن (1).
وما رواه عبد اللّه بن مسكان ، عن مالك مولى الحكم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن ، فلا بأس بالصلاة عليه وقد دفن (2).
. وأما رواية المنع ( فمنها ) رواية عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ولا يصلى عليه وهو مدفون (3) ( ومنها ) رواية يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الجنازة لم أدركها ، حتى بلغت القبر ، أصلي عليها؟ قال : إن أدركتها قبل أن تدفن ، فإن شئت فصل عليها (4).
فالشيخ رحمه اللّه ، لما استدل في التهذيب على كلام المفيد ، فقال : تحمل روايات الجواز على ما قدره شيخنا بيوم وليلة.
وقال في الخلاف : وروي إلى ثلاثة ، واختاره سلار في رسالته.
صلاة الاستسقاء
وليس فيها خلاف ، فأكشفه ، واستحب أن يكون يوم الاثنين ، على ما وردت
ص: 195
والكيفية كصلاة العيدين والقنوت بسؤال الرحمة وتوفير المياه ، وأفضل ذلك الأدعية المأثورة.
ومن سننها : صوم الناس ثلاثا ، والخروج في الثالث ، وأن يكون الاثنين والجمعة ، والإصحار بها حفاة على سكينة ووقار ، واستصحاب الشيوخ والأطفال والعجائز من المسلمين ، والتفريق بين الأطفال والأمهات وتصلى جماعة ، وتحويل الإمام الرداء ، واستقبال القبلة ، مكبرا مائة ، رافعا صوته ، وإلى اليمين مسبحا ، وإلى اليسار مهللا ، واستقبال الناس حامدا ويتابعه الناس ، والخطبة بعد الصلاة ، والمبالغة في الدعاء ، والمعاودة إن تأخرت الإجابة.
وفي أشهر الروايات استحباب ألف ركعة زيادة على المرتبة في كل ليلة عشرون ركعة ، بعد المغرب ثمان ركعات ، وبعد العشاء اثنتا عشرة ركعة ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثون ، وفي ليالي الإفراد في كل ليلة مائة مضافة إلى مائتين.
______________________________________________________
الروايات (1).
وألحق به شيخنا دام ظله يوم الجمعة ، وهو حسن ، إذ هو يوم يستجاب فيه الدعاء ، ورتبه في الشرايع على الاثنين (2).
نوافل شهر رمضان
وأما نافلة شهر رمضان ، ففيها اختلفت الروايات ، والمشهور
ص: 196
وفي رواية (1) يقتصر على المائة ويصلى في الجمع أربعون بصلاة علي وجعفر وفاطمة عليهم السلام ، وعشرون في آخر جمعة بصلاة علي عليه السلام ، وفي عشيتها عشرون ركعة بصلاة فاطمة عليها السلام.
وهي ركعتان ، في الأولى مرة بالحمد والإخلاص ألف مرة.
وفي الثانية بالحمد والإخلاص مرة.
وهي قبل الزوال بنصف ساعة.
أربع ركعات.
وكيفية ذلك ، وما يقال فيه وبعده مذكور في كتب تخص به ، وكذا سائر النوافل فليطلب هناك.
______________________________________________________
زيادة ألف ركعة ، على المرتبة في غيرها ، كل ليلة عشرين إلى العشر الأخير ، وفي كل ليلة منه ثلاثين ، ويضاف في ليالي الإفراد الثلاث إليها ، مائة على الأشهر. والترتيب مذكور في كتب العبادات (2).
وكذا باقي الصلوات المرغبات ، فليطلب هناك (3).
ص: 197
وهو إما عمد أو سهو أو شك.
أما العمد : فمن أخل معه بواجب أبطل صلاته ، شرطا كان أو جزء أو كيفية ، ولو كان جاهلا ، عدا الجهر والاخفات ، فإن الجهل عذر فيهما ، وكذا تبطل لو فعل ما يجب تركه ، وتبطل الصلاة في الثوب المغصوب ، والموضع المغصوب ، والسجود على الموضع النجس مع العلم ، لا مع الجهل بالغصبية والنجاسة.
وأما السهو : فإن كان عن ركن وكان محله باقيا أتى به ، وإن كان دخل في آخر أعاد كمن أخل بالقيام حتى نوى أو بالنية حتى افتتح أو بالافتتاح حتى قرأ أو بالركوع حتى سجد أو بالسجدتين حتى ركع.
وقيل : إن كان في الأخيرتين من الرباعية أسقط الزائد وأتى بالفائت ، ويعيد لو زاد ركوعا أو سجدتين عمدا أو سهوا.
______________________________________________________
المقصد الثالث
في التوابع
في الخلل الواقع في الصلاة
« قال دام ظله » : وقيل إن كان في الأخيرتين ( الآخرتين خ ) من الرباعية ، أسقط الزائد ، وأتى بالفائت.
القائل هو الشيخ في الجمل ، وقال في النهاية : فإن ترك السجدتين ناسيا ثم ذكر بعد ذلك ، وجبت أيضا عليه الإعادة.
وهو أشبه لأنهما ركن ، وعليه المفيد والمتأخر ، وتردد في المبسوط.
أما لو ترك الركوع في الأخريين حتى يأتي ( أتى خ ) بالسجدتين ، ففتوى الشيخ
ص: 198
ولو نقص من عدد الصلاة ثم ذكر أتم ولو تكلم على الأشهر ، ويعيد لو استدبر القبلة.
______________________________________________________
- في النهاية ، والجمل ، والمبسوط ، وابن بابويه في الرسالة : أن يسقط السجدتين ويأتي بالركوع.
والمستند ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل شك بعد ما سجد ، أنه لم يركع؟ قال : فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما ، فيبنى على صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ( فليصل خ ) ركعة وسجدتين ولا شئ عليه (1).
وقال المفيد ، وسلار والمتأخر : بالإعادة ، وهو مقتضى الأصل ( الفراغ خ ).
وبه يشهد ما ذكره في الاستبصار ، عن ابن أبي عمير ، عن رفاعة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل نسي أن يركع حتى يسجد ويقوم؟ قال : يستقبل (2).
ورواية ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن رجل نسي أن يركع؟ قال : عليه الإعادة (3) وفي معناه رواية فضالة ، عن رفاعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).
والشيخ خصص هذه الروايات بالأولتين وهو عدول عن الظاهر.
« قال دام ظله » : ولو نقص من عدد الصلاة ، ثم ذكر أتم ، ولو تكلم على الأشهر.
ص: 199
وإن كان السهو عن غير ركن ( فمنه ) ما لا يوجب تداركا ، ( ومنه ) ما يقتصر معه على التدارك ، ( ومنه ) ما يتدارك مع سجود السهو.
( فالأول ) من نسي القراءة ، أو الجهر ، أو الإخفات ، أو الذكر في الركوع ، أو الطمأنينة فيه ، أو رفع الرأس منه ، أو الطمأنينة في الرفع ، أو الذكر في السجود ، أو السجود على الأعضاء السبعة ، أو الطمأنينة فيه ، أو رفع الرأس منه ، أو الطمأنينة من الأولى ، أو الطمأنينة في الجلوس للتشهد.
( والثاني ) من ذكر أنه لم يقرأ الحمد وهو في السورة قرأ الحمد وأعادها أو غيرها ، ومن ذكر قبل السجود أنه لم يركع قام فركع ، وكذا من ترك السجود أو التشهد ، وذكر قبل ركوعه ، قعد فتدارك ، ومن ذكر أنه لم يصل على النبي صلى اللّه عليه وآله بعد أن سلم قضاهما.
( والثالث ) من ذكر بعد الركوع أنه لم يتشهد ، أو ترك سجدة ، قضى ذلك بعد التسليم وسجد للسهو.
وأما الشك : فمن شك في عدد الثنائية أو الثلاثية أعاد.
وكذا من لم بدر كم صلى أو لم يحصل الأوليين من الرباعية ولو شك في فعل ، فإن كان في موضعه أتى به وأتم ، ولو ذكر أنه كان قد فعله استأنف صلاته إن كان ركنا.
______________________________________________________
البحث هنا أنه إذا ذكر أنه نقص بعد الكلام ، فهل يتم أم يعيد الصلاة؟ قال : في الجمل والنهاية : يعيد ، وقال في الاستبصار : لا يعيد ، إلا مع تعمد الكلام ، مستندا إلى روايات.
( منها ) رواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل صلى
ص: 200
وقيل : في الركوع إذا ذكر وهو راكع أرسل نفسه ، ومنهم من خصه بالأخيرتين ، والأشبه البطلان ولو لم يرفع رأسه.
ولو كان الشك بعد انتقاله مضى في صلاته ركنا كان أو غيره ، فإن حصل الأوليين من الرباعية عددا وشك في الزائد فإن غلب بنى على ظنه.
وإن تساوى الاحتمال فصوره أربع :
أن يشك بين الاثنين والثلاث ، أو بين الثلاث والأربع ، أو بين الاثنين والأربع ، أو بين الاثنين والثلاث والأربع.
______________________________________________________
ركعتين من المكتوبة ، فسلّم وهو يرى أنّه قد اتمّ الصلاة وتكلّم ، ثم ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين ، فقال : يتم ما بقى من صلاته ، ولا شيء عليه (1).
وغير ذلك من الروايات ، وفي معناها رواية ذي الشمالين (2) وهو أشبه (3) ، لعدم الخلاف في أن الكلام ناسيا لا يوجب الإعادة ، والتقدير أنه تكلم ظانا تمام الصلاة ، فهو بمنزلة النسيان.
« قال دام ظله » : وقيل في الركوع : إذا ذكر وهو راكع ، أرسل نفسه ، إلى آخره. القائل هو المرتضى والشيخ وأتباعهما ، ولكن الشيخ خص هذا الحكم في النهاية بالأخيرتين ، وليس لأصحابنا فيه نص ، وعند شيخنا دام ظله ، أن صلاته باطلة.
ومنشأ الخلاف ، أن رفع الرأس من الركوع والارسال له ، هل هو جزء منه ، أم لا؟ والأشبه لا ، لأن الركوع عبارة عن الانحناء.
ص: 201
( ففي الأول ) بنى على الأكثر ويتم ، ثم يحتاط بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما على رواية.
( وفي الثاني ) كذلك.
( وفي الثالث ) بركعتين من قيام.
( وفي الرابع ) بركعتين من قيام ثم بركعتين من جلوس ، كل ذلك بعد التسليم.
ولا سهو على من كثر سهوه ، ولا على من سها في سهو ، ولا على المأموم ، ولا على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه ، ولو سها في النافلة تخير في البناء.
ويجب سجدتا السهو على من تكلم ساهيا ، ومن شك بين الأربع والخمس ، ومن سلم قبل إكمال الركعات.
______________________________________________________
لا يقال : سلمنا ذلك في اللغة ، لكن يمنع ذلك في الشرع ( لأنه ) دعوى النقل (1) وهو على خلاف الأصل.
« قال دام ظله » : ففي الأول بنى على الأكثر ، ويتم ، ثم يحتاط بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما ، على رواية (2).
هذه رواية رواها في التهذيب ( عن محمد بن سلم عن أبي جعفر عليه السلام وقد ذكرناها خ ) وعليها فتوى الأصحاب ، وما أعرف فيه مخالفا.
« قال دام ظله » : ولا سهو على من كثر سهوه ، إلى آخره.
ص: 202
وقيل : لكل زيادة ونقصان ، وللقعود في موضع القيام ، وللقيام في موضع القعود.
______________________________________________________
المراد بالسهو هاهنا ، الشك وذلك لأنهم يستعملون كثيرا ، لفظ السهو مقام الشك ، وتقديره ، لا حكم للشك لمن كثر منه الشك.
وليس للكثرة ، في الشرع واللغة تقدير ، فليرجع فيه إلى العادة ، وحكى الشيخ في المبسوط ، أنه حد بأن يسهو ثلاث مرات متوالية ( متواليات خ ) ، وقال المتأخر : أو يسهو في ثلاث فرائض من الخمس ، ( الخمسة خ ) وليس بمعتمد ، والأول أشبه.
وقوله : ( ولا على من سها في سهو ) تقديره ولا على من شك في شئ مسهو عنه ، مثاله سها عن سجدة في الثالثة أو الرابعة ، وذكر بعد الانتقال ، فلما سلم ، شك في أنه سها في شئ أم لا؟ فإذا كان كذلك ، فلا شئ عليه ، ولو ذكر بعد زمان يقضي تلك السجدة ( وقيل ) هو السهو في صلاة الاحتياط ، وليس بشئ.
« قال دام ظله » : وقيل ( وتجب سجدتا السهو ) لكل زيادة أو ( و خ ) نقصان ، إلى آخره.
قلت : تجب سجدتا السهو في سبعة مواضع ، أربعة لا خلاف فيها بين الثلاثة ، وهو من سها عن السجدة وذكر بعد الركوع ، يقضيها بعد الفراغ ، ويسجد سجدتي السهو ، وكذا الحكم في التشهد ، ومن تكلم ساهيا ، ومن سلم في غير موضعه.
وأما من قام في موضع القعود ، أو بالعكس ، فذهب المرتضى وابن بابويه في المقنع وفي من لا يحضره الفقيه ، وسلار ، وأبو الصلاح إلى أنه يوجب سجدتي السهو ، وهو في رواية عبد اللّه بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1) والشيخ متردد ، والمفيد ساكت.
ص: 203
وهما بعد التسليم على الأشهر ، عقيبهما تشهد خفيف وتسليم ، ولا يجب فيهما ذكر ، وفي رواية الحلبي أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول فيهما : بسم اللّه وباللّه وصلى اللّه على محمد وآل محمد.
وسمعه مرة وهو يقول فيهما : بسم اللّه وباللّه ، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته.
______________________________________________________
وأما من شك بين الأربع والخمس فهو (1) مذهب الشيخ في النهاية ، والمبسوط ، والمرتضى في المصباح ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، وأبي الصلاح.
وقال ابن بابويه : لكل زيادة ونقيصة ، وهو في رواية الحلبي (2).
فالأربعة الأول هي المعمول عليها ، والاتيان بالبواقي أحوط.
« قال دام ظله » : وهما بعد التسليم ، على الأشهر.
روى أبو سعيد الخدري ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : من شك في صلاته ، فليتحر الصواب ، وليتم عليه ، ثم يسلم ويسجد ( سجد خ ) سجدتين (3).
وروى عبد اللّه ميمون القداح ، عن جعفر ، عن أبيه عن علي عليهم السلام قال : سجدتا السهو ، بعد التسليم وقبل الكلام (4) ، وعليها عمل الأصحاب.
وأما ما رواه ابن سنان عن أبي الجارود ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام :
ص: 204
والحق رفع منصب الإمامة عن السهو في العبادة.
من أخل بالصلاة عمدا أو سهوا أو فاتته بنوم أو سكر مع بلوغه وعقله وإسلامه وجب القضاء عدا ما استثنى ، ولا قضاء مع الإغماء المستوعب إلا أن يدرك الطهارة والصلاة ولو ركعة.
وفي قضاء الفائت لعدم ما يتطهر به تردد ، أحوطه القضاء.
وتترتب الفوائت كالحواضر ، والفائتة على الحاضرة.
______________________________________________________
متى أسجد سجدتي السهو؟ قال : قبل التسليم : الحديث (1) ، فمحمول على التقية.
وكان ابن بابويه أبو جعفر ، يفتي في حال التقية ، بما رواه صفوان بن مهران الجمال ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن سجدتي السهو؟ فقال : إذا نقصت فقبل التسليم ، وإذا زدت فبعده (2).
لأنه مذهب مالك ، والشافعي في القديم.
« قال دام ظله » : والحق رفع منصب الإمامة ، عن السهو في العبادة.
هذا رد على ابن بابويه ، لأنه كان يجوز على الأنبياء والأئمة عليهم السلام ، السهو في العبادة ، ورواية الحلبي (3) مذكورة في كتابه ، ولهذا البحث موضع غير هذا.
في القضاء
« قال دام ظله » : وفي قضاء الفائت ، لعدم ما يتطهر به ، تردد أحوطه القضاء.
قلت : إذا عجز المكلف عما يتطهر به ، لقيد ، أو حبس في موضع نجس أو
ص: 205
وفي وجوب ترتيب الفوائت على الحاضرة تردد ، أشبهه الاستحباب ، ولو قدم الحاضرة ( على الفائتة خ ) مع سعة وقتها ذاكرا أعاد ، ولا يعيد لو سها ، ويعدل عن الحاضرة إلى الفائتة لو ذكر بعد التلبس ، ولو تلبس بنافلة ثم ذكر فريضة أبطلها واستأنف الفريضة.
ويقضي ما فات سفرا قصرا ولو كان حاضرا وما فات حاضرا تاما ولو كان مسافرا ، ويقضي المرتد زمان ردته ، ومن فاتته فريضة من يوم ولا يعلمها صلى اثنتين وثلاثا وأربعا ، ولو فاتته ما لم يحصه ، قضى حتى يغلب الظن الوفاء.
ويستحب قضاء النوافل الموقتة ولو فاتت بمرض لن يتأكد القضاء.
وتستحب الصدقة من كل ركعتين بمد ، فإن لم يتمكن ، فعن كل يوم وليلة بمد.
والنظر في أطراف : ( الأول ) الجماعة مستحبة في الفرائض خاصة ، متأكدة في الخمس ، ولا تجب إلا في الجمعة والعيدين مع الشرائط.
______________________________________________________
مثلجة (1) ، قال الشيخ في المبسوط ، والمفيد في المقنعة : يؤخر حتى يرتفع المانع.
وهل يقضي لو فاتت؟ قال الشيخان : نعم ، ولشيخنا فيه تردد ، منشأه ، أن القضاء فرض مستأنف يتوقف على الدلالة ، ولا دلالة ، وربما يقول بمقالتهما ترجيحا لجانب الاحتياط.
« قال دام ظله » : وفي ( وجوب ) ترتيب ( ترتب خ ) الفوائت على الحاضرة ، ترد ، أشبهه الاستحباب.
ص: 206
............................................................................
______________________________________________________
اختلف أصحابنا في وجوب ترتيب ( ترتب خ ) الفائتة على الحاضرة على قولين ، فذهب قوم إلى الوجوب ، وهم الثلاثة ، وابن البراج ، وأبو الصلاح ، والمتأخر ، ومن تابعهم.
واستدلوا بالمنقول والمعقول ، أما الأول ( فمنه ) ما روى عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، لا صلاة لمن عليه صلاة (1).
وعنه صلى اللّه عليه وآله ، من نام عن صلاة ، أو نسيها ، فليصلها إذا ذكرها (2).
و ( منه ) ما رواه ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنه سأل عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلوات ( صلاة خ ) لم يصلها ، أو نام عنها؟ فقال : يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، فإذا دخل وقت الصلاة ، ولم يتم ما قد فاته ، فليقض ما لم يتخوف ، أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، فهذه أحق بوقتها ، فليصلها ، فإذا قضاها ، فليصل ما فاته مما قد مضى ، ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها (3).
وما رواه الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء ، وكان عليك قضاء صلوات ، فابدأ بأوليهن ، فأذن لها ، وأقم ، ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة ، الخبر (4).
ص: 207
............................................................................
______________________________________________________
وممّا استدلّوا (1) به قوله تعالى : واقم الصلاة لذكرى (2) والمراد الفائتة.
يدّل على ذلك وعلى المدّعى ، ما رواه عبيد بن زرارة ، عن ابيه ، عن ابي جعفر عليه السلام ، قال : اذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت اخرى ، فان كنت تعلم أنّك إذا صليت التي فاتتك ، كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ، فإن اللّه تعالى يقول : أقم الصلاة لذكري (3).
وأما المعقول ، فقالوا : الفوائت مضيقة ، والحاضرة موسعة ، فيلزم الابتداء بالفوائت ، إما الأول فلاقتضاء مطلق الأمر الفور ، وقد بين ( قرر خ ) في الأصول ، وأما الثاني فمتفق عليه ، وأما الثالث فظاهر.
وأما القائلون بإسقاط الترتيب ، فهو ابن بابويه ، والحسين بن سعيد ، وبعض المتأخرين ، واستدلوا بالنص ، و ( الأثر خ ) والمعقول.
أما الأول فقوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل (4) وقوله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل (5) ووجه الاستدلال ، أن المراد بالصلاة ، هي الحاضرة ، والمخاطب في الآية هو النبي صلى اللّه عليه وآله ، وأمته ، فالحاضرة مأمور بها على الإطلاق ، وكذا الفوائت مأمور بها ، والوقت مشترك بينهما ، ولا ترجيح ، فيقتضي إجزائهما.
وأما الثاني ، فما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة والنضر بن سويد ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن نام رجل ، أو نسي أن يصلي المغرب
ص: 208
............................................................................
______________________________________________________
والعشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما ، وإن خاف أن تفوته إحديهما ، فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر ، فليصل الصبح ، ثم المغرب ، ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس (1) ومثله رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
وأما المعقول ، فلأن مقتضى الأصل عدم الترتيب ، ترك العمل به في صلاة اليوم والليلة ، للإجماع ، فبقي معمولا به فيما عداه.
وربما يستدلون بأن القول بالمضايقة ، يلزم منه حرج وعسر ، وهما منفيان ، فالمضايقة منفية ، وللفريقين تمسكات لا يحتمل كتابنا أزيد من هذا.
فإذا تقرر هذا ، فالمختار هو الأول ، أما أولا فلأن القائلين به أكثر ، والكثرة أمارة الترجيح.
وأما ثانيا فلضعف ما تمسك به أصحاب المواسعة ، أما الآيتان فلأن المراد بهما النبي صلى اللّه عليه وآله خاصة ، ولو سلمنا دخول الأمة فيهما ، تخصص بمن لم تجب عليه الفوائت ، بقرينة مشاركة النبي صلى اللّه عليه وآله ، ولأن الأصل عدم الفوائت.
وأما الخبر فلأنه معارض بروايتنا ( برواياتنا خ ) (3) وهي أكثر ، ولأنه يتضمن امتداد وقت العشاء إلى الفجر ، وهو قول متروك عندنا ، وهو دليل الضعف وهجره ، وإلا يلزم تجزية الخبر.
ونجيب عن المعقول ، بأنه كما يجوز مخالفة الأصل للإجماع ، كذا يجوز للأدلة المذكورة.
ص: 209
ولا يجمع في نافلة عدا ما استثني.
______________________________________________________
وعن لزوم الحرج والعسر ، بأنا نمنع ذلك ، بل هو تكليف فيه زيادة مشفقة ( شقة خ ) مشقة خ ) (1) ومثله في التيمم مسلم اتفاقا.
فأقول : لو لم يكن في تقديم الفوائت ، إلا التخلص من الخلاف ، للزم الذهاب إليه ، مع اتفاقهم على أنه أفضل ، تحصيلا لليقين ببراءة الذمة ، ولقوله عليه السلام : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (2) وقوله : اتركوا ما لا بأس به حذرا عما ( مما خ ) به البأس (3).
وأما ما ذهب إليه شيخنا دام ظله ، من وجوب ترتيب الفائتة على الحاضرة ، أي فرض وقت واحد ، فهو عمل برواية زرارة (4) والحسن بن سعيد (5) ، جميعا ( جمعا بينهما خ ) ، لكونها أصح الروايات في هذه المعنى ، وهو حسن ، اذهب إليه جزما.
وعلى التقديرات ، لا يجوز لصاحب الفوائت الإخلال بأدائها ، إلا لضرورة ، وعند أصحاب المضايقة إلا لأكل أو شرب ما يسد به الرمق ، أو تحصيل ما يتقوت به عياله ، ومع الإخلال بها ، يستحق العقوبة في كل جزء من الوقف ، واللّه أعلم.
في صلاة الجماعة
« قال دام ظله » : ولا تجمع في نافلة عدا ما استثنى.
ص: 210
ويدرك المأموم الركعة بإدراك الركوع ، وبإدراكه راكعا أيضا على تردد.
وأقل ما تنعقد ، بالإمام ومؤتم ، ولا تصح وبين الإمام والمأموم ما يمنع المشاهدة ، وكذا بين الصفوف ، ويجوز في المرأة.
ولا يأتم بمن هو أعلى منه ، بما يعتد به كالأبنية على رواية عمار ، ويجوز لو كانا على أرض منحدرة ، ولو لم يكن المأموم أعلى منه صح ، ولا يتباعد المأموم بما يخرج عن العادة إلا مع اتصال الصفوف.
وتكره القراءة خلف الإمام في الإخفاتية على الأشهر ، وفي الجهرية لو سمع ولو همهمة ، ولو لم يسمع قرأ.
______________________________________________________
المستثنى هو صلاة الاستسقاء وصلاة العيد مندوبة.
« قال دام ظله » : ويدرك المأموم الركعة بإدراك الركوع ، وبإدراكه راكعا أيضا على تردد.
قد ذكرنا هذا البحث في الجمعة فلا يعاد.
« قال دام ظله » : ولا يأتم بمن هو أعلى منه بما يعتد به كالأبنية على رواية عمار.
هذه رواها الكليني ، والشيخ في التهذيب ، وابن بابويه مرفوعا إلى عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
وفي عمار ضعف ، لكن ليس في الأصحاب لها مخالف فيلزم ( لزم خ ) المصير إليها.
« قال دام ظله » : وتكره القراءة خلف الإمام ، في الإخفاتية ، على الأشهر.
اختلفت الروايات ، في القراءة خلف الإمام ، روى ابن أبي عمير ، عن حماد بن
ص: 211
ويجب متابعة الإمام فلو رفع ( رأسه خ ) قبله ناسيا أعاد ، ولو كان عامدا استمر ، ولا يقف قدامه ، ولا بد من نية الإتمام.
ولو صلى اثنان وقال كل واحد منهما : كنت مأموما ، أعادا ، ولو قال : كنت إماما ، لم يعيدا.
ولا يشترط تساوي الفرضين.
______________________________________________________
عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا صليت خلف إمام تأتم به ، فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو ( أم خ ) لم تسمع ، إلا أن تكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ، ولم تسمع ، فاقرأ (1).
وفي معناه رواية عبد اللّه بن المغيرة ، عن قتيبة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
وهو اختيار الشيخ في المبسوط والنهاية ، وعلم الهدى وأبي الصلاح.
وروى يونس بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الصلاة خلف من أرتضي به ، اقرأ خلفه؟ قال : من رضيت به فلا تقرأ خلفه (3).
وفي الطريق ابن فضال.
في معناها ، رواية عبد اللّه بن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ، أيقرأ الرجل في الأولى والعصر ، خلف الإمام وهو لا يعلم أنه يقرأ؟ فقال : لا ينبغي له أن يقرأ ، يكله إلى الإمام (4).
وهو مذهب ابن أبي عقيل ، والمتأخر ، وسلار.
وفي رواية الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسن ، عن أبيه علي بن
ص: 212
ويقتدي المفترض بمثله ، وبالمتنفل ، والمتنفل بمثله ، وبالمفترض.
ويستحب أن يقف الواحد عن يمين الإمام والجماعة خلفه ، ولا يتقدم العاري أمام العراة ، بل يجلس وسطهم بارزا بركبتيه ، ولو أمت المرأة النساء وقفن معها صفا ، ولو أمهن الرجل وقفن خلفه ولو كانت واحدة.
ويستحب أن يعيد المنفرد صلاته إذا وجد جماعة ، إماما كان أو مأموما ، وأن يخص بالصف الأول الفضلاء ، وأن يسبح المأموم حتى يركع الإمام إن سبقه بالقراءة ، وأن يكون القيام إذا قيل : قد قامت الصلاة.
ويكره أن يقف المأموم وحده إلا مع العذر ، وأن يصلي نافلة بعد الإقامة.
______________________________________________________
يقطين ، قال : سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يصلي خلف إمام يقتدي به في صلاة تجهر فيها بالقراءة ، ولا يسمع القراءة؟ قال : لا بأس أن صمت ، وإن قرأ (1).
وفي رواية حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام : إذا كنت خلف إمام تأتم به ، فأنصت ، وسبح في نفسك (2).
والأصح في الروايات والأظهر في الأقوال ، هو الأول.
« قال دام ظله » : ويقتدي المفترض بمثله ، وبالمتنفل ، والمتنفل بمثله وبالمفترض.
قلت : اقتداء المفترض بالمتنفل ، والمتنفل بالمفترض ، يجوز في أماكن ، فالأولى
ص: 213
( الطرف الثاني ) يعتبر في الإمام : العقل ، والإيمان ، والعدالة ، وطهارة المولد ، والبلوغ على الأظهر ، ولا يؤم القاعد القائم ، ولا الأمي القارئ ، ولا المئوف اللسان بالسليم ، ولا المرأة ذكرا ولا خنثى ، وصاحب المسجد والإمارة والمنزل أولى من غيره ، وكذا الهاشمي.
وإذا تشاح الأئمة قدم من يختاره المأموم ، ولو اختلفوا قدم الأقرأ ، فالأفقه ، فالأقدم هجرة ، فالألسن ، فالأصبح وجها.
______________________________________________________
التقييد بها ، اقتصاراً على مورد النقل.
( فمنها ) امامة من صلّى منفرداً ، وايتمامه بمن لم يصلّ ، وفي صلاة الخوف ، على ما ثبت ببطن النخل (1).
وإمامة غير البالغ عند من لم يشترط البلوغ والشيخ قائل بإطلاق في الخلاف (2) والمبسوط.
وفي إمامة من صلى بقوم آخرين ( لآخرين خ ) تردد ، فجوزه الشيخ ومنعه شيخنا دام ظله اقتصارا على محل الوفاق ، وبما قاله الشيخ ، يشهد مضمون رواية (3).
« قال دام ظله » : يعتبر ( يشترط خ ) في الإمامة العقل ( إلى أن قال ) والبلوغ ، على الأظهر.
ص: 214
ويستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين ، ولو أحدث قدم من ينوبه ، ولو مات أو أغمي عليه قدموا من يتم بهم.
ويكره أن يأتم الحاضر بالمسافر ، والمتطهر بالمتيمم ، وأن يستناب المسبوق ، وأن يوم الأجذم ، والأبرص والمحدود بعد توبته ، والأغلف. ومن يكرهه المأمونون ، والأعرابي بالمهاجرين.
( الطرف الثالث ) في الأحكام.
ومسائله تسع : ( الأولى ) لو علم فسق الإمام أو كفره أو حدثه بعد الصلاة لم يعد ، ولو كان عالما أعاد.
( الثانية ) إذا خاف فوت الركوع عند دخوله فركع جاز أن يمشي راكعا ليلتحق.
( الثالثة ) إذا كان الإمام في محراب داخل لم تصح صلاة من إلى جانبيه في الصف الأول.
______________________________________________________
قال الشيخ في النهاية : ولا يجوز أن يأم ( إمامة خ ) الصبي قبل البلوغ ، وهو في رواية إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليه السلام ، كان يقول : لا بأس أن يؤذن الغلام ، قبل أن يحتلم ، ولا يؤم ، فإن أم جازت صلاته ، وفسدت صلاة من خلفه (1).
وقال في المبسوط والخلاف : يجوز ذلك للمراهق المميز ، واستدل بالإجماع ، وعليه حمل ما رواه طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام ، قال : لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم وأن يأم (2).
ص: 215
( الرابعة ) إذا شرع في نافلة فأحرم الإمام ، قطعها إن خشي الفوات ، ولو كان في فريضة ، نقل إلى النفل وأتم ركعتين استحبابا ، ولو كان إمام الأصل قطعها واستأنف معه ، ولو كان ممن لا يقتدى به ، استمر على حاله.
( الخامسة ) ما يدركه المأموم يكون أول صلاته ، فإذا سلم الإمام أتم هو ما بقي.
( السادسة ) إذا أدركه بعد انقضاء الركوع كبر وسجد معه ، فإذا سلم الإمام استقبل هو ، وكذا لو أدركه بعد انقضاء السجود.
( السابعة ) يجوز أن يسلم قبل الإمام مع العذر أو نية الانفراد.
( الثامنة ) النساء يقفن من وراء الرجال ، فلو جاء رجال آخرون
______________________________________________________
والذي يظهر ، أنه لا تنافي بين القولين ، لأن ما قاله في النهاية ، محمول على غير المميز.
وأما إمامة العبد ، قال في النهاية والمبسوط : يأم لمولاه ، والمستند رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر عن أبيه ، عن علي عليهم السلام ، قال : لا يأم العبد إلا أهله (1).
وقال في الخلاف والتهذيب والاستبصار : يجوز مع الشرائط ، وهو أشبه.
ويدل عليه رواية فضالة ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أحدهما عليهما السلام ، أنه سئل عن العبد ، يأم القوم إذا رضوا به ، أو كان أكثرهم قرآنا؟ قال : لا بأس (2) ومثله في رواية محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3) لفظا بلفظ.
ووجه الجمع أن تحمل الأولى على الفصل ، وشدة الاستحباب.
ص: 216
تأخرن وجوبا إذا لم يكن لهم موقف أمامهن.
( التاسعة ) إذا استنيب المسبوق فانتهت صلاة المأمومين أومأ إليهم ليسلموا ، ثم يتم ما بقي.
يستحب أن تكون المساجد مكشوفة ، والميضات على أبوابها والمنارة مع حائطها ، وأن يقدم الداخل يمينه ويخرج بيساره ، ويتعاهد نعليه ، ويدعو داخلا وخارجا ، وكنسها ، والاسراج فيها ، وإعادة ما استهدم ، ويجوز نقض المستهدم خاصة ، واستعمال آلتها في غيرها من المساجد.
ويحرم زخرفتها ، ونقشها بالصور ، وأن يؤخذ منها إلى غيرها من طريق أو ملك ، ويعاد لو أخذ ، وإدخال النجاسة إليها ، وغسلها فيها ، وإخراج الحصى منها ، وتعاد لو أخرج.
ويكره تعليتها ، وإن تشرف ، ويجعل محاريبها داخلة ، أو يجعل طريقا.
ويكره فيها البيع والشراء ، وتمكين المجانين ، وإنفاذ الأحكام ، وتعريف الضوال ، وإقامة الحدود ، وإنشاد الشعر ، وعمل الصنائع ، والنوم ، ودخولها وفي الفم رائحة الثوم والبصل ، وقتل القمل ، وكشف العورة ، والبصاق فإن فعله ستره بالتراب.
وهي مقصورة سفرا وحضرا جماعة وفرادى ، وإذا صليت جماعة والعدو في خلاف جهة القبلة ولا يؤمن هجومه وأمكن أن يقاومه بعض ، ويصلي مع الإمام الباقون ، جاز أن يصلوا صلاة ذات الرقاع.
ص: 217
وفي كيفيتها : روايتان ، أشهرهما رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : يصلي الإمام بالأولى ركعة ويقوم في الثانية حتى يتم ثم تأتي الأخرى فيصلي بهم ركعة ثم يجلس ، ويطيل التشهد حتى يتم من خلفه ثم يسلم بهم ، وفي المغرب يصلي بالأولى ركعة ، ويقف في الثانية حتى يتموا ، ثم يأتي الأخرى فيصلي بهم ركعتين ، ويجلس عقيب الثالثة حتى يتم من خلفه ، ثم يسلم بهم.
______________________________________________________
صلاة الخوف
« قال دام ظله » : وفي كيفيتها روايتان ، أشهرهما رواية الحلبي.
هذه رواها علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1) والخلاف بين الروايتين في صلاة المغرب ففي رواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنه قال : إذا كانت صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين ، فيصلي بفرقة ركعتين ثم جلس بهم ، ثم أشار إليهم بيده ، فقام كل إنسان منهم ، فيصلي ركعة ، ثم سلموا فقاموا مقام أصحابهم ، وجاءت الطائفة الأخرى ، فكبروا ، ودخلوا في الصلاة ، وقام الإمام فصلى بهم ركعة ، ثم سلم ، ثم قام كل رجل منهم فليتم الحديث (2).
فعلى هذا يكون للأولى ركعتان من الإمام ، وللآخرين ركعة.
والأولى مشهورة ، وعليها فتوى الشيخين ، والمرتضى ، وابن أبي عقيل ، وسلار ، ووجه الجمع التخيير ، وهذه الكيفية إنما تكون ، إذا كان العدو في خلاف القبلة ،
ص: 218
وهل يجب أخذ السلاح ، فيه تردد ، أشبهه الوجوب ما لم يمنع إحدى واجبات الفرض.
______________________________________________________
وهذه صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذات الرقاع (1).
وقيل يجوز مع هذه الشرايط أن يصلي بالأولى ( الأولين خ ) ويسلم معهم ، ثم يستأنف للأخرى ( الآخرين خ ) نفلا له وفرضا لهم كما فعل النبي صلى اللّه عليه وآله ، ببطن النخل ، على رواية أبي بكيرة (2).
وإذا كان في جبهة القبلة يصلي كما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بعسفان - (3) يقوم الإمام ، ويقوم المسلمون ، على صفين ، فيأتمون به ، ويركعون معه جميعا ، فإذا سجد سجد معه الصف الأول ، والثاني يحرسهم ، فإذا رفعوا من السجود سجد الآخرون ، فإذا رفعوا ، بدلوا الصفين ، وفعلوا كالأول.
فرع
يجوز أن تجمع في صلاة الخوف ، والخطبة تكون للفرقة الأولى مضافة إلى الركعة.
« قال دام ظله » : وهل يجب أخذ السلاح ، فيه تردد ، أشبهه الوجوب الخ.
قوله : أشبهه الوجوب ، إشارة إلى قوله تعالى : وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم (4) لأن مطلق الأمر ، يقتضي الوجوب ، والتردد ضعيف.
ص: 219
( الأولى ) إذا انتهى الحال إلى المسايفة ، فالصلاة بحسب الإمكان واقفا أو ماشيا أو راكبا ، ويسجد على قربوس سرجه ، وإلا موميا ، ويستقبل القبلة ما أمكن ، وإلا بتكبيرة الإحرام ، ولو لم يتمكن من الإيماء اقتصر على تكبيرتين عن الثنائية وثلاثة عن الثلاثية ، تقول في كل واحدة : سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ، فإنه يجزي عن الركوع والسجود.
( الثانية ) كل أسباب الخوف يجوز معها القصر والانتقال إلى الإيماء مع الضيق ، والاقتصار على التسبيح إن خشي مع الإيماء ولو كان الخوف من لص أو سبع أو سيل.
( الثالثة ) المتوحل والغريق يصليان بحسب الإمكان إيماء ولا يقصر أحدهما عدد صلاته إلا في سفر أو خوف.
والنظر في الشروط والقصر.
أما الشروط فخمسة :
( الأول ) المسافة ، وهي أربعة وعشرون ميلا ، والميل أربعة آلاف ذراع تعويلا على المشهور بين الناس ، أو قدر مد البصر من الأرض تعويلا على الوضع ، ولو كانت أربع فراسخ وأراد الرجوع ليومه قصر.
ولا بد من كون المسافة مقصودة ، فلو قصد ما دونها ثم قصد مثل ذلك أو لم يكن له قصد فلا قصر ولو تمادى في السفر ، ولو قصد مسافة فتجاوز سماع الأذان ، ثم توقع قصر ما بينه وبين شهر ، ما لم ينو الإقامة ولو كان دون ذلك أتم.
ص: 220
( والثاني ) أن لا يقطع السفر بعزم الإقامة ، فلو عزم مسافة وله في أثنائها منزل قد استوطنه ستة أشهر فصاعدا ، أو عزم في أثنائها إقامة عشرة أيام أتم ، ولو قصد مسافة فصاعدا وله على رأسها منزل قد استوطنه القدر المذكور قصر في طريقه وأتم في منزله ، وإذا قصر ثم نوى الإقامة لم يعد ، ولو كان في الصلاة أتم.
( الثالث ) أن يكون السفر مباحا ، فلا يترخص العاصي ، كالمتبع للجائر ، واللاهي بصيده ، ويقصر لو كان الصيد للحاجة.
ولو كان للتجارة قيل : يقصر صومه ويم صلاته.
( الرابع ) أن لا يكون سفره أكثر من حضره كالراعي ، والبدوي ، والمكاري ، والملاح ، والتاجر ، والأجير ، والأمير ، والبريد.
______________________________________________________
صلاة المسافر
« قال دام ظله » : ولو كان للتجارة ( أي الصيد ) قيل يقصر صومه ، ويتم صلاته. القائل هو الشيخان ، وابنا بابويه ، وادعى المتأخر عليه الإجماع ، وشيخنا متردد في التقصير ، مطالبا للدليل ، ولو قلنا بمقالتهم لكان تقليدا.
« قال دام ظله » : الرابع أن لا يكون سفره أكثر من حضره ، إلى آخره.
قوله : ( أن لا يكون سفره أكثر من حضره ) من كلام الثلاثة ، وما ظفرت به على حديث ، وفسره الشيخ بأن لا يقيم في بلده أو بلد غيره عشرة أيام ، ونحن متابعوهم.
فأما ما روي فيمن تجب عليه التمام ، فهو ما رواه حريز ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام : أربعة تجب عليهم التمام ، في سفر كانوا أو حضر ، المكاري ، والكرى ، والراعي ، والاشتقان ، وهو البريد ، لأنه عملهم (1).
ص: 221
وضابطه : أن لا يقيم في بلده عشرة أيام ، ولو أقام في بلده أو غير ( بلده خ ) ذلك قصر ، وقيل : هذا يختص بالمكاري ، فيدخل فيه الملاح والأجير.
______________________________________________________
وما رواه إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي الذي يدور في جبايته ، والأمير الذي يدور في إمارته ، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ، والراعي ، والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ، ومنبت الشجر ، والرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا ، والمحارب الذي يقطع السبيل (1).
وما رواه محمد بن مسلم ، عن أحدهما : قال : ليس على الملاحين في سفينتهم تقصير ، ولا على المكارين ولا على الجمالين (2).
ومنها رواية ( ما رواه خ ) الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المكاري والجمال الذي يختلف ، وليس له مقام ، يتم الصلاة ، ويصوم شهر رمضان (3).
وقوله دام ظله : ( وضابطه ، أن لا يقيم في بلده عشرة أيام ، ولو أقام في بلده أو غير ذلك قصر ) هو مذهب الشيخ في كتبه ، وأتباعه ، وعليه المتأخر.
وفيه تردد ، منشأه عدم الوقوف على دليل عقلي أو نقلي.
نعم وردت رواية بأن المكاري ، لو أقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة ( أيام خ ) أو أكثر ، يقصر الصوم والصلاة ، رواها يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4) وسنذكرها عن قليل (5).
ص: 222
............................................................................
______________________________________________________
فحمل شيخنا على المكارى ، الملاح والأجيرلتساويهم في المعنى وكذا صاحب البشرى ، دامت سيادته (1) ، وأراه انه (2) تخرّج من كلام المرتضى في الانتصار : أنّ من سفره اكثر من حضره ، كالملّاح والجمّالين ، ومن يجرى مجراهم ، لا تقصير عليهم ، مستدلّاً باجماع الطائفة ، وبانّ المشقة الموجبة للتقصير في المسافر ، منفيّة عنهم.
واذا تقرر هذا ، فمتى يثبت لهم هذا الحكم؟ اي من سفره اكثر من حضره ، قال المتأخّر : ليس يصير الانسان بسفرة واحدة اذا ورد الى منزله ولم يقم عشرة ايام ممن سفره اكثر من حضره بل بأن يتكرر هذا منه ويستمر دفعات على توال ادناها ثلاث دفعات ، لان هذا طريقة عرف العادة ( انتهى ).
فلا يتم في السفر الأول والثاني ، ثم قال بعد كلام فأما صاحب الصنعة من المكارين والملاحين ، ومن يدور في تجارته من سوق إلى سوق ، ومن يدور في إمارته يجرون من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره ، ولا يعتبرون فيهم ما اعتبرناه فيه من الدفعات ، بل يجب عليهم التمام بنفس خروجهم إلى السفر لأن صنعتهم تقوم مقام من تكرر من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره لأن الأخبار وأقوال أصحابنا وفتاويهم مطلقة في وجوب التمام على هؤلاء فليلحظ ذلك ( انتهى ).
وقد أطال الكلام مع خلط وخلاصته ما ذكرناه.
وهو ضعيف ، لا يقوم هذا منه صورة وادعاء مجرد عن براهين.
فقوله : لا يثبت (3) لهم هذا الحكم ، إلا بتوالي أسفار ثلاثة ( قلنا ) : لا نسلم وما الدليل على ذلك؟ لم لا يجوز أن يثبت بسفرة واحدة إذا طال فيها؟
ص: 223
ولو أقام خمسة قيل : يقصر صلاته نهارا ويتم ليلا ، ويصوم شهر رمضان على رواية.
______________________________________________________
وقوله : ولا يجري المكارون والملاحون وغيرهم هذا المجرى ( قلنا ) : ما الفارق؟ قال : لأن صنعتهم تقوم مقام تكرر غيرهم ( قلنا ) هو ممنوع ، لا دليل عليه ، على أنه ينتقض بمن ابتدى بذلك.
والذي سمعناه من شيخنا دام ظله مذاكرة ، أنهم إذا ابتدأوا السفر ، قصروا حتى راجعوا بلدهم مسافرين ، ولم يقيموا عشرة أيام ، فإذا طلعوا طلعوا متمين دائما ، إلا أن يقيموا في بلد ، فإذا أقاموا دخلوا في حكم المقصرين ( في التقصير ح ) إلى أن يرجعوا إلى بلدهم ، أو بلد من البلدان غير بلدهم ، ولم يقيموا فدخلوا في المتمين ، وعلى هذا يدور دائما ، وفيه إشكال.
« قال دام ظله » : ولو أقام خمسة ، قيل يقصر صلاته نهارا ويتم ليلا ، ويصوم شهر رمضان على رواية.
القائل هو الشيخ وابن بابويه ، وقوله : ( على رواية ) إشارة إلى ما رواه الشيخ في التهذيب ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المكاري إذا لم يستقر في منزلة إلا خمسة أيام ، أو أقل ، قصر في سفره بالنهار ، وأتم بالليل ( صلاة الليل خ قيه ) وعليه صوم ( صيام خ ) شهر رمضان وإن ( فإن خ ) كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه ، عشرة أيام أو أكثر ، قصر في سفره ، وأفطر (1).
وإسماعيل بن مرار ، مجهول الحال ، ولهذا تردد فيه.
ولكن روى هذه ابن بابويه بسند صحيح وهو أبوه (2) عن عبد اللّه بن جعفر
ص: 224
( الخامس ) أن يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه ، أو يخفى أذانه ، فيقصر في صلاته وصومه ، وكذا في العود من السفر على الأشهر.
وأما القصر فهو عزيمة إلا في أحد المواطن الأربعة : مكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والحائر ، فإنه مخير في الصلاة ، والاتمام أفضل.
______________________________________________________
الحميري ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وزيد فيها ، بعد قوله : ( عشرة أيام أو أكثر ) : وينصرف إلى منزله ، ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر ، الخبر (1).
فقويت الرواية الأولى بهذه فالتردد مرتفع.
والمتأخر مقدم على المنع ، متمسكا بانعقاد الإجماع على أنهم مع عدم الإقامة يكونون متمين ، وهو ممنوع.
« قال دام ظله » : الخامس ، أن يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه ، إلى آخره. روى ذلك العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل يريد السفر ( فيخرج خ ) متى يقصر؟ قال : إذا توارى من البيوت ( الحديث ) (2).
وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن التقصير؟ قال : إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم ، وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان ، فقصر ، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك (3).
ص: 225
وقيل : من قصد أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع ليومه تخير في القصر والاتمام ، ولم يثبت ، ولو أتم المقصر عامدا أعاد ، ولو كان جاهلا لم يعد.
والناسي يعيد في الوقت لا مع خروجه.
______________________________________________________
وعليها ( عليهما خ ) فتوى الشيخين ، وعلم الهدى ، وابن أبي عقيل ، وسلار ، والمتأخر.
إلا أن المرتضى خالف في العود ، فقال : لا يزال في تقصيره حتى يدخل البلد ، وهو في رواية صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته (1).
وفي الرواية ، عن محمد بن مسلم ، الرجل يريد السفر ، فيخرج حين تزول الشمس ، فقال : إذا خرجت فصل ركعتين. (2)
قال دام ظله : وقيل : من قصد أربعة فراسخ ، ولم يرد الرجوع ليومه تخير في القصر والاتمام ، ولم يثبت.
القائل هو الشيخان ، وسلار وأتباعهم ، وشيخنا دام ظله متوقف فيه ، لعدم الاطلاع على حديث مروي في ذلك ، أو دليل آخر ، ولهذا قال : ( ولم يثبت ).
وكذا صاحب البشرى ، دامت سيادته ، قال : ما وقفت فيه على رواية ، و يذهب إلى وجوب التقصير ، بناء على مذهبه.
والمتأخر متمسك بالأصل ، يعني الإتمام ، وهو أشبه ، وكذا مذهب الشيخ في الصوم.
قال دام ظله : والناسي يعيد في الوقت ، لا مع خروجه.
ص: 226
ولو دخل وقت الصلاة فسافر والوقت باق قصر على الأشهر ، وكذا لو دخل من سفره أتم مع بقاء الوقت ، ولو فاتت اعتبر حال الفوات لا حال الوجوب.
وإذا نوى المسافر في غير بلده عشرة أيام أتم ، ولو نوى دون ذلك قصر ، ولو تردد قصر ما بينه وبين ثلاثين يوما ، ثم أتم ولو صلاة.
ولو نوى الإقامة ثم بدا له قصر ما لم يصل على التمام ولو صلاة.
ويستحب أن يقول عقيب الصلاة : سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ثلاثين مرة ، جبرا.
ولو صلى المسافر خلف المقيم لم يتم ، واقتصر على فرضه ، وسلم منفردا.
______________________________________________________
هذا مذهب الثلاثة ، وعليه المتأخر ، مدعيا للإجماع ، وكذا الشيخ وعلم الهدى ، وبه روايات ، وما أعرف فيه مخالفا ، إلا ابن أبي عقيل في المتمسك ، فإنه أطلق القول بوجوب الإعادة متمسكا بأن فرضه ركعتان ، والزيادة في الصلاة مبطلة لها ، فعليه الإعادة.
وهو قوي ، إلا أنه معارض بفتوى الأصحاب ورواياتهم ( منها ) ما روى العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام. عن رجل صلى ، وهو مسافر ، فأتم الصلاة؟ قال : إن كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى فلا ( إعادة عليه خ ) (1).
« قال دام ظله » : ولو دخل وقت الصلاة ، فسافر ، والوقت باق ، قصر على الأشهر ، وكذا لو دخل من سفره أتم من بقاء الوقت.
ص: 227
ويجمع المسافر بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
ولو سافر بعد الزوال ولم يصل النوافل قضاها سفرا وحضرا.
______________________________________________________
اختلفت الروايات والاقوال في هذه المسألة ، قال في النهاية : متى خرج وقد دخل الوقت ، يصلى اربعاً ، الاّ ان يتضيّق الوقت.
وفي معناه رواية حماد بن عثمان ، عن اسحاق بن عمّار ، قال : سمعت ابا الحسن عليه السلام ، يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة، فقال ، ان كان لا يخاف فوت الوقت ، فليتمّ ، وان كان يخاف خروج الوقت ، فليقصّر (1) وفيها ضعف.
وقال في الخلاف : جاز له التقصير ، ويستحب له الاتمام.
وبه تشهد رواية سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، قال : سمعت اباعبداللّه عليه السلام ، يقول : اذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة ، قبل ان يدخل اهله ، فسار حتى يدخل اهله ، فان شاء قصّر ، وان شاء اتمّ ، والاتمام احبّ الىّ (2).
وسيف مطعون فيه ، لكن الشيخ استدل على الاستحباب ، بأنه جمع بين رواية اسماعيل بن جابر (3) ورواية بشير النبّال (4).
وهو بعيد ، لأنّ رواية اسمعيل بن جابر ، صريحة في الوجوب.
وذهب علم الهدى والمفيد وابن بابويه والشيخ في التهذيب الى أنّه يعتبر وقت الأداء في السفر قصرا ، وفي الحضر تماما.
وهو أشبه ، لأن في أول الوقت ما تعينت الفريضة فيه ، وفي وقت الأداء
ص: 228
............................................................................
______________________________________________________
مسافر ، فيجب التقصير ، لأنه مسافر.
وبه روايتان ، إحديهما ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يدخل علي وقت الصلاة ، وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي ، فقال : صل وأتم الصلاة ، قلت : يدخل ( فدخل خ ) وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر ، فلا أصلي حتى أخرج ، فقال : صل وقصر ، فإن لم تفعل فقد خالفت واللّه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (1).
والأخرى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل ( عن رجل خ ) يدخل من سفره ، وقد دخل وقت الصلاة ، وهو في الطريق؟ فقال : يصلي ركعتين ، وإن خرج إلى سفره ، وقد دخل ( عليه خ ) وقت الصلاة ، فليصل أربعا (2).
وأما ما رواه بشير النبال ، قال : خرجت مع أبي عبد اللّه عليه السلام ، حتى أتينا الشجرة ، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : يا نبال ، قلت : لبيك ، قال : إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر ، أن يصلي أربعا غيري وغيرك ، وذلك أنه دخل وقت الصلاة ، قبل أن نخرج (3).
فهي ضعيفة ، لأن في طريقها ابن فضال ، ومتروكة لشذوذها.
ففي المسألة أربع روايات ، وثلاثة أقوال (4).
ص: 229
............................................................................
______________________________________________________
أما لو فاته الوقت كله ، وصار قضاء ، والحال هذه ، فقال في التهذيب ، والمبسوط والمرتضى في المصباح ، يعتبر أول الوقت ، في السفر والحضر ، استنادا إلى ما رواه موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة ، وهو في السفر ، فاخر الصلاة ، حتى قدم ( أهله خ ) ، وهو يريد يصليها إذا قدم إلى أهله ، فنسي حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها ، قال : يصليها ركعتين ، صلاة المسافر لأن الوقت دخل وهو مسافر ، كان ينبغي له أن يصلي عند ذلك (1).
وهو يظهر من كلام علي بن بابويه في رسالته ، والمتأخر ، مدعيا عليه الإجماع وحكى ذلك عن المفيد أيضا.
والوجه أن يعتبر الوقت (2) لأنه وقت الفوات ، والذمة مشغولة به ، والاتفاق حاصل ، على أن من فاتته صلاة في الحضر ، فذكرها وهو في السفر ، قضاها صلاة الحضر أربعا ، وكذا لو فاتته صلاة في السفر ، وهو في الحضر ، ذاكرا لها ، قضاها صلاة السفر ركعتين.
وقال المتأخر : هذا وفاق ما قلناه إشارة إلى أنه لو صلاها في أول الوقت : صلاها تماما في الحضر ، ويقصر في السفر.
وهو إما غلط ، أو تجاهل ، إذ البحث في وقت الفوات لا في وقت الدخول ، ونحن لو قلنا بذلك ، اقتصرنا في ( على خ ) طرف المسافر ، عملا بالرواية ، وما اخترناه أولا وهو اختيار شيخنا دام ظله ، وصاحب البشرى دامت سيادته ( أدام اللّه وجوده خ ) أولى ، وهو قوي ، وبه قال بعض المتقدمين.
ص: 230
ص: 231
كتاب الزكاة
وهي قسمان :
وهو كل بالغ عاقل حر مالك للنصاب متمكن من التصرف ، فالبلوغ يعتبر في الذهب والفضة إجماعا.
نعم لو أتجر في مال الطفل من إليه النظر أخرجها استحبابا ، ولو ضمن الولي واتجر لنفسه كان الربح له ، إن كان مليا ، وعليه الزكاة استحبابا ، ولو لم يكن مليا ولا وليا ضمن ولا زكاة ، والربح لليتيم.
وفي وجوب الزكاة في غلات الطفل روايتان ، أحوطهما الوجوب ، وقيل : تجب في مواشيهم وليس بمعتمد.
ولا تجب في مال المجنون صامتا كان أو غيره ، وقيل : حكمه حكم الطفل.
______________________________________________________
قال دام ظله : وفي وجوب الزكاة ، في غلات الطفل ، روايتان ، أحوطهما الوجوب.
قلت : فيه روايتان متعارضتان ، وقولان مختلفان ، أما الرواية ، روى حماد ، عن حريز بن عبد اللّه ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه
ص: 232
والأول أصح.
والحرية معتبرة في الأجناس كلها.
وكذا التمكن من التصرف فلا تجب في مال الغائب إذا لم يكن صاحبه متمكنا منه ، ولو عاد اعتبر الحول بعد عوده إليه.
ولو مضت عليه أحوال زكاه لسنة استحبابا.
______________________________________________________
عليهما السلام ، أنهما قالا ، مال اليتيم ليس عليه في الدين والمال الصامت شئ ، فأما الغلات ، فإن عليها ( فعليها خ ) الصدقة واجبة (1) وعليها فتوى الشيخين وأبي الصلاح.
فأما ما رواه حماد عن حريز أيضا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سمعه يقول : ليس في مال اليتيم زكاة ، وليس عليه صلاة ، وليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة الحديث (2) فمذهب المرتضى ، وابن أبي عقيل ، وسلار ، والمتأخر ، وهو الظاهر من كلام ابني ( ابن خ ) بابويه.
وقال سلار : لو صحت رواية الوجوب ، حملناها على الندب.
وهو يشكل ، مع تصريح الرواية بالوجوب وقوله دام ظله : ( أحوطهما الوجوب ) معناه لو قلنا بالوجوب لكان للاحتياط ، لا للجزم ، لأن الاحتياط عنده دام ظله ، لا يدل على الوجوب ، بل على الندب ، والمعنى يستحب القول بالوجوب ، تحصيلا لليقين ببراءة الذمة.
ولقائل أن يقول : إن هذا الاحتياط إن قيل به لرواية أبي بصير ، فينبغي الجزم بالوجوب ، لما قلنا ، وإن صير إليه لتعارض الروايتين ، فهو ضد الاحتياط ، بل الاحتياط حفظ المال للمسلم ( على المسلم خ ) وعدم التهجم ، إلا بدليل سالم عن
ص: 233
ولا زكاة في الدين ، وفي رواية إلا أن يكون صاحبه هو الذي يؤخره.
وزكاة القرض على المقترض إن تركه بحاله حولا ، ولو أتجر به استحب.
تجب في الأنعام الثلاثة : الإبل والبقر والغنم ، وفي الذهب والفضة.
وفي الغلات الأربع : الحنطة والشعير ، والتمر ، والزبيب ، ولا تجب فيما عداها.
وتستحب في كل ما ينبت من الأرض مما يكال أو يوزن عدا الخضر.
______________________________________________________
المصادم لكون حرمته حرمة الدم والتمسك بالأصل ، وهو البراءة الأصلية.
وأيضا كونه غير بالغ يقتضي عدم مواجهته بالتكليف.
والقول بإيجابها في مواشيه كذلك ( لذلك خ ) للثلاثة أيضا ، والإشكال هنا أقوى ، لعدم الوقوف على دليل ناهض به ولهذا قال (1) : ( ليس بمعتمد ) فنحن نطالبهم بصحة دعواهم.
وكذا أوجبوا في غلات المجنون ومواشيه ، وما نعرف المستند.
ولهذا قال دام ظله : ( والأول أصح ) ومنكروه في اليتيم ، منكروه هنا.
« قال دام ظله » : ولا زكاة في الدين ، وفي رواية ، إلا أن يكون صاحبه ، هو الذي يؤخره.
هذه رواها إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن درست ، عن أبي عبد اللّه
ص: 234
وفي مال التجارة قولان ، أصحهما الاستحباب.
وفي الخيل الإناث ، ولا تستحب في غير ذلك ، كالبغال والحمير والرقيق ، ولنذكر ما يختص به كل جنس.
______________________________________________________
عليه السلام ، قال : ليس في الدين زكاة ، الاّ ان يكون صاحب الدين هو الذي يؤخّره (1).
وعليه فتوى الشيخ في الخلاف ، والمفيد في المقنعة.
وقال الشيخ في الجمل : يكون على مؤخّره من صاحبه ، ومن الذي عليه الدين.
قلت : أمّا الصاحب فمستنده الرواية (2) ، وأمّا الذي عليه الدين ( المدين خ ) فلموضع المطالبة.
والذي يدل على ان لا زكاة فيه ، ما رواه اسحاق بن عمار ، قال : قلت لابي ابراهيم عليه السلام : الدّين عليه زكاة؟ قال : لا حتى يقبضه قلت : فاذا قبضه أيزكيه؟ قال : لا حتى يحول عليه الحول في يده (3).
واختاره في الاستبصار ، وابن ابي عقيل في المتمسك ، وعليه المتأخر ، وهو حسن تمسكاً بالاصل ، وبانّه مال غير ثابت العين ، فلا يحكم عليه ، بحول الحول ، المشروط بوجود المال المشاهد أوما في حكمه ، نعنى يلزم المقترض ( المتقرض خ ) لوحال عليه الحول عنده.
« قال دام ظله » : وفي مال التجارة قولان ، اصحّهما الاستحباب.
قلت : الاستحباب ، اختيار الشيخين وسلار وأبي الصلاح والمتأخر وأتباعهم.
ص: 235
والنظر في الشرائط واللواحق.
( الأول ) في النصب ، وهي في الإبل اثنا عشر نصابا ، وخمسة كل واحد خمس في كل واحد منها شاة ، فإذا بلغت ستا وعشرين ففيها بنت مخاض ، فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون ، وإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة ، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة ، فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون ، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان ، ثم ليس في الزائد شئ حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرون ، ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين بنت لبون دائما.
وفي البقر نصابان ، ثلاثون وفيها تبيع أو تبيعة ، وأربعون وفيها مسنة.
وفي الغنم خمسة نصب ، أربعون ، وفيها شاة ، ثم مائة وإحدى وعشرون وفيها شاتان ، ثم مائتان وواحدة فيها ثلاث شياه.
______________________________________________________
والمستند ما ذكره الشيخ في التهذيب ، مرفوعا (1) إلى مروان بن مسلم ، عن عبد اللّه بن بكير وعبيد ، وجماعة من أصحابنا ، قالوا : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ليس في المال المضطرب زكاة ، فقال له إسماعيل ابنه ، يا أبه جعلت فداك ، أهلكت
ص: 236
............................................................................
______________________________________________________
فقراء أصحابك ، فقال : يا ( أي خ ) بني حق أراد اللّه أن يخرجه ، فخرج (1).
وما رواه عمر بن أذنيه عن زرارة ، قال كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام ، وليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام ، فقال : يا زرارة إن أبا ذر وعثمان ، تنازعا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فقال عثمان : كل مال من ذهب أو فضة يدار به ويعمل به ، ففيه الزكاة ، إذا حال عليه الحول ، فقال أبو ذر : أما ما لا يتجر به أو دير وعمل به ، فليس فيه زكاة ، إنما الزكاة فيه ، إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا ، فإذا حال عليه الحول ، ففيه الزكاة ، فاختصما في ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : القول ما قال أبو ذر الحديث (2).
وما في رواية سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام إذا كان المال متاعا ، لا زكاة فيه (3).
ويقويه التمسك بالأصل.
وذهب ابنا بابويه إلى الوجوب ، وهو في رواية الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال ، فعليه الزكاة (4).
وحملها الشيخ على الاستحباب ، توفيقا بين الروايات ، وهو حسن ، وعليه العمل.
ص: 237
فإذا بلغت ثلثمائة وواحدة فروايتان ، أشهرهما أن فيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة فصاعدا ، ففي كل مائة شاة ، وما نقص فعفو.
وتجب الفريضة في كل واحد من النصب. ولا تتعلق بما زاد ، وقد جرت العادة بتسمية ما لا تتعلق به الزكاة من الإبل شنقا ، ومن البقر وقصا ، ومن الغنم عفوا.
( الشرط الثاني ) السوم ، فلا تجب في المعلوفة ولو في بعض الحول.
( الثالث ) الحول ، وهو اثنا عشر هلالا ، وإن لم تكمل أيامه ، وليس حول الأمهات حول السخال ، بل يعتبر فيها الحول كما في الأمهات ، ولو تم ما نقص من النصاب في أثناء الحول استأنف حوله من حين تمامه ، ولو ملك مالا آخر كان له حول بانفراده ، ولو ثلم النصاب قبل الحول سقط الوجوب ، وإن قصد الفرار ولو كان بعد الحول لم يسقط.
( الرابع ) أن لا يكون عوامل.
( الأولى ) الشاة المأخوذة في الزكاة ، أقلها الجذع من الضأن ، والثني من المعز ، ويجزي الذكر والأنثى ، وبنت المخاض هي التي دخلت في الثانية ، وبنت اللبون هي التي دخلت في الثالثة ، والحقة هي التي
______________________________________________________
« قال دام ظله » : فإذا بلغت ثلاثمائة وواحدة ، فروايتان.
اختلف القول فيه بحسب الرواية ، قال الشيخ وأبو الصلاح وأتباعه : إذا بلغت ثلاثمائة وواحدة ، ففيها أربع شياه ، فإذا بلغت أربعمائة ، يسقط الاعتبار ، ويخرج من كل مائة واحدة.
ومستنده رواية حماد ، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وبريد
ص: 238
دخلت في الرابعة ، والجذعة هي التي دخلت في الخامسة ، والتبيع من البقر هو الذي يستكمل سنة ويدخل في الثانية ، والمسنة هي التي تدخل في الثالثة.
ولا تؤخذ الربى ، ولا المريضة ، ولا الهرمة ولا ذات العوار ، ولا تعد الأكولة ولا فحل الضراب.
( الثانية ) من وجب عليه سن من الإبل وليس عنده ، وعنده أعلى منها بسن دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما ، ولو كان عنده الأدون دفعها ومعها شاتين أو عشرين درهما ، ويجزي ابن اللبون الذكر عن بنت المخاض مع عدمها من غير جبر ، ويجوز أن يدفع عما يجب في النصاب من الأنعام وغيرها من غير الجنس بالقيمة السوقية ، والجنس أفضل. ويتأكد في النعم.
( الثالثة ) إذا كانت النعم مراضا لم يكلف صحيحة.
ويجوز أن يدفع من غير غنم البلد ولو كانت أدون.
______________________________________________________
العجلي والفضيل ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام (1).
ومضمون الرواية نفس الفتوى ، فلهذا ما ذكرناها ، وهؤلاء الرواة رحمهم اللّه من أعيان الأصحاب الأوائل المصنفين المعتمدين.
روى فيهم الكشي في كتابه ، ورفع الرواية إلى جميل بن دراج ، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول : بشر المخبتين بالجنة ، بريد بن معاوية العجلي ، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة ، أربعة نجباء أمناء اللّه على
ص: 239
............................................................................
______________________________________________________
حلاله وحرامه ، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة ، واندرست (1).
وقال المفيد : إذا بلغت ثلاثمائة وواحدة يسقط الاعتبار ، ويخرج من كل مائة ، شاة ، واختاره علم الهدى ، وسلار ، وابنا بابويه ، وتبعهم المتأخر.
ومستند ذلك ما رواه عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ليس فيما دون الأربعين من الغنم شئ ، فإذا كانت أربعين ، ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ، ففيها ثلاث من الغنم ، إلى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ، ففي كل مائة ، شاة ، الخبر (2).
والمختار اختيار الشيخ ، لكون روايته أصح ، فإن محمد بن قيس مجهول التعيين. وأيضا من تمام الرواية : ويعد صغيرها وكبيرها (3) وهو (4) ساقط ، فالرواية ساقطة ، لتضمنها إياه.
( لا يقال ) الأصل براءة الذمة حفظا للأموال على الأرباب ( لأنا نقول ) مع وجوب الدلالة أو عدمها؟ (5) الثاني مسلم ، والأول ممنوع.
( فإن قيل ) هي معارضة برواية محمد بن قيس ( قلنا ) لا تصلح هي معارضة لما ذكرناه (6).
ص: 240
............................................................................
______________________________________________________
فائدة ( نكتة خ )
إذا وجب في المال رأسان أو أزيد ، هل هو مخرج من الكل أم لكل نصاب رأس؟ الذي يظهر من الروايات هو الأول ، وقال شيخنا دام ظله : الثاني أقوى ، وثمرة الخلاف تظهر إذا تلف من النصب شئ بعد الحلول ، بغير تفريط ، فعلى الأول ينقص من الواجب في النصب ، بقدر التالف ، وعلى الثاني يوزع على ما بقي من النصاب الذي وجب فيه التالف وإلا ( ولا يسقط خ ) سقط ذلك النصاب.
ثانية (1)
إذا بلغ الغنم ثلاثمائة وواحدة ، فيها أربع شياه ، وإذا بلغ أربعمائة ، ففيها أيضا أربع ، بسقوط الاعتبار ، فهل يظهر فائدة؟ قال شيخنا : نعم ، في الوجوب والضمان ، بناء على القول بأن لكل نصاب رأسا برأسه.
وبيانه أنه لو تلف من ثلاثمائة وتسعة ( وتسع خ ) وتسعين ، ثمان وتسعون ، يخرج أربع من ثلاثمائة وواحدة ، لتعلق الوجوب بها ، ولو تلف من أربعمائة يخرج من الباقي بنسبته ، فيكون ثلاث شياه وجزءين من مائة جزء شاة ولو تلف من ثلاثمائة وواحدة ، واحدة ، يضمن ثلاثا وواحدا إلا جزء من مائة مجموع شاة.
ولو تلف من أربعمائة ، مائة ، وواحدة ، يكون ضامنا لشاتين وتسعة وتسعين جزء من مائة مجموع شاة ، هذه فائدة الوجوب والضمان.
والنكتة مبنية على مذهب الشيخ ، ويجئ على مذهب المفيد أيضا ، حذو النعل بالنعل ، وهي وإن كانت قليلة الجدوى ، لكن لما أشار إليها شيخنا في الشرايع ، أردنا بيانها ، على ما اخترناه ، ولا فائدة فيها.
ص: 241
( الرابعة ) لا يجمع بين متفرق في الملك ، ولا يفرق بين مجتمع فيه ولا اعتبار بالخلطة.
ويشترط في الوجوب النصاب ، والحول ، وكونهما منقوشين بسكة المعاملة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : لا يجمع بين متفرق في الملك ، ولا يفرق بين مجتمع فيه.
هذا كلام مروي عن النبي صلى اللّه عليه وآله (1) إلا قوله ( في الملك ) فإنه من كلام الأصحاب ، ومستند الأقدام (2) وجود الإذن من عترته عليهم السلام ، فهو منوي (3) في كلام النبي صلى اللّه عليه وآله ملفوظ به في كلام الأئمة عليهم السلام ومخالفونا يقدرون ( في المكان ).
ولنا أن نقول اضمار ( المكان ) على خلاف الأصل ، فلا يرجع إليه إلا بدليل ، فتقديره غير جائز مع عدمه.
( لا يقال ) : نقلب المسألة عليكم ( في الملك ) ( لأنا نقول ) : ما استندناه في الفتوى بذلك إلى مجرد ذلك الخبر ، بل معنا أخبار واردة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام (4) بما قلناه ، فيكون عملا بالخبرين.
نزلنا عن هذا ، فنقول : لا بد في الخبر من إضمار ، وإضمارنا أولى ، فيلزم المصير إليه.
ص: 242
وفي قدر النصاب الأول من الذهب روايتان ، أشهرهما عشرون
______________________________________________________
( أمّا الاوّل ) (1) فلاقتضاء لفئ الاجتماع ( والثاني ) (2) لسبق الفهم اليه اذ قد يقال : اجتمع لفلان مال ، وان افترق مكانه ولا يعكس (3) ( والثالث ) (4) لوجوب تقديم الراجح على المرجوح.
ومعناه اذا افترقت الأنعام الزكاتيّة في الملك بحيث لا يملك مالك نصاباً ، بل الكل مجتمعة في المرعى ، فلا تجمع وتعد لإخراج الزكاة.
بل تجمع وتعد للإخراج ، لو كانت مجتمعة في ملك واحد ، وإن افترقت في المرعى والمبيت.
مثال الأول ، أربعين ( أربعون خ ) شاة في مرعى ومبيت ، وراع واحد ، اشترك فيها اثنان أو أكثر ، فلا يخرج منها شئ.
مثال الثاني ، مائة وعشرون يملكها واحد ، وهي في ثلاثة مواضع ، أي في كل موضع أربعون ، فليس فيها إلا واحد.
والمخالف يعكس الحكم في الموضعين اعتبارا للخلطة ، وهي عندنا غير معتبرة في العين كانت كاجتماع الشركاء عليها أو في الصفة (5) لكونها في مرعى ومبيت واحد ، مع وحدة الراعي في الأموال الزكاتية كلها ، بل يعتبر التفرد بالملكية ، مع بلوغ النصاب.
« قال دام ظله » : وفي قدر النصاب الأول من الذهب روايتان ، أشهرهما عشرون دينارا.
ص: 243
دينارا ، ففيها عشرة قراريط ، ثم كلما زاد أربعة ففيها قيراطان ، وليس فيما نقص عن أربعة زكاة ، ونصاب الفضة الأول مائتا درهم ففيها خمسة دراهم ، ثم كلما زاد أربعون ففيها درهم ، وليس فيما نقص عن أربعين زكاة.
______________________________________________________
قال الثلاثة ، ومحمد بن علي بن بابويه ، في من لا يحضره الفقيه ، وأتباعهم : بالعشرين ، وبه تشهد عدة روايات.
( منها ) ما روى ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ، ففيه نصف دينار ، وليس فيما دون العشرين شئ ( الحديث ) (1) وكذا رواه علي بن عقبة وعدة من أصحابنا عن أبي جعفر ، وأبي عبد اللّه عليهما السلام (2) ومثله عن ابن العلاء ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).
وما أعرف مخالفا ، سوى ابن بابويه ، علي في رسالته ، وابنه محمد في المقنع ، ذهبا إلى أنه ليس على الذهب شئ حتى يبلغ أربعين مثقالا وربما يكون المستند ما رواه حريز بن عبد اللّه ، عن محمد بن مسلم ، وأبي بصير وبريد العجلي والفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، في الذهب في كل أربعين مثقالا ، مثقال ( إلى أن قال ) وليس في أقل من أربعين مثقالا شئ (4).
وفي طريقها ، علي بن الحسن بن فضال ، وهو فطحي ، فلا تعارض روايتنا ، خصوصا إذا انضم إليها عمل أكثر الأصحاب.
ص: 244
والدرهم ستة دوانيق ، والدانق ثماني ( ثمان خ ) حبات من أوسط حبات من الشعير فيكون قدر العشرة سبعة مثاقيل.
ولا زكاة في السبائك ، ولا في الحلي ، وزكاته اعارته.
وإن قصد بالسبك الفرار قبل الحول لم تجب الزكاة ، ولو كان بعد الحول لم تسقط.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : والدرهم ستة دوانيق ، والدانق ثماني حبات من أوسط حب ( حبات من خ ) الشعير فيكون قدر العشرة سبعة مثاقيل.
إعلم أن الدرهم ، في قديم الزمان كان ستة دوانيق ، كل دانق قيراطان ، وزن الفضة ، كل قيراط أربع حبات ، كل حبة ستة أسباع حبة من حبات الشبه (1) المستعملة الآن ، فالدرهم ثمانية وأربعون حبة ، والدانق ثمان منها ، لأنه سدس الدرهم ، وكان الدرهم في ذلك الزمان بوزن الذهب أربعة عشر قيراطا ، فيكون وزن عشرة دراهم ، سبعة مثاقيل ، والزكاة إنما تجب في الدرهم ، إذا كانت بهذا الوزن.
فأما في زماننا هذا ، الدرهم أربعة دوانيق ، كل دانق ثلاثة قراريط ( وحبة خ ) ، وكل قيراط ثلاث حبات ، فيكون الدانق عشر حبات من حبات الشعير والتفاوت بين الوصفين ، هو بثلث السبع.
« قال دام ظله » : وإن ( لو خ ) قصد بالسبك الفرار قبل الحول ، لم تجب الزكاة.
هذا مذهب الشيخ في النهاية ، والاستبصار ، والمرتضى في الناصريات ، واختاره المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، وذهب ابنا بابويه في الرسالة والمقنع ، والشيخ في المبسوط ، إلى الوجوب ، والأول أشبه ، وهو المختار ( لنا ) الأصل واتفاق الأصحاب على أن السبائك والحلي ، لا زكاة فيها.
ص: 245
ومن خلف لعياله نفقة قدر النصاب فزائد المدة وحال عليها الحول ، وجبت عليه زكاتها لو كان شاهدا ، ولم تجب لو كان غائبا.
______________________________________________________
فإن استدل بما رواه حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، على الحلي ، فيه زكاة؟ فقال : لا إلا ما فر به من الزكاة (1).
وبما رواه محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : الرجل يجعل لأهله الحلي ، من مائة دينار ، والمائتي دينار ، وأراني قد قلت له ثلاثمائة ( دينار خ ) فعليه الزكاة؟ قال : ليس فيه زكاة ، قال : قلت له ، فإن فر به من الزكاة؟ قال : إن كان فر به من الزكاة فعليه الزكاة ، وإن كان إنما فعله ليتجمل به ، فليس عليه زكاة (2).
نحملها على الاستحباب ، عملا بالدليلين ، أو نقول مع تعارض الدليلين ، فالترجيح لدليلنا ، يقويه الأصل ( تقوية للأصل خ ) ، وهو براءة الذمة.
على أن بما قلنا ، يشهد ما رواه حماد ، عن حريز ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : إن أخي يوسف ولي لهؤلاء القوم أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة ، وإنه جعل ذلك المال حليا ، أراد أن يفر به من الزكاة ، أعليه الزكاة ( زكاة خ )؟ قال : ليس على الحلي زكاة ، وما أدخل على نفسه من النقصان ، في وضعه ومنعه نفسه ، فضله أكثر مما يخاف من الزكاة (3).
« قال دام ظله » : ومن خلف لعياله نفقة ، قدر النصاب ، إلى آخره.
هذه المسألة ، عليها فتوى الشيخ وأتباعه ، وما أعرف فيها مخالفا ، سوى المتأخر ،
ص: 246
ولا يجبر جنس بالجنس الآخر.
لا تجب الزكاة في شئ من الغلات الأربع حتى تبلغ نصابا ، وهو خمسة أوسق ، وكل وسق ستون صاعا ، يكون بالرطل بالعراقي ألفين وسبعمائة رطل ، ولا تقدير فيما زاد ، بل تجب فيه وإن قل.
______________________________________________________
ذهب إلى أن حكمه حكم المال الغايب ، تجب الزكاة مع القدرة عليه ، وتسقط مع عدمها.
ومستند الشيخ رواية (1) وتبعه شيخنا دام ظله للرواية ، نظرا إلى أنه لما أخرج المال ، لنفقة العيال ، وهو غايب ، فقد خرج عن ملكه ، فيسقط زكاته.
ولقائل يقول : لا نسلم أن بالإخراج يخرج عن ملكه ، وظاهر أنه لا يخرج ، وذلك أن النفقة ، تجب يوما فيوما ، فإخراجها منه هو أداء شئ قبل وقت الوجوب ، وهو غير معتبر به شرعا ، فلا يسقط به النفقة ، وإذا كان كذلك يكون باقيا على ملكه ، لأنه لا مالك غيره.
ولي في الجزم بأحد القولين توقف.
« قال دام ظله » : ولا يجبر جنس بالجنس الآخر.
معناه ، إذا اجتمع جنسان ، وكل واحد ناقص عن النصاب ، فلا يتم ( فلا يتمم خ ) جنس بالآخر ، فيخرج عنه الزكاة ، وهو المتفق عليه ، وبه روايات ، فليطلب في مظانها (2).
ص: 247
وتتعلق به الزكاة عند تسميته حنطة أو شعيرا أو زبيبا أو تمرا.
وقيل : إذا احمر ثمر النخل أو اصفر أو انعقد الحصرم.
ووقت الإخراج إذا صفت الغلة وجمعت الثمرة ، ولا تجب في الغلات إلا إذا نمت في الملك ، لا ما يبتاع حبا أو يستوهب.
وما يسقى سيحا أو عذبا أو بعلا ففيه العشر ، وما يسقى بالنواضح والدوالي ففيه نصف العشر ، ولو اجتمع الأمران حكم للأغلب ، ولو تساويا أخذ من نصفه العشر ، ومن نصفه نصف العشر ، والزكاة بعد المؤونة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وتتعلق به الزكاة ، عند تسميته حنطة أو شعير أو زبيباً او تمراً ، وقيل : اذا احمر ثمر النخل ، او اصفرّ ، او انعقد الحصرم.
اختلفت عبارة الاصحاب واقوالهم ، في الوقت الذي تتعلق به الزكاة ، قال في النهاية : ووقتها بعد الحصاد والجذاذ والصرام ، وكأنه يريد وقت الاخراج ، لا وقت التعلق.
وقال في المبسوط : وفي الحبوب ، اذا اشتدت ، وفي الثمار ، اذا بدا صلاحها.
وقال المتأخر : عند اشتداد الحب واحمرار البسر ، وانعقاد الحصرم.
والأشبه ، ما اختاره شيخنا دام ظله ، للاتفاق على أن الزكاة انما تجب في الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، فقبل حصول هذا التسمية لا تجب ( الزكاة خ ) فيها ، لعدم الدليل ، والأصل براءة الذمة.
لكن العمل على مذهب الشيخ في المبسوط ، لدلالة الإخبار عليه ، وثمرة الخلاف تظهر ، إذا ابتيع قبل الحصاد والجذاذ والصرام.
« قال دام ظله » : وما يسقى سيحا أو عذبا أو بعلا الخ.
أقول : السيح ، ما سقي بالماء الجاري على وجه الأرض ، والعذب ، ما سقته السماء ، والبعل ما شرب بعروقه.
ص: 248
يشترط في مال التجارة الحول ، وأن يطلب برأس المال أو بالزيادة في الحول كله ، وأن يكون قيمته نصابا فصاعدا ، فتخرج الزكاة حينئذ عن قيمته دراهم أو دنانير. ويشترط في الخيل حول ( حؤول خ ) الحول والسوم ، وكونها إناثا ، فيخرج عن العتيق ديناران ، وعن البرذون دينار ، وما يخرج من الأرض مما يستحب فيه الزكاة حكمه حكم الأجناس الأربعة في اعتبار السقي وقدر النصب وكمية الواجب.
إذا أهل الثاني عشر وجبت الزكاة ، ويعتبر شرائط الوجوب فيه كله.
وعند الوجوب يتعين دفع الواجب ، ولا يجوز تأخيره إلا لعذر ، كانتظار المستحق وشبهه.
وقيل : إذا عزلها جاز تأخيرها شهرا أو شهرين.
والأشبه : إن جواز التأخير مشروط بالعذر ، فلا يتقدر بغير زواله ، ولو أخر مع إمكان التسليم ضمن.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وقيل : إذا عزلها جاز تأخيرها ، شهرا أو شهرين ، والأشبه أن جواز التأخير ، مشروط بالعذر ، فلا يتقدر بغير زواله.
القائل بجواز التأخير ، هو المفيد في المقنعة ، والشيخ في المبسوط ، وبه روايتان ، إحديهما ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين (1).
ص: 249
............................................................................
______________________________________________________
والأخرى ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أول السنة ، فقال : إن كان محتاجا فلا بأس (1).
وعنه عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : الرجل تحل عليه الزكاة ، في شهر رمضان ، فيؤخرها إلى المحرم ، قال : لا بأس ، قال : قلت : فإنها لا تحل عليه إلا في المحرم ، فيعجلها في شهر رمضان ، قال : لا بأس (2).
وذهب ابنا بابويه والشيخ في النهاية وأتباعه ، إلى أنه لا يجوز ، وهو الأشبه ، وعليه المتأخر.
لنا أن ( مطلق خ ) الأمر يقتضي عدم التأخير ، واستدل بعض بأن الزكاة مقرونة بالصلاة ، والصلاة لا يجوز تأخيرها. فكذا الزكاة ، وفيه ضعف.
فأما الروايات ، فقد حملها الشيخ في النهاية ، على جواز التأخير ، انتظارا للمستحق ، وهو حسن ، إلا أن هذا التقدير (3) ، لا يجوز تقييده بشهر أو شهرين (4) بل يكون غير مقيد ، لجواز إلا يرتفع العذر في هذه المدة ، فيجوز التأخير بعدها لوجود العذر.
فالأشبه ما قاله دام ظله من أن التأخير لا يجوز إلا لعذر ، فلا يقدر بشئ ، غير زوال العذر ، يعني يتقدر بزوال العذر لا غير.
ولقائل أن يقول : إن سلمتم الروايتين ( الروايات ) ، فالواجب إجراؤهما
ص: 250
ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب على أشهر الروايتين.
ويجوز دفعها إلى المستحق قرضا واحتساب ذلك عليه من الزكاة أن تحقق الوجوب ، وبقي القابض على صفة الاستحقاق.
ولو تغير حال المستحق استأنف المالك الإخراج ، ولو عدم المستحق في بلده نقلها ولم يضمن لو تلفت ، ويضمن لو نقلها مع وجوده ، والنية معتبرة في إخراجها وعزلها.
والنظر في الأصناف والأوصاف واللواحق.
______________________________________________________
( إجراؤها خ ) على الظاهر ، ولا نسلم أن وجه جواز التأخير ، هو الانتظار ، لجواز أن يكون الرخصة ، كما ذكره المفيد (1) وإن دفعناه ، فمع عدم المستحق التأخير ضروري غير منازع فيه.
« قال دام ظله » : ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب على أشهر الروايتين.
روى حماد عن حريز ، عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يكون عنده المال ، أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ فقال : لا ولكن حتى يحول عليه الحول ويحل عليه ، أنه ليس لأحد أن يصلي صلاة ، إلا لوقتها ، وكذلك الزكاة ، ولا يصوم أحد شهر رمضان ، إلا في شهره إلا قضاء ، وكل فريضة إنما تؤدى إذا حلت (2).
ومثله في رواية حريز ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أيزكي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال : لا أيصلي الأولى قبل الزوال (3).
ص: 251
الفقراء ، والمساكين وقد اختلف في أيهما أسوء حالا ولا ثمرة مهمة في تحقيقه.
______________________________________________________
فأما ما قدمناه من الروايتين ( الروايات خ ) ، وما رواه أبو سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يعجل زكاته قبل المحل ، فقال : إذا مضت ثمانية ( خمسة ئل ) أشهر فلا بأس (1).
فحمله الشيخان وابنا بابويه ، على جواز التقديم على وجه القرض ، بمعنى أنه لو حال الحول ، وهما (2) باقيان على تلك الصفة ، احتسب من الزكاة ، وإن تغيرا أو أحدهما ، يعيد المعطى الزكاة.
وقال سلار : وقد رسم جواز التقديم عند حضور المستحق.
واعتبر شيخنا دام ظله ، الروايات ، وعدل عن التأويل (3).
على أنه لا ينازع في جواز احتساب القرض من الزكاة ، بل المشاحة في أنه تسمى زكاة معجلة أو قرضا محضا ، ويتفرع عليه مسائل تذكر في موضع آخر.
وإنما قال : ( الأشهر أنه لا يجوز ) لأن رواية أبي سعيد مرسلة (4) وهو ضعيف ، وكذا رواية معاوية بن عمار (5) ورواية حماد بن عثمان (6) أحد رجالهما مجهول.
« قال دام ظله » : أما الأصناف ، فثمانية ، الفقراء ، والمساكين ، وقد اختلف في أيهما أسوء حالا ، ولا ثمرة مهمة في تحقيقه.
ص: 252
والضابط ، من لا يملك مؤونة سنة له ولعياله ، ولا يمنع لو ملك الدار والخادم ، وكذا من في يده ما يتعيش به ويعجز عن استنماء الكفاية ولو كان سبعمائة درهم.
ويمنع من يستنمي الكفاية ولو ملك خمسين درهما ، وكذا يمنع ذو الصنعة إذا نهضت بحاجته.
ولو دفعها المالك بعد الاجتهاد فبان الأخذ غير مستحق ارتجعت ، فإن تعذر فلا ضمان على الدافع.
والعاملون ، وهم جباة الصدقة.
والمؤلفة ، وهم الذين يستمالون إلى الجهاد بالإسهام في الصدقة وإن كان كفارا.
وفي الرقاب ، وهم المكاتبون والعبيد الذين تحت الشدة ومن وجب عليه كفارة ولم يجد ما يعتق ، ولو لم يوجد مستحق جاز ابتياع العبد ويعتق.
والغارمون ، وهم المدينون في غير معصية دون من صرفه في المعصية.
______________________________________________________
أقول : اختلف أهل التفسير والفقهاء وأهل اللغة ، في الفقير والمسكين ، أيهما أسوء حالا؟ ويعرف ذلك من مواضعه.
فأما الشيخ فقد ذهب في الجمل والمبسوط والخلاف ( إلى ظ ) أن المسكين هو الذي له بلغة من العيش ، والفقير هو الذي لا شئ له ، وقال في النهاية : بعكس ذلك.
ص: 253
ولو جهل الأمران قيل : يمنع ، وقيل : لا ، وهو أشبه.
ويجوز مقاصة المستحق بدين في ذمته ، وكذا لو كان الدين على من يجب الانفاق عليه جاز القضاء عنه حيا وميتا.
وفي سبيل اللّه ، وهو كل ما كان قربة أو مصلحة ، كالجهاد والحج ، وبناء القناطر.
وقيل : يختص بالجهاد.
______________________________________________________
وجمع بينهما الفاضل الراوندي ، بأن كل واحد منهما إذا ذكر مفردا ، يدخل تحته الآخر ، ويريد أنه يستعمل في المعنيين.
وقال سلار : الفقير أعم من المسكين ، لأن الفقير هو المحتاج الذي لا يسأل ، والمسكين ، هو المحتاج السائل.
وإذا تقرر هذا ، فالحق أنه لا فائدة هنا في تحقيقهما ، لأن الشرط فيهما أن لا يملكا مؤونة السنة ، فالمعتبر عدم المؤونة ، الذي هو القدر المشترك ، ولهذا الاعتبار عدهما بعض صنفا.
« قال دام ظله » : ولو جهل الأمران ، قيل : يمنع ، وقيل لا ، وهو أشبه.
القول الأول للشيخ في النهاية ، والقول الثاني يدل عليه إطلاق الجواز في المبسوط ، وقد صرح بذلك المتأخر ، فقال في باب قضاء الدين (1) : ومتى لم يعلم في ماذا أنفقه يقضي من سهم الغارمين.
وهو قوي تنزيلا لفعل المسلم ، على المشروع والصحة.
« قال دام ظله » : وقيل يختص بالجهاد.
ص: 254
وابن السبيل ، وهو المنقطع به ، وإن ( لو خ ) كان غنيا في بلده ، والضيف ، ولو كان سفرهما معصية منعا.
وأما الأوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين فأربعة : ( الأول ) الإيمان : فلا يعطى منها ( منهم خ ل ) كافر ولا مسلم غير محق.
وفي صرفها إلى المستضعف مع عدم العارف تردد ، أشبهه المنع ، وكذا في الفطرة.
ويعطي الأطفال ( أطفال خ ) المؤمنين (1) ، ولو أعطى مخالف فريضة ثم استبصر ، أعاد.
______________________________________________________
القائل بهذا هو الشيخان في المقنعة وفي النهاية وسلار.
وقال في الخلاف والمبسوط والمصباح : يدخل فيه معونة الحاج والزوار ، وقضاء الدين عن الحي والميت ، وجميع سبل الخير ، وهو التمسك بظاهر معنى اللفظ عاما.
وقال أبو الصلاح : هو معونة المجاهدين بالخيل والسلاح والزاد مما ( وما خ ) يحتاجون إليه.
والأظهر اختيار الخلاف والمبسوط ، وعليه المتأخر وشيخنا دام ظله.
في أوصاف المستحقين
« قال دام ظله » : وفي صرفها إلى المستضعف ، مع عدم العارف تردد ، أشبهه المنع ، وكذا في الفطرة.
أقول : وردت رواية في جواز صرف الفطرة ، إلى غير أهل الحق ، ممن لا يعرف
ص: 255
( الثاني ) العدالة وقد اعتبرها قوم ، وهو أحوط ، واقتصر آخرون على مجانبة الكبائر.
( الثالث ) أن لا يكون ممن تجب نفقته كالأبوين وإن علوا ، والأولاد وإن سفلوا ، والزوجة ، والمملوك ، ويعطي باقي الأقارب.
______________________________________________________
بنصب (1) ، وهي ما رواها حماد ، عن حريز ، عن الفضيل ، عن ابي عبداللّه عليه السلام ، قال : كان جدي صلى اللّه عليه وآله ( وسلم ) يعطي فطرته الضعفاء ( الضعفة خ ) ومن لا يجد ، ومن لا يتولى ، قال : وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : هي لأهلها ، إلا أن لا تجدهم ، فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب ، ولا تنقل من أرض إلى أرض ، وقال : الإمام ، عليه السلام ، ( اعلم خ ) يضعه حيث يشاء ويصنع فيها ما رأى (2).
وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وقال : يجوز مع التقية.
والرواية ضعيفة ، في طريقها ابن فضال ، فلا عمل عليها.
والذي يعتمد عليه ، أن يعتبر الإيمان ، وهو مذهب الشيخ في الجمل ، واختاره المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، ومنشأ تردده النظر إلى الرواية وفتوى الشيخ.
فأما زكاة الأموال ، فلا وجه للتردد (3) للاتفاق على اعتبار الإيمان فيها.
« قال دام ظله » : العدالة ، وقد اعتبرها قوم ، وهو أحوط ، واقتصر آخرون على مجانبة الكبائر.
اعتبر الشيخ وأتباعه العدالة ، والمفيد والمرتضى ، اقتصرا على الإيمان ، وكذا
ص: 256
( الرابع ) أن لا يكون هاشميا ، فإن زكاة غير قبيلته محرمة عليه دون زكاة الهاشمي ، ولو قصر الخمس عن كفايته جاز أن يقبل الزكاة ولو من غير الهاشمي ، وقيل : لا يتجاوز قدر الضرورة وتحل لمواليهم.
والمندوبة لا تحرم على هاشمي ولا غيره.
______________________________________________________
سلار ، وهو مذهب ابني بابويه ، ومتقدمي الأصحاب ، والأول أحوط في براءة - الذمة.
« قال دام ظله » : الرابع ، ألا يكون هاشميا ، إلى آخره.
أقول : لا خلاف في تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم ، مع تمكنهم من الأخماس ، إذا كانت من غير قبيلتهم ( قبيلهم خ ) وتحل لهم مع الاضطرار الشديد ، بقدر سد الرمق إجماعا.
وهل تحل مع عدم تمكنهم من الأخماس ، وعدم الاضطرار؟ الأشبه لا ، إلا مع الاضطرار ، وهو اختيار الشيخ في النهاية قال ، ومرخص لهم عند الاضطرار (1) ما يستغنون به على أحوالهم ، وكذا المفيد قيده بالاضطرار.
ويدل على ذلك ، ما رواه حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) أنه قال : لو كان العدل ، ما احتاج هاشمي ، ولا مطلبي إلى صدقة ، إن اللّه تعالى جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ، ثم قال : إن الرجل إذا لم يجد شيئا ، حلت له الميتة ، والصدقة لا تحل لأحد منهم ، إلا أن لا يجد شيئا ، ويكون ممن له الميتة (2).
وعليها مذهب الشيخ في التهذيب والاستبصار.
ويؤيده ، أن نقول : الزكاة على بني هاشم حرام ، وكل حرام لا يجوز تناوله ، إلا
ص: 257
............................................................................
______________________________________________________
مع الضرورة بقدر سد الرمق.
أما الأول فلما رواه حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم وأبي بصير وزرارة ، عن أبي عبد اللّه عليهما السلام ، قالا : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن الصدقة أوساخ أيدي الناس ، وإن اللّه قد حرم علي منها ومن غيرها ما قد حرمه ، وإن الصدقة لا تحل لبني عبد المطلب ، الحديث (1).
ولما رواه حماد ( أبان خ ) بن عثمان ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي؟ قال : هي الزكاة ، قلت : ( أ خ ) فتحل صدقة بعضهم على بعض؟ قال : نعم (2) ومثله عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).
وأما الثاني ، فمتفق عليه ( فإن قيل ) : الروايات مخصوصة بمن لم يتمكن من الأخماس ( قلت ) : التخصيص خلاف الأصل ، وما وجد في بعض الكتب ، أو فتوى بعض ، لم ( لا خ ) يصلح أن يكون مخصصا.
واقتصر الشيخ في الجمل ، والمرتضى في الانتصار ، وسلار في الرسالة ، والمتأخر ، على عدم تمكنهم من الأخماس.
والذي أعتقده أن الاضطرار مراد من الكل.
وقد صرح الشيخ بذلك في الاستبصار ، حيث أول ما رواه أبو خديجة سالم بن مكرم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه قال : أعطوا الزكاة من أرادها من بني هاشم ،
ص: 258
والذين تحرم عليهم الواجبة ولد عبد المطلب.
( الأولى ) يجب دفع الزكاة إلى الإمام إذا طلبها ، ويقبل قول المالك لو ادعى الإخراج ، ولو بادر المالك بإخراجها أجزأته.
ويستحب دفعها إلى الإمام ابتداء ، ومع فقده إلى الفقيه المأمون من الإمامية لأنه أبصر بمواقعها.
( الثانية ) يجوز أن يخص بالزكاة أحد الأصناف ولو واحدا ، وقسمتها على الأصناف أفضل.
وإذا قبضها الإمام أو الفقيه برءت ذمة المالك ولو تلفت.
______________________________________________________
فإنها تحل لهم وإنما تحرم على النبي صلى اللّه عليه وآله ، وعلى الإمام الذي بعده ، وعلى الأئمة عليهم السلام (1).
قال : (2) لو سلم هذا الخبر ، يكون مخصوصا بحال الضرورة والزمان الذي لا يتمكنون فيه من الخمس ، فحينئذ يجوز لهم أخذ الزكاة ، بمنزلة الميتة التي تحل عند الضرورة ، وكذا يظهر من كلام المتأخر ما قدرنا ، واللّه أعلم.
« قال دام ظله » : والذين تحرم عليهم الواجبة ، ولد عبد المطلب.
هذا اختيار الشيخ في الخلاف ، والمفيد في الرسالة الغرية ، وبه روايات منها ما رواه ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا تحل الصدقة لولد العباس ، ولا لنظرائهم من بني هاشم (3) واختاره المتأخر وشيخنا دام ظله.
ص: 259
( الثالثة ) لو لم يجد مستحقا استحب عزلها والايصاء بها.
( الرابعة ) لو مات العبد المبتاع بمال الزكاة ولا وارث له ورثه أرباب الزكاة ، وفيه وجه آخر ، وهذا أجود.
______________________________________________________
وولد عبد المطلب ، عبد اللّه ، وأبو طالب ، والعباس ، والحرث ، وأبو لهب ، فهؤلاء وأولادهم ، محرم عليهم الزكاة ، ويحل لهم الخمس ، وهم مستحقوه ( مستحقون له خ ) لا غير.
وقال في النهاية والمبسوط : هم الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين عليه السلام وجعفر بن أبي طالب ، وعقيل ، وعباس ، وكذا ذكر المفيد في المقنعة ، والأول أظهر وأصح.
« قال دام ظله » : لو مات العبد المبتاع بمال الزكاة ( من مال الزكاة خ ) ولا وارث له ، ورثه أرباب الزكاة ، وفيه وجه آخر ، وهذا أجود.
مستند الأول ، ما رواه عبيد بن زرارة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم ، فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه ، فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الألف الدرهم التي خرجها من الزكاة ، فأعتقه ، هل يجوز ذلك؟ قال : نعم لا بأس بذلك ، قلت : فإنه لما أن أعتق وصار حرا أتجر واحترف ، فأصاب مالا كثيرا ، ثم مات ، وليس له وارث فمن يرثه ، إذا لم يكن له وارث؟ قال : يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة ، لأنه إنما اشترى بما لهم (1).
وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، وفتوى أتباعه.
وفي الرواية ضعف في رجالها ، فإن من رجالها ، ابن فضال وابن بكير.
وما أعرف لها مخالفا سوى المتأخر ، فإنه خرج وجها ، أن يكون الميراث للإمام
ص: 260
( الخامسة ) أقل ما يعطي الفقير ما يجب في النصاب الأول ، وقيل : ما يجب في الثاني ، والأول أظهر ، ولا حد للأكثر ، فخير الصدقة ما أبقت غنيا.
( السادسة ) يكره أن يملك ما أخرجه في الصدقة اختيارا ، ولا بأس بعوده إليه بميراث وشبهه.
______________________________________________________
عليه السلام ، لانه وارث من لا وارث له (1) ، وهو قويّ ، والاوّل أظهر.
ووجه الأجودية في الاوّل ، أنّه مال ارباب الزكاة ، وعدمهم لا يدلّ على عدم استحقاقهم منه ، اذا وجدوا ، فالمملوك عبدلهم ، ميراثه لهم ، ولقائل يقول : أنّه لا نسلّم أنّه مالهم.
« قال دام ظله » : اقلّ ما يعطى الفقير ، ما يجب في النصاب الاوّل ، وقيل : ما يجب في الثاني ، والاوّل أظهر.
القول الاوّل للشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، والمرتضى في الانتصار ، وسلار في الرسالة ، وبه روايات ( منها ) ما رواه ابو ولاد الحنّاط ، عن ابي عبداللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : لا يعطى أحد من الزكاة ، أقل من خمسة دراهم ، وهو أقل ما فرض اللّه عزوجل في الزكاة في أموال المسلمين فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا (2).
وروى مثل ذلك معاوية بن عمار عنه عليه السلام (3).
ص: 261
( السابعة ) إذا قبض الإمام أو الفقيه الصدقة دعا لصاحبها استحبابا على الأظهر.
( الثامنة ) يسقط مع غيبة الإمام سهم السعاة والمؤلفة ، وقيل : يسقط معهما سهم السبيل ، وعلى ما قلناه لا يسقط.
( التاسعة ) ينبغي أن يعطى زكاة الذهب والفضة وأهل المسكنة ، وزكاة النعم أهل التجمل ، والوصل إلى المواصلة بها من يستحي من قبولها.
______________________________________________________
وقال في المبسوط والجمل : أقل ذلك ما في النصاب الأول ، و ( أو خ ) ما في الثاني ، وهو اختياره أيضا في الاستبصار جمعا بين الروايتين ، ورواية أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي الصهبان ، قال : كتبت إلى الصادق عليه السلام ، هل يجوز لي يا سيدي إن أعطي الرجل من إخواني ، الدرهمين والثلاثة الدراهم ، فقد اشتبه ذلك علي؟ فكتب : ذلك جايز (1).
وقال علم الهدى في جمل العلم والعمل : يجوز أن يعطي الواحد القليل والكثير ، من غير تحديد ، واختاره المتأخر ، وهو أشبه ، وفتوى النهاية أظهر بين الأصحاب ، والتحديد في الدرهم والدينار خاصة.
« قال دام ظله » : إذا قبض الإمام أو الفقيه الصدقة ، دعا لصاحبها استحبابا ، على الأظهر.
الاستحباب مذهب الشيخ في المبسوط ، وقال في الخلاف : بالوجوب تمسكا بقوله تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم (2).
« قال دام ظله » : يسقط مع غيبة الإمام عليه السلام ، سهم السعاة والمؤلفة ، وقيل يسقط معهم ( معهما خ ) سهم السبيل ، وعلى ما قلناه لا يسقط.
ص: 262
إنما تجب على البالغ العاقل الحر الغني ، يخرجها عن نفسه وعياله ، من مسلم وكافر وحر وعبد وصغير وكبير ، ولو عال تبرعا.
ويعتبر النية في أدائها ، وتسقط عن الكافر لو أسلم.
وهذه الشروط تعتبر عند هلال شوال ، فلو أسلم الكافر أو بلغ الصبي ( أو أفاق المجنون خ ) أو ملك الفقير القدر المعتبر قبل الهلال وجبت الزكاة.
ولو كان بعده لم تجب ، وكذا لو ولد له أو ملك عبدا.
ويستحب لو كان ذلك ما بين الهلال وصلاة العيد ، والفقير مندوب إلى إخراجها عن نفسه وعن عياله وإن قبلها ، ومع الحاجة يدير على عياله صاعا ثم يتصدق به على غيرهم.
والضابط إخراج ما كان قوتا غالبا كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط واللبن ، وأفضل ما يخرج التمر ، ثم الزبيب ، ويليه ما يغلب على قوت بلده ، وهي في جميع الأجناس صاعا ، وهي تسعة أرطال بالعراقي.
______________________________________________________
هذا البحث مبني على تفسير السبيل ، فإن فسر بأنه هو الجهاد لا غير ، لزم السقوط في كل موضع يسقط الجهاد ، وإن فسر بكل ما كان قربة ، فلا يسقط ، لإمكان ذلك مع غيبته عليه السلام.
ص: 263
ومن اللبن أربعة أرطال ، وفسره قوم بالمدني ، ولا تقدير في عوض الواجب ، بل يرجع إلى القيمة السوقية.
تجب بهلال شوال ، وتتضيق عند صلاة العيد ، ويجوز تقديمها في شهر رمضان ولو من أوله ، ولا يجوز تأخيرها عن الصلاة إلا لعذر ، أو لانتظار المستحق.
وهي قبل صلاة العيد فطرة ، وبعدها صدقة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ومن اللبن أربعة أرطال وفسره قوم بالمدني.
القوم إشارة إلى الشيخ وأتباعه والمتأخر ، والمستند ، ما رواه في التهذيب والاستبصار ، رفعه إلى القاسم بن الحسن ( محمد خ ) رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سئل عن الرجل من ( في خ ) البادية ، لا يمكنه الفطرة ، قال : يتصدق بأربعة أرطال من لبن (1).
وما رواه محمد بن الريان ، قال : كتبت إلى الرجل ، أسأله عن الفطرة وزكاتها كم تؤدى؟ فكتب : أربعة أرطال بالمدني (2).
فقال الشيخ : المراد به اللبن ، لأن من كان قوته اللبن يجب عليه أربعة أرطال من اللبن.
والذي أرى أن الروايتين فيهما ضعف جدا ، وهو ( هذا خ ) بين.
« قال دام ظله » : وهي قبل صلاة العيد فطرة ، وبعدها صدقة ، وقيل : يجب
ص: 264
وقيل : يجب القضاء وهو أحوط.
وإذا عزلها وأخر التسليم لعذر لم يضمن لو تلفت ، ويضمن لو أخر ( أخرها خ ) مع إمكان التسليم ، ولا يجوز نقلها مع وجود المستحق ، ولو نقلها ضمن ، ويجوز مع عدمه ، ولا يضمن.
وهو مصرف زكاة المال ، ويجوز أن يتولى المالك إخراجها ، وصرفها إلى الإمام أو من نصبه أفضل ، ومع التعذر إلى فقهاء الإمامية.
ولا يعطي الفقير أقل من صاع ، إلا أن يجتمع من لا يتسع لهم ، ويستحب أن يخص بها القرابة ، ثم الجيران مع الاستحقاق.
______________________________________________________
القصاء ، وهو أحوط.
أقول : اختلفت الأقوال في هذه المسألة ، فذهب الشيخ في النهاية والجمل والمبسوط ، أن وقتها يوم الفطر قبل الصلاة واقتصر على هذا.
وقال المفيد وأبو الصلاح : لو أخرها عن صلاة العيد ، يسقط الفرض ، وخلص للتطوع ، وقال سلار : لو أخرها عن صلاة العيد ، كان قاضيا.
وللشيخ قول في الخلاف ، بأنها بعد الصلاة صدقة ، ولو أخرج بعد ذلك أثم ، ويكون قضاء.
ولي في معنى هذا القول نظر. وذهب المتأخر إلى أنه يبقى أداء دائما.
والذي يخطر أن البحث يبني على أنه هل هو مؤقت أم لا؟ فمن قال بالأول - وهو الأشبه ، لقوله تعالى : قد أفلح من تزكى ، وذكر اسم ربه فصلى (1) - فلا
ص: 265
............................................................................
______________________________________________________
تكون بعد الصلاة أداء.
ووجه الاستدلال أن المراد من قوله تعالى : ( تزكى ) أي أخرج الفطرة في ذلك الوقت ، نقلا عن أهل التفسير ، فعلى هذا يكون موقتا ، فاستمراره في ساير الأوقات أداء ( إذا خ ) يحتاج إلى دليل.
ومن قال بالثاني - وعلى مدعيه البرهان - يبقى أداء دائما وف بعض الروايات ، أنه قبل الصلاة أداء وبعدها صدقة (1).
ص: 266
ص: 267
كتاب الخمس
وهو يجب في غنائم دار الحرب ، والكنائز ، والمعادن ، والغوص ، وأرباح التجارات ، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ، وفي الحرام إذا اختلط بالحلال ولم يتميز.
ولا يجب في الكنز حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا.
وكذا يعتبر في المعدن على رواية البزنطي.
ولا في الغوص حتى يبلغ قيمته دينارا.
ولا في أرباح التجارات إلا فيما فضل منها عن مؤونة السنة له ولعياله ، ولا يعتبر في الباقية مقدار.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وكذا يعتبر في المعدن على رواية البزنطي (1).
من فضلاء الأصحاب ومصنفيهم ، وعلى روايته فتوى الشيخ في النهاية.
وقال في الخلاف والجمل : لا يعتبر المقدار إلا في الكنوز ، واختاره المتأخر ، تمسكا بالإجماع ولم يثبت ، وفي اعتبار المقدار في غير الكنوز تردد ، والأظهر فتوى الأصحاب.
ص: 268
ويقسم الخمس ستة أقسام على الأشهر : ثلاثة للإمام عليه السلام ، وثلاثة لليتامى والمساكين وأبناء السبيل ممن ينسب إلى عبد المطلب بالأب ، وفي استحقاق من ينسب إليه بالأم قولان ، أشبههما أنه لا يستحق.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ويقسم الخمس ستة أقسام ، على الأشهر.
قال : ( على الأشهر ) لاختلاف الروايتين ، روى حماد بن عيسى عن بعض أصحابه ، ذكره ، عن العبد الصالح ، أبي الحسن الأول عليه السلام ، قال : الخمس من خمسة أشياء ، ويقسم الخمس على ستة أقسام (1).
وذكر تفصيل ذلك وهو معلوم.
وهذه وإن كانت مرسلة لكنها مؤيدة بعمل الأصحاب.
والأخرى رواها ربعي بن عبد اللّه بن الجارود ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، إذا أتاه المغنم ، أخذ صفوه ، وكان ذلك له ، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس ثم ( و خ ) يأخذ خمسه ، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ، يأخذ خمس اللّه عزوجل لنفسه ، ثم يقسم أربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ( وأبناء السبيل خ ) وذكر الحديث إلى آخره (2).
فقال ( فقول خ ) الشيخ : لا تنافي بين الروايتين ، لأنه لا يبعد أن يكون النبي صلى اللّه عليه وآله ، قنع بذلك المقدار تبرعا ، إشارة إلى أن السهم الساقط ، هو سهمه صلى اللّه عليه وآله.
ص: 269
وهل يجوز أن يخص به طائفة حتى الواحد؟ فيه تردد ، والأحوط بسطه عليهم ولو متفاوتا.
ولا يحمل الخمس إلى غير بلده ، إلا مع عدم المستحق فيه.
ويعتبر الفقر في اليتيم ، ولا يعتبر في ابن السبيل ، ولا يعتبر العدالة.
وفي اعتبار الإيمان تردد ، واعتباره أحوط.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وهل يجوز ان يخصّ به طائفة ، حتّى الواحد؟ فيه تردّد ، والاحوط بسطه عليهم ، ولو متفاوتاً.
منشأ التردّد ، النظر الى ظاهر الآية (1) ، فانّ الّلام تفيد الملك ( التمليك خ ) ، فهم متساوون فيه ، ومع التّساوى لا يختص ( يخص خ ) به قوم دون قوم ، واشار الى فتوى الشيخ واتباعه بالجواز.
وقال المتأخّر : متى حضر الثلاثة الاصناف ينبغى ان لا يخصّ به قوم دون قوم ، بل الأفضل تفريقه في جميعهم ، وان لم يحضر عند المعطى إلاّ فرقة منهم جاز أن يفرّق فيهم ولا ينتظر غيرهم ( انتهى ).
وما اعرف من اين نشأ التفصيل ، والاحوط التفريق ، تحصيلاً لليقين ببراءة الذمة.
« قال دام ظله » : وفي اعتبار الايمان تردّد ، واعتباره احوط.
منشأ التردّد النظر الى اطلاق الآية (2) ، وفتوى الشيخ واتباعه ، انّه لا يجوز ، ولا يجوز أن يعطى الفسّاق ، كذا ذكره في المبسوط وهو أشبه ، لقوله تعالى : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا (3) وأيضا فهو مساعدة ، ومساعدة الكفار والظلمة منهي عنها.
ص: 270
( الأولى ) ما يخص به الإمام عليه السلام من الأنفال وهو ما يملك من الأرض بغير قتال ، سلمها أهلها ، أو انجلوا عنها.
والأرض الموات التي باد أهلها ، أو لم يكن لها أهل ، ورؤوس الجبال ، وبطون الأودية ، والآجام وما يختص ملوك أهل الحرب من الصوافي ، والقطائع غير المغصوبة ، وميراث من لا وارث له.
وفي اختصاصه بالمعادن تردد ، أشبهه أن الناس فيها شرع.
وقيل : إذا غزا قوم بغير إذنه ، فغنيمتهم له ، والرواية مقطوعة.
( الثانية ) لا يجوز التصرف فيما يختص به الإمام مع وجوده إلا بإذنه ، وفي حال الغيبة لا بأس بالمناكح ، وألحق الشيخ المساكن والمتاجر.
( الثالثة ) يصرف الخمس إليه عليه السلام مع وجوده ، وله ما يفضل
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي اختصاصه بالمعادن تردد ، أشبهه أن الناس فيه شرع (1).
وجه التردد اختلاف الأصحاب ، ذهب المفيد في المقنعة إلى أن ذلك للإمام عليه السلام ، وبه قال الشيخ في كتاب إحياء الأرضين من المبسوط والخلاف.
وفي كتاب الخمس من المبسوط ما يدل على أنه مباح للمسلمين قاطبة ، وهو أشبه لأن التخصيص محتاج إلى دليل.
( قال دام ظله ) : وقيل : إذا غزا قوم بغير إذنه ، فغنيمتهم له ، والرواية مطبوعة.
هذه رواها العباس الوراق ، عن رجل سماه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، إذا غزا قوم بغير إذن الإمام عليه السلام ، فغنموا ، كانت الغنيمة كلها للإمام ،
ص: 271
عن كفاية الأصناف من نصيبهم ، وعليه الإتمام لو أعوز ، ومع غيبته عليه السلام يصرف إلى الأصناف الثلاثة مستحقهم.
وفي مستحقه عليه السلام أقوال ، أشبهها جواز دفعه إلى من يعجز حاصلهم من الخمس عن كفايتهم على وجه التتمة لا غير.
______________________________________________________
وإذا غزوا بأمر الإمام عليه السلام ، فغنموا كان للإمام الخمس (1).
وعليها فتوى كثير من الأصحاب ، وما وقفت على مخالف.
( قال دام ظله ) : وفي مستحقه (2) عليه السلام ، أقوال ، إلى آخره.
أقول : موجب الخلاف هنا ، عدم نص دال على محل النزاع ، وكل واحد قال بمقتضى النظر.
فأباحه قوم من المتقدمين ، مثل المناكح ، وهو متروك لا فتوى عليه.
وذهب قوم إلى أن يحفظ مدة الحياة ، ثم يوصى به إلى ثقة ، أو يدفن ، ومنهم ابن أبي عقيل ، والشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، والمرتضى ، والمتأخر.
وحكى القول بسقوط إخراج الخمس في زمان الغيبة ، وفي قول ، يدفع إلى فقراء الشيعة وهما متروكان ، ولا أعرف الذاهب إليهما ، إلا في حكاية المصنفين (3).
وأقرب الأقوال ما ذهب إليه المفيد في الرسالة الغرية أن نصيبه عليه السلام ، يدفع إلى مستحقي الخمس ، ممن يعجز حاصلهم عن مؤونة السنة ، وهو اختيار شيخنا وصاحب الواسطة (4) ، وكثير من المتأخرين.
ص: 272
ص: 273
كتاب الصوم
وهو يستدعي بيان أمور :
( الأول ) الصوم وهو الكف عن المفطرات مع النية ، ويكفي في شهر رمضان نية القربة ، وغيره يفتقر إلى التعيين.
وفي النذر المعين تردد.
______________________________________________________
« قال دام ظله » وفي النذر المعين ، تردد.
أقول : لما كان النذر المعين يشابه صوم شهر رمضان ، في عدم إجزاء ساير الصيام في أوقاته ، ذهب المرتضى إلى أن نية القربة كافية فيه ، لعدم احتياجه إلى التعيين ، إذ هو معين في نفس الأمر ، وتبعه المتأخر.
وقال الشيخ : النذر المعين لما كان جايزا أن لا يكون معينا ، فليس حكمه حكم ما كان معينا في أصل الشرع فلا يكفي فيه القربة.
( فإن قيل ) : كذا شهر رمضان كان جايزا ، ألا يكون معينا ولا واجبا ( قلنا ) : فرق بين ما هو واجب بأصل الشرع ، وبين ما أوجبه المكلف على نفسه ، فدعوانا ، أن الواجب المعين في أصل الشرع ، لا جايز أن لا يكون معينا ، فلا يقوم غيره مقامه ، وليس كذا النذر فإنه كان جايزا في الأصل أن لا يكون واجبا ويقوم غير مقامه.
ص: 274
ووقتها ليلا ويجوز تجديدها في شهر رمضان إلى الزوال.
وكذا في القضاء ، ثم يفوت وقتها.
وفي وقتها للمندوب روايتان ، أصحهما مساواة الواجب.
______________________________________________________
وللشيخ أن يستدل بطريق آخر ، وهو أن الأصل في العبادات تعيين النية ، لقوله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين (1) ، والإخلاص لا يكون إلا مع التعيين ، فترك العمل به في صوم شهر رمضان للإجماع ، وعمل به في الباقي.
ومنشأ تردد شيخنا من النظر إلى الوجهين (2) ، فإن في كل واحد احتمالا ، والأكثرون على مذهب الشيخ ، ويقويه طريقة الاحتياط.
وكيفية نية القربة ، أن ينوي أنه يصوم غدا متقربا إلى اللّه ، ولا يحتاج فيها إلى ذكر لفظة الوجوب ، وإن ذكر لا يصير معينا ( متعينا خ ) ، لأنه لا يقع ( يرتفع خ ) معه احتمال صوم آخر من الواجبات.
ونية التعيين (3) ، أن يرتفع ( معها خ ) الاحتمالات ، مثل أن يقول شهر رمضان ، أو القضاء منه أو الكفارة ( عنه خ ) ، أو النذر ، أو يذكر الاستحباب ، ويذكر وجهه.
« قال دام ظله » : وفي وقتها للمندوب ، روايتان ، أصحهما مساواة الواجب.
ذهب الشيخ في المبسوط ، إلى أن له التجديد ، حتى يبقى جزء من النهار ، قال : وفي بعض الروايات : يجوز التجديد ، إلى بعد الزوال.
وبما اختاره يشهد ، ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ( في حديث ) قال : وإن مكث حتى العصر ، ثم بدا له أن يصوم ، وإن لم يكن نوى ذلك ، فله أن
ص: 275
وقيل : يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال ويجزي فيه نية واحدة ، ويصام يوم الثلاثين من شعبان بنية الندب ، ولو اتفق من رمضان أجزأ ، ولو صام بنية الواجب لم يجز.
وكذا لو ردد نيته ، وللشيخ قول آخر.
ولو أصبح بنية الإفطار فبان من شهر رمضان جدد نية الوجوب ما لم تزل الشمس وأجزأه ، ولو كان بعد الزوال أمسك واجبا ، وقضاه.
( الثاني ) فيما يمسك عنه الصائم وفيه مقصدان :
الأول يجب الإمساك عن تسعة : الأكل ، والشرب المعتاد وغيره.
______________________________________________________
يصوم ذلك اليوم إن شاء (1).
وذهب علم الهدى إلى أن له التجديد إلى بعد الزوال لا غير ، وعليه يدل عموم روايات ، واختاره المتأخر ، وربما يرجحه شيخنا دام ظله ، نظرا إلى الاحتياط.
« قال دام ظله » : وقيل يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال.
القائل هو الشيخ في الخلاف ، قال : وأجاز أصحابنا تقديم نية شهر رمضان على الهلال ، بيوم أو يومين.
« قال دام ظله » : وكذا لو ردد نيته ، وللشيخ قول آخر.
أقول : ترديد النية ، أن ينوي أنه إن كان رمضان ففرض ، وإن كان شعبان فهو نافلة.
وللشيخ فيه قولان ، قال في النهاية : لا يصوم وهو شاك ، وعليه أتباعه والمتأخر ، وبه روايات ( منها ) ما رواه قتيبة الأعشى (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : نهى
ص: 276
............................................................................
______________________________________________________
رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، عن صوم ستة أيام ، العيدين ، وأيام التشريق ، واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان ( ومنها ) ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وغيره ، عن عبد الكريم بن عمرو ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إني جعلت على نفسي أصوم ، حتى يقوم القائم ، فقال : صم ، ولا تصم في السفر ، ولا العيدين ، ولا أيام التشريق ، ولا اليوم الذي تشك فيه من شهر رمضان (1).
وحملها في الاستبصار على أنه لا يصوم بنية رمضان وإن كان جايزا صومه على أنه من شعبان.
وذهب في الخلاف والمبسوط إلى الجواز ، وبه عدة روايات. وهو أشبه.
أما الروايات ( منها ) ما رواه عيسى بن هاشم ، عن الخضر بن عبد الملك ، عن محمد بن حكيم ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه ، فإن الناس يزعمون ، أنه من صامه ، بمنزلة من أفطر في شهر رمضان ، فقال : كذبوا إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفقوا ( وفق خ ) له ، وإن كان من غيره ، فهو بمنزلة ما مضى من الأيام (2).
( ومنها ) ما رواه الكليني مرفوعا (3) إلى زكريا بن آدم ، عن الكاهلي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان؟ قال : لأن أصوم يوما من شعبان ، أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان (4).
( ومنها ) ما رواه علي بن الحسين ( الحسن خ ) بن رباط ، عن سعيد الأعرج ،
ص: 277
والجماع قبلا ودبرا على الأشهر ، وفي فساد الصوم بوطئ الغلام تردد وإن حرم ، وكذا ( في خ ) الموطوء ، والاستمناء ، وإيصال الغبار إلى الحلق متعديا ، والبقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ، ومعاودة النوم جنبا ، والكذب على اللّه تعالى ورسوله والأئمة عليهم السلام.
______________________________________________________
قال : قلت لابي عبداللّه عليه السلام ، انى صمت اليوم الذي يشك فيه ، فكان من شهر رمضان ، أفأقضيه؟ قال : لا ، هو يوم وفّقت له (1).
وامّا وجه الاشبهيّة ، أنّ الاتفاق قائم على أنّ نية القربة كافية في صوم شهر رمضان ، وصوم الشك مشتمل على نية القربة ، هذا لوصامه بنيّة الشك.
فأما لو صامه على أنه من شعبان ، فهو يجزي عن رمضان ، إن كان من رمضان ، لعدم وقوع غيره فيه.
وقال ابنا بابويه : يوم الشك أمرنا أن نصومه ونهينا عنه ، أمرنا أن نصومه من شعبان ، ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه.
« قال دام ظله » : والجماع قبلا ودبرا ، على الأشهر.
اختلفت الروايات في الجماع ، ففي عدة منها ، أنه مفسد للصوم ، ( منها ) ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال ، الطعام ، والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء (2) ، وغير ذلك من الروايات.
وفي رواية مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى الساباطي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل ينسى ، وهو صائم ، فيجامع ( في مع - خ ) أهله؟
ص: 278
والارتماس في الماء ، وقيل : يكره.
______________________________________________________
فقال : يغتسل ، ولا شئ عليه (1).
وهذه ضعيفة ، فإن في الطريق ، ابن فضال ، وهو فطحي ، وفي عمار كلام.
وحملها الشيخ على حالة الشهوة والنسيان ، أو جامع وهو جاهل ، فإنه لا يجوز ، قلت : ومنعها أولى.
ثم أقول : الجماع في القبل ، يفسد الصوم اتفاقا ، وفي الدبر فيه خلاف ، قال الشيخ في كتاب الصوم من المبسوط : يفسد ويوجب القضاء والكفارة ، ثم قال : وقد روي ، أنه لا ينقض ، وتردد في باب الغسل من الجنابة ، وجزم المرتضى بوجوب الغسل والقضاء والكفارة ، وكذا قالا ( قال خ ) في وطئ الغلام.
ولشيخنا فيه تردد ، نظرا إلى أنه غير موضع الوطئ ، فهو بمنزلة سائر الأعضاء.
والفساد هو المختار ( لنا ) أن ذلك يسمى ( سمي خ ) جماعا في العرف والروايات مطلقة بأن الجماع يفسد الصوم ، وكل من قال بالفساد قال بوجوب القضاء والكفارة.
« قال دام ظله » : والارتماس في الماء ، وقيل يكره.
ذهب الشيخان في المقنعة ، والنهاية ، والجمل ، والمبسوط والخلاف ، إلى أن الارتماس ، يوجب القضاء والكفارة.
وما أعرف من أين أخذا ، مع أن الروايات خالية عنه ، ولهذا قال الشيخ في الاستبصار : ولست أعرف حديثا في إيجاب القضاء والكفارة ، أو أحدهما على المرتمس ، وقال : لا يمتنع أن يكون الفعل محظور ، ولا يوجب القضاء والكفارة ، نظرا إلى الروايات الواردة بالمنع.
ونعم ما قال ، فإن القضاء والكفارة ، حكم شرعي يحتاج إلى دليل مستأنف ،
ص: 279
وفي السعوط ومضغ العلك تردد ، أشبهه الكراهية.
______________________________________________________
وهو اختيار المتأخر ، وعده ابنا بابويه فيما يفطر الصوم وما ذكر الحكم.
والقائل بالكراهية هو المرتضى وابن أبي عقيل في المتمسك ، وهو في رواية عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : يكره للصائم أن يرتمس في الماء (1) وفي الطريق ابن فضال.
وفي أخرى عن إسحاق بن عمار ، قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا ، عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال : ليس عليه قضاء ذلك اليوم ولا يعودن (2).
وهذه مؤيدة مقالة الاستبصار ، وقال أبو الصلاح في الكافي (3) على المرتمس القضاء بصوم يوم ، وكذا على المرأة لو جلست في الماء إلى وسطها.
واختاره ابن البراج ، وهو متروك.
« قال دام ظله » : وفي السعوط ومضغ العلك ، تردد.
أما السعوط ، فما وقفت على رواية ، أنه يوجب القضاء والكفارة ، بل وردت واحدة عن البزنطي عن الرضا عليه السلام أنه لا يجوز للصائم أن يستعط ( يتسعط خ ) (4).
وعليها فتوى ابن بابويه في الرسالة ، وتبعه المفيد ، وأخرى عن غياث بن
ص: 280
وفي الحقنة قولان ، أشهرهما التحريم بالمايع.
______________________________________________________
إبراهيم عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : لا بأس بالكحل للصائم ، وكره السعوط (1).
وعليها فتوى الشيخ وأتباعه والمتأخر.
وقال ابن بابويه في المقنع : يتسعط إذا شكى ( اشتكى خ ) ويصب الدواء في أذنه.
وذهب سلار إلى أن عليه القضاء والكفارة ، وما أعرف به ( فيه خ ) دليلا ، وحكى المرتضى ذلك عن بعض الأصحاب ، واختار أنه ينقض الصوم ، ولا يبطله ، وعده أبو الصلاح (2) فيما لا يكون المكلف معه صائما ، وحكم بأن عليه القضاء لو تعمد.
والذي يظهر أن ذلك لا يجوز ، عملا برواية البزنطي ، ويجوز مع ماس الحاجة إليه ، دفعا للضرر.
وأما مضغ العلك ، فقد تردد فيه الشيخ في المبسوط ، قال : وردت روايات بأنه يوجب القضاء والكفارة ، وهو أحوط ، وقال في النهاية : لا يجوز ذلك.
وما عده فيما يوجب القضاء والكفارة وكذا المتأخر.
وقال ابن بابويه في المقنع : ولا بأس بمضغ العلك ، وقال أبو الصلاح : يجتنب ذلك ، وذهب شيخنا إلى الكراهية ، تفصيا من الخلاف.
« قال دام ظله » : وفي الحقنة ، قولان ، أشبههما التحريم بالمايع.
أقول : الحقنة بالجامد ، لا خلاف في جوازه على كراهية ، وإنما اختلف في الحقنة بالمايع ، قال في الجمل والمبسوط ، وأبو الصلاح : يوجب القضاء ، وقال المرتضى : لا
ص: 281
والذي يبطل الصوم إنما يبطله عمدا اختيارا.
فلا يفسد بمص الخاتم ، ومضغ الطعام للصبي ، وزق الطائر ، وضابطه ما لا يتعدى إلى الحلق ، ولا باستنقاع الرجل في الماء.
والسواك في الصوم مستحب ولو بالرطب.
ويكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة ، والاكتحال بالسواد بما فيه مسك أو صبر ، وإخراج الدم المضعف ، ودخول الحمام كذلك ، وشم الرياحين.
ويتأكد في النرجس ، والاحتقان بالجامد ، وبل الثوب على الجسد ، وجلوس المرأة في الماء.
______________________________________________________
يوجب القضاء ، وهو المختار ، وقال في النهاية ، والمفيد في المقنعة والمتأخر : لا يجوز ذلك.
ولعله اعتمادا على رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي الحسن عليه السلام ، أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان؟ فقال : الصائم لا يجوز له أن يحتقن (1).
وهو محمول على المايع ، للاتفاق على جواز الجامد ( لنا ) أن صحة الصوم قبل الحقنة معلومة ، وما يثبت فساده بها فاستصحاب الأول لازم.
أما التحريم ، فمستنده الرواية ، وليس مستلزم القضاء ، إذ هو فرض ثان ، يستدعي دليلا ثانيا ، ولا دليل ، فلا قضاء.
« قال دام ظله » : ويتأكد في النرجس.
أقول : إنما تأكدت الكراهية في النرجس ، لورود الخبر بخصوصيته ، دون ما
ص: 282
وفيه مسائل : ( الأولى ) تجب الكفارة والقضاء بتعمد الأكل والشرب والجماع قبلا ودبرا على الأظهر ، والإمناء بالملاعبة ، والملامسة ، وإيصال الغبار إلى الحلق متعديا.
______________________________________________________
يتضمن النّهى من الرّياحين اجمع ، روى ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن علي بن رئاب ، قال : سمعت ابا عبداللّه عليه السلام ، ينهى عن النرجس ، فقلت : ولم؟ قال : لانه ريحان ( ريحانة خ ) الاعاجم (1).
وروى الشيخ هذه عن داود بن اسحاق الخزاعى ( الحذا - ئل ) عن محمد بن الفيض ( العيص خ ) عن أبي عبد اللّه عليه السلام(2).
وحكى المفيد في المقنعة أن لملوك الأعاجم ، كان يوم يصومونه ، ويكثرون شم النرجس فيه ، فنهوا عليهم السلام ، خلافا لهم ، ولا يفسد الصوم.
المقصد الثاني
« قال دام ظله » : وفيه مسائل :
أقول : هذا المقصد مشتمل على بيان ما يوجب القضاء ، وما يوجب القضاء والكفارة ، فينبغي أن يعرف أن ما يوجب القضاء والكفارة متفق عليه ، ومختلف فيه.
( أما الأول ) فأربعة ، الأكل والشرب والجماع وما في حكمه من الأمناء والبقاء على الجنابة ، حتى طلوع الفجر ، ويشترط العمد في الكل.
وأما الثاني ، فقد قدمنا بيان الخلاف في البعض ، وسيتم ( وسنتم خ ) هنا.
ص: 283
وفي الكذب على اللّه والرسول والأئمة ، وفي الارتماس قولان ، أشبههما أنه لا كفارة.
وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر روايتان ، أشهرهما الوجوب.
وكذا لو نام غير ناو للغسل حتى يطلع الفجر.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي الكذب على اللّه والرسول ( وعلى رسوله خ ) و ( على خ ) الأئمة عليهم السلام ، وفي الارتماس ، قولان ، أشبههما ، أنه لا كفارة.
والارتماس هنا ، والاغتماس بمعنى واحد ، إلا أن الارتماس أعم ، يستعمل في التراب ، وهو كثير ، ويستعمل في الماء أيضا ، والاغتماس لا يستعمل إلا في الماء ، وقد مضى البحث فيه.
وأما الكذب على اللّه والرسول والأئمة عليهم السلام فمذهب الشيخ في الجمل والنهاية ، أنه يوجب القضاء والكفارة ، وعده ابنا بابويه وأبو الصلاح ، فيما يفطر الصوم ، وما ذكروا الحكم.
قال في المبسوط بعد ذكر مذهب النهاية : وفي أصحابنا من قال : أن ذلك لا يفطر ، وإنما ينقض.
وقال شيخنا : الأشبه ، أنه لا كفارة ، تمسكا بالأصل ، ولعدم وقوفه على دليل ، ولنا فيه توقف ، رجاء ( وجاز خ ) الظفر على دليل ناهض ، بدعوى الشيخ وأتباعه.
« قال دام ظله » : وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر ، روايتان ، أشهرهما الوجوب.
أي وجوب القضاء والكفارة ، وهو متفق عليه ، إنما الاختلاف في الروايات ، فإن صفوان بن يحيى روى ، عن عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل أجنب في شهر رمضان ، في أول الليل ، فأخر الغسل حتى
ص: 284
( الثانية ) الكفارة عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، وقيل : هي مرتبة.
وفي رواية ، تجب على الإفطار بالمحرم كفارة الجمع.
______________________________________________________
طلع الفجر؟ فقال : يتم صومه ولا قضاء عليه (1).
وبه عدة روايات أخر ، كلها ضعاف ، وحملها الشيخ على التقية ، وهي محمولة على وقوع التأخير سهوا ، أو لكونه نائما ( قائما خ ).
وإنما العمل على ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ، ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح؟ قال : يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا (2).
وبه غير هذه ، وهي أوضحها ( أصحها خ ) طريقا.
وفي رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان ، أو أصابته جنابة ، ثم ينام ( الرجل خ ) حتى يصبح متعمدا؟ قال : يتم ذلك اليوم ، وعليه قضاؤه (3).
وحملها الشيخ على من يتنبه بعد نومه ، فيتوانى عن الغسل ، فحمله ( فغلبه خ ) النوم (4) حتى يصبح ، فإنه يلزمه قضاء ذلك اليوم ، لتفريطه.
« قال دام ظله » : الكفارة عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، وقيل هي مرتبة ، وفي رواية تجب على الإفطار بالمحرم ، كفارة الجمع.
ص: 285
( الثالثة ) لا تجب الكفارة في شئ من الصيام عدا شهر رمضان والنذر المعين وقضاء شهر رمضان بعد الزوال.
______________________________________________________
اختلف في كفارة صوم رمضان ، قال الشيخان وسلار وابنا بابويه ، وأبو الصلاح وأتباعهم : بالتخيير ، وينطق بذلك روايات.
( منها ) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل أفطر من ( في خ ) شهر رمضان متعمدا يوما واحدا ، من غير عذر ، قال : يعتق نسمة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا ، فإن لم يقدر ( على ذلك يب ) تصدق بما يطيق (1).
( ومنها ) ما رواه أبو بصير ، وقد ذكرت (2).
وذهب علم الهدى ، وابن أبي عقيل في المتمسك إلى أنها مرتبة ، وهو استناد إلى ما رواه عبد المؤمن بن الهيثم ( القاسم خ ) الأنصاري ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وآله ، وقال : هلكت وأهلكت ( يا رسول اللّه خ ) قال : وما أهلكك؟ قال : أتيت امرأتي في شهر رمضان ، وأنا صائم ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : أعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال : فصم شهرين متتابعين ، قال : لا أطيق ، قال : تصدق على ستين مسكينا ، قال : لا أجد ، قال فأتى النبي صلى اللّه عليه وآله بعذق في مكتل ، فيه خمسة عشر صاعا من تمر ( وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام عشرون صاعا ) فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : خذ هذا فتصدق بها ، فقال له : والذي بعثك بالحق نبيا ، ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا ، فقال : خذه فكله ( وكله خ ) أنت وأهلك فإنه كفارة لك (3).
ص: 286
............................................................................
______________________________________________________
وجه الاستدلال ، التمسك بما بدأ به النبي صلى اللّه عليه وآله أولا فأولا.
وفيه ضعف ، فإنه كما يحتمل الترتيب ، يحتمل أن يكون لبيان خصال الكفارة من غير وجوب الترتيب ، ومع الاحتمال ، لا يصلح دليلا.
على أنها لو نزلت على الترتيب لأطرحت روايتنا (1) ولو حملناها على التخيير ، لا تسقط هذه ، فارتكاب ما لا تسقط معه رواية ، أولى من ارتكاب ما يلزم فيه سقوطها.
وفي رواية الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا؟ فقال : عليه عتق رقبة وإطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين ، وقضاء ذلك اليوم ، ومن أين له بمثل ذلك اليوم (2) وهي غير مسندة (3) ، وفي سماعة ضعف.
ونزلها الشيخ إما على أن الواو ، بمعنى ( أو ) التي للتخيير ، كما في قوله تعالى : مثنى وثلاث ورباع (4) أو تكون مختصة بمن أفطر على شئ محرم ، ذكره في الاستبصار.
وقال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه : أنا أفتي بهذه الرواية ، فيمن أفطر بحرام ، حسبما رواه أبو جعفر بن محمد بن عثمان العمري ، وما رواه حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : قلت للرضا عليه السلام : يا ابن رسول اللّه ، قد روي عن آبائك عليهم السلام ، فيمن جامع في شهر رمضان ، أو
ص: 287
والاعتكاف على وجه.
( الرابعة ) من أجنب ونام ناويا للغسل حتى طلع الفجر فلا قضاء ولا كفارة.
ولو انتبه ثم نام ثانيا فعليه القضاء ، ولو انتبه ثم نام ثالثة قال الشيخان : عليه القضاء والكفارة.
( الخامسة ) تجب القضاء دون الكفارة في الصوم الواجب المتعين بسبعة أشياء فعل المفطر والفجر طالع ظانا بقاء الليل مع القدرة على مراعاته.
وكذا مع الإخلاد إلى المخبر ببقاء الليل مع القدرة على المراعاة والفجر طالع.
______________________________________________________
افطر، فيه ثلاث كفارات ، وروي عنهم أيضاً ، كفارة واحدة ، فبايّ الخبرين ( الحديثين خ ) نأخذ؟ قال : بهما جميعاً ، فمتى جامع الرّجل حراماً ، او افطر على حرام ، في شهر رمضان ، فعليه ثلاث كفارات ، عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان قد نكح حلالا ، أو أفطر على حلال ، فعليه كفارة واحدة ، وإن كان ناسيا ، فلا شئ عليه (1).
« قال دام ظله » : والاعتكاف على وجه.
يعني كون الاعتكاف منذورا ، أو عهدا ، أو يكون الإفطار ، يوم الثالث ، على خلاف ، وسيذكر في باب الاعتكاف.
« قال دام ظله » : ولو انتبه ثم نام ثالثة ، قال الشيخان عليه القضاء والكفارة.
أقول : أضاف القول إلى الشيخين ، لسبقهما إليه وتجرده عن دليل وهو اختيار
ص: 288
وكذا لو ترك قول المخبر بالفجر كذبه ويكون صادقا.
وكذا لو أخلد إليه في دخول الليل فأفطر وبان كذبه مع القدرة على المراعاة.
والافطار للظلمة الموهمة دخول الليل ، ولو غلب على ظنه دخول الليل لم يقض.
وتعمد القئ ولو ذرعا لم يقض ، وإيصال الماء إلى الحلق متعديا لا للصلاة.
وفي إيجاب القضاء بالحقنة قولان ، أشبههما أنه لا قضاء.
وكذا فيمن نظر إلى امرأة فأمنى.
______________________________________________________
( مذهب خ ) سلار وأتباعهم ، والمتأخر ، ولعله تخرج منهما رحمهما اللّه ، نظرا إلى أنه إذا انتبه مرتين ، يلزم القضاء ، كما يتضمن رواية منصور بن حازم ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لو استيقظ ثم نام ، حتى يصبح ، يقضي يوما بدله ، ولو لم يستيقظ. فالصوم صحيح (1).
ففي الثالثة لا بد من مزيد حكم ، ولا حكم في الصوم إلا الكفارة ، وفيه ضعف (2) وسمعنا ذلك عن شيخنا دام ظله ، مذاكرة.
« قال دام ظله » : وفي إيجاب القضاء بالحقنة ، قولان ، أشبههما أنه لا قضاء ، وكذا
ص: 289
( السادسة ) تتكرر الكفارة مع تغاير الأيام.
وهل تتكرر بتكرير الوطئ في اليوم الواحد؟ قيل : نعم ، والأشبه أنها لا تتكرر. ويعزر من أفطر لا مستحلا ، مرة وثانيا ( ثانية خ ) فإن عاد ثالثة قتل.
( السابعة ) من وطأ زوجته مكرها لها لزمه كفارتان ، ويعزر دونها.
ولو طاوعته كان على كل منهما كفارة ويعزران.
( الثالث ) من يصح منه ، ويعتبر في الرجل العقل والإسلام.
وكذا في المرأة مع اعتبار الخلو من الحيض والنفاس ، فلا يصح من الكافر وإن وجب عليه ، ولا من المجنون.
______________________________________________________
فيمن ( من خ ) نظر إلى امرأة ، فأمنى.
البحث في الحقنة قد تقدم ، أما الإمناء بالنظر ، فاختلف فيه الشيخان ، فذهب الشيخ في المبسوط والمفيد ، إلى أن عليه القضاء وتبعه سلار ، وقال في النهاية : لا شئ عليه ، وعليه أتباعه ، وهو أشبه.
وحكم السماع ( الاستمتاع خ ) حكم النظر في الأمناء ، والبحث واحد.
فأما لو كان الإمناء بالملاعبة ، أو الملامسة أو القبلة ، فحكمه حكم الجماع ، يدل على ذلك ما رواه صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله ، في شهر رمضان ، حتى يمني ، قال : عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع (1).
« قال دام ظله » : تتكرر الكفارة مع تغاير الأيام ، وهل تتكرر بتكرير الوطئ في اليوم واحد؟ قيل : نعم ، والأشبه أنها لا تتكرر.
ص: 290
والمغمى عليه ، ولو سبقت منه النية على الأشبه.
ولا يصح من الحائض والنفساء ، ولو صادف ذلك أول جزء من النهار أو آخر جزء منه ، ويصح من الصبي المميز ، ( ولا يصح من الصبي الغير المميز خ ) ، ومن المستحاضة مع فعل ما يجب عليها من الأغسال.
______________________________________________________
أقول : لا خلاف أن تغاير الأيام مع الإفطار فيها ، موجب لتكرر الكفارة ، على حسب الأيام.
وكذا لا خلاف أنها لا تتكرر في اليوم الواحد ، إذا كان الإفطار بغير الوطئ ، فأما بالوطئ ، فعند المرتضى تتكرر ، وكأنه نظر إلى إطلاق الروايات ، بأن الجماع يوجب الكفارة.
وفيه ضعف ، لأنها مقيدة بالصوم ، وإذا جامع مرة لا يكون صائما.
وقال الشيخ في المبسوط والخلاف : لا تتكرر ، مستدلا بأن الأصل براءة الذمة ، وهو حسن.
وحكى في المبسوط عن بعض الأصحاب تفصيلا ، أن تكرر الوطئ لو حصل بعد التكفير من الأول ، فعليه كفارة أخرى ، وإلا فتكفي واحدة ، واختاره بعض تابعيه ( متابعيه خ ) من الأعاجم ، ولست أعرف منشأ التفصيل ، وفيه إشكال.
« قال دام ظله » : والمغمى عليه ، ولو سبقت منه النية ، على الأشبه.
ذهب علم الهدى والمفيد وسلار إلى أن المغمى عليه ، يجب عليه القضاء ، لأن الإغماء مرض ، والمريض يقضي.
والجواب ، لا نسلم أن الإغماء مرض ، فإن المرض هيئة غير طبيعية في البدن ، موجبة بالذات ، آفة في العقل وليس الإغماء كذلك.
ولو سلمنا أنه فرض ، نمنع أن كل مرض يوجب القضاء ، وذلك ظاهر ، لأن مع زوال العقل ، التكليف ساقط ، فلا يدخل تحت الخطاب.
ص: 291
ويصح من المسافر في النذر المعين المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور ، وفي ثلاثة أيام لدم المتعة وفي بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا.
______________________________________________________
وقال الشيخ في النهاية وموضع من المبسوط : إنه متى كان مفيقا في أول الشهر ، ونوى الصوم ، ثم أغمي عليه واستمر ، لم يلزمه قضاء شئ ( انتهى ).
فكلامه هذا مشعر بأن مع ترك النية ، يقضي من حيث دليل الخطاب.
والوجه عدم وجوب القضاء ، سبقت منه النية ، أو لم تسبق ، لأن عقله زائل ، فهو خارج عن التكليف ، وهو اختيار الشيخ في موضع من المبسوط ، وشيخنا دام ظله.
« قال دام ظله » : ويصح من المسافر ، في النذر المعين ، المشترط سفرا وحضرا ، على قول مشهور.
هذا القول للشيخين ، والمستند غير معلوم ، بل تأول الشيخ ما رواه إبراهيم بن الحميد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن رجل ( الرجل خ ) يجعل لله عليه صيام يوم مسمى؟ قال : يصوم أبدا في السفر والحضر (1).
وفي الطريق ابن فضال ، وفي التأويل عدول عن ظاهر الرواية ، فلا يصلح مستندا ، ولهذا قال : ( على قول مشهور ) ، وشهرته أن أتباعهما قائلون به من غير مخالف ، وكذا نحن نتبعهم تقليدا ( لهم خ ).
وهل يصح صوم يوم نذره من غير شرط ، واتفق في السفر؟ فتوى المشايخ على المنع.
وهل يقضي ذلك اليوم؟ قال في النهاية : نعم ، وهو أحوط ، وقال في المبسوط : لا ، وهو أشبه ، لأن النذر غير منعقد ، وهو اختيار المتأخر.
ص: 292
ولا يصح في واجب غير ذلك على الأظهر إلا أن يكون سفره أكثر من حضوره أو يعزم الإقامة عشرة.
ويؤخذ الصبي المميز بالواجب لسبع سنة استحبابا مع الطاقة ، ويلزم به عند البلوغ ، ولا يصح من المريض من التضرر به ، ويصح لو لم يتضرر ويرجع في ذلك إلى نفسه.
( الرابع ) في أقسامه ، وهي أربعة : واجب ، وندب ، ومكروه ، ومحظور.
فالواجب ستة : شهر رمضان ، والكفارات ، ودم المتعة ، والنذر وما في معناه ، والاعتكاف على وجه ، وقضاء الواجب المعين.
أما شهر رمضان فالنظر في علامته وشروطه وأحكامه : ( الأول ) علامته ، وهي رؤية الهلال ، فمن رآه وجب عليه صومه ، ولو انفرد بالرؤية.
ولو رأي شايعا أو مضى من شعبان ثلاثون يوما وجب الصوم عاما ، ولو لم يتفق ذلك قيل : يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولا يصح في واجب غير ذلك ، على الأظهر.
الاقتصار على ما عده مذهبه مذهب الشيخ وإنما قال : ( على الأظهر ) لأن المفيد وابن بابويه ، زاد فيه صوم الثلاثة الأيام للحاجة عند قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وجعلها الشيخ رواية (1).
وابن بابويه صوم الاعتكاف وكذا المتأخر.
« قال دام ظله » : ولو رأي شايعا ، أو مضى من شعبان ثلاثون يوما ، وجب الصوم عاما ، ولو لم يتفق ذلك ، قيل : يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة ، إلى آخره.
ص: 293
وقيل : لا يقبل مع الصحو إلا خمسون نفسا أو اثنان من خارج ، وقيل : يقبل شاهدان كيف كان وهو أظهر.
______________________________________________________
اختلفت الاقوال في هذه المسألة ، والقائل هذا ابويعلى سلار ، ولست اعرف منشأه.
نعم روى - في الفطر ، الاكتفاء بواحد - ، محمد بن قيس ، عن ابي جعفر عليه السلام ، قال : قال علي عليه السلام : اذا رأيتم الهلال فافطروا ، او شهد عليه عدل من المسلمين ( الحديث ) (1).
ومحمد بن قيس مجهول الشخص ، فهي متروكة ، ولا فتوى عليها ، وقال شارح لرسالته : (2) اخذ سلار فتواه من رواية خرجت على التقيّة ، وهو اعلم به ، وفي المثل المولّد ( الموكول خ ) ثبّت العرش ثم انقش.
ثم يلزم على مذهب سلار جواز الافطار بقول واحد ، وهو غير مذهبه ، ولا مذهب احد منّا.
وانّما قلنا يلزم ذلك لأنّ ابتدء الصوم ، اذا كان بشهادة واحد ، وغيمت ( غمّت خ ) السماء آخر الشهر ، فنعدل الى عدلين (3) للفطر ضرورة ، وهو مبنيّ على شهادة واحد ، والفطر مبنيّ عليه ، والمبنيّ على المبنيّ على الشيء ، مبني على ذلك الشئ ، وإذا ثبت هذا. فلنرجع إلى بيان الأقوال.
فصل الشيخ في الخلاف ، وابن بابويه في المقنع ، قالا : لا يقبل مع الصحو ، إلا
ص: 294
............................................................................
______________________________________________________
خمسون قسامة ، أو اثنان من خارج البلد ، ومع العلة اثنان.
وقال في النهاية والمبسوط : مع وجود العلة وعدم الرؤية العامة ، يحتاج إلى القسامة خمسين رجلا من البلد ، أو اثنين من الخارج ، ومع عدم العلة وعدم رؤية أهل البلد ، يحتاج إلى خمسين من الخارج ، ولو لم ير في الخارج أيضا يعد ثلاثون من الماضي.
والمستند ما رواه في التهذيب ، عن يونس بن عبد الرحمن ، رفعه (1) إلى أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : ولا يجزي في رؤية الهلال ، إذا لم يكن في السماء علة ، أقل من شهادة خمسين ، وإذا كانت في السماء علة ، قبلت شهادة رجلين ، يدخلان ويخرجان من مصر (2).
وفي معناها أخرى ، عن يونس عن حبيب الخزاعي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).
وقال أبو الصلاح : يقوم مقام الرؤية ، شهادة عدلين في الغيم ، وغير ذلك من العوارض وفي الصحو إخبار خمسين.
وما فصل بين أهل البلد وخارجه.
وقال في الجمل : علامة دخول رمضان ، الرؤية ، أو قيام البينة.
والمراد بالبينة ، إذا أطلقت شاهدا عدل ، وقد صرح الشيخ بذلك في موضع من الخلاف ، قال : علامة رمضان ، إما الرؤية ، أو شهادة عدلين ، وهو مذهب المفيد
ص: 295
ولا اعتبار بالجدول ، ولا بالعدد ، ولا بالغيبوبة بعد الشفق ، ولا بالتطوق ، ولا بعد خمسة أيام من هلال السنة الماضية.
وفي العمل برؤيته قبل الزوال تردد ، ومن كان بحيث لا يعلم الأهلة توخى صيام شهر ، فإن استمر الاشتباه أجزأه.
وكذا لو صادف أو كان بعده ، ولو كان قبله استأنف.
ووقت الإمساك طلوع الفجر الثاني ، فيحل الأكل والشرب حتى يتبين خيطه ، والجماع حتى يبقى لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال.
ووقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقية.
______________________________________________________
والمرتضى في جمله والمتأخر وشيخنا ، وعليه أعتمد.
( لنا ) أن الأحكام الشرعية جميعها ثبتت بشهادة شاهدين عدلين ، إلا ما استثنى لدليل ، ولا دليل هنا.
ورواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن عليا عليه السلام ، كان يقول : لا أجيز في رؤية الهلال ، إلا شهادة رجلين عدلين (1).
وغيرها من الروايات في معناها ، ورواية يونس (2) لا تصلح معارضة لهذه ، فإن بعض رجالها مجهول ، وفي يونس طعن.
« قال دام ظله » : ولا اعتبار بالجدول ، ولا بالعدد ، ولا بالغيبوبة بعد الشفق ، ولا بالتطوق ، ولا بعد خمسة أيام من هلال ( السنة خ ) الماضية.
أقول : الجدول مستفاد من حساب المنجمين ، وتعرف كيفيته من الزيج ، وصحته ظني ، فلهذا لا يعتبر به.
ص: 296
ويستحب تقديم الصلاة على الإفطار إلا أن تنازع نفسه أو يكون من يتوقع إفطاره.
أما شروطه فقسمان :
( الأول ) شرائط الوجوب ، وهي ستة : البلوغ ، وكمال العقل فلو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه لم يجب على أحدهم الصوم إلا ما أدرك فجره كاملا.
والصحة من المرض ، والإقامة أو حكمها.
______________________________________________________
وأما العدد ، فهو القول ، بأن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين ، وشوال لا يتم ، فعلى هذا يعتبر كل الشهور إلى رمضان ، فيبنى على الماضي مع الاشتباه ، وتحسب شهرا تاما وشهرا ناقصا.
واختلفت فيه الروايات ، والفتوى ، فذهب الشيخ في المبسوط ، والتهذيب ، والاستبصار ، والمفيد في المقنعة ، والرسالة الغرية إلى المنع من اعتباره.
وهو فيما رواه أبان ، عن عبد اللّه بن جبل عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما ، يعني أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهما السلام ، قال : شهر رمضان ، يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان (1).
وفيما رواه عن بن مهزيار ، عن عمرو بن عثمان ، عن الفضل ، عن زيد الشحام جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سئل عن الأهلة؟ فقال : هي أهلة الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر ، قلت : أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ قال : لا إلا أن يشهد لك بينة عدول ، فإن
ص: 297
............................................................................
______________________________________________________
شهدوا ، أنهم رأوا الهلال قبل ذلك ، فاقض ذلك اليوم (1).
ومثله في رواية رفاعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قد يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما ، ويكون ثلاثين ، ويصيبه ما يصيب الشهور ، من التمام والنقص (2).
وبه روايات كثيرة (3) اقتصرنا على هذا ، وعليه أتباع الشيخ ، وهو المعتقد ( المنعقد خ ) عليه اليوم العمل ويصدقه الاعتبار.
وذهب المفيد في مختصر له إلى اعتباره وعليه أصحاب الحديث ، وكذا محمد بن علي بن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه وتمسكهم بعدة روايات إما محتملة (4) وإما مطعون فيها.
وقد بين ذلك الشيخ في الاستبصار ، فمن أراده وقف عليه.
ولنذكر بعضها ، روى حذيفة بن منصور ، عن معاذ بن كثير ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إن الناس يقولون : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صام تسعة وعشرين ، أكثر مما صام ثلاثين ، فقال ، كذبوا ، ما صام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله منذ بعثه إلى أن قبض ، أقل من ثلاثين يوما ، ولا نقص شهر رمضان منذ خلق اللّه السماوات والأرض من ثلاثين يوما وليلة (5).
وروى أيضا حذيفة بن منصور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : شهر رمضان ثلاثون يوما ، لا ينقص أبدا (6).
ص: 298
............................................................................
______________________________________________________
وروى سهل بن زياد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن اللّه عزوجل ، خلق الدنيا في ستة أيام ، ثم اختزلها من ( عن خ ) أيام السنة ، والسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما ، شعبان لا يتم أبدا ، وشهر رمضان لا ينقص واللّه أبدا ( الحديث ) (1) روى الأولين ابن بابويه ، والأخير الكليني.
وطعن الشيخ فيها ، بأن حديثي حذيفة ما وجدناه ( ما وجد خ ) في كتابه ، وهو كتاب مشهور.
وأيضا روى هو ( تارة ) بواسطة ( وتارة ) بلا واسطة و ( تارة ) يفتي به من عند نفسه ، وهو أمارة الضعف.
وأيضا سهل بن زياد (2) مقدوح فيه ، وهي مرسلة.
على أن قوله : لا ينقص أبدا ، لا يفيد إلا أنه لا يكون أبدا ناقصا ، وهو لا ينافي أن يكون حينا ناقصا وحينا تاما.
وأما اعتبار الغيبوبة بعد الشفق ، والتطوق ، فهو في رواية حماد بن عيسى ، عن إسماعيل بن الحسن ( البحر خ ) ( الحر خ ) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا غاب الهلال قبل الشفق ، فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق ، فهو لليلتين (3).
ورواية محمد بن مرازم ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا تطوق الهلال ، فهو لليلتين ، وإذا رأيت ظل رأسك فيه ، فهو لثلاث (4) وعليها فتوى ابن بابويه.
ص: 299
ولو زال السبب قبل الزوال ولم يتناول أمسك واجبا وأجزأه ، ولو كان بعد الزوال أو قبله وقد تناول أمسك ندبا وعليه القضاء.
والخلو من الحيض والنفاس.
______________________________________________________
وقال الشيخ في الاستبصار : انما يعتبر لو كانت في السماء علة ليلته الماضية ، وقال في المسبسوط : ولا اعتبار به مطلقا وعليه الاكثرون.
وأمّا اعتبار عدّ خمسة ايام ، فيه روايتان ، احداهما عن ابراهيم بن محمد المزنى ( المدنى خ ل ) عن عمران الزعفراني ، قال : قلت لابي عبد اللّه عليه السلام : ان السماء تطبق علينا بالفرات ( بالعراق خ ) اليوم واليومين والثلاثة فأي يوم نصوم؟ قال : انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية ، فعد منها خمسة أيام ، وصم يوم الخامس ( منه خ ) (1).
ومثله رواية سهل بن زياد ، عن منصور بن العباس ، عن إبراهيم بن الأحول ، عن عمران الزعفراني ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ، إلى آخره (2).
وفيهما ضعف ، فإن الأولى مرسلة ، رواها محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن بعض الأصحاب ، ورجالها ضعاف ، وكذا الثانية ، فإن في سهل طعنا ، على أن الزعفراني مجهول الحال.
والشيخ عمل بهما في المبسوط ، إذا كانت شهور السنة الماضية مغيمة كلها.
والأولى الإعراض ، وبتقدير التسليم ، خرجه شيخنا وجها مبينا على اعتبار العدد ، وقد بينا ضعفه.
« قال دام ظله » : ولو زال السبب قبل الزوال ، ولم يتناول أمسك واجبا وأجزأه.
يريد بالسبب السفر والمرض ، ويدل عليه قوله : والصحة من المرض ، ويدل عليه قوله : والصحة من المرض ، والإقامة
ص: 300
( الثاني ) شرائط القضاء : وهي ثلاثة : البلوغ ، وكمال العقل ، والإسلام فلا يقضي ما فاته لصغر أو جنون أو إغماء أو كفر ، والمرتد يقضي ما فاته ، وكذا كل تارك ، عدا الأربعة ، عامدا أو ناسيا.
( الأولى ) المريض إذا استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط القضاء على الأظهر ، وتصدق عن الماضي لكل يوم بمد.
ولو برء وكان في عزمه القضاء ومرض ولم يقض صام الحاضر ، وقضى الأول ولا كفارة ، ولو ترك القضاء تهاونا صام الحاضر وقضى الأول وكفر عن كل يوم بمد.
______________________________________________________
وحكمها دلالة التزامية.
« قال دام ظله » : المريض إذا استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط القضاء على الأظهر ، وتصدق عن الماضي لكل ( عن كل خ ) يوم بمد.
أقول : المريض لا يخلو إما أن يستمر المرض ، إلى رمضان آخر ، أو يبرئ ، فإن كان الأول : قال الشيخ وابنا بابويه : يسقط القضاء وعليه الكفارة ، وكم هي؟ قال الشيخ : مدان ، ومع التعذر مد ، ومع العجز عنه يسقط ولا قضاء ، وقال ابنا ( ابن خ ) بابويه : مد بغير التفصيل.
وذهب المتأخر إلى وجوب القضاء ، مستدلا بقوله تعالى : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر (1).
وبما قاله الأولون روايات كثيرة يصلح أن يخصص بها عموم القرآن.
( فمنها ) ما رواه الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ،
ص: 301
............................................................................
______________________________________________________
عن أبي جعفر عليه السلام ، في الرجل يمرض ، فيدركه شهر رمضان ، ويخرج عنه وهو مريض ، ولا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر ، قال : يتصدق عن الأول ، ويصوم الثاني ، فإن كان صح فيما بينهما ، ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر ، صامهما جميعا ، ويتصدق عن الأول (1) وروى مثل هذه علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير.
( ومنها ) ما رواه الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان آخر ، ثم صح ، فإنما عليه لكل يوم أفطره ، فدية طعام ، وهو مد لكل مسكين ، قال : وكذلك أيضا في كفارة اليمين وكفارة الظهار مدا مدا ، وإن صح فيما بين الرمضانين ، فإنما عليه أن يقضي الصيام ( الحديث ) (2).
( ومنها ) ما رواه حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ( في حديث ) قال : قالا : فإن كان لم يزل مريضا حتى أدركه ( شهر خ ) رمضان آخر ، صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكل يوم مدا على مسكين ، وليس عليه قضاء (3).
وإذا تقرر هذا ، فهل حكم ما زاد على رمضانين كذلك؟ قال : الشيخ : نعم ، وقال : ابنا بابويه : لا يسقط القضاء إلا في الأول.
( وأما الثاني ) وهو أن يبرأ المريض ، فينبغي أن لا يتهاون بالقضاء ، فإن توانى حتى لحقه رمضان آخر ، يقضي بعده ، وعليه الكفارة ، نعم لو كان عازما على القضاء ، فلا كفارة.
ص: 302
( الثانية ) يقضي عن الميت أكبر ولده ما تركه من صيام لمرض وغيره مما تمكن من قضائه ولم يقضه ، ولو مات في مرضه لم يقض عنه وجوبا ، واستحب.
وروي القضاء عن المسافر ، ولو مات في ذلك السفر.
والأولى مراعاة التمكن ليتحقق الاستقرار ، ولو كان وليان قضيا بالحصص ، ولو تبرع بعض صح ، ويقضي عن المرأة ما تركته على تردد.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : يقضي عن الميت أكبر ولده ، ما تركه من صيام ، لمرض وغيره ، مما تمكن من قضائه ولم يقضه.
إعلم أن من توفى ، وفاته صيام شهر رمضان ، لا يخلو حاله ( إما ) إن تمكن من القضاء ولم يفعل ( أو ) لم يتمكن ، فإن كان الأول ، يقضي عنه الولي أي أكبر أولاده الذكور وقال ابنا بابويه : فإن لم يكن الذكور ، فمن النساء.
والأول أظهر ، عملا برواية علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن رجل أدركه شهر رمضان ، وهو مريض ، فتوفي قبل أن يبرأ؟ قال : ليس عليه شئ ، ولكن يقضي عن الذي يبرأ ، ثم يموت قبل أن يقضي (1).
وبه روايات أخر (2) وعليها فتوى الشيخ وأتباعه في الجمل والمبسوط ، والمفيد في كتاب الأركان.
وفي رواية ظريف بن ناصح ، عن أبي مريم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ، ثم لم يزل مريضا حتى يموت ، فليس عليه شئ ( قضاء خ ل ) وإن صح ، ثم مرض ، ثم مات ، وكان له مال ، تصدق عنه مكان
ص: 303
............................................................................
______________________________________________________
كل يوم بمد فإن لم يكن له مال تصدق عنه وليه (1) ، ومثله في رواية الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي مريم ، إلا أن فيها : فإن لم يكن له مال ، صام عنه وليه (2). وفي الوشاء ضعف ، وعليها فتوى علم الهدى.
وفي النهاية : إن وجب عليه صيام شهرين متتابعين ، تصدق عنه عن شهر ، ويقضي عنه وليه شهرا.
وقال المتأخر هنا : إن الشهرين إن كانا نذرا وجب على الولي الإتيان بهما صوما لا غير ، وإن كانا لكفارة مخيرة ، فالولي مخير إن شاء صام ، وإن شاء تصدق من ماله قبل القسمة ، وهو أشبه.
وإن كان الثاني وهو إن لم يتمكن من القضاء لا يجب على الولي القضاء عنه ، لعدم استقراره في ذمة الميت إلا في السفر ، فإن الشيخ ذهب في التهذيب إلى وجوب القضاء على كل حال ، مستدلا بما روي ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت ، قال : يقضي عنه ( الحديث ) (3) واختاره شيخنا دام ظله في الشرايع ، متمسكا بها.
والأشبه عدم الوجوب ، لسقوط الأداء ، وعدم تعلق القضاء ، وهو اختياره في النهاية وابني بابويه في المقنع والرسالة.
وإذا ثبت هذا فهل يقضي عن النساء كالرجال؟ قال الشيخ وأتباعه : نعم ، وقال المتأخر : لا نظرا إلى أن القضاء عن الغير خلاف مقتضى الأصل ، عمل به في الرجال ، للإجماع ، وفي غيرهم ( وغيرهم خ ) باق على أصله ( الأصل خ ).
ولشيخنا فيه تردد ، موجبه اعتبار فتوى الشيخ ، والنظر إلى أن العلة المقتضية
ص: 304
( الثالثة ) إذا كان الأكبر أنثى فلا قضاء ، وقيل : يتصدق من التركة عن كل يوم بمد ، ولو كان عليه شهران متتابعان جاز أن يقضي الولي شهرا ويتصدق عن شهر آخر.
( الرابعة ) قاضي رمضان مخير حتى تزول الشمس ثم يلزمه المضي ، فلو أفطر لغير عذر أطعم عشرة مساكين ولو عجز صام ثلاثة أيام.
( الخامسة ) من نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر فالمروي قضاء
______________________________________________________
للقضاء قائمة في الفريقين.
وفي هذا نوع قياس ، واختيار المتأخر قوي ، والتردد ضعيف ، ونحن لو قلنا بمقالة الشيخ ، لاقتصرنا على السفر خاصة ، عملا بما رواه علي بن اسباط ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن ابي عبداللّه عليه السلام ، في امرأة مرضت في شهر رمضان ، او طمثت او سافرت ، فماتت قبل ان يخرج رمضان ، هل يقضى عنها؟
قال : أما الطمث والمرض فلا ، وأما السفر فنعم (1).
« قال دام ظله » : إذا كان الأكبر أنثى ، فلا قضاء ، وقيل : يتصدق من التركة؟ الخ.
القائل بهذا (2) هو الشيخ في المبسوط ، ولست أتحقق من أين أخذه؟ ويخطر أنه تمسك برواية ظريف بن ناصح عن أبي مريم (3) وقد مضت.
« قال دام ظله » : من نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر ، فالمروي قضاء الصلاة والصوم ، والأشبه قضاء الصلاة حسب.
ص: 305
الصلاة والصوم ، والأشبه قضاء الصلاة حسب.
وأما بقية أقسام الصوم فسيأتي ذكرها في أماكنها إن شاء اللّه تعالى.
والندب من الصوم ، منه ما لا يختص وقتا ، فإن الصوم جنة من النار ، ومنه ما يختص وقتا ، والمؤكد منه أربعة عشرة ، صوم أول خميس من الشهر ، وأول أربعاء من العشر الثاني ، وآخر خميس من العشر الأخير ، ويجوز تأخيرها مع المشقة من الصيف إلى الشتاء ، ولو عجز تصدق عن كل يوم بمد ، وصوم أيام البيض ، ويوم الغدير ، ومولد النبي صلى اللّه عليه وآله ومبعثه ، ودحو الأرض ، ويوم عرفة لمن لا يضعفه الدعاء مع تحقق الهلال ، وصوم ( يوم خ ) عاشوراء حزنا ، ويوم المباهلة ، وكل خميس وجمعة ، وأول ذي الحجة ، ورجب كله ، وشعبان كله.
ويستحب الإمساك في سبعة مواطن : المسافر إذا قدم بلده أو بلدا يعزم فيه الإقامة بعد الزوال أو قبله وقد تناول.
وكذا المريض إذا برء ، وتمسك الحائض والنفساء والكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار ولو لم يتناولوا.
ولا يصح صوم الضيف من غير إذن مضيفه ندبا ، ولا المرأة من غير إذن الزوج ، ولا الولد من غير إذن الوالد ، ولا المملوك بدون إذن مولاه.
ومن صام ندبا ودعي إلى طعام فالأفضل الإفطار.
والمحظور صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى.
______________________________________________________
هذه رواية رواها حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل أجنب في شهر رمضان ، فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان؟ قال :
ص: 306
وقيل : القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها ، وإن دخل فيهما العيد وأيام التشريق لرواية زرارة ، والمشهور عموم المنع.
وصوم آخر شعبان بنية الفرض.
ونذر المعصية ، والصمت.
______________________________________________________
عليه أن يقضي الصلاة والصيام (1).
وعليها فتوى الشيخ في المبسوط.
والوجه صحة الصوم ، لأن الطهارة ليست شرطا فيه ، بخلاف الصلاة.
« قال دام ظله » : وقيل : القاتل في أشهر الحرم ، يصوم شهرين منها ، وإن دخل فيهما العيد وأيام التشريق ، لرواية زرارة الخ.
هذه رواها سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن رجل قتل رجلا خطأ ، في الشهر الحرام ، قال : يغلظ عليه الدية ( العقوبة خ ل ) ، وعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، من أشهر الحرم ، قلت : فإنه يدخل في هذا شئ ، قال : ما هو؟ قلت : يوم العيد وأيام التشريق ، قال : يصومه ، فإنه حق لزمه ( يلزمه خ ) (2).
واختارها في الاستبصار ، ذاهبا إلى أن التحريم ، إنما وقع على من صامها مبتدئا ، لا على من أوجب على نفسه صوم شهرين متتابعين فيدخل فيهما العيدان وغير ذلك ضمنا لأنه أوجب على نفسه ، وأفتى عليها الشيخ في المبسوط.
وفي سهل طعن ، والأظهر في فتاوى الأصحاب عموم المنع ، عملا بإطلاق روايات ( منها ) ما رواه الزهري ، عن علي بن الحسين عليهما السلام ( في حديث
ص: 307
والوصال وهو أن يجعل عشاءه سحوره ، وصوم الواجب سفرا عدا ما استثني.
( الخامس ) في اللواحق ، وهي مسائل :
( الأولى ) المريض يلزمه الإفطار مع ظن الضرر ، ولو تكلفه لم يجزه.
( الثانية ) المسافر يلزمه الإفطار ، ولو صام عالما بوجوبه قضاه ، ولو كان جاهلا لم يقض.
( الثالثة ) الشروط المعتبرة في قصر الصلاة معتبرة في قصر الصوم.
ويشترط في قصر الصوم تبييت النية.
وقيل : الشرط خروجه قبل الزوال.
______________________________________________________
طويل ) قال : وأما الصوم الحرام ، فصيام يوم الفطر ، ويوم الأضحى ، وثلاثة أيام التشريق (1).
وفي رواية معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيام أيام التشريق؟ قال : أما بالأمصار ، فلا بأس به ، وأما بمنى فلا (2).
« قال دام ظله » : والوصال ، وهو أن يجعل عشاءه سحوره.
أقول : فسر صوم الوصال بتفسيرين ، فسره المفيد في المقنعة ، والشيخ في كتاب الصوم من المبسوط والنهاية بما ذكره دام ظله.
وقال في كتاب النكاح من المبسوط : هو أن يصوم يومين ، من غير إفطار بينهما ليلا ، واختاره المتأخر.
« قال دام ظله » : ويشترط في قصر الصوم تبييت النية.
ص: 308
وقيل : يقصر ولو خرج قبل الغروب ، وعلى التقديرات لا يفطر إلا حيث يتوارى جدران البلد الذي يخرج ( خرج خ ل ) منه ، أو يخفى أذانه.
______________________________________________________
للأصحاب في المسألة أقوال ، قال الشيخ : التبييت شرط في الإفطار ، ومع عدمه يلزم الصوم ، مستدلا بقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل (1).
واستنادا إلى رواية علي بن يقطين ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله؟ قال : إذا حدث نفسه في الليل بالسفر ، أفطر إذا خرج من منزله ، وإن لم يحدث نفسه من الليلة ، ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه (2).
وفي طريقها علي بن الحسن بن فضال.
وإلى رواية أبي بصير ، قال : إذا خرجت بعد طلوع الفجر ، ولم تنو السفر من الليل ، فأتم الصوم ، واعتد به من شهر رمضان (3) وهي مستندة (4) ، وغير ذلك من الروايات.
وفي الكل ضعف ، إلا أن بعضها يؤيد بعضا.
وقال المفيد ولو خرج قبل الزوال ، يلزمه الإفطار ، ومستنده رواية الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر ، وهو صائم؟ قال : إن خرج من قبل أن ينتصف النهار فليفطر ، وليقض ذلك اليوم ، وإن خرج بعد الزوال ، فليتم صومه ( يومه خ ) (5) وهي صحيحة السند.
ص: 309
( الرابعة ) الشيخ والشيخة إذا عجزا تصدقا عن كل يوم بمد من طعام.
وقيل : لا يجب عليهما مع العجز ، ويتصدقان مع المشقة.
وذو العطاش يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد ، ثم إن برء قضى.
______________________________________________________
وقال علي بن بابويه في الرسالة ، وعلم الهدى : يفطر وجوبا ، ولو خرج بقية يومه ، وقال ابنه في المقنع بمقالة المفيد ، وجعل مقالة أبيه رواية ، وهي ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن ابن بكير ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، في الرجل يريد السفر في شهر رمضان ، فقال : يفطر ، وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل (1).
وهي ضعيفة ، غير مستندة ، والمتأخر متردد ، ( فتارة ) يختار قول المفيد ، ويفتي به ، ( وتارة ) يقوي قول علي بن بابويه ، ويذهب إليه ، متمسكا بقوله تعالى : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر (2).
وهو أشبه ، ومذهب الشيخ أظهر ، وهو اختيار شيخنا في الشرائع.
على أن في الاستدلال بقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل (3) ، ضعفا ، لأنه خطاب للصائمين ، والمدعى في محل النزاع ، إثبات الصوم ، فلا يصح الاستدلال به حذرا للمصادرة وفي الروايات به ضعف ( لنا ) إن في المسألة خلافا الروايات معارضة بعضها بعض ، فالتمسك بالآية أولى.
« قال دام ظله » : الشيخ والشيخة ، إذا عجزا تصدقا عن كل يوم بمد من طعام ، وقيل : لا يجب عليهما مع العجز ، ويتصدقان مع المشقة إلى آخره.
ص: 310
والحامل المقرب ، والمرضعة القليلة اللبن ، لهما الإفطار ، وتتصدقان لكل يوم بمد وتقضيان.
( الخامسة ) لا يجب صوم النافلة بالشروع فيه ، ويكره إفطاره بعد الزوال.
( السادسة ) كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر بنى ، وإن أفطر لا لعذر استأنف إلا ثلاثة مواضع :
من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ومن الثاني شيئا.
ومن وجب عليه صوم شهر بنذر فصام خمسة عشر يوما.
وفي الثلاثة الأيام عن هدي التمتع إذا صام يومين وكان الثالث العيد أفطر وأتم الثالث بعد أيام التشريق إن كان بمنى ، ولا يبني لو كان الفاصل غيره.
______________________________________________________
أقول : العاجز عن الصيام ثلاثة أصناف ، الشيخ والشيخة ، ولا يخلو حالهما من أمور ثلاثة ، ما الطاقة مع عدم المشقة ، أو القدرة مع المشقة ، أو العجز أصلا ( ففي الأول ) لا بحث ( وفي الثاني ) يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد من الطعام ( وفي الثالث ) يفطر ، ولا شئ عليه.
وهذا التقسيم يظهر من كلام المفيد ، والمرتضى ، والمتأخر ، وسلار ، وهو تمسك بأن العجز الكلي مسقط للفرض ، فلا كفارة ، لأنها تتوجه على من يخاطب بالتكليف الذي تتعلق الكفارة به.
فأما الشيخ وأتباعه ، وابن بابويه في المقنع ، قالوا : لا واسطة بين العجز والطاقة ، فمع الطاقة يصوم ، ولا يجب ( إلا لمانع خ ) ومع العجز يفطر ويكفر.
وهو المختار عملا بما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : قال : سألته عن رجل كبير ،
ص: 311
......................................................................................................
______________________________________________________
يضعف عن صوم شهر رمضان؟ فقال : يتصدق بما يجزي عنه ، طعام مسكين لكل يوم (1).
وبما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن الشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان؟ قال : تتصدق عن كل يوم بمد ( من خ ) حنطة (2).
وقال في التهذيب : ما وجدت في سقوط الكفارة حديثا ، فمن ادعى ذلك فعليه الدليل.
الصنف الثاني
الشاب الذي به العطاش ، وهو إما أن يرجو ( يرجى خ ) شفاءه ، أو لا ، فإن كان الأول ، قال الشيخ في الجمل والمبسوط : يقضي ثم يكفر.
وفي الكفارة إشكال ، منشؤه أنه مرض منعه من الصوم ، وفي المرض يقضي ولا كفارة ، ولأن الأصل براءة الذمة.
وقال في النهاية ، وابن بابويه في المقنع : من لحقه العطاش ، ولا يقدر على الصوم ، يكفر ، ولا قضاء عليه ، وهو فيما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : الشيخ الكبير ، والذي به العطاش ، لا حرج عليهما أن يفطرا ، في شهر رمضان ، ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ، ولا قضاء عليهما فإن ( وإن خ ) لم يقدرا ، فلا شئ عليهما (3).
وقال المفيد والمرتضى : يقضي ولا كفارة ، وعليه المتأخر ، وهو أشبه.
ص: 312
......................................................................................................
______________________________________________________
وأما الثاني ، يكفر ويسقط القضاء ضرورة ، وعليه اتفاق الكل.
الصنف الثالث
سائر المرضى وعليهم القضاء بلا كفارة.
وأما الحامل المقرب ، والمرضع القليلة اللبن ، إذا خافتا على ولديهما ، تفطران وتقضيان ، ولا كفارة.
ويظهر من كلام سلار سقوط القضاء والكفارة ، وكذا نقول في ذي العطاش ، الذي لا يرجى شفاؤه ، والعمل على الأول.
ص: 313
ص: 314
ص: 315
كتاب الاعتكاف
والكلام في شروطه وأقسامه وأحكامه
النية ، والصوم فلا يصح إلا في زمان يصح صومه ممن يصح منه.
والعدد وهو ثلاثة أيام.
والمكان وهو كل مسجد جامع.
وقيل : لا يصح إلا في أحد المساجد الأربعة : بمكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والبصرة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : والمكان وهو كل مسجد جامع ، وقيل : لا يصح إلا في أحد المساجد الأربعة.
القول الأول للمفيد ، وهو في رواية علي بن عمران ، عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام ، قال : المعتكف يعتكف في المسجد الجامع (1) ورواية يحيى بن العلاء الرازي ، عن عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يكون الاعتكاف إلا في
ص: 316
والإقامة في موضع الاعتكاف ، فلو خرج أبطله إلا لضرورة أو طاعة مثل تشييع جنازة المؤمن أو عيادة مريض أو شهادة ، ولا يجلس لو خرج ، ولا يمشي تحت الظل.
ولا يصلي خارج المسجد إلا بمكة.
وأما أقسامه :
فهو واجب وندب ، فالواجب ما وجب بنذر وشبهه وهو ما يلزم بالشروع ، والمندوب ما تبرع به.
______________________________________________________
مسجد جماعة (1) وهو أشبه.
والقول الثاني للشيخ وعلم الهدى وابني بابويه ، إلا أن علي بن بابويه جعل ( موضع جامع البصرة ) ( مسجد المدائن ) وابنه محمد جعله خامسا.
والمستند روايات ( منها ) ما رواه ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ، ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة ، ومسجد المدينة ، ومسجد مكة (2) وفي رواية علي بن الحسن بن فضال عن ابن محبوب عن عمر بن يزيد : ( ومسجد البصرة ) (3) وقال ابن أبي عقيل في المتمسك : يصح في المساجد كلها ، وأفضلها المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله ، ومسجد الكوفة ، ومساجد الجماعات ، في ساير الأمصار متمسكا بقوله تعالى : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد (4) وحمل الروايات الواردة ، بالتعيين ، على الأفضلية.
ص: 317
ولا يجب بالشروع ، فإذا مضى يومان ففي وجوب الثالث قولان ، المروي أنه يجب.
______________________________________________________
والمتأخر على مذهب الشيخ ، والمختار مذهب المفيد ، وعليه شيخنا دام ظله.
لنا وجوه ( الأول ) الروايات ( منها ) ما قدمناه و ( منها ) ما رواه أحمد بن محمد ، عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كان علي عليه السلام ، يقول لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله أو مسجد جامع ( الحديث ) (1).
ومثل ذلك ما رواه أبو الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( عن علي عليه السلام خ ) (2)
( الثاني ) مقتضى الأصل جواز الاعتكاف في كل المساجد لكونه عبادة وهي محلها ، خولف جوازه في غير الجامع ، والأربعة للإجماع ، والباقي على أصله.
( فإن قيل ) : كيف ادعيت الإجماع مع مخالفة ابن أبي عقيل؟ ( قلنا ) هو قول متروك ، ويلزم منه أيضا العدول عن روايات كثيرة.
( الثالث ) مخالفة الدليل ( الأصل خ ) كلما كان أقل كان أولى ، فجوزنا في كل جامع ، حذرا من تكثير مخالفة الدليل.
( الرابع ) إذا عملنا برواية الجامع ، يمكن حمل الرواية بالأربعة على الاستحباب ( الأفضلية خ ) فيكون معمولا بها ، فأما لو عملنا بالأربعة ، يبقى رواية الجامع مطرحة ، وهو غير جايز ، إلا لضرورة.
« قال دام ظله » : ولا يجب بالشروع ، فإذا مضى يومان ففي وجوب الثالث قولان ، المروي أنه يجب ، ( وقيل ) : لو اعتكف ثلاثا ، فهو بالخيار في الزائد ، فإن
ص: 318
وقيل : لو اعتكف ثلاثا فهو بالخيار في الزائد ، فإن اعتكف يومين آخرين وجب الثالث.
( الأولى ) يستحب للمعتكف أن يشترط كالمحرم فإن شرط جاز له الرجوع ولم يجب القضاء ، ولو لم يشترط ثم مضى يومان وجب الإتمام على الرواية ، ولو عرض عارض خرج فإذا زال وجب القضاء.
______________________________________________________
اعتكف يومين آخرين ، وجب الثالث.
قال الشيخ في النهاية : فإن مضى على المعتكف يومان ، وجب الثالث ، إلا مع الشرط.
والمستند ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط ، فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف ، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط ، فليس له أن يخرج ، ويفسخ اعتكافه (1) حتى يمضي ثلاثة أيام (2).
وقال المتأخر : لا يجب ، لعدم الدليل ، والأصل براءة الذمة والأول أظهر بين الأصحاب.
وفي موضع من النهاية : لو اعتكف بعد الثلاث يومين آخرين ، وجب الثالث ، وقبلهما بالخيار.
وأما قوله دام ظله : ( لا يجب بالشروع ) ففيه خلاف ، فإن الشيخ ذهب في المبسوط ، إلى أنه يلزم بالشروع ، ولا يجوز الرجوع إلا مع الشرط ، إلا إذا مضى يومان.
وقال في النهاية : يجوز الرجوع مع عدم الشرط ، إلا بعد مضي يومين ، إلا مع
ص: 319
( الثانية ) يحرم على المعتكف الاستمتاع بالنساء ، والبيع ، والشراء وشم الطيب.
وقيل يحرم عليه ما يحرم على المحرم ، ولم يثبت.
( الثالثة ) يفسد الاعتكاف ما يفسد الصوم ، ويجب الكفارة
______________________________________________________
الشرط ، وبه تشهد الرواية ، عن محمد بن مسلم (1) وهو اختيار شيخنا دام ظله وعليه العمل ، وإليها أشار دام ظله بقوله : ( وجب الإتمام على الرواية ) (2).
وإذا تقرر هذا ، فهل الصيام ( الصوم خ ) في الاعتكاف المندوب ، مندوب؟ قال الشيخ في الجمل : واجب ، وكلامه في النهاية أيضا يوهم ذلك ، وفي الخلاف مشعر بالندبية ، وبه قال المرتضى واختاره المتأخر.
والحق أن المراد بقولنا ( صوم الاعتكاف واجب ) : أنه لازم لمن أراد الاعتكاف فإن الوجوب يستعمل موضع اللزوم في العرف كثيرا ، ومن أراد به الواجب المصطلح عليه ، فلا بد له من دليل.
« قال دام ظله » : يحرم على المعتكف ، الاستمتاع بالنساء ، والبيع والشراء ، وشم الطيب ، وقيل : يحرم عليه ما يحرم على المحرم ولم يثبت.
القائل بهذا ، هو الشيخ في النهاية والجمل ، وذهب في المبسوط إلى الأول ، وقال : وقد روي أنه يجتنب ما يجتنبه المحرم (3) وذلك مخصوص بما قلنا ، لأن لحم الصيد ، لا يحرم عليه ، وعقد النكاح مثله ( انتهى ) وعليه المتأخر وهو أشبه.
« قال دام ظله » : يفسد الاعتكاف ، ما يفسد الصوم ، ويجب الكفارة بالجماع فيه ، إلى آخره.
ص: 320
بالجماع فيه ، مثل كفارة شهر رمضان ، ليلا كان أو نهارا ، ولو كان في رمضان نهارا لزمته كفارتان.
ولو كان بغير الجماع مما يوجب الكفارة في شهر رمضان ، فإن وجب بالنذر المعين لزمت الكفارة ، وإن لم يكن معينا أو كان تبرعا فقد أطلق الشيخان لزوم الكفارة.
ولو خصا ذلك بالثالث كان أليق بمذهبهما.
______________________________________________________
أقول : اتفق أصحابنا ، على أن الصوم شرط في الاعتكاف ، وتجب بالجماع فيه كفارة.
وهل يلزم كفارتان لو جامع نهارا؟ كلام الشيخ في المبسوط والخلاف والجمل مشعر ب- ( نعم ) واختاره الراوندي ، وفي النهاية ، يفسد ( مقيد خ ) بكون (1) الاعتكاف في شهر رمضان ، وهو اختيار شيخنا دام ظله والمتأخر.
وبه أعمل ( أولا ) لما رواه محمد بن سنان ، عن عبد الأعلى بن أعين ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل وطأ امرأته ، وهو معتكف ليلا في شهر رمضان؟ قال : عليه الكفارة ، قلت : فإن وطأها نهارا؟ قال : عليه كفارتان (2).
و ( ثانيا ) لانعقاد الإجماع ، على أن الجماع في الاعتكاف موجب للكفارة ، وكذا في رمضان نهارا ، ولا دليل على التداخل ، فيجب العمل بمقتضى كل منهما ، ويقرب على هذا أن يقال : وتجب في غير رمضان أيضا ، إذا كان الصوم مما فيه الكفارة.
« قال دام ظله » : ولو كان بغير الجماع مما يوجب الكفارة في شهر رمضان ، فإن وجب بالنذر المعين ، لزمت الكفارة إلى آخره.
تقديره إذا كان الإفطار بغير الجماع ، وكلام الأصحاب فيه مختلف ، قال المفيد
ص: 321
............................................................................
______________________________________________________
وسلار : تجب بما أفطر ، وبالجماع على الإطلاق ، وكذا قاله الشيخ في كتاب الصوم من الجمل وفي غيره : لا يجب إلا بالجماع.
والوجه أنه تجب الكفارة لو كان الإفطار يوجب ذلك ، مثل أن يكون لنذر معين ، وغير ذلك ، ويفوح من كلام المتأخر نفي الكفارة على التقديرين.
وقوله دام ظله : ( ولو خصا ذلك بالثالث ، كان أليق بمذهبهما ) إحالة على الشيخين بأنهما قائلان بوجوب اليوم الثالث.
وفيه نظر ، لأن المفيد ما ذكر ذلك في المقنعة ، وهو أعظم كتبه الفقهية ، ولا يبعد أن يكون ذكره في موضع آخر ، والشيخ قد صرح في المبسوط ، بأنه يلزم بالشروع ، نعم يظهر ما ذكره دام ظله من كلام الشيخ في النهاية على احتمال.
ص: 322
ص: 323
كتاب الحج
والنظر في المقدمات والمقاصد
المقدمة الأولى : الحج اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة ، وهو فرض على المستطيع من الرجال والخناثى والنساء.
ويجب بأصل الشرع مرة وجوبا مضيقا ، وقد يجب بالنذر وشبهه وبالاستيجار والافساد.
ويستحب لفاقد الشرائط كالفقير والمملوك مع إذن مولاه.
المقدمة الثانية : في شرائط حجة الإسلام ، وهي ستة : البلوغ ، والعقل ، والحرية ، والزاد والراحلة ، والتمكن من المسير ، ويدخل فيه الصحة وإمكان الركوب ، وتخلية السرب.
______________________________________________________
في ذكر شرائط حجة الإسلام
« قال دام ظله » : المقدمة الثانية في شرائط حجة الإسلام ، وهي ستة ، البلوغ إلى قوله والتمكن من المسير الخ.
أقول : التمكن من المسير ، هو أن يكون في الزمان اتساع يمكنه إدراك الحج ، وتخلية السرب (1) ، يريد به ارتفاع الموانع في الطريق.
ص: 324
فلا يجب على الصبي ، ولا على المجنون ، ويصح الإحرام من الصبي المميز وبالصبي غير المميز.
وكذا يصح بالمجنون ، ولو حج بهما لم يجزئهما عن الفرض ، ويصح الحج من العبد مع إذن مولاه لكن لا يجزئه عن الفرض إلا أن يدرك أحد الموقفين معتقا ، ومن لا راحلة ولا زاد لو حج كان ندبا ، ويعيد لو استطاع ، ولو بذل له الزاد والراحلة صار مستطيعا.
ولو حج به بعض إخوانه أجزأه عن الفرض.
ولا بد من فاضل عن الزاد والراحلة وما يمون به عياله حتى يرجع.
______________________________________________________
وزاد الشيخ سابعا (1) ، وهو الرجوع إلى كفاية من المال ، أو ما في حكمه ، وجعل الصحة ثامنا ، وأدخله شيخنا في التمكن من المسير ولا مشاحة فيه.
فأما الرجوع إلى كفاية ( الكفاية خ ) فلست أعرف منشأه ، فإن استند إلى ما رواه ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي ، قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه تعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، فقال : ما يقول الناس فيه؟ فقلت له : الزاد والراحلة قال : فقال أبو عبد اللّه عليه السلام ، قد سئل أبو جعفر عليه السلام عن هذا ، فقال : هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت ( به خ ) عياله ، ويستغني به عن الناس ، ينطلق إليهم فيسلبهم إياه ، لقد هلكوا إذا ، فقيل له فما السبيل؟ قال : فقال : السعة في المال ، إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا لقوت عياله ، أليس قد فرض اللّه الزكاة؟ فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي دينار (2).
ص: 325
ولو استطاع فمنعه كبر أو مرض أو عدو ففي وجوب الاستنابة قولان ، المروي أن يستنيب ، ولو زال العذر حج ثانيا ، ولو مات مع العذر أجزأته النيابة.
______________________________________________________
قلنا : أن نقول : ليس في الخبر ما يدل على مدعاه ، بل مضمونه مقبول ، وذلك أن من لم يقدر على الزاد والراحلة ونفقة عياله قدر ما يرجع إليهم ، لا يجب عليه الحج اتفاقا منا.
على أن أبا الربيع مجهول الحال ، وما اخترناه مذهب الأكثرين ، وعليه المتأخر.
وربما يقتصر المرتضى في الناصريات على الصحة ، وارتفاع الموانع ، والزاد ( والراحلة خ ) ، و ( هو خ ) وفاق لنا ، لأنه جعل هذه الشرائط ، للعاقل الحر ، وارتفاع المانع يعم إمكان المسير ، وتخلية السرب ، وغير ذلك.
« قال دام ظله » : ولو استطاع ، فمنعه كبر ، أو مرض ، أو عدو ، ففي وجوب الاستنابة قولان ، المروي أنه يستنيب هذه رواها معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إن عليا عليه السلام ، رأى شيخا لم يحج قط ، ولم يطق الحج من كبره فأمره أن يجهز رجلا ، فيحج عنه (1).
وفي معناها أخرى : ( عن علي بن حمزة ) (2) لكنها غير مستندة إلى الإمام عليه السلام.
وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، وابن أبي عقيل في المتمسك.
ص: 326
وفي اشتراط الرجوع إلى صنعة أو بضاعة قولان ، أشبههما أنه لا يشترط.
ولا يشترط في المرأة وجود محرم ، ويكفي ظن السلامة ، ومع الشرائط لو حج ماشيا أو في نفقة غيره أجزأه.
والحج ماشيا أفضل إذا لم يضعفه عن العبادة.
وإذا استقر الحج فأهمل قضي عنه من أصل تركته.
ولو لم يخلف سوى الأجرة قضي عنه من أقرب الأماكن.
وقيل : من بلده مع السعة.
ومن وجب عليه الحج لا يحج تطوعا.
______________________________________________________
وقال في المبسوط : يستحب الاستنابة ، ويعيد إذا زال العذر.
وهو أشبه ، لأنه غير مستقر في الذمة ، فلا يتحقق فيه النيابة ، وفي التمسك برواية عمار (1) ضعف لضعف الراوي ، ولأنها حكاية حال ، فلا تتعدى ، وعليه المتأخر.
« قال دام ظله » : وفي اشتراط الرجوع إلى صنعة أو بضاعة ، قولان ، أشبههما أنه لا يشترط.
أقول : وقد تقدم هذا البحث ، فلا إعادة.
« قال دام ظله » : ولو لم يخلف سوى الأجرة ، قضي عنه من أقرب الأماكن ، وقيل من بلده مع السعة.
القول الأول للشيخ في المبسوط ، وشيخنا دام ظله ، والثاني اختاره في النهاية وعليه المتأخر.
والأول أشبه ( لنا ) أن قطع الطريق غير واجب (2) بالأصالة ، بل بالتبع فيمن
ص: 327
ولا تحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها ، ولا يشترط إذنه في الواجب ، وكذا في العدة الرجعية.
( الأولى ) إذا نذر غير حجة الإسلام لم يتداخلا ، ولو نذر حجا مطلقا قيل : يجزي إن حج بنية النذر عن حجة الإسلام ، ولا تجزي حجة الإسلام عن النذر ، وقيل : لا تجزي إحديهما عن الأخرى وهو أشبه.
( الثانية ) إذا نذر أن يحج ماشيا وجب ويقوم في مواضع العبور.
______________________________________________________
لم يمكنه الحج إلا به ، فيسقط مع الإمكان ، والتهجم على الأموال المعصومة غير جائز إلا مع اليقين :
واستدل المتأخر بأن الحج وجب على المتوفى من بلده ، فكذا على من ينوب عنه ، وادعى ورود الآثار ( الروايات ) على مدعاه.
والجواب عن الأول أنا لا نسلم ذلك ، والمستند ما قدمناه.
وعن الثاني ، أن مجرد الدعوى غير مقبول ، وبتقدير القبول ، كيف انقلب ويعمل ( يعلم خ ) بأخبار الآحاد؟
وللشيخ قول آخر في مسائل مفردة ( منفردة ) إن مع الاتساع يجب من بلده ، ومع عدمه من حيث يتسع ، وأراه قريبا.
« قال دام ظله » : ولا تحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها ، ولا يشترط إذنه في الواجب ، وكذا في العدة الرجعية.
معنى هذا الكلام أن حكم المرأة ، إذا كانت في العدة الرجعية ، حكمها إذا كانت زوجة ( زوجته خ ) في اشتراط الإذن من الزوج في الندب ، لا الواجب ، وفي البائنة لا يشترط على حال ، لأن العلقة مقطوعة.
« قال دام ظله » : إذا نذر غير حجة الإسلام ، لم يتداخلا ، ولو نذر حجا مطلقا ،
ص: 328
فإن ركب طريقه قضى ماشيا ، وإن ركب بعضا قضى ومشى ما ركب ،
______________________________________________________
قيل يجزي إن حج بنية النذر عن حجة الإسلام ، ولا تجزي حجة الإسلام عن النذر ، وقيل لا تجزي إحديهما عن الأخرى ، وهو أشبه.
أقول إذا اجتمعت حجة الإسلام والنذر ، يفرض فيه ثلاث مسائل ( الأولى ) أن يكون نذر أن يحج حجة الإسلام ، فالاتيان بها وحدها كاف والثانية أن يحج غيرها ، فيأتي بهما وجوبا ( والثالثة ) أن يكون نذر مطلقا ، مجردا للنظر عن ( إلى خ ) إحديهما ، ففيه قولان.
قال في التهذيب والنهاية : إن حج بنية النذر أجزأ عن حجة الإسلام ، وفي النهاية ، إن نوى حجة الإسلام لا يجزي عن النذر.
واستدل في التهذيب ، برواية ابن أبي عمير ، عن رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه الحرام ، فمشى ، هل يجزيه من ( عن خ ) حجة الإسلام؟ قال : نعم (1).
واختار في الخلاف والجمل ، أن لا يجزي إحديهما عن الأخرى ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا.
وتردد في المبسوط ، قال : والأولى أن لا يجزي ، لأنه لا يصح منه قبل حجة الإسلام ، ولو قلنا يصح ، كان قويا ، لعدم المانع.
والذي أختاره ، اختيار الخلاف والجمل ، ووجهه أن موجب حجة الإسلام ، قائم سابقا ، وللنذر تأثير ضرورة ، فيجب العمل بمقتضاه ، ولأنه لا دليل على إجزاء إحداهما عن الأخرى.
« قال دام ظله » : فإن ركب طريقه ، قضى ماشيا ، وإن ركب بعضا ، قضى ومشى ما ركب ، وقيل يقضي ماشيا لإخلاله بالصفة ، إلى آخره.
ص: 329
وقيل : يقضي ماشيا لإخلاله بالصفة ، ولو عجز ( عن المشي خ ) قيل : يركب ويسوق بدنة ، وقيل : يركب ولا يسوقه ، وقيل : إن كان مطلقا توقع المكنة ، وإن كان معينا بسنة سقط لعجزه.
( الثالثة ) المخالف إذا لم يخل بركن لم يعد لو استبصر ، وإن أخل أعاد.
القول في النيابة :
ويشترط فيه : الإسلام ، والعقل ، وألا يكون عليه حج ، فلا يصح نيابة الكافر ، ولا نيابة المسلم عنه ، ولا عن مخالف إلا عن الأب ، ولا نيابة المجنون ، ولا الصبي غير المميز.
ولا بد من نية النيابة وتعيين المنوب عنه في المواطن ولا ينوب من وجب عليه الحج ، ولو لم يجب عليه جاز وإن لم يكن حج.
وتصح نيابة المرأة عن المرأة والرجل ، ولو مات النائب بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ.
______________________________________________________
القول الاول : ذكره الشيخ في المبسوط في كتاب الحج ، وفي النهاية في النذر ، ولم اعرف به حديثاً مرويّاً.
وخرج له شيخنا دام ظله في نكت النهاية وجهاً ، مضمونه أنّ المشى ليس جزءً من الحج ، ولا صفة له ، بل يتناول الطريق الموصل اليه ، فكأنه نذر أن يمشى تلك الطريق حاجا ، فاذا مشى في عامين حاجا ، فقد حصل الامتثال.
وقال المتأخر : الحج الأول والثاني غير مجز للإخلال بالشرط اللازم ، لانتفاء المشروط ، وذهب إلى القضاء ماشيا في القابل ، وهو اختيار شيخنا في الشرايع.
هذا مع القدرة ، فأما مع العجز ففيه ثلاثة أقوال ، قال الشيخ : يركب ويسوق
ص: 330
ويأتي النائب بالنوع المشترط وقيل : يجوز أن يعدل إلى التمتع ، ولا يعدل عنه ، وقيل : لو شرط عليه الحج على طريق ، جاز الحج بغيرها.
ولا يجوز للنائب الاستنابة إلا مع الإذن ، ولا يوجر نفسه بغير المستأجر في السنة التي استؤجر لها.
______________________________________________________
بدنة ، نظرا إلى رواية ( ما رواه خ ) ابن أبي عمير ، عن ذريح المحاربي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل حلف ليحجن ماشيا ، فعجز عن ذلك فلم يطقه ، قال : فليركب ، وليسق الهدي (1).
وقال المفيد : يركب ولا يسوق ، وهو مقتضى الأصل ، وظاهر ما رواه ابن أبي عمير وصفوان ، عن رفاعة بن موسى ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه ، قال : فليمش قلت : فإنه تعب ، قال : فإذا تعب ركب (2).
وقال المتأخر : إن كان النذر مقيدا بسنة معينة ، يسقط بالعجز ، وإن كان مطلقا ، ينتظر القدرة.
ولقائل أن يقول : على الأول لا نسلم أن العجز عن صفة موجب لسقوط الماهية ، فالأولى التمسك بالرواية ، وتنزيل السياق على الندب ، توفيقا بين الروايتين ، وعليه أعمل.
« قال دام ظله » : ويأتي النائب بالنوع المشترط ، وقيل : يجوز أن يعدل إلى التمتع ، ولا يعدل عنه ، وقيل : لو شرط عليه الحج على طريق جاز الحج بغيرها.
القائل بالعدول إلى التمتع واللا عدول عنه هو الشيخ في النهاية والخلاف ، مستدلا بالإجماع.
ص: 331
............................................................................
______________________________________________________
ولم يثبت ، بل هو في رواية أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام ، في رجل أعطى رجلا دراهم ، يحج بها عنه حجة مفردة ، فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال : نعم ، إنما خالف إلى الفضل والخير (1).
وهي مخالفة للأصل ، وحملها الشيخ في التهذيب على كون المؤجر (2) واجبا عليه التمتع ، فلو أمر بالإفراد ، والحال هذه ، جاز للمستأجر (3) العدول عن الإفراد إلى ما هو فرضه.
وحملها شيخنا في نكت النهاية ، على من استؤجر للتطوع ، وعرف أن قصد المستأجر تحصيل الأجر والفضل ، وذهب إلى اللا عدول في الكل اختيارا.
ويعارض رواية أبي بصير ، ما رواه الحسن بن محبوب ، عن علي ، في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة ، قال : ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج ، لا يخالف صاحب الدراهم (4).
وهذه مع قطع سندها (5) مؤيدة بالأصل.
فأما المتأخر ، فتابع فتوى النهاية والخلاف ، مدعيا أن عليها فتوى الأصحاب ، ورواياتهم.
وأما الرواية فما ورد به غير ما ذكرنا ، مع معارضتها ، وأما الأصحاب ، فهو الشيخ وأتباعه ، ولا يصلح ( قوله خ ) حجة.
ص: 332
ولو صد قبل الإكمال استعيد من الأجرة بنسبة المتخلف ، ولا يلزم إجابته ولو ضمن الحج على الأشبه.
ولا يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة لكن يطاف به ، ويطاف عمن لم يجمع الوصفين.
ولو حمل إنسانا فطاف به احتسب لكل منهما طواف.
ولو حج عن ميت تبرعا برئ الميت ، ويضمن الأجير كفارة جنايته في ماله.
ويستحب أن يذكر المنوب عنه في المواطن كلها ، وأن يعيد ما فضل الأجرة ، وأن يتم له ما أعوزه ، وأن يعيد المخالف حجه إذا استبصر وأن كانت مجزية.
______________________________________________________
والقائل بالعدول عن الطريق المشروط عليها ، هو الشيخ وأتباعه.
والأشبه أنه مع تعلق غرض الموجب ( المؤجر خ ) بالطريق ، لا يجوز العدول ، ويجوز مع عدم الغرض.
« قال دام ظله » : ولو صد قبل الإكمال ، استعيد من الأجرة ، بنسبة المتخلف ، ولا يلزم إجابته ، ولو ضمن الحج على الأشبه.
فقه المسألة : إن من حج عن غيره ، فصد قبل الإكمال ، كان له من الأجرة ، ما يقابل عمله ، ويستعاد منه الزائد ، وهو اختيار الشيخ في النهاية.
وقال في المبسوط : لو مات الأجير قبل الإحرام ، لا يستحق شيئا من الأجرة ، وتجب على الورثة رد الجميع ، لأنه لم يفعل ( يعمل خ ) شيئا من أفعال الحج.
وفي الخلاف تردد وقوى قول الصيرفي أنه يستحق على قطع المسافة الأجرة ، لأنه كما استؤجر على أفعال الحج ، استؤجر على قطع المسافة.
والمتأخر : على أنه لا يستحق شيئا.
ص: 333
ويكره أن تنوب المرأة الصرورة.
( الأولى ) من أوصى بحجة ولم يعين ، انصرف إلى أجرة المثل.
( الثانية ) لو أوصى أن يحج عنه ولم يبين فإن عرف التكرار حج عنه حتى يستوفى ثلثه من تركته ، وإلا اقتصر على المرة.
( الثالثة ) لو أوصى أن يحج عنه كل سنة بمال معين فقصر جمع ما يمكن به الاستيجار ولو كان نصيبه أكثر من سنة.
( الرابعة ) لو حصل بيد إنسان مال لميت وعليه حجة مستقرة وعلم أن الوارث ( الورثة خ ) لا يؤدون جاز أن يقطع قدر أجرة الحج.
______________________________________________________
والأول أشبه ، لأن قطع الطريق داخل في الإجارة ، ولذلك تتفاوت الأجرة بتفاوتها.
وأما أنه لا تجب إجابته ، ولو ضمن الحج في المستقبل ، فهو اختيار شيخنا ، وقال في النهاية : يلزم إجابته والأول أشبه ، إن كانت الإجارة معينة في السنة ، والثاني أصح ، إن كانت في الذمة.
« قال دام ظله » : ويكره أن تنوب المرأة الصرورة (1).
ذهب الشيخ في النهاية والاستبصار والمبسوط ، إلى المنع ، وهو في رواية زيد الشحام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : يحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة ، ولا تحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة.
فالشيخ رحمه اللّه عمل بهذه ، وبما رواه الحسن بن محبوب ، عن مصادف ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، أتحج المرأة عن الرجل؟ قال : نعم إذا كانت فقيهة
ص: 334
( الخامسة ) من مات وعليه حجة الإسلام وأخرى منذورة أخرجت حجة الإسلام من الأصل والمنذورة من الثلث وفيه وجه آخر.
______________________________________________________
مسلمة ، وكانت قد حجت ، رب امرأة خير من رجل (1) ودلالة هذه من حيث دليل الخطاب.
فأما ما رواه محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : لا بأس أن تحج الصرورة عن الصرورة (2).
وما رواه محمد بن سهل ، عن آدم بن علي ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : من حج عن إنسان ، ولم يكن له مال يحج عنه ، أجزأت عنه ، حتى يرزقه اللّه ما يحج به ، ويجب عليه الحج (3).
حمله الشيخ ، على الرجل ، وهو حسن ، لأن هذه عامة مطلقة ، والأولى مفصلة ، وإذا تعارضتا ، فالترجيح للمفصلة ، لأن التفصيل قاطع للشركة ، ويتحرز عن ( ولتحرز خ ) اطراح إحديهما.
وقال المتأخر : الأخيرة عامة مقبولة ، فلا تخصص بأخبار الآحاد ، وذهب إلى الجواز في المرأة الصرورة أيضا.
وفيه نظر ، منشؤه التوقف في حكمه بقبولها (4) ومنع الأول ، وقوله : الخبر لا يخصص بالخبر ، غير مسلم.
فأما شيخنا ذهب إلى الكراهية ، جمعا بين القولين ، والمنع أشبه ، استنادا إلى الأصل « قال دام ظله » : من مات ، وعليه حجة الإسلام ، وأخرى منذورة ، أخرجت حجة الإسلام من الأصل ، والمنذورة من الثلث ، وفيه وجه آخر.
ص: 335
المقدمة الثالثة : في أنواع الحج ، وهي ثلاثة : تمتع ، وقران ، وإفراد.
فالتمتع هو الذي يقدم عمرته أمام حجه ناويا بها التمتع ، ثم ينشئ إحراما بالحج من مكة ، وهذا فرض من ليس من حاضري مكة.
وحده من بعد عنها بثمانية وأربعين ميلا من كل جانب ، وقيل : اثنا عشر ميلا فصاعدا من كل جانب ، ولا يجوز لهؤلاء العدول عن التمتع إلى الإفراد والقران ، إلا مع الضرورة.
وشروطه أربعة : النية.
______________________________________________________
القول للشيخ في النهاية ، والتهذيب ، ومستنده رواية صحيحة ، رفعها الى علي بن رئاب ، عن ضريس بن اعين ، قال : سألت ابا جعفر عليه السلام ، عن رجل عليه حجة الاسلام ، نذر نذراً في شكر ليحجّن به رجلاً الى مكة ، فمات الذي نذر ، قبل ان يحج حجة الإسلام ، ومن قبل ان يفي بنذره الذي نذر؟ قال : ان ترك مالاً ، يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال ، واخرج من ثلثه ما يحج به رجلا لنذره ( الحديث ) (1).
وأما القول الآخر ، للمتأخر ، وهو أن المنذورة أيضا ، تخرج من أصل المال ، لأنه واجب في ذمته كحجة الإسلام.
ولقائل أن يقول : لا نسلم أن كونه واجبا في الذمة ، موجب للتساوي ، في جميع الأحكام ، فكيف والفارق موجود. وهو أن حجة الإسلام واجبة ، بأصل الإسلام ، لا المنذورة ، فإنها أوجبها المكلف على نفسه.
في أنواع الحج
« قال دام ظله » : وحده ( أي حد من ليس حاضري مكة ) من بعد عنها بثمانية وأربعين ميلا ، من كل جانب ، وقيل : اثنا عشر فصاعدا ، من كل جانب.
ص: 336
ووقوعه في أشهر الحج ، وهي شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، وقيل : وعشرة من ذي الحجة. وقيل : تسعة.
______________________________________________________
ذهب الشيخ في النهاية والتهذيب ، والمفيد في المقنعة إلى الأول ، تمسكا بما رواه حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : قول اللّه عزوجل في كتابه : ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، قال : يعني أهل مكة ليس عليهم متعة ، كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ، ذات عرق وعسفان ، كما يدور حول مكة ، فهو ممن دخل في هذه الآية ، وكل من كان أهله وراء ذلك ، فعليه ( فعليهم خ ) المتعة (1).
والذي أراه ، أن بين القولين عدم التنافي ، وذلك لأن قوله عليه السلام : ( ثمانية وأربعين ) محمول على أربعة جوانب ، فمن كل جانب يكون اثنا عشر ميلا ، يدل على ذلك لفظ الرواية : ( كما يدور حول مكة ) وقد صرح بذلك الفقيه ، محمد بن علي بن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، قال : وحد حاضري المسجد الحرام أهل مكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا ، وكذا أبوه علي بن بابويه في رسالته ذهب إليه.
وإليه ذهب المتأخر ، قال : وحده من كان بينه وبين المسجد الحرام ثمانية وأربعون ميلا ، من أربع جوانب البيت ، من كل جانب اثنا عشر ميلا.
وإذا تقرر هذا ، فهل إذا كان على رأس اثنا عشر ميلا ، يكون من أهل التمتع؟ ظاهر كلام الشيخ وابني بابويه وأبي الصلاح : لا ، ويفوح من كلام المتأخر : ( نعم ) ، وهو الأقرب.
« قال دام ظله » : ووقوعه في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة ، وقيل وعشرة من ذي الحجة ، وقيل : وتسعة إلى آخره.
ص: 337
وحاصل الخلاف : أن إنشاء الحج في الزمان الذي يعلم إدراك المناسك فيه ، وما زاد يصح أن يقع فيه بعض أفعال الحج كالطواف والسعي والذبح.
وأن يأتي بالعمرة والحج في عام واحد.
( وأن يحرم من الميقات بالعمرة خ ) وبالحج له من مكة.
وأفضلها المسجد الحرام ، وأفضله مقام إبراهيم عليه السلام وتحت الميزاب.
ولو أحرم بحج التمتع من غير مكة لم يجزه ويستأنفه بها ، ولو نسي وتعذر العود أحرم من موضعه ولو بعرفة ، ولو دخل مكة بمتعة وخشي ضيق الوقت جاز نقلها إلى الإفراد ، ويعتمر بمفرده بعده.
وكذا الحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل وإنشاء الإحرام بالحج.
والإفراد : وهو أن يحرم أولا من ميقاته ثم يقضي مناسكه وعليه عمرة مفردة بعد ذلك.
وهذا القسم والقران فرض حاضري مكة.
______________________________________________________
أقول : اختلف في أشهر الحج ، فبالأول قال الشيخ في النهاية ، والمفيد في كتاب الأركان ، واختاره المتأخر في باب الإحرام ، مستدلا بظاهر الآية (1) وهو المروي ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الحج أشهر معلومات ، شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ( الحديث ) (2).
ص: 338
ولو عدل هؤلاء إلى التمتع اختيارا ففي جوازه قولان ، أشبهما المنع.
وهو مع الاضطرار جائز.
وشروطه ثلاثة : النية ، وأن يقع في أشهر الحج ، وأن يحرم من الميقات أو من دويرة أهله إن كانت أقرب إلى عرفات.
______________________________________________________
وبالثاني قال المرتضى وسلار ، والثالث مذهب الشيخ في الجمل.
وقال في الخلاف والمبسوط : شوال وذو القعدة وذو الحجة إلى يوم النحر ، مستدلا بالإجماع ، وبأن هذا الزمان هو الذي لا يصح وقوع الإحرام إلا فيه ، فزمان الحج ينحصر فيه ، وعليه المتأخر في باب أقسام الحج.
والذي أتحققه أن المراد بأشهر الحج إن كان زمانا يقع فيه المناسك كلها ، فهو الأشهر الثلاثة ، وإن كان المراد زمانا لو أنشأ الإحرام فيه ، يدرك الحج ، فإلى يوم النحر ، وهو يختلف بحسب الشخص وقدرته على المشي ، وما يركب ، فقد يكون إلى يوم التاسع بالنسبة إلى ضعيف الحركة والقدرة ، وإلى يوم العاشر للقوي أو راكب الدابة.
والأولى بهذا المعنى أن لا يتجاوز عن التاسع ، لأن بعض المناسك يجب أن يوقع ليلة عرفة.
اللّهم إلا أن يبنى القول بالعاشر على مذهب المرتضى ، وهو أنه عنده لو أدرك الوقوف بالمشعر إلى قبل الزوال ، فقد أدرك الحج.
وعند الشيخ ، لو لم يدرك حتى طلعت الشمس ، فقد فاته الحج ، وسنبين ذلك في موضعه.
« قال دام ظله » : ولو عدل هؤلاء إلى التمتع اختيارا ، ففي جوازه قولان ، أشبههما المنع.
إنما قال الأشبه ( المنع خ ) ، لأنه خلاف فرضه ، فيكون تشريعا ، وهو غير جايز ،
ص: 339
والقارن كالمفرد ، غير أنه يضم إلى إحرامه سياق الهدي ، وإذا لبى استحب له إشعار ما يسوقه من البدن بشق سنامه من الجانب الأيمن ويلطخ صفحته بالدم ، ولو كانت معه بدنا دخل بينها وأشعرها يمينا وشمالا.
والتقليد أن يعلق في رقبته نعلا قد صلى فيه ، والغنم يقلد لا غير.
ويجوز للمفرد والقارن الطواف قبل المضي إلى عرفات ، لكن يجددان التلبية عند كل طواف لئلا يحلا.
وقيل : إنما يحل المفرد ، وقيل : لا يحل أحدهما إلا بالنية ، لكن الأولى تجديد التلبية.
______________________________________________________
وهو اختيار الشيخ في النهاية وأتباعه ، وعليه المتأخر ، وذهب في المبسوط ، إلى الجواز ، وفيه بعد.
« قال دام ظله » : ويجوز للمفرد والقارن الطواف ، قبل المضي إلى عرفات ، إلى آخره.
أقول : لا خلاف في جواز تقديم طواف الزيادة منهما ، إنما الخلاف في أنهما ( أنه خ ) هل يحل ( يحلان خ ) لو لم يجدد التلبية؟ قال في النهاية : نعم ، وتبطل حجته ، وصارت عمرة.
وقال في الجمل والمبسوط : تجديد التلبية مستحب ، وإليه ذهب المتأخر ، وقال : لا يحل إلا ( حتى خ ) أن يبلغ الهدي محله ، لأنه لا دليل على خلافه من كتاب أو سنة.
وقال الشيخ في التهذيب : السائق لا يحل ، وإن كان قد طاف بسياقه الهدي ، مستندا في ذلك إلى رواية يونس بن يعقوب ، عمن أخبره ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : ما طاف بين هذين الحجرين ، الصفا والمروة أحد إلا حل ، إلا
ص: 340
ويجوز للمفرد إذا دخل مكة العدول بالحج إلى المتعة ، لكن لا يلبي بعد طوافه وسعيه ، ولو لبى بعد أحدهما بطلت متعته وبقي على حجه على رواية.
ولا يجوز العدول للقارن.
والمكي إذا بعد ثم حج على ميقات أحرم منه وجوبا.
والمجاور بمكة إذا أراد حجة الإسلام خرج إلى ميقاته فأحرم منه ،
______________________________________________________
سائق الهدي (1).
ثم قال فيه : وإنما أمر بتجديد التلبية ، لئلا يدخل في أن يكون محلا ، مستدلا برواية عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كلما طفت طوافا ، وصليت ركعتين ، فاعقد طوافا بالتلبية (2).
فظاهر فتواه والخبر يدل على وجوب التلبية ، والأشبه الاستحباب وعدم التحلل ، إلا مع البلوغ.
« قال دام ظله » : ويجوز للمفرد إذا دخل مكة ، العدول بالحج إلى المتعة ، لكن لا يلبي بعد طوافه وسعيه ، ولو لبى بعد أحدهما بطلت متعته ، وبقي على حجه ، على رواية.
أقول : تقديره ( على حجة مفردة ) والرواية منقولة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ، الرجل يفرد الحج ، فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، ثم يبدو له أن يجعلها عمرة ، قال : إن كان لبى بعد ما سعى ، قبل أن يقصر ، فلا متعة له (3).
ص: 341
ولو تعذر خرج إلى أدنى الحل ، ولو تعذر أحرم من مكة.
ولو أقام سنتين انتقل فرضه إلى الإفراد والقران.
ولو كان له منزلان : بمكة وناء ، اعتبر أغلبهما عليه ، ولو تساويا تخير في التمتع وغيره.
______________________________________________________
وعليها فتوى الشيخ في النهاية والتهذيب.
وقال المتأخّر : لا يحلّ الا بالنيّة ، ولا حكم للتلبية ، لقوله عليه السلام : الاعمال بالنيّات (1).
فامّا جواز العدول ، رواه معاوية بن عمّار ، قال : سألت ابا عبداللّه عن رجل لبي بالحج مفرداً ، ثم دخل ( قدم - ئل ) مكة فطاف بالبيت ، وصلّى ركعتين عند مقام ابراهيم ، وسعى بين الصفا والمروة ، قال : فليحلّ ، وليجعلها متعة ، الا ان يكون قد ساق الهدي فلا يستطيع أن يحل ، حتى يبلغ الهدي محله (2).
« قال دام ظله » : ولو أقام سنتين ، انتقل فرضه إلى الإفراد والقران.
روى ذلك حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : من أقام بمكة سنتين ، فهو من أهل مكة ، لا متعة له ( الحديث ) (3).
وروى ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : فإذا قاموا سنة أو سنتين ، صنعوا كما يصنع أهل مكة ( الحديث ) (4).
وعلق الشيخ هذا الحكم على من أقام ثلاث سنين ، وهو محمول على من أقام سنتين ، وأراد الحج في الثالثة ، فلا تنافي بين فتواه والرواية.
ص: 342
ولا يجب على المفرد والقارن هدي ، ويختص الوجوب بالتمتع.
ولا يجوز القران بين الحج والعمرة ، ولا إدخال أحدهما على الآخر.
المقدمة الرابعة : في المواقيت ، وهي ستة :
لأهل العراق العقيق وأفضله المسلخ وأوسطه غمرة ، وآخره ذات عرق.
ولأهل المدينة مسجد الشجرة ، وعند الضرورة الجحفة وهي ميقات أهل الشام اختيارا.
ولأهل اليمن يلملم.
ولأهل الطائف قرن المنازل.
وميقات المتمتع بحجه ( لحجه خ ) مكة.
وكل من كان منزله أقرب من الميقات فميقاته منزله.
وكل من حج على طريق فميقاته ميقات أهلها ، ويجرد الصبيان من فخ.
وأحكام المواقيت تشتمل على مسائل :
( الأولى ) لا يصح الإحرام قبل الميقات إلا لناذر ، بشرط أن يقع في أشهر الحج أو العمرة المفردة في رجب لمن خشي تقضيه.
( الثانية ) لا يجاوز الميقات إلا محرما ، ويرجع إليه لو لم يحرم منه ، فإن لم يتمكن فلا حج له إن كان عامدا ، ويحرم من موضعه إن كان ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ، ولو دخل مكة خرج إلى الميقات ، ومع التعذر من أدنى الحل ، ومع التعذر يحرم من مكة.
ص: 343
( الثالثة ) لو نسي الإحرام حتى أكمل مناسكه فالمروي : أنه لا قضاء ، وفيه وجه بالقضاء مخرج.
______________________________________________________
في المواقيت
« قال دام ظله » : لو نسي الإحرام ، حتى أكمل مناسكه ، فالمروي أنه لا قضاء وفيه وجه بالقضاء مخرج.
هذا ذكره الشيخ في النهاية والتهذيب ، وهو في رواية ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ( أصحابه خ له ) عن أحدهما عليهما السلام ، في رجل نسي أن يحرم ، أو جهل ، وقد شهد المناسك كلها ، وطاف وسعى ، قال : تجزيه نيته ، إذا كان قد نوى ذلك فقد تم حجه ، وإن لم يهل ( الحديث ) (1).
وهذه وإن كانت مرسلة ، لكن الأصحاب تعمل بمراسيل ابن أبي عمير ، قالوا : أنه لا ينقل إلا ما يعتمد عليه ( معتمدا عليها خ )
فأما المتأخر أعرض عنها ، وقال : هي خبر واحد ، وما أفتى بها غير الشيخ ، فلا أعمل عليها.
ثم قال : ومقتضى أصولنا وجوب الإعادة ، لأن الأعمال بالنيات ، وهذا عمل بلا نية.
وأنا متعجب من مناقضة هذا القائل ( فكثيرا ) ما يعمل بأضعف روايات الآحاد ، وإن لم يذهب إليها غير الشيخ ، مثل باب الجنايات والحدود والديات وكفارات الإحرام ، وغير ذلك ما لم يحقق ( مما لا يحصى خ ) ( وتارة ) يقول : لا أعمل بخبر الواحد ويتمسك بأصول المذهب ، ويعرض عن الروايات ، وإن كانت صحيحة.
والحق التزام الروايات ، إن كانت معدومة المعارض ، مؤيدة بالنظر ، أو عليها
ص: 344
وهي الإحرام والوقوف بعرفات ، والمشعر ، والذبح بمنى ، والطواف وركعتاه ، والسعي ، وطواف النساء ، وركعتاه.
وفي وجوب رمي الجمار والحلق والتقصير تردد ، أشبهه الوجوب.
ويستحب الصدقة أمام التوجه ، وصلاة ركعتين ، وأن يقف على باب داره ويدعو ، ويقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وشماله ، وآية الكرسي كذلك ، وأن يدعو بكلمات الفرج وبالأدعية المأثورة.
______________________________________________________
عمل الأصحاب ، أو بعضهم مع عدم المخالف.
ومع التعارض ، يعمل بما يوافق الأصل ، وإلا بما عليه الأكثر ، ومع خلو الأمرين يعتبر الرواية ( بالرواة خ ) ، ويعمل بالأصح سندا.
في أفعال الحج
« قال دام ظله » : وفي وجوب رمي الجمار والحلق والتقصير تردد ، أشبهه الوجوب.
أقول : الذي يظهر من فتاوى الأصحاب في الرمي الوجوب ، وقد صرح سلار بذلك ، إلا قول الشيخ فإنه قال : ورمي الجمار مسنون.
وهو يحتمل أن يراد به الندب ، وأن يراد به أن شرعيته معلومة من السنة.
ومنشأ التردد منه (1).
والتردد ضعيف ( لنا ) أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، رمى (2) ، وفعله في بيان
ص: 345
والنظر في مقدماته وكيفيته وأحكامه.
ومقدماته كلها مستحبة ، وهي توفير شعر رأسه من أول ذي القعدة إذا أراد التمتع ، ويتأكد إذا أهل ذو الحجة.
وتنظيف جسده وقص أظفاره ، والأخذ من شاربه ، وإزالة الشعر عن جسده وإبطيه بالنورة ، ولو كان مطليا أجزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما ، والغسل.
ولو أكل أو لبس ما لا يجوز له أعاد غسله استحبابا.
______________________________________________________
المجمل يفيد الوجوب ، وقوله صلى اللّه عليه وآله : خذوا عني مناسككم (1) والأمر يقتضي الوجوب ، وظاهر الروايات الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام (2).
أما الحلق والتقصير ، فذهب الشيخ في كتاب الجمل والنهاية والتبيان إلى الندب ، واختاره المتأخر.
وظاهر كلامه في المبسوط يفوح منه الوجوب ، وعليه المفيد وسلار ، وظاهر كلام ابن بابويه في المقنع.
وقال ابن البراج : الحلق مستحب ، والتقصير واجب.
وما أدري منشأ التفصيل.
وإنما قال شيخنا أشبهه الوجوب ، لأن النبي صلى اللّه عليه وآله حلق (3) وفعله في بيان المجمل يجب امتثاله.
ص: 346
وقيل : يجوز تقديم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء ، ويعيد لو وجده.
ويجزي غسل النهار ليومه ، وكذا الليل لليلته ما لم ينم.
ولو أحرم بغير غسل أو بغير صلاة أعاد.
وأن يحرم عقيب فريضة الظهر ، أو عقيب فريضة ، ولو لم يتفق فعقيب ست ركعات ، وأقله ركعتان يقرأ في الأولى الحمد والصمد ، وفي الثانية الحمد والجحد ، ويصلي نافلة الإحرام ولو في وقت الفريضة ما لم يتضيق.
فالواجب ثلاثة :
( الأول ) النية وهي أن يقصد بقلبه إلى الجنس من الحج أو العمرة ،
______________________________________________________
أما الأول فلأنه لا خلاف أن الحلق أفضل من تركه ، وأفضل الخلق ، لا يخل بالأفضل.
وأما الثاني فمبرهن ( فقد برهن خ ) عليه في أصول الفقه ، وكذا ظاهر الروايات دال على الوجوب (1) ، وقد قيل في قوله عز من قائل : « ثم ليقضوا تفثهم » (2) التفث هو الحق.
« قال دام ظله » : وقيل يجوز تقديم ( أن يقدم خ ) الغسل على الميقات ، لمن خاف عوز الماء ، ويعيد لو وجده.
ص: 347
والنوع من التمتع أو غيره ، والصفة من واجب أو غيره ، وحجة الإسلام أو غيرها ، ولو نوى نوعا ونطق بغيره فالمعتبر النية.
( الثاني ) التلبيات الأربع ، ولا ينعقد الإحرام للمفرد والمتمتع إلا بها.
______________________________________________________
القائل هو الشيخ في كتبه ، وعليه أتباعه ، وتردد شيخنا دام ظله ، لعدم وقوفه على ما يدل عليه ، وإن كان يفتي به متابعة للشيخ ولعدم المانع ، ويمكن أن يقال : شرعيته في الجمعة تدل على الجواز.
واستدل الشيخ بما رواه علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سألته عن الرجل ، يغتسل بالمدينة لإحرامه ، أيجزيه ذلك من ( عن خ ) غسل ذي الحليفة؟ قال : نعم ( الحديث ) (1).
وفي معناها أخرى ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، لفظا بلفظ (2).
وقال الشيخ في التهذيب : إنما وردت هذه الروايات رخصة لمن خاف إلا يجد الماء عند الميقات ، وشيخنا تردد في الاستدلال ، إذ هي مطلقة ، والاطلاق ممنوع بالاتفاق.
والذي أقوله : إن رواية ابن أبي عمير ، حسنة الطريق ، وتأويل الشيخ مرضي ، وهو في رواية محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).
فلا بأس بالعمل به ، وعليه المتأخر.
ص: 348
أما القارن فله أن يعقد بها أو بالإشعار أو التقليد على الأظهر.
وصورتها : لبيك اللّهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.
وقيل : يضيف إلى ذلك : إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبيك ، وما زاد مستحب.
ولو عقد إحرامه ولم يلب لم يلزمه كفارة بما يفعله.
والأخرس يجزيه تحريك لسانه والإشارة بيده.
( الثالث ) لبس ثوبي الإحرام وهما واجبان ، والمعتبر ما يصح الصلاة فيه للرجال ( للرجل خ ).
______________________________________________________
( قال دام ظله ) : أما القارن فله أن يعقد بها ، أو بالإشعار ، أو التقليد ، على الأظهر.
أقول : لا خلاف في أن الإحرام للمتمتع والمفرد لا ينعقد إلا بالتلبية ، وأنما اختلف في القارن ، فذهب الشيخ وأتباعه ( إلى ظ ) أنه ينعقد بها وبالإشعار والتقليد ، وهو اختيار سلار وابن البراج ، وقال المرتضى والمتأخر أنه لا ينعقد إلا بالتلبية ، والأول أظهر في الفتاوى.
( قال دام ظله ) : وقيل : يضيف إلى ذلك ، إن الحمد والنعمة والملك لك ، إلى آخره.
القائل هو الشيخ وأتباعه ، ولا تردد فيه ، اللّهم إلا أن يقال : أن إضافة ذلك ليس ( ليست ظ ) على الوجوب.
وبالإضافة وردت رواية معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1) وكذا رواية ابن عمار عنه عليه السلام (2).
ص: 349
ويجوز لبس القباء مع عدمهما مقلوبا.
وفي جواز لبس الحرير للمرأة روايتان ، أشهرهما المنع ، ويجوز أن يلبس أكثر من ثوبين ، وأن يبدل ثياب إحرامه ولا يطوف إلا فيهما استحبابا.
والندب : رفع الصوت بالتلبية للرجل إذا علت راحلته البيداء إن حج على طريق المدينة ، وإن كان راجلا فحيث يحرم.
ولو أحرم من مكة رفع بها الصوت ( صوته خ ) إذا أشرف على الأبطح وتكرارها إلى يوم عرفة عند الزوال للحاج.
______________________________________________________
( قال دام ظله ) : ويجوز لبس القباء مع عدمهما ، مقلوبا.
احتلفت العبارة في تفسير القلب ، قال المتأخر : يجعل ذيله فوق كتفيه ، وحكى ذلك مرويا عن البزنطي ، عن الأئمة الأطهار عليهم السلام (1).
وقال الشيخ وابن بابويه : يلبسه مقلوبا ، ولا يدخل يديه في يدي القباء وهو مروي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
والذي يظهر لي أنه لا تنافي بين المعنيين ، ولا يجوز أن يحمل قوله : ( ولا يدخل يديه في يدي القباء ) (3) على أن يجعل ظاهرة باطنه ، لأن فيه بعدا.
( قال دام ظله ) : وفي جواز لبس الحرير للمرأة ، روايتان ، أشهرهما المنع.
أقول : المنع قول الشيخ وأتباعه ، وهو مروي ، ، عن صفوان بن يحيى ، عن الحلبي ، عن العيص بن القاسم ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب ، غير الحرير والقفازين ، وكره النقاب (4) ومثله رواه
ص: 350
والمعتمر بالمتعة حتى يشاهد بيوت مكة ، وبالمفردة حتى يدخل الحرم إن كان أحرم من خارجه حتى يشاهد الكعبة إن أحرم من الحرم.
______________________________________________________
ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.
قال : وسأله أي أبا عبد اللّه عليه السلام سماعة عن المحرمة تلبس الحرير؟ فقال لا يصلح لها أن تلبس حريرا محضا لا خلط فيه ( الحديث ) (1).
وذهب المفيد ، في كتاب أحكام النساء : أن لهن أن يحرمن في الحرير المحض ، واختاره المتأخر ، تمسكا بالأصل ، وهو الجواز.
وهو في رواية علي بن النعمان ، عن يعقوب بن شعيب ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام. المرأة تلبس القميص تزره عليها وتلبس الخز والحرير والديباج؟ فقال : نعم لا بأس به ، وتلبس الخلخالين والمسك (2).
والأول أظهر وهو المختار ، ( لنا ) التمسك بما هو مجمع على صحته ، أعني الإحرام في غير الحرير ، وأنه إذا عمل برواية المنع ، يمكن أن يعمل برواية الجواز ، بأن يحمل على الحرير الممزوج بالقطن لا المحض ، كما جمع بينهما ابن بابويه في المقنع ، ولا ينعكس.
« قال دام ظله » : والمعتمر بالمتعة ، حتى يشاهد بيوت مكة ، وبالمفردة حتى يدخل الحرم ، إلى آخره.
فقه هذه المسألة ، إن المعتمر بالمتعة ، يلبي حتى يشاهد بيوت مكة ، فعند ذلك يقطع.
ص: 351
وقيل : بالتخيير وهو أشبه.
والتلفظ بما يعزم عليه ، والاشتراط أن يحله حيث حبسه ، وإن لم تكن حجة فعمرة.
وأن يحرم في الثياب القطن وأفضله البيض.
( الأولى ) المتمتع إذا طاف وسعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا مضى في حجه ولا شئ عليه.
______________________________________________________
والمعتمر بالمفردة اختلف فيه ، قال الشيخ : إن كان الإحرام من خارج مكة يلبي حتى يدخل الحرم استحبابا ، وإن كان من الحرم أو من المساجد ( المسجد خ ) لا يقطع حتى يشاهد الكعبة ، وقال ابنا بابويه : هو مخير ، يقطع أي موضع أراد ، كعبة كان أو حرما.
ومنشأ الخلاف ، النظر إلى ما رواه محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : من دخل مكة مفردا للعمرة ، فليقطع التلبية ، حين تضع الإبل أخفافها في الحرم (1).
وإلى ما رواه عمر بن يزيد أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ( في حديث ) قال : ومن خرج من مكة ، يريد العمرة ، ثم دخل معتمرا ، لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة (2).
فالشيخ ذهب إلى التفصيل ، جمعا بينهما ، وابنا بابويه ، إلى التخيير للجمع أيضا ، وهو أولى ، إذ التفصيل يحتاج إلى تكلف الإضمار ، وأيضا هي عبادة مستحبة ، لا مانع منها ، والبحث في الاستحباب ، فاعرفه.
ص: 352
وفي رواية عليه دم ، ولو أحرم عامدا بطلت متعته على رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
( الثانية ) إذا أحرم الولي بالصبي فعل به ما يلزم المحرم ، وجنبه ما يجتنب ( يجتنبه خ ) المحرم ، وكل ما يعجز عنه يتولاه الولي ، ولو فعل ما يوجب الكفارة ضمن الولي عنه ، ولو كان مميزا جاز إلزامه بالصوم عن الهدي ، ولو عجز صام الولي عنه.
( الثالثة ) لو اشترط في إحرامه ثم حصل المانع تحلل.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي رواية ، عليه دم.
أقول : يجب على المتمتع ، ألا يحرم بالحج ، حتى يفرغ من التقصير ، فإن أحرم بالحج ناسيا قبل التقصير ، قال الشيخ : عليه دم يهريقه ، وهو في رواية إسحاق بن عمار ، قال : قلت أبي إبراهيم عليه السلام : الرجل يتمتع ، فينسى أن يقصر حتى يهل بالحج ، فقال : عليه دم يهريقه (1).
فأما إن أحرم متعمدا ، قال الشيخ في الاستبصار : تبطل متعته ، تأويلا لما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المتمتع إذا طاف وسعى ، ثم لبى ( بالحج ئل ) ، قبل أن يقصر ، فليس له أن يقصر ، وليس له متعة (2) (3).
فقال ( الشيخ خ ) : تحمل هذه على العمد ، لئلا تتنافى الروايات ( الروايتان خ ل ).
وذهب المتأخر إلى أن الإحرام بالحج غير صحيح ، للاتفاق على أن إدخال
ص: 353
ولا يسقط هدي التحلل بالشرط ، بل فائدته جواز التحلل للمحصور من غير تربص ، ولا يسقط عنه الحج لو كان واجبا.
ومن اللواحق التروك :
وهي محرمات ومكروهات ، فالمحرمات أربعة عشر :
صيد البر اصطيادا إمساكا وأكلا ولو صاده محل ، وإشارة ،
______________________________________________________
العمرة في الحج غير جايز.
والوجه هو الأول ، لأنه إذا أحرم متعمدا ، ولم يقصر ، فقد أخلى ( أخل خ ) بواجب ، فهو يبطلها.
« قال دام ظله » : ولا يسقط هدي التحلل بالشرط ، إلى آخره.
لا خلاف (1)سنن أبي داود ج ٢ ص ١٥١ باب الاشتراط في الحج نقلا عن ابن عباس نحوه ، وكنز العمال عن عايشة ج ٥ ص ١٢٢ ( الشرط والاستثناء من الكمال ).(2) في أن الشرط مستحب ، ولكن اختلفوا ، هل إذا شرط ، يسقط
ص: 354
ودلالة ، وإغلاقا وذبحا ، ولو ذبحه كان ميتة حراما على المحل والمحرم.
والنساء ، وطيا وتقبيلا ولمسا ونظرا بشهوة وعقدا له ولغيره وشهادة على العقد.
والاستمناء ، والطيب.
وقيل : لا يحرم إلا أربعة : المسك والعنبر والزعفران والورس ، وأضاف الشيخ في الخلاف الكافور والعود.
______________________________________________________
الهدي؟ قال علم الهدى : نعم ، وإلا تجرد الشرط عن الفائدة ، واختاره المتأخر.
( لا يقال ) : قوله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي (1) دال على عدم التحلل ، إلا مع الهدي ( لأنا نقول ) : يحمل ذلك على من لم يشرط.
وقال الشيخ : يسقط الهدي ، وفائدته في المحصور التحلل من غير تربص ، وفي المصدور لا فائدة له ، واختاره شيخنا دام ظله.
وله رحمه اللّه في الخلاف مسألتان ، في إحديهما تباحث أصحاب الشافعي في جواز الشرط ، وذلك أنهم ينكرونه ، ويذهبون إلى أنه لا تأثير للشرط ، لأن الشافعي ، يسقط الهدي ، في أحد قوليه ، قال : إذا شرط في حال إحرامه ، ثم حصل الشرط ، لا يتحلل إلا بالهدي ، ولا تنافي بين المسألتين ، كما توهم المتأخر ، وشيخنا تابع الشيخ.
في تروك الإحرام
« قال دام ظله » : وقيل : لا يحرم إلا أربعة ، إلى آخره.
قلت : في تحريم الطيب أقوال ، قال الشيخ في المبسوط ، والمفيد في المقنعة ، وابن
ص: 355
............................................................................
______________________________________________________
أبي عقيل في المتمسك ، وأبو الصلاح :
لا يشم شيئا من الطيب ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا دام ظله.
وقال الشيخ في الجمل : تجنب ( الخمسة الأنواع من الطيب خ ) المسك ، والعنبر ، والكافور ، والزعفران ، والعود.
( وفي المبسوط يحرم ، الطيب على اختلاف أجناسها ، إلا أن الخمسة أغلظ خ ) وخصص (1) في النهاية والخلاف التحريم بالمسك والعنبر والزعفران والعود والكافور ، وذكر محمد علي بن بابويه رواية عن الصادق عليه السلام : أنه يكره من الطيب أربعة أشياء للمحرم ، المسك والعنبر والزعفران والورس (2).
( وقال ابن أبي عقيل : وأكثر الطيب عندهم أربع ، وهو الأربع المذكورة ) وتحمل الكراهية على التحريم ( والمراد بالكراهة التحريم خ له ).
يدل على ذلك ما رواه إبراهيم النخعي ، عن معاوية بن عمار ، قال : إنما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء ، المسك والعنبر والزعفران والورس (3).
والأولى ( الوجه خ ل ) اجتناب الطيب كله ( إلا الخلق خ ) لعموم أكثر الروايات في النهي ( عملا بكثير من الروايات خ ل ) ( منها ) ما رواه حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يمس المحرم شيئا من الطيب ، ولا الريحان ، ولا يتلذذ به (4).
ص: 356
ولبس المخيط للرجال.
وفي النساء قولان ، أصحهما الجواز ، ولا بأس بالغلالة للحائض تتقي بها على القولين ، ويلبس الرجل السروال إذا لم يجد إزارا ، ولا بأس بالطيلسان وإن كان له أزرار فلا يزره عليه.
ولبس ما يستر ظهر القدم كالخفين والنعل السندي فإن اضطر جاز.
وقيل : يشق عن ظهر القدم.
والفسوق وهو الكذب.
والجدال وهو الحلف ، وقتل هوام الجسد ، ويجوز نقله ، ولا بأس بإلقاء
______________________________________________________
ومنها ما رواه معاوية بن عمّار عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال : اتّق قتل الدواب كلّها ، ولا تمسّ شيئاً من الطيب ولا من الدّهن في احرامك الخ (1).
والتخصيص بالابع على ما تضمنته الرّوايات الأُولى ، انما هو للتعظيم والتفخيم ، لا للاقتصار عليه.
« قال دام ظله » : ولبس المخيط ، للرّجال ، وفي النساء قولان ، أصحهما الجواز.
قال الشيخ في النهاية : لا يجوز لهنّ ، وقد وردت رواية بالجواز ، اشارة الى ما قدّمناه من رواية الحلبي (2) ، ويعقوب بن شعيب عند ذكر الحرير.
وبالجواز يقول المفيد وابن أبي عقيل ، والشيخ في المبسوط ، ذهب إلى أنه رخص لهن في لبس القميص.
« قال دام ظله » : وقيل يشق عن ( ظهر خ ) القدم.
ص: 357
القراد والحلم.
ويحرم استعمال دهن فيه طيب ، ولا بأس به مع الضرورة. ويحرم إزالة الشعر قليله وكثيره ولا بأس به مع الضرورة.
وتغطية الرأس للرجل دون المرأة وفي معناه الارتماس ، ولو غطى ناسيا ألقاه واجبا وجدد التلبية استحبابا.
وتسفر المرأة عن وجهها ، ويجوز أن تسدل خمارها إلى أنفها.
ويحرم تضليل المحرم سائرا ، ولا بأس به للمرأة ، وللرجل نازلا ، ولو اضطر جاز ، ولو زامل عليلا أو امرأة اختصا بالضلال دونه.
ويحرم قص الأظفار وقطع الشجر والحشيش إلا أن ينبت في ملكه ، ويجوز خلع الأذخر وشجر الفواكه والنخل.
______________________________________________________
أقول : لا يجوز لبس الخفين ، ولا كل ما يستر القدم ، مع الاختيار ، ويجوز مع عدم النعلين.
وهل يشق ظاهرهما ( ظهرهما خ ل ) والحال هذه؟ قال في المبسوط والخلاف : نعم وهو مروي عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، أنه قال فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين ويقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين (1).
وقال في النهاية : يلبس من غير قطع ، وقال في الخلاف : هو الأظهر بين الأصحاب ، واختاره المتأخر ، وهو حسن.
يدل على ذلك ما رواه معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ولا تلبس الخفين ، إلا أن لا يكون لك نعلان (2).
ص: 358
وفي الاكتحال بالسواد والنظر في المرآة ولبس الخاتم للزينة ولبس المرأة ما لم تعتده من الحلي.
والحجامة إلا للضرورة ( لا لضرورة خ ل ).
ودلك الجسد ولبس السلاح لا مع الضرورة ، قولان ، أشبههما الكراهية.
والمكروهات : الإحرام في غير البياض.
ويتأكد في السواد.
وفي الثياب الوسخة.
وفي المعلمة.
والحناء للزينة ، والنقاب للمرأة ، ودخول الحمام وتلبية المنادي ، واستعمال الرياحين.
ولا بأس بحك الجسد ، والسواك ما لم يدم.
( الأولى ) لا يجوز لأحد أن يدخل مكة إلا محرما إلا المريض أو من يتكرر كالحطاب والحشاش ، ولو خرج بعد إحرامه ثم عاد في شهر خروجه أجزأ ، وإن عاد في غيره أحرم ثانيا.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي الاكتحال بالسواد ، إلى آخره.
قال في النهاية والمبسوط : بالمنع في الكل ( الكحل خل ) وعليه المتأخر ، وحرم المفيد الاكتحال بالسواد ، وأبو الصلاح حمل السلاح والنظر في المرآة ، وما اعترضا (1) لغير ذلك
ص: 359
( الثانية ) إحرام المرأة كإحرام الرجل ، إلا ما استثني ، ولا يمنعها الحيض عن الإحرام لكن لا تصلي له ، ولو تركته ظنا أنه لا يجوز حتى جاوز الميقات رجعت إلى الميقات وأحرمت منه ولو دخلت مكة ، فإن تعذر أحرمت من أدنى الحل ، ولو تعذر أحرمت من موضعها.
والنظر في المقدمة والكيفية واللواحق.
أما المقدمة فتشتمل ( على خ ) مندوبات خمسة :
الخروج إلى منى بعد صلاة الظهرين يوم التروية ، إلا لمن يضعف عن الزحام ، والإمام يتقدم ليصلي الظهرين بمنى.
والمبيت بها حتى يطلع الفجر ، ولا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس.
ويكره الخروج قبل الفجر إلا لمضطر ، كالخائف والمريض.
ويستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس.
والدعاء عند نزولها.
وعند الخروج منها.
وأما الكيفية ، فالواجب فيها النية ، والكون بها إلى الغروب ، ولو لم يتمكن من الوقوف بها نهارا أجزأه الوقوف ليلا ولو قبل الفجر ، ولو أفاض قبل الغروب عامدا عالما بالتحريم لم يبطل حجه وجبره ببدنة ، ولو
______________________________________________________
وقال في الجمل ، بالكراهية وهو أشبه ، ( لنا ) التمسك بالأصل.
« قال دام ظله » : الثانية إحرام المرأة كاحرام الرجل إلا ما استثني.
المستثنى هو تغطية الرأس ، ولبس المخيط ، على خلاف فيه.
ص: 360
عجز صام ثمانية عشر يوما ، ولا شئ عليه لو كان جاهلا أو ناسيا.
ونمرة وثوية وذو المجاز وعرنة والأراك حدود لا يجزي الوقوف بها.
والمندوب : أن يضرب خباءه بنمرة ، وأن يقف في السفح مع ميسرة الجبل في السهل ، وأن يجمع رحله ، ويسد الخلل به وبنفسه ، والدعاء قائما
ويكره الوقوف في أعلى الجبل ، وقاعدا أو راكبا.
وأما اللواحق فمسائل :
( الأولى ) الوقوف ركن ، فإن تركه عامدا بطل حجه ، ولو كان ناسيا تداركه ليلا ، ولو إلى الفجر ، ولو فات اجتزأ بالمشعر.
( الثانية ) لو فاته الوقوف الاختياري وخشي طلوع الشمس لو رجع ، اقتصر على المشعر ليدركه قبل طلوع الشمس.
وكذا لو نسي الوقوف بعرفات أصلا اجتزأ بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس ، ولو أدرك عرفات قبل الغروب ولم يتفق له المشعر قبل طلوع الشمس ، ولو أدرك عرفات قبل الغروب ولم يتفق له المشعر حتى طلعت الشمس أجزأه الوقوف به ، ولو قبل الزوال.
( الثالثة ) لو لم يدرك عرفات نهارا وأدركها ليلا ولم يدرك المشعر حتى طلعت الشمس فقد فاته الحج.
وقيل : يصح حجه ولو أدركه قبل الزوال.
______________________________________________________
القول في الوقوف بعرفات
« قال دام ظله » : وقيل يصح حجه ، ولو أدركه قبل الزوال.
القائل هذا هو علم الهدى ، في الانتصار ، استدل بالإجماع ولم يثبت.
ص: 361
والنظر في مقدمته وكيفيته ولواحقه.
والمقدمة : تشتمل على مندوبات خمسة :
الاقتصاد في السير ، والدعاء عند الكثيب الأحمر.
وتأخير المغرب والعشاء إلى المزدلفة ولو صار ربع الليل.
والجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين ، وتأخير نوافل المغرب حتى يصلي العشاء.
وفي الكيفية : واجبات ومندوبات.
فالواجبات : النية ، والوقوف به ، وحده ما بين المأزمين إلى الحياض ، إلى وادي محسر ، ويجوز الارتفاع إلى الجبل مع الزحام ، ويكره لا معه.
ووقت الوقوف الاختياري ، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
وللمضطر إلى الزوال.
ولو أفاض قبل الفجر عامدا عالما جبره بشاة ، ولم يبطل حجه إن كان وقف بعرفات.
ويجوز الإفاضة ليلا للمرأة والخائف.
والندب : صلاة الغداة قبل الوقوف ، والدعاء.
وأن يطأ الصرورة المشعر برجله.
وقيل : يستحب الصعود على قزح ، وذكر اللّه عليه.
ويستحب - لمن عدا الإمام - الإفاضة قبل طلوع الشمس ولا يتجاوز محسرا حتى تطلع ، والهرولة في الوادي ، داعيا بالمرسوم ، ولو نسي الهرولة رجع فتداركها ، والإمام يتأخر بجمع حتى تطلع الشمس.
ص: 362
( الأولى ) الوقوف بالمشعر ركن ، فمن لم يقف به ليلا ولا بعد الفجر عامدا بطل حجه ، ولا يبطل لو كان ناسيا ، ولو فاته الموقفان بطل ولو كان ناسيا.
( الثانية ) من فاته الحج سقطت عنه أفعاله ، ويستحب له الإقامة بمنى إلى انقضاء أيام التشريق ، ثم يتحلل بعمرة مفردة ، ثم يقضي الحج إن كان واجبا.
( الثالثة ) يستحب التقاط الحصى من جمع وهو سبعون حصاة.
______________________________________________________
نعم روى ذلك ، ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج (1).
وفي أخرى عن ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن المغيرة ( في حديث ) قال : جاءنا رجل بمنى فقال : إني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا ( إلى أن قال ) فدخل إسحاق بن عمار على أبي الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك ، فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج (2).
لكن الشيخ ادعى في الخلاف أن الروايتين من الشواذ ، وليس بهما قائل.
وحملهما في الاستبصار ، على أن المراد ، إدراك فضل الحج وثوابه ، دون سقوط حج الإسلام ، وذهب إلى أنه متى فاته عرفات نهارا ولم يدرك المشعر إلى طلوع الشمس ، فقد فاته الحج ، مستدلا بالإجماع وبما رواه محمد بن سهل ، عن أبيه ، عن إسحاق بن عبد اللّه ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن رجل دخل مكة ، مفردا للحج ، فخشي أن يفوته الموقف. فقال له يومه إلى طلوع الشمس من يوم
ص: 363
ويجوز من أي جهات الحرم شاء ، عدا المساجد.
وقيل : عدا المسجد الحرام ومسجد الخيف.
ويشترط أن يكون أحجارا من الحرم أبكارا ، ويستحب أن تكون رخوة برشا بقدر الأنملة ملتقطة منقطة.
وتكره الصلبة والمكسرة.
______________________________________________________
النحر ، فإذا طلعت الشمس ، فليس له حج الحديث (1).
وبما رواه الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل مفرد للحج ، فاته الموقفان جميعا. قال ( فقال خ ل ) : له إلى طلوع الشمس يوم النحر ، فإذا طلعت الشمس من يوم النحر ، فليس له حج ، ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل ( الحديث ) (2).
وهو اختيار ابن أبي عقيل.
ولنا في الإجماعين تردد والحق إسقاطهما ، وتوهم المتأخر من قول المرتضى ( يوم النحر ) جميع اليوم ، وهو غلط ، بل مراده إلى الزوال.
القول في الوقوف بالمشعر
« قال دام ظله » : ويجوز من أي جهات الحرم شاء عدا المساجد ، وقيل عدا المسجد الحرام ، ومسجد الخيف.
القائل ( بالمسجدين خ ) هو الشيخ ، متمسكا بما رواه محمد بن إسماعيل ، عن حنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم ، إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف (3).
ص: 364
وهي رمي جمرة العقبة ، ثم الذبح ، ثم الحلق.
أما الرمي : فالواجب فيه النية ، والعدد وهو سبع ، وإلقاؤها بما يسمى رميا ، وإصابة الجمرة بفعله ، فلو تممها بحركة غيره لم يجز.
والمستحب ، الطهارة ، والدعاء.
وأن لا يتباعد بما يزيد على خمسة عشر ذراعا ، وأن يرمي خذفا ، والدعاء مع كل حصاة ، ويستقبل الجمرة العقبة ، ويستدبر القبلة ، وفي غيرها يستقبل الجمرة والقبلة.
وأما الذبح : ففيه أطراف.
( الأول ) في الهدي ، وهو واجب على المتمتع خاصة ، مفترضا ومتنفلا ، ولو كان مكيا ، ولا يجب على غير المتمتع ، ولو تمتع المملوك
______________________________________________________
وفي رواية حريز ، عمن أخبره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟ قال : لا تأخذه من موضعين ، من خارج الحرم ، ومن حصى الجمار ، ولا بأس بأخذه من سائر الحرم (1).
وبما رواه ابن بابويه ، في من لا يحضره الفقيه ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : يجزيك أن تأخذ حصى الجمار من الحرم كله ، إلا من المسجد الحرام ، ومسجد الخيف (2).
فأما استثناء المساجد كلها ، فمذهب شيخنا دام ظله ، بناء على تحريم إخراج الحصى من المساجد ، وهو أحوط.
ص: 365
كان لمولاه إلزامه بالصوم ، وأن يهدي عنه ،
ولو أدرك الموقفين معتقا لزمه الهدي مع القدرة ، والصوم مع التعذر.
ويشترط النية في الذبح ، ويجوز أن يتولاه بنفسه وبغيره.
ويجب ذبحه بمنى.
ولا يجزي الواحد إلا عن واحد في الواجب.
وقيل : يجزي عن سبعة ، وعن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان الواحد ، ولا بأس به في الندب.
ولا يباع ثياب التجمل في الهدي ، ولو ضل فذبح غيره لم يجز ، ولا يخرج شيئا من لحم الهدي عن منى ، ويجب صرفه في وجهه ، ويذبح يوم النحر وجوبا مقدما على الحلق ، ولو قدم الحلق أجزأه ، ولو كان عامدا.
______________________________________________________
القول في مناسك منى
« قال دام ظله » : ولا يجزي الواحد إلا عن واحد في الواجب ، وقيل : يجزي عن سبعة.
أقول : اختلفت الروايات في كمية الهدي ، في رواية الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : تجزي البقرة أو البدنة في الأمصار سبعة ، ولا تجزي بمنى ، إلا عن واحد (1).
وفي رواية معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : تجزي البقرة عن خمسة ، بمنى ، إذا كانوا أهل خوان واحد (2) وفي أخرى عن يونس ، عنه عليه السلام ،
ص: 366
وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة.
( الثاني ) في صفته : ويشترط أن يكون من النعم ثنيا غير مهزول ، ويجزي من الضأن خاصة ، الجذع لسنته ، وأن يكون تاما ، فلا يجوز العوراء ، ولا العرجاء ، ولا العضباء ، ولا ما نقص منها شئ كالخصي ، ويجزي المشقوقة الأذن ، وأن لا تكون مهزولة بحيث لا يكون على كليتها شحم ، لكن لو اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة ، أجزأته.
والثني من الإبل ما دخل في السادسة.
ومن البقر والغنم ( والمعز خ ) ما دخل في الثانية.
______________________________________________________
قال : سألته أبا عبد اللّه عليه السلام عن البقرة يضحي بها؟ فقال : يجزي عن سبعة (1).
وروى ابن أذينة عن حمران ، قال : عزت البدن سنة بمنى ، حتى بلغت البدنة مائة دينار ، فسئل أبو جعفر عليه السلام عن ذلك ، فقال : اشتركوا فيها ، قال : قلت : كم؟ قال : ما خف فهو أفضل ، قال : فقلت : عن كم يجزي؟ فقال : عن سبعين (2).
والحاصل مما جمعه الشيخ في كتب الأخبار ، أن في الواجب مع الاختيار ، لا يجزي الواحد إلا عن واحد ومع الضرورة ، يجزي عن سبعة وعن سبعين ، وعليه فتواه في النهاية والمبسوط.
وفي الخلاف : لا يجزي في الواجب ، الواحد إلا عن واحد ، وفي التطوع ، يجزي عن سبعة ، إذا كانوا أهل بيت ، وهو اختيار شيخنا دام ظله والمتأخر ، وبه أفتى.
ص: 367
ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد وتمشي في سواد ، وتبرك في مثله ، أي لها ظل تمشي فيه.
وقيل : أن تكون هذه المواضع منها سودا.
وأن يكون مما عرف به ، إناثا من الإبل والبقر ، ذكرانا من الضأن أو المعز.
وأن ينحر الإبل قائمة مربوطة بين الخف والركبة ، ويطعنها من الجانب الأيمن.
وأن يتولاه بنفسه ، وإلا جعل يده مع يد الذابح ، والدعاء ، وقسمته أثلاثا : يأكل ثلثه ، ويهدي ثلثه ، ويطعم القانع والمعتر ثلثه.
وقيل : يجب الأكل منه.
ويكره التضحية بالثور والجاموس والموجوء.
( الثالث ) في البدل.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ويستحب أن تكون سمينة ، تنظر في سواد ، وتمشي في سواد ، وتبرك في مثله.
أقول : الوصفان الأولان منقولان عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، يضحي بكبش أقرن فحل ، ينظر في سواد ، ويمشي في سواد (1) ومثله في رواية محمد بن مسلم (2).
وأما الوصف الثالث ، فما وقفت فيه على نقل من طريق الأصحاب ، ولست
ص: 368
فلو فقد الهدي ووجد ثمنه استناب في شرائه ، وذبحه طول ذي الحجة.
وقيل : ينتقل فرضه إلى الصوم.
ومع فقد الثمن يلزمه الصوم ، وهو ثلاثة أيام في الحج متواليات ، وسبعة في أهله ، ويجوز تقديم الثلاثة من أول ذي الحجة ، بعد التلبس بالحج.
ولا يجوز قبل ذي الحجة ، ولو خرج ذو الحجة ولم يصم الثلاثة ، تعين عليه الهدي في القابل بمنى ، ولو صام الثلاثة في الحج ثم وجد الهدي لم يجب ، لكنه أفضل.
______________________________________________________
أعرف من أين نقل (1)؟ وإن كان يذهب إليه شيخنا ، والشيخ والمتأخر ، وأما التأويلات (2) منقولات عن أهل التفسير.
« قال دام ظله » : ولو فقد الهدي ، ووجد ثمنه ، استناب في شرائه وذبحه طول ذي الحجة ، وقيل : ينتقل فرضه إلى الصوم.
وذهب الشيخ إلى أن فاقد الهدي ومعه الثمن ، يستنيب ، لأنه في حكم الواجد ، وقال المتأخر : لا بل ينتقل إلى الصوم ، عملا بالآية (3) والأول أشبه ، لأن العرف يطلق على واجد الثمن ، أنه واجد الهدي ، وبه كان يفتي شيخنا في الدرس خلافا لما
ص: 369
ولا يشترط في صوم السبعة التتابع.
ولو أقام بمكة انتظر أقل الأمرين من وصوله إلى أهله ومضي شهر.
ولو مات ولم يصم صام الولي عنه الثلاثة وجوبا دون السبعة ، ومن وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر ، أجزأه سبع شياه ، ولو تعين عليه الهدي ومات أخرج من أصل تركته.
( الرابع ) في هدي القارن.
ويجب ذبحه أو نحره بمنى إن قرنه بالحج ، وبمكة إن قرنه بالعمرة وأفضل مكة فناء الكعبة بالحزورة ، ولو هلك لم يقم بدله ، ولو كان مضمونا لزمه البدل ، ولو عجز عن الوصول نحره أو ذبحه وأعلمه ، ولو أصابه كسر جاز بيعه والصدقة بثمنه أو إقامة بدله ، ولا يتعين الصدقة إلا بالنذر وإن أشعره أو قلده.
ولو ضل فذبح عن صاحبه أجزأه.
ولو ضل فأقام بدله ثم وجده ، فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول ، ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضر به وبولده.
______________________________________________________
ذكره في الشرايع.
« قال دام ظله » : ولا يشترط في صوم السبعة التتابع.
هذا مذهب الشيخ ، وقال المفيد : يشترط والأول أصح ( أولا ) تمسكا بالأصل ( وثانيا ) بما رواه إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام ، إني قدمت الكوفة ، ولم أصم السبعة الأيام ، حتى فزعت في حاجة إلى بغداد قال : صمها ببغداد ، قلت : أفرقها؟ قال : نعم (1).
ص: 370
ولا يعطى الجزار من الهدي الواجب كالكفارات والنذور ، ولا يأخذ الناذر من جلودها ، ولا يأكل منها ، فإن أخذ ضمنه.
ومن نذر بدنة فإن عين موضع النحر لزم وإلا نحرها بمكة.
( الخامس ) الأضحية ، وهي مستحبة.
ووقتها بمنى يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي الأمصار يوم النحر ويومان بعده.
ويكره أن يخرج من الأضحية شيئا عن منى ولا بأس بالسنام ، ومما يضحيه غيره ، ويجزي هدي التمتع عن الأضحية ، والجمع أفضل ، ومن لم يجد الأضحية تصدق بثمنها ، فإن اختلف أثمانها جمع الأول والثاني والثالث وتصدق بثلثها.
وتكره التضحية بما يريبه وأخذ شئ من جلودها وإعطاؤها الجزار.
وأما الحلق : فالحاج مخير بينه وبين التقصير ولو كان صرورة أو ملبدا على الأظهر ، والحلق أفضل.
والتقصير متعين على المرأة ، ويجزي لها ولو قدر الأنملة. والمحل
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وأما الحلق ، فالحاج مخير بينه وبين التقصير ، ولو كان صرورة. أو ملبدا ، على الأظهر.
أقول : تلبيد الشعر ، أن يؤخذ العسل والصمغ ، ويجعل على الرأس لئلا يقمل ، فذهب الشيخ في الجمل إلى أن الحاج مخير بين الحلق والتقصير صرورة أو غيره لبد أو لم يلبد.
وقال في النهاية : الصرورة لا يجزيه إلا الحلق ، وكذلك الملبد ، وإن لم يكن
ص: 371
بمنى ، ولو رحل قبله عاد للحلق أو التقصير ولو تعذر حلق أو قصر حيث كان وجوبا ، وبعث بشعره إلى منى ليدفن بها استحبابا.
ومن ليس على رأسه شعر يجزيه إمرار الموسى.
والبدءة برمي جمرة العقبة ، ثم بالذبح ، ثم بالحلق واجب ، فلو خالف أثم ولم يعد ، ولا يزور البيت لطواف الحج إلا بعد الحلق أو التقصير ، فلو طاف قبل ذلك عامدا لزمه دم شاة ، ولو كان ناسيا لم يلزمه شئ وأعاد طوافه.
ويحل من كل شئ عند فراغ مناسكه بمنى عدا الطيب والنساء والصيد ، فإذا طاف لحجه وسعى حل له الطيب ، وإذا طاف طواف النساء حللن له.
ويكره المخيط حتى يطوف للحج ، والطيب حتى يطوف طواف النساء.
ثم يمضي إلى مكة للطواف ، والسعي ليومه ، أو من الغد ، ويتأكد في جانب المتمتع ، ولو أخر أثم ، وموسع للمفرد والقارن طول ذي الحجة على كراهية.
ويستحب له إذا دخل مكة الغسل ، وتقليم الأظفار ، وأخذ الشارب ، والدعاء عند باب المسجد.
______________________________________________________
صرورة ، وبه يقول المفيد ، والأول أكثر ، ويقويه قوله تعالى : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء اللّه آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين (1).
ص: 372
والنظر في مقدمته وكيفيته وأحكامه :
أما المقدمة فيشترط تقديم الطهارة ، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن ، والختان في الرجل.
ويستحب مضغ الأذخر قبل دخول مكة ، ودخولها من أعلاها حافيا على سكينة ووقار مغتسلا من بئر ميمون أو فخ ، ولو تعذر اغتسل بعد الدخول ، والدخول من باب بني شيبة ، والدعاء عنده.
وأما الكيفية : فواجبها النية ، والبدأة بالحجر ، والختم به ، والطواف على اليسار ، وإدخال الحجر في الطواف ، وأن يطوف سبعا ، ويكون بين المقام والبيت ، ويصلي ركعتين بعد الطواف في المقام ، فإن منعه زحام صلى حياله.
ويصلي النافلة (1) حيث شاء من المسجد.
ولو نسيهما رجع فأتى بهما فيه ، ولو شق صلاهما حيث ذكر ، ولو مات قضى عنه الولي.
والقران مبطل في الفريضة على أشهر الروايات ، ومكروه في النافلة ، ولو زاد سهوا أكملها أسبوعين ، وصلى ركعتي الواجب منهما قبل
______________________________________________________
القول في الطواف
« قال دام ظله » : والقران مبطل في الفريضة ، على أشهر الروايات.
القران أن يطوف أسبوعين (2) ولا يفصل بينهما بركعتين ، وهل يبطل الطواف؟
ص: 373
السعي وركعتي الزيادة بعده.
ويعيد من طاف في ثوب نجس مع العلم ولا يعيد لو لم يعلم ، ولو علم في أثناء الطواف أزاله وأتم ، وتصلى ركعتاه (1) في كل وقت ما لم يتضيق وقت الحاضرة.
ولو نقص من طوافه وقد تجاوز النصف أتى به وأتم ، ولو رجع إلى أهله استناب ، ولو كان دون ذلك استأنف.
وكذا من قطع الطواف لحدث أو لحاجة.
ولو قطعه لصلاة فريضة حاضرة صلى ثم أتم طوافه ، ولو كان دون الأربع ، وكذا للوتر.
ولو دخل في السعي فذكر أنه لم يطف استأنف الطواف ، ثم استأنف السعي ، ولو ذكر أنه طاف ولم يتم قطع السعي وأتم الطواف ثم يتم السعي.
______________________________________________________
قال الشيخ في كتب الفتاوى : نعم ، تمسكا بما رواه صفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، قالا : سألناه عن قران الطواف السبوعين أو الثلاثة ، قال : لا إنما هو سبوع وركعتان ، قال : وكان أبي يطوف مع محمد بن إبراهيم ، فيقرن وإنما كان ذلك منه لحال التقية (2).
وفي أخرى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ( رجل خ ل ) يطوف الأسباع ( الأسابيع خ ل ) جميعا ، فيقرن ، قال : لا إنما هو أسبوع وركعتان (3).
ص: 374
ومندوبها ( مندوبه خ ) : الوقوف عند الحجر والدعاء ، واستلامه ، وتقبيله ، فإن لم يقدر أشار إليه بيده ، ولو كانت مقطوعة فبموضع القطع ، ولو لم تكن له يد أشار برأسه ، وأن يقتصد في مشيه ، ويذكر اللّه سبحانه في طوافه ، ويلتزم المستجار - وهو بحذاء الباب من وراء الكعبة - ويبسط يديه وخده على حائطه ، ويلصق به ، ويذكر ذنوبه ، ولو جاوز المستجار رجع والتزم.
وكذا يستلم الأركان ، وآكدها ركن الحجر واليماني.
______________________________________________________
ووجه الاستدلال ، أن النهي في العبادات ، دال على فساد المنهي عنه.
فأما ما رواه محمد بن سنان عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إنما يكره أن يجمع الرجل بين الأسبوعين والطوافين في الفريضة ، فأما في النافلة ، فلا بأس (1).
وما رواه محمد بن الوليد ، عن عمر بن يزيد ، قال : سمعت أبا عبد اللّه. عليه السلام ، يقول : إنما يكره القران في الفريضة ، فأما في النافلة فلا ، واللّه ما به بأس (2).
فالجواب عنه ، الطعن في السند ، أو نقول : محمول على حال التقية ، يدل عليه الرواية المتقدمة ، أو نحمل الكراهية على الحظر ، وهو كثير.
وحمل الشيخ في الاستبصار روايات المنع على الكراهية دون الحظر ، توفيقا بين الروايات ، واختاره المتأخر.
« قال دام ظله » : ومندوبها الوقوف.
ثم عد في ذلك ، الاستلام ، أو هو مذهب أكثر الأصحاب ، ويظهر من كلام المفيد وسلار ، الوجوب ، والأول أشبه.
ص: 375
ويتطوع بثلثمائة وستين طوافا ، فإن لم يتمكن جعل العدة أشواطا ، ويقرأ في ركعتي الطواف بالحمد والصمد في الأولى ، وبالحمد والجحد في الثانية.
ويكره الكلام فيه ، بغير الدعاء والقراءة.
وأما الأحكام فثمانية :
( الأول ) الطواف ركن ، فمن ( فإن خ ) تركه عامدا بطل حجه ، ولو كان ناسيا أتى به.
ولو تعذر العود استناب فيه.
وفي رواية ، إن كان على وجه جهالة أعاد ( الحج خ ) وعليه بدنة.
( الثاني ) من شك في عدده بعد الانصراف ، فلا إعادة عليه ، ولو كان في أثنائه وكان بين السبعة وما زاد قطع ولا إعادة ، ولو كان في النقيصة أعاد في الفريضة ، وبنى على الأقل في النافلة ، ولو تجاوز الحجر في الثامن وذكر قبل بلوغ الركن قطع ولم يعد.
( الثالث ) لو ذكر أنه لم يتطهر أعاد طواف الفريضة وصلاته ، ولا يعيد طواف النافلة ، ويعيد صلاته استحبابا.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ويتطوع بثلاثمائة وستين طوافا ، فإن لم يمكن ( يتمكن خ ل ) جعل العدة أشواطا.
معنى المسألة ، أنه مستحب أن يطوف العدد ، فإن لم يتمكن لعذر ، جعل بدل كل طواف وهو سبعة أشواط شوطا واحدا ، فيكون أحدا وخمسين طوافا ، وثلاثة أشواط ، فتلحق هذه الثلاثة بالطواف الأخير ، تخلصا من الجمع بين الطوافين.
« قال دام ظله » : وفي رواية ، إن كان على وجه جهالة ، أعاد ، وعليه بدنة.
ص: 376
ولو نسي طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله وواقع عاد وأتى به ، ومع التعذر يستنيب فيه ، وفي الكفارة تردد ، أشبهه أنها لا تجب إلا مع الذكر.
ولو نسي طواف النساء استناب ، ولو مات قضاه الولي.
______________________________________________________
هذه رواها حماد بن عيسى ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : سأل عن رجل جهل أن يطوف بالبيت ، حتى رجع إلى أهله؟ قال : إذا كان على وجه الجهالة أعاد الحج ، وعليه بدنة (1).
ومثلها رواها عبد الرحمن بن الحجاج ، عن علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة قال : إن كان على وجه جهالة في الحج أعاد ، وعليه بدنة (2).
والذي يقال عليهما ، إن الأولى غير مستندة ، إذ المسؤول عنه مجهول ، والثانية مهجورة ، لكن الشيخ صدر بها الباب في الاستبصار.
« قال دام ظله » : ولو نسي طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله ، وواقع عاد وأتى به ، ومع التعذر يستنيب ( فيه خ ) ، وفي الكفارة تردد ، أشبهه أنها لا تجب إلا مع الذكر.
منشأ التردد ، أن الناسي مرفوع عنه القلم ، ومقتضى الأصل أن لا كفارة ، وعليه المتأخر ، وكذا الشيخ في النهاية سكت عنه ، وقال في المبسوط : بوجوبها ، وهو في رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل نسي طواف الفريضة ، حتى قدم بلاده ، وواقع النساء كيف يصنع قال : يبعث بهدي ، إن كان تركه في حج بعث به في حج ، وإن كان تركه في عمرة ، بعث به في عمرة (3)
ص: 377
( الرابع ) من طاف فالأفضل له تعجيل السعي ، ولا يجوز تأخيره إلى غده.
( الخامس ) لا يجوز للمتمتع تقديم طواف حجه وسعيه على الوقوف وقضاء المناسك ، إلا لامرأة تخاف الحيض أو مريض أو هم.
______________________________________________________
والأول أشبه.
« قال دام ظله » : من طاف فالأفضل له تعجيل السعي ، ولا يجوز تأخيره إلى غده.
أقول : قوله : ( فالأفضل له تعجيل السعي ) يدل على جواز التأخير ساعة أو ساعتين ، وقد جوزه الشيخ وأتباعه.
وتأول في الاستبصار ، ما رواه عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يقدم مكة ، وقد اشتد عليه الحر ، فيطوف بالكعبة ، ويؤخر السعي إلى أن يبرد؟ فقال : لا بأس به (1).
وما رواه محمد بن مسلم ، قال : سألت أحدهما عليهما السلام ، عن رجل طاف بالبيت ، فأعيى ، أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة؟ قال : نعم (2).
فقال الشيخ : المراد بالتأخير في الروايتين ، ساعة أو ساعتين.
وإذا ثبت هذا ، فهل يجوز التأخير إلى غده؟ قال شيخنا في الشرايع : نعم ، وهو مخير بين التعجيل والتأخير ، وقال الشيخ لا يجوز ، وهو اختيار شيخنا في النافع.
وهو أشبه ، عملا بما رواه صفوان ، عن العلاء بن رزين ، قال : سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى ، أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : لا (3).
ص: 378
وفي جواز تقديم طواف النساء مع الضرورة روايتان ، أشهرهما الجواز.
ويجوز للقارن والمفرد تقديم الطواف اختيارا ، ولا يجوز تقديم طواف النساء لمتمتع ولا لغيره ، ويجوز مع الضرورة والخوف من الحيض.
ولا يقدم على السعي ، ولو قدمه عليه ساهيا لم يعد.
______________________________________________________
وتمسكاً بأنّ العبادة على الفور ، وبقوله عليه السلام : خير الخير أعجله (1).
ثم نحن نطالب شيخنا بمنشأ التأخير إلى الزمان المقدر ، وسألته في الدرس ، فاستدل بقوله تعالى : الحج أشهر معلومات (2).
قلت : لو صح الاستدلال به فمقتضى الآية جواز التأخير ، طول ذي الحجة ، فلم قدرتم بالغد؟ فأعرض عن الجواب.
« قال دام ظله » : وفي جواز تقديم طواف النساء مع الضرورة ، روايتان ، أشهرهما الجواز.
أقول : رواية الجواز غير متضمنة حال الضرورة ، وهي ما رواه محمد بن عيسى ، عن الحسين بن علي ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا الحسن الأول عليه السلام ، يقول : لا بأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء ، قبل الحج يوم التروية قبل خروجه إلى منى وكذلك لا بأس لمن خاف أمرا لا يتهيأ له ، الانصراف إلى مكة أن يطوف ويودع البيت ، ثم يمر كما هو من منى ، إذا كان خائفا (3).
ورواية المنع مطلقة أيضا ، وهي ما رواه صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن
ص: 379
( السادس ) قيل : لا يجوز الطواف وعليه برطلة ، والكراهية أشبه ، ما لم يكن الستر محرما.
( السابع ) كل محرم يلزمه طواف النساء ، رجلا كان أو امرأة ، أو صبيا ، أو خصيا ، إلا في العمرة المتمتع بها.
______________________________________________________
عمار ( في حديث ) قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن المفرد للحج ، إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة ، أيعجل طواف النساء؟ قال : لا إنما طواف النساء بعد ما يأتي من منى (1).
والشيخ جمع بينهما ، فحمل هذه على حال الاختيار ، وهو حسن ، والأولى على الاضطرار ، وهو عدول ، ففي حمل الروايتين على الضرورة تسامح.
والذي ينبغي أن يستدل به ، أن يقال : الحج مرتب بعضه على بعض ، فلا يجوز التقديم ، ومع الضرورة المانعة من الرجوع إلى مكة جائز.
أما الأول ، لئلا يختل الترتيب ، ولرواية إسحاق (2) ولما رواه علي بن حمزة عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : لا يجوز تقديم طواف النساء على منسك (3).
وأما الثاني ، فلقوله تعالى : وما جعل عليكم في الدين من حرج (4) وللرواية الأولى لئلا تطرح.
وذهب المتأخر إلى أنه لا يجوز على حال ، والأول أظهر بين الأصحاب.
« قال دام ظله » : لا يجوز الطواف ، وعليه برطلة.
هذا مذهب الشيخ في النهاية والمبسوط ، تمسكا بما رواه الحسين بن سعيد ، عن
ص: 380
( الثامن ) من نذر أن يطوف على أربع.
قيل : يجب عليه طوافان.
وروي ذلك في امرأة نذرت.
وقيل : لا ينعقد ، لأنه لا يتعبد بصورة النذر.
______________________________________________________
صفوان ، عن يزيد بن خليفة ، قال : رآني أبو عبد اللّه عليه السلام ، أطوف حول الكعبة وعلي برطلة ، فقال لي بعد ذلك : قد رأيتك تطوف حول الكعبة ، وعليك برطلة؟ لا تلبسها حول الكعبة ، فإنها من زي اليهود (1).
وحملها في التهذيب على الكراهية ، وهو أشبه ، لأن القرينة دالة عليه ، وهو اختيار شيخنا في الدرس.
« قال دام ظله » : من نذر أن يطوف على أربع ، قيل يجب عليه طوافان ، إلى آخره.
القائل هذا هو الشيخ في النهاية والمبسوط ، مستدلا بما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، فقال : تطوف أسبوعا ليديها ، وأسبوعا لرجليها (2).
لكن السكوني ضعيف ، وهي مخالفة للأصل ، ولو عمل بها عامل جاز ، والحق أن نقضيه بالحكم على المرأة ، جمودا على النقل (3).
وفي معناها أخرى ، عن محمد بن ميسر ، عن ابن الجهم ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام (4) ولفظها مطابق لها.
ص: 381
والنظر في مقدمته ، وكيفيته ، وأحكامه.
أما المقدمة فمندوبات عشرة : الطهارة ، واستلام الحجر ، والشرب من زمزم ، والاغتسال من الدلو المقابل للحجر ، والخروج للسعي من باب الصفا ، وصعود الصفا ، واستقبال ركن الحجر ، والتكبيرة ، والتهليل سبعا والدعاء بالمأثور.
وأما الكيفية ، ففيها الواجب والندب.
فالواجب أربعة : النية ، والبدء بالصفا ، والختم بالمروة ، والسعي سبعا.
يعد ذهابه شوطا ، وعوده آخر.
والمندوبة أربعة أشياء : المشي طرفيه ، والاسراع بين المنارة إلى زقاق العطارين ، ولو نسي الهرولة رجع القهقري وتدارك ، والدعاء ، وأن يسعى ماشيا ، ويجوز الجلوس خلاله للراحة.
وأما الأحكام فأربعة :
( الأول ) السعي ركن ، يبطل الحج بتركه عمدا ، ولا يبطل سهوا ، ويعود لتداركه ، فإن تعذر استناب فيه.
( الثاني ) يبطل السعي بالزيادة عمدا ، ولا يبطل سهوا.
ومن تيقن عدد الأشواط وشك فيما به بدأ ، فإن كان في الفرد على الصفا أعاد ، ولو كان على المروة لم يعد.
وبالعكس لو كان سعيه زوجا ، ولو لم يحصل العدد أعاد ، ولو تيقن النقصان أتى به.
ص: 382
( الثالث ) لو قطع سعيه لصلاة أو لحاجة أو لتدارك ركعتي الطواف أو غير ذلك أتم ولو كان شوطا.
( الرابع ) لو ظن إتمام سعيه فأحل وواقع أهله ، أو قلم أظفاره ثم ذكر أنه نسي شوطا أتم.
وفي بعض الروايات يلزمه دم بقرة.
______________________________________________________
وأما القول : بأنه لا ينعقد فهو للمتأخر ، وتمسك بأنه نذر غير مشروع ، فلا ينعقد ، وما قدمناه أولى ، حذرا من اطراح النقل ، وفي تمسك المتأخر ، ضعف.
القول في السعي
« قال دام ظله » : وفي بعض الروايات ، يلزمه دم بقرة.
إشارة إلى ما رواه صفوان بن يحيى ، وعلي بن النعمان ، عن سعيد بن يسار ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ، ثم رجع إلى منزله ، وهو يرى أنه قد فرغ منه ، وقلم أظافيره وأحل ، ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط ، فقال لي : يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط ، فإن كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط ، فليعد ، وليتم شوطا ، وليرق دما ، فقلت : دم ماذا؟ قال : بقرة الحديث (1).
ومثله رواه محمد بن سنان ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
ص: 383
يجب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، ولو بات بغيرها كان عليها شاتان ، إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة ، ولو كان ممن يجب عليه المبيت الليالي الثلاث لزمه ثلاث شياه.
وحد المبيت أن يكون بها ليلا حتى تجاوز نصف الليل.
وقيل لا يدخل مكة حتى يطلع الفجر.
ويجب رمي الجمار في الأيام التي يقيم بها ، كل جمرة بسبع حصيات مرتبا ، يبدأ بالأولى ، ثم الوسطى ، ثم جمرة العقبة.
ولو نكس أعاد على الوسطى وجمرة العقبة.
ويحصل الترتيب بأربع جمرات.
ووقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها ، ولو نسي رمي يوم قضاه من الغد مرتبا.
ويستحب أن يكون ما لامسه غدوة ، وما ليومه بعد الزوال ، ولا يجوز الرمي ليلا إلا لعذر كالخائف والرعاة والعبيد.
______________________________________________________
وعليها فتوى الشيخ في النهاية والمبسوط ، والمفيد ، والمتأخر في أبواب السعي ، وكلهم قالوا ( في باب ما يجب على المحرم اجتنابه ) : يتم ولا كفارة.
والوجه أنه يختص الكفارة بالظان لا بالناسي ، جمعا بين الأقوال ، وقد صرح المتأخر بذلك.
القول في أحكام منى
« قال دام ظله » : وقيل لا يدخل مكة ، حتى يطلع الفجر.
القائل هو الشيخ في النهاية ، وحمل على الأفضلية ، وهو حسن.
ص: 384
ويرمى عن المعذور كالمريض.
ولو نسي جمرة وجهل موضعها رمى على كل جمرة حصاة.
ويستحب الوقوف عند كل جمرة ، ورميها عن يسارها مستقبل القبلة ، ويقف داعيا عدا جمرة العقبة ، فإنه يستدبر القبلة ويرميها عن يمينها ولا يقف.
ولو نسي الرمي حتى دخل مكة رجع وتدارك ، ولو خرج فلا حرج.
ولو حج في القابل استحب القضاء ، ولو استناب جاز.
ويستحب الإقامة بمنى أيام التشريق ، ويجوز النفر في الأول وهو الثاني عشر من ذي الحجة لمن اتقى الصيد والنساء ، وإن شاء في الثاني وهو الثالث عشر ، ولو لم يتق تعين عليه الإقامة إلى النفر الأخير.
وكذا لو غربت الشمس ليلة الثالث عشر وهو بمنى.
ومن نفر في الأول ، لا ينفر إلا بعد الزوال.
وفي الأخير يجوز قبله ، ويستحب للإمام أن يخطب ويعلمهم ذلك.
والتكبير بمنى مستحب ، وقيل : يجب.
ومن قضى مناسكه فله الخيرة في العود إلى مكة ، والأفضل العود لوداع البيت ، ودخول الكعبة خصوصا للصرورة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : والتكبير بمنى مستحب ، وقيل : يجب.
القول الأول للشيخ في المبسوط ، والمتأخر ، وقال المرتضى : بالوجوب ، مستدلا بقوله تعالى : ولتكبروا اللّه على ما هداكم (1).
ص: 385
ومع عوده يستحب الصلاة في زوايا البيت وعلى الرخامة الحمراء والطواف بالبيت واستلام الأركان والمستجار والشرب من زمزم والخروج من باب الحناطين والدعاء والسجود مستقبل القبلة والدعاء في السجود والصدقة بتمر يشتريه بدرهم.
ومن المستحب التحصيب والنزول بالمعرس (1) على طريق المدينة وصلاة ركعتين به والعزم على العود.
ومن المكروهات : المجاورة بمكة ، والحج على الإبل الجلالة ومنع دور مكة من السكنى ، وأن يرفع بناء فوق الكعبة ، والطواف للمجاور بمكة أفضل من الصلاة وللمقيم بالعكس.
واللواحق أربعة :
( الأول ) من أحدث ولجأ إلى الحرم لم يقم عليه حد بجنايته ولا تعزير ، ويضيق عليه في المطعم والمشرب ليخرج ، ولو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته.
______________________________________________________
وهو اختيار الشيخ في الجمل والاستبصار ، مستدلا بما رواه محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن قول اللّه عزوجل : واذكروا اللّه في أيام معدودات ، قال : التكبير في أيام التشريق ، صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث وفي الأمصار عشر صلوات فإذا نفر الناس النفر الأول ، أمسك أهل الأمصار ، ومن أقام بمنى ، فصلى بها الظهر والعصر ، فليكبر (2).
ص: 386
( الثاني ) لو ترك الحاج زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله أجبروا على ذلك ، وإن كان ندبا لأنه جفاء.
( الثالث ) للمدينة حرم وحده من عائر إلى وعير ، لا يعضد شجره ، ولا بأس بصيده ، إلا ما صيد بين الحرمين.
( الرابع ) يستحب الغسل لدخولها ، وزيارة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم استحبابا مؤكدا ، وزيارة فاطمة عليها السلام من الروضة ، والأئمة عليهم السلام بالبقيع ، والصلاة بين القبر والمنبر وهو الروضة ، وأن يصام بها الأربعاء ويومان بعده للحاجة ، وأن يصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة ، وليلة الخميس عند الأسطوانة التي تلي مقام الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والصلاة في المساجد ، وإتيان قبور الشهداء خصوصا قبر حمزة عليه السلام.
______________________________________________________
وبما رواه حماد ، عن حريز بن عبد اللّه عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : التكبير أيام التشريق ، في دبر الصلوات ، فقال : التكبير بمنى في دبر خمس عشر صلاة ( الحديث ) (1).
وبهذا القول ، أقول ( اذهب خ ل ) احتياطا ، وكلام الشيخ في النهاية ، يحتمل الوجهين ، وحمله الراوندي على الاستحباب.
واللواحق أربعة
« قال دام ظله » : لو ترك الحاج ( الحجاج خ ل ) زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله أجبر على ذلك ، وإن كانت ندبا ، لأنه جفاء.
ص: 387
وهي واجبة في العمر مرة على كل مكلف بالشرائط المعتبرة في الحج ، وقد تجب بالنذر وشبهه ، والاستيجار ، والافساد ، والفوات ، وبدخول مكة عدا من يتكرر كالحطاب والحشاش والمريض.
وأفعالها ثمانية : النية ، والاحرام ، والطواف ، وركعتاه ، والسعي ، وطواف النساء وركعتاه ، والتقصير أو الحلق.
وتصح في جميع أيام السنة وأفضلها رجب ، ومن أحرم بها في أشهر الحج ودخل مكة جاز أن ينوي بها ( عمرة خ ) التمتع ، ويلزمه الدم.
ويصح الاتباع إذا كان بين العمرتين شهر.
______________________________________________________
اقول : لمّا كانت قلّة الالتفات الى خير الرّسل صلى اللّه عليه وآله ، ومن يضاهيه في العصمة ، حراماً ، وكذلك الجفاء ، وجب اجبار الناس ، اذا أعرضوا عن زيارتهم عليهم السّلام (1) ولا مشقة ، والعذر منفى ، وهو اختيار الشيخ وأتباعه.
وانفرد المتأخر بالمنع ، نظراً الى أنّ الالزام بالمندوب غير جايز.
وليس بشيء ، اذ موجب الالزام ، هو الحذر من الجفاء.
المقصد الثاني في العمرة
« قال دام ظله » : ويصح الاتباع ، إذا كان بين العمرتين شهر ، وقيل : عشرة أيام ، وقيل : لا يكون في السنة إلا عمرة واحدة ، ولم يقدر علم الهدى بينهما حدا.
القول الأول للشيخ في النهاية ، وقال في الجمل : وأقل ما يكون بين العمرتين عشرة أيام.
ص: 388
وقيل : عشرة أيام.
وقيل : لا يكون في السنة إلا عمرة واحدة ، ولم يقدر علم الهدى رحمه اللّه بينهما حدا.
والتمتع بها يجزي عن المفردة ، وتلزم من ليس من حاضري المسجد الحرام ، ولا تصح إلا في أشهر الحج ، ويتعين فيها التقصير ، ولو حلق قبله لزمه دم شاة ، وليس فيها طواف النساء ، وإذا دخل مكة متمتعا كره له الخروج لأنه مرتبط بالحج ، ولو خرج وعاد في شهره فلا حرج ، وكذا لو أحرم بالحج وخرج بحيث إذا أزف الوقوف عدل إلى عرفات ، ولو خرج إلا كذلك وعاد في غير الشهر جدد عمرة وجوبا ويتمتع بالأخيرة دون الأولى.
( الأول ) في الإحصار والصد ، المصدود من منعه العدو ، فإذا تلبس بالإحرام فصد ، نحر هديه وأحل من كل شئ أحرم منه ، ويتحقق الصد مع عدم التمكن من الوصول إلى مكة أو الموقفين بحيث لا طريق غير موضع الصد ، أو كان لكن لا نفقة.
ولا يسقط الحج الواجب مع الصد ، ويسقط المندوب.
______________________________________________________
وهو في رواية يونس عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه السلام ( في حديث ) قال : ولكل شهر عمرة ، فقلت : يكون أقل؟ قال : يكون لكل ( في كل خ ل ) عشرة أيام عمرة ، ( الحديث ) (1).
ص: 389
وفي وجوب الهدي على المصدود قولان ، أشبههما الوجوب ، فلا يصح التحلل إلا بالهدي ونية التحلل.
وهل يسقط الهدي لو شرط حله حيث حبسه؟ فيه قولان ، أظهرهما أنه لا يسقط.
وفائدة الاشتراط جواز التحلل من غير توقع.
______________________________________________________
ذكره الشيخ في الكتابين ، وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.
والقول الثالث لابن أبي عقيل العماني ، تمسكا بما رواه ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : العمرة في كل سنة مرة (1).
وعن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وعن جميل بن دراج عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قالا : لا يكون في السنة عمرتان (2).
وحملها الشيخ على العمرة المتمتع بها.
والوجه عندي ، عدم التقدير ، كما اختاره علم الهدى والمتأخر ، لأن العمرة مشروعة مرغب فيها ، والتقدير منفي بالأصل ، وما وجدت في رواية ، تحريم التتابع ، فهي باقية على جواز فعلها دائما ، ولأنها عبادة ، وقال اللّه تعالى : واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (3) أي الموت.
في الإحصار والصد
« قال دام ظله » : وفي وجوب الهدي على المصدود قولان.
قال الشيخ وأتباعه : يجب الهدي ولا يتحلل إلا به ، وقال المتأخر : لا يجب
ص: 390
وفي إجزاء هدي التحلل قولان ، أشبهها أنه يجزي ، والبحث في المعتمر إذا صد مكة كالبحث في الحاج.
والمحصور ( المحصر خ ) هو الذي يمنعه المرض ، وهو يبعث هديه لو لم يكن ساق ، ولو ساق اقتصر على هدي السياق ، ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله وهي منى إن كان حاجا ، ومكة إن كان معتمرا ، فهناك يقصر ويحل إلا من النساء ، حتى يحج في القابل إن كان واجبا ، أو يطاف عنه النساء إن كان ندبا.
ولو بان أن هديه لم يذبح لم يبطل تحلله ، ويذبح في القابل.
______________________________________________________
عليه ، وحكى ذلك عن بعض الأصحاب متمسكا بأن الأصل براءة الذمة ، و ( يقويه خ ) بقوله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي (1).
وجه الاستدلال تخصيص الهدي بالمحصر ، والأول أشبه ، لأن الهدي وجب بالإحرام ، ولا دليل على سقوطه ، فيجب الوفاء به ، ولا دليل في الآية على أنه ساقط عن المصدود ، فاعرفه ، وأما إنه هل يسقط مع الاشتراط ، فقد مضى البحث فيه.
« قال دام ظله » : وفي إجزاء هدي السياق عن هدي التحلل قولان ، أشبههما أنه يجزي.
أقول : الإجزاء مذهب الشيخ وأتباعه كلهم ، ووجه الأشبهية ، التمسك بالأصل ، وبقوله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ، وهذا هو المستيسر.
وأما القول بأنه لا يجزي فقد ذكره علي بن بابويه ، قال : وإذا قرن الرجل الحج والعمرة ، وأحصر ، بعث هديا مع هديه ، ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله ، والمراد
ص: 391
وهل يمسك عما يمسك عنه المحرم؟ الوجه : لا.
ولو أحصر فبعث ثم زال العارض التحق ، فإن أدرك أحد الموقفين صح حجه.
فإن فاتاه ، تحلل بعمرة ، ويقضي الحج إن كان واجبا ، وإلا ندبا.
والمعتمر يقضي عمرته عند زوال المنع.
وقيل : في الشهر الداخل.
______________________________________________________
بالقران أن يأتي بهما على الانفراد.
وكأنه نظر إلى أن الهدي الأول كان واجبا عليه قبل الإحصار ( الحصر خ ل ) والاحصار يوجب هديا آخر ، عملا بالآية ، وقواه المتأخر ، وإن لم يقل به.
« قال دام ظله » : وهل يمسك عما يمسك عنه المحرم؟ الوجه لا؟
تقديره هل يمسك من لم يذبح هديه إلى القابل ، عما يجتنبه المحرم؟ وفيه خلاف ، قال الشيخ في النهاية والمبسوط والتهذيب : نعم ، متمسكا بما رواه صفوان ، عن معاوية بن عمار ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام ( في حديث طويل ) : فإن ردوا الدراهم عليه ، ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحل ، لم يكن عليه شئ ، لكن يبعث من قابل ويمسك أيضا ( الحديث ) (1).
وقال المتأخر : لا يمسك ، مستدلا بأن الأصل براءة الذمة ، وأنه ليس بمحرم ، ولا في الحرم ، فلا اجتناب عليه واختاره شيخنا دام ظله.
ولقائل أن يقول : لا نسلم انحصار الاجتناب في المحرم ( في الحرم خ ل ) والاحتياط يقتضي الاجتناب.
« قال دام ظله » : والمعتمر يقضي عمرته ، عند زوال المنع ، إلى آخره.
ص: 392
وقيل : لو أحصر القارن حج في القابل قارنا ، وهو على الأفضل إلا أن يكون القران متعينا بوجه.
وروي استحباب بعث الهدي ، والمواعدة لإشعاره وتقليده ، واجتناب ما يجتنبه المحرم وقت المواعدة حتى يبلغ الهدي محله ، ولا يلبي لكن يكفر لو أتى بما يكفر له المحرم استحبابا.
______________________________________________________
ذهب الشيخ في التهذيب ، إلى أن المحرم إذا أحصر بالمرض ، وهو معتمر ، فإذا برأ ، فعليه العمرة ، وهو في رواية صفوان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
وبهذا الإسناد عنه عليه السلام ، أن الحسن بن علي عليهما السلام خرج معتمرا ، فمرض في الطريق فبلغ عليا عليه السلام ذلك ، وهو بالمدينة ، فخرج في طلبه ، فأدركه في السقيا ، وهو مريض بها ، فقال : يا بني ما تشتكي؟ فقال : أشتكي رأسي فدعا علي عليه السلام ببدنة فنحرها ، وحلق رأسه ورده إلى المدينة ، فلما برأ من وجعه اعتمر - الحديث (2).
وعليه شيخنا دام ظله ، ويقتضيه مذهب علم الهدى في العمرة.
وأما إنه يعتمر في الشهر الداخل (3) فهو مذهب الشيخ في النهاية والمتأخر ، والأول أشبه ، بناء على ما قدمناه.
« قال دام ظله » : وقيل : لو أحصر القارن حج في القابل قارنا ، وهو على الأفضل إلا أن يكون القران متعينا بوجه.
ص: 393
( الثاني ) في الصيد ، وهو الحيوان المحلل الممتنع ، ولا يحرم صيد البحر وهو ما يبيض ويفرخ فيه ، ولا الدجاج الحبشي.
ولا بأس بقتل الحية والعقرب والفأرة ، ورمي الغراب والحدأة ، ولا كفارة في قتل السباع.
______________________________________________________
القائل بهذا هو الشيخ في النهاية والتهذيب متمسكا بما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام وابن أبي عمير ، عن رفاعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنهما قالا : القارن يحصر ، وقد قال : ( واشترط فحلني حيث حبستني ) قال : يبعث بهديه ، قلنا : هل يتمتع من ( في خ ل ) قابل؟ قال : لا ولكن يدخل بمثل ما خرج منه (1).
وقال المتأخّر : يدخل بما شاء ، يعنى يتمتع ان شاء ، او يقرن ، او يفرد وهو ممنوع ، اذ لو كان (2) القران متعيّناً ( معيّناً خ ل ) بنذر أو شبهه ، فلا يجزيه غيره.
فالوجه ، ما فصله شيخنا أنه مع التعيين لا يجزي غيره ، ومع عدم التعيين ، يجزيه ، إلا أن الأفضل هو القران.
وقوله دام ظله : ( وروى استحباب بعث هدي ) ، إشارة إلى ما رواه الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، قال : سألته عليه السلام ، عن رجل أحصر في الحج ، قال : فليبعث بهديه ، إذا كان مع أصحابه ، ومن تمام الخبر : وإنما عليه أن يعدهم لذلك يوما ( الحديث ) (3).
ص: 394
وروي في الأسد كبش إذا لم يرده ، وفيها ضعف.
ولا كفارة في قتل الزنبور خطأ ، وفي قتله عمدا صدقة بكف من طعام.
ويجوز شراء القماري والدباسي وإخراجها من مكة لا ذبحهما ، وإنما يحرم على المحرم صيد البر ، وينقسم قسمين :
( الأول ما لكفارته بدل على الخصوص ) وهو خمسة :
( الأول ) النعامة ، وفي قتلها بدنة ، فإن لم يجد فض ثمن البدنة على البر وأطعم ستين مسكينا كل مسكين مدين ، ولا يلزمه ما زاد عن ستين ، ولا ما زاد عن قيمتها ، فإن لم يجد صام عن كل مدين يوما ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما.
( الثاني ) في بقرة الوحش ، بقرة أهلية ، فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا ، كل مسكين مدين ، ولو كانت قيمة البقرة أقل اقتصر عليها ، فإن لم يجد صام عن كل مسكين يوما ، فإن عجز صام تسعة أيام.
______________________________________________________
في الصيد
« قال دام ظله » : وروي في الأسد كبش ، إذا لم يرده ، وفيها ضعف.
هي رواية أبو سعيد المكاري (1) وهو فاسد العقيدة ، وأفتى عليها الشيخ في النهاية.
ص: 395
وكذا الحكم في حمار الوحش على الأشهر.
( الثالث ) الظبي ، وفيه شاة ، فإن لم يجد فض ثمن الشاة على البر وأطعم عشرة مساكين ، كل مسكين مدين. ولو قصرت قيمتها اقتصر عليها ، فإن لم يجد صام عن كل مسكين يوما ، فإن عجز صام ثلاثة أيام.
والأبدال في الأقسام الثلاثة على التخيير ، وقيل : على الترتيب وهو الأظهر.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وكذا الحكم في حمار الوحش على الاشهر.
في رواية ابي الصباح ، وفي حمار الوحش بقرة (1) وفي رواية ابي بصير ، عن ابي عبد اللّه عليه السلام ، وفي الحمار بدنة (2) وفتوى المقيد في المقنعة الشيخ في كتبه ، واتباعهما ، على الاولى (3).
« قال دام ظله » : والابدال في الاقسام الثلاثة ، على التخيير ، وقيل : على الترتيب ، وهو الأظهر.
امّا الترتيب فمذهب المرتضى ، والشيخ في المبسوط والنهاية والمفيد في المقنعة ، وابن بابويه في المقنع ، وابن ابي عقيل وابي الصلاح وبه روايات.
( منها ) ما رواه ابن محبوب عن علي بن رئاب ، عن ابي عبيدة ، عن ابي عبداللّه عليه السلام ، قال : إذا أصاب المحرم الصيد ، ولم يجد ما يكفر ( به خ ) من موضعه الذي أصاب فيه الصيد ، قوم جزاءه من النعم دراهم ، ثم قومت الدراهم طعاما ثم جعل لكل مسكين نصف صاع ، فإن لم يقدر على الطعام ، صام لكل نصف صاع
ص: 396
وفي الثعلب والأرنب شاة.
وقيل : البدل فيهما كالظبي.
( الرابع ) في بيض النعام ، إذا تحرك الفرخ فلكل بيضة بكرة ، وإن لم يحرك أرسل فحولة الإبل في إناث بعدد البيض ، فما نتج كان هديا للبيت ، فإن عجز فعن كل بيضة شاة ، فإن عجز فإطعام عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام.
______________________________________________________
يوما (1).
وأما التخيير فمذهب الشيخ في الخلاف والجمل ، في باب الصوم ، وعليه يدل قوله تعالى : فجزاء مثل ما قتل من النعم ، يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما (2) لأن لفظة أو تقتضي التخيير.
وأجاب المرتضى عن ذلك ، بأنه يجوز العدول عن ظاهر القرآن ، للدلالة ، كما عدلنا في قوله تعالى : فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع (3) - عن مدلول الواو ، وهو الجمعية في التخيير.
والمتأخر على الأول ، وهو أظهر في الفتاوى ، والثاني أشبه ، نظرا إلى الآية ، والعدول على خلاف الأصل.
« قال دام ظله » : وفي الثعلب والأرنب شاة ، وقيل : البدل فيهما كالظبي.
أقول : مستند الأول ، رواية أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4) والقول
ص: 397
( الخامس ) في بيض القطاة والقبج ، إذا تحرك الفرخ ، من صغار الغنم.
وفي رواية ، عن البيضة مخاض من الغنم.
وإن لم يتحرك أرسل فحولة الغنم في إناث بعدد البيض ، فمن نتج كان هديا ، ولو عجز كان فيه ما في بيض النعام.
( الثاني ما لا بدل لفديته ) وهو خمسة :
الحمام ، وهو كل طائر يهدر ويعب الماء.
وقيل : كل مطوق ، ويلزم المحرم في قتل الواحدة شاة ، وفي فرخها حمل ، وفي بيضها درهم ، وعلى المحل فيها درهم ، وفي فرخها نصف درهم ، وفي بيضها ربع درهم ، ولو كان محرما في الحرم اجتمع عليه الأمران ، ويستوي فيه الأهلي وحمام الحرم ، غير أن حمام الحرم يشترى بقيمته علفا لحمامه.
وفي القطاة حمل قد فطم ورعى ( من خ ) الشجر.
وكذا في الدراج وشبهه.
وفي رواية دم.
وفي الضب جدي.
وكذا في القنفذ واليربوع.
وفي العصفور مد من طعام.
______________________________________________________
الثاني للشيخ في النهاية ، وما وقفت على مستنده.
« قال دام ظله » : في بيض القطاة والقبج ، إذا تحرك الفرخ ، من صغار الغنم ، وفي رواية عن البيضة مخاض من الغنم.
ص: 398
وكذا في القنبرة والصعوة.
وفي الجراد كف من الطعام.
وكذا في القملة يلقيها من جسده.
وكذا قيل في قتل العظاظ (1) ( العظاية خ ) ، ولو كان الجراد كثيرا فدم شاة ، ولو لم يكن التحرز منه فلا إثم ولا كفارة.
ثم أسباب الضمان إما مباشرة ، وإما إمساك ، وإما تسبيب.
أما المباشرة ، فمن قتل صيدا ضمنه ، ولو أكله أو شيئا منه لزمه فداء آخر.
وكذا لو أكل ما ذبح في الحل ، ولو ذبحه المحل ، ولو أصابه ولم يؤثر فيه فلا فدية.
ولو جرحه أو كسر رجله أو يده ورآه سويا فربع الفداء.
ولو جهل حاله ففداء كامل.
______________________________________________________
هذه رواها عبد الملك ، عن سليمان بن خالد ، قال : سألت عن رجل ، وطأ بيض قطاة فشدخه (2)؟ قال : يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم ، كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل ، ومن أصاب بيضة ، فعليه مخاض من الغنم (3) ونزلها الشيخ على كون الفرخ متحركا في البيضة ، جمعا بينها وبين ما رواه ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قالا : سألناه عن
ص: 399
قيل : وكذا لو لم يعلم حاله ، أثر فيه أم لا.
وقيل في كسر يد الغزال نصف قيمته ، وفي يديه كمال القيمة.
وكذا في رجليه ، وفي قرنيه نصف قيمته ، وفي كل واحد ربع قيمته.
وكذا في رجليه ، وفي المستند ضعف.
ولو اشترك جماعة في قتله لزم كل واحد منهم فداء.
______________________________________________________
المحرم ( محرم خ ل ) وطأ بيض القطاة فشدخه ، قال : يرسل الفحل ، في مثل عدة البيض من الغنم ، كما يرسل الفحل في مثل عدة البيض للنعام من الإبل (1).
والأولى ، العدول عن الأولى ، لاستبعاد أن يكون في القطاة ، حمل قد فطم ، وفي بيضها غنم ، ولأنها معارضة برواية سليمان بن خالد (2) ولأنها مرسلة (3) فلا يعتمد عليها.
في أسباب الضمان
« قال دام ظله » : وكذا لو لم يعلم حاله ، أثر فيه ، أم لا.
القائل هو الشيخ في النهاية ، وفيه تردد ، ومنشأه عدم الوقوف على المستند.
« قال دام ظله » : وقيل في كسر يد الغزال ، نصف قيمته ( إلى قوله ) : وفي المستند ضعف.
القائل هو الشيخ ، ومستند رواية سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام (4) وسماعة واقفي ، فضعف الرواية منه.
ص: 400
ولو ضرب طيرا على الأرض فقتله لزمه ثلاث قيم.
وقال الشيخ في النهاية : دم وقيمتان.
ولو شرب لبن ظبية لزمه دم وقيمة اللبن.
وأما الإمساك ( باليد خ ) : فإذا أحرم ومعه صيد زال عنه ملكه ووجب إرساله ، ولو تلف قبل الإرسال في يده ضمنه ، ولو كان الصيد نائيا عنه لم يخرج عن ملكه ، ولو أمسكه محرم في الحل وذبحه لزم كلا منهما فداء ، ولو كان أحدهما محلا ضمنه المحرم ، وما يصيده المحرم في الحل ، لا يحرم على المحل.
وأما التسبيب : فإذا أغلق على حمام وفراخ وبيض ضمن بالإغلاق ، الحمامة بشاة ، والفرخ بحمل ، والبيضة بدرهم.
ولو أغلق قبل إحرامه ضمن الحمامة بدرهم ، والفرخ بنصف ، والبيضة بربع.
وشرط الشيخ مع الإغلاق الهلاك.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولو ضرب طيرا على الأرض ، فقتله ، لزمه ثلاث قيم ، وقال الشيخ في النهاية : دم وقيمتان.
مستند الأول ما رواه معاوية بن عمار ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ، يقول في محرم اصطاد طيرا ، في الحرم ، فضرب به الأرض فقتله ، قال : عليه ثلاث قيمات (1).
وأما الدم وقيمتان ، فمذهب الشيخ وأتباعه والمتأخر ، وما وقفت فيه على مستنده ، ولذلك أعرض عنه شيخنا دام ظله.
ص: 401
وقيل : إذا نفر حمام الحرم فلم يعد فعن كل طير شاة.
ولو عاد فعن الجميع شاة.
ولو رمى اثنان فأصاب أحدهما ضمن كل واحد منهما فداء.
ولو أوقد جماعة نارا فاحترق فيها حمامة أو شبهها لزمهم فداء ، ولو قصدوا ذلك لزم كل واحد فداء.
ولو دل على صيد ، أو أغرى كلبه فقتل ، ضمنه.
ومن أحكام الصيد مسائل :
( الأولى ) ما يلزم المحرم في الحل ، والمحل في الحرم ، يجتمعان على المحرم في الحرم ما لم يبلغ بدنة.
( الثانية ) يضمن الصيد بقتله عمدا وسهوا وجهلا ، وإذا تكرر خطأ دائما ضمن.
ولو تكرر عمدا ، ففي ضمانه في الثانية روايتان ، أشهرهما أنه لا يضمن.
( الثالثة ) لو اشترى محل بيض النعام لمحرم فأكله المحرم ضمن كل بيضة بشاة ، وضمن المحل عن كل بيضة درهما.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وقيل إذا نفر حمام الحرم ، فلم يعد ، فعن كل طير ، شاة.
القائل ( به ) هو ابن بابويه ، وتبعه الشيخان وأتباعهما ، وقال الشيخ في التهذيب : ما وجدت به حديثا مسندا ، بل ذكره علي بن بابويه في رسالته.
« قال دام ظله » : ولو تكرر عمدا ، ففي ضمانه في الثانية ، روايتان ، أشهرهما أنه لا يضمن.
أقول : اختلفت الروايات ، في المتكرر ، ففي بعضها يضمن ، وهو ما رواه علي بن
ص: 402
( الرابعة ) لا يملك المحرم صيدا معه ، ويملك ما ليس معه.
( الخامسة ) لو اضطر محرم إلى أكل صيد وميتة ، فيه روايتان ، أشهرهما يأكل الصيد ويفديه.
______________________________________________________
إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في المحرم يصيب الصيد ، قال : عليه الكفارة في كل ما أصاب (1) ومثله رواه الحسين بن سعيد في كتابه بهذا السند (2).
وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وأبو الصلاح والمتأخر ، مستدلا بعموم قوله تعالى : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم (3).
وفي بعضها لا يضمن ، وهو ما رواه حماد عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المحرم إذا قتل الصيد ، فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين ، فإن عاد فقتل صيدا آخر ، لم يكن عليه جزاؤه وينتقم اللّه منه والنقمة في الآخرة (4).
وهو اختيار الشيخ في النهاية والتهذيب والاستبصار جمعا بين الروايات ، حمل الأولى على الناسي ، والثانية على من تعمد ذلك.
ويدل على أن المتعمد لا يلزمه شئ ، قوله تعالى : ومن عاد فينتقم اللّه منه (5) ومعلوم أن الانتقام لا يكون إلا على العمد ، وإذا وضعه في جواب الشرط ، وسكت عن الكفارة ، فلا يلزم سوى المنطوق به ، عملا بالأصل.
« قال دام ظله » : الخامسة ، لو اضطر إلى أكل صيد وميتة ، إلى آخره.
ص: 403
وقيل : إن لم يمكنه الفداء أكل الميتة.
( السادسة ) لو كان الصيد مملوكا ففداؤه للمالك ، ولو لم يكن مملوكا تصدق به ، وحمام الحرم يشترى بقيمته علف الحمامة ( لحمامه خ ).
( السابعة ) ما يلزم المحرم يذبحه أو ينحره بمنى إن كان حاجا ، ولو كان معتمرا فبمكة.
( الثامنة ) من أصاب صيدا فداه شاة ، وإن لم يجد أطعم عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج.
ويلحق بهذا الباب مسائل :
( الأولى ) صيد الحرم ، وحده وهو بريد في بريد ، من قتل فيه صيدا ضمنه ولو كان محلا.
______________________________________________________
اختلفت الروايات في هذه المضطر ، في رواية ابن أبي عمير ، ( وهي أشهرها ) ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، سألته عن المحرم يضطر ، فيجد الميتة والصيد ، أيهما يأكل؟ قال : يأكل من الصيد ( أليس بالخيار ) (1) أن يأكل من ماله؟ قلت : بلى ، قال : إنما عليه الفداء فليأكل وليفده (2).
وهو اختيار الشيخ في النهاية والمبسوط ، في كتاب الحج ، واختيار المرتضى في الانتصار ، والمفيد في المقنعة.
وفي رواية محمد بن عبد الجبار ، عن إسحاق ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، أن عليا عليه السلام ، كان يقول : إذا اضطر المحرم إلى الصيد وإلى الميتة ، فليأكل الميتة التي أحلها ( أحل خ ) اللّه له (3).
ومثله روى عبد الغفار الجازي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن المحرم
ص: 404
وهل يحرم وهو يؤم الحرم؟ الأشهر الكراهية.
ولو أصابه فدخل الحرم ومات لم يضمن على أشهر الروايتين.
______________________________________________________
اذا اضطر الى ميتة فوجدها ووجد صيداً؟ فقال : يأكل الميتة ويترك الصيد (1).
وحملها الشيخ في الاستبصار على من لم يجد الصيد مذبوحا ، وقوله : ( وقيل ان لم يمكنه الفداء ، اكل الميتة ) هو قول الشيخ في الاستبصار ، تأويلا لرواية محمد بن عبد الجبار (2) ، وقال المتأخر : الاقوى ان يأكل الميتة ، لاضطراره اليها ، وتردد الشيخ في الخلاف والبسوط ، في كتاب الاطعمة ، واختار اكل الميتة على الاولوية من غير كفارة.
والذي أختاره التخيير في ذلك ، عملا بالروايتين ، ولا تنافى بينهما ، اذ ليس في احدهما تحريم الآخر ، واليه ( والى التخيير خ ) ذهب محمد بن بابويه في من لا يحضره الفقيه.
« قال دام ظله » : وهل يحرم الصيد ، وهو يؤم الحرم؟ الأشهر ( الأشبه خ الكراهية.
أقول : الكراهية في رواية ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : يكره أن يرمى الصيد ، وهو يؤم الحرم (3) وذهب الشيخ إلى المنع ، عملا برواية علي بن رئاب ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل حل ( قد خ ) رمى صيدا في الحل ، فتحامل الصيد حتى دخل الحرم ، فقال : لحمه حرام مثل الميتة (4).
« قال دام ظله » : ولو أصابه ، فدخل الحرم ومات لم يضمن ، على أشهر الروايتين.
ص: 405
ويكره الصيد بين البريد والحرم.
ويستحب الصدقة بشئ لو كسر قرنه أو فقأ عينه.
والصيد المربوط في الحل يحرم إخراجه ، لو دخل الحرم ، ويضمن المحل لو رمى الصيد من الحرم فقتله في الحل.
وكذا لو رماه من الحل فقتله في الحرم.
ولو كان الصيد على غصن في الحل وأصله في الحرم ضمنه القاتل.
وكذا بالعكس.
ومن أدخل الحرم صيدا وجب عليه إرساله ، ولو تلف في يده ضمنه.
وكذا لو أخرجه فتلف قبل الإرسال.
ولو كان طائرا مقصوصا حفظه حتى يكمل ريشه ثم أرسله.
______________________________________________________
وهو إشارة إلى ما رواه ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يرمي الصيد ، وهو يؤم الحرم ، فتصيبه الرمية ، فيتحامل بها حتى يدخل الحرم ، فيموت فيه ، قال : ليس عليه شئ. الحديث (1).
وعليه المتأخر ، وشيخنا ، وهي مؤيدة بالأصل.
وليست بأشهر ، مما رواه حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا كنت محلا في الحل ، فقلت صيدا ، فيما بينك وبين البريد إلى الحرم ، فإن عليك جزاءه فإن فقأت عينه أو كسرت قرنه ، تصدقت بصدقة (2).
وعلى هذه فتوى الشيخ في النهاية والمبسوط.
ص: 406
وفي تحريم حمام الحرم في الحل تردد ، أشبهه الكراهية.
ومن نتف ريشة من حمام الحرم فعليه صدقة يسلمها بتلك اليد.
وما يذبح من الصيد في الحرم ميتة ، ولا بأس بما يذبح المحل في الحل وهل يملك المحل صيدا في الحرم؟ الأشبه أنه لا يملك ، ويجب إرسال ما يكون معه.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي تحريم حمام الحرم في الحل ، تردد ، أشبهه الكراهة.
منشأ التردد ، اختلاف قولي الشيخ في النهاية والمبسوط في كتب الحج : لا يجوز ، وبه قال في التهذيب مستندا إلى ما رواه موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، قال : سألت أخي موسى بن جعفر عليهما السلام ، عن حمام الحرم يصاد في الحل؟ فقال : لا يصاد حمام الحرم حيث كان ، إذا علم أنه من حمام الحرم (1).
وقال في الخلاف والمبسوط ( في كتاب الصيد والذبائح ) : إذا قتل المحل صيدا فلا جزاء عليه ، وهو اختيار المتأخر ، وهو أشبه ، تمسكا بالأصل ، والرواية محمولة على الكراهية ، كما ذكره شيخنا دام ظله.
« قال دام ظله » : وهل يملك المحل صيدا في الحرم؟ الأشبه أنه ( لا يملك ) (2) ويجب إرسال ما يكون معه.
أقول : إذا ( لما خ ) تقرر أن المحل ، لو أدخل بصيد الحرم ، يجب إرساله ، فهل يدخل في ملكه وهو في الحرم؟ الوجه نعم ، لأنه لا تنافي بين التملك والارسال ، ويمكن أن يقال : مع الإرسال لا تظهر فائدة التملك ، فلا يدخل وهو ضعيف لأن عدم الفائدة لا يمنع من التملك ، وذهب في الشرايع إلى أنه لا يملك ، وهو ضعيف.
والوجه أن يقال : لا يدخل في ملكه ، إن كان حاضرا ، ويدخل إن كان غائبا ، جمعا بين القولين ، وعلى هذا يظهر للتملك فائدة ، وهذا التفصيل في المحرم أحسن.
ص: 407
وهي تسعة :
الاستمتاع بالنساء ، فمن جامع أهله قبل أحد الموقفين ، قبلا أو دبرا ، عامدا عالما بالتحريم أتم حجه ولزمه بدنة والحج من قابل فرضا كان حجه أو نفلا.
وهل الثانية عقوبة؟ قيل : نعم ، والأولى فرضه ، وقيل : الأولى فاسدة والثانية فرضه. والأول هو المروي.
ولو أكرهها وهي محرمة حمل عنها الكفارة ولا حج عليها في القابل ، ولو طاوعته لزمها ما يلزمه ، ولم يتحمل عنها كفارة ، وعليهما الافتراق إذا وصلا موضع الخطية ( الخطيئة خ ) حتى يقضيا المناسك ، ومعناه ألا يخلو إلا مع ثالث ، ولو كان ذلك بعد الوقوف بالمشعر لم يلزمه الحج من قابل وجبره ببدنة.
______________________________________________________
في باقي المحظورات
« قال دام ظله » : وهل الثانية عقوبة؟ قيل : نعم ، والأولى فرضه.
أقول : قد ثبت أنه إذا جامع قبل الوقوف بالمشعر ، يلزمه بدنة كفارة ، وحج من قابل بغير خلاف.
واختلف في هذا الحج ، هل هو كفارة ، والأولى فريضة الإسلام ، أم الثانية فريضة الإسلام؟ قال في النهاية : بالأول ، وهو في رواية حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : سألته عن محرم غشي امرأته وهي محرمة؟ قال : جاهلين أو عالمين؟ قلت : أجبني في الوجهين جميعا ( عن الوجهين خ )؟ قال : إن كانا جاهلين استغفرا ربهما ، ومضيا على حجهما ، وليس عليهما شئ ، وإن كانا عالمين ، فرق بينهما من
ص: 408
ولو استمنى بيده لزمته البدنة حسب.
وفي رواية : والحج من قابل.
ولو جامع أمته المحرمة بإذنه محلا لزمه بدنة أو بقرة أو شاة ، ولو كان معسرا ، فشاة أو صيام.
ولو جامع قبل طواف الزيارة لزمه بدنة ، فإن عجز فبقرة أو شاة.
ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع لم تلزمه الكفارة وأتم طوافه.
______________________________________________________
المكان الذي أحدثا فيه ، وعليهما بدنة ، وعليهما الحج من قابل ، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه ، فرق بينهما حتى يقضيا مناسكهما ( نسكهما خ ل ) ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ، قلت : فأي الحجتين لهما؟ قال : الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا ، والأخرى عليهما عقوبة (1).
وقال في المبسوط والخلاف : بالثاني ، يعني الأولى عقوبة ، والثانية هي حجة الإسلام ، واختاره المتأخر ، مستدلا بأن الأولى فاسدة ، ولا تبري الذمة ، ثم قال : وبذلك تشهد العقول.
وهو كلام شعري لا حقيقة له ( لنا ) أولا التمسك بالأصل ( وثانيا ) بالرواية ، ثم نقول : لا نسلم أن الأولى فاسدة فما وجدنا به حديثا مرويا ، وليس للعقول فيه مدخل وحكى المتأخر ذلك عن الشيخ في النهاية ، وهو أيضا غير صحيح ، نعم ذكر ذلك في الخلاف والمبسوط ، وأتوهم أنه عني فساد الثواب ، لا بطلان الحج.
وتظهر فائدة هذا البحث في الاستيجار ، وغير ذلك.
« قال دام ظله » : ولو استمنى بيده ، لزمته البدنة ، حسب.
ص: 409
وقيل : يكفي في البناء مجاوزة النصف.
ولو عقد المحرم لمحرم على امرأة ودخلها ، فعلى كل واحد منهما كفارة.
وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة.
ومن جامع في إحرام العمرة قبل السعي فعليه بدنة وقضاء العمرة.
ولو أمنى بنظره إلى غير أهله فبدنة إن كان موسرا ، وبقرة إن كان متوسطا ، أو شاة إن كان معسرا.
______________________________________________________
روى ذلك الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ( المحرم خ ) يعبث بأهله ، وهو محرم ، حتى يمني من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، ماذا عليهما؟ فقال : عليهما جميعا الكفارة ، مثل ما على الذي يجامع (1).
وأما إعادة الحج مع البدنة أيضا ، في رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : قلت : ما تقول في محرم عبث بذكره ، فأمنى؟ قال : أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم ، بدنة والحج من قابل (2).
وعليها فتوى الشيخ في النهاية والمبسوط ، فأما المتأخر ، فقد سلم الكفارة ، ومنع إعادة الحج ، وذهب إلى أن الحج لا يفسد ، وحكى هو أن الشيخ رجع عما ذكره في النهاية والمبسوط والاستبصار ، وما وقفت عليه ، واللّه أعلم بصحته.
« قال دام ظله » : وقيل يكفي ، في البناء مجاوزة النصف.
قال الشيخ في النهاية : من جامع في طواف النساء بعد إكمال النصف ، بنى عليه ، وتسقط الكفارة والمستند ، رواية حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده ، فطاف منه خمسة أشواط ، ثم
ص: 410
ولو نظر إلى امرأته لم يلزمه شئ إلا أن ينظر إليها بشهوة فيمني فعليه بدنة.
ولو مسها بشهوة فشاة ، أمنى أو لم يمن.
ولو قبلها بشهوة كان عليه جزور.
وكذا لو أمنى عن ملاعبة.
ولو كان عن تسمع على مجامع ، أو استماع إلى كلام امرأة من غير نظر ، لم يلزمه شئ.
والطيب : يلزم باستعماله شاة ، صبغا ، وإطلاء ، وبخورا ، وفي الطعام ، ولا بأس بخلوق الكعبة وإن مازجه الزعفران.
والقلم : وفي كل ظفر مد من طعام.
وفي يديه ورجليه شاة إذا كانا في مجلس واحد ، ولو كان كل واحد منهما في مجلس فدمان ، ولو أفتاه مفت بالقلم فأدمى ظفره فعلى المفتي شاة.
والمخيط : يلزم به دم ، ولو اضطر جاز ، ولو لبس عدة في مكان فعليه شاة.
وحلق الشعر : وفيه شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان أو عشرة ، لكل ( مسكين خ ) مد ، أو صيام ثلاثة أيام مختارا أو مضطرا.
وفي نتف الإبطين شاة. وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين ، ولو مس لحيته أو رأسه فسقط من شعره (1) تصدق بكف من طعام ، ولو كان بسبب الوضوء للصلاة فلا كفارة.
ص: 411
والتضليل : فيه سائرا شاة.
وكذا في تغطية الرأس ولو بالطين أو الاغتماس أو حمل ما يستره.
والجدال : ولا كفارة فيما دون الثلاث صادقا ، وفي الثلاث شاة.
وفي المرة كذبا شاة ، وفي المرتين بقرة ، وفي الثلاث بدنة.
وقيل : في دهن الطيب شاة.
وكذا قيل في قلع الضرس.
______________________________________________________
غمزة بطنه فخاف ان يبدره فخرج الى منزله فنقض ، ثم غشى جاريته ، قال : يغتسل ، ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقى عليه من طوافه ، ويستغفر اللّه ، ولا يعود ، وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة اشواط ، ثم خرج فغشى ، فقد افسد حجّة ، وعليه بدنة ، ويغتسل ، ثم يعود فيطوف اسبوعاً (1).
وقال المتأخر : لا يسقط الكفارة ، في الموضعين لأنه جامع قبل طواف النساء.
والذي اعتمده ، هو الاوّل ، تمسكا بالرواية ، وما ذكره شيخنا من التقييد بالخمسة ، نظراً الى ظاهر ما سأله السائل ، وما ذكره الشيخ نظرا الى ظاهر ماشرطه عليه السلام في الافساد ، وهو ثلاثة اشواط ، فمع تجاوز الثلاثة ، لا يفسد ، لانّ الأصل هو الصحة.
« قال دام ظله » : وقيل في دهن الطيب شاة ، وكذا قيل في قلع الضرس.
القائل هو الشيخ في النهاية ، وذهب في الجمل الى الكراهية ، وعليها المتأخر.
وأما قلع الضرس ، قال في النهاية ، عليه دم يهريقه ( يهرقه خ ) وهو في رواية محمد بن عيسى ، عن عدة من أصحابنا ، عن رجل من أهل خراسان ، أن مسألة وقعت ، لم يكن عند مواليه فيها شئ ( في خ ) محرم قلع ضرسه؟ فكتب عليه السلام : يهريق
ص: 412
( الأولى ) في قلع الشجر من الحرم ، الإثم عدا ما استثني ، سواء كان أصلها في الحرم أو فرعها.
وقيل : فيها بقرة.
وقيل : في الصغيرة شاة ، وفي الكبيرة بقرة.
( الثانية ) لو كرر الوطئ تكررت الكفارة ، ولو تكرر اللبس ، فإن اتحد المجلس لم تتكرر.
وكذا لو تكرر الطيب ، وتتكرر مع اختلاف المجلس.
( الثالثة ) إذا أكل المحرم أو لبس ما يحرم عليه لزمه دم شاة ، وتسقط الكفارة عن الناسي والجاهل إلا في الصيد.
______________________________________________________
دما (1) وهي مجهولة السائل والمسؤول ، ومشتملة على المكاتبة ، فلا اعتماد عليها.
« قال دام ظله » : في قلع الشجر من الحرم ، الإثم عدا ما استثني ( إلى قوله قده ) وفي الكبيرة بقرة.
يريد بالمستثنى شجر النحل والإذخر ، وكذا قيل في الفواكه ، روى ذلك عبد اللّه بن مسكان ، عن منصور بن حازم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : لا ينزع من شجر مكة ، إلا النخل وشجر الفاكهة (2).
وروى زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : رخص رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قطع عودي المحالة ، وهي البكرة التي يستقى بها من شجر الحرم
ص: 413
............................................................................
______________________________________________________
والإذخر (1).
وقوله : ( فيه الإثم ) إشارة إلى أنه لا كفارة فيه عليه ، غير أنه يأثم القالع ، تمسكا بالأصل.
وأما استحقاق الإثم ، فلأنه حرام منهي عنه ، روى ذلك حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كل شئ نبت في الحرم ، فهو حرام على الناس أجمعين ، إلا ما أنبته أنت وغرسته (2) وبه روايات كثيرة (3).
وأما القول بأن فيها بقرة على الإطلاق ، للشيخ في النهاية والتهذيب.
واستدل بما روى عن موسى بن القاسم ، أنه قال : روى أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام ، أنه قال : إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم ، لم تنزع ، فإن أراد نزعها ، كفر بذبح بقرة ، يتصدق بلحمها ، على المساكين (4) والرواية مرسلة فلا تمسك بها.
وأما التفصيل بين الصغيرة والكبيرة ، للشيخ في الخلاف والمبسوط متمسكا بأن أخبار الأصحاب واردة بذلك ، وما وقفت عليها ، وكذا شيخنا دام ظله ، تردد فيه (5) لعدم اطلاعه على النقل ، واللّه أعلم.
ص: 414
ص: 415
كتاب الجهاد
والنظر في أمور ثلاثة :
وهو فرض على كل من استكمل شروطا ثمانية : البلوغ ، والعقل ، والحرية ، والذكورة ، وألا يكون هما ، ولا مقعدا ، ولا أعمى ، ولا مريضا يعجز عنه.
وإنما يجب مع وجود الإمام العادل ، أو من نصبه لذلك ، ودعائه إليه ، ولا يجوز مع الجائر إلا أن يدهم المسلمين من يخشى منه على بيضة الإسلام أو يكون بين قوم ويغشاهم عدو فيقصد الدفع من نفسه في الحالين لا معونة الجائر.
ومن عجز بنفسه وقدر على الاستنابة وجبت ، وعليه القيام بما يحتاج إليه النائب ، ولو استناب مع القدرة جاز أيضا.
والمرابطة : إرصاد لحفظ الثغر ، وهي مستحبة ، ولو كان الإمام مفقودا ، لأنها لا تتضمن جهادا ، بل حفظا وإعلاما ، ولو عجز جاز أن يربط فرسه هناك.
ولو نذر المرابطة وجبت مع وجود الإمام وفقده.
ص: 416
وكذا لو نذر أن يصرف شيئا إلى المرابطة وإن لم ينذره ظاهرا أو لم يخف الشنعة ، ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوه البر على الأشبه.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وكذا لو نذر أن يصرف شيئا إلى المرابطة ، وإن لم ينذره ظاهرا لم يخف الشنعة ، ولا يجوز صرف ذلك في غيرها ، من وجوه البر ، على الأشبه ، إلى آخره.
أقول : نذر المرابطة ، مع وجود الإمام عليه السلام ، وتمكنه ، لا خلاف فيه وفي وجوبه مطلقا.
فأما مع عدم تمكنه فلا يخلو إما أن يكون وقع ظاهرا يعرفه الناس أم لا ، فالأول إما أن يخاف الشنعة من المخالف ، أم لا يخاف.
فالثاني من القسم الأول والثاني لا يجب الوفاء به عند الشيخ ، بل عنده يصرف في وجوه البر ، وهو مروي ، عن علي بن مهزيار ، قال : كتب رجل من بني هاشم ، إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام ، إني كنت نذرت نذرا منذ سنين أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة نحو مرابطتهم بجدة وغيرها من سواحل البحر ، أفترى جعلت فداك أنه يلزمني الوفاء به أو لا يلزمني أو افتدى الخروج إلى ذلك بشئ من أبواب البر لأصير إليه إن شاء اللّه؟ فكتب عليه السلام إليه بخطه وقرأته : إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته وإلا فاصرف ما نويت من ذلك في أبواب البر ، وفقنا اللّه وإياك لما يحب ويرضى (1).
وعند شيخنا والمتأخر ، يجب الوفاء ، وهو أشبه ، عملا بمقتضى النذر ، ولا مانع من انعقاده ، والرواية مشتملة على المكاتبة فلا اعتماد عليها.
وأما باقي الأقسام ، فلا خلاف في انعقاده ولزوم الوفاء به.
ص: 417
وكذا من أخذ من غيره شيئا ليرابط به لم يجب عليه إعادته وإن وحده ، وجاز له المرابطة أو وجبت.
وهم ثلاثة :
( الأول ) البغاة : يجب قتال من خرج على إمام عادل إذا دعا إليه هو أو من نصبه ، والتأخر عنه كبيرة ، ويسقط بقيام من فيه غنى ما لم يستنهضه الإمام على التعيين ، والفرار منه في حربهم كالفرار في حرب المشركين.
وتجب مصابرتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا ، ومن كان له فئة أجهز على جريحهم وتبع مدبرهم ، وقتل أسيرهم ، ومن لا فئة اقتصر على تفريقهم ، ولا يدفف على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ولا يسترق ذريتهم ولا نساءهم.
______________________________________________________
فأما من استأجر غيره ليرابط عنه ، فهل يجب على المؤجر إعادة ما أخذه من الأجرة؟ فكل من الفريقين ، بنى على مذهبه ، فمن قال : لا تلزم المرابطة مع عدم تمكن الإمام عليه السلام ، قال : بوجوب الإعادة ، ومن قال : يلزم ، قال : لا يجب الإعادة لأن العقد إما لازم كالإجارة ، أو جايز كالجعالة.
والضمير في قوله : (1) ( وإن وجده ) يرجع لفظه إلى ( غيره ) وهو رد على الشيخ ، فإن عنده يجب إعادته ، متى وجده.
وقوله : ( وجاز له المرابطة أو وجبت ) تقديره جاز له المرابطة ، إن أخذ بعقد غير
ص: 418
ولا تؤخذ أموالهم التي ليست في العسكر ، وهل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل؟ فيه قولان ، أظهرهما الجواز.
وتقسم كما تقسم أموال ( أهل خ ) الحرب.
( الثاني ) أهل الكتاب : والبحث فيمن تؤخذ الجزية منه وكميتها وشرائط الذمة.
وهي تؤخذ من اليهود والنصارى ، وممن له شبهة كتاب ، وهم المجوس ، ويقاتل هؤلاء كما يقاتل أهل الحرب حتى ينقادوا شرائط الذمة ، فهناك يقرون على معتقدهم.
______________________________________________________
لازم ، كالجعالة ، ووجبت إن أخذه بعقد لازم كالإجارة.
« قال دام ظله » : ولا تؤخذ أموالهم التي ليست في العسكر ، وهل يؤخذ ما حواه العسكر ، مما ينقل؟ فيه قولان ، أظهرهما الجواز.
أقول : الجواز مذهب الشيخ في النهاية ، والمرتضى في كتاب التنزيه ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، وذهب علم الهدى في الناصريات ، والشيخ في المبسوط ، إلى أنه لا يقسم ، وهو اختيار المتأخر.
واستدلوا عليه بما رواه ابن عباس ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، المسلم أخو المسلم ، لا يحل له دمه وماله ، إلا من طيبة نفسه (1).
وبما روى عن علي عليه السلام ، أنه لما هزم الناس يوم الجمل ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ألا يؤخذ من أموالهم؟ قال : لا ، لأنهم تحرموا بحرمة الإسلام ، فلا يحل
ص: 419
ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والنساء والبله والهم على الأظهر.
ومن بلغ منهم ، أمر الإسلام أو التزام الشرائط ، فإن امتنع صار حربيا.
والأولى أن لا يقدر الجزية فإنه انسب بالصغار ، وكان علي عليه السلام يأخذ من الغني ثمانية وأربعين درهما ، ومن المتوسط أربعة وعشرين درهما ، ومن الفقير اثني عشر درهما ، لاقتضاء المصلحة ، لا توظيفا لازما.
ويجوز وضع الجزية على الرؤوس أو الأرض.
______________________________________________________
أموالهم في دار الهجرة (1).
وللشيخ قول آخر في المبسوط بالتفصيل ، وهو أنه يقسم إذا لم يرجعوا إلى طاعة الإمام عليه السلام ، ولا يقسم لو رجعوا.
ثم أقول : الفريقان استدلوا بيوم الجمل ، أنه روى فيه الوجهان ، ولنا فيه تردد.
والحق أن ذلك فرض الإمام عليه السلام مفوض إليه ، ونحن متمسكون بأفعاله ، ومع غيبته عليه السلام ، لا فائدة في هذا البحث يتعلق بالفقهيات.
« قال دام ظله » : ولا تؤخذ الجزية من الصبيان ، والمجانين ، والنساء والبله ، والهم على الأظهر.
ذهب الشيخ إلى أن الجزية ، تؤخذ من الهم ، ( الشيخ خ ) (2) والاستناد إلى قوله تعالى : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (3).
ص: 420
وفي جواز الجمع قولان ، أشبههما الجواز.
وإذا أسلم الذمي قبل الحول سقطت الجزية ، ولو كان بعده وقبل الأداء فقولان ، أشبههما السقوط.
______________________________________________________
وقال في الخلاف : وفي اصحابنا من قال : لا تؤخذ ، ووجه كونه ليس مناهل الحرب.
ولقائل ان يقول : أنّه وان كان ليس من اهل الحرب ، فهو من اهل الرأى ، فتؤخذ ليكون صاغراً ، فالوجه الأخذ.
فأمّا الصبيان والمجانين والنّساء والبله ، لا خلاف في أنّها لا تؤخذ منهم.
« قال دام ظله » : وفي جواز الجمع ، قولان ، أشبههما الجواز.
اي الجمع بين الرؤوس والأرضين ، ذهب الشيخان والمتأخر واكثر الاصحاب الى أنه لا يجمع ، وذهب ابو الصلاح الى الجمع ، وهو مدلول الأصل ، ولكونه انسب بالصغار.
« قال دام ظله » : واذا اسلم الذمّي قبل الحول ، سقطت الجزية ، ولو كان بعده وقبل الأداء فقولان ، أشبههما السقوط.
القول بالسقوط للشيخين في النهاية والمقنعة ، ويدل عليه قوله عليه السلام : الإسلام يجب ما قبله (1) ولقوله عليه السلام : لا جزية على مسلم (2).
ص: 421
وتؤخذ من تركته ، ولو مات بعد الحول ذميا.
أما الشرائط فخمسة : قبول الجزية ، وألا يؤذوا المسلمين ، كالزنا بنسائهم والسرقة لأموالهم.
وأن لا يتظاهروا بالمحرمات كشرب الخمر ، والزنا ، ونكاح المحارم ، وأن لا يحدثوا كنيسة ولا يضربوا ناقوسا ، وأن يجري عليهم أحكام الإسلام.
ويلحق بذلك : البحث في الكنائس والمساجد والمساكن.
فلا يجوز استئناف البيع والكنائس في بلاد الإسلام ، وتزال لو استجدت ، ولا بأس بما كان عاديا قبل الفتح ، وبما أحدثوه في أرض الصلح ، ويجوز رمها.
ولا يعلو الذمي بنيانه فوق المسلم ، ويقر ما ابتاعه من مسلم على حاله ، ولو انهدم لم يعل به.
ولا يجوز لأحدهم دخول المسجد الحرام ولا غيره ، ولو أذن له المسلم.
( الأولى ) يجوز أخذ الجزية من أثمان المحرمات كالخمر.
( الثانية ) يستحق الجزية من قام مقام المهاجرين في الذب عن الإسلام من المسلمين.
( الثالث ) من ليس لهم كتاب.
ويبدأ بقتال من يليه إلا مع اختصاص الأبعد بالخطر ، ولا يبدءون إلا بعد الدعوة إلى الإسلام ، فإن امتنعوا حل جهادهم ، ولا يختص
ص: 422
بدعائهم الإمام ، أو من يأمره ، وتسقط الدعوة عمن قوبل بها وعرفها ، فإن اقتضت المصلحة المهادنة جازت ، لكن لا يتولاها إلا الإمام أو من يأذن له.
ويذم الواحد من المسلمين للواحد ، ويمضي ذمامه على الجماعة ولو كان أدونهم ، ومن دخل ( بشبهة؟ ) الأمان فهو آمن حتى يرد إلى مأمنه.
لو استذم فقيل : لا تذم ، فظن أنهم أذموا فدخل وجب إعادته إلى مأمنه نظرا إلى الشبهة.
ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف أو أقل إلا لمتحرف لقتال أو متحيز إلى فئة ولو غلب على الظن العطب على الأظهر ، ولو كان أكثر جاز.
ويجوز المحاربة بكل ما يرجى به الفتح كهدم الحصون ، ورمي المناجيق ، ولا يضمن ما يتلف بذلك المسلمين بينهم.
ويكره بإلقاء النار.
______________________________________________________
ولكونه مناسبا للأصل ، ولأن إعطاء الجزية مشروط بالصغار ، وهو منفي في المسلم.
وقال في الخلاف : لا تسقط على مقتضى مذهبنا ، لأن الحق وجب ( واجب خ ل ) عليه.
وقال في التهذيب : إنما يلزمه ، إذا كان إسلامه لسقوط الجزية.
« قال دام ظله » : ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف ، أو أقل إلا لمتحرف أو متحيز إلى فئة ولو غلب على الظن العطب ، على الأظهر.
أقول : متى غلب العطب على الظن ، يحتمل أن يتمسك في المنع عن الفرار بقوله
ص: 423
ويحرم بإلقاء السم.
وقيل : يكره.
ولو تترسوا بالصبيان والمجانين أو النساء ولم يمكن الفتح إلا بقتلهم جاز.
وكذا لو تترسوا بالأسارى من المسلمين ولا دية.
______________________________________________________
تعالى : إذا لقيتم فئة فاثبتوا (1) والأمر يقتضي الوجوب ، وفي الجواز بقوله تعالى : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (2) ألا إن العمل بالأول أظهر ، وأحوط ، وأشبه ، لأن المراد من الآية الأخيرة ، لا تلقوا ما لم تكونوا مأمورين (3) ( والوجهان قد ذكرهما في المبسوط واختار الأول على الأولوية خ ).
« قال دام ظله » : ويحرم بإلقاء السم ، وقيل : يكره.
القول بالكراهية للشيخ في المبسوط ، والتحريم ذكره في النهاية ، وهو في رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله نهى أن يلقى السم في بلاد المشركين (4) وعلى ما ذكره في
ص: 424
وفي الكفارة قولان ، ولا تقتل نساؤهم ولو عاون ، إلا مع الاضطرار.
ويحرم التمثيل بأهل الحرب والغدر والغلول منهم.
ويقاتل في أشهر الحرم من لا يرى لها حرمة ، ويكف عمن يرى حرمتها.
ويكره القتال قبل الزوال ، والتبييت ، وأن تعرقب الدابة ، والمبارزة بين الصفين بغير إذن الإمام.
( النظر الثالث ) في التوابع :
وهي أربعة.
( الأول ) في قسمة الفئ : يجب إخراج ما شرطه الإمام أولا كالجعائل ، ثم ما يحتاج إليه الغنيمة كأجرة الحافظ والراعي ، وبما يرضخ لمن لا قسمة له كالنساء والكفار ، ثم يخرج الخمس ، ويقسم الباقي بين المقاتلة ومن حضر القتال وإن لم يقاتل حتى الطفل ، ولو ولد بعد الحيازة قبل القسمة وكذا من يلتحق بهم من المدد.
______________________________________________________
المبسوط ، حمل النهي على الكراهية ، وهو خلاف الأصل.
« قال دام ظله » : وفي الكفارة قولان.
القولان للشيخ ، قال في النهاية : لو هلك المسلمون فيما بينهم ، لم يلزم المسلمين الدية ، وسكت عن الكفارة ، والظاهر عدم الوجوب.
وقال في المبسوط : يلزم الكفارة ، لا الدية تمسكا بقوله تعالى : فإن كان من قوم عدو لكم ، وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة (1) ، وهو اختيار المتأخر ، وبه أعمل.
ص: 425
للراجل سهم ، وللفارس سهمان.
وقيل : للفارس ثلاثة.
ولو كان معه أفراس أسهم للفرسين دون ما زاد.
وكذا يقسم لو قاتلوا في السفن وإن استغنوا عن الخيل ، ولا يسهم لغير الخيل ، ويكون راكبها في الغنيمة كالراجل.
والاعتبار بكونه فارسا عند الحيازة لا بدخول المعركة.
والجيش يشارك سريته ولا يشاركها عسكر البلد.
وصالح النبي صلى اللّه عليه وآله الأعراب عن ترك المهاجرة بأن يساعدوا إذا استنفرهم ( بهم خ ) ولا نصيب لهم في الغنيمة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : للراجل سهم ، وللفارس سهمان ، وقيل : للفارس ثلاثة.
الأول مذهب الشيخ وأتباعه ، وهو في رواية حفص بن غياث ، قال : كتب إلى بعض إخواني أن اسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السيرة ( وكان خ ) من جملة ما أجاب : ألم أجعل للفارس سهمين ، وللراجل سهما؟ (1).
وهي وإن كانت مشتملة على المكاتبة ، تنجبر بعمل الأصحاب ( أصحاب الحديث خ ).
والقول الثاني ، ينسب إلى المرتضى وبعض الأصحاب ( أصحاب الحديث خ ).
والمستند ما رواه إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليه السلام ، كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهما (2).
ص: 426
ولو غنم المشركون أموال المسلمين وذراريهم ثم ارتجعوها لم تدخل في الغنيمة.
ولو عرفت بعد القسمة فقولان ، أشبههما ردها على المالك.
ويرجع الغانم على الإمام عليه السلام بقيمتها مع التفرق ، وإلا فعلى الغنيمة.
( الثاني ) في الأسارى : والإناث منهم والأطفال يسترقون ولا يقتلون ، ولو اشتبه الطفل بالبالغ ، اعتبر بالإنبات.
والذكور البالغون يقتلون حتما ، إن أخذوا والحرب قائمة ما لم يسلموا ، والإمام مخير بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم لينزفوا (1).
______________________________________________________
وحمل الشيخ هذه الرواية على صاحب الفرسين ، أو أكثر ، وهو حسن ، ويؤيده ما رواه أحمد بن النصر ، عن الحسين بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : إذا كان مع الرجل أفراس في الغزو ، لم يسهم إلا لفرسين (2).
« قال دام ظله » : ولو غنم المشركون أموال المسلمين ، وذراريهم ، ثم ارتجعوها ، لم تدخل في الغنيمة ، ولو عرفت بعد القسمة ، فقولان ، إلى آخره.
أقول : متى عرف المسلمون أموالهم وذراريهم التي أخذها المشركون ، فإن كان قبل القسمة ، والبينة موجودة لم تؤخذ ( تدخل خ ل ) في القسمة الأولاد اتفاقا ، وكذا
ص: 427
وإن أخذوا بعد انقضائها لم يقتلوا ، وكان الإمام مخيرا بين المن والفداء والاسترقاق ، ولا يسقط هذا الحكم لو أسلموا.
ولا يقتل الأسير لو عجز عن المشي ولا بعد الذمام له.
______________________________________________________
الأموال والعبيد على الأصح ، وهو اختيار الشيخ في الاستبصار والخلاف ، والمتأخر وشيخنا.
وقال الشيخ في النهاية : تؤخذ ( يدخل خ ل ) في القسمة ، ويعطي الإمام الثمن من بيت الإمام ، تمسكا بما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبي عبد اللّه عليه السلام في السبي يأخذ العدو من المسلمين في القتال من أولاد المسلمين أو من مماليكهم فيجوزونه ، ثم إن المسلمين بعد ، قاتلوهم فظفروا بهم وسبوهم وأخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين وأولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين ، كيف يصنع بما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين ومماليكهم؟ قال : فقال : أما أولاد المسلمين ، فلا يقامون في سهام المسلمين ، ولكن يردون إلى أبيهم وأخيهم وإلى وليهم بشهود ، وأما المماليك فإنهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون وتعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت المال ( مال المسلمين خ ل ) (1).
وبالأول أعمل ( لنا ) أنه مال مغصوب ، والغصب يؤخذ ، حيث يوجد.
ولقول الرسول صلى اللّه عليه وآله : لا يحل مال امرء مسلم ، إلا عن طيبة نفس منه (2).
ولما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة ، عن علي بن رئاب ، عن
ص: 428
ويكره أن يصبر على القتل.
ولا يجوز دفن الحربي.
ويجب دفن المسلم.
______________________________________________________
طربال ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سئل عن رجل كانت له جارية فأغار عليه المشركون ، فأخذوها منه ، ثم إن المسلمين بعد غزوهم ، فأخذوها فيما غنموا منهم؟ فقال : إن كانت في الغنائم ، وأقام البينة أن المشركين أغاروا عليهم ، فأخذوها منه ردت عليه ، وإن كانت قد اشتريت وخرجت من المغنم ، فأصابها ، ردت عليه برمتها ، وأعطى الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه قيل له : فإن لم يصبها حتى تفرق الناس ، وقسموا جميع الغنائم ، فأصابها بعد ، قال : يأخذها من الذي هي في يده ، إذا أقام البينة ، ويرجع الذي هي في يده ، إذا أقام البينة ، على أمير الجيش بالثمن (1).
والجواب عن الرواية الأولى ، الطعن فيها فإنها ( لأنها خ ) مرسلة.
فأما (2) إن عرفوا بعد القسمة والتفرقة ، فيرد إلى المالك ، ويرجع الغانم بقيمته إلى الإمام عليه السلام.
وقبل التفرقة (3) فالوجه رده إلى المالك ، ثم إعادة القيمة.
وفيه قول آخر ، بأن ( بأنه خ ل ) يعطى المالك القيمة لا العين ، وينسب هذا إلى ابن بابويه ، والأول أصح ، واللّه أعلم.
« قال دام ظله » : ويكره أن يصبر على القتل.
معناه ، أن يحبس (4) لأجل القتل ، بل يقتل من غير حبس إن شاء القتل.
ص: 429
ولو اشتبهوا قيل : يوارى من كان كميشا كما أمر النبي صلى اللّه عليه وآله في قتلى بدر.
وحكم الطفل حكم أبويه ، فإن أسلما أو أسلم أحدهما لحق بحكمه.
ولو أسلم حربي في دار الحرب حقن دمه وماله مما ينقل دون العقارات والأرضين ولحق به ولده الأصاغر.
ولو أسلم عبد في دار الحرب قبل مولاه ملك نفسه.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولو اشتبهوا ، قيل يوارى من كان كميشاً.
القول للشيخ وأتباعه ، وهو مرويّ عن محمد بن يحيى ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطى ، عن حماد بن عيسى ، ( يحيى خ ) عن ابى عبداللّه عليه السلام ، قال : قال رسول اله صلّى اللّه عليه وآله يوم بدر ، لا تواروا الا من كان كميشا ، ( يعنى من كان ذكره صغيرا خ ) وقال : لا يكون ذلك الا في كرام الناس (1).
وأما الصلاة ، فالوجه أنه يصلي عليهم دفعة واحدة ، وينوي ( نوى خ ) بها المسلمون.
« قال دام ظله » : ولو أسلم عبد في دار الحرب ، قبل مولاه ملك نفسه ، وفي اشتراط خروجه تردد ، المروي أنه يشترط.
روى ذلك إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم الصلاة والسلام ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، حيث حاصر أهل الطائف ، قال : أيما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حر ، وأيما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد (2).
ص: 430
وفي اشتراط خروجه تردد ، المروي : أنه يشترط.
( الثالث ) في أحكام الأرضين : وكل أرض فتحت عنوة وكانت محياة فهي للمسلمين كافة ، والغانمون (1) في الجملة ، لا تباع ولا توقف ولا توهب ولا تملك على الخصوص ، والنظر فيها إلى الإمام ، يصرف حاصلها في المصالح.
وما كان مواتا وقت الفتح فهو للإمام لا يتصرف فيه إلا بإذنه.
وكل أرض فتحت صلحا على أن الأرض لأهلها ، والجزية فيها ، فهي لأربابها ولهم التصرف فيها ، ولو باعها المالك صح ، وانتقل ما عليها من الجزية إلى ذمة البائع ، ولو أسلم أسقط ما على أرضه أيضا ، لأنه جزية ، ولو شرطت الأرض للمسلمين كانت كالمفتوحة عنوة ، والجزية على رقابهم.
وكل أرض أسلم أهلها طوعا فهي لهم ، وليس عليهم سوى الزكاة في حاصلها ، مما يجب فيه الزكاة.
وكل أرض ترك أهلها عمارتها فللإمام تسليمها إلى من يعمرها. وعليه طسقها لأربابها.
وكل أرض موات سبق إليها سابق فأحياها فهو أحق بها ، وإن كان لها مالك فعليه طسقها له.
______________________________________________________
وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وشيخنا في الشرايع ، وعليها المتأخر ، واختاره في المبسوط أن بالإسلام يصير حرا.
ص: 431
( الرابع ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : وهما واجبان على الأعيان في أشبه القولين.
والأمر بالواجب واجب وبالمندوب مندوب ، والنهي عن المنكر كله واجب ، ولا يجب أحدهما ما لم يستكمل شروطا أربعة : العلم بأن ما يأمر به معروف ، وما ينهى عنه منكر.
وأن يجوز تأثير الإنكار.
وأن لا يظهر من الفاعل أمارة الإقلاع.
وأن لا يكون فيه مفسدة.
وينكر بالقلب ، ثم باللسان ، ثم باليد ، ولا ينتقل إلى الأثقل إلا إذا لم ينجح الأخف ، ولو زال بإظهار الكراهية اقتصر ، ولو كان بنوع من الإعراض.
ولو لم يثمر انتقل إلى اللسان.
ولو لم يرتفع إلا باليد ، كالضرب جاز.
أما لو افتقر إلى الجرح أو القتل لم يجز إلا بإذن الإمام.
وكذا الحدود لا ينفذها إلا الإمام أو من نصبه.
______________________________________________________
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
« قال دام ظله » : الرابع.
وهما واجبان على الأعيان ، في أشبه القولين.
أقول لا خلاف بين الأمة في وجوبهما ، بدليل الإجماع ونص القرآن والأخبار ، وإنما اختلف الأصحاب في أنهما على الأعيان أم لا؟ قال المرتضى : هما من فروض الكفاية ، لأن الغرض منهما ارتفاع القبيح ووقوع الحسن ، وهو يحصل ممن ( بمن خ )
ص: 432
وقيل : يقيم الرجل الحد على زوجته وولده ومملوكه.
وكذا قيل : يقيم الفقهاء الحدود في زمان الغيبة إذا أمنوا ، ويجب على الناس مساعدتهم.
ولو اضطر الجائر إنسانا إلى إقامة حد جاز ما لم يكن قتلا محرما فلا تقية فيه.
ولو أكرهه الجائر على القضاء ، اجتهد في تنفيذ الأحكام على الوجه الشرعي ما استطاع ، فإن اضطر عمل بالتقية.
______________________________________________________
قام به ، فلم يكن لتكليف الباقين ( الناس خ ل ) به وجه ، واختاره أبو الصلاح والمتأخر ، وقال الشيخ : أنهما على الأعيان والمستند عموم الآيات (1) والأوامر والأخبار (2).
وهل يثبت الوجوب سمعا أو عقلا؟ قال الشيخ : يثبت بالأول ، وتحقيق البحثين ( المذهب خ ) ( التخيير خ ) يتعلق بعلم الأصول ( الكلام خ ).
« قال دام ظله » : وقيل : يقيم الرجل الحد على زوجته وولده ومملوكه.
القائل هو الشيخ رحمه اللّه وأتباعه ، وما أعرف المستند ، فأما العبد ، فقد ورد
ص: 433
............................................................................
______________________________________________________
الأثر (1) بجواز ذلك فيه ، فالأولى الاقتصار عليه ، وبه يقول المتأخر ، وجزم به لو كان المالك فقيها ، وقال سلار : وإلا يثبت (2) ( ثبت خ ) المنع فأما الفقهاء فقد جزم الشيخان ، بأن في حال الغيبة (3) ، ذلك مفوض إليهم ، إذا كانوا متمكنين ، ولنا فيه نظر.
ص: 434
ص: 435
كتاب التجارة
وفيه فصول :
( الأول ) الأعيان النجسة كالخمر ، والأنبذة ، والفقاع ، والميتة ، والدم ، والأرواث ، والأبوال مما لا يؤكل لحمه.
وقيل : بالمنع من الأبوال كلها إلا بول الإبل.
والخنزير والكلاب عدا كلب الصيد.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وقيل : بالمنع من الأبوال كلها ، إلا بول الإبل ، الخ.
القائل هو الشيخان وسلار وأتباعهم ، والاستناد عموم الروايات الواردة بالمنع من التصرف في الأبوال (1).
وقال علم الهدى في الانتصار : يحل بول الإبل وكل ما يؤكل لحمه ، للتداوي وغيره.
واستدل بالإجماع ، وبأن الأصل هو الإباحة ، والمانع مرتفع ، وتبعه المتأخر.
وبه أفتي ، وعليه أعتمد ، تمسكا بالأصل ، وبما روى عن ثعلبة ، عن محمد بن مصادف ( مضار خ ) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه قال : لا بأس ببيع العذرة (2).
ص: 436
وفي كلب الماشية والحائط والزرع قولان.
والمائعات النجسة عدا الدهن لفائدة الاستصباح ، ولا تباع ولا يستصبح بما يذاب من شحوم الميتة وألبانها.
( الثاني ) الآلات المحرمة كالعود والطبل والزمر وهياكل العبادة المبتدعة ، كالصنم والصليب ، وآلات القمار ، كالنرد والشطرنج.
______________________________________________________
وقال الشيخ في التهذيب : لا تنافي ما رواه سماعة مرفوعا ، إلى يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ثمن العذرة من السحت (1).
لأن الأولى محمولة على عذرة البهائم ، من الإبل والبقر والغنم ، والأخيرة على عذرة الإنسان ، فهو في التهذيب قائل بما اخترناه.
« قال دام ظله » وفي كلب الماشية والحائط والزرع ، قولان.
ذهب الشيخان في المقنعة والنهاية والخلاف إلى أن ثمن الكلب حرام ، إلا السلوقي حاصة ، ويعني بالسلوقي كلب الصيد ، وسلوق قرية باليمن ، وأكثر كلابها معلمة ، فينسب الكلب ( الكل خ ) إليها.
وقال الشيخ في المبسوط في كتاب الإجارة : يجوز إجارة كلب الصيد ، والماشية ، والحائط ، كما يجوز بيعها ، وتردد في كتاب المكاسب ، والجواز أظهر واختاره سلار ، والمتأخر ، مستدلا بأن لها ديات ، فيلزم جواز بيعها ، والانتفاع بثمنها ، وقال شيخنا (2) دام ظله : الأشبه منع البيع مع جواز إجارتها.
وفيه إشكال ، منشؤه أن جواز الإجارة لازم لصحة التملك ( لصحته خ ) المبيح للبيع.
وعندي جواز البيع أشبه ( لنا ) التمسك بالأصل ، وأنه لو لم يجز بيعها لما قرر
ص: 437
( الثالث ) ما يقصد به المساعدة على المحرم كبيع السلاح لأعداء الدين في حال الحرب.
وقيل : مطلقا ، وإجارة المساكن والحمولات للمحرمات ، وبيع العنب ليعمل خمرا ، والخشب ليعمل صنما ، ويكره بيعه ممن يعمله.
( الرابع ) ما لا ينتفع به كالمسوخ ، برية كانت كالدب (1) والقردة (2) ، أو البحرية ، كالجري (3) والسلاحف (4) ، وكذا الضفادع (5) والطافي (6).
______________________________________________________
الشارع ( الشرع خ ) لها ديات ، بيان الملازمة أن الدية في الحيوانات تابع لصحة الملكية ، المستلزمة لجواز التصرف ( إن قيل ) بمنع المتابعة ( قلنا ) هو منع مكابرة ، ولا يرتكبه المنصف.
« قال دام ظله » : ( الثالث ) ما يقصد به المساعدة على المحرم ، كبيع السلاح لأعداء الدين ، في حال الحرب ، وقيل مطلقا.
الأول مذهب المتأخر ، مدعيا أن بذلك وردت الروايات ، والتي وقفت عليها ما رواه الشيخ في الاستبصار ، عن البرقي عن السراد (7) عن رجل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : إني أبيع السلاح ، قال : فقال : لا تبعه في فتنة (8).
ص: 438
ولا بأس بسباع الطير والهرة والفهد.
وفي بقية السباع قولان ، أشبههما الجواز.
______________________________________________________
وهي مرسلة كما تراها ، والمتأخر لا يعمل على دعواه ، بالأخبار الصحيحة إذا كانت أخبار الآحاد ، فكيف على مثل هذه.
لا يقال : هو مستند إلى الأصل ، وإلى قوله تعالى : وأحل اللّه البيع (1) ( لأنا نقول ) : اشتماله على حرام وهو معونة الكفار مانع من العمل بالأصل ، ومعارض للآية.
وأما القول بإطلاق التحريم فللشيخين وسلار وأتباعهم ، وشيخنا في الشرايع (2).
( وهو أشبه ) احتراز من توهم معونة ( معاونة خ ل ) الكفار على المسلمين ، وبه أقوال إلا في صورة واحدة ، وهي أنه إذا علم أنهم يستعملونه في قبل الكفار ، فإنه يجوز ، والحال هذه ، عملا بما رواه أبو سارة عن هند السراج ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أصلحك اللّه ، إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم ( فيهم خ ) فلما عرفني اللّه عزوجل هذا الأمر ، ضقت بذلك ، وقلت : لا أحمل إلى أعداء اللّه ، فقال لي : إحمل إليهم ( وبعهم خ ) فإن اللّه عزوجل يدفع بهم عدونا وعدوكم ، يعني الروم وبعه ( وبعهم خ ) فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا ، فمن حمل إلى عدونا سلاحا ، يستعينون به علينا ، فهو مشرك (3).
« قال دام ظله » : ولا بأس بسباع الطير والهرة والفهد ، وفي بقية السباع قولان ، أشبههما الجواز.
ص: 439
( الخامس ) الأعمال المحرمة كعمل الصور المجسمة ، والغناء عدا المغنية لزف العرائس ، إذا لم تغن بالباطل ، ولم يدخل عليها الرجال. والنوح بالباطل ، أما بالحق فجائز ، وهجاء المؤمنين ، وحفظ كتب الضلال ونسخها لغير النقض ، وتعلم السحر والكهانة والقيافة والشعبدة ( والشعبذة خ ) ، والقمار ، والغش بما يخفى ، وتدليس الماشطة ، ولا بأس بكسبها مع عدمه ، وتزيين الرجل بما يحرم عليه ، وزخرفة المساجد والمصاحف ، والمعونة على الظالم ، وأجرة الزانية.
( السادس ) الأجرة على القدر الواجب من تغسيل الأموات و تكفينهم وحملهم ودفنهم ، والرشا في الحكم ، والأجرة على الصلاة بالناس ، والقضاء ، ولا بأس بالرزق من بيت المال.
وكذا على الأذان ، ولا بأس بالأجرة على عقد النكاح.
والمكروه : ( إما ) لإفضائه إلى المحرم غالبا كالصرف ، وبيع الأكفان ، والطعام ، والرقيق ، والصباغة ، والذباحة ، وبيع ما يكن من السلاح لأهل الكفر ، كالخفين والدرع.
و ( إما ) لصنعته كالحياكة والحجامة إذا شرط ، وضراب الفحل ، ولا بأس بالختانة وخفض الجواري.
( وإما ) لتطرق التهمة إليه ككسب الصبيان ، ومن لا يجتنب المحارم.
______________________________________________________
قال الشيخ في الجزء الأول من النهاية والمفيد في المقنعة : بالمنع ، واستثنى ( استثناء خ ) الفهود ، وأضاف المفيد إلى ذلك المستثنى ، البزاة وطيور الصيد ، وهي تسمى سباعا ، وأطلق سلار المنع في الكل.
وأما الجواز فمذهب الشيخ في الجزء الثاني من النهاية ، وشيخنا في الشرايع ،
ص: 440
ومن المكروه ، الأجرة على تعليم القرآن ونسخه ، وكسب القابلة مع الشرط ولا بأس به لو تجرد ، ولا بأس بأجرة تعليم الحكم والآداب.
وقد يكره الاكتساب بأشياء أخر تأتي إن شاء اللّه تعالى.
______________________________________________________
والمتأخر في السرائر ، وهو أشبه ، نظراً الى الأصل.
وقال الشيخ في المبسوط : واما الظاهر فعلى ضربين ، ضرب ينقفع به والآخر لا ينتفع به ، فما ينتفع به فعلى ضربين احدهما يؤكل لحمه والآخر لا يؤكل لحمه الى ان قال : وما لا يؤكل لحمه مثل الفهد والنمر والفيل وجوارح الطير مثل البزاة والصقور والشواهين والعقبان والأرانب والثعالب وما أشبه ذلك ، وقد ذكرناه في النهاية فهذا كله يجوز بيعه ، وإن كان مما لا ينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف مثل الأسد والذئب وساير الحشرات من الحيات والعقارب والفار والخنافس والجعلان والحدأة والنسر والرخمة وبغاث الطير وكذلك الغربان سواء كان أبقع أو أسود ( انتهى ) (1).
والوجه أن الذئب والدب والأسد ، وأمثال ذلك ، قد ينتفع بجلدها فتدخل في القسم الأول فأما ( وأما خ ) بيع الغربان فتابع للتحليل ، وسنذكر ذلك فيما بعد ، إن شاء اللّه.
« قال دام ظله » : ومن المكروه ، الأجرة على تعليم القرآن ونسخه.
أقول : أجرة التعليم لغير القرآن لا خلاف في حله ، وللقرآن لا يخلو إما أن تكون على سبيل الهدية ، أو لا.
فالأول لا خلاف في جواز أخذه عملا بما رواه جراح المدائني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : المعلم لا يعلم بالأجر ويقبل الهدية إذا أهدى (2).
ص: 441
( الأولى ) لا يؤخذ ما ينثر في الأعراس إلا ما يعرف معه الإباحة.
( الثانية ) لا بأس ببيع عظام الفيل واتخاذ الأمشاط منها.
( الثالثة ) يجوز أن يشترى من السلطان ما يأخذه باسم المقاسمة واسم الزكاة من ثمرة وحبوب ونعم. وإن لم يكن مستحقا له.
______________________________________________________
والثاني إما أن يكون مع الشرط ، أو مجردا عنه ، فالأول ، ذهب الشيخ في الاستبصار إلى تحريم ذلك ، حاملا عليه ما رواه عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ، عليهم السلام ، أنه أتاه رجل ، فقال يا أمير المؤمنين : واللّه إني أحبك لله ، فقال : ولكني أبغضك لله ، فقال الرجل : ولم؟ فقال : لأنك تبغى في الأذان أجرا ، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا ( الحديث ) (1).
فجمع بينها الشيخ ، وبين ما رواه الفضل بن أبي قرة ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إن هؤلاء يقولون : إن كسب المعلم سحت ، فقال : كذبوا ( كذب خ ) أعداء اللّه ، أرادوا أن لا يعلموا أولادهم القرآن ، ولو أن المعلم أعطاه رجل دية ولده لكان ( كان خ ) للمعلم مباحا (2).
فقال : الشيخ : هذه محمولة على من لم يشترط ، والأولى على من شرط ، وإن كان فتواه في نهايته على كراهية ذلك.
وادعى المتأخر عليه الإجماع ، والثاني لا بأس به ، ويكره للمعلم أن يعلمه للأجرة ، بل ينبغي أن يعلمه لله تعالى.
ص: 442
( الرابعة ) لو دفع إليه مالا ليصرفه في المحاويج وكان منهم فلا يأخذ منه إلا بإذنه على الأصح ، ولو أعطى عياله جاز إذا كانوا بالصفة ، ولو عين له لم يتجاوز.
( الخامسة ) جوائز الظالم محرمة إن علمت بعينها ، وإلا فهي حلال.
( السادسة ) الولاية عن العادل جائزة ، وربما وجبت ، ومن الجائر محرمة إلا مع الخوف ، نعم لو تيقن التخلص عن المآثم والتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحب ، ولو أكره لا مع ذلك أجاب دفعا للضرر ، وينفذ أمره ولو كان محرما ، إلا في قتل المسلم.
( أما البيع ) وهو الإيجاب والقبول اللذان تنقل بهما العين المملوكة من مالك إلى غيره بعوض مقدر.
وله شروط :
( الأول ) يشترط في المتعاقدين كمال العقل والاختيار ، وأن يكون البائع مالكا أو وليا كالأب والجد للأب والحاكم وأمينه والوصي أو وكيلا.
______________________________________________________
والذي أذهب إليه ، أن الأجرة على ما يحتاج إليه في الصلاة حرام ، على أي وجه كان ، لأن تعليمه واجب ، وعلى الزائد يكره مع الشرط ، كراهية مغلظة ، ومع تجرده يكون أخف.
« قال دام ظله » : لو دفع إليه مالا ليصرفه في المحاويج ، وكان منهم ، فلا يأخذ منه إلا بإذنه على الأصح ، إلى آخره.
ص: 443
ولو باع الفضولي فقولان : أشبههما وقوفه على الإجازة.
ولو باع مالا يملكه مالك كالحر ، وفضلات الإنسان ، والخنافس والديدان لم ينعقد.
______________________________________________________
اختلف قولا ( قول خ ) شيخنا في هذه المسألة ، فذهب هنا إلى المنع ، وفي الشرايع إلى أن للمدفوع إليه أن يأخذ مثل نصيب أحدهم ، وهو اختيار الشيخ أبي جعفر والمتأخر.
والأول أشبه ، وهو المختار ( لنا ) أن المخاطب لا يدخل تحت خطاب متوجه إلى قوم ، وثبت بيان ذلك في أصول الفقه ، وأن الأخذ بالاحتياط ، اجتناب ذلك ، وأنه تصرف مال الغير ، وذلك غير جائز إلا بإذن متيقن ولا يقين هنا ، وأقل ما في الباب الاحتمال وهو مضاد لليقين.
ثم التمسك بما رواه ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في محاويج أو مساكين وهو محتاج ، أيأخذ منه لنفسه ، ولا يعلمه؟ قال : لا يأخذ منه شيئا ، حتى يأذن له صاحبه (1).
( فإن قيل ) : الرواية من المراسيل (2) ( قلنا ) : حق ولكنها مؤيدة بالنظر.
وحمل الشيخ الرواية إما على الكراهية ، أو على أن لا يأخذ أكثر من نصيب غيره ، أو على تعيين المحتاجين والجواب ، أن التأويلات كلها على خلاف الظاهر ، فلا يحوز التزامها ، ولا ضرورة ( من غير ضرورة خ ل ).
« قال دام ظله » : ولو باع الفضولي ، فقولان ، أشبههما وقوفه على الإجازة.
أقول : معنى قول الفقهاء : ( يقف عل الإجازة ) إن المالك متى أجاز ذلك البيع انعقد ، ولا يحتاج إلى استيناف عقد آخر ، ومن قال لا يقف على الإجازة ، يريد أن
ص: 444
ولو جمع بين ما يملك وما لا يملك في عقد واحد كعبده وعبد غيره صح في عبده ووقعت في الآخر على الإجازة.
______________________________________________________
البيع باطل ، ومتى رضي المالك يحتاج في الانعقاد إلى عقد آخر.
وذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط مستدلا بالإجماع إلى أن البيع باطل.
وربما يتمسك بأن الفضولي ممنوع التصرف والبيع نوع من التصرف.
وبما رواه حكيم ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، أنه نهى عن بيع ما لا يملك (1).
وبما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : لا طلاق إلا فيما تملك ، ولا عتق إلا فيما تملك ، ولا بيع إلا فيما تملك (2).
وهو اختيار المتأخر ، ويلوح ذلك من كلام أبي الصلاح الحلبي وأبي يعلا سلار.
وذهب الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة إلى أن البيع موقوف على الإجازة ، وبه يقول شيخنا تمسكا بحصول الإيجاب والقبول لمن له أهلية ذلك ، فيما يصح فيه ، وإجازة المالك منضمة إليه ، فلا مانع من الانعقاد.
والذي نراه ( أراه خ ل ) أن البحث مبني على أن النهي هل يدل (3) في المعاملات على فساد المنهي عنه أم لا؟ فمن قال بالأول ، يلزمه القول بالبطلان ، لأن الفاسد باطل ، اللّهم إلا أن يقول : إن عقد البيع لا يستلزم لفظا مخصوصا أعني ( بعت ) بل كل ما يدل على الانتقال فهو عقد فلو (4) يلتزم هذا القول يكون إجازة
ص: 445
أما لو باع العبد والحر ، أو الشاة والخنزير صح فيما يملك وبطل في الآخر ، ويقومان ثم يقوم أحدهما ويسقط من الثمن ما قابل الفاسد.
( الثاني ) الكيل أو الوزن أو العدد ، فلو بيع ما يكال ويوزن أو يعد لا كذلك بطل ، ولو تعذر الوزن أو العدد اعتبر المكيال وأخذ بحسابه ، ولا يكفي مشاهدة الصبرة ولا المكيال المجهول ، ويجوز ابتياع جزء مشاع بالنسبة من معلوم وإن اختلفت أجزاؤه.
( الثالث ) لا يباع العين الحاضرة إلا مع المشاهدة أو الوصف ، ولو كان المراد طعمها أو ريحها فلا بد من اختبارها إذا لم يفسد به.
______________________________________________________
المالك عنده بمثابة ( بمنزلة خ ل ) عقد ثان ، ومن قال بالثاني فله أن يقول : العقد الأول لا يوصف بالصحة ولا الفساد ، بل يقف على إذن المالك ، فإن أذن فهو صحيح ، وإلا ففاسد.
وإذا تقرر هذا فلا إشكال على شيخنا دام ظله ، لأن النهي عنده في المعاملات لا يقتضي الفساد ، ولا للبيع لفظ مخصوص ، بل يشكل على الشيخين لأنهما يخالفانه في المسألتين ، والمختار عندنا اختيار شيخنا دام ظله.
« قال دام ظله » : أما لو باع العبد والحر أو الشاة والخنزير ، صح فيما يملك ، وبطل في الآخر ، ويقومان ثم يقوم أحدهما ، يسقط من الثمن ما قابل الفاسد.
يريد بالثمن ما وقع عليه العقد ، وبالفاسد الحر والخنزير.
بيان المسألة ، إن البايع باع العبد والحر في صفقة واحدة ، مثلا بأربعين ، ثم علم المشتري أن أحدهما حر وبيعه فاسد ، فكيف يسترد ( يسقط خ ) ما قابل قيمته.
تخليصه أن يقوما معا مرة أخرى ، فقوما مثلا بثلاثين ، ثم قوم كل واحد منهما على الانفراد ، فقوم العبد بعشرين والحر بعشرة ، ونسبة العشرة إلى الثلاثين بالثلث ، يعلم أن ثلث المال الذي وقع عليه البيع في مقابله الحر فيسقط من أربعين ، ثلاثة
ص: 446
ولو بيع ، ولما يختبر فقولان ، أشبههما الجواز.
وله الخيار لو خرج معيبا ، ويتعين الأرش بعد الإحداث فيه ، ولو أدى اختباره إلى إفساده كالجوز والبطيخ جاز شراؤه ، ويثبت الأرش لو خرج معيبا لا الرد ، ويرجع بالثمن إن لم يكن لمكسوره قيمة.
وكذا يجوز بيع المسك في فأره وإن لم يفتق.
______________________________________________________
عشر وثلثاً ، لانه في مقابل الفاسد.
وانما قلنا : يقومان مرة اخرى ، لانه لو بنى على التقويم الاول ربما قوم العبد على الانفراد بمثل ذلك التقويم الاول ، او ازيد ، فيلزم ان لا يسقط من مقابلة الحرّ شيء ، او لا يبقى للبايع على المشتري شيء ، بتقدير ان يكون قيمة العبد أزيد مما وقع عليه البيع ، وفي المسألة غموض ما ، فعليك بإمعان النظر ، فكثير من الفقهاء الكيسين يشتبه عليه فقه هذه المسألة.
« قال دام ظله » : ولو بيع ولما يختبر ، فقولان ، أشبههما الجواز.
قال الشيخان وسلار : البيع باطل ، وتردد فيه المتأخر ، قال : تحمل الرواية الواردة بالبطلان على من لم يشهد طعمه ولا وصف البايع ، فمع عدم الوصف والطعم ، فالبيع باطل ، فأما مع الوصف يصح البيع ( فالبيع خ ل ) ولكن يعتبر فيه ما يعتبر في بيع خيار الرؤية
ثم قال : ويمكن أن يقال : إن البيع بالوصف ، لا يكون في الأعيان المشاهدة المرئية فلا بد فيها من الشم أو الذوق (1).
ثم أقول : مقتضى الأصل انعقاد البيع وصحته ، ويؤيده أيضا قوله تعالى : أوفوا
ص: 447
ولا يجوز بيع سمك الآجام لجهالته وإن ضم إليه القصب على الأصح.
وكذا اللبن في الضرع ، ولو ضم إليه ما يحتلب منه ، وكذا أصواف الغنم مع ما في بطونها.
______________________________________________________
بالعقود (1) وأحل اللّه البيع (2) فإن وردت رواية بالبطلان ، فليقل به ( بالبطلان خ ).
وقد اعتبرت كتب الأخبار فما ظفرت بها ، إلا بما رواه الشيخ في التهذيب في باب الزيادات مرفوعا إلى محمد بن أبي العيص ( الفيض خ ل ) ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى ( يشتري خ ئل ) ما يذاق ، أيذوقه قبل أن يشتريه قال : نعم فليذقه ، ولا يذوقن ما لا يشتري (3).
وفي الاستدلال بها ضعف لأن محل النزاع أن البيع هل يبطل مع عدم الذوق أم لا ، فليس ( وليس خ ل ) في الرواية ما يدل عليه.
ونحن بعد من وراء الاعتبار (4) وشيخنا جزم بالجواز ، نظرا إلى ما ذكرنا ، وثمرة الخلاف ظاهرة ، واللّه أعلم.
« قال دام ظله » : ولا يجوز بيع سمك الآجام ، لجهالته ، وإن ضم إليه
ص: 448
وكذا كل واحد منهما ( منها خ ) منفردا.
وكذا ما يلقح الفحل.
وكذا ما يضرب الصياد بشبكته.
( الرابع ) تقدير الثمن وجنسه.
______________________________________________________
القصب ، على الأصح ، إلى آخره.
أقول : لا خلاف أن بيع المجهول غير صحيح ، إلا أن عند الشيخ رحمه اللّه ، أن المعلوم إذا انضم إلى مجهول يصيره بمثابة المعلوم.
وهذه قضية ممنوعة ، فالشيخ ذهب إلى الجواز ، في هذه المسألة ، نظرا إلى ذلك ، وتمسكا بروايات ضعيفة.
أما في السمك مع القصب ، فبما رواه في التهذيب ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا كانت أجمة ليس فيها قصب ، أخرج شئ من السمك ، فيباع وما في الأجمة (1).
فيدل باللزوم على أن مع القصب أيضا يجوز ، ومثلها رواه ابن سماعة ، عن بعض أصحابنا عن زكريا (2) ، عن رجل ، ورواه أيضا سهل بن زياد (3).
وما رواه الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا بأس أن يشتري الآجام ، إذا كان فيها قصب (4).
ص: 449
............................................................................
______________________________________________________
والحق أن في الاستدلال بهذه الروايات ضعفا جدا لكونها منافية للأصل ، ولضعف سندها ، فإن ابني سماعة واقفيان ( فإن أبناء سماعة واقفيون خ ل ) ، وكذا محمد بن زياد ، وفي سهل طعن ، وروايته مرسلة.
وأما في اللبن فما رواه زرعة عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن اللبن يشترى ، وهو في الضرع؟ قال : لا ، إلا أن يحلب لك منه سكرجة ، فتقول : اشترى منك ، هذا اللبن الذي في السكرجة ، وما في ضروعها ( ضرعها خ ل ) ، بثمن مسمى ، فإن لم يكن في الضرع شئ ، كان ما في السكرجة (1).
وزرعة وسماعة واقفيان.
وأما في الصوف مع ما في بطن الغنم ، فما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي إبراهيم الكرخي ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة ، وما في بطونها من حمل ، بكذا وكذا درهما؟ قال : لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل ، كان رأس ماله في الصوف (2).
ذكرها في التهذيب ، وابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، والكليني في الكافي على أن الكرخي مجهول الحال.
فأما بيع الصوف بدون الضميمة منفردا ، قال الشيخ في النهاية : لا يجوز إلا مع الضميمة المعلومة ، بناء على أصله وقال المفيد : يجوز إذا كان معاينا ، ولا يجوز مع عدم المعاينة.
فكأنه لا يعتبر الوزن مع المعاينة ، وكذا الصوف على الغنم ، ويكتفى بالمشاهدة ،
ص: 450
فلو اشتراه بحكم أحدهما فالبيع باطل ويضمن المشتري تلف المبيع مع قبضه ونقصانه.
وكذا في كل ابتياع فاسد ، ويرد عليه ما زاد بفعله كتعليم الصنعة والصبغ على الأشبه.
وإذا أطلق النقد انصرف إلى نقد البلد ، وإن عين نقدا لزم.
______________________________________________________
وهو حسن لو قيل به ، والوجه اعتبار الوزن ، ورأيت المتأخر اختار في باب الغرر والمجازفة مقالة المفيد ، وأسقط اعتبار الوزن ، وذهب في باب السلم إلى المنع من بيع الصوف على الغنم ، ولو كان معاينا.
وهو الوجه ، لأن الصوف من الموزونات ، فلا يباع جزافا.
« قال دام ظله » : فلو اشتراه بحكم أحدهما فالبيع باطل ، ويضمن المشتري تلف المبيع مع قبضه ونقصانه ، وكذا في كل ابتياع فاسد ، ويرد عليه ما زاد بفعله ، كتعليم الصنعة والصبغ ، على الأشبه.
أقول : معنى الاشتراء بحكم أحدهما أن يبيعه ، ويفوض تقدير الثمن إلى البايع أو إلى المشتري ، ويجعله حاكما فيه ، فمتى كان كذلك كان البيع باطلا ، لجهالة الثمن وقت البيع ، ويكون المشتري ضامنا لقيمة المبيع إن قبضه وتلف ، وكذا يضمن نقصانه.
وهل يضمن قيمته يوم القبض؟ قال الشيخان وسلار : نعم وعليه العمل ( أعمل خ ل ) ، وقال المتأخر : يضمن القيمة الأعلى من يوم القبض والتلف ، والأول أظهر.
وهل يرد ما زاد بفعله؟ قال الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار في الرسالة : نعم ، وحكى شيخنا عن الشيخ في المبسوط ، أنه قال : لا يرد.
وفصل المتأخر فقال : إن كانت الزيادة آثار الأفعال ، لا يرد شئ ، وإن
ص: 451
ولو اختلفا في قدر الثمن فالقول قول البايع مع يمينه إن كان المبيع قائما ، وقول المشتري مع يمينه إن كان تالفا.
ويوضع لظروف السمن والتمر ما هو معتاد لا ما يزيد.
( الخامس ) القدرة على تسليمه.
______________________________________________________
كانت آثار أعيان الأموال يردّ عليه.
والوجه هو الاول ، لأنه نماء ملك البايع ، فيملكه هو دون غيره.
« قال دام ظله » : ولو اختلفا في قدر الثمن ، فالقول قول البايع مع يمينه ان كان المبيع قائما ، وقول المشترى مع يمينه ان كان تالفا.
اقول : اختلف في هذه المسألة ، فما ذكره شيخنا في المتن هو قول الشيخ رحمه اللّه ، وهو في رواية احمد بن محمد بن ابي نصر ، عن بعض أصحابه ، عن ابي عبداللّه عليه السلام (1).
وهي وان كانت مرسلة ، فالاصحاب عاملون بمراسيل احمد بن محمد بن ابي نصر.
وذهب ابن الجنيد وابوالصلاح الى أن المبيع ان كان في يد البايع ، فالقول قوله ، لان المشترى يريد انتزاعه من يده فالبايع مدعى عليه ، وان كان في يد المشترى ، فالقول قوله ، لان البايع يدعى زيادة الثمن ، واختاره المتأخر.
وفي التعليل ضعف ، إذ الدعوى ليست على انتزاع المبيع ، بل البيعان متفقان على أن المبيع حق المشتري ( للمشتري خ ) وإنما الخلاف في تقدير الثمن ، والبايع يدعي الزيادة.
ورأيت المتأخر ادعى الإجماع - في آخر باب الشروط في العقود - على ما قاله
ص: 452
فلو باع منفردا لم يصح ، ويصح لو ضم إليه شيئا.
فالمستحب : التفقه فيه ، والتسوية بين المتبايعين ، والإقالة لمن استقال ، والشهادتان ، والتكبير عند الابتياع ، وأن يأخذ ناقصا ويعطي زائدا.
والمكروه : مدح البائع ، وذم المشتري ، والحلف ، والبيع في موضع يستتر فيه العيب ، والربح على المؤمن إلا مع الضرورة ، وعلى من بعده بالإحسان ، والسوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ودخول السوق أولا ، ومبايعة الأدنين ، وذوي العاهات ، والأكراد ، والتعرض للكيل والوزن إذا لم يحسن ، والاستحطاط بعد الصفقة ، والزيادة وقت النداء.
______________________________________________________
الشيخ ونسي ما اختاره أولا ، والمناقضة منه ليس يندفع ( ببديع خ ل ).
والمختار هو الأول ( لنا ) أن مقتضى النظر أن القول قول المشتري في الحالين ، لأن المدعي هو البايع ، تركنا العمل به إذا كان المبيع قائما ، للرواية وعمل الأصحاب ، وبقي في المشتري على الأصل.
فأما إذا كان الخلاف بين ورثتهما ، فالقول قول ورثة المشتري ، بناء على الأصل.
« قال دام ظله » : فلو باع الآبق منفردا لم يصح الخ.
أقول : العبد الآبق إما أن يكون بحيث يقدر عليه صاحبه أم لا ، فالثاني لا يجوز بيعه منفردا بلا خلاف ، والأول قد أجازه المرتضى ، نظرا إلى أنه لا يسمى آبقا عرفا ، وهو حسن.
فأما لو ضم إليه شئ يصح البيع على التقديرين إجماعا.
ص: 453
ودخوله في سوم أخيه.
وأن يتوكل الحاضر للبادي.
وقيل : يحرم ، وتلقي الركبان ، وحده أربع ( أربعة خ ل ) فراسخ فما دون ، ويثبت الخيار إن ثبت الغبن.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ودخوله في سوم أخيه.
أقول : السوم في البيع ، هو المزايدة في ثمن السلعة ، والسوم المنهي عنه أن يزاد بعد انتهاء المزايدة ، واستقرار البيعين ( البيعان خ ل ) على البيع ، فأما إذا كان المبيع في المزايدة فلا كراهية ولا تحريم.
والمستند قوله عليه السلام : لا يسوم الرجل على سوم أخيه (1).
« قال دام ظله » : وأن يتوكل الحاضر للبادي.
معناه : لا يكون الحاضر سمسارا أي دلالا للبادي ، لقول النبي صلى اللّه عليه وآله ، دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض (2) ولقوله عليه السلام : لا يبيعن حاضر لباد (3).
وهل هو مكروه أم محظور؟ قال في النهاية : بالأول ، واختاره شيخنا تمسكا بالأصل ، وذهب في المبسوط والخلاف إلى الثاني ، مستدلا ( استدلالا خ ل ) بظاهر الخبر.
ص: 454
والزيادة في السلعة مواطاة للبايع ، وهو النجش.
والاحتكار - وهو حبس الأقوات -.
وقيل : يحرم.
وإنما يكون في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن.
وقيل : في الملح.
ويتحقق الكراهية إذا استبقاه لزيادة الثمن ، ولم يوجد بايع.
وقيل : وأن يستبقيه في الرخص أربعين ، وفي الغلاء ثلاثة.
ويجبر المحتكر على البيع ، وهل يسعر عليه؟ الأصح : لا.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : والزيادة في السلعة ، مواطاة للبايع ، وهو النجش.
تقديره ( في ثمن السلعة ) حذف ، للعلم به وقد يكون النجش لمواطاة ( بمواطاة خ ل ) البايع وغيره ، وعده الشيخ في الخلاف والمبسوط في المحظور ، وكذلك المتأخر.
فأما شيخنا حمل المنع على الكراهية ، تمسكا بالأصل ، والشراء صحيح على القولين.
وهل يثبت للمشتري الخيار؟ فيه قولان ، والوجه ارتفاعه ، لأن البيع لا ينفسخ ( لا يفسخ خ ) بفعل ( لفعل خ ) الغير ولأن المغالطة ساقطة بالتراضي.
« قال دام ظله » : والاحتكار ، وهو حبس الأقوات ، وقيل : يحرم.
ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار وأتباعهم إلى الكراهية ، وقال أبو الصلاح والشيخ في الاستبصار بالتحريم ، ومثله يظهر من كلام ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، وقال المتأخر : هو منهي عنه في الشرع.
والأربعة الأجناس من الغلة والتمر والسمن متفق عليه ، وزاد ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه الزيت عملا برواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد
ص: 455
............................................................................
______________________________________________________
عليهما السلام (1) والشيخ في المبسوط ، الملح ، وما أعرف من أين قاله!
وأما وقت تحقق ( تحقيق خ ) الاحتكار حال احتياج الناس إلى الطعام ، وعدم البايعين إلا المحتكر ، فهذا هو المحقق.
وأما القول بالاستبقاء - أربعين يوما في الرخص ، وثلاثة في الغلاء - فهو للشيخ في النهاية ، ومستنده رواية ( رواه خ ) النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2) ، وهي ضعيفة.
وإذا ثبت هذا ، فهل يسعر عليه؟ قال الشيخ في كتبه : لا ، وقال المفيد وسلار : نعم ، والأول أشبه ، وأظهر ، وعليه الفتوى.
( لنا ) التمسك بالأصل ، وأن التسعير حكم شرعي ، يحتاج مثبته إلى دليل ، ولا دليل ، وما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، أن رجلا أتاه ( جاء سنن ) فقال : يا رسول اللّه سعر ( على أصحاب الطعام خ ) فقال بل أدعو ( اللّه خ ) ثم جاءه رجل آخر ، فقال : يا رسول اللّه سعر ( على أصحاب الطعام خ ) فقال : بل اللّه يرفع ويخفض ، وإني لأرجو أن ألقى اللّه وليست لأحد عندي مظلمة (3).
وفي رواية أخرى ، أنه غضب ، حتى عرف الغضب في وجهه وقال : أنا أقوم عليهم؟ إنما السعر إلى اللّه عزوجل ، يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء (4).
ورأيت المتأخر يدعي الإجماع هنا ، وهو ضعيف إذ لا يتحقق مع الخلاف.
ص: 456
( الأول ) خيار المجلس وهو ثابت للمتبايعين في كل مبيع ( ما خ ) لم يشترط ( يشترطا خ ) فيه سقوطه ما لم يتفرقا.
( الثاني ) خيار الحيوان وهو ثلاثة أيام للمشتري خاصة ، على الأصح ، ويسقط لو شرط سقوطه ، أو أسقطه المشتري بعد العقد ، أو تصرف فيه المشتري ، سواء كان تصرفا لازما كالبيع أو غير لازم كالوصية والهبة قبل القبض.
______________________________________________________
الفصل الثالث في الخيار
« قال دام ظله » : خيار الحيوان ، وهو ثلاثة أيام للمشتري خاصة ، على الأصح.
أقول : اختلف في هذه المسألة ، فذهب الشيخان وابنا بابويه وسلار إلى أن هذا الخيار للمشتري خاصة ، وعليه المتأخر ، وقال المرتضى ، هو للمتبايعين.
( لنا ) النظر والنقل ، أما الأول ، فإن الخيار على خلاف الأصل ، إذ مقتضى العقد الوفاء به ، لقوله تعالى : أوفوا بالعقود (1) ولقوله صلى اللّه عليه وآله : المؤمنون عند شروطهم (2) خولف الأصل في المشتري للإجماع ( بالإجماع خ ) وترك البايع على أصله.
ص: 457
( الثالث ) خيار الشرط وهو بحسب ما يشترط ، ولا بد أن تكون مدته مضبوطة ، ولو كانت محتملة لم يجز كقدوم الغزاة وإدراك الثمرات.
ويجوز اشتراط مدة يرد فيها البائع الثمن ويرتجع المبيع ، فلو انقضت ولما يرد لزم البيع ، ولو تلف في المدة كان من المشتري ، وكذا لو حصل له نماء كان له.
( الرابع ) خيار الغبن ، ومع ثبوته في وقت العقد بما لا يتغابن فيه غالبا وجهالة المغبون يثبت له الخيار في الفسخ والامضاء.
( الخامس ) من باع شيئا ولم يقبض الثمن ولا قبض المبيع ولا يشترط التأخير فالبيع لازم ثلاثة أيام ، ومع انقضائها يثبت الخيار للبايع.
______________________________________________________
( وأما الثاني ) ، فما رواه ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري الحديث (1).
( وما ) رواه الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري ، اشترط أو لم يشترط ( الحديث ) (2) وبه روايات أخر.
وأما المرتضى استند إلى الإجماع على المخالف ، لأنه لا يرى الخيار فيهما إلا مع الشرط.
ويمكن أن يستدل على قوله : بما رواه محمد بن أبي عمير ، عن جميل وبكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سمعته يقول : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : البيعان ( البايعان خ ل ) بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان إلى ثلاثة أيام
ص: 458
فإن تلف ، قال المفيد : يتلف في الثلاثة من المشتري ، وبعدها من البايع ، والوجه تلفه من البايع في الحالين لأن التقدير أنه لم يقبض.
______________________________________________________
( الحديث ) (1).
وبما رواه ابو ايوب عن محمد بن مسلم ، عن ابي عبداللّه عليه السلام ، قال : المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام في الحيوان ، وفيما سوى ذلك من بيع ( من البيع خ ) حتى يفرتقا (2) والروايتان صحيحتان.
واختار قول المرتضى صاحب البشرى (3) قدس اللّه روحه العزيزة ، وجمع بين الروايتين ، فان الاولى ليس فيها : ان البايع لا خيار له ، وفي الاخرى اثبت الخيار لهما ، فالأولى محمولة على المشتري ، والثانية عليهما.
« قال دام ظله » : فإن تلف ، قال المفيد : يتلف في الثلاثة من المشتري ، وبعدها من البايع ، والوجه تلفه من البايع في الحالين ، لأن التقدير أنه لم يقبض.
أقول : إذا تلف المبيع لا يخلو إما أن يكون بعد القبض ، أو قبله ، فإن كان الأول ، فإما أن يكون في زمن الخيار أو بعده ، فعلى الثاني يكون من المشتري ، وعلى الأول يكون الخيار باقيا ، فإن نسخ البيع فهو من البايع ، وإلا فمن المشتري وإن تلف قبل القبض ، وبعد زمان الخيار ، فهو من مال البايع اتفاقا.
وفي زمان الخيار ، قولان ، قال المفيد والمرتضى : يكون من المشتري ، مستدلين بأن في الثلاثة ، العقد ثابت بتراضيهما ، وليس كذا بعد الثلاثة ، لأن البايع أحق
ص: 459
ولو اشترى ما يفسد من يومه ، ففي رواية يلزم البيع إلى الليل ، فإن لم يأت بالثمن فلا بيع له.
( السادس ) خيار الرؤية ، وهو يثبت في بيع الأعيان الحاضرة من غير مشاهدة ، ولا يصح حتى يذكر الجنس والوصف ، فإن كان موافقا لزم ، وإلا كان للمشتري الرد.
وكذا لو لم يره البايع واشترى بالوصف كان الخيار للبائع لو كان بخلاف الصفة ، وسيأتي خيار العيب إن شاء اللّه تعالى.
______________________________________________________
بالمبيع ( البيع خ ل ) فيها وأملك ، واختاره صاحب الواسطة (1).
ولقائل أن يقول : إن عنيت بثبوت العقد حصوله مع التراضي ، فلم قلت أنه يتلف من المشتري ولم يقبض؟ وإن عنيت لزومه ، فهو ممنوع في زمان الخيار ، وإن عنيت شيئا آخر ، فعليك البيان.
فإذن ، الأشبه ، ما اختاره الشيخ ، وهو أنه من البايع في الحالين لحصول الاتفاق منا أن كل مبيع تلف (2) قبل قبض المشتري وإقباضه فهو من البايع.
وتفصيل الشيخ في النهاية في هذا الموضع غير وارد ، إذ التقدير أنه لم يقبض.
« قال دام ظله » : ولو اشترى ما يفسد من يومه ، ففي رواية يلزم البيع إلى الليل إلى آخره.
هذه رواية مقطوعة السند رواها الشيخ في التهذيب ، والكليني في الكافي ، مرفوعة (3) إلى محمد بن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو إلى أبي الحسن عليه السلام في الرجل يشتري الشئ الذي يفسد من يومه ، ويتركه
ص: 460
( الأولى ) خيار المجلس ، يختص بالبيع دون غيره.
( الثانية ) التصرف يسقط خيار الشرط.
( الثالثة ) الخيار يورث ، مشروطا كان أو لازما بالأصل.
( الرابعة ) المبيع يملك بالعقد ، وقيل : به وبانقضاء الخيار.
وإن كان الخيار للمشتري ، جاز له التصرف ، وإن لم يوجب البيع على نفسه.
( الخامسة ) إذا تلف المبيع قبل قبضه ، فهو من مال بايعه.
وكذا بعد قبضه وقبل انقضاء خيار المشتري ، ما لم يفرط ، ولو تلف بعد ذلك كان من المشتري.
( السادسة ) لو اشترى ضيعة رأى بعضها ووصف له سائرها كان له الخيار فيها أجمع ، إذا لم يكن على الوصف.
______________________________________________________
حتى يأتيه بالثمن ، قال : إن جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن ، وإلا فلا بيع له (1).
وعليها فتوى الشيخ وأتباعه ، ويؤيدها النظر ، وما أعرف لها مخالفا.
« قال دام ظله » : المبيع يملك بالعقد ، وقيل به وبانقضاء الخيار.
القولان للشيخ ، الأول في المبسوط ، والثاني في الخلاف ، والأول أشبه ، وأظهر بين الأصحاب للاتفاق على جواز التصرف ، المستلزم للملكية ، إلا في مواضع معدودة ( و خ ) ليس هذا منها ، وعليه فتوى شيخنا ، وبه أعمل.
ص: 461
( الأول ) النقد والنسيئة :
من ابتاع مطلقا فالثمن حال ، كما لو شرط تعجيله ، ولو شرط التأجيل مع تعيين المدة صح ، ولو لم يعين بطل.
وكذا لو عين أجلا محتملا كقدوم الغزاة.
وكذا لو قال : بكذا نقدا ، وبكذا نسيئة.
وفي رواية ، له أقل الثمنين نسيئة ، ولو كان إلى أجلين بطل.
ويصح أن يبتاع ما باعه نسيئة قبل الأجل بزيادة ونقصان بجنس الثمن وغيره ، حالا ومؤجلا إذا لم يشترط ذلك.
______________________________________________________
الفصل الرابع في لواحق البيع
« قال دام ظله » : وفي رواية : له أقل الثمنين نسيئة الخ.
أقول : إذا اشترط التأجيل في الثمن ، ولم يعين زمانا ، لا يجهل ( لا يحتمل خ ) الزيادة ولا النقصان ، لم يصح البيع ، وكذا لو جعل زمانا معينا ظرفا للأداء كأن يقول : تؤدي الثمن في الشهر الفلاني ، أو في هذا الشهر ، أو في هذه السنة ، لم يصح البيع.
أما لو جعل له زمانين على تقدير أحدهما ، كأن يقول : حالا بدرهم وإلى شهرين بدرهمين ، ففيه خلاف ، قال الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة : لا يلزم إلا أقل النقدين بعد مضي الشهر.
وهو استناد إلى رواية البرقي ، عن النوفلي عن السكوني ، عن جعفر عن أبيه عن
ص: 462
............................................................................
______________________________________________________
آبائه عليهم السلام ، أن عليا قضى في رجل باع بيعا واشترط شرطين ، بالنقد كذا ، وبالنسية كذا وأخذ ( فأخذ خ ) المتاع على ذلك الشرط ، فقال : هو بأقل الثمنين وأبعد الأجلين ( الحديث ) (1).
وذهب في المبسوط إلى بطلان البيع ، مستدلا بأن الثمن غير معين ، فالبيع باطل ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر ، وادعى هو إجماع الأمة على أن كل ثمن مجهول مبطل للبيع ( يبطل البيع خ ل ).
أما لو اشترط أجلين ، وكلاهما نسية ، مثل أن يقول : إلى شهر بكذا ، وإلى شهرين بكذا ، فقال : حكمه حكم المسألة الأولى ، وجزم سلار بالبطلان ، وما ذكر المسألة الأولى.
وتوهم المتأخر أن هذه مثل الأولى ، فقال عقيب الأولى : إن سلارا يقول بالبطلان فيهما ( فيها خ ).
والنقل غير صحيح ، لأن سلارا ما ذكرها ، والأشبه القول بالفساد فيهما ( فيها خ ) لأن الثمن غير معين فيهما ( فيها خ ).
وقال السيد الشريف صاحب البشرى : (2) ولو عملنا برواية البرقي ، كان قريبا.
كأنه يحمل على النقل ، ويعمل بالأصل في الأخيرة.
واختار الشيخ السعيد الراوندي قولا ثالثا ، وهو أن على المشتري الثمن الأقل في الأجل الأقل ، قال : لأنه إذا قال إلى شهر بدينار وإلى شهرين بدينار ونصف ، فقد رضي البايع بدينار عند انقضاء الشهر ، فإن لم يرد المشتري ، فليس في ذمته ، إلا
ص: 463
ولو حل فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان صح ، ولو زاد عن الثمن أو نقص ففيه روايتان ، أشبههما الجواز.
ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله وإن طلب ، ولو تبرع بالدفع لم يجب القبض ، ولو حل فدفع وجب القبض ، ولو امتنع البايع فهلك من غير تفريط من الباذل تلف من البايع.
وكذا في طرف البايع لو باع سلما.
______________________________________________________
ذلك الدينار ، سواء أداه عاجلا أو آجلا.
وهو في غاية الضعف ، ونحن لا نسلم أن البايع متى رضي يلزم البيع حتى يصير الدينار حقا له فكيف ورضا المتبايعين ( ورضاهما خ ) ليس ملزوما لصحة البيع ، وما البحث إلا في الصحة ( في صحته خ ل ) ، والمعتمد ما ذكرناه.
( قال دام ظله ) : ولو حل فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن ، أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان صح ، ولو زاد عن الثمن أو نقص ، ففيه روايتان ، أشبههما الجواز.
أقول : متى حل الأجل ، ولم يكن عند المشتري الثمن ، فيجوز للبايع ، أن يبتاعه بغير جنس الثمن ، لا بما شاء ( كما شاء خ ل ) ( بما شاء خ ل ) اتفاقا وكذا إن ابتاعه بالجنس مساويا.
وهل يجوز مع الزيادة أو النقصان؟ قال في النهاية : لا يجوز ، عملا بما رواه في التهذيب مرفوعا (1) إلى ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن رجل اشترى ثوبا ، ثم رده على صاحبه ، ولم يشترط على صاحبه شيئا ، فكرهه ثم رده على صاحبه ، فأبى أن يقبله ( يقيله خ ) إلا بوضيعة؟
ص: 464
ومن ابتاع بأجل وباع مرابحة فليخبر المشتري بالأجل ، ولو لم يخبره ، كان للمشتري الرد أو الإمساك بالثمن حالا.
وفي رواية : للمشتري من الأجل مثله.
______________________________________________________
قال : لا يصلح له ان يأخذه بوضيعة ، فان جهل فاخذه باكثر من ثمنه رد على صاحبه الأول مازاد (1).
وقال المفيد في المقنعة : يجوز ذلك ، واختاره شيخنا والمتأخر.
( لنا ) ان المبيع ملك المشترى فله ان يتصرف كيف شاء ، ولا مانع منه ، ويؤيده قولهم : الناس مسلطون على أموالهم (2).
وما رواه الشيخ في الاستبصار ، عن ابان بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة ، قال : سألت ابا عبداللّه عليه السلام ، عن رجل باع طعاماً بدراهم الى اجل ، فلما بلغ الاجل ، تقاضاه ، فقال : ليس عندى دراهم ، خذمنى طعاماً؟ قال : لا بأس به انما له دراهمه يأخذ بها ما شاء (3).
« قال دام ظله » : ومن ابتاع بأجل ، وباع مرابحة ، فليخبر المشترى بالأجل ، ولو لم يخبره كان للمشترى الرد ، او الامساك بالثمن حالا ، وفي رواية للمشترى من الأجل مثله.
أقول : من باع شيئا مرابحة يجب عليه أن يعلم المشتري بجميع ما يختلف به الثمن إذا كان شراؤه واقعا عليه ، والأجل قد يختلف به الثمن ، فمتى لم يخبر المشتري فالأشبه أن المشتري يكون مسلطا على الفسخ ، إن شاء أو إمضاء البيع لحصول الغرر ، ولأنه
ص: 465
( الأولى ) إذا باع مرابحة فلينسب إلى السلعة ، ولو نسبه إلى المال فقولان ، أصحهما الكراهية.
( الثانية ) من اشترى أمتعة صفقة ، لم يجز بيع بعضها مرابحة ، سواء قومها أو بسط الثمن عليها وباع خيارها ، ولو أخبر بذلك جاز ، لكن يخرج عن وضع المرابحة ، ولو قوم على الدلال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد أو شاركه فيه أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد ، لم يجز ذلك مرابحة ، ويجوز لو أخبر بالصورة كما قلناه في الأول.
______________________________________________________
تدليس ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وشيخنا والمتأخر.
وأما الرواية فهي ما رواها الشيخ في التهذيب مرفوعا (1) إلى ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يشتري المتاع ( الطعام خ ) إلى أجل فقال ( قال خ ) ليس له أن يبيعه مرابحة ، إلا إلى الأجل الذي اشتراه إليه ، وإن باعه مرابحة ولم يخبره كان للذي اشتراه من الأجل مثل ذلك (2).
والرواية صحيحة السند ، وعليها فتواه ( فتوى الشيخ خ ) في النهاية ، ولنا فيه تردد ، التفاتا إلى الرواية.
« قال دام ظله » : إذا باع مرابحة ، فلينسب الربح إلى السلعة ، ولو نسبه إلى المال فقولان ، أصحهما الكراهية.
مثال نسبة الربح إلى السلعة ، أن يقول : اشتريته بمائة ، وبعتك بمائة وعشرة ، وهو جائز ، بلا خلاف.
ص: 466
وتكون للدلال الأجرة ، والفائدة للتاجر ، سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه.
______________________________________________________
وأما نسبة الربح إلى المال ، وهو أن يقول : بعتك ورأس مالي كذا ، وربح درهم على كل عشرة ، ففيه خلاف ، قال الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة وسلار وأبو الصلاح : أنه لا يجوز ، ولعله تمسكا ( تمسك خ ل ) بما ( بظاهر ما رواه خ ل ) رواه الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قدم لأبي متاع من مصر ، فصنع طعاما ، فدعا له بالتجار ، فقالوا ، أنا نأخذ منك بده ، دوازده ، قال لهم أبي : وكم يكون ذلك؟ فقالوا : في كل عشرة آلاف الفين ( الفان خ ل ) ، فقال لهم أبي : فإني أبيعكم هذا المتاع ، بإثني عشر ألفا ، فباعهم مساومة (1).
وعندي أنها محمولة على الكراهية ، يدل عليه ما رواه فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إني أكره بيع عشرة بأحد ( بإحدى خ ل ) عشر ، وعشرة باثنا ( بإثني خ ل ) عشر ونحو ذلك من البيع ( الحديث ) (2).
وما حكي عن ابن عباس ، أنه قال : أكره أن أبيع ده ، يازده ده ، دوازده ، لأنه بيع الأعاجم (3).
وهو مذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط ، وشيخنا ، وهو أشبه ، ( ولأن خ ) الأصل الجواز ، ولقوله تعالى : أحل اللّه البيع (4) والروايات محمولة على الكراهية.
« قال دام ظله » : وتكون للدلال الأجرة ، والفائدة للتاجر ( للمالك خ ) سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه ، ومن الأصحاب من فرق.
ص: 467
ومن الأصحاب من فرق.
( الثاني ) فيما يدخل في المبيع :
من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها إلا أن يشترط.
______________________________________________________
أقول : لا بد في هذه المسألة من تفصيل يوضحها ، فالتاجر إذا دفع متاعا إلى الدلال ، فإن واجبه البيع لزم وليس له إلا الثمن.
وإن لم يواجبه ، بل أمره بالبيع ، لم يخل إما أخبره بالقيمة أو لا ، فإن أخبره لا يخلو إما أخبره من غير التماس الدلال ، بل ابتداء ، أو أخبره بالتماس الدلال.
فإن كان الأول لم يجز للدلال مخالفته بالنقص ( بالنقصان خ ل ) ، وللتاجر الخيرة في الإمضاء والفسخ إن خالف.
وكذا في كل مخالفة يتعلق بها غرض ، وإن شرط عليه إن باعه بزيادة عما أخبره ، فهو للدلال ، أو يكون مشتركا بينهما ، فلا يجوز للدلال بيع ذلك مرابحة.
وهل يلزم الشرط؟ قال الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة : نعم وعليه أتباعهما.
وقال المتأخر وشيخنا دام ظله : لا يلزم ، وليس للدلال إلا أجرة المثل ، وهو أشبه ، لأن المتاع باق على ملك التاجر ولم ينتقل عنه فقيمته تكون له.
( إن قيل ) يأخذ بحسب الشرط ، والمؤمنون عند شروطهم (1) ( قلنا ) : الشرط فاسد ، لأن الأجرة غير معينة ، فلا يكون له إجارة ولا جعالة ، فلا حكم له.
فأما لو أخبره بالتماس الدلال ، مثل إن قال له الدلال : أخبرني بثمن هذا ، واربح كذا وكذا ، فالزائد ( فالزيادة خ ل ) للتاجر ، وليس للدلال إلا أجرة المثل باتفاق الفريقين.
وفرق الشيخان بين إن أخبره التاجر من نفسه وبين التماس ( إن التمس خ )
ص: 468
وفي رواية : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها.
ولو ابتاع دارا ، دخل الأعلى والأسفل ، إلا أن تشهد العادة للأعلى بالانفراد.
______________________________________________________
الدلال ، ولسنا نعرف منشأ الفرق ، وقال صاحب الرايع (1) إنما اختلف أحكام المسألتين ، لأن في المسألة الأولى ابتدأ التاجر بإخبار قيمة المتاع ، وفي الثانية التمس الدلال ذلك.
قلت : ومن هذا يقضي العجب ، فهل السؤال إلا عن سبب الاختلاف ( بسب الاختلاف خ ) ( على سبب الاختلاف خ ).
« قال دام ظله » : وفي رواية : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها ، فله جميع ما فيها.
هذه رواها الشيخ في كتبه ، عن رجاله مسندا إلى محمد بن الحسن الصفار ، أنه كتب إلى أبي محمد العسكري عليه السلام ، في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة وفيها زرع ونخل ( الزرع والنخل خ ) وغيرهما من الشجر ، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه وذكر فيه أنه قد اشتراها بجميع حدودها ( حقوقها خ ) الداخلة والخارجة منها ، أيدخل النخل والزرع والأشجار في حقوق الأرض أم لا؟ فوقع عليه السلام : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها إن شاء اللّه تعالى (2).
فهذه وإن اشتملت على المكاتبة ، فما أعرف لها مخالفا.
ص: 469
ولو باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبايع ، إلا أن يشترط ، وكذا لو باع شجرة مثمرة أو دابة حاملا على الأظهر.
ولو لم تؤبر النخلة فالطلع للمشتري.
( الثالث ) في القبض :
إطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع والثمن.
والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقارات.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولو باع نخلا مؤبرا ، فالثمرة للبايع ، إلا أن يشترط ، وكذا لو باع شجرة مثمرة ، أو دابة حاملا على الأظهر.
أقول : الدابة ( في اللغة ) اسم لكل ما يدب على الأرض ( وفي العرف ) مخصوص بالخيل ( وفي الشرع ) يطلق على كل ما يحبل ( يحمل خ ل ) ويصح بيعه شرعا ، وهو المراد به هنا.
واختلف ( اختلفت خ ) أقوال الأصحاب في الحمل ، فذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه للمشتري مع إطلاق البيع وتابعه صاحب الوسيلة ، وابن البراج ، ولعله بناء على أن الحمل جزء من الدابة بمنزلة العضو ، وهو مذهب الشافعي.
وقال في النهاية : والحمل للبايع ما لم يشترط المشتري ، وهو أشبه ، اختاره شيخنا دام ظله والمتأخر.
( لنا ) الأصل ، وأن العقد لم يتناوله ، فلا يكون داخلا فيه ، وقولهم : الولد جزء من الدابة ممنوع لا دليل عليه.
في القبض
« قال دام ظله » : والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقارات ( العقار خ ل ) وكذا فيما ينقل ، وقيل في القماش هو الإمساك باليد ، وفي الحيوان هو نقله.
ص: 470
وكذا فيما ينقل.
وقيل : في القماش هو الإمساك باليد ، وفي الحيوان هو نقله.
ويجب تسليم المبيع مفرغا ، فلو كان فيه متاع فعلى البايع إزالته.
ولا بأس ببيع ما لم يقبض ، ويكره فيما يكال أو يوزن ، وتتأكد الكراهية في الطعام.
______________________________________________________
القبض مصدر يستعمل بمعنى التقبيض ، وهو التخلية ، ويكون من طرف البايع او الواهب ( الراهن خ ل ) بمعنى التمكين ( التمكن خ ل ) من حيث التصرف ، وهو في طرف المشترى او الموهوب بان خلى البايع او الواهب بينهما ، وبين ذلك الشيء ، بحيث لا يكونان ممنوعين من التصرف ، ولا يحتاج إلى التلفظ به.
وقبض المشتري هو تخلية البايع له في العقارات والمساكن وغير ذلك مما لا ينقل ، بغير خلاف.
وفيما ينقل خلاف ، قال الشيخ : في الحيوان هو نقله من مكان إلى مكان ، وفي الأمتعة ، الإمساك باليد ، وعليه أتباعه.
وعند شيخنا القبض هو التخلية في الكل ، حذرا من الاشتراك أو المجاز ، لأنهما على خلاف الأصل.
وهو الأشبه ولأن لفظ القبض في اللغة هو الأخذ باليد ، ونقل في الشرع إلى التخلية في الأرضين وفي العقارات إجماعا ، وفي غيرها ( غيرهما خ ل ) خلاف فتنزيله على الحقيقة الشرعية أرجح ، لأن اللفظ إذا دار بين الحقيقة اللغوية والشرعية فالترجيح لطرف الشرع ويتحقق ذلك في علم الأصول ( الأصل خ ل ).
« قال دام ظله » : ولا بأس ببيع ما لم يقبض ، ويكره فيما يكال أو يوزن ، وتتأكد الكراهية في الطعام ، وقيل : يحرم ، وفي رواية : لا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه ( تبيعه خ ).
ص: 471
وقيل : يحرم.
وفي رواية : لا تبعه حتى تقبضه ، إلا أن توليه.
ولو قبض المكيل فادعى نقصانه ،
______________________________________________________
أقول : مقتضى الأصل جواز بيع المقبوض وغيره مكيلا أو موزونا ، طعاما كان أو غيره ، ويؤيده قوله تعالى : أحل اللّه البيع (1).
ومنشأ الكراهية في المكيل والموزون ، ما رواه معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه؟ فقال : ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه ، إلا أن توليه الذي قام عليه (2).
وما رواه صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه ، إلا أن توليه ، فإن لم يكن فيه كيل ولا وزن فبعه (3).
وهذه هو المشار إليها في المتن وفي معناهما روايات أخر (4) ظاهرها النهي ولكن لما تعارض الأصل والآية (5) ( والروايات خ ) ، ولم ينعقد عليها عمل الأصحاب ، حملها الشيخ والمفيد على الكراهية ، وغيره ( غيرهما ظ ) أطلق الحرام ( الجواز ل ).
وأما زيادة الكراهية في الطعام ، فلورود الروايات ( به خ ) تخصيصا ، فضلا عما جرت ( وردت خ ) به إجمالا.
فمنها ما رواه الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه قال في الرجل يبتاع
ص: 472
فإن حضر الاعتبار فالقول قول البايع مع يمينه ، وإن لم يحضره فالقول قوله مع يمينه.
وكذا القول في الموزون والمعدود والمذروع.
( الرابع ) في الشروط :
______________________________________________________
الطعام ثم يبيعه ، قبل أن يكتاله ( يكال خ ل ) قال : لا يصح له ذلك (1).
( ومنها ) ما رواه سماعة ، قال : سألته عن الرجل يبيع الطعام أو الثمرة ، وقد كان اشتراها ، ولم يقبضها؟ قال : لا حتى يقبضها (2).
وما روي أن علي بن جعفر سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام ، عن الرجل يشتري الطعام ، أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال : إذا ربح لم يصلح حتى يقبض ، وإن كان يوليه ، فلا بأس ( الحديث ) (3).
فشيخنا دام ظله حملها على شدة الكراهية ، حذرا من إطراحها ، ونظرا إلى أن ضعفها مانع من تخصيصها عموم الآية ومعارضتها الأصل.
فأما الشيخ فحملها على التحريم في الطعام ، وأفتى عليها في المبسوط ، وادعى أنه لا خلاف فيه ، والأول أشبه.
« قال دام ظله » : فإن حضر الاعتبار ، فالقول قوله ( قول البايع خ ) ، مع يمينه الخ.
يريد بالاعتبار الكيل والوزن ، وإنما كان القول قول البايع.
لأن المشتري إذا حضر الوزن أو الكيل ، وادعى النقصان ، يكون مدعيا للغلط ، فأما إذا لم يحضره فالبايع يدعي التوفية ( توفيه خ ) فيكون القول قول المشتري.
ص: 473
ويصح منها ما كان سائغا داخلا تحت القدرة كقصارة الثوب ، ولا يجوز اشتراط غير المقدور ، كبيع الزرع على أن يصيره سنبلا ، ولا بأس باشتراطه تبقيته ، ومع إطلاق الابتياع يلزم البايع إبقاؤه إلى إدراكه.
وكذا الثمرة ما لم يشترط الإزالة.
ويصح اشتراط العتق والتدبير ، والكتابة.
ولو اشترط أن لا يعتق أو لا يطأ الأمة.
قيل : يبطل الشرط دون البيع.
ولو شرط في الأمة أن لا تباع ولا توهب فالمروي : الجواز.
______________________________________________________
في الشروط
« قال دام ظله » : ولو اشترط أن لا يعتق ، أو لا يطأ الأمة ، قيل : يبطل الشرط دون البيع.
القائل بهذا هو الشيخ في المبسوط ، ووجهه أنه شرط مخالف للكتاب والسنة ، إذ مقتضى البيع نفوذ ( انفاذ خ ) تصرفات المشتري وجواز الوطئ والقول ( فالقول خ ) حسن وعليه العمل.
« قال دام ظله » : ولو شرط في الأمة أن لا تباع ولا توهب ، فالمروي الجواز.
هذا إشارة إلى ما رواه الشيخ في التهذيب ، عن صفوان ، عن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ، عن الشرط في الإماء أن لا تباع ولا تورث ، ولا نوهب؟ فقال : يجوز ذلك غير الميراث ، فإنها تورث ، لأن كل شرط خالف كتاب اللّه فهو باطل (1) ومثل ذلك رواه حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
ص: 474
ولو باع أرضا جربانا معينة فنقصت فللمشتري الخيار بين الفسخ والامضاء بالثمن.
وفي رواية : له أن يفسخ أو يمضي البيع بحصتها من الثمن.
وفي الرواية : إن كان للبايع أرض بجنب تلك الأرض لزم البايع أن يوفيه منها ، ويجوز أن يبيع مختلفين صفقة ، وأن يجمع بين سلف وبيع.
( الخامس ) في العيوب :
وضابطها ما كان زائدا عن الخلقة الأصلية أو ناقصا ، وإطلاق العقد يقتضي السلامة ، فلو ظهر عيب سابق تخير المشتري بين الرد والأرش ولا خيرة للبايع.
ويسقط الرد بالبراءة من العيب ولو إجمالا ، وبالعلم به قبل العقد ، وبالرضا به بعده ، وبحدوث عيب عنده ، وبإحداثه في المبيع حدثا كركوب الدابة والتصرف الناقل ولو كان قبل العلم بالعيب.
أما الأرش فيسقط بالثلاثة الأول دون الأخيرتين.
ويجوز بيع المعيب وإن لم يذكر عيبه ، وذكره مفصلا أفضل ، ولو ابتاع شيئين فصاعدا صفقة فظهر العيب في البعض ، فليس له رد المعيب منفردا ، وله رد الجميع أو الأرش.
______________________________________________________
ثم أقول : وما رأيت أحدا من الأصحاب أفتى عليها ، بل ذكر الشيخ في المبسوط : لو شرط أن لا يبيع الجارية ، فالشرط باطل ، والبيع واقع ، كما في المسألة الأولى ، وهو الوجه.
« قال دام ظله » : ولو باع أرضا جربانا معينة ، فنقصت ، إلى آخره.
أقول : تخيير المشتري بين الفسخ والرضا بذلك ، مدلول الأصل ، ويؤيده النظر
ص: 475
............................................................................
______________________________________________________
لأن البيع وقع على مائة أجربة مثلا وهي تسعون ( سبعون خ ل ) فلو رضي المشتري فلا كلام عليه لأنه بمنزلة الإبراء من الزيادة وهو إسقاطه ( إسقاط حقه خ ) ، ولو فسخ البيع فله لأن المبيع ( البيع خ ) غير حاصل ، وتبعيض الصفقة غير جائز ، وعليه فتوى الشيخ في المبسوط وشيخنا والمتأخر ، وبه أقول.
وأما ما يتضمنه الرواية من التخيير بين الفسخ وإمضاء البيع بحصة ( بحصته خ ) من الثمن ، يعني يتقسط المثمن على مائة أجربة ( أجزاء خ ) ويقسط ما وقع في مقابله عشرة أجربة ، وهو عشر الثمن ، فقد أفتى عليها الشيخ في النهاية ، وشيخنا في الشرايع.
وفيه إشكال ، منشؤه وقوع مجموع الثمن في مقابلة المائة ، وحصول التراضي عليه.
( إن قيل ) : أن الإشكال على الروايات لا يلتفت إليه ( قلنا ) (1) أما الكلام في صحة الرواية أما ( أولا ) فإنها ( فلأنها خ ) خبر واحد فلا تعارض لها ( بها خ ل ) ( به خ ل ) الأصل المؤيد بفتوى الأئمة المشار إليهم.
( وثانيا ) لأن في طريقها ضعفا ، إذ هي رواية داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة ، فاشترى المشتري ذلك منه بحدوده ، ونقد الثمن ووقع صفقة البيع ، وافترقا ، فلما مسح الأرض ، فإذا هي خمسة أجربة ، فقال : إن شاء استرجع فضل ماله ، وأخذ الأرض ، وإن شاء رد البيع وأخذ المال ( ماله خ ل ) كله ، إلا أن يكون إلى جنب تلك الأرض أيضا أرضون ، فليوفه ( فليؤخذ خ ل ) ويكون البيع لازما عليه وعليه الوفاء بتمام البيع ، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع ، فإن شاء المشتري أخذ الأرض ، واسترجع فضل ماله ، وإن شاء رد الأرض وأخذ المال كله (2).
ص: 476
ولو اشترى اثنان شيئا صفقة فلهما الرد بالعيب أو الأرش ، وليس لأحدهما الانفراد بالرد على الأظهر.
والوطئ يمنع رد الأمة إلا من عيب الحمل ، ويرد معها نصف عشر قيمتها.
( الأولى ) التصرية ، تدليس يثبت بها خيار الرد.
______________________________________________________
فضعف هذه الرواية من داود بن الحصين ، فانه فيه كلاما ، وفي طريقها ايضا علي بن ابراهيم (1) وهو مجهول الحال.
وقوله دام ظله في المتن ( وفي الرواية ) بالألف واللام إشارة إلى أنه من جملة الرواية الأولى ، وعرفها لأن النكرة إذا أعيدت يجب تعريفها ، وقطعها عن الأولى إما لأن الإشكال هنا أظهر ، وإما لأنها يمكن أن تجعل مسألة أخرى.
ثم قلت : وإيراد هذه المسألة في القسم الثاني من هذا الفصل ، وفي مسائله أولى ، إذ لا تعلق لها بالموضع الذي ذكرها فيه.
في العيوب
« قال دام ظله » : ولو اشترى اثنان شيئا صفقة فلهما الرد بالعيب أو الأرش ، وليس لأحدهما الانفراد بالرد على الأظهر.
أقول : هذا مذهب الشيخ في النهاية والمبسوط ، وشيخنا دام ظله ، ومذهب المفيد وسلار وأبي الصلاح ، وهو أشبه.
وقال الشيخ في الخلاف : لمن ( من خ ) أراد الرد ، فله ذلك ، ولمن ( ومن خ ) أراد الإمساك ، فله الإمساك ( ذلك خ ) واختاره المتأخر وصاحب البشرى (2).
ص: 477
ويرد معها مثل لبنها أو قيمته ، مع التعذر ، وقيل : صاع من بر.
______________________________________________________
واستدلوا بأن مقتضى الرد - وهو العيب - موجود ، ولا مانع فيلزم العمل بالمقتضى ، وبأن المنع من الرد يحتاج إلى دليل ولا دليل.
وزاد المتأخر ، قال : العقد وقع للاثنين ( لاثنين خ ل ) فهو بمنزلة العقدين ، لأن البايع يعلم أنه يبيع من اثنين ، فلكل واحد الرد ، كما لو تفرد ( انفراد خ ل ).
والجواب عن الأول أن المانع موجود وهو تبعيض الصفقة المنفي شرعا ، ثم يستفسر عن قولهم : إن العيب يقتضي الرد ، هل يقتضي رد المبيع كله أو بعضه؟ الأول مسلم ، والثاني ممنوع.
وعن الثاني ، الدليل موجود ، وعدم العلم به لا يدل على عدمه
وقول المتأخر : إن العقد بمنزلة العقدين ( عقدين خ ل ) مجرد دعوى ، لا دليل عليه ، وعلم البايع بأنه يبيع من اثنين ، لا يستلزم ذلك.
ولنا في المسألة وجهان ( الأول ) إن الأصل - بعد قوله تعالى : أوفوا بالعقود (1) وقوله : المؤمنون عند شروطهم (2) - المنع من الرد ، ترك العمل بذلك في رد الكل ، فالباقي في أصله.
( الثاني ) إن البيع وقع على الكل ، والتراضي حصل عليه صفقة واحدة ، فلا يجوز تبعضها ( تبعيضها خ ) ، وأيضا تبعيض الصفقة منفي شرعا فمن ادعى ثبوتها في هذه الصورة ، فعليه الدليل.
« قال دام ظله » : ويرد معها مثل لبنها أو قيمته مع التعذر وقيل : صاع من بر.
أقول : التصرية ترك حلب الشاة يوما أو أكثر اجتماعا للبن في ضرعها ، والشاة مصراة ، وقال في المبسوط : وكذا الناقة والبقرة ، وهو تدليس يثبت به الخيار
ص: 478
............................................................................
______________________________________________________
للمشتري.
ولا خلاف أن مع وجود اللبن لا يفسد ولا يلزم (1) إلا رده معها وإنما الخلاف مع تعذره ، قال في النهاية ، والمفيد في المقنعة : يرد قيمته بعد إسقاط ما أنفق عليها ، وقال في المبسوط يرد عوض اللبن صاع من تمر أو بر.
واستدل بإجماع الفرقة وأخبارهم.
أما الإجماع فلا يثبت مع الخلاف.
وأما الأخبار فقد نقل عن طريقتنا (2) وطريق الجمهور (3).
ومع تسليمها تحمل على أن تكون التمر أو البر قيمة اللبن.
وقال المتأخر وشيخنا : يرد اللبن بعينه ، لأنه عين ماله ، فإن لم يكن ، يرد مثل اللبن ، لأنه متماثل الأجزاء ، فإن لم يوجد ، فقيمة اللبن ، وهو قوي ، وبه أعمل ، نظرا إلى الأصل المسلم.
وهنا فرعان ( الأول ) هل تثبت التصرية في البقرة والناقة؟ قال في الخلاف : نعم تمسكا ( متمسكا خ ) بالإجماع ، وهو ممنوع ، وبما روى عبد اللّه بن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها ومثلي لبنها قمحا (4) أي برا.
وجه التمسك بأن ( أن خ ) المحفلة (5) تقع على الشاة والبقرة والناقة التي لا يحلبها
ص: 479
( الثانية ) الثيوبة ليست عيبا ، نعم لو اشترط البكارة فثبت سبق الثيوبة كان له الرد ، ولو لم يثبت التقدم فلا رد ، لأن ذلك قد يذهب بالنزوة.
( الثالثة ) لا يرد العبد بالإباق الحادث عند المشتري ، ويرد بالسابق.
______________________________________________________
صاحبها أياما اجتماعا للبنها ولشيخنا فيه تردد.
وتقوى متابعة الشيخ ولا يثبت في غيرها إجماعا.
( والثاني ) لو زالت التصرية هل يزول الخيار أم يثبت؟ جزم الشيخ في المبسوط بالأول ، وتردد في الخلاف ( نظرا ) إلى أن ثبوت الرد كان معللا بالتصرية ، فإذا زالت زال الرد ( ونظرا ) إلى أن الخبر ورد مطلقا ولم يفرق بين الزوال والبقاء فيثبت الرد عملا بإطلاق الخبر ، وشيخنا اختار الأول ، وهو قوي ، عملا بالعلة ، وتعليق الحكم عليها يكون بمنزلة التفرقة فلا يكون الخبر مطلقا.
« قال دام ظله » : الثيوبة ليست عيبا ، إلى آخره.
أقول : لا خلاف بين الأصحاب ، أن الثيوبة والبكارة ( الكبارة خ ) ليستا بعيب موجب للرد ( يوجب الرد خ ) ، وإنما اختلفت عبارتهم في اشتراط البكارة ، فذهب الشيخ في النهاية إلى المنع من الرد والأرش معا معللا بأن ذلك قد يذهب بالنزوة ، فالشيخ رحمه اللّه نظر إلى أنه يحتمل حدوثه عند المشتري ، ولم يثبت سبقه عند البايع ، فلا رد ولا أرش لأن الإجماع حاصل على أن كل عيب يكون صفته ما ذكرناه فلا يجوز به الرد ، وأطلق المتأخر ، القول بجواز الرد وهو ممنوع.
وضابط هذه المسألة أنه لو اشترط البكارة ، وثبت فواتها عند البايع ، فالمشتري بالخيار ( مخير خ ) بين الرد والأرش ، وإن لم يثبت فليس للمشتري عليه ذلك.
فأما ما رواه زرعة - عن سماعة ، قال : سألته (1) عن رجل باع جارية على أنها
ص: 480
( الرابعة ) لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا ومثلها تحيض ، فله الرد ، لأن ذلك لا يكون إلا لعارض.
( الخامسة ) لا يرد البذر ولا الزيت بما يوجد فيه من الثفل المعتاد ، نعم لو خرج عن العادة جاز رده إذا لم يعلم.
______________________________________________________
بكر ، فلم يجدها على ذلك ، قال : لا ترد ولا يجب ( يوجب خ ل ) عليه ( على ذلك خ ل ) شئ أنه يكون يذهب في مرض أو أمر يصيبها (1) فمحمول على عدم ثبوت البكارة عند البايع ، والتعليل يدل عليه ، وهذا التأويل أقوى من تأويل آخر (2).
ولا حاجة بنا إلى الطعن في سندها ، فإنها يدل عليها الأصل.
ثم يحمل - ما رواه إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، في رجل اشترى جارية ، على أنها عذراء فلم يجدها عذراء ، قال : يرد عليها فضل القيمة ، إذا علم أنه صادق (3) على ثبوت فواتها عند البايع.
وقوله عليه السلام : ( إذا علم أنه صادق ) أي صادق في دعواه أن ذهاب البكارة عند البايع ، ورد فضل القيمة أحد طرفي التخيير ، فلا تنافي الأصل الذي ذكرناه ، ولنا أن نطعن فيها بأن راويها يونس وهي مرسلة (4).
« قال دام ظله » : لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا إلى آخره.
أقول : مستند هذه المسألة ، ما رواه الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن
ص: 481
( السادسة ) لو تنازعا في التبري عن العيب ولا بينة ، فالقول قول المنكر مع يمينه.
( السابعة ) لو ادعى المشتري تقدم العيب ولا بينة ، فالقول قول البايع مع يمينه ما لم يكن هناك قرينة حال تشهد لأحدهما.
( الثامنة ) يقوم المبيع صحيحا ومعيبا ، ويرجع المشتري على البايع بنسبة ذلك من الثمن ، ولو اختلف أهل الخبرة يرجع إلى القيمة الوسطى.
______________________________________________________
داود بن فرقد ، قال : سألت ابا عبداللّه عليه السلام ، عن رجل اشترى جارية مدركة ، فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة اشهر ، وليس بها حمل فقال : ان كان مثلها تحيض ، ولم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه (1).
والرواية حسنة الطريق ، ويؤيدها النظر ، واصحاب الطب معترفون بأن ذلك لا يكون إلا لمرض ، بل يعدونه مرضا صعبا.
والأصحاب بين مفت بذلك أو ساكت إلا المتأخر ، فإنه أقدم على منع الرواية ، فقال : إنها من أخبار الآحاد ، وذكر أن الشيخ أوردها إيرادا لا اعتقادا.
وكثيرا ما أتعجب من مقالة ( هذا خ ) المتأخر ، كيف وقف على اعتقادات الشيخ ، وما اجتمع به مشافهة ، ولا صرح الشيخ بمعتقداته فيوقفه ( فتوافقه خ ) عليها.
وأما الطعن بأنها من أخبار الآحاد فغير صحيح منه ولا مقبول عنه ، فإنه في العمل مفت وفي المقال منكر ، فهو في ذلك على المثل السائر : الشعير ( الشهير خ ) يؤكل ويذم ، ومن لم يقبل صحة دعوانا هذه فلينظر في كتاب الحج ، والحدود ، والديات ، والايقاعات ، هل وردت بجميع ذلك أخبار متواترة ، أو عليه إجماع ثابت؟
ص: 482
( التاسعة ) لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض ، كان للمشتري الرد ، وفي الأرش قولان ، أشبههما الثبوت.
وكذا لو قبض المشتري بعضا وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.
وتحريمه معلوم من الشرع ، حتى أن الدرهم منه أعظم من سبعين زنية.
ويثبت الربا في كل مكيل أو موزون مع الجنسية ، وضابط الجنس ما يتناوله اسم خاص كالحنطة بالحنطة ، والأرز بالأرز.
ويشترط في بيع المثلين التساوي في القدر ، فلو بيع بزيادة حرم نقدا ونسيئة ، ويصح متساويا يدا بيد ، ويحرم نسيئة.
ويجب إعادة الربا مع العلم بالتحريم ، فإن جهل صاحبه وعرف الربا تصدق به ، وإن عرفه وجهل الربا صالح عليه ، وإن مزجه بالحلال وجهل المالك والقدر تصدق بخمسة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض ، كان للمشتري الرد ، وفي الأرش قولان ، أشبههما الثبوت.
أقول : حدوث العيب بعد العقد ، وقبل القبض مقتض للرد إجماعا منا.
وهل يقتضي الأرش أيضا على وجه يكون المشتري مخيرا بين الرد والأرش؟ فيه قولان ، قال الشيخ في النهاية : وأبو الصلاح في الكافي : نعم واختاره شيخنا في هذا الكتاب ، وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط : لا يجبر البايع على الأرش ،
ص: 483
ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.
______________________________________________________
وللمشتري الرد أو الإمساك ، وهو اختيار المتأخر وحكى (1) هو عن المفيد ، وهو المختار عندي.
( لنا ) أن تسليط المشتري طلبا للأرش مناف للأصل ، فلا يثبت إلا بدليل قاطع ، فمع عدمه يحكم بانتفائه.
وأيضا أن البيع وقع والمبيع سليم وإنما حدث العيب في ملك المشتري ، فلا يلزم له على البايع شئ.
( فإن قيل ) مثل ذلك يلزم في الرد ، وهو ممنوع (2) ، فالدليل منتقض ( قلنا ) : سلمنا ذلك ، وإنما خولف في الرد للإجماع وإلا طردنا ( اطردنا خ ) العلة ، وهو مذهب شيخنا في نكت النهاية ، قال : والأقوى عندي أنه لا أرش.
في الربا
« قال دام ظله » : ولو جهل التحريم ، كفاه الانتهاء.
يريد بالانتهاء الاستغفار والتوبة من الربا ، قال اللّه تعالى : فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف (3).
وقال الشيخ في النهاية : فمن ارتكب الربا لجهالة ( بجهالة خ ل ) ولم يعلم أن ذلك حرام ، فليستغفر اللّه ، وليس عليه فيما مضى شئ.
وفسر المتأخر (4) قوله : ( وليس عليه فيما مضى شئ ) أن المراد شئ من
ص: 484
............................................................................
______________________________________________________
لعقوبة بعد الاستغفار والتوبة ورد المال ، وقال صاحب الرايع : (1) أن ذلك مخصوص بأول الإسلام.
والوجهان على خلاف الظاهر ، والنص ورد عاما ، روى حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه سأل عن الرجل يأكل الربا ، وهو يرى أنه له حلال؟ قال : لا يضر حتى يصيبه متعمدا ، فإذا أصابه متعمدا فهو بمنزلة الذي قال اللّه عزوجل (2).
وروى عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : كل ربا أكله الناس بجهالة ، ثم تابوا فإنه يقبل منهم إذا عرف ( عرفت خ ل ) منهم التوبة (3).
والوجه إبقائه على العموم ، نعم قد نقل في تأويل الآية (4) أن المراد بذلك ما كان في الجاهلية قبل الإسلام.
ويمكن أن يقال : إن من ادعى اليوم في الإسلام جهالة تحريم الربا لا يسمع منه ، فيحمل الفتوى والنص ، على أول الإسلام ، ولا شك أن الاحتياط في هذا
ص: 485
وإذا اختلف أجناس العروض ، جاز التفاضل نقدا ، وفي النسيئة قولان ، أشبههما الكراهية.
والحنطة والشعير ، جنس واحد في الربا.
وكذا ما يكون منهما كالسويق والدقيق والخبز.
وثمرة النخل وما يعمل منها جنس واحد.
وكذا وثمرة الكرم وما يكون منه ، واللحوم تابعة للحيوان في الاختلاف.
وما يستخرج من اللبن جنس واحد.
وكذا الأدهان تتبع ما يستخرج منه.
______________________________________________________
الطرف ( الطريق خ ).
« قال دام ظله » : وإذا اختلف أجناس العروض ، جاز التفاضل نقدا ، وفي النسيئة قولان أشبههما الكراهية ، والحنطة والشعير جنس واحد في الربا.
أقول : اختلاف الأجناس نقدا يجوز التفاضل إجماعا ، وهل يجوز ذلك في النسية؟ فيه قولان ( أقوال خ ) قال الشيخ في النهاية وأبو الصلاح في الكافي ، والسيد الشريف صاحب البشرى (1) بالجواز إلا في الدرهم والدينار والحنطة والشعير ، فإنهما بمنزلة الجنس الواحد في الربا ، وجنسان في الزكاة ، عند الشيخ وأتباعه.
وقال المتأخر : يجوز التفاضل في النسية إلا في الدرهم والدينار حسب متمسكا فيهما بالإجماع.
ويجوز التفاضل في الحنطة والشعير ، لأنهما عنده جنسان مختلفان ، وهذا مذهب ابن الجنيد هنا وابن أبي عقيل في كتابه المتمسك بحبل آل الرسول صلى اللّه
ص: 486
............................................................................
______________________________________________________
عليه وآله ، فإنه ذكر فيه أن الجنسين إذا اختلفا فلا بأس ببيع الواحد بأكثر منه وقد قيل : لا يجوز الحنطة بالشعير متفاضلا لأنهما من جنس ، ثم قال ، وبذلك وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام (1) والقول والعمل على الأول ، هذه حكاية كلامه.
قلت : هنا أما ورود الروايات فمسلم ، وأما أن العمل على الأول فممنوع.
وقد نقل المتأخر ذلك عن كثير من مشايخنا الكبار ، وما ظفرت إلا بما ذكرت ، بعد تتبع تصانيفهم ومقالاتهم.
وقال المفيد في مقنعته وسلار في رسالته : إن التفاضل في النسية في الكل ، ولكل فريق ، متمسك.
والمختار هو مذهب الشيخ وأتباعه ( لنا ) أن مقتضى الآية ومقتضى الأصل الجواز ، وإنما خولف في الدرهم والدينار والحنطة والشعير لدليل مخصص ، وهو الإجماع في الدرهم والدينار ، والأخبار في الحنطة والشعير ( منها ) ما رواه أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أيجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير؟ فقال : لا يجوز إلا مثلا بمثل ، ثم قال : إن الشعير من الحنطة (2).
وما رواه الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سئل عن الرجل يبيع الرجل طعاما أكرارا ( الطعام الأكرار ) فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له : خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير ، حتى تستوفي ما نقص من الكيل ، قال : لا يصلح لأن أصل الشعير من الحنطة ، ولكن يرد عليه من الدراهم بحساب ما نقص عن الكيل (3).
ص: 487
............................................................................
______________________________________________________
وما رواه محمد بن قيس ، عن ابي جعفر عليه السلام ، قال : قا اميرالمؤمنين عليه السلام : لا تبع الحنطة بالشعير الا يدا بيد ، ولا تبع قفيزا من حنطة بقفيز من شعير ( الحديث ) (1).
وغير ذلك من الروايات فمن شاء الزيادة على ما ذكرنا فليطلب في مظانها (2).
واستدل المتأخر بالاجماع من المسلمين ، على أنهما جنسان مختلفان صورة وشكلا ولونا وطعما وجنسا ونطقا ، وبقوله عليه السلام : اذا اختلف الجنسان ، فبيعوا كيف شئتم (3) قال : واذا لم يكن في المسألة اجماع ، ولا كتاب اللّه ولا سنة رسوله ولا دليل العقل ، فلا يجوز تقليد المصنف ( مع كلام مشنع ) (4).
والجواب عن الأول ، لا نسلم أنهم أجمعوا على أنهما جنسان في الربا - وهو محل النزاع - بل أجمعوا على أنهما مختلفان صورة وشكلا واسما (5) كما ذكر ، لكن ليس لهذا الاختلاف تأثير في الربويات ، وإلا كان مؤثرا في النقدين ، سلمنا التأثير ، لكن لا نسلم أن الحكم يتعلق به ، ولا يلزم القياس.
وعن الثاني (6) أنه خبر واحد ، وهذا المستدل لا يرضى به دليلا ( سلمنا ) أنه
ص: 488
............................................................................
______________________________________________________
متواتر تسليم بحث ، لكنه عام مخصوص ، فلا يصح الاستدلال له به ( سلمنا ) صحة الاستدلال به ، لكنه معارض ( يعارض ما ذكرنا خ ) بما ذكرنا من الأخبار ، فإذا تعارض العام والخاص يعمل بالخاص توفيقا بينهما.
وقوله : ليس في المسألة إجماع ولا كتاب وغير ذلك ، قلنا : الدليل هو الأخبار المذكورة السليمة عن الطعن المؤيدة بعمل بعض الأصحاب.
قوله : فلا يجوز تقليد المصنف ، قلنا : إذا استند إلى دليل لا يكون تقليدا.
وأما التشنيع على المشايخ الكبار المجمع على فضلهم ، فليس من شأن العالم المنصف.
وأما المفيد (1) فنحن موافقوه في النقدين ، والحنطة والشعير وغير ذلك ، فلعله تمسك بعموم قوله عليه السلام : إنما الربا في النسية (2).
وبما رواه أبان ، عن محمد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شئ من الأشياء بتفاضل ( يتفاضل خ ل ) ، فلا بأس ببيعه مثلين بمثل يدا بيد ، فأما نظرة فلا يصح (3).
وما رواه ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله لفظا بلفظ ، إلا قوله ( فأما نظرة ) فإن ابن مسكان روى ( فأما نسية ) (4) والمعنى واحد.
ص: 489
وما لا كيل ولا وزن فيه فليس بربوي كالثوب بالثوبين والعبد بالعبدين ، وفي النسيئة خلاف والأشبه : الكراهية.
______________________________________________________
وفي هذا المعنى ، رواية ثابت بن شريح ، عن زياد بن أبي غياث ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
وهذه كلها معارضة بروايات كثيرة ، فتحمل على الكراهية حذرا من الإلغاء.
والذي اخترناه هو مذهب شيخنا دام ظله.
ولم يتعرض هنا لذكر الدرهم والدينار ، لأنه ذكره في باب الصرف ، حيث اشترط التقابض في المجلس.
« قال دام ظله » : وما لا كيل ولا وزن فيه فليس بربوي ، كالثوب بالثوبين ، والعبد بالعبدين ، وفي النسيئة خلاف ، والأشبه الكراهية.
أقول : ذهب الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، وسلار في الرسالة إلى أنه لا يجوز ، وأما الشيخ ، ففسر شيخنا في النكت والمتأخر وصاحب الرايع (2) قوله بالكراهية.
وأما المفيد فتمسك بما ذكرناه من الروايات ، وهي محمولة على الكراهية.
وذهب الشيخ في المبسوط ، وشيخنا دام ظله والمتأخر إلى الجواز على كراهية ، وهو مقتضى الأصل والآية (3).
ويدل عليه ما رواه زرارة وعبيد ابنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن (4) وهذا يتلقى بالقبول.
ص: 490
وفي ثبوت الربا في المعدود تردد ، أشبهه الانتفاء.
ولو بيع شئ كيلا أو وزنا في بلد وفي بلد آخر جزافا ، فلكل بلد حكمه.
وقيل : يغلب تحريم التفاضل.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي ثبوت الربا في المعدود تردد ، أشبهه الانتفاء.
أقول : منشأ التردد ، من النظر إلى قول الشيخ في النهاية ، فإنه قال : لا بأس بالتفاضل فيه يدا بيد ، والجنس واحد ، ولا يجوز نسية مثل البيضة بالبيضتين.
ولعل مستند هذا القول رواية ابن مسكان وابن ( أبي خ ل ) غياث المذكورتان (1) قبل ( قيل خ ل ) وهذا مذهب المفيد وسلار بناء على تلك الروايات.
( وصرح في الخلاف والمبسوط بالجواز على كراهية ، ومنشأ الكراهية الروايات خ ).
وأما الجواز فهو الأصل وتدل عليه الآية (2) ورواية زرارة (3) وما رواه منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : كل شئ يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد وإذا ( فإذا خ ) كان لا يكال ولا يوزن فليس بأس به اثنين بواحد (4).
وإنما قال دام ظله : ( أشبهه الانتفاء ) لما ذكرنا من الأصل والآية ، وهو اختيار المتأخر.
« قال دام ظله » : ولو بيع شئ كيلا أو وزنا ( في بلد خ ) وفي بلد آخر جزافا ،
ص: 491
وفي بيع الرطب بالتمر روايتان ، أشهرهما المنع ، وهل تسري العلة في
______________________________________________________
فلكل بلد حكمه (1) ، وقيل يغلب تحريم التفاضل.
القول الأول للشيخ في المبسوط ، قال : فلكل بلد حكمه ، والقول الثاني للشيخين وسلار.
وما وجدت في هذه المسألة حديثا مرويا ، ولعل تمسك القول الأول ، أنه إذا أطلق عليه في ذلك البلد أنه مكيل أو غير مكيل تعلق الحكم عليه جريا على تسميتهم (2) واعتبارا لعادتهم.
وأما القول الثاني فما أعرف له وجها إلا طريقة الاحتياط.
واحتج شيخنا دام ظله في النكت لهذا القول ، قال : إذا صدق عليه أنه مكيل أو موزون في بلد ، صح أن يطلق عليه اسم الكيل والوزن ، فيتناوله الحكم لتعليقه على التسمية المطلقة التي تصدق ولو بالجزء.
قلت : ولقائل أن يعكس هذه القضية ، فيقول : يصدق عليه أنه غير مكيل أو موزون في بلد ، فيصح عليه إطلاق هذا الاسم فيتناوله الحكم تعليقا على التسمية المطلقة التي تصدق بالجزء.
وليس يخفى هذا الانعكاس على شيخنا العلامة دام ظله ، لكن ذكر ذلك على سبيل الاعتذار للشيخ ، والتزام الاحتياط في هذا الموضع حسن.
وقال المتأخر مع تساوي البلدين ( البلدان خ ) في ذلك يغلب التحريم ، ومع الاختلاف يحكم للأغلب ويطرح النادر ، وهو أيضا وجه.
« قال دام ظله » : وفي بيع الرطب بالتمر روايتان ، أشهرهما المنع ، إلى آخره.
ص: 492
غيره كالزبيب بالعنب ، والبسر بالرطب؟ الأشبه : لا.
______________________________________________________
اقول : رواية المنع رواها ابن ابي عمير ، عن حماد ، عن الحلبى ، عن ابي عبداللّه عليه السلام ، قال : لا يصلح التمر اليابس بالرطب ، من اجل ان اليابس ( التمر خ ل ) يابس والرطب رطب ، فاذا يبس نقص (1) ، ومثلها لفظا بلفظ رواها داود بن سرحان عن ابي عبداللّه عليه السلام (2).
وعليها فتوى الشيخ في كتب الفتاوى وأتباعه ، وهو مذهب ابن ابي عقيل.
وقال المتأخر يجوز ذلك لان مذهبنا ترك التعليل والقياس ، وقال : يلزم عليه منع بيع رطل من العنب برطل من الزبيب ، وهو جايز بغير خلاف.
اقول : توهم هذا المتأخر أن التعليل استنباط الشيخ ولم يفطن أنه مروى ، فحرك لسان التشنيع ، وقوله : ( يلزم منع بيع رطل من العنب برطل من الزبيب ) ليس بشيء ، اذ ثبوت المنع في موضع الوفاق لدلالة النص المتضمن للعلية ( للعلّة ) لا يستلزم ثبوته في موضع آخر لوجود تلك العلة لأنه عين ( غير خ ل ) القياس.
واما رواية الجواز ، رواها الحسن بن محبوب ، عن ابي ايوب ، عن سماعة ، قال : سئل ابو عبداللّه عليه السلام عن العنب بالزبيب؟ قال : لا يصلح الا مثلا بمثل ، وقال : والتمر والرطب مثلا بمثل (3).
لكن سماعة واقفي ، والسائل مجهول ، فلا يصح التمسك بها ، ولهذا قال شيخنا : أشهرهما المنع.
وذهب الشيخ في الاستبصار إلى الكراهية ، توفيقا بين الروايتين ودفع الرواية الضعيفة ( أولى خ ).
ص: 493
ولا يثبت الربا بين الوالد والولد ، ولا بين الزوج والزوجة ، ولا بين المملوك والمالك ، ولا بين المسلم والحربي.
______________________________________________________
ولا تسري هذه العلة المروية أعني قوله : ( إذا يبس نقص ) في غيرهما ، نحو الزبيب بالعنب ، والبسر بالرطب ، لعدم الدلالة ، والأصل يقتضي الجواز.
« قال دام ظله » : ولا يثبت الربا بين الوالد والولد ، ولا بين الزوج والزوجة ، ولا بين المملوك والمالك ، ولا بين المسلم والحربي.
أقول : لا خلاف في انتفاء الربا بين المالك والمملوك ، لأن ماله لمولاه ، ولا بين (1) الوالد والولد ، والزوجين.
وأما المسلم والحربي فقد اختلف فيه ، فمذهب المرتضى في الانتصار ، وباقي الأصحاب ( إلى خ ) الانتفاء مستدلين بالإجماع ، وبالأخبار المقبولة ( المنقولة خ ل ) ( منها ) ما رواه الشيخ مسندا إلى عمرو بن جميع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ليس بين الرجل وولده ربا ولا ( ليس خ ) بين السيد وعبده ربا (2).
وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم ونأخذ منهم ولا نعطيهم (3).
ويمكن أن يستدل بأن مقتضى الأصل جواز الربا على العموم ، لأنه إيصال النفع إلى الغير والإحسان إليه وإنما خولف فيما عدا ما ذكرناه للآية (4) والاجماع.
( إن قيل ) : الآية تقتضي عموم التحريم في الربا ( قلنا ) : عام مخصص أولا بالآيات المتضمنة للأمر ( للأمة خ ) بالإحسان ، نحو قوله تعالى : وأحسن كما أحسن
ص: 494
وهل يثبت بينه وبين الذمي؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنه يثبت.
ويباع الثوب بالغزل ولو تفاضلا.
______________________________________________________
اللّه إليك (1) وقوله : إن اللّه يأمر بالعدل والاحسان (2).
( فإن قيل ) : كما يحتمل تخصيص آية الربا بآية الإحسان ، يحتمل تخصيص الإحسان بآية الربا ( قلنا ) : مسلم لكن لا يصح مع الاحتمال الاستدلال بآية الربا على تحريم محل النزاع.
وهذه طريقة المرتضى في الاستدلال أولا ، وثانيا لإجماع الإمامية الذي يثبت في أصول الفقه أنه ( كونه خ ) حجة.
وللمرتضى في المسائل الموصلية قول بثبوت الربا فيما ذكرنا وتحريمه ، وقال : الأخبار الواردة بنفي الربا مؤولة بأن المراد منها النهي عن الربا ، وإن أتى بلفظ الخبر ، كقوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج (3) فكان معنى الخبر يجب أن لا يقع بين هؤلاء الربا.
وفي هذا التأويل بعد ، فكيف ( وكيف خ ل ) والجواز صريح مفسر ( منشر خ ل ) في الحديث النبوي ، وقد اعتذر المرتضى في الانتصار ، وقال : إنما اعتمدت في هذا التأويل ونصرة التحريم ، لعموم آية الربا ، فلما وقفت على إجماع الطائفة الذي هو حجة ، رجعت عن ذلك القول.
« قال دام ظله » : وهل يثبت بينه وبين الذمي؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنه يثبت.
( أقول ) : في هذه المسألة قولان ، ذهب الشيخ وأتباعه إلى أنه يثبت وعليه المتأخر ، وحمل الشيخ في الاستبصار ما رواه زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر
ص: 495
ويكره بيع الحيوان باللحم ولو تماثلا.
وقد يتخلص من الربا بأن يجعل مع الناقص متاع من غير جنسه مثل درهم ومد من تمر بمدين أو درهمين ، أو ببيع أحدهما سلعته لصاحبه ويشتري الأخرى بذلك الثمن.
ومن هذا الباب الكلام في الصرف :
وهو بيع الأثمان بالأثمان ، ويشترط فيه التقابض في المجلس.
______________________________________________________
عليه السلام ( في حديث ) قال : قلت : فالمشركون بيني وبينهم ربا؟ قال : نعم الحديث (1).
فقال الشيخ : يراد ( المراد خ ) بالمشركين أهل الذمة ، جمعا بين الروايات ( الروايتين خ ل ).
وذهب المفيد والمرتضى وابن بابويه في رسالته إلى أنه لا يثبت ، وروى ابنه في من لا يحضره الفقيه عن الصادق عليه السلام (2) ذلك والأول أشهر وأظهر بين الروايات ، ويدل عليه عموم الآية ، والروايات بالتحريم.
« قال دام ظله » : ويكره بيع الحيوان باللحم وإن ( لو خ ل ) تماثلا.
في المسألة أقوال ، ذهب الشيخ في النهاية إلى المنع من بيع اللحم بالغنم.
وفي الخلاف والمبسوط إلى الجواز في المختلف ، والمنع في المتفق ، وهو اختيار شيخنا في الشرايع.
ونص أيضا في المبسوط أن أحد المبيعين إذا كان ربويا والآخر غير ربوي فبيع هذا بذاك جائز ، وهو ( هذا خ ) أيضا اختيار شيخنا في النافع ، وهو أشبه ، أما
ص: 496
ويبطل لو افترقا قبله على الأشهر ، ولو قبض البعض صح فيما قبض ، ولو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل ، ولو وكل أحدهما في القبض فافترقا قبله بطل ، ولو اشترى منه دراهم ثم اشترى بها دنانير قبل القبض لم يصح الثاني.
______________________________________________________
( أولا ) فلأن الحيوان غير مكيل ولا موزون ، فينتفي فيه الربا إجماعا ( وثانيا ) لقوله تعالى : أحل اللّه البيع (1) ( وثالثا ) للأصل.
وأما السلم فيهما فلو أسلف في اللحم ، ويكون الحيوان ثمنا ، فلا يجوز ذلك ، لأن اللحم لا ينضبط بالوصف ويجوز منعكسا.
ومن هذا الباب الكلام في الصرف
« قال دام ظله » : ويبطل لو افترقا قبله على الأشهر.
اتفق الأصحاب على البطلان ، إلا ابن بابويه ، فإنه لا يشترط فيه التقابض في المجلس ، فلا يفتى بالبطلان ومستنده رواية عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : الرجل يبيع الدراهم بالدنانير نسية ، قال : لا بأس (2).
وعمار فطحى ، وهي قليلة الورود ، غير معمول عليها ، وبه روايات أخرى ، طريقها عمار (3) وواحدة في طريقها علي بن حديد (4) وهو ضعيف جدا.
وأما الروايات بالبطلان فكثيرة ، ولا يحتملها كتابنا ، وبعمل الأصحاب استغنينا عن ذكرها ، فمن أرادها فليطلبها في كتابي التهذيب والاستبصار (5).
ص: 497
ولو كان له عليه دنانير فأمره أن يحولها إلى الدراهم وساعره فقيل : صح وإن لم يقبض ، لأن النقدين من واحد.
ولا يجوز التفاضل في الجنس الواحد منهما ، ويجوز في المختلف.
ويستوي في اعتبار التماثل : الصحيح ، والمكسور ، والمصوغ ، وإذا كان في أحدهما غش لم يبع بجنسه إلا أن يعلم مقدار ما فيه ، فيزاد الثمن عن قدر الجوهر بما يقابل الغش.
ولا يباع تراب الذهب بالذهب ، ولا تراب الفضة بالفضة ، ويباع بغيره ، ولو جمعا جاز بيعه بهما ، ويباع جوهر الرصاص والنحاس بالذهب أو الفضة وإن كان فيه يسير من ذلك ، ويجوز إخراج الدراهم المغشوشة إذا كانت معلومة الصرف ، وإن لم تكن كذلك لم يجز إلا بعد بيانها.
( الأولى ) إذا دفع زيادة عما للبايع صح ، ويكون الزيادة أمانة.
وكذا لو بان فيه زيادة لا تكون إلا غلطا أو تعمدا ، ولو كانت الزيادة مما يتفاوت به الموازين لم تجب إعادته.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولو كان له عليه دنانير ، فأمره أن يحولها إلى الدراهم ، وساعره فقيل ( فقبل خ ) صح ، وإن لم يقبض ، لأن النقدين من واحد.
القائل هذا هو الشيخ في النهاية مستندا إلى ما رواه في التهذيب ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يكون للرجل عندي الدراهم فيلقاني ، فيقول : كيف سعر الوضح (1) اليوم؟ فأقول له كذا ( وكذا خ ) فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضحا؟ فأقول : بلى ،
ص: 498
( الثانية ) يجوز أن يبدل له درهما بدرهم ، ويشترط ( عليه خ ) صياغة خاتم ولا يتعدى الحكم ، ويجوز أن يقرضه الدراهم ويشترط أن ينقدها بأرض أخرى.
( الثالثة ) الأواني المصوغة من الذهب والفضة إن أمكن تخليصها لم تبع بأحدهما ، وإن تعذر وكان الغالب أحدهما بيعت بالأقل ، وإن تساويا بيعت بهما.
( الرابعة ) المراكب والسيوف المحلاة ، إن علم مقدار الحلية بيعت بالجنس مع زيادة تقابل المراكب أو النصل نقدا ، ولو بيعت نسيئة نقد من الثمن ما قابل الحلية ، وإن جهل بيعت بغير الجنس.
______________________________________________________
فيقول لي : حولها إلى الدينار ( الدنانير خ ) بهذا السعر وأثبتها لي عندك ، فما ترى في هذا؟ فقال لي : إذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلا بأس بذلك ، فقلت : إني لم أوازنه ولم أناقده إنما كان كلام مني ومنه ، فقال : أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك؟ قلت : بلى ، قال : فلا بأس بذلك (1).
وهذه مشهورة بين الأصحاب ، ويؤيدها الأصل ، وما أعرف مخالفا إلا المتأخر ، فإنه قال : إن افترقا قبل التقابض في المجلس فلا يصح ذلك.
وليس بشئ ( أولا ) للرواية ( وثانيا ) لأن النقدين في الذمة ، فالتخلية مع البقاء ( التناول خ ) (2) تكون بمنزلة التقابض ( القبض خ ).
« قال دام ظله » : يجوز أن يبدل له درهما بدرهم ، ويشترط صياغة خاتم ، ولا يتعدى الحكم.
ص: 499
وقيل : إن أراد بيعها بالجنس ضم إليها شيئا.
______________________________________________________
أقول : الربا ثابت في المسألة ، لكن اعتمد الشيخ ( المشايخ خ ل ) في ذلك على ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول للصايغ : صغ لي هذا الخاتم ، وأبدل لك درهما طازجا بدرهم غلة قال : لا بأس (1).
وهذه وإن كانت مخالفة للآية ( للأصل خ ) وعموم الروايات ، لكن ، مقبولة ، غير مطعون فيها.
والمتأخر متردد فيها ، فما أقدم على منعها ، وذهب صاحب الوسيلة (2) إلى المنع ، والأول أظهر بين الأصحاب.
ولا يتعدى الحكم ، يعني لو كان الشرط صياغة غير الخاتم أو صنعة ( صفة خ ) أخرى يجوز اقتصارا على مورد النص والتزاما للأصل المسلم.
وقال الشيخ : يجوز اشتراط غير ذلك من الأشياء. ونحن نطالبه ( مطالبوه خ ل ) بالمستند.
وقد احتج المتأخر للشيخ على أصل المسألة بما يلزم منه اشتراط كل شئ (3).
وفيه ضعف ظاهر وبالإعراض عن ذكره جدير.
« قال دام ظله » : وقيل : إن أراد بيعها بالجنس ، ضم إليها شيئا.
القائل هو الشيخ ، ومستنده رواية عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألته عن السيوف المحلاة فيها الفضة تباع بالذهب إلى أجل مسمى؟ فقال : إن الناس لم يختلفوا في النساء ( النسئ خ ) إنه الربا ، وإنما اختلفوا في اليد باليد فقلت له : فيبيعه
ص: 500
............................................................................
______________________________________________________
بدراهم نقد ( بنقد خ ل )؟ فقال : كان أبي يقول : يكون معه عرض أحب إلي ، فقلت له : إذا كانت الدراهم التي تعطى أكثر من الفضة التي فيه؟ فقال : وكيف لهم بالاحتياط في ذلك؟ قلت : فإنهم يزعمون أنهم يعرفون ذلك ، فقال : إن كانوا يعرفون ذلك فلا بأس ، وإلا فإنهم يجعلون معه العوض ( العرض خ ل ) أحب إلى (1).
وهذه الرواية ، المسؤول فيها (2) مجهول فلا تقوى للاحتجاج به ، وشيخنا فيه متردد.
والذي يبين فقه هذه المسألة ، أن نقول : قد ثبت أن مقدار الحلية إذا كان مجهولا بينهما يجوز ( بيعها خ ) بغير الجنس ، فأما بالجنس فلا يخلو إما أن يعلم في الجملة أن الثمن أزيد من الحلية لكن لا يعرف كمية الحلية ففي هذه الصورة لا تحتاج إلى الضميمة ، وإن لم تعلم زيادته فإن علم في الجملة أنها أقل ، فلا يجوز البيع ، لأنه ربا محض ، ويجوز إن انضم إلى الثمن شئ آخر من غير جنسه ، وكذا لو احتمل التساوي ، فتباع مع الضميمة إلى الثمن.
ولا يظن ظان أنه يراد إن انضم إلى الحلية شئ ، لأنه لا فائدة فيه ، ولا يجوز ذلك البيع ، لأن التقدير أن الثمن أقل من الحلية في الجملة ، أو يحتمل التساوي ، وإذا كان كذلك فأي فائدة في أن يضم مع الحلية؟ بل يكون الربا ثابتا فيه ، فافهم المسألة بعيني ( بعين خ ل ) التحقيق ، فإن فيها غموضا ، وكثيرا ما تشتبه على المتفقهة.
ص: 501
( الخامسة ) لا يجوز بيع شئ بدينار غير درهم ، لأنه مجهول.
( السادسة ) ما يجتمع من تراب الصائغ يباع بالذهب والفضة معا ، أو بجنس غيرهما ويتصدق به ، لأن أربابه لا يتميزون.
لا يصح بيع ثمرة النخل قبل ظهورها ولا بعد ظهورها - ما لم يبد
______________________________________________________
« قال دام ظله » : لا يجوز بيع شئ بدينار غير درهم ، لأنه مجهول.
أقول : هذا المنع يثبت فيما يجهل فيه قدر الدراهم من الدينار ، والاستناد في ذلك إلى ما رواه حماد بن ميسر عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، أنه كره أن يشترى الثوب بدينار غير درهم لأنه لا يدرى كم الدينار من الدراهم (1).
( إن قيل ) : الرواية ناطقة بالكراهية ( قلنا ) : قد يستعمل الكراهية في موضع التحريم ، وبالعكس.
يدل عليه ما رواه ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام في الرجل ( رجل خ ل ) يشتري السلعة بالدينار غير الدرهم ( بدينار غير درهم خ ل ) إلى أجل؟ قال : فاسد فلعل الدينار يصير بدرهم (2).
الفصل السادس في بيع الثمار
« قال دام ظله » : لا يصح بيع ثمرة النخل ، قبل ظهورها ، إلى آخره.
أقول : فقه هذه المسألة يبين ( يتبين خ ل ) بتفصيل ، وهو أن نقول : لا يخلو بيع
ص: 502
صلاحها - وهو أن تحمر أو تصفر على الأشهر ، نعم لو ضم إليها شئ أو بيعت أزيد من سنة أو بشرط القطع جاز ، ويجوز بيعها مع أصولها وإن لم يبد صلاحها.
وكذا لا يجوز بيع ثمرة الشجرة حتى تظهر ويبدو صلاحها وهو أن ينعقد الحب.
______________________________________________________
الثمار إما يكون قبل بدو الصلاح أو بعده فالثاني جائز اتفاقا.
( والأول ) إما أن يبيع بشرط سنتين فصاعدا أو سنة ، فالأول جائز بلا خلاف منا ، والثاني ( إما ) أن يضم إليه شئ ، أو لا ، فالأول جائز ، والثاني ( إما ) أن يبيع بشرط القطع أو لا.
فالأول جائز إجماعا والثاني إما أن يشترط التبقية أو أطلق ، فالأول جائز.
والثاني للأصحاب فيه ثلاثة أقوال ، قال الشيخ في الخلاف والمبسوط : لا يجوز وهو يظهر من كلامه في النهاية ومستنده روايات ( منها ) ما روي عن جابر بن عبد اللّه ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم نهى أن تباع الثمرة حتى تشقح ، قيل : وما تشقح؟ قال : تحمار وتصفار ( تحمر وتصفر خ ) ويؤكل منه (1).
وعن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم ، قال : لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها ( حتى يطعم خ ) (2).
ومنها ما روى الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن ربعي عن أبي عبد اللّه
ص: 503
............................................................................
______________________________________________________
عليه السلام وذكر الحديث ، منه ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها (1).
وقال المفيد : يكره ، وهو اختيار الشيخ في كتب الأخبار والمتأخر وسلار ، وهو في رواية ابن شعيب ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء النخل ، فقال : كان أبي يكره شراء النخل ، قبل أن تطلع ثمرة السنة ، ولكن السنتين والثلاث ، كان يقول : إن لم يحمل في هذه السنة ، حمل ( حملت خ ل ) في السنة الأخرى ( الحديث ) (2).
وفي رواية ابن أبي عمير عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : نهى النبي صلى اللّه عليه وآله عن بيع الثمرة حتى تبلغ ، ولم يحرمه ولكن فعل ذلك من أجل الخصومة ( خصومتهم خ ئل ) (3).
وحكى المتأخر عن أبي يعلا سلار ، أنه يقول يكون البيع مراعى نظرا إلى قوله : ( ومتى خاست الثمرة المبتاعة قبل بدو صلاحها فللبايع ما أغلت ، دون ما انعقد عليه ( عليها خ ) البيع من الثمن.
والمفيد أيضا قائل بهذه المقالة ، وقد صرحا بالكراهية ( قبل خ ) كلاهما قبل كلامهما ، هذا.
لكن المتأخر حكى عن المفيد الكراهية ، وعن سلار ما ذكرناه ، فالتخصيص والتقسيم منه لا نعرف وجهه.
ص: 504
وإذا أدرك ثمرة بعض البستان جاز بيع ثمرته ، ولو أدرك ثمرة بستان ففي جواز بيع بستان آخر لم يدرك منضما إليه تردد ، والجواز أشبه.
ويصح بيع ثمرة الشجرة ولو كانت هي في أكمام منضما إلى أصوله ومنفردا.
وكذا يجوز بيع الزرع قائما وحصيدا.
ويجوز بيع الخضر بعد انعقادها لقطة ولقطات.
وكذا ما يجوز كالرطبة جزة وجزات.
وكذا ما يخرط كالحناء والتوت خرطة وخرطات.
ولو باع الأصول من النخل بعد التأبير فالثمرة للبايع.
وكذا الشجرة بعد انعقاد الثمرة ما لم يشترطها المشتري ، وعليه تبقيتها إلى أوان بلوغها.
ويجوز أن يستثني البايع ثمرة شجرات بعينها ، أو حصة مشاعة أو أرطالا معلومة ، ولو خاست الثمرة سقط من المستثني ( الثنيا خ ل ) بحسابه.
______________________________________________________
والذي اختاره قول المفيد ، أما ( اولا ) للاصل و ( ثانيا ) لقوله تعالى : واحل اللّه البيع (1) و ( ثالثا ) للروايات الواردة بذلك والتوفيق بين الروايتين الواردة بالمنع والناطقة بالجواز.
« قال دام ظله » : ولو ادرك ثمرة ( ثمر خ ) بستان ، ففي جواز بيع بستان آخر لم بدرك منضماً اليه تردد ، والجواز أشبه.
منشأ التردد من النظر إلى قول الشيخ في الاستبصار والخلاف والمبسوط بالمنع
ص: 505
ولا يجوز بيع ثمرة النخل بتمر منها - وهي المزابنة - وهل يجوز بثمر من غيرها؟ فيه قولان ، أظهرهما المنع.
وكذا لا يجوز بيع السنبل بحب منه - وهي المحاقلة - وفي بيعه بحب من غيره قولان ، أظهرهما التحريم.
ويجوز بيع العرية بخرصها - وهي النخلة تكون في دار آخر فيشتريها صاحب المنزل بخرصها تمرا.
ويجوز بيع الزرع قصيلا ، وعلى المشتري قطعه ، ولو امتنع فللبايع إزالته ، ولو تركه كان له أن يطالبه بأجرة أرضه.
ويجوز له أن يبيع ما ابتاعه من الثمرة بزيادة من الثمن قبل قبضها على كراهية.
ولو كان بين اثنين نخل فتقبل أحدهما بحصة صاحبه من الثمرة بوزن معلوم صح.
وإذا مر الإنسان بثمرة النخل جاز له أن يأكل منه ما لم يضر به ويقصد ، ولا يجوز أن يأخذ معه شيئا.
______________________________________________________
بناء على أن بيع الثمار قبل بدو الصلاح لا يجوز.
ولكن الأشبه هو الجواز لحصول الاتفاق أن بيع ما لم يبدو صلاحه مع الضميمة جائز ، والبستان المدرك ثماره يصح كونه ضميمة فيصح بيعهما معا ، وبهذا القول يجب أن يعمل ، وما وقفت على قول المتأخر في هذا ( هذه خ ).
« قال دام ظله » : ولا يجوز بيع ثمرة النخل بتمر منها وهي المزابنة ، وهل يجوز بتمر من غيرها؟ فيه قولان أظهرهما التحريم ( المنع خ ) ، إلى آخره.
أقول : المزابنة اسم لبيع ثمرة النخل بالتمر ، والمحاقلة اسم لبيع سنبل الزرع بحب
ص: 506
............................................................................
______________________________________________________
من جنسه ، وكلاهما منهي عنهما.
روى ذلك أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن المحاقلة والمزابنة ، قلت : وما هو؟ قال : أن يشترى حمل النخل بالتمر والزرع بالحنطة (1).
ولا خلاف أن بيعها بتمر منها أو حنطة ( بحنطة خ ) منها لا يجوز وإنما الخلاف ( اختلف خ ل ) إذا كان الثمن تمرا أو حنطة من غير ذلك من الشجر والزرع ، فقال الشيخ في النهاية : بالجواز ، واختاره الراوندي ، وتردد في الخلاف ، وحكى عن بعض الأصحاب الجواز.
وذهب في المبسوط إلى المنع ، وهو اختيار المفيد وسلار والمتأخر وصاحب الوسيلة.
وهو أشبه لتحقق اسم المزابنة والمحاقلة فيه ، والنهي ورد عاما فالتخصيص ( المخصص خ ل ) يحتاج إلى دليل.
( إن قيل : لا نسلم أن ذلك يسمى ( مسمى خ ل ) مزابنة ( قلنا ) : فالمرجع في ذلك إلى عرف الشرع ووضع اللغة ورجعنا عما نقل عن الشارع ( إلى خ ) ذلك بيع النخل بالتمر والزرع بالحنطة ( مطلقا خ ) (2) وكذا أهل اللغة ، وإذا كان كذلك ، فالاطلاق يتناول ما هو من ذلك النخل والزرع وما لم يكن ، فلا يجوز التخصيص تهجما.
وأما العرايا - وهي جمع عرية - فهي مرخصة في بيعها اتفاقا وهي أن تكون في
ص: 507
وفي جواز ذلك في غير النخل من الزرع والخضر تردد.
إذا تلف الحيوان في مدة الخيار فهو من مال البايع ، ولو كان بعد القبض ، إذا لم يكن بسببه ولا عن تفريط منه ، ولا يمنع العيب الحادث من الرد بالخيار.
______________________________________________________
دار إنسان أو بستانه نخلة ، فيبيعها بخرصها تمرا من آخر يدا بيد.
وشرط الشيخ أن يشق على البايع الدخول ، وشرط التقابض وتابعه المتأخر وصاحب الوسيلة.
وليس في الرواية ذلك وهي ما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : رخص رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في العرايا بأن تشترى بخرصها تمرا ، قال : والعرايا جمع عرية وهي النخلة تكون في دار رجل آخر فيجوز له أن يبيعها بخرصها تمرا ولا يجوز ذلك في غيره (1) ( عريفا خ ل ).
« قال دام ظله » : وفي جواز ذلك في غير النخل ، من الزرع والخضر تردد.
منشأ التردد من النظر إلى قول الشيخ ، فإنه ذهب في النهاية والمبسوط إلى الجواز.
وقال في الحائريات ( الخلاف خ ل ) بالمنع وهو أشبه ، نظرا إلى تحفظ ( حفظ خ ) الأموال على أربابها ، واقتصارا في الإذن على مورد النص ، واختار شيخنا في الشرايع الأول ، وفتواه على ما اخترناه.
ص: 508
وإذا بيعت الحامل فالولد للبايع على الأظهر ، ما لم يشترطه المشتري ، ويجوز ابتياع بعض الحيوان مشاعا.
ولو باع واستثنى الرأس أو الجلد ففي رواية السكوني يكون شريكا بنسبة قيمة ثنياه.
ولو اشترك جماعة في شراء حيوان واشترط أحدهم الرأس والجلد بماله ، كان له منه بنسبة ما نقد لا ما شرط.
ولو قال له : اشتر حيوانا بشركتي صح ، وعلى كل واحد نصف الثمن.
ولو قال : الربح لنا ولا خسران عليك ، لم يلزم الشرط.
______________________________________________________
الفصل السابع في بيع الحيوان
« قال دام ظله » : وإذا بيعت الحامل ، فالولد للبايع على الأظهر الخ.
قد ذكرنا هذا البحث عند ذكره الشجرة المثمرة ، فلا إعادة.
« قال دام ظله » : ولو باع واستثنى الرأس أو الجلد ، ففي رواية السكوني ، يكون شريكا بنسبة قيمة ثنياه.
هذه رواها النوفلي عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : اختصم إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجلان اشترى أحدهما من الآخر بعيرا واستثنى البيع ( البايع خ ل ) الرأس أو الجلد ، ثم بدا للمشتري أن يبيعه؟ فقال للمشتري : هو شريكك على قدر الرأس والجلد (1).
وأفتى على هذا الشيخ وأتباعه.
ص: 509
وفي رواية : إذا شارك في جارية وشرط للشريك الربح دون الخسارة جاز.
ويجوز النظر إلى وجه المملوكة ومحاسنها إذا أراد شراءها.
ويستحب لمن اشترى رأسا أن يغير اسمه ويطعمه شيئا حلوا ويتصدق عنه بأربعة دراهم ، ويكره أن يريه ثمنه في الميزان.
______________________________________________________
وقال المرتضى : يكون شريكا على حسب الشرط ، مستدلا بالإجماع ، وبأن هذا بيع لا مانع منه ، ويدخل تحت عموم الآية (1) واختاره صاحب الوسيلة والمتأخر.
واختار شيخنا ، الأول تمسكا بالرواية ، وعندي تردد ، منشؤه النظر إلى الأصل ، والرواية ، مع فتوى الشيخين.
« قال دام ظله » : وفي رواية إذا شارك في جارية وشرط للشريك الربح دون الخسارة جاز.
هذه مروية عن ابن محبوب عن رفاعة ، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن رجل شارك رجلا في جارية له ، وقال : إن ربحنا فيها فلك نصف الربح ، وإن كانت وضيعة فليس عليك شئ؟ قال : لا أرى بهذا بأسا إذا طابت نفس صاحب الجارية (2).
ذكرها الكليني والشيخ في التهذيب ، وعليها فتوى الشيخ وأتباعه ، إلا المتأخر أقدم على منعها ، وذهب إلى أن هذا الشرط مخالف للكتاب والسنة.
فهو رد ومسير (3) بالنسبة إلى دعواه أنه لا خلاف أن الخسران في الأموال يقسم على رؤوس الأموال.
ص: 510
( الأولى ) المملوك يملك فاضل الضريبة.
وقيل : لا يملك شيئا.
( الثانية ) من اشترى عبدا له مال ، كان ماله للبايع ، إلا مع الشرط.
( الثالثة ) يجب على البايع استبراء الأمة قبل بيعها بحيضة ، إن كانت ممن تحيض ، وبخمسة وأربعين يوما ، إن لم تحض وكانت في سن من تحيض.
______________________________________________________
قلت : ودعوى ( لا خلاف ) في هذا الموضع وهم ، مع ما ذكر المرتضى في الإنتصار. أن الشريكين ( المشتركين خ ) إذا تساوى مالهما ، وتراضيا بأن يكون الربح لأحدهما أكثر أو تراضيا بأن لا وضيعة على أحدهما أو على أحدهما أقل ، جاز ذلك ، وادعى انفراد الإمامية بهذا القول.
ولشيخنا دام ظله فيه تردد ، والذي يقوى عندي ، العمل بالرواية ، ولا مانع ، ولقوله تعالى : أوفوا بالعقود (1) وأحل اللّه البيع (2) ولقوله عليه السلام : المؤمنون عند شروطهم (3) وإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم (4) ، وفي دعوى المتأخر ضعف ظاهر.
« قال دام ظله » : المملوك يملك فاضل الضريبة ، وقيل : لا يملك شيئا.
ص: 511
وكذا يجب الاستبراء على المشتري إذا لم يستبرئها البايع ، ويسقط الاستبراء على الصغيرة واليائسة والمستبرأة ، وأمة المرأة ، ويقبل قول العدل إذا أخبر بالاستبراء.
ولا يوطأ الحامل قبلا حتى يمضي لحملها أربعة أشهر ، ولو وطأها عزل ، ولو لم يعزل كره له بيع ولدها ، ويستحب أن يعزل له من ميراثه قسطا.
______________________________________________________
القول بأنه لا يملك شيئا للشيخ في الخلاف ، مستدلا بقوله تعالى : ضرب اللّه مثلا عبدا مملوكا ، لا يقدر على شيء (1) واختاره المتأخر.
وفي الاستدلال بالآية نظر ، منشأه تخصيص مملوك ( بأنه لا يقدر على شيء ) لا يلزم منه ان كل المماليك لا يقدر على شيء.
ويمكن ان يقال : ان التمليكات موقوفة على اذن الشارع ، وقد نفى عن مملوك ، ولم يثبت لآخر ، فلا يملك كل مملوك ، لعدم الاذن ، ووجود النفى في صورة تأكيد له.
وبوجه آخر نقول : وصف عبدا مملوكا بنفى القدرة على شيء منكرا ، فيتناول كل واحد واحد لاقتضاء التنكير ( النكرة خ ل ) ذلك ومتى ثبت ( يثبت خ ) فيلزم ( يلزم خ ) ان كل مملوك يفرض ، لا يقدر على شيء ، كما يثبت ( ثبت خ ل ) في قوله تعالى : ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم (2) أن كل عبد يفرض مؤمن فهو خير من كل مشرك يفرض ( نفرض خ ل ).
وأما القول بأنه يملك فاضل الضريبة وأرش الجنايات فهو للشيخ في النهاية ( في الخلاف خ ) وأتباعه.
ص: 512
( الرابعة ) يكره التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم حتى يستغنوا ، وحده سبع سنين.
وقيل : أن يستغنى عن الرضاع ، ومنهم من حرم.
______________________________________________________
أما فاضل الضريبة فمستنده رواية ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
ومستند أرش الجناية لعله إطلاق رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( أيضا خ ) ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر ، فيقول : حللني من ضربي إياك ، ومن كل ما كان مني إليك وما أخفتك وأرهبتك فيحلله ويجعله في حل رغبة فيما أعطاه ، ثم إن المولى بعد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولى أحلال هي؟ فقال : لا ، فقلت له : أليس العبد وماله لمولاه؟ فقال : ليس هذا ذلك ، ثم قال عليه السلام : قل له فليردها عليه فإنه لا يحل له ، فإنه قد افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيمة ، الحديث (2).
وجمع شيخنا دام ظله بين القولين ، فقال : لا يبعد أن يقال : يملك العبد ، ولكنه محجور عليه من التصرف بالرقية ، وهذا مستحسن.
وقال صاحب الرايع : لفاضل الضريبة وأرش الجناية ، اختصاص بالعبد أشد من غيرهما من الأموال ، فنفى التملك ، وأثبت الاختصاص ، وما أعرف أي شئ ( أيش خ ) يعني بالاختصاص.
« قال دام ظله » : يكره التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم ، إلى آخره.
أقول : للشيخ في التفرقة بينهم قولان ، ذهب في النهاية في باب العتق إلى
ص: 513
............................................................................
______________________________________________________
الكراهية ، وهو اختيار المتأخر ، وفي باب ابتياع الحيوان إلى التحريم ، وهو مذهب المفيد وسلار.
وبه روايات ( منها ) ما روى الشيخ في التهذيب وابن بابويه عن ابن سنان ( يعني عبد اللّه - ئل ) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنه قال في الرجل يشتري الغلام أو الجارية له أخ أو أخت أو أب أو أم بمصر من الأمصار؟ قال : لا يخرجه إلى مصر آخر إن كان صغيرا ولا يشتره وإن كانت له أم فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت (1).
وهذه صحيحة السند مقبولة بين الأصحاب.
وفي معناها أخرى عن معاوية بن عمار (2).
و ( منها ) ما روي عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله باعوا جارية من السبي (3) كانت أمها معهم فلما قدموا على النبي صلى اللّه عليه وآله سمع بكاءها ، فقال : ما هذه؟ قالوا : يا رسول اللّه احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها ، فبعث بثمنها فأتى بها ، وقال : بيعوهما جميعا أو أمسكوهما جميعا (4).
وحمل المتأخر هذه الروايات كلها على الكراهية مستدلا بأن الناس مسلطون على أموالهم (5).
ص: 514
( الخامسة ) إذا وطأ المشتري الأمة ثم بان استحقاقها انتزعها المستحق ، وله عقرها نصف العشر إن كانت ثيبا ، والعشر إن كانت بكرا.
وقيل : يلزمه مهر أمثالها وعليه قيمة الولد يوم سقط حيا ، ويرجع بالثمن وقيمة الولد على البايع ، وفي رجوعه بالعقر قولان ، أشبهها الرجوع.
( السادسة ) يجوز ابتياع ما يسبيه الظالم وإن كان للإمام بعضه أو كله.
______________________________________________________
والكراهية أظهر والتحديد بسبع أو ثمان اختيار المتأخر ، وبالاستغناء ، للثلاثة (1) وأتباعهم وعليه الفتوى وبه روايات موثوق بها (2).
« قال دام ظله » : إذا وطأ المشتري الأمة ثم بان استحقاقها انتزعها المستحق وله عقرها نصف العشر إن كانت ثيبا ، والعشر إن كانت بكرا ، وقيل : يلزمه مهر أمثالها ، وعليه قيمة الولد ، يوم يسقط ( سقط خ ل ) حيا ، ويرجع بالثمن وقيمة الولد على البايع وفي رجوعه بالعقر ، قولان أشبههما الرجوع.
أقول : العقر مهر المرأة الموطوءة بشبهة ( على شبهة خ ل ) وقد ذكر هذه المسألة في النهاية في باب ابتياع الحيوان ولم يتعرض أن للمولى شيئا لا العقر ولا مهر المثل ، نعم ذكر في المبسوط في فصل تفريق الصفقة في مسألة من باع عبدا بيعا فاسدا ، قال : وإن كان المبيع جارية ووطأها المشتري فعليه عشر القيمة إن كانت ثيبا والعشر إن كانت بكرا.
وهو اختيار شيخنا ، ومهر المثل اختيار المتأخر.
ص: 515
ولو اشترى أمة سرقت من أرض الصلح ردها على البايع واستعاد ثمنها ، فإن مات ولا عقب له سعت الأمة في قيمتها على رواية مسكين السمان.
______________________________________________________
والأول أشبه لأنها ( لأنه خ ) جارية موطوءة بالشبهة وقد نقصت قيمتها بالوطئ ، فيكون للمولى قدر النقصان ، والعشر في البكر ونصف العشر في غيرها هو القدر الذي عينه الشارع في مواضع فيحكم به هنا لتعليق الحكم على الثيوبة والبكارة في كل المواضع.
وذكر شيخنا في الشرايع أنه مروي.
قلت : ما ظفرت برواية في نفس هذه المسألة بعد التتبع ، نعم وردت فيمن وطأ أمة غيره غصبا (1).
وفيمن دلست إليه أمة أنها حرة أن على الواطئ عشر القيمة إن كانت بكرا ونصف العشر إن كانت ثيبا ، الحديث (2).
وأما الحكم بمهر المثل ، لا أعرف له وجها ، وما دلنا المتأخر على مستنده.
أما الرجوع بالعقر فهو لشيخنا دام ظله ، بأنه لا يرجع (3) ، للمتأخر ، تمسكا بأنه حصل للواطئ في مقابلة العقر أو المهر عوض فلا يرجع به على البايع.
والأول أشبه لأن البايع غار والغار ضامن ، وما ذكره المتأخر من الدليل في موضع النظر ، منشؤه أن سبب وقوع الوطئ حصول البيع لا العوض ، ثم لقائل أن يقول : يمنع دليله أصلا.
« قال دام ظله » : ولو اشترى أمة سرقت من أرض الصلح ، إلى آخره.
ص: 516
وقيل : يحفظها كاللقطة ، ولو قيل : تدفع إلى الحاكم ولا يكلف السعي ، كان حسنا.
( السابعة ) إذا دفع إلى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحج ببقية المال فاشترى أباه وتحاق مولاه ومولى الأب وورثة الأمر بعد العتق والحج ، فكل يقول : اشترى بمالي.
______________________________________________________
أقول : أصل هذه المسألة ما رواه في التهذيب مرفوعا (1) إلى مسكين السمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل اشترى جارية سرقت من أرض الصلح؟ قال : فليردها على الذي اشتراها منه ، ولا يقربها إن قدر عليه أو كان موسرا ، قلت : جعلت فداك ، فإنه قد مات ، ومات عقبه قال : فليستسعها (2).
وعليه فتواه في النهاية.
وقال المتأخر : لا دليل على استسعاء الجارية بغير إذن صاحبها ، فالأولى أن تكون بمنزلة اللقطة يرفع خبرها إلى حاكم المسلمين ، ويجتهد في الرد على من سرقت منه ، هذا آخر كلامه.
وهذا انسب بالأصل أعني رفعها ( دفعها خ ) إلى الحاكم ، لأنه منصوب للمصالح.
« قال دام ظله » : إذا دفع إلى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ، إلى آخره.
أقول : مستند هذه المسألة ما رواه الشيخ في التهذيب - في كتاب العتق - عن الحسن بن محبوب ، عن صالح به رزين عن ابن أشيم ، عن أبي جعفر عليه السلام (3).
ص: 517
ففي رواية ابن أشيم مضت الحجة ويرد المعتق على مولاه رقا ، ثم أي الفريقين أقام البينة ، كان له رقا ، وفي المستند ضعف وفي الفتوى اضطراب ، ويناسب الأصل الحكم بإمضاء ما فعله المأذون ما لم تقم بينة تنافيه.
______________________________________________________
ومضمونها ما ذكره في المتن احالة على الرواية وهي ضعيفة السند ذكر الشيخ والنجاشى ان ابن اشيم غال فلا يعمل بما ينفرد به.
ومضطربة الفتوى من حيث أن رد الاب الى مواليه لا وجه له مع عدم البينة.
وقال المتأخر : يرد على مولى العبد المأذون واختاره شيخنا في الشرايع ، وهو يقوى عندي ، واختار في النافع أن مناسب الأصل الحكم بإمضاء فعل المأذون يعني الحكم بصحة العتق وإمضاء الحج ، إلا أن تقوم بينة تنافيه.
ولعله نظر إلى أنه عبد مأذون فله التصرف وتصرفات المسلمين (1) محمولة على الصحة إلا مع بينة منافية.
( لنا ) أن المال في يد العبد يحكم أنه لسيده وإقراره عليه لا يسمع.
( إن قيل ) : هو مأذون في التجارة ( قلنا ) : الإذن في التجارة لا تستلزم الإذن في الإقرار ولا في الشراء للغير.
( إن قيل ) : لم لا حكمتم بصحة العتق عن سيد العبد المأذون من حيث الإذن؟ ( قلنا ) لأنه غير مأذون في العتق ، فإن قدر أنه مأذون له في العتق نلتزم ذلك.
ثم أقول : دعوى الآمر لا يثبت إلا بثبوت وكالة العبد المأذون عنه وهو غير ثابت فلا يثبت دعواه.
( إن قيل ) : يقدر ثبوت الوكالة ( قلنا ) : لا نزاع على هذا التقدير.
ص: 518
( الثامنة ) إذا اشترى عبدا فدفع البايع إليه عبدين ليختار أحدهما فأبق واحد.
قيل : يرتجع بنصف الثمن ، ثم أن وجده تخير ، وإلا كان الآخر بينهما نصفين.
وفي الرواية ضعف ، ويناسب الأصل أن يضمن الآبق ويطالب بما ابتاعه.
ولو ابتاعه عبدا من عبدين لم يصح ، وحكى الشيخ في الخلاف : الجواز.
( التاسعة ) إذا وطأ أحد الشريكين الأمة سقط عنه من الحد ما قابل نصيبه وحد بالباقي مع انتفاء الشبهة.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : إذا اشترى عبدا فدفع البايع إليه عبدين ليختار أحدهما ، فأبق واحد قيل : يرتجع بنصف الثمن ، ثم إن وجده تخير ، وإلا كان الآخر بينهما نصفين ، وفي الرواية ضعف ، ويناسب الأصل أن يضمن الآبق ، ويطالب بما ابتاعه.
أقول : الرواية رواها ابن أبي حبيب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام (1) وفي ابن أبي حبيب كلام ومنه ضعفها (2).
وفي فقهها اضطراب من حيث ارتجاعه نصف الثمن وتنصيف الآخر بينهما لا وجه له (3) لكن الشيخ أفتى في النهاية بمضمونها.
وأقدم المتأخر على منعها قائلا بالبطلان وادعى أن الشيخ رجع عن هذه المقالة
ص: 519
ثم إن حملت قومت عليه حصص الشركاء.
وقيل : تقوم بمجرد الوطئ وينعقد الولد حرا ، وعلى الواطئ قيمة حصص الشركاء منه عند الولادة.
______________________________________________________
في الخلاف ، وأرى هذا النقل وهما لأن في موضع من الخلاف قال : روى أصحابنا جواز بيع عبد من عبدين ، مستدلا بالإجماع ، وفي موضع آخر : إن من ابتاع عبدا من عبدين أو ثلاثة لم يصح لجهالة المبيع.
وهذا حق ، ونقل المتأخر غير صحيح ، فإن المسألة الأولى صريحة بالجواز ، والثانية تنافي مسألة النهاية ، والفرق بينهما ظاهر.
ثم أقول : إن كان العبد المبيع من عبدين آبقا فالبيع باطل ، لأن المبيع مجهول.
وإن كان عبدا في الذمة يلزم البايع أداة ، فعلى ( وعلى خ ) المشتري ضمان الآبق إن أبق بتفريطه أو تعديه.
وإن كان معيبا فالآبق من مال المشتري ( والآبق هو فمن مال المشتري خ ) وإن لم يكن هو فيأخذه المشتري ، ويضمن الآبق على ما ذكرنا.
هذا مقتضى الأصل ونسلم من القدح ، والرواية من الشواذ وضعيف ( ضعيفة خ ) السند فلا عمل عليها.
« قال دام ظله » : ثم إن حملت ، قومت عليه حصص الشركاء ( الباقين خ ) وقيل : تقوم بمجرد الوطئ الخ.
أقول : مقتضى الأصل عدم التقويم مطلقا ، خولف الأصل في الحاملة (1) للإجماع وترك في غيرها على الأصل.
والقول بأنها تقوم بمجرد الوطئ للشيخ ، ومستنده ما رواه الكليني - في كتابه
ص: 520
( العاشرة ) المملوكان المأذونان لهما في التجارة إذا ابتاع كل منهما صاحبه من
______________________________________________________
والشيخ في التهذيب - مرفوعا (1) إلى علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس عن عبد اللّه بن سنان ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجال اشتركوا في أمة ، فائتمنوا بعضهم على أن تكون الأمة عنده ، فوطأها ، قال : يدرء عنه من الحد بقدر ما له فيها من النقد ، ويضرب بقدر ما ليس له فيها وتقوم الأمة عليه بقيمة فيلزمها ( ويلزمها خ ) فإن كانت القيمة أقل من الثمن الذي اشتريت به الجارية ، ألزم ثمنها الأول ، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قومت فيه أكثر من ثمنها ألزم ذلك الثمن وهو صاغر ، لأنه استفرشها ، الحديث (2).
وعلى مضمون هذه فتوى النهاية.
والرواية ضعيفة السند ، قال : إسماعيل بن مرار مقدوح فيه ، وتقويم الأمة بمجرد الوطئ خلاف الأصل ، اللّهم إلا أن تكون بكرا فيلزمه ما بين قيمتها بكرا وثيبا وتسقط عنه حصته.
وأما الحد فلا يتوجه لو ادعى الواطئ توهم ( توهمه خ ) الحل ، ويضرب لو علم التحريم.
وإيراد هذه المسألة في كتاب الحدود وباب نكاح الإماء أولى وأنسب ( أشبه خ ) ولعله ذكرها هنا لاشتمالها على التقويم.
« قال دام ظله » : المملوكان المأذونان لهما في التجارة إذا ابتاع كل منهما صاحبه من مولاه حكم للسابق ، فلو اشتبه مسحت الطريق إلى آخره.
ص: 521
مولاه حكم للسابق ، فلو اشتبه ( السابق ) مسحت الطريق وحكم للأقرب ، فإن اتفقا بطل العقدان. وفي رواية : يقرع بينهما.
______________________________________________________
أقول : يدل على مسح الطريق ، والنظر والأثر ( أما الأول ) فلأن بالمسح يظهر إما القرب وهو يفيد علية ( غلبة خ ) الظن للسابق ، أو التساوي ، وهو يوجب بطلان العقد.
( وأما الأثر ) فهو ما روى الشيخ - في التهذيب - عن أبي خديجة ( سلمة خ ئل ) عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجلين مملوكين مفوض إليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما فكان بينهما كلام فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا وهذا إلى مولى هذا وهما في القوة سواء فاشترى هذا من مولى هذا العبد وذهب هذا فاشترى من مولى هذا العبد الآخر وانصرفا إلى مكانهما وتشبث كل منهما بصاحبه وقال له : أنت عبدي قد اشتريتك من سيدك ، قال : يحكم بينهما من حيث افترقا بذرع الطريق فأيهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد ، وإن كان سواء فهما ردا على مواليها جاءا سواء وافترقا سواء ، إلا أن يكون أحدهما سبق صاحبه فالسابق هو له إن شاء باع وإن شاء أمسك وليس له أن يضربه (1).
ثم قال في التهذيب : وفي رواية أخرى ، إذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيهما وقعت القرعة به كان عبده (2).
قلت : هذه مرسلة مخالفة للدليل فلا عمل عليها.
وقال الشيخ في النهاية : فإن اتفق العقدان أقرع بينهما ، وجعل البطلان رواية ، واختار القرع على جهة الاحتياط.
قلت : بل هو ضد الاحتياط فإن القرعة لا تستعمل إلا في محل الاشتباه أو مشكل أمره.
وأيضا فإنه رحمه اللّه ما استند إلى حديث يؤيد قوله ، ولا يصح أن يستدل بما
ص: 522
وهو ابتياع مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه.
والنظر في شروطه وأحكامه ولواحقه :
وهي خمسة :
( الأول ) ذكر الجنس والوصف ، فلا يصح فيما لا يضبطه الوصف كاللحم والخبز والجلود ، ويجوز في الأمتعة والحيوان والحبوب وكل يمكن ضبطه.
( الثاني ) قبض رأس المال قبل التفرق ، فلو قبض بعض الثمن ثم افترقا صح في المقبوض.
ولو كان الثمن دينا على البايع صح على الأشبه لكنه يكره.
______________________________________________________
روي في التهذيب ، فإن تساوى المسافة لا يدل على اتفاق العقدين يقينا حتى يلزم القرعة.
ويمكن أن يقال : أن القرعة أولى بتقدير استواء المسافة ، والبطلان أشبه ، بتقدير اتفاق العقدين يقينا وبه أعمل ، وما اخترناه أولى (1) وهو اختيار شيخنا والمتأخر وصاحب البشرى.
الفصل الثامن في السلف
« قال دام ظله » : ولو كان الثمن دينا على البايع ، صح على الأشبه.
ص: 523
( الثالث ) تقدير المبيع بالكيل والوزن ، ولا يكفي العدد ولو كان مما يعد ، ولا يصح في القصب أطنانا ، ولا في الحطب حزما (1) ، ولا في الماء قربا.
وكذا يشترط التقدير في الثمن.
وقيل : يكفي المشاهدة.
( الرابع ) تعيين الأجل بما يرفع احتمال الزيادة والنقصان.
______________________________________________________
أقول : شرط الشيخ رحمه اللّه في كتب الفروع في السلف قبض رأس المال قبل التفرق ، وعليه اتباعه ، وما أعرف فيه مخالفا إلا ( سوى خ ) صاحب البشرى فإنه توقف فيه مطالبا بالدليل ( للدليل خ ) وانعقد العمل على اشتراطه.
فإذا ثبت هذا فهل إذا كان الثمن دينا على البايع ، يكون بمنزلة المقبوض ، ويصح البيع؟ جزم الشيخ بالجواز ، وهو أشبه تمسكا بالأصل ، وبقوله تعالى : وأحل اللّه البيع (2).
وإقدام المتأخر على المنع مستندا إلى أنه يستلزم ( يلزم خ ) بيع الدين بالدين واللازم ممنوع فالملزوم مثله.
والجواب ، إنا لا نسلم أنه بيع الدين بالدين ، بل إنه بيع يصير المبيع بعد وقوع البيع دينا على البايع ، وإنما بيع الدين بالدين هو أن يكون لإنسان دين في ذمة زيد مثلا ، ولآخر دين في ذمة عمرو ، فيقول : بعتك مالي على ذمة زيد بمالك على ذمة عمرو ويقبل هو ولعل هذا الإقدام نشأ من عدم التفطن بالفرق بين الصورتين.
« قال دام ظله » : وكذا يشترط التقدير في الثمن ، وقيل : يكفي المشاهدة.
ذهب الشيخ إلى أن الثمن لو كان مما يكال أو يوزن أو يذرع ، لا بد من اعتباره ،
ص: 524
( الخامس ) أن يكون وجوده غالبا وقت حلوله ، ولو كان معدوما وقت العقد.
وهي مسائل ( خمس خ ) :
( الأولى ) لا يجوز بيع السلم قبل حلوله ، ويجوز بعده وإن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه وعلى غيره.
وكذا يجوز بيع بعضه ( وتوليته خ ) وتولية بعضه.
وكذا بيع الدين ، فإن باعه بما هو حاضر صح.
وكذا بمضمون حال.
______________________________________________________
ولا يجوز جزافا ، ولو كان مثل اللؤلؤة والجواهر تكفي المشاهدة.
والقول بالاكتفاء بالمشاهدة مطلقا يحكى عن المرتضى ، وأنا من وراء الاعتبار ، والذي يعمل عليه هو الأول.
« قال دام ظله » : لا يجوز بيع السلم قبل حلوله ويجوز بعده وإن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه ، وعلى غيره.
أقول : تقدير الكلام : لا يجوز بيع المسلم ( السلم خ ) وهو الشئ الذي بيع سلفا قبل حلول الأجل ، وهذا مجمع عليه هنا ( منا خ ) ويجوز بعد الأجل والقبض بلا خلاف.
وهل يجوز بعد الأجل وقبل القبض؟ قال الشيخ : يجوز على من هو عليه وعلى غيره وعليه أتباعه.
وقال المتأخر في باب قضاء الدين عن الحي والميت : لا يجوز على غيره ، لأنه ليس بحاضر فيكفي المشاهدة ، ولا يصح وصفه فيباع كالأشياء الغائبة بالوصف ، لأن البايع لا يعلم عينه ، حتى يصفه للمشتري قال : ليس كذلك بيعه على من هو
ص: 525
ولو شرط تأجيل الثمن.
قيل : يحرم ، لأنه بيع دين بدين.
وقيل : يكره ، وهو الأشبه.
أما لو باع دينا في ذمة زيد ، بدين المشتري في ذمة عمرو لم يجز لأنه بيع دين بدين.
( الثانية ) إذا دفع دون الصفة ورضى المسلم صح.
ولو دفع بالصفة وجب القبول.
وكذا لو دفع فوق الصفة ، ولا كذا لو دفع أكثر.
______________________________________________________
عليه ، لأن علمه بصفته قام مقام وصف البايع له.
قلت : هذا الكلام شعري لا طائل فيه ، فإن بيع السلم لا يصح إلا مع ذكر الجنس ووصف المبيع فالمشتري يبيع على الغير بالصفة التي وقع العقد عليها أولا ، فهو والذي عليه فيه سواء ، وقوله : ( على من هو عليه لأن علمه بالصفة قام مقام الوصف ) فيه ما فيه فإن التلفظ بالوصف شرط في صحة هذا العقد (1) فكيف يقوم العلم مقامه فليت شعري من أين علم الذي عليه السلام الوصف والتقدير أن المبيع غير حاضر ، بل هو في الذمة ، وبتقدير أن يكون حاضرا فالذي عليه والغير ( وغيره خ ) فيه سواء.
« قال دام ظله » : ولو شرط تأجيل الثمن ، قيل : يحرم ، لأنه بيع دين بدين ، وقيل : يكره ، وهو الأشبه.
القول بالتحريم للمتأخر ، وبالكراهية للشيخ في النهاية ، في باب بيع الديون ، وتعليل المتأخر : - فإنه ( بأنه خ ) بيع دين بدين - ضعيف ، وقد أجبنا على ذلك فيما تقدم.
ص: 526
( الثالثة ) إذا تعذر عند الحلول أو انقطع فطالب ، كان مخيرا بين الفسخ والصبر.
( الرابعة ) إذا دفع من غير الجنس ورضى الغريم ولم يساعره ، احتسب بقيمته يوم الإقباض.
( الخامسة ) عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم ، فلا يبطل باشتراط بيع أو هبة أو عمل محلل أو صنعة.
______________________________________________________
ومنشأ الكراهية من حيث إن المال في الذمة ليس بنقد ( بنقل خ ) صريح فيشبه النسية ، والثمن مؤجل ، فهو بمنزلة بيع الدين بالدين وهذا وجه إقناعي.
« قال دام ظله » : عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم ، فلا يبطل باشتراط بيع أو هبة أو عمل محلل أو صنعة.
أقول : توارد على هذه المسألة ألفاظ للأصحاب من الثلاثة (1) وسلار وكثير من متابعيهم ، وربما صرحوا بعبارة أبين من هذا.
وصورتها : لا بأس أن يبتاع الإنسان من غيره متاعا أو حيوانا أو غير ذلك بالنقد أو النسية ، ويشرط ( يشترط خ ) أن يسلفه البايع شيئا في مبيع ، أو يستسلف منه في شئ ، ويقرضه شيئا معلوما إلى أجل ، أو يستقرض منه والبيع صحيح ، والوفاء به لازم ، وربما يدعي على هذه المسألة الإجماع.
وإذا ثبت هذا فهل يجوز لمن يقرض غيره مالا ( حالا خ ) أن يبتاع منه شيئا بأقل من ثمنه لا على وجه التبرع بل بسبب الإقراض لا غير؟ فيه روايتان.
وللأصحاب فيه قولان ( أحدهما ) الجواز ( والآخر ) التحريم.
ومتمسك المبيح وجوه ( الأول ) دعوى الإجماع بطريق ما ذكرناه ، من عبارة
ص: 527
............................................................................
______________________________________________________
الأصحاب ( وبأنه ) لا يعرف له مخالف مشهور.
( والثاني ) عمومات ( عموم خ ) الكتاب مثل قوله تعالى : وأحل اللّه البيع (1) وقوله : إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم (2).
( الثالث ) الأصل ومقتضاه الحل.
( الرابع ) الأحاديث المروية عن الأئمة عليهم السلام ( فمنها ) ما رواه محمد بن مسلم عن جعفر بن محمد عليهما السلام ، أنه قال ( في حديث ) أوليس خير القرض ما جر نفعا ( منفعة ئل ) (3).
وما رواه الصفار عن محمد بن عيسى ، عن علي بن محمد ، وقد سمعه ( سمعته خ ئل ) من علي عليه السلام قال : كتبت إليه : القرض يجر المنفعة ( منفعة خ ئل ) هل يجوز ذلك أم لا؟ فكتب : يجوز ذلك الحديث (4).
وما رواه عبد الملك بن عتبة قال : سألته عن الرجل يريد أن أعينه المال ، أو يكون له عليه مال قبل ذلك يطلب مني مالا أزيده على مالي الذي لي عليه ، أيستقيم أن أزيده مالا ، وأبيعه لؤلؤة تساوي مائة درهم ، بألف درهم؟ فأقول ( له خ ) : أبيعك هذه اللؤلؤة بألف درهم على أن أؤخرك بتمها وبما لي عليك كذا وكذا شهرا؟ قال : لا بأس (5) وغير ذلك من الأخبار ( و خ ) لا يحتمل كتابنا ذكرها.
وقد اعترض على دعوى الإجماع ( بأنه ) ممنوع ، فإن اتفاق الخمسة أو الستة لا يكون إجماعا ، إذا لم يكن المعصوم عليه السلام داخلا فيه ( بينهم خ ) ولو بلغوا ألفا.
ص: 528
............................................................................
______________________________________________________
و ( بأن ) الظاهر من كلامهم جواز اشتراط القرض في البيع ، لا اشتراط البيع في القرض.
و ( عن ) الآيتين بمنع العموم ( وبأن ) الجواز في الآية الأخيره مشروط بعدم كونه باطلا ، فلا يثبت الحل ما لم يثبت عدم الباطل.
ومتمسك المانع وجوه ( الاول ) انه نفع حاصل من القرض ، وكل نفع كذلك حرام ( اما المقام ) الاول فظاهر ( واما الثاني ) فلقوله صلى اللّه عليه وآله اذا جر القرض نفعاً فهو ربا (1) والربا حرام اجماعا.
( الثاني ) رواية يعقوب بن شعيب عن ابي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يسلم في بيع او تمر عشرين دينارا ويقرض صاحب السلم عشرة دنانير او عشرين دينارا؟ قال : لا يصح ( لا يصلح خ ئل ) اذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح الحديث (2).
وما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام ( في حديث ) ولا يأخذ أحدكم ركوب دابة أو عارية متاع يشترط من أجل قرض ورقه (3).
وما رواه يعقوب بن شعيب أيضا ، قال : سألته عن رجل يأتي حريفه وخليطه فيستقرض منه الدنانير فيقرضه ، ولولا أن يخالطه ويحارفه ويصيب عليه لم يقرضه؟ فقال : إن كان معروفا بينهما فلا بأس وإن كان إنما يقرضه من أجل أنه يصيب عليه فلا يصلح (4).
ص: 529
ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها.
______________________________________________________
( الثالث ) طريقة الاحتياط دفعا للضرر المظنون.
وقد اعترض ( على الأول ) بأن المقدمة الثانية ممنوعة فلا يصح الاستدلال عليها بالخبر فإن راويه أبو الجارود ، وهو ضعيف وأيضا فإنه معارض بما ذكرناه من خبر محمد بن مسلم.
( وعلى الثاني ) بأنها معارضة برواية محمد بن مسلم أيضا ( وعلى رواية ) محمد بن قيس بأنه مجهول الشخص ، فمن أصحابنا من يسمى بهذا الاسم ، وهو ضعيف.
( وعلى الثالث ) بأنه ضد الاحتياط لأنه (1) إقدام على ما لا يعلم تحريمه وذلك حرام ولأن احتمال الصحة والفساد قائم ، فالحكم بالبطلان يكون تهجما على (2) منع المسلم من مال يحتمل أن يكون ملكه.
( إن قيل ) : احتمال الصحة غير قائم ( قلنا ) : فلا معنى للاحتياط (3).
وإذا تقرر هذا فنقول : الاعتراض في الدليلين ثابت وإن كان أدلة المبيح أشبه بالأصل وأسلم من القدح ، فلنوفق بين الروايات جمعا بينها.
فنقول : تنزل ( فينزل خ ل ) رواية يعقوب بن شعيب وما في معناها على الكراهية ورواية محمد بن مسلم على الجواز.
أو نقول : لو كان البيع جارا للقرض فالعقد صحيح ، كما أفتى عليها الأصحاب ، وبه أفتي وأجزم القول ، ولو كان القرض جارا للبيع لا يصح على تردد مني فيه.
« قال دام ظله » : ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها ، قيل : يصح ، والأشبه المنع.
ص: 530
قيل : يصح ، والأشبه المنع ، للجهالة.
ولو شرط ثوبا من غزل امرأة معينة أو غلة من قراح بعينه لم يضمن.
وهي قسمان :
( الأول ) في دين المملوك ، وليس له ذلك إلا مع الإذن ، فلو بادر لزم في ذمته ويتبع إذا عتق ، ولا يلزم المولى ولو أذن له المولى لزمه دون المملوك إن استبقاه أو باعه ، ولو أعتقه فروايتان ( إحداهما ) يسعى في الدين ( والأخرى ) لا يسقط عن ذمة المولى ، وهي الأشهر ، ولو مات المولى كان الدين في تركته ، ولو كان له غرماء كان غريم المملوك كأحدهم ، لو كان مأذونا في التجارة فاستدان لم يلزم المولى ، وهل يسعى العبد فيه؟
______________________________________________________
القول بالصحة للشيخ في النهاية وبالمنع للمتأخر ، قال : إن جعل الصوف في جملة السلف ، فلا يجوز في المعين ، ثم قال : وبيع الصوف على ظهر ( ظهور خ ) الغنم أيضا لا يجوز سواء كان سلفا أو بيوع الأعيان ، واختار في باب بيع الغرر والمجازفة جواز البيع إذا كان معاينا كما هو مذهب المفيد.
وقد بينا هذا الاختلاف في مسألة بيع الصوف مع ما في البطن.
وإنما قال شيخنا : الأشبه المنع ، لأن بيع الصوف على الظهر ، لا يجوز سلفا ، لأن السلف لا يجوز إلا في الذمة ، ولا يجوز عينا لأن الصوف مجهول الوزن.
النظر الثالث في اللواحق
« قال دام ظله » : الأول في دين المملوك ، إلى آخره.
أقول : إذا استدان المملوك لا يخلو إما أن يكون مأذونا له في الاستدانة أم لا
ص: 531
قيل : نعم.
وقيل : يتبع بها إذا أعتق وهو أشبه.
______________________________________________________
( فعلى الأول ) يكون في ذمة المولى إن استبقاه أو باعه ولو أعتقه ففيه روايتان ، روى عجلان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعتق عبدا له وعليه دين ، قال : دينه عليه ، لم يزده العتق إلا خيرا (1).
وعلى هذه فتوى النهاية وفي معناها رواية الأكفاني - وهو مجهول الحال - عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) أنه قال : إن بعته لزمك الدين ( يعني ما استدان ) وإن أعتقته لم يلزمك الدين ، الحديث (2).
وقال المتأخر : يبقى في ذمة المولى ، وحكي أن الشيخ رجع عن مقالته في النهاية وفي الجزء الثالث من الاستبصار.
وليس كما حكى ، بل جمع الشيخ بين رواية عجلان والأكفاني وبين ما رواه الأشعث ، عن شريح عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، في عبد بيع وعليه دين ، قال : دينه على من أذن له في التجارة وأكل ثمنه (3) ، قال الشيخ : يحمل هذه على من أذن في التجارة ولم يأذن في الاستدانة ، ورواية عجلان على من أذن له في الاستدانة.
والجمع حسن ، وبه كان يفتي شيخنا في الدرس والمذاكرة.
( والثاني ) وهو إن لم يكن مأذونا له في الاستدانة فلو يخلو إما أن يكون مأذونا
ص: 532
............................................................................
______________________________________________________
في التجارة أم لا ( فعلى الأول ) قال في النهاية يستسعى فيه العبد ، وفي الاستبصار : يتعلق بذمته بعد العتق ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا دام ظله.
وقال في المبسوط : وإن كان ( أي العبد ) مأذونا له في التجارة نظر فإن أقر بما يوجب حقا على بدنه ، قبل عندهم ، وعندنا لا يقبل ، وإن أقر بما يوجب مالا ، نظر ، فإن كان لا يتعلق بما أذن له فيه من التجارة مثل أن يقول أتلفت مال فلان أو غصبت منه مالا أو استقرضت منه مالا - فإن الاستقراض لا يدخل في الإذن في التجارة - فإنه لا يقبل على ما بيناه ويكون في ذمته يتبع به إذا أعتق ، وإن كان يتعلق بالتجارة مثل ثمن المبيع وأرش المعيب وما أشبه ذلك فإنه يقبل إقراره ، لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به ، إلا أنه ينظر فيه ، فإن كان الإقرار بقدر ما في يده من مال التجارة قبل وقضى منه وإن كان أكثر كان الفاضل في يده ( ذمته خ ل ) تتبع به إذا أعتق ( انتهى ) (1).
ففي محل النزاع وافق قول النهاية.
وفي المسألتين المختار تفصيل الاستبصار ، فأما إن لم يكن مأذونا في التجارة بتبع به بعد العتق ، وهو معنى قوله : (2) ( ولو بادر لزم ذمته ).
وما قاله الشيخ في النهاية : - أنه يكون ضايعا - يحمل على أن مراده يكون ضايعا
ص: 533
( القسم الثاني ) في القرض ، وفيه أجر عظيم ينشأ من معونة المحتاج تطوعا ويجب الاقتصار على العوض ، ولو شرط النفع ولو بزيادة حرم ، نعم لو تبرع المقترض بالزيادة في العين أو الوصف لم يحرم.
ويقترض الذهب والفضة وزنا والحبوب كالحنطة والشعير كيلا ووزنا ، والخبز وزنا وعددا.
ويملك الشئ المقترض ( المستقرض خ ) بالقبض ، ولا يلزم اشتراط الأجل فيه ، ولا يؤجل الدين الحال مهرا كان أو غيره.
ولو غاب صاحب الدين غيبة منقطعة نوى المستدين قضاءه وعزله عند وفاته موصيا ، ولو لم يعرفه اجتهد في طلبه.
ومع اليأس ، قيل : يتصدق به عنه.
ولا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض.
ولو باع الذمي ما لا يملكه المسلم وقبض ثمنه جاز أن يقبضه المسلم عن حقه.
______________________________________________________
ما دام مملوكا ، وإلا فلا وجه له ، وأورد هذه المسألة ( المسائل خ ) في لواحق السلف ، لأن في الدين معنى السلف ، من حيث أنه مضمون.
في القرض
« قال دام ظله » : ومع اليأس قيل : يتصدق به عنه.
القائل بهذا هو الشيخ في النهاية ، وقال المتأخر : مع عدم المالك أو الوارث يكون لإمام المسلمين ، لأنه ميراث من لا وارث له.
ص: 534
ولو أسلم الذمي قبل بيعه ، قيل : يتولاه غيره وهو ضعيف.
ولو كان لاثنين ديون فاقتسماها ، فما حصل لهما ، وما توى منهما.
ولو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر مما دفع ، على تردد.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولو اسلم الذمى قبل بيعه ، قيل يتولاه غيره.
اقول : ذهب الشيخ في النهاية الى أنه اذامات الذمى وعليه دين وفي ملكه شيء من الخمر او الخنزير جاز ان يتولى بيع ذلك من ليس بمسلم ويقضى بذلك دينه فخصص الجواز لمن ( بمن خ ) ( عمن خ ) عليه دين ومنع مع عدمه وحكى شيخنا مطلقا.
والاصل تحريم ذلك مطلقا ، سواء كان عليه دين او لم يكن ، وبالتحريم يفتى المتأخر ، وهو أشبه ، لأنه اذا اسلم خرج الخمر عن ملكه والاجماع ثابت على أن ثمن الخمر حرام على المسلم ، والرواية الواردة على ما ( بما خ ) قاله في النهاية غير مسندة الى امام ، ( وهي خ ) ضعيفة السند مقيدة بمن مات بعد اسلامه.
وهي ما رواه في التهذيب ، عن علي بن ابراهيم ، عن ابيه ، عن اسمعيل بن مرار ، عن يونس ( في حديث ) قال : ان اسلم رجل وله خمر وخنازير ثم مات وهي في ملكه ، وعليه دين ، قال : يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خمره وخنازيره ، ويقضي دينه وليس له أن يبيعه وهو حي ولا يمسكه (1).
فإطراح ( أمثال خ ) هذه الروايات أولى من إثباتها لئلا يضل بها مقلد و الكتب.
« قال دام ظله » : ولو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر مما دفع على تردد.
ص: 535
أجرة الكيال ووزان المتاع على البايع.
وكذا أجرة بايع الأمتعة ، وأجرة الناقد ووزان الثمن على المشتري.
وكذا أجرة مشتري الأمتعة ، ولو تبرع الواسطة لم يستحق أجرة.
فإذا ( وإذا خ ) جمع بين الابتياع والبيع فأجرة كل عمل على الآمر به ، ولا يجمع بينهما لواحد.
ولا يضمن الدلال ما يتلف في يده ما لم يفرط ، ولو اختلفا في التفريط ولا بينة ، فالقول قول الدلال مع يمينه.
وكذا لو اختلفا في القيمة.
______________________________________________________
أقول : الفتوى للشيخ في النهاية ، والتردد لشيخنا.
والأصل يقتضي بطلان البيع لأن المبيع - وهو الدين - إن كان ربويا من جنس الثمن فيشترط فيه التساوي ، فمع عدمه يبطل البيع إجماعا ، وإن كان من غير جنسه فإن كان ( كانا خ ) من الأثمان ، بأن يكون أحدهما ذهبا ، والآخر فضة ، فيشترط التقابض في المجلس لأنه صرف ، وإن لم يكونا ( من الأثمان خ ) أو يكون أحدهما ثمنا غير الآخر ، فلا يتقدر الأقلية والأكثرية.
ولقائل أن يقول : يقوم ذلك الجنس ليحصل الأقلية والأكثرية ، ويفتي بهذا التقدير ، لئلا تطرح الرواية الواردة بذلك.
وهي ما رواه محمد بن الفضيل ، قال : قلت للرضا عليه السلام : رجل اشترى دينا على رجل ، ثم ذهب إلى صاحب الدين ، فقال له : ادفع إلي ما لفلان عليك فقد اشتريته منه ، فقال : يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين ، وبرء الذي
ص: 536
............................................................................
______________________________________________________
عليه المال من جميع ما بقي عليه (1).
وقال المتأخر : إن كان البيع صحيحا يلزم تسليم ما عليه أجمع لأنه صار مالا من أمواله.
قلت : لو تطرح الرواية ثبت ( ثبتت خ ) صحة قولك بغير خلاف.
( فإن قيل ) : على فتوى النهاية لم يكن ( لمن يكون خ ) المال الباقي على المدين ( قلنا ) : مدلول الرواية أنه يسقط.
ص: 537
ص: 538
ص: 539
كتاب الرهن
وأركانه أربعة :
( الأول ) في الرهن : وهو وثيقة لدين المرتهن ، ولا بد فيه من الإيجاب والقبول.
وهل يشترط الإقباض؟ الأظهر نعم.
ومن شرطه أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه ، ويصح بيعه ، منفردا كان أو مشاعا ، ولو رهن مالا يملك وقف على إجازة المالك ، ولو كان يملك بعضه مضى في ملكه ، وهو لازم من جهة الراهن.
ولو شرطه مبيعا عند الأجل لم يصح.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وهل يشترط الإقباض؟ الأظهر نعم.
اختلف قول الأصحاب في هذا ، قال المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط والنهاية وسلار في الرسالة وأبو الصلاح في الكافي : يشترط ، و ( قال الشيخ خ ) في مسائل الخلاف ، لا يشترط ، وهو مذهب المتأخر وصاحب البشرى ، متمسكا بقوله تعالى : أوفوا بالعقود (1).
ص: 540
ولا يدخل حمل الدابة ولا ثمرة النخل والشجر في الرهن ، نعم لو تجدد بعد الارتهان دخل.
وفائدة الرهن للراهن.
______________________________________________________
والعمل على الأول ، لقوله تعالى : فرهان مقبوضة (1) ولما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام لا رهن إلا مقبوض (2).
وأيضا الإجماع منعقد على لزومه مع القبض ، ولا دليل مع عدم القبض فيلزم المصير إلى اشتراطه عملا بالإجماع.
( إن قيل ) : دلالة الآية على محل النزاع من حيث دليل الخطاب ، وهو متروك عند محققي أهل الأصول.
( قلنا ) : فإنا ما استدللنا بالآية إلا على ثبوت الحكم في الماهية المقيدة بتلك الصفة ، وإنما دليل الخطاب أن يستدل على انتفاء الحكم عن الصورة المسلوبة عنها تلك الصفة ، وما استندنا إلى الآية (3) على الانتفاء بل إلى عدم الدليل على ثبوت الحكم في غير تلك الصورة ، فاعتبر بالنظر الصائب ، فإن فيها غموضا ، وقد اشتبه على المتأخرين الخائضين في أصول الفقه الغايصين ( الغامضين خ ) في فروعه.
« قال دام ظله » : ولا يدخل حمل الدابة ، ولا ثمرة النخل والشجر في الرهن ، نعم لو تجدد بعد الارتهان دخل.
أقول : اختلفت عبارة الأصحاب في هذه المسألة ، قال المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية : لا يدخل الحمل والثمر في الرهن لو كان موجودا قبل الارتهان ولو تجدد بعد الارتهان دخل ، قال : وكذا حكم الأرض إذا رهنت وهي مزروعة ، فلا يدخل
ص: 541
............................................................................
______________________________________________________
الزرع في الرهن.
وقال المتأخر : ليس مراد الشيخ أن يدخل الزرع في الرهن لو حصل بعد الارتهان كما في الحمل والثمر ، بل إن الزرع لا يدخل في الرهن على حال ، وإنما هو لصاحب البذر.
وقال أبو الصلاح : ويدخل نبات الأرض أيضا ( وقال ) ابن الجنيد : والنتاج واللبن والصوف للمالك ، وهو ممنوع منه إلى أن يخرج من الرهن ، وهذه الأقوال قريبة.
وادعى المتأخر على تفصيل النهاية والمقنعة ، الإجماع.
وهو ممنوع فكيف والخلاف موجود ، فإن الشيخ في الخلاف والمبسوط ، أطلق أنه لا يدخل ، واختاره شيخنا في نكت النهاية ، بخلاف ما اختاره في كتابيه النافع والشرايع ، نظرا إلى ما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) أنه سئل عن رجل ارتهن دارا غلة ، لمن الغلة؟ قال : لصاحب الدار (1).
وإلى ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في كل رهن له غلة : أن غلته تحسب لصاحب الرهن مما عليه (2).
والمختار عندي تفصيل النهاية فإن الرواية تفيد أن النماء ملك له ، وليس فيه خلاف ، وإنما البحث أنه يدخل في الرهن أم لا.
ص: 542
ولو رهن رهنين بدينين ثم أدى عن أحدهما لم يجز إمساكه بالآخر.
ولو كان له دينان ، وكان بأحدهما رهن لم يجز إمساكه بهما.
ولا يدخل زرع الأرض في الرهن سابقا كان أو متجددا.
( الثاني ) في الحق : ويشترط ثبوته في الذمة مالا كان أو منفعة ، ولو رهن مال ثم استدان آخر فجعله عليهما صح.
( الثالث ) في الراهن : ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرف والاختيار ، وللولي أن يرهن لمصلحة المولى عليه.
وليس للراهن التصرف في الرهن بإجارة ولا سكنى ولا وطئ ، لأنه تعريض للإبطال.
وفيه رواية بالجواز مهجورة ، ولو باعه الراهن وقف على إجازة المرتهن.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وليس للراهن التصرف في الرهن بإجارة ولا سكنى ولا وطئ ، لأنه تعريض للإبطال ، وفيه رواية بالجواز مهجورة.
هذه رواية رواها ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، والكليني في كتابه ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل رهن جاريته قوما أيحل له أن يطأها؟ قال : فقال : إن الذين ارتهنوها ، يحولون بينه وبينها ، قلت : أرأيت إن قدر عليها خاليا؟ قال : نعم ما ( لا خ ) أرى به بأسا (1).
قال الشيخ : روى هذه ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
ص: 543
وفي وقوف العتق على إجازة المرتهن تردد ، الأشبه الجواز.
( الرابع ) في المرتهن : ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرف ، ويجوز اشتراط الوكالة في الرهن ، ولو عزل لم ينعزل ، وتبطل الوكالة بموت الموكل دون الرهانة.
ويجوز للمرتهن ابتياع الرهن ، والمرتهن أحق من غيره باستيفاء دينه من الرهن ، سواء كان الراهن حيا أو ميتا.
وفي الميت رواية أخرى.
ولو قصر الرهن عن الدين ، ضرب مع الغرماء بالفاضل.
والرهن أمانة في يد المرتهن ، ولا يسقط بتلفه شئ من ماله ما لم يتلف بتعد أو تفريط ، وليس له التصرف فيه ، ولو تصرف ( فيه خ ) من غير إذن ضمن العين والأجرة.
______________________________________________________
وسندها صحيح ، إلا أن العمل منعقد على خلافها.
« قال دام ظله » : وفي وقوف العتق على إجازة المرتهن تردد ، الأشبه الجواز.
أقول : منشأ التردد ، النظر إلى قول الشيخ ، قال في النهاية : فإن أمضى المرتهن عتق الراهن كان جائزا ، وأطلق في المبسوط ، المنع.
ووجه الأشبهية ، أن المانع من العتق تعلق حق المرتهن به فإذا أسقط حقه ، ارتفع المانع.
« قال دام ظله » : وفي الميت رواية أخرى.
أقول : هذه إشارة إلى ما رواه ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن محمد بن عيسى ، ( عن عبيد بن سليمان خ ل ) عن سليمان بن حفص المروزي ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام ، في رجل مات وعليه دين ولم يخلف شيئا إلا رهنا في يد بعضهم ولا ( فلا - ئل ) يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أيأخذه بماله ، أو هو وساير
ص: 544
ولو كان الرهن دابة قام بمؤونتها وتقاصا.
وفي رواية : الظهر يركب والدر يشرب ، وعلى الذي يركب و يشرب النفقة.
وللمرتهن استيفاء دينه من الرهن إن خاف جحود الوارث ، ولو اعترف بالرهن وادعى الدين ولا بينة فالقول قول الوارث ، وله إحلافه إن ادعى عليه العلم.
ولو باع الرهن وقف على الإجازة ، ولو كان وكيلا فباع بعد الحلول صح ، ولو أذن الراهن في البيع قبل الحلول لم يستوف دينه حتى يحل.
ويلحق به مسائل النزاع :
وهي أربع :
______________________________________________________
الديان فيه شركاء؟ فكتب عليه السلام : جميع الديان في ذلك سواء يتوزعونه بينهم بالحصص (1).
وروى الشيخ في التهذيب بهذا السند ، وبسند آخر فيه أبو عمران الأرمني ، عن عبد اللّه بن الحكم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).
والسندان ضعيفان ، فإن الأرمني ضعفه النجاشي وابن الغضائري ، ومحمد بن عيسى واقفي.
وادعى المتأخر ، الإجماع على ترجيح المرتهن على الغرماء.
« قال دام ظله » : ولو كان الرهن دابة قام بمؤونتها وتقاصا ، وفي رواية ، الظهر يركب والدر يشرب وعلى الذي يركب ويشرب ، النفقة.
ص: 545
( الأولى ) يضمن المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه.
______________________________________________________
أقول : المراد بالمقاصة تقاص ( أن يقاص خ ) المرتهن ما أنفق عليها بالأجرة المضمونة عليه ، حيث تصرف فيها من غير إذن الراهن ، فلا يتحقق المقاصة ، إلا بهذا التأويل ، والمسألة التي قبل هذه تتضمن ثبوت الأجرة.
وأما الرواية التي رواها عبد اللّه بن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركبه نفقته ، والدر يشرب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يشرب نفقته (1).
وفي رواية أبي ولاد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : إن كان يعلفه فله أن يركبه ، وإن كأن الذي رهنه عنده يعلفه ، فليس له أن يركبه (2) وعليها فتوى الشيخ في النهاية.
ومنع المتأخر الركوب تمسكا بأن المرتهن ممنوع من التصرف.
وفي إطلاق قوله (3) ( قام بمؤونتها وتقاصا ) تردد منشؤه أنه إن تبرع بالنفقة ، فهل يجوز الرجوع؟ قال المتأخر : لا يجوز ، فعلى هذا القول لا يصح الإطلاق ، ولا إشكال في الرجوع مع إذن صاحبها أو شرط الرجوع.
« قال دام ظله » : يضمن المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه ، وقيل : أعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف.
القول الأول للشيخين في النهاية والمقنعة وسلار في الرسالة ، واختار في المبسوط ، أعلى القيم ، وحكى شيخنا في الشرايع قولا بإلزام قيمته يوم القبض ،
ص: 546
وقيل : أعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف ، ولو اختلفا ، فالقول قول الراهن.
وقيل : القول قول المرتهن ، وهو أشبه.
( الثانية ) لو اختلفا فيما على الرهن فالقول قول الراهن.
وفي رواية : القول قول المرتهن ما لم يدع زيادة عن قيمة الرهن.
______________________________________________________
والأول أشبه ، لأن الثابت قي الذمة هو العين ما دامت باقية ، فإذا تلفت ، يضمن قيمته ، لأنه يوم ثبوت القيمة.
وتحقيق المسألة أنه إن ( إذا خ ) تلفت بتفريط المرتهن أو تعديه وهو مثلي يضمن مثله ، وإن لم يكن مثليا يضمن قيمته.
فأما لو اختلفا في القيمة ، قال الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار في الرسالة ، وأبو الصلاح ، أن القول قول الراهن.
وقال في المبسوط والمتأخر وشيخنا أن القول قول المرتهن ، وهو أشبه والمختار.
( لنا ) التمسك بقوله عليه السلام : البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر (1) ، والمدعي في صورة النزاع هو الراهن ، والمنكر هو المرتهن ، فيكون القول قوله مع يمينه ، فيؤخذ منه القدر (2) المقر به ، ويحلف على الباقي ، وادعى المتأخر على هذا ، الإجماع وهو مشكل ، مع تحقق الخلاف.
« قال دام ظله » : لو اختلفا فيما على الرهن ، فالقول قول الراهن ، وفي رواية : القول قول المرتهن ما لم يدع زيادة عن قيمة الرهن.
أقول : معنى هذا الكلام : إذا اختلفا في مقدار ما على الرهن يعني الدين فالقول الأول هو المعول عليه ( المعمول خ ) المطابق للأصل المسلم وبه عدة
ص: 547
( الثالثة ) لو قال القابض : هو رهن ، وقال المالك : هو وديعة ، فالقول قول المالك مع يمينه.
وفيه رواية أخرى متروكة.
( الرابعة ) لو اختلفا في التفريط فالقول قول المرتهن مع يمينه.
______________________________________________________
روايات (1) نستغني عن ذكرها بالأصل وعمل الأصحاب ، وأما الرواية المشار إليها في المتن فهي عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن ، فقال الراهن : هو بكذا وكذا ، وقال المرتهن : هو بأكثر ، قال علي عليه السلام يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمينه (2).
والنوفلي ضعيف ، والسكوني عامي ، فالرواية متروكة ، وحملها الشيخ في الاستبصار على الاستحباب ، لأن الراهن ائتمنه ومعناها : يصدق المرتهن ، في قوله : ما لم يدع قدرا يساويه الرهن في القيمة ، وعبارة الشيخ في النهاية ، ما لم يستغرق الرهن ثمنه بفتح ( الرهن ) ويكتب برفعه أيضا فاعل ( يستغرق ) وهو ظاهر.
وأما النصب على أنه يكون مفعول ( يستغرق ) وفاعله ضمير يرجع إلى القول و ( ثمنه ) بدل ( الرهن ) وتقدير ما لم يستغرق قوله ثمن الرهن.
« قال دام ظله » : لو قال القابض : هو رهن ، وقال المالك : هو وديعة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، وفيه رواية أخرى متروكة.
أقول : القول الأول انعقد عليه العمل ، وهو مقتضى الأصل.
وأما الرواية فهي إشارة إلى ما رواه الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب ،
ص: 548
............................................................................
______________________________________________________
عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) أن القول قول الذي يقول : هو أنه رهن إلا أن يأتي الذي ادعاه أنه أودعه بشهود (1).
وإلى ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ( في حديث ) قال : على صاحب الوديعة بينة فإن لم يكن له بينة حلف صاحب الرهن (2).
وهما ضعيفتا السند ، فإن عباد بن صهيب عامي المذهب ، وأبان ضعيف ، وسماعة واقفي ، على أنهما معارضتان ( تعارضتا خ ) بالأصل ، وعمل الأصحاب.
وبرواية الحسين بن سعيد ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ( في حديث ) ، قال في رجل رهن عند صاحبه رهنا ، فقال الذي عنده الرهن : ارتهنته عندي بكذا وكذا وقال الآخر : إنما هو عندك وديعة ، فقال : البينة على الذي عنده الرهن أنه ( يكون خ ) بكذا وكذا ، فإن لم يكن له بينة فعلى الذي له الرهن اليمين (3).
وجمع الشيخ في الاستبصار بين هذه الروايات ، فحمل الأوليين على ظاهرهما ، وحمل الأخيرة على أن دعوى المرتهن ، في مقدار ما على الرهن.
فهذا ما قاله رحمه اللّه على وجه الجمع ، لا على وجه الفتوى ، بل فتواه على ما اخترناه أولا.
ص: 549
............................................................................
______________________________________________________
والوجه أن الطعن في الروايات المتروكة اسلم من تكلف التأويلات.
والمتأخر قد اطال لسان الشنعة في هذا الموضع على الشيخ رحمه اللّه ، ولو انصف لأمسك ، فان الشيخ اعظم قدرا وارفغ منزلة ( شانا خ ) من ان يخفى عليه مثل ما ظهر لهذا المتأخر لكن ديانته منعته من الاقدام على الطعن في الروايات ، وصنف الاستبصار في الجمع بين المختلفات فان وافق الحق فهو المبتغى ، وان خالف فما عليه الا بذل الوسع.
وليت شعرى من الذى لم يختلف قوله ، ولا خبط في تصنيفه ، وقال اللّه تعالى : ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (1) وتمثلت للمتأخر بقول النبي صلى اللّه عليه وآله : يبصر احدكم القذى (2) في عين اخيه ويدع الخدع (3) في عينه (4).
ص: 550
ص: 551
كتاب الحجر
المحجور : هو الممنوع من التصرف في ماله ، وأسباب الحجر ستة ، الصغر ، والجنون ، والرق ، والمرض ، والفلس ، والسفه.
ولا يزول حجر الصغير إلا بوصفين :
( الأول ) البلوغ : وهو يعلم بإنبات الشعر على العانة ، أو خروج المني الذي منه الولد من الموضع المعتاد ، ويشترك في هذين الذكور والإناث - أو السن - وهو بلوغ خمس عشرة سنة.
وفي رواية ، من ثلاث عشرة إلى أربع عشرة.
وفي رواية أخرى ببلوغ عشر وفي الأنثى ببلوغ تسع.
( الثاني ) الرشد : وهو أن يكون مصلحا لماله.
وفي اعتبار العدالة تردد.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : وفي اعتبار العدالة تردد.
أقول : عد الصغر من أسباب الحجر ، ويزول بالبلوغ ، وهو عندنا ( إما خ ) إنبات شعر العانة ، والاحتلام ، أو السن ، وفي كميته خلاف ( اختلاف ح ) والعمل على أنه خمس عشر سنة ، ولعل ما وردت بدون ذلك من الروايات (1) محمولة على ما إذا
ص: 552
ومع عدم الوصفين أو أحدهما يستمر الحجر ولو طعن في السن ، ويعلم رشد الصبي باختياره بما يلائمه من التصرفات ، ويثبت بشهادة رجلين في الرجال ، وبشهادة الرجال أو النساء في النساء.
والسفيه هو الذي يصرف أمواله في غير الأغراض الصحيحة ، فلو باع والحال هذه لم يمض بيعه.
وكذا لو وهب أو أقر بمال ، ويصح طلاقه وظهاره وإقراره بما لا يوجب مالا.
والمملوك ممنوع من التصرفات إلا بإذن المولى.
والمريض ممنوع من الوصية بما زاد على ( عن خ ) الثلث.
وكذا في التبرعات المنجزة على الخلاف.
______________________________________________________
احتلم ، أو أنبت في تلك السنة ، فإنا نشاهد من احتلم في اثني عشرة ، وثلاث عشر سنة وسنذكرها في كتاب الوصية.
ويزول بالرشد أيضا ، وهو أن يكون مصلحا للمال.
واعتبر الشيخ العدالة مخالفا لأبي حنيفة ، مستدلا بقوله تعالى : فإن آنستم منهم رشدا (1) قال في الخلاف والمبسوط : وحد الرشد في الآية أن يكون مصلحا لماله ودينه ( عدلا في دينه خ ).
وروى ابن عباس ، هو أن يكون ذا وقار وعلم ( حلم خ ل ) وعقل (2).
واقتصر بعض المفسرين على إصلاح المال ، فمنشأ تردد شيخنا من اختلاف تفسيره « قال دام ظله » : وكذا في التبرعات المنجزة على الخلاف.
ص: 553
والأب والجد للأب وليان على الصغير والمجنون ، فإن فقدا فالوصي ، فإن فقد فالحاكم.
______________________________________________________
معناه كما منع المريض في الوصية من الزيادة على الثلث ، فكذا منع في المنجزات (1) مع خلاف الأصحاب ، فذهب بعض إلى أنه من الثلث ، وبه يقول شيخنا ، وبعض إلى أنه من الأصل ، وتحقيق ذلك يتم في كتاب الوصية.
ص: 554
ص: 555
كتاب الضمان
وهو عقد شرع للتعهد بنفس أو مال.
وأقسامه ثلاثة :
( الأول ) ضمان المال : ويشترط في الضامن التكليف ، وجواز التصرف.
ولا بد من رضا المضمون له ولا عبرة بالمضمون عنه ، ولو علم فأنكر لم يبطل الضمان على الأصح.
وينقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ويبرأ المضمون عنه.
ويشترط فيه الملاءة أو علم المضمون له بإعساره ، ولو بان إعساره كان المضمون له مخيرا ، والضمان المؤجل جائز.
______________________________________________________
« قال دام ظله » : ولا بد من رضا المضمون له ، ولا عبرة بالمضمون عنه ، ولو علم فأنكر لم يبطل الضمان على الأصح.
أقول : الضامن هو الكفيل بالمال ، والمضمون له صاحب المال ، والمضمون عنه من عليه المال ( الدين خ ).
وإذا تقرر هذا ، فهل يعتبر رضا ( المضمون له خ ) والمضمون عنه جزم الشيخ في
ص: 556
وفي المعجل قولان : أصحهما الجواز.
ويرجع الضامن على المضمون عنه إن ضمن بسؤاله ، ولا يؤدي أكثر مما دفع ، ولو وهبه المضمون له أو أبرأه لم يرجع بشئ على المضمون عنه ولو كان بإذنه ، وإن تبرع الضامن بالضمان فلا رجوع.
______________________________________________________
الخلاف والمبسوط ، بأن المضمون عنه لا يعتبر رضاه ، تمسكا بضمان علي عليه السلام (1) وقتادة (2) عن ميت بمحضر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ولم يعتبر الرسول صلى اللّه عليه وآله رضا المضمون عنه.
وتردد في الكتابين في المضمون له ، نظرا إلى أنه إثبات مال في الذمة بعقد ، فلا يصح إلا برضاه ، وإلى ضمان علي عليه السلام وقتادة ، فإن الرسول صلى اللّه عليه وآله لم يعتبر رضاه (3).
ثم قال في الخلاف : وهذا أليق بالمذهب ، والأول قياس.
وفي النهاية والمقنعة للمفيد أن المضمون عنه لو علم فأنكر لم يصح الضمان ، فيظهر ( فظهر خ ) من هذا اعتبار رضاه.
والأشبه أنه لا يعتبر ، أما ( أولا ) فلما ذكرنا و ( ثانيا ) لأن بالضمان ينتقل المال من ذمته إلى ذمة الضامن ، فإعادته إلى ذمة المضمون عنه يحتاج إلى دليل.
« قال دام ظله » : وفي المعجل قولان أصحهما الجواز.
أقول : ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة إلى أنه لا بد أن يكون مؤجلا.
وذهب المتأخر إلى جواز المعجل ، وحكى ذلك عن الشيخ في المبسوط ، وحكاية قوله في المبسوط ، أنه إذا أطلق الضمان ، فله المطالبة أي وقت شاء فكأنه
ص: 557
ولو ضمن ما عليه صح وإن لم يعلم كميته على الأظهر ، ويثبت عليه ما يقوم به البينة ، لا ما يثبت في دفتر وحساب ، ولا ما يقر به المضمون عنه.
______________________________________________________
( كأنه خ ) إشارة إلى الجواز.
والقول بالجواز أشبه لعدم مانع عقلي ونقلي يتعلق به غرض صحيح.
« قال دام ظله » : ولو ضمن ما عليه صح ، وإن لم يعلم كميته ، على الأظهر.
أقول : اختلف قول الشيخ في هذه المسألة فذهب في النهاية إلى الجواز ، وهو مذهب المفيد وسلار وأبي الصلاح ، وقال في الخلاف والمبسوط : لا يصح ، لأن ذلك غرر ( غرور خ ) وجهالة ، ثم قال في المبسوط : روى الأصحاب جواز ذلك ، ولست أعرف به نصا.
وجمع صاحب الرايع (1) ، فقال : يحمل القول الأول ، على ما إذا كان المبلغ معلوما والخلاف وقع في قليل ، والثاني يحمل على أن لا يدري المبلغ أصلا.
( قلت ) : فعلى كلا التقديرين ، الغرر ثابت ، ولست أعرف من أين نشأ هذا التأويل ، مع اتفاق الأصحاب ، على أن ( فرض خ ) المسألة واحدة.
وقال المتأخر : أورده الشيخ إيرادا لا اعتقادا.
قلت : وهب (2) أنه وقف على اعتقادات الشيخ بالهام علام الغيوب ، فأي شئ ( فأيش خ ) يقول في باقي المشايخ؟ ونعوذ باللّه أن يعتقد في هؤلاء المشايخ أن يوردوا في تصانيفهم خلاف معتقدهم ، إذ يكون تضليلا للطلاب.
والوجه أن الأشبه ما ذكره في الخلاف والمبسوط ، والأظهر بين الطائفة ما ذكره في النهاية ، فلو علمنا به يكون اتباعا لقولهم ولقول الصادق عليه السلام : خذ ما
ص: 558
( القسم الثاني ) الحوالة : وهي مشروعة لتحويل المال عن ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله ، ويشترط رضاء الثلاثة.
وربما اقتصر بعض على رضا المحيل والمحتال ، ولا يجب قبول الحوالة ولو كان على ملئ ، نعم لو قبل لزمت ، ولا يرجع المحتال على المحيل ولو افتقر المحال عليه.
ويشترط ملاءته وقت الحوالة أو علم المحتال بإعساره ، ولو بان فقره رجع ويبرأ المحيل وإن لم يبرءه المحتال.
وفي رواية ، إن لم يبرءه فله الرجوع.
( القسم الثالث ) الكفالة : وهي التعهد بالنفس ، ويعتبر رضا الكافل والمكفول له دون المكفول عنه.
______________________________________________________
اشتهر بين الأصحاب (1).
القسم الثاني في الحوالة
« قال دام ظله » : وربما اقتصر بعض الأصحاب ، على رضا المحيل والمحتال.
أقول : هذا إشارة إلى أبي الصلاح ، فأما باقي الأصحاب فشرطوا ( صرحوا خ ) رضا الثلاثة ، المحيل ، والمحتال ، والمحال عليه ، فالمحيل هو الذي عليه الحق ، والمحتال هو الذي له الحق ، والمحال عليه هو الذي عليه حق المحيل.
« قال دام ظله » : وفي رواية ، إن لم يبرءه فله الرجوع.
هذه رواها الشيخ ، عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
ص: 559
وفي اشتراط الأجل قولان ، وإن اشترط أجلا فلا بد من كونه معلوما ، وإذا دفع الكافل الغريم فقد برئ ، وإن امتنع كان للمكفول له حبسه حتى يحضر الغريم أو ما عليه.
______________________________________________________
ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام ، في الرجل يحيل الرجل بمال كان له على رجل آخر ، فيقول له الذي احتال : برئت مما لي عليك ، فقال : إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه وإن ( فإن خ ) لم يبرءه ، فله أن يرجع على الذي أحاله (1).
وهي حسنة الطريق ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية وأبي الصلاح في الكافي.
وذهب في الخلاف والمتأخر في كتابه ، إلى أنه لا يجوز الرجوع ، وهو أشبه ، لأن بالحوالة ينتقل المال من ذمة المحيل إلى ( ذمة خ ) المحال عليه ، فبعد الانتقال لا يحتاج إلى الإبراء.
الكفالة
« قال دام ظله » : وفي اشتراط الأجل قولان.
قال الشيخان في النهاية والمقنعة : يشترط الأجل ، وتبعهما أبو الصلاح وسلار وصاحب الواسطة (2).
وقال في المبسوط : تصح حالة ومؤجلة ، واختاره المتأخر ، وشيخنا في الشرايع ، والأول أشبه.
( لنا ) أن الكفالة لا بد لها من فائدة ، فلو شرعت حالة لكانت خالية من فائدة ، إذ للمكفول له أن يطلب المكفول من الكافل وقت وقوع الكفالة من غير تربص ،
ص: 560
ولو قال : إن لم أحضره إلى كذا ، كان علي كذا ، كان كفيلا أبدا ولم يلزمه المال ، ولو قال : علي كذا إلى كذا إن لم أحضره كان ضامنا للمال إن لم يحضره في الأجل.
ومن خلى غريما من يد غريمه قهرا لزمه إعادته أو أداء ما عليه ، ولو كان قاتلا أعاده أو يدفع الدية ، وتبطل الكفالة بموت المكفول عنه.
______________________________________________________
وذلك يكون عبثا.
«قال دام ظله » : ولو قال ان لم احضره الى كذا كان علي كذا ، كان كفيلا ابدا ولم يلزمه المال ، ولو قال : علي كذا الى كذا ان لم احضره ، كان ضامنا للمال إن لم يحضره إلى الأجل.
أقول : حروف الشرط تدخل على الفعل ، ولا بد لها من جواب يسمى جزاء ، ومرتبة الجزاء أن يؤخر عن الشرط ، فلو قدم لفظا يكون مؤخرا تقديرا من غير تغيير معنى الكلام.
فإذا تقرر هذا فالفارق في هذه المسألة ليس تقديم حرف الشرط وتأخيره بل الفارق مستفاد عن الخبر المتلقى بالقبول ، وهو ما ذكره الشيخ في التهذيب ، وابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل ، فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهما؟ قال : إن جاء به إلى الأجل ، فليس عليه مال ، وهو كفيل بنفسه أبدا ، إلا أن يبدء بالدراهم ، فإن بدأ بالدراهم فهو له ( لها خ ) ضامن ، إن لم يأت به إلى الأجل الذي أجله (1).
وروي مثله في التهذيب عن الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي العباس ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل كفل
ص: 561
............................................................................
______________________________________________________
لرجل بنفس رجل ، فقال ( وقال خ ئل ) : إن جئت به وإلا فعلي ( فعليك خ ئل ) خمسمائة درهم ، قال : عليه نفسه ولا شئ عليه من الدراهم ، فإن قال : علي خمسمائة درهم إن لم أدفعه إليه ، قال : تلزمه الدراهم إن لم يدفعه إليه (1).
ورأيت المتأخر تصدي ( تصدع خ ) لبيان الفارق ، فقال : يلزمه ضمان النفس ، حيث بدأ بضمان النفس ، ويلزمه ضمان المال ، حيث بدأ بضمان المال.
قلت : لو صمت عن مثل هذا البيان لنجا عن لسان المشنع ، فليس سؤال السائل إلا عن هذا ، فإنه يسأل لم إذا بدأ بالضمان عن النفس لا يلزمه ضمان المال؟ وحكم الشرط لا يتغير بالتقديم والتأخير.
تم - بحمد اللّه تعالى - الجزء الأول من هذا التراث الفقهي حسب تجزئتنا ، ويتلوه - إن شاء اللّه تعالى - الجزء الثاني أوله كتاب الصلح ، نسأل اللّه عز شأنه أن يجعله موردا لانتفاع الحوزات العلمية فيصير ذخرا ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللّه بقلب سليم
ص: 562
العنوان / الصفحة
كلمة وجيرة حول موقف الفقه والفقيه... 5
أصل الفقه للوصول إلى الكمالات... 5
الفقه الجوانحي هو كيفية السلوك مع الخالق... 6
الفقه الجوارحي هو كيفية السلوك مع غير الخلق... 6
أسباب الوصول إلى الكمالات راجعة إلى الفقه... 6
مراتب السلوك راجعة إلى الفقه... 7
عد عدة من الفقهاء
علي بن أبي رافع... 9
الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهما السلام... 10
الفقهاء من أصحاب أبي عبداللّه عليه السلام... 10
الفقهاء من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام... 10
الفقهاء في زمن الغيبة إلى أواسط القرن السابع... 11
المحقق «ره»
مولده... 12
سمته ووصفه... 13
كنيته وألقابه وأساتذته وتلاميذه... 14
مؤلفاته... 16
سبب وفاته وسنتها... 17
مدفنه... 18
ص: 563
كاشف الرموز
اسمه وكنيته ولقبه... 19
سمته ووصفه... 20
مولده ووفاته ومدفنه... 21
المختصر النافع
كلام من صاحب الذريعة... 21
شراح الكتاب... 22
نسخ الكتاب... 27
كيف وضع نسخه وتصحيحنا له؟... 29
نماذج من النسخ الستة... 31
كشف الرموز
خطبة للشارح قدس سره... 38
مقدمات ثلاثة للشارح قدس سره... 39
مصطلحات الشارح قدس سره في الشرح... 40
خطبة المصنف قدس سره... 42
كتاب الطهارة
تعريف الطهارة... 44
أقسام المياه ، تعريف الماء المطلق وأقسامه... 45
كله ينجس باستيلاء النجاسة... 45
نجاسة الماء القليل بالملاقاة... 45
تقدير الماء الكر... 47
حكم نجاسة البئر بالملاقاة... 48
منزوحات البئر... 49
نجاسه البئر بالتغيير بالنجاسة... 55
حد تباعد البئر من البالوعة... 56
ص: 564
المضاف
تعريف المضاف وحكمه... 56
عدم إزالة الخبث والحدث بالمضاف... 58
كراهة الطهارة بماء أسخن بالشمس... 59
الاسئار
حكم سؤر ما لا يؤكل لحمه أو آكل الجيف... 59
حكم نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف... 60
عدم جواز استعمال الماء النجس مطلقا... 60
الطهارة المائية
موجبات الوضوء... 61
آداب الخلوة... 62
وجوب غسل مخرج البول بالماء متعينا... 63
جملة من آداب الاستنجاء... 64
كيفية الوضوء
فروض الوضوء سبعة : غسل الوجه... 65
غسل اليدين ومسح الرأس... 66
مسح الرجلين والموالاة والترتيب... 67
الفرض في الغسلات وعدم تكرار المسح... 67
حكم الجبائر والسلس... 67
سنن الوضوء عشرة... 69
حكم ما لو تيقن الحدث وشك في الطهارة أو العكس أو تيقنهما... 69
حكم ما لو تيقن ترك عضو... 69
حكم ما لو لم تبق أعضاء الغسل نداوة... 69
إعادة الصلاة عند ترك غسل أحد المخرجين... 70
غسل الجنابة
موجب لغسل الجنابة أمران الانزال والجماع... 70
ص: 565
حكم ما لو وجد على ثوبة منيا... 70
هل يجب الغسل بوطئ الغلام من دون إنزال؟... 71
كيفية الغسل وسننها ومحرمات الجنب... 71
المكروهات على الجنب... 72
حكم ما لو رأى بللا بعد الغسل... 72
حكم ما لو أحدث في اثناء الغسل... 73
غسل الحيض
صفة دم الحيض هل يجتمع مع الحمل؟... 74
أقل الحيض وأكثر ، حكم التجاوز عن العادة... 76
ما به تثبت العادة وحكم ما لو رأت الدم قبلها أو بعدها... 77
تترك ذات العادة الصوم والصلاة بمجرد الرؤية... 78
ما يحرم على الحائض... 79
هل تجب الكفارة بوطئ الحائض... 80
ما يكره على الحائض... 80
وجوب قضاء ما فاتته من الصلاة إذا حاضت بعد دخول الوقت... 80
غسل الحائض كغسل الجنابة... 81
الاستحاضة
صفة دم الاستحاضة وعلائم الاقسام الثلاثة... 81
وجوب الوضوء عليها لكل صلاة... 82
وجوب الاستظهار عليها في منع الدم عنه الصلاة... 83
غسل النفاس
لا يكون نفاس إلا مع الدم ولا حد لقلته... 83
أكثر النفاس لا يزيد عن عشرة... 84
أحكام النفساء كأحكام الحائض... 84
غسل الاموات
وجوب استقبال المختصر وكيفيتة... 85
ص: 566
مسنونات المحتضر... 85
كراهة حضور الجنب والحائض... 86
وجوب غسل الميت وكيفية وحكم وضوئه... 87
مسنونات غسل الميت... 88
وجوب تكفينه وكيفيته ومسنوناته... 89
وجوب التحنيط وكيفيته... 89
وجوب دفنه وكيفيته... 90
سنن الدفن ومكروهاته... 91
كفن المرأة على زوجها وكفن الميت من أصل المال... 92
حرمة نبش القبر وحرمة نقل الميت بعد دفنه... 92
الشهيد لا يغسل... 92
حكم ما إذا مات ولد الحامل... 92
حكم ما إذا وجد بعض الميت... 92
وجوب المماثلة بين الغاسل والميت... 92
حكم ما لو مات محرما... 92
عدم وجوب تجهيز الكافر... 92
حكم ما لو تنجس كفن الميت... 93
غسل الميت
وجوب الغسل بمس الميت الادمي... 93
وجوب الغسل بمس قطعة فيها عظم... 93
الاغسال المندوبة
الطهارة الترابية
شرائط التيمم... 95
ما يتيمم به... 97
كيفية التيمم... 98
عدد الضربات في التيمم... 101
ص: 567
عدم وجوب إعادة ما صلى بالتيمم... 102
حكم ما لو تعمد الجنابة مع عدم الماء... 102
وجوب طلب الماء وحده... 103
حكم ما لو وجد الماء قبل شروعه... 104
حكم ما لو تيمم المجنب ثم أحدث... 105
نواقض التيمم نواقض الوضوء... 105
جواز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء... 105
حكم ما إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب... 105
في النجاسات
تعداد النجاسات ، حكم عرق الجنب من الحرام... 107
وجوب إزالتها للصلاة إلا الدم الاقل من الدرهم... 107
وجوب إزالة دم الحيض وإن قل وحكم دم الاستحاضة والنفاس... 108
عفي عن دم القروح والجروح ، عفى عما لا تتم الصلاة فيه... 110
كيفية غسل البول... 110
الحكم ما إذا جهل موضع النجاسة... 110
غسل موضع ملاقاة الحيوانات النجسة... 111
من صلى في النجس عامداً يعيد... 111
حكم ما لو نسى النجاسة فصلى... 113
حكم ما لو رأى النجاسة في ثوبه أو بدنه أثناء الصلاة... 114
عفي عن ثوب المربية في الجملة... 115
حكم ما إذا لم يتمكن من تطهير ثوبه... 115
مطهرية الشمس في الجملة... 116
هل تطهر النار ما أحالته رمادا؟... 117
مطهرية الارض في الجملة... 117
الأواني
حرمة استعمال الاواني من النقدين... 118
ص: 568
حكم أواني المشركين ، حكم استعمال الجلود... 118
كيفية غسل الاناء من الولوغ... 120
كيفية غسل الاناء من الخمر والفأرة... 121
كتاب الصلاة
أعداد الفرائض ونوافلها... 124
سقوط نوافل الظهرين في السفر وحكم الوتيرة... 125
مواقيت الصلوات
وقت الظهرين والعشائين ، وقت الفجر... 126
أوقات نوافل الفرائض... 127
أحكام المواقيت
طريق العلم بزوال الشمس... 127
كراهة صلاة العشاء قبل ذهاب الحمرة المغربية... 127
عدم تقدم صلاة الليل على الانتصاف... 127
حكم ما إذا تلبس بنافلة الظهر ثم خرج وقتها... 127
حكم ما إذا تلبس بصلاة الليل ثم خرج وقتها... 127
مواضع كراهة النوافل المبتدئة... 128
الافضل تقديمها في أول الوقت... 129
إذا صلى ثم تبين الخلاف... 129
القبلة
كفاية جهة الكعبة مع عدم التمكن من استقبالها... 130
وجوب استقبال كل اقليم الى سمت الركن الذي يليه... 132
استحباب التياسر لاهل العراق على قول... 132
حكم ما إذا فقد العلم بالجهة والظن... 132
وجوب إعادة الصلاة إذا صلى إلى غير القبلة عمدا... 133
حكم صلاة الظان مع كشف الخلاف... 133
ص: 569
عدم جواز الصلاة الفريضة على الراحلة اختيارا... 133
لباس المصلّي
عدم جواز الصلاة في جلد الميتة أو غير المأكول... 133
جواز الصلاة في الخز الغير المغشوش بوبر الارانب والتعالب... 133
حكم الصلاة في فرو السنجاب... 136
عدم جواز الصلاة في الحرير المحض... 136
هل يجوز للنساء الصلاة في الحرير... 138
بعض فروع الصلاة في الحرير... 139
عدم جواز الصلاة في ثوب مغصوب... 139
استحبابها في النعل العربية... 139
كراهتها في الثياب السود وفي الذي تحته وبر الارانب والثعالب... 139
جمله من مكروهات اللباس... 140
اشتراط الطهارة وجواز التصرف في اللباس... 141
ما يكفي من الستر في الرجل والمرأة... 141
يجزي في الستر الصلاتي كل ما يستر... 141
مكان المصلّي
اشتراط الملك أو الاذان في مكان المصلي... 142
حكم محاذاة المرأة للرجل أو تقدمها عليه... 142
عدم اشتراط طهارة مكان المصلي عدا موضع الجبهة... 143
استحبابها في المسجد إلا في الكعبة... 143
المواضع المكروهة للصلاة... 144
ما يسجد عليه
عدم جواز السجود على غير الارض وما ينبت منها... 144
حكم السجود على الكتان والقطن... 145
جواز السجود على الثلج والقير وغيره مع عدم الارض وما ينبت منها... 145
كراهة السجود على ما فيه كتابة... 145
ص: 570
الاذان والاقامة
ما يعتبر في المؤذن وجوبا أو استحبابا... 145
حكم ما لو أخل بهما ناسيا... 145
ما يؤذن له ، كيفية الاذان والاقامة... 146
مستحباتهما... 147
استحباب حكاية الاذان... 148
جواز إجتزاء الامام بالاذان المسموع... 148
عدم وجوب إعادة الاقامة لو أحدث في الصلاة... 148
أفعال الصلاة
النية وبيان ما يعتبر فيها... 149
تكبيرة الاحرام وبيان كيفيتها وواجباتها... 150
القيام وما يعتبر فيه ، حكم ما لو تعذر القيام... 150
ما يستحب في الجلوس مقام القيام عند الاضطرار... 150
القراءة وما يعتبر فيها وكيفيتها... 152
وجوب تعلم القراءة على من لا يعلم... 152
عدم جواز قراءة سور العزائم... 152
سنن القراءة... 152
قراءة الجمعة والمنافقين في ظهريها... 154
نوافل النهار إخفات والليل جهر... 154
استحباب إسماع الامام صوته لمن خلفه... 154
حرمة قول آمين... 156
الضحى وألم نشرح سورة واحدة وكذا الفيل ولايلاف... 156
تجزي التسبيحات بدل القراءة في الاخيرتين... 159
حكم ما لو قرأ إحدى العزائم في النافلة... 159
وجوب الركوع وكيفيته وواجباته ، سنن الركوع... 159
وجوب السجود مرتين في كل ركعة ، واجباته سبع... 160
ص: 571
وجوب التشهد ، واحباته خمسة... 161
حكم ما لو كان بجبهته دمل سنن السجود... 161
هل السلام واجب؟ سنن السلام... 162
مندوبات الصلاة
التوجه بسبع تكبيرات... 164
القنوت وكيفيته... 164
كيفية النظر في حالات الصلاة... 164
كيفية وضع اليدين في حالاتها... 164
التعقيب وأفضله تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام... 165
قواطع الصلاة
كل ما يبطل الطهارة فهو قاطع للصلاة... 166
حكم وضع اليمين على الشمال... 166
حرمة قطع الصلاة إلا ما استثني... 166
هل الاكل أو الشرب قاطع؟... 166
الصلاة في الشعر المعقوص ، مكروهات الصلاة... 167
رد السلام يجب أن يكون مثل السلام... 167
جواز السؤال للمباح دون المحرم... 168
صلاة الجمعة
كيفيتها ووقتها ووجوب قضائها ظهرا لو فاتت... 169
حد دراك الجمعة للمأموم... 169
شروط الجمعة خمسة 1 - السلطان العادل... 170
2 - العدد وبيان المراد منه... 170
3 - الخطبتان وبيان ما يعتبر فيها... 172
ما يستحب في الخطيب... 4 - الجماعه... 175
5 - عدم الفصل بين الجمعتين بأقل من ثلاثة أميال... 175
حرمة السفر بعد زوال يوم الجمعة قبل صلاتها... 175
ص: 572
هل يجب الاصغاء إلى الخطبة؟... 175
الاذان الثاني فيه بدعة وبيان المراد منه... 176
حرمة البيع بعد النداء... 177
حكم الجمعة عند عدم وجود الامام عليه السلام... 177
تعين الامام عليه السلام لاقامتها عند وجوده في بلد... 177
حكم ما لو منع المأموم زحام عن السجود... 177
سنن الجمعة... 178
حكم الجهر في صلاة الجمعة هل هو واجب؟... 179
صلاة العيدين
هي واجبه بشروط الجمعة مندوبة بعدمها... 181
وقتهما وكيفيتهما... 181
سننهما... 182
التكبير في الفطر وكيفيته... 183
ما يكره حين الخروج وبعدها وقبلها... 183
هل التكبيرات فيها واجبة؟... 184
إذا اجتمع عيد وجمعة ، الخطبتان بعد الصلاة... 184
عدم نقل المنبر إلى الصحراء... 184
حكم السفر يوم العيد قبل الصلاة... 184
صلاة الكسوف
أسبابها ووقتها... 185
حكم ما لو علم وأهمل... 186
كيفيتها... 187
استحباب الجماعة فيها والاطالة بقدر الكسوف... 188
سائر ما يستحب فيها... 189
حكم ما اذا اتفقت في وقت حاضرة... 190
هل تصلى هذه على الراحلة وماشيا؟... 190
ص: 573
صلاة الجنائز
وجوب الصلاة على كل مسلم ومن بحكمه... 191
استحبابها على غير البالغ... 192
جواز الجماعة فيها مطلقا ، كيفيتها... 192
وجوب كون الصلاة بعد التغسيل والتكفين... 193
سننها ، كيفية الصلاة على الطفل... 193
حكم من أدرك بعض التكبيرات... 193
حكم ما لو لم يصل على الميت... 194
جوازها في كل وقت... 194
حكم ما لو حضرت جنازة في أثناء الصلاة... 194
صلاة الاستسقاء
استحبابها في الجدب... 195
سننها وكيفيتها... 195
نوافل شهر رمضان وغيرها
عددها وكيفية إتيانها... 196
صلاة ليلة الفطر ويوم الغدير وليلة المبعث ويومها... 197
خلل الصلاة
في العمد يعيد مطلقا وفي السهو تفصيل... 198
حكم ما لو ترك السجدتين من الاخيرتين... 198
حكم ما لو نقص عن عدد الصلاة ثم ذكر... 198
حكم ما لو كان السهو عن غير ركن... 200
حكم الشك في عدد الثنائية أو الثلاثية... 200
حكم الشك في الزائد عن الاوليين... 201
بيان الصور الاربع للشك المذكور... 201
لا سهو على من كثر سهوه ، موجبات سجود السهو... 202
كيفية سجود السهو... 204
ص: 574
قضاء الصلاة
موارد وجوب القضاء ، ترتب الفوائت كالحواضر... 205
هل تترتب الفوائت على الحاضرة؟... 206
يقضى ما فات كما فات سفرا وحضرا... 206
استحباب قضاء النوافل... 206
صلاة الجماعة
استحباب الجماعة في الفرائض... 206
ولا تجمع في نافلة... 210
حد إدراك المأموم الركعة... 211
أقل ما تنعقد به الجماعة... 211
اشتراط أن لا يكون مكان المأموم أعلى من مكان الامام... 211
حكم القراءة خلف الامام ، وجوب متابعة الامام... 211
حكم ما لو صلى وقال كل واحد منهما : أنا إمام... 212
عدم اشتراط تساوي الفرضين في الجماعة... 212
جواز ائتمام المفترض بمثله وبالمتنفل وبالعكس... 213
جملة من مستحبات الجماعة ، كراهة وقوف المأموم وحده... 213
ما يعتبر في الامام ، حكم تشاح الائمة... 214
استحباب اسماع من خلفه للإمام... 215
عدة ممن يكره إمامتهم ، لو بان فسق الامام... 215
حكم ما لو خاف فوت الركوع... 215
حكم ما لو كان الامام في محراب داخل... 215
حكم ما لو شرع في نافلة فأحرم الامام... 216
المأموم المسبوق يتم صلاته بعد تسليم الامام... 216
حكم ما إذا أدركه بعد إنقضاء الركوع... 216
النساء يقفن وراء الرجال... 216
حكم ما إذا استنيب المسبوق... 216
ص: 575
أحكام المساجد
ما يستحب في كيفية بناء المساجد... 216
ما يكره في كيفية بنائها وما يكره فيها... 217
صلاة الخوف
في كيفيتها... 218
هل يجب أخذ السلاح... 219
حكم ما إذا انتهى الحال الى المسايقة... 220
غير الجهاد من أسباب الخوف ما لحق به ، حكم الموتحل والغريق... 220
صلاة المسافر
شروط القصر خمسة : 1 - المسافة وبيان حدها... 220
2 - عدم قطع السفر بعزم الاقامة... 221
3 - كون السفر مباحا وحكم ما إذا كان للتجارة... 221
4 - عدم كون سفره أكثر من حضره وبيان حده... 221
5 - تواري جدران بلده أو خفاء أذانه... 225
القصر عزيمة لا رخصة إلا في المواطن الاربعة... 225
حكم ما لو قصد أربع فراسخ ولم يرد الرجوع ليومه ، حكم ما أتم نسيانا... 226
حكم ما لو دخل الوقت فسافر أو حضر... 227
إقامة العشرة في غيره بلده مع نيتها موجب للإتمام... 227
ما يستحب أن يقول المسافر عقيب صلاة القصر... 227
حكم ما لو صلى المسافرخلف المقيم... 227
جواز أو استحباب الجمع للمسافر بين الفريضين... 228
يقضي النوافل سفرا وحضرا... 228
كتاب الزكاة
زكاة المال
من تجب عليه الزكاة وحكم زكاة الطفل... 232
ص: 576
لا زكاة في الدين... 234
زكاة القرض على المقترض... 234
ما يجب فيه وما تستحب... 234
( زكاة الانعام وشرائطها )... 236
الشاة المأخوذة في الزكاة... 238
حكم من وجب عليه سن من الابل وليس عنده... 239
حكم ما إذا وجب في المال رأسان أو أزيد... 241
حكم ما إذا بلغ الغنم ثلاثمائة وواحدة... 241
لا يجمع بين متفرق في الملك ولا يفرق بين مجتمع فيه... 242
( زكاة الذهب والفضة وشرائط وجوبها )... 242
القدر المخرج من النصاب الاول... 243
لا زكاة في السبائك... 245
حكم ما خلف لعياله من جنس النقدين فزاد... 246
عدم جبران جنس بجنس آخر... 247
زكاة الغلات ومقدار نصابها... 247
وقت تعلق الزكاة في الغلات... 248
وقت إخراج الزكاة والقدر المخرج... 248
استحباب زكاة مال التجارة وشرائطها... 249
هل يجوز تأخيرها عن أول الوقت؟... 249
هل يجوز تقديمها؟ ، المستحقون لها... 251
1 و 2 - الفقراء والمساكين وبيان المراد منهما... 252
3 - العاملون وبيان المراد منه... 253
4 و 5 و 6 - المؤلفة وفي الرقاب والغارمون وبيان المراد منهم... 253
7 - في سبيل اللّه وبيان المراد منه... 254
8 - ابن السبيل وبيان المراد منه... 255
شرائط المستحقين أربعة... 255
ص: 577
حرمة زكاة غير الهاشمي عليه... 257
وجوب دفعها إلى الامام إذا طلبها... 259
عدم وجوب البسط على الاصناف... 259
استحباب عزلها والايصاء بها لو لم يجد مستحقا... 260
حكم ما لو مات العبد المبتاع بمال الزكاة... 260
أقل ما يعطي الفقير... 261
كراهة تملك ما أخرجه في الصدقة... 261
استحباب الدعاء لصاحب الزكاة... 262
حكم سهم السعاة والمؤلفة في غيبة الامام... 262
ما ينبغي أن يعمل في الزكاة... 262
زكاة الفطرة
فيمن تجب عليه ، في جنسها... 263
في وقتها... 264
في مصرفها... 265
كتاب الخمس
فيما يجب فيه الخمس وشرائط كل ما يجب فيه الخمس... 268
تقسيم الخمس... 269
إعتبار الفقر في الاصناف الثلاثة... 270
بيان الانفال... 271
هل يجوز التصرف فيما يخص بالامام عليه السلام؟... 271
حكم سهم الامام حال الحضور أو الغيبة... 271
كتاب الصوم
ماهية الصوم... 274
وقت النية ليلا في الواجب وحكمه في المندوب... 275
ص: 578
إجزاء نية واحدة... 276
وجوب الامساك عن تسعة (1 و 2) الاكل والشرب... 276
(3 إلى 8) الجماع ( الى قوله ) والكذب على اللّه ... الخ... 278
(9) الارتماس... 279
حكم السعوط ومضغ العلك... 280
حكم الحقنة... 281
مالا يبطل الصوم بفعله ، ما يكره للصائم... 282
وجوب الكفار مع القضاء في موارد... 283
بيان الكفارة ، حكم الافطار بالمحرم... 285
عدم وجوب الكفارة في غير صوم شهر رمضان والنذر المعين وقضاء شهر رمضان 286
حكم من أجنب ونام... 288
وجوب القضاء فقط في سبعة موارد... 288
هل تتكرر الكفارة بتكرر المفطر؟... 290
حكم من وطأ زوجته مكرها لها... 290
شرائط صحة الصوم... 290
أقسام الصوم ، طرق ثبوت الهلال... 293
فيما لا اعتبار به في ثبوت الهلال... 296
استحباب تقديم الصلاة على الافطار إلا أن تنازع نفسه... 297
شرائط وجوب الصوم... 297
شرائط وجوب القضاء... 301
يقضي عن الميت أكبر ولده وبيان المراد منه... 303
حكم ما إذا كان الاكبر انثى... 305
بيان المندوب من الصوم وأقسامه... 306
أنواع الصوم المحظور... 306
المريض والمسافر يلزمهما الافطار... 308
حكم الشيخ والشيخة وذو العطاش والحامل المقرب والمرضعة... 310
ص: 579
تو عدم وجوب صوم النافلة بالشروع... 311
حكم ما إذا أفطر يشترط فيه التتابع... 311
كتاب الإعتكاف
شروط الاعتكاف خمسة... 316
حكم ما لو خرج من معتكفه... 317
أقسام الاعتكاف... 317
عدم وجوبه بالشروع قبل مضي يومين... 318
استحباب اشتراط المعتكف... 319
حرمة الاستمتاع بالنساء على المعتكف... 320
يفسد الاعتكاف ما يفسد الصوم... 320
كتاب الحجّ
ماهية الحج... 324
استحبابه لفاقد الشرط... 324
شرائط حجة الاسلام
وجوبه بالشرائط التسعة... 324
وجوب الحج في العمر مرة واحدة... 324
صحة إحرام الصبي والمجنون... 325
لو حج غير مستطيع يكون ندبا... 325
هل يعتبر الفاضل عن الزاد والراحلة؟... 325
هل يجب الاستنابة على العاجز لكبر أو مرض؟... 326
هل يعتبر الرجوع إلى صنعة ونحوها؟... 327
لا يشترط في استطاعة المرأة وجود المحرم... 327
استقرار الحج موجب للقضاء... 327
حكم ما لو مات وعليه حج ولم يخلف سوى الاجرة... 327
ص: 580
عدم جواز حج المرأة ندبا بدون إذن زوجها... 328
عدة من مسائل نذر الحج... 328
حكم المخالف إذا استبصر... 330
نيابة الحج
وجوب إتيان النائب ما اشترط عليه... 331
عدم جواز الاستنابة للنائب... 331
حكم ما لو صد الاجير قبل الاكمال... 333
عدم جواز الطواف عن حاضر متمكن من الطواف... 333
الاجير لاطافة إنسان يحتسب الطواف لهما... 333
إستحباب ذكر المنوب في المواطن... 333
عدة من مسائل الوصية بالحج... 334
حكم من مات وعليه حجة الاسلام... 335
أنواع الحج
التمتع وبيان من يجب عليه... 336
إشتراط وقوع الحج في أشهر الحج وبيانها... 337
إشتراط إتيان الحج والعمرة في عام واحد... 338
إشتراط إحرامه من الميقات لعمرة التمتع... 338
عدم إجزاء إحرام التمتع من غير مكة... 338
حج الافراد والقران الحاضري مكة... 338
بيان المراد منهم... 339
كيفية الاشعار والتقليد للقارن... 340
جواز العدول للمفرد إلى التمتع إذا دخل مكة دون القارن... 341
حكم المجاور بمكة... 341
عدم وجوب هدي على المفرد والقارن... 343
عدم جواز القران بين الحج والعمرة ولا إدخال أحد هما على الاخر... 343
ص: 581
في المواقيت
ذكر المواقيت الستّة... 343
عدم صحة الاحرام قبل الميقات إلا لناذر... 343
عدم جواز التجاوز عن الميقات بغير إحرام... 343
حكم ما لو نسى الاحرام حتى أكمل مناسكه... 344
أفعال الحجّ
ذكر أفعال الحج إجمالا... 345
فيما يستحب أمام التوجه... 345
فيما يستحب قبل الاحرام... 346
وجوب النية في الاحرام... 347
وجوب التلبيات وبيانها... 348
وجوب لبس ثوبي الاحرام وبيان المراد منهما... 349
جواز لبس القباء عند الاضطرار... 350
حكم لبس المرأة الحرير حال الاحرام... 350
ما يستحب في التلبية وبيان موضع قطعها... 350
حكم ما إذا أحرم المتمتع قبل التقصير ناسيا... 352
حكم الولي إذا أحرم بالصبي... 353
حكم ما إذا اشترط في إحرامه ثم حصل المانع... 353
عدم سقوط هدي التحلل بالشرط... 354
( محرمات الاحرام أربعة عشر )... 354
(1) الصيد مطلقا... 354
(2 و 3 و 4) النساء - الاستمناء - الطيب... 355
(5) لبس المخيط للرجال... 357
(6) تغطية الرأس للرجل وحكم المرأة... 358
(7 و 8 و 9) التظليل للرجال وقص الاظفار وقطع الشجر والحشيش... 358
حكم الاكتحال... 358
ص: 582
(10 و 11) النظر في المرآة ولبس الخاتم... 359
(12 و 13 و 14) الحجامة ودلك الجسد ولبس السلاح... 359
( مكروهات الاحرام )... 359
عدم جواز دخول مكة بغير إحرام إلا من استثني... 359
إحرام المرأة كإحرام الرجل إلا ما استثني... 360
الوقوف بعرفات
ذكر ما يستحب أو يكره عند الخروج إلى عرفات... 360
كيفية الوقوف وبيان ما يجب... 360
عدم جواز الافاضة قبل الغروب وحكم ما لو أفاض... 361
مندوبات الوقوف ومكروهاته... 361
ترك الوقوف مبطل في الجملة... 361
حكم ما لو فاته الوقوف الاختياري... 361
حكم ما لو لم يدرك الوقوف نهارا... 361
الوقوف بالمشعر
مندوباته... 362
وقته الاختياري... 362
حكم ما لو أفاض قبل الفجر عامداً... 362
إستحباب الافاضة لمن عدا الامام قبل طلوع الشمس... 362
الوقوف بالمشعر ركن... 363
حكم من فاته الحج... 363
إستحباب التقاط الحصى من جمع... 363
مناسك منى
(1) الرمي وما يعتبر فيه... 365
(2) الذبح وما يعتبر فيه وكيفيته... 365
حكم ما لو فقد الهدي... 369
هدي القارن... 370
ص: 583
إستحباب الاضحية وصفاتها... 371
(3) الحلق ومن عليه الحلق ومن لا يجب... 371
تعين التقصير على المرأة... 371
إذا فرغ من مناسك منى يحل من كل شئ إلا ما استثني... 372
كراهة المخيط حتى يطوف للحج... 372
الطواف
شرائط الطواف الواجب... 373
ما يستحب قبل دخول مكة... 373
كيفية الطواف... 373
ركعتي الطواف وحكم ما لو نسيهما... 373
حكم القران في الطواف... 373
حكم من طاف في ثوب نجس... 374
حكم ما لو نقص من الطواف... 374
حكم ما لو دخل في السعي ثم ذكر ترك الطواف... 374
مندوبات الطواف... 375
الطواف ركن... 376
لو شك في عدده... 376
لو ذكر أنه لم يتطهر... 376
حكم ما لو نسى طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله وواقع... 377
حكم ما لو نسى طواف النساء... 377
الافضل تعجيل السعي بعد الطواف... 378
عدم جواز تقديم طواف حج التمتع وسعيه على الوقوف... 378
حكم تقديم طواف النساء مع الضرورة... 379
جواز تقديم الطواف إختيارا للقارن والمفرد... 379
حكم الطواف وعليه برطلة... 380
لزوم طواف النساء على كل محرم إلا في عمرة التمتع... 380
ص: 584
حكم من نذر الطواف على أربع... 381
السعي
مندوبات السعي... 382
كيفية السعي ، السعي ركن... 382
عدم بطلان السعي الزيادة سهوا... 382
حكم ما لو قطع سعيه... 382
حكم ما لو ظن إتمام سعيه فأحل... 383
العود الى منى
وجوب المبيت بمنى وبيان وقته ، كيفيته... 384
حكم ما لو نسى الرمي حتى دخل مكة... 385
إستحباب الاقامة بمنى أيام التشريق... 385
حكم التكبير بمنى... 385
ما يستحب أو يكره بعد العود إلى مكة... 386
حكم ما لو ترك الحاج زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله... 387
آداب الدخول في المدينة... 387
العمرة
وجوبها في العمر مرة واحدة... 388
أفعال العمرة ثمانية... 388
صحتها في جميع السنة... 388
أقل ما يكون بين العمرتين... 388
الإحصار والصد
الفرق بينهما... 389
هل يجب الهدي على المصدود؟... 390
هل يسقط الهدي لو شرط؟... 390
هل يجزي هدي السياق عن هدي التحلل؟... 391
المحصور يبعث هديه لو لم يكن ساق... 391
ص: 585
لو بان أن هديه لم يذبح... 391
هل يمسك المحصور عما يمسك عنه المحرم... 392
لوزال العارض بعد بعث الهدي... 392
المعتمر متى يقضي عمرته عند زوال المانع؟... 392
حكم ما لو أحصر القارن... 393
الصيد
تعريف صيد البر المحرم وصيد البحر المحلل... 394
صيد البر على قسمين وبيان كل واحد منهما... 395
(1) ما لكفارته بدل وهو خمسة... 395
(2) ما لا بدل لفديته وهو أيضا خمسة... 398
أسباب الضمان
(1) المباشرة في قتل الصيد... 400
(2) إمساك الصيد باليد... 401
(3) التسبيب من أغلق على حمام وفراخ ضمن... 401
جملة من أحكام الصيد... 402
باقي المحظورات
(1) الاستمتاع بالنساء... 408
(2) الطيب والقلم... 411
( 3 و 4 ) المخيط وحلق الشعر... 411
(5) نتف الابطين... 411
(6 و 7 و 8 و 9) التظليل - تغطية الرأس - الجدال - دهن الطيب - قلع الضرس 412
حكم قلع الشجر وتكرار الوطي وأكل ما يحرم... 413
كتاب الجهاد
من يجب عليه الجهاد وشرائط وجوبه... 416
المرابطة والنذر لها... 416
ص: 586
من يجب جهادهم ثلاثة... 418
(1) البغاة... 418
(2) أهل الكتاب ومن يؤخذ منه الجزية... 419
شرائط الجزية... 422
أحكام الكتاب والبيع... 422
من ليس له كتاب... 422
كيفية القتال... 422
(3) من ليس لهم كتاب... 422
في قسمة الفيئ... 425
حكم الاسارى... 427
أحكام الارضين... 431
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
وجوب الامر بالواجب واستحباب الامر بالمندوب... 432
مراتب النهي... 432
هل يقيم الرجل الحد على زوجته؟... 433
يقيم الفقهاء الحدود في زمن الغيبة... 433
كتاب التجارة
أنواع الكسب المحرّم
(1) الاعيان النجسة... 436
(2) الآلات المحرمة... 437
(3) ما يقصد به المساعدة على المحرم... 438
(4) ما لا ينتفع به... 438
(5) الاعمال المحرمة... 440
(6) الاجرة على القدر الواجب... 440
المكاسب المكروهة... 440
ص: 587
حكم ما نشر في الاعراس وبيع عظام الفيل... 442
حكم شراء ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة ... الخ... 442
حكم ما لو دفع اليه مالا ليصرفه في المحاويج... 443
جوائز الظالم... 443
الولاية عن العادل... 443
في البيع وآدابه
تعريف البيع وشرائط المتعاقدين... 443
حكم الفضولي... 444
بيع ما يملك مع ما لا يملك... 445
حكم بيع المكيل وزنا وبالعكس... 446
لا يباع العين الحاضرة إلا مع المشاهدة... 446
لزوم اختبار ما يراد طعمه أو ريحه وحكم ما لو ظهر الخلاف... 446
عدم جواز بيع المجهول مطلقا... 448
يعتبر تعيين الثمن... 449
الاطلاق ينصرف إلى نقد البلد... 451
يعتبر القدرة على التسليم... 452
آداب البيع ومستحباته وحكم الاحتكار... 453
في الخيارات
(1) خيار المجلس... 457
(2) خيار الحيوان... 457
(3) خيار الشرط... 458
(4) خيار الغبن... 458
(5) خيار التأخير... 458
(6) خيار الرؤية... 460
(7) خيار العيب... 460
ستة مسائل في الاحكام... 461
ص: 588
( النقد والنسيئة )... 462
حكم ما لو قال بكذا نقدا وبكذا نسيئة... 462
عدم جوب دفع الثمن قبل حلوله... 464
بيع المرابحة وشرطه وبعض أحكامه... 465
( فيما يدخل في المبيع )... 468
في القبض
إطلاق العقد يقتضي التسليم وبيان معنى القبض... 470
حكم بيع ما لم يقبض... 471
( شروط البيع )... 474
( العيوب ) وضابطها... 475
حكم ما لو اشترى شيئا صفقة ثم ظهر العيب... 477
حكم التصرية... 477
حكم الثيوبة في الاماء... 480
حكم الاباق... 480
إذا اشترى أمة لا تحيض... 481
كيفية أخذ الارش... 482
حكم ما لو حدث العيب بعد العقد... 483
في الربا
ثبوته في كل مكيل أو موزون مع التجانس... 483
وجوب إعادة الربا مع العلم وحكمه مع الجهل... 483
عد جملة مما يكون من جنس واحد... 486
غير المكيل والموزون ليس بربوي... 490
هل يثبت الربا في المعدود؟... 491
حكم اختلاف البلاد في الكيل أو الوزن... 491
حكم بيع الرطب بالتمر... 492
عد مواضع استثني فيها الربا حكما... 494
ص: 589
كراهة بيع الحيوان باللحم... 496
في الصرف
تعريف الصرف واشتراط التقابض فيه... 496
عدم جواز بيع تراب أحد النقدين بالاخر... 498
حكم اشتراط صياغة خاتم في تبديل درهم بدرهم... 499
بيع الاواني المصوغة والمراكب والسيوف المحلاة... 499
عدم جواز بيع شئ بدينار غير درهم... 502
بيع الثمار
حكم بيع ثمرة النخل قبل ظهورها أو بعده... 502
حكم بيع ثمرة الشجرة قبل الظهور... 502
جواز بيع الثمرة في الاكمام منضمة إلى اصوله... 505
ذكر جملة مما يصح بيعه من الثمار والخضر... 505
جواز استثناء البايع ثمرة شجرات... 505
بيع المزابنة - المحاقلة - العرية... 506
جواز تقبل أحد هما حصة صاحبه بوزن معلوم... 506
حكم حق المارة من الثمر... 506
بيع الحيوان
تلف الحيوان في مدة الخيار من البايع... 508
حكم ولد الحامل إذا بيعت الام... 509
جواز بيع الحيوان واستثناء الرأس أو الجلد... 509
لو قال : إشتر حيوانا بشركتي صح ، وحكم ما لو قال الربح لنا ولا خسران عليك 509
جواز النظر إلى مملوكة يريد شراءها... 510
ما يستحب لمن اشترى رأسا... 510
عدة من مسائل بيع العبد أو الامة... 511
حكم ما لو اشترى أمة سرقت من أرض الصلح... 516
حكم ما لو دفع إلى مأذون مالا يشتري نسمة الخ... 517
ص: 590
حكم ما إذا اشترى عبدا فدفع اليه عبد ليختار... 519
حكم ما إذا وطأ أحد الشريكين الامة... 519
حكم المملوكين المأذونين إذا ابتاع كل منهما صاحبه... 521
بيع السلف
تعريفه وذكر شرائطه (1) ذكر الجنس والوصف... 522
حكم ما لو كان الثمن دينا على البايع... 523
(2) قبض رأس المال... 523
(3) تقدير المبيع بالكيل والوزن... 524
(4) تعيين الاجل... 524
(5) وجوده الغالبي وقت حلول الاجل... 525
جملة من أحكام بيع السلف... 525
حكم ما لو شرط تأجيل الثمن... 526
حكم ما إذا دفع دون الصنعة أو فوقه... 526
حكم ما إذا تعذر عنه الحلول أو دفع من غير الجنس... 527
عقد السلف قابل لاشتراط معلوم... 527
حكم ما أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات... 530
جملة من أحكام دين المملوك... 531
جملة من أحكام القرض... 532
عدم صحة المضاربة بالدين... 534
حكم أجرة الكيال والوزان... 536
كتاب الرهن
تعريف الرهن وهل يشترط الاقباض؟... 540
عدم دخول حمل الدابة في الرهن... 541
فائدة الرهن للراهن لا للمرتهن... 541
ليس للراهن التصرف... 543
ص: 591
شرائط الحق... 543
شرائط الراهن... 543
شرائط المرتهن... 544
وجوب القيام لمؤونة الدابة المرهونة... 545
للمرتهن استيفاء دينه من الرهن إن خاف جحود الوارث... 545
حكم ما لو باع أحدهما الرهن من دون إذن الآخر... 545
لا يضمن المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه... 546
حكم ما لو اختلفا فما على الرهن... 547
لو اختلفا في الرهن والوديعة... 548
لو اختلفا في التفريط... 548
كتاب الحجر
تعريف المحجور وأسباب الحجر وهي ستة... 552
علامة البلوغ الذي يرفع به الحجر... 552
حجر السفيه ، والمملوك ، والمريض... 553
كتاب الضمان
تعريفه وأقسامه... 556
(1) ضمان المال وذكر جملة من أحكامه... 556
(2) الحوالة وبيان جملة من أحكامها... 558
(3) الكفالة وذكر جملة من أحكامها... 559
حكم ما لو خلص غريما من يد غريمه قهرا... 561
تَمَّ الفِهرس بِحَمدِ اللّهِ وَمَنّه
ص: 592