كتاب الصلوة من شرح الشرايع

هوية الکتاب

كتاب الصلوة

من شرح الشرايع

تقرير

لبحث قدوة الفقهاء والمجتهدين خاتمة المحققين آية الله العظمى وحجته الكبرى السيد على العلامة الفاني الاصفهاني دام ظله العالی

بقلم

محمد على الحسينى الصادقي الاصفهاني

الجزء الخامس

چاپخانه فیض

قم - خیابان محمد رضاشاه

محرر الرقمي: سيد أسد الله حسيني

ص: 1

اشارة

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على خير حلقه محمد وآله المعصومين

واللعن على أعدائهم الى يوم الدين .

[ خاتمة في قواطع الصلوة وقبل البحث عنها ينبغى ذكر نكتة أنه هل يكون فرق بين المانع والقاطع، يظهر من شيخنا الانصاري (قدس سره) أنه يستفاد من أدلة القواطع اعتبار هيئة اتصالية فى الصلوة هي جزء صورى لها ومراده (قدس سره) بالجزء الصورى ليس الصورة النوعية في مصطلح الفلسفة ضرورة اختصاص ها بالتكوينيات فلا تجرى فى المهيات الشرعية المؤلفة من أمور متباينة لا يدخل بعض ها تحت مقولة ، ولا نظير الهيئة السريرية ، أى ما يشبه الجسم التعليمي للطبيعي فيكون من الاعراض القائمة بالموضوعات لعين ما قلناه من تركب المهيات الشرعية من المتباينات وبديهي أن التحاق بعضها ببعض لا يتشكل منه ما يشبه الجسم التعليمى بل مراده (قدس سره) من الجزء الصورى ترتب الوجود على الوجود بحسب الطبع بين أجزاء الصلوة فالهيئة الاتصالية ليس لها وجود کونی جوهری ولا عرضى استقلالى بأن يمكن ايجادها وحدها نظیر ایجادالركوع او السجود وحده ضرورة قيام الاتصال بوجود المتصلين سيما في المنفصلين بالطبع كاجزاء الصلوة بل لها وجود طبيعي عرفي ان هذا النحو من الاتصال هو الذى يناسب هذا السنخ من المركبات ويظهر من بعض الاساطين في غير موضع من أصوله وفقهه الفرق بين المانع والقاطع بعد الفراغ عن اشتراكهما في قيدية عدم المانع وعدم القاطع للمهية الصلوتية بأن المانع مخل بتأثير المقتضى وهو الاجزاء ولو بعد تحقق شرائطه من الطهور والستر واباحة المكان وغيرها مانع عن ترتب المقتضى بالفتح كمعراج المؤمن أو النهى عن

ص: 3

الفحشاء على تلك الاجزاء والشرائط فعدمه فيد للإجراء دون الاكوان، فلو وقعت هرة على المصلى او حملها اختياراً حال السكونات المتخللة بين أجزاء الصلوة ثم طرحها واشتغل وباقى الاجزاء صحت صلوته حيث كانت واجدة للاجزاء والشرائط فاقدة للموانع بخلاف القاطع فعدمه قيد للصلوة مطلقاً من أولها الى آخرها حتى حال الاكوان المتخللة ولكن الحق خلاف ماذكراه اما مقالة بعض الاساطين فيتوجه عليها أولا ما أشرنا اليه كراراً من أن عدم الشيىء ما نعاً أم قاطعاً أم غيرهما لا يعقل أن يكون قيداً لامر وجودى ضرورة استحالة تولد النقيض من النقيض وثانياً أن اخلال وجود المانع بوجود المهية وتأثير أجزائها وشرايطها في وجود المقتضى وان كان حقاً وجداناً وبرهاناً ودل عليه قوله (علیه السلام) في موثق ابن بكير فالصلوة في وبره وشعره وصوفه و كل شيىء منه فاسدة لا يقبل الله تلك الصلوة حتى يصليها في غيره مما يؤكل لحمه ، لكن اختصاص ذلك بالاجزاء دون الاكوان مخالف لاطلاق دليل المانع بعد صدق وجود المانع في الصلوة اذا وقع في الاكوان عرفاً ولظهور ادلة القواطع في أن الاكوان بحكم الصلوة ولما دل على أن أول الصلوة التكبير وآخرها التسليم. ولفهم أساطين الفقه فبيركة هذه الامور نلتزم باطلاق المانع كالقاطع للاكوان الصلوتية وأما مقالة شيخنا الانصاري (قدس سره) فاعتبار حالة استمرار في الصلوة بمقتضى أدلة القواطع مما لا ينبغي الارتياب فيه من غير فرق فى استفادة ذلك بين التعبير بالقطع أو النقض ضرورة ورود كلا التعبيرين بالنسبة الى الصلوة فى الادلة فما فى الجواهر من الفرق بينهما باختصاص الثانى بمثل الغسل في غير محله أما أن يكون للهيئة الاتصالية وجود فى الخارج وراء ذوات الاجزاء فلا يستفاد من تلك الادلة بل يشهد بخلافه الوجدان وعلى فرض التسليم فاستقلالها بالوجود قبال الاجزاء بحيث يمكن ايجادها وحدها نظير ساير الاجزاء ممنوع ودعوى استفادة العرف ذلك من أدلة القواطع مدفوعة بأن العرف كيف يقبل انقطاع هيئة الصلوة بحرف نظير : ق وف ول سيما على القبول بعدم اعتبار قصد المعنى بها فى القاطعية بل كفاية مجرد التلفظ بواحد منها في قطع الصلوة على خلاف في ذلك يأتي انشاء الله فى محله وعدم انقطاعها بمشى خطوات لقتل

ص: 4

الحية أو اللعب باللحية أو فرقعة الأصابع أو نحو ذلك من الافعال التي لم يرها الشارع من قواطع الصلوة فالمستفاد الادلة اعتبار حصة خاصة من الهيئة الاتصالية في الصلوة هى استمرار التوجه بهذه الافعال الخاصة ان مطلق التوجه القلبى لا يكفى فى تحقق العبادة وان زعمه المتصوفة بل التوجه المبرز بهذه المهية الخاصة المسماة بالصلوة التى اعتبرها الشارع بجميع قيودها واحدة متعلقة لامر واحد ورأى بعض الاشياء كالتكلم والقهقهة وغيرهما مما يأتى منافياً لتلك الوحدة مانعاً عن قابلية ساير الاجزاء لتحقق هذا السنخ من التوجد بالأجزاء كما يكشف عنه قوله (علیه السلام) في الاخبار الاتية : ولا يعتد بشيء مما صلى بلا منافاة ذلك مع عدم قاطعية نية القطع ضرورة استمرار التوجه بالمهية بعد عدم رفع اليد عنه بالفعل ومجرد البناء على رفع اليد عن ذلك كما هو حقيقة نية القطع لا يضر بالاستمرار الفعلى ورأى بعض الاشياء كالمذكورات غير مناف لذلك ، فالوحدة والاتصال انما هو بلحاظ التوجه بالمهية لا بلحاظ نفس أجزائها بما هي كما هو ظاهر مقالة شيخنا الانصاري (قدس سره) والمعتبرانما اتصال خاص يقطعه مارأه الشارع من القواطع فهو سنخ استمرار خاص توجهی تعبدی كشفت أدلة القواطع بالاستلزام عن اعتباره فى الصلوة لا يقال كما نفيت تكوينية الهيئة الاتصالية واستقلالها بالوجود واستفادة العرف ذلك من أدلة القواطع فلقائل أن ينفى استفادة هذا السنخ من الاستمرار التوجهى التعبدى منها لانا نقول بعد امكان تطبيق المدلول الالتزامى لتلك الادلة على ما ذكرناه بحسب الثبوت يكون عدم امكان تطبيقه على غيره قرينة معينة على ارادته بحسب الاثبات وبالجملة لا ندعى ظهور الادلة بحسب الطبع فى ذلك بل ندعى تعين حملها عليه بعد قيام القرينة عقلا أو نقلا او كليهما على عدم ارادة غيره وملخص الكلام ان منافيات الصلاة منافيات لادامة الحضور لدى الخالق فتامل جيداً وبعد ذلك نقول (قواطع الصلوة قسمان احدهما) الحدث الذى يبطلها عمداً وسهواً وهو كل ما يبطل الطهارة سواء دخل تحت الاختيار أو خرج كالبول والغايط وما شابههما من موجبات الوضوء والجنابة والحيض وما شابههما من موجبات الغسل وهذا هو المشهور بين الاصحاب قديما وحديثاً نعم

ص: 5

خالف في ذلك بعض الطبقة الثالثة كالمحقق الاردبيلي وتبعه صاحب المدارك (قدس سرهما ) وجماعة من المتأخرين فيتطهر ويبنى اذا أحدث سهواً بما يوجب الوضوء . وجملة من القدماء كالصدوق (قدس سره) بالنسبة إلى التشهد الاخير بعد رفع الرأس. عن السجدة الاخيرة فلا يبطلها بل يتطهر ويتشهد ويسلم والشيخ في بعض كتبه وعلم الهدى (قدس سرهما) بالنسبة الى حالة السهو مطلقا فى أى موضع كان فيتطهر ويبنى على ما مضى من صلوته كما أشار اليه المصنف (قدس سره) بقوله : (وقيل لو أحدث بما يوجب الوضوء سهواً تطهر وبنى وليس بمعتمد). نعم لم يجزم بذلك الشيخ بل جعله أحوط، لكن التعبير بقوله لاصحابنا فيه روايتان احديهما وهو الاحوط أنه يبطل صلوته يكشف عن عدم امكان طرح الرواية الأخرى لديه (قدس سره) بل قابليتها للاخذ أيضا وكالمفيد (قدس سره) في المقنعة والشيخ في النهاية والمبسوط وابن أبي عقيل، فالتفصيل بين المتيمم وغيره بوجوب البناء فى المتيمم اذا سبقه الحدث و وجد الماء والاستيناف في غيره، واختاره المحقق (قدس سره) فى المعتبر وتبعه جماعة من المتأخرين وبالجملة فالخلاف في بعض فروع المسئلة موجود بين الاصحاب قديماً وحديثاً فلا يمكن دعوى الاجماع أو ضرورة الفقه فيها. على الاطلاق فتأويل كلمات القوم بما يرجع إلى شيء واحد مع أنه بلا موجب يقتضى كون المسئلة على اطلاقها ضرورية غير مختلف فيها مع أنها معروفة بالخلاف من صدر الفقه الى الان عنوان بطلان الصلوة بالحدث عمداً من غير سهو اضطرار فى غير المتيمم الذى سبقه الحدث و وجد الماء في الاثناء مما يمكن تحصيل الاجماع بل دعوى ضرورة الفقه عليه وأما غيره فلامع أن الاجماع على فرض تحصيله مدركي ليس بحجة فالعمدة هى الادلة ولا يفيدنا الاجماع فى شيىء اللهم الا للكشفه عن خلل في جهة صدور الاخبار المخالفة لكن يكفى لذلك الشهرة بعدما بينا مراراً كون أعراض القدماء موهنا استدل للمشهور بوجوه منها شرطية الطهور بمثل : لاصلوة الابطهور، او صحیح لاتعاد الذى وقع الطهور في عقد مستثناه اذ مقتضى شرطية الطهور للصلوة

ص: 6

بطلانها بفقدانه كما فى صورة وجود ناقضه الذى هو الحدث لكن يتوجه عليه أولا أن الباء في قوله (علیه السلام) بطهور تفيد مطلق ربط الصلوة و وصلها بالطهور وذلك يصدق بتحققه في بعض الصلوة كما في قوله تعالى وامسحوا برؤسكم ولذا لما سئل زرارة الصادق (علیه السلام) فقال من أين علمت وقلت ان المسح ببعض الرأس أجابه (علیه السلام) بقوله : لمكان الباء ، وكما في قولك بزيد داء حيث يكفي في صدقه وجود الداء في بعض أعضاء زيد ولا يلزم استيعابه جميع أعضائه فاطلاق الشرع والعرف يشهد بصدق مفهوم الباء مع مطلق الوصل وثانياً على فرض دعوى ظهور هذا الكلام ولو بمناسبة المقام فى اعتبار اللهور فى مجموع الصلوة وكذا صحیح لا تعاد وان كانت الدعوى جزافية أن الصلوة هى الاجزاء لا الاكوان اذ الكون المتخلل كون للمصلى بما هو فاعل متحيز لا للصلوة واسناده الى الفعل انما هو بضرب من الاعتبار والمسامحة حيث يتعقبه ساير أجزاء المهية المركبة فلا ظهور لهذا الكلام في نفسه لولا القرائن الخارجية فى اعتبار الطهور فى الاكوان كي يستفاد منه بالاستلزام قاطعية الحدث الصلوة مطلقا وان شئت فلاحظ الطهور الخبثى المعتبر فى الصلوة بنفس الدليل مع تطابق النص والفتوى على أنه لو حدثت نجاسة خبثية في الاثناء وقدر على تحصيل الطهارة بحيث لا يلزم خلل في الصلوة من جهة أخرى وجب ذلك وصحت صلوته وهذا لاينافى ماذكرناه آنفاً من اطلاق دليل المانع بنظر العرف للاكوان للفرق الواضح بينه مع الشرط اذا الصلوة ظرف لاعتبار وجود الشرط فلا محالة يختص بما هو صلوة في الحقيقة وليست ظرفاً لوجود المانع أو عدمه بل وجوده فيما بين تكبيرة الصلوة الى آخر تسليمتها مخل قطبعاً يعم الاكوان أى مادام المكلف في الصلوة ومنها أن تحصيل الطهارة أثناء الصلوة فعل كثير وهو مبطل اجماعاً ، وفيه أنه أخص من المدعى ان الوضوء الشرعي لجميع الاشخاص لا يوجب فعلا كثيراً بأى معنى أريد منه مضافاً إلى أن الفعل الكثير لو فسر بماحى الصورة فليس منه الوضوء أبداً لانه عبارة عن ثلاث غرفات وثلاث مسحات ولو فسر بغيره فلا اجماع على ابطاله وليس لقاطعية الفعل الكثير اطلاق لفظى حتى يشمله كما يأتي في محله انشاء الله.

ص: 7

ومنها التوقيفية فان العبادة وظيفة شرعية فيجب الاقتصار في كيفيتها على ما ورد والمعهود من النبي (صلی الله علیه و آله وسلم ) والائمة (علیهم السلام) وأصحابهم عدم الحدث في الصلوة وقد استدل بذلك في المدارك بعد تضعيف الروايات سنداً أودلالة بما ستعرف حاله وفيه ما عرفت مراداً من أن التوقيفية تقتضى العكس، اذ لو اريد منها دعوى القطع بمثل قاطعية الحدث فهى ممنوعة ، اذ لعل ترکه من باب العادة لا لاخلال وجوده بالعبادة فمقتضى التوقيفية عدم الالتزام بالقاطعية ولو اريد منها الشك فى مصداقية الصلوة المتخلل فيها الحدث الممأمور به ومقتضى أصالة الاشتغال الاعادة فهو مبنى على كون الاصل في المركبات لدى الشك فى جزء أو شرط أو مانع لها الاشتغال وقد برهنا فى محله أن الاصل فيها البرائة كما عليه جمهور الاصوليين فالعمدة هى الاخبار وهی مستفيضة منها خبر أبي بكر الحضر مى(1) عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما كانا يقولان لا يقطع الصلوة الا أربعة، الخلاء والبول والريح والصوت : وظهوره فی حصر قواطع الصلوة في الحدث محكوم بنص أدلة قاطعية القهقهة والكلام وغيرهما مما يأتى انشاء الله محمول على الحصر الاضافى ، أى بلحاظ أصناف الحدث وأن--ه واحد بالنوع . ومنها موثق عمار بن موسى(2) عن أبيعبد الله علیه السلام قال : سئل عن الرجل يكون في صلوته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع ؟ قال : ان كان خرج نظيفاً العذرة فليس عليه شيء ولم ينقض وضوئه وان خرج متلطخاً بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء وان كان في صلوته قطع الصلوة وأعاد الوضوء والصلوة ، وهذا الخبر معتبر سنداً لما عرفت كراراً من حجية الموثقات لدى العقلاء ، فاشكال صاحب المدارك (قدس سره) فيه موقوف على مبناه من اختصاص الحجية بالصحيح الاعلائي واضح دلالة على قاطعية خروج س العذرة وبضميمة ساير أدلة النواقض الكاشفة عن وحدة الحدث بالنوع من حيث التأثير فى نقض الطهارة ومفروغية ذلك لدى الاصحاب طراً يدل

ص: 8


1- الوسائل-الباب 1 من القواطع، الحدیث2.
2- الباب 5 من نواقض الوضوء، الحدیث 5.

على قاطعية الحدث مطلقا للصلوة كالنص في التعميم من حيث حالتى العمد والسهو ضرورة خروج حب القرع بلا اختيار.ومنها صحيح على بن جعفر (علیه السلام)(1) عن أخيه موسى بن جعفر (علیه السلام) قال : سألته عن الرجل يكون في الصلوة فيعلم أن ريحاً قد خرجت فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها قال يعيد الوضوء والصلوة ولا يعتد بشيء مما صلى اذا علم ذلك يقيناً : والخدشة في دلالته بحمل ولا يعتد بشيء مما صلى على صلواته الماضية دون ما بيده كما في المدارك يشبه ارتكاب خلاف النص وبضمية ما عرفت من ساير أدلة النواقض يدل على قاطعية الحدث مطلقا ومنها صحيحه الاخر (2) عن أخيه قال وسألته عن رجل وجد ريحاً في بطنه فوضع يده على أنفه وخرج من المسجد حتى أخرج الريح من بطنه ثم عاد الى المسجد فصلى فلم يتوضاً هل يجزيه ذلك قال لا يجزيه حتى يتوضأ ولا يعتد بشيء مما صلى: والكلام فيه كسابقه وحمل هذه الاخبار على صورة السهو خلاف اطلاق بعضها وصريح بعض آخر قدلالتها على مذهب المشهور تامة.وفى قبال هذه الطائفة صحيحان (3) ربما استدل بهما لمذهب غير المشهور أحدهما للفضيل بن يسار قال قلت لا بي جعفر (علیه السلام) أكون في الصلوة فأجد غمزاً في بطنى أو أذى أو ضرباناً فقال انصرف ثم توضأ و ابن على ما مضى من صلوتك مالم تنقض الصلوة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسياً فلا شيء عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلوة ناسياً قلت : وان قلب وجهه عن القبلة قال نعم وان قلب وجهه عن القبلة، ثانيهما لابي سعيد القماط قال سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل وجد عمزاً في بطنه أو أذى أو عصراً من البول وهو فى صلوة المكتوبة في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة فقال اذا أصاب شيئاً من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ تم ينصرف الى مصلاه الذي كان يصلى فيه فيبني على صلوته من الموضع الذى خرج منه لحاجته مالم ينقض الصلوة بالكلام ، قال قلت

ص: 9


1- الوسائل، الباب 1 من القواطع الحديث 7 و 11998 .
2- الوسائل، الباب 1 من القواطع الحديث 7 و 11998 .
3- الوسائل، الباب 1 من القواطع الحديث 7 و 11998 .

وان التفت يميناً أو شمالا أو ولى عن القبلة قال نعم كل ذلك واسع انما هو بمنزلة رجل سهي فانصرف فى ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة فانما عليه أن يبني على صلوته ثم ذكر سهو النبي (صلی الله علیه و آله و سلم ) : لكن المراد بالانصراف في الأول لو كان هو الانصراف للوضوء دون قضاء الحاجة أى الحدث فمضمونه لا يخالف المشهور من الجهة وان كان يخالفهم من حيث ظهور الأمر بالوضوء فى وجوبه لمجرد الغمز في البطن اذ ل-م ياخذ بهذا المضمون عدا علم الهدى (قدسّ سره) ولذا حمله بعضهم على الاستحباب ورده بعضهم بأنه لا معنى لاستحباب هذا التوضى المستلزم لفعل كثير وان كان هو الانصراف لقضاء حاجته كما يناسبه عطف التوضى بلفظة ثم وظهور السئوال فى ابتلاء السائل فى الحال بفساد البطن وظهور الجواب فى بيان علاج ذلك، ويشهد به نص الصحيح الثاني في كون الانصراف لاجل قضاء الحاجة . اذ مفروض السئوال أنه وجد عصراً من البول ، فلفظة تلك في قوله(علیه السلام) لا يخرج لحاجته تلك اشارة الى رفع البول واخراجه ، فحيث أن قضاء الحاجة للمصلى في المسجد أو غيره يحتاج غالباً الى طلب مكان بعيد عن نظر الناس ولفاسد البطن الذى يتعدى النجاسة عن محل نجوه غالباً يستلزم فعلا كثيراً بانضمام طهارته الخبثية قبانضمام الوضوء و الرجوع الى مصلاه الذى كان يصلى فيه يستلزم محو صورة الصلوة وذلك غير جائز باتفاق الكل ، سيما مع استلزامه استدبار القبلة خارجاً كما وقع التصريح به سئوالا وبجواره جواباً في كلا الصحيحين مع دلالة نصوص اخر على بطلان الصلوة بالاستدبار مطلقاً بل الالتفات يميناً وشمالا متعمداً، وخصوصاً مع حصر تاقض الصلوة مع ذلك في الخبرين بالكلام، وجعل التكلم ناسياً في الاول بمنزلة من تكلم في الصلوة ناسياً لا نفسه وجعل استدبار القبلة في الثاني بمنزلة السهو في الركعة الظاهر بقرينة المقابلة في الاستدبار العمدى، كما أن الاول كالنص في العمد وبالاخص مع ذكر سهو النبي (صلی الله علیه وآله وسلم ) في الثاني الذي دلت قرينة العقل والنقل على خلافه، ودلت أخبار سهو النبى(صلی الله علیه وآله وسلم) على تكلم النبي (صلی الله علیه و آله وسلم ) في الصلوة، مع أن الخيرين حصرا الناقض في الكلام .

ص: 10

وبالجملة فظاهرهما غير قابل للاخذ ومخالف للقواعد المسلمة في الشرع ، وموؤلهما غير حجة، فالجهات المشار اليها قرائن داخلية على فساد جهة صدورهما فلا بد من حملهما على التقية سيما بعد توافق ظاهرهما مع مذهب العامة . فقوله (علیه السلام) فى الصحيح الثانى كل ذلك واسع، يعني في مقام التقية رعدم التمكن من بيان الحكم الواقعي والعمل به فتبقى أدلة المشهور سليمة عن المعارض ولو أبيت عن ذلك فالطائفتان متعارضتان لما عرفت من عموم كل منهما من جهة حالتى العمد والسهو وحمل الثانية على خصوص السهو كما صنعه بعض كحمل الاولى على خصوص العمد خلاف ظاهرهما كالنص ولا شاهد عليه وحيث لا يمكن الجمع الدلالى بينهما فيرجع الى الاخيار العلاجية الامرة بالاخذ بما خالف العامة ، فعلى أى حال يتعين طرح الصحيحين و الاخذ بالطائفة الأولى الدالة على مذهب المشهور بقى الكلام فى التفصيل المتقدم عن الشيخين (قدسّ سرهما) فى المقنعة والنهاية والمصنف (قدسّ سرّه) في المعتبر وجماعة بين من دخل في الصلوة متيمماً ثم أحدث أحدث و بين غيره ؟ وقد استدل له بصحيح زرارة ومحمد بن مسلم (1) المروى في الفقيه قالا قلنا لابي جعفر (عليه السلام )رجل لم يصب ماءاً وحضرت الصلوة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلى، قال لا ولكنه يمضى في صلوته فيتمها ولا ينقضها لمكان الماء ، لأنه دخلها على طهر بتيمم . قال زرارة : قلت له دخلها وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فأصاب ماءاً ، قال يخرح فيتوضأ ثم يبنى على ما مضى من صلوته التي صلى بالتيمم ونقل المصنف (قدسّ سره) في محكى المعتبر عن الشيخين حمله على المحدث سهواً ثم استحسن ذلك معللا بالاجماع على أن الحدث عمداً يبطل الصلوة فيخرج عن اطلاق الرواية ويتعين حمله على غير صورة العمد ثم أيده بالفرق بين من دخل الصلوة متيمما ومن دخلها متوضيا بأن الواقع من الصلوة وقع مشروعا مع بناء الحدث فلا

ص: 11


1- الوسائل ، الباب 21 من التيمم ، الحديث 4 ، والباب 1 من القواطع الحديث 10 .

يبطل بزوال الاستباحة كصلوة المبطون اذا فاجئه الحدث ولا يلزم مثل ذلك في المصلى بطهارة مائية لان الحدث مرتفع فالحدث المتجدد رافع لطهارته وتبطل لزوال الطهارة انتهى لكن يتوجه عليه أما بالنسبة الى تأييد المضف قدسّ سره) ل-ه بالفرق بين المتيمم والمتوضى فبأن استباحة الدخول في الصلوة مع بقاء الحدث في المتيمم خلاف صريح الرواية من قوله (علیه السلام) لانه دخلها على طهر بتيمم : المقتضى لكون التيمم كالوضوء طهوراً كما هو المسلك الحق الذى برهنا عليه وبينا فروعه في مبحث التيمم من كتاب الطهارة والقياس بالمبطون مع الفارق بعد كون حكمه تسهيلياً لا يمكن التعدى منه الى غيره وأما بالنسبة الى أصل الاستدلال فبأن تقييد اطلاق الخبر بصورة السهو بلا موجب والاجماع على البطلان بالحدث عمداً لا يصلح مقيداً لانه اصطيادى من المشهور القائلين بالابطال مطلقا ولو سهواً الحاملين لامثال هذا الخبر على التقية ومن جماعة القائلين باختصاص البطلان بصورة العمد فلو أخذ بالخبر لابد وأن يؤخذ باطلاقه حتى في صورة العمد و اذا جاز التوضى والبناء عقيب الحدث الاعم من العمدى للمتيهم جاز للمتوضى بطريق أولى فيكون هذا الصحيح كالصحيحين المتقدمين من حيث الدلالة على عدم قاطعية الحدث مطلقا فتكون الصحاح الثلاث في عرض واحد معارضة للمستفيضة المتقدمة الدالة على قاطعية الحدث مطلقا ويكون محملها بأجمعها التقية بمقتضى الاخبار العلاجية فتلخص أن الحق وفاقاً للمشهور بطلان الصلوة بالحدث مطلقا عمداً أو سهواً سواء للمتوضى أو المغتسل أو المتيمم القسم الثاني ] من قواطع الصلوة [ ما لا يبطلها الأعمداً ] وهي أمور منها التكفير أى التكتف [وهو وضع اليمين على الشمال] أو العكس حال القرانة [ وفيه تردد] بين الاصحاب موضوعا وحكماً أما من حيث الحكم ففيه احتمالات خمسة بل على طبق كل منها قول : أحدها الحرمة التشريعية اختاره بعض اذا التكتف لم يرد في الصلوة من قبل الشرع فالايتان به فيها عمداً بقصد الورود تشريع محرم وابطاله للصلوة على هذا الاحتمال مبنى على استلزام التحريم التشريعي للوضعى وقد عرفت غير مرة

ص: 12

ثانيها الحرمة النفسية بملاك التشبه بالمجوس الذين كانوا يعبدون به والنار اختاره صاحب المدارك (قدسّ سره) وابطاله على هذا الاحتمال موقوف على ثبوته من قبل الشارع بالخصوص لعدم الملازمة بين التحريم التكليفى مع الوضعى

ثالثها الكراهة تكليفاً بملاك التشبه.رابعها الكراهة وضعاً بمعنى اقل ثواباً لعل اختاره أبو الصلاح والمصنف (قدسّ سرهما) في المعتبر وتبعه جماعة من المتأخرين . خامسها الحرمة الوضعية أى الابطال وهذا هو المشهور بين الاصحاب قديماً وحديثا ولذا عد في زمرة قواطع الصلوة عمداً واذا انضم اليها ما عن الاسكافي (قدسّ سره) من أن تركه مستحب صارت ستة واستدل له بوجوه منقولة عن السيد المرتضى والشيخ (قدسّ سرهما) , منها الاجماع وقد أيده في الجواهر بان المراد منه الظنى دون القطعى ومنها كونه فعلا كثيراً وقد أيده فى الجواهر بصيرورته كثيراً بلحاظ استمراره ومنها التوقيفيه كما عن الشيخ (قدسّ سره) وأيده في الجواهر بأصالة الاحتياط ويدفع الأول أنه غير محصل في هذه المسئلة الخلافية وعلى فرضه فلا حاصل له لانه مدرکی و يدفع الثانى أنه ممنوع موضوعاً لعدم كون التكفير فعلا كثيراً ولو بلحاظ استمراره وحكماً لما سيأتى فى محله انشاء الله من عدم دليل تعبدى على قاطعية الفعل الكثير ويدفع الأخير ماعرفت مراراً من أن مقتضى التوقيفية عدم الالتزام بالقاطعية كالمانعية والجزئية والشرطية مالم تصل من الشرع فلقد اجاد المصنف (قدسّ سره) في المعتبر حيث أجاب عن تلك الوجوه نعم جوابه عن الاخير بالاطلاق اللفظى لادلة الصلوة وكيفيتها ربما يوهم تمامية الاستدلال لو لم يكن هناك اطلاق لفظى أو مقامى و لو من ناحية أصالة الاشتغال لكنك عرفت ان مقتضى الاصل فى المركبات البرائة فالاولى الاستدلال بالاخبار (1) اذ يمكن النظر فيها من وجهين احدهما بدون لحاظ السند. ثانيهما معه أما بالنظر الأول فلها ستة السنة احدها النهى كصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال قلت له الرجل يضع يده في الصلوة وحكى

ص: 13


1- الوسائل ، الباب 15 من قواطع الصلوة .

اليمنى على اليسرى فقال ذلك التكفير لا يفعل : والظاهر من قوله (علیه السلام) ذلك التكفير: الاشارة الى المعهود. ومن قوله (علیه السلام) لا يفعل : البطلان لانه الظاهر عرفا من النهى الوارد في المركبات ثانيها لا يصلح كما في خبر على بن جعفر المروى عن كتابه عن أخيه(علیه السلام) ق-ال وسألته عن الرجل يكون في صلوته أيضع احدى يديه على الاخرى بكفه أو ذراعه قال لا يصلح ذلك فان فعل فلا يعود له : وظهور لا يصلح بحسب المادة وان كان في الاعم من الحرمة لكنه في أخبار على بن جعفر يطلق في مورد الحرمة لان لسان على بن جعفر بشهادة التبتع فى اسئلته يصلح لا يصلح في مورد الجواز وعدمه وعليه فالخبر لا ينافي ظهور النهى فى صحيح ابن مسلم في الحرمة الوضعية الا أن تفريع عدم العود على فعله من دون الأمر بالاعادة بعد ذلك يوهن الظهور في الحرمة بل يوجب الظهور في الكراهة پثالثها تعليل النهى كما في صحيح (1) زرارة عن أبي جعفر قال اذا قمت الى الصلوة فعليك بالاقبال على صلوتك فانما لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيديك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتنأب ولا تتمط ولا تكفر فانما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتفز (الحديث) . ومرسل حريز الصحيح به عن ابي جعفر (علیه السلام) قال قلت ل-ه فصل لربك وانحر قال النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه ونحره وقال لا تكفر فانما يصنع ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتفر ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك : والظاهر من النهى فى نفسه لوروده فى المركبات المخترعة وان كان هو البطلان لكن التعليل يعمل المجوس الكاشف عن علية التشبه للنهى حاكم على ظهور النهى فالمدار على مفاد التعليل وحيث أن التشبه بالكفار أعم من الحرمة سيما بالمجوس المعتقدين بالهين فاعل خير وفاعل شر المحبين للاخلاقيات والاداب الحسنة فلم يكونوا يصلون حتى يصنعوا ذلك في صلوتهم وانما كانوا يخضعون بذلك لملوكهم ويعبدون به النار

ص: 14


1- ألباب 1 من أفعال الصلوة ، الخديث 5 -

فالتشبه بهم على اطلاقه ليس بمحرمّ لعدم انحصار أفعالهم بالمحرمة فلا يستفاد من التعليل ازید من الكراهة وذلك حاكم على ظهور النهى فى الحرمة سيما بعد وقوع هذا النهى فى سياق المكروهات في كلا الخبرين.

رابعها الادخال تحت كبرى التشبه كما في حديث الاربعمأة المروى عن خصال الصدوق عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال لا يجمع المسلم (المؤمن) يديه في صلوته وهو قائم بين يدى الله عزوجل يتشبه بأهل الكفر يعنى المجوس : والكلام فيه كسابقه من حيث الظهور فى الكراهة بل تعليق النهى على عنوان المسلم (المؤمن) ايضا مشعر بكونه من الاخلاقيات دون الملزمات وان امكن ان يقال بأن الايمان له مراتب عديدة فالتعليق عليه لا يعين المرتبة فهو أعم من الحرمة ولا ظهور له ف--ي خصوص احدهما . خامسها الادخال تحت كبرى العمل كما في صحيح على بن جعفر قال قال أخي قال على بن الحسين (علیه السلام) وضع الرجل احدى يديه على الأخرى في الصلوة عمل وليس في الصلوة عمل : وظهور نفى الجنس بنفسه وان كان في نفي الحقيقة أى البطلان لكنه فى هذه الكبرى غير قابل للاخذ لاستلزامه تخصيص الاكثر المستهجن ضرورة كثرة الافعال الاجنبية الجائزة فى الصلوة كما ذكر جملة منها سابقاً وجملة منها في صحيحى زرارة وحريز المتقدمين وسيأتى الاشارة اليها عند التعرض لقاطعية الفعل الكثير فظهور الصحيح في كبرى بطلان الصلوة بكل عمل خارجي غير قابل للاخذ وبعد انضمام ذلك الی عدم تناسب الفعل الاجنبی مع الصلوة والى النهى عن جملة من تلک الافعالفی الشرع كالتمطى والتئأب والثلم وفرقعة الأصابع والعبث بالاعضاء يتعين حمل هذا الصحيح على كراهة كل عمل خارجي في الصلوة فيتحد مساقه مع تلک الاخیار. سادسها لسان نفى البأس كما في خبر اسحاق بن عمار المروى عن تفسير العياشي عن ابي عبد الله (علیه السلام) قلت له أيضع الرجل يده على ذراعه في الصلوة قال لا بأس ان بنى اسرئيل كانوا اذا دخلوا فى الصلوة متماوتين وقد انزل الله على نبيه خذ ما

ص: 15

آتيتك بقوة فاذا دخلت الصلوة فادخل فيها بجلد وقوة ثم ذكرها في طلب الرزق فاذا طلبت الرزق فاطلبه بقوة فانه صريح في الجواز . وهذه كلها تمنع عن ظهور النهي في صحيح ابن مسلم في البطلان، بل ربما يقال كما في المدارك بظهوره فى نفسه في الحرمة لا البطلان، لكنه خلاف المتفاهم العرفي من النهى الوارد في المركبات وبالجملة فمقتضى النظر في الاخبار بدون لحاظ السند هو المصير الى ما اختاره المصنف (قدسّ سره) في المعتبر ولعله المراد من تودده في المتن وتبعه جماعة من الكراهة الغيرية التي تصورناها في كل عبادة أعنى كونها أقل ثواباً وأما بالنظر الثانى اغنى مع لحاظ السند فحديث الاربعمأة لضعف سنده ليس بحجة ، وكذا خبر الدعائم الظاهر فى الكراهة، وكذا خبر اسحاق لحذف الاسانيد في تفسير العياشي ، بل بحسب التعليل على عكس المطلوب أدل ان التماوة هى التكاسل والنكاس كالميت وقد أمر الله نبيه بضده في الصلوة أى الجلد والقوة ومن المعلوم ان التكفير تماوة فهو ممنوع في الصلوة بمقتضى التعليل مع مافي الخبر من كون الاية خذ ما آتيتك بقوة مع أنها هكذا خذوا ما آتيناكم بقوة . و كذا خير على بن جعفر المروى عن كتابه لما اسلفناه في بعض المباحث من ضعف سند كتابه المروى فى البحار بخلاف مسائله المروية فى قرب الاسناد المذكووة جلها في الكتب الاربعة اذ لكل من المشايخ الثلاثة بل لغيرهم من الاصحاب كالكشى طريق صحيح اليها نعم سندها الموجود فى قرب الاسناد صعیف مشهوری بعبد الله بن الحسن لكن لمتانة الحميرى (قدسّ سره) وكون همه انتخاب الاسناد القريبة بل انتخاب طريق لا يتوسطه غير أولاد موسى بن جعفر (علیه السلام) من بنى أعمام على بن جعفر نستكشف اتحاد ماذكره من المسائل مع الموجودة فى الكتب الاربعة فللاصحاب اليها طرق صحيحة وبذلك يمتاز ما فى قرب الاسناد عما ينسب الى أصل زيد الترسي حيث تصدى الشيخ الشريعة الاصفهاني (قدسّ سره) لتصحيحه بدعوى الاتحاد مع الاصل المعروف من النرس وقد أوردنا على مقاله (قدسّ سره) في مبحث العصير بأن مجرد النسبة

ص: 16

أعم من الاتحاد فلا حجية لكل ما ينسب الى أصل النرسى بل خصوص ما ثبت كونه منه بطريق معتبر فلا يورد علينا مثل ذلك بالنسبة الى ما فى قرب الاسناد من مسائل على بن جعفر فتدبر ولذا ترى الأصحاب يعبرون عنها بالصحيحة فالمراد بها الصحة القدمائية أى الوثوق بالصدور ولو بمعونة القرائن فتبقى لنا ثلاثة ألسنة : الأول النهى فى صحيح ابن مسلم وقد عرفت ظهوره في القاطعية .

والثاني التعليل في صحيحى زرارة وحريز ومصبه ليس عنوان التشبه حتى يقال بأنه أعم من الحرمة بل مورد التشبه أعنى هذا العمل الخاص الذي كان يتواضع به المجوس لملوكهم و من المعلوم صحة جعله ملاكا لتشريع القاطعية فيبقى ظهور المعلل أى النهى فى البطلان حاله بلا منافاة التعليل معه وأما السياق فقد نبهنا غير مرة على قصوره عن صرف الكلام عن ظهوره الأولى فضلا عن صرف النهي في خبر آخر كصحیح ابن مسلم عن ظهوره في البطلان

والثالث كبرى ليس في الصلوة عمل في صحيح على بن جعفر ، والمراد بها العمل العبادى لا الخارجى لشهادة التاريخ باتخاذ المجوس ذلك مصداقاً للعبادة وابرازاً للخضوع ، وبأن الثاني سنه بهذا العنوان في الصلوة لما رآه من أسراء الفرس ، ولاستلزام حمله على الخارجي للتخصيص الأكثر كما أوردوا به على الحديث فهاتان قرينتان على أن مفاد الكبرى أن العمل العبادي المخترع في غير الاسلام لا يجوز ادخاله فى العبادة المخترعة فى الاسلام ، ودعوى أن لازم ذلك الالتزام ببطلان الصلوة بكل عمل مخترع في كل ملة وطائفة مدفوعة أولا بأن ذلك ملاك لجعل القاطعية على التكفير وليس من العلة المنصوصة كي يدور مدارها الحكم وثانياً وهو العمدة بأن ذلك ليس من الالتزام بما لا يلزم بل هو مستند الى الدليل التعبدي فلا بأس بالالتزام به فظهران القول بكراهة التكفير بأحد نحويها كالقول بأن تركه مستحب ضعيف وأما الفول بالحرمة النفسية فغاية ما يمكن الاستدلال له أن ورود النهى فى المهيات المخترعة وان كان صارفا عن ظهوره الاولى فى الحرمة النفسية موجبا لظهوره الثانوى عرفا فى الوضع لكن التعليل في صحيحى

ص: 17

زرارة وحريز بالتشبه بالمجوس بعد وضوح عدم دخل التشبه في الصلوة بل كونه مبغوضا ذاتاً لدى الشارع صارف عن هذا الصارف وموجب لبقاء النهي على ظهوره الاولى لكنك عرفت أن التعليل غير ناظر الى عنوان التشبه بل مورده وبعدما يمكن ثبوتا كون ذلك ملاكا لتشريع القاطعية يبقى النهى اثباتاً على ظهوره الثانوى في الوضع فهذا القول أيضا ضعيف وأما القول بالحرمة التشريعية فربما يستدل له بقوله (علیه السلام) : عمل وليس في الصلوة عمل ، بعد جعله ناظراً الى العمل المخترع لدى المجوس وجعل النفى للارشاد إلى عدم مشروعية ذلك العمل فى الصلوة وكذا النواهى الواردة فى سائر الاخبار فاذا أتى به المصلى بقصد كونه مشروعا في الصلوة فقد تحقق مصداق التشريع الذي هو ادخال ما ليس من الدين في الدين بقصد كونه منه سواء علم بعدم المشروعية أوشك فيه ويدفعه أنه فرق واضح بين عدم مشروعية شيىء في الصلوة مثلا بمعنى عدم تعلق أمر الشارع به و بین شرع عدمه بمعنی تعلق نهى الشارع به الظاهر عرفا فى المخترعات فى الوضع والموجود في المقام هو الثاني حسب فرض النهى عن التكفير في الاخبار وحمل النهى علی الارشاد الى عدم المشروعية بلا موجب فلا مغنى للحرمة التشريعية فيه فتلخص أن الحق وفاقاً للمشهور كون التكفير قاطعا الصلوة . فروع (الاول) أن ما ذكر من بطلان الصلوة بالتكفير مخصوص بصورة قصد العبادة به فلا يشمل غيره كما لو اراد أخذ شيء من يده أو حك جلده مما يمكن تحقق التكفير به وان احتمل اطلاقه لذلك فى جامع المقاصد وذلك لان التكفير في أخبار الباب كما عرفت اشارة الى المعهود أى العمل المستحدث في الاسلام وهو انما استحدث على نحو العبادة فلا اطلاق لشيء من الادلة بالنسبة الى غيره نعم لو كان مفاد قوله (علیه السلام) في صحيح على بن جعفر : وضع احدى اليدين على الاخرى عمل وليس فى الصلوة عمل : أن ما شرع فى غير شرعنا على نحو العبادية ممنوع في شرعنا مطلقا ولولا على نحو العبادية لأمكن المصير الى القاطعية بدون قصد العبادة لكن قرينة العهد اعنى كون مصب هذه الكبرى بتعليلها ما هو المتعارف خارجا بين .

ص: 18

العامه تمنع عن انعقاد اطلاق لها بالنسبة الى غير الخصوصيات المعهودة . (الثاني) أن البطلان مخصوص بصورة العمد فلا يشمل صورة السهو والنسيان على المشهور بل ل-م يعرف مصرح بالعموم حتى ادعى فى الجواهر أن الاختصاص مقطوع به بين الاصحاب و يدل على ذلك صحيح لا تعاد بنائاً على الحق من عمومه للمواقع والمواطع ضرورة نسبة عدم العود الى الصلوة مع حذف المتعلق أى ما منه تعاد وحصر الاستثناء في خمسة فى مقام القاء الكبرى فيدل على أن كل ما يرتبط بالصلوة جزءاً أم شرطاً أم مانعاً أم قاطعاً اذا وقع فيه السهو والنسيان لا يوجب ع-ود الصلوة الا هذه الخمسة المستثناة والمفروض أن التكفير قاطع للصلوة فوقوعه سهواً أو نسياناً لا يقطعها حتى تعاد و ربما يستدل له بحديث الرفع والحق خلافه لان حديث الرفع كما حققناه في الاصول ليس بمؤسس لحكم جديد تعبدى بل مقررلحكم العقل بعدم المؤاخذة في مورد الاعذار العقلية فهو أجنبي عن رفع الجزئية أو الشرطية أو المانعية أو القاطعية لدى العذر نعم لو قلنا بدلالته على حكم تعبدى فلامجال للمنع عن شموله للوضعيات بدعوى استلزامه اثبات الأمر بالبقية مع أن لسانه الرفع لا الوضع وذلك لان الرفع ليس هو الأمر المتعلق بالمركب حتى نحتاج بعد رفعه الى اثبات أمر جديد بالبقية وانما مصبه بعد انبساط الأمر على الجزء أو الشرط لوضوح كون الامر انبساطياً الحصة المنبسطة من الأمر على الجزء او الشرط المجهول مثلا فيبقى البقية على حالها ماموراً بها بنفس الامر الاولى وتفصيله بأزيد من ذلك ذكرناه في الاصول . الثالث) لا ريب فى سقوط القاطعية لدى الاضطرار الى التكفير لاجل التقية بمقتضى : التقية واسعة وصاحبها معذور . ونحوه من أدلة التقية الناظرة الى الوضع كما لاريب في وجوب التقية بفعل التكفير بمقتضى : التقية في دار التقية واجب ، أو التقية دينى . ونحوهما من أدلة شرع التقية بل نفس عنوان حفظ النفس الموقوف على التكفير كاف لاثبات وجوبه انما الخلاف في أنه لو ترك التقية وأتى بالواقع كالصلوة بدون التكفير فى المقام أو الوضوء مع المسح على البشرة دون الغسل أو المسح على الخف أو الوقوف بعرفات يوم التاسع لا الثامن الذي حسبه العامة تاسعاً

ص: 19

في الحج فهل يبطل ذلك عبادته أم لا قيل نعم لوجهين أحدهما أن أدلة التقية منوعة للعبادة الى مايتقى به كالصلوة مع التكفير والوقوف يوم الثامن والى مالا يحصل الاتقاء به كالصلوة بدون التكفير والوقوف يوم التاسع وحاصرة للمشروعة منها بالنوع الاول فالنوع الثانى لا أمر به شرعا فهو باطل ثانيهما أن ترك التقية حرام شرعاً فالمأتى به على خلاف التقية مطبق عليه النهى لاجل انطباق العنوان المحرم وهو ترك التقية عليه فيكون باطلا ويدفع الأول أن لادلة التقية كما عرفت لسانين المشروعية والوضع . وأمالسان المشرعية أعنى جعل مصداق جديد للعبادة كجمل الثامن مدن التاسع او جمل الصلوة مع التكفير مكان الصلوة بدونه حتى يقيد بذلك عموم أدلة الركنيات كلا تعاد فليس لشيئ من تلك الادلة اذ ذاك يحتاج الى اعمال مؤنة زائدة على مافى تلك الادلة وإن شئت قلت رتبة أدلة التقية رتبة الادلة الثانوية الحاكمة على الادلة الاولية ورتبة أدلة الركنيات نظير لا تعاد رتبة ثالثة لانها ناظرة حتى الى حال العذر كالجهل والاضطرار والسهو والنسيان وأن الخمسة تعاد منها الصلوة في حال العذر وتفصيل ذلك ذكر ناه فى الجزء الثانى من كتاب الطهارة فى مبحث المسح على الخفين عند التقية فراجع ويدفع الثانى أن ترك التقية محرم عقلا في سبيل امتثال الامر الشرعى بالاتفاء فلم يتعلق به نهی شرعی کی يطبق على العمل المخالف للتقية يوجب فساده من باب النهى فى العبادة فالحق وفاقاً لجماعة من الاصحاب صحة العمل المأتى به على حسب الواقع كالصلوة بلا تكفير في مورد التقية هذا كله حال المسئلة من حيث الحكم بما له من الفروع. وأما من حيث الموضوع أى المراد من التكفير فقد فسره المصنف (قدسّ سره) هنا وفى المعتبر بوضع اليمين على الشمال واختاره العلامة (قدسّ سره) مقيداً له في محكى المنتهى والتذكرة بحال القرائة وفسره الشيخ (قدسّ سره) بالاعم منه ومن وضع الشمال على اليمين وتبعه ابن ادريس والشهيدان وصاحب الحدائق وجماعة من المتأخرين قدس الله أرواحهم أجمعين هذا بحسب كلمات الفقهاء وأما اللغويون فقد فسره في القاموس

ص: 20

والنهاية الاثيرية بخضوع الانسان لغيره والتحقيق أن التكفير في اخبار الباب لما كان اشارة الى المعهود المستحدث في الإسلام كما عرفت سابقا فكيفية موكولة الى ما يصنعه مخالفونا وهى على ما يسناد من كتبهم وكتب أصحابنا كالتذكرة وغيره من كتب القدماء أعم من وضع اليدين على الشمال أو العكس ومن وضع اليدين فوق الصدر أو تحته ومن وضع كف احدى اليدين على ظهر الأخرى أو على الرسغ منها فكل ذلك جائز عندهم نعم يختص ذلك بحال القرائة دون الركوع أو السجود أو ساير أجزاء الصلوة فهذا المقدار الثابت من فتاويهم هو المتيقن من التكفير القاطع للصلوة دون غيره من أنحائه المتصورة لعدم احراز معهوديته وعدم اطلاق لصحيح على بن جعفر : وضع احدى اليدين على الأخرى عمل وليس في الصلوة عمل : يشمل ذلك فضلا عن سائر النصوص لما عرفت من ان مصبها ماهو المعهود فلا اطلاق لها بالنسبة الى ما عدى الخصوصيات المعهودة والألزم قاطعية كل عمل أجنبي عن الصلوة ولولم يأت به بقصد العباده وذلك خلاف النص والفتوى في كثير من الاعمال الخارجية ثم لو شككنا في شيء من الخصوصيات أنها معهودة كي تكون قاطعة أم لا كى لا تكون قاطعة فالمرجع أصالة البرائة عن القاطعية بعدما عرفت من عدم أصل لفظى يكون هو المرجع في موارد الشك .[و] منها [ الالتفات ] عن القبلة في الجملة باتفاق الكل وان كثر الاختلاف في ذلك بين الاصحاب من حيث توسعة الموضوع وعمومه لكل التفات ولو كان يسيراً فضلا عما بين المشرق والمغرب أو إلى محضهما أو الى الخلف أعم مما بين المشرق والمغرب منه أو النقطة المقابلة للقبلة سواء بالبدن أم بالوجه أو تضييق الموضوع و تخصيصه بمن يرى خلفه كما عن الصدوق (قدسّ سره) في الامالى أن بطلانه من دين الامامية أو بالالتفات إلى ما ورائه ] كما عبر به المصنف والعلامة (قدس سرهما) أو التفصيل الذى لعله المشهور بين الاصحاب قديما وحديثا من البطلان بالالتفات الى الوراء أى الاستدبار مطلقاً عمداً كان أو سهواً كما نسبه الشهيد (قدسّ سره) في محكى البيان الى الاكثر وان ناقش في النسبة فى مفتاح الكرامة وكذا بالالتفات الى اليمين واليسار

ص: 21

إذا كان عمدا بخلافه اذا كان سهواً فتصح الصلوة ومن الكراهة بالالتفات بالوجه إلى ما بين اليمين واليسار اذا كان عمداً الى غير ذلك من الاقوال التي أسهب السيد السند المحقق المتتبع صاحب مفتاح الكرامة الكلام في نقلها وتحليلها شكر الله تعالى مساعيه الجميلة وجزاه عن الفقه خير الجزاء وقدس الله نفسه المباركة وان قال صاحب الجواهر (قدسّ سره) أن كثرة نقل الاقول هنا لاطائل تحتها والعمدة تحليل الادلة ثم أنه لا فائدة فى تكثير صور المسئلة بما تنتهى الى ستمأة أو أزيد كما عين صاحب الذخيرة بل ولا بما تنتهى الى ستة عشرة وأن الالتفات اما عن عمد أو سهو وعلى كل منهما اما أن يقع بالكل أو بالوجه وعلى كل منهما فاما الى الخلف أو اليمين أو اليسار أو ما بينهما بحيث يخرج عن الاستقبال كما اختاره صاحب الجوهر (قدسّ سره) أن التقسيم وان كان يكثر بالاعتبار لكنه في كل مورد لابد وان يكون بلحاظ أثره المرغوب فهنا لابد وان يكون بلحاظ اختلاف الحكم الشرعى باختلاف الاقسام و بهذا اللحاظ لا ينقسم موضوع المسئلة الى ستة عشر قسماً لاشتراك كثير منها في الحكم فضلا عن أزيد من ذلك وكيف كان فهل الالتفات بعنوانه قاطع للصلوة أم لاستلزامه فقدان الشرط أى الاستقبال حيث تعنون الاصحاب مسئلة الانحراف عن القبلة في موضعين أحدهما مبحث القبلة وقد عرفت هناك حكم ظان القبلة أو ناسيها الجاهل بها من وجوب الاعادة في الوقت والقضاء فى خارجه مطلقا أو التفصيل بين الاعادة والقضاء او بين العناوين المزبورة ثانيهما مبحث القواطع كما استقل كل من شرطية الاستقبال وقاطعية الالتفات بالعنوان في لسان الاخبار فهل مرجع العنوانين الى واحد أم متعدد فيه قولان (الاول) التعدد يدل عليه ظاهر العنوانين بعد تغايرهما مفهوماً وتباينهما مورداً على نحو العموم المطلق ضرورة عموم قاطعية الالتفات الاكوان المتخللة بين أفعال الصلوة ولافعال لانها أيضا غير خالية عن الكون الصلوتى بخلاف شرطية الاستقبال التي دلت عليها الكتاب والسنة المتواترة اما بلسان لا صلوة الا الى القبلة أو بلسان لا تعاد الصلوة الا من خمسة وعد منها القبلة بل ه-ى مورد وفاق أه-ل الاسلام بجميع مذاهبهم فانها مخصوصة بحال الافعال لانها الصلوة

ص: 22

فيكفى اقترانها بالاستقبال في تحقق ربط الصلوة الى القبلة الذى ه-و مفاد الشرطية بخلاف الافعال الخارجية الفاصلة بين أجزاء الصلوة كفرقعة الأصابع وحك الجلد وقتل العقرب والعبث باللحية الى غير ذلك مما يجوز الاتيان بها فى الصلوة على كراهية أو السكوتات المتخللة غير الواصلة حد محو الصورة فليست من الصلوة في شيىء فلا يشترط فيها الاستقبال نعم يبقى هنا اشكال أنه كيف يعقل شرطية أحد الضدين لفعل وقاطعية الضد الآخر عنه اذ بعد فقدان الشرط لابد وان يستند البطلان اليه لا الى وجود القاطع فجعله عليهذا لغو وذلك لترتب الغاء بين أجزاء العلة التامة وهى وجود المقتضى و وجود الشرط وعدم المانع فاذا وجد المقتضى كالنار فوجد الشرط كالاجتماع فى المكان وفقد المانع كرطوبة المحل فقد تحقق المقتضى كالاحراق وهذا الترتب كما يكون فى مرحلة الوجود فكك فى مرحلة العدم أن فقدان المقتضى بالفتح انما يستند الى وجود المانع لدى تحقق المقتضى والشرط والى فقدان الشرط لدى تحقق المقتضى والى فقدان المقتضى لدى عدم تحققه ولو كان الشرط ايضا مفقوداً والمانع موجوداً لكنا بينا في بعض مباحث هذا الكتاب فساد الاشكال وأنه ليس هناك الا ترتب فاء واحدة بين المقتضى والشرط اذ المانع بوجوده مخل لا أن عدمه من أجزاء العلة التامة كما من أجزاء العلة التامة كما توهم هذا بحسب مرحلة الوجود وأما فى مرحلة العدم فاستناد فقدان المعلول الى الجامع بين فقدان المقتضى وفقدان الشرط ووجود المانع بمكان من الامكان وأما كبرى شرطية أحد الضدين وقاطعية الضد الاخر نظير شرطية الطهارة للصلوة وقاطعية الحدث أو شرطية الاستقبال وقاطعية الالتفات لولم نقل بأنهما متخالفان لا ضدان فمما لا اشكال في---ه ثبوتاً لدى العقل ضرورة امكان استقلال كل بملاك فيكون الشرط موجباً لحسن الفعل والقاطع موجباً لقبحه وذلك كاف في صحة الجعل بل على فرض وحدة الملاك يكفى اختلافهما من حيث الأثر الشرعى مصححا لجعل القاطعية في مورد الضد الاخر ولو بلحاظ الاصل العملى الجارى فى مورد الشك كالاشتغال لدى الشك فى الشرطية والبرائة لدى الشك في القاطعية كما هو مذهب جماعة فضلا عما

ص: 23

عرفت من ظهور الثمرة بالنسبة الى الاكوان المتخللة وبعد صحة الجعل ثبوتا وظهور الدليل فى التعدد اثباتاً فى كلا المقامين أى الطهارة والحدث والاستقبال والالتفات لا موجب للتصرف فى ظاهر الادلة بالارجاع إلى أمر واحد بل نتحفظ على ظاهرها في التعدد . (الثاني) الاتحاد اختاره المحقق الحائري (قدسّ سره) مستدلا بوجهين أحدهما الجمع بين الدليلين بعد قيام قرينة العقل على استحالة شرطية وجود أحد الضدين لشييء ومانعية وجود ضده الآخر عن ذلك فانها تكشف عن رجوع قاطعية الالفات الى شرطية الاستقبال ودعوى الفرق بينهما من جهة عموم موضوع الأول للاكوان و اختصاص موضوع الثانى بالافعال مدفوعة بأن الادلة الظاهرة في قاطعية الالتفات تكشف بعد الجمع بينها وبين الادلة الظاهرة فى شرطية الاستقبال عن استمرار الشرطية لحال الاكوان الصلوتية فهما ناظرتان الى مفاد واحد هو بیان شرط استمرارى للصلوة من أول التكبيرة الى آخر التسليمة وهو الاستقبال كما قلنا بنظيره في الطهارة والحدث فتكشف أدلتهما بعد الجمع بينهما عن أن الطهور شرط استمرارى من أول الصلوة الى آخرها ثانيهما ماورد في تفسير قوله تعالى فولوا وجوهكم شطره (1) من قوله (علیه السلام) استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلوتك : اذ لولا رجوع قاطعية الالتفات الى فقدان شرطية الاستقبال لما كان لتعليق الفساد على النهى عن الالتفات في مقام بيان شرطية الاستقبال وجه ولكن يدفع هذا القول أما بالنسبة الى وجهه الأول فما عرفت من الامكان ثبوتا بلا استحالة فى التعدد عقلا ومن عدم انحصار أثره في واحد فهو أى الارجاع إلى أمر واحد اقتراح من غير قرينة والتزام بما لا يلزم وأما بالنسبة الى وجهه الثانى فبان قيام قرينة المقام على ارادة فقدان الشرط من النهى عن الالتفات في مورد لا يصلح قرينة على صرف تعليق القطع على عنوان الالتفات في سائر الاخبار عن ظهوره في الاستقلال فالحق هو التعدد لماذكر

ص: 24


1- الوسائل ، الباب 9 من القبلة حديث 3 .

وأما الاخبار فهى ستة طوائف (1) الأولى النافية للالتفات في الصلوة مطلقا كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (علیه السلام) قال سألته عن الرجل يلتفت فى صلوته قال لا ولا ينقض أصابعه : وحيث أن الالتفات حاق مفهومه مقابل التوج-ه فيكشف عن وجود ما يلزم الوجه اليه فى الشرح كي يكون معب السؤال والجواب الالتفات عنه وهو بضرورة الاسلام القبلة للاية الشريفة : فولوا وجوهكم شطره : فهو اشارة الى المعهود ذهناً أى الالتفات عن القبلة وحيث أن النفى وارد في المخترعات الشرعية أى الصاوة يكون ظاهراً في بطلانها بالالتفات عن القبلة مطلقا ولا ينافيه حمل ولا ينقض أصابعه على الكراهة بقرنية من الخارج .الثانية العجوزة للالتفات في الصلوة مطلقا كصحيح عبد الملك قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الالتفات في الصلوة أيقطع الصلوة قال لا وما أحب ان يفعل : ف---ان نفى التقاطعية صريح في الجواز وقوله (علیه السلام)ما أحب أن يفعل : ظاهر في الكراهة . الثالثة المفصلة بين الفاحش وغيره كصحيح الحلبي عن ابيعبد الله (علیه السلام) في حديث قال اذا التفت فى صلوة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلوة اذا كان الالتفات فاحشاً وان كنت قد تشهدت فلا تعد :اذ الشرطية فى مقام القاء الضابط تدل على حصر القاطعية بالالتفات الفاحش . الرابعة المفصلة بين الالتفات بكل البدن وغيره كصحيح زرارة أنه سمع أبا جعفر (علیه السلام) يقول الالتفات يقطع الصلوة اذا كان بكله : اذ تقييد الالتفات بكله منا لا محصل له فهذه قرنية على رجوع ضمير كله الى المرجع الحكمى المتصيد من الكلام أى المصلى الملتفت والقاء الشرطية في مقام الضابط يفيد حصر القاطعية بهذه الصورة. الخامسة المفصلة بين صرف الوجه عن القبلة وغيره كصحيح أبي بصير عن أبيعبد الله (علیه السلام) قال ان تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلوة : اذ تفريع الاعادة على صرف الوجه عن القبلة ظاهر في قاطعيته.

ص: 25


1- مذكورة فى الباب 3 من قواطع الوسائل .

السادسة المفصلة بين الالتفات الى الخلف وغيره كصحيح البزنطى صاحب الرضا (علیه السلام) قال سألته عن الرجل يلتفت في صلوته هل يقطع ذلك صلوته قال اذا كانت الفريضة والتفت الى خلفه فقد قطع صلوته فيعيد ما صلى ولا يعتد به وان كانت نافلة لا يقطع ذلك صلوته ولكن لا يعود : وصحيح على بن جعفر عن أخي--ه موسى بن جعفر (علیه السلام) مثله. وهناك طائفة سابعة مقابلة للخامسة لظهورها في تجويز قلب الوجه عن القبلة مطلقا كقوله (علیه السلام) في صحيح الفضيل بن يسار في جواب قول السائل : وان قلب وجهه عن القبلة . نعم وان قلب وجهه عن القبلة : قد عرفت في قاطعية الحدث أنها محمولة على التقية فبهذا الاعتبار تكون أخبار الباب سبعة طوائف فلابد من الجمع بينها وله وجوه . منها ما يظهر من المتن وعبادة القواعد للعلامة (قدسّ سره) بل نسب الى الاكثر وهو المشهور بين القدماء من تخصيص الفاطعية بالالتفات الى ماورائه بمعنى النقطة المقابلة للقبلة كما هو الاظهر والانسب لا بمعنى من يرى خلفه الشامل لما بين المشرق والمغرب كما اختاره في تفسير عباداتهم صاحبا المستند ومصباح الفقيه (قدس سرهما) ويمكن تقريبه بأن الطائفة السابعة محمولة على التقية كما عرفت وصرف الوجه عن القبلة في الخامسة كناية عن صرف مقاديم البدن أى الاستدبار كما وقع تولية الوجه نحو القبلة في الاية الشريفة كناية عن الاستقبال بمقاديم البدن كلها كما أن الأوليين النافية والمجوزة للالتفات لكونهما من المطلقات محمولتان على المقيدات فالمدار عليها تبقى ثلاث طوائف أخرى مقيدات احديها المقيدة بالفاحش وهو عنوان تطبيقى أى ما ينطبق على الخارج وليس بنفسه حد معين ثانيتها المقيدة بكله وهو عنوان تقديرى له ما بحذاء في عالم الخارج هو جميع مقاديم البدن ثالثتها المقيدة بالخلف وحيث أنها أخص الثلاثة والاوليين بالقياس اليها مطلقتان فهما محمولتان عليها ضرورة أن الالتفات الى الخلف فاحش وبكل البدن فمفاهيم جميع المطلقات متحققة في ضمن هذا المقيد فهو حاكم على الجميع والنتيجة تخصيص القاطعية بالالتفات الى

ص: 26

الخلف مطلقا عمداً كان أو سهواً لكن يمكن دفع هذا التقريب بأن حكومة المقيدة بالخلف على سائر الطوائف ممنوعة لاحد وجوه ثلاثة : الأول أن الشرطية فيها محققة للموضوع ومفهومها مذكورة في نفس الرواية فلا مفهوم لها وراء ذلك ويمكن تطبيق هذا على القواعد الصناعية بأنه اذا ذكر جزاء واحد عقيب شرطين فهو جزاء لهما معاً بمعنى انه عبارة عن مفهوم مجموعهما فقوله (علیه السلام) في الطائفة السادسة : اذا كانت الفريضة والتفت الى خلفه : شرطيتان جزائهما قوله (علیه السلام) : فقد قطع صلوته : ومفهومهما قوله (علیه السلام) : وان كانت نافلة لا يقطع ذلك صلوته : فالشرطيتان محققتان للموضوع ليس لهما عقد السلب ينفى قاطعية الالتفات الى ما دون الخلف بل الرواية مسوقة لنفى شرطية الاستقبال في النافلة مطلقا ولذا قلنا في مبحث القبلة بعدم اشتراطه فيها حتى حال العمد والوقوف أخذاً بظواهر جملة من النصوص وان لم يقل به المشهور فلا ربط لهذه الطائفة بقاطعية الالتفات حتى تصلح للحكومة على أخبار الباب الثانى أنها غير معمول بها لدى الاصحاب لكن يدفعه ما عرفت من ظهور عبارتى المتن والقواعد وجملة من الاصحاب في العمل بها وتوهم أن لازم ذلك الفول بعدم قاطعية الالتفات البدن الى ما بجميع بين اليمين واليسار ولو عمداً وحيث لا يقول به الاصحاب فالرواية غير معمول بها مدفوع بما أسلفناه من الفرق بين قاطعية الالتفات وشرطية الاستقبال بشمول الاول للاكوان دون الثانى ففساد الصلوة بالتفات حال الاجزاء عمداً الى اليمين واليسار انما هو لفقدان الشرط لالوجود المانع . نعم لو كنا نقول بقاطعية الالتفات ما بينهما أيضا لاستند الفساد الى كلا الامرين وهو ممكن كما عرفت سابقا وأما الالتفات كك حال الاكوان فغير مبطل لدى الجل فالرواية معمول بها حتى بمدلولها الالتزامى . الثالث أن نجيب عن الوجه الأول بعدم المنافاة بين كون الشرطية محققة للموضوع مع وجود عقد السلب لها في مقام القاء الضابط وعليه فالرواية مسوقة لنفى قاطعية الالتفات الى الخلف فى النافلة وتخصيصها بالفريضة ونقول في وجه عدم

ص: 27

الحكومة أنها مخالفة للمتون المحاورة وموجبة لسد باب المحاورة اذ مطلقات الباب بقسميها حتى المطلقة بالقياس الى الطائفة السادسة في قوة الاطلاق بمثابة تأبى عن التقييد بتلك الطائفة على حد الخصيص الأكثر المستهجن والحمل على الفرد النادر فان دائرة وقف المصلى لها أقواس أربعة فرسان أمامه ما بين المشرق والمغرب وقوسان خلفه كك فاطلاق الالتفات الشامل لجميع درجات الاقواس الاربعة كما في الاوليين من طوائف أخبار الباب بل والطائفة الرابعة أو الانتفات الفاحش الشامل لجل تلك الدرجات كما في الطائفة الثالثة وارادة خصوص الالتفات من أحد قطرى الدائرة أعنى نقطة القبلة الى قطرها المقابل أعنى نقطة الوراء مستهجن عرفا شبه التخصيص الاكثر والحمل على النادر فلا يصار إليه فهذا الجمع يكون بلا شاهد . ومنها عدم احتساب المقيدة بالخلف من أخبار الباب والجمع بين طائفتي المانعة عن صرف الوجه عن القبلة والمجوزة فيه بالحمل على الكراهة بالنسبة الى ما بين اليمين واليسار وأما بالنسبة الى الخلف فيبعد تحققه لولم نقل بتعذره فحمل كل من الطائفتين عليه حمل للمطلق على النادر وارجاع كله فى الطائفة الرابعة الى الفاحش فى الثالثة والجمع بين طائفتى النافية الالتفات والمجوزة فيه مطلقا بشهادة الثالثة والنتيجة عدم قاطعية الالتفات اليسير مطلقا ولو عمداً وقاطعية الالتفات الفاحش مطلقا ولو سهواً ضرورة وقوع القبلة في عقد استثناء لا تعاد ودعوى الفرق بين قاطعية الالتفات وشرطية الاستقبال مدفوعة بأن ذلك كلام ظاهرى لا يفهمه العرف حيث لا يفهمون من النهى عن الالتفات بعد الأمر بالاستقبال الاكونه لاجل ترك الشرط ودعوى الحث في الاخبار على التحفظ على الاستقبال وعدم الانحراف في الصلوة ولو قلامة ظفر فهذا ينافي عدم قاطعية الالتفات اليسير عمداً مدفوعة بأن ذلك مخصوص بحال انعقاد الصلوة بالتكبيرة فمقتضى الجمع بين تلك النصوص وبين أخبار الباب عدم جواز الانحراف عن القبلة ولو قلامة ظفر حال الشروع في الصلوة وعدم قاطعية الانحراف اليسير في اثناء الصلوة ولكن هذا الجمع مخدوش من وجوه احدها عدم احتساب المقيدة بالخلف من أخبار الباب مع أنك عرفت كونها منها .

ص: 28

ثانيها ارجاع كله إلى الفاحش مع أن مقتضى القاعدة عكس ذلك لما عرفت من أن الثانى عنوان تطبيقى والاول عنوان تقديرى فطبعاً يرجع الاول الى الثانى . ثالثها عدم الفرق بين قاطعية الالتفات وشرطية الاستقبال مع أنك عرفت ثبوت الفرق عرفا بعد تغايرهما مفهوماً وتباينهما مورداً فدعوى عدم اتهام العرف من عدم الالتفات الاترك الاستقبال كلام ظاهرى ومنها أن أخبار الباب فيها مطلقات هي الناهية والمجوزة للالتفات ومقيدات ثلاثة مقيد بالفاحش ومقيد بكله ومقيد بالخلف وحيث أن الاول أعم مطلقاً الاخيرين فمرجعه اليهما والاخيران بينهما عموم من وجه لعموم كله من حيث اليمين واليسار وغيرهما وعموم الخلف من حيث كل البدن أو خصوص الوجه مثلا ومقتضى القاعدة فيما اذا كان هناك شرطان بينهما عموم من وجه الجزاء واحد كالالتفات بكله والى الخلف بالنسبة الى قطع الصلوة هو الاخذ بكلا الشرطين بالنسبة الى مادتي افتراقهما كالالتفات الى اليمين واليسار بكل البدن و الى الخلف بالوجه فقط أو مع بعض البدن فبكل واحد منهما فضلا عن مورد اجتماعهما كالالتفات بكل البدن الى الخلف تنقطع الصلوة وبهذا النحو من الجمع يتحصل مذهب المشهور سيما بين المتأخرين لكنه موقوف على تمامية أمور ثلاثة : احدها عدم كون النسبة بين الفاحش وكله عموما من وجه بأن يكون الالتفات اليسير بكل البدن فاحشاً عرفاً . ثانيها عدم كون أخبار صرف الوجه بلسانيها من النفى والاثبات من اخبار الباب .ثالثها عموم خبر الخلف للالتفات بخصوص الوجه بأن يراد به مايعم النظرماالاخير فممنوع اذ الالتفات بقرينة المقابلة بابه باب التولية في الاستقبال التي هي بالوجه والبدن لاخصوص النظر فتعميم الالتفات للنظر بلا شاهد بل مع الشاهد على لخلاف وحيث أن تولية الوجه منفرداً عن مقاديم البدن نحو الخلف بعيد في الغاية للرجل المتعارف من حيث وضع أعظم الرقبة وان أمكن عقلا تحققه بتمرين الالعاب لرياضية وللتحفظ على هذا الاحتمال العقلاني عبر العلماء بالبعد في مورد الامتناع

ص: 29

العادى فهو ليس بمصداق لدى العرف للالتفات الى الخلف وبذلك يمتاز من مجرد ندرة الوجود غير المانع عن تطبيق الطلق على الفرد كالماء في العيون فلا يعمه الخبر بل يختص الالتفات بكل البدن الى الخلف ويكون أخص مافى الباب ولازمه المصير الى مذهب مشهور القدماء . وأما الثانى فمقبول اذ مساق أخبار صرف الوجه نفياً واثباتاً مساق تولية الوجه في الاية الشريفة المكنى بها عن الاستقبال بمقاديم البدن بأجمعها فلا يزيد مفاد النافية عن مفاد خبر الالتفات الى الخلف ومفاد المثبتة عن معارضة الكتاب والسنة المتواترة وضرورة المذهب ، ولذا حمل على التقية مضافاً الى اقترانه في بعض الاخبار بالتكلم كما في صحيح ابی بصیر المتقدم وذلك كله يشهد بكونها ناظرة الى حفظ الشرط أى الاستقبال يبقى الأول فيمكن منعه بدعوى أن عنوان الالتفات ناظر الى الاضافة بين المستقبل والقبلة من حيث الانحراف وعنوان الفاحش ناظر الى كثرة الانحراف فهو خاص من هذه الجهة عام من جهة قيام الانحراف الكثير ببعض البدن أم بكله وعنوان كله ناظر الى ما يقوم به الانحراف أى البدن فهو خاص من هذه الجهة عام من جهة مقدار الانحراف يسيراً أم كثيراً فبينهما عموم من وجه طبعا وليس الانحراف اليسير بكل البدن فاحشاً عرفاً ويمكن تقريبه بأن النسبة الطبعية بين العنوانين وان كانت عموما من وجه لكن لما كان عنوان الفاحش تطبيقياً منتزعاً عن مقدار نفس الاضافة غير مضبوط خارجاً وعنوان كله تقديرياً مضبوطاً في الخارج مضافاً الى أن تعميم عنوان الفاحش من حيث ما تقوم به الاضافة كلا أو بعضاً يستلزم الجمع بين لحاظى الاضافة وموردها في عالم الاستعمال يكون عنوان بكله لدى العرف حاكما على عنوان الفاحش ناظراً الى تعيين مصبه لدى الشارع في باب القبلة وأنه الانحراف بجميع البدن مضافا الى أن الالتفات اليسير ولو بكل البدن يتسامح فيه عرفا فلا يرى مصداقاً للالتفات الممنوع كما لا يرى مضرا بالاستقبال لما عرفت في مبحث القبلة من أن المدار في احراز الاستقبال على نظر العرف فكك بالنسبة الى احراز مقابله من الالتفات فعنوانا الفاحش وكله يتواردان على محل فارد ويكون المدار على الثاني

ص: 30

وأما عنوان الخلف فحيث يبعد تقييد اطلاق كله فضلا عن سائر مطلقات الباب به ويكون شبه التخصيص الاكثر والحمل على النادر كما اسلفناه في جواب الجمع الأول فلا ينبغى عده من مقيدات الباب وان كان معدوداً من أخبار الباب بلحاظ حصر قاطعية الالتفات الى الخلف بالفريضة . وعليه فأحسن الجموع حصر المقيد فى الباب بعنوان كله بعد اخراج يسيره بالتسامح العرفى وتحكيمه على مطلقات نفى الالتفات وتجويزه فينتج قاطعية الالتفات بكل البدن اذا كان كثيراً عرفاً أى بمقدار لا يتسامح العرف في تطبيق عنوان الالتفات عن القبلة عليه (1) . وأما الالتفات بالوجه فقط أو مع بعض البدن فهو قاطع اذا كان الى أح---د قوسى ما خلفه فيما بين المشرق والمغرب وليس بقاطع اذا كان الى أحد جانبيه م-ن اليمين واليسار لكن لا لاخبار صرف الوجه المتقدمة اذ قد عرفت أنها كناية عن الاستقبال كما في الاية وليست من أخبار الباب بل للتفصيل الوارد في صحيح على

ص: 31


1- مبنى هذا الجمع على أمرين أحدهما كون النسبة بين عنوانى الفاحش وكله بنظر العرف هى العموم المطلق وكون الثانى ناظراً بالحكومة التفسيرية الى الاول ثانيهما كون التسامح العرفي متبعا في المقام وكلاهما قابلان للمناقشة أما الاول فلان كون النسبة عموما مطلقا فرع نظر الثانى الى الأول فهو يشبه الدور ودعوى أن النظر عرفى فلا دور مدفوعة بعدم التلازم عرفا بين كون أحد العنوانين تطبيقيا والاخر تقديريا وبين الحكومة ولا موجب للنظر عدى ذلك فهو غير محرز ومحذور التوقف غير مرتفع وأما الثاني فلان التسامح العرفي في تشخيص المصداق غير متبع بعد تبين أصل المفهوم على مامرت اليه الاشارة في المتن غير مرة والتنظير بالاستقبال قياس بعد فرض تعدد شرطية الاستقبال وقاطعية الالتفات ملاكا وخطاباً كما مرفى المتن سابقاً الا ان يدفع ماذكر كله بالبيان الذي سيأتي في المتن لتأكيد هذا الجمع «المقرر عفى عنه»

بن جعفر(علیه السلام) (1) عن أخيه موسى (علیه السلام) قال سألته عن الرجل يكون في صلوته فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شيىء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسه (ينظر فيه ان يفتشه) قال ان كان فى مقدم ثوبه أو جانبه فلا بأس و إن كان في مؤخره فلا يلتفت فانه لا يصلح : ولا ينافيه التعبير بلا يصلح لما نبهنا عليه مراراً من أن لحن كلام على بن جعفر في مسائله وكذا الامام (علیه السلام) في أجوبتها يصلح لا يصلح مكان يجوز لا يجوز مضافا الى انه وقع تعليلا للنهى عن الالتفات فلا يمنع عن ظهوره في البطلان وحيث عبر فيه بالنظر والالتفات لا يمكن جعله كناية عن الاستقبال كما صنعنا بأخبار صرف الوجه . ومنها أن التحفظ على ظهور عناوين أخبار الباب فى الموضوعية ممكن ثبوتاً ان هى أربعة منها الفاحش وهو وصف للالتفات الذى عرفت أنه عبارة عن الاضافة بين المستقبل والقبلة ومفهومه أعم من القائم بجميع البدن وبعضه ومنها كله وهو وصف لما تقوم به الاضافة أى البدن ومفهومه أعم من الانحراف اليسير والكثير فيؤخذ بظهور كل فى الموضوعية بالنسبة الى مادة الافتراق ومنها صرف الوجه فيمكن التحفظ على كونه بعنوانه قاطعا ومجرد اقترانه في بعض الاخبار بما يصلح للقرينية على الكناية لا يوجب جعل هذا العنوان كلما ورد كنائيا عن الاستقبال ومنها الخلف والمحتملات الثبوتية في عالم الاخذ بظهور هذه العناوين في الموضوعية ثلاثة أحدها تقييد مفهوم كل بمنطوق الآخر والنتيجة الجمع بينها من حيث القاطعية بمعنى الالتزام بالقطع فى مورد افتراق كل منها فضلا عن مورد اجتماعها ثانيها تقييد منطوق كل بمنطوق الآخر والنتيجة هو الجمع كالاول ثالثها تقييد منطوق كل بمفهوم الاخر والنتيجة هو الاخذ بأعمها مفهوماً وأما بحسب الاثبات فالترجيح مع الاول قضاء اللتحفظ على ظهور كل عنوان في الاستقلال بالسببية المنحصرة بخلاف الثاني فهو وان اتحد مع الاول في النتيجة لكن مقتضاه حمل كل عنوان على جزء السبب ولا موجب له كما أن الاخير يقتضى ترجيح المفهوم مع كونه اضعف على المنطوق مع كونه أقوى نعم يمكن

ص: 32


1- الوسائل ، الباب 3 من القواطع ، حديث 4 .

المناقشة فى هذا الجمع بوجوه ثلاثة أحدها أن لازمه القول بمبطاية الالتفات اليسير اذا كان بجميع البدن ولا يقول ب-ه الاصحاب ثانيها أن لازمه القول بمبطلية صرف الوجه الى ما بين اليمين واليسار ولم يقل به عدا فخر المحققین (قدسّ سره) ثالثها أن لازمه تقييد اطلاق الوجه والفاحش وكله بمنطوق الخلف لكونه أخص منها وذلك ينتج مذهب مشهور القدماء من حصر القاطعية بالالتفات الى الخلف لكن يدفع الاول انصراف الالتفات بكل البدن عن اليسير عرفا كما تقدم ويدفع الثاني تقييد اطلاق صرف الوجه من جهة ما بين اليمين واليسار بصحيح على بن جعفر المتقدم وحمله على الكراهة بدعوى عدم الحاجة الى الالتفات الى الخلف لتفتيش مؤخر الثوب لامكان تحويله الى الامام وبقرينة لا يصلح كما في مصباح الفقيه مدفوع بأن السئوال عن جواز الالتفات الى الخلف للتفتيش لا عن الاضطرار الى ذلك وعدمه فظهور النهى فى الجواب فى البطلان محكم ولا يضره التعبير بلا يصلح لكونه تعليلا للنهى ولكونه لحن كلام على بن جعفر وأخيه موسى (علیه السلام) في مقام بيان عدم الجواز كما يشهد به تتبع مسائله. ( ويدفع الثالث) مضافا الى أن المقابلة بين الشرطيتين أعنى اذا كانت الفريضة وان كانت نافلة بناءاً على كون والتفت الى خلفه قيداً للشرطية الاولى كما فهمه في الجواهر ومصباح الفقيه لاشرطا مستقلا قرينة على كون القيد محققا للموضوع وعدم عقد السلب له كى يعد من مقيدات الباب غايته الدلالة على قاطعية هذه الحصة من الالتفات فى الفريضة دون النافلة وأما ساير حصص الالتفات فهو ساكت عن حكم قاطعيتها نفياً واثباتاً فيرجع الى عنوانى الفاحش والكل (ما عرفت من بعد تقييد مطلقات الباب بالخلف . نعم يبقى اشكال رابع على هذا الجمع هو أن التأمل في أخبار الباب بألسنتها المختلفة يعطى كونها ناظرة الى جهة واحدة جامعة بين العناوين الواردة فيها مع التحفظ على تعدد شرطية الاستقبال وقاطعية الالتفات كما بيناه سابقاً وأن الموجب للنهى عن الالتفات الفاحش بعينه الموجب للنهى عن الالتفات بكل البدن وعن

ص: 33

الالتفات الى الخلف وهو جهة فوات القبلة بمعنى أن ما يكون وجوده شرطاً في صحة الصلوة من الاستقبال وفيه ملاك الحسن الداعى نحو الأمر به في الصلوة بمثل، فولوا وجوهكم شطره ، و: لاصلوة الا الى القبلة ، يكون عدمه أى فواته قاطعاً لصلوة وفيه ملاك القبح الداعى نحو النهى عنه في الصلوة بمثل: فأعد الصلوة اذا كان الالتفات فاحشا ، و الالتفات يقطع الصلوة اذا كان بكله : و : وان كان في مؤخره فلا يلتفت فانه لا يصلح ، و : اذا كانت الفريضة والتفت الى خلفه فقد قطع صلوته فيعيد ماصلى ولا يعتد به : فهذا الجامع هو المستفاد عرفا من مجموع أخبار الباب وق---د عرفت فى مبحث القبلة أن المدار في ناحية الاستقبال المشروط وجوده فى الصلوة على نظر العرف الذى لا يرى الانحراف اليسير مضراً بإحراز الشرط فطبعاً يكون كك في ناحية فوات الاستقبال الفاطع للصلوة فلا يكون الالتفات اليسير مطلقا ولوبجمیع البدن مضراً لدى العرف بفقدان القاطع وهذا ينتج ما جعلناه سابقاً أحسن الجموع و به يتحصل مذهب المشهور سيما بين المتأخرين . ثم ان قاطعية الالتفات هل تعم صورتى العمد والسهو أم تخص العمر اختلفت فى ذلك كلمات الفقهاء بل ربما فقيه وأحد اختار العموم تارة والخصوص اخرى فالاختلاف مما لا يرجى زواله ولكن الأقوال الرئيسية ثلاثة: الاطلاق والاختصاص والتفصيل بين وقوع الالتفات حال بعض أفعال الصلوة الذى لا يمكن تداركه لكونه ركنا يستلزم عوده الزيادة المبطلة فالاطلاق وبين وقوعه حال ما يمكن تداركه فالاختصاص اختاره فى المدارك استدل للاطلاق بوجوه ثلاثة أحدها مطلقات النهي عن الالتفات حيث لم تقيد بالعمد ثانيها عقد الاستثناء في صحيح لا تعاد حيث عمد القبلة من المستثنيات ثالثها خبر محمد بن مسلم (1) عن احدهما عليهما السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام فى صلوته وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر أنه فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحدة يجوز له ذلك اذالم يحول وجهه عن القبلة فاذا حول وجهه فعليه أن يستقبل الصلوة استقبالا : اذ اطلاق الحكم بالاعادة حين تحويل الوجه

ص: 34


1- الوسائل ، الباب 6 من الخلل حديث 2 .

عن النبلة يشمل صورتي العمد والسهو ونوقش في الأول بأنه موقوف على عدم حاكم على تلك المطلقات كحديث الرفع وعقد المستنى منه لصحيح لا تعاد . وفى الثانى بعدم شمول الالتفات اما لقصور لاتعاد في نفسه عن شمول الموانع والقواطع كما هو مختار جماعة واما لعدم عموم أحوالى لعقد الاستثناء منه من جهة الاكوان كما في مصباح الفقيه.وفى الثالث تارة بضعف السند كما في المدارك واخرى بامكان الفرق بين المسئلتين فيخص الاعادة مسئلة السهو عن الركعة دون السهو عن القبلة كما في مصباح الفقيه. ويندفع المناقشة عن الثاني : أما من جهة قصور لا تعاد عن شمول الموانع والقواطع فيما نبهنا عليه مراراً وسيأتي تفصيله في باب الخلل انشاء الله تعالى من أن نسبة عدم العود الى الصلوة مع حذف المتعلق أى مامنه لا تعاد توجب العموم لكل ما يرتبط بالصلوة جزئاً أو شرطاً أو ما نعاً أو قاطعاً . وأما من جهة عدم العموم الاحوالي فبأن الكلام المشتمل على عقدين استثنائاً أم تخصيصاً أم غاية لو كان له عموم من جهة فهو لا محالة لكلا عقديه والمفروض حسب اعتراف المستشكل ثبوت العموم الاحوالى لعقد المستثنى منه كيف وهو مسوق لبيان الكبرى الكلية فيكون كك عقد الاستثناء قهراً وقد حكم فيه بنشو اعادة الصلوة من ناحية القبلة والمعلوم من الخارج تشريع أمرين بالنسبة الى القبلة شرطية الاضافة اليها للصلوة وقاطية الالتفات عنها لها فيشملهما عقد الاستثناء ويكون دليلا بارزاً على القول بالاطلاق ومن هنا علم عدم حكومة لعقد المستثنى منه على المطلقات وتمامية الدليل الاول من هذه الجهة وستعرف سلامته من جهة حديث الرفع أيضاً وعن الاخير أما سنداً فبأن الظاهر كونه موثقا وذلك لان الشيخ الطوسي (قدسّ سره) انما رواه عن محمد بن مسعود العياشي الثقة عن جعفر بن احمد السمر قندى وه-و صحیح الحديث والمذهب عن ابن فضال الثقة الفطحى عن محمد بن عيسى اليقطيني

ص: 35

وقد استوفينا الكلام في وثاقته عن يونس بن عبد الرحمن الثقة الجليل عن العلاء بن زرین الثقه عن محمد بن مسلم العظيم وهذا السند كما ترى من القسم الموثق الاان سند الشيخ الى العياشي لا يخلو عن مناقشة ولكنها لا تضر بعد وجود الاطمئنان بوجود كتاب العياشي عند الشيخ ونقله عنه مستقيما ومشايخ النشر انما يحتاجون الى النقد اذا كان طريق احراز الكتاب او الاصل الواصل منهم الى المدون منحصرا بهم و الافلو كانا معلومی الانتساب الى جامعهما كان ذكر مشيخة النشر احتياطا روائياً وحفظا لسلسلة السند تيمنا فاحتفظ على ماذكرنا و واجهه بوجدانك وأما دلالة فبأن الجامع بين المسئلتين الموجب للبطلان واحد هو السهو عن الصلوة إذ الالتفات فعل اختيارى للمصلى يصدر عنه بعدما يسهو عن الصلوة وهكذا الخروج عن الصلوة مع نقصان الركعة فمفاد الرواية ان الالتفات عن القبلة فى مورد السهو عن الصلوة قاطع لها مخرج للاجزاء اللاحقة عن قابلية الالحاق فيعم المسئلتين معاً فالوجوه الثلاثة تامة الدلالة على القول بالاطلاق . استدل للقول بالاختصاص بحديث الرفع ونوقش فيه باختصاصه برفع المؤاخذة وأجيب بعمومه لرفع الاثار الشرعية مطلقاً تكليفية أم وضعية والحق أنه لوروده في مورد حكم العقل بالعذرية لا ينعقد له ظهور في التأسيس ب--ل غايته تقرير حك-م العقل بعدم المؤاخذة بل الرفع فيه لا يعقل أن يكون تشريعياً اذلوأريد رفع المؤاخذة فهو في مورد حكم العقل بعدمها لغو ولو أريد جعل عدم الاحتياط فهو مضافاً ال-ى استحالة تعلق الجعل بالعدم لغو ضرورة كفاية عدم الجعل بلاحاجة الى جعل الحكم العدمى ولو أريد بيان عدم جعل الاحتياط فهو اخبار عن عدم الجعل وليس انشاءاللرفع. نعم لو أغمضنا عن هذه المرحلة وسلمنا امكان الرفع التشريعي فلا مجال لما فى مصباح الفقيه من أن الرفع انما يتعلق بالأثر الشرعى وترك القبلة ليس أثراً شرعياً فحديث الرفع لا يصحح القبلة بناءاً على الشرطية ورجوع القاطعية اليه كما ليس ببعيد وذلك لان مصب الرفع عليهذا هو الحصة من الصلوة المشروطة بالقبلة المنسى فيها فلا حاجة الى اثيات القبلة بالحديث بتنزيل الناقص منزلة الكامل مضافاً

ص: 36

إلى ما عرفت من تعدد شرطية الاستقبال وقاطعية الالتفات ملاك وخطاباً فالمعدة في الجواب ما ذكر ناه اجمالا و تفصيله مذكور في الاصول . فتلخص أن الحق وفاقاً لجماعة من القدماء والمتأخرين عموم القاطعية لصورتي العمد والسهو غاية الأمر أن عمومها الالتفات السهوى فيما بين المشرق والمغرب مالم يصل أحد الحدين محكوم بما دل على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة المحمول على صورة السهو كما بيناه في مبحث القبلة وبذلك يتم مذهب مشهور المتأخرين . [و] منها [ الكلام وقد قيدوه في جملة من المتون الفقهية [ بحر فين فصاعدا ] وخصه الاصحاب بالعمد و اختلفوا فى الاكراه والاضطرار فكونه قاطعاً للصلوة في الجملة مورد وفاق بين الاصحاب والنصوص الدالة عليه قريبة الى التواتر (1)كصحيح ابي بصير عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال ان تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلوة . الفضيل بن يسار المتقدم فى الحدث عن أبي جعفر (علیه السلام) اذفيه : ابن على ما مضى من صلوتك مالم تنقض الصلوة بالكلام متعمداً وان تكلمت ناسيا فلا شيىء عليك : حيث منع عن الكلام المدى التعبير عنه بناقض الصلوة وماذكرناهناك مع من حمل الخبر على التقية لا ينافي الاستدلال بهذه الفقرة منه لما نبهنا عليه مراراً من امكن التفكيك بين فقرات رواية واحدة من حيث أصالة الجهة .وصحيح الحلبي على الصحيح عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال سألته عن الرجل يصيبه الرعاف وهو في الصلوة فقال ان قدر على ماء عنده يميناً وشمالا أو بين يديه وهو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثم ليصل مابقى من صلوته وان لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلوته وصحيح محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرجل يأخذه الرعاف والقيء في الصلوة كيف يصنع قال ينفتل فيغسل أنفه ويعود في صلوته وان تكلم فليعد صلوته وليس عليه وضوء . و صحیح اسماعیل بن ابي زياد عن جعفر عن أبيه عن على (علیه السلام) أنه قال في

ص: 37


1- الوسائل ، الباب 25 من القواطع

رجل يصلى ويرى الصبي يحبو الى النار أو الشاة تدخل البيت لتفسد الشيىء ق--ال فلينصرف وليحرز ما يتخوف ويبنى على صلوته مالم يتكلم ومرسل الصدوق قال و روى أن من تكلم في صلوته ناسيا كبر تكبيرات ومن تكلم في صلوته متعمداً فعليه اعادة الصلوة ومن أن فى صلوته فقد تكلم وخبر عقبة بن خالد أنه سأل ابا عبد الله (علیه السلام) عن رجل دعاه رجل و هو یصلی فهی فاجابه بحاجه كيف يصنع قال يمضى على صلوته وخبر طلحةبن زيد عن جعفر عن أبيه عن على (علیه السلام) أنه قال من أن في صلوته فقد تكلم. وهناك أخبار (1) واردة فى الاشارة والتنبيه على الحاجة بالتسبيح ورفع الصوت ونحوهما تدل بالالتزام على قاطعية الكلام عمداً كصحيح الحلبي أنه سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يريد الحاجة وهو في الصلوة فقال يؤمى برأسه ويشير بيده ويسبح والمرأة اذا ارادت الحاجة وهى تصلى فتصفق بيديها وموثق عمار بن موسى أنه سأل أبا عبدالله (علیه السلام) عن الرجل يسمع صوتاً بالباب وهو فى الصلوة فيتنحنح لتسمع جاريته أو أهله لتأتيه فيشير اليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو فقال لا بأس به وعن الرجل والمرأة يكونان في الصلوة فيریدان شيئاً أيجوز لهما أن يقولا سبحان الله قال نعم ويؤميان الى ما يريدان والمرأة اذا ارادت شيئاً ضربت على فخذها وهي في الصلوة و صحيح على بن جعفر عن أخيه موسى (علیه السلام) قال سألته عن الرجل يكون في صلوته فيستأذن انسان على الباب فيسبح ويرفع صوته ويسمع جاريته فتأتيه فيريها بيده أن على الباب انسانا هل يقطع ذلك صلوته وما عليه قال لا بأس لا يقطع بذلك صلوته وصحيحه الآخر عن أخيه قال سألته عن الرجل يكون في صلوته و الى جانبه رجل راقد فيريد أن يوقظه فيسبح ويرفع صوته لا يريد الاليستيقظ الرجل هل يقطع لايريد ذلك صلوته وما عليه قال لا يقطع ذلك صلوته ولا شيء عليه . واذا انضمت هذه الى تلك صارت متواترة معنى فلا يعارضها بعد ذلك الخبران الظاهران في الجواز أحدهما صحيح على بن جعفر الوارد في الباب الاول عن أخيه موسى بن جعفر (علیه السلام) قال سألته عن الرجل وهو في وقت صلوة الزوال أيقطعه بكلام

ص: 38


1- الوسائل ، الباب 9 من القواطع .

قال لا بأس ثانيهما خبر أبى جرير الوارد في الباب الثاني عن أبي الحسن موسى(علیه السلام) قال قال ان الرجل اذا كان في الصلوة فدعاه الوالد فليسبح فإذا دعته الوالدة فليقل لبيك : مضافا الى امكان حمل الأول بل ظهوره فى النافلة لان صلوة الزوال اسم في أخبار تعداد الصلوات لثماني ركعات نافلة الظهر واسمها الاخر صلوة الأوابين وامكن الجمع بين الثاني وبين الاخبار المتقدمة بتقييد اطلاقه بما عدا الفريضة فلا ينبغي الاشكال كما لا خلاف ظاهراً في أصل الحكم. انما الخلاف من جهات الأولى ان الكلام هل هو مطلق ما يتكلم به مهملا كان أم لا حرفاً واحداً كان أم أكثر أو يفصل بين المفهم وغيره فيقال فى الحرف الواحد المفهم بالابطال دون غيره. الثانية أن التنحنح والتأوه والانين مبطلة أم لا أو يفصل بين ما اذا تولد حرفان فيقال بالابطال دون غيره الثالثة أن الكلام مبطل في صورتى الاكراه والاضطرار أم يفصل بينهما فيقال بالعدم فى الاولى والبطلان في الثانية. الرابعة أن المراد من المفهم هل هو ما يدل بالدلالة التصديقية أى مع التطبيق على ما فى الخارج أو يعم ما يدل بالدلالة التصورية كما في الامثلة النحوية وان الافهام هل يشمل ما اذا كان على وجه جعل العلامة أو الجعل الشخصي أم لا بد من الوضع لدى العرف العام وتحقيق المقام أن الاخبار كما عرفت تتضمن لفظ الكلام او التكلم والنظر في فهم المراد منهما تارة الى اللغة وكشف مادة اللفظ بحسب المفهوم اللغوى وأخرى الى عرف الشرع وكشف الحقيقة الشرعية في المراد من ذلك وثالثة الى عرف النحاة وكشف مصطلحهم في ذلك ورابعة الى العرف العام المحاورى وحيث ليس للشارع وضع فى باب اللغات مطلقا كما حقق في محله ولا اعتداد في الفقه بعرف النحاة بما هو عرف خاص وله مصطلح مخصوص فقولهم الكلام لفظ موضوع مفيد لا يجدى الفقيه شيئاً فينحصر الطريق بالاول والاخير. فيها أما اللغة فقد يقال كما في شرح الرضى لنجم الائمة أن الكلام في الاصل جنس لما يتكلم به مهملا كان أم لاحرفا واحداً أم أكثر فالفرق بينه وبين القول و اللفظ انما هو في المفهوم بعد ترادفها مورداً

ص: 39

ثم اشتهر فيما تركب من حرفين فصاعداً كما أن القول يطلق على المفيد و اللفظ لا يطلق على غير ما يتلفظ فالنسبة بينها عموم من وجه مورداً فالمكلام جهة خصوصية هو اشتراط تركبه من حرفين وجهة عموم ه-و الشمول لغير الملفوظ فية إلى عيب كلمة الله ولا يقال لفظه وللقول جهة خصوصية هو اشتراط كونه مفيداً وجهة عموم هو الشمول للعقيدة وغيرها فتأمل واللفظ جهة خصوصية هو اشتراط كونه خارجا من مخرج الفم وجهة عموم هو الشمول لغير المفيد أى الحرف الواحد لكن المنقول أهل اللغة مما لا يمكن المساعدة عليه لوجوه منها أن اللغوي يذكر موارد عن الاستعمال ولذا تراه يتمسك باطلاق مثل تكلم فلان بكلام غير مفيد مع أن إطلاق اللفظ وتطبيقه على معنى ما أعم من الحقيقة والمجاز والجواب بأنه عدول عن ظاهر الاستعمال مدفوع بإن المدار في تميز الحقايق عن المجازات على التبادر الحاقي من نفس اللفظ لا مطلق الاستعمال ومنها انه لو فرضنا أن اللغوى يعين الاوضاع لكن لا دليل على حجية قوله مالم يصل حد الاطمينان. ومنها أن قول رضى الذين : ثم اشتهر فى كذا : وان فسره صاحب الذخيرة (قدسّ سره) بالاشتهار الثانوى فى اللغة الظاهر فى النقل لكن لم يتبين لنا المزيد من وعاء الاشتهار فلو أريد في مصطلح النحاة فقد عرفت أنه ليس بحجة للفقيه ولو أريد في العرف العام فليس كك كما ستعرف واذا تعارض اللغة مع العرفي العام قدم الثاني اذ ييرکة استصحاب القهقرى يثبت أن ما يتفاهم لديهم فعلا هو التفاهم زمن صدور الروايات الا ان يعارض باستصحاب قول اللغوى كك وكيف كان فلا يغنى الفقية قول اللغوى . فينحصر طريق احراز المراد من الكلام فى الاخبار، بالرجوع الى العرف العام والمتبادر منه حاقاً لديهم ليس مطلق ما يعتمد على مخرج الفم بالمعنى الاعم كالحروف المعجمة من غير فرق بين الفصل نظير ب أوت أو ق أو الموصل نظير ب ت بل ما يخاطب به أى المفهم وان كان حرفا واحداً كميغة الامن من اللفيف المفروق ف و ق و ل بلا احتياج الى تقدير حرف فى أواخرها ضرورة كون الكسرة إعرابها بحسب وزنها الاشتقاقى فالتقدير بلا موجب أو كان المخاطب به شخصا آخر

ص: 40

خارجاً أم اعتباراً كما في حديث النفس حيث يجعل الشخص نفسه مخاطبا بالاعتبار فالحكاية محفوظة فيه. أو كانت الدلالة تصديقية أم تصورية لصدق الافهام فى الجميع ودعوى تبادر مطلق النطق ولو بحرف واحد مهمل يدفنها عدم الخلاف ظاهراً بين الاصحاب في عدم قاطعية الحرف الواحد المهمل ولو كان خلاف فهو من المتأخرين ولو كان فى أول طبقة المتأخرين الذين هم آخر طبقة القدماء فعلى نحو التردد والاشكل دون الجزم بالعموم . ودعوى كونه استثنائا من العموم ام-ا للاجماع أو الانصراف أو للمقابلة المستفادة من النبوى الحاصر للصلوة فى الذكر والتسبيح والقرائة ان مقتضاه خروج ما يقابل الثلاثة من الصلوة ولو كان حرفا واحداً مهملا مدفوعة بأن الاجماع غير تعبدی بعد تمسك المجمعين للخروج ببعض التمسكات كعدم صدق الكلام عليه لاصدقه بالطبع واستثنائه تعبداً كما أن ظاهر استدلالهم ذلك عدم كون الخروج الانصراف بل لعدم الصدق وعلى فرض القول بالانصراف فالجواب عنه انه بدوى وأما النبوى فضعيف سنداً لكونه عامياً غير حجة لنا فتفصيل المشهور في الحرف الواحد بين المفهم وغيره في غير محله أن لو كان المدار على ما يعم الحرف الواحد بحيث فرضنا تبادره حاقاً لدى العرف العام فلا تفكيك عندهم في الحرف الواحد بين المفهم وغيره فلا يفرق العرف بين ق صيغة الأمر وق أول القيام من هذه الجهة ولذا ذهب بعض الى مبطلية الحرف الواحد مطلقا . ودعوى صحة قولنا تكلم بحرف واحد وذلك آية العموم الطبعي الموجب لكون الخروج تعبدياً مدفوعة بقرينية الباء للمراد كما في قولك تكلم بحرفين فسبيلهما واحد فذلك أعم من التبادر الحاقى فالمدار بحسب المتفاهم لدى العرف العام على ما يكون مفهم لا على حرف أو حرفين فعليه يحمل اطلاق الكلام أو التكلم في أخبار الباب مضافاً إلى عدم اطلاق خال عن المانع قابل للاخذ بإطلاقه لكل ما يعتمد على مخرج الفم في تلك الاخبار لكونها غالباً مسوقة لبيان أحكام أخرى كالرعاف أو علاج الغمز فى البطن أو نحو ذلك مما يصلح قرينة على ارادة المخاطبة من التكلم فيها

ص: 41

فهذا يمنع عن انعقاد ظهورلها فى الاطلاق لو سلمنا تبادر الاعم لدى العرف العام بل نفى البأس عن التنحنح في موثق عمار المتقدم بعد ما نرى بالوجدان من تولد حرفين مهملين منه غالباً قرينة ثالثة على اختصاص الناطع بالمفهم وراء قرينية المتفاهم لدى العرف العام ومساق أخبار الباب فالتفصيل فى التنحنح بين ما يتولد منه الحرف وغيره كانكار تولد الحرف منه وأنه يشبه الحرف مصادمة مع الوجدان فتراكم هذه القرائن الثلاث يورث القطع بالاختصاص .

و من ذلك علم ان علم أن خروج التنحنح تخصصى لا تخصيصي وكذا التأوه والانين لاشتراكها فى عدم المخاطبة وما ورد فى مرسل الصدوق وخبر طلحة المتقدمين : من أن في صلوته فقد تكلم : لا يجدى شيئاً أما الأول فللارسال وأما الثاني فلتصريح النجاشى بان طلحة عامى ولا طريق الى وثاقة قوله وقول الشيخ (قدسّ سره ) أنه ينزى (1) ليس بحجة بعد اشتراكه مع النجاشي وغيره في ذكر الاسم واللقب واسم الاب واختصاصه بذكر هذا المذهب كما هو الشأن في اختصاصاته (قدسّ سره) غالباً وقوله (قدسّ سره ) کتابه معتمدوان كان ظاهراً في الاعتماد على مافى الكتاب من الاخبار لكن بعد اعراض الاصحاب عن هذا الخبر وحمله على الكراهة لا يصلح معارضا للاخبار المتقدمة فالمدار على ما يستفاد منها وهو قاطعية المخاطبة مع الغير ولو اعتباراً كما في حديث النفس أو مطلق الكلام المفهم للمعنى ودعوى عدم تناسب الصلوة والحضور بين يدى الرب جل وعلا مع مطلق التنطق بما يعتمد على مخرج الفم ولو بحرف واحد غير مسموعة فلم لا يخص ملاك القاطعية بالمخاطبة نعم الاحوط الاجتناب حتى عن حرف واحد مهمل فضلا عن حرفين فصاعداً ثم التأوه يتصور على أنجاء فتارة لا يتولد منه الحرف بل ما يشبه الحروف المعجمة ولاريب فى عدم ابطاله على جميع المبانى وأخرى يتولدمنه الحروف كما ورد في بعض الادعية آه آه من قلة الزاد وطول السفر أو نحو ذلك ولا أشكال فى عدم ابطاله ايضا حتى على القول بالابطال بحرفين مهملين ضرورة دخوله تحت عنوان الدعاء وإن لم يكن مفهماً نعم في صورة الاستقلال مبطل على هذا االقول .

ص: 42


1- احدى فرق الشيعة أسوأ من الغلاة

وثالثة يستعمل اسماً للصوت الخارج عن قصبة الرية ولا اشكل في ابطاله على المبانى ضرورة كونه مفهماً وكلاماً لغة عرفاً لان اسماء الاصوات لها وضع فی كما هو واضح . ورابعة يستعمل في مقام تذكر عقوبة الله والخوف منها أو مثوبته ورجائها ولا ينبغي الاشكال في عدم ابطاله بل رجحانه ضروره دخوله تحت عنوان ذكر الله الذى هو حسن في كل حال بل نزل في صحيح الحلبي الاتى منزلة الصلوة فانه أعم من عنوان المناجاة مع الله الذى ربما يتوهم دخل طلب حاجة ونحوها في قوامه وان استشكل في جواز ياحي ياقيوم في الصلوة وان كان التوهم فاسداً ضرورة كفاية مجرد النداء في صدق المناجاة عرفاً كما يتفق في المحاورات كثيراً من الوالد أو الوالدة للولد أو العكس فيتعلق غرض العقلاء بمجرد نداء الشخص باسمه أو لقبه اظهاراً للحب وتوجهاً اليه من دون تعقبه بمطلب آخر فمثل ياحي ياقيوم أويا الله أو نحو ذلك نداء ومناجاة مع الرب تعالى فيدخل تحت عنوان المناجاة المرخوص في الصلوة . وكذا التأوه فى مقام خوف العقوبة أو رجاء المثوبه من الله تعالى ولو أبيت فهو داخل تحت عنوان ذكر الله قطعاً وكيف كان فلا يبطل الصلوة جزماً نعم استأنس المصنف (قدسّ سره) في المعتبر لذلك بأنه شعار الصالحين وقد وصف الله به ابراهيم (علیه السلام) من غير ظهور العبارته في الاستدلال بهما كما نسبه اليه جماعة في كتبهم الاستدلالية ولكن الاستيناس ليس بدليل ضرورة أعمية كلا الوجهين عن اثبات جوازه في الصلوة فالدليل عليه ماذكرنا من انطباق عنوان ذكر الله تعالى عليه . وأما حرف المد فحيث أن امتداد الوجود ليس وجوداً آخر بل هو وجود واحد ممتد مالم ينقطع بالفصل العدمى الموجب للتعدد فهو أبداً حرف واحد وان قدر علماء التجويد واجب المد بالفين وراجحه بأربع أو خمس ألفات اذ تقدير امتداد ألف واحد مثلا غير تشكيل ألفات منه فلا يبطل بناءاً على عدم العموم لحرف واحد مهمل نعم لو قلنا بتولد حرف آخر منه يبطل بنائاً على العموم لحرفين مهملين كما

ص: 43

علیه المشهور. وأما اشباع الحركة فمالم يصل حد تولد الحرف لا يبطل على جميع المباني لانها لم تخرج عن كونها حركة وليست بين الحركة والحرف واسطة في لغة العرب وان كانت فى بعض اللغات ولها اسم خاص واو تولد منه الحرف كالياء من اشباع كسرة مالك على ما يرى من بعض أهل اللسان أو الالف من اشباع الضم فلو كان مع الالتفات والعمد وان كان الفرض بعيداً يبطل بنائاً على حموم قاطية الكلام العمدى الحرفين مطلقا كما عليه المشهور ولا يبطل بناء على الاختصاص بالمفهم وان الاحوط التجنب عنه ولو كان بلا التفات لا يبطل جزماً على جميع المبانى وأما هاء السكت من الوقف الذي منعه علماء التجويد كيلا يحصل منه حرف فحيث أن تولدها قهری لاقصدى والتقاطع هو الكلام العمدى فلا يبطل على جميع المباني ومما ذكر نا ظهر حال بعض الفروع الاخر كالنفخ وأنه لو كان مجرد الصوت من غير تولد الحرف منه لم يبطل بلا اشكال ولو تولد منه حرفان أو حروف مهملة نظير فوت لم يبطل بنائاً على ما هو الحق من كون المدار على المفهم ويدل على ذلك خصوص المستفيضة (1) النافية البأس عن نفخ موضع السجود فى الصلوة ان اطلاقها يشمل الصورتين. وأما لو استعمله اسماً لذلك الصوت أو تلك الحروف فيبطل بلا اشكال لكونه مفهماً وخروجه عن منصرف المستفيضة جزماً هذا كله اذا لم يكن الكلام ذكراً أو دعائاً أو مناجاة مع الرب أو ذكراً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فان كان داخلا تحت أحد هذه العناوين لم يبطل لاستثنائها فى المستفضية المتقدمة في مبحث السجود وأوسعها دائرة ما فى صحيح الحلبي : كلما ذكرت الله عز وجل والنبي (صلی الله علیه وآله وسلم) فهو من الصلوة : لما عرفت من أعمية الذكر من غيره وظاهره التنزيل حكماً لا التوسعة موضوعاً وكيف كان فهو يدل على أمرين رفع القاطعية واثبات الرجحان لذكر الله أو النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) في الصلوة فتوهم انحصار المستثنى فى عنوان الدعاء فاسد وأغرب منه التوقف فى الدعاء المشتمل على مخاطبة النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ودعوى بعضهم وجود خبر بهذا

ص: 44


1- لوسائل ، الباب 7 من السجود .

المضمون وانكار آخر لذلك ضرورة دخولها تحت عنوان الدعاء بل ذكر النبي (صلی الله علیه آله وسلم) المنصوص فى هذا الصحيح فهو غير مبطل بل راجح بلا اشكال . وأما القرآن فيجوز قرائته فى الصلوة لصحيح معاوية بن وهب (1) الوارد فى جواب على عليه السلام عن ابن الكواء لما قرء ولقد اوحى اليك و الى الذين الخ فاصبر ان وعد الله الخ . والأخبار (2) الدالة على جواز تكرار الاية في الصلوة لكن الاستدلال بها موقوف على عدم كون تكرار الاية امتثالا للقرائة المطلوبة بدعوى أنه لا امتثال عقيب الامتثال فيكون من قرائة القرآن فى الصلوة وأما بناءاً على ما اسلفناه في بعض المباحث من أن التكرار توسعة فى مرحلة امتثال المأمور به فلا. وقد يقال كما في مصباح الفقيه بأنه لو لم يكن لنا دليل خاص على استثناء القرآن من القواطع كصحيح معاوية وغيره لامكن استفاده ذلك من الخارج لا لمجرد أولوية التخصص من التخصيص بل للاخبار الواردة فى مخرجية التسليم معللا ذلك بكونه كلام المخلوقين حيث تدل بعقدها السلبي على أن ما ليس بكلام المخلوق أى مكالمة مع المخلوقين ليس مخرجاً عن الصلوة ومن المعلوم أن القرآن ليس مكالمة مع المخلوق فيكون مستثنى من القواطع لكنه مخدوش من وجهين : أحدهما أنه لا مجال في المقام لاولوية التخصص من التخصيص لان دليل قاطعية الكلام بناء أعلى عمومه بحسب الطبع لكل ما ليس من الصلوة له حكومة قهرية على دليل استحباب قرائة القرآن، طلقاً لانه بصدد بيان شئون المهية الصلوتية وما يخل بها فله نظر بالخصوص الى عقد الوضع الادلة جميع الامور الراجحة في جميع الاوقات والحالات كالقران والدعاء والذكر والمناجاة وغيرها وتخصيصها بغير حالة الصلوة ولوسلم فبينهما عموم من وجه ففي مورد الاجتماع أى التكلم بها في الصلوة يكون من اجتماع عنوان راجح مع عنوان وضعى قاطع . وتقدم الثانى على الأول طبعى كما في كلية موارد اجتماع الالزام مع غيره

ص: 45


1- الوسائل ، الباب 34 من الجماعة .
2- الباب 68 من قرائة الصلوة .

قنائاً لكونها من اجتماع المقتضى مع اللامقتضى الذى لا تعارض بينهما بحسب الارتز المحاورى ولوسلم التعارض فلو كان هناك مرجح من الخارج قدم ذلك والا تساقطا لا فى مورد الاجتماع والمرجع الأصول العملية حسب فرض فقدان النص الخاص وعلى أى تقدير لا معنى لاولوية التخصص من التخصيص في ذلك. ثانيهما أن خبر العلل الوارد فى التسليم مسوق لبيان مخرجية السلام لالبيان حال المعلل اعنى قاطعية كلام المخلوق كى يكون لها عقد السلب ينفى قاطعية كل ماليس بكلام المخلوق ويشمل باطلاقه القرآن ثم على فرضه فحيث أن الكلام فيه و معنی المكالمة وباب المفاعلة يحتاج الى طرفين فلابد من عدم شمول قاطعية الكلام الحديث النفس أو موارد الدلالة التصورية أى الخطور بالبال من غير تطبيق مفاد الكلام مع الخارج ووجود مخاطب هناك ولا أظنه (قدسّ سره) يلتزم بعدم القاطعية في الصورتين فالعمدة في الاستثناء هو النص الخاص أعنى صحيح هو النص الخاص أعنى صحيح معاوية الذي تمسك هو (قدسّ سره) أيضا كسائر الاصحاب ولذا لم يتمسكوا بخبر العلل للمقام . وقد عرفت في مبحث سجود التلاوة أن القرآن له مراتب عديدة ما خلقه الله تعالى أو يكون من صفاته على اختلاف في ذلك ينتج الخلاف في حدوثه وقدمه وما أودعه الله تعالى فى روح النبي الاعظم له قبل خلق جسده الشريف وم-ا ن-زل به الروح الامين على قلب سيد المرسلين (صلی الله علیه وآله وسلم) جملة واحدة فى ليلة القدر وما نزل ب- جبرئيل (علیه السلام) نجوماً والوجود اللفظى الذى يتكلم به كل أحد والوجود الكتبي أى النقوش التي بين الدفتين وأن المامور به فى عالم القرائة صورته النوعية أى مايسانخ النازل على النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لاستحالة صدور شخص النازل عن غير جبرئيلثيوتا وللانفهام الارتكاز المحاورى عن الدليل اثباتاً كما فى كلية موارد الامر بقرائة بحسب شعر شاعر أو كلام متكلم حيث يفهم منه عرف المحاورة التلفظ بما يسانخه وأشرنه هناك الى وجود أخبار دالة على تلك المراقب . ومن ذلك يظهر ما في كلام صاحب مصباح الفقيه (قدسّ سره) حيث يستفاد منه انقسام قرائة القرآن في الصلوة الى أربع صور الأولى أن يقصد بألفاظ القرآن معانيها

ص: 46

المقصودة الله تعالى على حسب ما نزل على النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) الثانية أن يقصد بها ذلك مع غرض التنبيه والاشارة الى حاجة ضمناً من ايقاظ النائم ونحوة فلا يكون من استعمال للفضا في أكثر من معنى واحد كما لا يخفى الثالثة أن يقصد بها المعانى المقصودة لنفسه فيقول يا يحيى خذ الكتاب بقوة مثلا مخاطباً لشخص خارجى سمى بيحيى الإشارة الى أخذ كتاب أو يتمول ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون مثلا مخاطباً لظالم لردعه عن ظلمه أو نحو ذلك وانما يختار ألفاظ القرآن لكونها أحسن عبارة وأبلغ فادة الرابعة أن يكون غافلا عن كونها ألفاظ القرآن ويستعملها في المعاني المقصودة لنفسه . أما الأوليان فلا اشكال في جوازهما وعدم بطلان الصلوة بهما لدخولهما تحت اطلاق المستثنى وأما الاخيرة فلا اشكال في بطلان الصلوة بها حتى على القول بالحكاية الطبعية لالفاظ القرآن بمالها من الاسلوب المعجز عن معانيها ضرورة تعنون الكلام بمجرد صدوره عن هذا المتكلم بعنوان كلام الادمى المبطل قبل أن يصير بهيئة خاصة بالقرآن الموجبة للحكاية الطبعية فبمجرد قوله يا يحيى مثلا ينطبق عليه عنوان التكلم في الصلوة عمداً حسب فرض قصده انشاء الالفاظ بمعانيها فيكون قاطعاً قهراً ولا يجدى انطباق عنوان القرآن عليه بعد ذلك فعنوان المستثنى متأخر عن عنوان القاطع فلا يفيد للصحة . وأما الصورة الثالثة فلو قلنا بأن القرآن اسم لمطلق هذه الالفاظ المنظومة لالخصوص نوعها الذى تكلم به الله تعالى صدق على مثل الفرض وصحت الصلوة لكن الظاهر أنه ليس كك بل هو اسم لخصوص الكلام المعهود المنزل على النبي (صلی الله علیه آله وسلم) المفصح عما أراده الله تعالى بالغاء خصوصية الوجود أى لمهية ذلك الكلام الشخصي الذى يمتنع دلالتها على غير المعنى الذي دل عليه حين نزوله لا مقيدة بوجودها الخاص حتى يمتنع حصوله بقرائة الغير ، ومن هنا قد يقوى في النظر فوة القول بالبطلان في هذه الصورة. انتهى ملخص مقاله زيد في علو مقامه. وجه الظهور ما عرفت من كون القرآن ثبوتاً واثباتاً اسماً للصورة النوعية

ص: 47

من الالفاظ المنزلة أى ما يسانخها ، وأما اعتبار قصد معانيها المقصودة الله تعالى في صدق القرآن فلم يدل عليه برهان ، فهذا ليس من الاخذ بالقدر المتيقن كي لا يحتاج الى دليل آخر، بل هو تقييد بلا مفيد فالحق عدم بطلان الصلوة في هذه الصورة لدخولها في عنوان المستثنى فتدبر جيداً . ثم ان ابطال الكلام مخصوص بصورة العمد فلا يشمل صورة النسيان والسهو للتفصيل بينهما في الاخبار المتقدمة ودعوى اختصاصه بعنوان النسيان فلا يشمل السهو او سبق اللسان مدفوعة بأن المقابلة بين العنوانين وجعل كبرى المبطل عنوان العمد تكشف عن أن ماعدا العمد غير مبطل وأن ذكر النسيان من باب المثال وهذا مؤيداً بورود السهو بالخصوص فى حبر عقبة بن خالد مضافاً الى شمول صحيح لا تعاد له يثبت المدعى وهل يعم الابطال صورتى الاضطرار والاكراه وجهان لدى غالب من تعرض لذلك نعم لعموم ابطال الكلام ولا لحكومة حديث الرفع لكنك حيث عرفت سابقا عدم جريان حديث الرفع في أمثال المقام فلابد من التمسك للصحة لا تعاد بنائاً على ما هو الحق الذى أشرنا اليه سابقا من عمومه للقواطع والمواقع وان لم يتمسكوا به المقام غالباً فقد تمسك به جماعة كثيرة من الاصحاب في القواطع .إلا أن الحق عدم جواز التمسك بعموم لا تعاد لخصوص صورتي الاضطرار و الاكراه في المقام ضرورة أخذ عنوان العمد بالخصوص في كبرى المبطل في أخبار الباب والمقابلة بينة مع النسيان كما عرفت أنها فيكون حاكماً على عموم لا تعاد ناظراً اليه بالخصوص ولا يعقل صيرورة عنوان الحاكم بعد ذلك محوماً فيكون مثبت الحكم نافياً له بنفسه كما اذا أخذ عنوان النسيان أو الضرر موضوعاً لحكم مستقل فى لسان الدليل فانه حاكم على عموم الادلة الثانوية نظير لا تعاد ولاضرر وغيرهما ولا يعقل سببية ذاك العنوان بعد ذلك لرفع ذاك الحكم ومن المعلوم أن المراد بالعمد المقابل للنسيان فى أخبار الباب هو الاختيار والقصد ولذا قلنا بخروج السهو عنه فيعم صورتى الاضطرار والاكراه الموجود فيهما المقصد والاختيار فالحق هو الابطال. فيهما كما نبه عليه العلامة (قدسّ سره) فى بعض كتبه غاية الأمر عدم حرمة ذلك لاجل مثل

ص: 48

حدیث الرفع [و] منها أى قواطع الصلوة عمداً [النهاية إجماعاً في الجملة من حيث الموضوع وبعض طوارئه وان اختلف في ذلك من حيث بعض طواريء الموضوع من النسيان أو الإضطرار أو الإكراه يدل على الحكم قبل الاجماع أخبار مستفيضة (1) كصحيح زرارة على الصحيح عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال القهقهة لا تنقض الوضوء وتنتض الصلوة وموثق سماعة قال سألته عن الضحك هل يقطع الصلوة قال أما التبسم فلا يقطع الصلوة وأما القهقهة فهى تقطع الصلوة وموثقه الاخر قال سألته عما ينقض الوضوء قال الحدث تسمع صوته أو تجد ريحه والقرقره في البطن الاشياء تعبر عليه والضحك في الصلوة والقيىء . وقد بنهنا مرار أعلى أن الاضمار في أخبار سماعة لا يضر بالحجية حيث كان له أصل واحد معروف بين الاصحاب وصل بواسطه زرعة الى الحسن بن سعيد الى أخيه الحسين الى المشايخ الثلاثة باسنادهم الى الحسين بن سعيد وتاريخ سماعة يشهد يكونه من أصحاب الصادق (علیه السلام) المعروفين فلا يروى عي غير الامام (علیه السلام) مضافاً الى استناد الاضمار الى التقطيع بحسب الابواب فى أخباره المروية عن الأمام (علیه السلام) في سياق واحد مع ذكر اسم الامام (علیه السلام) في أولها ثم ارجاع الضمير اليه بنحو وسألته في سائرها : ومصحح ابن أبي عمير عن رهط سمعوه يقول ان التبسم في الصلوة لا ينقض الصلوه ولا ينقض الوضوء انما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة : ولا اشكال فيه سنداً من جهة الجهل بحال الجماعة الذين روى عنهم ابن أبي عمير بعد شهادة التاريخ وجماعة من أساطين الاصحاب بأنه لا يروى الا عن ثقة مضافاً إلى كونه من أصحاب الاجماع حيث يكشف ذلك عن وثاقة الرهط الذين روى عنهم ولا من جهة الاضمار بمثل سمعوه يقول بعد اقتضاء وثاقة الراوين عدم نقلهم بعنوان الرواية عن غير الامام عليه السلام كما هو دأب الرواة عملا خارجياً فالخبر مصحح ابن ابيعمير

ص: 49


1- لوسائل ، الباب 7 من قواطع الصلوة والباب 6 من نواقض الوضوء .

و مرسل الصدوق (رحمة الله علیه) قال قال الصادق (علیه السلام) لا يقطع التبسم الصلوة وتقطعها القهقهه ولا تنقض الوضوء وخبر ابي بصير ومحمد بن مسلم المروى عن الخصال عن الصادق عن آبائه عليه السلام قال قال أمير المؤمنين (علیه السلام) لا يقطع الصلوة التبسم و تقطعها القهقهة (وبالجملة فلا اشكال في اصل الحكم وهو قاطعية القهقهة للصلوة ، أنما الكلام في جهتين : (الأولى) في تحقيق حال الموضوع سعة وضيقاً وبحسب بعض طوارته وأن الضحك هل له أقسام ثلاثة بحسب الخارج أم لا ثم هل للاقسام الثلاثة أسماء ثلاثة أم لا ثم هل لها افعال ثلاثة أم لا وهل بين العرف واللغة اختلاف في ذلك وهل المستفاد من الاخبار موافق مع العرف العام وعلى فرض المخالفة موضوعاً فهل القسم الثاني داخل فى أى النوعين حكماً أى المبطل أم غيره وعلى فرض خروجه عن مدلول الاخبار فما هو الأصل العمل الجارى فيه فنقول : لا ريب في وجود أقسام ثلاثة للضحك أقسام ثلاثة للضحك بحسب الخارج والوجدان أحدها بدون الصوت ثانيها معه ثالثها مع الشدة والترجيج أى تكرر الصوت واشتداده فما يقال من خروج التبسم عن الضحك لما فى القاموس : التبسم دون الضحك : مصادم بالوجدان والمتبادر من الضحك لدى العرف العام كما يشهد به تسميته في الفارسية ب- (لبخند) أى الضحك الذى محل بروزه الشفتان فقط وبما في سائر كتب اللغة أن التبسم أقل الضحك بل بما في أفصح الاستعمالات وهو القرآن المعجز أسلوبه : فتبسم من قولها وما ورد في حالات المعصومين من النبي (صلی الله علیه وآله سلم) والائمة عليهم السلام من أن ضحكهم كان على نحو التبسم بل هذا التعبير شايع في المحاورات فيقال ضحك فلان بتسم فلعل مافي القاموس أريد به المبالغة في بيان أقل المراتب وكيف كان فلا اشكال بحسب الصفات الوجدانية الخارجية والعرف العام واللغة وجود المراتب الثلاث للضحك . وأما التسمية فقد يقال بعدم وضع اسم خاص للمرتبة الثانية وراء اسمها العام أى الضحك بخلاف المرتبة الأولى فاسمها التبسم والاخيرة فاسمها القهقهة لكنه اشتباه

ص: 50

لان اسم تلك المرتبة في العربية (قه) وفى الفارسية (قاه) وللمرتبة الاخير (قاه قاه). وأما الاشتقاق فقد يمنع عنه لتلك المرتبة اذ للاولى (تبسم) على وزن تصرف وللاخيرة (قهقه) على وزن دحرج وليس للثانية فعل استتقاقي لكنه اشتباه ان المشتق الثانية (قه) على وزن مد وقد يقلب الهاء ألفاً فيقال (قها) كما في الصحاح وبالجملة بحسب اللغة والمتبادر لدى العرف العام نوع ثالث متوسط بين نوعى التبسم والقهقهة هو الضحك مع الصوت بدون التكرر او الشدة والمد وله اسم خاص ومشتق مخصوص وتوهم اختلاف اللغويين فى ذلك لما عن مفصل الزوزني ومصادر البيهقى من تفسير القهقهة بمطلق الضحك مع الصوت فهذه اللفظة اسم مصدر للاعم من النوعين مدفوع بعدم ظهور كلامهما فى نفى الخصوصية فلعله تعبير عن الحصه بالجامع كما وقع كثيراً عن اللغويين في غير المقام نظير الاسد والقسورة للحيوان المفترس بل هو مقتضى شأن اللغوى من بيان موارد الاستعمال. وكون القهقهة اسم مصدر للحصة الخاصة لا ينافي اشتقاق الفعل من نفس هذه اللفظه اذ كثيراًما يتولد من الصوت ما يشبه الحروف المعجمة فيغذ نفس تلك اللفظة اسماً أو مبدئاً للاشتقاق نظير (أح أح) اسماً لما يتولد من السعال أو التنحنح أو التأوه أو الانين فيقال تنحنح أو تأوه أو أن يأن فهكذا (قهقه) اتخذ فعلا للاتيان بالضحك مع صوت مكرر أو مشدد أو محدود والقهقهة اسم مصدر لذلك غايته قلة التصريف والاشتقاق من ذلك المبدء كما فى أو شك ونحوه فهذا الامر المحاورى المتداول لدى العرف العام بمنزلة الل-م لتفسير مثل الزوزني والبيهقى كاشف الحصة من اللفظ المشير الى الجامع وعلى فرض ارادة الجامع فلا اعتداد بقولهما في قبال سائر اللغويين فضلا عن عدم حجية قول اللغوى في مقابل العرف العال بل محكوميته بذلك لدى التعارض ومن هنا علم أن تفسير القهقهة بالمبالغة في الضحك أو الاغراق أو الاعزاب تفسير باللازم للتلازم الوجودى بينها غالباً في الخارج . أما الاخبار فقد يقال بأن المقابلة بين التبسم والقهقهة في غالبها مع تقديم ذكر التبسم بالجواز قرينة على ارادة حصر الجواز بهذا النوع وادخال ما عداه من

ص: 51

انواع الضحك فى موضوع القهقهة باستعمالها في النوعين الاخيرين على نحو عموم المجاز فالمستفاد منها بحسب الموضوع موافق مع العرف العام فيعم القاطع مطلق الضحك مع الصوت سواء كان مع التكرر أو الاشتداد أم بدونهما وبأنه على فرض عدم استفادة عموم الموضوع للنوع الثاني منها فلا ريب في دخوله تحت النوع الاخير حكماً اذ السؤال في موثق سماعة انما هو عن قاطعيه الضحك للصلوة فالتنويع في والجواب بتجويز التبسم دون القهقهة يكشف عن عدم جواز ماعدا التبسم من انواعه والحاق النوع الثانى بالاخير فى القاطعية اذ لولاه للزم السكوت عن جواب حصة من السؤال فلزوم التطابق بينهما قرينة كاشفة عن الالحاق المزبور ولذا لو كان يقتصر الامام (علیه السلام) في مقام الجواب على تجويز التبسم لكن يفهم السائل حكم سائر أنواع الضحک من أنه عدم الجواز . و بعبارة أخرى لاريب في دخول النوع الثاني تحت حكم أحد النوعين قضاءاً للتفصيل القاطع للشركة ولم يظهر من الرواية دخوله في الأول فيدخل في الاخير لا محالة وربما يؤيد ذلك اطلاق قوله (علیه السلام) في موثق سماعة الثاني : والضحك في الصلوة : بعد تقييده بما عدا التبسم بقرينة سائر الاخبار .ولكن يدفعه أما بالنسبة إلى الموضوع فظهور مصحح ابن ابيعمير: انما يقطع الضحك الذى فيه القهقهة : في كون تقديم ذكر التبسم بالجواز للتوطئة على حصر القاطع في حصة خاصة هى التوأمة مع التكرر أو الشدة ضرورة تصدير كبرى القاطع بكلمة انما الظاهرة في الحصر ثم توصيف الضحك القاطع بالذى فيه القهقهة اذلاريب في كون لفظة القهقهة هنا مشيرة الى الخصوصية دون الضحك مع الصوت والالزم التكرار القبيح فمفاد الكبرى أن القاطع ليس الأ هذه الحصة الخاصة من الضحك وبعد تقييد اطلاقه من حيث الوضوء بمثل صحيح زرارة الناس فى عدم ناقضية القهقهة للوضوء يكون دليلا بارزاً على خروج النوع الثانى عن موضوع القهقهة في جميع أخبار الباب . مضافا الى ان عموم المراد الاستعمالى على نحو عموم المجاز يحتاج الى قرينة

ص: 52

معينة والإستحسان لا يصلح للتعيين فان تقديم ذكر التبسم في سائر الاخبار أعم من حصر الجواز به بعد وضوح كثرة الافعال الجائزة فى الصلوة كما ستعرف في الفعل الكثير اذ ليس ذلك قاعدة محاورية كما في تقديم ماحقه التأخير كي يتمسك بتلك القاعدة لاستفادة الحصر فيمكن كون التقديم للتوطئة على بيان كبرى القاطع حتى يدخل النوع الثانى تحت الأول من حيث الحكم ويكون الذيل حكومة على الصدر كما يمكن العكس فتكون للصدر حكومة على الذيل ولا مرجح في البين كما يمكن سكوت تلك الاخبار عن حكم النوع الثانى اما لمصلحة لا نعلمها أولكونه محكوماً بحكم ثالث وراء حكمى النوعين من الجواز والمنع الوضعيين هو الجواز مع الحزازة بأن يكون الضحك مع صوت مكروها غير قاطع ومع التكرر أو الشدة قاطعاً للصلوة . الثبوت والقرائن الكلامية والا فمقتضى مقام بيان قواطع الصلوة .هذا بحسب كما هو مساق تلك الاخبار تعين الاحتمال الاول أعنى كون التقديم توطئة لبيان قاطعية حصة خاصة من الضحك هي القهقهة .وأما بالنسبة الى الالحاق الحكمي فما عرفت من أعمية التفصيل عن ذلك لجواز السكوت عن حكم بعض الانواع لاحد الوجهين المتقدمين مضافا الى عدم أولوية الالحاق بأحد النوعين المذكورين في الكلام عن العكس لو لاقرنية المقام المعينة الخروج عن حكم النوع الاخير . وأما بالنسبة إلى التأييد بموثق سماعة الثانى فاحتفاف تلك الجملة منه بسابق ولاحق دلت الادلة على عدم قاطعيتهما للصلوة كالقردة في البطن والقييء فلا ينعقدلها ظهور فى الاطلاق من جهة القهقهة بل محمولة بقرينة سائر الاخبار على النوع المكروه كمطلق الضحك مع الصوت . وعليهذا فمقتضى الصناعة الفقهية عدم قاطعية مطلق الضحك مع الصوت بدون التكرر أو الشدة ضرورة خروجه عن القدر المتقن المستفاد من الاخبار ومقتضى الاصل فيه عدم القاطعية وإن كان الاحتياط بتركه في الصلوة لازما بملاحظة بعض ما تقدم .

ص: 53

ثم القهقهة تنطبق لدى العرف العام بحسب حاق مفهومها (قه قه) على الصوت المكرر جزماً فهل تنطبق على المشدد ولو بدون التكرر أو المكرر ولو بدون الشدة مقتضى التلازم الغالبي بين الوصفين ذلك اذ قلما ينفك أحدهما عن الاخر خارجا ويتسبب التكرر عن الشدة غالباً فالحصر بمورد الاجتماع واخراج مورد الانفكاك عن مصب أخبار الباب بعيد فى الغاية لدى أهل المحاورة فالاحوط عموم القاطعية له وان كان للخدثة في ذلك مجال فتأمل

وأما الضحك التقديرى كما لو امتلا جوفه ضحكا في أثر اعجاب النفس فمنع عن ظهوره حتى أحمر وجهه فقد جزم بعضهم بكونه قاطعا لكونه ضحكا بل أفتى به فى العروة وتردد فاحتاط فيه بعض آخر وجزم بالعدم ثالث وهو الحق ان لو أريد بالوجود التقديرى أنه مفروض الوجود بالامكان الاستعدادى ففرض وجود الموضوع غير الموضوع المترتب عليه الحكم ولو أريد اضمار وجوده بمعنی تحققه فعلافی باطن النفس بحيث لو لم يمنع عنه لظهر فتعميم موضوع الحكم للوجود البارز والمستتر تصرف في ظاهر الدليل من غير شاهد فمقتضى الصناعة عدم كونه قاطعاً وسبيل الاحتياط واضح . (الجهة الثانية ) في تعميم الحكم للاضطرار والاكراه والسهو والنسيان وعدمه أما التعميم لصورتى الاضطرار والاكراه فقد منعه جماعة من الاصحاب لحكومة حديث الرفع على عموم أخبار الباب وقد عرفت سابقا عدم جريان حديث الرفع في أمثال المقام نعم لجريان لا تعاد وج-ه بناءاً على عمومه للقواطع والموانع كما هو الحق لكنه غير جار في خصوص المقام بالنسبة الى الاضطرار والاكراه من جهة غلبة نشو القهقهة خارجاً عن غير اختيار اما لعدم اختيارية مقدماتها أو لقهرية حصولها عقيب المقدمات الاختيارية لكن لا تصل حد الالجاء والجبر ضرورة قدرة الشخص على التحمل والمنع عن حصولها الا أن هذا المقدار لا يضر بكونها مما يسمى لدى العرف بالاضطرار . فلواريد اخراج الصورتين عن عموم أخبار الباب وحصر القاطع فيها بما يكون عن اختيار تام نظير ضحك الثكلى تصنعاً أشبه حمل المطلق على الفرد النادر فيكون ظهور أخبار الباب فى شمولهما أقوى من شمول لا تعادلهما كما في بعض موارد

ص: 54

العامين من وجه اذعدم بقاء فرد لاحدهما على فرض التخصيص في مورد الاجتماع يوجب قوته وحكومته على العام الآخر بلا لحاظ النسبة بينهما . فدليل قاطعية القهقهة وان كان من الادلة الاولية التي طبعها المحكومية بمثل لا تعاد من الادلة الثانوية لكن قوة دليل المحكوم من هذه الجهة توجب عدم شمول لا تعاد لصورتي الاضطرار والاكراه فتبقيان تحت اطلاق القاطعية وهذا بخلاف صورتي السهو والنسيان فحيث لا يلزم من تخصيصهما بلاتعاد ذلك يشملهما عمومه ونحكم بعدم القاطعية فيهما[و] منها [ أن يفعل فعلا كثيراً] بالاجماع المحصل في الجملة من حيث الموضوع بل اتفاق أهل الاسلام وارتكاز المسلمين على وجود قاطع في الصلوة من حيث العمل وأن الصلوة فعل ينافره بعض الافعال ومارواه بعض العامة عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) من حمله فى صلوة الجماعة أمامة بنت أبي العاص ووضعها لدى الهوى للركوع أو السجودثم رفعها غير ثابت عندهم فكيف عندنا وكيف كان لا يضر بالاتفاق على الحكم مع اجمال الموضوع ضرورة اتفاقهم على قاطعية فعل ما اجمالا وان اختلفوا كالخاصة في تعريف ذلك القاطع حيث عرف بالماحى للصورة وفس بتفاسير عديدة نظير ما يكون كثيراً في العرف أو العادة أو غير ذلك مما سيمر عليك وان اعتذر عن ذلك بأنها باجمعها تعريف باللازم فيمكن رجوعها الى شيء واحد نظير تعريف شخص تارة بالهاشمى واخرى بأسمر اللون وثالثة بطويل القامة وغير ذلك من اللوازم العديدة قابلة الاجتماع في ذات واحدة ففى المقام يمكن ارجاع تلك التعاريف الى واحد فيقال مثلا الفعل الماحى للصورة الذى يكون كثيراً في العادة هو القاطع للصلوة لدى العرف . لكن الاعتذار غير وجيه ضرورة ظهور كل لفظ فى الموضوعية وهذا الاصل التأسيسى المحاورى جار فى كلمات الفقهاء رضوان الله عليهم مع أن دأبهم على عدم التصرف في تعريف الفقيه السابق مع ارتضائهم له وكونه صوابا بنظرهم فضم ذاك الاصل الى هذا البناء العملى دليل قاطع على عدم الارجاع وأن اختيار تعريف

ص: 55

آخر لعدم الارتضاء بالتعريف السابق فيتعدد التعاريف ولا أقل من اجمال التعريف وقصوره عن افادة المقصود بنظرهم واختيار كل تعبيراً خاصاً شارحاً لذاك التعريف رافعاً لاجماله وكيف كان فالاحتمالات الثبوتيه للمراد من الصورة في التعريف كثيرة : (منها) أن يراد بها نظير الصورة النوعية في مصطلح الفلسفة أى ما به يكون الشيىء شيئاً ، فماحى صورة الصلوة أى ما يوجب انعدام أصل الموضوع وخروج الفرد عن الفردية لطبيعى الصلوة المأمور به كما اختار هذا الوجه لتفسير الصورة في كلمات القوم كاشف اللثام (قدسّ سره) ولذا استشكل تارة فى التعبير عنه بالقاطع وأخرى فى التفصيل بين صورتي العمد وغيره إذ مقتضى عدهم الفعل الكثير قاطعا للصلوة وتقييدهم القاطعية بصورة العمد خروج الماحى لصورة الصلوة عن محل الكلام رأساً أن معه لا صلوة حتى يتصور فيها القطع كما أنه يعم صورة السهو أو النسيان لان الماحى أعظم شأناً من الركن الذي يخل عمداً وسهواً فعنوان القطع وقيد العمد يستدعيان ك---ون صورة الصلوة محفوظة الا أن يأول كلامهم بتعميم القطع للسلب بانتفاء الموضوع وأن مع انمحاء صورة الصلوة تخرج الاجزاء الباقية عن قابلية الالتحاق بالسابقة فبهذه العناية عبروا بالقاطع . ولكن يبقى عليه أن بيان انتفاء الموضوع وانعدام الفرد خارج عن حوصلة الفقه فليس من شأن الفقيه البحث الصناعى عن ذلك وأنه لا يدفع محذور التخصيص بالعمد . ولو فرض الشك في صحة الصلوة فى الفرض فهو اما للشك في المصداق أى انطباق المأمور به مع الصلوة التوأمة مع الفعل الكثير أو للشك في متعلق الحكم الشرعي جزئاً أم شرطاً كشرطية الموالاة أو مانعية الفعل الكثير أو شرطية عدمه للصلوة أو للشك في الحكم من الوجوب أو الاستحباب والاول مجرى الاشتغال والاخيران مجرى البرائة كما حرر فى الاصول وان كان الشك من جهة أصل القاطعية غير متصور في المقام لما عرفت من الاتفاق عليه (ومنها) أن يراد بها قطع اتصال أجزاء الصلوة من حيث التوالي فماحى صورة الصلوة أى ما يوجب انعدام الموالاة المعتبرة شرعاً فى الصلوة كما اختار هذا الوجه

ص: 56

صاحب الجواهر (قدسّ سره) ولذا استشكل في افراد بحث صناعي في الفقه عن قاطعية الفعل الكثير عليهذا بعد افراد بحث فيه عن شرطية الموالاة اذ مقتضاه عدم رجوع قاطعية هذا الى شرطية ذاك. (ومنها) أن يراد بها قطع الهيئة الاتصالية أى الجزء الصوري المعتبر شرعاً في الصلوة المستفاد من أدلة المواطع فماحى صورة الصلوة أى ما يوجب انعدام الصورة المخترعة لها في الشرع كما اختار هذا الوجه جماعة من الاصحاب ولكن يتوجه عليه أن بيان كيفية المخترع الشرعى بيد الشارع وفي عهدة الدليل التعبدي فكلما قام النص على كونه قاطعا للصلوة أحرزنا دخوله في الصورة المخترعة و الامجرى البرائة مضافا إلى ما قيل من انكار استفادة هيئة اتصالية للصلوة من أدلة القواطع وان كان الحق خلافه. (ومنها) أن يراد بها أن الفعل الكثير بعنوانه قاطع الصلوة لقيام حجة استنادية عليه بالخصوص کي لا يتوجه عليه شيئى من المحاذير المتقدمة كما اختار هذا الوجه جماعة بل هو ظاهر كلمات القدماء وان كان ينافيه تعليل بعضهم كالحلي(قدسّ سره) في السرائر ذلك بخروج المصلى عن كونه مصليا وتعنونه بكونه أكلا أو شاربا مثلا وكيف كان فعلى هذا الوجه يقع الشاب فى اثبات دليل تعبدى يتصورات قاطعية الفعل الكثير بعنوانه فان لم يثبت كما ستعرف يشكل الحكم بالقاطعية في المسئلة ومما ذكرنا يعلم أن الاجماع المنعقد على الحكم في المسئلة لكون بعض حصص مورده غير محتاج الى بحث صناعى الا للتنبيه فهو ولو فرض كونه عن معقد ليس بحجة تعبدية كاشفة عن رأى المعصوم أو قوله أو تقريره الذى هو مبنى الحجة لدى المتأخرين. ثم اعلم أن عنوان الفعل الكثير لم يرد في رواية ولاحكم بكونه قاطعاً في نص وانما انتزع من مفاهيم مزعومة الاخبار مرخصة في أفعال في الصلوة كما ستمر عليك كما أنه بعنوانه التركيبى لم يفسر في اللغة ولم يوضع في العرف لمعنى خاص ثم القلة والكثرة عنوانان اضافيان فكل قليل حتى الذرة يتصور أقل منه الى أن ينعدم وكل كثير يتصور أكثر منه الى مالانهاية له قرب شيئى قليل بالاضافة

ص: 57

الى ما فوقه كتير بالاضافة الى ما دونه فلا ضابط لمفهوم هذا العنوان ولذا اختلفوا فى تفسيره . فقيل بأنهما يكون فعلا كثيراً لدى العرق لكنك خبير بأن صدق هذا العنوان يختلف لدى العرف بحسب ذاته وبحسب الظروف والوعائات قرب فعل يكون في ذاته كثيراً بنظر العرف لكنه بحسب الوقوع في ظرف خاص أو وعاء مخصوص ليس بكثير فاللعب باليد كفرقعة الأصابع أو نحوها برهة من الزمن كثير في ذاته لدى العرف لكنه بحسب الوقوع أثناء عمل الاجير للبناء مثلا في يوم واحد ليس بكثير و رب فعل كثير بحسب ظرف غير كثير بحسب ظرف آخر كاللعب باليد مقدار عشرة دقائق مثلا فى ظرف خياطة زر الثوب أو فى ظرف بناية غرفة في يوم واحد فانه كثير فى الأول دون الثانى وهكذا فالمراد من الكثرة بنظر العرف أى منها فالاحالة الى العرف لا تخرجه عن الايهام ولا تدخله تحت ضابط . وقيل بأنه ما يكون فعلا كثيراً فى العادة بحسب بناء العقلاء لكنك خبير بعدم جعل بناء من العقلاء في ذلك كى يكون هو الضابط لتشخيص مفهوم هذا العنوان وقيل كما في السرائر بأنه ما يوجب تعنون المصلى بعنوان آخر كالاكل والشارب واللابس ولعله اليه يرجع تقييد المصنف (قدسّ سره) للفعل الكثير بما ليس من أفعال الصلوة ] لكتك خبير بأن كل مبدء اشتقاق يوجب تعنون المتلبس به بعنوان اسم فاعله من الضاحك وقاتل العقرب وحاك الجسد واللاعب باللحية أو اليد وحامل الطفل وغير ذلك مما قضت ضرورة الفقه بجوازها في الصلوة . ولئن قربنا ذلك بأن العرف لا يساعد مع التعنون مطلقا بل في بعض الموارد كما اذا طال الاكل أو الشرب أو اللبس قفى مثلها يرى عدم صدق عنوان المصلى على فاعلها بل صدق عناوين تلك الافعال بخلاف مثل قتل العقرب والحية وغيرهما من المرخوصة فى الصلوة فيرى بقاء صدق عنوان المصلى معها وصدق الموضوع بعد التلقى من الشارع انما هو بيد العرف فلا يتوجه ايراد صاحب الحدائق والمحقق القمى (قدسّ سرهما) من أن العرف ليس بمشرع بل الموضوع في الأمور التوقيفية

ص: 58

كالمخترعات الشرعية لابد و أن يصل من الشرع حيث قيدنا الصدق العرفي بما بعد التلقى من الشرع وان كان هذا التقريب لا يخلو عن المصادرة . فنقول صدق عناوين تلك الافعال كالاكل والشارب واللابس لا يخلو اما أن يكون مع صدق مبدء الصلوه وحفظ صورتها أو بدونه فعلى الثاني قد عرفت في المقدمة الاولى خروجه عن محل كلام القوم فهو خلف وعلى الاول لا يكون صدق ذلك العنوان بمجرده مضراً بعد فرض بقاء صورة الصلوة ولو اريد اخلاله بالهيئة الاتصالية الصلوتية فقد عرفت أن كل مخل بالهيئة الاتصالية ليس بقاطع بل خصوص ماوصل من الشارع والمفروض عدم وصول عنوان الفعل الكثير من الشرع كي نفسره اقتراحاً بذلك وتحكم بالقاطعية . ثم هل هذا الوجه الا الارجاع الى العرف والعادة الذي عرفت حاله وقيل بأنه ما يسع فعل ركعة واحدة من الصلوة فلو فعل مايسع الحمد والسورة مثلا دون الركوع والسجود لم يأت بالقاطع وقد نسب هذا التفسير الى بعض العامة وانت خبير بما فيه من الاقتراح في التفسير والافتراء على العرف لو اريد التشخيص بنظره . وقيل بأنه ما يحتاج الى يدين فما يفعله بيد واحدة ليس بقاطع وفيه مالا يخفى (وبالجملة) فالتفاسير المذكورة للفعل الكثير باجمعها بلا شاهد وقاصرة عن اخراجه عن الابهام وادخاله تحت ضابط .و بعد هاتين المقدمتين نقول يمكن الاستدلال لقاطعيه الفعل الكثير بعنوانه بأمور (الاول) الاجماع المحصل من كافة الاصحاب اذ لم يعهد من احد من الخاصة بل العامة عدم الحكم بقاطعية الفعل الكثير بل كتب القوم من الصدر الاول الى الان مشحونة من الحكم بالقاطعية . (وفيه) أن موضوعه كما عرفت في المقدمتين مجمل مختلف التفسير بين نفس المجمعين فلا يكشف عن حجة تعبدية بالاستقلال ولاجل تباين تعاريف القوم عن الموضوع وتفاسير هم له ولو جزئيا كما اشرنا اليه في المقدمة الاولى لا يمكن ارجاعها الى جامع يكون معقد الاجماع والقدر المتيقن من الكل أى الماحى لصورة الصلوة بالكلية

ص: 59

لا يحتاج حكمه الى دليل تعبدى كما عرفت فالاجماع وان كان محصلا لكنه ليس بدليل مستقل الا أن يتم بانضمام أمر آخر ستعرف حاله. (الثاني) ارتكاز المتشرعة بالمعنى الاعم الشامل للرواة وأصحاب المعصومين عليهم السلام على قاطعية الفعل الكثير الكاشف عن رأى المعصوم (علیه السلام) فان قاطعية بعض الأفعال بكثرتها ومنافرتها للصلوة كخياطة ثوب أثنائها سواء حال التشاغل بأفعال الصلوة أو عدمه كاكل المأموم حال قرائة الامام وقاطعية بعضها ومنافرتها للصلوة بالطبع كالوثبة الفاحشة أو الترقص أمر مغروس في أذهانهم ، اما لان الصلوة فعل ذو أجزاء متلائمة يقطعها ذلك الفعل ويمنع عن قابلية التئام الاجزاء الباقية مع السابقة ، واما لاعتبار الموالاة فيها وذلك الفعل يوجب فقدانها . كما يشهد بهذا الانغراس والارتكاز أسئولة السائلين عن جواز بعض الافعال في الصلوة كفرض الظفر ونتف اللحم أو الثالول من البدن وقتل الحية والافعى والعقرب والمشى خطوة أو ازيد والضرب بالحائط ونحوه لايقاظ النائم أو غير ذلك مما وردت في الاخبار الاتية . وطرز جواب الائمة عليهم السلام عن ذلك أو ابتدائهم بالترخيص فيها فهذه كلها تكشف عن انغراس المنافرة فى أذهان المتشرعة وتقرير الائمة (علیه السلام) لذلك وهذا غير دلالة تلك الاخبار بمداليلها الالتزامية على القاطعية كما لا يخفى فلا يتوجه عليه محذور انكار المفاهيم لتلك الاخبار كما أنه غير ارتكاز المتشرعة بالمعنى الاخص أى باستثناء الرواة وأصحاب المعصومين كي يمكن الايراد عليه باحتمال استناده الى فتاوى الاصحاب المصرحين بقاطعية الفعل الكثير من زمن الشيخ (قدسّ سره) في مبسوطه مع تفسير ذلك وتعليله بماعرفت ثم السيدين ثم الفاضلين (قدسّ سرهم) وهكذا الى زماننا هذا اذ مع امكان نشو الانغراس عن بذر الفتاوى في الاذهان لاسبيل الى احراز استناده الى التلقى من منابع الوحى والتشريع فنحن نضم الرواة وأصحاب المعصومين عالم كي يتم كشف هذا الارتكاز عن رأيهم (عليهم السلام ).وحيث أن الحكم لا ينفك عن الموضوع فالمرتكز لامحالة هو القضية بموضوعها

ص: 60

ومحمولها أعنى قاطعية الفعل الكثير فطبعاً يرجع في تفسير الموضوع الى عرف المتشرعة ويجعل ما انغرس في أذهانهم من ذلك كاشفاً عن التحديد المتلقى من سدنة الوحى للموضوع وهذا هو مراد صاحب الجواهر (قدسّ سره) م--ن حفظ الصورة الواصلة الى المتشرعة بالتوقيف وهذا التقريب لوتم يغنينا عن الاشكال الصناعي من حيث الحكم فى المسئلة ويمكن تقريب الارتكاز بنحو آخر هو : (الثالث) من الامور المستدل بها لحكم المسئلة أى التلفيق بينه مع الاجماع على فرض الخدشة فى الاجماع بماعرفت من اجمال موضوعه وفي الارتكز بعدم احراز استناده الى منبع الوحى مثلا وعدم تمامية كل واحد منهما بالاستقلال بأن يقال لاريب فى انعقاد الاجتماع على قاطعية الفعل الكثير فالحكم ثابت بذلك و بعد اجمال موضوعه و اختلاف المجمعين في تفسير و المانع عن الاخذ بالقدر المتيقن عدا ما لا يحتاج الى الدليل كما عرفت . نرجع الى ارتكاز المتشرعة لكشف الموضوع على النحو المتقدم فيجعل من الجمع بينهما كون الفعل الكثير بعنوانه قاطعاً للصلوة وبذلك يندفع ما أورد على الرجوع الى العرف من أنه ليس بمشرع حيث أخذنا الحكم من الاجماع ورجعنا في تشخيص الموضوع الى العرف (ولكن) يمكن الخدشة في كلا التقريبين أما الاول أعنى استقلال الارتكاز بالدليلية فلقصور الروايات المزبورة عن الكشف عن ذلك الارتكاز بعد امكان كون السؤال فيها عن جواز تلك الافعال من جهة توهم منافرتها مع أدب الحضور لدى الرب العظيم سلطان السلاطين قياساً بتأدب الحضور لدى السلطان الصورى الذى يترك لاجله أمثال تلك الافعال بل وأقل منها وليس ذلك باحتمال بعيد كفرض أنياب الاغوال حتى لا يضر بكشفها عن الارتكاز على قاطعية عنوان آخر غير تلك الافعال بل هو احتمال عقلائي يتطرق بالطبع فى تلك الاسئولة ومعه لا يبقى لنا كاشف عن الكاشف أى الارتكاز . و أما الثانى أى التلفيق فلوضوح فساده اذ بعد قصور دليل أصل الحكم عن تحديد موضوعه كيف يمكن كشف عنوان الموضوع وعمومه لكل فعل كثير بسبب

ص: 61

الارتكاز وهل هو الا اثبات الحكم بالنسبة الى بعض حصص الموضوع أى ماعدا القدر المتيقن من معقد الاجماع بسبب الارتكاز هذا خلف فالانصاف أن الارتكاز بتقريبيه كالاجماع قاصر عن اثبات حكم المسئلة . (الرابع) مجموع الاخبار الواردة في ترخيص جملة من الأفعال في الصلوة كرمى الحصاة كما في خبر محمد بن بجيل (1) قال رأيت أباعبدالله(علیه السلام) يصلى فمر به رجل وهو بين السجدتين فرماه ابو عبدالله (علیه السلام) بحصاة فاقبل اليه الرجل . وفرقعة الأصابع كما في خبر مسمع أبي سيار (2) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال ان النبى(صلی الله علیه و آله وسلم) سمع خلفه فرقعة فرفع رجل أصابعه في صلوته فلما انصرف قال النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) أما انه حظه من الصلوة . وحك الجسد كما في صحيح الحلبي (3) أنه سأل أباعبد الله (علیه السلام) عن الرجل يحتك وهو في الصلوة قال لاباس وصحيح على بن جعفر (4) عن أخيه قال سألته عن الرجل يكون راكعاً أو ساجداً فيحكه بعض جسده هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحك ماحكه قال لاباس اذا شق عليه أن يحكه والصبر إلى أن يفرغ أفضل .وضرب الحائط كما في معتبر أبي الوليد (5) قال كنت جالساً عندأ بيعبد الله (علیه السلام) فسأله ناجية ابو حبيب فقال له جعلني الله فداك ان لي رحى أطحن فيها فربما قمت في ساعة من اليل فأعرف من الرحى أن الغلام قد نام فأضرب الحائط لاوقظه فقال نعم أنت في طاعة الله عز وجل تطلب رزقه . وقتل العقرب والافعى والحية كما في صحيح زرارة (6) أنه قال لا ييجعفر (علیه السلام)

ص: 62


1- الوسائل، الباب ،10، من القواطع ، حدیث 1
2- الوسائل ، الباب 14 من القواطع ، حديث 2
3- الوسائل ، الباب 28 منها ، حديث 1و2
4- الوسائل ، الباب 28 منها ، حديث 1و2
5- الوسائل ، الباب 9 منها حدي ، 8
6- الوسائل الباب 19 ، منها حديث 1

رجل يرى العقرب والافعى والحية وهو يصلى ايقتلها قال نعم محمد بن مسلم (1) قال سألت أباعبد الله (علیه السلام) عن الرجل يكون في الصلوة فيرى الحية والعقرب يقتلهما ان أذياه قال نعم وصحيح الحسين بن أبى العلاء(2) قال سألت أبا عبدالله ( علیه السلام ) عن الرجل يرى الحية و العقرب وهو يصلى المكتوبة قال يقتلهما. وضم الجارية كما في معتبر مسمع (3) قال سألت أبا الحسن (علیه السلام) فقلت أكون أصلى فتمر بي الجارية فربما ضممتها الى قال لا بأس وحمل الصبي وارضاعه كما في موثق عمار الساباطي (4) عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال لا بأس أن تحمل المرأة صبيها وهى تصلى وترضعه وهي تتشهد . وصحيح على بن جعفر(5)عن أخيه موسى بن جعفر (علیه السلام) قال سألته عن المرأة تكون في صلوة الفريضة وولدها الى جنبها يبكى وهى قاعدة هل يصلح لها أن تتناوله فتقعده في حجرها وتسكنه وترضعه قال لا باس . والمشى خطوة أو خطوتين أو ثلاثة كما في صحيح الحلبى (6) انه سأل أبا عبدالله عن الرجل يخطو أمامه فى الصلوة خطوة أو خطوتين أو ثلاثة قال نعم لا بأس وعن الرجل يقرب نعله بیده أو رجله في الصلوة قال نعم . وتقليم الظفر وقرض اللحية والعض عليها كما في صحيح على بن جعفر(7)أخيه قال وسألته عن الرجل يقرض أظافيره أو لحيته وهو في صلوته وما عليه ان فعل ذلك متعمدا قال ان كان ناسياً فلا باس وان كان متعمدا فلا يصلح له وصحيحه الآخر (8) عن أخيه قال وسألته عن الرجل يقرض لحيته ويعض عليها وهو في الصلوة ما عليه قال ذلك الولع فلا يفعل وان فعل فلاشيئى عليه ولكن لا يتعوده.

ص: 63


1- الوسائل . الباب 19 من القواطع حديث 2 و3.
2- الوسائل . الباب 19 من القواطع حديث 2 و3.
3- الباب ، 22 ، منها حديث 1 .
4- الباب ، 22 ، منها حديث 1 .
5- الوسائل ، الباب 24 من القواطع ، حديث 21 .
6- الوسائل الباب 30 حديث 1 .
7- الوسائل الباب 34 ، حديث 1و2 .
8- الوسائل الباب 34 ، حديث 1و2 .

واعطاء العصاء كما في معتبر زكريا الاعور(1) قال رأيت أبا الحسن (علیه السلام) يصلى قائماً والى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم ومعه عصا له فأراد أن يتناولها فانحط أبو الحسن (علیه السلام) وهو قائم فى صلوته فناول الرجل العصا ثم عاد الى صلوته . و أمثال ذلك مما وردت في الاخبار المتفرقة فى أبواب القواطع بدعوى أن تلك الاخبار وان وردت في الترخيص وكل واحد منها في نفسه لا يدل منطوقاً أو مفهوماً على المنع من الفعل الكثير بعنوانه في الصلوة لكن يستفاد منها من حيث المجموع أن الفعل الكثير مبطل للصلوة ان المتأمل فيها سئوالا وجواباً يقطع بأن الفصل بالاجنبى (الفعل الكثير) مخل بالصلوة أضف الى ما ذكر ان قوله (صلی الله علیه وآله وسلم ): تحريمها التكبير وتحليلها التسيلم ، يؤيد أن للصلوة جهة مانعة من بعض الامور كالتكلم مثلا وأن قوله (علیه السلام) ليس في الصلوة عمل، یؤيد أن العمل الخارجى منافير للصلوة والمتيقن منه ما يكون بحسب طبعه كالوثبة الفاحشة أو لكثرته عدداً أو زماناً منافيالها بحسب ما في أذهان العرف العام بعد مقايسة الصلوة مع الأفعال المغايرة لها أو العرف الخاص أى المتشرعة. (وفيه) أن جملة من تلك الاخبار لولم تدل باطلاقها على ترخيص الفعل الكثير كما ورد في قتل الحية والافعى الذي يستلزم أحياناً الفعل الكثير نوعاً وتكرر أو زماناً فلا أقل من عدم دلالة شيئى منها منطوقا و مفهوماً عدا ما سيأتي مع جوابه على المنع الفعل الكثير وتوهم أن المجموع من حيث المجموع دال على ذلك مدفوع بأن ضم العدم بالعدم لا يستلزم الوجود ولا يقاس ذلك بما اذا احتوى كل أمر من أمور متعددة على جزء من المقتضى وارجاع هذا الدليل الى ان المستفاد من المجموع أن مبطلية الفعل الكثير كانت مفروغاً عنها ارجاع الى الارتكاز وقد عرفت ما فيه وتأييده بتحريمها التكبير وتحليلها التسليم مدفوع بأنه ناظر الى منافيات الصلوة التي ثبت فى الشرع كونها منافيات فلا يثبت كون شيئى منافيا و

ص: 64


1- الوسائل الباب 12 من القيام ، حدیث 1

تأييده بليس فى الصلوة عمل مدفوع بما عرفت في مبحث التكفير من قصور هذا التعليل عن اثبات كبرى تعبدية . (الخامس) أن هناك أخباراً خاصة تدل على المدعى (منها) موثق عمار بن موسى (1) قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يكون في الصلوة فيقرء فيرى حية بحياله يجوز له أن يتناولها فيقتلها . فقال ان كان بينه وبينها خطوة واحده فليخط وليقتلها والا فلا بتقريب أن المنع عن قتل الحية اذا استلزم تخطى خطوطين ليس الا لكون الخطوتين فعلا كثيراً وبعد الفاء الخصوصية نقول بأن الفعل الكثير مبطل .(وفيه) أولا أن ملاك المنع غير منحصر ثبوتا فيما ذكر لم لا يجوز أن يكون ذلك لارتفاع الخطر عن ضرر الحية اذا كانت على رأس خطوتين من المصلى فاستفادة كبرى مبطلية الفعل الكثير منه انما يكون على نحو القياس المستنبط علته غير المعتبر عندنا وثانياً سلمنا ذلك لكنه معارض بصحيح الحلبي المتقدم النافي للبأس عن المشى خطوة أو خطوتين أو ثلاثة بل بمرسل الصدوق (2) قال رأى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) نخامة في المسجد فمشى اليها بعرجون من عواجين أرطاب فحكها ثم رجع القهقرى فبنى على صلوته قال وقال الصادق (علیه السلام) وهذا يفتح من الصلوة أبواباً كثيرة : بعد العلم بتجاوز الخطوة لمثل ذلك عادة وبمعتبر السكونى(3) عن ابيعبد الله (علیه السلام) أنه قال في الرجل يصلى في موضع ثم يريد أن يتقدم قال يكف عن القرائة في مشيه حتى يتقدم الى الموضع الذي يريد ثم يقرء : وهو وان كان مطلقا الا أن تقييده بالخطوة بعيد(ومنها) خبر على بن جعفر في كتابه (4) عن أخيه موسى بن جعفر (علیه السلام) قال سألته عن المرئة تكون فى صلوتها قائمة يبكى ابنها الى جنبها هل يصلح لها أن تتناوله فتحمله وهي قائمة قال لا تحمله وهي قائمة : بتقريب أن

ص: 65


1- الوسائل ، الباب 19 من القواطع، حديث 4 .
2- الوسائل ، الباب 44 من مكان المصلى ، حديث 4 .
3- الوسائل، الباب 44 من مکان المصلی، حدیث 3.
4- الوسائل الباب 24 من القواطع ، حديث 3 .

حمل الصبى قياماً فعل كتير ولو بلحاظ الامتداد الزماني وهيئة المصلى . (وفيه) أولا أن كتاب المسائل كما اشرنا اليه مراراً منقطع الاول مهمل الاخر فسنده ضعيف، وثانياً أن القيام والقعود لا يغير ان الفعل من حيث عنوان الكثرة. والقلة وثالثاً أنه معارض بموثق عمار المتقدم تحمله وهى تصلى وترضعه وهي تشهد : لان المقابلة بين الحالتين الصلوة والتشهد والفعلين (الحمل والارضاع تنادى بأعلى صوتها أن المراد الترخيص في الحمل قياماً وبمعتبر المتقدم الدال على جواز ضم المرئة اذا مرت بالمصلى الظاهر فى أن الضم حال القيام لان المرئة مارة حسب فرض السائل . وأما حمل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) أمامة بنت أبى العاص فهو من موضوعات العامة بل بعضهم لا كلهم ولعل العلامة (قدسّ سره) انما ذكره في المنتهى تنبيهاً على موافقة العامة معنا في جواز مثل تلك الافعال وياليته لم يذكره (ومنها) صحيح حريز (1) عن ا بيعبد الله (علیه السلام) قال اذا كنت فى صلوة الفريضة فرأيت غلاماً لك قد أبق أو غريماً لك عليه مال أو حية تتخوفها على نفسك فاقطع الصلوة فاتبع غلامك أو غريمك واقتل الحية ومرسله عمن أخبره عن ابيعبد الله (علیه السلام) مثله وموثق سماعة (2) قال سألته عن الرجل يكون قائما فى الصلوة الفريضة فينسى كيسه أو متاعاً يتخوف ضيعته أوهلاكه قال يقطع صلوته ويحرز متاعه ثم يستقبل الصلوة قلت فيكون في الفريضة فتغلب عليه دابة أو تغلب دابته فيخاف أن تذهب أو يصيب فيها عنت فقال لا بأس بأن يقطع صلوته ويتحرز ويعود الى صلوته : بتقريب أن الفعل الكثير ان لم يكن قاطعه للصلوة لم يكن موجب لقطع الصلوة المعلوم حرمته ولو بيرك-ة مفاهيم نفس تلك الاخبار .

(وفيه) أولا أن حرمة قطع الصلوة لا تستفاد من تلك الاخبار ل-م لا يجوز أن يكون الامر بالقطع ارشاداً الى احراز المنفعة أو الى جواز القطع دفعاً لتوهم الحظر أو يكون بياناً لجواز القطع في صورة الحاجة وان كان له عدل آخر هو احراز

ص: 66


1- الوسائل ، الباب 21 من القواطع ، حدیث 21
2- الوسائل ، الباب 21 من القواطع ، حدیث 21

المنفعة مع البناء على الصلوة كما يدل عليه خبر اسماعيل بن أبي زياد (1) عن جعفر عن أبيه عن على (علیه السلام) أنه قال في رجل يصلى ويرى الصبي يحبوا الى النار أو الشاة تدخل البيت لتفسد الشيىء قال فلينصرف و ليحرز ما يتخوف و يبنى على صلوته مالم يتكلم : وثانياً أنه سلمنا حرمة قطع الصلوة لكنه لم لا يجوز أن يكون الترخيص في قطعها لاستلزام تلك الامور اما للتكلم أو للاستدبار فتلخص أنه لادلالة لشيئى من الاخبار الخاصة على المدعى. (السادس) دليل العقل فعن المحقق الاردبيلي (قدسّ سره) : لعل دليله (يعنى البطلان بالفعل الكثير ) الاجماع ودليل العقل. وتبعه في الاستدلال به المحقق القمي (قدسّ سره) والمراد بدليل العقل حكمه فى مرحلة الامتثال بعد در که المنافرة بين الصلوة مع الفعل الاجنبي بعدم تطبيق المأمور به على الصلوة التوأمة مع فعل اجنبى فلا يتحقق الامتثال بذلك (وفيه) أن حكم العقل بعدم التطبيق ليس جزافيا فلابد له من منشأ وحيث أن الصلوة فعل تعبدى فلابد وان يكون منشأه الاخلال تعبداً فيتوقف على ثبوت نص بذلك أو الرجوع الى الارتكاز أو نحو ذلك من الوجوه المتقدمة وعلى أى تقدير يخرج عن الاستدلال بدليل العقل ويكون المدار على ذلك المنشأ مضافاً الى ما عرفت من فساد تلك الوجوه باجماعها وقصورها عن اثبات المدعى ومقتضى ماذكر الى الان هو الرجوع في حكم المسئلة الى الاصل العملى المقتضى لعدم القاطعية لعدم استقامة شيئى من الوجوه المزبورة باثبات القاطعية . لكن الانصاف عدم امكان الرجوع فيه الى الاصل العملي بعد امكان تحصيل الاجماع على أصل القاطعية ضرورة تكاتف علماء الخاصة بل العامة على ذلك خلفا عن سلف وتكاتف علماء مذهب على حكم مع القطع بعدم اقتراحهم فى الحكم كاشف قطعى لدى العقلاء عن رأى رئيس المذهب بل الالتزام العملى من المتشرعة وسيرتهم المتصلة بزمن الائمة (علیهم السلام) على التجنب عن الفعل الكثير في الصلوة على نحو الالزام محسوس بالوجدان بحيث لا سبيل الى انكاره وذلك أيضاً كاشف

ص: 67


1- الوسائل ، الباب 21 من قواطع الصلوة ، حدیث 3

قطعى لدى العقلاء عن تقرير الامام (علیه السلام) ونشو هذا الالتزام عن بذر رأى المعصوم (علیه السلام) أو تقريره فى أذهان المتشرعة فيدخل في السنة بالمعنى الاعم ويكون كالاجماع حجة عقلائية على الاحكام التعبدية فلا ينحصر الدليل بألفاظ الكتاب والسنة كما توهمه الاخبارية بل المدار على الدال لفظاً كان أم اجماعاً قولياً أو عملياً بل يمكن تتيمم الارتكاز الذي ناقشنا فيه سابقاً بمعونة هذين أى الاجماع والالتزام العملى بجعلها قرينة على جهة الارتكاز وأنه ليس مستنداً ثبوتاً الى ما احتملناه سابقاً من توهم منافرة تلك الافعال مع أدب الحضور لدى الرب جل وعلا ولا الى الاحتياط في الدين بل الى احراز هم قاطعية الفعل الكثير عن رأى المعصوم (علیه السلام) او تقريره نعم يبقى الكلام في عنوان الموضوع اى الفعل الكثير وقصور الاجماع والسيرة عن اثبات ذلك وحيث عرفت في المقدمتين أنه عنوان اضافي لا يدخل تحت ضابط فلا يعقل دخله بخصوصه فى موضوع المسئلة بل لا محالة مشير الى ما ينافر الصلوة لدى العرف سواء كان قليلا كالوثبة أم كثيراً كخياطة ثوب في الصلوة .فما لا ينافرها خارج عن الموضوع ولو كان كثيراً كتحريك اصبع واحد أول الصلوة الى آخرها وسر أخذ عنوان الموضوع بالرجوع الى العرف ما اشرنا اليه سابقاً من كون القضية منغرسة في ذهن عرف المتشرعة بموضوعها و محمولها وهى مورد السيرة المتصلة بزمن الائمة عليهم السلام فلا مجال لشبهة الدور في المقام فبهذا التقريب يتم حكم المسئلة من حيث الصناعة وأما تفسير بعضهم للفعل الكثير بماحى الصورة بالمعنى المساوق للصورة النوعيه فلا يخل بالاجماع ان الاجماع متقدم على هذا التفسير (1).

ص: 68


1- لكن للتأمل فى ذلك مجال انما يكون منافراً للصلوة عرفاً يكون ماحياً للصورة بنظر ولو فرض الانفكاك فهو نادر لا يصلح ثمرة للبحث الصناعي الفقهي وقد عرفت في المتن عدم الحاجة الى الدليل القاطعية ما حى الصورة فلا تبقى للتمسك بالاجماع والسيرة ثمرة فقهية فالاشكال الصناعى من حيث الحكم فى المسئلة بحاله فالحكم بالقاطعية فى موارد خاصة انما هو من باب الاحتياط لا الفتوى فليتأمل «المقرر عفى عنه»

وأما التخصيص بصورة العمد فقد صرح به العلامه والشهيد في الذكرى (قدسّ سرهما) لكن فصل الشهيد الثاني (قدسّ سره) بين الفعل الكثير الماحى لصورة الصلوة فيبطل مطلقا ولو كان سهواً أو نسياناً وبين غير الماحى فيبطل عمداً فقط ثم قال بأن الاصحاب أطلقوا عدم الابطال سهواً والحق مع ثاني الشهيدين (قدسّ سرهما) بحسب واقع المسئلة لكن عدم استثناء الاصحاب صورة محو الصورة انما هو لخروجها عن محل كلامهم مخصصاً لانصراف الادلة عنه طراً كما اشرنا اليه فى المقدمة الأولى فالاختصاص بالعمد عليهذا صحيح و مدرکه صحيح لا تعاد دون حديث الرفع لما عرفت سابقا من قصوره عن شمول أمثال المقام . [و] منها [ البكاء لشيئى من أمور الدنيا ] لدى الشيخ (قدسّ سره) واتباعه بل القدماء بحيث لم يظهر الخلاف من أجد منهم نعم ناقش في ذلك جماعة من المتأخرين أولهم فيما نعلم المحقق الاردبيلي وتبعه صاحب المدارك (قدسّ سرهما) ومال اليه صاحب الذخيرة (قدس سره) وان رجح أخيراً خبر التهذيب الاتي مستنداً الى الجبر بالعمل وكيف كان فلا خلاف بين القدماء من حيث أصل الحكم وان اختلفوا من حيث أنه ما المراد بالأمر الدنيوى فهل يعم البكاء حزناً على فقدانه أوشوقاً الى وجوده أو طلباً له من الله تعالى وهل الموجود في النص ممدود أو مقصور ثم هل يفرق بينهما مفهوماً ومن حيث تعميم الحكم لصورة السهو أو القهر الى غير ذلك مما ستعرف فهناك جهات من البحث : (الأولى) في سند حكم المسئلة وقد استدل للقاطعية بوجوه (منها) الاجماع المحصل من كافة القدماء بل عدا جماعة من المتأخرين كما ادعاه غير واحد (وفيه) أنه معلوم المدر كية فضلا عن كفاية احتماله ضرورة استدلال الشيخ (قدسّ سره) وغيره من القدماء بالخبر الاتى فليس بكاشف تعبدى وراء الخبر (ومنها) الحافة بالفعل الكثير كما عن ابن حمزه (قدسّ سره) فى الوسيلة والشهيد (قدسّ سره) في الذكرى اما موضوعاً كما احتمل في كلامهما أو حكماً من حيث المنافرة مع الصلوة كما لعله ظاهرهما (وفيه) أن الالحاق موضوعاً كان أم حكماً يحتاج الى شهادة

ص: 69

العرف فى الاول ودليل تعبدى فى الثانى وهما مفقودان في المقام فهو قياس كما نبه عليه في المدارك . (ومنها خبر ابي حنيفة (1) قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن البكاء في الصلوة أيقطع الصلوة فقال ان بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الاعمال في الصلوة وان كان ذكر ميتاً له فصلاته فاسدة : بعد القاء خصوصية ذكر الميت بقرينة المقابلة واصطياد الأمر الدنيوى من الشرطية الثانية بالتقريب الاتي ونوقش فيه سنداً بعلى بن محمد فانه مشترك فى نفسه بين كثيرين وفي المقام بقرينة المروى عنه بين القاشاني الضعيف وابن شيرة الثقة وبقاسم بن محمد فانه بقرينة الراوى كاسولا الاصفهاني الذى قال النجاشى انه لم يكن بالمرضى وبنعمان بن عبد السلام الذى هو مهمل فمجهول فالسند مشتمل على الضعفاء نعم لا خلل فيه من جهة أخرى غير ماذكر لان سند الشيخ الى محمد بن علی بن محبوب صحيح صحيح وسليمان المنقرى ثقة أو موثق وأبا حنيفة مشترك بين أربعة ابن ثابت أحد أئمة العامة وابن نعمان المصرى صاحب كتاب الدعائم وابن داود الدينوري الموثق وابن بيان الثقة والاول لا يروى عن الصادق (علیه السلام) فلا يحتمل في هذه الرواية والثاني متأخر فليس في طبقة الرواة فينحصر في أحد الاخيرين فتوهم ضعف السند من جهة اشتراك ابي حنيفة فاسد ( وقد يؤيد ) الخبر كما فى الجواهر بمرسل الصدوق (2) قال وروى أن البكاء على الميت يقطع الصلوة والبكاء لذكر الجنة والنار من أفضل الاعمال في الصلوة . (لكن) بعد وضوح أن دأب الصدوق (قدسّ سره) في الفقيه كالمقنع وكذا دأب الشيخين (قدسّ سرهما) في المقنعة والنهاية على الاقتباس من متون الروايات بحذف الاسناد والتعبير بعين ألفاظها و وضوح انحصار الخبر المسند في قاطعية البكاء بخبر ابي حنيفة وقرب متن مرسل الصدوق معه جداً يقوى في النظر اقتباسه (قدسّ سره) له عن

ص: 70


1- الوسائل ، البابه من القواطع ، حديث 4
2- الوسائل ، الباب من القواطع ، حديث 2.

ذاك الخبر فلا معنى بعد ذلك لكون الفرع مؤيداً للاصل. (فالجواب) عن مناقشة الاردبيلي (قده) وأتباعه فى السند هو الجير بعمل القدماء اذ بعد تسالمهم على الحكم وتكاتفهم على الاستدلال له بهذا الخبر لا مجرد الاستيناس والتأييد كما هو دأ بهم بالنسبة الى الاخبار الضيفة بعد الاستدلال بصحيح السندفى أبواب الفقه والفطع الحاصل لنا من تتبع أحوالهم بتقويهم فى الدين وتحرزهم عن الاقتراح فى الحكم والافتاء بغير حجة استنادية يحصل الاطمينان بكون هذا الخبر سند حكمهم في المسئلة واحتمال حصول فترة من حيث هجر سند الحكم في البين بأن كان المستند لدى أصحاب الائمة عليهم السلام خبراً آخر صحيح السند لكن هجره الاصحاب منلدن تدوين الفقه في مقام الاستدلال للحكم واعتمدوا على هذا الخبر مع ضعف سنده مخالف للاحتياط في الدين بل بمنزلة انكار المعروف وتعريف المنكر وساحة قدس الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم منزهة عن ذلك كما أن احتمال وجود خبر صحيح السند دال على الحكم لم يصل الينا أو لم يذكره الاصحاب بعيد فى الغاية بعد هذا الاهتمام المعلوم منهم بتبويب الأخبار ونقلها واحتمال كون مستندهم الاجماع وذكر الخبر من باب التأييد اغراء بالجهل وتدليس فى مقام الاستدلال لا يليق بشأن أصاغر الطلبة فكيف بأساطين فقه الشيعة . فهذه الاحتمالات بأجمعها غير عقلائية لا تتطرق الى استناد مشهور القدماء فضلا عن كافتهم في الحكم الى خبر ضعيف السند عندنا من حيث الدراية بل يكشف استنادهم عن وصول الخبر يداً بيد من زمن المعصومين عليهم السلام وكونه مقبولا عندهم وحيث لم تقم عندنا حجة عل-ى ك-ذب رواته غايته الجهل بحالهم للاشتراك بين الضعيف وغيره أو للاهمال فيجتمع ذلك مع صدقهم الواقعي بل يكون قرينة عليه ولو في خصوص هذه الرواية دعوى أن ذلك اطمئنان شخصى غير حجة على الغير مدفوعة بأن ما ذكرناه أمارة نوعية للوثوق بالصدور بمعنى حصول الاطمئنان منه لنوع من تأمل فيه خالى الذهن عن الشبهات.وبهذا البيان يتضح مراد القوم من جبر الضعف بعمل الاصحاب فلا يصغى بعد

ص: 71

ذلك الى وسوسة المناقشين في هذا المسلك القويم وبالجملة فسند الحديث مما لامجال للاشكال فيه فهو دليل الحكم في المسئلة ليس الا وأما دلالية فظاهر السؤال كونه عن قاطعية مطلق البكاء للصلوة لكن التفصيل فى الجواب يجعل المدار على ما ذكر فى كبرى الجواب ومقتضى الجمود على ظاهره وان كان حصر البكاء المرخوص في الصلوة بما كان لذكر الميت لكن مقتضى القاء خصوصية ذلك وجعله من باب عموم الحصة المرخوص فيها للامور الأخروية والحصة القاطعة للامور الدنيوية وحيث أنه من قبيل اللبيات كما هو الشأن في الاطلاقات الاصطيادية مطلقا فلا يمكن الاخذ باطلاق اللفظ المعبر به عن مفاد الرواية في كلمات الاصحاب كالمتن وغيره فتعميم القاطع للبكاء على الأمور الدنيوية مطلقا حتى ما اذا كان شوقاً اليها فضلا عما اذا كان طلباً لها من الله تعالى ممنوع جدا كما سيأتى الاشارة اليه. الجهة الثانية في تحقيق حال موضوع المسئلة حسبما يستفاد من المقابلة بين الشرطيتين فى الرواية فاعلم أن منطوق كل واحدة منهما بعض مصاديق مفهوم الاخرى فلا يمكن الاخذ بمفهومهما بل يبقى بعض الافراد خارجاً عنهما معاً اذ منطوق الشرطية الثانية ذكر ميت للشخص فيبقى ذكر ميت لغيره أو فوت ماله أو ابتلائه بمصائب الدنيا أو وجود عدوله أو طلب ولد من الله ونحو ذلك مما يرتبط بالدنيا تحت مفهومها المقتضى لعدم قطع الصلوة بها وهى خارجه عن تحت منطوق الشرطية الأولى أيضاً وفي مثل ذلك ان لم يحتمل دخول تلك الافراد تحت حكم ثالث وراء حكمى الشرطيتين يستكشف كونها محكومة بأحد الحكمين ولابد من كشف ذلك الحكم من القرائن وقد ذكر لكشف دخولها في المقام تحت حكم الشرطية الثانية أى القاطعية طريقان : أحدهما الدلاله العرفية حيث يفهم العرف من سياق الكلام والمقابلة بين الشرطيتين المثالية لذكر الميت وكون المدار على الامور الدنيوية .ثانيهما القاعدة المحاورية لدى المقابلة بين كبريين اذن مقتضاها كون المدار

ص: 72

فى الفاء الحكم على الكبرى الأولى كما في موثق ابن بكير(1) الوارد فيما لا يؤكل وأن : الصلوة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شيئى منه فاسد لا تقبل تلك الصلوة حتى يصليها في غيره مما أحل الله أكله : اذ المدار على الكبرى الأولى من بطلان الصلوة فيما لا يؤكل لحمه من غير دخل للكبرى الثانية في ذلك اذ لا يلزم كون اللباس مما يؤكل لحمه بل يكنى أصحة الصلوة عدم كونه مما لا يؤكل فكذلك فى المقام يكون المدار على الشرطية الاولى منطوقاً ومفهوماً بعد وضوح كون الجنة والنار مثالين للامور الأخروية فالمفاد أن البكاء اذا كانت للامور الاخروية لا تقطع الصلوة واذا كانت للامور الدنيوية تقطعها ولكنك خبير بما في كلا الطريقين : أما الأول فللمنع عن فهم العرف المثالية من الكلام أولا سلمنا ذلك لكن ذكر الجنة والنار أيضاً من باب المثال عليهذا والشأن انما هو في تعيين الممثل وتعيينه فيما ذكر يحتاج الى اعمال ذوق الشخص اقتراحاً والاستحسان لايصلح لتعيين الكبرى التعبدية . وأما الثانى فلان ما ذكر ليس قانوناً محاورياً نظير تقديم ماحقه التاخير أو فصل الضمير بين المبتدأ والخبر لافادة الحصر حتى يمكن التمسك به للمقام بل يختلف حسب اختلاف المقامات فربما يكون المدار على الكبرى الثانية وتكون الكبرى الأولى توطئة لذلك كما تقدم في ادلة قاطعية القهقهة حيث كانت الكبرى الأولى المتضمنة لجواز التبسم فى الصلوة توطئة للكبرى الثانية المتكفلة لبيان قاطعية القهقهة وأما موثق ابن بكير الوارد فيما لا يؤكل ففيه قرينة كلامية على كون المدار على كبري الصدر دون الذيل كما بيناه في مبحث اللباس فلابد من فهم المفاد عن طريق القرائن . ( فالتحقيق) في تحليل مفاد الرواية فهم المثالية وكشف الممثل من طريق مناسبات الكلام وقرينة المقام فان مناسبات الكلام تكشف عن كون ذكر الميت من باب المثال ان التنزل عن الترخيص فى البكاء لذكر الجنة والنار يجعله من

ص: 73


1- الوسائل ، الباب 2 ، من لباس المصلى حديث 1

أفضل الاعمال في الصلوة الى خصوص البكاء لذكر ميت له بحصر القطع فيه بعيد في الغاية لدى أهل المحاورة بل لا يساعده الاعتبار بحسب ملاك الحكم المستكشف لدى العقل بمعنى استبعاده كل البعد دخل خصوصية هذا المصداق في ملاك القطع فبهذه المناسبات يستكشف كونه مثالا لكبرى القاطع وبضميمة قرينة المقام اعنى بيان قواطع الصلوة يستكشف الممثل أعنى كبرى القاطع لكن حيث أنه اصطياد من الكلام بمعونة القرائن فهو كسائر الاطلاقات الاصطيادية لبي لا يجرى فيه الاصل اللفظى أعنى أصالة الاطلاق بل يؤخذ بالقدر المتيقن منه وهو البكاء حزناً على أمر دنیوى فوتى سواء كان فعلياً كالفقر والبلاء والعدو ونحو ذلك أم ماضياً كموت الولد ، وفقد ان المال أو الاهل أو العز ونحو ذلك .وأما البكاء على أمر دنيوى وجودى شوقاً اليه كطلب المال أو الولد لاسيما اذا كان طلباً من الله تعالى فهو خارج عن القدر المتيقن المصطاد من الرواية بلاحاجة الى ادخاله تحت منطوق الشرطية الأولى بمعونة الاخبار الدالة على فضيلة البكاء في الصلوة اما مطلقاً كموثق منصور بن يونس بزرج (1) معرب (بزرگ) أنه سأل الصادق اللا عن الرجل يتباكى فى الصلوة المفروضة حتى يبكى فقال قرة عين والله وقال اذا كان ذلك فاذكرني عنده وصحيح سعد بياع السابرى (2)قال قلت لا يبيعبد الله (علیه السلام) أيتباكى الرجل في الصلوة فقال بخ بخ واو مثل رأس الذباب . والتباكي هو التصدى للبكاء بايجاد الحزن فى القلب حتى يؤثر في تهيئة النفس للبكاء المصفى للروح وقد يطلق على اظهار البكاء بدون التصدى ل-ه للافضاء إلى حصوله لكن قرينة المقام في الخبرين والسؤال فى الاول : حتى يبكى . والجواب فيها تشهد بارادة المعنى الاول هنا وقوله في الاول قرة عين والله ناظر الى أثر البكاء الحاصل من التباكي من صفاء الروح الموجب لانقطاع العلائق المادية والقرب إلى الله عزوجل وأن حصول هذا المقام الروحى للمصلى قرة عين له والله وبه يعلم وجه تحسين الامام (علیه السلام) فى الثانى بقوله بخ بخ ولو رأس الذياب : ضرورة تأثير

ص: 74


1- الوسائل ، الباب 5 من القواطع ، حديث اوه.
2- الوسائل ، الباب 5 من القواطع ، حديث اوه.

الدمعة أيضاً في مرتبة من صفاء الروح . وقوله (علیه السلام) : اذا كان ذلك فاذكرني عنده : يحتمل ثبوتاً ان يراد به ذكر هذا المصلى له (علیه السلام) بالدعاء أو تذكر شخصه (علیه السلام) لان حصول تلك الحالة مقام لله وهو (علیه السلام) يحب ذلك أو تذكر مصائبه (علیه السلام) حتى ينتهى التباكي الى البكاء والظاهر بحسب المقام هو الاحتمالي الثانيوكيف كان فهذان الخبران وان كانا من أدلة رجحان التسبيب الى تصاعد الروح فى مقام الغرب الى الله في العبادة كالصلوة بمثل التباكی المفضى الى البكاء لكنهما انما يجديان الفقيه اذا كانت هناك حجة مانعة عن البكاء في الصلوة كخبر ابيحنيفة حتى يكونا مخصصين لعمومها فيدخل فى اطلاقها ماذكر من البكاء شوقاً الى أمر وجودى دنيوى سيما مع طلبه من الله تعالى والا فلانحتاج اليها لصحة الصلوة بعد وجود الأصل العملى . واما للخشية من الله كمرسل الصدوق (1) قال وروى أنه ما من شيئي الاوله كيل أو وزن الا البكاء من خشية الله فان القطرة منه تطفى بحاراً من النيران ولو أن باكياً بكي في أمة لرحموا وكل عين باكية يوم القيامة الاثلاثة أعين عين بكت من خشية الله وعين غضت عن محارم الله وعين باتت ساهرة في سبيل الله . واما للخوف على أمر حادث أو طلب حاجة كخبر على بن ابيحمزة (2) قال قال ابو عبد الله (علیه السلام) لابی بصير ان خفت أمراً يكون أو حاجة تريدها فابدء بالله فمجده وأثن عليه كما هو أهله وصل على النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) وسل حاجتك وتباكى ولو مثل رأس الذباب ان أبى كان يقول ان أقرب ما يكون العبد من الرب عزوجل وهو ساجد باكي : حيث یشملا باطلاقهما الحال الصلوة . وبالجملة فادخال ما ذكر من المصاديق تحت اطلاق الشرطية الاولى ولو بمعونة هذه الاخبار وان كان حسناً لكنه غير محتاج اليه بعد خروج تلك المصاديق

ص: 75


1- الوسائل ، الباب 5 من القواطع، حديث 3 .
2- الوسائل ، الباب 29 من الدعاء : حديث 4

بنفسها عن القدر المتيقن المصطاد من الرواية لكبرى قاطعية البكاء فتبقى تحت الاصلى المقتضى لعدم القاطعية كما أن كبرى الناطع حيث تكون اصطيادية فلا يؤخذ با طلاق ذكر البيت بالنسبة الى مورد يكون ذكره الهياً راجعاً اليه تعالى بجهة من الجهات كما فى البكاء على سيد الشهداء الحسين روحى لتربته الزكية الفداء فكونه قاطعاً للصلوة بحسب الصناعة محل اشكال بل منع نعم الاحتياط أمر آخر و لذا لما سئل بعض السادة من المشايخ العظام قدس الله روحه عن البكاء على الحسين (علیه السلام) في الصلوة أجاب بأن الاحوط أن يبكي بعد الصلوة فلقد أجاد (قدسّ سره) في التعبير حيث لم ينف جوازه فى الصلوة ولم يجعل الاحوط تركه فيها بل جعل الاحوط فعله بعدها . (الجهة الثالثة) فى أن البكاء القاطع هل يعم مع الصوت وبدونه أم يخص الاول فالدمعة مثلا لا تقطع الصلوة فيه خلاف بين الاصحاب فالمشور سيما بين الطبقة الثالثة هو التعميم وذهب جماعة ليسوا بقليلين الى التخصيص بالاول واستدل له بوجوه (منها) أن سند قاطعية البكاء هو الاجماع وحيث أنه كالتسالم والسيرة لبي فالقدر المتيقن منه ما اتفق عليه آراء الاصحاب وهو في المقام البكاء الصوت (ومنها أن الدليل وان كان خير ابيحنيفة لكن حيث يحتاج في جبر السند الى عمل الاصحاب فنقتصر في دلالته أيضاً على مقدار ما فهموا منه وهو البكاء مع الصوت لعدم اتفاقهم على قاطعية مالاصوت فيه وقد استدل بهذا الوجه جماعة منهم المحقق القمى (قدسّ سره) في المقام ومنهم صاحب الجواهر (قدسّ سره) في نظائر المقام . (ويندفع) الأول بما عرفت من كون الدليل خبر ابيحنيفة لا الاجماع والثاني بأن الجبر بالعمل أنما هو من حيث الصدور لا الدلالة وليس فهم أحد حجة على غيره بل الحجة في حق كل أحد ما يستظهره من ألفاظ الدليل ولو كان مخالفاً لفهم الكل فمفهوم الشرط مثلا حجة على من يستظهره من الشرطية وان لم يستظهره منها جماعة كثيرة ، نعم لو أدعى قدماء الفقهاء وجود قرينة عندهم على مراد الأئمة عليهم السلام من ألفاظ الرواية قبلناها منهم لكونهم أعرف بالقرائن من جهة قرب العهد

ص: 76

وأما مجرد استظهارهم من ألفاظ الدليل غير ما نستظهره منها فليس بحجة في حقنا . (ومنها) تصريح جماعة من أهل اللغة بالفرق بين الممدود مع المقصور وكون الاول عبارة عمافيه الصوت والثاني عما لاصوت فيه فعن الجوهري في الصحاح أن البكاء يمد وية سر فاذا مددت أردت الصوت الذى يكون مع البكاء واذا قصرت أردت الدموع وخروجها متمسكا بشعر الشاعر : بكت عيني وحق لها بكاها - ولا تغنى البكاء ولا العويل : مستظهراً ارادة الدموع من المقصور فى المصرع الاول وارادة الصوت من الممدود فى المصرع الثاني وعن ابن فارس فى المجمل : قال قوم اذا دمعت العين فهو مقصور واذا كان ثم نشيج وصياح فهو ممدود : وعن ابن فارس في المقائيس : قال النحويون من قصره أجراه مجرى الادواء و الامراض و من مده اجراه مجرى الاصوات كالثغاء والدعاء والرغاء : وعن نشوان بن سعيد في شمس العلوم : قال الخليل اذا قصرت البكاء فهو بمعنى الحزن اذ ليس معه نشيج وصياح فهو ممدود وقال الراغب بالمد سيلان الدمع على حزن وعويل يعني اذا كان الصوت اغلب كالرغاء والثغاء وسائر هذه الابنية الموضوعة للصوت وبالقصر يقال اذا كان الحزن اغلب. وبالجملة فالتفرقة بينهما معنى ثابتة فى اللغة والموجود في النص هو الممدود فيختص القاطع بواجد الصوت ولا أقل من كونه المتيقن من مفاد النص فيكون غيره مجرى البرائة . ( واجيب) بما يبثنى على مقدمات خمسة الاولى أن وجود الممدود في النص غير معلوم ضرورة عدم تداول الاعراب والاعجام وشبههماز من الصدور فلعل الصادر كان مقصوراً . الثانية عدم ثبوت التفرقة بين الممدود والمقصور في اللغة لاختلاف اللغويين في ذلك . الثالثه أنه على فرض الثبوت فلا اعتداد به مع المخالفة للعرف العام . الرابعة : أنه على فرض وجود الممدود فى النص وثبوت التفرقة لغة وعرفاً لكن الممدود انما هو فى السؤال والمدار على كبرى الجواب والمذكور فيها الفعل وهو مطلق يشمل كلاالقسمين . الخامسة : أنه على فرض الشك في قاطعية المقصور فحيث أنه فى العبادة وه-ى توقيفية فمقتضى الاصل الاشتغال فان الاشتغال اليقينى الحلوة يستدعى البرائة اليقينية ولا تحفل الا مع ترك المقصور أيضاً .

ص: 77

(ورد) بأن الموجود في نسخ الرواية باجمعها الممدود و يكن تشييده بأن تغاير رسم الخط قديماً مع الان انما هو من حيث الاعراب والاعجام لا من حيث الحروف الاصلية التي هي أجزاء للكلمة وهمزة البكاء بالمد حرف أصلى جزء للكلمة فلا معنى لسقوطها في رسم الخط القديم فوجود الممدود في النص فعلا كاشف عن صدوره كك وأن عدم ثبوت التفرقة لغة ممنوع بعد تصريح هؤلاء الاثبات بالفرق وأن المضر تخالف العرف العام زمن الصدور مع قول اللغويين وهو غير محرز فى المقام لو لم نقل باحراز عدمه من النص والعرف الفعلى المتوافقين على التفرقة وأن الفعل فى الجواب مجمل لا اطلاق له ويمكن تأييده بأن الجواب ولو فرض اطلاقه في نفسه لكن بعد كون مصبه السؤال الظاهر حسب الفرض فى الممدود فهو اما منطبق على مورد السؤال واما محفوف بما يصلح للقرينية المانع عن انعقاد الاطلاق له من أول الامر وأما التمسك بالاشتغال في فرض الشك فيدفعه ما قرر في الاصول من كون الشبهة المفهومية مجرى البرائة . (ولكن الانصاف فساد بعض هذه المناقشات فان التفرقة لغة لا تثبت بمجرد قول الجواهرى اذا مددت أردت كذا واذا قصرت أردت كذا واستظهاره الفرق من الشعر اشتباه اذ لا يحسن مفاده الا مع وحدة المعنى في المصرعين لان الثاني بمنزلة المحمول للاول فمع الاختلاف لا يستقيم المعنى مضافاً الى امكان سقوط الهمزة من الأول لضرورة الشعر والى عدم حجيته لاثبات المعنى الحقيقى ولا بمجرد اسناد ابن فارس ذلك الى قوم مجهول بل اسناد الفيومى فى مصباح المنير ذلك الى القيل مشعر بشذوذه و عدم الاعتداد به لدى أهل اللسان سيما بعد تعيين القيل على ما عن شمس العلوم فى الخليل الذى هو نحوى لا اعتداد بقوله في اثبات اللغة فلم لا يجوز احتماله الفرق صناعياً لدقة أدبية ثم نقل ذلك في بعض كتب اللغة مع اسناده الى قيل أو قوم أو الى النحويين وبالجملة فالقائل بالفرق من أهل اللسان فيما نعلم حسب تتبع كتب اللغة منحصر بالخليل الذى عرفت حال قوله فكيف يمكن اثبات التفرقة لغة بذلك وأما العرف العام فعلا فهو موافق مع التعميم دون التفرقة وبه يستكشف

ص: 78

عرف زمن الصدور لاستصحاب القهقرى . واما اجمال الفعل فى الجواب فممنوع جداً بل هو في نفسه مطلق اما على القول بلزوم مقدمات الحكمة للاخذ بالاطلاق فلوجودها في المقام وأما على ما هو الحق من كفاية جعل المتكلم لفظه المطلق مرآة لمراده الذي هو قانون محاورى طبعي في الاخذ بالاطلاق فالامر أوضح وأما تأييده بصلاحية مورد السؤال للمنع عن اطلاق الجواب فقد ثبت خلافه فى الاصول من أن خصوص المورد لا يخصص عموم الوارد والا لم مصح القاء الكبرى فى مقام الجواب أبداً بل كان مثل كبرى المنع عن الصلوة في كل شيئى مما لا يؤكل لحمه في موثق ابن بكير المتقدم في مقام الجواب عن سؤال زرارة عن السنجاب والثعالب والفنك مخصوصة بمورد السؤال من عير ظهورلها في بيان الحكم الكلى وهو خلاف قانون المحاورة . بل لنا كلام آخر في تقريب اطلاق الجواب في الرواية هو أن الفرق بين الممدود والمقصور على فرض ثبوته انما ه-و هيئتي لامادى فمفهوم مادة البكاء يعم الصوت وبدونه فالطفرة عن مورد السؤال الظاهر بحسب الهيئة في واجد الصوت يرفع اليد عن تلك الهيئة في مقام الجواب واقحام المادة في كبرى القاطع بقوله (علیه السلام) ان بكى الخ : دليل بارز على ارادة الاطلاق من جهة نوعى البكاء (فتلخص) أن مقتضى ظهور الرواية في نفسها فضلا عن ضم القرائن عموم القاطع في كبرى الجواب للبکاء مع الصوت و بدون.( الجهة الرابعة ) في عموم الحكم لصورة السهو والنسيان والاضطرار وعدمه فيه خلاف بين الاصحاب ، والمشهور العموم للنسيان والاضطرار لاطلاق بكي في الرواية ودعوى ظهور اسناد الفعل الى الفاعل في الاختيار مدفوعة بكفاية صدور المبدء عنه في صحة الاسناد ولو كان عن نسيان أو اضطرار وأما لاتعاد فقد قيل بان مصبة صورة النسيان فقط وبعبارة اخرى ما اذا صح جعل الاعادة بلسان أعد ولا يصح في صورتي العمد والاضطرار لكفاية لسان الدليل الأولى فى شمولها لاحاجة الى جعل دليل ثانوى فى موردهما بخلاف صورة السهو فاطلاق الرواية من جهتها محكوم بحديث الرفع .

ص: 79

ولكن الحق خروج الصور الثلاثة باجمعها عن اطلاق الدليل بحكومة لاتعاد الذى عرفت مراراً عمو من الموانع والقواطع كما يعم بنفسه حالات المكلف غاية الامر خرج عنه بالاجماع ونحوه صورة العمد وما يشبهه وبقى الباقى ودعوى اختصاص مصبه بصورة النسيان مصادرة وتوهم عدم صحة استعمال أعد في غير مورد النسيان اشتباه بحسب حاق مفهوم الاعادة أى العود وبحسب الاستعمال العرفى فتمد كثر استعماله في صورة العمد في الاخبار الواردة في أبواب الفقه نظير من ترك الفاتحة متعمداً فعليه الاعادة وغير ذلك مما يظهر بالتتبع. نعم انما يخرج عن اطلاق الرواية بحكومة لا تعاد الاضطرار المانع عن تمالك الانسان نفسه بالمنع عن البكاء بتأثير المقدمات الخارجية في نفسه أثراً قهريا من خروج الدمعة أو العويل مع ذلك كما قد يتفق لبعض الاشخاص المبتلى ببعض المصائب على ما شاهدناه من بعضهم ذان لم يصل الى هذا الحد بل قدر الشخص على تمالك نفسه بالمنع عن بكائه وعويل كما ه-و الغالب عد من أفراد العمد الخارج عن عموم لاتعاد بالاجماع ونحوه وأما التمسك لاخراج السهو بحديث الرفع ففيه ما عرفت مراراً من قصور الحديث عن اثبات حكم تعبدى بل غاية تقرير حكم العقل بعدم المؤاخذة في مورد الاعذار العقلية كما أن دعوى انصراف النص عنه غير مطموعة . [و] منها تعمد [ألاكل والشرب على قول ] ومطلقا على قول آخر أما من حيث الفتوى فلم يعرف بالبطلان عمن تقدم على الشيخ (قدسّ سره) وانما اختاره ه-و (قدسّ سره) فى المبسوط وأتباعه من بعده ثم استقر عليه رأى جماعة الى زمن الفاضلين فمنعه المصنف (قدسّ سره) في المعتبر وطالب الشيخ بالدليل وكذا العلامة (قدسّ سره) في المنتهى بل هو ظاهر الاسناد الى قول في المتن ثم اختار المنع بعد هما جماعة ثم ناقشوا فيه المحقق الاردبيلي (قدسّ سره) . وبالجملة فالمسئلة كانت خلافية فى أدوار الفقه من زمن الشيخ (قدسّ سره) الى الان من غير تحقق شهرة فيها بين القدماء بل ولا بين المتأخرين فما في الحدائق

ص: 80

من نسبة القول بالبطلان الى المشهور في غير محله وعلى فرض تحقق الشهرة الفتوائية فهى ليست بحجة مطلقا فضلا عما اذا كانت مدركية كما في المقام . وأما من حيث الموضوع فقد حدده جماعة بما يكون منافياً للصوم وهو دخول شيء ما في الجوف من طريق الفم فيعم أكل البقايا فيما كل البقايا فيما بين الاسنان أو ابتلاع لقمة ممضوغة فى الفم أو ابتلاع ذوب سكرة أو بلغم الصدر ونخامة الانف ونحو ذلك وبعبارة أخرى الاكل والشرب بالمعنى الاسم المصدرى بشرط كونهما من الطريق المتعارف أى الفم وحدده آخرون بصدق عنوانى الاكل والشرب لدى العرف فابتلاع البقايا فيما بين الاسنان أو اللقمة الممضوغة أو ذوب سكرة أو نحو ذلك، مما لا يصدق عليه الاكل والشرب عرفاً خارج عن الموضوع وهناك تحديد ثالث هو التقييد بالكثرة ولازمه عدم دخل عنوانى الأكل والشرب في الموضوع بل دخوله تحت عنوان الفعل الكثير الذى عد بنفسه من القواطع . فقد علله العلامة (قدسّ سره) في التذكرة والنهاية بأن التناول والمضغ والازدراد والبلع الموقوف عليها الاكل توجب كونه من الفعل الكثير وان ناقش فيه الاصحاب بعدم كفاية الجمع بين أفعال قليلة متباينة فى صدق عنوان الفعل الكثير القاطع والا لزم صدقه بالجمع بين فرقعة الأصابع واللعب باللحية والمشي خطوة في الصلوة مثلا وذلك غير معهود فى فقه الشيعة بل المعهود خلافه وتفطن العلامة لتلك المناقشة وخصص البطلان فى المنتهى بصورة تطاول الاكل والشرب الموجب لصدق عنوان الفعل الكثير عليهما فلعل ما فى التذكرة تعليل اقناعى لما نسب الى المشهور وربما حدد بالاكل والشرب المؤذنين بالاعراض عن الصلوة وبالجملة فالمسئلة من حيث تحديد الموضوع سعة وضيقاً أيضاً خلافية قديماً وحديثاً وكيف كان فالعمدة هو البحث عن دليل الحكم

استدل للبطلان بوجوه منها) الاجماع فقد ادعاه الشيخ (قدسّ سره) في الخلاف ويكشف عن تسالم من قبله عليه و فيه منع كبروياً من جهة خصوص اجماع الشيخ (قدسّ سره) المبنى على قاعدة اللطف لدى اتفاق أهل عصر واحد على حكم بدعوى

ص: 81

اقتضائها لزوم الفاء الخلاف بينهم من طرف امام العصر (عجل الله تعالی فرجه الشریف) لو كان مخالفاً للواقع فعدم الخلاف يكشف عن توافق الحكم مع رأيه (علیه السلام) مع أن القاعدة لا تقتضى ذلك أبداً ان وجوده (عجل الله تعالی فرجه الشریف) وجوده (عجل الله تعالی فرجه الشریف ) لطف وعدمه منا وصغرويا من جهة كونه مظنون المدركية بل معلومها بالحصة لما عرفت من تعليل جماعة للحكم بعلل أخرى . (ومنها) أصالة الشغل فى المخترعات الشرعية لكونها توقيفية فالشك فى جزء أو شرط أو مانع أوقاطع لها شك في المصداق الذي يكون مجرى الاشتغال (وفيه) ما عرفت مراراً من أن الشك فى المركبات الارتباطية مجرى للبرائة. (ومنها) منافاتها للخضوع المعتبر في الصلوة (وفيه) أنه ان أريد التنافى مع أصل الحضور لدى الرب جل وعلا بهذه الصلوة بجعله كعدم الحضور فهو موقوف على التعبد وه-و أول الكلام وان اريد التنافى مع أدب الحضور فهو غير مخل بالصلوةبل مصطاد من الروايات الكثيرة المرغبة في رعاية كمال التأدب في الصلوة بالسكون والوقار وعدم الحركة و روحاً بالمنع عن الخلجانات النفسانيه الموجب لانقطاع العلائق المادية عن الشخص وانغماره فی التوجه الى ذاته المقدسة واندكاكه وفنائه فيها فان ذلك مقام شامخ لا يحصل الا للاوحدى وبدونه تكون الصلوة جداً بلا روح نازلة عن درجة القبول لكن مع ذلك تجدى الفقيه لكونها واصلة درجة الصحة . (ومنها) أنهما يؤذنان بالاعراض عن الصلوة (وفيه) أن الايذان أى الاشعار لا يجدى شيئاً بعد ما لم يكن البناء على الاعراض مع استدامة الشخص في عمله خارجاً مخلا للصلاة . (ومنها ارتكاز المتشرعة على التحرز عن الأكل والشرب في الصلوة بل على حد تعبير صاحب الجواهر (قدسّ سره) حتى اطفالهم يستنكرون ذلك من المصلى وعلى حد تعبير الوحيد البهبهاني (قدسّ سره) في نظائر المقام حتى النساء والصبيان كما يشهد بهذا الارتكاز حسن سعيد الاعرج (1) قال قلت لا بيعبد الله (علیه السلام) اني أبيت وأريد

ص: 82


1- الوسائل ، الباب 23 ، من القواطع .

الصوم فاكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب وأكره أن أصبح وأنا عطشان وأمامى قلة بينى وبينها خطوتان أو ثلاثة قال تسعى اليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء : اذ لولا انغراس القاطعية في أذهان المتشرعة لم يكن لهذا السؤال وجه فيكشف عن رأى المعصوم (علیه السلام) . (وفيه) أنه كيف يعقل ارتكاز المتشرعة بأطفالهم على القاطعية وعدم اطلاع أساطين فقه الشيعة كالفاضلين (قدسّ سرهما ) عن هذا الارتكاز بل انكارهما القاطعية أشد الارتكار حتى أن المصنف (قدسّ سره) في المعتبر يطالب شيخ الطائفة بدليل الحكم ولا يعتنى بدعواه الاجماع عليه فهذا الارتكاز مسبوق بالفتوى مستند اليها فلا يكشف عن رأى المعصوم وأما حسن الاعرج فستعرف عدم عن الارتكاز على المنع. هذه أدلة القوم على القاطعية وقد عرفت قصور الكل عن اثبات المدعى لكن الانصاف ان القول بجوازهما مطلقا في الصلوة فى غاية الجرئة كما نبه عليه في مصباح الفقيه وحيث أن أدلة المنع بأجمعها لبية فيؤخذ بالقدر المتيقن منها وهو ما صدق عليه الاكل والشرب عرفاً دون مثل ابتلاع البقايا فيما بين الاسنان او للقمة الممضوغة أو ذوب سكرة ونحوها مما صرح جماعة بجوازها ولا اطلاق لادلة المنع يشملها فيقوى جوازها في الصلوة بخلاف غيرها سيما اذا كان من الفعل الكثير الذي عرفت كونه بنفسه من القواطع وأما الماحى لصورة الصلوة فلاريب فى مبطليته للصلاة عمداً كان أم غيره. ومن هنا علم أن استثناء مطلق النافلة عن هذا الحكم انما هو لعدم الدليل على القاطعية بالنسبة اليها لا للفرق بين الفريضة والنافلة كي يشكل بدليل الالحاق ان ليس لنا اطلاق لفظى يدل على الالحاق وانما دليله اما الاجماع الذى هو لبى لا يتأتى في مورد الخلاف واما أدلة الاجزاء والشرائط والموانع الناظرة الى مهية الصلوة التى تعم الفريضة والنافلة ومن المعلوم عدم دليل يدل على ذلك في المقام . نعم ربما يستدل بحسن الاعرج المتقدم لمفروغية البطلان في مطلق النافلة لكنه ضعيف فى الغاية لان مفاد السؤال : فأكره أن أقطع الدعاء واشرب حب

ص: 83

السائل الاستمرار في دعائه وكرامته قطع الدعا وبديهي أن كل مؤمن يكره رفع اليد عن حالة توجهه فى العبادة عن الدعاء لاجل شرب الماء أو نحوه من العلائق الدنيوية وأين هذا عن ارتكاز الحرمة لدى السائل فضلا عن المتشرعة وفضلا عن كون مصب السؤال جهة قطع الصلوة فالخبر أجنبى عن هذا المدعى. وبالجملة لادليل على المنع عن الأكل والشرب في مطلق النافلة فمقتضى الاصل جوازهما ما لم يصل حد الفعل الكثير أو محو الصورة الذين عرفت عموم قاطعيتهما لكل صلوة وعليه فاستثناء خصوص الوتر كما في المتن وغيره بقولهم الا في صلوة الوتر لمن أصابه عطش وهو يريد الصوم في صبيحة تلك الليلة لكن لا يستدبر من القبلة ] سالبة بانتفاء الموضوع واستناده الى ما تقدم فى حسن سعيد الاعرج من الترخيص في الوتر بالخصوص قد عرفت ما فيه لعدم ظهور الخبر في السؤال عن القاطعية للصلوة . وهل يمكن استفادة الترخيص من هذا الحديث لمطلق النافلة أو سائر حالات الوتر بنائاً على القول بالمنع في الصلوة مطلقا قیل نعم لالقاء الخصوصية من ناحية قنوت الوتر لكنه قياس لعدم تنقيح المناط القطعي في الامر التبدى بعد أخذ قيود متعددة في موضوع الترخيص في الرواية ولذا اختلف القوم فى قيود هذا الاستثناء بين خمسة كما في المتن وأربعة بحذف العطش وستة بزيادة كون المشى خطوة أو خطوتين أو ثلاثة. (فتلخص أن الحق فى المسئلة بطلان الصلاة بالاكل والشرب الماحيين للصورة جزماً مطلقا وكذا اذا كانا من الفعل الكثير في خصوص العمد لما تقدم سابقاً وعلى الاحوط اللازم اذا لم يكونا منه مع صدق العنوان وعدم البطلان فيما لا يعد من الاكل والشرب عرفاً كالامثلة المتقدمة وكذافى صورة السهو والنسيان والاضطرار والاكراه فيما يعد منهما عرفا الذى احطتنا فى البطلان في صورة تعمده وذلك لعموم لاتعاد بناءاً على ما هو الحق الذى اشرنا اليه مراراً من عمومه القواطع وعدم اختصاصه بالمسهو والنسيان وأما حديث الرفع فقد عرفت قصوره عن اثبات حكم

ص: 84

تعبدى نعم لدعوى قصور أدلة المنع لكونها لبية عن شمول تلك الصور وجه [ وفي ] قاطعية [ عقص الشعر للرجل ] قول للشيخ (قدسّ سره) وأتباعه وتبعهم جماعة من المتأخرين في الذكرى والوسائل والحدائق وعن الشيخ في بعض كتبه القول بالحرمة تكليفاً لكن ظاهر المفيد (قدسّ سره) في المقدمة الكراهة حيث عبر بلا ينبغي للرجل أن يصلى معقوص الشعر وهو المشهور بين الاصحاب من القدماء عدا الشيخ وأتباعه والمتأخرين واستدل للبطلان باجماع الشيخ فى الخلاف وقد عرفت في المسئلة السابقة حال اجماعاته (قدسّ سره) . مضافاً إلى أنه في خصوص المسئلة مسبوق بمخالفة من تقدم عليه كشيخه المفيد (قدسّ سره) وملحوق بمخالفة من تأخر عنه من القدماء والمتأخرين . وبخبر مصادف (1)عن ابيعبد الله (علیه السلام) في الرجل صلى بصلوة الفريضة وهو معقص الشعر يعيد صلوته . اذ ليس في الحديث نهى حتى نحتاج الى البحث عن أن النهى فى العبادة يفيد الفساد أم لا بل هو ناص فى الاعادة فيدل بالالتزام على فساد الصلوة عقص الشعر فهو كالنص في القاطعية وحمل الأمر بالاعادة فيه على الاستحباب یحتاج الی قرینة. ونوقش فيه سنداً من جهة عدم توثيق مصادف ومن جهة اعراض الاصحاب ودلاله بحمل الاعادة على الاستحباب لذهاب المشهور اليه وأجاب في الحدائق عن ضعف السند بأن ضعف مصادف انما هو حسب اصطلاح المتأخرين . وفيه أنه لابد من اثبات الصحة القدمائية للحديث بتحليل حال مصادف فنقول ضعفه الغضائرى وحيث لا اعتداد بتضعيفاته من جهة الجهل بحال الكتاب المنسوب اليه وان قيل بوجوده لدى السيد بن طاووس ومن جهة اكثاره في تضعيف رجال الشيعة على فرض صحة استناد الكتاب اليه اذ وزانه فى الخاصة وزان الذهبي في العامة الذى ضعف جميع رجالهم وبين الفريقين فرق واضح فأن تضعيفات الذهبي في محلها لعدم صدوق في رواتهم بخلاف رواتنا فان ضرورة علم الرجال وتواريخ

ص: 85


1- الوسائل ، الباب 36 ، من لباس المصلى .

الرواة تشهد بكثرة الثقة فيهم ومن جهة ما رأيناه بالوجدان من علو شأن كثير ممن ضعفهم كيف وقد ضعف أمثال يونس بن عبد الرحمن الذى قلما يوجد يوجد له من حيث المعالى علماً وتقوى وأخلاقاً نظير فى البشرية نعم ضعف تضعيف الغضائري لمصادف لا يكفى لاثبات صدقه لكن يستفاد حسن حاله أو قوته من الاخبار الواردة في تاريخه شفقة الامام (علیه السلام) لاولاده واشتراء الارض لهم وكونه تزيل الصادق (علیه السلام) ومولاه ووكيله في التجارة كما أن ما ورد من أن شراء الارض لاولاد مصادف قد وقع قبل ما كان منه لعله ناظر الى قضية ربحه في التجارة ألف دينار وهبته له الامام(علیه السلام) أو مجمل فلا يعارض المبين مما يكشف عن حسن حاله . هذا كله مضافاً الى ما هو العمدة من وجود الحسن بن محبوب الذى هو من أصحاب الاجماع في الرواية وقد حققنا في مبحث الدماء من كتاب الطهارة حال أصحاب الاجماع من التزامهم عملا على نقل الرواية عن الثقة فالسند معتبر لا مجال للاشكال فيه بقى الكلام فى اعراض القدماء عن الخبر فنقول ليس الاعراض عن السند کی يكشف عن فساد جهة الصدق لان المنع ليس مذهب العامة فقد صرح الشيخ (قدس سره) في الخلاف بعدم اعتبار أحد من الفقهاء ذلك فيكون عن الدلالة والاعراض الدلالي القدماء لو كان من جهة عدم استظهارهم من الرواية ما يستظهره غيرهم لم يكن حجة علينا وأما ان كان من جهة وجود قرينة عندهم على خلاف الظاهر فهو حجة في حقنا لقرب عهدهم بزمن الصدور وعرفانهم بالقرائن . والظاهر كون المقام من قبيل الثانى اذ كيف يعقل عدم استظهارهم المنع من الرواية مع أنها كالنص في ذلك فهذا يورث الاطمئنان بوجود قرينة عندهم سيما المفيد على ارادة الاستحباب من الامر بالاعادة فيها مضافاً الى مافى الجواهر وغيره من غرابة هذا الحكم وعدم معروفيته بين المتشرعة مع قضاء العادة بصيرورة مثله الذى يستبعده العقول مع عموم الابتلاء به في تلك الاعصار كثير الدوران في ألسنة الرواة والائمة عليهم السلام ووقوع التعرض له بأكثر من ذلك وصيرورته م--ن الضروريات لدى المتشرعة فلا يصح التعلق فى اثباته بمجرد ظهور الامر بالاعادة الواردة في رواية مع قبوله الحمل على الاستحباب وان كان هذا البيان كمؤيد

ص: 86

للمطلب ضرورة كفاية رواية واحدة معتبرة السند لاثبات حكم تعبدى ولايصلح رده للمعارضة معها وكيف كان فيما ذكرنا يظهر أنه فى القول بالمنع [تردد والاشبه الكراهة ] نعم للاحتياط في القدر المتيقن من الموضوع الذى ستعرفه وجه .

وأما الموضوع أعنى عقص الشعر فقد فسره جماعة من اللغويين والفقهاء بجمع الشعر وسط الرأس وشده بادخال فروعه في أصوله وبعضهم بجمعه وشده في مؤخر الرأس وبعضهم بضفره وجعله كالكبه في مقدم الرأس على الجبهة وبعضهم بمطلق ضفر الشعر وليه وبعضهم بمطلق فتله من غير تعيين موضعه فالتفاسير المشهورة خمسة ثلاثة مقيدة بموضع خاص واثنان مطلقان وهناك تفاسير شاذة كوصل الشعر بالشعر ونحوه لا يعتنى بها فان كان مفهومه دائراً بين الاقل والاكثر أخذنا بالمتيقن منه وأجرينا البرائة فى الزائد على مسلكنا في كلية مورد الدوران بين والاكثر فى الشبهات المفهومية وان كان دائراً بين المتباينين جرى فيه الاشتغال ان الجمع في وسط الرأس معه في مؤخره متباينان

لكن الثاني حيث نقل عن الدعائم وهو ليس بكتاب لغة ولا حديث معتبر فضلا عن مخالفته مع جماعة من أهل اللغة فلا اعتداد به كما أن جمعه فى مقدم الرأس على الجبهة لو كان فمن جهة المنع عن السجود بلا خصوصية مانعة في نفسه كما أشار اليه في العروة وغيرها يبقى الجمع في وسط الرأس أو مطلق اللى والفتل فان قلنا بان الاخيرين من قبيل التفسير بالاعم كما وقع من اللغوبين في كثير من الموارد الاول والا كانت من قبيل الاقل والاكثر فالمتيقن منها الاقل وهو الجمع وسط الرأس وهذا المتيقن انما يفيد للقول بالمنع أو الاحتياط فى المسئلة والذى يسهل الخطب ما عرفت من عدم ثبوت أزيد من الكراهة وهناك مكروهات أخرى تطلب بأدلتها من المفصلات وربما يظهر بعضها من مطاوى الابحاث المتقدمة. [مسائل أربع الأولى اذا عطس الرجل في الصلوة يستحب له أن يحمد الله ] لعموم ما دل على استحباب التحميد للعاطس والصلوة على النبي وآله كحسن الحسن بن

ص: 87

راشد (1) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال من عطس ثم وضع يده على قصبة أنفه ثم قال الحمدالله رب العالمين حمداً كثيراً كما هو أهله وصلى الله على أهله وصلى الله على محمد النبى (صلی الله علیه وآله وسلم).خرج من منخره الايسر طائر أصغر من الجراد وأكبر من الذباب حتى يصير تحن العرش يستغفر الله الى يوم القيمة ، الشامل لحال الصلوه . وكذا لمن سمع العطسة كخبر أبي أسامة(2) قال قال ابو عبد الله (علیه السلام) من سمع عطسة فحمد الله عز وجل وصلى على محمد واهل بيته لم يشتك عينه ولاضرسه ثم قال ان سمعتها فقلها وان كان بينك وبينه البحر وخصوص ما دل على استحبابه في الصلوة كصحيح الحلبي(3) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال اذا عطس الرجل فى الصلوة فليقل الحمد لله و خبر ابی بصیر (4) قال قلت له اسمع العطسة فأحمد الله وأصلى على النبي (صلی الله علیه وآله و سلم) وأنا فى الصلوة قال نعم وان كان بينك وبين صاحبك اليم. وكذا ان عطس غيره يستحب له تسميته السمت القصد والمحجة والهيئة والتسميت للغير ذكره بالخير والبركة وفسر بالدعاء أيضاً والظاهر كونه بالسين للمناسبة مفهوماً بينه وبين مبدئه أى السمت وما عن ابي عبيدة من أن التشميت بالشين أعلاها وافشاها غير وجيه لوضوح عدم كونه أفشاها وعدم ثبوت كونه أعلاها و كيف كان فرجحان التسميت فى نفسه وكونه من آداب العشرة والخلطة مما لا ينبغي الارتياب فيه لموثق مسعدة بن صدقة(5)عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) اذا عطس الرجل فسمتوه ولو كان من وراء جزيرة . بل عد ذلك من حقوق المسلم على المسلم كما في خبر جراح المدائني (6) قال قال ابو عبد الله (علیه السلام) للمسلم على أخيه المسلم من الحق أن يسلم عليه اذا لقيه ويعوده اذا مرض وينصح له اذا غاب ويسمته اذا عطس يقول : الحمد لله رب العالمين لاشريك له ويقول يرحمك الله فيجيب بقول له يهديكم الله ويصلح بالكم

ص: 88


1- الوسائل ، الباب 63 من أحكام العشرة حديث 294
2- الوسائل ، الباب 63 من أحكام العشرة حديث 294
3- الوسائل الباب 18 من قواطع الصلوة حديث 1و4 . 18
4- الوسائل الباب 18 من قواطع الصلوة حديث 1و4 . 18
5- الوسائل الباب 57 من أحكام العشرة حديث 2و1 .
6- الوسائل الباب 57 من أحكام العشرة حديث 2و1 .

ويجيبه اذا دعاه ويشيعه اذا مات : وكيفية التسميت وجوابه تحصل بغير ما ذكر في هذه الرواية أيضاً كما في صحيح بن ابى خلف (1) قال كان ابو جعفر (علیه السلام) اذا عطس فقيل له يرحمك الله قال يغفر الله لكم ويرحمكم واذا عطس عنده انسان قال يرحمك الله عز وجل : واطلاق الاول والاخير يقتضى رجحان تسميت غير المسلم المخالف كما يدل عليه بالخصوص مرسل ابن أبي نجران عن بعض اصحابنا(2) عن ابي عبد الله (علیه السلام) قال عطس رجل نصراني عند ابيعبد الله (علیه السلام) فقال له القوم هداك الله فقال أبو عبد الله (علیه السلام) يرحمك الله فقالوا له انه نصرانى فقال لا يهديه الله حتى يرحمه. وربما يوهم بعض الاخبار اشتراط استحاب التسميت بما اذا اضاف العاطس الى التحميد الصلوة على محمد وآله كمرسل ابن ابيعمیر عن بعض اصحابه (3) قال عطس رجل عند ابيجعفر (علیه السلام) فقال الحمد الله فلم يسمته ابو جعفر (علیه السلام) وقال نقصنا حقنا وقال اذا عطس احدكم فليقل الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وأهل بيته قال فقال الرجل قسمته ابو جعفر (علیه السلام) : اذلو لم يشترط الاستحباب بذلك لزم ترك الامام (علیه السلام) للمستحب بدون الجهة لكنه في غير محله ضرورة جواز ترکه (علیه السلام) المستحب للتنبيه على فضيلة ضم الصلوة على النبي وآله الى التحميد للعاطس . انما الكلام فى تسميت المصلى للعاطس والمشهور استحبابه كما في المتن وغيره بل لا خلاف فيه الا عن المصنف (قدسّ سره) في المعتبر حيث تردد فيه أولا ثم رجحه و تعبير العلامة (قدسّ سره) بالجواز ناظر الى جهة الوضع أى الخلو من جهه المنع فطبعاً يدخل تحت الرجحان تكليفاً لا أن الاستحباب ينقلب اباحة وذلك هو المراد من استلزام الجواز للرجحان وكيف كان فيدل على الاستحباب عموم أدلة رجحان الدعاء في الصلوة المتقدم بعضها في

ص: 89


1- الوسائل الباب 58 من أحكام العشرة ، حديث 1 العشرة ، حديث 1 ملمالن نتمال معلمة
2- الوسائل ، الباب 65 من أحكام العشرة» تست
3- الوسائل ، الباب 63 من أحكام العشرة ، فال العاب الريم

مبحث السجود واطلاق أدلة استحباب تسميت العاطس الشامل لحال الصلوة( ونوقش) في ذلك بمعارضته لعموم قاطعية الكلام للصلوة . (وأجيب) بتساقط العامين فى مادة الاجتماع أى التكلم بالتسميت والرجوع الى الأصل العملى وهو البرائة عن القاطعية كما هو مسلك المحقق الاردبيلي (قدسّ سره) فى أمثال المقام من العامين من وجه المانع والمجوز نظير عموم رجحان قرائة الاشعار لمصيبة الحسين(علیه السلام) وعموم حرمة الغناء حيث حكم بجواز التغنى في ذلك نظراً الى تساقط العامين فى مادة الاجماع أى التغنى بالتعزية مثلا والرجوع الى الاصل العملى وهو البرائة عن الحرمة . (ورده) فى مصباح الفقيه بأنه لا تعارض بين مثل عموم قاطعية الكلام وعموم رجحان التسميت من العامين من وجه في مورد الاجتماع کي نحتاج الى الترجيح وتصل النوبة الى التساقط والرجوع الى الاصل العملى ضرورة قابلية الحكمين الوضعى والتكليفي للاجتماع في مصداق واحد فالتسميت في نفسه راجح وأثره الوضعي قطع الصلوة فالمسمت في الصلوة قد فعل مستحباً شرعياً أثره الوضعى فساد صلوته نظير تشييع الجنازة الراجح مطلقا وأثره الوضعى فيما اذا استلزم الفعل الكثير قطع الصلوة اذا وقع فيها نعم المعارضة بين عموم رجحان التسميت وعموم حرمة قطع الصلوة لكنهما من قبيل المقتضى واللامقتضى كما في جميع موارد اجتماع حكمين الزامی وغير الزامي كالاباحة والحرمة فلا تعارض بينهما عرفاً بل دليل الاقتضاء كحرمة قطع الصلوة وارد قهراً على دليل التخيير كالرجحان أو الاباحة حاصر لموضوعه بغير مورد المنع كالصلوة فلا يجوز تسميت العاطس في الصلوة ولا التغنى في التعزية ولا تشييع الجنازة المستلزم للفعل الكثير فى الصلوة الى غير ذلك من الامثلة .ولما كانت قاطعية التسميت للصلوة موقوفة على خروجه عن عنوان الدعاء المستثنى فى الصلوة فلابد من بيان الدليل عليها فنقول يمكن اثبات قاطعيته بوجهين : الاول ان التسميت وان كان دعاءاً لكن الخارج من الكلام ما يكون مناجاة مع الرب لا مطلق الدعاء . ومثل يرحمك الله لاشتماله على كاف الخطاب ليس مناجاة

ص: 90

مع الرب بل هو تكلم مع المخلوق أو نظير التكلم معه فلا يكون من الدعاء المستثنى بل هو نظير صبحك الله بالخير أو رحم الله والديك ولا أقل من الشك في صدق عنوان المستثنى عليه فيبقى تحت عموم من تكلم في صلاته فعليه الاعادة . الثاني: ان التسميت ليس بدعاء أصلا بل هو تحية . (ولكن الحق) فساد الوجهين أما الاول فلعدم التنافي بين الدعاء مع مخاطبة المدعوله كمخاطبة الوالد ولده بقوله جعلك الله من عباده الصالحين وعافاك الله ذلك أو مخاطبة المسافر بقوله حفظك الله وأرجعك الى وطنك، سالماً يصدق عليه الدعاء عرفاً فالتسميت كما انه دعاء لغة فكذلك عرفاً مع أن عنوان المستثنى أعم من الدعاء فضلا عن المناجاة مع الرب اذ هو ما في الحلبي المتقدم فى مبحث التسليم : كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي فهو من الصلوة. وأعنى ذكر الله ويصدق ذكر الله على التلفظ باحد أسمائه المقدسة كما يشهد به قوله تعالى كلوا مما ذكر اسم الله عليه : ولا شك أن التسميت فيه ذكر الله فهو مستثنى كلام المخلوق القاطع للصلوة بل منزل حسب الكبرى المذكورة منزلة أجزاء الصلوة . ومن الغريب ما في مصباح الفقيه من النقض بمثل صبحك الله بالخير ورحم الله والديك ان النقض كبروياً ليس بناقض لامكان الفرق فهو الفارق أو الاشتراك فى الحكم فيلتزم به كما في المقام ان المفروض كون المدار على ذكر الله وهو متحقق في الامثلة فليست بناقضة . وأما الثانى فلاندفاعه أولا بما عرفت من أن التسميت دعاء وثانيا سلمنا أنه تحية لكن جيىء بها دعاءاً مضافاً الى اشتمالها على ذكر الله نعم لو فرض تمحضه في عنوان التحية كما يصدر من بعض العوام الذين لا يفهمون المعنى فالاحوط التجنب عنه في الصلوة وربما يستدل القاطعية التسميت بخبر غياث (1) عن جعفر (علیه السلام) في رجل عطس فى الصلوة فسمته فقال فسدت صلوة ذلك الرجل .

ص: 91


1- الوسائل ، الباب 18 من القواطع ، حديث 5.

واجيب تارة بضعف السند واخرى باعراض الاصحاب عنه والاولى هو الجواب باجمال المفاد اذ لم يعلم رجوع ذلك الى المسمت أو العاطس والتقدير بجعل المفاد بطلان صلاة المسمت بلا ملزم مع ان اقحام قيد فى الصلوة للماطس حينئذ في السؤال لغو لعدم دخله في الحكم (فتلخص أن الحق وفاقاً للمشهور استحباب تسميت المصلى للعاطس .المسئلة [الثانية ] لاخلاف بين الاصحاب ظاهراً في أنه اذا سلم عليه ] أى المصلى [ يجوز أن يرد] بل يجب انما الخلاف في وجوب صيغة خاصة [ مثل قوله سلام عليكم كما هو ظاهر المتن وجماعة أو عدم جواز صيغة خاصة كما اشار اليه فى المتن بقوله [ ولا يقول وعليكم السلام على رواية ] أو جواز كل صيغة في الجواب وعدم الانحصار بصيغة خاصة فهناك جهات من البحث . (الأولى) أن المراد بجواز رد السلام في الصلوة المعبر به في المتن وغير جوازه وضعاً من حيث الخلو عن المانع وعدم كونه قاطعاً للصلوة كما دلت عليه نصوص مستفيضة(1) کصحیح محمد بن مسلم قال دخلت على ابيجعفر (علیه السلام) وهو فى الصلوة فقلت السلام عليك فقال السلام عليك فقلت كيف اصبحت فسكت فلما انصرف قلت أيرد السلام وهو في الصلوة قال نعم مثل ما قيل له وموثق سماعة عن ابيعبد الله قال سألته عن الرجل يسلم عليه وهو في الصلوة قال يرد سلام عليكم ولا يقل وعليكم السلام فان رسول الله (صلی الله علیه وآله و سلم) كان قائماً يصلى فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه عمار فرد عليه النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) هكذا . وصحيح منصور بن حازم عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال اناسلم عليك الرجل وأنت تصلى قال ترد عليه خفياً كما قال وموثق عمار بن موسى عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال سألته عن السلام على المصلى فقال اذا سلم عليك رجل من المسلمين وانت في الصلوة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك وصحيح محمد بن مسلم أنه سأل أبي جعفر (علیه السلام) عن الرجل يسلم على القوم فى الصلوة فقال اذا سلم مسلم وأنت في الصلوة فسلم عليه تقول السلام عليك وأشر باصبعك

ص: 92


1- الوسائل ، الباب 16 من القواطع .

ومرسل الصدوق قال وقال أبو جعفر (علیه السلام) سلم عمار على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) و في الصلوة فرد عليه ثم قال ابو جعفر (علیه السلام) ان السلام اسم من أسماء الله عز وجل ورواه الشهيد (رحمه الله ) بسند حسن عن زرارة ، عن الباقر (علیه السلام) . وصحيح على بن جعفر عن أخيه (علیه السلام) قال سألته عن الرجل يكون في الصلوة فيسلم عليه الرجل هل يصلح ل-ه أن يرد قال نعم يقول السلام عليك فيشير اليه باصبعه .

فاذا جاز وضعاً ولم يكن قاطعاً للصلوة شرعاً وجب تكليفا بمقتضى عموم وجوب رد السلام المتسالم عليه بين الاصحاب بلاخلاف فيه من أحد لانه القدر المتيقن من رد التحية الواجب كتابا وسنة كما هو الشأن في كلية موارد استلزام الجواز الوضعى للوجوب التكليفى نظير بيع الوقف الخاص لضرورة أربابه ان المراد بقولهم : اذا جاز وجب : خلوه في نفسه عن المانع الموجب للدخول تحت عموم الحكم التكليفي الثابت للموضوع الكلى الذى يكون المورد أحد مصاديقه عرفا كرد السلام في المقام والصرف فى الضرورة فى المثال وعليهذا فلا شبهة لدى أحد في وجوب رد السلام فى الصلوة في الجملة وعدم كونه قاطعاً الصلوة فتوى ونصا وان كان خلاف فهو في بعض الطوارى والفروع كما ستعرف .

(الثانية) لاريب أن السلام فى نفسه كلام أما عرفا فلانه تحية للمخلوقين ومكالمة معهم فهو كلام آدمى وأما شرعاً فلما تقدم في مبحث التسليم من تعليل كونه مخرجاً عن الصلوة بأن تحريمها كان عن كلام المخلوقين فجعل محللها المكالمة مع المخلوقين فالسلام بحسب المخلوقين فالسلام بحسب طبعه کلام آدمی عرفاً و نصا داخل تحت عموم قاطعية الكلام : من تكلم فى صلوته متعمداً فعليه الاعادة : وظاهر التعليل في مرسل الصدوق المتقدم : ان السلام اسم من اسماء الله عز وجل : وان كان اقتضاء طبع السلام للجواز فى الصلوة لدخوله في عموم استثناء ذكر الله من القواطع بل تنزيله منزلة اجزاء الصلوة كما في صحيح الحلبى المتقدم في التسميت بنائاً على ما عرفت هناك من عموم ذكر الله لكل اسم من اسماء الله فظاهر التعليل كون علة جواز رد السلام في الصلوة وجود المقتضى في ذات السلام لكونه اسم الله فيكون

ص: 93

من ذكر الله ويكون لهذا التعليل حكومة على تعليل مخرجية التسليم بكونه مكالمة المخلوق . الا ان القرينة العقلية تمنع عن الاخذ بهذا الظهور ضرورة انتفاء ذلك الاقتضاء فى الاسماء المشتركة بین الاسمية والحدثية اذا لم يكن قرينة على تعيين الاسمية كما في صورة غفلة المتكلم عن ذلك المعنى فضلا عن وجود القرينة على الخلاف كما في صورة ارادة المتكلم منها خصوص المعنى الحدثى كما في المقام فان السلام كما أنه علم و اسم من اسمائه تعالى كك موضوع للمعنى الحدثى أى السلامة والمتكلم به فى مقام رد السلام غافل عن المعنى الاسمى بالمرة بل مريد به المعنى الحدثى فلايكون من ذكر الله قطعاً وليس فيه اقتضاء الجواز في الصلوة من هذه الجهة جزماً فلا بد من حمل التعليل على الحكمة دون العلة أو التعريض على العامة المانعين عن رد السلام اما قولا واما مطلقا . وكيف كان فلاريب في كون السلام بطبعه داخلا في الكلام الادمى وعليه فدلیل جواز رد السلام في الصلوة وهو الاخبار المتقدمة مخصص لعموم دليل قاطعية الكلام للصلوة فهو استثناء من القواطع فلو دل دليل نعبدى على انحصار الرد في الصلوة بصيغة خاصة مثل سلام عليكم فهو استثناء من الاستثناء وتضييق لدائرة المخصص نظير له على مأة دينار الا عشرة إلا واحداً فيبقى غير تلك الصيغة من الصيغ المتصورة لرد السلام مطلقا تحت عموم قاطعية الكلام الذى هو العام الفوق واذا لم يرد دليل على التقييد فنأخذ باطلاق دليل المخصص لفظياً أو مقامياً ونقول بجواز الرد بكل صيغة سلامية .

ثم لو فرض الاجمال فى الادلة المخصصة بالنسبة الى الصيغ أو غير ذلك من الامور التي ستمر عليك فحيث أن القاعدة في المخصص المجمل عدم سراية اجماله الى العام لانعقاد الظهور الاطلاقى له قبل ورود المخصص فلابد من الرجوع اليه بالنسبة الى حكم ما عدا القدر المتيقن من المخصص وهذه قاعدة محاورية ارتكازية ومما ذكرنا يتبين حكم فرعين من فروع المسئلة

ص: 94

(الأول) ما اذا شك فى وجوب رد السلام في مورد كما اذا سلم كما اذا سلم صبى مميز أو غير المسلم أو ملحوناً ولم يكن اطلاق لفظى رافع للشك من هذه الجهة فحيث يجرى فيه أصالة البرائة عن وجوب الرد فيكون دليل جواز الرد في الصلوة مجملا من جهة الشمول ) ، أو المتيقن من مفاده غير هذه الصورة وحيث أن هذا الدليل مخصص منفصل لعموم قاطعية الكلام للصلوة فلا يسرى اجماله اليه بل يبقى المورد تحت عمومها ويستلزم ذلك حرمة قطع الصلوة ولا نريد اثبات حرمته بأصالة البرائة كما توهم حتى يشكل بقصور الاصل عن ذلك وانما حرمته من جهة الدخول تحت عموم قطع الكلام المستلزم للدخول تحت عموم حرمة قطع الصلوة . (الثاني) ما اذا شك فى جعل صيغة خاصة فى الشرع للرد في اللصلوة مثل سلام عليكم بعد العلم بكون سائر الصيغ مصداقاً عرفاً وشرعاً لرد السلام الواجب بالطبع ولم يكن دليل تعبدى على الاختصاص بصيغة خاصة فتجرى أصالة عدم جعل الخصوصية ويبقى سائر الصيغ على حالها تحت عموم استثناء الردفى الصلوه المستلزم لجواز الرد بأية منها ولا تريد اثبات جواز الرد بها بأصالة البرائة كما توهم كي يشكل بقصورها عن ذلك ولا يكون الشك فى مصداقية سائر الصيغ كما توهم كي يشكل بأن الشبهة المصداقية مجرى الاشتغال وان كانت نتيجة اجراء أصالة عدم الخصوصية أو البرائة عن الخصوصية سعة دائرة المخصص أعنى دليل جواز رد السلام في الصلوة الموجبة لضيق دائرة العام الأول أعنى دليل قاطعية الكلام للصلوة .كل ذلك لما عرفت من أن مصب الشك ليس هو مصداقية سائر الصيغ لرد السلام ضرورة وضوحها عرفاً وشرعاً ولا أصل جواز رد السلام فى الصلوة المستلزم لوجوبه ضرورة ثبوته بالنص والاجماع وانما مصب الشك في المقام هو خصوصية زائدة شرعاً في ناحية رد السلام في الصلوة بحصر صيغة الرد بصيغة خاصة مثل سلام عليكم فطبعاً يبقى سائر الصيغ تحت عموم جواز الرد فتدبر جيداً . (الثالثة) فى كيفية رد السلام فى الصلوة والمشهور بل فى المدارك وغيره أنه مقطوع به متسالم عليه بين الاصحاب اعتبار المماثلة مع السلام الابتدائى فاعلم

ص: 95

أن المماثلة المطلقة حتى فى الزمان والمكان مستحيل التحقق ان الاشتراك فى جميع الخصوصيات معناه ارتفاع الاثنينية من البين ومعه لا اشتراك حتى يكون فى جميع الخصوصيات ولذا يكون مفهوم المثل بطبعه دالا بالالتزام على المغايرة فالمثل عبارة عن مشابه لشيئى له المغايرة معه قهراً واذا لا يكون للواجب تعالى مثل بهذا المعنى .اذا عرفت ذلك نقول بأن المماثلة قد تكون فى الجنس وقد تكون في النوع وهلم جراً الى أن يصل حدها الى الخصوصيات المفردة ولذا يكون عنوان المثل من العناوين الاضافية ولا يكون له مفهوم غير ممكن التخلف عن مورد فترى أن زيداً مثل عمرو فى العلم ومباين معه فى الجود والظاهر من المماثلة في كلمات الاصحاب هو المماثلة التامة في الخصوصيات الممكنة التماثل كالتعريف والتنكير والافراد والجمع فضلا عن الاسلوب كالتقديم والتأخير وان نوقش في ظهور الكلمات فى المماثلة التامة بل ربما يستعد لاستلزام ذلك رد المرئة بصيغة المفرد مذكراً اذا سلمت هكذا والوقف على الحركة في جوابها وقوف عن ابرازها لا موجب للمماثلة مع أنه علاج للتنافي لارفعه بالمرة . وكيف كان فربما يقال بحصر صيغة الجواب فى أربع السلام وسلام عليك والسلام وسلام عليكم وربما يقال كما في محكى المسالك بحصرها في سلام عليكم وسلام عليك وعدم جواز تعريف السلام لكنه مخالف لصريح بعض الاخبار المتقدمة وقد استظهر من المشهور القائلين باعتبار المماثلة ارادة نفى جواز الرد ب- « علكيم السلام » والا فالاخذ بظهورها البدوى فى الاشتراك بحسب الخصوصيات بعيد و فى مقابل المشهور ما اختاره الحلى (قدسّ سره) فى السرائر وتبعه العلامة (قدسّ سره) في المختلف والمحقق الاردبيلي (قدسّ سره) في المجمع وجماعة من جواز الرد بأية صيغة كانت والعمدة هي الاخبار فانها مدرك القطع والتسالم المدعى فى المدارك وغيره فمع تخالف ما استظهرناه لما اشتهر وقطع به لا نبالى بالمخالفة والاخبار على طوائف أربع :

ص: 96

(الأولى) المطلقة من حيث اعتبار كيفية خاصة اما بالاطلاق اللفظى كما رواه الشهيد (قدسّ سره) في الذكرى (1) قال روى البزنطى عن الباقر (علیه السلام) قال اذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم واذا سلم عليك فارد دفانی افعله وان عمار بن یاسر مرعلی رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وهو يصلى فقال السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فرد عليه السلام واما بالاطلاق المقامى كموثق عمار المتقدم : فرد عليه فيما بينك وبين نفسك و لا ترفع صوتك : وان كان انعقاد الاطلاق المقامى لمثله بعد وجود المقيدات في أخبار الباب محل تأمل بل منع فتأمل . (الثانية) الظاهرة فى اعتبار المماثلة كصحيحى ابن مسلم وحازم المتقدمين بنائاً على ظهور قوله (علیه السلام) في الاول : مثل ما قيل له : وفي الثاني : كما قال في المماثلة بحسب الكيفية .(الثالثة) الظاهرة فى الحصر بصيغة خاصة لى سلام عليكم كموثق سماعة المتقدم : يرد سلام عليكم ولا يقل وعليكم السلام : بنائاً على سوقه لبيان كيفية الرد وكون النهى عن عليكم السلام كناية عن نفى سائر الصيغ ما عدا سلام عليكم كما قد يشهد به استشهاد الامام (علیه السلام) برد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم ) هكذا فحمل هذا الموثق على المماثلة موقوف على أحد تصرفين على سبيل منع الخلو أحدهما التصرف في ظهور سلام عليكم فى التعيين بالحمل على المثالية للمثل لكونه غالب الاختيار فى التسليم ثانيهما الاعتراف باطلاقه ثم تقييد اطلاقه بما اذا كان السلام الابتدائى سلام عليكم . (الرابعة) الظاهر في الحصر بصيغة خاصة هي السلام عليك كصحيحى محمد بن مسلم وعلى بن جعفر المتقدمين . تقول ( يقول) السلام عليك : وهذه الطوائف بظواهرها متباينة ومقتضى القاعده في الجمع بين الاخبار هو الجمع الموضوعى من ناحية المادة مع الامكان وعلى فرض تعذره الجمع الحكمى بينها من ناحية الهيئه تعذره الرجوع الى مرجحات باب التعارض ومع التكافؤ من جميع الجهات وعدم .

ص: 97


1- الوسائل ، الباب 17 من القواطع حديث . 3 ل وي او قيله

المرجح الشيىء منها التخيير بين مضامينها وقد قيل للجمع بينها وجوه . (متها) من هو المشهور بل أقرب الوجوه من الجمع الموضوعى بين مادل على اعتبار المماثلة وبين غيره بحمل النص على الظاهر بدعوى أن كلمة مثل ما قيل أو كما قال تدل بالمنطوق على اعتبار المماثلة فهى نص فى ذلك وسائر الاخبار تدل بالاطلاق على تعين كيفية خاصة أو عدم اعتبار كيفية خاصة فرفع اليد عن اطلاق هذه بتص تلك وحملها على مورد المماثلة صرفاً أو انصرافاً أهون لدى العرف من العكس بالتصرف فى تص مثل وحمله على المماثلة من حيث النطق أو قوع التحية مثلا. (وفيه) أن المماثلة ليست من العناوين المتأصلة قابلة الانطباق على مورد خاص بل هي كما عرفت عنوان اضافى نظير القلة والكثرة قابل للانطباق على مورد بلحاظ وقابل للنفى عنه بنفسه بلحاظ آخر فربما يكون شيء واحد مماثلا لشيء من جهة مباينا معه من أخرى فيصح تطبيق المثل على المتباينين من جهات المشتركين في جهة واحدة كما يصح نفى المماثلة عنهما بلحاظ الجهات الفارقة نعم اطلاق المماثلة يقتضى الاشتراك فى جميع الجهات القابلة للمشاركة ان الاشتراك فى كل أمر مخرج عن الاثنينية مخالف لحاق مفهوم المثل ففي المقام يتصور للمماثلة يحسب الاحتمالات الثبوتية أنحاء متعددة . (أحدها) المماثلة في أصل الحكم أى الجواز فيكون كلمة مثل وكما بمنزلة العلة الجواز الرد والمعنى يجوز رد السلام فى الصلوة بعلة قوله والتحية به من قبل المسلم كما يقال في : اقض ما فات كما فات : بأن الكاف مسوق لبيان علية الفوت الوجوب القضاء والمقصود بذلك الرد على مثل أبيحنيفة القائل بعدم جواز الرد في الصلوة وان كان هذا الاحتمال خلاق الظاهر جداً . (ثانيها) المماثلة فى الجنس أى الكيف المسموع دون الاشارة فيكون المقصود به الرد على مثل أحمد ومالك والشافعى القائلين بعدم جواز التنطق برد السلام في الصلوة ولزوم الاكتفاء بالاشارة فالمعنى أنه كما تنطق المسلم بالسلام كك يجب

ص: 98

تنطق المصلی بجوابه.(ثالثها) المماثلة فى النوع أى التحية الاسلامية وهي السلام والمعنى أنه كما حيى المسلم بهذا النوع من التحية كك يجيب المصلى به لا بغيره من أنواع التحية المتعارفة بين الناس.

(رابعها) المماثلة في الصنف أى الاسلوب كالتقديم والتأخير فاذا قال المسلم سلام عليكم يجيب المصلى سلام عليكم أو السلام كما اختاره جماعة بل حملوا عليه موثق سماعة : يرد سلام عليكم ولا يقل وعليكم السلام.

(خامسها) المماثلة فى الأفراد والجمع والتعريف والتكير كما يظهر من المشهور . (سادسها) المماثلة فى عدم الزيادة كرد التحية بالاحسن اختاره في الجواهر خلافاً لما يظهر من الاردبيلي وصاحب المدارك (قدسّ سرهما) من القول بجوازه .واذا كانت ثبوتاً ذات احتمالات كثيرة تكون اثباتاً ظاهرة بالاطلاق في المماثلة التامة لانصاً فيها فلا حكومة لها بالطبع على ظهور سائر الاخبار في اعتبار كيفية خاصة حكومة النص على الظاهر وبالجملة فمفهوم مثل وان كان مبيناً عرفاً لكن تطبيقاته مختلفة للنهاية ولامعين لمصب المماثلة فى الصحيحين حتى يصير نصاً في لزوم المماثلة التامة بل هي مفاد هما الاطلاقي ولذا يصح تقييده بالمماثلة خاصة والمفروض دلالة سائر الاخبار على تعين كيفية خاصة بالظهور الاطلاقي فيتعارضان ولا حكومة لاحد الظهورين على الاخر فهذا الجمع بلا شاهد .(ومنها) الجمع بينهما بحمل الأظهر على الظاهر بتقريب أن مثل وكما وان لم يكونا نصين في لزوم المماثلة حتى يطالب بمصب المماثلة وأنها التامة أوغيرها من أنحائها المتصورة لكن لاريب في كونها أظهر في ذلك من ظهور سائر الاخبار في عدم لزوم المماثلة بل اعتبار كيفية خاصة كسلام عليكم والسلام عليك وأن تقييد اطلاق موثق سماعة بمورد المماثلة من وقوع السلام بصيغة سلام عليكم دون وعليكم السلام أو حمله على الغالب من وقوع السلام بتلك الصيغة وكذلك الحال بالنسبة الى صحيحي ابني مسلم

ص: 99

وجعفر المشتملين على صيغة السلام عليك بقرينة دلالة صحيحى ابن مسلم وحازم على لزوم المماثلة أهون لدى العرف من حمل مثل و كما في الصحيحين على المماثلة من حيث الاسلوب أو نوع التحية .

وأما مطلقات الرد المقتضية بظاهر ها عدم اعتبار المماثلة فعمدتها خبر البزنطى المروي في الذكرى وهو ضعيف السند اذ لو كان الشهيد (قدسّ سره) رواه عن جامع البزنطى لقلنا بكونه على نحو الوجادة وحيث أنه (قدسّ سره) ثقة صدوق عندنا لكان خبراً عالى السند لكن المفروض اسناده الى البزنطی بدون ذكر الجامع واحتمال اسناد مثل الشهيد (قدسّ سره) هذا الرجل العظيم الذى له حق عظيم على الفقه والمذهب ال-ى البزنطى رواية لم يجدها في جامعه ولم تنقل فى شيىء من مجاميع الاخبار المعروفة وغيرها وان كان بعيداً فى الغاية وهذا يقرب نقلها عن جامعه وجادة الا أن ذلك لا يخرجه عن الاحتمال ولا يوصله حد الحجة العقلائية فى عالم الاثبات فالسند ضعيف بالنسبة الينا وضعيف الدلالة لانه مسوق لبيان أصل جواز الرد في الصلوة ببيان فعله (علیه السلام) وفعل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لدفع توهم الحظر في مقابل العامة فلا ينعقد له ظهور فى الاطلاق من جهة الكيفية وعلى فرض الظهور فالاطلاق قابل للتقييد . وأما موثق عمار فهو مسوق لبيان خفاء الصوت وعدم رفعه في الصلوة فليس له اطلاق من حيث الكيفية .(وفيه) أن هذا الجمع كسابقه بلا شاهد اذلا أقوائية لدى العرف لظهور مثل وكما فى اعتبار المماثلة التامة بعد اختلاف تطبيقاتها خارجاً من ظهور يرد سلام عليكم أو السلام عليك في تعين صيغة خاصة بل هما ظهوران اطلاقیان متعادلان و ترجيح أحدهما على الآخر محتاج الى القرينة فالتصرف في ظهور تلك الاخبار بالحمل على مورد المماثلة التامة ليس بأولى وأهون من التصرف في ظهور مثل وكما بالحمل على مورد تلك الاخبار لولم نقل يكون الثانى أهون بشهادة قرينتين الأولى أن سلام عمار على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في الصلوة بشهادة خبر البزنطى كان بصيغة المفرد معرفاً اى السلام عليك وجواب رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عنه بشهادة موثق سماعة كان بصيغة الجمع

ص: 100

منكراً أى سلام عليكم فجوابه (صلی الله علیه وآله وسلم) في الصلوة غير مماثل من جهتين الثانية النهى عن عليكم السلام فى موثق سماعة اذ مقتضاه عدم اعتبار المماثلة التامة .لكن الانصاف قصور الأمرين عن الشهادة أما الأول فلان خبر البزنطى اذالم يصلح دليلا على الاطلاق لضعف السند والدلالة فلا يصلح شاهداً على خلاف المقيدات وأما الثاني فلان اطلاق النهى يشمل مورد وقوع السلام بصيغة وعليكم السلام ومقتضاه نفى جواز المماثلة فى هذا المورد لا نفى لزومها فالعمدة في الجواب عن هذا الجمع ما قلنا من عدم القرينة على ترجيح من عدم القرينة على ترجيح أحد الاطلاقين على الآخر. (ومنها) الجمع بينها برفع اليد عن ظهور كل في التعيين بنص الآخر في العدلية بالحمل على التخيير بين الكيفيات الواردة فى تلك الاخبار والنتيجة جواز رد السلام في الصلوة بكل صيغة . (وفيه) أولا أن التخيير بين المطلق والمقيد على نحو اللزوم غير معقول ثبوتاً مطلقا اذ معنى لزوم المقيدات دخل القيد فى امتثال الوظيفة التعبدية ومعنى لزوم المطلق عدم دخل القيد فى امتثال الوظيفة بل تساوى وجوده وعدمه في ذلك فكيف يعقل تخيير الوظيفة اللزومية بينها وفى المقام وزان التخيير بين المماثلة التامة وبين صيغة خاصة كسلام عليكم والسلام عليك وزان التخيير بين المطلق والمقيد وحيث أنه غير معقول ثبوتاً فلا يمكن حمل اختلاف الاخبار عليه اثباتاً . مضافاً الى شهادة المقابلة بين الأمر بسلام عليكم والنهي عن عليكم السلام في موثق سماعة بعدم التخيير فان ظاهر النهى لكونه فى الوضعيات بطلان الصلوة بهذه الصيغة لكونها كلام الادمى واطلاقه يشمل مورد وقوع السلام بالصيغة المذكورة وحمله على المثالية لعدم جواز ما عدا سلام عليكم من الصيغ تقييد في اطلاقه بلا قرينة إلا أن يقال بكون النهى بلحاظ الغالب من عدم تقديم الظرف في السلام بل قد يقال كون عليكم السلام سلاماً ابتدائياً كما روى العامة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أن عليك السلاسلام الاموات لكن يدفعه أن عليكم السلام سلام لغة بل وعرفاً ومجرد تعارف الجواب به في بعض البلدان لا يخرجه عن صدق التحية الاسلامية أى السلام

ص: 101

عليه وكذا شرعاً لما ورد فى بعض الاخبار من أمر النساء بالابتداء بالسلام بهذه الصيغة ولا يعتني بالرواية العامية. واذا لم يمكن الجمع بين الاخبار بالتقييد أو التخيير فالاولى الحمل على تعدد مراتب المطلوبية وأن الجواب بكل واحدة من الصيغ جائز لكن المماثلة التامة أفضل نعم ينافى هذا الجمع النهى عن عليكم السلام في موثق سماعة بنائاً على ما عرفت من ظهوره في بطلان الصلوة بهذه الصيغة وان كان السلام بها فاما أن يلتزم بظاهره الاطلاقي من المنع عن هذه الصيغة بالخصوص سواء كان السلام بها أم بغيرها ويقال بجواز الجواب بسائر الصيغ على نحو تعدد مراقب الفضل واما أن يجعل النهى شاهداً لمصب المماثلة فى الاخبار من كون المعتبر المماثلة فى الاسلوب بعدم تقديم الظرف.

لكن يندفع التنافى أما من جهة ظهور النهي في البطلان فيمنع الظهور في ذلك بعد كون مقابله من الأمر بسلام عليكم ناظراً الى الفضل دون اللزوم بقرينة الجمع بين الاخبار من ناحية الهية فيحمل النهى أيضاً على الكراهة وأما من جهة تعيين مصب المماثلة فى الاخبار فبأنه موقوف على تقييد اطلاقه بما اذا لم يكن السلام بتلك الصيغة بقرينة صراحة المثل فى كفاية المماثلة بعد دلالة الادلة على وجوب رد السلام وهذا يشبه الدور الا أن يناقش فى ذلك بقصور السياق عن القرينية على خلاف ظاهر النهى فى الحرمة فالحمل على الكراهة بلا شاهد لكن يدفعها صلاحية السياق في خصوص المقام لذلك نظراً الى الاستشهاد بفعل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) من رد السلام بسلام عليكم دون وعليكم السلام الظاهر في اتحاد المثبت والمنفى من حيث سنخ الحكم أى اللزوم وعدمه فالانصاف أن مقتضى الصناعة حمل اختلاف الاخبار على مراتب الفضل الا أن التجاوز عما تسالم عليه الاصحاب وصار مقطوعاً به لديهم من اعتبار المماثلة التامة مشكل جداً فالاحوط اللزوم هو التحفظ عليها في الصلوة مهما امكن والتجنب عن خصوص وعليكم السلام وانما كان السلام بهذه الصيغة والاحتياط با عادة الصلوة حينئذ حسن جداً .

ص: 102

(الرابعة) لاريب فى أن التحية التي ورد الترخيص في ردها في الصلوة منحصرة فى السلام لكنه هل يكون التحية الواجب ردها في غير الصلاة تعم كل تجليل قولى أو فعلى أم لا فالقيام تجليلا للجالس يجب رده بالمثل أم لا هذا مع قطع النظر عن استلزام تركه الهتك المستلزم لوجوب فعله بعنوان ثانوى أو اعطاء طاق ريحان مثلا بيد الشخص تجليلا له أو ارسال طعام أو شراب الى أحد بعنوان التحيةيجب ردها لا وانما قلنا يفيدان التحية لان الهبة والهدية والصدقة خارجة عن عنوان التحية ان الاعطاء قابل للتعنون بكل هذه العناوين فالاعطاء بعنوان التجليل المسمى في الفارسية ب- (تعارف) تحية وموضوع لدى العرف لانتظار الرد بل الرد الاحسن بخلاف الاهداء أو الهبة المسمى ب- ( بخشش) اذ ليس مما ينتظر رده . وكيف كان فالمراد من التحية التي يجب ردها لابد من بيانه فنقول المشهور بين الاصحاب اختصاص وجوب الرد بالتحية الاسلامية أى السلام دون سائر التجليلات القولية فضلا عن الفعلية نعم خالف في ذلك صاحب الحدائق (قدسّ سره) الذى ينشأ مخالفته مع المشهور فى الفروع اما عن وجود رواية ما هناك ولوضعيفة السند غير حجة لاثبات حكم تعبدى أو عن عدم اتساع ذهنه لتفريع الفروع واستخراجها عن الكبريات فيتوقف فى حكم المسئلة لعدم النص وبين هذا المسلك الافراطى فى مخالفة المشهور تمام المعاكسة مع المسلك التفريطى فيها للمحقق الاردبيلي وصاحب المدارك (قدسّ سرهما) ومن حذا حذوهما من الخدشة في مدارك المشهور غالباً من حيث السند وتطلب الصحيح الاعلائي في كل مسئلة .والطريق الوسط الحق ما سلكه المشهور من اتباع ماهو حجة عقلائية سنداً من حيث الوثوق بالصدور دون كل رواية ضعيفة مكتوبة فى كل ورقة ودون الوقوف لدى الصحيح الاعلائى فقط واستخراج الفروع من القواعد العامة الفقهية والكبريات الشرعية من غير تطلب النص الخاص في كل فرع ومسئلة ففي المقام عمدة ما يمكن الاستدلال به لوجوب رد التحية قوله تعالى في سورة النساء : واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها : ان لا شبهة لدى أحد فى ظهور الأمر في الوجوب على اختلاف

ص: 103

المسالك فى استناد هذا الظهور الى المادة أو الهيئة أو المقام .وموضوع هذا الأمر جملة حييتم وهى فعل ماض من باب التفعيل مبدئه الحيوة حيى يحيى تحية وحيث أن باب التفعيل للتعدية فمعنى حيا ايجاد مبدء الحيوة فى الغير وحيث أن ذلك أمر تكوينى بيد الخالق دون الخلق فلا محالة يكون كناية عن ايجاد هذا المبدء انشاءاً اما دعائاً أو تحية وهذا التجليل الانشائى موجود بعنوانه في العرف يقال حياكم الله وفى العجم يقال (زنده باد فلان) الا أن التحية وان كانت بحس بحسب الاستعمال الأولى عبارة عن انشاء ايجاد مبدء الحيوة في الغير تجليلا كما قلنا ولكنه كانت فى الخارج تجليلات فولية أخرى في الجاهلية كأنعم صباحاً وفى الاسلام كالسلام عليكم فاستعملت التحية في تلك التجليلات على نحو الكناية حتى صادرات التحية قابلة للتكنية عن كل تجليل قولى بل والفعلي كما قرى بأن تحية المسجد عبارة عن الصلوة فيه .والتحية بهذا المعنى أمر دارج في جميع الملل و تختلف اختلافاً كثيراً ففى بعض البلدان المغيمة تكون التحية (روز بخير ) وفى بعض البلدان تكون برفع القلنسوة أو نزع النف وغير ذلك وقد عرفت بأنها كانت فى الجاهلية عبارة عن أنعم صباحاً بشهادة التاريخ بلا حاجة في اثبات ذلك الى وجود رواية وان كانت موجودة فلما جاء الاسلام أذهب تحية الجاهلية كما كسر أصنامها وجعل التحية الاسلامية السلام المفيد لمعنى السلامة كما علل به فى بعض أخبار التسليم في الصلوة وقد حملنا التعليل بأن السلام اسم من اسماء الله عزوجل على الحكمة أو التقية . وقد رغب الاسلام في هذه التحية المباركة وجعل لها منوبات عظيمة كغفران الذنوب حتى الكبائر وكون أجر البادى بها أضعاف أجر المجيب بنسبة الواحد بالمائة ورغب فى افشائها بين الناس أى الابتداء بها لكل أحد الناس أى الابتداء بها لكل أحد حتى كأن المسلمين في مجتمعاتهم وأسواقهم وطرفهم ينصاب منهم السلام وفي افشائها من الشخص أى اسماعها بل رأى تركها هادماً لحرمة المتكلم بدون السلام مسقطاً له عن درجة استحقاق

ص: 104

الجواب فورد : (1) من بدء بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه : بل هى تحية أهل الإيمان يوم القيامة : تحيتهم يوم يلقونه سلام : وكذا تحية أهل الجنة : يقولون سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين : كما انها كانت تحية آدم عليه كما في الخبر هذه تحيتك وتحية ذريتك من بعدك ، فقبحاً لمن يدعى الاسلام وهو تارك لهذه التحية المباركة متعود بتحية الكفار. وبالجملة فاطلاق حييتم وان كان يحتمل ثبوتاً شموله لهذه التحية القولية ولسائر التجليلات القولية نظير صبحكم الله بالخير أو كيف أصبحت وغيرهما من الالفاظ المتعارفة عند كل قوم لكن لما كانت الجملة كنائية كما عرفت والكناية لا بد فيها من اللزوم بين المكنى والمكنى نه عقلا أو عرفاً أو خارجاً والاولان مفقودان في المقام كما هو واضح فلابد وان تكون كناية عن المعهود اما ذكراً وليس في الاية أو ذهناً أو خارجاً والمعهود فى الخارج من قبل الشرع وفى أذهان المتشرعة هو هذه التحية الفولية الاسلامية فيتعين كون الجملة كناية عنها وكون التحية الواجب ردها بحسب ظهور الأمر بالرد في الاية الشريفة منحصرة فيها و ولا أقل من أن المتيقن هو السلام والاصل البرائة عن وجوب رد غيره كائناً ما كان هذا كله يحسب الاستظهار من الاية الشريفة .

وأما بحسب اللغة والتفسير فقد فسرت التحية فى اللغة كمصباح المنير وغيره ما السلام فمن المعزب: قال حياه بمعنى أحياه تحية كبقاه بمعنى أبقاه تبقية هذا أصلها ثم سمى ما جييء به من سلام ونحوه تحية قال الله تعالى تحيتهم يوم يلقونه سلام وحقيقة حييت فلاناً قلت حياك الله أي عمرك الله : انتهى وقد اتفق أغلب المفسرين على أن المراد بالتحية السلام نعم في الجمع ذكر على بن ابراهيم عن الصادقين (علیه السلام) أن التحية السلام وغيره من البر : انتهى الا أنه اشتباه منه اذا الموجود في تفسير على بن ابراهيم : قوله واذا حييتم الخ قال التحية السلام وغيره من البر . وقد كان دأب مؤلفى كتب الحديث وغيره في سالف الزمن عدم ذكر اسمائهم فيها وانما يذكر اسم المؤلف ناسخ الكتاب أو تلميذه في أول الكتاب وفي بعض

ص: 105


1- الوسائل ، الباب 32 من أحكام العشرة ، حديث 4

الاحيان عند كل مطلب جديد وقد كثر قال على بن ابراهيم في تفسيره وربما يكتفى يقال بدون ذكر على بن ابراهيم وفي المقام بعد ذكر الاية قال فقط ثم ذكر تفسير التحية فقائل هذا القول هو على بن ابراهيم لا الامام (علیه السلام) كما توهم فى المجمع راجع تفسير القمى تجد صدق ماقلنا وعلى فرض اسناد على الى الامام (علیه السلام) فهو مرسل غير حجة . وقد يتوهم كما في الحدائق دلالة بعض الروايات على اطلاق وجوب رد كل تحية قولية أو فعلية مثل ما عن الصدوق (1)باسناده عن على (علیه السلام) في حديث الاربعمأة قال اذا عطس احدكم فسمتوه قولوا يرحمكم الله وهو يقول يغفر الله لكم ويرحمكم قال الله عزوجل واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها : ولكنه ضعيف السند قاصر عن اثبات عموم موضوع الوجوب في الاية لغير السلام من التجليلات القولية وما عن مناقب ابن شهر آشوب مرسلا قال : جاءت جارية للحسن (علیه السلام) بطاق ريحان فقال لها انت حرة لوجه الله فقيل له فى ذلك فقال أدبنا الله تعالى فقال اذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها وكان أحسن منها عتقها . ولكنه مضافاً الى ضعف سنده بالارسال ضعيف الدلالة لظهور قوله (علیه السلام) أدبنا الله فى كون ذلك من الاخلاقيات لا بعنوان رد التحية الواجب ولعدم التناسب بين اهداء طاق ريحان وبين العتق كي يكون رداً للتحية بعنوانها وانما هو لطف منه (علیه السلام) وصحيح عبد الله بن سنان(2) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال رد جواب الكتاب واجب کوجوب رد السلام والبادى بالسلام أولى بالله وبرسوله ولكنه ضعيف الدلالة ان النسبة بين الكتاب وبين التحية عموم من وجه فربما يكون الكتاب لتجليل المكتوب اليه وربما يكون لطلب حاجة ونحوه ، فمجرد التشبيه لا يدخله تحت عموم التحية الواجب ردها مضافاً الى أن الوجوب لغة هو الثبوت فيكفى فى صحة التشبيه اشتراكهما في أصل التشريع وكونهما معاً من الاداب الاجتماعية وان اختلفا في سنخ التشريع وجوباً وندباً أضف الى ذلك أن مجرد وجوب رد

ص: 106


1- لوسائل ، الباب 58 من أحكام المشرة ، حديث 3 .
2- الوسائل ، الباب 33 من أحكام العشرة ، حديث 1.

المكتوب لا يكفى لاثبات وجوب رد كل تحية قولية وفعلية فظهر أن التحية الواجب ردها في غير الصلوة منحصرة فى السلام . (الخامسة) في جواز رد السلام الملحون فى الصلوة وعدمه حيث يدور الامر فيه بين المحذورين اذ لو جاز وجب بمقتضى عموم الاية ولو لم يجز دخل في كلام الادميين وكان قاطعاً للصلوة لعموم قاطعية الكلام ومحرماً تكليفاً لعموم حرمة قطع الصلوة فأمره دائر بين الوجوب والحرمة نعم يمكن علاج المحذور فيه وكذا في جميع موارد الشبهة الحكمية أو الموضوعية لجواز الرد في الصلوة بالاتيان بصيغة سلام عليكم بقصد القرآنية دون التحية وحيث عرفت في مبحث القرائة أن المعتبر في صدق القرآن هو التلفظ بالفاظه قاصداً كونه من القرآن دون حكاية اللفظ عن اللفظ ولا قصد المعنى فلا ينافي قرآنية سلام عليكم طبعاً مع صيرورته بمعونة المقام تحية قهراً لدى العرف بل لا يخرجه من القرآنية قصد التحية على نحو الداعوية نعم الاحسن قرائة طبتم فادخلوها خالدين بعد سلام عليكم سراً .

وبالجملة فعلاج المحذور بأحد النحوين من قصد القرآنية فقط أو داعوية التحية ممكن لكن العمدة بيان حكم الردا بحسب الصناعة فاعلم أن الحق في السلام على ضربين : احدهما اللحن فى الاعراب أو الاداء بنقصان ما ليس بمقوم للسلام عرفاً كالوصل بالسكون في سلام عليكم أو عدم أداء العين عن المخرج فتصير همزة حيث يصدق عليه التحية السلامية عرفاً ويكون تفاوت هذا الناقص مع التام لدى العرف من قبيل تفاوت زيد النظيف مع الوسخ بمعنى أن المفقود يعد لديهم و. وصفاً غیر دخیل فى قيام التحية وبذلك يندفع توهم كون المقام من المسامحات العرفية غير المتبعة في تطبيق العناوين على المصاديق واذا صدق عليه التحية السلامية عرفاً شمله عموم جواز الرد في الصلوة المستلزم لوجوبه . ثانيهما اللحن في الاداء بنقصان ما يكون مقوماً للسلام عرفاً كحذف السين من سلام عليكم أو تبديل اللام بالراء أو نحو ذلك من التصرفات المغيرة للمعنى

ص: 107

والهيئة السلامية كما تقع كثيراً من بعض العوام فيخرج عن تحت عموم جواز الرد في الصلوة ويدخل تحت عموم الكلام القاطع للصلوة المحرم تكليفاً نعم يجوز جواب السلام الملحون في غير الصلوة مطلقا بل هو راجح حفظاً للاداب الاجتماعية . وينبغي التنبيه على أمور : (الاول) قد عرفت سابقاً ذهاب جماعة كالحلى ومال اليه صاحب الحدائق (قدسّ سرهما) وغير هما الى حصر صيغ السلام مطلقا فى الصلوة وغيرها في أربع السلام أو سلام عليكم والسلام أو سلام عليك أو فى ثمان بتقديم الظرف في المذكورات بل ظاهر محكى المسالك حصرها في اثنين سلام عليك أو عليكم وعلى ذلك فلا يجوز سائر الصيغ المتصورة للسلام مثل السلام وسلام بحذف عليكم أو سلامى عليك ونحو ذلك وما يمكن التمسك به لهذا القول وجوه : ( منها ) انصراف المطلقات كالاية والاخبار المتقدمة الامرة بالتحية أو الرد مطلقا الى خصوص الصيغ الشايعة منها وهى ماذكر (وفيه منع الانصراف لعدم جمل فى ألفاظ السلام شرعاً كما ستعرف ولعدم كفاية مجرد شذوذ الصيغة في حرف وجهة الاطلاق عنها بعد عدم نقصان فيها من حيث المصداقية للمطلق لدى العرف نظير ماء العيوق الذى لا ينصرف اليه اطلاق الماء لفقدانه فعلا لكن بمجرد حضوره لدى العرف يطبق عليه الماء حقيقة فبمجرد تحقق الصيغ الشاذة خارجاً يطبق عليها عنوان التحية السلامية وتدخل تحت عموم رجحان الابتداء و وجوب الردفيما عدا الصلوة وأما في الصلوة فقد عرفت الحال فيها سابقاً .(ومنها) عند السلب المستفاد من الاخبار المشتمله على تلك الصيغ كصحاح محمد بن مسلم ومنصور بن حازم وخبر البزنطى المقدمه المشتملة على السلام عليك وموثق سماعة التقدم المشتمل على سلام عليكم والاخبار الواردة في كتاب الحج فى أحكام العشرة (1) المشتملة على عليك السلام والسلام عليكم وعليكم السلام الى غير ذلك (وفيه) أن تلك الاخبار باجمعها حكاية فعل مجمل الوجه أو ناظرة

ص: 108


1- الوسائل ، الباب 39 ، 40 ، 43 من أحكام العشرة .

الى بعض المصاديق فغايتها الدلالة على جواز السلام أو الرد بما اشتملت عليه من الصيغ من باب تطبيق الطبيعى على بعض المصاديق فليس لها عقد السلب ينفى الجواز عن سائر الصيغ المتصورة لطبيعي السلام

(ومنها) التوقيفية بدعوى ان السلام من مخترعات الشارع فصيغه توقيفية لابد وان تصل من الشرع (وفيه أنه ليس للشارع في باب السلام جعل اللغة ضرورة وجودها في العرف ولا اختراع هيئة خاصة وانما مخترعه نوع التحية مفاداً أى السلام بماله من المعنى في قبال أنعم صباحاً وغيره من انواع التحية فالجعل معنوى لامادى ولا هيئى فمادة لفظ السلام وهيئاته القابلة للاشتقاق من تلك المادة باقية على حالها في عالم تأدية المعنى المجعول نوعاً للتحية فمقتضى اطلاق الادلة كالاية الشريفة جواز السلام الابتدائى ورده بكل صيغة . (الثاني) هل يجوز رد سلام المرئة فى الصلوة أم هل يجوز للمرئة رد السلام الصلوة أم لا فيه خلاف بين الاصحاب مبنى على حرمة سماع صوتها على الرجل الاجنبى أو حرمة اسماع صوتها للاجنبى نظراً الى أن صوت المرئة عورة كما ذهب اليه جماعة فانه اذا حرم عليها اسماع صوتها خرج سلامها على المصلى من السلام المرخوص في الشرع فكان ردها كلاما آدميا واذا سلم عليهاالرجل وهى تصلى حرم عليها جوابه لحرمة اسماع صوتها عليها فيخرج رد سلامها عن السلام الجائز شرعا وكان من الکلام المبطل. ولكن الحق هو الجواز في الموردين لمنع الكبرى والصغرى أما الكبرى فلما تقدمفي مبحث القرائة من عدم ورود صوت المرئة عورة في دليل تعبدى نعم اشتهر في كلمات الفقهاء وأما الصغرى فلدلالة أخبار خاصة على جواز تسليم المرئة على الرجل وتسليم الرجل على المرئة كموثق عمار الساباطی (1) أنه سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن النساء كيف يسلمن اذا دخلن على القوم قال المرأة تقول عليكم السلام والرجل يقول السلام عليكم وصحيح ربعي

ص: 109


1- الباب - 39 - من احكام العشرة - حديث 3

ابن عبدالله (1) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال كان رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) يسلم على النساء ويرددن عليه السلام وكان أمير المؤمنين (علیه السلام) يسلم على النساء وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن ويقول أتخوف أن يعجبنى صوتها فيدخل على أكثر مما أطلب من الاجر.وسياق الثانى من جهة تعبير على (علیه السلام) بدخول أكثر مما يطلب من الاجر يشهد يكون الكراهة على نحو الحزازة لا الحرمة من غير خصوصية للشابة في ذلك ضرورة أن النسبة بين هذا الملاك أعنى خوف اعجاب صوتها وبين الشابة عموم من وجه فربما يكون موجب الاعجاب أى الخضوع في القول في غير الشابة وربما لا يكون في الشابة نعم لاريب في الحرمة سلاماً وجواباً لدى خوف الفتنة لاجل العنوان الطارى ولكنه لا يختص بباب السلام بل يعم مطلق المكالمة كما يشهد عليه قوله تعالى : فيطمع الذى في قلبه مرض : نعم لو قلنا بحرمة سماع صوتها واسماعه كان الحق بطلان الصلوة برد سلام المرئة من الاجنبى أورد السلام من المرئة للرجل الاجنبى لكن لا لاجل اقتضاء الامر بالشيىء للنهي عن ضده الخاص أو اقتضاء النهى فى العبادة للفساد حتى يقال بأن الكبر بين محل المناقشة بل لما عرفت من خروجه عن السلام المرخوص فيه شرعا ودخوله في الكلام المبطل للصلوة الموضوع لحرمة القطع تكليفاً . كما أنه على هذا الفرض يعم البطلان جميع الصور ولا معنى لاستثناء مورد الضرورة العرفية كما في مصباح الفقيه الا أن يوجه بأن دليل المنع حيث كان لبياً كالتسالم أو الشهرة فالقدر المتيقن منه غير مورد الضرورة العرفية لكنه فرض في فرض فانه لو فرضنا وجود دليل تعبدى على أن صوت المرأة عورة مثلا فلنفرض له اطلاقا لفظيا يعم جميع الصور واذا لم نفرض وجوده كما هو الحق فلا موجب للمنع في شيء من الصور ثم انا اشر نا سابقا الى امكان الفرار عن المحذور في أمثال المقام على فرض ثبوت الحرمة أو عن الشبهة بالاتيان بسلام عليكم بقصد الدعاء أو القرآنية محضاً أو مع داعوية التحية فتفطن

ص: 110


1- الباب - 48 - من أحكام العشرة

(الثالث) هل يجب رد سلام أهل الكتاب كاليهود والنصارى كما ذهب اليه جماعة منهم صاحب المستند (قدسّ سره) أم لا كما ذهب اليه المشهور وجهان استدلا الاول بامرين أحدهما عموم الاية الشريفة بدعوى أن حذف الفاعل والاتيان بصيغة المجهول : حييتم : يفيد العموم من جهة كل مسلم مسلما كان أم غيره فيكون مصب وجوب الرد نفس المبدء الصادر عن كل احد فكانه تعالى قال التحية يجب ردها وحيث لم يرد فلو ورد تخصيص وجوب الرد بالمسلم في دليل فنأخذ بعموم الاية المقتضى لوجوب رد سلام الكتابي. ثانيهما الاخبار الواردة في كيفية رد سلامهم(1) كموثق غياث بن ابراهيم عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال قال أمير المؤمنين (علیه السلام) لا تبدوا أهل الكتاب بالتسليم واذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم وصحيح محمد بن مسلم عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال اذا اسلم عليك اليهودى والنصران والمشرك فقل عليك . وصحيح زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال دخل يهودى على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وعائشة عنده فقال السام عليك فقال رسول الله (ص) عليكم ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد عليه كما رد صاحبه ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) كما رد على صاحبيه فغضبت عائشه فقالت عليكم السام والغضب واللعنة يا معشر اليهود يا اخوة القردة والخنازير فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يا عائشة ان الفحش لو كان ممثلا لكان مثال ان الرفق لم يوضع على شيىء قط الازانه ولم يرفع عنه قط الاشانه قالت يارسول الله أما سمعت الى قولهم السام عليكم فقال بلى أما سمعت ما رددت عليهم فقلت عليكم فاذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم فاذا سلم عليكم كافر فقولوا عليك .وموثق سماعة قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن اليهودي والنصراني والمشرك اذاسلموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي أن يرد عليهم فقال يقول عليكم وخبر ابي البخترى عن جعفر بن محمد عن ابيه أن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال لا تبدؤوا أهل الكتاب اليهود والنصارى بالسلام وان سلموا عليكم فقولوا عليكم

ص: 111


1- الوسائل الباب - 49 - من احكام العشرة

ولا تصافحوهم ولا تكنوهم الا أن تضطروا الى ذلك : بتقريب ان ذكر كيفية خاصة لرد سلامهم يدل على أن وجوب طبيعي الرد في موردهم مفروغ عنه في الشريعة . واستدل للقول الثانى تارة بانصراف عموم الآية عن غير المسلم وحيت أن الانصراف أبسط شيىء بمكن دعواه بالنسبة الى كل اطلاق فلا بدله من منشأ والا فأبسط شيء يجاب عنه أنه بدوى وستعلم ما هو المنشأله في المقام وبهذا اللحاظ يكون هو الدليل على هذا القول وأخرى بما فى الجواهر من اجماع كافة الاصحاب على عدم جواز الرد بالاحسن في جواب غير المسلم وبقرينة وحدة الموضوع في الاية يكون الاجماع مخصصاً لغير المسلم كالكتابي وغيره عن عموم وجوب رد التحية في الاية ويؤيد ذلك ماذكره المفسرون عن ابن عباس وقتادة والشعبي من ان قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) فحيوا بأحسن منها : انما هو للمسلم و أوردوها الكتابي .واجاب عنه فى مصباح الفقيه بان المقام من قبيل تقييد الاطلاق فلا قرينة على تخصيص العام ومع الدوران بينهما يقدم التقييد على التخصيص حيث أن اطلاق وجوب رد التحية من حيث الكيفية فى الاية الشريفة قيد بمعونة الاجماع في مورد الكتابي بغير الرد بالاحسن وذلك لا يوجب تخصيص عموم أصل الحكم أعنى وجوب الرد بغير الكتابي لمجرد وحدة الموضوع . لكن هذا الجواب مخدوش صغرى وكبرى أما الصغرى فلان مفاد الاية الشريفة أن حكم وجوب رد التحية له عدلان تخييريان أحدهما الرد بالمثل والآخر الرد بالاحسن فاخراج الكتابي من تحت أحمد العدلين اى الرد بالاحسن بدليل خارجي كالاجماع ل-و كان من باب تقييد الاطلاق لا تخصيص العموم لكان اخراجه عن تحت اصل الحكم اعنى وجوب الرد بكلاعد ليه أيضا من تقييد الاطلاق لا تخصيص العموم فالتفكيك بينهما بلاوجه . بل الحق على مبنى الفرق بين التقييد والتخصيص كون المقام من قبيل التخصيص لا التقييد ضرورة أن الحكم فى الآية عبارة عن الوجوب ومتعلقه عبارة عن رد التحية وموضوعه عبارة عن المسلم الاعم من المسلم والكتابي فاخراج بعض أفراد الموضوع

ص: 112

أى الكتابي عن عموم متعلق الحكم أى الرد بالاحسن تخصيص في عموم الآية .وأما الكبرى فلان هذا الجواب مبنى على كبرى ثبوت الوضع للعموم في بعض الصيغ حتى يقال في مورد الدوران بين التخصيص والتقييد بأن العموم حيث كان بالوضع يصلح بياناً للمراد من المطلق بخلاف الاطلاق فحيث يكون بمقدمات الحكمة لا يصلح معيناً لمصب العموم وقد حققنا فى الاصول عدم ثبوت لفظ خاص موضوع للعموم لما رأينا من أن تخصيص العام لا يوجب تصرفاً لا في هيئة العام ولا في مادته فلا يكون مجازاً بل هو تعيين للمراد الاستعمالى من اللفظ في عالم التطبيق على المصاديق فليس كل كذا وما يعبر عنه بالفارسية همر وهمه عنه بالفارسية همر وهمه مفاداً لهيئة العام ولالمادته بل السريان الطبعى لطبيعي المفهوم يوجب العموم .وببركة كون المتكلم فى مقام بيان ما هو المحمول [ الحكم ] لما يستفاد من الموضوع بماله من المفهوم ينعقد للفظ ظهور اطلاقي لكون المفهوم بماله من السريان الطبعى موضوعاً للمحمول فالعام والمطلق من جهة شمول الحكم لكل ما ينطبق عليه مفهوم الموضوع فى حد سواء بمعنى الاحتياج الى مقدمات الحكمة أو مقدمة واحدة وهى كون المتكلم فى مقام بيان مراده بما يكون اللفظ قابلا للتطبيق عليه بماله من المفهوم وقد شيدنا بنيان هذا المسلك في مبحث العام والخاص من الاصول نعم يتوجه على مقالة صاحب الجواهر (قدسّ سره) ان الاجماع على عدم جواز الرد بالاحسن فى مورد الكتابي ليس له لسان ينفى وجوب الرد بالمثل بيان ذلك أنه قد ثبت في الشرع أن الابتداء بالسلام تطوع والرد فريضة كما في معتبر السكولى(1) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) السلام تطوع والرد فريضة : وقد جعل للرد الواجب في الآية الشريفة عدلان الرد بالاحسن والرد بالمثل ثم خصص العدل الاول بغير الكتابي بمعونة الاجماع ومن الممكن ثبوتاً وجود ملاك وجوب الرد بالمثل في الكتابي فمالم يقم دليل اثباتاً على عدم وجوب الرد بالمثل أيضاً في مورده كان عموم الآية بالنسبة الى العدل الثانى حجة والتعدى اليه من الاجماع القائم في

ص: 113


1- الوسائل - الباب - 33 33 من أحكام العشرة أحكام العشرة - حديث 3

العدل الاول قياساً وأما تفسير ابن عباس وقتادة ونحوهما للاية فيمدوضوح أن مرادهم من تخصيص الرد بالمثل بالكتابى عموم وجوب الرد بالمثل له لا عدم شموله للمسلم وان لم يكن التعبير سلساً يتوجه عليه أن الحجة في باب تفسير القرآن ما وصل الينا بسند صحيح من قبل منابع الوحي وهيبة علم الله وحكمته أى الأئمة صلوات الله عليهم اجمعين وأما غيره كما نقل في المقام في تفسير الآية عمن ذكر فليس بحجة أبداً. فالصواب فى الجواب عن عموم الآية الشريفة أن السلام المجعول تحية في الشريعة انما هو للتجليل ولذا صار جوابه فريضة كما في معتبر السكونى المتقدم فمن ليس بمحترم لدى الشارع خارج بحسب ارتكاز العرف عن هذا التجليل والكافر ليس له احترام وشرف في الشرع ولذا لم يحتمل أحد من الاصحاب عموم وجوب رد التحية فى الآية للكافر الحربي لوضوح عدم شرافة له لدى الشارع كيف ودمه هدر وبعدما ورد فى الاخبار النهي عن الابتداء بالسلام في مورد الكتابي كما تقدم في خبرى غياث وابي البختري وفي خبر الاصبغ الوارد في ذلك الباب قال سمعت عليا (علیه السلام) يقول ستة لا ينبغى ان تسلم عليهم اليهود والنصارى وأصحاب النرد والشطرنج واصحاب خصر و بربط وطنبور والمتفكهين بسب الامهات والشعراء.

فهذا يكشف عن عدم قابلية أهل الكتاب لدى الشارع لهذا التجليل وعدم احترام لهم عنده فيغفر جون بحسب ارتكاز العرف عن عموم وجوب رد التحية فى الاية الشريفة فهذا هو الوجه لانصراف عموم الاية عنهم اعنى تفاوت الافراد في القابلية للتجليل شرعا وعدمها لأغلبة الوجود أو الاستعمال ولاينا فى ذلك ترتب الاحكام النظامية عليهم اذا دخلوا في ذمة الاسلام وعملوا بشرائط الذمة كحقن نفوسهم و أموالهم كما لا ينافي عدم وجوب رد سلامهم بالطبع وعدم قابليتهم لهذا التجليل ابتدائاً مع الترخيص فى ابتداء السلام لهم بالعنوان الثانوى كالضرورة الاجتماعية المستلزمة للتجليل كي لا يقال الضرورة الى الطبيب غير الضرورة الى السلام عليه كما في صحيح

ص: 114

عبد الرحمن بن الحجاج (1) قال قلت لأبي الحسن (علیه السلام) أرأيت ان احتجت الى طبيب وهو نصرانى أسلم عليه وأدعوله قال نعم انه لا ينفعه دعاؤك .

وكما فى خبر أبى البخترى المتقدم من استثناء صورة الاضطرار وأما الاخبار الواردة في كيفية رد سلام أهل الكتاب فلواريد دلالتها على أصل الوجوب بالمطابقة فهو خلاف الصناعة حسب فرض سوقها لبيان كيفية الرد ولو أريد دلالتها عليه بالالتزام ، فهو موقوف على ثبوت عموم الوجوب شرعاً من دليل آخر كالاية الشريفة فليس استدلالا بنفس هذه الاخبار وقد عرفت عدم عموم للاية بالنسبه اليه فتلخص أن الحق وفاقاً للمشهور عدم وجوب رد سلام أهل الكتاب .

ثم انه قد ظهر مما ذكرنا أنه لاريب ولا اشكال في جواز رد سلام الكتابي فهل يجوز وضعاً في الصلوة فلا تبطل به أم لا التحقيق أنه فرع اختلاف المباني أما على القول بوجوب رد سلام الكتابى الذى عرفته من صاحب المستند (قدسّ سره) فلاريب في جوازه ضرورة عموم الوجوب التكليفى لحال الصلوة فيشمله أدلة استثناء جواب السلام في الصلوة عن كلام الادمى فلا يكون مبطلا وأما على القول بالاحتياط في الرد في غير الصلوة فحيث لم يعلم دخوله في الاستثناء لابد من الاحتياط في الصلوة بالرد بصيغة سلام عليكم بقصد القرآن أو الدعاء على ماهوالحق من عدم منافاة المخاطبة بالدعاء مع صدق الدعاء . وأما على القول المشهور المختار من عدم وجوب الرد في غير الصلوة بل جوازه تكليفا فالحق هو الجواز وضعاً فى الصلوة لعموم أدلة استثناء جواب السلام من الكلام المبطل ولو منع عن الاطلاق اللفظى للادلة فالاطلاق المقامى كاف وان كان الاحوط مع ذلك الرد بصيغة سلام عليكم بقصد القرآن أو الدعاء

ثم ان كيفية رد سلام الكتابي هل هي مثل كيفية رد سلام المسلم أم هى مخصوصة بعليك كما عليه المشهور أو يجوز عليك أو سلام ايضاً اختلف في ذلك الاصحاب كالاخبار ففى طائفة منها كصحيحى محمد بن مسلم وزرارة المتقدمين :

ص: 115


1- الوسائل - الباب - 53 - من أحكام العشرة .

عليك : وفي طائفة اخرى كموثق سماعة وخبرابى البخترى المتقدمين : عليكم : وفي طائفة ثالثة كموثق غياث المتقدم : وعليكم : وفي طائفة رابعة : سلام : كموثق زرارة عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال تقول في الرد على اليهودي والنصراني سلام : ومقتضى الجمع بين هذه الطوائف هو التخيير التخيير بين الانحاء المذكورة فيها. لكن قد يقال بتعين عليك أو عليكم بدون الواو لطرح خبر غياث من جهة ماقيل بكونه عامياً بترياً ومن جهة أن وعليكم دأب العامة في جواب السلام وطرح موثق زرارة لعدم عمل الاصحاب به بل قد يقال بعدم استقامة المعنى مع الواو اذ مقتضى واو العطف هو الاشتراك فى معنى السام الذى يقوله الكتابي في مقام السلام وهو الموت فمعنى قول المسلم وعليكم قبول الموت على نفسه وعلى الكتابي فالقرائن الداخلية والخارجية تشهد بتعين عليك أو عليكم فى كيفية رد سلام الكتابي لكنه غير وجيه اذ لا وجه لطرح خبر غياث بعد كونه موثوقا به فى القول وان كان فاسد العقيدة وقد اخذ برواياته الاصحاب في غير مورد وسيأتي تحقيق حاله في التنبيه السادس وحديث اختصاص وعليكم بالعامة فى مقام الجواب يكذبه كثرة جواب الائمة عليهم السلام مع الواو كما دلت عليه الاخبار (1) وحديث اقتضاء الواو للاشتراك في المعنى يدفعه عدم لزوم كون الواو للمطف بل جواز كونها للاستيناف فهو موقوف على قصد المتكلم بهذه الصيغة كما لاوجه لطرح موثق زرارة بعد وجود صحيحه الاخر المتقدم الحاكى لمجييء اليهود عند النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) وقولهم السام عليكم وجوابه (صلی الله علیه وآله وسلم) عليكم الى ثلاثة نفرات حتى غضبت عائشة فقال (ص) : أما سمعت ما رددت عليهم فقلت عليكم فاذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم فاذا سلم عليكم كافر فقولوا عليك : فانه شاهد للجمع بين الطوائف ولاسيما بملاحظة تفريع قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) فاذا سلم الخ : على جواب عائشة وان الجواب بعليك أو عليكم مخصوص بصورة قول الكتابي في مقام السلام : السام عليكم : واحتماله والجواب بسلام مخصوص بصورة قول-ه سلام عليكم .

ص: 116


1- الوسائل - الباب - 43 - من أحكام العشرة .

ومع وجود هذا الجمع لا تصل النوبة الى ماقيل من حمل السلام في موثق زرارة على سلام المناركة عند ارادة طرد الشخص وقطع المراودة معه كما في قوله تعالى مرشداً للنبي (صلی الله علیه وآله وسلم) فى مقام طرد الكفار : فقل سلام فسوف تعلمون :فتلخص أن مقتضى الجمع بين أخبار الباب هو التخيير في كيفية رد سلام الكتابي بين عليك وعليكم مع الواو أو بدونها لدى احراز قول الكتابي السام عليك او احتماله واذا احرز انه سلام بالسلام المتعارف يجوز له ان يقول سلام ايضاً .الرابع) المشهود بين الاصحاب وجوب رد السلام مطلقا في الصلوة وغيرها فوراً واستدل له بوجهين أحدهما التبادرمن أدلة وجوب الرد كتاباً وسنة ثانيهما ظهور الفاء في الآية . فحيوا فى الفور ، اذ الفاء كما ذكره أهل الادب للتعقيب بلا مهلة ويدفع الأول بعدم التبادر ان الموجود في الآية ردوها ، والمادة هي الرد وهيئة الامور ظاهرة فى الوجوب ، فمفاد الدليل وجوب الرد وأما كون هذا الوجوب فورياً فهو حكم آخر لم يتكفل هذا الدليل لبيانه فلابد من ثبوته بدليل آخر كما يقال في باب الحج حيث دلت الادلة على الفورية وان ناقشنا في دلالتها على الفورية ، وليس فى باب جواب السلام ما يدل على ذلك فأين منشأ هذا التبادر وما معناه بعد فرض خروج الفور عن مادة الرد وهيئة الأمر المتعلق به . ويدفع الثانى استثناء أهل الادب فاء الجزاء من ذلك وتصريحهم بكونها تربط التالى بالمقدم والموجود فى الاية فاء الجزاء فلا تدل على التعقيب بلا مهلة ) والعجب من المحقق الفمى (قدسّ سره) حيث استدل للفور بالغاء ثم قال وان تأمل بعضهم في فاء الجزاء ، اذ تأملهم انكار للتعقيب بلا مهلة فى فاء الجزاء على أن الحق كون الفاء مطلقاً للربط بين التالى والمتلو أعم من كون الاول معلولا للثاني أو العكس أو كون كليهما معلولين اعلة ثالثة أو كونهما من المقارنات الاتفاقية بل المصادفة بينهما كما في جاء زيد فقام عمرو.بل وكذا ثم لمطلق الربط بل لزوم التراخى كما شهدت به موارد الاستعمالات بل التحقيق أن ما ذكره النحاة في الفرق بين معانى الحروف أو نحوها دقائق علمية .

ص: 117

أدبية اخترعوها بأفكارهم لا ربط لها بمعانيها العرفية ولذا اختلفت أنظارهم في ذلك وبالجملة فمعنى الفاء معنى حرفى عبارة عن مطلق الربط سواء وقعت في الجزاء أم في غيره وعليه فرد السلام ليس بواجب مؤقت ولا دخل للزمان فيه ولذا تمسك بعضهم للفور بتوقف صدق رد التحية عليه . وتوضيح ذلك أن التحية بحسب الذات كما أشرنا اليه تجليل فردها عوض للتجليل ويكون تجليلا طبعاً فلابد وأن يكون جواب السلام بحيث يصدق عليه عرفاً عوض التجليل بالسلام ومع الفصل الطويل بينهما لا يصدق عليه ذلك لان التراخي في تعويض التجليل القولى توهين لا تجليل ، ويشهد بذلك أنه لو قصد المسلم الاستهزاء أو السخرية أو أمر آخر غير التجليل لم يجب الرد ضرورة أن التجليل قصدى منوط بكيفية قصد المسلم . وعليهذا فالوجوب للفور ليس بعنوانه ، لان الفصل المخرج للجواب عن صدق كونه عوض التجليل بالسلام مناف مع صدق الرد ، ثم انه لو شك في الخروج عن الصدق في مورد فقد حكم السيد (قدسّ سره) في العروة بوجوب الرد وقيل بالتفصيل بين الشبهة المفهومية فلا يجب الرد لعدم جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية وبين الشبهة الموضوعية فيجب الرد لاستصحاب بقاء الوقت. وفيه أن المقام ليس من قبيل الشبهة المفهومية لما عرفت من عدم دخل الفور في المادة حتى يشك في مفهوم الرد الواجب وليس من قبيل الواجب المؤقت حتى يشك في مقداره فلا معنى لاستصحاب بقاء الوقت بل الشك متمحض فى المصداق لما عرفت من أن الحصة التجليلية انما هی ما لا يتراخى فيها ويرشد الى عدم التوقيت تعبير السيد (قدسّ سره) في العروة بالخروج عن الصدق فليس نظره (قدسّ سره) الى استصحاب بقاء الوقت فلعل نظره الى اصالة الاشتغال من جهة اشتغال الذمة بالجواب والشك فى العجز بسبب عدم الفرد المسقط للتكليف الموضوع لقاعدة الاشتغال كما في جميع موارد الشك في سقوط التكليف بالعجز. والتحقيق أن الشك في التطبيق ليس شكاً في المسقط اذ اصالة الاشتغال لا تتكفل .

ص: 118

لحال تطبيق الكلى على الفرد بل لابد من احراز الموضوع لتطبيق الكلى ولا معنى للتمسك بأصالة الاشتغال على وجوب تطبيق الكلى على الفرد المشكوك اذ لا بد من كون الجرى على طبق أصالة الاشتغال موجباً لليقين بالفراغ فالشك هنا في التكليف أى بقاء ولا يجرى الا استصحابه غير المثبت لكون هذا الفرد فرداً إلا أن يقال بان نتيجة التطبيق العلم بخلو الذمة عن التكليف تفريغاً أم فراغاً فتامل. ثم انه بنائاً على وجوب رد السلام فوراً لو تركه في الصلوة فاللاصحاب فيه أقوال ثلاثة أحدها البطلان مطلقاً كما حكى عن العلامة (قدسّ سره) في التحرير ثانيها عدم البطلان مطلقا وان عصى بترك الواجب كما اختاره مشهور المتأخرين ثالثها التفصيل بين ترك الجواب وعدم الاشتغال بالصلوة الى أن يخرج عن صدق الجواب ثم الاشتغال بها فلا تبطل وبين تركه والاشتغال بالصلوة فى الحال فتبطل كما اختاره القائلون بمسئلة الفور. أما القول الأول فلا وجه له ظاهراً نعم احتمل فى الجواهر على ابتنائه كون رد السلام في الصلوة من واجباتها استظهاراً من أدلة وجوب الرد في الصلوة ان ه-و عليهذا كأحد اجزاء الصلوة فطبعاً تبطل بتركه لكنه وجه غريب ضرورة أن أدلة جواز رد السلام في الصلوة كما تقدمت مسوقة لبيان استثنائه من كلام الادمى بنفى جهة الخلل فيه للصلوة فيبقى على حكمه الطبعى من الوجوب فلا دلالة لها على كون رد السلام من واجبات الصلوة . نعم حيث اختار المحقق الاردبيلي (قدسّ سره) وجوب رد السلام مدى العمر نظير صلوة الزلزلة من الواجبات الموسعة الى آخر العمر وأنه مع ابتعاد المسلم يجب على الراد الذهاب لاسماعه الرد فان بطلان الصلوة بترك الرد مطلقاً مبنى على اقتضاء الامر بالشيىء للنهى عن الضد الذي ستعرف حاله . وأما القول الاخير فهو مبنى على مقدمات ثلاث احديها أن الأمر بالشيي كرد السلام في المقام يقتضى النهي عن النهي عن ضده الخاص هو الاشتغال بالصلوة ثانيتها أن النهى فی العبادة يوجب الفساد فما اشتغل به من اجزاء الصلوة حال عدم الخروج عن صدق

ص: 119

الرد منهى عنه وفاسد، ثالثها أن فساد الجزء يوجب فساد الكل ضرورة انتفاء الكل بانتفاء أحد أجزائه لكن المقدمات بأجمعها مخدوشة.أما الاولى فلان القول باقتضاء الامر بالشيء للنهى عن ضده العام أو الخاص بين الملازمات العقلية خارجاً في مرحلة امتثال الامر وبين لوازم الحكم شرعاً فى مرحلة جعله ، فان امتثال المأمور به خارجاً ملازم مع عدم تركه وعدم الاتيان بفعل آخر يضاده فلا بد منهما عقلا في سبيل امتثال الأمر وهذا لا ربط له بمرحلة جعل الامركي يمكن احتسابه من مداليله الالتزامية فالتلازم الخارجى العقلى شيء والمدلول الالتزامى للخطاب الشرعى شيء آخر لا ينبغى الخلط بينهما، وتفصيل ذلك ذكر ناه في الاصول. وأما الثانية فلانه لو سلمنا الاقتضاء فالنهى فى العبادة تارة نفسى يوجب الحرمة تكليفاً لا الفساد وضعاً كما فى النظر الى الاجنبى حال الصلوة ، وهذا القسم من النهى لا يوجب ارتكابه الا العقاب . وأخرى طريق استلزامى من ناحية ملازمات المأمور به کالاشتغال بضد الواجب وهذا نظير الأمر المقدمي الطريقى بمقدمات الواجب ، وهذا القسم من النهى ليس لارتكابه عقوبة لعدم مفسدة فيه غير ترك الواجب . وثالثة ارشادى الى كون متعلقه مانعاً أو قاطعاً بالنسبة الى المهية نظير لاتصل فيما لا يؤكل لحمه فيكون وجوده مفسداً للصلوة فلسانه لسان جهة المنع ولا فرق بينه وبين التصريح بالفساد كقوله (علیه السلام): فالصلوة في وبره وشعره وجلده وكل شيء منه فاسدة لا يقبل الله تلك الصلوة حتى يصلى فى غيره مما أحل الله أكله . وهذا نظير الأمر الارشادى الى الجزئية والشرطية ، وبعبارة اخرى النواهى والأوامر الراجعة الى تركيب المهية المخترعة لا تتضمن التكليف بلهي ناظرة الى الوضع ، فهذا القسم من النهى هو النهى هو المراد بقولهم في الأصول النهى فى العبادة يوج--ب الفساد دون القسم الأول كما زعمه ابو حنيفة فضلا عن القسم الثاني. وأما الثالثة فلانه لو سلمنا الاقتضاء ودلالة النهى الاستلزامي على الفساد ففساد

ص: 120

الجزء على اطلاقه لا يوجب فساد الكل فانه ان أتى بالجزء الفاسد واكتفى به وأتى بباقى الاجزاء كما اذا قرء الله السمد بالسين مكان الصاد وأتم السورة فسدت الصلوة لاجل نقصان الجزء عمداً كما أنه لو أتى بالجزء الفاسد مع علمه بفساده بقصد الزيادة في الصلوة تشريعاً فسدت الصلوة لاجل مادل على أن من زاد في صلوته فعليه الاعادة وأما ان أتى بالجزء الفاسد سهواً ثم أعاده صحيحاً كما اذا سبق لسانه بقرائة السمداو جهلا بالحكم ثم اعاد الاية مع الصاد فلا موجب لبطلان الصلوة اذ لم يدل دليل على أن وقوع الجزء الفاسد في الصلوة يكون بمنزلة الحدث الذي يبطل الصلوة قهراً بأى نحو كان ففى المقام اذا اعاد ما أتى من أجزاء الصلوة حال صدق الرد نظير اياك نعبد واياك نستعين أو بضميمة آية أخرى من الحمد ولم يقصد باتيان الجزء الفاسد الزيادة في الصلوة تشريعاً صحت صلوته ولم يكن موجب للبطلان فظهر أن الحق هو القول المشهور من عدم بطلان الصلوة بترك جواب السلام فيها مطلقا وان عصى بذلك.

ثم انه اذا دار الامر بين قطع الصلوة ورد السلام كما لو توقف الرد على استدبار القبلة أو المشى خطوات وبين ترك رد السلام الواجب فحيث أن المقام من تزاحم الالزامين فى مرحلة الامتثال لا تعارض التكليفين فى مرحلة الجعل والقاعدة في باب التزاحم انما هي التخيير عقلا الا اذا علم اهتمام الشارع باحد الطرفين أكثر من الاخر كانا واجبين او محرمين أم مختلفين واما تغليب جانب الحرمة فليس عليه برهان وان توهم بعضهم بأن برهانه أولوية دفع المفسدة من جلب المنفعة وذلك لان بعض الواجبات أقوى ملاكاً من بعض المحرمات نظير حفظ النفس بالنسبة الى الغصب فجلب المنفعة فى مثله مقدم على دفع المفسدة ولذا لو توقف انجاء غريق أو حريق على التصرف في ملك الغير بدون رضاه يقدم انقاذ النفس المحترمة على الغصب من دون شبهة في ذلك لدى أحد. فالقاعدة ملاحظة ملاك الحكمين فان أمكن احراز أهمية أحدهما لدى الشارع وجب ترجيحه عقلا والا اقتضت القاعدة التخيير طبعاً بينهما في مرحلة الامتثال فالحكم الأولى العقلى فى باب التزاحم ه-و التخيير والحكم الثانوى بملاحظة كشف أهم

ص: 121

الملاكين هو الترجيح بلا اعتداد باحتمال الاهمية ان العقل لابد في حكمه من الجزم فبمجرد احتمال الاهمية ثبوتاً لا يحكم بالترجيح. ففى المقام ان أمكن كشف أهمية ملاك رد السلام فيما اذا كان المسلم عالماً موجهاً يوجب ترك الجواب هتكه أو كان مؤمنا متقيا يوجب ترك الجواب انكسار قلبه قدم على قطع الصلوة أو امكن كشف أهمية ملاك قطع الصلوة فيما اذا كان المسلم شخصا عاديا لا ينكسر خاطره بالترك أو لا يوجب الترك هتكه قدم على رد السلام وان لم يمكن احراز أهمية أحد الملاكين تخير المصلى بين ترك الجواب واتمام الصلوة وبين قطع الصلوة ورد السلام بعدما عرفت من عدم كفاية مجرد احتمال الاهمية ثبوتا للترجيح العقلي في عالم الاثبات. نعم في المقام شيء آخر وهو عدم اطلاق لفظى دال على حرمة قطع الصلاة فلقائل أن يقول بأن الاجماع المحصل غير موجود في المقام ولكن الانصاف أنه لو قال قائل منهم بجواز القطع فهو لاجل أهمية رد السلام لاغير فتامل. (الخامس) : هل يجوز رد السلام في غير الصلوة كيفما كان أم له كيفية خاصة قولان فى ذلك الصحاب فالمشهور على الاول وذهب صاحب الحدائق (قدسّ سره) الى لزوم تقديم الظرف فى الجواب مستظهراً ذلك من العلامة (قدسّ سره) حيث حكم في مورد تقارن قولى الشخصين سلام عليكم بعدم التهاتر بل وجوب رد السلام على كل منهما بدعوى استناد عدم التهاتر الى عدم تحقق صيغة الجواب بتقديم الظرف واستدل لمختاره بالاخبار التي اشرنا اليها سابقا المشتملة على جواب الائمة عليهم السلام بتقديم الظرف مع الاشتمال على الواو غالباً نظير وعليك السلام وربما يؤيده دعوى عدم كون عليكم السلام مثلا سلاماً ابتدائياً ولا كون سلام عليكم مثلا جواباً عن السلام . وحيث أجاب صاحب الذخيرة (قدسّ سره) عن القول بلزوم تقديم الظرف في الجواب زرارة المتقدم المشتمل على قول النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) : فاذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم : فانه ناص فى وقوع سلام عليكم فى الجواب رده صاحب الحدائق بسوق

ص: 122

الصحيح لبيان عدم الاتيان بلفظ السلام في جواب الكتابي والاتيان به فی جواب المسلم وأما لزوم تقديم الظرف وعدمه فالخبر مجمل من جهته ولقد أجاد صاحب مصباح الفقيه (قدسّ سره) حيث نبه على عدم ثبوت حقيقة شرعية فى باب السلام . الا ان الظاهر عدم ابتناء كلام صاحب الحدائق على ذلك بل على اعمال خصوصية في صيغة الجواب شرعاً فجوابه أن المأمور به هو الطبيعى الشامل لكل ما يتحقق به الجواب بالاخصوصية لصيغة معينة فى ذلك لاطلاق الادلة لفظية ومقامية قالالتزام بدخل خصوصية فيه اسناد الى الشارع بدون الدليل ومع الشك فيه فمقتضى الاصل عدم دخلها . وأما الاخبار المشار اليها فهى متكفلة لحكاية ما أجاب به الائمة عليهم السلام لالبيان ماهي صيغة الجواب فليس لها عقد السلب ينفى مصداقية سائر الصيغ ولذا لاحاجة الى جواب صاحب الذخيرة (قدسّ سره) من التمسك بصحيح زرارة لدفع احتمال لزوم تقديم الظرف وان كان الاستدلال حسناً في نفسه ثبوتاً . ثم انك قد عرفت سابقاً فساد دعوى اختصاص تقديم الظرف بالجواب وعدم كون مثل سلام عليكم جواباً لصدق الجواب عليه عرفاً وشرعاً ومن الغريب تصرف صاحب الحدائق (قدسّ سره) في نص صحيح زرارة المشتمل على كبرى : فاذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم : بالرمى بالاجمال من جهة تقديم الظرف وعدمه اذ الاتيان بسلام عليكم وارادة العكس اغراء بالجهل ويستحيل صدوره عن المعصوم من دون قرينة بل مع القرينة مستهجن اذ اى داع لذكره بعد سهولة التعبير بعليكم السلام (السادس) المشهور أن وجوب رد السلام كفائى فاذا سلم واحد على جماعة يكفى أن يرد منهم واحد لموثق غياث بن ابراهيم (1) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال ان اسلم من القوم واحد أجزأ عنهم ومرسل عبد الله بن بكير (2)عن بعض اصحابنا عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال اذا مرت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم واذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم : والبحث تارة عن سند الخبرين وأخرى عن

ص: 123


1- الوسائل الباب 46 من أبواب العشرة ، حديث 2و3
2- الوسائل الباب 46 من أبواب العشرة ، حديث 2و3

دلالتهما وثالثة عن عموم مفادهما للصبى. أما السند فغياث بن ابراهيم التميمى الاسيدى من اصحاب الصادقين (علیه السلام) ثقة له كتاب فى الحلال والحرام مبوباً رواه عنه جماعة كما قاله النجاشي (قدسّ سره) الذى هو أثبت الرجاليين وأضبطهم وحيث أن دأب النجاشي على التنبيه على مذهب الراوى اذا كان فيه الخلل فقوله ثقة بدون ذکر مذهب خاص له ظاهر ما في أن الرجل عدل اثنى عشرى وحيث أن تبويب الكتاب فن عميق فقوله له كتاب في الحلال والحرام مبوباً عن كمال دراية الرجل وعلمه فى فن الحديث وفهمه وقوله رواه عنه جماعة كاشف عن كثرة تلامذته الدارسين عليه كتابه واشتهار كتابه بين تلامذته والرواة عنه فعبارة النجاشي يثبت للرجل أوصافا كثيرة أحدها أنه روى عن الصادقين عليهما السلام ثانيها أنه عدل امامى ثالثها أنه صاحب الكتاب عميق في فن الحديث وفقهه رابعها أنه كثير التلامذة وكتابه مشهور بينهم وله وصفان آخران أحدهما أنه روى الاخبار الدالة على امامة الائمة الاثنى عشر مع التصريح بأسمائهم صلوات الله عليهم ، ثانيهما انه روى عنه من أصحاب الاجماع ابن أبي عمير وعبد الله بن سنان و عبد الله بن المغيرة وروى عنه ابن فضال . نعم رماه بعض المتأخرين كابن داود والمصنف (قدسّ سره) في المعتبر والشهيد الثاني (قدسّ سره) في درايته إلى أنه عامى بترى ، وكذا صاحب المدارك ، وان قيل بأنه (قدسّ سره) توقف في كون الرجل عامياً لكن حيث أن رجال المتأخرين غير مستقل بل منبعه رجال القدماء فلابد من لحاظ كلام قدماء الرجاليين المخالف لكلام النجاشي الذى هو من قدمائهم . وقد نسب الى رجال الكشى أنه بترى لكن ليس من ذلك فيما بأيدينا من رجاله المطبوع أثرا ، نعم حيث كانت هذه الكتب فى القديم مخطوطة فلعل نسخ الكتاب كانت مختلفة من جهة وجود هذه النسبة في بعضها لكن الاضطراب عليهذا يسقطها عن الاعتبار ويمنع عن ثبوت ذلك في رجال الكشي (قدسّ سره) . نعم اختلفت كلمات شيخ الطائفة (قدسّ سره) في الفهرست في مورد الرجل كما اتفق

ص: 124

ذلك منه (قدسّ سره) في حق غالب الرواة مستنداً الى كثرة فنونه وأشغاله حتى ألف في غالب العلوم فقهاً وأصولا وكلاماً وحديثاً ورجالا وغيرها حيث لم يتحفظ على التوافق بين العناوين والاوصاف التي يذكرها لشخص واحد في مواضع متعددة بمناسبة ذكره من أصحاب امام تارة ومن أصحاب امام آخر أخرى . مثلا يذكر له عنواناً من حيث المذهب أو اسم الاب أو اللقب أو اسم القبيلة عند ذكره من أصحاب الصادق (علیه السلام) ثم يذكر له ما يخالف ذلك عند ذكره من أصحاب الباقر(علیه السلام) الا اما من جهة عدم بنائه (قدسّ سره) على التحفظ على تطبيق العناوين وتوافقها في البابين واما من جهة تصادف عدم التوافق . و كيف كان فهذا النحو من الاختلاف موجود في الفهرست ومنه المقام حيث ذكر غياث بن ابراهيم تارة في أصحاب الباقر(علیه السلام) بعنوان التميمي الاسدي البترى وأخرى فى أصحاب الصادق (علیه السلام) من دون النسبة الى الاسدى والبترى ، وثالثة في أصحاب أبى الحسن (علیه السلام) الظاهر في كونه موسى (علیه السلام) ، ورابعة في زمرة من لم يرو عنهم (علیه السلام) وهذه مضافاً الى التضارب بين العناوين المذكورة في بعضها في نفسها كالتميمي والاسدى فى الأول ، اذ الأسدى قبيلة في قبال التميمي ، نعم الاسيدى طائفة من التميمى وبين عدة تارة من أصحاب الصادقين أو أبي الحسن عليهم السلام الظاهر في كونه ممن روى عنهم بلا واسطة وبين مدة اخرى في زمرة من لم يرو عنهم مخالفة لكلام النجاشي الناص في كونه من أصحاب الصادقين (علیه السلام) وعدلا امامياً ولما تراه بالوجدان من روايته تارة بواسطة اسحاق بن عمار عن الامام (علیه السلام) واخرى بلا واسطة بعد اتفاق الرجاليين اتفاق الرجاليين على أن غياث بن ابراهيم واحد .

فلو أخذنا بظاهر كلمات الشيخ (قدسّ سره) في المواضع الاربعة في التعدد لاقتضى وجود غياث بن ابراهيم أربعاً ، مع أن الذى لم يرو عنهم غير موجود في أبواب الفقه أصلا من أول الطهارة الى آخر الديات . وان اتفاق أهل الرجال كالنجاشي وغيره على وحدة الرجل وأن الموجود في المقام هو الراوى عن الصادق (علیه السلام) والمنسوب الى العامة في كلام الشيخ انما هو الراوى

ص: 125

عن الباقر (علیه السلام) ولو طرحنا ظهورها في التعدد وحملناها على بيان حالات رجل واحد لاقتضى تضارب عناوينه واضطراب هذه الكلمات الكاشفة عن حالاته فلاجل ذلك كله لا يمكن الاعتداد بكلمات الشيخ (قدسّ سره) في حال غياث بن ابراهيم فيبقى كلام النجاشي الظاهر في كونه عدلا امامياً بلا معارض .وعلى فرض كونه عاميا بتريا فقد اشر نا غير مرة الى عدم التنافى مع الوثاقة بل امكان اجتماع الوصفين من الخلل في المذهب والصدق فى القول عقلا في شخص واحد و احراز ذلك كثيراً بالوجد ان بين الرواة حتى أن غياث بن ابراهيم هذا قد عده الشيخ (قدسّ سره) في العدة في زمرة من عملت الطائفة بأخباره مع كونه عامياً ثم الزيدية نوعان امامی غیر معتنق بخلافة الثلاثة بل بامامة على (علیه السلام) ثم الحسنين والسجاد عليهم السلام تم زيد بن على دون الباقر (علیه السلام) فمن بعده وعامى معتنق بخلافة الثلاثة ثم الائمة عليهم السلام الى السجاد (علیه السلام) ثم زيد بن على دون الباقر (علیه السلام) فمن بعده والبترى من النوع الثانى فهم غير محسوبين من الامامية ولا العامة بحسب مذاهبهم المشهورة الاربعة ولا مخالطين معهم فما في كلام بعض المتأخرين من ان غياث بن ابراهيم كان بتريا مخالطا -ا مع العامة غير وجيه فتلخص أن غياث بن ابراهيم موثق على الاتفاق ثقة على الاقرب بالاعتبار فحديثه موثق وحجة عقلائية جزماً. وأما عبد الله بن بكير بن أعين فهو من آل سنسن الذين هم من عظماء أصحاب الائمة عليهم السلام وكفاهم أن زرارة بن أعين منهم أفقه فقهاء الرواة وحملة أحاديث المذهب الجعفرى الحنيف روحى لصاحبه الفداء وعبد الله من اصحاب الصادقين (علیه السلام) ثقة عظيم المنزلة جليل القدر بل كما صرح به شيخنا المفيد (قدسّ سره) كان يؤخذ منه الرواية والفتيا فهو معدن الرواية ومنبع الفقه والدراية نعم صار فطحيا بعد الصادق(علیه السلام) وذلك مضافا الى عدم اخلاله برواياته عن الصادقين (علیه السلام) لان الظاهر انها كانت حال استقامته فى المذهب قد عرفت عدم منافاة الفطحية وغيرها من المذاهب الفاسدة مع الوثاقة في القول لاجتماعه معها عقلا ووجداناً بل هو حسب تصريح الكشي (قدسّ سره) أصحاب الاجماع الذين حققنا حالهم في مبحث الدماء من كتاب الطهارة عند

ص: 126

التعرض لتحليل سند مرسلة يونس القصيرة ومقادها واثبتنا أن الوصول اليهم فى سند الرواية وصول الى الامام (علیه السلام) فلاحاجة الى لحاظ حال من بعدهم من وسائط السند فمرسل عبد الله بن بكير هذا معتبر ولا اعتداد بمثل ماقاله المصنف (قدسّ سره) في المعتبر من أن عبد الله بن بكير وان كان ثقة الا أنه فطحى فظهر أن سند الخبرين اللذين هما مستند المسئلة معتبر. نعم من ضعف غياث بن ابراهيم في كيفية رد سلام الكتابى المتقدمة فى التنبيه الثالث أو عبد الله بن بكير لا يبقى له سند للحكم باجزاء جواب واحد من الجماعة من سلام المسلم على الجماعة ان الظاهر من دليل وجوب رد السلام : اذا حييتم بتحية فحيوا الاية من جهة توجيه الخطاب العام الى عموم المكلفين كون وجوب الرد انحلاليا حسب كل فرد من أفراد المسلم عليهم وكون الرد واجباً عينياً على كل فرد من الجماعة و لحاظ المجموع واحداً يحتاج الى شاهد خارجي ليس الا هذين الخبرين فمع المصير الى ضعفهما لا محيص عن الالتزام بالعينية ومجرد احتمال لحاظ المجموعية ثبوتاً لا يكفى حجة على خلاف ظهور الدليل في الانحلال اثباتاً والتمسك بالاجماع مع كونه مدركياً في المقام كما ترى .وأما الدلالة فالموجود في الخبرين اجزاء سلام واحد من جماعة من الجميع واجزاء رد واحد من جماعة عن رد الجميع فربما يقال بظهور الاجزاء في كون وجوب الردفى حق جماعة المسلم عليهم كفائى واستحباب السلام أيضاً كفائي بمعنى أنه اذا كان نفران أحدهما مسلم والآخر مجيب كان استحباب الابتداء للمسلم ووجوب الرد على المجيب عينيا وأما الجماعة فالسلام منهم كفائي والرد عليم كفائي بحسب أصل الجعل وتظهر التمرة فيما اذا كان بعض جماعة المسلم عليهم أو كلهم فى حال الصلوة فأجاب غير المصلى منهم فى الأول أو أحدهم في الثاني حيث يسقط وجوب الرد بذلك فلا يجب بل لا يجوز الرد لكونه كلاما آدميا مبطلا. لكن الحق عدم ظهور الاجزاء في كون الاستحباب والوجوب كفائياً ضرورة أن الاجزاء بحسب المفهوم أهم من تطابق المأتى به مع المأمور به حتى يكشف

ص: 127

عن كون الجعل كفائيا ومن تسهيل الشارع في حق المكلف بالاكتفاء بالبعض مكان الكل فى مرحلة الامتثال والمفروض فى المقام حسب اعتراف هذا القائل كون استحباب السلام ووجوب الرد يحسب الطبع الأولى عينيا بمقتضى مقابلة الجمع بالجمع المستلزم للانحلال في قوله تعالى : اذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها .فعموم الاستحباب أو الوجوب العينى الانحلالي يشمل جماعة المسلمين والمسلم عليهم ولا ظهور لدليل الاجزاء فى تعيين سنخ الحكم فى حقهم فالمتية منه الاكتفاء فى مرحلة الامتثال بسلام الواحد أو رده تسهيلا بمعنى رفع الالزام عن الرد في حق الباقين بعد كون ردهم من أفراد طبيعي الواجب الانحلالي العيني فان أجاب الباقون أيضاً فقد امتثلوا الواجب من غير أن يكون في ترك الرد عقوبة عليهم وعليه فان أجاب غير المصلى من جماعة المسلم عليهم جاز للمصلى منهم الرد أيضا كما أنه ان أجاب بعضهم جاز لغيره الرد اذا كان الجميع في حال الصلوة و توهم بطلان صلوة الثانى بالرد بدعوى أن لسان أدلة استثناء جواب رد السلام عن الكلام المبطل للصلوة لسان استثناء الجواب الواجب فلا يشمل المورد مدفوع بما أشرنا اليه سابقاً من أن لسانها لان دفع توهم الحظر من ناحية الصلوة لرد السلام فيبقى على حكمه الطبعي من الوجوب أو الرجحان ولا ظهور لها في حكم تأسيسي كي يختص بالرد الواجب ودعوى انصراف تلك الادلة مع ذلك عن غير الرد الواجب غير مسموعة ثم ان ظاهر الخبرين بمقتضى ضمير منهم فى قوله (علیه السلام) : يرد واحد منهم : اختصاص الاجزاء بما اذا رد أحد من جماعة المسلم عليهم فلورد شخص آخر خارج عن مورد السلام لم يجز عن الجماعة بل وجب عليهم الرد . وأما عموم اجزاء رد واحد عن الجماعة لرد الصبي المميز فقد ابتناه بعضهم على القول بشرعية عبادات الصبى فيجوز وعلى القول بالتمرينية فلا يجوز وربما يناقش بعدم استلزام القول بشرعية عباداته للاجزاء فى المقام لعدم كون رد السلام عبادة بل هو مبنى على خروج الصبي عن دائرة التكليف الالزامي ملاكاً وخطاباً

ص: 128

أو خطاباً فقط ان عليهذا لا يشمله عموم وجوب رد السلام في الاية الشريفة فلا يكفى رده عن الرد الواجب كفاية والحق هو الخروج لان البلوغ قيد شرعى للخطاب والفيد الشرعي دخيل في الملاك نظير الاستطاعة في الحج فملاك جواب الصبى غير ملاك جواب البالغ وكذا خطابه لانه في مورد البالغ الزامى بخلافه في مورد الصبى ولا أقل من اختلاف الملاكين شدة وضعفاً فالعبي المميز خارج عن دائرة التكاليف الالزامية ما خطاباً فقط أو خطاباً وملا كامعاً أيضاً وهذا الكلام جار في جميع الواجبات الكفائية والتحقيق أن الخطابات الشرعية كتاباً وسنة لعدم تقيد شيء منها بعنوان البلوغ . وليس في الشرع خطاب خاص بعنوان الصبى وما ورد من أنه يكتب له الحسنات ليس في مقام جعل الحسنات تأسيساً بل مسوق لبيان عدم العقوبة على سيئاته امتناناً وثبوت النواب لحسناته فأداة التعريف في الحسنات والسيئات اشارة الى الحسنات المجعولة بالجمل الاولى وعليهذا قعموم الخطاب يكشف عن عموم الملاك ووحدة سنخه فى الموردين وليس ما ينافي ذلك الا حديث رفع القلم عن الثلاثة عن الصبى حتى يحتلم وعن النائم حتى يستيقظ حل العنا وعن المجنون حتى يفيق وهو بقرينة سوق الحديث وهو الامتنان المنافى مع رفع اصل التشريع وقرينة السياق وهو جعل الحكم على النائم لماترى من وجوب القضاء عليه فى النوم المستوعب للوقت بعد الوقت مع ما اخترنا من أن القضاء بالامر الاول ناظر الى رفع العقوبة ، وجعل الرفع كناية عن عدم الوضع تصرف في الظاهر بلا قرينة .

ثم أعلم أنه ليس للطلب نوعان وجوبي وندبي حتى يكون مفاد الخطابات الاولية نوعه الأول ويستلزم الرفع (اذا جعل مصبه الحكم رفع هذا النوع الخاص فيقال بأن الرجحان يحتاج الى دليل مفقود ، كما انه ليس مفاد الهيئة أمراً بسيطاً غير مركب من طلب الفعل والمنع من الترك، هو البعث الالزامي اى الطلب الاكيد حتى يكون مفاد الرفع رفع هذا الامر البسيط ويستلزم ايضاً عدم الدليل على الرجحان لان مفاد الهيئة الطلبية انما هو البعث نحو المادة فاذا صدرت عن المولى ولم يرخص فى الترك

ص: 129

ولم يكن فى البين مؤمن عقلى يكون البعث المستفاد منها موضوعاً لحكم العقل بلزوم اتیان متعلقه وهذا هو الوجوب فهو حكم عقلى لبعث مولوى غير مقرون بالمؤمن الشرعى او العقلى ويقابله الندب وهو عنوان يطرؤ على البعث المولوى بعد ورود المرخص منه. فالوجوب والندب وصفان عقليان لا نوعان من الطلب ، فحديث الرفع الذى قلنا بأن مفاده رفع الالزام في حق الثلاثة بالنسبة الى الخطابات الاولية فيبقى أصل البعث فيها بحاله شاملا لهم ولا اقل من عدم دلالة له على أزيد مما ذكرنا . وعليه فعموم البعث نحو رد التحية شامل للصبي المميز وخروج غير المميز تخصصى لعدم القابلية للخطاب وبعد رفع الالزام عنه بمعونة حديث الرفع يبقى أصل البعث بحاله في حقه مقتضيا لجواز رده السلام وكفايته من الرد الواجب على جماعة المسلم عليهم بمقتضى اطلاق الخبرين. فما في الجواهر من عدم كفاية المستحب عن الواجب أو انصراف الدليل عن رد الصبي في غير محله واما ما عن بعض المتأخرين من خروج الصبى عن تحت الخطابات الاولية خطاباً وملاكاً أما خطاباً فلان البلوغ قيد شرعى لها وأما ملاكاً فلانه لا يخلو اما ان يكون ملاك الحكم في الصبى غير الملاك في البالغ قضاء لدخل القيد الشرعى فى الملاك ، واما أن يكون متحدا وعلى الاول فالامر واضح وعلى الثاني فلاريب في آكدية الملاك فى البالغ ، ففيه أولا أن سنخ استحباب السلام الابتدائى وسنخ وجوب الرد ليسا بكفائيين بل هما عينيان انحلاليان واكتفاء الشارع بسلام وجواب واحد من الواحد عن الجماعة تسهيل منه . وثانياً على فرض كفائية السنخ فلا يتنوع الطلب الى الوجوب والاستحباب اذ لم توضع هيئة افعل وما بمعناها للوجوب بل مفاد الهيئة بسيط عبارة عن البعث المشترك بين البالغ وغيره غاية الأمر أن الشارع سهل الأمر على الصبي برفع المؤاخذة عنه في تر که فعموم قوله : ردوها : للصبى كعمومه للبالغ على نحو واحد وشرع سواء . وثالثا على فرض تنوع الطلب وخروج الصبى عن عموم قوله : ردوها : فقد

ص: 130

عرفت دلالة النص على كفاية السلام أو الجواب من الواحد عن الجماعة واطلاقه شامل للصبى المميز لانه أحد الجماعة ويصدق عليه انه واحد منهم فهذا النص باطلاقه حاكم على الادلة الأولية المقتضية لانحلال الوجوب وكونه عينيا في حق كل فرد فرد من الجماعة المسلم عليهم فظهر أن ابتناء كفاية رد الصبي المميز على عبادية الرد وشرعية عبادات الصبى لا التمرينية فاسد ، وذلك لعموم قوله تعالى أوردوها الشامل له ولا طلاق النص الدال على الاكتفاء برد الواحد عن الجماعة الشامل له .نعم لو قلنا بانه كالبهائم ولا اعتبار بافعاله واقواله وأن عمده خطاء لتم عدم الكفاية لكن التحقيق اعتبار ماذكر له وما ورد من أن عمد الصبي وخطائه واحد مسوق لاثبات حكم الخطاء على عمده فى باب الديات بقرينة ماورد من أن عمده و خطائه واحد تحمله العاقلة وليس وارداً لنفى اعتبار قصده في عالم التشريع مطلقاً فالحق وفاقاً لجمع من الاصحاب الاكتفاء برد الصبي المميز ودعوى انصراف خبری ابنى ابرهيم وبكير عنه غير مسموعة .

(السابع) المشهور وجوب اسماع جواب السلام تحقيقا أم تقديراً وينبغى أن يراد من الاسماع التقديرى ان يكون في الاسماع اقتضاء السماع فلو كان في البين مانع كعبور المسلم بالسرعة أو خرسه او نحو ذلك لم يجب على المجيب الجواب أزيد من المتعارف من حيث جوهر الصوت لا التقديرى بمعنى فرض السماع بأن يقال باكتفاء الرد على نحو لو كان قريباً للغاية لسمع وبعبارة أخرى التقدير يستند الى وجود المانع لا الى قصور المقتضى . وذهب جماعة الى عدم وجوب الاسماع واستدل للاخير باطلاق دليل وجوب الرد وبأصالة البرائة عن القيد الزائد وفيه أنهما محكومان بدليل وجوب الاسماع ان اثبت كما ستعرفه واستدل للاول بوجوه منها الاجماع وفيه أنه في محل الخلاف ومظنون المدركية لو لم يكن معلومها ومنها الانصراف وفيه أنه بدوى ومنها النص الخاص كخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي (1) المشتمل على تعليل السلام بقوله : كان الناس فيما مضى اذا سلم عليهم وارد أمنوا شره وكانوا اذا ردوا عليه أمن شرهم وان

ص: 131


1- الوسائل الباب 1 من التسليم الحديث 13.

لم يسلم لم يأمنوه وان لم يردوا على المسلم لم يأمنهم وذلك خلق فى العرب . و خبر ابن القداح (1)عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال اذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه ولا يقول سلمت فلم يردوا على ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم فاذا رد أحدكم فليجهر برده ولا يقول المسلم سلمت فلم يردوا على (الحديث). وفيه أنه لا دلالة لشيئ من الخبرين على المدعى ، أما الأول فلان الامن من الشر حكمة لا علة ضرورة عدم الشر فى أكثر موارد السلام والرد بل في أفضل موارد السلام الابتدائى كالسلام على الانبياء والائمة صلوات الله عليهم والعلماء والصلحاء فلا يمكن جعل ذلك علة يدور مداره الحكم كي يستكشف منه بالالتزام وجوب الاسماع.

وأما الثاني فلانه ناظر (بقرينة الأمر بالجهر بالسلام الابتدائى المستحب وبقرينة تعليل الجهر بالرد بعدم قول المسلم سلمت فلم يردوا على) الى الادب الاجتماعى فى عالم التحية والرد ومنها صدق عنوان التحية وهذا الاستدلال متين اذ قد عرفت أن السلام الابتدائى تجليل قولى ورده عوض عن ذلك التجليل . ومن البديهى عدم تحقق التجليل القولى ولا عوضه لدى العرف الا لدى العرف الا مع التفهيم مع التفهيم بالصوت أى الاسماع لا الاشارة باليد أو تحريك الشفة اذ لا يصدق عليهما من دون مجرد اللفظ المسموع التجليل القولى ان القول من مقولة الكيف المسموع ، نعم لا يجب على المجيب سماع المسلم بالمعنى الاسم المصدرى وان كان ذلك محتمل كلام الاردبيلى ضرورة أن ذلك فصل للمسلم وكثيراً ما لا يكون اختيارياً له فكيف يعقل طلبه من غيره وتوهم أن لازم القول بدخول الاسماع في حقيقة التحية عدم الاكتفاء بالاسماع التقديرى وهذا معنى وجوب استماع المسلم على المجيب مدفوع بأن التقدير بمعنى الفرض غير كاف قطعاً وأما بمعنى الاستماع لولا المانع فهو كاف ان يصدق التحية عليه من غير منافات لدخول الاسماع في حقيقة التحية انه لو شككنا في صدق التحية على السلام غير المسموع بالمعنى المختار

ص: 132


1- لباب 38 من أحكام العشرة الحديث 1

فلاريب فى انه مجرى الاشتغال اذ الشبهة مصداقية وعلى فرض كونها مفهومية فالشبهة المفهومية للمحصل مالم يرجع بيانه الى الشارع تكون مجرى الاشتغال وذلك لان وجوب رد التحية معلوم وانما الشك في انطباق طبيعى الرد الواجب على هذا المصداق فلا يتحقق اليقين بالفراغ الا بالاسماع فالحق وجوب الاسماع كما هو المشهور . ثم ان وجوب الاسماع هل يعم حال الصلوة أم لا ، ربما يقال بالثانى للامر بالخفاء في صحيح منصور بن حازم (1)ترد عليه خفيا والنهى عن رفع الصوت في موثق عمار ابن موسى (2) اذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلوة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك ، والحق الأول لان الخبرين معارضان مع صحيح محمد بن مسلم (3) الوارد في اسماع أبي جعفر (علیه السلام) رد سلام محمد بن مسلم في الصلوة ومقتضى ذلك عدم خصوصية للصلوة فى الاسماع من حيث الجواز الوضعى ، فلابد من حمل الأمر بالاخفاء والنهي عن رفع الصوت فى الخبرين اما على كراهة رفع الصوت في الصلوة ازيد من المتعارف أو حملهما على التقية وحيث أن الحمل الأول بلاشاهد والتقية شاهد خارجى وهو اتفاق العامة على عدم جواز الرد القولى في الصلوة فالاج--ود حملهما على التقية .(الثامن) اذا سلم من وراء الحائط أو مناداة من بعيد أو بواسطة القاصد أو الكتابة فهل يجب رده أم لاقال العلامة (قدسّ سره) في التذكرة : لو ناداه من وراء ستر أو حائط فقال السلام عليك أو كتب وسلم فيه أو أرسل رسولا فقال سلم على فلان فبلغه الكتاب والرسالة قال بعض الشافعية يجب عليه الجواب والوجه أنه ان سمع النداء وجب والافلا انتهى ، وقد استجوده غالب الاصحاب والسر فيه أن السلام كما عرفت تحية اسلامية قولية فمع سماع صوت المسلم ولو من وراء الحائط أو الستر أو من البعيد يتحقق مصداق التحية القولية الاسلامية فيجب ردها بلا اشکال بخلاف ارسال شخص سلام غيره فله صور ثلاثة الأولى تسبب الشخص بسلام الغير كما اذا سلم عن فلان فضولا أو للعلم

ص: 133


1- الوسائل الباب 16 من القواطع الحديث 3 و 4 و 1
2- الوسائل الباب 16 من القواطع الحديث 3 و 4 و 1
3- الوسائل الباب 16 من القواطع الحديث 3 و 4 و 1

برضاه ولا ريب في عدم وجوب رده فان حذف الفاعل في الآية الشريفة : اذا حييتم : وان كان يفيد العمرم من جهة التحية لكنها كما عرفت سابقاً كناية عن التجليل القولى الاسلامى وذلك موقوف على الاستناد فلا يشمل التسبب به فالمتيقن من المكنى عنه غير هذه الصورة . الثانية التسبيب على نحو استنابة شخص للسلام على فلان فيقول النائب عند الحضور لدى المسلم عليه سلام عليكم عن فلان والاظهر وجوب رده ضرورة كونه من التجليل القولى الاسلامى مع الاستناد الى المسلم بسبب نائبه فسماع السلام من النائب بمنزلة سماعه من المنوب عنه فيجب زده كما في صورة مباشرته بالسلام .الثالثة التسبيب بدون الاستنابة بمعنى التوكيل في تبليغ السلام فيقول الوكيل في حضور المسلم عليه فلان سلم عليك وصدق التجليل القولى الاسلامى عليه مشكل لعدم كفاية هذا المقدار فى صدق الاستناد فلا يشمله عموم الاية ومع الشك فحيث أن الشبهة حكمية تجرى فيها البرائة مضافاً الى استقرار السيرة القطعية من المتشرعة على عدم الالتزام برده لا على الالتزام بعدم الرد فيجوز ويصدق عليه مطلق التحية لكن لا يجب بعنوان رد التحية الاسلامية .وأما خبر أبى كهمش (1) قال قلت لا بيعبد الله (علیه السلام) عبد الله بن يعفور يقرؤك السلام قال وعليك وعليه السلام أذا أتيت عبد الله فاقرئه السلام (الحديث) . فمضافا الى ضعف السندبابی کهمش لعدم ثبوت وثاقته وان امكن دفعه برواية الحسن بن محبوب الذي يكون من أصحاب الاجماع عنه غير ظاهر في وجوب الرد لانه حكاية فعل الامام (علیه السلام) فالمتيقن منه الرجحان كيف وقد أضاف الامام (علیه السلام) السلام على المبلغ بقوله عليك وعليه السلام كما تعارف هذا النحو من الرد في المتشرعة وذلك غير واجب قطعاً ومن هنا علم حكم كتابة السلام ضرورة عدم صدق التجليل القولى الاسلامى عليها وان صدق عليها مطلق التحية وفي الجواهر لا يصدق

ص: 134


1- الوسائل الباب - 43 - من أحكام العشرة الحديث 3 .

التحية على النقوش ولكنه كما ترى وبالجملة لايشملها عموم وجوب رد التحية الاسلامية . بل استقرار السيرة القطعية على عدم الالتزام بالرد هنا أكد من التسبيب على نحو التوكيل في تبليغ السلام ومع فرض الشك يكون مجرى البرائة لما عرفت ، وأما صحيح ابن سنان : رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام : فقد عرفت سابقا قصورة دلالة عن اثبات الوجوب المصطلح لكون الوجوب لغة وعرفا هو الثبوت الاعم من الرجحان. (التاسع اذا سلم ملحوناً فهل يجب رده أم لا وعلى فرض الوجوب فهل يجوز الرد بالملحون أم لا و على الثانى فهل يجب المماثلة في الصلوة أم لا الحق هو التفصيل بين ما اذا كان اللحن في الصورة غير مغير للمعنى كالوصل بالحركة أو عدم رعاية مخرج العين في عليك و نحو ذلك مما صارت لدى العرف كالحقيقة الثانوية لصيغة السلام فحيث يصدق عليه عنوان التجليل الاسلامى القولى الذى هو عنوان قصدى يجب رده بمقتضى عموم الاية وبين ما اذا كان اللحن في الصورة غير مغير للمعنى وان لم يصل في التعارف الحقيقة الثانوية لكن صدق عليه مع ذلك التحية القولية الاسلامية فيجب رده أيضا بمقتضى عموم الآية وبين ما اذا كان اللحن في على قوام الصيغة مخرجالها عن حقيقتها بحيث لا يعرف غالباً منشأ ذلك الملحون وأنه أخذ من أية صيغة نظير ما تعارف بين العوام في بعض البلدان من قولهم (الأمل) أو قولهم (إلا) فلا يجب رده ضرورة عدم صدق التحية القولية الاسلامية عليه . وأما الجواب فى الصورتين الأوليين فلا يجوز بالملحون بل يجب صحيحا لانصراف عموم ردوها عن الرد بالملحون وتوهم أن الانصراف إنما هو في الأمور التوظيفية وليس كذلك رد السلام مدفوع بأن منشأ الانصراف غير منحصر في التوظيف ففى المقام منشأه تفاوت الأفراد من حيث القدرة على الصحيح وعدمها فلا ينسبق إلى الذهن من عموم ردوها الرد بالملحون من القادر على الرد بالصحيح بل لا يصدق عليه التحية عرفاً بعد الالتفات الى القدرة على الصحيح والمفروض اشتغال الذمة بوجوب

ص: 135

الرد فلا تحصل البرائة اليقينية إلا بالرد الصحيح ولا فرق فى ذلك بين حال الصلوة وغيرها لاطلاق الدليل وتوهم وجوب الرد بالملحون في الصلوة قضاءاً للمماثلة المعتبرة فيها مدفوع أولا بما قدمناه من عدم ثبوت وجوب المماثلة وثانياً بأن المماثلة المعتبرة في الصلوة على القول بها أنها هي من جهة لزوم التوافق فى النقص الكمالي نظير خلو الجواب عن زيادة ورحمة الله وبركاته على اشكال فيه ايضاً كما سيأتي أو تقديم الظرف اذا لم تكن الزيادة أو تقديم الظرف فى السلام لا من جهة النقص القوامي كما في الملحون .(العاشر) اذا سلم الواعظ أو الخطيب على أهل المجلس ففى العروة اطلاق القول بوجوب رد واحد من أهل المجلس والحق هو التفصيل بين ما اذا قصد الواعظ بتسليمه التجليل أن التحية القولية الاسلامية كما شاهدناه في بعض البلاد من مخاطبة الواعظ على المنبر مع الجالسين سيما علمائهم بالتسليم وجوابهم لسلامه فيكون تحية اسلامية بلا اشكال ويجب ردها بمقتضى عموم الاية .

وبين ما اذا صدر ذلك من الواعظ على سبيل العادة من قبيل قرائة خطبة أو انشاد شعر في صدر كلامه غير قاصد معناه بل وكثيراًما غير ملتفت الى المعنى أو غير فاهم له كما شاهدناه في بعض البلاد من بعض الوعاظ فلا يجب رده لان التحية الأسلامية كما عرفت عنوان قصدى موقوف على المخاطبة فبدون قصد المخاطبة أو قصد المعنى فضلا عن عدم فهمه لا يتحقق عنوان التحية الاسلامية أصلا فوجوب الرد من السلب بانتفاء الموضوع ومع الشك فى قصد المخاطبة تجرى البرائة فى قصد المخاطبة تجرى البرائة عن الوجوب فان الاصل الأولى بحسب ظاهر حال المسلم وان كان قصد التحية الاسلامية لكن الاطلاع على وجود نوعين في سلام الواعظ قرينة على خلاف هذا الظاهر توجب الشك الموضوع للبرائة .ومما ذكرنا يعلم حال السلام المسموع من الشريط أو الاذاعة وأنه حيث لا مخاطبة فيهما فلا يجب الرد ومع الشك فى قصد المخاطبة فعلا من شخص خاص حاضر فى محل الاذاعة تجرى البراثة عن وجوب الرد لكون الشبهة موضوعية.

ص: 136

وأما السلام المسموع من التلفون فلوجود المخاطبة وقصدها فيه غالباً يصدق عليه التحية القولية الاسلامية فيجب ردها كما في سائر العناوين القصدية المسموعة منه كالا قرار بالشهادتين من كافر يعرف السامع شخصه فيترتب عليه أحكام الاسلام أو اجراء صيغة الطلاق ممن يعرف شخصه وقصده ونحو ذلك فان التلفون آلة لاتصال الصوت . فدعوى انصراف الدليل عن هذا السلام والجواب أو عدم تعارف هذا النحو من الايصال زمن صدور الادلة غير مسموعة ان مضافا الى عدم ثبوت عدم تعارف ايصال الصوت بآلة ما كالحبل المفتول فى ذلك الزمن لا يصلح مجرد عدم التعارف فى ذلك الزمن للقرينية على حرف وجهة عموم اللفظ بعد صدق العنوان عليه حقيقة لدى العرف عن ماصدق عليه وذلك غير عزيز في الكبريات الشرعية فكم لنا من كبريات لم تكن مصاديقها متعارفة زمن الصدور ثم تعارفت بعد ذلك بل مما ذكرنا علم حكم ما اذا سلم راكب وغاب وأنه لا يجب جوابه لعدم كونه مخاطبة فما عن المحقق الاردبيلي (قدسّ سره) من وجوب رده بمتابعته واسماعه الجواب مهما أمكن ومع تعذره فالرد بدون وجود المخاطب في غير محله. (الحادي عشر) اذا سلم الاخرس بتحريك لسانه أو الاشارة باليد ونحوها فهل يجب الرد واذا كان في جماعة المسلم عليهم فأجاب فهل يسقط عن الباقين فيه وجه مبنى على قيام اشارته مقام اللفظ فى الموارد التي يعتبر فيها اللفظ كالقرائة والتشهد والاذكار الواجبة في الصلوة وتلبية الحج وصيغة الايجاب والقبول فى البيع على المشهور من اعتبار اللفظ فيها وصيغة عقد النكاح أو الطلاق ونحو ذلك ولاثبات ذلك طريقان أحدهما التنزيل العرفى بدعوى أن العرف يرى اشارة الاخرس قائمة مقام السلام أو الرد وغيرهما من الالفاظ المعتبرة في الموارد . وفيه أن العرف ينزل اشارته منزلة مفاد اللفظ كالتحية أوردها من العاجز عن اللفظ لا منزلة لفظ سلام عليكم مثلا فلا يراه متلفظاً بالتحية بل مؤديا لمفادها وعلى فرض التنزيل منزلة نفس اللفظ فالتنزيل المرفى غير كاف في صدق العنوان المأخوذ

ص: 137

فى لسان الدليل لان التنزيل يرجع الى الالحاق الحكمى والعرف ليس بمشرع . ثانيهما التنزيل الشرعى المستفاد مما ورد في قرائة الاخرس كمعتبر السيكونى (1) عن أبيعبد الله (علیه السلام) قال تلبية الاخرس وتشهده وقرائة القرآن في الصلوة تحر بك لسانه واشارته باصعه.وفيه أنه ليس فى الرواية اطلاق لفظى يدل على تنزيل اشارته منزلة اللفظ مطلقا وانما يتوقف استفادة التنزيل على القاء الخصوصية واصطياد الاطلاق من الرواية والاطلاق الاصطيادى بمنزلة الدليل اللبى ولابد من الاخذ بالقدر المتيقن منه فلا يشمل غير الصلوة والحج من التوظيفات فضلا عن ما ليس بتوظيفى كالسلام ورد السلام وحميث عرفت سابقاً أن دلالة الآية الشريفة على وجوب رد السلام انما هي على نحو الكناية فلا اطلاق لها يشمل إشارة الأخرس ، بل المتيقن منه غيرها فمقتضى الصناعة عدم وجوب رد تحية الاخرس وعدم سقوط الرد عن الباقين اذا كان في جماعة المسلم عليهم وأجاب نعم الاحوط ردها في غير الصلوة مطلقا وفي الصلوة بصيغة سلام عليكم بقصد القرآن او الدعاء. فروع : (الاول) اذا سلم جماعة على واحد فأجاب بصيغة الجمع نظير سلام عليكم بقصد رد الجميع كفى لان رد التحية كأصلها عنوان قصدى والمفروض قصد المتكلم بضمير الجمع الرد على جميع أفراد المسلمين فيصدق عليه رد التحية الواجب جزماً . (الثاني) اذا سلم شخص واحد مرات عديدة ولم يتخلل بينها جواب من المسلم عليه فهل يجب تكرر الرد بعدد السلام أم يكفى الرد مرة واحدة الحق هو الثاني لان المقام من قبيل تداخل الاسباب لان التداخل مورده ما اذا لم يكن لكل فرد من الطبيعى سببية للحكم وبعبارة أخرى اذا كانت أشخاص الاسباب موضوعات متعددة للحكم الشرعى نظير باب الجرائم والكفارات والحدود فلو قذف شخصاً واحداً مرات وجب اجراء حد القذف عليه مرات بخلاف ما اذا علمنا عن الشرع كون الجامع

ص: 138


1- الوسائل الباب 59 من القرائة فى الصلوة .

سبباً للحكم و بعبارة أخرى لحاظ الطبيعى موضوعاً في عالم جعل الحكم لا أفراده بالاستقلال تظير باب المنزوحات ان الموضوع لاستحباب نزح اربعين دلاء من البئر متلا هو وقوع طبيعى الكلب فيها والجامع بين أفراده فلو وقع في البئر كلاب متعددة دفعة واحدة أو تدريجا بلا تخلل النزح كفى تزح أربعين دلاءاً مثلا للجميع ، ومن هذا القبيل رد التحية إذ الموضوع الوجوب الرد طبيعى التحية فاذا تكررت يكفى رد واحد عن الطبيعى وان كان الاحوط تعدد الرد مالم يوجب تكرار السلام خروجه عن صدق عنوان التحية والا كان وجوب الرد من السلب بانتقاء الموضوع . (الثالث) أو قال المسلم سلام بحذف عليكم فحيث أنه من صيغ السلام كما في القرآن : فقل سلام قسوف تعلمون : فهل يجوز للمصلى أن يجيب سلام عليكم قيل لا قضاءاً لاعتبار المماثلة في الصلوة ولكن الحق ه-و الجواز وفاقاً لجماعة بصاحب العروة (قدسّ سره) وغيره لان حذف ما يعلم جائز عرفاً عادياً وشرعاً كما عرفت في الاية الشريفة .

فالجواب بسلام علیکم جواب بالمثل دون الزيادة وعلى فرض التسليم فقد عرفت هي بالنسبة الاشكال في وجوب المماثلة فى الصلوة وعلى فرض الوجوب فالمماثلة انما الى تنقيص الجواب دون الزيادة عليه مثل عليكم فتأمل (1) . (الرابع) لو سلم سخرية أو مزاحاً أو تعليماً كقول الوالد لولده في مقام تعليم السلام قل لهذا الشخص سلام عليكم فلا يجب الرد لان السلام كما عرفت عنوان قصدى والمفروض عدم قصد عنوان التحية به فى الامثلة فهى نظير الامثلة النحوية كقولك في مقام بيان المبتدأ والخبر : زيد قائم : التي لم يقصد بها معانيها العرفية . (الخامس) اذا سلم على أحد شخصين ولم يعلم أيهما أراد المسلم كانا كواجدى .

ص: 139


1- لان العمدة عدم وجوب المماثلة اذ مع وجوبها لامجال لما ذكرنا في هذا الفرع وبعض الفروع السابقة

المنى فى الثوب المشترك من حيث اجراء كل واحد البرائة بالنسبة الى تكليف نفسه فان قلت يلزم مخالفة الواقع من ذلك قلت مخالفة الواقع بمجردها لا توجب شيئاً كما فى الشبهات البدوية حكمية وموضوعية وانما الموجب للعقاب استناد المخالفة والترك الى المكلف وهو موقوف على علم المكلف بالحكم المفروض انتفائه في حق كل واحد من الشخصين وهذا بخلاف دوران التكليف بين شيئين كالعلم بنجاسة أحد الانائين فان العلم بأصل الحكم حاصل للمكلف فقياس الشخصين بالشيئين ف--ي ذلك باطل .(السادس) اذا تقارن السلامان من شخصين فهل يقع كل عوضا عن الآخر على نحو التهاتر القهرى الحق هو العدم لان رد التحية كأصلها عنوان قصدى والمفروض عدم قصدهما الرد بل السلام الابتدائى فيفترق مع الرد موضوعاً وهو واضح وحكما من جهة استحباب الاول ووجوب الثانى فيجب على كل منهما رد سلام الاخر. (السابع) هل يجوز الرد بالأحسن في الصلوة قبل لاقضائاً لاعتبار المماثلة في الصلوة ولكن الحق هو الجواز لما عرفت من الاشكال في وجوب المماثلة وعلى فرض التسليم فهى انما تعتبر بالنسبة الى النقيصة دون الزيادة كالرد بالاحسن فيبقى عموم : فحيوا بأحسن منها : بحاله شاملا لحال الصلوة . (الثامن) لاريب في جواز السلام على المصلى قضائاً لتقرير الامام (علیه السلام) تسليم محمد بن مسلم عليه فى الصلوة حيث أجاب فى الصلوة ولم يردعه عن التسليم على المصلى بعد ما فرغ من صلوته (علیه السلام) وللاخبار المتسفيضة التي كادت تبلغ حداً من التواتر الواردة فى وجوب رد السلام في الصلوة وكيفية الرد وغير ذلك من أحكامه حيث يستفاد منها مفروغية جواز السلام على المصلى والا لم يهتموا بجوابه هذه الاهمية ومن ذلك يعلم عدم الحاجة لاثبات الجواز الى التمسك بما رواه الشهيد (قدسّ سره) في الذكرى (1) قال : روى البزنطى عن الباقر (علیه السلام) قال : اذا دخلت المسجد والناس

ص: 140


1- الوسائل ، الباب 17 من القواطع ، الحديث 3

يصلون فسلم عليهم واذا سلم عليك فاردد فاني أفعله فان عمار بن ياسر مر على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وهو يصلى فقال السلام عليك يارسول الله ورحمة الله وبركاته فرد عليه السلام لما عرفت سابقا من ضعف سنده لعدم ثبوت نقل الشهيد (قدسّ سره) له وجادة عن جامع البزنطى فلعله رواه عنه مرسلا . نعم لو اغمضنا عن سنده و فرضنا صحته فلا مجال للاشكال في دلالته من جهة اختصاص مورد الأمر بالسلام على جماعة المصلين فلا يشمل السلام على مصل واحد ضرورة دلالته على جواز ذلك بالفحوى مضافا الى اشتماله على سلام عمار على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وهو يصلى ورد النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) عليه وكيف كان فلا اشكل في الجواز مطقاً لكن المشهور كراهته متمسكين بوجهين أحدهما اعتبارى هو تشويش خاطر المصلى بذلك في خضوعه الصلوتي ومنعه عن التوجه الى المعبود تعالى وفيه أن الاعتبار ليس بمشرع فهذا النحو من الاستحسان قاصر عن اثبات حكم شرعى هو كراهة السلام على المصلى بعد فرض ترخيص الشارع في أصله وكون المرخوص فيه مستحباً بالطبع. ثانيهما تعبدى هو خبر ابنى صدقة وعلوان (1) ففى الأول عن جعفر بن محمد عن أبيه قال لا تسلموا على اليهود والنصارى الى ان قال ولا على المصلى وذلك لان المصلى لا يستطيع أن يرد السلام لان التسليم من المسلم تطوع والرد فريضة (الحديث). وفى الثاني عن جعفر بن محمد (علیه السلام) قال كنت أسمع أبي يقول اذا دخلت المسجد الحرام والقرم يصلون فلا تسلم عليهم وسلم على النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ثم أقبل على صلوتك واذا دخلت على قوم جلوس يتحدثون فسلم عليهم : اذمقتضى الجمع بين النهى عن السلام على المصلى فيهما وبين الأمر به فى غيرهما الحمل على الكراهة وفيه قصور الخبرين عن اثبات الكراهة . أما الاول فبعد الاغماس عن سنده عاجلا الى أن يقع التأمل فيه قد علل النهى فيه بتعليلين لا يمكن الاخذ بشيرء منهما أما التعليل بعدم استطاعة الردفلانه

ص: 141


1- الوسائل الباب - 17 - من قواطع الصلوة

لواريد عدم الاستطاعة خارجاً على رد السلام فخلافه محسوس بالوجدان ولواريد عدم الاستطاعة شرعاً فهو موقوف على ثبوت المنع الشرعى عنه مع قطع النظر عن هذه الرواية وهو أول الكلام مضافا الى أنه على فرض ثبوت المنع خارجاً يكون النهى عن السلام عليه ارشاداً الى لغويته حيث لا يجوز للمصلى رده لا تعبديا كي يكون فيه الحزازة بقرينة الأمر به فى سائر الاخبار . وأما التعليل بكون السلام الابتدائى سنة و الجواب فريضة فلانه لو كان تعليلا لاصل الحكم أى عدم التسليم على المصلى لكان غلطا اذ لا ربط لوجوب رد السلام على المصلى بعدم جواز السلام عليه بل المناسب مع وجوب الرد جواز السلام عليه ولو كان تعليلا للعلة الأولى لكان أغلط ان معناه ليس للمصلى قدرة شرعية على رد السلام لانه مأمور شرعاً برد السلام والتأويل فى العلة الأولى بحملها على وجود المشقة في الجواب يكون بلاشاهد والافلو وصلت النوبة الى التأويل فالاحسن حملهما على مورد التقية لان المصلى فى حال التقية لا يمكنه رد السلام حيث لا يقول العامة بجوازه فضلا عن وجوبه مع أن الرد فريضة والابتداء بالسلام سنة فارتكاب فعل مندوب من المسلم يوجب ايقاع المصلى فى ترك الواجب تقية وحينئذ يستقيم كلا التعليلين فان قلت اجمال التعليل لا يسرى إلى المعلل فبعد رفع اليد عن التعليلين لاجمالهما يبقى أصل النهي عن التسليم على المصلى بحاله مقتضياً للحمل على الكراهة بعد الجمع بينه وبين الأمر المستفاد من سائر الاخبار قلت كلا عدم السراية مخصوص بغير العلة ان العلة ناظرة الى ملاك الحكم فاجمالها طبعاً يسرى الى الحكم فالخبر قاصر عن اثبات الكراهة . وأما الثانى فربما يناقش فيه سنداً باشتماله على الزيدية لكتابينا في محله اعتبار هذا السند للعلم بوتاقة قولهم فلايضر الخلل في مذهبهم وانما الاشكال في دلالته من جهة كونه قضية في واقعة فلا تصلح لاثبات كبرى المنع عن التسليم على المصلى حيث لا نعلم بجهة المنع عن السلام على أولئك القوم الذين كانوا يصلون في المسجد الحرام لولم نقل يكون جهته التقية بقرينة أن المصلين جماعة في المسجد الحرام زمن

ص: 142

الصادق (علیه السلام) كانواهم العامة غالباً وبالجملة فلم يثبت لنا كراهة السلام على المصلى فيبقى الجواز المستفاد من التقرير والمفروغية بحاله نعم لا تضايق فى رجحان الترك عقلا لاحتمال المنع شرعاً .

(التاسع) يستحب الابتداء بالسلام فقد ورد الحث الاكيد فيه في الاخبار ففى عبد الله بن سنان ان البادى بالسلام أولى بالله وبرسوله وفى مصحح الثمالي عد من اخلاق المؤمن انصاف الناس وابتدائة اياهم بالسلام عليهم وفى معتبر السكونى عن رسول الله (صلی الله علیه آله وسلم) : أولى الناس بالله وبرسوله من بدء بالسلام . وفي معتبره الاخر عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : السلام تطوع والرد فريضة الى غير ذلك من الاخبار (1) والتعبير بالأولى بالله وبرسوله يدل على أنه أقوى ملاكاً و وأكثر ثواباً من جوابه الواجب نظير زيارة سيد الشهداء روحي له الفداء الذى هو مندوب أفضل من الواجب كالحج وسر الافضلية صدور الفعل مع الاستحباب عن رغبة الفاعل وشوقه لا عن خوف العقاب على الترك فتحمل مشاق الزيارة وصرف المال فى سبيلها عن الرغبة والشوق أفضل عما اذا كان خوفا من العقاب فأحب الله تعالى للعبد درك هذه الفضيلة. فلم يجعل الزيارة واجبة.وهكذا في مورد الابتداء بالسلام فما اشتهر بين الأصوليين من تعريف الواجب بما فيه ملاك ملزم أقوى والمندوب بما ليس فيه ملاك ملزم في غير محله لان قوة الملاك وضعفه لابد من كشفهما من الدليل التعبدى وقد عرفت وجود مندوبات أقوى ملاكاً من الواجبات في الشرع .(العاشر) يستحب السلام على المسلم عند التوديع كما ورد في القرآن وقل سلام فتامل. وفي الاخبار كموثق مسعدة بن صدقة (2) عن جعفر بن محمد أن النبى(صلی الله علیه وآله وسلم)

ص: 143


1- الوسائل الباب - 32 و 33 - من أحكام العشرة .
2- الوسائل الباب - 52 - من أحكام العشرة

قال اذا قام الرجل من مجلس فليودع اخوانه بالسلام فان أفاضوا في خير كان شريكهم وان أفاضوا في باطل كان عليهم دونه . (الحاديه شر) يستحب أن يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد واذا لقيت جماعة جماعة يسلم الاقل على الاكثر واذا لقى واحد جماعة يسلم الواحد على الجماعة وأن يسلم الصغير على الكبير وأصحاب البغال على أصحاب الحمير وأصحاب الخيل على أصحاب البغال كما وردت بذلك كله الاخبار (1). ( الثاني عشر) هل يجب جواب سلام الصبى أم لا الحق هو التفصيل بين غير المميز الذى لا يتألم بعدم رد سلامه فلا يجب رده لعدم صدق التحية عليه وبين المميز الذى يتألم بعدم الرد فيجب رده لصدق التحية عليه والموضوع لوجوب الرد في الاية انما هو عنوان التحية أى الاسلامية من غير تقيده بالواجب أو المندوب فلا يتوقف وجوب الرد هنا على القول بشرعية عبادات الصبى بمعنى وجود الأمر بها ولا بمعنى عبادية السلام المفروض عدمها قطعاً وانما يتوقف على دخول السلام تحت عنوان التحية.نعم يتوقف على القول بالشرعية بمعنى اعتبار قصده وكلامه وعدم كونه كالبهيمة ان يكون سلامه بمنزلة صوت البهائم حينئذ فلا يقع موضوعا للرد لكنك عرفت سابقا عدم كون الصبى كالبهيمة بل قد عرفت سابقا اشتراك المميز مع البالغ في الخطابات الأولية من جهة عدم كون البلوغ قيد اشرعيا لها بل رفع الالزام عنه تسهيلا فضلا عن دلالة أخبار خاصة على أنه يكتب له الحسنات ولاشك أن الفريضة حسنة فاذا أتى بها الصبى يكتب لها أجرها غاية الأمر عدم الالزام عليه بفعلها وحمل تلك الاخبار على حسنات خصوص المندوبات دون الواجبات فيكتب له نافلتا المغرب والعشاء مثلادون فريضتيهما تقييد في اطلاقها بلا شاهد والتمسك بحديث الرفع لذلك ناش عن عدم فهم مفاده.الثالث عشر، هل يجوز رد التحية بغير السلام في الصلوة كقوله كيف أصبحت أو

ص: 144


1- الباب - 45 - من أحكام العشرة

صبحكم الله بالخير أم لا قد عنون العلامة (قدسّ سره) هذا النوع فقال فيه تردد والاقوى عندى الجواز لصدق التحية : لكنك عرفت أن حيتم فى الاية الشريفة كناية عن التحية الاسلامية أى السلام فلا دليل على وجوب رد مطلق التحية واذا خرج عن التحية الاسلامية يكون من كلام الادمى المبطل المصلوة .(تنبيه) اذا شك في وجوب رد السلام اما بالشبهة الموضوعية كما اذا شك في أن المسلم سلم عليه أو على غيره أو أن ما صدر منه قرآن أو سلام ابتدائي أو أنه جواب سلام المسلم أو سلام ابتدائى أو أنه بعنوان التحية أو الاستهزاء أو التعليم و نحوهما مما لا يجب رده واما بالشبهة الحكمية كما اذا شك في وجوب رد سلام الصبي المميز أو المرئة أو السلام الملحون ولم يستظهر من الادلة وجوبه أو عدمه فمقتضى الاصل البرائة من الوجوب وهذا بالنسبة الى غير الصلوة مما لاثمرة فقهية فيه لعدم الشبهة في جواز الرد بل رجحانه .وأما بالنسبة الى حال الصلوة فربما يشكل في جريان البرائة عن وجوب الرد من جهة أن لازمه حرمة التكلم به فى الصلوة الموجب لبطلانها وأصالة البرائة قاصرة عن اثبات ذلك كسائر الاصول العملية مضافاً إلى أنها أصل امتناني (شرطه) عدم تولد حكم آخر منه لكنك عرفت الجواب عنه سابقا بأن عموم من تكلم في الصلوة متعمداً فعليه الاعادة انحلالي شامل لكل كلام من كل شخص في كل حال كما أن عموم استثناء جواب السلام في الصلوة من ذلك انحلالي شامل لكل جواب من كل شخص على كل مسلم . فاذا شك فى وجوب رد السلام في مورد فقد شك في خروجه عن عموم من تكلم فاصالة البرائة عن الوجوب أو عدم التخصيص الزائد يوجب بقائه تحت عموم من تكلم فأصالة العموم هو الدليل على حرمة التكلم به في الصلوة دون أصالة البرائة أو عدم عدم التخصيص الزائد.

نعم لوقلنا يكون الخاص منوعا للعام موجباً لتقيده بقيد عدم الخاص كان التمسك بعموم من تكلم في المقام من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لكن

ص: 145

المبنى فاسد كما بيناه في محله فالتمسك بذلك لبطلان الصلوة بلا محذور لكن بعض الاساطين حيث اختار هذا المبنى ملك في المقام لاثبات بطلان الصلوة طريقا أن بعض الاحكام الشرعية يقع موضوعا لحكم آخر ومثاله غير عزيز في أبواب الفقه وذلك الحكم الموضوع الحكم آخر على نوعين واقعی و تنجيزي ، فان كان واقعياً ينحصر طريق احرازه المستلزم لترتب الحكم الاخر عليه أو احراز المستلزم لنفى ذلك الحكم بالامارة أو بالأصل المحرز كالاستصحاب وأما الاصول الصرفة كالبرائة والاشتغال فقاصرة عن اثباته أو نفيه.وان كان تنجيز يا يمكن احرازه اثباتياً أو نفياً بكل من الاصل المحرز وغيره ففى المتزاحمين نظير انقاذ أحد الفريقين يكون التزاحم في ناحية تنجيز الحكمين من جهة عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما بلا تكاذب بين دليل الحكمين فى ناحية المبعل فينفى تنجيز أحمد الحكمين بالبرائة لدى الشك يمكن احراز موضوع الاخر والمقام من هذا القبيل فان أهمية وجوب رد السلام لدى الشارع سبب للحكم بالرد في الصلوة فتنجيز الوجوب مزاحم لحرمة التكلم وبعد رفع الوجوب بالبرائة يبقى حرمة التكلم بلا مزاحم . وان شئت المثال لموضوعية حكم لاخر فانظر الى قوله (علیه السلام) ان الله اذا حرم شيئاً حرم ثمنه فان الحرمة وان كانت أعم لكن بمناسبة الحكم والموضوع من كون حرمة الثمن في مورد القدرة على الاداء يعلم كونها عبارة عن التنجز وذلك موضوع لحرمة الثمن : انتهى ملخصا وفي كلامه جهات من الخلل منها احتساب التنجيز من مراتب الحكم مربوطا بجعل الشارع يضعه أو يرفعه بالاصل الحكمى كالاشتغال أو البرائة معان ما يرتبط بالشارع ليس الا جعل الحكم . وأما ما بعد الجعل من فعلية الحكم وتنجزه أى الباعثية فلار بطله بمرحلة الجمل وانما هى من ملازمات الحكم خارجاً عقلا فليس للحكم مراتب فضلا عن كونها اربعة كما يظهر من المحقق الخراساني (قدسّ سره) الا ان يريد بها سير الحكم بعد جعله

ص: 146

في تلك المراتب بحسب الخارج غير المربوط بعالم الجمل فيصح كلامه وكيف كان فالتنجز خارج عن مرحلة جعل الحكم غير مربوط بالشارع .ولذا نقول ان العلم والقدرة من الشرائط العقلية للتنجز لامن القيود الشرعية للحكم وأما العقل فهو شرط مقوم لموضوع التكليف اى المكلف وأما البلوغ فهو شرعى للمؤاخذة ولذا ورد في بعض الاخبار بأن المجنون اذا عمل عملا يكتب له أجره وأن مثله مصاب بالبلاء وليس بمجنون وقد ذكرنا ذلك مفصلا في كتاب الحج عند التعرض لاشتراطه بالعقل والتمانع فى المتزاحمين انما هو في مرحلة الامتثال بحكم العقل ولذا لابد من رعاية أهم الملاكين في تقديم أحدهما على الآخر والا فيتخير في امتثال أيهما شاء طبعاً فترك الاهم عصيان الحكم العقل في مرحلة الامتثال وفعل المهم امتثال لحكم الشرع المتعلق به من أول الأمر بلا تأسيس جعل جديد فيه حين ترك الاهم . ولذا قلنا في محله بأن الترتب ليس له الامقدمة وحيدة هي أن القدرة قيد شرعی للخطاب حتى يكون الترتب محالا أم قيد عقلى للتنجز حتى يكون الترتب بديهياً فالقائل بالاستحالة ذهب الى الاول والقائل بالصحة لابد وأن يذهب الى الثانى هذا حال كبرى التزاحم التى زهم كون المقام من صغريانها ومنها جعله المقام صغرى للتزاحم بدعوى أن أهمية وجوب رد السلام لحكم الشارع برده في الصلوة اذ فيه. أولا أن لازمه جعل ماهو بمنزلة المعلول للشيىء بواسطتين في رتبة العلة لذلك الشيءء فان التنجز فى طول الحكم بمرتبتين جعل الشارع للحكم وعلم المكلف بالحكم وقدرته على الامتثال فكيف يعقل كونه سبباً لجعل الحكم من قبل الشارع فسببية أهمية وجوب رد السلام لحكم الشارع بالرد في الصلوة معناه علية معلول الشيىء بواسطتين لوجود ذلك الشيىء وهو مستحيل عقلا بل أهميةرد السلام الذى ه-و متعلق الوجوب سبب لتخصيص الشارع عموم من تكلم فى صلوته متعمداً فعليه الاعادة بعموم اذا حييتم بتحية فحيوا الاية .

ص: 147

وثانياً أنه ليس للشارع جعل جديد بالنسبة الى رد السلام في الصلوة كي يكون جعل هذا الوجوب الخاص مسبباً عن أهمية وجوب رد السلام عنده وانما وجوب الرد في الصلوة بمقتضى نفس عموم وجوب الرد في الآية بعد ما كان المانع من تطبيقه على المصلى عموم من تكلم فى صلوته وقد دفعه الشارع ببيان تخصيص عموم من تكلم بعموم الآية فى الاخبار الخاصة المرخصة لرد السلام في الصلوة اذ قد عرفت سابقا أنها للارشاد الى استثناء جواب السلام عن الكلام المبطل فيبقى على حكمه الطبعى أى الوجوب المستفاد من الاية وغيرها ومن هنا علم أن المقام ليس من قبيل جعل حكم موضه عالحكم آخر كما زعمه هذا القائل وهذه جهة أخرى من الخلل في كلامه والعجب أنه في مقام بيان مفاد الاخبار المرخصة في رد السلام في الصلوة يصرح بكونها مسوقة لدفع توهم الحظر ومع ذلك يجعل المقام من صغريات وقوع حكم موضوعاً لحكم آخر ومنها تمثيله بقوله (علیه السلام) ان الله اذا حرم شيئاً حرم ثمنه ان فيه. أولا أن المحرم فيه عبارة عن ذوات الاشياء الخارجية كالخمر والخنزير والكلب وغيرها من الاشياء المحرمة وان كان باعتبار تعلق فعل المكلف بها فمتعلق الحرمة و ان كان اولا وبالذات هو الفعل في عالم الثبوت لا الشيىء الا انه في عالم الاثبات يكون على العكس كما هو ظاهر.وثانياً على فرض تسليم شموله ولو بالاطلاق للافعال كحرمة مكث الجنب في المسجد أن تنجز الحرمة كما عرفت ليس من مراتب الحكم ومربوطا بالجعل حتى يكون حكما موضوعاً لحكم آخر هو فساد المعاملة كالاجارة .وثالثاً على فرض تسليم ذلك ولو حسب مبناه الفاسد أن مناسبة الحكم و الموضوع لا تقتضى جعل الحرمة ناظرة الى عدم القدرة على التسليم اذ لاقرنية على تعيين ذلك فلم لا يكون المناسبة كون الشيىء المحرم غير نافع فان الصحة والفساد في المعاملات تختلفان حسب أغراض الناس والاغراض تتبع المنافع . وقد رأى الشارع عدم النفع في تلك الاشياء فحرمها فمع امكان ذلك لا موجب

ص: 148

لاخذ بذاك الاحتمال لو لم نقل بان ماذكرناه أقرب بالاعتبار وبالجملة فلا التنجز مربوط بالحكم ولا المقام من صغريات باب التزاحم ولا من صغريات جعل حكم موضوعا لحكم آخر ولا التمثيل بالرواية مطابق للمدعى .فهذا الطريق لاثبات بطلان الصلوة برد السلام لدى الشبهة الوجوبية الحكمية أو الموضوعية خوفاً من صيرورة اصالة البرائة مثبتة للتكليف مخدوش من جهات قاصر عن اثبات المدعى والعمدة في سلوكه اختيار المبنى الذي أشرنا اليه من كون التخصيص منوعا للعام مع أنه مستحيل تبونا من جهة استحالة ناعتية العدم و خلاف ظاهر دليل الخاص اثباناً من جهة عدم دلالته التزاماً على تقييد موضوع العام بضد عنوان الخاص وتفصيل ذلك ذكر ناه فى مبحث العام والخاص من الأصول بل الحق فى طريق اثبات ذلك ما بيناه فتدبر جيداً . المسئلة الثالثة يجوز أن يدعو ] في الصلوة بل هو مندوب مرغوب فيدو يجوز أن يدعو لنفسه أو على عدوه كما يجوز الدعاء [ بكل دعاء يتضمن تسبيحاً أن تحميداً أو طلب شيىء مباح من أمور الدنيا والآخرة قائماً وقاعداً وراكماً وساجداً ] أو يتضمن ذكر النبي (صلی الله علیه واله و سلم) كما في صحيح الحلبي : كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي (صلی علیه وآله وسلم) فهو من الصلوة : وفي مصحح ابن مهزیار مايناجي ربه وفى مرسل الصدوق كلما ناجیت به ربك الى غير ذلك من الاخبار التي ذكرناه فى مبحث السجود أنما الكلام فيما ذكره المصنف بقوله ولا يجوز ان يطلب شيئاً محرما ولو فعل بطلت صلوته والعلامة في محكى التذكره بقوله الدعاء المحرم مبطل للصلوة اجماعاً لانه ليس بقرآن اجماعاً ولا دعاء مأمور به بل منهى عنه والنهي يدل على الفساد : انتهى والحق عدم الحرمة تكليفا وعلى فرضها فعدم البطلان وضعاً وذلك لفساد ما استدل به على الأمرين أما الاجماع المدعى فى كلام العلامة (قدسّ سره) فلانه كغالب الا جماعات المنقولة في كلام الفاضلين (قدهما) في مورد الخلاف حتى من المدعى في بعض الاحيان فيدعى في كتاب ويخالفه هو (قدسّ سره) في كتابه الاخر ولان تعليله فى المقام بأمر آخر يجعله مدركيا ولا أقل من سببية الاقتران بالاستدلال

ص: 149

لاحتمال استناده الى المدرك فليس بحجة تعبدية فالعمدة هو الاستدلال وذلك مبنى على مقدمات ثلاث : الاولى كون طلب الحرام حراماً تكليفا وهو غير ثابت لعدم دليل تعبدى عليه فيما بأيدينا من الادلة ، ودعوى أن طلب المبغوض مبغوض مصادرة بلا برهان والا فلنا أن نقول كتابة المبغوض مبغوضة بل التلفظ بالمبغوض بل لفظ المبغوض مبغوض . نعم طلب الحرام ممن حرمه مع العلم بذلك قبيح عقلا لكن لا دليل على حرمته تكليفا غاية الأمر عدم استبحابته تعالى مثل هذا الطلب .الثانية كون طلب الحرام مفسداً للدعاء مخرجا له عن الدعائية وهو أيضاً ممنوع ، فان النهى على أنحاء ثلاثة تحريمى وتنزيهي ووضعى والدال على الفساد ليس الا الاخير وكون النهى الشرعى المتعلق بطلب الحرام على فرض تسليمه من هذا القبيل غير ثابت.الثالثة كون الدعاء المحرم داخاز تحت كلام الادمى المبطل وهو أيضاً بلا دليل لعدم خروج الدعاء المحرم عن عموم ادلة الدعاء والمناجاة فلم يدخل تحت الكلام المبطل.

المسئلة الرابعة يجوز للمصلى أن يقطع الصلوة اذا خاف تلف م--ال أو قرار غريم أو تردى طفل وما شابه ذلك ولا يجوز قطع صلوته اختياراً] . أما حرمة قطع الصلوة اختياراً فهو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا بل لم يعرف الخلاف في ذلك بين الاصحاب الاممن شذ واستدل له بوجوه منها الاجماع بل حصر بعضهم الدليل به وفيه مضافا الى عدم كونه محصلا ولذا نسبه جماعة الى الشهرة أو قالوا لم يظهر لنا الخلاف أن اقترانه في كلام مثل العلامة (قدسّ سره) بالاستدلال يوهنه ويجعله معل-وم المدركية أو محتملها فليس بدليل مستقل كاشف عن رأى المعصوم (علیه السلام) . ومنها ما استدل به العلامة (قدسّ سره) من أن الاتمام واجب فالقطع محر وفيه أنه لو اريد بوجوب الاتمام وجوب الاتيان بطبيعى الواجب عقلا فهو حق لكن لا ليستلزم ذلك

ص: 150

عدم جواز رفع اليد عن الفرد و تبدیله بفرد آخر ولو اريد به وجوب اتمام الفرد تعبداً فلم يدل عليه دليل ولذا أجاب في الحدائق عن هذا الوجه بأنه مصادرة ومنها ما استدل به صاحب الحدائق (قدسّ سره) من قوله (علیه السلام) تحريمها التكبير كما ورد في جملة من الاخبار ان معناه وقوع المصلى بالتكبير في دائرة الحرمة التكليفية الى ما بعد التسليم الذى هو تحليلها كما ورد في جملة من الاخبار فما بين المبدء والمنتهى يحرم القطع وهو المطلوب . وفيه أن الحل والحرمة هنا لورودهما في المركبات ناظر ان الى الوضع دون التكليف فمعنى تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ان الاتيان بالمنافيات يبطل الصلوة فمن أراد اتمام الصلوة فليتحرز عن منافياتها وأما أن الاتيان بالمنافى وقطع الصلوة محرم تكليفاً فهو ساكت عنه وقد يقرب الاستدلال بهذه الاخبار كما في صلوة المحقق الحائرى (قدسّ سره) بأن الظاهر من التحريم فيها الحرمة التكليفية دون الوضعية من جهة المنافيات اذ لم يرد هذا النحو من التعبير : تحريمها كذا وتحليلها كذا في سائر المهيات المخترعة كالوضوء والغسل مع وجود المنافيات لهما أيضاً فهذا يكشف عن بقاء التحريم على ظهوره الاولى في المقام وقد يجاب عنه بأن النافلة خارجة عن تحريم المنافيات فيها بالاتفاق مع المنافيات فيها بالاتفاق مع الاتفاق على منافات المنافيات لها وضعاً فلوكان التحريم تكليفيا لزم ارتدب التخصيص في تلك الادلة بالنسبة الى النافلة فهذه قرينة على كونه وضعيا ، لكن يدفعه أنه بعد تسليم ظهور التحريم في تلك الاخبار بنفسه في التكليف كما هو مبنى هذا الجواب لا يضره خروج النافلة منه بالتخصيص لدليل الاأن يرجع الى تقدم التخصص على التخصيص لدى الدوران بينهما للاولوية فيدفعه أن هذا النحو من الاولوية نظير أولوية المجاز عن الاشتراك وغير ذلك مما ذكر في كلام بعض قدماء الاصوليين بأجمعها استحسانات ذوقية لاتدخل تحت قاعدة محاورية أو عقلية أو تعبدية فلا اعتداد بها في مقام كشف مرادات المتكلم . فالصواب فى الجواب ما اشرنا اليه من أن الحل والحومة في المركبات ظاهر ان

ص: 151

في الوضع نظير لا تحل الصلوة فى وبر ما لا يؤكل لحمه أو تحل الصلوة في وبر يؤكل لحمه أو تحرم الصلوة فى أجزاء الميتة وأمثال هذه التعابير الكثيرة في الاخبار وأما عدم ورود نظير ذلك في مثل الوضوء والغسل فلكون منا فيهما طبيعي الحدث الذي لافرق بين طروه في الاثناء أو وجوده من اول الامر في المنع عن حصول الطهارة بهما فلاحاجة بعد بيان كبرى ناقضية الحدث الى بيان مثل تحريمهما كذا بخلاف منافيات الصلوة فلكثرتها وتباينها سنخاً ورد تحديد أمدها بما بين التكبير والتسليم أى من حين التلبس بأول جزء من الصلوة الى حين الفراغ من آخر جزء منها. مضافا إلى أن مصب التحريم والتحليل لما كان هو المهية فكونهما ناظرين الى ما يرتبط بالمهية أنسب من النظر الى ما يتعلق بها من فعل المكلف أي قطعها وكيف كان فلا ظهور لهما عرفاً في التكليف. ومنها الاخبار الواردة في نقص الركوع والسجود نظير صحيح زرارة (1) من ابيجعفر (علیه السلام) قال بينا رسول الله (صلی الله علیه و اله وسلم) جالس في المسجد اذا دخل رجل فقام يصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) نقر كنقر الغراب لأن مات هذا وهكذا صلوته ليموتن علی غیر دینی. بتقريب أن الظاهر من قوله لكن مات هذا وهكذا صلوته التوبيخ على ترك اتمام فرد الصلوة فيكشف عن مبغوضية قطع الفرد بخصوصه لاترك الصلوة الذى هو أمر عدمى. وفيه اولا أن مورد الرواية نقص الركوع والسجود في الفرد المستلزم لعدم تطبيق الطبيعى على الخارج لفرض عدم تبديل هذا الفرد بفرد آخر من هذا المصلى فالتوبيخ على هذا الأمر الوجودى لاعلى الأمر العدمي . وثانياً أن الظاهر من قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) لئن مات الخ التوبيخ على نقص الصلوة لا ابطال الفرد . وثالثا سلمنا عدم التوبيخ على نقص الصلوة ركوعاً وسجوداً الا انه من الجائز

ص: 152


1- الوسائل الباب - 3 - من الركوع .

التوبيخ على عدم تحسين الركوع والسجود بالخصوص لكونهما من أعلى مظاهر العبودية أن ما أتى به منهما كان شبه الاستهزاء بالمعبود و يؤيد هذا الاحتمال أو يشهد به تشبيه النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لهذا النحو من الركوع والسجود بنقر الغراب وبالجملة فهذا النوع من الأخبار أجنبى عن افادة حرمة قطع الصلوة تكليفاً. ومنها صحيح حريز (1) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال اذا كنت في صلوة الفريضة فرأيت غلاماً لك قد أبق أو غربما لك عليه مال أو حية تتخوفها على نفسك فاقطع الصلوة فاتبع غلامك أو غريمك واقتل الحية بتقريب أن تعليق الامر بقطع الفريضة على المذكورات في صياغ الجملة الشرطية يدل بالمفهوم على النهي عن قطعها عند عدم المذكورات والنهى ظاهر فى الحرمة ويدفعه أن الشرطية محققة للموضوع فليس لها مفهوم اذ الشرط عبارة عن الكون في صلبة الفريضة مع رؤية الغلام الأبق أو الغريم أو الحية ومع انتفائه لاموضوع للقطع . والسر فى ذلك أن القيد المأخوذ فى الشرطية لابد وأن يكون ناظراً الى تقسيم المحمول بتقييد الموضوع لالتحقيق الموضوع لتنويع المحمول حتى ينعقد له ظهور في المفهوم وفي المقام ليس كذلك فليس له عقد السلب اذ هو من السالبة بانتفاء الموضوع وقدية رب الاستدلال كما في صلوة المحقق الدائرى (قدسّ سره) بأن تعليق الامر بالقطع على الاسباب المذكورة يدل على جواز القطع عندها و حيث أنها تختلف الموارد وجوباً وندباً وغيرهما فالجواز المعلق عليها يكون بالمعنى الاعم وحيث أن الاسباب المذكورة أمثلة للجامع بينها وه-و الحاجة والضرورة فالقطع يكون من ذوات الاسباب وجوازه معلق على كبرى الحاجة والضرورة العرفية ومفهوم اللقب وان لم يكن في نفسه حجة لكنه في مقام القاء الضابط كما في المقام حجة وفي مقابل الجواز بالمعنى الاعم هو المنع شرعاً فيدل الرواية على أن قطع الصلوة لغير ضرورة وحاجة ممنوع شرعاً والمنع الشرعى هو الحرمه ويدفعه أن الأمر بالقطع في الرواية يحتمل ثبوتاً أحد وجوه أربعة .

ص: 153


1- الباب - 21 - من القواطع الحديث 1 .

أحدها بيان الجواز لدفع توهم الحظر وعليهذا الاجتمال لاظهور للرواية في حرمة قطع الصلوة لغير الضرورة اذ بيان الجواز في مورد توهم المنع لا يدل على اختصاصه بمورد التوهم. ثانيها بيان الجواز في مورد المنع بأن يكون حرمة القطع مفروغا عنها في الشريعة مرتكزة في أذهان المتشرعة ويكون الأمر بالقطع بصدد رفعها من مورد الحاجة والضرورة وعليهذا يدل على مطلوب المستدل لكنه موقوف على تمامية مقدمات ثلاث: احديها كون المنع مرتكزاً في أذهان المتشرعة . ثانيتها ظهور الأمر بالقطاع في الرواية في النظر الى رفع المنع .ثالثتها كون المنع تكليفيا وكلها مخدوشة . ثالتها الارشاد الى حكم العقل بجواز رفع اليد عن الفرد لحاجة دنيوية ثم تطبيق طبيعي المأمور به علی فرد آخر نظیر ما تقدم سابقاً من سئوال أبي حبيب بيب عن جواز الضرب بيده على الحائط فى صلوة الليل لايقاظ الغلام الموك-ل بالرحى و ترخيص الامام (علیه السلام) في ذلك بقوله : نعم أنت في طاعة الله عز وجل تطلب رزقه : أى لا منافاة بين طلب الرزق مع العبادة .فكذا في المقام يراد أنه لامانع من طلب الغلام الابق أو الغريم اللذين فيهما حفظ المال ومن قتل الحية الذي فيه حفظ النفس ورفع اليد من الصلوة لاجل ذلك ثم امتثال الطبيعى فى ضمن فرد آخر والحضور لدى الرب عزوجل. رابعها ترجيح أحمد الراجحين على الآخر في مقام التزاحم ، فان العاقل الذى يكون بصدد امتثال أمر المولى لاداعى له الى رفع اليد عن الفرد وابطال ما بيده من مصداق المأمور به بل لا يحب ذلك فهو في نفسه راجح كما ان حفيظ المال والنفس في نفسه راجح فيتزا حمان في مورد الرواية ولهذا رجع الشارع الثاني بالامر بالقطع وأخذ الغلام والغريم وقتل الحية .

ومما يشهد بأن مساق الرواية مساق الرجحان دون اللزوم سياقها أى وقوع

ص: 154

الامر بقطع الصلوة فى سياق الأمر بمتابعة الغلام والغريم وقتل الحية الذى لاشك لدى أحد في عدم ارادة اللزوم فيه بل بيان الرجحان وهذا الاحتمال أرجح فلو لم نقدمه اثباتاً على سائر الاحتمالات الثبوتية فلاريب في عدم ظهور الرواية في خصوص ثانيها فهى اما ظاهرة فى خلاف مطلوب المستدل واما مجملة وعلى أى تقدير قاصرة عن افادة حرمة قطع الصلوة تكليفا .نعم لا وجه للخدشة في سندها بالارسال ان مضافا الى وجود حماد الذى هو من أصحاب الاجماع في سند الكلینی قدرواه الصدوق بسند صحيح عن أبيعبد الله (علیه السلام) كما نقلناه ومماذكرنا علم حال الاستدلال بموثق سماعة (1)قال سألته عن الرجل يكون قائما في الصلوة الفريضة فينسى كيسه أو متاعاً يتخوف ضيعته أوهلاكه قال يقطع صلوته ويحرز متاعه ثم يستقبل السلوة قلت فيكون فى الفريضة فتغلب عليه دابة أو تقلب (تفلت) دابته فيخاف أن تذهب أو يصيب فيها عنت فقال لا بأس بأن يقطع صلوته ويتحرز و يعود الى صلوته : بناءاً على ارادة استيناف الصلوة من قوله يعود الى صلوته اذ يجرى بالنسبة الى قوله (علیه السلام) في الفقرة الاولى يقطع صلوته الاحتمالات المتقدمة ثبوتا واجماله اثباتاً وأما قوله (علیه السلام) في الفقرة الثانية لا بأس بأن يقطع فغايته الترخيص في القطع فى المورد بلاظهور له في عقد السلب ضرورة كون الفيود في كلام السائل دون الامام (علیه السلام) . نعم كان من الجائز أن يتفضل (علیه السلام) في الجواب ببيان كبرى جواز القطع مطلقا أو عدم جوازه لكنه (علیه السلام) لم يبين اما لعدم احتياجه لديه (علیه السلام) الى البيان واما للايكال إلى أصالة البرائة من حرمة القطع فى غير مورد السئوال مع أنه على فرض الظهور في عقد السلب فمفهوم نفى البأس وجود البأس فى القطع اختياراً وهو أعم من الحرمة مضافا الى عدم ظهور يعود الى صلوته فى الاستيناف فلعله ناظر الى البناء على صلوته من الموضع الذى تركه كما صرح به في معتبر السكونى (2) عن جعفر عن أبيه عن على (علیه السلام) أنه قال في رجل يصلى ويرى الصبى يحبو الى النار او الشاة تدخل البيت

ص: 155


1- الوسائل الباب - 21 - من القواطع الحديث 2 و 3 .
2- الوسائل الباب - 21 - من القواطع الحديث 2 و 3 .

لتفسد الشيىء قال فلينصرف وليحرز ما يتخوف ويبنى على صلوته مالم يتكلم وعليهذا لاربط له بحرمة قطع الصلوة اختياراً ومن ذلك ظهر حال الاستدلال بموثق عمار بن موسى (1) قال سئلت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يكون في الصلوة فيقرء فيرى حية بحياله يجوز له أن يتناولها فيقتلها ، فقال ان كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها والافلا : ان مضافا الى جريان بعض الاحتمالات السابقة فيه المانع من الظهور فى حرمة القطع اختياراً يكون مقتضى الجمع بينه وبين صحيح الحلبي (2) أنه سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يخطو أمامه فى الصلوة خطوتين أو ثلاثاً قال نعم لا بأس وعن الرجل يقرب نعله بيده أو رجله في الصلوة قال نعم : الحمل على الكراهة اذا كان بينه وبينها أزيد من خطوة واحدة مع أن الموثق ليس ناظراً الى قطع الصلاة جوازاً ومنعاً بل ناظر الى عدم انقطاعها بالخطوة ولو بشهادة صحیح الحلبي فليحمل على نقص الصلاة. ومنها الاخبار الواردة فيمن دخل في الصفوة متيمماً ثم وجد الماء في الاثناء (3) الدالة على عدم قطع الصلوة اذا وجده بعد الدخول في الركوع بدعوى ظهورها في عدم جواز قطع الصلوة اختياراً ويدفعه أن تلك الاخبار كما ذكرناه في مبحث التيمم ناظرة الى اكتفاء الشارع بالتيمم بعد الدخول فى الركوع وعدم الاكتفاء به قبل ذلك فهى اجنبية عن حكم قطع الصلوة اختياراً فهذه الاخبار علاجية غير مربوطة بحرمة قطع الصلوة اختياراً . ومنها صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (4)قال سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه أيصلى على تلك الحال أو لا يصلى فقال ان احتمل الصبر ولم يخف اعجالا عن الصلوة فليصل وليصبر

ص: 156


1- الوسائل الباب - 19 - من القواطع الحديث 4 .
2- الباب - 30 - من القواطع
3- الباب - 21 - من أبواب التيمم .
4- الباب - 8 من القواطع .

بدعوى أن الصبر عبارة عن الصلوة كما في قوله تعالى : واستعينوا بالصبرو الصلوة : والاعمال المتجاوز عن الصلوة هو ابطالها بالحدث والظاهر من لام الامر في قوله فليصل وليصبر الوجوب فالمعنى أنه مع التمكن من اتمام الصلوة وعدم خوف بطلانها بمبادرة الحدث يجب الاتمام ولا يجوز رفع اليد عن الصلوة ولا نعنى بحرمة القطع اختيارا الاهذا ويدفعه أن الظاهر من جملة : أيصلي الخ : كون السئوال عن جواز ادامة الصلوة وعدمه لتوهم ما نعية الغمز في البطن عن صحة الصلوة لا عن جواز قطعها اختياراً وعدمه ويدل عليه مضافا الى هذه القرينة الداخلية أعنى دخول همزة الاستفهام على جملة يصلى قرينة خارجية هى الاخبار الواردة في حكم الحاقن والحاقنة الدالة على كراهة الصلوة مع مدافعة الاخبئين فالامر بالصبر والصلوة ترخيص في الادامة لدفع توهم الحظر بلا ظهور له في الوجوب . ومنها قوله (علیه السلام) في صحيح زرارة وابي بصير (1) لا تعود وا الخبيث من أنفسكم نقض الصلوة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لماعود : (الحديث) وقد استدل به أستاد الكل الوحيد البهبهاني (قدسّ سره) وتقريب الاستدلال أن الظاهر من النهى عن تعويد الخبيث أى الشيطان بنقض الصلوة وقطعها ، حرمة القطع اختياراً ويدفعه أن تعويد الشيطان من النفس انما هو بالنسبة الى ما يكون مركز تسلطه وتعوده من ابن آدم غالباً وهو الخيال فانه لوركب على القوة المتخيلة من انسان أضله في أمر دينه وديناه ولم يدعه حتى يكون قد خسر: الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين وأكثر ما يدخل به الشيطان على الانسان الشك والوسواس فى العبادات وغيرها ولذا اهتم الشارع بالمنع عن خلجان النفس مهما أمكن في الصلوة فنفى اعتبار جملة من الشكوك وألغى شك كثير الشك في شئون الصلوة وغير ذلك مما يكشف عنه التأمل في أخبار أحكام الخلل والحديث من هذا القبيل فالمنع عن تعويد الشيطان انما هو بالاعتناء بكل شك ووسوسة ورفع اليد عن الصلوة لاجله فلاربط له بحرمة قطع الصلوة اختياراً .

ص: 157


1- الوسائل الباب - 16 - من الخلل الحديث 2 .

فتلخص أن الاخبار فى نفسها قاصرة عن افادة حرمة قطع الصلوة اختياراً . فلنرجع الى الاجماع الذى ناقشنا في كونه دليلا فنقول ان تكاتف الاصحاب عن سلف مع شدة ورعهم ويقويهم فى أمر الدين والاحكام على الافتاء بحرمة قطع الصلوة اختياراً وتسالمهم على ذلك بحيث لم يتفوه أحد منهم بالخلاف اللهم الا بعض معاصرى صاحب الحدائق (قدسّ سره) حيث حكى عنه الافتاء بالجواز صريحاً بل استقرار سيرة المتشرعة على الالتزام بعدم جواز القطع سيرة مستمرة الى زمن الائمة عليهم السلام يوجب الحدس القطعى عن رأى المعصوم (علیه السلام) . بل على عكس ما احتملناه أولا من استناد الاجماع الى الاخبار المذكورة يمكن جعل الاجماع والتسالم والسيرة كاشفاً انياً عن مصب تلك الاخبار من المحتملات الثبوتية التي ذكرناها في مثل صحيح حريز وموثق سماعة وغيرهما وأن المراد بها رفع المنع التحريمي عن مورد الحاجة والضرورة من الامثلة المذكورة فيها وان سئوال السائلين فى تلك الاخبار المتظافرة عن جواز بعض الافعال في الصلوة قدنشأ عن تسالم أصحاب الائمة عليهم السلام واستقرار سيرة المتشرعة في تلك الازمنة على حرمة القطع اختياراً وبالجملة فذلك كله من الاجماع والتسالم والسيرة وتراكم الاخبار المزبورة لا يدع الفتيه بداً الفتيه بداً عن الافتاء بالحرمة .ثم ان هناك جهات من البحث (الأولى) في مورد حرمة القطع وأنه يعم النافلة أم يختص بالفريضة وعلى الثانى فهل يعم الفريضة بالعرض أم يختص بالفريضة بالاصل وعلى الثانى فهل يعم الفريضة بالأصل النافلة بالفعل لعارض أم يختص بالفريضة بالفعل بحسب الاصل وعلى الثانى فهل يعم غير اليومية كالايات أم يختص باليومية فنقول أما النافلة فلاريب في خروجها عن المورد اجماعاً ونصاً. أما الاول فلان الاجماع والسيرة دليل لبي فالقدر المتيقن من موردهما غير النافلة . وأما الثاني فلاقحام قيد الفريضة في جملة من النصوص المتقدمة وأما الفريضة بالعرض فكذلك بمقتضى لبية الدليل اذا كان ه-و الاجماع والسيرة فالمتيقن منهما

ص: 158

غيرها وبمقتضى ظهور الفريضة فى لسان الاخبار في ما يكون بحسب اصل الجعل فريضة لازمة لا في الواجب بحسب الاصطلاح الاصولى أى فيما تركه العقاب ولو لعارض كالنذر وشبهه . وأما الفريضة بالأصل النافلة بالعرض كصلوة العيدين فهي خارجة عن القدر المتيقن من الدليل اللبى وهو الفريضة بالفعل بحسب أصل الجعل كالصلوات اليومية والايات . نعم احتمل في الجواهر انصراف كلمات الاصحاب الى خصوص اليومية لكنه بلاوجه فيعم مورد الحرمة غير اليومية من الواجب الفعلى بالاصل كصلوة الايات .(الثانية) في أسباب جواز القطع وأنها مخصوصة بخوف الضرر على النفس أو الغير أو المال كما فى الوسيلة أو يعم الضرر على العرض أو مال الغير كما يظهر من الدروس ومن الأمثلة المذكورة لمورد الجواز في المنتهى أو يعم كل حاجة أو ضرورة رفية كما عليه مشهور الطبقة الثالثة أو يعم الحاجة المطلقة حتى مثل حبة الشعير أو الحنطة كما يظهر من الشهيدين فى الذكرى وغيره فى غيره حيث قسما قطع الصلوة الى أقسام وحكما عليه بالاحكام الخمسة الحرمة كالقطع اختياراً والوجوب.كما اذا توقف عليه حفظ النفس المحترمة أو مال واجب الحفظ شرعاً والاستحباب كقطع ناسى الاذان والاقامة لدرك فضيلتهما أو المعلى فرادى لدرك فضيلة الجماعة والاباحة كما اذا توقف عليه حفظ مال غير يسير لكن غير واجب الحفظ شرعاً والكراهة كما اذا توقف عليه حفظ مال يسير كحبة شعير أو حنطة وجوه و احتمالات أحسنها أو سطها لا التفريط بتخصيص السبب بخوف الضرر على نفسه أو غيره أو ماله أو بخوف الضرر ولو على عرض أو مال الغير ولا الافراط بالتعميم للحاجة المطلقة الشاملة المثل حبة شعير أو حنطة بل الحد الوسط وهو مطلق الحاجة والضرورة العرفية لان ذلك هو القدر المتيقن من النصوص المتقدمة بعد القاء الخصوصية عن الامثلة المذكورة فيها واصطياد الكبرى من بينها فضلا عن الاجماع والسيرة ونحوهما من الادلة اللبية فان الغلام الابق والغريم فى صحيح حريز أعم ممن يمكن التسلط عليهما بعد

ص: 159

الفراغ من الصلوة لدى الاستمرار فيه او عدم قطعه الاجل أخذهما و ممن لا يمكن ذلك في حقه وكذا قتل الحية أو سائر الامثلة المذكورة فى سائر النصوص فان تخصيص ذلك كله بمورد لزوم دفعها فعلا و انحصار قضاء تلك الحاجة بقطع الصلوة وعدم التمكن من علاجها مع اتمام الصلوة خلاف اطلاق تلك النصوص بل واطلاق معقد الاجماع في كلام القدماء الذين هم الأصل في هذا الاجماع المنكشف ذلك الاطلاق من استثنائهم صورة الضررو الضرورة والحاجة .كما أن تعميمها للحاجة المطلقة كحبة شعير أو حنطة خارج عن حوصلتهما بل القطع لمثل ذلك على حد تعبير صاحب مصباح الفقيه (قدسّ سره) ولنعم ما عبر ] يكون بمنزلة القطع اختياراً فمقتضى الصناعة هو الوقوف في السبب المجوز للقطع عند مطلق الحاجة والضرورة العرقية أى كلما تعلق به غرض عقلائي ديني أو دينوى .ثم ان ماذكرنا من جواز القطع للضرورة العرفية مخصوص بصورة توقف دفع الضرورة على قطع الصلوة وعدم امكان قضاء حاجته في الصلوة مع التحفظ عليها فلو امكن ذلك كما اذا امكن أخذ الغلام الابق أو الغريم أو قتل الحية بالمشى خطوة واحدة مستقبل القبلة لم يجز قطع الصلوة لذلك أما عقلا فلعدم الملازمة بين دفع الضرورة وبين القطع وأما عرفا فلانتقاء الموضوع أعنى صدق الحاجة والضرورة الى القطع وأما شرعاً فلظهور تفريع متابعة الغلام والغريم وقتل الحية على الأمر بالقطع في صحيح حريز المتقدم في الترتب ومقدمية القطع لقضاء الحاجة ودفع الضرورة ونص معتبر السكونى المتقدم في البناء على الصلوة بعد احراز ما يتخوف . وقوله مالم يتكلم من باب المثال لعدم استلزام سائر القواطع فلايدل على صحة الصلوة ولو مع استدبار القبلة كما قديتوهم ولاجل ثبوت الحرمة لدى عدم التوقف عقلا وعرفاً وشرعاً كما ذكرناه جعله العلامة (قدسّ سره) في المنتهى فرعاً برأسه. (الثالثة) ذكر الشهيد (قدسّ سره) في الذكرى بعد تقسيم قطع الصلوة الى الاقسام الخمسة أنه فى القسم الواجب لو خالف القطع فاستمر في الصلوة بطلت للنهى المفسد للعبادة : فان ذلك بظاهره ناظر الى اقتضاء الأمر بالشيىء للنهى عن الضد وقد عرفت

ص: 160

سابقا فساده كبرى لعدم الاقتضاء وصغرى لكون النهى على فرضه طريقيا عقليا لا مولوياً ولان النهى المولوى على فرضه انما يدل على الفساد اذا كان ناظراً الى الوضع أى القواطع والموانع والنهى المستفاد من الأمر بالشيء على فرضه ليس من هذا القبيل فمقتضى القاعدة صحة الصلوة مع الاستمرار فيها لدى وجوب القطع لكن صاحب الجواهر (قدسّ سره) قد أتعب نفسه الزكية في توجيه كلام الشهيد (قدسّ سره) بما يخرجه عن مسئلة الضد انتصاراً للفقيه بل للفقه بدعوى وجود الامر الخاص بقطع الصلوة في المقام كما في صحيح حريز : فاقطع الصلوة : فالاستمرار في الصلوة لدى وجوب القطع مخالفة للامر الخاص الشرعى فتفسد من هذه الجهة لا من باب مسئلة الضدور بما يجاب عن مقالته (قدسّ سره) بان الاستمرار في الصلوة لو كان نقيض القطع لتم ماذكره لكن نقيضه عدم القطع فالاستمرار ضده ويكون البطلان من باب مسئلة الضد لكن هذا الجواب فاسد صغرى وكبرى. أما الأول فلان القطع أمر عدمى نقيضه الاستمرار الذى هو التدرج في الوجود فهما بمنزلة الفصل والوصل وليسا وجوديين كي يرجع الأمر إلى مسئلة الضد . وأما الثاني فلانه على فرض كون القطع أمراً وجودياً نقيضه عدم القطع لكن الضد العام كعدم القطع مشترك مع الضد الخاص كالاستمرار فى ملاك الاقتضاء نفياً واثباتاً فكما أن الأمر بالقطع لا يقتضى النهى المولوى عن الاستمرار كذلك لا يقتضى النهي مولويا عن عدم القطع بملاك واحد هو عدم كون الأمر الشرعي ذالسانين وظهورين فلايتولد منه النهي المولوى عن شيىء آخر. فالجواب عن مقالة صاحب الجواهر (قدسّ سره) أن الأمر بالقطع هنا ليس للوجوب بل هو اما لبيان الرخصة لدفع توهم الحظر أو لرفع المنع عن مورد الضرورة أوغير ذلك من المحتمالات الثبوتية المتقدمة . وأما في مورد وجوب حفظ النفس أو المال فبعد رفع الحرمة شرعاً عن القطع بهذا الصحيح يبقى ذلك الفعل كا نقاذ الفريق أو حفظ المال المحترم على حكمه الطبعي من الوجوب نظير رفع الحرمة شرعاً عن التصرف في ملك الغير بدون رضاه لدى

ص: 161

توقف الانقاذ عليه وبقاء الانقاذ على حكمه الطبعى من الوجوب فوجوب القطع هناك حکم عقلی طریقی لاشرعى نفسى فالقطع مطلقا ليس بواجب مولوى ولا يتعلق به أمر شرعى فالحق كما ذكرناه صحة الصلوة في الفرض. (الرابعة) لو توقف ازالة النجاسة عن المسجد على قطع الصلوة فقد فصل في العروة بين سعة الوقت فلايجوز القطع ظاهراً وبين ضيقه فلا يجوز جزماً قال (قدسّ سره) : اذا كان فى أثناء الصلوة فرأى نجاسة في المسجد أو حدثت نجاسة فالظاهر عدم جواز قطع الصلوة لازالتها لان دليل فورية الازالة قاصر الشمول عن مثل المقام هذا في سعة الوقت . وأما في الضيق فلا اشكال نعم لو كان الوقت موسعا وكان بحيث لولا المبادرة الى الازالة فاتت القدرة عليها فالظاهر وجوب القطع : انتهى ونوقش في ذلك بأن المستفاد من الادلة حرمة وجود النجاسة فى المسجد فلا معنى لاستقلال وجوب المبادرة الى ازالة النجاسة عن المسجد بدليل لان دليل وجوب الازالة عين دليل الفورية ولذا يكون لدى ضيق وقت الصلوة من باب التزاحم ولابد من اعمال مرجحاته اقول ويمكن تقريب هذا الجواب بأن بعض المبادى يكون نفس وجودها في الخارج بالمعنى الاسم المصدري مبغوضاً أو محبوباً للشارع بلالحاظ الصدور من شخص ما ودخله بالمعنى المصدرى في عالم المبغوضية أو المحبوبية مثل كون القرآن في يد اليهود أو النصارى فانه بالمعنى الاسم المصدرى مبغوض للشارع ومثل مواراة ميت المؤمن تحت الارض حيث استفدنا من أدلة الدفن كون المواراة بالمعنى الاسم المصدرى محبوبا للشارع ومطلوباً من المكلفين بلاكفاية الدفن بالمعنى المصدرى فى أداء الواجب ولو أخرجه الغير بعد ذلك ولذا استكشفنا من نفس الادلة حرمة نبش القبر على المؤمن بلاحاجة الى نص خاص في مورده . ففى المقام يدعى أن المستفاد من أدلة حرمة تنجيس المسجد كون وجود النجاسة فى المسجد بالمعنى الاسم المصدرى مبغوضاً للشارع ففي كل آن من آنات وجود النجاسة يجب رفع المبغوض وليس هناك وجوبان تعلق أحدهما بأصل الازالة

ص: 162

والاخر بالمبادرة اليها كي يبقى مجال الدعوى قصور دليل الفورية عن شمول المقام ب-ل المبغوضية مستمرة مادام وجود النجاسة في المسجد تقتضى رفعها في كل آن فيقع التزاحم بينها وبين دليل الصلوة فى مرحلة الامتثال ولابد من اعمال مرجحات باب التزاحم من غير فرق بين سعة الوقت وضيقه اوحدة المناط فى الموردين ولكن يتوجه عليه أن الدليل اللفظى لحرمة تنجيس المسجد على ما بيناه في كتاب الطهارة فى مبحث أحكام النجاسات من طرق الخاصة غير موجود فيما بأيدينا من كتب الاخبار أصلا بل ولا من طرق العامة بحسب صحاح كتب أخبارهم وبحسب جوامع كتب أخبارهم وانما هو منحصر بنبوى مرسل منقول عن ثالث أقسام كتب أخبارهم أعنى بعض المجاميع المحتوية على متفرقات أخبارهم غير المعتبرة حتى عندهم فضلا عن الاعتبار عندنا الذى لا نقول به في صحاحهم فكيف بغيرها وهو قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) : جنبوا مساجد كم النجاسة .فان قلت أو ليس بنائكم على جبر الضعف بالعمل ، أو ليس الاصحاب يفتون بحرمة تنجيس المسجد فليكن عمل المشهور جابراً لضعف المرسل ودلالته واضحة فيتم المدعى قلت بلى نلتزم بذلك وقد برهنا عليه في محله لكن شرطه الاساسي احراز استناد المشهور من القدماء الى الخبر الضعيف فى الافتاء وأنى لنا بإحرازه في المقام لو لم ندع الخلاف كيف والمرسل منقول عن مجموعة عامية متروكة مجهولة لدى العامة فكيف بالخاصة ولذا أنكر وجوده جماعة وأتعب في تحصيله جماعة آخرون يستبعد النهاية كونه مستند مثل ابن قولويه (قدس سره) واضرا به من القدماء فى الافتاء بحرمة تنجيس المسجد فينحصر مستند الحكم في الاجماع وهو دليل لبي فطبعاً قاصر عن شمول حال الصلوة كما أفاده صاحب العروة (قدسّ سره) . وأما الهتك فليس بمستند ضرورة اختصاصه ببعض الموارد كما اذا كان التنجس بمرأى ومنظر من الناس وكان كثيراً دون بعضها كما اذا ألقى قطرة الدم في زاوية من مسجد كبير أو بال فيه ليلا أو بعيداً عن أنظار الناس ونحو ذلك مما لا يصدق معها الهتك عرفاً فلا كبروية له

ص: 163

كما ان قوله تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام الاية قد ذكرنا هناك عدم إمكان الاخذ باطلاقه لوأريد التعدية عن مورده لاستلزام ذلك القول بحرمة ادخال نجاسة غير متعدية فى المسجد مطلقا ولا يقول به أحدكما لا يمكن القول به فظهر أن دليل وجوب ازالة النجاسة عن المسجد قاصر عن شمول حال الصلوة حتى فى سعة الوقت كي يزاحم دليل حرمة القطع . نعم لما كان كلا الدليلين لوجوب الازالة وحرمة القطع لبيين فلا بد من التعادل في الحكم أى الالتزام بتخيير المصلى بين قطع الصلوة وازالة النجاسة عن المسجد أو اتمام الصلوة ثم الإزالة بعد الفراغ عن الصلوة والعجب من زعم هذا القائل كون المقام حتى فى ضيق الوقت من باب التزاحم ولزوم اعمال مرجحاته فان مع ضيق الوقت ينحصر مصداق طبيعي الصلوة المامور به فى واحد فينطبق عليه قهراً اطلاق الأمر بالصلوة ويكون التقابل بين اطلاق لفظى لوجوب الصلوة ودليل لبي لوجوب الازالة مع أن التزاحم لابد وان يكون بين اطلاقين فهو في ضيق الوقت سالبة بانتفاء الموضوع . نعم قد يوجد بعض مصاديق الازالة أقوى ملاكاً من الصلوة حتى في ضيق الوقت كما لو فرضنا والعياذ بالله أن جائزاً جمل مسجداً جامعاً مذبحاً وكان هناك من يقدر على ازالة النجاسة الموجبة لهتك المسجد وضاق وقت صلوته بحيث لو هم بتعجيل تخليص المسجد عن النجاسة المزبورة الموجبة لهتكه فاتت صلوته ففى مثله نلتزم بتقدم الازالة على الصلوة للقطع بأقوائية ملاكها عن درك الصلوة في وقتها لكن هذا الفرض و نحوه كيف يصلح لاثبات كبرى يقاوم باطلاقها اطلاق دليل الصلوة المفروض انحصار مصداقه في الضيق في الواحد حتى يصير المقام من باب التزاحم فتلخص أن الحق كما نبه عليه صاحب العروة (قدسّ سره) التفصيل بين سعة الوقت وضيقه لكن لا للدليل الذى ذكره (قدسّ سره) م--ن استظهار عدم جواز القطع في السعة والجزم بالحرمة في الضيق بل على النحو الذى ذكرنا من التخيير بين القطع والادامة فى السعة وتعين الادامة في الضيق فتدبر جيداً .

ص: 164

ولبعض الاساطين كلام في نظير المقام من تزاحم الصلوة مع واجب أهم نظير انقاذ غريق للقدرة البدنية على امتثال أحد الامرين والعجز البدلي عن امتثال أحدهما حاصله التفصيل بين صورة علم المكلف بالأمر بالاهم قبل الشروع في الصلوة مع صورة جهله بذلك والالتزام بوجوب القطع في الأولى وحرمته في الثانية بدعوى أن تزاحم الاهم والمهم انما هو فى ناحية تنجز أمرهما من جهة عجز المكلف عن الجمع بينهما بلا تعارض فى مرحلة ملاك الامرين ولا فى مرحلة جعلهما ففى صورة العلم بالامر بالاهم يتنجز ذلك الامر ويكون تنجز الأمر بالمهم أى الصلوة في طول ذلك وتنجز النهى عن قطع الصلوة في طول تنجز الأمر بها فيكون تنجز الأمر بالاهم شاغلامولويا للمكلف ولا يزاحمه النهى عن القطع الذي هو في طوله بمرتبتين فلا يحرم قطع الصلوة لواشتغل بها وترك الاهم بل يجب الاشتغال بالاهم وهذا بخلاف صورة الجهل بالامر بالاهم قبل الصلوة ثم حصول العلم به في الاثناء إذ بعد عدم تنجز الأمر بالاهم للجهل به يتنجز الأمر بالمهم أى الصلوة وبمجرد الاشتغال بالصلوة يتفجر النهى من قطعها فاذا حصل له العلم بالأمر بالاهم كان للمكلف شاغل مولوى عن تنجز الأمر بالاهم وهو تنجز النهى من قطع الصلوة وتنجز النهى عن قطع الصلوة يجعله أهم من ذلك الاهم فيحرم قطع الصلوة ولكن يتوجه عليه .

اولا ، ما أشرنا إليه عند التعرض لحكم الشبهة الوجوبية لرد السلام من أن التنجز اى الباعثية للمكلف ليس أمراً مولوياً من قبل الشارع بل هو وصف خارجي طار على الحكم مستند الى علم المكلف بالحكم ان العلم به يكون موضوعاً لحكم العقل باستحقاق العقاب على تركه فالامر بالمهم ليس فى طول الأمر بالاهم بل هما في مرتبة واحدة غاية الأمر أن العجز البدلى عن امتثال أحدهما مؤمن عقلى على ترك أحدهما وحيث أن أحدهما اهم من الآخر يحكم العقل بصرف القدرة في امتثال أمره. وعليهذا لو ترك الاهم وأتى بالمهم كان ممتثلا لامره ومثاباً عليه وإن كان معاقباً على ترك الاهم بمقدار ماله من الاهمية .

ص: 165

وثانياً ، على فرض كون التنجز مولوياً انه لا فرق بين صورتي وجود العلم بالامر بالاهم قبل الصلوة أو حصوله فيها من حجة تزاحم تنجز الامر بالاهم مع تنجز الامر بالمهم اذ بمجرد حصول العلم بالأمر بالاهم فى الصلوة يتحقق شرط تنجزه فيزاحم تنجز الأمر بالمهم بقاء بالنسبة الى اتمام الصلوة من حيث وجود العجز البدلى عن امتثال احدهما الاهم أو المهم فامتثالهما بقاء وبالنسبة الى بقية الصلوة كامتثالهما قبل الشروع في الصلوة متزاحمان بلاتفاوت بنظر العقل بين التزاحم الحدوثي والبقائي في ماهو ملاك حكم العقل بالترجيح في باب التزاحم وهو الاهمية ، فعدم تنجز الامر بالاهم حدوثاً موقوف على بقاء تنجز الأمر بالمهم وتنجزه البقائي موقوف (حسب الفرض) على عدم تنجز الأمر بالاهم وهذا دور بين . وثالثاً ، تنجز النهى عن القطع ليس بسبب الاهمية وصيرورة المهم أهم ، اذ الاهمية أمر واقعى ملاكي لاخصابى تنجزى واهمية الملاك اما أن تستكشف بسبب العقل كما فى مستغلاته واما ببيان الشارع. نعم لا مجال لاستكشاف اهمية الملاك بل الملاك بنفسه من الحدس والقياس والاستحسانات الذوقية ان الاسبيل لما ذكر في احراز ملاكات الاحكام وبالجملة فمثل انحاء النبي عن الهلاك اذا علم به المكلف في أثناء الصلوة المنكشف أهميته من العقل المستقل فضلا عن الشرح كيف يعقل خروجه ع-ن الأهمية بمجرد تنجز النهى عن قطع الصلوة قبل العلم به وصيرورة ملاكه أقل من ملاك القطع فالاهم لا يعقل تبدله الى المهم بسبب تنجز النهى عن القطع بل هو باق على أهميته أى أقوائية ملاكه ومقتضى ذلك وجوب قطع الصلوة بمجرد العلم به في في الاثناء ومع تركه يعاقب على تفويت الزائد من مصلحة الأهم لاعلى المقدار المتدارك بالمهم فظهر انه لافرق بين الصورتين من جهة وجوب قطع الصلوة اذا زاحمه واجب أهم والتغيير بين قطعها واتمامها اذا زاحمه واجب لم تحرز اهميته وحرمة القطع اذا زاحمه ما احرزنا أهمية قطع الصلوة منه .

ص: 166

(تنبيه) ربما يذكر للصلوة شرطان آخران هما الترتيب والموالاة لكن الأول كما اشرنا اليه في مبحث القرائة شرط محقق للموضوع حسبما يستفاد من أدلة أجزاء الصلوة ومن قوله فى باب الخال كما يأتى الاشارة اليه في محله انشاء الله : يستقبل حتى يضع كل شيء موضعه : اذ بدون الترتيب المعهود بين الاجزاء ينتفى الموضوع أى الصلوة التي أمر بها الشارع . الثانى لادليل على اعتباره بالاستقلال مالم يوجب الفصل بين الأجزاء محوصورة الصلوة المخرج للموضوع من حقيقته فالحق أنهما ليسا بشرطين مستقلين ولذا لم يتعرض لهما القدماء قدس الله اسرارهم . الركن الثالث في بقية الصلوات وفيه فصول، فصل الاول في صلاة الجمعة و من تجب عليه و آدابها ] وهي باجماع الامامية بل المسلمين كافة من فرائض الاسلام على وفیه فضول اختلافهم في كونها منصبية ومن شئون الولاية بحيث تكون اقامتها مخصوصة بالسلطان [ الفصل الاول ] العادل وهو الامام الاصل] مطلقاً أو بشرط بسط يده ، أو كونها منصبية ولكن لا مختصة في صلوة الجمعة بالامام الاصل بل وعامة للمنصوب من قبله اما بالنصب الخاص كولاة المعصومين عليهم السلام أيام بسط يدهم أو بالنصب العام كالفقيه الجامع الشرائط بناء على قصبه بالادلة الما العامة في زمن غيبة ولى العصر عجل الله فرجه ، أو عدم كونها منصبية بل هي واجبة كسائر الصلوات مطلقاً ومن غير اشتراط اقامتها بتولى المعصوم (علیه السلام) أو المنصوب من قبله خاصاً او عاماً لها ، وقبل الورود في جهات البحث لابد من تمهید مقدمات ثلاث. (الأولى) الولاية على قسمين الولاية التكوينية والولاية التشريعية والمراد من الولاية الأولى القدرة على التصرف في عالم الكون ومن البديهي أن القدرة على ذلك بالذات انما هى الله تعالى حيث أن له الاحياء والامانة والخلق والرزق والاعتقاد بذلك انما يسمى بالتوحيد في الافعال وانما الخلاف فى انه هل للنبى والائمة عليهم السلام تلك القدرة أم لا ؟ والمختار أن اعطاء تلك القدرة لهم من الله سبحانه لا ينافي كونهم عباداً مخلوقين بل هو بسط لقدرة الله التامة اذ مقتضاها امكان ايهاب القدرة على التصرف في عالم الكون لعباده المكرمين تشريفاً لمقامهم السامى بان يكونوا ظرف قدرته وعيبة

ص: 167

سلطانه بل اعطائهم لهذه المنزلة موافق مع قاعدة امكان الاشرف فالمانع اذا استند الى استلزام ذلك تعدد الواجب أجبنا عنه بانهم ممن بهم الايجاد لا منهم واذا استند الى عدم الدليل على ذلك أحلناه الى النصوص الواردة في فضائلهم فلهم صلواة الله عليهم الولاية التكوينية من الله وبا يهابها لهم لا مع الله بأن يكونوا شركاء له ، سبحانه وتعالى عما يشركون وأما الولاية التشريعية فهي على ثلثة أقسام : (الاول) الولاية على تأسيس الاحكام ومن الواضح الذى لاشك فيه أن الله تعالى هو الشارع اذله العلم الازلى الذاتى بمصالح العباد ومفاسدهم وله الولاية على التشریع ولا مشرع سواه ولذا تقول بأن التشريع الالهي عبارة عن علم الله بالاصلح نعم اعلام الله المصالح والمفاسد للمعصومين (علیهم السلام) واعطائهم تشريفاً لهم منصب التقنين بأن يكونوا يحللون ما يشاؤن ويحرمون ما يشاؤن فى طول مشية الله بأن لا يشاء وا الا ماشاء الله مجردين عن الاقتراح والاستبداد بالرأى فهو أمر ممكن عقلا ويدل عليه بعض النصوص أما ما نسب الى جمع يسمون بالمفوضة من أن لهم التشريع اقتراحاً فهو مخالف للعقل والشرع . (الثاني) الولاية التامة على الامور العامة والسلطنة الالهية على النظام الاجتماعى بماله من الشئون وبسط الدعوة الى الاسلام ، وتنفيذ أحكامه وهي على نومين نوع غير قابل للانتقال الى الغير، ونوع قابل له والمثال المتفق عليه للنوع الأول عند فقهائنا قدس الله اسرارهم هو الجهاد الابتدائى للدعوة الى الاسلام وقع قمع الكفر ، اذ هو أمر ولائى مخصوص بالسلطان العادل الامام الاصل] ولا ينوب

منابه أحد. نعم الدفاع عند هجوم الكفار واجب ، والمثال المتفق عليه النوع الثاني ، هو القضاء بين الناس وفصل خصوماتهم ، وهذا أمر ولائى ايضاً الا أن الفقيه الجامع للشرائط ينوب مناب المعصوم (علیه السلام) باذن عام من الائمة عليهم السلام للواجد للشرائط المذكورة فى باب القضاء بالقيام لهذه المهمة الاجتماعية . والمثال المختلف فيه بين الاعلام اجراء الحدود اذ ذهب بعض الى كونه من

ص: 168

مختصات الامام الاصل لكونه تصرفاً فى النفوس والاطرافى فلم يجعل الفقيه هذا المنصب . وذهب بعض آخر الى أن اجراء الحدود بيد الفقيه أيضاً وقد ألف السيد السند المعروف بحجة الاسلام الشفتى رسالة فيذلك ولد قضايا في اقامة الحدود معروفة وبعضها في جامع شتاته مذكورة ، وعليهذا لا يكون على الفقهاء تقصير في تعطيل القسم الاول حسب استفادة الجميع من الاخبار الكثيرة كونه من الاخبار الكثيرة كونه من المناصب الخاصة للامام(علیه السلام) لانه تعطل قهرى كما هو واضح . الثالث ، ولاية الاولياء على اشخاص معينين أو أمور خاصة، كولاية الاب والجد و ولاية ولى الميت بالنسبة إلى تجهيزاته وشئونه ووصى الميت بالنسبة الى ما أوصى به فانه توسعة لسلطنة الميت حال حيوته بالنسبة الى أمواله وبسطلها بالنسبة الى ما بعد موته سبب جعل الوسى وولى الطفل والمجنون وغيرهم من الأولياء المخصوصين. وقد جعل الله عز وجل لاوليائه المعصومين صلوات الله عليهم ولاية على أولئك الاولياء بالنصب والعزل وغير ذلك ويمكن أن تكون صلاة الجمعة من قبيل أول نوعى القسم الثاني فتكون ولاية منصبية مخصوصة بالسلطان العادل غير القابلة للانتقال الى غيره وعليه لا تعطيل في زمن الغيبة ولا تقصير على تاركيها بل تعطل لعدم حضور من له الولاية على اقامتها فانظر الى قوله (علیه السلام) اللهم ان هذا المقام الخلصانك لان الظاهر من اللام الاختصاص ثم ان الظاهر منه بعد الاشارة الى فعل صلاة الجمعة هو المنصبية. فالتصرف فى ظهور أمثال هذه الادلة يكون الامام الاصل أولى باقامتها بمعنى انه اذا اقامها غيره ثم حضر الامام (علیه السلام) يتأخر امام الجمعة ويقدم الامام الاصل فيقيم المجمعة تأويل بلا دليل كالتصرف فى كلمات القدماء القائلين بالمنصبية وحملها على ذلك بلا حجة . (الثانية) ان أخذ القيد فى التكاليف على أنحاء ثلاثة الأول أخذه في متعلق التكليف على نحو وحدة المطلوب بحيث لا تكليف أصلا بدونه ولا مطلوبية ولورجحاناً

ص: 169

للمتعلق عند فقده كما في أمر الطبيب باستعمال الماء البارد في مورد تضخم الكلية فان قيد البرودة دخيل في العلاج على نحو وحدة المطلوب بحيث لا يفيد غير البارد م-ن الماء لتضخم الكلية أصلا لاشرياً ولا احتقاناً ولذا يعطى بدله كبسولات خاصة متضمنة لتلك المادة المبردة . الثانى أخذه فى الواجب على نحو تعدد المطلوب بحيث يبقى الوجوب لدى تعذر القيد بأحد الاعذار العقلية أو الشرعية فيمكن التمسك لحكم المهية وفردية الفاقد لذلك القيد الطبيعى المأمور به باطلاق دليل الواجب أو بقاعدة ثانوية حافظة لاطلاق الدليل الأول في رتبة سقوط القيد أعنى تحقق عذر من الاعذار كما في الصلاة بالنسبة الى جملة من أجزائها وشرائطها أجزائها وشرائطها . (الثالث) أخذه في سنخ التكليف فى متعلقه ولا فى أصل رجحانه فيكون المتعلق بدون ذلك القيد راجحاً لا على سبيل اللزوم لكون سنخ طلبه الالزامي مقيداً بذلك القيد كما في الحج بالنسبة الى جملة من شرائطه كالبلوغ والحرية والاستطاعة ان مقتضى الجمع بين على ماذكرناه في كتاب الحج كونها قيودا لوجوب الحج لالاصل المهية على أحد النحوين من وحدة المطلوب وتعدده ولا لرجحانه فحج الصبي والمملوك مشروع راجح لكنه ليس بواجب ولا يجزى عن حجة الاسلام بمعنى أنه اذا بلغ الصبي أو انعتق العبد وكان مستطيعاً كانت عليه فريضة الحج ولم يجز عنها حجه حال الصغر أو المملوكية ولذا ورد فى حسنة مسمع بن عبد الملك (1): لو أن غلاماً حج عشر حجج ثم احتلم كانت عليه فريضة الاسلام ولو أن مملوكاً عشر حجج ثم أعتق كانت عليه فريضة الاسلام اذا استطاع اليه سبيلا : وحضور السلطان العادل بالنسبة الى صلاة الجمعة يمكن ان يكون من هذا القبيل فيكون دخيلا في سنخ حكمها أى الوجوب فبدونه مشروع راجح ولو بمقتضى اذن السلطان العادل فيه لدى عدم حضوره أو عدم بسط يده لكنه ليس بواجب.ومن هنا يعلم عدم توجه ايراد المحقق الثاني (قدسّ سره) على القول بالجواز لدى

ص: 170


1- الوسائل الباب 18513 من ابواب وجوب الحج وشرائطه .

عدم حضور السلطان العادل على مبنى المنصبية بأن جوازها مستلزم للوجوب.فمن قال بعدم وجوبها زمن الغيبة لكونها منصبية مخصوصة بحضور السلطان العادل فلابد وان يقول بعدم جوازها ومشروعيتها أيضا زمن الغيبة وجه عدم توجه يراد أن الحضور على هذا المبنى أى المنصبية دخيل في سنخ الطلب أى الوجوب لا في أصل المهية وشرعها فلا تلازم بين الجواز والوجوب ولا بين عدم الوجوب وعدم المشروعية زمن الغيبة بل يصح أن يقال ان صلاة الجمعة زمن الغيبة راجحة لكنها غير واجبة لانتفاء قيد وجوبها كما يعلم عدم توجه ایراد بعضهم على ذلك القول بأن لازمه عدم اجزاء صلاة الجمعة زمن الغيبة عن صلاة الظهر اذ لم يؤت بفريضة هذا اليوم وجه عدم التوجه أن مهية صلاة ظهر يوم الجمعة واحدة غاية الأمر لها كيفيتان تعتبر في احديهما الخطبة والقدوة دون الأخرى ولذا نص في الاخبار على أن جمل الخطبتين لمكان الركعتين فيهما مهية واحدة غاية الامر أن قيد حضور السلطان العادل دخيل في وجوب احدى الكيفيتين دون الأخرى بل مهية الصلاة مطلقا واحدة والكيفيات وبعد الترخيص فى فعل الجمعة يعلم الاذن في تطبيق الوظيفة المجعولة قبل المصر على هذه الحصة واللازم من ذلك الاجزاء قهراً وان شئت قلت الوجوب التعييني مشروط بحضور الامام . وأما عدم الاجزاء فى المعج بالنسبة الى المجنون والصبي والمملوك فهو ثابت بالنص. (الثالثة) ان الاطلاق أصل لفظى محاورى عبارة عن قانون العقلاء في مقام تفهيم مقاصدهم بالألفاظ على جعل اللفظ بماله من المفهوم مرآة للمراد بمعنى انتخابهم لفظاً قالباً لمفهوم مطابق للمعنى المقصود تفهيمه بذلك اللفظ لا أضيق ولا أوسع. فاذا قال المتكلم جئنى بفاكهة فأتاه المخاطب بغير الرمان مثلا من الفواكه فليس له مؤاخذة المخاطب بعدم احضار الرمان ، مدعياً ارادته من الفاكهة بل للمخاطب أن يؤاخذه باطلاق الفاكهة لغير الرمان وهذا معنى تطابق المراد الاستعمالي للمراد الجدى أو توافق الدلالة التصورية مع الدلالة التصديقية . وهذا قانون عام في جميع المحاورات غير مخصوص بلغة دون اخرى كى ربما

ص: 171

يتوهم اختصاصه بلغة العرب فضلا عن الاختصاص بعرف خاص كعرف النحاة وليست لهذا الاصل مقدمات عديدة تسمى بمقدمات الحكمة ، بل له شرط وحيد ارتکازی هو كون المتكلم باللفظ بصدد بیان مراده و تفهیم مقصوده بذلك اللفظ بما يتبادر منه لدى العرف اما حاقياً مستنداً الى طبع اللفظ بحسب الوضع الأولى واما حالياً مستنداً الى القرينة الحافة به فعلا كي يعم المجازات بالمشارفة الشايعة في الاستعمالات فلو كان اللفظ كنائياً ومفهومه عبرياً لافادة معنى آخر من لوازمه أو ملزوماته أو ملازماته العقلية ونحوها لما جاز الاخذ باطلاق المفهوم فى مقام الكشف عن مراده الواقعى ضرورة أن المتكلم لم يجعل ذلك المفهوم مرآة لمراده فجعل اطلاقه كاشفاً عن مقصوده افتراء عليه غير جائز لدى العقلاء (1)فليس مثل هذا الاطلاق حجة للمولى فى مقام الاحتجاج على العبد ولا للمكلف فى مقام الاعتذار عن المولى. ولذا قلنا في قوله تعالى : فكلوا مما أمسكن عليكم أنه حيث يكون مسوقاً لبيان أن صيد الكلب المعلم حلال غير مسوق لبيان حكم الاكل بما هو أكل فلا يمكن الاخذ باطلاقه الاستلزامي من حيث طهارة موضع عض الكلب . وفي قوله : اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه أنه حيث يكون مسوقاً لبيان نجاسة البول من غير المأكول غير مسوق لبيان حكم الغسل بما هو فلا يمكن الاخذ باطلاقه من حيث جواز الغسل بالماء المضاف أو عدم اعتبار التعدد فيه كما ان ذلك هو الشرط الوحيد لاصالة الحقيقة فتشترك معها اصالة الاطلاق كونها أصلا عقلائياً شرطه الكون فى مقام البيان وليست فى حبالة أحد ولا تتم بالتوصية بحيث ينعقد الاطلاق للفظ متى شاء المستظهر ولم ينعقد له متى لم يشأ .ومن هنا يعلم أن جملة من طوائف أخبار صلاة الجمعة كأخبار العدد وأخبار الخطبة وأخبار القدوة وغير ذلك من الاخبار المسوقة لبيان شرائط صلاة الجمعة وقيودها لا مجال للتمسك بها للقول بالوجوب العيني الاطلاقي من حيث حضور

ص: 172


1- وقد ذكرنا تفصيل ذلك في الاصول بحث المطلق والمقيد .

السلطان العادل ومن حيث الزمان ضرورة عدم جعل المتكلم ألفاظها مرآة لبيان حكم صلاة الجمعة كي يمكن الاخذ باطلاقها من حيث القيود والازمنة نعم تدل بالالتزام العقلى على أصل وجوبها اجمالا ان اولاه لم يكن لذكر تلك القيود والشرائط معنى لكنه غير المدلول اللفظى الذى يمكن اسناده الى ارادة المتكلم من اللفظ والمجدى للاخذ بالاطلاق هو هذا النحو من المدلول دون الالتزامات والاستلزامات العقلية كما لا يخفى وبعد ذلك ترجع الى جهات البحث في المسئلة.

(الجهة الاولى سير الفتوى فى حكم صلاة الجمعة بحسب أدوار الفقه أما بحسب زمن المعصومين عليهم السلام فكشفه موقوف على الاستظهار من متون الاخبار والاستكشاف من بطون الروايات وله جهة خاصة يأتى الكلام فيها انشاء الله وانما المقصود في هذه الجهة بيان سير الفتوى من بدو تأسيس الفقه الى زماننا هذا. أما بالنسبة الى القول بالمنصبية فالفقه مدعوم بدعوى الاجماع عليه من علماء الشيعة من بدو تأسيس الفقه الى زماننا هذا كالقديمين العماني والاسكافي الذي هو أول من بوب فقه الشيعة وشيخ الطائفة المفيد ثم تلميذه علم الهدى السيد المرتضى ثم تلميذهما شيخ الطائفة المحقة أبي جعفر الطوسي قدس الله أسرارهم أجمعين في غالب كتبه كالخلاف والمبسوط والنهاية والجمل : وكذا سلاد فى المراسم والحلى في السرائر وأبى المكارم في الغنية إلى أن يصل الى أول طبقة المتأخرين كالفاضلين (قدسّ سرهما) في المصبر والشرايع والمنتهى وغيره، فهؤلاء الاساطين من القدماء الى أول طبقة المتأخرين مصرحون بالمنصبية واختصاص الوجوب بزمن حضور السلطان العادل مدعين عليه الاجماع حتى أن بعض القائلين بالوجوب العينى لم يمكنه انكار الشهرة القدمائية على القول بالمنصبية . وأما بالنسبة الى القول بالوجوب العينى الاطلاقي فقد ادعى صاحب الذخيرة (قدسّ سره) هذا المحدث الفيلسوف الفقيه الجامع أن عبارات كثير من القدماء واضحة الدلالة على ذلك فلا بد من محاكمة هذه الدعوى ، ومحاكمة العبارات المستظهر منها ذلك القول .

ص: 173

فمنها عبارة المفيد (قدسّ سره) في المقنعة حيث قال فيما حكى عنه : واعلم أن الرواية جائت عن الصادقين (علیه السلام) أن الله جل جلاله فرض على عباده من الجمعة الى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة لم يفرض فيها الا في صلاة الجمعة . خاصة الى أن قال الا أنه بشريطة حضور امام مأمون على صفات يتقدم الجماعة الى أن قال والشرائط التي تجب فى من يجب معه الاجتماع أن يكون حراً بالغاً طاهراً في ولادته مجنباً من الامراض الجذام والبرص خاصة في خلقته مسلماً مؤمناً معتقداً للحق في ديانته مصلياً للفرض في ساعته ، فاذا كان كذلك واجتمع أربعة نفر وجم- وجب الاجتماع : انتهى موضع الحاجة ومنها عبارة شيخ الطائفة (قدسّ سره) في التهذيب في شرح عبارة المقنعة ان الظاهرمن استدلاله بالاخبار الاتية الدالة على مقالة المفيد (قده) من غير تعرض لتأويلها ولا الجواب عنها موافقته لشيخه فيما هو ظاهر كلامه.ومنها عبارة المفيد (قدسّ سره) في كتاب الاشراف التى يقرب مضمونها من عبادته فى المقنعة هكذا قيل وأنت خبير بأنه لا ظهرر لشيء من عبارات المفيد (قدسّ سره) في الوجوب العيني الاطلاقي أو لم نقل باشعار أو ظهور بعض فتراتها في الخلاف كيف وقد صرح في ارشاده في باب الدلائل على امامة القائم بالحق محمد بن الحسن (علیه السلام) بقوله (قدسّ سره) : من الدلائل على ذلك ما يقتضيه العقل بالاستدلال الصحيح من وجود امام معصوم کامل غنى عن رعاياه فى الاحكام والعلوم في كل زمان لاستحالة خلو المكلفين من سلطان يكونون بوجوده أقرب الى الصلاح وأبعد عن الفساد و حاجة الکل من ذوى النقصان إلى مؤدب للجناة مقوم للعصاة (الى أن قال مقيم للحدود حام عن بيضة الاسلام جامع المناس فى الجمعات والاعياد ، انتهى موضع الحاجة.من وهذه العبارة كالصريح فى أن كون صلوة الجمعة منصبية ولائية مفروغ عنها لديه (قدسّ سره) . كما أن استدلال شیخ الطائفة (قدسّ سره) بالاخبار الاتية أعم من اختياره الوجوب العينى الاطلاقي كيف وقد صرح في الخلاف في المسئلة 43 من

ص: 174

مسائل صلاة الجمعة بقوله (قدسّ سره) : من شرط انعقاد الجمعة الامام أو من يأمره الامام بذلك من قاض أو أمير ونحو ذلك ، ومتى اقيمت بغير أمره لم تصح الى أن (قال) دليلنا أنه لا خلاف أنها تنعقد بالامام أو بأمره وليس على انعقادها اذا لم يكن امام ولا أمره دليل . فان قيل أليس قد رويتم فيما مضى وفي كتبكم أنه يجوز لاهل القرايا والسواد والمؤمنين اذا اجتمعوا العدد الذى تنعقد أن يصلوا الجمعة قلنا ذلك مأذون فيه مرغب فيه فجرى ذلك مجرى أن بنصب الامام من يصلى بهم وأيضاً عليه اجماع الفرقة فانهم لا يختلفون أن من شرط الجمعة الامام أو أمره . ثم روى صحيح محمد بن مسلم الاتى ، ثم قال وأيضاً فانه اجماع فان من عهد النبى (صلی الله علیه وآله وسلم) الى وقتنا هذا ما أقام الجمعة الا الخلفاء والأمراء ومن ولى الصلاة فعلم أن ذلك اجماع أهل الاعصار ولو انعقدت بالرعية لصلوها كذلك ، انتهى وهذه العبارة صريحة في كون صلاة الجمعة ولائية منصبية وكون ذلك معقد اجماع الفرقة مضافاً الى ما عرفت من دعوى الاجماع على ذلك فى غير الخلاف من كتبه ، وبعد ذلك كيف يمكن اسناد الفتوى بالوجوب العينى الاطلاقي اليه (قده) في مثل التهذيب الذى هو كتاب الحديث بمجرد نقل جملة من الاخبار بعد عبادة المقنعة التي عرفت حالها من عدم الظهور فى افتاء المفيد (قدسّ سره) بالوجوب العينى الاطلاقي في نفسها فضلا عن استدلاله العقلي في الارشاد على المنصبية وبنائه العملى على عدم اقامة الجمعة كما يشهد به التاريخ مع ما كان عليه من تسالم الفريقين على مكانته العلمية وكونه ذا كرسى فى علم الكلام ولم يعهد نظيره في الاسلام في العز الاجتماعي لدى الفريقين واحتجاجاته صريحاً مع أبناء العامة في أمر الخلافة ، ومؤلفاته البالغة الى ثلاثمأة وموافقة سلاطين الديالمة معه ، ولذلك كان في عهده (قده) سمو عز التشيع ، وكان موجهاً لدى عموم الطوائف حتى شيع جنازته الشريفة مأة ألف نسمة من الطبقات المختلفة في بغداد. فمثله (قدسّ سره) مع تلك الحرية في الاحتجاج والتدريس والعمل بأحكام المذهب

ص: 175

وعدم الحاجة الى الاتقاء في شيء من الأمور كانت اقامة صلاة الجمعة علناً أسهل شيء له فضلا عن اقامتها خفاءاً مع أخصائه من الشيعة بمقدار أقل عدد تنعقد به الجمعة لدى كل القائلين بوجوبها العيني الاطلاقي وهو سبعة أشخاص ، أحدهم امام الجماعة فلا يعقل التزامه فتوى بالوجوب العينى الاطلاقي واستمرار سيرته عملا على عدم اقامتها ، كما لا يعقل كون فتواه على ذلك والتزام تلميذه علم الهدى بالحرمة مع دعوى الاجماع على المنصبية واصرار تلميذهما شيخ الطائفة (قدسّ سره) في الخلاف على المنصبية ودعوى الاجماع عليها مكرراً ودفع توهم منافاة المنصبيه مع بعض الروايات بكونها ناظرة الى أصل الشرع مرخصة في أصل الاتيان بها غير منافية مع اشتراط وجوبها بحضور السلطان العادل أو أمره بذلك كما دل على ذلك كله عبارة الخلاف المتقدمة. وبالجملة فعبارة المفيد (قدسّ سره) في كتابي المقنعة والاشراف مع عدم ظهورها فى نفسها في الوجوب العيني الاطلاقي لا تكافؤ تصريحه بالاشتراط في الارشاد وسيرته العملية على الترك ودعوى تلميذه علم الهدى وشيخ الطائفة الاجماع على المنصبية كما أن عبارة شيخ الطائفة في التهذيب مع عدم ظهورها في نفسها في ذلك محفوفة بالقرائن من تصريحاته في جملة من كتبه الفقهية الفتوائية بالمنصبية فهما من القائلين بهذا القول دون ما زعمه المستظهر .ومنها عبارة أبي الصلاح تقى بن نجم الحلبي في محكم كتابه الكافي قال : ولا تنعقد الجمعة الا باهام الملة أو منصوب من قبله أو من تتكامل له صفات امام الجماعة عند تعذر الأمرين : وقال فى صفات امام الجماعة في بابها : وأولى الناس بها امام الملة ، أو من نصبه ، فان تعذر الامران لم تنعقد الا بامام عدل ، انتهى موضع الحاجة .وهذه العبارة محتملة الوجهين ان مقتضى قوله : لا تنعقد الا بامام الملة أو منصوب من قبله كون صلاة الجمعة ولائية منصبية ، ولذا استظهر منها بعض حرمة اقامتها زمن الغيبة كما نسب اليه الشهيد فى البيان .

ص: 176

ومقتضى قوله : أو من تتكامل الخ انعقادها بمطلق امام الجماعة ولذا استظهر منها بعض اطلاق الوجوب وأفرده العلامة (قدسّ سره) فى المختلف بالفتوى بالوجوب المطلق بلا شريطة امام الاصل ، كما ان تعبيره في صفات امام الجماعة بأولى الناس بها امام الملة أو من نصبه ثم تفريع الانعقاد بامام عدل على تعذر الأمرين محتمل الوجهين واستظهر منها ثالث التخيير بين الجمعة والظهر كما نسب اليه في شرح الارشاد. وبالجملة فكلامه اما مجمل أو غير ظاهر في الاطلاق وعلى فرض الظهور فهو فريد بهذا القول بين القدماء كما عرفت التصريح به من العلامة (قدسّ سره) فى المختلف ومنها عبادة أبي الفتح الكراجكي في ممكن كتابه تهذيب المسترشدين قال : واذا حضرت العدة التي يصح أن تنعقد بحضورها الجماعة يوم الجمعة وكان امامهم مرضياً متمكناً من اقامة الصلاة في رقتها وايراد الخطبة على وجهها وكانوا حاضرين آمنين من ذكوراً بالغين كاملين العقول أصحاء وجبت عليهم فريضة الجمعة جماعة ، انتهى موضع الحاجة وهذه العبارة غير ظاهرة في الوجوب الاطلاقي اذ الامام المرضى يحتمل أن يراد به الشيعي العادل في مقابل السنى الفاسق وأن يراد به الامام الاصل وحيث أن كلام الفقيه بصدد بيان ما يستفاد من الادلة لا بيان الحكم الواقعي فليس بمنزلة متن الخبر حتى يمكن الاخذ باطلاقه .ومنها عبارة عماد الدين الطبرسي في محكى كتابه نهج العرفان قال : ان الامامية أكثر إيجاباً للجمعة من الجمهور ومع ذلك يشنعون عليهم بتركها حيث انهم لم يجوزوا الايتمام بالفاسق ومرتكب الكبائر والمخالف في العقيدة الصحيحة انتهى موضع الحاجة . وقد استظهر من قوله اكثر ايجاباً القول بالاطلاق بحمله على أوسع وجوباً أما الشرائط والقيود كحضور السلطان العادل واما من حيث الازمان كزمن الغيبة ، وهذا الاستظهار عجيب فان الايجاب بما هو بعث يكون بسيطاً لا يتطرق اليه

ص: 177

الكثرة وحمله على السعة من حيث الشرائط كالامام الاصل أو من حيث الازمان يخالف اشتراك الجمهور في هذه التوسعة ضرورة عدم اعتبارهم الامام الاصل ولا الاختصاص بزمان دون زمان فلا معنى لكون الإمامية عليهذا اكثر ايجاباً منهم كما أن تفريح قوله حيث انهم لم يجوزوا الخ ، على ذلك ينافي ارادة التوسعة من حيث الشرائط لانه نص فى التضييق بحسب الشرائط فلا بد وأن يحمل قوله اكثر ايجاباً على أكد وجوباً بحسب الاخبار الكثيرة المرغبة فى صلاة الجمعة من طرق الشيعة اذ لم يرد مثلها من طرق العامة. ومنها عبارة صدوق الامة (قدسّ سره) في الفقيه حيث نقل جملة من الروايات الاتية فربما استظهر منها بضميمة تعهده في أول الكتاب بأن ينقل فيه ما يكون حجة بينه و بین و به افتائه بالوجوب العينى الاطلاقي لكنه عليهذا ظاهر في المنصبية بمقتضى نقله معتبر محمد بن مسلم الأتى المعين للسبعة فى الامام وقاضيه والمدعي حقاً والمدعى عليه والشاهدين ومن يضرب الحدود بين يدى الامام الظاهر في اعتبار كون عدد الجمعة الذى تنعقد به عبادة عن البلاط الاسلامى. ومنها عبارته (قدسّ سره) في محكى المقنع : وان صليت الظهر مع الامام بخطبة صليت ركعتين وان صليت بغير خطبة صليتها أربعاً . ومنها عبارته في محكى الامالى حيث عد من دين الامامية أن الجماعة يوم الجمعة فريضة واجبة الخ ، لكن العبارتين كما ترى ظاهرتان في أصل الوجوب ساكتتان من الاطلاق والاشتراط ومن العجيب عد الكليني (قدسّ سره) من القائلين بالوجوب العيني الاطلاقي بمجرد ذكره فى الكافى بعض اخبار الباب مع ان الكافي كتاب الحديث لا الفتوى فذكر تلك الاحاديث أعم من الافتاء بذلك مضافاً الى عدم انحصار أخبار الفقه بما في الكافي فللمطلقات فيه مقيدات في سائر كتب الاخبار المعتبرة : كالتهذيبين والفقيه وغيرها . فهذه عبارات القدماء الذين نسب اليهم القول بالوجوب العيني تريها غير ظاهرة فى ذلك بل جملة منها ظاهرة فى خلافه والغرض من محاكمة تلك العبارات

ص: 178

رفع هذه النقطة السوداء أعنى نسبة وضوح الدلالة على الوجوب العيني الاطلاقي عن ذيل كلمات القدماء قدس الله أسرارهم . وأما المتأخرون من الطبقة الثانية كا الشهيدين (قدهما) فمن بعدهما فقد احتمل الولائية الشهيد الاول في الذكرى ولم يصرح أحد بالوجوب العيني الاطلاقي قبل تأليف الرسالة المنسوبة الى الشهيد الثانى وان احتمل في الجواهر تأليفها في اول الشباب بل شكك في النسبة بعضهم . و نقل في المستند عن سبطه صاحب المعالم (قدسّ سره) نفى النسبة لكن صحة النسية قوية كما قر بها جماعة وكيف كان فقد اختار الوجوب العيني الاطلاقي وتبعه والد شيخنا البهائي والمجلسيان وجماعة من الطبقة الثالثة من المتأخرين ومتأخريهم وان ذهب جم غفير الى المنصبية وقد تداول بعد تأليف الرسالة الشهيدية تأليف وسائل مفردة في حكمها حتى قال العلامة المجلسي (قدسّ سره) في البحار لا حاجة الى افراد الرسالة اذ من كان من أهل العلم والتقوى يكفيه هذا المقدار ومن لم يكن من أهلها لا أهلها لا يجديه افراد الرسالة فهذا سير الفتوى في حكمها بحسب أدوار الفقه وقد ظهر أن الاقوال الرئيسية ثلاثة الوجوب العينى التعيينى والتحريم والتخيير الذى عليه مشهود الاصحاب قديماً وحديثاً كما ظهر أن تكاتف دعاوى الاجماع في كلمات أساطين القدماء على المنصبية يورث الفطع باتفاق القدماء قاطبة على كون صلاة الجمعة منصبية من شؤن الولاية مخصوصة بحضور السلطان العادل وبسط يده وذلك مراد بعض الاصحاب من تعداد اجماعات القدماء في المسئلة بل إنهاء بعضهم كالوحيد البهبهاني (قدسّ سره) إلى أربعين فلا يقال ان الاجماع أى الكاشف عن رأى المعصوم له واحد لا يتثنى فلا معنى التعدده في مسألة واحدة فان ذلك واضح لا يكاد يخفى على مثل استاد الكل وانما غرضهم من تعداد الاجماعات بيان أن تكاتف دعاوى الاجماع في المسئلة عن نحو اربعين من أساطين القدماء يورث القطع بوجود الاتفاق على ذلك فيما بین القدماء وقلما تتفق مسئلة فقهية تكون بهذه المثابة .

ص: 179

فمسئلتنا هذه نظير حرمة نبش القبر التي يحصل من تكاتف دعاوى الاجماع فيها القطع بوجوده ولا سيما على مسلك شيخ الصناعة الشيخ الأعظم الأنصاري (قده) و من تبعه من متأخريه في وجه حجية الاجماع أى الحدس القطعي عن رأى المعصوم(علیهم السلام) ان مثل تكاتف هؤلاء الاساطين من القدماء على القول بالمنصبية مما يحصل منه في نفسه الحدس القطعى عن رأى المعصوم (علیه السلام) فضلا عن نسبتهم ذلك الى اجماع الأصحاب عن وجود الاتفاق بين القدماء خارجاً ولذا جعله بعضهم دليلا وحيداً للمسئلة لكنا لا ننسج على هذا المنوال ولا على منوال بعض الاساطين من مقاربي عصر نا في مدرك حجية الاجماع من الكشف عن رواية معتبرة دالة على الحكم لديهم غير واصلة الينا بل نقول في وجه حجية الاجماع بمقالة شیخ الصناعة (قدسّ سره) ولا نجعل اجماع القدماء دليلا برأسه لحكم المسئلة بل تجعله اما مستنداً الى استفادتهم المنصبية من الاخبار الصحيحة الدالة عليها كما هو الحق الذي ستقف على بيانه انشاء الله تعالى.

واما قرينة معينة للمراد من الامام فى جملة من الاخبار الاتية وانه امام الاصل اذ ليس للفظ الامام وضع خاص كما ادعاه بعض القائلين بالمنصبية مستشهداً بما ورد فى الاخبار الواردة فى ابواب الاضطرار الى الحجة وبيان مناصب الائمة (علیه السلام) مما استعمل فيها لفظ الامام وأريد منه امام الاصل حتى يجاب بالاخبار الواردة في ابواب صلاة الجماعة مما استعمل فيها لفظ الامام وأريد منه مطلق امام الجماعة ولا عكس كما صنعه بعض القائلين بالوجوب العيني الاطلاقي فلا هذا ولاذاك بل الحق هو الحد الوسط وهو ان لفظ الأمام في الاخبار الأولى عنوان مشير الى من له منصب الامامة الكبرى وفى الثانية عنوان مشير الى كل من له صفات تؤهله لصحة الاقتداء به في الجماعة اذلاريب لدى احد حتى القائلين بالوجوب العيني الاطلاقي في عدم ارادة معناه اللغوى أى كل من ه-و امام مطلقاً ولا كل من له الولاية ولو كان من ولاة الجور بل هو عنوان مشير الى معنونه المتصف بصفات. فاللام في الأمام للعهد نعم يدور الأمر في المعهود بين المتصف بصفات امام

ص: 180

الجماعة من العقل والبلوغ والحرية والتشيع والعدالة وطيب المولد بل الفقه لدى بعضهم فى المقام وبين امام الاصل فتعيين المراد في اخبار الباب يحتاج الى قرينة فيمكن جعل اجماع القدماء على المنصبية قرينة معينة لامام الاصل لكنا مع ذلك لا نتشبث بذيل هذه القرينة حيث قرانا بحمد الله فى غنى عن ذلك حمد الله فى غنى عن ذلك ببركة الاخبار الدالة على المنصبية كما سنبينها انشاء الله تعالى فالاقوى في نظرنا استناد اجماع القدماء الى فهمهم من الروايات فالحمد لله على التوافق فى الفهم مع اساطين الفقه الجعفرى صلوات الله على مقننه وشكر الله مساعى حملته. وإياك وان تتوهم أن أولئك الاساطين من القدماء والمتأخرين القائلين بالمنصبية انما اتبعوا فى الفتوى تعبداً لرأى جملة من شيوخ المذهب ورؤسائهم كالمشايخ الثلاثة المفيد وعلم الهدى وشيخ الطائفة واستسحنوا متابعتهم فى مقابل رأى أئمة الدين صلوات الله عليهم فأعرضوا عن النصوص الواصلة منهم الواضحة دلالتها على الوجوب العينى الاطلاقي فلا تنسب اليهم ما نسب اليهم بعض القائلين بالوجوب العيني الاطلاقي لان ذلك أمر يناقض الاجتهاد حيث الله تقليد فى الرأى ويباين العدالة كمال المباينة مع ماترى من تقواهم في الدين وسيرتهم في استنباط الاحكام وملكاتهم النفسانية بلى ذلك ضلال واضلال لا يعقل صدوره عن أمثالهم ولا تتوهم ايضاً ان اختيارهم للقول بالمنصبية انما هو لشبهة حصلت لهم كما زعمه بعض متأخرى المتأخرين فنعوذ بالله عن اسناد امثال هذه الامور البعيدة عن شأن اصاغر الطلبة الى اساطين فقه الشيعة بمجرد عدم التوافق فى الراى بل انما ذهبوا الى القول بالوجوب التخييرى بعد كمال التعمق والغور فى التعابير الواردة فى متون اخبار المسئله مما سننبهك عليه انشاء الله في فان المتأخرين وان كانوا اكثر دقة من القدماء كما يشهد عليه كتبهم الاستدلالية فی الفقه والاصول، وغيرهما الا ان بعد عهدهم عن زمن الائمة (علیه السلام) قد صنع بهم امرين احدهما قطع اليد عن القرائن الحالية والمقامية الموجودة زمن صدور الروايات الكاشفة عن واقع مرادات الأئمة عليهم السلام من الفاظهم وقد كانت بيد القدماء

ص: 181

القريبين بزمن الصدور بحيث اذا دقوا باب الغيبة الصغرى لانفتح لهم بمصراعيه. ثانيهما اضطرارهم الى التشبث فى الشبهات الحكمية او الموضوعية الحاصلة بسبب اجمال بعض الاخبار او تعارضها مع بعض او غير ذلك من اسباب الشبهة في حكم الفروع الفقهية بذيل الاصل العملى كأصالة البرائة ولقد كانت دائرة التشبث بذيل الأصل العملى لدى القدماء ضيقة للنهاية فهم اقرب بفهم الاحكام الواقعية عن الادلة من المتأخرين ومع ذلك فقد وصلت الينا فى المسئلة بحمد عمد الله الله من القرائن ما تكفينا لفهم ما فهموا عن لسان الادلة من الولانية والمنصبية وانما الجأنا على التنبيه لهذه النكتة وان طال بها الكلام، ما صدر عن بعض القائلين بالوجوب العيني الاطلاقي من اسائة الادب بالنسبة الى ساحة قدس مقام مشهور الفقهاء قديماً وحديثاً القائلين بالمنصبية فنعوذ بالله من طغيان القلم والاغترار بالفكر في العلوم الدينية بحيث لا يملك الانسان توقيف فكره وقلمه عما يقول بالنسبة الى من يقول . ( الجهة الثانية سير العمل فى صلاة الجمعة بحسب الادوار فنبتده من زمن امامنا المجتبى صلوات الله عليه بعدما كان في زمن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) الذى هو زمن تأسيس الدين والاحكام وكذا فى زمن الخلافة الظاهرية لامير المؤمنين اللا الذى كان زمن التكميل والتتميم يداوم على اقامة صلاة الجمعة من قبل النبي الاعظم ووصيه الاكرم صلى الله عليهما والهما لبسط يديهما في ذلك . فنقول لم يعهد بشهادة التاريخ عن امامنا المجتبى (علیه السلام) اقامة صلاة الجمعة مع شيعته طول امامته ولا اقامة شيعته لها فيما بينهم ولو في خلواتهم بعيداً عن أنظار الاعداء والمخالفين وكذا بالنسبة الى عهد امامة ثانى السبطين سيد الشهداء صلوات الله عليهما فان عهدهما كان عهد مظلومية الشيعة وعدم بسط يد الامام (علیه السلام) ليقيما عليهما السلام صلاة الجمعة .

وأما السجاد صلوات الله عليه فكان مقهوراً في أيدى خلفاء بني امية ولم يكن له (علیه السلام) بسط اليد ولم يعهد منه (علیه السلام) أو من شيعته اقامة صلاة الجمعة بل صريح كلامه

ص: 182

عليه السلام فى الصحيفة الكاملة (زبور آل الله ان القيام بها مقام خلفاء الله وقد ابتزوه أعداء الله . وأما عهد باقر علوم النبيين الذى على ما نص به ولده الصادق صلوات الله عليهما كان أوسع مجالا في الأفناء بمر الحق حيث كان زمن تعارض الامويين والعباسيين فكانوا مشتغلين بأنفسهم واقتضت الظروف فسح المجال لنشر أحكام الدين وبيان حقائقة فلم يعهد منه (علیه السلام) أيضا اقامة صلاة الجمعة أن لم يكن بسط يد الامام (علیه السلام) بتلك المثابة فضلا عن عهد الصادق (علیه السلام) مؤسس المذهب الجعفرى الذى لم يكن المجال وبسط يد الامام (علیه السلام) بمثل زمن أبيه (علیه السلام) حسب نصه (علیه السلام) بأن اصحاب أبى أتوه متيقنين فأفتاهم بمر الحق وأتونى شكاكين فأفتيتهم بالتقية بما لهذا الكلام من المعنى الصحيح الذي ذكرناه في محله. كما لم يعهد من شيعتهما اقامة صلاة الجمعة فيما بينهم حتى أن زرارة المدرك للعهدين الذى كان من خواص الاصحاب والحواريين للامامين عليهما السلام وأفقه فقهاء رواتهما كان تاركاً لها. فحته الصادق (علیه السلام) على الاتيان بها وعبد الملك مع كونه أخا زرارة عاتبه الصادق (علیه السلام) على عدم الاتيان بها ولو في العمر مرة بقوله (علیه السلام) مثلك بهلك ولم يصل فريضة فرضها الله كما يأتى فى طى الاخبار وذلك يكشف من متروكية الجمعة لديه طول حيوتهم والحث والعتاب منه (علیه السلام) انما هو لدرك جميع المثوبات لجميع الواجبات والمستحبات ولو مع عدم فعلية وجوبها لعارض فان الائمة صلوات الله عليهم يحبون وصول شيعتهم الى فضائل العبادات المشروعة في الشريعة ولو بالاتيان (1) بها في العمر مرة . واما عهد الكاظم فقد كان محبوساً في سجن المخالفين ولم يكن يقيم هو (علیه السلام) ولا شيعته صلاة الجمعة وأما عهد الرضا (علیه السلام) فقد اتفق في مدة امامته مرة واحدة أن طلب منه المأمون

ص: 183


1- فانظر الى ما رواه الصدوق في الامالى صحيحاً .

اقامة صلاة العيد فلما خرج الله بما للامام من الهيمنة والجلال خاف المأمون من ثورة الناس عليه ومنعه عن اقامتها وأمره (علیه السلام) بالرجوع معتذرا بأن من كان يصلى بهم يصلى بهم وهذا كاشف عن انقطاع بده عن الصلوات المنصبية . وأما بقية العترة الطاهرة صلوات الله عليهم فبين مسموم مقتول في شبابه وبين محبوس في محله ومعسكره . وبالجملة فتحليل تواريخ الأئمة عليهم السلام يشهد بمتروكية صلاة الجمعة فى عهدهم ولم تكن التقية في جميع الاعصار والأمكنة تمنع الشيعة عن اقامة الجمعة بأنفسهم وفيما بينهم ولو بأقل عدد تنعقد به أى السبعة أو الخمسة في الامكنة البعيدة عن مراقبة المخالفين. فان قلت نعم كانت التقية سارية حتى الى الخلوات والبيوت كما تشهد به قضية افطار الصادق (علیه السلام) في عهد المنصور في البيت بعد ارسال خادمه ليرى أن المنصور صائم أم مفطر على ماورد في خبر عيسى بن أبي منصور(1) فلولا توسعة التقية الى الخلوات لم يكن لهذه الرعاية التامة وجه قلت كلا فان تلك القضبة أوسلمنا ثبوتها وأغمضنا عن ضعف سند الرواية بعيسى قضية فى واقعة خصوصياتها مجهولة قاصرة عن افادة توسعة التقية واستمرار التفتيش والمراقبة فى جميع الأزمنة والأمكنة فلعل المراقبة في تلك السنة بالنسبة الى خصوص تلك القضية كانت تامة بحيث اضطر الامام (علیه السلام) الى هذا النحو من الرعاية فضلا عن ورود القضية فى غير تلك الرواية على نحو احضار المنصور للامام (علیه السلام) واستفساره عن صومه وافطاره وجواب الامام (علیه السلام) بقوله : ذاك الى امام المسلمين ان صمت صمنا وان افطرت أفطرنا فتوسعة التقية بذلك النحو في جميع مهود الأئمة وفي جميع الامكنة لجميع الشيعة غير ثابتة بل الثابت خلافها وأما فى عهد الفقهاء زمن الغيبة الكبرى فقد عرفت انتراكها الطبعى أيضاً ز من أقربهم بالغيبة الصغرى وأعزهم لدى سلاطين الدنيا وأوسعهم من حيث الحرية في العمل والفتيا شيخ الطائفة المفيد (قدسّ سره). بل وكذا زمن تلامذته علم الهدى وشيخ الطائفة قدس الله أسرارهم وهكذا

ص: 184


1- الباب 57 صوم گل

بشهادة التاريخ زمن غيرهم من القدماء الى الطبقة الثانية من المتأخرين كالشهيد الثاني (قدسّ سره) فمن بعده من بعض الفقهاء. ثم اعلم ان فقهائنا الابرار وسلفنا الصالح قد كان دأبهم على الالتزام بالمواظبة على المستحبات مهما أمكن فضلا عن الواجبات حتى أن من ألف منهم آداب الشريعة فى أعمال اليوم والليلة كان لا ينشر رسالته تلك قبل أن يعمل بما فيها كله بل كان يكتب الرسالة لعمل نفسه أولا ثم بعدما تم عمله بها ينشرها لعمل غيره بها ولما سألوا عن ذلك عللوه بأن القول الذى لم يعمل به قائله لا يؤثر في النفوس أثره الخاص فمثل هؤلاء الاتقياء كيف يعقل استمرارهم على ترك فريضة أسبوعية اجتماعية مثل صلاة الجمعة من غير عذر ومع اجتماع شرائطها جمة . فهذه السيرة العملية من الاصحاب المتصلة بز من أصحاب الائمة والائمة صلوات الله عليهم كما قررنا كاشفة قطعية عن رأى المعصوم (علیه السلام) وعن كون تلك الصلاة ولائية منصبية مخصوصة بحضور السلطان العادل وامام الاصل وبسط بده وأن الانتراك الطبعي فی جمیع الاعصار والأمكنة من زمن المجتبى صلوات الله عليه الى زمن الطبقة الثانية من المتأخرين انما هو مستند الى فقدان قيومها وشرطها الاساسي الذي هو بمنزلة الموضوع لها. ومع ذلك كله فنحن لا تتشبث بالسيرة العملية أيضاً في المسئلة كما لم تتشبث قبل ذلك بالاجماع القولى فيها وذلك للف السيرة العملية فى الاجماع القولى وعدم كشفها الاستقلالي بعد كونها تحت راية الفتوى فى جميع الاعصار عن رأى المعصوم مثل لف الاجماع القولى فى الادلة اللفظية وعدم كشفه الاستقلالى بعد استناده الى المدرك فنحن وتلك الادلة ولا ملزم على تكثير الادلة وعد الاجماع القولى والسيرة العملية دليلين برأسهما فى المسئلة. (الجهة الثالثة)في الاستدلال بالايات الشريفة وعمدتها قوله تعالى في سورة الجمعة يا أيها الذين آمنوا اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وزروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون .

ص: 185

(وقد بالغ بعضهم في الاستدلال بها فادعى ظهورها كالنص في الوجوب العيني المطلق المستمر بحسب الازمان بتقريب أن اقحام الازمان بتقريب أن اقحام حرف النداء بقوله يا أيها للتأكيد والتعبير بالذين آمنوا للتأكيد واذا لافادة العموم الازماني والنداء كناية عن واللام للتوقيت فهما كناية عن دخول وقت الصلوة ومن بمعنى في فتدل على أن الواجب نومى والأمر بالسعى الذى هو دون العدو وفوق المشى لتأكيد الوجوب وذكر الله هو الصلاة بقرنية ماقبله بل وما بعده وهو قوله تعالى فاذا قضيت الصلاة الآية والامر بترك البيع كناية من النهى عن كل ضد وجودى للصلاة مع تعليق الخير على فعلها فيكون مؤكداً للوجوب أيضاً وليس فى الشرع واجب قد نهى عن ضده شرعا الا هذه الصلاة .فالاية بمجموع ألفاظها ظاهرة كالنص في أن صلاة الجمعة واجبة عيناً بالوجوب الاستمرارى المطلق وبعد وضوح عدم اختصاص خطابات القرآن بالمشافهين يتم المطلوب.ومع غمض العين عن ذلك يتم بضميمة قوله (علیه السلام) حلال محمد (صلی الله علیه وآله وسلم) حلال الى يوم القيمة وحرامه حرام الى يوم القيمة ومع الغض عنه فيتم باستصحاب الوجوب ومع قطع النظر عنه يتم باستصحاب عدم النسخ الذى هو أصل عقلائي لا تعبدى كى يحتاج الى دليل تعبدى لاعتباره (لكن) يتوجه عليه أن اقحام حرف النداء لا ينحصر وجهه فى التأكيد فقد يكون للتنبيه أو الاعلام أو غير ذلك من الدواعي الكثيرة بل قد يكون لتحقير المنادى بالفتح . كما أن التعبير بالذين آمنوا لا ينحصر وجهه فى التأكيد فيحتمل ثبوتا أن يكون التشريف مقام المؤمنين أو الحصول شرط امتثال التكليف فيهم أو لاشتراط أصل التكليف بالايمان أو لعدم قابلية الكافر للمخاطبة على اختلاف المسالك في باب تكليف الكفار بالفروع وغير ذلك من الجهات الثبوتية المحتملة . ومعه كيف يمكن تفسير الاية بخصوص احتمال التأكيد ان التفسير هو بيان المراد فلابد من ظهور اللفظ فيه أو قيام قرنية حالية أو مقالية أو خارجية على ارادة المعنى المفسر به الاية كي لا يكون تفسيراً بالرأى وقبيحاً عقلا قضاءاً لاسناد أمر الى

ص: 186

المتكلم من دون كاشف عن كون مراده من اللفظ ذلك وممنوعاً شرعاً لمادل على أن من فسر القرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار ولا تقول بعدم لزوم رعاية الامور المحسنة وجهات البلاغة والفصاحة فى القرآن أو بعدم ارادته تعالى تلك الامور في قرآنه المجيد كيف والقرآن انما نزل باسلوب معجز للتحدى بل نقول بان تفسيره مالم يتفاهم منه عرفاً ومالم تقم قرينة على ارادته تعالى له انما هو عين التفسير بالرأى القبيح عقلا الممنوع شرعاً . كما لا يمكن جعل ذلك من جملة بطون القرآن التي دلت النصوص على أن له بطوناً اذ البطون انما هى من قبيل جعل العلامة ولو للمباين بالنسبة الى المباين أو من قبيل الملازمات التي يقبلها العرف ويصدق امكان ارادتها من اللفظ بعد التنبيه عليها. وكيفما كانت فهى تحتاج الى قيام قرنية من قبل المتكلم على ارادتها أو بيان سدنة الوحى ومن خوطب به بأنه قد جعل العلامة بينها وبين اللفظ فلا يعقل تعيينها بالذوق والاستحسان أو غير ذلك من قبل غير المتكلم بل بدون ذلك يكون تأويلا بلا برهان ولذا يختص معرفة تأويل القرآن وبطونه بخزنة وحى الله وعيبة حكمته صلوات الله عليهم أجمعين.كما أن اذا ليست من أداة العموم بل ليس هناك لفظ خاص موضوع العموم أصلا كما بيناه في مبحث العام والخاص من الاصول وانما هي زمانية مفيدة للشرط الاصطلاحي في بعض الاحيان ولذا يصح استعمالها في القضية الخاصة نظير اذا جائك المنافقون الاية من غير أن يكون استعمالا في غير ما وضع له . فكلمة اذا في قوله تعالى اذا نودى للصلاة الاية يمكن أن تكون ناظرة الى قضية خارجية وان كانت متكررة فى برهة من الزمان وهو زمان النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) نعم اذا كان المتعلقها اطلاق بحسب الطبع أو بمقتضى القرينة ينحل مفادها بتبع انحلال مفاد المتعلق ويتحقق العموم لها لا بنفسها بل بضميمة الجملة المؤلفة منها ومن مقدمها وتاليها وفي المقام تقول بأن النداء لصلوة الجمعة يحتمل كونها

ص: 187

بالاذان كما يحتمل كونها بقول حرم البيع فاو أردنا المشى مع النصوص المعتبرة فلم تدل على شيىء منهما وان أردنا المشى مع التاريخ أو بعض المرسلات فهو يشهد يكون النداء بكلا الامرين . ومما ذكر علم ان النداء ليس بنفسه كناية عن دخول الوقت ب-ل الدلالة عليه التزامية بل استلزامية من حيث العلم خارجاً بأن صلاة الجمعة موقته والاذان له-ا انما هو بعد حلول وقتها.والظاهر من اللام في قوله تعالى للصلاة كونها لمطلق الربط فالحمل على التوقيت تفسير من غير برهان فجعل نودى للصلوة كناية عن دخول الوقت يحتاج الى قرينة مفقودة فى الاية وتعيننه من الخارج خروج عن التمسك بالاية بل الظاهر من النداء للصارة هو النداء الى صلاة منعقدة بلحاظ اجتماع شرائطها وجود الامام وحصول العدد وكونها فى شرف الوقوع لا الاحضار لاقامة الصلاة من جديد.كما ان الظاهر من السعى اليها كونها منعقدة فالأمر بالسعي حث على صلوة مشروعة بتهيئة مقدمانها كالطهارة وغيرها والمشى للالتحاق بها لا تشريع لها تأسيساً وعليه فالامر بترك البيع أيضا حث على المشروع لا تشريع جديد . وأما كلمة خير فالتحفظ على ظهورها في التفضيل يوجب ظهورها في الاستحباب دون الوجوب ومع حملها على المعنى الوصفى أو التفضيل بحسب ما يتوهمه المخاطب أنه خير له كاللهو والتجارة وان لم يكن بحسب الواقع ولدى الشارع خيراً اصلا كما وجهنا به التحفظ على معنى أفعل التفضيل في مثل خير و ما اشبهه في كلية استعمالاتها فيصدق مع الرجحان ولا ظهور له في الوجوب . فتلخص أنه لاظهور لشيئ من الفاظ الاية فى جعل صلاة الجمعه حتى يستفاد من اطلاقه الوجوب العينى الاطلاقي الاستمرارى فنحن لا نستشكل في اطلاق الاية من جهة كونها مسوقة لاصل التشريع حتى يمكن انكاره والمطالبه بالدليل على ذلك. أو يقال بأنه مصادرة بل تنكر أصل سوق الاية لتشريع صلاة الجمعة ونقول بسوقها للحث الى الحضور على صلاة مشروعة والاهتمام بامتثالها بقرائن داخلية مضافاً

ص: 188

الى قرائن خارجية أما الداخلية فهي ظهور اللام في نودي للصلاة في كونها منعقده فضلا عن كونها مشروعة وظهور فاسعوا في الحث على الحضور على الصلاة المستلزم لكونها مشروعة حتى يحث على حضورها . ولذا قلنا بأن الاية ناظرة الى قضية خارجية هى الصلاة المنعقدة من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم حثاً على الالتحاق بها. وهناك قرينة ثالثة قوله تعالى في الآية الثانية : واذا رأ او تجارة أو لهواً انفضوا اليها وتركوك قائماً الاية فانها اخبار عما كان يفعله المنافقون كلما سمعوا صوت الطبول من الركبان الحاملين للتجارات من الشام الى المدينة من رفع اليد من صلاة الجمعة وتركه (صلی الله علیه وآله وسلم) قائماً حال الخطبة مع جماعة قليلين أمثال على (علیه السلام) وسلمان وغيرهما والذهاب لتلقى الركبان المتجارة أو للتلهى فيكون الامر بترك البيع اشارة الى ترك ذلك البيع الخارجي لاجل استماع الخطبة واتيان الصلاة المنعقدة .وأما الخارجية فهى شهادة التاريخ والنصوص الواردة في شأن نزول الآية بكون صلاة الجمعة مشروعة قبل نزول هذه الآية وكيف يعقل اقامة النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لها قبل نزول تلك الاية ان كانت هى دالة على التشريع ومع تسليم تشريعها قبل نزول تلك الاية كيف يعقل صحة التمسك بإطلاقها لرفع الشك عن شرطية اقامتها من قبل امام الاصل أو من له الولاية من قبله لها . فهذه قرائن تورت القطع بعدم سوق الاية لتشريع صلاة الجمعة بل للحث الى صلاة مشروعة والتأكيد فى السعى اليها نعم نستكشف منها بالاستلزام العقلى لاسيما بلحاظ الاهتمام بأمرها وتوبيخ التاركين للنبي (صلی الله علیه وآله وسلم) حال الخطبة للتجارة أو التلهى وجوبها اذ لو لم تجب لم يكن البعث الى الحضور اليها مع هذه المبالغات والتأكيدات مستحسناً ولكن الاستلزام العقلى لبى وان احتسب من المداليل اللفظية فلا يمكن التمسك باطلاقها اذ من المحتمل لو لم نقل المقطوع به اشتراط وجوبها باقامة المعصوم (علیه السلام) أو من يجرى مجراه لها.ومن البديهي أن اللبيات لها قدر متيقن وفيما نحن فيه هو وجوب صلاة الجمعة

ص: 189

مهملا أما كونها منصبية أو مشروطة بحضور الامام أو بسط يده حال حضوره أو غيرذلك م-ن القيود المحتملة فلا، ان لادليل لشيء من هذه الجهات من ناحية الاية بنفسها.ثم انه من المعلوم أن شدة الطلب لا تستدعى اطلاقه فعظمة صلاة الجمعة لا تستلزم الوجوب العينى الاطلاقي الاستمرارى لها لكل أحد فى كل زمان ومكان بل ربما تستدعى عظمتها منصبيتها واختصاص اقامتها بامام الاصل اذ ما يتفرع عليها من الفوائد لاسيما ما يترتب على الخطبة من التعليمات المدنية والا وامر النظامية ونفير العام في بعض الاحيان وأبهة الامير وظهور سلطانه لا يترتب عليها باقامة غيره ممن لا يمت إليه بصلة وحرماننا عن تلك الفوائد ليس بأعظم من حرماننا عن شخصه صلوات الله على غائبهم وعجل الله فرجه الشريف.

وبالجملة ما يستفاد من الآية الشريفة بالدلالة الالتزامية أن صلاة الجمعة واجبة ووحوها مؤكد وليس لاحد ترك الحضور اليها او الزحف عنها بعد الحضور. أما أن سنخ وجوبها اطلاقي أم شرطى وما هو هذا الشرط فدون دلالتها عليه خرط القتاد ولعمرى ان هذا واضح وان اختفى مع فرط ظهوره على جماعة من أصحابنا المتأخرين ولعل سبب الاختفاء تورعهم في الدين واحتياطهم في الاحكام حتى صار ذلك موجباً لبعدهم عن طريقة المحاورة في فهم المداليل من الالفاظ وهي طريقة عقلائية متبعة في جميع اللغات بالنسبة إلى جميع المقاصد ثم ان المنكرين للوجوب العينى على نحو الاطلاق وهم المشهور أوردوا على الاستدلال بالاية بوجوه يمكن دفعها بما ذكرنا كما يمكن تصحيحها به منها ان قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا خطاب مخصوص بالمشافهين فلا يشمل المعدومين وقاعدة الاشتراك لا تشمل المقام لان دليلها الاجماع فلا يجرى في موضع الخلاف حيث يمكن دفع هذا الايراد بقابلية مخاطبة المعدومين بمرآتية عنوان الموضوع كالذين آمنوا لكن لا على النحو الذي فسر به القضية الحقيقية بعض الاساطين من تقدير وجود الموضوع بارجاع الحملية الى الشرطية وجعل عقد الوضع مقدماً.

ص: 190

والمحمول تالياً فيها نظير اذا وجد شخص وكان مؤمنا خوطب بأنه اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الاية ان الارجاع الى الشرطية تصرف في ظاهر الحملية من غير قرينة وتوهم ان استحالة مخاطبة المعدومين قرينة عقلية على هذا التصرف مدفوع بعدم انحصار العلاج بذلك فإن الفرض كما يكون بمعنى الاشتراط يكون بمعنى اللحاظ. فالمصح لتعميم الخطاب مع بقاء القضية على ظاهرها من الحملية انما هو لحاظ وجود الموضوع فى وعائه بمرآتية عنوانه بما يتصور لذلك من الافراد وهذا هو المراد بالقضية الحقيقية لدى أهل التحقيق. فتعميم خطاب يا أيها الذين آمنوا للمعدومين ممكن بهذا النحو و به يندفع ایراد اختصاصه بالمشافهين وعدم شموله للمعدومين ولكن يمكن تصحيح هذا الايراد بما ذكرناه بأن يكون المراد اختصاص الخطاب في هذه الاية بالمشافهين لاجل كونها ناظرة الى صلاة الجمعة المنعقدة لا الى أصل تشريع تلك الصلاة فالاية قد نزلت بعد شرع صلاة الجمعة كما بيناه سابقا . (ومنها) أن الذكر له معان متعددة ولم يعلم ارادة الصلاة منه في هذه الاية فلعل المراد منه النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) بقرينة قوله تركوك قائما أو الخطبة ويمكن دفع هذا الايراد أولا بأن الذكر له مفهوم واحد عام وليس له معان متعددة وثانياً بأن الاية باجماع المفسرين والضرورة والارتكاز العرفي ناظرة الى صلاة الجمعة.

فالمراد بذكر الله فيها ذلك بقرينة فاذا قضيت الصلاة فانتشروا ولكن يمكن تصحيحه بأن المراد من المعانى المتعددة التطبيقات المختلفة لمفهوم جامع واحد بالنسبة الى حصصه المتباينة من حيث الخصوصيات. فمراد المورد من المعانى المتعددة لذكر الله عين ماذكره المجيب وهو أنه مع وحدة المفهوم الجامع يطبق هذا المفهوم على حصص متبانية بعضها مما يفهمه العرف بالارتكاز وبعضها لا يفهمه الا بالقرينة .

ص: 191

فتطبيقه ممكن على قول سبحان الله أو لا اله الا الله وغيرهما من الأذكار للكونها بنفسها ذكراً الله تعالى وعلى وجود النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لانه بشر اشر وجوده مذكر الله تعالى فعلا وقولا وخلقاً وهذا مما يفهمه العرف بعد التنبيه وعلى الخطبة لصلاة الجمعة لكونها سبباً لذكر الله بل انما شرعت لتنبيه الغافلين وتذكيرهم لله والاحكام وللاخرة وعلى الصلاة لكونها سبباً لذكر الله ومشتملة عليه كما يشهد بالمباينة مصداقاً والسببية خارجاً قوله تعالى أقم الصلاة لذكرى .

نعم المسبب عنوان مطبق على السبب فى مثلها وقد بسطنا الكلام فى تعدد تطبيقات الذكر في تفسير سورة الجمعة فمراد المورد أنا لا ننكر ورود الآية في صلاة الجمعة بل نقول انه بعد تعدد تطبيقات الذكر يكون تطبيقه على خصوص صلاة الجمعة في هذه الاية محتاجاً إلى القرينة فلم لا يجوز تطبيقه على وجود النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) والمراد الحث على الاجتماع حوله (صلی الله علیه وآله وسلم) حال اقامة الجمعة وعدم التفرق عنه كما انفضوا وتركوه قائما بشهادة الاية الثانية أو على الخطبة. والمراد الحث على البقاء لاستماع الخطبة وعدم التفرق بمجرد الفراغ عن الخطبة ولا ينافي ارادة أحد المعنيين مع قوله ماذا قضيت الصلاة فانتشروا ان المعنى انه اسعوا الى النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) أو الى استماع الخطبة واصبروا حتى اذا قضيت الصلاة بجميع شئونها من الخطبة وغيرها فانتشروا فلا قرينية له على ارادة صلاة الجمعة من الذكر حتى يقال بدلالة الآية على وجوب صلاة الجمعة . وأما قول المفسرين سيما أمثال قتادة وعكرمة فليس بحجة اذا لم يوافقه الظهور العرفى أو لم يقم نص من قبل أهل بيت الوحى عليه. وبالجملة فيتم هذا الايراد يما ذكرناه من سوق الايتين للاهتمام بامتتالصلاة الجمعة لا لاصل جعلها وتأسيس شرعها . ومنها أن الأمر بالسعى الى صلاة الجمعة أمر بالسعى الى صلاة منعقدة لا بعقد الصلاة من جديد حيث يمكن دفع هذا الايراد بما قيل من شهادة ضرورة الاسلام والتاريخ والنصوص يكون المراد السعى الى صلاة الجمعة ويمكن تصحيحه بماذكرناه

ص: 192

من طولية الآية عن شرع صلاة الجمعة وسوقها للحث على امتثال الصلاة المشروعة لا لتأسيس جعلها . ومنها ان اللام فى قوله نودى الصلاة ليست المجنس فلا بد وان تكون للعهد حيث يمكن دفعه بما قيل من أن اللام التوقيت والمعنى اذا دخل وقت صلاة الجمعة أى الزوال . ويمكن تصحيحه بماذكرنا من أن الحمل على التوقيت تصرف بلا قرينة وعليه فحيث لا تكون اللام للجنس قطعاً فلا محالة للعهد. أما العهد الذكرى فليس له ذكر فى الآية قبل هذه الجملة فهو اما للعهد الخارجي أى الصلاة المنعقدة كما قوينا وعليه تكون قضية في واقعة ولا يمكن أخذ الاطلاق منها بالنسبة الى شيء من الجهات المشكوكة راما للعهد الذهني والمعهود في اذهان المتشرعة انما هو المجعول في وعاء الشرع ولا علم لنا بأن المعهود غير مشروط ولا يمكن أخذ الاطلاق منه لشيء من الجهات المشكوكة فحاصل هذا الايراد قرينية لام العهد لعدم سوق الاية لتأسيس شرع صلاة الجمعة بل للاهتمام والحث بالنسبة الى المشروعة المعهودة. ومنها ما في المستند من ان ارادة الاذان عند الزوال من النداء غير معلومة لجواز أن يراد به أذان الفجر الذى هو أيضا للصلاة من يوم الجمعة : انتهى حيث يمكن دفعه بما قيل من قيام الاجماع وضرورة الاسلام على ان المراد بالنداء هو الاذان عند الزوال لكن يمكن تصحيحه بان مراده (قدسّ سره) أن النداء في الآية في نفسها عام لا يعلم ارادة الصلاة المعهودة منه فلا تنال الاية على تأسيس شرع صلاة الجمعة وتعيينها بدليل من الخارج وبالمعهودية خروج عن التمسك بالاية ومستلزم لطولية مفادها عن شرع صلاة الجمعة. ومنها نظير ما فى المستند بالنسبة الى لفظة الصلاة في قوله نودى للصلاة اذ لم يعلم ارادة صلاة الزوال منها فلعل المراد صلاة فجر يوم الجمعة حيث يمكن دفعه بنظير ما اجبنا به عن مقالة صاحب المستند ويمكن تصحيحه بنظير ماصححنا به كلام صاحب المستند (قدسّ سره) .

ص: 193

ومنها الدوران حمل قوله نودى للصلاة على صلاة الجمعة موقوف على كون المراد من قوله فاسعوا الى ذكر الله السعى الى صلاة الجمعة وهو موقوف على حمل نودى للصلاة على صلاة الجمعة فالاستدلال بالاية دورى حيث يمكن دفعه بما قيل من قيام الاجماع وضرورة الاسلام والتاريخ على كون المراد بقوله نودى للصلاة صلاة الجمعة ويمكن تصحيحه بما ذكرنا من أن ورود الاشكال انما هو على فرض احراز سوق الاية لتأسيس شرع صلاة الجمعة وهو أول الكلام واستفادة كون المراد من الصلاة صلاة الجمعة من الخارج عين الالتزام بكونها قبل نزول الآية مشروعة فلا تكون الآية شارعة لها وبالجملة فمنشأ جميع اشكالات المشهور على الاستدلال بالاية عدم استظهارهم من الاية تأسيس شرع صلاة الجمعة بل استظهارهم سوقها المحث والاهتمام بالنسبة الى امتثالها في طول شرعها. فالاية قاصرة من اثبات اطلاق لفظى يمكن الرجوع اليه لدى الشك في كون صلاة الجمعة منصبا خاصا لسلطان الدين أم لا أو الشك فى كونها مخصوصة بمكان خاص كالا مصار أو عامة المقرى أو الشك في اشتراط حضور امام الاصل أو بسط يده في وجوبها وعدمه أو الشك في اشتراط اذنه الخاص أو العام في ذلك وعدمه أو غير ذلك من جهات الشك والاختلاف فى المسئلة فمع الشك في شيء من ذلك يؤخذ بالقدر المتيقن الذى هو كونها منصباً خاصاً من حيث الشخص اعنى سلطان الدين وهو امام الاصل في زمن حضوره وبسط یده.ومن حيث المكان أعنى اقامتها فى المصردون القرية ومن حيث اللباس أى اللباس الخاص المقرر في الشرع ومن حيث العصا وهو أخذ السيف ومن حيث الخطبة طرز تكلم سلطان الدين مع رعيته ومن حيث العدد اذهم الامير وشهوده وأهوانه وبعبارة أخرى بلاط السلطنة الاسلامية وزعمائها ولا يتوهم أنا ندعى ظهور الآية في كون صلاة الجمعة منصباً خاصاً أو عدم استفادة وجوب صلاة الجمعة منها بل ندعى عدم كونها مرجعاً ارفع الشك عن شرطية شيىء بعد عدم اطلاق لها على نحو السالبة بانتفاء الموضوع واستفادة الوجوب منها انما هو بالاستلزام العقلى وهو ليس

ص: 194

أصلا لفظياً قابلا للتمك به . (الجهة الرابعة) في الاستدلال بالاخبار وهى على طوائف أربعة (الطائفة الأولى) ماليست ظاهرة بالمنطوق فى بيان حكم صلاة الجمعة بما هي بعنوان الوظيفة الفعلية بل مسوقة لبيان شأن من شئونها فى طول شرعها وقد عرفت في المقدمة الثالثة أن ماهذا شأنه لا يمان جعل اطلاقه حجة للمولى فى مقام الاحتجاج على العبد ولا للمكلف فى مقام الاعتذار عن المولى ولهذه الطائفة أقسام ستة. (القسم الاول) ما يكون مسوقا لبيان وجوب الحضور عند الجمعة المنعقدة كصحيح أبي بصير ومحمد بن مسلم(1) جميعاً عن أبيعبد الله (علیه السلام) قال ان الله عز وجل فرض في كل سبعة أيام خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها الاخمسة المريض والمملوك والمسافر والمرئة والصبي فان ضمير يشهدها راجع الى الصلاة والشهود وهو الحضور أمر خارجى لابد له من المشهود له فيكون فى طول شرع صلاة الجمعة وانعقادها خارجاً ويكون مفاد الصحيح لزوم الحضور عند الجمعة المنعقدة وحمل الشهود الذى هو بمعنى الحضور على الاتيان بصلاة الجمعة تصرف في الظاهر بلا قرينة وهذا بناء على جعل على كل مسلم متعلقاً بواجبة حتى يتكون أن يشهدها فاعل واجبة واضح جداً واما بناء على جعل أن يشهدها جملة مستأنفة بأن يكون المراد ان صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم وواجبة ان يشهدها كل مسلم فهو وان كان دليلا على اصل الوجوب الا ان هذا الاحتمال خلاف للمظاهر كما هو ظاهر و بمضمون هذا الصحيح ما في بعض الاخبار من قوله (علیه السلام) والاجتماع اليها فريضة مع الامام . (القسم الثاني) ما يكون مسوقاً لبيان عدد صلاة الجمعة كموثق ابي العباس (2)عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال ادنى ما يجزى فى الجمعة سبعة أو خمسة ادناه : فان الظاهر من قوله (علیه السلام) ادنى ما يجزى كونه بصدد بيان الوضع اعنى مهية صلاة الجمعة من حيث الكمية وانها عددية اجتماعية هي سبعة

ص: 195


1- الوسائل الباب - 1 - من صلاة الجمعة الحديث 4 .
2- الباب - 2 - من صلاة الجمعة الحديث 1 و 2 .

و من قوله (علیه السلام) او خمة ادناه كون ادنى الادنى اى اقل ما تنعقد به صلاة الجمعة خمسة من دون النظر للرواية الى حكم صلاة الجمعة وانه الوجوب او الاستحباب فضلا عن ظهورها في وجوبها وفضلا عن سنخ الوجوب أو اطلاقه من جهة المكان والزمان وسائر الشرائط.وستعرف فى طى المباحث الاتية أن الخمسة عدد استحباب اقامة الجمعة والسبعة عدد وجوبها وصحيح زرارة (1) قال كان أبو جعفر (علیه السلام) يقول لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الامام وأربعة : از ظاهره كسابقه النظر الى الوضع وأن أقل عدد تنعقد به صلاة الجمعة خمسة أحدهم الامام وقد اشرنا الى أن الخمسة عدد الاستحباب دون الوجوب.

وأما ان المراد بالأمام هذا امام الاصل أو مطلق امام الجماعة فلسنا بصدد بيانه فعلا. وصحيح الحلبي (2)عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال فى صلاة العيدين اذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة : اذ ظاهره كسابقيه النظر الى الوضع دون التكليف اذ كون القوم خمسة أو سبعة شرط واتيانهم بالصلاة جماعة جزاء وطبع الجزاء بمقتضى ظهور الجملة وارتكاز العرف والوجدان الخارجي هو الطولية عن تحقق الشرط كما ان طبع المحمول كونه في طول تحقق الموضوع بلا لزوم تحصيل الموضوع للادخال تحت الحكم . فمفاد الصحيح أن الاتيان بصلاة العيدين او يوم الجمعة جماعة مشروط باجتماع خمسة أو سعة. واما ان حكم الاتيان بذلك ما هو فضلا عن سائر شئونه فالصحيح ساكت عنه و يوضح ذلك ازيد مما ذكر عدم امكان جعل حدين طوليين للوجوب اذ بتحقق الاقل يتحقق الوجوب لا محالة فلا معنى لجعل الاكثر حداً وهذا معنى ان الرواية بصدد بيان الوضع دون التكليف

ص: 196


1- الباب - 2 - من صلاة الجمعة الحديث 1و2
2- الوسائل الباب -2- من صلاة الجمعة الحديث 3 و 5 و 6 و 07

وصحيح أبي بصير (1) عن ابيجعفر (علیه السلام) قال لا تكون جماعة بأقل من خمسة ان ظاهره عدم مشروعية الجماعة بأقل من عدد الخمسة مع الاجمال من حيث الموضوع وعلى فرض تعيينه من الخارج يكون ناظراً الى الوضع دون التكليف وموثق الفضل بن عبد الملك(2) لما قيل في ابان بن عثمان من انه ناوو سی قال سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول اذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين : ان ظاهر صدره اذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات وضع صلاة الجمعة عن أهل القرى بالمرة . وظاهر ذيله فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر الترخيص فى اتيان أهل القرى بها بشرط وجود خمسة فتدل المقابلة على أن الموضوع عن أهل القرى هو الوجوب دون أصل الشرع. وقد عرفت أن الخمسة عدد الاستحباب مطلقا وبالجملة فلا نظر للموثق ال--ى حكم صلاة الجمعة فى نفسها فدعوى ظهور هيئة : جمعوا : في مقام الانشاء في وجوب صلاة الجمعة عند وجود من يخطب مدفوعة بالمقابلة وبتعليق ذلك على وجود خمسة الذى أشرنا إلى أنه عدد الاستحباب.

وصحيح منصور بن حازم (3) عن أبيعبد الله (علیه السلام) قال یجمع القوم یوم الجمعه إذا كانوا خمسة فما زادوا فان كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم والجمعة واجبة على كل أحد (الحديث) ان ظاهره بمقتضى طولية الجزاء عن الشرط كما اسلفناه الوضع دون التأليف أى كون الاتيان بصلاة الجمعة جماعة في طول اجتماع الخمسة فما زاد وعدم تحقق تلك الصلاة وانعقادها بأقل من خمسة . فقوله بعد ذلك والجمعة واجبة على كل أحد معناه ثبوتها ومشروعيتها على كل أحد بعد اجتماع الخمسة فما زاد وقد عرفت أن مقتضى طولية المحمول عن الموضوع والجزاء عن الشرط عدم وجوب الاجتماع بدواً مضافاً الى ان الخمسة عدد

ص: 197


1- الوسائل الباب - 2- من صلاة الجمعة الحديث 3 و 7,6,5 0
2- الوسائل الباب - 2- من صلاة الجمعة الحديث 3 و 7,6,5 0
3- الوسائل الباب - 2- من صلاة الجمعة الحديث 3 و 7,6,5 0

الصحة لاعدد الوجوب وأما قوله (علیه السلام) لا يعذر فيها أحد فيأتي الجواب عنه.وصحيح ابن أبي يعفور (1) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة : ان ظاهره الوضع وبيان كمية الموضوع ساكتاً عن حكمه بالتقريب المتقدم .وصحيح عمر بن يزيد (2) عن أبيعبد الله (علیه السلام) قال اذا كانوا سبعة سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة (الحديث) ان ظاهره بمقتضى طولية الجزاء عن الشرط اشتراط الوجوب باجتماع السبعة بالطبع فلا ظهور لجملة فليصلوا في بيان حكم صلاة الجمعة في نفسها كي يقال بظهور لام الأمر فى اللزوم ويتطرق اليه امكان الاخذ بالاطلاق اللفظى للجهات المشكوكة . وصحيح محمد بن مسلم (3) عن محمد بن على عن أبيه عن جده عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) في الجمعة قال اذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا : ان ظاهره اشتراط الرخصة في اقامة الجمعة باجتماع خمسة بالطبع . (القسم الثالث) ما يكون مسوقا لبيان وضع صلاة الجمعة عن أهل القرى وعدم وجوبها عليهم كصحيح محمد بن مسلم (4) عن أحدهما (علیه السلام) قال سألته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم يصلون أربعاً اذا لم يكن من يخطب أناس اصطلاح في اللغة لجماعة قليلين فمورد السئوال جماعة من أهل قرية شاملة باطلاقها القرية ليس فيها غير بيت واحد فيه افراد قليلون من الرجال كما شاهدنا في بعض القرى الى أن تصل الى قرية فيها الاف نسمة . والظاهر من قوله هل يصلون الجمعة جماعة السئوال عن أصل المشروعية لاهل القرى وهذا السوال من مثل محمد بن مسلم الذي هو أفقه فقهاء الرواة واكثرهم رواية بعد زرارة يكشف عن مفروغية عدم وجوبها على اهل القرى فيسئل من مشروعيتها لهم ان وجوب صلاة الجمعة كما اعترف به القائلون به قد كان

ص: 198


1- الوسائل الباب - 2- من صلاة الجمعة الحديث 8 و 10 و 11
2- الوسائل الباب - 2- من صلاة الجمعة الحديث 8 و 10 و 11
3- الوسائل الباب - 2- من صلاة الجمعة الحديث 8 و 10 و 11
4- الباب - 3 - من صلاة الجمعة الحديث 1

ضرورى الاسلام معروفاً من لدن لازول سورة الجمعة على النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) فكيف يعقل خفاء ذلك على مثل محمد بن مسلم الذي كان العادة بل الضرورة حافظاً لسورة الجمعة حتى يتطرق الى الرواية احتمال كون السئوال فيها عن اصل وجوبها فهذه قرينة قاطعة على مفروغية وضع الوجوب عن اهل القرى لديه وكون سئواله عن المشروعية في حقهم. فالجواب بقوله (علیه السلام) نعم يصلون اربعاً اذا لم يكن من يخطب تقرير لارتكاز وضع الوجوب وبيان لعدم اختصاص الجماعة بصلاة الجمعة بلسان الترخيص فى الاتيان بأربع ركعات جماعة والشرطية اذا لم يكن من يخطب اما محققة للموضوع كما قيل أى حين فقدان صلاة الجمعة بفقدان الخطيب وغيره من شرائطها يجوز لهم ان يصلوا الظهر اربع ركعات جماعة واما أن يكون لها عقد السلب كما هو الظاهر فمفهومها جواز الاتيان بصلاة الظهر ركعتين مع وجود الخطيب عندهم فيدل على المشروعية المستلزمة للرجحان اذا كان المشروع عبادياً كما في المقام وكيف كان فالصحيح مسوق لبيان حكم آخر بلا ظهور له حتى بالمفهوم في بيان حكم صلاة الجمعة بما هي وانه الوجوب فضلا عن الاطلاق من هذه الجهة كي يتطرق اليه احتمال الظهور فى العينى الاستمرارى. وموثق الفضل بن عبد الملك المتقدم فى اخبار القسم الثاني: اذا كان قوم في قرية (الحديث) ثم انه لا يهمنا تحقيق اختصاص من يخطب او الامام في هذه الروايات بامام الاصل او شموله لمطلق امام الجماعة لان سائر الادلة تغنينا عن التشبث بذيل هذه الاشعارات فان الخطيب اللغوى يعم من ينشأ شعراً واحداً ويرفع على صخرة فينشده على الناس والاسطلاحي المقيد بشخص خاص يمنع من الاخذ بالاطلاق ويجعل الموضوع مقيداً وسيأتى بعض الكلام فى ذلك في طي المباحث انشاء الله. و معتبر طلحة بن زيد (1) عن جعفر عن أبيه عن على (علیه السلام) قال لا جمعة الا مصر تقام فيه الحدود : أما السند ففى التهذيب والاستبصار : أحمد بن محمد عن محمد بن

ص: 199


1- الوسائل الباب - 3 -- من صلاة الجمعة الحديث 3 .

يحيى عن طلحة بن زيد : ولوضوح عدم معاصرة الشيخ (قدسّ سره) لاحمد بن محمد حتى ينقل عنه الرواية بلا واسطة ومعلومية بناء مشايخ النشر على نقل الرواية متصلة السند لا وجادة عن الأصل عنونه في الوسائل بقوله وباسناده (أى الشيخ) عن احمد بن محمد فهذا ليس تصرفاً فى السند كما قديتوهم وأحمد بن محمد بقرينة محمد بن يحيى المطار القمى الثقة هو ابن عيسى الاشعرى القمى الثقة وسند الشيخ اليه صحيح وطلحة ابن زيد لم يرد فيه طعن من أحد حتى في الكتاب المنسوب الى الغضائري الذي هو غريب في الطعن حتى قال في مقام الطعن على كتاب بعض الرواة انه يروى متوناً بلا أسانيد وأسانيد بلا متون ان نقل المتون بلا أسانيد أى الارسال له وجه لكن لا معنى لنقل أسانيد بلا متون وعلى فرضه فأى طعن في ذلك فهذا يكشف عن توغله في حب الطعن المائع عن الدقة فيما يقول نعم قال الشيخ (قدسّ سره) انه عامى بترى لكنك عرفت مراراً عدم اخلال الخلل المذهبي بالوثوق في القول فلو أحرزنا صدق قوله كانت روايته حجة عقلائية وطرق احراز ذلك في طلحة متعددة منها رواية الاجلاء من الرواة عنه أمثال على بن ابراهيم و ابراهيم بن هاشم ومحمد بن يحيى واحمد بن محمد بن عيسى هؤلاء الاثبات العظماء المدققون في فن الرواية لكن حيث لم يثبت التزامهم العملى على عدم النقل من غير الثقة فنقلهم الرواية عن الرجل مؤيد للوثاقة لا أنه طريق مستقل لاحرازها الا أن يوجب الاطمئنان الشخصي لواحد فيكون حجة في حقه. ومنها رواية أصحاب الاجماع عنه كصفوان بن يحيى الذى مضافاً الى كونه من أصحاب الاجماع يكون أحد الثلاثة صفوان - ابن ابيعمير - البزنطي) الذين وردت فيهم شهادة أرباب الرجال بجملة : لا يروى الا عن ثقة ولا يرسل الا عن ثقة. ومنها شهادة الشيخ (قدسّ سره) بان كتابه معتمد فضلا عن شهادة جملة من محققى المتأخرين كالمجلسى الاول والوحيد البهبهاني (قدهما) بعدم وجدان خلل منه في نقل متون الروايات بعد السير والفحص فى متون رواياته وذلك كله يوجب حسن

ص: 200

حال الرجل والاعتماد بصدق قوله فالخبر كما سميناه معتبر. وأما الدلالة فقوله (علیه السلام) لا جمعة الا : ظاهر فى حصر مشروعية صلاة الجمعة تقام فيه الحدود ومع فرض صرفه عن هذا الظهور بقرينة الخارج فالمتيقن منه حصر وجوبها بذلك والظاهر منه تقيد صلاة الجمعة بقيدين أحدهما كون اقامتها في المصر فهى صلاة الامصار دون القرى كما دل عليه التنويع المستفاد من المستفيضة المتقدم بعضها والاتى بعضها الآخر النافية لتلك الصلاة عن أهل القرى ولا مانع عن ذلك ثبوتاً ولا يلزم تبين حكمة هذا التقييد لدينا كما لم تتبين حكمة جملة من قيود صلاة الجمعة كالاختصاص بالسبعة وبمن يكون على مادون الفرسخين وغير ذلك القيود فتوهم أن الجهل بحكمة مثل هذا القيد يوجب رفع اليد عن الرواية فاسد . ثانيهما كون اقامتها في مصر هو محل اقامة الحدود بالفعل وسيأني توضيح ذلك وبيان أنه لاوجه لحمل الرواية على التقية وبالجملة فالخبر غير ناظر الى بيان حكم صلاة الجمعة بما هي. وموثق حفص بن غياث(1) من جعفر عن أبيه قال ليس على أهل القرى جمعة ولا خروج في العيدين : أما السند فليس فيه من طعن فيه عدا حفص بن غياث حيث ضعفه المصنف (قدسّ سره) في المعتبر لكن تضعيفه (قدسّ سره) لا يخرج الرجل عن القابلية للوثاقة لمكان اضطراب صاحب المعتبر فى أمر الرجال فيطرح الخبر الموثق تارة ويأخذ به أخرى ويضعف مثل عبد الله بن بكير الذى هو من أصحاب الاجماع في موضع لمجرد كونه عامياً ويوثق من هو دونه في الوثاقة مع كونه عامياً في موضع آخر فلا بد من تحقيق حال الرجل واستخراج ذلك من كلمات أهل الفن. فنقول ذكره النجاشي (قدسّ سره) من غير قدح فى مذهبه وذلك آية كونه صحيح المذهب لديه حسبما احرزنا من دأبه فى كتابه من البناء على ذكر رجال الشيعة بدون ذكر المذهب وذكر مذهب من هو على خلاف مذهب الحق.نعم ذكر شيخ الطائفة (قدسّ سره) فى الفهرست أنه عامى ولكن لم يرد فيه طعن

ص: 201


1- الوسائل الباب - 3 - من صلاة الجمعة الحديث ع لجيل التال) 1-

من حيث صدق القول في كلمات أهل الرجال بل ذكره الشيخ (قدسّ سره) في العدة في زمرة من علمت الطائفة بأخباره مع كونه عاميا حيث تعرض لدفع التنافي بين وثاقة القول فاستشهد لذلك بأن جملة من الرواة مع فسادالمذهب مع وثاقة القول فاستشهدلذلک بأن جملة من الرواة مع فساد مذهبهم عمات الطائفة باخبارهم وعدهم باسمائهم فذكر في زمرتهم حفص بن غياث وذلك بوجب الوثوق النوعى بصدق قوله فهو اما ثقة أو موثق. وأما الدلالة فقوله (علیه السلام) ليس على : ظاهر فى نفى العهدة أى وجوب صلاة الجمعة عن أهل القرى فلسانه لسان التنويع والحكومة على دليل أولى جاعل للعهدة على العموم فلا محالة يكون في طول شرع صلاة الجمعة ان اولا شرعها على العموم لم يصح نفى العهدة عن صنف خاص من المكلفين كأهل القرى فهو نظير لاشك لكثير الشك الحاكم على أدلة الشكوك اذ لولا ثبوت احكام فى الشرع للشكوك لكان نفى الشك عن كثير الشك لغواً فالحاكم أبداً في طول المحكوم ولولاه يكون بيان الحاكم لغواً فلا يعقل ان يكون ناظراً الى حكم المحكوم وهو بيان حكم صلاة الجمعة بما هي في هذا الخبر وقد يدعى حمله على التقية لتوافقه لمذهب أكثر العامة.وفيه أولا ان القائل باختصاص صلاة الجمعة بأهل الامصار فى العامة منحصر بابيحنيفة. وثانياً أن الحمل على التقية لابد وان يكون لاحد وجهين اما الرجوع الى الاخبار العلاجية وهذا موضوعه التعارض [اذا امتنع الجمع الدلالي] وليس في البين [ خبر يعارض مضمون هذا الخبر كى يتحقق موضوع الرجوع الى الاخبار العلاجية واما وجود شاهد على فساد جهة صدوره وهو أيضا مفقود فلا موجب لحمل الخبر على التقية واما ما اختاره صاحب الحدائق أخذاً بظاهر قوله (علیه السلام) نحن نلقى الخلاف بينكم لنحقن به دمائكم من الحمل على التقية بمجرد اختلاف المضمون وان امكن الجمع الدلالي فغير سديد. (القسم الرابع) ما يكون مسوقا لبيان حد وجوب صلاة الجمعة نفياً واثباتاًمن

ص: 202

حيث المسافة كصحيح محمد بن مسلم(1) عن أبي جعفر (علیه السلام) قال تجب الجمعة على من كان منها على رأس فرسخين. وصحيح الفضل بن شاذان عن الرضا (علیه السلام) قال انما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك لان ما يقصر فيه الصلاة بريدان ذاهباً أو بريد ذاهباً و ريد جائياً والبريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذى يجب فيه التقصير وذلك انه يجيىء فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ و هو نصف طريق المسافر وصحيح محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قبال تجب الجمعة على كل من كان منها على فرسخين وصحيح محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الجمعة فقال تجب على كل من كان منها على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شيئ.وصحيح زرارة قال قال أبو جعفر (علیه السلام) الجمعة واجبة على من ان صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة وكان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) انما يصلى العصر في وقت الظهر في سائر الايام كي اذا قضوا الصلاة مع رسول الله (ص) رجعوا الى رحالهم قبل الليل وذلك سنة الى يوم القيمة : اذ الضمير فى قوله (علیه السلام) من كان منها راجع الى الجمعة والاشارة خارجية مكانية فلابد وأن تكون الصلاة منعقدة كما يشهد به التحديد المكاني بفرسخين فهذه الاخبار ناظرة الى تخصيص وجوب صلاة الجمعة بمن كان على رأس فرسخين فهي حاكمة على دليل شرع صلاة الجمعة على العموم والحث على الحضور عند الصلاة المنعقدة كما كان مضمون القسم الأول من أخبار هذه الطائفة فطبعاً تكون في طول شرعها بمرتبتين أصل الشرع وانعقادها خارجاً بعد ذلك فكيف يعقل أن تكون بصدد بيان حكم صلاة الجمعة بما هي. وقديتوهم التنا في بين الخبر الاخير في بين الخبر الاخير منع الباقى من جهة التحديد الزماني فيه والمكانى فى غيره مع اختلاف التحديدين لامكان طي أكثر من فرسخين في

ص: 203


1- هذه الاخبار فى الوسائل الباب - 4 - من صلاة الجمعة

نصف اليوم فيحمل الاخير على التقية لهذه الجهة ولكنه قاسد لان سير القافلة بحسب المتعارف قد كان في القديم كل يوم ثمانية فراسخ ونصف اليوم أربعة فراسخ وسير المتعارف قد كان نصف سير القافلة فنصف اليوم فرسخان وتمام اليوم أربعة فراسخ وهى بريد واحد ولا ينافي ذلك امكان سير الماشي بأكثر من فرسخين بل أربعة فراسخ أحياناً فالتحديدان متوافقان كما أشير اليه في خبر الفضل بن شاذان فلا موجب للحمل على التقية. (القسم الخامس) ما يكون مسوقا لبيان ركعات صلاة الجمعة كصحيح زرارة(1) عن ابيجعفر (علیه السلام) ( في حديث) انه قال في قوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهى صلاة الظهر قال ونزلت هذه الآيات يوم الجمعة ورسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر وأضاف للمقيم ركعتين وانما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة فى غير جماعة فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الايام وذيل موثق الفضل بن عبد الملك المتقدم : وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وظاهر هذين الخبرين كون جعل الخطبتين علة لسقوط الركعتين لا كونهما بدلا عن الركعتين ولا ينافى ذلك ما فى ذيل الخبر الاتى لان لسان الاخير لسان التنزيل والأمر فيذلك سهل . وموثق سماعة عن أبيعبد الله (علیه السلام) قال صلاة الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلى وحده فهى أربع ركعات. وصحيح الفضل بن شاذان عن الرضا (علیه السلام) قال انما صارت صلاة الجمعة اذا كان مع الامام ركمتين واذا كان بغير امام ركعتين وركعتين (الحديث) . وصحيح عبد الله سنان ع-ن أبيعبد الله (علیه السلام) ( فى حديث قال انما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهى صلاة حتى ينزل الامام . وموثق سماعة قال سألته عن قنوت الجمعة (الى ان قال) قال انما صلاة الجمعة

ص: 204


1- الوسائل الباب - 6 - من صلاة الجمعة .

مع الامام ركعتان فمن صلى منع غير امام وحده فهى أربع ركعات بمنزلة الظهر (الحديث) وبمضمونها أخبار أخر وعدم سوقها لبيان حكم صلاة الجمعة بماهي واضح (القسم السادس) ما يكون مسوقاً لبيان أقل المسافة لانعقاد صلاة الجمعه كصحيح محمد بن مسلم (1) على الصحيح عن أبي جعفر (علیه السلام) قال يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعنى لا تكون جمعة الا فيما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة الا بخطبة قال فاذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلابأس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء . وصحيحه الآخر عن أبي جعفر (علیه السلام) قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين ومعنى ذلك اذا كان امام عادل وقال واذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة أميال أن ظاهرهما اشتراط جواز الاتيان بصلاة الجمعة وصحة انتقادها بكون المسافة الفاصلة بينها وبين صلاة أخرى منعقدة ثلاثة أميال فما زاد وكل ميل كيلوان متراً تقريباً فثلاثة أميال ستة كيلوات متراً وهى فرسخ واحد وهذا غير اشتراط وجوب الحضور عند الجمعة المنعقدة بكون المكلف فى مسافة فرسخين فما دون كما كان ذلك مفاد القسم الرابع ان موضوع الاول نفس انعقاد صلاة الجمعة والاتيان بها من جديد أي اقامتها.وموضوع الثانى الحضور عند صلاة الجمعة بعد فرض انعقادها وحكم الأول هو الجواز والصحة وحكم الثانى هو الوجوب فهما حكمان مختلفان الموضوعين لاحكم واحد كما قد يتوهم فاذا انعقدت جمعتان في طرفي مسافة ثلاثة أميال يجب على من كان في تلك المسافة أن يحضر عند احديهما على التخيير بينهما . وبالجملة فهذه الطائفة من الاخبار باقسامها الستة غير مسوقة لبيان الوظيفة الفعلية في صلاة الجمعة كي يستفاد منها الوجوب العيني الاطلاقي على الاعيان فى جميع الازمان . نعم يستفاد منها بالاستلزام العقلى وجوب صلاة الجمعة اجمالا ان لولا وجوبها

ص: 205


1- الوسائل - الباب - 7 - من صلاة الجمعة .

لكان بيان سائر شئونها من كمية الموضوع او قيد الحكم أو وجوب الحضور أو نحو ذلك لغواً لكن الاستلزام العقلى ليس باطلاق لفظى قابل للتمسك به لشيىء من الجهات المشكوكة بل هو لبى له قدر متيقن هو الجامع لكل قيد او شرط شك في قيديته أو شرطيته. (الطائفة الثانية ماتكون مرخصة في الاتيان بصلاة الجمعة اما لنوع خاص أو للعموم بدون تولية الامام أو المنصوب من قبله فلهذه الطائفة قسمان . (القسم) الأول ما يكون مرخصا فى الاتيان بها لنوع خاص ه-م أهل القرى ولهذا القسم خبران وربما يتوهم وجود خبر ثالث له هو موثق عبدالله بن بكير(1) قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قوم في قرية ليس لهم من يجمع بهم أيصلون الظهر يوم الجمعة في جماعة قال نعم اذا لم يخافوا : بحمل أيصلون الظهر يوم الجمعة جماعة على السئوال صلاة الجمعة فيكون الجواب ترخيصاً في الاتيان بها مع عدم الخوف والتقية لكنه فاسد از الظاهر من قول السائل ليس لهم من يجمع بهم فقدان مقيم الجمعة اما لاشتراط حضور السلطان العادل أو لفقدان الخطيب وحيث أنه توطئة للسئوال بقوله أيصلون الخ وليس مسوقا للسئوال عن نفسه فجهة فقدان المقيم مجهولة لدينا ولا يمكن كشف ارتكاز السائل عنه بالنسبة الى واحد من الوجوب أو الاستحباب لكن المقابلة بينه وبين جملة أيصلون قرينة على عدم ارادة صلاة الجمعة من الظهر فى السوال . فمورد السئوال جواز الاتيان بصلاة الظهر فى يوم الجمعة جماعة ومنشأ توهم عدم جواز الجماعة فيها اختلاف العامة في ذلك بين قائل بكراهة الجماعة فى ظهر يوم الجمعة اذا لم تكن صلاة الجمعة كأبيحنيفة وقائل بعدم الكراهة كسائر العامة والجواب ترخيص في ذلك اذا لم يخافوا من تعرفهم لدى العامة التاركين له بأنهم من الشيعة فلا ينبغي عد هذا الخبر من أخبار صلاة الجمعة فينحصر اخبار هذا القسم فی خبرین استدل بهما كل من القائل بحرمة صلاة الجمعة زمن الغيبة والقائل بوجوبها

ص: 206


1- الباب - 12- من صلاة الجمعة

العينى الاطلاقي والقائل بالتخيير وهم المشهور والحق مع المشهور أحدهما موثق الفضل بن عبد الملك (1) لما قيل من كون أبان بن عثمان ناووسيا قال سمعت أبا عبدالله (علیه السلام) يقول اذا كان قوم (القوم) في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين. وقد فرط بعضهم فاستظهر منه الحرمة بحمل الجمعة في قوله (علیه السلام) اذا كان قوم فى قرية صلوا الجمعة اربع ركعات : على يوم الجمعة فمنطوق هذه الفقرة الترخيص في اتيان أهل القرى بالصلاة في يوم الجمعة أربع ركعات ومفهومها عدم الترخيص في اتيانهم ب- فى ذلك اليوم ركعتين فيدل على المنع عن صلاة الجمعة في حقهم وجعل من يخطب فى قوله (علیه السلام) فان كان لهم من يخطب عنوانا مشيراً الى امام الاصل ان الاخذ بمفهومه أى كل من يقدر على الخطبة يستلزم كون التقييد لغواً ضرورة قدرة كل أحد على الخطبة . فمفاد الفقرة الثانية جواز الاتيان بصلاة الجمعة لدى حضور امام الاصل وحيث أن المفروض عدمه فيدل على عدم جوازه وأفرط بعضهم فاستظهر منه الوجوب العيني الاطلاق بدعوى عدم ظهور الفقرة الأولى فى نفى الرخصة عن صلاة الجمعة أى الركعتين وعدم ظهور من يخطب فى الفقرة الثانية فى امام الأصل فيشمل كل من يقدر على الخطبة وظهور هيئة جمعوا في مقام الانشاء في وجوب الاتيان بصلاة الجمعة . فمفاد الفقرة الثانية وجوب اقامة صلاة الجمعة مع وجود خمس نفر لكن الحق عدم استقامة ذاك التفريط ولا هذا الافراط في الاستظهار من الرواية بل ظهورها في الترخيص فى اتيان أهل القرى بصلاة الجمعة المستلزم للتخيير الذى هو مذهب المشهور . أما بالنسبة الى الفقرة الأولى فلان الترخيص في الاتيان بأربع ركعات أعم من تحريم الاتيان بركعتين وأما بالنسبة الى الفقرة الثانية فلان ظهور كل عنوان

ص: 207


1- الوسائل - الباب - 3 - من صلاة الجمعة - الحديث 2

بالطبع فى الموضوعية فالحمل على الطريقية تصرف فى الظاهر محتاج الى القرينة ففى المقام ظهور من يخطب في قيدية الخطيب بعنوانه للحكم فجعله عنواناً مشيراً الى امام الاصل تصرف في ظاهره لابد له من قرينة ويكفى فى الخروج عن لغوية التقييد عدم شيوع وجود القيد فى الخارج ومن المعلوم عدم شیوع وجود القادر على الخطبة فيما بين أهل القرى كيف وكثيراً ما لا يقدر أئمة جماعتهم أن يحسنوا قرائة الصلاة كما شاهدنا في جملة من القرى فضلا عن عرفانهم قرائة خطبة صلاة الجمعة ولو بأقل ما يقنع فيه-ا وفضلا عن عرفان عموم الاهالي بذلك أو شيوع العارف به فيما بينهم . نعم يوجد في غالب القرى غالباً بحسب المستوى بالنسبة الى مجموع القرى فى المأة اثنان مثلا يقدران على حفظ أقل ما يقنع به في الخطبة وقرائته صحيحاً وهذا المقدار أو ما يقرب منه كاف في صحة التقييد بوجود من يخطب لهم وعدم كونه لغواً فلا ظهور للفقرة الثانية فى التحريم لعدم القرينة على جعل من يخطب عنوانا مشيراً الى امام الاصل. وأما ظهور هيئة جمعوا في وجوب الاتيان بصلاة الجمعة كي يتم استظهار القائل بالوجوب العيني الاطلاقي فممنوع بمعونة قرينتين احديهما خارجية هي نفى وجوب صلاة الجمعة عن أهل القرى فى موثق حفص بن غياث المتقدم في القسم الثالث من أخبار الطائفة الاولى بقوله (علیه السلام) ليس على أهل القرى جمعة ولا خروج في العيدين . والاخرى داخلية هى تعليق اقامة الجمعة على وجود خمس نفرقى هذه الرواية مع أن عدد الوجوب سبعة حسب المستفيضة المتقدم جملة منها في الطائفة الاولى والاتي بعضها في سائر الطوائف ولا يعقل أن يكون الاقل حداً للوجوب مع كون الاكثر حداً له ضرورة حصول الحد الموضوع للوجوب بحصول الاقل فلا حالة منتظرة لتحقق الوجوب وليس الحدية الاكثر معنى بعد فرض وحدة الحد فلابد وان يكون الاقل

ص: 208

حداً للرخصة والاكثر حداً للوجوب كما يدل على ذلك منطوق زرارة الاتیفي سائر طوائف الاخبار وبذلك نجمع بين الاقتصاد في بعض الأخبار على السبعة وفى بعضها على الخمسة والترديد بينهما فى بعض آخر فالقرينتان شاهدتان بكون هيئة جمعوا ناظرة الى الرخصة لاهل القرى في اقامة صلاة الجمعة لدى وجود من يخطب و اجتماع خمس نفر وحيث أن الرخصة فى العبادة مستلزمة عقلا للرجحان فيدل الخبر بالملازمة العقلية على الاستحباب. وأما الملازمة في هذه الملازمة أى استلزام الجواز في خصوص صلاة الجمعة للوجوب فهذا الخبر قاصر عن افادتها وثبوتها من الخارج، فيه كلام يأتى انشاء الله في طي المباحث.ثانيهما صحيح محمد بن مسلم (1) عن أحدهما قال سألته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم (و) يصلون أربعاً اذا لم يكن من يخطب ، حيث فرط بعضهم فاستظهر منه التحريم بحمل الجمعة في قول السائل يصلون الجمعة جماعة على يوم الجمعة فالسوال عن جواز الاتيان بالصلاة فى يوم الجمعة على نحو الجماعة ومنطوق الجواب بقوله (علیه السلام) نعم يصلون أربعاً يدل على الترخيص في الاتيان بها جماعة أربع ركعات ومفهومه يدل على المنع عن الاتيان بها جماعة ركعتين والشرطية اذا لم يكن من يخطب محققة للموضوع ناظرة الى علة هذا المنع وهو فقدان الشرط أى حضور امام الاصل الذى عرفت كون من يخطب عنواناً مشيراً اليه وأفرط بعضهم فاستظهر منه الوجوب بمعونة قرينتين احديهما ارتكاز وجوب صلاة الجمعة فى أذهان المتشرعة الموجب لظهور السئوال في كونه عن وجوب صلاة الجمعة كما في مصباح الفقيه والاخرى ظهور الشرطية فى المفهوم فالحمل على بيان وجود الموضوع تصرف فى الظاهر بلا قرينة فالجواب ناظر الى تنويع وظيفة ظهر يوم الجمعة الى نوعين

أحدهما وجوب صلاة أربع ركعات حين فقدان الخطيب والثاني وجوب صلاة

ص: 209


1- الوسائل الباب - 3 - من صارة الجمعة الحديث 1

الجمعة أى الركعتين حين وجود الخطيب الذى عرفت أنه مطلق من يقدر على الخطبة لا خصوص امام الاصل لكن الحق فساد كلانحوى الاستظهار من التفريط والافراط لان عنوان الجمعة ظاهر في صلاة الجمعة سيما مع وقوعه مفعولا ليصلون فيكون جماعة حالا للمادة أى صلاة الجمعة وان صح كونها حالا لهيئة يصلون أيضاً لو فرض ارادة يوم يوم الجمعة من لفظة الجمعة فالسئوال ظاهر في كونه عن صلاة الجمعة وحمله على الصلاة في يوم الجمعة كما صنعه مستظهر التحريم تصرف في الظاهر بلا قرينة كما ان ارتكاز الوجوب في ذهن السائل كما تشبث به مستظهر الوجوب لا يعين كون السوال عن سنخ شرع صلاة الجمعة لاهل القرى أى الوجوب لاعن أصل شرعها في حقهم اذ لا منافاة بين كون وجوبها على المكلفين مرتكزاً في ذهنه وبين السئوال عن أصل جوازها بالنسبة الى نوع خاص منهم لجهة ما من الجهات نظير اختصاص صلاة الجمعة بأهل الامصار لدى طائفة من العامة كأصحاب ابيحنيفة وكراهتها لاهل القرى لديهم بحيث جرت سيرتهم العملية على تركها فى القرى فظهور جملة هل يصلون الجمعة جماعة في السوال عن أصل جواز اقامة صلاة الجمعة لاهل القرية محفوظ فى الرواية هذا حال السوال.وأما الجواب فجعل الشرطية محققة للموضوع كما صنعه مستظهر التحريم بلا وجه ان هو يكون أحياناً فى ان الشرطية بخلاف اذا الظاهرة في التنويع الذي لا يصح الا مع كون القيد احترازياً فالجواب ناظر الى تنويع الصلاة إلى نوعين أحدهما مع فقدان من يخطب وحينئذ يتعين أن يصلون أربعا. ثانيهما مع وجود من يخطب فلا يتعين أن يصلون أربعاً فاستظهار التحريم من الجواب ممنوع الوجهين الأول أن مفهوم يصلون أربعاً لا يصلون أربعاً وهو أعم من التحريم لكون المفهوم نافياً للتعين الظاهر من المنطوق الثاني أن جعل اذا من قبيل الشرطية المحققة للموضوع مما لاسبيل اليه ولا قرينة عليه كما أن استظهار الوجوب من الجواب موقوف على أحد أمرين اما احتساب الملازمة العقلية بواسطتين من مفادات اللفظ وهو ممنوع واما اثبات استلزام الجواز في خصوص صلاة الجمعة

ص: 210

للوجوب من الخارج وهو أيضاً ممنوع بيان ذلك أن نفى أربع ركعات لدى وجود من يخطب بمقتضى مفهوم الشرط فى مقام القاء الضابط يدل بالملازمة العقلية من جهة احراز تنويع صلاة ظهر يوم الجمعة الى أربع ركعات هي الظهروركمتين هي الجمعة من الخارج على ثبوت ركعتين لدى وجود من يخطب أى الرخصة معه في صلاة الجمعة. كما أن الترخيص في صلاة الجمعة يدل بالملازمة العقلية من جهه تقوم عبادية العبادة بالرجحان عقلا على كونها راجحة شرعاً وأما ملازمة عقلية أخرى في هذه الملازمة وهى استلزام رجحان صلاة الجمعة شرعا لوجوبها فهى خارجة عن حوصلة هذا الدليل بأي نحو من أنحاء الدلالات واثبات هذه الملازمة من الخارج فيه كلام سیاتی انشاء الله في طي المباحث. فغاية ما يستفاد من الجواب هو الترخيص لاهل القرى مع وجود من يخطب في اقامة صلاة الجمعة المستلزم لرجحانها شرعاً وللتخيير بينها وبين أربع ر كمات الظهر كساير الايام على ما يقول به المشهور في مطلق المكلفين . قولك (القسم الثاني) ما يكون مرخصاً في الاتيان بصلاة الجمعة لعموم الشيعة والمتيقن منه خبر ان أحدهما وهو العمدة صحيح زرارة (1) قال حثنا أبو عبدالله (علیه السلام) على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه فقلت تغدو عليك فقال لا انما عنيت عندكم : وقد اعتنى بهذا الحديث كل من المشهور القائلين بالوجوب التخييرى والقائلين بالوجوب العينى الاطلاقي والنافين حتى الاستظهار الرخصة منه في اقامة الجمعة ثم ليعلم أن الاشعارات غير محسوبة من الدلالات كما هو واضح كما ان الاستلزامات العقلية البعيدة خارجة عن زمرة مداليل الالفاظ لدى عرف المحاورة لكن المناسبة والربط بين مضامين مفردات الكلام مما لابد منه في عالم استنطاق الكلام وتحليل مفادات مفرداته بمقتضى القانون العام في باب المحاورة وبعد ذلك نقول أما المشهور فقد استدلوا بهذا الحديث لمذهبهم بما يمكن تحريره بأن الحث على الفعل

ص: 211


1- الوسائل الباب - 5 - من صلاة الجمعة الحديث

بحسب حاق مفهومه عبارة عن الترغيب فيه والتحريص عليه وهذا يناسب مع استحباب الفعل دون وجوبه ان المناسب مع الواجب هو الترهيب. فالظاهر من قول زرارة حثنا أبو عبد الله (علیه السلام) على صلاة الجمعة استحباب اقامتها لا وجوبها كما أن الحث على الفعل انما يصيح في مورد متروكية الفعل ان الحث والترغيب يكون بداعي الاتيان فمع اتيان المكلف بالفعل بطبعه وكونه تحت مز اولته العملية يكون حثه عليه لغواً وتحصيلا للحاصل.فقول زرارة حثنا يدل على متروكية صلاة الجمعة لديهم والظاهر من ضميرنا بقرينة اسناد صدور الحث الى رئيس مذهب الشيعة من قبل أحد عظمائهم كزرارة هم الشيعة في زمان الصادق الله فيكشف عن كون صلاة الجمعة متروكة بين الشيعة زمن صدور الحديث فحمله على خصوص طائفة من الطائفة كرواتهم أو فقهاء الرواة أمثال زرارة فضلا عن خصوص شخص زرارة تصرف في الظاهر بلا قرينة . وحيث أن الحث الصادر عن الامام (علیه السلام) قد كان باللفظ فتحديده بغاية ه-ي عبارة عن صفة وجدانية خارجية أى الظن بقوله حتى ظننت يكشف بالالتزام عن ر صدور ذاك اللفظ عنه (علیه السلام) الموجب لتولد صفة الظن في نفس زرارة . والظاهر من ضمير الجمع فى جملة تأتيه بقرينة ما عرفت كونه اشارة الى طائفة الشيعة كزرارة وجماعته وسائر شيعة المدينة فالمعنى حتى ظننت أنه يريد نجمتع حوله نحن الشيعة ونتشرف بحضرته وحيث أنه لابد من مناسبة بين اقامة صلاة الجمعة التي كانت مورد الحث من الامام البلا وبين شخص الامام (علیه السلام) حتى يصح منشأية الحث والترغيب في الاقامة لحصول الظن لزرارة بارادته (علیه السلام) اجتماع الشيعة حوله ان لا يعقل حصول مثل هذا الظن لمثل زرارة من دون جهة فيكشف ذلك بالالتزام عن وجود ربط وضعى شرعى بين أقامة الجمعة وبين وجود الامام (علیه السلام) أوجب ارتكاز ذلك الربط في ذهن زرارة سببية الحث والترغيب في اقامتها للالتفاف حوله وحيث أن متعلق الحث نفس الاتيان بصلاة الجمعة لا كيفية المأتى به فهذا الربط ليس الا الربط المنصبى لا الربط الفضيلى بالنسبة الى فرد الواجب التخييري مضافا الى عدم انحصار

ص: 212

موجبات أفضلية الفرد فى الايتمام بامام الاصل فلها مصاديق كثيرة كاجتماع فقهاء الرواة وعظماء الشيعة وسائر الاداب الشرعية الموجبة لزيادة فضيلة الصلاة أو الجماعة فيها. ولا تنافى بين أنغراس المنصبية في ذهن زرارة مع عدم حصول هذا الظن له الا بعد تكرر الحث الصادر عن الامام (علیه السلام) لان شهود زرارة تسلط ولاة الجور على هذا المنصب المانع بحسب الظاهر عن تمكن الامام (علیه السلام) عن الاستيلاء عليه لكونه كثورة على المخالفين قد كان يمنعه عن حصول الظن عقيب أول مرة من الحث على صلاة الجمعة بارادته (علیه السلام) اجتماع الشيعة حوله كي يقوم بذلك المنصب وانما أوجب الحث الأول خلجان ذلك في ذهنه فكلما تكرر الحث منه (علیه السلام) قوى الاحتمال في ذهن زرارة حتى صار ظناً كما يؤكد هذا الارتكاز سئواله الثاني بقوله تغدو عليك : الظاهر بمقتضى على الاستعلاء في التهجم عليه (علیه السلام) غداً جمعاً لظهور ضمير الجمع : تغدو : في الاشارة الى طائفة الشيعة الموجودين فى المدينة لما عرفت من القرينة على مثل هذا الظهور كما ان الظاهر من مادة الغد هو اليوم التالى دون المتأخر بأيام فظاهر جملة تغدو كون هذه المحاولة بين الامام (علیه السلام) وزارة كان في يوم الخميس فظن أنه يريد أن يأتوه يوم الجمعة.واستعمال هذه المادة في الايام الاتية المتأخرة وان كان صحيحا لكنه يحتاج الى قرينة مفقودة في المقام . وأيضا الظاهر من هذه الجملة ومن جملة نأتيه كون المحاولة زمن اقامة زرارة وجماعته في المدينة لاخذ الرواية عن الصادق (علیه السلام) لازمن مراجعتهم الى وطنهم أى الكوفة . والجواب بقوله (علیه السلام) لا انما عنيت عندكم ظاهر فى وجود مصداقين لمورد الحث أحدهما مابينه السائل بقوله نغدو عليك ثانيهما ما هو المقصود الفعلى للامام (علیه السلام) فيكون تقريراً لارتكاز السائل بالنسبة الى المنصبية وترخيصاً في اقامة صلاة الجمعة فيما بين الشيعة بمقتضى ضمير عندكم الظاهر بقرينة ماذكر في الاشارة الى طائفة

ص: 213

الشيعة كما أن الظاهر من جملة عنيت عندكم تأسيس اقامة الجمعة لا الالتحاق بالجمعة المنعقدة أى أقيموها عندكم فهذا ترخيص عام من غير تولية الامام .واما القائلون بالوجوب العينى فقد أجابوا عن هذا التقريب بأن تهاون زرارة اقامة الجمعة انما هو لا بتلائه فى الكوفة بالمنصوبين من قبل العباسيين لاقامة الجمعة وعدم تمكنه لاجل التقية من اقامتها فلا ينافي وجوبها على العموم مطلقا من غیر اشتراطه باقامة الامام والحث على اقامتها قد كان بعد كسر سورة التقية وتمكن الشيعة من اقامتها. هكذا يظهر من الرسالة الشهيدية وتبعه متأخروه من القائلين بالوجوب العيني الاطلاقي بل ربما يقال بعدم التنافي بين كون وجوب اقامة الجمعة عينياً اطلاقياً مع عدم اطلاع زرارة عن هذا الحكم ولكن يدفعه أن المحاولة بين الامام (علیه السلام) وزرارة كما عرفت قد كانت زمن اقامة زرارة بالمدينة دون الكوفة. وثانياً أن مورد الحث كما عرفت قد كان عموم الشيعة لاخصوص زرارة وانما هو ناقل لذلك. وثالثاً على فرض كون زرارة في الكوفة أو ابتلاء عموم الشيعة بالتقية أن العدد الذى تنعقد به الجمعة حسبما يقول به أرباب هذا القول ليس عدداً كثيراً غير قابل للجمع في محل بعيد عن أنظار المخالفين اذ هو سبعة أو خمسة واجتماعهم في مثل ذاك المحل واقامتهم للجمعة بمكان من الامكان . كما أن الرقابه من قبل المخالفين لم تكن تامة بحيث تسرى الى داخل البيوت وتمنع عن اقامة الجمعة بسبعة نفر ولو فى اسابيع مرة ودعوى قصور وقتهم عن اقامتها في البيوت حيث كانوا يحضرون جمعة المخالفين مدفوعة بعدم اشغال أقل ما يقنع به فى صلاة الجمعة من الركعتين والخطبتين وقتاً زائداً يمنع عن درك جمعة المخالفين كما يشهد به خبر ابى بكر الحضرمي(1) قال قلت لا بيجعفر (علیه السلام) كيف تصنع يوم الجمعه قال كيف تصنع أنت قلت أصلى في منزلي ثم أخرج فأصلى معهم قال كذلك

ص: 214


1- الوسائل الباب - 29 - من صلاة الجمعة الحديث 3 .

أصنع أنا : فانه اذا كان الاتيان بأربع ركعات الظهر في المنزل لا يمنع عن درك جمعة المخالفين . فالاتيان بأقل ما يقنع به في صلاة الجمعة في المنزل مع سبعة أو خمسة والالتحاق الى جمعة المخالفين كان كذلك لان أقل ما يقنع به فيها لا يشغل من الوقت أزيد من أربع ركعات الظهر بل ظاهر الرواية أن الاتيان بالظهر يوم الجمعة في المنزل ثم الخروج لدرك جمعة المخالفين قد كان متكرر التحقق للامام (علیه السلام) والحضرمي وهذا بنفسه مما يشهد بعدم الوجوب العيني الاطلاقي ان لا يعقل مداومة مثل الحضر مى على ترك الواجب العينى مع التمكن من الاتيان به على نحو الاتيان بالظهر سيما مع كون الحضرمي ممن أدرك عهد الصادق (علیه السلام) فكان داخلا في عموم حثنا في صحيح زرارة بالتقريب المتقدم .

وأعجب من هذه الدعوى دعوى عدم التنافي بين وجوبها العيني الاطلاقي وبين عدم اطلاع زرارة عن هذا الحكم اذ كيف يعقل جهل زرارة مع كونه أفقه فقهاء الرواة وهو الراوى لكثير من أخبار صلاة الجمعة لحكم صلاة الجمعة وأن سنخ الحكم ما هو وهل هو وجوب عينى اطلاقی ام وجوب شرطى ولائى مع أن حكمها على ما يقول القائلون بالوجوب العينى كان ضرورياً للمذهب بل للدين فان ذلك أشبه بدعوى جهل خريت فن الفلسفة بأن الواحد نصف الاثنين و هذه الدعوى لا يقبلها أحد.

فالانصاف ان جواب هؤلاء عن تقريب المشهور لا يزيد عن ابداء احتمال في مفاد الصحيح قاصر عن كسر ظهوره في مذهب المشهور . وأما النافون حتى لاستظهار الرخصة من الصحيح فحاصل دعويهم أنه ناظر الى قضية فى واقعة فلا يستفاد منه الاذان) العام. و تفصيل ذلك أن مفاد الصحيح فيه محتملات ثبوتاً لا يمكن معها استظهار خصوص واحد منها من الصحيح (الاول) أن يكون الحث على حضور جمعة المخالفين اما التقية أو لكون الصلوة معهم مجزية عن الواقع .

ص: 215

وهذا الاحتمال مخالف لظاهر أربع مواضع من الصحيح ضمير تأتى وضمير حثنا وضمير نغدو وضمير عندكم اذ هي ظاهرة في كون الحث حث الشيعة على اقامة الجمعة لاحثهم على حضور جماعة أهل السنة والا لقال عندهم . وأما ماقال بان ترغيب الشيعة على حضور جماعة السنة انما هو لاجل التقية ففيه ان حضور جماعة المخالفين لم يكن متروكاً حتى يحث عليه اما رأيت محاورة الامام الا مع الحضرمي في كيفية حضورهما صلاة المخالفين الظاهر منها استمرار الحضور منهما. واما ان جمعتهم مجزية عن الواقع ففيه ان ذلك مبنى على اجزاء العمل المتقى به عن الواقع حتى فى مورد ترك الاجزاء الركنية وهذا المبنى فاسد جداً لما بنيا في مسح الرجل من عدم دليل ناظر الى تنزيل المتقى به مطلقا منزلة الواقع ولم يدل دليل على تقييد الواقع كذلك بيان ذلك انه لاريب في كون التقية بمنزلة ساير الاعذار فى الحكومة على الواقعيات بل هي ضرورة كسائر الضرورات كما ورد في رواياتها هذا التعبير. كما لاريب في اطلاق جملة وافرة من روايات التقية الشامل للاركان وغيرها كما لا ريب فى ان نظير هذا الاطلاق موجود في سائر أدلة الاعذار الا انه لا بدوان يتفطن كل فقيه بأن رتبة أدلة التقية كرتبة سائر ادلة الاعذار رتبة الحكومة على الواقعيات ولكن في طول تلك المرتبة جاءتنا ادلة دالة على أن الجزء الفلاني جزء مطلقاً بمعنى انها دلت على ان هذا الجزء لا يسقط بالعذر نظير عقد الاستثناء في لا تعاد.فهذه الادلة حاكمة على ادلة التقية نتيجتها تخصيص حكومة التقية على الواقعيات بغير مورد الركنيات نعم لو ثبت ورود ادلة التقية في المرتبة الرابعة بان تكون حاكمة على ادلة الركنيات كان القول باجزاء العمل المتقى به الفاقد الجزء او الشرط الركنيين عن الواقع متيناً جداً موافقاً للصناعة ولكن انى لنا بذلك الدليل بل الادله الخاصة الواردة في مقامنا هذا وهو الجمعة مع المخالفين

ص: 216

دالة على عدم الاجزاء بالنسبة الى الركنيات وقد استفدنا ذلك من تلك الادلة في باب التقية وجعلناها مؤيدة لمبنينا من عدم الاجزاء فى الركنيات وحمل تلك الادلة على الاستحباب بمجرد اطلاق مثل قوله التقية واسعة خلاف الصناعة ان الخاص يقدم على العام وليس للعام حق التصرف في هيئاة الخاص ان المحكوم غير حاكم قطع--اً وربما يأتى مزيد توضيح لذلك انشاء . (الثاني) ان يكون الحث على حضور جمعة المنصوب من قبل الامام (علیه السلام)ولكن اندفاع هذا الاحتمال ايضاً بحسب الاثبات واضح.اما اولا فلان نصب الامام (علیه السلام) احمد اصحابه لاقامة الجمعة اعمال للسلطنة التشريعية والمفروض منع النقية عن اعمالها اذ نصب الغير لاقامة الجمعة كتوليها بنفسه الشريف على حد سواء فى المعارضة مع شوكة المخالفين فينا فى التقية فعلة قعود الامام عن تولى أقامتها بعينها علة لعدم نصبه للغير. واما ثانياً فلانه على فرض تسليم تمكن الامام من نصب احد اصحابه لاقامة الجمعة فهل كان احد اولى من زرارة فى ذلك وهو اخص اصحابه وافقه رواته واقرب تلامذته منزلة لديه فكيف ينصب غير زرارة ويحض زرارة على الحضور لجمعته. واما ثالثاً فسلمنا ذلك كله لكنه هل من المعقول عدم اطلاع زرارة على ذلك او عدم حضوره لتلك الجمعه المنعقدة من قبل متصوب للامام (علیه السلام) وهل ترى فرقاً بين الجماعة المنعقدة من الامام بنفسه وبين الجمعة المنعقدة من قبل منصوبه في وجوب الالتحاق بها.وكيف يعقل نصب الامام (علیه السلام) بعض أصحابه لاقامة الجمعة وحضوره (علیه السلام) مع بعض أصحابه كالحضر مى الى جمعة المخالفين كما دل عليه خبر الحضرمي المتقدم مضافا الى شهادة التاريخ بعدم نصب الائمة (علیه السلام) أحداً لاقامة الجمعة في شيء من الامكنة فكل هذه الاحتمالات مع بعدها في نفسها وعدم كونها مانعة عن الاخذ بالظهور على فرض قربها ، منافية لما ثبت لدينا من تاريخ عصر الائمة وسيرة زرارة و امثال زرارة بادلة قاطعة وهذه كلها قرائن قطعية على خلاف هذه الاحتمالات.

ص: 217

الثالث) ان يكون الحث على حضور جمعة المنصوب الشيعي من قبل الجائرين حيث افتى جماعة من فقهاء الشيعة امثال المفيد والشيخ والقاضي ابن البراج قدس سرهم بانه اذا نصب جائر شيعياً يجب عليه القبول فلم لا يجوز نصب الجائرين بعض الشيعة لاقامة الجمعة وحث الامام (علیه السلام) سائر الشيعة على حضور جمعته (ولكن) اندفاع هذا أوضح من سابقيه لانه مولود احتمالات طولية ثلاثة هو رابعها ان المسئلة أولا خلاقية بين الشيعة والقائلون بذلك من العلماء يقتصرون على مورد قدرة المنصوب على التغيير والتبديل فى ذلك الأمر بحيث يوافق مذهب الشيعة لا مطلقا. وعلى فرض اطلاقهم للحكم فهو مخصوص حسب اعتراف القائل بالامور النظامية أى العامة لا المناصب الخاصة بالأئمة عليهم السلام الذى يكون توليها غصباً لخلافتهم فلا يجوز للغير بغير اذنهم كصلاة الجمعة حسب اعتراف القائل . وعلى فرض اطلاق ذلك الحكم للمناصب فوقوع ذلك من قبل الجائرين بنصب شيعي لاقامة الجمعة غير ثابت حتى يكون هو المراد بحث الامام (علیه السلام) في هذا الصحيح بل التاريخ يشهد بعدم وقوع ذلك وبأن الجائرين لم يرخصوا لاهل الحق فى إقامة جمعة الا المأمون بالنسبة الى امامنا الرضا (علیه السلام) ليشاهد كيفية توجه الناس نجوه (علیه السلام) فلما خرج الامام (علیه السلام) ورأى شوكته خاف على سلطنته وأمر برجوعه (علیه السلام) فاحتمال كون الحث ناظراً الى جمعة المنصوب من قبل الجائرين فى طول ثبوت اطلاق فتوى جماعة من الشيعة لوجوب اتباع المنصوب من قبل الجائر فيما تولا. غير أم لم يغير بل اتبع حكم الجائر في جميع الشئون وثبوت اطلاق ذلك للمناصب الخاصة بالائمة (علیه السلام) وثبوت اعطاء الجائرين في زمن الصادق عليه السلام ذلك لبعض الشيعة وهذه كلها احتمالات بدوية ، بل القرائن بخلافها شاهدة مضافاً الى ما عرفت من ظهور الجواب في تأسيس اقامة الجمعة لا الالتحاق بالجمعة المنعقدة. (الرابع) أن يكون الجواب ناظراً الى ردع ارتكاز زرارة بولائية صلاة الجمعة (ولكن) يدفعه أولا ان ارتكاز زرارة مع كونه أفقه فقهاء الرواة لا يكون بلا منشأ

ص: 218

ولا عن منشأ غير منابع الوحى ولا سيما مع اعتراف المستشكل بكون منشأه سيرة المتشرعة على الولائية فمعنى الردع عن هذا الارتكاز تكذيب للسيرة وكيف يعقل تكذيب الامام السيرة المحققة في الخارج. وثانياً ان الظاهر من قوله عنيت عندكم كما عرفت سابقاً وجود معنيين صحيحين لمورد الحث أحدهما مرتكز زرارة والاخر مقصود الامام الا من ذلك فعلا فحصر المقصود الفعلى فى أحدهما ونفيه عن الاخر يدل بالالتزام على تقرير صحة الآخر وعدم كونه مقصوداً بالفعل ، فالجواب ناظر الى تقرير ارتكاز زرارة لا الردع عنه . وثالثاً أن الردع عن الارتكاز على فرضه لا ينافي الترخيص في الاقامة للعموم كما هو مدعى المشهور فتأمل(1).

(الخامس) أن يكون الجواب ناظراً الى اعطاء المنصب اما لخصوص زرارة واما لعموم الفقهاء دون الترخيص في الاقامة للعموم (ولكن) يدفعه أن الظاهر من حثنا ، كما عرفت هو الترغيب في أمر مشروع وبعد احراز اشتراط تولية امام الاصل في الوجوب العينى التعيينى من الخارج يدل هذا الحث بالالتزام العقلى على عدم اعمال التولى . وهذا المدلول الالتزامى لازم لواحد من الملزومات الثلاثة على سبيل منع الخلو ، أحدها نسخ القيد أعنى شرطية التولى بقاءاً من ناحية وجوب الاقامة.

ثانيها سقوط القيد لدى التعذر على نحو تعدد المطلوب أى اختصاص قيدية تولى الامام بصورة كون الامام الا مبسوط اليد ونتيجة هذين الاحتمالين هو الوجوب العينى التعيينى على العموم في جميع الازمان. ثالثها دخل القيد على نحو وحدة المطلوب في سنخ الوجوب وبقائه في جميع

ص: 219


1- اشارة الى أن الاعتراف بالردع هدم لمذهب المشهور من الوجوب التخييرى

الازمان كان امام الاصل حاضراً أم غائباً وكان مبسوط اليد أم لا من غير نسخه لان عدم اعمال الامام سلطنته بتولى الاقامة بل اعمال سلطنته التشريعية الالهية اما باعطاء المنصب لخصوص زرارة أو لعموم الفقهاء واما بترخيص عموم المكلفين في الاقامة منا على العباد من قبل الله عز وجل.ومن المعلوم أن اللازم اذا كان اعما لا يدل على الملزوم الاخص فحمل الجواب على اعطاء المنصب بلا شاهد مضافاً الى أن ظاهر الجواب الترخيص العام كما قررناه ولم تقم قرينة على خلاف هذا الظاهر.

وحاصل الاشكال على الصحيحة أن تراكم الاحتمالات الثبوتية الخمسة في مفادها يوجب اجماله ان هو قضية في واقعة فلا يستفاد منه الترخيص العام في اقامة الجمعة وحاصل جوابنا أنه فرق بين تطرق الاحتمالات الثبوتية لاجل اجتماع اقتضائات متعددة في مفاد اللفظ نظير المشترك اللفظى كالعين الموضوعة لسبعين معنى عند اطلاق لفظها بلا قيام قرينة على ارادة واحد من تلك المعانى بالخصوص فان اجتماع اقتضاءات عديدة بالنسبة الى سبعين معنى في اللفظ من ناحية الوضع يوجب تطرق الاحتمالات الثبوتية في مراد المتكلم منه اثباتاً فيصير مجملا قاصراً عن افادة مراد المتكلم أو الاجمال الذاتى كالموصول بلا صلة وبين ابداء احتمالات اقتراحية في مفاد المفظ في مورد ظهوره في معنى ما بنظر العرف . ومن البديهى أن مجرد ابداء الاحتمال لا يمنع عن الاخذ بظاهر اللفظ عرفاً بل هو أشبه الى الدعابة من فقه الحديث ولقد تفطن المستشكل لفساد بعض محتملاته واكتفى بأحد الاولين وعرفت فسادهما أيضا . فالانصاف أن صحيح زرارة يدل على أمرين ولائية صلاة الجمعة من ناحية تقرير ارتکاز زرارة كما هو المدلول الالتزامي لقوله : انما عنيت عندكم والترخيص العام في اقامتها في جميع الازمان كما هو مدلوله الاطلاقي

ص: 220

ثانيهما موثق عبد الملك(1) عن أبيجعفر (علیه السلام) قال قال مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله قال قلت كيف أصنع قال صلو اجماعة يعنى صلاة الجمعة : هكذا نقله الشيخ (قدسّ سره) في زيادات صلاة التهذيب وفى الاستبصار لكن في صلاة الجمعة التهذيب عند التعرض لفضل صلاة الجمعة وثبوت حق لها في الشرع نقله استطراداً بدون السند بلفظ : صلها : مكان صلوا . ما وقد نقله الأصحاب في كتبهم الاستدلالية بالمتن الاول ونقله صاحب الذخيرة (قدسّ سره) على النحو الثانى والاول مقدم لكون نقل الثاني على نحو الاستطراد وبدون السند وقد استدل به المشهور للتخيير بتقريب ان قوله (علیه السلام) مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله ، اى يموت حال عدم اتيانه بها يكشف بمقتضى وقوع النكرة اعنى لفظة فريضة فى سياق النفى المفيد للعموم عن ترك عبد الملك لصلاه الجمعة مستمراً و ذلك شاهد على ان المنصبية كانت مركوزة في ذهنه اذ كيف يعقل ترك فريضة اسبوعية لها وجوب عينى اطلاقي من مثل عبد الملك المعاشر للامام (علیه السلام) وأصحابه . ويشهد لذلك أيضاً قوله في جواب الامام كيف أصنع ؟ اذلا معنى لهذا السؤال اذا لم تكن صلاة الجمعة ولائية . ويدل على ذلك ايضاً قول الامام له صلوا جماعة اذهو ترخيص في اقامة الجمعة على نحو العموم بمقتضى ضمير الجمع في صلوا المراد منهم الشيعة وفهم الراوى من كلام الامام صلاة الجمعة لا يتوقف على تحقق كلام سابق بينهما قبل هذه الجملة استظهر بسببها ارادة صلاة الجمعة من هذه الجملة ، بل يكفى في استظهار ذلك وجود قرينة حالية عليه هى متروكية الجمعة مثلا بل القرينة الخارجية موجودة وهى انحصار الصلاة الولائية المشروطة با لجماعة المتروكة خارجاً بعدم تولى الامام الأصل لها لعدم بسط يده ، بصلاة الجمعة وهذا يكفى لفهم صلاة الجمعة من كلمة فريضة فى قوله ولم يصل فريضة فرضها الله فضلا عن قوله (علیه السلام) صلوا جماعة وأما القائلون بالوجوب العينى فقد استدلوا به لمذهبهم وهم بين من اكتفى بذكر

ص: 221


1- الوسائل - الباب - 5 - من صلاة الجمعة الحديث 2

الخبر في زمرة أخبار الوجوب العينى من دون تقريب الاستدلال به کصاحبی الذخيرة والحدائق وبين من قرب الاستدلال به بحمل يهلك على الهلاك الاخر وى أى العقاب وحمل جملة ولم يصل فريضة فرضها الله على علة العقوبة فهو تخويف على ترك صلاة الجمعة وذلك يدل على وجوبه العينى الاطلاقي ولكن يدفعه أن ذلك تصرف في ظهورين بلا قرينة أحدهما ظهور يهلك فى الموت بالحمل على الهلاك الاخروى ثانيهما ظهور الواو في جملة ولم يصل الخ فى الحالية بالحمل على العلة.

نعم لو قال (علیه السلام) اذ لم يصل لا مكن التصرف فى ظهور يهلك بالعمل على الاخروى بقرينة التعليل لكن المفروض وجود الواو الظاهرة في الحالية فهذا الاستدلال مخالف لظاهر الرواية . وأما النافون حتى لاستظهار الرخصة منها فلهم احتمالات خمسة فيها أحدها احتمال عدم ك---ون عبد الملك شيعيا كي لا يكون تركه الاستمرارى لصلاة الجمعة كاشفاً عن ارتكاز الولائية ويدفعه ان عبد الملك كاخوانه زرارة وحمران و بكير أبناء أعين معروفون بالتشيع كما يشهد به مراجعة الرجال والكتب المعدة لاحوال كل آل المذكور فيها أحوال آل سنسن الشيباني وخصوص عبدالملك لم يذكر في الرجال الا بالمدح ووردت فيه اخبار مادحة يدل بعض صحاحها على استخبار الامام(علیه السلام) عن قبره بعد موته واظهار الشوق الى الذهاب الى قبره ثم الصلاة له والترحم عليه قبل الذهاب الى قبره الكاشف عن تلهفه (علیه السلام) عليه وقول الامام(علیه السلام) له أنت فى سر آل الله فابداء احتمال عدم التشيع في حقه بلا وجه بل خلاف الانصاف بل يبعده أنه لو كان سنياً لما كان تاركاً لجمعة العامة عادة نعم ذكره العامة في عداد رواتهم لكن مع التصريح بكونه صدوقاً شيعياً فهذا ليس قدحاً له ووجود ثلاثة نفر من أصحاب الاجماع في السند هم ابن المغيرة وابن بكير وزرارة يوجب وثاقته ثانيها احتمال كونه عامياً تاركاً لجمعة العامة وحث الامام (علیه السلام) له على حضورها ويدفعه أن كونه سنياً تاركاً الجمعة العامة مدى العمر بعيد في الغاية وحث

ص: 222

الامام(علیه السلام) اله مع العلم بكونه سنياً على أمر غير مشروع لديه ه--و حضور جمعتهم بهذا النحو من الحث : مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله . أبعد بل خلاف شأن الامام الله مضافاً إلى ما عرفت من ظهور صلوها في تأسيس اقامة الجمعة لا الالتحاق بالجمعة المنعقدة. ثالثها احتمال حث الامام الله مع كونه شيعياً على حضور جمعة المخالفين ويدفعه ظهور صلوها في تأسيس اقامة الجمعة لا الالتحاق بالجمعة المنعقدة. رابعها احتمال ارادة غير صلاة الجمعة ويدفعه أن من خوطب به فهم صلاة الجمعة وليس ذلك بأدون من النقل بالمعنى الذى يكون حجة لدى القوم . خامسها احتمال استناد فهم عبد الملك صلاة الجمعة الى مكالمات جرت بينه وبين الامام الان قبل جملة صلوها فيحتمل كون تلك المک كالمات بحيث لو وصلت بأيدينا لربما فهمنا منها عدم ارادة الترخيص العام في الاقامة من هذه الجملة ويدفعهما عرفت من عدم توقف فهم صلاة الجمعة على جرى مكالمات بينهما بل كفاية وجود قرينة حالية فضلا عن الخارجية مضافاً إلى أن الخطاب عام ومجرد احتمال الخصوصية لا يرفع الظهور الطبعى للكلام عنه. والعمدة فى ابداء هذه الاحتمالات ارادة المستشكل جعل هذين الخبرين ناظرين الى قضية فى واقعة لكنها كما عرفت واهية فالموثق ظاهر فى الترخيص العام المستلزم للتخيير كما فهمه المشهور منهما ، وربما ذكر بعضهم من هذه الطائفة بعض الاخبار الاتية فى سائر الطوائف نظير قوله في صحيح زرارة فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم وسيأتى الكلام فيه . الطائفة الثالثة ما يستفاد منها ولائية صلاة الجمعة واشتراط سنخ حكمها أى الوجوب بحضور السلطان العادل مبسوط اليد ولنمهد للبحث عن هذه الطائفة أمراً هو أنه لا ريب في افتراق الانسان عن الحيوان من جهة أن الحيوان له عيشة انفرادية أو اجتماعية صغرى أحياناً ماضية بغرائزه البهيمية أو السبعية المودعة في فطرته

ص: 223

بحسب الخلقة غير موقوفة على نظام محوج الى حافظ للنظام بخلاف الانسان فله عيشة اجتماعية موقوفة على النظام من جهة عقله المدبر الامور المميز للحسن عن القبح المحدد للعدل عن الظلم فهو مدني بالعقل دون الطبع بمعنى الغريزة وان اشتهر تعريفه بالمدنى بالطبع الا ان يفس الطبع بفطرة العقل أو يقصر النظر على عيشته البهيمية من جهة الضروريات الست. ويفسر المدنية بالاحتياج الى الغير فى انفاذ تلك العيشة وكيف كان فائز الانسان عن الحيوان وهو العقل محوج له الى النظام المحوج الى حافظ النظام من القوانين الاعتبارية والوظائف العملية ولذا أنكر بعض الفلاسفة وجود أحكام عقلية مستقلة وعبر عن مثل حسن العدل وقبح الظلم ونحوهما بالاراء الجمهورية وان أجبنا عن هذه الفكرة في محله وأثبتنا وجود أحكام عقلية مستقلة ولاجل اختلاف مراتب العقول فى أفراد الانسان يحصل التصادم بين القوانين الاعتبارية المجعولة فيما بينهم لحفظ نظامهم ولاجل محدودية العقول طراً لا يسلم قانون من تلك القوانين عن الخطأ بل كثيراً ما يخطىء المقنن قانون نفسه بعد حين لانكشاف خطأه لديه ويبدله بقانون آخر وهكذا الى أن يفنى العمر ولم يصلح النظام. فانشاء القوانين الحافظة لنظام عيشة بني آدم لا بد وأن يكون من قبل عقل فعال معصوم عن الخطأ وليس ذلك الا القوانين المجعولة من قبل خالق الانسان المحيط بجميع الجهات والخصوصيات فالحافظ للنظام لابد وأن يكون قانوناً سماوياً كما أن المجرى لذلك القانون لا بد وأن يكون شخصاً منزهاً عن متابعة الهوى منسلخاً عن جميع الشهوات والقوى البهيمية متجنباً من اعمال الاغراض الشخصية كى يجرى يجرى القوانين على وفق واقعها فينحفظ به النظام ان بدون ذلك يلزم نقض الغرض باختلال النظام. وحيث أن هذه صفات الروح لا يعرفها الا خالق الروح فتعيين "مجرى القانون كجعل أصله لابد وأن يكون سماوياً وصاحب هذا المنصب لا يكون الا خليفة الله

ص: 224

فى الأرض كما أفصح عن هذا الأمر العقلى قوله تعالى انى جاعل في الارض خليفة وقوله تعالى انى جاعلك للناس اماماً وأفصح عن الصفات الروحية اللازمة في وجود الخليفة والامام المنصوب من قبل الله عز وجل قوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين .[ وقوله علیه السلام : مخالفاً لهواه : ولذا قلنا في محله بان هذه الرواية تناسب صفات الامام (علیه السلام) دون الفقيه ] . ثم القوانين المجعولة لها اقسام فمنها القوانين المربوطة بعمل الشخص أو شؤن البيت كالعبادات من الصلاة والصيام وادارة البيت ونحو ذلك وهذا القسم لا يحتاج الى جعل المنصب حيث يكفيه البيان . ومنها القوانين المربوطة بنظام الاجتماع ومصالحها عامة في الجملة كأحكام باب القضاء من فصل الخصومات وقطع المرافعات وهذا القسم يحتاج الى التدبير والعقل و اعمال السلطنة والنفوذ في الحكومة على المتخاصمين وقطع التنازع فيكون منصبياً موقوفاً على جعل من بيده السلطان كما أفصح عنه قوله (علیه السلام) في المقبولة : فاني قد جعلته عليكم حاكما : والله السليمة

ومنها القوانين المربوطة بنظام الاجتماع ومصالحها أعم وأعظم من باب القضاء كاحكام الحدود وهذا القسم أقوى من سابقه من حيث المنصبية والتوقف على وجود السلطان ولذا اختلف فيه الاصحاب بين قائل باعطاء هذا المنصب للفقيه وفائل بعدمه ومنها القوانين المربوطة بنظام حوزة الدين والتوسعة في بسطه وحفظ كيانه من سد الثغور والدعاء الى الاسلام كاحكام الجهاد وهذا القسم منصبی خاص بسلطان الدين وامام الاصل لا يقوم به غيره وهذه الاقسام الثلاثة من القوانين النظامية العامة المصلحة لا تحصل مصالحها الاباجرائها فى الخارج فلا يكفى مجرد وجود صاحب منصبها في تحققها مالم يكن مبسوط اليد ذا سلطة فعلية بتمكن من اجرائها على وفق واقعها من غير خوف وتقية عن أحد ولا الابتلاء بمزاحم مانع من القيام بالاجراء كما هو ه و حقه أو شاغل للوقت من جهة صرفه فى المجاملة معه بل ينحصر تحقق مصالحها وقيام نظام الدين بها بصورة كون السلطان العادل المنصوب لاجرائها في

ص: 225

حرية تامة من جهة اعمال جميع شؤن سلطنته والقيام بحق اجرائه ومن هنا يتبين ان الدين وأحكامه النظامية لم تظهر فى الوجود على ما هو واقعها من لدن رحلة مشرعها الاعظم (ص) وسلم الى زماننا هذا ضرورة عدم بسط اليد بعده لواحد من خلفائه وأوصياته صلوات الله عليهم اجمعين حتى امير المؤمنين على بن أبيطالب روحى المظلوميته الفداء على نحو كامل وعدم كونهم في حرية تامة ولا خلوهم عن المزاحم المحوج الى المكافحة لدفعه والمجاملة معه الشاغل الاوقاتهم عن القيام باجراء الاحكام النظامية كما هو حقها فلم تزل الفئة مظلومة منذ قبض رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) الى أن يقوم قائمهم بالامر عجل الله فرجه الشريف فيضع كل حكم موضعه ويجري الاحكام النظامية كما هو حقها ويملاء بذلك الارض قسطاً وعدلا كما ملئت بتركها ظلماً وجوراً.ثم العبادة على أقسام فمنها عبادة الفقراء كالصلاة والصيام والدعاء والمناجاة مع الرب جل وعلا وهذا القسم كلما كان الانكسار والخضوع والتبتل الى الله والابتلاء بالمصائب والفقر و الجوع ونحو ذلك من أسباب الانقطاع الى الله عز وجل فيه أكثر كانت العبادة أفضل وأكمل . ومنها عبادة الاغنياء كالحج اذا لاستطاعة قيد لسنخ حكمه أى الوجوب وهذا القسم كلما كان التشريف والتعين وصرف المال في تجهيزاته وتهيئة أشرف الوسائل وأفخر الاشياء من المطعم والملبس والمركب وسائر ما يحتاج اليه للذهاب والرجوع والبقاء في الموسم فيه أكثر كان أفضل وأكمل وأعز للدين ولشخص الحاج وأقرب الى ملاك جعله وغرض مشرعه لكن لم ينسد باب أصل شرعه ورجحانه على الفقراء وانما الأمور المذكورة مربوطة بسنخ حكمه أى وجوبه ومنها عبادة الأمراء كصلاة العيدين فان سنخ حكمها أى وجوب اقامتها مخصوص بسلطان الدين ورئيسه بماله من السلطنة الفعلية والجلالة الولائية والرئاسة الالهية دخيلة في سنخ حكمها وكذا صلاة الجمعة بل حيث أن يوم الجمعة عيد المسلمين فهى أيضا من أفراد صلاة العيد فهى صلاة واحدة ولائية رئاسية لها أفراد ثلاثة في أيام ثلاثة يوم الفطر ويوم الاضحى

ص: 226

ويوم الجمعة ولذا كان أمير المؤمنين(علیه السلام) حين يتداخل أحمد العيدين مع الجمعة يحسب صلاة العيد مكان صلاة الجمعة وكان بعد الفراغ عن صلاة العيد يرخص الرواح لمن شاء اللحاق الى أهله ويقول تصلى صلاة الجمعة مع من بقى عندنا منكم الى الزوال فصلاة العيد بمالها من الأفراد الثلاثة عبادة واجبة على سلطان الدين بماله من شؤن السلطنة لباساً عدداً خطاباً وغير ذلك مما أشرنا اليه في ذيل توضيح مفاد الاية الشريفة ثم لما قام بها يجب على سائر المكلفين الالتحاق به لان الاجتماع اليها مع الامام فريضة . وبعد هذه المقدمة نقول ان للبحث عن الطائفة الثالثة طريقين أحدهما التأمل في كل واحد واحد من أخبارها سنداً ودلالة فمع وجود خبر واحد معتبر السند ظاهر الدلالة على المدعى كفانا حجة لحكم المسئلة الفقهية ولابد من الالتزام بالولائية بلا حاجة الى تكثير الادلة ان تكثيرها لا يخلو اما أن يكون لكسر سورة الخصم في مقام الاحتجاج والمسئله الفقهية لا تحتاج الى ذلك ان المقصود فهم حكم الله الواصل الى الفقيه من الطرق المتصلة الى الأئمة لمعصومين صلوات الله عليهم أجمعين. واما أن يكون للمماشاة مع الخصم وأنه لو فرضنا عدم تمامية دليل فهناك دليل آخر وهذا التزام بغير ملزم اللهم الا للتأكيد واستيصال بذور كل شبهة ففى مقام اخبار هذه الطائفة والفحص عن سند كل ودلالته يكفى وجود واحد فيها بينها تام السند ثانيهما الجمع بين مجموع الاخبار واستفادة المدعى من تراكم التعابير الواردة فيها باجمعها المورثة للاطمئنان بالولائية أما الطريق الاول فمن جملة تلك الاخبار معتبر محمد بن مسلم (1) الذي عبر عنه الاصحاب بالصحيح عن ابيجعفر(علیه السلام) قال تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين (المؤمنين) ولا تجب على أقل منهم : الامام وقاضيه والمدعى حقاً و المدعى عليه والشاهدان والذى يضرب الحدود بين يدى الامام :

ص: 227


1- الوسائل - الباب - 2 - من صلاة الجمعة - الحديث 9 .

أما السند فليس فيه من يناقش فيه عدا الحكم بن مسكين حيث لم يرد في حقه لفظ ثقة في كلام النجاشى والكشى وأضرابهما لكن لم يقدح في مذهبه أحد بل كونه امامياً مفروغ عنه بين أرباب الرجال ولا حراز وثاقته طرق منها وقوعه في زمرة من روى عنه الحسن بن على الذى هو افضل بنى فضال في غير هذا السند . وقد صحح العسكرى صلوات الله علیه روایات بنی فضال في خبر صحيح حينما سئله جماعة فقالوا ان بيوتنا من كتبهم ملاء وكان هذا السؤال بعد فساد مذهبهم فأجاب العسكرى (علیه السلام) : خذوا ما رووا او ذروا ما رأوا : فان الامر بأخذ ما رووا في جواب السئوال عن كتبهم الروائية بعد العلم بانهم يروون عن الأئمة (علیه السلام) بالواسطة لا بدونها كالنص في تصحيح رواياتهم وتوثيق من رووا عنه وهذا الطريق بنفسه سبب للاطمئنان بالوثاقة لدى بعض وان كان فيه تأمل . ومنها رواية ثلاثة نفر من أصحاب الاجماع عنه ، هم ابن ابيعمير وابن محبوب والبزنطى بل نشر الاولين كتابه بين الاصحاب وهذا الطريق كاف للوثوق بصدق القول لدينا على ما بيناه في شرح حال أصحاب الاجماع في ذيل مرسلة يونس القصيرة فى أحكام الحيض من كتاب الطهارة . ومنها رواية أجلاء الرواة عنه أمثال محمد بن الحسين الزيات الهمداني الذي هو قريب من احمد بن محمد بن عيسى في الجلالة وقد جعل بعضهم روايته سبباً مستقلا للوثوق بالرجل . ومنها عمل الاصحاب بروايات الحكم بن مسكين وبخصوص هذه الرواية ولا سيما أمثال الشهيد في الذكرى والمحقق في المعتبر مع كثرة تخديش الاخير في الرجال وهذا الاخير مؤيد ان مع تعدد ما يصلح للاستدلال به للمشهور لا يمكن احراز الاستناد الى خصوص هذا الخبر فتراكم هذه الأمور يورث الاطمئنان النوعي حاله وصدق قوله وهو مدار الحجية فى الاخبار وبعد ذلك فلا اعتداد بتضعيف الشهيد الثاني (قدسّ سره) في رسالته في صلاة الجمعة للرواية ومن تبعه كصاحبي المدارك

ص: 228

والذخیرة و غیرهما. وأما الدلالة فالظاهر من قوله(علیه السلام) تجب الجمعة على : هو الوجوب الاصطلاحي ان الوجوب فى نفسه وان كان مطلق الثبوت لكن ضمه الى كلمة على الظاهرة في العهدة يوجب الظهور عرفا في اللزوم .

والظاهر من فوله ولا تجب على أقل منهم سيما بقرينة المقابلة مع الجملة الاولى نفى اللزوم عن أقل من السبعة . فمفاد هذه الفقرة من الحديث هو التفصيل بين عدد السبعة وبين الأقل من حيث الحكم بالوجوب في الأول وعدمه في الثاني فلو كنا نحن وهذه الفقرة لاقتضى اطلاق سبعة نفر فى مقام بيان الوظيفة شمولها لسبعة نفر من المكلفين كائنين من كانوا لكن الامام(علیه السلام) لم يكتف بذلك حتى عين هؤلاء السبعة الذين بوجودهم تجب اقامة الجمعة في ضمن عناوينهم والظاهر من اقحام هذه العناوين دخلها في موضوع الوجوب. منها الأمام ومن المعلوم أن اللام فيه ليست للجنس فيراد منه كل من هو أمام ومقتدى ولو كان من أهل الجور والفسق بل هى للعهد اشارة الى من طبق عليه هذا العنوان فى الشرع وحيث أنه متعدد فلابد من القرينة المعينة لواحد بالخصوص وذكر قاضيه الذى جعله بيد امام الاصل كما دل عليه قوله(علیه السلام) في مقبول ابن حنظلة : فاني قد جعلته عليكم حاكما : وفي معتبر ابي خديجة : فانى قد جعلته قاضيا : قرينة على كونها اشارة الى امام الاصل ومنه يعلم أن الظاهر من القاضى على من له منصب القضاء لا المتلبس بمبدء القضاء فعلا حتى حال اقامة الصلاة والظاهر من عنوانى المدعى حقاً والمدعى عليه فى نفسهما وإن كان التلبس فعلا بمبدء التداعي والتنازع ولكن حيث لا معنى للتلبس الفعلى فى مورد اقامة الجمعة اذ ليس محل اقامة الجمعة مجلس القضاء . فالمراد بهما من لهما شأنية التداعى أى نقران من أبناء الشعب ليس لهما منصب خاص قابلان لان يتداعيا لدى القاضى كما يشهد بذلك اقتصار المفيد (قدسّ سره) في بيان مفاد الحديث على ذكر الخمسة واهمال ذكر المتداعين

ص: 229

والظاهر من الشاهدين عادلان من المسلمين تكون حرفتهما الشهادة لدى القاضي لاجل اطلاعهما على القضايا ووثوق القاضى بهما كما كان متعارفاً في قديم الزمن الذى كان فصل الخصومات بيد حكام الشرع من وجود رجلين عادلين أو أزيد لدى الحاكم الشرعى فى مجلس قضائه بل مصاحبتهما معه غالباً حتى في المسجد .كما ان الظاهر من الذى يضرب الحدود بين يدى الأمام لدى أهل المحاورة ه-وا لجلاد الذى أعطاه امام الاصل منصب الجلد واجراء الحدود لا المتلبس بمبدء الجلد فعلا حتى حال الصلاة بل اطلاق هذا العنوان على صاحب هذا المنصب ه-و المتعارف فيما بين الناس بالنسبة الى السلاطين والحكام الظاهرية . وكون ضرب الحدود منصباً قرينة أخرى على ارادة امام الاصل الذي بيده اقامة الحدود في هذا الحديث فمفاده أن سنخ حكم صلاة الجمعة أى وجوب اقامتها موقوف على اجتماع سبعة نفر خمسة منهم بلاط السلطنة الاسلامية من امام الاصل و صاحب منصب القضاء من قبله وعادلين حرفتهما الشهادة وصاحب منصب الجلد و نفرين آخرين من أبناء الشعب[ المتهمين للعدد ] . ومن البديهى أن مثل هؤلاء السبعة قد كانوا موجودين في زمن بسط يد سلطان الدين لاقامة صلاة الجمعة كز من النبي الاعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) وزمن خلافة أمير المؤمنين لقضاء العادة بل ضرورة التاريخ بأن أمثال سلمان وأبي ذر ومقداد وعمار من الملازمين لهما قد كانوا معهما غالباً فضلا عن مثل يوم الجمعة لاقامة صلاتها . فهذا الحديث الشريف معتبر السند تام الدلالة على كون اقامة صلاة الجمعة منصباً خاصاً لامام الاصل حال بسط يده والتمكن من اجراء الحدود الشرعية وفصل الخصومات بين الناس يقيد به كل مطلق ظاهر في وجوب اقامة صلاة الجمعة مطلقاً كما سيمر عليك ونوقش في هذا الاستدلال بوجوه ذكر جلها الشهيد الثاني في رسالته وتبعه صاحب الحدائق (قدسّ سرهما ).

(احدها) ان ظاهر الحديث متروك با تقاق المسلمين متهافت وأى ملزم على

ص: 230

الاخذ به مع هذه الحالة العجيبة من اعتبار الامام والقاضي والمتداعيين والشاهدين وضارب الحدود في العبادة فكيف يمكن الاستدلال بمثل هذا الحديث لاثبات شرطية امام الاصل ولو قيل برفع اليد عن اعتبار غير الامام ممن ذكر فيه بمعونة الاجماع فيبقى اعتبار الامام بحاله قلنا يلزم تخصيص الأكثر. ( ويدفعه) أولا انه لا اتفاق للمسلمين على خلافه بل اتفاق قدماء الاصحاب على و فاقه كما عرفت في سير الفتوى فى حكم صلاة الجمعة وعلى فرض الاتفاق فهو ليس فهوليس بحجة لدى المستشكل كصاحب الحدائق حيث بسط الكلام في المسئلة في مقام الجواب عن الاستدلال بالاجماع فى نفى حجية الاجماع وتزييف التمسك به ولو اريد الزام الخصم القائل بحجية الاجماع بذلك فالالزام لا بد وأن يكون في مورد التزام الخصم وهو ما اذا لم يكن الاجماع مدركياً أو محتمل المدركية فلا يجرى في مثل المقام الذى يكون مدركياً لا محالة. وثانياً أنه ليست في الحديث حالة عجيبة بل حالة لطيفة هي كون صلاة الجمعة مثل صلاة العيدين التي عرفت فى التمهيد انها عبادة الأمراء واختصاص سنخ حكمها أى وجوب عقدها ببلاط السلطنة الاسلامية . وثالثها أنه لا تهافت في مضمون الحديث اذ لا تناقض بين صدره وذيله وسائر جمله كما لا نرتكب التخصيص فيه أصلا فضلا عن تخصيص الأكثر كما عرفت في تقريب الاستدلال ولا معارض لهذا الخبر من حيث المضمون فالاستدلال به لاثبات شرطية امام الاصل في غاية المثانة. (ثانيها) أن مضمونه مخالف لكثير من أخبار العدد الدالة على انعقاد الجماعة بأقل من السبعة أى الخمسة ودعوى عدم انحصار هذا التعارض بهذا الحديث بل جريانه في كل خبر دال على السبعة مدفوعة بعدم اشتمال غيره من أخبار السبعة على النفى عن الاقل فهو من هذه الجهة معارض لاخبار الخمسة . ( ويدفعه) أن مضمونه مضافاً الى استفادته من صحيح زرارة الاتي هو مقتضى الجمع الدلالي بين طائفتى أخبار العدد أى السبعة والخمسة فى نفسهما مع قطع

ص: 231

النظر عن شهادة صحيح زرارة بذاك الجمع كما سنبينه انشاء الله في محله. (ثالتها) أن سبب الوجوب على هؤلاء السبعة لم يذكر في الخبر وأنه وجود امام الاصل مثلا وانما يريد المستدل استفادته من مفهوم الوصف وه-و ضعيف ليس بحجة فلا يعارض المطلقات ( ويدفعه) أولا ان مفهوم الوصف وكذا كل قيد أخذ فى الكلام حتى اللقب اذا وقع في مقام القاء الضابط يكون له المفهوم لدى أهل المحاورة. وثانياً أن الموضوع شرط عقلى للحكم اذا الحكم عرض اعتبارى لا بدله من محل يقوم به فاقحام عنوان خاص في موضوع الحكم يوجب تضيقه وتقيده به على نحو ضيق فم الركية وطبعاً ينتفى الحكم بانتفاء ذاك العنوان وبعد ورود قوله(علیه السلام) الامام الخ مورد بيان السبعة يعلم أن موضوع الوجوب هؤلاء فالخبر مقيد للمطلقات لا محالة اذ لا معارضة للمطلق ولو بلغ من الكثرة ما بلغ مع المقيد لان الاطلاق أصل محاورى لفظى ، وخذ به ما لم يكن هناك دليل على خلافه والمقيد مبين للمراد من المطلق فيكون المجموع قالباً لمعنى واحد لدى عرف المحاورة هو مقول قول المتكلم فى الكلامين اللهم الا مع ضعف المقيد للنهاية أو قوة الاطلاق بحيث يكون بمثابة النص في الاباء عن التقييد وليس كذلك المقام فيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد وهذا كما عرفت أصل محاورى بينه الأصوليون لا أنه اقتراح منهم كي ينكر عليهم . (رابعها) أن المراد بذكر هؤلاء بيان اعتبار السبعة في الوجوب وذكر هذه العناوين من باب المثال ولذا قال المفيد (قدسّ سره) أن عددها في عدد الامام وقاضيه والشاهدين والذى يضرب الحدود بين يدى الامام.

( ويدفعه) أن ذلك تصرف فى الظاهر بلا قرينة ضرورة ظهور كل عنوان في الموضوعية فالحمل على المثالية يحتاج الى القرينة بل لو كانت في المقام قرينة على ارادة المثالية لما أخذنا بها لان انتخاب أعلى أفراد الطبيعي من حيث الكمال والشرف وتخصيصها بالذكر في عالم الموضوعية للمحنكم .

ص: 232

ثم قصب القرينة على عدم الخصوصيه لتلك الأفراد وكون ذكرها من جاب المقال المثال قبيح لدى العقلاء لا يقبله عرف المجاورة كأن يقول الممولى أضف السلطان ووزرائه والزعماء المنصوبين من قبله ثم يقول مرادى ضيافة عدة من أفراد البشر وذكر السلطان ووزرائه وزعمائه كان من باب المثال ، فان عرف المحاورة فهون مثل هذا المتكلم فضلا عن عدم قرينة على خلاف ظاهر الخبر وعدم معارض له من حيث المضمون. (خامها) حمل الحديث على خصوص زمان الحضور لان القدر المتيقن من هو زمان الحضور فيبقى اطلاق مطلقات الوجوب بالنسبة الى زمان الغيبة بحاله مقتضياً لعدم الاشتراط . (ويدفعه) أولا أن ذلك تصرف في اطلاق دليل القيد أزماناً من غير دليل ، وثانياً على فرض حمل دليل القيد على زمان الحضور أن المطلق على فرض وجوده في المقام حيث يكون محمولا على المقيد ومحكوماً به فلا يبقى له بعد ذلك اطلاق بالنسبة الى غير مورد المقيد كي يمكن الاخذ به لحكم زمن الغيبة أن القيد كما نا الميه فى المقدمة الثانية للمسئلة تارة لبيان ذات المقيد وحصرها في حصة خاصة على نحو وحدة المطلوب كما اذا أمر باتيان الفاكهة ثم بين ان المراد الرمان وفي مثله لا مجال للتمسك بالاطلاق بالنسبة الى حكم ما عدا تلك الحصة واخرى لبيان قيد المطلوب على نحو تعدد المطلوب ، كما اذا أمر بالاطعام ثم أمر بكون الطعام دسماً . وفى مثله يمكن التمسك باطلاق الدليل الاول بالنسبة الى مورد تعذر القيد، وثالثة يكون قيداً لسنح الحكم كالاستطاعة أو جوب الحج وفى مثله يكون القيد قبل الطلب وما لم يتحقق القيد ولو إلى يوم النشور لا وجوب أصلا وحمل قيد الامام و ملازمی سلطنته من السبعة المذكورة على كونه دخيلا فى مطلوبية صلاة الجمعة على نحو تعدد المطلوب كي يمكن التمسك باطلاق المطلقات على فرض وجودها بالنسبة الى زمن الغيبة يحتاج الى دليل خارجى مفقود في المقام حسب الغرض بل

ص: 233

القيد في المقام من قبيل الأول وهو كونه منوعاً للموضوع حاضراً للوجوب بأحد نوعيه ان قوله (علیه السلام) الامام الخ حاصر لتمام موضوع الوجوب بالسبعة المعنونين بهذه العناوين سواء كان المعنى هم أى السبعة الامام وقاضيه الخ .

أم كان المعنى اعنى الامام وقاضيه الخ وان كان الاول اظهر فالوجوب لدى انتفاء القيد عليهذا سلب بانتفاء الموضوع وقد عرفت ان اشتراط الحكم ببقاء الموضوع شرط عقلى من جهة احتياج العرض الى محل يقوم به . (سادسها) حمل الامام فيه على مطلق امام الجماعة ودعوى ان امام الجماعة ليس له القاضى والشاهدان والمتداعيان والجلاد مدفوعة بعدم دخل هؤلاء في وجوب الجمعة باجماع المسلمين فليحمل الامام على امام الجماعة وهذا ليس من التنزيل بل هو تأويل وباب التأويل متسع. ( ويدفعه) أولا انه لا اجماع من المسلمين على عدم دخل هؤلاء في وجوب صلاة الجمعة بل قد عرفت وجود اتفاق القدماء من أصحابنا على دخلها في الوجوب وثانياً على فرض وجود الاجماع أن ذلك لا يكشف انا عن عدم دخل امام الاصل فى الوجوب فان قيام القرينة على خلاف الظاهر بالنسبة الى فقرة من الكلام لا يدل بالا لتزام على خلاف الظاهر في فقرته الأخرى بل الظهور بالنسبة الى تلك الفقرة محفوظ كاشف ل-دى أهل المحاورة عن مراد المتكلم وثالثاً أن التأويل عبارة عن رفع اليد عن ظاهر اللفظ في عالم الكشف عن المراد الواقعي فان كان على نحو ايداء الاحتمال فلا يضر بظاهره الطبعى وان كان على نحو الجزم فهو على خلاف طريقة العقلاء في باب تفهيم المقاصد بالالفاظ. (سابعها) تقدير المثل في الحديث أى مثل الامام وقاضيه الخ فيذكر هؤلاء للتمثيل للسبعة . ( ويدفعه) أن الاضمار خلاف الاصل في باب المحاورة يحتاج الى دليل مفقود في المقام بل قد عرفت أن ذكر أكمل الافراد في مقام بيان مطلق أفراد الطبيعي قبيح.

ص: 234

ثامنها الجمع بين هذا الحديث مع صحيح آخر لمحمد بن مسلم المتقدم في القسم الأول من الطائفة الثانيه اذ مفهوم قوله (علیه السلام) نعم يصلون أربعا اذا لم يكن من يخطب : وجوب صلاة الجمعة مع وجود من يخطب : واطلاقه يشمل حال الغيبة ! فيعارض هذا الحديث بل يكون قرينة على حمل الامام فيه على مطلق امام الجماعة الذي يقدر أن يخطب ( ويدفعه) أن ذاك الصحيح قد عرفت كونه من جملة الاخبار المرخصة في الاتيان بصلاة الجمعة مطلقاً سواء زمن الحضور أو الغيبة بلا ظهور له في الوجوب أصلا وأما على مسلك القائل بالوجوب العينى الإطلاقي المستظهر منه الوجوب قالاخذ بعموم الموصول فى جملة من يخطب غير ممكن باعترافه اذهو قائل باشتراط فالصلة انما هی مشيرة الى متصف بصفات وهذا المتصف مردد بين امام الاصل وامام الجماعة وحيث لا معين لاحدهما يكون الكلام مجملا أو يعين بما ذكرنا ونذك-ر ويقال انه الامام الاصل مضافاً الى أن مطلق الخطبة ليس بمراد وليس جملة من يخطب مسوقاً لاعتبار الخطبة حتى يقال بانه مطلق ثم يقيد بالقدر الدال عليه الدليل لان الكلام مسوق لبيان تنويع الصلاة الى اربع ركعات والى ركعتين وأن الاولى انما هی حین فقد من يخطب والثانية انما هى حين وجود من يخطب وعلى اى حال لم يبين المراد ممن يخطب . (تاسعها) ان الاخذ بظاهر الحديث في اشتراط وجوب صلاة الجمعة بتولى امام الاصل يقتضي عدم جواز أخذ النائب في اقامتها مع أن الجواز مورد اجماع : فريقيا) المسلمين ( ويدفعه) أن نيابة الغير وقيامه الصلاة يتصور ثبوتاً على تحوين لكل منهما نظير في الشرع الأول اعطاء المنصب للغير في اقامتها وهذا توسعة في المنصب ويكشف عن قدرة صاحب المنصب في بسط منصبه بجعله للغير أيضاً كما في باب الشفاعة فان المقام المحمود مختص بالنبي الاعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) بنص الكتاب الكريم وتتسع دائرتها يوم القيمة حتى تصل الى الجار والتوسعة في المنصب لاننا في العطية بل تؤكدها

ص: 235

لان المنصب اذا كان معطى لا يعارض منصب المعطى فتدبر تعرف . الثاني الترخيص في ما يتعلق بمورد المنصب بعد تعذر صدوره من تعذر صدوره من صاحب المنصب كالترخيص فى اقامة الجمعة فى صورة تعذرها من الامام الاصل وهذا ما يظهر من صحيح زرارة المتقدم فى الطائفة الثانية فاخذ النائب لاينا في اشتراط امام الاصل لان النيابة ملائمة مع هذه الشرطية وليست بمنافية. (عاشرها) حمل الحديث على التقية لموافقته لمذهب بعض العامة كما قاله بعض في مورد والمذهب اكثرهم كما قاله آخر. ( ويدفعة) أولا أنه لم يقل باختصاص صلاة الجمعة بالسلطان اكثر العامة بل ابو حنيفة. وثانياً أن الحمل على التقية موقوف على أحمد أمرين على سبيل منع الخلو اما وجود معارض لمضمونه فى الاخبار كي يرجع الى الاخبار العلاجية ويرجح المخالف للعامة من المتعارضين واما وجود قرينة في الخبر المحمول على التقية تشهد بفساد جهة صدوره وليس في المقام شيىء من الأمرين اذ ليس في أخبار المسئلة خبر واحد ينفى دخل وجود امام الاصل في سنخ حكم صلاة الجمعة أى وجوبها كي يعارض مضمون هذا الحديث نعم هناك زرارة(1) الاتى المشتمل صحيح على : فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم : الا ان هذا الصحيح اما مسوق لبيان الترخيص فى اقامة الجمعة للشيعة أو يحمل بسبب اجمال البعض باجمال الخطبة كما سياتي بيانه وثالثاً ان هذا الحديث غير قابل للحمل على التقية اذ لا يقول أحد من العامة بمضمونه من دخل الامام وقاضيه وشاهدى العدل والمتداعيين والجلاد فى وجوب صلاة الجمعة وانما ه-و من مختصات الخاصة بل لا يعبر لديهم عن رئيس المسلمين بالامام وانما يعبرون بالسلطان أو الوالي أو نحو ذلك وهذا التعبير من مصطلحات

ص: 236


1- الوسائل - الباب - 2 - من صلاة الجمعة - الحديث 4

الخاصة فمضمونه غير قابل للحمل على التقية.(حاد يعشرها) حمل الحديث على الوجوب المطلق لا مطلق الوجوب اى المنجز دون المعلق بدعوى أن الامام فيه لابد وأن يراد به من له سلطنة فعلية بقرينة ذكر القاضي والشاهدين و والجلاد لان اجتماع هؤلاء لا يكون الالدى صاحب السلطنة الفعلية القادر على اجراء الحدود والسلطنة الفعلية ملازمة لعدم الخوف من الاعداء فى اجراء الحدود ومع ارتفاع الخوف يحصل شرط تنجز الوجوب مطلقاً فمورد الحديث مورد ارتفاع الخوف وصيرورة وجوب اقامة الجمعة منجزا وحيث لا ينحصر سبب ارتفاع الخوف بالسلطنة الفعلية للمقيم بصلاة الجمعة بل له موارد اخرى كارتفاع الرقابة أو ضعفها من جانب الاعداء أو بعد مقيما لجمعة عن تحت سيطرة الاعداء ورقابتهم ففى كل موطن لم يكن خوف في اقامة صلاة الجمعة مصراً كان أم قرية يصير وجوب اقامتها منجزاً كما في بلدان الشيعية التى لا مخالف أو لا سيطرة له فيها . ( ويدفعه) اولا ان الحديث كما عرفت ظاهر في التنويع اى دخل العناوين فى وجوب صلاة الجمعة اذ الظاهر من كل عنوان هو الموضوعية فالحمل على الطريقية كجعله كناية عن السلطنة الفعلية يحتاج الى القرينة.وثانياً على فرض وجود القرينة على الكفائية عن السلطنة الفعلية انه لاقرينة على الكناية فى الكناية بجعل السلطنة الفعلية كناية عن ارتفاع الخوف بل يتحفظ على مفاد الحديث من ان وجود السلطنة الفعلية للامام دخيل في وجوب اقامة صلاة الجمعة فجعل ذلك كناية عن ارتفاع الخوف بلاشاهد. ومنها اخبار ثلاثة مسندة مروية فى الاشعثيات (1) احدها : اخبرنا محمد حدثنی موسی حدثنا ابي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن ابيه عن جده على بن الحسين عن ابيه ان علياً (علیه السلام) قال لا يصلح ( يصح ) الحكم ولا الحدود ولا الجمعة الابامام

ص: 237


1- المطبوعة مع قرب الاسناد - صحيفة 42 - باب من يجب عليه الجمعة

اما السند فمتحد فيها ونذكره فيما بعد بل اتحاد سند الاشعثيات اجمع واما الدلالة فبناء على نسخة لا يصح فظهوره في الوضع أى الفساد واضح وأما بناء أعلى نسخة لا يصلح فكذلك لما نبهنا عليه غير مرة من أن لا يصلح فى المهيات المخترعة ظاهر في الفساد. فان ورد في الوضعيات ولم يقم دليل على صحة الفعل وقع موضوعاً لحكم العقل بلزوم عدم الاكتفاء به فى الفردية للطبيعي الذي يعبر عنه اصطلاحاً بالحرمة الوضعية اى الفساد والظاهر من الحكم من جهة اسناده الى الشخص هو الانشاء كما في باب القضاء وفصل الخصومات بين الناس بتطبيق المحمولات الشرعية على الموضوعات ان ذلك موقوف على العلم بالمحمولات الشرعية وكذا اجراء الحدود ف---لا يتمكن منهما مطلق امام الجماعة وانما هما اولا وبالذات منصب امام الاصل وثانياً وبالعرض بسبب جعله بمثل : اني جعلته قاضيا او حاكما : كم-افي خبرى ابن حنظلة وابي خديجة ينتقل الى الفقيه في خصوص القضاء واما اجراء الحدود فمحل خلاف بين الفقهاء كما بينا ذلك في كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فالفرد الحقيقى للقاضى ومجري الحدود في مذهبنا هو امام الاصل وذلك قرينة قطعية على ان المراد بالامام فى هذا الحديث ولو كان لفظه منكرا غير مقرون بلام العهد ه-و امام الاصل فيدل على انه لا يصح الجمعة الابامام الاصل ولا نعنى بالمنصبية واشتراط تولى امام الاصل للجمعة الاهذا.(ثانيها) : أخبرنا محمد حدثنى موسى حدثنا ابي عن ابيه عن جده جعفر بن محمد عن ابيه عن جده على بن الحسين عن أبيه عن على (علیه السلام) قال العشيرة اذا كان عليهم امير يقيم الحدود عليهم فقد وجبت عليهم الجمعة والتشريق : ومما ذكرنا فى تقريب دلالة الخبر الأول يتبين ان الفرد الحقيقى للامير المقيم للحدود منحصر فى مذهبنا بامام الاصل. وقد عرفت سابقا ان ضم الوجوب الى كلمة على الظاهرة فى العهدة يفيد الوجوب الاصطلاحى أى اللزوم فالظاهر من الخبر اشتراط وجود امام الاصل فى

ص: 238

وجوب صلاة الجمعة وحيث أن العشيرة اسم لطائفة خاصة وبحسب الخارج يكون لهم نوعاً مكان خاص هو القري فتكون للخبر حكومة على طائفتى الاخبار الظاهرة في عدم وجوب صلاة الجمعة على اهل القري واختصاصه بأهل الامصار ويكون حاصل مفاده أنه لا اختصاص لوجوب الجمعة بأهل الامصار بل يعم أهل القرى وانما شرطه امام الاصل فمع وجوده تجب سواء في المصر أو القرية (ثالثها) : اخبرنا محمد حدثنى موسى حدثنا ابي عن ابيه عن جده جعفر بن محمد عن ابيه عن جده على بن الحسين عن ابيه ان علما سئل عن الامام يهرب ولا يخلف احداً يصلى بالناس كيف يصلون الجمعة قال يصلون كصلاتهم أربع ركعات اذ من البديهي أن الامام الذي يهرب ولا يقيم الجمعة خوفاً عن الاعداء وله شأنية استخلاف غيره مكانه ليس مطلق امام الجمعة حتى * كل قرية بل فرده الحقيقي منحصر في مذهبنا بامام الاصل فيدل الخبر على كون شرطية امام الاصل في وجوب صلاة الجمعة مرتكزة في ذهن السائل ولذا يسئل عن كيفية صلاتها بدونه وقد قرره الامام (علیه السلام) على هذا الارتكاز بحصر وظيفتهم في صورة عدم امام الاصل وخليفته في غير صلاة الجمعة وهي صلاتهم اليومية أربع ركعات . وأما السند فاوله على ما فى المطبوع من الاشعثيات اخبرنا محمد الخ والظاهر ان القائل سهل(1) بن احمد بن عبدالله بن احمد بن سهل الديباجي وهو لم يردفيه توثيق في الرجال نعم قال النجاشي لا باس به وضعفه الغضائرى الاان للجهل بان الغضائرى هذا من هو و بصحة نسبة الكتاب المشتمل على هذه التضعيفات اليه وبصحة تلك التضعيفات بل العلم بفساد غالبها لا اعتداد بتضعيفه مضافا الى ان الغضائرى وان ضعف الديباجي الا انه

ص: 239


1- الا ان السند المذكور فى المطبوع غير متصل اليه فملاحظة ذلك وماسياني من الاتصال الى محمد بن محمد بن الاشعث لا ينحصر بالديباجي فلا يكون نشر نسخة الاشعثيات منحصراً ب-ه يظهر لك بوضوح سرما نقول بانها مشهورة الاصل ومنقطعة الاتصال

استثني ما رواه من الاشعثيات قائلا لا بأس بما رواه عن الاشعثيات وبالجملة فه- و ممدوح وبعده محمد بن محمد بن الاشعث الذى هو أول من نشر هذا الكتاب و باسم جده سمى بالاشعثيات ولاجل كون ما فيه با جمعه مروية عن جعفر بن محمد عليهما السلام في مجلس واحد سمى بالجعفريات ومحمد هذا ثقة بالاتفاق ثم موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر حفيد الكاظم (علیه السلام) كان ساكن مصر ولم يرد فيه قدح في الرجال وهذا المقدار كاف في أحفاد الائمة واولادهم .

اذ الظاهر ان نشأتهم كانت طيبة وقل من يوجد فيهم من خالف طريقة آبائه كزيد بن موسى بن جعفر (علیه السلام) الذي عارض اخاه الرضا (علیه السلام) في امر الامامة اذ الثقات منهم كانوا متابعين للائمة عليهم السلام فعدم ثبوت المعارضة منهم للائمة عليهم السلام يكشف عن وثاقتهم . واعلم ان السكونى حيث عبر في رواياته بمثل : عن أبيه عن جده رماه بعض بالعامية بدعوى اختصاص هذا التعبير بالعامة لكن وقوع نظيره عن حفيد الامام (علیه السلام) يكشف عن فساد هذه المزعمة فرمى فساد هذه المزعمة فرمى السكونى بالعامية ضعيف. و بعد محمد اسماعیل بن موسى بن جعفر (علیه السلام) الذي هو صاحب هذا الكتاب وتسميته بالاشعنيات كما عرفت اسناد الى الناشر لا الى صاحب الأصل كما قديتوهم ولذا تعرض اهل الرجال لحال الكتاب تحت عنوان اسماعيل بن موسى بن جعفر (علیه السلام) الذي هو صاحب الأصل واسماعيل هذا لم يرد فيه قدح فى الرجال بل يظهر من بعض الاخبار وثاقته فسند الاشعنيات فى نفسه معتبر والكتاب في نفسه كان مشهوراً بين القدماء من العامة والخاصة.أما العامة فنقل الجزرى عن الشافعية نقل اربعين حديثاً منها وقال الازهرى بعد قدحه في الديباجي : وكتبنا عنه كتاب محمد بن محمد بن الاشعث لاهل البيت واما الخاصة فلجماعة منهم سندالى الاشعثيات منهم التلعكبري وهو من ثقات ووجوه أصحابنا وكان حافظاً لغالب المصنفات والاصول وكان عنده اجازة واخذها

ص: 240

والده ووصلت اليه من يد محمد بن داود بن سليمان الكاتب وسمع منه فى سنة ثلاثمأة وثلاثة عشر من الاشعثيات ما كان متصلا بالنبي (ص) ومنهم الغضايري حيث قال بعد تضعيفه الديباجي كما عرفت : لا بأس بما رواه من الاشعنيات : ومنهم الراوندى فان نوادره مأخوذة أغلباً من الاشعثيات ومنهم الصدوق (قدسّ سره) في المجالس اذله سند متصل بموسي بن اسماعيل ومنهم النجاشي (قدسّ سره) حيث يتصل بواسطة حسين بن عبيد الله عن سهل احمد بن سهل عن ابن الاشعث عن موسى بن اسماعيل الى بن اسماعيل بن موسى صاحب هذا الكتاب ومنهم الشيخ (قدسّ سره) في الفهرست فله سند الى الكتاب قريب من سند النجاشى باختلاف يسير بل قيل بوجود الكتاب الى زمن العلامة (قدسّ سره) بل زمن الشهيد (قدسّ سره) في الذكرى من جهة نقل بعض الاخبار عنه. وبالجملة فثبوت الشهرة القدمائية للكتاب مما لا يعتريه ريب لكن حيث أنقطع اثره نحواً من الف سنة ثم وجد في الهندوجيء به في ايران فطبع مع قرب الاسناد فليس لنا سند متصل اليه فهو بهذا الاعتبار مشهور الاول منقطع الاخر وقد نبهنا غير مرة على عدم دخل الرواية فى حجية الاخبار بل كفاية الوجادة فى الحجية العقلائية بالنسبة الى الكتب المشهورة المعلوم استنادها الى مدونيها بما بين الدفتين منها بحيث يكون احتمال الدس فيها زيادة أم نقصاناً بعيداً فى الغاية غير معتنى به لدى العقلاء نظير الكتب الاربعة وساير الجوامع المعروفة بين الاصحاب الواصلة بايدينا كذلك فاتصال سندنا الى امثال تلك الكتب من طرق مشايخنا الامامية قدس الله اسرارهم اجمعين انما هو من باب التيمن للدخول فى سلسلة السند بلا دخل له فى الحجية كما زعمه بعض الاخبارية متوهماً ظهور كلمة : رواة احاديثنا : فى ذلك لكنه مخصوص بالكتب المتداولة بين الاصحاب في كل عصر الواصلة الينا يداً بيد فلا يجرى فى الكتب كانت مشهورة بين القدماء ثم انقطع أثرها ثم وجدت واشتهرت بين المتاخرين نظير أصل زيد النرسى ونظير الاشعنيات هذا وغيرهما من الاصول المتوجدة فى

ص: 241

المتأخرين بعد فقدانها برهة من الزمن فان تباين مافيها باجمعها مع تلك الاصول التي كانت مشهورة بين القدماء وان كان فى البعد على حد الامتناع العادي فلا يعتنى باحتماله لدى العقلاء لكن احتمال الدس فيها زيادة أو نقصاناً وعدم تطابق مجموع ما بين الدفتين منها مع تلك الاصول عقلائى ناش من عدم استمرار التداول بين الاصحاب فلا يمكن احراز استناد كل خبر موجود فيما بايدينا من تلك الكتب الى اصحاب تلك الاصول التي كانت مشهورة بين القدماء بل لابد من اتصال سندنا اليها. ولذا اوردنا على مقالة الشيخ الشريعة الاصفهاني (قدسّ سره) حيث تصدي لتصحيح سند اصل زيد النرسي الموجود فى ايدى المتأخرين بتوافق جملة من اخباره مع ما رواه المشايخ الثلاثة ( قدسّ سرهم ) في كتبهم عن اصل زيد النرسى بان ذلك لا يثبت صحة استناد كل خبر موجود فيها بايدينا المسمى بأصل زيد النرسى الي صاحب ذلك الاصل الذى كان معروفا بين القدماء فهكذا الاشعثيات لما عرفت من عدم اتصال سندنا اليه فمرجع ضمير الجمع فى قوله اخبرنا مجهول لنا.

نعم ذكر السيد القزويني (قدسّ سره) سندا له الى ابن الاشعث لكنه لاشتماله على بعض العامة غير الموثق لا يخرج السند عن الضعف. نعم حيت افرد في المقام باباً مخصوصا بصلاة الجمعة في هذا الكتاب ونقل فيه الاخبار الثلاثة المذكورة التي مضمونها مخالف لمذهب جميع العامة من اشتراط السلطان العادل في وجوبها او اصل انعقادها فيبعد كل البعددس المخالفين لهذه الاخبار الثلاثة في هذا الكتاب كما ان شأن الموافقين من الروات الثقات أو الفقهاء العظام اجل وقدس مقام تقويهم منزه عن الاقتراح في الرواية والدس في كتب الاخبار فاحتمال الدس بالنسبة الى خصوص هذه الاخبار بعيد فى الغاية وبذلك يمكن اعتبار سندها لكنها بالاخرة لا تصل حد الوثاقة ولا يساعدها الصناعة الرجالية فليست حجة استنادية لدى العقلاء نعم مجموعها مؤيد قوى للمدعى.

ص: 242

ومنها معتبر طلحة بن زید عن جعفر عن أبيه عن على (علیه السلام) قال لاجمعة الا فى مصر تقام فيه الحدود : وقد تقدم نقله فى القسم الثالث من اخبار الطائفة الاولى وعرفت هناك وجه اعتبار سنده و ان ظاهره تقيد ا نعقاد صلاة الجمعة بقيدين احدهما اقامتها فى المصر فهى صلاة الامصار دون القرى ثانيهما اقامة الحدود بالفعل واوكلنا توضيح القيد الثانى الى هذا المبحث فاعلم ان الظاهر من كل عنوان هو الفعلية دون الشأنية فالظاهر من قوله (علیه السلام) تقام فيه الحدود فعلية اقامة الحدود فالحمل على مصر له شانية اقامة الحدود فيه تصرف فى الظاهر بلا قرينة بل يوجب لغوية اقحام القيد اذ اى مصر لم يكن له هذا الشان كما ان الظاهر من الحدود بقرينة صدور الكلام عن الامام (علیه السلام) هى الجرائم الشرعية المقررة للجناة بالمعنى الاعمالتي يكون اجرائها أولا وبالذات و بحسب الجعل الالهى بيد سلطان الدين اى امام الاصل الذي له سلطنة فعلية فان امام الاصل له جهات عديدة من العلم والاخلاق والعصمة والخلافة والسلطنة واجراء الحدود موقوف على بسط يده وفعلية جهة سلطنته فلا يشمل لفظ الحدود في هذه الرواية للحدود والتعذيبات القانونية الصادرة من قبل سلاطين الجور في الدنيا أو من قبل قضاة العامة. ويشهد بذلك مضافاً إلى ما ذكر من قرينة المقام موثق حفص بن غياث(1) قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) من يقيم الحدود السلطان أو القاضى فقال اقامة الحدود الى من اليه الحكم وقد تقدم في القسم الثالث من أخبار الطايفة الاولى وجه اعتبار حفص بن غياث الذى يكون السند لاجله موثقا وأنه ولو كان عاميا صدوق في القول الذى عليه مدار حجية الاخبار وقد كان هو من القضاة المنصوبين من قبل العامة وسئل عن حصراقامة الحدود بالسلطان أو جوازها للقاضى فاجاب (علیه السلام) بأنها بيد من اليه الحكم

ص: 243


1- الوسائل الباب 28 مقدمات الحدود

وقد عرفت سابقا أن الفرد الحقيقى ممن اليه الحكم منحصر في مذهبنا بامام الاصل فمفاد الحديث ان اقامة الحدود كالقضاء بين الناس بيد امام الاصل نعم الفقيه وان كان فرداً تنزيلياً لمن اليه الحكم منصوباً من قبل امام الاصل بقوله(علیه السلام) اني جعلته حاكما أوقاضياً : كما فى خبرى ابن حنظلة وابي خديجة وبمعونة ارجاع اقامة الحدود الى من اليه الحكم في هذا الموثق ربما يمكن استفادة جعل منصب اقامة الحدود للفيقه ايضاً. والموافقة بذلك مع مسلك السيد السند المحقق الفقيه السيد محمد باقر الشفتي نفسه الزكية فى رسالته المصنفة في مسئلة اقامة الحدود حيث اختار كونها بيد الفقيه زمن الغيبة الا ان ذلك لا يستلزم ثبوت كل اثر شرعى لمن اليد اقامة الحدود فى حق الفقيه وذلك مثل اقامة صلاة الجمعة على مادل عليه هذا المعتبر بقوله (علیه السلام) لا جمعة الا فى مصر تقام فيه الحدود لان دليل الحاكم لا يوجب التوسعة في حكم دليل المحكوم بل يبقى على ظاهره من اختصاص هذا المنصب بامام الاصل الذى هو المستحق لإقامة الحدود حسب الجعل الالهى. وان شئت قلت ان الظاهر من مقيم الحدود فرده الحقيقي واحتمال وجود فرد تنزیلى وهو المجعول له منصب اقامة الحدود بمجرده غير كاف بل يحتاج ذلك الى قرينة مفقودة في المقام وعلى فرض كون جعلته حاكماً «ناظراً الى اعطاء منصب اقامة الحدود مضافاً الى منصب القضاء فللتأمل في كفاية ذلك لشرع الجمعة وجوباً مجال واسع كما هو ظاهر فالظاهر من هذا الخبر اختصاص عقد الجمعة بز من سلطان الدين الذى له سلطنة فعلية على اجراء الحدود وهذا معنى كونه منصبياً . و نوقش في ذلك بوجهين أحدهما حمل الحديث على التقية كما صنعه الشيخ (قدسّ سره) في التهذيبين معللا في التهذيب بموافقته لمذهب بعض العامة وفى الاستبصار بموافقته لمذهب اكثر العامة ثانيهما مخالفة مضمونه للاجماع ومنا طيق الكتاب والسنة وعموماتهما وفي كلا الوجهين مالا يخفى .

ص: 244

أما الاول فلان كلام الشيخ الحامل للحديث على التقية متضارب في وجهه بحسب كتابيه لما اشرنا اليه من نسبة توافق مضمونه في أحد هما الى بعض العامة وفى الاخر الى اكثرهم فيتساقط كلا النسبتين ولابد من تحقيق ذلك والذي يدل عليه كلام نفس الشيخ (قدسّ سره) في الخلاف المعدلنقل فتاوى العامه فى مسئلتی 2 و 4 من كتاب صلاة الجمعة أن القائل باختصاص وجوب صلاة الجمعة بأهل الامصار وأنها لا تجب على اهل السواد منحصر فى العامة بأبي حنيفة وان سائر فقهائهم الاربعة أى الشافعى ومالك واحمد بل ومن الصحابة ابن عمر وابن عباس يقولون بالعموم بل نقل عن مالك انه قال : كان اصحاب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) يصلون الجمعة في هذه القرى التي بين مكة والمدينة. وعن الشافعى أنه قال : ان كانوا يعنى أهل القرية اربعين انعقدت بهم ووجب عليهم، اقامتها فى موضعهم : ويدل على اختصاص القائل بذلك بابي حنيفة كتب العامة كالفقه على المذاهب الاربعة فالحق انحصار القائل به دون غيره وعلى فرض كونه قول أكثر العامة فالحمل على التقية كما ذكرناه غير مرة لا ب--دوان يكون اما مع وجود معارض من الاخبار ليؤخذ بمخالف العامة عملا بالاخب--ار العلاجية والا فمجرد توافق مضمون الخبر لمذهب العامة لا يوجب الحمل على التقية ولو في ضروريات المذهب نظير كون عدد صلاة الصبح ركعتين كيف ومذهبهم سيما الحنفية في جملة من المسائل متخذة من مذهبنا فلا معنى لرفع اليد عن حكمنا لتوافقه لمذهبهم وليس فى البين خبر ينفى منصبية صلاة الجمعة كي يعارض، هذا المعتبر. نعم هناك اخبار موهمة للاطلاق مسوقة لبيان حكم آخر عرفت بعضها في الطائفة الاولى وسيأتى الباقى فى الطائفة الرابعة وشيء منها لا يعارض مضمون هذا المعتبر فضلا عن ان الموجب للحمل على التقيه توافق المضمون مع اشهر مذاهب العامة أواقويها وقد عرفت أن أشهر مذاهبهم فى المقام على العموم وأن أرباب

ص: 245

ساير المذاهب يعارضون أبا حنيفة في فتواه بالاختصاص بالمصر بقولهم كان اصحاب رسول الله صلى الله يصلون الجمعة في هذه القرى التي بين مكة والمدينة فكيف يكون مذهبه في هذا الباب أقوى المذاهب. واما مع وجود شاهد فى نفس الخبر على فساد جهة صدوره وذلك ايضاً مفقود في المقام فلا موجب للحمل على التقية والعجب أن القائلين بالوجوب العيني الاطلاقي الاستمرارى أخذوا طراً بهذا الحمل من الشيخ (قدسّ سره) وارسلوه ارسال المسلمات لكن لم يأخذوا بقوله في اشتراط وجوب صلاة الجمعة بحضور السلطان العادل فلو كان منشأه عدم حجية رأيه على غيره فكذافى حمل هذا الخبر على التقية ولوكان منشأه عدم التوافق مع الصناعة العلمية فهذا الحمل أيضاً كما عرفت مخالف للصناعة العلمية فلا اعتداد به. اضف الى ذلك كله ان المصر وان فسره المشهور بمحل خلافة الامير واقامة الحدود وقال الشيخ (قدسّ سره) في الخلاف فى المسئلة المشار اليها : قال ابو يوسف : المصر ما كان فيه سوق وقاض يستوفى الحقوق و وال يستوفى الحدود : لكن ليس مرادهم بالمصر في صلاة الجمعة هذا المعنى فان الحنفية الحاصرين لوجوب صلاة الجمعة بأهل المصر قالوا: المصر ما لا يسع اكبر مساجدها اهلها المكلفين بالجمعة: هكذا في الفقه على المذاهب الاربعة وعليه فمرادهم بالمصر هنا محل كثرة الزحام والجمعية وعليهذا فالقيد فى قوله مصر تقام فيه الحدود : احترازى لا توضيحى وعلى فرض كونه توضيحياً فهو ناظر الى الغالب من كون الامام المقيم للحدود في الامصار دون القرى فعلى أى تقدير يستفاد منه دخل فعلية اقامة الحدود مستنداً الى وجود الامام الاصل فى انعقاد صلاة الجمعة واما الثانى فلان الاجماع الذى لا يقول الخصم بحجيته حتى صار نفى حجيته احد سهام القايلين بالوجوب العينى كيف يستدل به في مقام الايراد على القايلين

ص: 246

بالمنصبية وعلى فرص كونه الزاماً على الخصم القايل بحجيته فالاجماع غير محصل في المقام وعلى فرض كونه محصلا فهو مدركي مستند الى الاستظهار من الاخبار وعلى فرض عدم المدركية فمورده عدم الجمع بين القيدين المذكورين في هذا المعتبر لا رفض كلا القيدين فالمتيقن رفع اليد عن قيد المصر بحمله على التقية مثلا وقد عرفت أن وجود القرينة على خلاف الظاهر أو فساد جهة الصدور بالنسبة الى فقرة واحدة من كلام لا يوجب رفع اليد عن الظاهر او اصالة الجهة في فقرته الأخرى فتبقى فقرة : تقام فيه الحدود : الدالة علي المنصبية بحالها سليمة من حيث الظهور والجهة فتلخص أن دلالة هذا المعتبر أيضاً على المنصبية مما لا تعتريه شبهة : ومنها خبر حماد بن عيسى (1) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على(علیه السلام) قال اذا قدم الخليفة مصراً من الامصار جمع بالناس ليس ذلك لاحد غيره : هكذافي التهذيب وفى الوسائل : جمع الناس : بحذف الباء والكلام فيه تارة من حيث السند واخرى من حيث الدلالة وثالثة الدلالة وثالثة من حيث الاشكال عليه. أما السند فضعيف لارسال محمدأحمد ابن يحيي بن القمى الاشعرى عن رجل ومحمد هذا وان كان ثقة جليل القدر صاحب کتاب نوادر الحكمة المعروف لدى القميين بدبة شبيب (2) لكنه كان يعتمد على المجاهيل والضعفاء والمراسيل كما نص عليه النجاشي.وغيره. وقد شهد محمد بن الحسن بن الوليد أستاد الصدوق قدس سرهما بصحة كتابه وكونه حجة لكن استثنى من أخباره مارواه صاحب الكتاب عن عدة اشخاص ذكرهم باسمائهم وكذا استثنى مارواه عن رجل فمرسله بشهادة هذا الشيخ العظيم الماهر فى فن الرجال ليس بحجة ثم الرجل روي هذا الخبر عن على بن الحسين الضرير وهو مهمل رأساً في الرجال حتى فى كتب المتاخرين الجامعين لمحتويات كتب الرجال للقدماء المصرحين باسماء جملة من المهملين في كتب الرجال بعنوان

ص: 247


1- الوسائل الباب - 20 - من صلاة الجمعة
2- شبيب فامي كان بقم له دبة ذات بيوت يؤتى منها ما يطلب منه

المهمل فضعف هذا السند غير قابل للارتفاع بأى طريق ولعدم تفرد الخبر في مضمونه غير قابل للانجبار بالعمل. وأما الدلالة فاللام فى الخليفة للعهد اشارة بقرينة الصدور من مبين الشرع الى خليفة الله وهو امام الاصل ولا يشمل من غصب الخلافة جوراً عن حق والظاهر من قوله(علیه السلام) جمع بالناس كما في التهذيب الاتيان بصلاة الجمعة مع الناس ومن جمع الناس كما في الوسائل جمع الناس لعقد صلاة الجمعة فدلالته أكد وقوله(علیه السلام) ليس ذلك لاحد غيره : جملة مستانفة ليست جزاءاً بعد الجزاء لعدم العاطف والجملة المستأنفة وان كان قد يدخل عليها الواو لكن قد يحذف منها الواوفى مقام بيان العلة كما أنها اذا كانت فى كلام واحد لا بد من وجود الربط بينها وما قبلها فمع عدم الربط اللفظى كالواويستكشف الربط اللمى أي العلية وهذان أعني حذف العاطف واستكشاف الربط اللمى بضميمة المناسبات المغروسة في الذهن بين مضمون الجملتين قرائن ثلاث على كون الجملة الثانية بمنزلة العلة الاولى مسوقة لبيان الكبرى الكلية ولفظ ذلك في الثانية اشارة حسب الظاهر الى المحمول في الاولى كما أن الظاهر من اللام في قوله (علیه السلام) لاحد هو الربط ولما كان وعاء الربط في كل مورد من سنخه تكويناً أو تشريعاً فوعاء هذا الربط الصادر من مبين الشرع هو الشرع والمعنى نفى ربط اقامة صلاة الجمعة في وعاء الشرع عن أحد غير خليفة الله وامام الاصل وذلك يستلزم الاختصاص بالخليفة بلا حاجة الى استعمال لفظ اللام في معنى الاختصاص أو الملك أو نحو ذلك فمفاد الحديث بمجموع فقريته أنه اذا قدم امام الاصل مصراً من الامصار يأتى بصلاة الجمعة مع الناس أو يعقدها لان هذا المنصب مخصوص في الشرع به وليس لاحد غيره. وأما الايرادات ( فمنها أن مفهوم : اذا قدم الخليفة مصراً جمع : أنه اذا قدم قرية لم يجمع وهذا المفهوم أعنى عدم وجوب اقامة الجمعة أعنى عدم وجوب اقامة الجمعة مع وجود الخليفة في القرية مما لا يمكن الاخذ به لمخالفته ضرورة الاسلام القاضية بوجوب اقامة

ص: 248

الجمعة مع وجود الخليفة أى موضع كان في المصر أو القرية فلابد من طرح الرواية أورد علمها إلى أهلها . ( ويدفعه) أن المفهوم ظل المنطوق فلابد من توافقهما في جميع قيود القضية وخصوصياتها وتخالفهما في الكيف فقط أى السلب والايجاب فمفهوم اذا قدم الخليفة مصراً من الامصار جمع بالناس : اذا لم يقدم الخليفة مصراً من الامصار لم يجمع بالناس وهذه سالبة بانتفاء الموضوع وليست من مداليل الالفاظ لدى أهل المحاورة فليست بحجة فى باب الكشف عن مراد المتكلم ولذا لا تعد لاتعد من مفهوم اللفظ لديهم. وهذا مراد القوم من أن الشرطية فى امثالها محققة للموضوع وليس له-ا مفهوم نعم عدم الموضوع كعدم قدوم الخليفة مصراً من الامصار في المقام له مقارنات وجودية اتفاقيه فى الخارج كقعود الخليفه فى بيته أو ارسال نائبه المنصوب من قبله أو مسافرته أو غير ذلك ومن تلك المقارنات الاتفاقية قدومه في القرية فانتخاب واحد من تلك المقارنات من بين الجميع واقحامه فى المفهوم واسناده الى مراد المتكلم كقدوم القرية في المقام تصرف في الظاهر من غير قرينة بل تحكم لدى أهل المحاورة.(ومنها) أن مفاد : اذا قدم الخليفة مصراً : تقيد اقامة صلاة الجمعة بالمصر وهذا مخالف للاجماع ( ويدفعه) ما عرفت مراراً من أن القايل بالوجوب العينى لا يقول بحجية الاجماع فكيف يستدل به وعلى فرض ارادة الالزام على الخصم بما هو مسلم لديه من حجية الاجماع فهو انما يلتزم بحجية الاجماع بقيدين احدهما كونه محصلا ثانيهما كونه تعبديا كاشفاً بالحدس القطعى عن رأى المعصوم(علیه السلام) لا لا مدركياً وكلاهما مفقودان في المقام. م اما الاول فلانه غير محصل بل لنا معاشر القايلين بالمنصبية أن نلتزم بظاهر جملة من الاخبار من كون صلاة الجمعة صلاة الامصاردون القرى ولا يخالفه شيء من الادلة وقد نبهنا سابقاً على انه لا يضر جهلنا بملاك هذا القيد فلعله لاجل

ص: 249

الغلبة الخارجية من وجود امام الاصل فى الامصار واقامة صلاة الجمعة فيها دون القرى او لغير ذلك ممالا تعلمه ولا يلزم ان نعلم به کساير علل الاحكام التعبدية. واما الثانى فلانه على فرض كونه محصلا مدر کی مستند الى الاستظهار من المطلقات فالمدار على المدرك اذ لاحجية للاجماع في قبال قول المعصوم(علیه السلام) ورأيه وان زعم ذلك بعض المناقشين فى حجية الاجماع فنفاها لذلك والمطلقات قابلة للتقييد بهذه الاخبار المقيدة بالامصار فليست حجة فى هذا الباب.

(ومنها ان جملة : ليس ذلك ، لاحد غيره : اما عطف على جزاء الشرط أعنى جمع بتقدير العاطف واما حال للشرط أعنى قدوم الخليفة اما بتقدير لفظ الحال او بجعل الجملة في نفسها حالية فالمعنى أنه اذا لم يقدم الخليفة او حال عدم قدومه جمع بالناس غيره. ( ويدفعه ) أن تقدير العاطف أو الحال تصرف فى الظاهر يحتاج الى القرينة وهي مفقودة مادام امكان الاخذ بالظهور الطبعى للجملة على النحو الذي عرفت وتخالف مضمونها لذوق المستشكل لا يصلح قرينة على الاضمار كما ان جعل الجملة حالية خلاف أصالة التأسيس في كل كلام فيحتاج الي القرينة وهي مفقودة . (ومنها) حمل الاختصاص المستفاد من اللام فى قوله(علیه السلام) ليس ذلك لاحد غيره : علي مرحلة الامتثال يعنى انه اذا حضر الخليفة حين انعقاد صلاة الجمعة في المصر فعلى امام الجمعة تقديم امام الاصل على نفسه وتحويل امامة صلاة الجمعة اليه بل قد يرتكب هذا الحمل بالنسبة الى سائر نصوص المنصبية نظير : الجمعة لنا والجماعة لشيعتنا : ونظير قوله (علیه السلام) في الصحيفة السجادية : اللهم ان هذا المقام لخلفائك. فان بعض القائلين بالوجوب العينى التعيينى لم يطرح الاخبار الدالة على اختصاص التولى بالامام(علیه السلام) له وانما حملها على مورد حضور الامام(علیه السلام) وارادته اقامتها بتقريب ان لسانها لسان عدم حق مزاحمته لاحد في مقام الامتثال وهذا

ص: 250

موقوف على بيان أمور أربعة . (الأول) مرحلة الثبوت اى ما تقتضيه القاعدة الاصولية وهو أن مقام الجعل ومقام الامتثال ليسا متطابقين فى الاطلاق والتقييد بمعنى انه يمكن اطلاق الجعل وتقييد مقام الامتثال مثلا الصلاة واجبة وامتثالها من الحايض حرام وفي المسجد مستحب وفي الحمام مكروه كما ان القاعدة تقتضى عدم المزاحمة ولا التقديم ولا التأخير في الجعل نعم في مقام الامتثال ربما لا تكون المزاحمة وربما تكون والمزاحمة في هذا المقام قد تكون لاجل العجز كما في انقاذ غريقين في زمان واحد وقد تكون لاجل أن الموضوع الواحد لا يتحمل حكمين ( على حد تعبيره) نظير امامة الجماعة التي لا تتحمل الا للواحد وفي مثل هذه الصورة لا يكون حق المزاحمة لاحد على الامام(علیه السلام) .(الثاني) مرحلة الاثبات أى الاستظهار من الادلة وهو أن لسان أدلة الاختصاص في نفسها لسان عدم حق المزاحمة الاحد على الامام(علیه السلام) فمثل قوله(علیه السلام) في خبر حماد هذا : اذا قدم الخليفة مصراً من الامصار : واضح كمال الوضوح في ان الاختصاص ليس فى مقام الجعل بل فى مقام الامتثال مع انه لولم نقل بظهور هذه المقيدات فى نفسها في ذلك فلا ريب ان مقتضى الجمع بينها وبين المطلقات نظير : الجمعة فريضة على كل مسلم : ذلك اذ كيف تحب الجمعة على كل احدمع اختصاص اقامتها بالامام (علیه السلام). (الثالث) مرحلة بيان التالى الفاسد وهو أن الاخذ بالمقيدات أعنى أدلة الاختصاص يوجب صيرورة مصداق الفريضة نادراً جداً مع أن جعل الحكم في مثل ذلك لغو وهذه أعني سببية قلة المصداق للغوية جعل الحكم دقة لطيفة بها يستكشف أن لسان أدلة الاختصاص لسان أولوية المعصوم(علیه السلام) بالاقامة. (الرابع) مرحلة الفرق بين شئون الامام(علیه السلام) وهو أن المنصبية أمر وكون شيىء من لوازم الامامة أمر آخر وليس اقامةالجمعة منصباللمعصوم(علیه السلام) بل من

ص: 251

لوازم الامامة اذ الامامة تقتضى عدم جواز مزاحمة أحد مع الامام(علیه السلام) في الامور التي لا تتحمل التصدى الا للواحد كامامة الجماعة والجمعة مع انه لو شك في كون ذلك منصباً لكان مقتضى الاستصحاب عدم المنصبية والنتيجة أن مع حضور امام الأصل يتولى اقامة الجمعة هو دون غيره ومع عدم حضوره يجوز لغيره التولى لها هذا محرر كلامه بطوله وتشتته.(ويدفعه) أن ذلك تصرف فى الظاهر بلاقرينة واما الامور الاربعة التي بني عليها هذا الحمل فيندفع اولها بأنه مخالف لحاق مفهوم الامتثال اى المطاوعة في تطبيق المأمور به على المأتي به فانه اذا كان المأمور به مطلقاً كيف يعقل كون الاتيان بالمقيد امتثالا لذلك المطلق ام كيف يعقل تقيد المأتى به تقيداً شرعاً مع عدم اخذ ذلك القيد فى ناحية المأمور به جعلا فتطابق مقامى الجعل والامتثال مما لا محيص عنه عقلا هذا بحسب الثبوت ومقتضى القاعدة الاصولية . وأما بحسب الاثبات فالامثلة التي زعم كونها من امثلة البينونة بين مقامى الجعل والامتثال باجمعها أمثلة للواجبات المشروطة ولو على نحو تعدد مراتب المطلوبية فقوله(علیه السلام) : دعى الصلاة أيام أقرائك : ناظر الى الوضع أى بيان مانع الصلاة وهو حدث الحيض بمنزلة لاصلاة الابطهور ونحوه من أدلة الاجزاء والشرائط والموانع لمهية الصلاة الواجبة كما أن الامر بايقاع الصلاة في المسجد ناظر الى أفضل أفراد الواجب والنهى عن ايقاع الصلاة في الحمام او معطن الابل ناظر الى بيان الحزازة فى هذا الفرد وكونه أقل ثواباً من سائر افراد الواجب كما هو معنى الكراهة فى العبادة على ما حققناه فى محله فاين هذا من تقييد الامتثال بقيد غير موجود في ناحية الجعل وهل الشرائط و المواقع الا راجعة الى مرحلة الجعل والتشريع. وأما التعبير عن منصب الائمة(علیه السلام) بحق المزاحمة فخلاف شأنهم اذ قد عرفت فى المقدمة الاولى للمسئلة أن ولاية الائمة(علیه السلام) الا فوق الولايات الخاصة المجعولة

ص: 252

للاشخاص نظير ولاية الزوج بالنسبة الى تجهيزات ميت الزوجه او غير ذلك فالمزاحمة وان كانت بحسب القاعدة مقصورة بمر حلة الامتثال دون الجعل لكنها لا تتصور بالنسبة الى الائمة(علیهم السلام) مع غيرهم لان المزاحمة فرع العرضية وقد عرفت ان ولايات غير الائمة اللا كائنة ما كانت فى طول ولاية الائمة وتحتها بمقتضى : سلطان الله احق : فاقامة صلاة الجمعة اذا كانت ولائية بمقتضى ظهور هذه الادلة فلا محالة راجعة الى مرحلة الجعل اعنى سنخ الحكم لا الى مرحله الامتثال.

ويندفع ثانيها بأن لسان المقيدات فى نفسها كما عرفت لسان ربط اقامة الجمعة بوجود امام الاصل في وعاء التشريع الذى هو عبارة أخرى عن الاختصاص والمنصبية . ريلا فلما تبقى واما الجمع بينها وبين المطلقات لو فرض وجودها فهو بمقتضى قانون المحاورة عبارة عن حمل المطلق على المقيد ضرورة ظهور المقيد لدى عرف المحاورة في بيان مصب اصالة الاطلاق ومعه لا يبقى اطلاق بالنسبة الى فاقد القيد كي يمكن التمسك به لجواز تولى غير امام الاصل لدى عدم حضوره مضافا الى ان سنخ الفرض في مثل : صلاة الجمعة فريضة على كل مسلم : غير معلوم وانه الوجوب الاطلاقي او الشرطي بعد وضوح كون وجوب هذه الصلاة مشروطاً لامحالة بعدة شروط كالعدد وغيره مما لا محيص عن الالتزام به حتى للقائل بالوجوب العيني الاطلاقي ويندفع ثالثها بأن قلة المصداق اذا كانت مستندة الى كون الواجب مشروطاً بشرط نادر التحقق بحسب الطبع لا توجب لغوية الجعل عقلا كما أن عدم تحقق المشروط حين فقدان شرطه بالطبع لا يوجب تقصير أعلى المكلفين ولا تعطيلا الامتثال ذلك الواجب كمافى الجهاد المخصوص بز من حضور الامام(علیه السلام) وبسط يده بالاتفاق ان سنخ ملا كه سنخ ملاك لا يحصل الا مع وجود شرطه فلاملزم بل لا مجوز لرفض القيد عن ناحية الواجب كي يصير كثير المصداق وليس للواجب المشروط عند

ص: 253

فقدان شرطه لسان استدعاء الامتثال كي يتطلب من الفقيه رفض قيده حتى يكثر مصداقه الخارجي . ويندفع رابعها بما عرفت من ظهور الادلة فى كون اقامة الجمعة منصباً الامام(علیه السلام) لا من لوازم الامامة.واما استصحاب عدم المنصبية على فرض وصول النوبة اليه فهو على القول بجريان الاستصحاب فى الاعدام الازلية كما هو الحق معارض باستصحاب عدم كونه من لوازم الامامة فيتساقطان ولابد من الرجوع الى دليل آخر فظهر ان الامور المبتنى عليها هذا الحمل باجمعها مخدوشة. ومنها الدعاء الثامنة والاربعين من الصحفية السجادية على منشأها آلاف الثناء والتحية وهي دعائه(علیه السلام) الا في يوم الاضحى ويوم الجمعة : اللهم هذا يوم مبارك ميمون والمسلمون فيه مجتمعون في اقطار ارضك(الى ان قال) اللهم ان هذا المقام لخلفائك (مقام خلفائك) واصفيائك ومواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها وأنت المقدر لذلك الى ان قال حتى عاد صفوتك وخلفائك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا : الدعاء أما السند فعلى ما في الصحيفة المطبوعة : حدثنا السيد الاجل نجم الدين بهاء الشرف أبو الحسن محمد بن الحسن بن احمد بن على بن محمد بن عمر بن يحيى العلوى الحسينى رحمه الله قال اخبرنا الشيخ السعيد ابو عبد الله محمد بن شهريار الخازن لخزانة سيدنا ومولينا امير المؤمنين على بن ابي طالب(علیه السلام) في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة وخمسمأة قرائة عليه وأنا اسمع قال سمعتها على (عن) الشيخ الصدوق أبي منصور محمد بن محمد بن احمد بن عبد العزيز العكبرى المعدل رحمه الله عن ابي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال حدثنا الشريف ابو عبدالله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن امير المومنين على بن ابيطالب(علیه السلام) قال حدثنا عبد الله بن عمر بن خطاب الزيات

ص: 254

سنة خمس وستين ومأتين قال حدثني خالى على بن النعمان الاعلم قال حدثني عمر(عمير) بن متوكل الثقفى البلخي عن ابيه متوکل بن هرون قال لقيت يحيى بن زید بن علی (علیه السلام).اما القائل حدثنا فربما يقال انه ابن السكون الثقة وربما يقال انه هبة الدين حامد الثقة لكن هذا الاختلاف ليس من العلم الاجمالي بين الثقتين فيتطرق احتمال ثالث غير ثقة. واما الراوى الثانى فهو مهمل غير مذكور فى الرجال. واما الثالث فهو فقيه صالح . واما الرابع فهو مهمل غير مذكور في الرجال نعم توصيف ابن شهريار له بالشيخ الصدوق وبالمعدل وترحمه عليه يجعله من القسم الحسن. واما الخامس فقال النجاشي كان في اول امره ثبتاً ثم خلط. واما السادس فهو حفيد الامام(علیه السلام) ثقة. واما السابع فهو مهمل ليس له ذكر في الرجال . واما الثامن فهو ثقة والتاسع والعاشر مهملان فالسند مشتمل على هؤلاء المجاهيل فان المهمل وان غاير المجهول اصطلاحاً لكنهما مشتركان في عدم الحجية وفي الرواة عدد كثير من المهملين والمجاهيل لم يتبين حالهم في رجال الشيعة اما لعدم حصول اطلاع لارباب الرجال عن احوالهم بعد الفحص او لقلة روايتهم او لشدة وضوح حالهم فى عصرهم بحيث كانوا مستغنين عن التوصيف أو لغير ذلك من المحتملات الثبوتية نعم لا يمكن تضعيف أولئك فلعلهم فى الواقع ثقات اجلاء لكن حيث لم تثبت وثاقتهم عندنا فيخبرهم بحسب الظاهر يعد من قسم الضعيف. نعم للشيخ الطوسي (قدسّ سره) في الفهرست طريقان صحيحان الى الشيباني لكنهما ايضا منقطعا الأول من جهة الشيبانى ومن بعده الى الامام (علیه السلام) وللسيد عليخان (قدسّ سره) شارح الصحيفه طريق آخر مشترك مع غيره فى انقطاع الأول من جهة اهمال من

ص: 255

عرفت منهم نعم قد كانت الصحيفة متواترة في القدماء معروفة بينهم حتى لقبت بزبور آل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) وقد بينا سابقاً عدم لزوم الاتصال السندي بالنسبه الى الكتب المشهورة لكفاية الوجادة وتساوقها في الحجية مع الرواية وبذلك يصيح ويثبت صدور الصحيفة اجمالا لكن حيث لم يستمر التواتر والاشتهار الى زماننا بالنسبة الى مجموع مافى الصحيفة المتداولة فعلا فلا يحصل الاطمينان النوعي سيما مع اختلاف النسخ بالنسبة الى كل جملة وعبارة منها مع ان النسخ حيث كانت خطية لم تكن مأمونة عن الزيادة والنقصان بل الدس فى بعض الاحيان سيما مع الاختلاف في ادعيتها زيادة ونقيصة فان ذلك كله يوجب الريب في استناد الجميع الى الامام (علیه السلام).نعم القرب المضمونى الى الواقع بالنسبة الى مضمون لاسيما مع توافقه مع الروايات بل توافق مضامين تلك الادعية واسلوبها مع الادعية الثابتة بالطرق الصحيحة عن السجاد(علیه السلام) مما لا سبيل الى انكاره كيف وسياق جملة من تلك الادعية واسلوبها ومعانيها الدقيقة تشهد لدى أهل الذوق والفن بامتناع صدور مثلها عادة عن غير ألسنة الوحى كالمعصومين عليهم السلام كما هو كذلك في بعض الادعية من غير الصحيفة نظير دعاء الصباح المنسوب الى مولينا أمير المؤمنين(علیه السلام) فان مثل: يامن دلع لسان الصباح بنطق تبلجه : شاهد على الصدور عن المعصوم(علیه السلام) لكن القرب المضمونى ) ليس من الطرق النوعية غايته ايجاب الاطمينان الشخصى ان ربما يزعم صدورا مثال هذه العبارات وهذه المضامين عن العلماء الاقدمين وان كانت تلك المزعمة واهية بالنسبة الى غالب تلك الادعية الا ان المراد من ذلك أن القرب المضمونى بنفسه ليس حجة عقلائية قابلة لجبر ضعف السند فالانضاف أن صدور ادعية من السجاد (علیه السلام) بعنوان الصحيفة اجمالا مما لا يعتريه ريب الا ان صدور جميعها بما فيها من العبارات الخاصة مما لم يقم عليها دليل صناعى بحيث تصبح الصحيفة حجة استنادية للفقيه فى اثبات الاحكام الشرعية هذا بحسب أصل الضحيفه بالكلية.

وأما خصوص هذا الدعاء المورد للاستشهاد في المقام وأعنى فقراتها المذكورة

ص: 256

فربما تشهد مضامينها المخالفة للتقية الموافقة للاخبار ، بصدورها عن الامام كيف و احتمال دسها من المخالفين بعيد واقتراحها من الموافقين ناسبين لها الى الامام أبعد، فانظر الى قوله(علیه السلام) : يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا فان مثل هذا القول كالمقطوع بكونه صادرا عن الامام وبهذا اللحاظ لا يخلو عن اعتبار او تأييد فتدبر. وأما الدلالة فالمشار اليه بلفظة هذا فى قوله (علیه السلام) : اللهم ان هذا المقام لخلفائك اقامة الجمعة بشهادة القرائن الداخلية والخارجية (منها) قوله (علیه السلام)) في صدر الدعاء : اللهم ان هذا يوم مبارك ميمون والمسلمون فيه مجتمعون في أقطار أرضك فان اجتماع المسلمين في يوم الاضحى أو الجمعة في ذاك الزمن لم يكن لاجل المعايدة عقلا بشهادة التاريخ والضرورة وانما كان لاجل الصلاة نعم في الازمنة المتأخرة بعد استمرار غصب مناصب الائمة و مقهورية الفئة المظلومة في أيدى الجايرين تشبث الخاصة بذيل المعايدة في أمثال هذين اليومين حفظاً لذكريها والا فبحسب أصل الجعل وفي زمن حضور الائمة (ع) لم تكن للشيعة فيها معايدة كيف وكانوايرون اجراء مناصب أئمتهم بيد مخالفيهم الجائرين فيكون المشار اليه بهذا في قوله(علیه السلام) اللهم ان هذا المقام اقامة الصلاة التي لاجلها المسلمون فيه مجتمعون وبديهى اقامة الصلاة التى شرطها القدوة مقام ومنصب. (ومنها) قوله (علیه السلام) بعد ذلك : قد ابتزوها وانت المقدر لذلك : اذ الابتزاز بمعنی الاسئلاب والخلع وضميرها راجع حسب الظاهر الى نفس ذاك المقام فلولا كونه منصب اقامة الجمعة الذى قد قدره الله تعالى وجعله للائمة وقد غصبه المخالفون وتقمصوا خلعتها لما كان لهذا التعبير وجد (ومنها) شهادة الخارج بأن التصدى لاقامة الجمعة وصلاة العيد كان في ذاك الزمن بيدأئمة الجوز . (ومنها شهادة جملة من أخبارنا المتقدم بعضها بكون صلاة الجمعة كالعيدين منصباً للائمة(علیه السلام) فتراكم هذه القرائن يورث القطع بالاشارة بهذا المقام الى تولى

ص: 257

اقامة الجمعة وصلاة العيد والظاهر من اللام في قوله(علیه السلام) الخلفائك أو الاضافة في قوله مقام خلفائك كما في بعض النسخ ( كما نبهنا عليه سابقا ) ربط ذاك المقام بالخلفاء(علیه السلام) فى وعاء التشريع واطلاق الربط من جهة الاسناد إلى الخلفاء دون غيرهم يستلزم الاختصاص كما أن الظاهر من خلفائك : خلفاء الله في أرضه وهم المعصومون سيما مع عطف الاصفياء الظاهر فى التفسير وبيان وصف الخلفاء فمفاد هذه الفقرة أن تولى اقامة الجمعة منصب قدرة الله تعالى وجعله لخلفاء وصفوته من خلقه فغصبه الجائرون وتقمص خلعته الغاصبونويؤكد هذا المدلول معتبر عبد الله بن ذبيان بابن محبوب الذى رواه الشيخ (قدسّ سره) في زيادات صلاة التهذيب(1) والصدوق (قدسّ سره) في الفقيه عن أبي جعفر (علیه السلام) قال قال يا عبد الله ما من يوم عيد للمسلمين أضحى ولا فطر الا وهو يجدد الله ( يجدد الفقیه) لال محمد علیه و علیهم السلام فيه حزناً قال قلت ولم ذلك قال انهم يرون حقهم في ايدى غيرهم : اذ حق آل محمد وال في يوم عيد الاضحى والفطر الذي يكون رؤيته فى أيدي غيرهم سبباً لتجدد حزنهم ليس الا تولى صلاة العيد الذى غصبه الجائرون فهذا الحديث نص في ولائية صلاة العيدين وحيث أن الاضحى الموضوع في هذا الحديث لهذا المحمول قد جعل مع الجمعة في الصحيفة موضوعاً لمحمول هذا المقام لخلفائك قد ابتزوها : فبينهما تحاكم من جهة تفسير هذا الحديث للمقام في الصحيفة وأنه تولى صلاة الاضحى والجمعة وتوسعة الصحيفة للموضوع في هذا الحديث بتشريك صلاة الجمعة مع صلاة العيدين فى الموضوعية للمنصبية فدلالة الصحيفة على ولائية صلاة الجمعة فى نفسها واضحة فضلا عن كونها مؤكدة بهذا المعتبر بعد التحاكم بينهماقد ناقش صاحب الحدائق (قدسّ سره) في دلالتها باحتمال ارادة الخلافة الكبرى لفظ المقام وذكره فى هذا اليوم لان تولى صلاة الجمعة من آثار تلك الخلافة

ص: 258


1- صحيفة 203 - طبع الحجر

واحتمال ارادة الاعم من العلماء من لفظ خلفائك لان الفقهاء خلفاء الله لقول رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) : اللهم ارحم خلفائى قيل من قالهم الذين يروون حديثى من بعدى بل عطف أصفيائك على خلفائك ظاهر في تعدد المراد من الوصفين فالخلفاءهم الفقهاء والاصفياء هم الائمة. و احتمال كون اللام في قوله : لخلفائك : للاستحقاق دون الملكية والاختصاص فاستحقاق الامام(علیه السلام) التولى صلاة الجمعة لا ينا في ثبوت هذا الحق للفقهاء ايضاً وعلى فرض ظهور اللام في الاختصاص فيحتمل كون الحصر اضافيا بالنسبة الى الاعداء الغاصبين لا حقيقياً شاملا لفقهاء الشيعة وعلى فرض كونه حقيقيا فقد خصص اطلاقه بالنسبة الى الشيعة بالادلة الدالة على الوجوب العيني التعيينى على الجميع مطلقاً حتى زمن الغيبة.( ويدفعه) ماعرفت من شهادة القرائن بكون الاشارة بهذا المقام الى تولى صلاة الجمعة فالحمل على الخلافة الكبري تصرف فى الظاهر بلا قرينة ومجرد كون التولى من آثار الخلافة الكبرى لا يكفى لتخصيص بيان ابتزازها بهذا اليوم ومن ظهور خلفائك بالطبع فى خلفاء الله بالجعل الالهى والاستدلال النبوى دورى فضلا عن شهادة القرائن بارادة الائمة عليهم السلام من الخلفاء فيه ايضاً وظهور العطف في التعدد محكوم بتكرار الخلفاء مع تقديم الصفوة وجعلهما موضوعاً لنفس ذاك المحمول في قوله (علیه السلام) حتى عاد صفوتك وخلفائك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا : فإن ظهوره في وحدة الموضوع والمراد من الوصفين أقوى من ظهور العطف فى التعدد و من عدم استعمال لفظ اللام في شيء من الملكية والاختصاص بل في الجامع الوحدانى أى الربط وخصوصيات الافراد مستفادة من التطبيقات فيكون من المشترك المعنوى دون اللفظى كما هو الشأن في جميع المعانى الحرفية والاختصاص في المقام انما استفدناه من اطلاق جعل الربط في وعاء التشريع للائمة عليهم السلام دون غيرهم وحمل الحصر على الاضافى تصرف في الظاهر بلا قرينة مضافا الى ان استثناء خصوص الاعداء بلا وجه فلو اريد خروجهم لاجل فسقهم نظراً الي اشتراط العدالة فى القدوة التي هي شرط في صلاة الجمعة أو لاجل خلوهم

ص: 259

عن الايمان المشروط فى امامة الجمعة فانتفاء المشروط لدى انتفاء شرطه عقلی ولیس مقاماً ومنصباً كما هو ظاهر هذه الفقرة حسب اعترافه فهذا التصرف مخالف للظاهر من وجهين وتخصيص الحصر بالنسبة الى الشيعة بمعونة الاخبار التي استدل بها الخصم الموجوب العينى التعيينى غير ممكن لان تلك الاخبار على طائفتين احديهما ظاهرة بزعم الخصم فى الوجوب مطلقاً على كل احد نظير : الجمعة فريضة على كل مسلم : أو : لا يعذر في تركها احد : ونحوهما مما يأتى ذكرها في الطائفة الرابعة انشاء الله وهى تدل على الوجوب بالاطلاق ساكتة عن بيان سنخ وجوبها وانه مشروط او مطلق ومنصبى اولا والمقيدات كالصحيفة مبينة للقيد وان سنخ وجوب صلاة الجمعة وجوب شرطى منصبی و قانون المحاورة يقتضى حمل المطلق على المقيد لا تخصيص المقيد بالمطلق ثانيتهما ظاهرة في الترخيص في اقامة الجمعة لدى عدم تولى الامام(علیه السلام لها كصحيح زرارة : حتنا : وموثق عبد الملك مثلك يهلك : وغيرهما ( وقد تقدم فى الطائفة الثانية مع بيان ظهورها في الترخيص) و هی تدل على المشروعية والترخيص بحسب الثبوت لازم لاحد ملزومات ثلاثة على سبيل منع الخلو أحدهما نسخ قيدية تولى الامام(علیه السلام) في زمن عدم بسط اليد بمعنى تخصيص الحكم أى الشرطية بزمن بسط اليد ثانيها تقيد قيد التولى بقيد بسط اليد فيرتفع القيد بانتفاء فيده لدى عدم بسط اليد وعلى هذين الاحتمالين يتم مطلوب الخصم من عدم اختصاص وجوب التولى بالامام (علیه السلام) وعمومه لغيره عند عدم بسط يده(علیه السلام)

ثالثها عدم اعمال القيد من قبل من له القيد والترخيص في ظرف ذلك المغير فی الاقامة تسهيلا للامة وتحصيلا للشيعة لفضيلة صلاة الجمعة ولا ظهور لتلك الاخبار في احد الاولين بل قد عرفت عند ذكرها ظهورها في الاخير اى الجواز بالمعنى الأعم الملازم للرجحان في مورد العبادة كصلاة الجمعة. (وتوهم) ان الجواز كثيراً ما يستلزم الوجوب كما في قوله تعالي : فاذا التسلخ

ص: 260

الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين : اذ الأمر بالقتل حيث كان لبيان رفع الممنوعية القتال الثابتة فى الأشهر الحرم بعد انسلاخها فظاهره الجواز والرخصة بالمعنى الاعم وذلك يستلزم وجوب القتال أى عوده الى حكمه الطبعى الذى هو الوجوب وكما في بيع الوقف لدى ظهور الخلف بين أربابه او اضطرارهم حيث يجوز بيعه بعد ما كان الوقف اما بحاق مفهومه أو بحكمه التعبدى مما لا يباع ولا يوهب والجواز فى الموردين يستلزم الوجوب فليكن كذلك فى المقام فجواز اقامة صلاة الجمعة لغير الامام(علیه السلام) له في الطول رفع المنع الثابت بأدلة المنصبية عنها يستلزم الاقامة والا لم تكن مجزية عن الظهر ولاجل ذلك احتمل الشهيد (قدسّ سره) في الذكرى تارة وجوبها العينى فى زمن الغيبة وأخرى حرمتها وثالثة جوازها التخييرى كما يقوله المشهور. (مدفوع) بأن المقام ليس من ذلك القبيل اذ المقيدات كالصحيفة وغيرها ت حسب اعتراف الخصم ظاهرة فى المنصبية وتقيد وجوب الاقامة بتولى امام الاصل فبانتفاء القيد ينتفى الوجوب بالكلية ويبقى الجواز المستفاد من الطائفة الثانية فلو كانت (1) صلاة الجمعة ما هية متبانية لصلاة الظهر لاقتضى الأمر بها جعلها عدلا تخيير يا للظهر وكان التخيير بينهما شرعيا بحسب أصل الجعل من قبيل خصال الكفارة و كان لاستلزام جوازها للوجوب وجه لكنها كيفية أخرى لمهية صلاة الظهر خصص وجوب هذه الكيفية بتولى الامام الا بعد ما كان الواجب الاولى على كل مكلف بالنسبة الى صلاة الظهر أربع ركعات من قبيل صلاتي الحاضر والمسافر حيث لا تنويع بحسب أصل التكليف بالنسبة الى عنواني الحاضر والمسافر بل الواجب على كل مكلف هو التمام بلادخل لعنوان الحاضر فى موضوع الحكم وانما خصص عنوان المسافر بالموضوعية المقصر (2) كما يدل على كون صلاة الجمعة من هذا

ص: 261


1- ناظر الى احتمال التخيير الشرعى بحسب اصل الجعل ودفع هذا الاحتمال.
2- الوسائل الباب - 6- من صلاة الجمعة حديث 3 والباب - 25- حديث 6.

القبيل التعليلات الواردة فى الاخبار نظير قوله (علیه السلام) في صحيح زرارة (1) وانما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام ونظير التعبير بقصر الركعتين فى خبر العلل الاتى فالترخيص في تطبيق صلاة الظهر على هذه الكيفية يستلزم التخيير عقلا في مرحلة الامتثال.وهذا هو مراد المشهور من التخيير في المقام لا التخيير المصطلح في سائر الموارد أى العدلية فى مرحلة الجعل بلا استلزام ذلك للوجوب بل غايته من جهة لزوم الامر فى العبادة استلزامه الرجحان شرعاً وأما استلزام الترخيص للاجزاء فلما عرفت من وحدة المهية وتوهم عدم اجزاء المستحب عن الواجب مدفوع بان ما نحن فيه انما هو ترخيص لتطبيق الواجب على الحصة فلا يكون من التخيير الاصطلاحي المستحب الاصطلاحى فضلا عن عدم قيام دليل على عدم اجزاء المستحب عن الواجب والمتبع نفياً واثبات هو الدليل واحتمال كون التخصيص منوعاً فاسد كما حققناه في ابحاثنا ومنها صحيح الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال انما صارت صلاة الجمعة اذا كان مع الامام ركعتين واذا كان بغير امام ركعتين وركعتين لان الناس يتخطون الى الجمعة من بعد فأحب الله عز وجل أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صار واليه ولان الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون الصلاة ومن انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام ولان الصلاة مع الامام أتم وأكمل لعلمه وفقهه وفضله وعدله ولان الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان ولم تقصر لمكان الخطبتين وانما جعلت الخطبة يوم الجمعة لان الجمعة مشهدعام فأراد أن يكون للامير (للامام) سبب الى موعظتهم وترغيبهم فى الطاعة وترهيبهم من المعصية وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليهم من الافاق (الافات) (و) من الاهوال التى لهم فيها المضرة والمنفعة (الحديث). حيث استدل للمنصبية بجملة من ألفاظه منها لفظ الامام في أوله

ص: 262


1- الوسائل الباب - 6 - من صلاة الجمعة حديث 1 .

بحمله على امام الاصل بشهادة اطلاقه عليه في جملة من الاخبار كالواردة في شئون الامام (علیه السلام) ومنها لفظ علمه وفقهه وفضله ان حفظ أقل ما يقنع به في الخطبة لا يحتاج الي العلم والفقه والفضل فهذه الاوصاف مشيرة الى امام الاصل. ومنها لفظ الامير الظاهر فى السلطان العادل ومنها غير ذلك من الالفاظ الكاشفة عن كون مقيم الجمعة امام الاصل ولكن الانصاف قصور كل واحد من هذه الالفاظ بالاستقلال عن افادة ذلك فان اللام فى الامام ليست للجنس جزماً لقضاء الضرورة بعدم كفاية كل من هو أمام ومقتدى ولو لم يكن عادلا أو كان فاسقاً فهى ب للعهد اشارة الى شخص صالح للامامة فى الشرع وهو شخصان امام الجماعة وامام الاصل فتطبيق اللفظ على أحدهما بالخصوص يحتاج الى قرينة معينة وقد نبهنا سابقاً على مجرد استعماله في جملة من الاخبار في واحد من الشخصين لا يصلح قرينة على المراد في أخبار الباب كما زعمه فريق من كل من القائلين بالمنصبية والقائلين بالوجوب العيني ان ربما يكون المحمول لانحصاره بشخص خاص معيناً للموضوع فبيان وصف خاص بامام الاصل فى جملة من الاخبار أو وصف خاص بامام الجماعة في جملة منهاوان كان معيناً للموضوع بالنسبة الى تلك الاخبار . و بذلك يصيح الاستشهادين فى نفسه الا أنه ليس بمعين بالنسبة الى أخبار خالية عن ذكر خاصة أحد الشخصين كجملة من أخبار الباب وبذلك يبطل كلا الاستشهادين فلفظ الامام فى نفسه قابل للانطباق على كل واحد من الشخصين كما ان الخطبة وان جاز القناعة فيها بالفاظ مختصرة ولو لم يفهم الخطيب معناها الا أن الغرض من الخطبة ليس مجرد حفظ مثل : اتق الله واحسن : وأدائه غير شاعر المعناه بل المقصود من الوعظ هو التبشير والانذار بالفاظها والقادر على مثل ذلك له مزية وفضل بحسب علمه وفقهه على غيره من الحاضرين العاجزين عن ذلك كما أن الغالب في مقيم الجمعة وخطيبها تمكنه من تفصيل الخطبة وعلمه بمعانيها وان كان فوق كل ذي علم عليم اذ العلم والفقه ذو مراتب عديدة فلفظ العلم والفقه والفضل

ص: 263

قابل للانطباق على كل واحد من شخصى امام الاصل وامام الجماعة وليس خاصة الاول. (نعم) يستفاد ذلك من مجموع فقرات الحديث كضم ما ذكر الى لفظ الامير والى قوله : لان الجمعة مشهد عام . الظاهر فى مركز زحام الناس واجتماع أهل البلد وان كان كبيراً للنهاية بحيث يسع ملائين نسمة كي ينشكل من اجتماع أهله يوم الجمعة في مكان واسع كمفازة ونحوها دار الندوة الاسلامية والي قوله : فأراد أن يكون للامير سبب إلى موعظتهم وترغيبهم فى الطاعة وترهيبهم من المعصيته : الظاهر في استفادة سلطان الاسلام من ذاك المشهد العام من المسلمين للتسبب الى التبليغ الاسلامى العام من الوعظ والتبشير والانذار والى قوله : وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم : الظاهر في تبعية ارادة الخطيب في أمر الدين والدنيا في حق المسلمين حسبما اقتضت تلك الارادة من توقيفهم على مصالحهم من الاخلاقيات والاحكام وكل ماله دخل في حفظ نظام معيشتهم وغير ذلك من الشئون المربوطة بأمور الدين والدنيا والى قوله : ويخبرهم بما ورد عليهم من الافاق ومن الأهوال التى لهم فيها المضرة والمنفعة : الظاهر فى تنوير أفكار المسلمين ببيان وقايع الافاق والانفس اذ لاريب أن المجموع المكور من هذه الاوصاف سيما الاخيرين منها خاصة امام الاصل وسلطان الدين اذ هو الواقف علي جميع مصالح الدين والدنيا والعالم بما يجري في الافاق والانفس. ونوقش فيه تارة سنداً بما في البحار من أن ابن عبدوس الواقع في سند الصدوق الى الفضل بن شاذان لم يوثق فى الرجال فالخبر حسب اصطلاح المتأخرين من از من العلامة (قدسّ سره) الى ما بعد في تقسيم الحديث الى أقسام عديدة ليس بصحيح وأخرى متناً بأن ابن شاذان انما أسند هذه العلل الى الامام(علیه السلام) بعدما سئل عن منبعها لا ابتداءاً ويندفع الاول بما نبهنا عليه غير مرة من عدم تعبد في الطرق بل استحالته ثبوتاً وظهور الادلة في الارشاد الى الطرق العقلائية اثباتاً فليس لنا مثل: تعبد بالسند

ص: 264

أو بالدلالة أوصدق العادل : أو نحو ذلك مما يوقفنا فى باب حجية الخبر عند تصريح الرجالى فى حق الراوى بلفظ ثقة فضلا عن تذكية عدلين له كما سلكه بعض المتأخرين كصاحب المدارك (قدسّ سره) وزملائه وانما المعتبر ثبوت وثاقة الرجل في القول بمعنى احراز صدقه بأى طريق حصل وهو حاصل في مورد ابن عبد وسمن جهة كونه من مشايخ الصدوق (قدسّ سره) الاماميين الذين تلمذ عندهم دارسة فقه الشيعة وأخباره واعتمد عليهم فى أخذ الاحاديث ونقل عنهم مترحماً مترضياً ومثله قد كان في وضوح الحال علماً وتقوى بمثابة رأوه غنياً عن توثيقه في الرجال كغالب مشايخ الكليني (قدسّ سره) وجملة من مشايخ شيخ الطائفة (قده) بخلاف جملة من مشايخ الصدوق (قدسّ سره) المهملين أو العاميين أو المجهولين فلا يكفى مجرد الشيخوخة في احراز وثاقتهم بل انما انفتح باب لزوم نقد المشيخة لاجلهم ويندفع الثاني بأن ابن شاذان بعدما أحرزنا وثاقته بل جلالة شأنه المانعة عن نقل الاحكام وعللها عن غير الامام(علیه السلام) يكفينا نقله في الاستناد فضلا عما اذا صرح بالاسناد فحديث وقوع الاسناد بعد النقل والسئوال عن المنبع أو قبله ابتداءاً حديث شعرى بالنسبة الى هذه الرجل العظيم فلامجال للخدشة في الصحيح سنداً ومنتاً.(نعم) يمكن الخدشة في دلالته بأن العلل المذكورة فيه ليست عللا للتشريع بمعنى رشح الحكم منها وانما هى من الفوائد المترتبة عليه المعبر عنها بالحكم والمعرفات والموضوع لاستفادة الكبري الكلية القابلة لتقييد الاطلاقات اللفظية لو كانت فى البين انما هو القسم الأول أى العلل الدخيلة في تشريع الحكم دون الحكم والدواعي التي هي اعم من الراشحة منها الحكم وغيرها والمقام من القسم الثاني لانها وان كانت صالحة لمقاومة الاطلاق المقامى الذى لبد عدم البيان في موضع البيان اذ للمتكلم ان يعتمد على مثل تلك العلل في مقام بیان مراده من الوجوب وانه ولائى مثلا ان لم يكن فى البين اطلاق لفظى عينى بمعنى عدم امكان الزامه بالاطلاق المقامى مع وجود تلك العلل مثلا الا انها لا تقاوم الاطلاق اللفظي

ص: 265

الذي هو بيان تفصيلى لما عرفت من انها بيان اجمالي فلو كان هناك اطلاق لفظى مسوق لبيان وجوب صلاة الجمعة عيناً تعييناً على كل مكلف لا يصلح خبر العلل هذا لتقييد اطلاقه بتولى الاصل واثبات كون سنخ حكمها منصبياً. نعم ان لم يكن فى البين اطلاق لفظى مسوق لبيان ذلك وانحصر في الاطلاق المقامي كما ستقف عليه في الطائفة الرابعة كان هذا الصحيح صالحاً لتقييده واثبات كون سنخ وجوب صلاة الجمعة اى العيني التعيينى منصبياً ولاجل ذلك نقول بان هذا الصحيح يدل على منصبية صلاة الجمعة في الجملة فليكن هذا على ذكر منك ينفعك فيما يأتي انشاء الله ومنها موثق سماعة (1) الذي رواه المشايخ الثلاثة عن ابي عبد الله الله ففى الكافى: قال سألت ابا عبد الله عن الصلاة يوم الجمعة فقال اما مع الامام فركعتان واما من يصلى وحده فهى أربع ركعات بمنزلة الظهر ( يعني اذا كان امام يخطب فاما اذا لم يكن امام يخطب فهى اربع ركعات ( وان صلوا جماعة : وفي التهذيب فى شرح عبارة المقنعة من صلاة الجمعة عن محمد بن يعقوب مثله وفى زيادات صلاة الجمعة بسنده الاختصاص عن سماعة : قال سألته عن قنوت الجمعة الى ان قال : انما صلاة الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلى مع غير امام وحده فهى اربع ركعات بمنزلة الظهر : (الحديث) وفي الفقيه بسنده عن سماعة عن أبي عبد الله قال : صلاة الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلى وحده فهى أربع ركعات : وقدحسبوه اربعة أحاديث لكن الحق انه حديث واحد مروى بطرق أربعة ان قد يتعدد طرق حديث واحد بل ربما تبلغ الف طريق كما يشهد به تتبع شرح الفقيه للمجلسى الاول (قده) حيت ذكر الجملة من الاحاديث طرقاً كثيرة بالغة بعضهما حد الالف ففى المقام لكل واحد من المشايخ الثلاثة طريق مستقل الى اصل سماعة .

ص: 266


1- الوسائل - الباب - 5 - حديث 3 - والباب - 6 - حدیث 2 و 6

ولشيخ الطائفة طريق آخر بواسطة الكليني (قدسّ سرهما) فبعد وحدة الراوى وهو سماعة والمروى عنه وهو الصادق(علیه السلام) و المتن وهو أن صلاة الجمعة مع الامام ركعتان وبدونه أربع ركعات ووضوح ان سماعة صاحب الاصل وكان دا به ضبط ما يسمع عن الامام(علیه السلام)في اصله فلا معنى لنسيانه ما سمع حتى يسئل عنه مرة أخرى يكون سئواله الصادق(علیه السلام) عن مطلب واحد أربع مرات ونقله وضبطه في اصله بعيداً الى حد الامتناع العادي كما ان جملة :يعني اذا كان الى فهى أربع ركعات : غير موجودة في بعض نسخ الكافى وقد جعلها مصحح كافينا المخطوط نسخة البدل فاضطراب نسخ الكافى من جهتها الموجب للتساقط وخلو الفقيه والتهذيب في سنده الاختصاصي عنها ووجود كلمة يعنى المقرب لاحتمال كون الجملة تفسيراً من قبل الراوى كانت مكتوبة فى الهامش فادخلها بعض النساخ فى متن الكافى قرائن مانعة عن ثبوت هذه الجملة في الكافي. ولما كان المروى فى التهذيب فى شرح عبارة مقنعة بواسطة الكليني فلااعتداد بوجود هذه الزيادة فيه بعد عدم ثبوتها في الأصل اى الكافي فضلا عما اشرنا اليه غير مرة من تقدم الكافى لدى التعارض مع التهذيب لما احرزناه من اضبطية الكلينى عن الشيخ (قدسّ سرهما ) . نعم جملة وان صلوا جماعة : موجودة في جميع نسخ الكافي بل اضطرابه من جهتها فهي ثابتة بمقتضى ما عرفت من الاضبطية وأصالة عدم الزيادة او عدم النقيصة حيث أنها ليست تعبدية فيرفع اليد عنها بمعونة القرائن كما في المقام فمتن الحديث حسب القرائن أن : صلاة الجمعة مع الامام ركعتان ومن يصلى وحده فهى أربع ركعات بمنزلة الظهر وان صلوا جماعة : والمقابلة بين جملة مع الامام ركعتان وجملة فهى اربع ركعات بمنزلة الظهر وان صلوا جماعة تدل بوضوح على أن الامام فى الجملة الاولى ليس امام الجماعة فينحصر في امام الاصل والمراد بوحده في الجملة الثانية ليس هو الانفراد عن الجماعة كيف وقد جعل الظهر مقسماً

ص: 267

لصلاة الجماعة وانفرادى مع ارجاع ضمير الجمع اليه في قوله : وان صلوا جماعة والمقسم لا يعقل ان يكون قسماً فالمراد به لا محالة هو الانفصال عن امام الاصل والمعنى ان وظيفة الظهر يوم الجمعة فى حق المتشرف بحضرة امام الاصل ركعتان وفي حق غير المتشرف بحضرته أربع ركعات سواء صلى جماعة ام فرادى والمراد بقوله بمنزلة الظهر وان : الخ ان مجرد الاتيان بالصلاة جماعة لا يكفى لسقوط ركعتين منها فهذا الموثق بنفسه يكشف عن وحدة المهية في صلاة ظهر الجمعة وكون الاختلاف في الكيفية المستلزم للاجزاء عقلا بعد ثبوت أصل الرخصة في اقامة الجمعة مع عدم حضور الامام (علیه السلام) كما عرفته في الطائفة الثانية فظهور الموثق فى المنصبية محكم بل هو حاكم على جميع اخبار الباب المشتملة على لفظ الامام وقرينة على ارادة امام الاصل منه كما فهمه المشهور . (نعم) لو قطعنا النظر عن القرائن و وقفنا عند الصناعة الجامدة لا مكن دعوى ان الظاهر من تعدد النقل تعدد المتن سيما مع الاختلاف من جهة بعض الالفاظ كوجود بمنزلة الظهر أو وان صلوا جماعة في بعضها دون بعض كما ان الظاهر من ذكر جملة يعني اذا كان الخ فى متن الكافي كونه جزء الرواية ومجرد خلو بعض النسخ القديمة المخطوطة عنها اوكونها فى بعض بعنوان النسخة البدل أو احتمال كونها تفسيراً من الراوى لا يكفى فى اخراج الجملة عن متن الحديث سيما بعد تعاضدها بالنسخة التي كانت موجودة لدى شيخ الطائفة حين كتابة شرح المقنعة من التهذيب وكانت بحسب الظاهر مصححة فالتهذيب اما بنفسه حجة لاثبات هذه الزيادة في الحديث أو كاشف عن الحجة اى النسخة المصححة من الكافي ومع وجود هذه الجملة لا تدل المقابلة على ارادة امام الاصل من لفظ الامام في قوله مع الامام ركعتان: لامكان الاخذ بظهور هذه الجملة فى وجود امام ثالث غير امامي الاصل والجماعة هو امام يخطب أى يقدر على انشاء الخطبة وكونه شرط انعقاد صلاة الجمعة لا مجرد امام الجماعة أى العادل ولولم يقدر على الخطبة ولا خصوص امام

ص: 268

الاصل أى السلطان العادل بل العادل القادر على الخطبة فلا ظهور للموثق بأى أخذنا فيه فى منصبية صلاة الجمعة فضلا عن القرينية على ارادة امام الاصل من لفظ الامام فى سائر الاخبار.

(ولكن) تمنعنا عن الاخذ بهذا الظاهر قرينتان احديهما داخلية هي ان خطبة صلاة الجمعة حسبما كشفت عنها العلل الواردة في صحيح الفضل امر ولائى خارج عن عهدة غير امام الاصل فتأمل ثانيتهما خارجية نوعية هى ان اداء خطبة مختصرة مشتملة على حمد الله وثنائه ووعظ يكون بحسب العادة في مقدرة نوع من يتصدى لامامة الجماعة خارجاً فلنعم ما عبر في المستند من : ان من يقدر على حفظ الحمد الله وقل هو الله وحى على الفلاح وهى موجودة في الفاتحة والتوحيد والاذان يقدر علي اداء الخطبة : فتخصيص امام يخطب بالذكر قبال امام الجماعة مع ارادة مطلق القادر على الخطابة والنطق بمثل : الحمد لله اتقوا الله و أحسنوا : لغو لدى عرف المحاورة فلا بدو أن یراد به شخص آخر فراراً عن محذور لغوية القيد فبمعونة ذلك نجعل من يخطب عنواناً مشيراً الى امام الاصل وعلى اى تقدير تتم دلالة الموثق على المنصبية لكن مع ذلك كله لاجل قابليته للمناقشة لا نكتفى بهذا الموثق في اثبات المنصبية لوجود غيره مما تقدم ويأتى والحمد لله.

ومنها صحيح زرارة(1) المشهور روائياً حيث رواه المشايخ الثلاثة بطرق عديدة عن أبي جعفر(علیه السلام) الا في تفسير قوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ان فيه : وانما وضعت ركعتان اللتان أضافهما النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) ولا يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة (بقوم) في غير جماعة فلصلها أربع ركعات كصلاة الظهر فى سائر الايام : فان المجلسى الاول (قدسّ سره) في شرحه العربي على الفقيه (روضة المتقين) الذى اهتم فيه بذكر موارد اختلاف النسخ فى الفاظ الروايات وان لم يذكر كلمة : بقوم : بل يظهر من ذكره الحديث بدونها ان خلوه عن هذه

ص: 269


1- الوسائل - الباب - 6 - من صلاة الجمعة - حديث 1

الكلمة كان مفروغاً عنه عنده وكذا في شرحه الفارسي لكنها موجودة في باب صلاة الجمعة من فقيهنا المخطوط مما قبل زمن المجلسي ووجود هذه الكلمة يكشف عن ارادة جماعة خاصة من قوله فى غير جماعة وعن ارادة غير امام الجماعة من لفظ الامام وهو امام الاصل فالمقابلة بين مع الامام وفمن صلى يوم الجمعة بقوم تدل على مذهب المشهور من منصبية صلاة الجمعة واشتراطها بتولى امام الاصل أو المنصوب من قبله الا أن اختلاف نسخ الفقيه في باب صلاة الجمعة من جهة هذه الكلمة وخلوه عنها في باب أعداد الصلاة وكذا خلو الكافى والتهذيب وأمالي الصدوق (قدسّ سره) عنها يمنع عن ثبوتها فلا يكون الصحيح حجة على مذهب المشهور. ومنها صحيح هشام (1) المروى عن مصباح الشيخ وأمالي الصدوق قدس (سرهما) عن ابيعبد الله (علیه السلام) قال انى أحب للمؤمن (الرجل) أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة ويصلى الجمعة ولو مرة : فان الترغيب فى صلاة الجمعة بلسان حب الاتيان بها ولو فى العمر مرة يكشف عن أمرين احدهما اشتراط وجوبها (الضرورى فى الدين بشرط غير حاصل او صعب التناول على العموم الموجب الانتراكها بالطبع فيرغب فى الاتيان بها بدون ذلك الشرط ولوفى العمر مرة اذلوكان حاصلا لو جبت ولم يكن معنى لقوله(علیه السلام) ولو فى العمر مرة ولما احتاج الى هذا النحو من الترغيب لقضاء العادة بعدم ترك المؤمن للواجب ولو نادراً فضلا عن الغالب كى يرغب فى الاتيان بها ولو مرة في العمر وهذا النحو من الشرط في صلاة الجمعة ينحصر بحضور امام الاصل، ثانيهما مشروعية الاتيان بها بدون ذاك الشرط وذلك يستلزم الرجحان لكون الصلاة عبادة موقوفة على الأمر فدلالة هذا الصحيح على مذهب لمشهور من المنصبية قريبة ولا ينحصر فقه الحديث بما قيل من استفادة الاستحباب لصلاة الجمعة لوقوعها في سياق المستحب

ص: 270


1- الوسائل - الباب - 2 - من المتعة - حديث 7

ومنها المستفيضة المتقدمة فى الطائفة الاولى الدالة على سقوط الجمعة عمن بعد عنها بفرسخين : حيث استظهر منها فى الجواهر انه كان للجمعة محل مخصوص معين يجب السعى اليه علي من كان دون هذه المسافة ويسقط عمن لم يكن كذلك وان اطلاق السقوط ينا في العينية سيما بمعونة الخارج من تعارف النصب للجمعة في زمن النبي صلى الله علیه وآله وسلمومن بعده. لكنها كما عرفت سابقاً مسوقة لبيان حكم آخر هو استثناء من بعد عنها بفرسخين عن وجوب الحضور الى الجمعة المنعقدة فهى فى طول شرع الجمعة فلا يستفاد منها المنصبية ولذا عبر في الجواهر اخيراً بالاشعار فاسناد بعض المتأخرين الى صاحب الجواهر (قدس سره) الاستدلال بهذه الطائفة ثم استغرابه منه في غير محله.

ومنها عدة مرسلات أوضعاف (1) كمرسل الدعائم عن جعفر بن محمد(علیه السلام) أنه قال لاجمعة الامع امام عدل تقي وعن على(علیه السلام) أنه قال لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة الابامام عدل ومرسل كتاب العروس عن أبي جعفر(علیه السلام) أنه قال صلاة الجمعة فريضة والاجتماع اليها فريضة مع الامام . و خبر عيسى بن داود النجار المروى عن كشف اليقين للسيد على بن طاووس وعن المختصر للشيخ حسن بن سليمان الحلى (قدسّ سرهما) عن موسى بن جعفر عن آبائه (علیه السلام) عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في حديث المعراج قال أوحى الله اليه هل تدرى ما الدرجات قلت أنت أعلم يا سيدى قال اسباغ الوضوء في المكروهات والمشى علي الاقدام الى الجمعات معك ومع الائمة ولدك وانتظار الصلاة بعد الصلاة (الخبر) ومرسل الفاضل بن عصفور (2) فى رسالته عنهم (علیه السلام) ان الجمعة لنا والجماعة لشيعتنا : وما روى عنهم : لنا الخمس و لنا الانفال ولنا الجمعة ولنا صفو المال :

ص: 271


1- المستدرك - الباب - 5 - من صلاة الجمعة - حديث 4و605
2- نقله فى الجواهر

والنبوى المشهور : أربع للولاة الفيء والحدود والصدقات والجمعة : فانها بين صريح وظاهر في المنصبية ومشعر بها. هذا كله فى الطريق الأول لاستفادة المنصبية من الطائفة الثالثة أى البحث عن آحادها سنداً ودلالة وقد ظهر أن عمدتها معتبرا محمد بن مسلم وطلحة بن زيد لاعتبار سندهما ووضوح دلالتهما على المنصبية فلو كان في البين مطلق ظاهر في الوجوب العينى الاطلاقي يقيد بهما ويكون مقتضى قانون المحاورة من حمل المطلق على المقيد هو الالتزام بكون صلاة الجمعة منصبية كما فهمه المشهور. وأما الطريق الثانى أى البحث عن المجموع من حيث المجموع فلا ريب فى تواترها المعنوى اجمالا على المنصبية المورث للقطع بذلك شرعاً ضرورة أن جعل هذه الاخبار بأجمعها ودسها في أخبارنا من قبل المخالفين بعيد في الغاية الى الامتناع العادى سيما مع كون مضامينها مخالفة لمذهب الداسين فانهم كانوا يدسون في أخبارنا ما يخالف مناصب الائمة(علیه السلام) وشؤنهم لا ما يثبت لهم منصباً خاصاً أو شأنا مخصوصاً كتولى صلاة الجمعة أو العيدين (فتحصل) أن كون هذه الطائفة حجة قاطعة على مذهب المشهور من المنصبية بكلا طريقى البحث عنها مما لا ينبغي الارتياب فيه. (الطائفة الرابعة) ما يوهم الاطلاق او توهم منه ذلك منها صحيح زرارة المتقدم الطائفة الثانية : حثنا أبو عبد الله(علیه السلام) الخ : حيث استدل به القائلون بالوجوب العينى الاطلاقي بدعوى ظهوره في الحث والترغيب على صلاة الجمعة والأمر بها من غير اشتراطه بامام الاصل ولا وصول ترخيص فى الترك من قبل الشارع فيقع موضوعاً لحكم العقل بلزوم الامتثال وعدم المعذورية في الترك وفيه بعد الغض عما عرفت عند ذكر الصحيح ان لسانه ليس لسان التشريع التأسيسي لصلاة الجمعة كي يؤخذ باطلاقه او اطلاق الامر بالاقامة لاثبات الوجوب العيني الاطلاقي بل لسان احياء مشروع متروك فهو ناظر الى مرحلة الامتثال دون الجعل ويكون لا محالة نظير

ص: 272

اطيعوا الله واطيعوا الرسول في طول الشرع وهل لا يكون تشريع المشروع الاتحصيلا للحاصل الذي هو لغو يستحيل صدوره من الشارع الحكيم . ومنها موثق الفضل عبد الملك المتقدم في الطائفة الثانية : مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله : حيث استدل به القائلون بالوجوب وتقريبه واضح مما تقدم وفيه ان لسانه كسابقه ليس لسان التشريع التأسيس بل لسان احياء مشروع متروك برفع اليد اليد عن اعمال التولى فى امر ولائى ممن له الولاية نعم يستفاد منهما بالاستلزام العقلى اصل المشروعية المستلزم للرجحان اذا الفرض لغة هو الجعل فيعم الوجوب والندب ولو فرض ظهوره في الوجوب كما هو الانصاف فقوله(علیه السلام) فرضها الله: اخبار عن الايجاب اهتماماً لا انشاء الموجوب فعلا وحكاية عن الايجاب لبيان الوجوب الفعلى وسنخ الوجوب غير معلوم من الاطلاق والاشتراط فالخبران اجنبيان عن مطلوب المستدل. (ومنها) صحيح زرارة (1) الذي هو عمدة ادلتهم عن أبي جعفر الباقر(علیه السلام) قال انما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة الى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله عز وجل في جماعة وهى الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والاعمى ومن كان على رأس فرسخين بتقريب ان الفرض ظاهر فى الوجوب وعموم الناس ينحل الى كل فرد من افراد المكلفين وعموم من الجمعة الى الجمعة ينحل الى كل اسبوع من أسابيع الدهر فيستفاد الاطلاق الافرادي من الأول والأزمانى من الثانى والمفاد ان صلاة الجمعة واجبة كاخواتها من خمس وثلاثين صلاة على آحاد المكلفين في كل زمان وحيث لم يقيد وجوبها بامام الاصل او نائبه أو المنصوب من قبله فيكون مطلقاً من هذه الجهة . نعم یستفاد من الصحيح تقيدها بقيدين الجماعة وخروج التسعة فيدل على

ص: 273


1- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة حديث 1

المطلوب من الوجوب العينى التعيينى الاطلاقي (وفيه) أن قوله (علیه السلام): فرضها الله : غير مسوق لبيان الوظيفة الفعلية ضرورة تقيده بقوله (علیه السلام): في جماعة : الظاهر في تعلق الظرف بفرض وهذا القيد مهمل من جهة أن المراد جماعة خاصة أو مطلق الجماعة ومن جهة أنه قيد للوجوب قضاءاً لكونه محل الفرض وتقدم المحل على الحال طبعى مطلقا فهو شرط للوجوب والوجوب فى طوله طبعاً اما على نحوقيدية الاجتماع لاجل الصلاة للوجوب أو على نحو قيدية الاجتماع الوجوب وان كان يبعد الاول استلزام كون الوجوب ارادياً أو أنه قيد للواجب قضاءاً لسعة مفاد كلمة في لكثرة تطبيقاتها على الخصوصيات المتعددة المستفادة من تطبيق مفهومها الحرفي علي تلك الموارد وتحصيل قيد الواجب اما على مجموع المكلفين نظير : يا عشرة أرفعوا هذه الصخرة فلو لم يحصل واحد من الجماعة لم تكن الصلاة واجبة واما على الجميع بمعنى وجوب الحضور شخصاً على كل واحد بالاستقلال أو بمعنى وجوب الحضور شخصاً واحضار الغير أيضاً علي كل واحد ومع اهمال القيد من هذه الجهات كيف يكون للمقيد اطلاق مسوق لبيان الوظيفة الفعلية ثم الدليل المتكفل للحكم الشرعى على ضربين فتارة مسوق لبيان أصل الحكم بما هو وظيفة مجعولة في الشرع وفي مثله يؤخذ بالاطلاق اللفظى بالنسبة الى كل ماشك في قيديته للواجب وأخرى مسوق لبيان امتياز واجب عن آخر من حيث بعض الخصوصيات وفى مثله لامجال للاخذ بالاطلاق ضرورة عدم سوق الدليل لبيان حكم الواجب كي ينعقد له اطلاق لفظی والصحيح من قبيل الثانى اذ سوقه لبيان امتياز واحدة من خمس وثلاثين صلاة وهى الجمعة عن غيرها من حيث خصوصيتين احديهما كونها في جماعة والأخرى وضعها عن تسعة فليس مسوقاً لبيان أصل حكم صلاة الجمعة بماهي وظيفة فعلية فلا ينعقد له الاطلاق المزعوم أفرادياً اوازمانياً.(ومنها) صحيح زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال صلاة الجمعة فريضة والاجتماع اليها فريضة مع الامام فان ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض

ص: 274

ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة الا منافق : وتقريب الاستدلال واضح مما تقدم اذ الفرض ظاهر في الوجوب واطلاقه ينحل الى كل مكلف في كل زمان و الامام مطلق بمقتضى لام الجنس فيعم امام الجماعة فيدل الصحيح على الوجوب العيني التعييني الاطلاقي. (وفيه) ان اللام في الامام كما نبهنا عليه سابقاً لا يمكن كونها للجنس ضرورة عدم كفاية الامام بالمعنى اللغوى اى كل من هو أمام باتفاق الكل وليست مقيدات باب الجماعة : ناظرة الى هذا الصحيح كي يقال باخراج الفاسق مثلا عن اطلاقه بمقتضى لا تصل خلف الفاسق : وبقائه مطلقاً من جهة غيره بل بعد ثبوت الجماعة في الشرع بما لها من الشروط والاحكام أشير في باب صلاة الجمعة الى ان الجماعة شرط في صحة هذه الصلاة فاللام في الامام لامحالة للعهد اشارة الى حصة خاصة من المفهوم اللغوى وحيث ان الامام المعهود في الشرع له مصداقان امام الجماعة وامام الاصل غاية الأمر أحدهما أكثر أفراداً من الآخر فلابد فى تطبيق لفظ الامام على خصوص أحدهما من قرينة معينة وهى فى هذا الصحيح مفقودة ومجرد كون أحد المصداقين المعهودين وهو امام الجماعة أوسع دائرة من الاخر الذي حسبه المستدل مكان اطلاق لفظ الامام وزعمه مستنداً الى لام الجنس لا يصلح للتعيين فجملة والاجتماع اليها فريضة مع الامام: غير معلومة المراد من جهة اجمال المراد من الامام وحيث أنها مع جملة صلاة الجمعة : فريضة: في كلام واحد وظاهرة في السوق لبيان وجوب الالتحاق الى الجمعة بعد انعقادها با مام فيسرى اجمال الامام الى الجملة الاولى الواردة في وجوب الجمعة فلا ينعقد للصحيح اطلاق قابل للاخذ . (ومنها) صحيح محمد بن مسلم(1) عن ابيجعفر(علیه السلام) قال من ترك الجمعة ثلاث جمع متوالية طبع الله على قلبه : وبمضمونه مرسلات عديدة بتقريب انه ترهيب

ص: 275


1- الوسائل الباب - 1 - من صلاة الجمعة حديث 15

عن ترك صلاة الجمعة بآخر حد المبالغة من طبع القلب فيدل على وجوب فعلها وحيث لم يقيد بامام الاصل فيكشف عن الوجوب العينى التعيينى ( وفيه) ان الترهيب لابد وان يكون عن ترك المشروع فهو فى طول شرع صلاة الجمعة واللام فى قوله : من ترك الجمعة : للعهد اشارة الى الصلاة المشروعة فهو ناظر الى مرحلة الامتثال دون الجعل وانما يدل على وجوب الفعل بالالتزام العقلى والمدلول الالتزامى لبي له قدر متيقن وحيث لم يعلم سنخ ذاك المشروع المعهود وانه اطلاقی او شرطی فلا يستفاد منه الوجوب الاطلاقي والمفروض عدم دلالته على الحكم بالمطابقة كي ينعقدله اطلاق لفظی مسوق لبيان الوظيفة الفعلية فليس له الاطلاق المزعوم افرادياً وازمانيا. (ومنها) صحيح محمد بن مسلم (1) عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال ان الله عز وجل فرض في كل سبعة ايام خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم ان يشهدها الاخمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبى : وتقريب الاستدلال واضح مما تقدم من جهة انحلال كل سبعة ايام الى كل اسبوع من اسابيع الدهر واستفادة الاطلاق الازماني منه وانحلال كل مسلم الى كل فرد من افراد المكلفين واستفادة الاطلاق الافرادى منه وظهور الفرض والوجوب على كل مسلم في اللزوم وقوله(علیه السلام) يشهدها يعنى يأتى بها فيدل على الوجوب العينى التعيينى ،( وفيه) ما عرفت سابقا من ان الشهود لغة هو الحضور فيتوقف على تحقق المشهود له خارجاً ويكون فى طول شرع صلاة الجمعة وناظر الى السعى الى الصلاة المنعقدة والالحاق بها دون عقد الصلاة ويعاضده قرينة الخارج من ان النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) كان يعقد الصلاة ويأمر المسلمين بالحضور والسعى اليها والالحاق بها فالحمل علي الاتيان بالصلاة تصرف فى الظاهر من غير قرينة .

ص: 276


1- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة - حديث 14

(ومنها) صحيح منصور بن حازم(1) عن ابيعبد الله(علیه السلام) يجمع القوم يوم الجمعة اذا كانوا خمسة فما زاد وافان كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم والجمعة واجبة على كل احد لا يعذر الناس فيها الاخمسة المرأة والمملوك والمسافر والمريض والصبى : بتقريب ان قوله(علیه السلام) : واجبة على كل احد : ظاهر في الوجوب على عامة المكلفين وقوله(علیه السلام) : لا يعذر الناس فيها : تأكيد للوجوب بالترهيب عن الترك ولم يقيد بوجود الامام فيدل على الوجوب العينى الاطلاقي .(وفيه) أن عموم كل أحد ليس أفراد يا ناظراً الى آحاد المكلفين بل أنواعى بقرينة الصدر والذيل حيث قيد اقامة الجمعة فى الصدر بوجود خمسة نافياً للجمعة عن أقل منهم الظاهر بنفسه في اشتراط الصحة بوجود خمسة مضافاً الى كونه مقتضى الجمع بين هذا الحديث وغيره الظاهر في اشتراط الوجوب بالسبعة كما بيناه سابقاً وخصص في الذيل بلسان الاستثناء بخمسة أصناف من المكلفين فالحديث غير مسوق لبيان الوظيفة الفعلية لجميع المكلفين بل فى طول شرع صلاة الجمعة ناظر الى الوضع مسوق لبيان خصوصيات المشروع من العدد واستثناء الخمسة وبقاء التكليف بالنسبة الى سائر أنواع المكلفين على حاله فيدل على الوجوب بالاستلزام و طبعاً لا ينعقدله الاطلاق من جهة الشرائط ومن جهة سنخ الوجوب . (ومنها) صحيح زرارة (2) قال كان ابو جعفر(علیه السلام) يقول لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الامام واربعة : بتقريب أن ظاهره الوجوب على الخمسة فما زاد واطلاق الامام يعم امام الجماعة (وفيه) ماعرفت سابقا من أن الامام فى أخبار الباب اما منصرف الى امام الاصل بمعونة مادل على منصبية صلاة الجمعة واما مجمل مردد بينه وبين غيره بلا قرينة معينة لاحدهما وعلى أى

ص: 277


1- الوسائل الباب -2- من صلاة الجمعة حديث 7 والباب -1- حدیث 16
2- الباب - 2 - منها حديث2

تقدير لاظهور له في مدعى الخصم . (ومنها) صحيح عمر بن يزيد (1) عن ابي عبد الله(علیه السلام) قال اذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس البرد والعمامة ويتوكأ على قوس أو عصا وليقعد قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقرائة ويقنت فى الركعة الأولى منهما قبل الركوع : بتقريب أن تقييد الصلاة يوم الجمعة بالجماعة ظاهر في الصلاة التي لها كيفية خاصة من كونها في جماعة ذات خطبتين وغير ذلك من خصوصيات صلاة الجمعة والأمر بها فى قوله: فليصلوا : ظاهر فى الوجوب وضمير : وليلبس : وليلبس : راجع الى امام الجماعة ولم يقيد بامام الاصل فيدل على الوجوب العيني الاطلاقي.(وفيه) أن الحديث ناظر الى المحمول مجمل من حيث الموضوع من جهتين احديهما مقيم الجمعة الراجع اليه ضمير وليلبس : ويتوكأ . وليقعد : وهذا موضع النزاع خارجاً بين المتخاصمين أى القائلين بالمنصبية والقائلين بالوجوب العيني الاطلاقى من أنه أمام الاصل كما عليه الفريق الاول أو مطلق امام الجماعة كما عليه الفريق الثانى فتعيينه بهذا الحديث بمنزلة اثبات الشيء بنفسه ثانيتهما المراد بمرجع ضمير كانوا وأنهم اشخاص خاصة أو مطلق المكلفين ومعه كيف يكون الحديث مسوقاً لبيان الوظيفة الفعلية ولو أريد تعيين مرجع الضمير بقرينة الخارج فقد عرفت وجود القرينة على ارادة امام الاصل بل الظاهر سوق الحديث فى طول شرع صلاة الجمعة لبيان بعض خصوصياتها الواجبة والمندوبة كالعدد والجماعة ولبس البرد والعمامة والاعتماد على العصاء أو القوس والقعود بين الخطبتين وغير ذلك ومما يشهد بكونه في طول شرع الصلاة الاشارة الى الخطبتين المعهودتين فهذا الصحيح كغالب ما تقدم معدود من جملة أخبار الطائفة الأولى أى التى غير مسوقة لبيان الوظيفة الفعلية في صلاة الجمعة بل لبيان شؤنها المربوطة بها بعد الفراغ عن شرعها وتدل

ص: 278


1- الباب - 6 - منها حديث 5

بالالتزام العقلى على الوجوب ساكتة عن سنخ وجوبها من الاطلاق أو الاشتراط بامام الاصل .(ومنها) مرسلات مروية في الفقيه والمعتبر ورسالة الشهيد (قدسّ سرهم)(1) كمرسل الصدوق (قدسّ سره) قال : وخطب أمير المؤمنين(علیه السلام) فى الجمعة فقال الحمد لله الولى الحميد ( الى ان قال ( والجمعة واجبة على كل مؤمن الاعلى الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والاعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك ومن كان على رأس فرسخين : تقريب الاستدلال واضح مما تقدم (وفيه) أولا ضعف السند بالارسال وثانياً ضعف الدلالة من وجوه منها أن الخطبة صادرة في صلاة الجمعة فهي في طول شرعها غير ناظرة الى أصل تشريعها كي ينعقد لها الاطلاق المزعوم . ومنها أنها صادرة عن امام الاصل حال اقامة الجمعة فيحتمل سوقها لبيان الوجوب للجميع بعد ذلك لمكان حصول الشرط الذى هو تولي امام الاصل للاقامة ومنها أنها مشتملة على التخصيص الانواعى بالتقريب المتقدم في صحيح ابن حازم وذلك يكشف عن كون عموم المستثنى منه أنواعياً لا افراديا فلا ينعقد له الاطلاق من جهة الشرائط وسنخ الوجوب . ومرسل المحقق (قدسّ سره) قال : قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)الجمعة حق واجب على كل مسلم الا اربعة : وتقريب الاستدلال كالجواب واضح مما تقدم ومرسله الآخر قال : وقال النبي( صلى الله عليه وآله وسلم) ان الله كتب عليكم الجمعة فريضة واجبة الى يوم القيمة : ومرسله الثالث قال : وقال(علیه السلام) الجمعة واجبة على كل مسلم في جماعة : وتقريب الاستدلال بهما كالجواب واضح مما تقدم اذ مضافاً الى ضعف سندهما قيد الى يوم القيمة فى الاول : وفي جماعة في الثاني يوهن الدلالة ويجعل مصب الاول

ص: 279


1- الوسائل الباب -1- من صلاة الجمعة - حديث 6 و 21 و 22 و 23 و 24 و 27 و 28 .

بيان استمرار الحكم از ماناً وعدم نسخه ومصب الثاني بيان تقوم هذه الصلاة بالجماعة فيدلان بالاستلزام على أصل الوجوب ساكتين عن سنخه فيحسبان من زمرة أخبار الطائفة الاولى. ومرسل الشهيد (قدسّره) قال : قال النبى(صلی الله علیه وآله وسلم) الجمعة حق واجب على كل مسلم الا اربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض : تقريب الاستدلال كالجواب واضح مما تقدم. ومرسله الاخر قال : وقال(علیه السلام) لينتهين اقوام من ودعهم الجمعات أوليختمن على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين : تقريب الاستدلال انه ترهيب بالنهي عن ترك صلاة الجمعة مع التأكيد ببيان ترتب ختم القلب والدخول في الغافلين عليه فيدل على الوجوب واطلاقه يقتضى العينى التعيينى وقدا كتفى بعض القائلين بالوجوب العينى الاطلاقي في مقام الاستدلال المدعاه بذكر هذا المرسل. (وفيه) أولا ضعف السند وثانياً ان مورده حسب الظاهر الجمعات المنعقدة من قبل امام الاصل فيتطرق اليه الاحتمال السابق فى خطبة امير المؤمنين (علیه السلام) وثالثاً انه كاشف عن استمرار الترك من قبل اقوام على نحو النكرة فالترهيب راجع اليهم وخصوصياتهم مجهولة لدينا ورابعاً ان الترهيب كما نبهنا عليه سابقاً انما يدل على الوجوب بالاستلزام العقلى فلا ينعقد له الاطلاق المزعوم سنخاً و شرطاً ومرسله الثالث قال : وقال النبي والهلال الليلة فى خطبة طويلة نقلها المخالف والمؤلفان الله تعالى فرض عليكم الجمعة فمن تركها فى حياتى أو بعد مماتى استخفافا بها أو جحوداً لها فلا جمع الله شمله ولا بارك له فى أمره ألا ولا صلاة له ألا ولا زكاة له ألا ولا حج له ألا ولا صوم له ألا ولا بر له حتى يتوب : تقريب الاستدلال أنه مشتمل على ايجاب الفعل بمقتضى ظهور الفرض وعلى الترهيب عن الترك مع هذا اللحن الشديد من غير تقييد بامام الاصل فيدل على الوجوب العينى الاطلاقي . وفيه اولا ضعف السند بالارسال و ثانياً ضعف الدلالة من جهة اقحام قيد

ص: 280

استخفافاً وجحوداً اذ الاستخفاف بكل صلاة يترتب عليه هذه الاثار الوضعية والجحود لكل واجب لرجوعه الى جحود أصل الشرع يوجب الكفر الموضوع لحبط الأعمال بالكلية وهذا مما لاشك فيه لدى أحد ولم يترك صلاة الجمعة فقيه لاجل الاستخفاف أو الجحود والعياذ بالله بل لاجل استظهار المنصبية من الادلة المتقدمة انما الكلام في سوق هذه الفقرة لبيان الوظيفة الفعلية في صلاة الجمعة وهو ممنوع أشد المنع من استدلال القائلين بالوجوب العينى الاطلاقي لمدعاهم بهذه المرسلات التي عرفت ضعفها سنداً ودلالة استدلالهم لذلك بالاخبار المسوقة لبيان مثوبات صلاة الجمعة نظير موثق عبدالله بن بكير (1) قال قال الصادق(علیه السلام) لما من قدم سعت الي الجمعة الاحرم الله جسدها على النار : مع أن بيان المثوبة لازم أعم للواجب والمندوب فلا يدل على الملزوم الاخص وعلى فرضه فلا يدل على سنخ الوجوب. ومنها صحيح زرارة (2)المروى في الفقيه : قال قلت لابي جعفر عليه السلام على من تجب الجمعة قال : تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لاقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم : تقريب الاستدلال ان اطلاق بعضهم فى قوله : فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا امهم بعضهم وخطبهم : يشمل كل واحد من السبعة لان مفهوم بعض مبهم من حيث الذات والصفات فهو نظير مفهوم شيء من العناوين العامة العرضية الابهامية غاية الأمر أقل ابهاماً منه فعنوان بعضهم قابل للانطباق على كل واحد من السبعة على نحو البدلية فمفاد هذه الفقرة ان باجتماع سبعة نفر تجب اقامة الجمعة و اى واحد منهم تولى اقامتها صح فيدل بكمال الوضوح على الوجوب العينى الاطلاقي فهذا الصحيح دليل

ص: 281


1- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة - حديث 7
2- الوسائل - الباب - 2 - منها - حديث 4

وحيد على هذا القول من بين جميع أخبار الباب و لذا تصدى القائلون بالمنصبية للجواب عنه بوجوه . (منها) ما في المستند من احتمال كون هذه الفقرة من كلام الصدوق (قده) و نؤيده بأن دأب الصدوق (قدسّ سره) في الفقيه كما يشهد به تتبع موارده المختلفة على الحاق فتواه الذى استظهره من الحديث بعد ذكره تارة و الجمع بين متن حديث مع متن آخر في سياق واحد اخرى وتفريع ما استفاده من حديث آخر على ذكر ثالثة وتفسير بعض جمل الحديث رابعة فهذه قرينة عامة على الاحتمال المزبور فى هذا الحديث ( ولكن يدفعه ( أن ما ذكرناه تأييداً وان كانت قرينة عامة على تطرق هذا الاحتمال ثبوتاً فى أمثال المقام لكنه خلاف الظاهر اثباتاً في خصوص المقام حيث ذكر مجموع ما نقلناه من اول الحديث الى آخره تحت عنوان : وروی زرارة الظاهر فى كون المجموع رواية زرارة فحمل فقرة منه على كلام الصدوق يحتاج الى قرينة خاصه وهي مفقوده فتأمل . (ومنها) حمل الامام على امام الاصل وحمل هذه الفقرة على الترخيص فى في اقامة الجمعة حين عدم بسط يد الامام ( علیه السلام) (و يدفعه) ما عرفت من كون اللام فى الامام فى أخبار الباب إشارة الى المعهود المردد بين امام الاصل وامام الجماعة ولا قرينة معينة في خصوص هذا الخبر مع ان الظاهر من فاء التفريع في قوله : فاذا اجتمع الخ: كونه تفريعاً على ما هو مورد السؤال والجواب أعنى من تجب عليه صلاة الجمعة لا بياناً لحكم آخر في طول عدم تولى الامام(علیه السلام) الاقامة الجمعة . (ومنها ) حمل هذه الفقرة على الترخيص لورود الحديث لدفع توهم الحظر فلا يستفاد منه ازيد من الرخصة (وفيه) ان مورد السئوال والجواب كما عرفت تعيين من تجب عليه الجمعة الظاهر فى مفروغية اصل الوجوب بين السائل والامام (علیه السلام) فأين توهم الحظر كي يحمل الجواب على دفعه الموجب للظهور في الترخيص فالانصاف ان ظهور هذه الفقرة فى نفسها في الوجوب العيني الاطلاقي بمقتضى كونه

ص: 282

تطبيقاً للوجوب المفروغ عنه بين السائل والمجيب على سبعة نفر مما لا ينبغى الارتياب فيه وما قيل فى الجواب لا يصلح للدفع. فالصواب فى الجواب تحليل مفاد الصحيح بمجموع فقراته كي يتضح الحال فنقول ان ظاهره النظر الى التكليف اذ الظاهر من لحوق كلمة على الظاهرة في العهدة بجملة تجب هو الوجوب المصطلح فظاهر قول السائل : على من تجب الجمعة : هو السؤال عن مورد وجوب صلاة الجمعة بعد كون أصل الوجوب مفروغا عنه لديه وظاهر قول الامام عليه السلام في جوابه : تجب على سبعة نفر من المسلمين : تقرير السائل على مفروغية أصل الوجوب وتعيين مورده من حيث الكمية فى سبعة نفر وظاهر المقابلة بين : تجب على سبعة و بين : ولا جمعة لاقل من خمسة : تفاوت السبعة الخمسة

مع من حيث سنخ الحكم و هو عدم الوجوب على الخمسة اذ لا معنى للوجوب على السبعة مع حصول شرطه بأقل منها ضرورة تحقق الوجوب حينئذ بتحقق الحد الأقل فلابد وان يكون الحد الاقل حداً لاصل مشروعية صلاة الجمعة كما هو مقتضى نفى الجمعة لاقل من خمسة الظاهر في نفى المشروعية ويكون الحد الاكثر حداً لصيرورتها واجبة والاكان التعليق على السبعة لغواً وحيث أن الصلاة عبادة راجحة بالطبع فيكون حكمها في حق هو الاستحباب فهذا الصحيح شاهد علي المراد من خمسة أو سبعة في سائر الروايات وأن الخمس شرط أصل المشروعية والرجحان والسبع شرط الوجوب ثم الوجوب على سبعة يحتمل ثبوتاكونه على أحد أنحاء ثلاثة . (الاول) وجوب تحصيل العدد على كل واحد من السبعة بحيث لو لم يحضر بنفسه اولم يحصل باقى العددأى الستة كان عليه عقاب ترك الصلاة فيكون المعنى أيها المسلمون حصلوا السبعة. (الثاني) وجوب الحضور على كل واحد من السبعة فقط فلو لم يحضر كان عليه عقاب ترك الصلاة ولوحضر ولم يحضر باقى السبعة لم تنعقد صلاة الجمعة لكنه

ص: 283

أتي بالوظيفة فيكون المعنى أيها المسلمون صيروا سبعة.(الثالث) وجوب الاتيان بصلاة الجمعة على سبعة حينما اجتمعوا بحسب طباعهم لاجل صلاة الجمعة ولا ظهور للرواية فى شيىء من الأولين فالمتيقن هو الاخير مضافا الى ظهور : اجتمع : في قوله(علیه السلام) تفريعاً على بيان الوجوب على سبعة : فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا : فى الاجتماع بالطبع لاجل صلاة الجمعة فهو مؤكد للاحتمال الثالث أو شاهد على ارادته من الرواية وقوله (علیه السلام) : ولم يخافوا : يدل على اشتراط وجوب اقامة الجمعة على السبعة بعد اجتماعهم الطبعى بعدم خوفهم فمفاد الرواية اشتراط وجوب صلاة الجمعة بأمرين أحدهما اجتماع سبعة بالطبع تلك الصلاة أحدهم الامام علي كلام في المراد منه قد مضى ثانيهما عدم خوفهم من اقامة صلاة الجمعة وأما ظهورها في الوجوب العينى المطلق المستمر في كل زمان فلا بل بهذا اللحاظ تحسب من اخبار الطائفة الأولى اى المسوقة لبيان شئون صلاة الجمعة لالبيان الوظيفة الفعلية فيها لكل احدكي ينعقد لها الاطلاق المزعوم (نعم) يبقى الكلام في اطلاق بعضهم في الجملة التفريعية فنقول انه موهون بقرينة داخلية اولا محكوم بالمقيدات ثانياً ( بيان ذلك ( ان عطف جملة خطبهم على جملة امهم بعضهم يكشف عن أن المراد بامام الجمعة هو الخطيب وقد تكرر في أخبار الباب التنويع الي صورتى وجود من يخطب فتجب الجمعة وعدمه فلا تجب وقد عرفت شهادة التاريخ والاخبار المشتملة على خطبة صلاة الجمعة والعلل الواردة في النصوص لتشريع الخطبة بأن خطيب صلاة الجمعة ليس رجلا عادياً من أوساط الناس بل هو اما امام الاصل كما هو الأظهر واما من له فضيلة على كثير من الناس علماً وكمالا بحيث يقدر على أداء الحق الخطبة والقيام بشؤنها فقوله (علیه الیسلام) وخطبهم يوهن اطلاق بعضهم ويخرجه عن الابهام ويمتازه من بين السبعة بخصوصية الخطيب المردد بين امام الاصل أو من يقدر على الخطبة مضافا إلى أن الادلة المتقدمة على المنصبية من اجماع القدماء كافة والسيرة المستمرة من زمن الائمة(علیهم السلام) الى زمن المتأخرين

ص: 284

وجملة من النصوص كمعتبرى محمد بن مسلم وطلحة بن زيد وصحيح الفضل بن شاذان وموثق سماعة وغيرها مما تقدم كافية لتقييد اطلاق هذا الصحيح من حيث لفظ بعضهم ( فتلخص أنه ليس فى أخبار الباب اطلاق لفظى يدل على وجوب صلاة الجمعة عدا هذا الصحيح وهو موهون الاطلاق محكوم بالمقيدات . و من الغريب توهم صاحب مصباح الفقيه ( قدسّ سره ) وجود حسن ابن مسلم اوصحيحه عن أبي جعفر(علیه السلام) بمضمون ان الله اكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بشارة لهم وتوبيخاً للمنافقين ولا ينبغى تركها فمن تركها متعمداً فلا صلاة له.و لذا جعله من ادلة الوجوب العينى وفسر الجمعة فيه بصلاة الجمعة بمقتضى رجوع ضمير فسنها اليها اذ لا معنى لتقنين يوم الجمعة فلامحالة يرجع الى ما يتعلق به و هو الصلوة الواقعة فيه مع انه ليس لا بن مسلم حديث بهذا المضمون وانما الموجود في الكافي وفي التهذيب في شرح عبارة المقنعة من صلوة الجمعة هكذا (1) ان الله اكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول الله بشارة لهم وتوبيخاً للمنافقين ولا ينبغي تركهما فمن تركهما متعمداً فلا صلوة له . و بدیهى ان المراد بالجمعة فيه سورة الجمعة قبال سورة المنافقين فلا ربط له بصلوة الجمعة و نفى الصلوة فى آخره راجع الى ترك السورتين بشهادة ضمير التثنية ولذا حمله الشيخ (قدسّ سره ) في التهذيب على نفى الكمال نظير لاصلوة لجار المسجد الافى المسجد. انه لو فرضنا قصور أدلة الطرفين عن اثبات مدعاهما بأن منعنا عن وجود اطلاق لفظي قابل للتمسك به للقول بالوجوب العينى الاطلاقي في شيىء من اخبار الباب ومنعنا أيضا عن وجود دليل قابل للتمسك به للقول بالمنصبية فبقى اشتراط

ص: 285


1- الوسائل - الباب - 70 - من قرائة الصلوة - حديث 3

حضور امام الاصل فى وجوب اقامة الجمعة مشكوكاً فهل هناك اطلاق مقامی قابل ارفع الشك به أم لاربما يقال نعم بتقريب أن عدم بيان هذا القيد في شيء من أخبار الباب حتى فى مظانه طول زمن بيان الاحكام الشرعية يكشف عن عدمه وأن حكم صلاة الجمعة مطلق من هذه الجهة ولكنه فاسد ضرورة افتراق الاطلاق المقامى عن اللفظى فى جهات منها أنه بمنزلة : دليل لبى فله قدر متيقن ومنها ان الاطلاق المقامى اصطياد من مجموع الادلة بلحاظ عدم بيان القيد في شيىء منها فمجرد وجود ما يصلح للقرينية على الخلاف كاف في المنع عن اصطياد الاطلاق وفي المقام الادلة المتقدمة للمنصبية من الاجماع والسيرة والنصوص على فرض القصور عن اثبات منصبية صلاة الجمعة كما هو مبنى الاطلاق المقامى صالحة للقرينية على خلاف الوجوب العينى الاطلاقي فتمنع عن اصطياد الاطلاق المقامى من اخبار الباب فلو فرضنا قصور أدلة الطرفين عن اثبات مدعاهما تقصر اليد عن الاطلاق المقامى أيضاً ولابد من الرجوع الى الاصل العملى . (الجهة الخامسة) في تأسيس الاصل فى المسئلة على فرض قصور أدلة الطرفين عن اثبات مدعاهما وأنه هل يقتضى البرائة عن وجوب اقامة الجمعة ووجوب استماع الخطبتين ووجوب الالتحاق بالمجتمعين لاجل صلاة الجمعة كما اختاره المشهور أم يقتضى الاشتغال من جهة التنويع فى الموضوع وأخذ عنوان ادراك الامام(علیه السلام) وادراك سبعة نفر فى موضوع وجوب صلاة الجمعة واخذ عنوان عدم ادراك شيء من الامرين في موضوع وجوب صلاة الظهر اربع ركعات فنعلم اجمالا بوجوب احدى الصلاتين ومقتضاه الاحتياط بالجمع بينهما فلا مجال لجريان الاصل الحكمى اى البرائة وعلى فرض جريانه فهو معارض باستصحاب وجوب صلاة الجمعة وعلى فرض المعارضة فأصل البرائة عن وجوب صلاة الجمعة قاصر عن اثبات وجود صلاة الظهر أربع ركعات أم لا هذا ولا ذاك بل لاحتمال المنصبية وكون التولى لاقامة الجمعة زمن الغيبة أو عدم بسط يد الامام(علیه السلام) غصباً لمناصب الائمة(علیهم السلام) فالاصل

ص: 286

يقتضى الحرمة اذ مقتصي الاصل عدم المشروعية وحيث ان العبادة تحتاج الى الامر فاسنادها الى الشارع تشريع محرم أو أنها بلحاظ الغصبية منهى عنها فتكون محرمة ذاتاً وجوه بل أقوال.وحيث أن تأسيس الأصل في كل مقام يتوقف على تحرير الموضوع فيه فلابد تمهيداً للمقام من تحرير أن المجعول الاولى هل هو صلاة الجمعة حتى تكفى البرائة عن وجوب أربع ركعات مثلا لدى الشك للتحفظ على الواجب الاولى أم هو أربع ركعات حتى ينعكس الامر فتكفى البرائة عن وجوب صلاة الجمعة لدى الشك للتحفظ على الواجب الاولى أم هما نوعان ولان فى عرض واحد فلدى الشك فى وجوب أحدهما لابد من الاحتياط بمقتضى العلم الاجمالي بوجوب أحد النوعين أم هناك احتمال رابع هو الحرمة على أحد نحويها كما اشرنا اليه آنفاً فنقول ان الظاهر من قوله (علیه السلام) في صحيح زرارة (1) : وانما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبى(صلی الله علیه وآله وسلم) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين : وغيره من الاخبار المشتملة علي تعليل سقوط الركعتين في صلاة الجمعة بوجود الخطبتين كون المجعول الاولى لظهر يوم الجمعة أربع ركعات كالظهر في سائر الايام وكون صلاة الجمعة كيفية أخرى مجعولة لصلاة الظهر في خصوص هذا اليوم فدليل وجوب الجمعة مخصص لدليل وجوب أربع ركعات الظهر من جهة هذه الكيفية والاصل هو التمام أى أربع ركعات من غير أن يكون هناك نوعان مجعولان كما ان اصالة التمام في عموم الصلوات وكون القصر مجعولا ثانوياً على عنوان المسافر هو الظاهر من قوله تعالى : واذا ضربتم فى الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة . فموضوع التمام هو المكلف بلادخل عنوان الحاضر فيه كي يكون هناك

ص: 287


1- الوسائل - الباب - 6 - من صلاة الجمعة - حديث 1

تنويع كما ربما يتوهم كما أن موضوع الاصل في المقام كما أن موضوع الاصل في المقام هو الشك في وجوب الكيفية الخاصة المجعولة للصلاة فى ظهر يوم الجمعة في طول وجوب أربع ركعات على كل مكلف بلا تنويع بحسب أصل الجعل نعم أصل الجعل نعم لو قلنا بمقالة بعض الاساطين من المتأخرين فى باب التخصيص من أنه يدل بالالتزام على التصرف في موضوع العام وتنويعه الى نوعين احدهما مقيد بقيد وجودى هو عنوان الخاص كالعالم الفاسق فيما اذا ورد اكرم العلماء ثم ورد لا تكرم الفساق منهم ثانيهما مقيد بقيد عدمى هو نقيض عنوان الخاص كالعالم الغير الفاسق في المثال ولذا اختار عدم جواز التمسك بالعام في جميع الشبهات الموضوعية لحكم الخاص ضرورة عدم كفاية أصالة عدم التخصيص أو البرائة عن حكم الخاص للتمسك بالعام بل لابد من احراز موضوع العام بقيده العدمي ففى المقام ينتج نتيجة التنويع بحسب الجعل من تشكيل العلم الاجمالي بوجوب احد نوعى الصلاة الموجب الاحتياط لكن ذلك ممنوع ثبوتاً لامتناع دخل القيد العدمي في موضوع الحكم امتناع ناعتية العدم عقلا بل وزان موضوعى العام والخاص وزان المقتضى والمانع واثباتاً لعدم ظهور دليل التخصيص في التنويع وأخذ نقيض الخاص في موضوع العام واستحالة الاهمال النفس الامري معناها امتناع خروج الموضوع بقيوده الدخيلة في الحكم عن تحت لحاظ الجاعل في مرحلة الجعل وذلك أعم من أخذ نقيض الخاص في موضوع حكم العام بعد ما عرفت من أن وزانهما وزان المقتضى والمانع بلاحاجة الى التمسك بقاعدة المقتضى والمانع بل بأصالة العموم لدى عدم احراز عنوان الخاص فى الموضوع الخارجي بعد احراز موضوع العام فيه والتفصيل بأزيد من ذلك ذكرناه فى مبحث العام والخاص من الاصول وفي مبحث اللباس المشكوك من كتاب الصلاة فجريان البرائة عن الوجوب علي وفق مذهب المشهور بلامانع من غير ارادة اثبات وجوب أربع ركعات بهذا الاصل الحكمي وانما ثبت ذلك بعموم وجوب الظهر على كل مكلف. وأما استصحاب وجوب الجمعة أو استماع الخطبة أو نحوهما مما توهم معارضته

ص: 288

مع أصل البرائة فتقريبه بأحد وجهين (الاول) الاستصحاب التنجيزى بدعوى انه لاريب فى وجوب صلاة الجمعة زمن حضور المعصوم(علیه السلام) وبسط يده كزمن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) والالة كما دل عليه زرارة الوارد في اعداد الفرائض المشتمل على شأن نزول قوله تعالى : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى الاية كما تقدم نقل فقرة منه فالوجوب يوم ذاك متيقن مع قطع النظر عن الحالات الطارئة كتولى السلطان العادل الصلاة وغيره من الخصوصيات التي كانت مكتنفة بها وهى مفقودة بالفعل فنستصحب ذاك الوجوب بلا نظر الى الخصوصيات لكونها من الحالات فلايقال بأن تعدد الموضوع مانع عن الاستصحاب.(وفيه) أن المتيقن السابق أى الوجوب المستصحب لابد وأن يكون اما مطلقا أو مقيداً أو مهملا وأياً منها كان لا يفيد للخصم اذلو كان مطلقا فلا محالة يكون مستفاداً من الادلة وهو خلف فرض قصور الادلة عن اثبات الوجوب الاطلاقي والالم نحتج الى التمسك بالاستصحاب ولو كان مقيداً بعدم تولى امام الاصل فهو خلاف المحسوس بالوجدان من تولى النبي(صلی الله علیه آله وسلم) لاقامتها حسبما دل عليه صحيح زرارة بل الضرورة ولو كان مقيداً بتوليه فهو ينتج مذهب المشهورأى المنصبية وخلف مطلوب المستدل أى الوجوب الاطلاقي فلابد و أن يكون مهملا من جهة التقيد بالتولى وعدمه ومفاد هذا الاستصحاب أن صلاة الجمعة من جملة فرائض هذه الشريعة كالزكاة والحج والخمس وغيرها من الفرائض وذلك مما لايرتاب فيه أحد بل هو من ضروريات الدين. انما الكلام بين المتخاصمين في سنخ الفريضة من الاطلاق أو الاشتراط بتولى السلطان العادل والمفروض قصور هذا الاستصحاب عن اثباته اذ شأن الاستصحاب هو التوسعة في زمان الحكم بلا تصرف موضوعه من حيث الخصوصيات إطلاقا أو اشتراطاً بل الكشف عن بقاء الحكم على ما كان في عمود الزمان وأن وجوب صلاة الجمعة باق على النحو المجعول فى ذاك الزمن فان كان مشروطا فهو باق على حاله

ص: 289

وان كان مطلقا فكذلك وهذا لا يفيد للخصم شيئاً وكيف كان فالمهملة حيث انها في قوة الجزئية فهذا الاستصحاب التنجيزى لا يوجب تنجيز حكم بالنسبة الى أحد من المكلفين فعلا فلا يضر مذهب المشهور اصلا . (الثاني) الاستصحاب التعليقى للوجوب المزبور بدعوى ان كل مكلف موجود بالفعل يفرض نفسه موجود از من النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) الا مثلاله ان يقول لو كنت موجوداً في الزمان السابق لكانت صلاة الجمعة واجبة على فالان كما كان. وهذا نظير ما صنعه بعض الاعاظم (قدسّ سرهم) في لباس مشكوكه من التمسك لصحة الصلاة فى اللباس المشكوك بالاستصحاب التعليقى بدعوى ان المكلف اللابس للمشكوك فعلا يفرض نفسه عارياً عن ذاك اللباس كما اذا كان في الحمام فيقول لو كنت عادياً عن هذا اللباس لكانت صلاتي صحيحة فالان كما كان وقد تمسك بنظير هذا الاستصحاب التعليقى فى مواضصع من طهارته المخطوطة . (وفيه) ان خلق الخصوصية وفرض التعليق غير لحاظ الخصوصية الموجودة وجر الحكم التعليقي بالذات ( بيان ذلك ( ان الاستصحاب التعليقي يتصور على انحاء ثلاثة. أحدها : استصحاب المتيقن حين وجود ما شك فى شرطيته في زمان فقدان مشكوك الشرطية معلقا على وجوده فيقال ان هذا الفعل لو كان واجداً للشرط لكان واجباً فالان كما كان نظير استصحاب وجوب الجمعة تعليقاً في المقام . ثانيها : عكس ذلك بالنسبة الى المانع اى استصحاب المتيقن حين فقد مشكوك المانعية بالنسبة الى زمان وجود مشكوك المانعية معلقاً على عدمه فيقال ان هذا الفعل لو كان فاقداً للمانع لكان واجباً فعلا فالان كما كان نظير استصحاب صحة الصلاة فى المشكوك تعليقاً في المثال. ثالثها : استصحاب امر تعليقى بالذات بالنسبة الى زمان الشك في بقائه كاستصحاب حرمة العصير المعلقة بالطبع على الغليان حينما شك في بقاء تلك

ص: 290

الحرمة التعليقية وهذا هو الاستصحاب التعليقى المصطلح لدى القوم.أما الأول فحيث ان حصول شرط الواجب المشروط لا يغير سنخ وجوبه عن المشروط الى المطلق فاستصحاب الحكم بالنسبة الى زمان فقد مشكوك الشرطية لا يوجب رفع الشك عن الاشتراط فهو من اسراء الحكم من موضوع الى آخر ومنه يعلم حال الاستصحاب فى النحو الثانى اذ هو ايضاً اسراء للحكم من موضوع الى آخر لان التعليق لابد وأن يكون شرعيا من أجل الملازمة شرعا بين الحكم مع تلك الخصوصية المعلق عليها فلا يجدي خلق الخصوصية وفرض التعليق خارجاً في صحة الاستصحاب كما فى هذا القسم بخلاف القسم الاخير فلوجود الملازمة شرعاً بين الحكم والخصوصية كحرمة العصير مع غليانه فالتعليق ذاتي بحسب الموضوعية للحكم الشرعى فيصح استصحاب الحكم التعليقى لدى الشك في بقائه وليس من اسراء الحكم من موضوع الى آخر كما زعمه بعض الاساطين حيث أنكر صحة الاستصحاب التعليقى والمقام ليس من قبيل الثالث لما عرفت من ان الوجوب المتيقن كان مهملا لا مطلقا ولا مقيداً فمن الممكن ان يكون وجوبه بحسب الواقع مشروطاً واقامة الصلاة حينئذاك انما هي لحصول شرط الوجوب و هو تولى السلطان العادل الذي يكون مفقوداً في زماننا فيصير من القسم الاول الذي عرفت أنه لامجال للاستصحاب فيه.(فتلخص أن الاستصحاب التعليقي غير جارفي المقام والتنجيزى الجارى غير مجد للخصم شيئاً ولا معارض مع أصل البرائة أصلا فالاصل الجاري في المقام هو الاصل اللفظى أعنى اصالة الاربع . ثم ان الشهيد الثاني (قدسّ سره) في الرسالة المنسوبة اليه تصدى لتقرير الاصل على نحو آخر ينتج الوجوب الاطلاقي وهو أصالة الجواز بالمعني الاعم المقابل للحرمة الشامل للاحكام الاربعة اذهو الاصل الاولى فى كل فعل فكذا صلاة الجمعة فانا تفحصنا فلم نجد دليلا صالحاً للحرمة فالاصل فيها الجواز بالمعنى المقابل لها لكن

ص: 291

الاباحة خارجة بالاجماع فى المقام للاتفاق على عدم اباحة صلاة الجمعة زمن الغيبة كما ان الكراهة خارجة بالاجماع اذهى عبارة عن وجود الحزازة والمنقصة في الفعل وصلاة الجمعة عبادة لا يعقل وجود الحزازة فيها والاستحباب ايضا خارج بالاجماع للاتفاق على عدم استحباب صلاة الجمعة بل متى ما شرعت وجبت فانحصر مصب أصالة الجواز في المقام بالوجوب ودعوى أن الاباحة معناها تساوى الطرفين بلا رجحان للفعل أصلا وذلك غير معقول فى العبادة لان عبادية الفعل أى صيرورته مصداقاً للعبادة خارجاً موقوفة على وجود الأمر به ثبوتاً فلا يعقل تساوى طرفيه بحسب الواقع نعم قد صححنا الكراهة في العبادات في محلها على معنى أقلية الثواب لا وجود الحزازة فى الفعل مدفوعة بأنا لا نتمسك بأصالة الجواز لاثبات العبادية بل الغرض دفع احتمال الحرمة بها والافالوجوب ثابت بالاجماع على خروج سائر المحتملات انتهى محرراً منا لكن هذا النحو من تقرير الاصل اشتباه بين ولاجل مثله ربما يشك في صحة أنتساب الرسالة الى الشهيد (قدسّ سره) اذ مرجعه الى التمسك بالاجماع لا الاصل. ومع ذلك يتوجه عليه أولا ان الجواز بالمعنى الاعم لا ثبوت له ولا اثبات أما الاول فلان الجواز أى الحكم الشرعى ان جعلنا أمراً اعتبارياً فهو أبسط شيء وليس له جنس وفصل وان جعلنا أمراً كونياً عبارة عن فعل النفس فهو حركة فاعلية وهى بسيطة لاجنس لها ولافصل فالجواز بأى معنى أريد ليس بجوهر ولا عرض مقولى كى يتصور له جزء أو جنس وفصل فالاحكام الشرعية بسائط غير مركبة من الجنس والفصل .واما الثانى فلانه على فرض تصور الجنس والفصل للاحكام وتركبها منهما لكن الجنس لا تأصل له فى الوجود اذا لوجود رفيق التشخص ولذا يكون مجرى الوجود هو الفصل فى الانواع فالجواز بالمعنى الاعم أى الجنس ليس مجعولا ولاجل

ص: 292

ذلك لما رأى المتأخرون استعمال هيئة واحدة فى بعض الاخبار وعطف أحكام متعددة عليها كما في قوله(علیه السلام) اغتسل للجمعة والجنابة : وغير ذلك من الموارد تفطنوا لاشكال جعل الجامع فرجعوا عما اختاره القدماء من تركب الاحكام والتزموا بكونها بسائط.وثانياً أن الجواز ان أريد به الجامع الشامل للاباحة فهو غير قابل للانطباق على العبادة لان قوام العبادة بالرجحان فلا يعقل فيها اللاحرجية في الفعل والترك الذي هو حقيقة الاباحة وان اريد به الجامع الشامل للوجوب فلا يمكن اثباته بالاصل ان الاصل يعين وظيفة المتحير في مرحلة العمل فمفاده حکم ظاهرى والوجوب حكم واقعى وهما متباينان فلا يعقل اثبات الحكم الواقعى بالاصل بداهة أن الاصل الحكمي الظاهرى لا يمس كرامة الواقع فالوجوب حيث أنه حكم واقعى مسبوق بالعدم فلازم أصالة الجواز بهذا المعنى أن يكون الأصل في كل مورد شك في جوازه وعدمه هو الوجوب وكيف يمكن الالتزام بذلك ولو أريد بالجواز عدم الحرمة فمن المعلوم أن دفع احتمال الحرمة بأصالة الجواز معناه دفع الوزر الناشى من قبل الحرمة أعنى احتمال العقاب لينتج اللاحرجية فى الفعل وذلك لا يثبت الوجوب .وثالثاً أنه لو أريد التمسك بأصل الجواز مجرداً عن شيء ما آخر فهو عين ما صنعه الشهيد الاول ( قدسّ سره ) وقد أجاب عنه الاصحاب بأنه أعم من الوجوب كما اعترف بهذا الاشكال هذا المستدل أي الشهيد الثانى ( قدسّ سره ) ولذا تصدى لتحليل هذا الاصل بهذا البيان دفعاً لاعتراض القوم عليه ولو أريد التمسك بالاصل بضميمة الاجماع كما هو صريح تقريبه (قده) ففيه ، أن هذا الاجماع على فرض كونه محصلا فانما هو اصطياد من عقد سلب الاقوال المختلفة فى المسئلة فهولياً عدم القول بالفصل أن القول بالحرمة موجود فى أقوال المسئلة ومجرد عدم وجدان دليل صالح للحرمة لا ينفي القول بها اذفي مرحلة نقل الاقوال لا يلاحظ أدلتها فلابد في مرحلة اصطياد الاجماع من النظر الى القول بالحرمة أيضاً والتمسك بالاجماع

ص: 293

بهذا اللحاظ اماها دم للقول بالجواز واما لغومن حيث القصور عن اثبات الوجوب. ورابعاً أنه لو فرضنا وجود اجماع محصل من بين الاقوال وحصول الحدس القطعى منه بالوجوب لكن الوجوب التخييرى الذي يقوله المشهور ايضاً محتمل فيدور الامر بينه وبين الوجوب التعيينى الاطلاقي ولا اجماع ينفى الاول حتى يتعين الثاني. ثم انه لو بنينا على أن الظهر والجمعة متباينان ولومن ناحية الحصة لافي أصل الماهية يتشكل العلم الاجمالى بوجوب احدي الحصتين كما في غالب موارد صلاة المسافر التي يدور الامر فيها بين القصر والاتمام ولذا احتاطوا فيها غالباً بالجمع لاتحاد المناط في المقامين وعدم الفرق بينهما الامن جهة دخل الخطبتين والقدوة في الركعتين فى المقام دون صلاة المسافر والاصول الحكمية غير جارية كأصالة البرائة عن وجوب الجمعة أو استماع الخطبتين أو القدوة لقصورها عن اثبات وجوب الحصة الاخرى فان الاصول الحكمية لا توجب انحلال العلم الاجمالى وتعيين مصبه في أحد الطرفين بل انحلال العلم ورفعه بعد التشكيل غير معقول. نعم منع بعض الاصول الموضوعي كالاستصحاب عن تشكيله معقول والموارد التي توهم فيها الانحلال اما لا تشكيل للعلم فيها أو هناك معين لمصب العلم من أمارة أو أصل لفظى كما ان الاصول الموضوعية كاستصحاب وجوب الجمعة او استماع الخطبتين او نحو ذلك قد عرفت عدم جريانها في المقام فان كان هناك اصل لفظى معين لاحد طرفي العلم فهو والا كان مقتضاه الاحتياط بالجمع والاصل اللفظى في المقامين موجود يقتضى وجوب اربع ركعات وهو أصالة التمام التي عرفت استفادتها من الاية الشريفة : ان تقصروا من الصلاة بالنسبة الى القصر والاتمام ومن صحيح زرارة وانما وضع الركعتان» بالنسبة الى ظهر يوم الجمعة فهذا الاصل اللفظي يعين وجوب اربع ركعات ويمنع عن تشكيل العلم الاجمالي لان التخصيص ليس بمنوع كما عرفت والتمسك بعموم الدليل الاولى المقتضي للتمام ليس من التمسك بالعام

ص: 294

في الشبهة المصداقية ضرورة احراز عنوان موضوع العام الذي هو كل مكلف عاقل بالغ مثلا وانما هو شبهة مصداقية للخاص والاصل ينفى حكمه . نعم لوشككنا في مورد فيما هو موضوع لحكم العام نظير كون الشخص بالغاً او عاقلا مثلا كان شبهة مصداقية للعام و لم يجز التمسك باصالة العموم في ذلك. واما فى الشبهة المصداقية للخاص كما في المقامين فاصالة العموم محكمة والشك في وجوب الخاص مدفوع اما بالاصل الموضوعى اعنى اصالة اعنى اصالة عدم التخصيص بناءاً على ما هو الحق من جريان الاستصحاب فى الاعدام الازلية واما بالاصل الحكمي كأصالة البرائة عن وجوب الجمعة او استماع الخطبتين او وجوب القصر واذا قلنا سابقاً فى تقريب الاصل الحكمى على وفق مذهب المشهور بأن مصب البرائة لابد وان يكون وجوب الخاص المشكوك دون وجوب اصل العام لقصوره عن اثباته و انما يثبت ذلك بأصالة العموم فلو اريد من التمسك بالأصل الحكمى اثبات وجوب اربع ركعات بذلك فهو فاسد و ان اريد به دفع احتمال وجوب الخاص فهو متين جداً.

نعم لولم يكن فى البين هذا الاصل اللفظى أعنى أصالة التمام لما كان بدعن وجوب الاحتياط بالجمع بمقتضى العلم الاجمالي المزبور. وحينئذ يقع الكلام فى امكان الاحتياط في المقام فربما يمنع عنه بعضهم نظراً الى وجود احتمال الحرمة الموجب لدوران الامر بين المحذورين أى الوجوب والحرمة وكلما كان كذلك فالاحتياط فيه متعذر بل العقل حاكم بالتخيير وتقريب ذلك على نحوين احدهما ينتج الحرمة التشريعية فى وجه والآخر ينتج الحرمة الذاتية (أما الاول) فتارة بدعوى أن مع احتمال الحرمة يكون الجمع تشريعاً ان الواجب بحسب الواقع لو كان هو الظهر فالاتيان بالجمعة بدعة ولو كان هو الجمعة فالاتيان بالظهر بدعة فالاحتياط بالجمع بينهما على أي تقدير تشريع محرم وأخرى

ص: 295

بدعوى ان قصد الوجه والتميز معتبر في العبادة و هو مع الاحتياط غير حاصل فالاحتياط غير ممكن . (وفيه) ان البدع لغة بمعني الجديد والاتي بشيء جديد مبدع ولذا يكون الله تبارك وتعالى بديع السموات والارض لانه خالقهما فكلما اوجد شيئاً في كل وعاء فهو مبدعه وذلك الشيء حادث ومستند اليه تعالى وبنفس هذه النكتة يتم ربط الحادث بالقديم بلااستيجابه القدم الزماني للاشياء و تفصيل ذلك ذكر ناه في (المعارف العلوية والبدعة بهذا المعنى لسيت بمحرمة ابداً فمن يأتى بفاكهة جديدة أو يهدى بورد الى غيره مثلا مبدع وليس عمله فالبدعة المحرمة التي ورد فيها ان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار لابد وان يراد بها حصة خاصة من البدعة وهى البدعة في وعاء التشريع اى جعل قانون و اسناده الى الشرع من دون احراز استناد ذلك الى الشارع ومن البديهي ان الاتيان بالعبادة برجاء المطلوبية ليس من التشريع في شيء فلئن صادف وجود الأمر بها واقعاً ينطبق عليها الأمر الواقعى قهراً فيكون امتثالا للامر طبعاً ومجزياً عن الواجب عقلا و لو صادف عدم الأمر بها فهو عمل صار من المكلف مرجوع اليه ولا يضر شيئاً. نظير ما يتفق كثيراً في العرف من اهداء باقة زهور او جيكارة مثلا الى غيره المطلوبية فيصادف عدم كوته من اهل الزهور او التدخين حيث لا يكون في ذلك قبح و حزازة اصلا بل هو من الانقياد الراجح عقلا بل يكون من جهة ابراز العبودية اعلى من امتثال الاوامر المعلومة فعدم احراز وصول شيء من الشارع لا يوجب كون الاتيان به مطلقا بدعة محرمة كما قديتوهم بالنسبة الى المراسم المتداولة بين الناس للتعزية على سيد الشهداء روحي لتربته الزكية الفداء.اذا المحقق لعنوان البدعة المحرمة اسناد الحكم الى الشارع عمداً مع الالتفات الى عدم وصوله او الشك فى ذلك فالجمع بين الظهر والجمعة برجاء وجوب كل منها

ص: 296

ليس من التشريع المحرم في شيء واما قصد الوجه فغير معتبر اولا و على فرض الاعتبار فهو ممكن الحصول بناءاً كامكان حصول اصل الامتثال رجاءاً فمن يأتي بصلاة الظهر رجاءاً كما يتحقق منه قصد عنوان الظهرية الدخيل في العبادة فكذلك يتحقق منه قصد الوجه البنائى و أما قصد التميز فان كان المراد منه العلم بالامر بخصوصيته كما هو الظاهر فلازمه سد باب الاحتياط حتى في الشبهة المحصورة وهذا مما لا يمكن الالتزام به واما الثاني ) فتقريبه يأتى فى الجهة اللاحقة عند التعرض لدليل القول بالحرمة .( الجهة السادسة ) في تفصيل الاستدلال على الاقوال بحيث يتميز كل عن الاخرأها القول المشهور فاستدل له بوجوه ( منها ( أصالة : البرائة عن وجوب الحضور والاستماع الى الخطبتين و هكذا وقد عرفت حاله في الجهة السابقة و أنه بمجرده لا يكفى لاثبات المطلوب الا أن ينضم الى الاصل اللفظي وهو أصالة الاربع.(ومنها) سيرة المعصومين(علیهم السلام) كما استدل بها المصنف (قدسّ سره) في المعتبر في مقام الاستدلال على شرائط الامام أو نائبه والمصادمة مع الشافعى حيث قال : ومعتمدنا فعل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) فانه كان يعين لامامة الجمعة وكذا الخلفاء كما يعين بعده للقضاء فكما لا أن ينصب الانسان نفسه قاضياً من دون اذن الامام كذا صبح امامة الجمعة وليس هذا قياساً بل استدلال بالعمل المستمر بالاعصار فمخالفته خرق الاجماع. و يؤيد ذلك ما روى عن أهل البيت(علیهم السلام) من طرق منها رواية محمد بن مسلم قال لا تجب الجمعة على أقل من سبعة الامام وقاضيه ومدعى حقا ومدعى عليه و شاهدان ومن يضرب الحدود بين يدى الامام : انتهى . والظاهر من ضمير المتكلم فى قوله : ومعتمدنا : هو الخاصة في مقابلة الشافعى و من التشبيه في قوله : كما للقضاء بیان سنخ تعيين امام

ص: 297

الجمعة ، وأنه سنخ تعيين القاضى بقرينة تفريع جملة : فكما لا يصح الخ : والمعنى ان اقامة الجمعة كاقامة الحدود منصب خاص قد جرت سيرة المعصومين(علیه السلام) على جعله لاشخاص مخصوصين بحيث يتعين بالتعيين وتتعطل اقامتهما في كل مكان لم يكن منصوب لذلك من قبلهم(علیه السلام) بل وهكذاز من خلفاء الجور اذ كانوا ينصبون لاقامة الجمعة على نحو ما ينصبون للقضاء.ومن المعلوم أن زمن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) وسائر المعصومين(علیه السلام) لم يكن عندهم من الاشخاص اللائقين بهذا المنصب بمقدار ينصبون فى كل بلدة وقرية شخصاً لاقامة الجمعة حتى يقدر كل سبعة سبعة من المكلفين الموجودين في ارجاء البلاد الاسلامية على اقامتها حسبما يقوله القائلون بالوجوب العيني بل لم تكن في تلك الازمان وسيلة لارسال الاشخاص الى البلاد النائية فى كل جمعة ولا لاخبار أهل كل بلدة وقرية بالاذن لشخص خاص منهم في اقامة الجمعة وانما كان المنصوبون لذلك أفراداً معدودين فى أمكنة محدودة وكانت الجمعة تقام في تلك الامكنة فقط وتتعطل في غالب الاماكن لفقدان المنصوب فيها.وهذا يكشف عن كونها مشروطة بوجود سلطان العادل أو نائبه المنصوب من قبله وتوهم أن الفعل مجمل الوجه قاصر عن اثبات جهته فتعيين المعصومين(علیه السلام) لاقامة الجمعة لازم أعم للاشتراط فلا يكشف عنه مدفوع بأن الفعل في نفسه و ان كان مجملا ولازمه ما ذكر لكن اذا كانت هناك قرينة حافة به كاشفة عن جهته تخرجه عن الاجمال فيكون لازماً مساوياً وهى في المقام ما ذكرناه من تعطيل اقامة الجمعة في كل مكان لم يكن فيه منصوب من قبلهم(علیه السلام) كما يشهد به التاريخ فهذا يكشف عن جهة التعيين و بمعونته يكون الفعل لازماً مساوياً للاشتراط . و توهم ان تعيينهم(علیه السلام) لا انما كان لحسم مادة النزاع مدفوع اولا بان هذه العلة ليست بمنصوصة وانماهى مستنبطة بحدس المستشكل وذلك غير حجة وما أبعد

ص: 298

بين دعوى كون جهة التعيين حسم مادة النزاع وبين دعوى ان الفعل مجمل قاصر عن اثبات جهته وثانياً بان النزاع لو تصور فانما هو من جهة المنصبية والافلولم يكن هناك منصب لما كان للنزاع وجه . و ثالثاً بان تحقق النزاع بين ائمة الجماعة لاقامة الجمعة لوفرض فهو ينافي كونهم عدولا فهو في حد نفسه بعيد في الغاية. ورابعاً بان الموجب لوقوع النزاع منحصر خارجاً ببعض الازمنة في بعض البلاد العظيمة التي قدعين لامامة الجمعة فيها حقوق ورواتب من قبل السلاطين فلا يعم جميع البلاد فضلا عن القرى التي يلتزم المستشكل بوجوب الاقامة عيناً على اهلها فلو كانوا سبعة فيهم من يقدر على اداء اقل ما يقنع به فى الخطبة وهل يتصور وجود نزاع هناك بين كل سبعة حتى فى القرى النائية بل ولوفى خيمة محتوية على سبعة رجال احدهم يخطب بهم وفي كل زمان حتى زمن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) والائمة(علیهم السلام) الذى لم يكن فيه حقوق ورواتب الامامة الجمعة . وخامساً على فرض حصول النزاع في اقامة الجمعة بين أئمة الجماعة أن ذلك عنوان طار غير مربوط بأصل الحكم فلو وصل الى حد الاضطرار يكون كسائر الاعذار الطارية على موضوعات التكاليف المسقطة لها عن الفعلية بلا دخل لها في ناحية سنخ الحكم كى تمنع عن كونه بحسب أصل الجعل مشروطاً . وليت شعرى من أين يستنبط هذه العلة لتعيين المعصومين(علیهم السلام) ام كيف يكون حسم مادة النزاع سبباً لتعطيل الواجب كاقامة الجمعة في غير مكان النصب ولسقوطه عن الاشتراط ولا يكون سبباً لتعطيل المندوب كاقامة الجماعة مع أن النزاع لو كان ففى ذلك أكثر. (ومنها) الاجماع كما استدل به شيخ الطائفة (قدسّ سره) في الخلاف في مسئلة 43 من كتاب صلاة الجمعة وقد نقلنا عبارته في الجهة الأولى حيث يظهر منها الاستدلال

ص: 299

تارة بالاجماع القولى لفقهاء الشيعة لقوله (قدسّ سره) : دليلنا أنه لا خلاف أنها تنعقد بالامام أو بأمره الخ : وأخرى باجماع عموم الشيعة لقوله (قدسّ سره) : وأيضاً عليه اجماع الفرقة وثالثة بالسيرة المستمرة من زمن النبي (صلی الله علیه وآله سلم) لقوله (قدسّ سره) وايضاً فانه اجماع فان من عهد النبى ولا إلى وقتنا هذا ما أقام الجمعة الا الخلفاء والأمراء ومن ولى الصلاة فعلم أن ذلك اجماع أهل الاعصار ولو انعقدت بالرعية لصلوها كذلك : انتهى وبضميمة الاجماع العملى للفقهاء للملازمة بينه وبين الاجماع القولى يستفاد من كلام الشيخ (قدسّ سره) أربعة أدلة لبية لقول المشهور أحدها الاجماع القولى للفقهاء ضرورة تكاتف القدماء على اشتراط السلطان العادل وعدم معروفية من يصرح بالخلاف أو يظهر من كلامه عدم الاشتراط فيما بينهم الى زمن الشهيد الثاني ( قدسّ سره ) كما عرفت في الجهة الأولى وهناك دفعنا توهم ظهور بعض الكلمات في ذلك . ثانيها الاجماع العملى لهم في كل عصر الى زمن الشهيد الثاني (قدسّ سره) على عدم اقامة الجمعة بل وكذا مما بعد زمن الشهيد الاشذر قليل من العلماء مع تمكن كثير منهم على اقامتها وعدم كون الجميع من أول الغيبة الصغرى الى زماننا في كل عصر وكل مكان فى محذور التقية فإن مثل هذه الدعوى مما لا يمكن الاصغاء اليها كما بينا ذلك كله في الجهة الثانية ثالثها السيرة المستمرة من المعصومين(علیهم السلام) و على المباشرة بالامامة أو تعيين اشخاص ونصبهم لذلك مع التمكن وترك الاقامة بالمرة لدى التقية وسلطة المخالفين وفى هذا الوجه يشترك مع صاحب المعتبر (قدسّ سره) كما عرفت عند شرح عبارته وبينا تفصيل هذه السيرة في الجهة الثانية . رابعها الديرة العملية من المتشرعة بما هم متدينون من صدر الغيبة الصغرى الى زمان الشهيد الثاني (قدسّ سره) بل وما بعد ذلك حيث شهد التاريخ بكون الشيعة في كل عصر مورد طعن المخالفين على ترك اقامة الجمعة وما زالوامظلومين لغيبة

ص: 300

وليهم القائم بذلك وعلله بذلك أساطينهم .هذا كله حال الموضوع أعنى ثبوت الاجماع والسيرة وأما حال المحمول أعنى منكشف الاجماع والسيرة فبعد الالتفات الى أن القدماء كانوا فقهاء وعدولا فيحصل من قولهم وكذا من عملهم الحدس القطعى الكاشف عن رأى المعصوم (علیه السلام) الذى هو مدرك حجية الاجماع لدى المتأخرين كما نبه على ذلك في مصباح الفقيه.وتوهم صاحب الحدائق أنهم تبعوا في ذلك رأى رئيسهم شيخ الطائفة (قدسّ سره) تقليداً وطرحوا لذلك أخبار أئمتهم(علیهم السلام) قد عرفت فساده في الجهة الاولى فان ساحة قدس تقوى القدماء منزهة عن الاقتراح فى الرأى أو طرح قول الائمة(علیهم السلام) عالم المتابعة رأى فقيه فكيف يعقل وجود نحو مأتي حديث دالة على الوجوب العينى لديهم ومع ومع ذلك يلتزمون بالعدم أم كيف يعقل ان يكون أولئك الاعاظم بأجمعهم مقلدة للشيخ ( قدسّ سره ) ويكون الاجتهاد ) بالمعنى الذى يقوله أمثال صاحب الحدائق (قدسّ سره) من الاخذ بالظهورات الأولية للاخبار وطرح القواعد الأصولية وعدم اعمالها في فهم مفاد الاخبار بزعم أنها قواعد اختراعية ( منحصراً بمثل صاحب الحدائق (قدسّ سره) ولا يوجد عند أولئك الاعاظم رضوان الله تعالى عليهم.ومما يشهد بكذب هذه النسبة مراجعة كلماتهم المنقولة في الكتب الاستدلالية وغيرها حيث تكشف عن اختلافهم في المباني وفي طرز الاستظهار من الادلة فكيف يمكن نسبة التقليد اليهم . ومن العجيب أن المستشكل تارة ينسب الى من بعد الشيخ (قدسّ سره) متابعة الشيخ في القول باشتراط السلطان العادل وأخرى ينسب الى الشيخ (قدسّ سره) القول بالوجوب العينى فكيف يمكن الجمع بين النسبتين ثم ان القول بالاشتراط مما التزم به من تقدم على الشيخ (قدسّ سره) أيضاً كما نبهنا عليه في الجهة الاولي ولا ينحصر بمن تأخر عنه الا ان يدعى المستشكل كون من تقدم على الشيخ أيضاً مقلداً له في ذلك القول على نحو الشرط المتأخر فأمثال

ص: 301

هذه الدعاوى لا تثبت عدم الاشتراط ولا تنفى الاجماع من بين القدماء كما أن تكثير الرسالة فى الوجوب العينى لا يثبت المدعى ولا ينفى الاشتراط بل لابد من اقامة الدليل وهو كما اشرنا اليه وستعرف مفصلا مفقود.

و بالجملة فالاجماع القولي كالعملى محقق في القدماء كاف للحدس القطعي عن رأى المعصوم(علیهم السلام) له كالسيرة العملية للمعصومين (علیهم السلام) والمتشرعة لكنا بحمد الله فى غنى عن التمسك بهذه الادلة اللبية الاربعة لاثبات مذهب المشهور لوجود الادلة اللفظية كما نبهنا عليه فى الجهة الرابعة وستعرف شطراً منها في هذه الجهة.(ومنها) الاخبار الدالة على سقوط صلاة الجمعة عمن بعد عنها بفرسخين(1)كصحيح الفضل شاذن عن الرضا قال انما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا اكثر من ذلك لان ما يقصر فيه الصلاة بريدان (الحديث) وصحيح محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عن الجمعة فقال تجب على كل من كان لا منها على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شيء : وغيرهما. وتقريب الاستدلال بها على ما فى الجواهر من وجوه ثلاثة : (الاول) عقدها الايجابي الدال على اختصاص الوجوب بمن كان في شعاع فرسخين من محل اقامة الجمعة اذ لو كان الوجوب عينياً لكان على كل أحد فى كل مكان أن يلتحق بالجمعة المنعقدة ولم يكن لهذا الاختصاص وجه فهذا يكشف عن اشتراطه بمكان خاص و شخص خاص هو بقرنية النصب و تعارف التعيين خارجاً عبارة عن السلطان العادل او نائبه المنصوب من قبله . (والثاني) عقدها السلبى الدال على سقوط الوجوب عمن بعد عن اقامة الجمعة بفرسخين اذ لو كان الوجوب عينياً لما كان لهذا السقوط وجه فهذا يكشف عن الاشتراط المزبور ،

ص: 302


1- الوسائل الباب - 4 صلاة الجمعة .

(الثالث) لازمها بناءاً على الوجوب العينى وهو وجوب الاستخبار عن محل اقامة الجمعة على كل مكلف فى شعاع فرسخين عن اطراف محل الاقامة للالتحاق بالجمعة المنعقدة او وجوب اخبارهم بذلك على النائب المنصوب لاقامة الجمعة وحيث لا دليل على هذا الوجوب فيكشف ذلك عن عدم الوجوب العينى. وربما يقرر الوجه الثانى كما فى مصباح الفقيه بدلالة العقد السلبي على سقوط الجمعة وعدم جوازها على من بعد عن محل الاقامة بفرسخين فيجاب عنه بنفى الملازمة بين سقوط الجمعة وبين عدم جوازها فلعلها جائزة غير واجبة لكن هذا النحو من التقرير خلاف ما يستفاد من الجواهر كما بيناه فلا موقع لهذا الجواب. نعم يتوجه على هذا الاستدلال أنه لواريد التمسك بهذه الطائفة من الاخبار بمجردها فهي قاصرة عن اثبات المطلوب اذ غاية مفادها السقوط عمن بعد عن محل اقامة الجمعة بفرسخين وأما جهة السقوط فهي ساكتة عنها فيمكن ثبوتاً كون صلاة الجمعة مكانية يختص وجوبها بمكان خاص كما يحتمل أن يختص بالامصار أو كونها مشروطة بتولى السلطان العادل أو نائبه أو بوجود من يخطب وذلك مفقود في تلك المسافة غالباً فيجب السعى الى محل وجوده على من كان في تلك المسافة دون من بعد عنها وحيث لامعين اثباتاً لاحد هذه المحتملات فلادلالة لتلك الاخبار فى نفسها على المطلوب واستكشاف الجهة من نفس هذه الاخبار على نحو تتم دلالتها على ذلك دورى ولذا تشبث صاحب الجواهر (قدسّ سره) بذيل قرينة الخارج وهي تعارف النصب وتعيين المعصومين عليهم السلام شخصاً خاصاً لاقامة الجمعة ولكن الدليل عليهذا تلك القرينة لا هذه الاخبار و لذا أفردناها بالذكر فى عداد الادلة اللبية المتقدمة. وما فى مصباح الفقيه من اخراج وجود من يخطب عن محتملات جهة السقوط بدعوى أن الخطبة من أن الخطبة من المقدمات الوجودية لصلاة الجمعة فيجب تحصيل معرفتها على كل أحد كما هو الشأن في كل مقدمة وجودية لكل واجب مطلق نظير

ص: 303

تحصيل الماء للطهارة المائية لاجل الصلاة كي ينحصر الاحتمال فى تولى السلطان او نائبه مدفوع بأن الخطبة ليست من المقدمات الوجودية لصلاة الجمعة ضرورة تعليق وجوب صلاة الجمعة وعدمه على وجود من يخطب وعدمه في الاخبار نظير قوله (علیه السلام) في صحيح محمد بن مسلم (1) : يصلون أربعاً اذا لم يكن من يخطب : وفى موثق الفضل بن عبد الملك (2): فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر : فالخطيب بحسب لسان هذه الاخبار بعد فرض وجوده قد علق عليه الوجوب فوجوده داخل بالطبع في محتملات جهة السقوط في تلك الاخبار ولذالم يكتف في الجواهر بمفادها فى نفسها حتى ضم اليه قرينة الخارج و هيما عرفت بجوابها وأما استلزام وجوب الاستخبار على المكلفين أو وجوب الاخبار على النائب المنصوب لاقامة الجمعة كما تقدم عن الجواهر فيدفعه منع ذلك الاستلزام ضرورة علم المكلفين بمحل اقامة الجمعة غالباً فلا يجب الاخبار على النائب مع فرض الشك في وجود المنصوب في محل فلانى او فى اقامة الجمعة فيه وعدمه فالاصل البرائة عن وجوب السعى ولا دليل على وجوب الفحص فى الشبهات الموضوعية . (ومنها) صحيح محمد بن مسلم (3) عن ابی جعفر (علیه السلام) قال تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ولا تجب على اقل منهم الامام وقاضيه والمدعى حقاً والمدعى عليه والشاهدان والذى يضرب الحدود بين يدى الامام : وقد تقدم في الجهة الرابعة شرح مفاد هذا الحديث وبيان دلالته على منصبية صلاة الجمعة نعم نوقش فيه تارة سنداً بحكم بن مسكين وقد عرفت هناك حسن حاله من ناحية رواية الاجلاء وعدة اصحاب الاجماع وغيرهم ممن التزم بنقل الحديث عن الثقة عنه مضافا الى

ص: 304


1- الوسائل الباب - 3 - من صلاة الجمعة حديث 1و2.
2- الوسائل الباب - 3 - من صلاة الجمعة حديث 1و2.
3- الباب -2 - منها حديث 9 .

استدلال القدماء به للمنصبية من زمن شيخ الطائفة (قدسّ سره) في الخلاف في مسئلتى 5 و 43 من كتاب صلاة الجمعة الى زمن المصنف (قدسّ سره) فى المعتبر كما نقلنا عبارته سابقاً في الادلة اللبية للمشهور فما هو المدار في حجية الاخبار من الوثوق بالصدور حاصل جزماً و اخرى جهة بالحمل على التقية ناسباً ذلك الى الشيخ (قدسّ سره) في التهذيبين.وفيه مضافا الى أن الشيخ (قدسّ سره) في الكتابين لم يجعل محمله النقية بل احتمل فيه وجهين أحدهما بيان العدد فقط ثانيهما الحمل على التقية أن ذلك لا يدفع استدلاله صريحاً في الموضعين من الخلاف وكذا من بعده الى زمن المصنف قدسّ سره) فضلا عن أن الحمل على التقية اما فى مورد التعارض ولا معارض لهذا الحديث في مضمونه واما لوجود شاهد فى الرواية على فساد جهة الصدور وهو مفقود بل مضمونه مخالف لمذاق العامة كما نبهنا على ذلك كله هناك بلمقتضى الصناعة حمل اطلاق السبعة في المطلقات على ما في هذا المقيد على النحو المتقدم هناك من جعل بعض العناوين فعلياً وبعضها شأنياً فدلالة هذا الحديث على مذهب المشهور مما لا مجال للارتياب فيه. )( ومنها ) الاخبار الواردة فى حكم صلاة الجمعة لاهل القرى وهي خمسة بثلاثة ألسن . (الاول) نفى صلاة الجمعة عن اهل القرى مطلقاً وهو موثق حفص بن غياث(1) عن جعفر عن ابيه(علیه السلام) قال ليس على أهل القرى جمعة ولا خروج في العيدين : وظاهره التنويع العنوانی. الثانى ( اثبات صلاة الجمعة لاهل مصر تقام فيه الحدود وهو معتبر طلحة بن زيد (2) عن جعفر عن أبيه عن على الا الله قال لا جمعة الافي مصر تقام فيه الحدود وظاهره التنويع العنواني متقابلا مع الاول في العنوان أى المصر والقرية متفاوتا.

ص: 305


1- الوسائل الباب - 3 - من صلاة الجمعة 4 و 3
2- الوسائل الباب - 3 - من صلاة الجمعة 4 و 3

معه في دخل قيد آخر في موضوع الحكم وهو اقامة الحدود فعلا والحمل على شأنية الاقامة يوجب لغوية القيد لان كل له هذا الشأن.

(الثالث) تعليق صلاة الجمعة على من يخطب أو يجمع وجوداً وعدما وهو صحيح محمد بن مسلم (1) عن أحدهما(علیه السلام) قال سألته عن اناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم ) و ( يصلون أربعاً اذا لم يكن من يخطب : وموثق الفضل بن عبد الملك (2)قال سمعت ابا عبد الله(علیه السلام) يقول اذا كان قوم (القوم) فى قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين : وموثق عبد الله بن بكير (3) قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قوم في قرية ليس لهم من يجمع بهم أيصلون الظهريوم الجمعة في جماعة قال نعم اذا لم يخافوا : اذا المراد بمن يخطب أو يجمع ليس معناه اللغوى بل اشارة الي شخص خاص مردد بین الامام (علیه السلام) أو نائبه وبين غيره والتقييد بعدم الخوف فى الاخير ناظر الى ما اذا كان الاتيان بالظهر جماعة بمنظر من المخالفين وان كان الجهل بهذه الجهة لايضر بمفاد الرواية . وكيف كان فبين هذه الاخبار الثلاثة وبين معتبر طلحة تحاكم من جهة كشف هذه عن طريقية مصر في المعتبر إلى وجود من يخطب ويجمع وعدم كونه قيداً برأسه وكشف المعتبر عن كون من يخطب ويجمع اشارة الى الامام (علیه السلام) او نائيه الذي بيده اقامة الحدود على ما بيناه سابقاً عند الاستدلال بالمعتبر للمنصبية و بعد هذا التحاكم تكون هذه الاخبار الخمسة بأجمعها دليلا واحداً لمذهب المشهور و الافمع قطع النظر عن معتبر طلحة لادلالة لشيء من الاخبار الاربعة في نفسها على ذلك

ص: 306


1- الوسائل الباب - 3 - من صلاة الجمعة حديث 2٫1 .
2- الوسائل الباب - 3 - من صلاة الجمعة حديث 2٫1 .
3- الباب 12 من صلاة الجمعة

(ومنها) خبر حماد بن عيسى (1) عن جعفر بن محمد عن ابيه عن على(علیه السلام) قال اذا قدم الخليفة مصراً من الامصار جمع بالناس ليس ذلك لاحد غيره : ومقتضى القاعدة ثبوتاً واثباتاً كون جملة : جمع بالناس : جزاءاً وجملة : ليس ذلك لاحد غيره: علة للجزاء اما الثبوت فلان جمع ناظر الى الخارج أى الاتيان بصلاة الجمعة ونفى عن غير فاعلها و هو الخليفة يكون بحسب الطبع في طول المنصبية و من شئونها فمقتضي مفاد نفس الجملتين علية الثانية للاولى واما الاثبات فلان الظاهر من حذف الواو ذلك و تقدير الواو لتكون الثانية جزاءاً ثانياً عطفاً على الاول خلاف الظاهر فمقتضى الظهور الطبعى للجملة كون قضية أخذ المفهوم من الشرطية وجعله عبارة عن جواز الاتيان بصلاة الجمعة لغير الخليفة اذا لم يقدم مصراً سالبة بانتفاء الموضوع لان الجزاء عبارة عن نفس الاتيان الخارجي و انتفائه بانتفاء فاعله طبعی فلامعني لاخذ المفهوم الامع ارتكاب خلاف الظاهر بالتقدير وجعل الجملة الثانية جزاءاً ليؤخذ منها المفهوم وذلك مما لم تقم عليه قرينة والحمل على مورد تزاحم الحقوق خلاف الظاهر بلخلاف الواقع ادمع عدم المنصبية لا تزاحم حتى يقدم ذو الحق وانما يتصور ذلك مع فرض المنصبية . ومنها ( الاخبار المشتملة على لفظة الامام (علیه السلام) (2) كموثقات سماعة المظنون كونها خبر أو احداً من جهة اتحاد الراوى والمروى عنه والمضمون وصحيحى زرارة وصحاح محمد بن مسلم والفضيل بن يسار وعبد الله ابن سنان وقد عرفت سابقا ان هذه الاخبار فى نفسها قاصرة عن اثبات مذهب المشهور اذا اللام فى الامام وان كانت للعهد لكن المعهود مردد بين امام الاصل وامام الجماعة فلا بد من قيام قرينة خارجية على تعيين ذلك فمع ضم صحيح محمد بن مسلم المشتمل على قوله(علیه السلام) : الامام و

ص: 307


1- الوسائل - الباب - 20 - من صلاة الجمعة
2- الباب - 5 و 6 من صلاة الجمعة

قاضيه والمدعى حقاً والمدعى عليه والشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الامام : الذى عرفت ظهوره كالنص فى امام الاصل تكون تلك الاخبار باجمعها دليلا واحداً لمذهب المشهور. (ومنها) الاخبار المرخصة فى اقامة الجمعة حين عدم بسط يد الامام كصحيح زرارة (1) فال حثنا أبو عبد الله على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه فقلت نغدو عليك فقال لا انما عنيت عندكم : وموثق عبدالملك(2) عن أبي جعفر قال قال مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله قال قلت كيف اصنع قال صلوا جماعة يعنى صلاة الجمعة : وصحيح زرارة (3) المشتمل على قوله (علیه السلام) فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم : حيث يستفاد من الصحيح الاول أمور أربعة أحدها الترخيص فى أقامة الجمعة لدى عدم فعلية سلطنة الامام الله بشهادة حثنا وعنيت عندكم الظاهر بقرينة الصدور من رئيس مذهب الشيعة لافقه فقهاء رواة الشيعة في كون المراد من ضمير الجمع في الجملتين طائفة الشيعة . ثانيها انتراك اقامة الجمعة بالطبع والالم يكن للحث اليها معني بل لو كانت واجبة بالوجوب العينى الاطلاقي لم تكن منتركة لا من قبل الامام(علیه السلام) ولا الشيعة كي يبقى مجال للحث. ثالثها ربط اقامة الجمعة بالامام(علیه السلام) والا لم يكن الحث سبباً لظن زرارة ارادة الامام(علیه السلام) أن يأتيه الشيعة على نحو الاجتماع : كما يستفاد من التعبير بقوله: نغدو عليك : وهذا الربط بالسبر و التقسيم ليس الا المنصبية ولذاظن زرارة ان الامام (علیه السلام) يريد القيام بأخذ هذا المنصب واعمال السلطنة الالهية المحتاج الى اجتماع الشيعة وانصاره حوله والافلو كانت واجبة عينية غير منصبية لكان زرارة قد تيقن بلزوم الاتيان بها اما مع الامام(علیه السلام) أو غيره الذين هو أوثقهم فقوله ظننت أصدق شاهد على هذا

ص: 308


1- الوسائل - الباب - 5 - من صلاة الجمعة - حديث 291و3
2- الوسائل - الباب - 5 - من صلاة الجمعة - حديث 291و3
3- الوسائل - الباب - 5 - من صلاة الجمعة - حديث 291و3

النحو من الربط.

رابعها اجزاء صلاة الجمعة المأتى بهالدى عدم فعلية سلطنة الامام(علیه السلام) كز من الغيبة عن صلاة الظهران الترخيص فى الاقامة ترخيص في تطبيق طبيعى الوظيفة المجعولة لظهر يوم الجمعة على هذه الكيفية بناءاً على ما قدمناه من الطولية بحسب الجعل بين الظهر والجمعة فيكون موضوعاً لحكم العقل بالاجزاء و ينتج التخيير الذى يقوله المشهور فى المسئلة اذليس مرادهم التخيير المصطلح فى غير المقام من الدوران بين أحد أمرين أو أمور على نحو العرضية اى بحسب اصل الجعل نظير خصال الكفارة بل على نحو الطولية كما ذكرنا وحيث أن المقيم للجمعة من الشيعة لا يأتى بها بعنوان غصب المنصب من امامه(علیه السلام) والاستيلاء العدواني على حقه (علیه السلام) بل اما لاعتقاد الوجوب العينى وعدم المنصبية أو للاخذ بالرخصة فلا يتطرق الى فعله احتمال الحرمة . واما الاشكالات على الاستدلال بالحديث التي جامعها احتمال ارادة معنى نظير عيبت فى جملة انما عنيت وغير ذلك مما قد مناه عند الاستدلال به للرخصة فقد عرفت انها باجمعها تصرف فى الظاهر بلا قرينة فمقتضى استنطاق الحديث وتحليل مفاد فقراته ماذكرناه ومنه يعلم حال الخبرين الآخرين.(ومنها) النصوص الدالة بالوضوح على المنصبية كالاشعثيات ومرسل الدعائم ومرسل الفاضل بن عصفور وغيرها مما تقدم في الطائفة الثالثة من الجهة الرابعة ودس هذه الاخبار من قبل المخالفين في اخبارنا بعد كونها مخالفة لمذهبهم وان كان بعيداً فى الغاية الاانها بحسب الصناعة ضعيفة السند فلا تكون دليلا برأسه وان كانت مؤيدة لمذهب المشهور .( ومنها ( الاخبار الوارده فى اجتماع عيدين(1)كصحيح الحلبي أنه سأل

ص: 309


1- الوسائل - الباب - 15 من صلاة العيد . تصل

ابا عبد الله(علیه السلام) لا عن الفطر والاضحى اذا اجتمعا في يوم الجمعة فقال اجتمعا في زمان على(علیه السلام) فقال من شاء أن يأتى الى الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر وخطب خطبتين جمع فيهما خطبة العبد وخطبة الجمعة وفي بعضها الترخيص في الانصراف بعد صلاة العيد وقبل صلاة الجمعة بتقريب ان صلاة الجمعة لولم تكن منصبية مشروطة باقامة الامام(علیه السلام) لما احتاج الى هذا الترخيص ضرورة تمكن اهل القرى من اقامتها عندهم فهذا يكشف عن كونها منصبية وفيه ان الترخيص لازم اعم للمنصبية لامكان استناده الى فقدان من يخطب في تلك القرى في ذاك الزمن الذى كانت الامية شايعة لاسيما بين اهل القرى بحيث قلما يوجد في عدة قرى من يكون عارفا باقل ما يقنع به فى الخطبة لصلاة الجمعة فهذه الاخبار قاصرة عن اثبات مذهب المشهور.(ومنها) دليل العقل بتقريب ان جعل حكم ينشأمنه النزاع بين الناس قبيح من كل حكيم محال من الشارع تعالى ومن المعلوم ان ايكال امامة الجمعة الى واحد غير معين مع جعل تعيينه بيد الناس يوجب النزاع فهذا يكشف عن ايكالها الى شخص معين هو امام الاصل او نائبه الخاص اذ معه لا يقع نزاع في البين ولا نعنى بالمنصبية الا ذالك هذا حاصل ما يستفاد من الجواهر ومصباح الفقيه وفيه اولا ان وقوع النزاع الذى هو ملاك هذا الدليل ممنوع في صورة عدم المنصبية بل لو كان فانما هو فى صورة المنصبية . وثانياً ان امام الجمعة على القول بالوجوب العينى ليس مبهما كي يحتاج الى التعيين وينشأمنه النزاع حسب اختلاف الاغراض للاشخاص واختلاف النزعات بين الاقوام وطوائف الناس وانما هو مطلق العادل الذى يجوز الايتمام به فى الجماعة ويقدر على اداء اقل ما يقنع به في الخطبة . وثالثاً ان النزاع لو كان فليس بمطرد في جميع الامكنة والازمنة وبالنسبة الى كل من يريد امامة الجمعة ورابعاً ان النزاع على فرض وجوده واطراده عنوان

ص: 310

طار غير مربوط باصل الحكم فلا يغيره عن الاطلاق الى الاشتراط. ( فتلخص ان المعتمد في الاستدلال لقول المشهور خبران هما معتبر امحمد بن مسلم وطلحة بن زيد وحملهما على التقية بلا موجب بل غير ممكن وهناك ادلة اخرى لا باس بها كبعض الطوائف من الاخبار او بعض آحادها المتقدمة وهناك طريق ثالث لاثبات مذهب المشهور هو السير فى مفاد جميع اخبار الباب التي قالوا انها تزيد على مأتى حديث مع قطع النظر عن اسانيدها فانه يورث القطع الشخصى للفقيه بان صلاة الجمعة صلاة رئيس مذهب الشيعة او نائبه الخاص ولها امتياز من هذه الجهة عن سائر الصلوات اليومية . واما القول بالوجوب العينى التعيينى فقد استدل له بوجوه (منها الاصل أى استصحاب الوجوب تنجيزاً او تعليقا أو أصالة الجواز وقد تقدم تقريبه مع جوابه في الجهة الخامسة (ومنها) الاجماع وقد عرفت فى الجهة الثانية ان اجماع القدماء على خلاف ذلك وان اسناد الوجوب التعيينى الى بعضهم في غير محله وفي كلام بعض المستدلين به كصاحب الحدائق (قدسّ سره) مالا يخلو من التهافت حيث اطال الكلام في هذا المبحث في وهن الاجماع بالكلية والطعن على المستدلين به من المشهور ومع ذلك استدل به لمدعاه فتطلب الشريك له فى القول بالوجوب التعيينى ممن عرفت هناك شطراً من عباراتهم وانها غير ظاهرة في ذلك. (ومنها) قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله (الآية) بعد تفسير النداء بالاذان للزوال والذكر بالصلاة وقد عرفت فى الجهة الثالثة ان الآية ناظرة الى مرحلة الامتثال اى الالتحاق بالجمعة المنعقدة و بالاستلزام العقلي كاشفة عن اصل وجوب عقد الجمعة وحيث ان الاستلزام لبى فهى ساكتة عن سنخ وجوب العقد من الاطلاق أو الاشتراط .(ومنها) الاخبار و الاستدلال بها على ثلاثة أنحاء .احدها ( الافراط في ذلك بدعوى دلالة مأتى حديث على ذلك على نحو

ص: 311

الجميع لا المجموع كما يظهر من المجلسى الاول وصاحب الوسائل (قدسّ سرهما) وتبعهما في ذلك جماعة من المحدثين المتأخرين وهذا عجيب اذ الظاهر كون مأتى حديث عبارة عماورد في جميع أبواب صلاة الجمعة أى الاخبار التي فيها ذكر صلاة الجمعة وهى بين ضعاف وغيرها وكثير منها مسوقة لبيان جهة أخرى غير اصل تشريع الصلاة كاعتبار القدوة أو العدد في هذه الصلاة أو بيان وضعها عن سبعة أصناف من المكلفين أو عن أهل القرى أو بيان كيفية الخطبة أو السكوت حال الخطبة أو نحو ذلك مما لا يرتبط بأصل تشريعها وتوهم استلزام رفع اليد عن أمثال هذه الطوائف من أخبار الباب رفع اليد عن المطلقات في كل باب مدفوع بان كل دليل لابد وأن يؤخذ به بمقدار مفاده ومفاد هذه الطوائف بالاستلزام انما هو أصل شرع صلاة الجمعة وهذا مما لا ينكره أحد من عوام الامامية فضلا عن فقهائهم رضوان الله تعالى عليهم وانما محل النزاع سنخ شرعها وأنه الوجوب العينى التعيينى أم غيره وهذا المدلول خارج عن حوصلة تلك الاخبار فكيف يمكن جعلها من ادلة هذا القول .

( ثانيها ( الاستدلال بآحاد من الاخبار بتوهم ظهورها في ذلك مع أنها غير ظاهرة فيه . ( ثالثها) استظهار الاطلاق من بعض اخبار غير ظاهرة في الاطلاق وعلى فرضه فغير مكافئة مع ما تقدم من ادلة المنصبية فلنذكر تلك الاخبار واحداً بعد واحد مع الاشارة الى ما في الاستدلال به ... (منها ( صحيح زرارة (1) عن ابى جعفر الباقر (علیه السلام) قال انما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة الى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله عز وجل في جماعة وهي الجمعة (الحديث) بتقريب ان الفرض ظاهر فى الوجوب واطلاقه يقتضى العينى التعيينى كما يؤيده السياق اعنى سنخ وجوب باقی خمس وثلاثين صلاة.

ص: 312


1- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة - حديث 1

من الجمعة الی الجمعة. وفيه ( ان الفرض لغة هو الشرع والجعل والسياق قد هدمه الامام(علیه السلام) بالنسبة الى صلاة الجمعة باقحام قيد : في جماعة : وتشريع هذا القيد يتصور ثبوتاً هنا على انحاء ثلاثة هى انحاء الاجتماع خارجاً احدها وجوب تحصيل الجماعة على كل واحد من الافرادبان يجب على كل نفر تحصيل ستة نفر اخر مثلا نظير ما اذا امر السطان كل واحد من وزرائه با حضار عدد خاص من الرعية ثانيها وجوب الحضور علي كل واحد من الافراد نظير ما اذا امر وزير الحرب بحضور كل واحد من افراد الجند ليتشكل العسكر ثالثها وجوب الجمعة فى طول اجتماع الجماعة بطباعهم نظير ما اذا امر المولى بالاطعام فى صورة اجتماع عشرة ولا مرجح لاحد المحتملات الثبوتية لولم نقل بظهور الكلام فى الاخير من جهة كون جماعة ظرفاً للفرض وطبع المظروف هو الطولية عن الظرف فهو اما ظاهر فى الاشتراط أو مجمل من هذه الجهة كما أنه مجمل من جهة عدد الجماعة قضاءاً لتنوين التنكير ومن جهة لزوم الرئيس في الجماعة وعدمه فالصحيح قاصر عن افادة مدعى المستدل من جهات. (ومنها) صحيحه الاخر (1) قال كان ابو جعفر(علیه السلام) يقول لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على اقل من خمسة رهط الامام واربعة : وهذا الصحيح قاصر عن افادة مدعى المستدل من وجهين أحدهما أنه ناظر الى أصل الانعقاد لا وجوب العقد لاثباته الجمعة على خمسة رهط وقد تقدم في معتبر محمد بن مسلم انها لا تجب على اقل من سبعة فمقتضى الجمع بينهما الاستحباب لدى وجود الخمسة وحيث يمكن اختلاف المندوب مع الواجب فى الشروط كما في الحج حيث يشترط فى وجوبه البلوغ والعقل والحرية و الاستطاعة ولا يشترط شيء منها في استحبابه فلا يمكن كشف سنخ وجوب صلاة الجمعة وشرائطه من هذا الصحيح

ص: 313


1- الوسائل - الباب - 2 - من صلاة الجمعة - حديث 2

ثانيهما ان اللام فى الامام للعهد والمعهود في الشرع أمام الاصل وامام الجمعة معاً ولا قرينة في هذا الصحيح على ارادة احدهما فيكون مجملا من جهته ولواريد التعيين من الخارج فمعتبرا محمد بن مسلم وطلحة بن زيد المتقدمان يصلحان للقرينية على ارادة امام الاصل فالصحيح اما ظاهر فى خلاف المطلوب او مجمل قاصر عن اثباته . ) ومنها ( صحيحه الثالث(1)عن أبي جعفر الباق(علیه السلام) قال صلاة الجمعة فريضة والاجتماع اليها فريضة مع الامام فان ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة الامنافق : وهذا الصحيح قاصر عن افادةمطلوب المستدل من جهة ظهوره فى وجوب الحضور لدى الجمعة المنعقدة مع وجود الامام و قد عرفت آنفاً ان الامام فى امثال هذا الخبر مجمل المراد في نفسه و بقرينة الخارج محمول على امام الاصل نعم دعوى انصرافه في نفسه الى ذلك غير مسموعة . (ومنها) صحيحه الرابع (2)قال قال ابو جعفر(علیه السلام) الجمعة واجبة على من ان صلى الغداة فى أهله أدرك الجمعة وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انما يصلى العصر في وقت الظهر في سائر الايام كى اذا قضوا الصلاة مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) رجعوا الى رحالهم

قبل الليل وذلك سنة الى يوم القيمة : وهذا الصحيح ناظر الى تحديد وجوب صلاة الجمعة بالذى تكون المسافة بين منزله وبين محل اقامة الجمعة نصف البريد اى الفرسخين لان هذا المقدار هو مسير متعارف القوافل من الناس و الدواب في نصف اليوم فهو ساكت عن سنخ وجوب صلاة الجمعة فلا يضر المشهور و لا يفيد المستدل و العجب ان المستدلين بروايات زرارة هذه على الوجوب التعيينى يقول

ص: 314


1- الباب - 1 منها - حديث 8
2- الوسائل - الباب - 4 - من صلاة الجمعة - حديث 1

بعضهم لدى توجيه صحيح زرارة: حثنا ابو عبدالله الخ: بانه من الممكن جهل زرارة بحكم صلاة الجمعة.(ومنها) صحيح عمر بن يزيد (1) عن ابي عبد الله قال اذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس البرد والعمامة ويتوكأ على قوس (الحديث) وهذا الصحيح قاصر عن افادة مطلوب الخصم من وجهين احدهما اهمال ضمیر کانو او ضمير يلبس و ارجاع الاول الى المكلفين والثانى الى امام الجماعة بقرينة السياق وان كان ممكناً لكنه لا يمنع عن احتمال العهد والاشارة بالاول الى افراد مخصوصين وبالثانى الى امام الاصل فلا يخرج الحديث عن الاجمال من هذه الجهة ثانيهما طولية مفاد الجزاءاى الاتيان بصلاة الجمعة عن مفاد الشرط اى اجتماع سبعة قضاء لطولية كل محمول عن موضوعه فيكون الوجوب فى طول تحقق الاجتماع بالطبع لاجل صلاة الجمعة في مكان خاص مضافاً الى تطرق سائر محتملات الاجتماع من وجوب تحصيل العدد على كل فرد اووجوب الحضور فقط على كل فرد كما بيناه في اول صحاح زرارة ( ومنها ( صحيح منصور بن حازم (2) عن ابی عبد الله الله قال يجمع القوم يوم الجمعة اذا كانوا خمسة فمازادوا فان كانوا اقل من خمسة فلا جمعة لهم والجمعة واجبة على كل احد لا يعذر الناس فيها الاخمسة : المرأة والمملوك والمسافر والمريض و الصبى : وهذا الصحيح قاصر صدراً وذيلا عن افادة مطلوب المستدل اما الصدر فلجعل اول العدد خمسة وقد عرفت انه بمقتضى معتبر محمد بن مسلم عدد صحة انعقاد الجمعة لاعدد الوجوب واما الذيل فلان احد لا يعقل كونه ناظراً الى الشخص كي يكون عاماً استغراقياً ضرورة اشتراط العدد في صلاة الجمعة واستثناء اصناف المكلفين في نفس الحديث فلابد وان يكون ناظراً الى النوع فلا ينعقد له ظهور في الوجوب العيني الاطلاقي .

ص: 315


1- الباب -6- منها حديث 5
2- الباب - 2 - منها - حديث - 7 والباب - 1 - منها حديث 16

على كل احد ومفاده الاستلزامى من الوجوب على ماعدا الاصناف المزبورة ساكت عن سنخ الوجوب اطلاقاً اواشتراطاً ( ومنها ( صحيح ابي بصير ومحمد بن مسلم (1) قالا سمعنا أبا جعفر محمد بن على(علیه السلام) يقول من ترك الجمعة ثلاثاً متواليات بغير علة طبع الله على قلبه : وهذا الصحيح ناظر الى العقوبة الدنيوية على ترك حضور الجمعة المنعقدة من انطباع الاخلاق الرذيلة فى النفس وعدم تخلص الشخص عنها فهو ساكت عن سنخ وجوب ما يحضر لديه من الاطلاق او الاشتراط ومنه يعلم حال جملة من الاخبار المسندة والمرسلة القريبة من هذا الصحيح فى المضمون من حيث بيان عقوبة ترك الحضور لدى الجمعة المنعقدة. (ومنها) موثق الفضل بن عبدالملك(2) قال سمعت ابا عبد الله يقول اذا كان قوم القوم) في قرية صلوا الجمعة اربع ركعات فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين : بتقريب أن هيئة: جمعوا : ظاهرة في الوجوب لكونها فى مقام الانشاء فيدل الخبر على وجوب صلاة الجمعة على اهل القرى فضلا عن غيرهم. (وفيه ) ان مفاد هيئة جمعوا معلق على ما اذا كانوا خمس نفر وهذا العدد عدد صحة انعقاد الجمعة لاعدد الوجوب بمقتضى معتبر محمد بن مسلم وسائر الاخبار الدالة على ان عدد وجوب عقد الجمعة سبعة نفر ففى اقل من ذلك كخمس نفريستحب فوجود خمس نفر فى الخبر قرينة على عدم ارادة الوجوب من هيئة جمعوا مضافا الى التعليق على وجود من يخطب وهو فى نفسه غير معلوم المراد بعد عدم القرينة على ارادة كل من يقدر على قرائة سورة و اداء مثل اتفق الله واحسن وبضميمة الاخبار الواردة في

ص: 316


1- الوسائل - الباب -1- من صلاة الجمعة - حديث 11
2- الباب -3- منها - حدیث 2 -3-منها

بيان الخطبة وعلل جعلها لابد من الحمل على خصوص الامام(علیه السلام) فيكون دليلا على خلاف مطلوب المستدل . (ومنها) صحيح زرارة (1)قال حثنا ابو عبد الله(علیه السلام) على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه فقلت نغدو عليك فقال لا إنما عنيت عندكم : بتقريب ان التحريص على صلاة الجمعة يدل على الاهتمام بها وذلك آية وجوبها وخيال زرارة انه يريدان يأتوه لعله لما فى مرتكز عامة الشيعة من حب الايتمام في الصلاة بامام الاصل وما يكشف عنه الحديث من تركهم صلاة الجمعة لعله للجهل بالمسئلة ولكونهم في التقية فنبه الامام (علیه السلام) على تخفيف التقية وتمكنهم على اقامة الجمعة ولذا حتهم عليها فلما سئلوا عن انيان الامام (علیه السلام)أجاب بان المقصود اقامتها عندكم سواء حملنا الخطاب على نفس الشيعة ام على الأعم من جماعة العامة اى صلوها فيما عندكم من الجمعات المنعقدة من قبل العامة. (وفيه) ان الحث لا بدوان يكون على امر مشروع فيكون لامحالة في طول جعل صلاة الجمعة فهو ناظر الى مرحلة امتثالها وارشاد الى حكم العقل لا الى مرحلة تأسيس الشرع لها كى يكون فيه اعمال المولوية نعم يمكن بيان اصل الشرع ايضاً بمثل هذا اللسان من باب المبالغة لكنه على هذا لابد وان يكون كنائياً و هو خلاف الاصل يحتاج الى القرينة فمقتضى الاصل المحاوري في باب تفهيم المراد بمفاهيم الالفاظ كون المفهوم بنفسه مرآتاً لبيان المراد لا معبراً اليه ثم الاهتمام بامتثال الفعل لازم اعم للوجوب ضرورة وروده في كثير من المستحبات كصلاة الليل وغسل يوم الجمعة وصلة الرحم وزيارة قبور المؤمنين والعلماء وزيارة الائمة(علیهم السلام) ولاسيما سيد الشهداء روحى فداه فالتحريص على الشيء راجع اما الى مافوق الجعل للكشف عن شدة الملاك واما الى ما بعد الجعل الاهتمام بالامتثال وكيفما كان غير

ص: 317


1- الباب -5- منها - حدیث 1

مربوط باصل الجعل وتأسيس الشرع كما توهمه المستدل ودعوى ان اصل الوجوب متفق عليه بين الاصحاب مدفوعة بالاختلاف في سنخ الوجوب من الاطلاق او الاشتراط : فمثل هذا الاجماع الاصطيادى من القولين لا يصلح لاثبات خصوص احدهما و تحليل مفاد هذا الحديث قد ذكرناه فى الجهة الرابعة عند تنويع الاخبار فراجع وقد عرفت آنفا ان توهم جهل زرارة بحكم المسئلة بعد كونه راوياً لعدة روايات الباب التي استدلوا بها للوجوب التعييني موهون للنهاية ( ومنها ) صحيح عبد الملك (1) عن أبي جعفر(علیه السلام) قال قال مثلك يهلك و لم يصل فريضة فرضها الله قال قلت كيف اصنع قال صلوا جماعة يعنى صلاة الجمعة : بتقريب ان الحديث يدل على توبيخ تارك صلاة الجمعة بالهلاك الاخروى وذلك آية وجوبها كما انه مشتمل على الامر بصلاة الجمعة بقوله(علیه السلام) : صلوا جماعة وهو ظاهر في الوجوب . ( وفيه ) ان الهلاك فى هذا الخبر دنيوى لا اخروى بقرينة جعل جملة : ولم يصل فريضة فرضها الله . حالا لفاعل يهلك المقتضى لوقوع الهلاك حال الترك فالمعنى ان مثلك يموت ولم يصل الجمعة نعم لو كانت الجملة مصدرة بحرف التعليل نظيران لم يصل لكانت قرينة على الهلاك الاخروى لكنها مصدرة بواو الحال فهي قرينة على لهلاك الدنيوى ثم الظاهر من جملة : فرضها الله : كون جعل هذه الفريضة مفروغاً عنه قبل هذا الحديث فهو كسابقه ناظر الى مرحلة الامتثال وارشاد الى حكم العقل بلا اعمال مولوية فيه كما ان الامر فى قوله : صلوا : لوقوعه جواباً عن السؤال عن كيفية تلك الفريضة مسوق لبيان كيفيتها من حيث قيد الجماعة فليس فيه اعمال المولوية بالنسبة الى اصل الحكم واما سنخ جعل تلك الفريضة المعهودة فالحديث ساكت عنه

ص: 318


1- الوسائل - الباب - 5- من صلاة الجمعة - حديث 2

والتفصيل بازيد من ذلك ذكرناه عند تنويع الاخبار . (ومنها) صحيح محمد بن مسلم (1)قال سألت ابا عبد الله(علیه السلام) عن الجمعة فقال تجب على كل من كان منها على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شيىء: بتقريب ان الظاهر من قوله عليه السلام : تجب : هو الوجوب اى اللزوم حسب الاصطلاح الاصولى . )( وفيه ) ان السؤال وان كان مجمل الجهة قابلا للانطباق على حكم صلاة الجمعة او كيفيتها اوسائر خصوصياتها لكن الجواب يعين جهة السؤال حيث انه مسوق لبيان تحديد الوجوب بمن كان فى مسافة فرسخين دون من كان في ازيد من تلك المسافة غير مسوق لبيان اصل الوجوب فطبعاً ساكت عن سنخ الوجوب من الاطلاق او الاشتراط . ( ومنها ) سائر الاخبار الواردة في حكم صلاة الجمعة بالنسبة الى اهل القرى غير موثق الفضل بن عبدالملك المتقدم آنفا وقد عرفت سابقاً قصور هذه الطائفة عن اثبات الوجوب العينى الاطلاقي ) ومنها ) موثقات سماعة المشتملة على لفظ الامام وقد عرفت سابقاً قصورها عن اثبات مطلوب المستدل. (ومنها ) صحيح ابی بصیر و محمد بن مسلم جميعاً (2) عن ابي عبد الله (علیه السلام) قال ان الله عز وجل فرض في كل سبعة ايام خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم ان يشهدها الاخمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبى : بتقريب ان الظاهر من . واجبة على : هو اللزوم وشهود الصلاة انما هو الاتيان بها فيدل الحديث على وجوب اقامة صلاة الجمعة على كل مسلم عدا الخمسة المستثناة ولا نعنى بالوجوب التعييني الاطلاقي الاهذا فهو من اوضح الادلة على المطلوب .

ص: 319


1- الباب - 4 - من صلاة الجمعة - حديث 6
2- الوسائل الباب - 1 منها - حديث 14

( وفيه ) ان الشهود لغة وعرفاً هو الحضور فالحمل على الاتيان تأويل بلا قرينة والحضور موقوف على وجود ما يحضر لديه فطبعاً يكون في طول الجعل ناظراً الى مرحلة الامتثال اى اللحوق بالجمعة المنعقدة فلسانه لسان صحيحى زرارة وعبدالملك من حيث السكوت عن سنخ وجوب الجمعة مضافا الى انه على فرض الظهور في الاطلاق يقيد بما قدمناه من ادلة المنصبية فظهر انه لادليل يمكن الاستدلال به للقول بالوجوب العينى التعييني. وأما القول بالحرمة والمراد بها اما الحرمة الوضعية اى الفساد من جهة عدم الامر كما هو ظاهر جملة من الاستدلالات على هذا القول كاستصحاب وجوب الظهر وتوقيفية العبادة وعدم ثبوت شرع الجمعة في زمن عدم بسط يد الامام(علیه السلام) وغير ذلك مماسياتى انشاء الله وعلى هذا المعنى يمكن الاحتياط في المقام بالاتيان بالجمعة في اول الوقت رجاءاً ثم الاتيان بالظهر بناءاً على امكان الاحتياط في العبادة واما الحرمة التكليفية اى مبغوضية ذات الاتيان بالجمعة زمن عدم بسط يد الامام (علیه السلام) الا من جهة كونه غصباً للمنصب وعليه لا يمكن الاحتياط في المقام واجتماع نحوى الحرمة فى فعل واحد ممكن كما في البيع الربوى اذ الظاهر من قوله تعالى: أحل الله البيع وحرم الربا : بمقتضى المقابلة بين الاحلال الذي هو الاطلاق وبين التحريم الذي هو ضده وان كان هو الحرمة الوضعية فقط لكن بضميمة قوله تعالى يمحق الله الربا : و الاخبار الدالة على مبغوضية الربا يستكشف حرمتها تكليفاً ايضاً وكما فى المقامرة حيث رأها الشارع فاسدة محرمة اذليست من مصاديق الانتاج والاسترباح بل هي أخذ مال الغير مجانا. واما الهبة فهى وان كانت اعطاءاً مجاناً لكنها لما كانت من ادب الاجتماع يتحفظ معها نظام الاجتماع فتعد لدى العقلاء من الاسترباح لانه كسب الفضيلة في النظام الاخلاقى وقد امضاها الشارع وبالجملة فصلاة الجمعة على هذا المعنى تكون من العبادات المبغوضة ذاتاً والفاسدة وضعاً نظير عبادة الحائض من الصلاة والطواف

ص: 320

وغيرهما التي دلت الادلة على حرمتها وضعاً وتكليفاً بلسان : فأحب الله ان لا يعبد الاطاهرا : و : دعى الصلاة ايام اقرائك : والمصرح بالحرمة من القدماء منحصر با بن ادريس (قدسّ سره) في السرائر . نعم نسبه نسبه في المستند إلى ظاهر عبارة المفيد (قدسّ سره ) ايضاً لكن العبارة غير ظاهرة في ذلك وما أبعد بين هذه النسبة مع نسبة القول بالوجوب العينى التعييني اليه كما في الحدائق ومنشأ هذا التضارب عبارة نقلناها في الجهة الأولى وهى لولم تكن ظاهرة في مذهب المشهور فلا ظهور لها في شيء من القولين الآخرين ومن المتأخرين منحصر بصاحب المستند (قدسّ سره) و بعض علماء البحرين وبعض آخر. وكيف كان فقد استدل لذلك بوجوه (منها ) ما فى المستند من استصحاب وجوب الظهر اذلاريب في وجوبها قبل اسلام العدد أو قبل هجرة النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) و حينها لم تكن الجمعة مشروعة والان نشك في بقاء الوجوب فنستصحبه ولا يعارضه استصحاب وجوب الجمعة لان المتيقن منه حين بسط يد الامام (علیه السلام) الا فحين عدمه ه كز من الغيبة نشك في وجوبه فنستصحب عدمه السابق على زمن شرعه فيتعارض الاستصحابان الوجودى والعدمي في ناحية وجوب الجمعة ويتساقطان ويبقى استصحاب و جوب الظهر بلامعارض ( وفيه ) منع كبرى تعارض الاستصحاب العدمي مع الوجودي في كلية الموارد لان الشك الفعلى راجع الى الوجود السابق فجريان الاستصحاب فيه طبعى لا يحتاج الى المؤنة فينطبق عليه عموم لا تنقض اليقين بالشك قهراً واما العدم الاسبق فرجوع الشك اليه تقديري موقوف على فرض عدم فعلية الشك بالنسبة الى الوجود السابق فجريان الاستصحاب فيه يحتاج الى المؤنة فتطبيق عموم لا تنقض عليه موقوف على عدم فردية الاستصحاب الوجودى لذلك العام وان شئت قلت فردية الاستصحاب العدمى للعام موقوفة على خروج الاستصحاب الوجودى عن الفردية له بعد ما كان فرداً له بالفعل وهذا خلف الفرض فالاستصحابان ليسا في رتبة واحدة كي يتصور التعارض بينهما بل حيث ان انطباق العام على فرده الفعلى قهري فلاتصل النوبة الى

ص: 321

تطبيقه على الفرد الفرضي فالاستصحاب الوجودى له حكومة قهرية على الاستصحاب العدمي. وهذا هو مراد الشيخ الأعظم شيخنا الانصاري (قدسّ سره) في رسائله من التقريب الثانى لتقدم الاستصحاب السببى على المسببى و السببية فيه عقلية لاشرعية كما في تقريبه الاول الذى اختاره بعض الاساطين فلا يتوجه على مقالة الشيخ (قدسّ سره) ايرادات بعض المحققين (قدسّ سره) فى تعليقته على كفاية الاصول كما بينا ذلك مفصلا في الاصول هذ ا بحسب الكبرى وأما تطبيق هذه الكبرى على المقام فهو أن الشك الفعلى انما هو بالنسبة الى وجوب الجمعة المفروض ثبوته زمن بسط يد الامام(علیه السلام) فجريان الاستصحاب فيه طبعى لا يحتاج الى مؤنة فانطباق عموم لا تنقض عليه قهري فهو فرد فعلى للعام واما عدم وجوب الجمعة فجريان الاستصحاب فيه موقوف على فرض خروج استصحاب الوجوب عن الفردية للعام هذا خلف فالاستصحاب العدمى في طول الوجودى فلامعنى للتعارض بينهما بل استصحاب الوجوب السابق حاكم قهر أعلى استصحاب عدمه الاسبق. نعم انما لا يجرى استصحاب وجوب الجمعة لكون المستصحب مهملا من حيث السنخ اطلاقاً او اشتراطاً كما هو محل النزاع من أن وجوب صلاة الجمعة الثابث بالضرورة من المذهب هل هو منصبى أم اطلاقي وهذا النحومن الوجوب غير قابل للتنجيز فعلا بالنسبة الى المكلف بل المجرى البرائة كما في نظائره مثل وجوب الحج فانه ثابت بالضرورة لكنه مشروط فاستصحابه فعلا لا يجدى المتنجيز في حق فاقد الشرط فهكذا استصحاب الوجوب المهمل من حيث كونه مشروطاً او مطلقاً واما استصحاب وجوب الظهر فحيث أن جريانه في طول انتفاء الاصل اللفظى وهو أصالة الاربع الموجود في المقام فلا تصل النوبة اليه وعلى فرض عدم وجود الاصل اللفظى فحيث أن منشأ الشك فى وجوب الظهر هو الشك في سنخ الوظيفة المجعولة لظهر يوم الجمعة وأنها الظهر أو الجمعة فيبتلى بمثل ما ابتلى به استصحاب .

ص: 322

وجوب الجمعة من اهمال السنخ المانع عن التنجيز فعلا الموجب لكونه بنفسه مجرى البرائة فانقدحان استصحاب وجوب الظهر ايضاً غير مفيدفي المقام وعلى فرض جريانه لا ينفى وجوب الجمعة غاية الامر الأمر بها غير ذلك الامر وذلك لا يمنع الاحتياط لعدم ثبوت الحرمة التكليفية لها فيمكن الاحتياط بالجمع بين الجمعة والظهر ويجب على هذا الفرض واما الحرمة التشريعية فهى موقوفة على قصد العامل ورود الامر مع عدم علمه به وهذا القصد مفقود في موارد الاحتياط اذ هو الاتيان بالعمل رجاء المحبوبية فكيف يتجزم بالمحبوبية ومن هنا يعلم ان الحرمة التشريعية سلاح ظاهرى لا مصداق لها خارجاً في الاحتياطات المتداولة في العبادات عند الشبهات.(ومنها) ما في المستند ايضا من استصحاب عدم وجوب الجمعة و استصحاب وجوب الظهر على من كان على ما فوق رأس فرسخين حين بسط يد الامام(علیه السلام)وتتميم المستصحب بالنسبة الى الباقين بعدم القول بالفصل. (وفيه) ان تلك الاخبار مسوقة لبيان وجوب الالتحاق بالجمعة المنعقدة على من كان فى مسافة فرسخين وعدم وجوبه على من كان في ازيد من تلك المسافة غير مسوقة لبيان وجوب اقامة الجمعة فاستصحاب الحكم المستفاد من مفهومها لا يجدى لنفى وجوب اصل الجمعة اواثبات وجوب الظهر مضافاً إلى عدم الموضوع لهذا الاستصحاب خارجاً اذليس فى الخارج مخضرم مدرك للعهدين زمن بسط يد الامام عليه السلام وزمن عدمه مع كونه على ما فوق رأس فرسخين كي يتصور فيه استصحاب وجوب الظهر و عدم وجوب الجمعة الثابت له فى العهد الاول الى العهد الثاني واعجب من اصل الاستصحاب تتميم الحكم بالنسبة الى الباقين بعدم القول بالفصل ا سلعا لنا بلاش نانيه والغشا قال الليبية من ناحية (ومنها) ما في المستند أيضاً من استصحاب وجوب الظهر بالنسبة الى كل

ص: 323

شخص ( وفيه ) ان هذا الاستصحاب ليست له حالة سابقة اذ كل شخص موجود بالفعل متى كان في زمرة من جعل عليه الظهر قبل جعل الجمعة حتى يطرء عليه ) بسبب جعلها ثم عدم بسط يد الامام(علیه السیلام) الاقامتها )حالة الشك في ان وجوب الظهر الثابت قبل طر والحالتين ( جعل الجمعة وعدم بسط يد الامام (علیه السلام) ( هل يكون باقياً فعلا بعد الحالتين ام لا و يصح له استصحابه نعم بناءاً على ماقد مناه من اصالة الاربع يثبت وجوب الظهر على كل شخص في كل زمان لكن معها لاتصل النوبة الى الاصل العملى ففرض جريان الاستصحاب كما اشرنا اليه آنفا فى طول انتفاء هذا الاصل اللفظى وانتفاء جميع الادلة الاجتهادية ومعه ليست هناك حالة سابقة . وبالجملة لم يتحصل لنا لهذا الاستصحاب معنى صحيح فراجع المستند و تأمل في كلامه ثم ان ماذكرناه فى الاستصحاب الاول من أنه علي فرض الجريان قاصر عن اثبات حرمة صلاة الجمعة جار بعينه في هذين فتفطن . (ومنها) اصالة الشغل بتقريب انه لاريب في وجوب الظهر شرعاً اما تعييناً او مخيراً بينه وبين الجمعة فمع الاتيان بالظهر تفرغ العهدة يقيناً حتى على قول المشهور القائلين بالوجوب التخييرى بخلاف الاتيان بالجمعة فمعه نشك في فراغ العهدة فمقتضى اصالة الاشتغال وجوب الاتيان بالظهر.(وفيه) ان اصالة الاشتغال تكون تحت الحكم اى في طول جعله واقعة في مرحلة حلة امتثاله حيث يستقل العقل بلزوم احراز الامتثال وأصالة البرائة تكون فوق الحكم اى فى مرحلة الشك في أصل جعله والمقام مع قطع النظر عن اصالة الاربع وسائر الادلالة الاجتهادية يكون من قبيل الثانى حيث نشك الان في زمن الغيبة بلا سابقة جعل معلوم فى انه هل جعل وجوب الجمعة او وجوب الظهر في يوم الجمعة أم لا ومقتضى الاصل في كل شبهة حكمية هو البرائة وأمامع لحاظ الادلة الاجتهادية فيكون من قبيل الاول لكن اصالة الشغل حينئذ تشكل لنا العلم الاجمالى بالجامع وهو احدى الوظيفتين اما الجمعة واما الظهر ومقتضاه الجمع بينهمالا وجوب خصوص

ص: 324

احد العدلين دون الآخر فضلا عن اثبات حرمة العدل الآخر الذى هو المقصود بهذا الاستدلال ولو أريد تعيين خصوصية الجامع الثابت في الذمة من ناحية الفتوى فلا ينحصر القول في الاصحاب بالحرمة والوجوب التخييرى كي يحصل الفراغ اليقيني باتيان الظهر عليهما بل هناك قول ثالث بالوجوب التعيينى وعدم حصول الفراغ الاباتيان الجمعة . ومنها) توقيفية العبادة فانها تقتضى عدم الاتيان بالجمعة زمن عدم بسط يد الامام(علیه السلام) اذ لم يثبت الاذن حينئذ (وفيه دلالة جملة من الادلة على الترخيص في اقامة الجمعة زمن الغيبة كما ذكر ناها عند تنويع الاخبار ومع قطع النظر عن الادلة فالظهر والجمعة سيان من حيث عدم ثبوت الاذن فى الاتيان بهما فلا معنى لتخصيص الوجوب باحديهما والحرمة بالأخرى.

(نعم) يمكن تقرير أصالة الشغل علي نحو آخر هو ثبوت اليقين بوجوب الظهر من الادلة السمعية لاقتضاء اطلاقها وجوب الظهر على كل احد في كل زمان وبعبارة اخرى اصالة الاربع التي قررناها سابقاً ولا يعدل عن ذلك اليقين الابيقين مثله وادلة وجوب الجمعة قاصرة عن افادة يقين على خلاف ذلك لانها اما ناظرة الى اشتراط تولى امام الاصل واما لا اطلاق فيها يقتضى وجوب الجمعة على كل احد في كل زمان فاشتغال الذمة يوجب الظهر يقتضى الاتيان بهادون الجمعة اذا الفراغ اليقيني يحصل بذلك .(لكن) يتوجه على هذا التقريب أن الادلة المرخصة فى الاتيان بالظهر يوم الجمعة بكيفية صلاة الجمعة كصحيحى زرارة وعبدالملك المتقدمين كافية لاثبات التخيير المشهور وهو اجزاء الجمعة عن الظهر كما اشرنا اليه سابقاً و هذا الترخيص من الائمة عليهم السلام من الاحكام التسهيلية النظامية بمعنى رفع اليد عن إعمال ولايتهم في الامور الولائية المخصوصة بهم والاذن لشيعتهم في القيام بذلك تسهيلالهم وحفظاً لنظام اجتماعهم نظير ما صنعوا فى باب الخراج والمقاسمة من امضاء نتيجة افعال خلفاء الجور تسهيلا للشيعة حفظاً لنظام اجتماعهم فليس ذلك اقراراً بعدم.

ص: 325

الولاية الظاهرية لهم واختصاص شأنهم بالسيادة المعنوية مع كون الرئاسة الظاهرية حقاً لخلفاء الجور كما توهمه بعض القاصرين عن درك شئون الامام(علیه السلام) ومقام ولايته التكوينية والتشريعية ظاهرية وباطنية كما ليس ذلك امضاءاً لاعمالهم مصدرياً ان لنا المهنا وعليهم الوزر : فالترخيص فى اقامة الجمعة زمن عدم بسط يد الامام(علیه السلام) مع كونها منصبية كما عرفت يكون من هذا القبيل . ( ومنها ) أن صلاة الجمعة لو لم تحرم لو جبت عيناً ولا يقول به المشهور بيان ذلك ان تولي امام الاصل ان كان شرطا في صلاة الجمعة فالمشروط ينتفى بانتفاء شرطه فلدى عدم تولى الامام(علیه السلام) الا كما في زمن الغيبة لاامر بصلاة الجمعة واقل ذلك حرمة اقامتها تشريعاً ولولم يكن شرطاً لكانت واجبة عييناً تعييناً في كل زمان وحيث لا يقول به المشهور فلا بدلهم من القول بالحرمة . (وفيه ) منع الملازمة فان مقتضى طبع صلاة الجمعة من حيث الطولية عن الظهر على نحو الخصال المرتبة كما دل عليه قوله(علیه السلام) فى صحيح زرارة المتقدم : و انما وضع الركعتان . . . لمكان الخطبتين : وان كان ما ذكر من انتفاء صحة صلاة الجمعة بانتفاء شرطها الذى هو تولى امام الاصل لكن هناك ادلة خاصة كاشفة عن تسهيل الأئمة عليهم على شيعتهم بعدم اعمال ولایتهم بالنسبة الى زمن عدم بسط اليد والترخيص في اقامة الشيعة صلاة الجمعة ودرك فضيلتها زمن الغيبة هي صحيحا زرارة وعبد الملك كما اشرنا اليه آنفاً وليس مفاد هذه الادلة مجرد الاذن في الاتيان بصلاة الجمعة بماهي عمل عبادى كي لا يستلزم الاجزاء عن الظهر بل مفادها كما اشرنا اليه غير مرة هو الاذن فى تطبيق وظيفة الظهر يوم الجمعة على صلاة الجمعة وايجاد تلك الوظيفة بهذه الكيفية أي الركعتين مع الخطبتين و بعد قيام ضرورة الدين ودلالة الاخبار على أن وظيفة ما قبل العصر يوم الجمعة كساير الايام منحصرة في صلاة واحدة ينتج الترخيص المزبور نتيجة التخيير بين الكيفيتين أعنى أربع ركعات

ص: 326

وركعتين مع الخطبتين من حيث الاجزاء بلا استلزام ذلك العرضية (1) من حيث الجعل كما في كلية موارد التخيير المصطلح نظير خصال الكفارة كي يقال باستحالة التخيير في المقام لعدم العرضية كما توهم بل جعل ذلك اشكالا على مسلك المشهور في المسئلة اذا التعبير بالتخيير فى المقام انما هو بلحاظ النتيجة أى الاجزاء لا بلحاظ أصل الجعل فيلائم الطولية بحسب أصل الجمل ويمتاز بذلك عن التخيير المصطلح فى غير المقام فهذا اصطلاح آخر للفظ التخيير ولا مشاحة فيه بعد صحة أصل المطلب و تماميته بحسب الدليل فعدم حرمة صلاة الجمعة لدى انتفاء شرطها لا يستلزم وجوبها العينى التعيينى لاقتضاء الجمع بين الادلة وجوبها التخييرى بالمعنى الذي قلناه فلا يمكن الزام المشهور على الحرمة بهذا البيان .(ومنها ) أن وجوب صلاة الجمعة عيناً مشروط بتولى امام الاصل بالاجماع والمشروط ينتفى بانتفاء شرطه وحيث ان العبادة توقيفية لابد من ثبوت الامر بها شرعاً فاقامة الجمعة لدى عدم الشرط كما في زمن الغيبة لااقل من كونها محرمة تشريعاً لعدم الامر وقد اجاب عنه في الحدائق ببسط الكلام في ابطال حجية الاجماع وان موافقة المتاخرين عن الشيخ (قدسّ سره) معه في الاشتراط فى مسئلتنا هذه انما هو لحسن ظنهم به ومتابعتهم له بما هو رئيسهم فلا اجماع بل لو كان اجماع فلا اعتداد به في مقابل الاخبار و لكن هذا الاعتقاد انما حصل لصاحب الحدائق ( قدسّ سره ) في الاجماع كبروياً وصغرويا في المقام لاجل شدة تورعه في الدين وكمال احتياطه فى الاحكام الالهية و الافمقام تقوى الفقهاء القدماء قدس الله اسرارهم أجمعين وحشرنا وايا هم مع صاحب المذهب الحنيف الجعفري صلوات الله عليه و على آبائه الكرام و نزاهة نفوسهم الزكية عن الاقتراح في الدين و الاقتراح في الدين و الاحكام وعن

ص: 327


1- ومن الغريب توهم التخيير بحسب اصل الجعل وهو قول شاذ لا يساعده اى دليل منه على الله عنه .

طرح الاخبار لمتابعة رأى فقيه آخر يوجب حصول القطع الضرورى من توافقهم على حكم بعنوان أنه حكم الهى من غير وصول مدرك آخر لذلك الحكم الينا بوصول ذلك اليهم يداً بيد من قبل المعصومين(علیهم السلام) قولا او تقريراً فحجية الاجماع في موارد انعقاده و انحصار المدرك به مالا ينبغي الارتياب فيه ولا يقبل التشكيك من أحد كائناً من كان لكن التمسك به في المقام مع وجود المدرك في غير محله و هو الذي شجع صاحب الحدائق (قدسّ سره) على مثل هذا الجواب.

فالصحيح في تقريب الاستدلال هو التمسك لاثبات الاشتراط بأدلته السمعية المتقدمة كمعتبرى محمد بن مسلم وطلحة بن زيد وعدم قبول الاشكال السندى فيهما عن مثل صاحب الحدائق (قدسّ سره) بمثل تضعيف محمد بن مسكين مستنداً الى مناقشة الشهيد الثانى (قدسّ سره) فيه بعد ما كان مبنى صاحب الحدائق (قدسّ سره) على عدم الوقوف لدى أسانيد الاحاديث لاسيما الموجودة فى الكتب الاربعة لادعائه أنها قطعية الصدور فمثل معتبر محمد بن مسلم على مسلكه قطعي الصدور فلامعنى بعد ذلك لاعتماده فى التضعيف على مناقشة الشهيد الثاني (قدسّ سره) فى السند فضلاعما بيناه سابقاً من اعتبار سند الخبرين فى نفسهما وكذا عدم قبول الاشكال الجهتي فيهما بالحمل على التقية لما اسلفناه هناك من أن هذا الحمل بلا موجب بل مفاد الخبرين مخالف المتقية فمع وجود الدليل السمعى للمدعى لاحاجة الى التمسك بالاجماع بل ينبغى الاحتراز عن التشبث بدليل غير صحيح لاثبات المدعى الصحيح نعم يتوجه على هذا الاستدلال ما اشرنا اليه آنفا من وجود الادلة المرخصة في اقامة الجمعة لدي انتفاء شرط وجوبها العينى وأن ذلك ينتج وجوبها التخييرى بالمعنى المتقدم. ثم ان الشهيد الثاني (قدسّ سره) في رسالته المنسوبة اليه أجاب عن القول بالحرمة بأنه على فرض ثبوت المنصبية يكون الفقيه في زمن الغيبة قائما مقام الامام (علیه السلام) فى تولى اقامة الجمعة بدليل نصبه حاكماً كما في مقبولة عمر بن حنظلة وسائر ادلة ولاية الفقيه .

ص: 328

لكن هذا الجواب مبنى على التعدى من بعض أقسام الولاية الذى هو مورد نصب الفقيه الى سائر أقسامها الموجودة في الامام(علیه السلام) وذلك قياس محض اذمورد نصب الامام(علیه السلام) الا للفقيه في المقبولة : فانى جعلته حاكما : انما هو خصوص الحكم والقضاء بين الناس وفصل الخصومات دون سائر انحاء ولاية الامام (علیه السلام) ومجرد وجود تلك الانحاء من الولاية فى الامام(علیه السلام) الذي هو مصداق أصلي للحاكم أى القاضي بالجعل الالهى لا يوجب ثبوتها فى مصداقه الجعلي من قبل الامام(علیه السلام) مالم ينص على جعلها ايضاً للفقيه من قبل صاحب تلك المناصب الالهية أى الامام(علیه السلام) وحيث لم يثبت ذلك فالتشبث بدليل نصب الفقيه للقضاء لاثبات سائر انحاء الولاية ومناصب الائمة(علیهم السلام) اللي كتولى صلاة الجمعة أو اقامة الحدود أو غير ذلك للفقيه يكون قياساً باطلا وانما مفاده اعطاء منصب القضاء فقط حتى بالنسبة الى زمن حضور الامام(علیه السلام) كزمان صدور هذه الرواية . وربما يتمسك لاثبات عموم ولاية الفقيه زمن الغيبة بلزوم حفظ النظام بدعوى أن ذلك يقتضى عدم تعطيل الامور العامة المحتاجة الى الولى زمن الغيبة فلزوم نصب من يقوم بتلك الأمور قطعى بملاك حفظ النظام وفى زمان حضور الامام (علیه السلام)يكون هو المتعين للقيام بها بالجعل الالهى وأما في زمن الغيبة فيدور الامر بين التعيين والتخيير بالنسبة الى تعين قيام الفقيه بها أم جواز قيام كل مؤمن عادل ومقتضى القاعدة في كلية موارد الدوران بين التعيين والتخيير هو التعيين فيتعين قيام الفقيه بها لكن يتوجه عليه أن ملاك حفظ النظام يقتضى الجعل الالهي . وقد تم ذلك بجعله تعالى أئمة يهدون بالحق وبحكمه يحكمون وبعد غيبة ولى الله المجعول اماماً بسبب ظلم الناس وطغيان الجبابرة يكون تعطيل الامور العامة واختلال النظام مستنداً الى تقصير المرؤوسين وليس منع الفيض مستنداً الي الجاعل الأول جل وعلا ولا الرئيس الالهى فلاملاك بعد التشريع يقتضى لزوم نصب ولى آخر للقيام بأمور الناس وحفظ نظامهم ولذا برهن في علم الكلام في حق الامام (علیه السلام)

ص: 329

أن: وجوده لطف و تصرفه لطف وعدمه منا:ثم لو تنزلنا عن ذلك مما شاة مع الخصم وسلمنا وجود ملاك يقتضى لزوم حفظ نظام الناس زمن غيبة امامهم بوجود من يقوم بأمورهم العامة فذاك الملاك لا يخص الفقيه بل يعم كل مؤمن عادل سائس عارف بتدبير الامور فرب عاقل غير فقيه أعقل واعرف بتدبير الامور من الفقيه ومقتضى ذلك كفاية قيام عدول المؤمنين العارفين بتدبير الأمور بذلك بعد أخذ الاحكام من الفقهاء فلا معنى لدوران الامر بين التعيين والتخيير لينتج تعين الفقيه.

وجملة الكلام أن الامور على ضربين فمنها ما يكون في المجتمع بلا احتياج لهم بوحدتهم الاجتماعية اليه بل لبعضهم دون بعض كحفظ أموال الغيب والقصر ونحو ذلك من الامور الحسبية ومنها ما يكون اجتماعياً بمعنى احتياج العموم بوحدتهم الاجتماعية اليه كسد الثغور و حفظ بيضة الاسلام باقامة الحروب ونحوها من الامور الموقوف عليها حفظ نظامات الملل وأما القضاء وفصل الخصومات بين الناس فيمكن عده من الثانى باعتبار أن الفصل يكون بسبب التنفيذ من قبل رئيس عام نافذ الاعتبار ويمكن عده أيضاً من الاول باعتبار أن متعلقه مما يتفق لبعض الناس دون بعضهم وباعتبار كفاية النفوذ الاعتبارى لغير الرئيس العام ايضاً في تحقق الفصل .وكيف كان فالقسم الثانى أعنى ما يكون اجتماعياً يتوقف عليه حفظ نظامات الملل وان كان يحتاج الى الرئيس العام الا ان وجود هذا الرئيس خارجاً وعدم مغصوبيته من قبل الجائر ملازم مع وجود الامام (علیه السلام) وبسط يده للتصرف في الامورباعمال الولاية الكلية الالهية وحينئذ فلاحاجة الى اعطاء ولايته لغيره كالفقيه في زمن الغيبة واذا غاب أو قهر يتعطل ولا مقيم له غيره فلاولاية والقسم الأول أعنى ما يكون في المجتمع لكن وجوده خارجاً لا يستلزم التمكن من اعمال الولاية الكلية الالهية من قبل الامام(علیه السلام) الذى هو محل الكلام فى ولاية الفقيه وتكون روايات الباب ايضاً ناصة فيه وهكذا فصل الخصومات فلايحتاج الى رئيس أصلا ضرورة تحققه

ص: 330

خارجاً حتى يستفاد من أخبار الباب اعطاء منصب الولاية فيه للفقيه في زمن الغيبة .هذا كله مضافاً الى أن المنصب اذا كان الهياً محتاجاً إلى الجعل السماوى فلابد وأن يكون المنصوب منصوباً من قبل الله هذا فلو سلمنا احتياج المجتمع الديني الى الرئيس كما تسلم فلا نسلم كون الاحتياج بنفسه شارعاً للمنصب حتى يقال بدوران أمره بين كونه للفقيه أو عدول المؤمنين فتأمل تعرف .هذا كله حال أدلة القول بالحرمة التشريعية التي عرفت امكان الاحتياط معها كما صرح به بعضهم ككاشف اللثام وصاحب المستند (قدسّ سرهما ) وذكروا فى كيفية الاحتياط لزوم تقديم الجمعة ثم الاتيان بالظهر اذ في صورة تقديم الظهر يسقط الامر بالوظيفة بمجرد الاتيان بالظهر فلا يبقى موقع للاتيان بالجمعة أما بناءاً على تعين الظهر فواضح وأما بناءاً على التخيير فلتحقق الوظيفة في ضمن أحد فرديها فيسقط الأمر بها طبعاً لكن ذلك مبنى على ما اشتهر من أنه لا امتثال عقيب الامتثال وأما على ما حققناه فى بعض مباحث هذا الكتاب من امكان التوسعة في مرحلة الامتثال من قبل المكلف بايجاد ثانى الوجود وثالثه وهكذا من أفراد طبيعى المأمور به فلا معنى لسقوط الامر بل يجوز تقديم كل من الظهر والجمعة في مرحلة الاحتياط و أما القول بالحرمة الذاتية من جهة الغصبية التي عرفت عدم امكان الاحتياط

معها.(فاستدل له) بأن تولى امام الاصل(علیه السلام) شرط في صحة صلاة الجمعة فهى منصبيه فتولى اقامتها من قبل غير امام (علیه السلام) الغصب للمنصب واستيلاء على حق الامام (علیه السلام) عدواناً فهي محرمة تكليفاً فاسدة وضعاً فان قلت أليس قدر خص في الاتيان بها في صحيح زرارة وموثق عبد الملك المتقدمين قلت أولا لعل الترخيص فيهما ناظر الى الحضور فى جماعة المخالفين والاتيان بصلاة الجمعة معهم اتقاء.

ص: 331

وثانياً على فرض عدم النظر الى جماعة المخالفين فالترخيص شخصی راجع الى زرارة وعبد الملك فلا يعم غيرهما من الشيعة . وثالثاً على فرض عمومه لجميع الشيعة فهو اذن خاص من امام خاص في الاستيلاء على حقه مع أن حق الولاية ثابت لكل واحد من الائمة(علیهم السلام) فاذن الصادق(علیه السلام)لا يكشف عن اذن من بعده من الائمة(علیهم السلام) في الاستيلاء على حقوقهم فالتولى الاقامة فى زمن الغيبة استيلاء على حق امام العصر عجل الله فرجه الشريف من غير اذنه(علیه السلام) في ذلك فيكون غصباً ويبقى محذور الحرمة تكليفاً ووضعاً بحاله (ولكن يتوجه) عليه ان عنوان الغصب أى الاستيلاء العدوانى منتزع عن امور ثلاثة :أحدها الاستيلاء على حق الغير ثانيها عدم رضا صاحب الحق بذلك ثالثها علم الشخص بهما فبانتفاء أحد هذه ينتفى الغصب والمقيمون لصلاة الجمعة بأجمعهم في فسحة عن ذلك لانهم بين محرز الرضا الامام(علیه السلام) و ترخيصه للشيعة في اقامتها وهم المشهور و بين شاك فى اصل المنصبية شبهة حكمية أى كون تولى اقامتها حقاً لخصوص الامام(علیه السلام) وهم جماعة القائلين بالوجوب العينى التعييني في كل زمان على كل أحد فالاخيران من الامور الثلاثة منتفيان بالنسبة الى الصنف الاول وأولها منتف بالنسبة الى الصنف الثانى فلا حرمة لاقامة الجمعة تكليفاً زمن الغيبة وأما وضعاً من جهة عدم الأمر بها فكذلك للادلة المرخصة المتقدمة وحمل صحيح زرارة وموثق عبد الملك على الترخيص فى الحضور بجماعة المخالفين قد عرفت فساده هناك كما ان حملهما على الاذن الخاص من امام خاص فاسد لان لسان موثق عبدالملك : مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله : لسان بيان الحكم الشرعى أى التحريص الاتيان بفريضة الله لالسان الاذن فى الاستيلاء على الحق الشخصي للامام (علیه السلام) . نعم يستفاد منه بالاستلزام عدم اعمال الولاية ومن هنا يندفع الايراد الاخير أى الاحتياج الى اذن كل امام بالخصوص اذ بيان الحكم الشرعى(وان كان ملازماً ارفع اليد عن اعمال (الولاية من قبل امام واحد كاف لجميع الازمنة وبالنسبة الى

ص: 332

كل الأئمة(علیهم السلام) علا واما توهم كون الترخيص شخصياً فيندفع بالانتقال من المفرد الى الجمع في جواب سؤال عبد الملك : كيف أصنع : بقوله(علیه السلام) : صلوا جماعة: الظاهر فى الخطاب الى عموم الشيعة وأما صحيح زرارة فطرز خطاب لامام(علیه السلام) مع زرارة افراداً أو جمعاً وان لم يكن بأيدينا لكن الظاهر من مادة الحث في كلام زرارة : حثنا ابو عبد الله (علیه السلام) على صلاة الجمعة : هو التحريص على الحكم أى الاتيان بالمشروع بما هو مشروع لا بما هو استيلاء على حق الامام ويحتاج الى الاذن ليكون اذنا في ذلك فيكون من هذه الجهة مثل موثق عبد الملك الذى عرفت ظهوره في بيان الحكم الشرعي لا الاذن في الاستيلاء على الحق نعم رفع اليد عن الولاية أمر استلزامى مستفاد من الترخيص كما سبق ثم ان الظاهر من ضمير : نا : في كلام زرارة وضمير : كم : في كلام الامام الله : انما عنيت عندكم : تعميم الترخيص لجميع الشيعة ويندفع عنه الايراد الاول ومن هنا يعلم أن الترخيص المستفاد من هذه الادلة يعم الفقيه

وغيره فلا يختص جواز اقامة الجمعة فى زمن الغيبة بالفقيه .وأما ما ذكره المحقق الثاني (قدسّ سره) من الاختصاص فمبنى على أمرين أحدهما دعوى الاجماع على اشتراط صحة اقامة الجمعة بتولى الامام(علیه السلام) أو نائبه ثانيهما استظهار عموم ولاية الفقيه من قوله(علیه السلام) الا فى مقبولة ابن حنظلة : فاني قد جعلته حاكماً : وكلا الامرين ممنوعان أما الاجماع فلان المسئلة من حيث اشتراط أصل الصحة بذلك كانت خلافية من صدر الفقه الى زماننا هذا فكيف يعقل انعقاد اجماع القدماء على طرف نعم اشتراط الوجوب العيني بذلك مورد اتفاق القدماء كما بيناه سابقاً. وأما استظهار عموم ولاية الفقيه من المقبولة فلما عرفت آنها من أنه أشبه بالقياس نعم قد أسلفنا أن الظاهر من علل تشريع الخطبة كون مجتمع صلاة الجمعة دار الندوة الاسلامية شرعت لتنوير أفكار العموم واخبارهم عن أوضاع العصر وايقافهم على مصالح الدين والدنيا حسبما اقتضته مصلحة الوقت وارادة الخطيب وذلك يختص

ص: 333

بالامام (علیه السلام) لامتناع صدوره عن غيره(علیه السلام) لكن عموم أدلة الترخيص حاكم على ذاك الظهور كاشف عن تعميم الخطبة زمن عدم بسط يد الامام(علیه السلام) الا للكل ما يقدر عليه كل واحد من المرخوصين في اقامة الجمعة وقتئذ نعم الاحوط الراجح تولى الفقيه لاقامتها زمن الغيبة لكونه أقرب من حيث المنصب والمقام الى من له الولاية بحسب الاصل وهو الامام (علیه السلام).

تنبیه

قد تبين من مطاوى ما ذكرناه الى الان وهم ودفع أما الوهم فهو توهم العامة أن الخاصة تاركون لصلاة الجمعة مع كونها فريضة على كل أحد فى كل زمان واذا طعنوا عليهم بذلك وأما الدفع فهو أن ذلك فرع مبنى على أصل من أصول المذهب فحديث الترك سلب بانتفاء الموضوع فلا طعن على الخاصة بل الطعن على أولئك التاركين للتمسك بولاية أولياء الله المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين والزاعمين كون انتخاب الولى بيد المخلوقين وامكان تعيينه باجماع الامة ثم تعيينه بمقتضى رأى أشخاص معدودين من غير تحصيل اجماع الامة على ذلك. أما مهية صلاة (الجمعة) فهى (ركعتان) اجماعاً كما في المعتبر والمنتهى ( كالصبح) من حيث كونها مقصورة مع تفاوتها في محل القنوت وعدده كما ستعرف لا من حيث كونها وظيفة مستقلة في قبال الظهر كما يوهمه ظاهر التشبيه انقد عرفت فيما سبق أنها كيفية لوظيفة الظهر يوم الجمعة لان الاصل فيها الاربع ثم جعل لها هذه الكيفية بالشرائط الاتية كما دل على ذلك صحيح زرارة المتقدم المشتمل على تفسير قوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وأن هذه الاية أنزلت يوم الجمعة ورسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم)في سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر وأضاف المقيم ركعتين وانما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة

ص: 334

فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الايام : الى غير ذلك من الاخبار المتقدمة الدالة على كيفية صلاة الجمعة وأنها ركعتان مع الامام أربع ركعات بدونه او اذا لم يكن من يخطب .ومن هنا يعلم المراد من قول المصنف (قدسّ سره) ( يسقط معهما الظهر) وأنه لا وجوب للمظهر لدي وجوب الجمعة ولذا يصرح بعد ذلك باشتراط وجوبها بالسلطان العادل أومن نصبه اذ بديهي أن مع وجود الامام(علیه السلام) الا وجوب للظهر كي يتصور سقوطه صلاة الجمعة وبالجملة فالحكمان اعنى كون صلاة الجمعة ركعتين وعدم وجوب الظهر معها مما قام عليهما اجماع الاصحاب كما فى المعتبر والمنتهى ودل عليهما النصوص كما تقدم.( ويستحب فيهما الجهر) بالقرائة على المشهور بل عن المصنف (قدسّ سره) في المعتبر أنه لا يختلف فيه أهل العلم وفى المدارك هذا الحكم مجمع عليه بين الاصحاب ويدل عليه أخبار مستفيضة كقوله(علیه السلام) لا في صحيح زرارة المتقدم : والقرائة فيها بالجهر : وفي صحيح عمر بن يزيد المتقدم : ويجهر بالقرائة : الى غير ذلك بعد رفع اليد عن ظهور تلك الاخبار فى الوجوب بالاجماع وبما فى المدارك من صحيح على ابن جعفر عن أخيه موسى(علیه السلام) قال سألته عن الرجل يصلى من الفرائض ما يجهر فيه بالقرائة هل عليه أن لا يجهر قال ان شاء جهروان شاء لم يجهر لكن الاجماع غير محصل كما نبه عليه في الجواهر وغيره والخبر غير قابل للاخذ بظاهره كما اسلفناه في مبحث القرائة فيبقى ظهور الاخبار في وجوب الجهر سليماً عن المعارض فهو الحق الموافق للصناعة كما نبه عليه جماعة من الاصحاب .

( وتجب بزوال الشمس) اجماعاً وللنصوص المتواترة المتقدمة في المواقيت الدالة على تعيين وقت الظهر بذلك بعد وضوح اتحادهما وكون الجمعة كيفية من الظهر كما تقدم بيانه والنصوص المستفيضة الاتية الدالة على تعيين مبدء الوقت لخصوص الجمعة بذلك نعم نقل الشيخ (قدسّ سره) في الخلاف عن السيد المرتضى (قدسُ سره)

ص: 335

اختيار كون مبدء وقت الجمعة عند قيام الشمس والمراد به حسب الظاهر عند وصولها نهاية السير فى الدائرة الوهمية بحسب قوسها الصعودى قبل انتقالها الى القوس النزولى فى النصف الاخر من تلك الدائرة وتجاوزها عن دائرة نصف النهار الذى به يتحقق الزوال أو وصول الارض الى تلك النقطة بناءاً على حركتها حول الشمس فيكون اسناد القيام الى الشمس عليهذا مع كونه في الحقيقة للارض من جهة كون الشمس مبدء الاشراق على الارض. و تفصيل ذلك ذكرناه فى باب المواقيت عند تعريف الزوال لكن في السرائر ادعى عدم وجدان هذا القول في كتب السيد واحتمل سماع الشيخ منه (قدسّ سرهما ) ذلك في الدرس وعرفانه منه مشافهة وكيف كان فليس في أخبار الباب ما يدل على هذا القول والعاميان المرويان احدهما عن فعل ابى بكر والاخر عن فعل النبي(صلی الله علیه و آله وسلم) ضعيفان لا ينبغي عدهما من أخبار المسئلة ولاذكرهما في الكتب الاستدلالية ولذا اختار السيد ( قدسّ سره ) في سائر كتبه ما اختاره المشهور من كون مبدء وقتها زوال الشمس . (و) أما منتهى وقتها فقد اختلف فيه الاصحاب على أقوال ستة احدها ما عليه المشهور من أنه ( يخرج وقتها اذا صار ظل كل شيء مثله) والمراد به الفيىء الحادث للشاخص فيما بعد الزوال سواء انعدم ظله حين الزوال كما في مكة وصنعاء في بعض أيام السنة أم نقص ثم زاد كما في بلادنا والقرينة على ارادة ذلك كونهم بهذه العبارة بصدد تحديد امتداد وقت الصلاة فيما بعد الزوال ثانيها ما قيل من أنه اذا صار الظل الحادث فيما بعد الزوال مثل الظل الموجود حين الزوال لكن لم يعرف قائله كما لم يعلم مستنده مضافاً الى تواليه الفاسدة كاستلزامه عدم وقت الصلاة الجمعة فى مورد انعدام الظل كما اشرنا اليه وكاختلاف وقته سعة وضيقاً بحسب الامكنة وكونه في بعض الامكنة وبعض أيام السنة التى يطول ظل الشاخص فيها سريعاً ضيقاً للنهاية بحيث لا يسع فعل الصلاة .

ص: 336

ثالثها ما نسب الى ابى الصلاح (قدسّ سره) والسيد بن زهرة (قده) في الغنية مدعياً عليه الاجماع من أن وقتها من الزوال بمقدار ما يتسع للاذان والخطبتين وصلاة الجمعة متمسكا بالاخبار الدالة (الوسائل - الباب - 8 - من صلاة الجمعة على ان وقت صلاة الجمعة مضيق كصحيح فضيل بن يسار عن ابيجعفر(علیه السلام) قال ان من الاشياء أشياءاً موسعة وأشياءاً مضيقة فالصلاة مما وسع فيه تقدم مرة وتؤخر أخرى والجمعة مما ضيق فيها فان وقتها يوم الجمعة ساعة تزول ووقت العصر فيها وقت الظهر فى غيرها : ان المراد بالجمعة في قوله(علیه السلام) : والجمعة مما ضيق فيها : بقرينة السياق صلاة الجمعة وصحيح زرارة قال سمعت ابا جعفر(علیه السلام) يقول ان من الامور اموراً مضيقة وأموراً موسعة وان الوقت وقتان والصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم)وربما أخر الاصلاة الجمعة فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول ووقت العصريوم الجمعة وقت الظهر فى سائر الايام .ومرسل الصدوق قال وقال أبو جعفر(علیه السلام) وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ووقتها فى السفر والحضر واحد وهو من المضيق وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الأولى في سائر الايام وصحيح محمد بن ابی عمیر قال سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الصلاة يوم الجمعة فقال نزل بها جبرئيل مضيقة اذا زالت الشمس فصلها قال اذا زالت الشمس صليت ركعتين ثم صليتها فقال ابو عبد الله(علیه السلام) أما أنا فاذا زالت الشمس لم أبدء بشيء قبل المكتوبة وصحيح عبدالاعلى بن اعين عن ابيعبد الله(علیه السلام) في حديث قال ان من الاشياء اشياءاً مضيقة ليس تجرى الاعلى وجه واحد منها وقت الجمعة ليس لوقتها الاوقت واحد حين تزول الشمس. بتقريب أن الظاهر من هذه الاخبار تضيق وقت صلاة الجمعة بحسب طبعها مع كون مبدئه الزوال ومقتضى ذلك انتهاء وقتها بمقدار فعلها بماله من الاذان

ص: 337

والخطبتين من أول الزوال وناقش فيه المصنف ( قدسّ سره ) فى المعتبر بانه ينافى هذا النحو من الضيق الفصل بنفس أو قول جبرئيل لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) و انزل واشباه ذلك كما في صحيح عبدالله سنان عن ابی عبد الله(علیه السلام) قال كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) يصلى الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ويخطب فى الظل الأول فيقول جبرئيل با محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) قد زالت الشمس فانزل فصل وانما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهى صلاة حتى ينزل الامام . واجيب بأن المدار على العرف لا الدقة العقلية ولكن يتوجه على هذا القول أن ذيل المستفيضة الدالة على التضييق يحدد وقت العصر فى يوم الجمعة بوقت الظهر في سائر الايام وتقدم في مبحث المواقيت أن وقت فضيلة الظهر في سائر الايام يمتد الى صيرورة الظل الحادث مثل الشاخص فهذه الفقرة من المستفيضة سواء قلنا بأنها كناية عن تحديد آخر وقت صلاة الجمعة كما هو الظاهر أم قلنا بسوقها لتحديد وقت العصر يوم الجمعة ويستفاد منها بالاستلزام تحديد آخر وقت صلاة الجمعة تدل على أن تضيق وقت صلاة الجمعة نسبى بالاضافة الى شقيقتها أى الظهر وحيث ليس لصلاة الجمعة الاوقت واحد كما نص عليه في بعض هذه الاخبار فذلك الوقت هو الوقت الصحى الاجزائى فمفاد هذه الاخبار بمجموع الصدر والذيل امتداد وقت صلاة الجمعة الى امتداد الوقت الفضيلى للظهر فى سائر الايام وهو المثل بعد وضوح عدم النظر الى الوقت الصحى أو الاجزائى للظهر الذي يبتدء من حين الزوال . وبالجملة فهذه الاخبار على خلاف مطلوب المستدل أدل أما فعل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) فهو يدل على اصل الضيق لاحده.( رابعها) ما نسب الى الجعفى من انتهاء وقتها بعد الزوال بساعة مستدلا بمرسل الصدوق (رحمه الله) قال وقال ابو جعفر (علیه السلام) اول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس الى ان تمضى ساعة فحافظ عليها فان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال لا يسأل الله عبد فيها خيراً الا اعطاه : وقريب منه صحيح زرارة عن ابيجعفر (علیه السلام) ويتوجه عليه مضافا الى ضعف

ص: 338

سند الأول بالارسال ضعف الدلالة ان لم يعلم المراد بالساعة فان مفهومها اللغوى برهة من الزمن وهو غير معلوم المقدار ولا قرينة على ارادة الساعة النجومية (60) ثانية ( وما ورد في بعض الاخبار من تقسيم اليوم والليلة الى اربع وعشرين ساعة لم يعلم ارادة الساعة النجومية من ذلك لان اطلاقه يقتضى الشمول لمواقع عدم تساوى الليل والنهار وحمله على اول الخريف والربيع الذى يتساوى فيه الليل والنهار حمل للمطلق على حصة خاصة منه بلا قرينة مضافا الى انه لم يعلم كون الساعة في هذين الخبرين اشارة الى الساعة في تلك الرواية والى ان الظاهر منهما الترغيب في نفس الزمان دون الزمانى اى الصلاة . (خامسها) ما نسب الى ابن ادريس ( قدسّ سره )في السرائر والشهيد (قدسّ سره ) في الدروس والبيان وجماعة من امتداد وقت صلاة الجمعة بامتداد وقت الظهر ويتوجه عليه انه خلاف ظواهر المستفيضة المتقدمة الدالة على تضيق وقت صلاة الجمعة ان قد عرفت ان ضيقه نسبى بالاضافة الى وقت الظهر.(سادسها) ما اختاره المجلسيان وتبعهما صاحب الحدائق وربما مال اليه صاحب مصباح الفقيه قدس الله اسرارهم من امتداد وقت صلاة الجمعة الى القدمين اى الذراع من الزوال متمسكاً بصحيح زرارة الممدد لوقت الظهر بالذراع وقد دلت المستفيضة المتقدمة على أن آخر وقت الجمعة وقت الظهر فى سائر الايام فيكون ذراعاً ويتوجه عليه أن وقت الظهر على أقسام أربعة بحسب ما يستفاد من أخبار المواقيت وفصلنا الكلام في ذلك في بابها أحدها الصحى وهو من أول الزوال ثانيها الفضيلى وهو بمقتضى الجمع بين الاخبار من أول الزوال الى أن يصير ظل الشاخص مثله مثله الحدث كلما قرب الى أول الزوال كان أفضل غاية الامر اقتطف من هذا الوقت بمقدار الذراع لاجل التنفل جمعاً بين الفضيلتين فعل النافلة والاسراع الى الفريضة من غير أن يكون مبدء وقت الفضيلة للظهر من حين مضى ذراع من الزوال ثالثها الاجزائى وهو ما بين الزوال الى استتار القرص رابعها الاقتطافى لاجل النافلة وهو الذراع كما عرفت فتعيين

ص: 339

وقت الظهر فى هذه المستفيضة بخصوص الاخير أى الاقتطا في يكون بلامعين مضافا الى وجود القرينة داخلية وخارجية على تعيين غيره أما الداخلية فهى أن الظاهر من وقت الظهر المطبق على آخر وقت الجمعة انما هو وقتها الطبعى وان كان فضيلياً دون الاقتطا في وقد عرفت أنه يمتد الى ما بعد قامة الشاخص أى قامة الشاخص أى صيرورة ظله الحادث بعد الزوال مثله. وأما الخارجية فهى ما أشار اليه المجلسي الاول (قدسّ سره) من أن الاتيان بالخطبتين والركعتين في القدمين صعب جداً كيف وغالب الناس في ذلك الزمن الذي لم يكن عندهم مثل الدائرة الهندية العرفان أول الزوال انما كان يحصل لهم الاطمئنانبالزوال بعد مضى قدم منه فكيف يمكن لهم التهيؤ للصلاة بتحصيل الطهارة وسائر مقدماتها ثم الذهاب من بيوتهم الى محل اقامة الجمعة والالتحاق بها ثم شروع الامام بعد سعی الناس الى فى الخطبتين واتمامهما واتمام الصلاة في الجمعة واجتماعهم . مقدار قدم واحد بل قد عرفت سابقاً ان خطبة صلاة الجمعة حسبما يظهر من عللها محتوية على تنوير أفكار العموم وبيان أوضاع اليوم ومصالح الدين والدنيا وذلك بنفسه يشغل مقدار قدمين من الوقت و كذا نفس الخطب المفصلة الواردة بألفاظها في الاخبار . وهذا كله يشرف الفقيه على القطع بعدم ارادة الذراع من وقت الظهر في هذا الباب واذ قد تبين أن وقت صلاة الجمعة واحد مضيق وأنه ليس المراد به ما يسع اداء صلاة الجمعة فقط ولامقدار الساعة النجومية لعدم القرينة على ذالك وأن وقت الظهر على أقسام أربعة وضعى واقتطافي وفضيلى واجزائى وأنه لامعين لارادة ثانى الاقسام الاربعة وقت الظهر فى المستفيضة بل لا يمكن ارادته لعدم الوفاء بجميع شؤن صلاة الجمعة كما لا يمكن ارادة الوقت الوضعى الصحى من حيث المبدء لاشتراك الجمعة مع الظهر في هذا المبدء فلا يعقل أن يكون منتهى وقت الجمعة ايضاً ولا ارادة رابعها أى الاجزائي الممتد الى ما بعد المثل لمخالفته مع صراحة المستفيضة في

ص: 340

ضيق وقت الجمعة تبين من جميع هذه الامور أن المتعين ارادة ثالثها وهو المثل الذى يقول به المشهور ولو أبيت عن ذلك فيدور الامر بين ارادة الثاني أو الثالت أى ما يقوله المجلسيان أوما يقوله المشهور. وحيث أن الشك يكون فى الغاية بواسطة شبهة مفهومية يجرى فيها الاستصحاب الى المثل وماذكر من عدم جريان الاستصحاب في المقام بناءاً على عدم جريانه لدى الشك فى المقتضى بدعوى ان الشك في المقام يكون فى مقدار استعداد الوقت للبقاء مدفوع بأن الشك فى المقام ليس فى أصل الاقتضاء بل فيما هو المقتضى وانه الذراع الذى نقطع بانتهائه بعد ذلك أو المثل الذى نقطع ببقائه بعد فيكون من القسم الثانى لاستصحاب الكلى أى المردد بين الطويل والقصير ويصح فيه استصحاب الجامع فنستصحب بقاء الوقت الى المثل وبذلك يتم قول المشهور فما صنعه الشهيد (قدسّ سره ) فى الذكرى من انكار دلالة الادلة على قول المشهور وتبعه على ذلك جماعة من المتأخرين ليس في محله بل مقتضى الجمع بين الادلة بعد الدقة ما عليه المشهور.

(و) يتفرع على التحديد المشهور فروع (منها) أنه ( لوخرج الوقت وهو فيها أى في صلاة الجمعة بعد ركوع الركعة الأولى (اتم جمعة اماما كان او مأموماً ) واستدل لذلك بوجوه ثلاثة احدها الاجماع وهو على فرض كونه محصلا مدرکی مستند الى ما يأتى فليس له كشف استقلالى عن رأى المعصوم(علیه السلام) ثانيها قاعدة أصولية هى ان المكلف دخل فى الصلاة مستجمعة للشرائط فيشمله النهى عن الابطال وهو على فرض عدم انحصار دليله بالاجماع الذي يكون لبيافله قدر متيقن بل وجود اطلاق لفظى فيه نظير لا تبطلوا أعمالكم مخدوش بأن مورده العمل الصحيح بالطبع لولا ابطاله اختياراً فلا يشمل موارد الشك في الانبطال نظير كلية موارد الشك في فقدان جزء أو شرط أو وجدان مانع كما فيما نحن فيه ضرورة اشتراط صلاة الجمعة حسب الفرض بوقت خاص ه--و م-ن حين الزوال الى

ص: 341

ان یصیر الفييء مثل الشاخص فبعد انقضائه كما فى الفرض الاجمعة حتى يشملها النهى عن عن الابطال ثالثها قاعدة من ادرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت كله و هذا الدليل يخص مورد ادراك ركعة من صلاة الجمعة في وقتها كما قيدنا به الفرع فلا يعم مطلق المتلبس بها في الوقت ولو بمقدار تكبيرة كما يظهر من جماعة نعم قد يناقش فيه بضعف المستند اذا الوارد في الاخبار الصحيحة مخصوص بصلاة الغداة والعام لجميع الصلوات وارد فى نبوى مرسل لكن المناقشة في غير محلها ضرورة انجبار ضعف النبوي بالعمل كما بيناه في مبحث المواقيت. (و) منها أنه (تفوت الجمعة بفوات الوقت ( سواء كان عن عمدأم لعذر من غفلة عن الوقت أو عدم ادراك الامام اوغير ذلك مما يوجب فوات الوقت المضروب شرعاً لاداء صلاة الجمعة بعد فرض اجتماع سائر شرائطها ) ثم لا تقضى جمعة وانما تقضى ) أى تؤدى ( ظهراً ) ويمكن الاستدلال له أيضاً بوجوه ثلاثة أحدهما اجماع أهل العلم كما في المدارك وقد عرفت حال الاجماع في أمثال المقام من احتمال الاستناد الى المدرك فضلا عن احرازه ثانيها الاخبار الدالة(1) على أن من لم يدرك الجمعة فليصل أربعاً كصحيح الحلبي على الصحيح قال سألت ابا عبد الله(علیه السلام) عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة قال يصلى ركعتين فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعاً وقال اذا أدركت الامام قبل أن يركع الركعة الاخيرة فقد أدركت الصلاة وان انت ادركته بعد ماركع فهى الظهر اربع : وصحيح عبد الرحمن العزرمي عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال اذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف اليها ركعة أخرى واجهر فيها فان ادركته وهو يتشهد فصل اربعاً : بدعوى أن ظاهرها تنويع وظيفة الظهر من يوم الجمعة الى ركعتين لمن ادرك صلاة الجمعة وأربع ركعات لمن لم يدركها وفيه أن هذه

ص: 342


1- الوسائل الباب - 26 - من صلاة الجمعة

الاخبار فى نفسها أخص من المدعى انموردها عدم ادراك الامام .ومحل الكلام أعم من ذلك كما عرفت وبضميمة قاعدة خارجية من عدم وجوب أزيد من صلاة واحدة على المكلف فى ظهر يوم الجمعة اى قبل صلاة العصر فمع فوات صلاة الجمعة لجهة ما تتعين صلاة الظهر اربع ركعات يكون الدليل تلك القاعدة دون هذه الاخبار فالاولى هو الاستدلال للمطلب بالوجه الثالث و هو اصالة الاربع التي قلنا سابقاً باستفادتها من مثل صحيح زرارة الوارد في كيفية صلاة الجمعة : وانما وضعت الركعتان لمكان الخطبتين : وأن وظيفة ما قبل العصر من يوم الجمعة مهية واحدة هي بحسب الاصل أربع ركعات غاية الامر جعلت لها كيفية خاصة لمدرك الشرائط المقررة في الشرع هي سقوط ركعتيها وثبوت خطبتين مكانهما فمن فاتته هذه الكيفية كما في الفرض تتعين وظيفته بحسب الجعل الاولى في اربع ركعات الظهر. (و) منها انه (لووجبت الجمعة عيناً بحضور امام الاصل(علیه السلام) له على ما هو الحق من اشتراط الوجوب به أو مطلق امام الجماعة مع سائر الشرائط على القول بالاطلاق واقيمت الجمعة ومع ذلك لم يحضر المكلف لديها ) فصلى الظهر ) بطلت صلاتها لانحصار الوظيفة في الفرض بصلاة الجمعة فلا أمر بصلاة الظهر في حقه أصلا و ( وجب عليه السعى لذلك فان ادركها) فهو (والا أعاد الظهر ولم يجتز بالاول) لماعرفت من عدم الأمر بها حينذاك نعم بعد عدم ادراكها عقيب السعى تكون وظيفته الظهر هذا اذا علم بوجوبها عيناً بأن أحرز كون هذا المقيم لصلاة الجمعة امام الاصل مثلا او أحرز اجتماع سائر الشرائط. و اما لوشك في ذلك ولم يكن كذلك واقعاً اواحرز الوجوب العيني وكان في الواقع خلاف ذلك كما لو علم يكون المقيم امام الاصل ولم يكن في علم الله كذلك فصلى الظهر في احدى الصورتين فصلاته صحيحة بمقتضى القاعدة من انطباق المأتى به مع الوظيفة الواقعية مع تمشى قصد القربة من المصلى وعدم دخل قصد الوجه او التميز فى

ص: 343

صحة العبادة نعم لو اوجب الشك او احراز خلاف الواقع في مرحلة الظاهر عدم تمشى قصد القربة من المصلى فالبطلان من جهة فقدان ذلك لا من جهة عدم تطابق الظاهر مع الواقع . (و) منها انه ) لوتيقن ان الوقت يتسع للخطبتين ) باقل الواجب منهما ) وركعتين خفيفتين ( بحذف المندوبات كالقنوت ونحوه والاقتصار على الواجبات وجبت الجمعة) بلاخلاف فى ذلك ولا اشكال ضرورة دوران الامر بين امتثال الطبيعي في وقته وبين ايجاده في ضمن الفرد المندوب مع وقوع بعضه خارج الوقت ومن المعلوم تعين الاول فيجب ترك المستحبات و الاقتصار على الواجبات انما الكلام فيما اذا شك فى اتساع الوقت لذلك فذهب المحقق الثاني (قدسّ سره) في محكي جامع المقاصد الى وجوب الجمعة ايضاً متمسكاً باصل موضوعى هو استصحاب بقاء الوقت واصل حكمى هو استصحاب وجوب الجمعة. و ناقش فيه صاحب المدارك (قدسّ سره) بان الاستصحاب يفيد الظن بالبقاء وهو غير كاف لكنه مبنى على مسلكه من عدم حجية الاستصحاب كبروياً فلا يجري على المسلك الحق من حجيته نعم هناك اشكال فى مطلق استصحاب الوقت من جهة شبهة الاثبات بزعم ان وقوع الصلاة في وقتها لازم عقلى لاستصحاب الوقت فلا يثبت به لكنه فاسد لان حال استصحاب الوقت هنا كحال استصحاب كل قید او شرط للمهية المخترعة كان موجوداً سابقاً وقدشك في بقائه لاحقاً نظير استصحاب الطهارة الحدثية او الخبثية للدخول في الصلاة معها من حيث ان استصحاب بقائه موضوع لانطباق الحكم الشرعى الكلي عليه كالصلاة مع الطهارة اوفي الوقت المستلزم عقلا للاجزاء عن الوظيفة الشرعية من غير ارادة اثباث تطبيق الحكم الشرعي او الاجزاء عن التكليف بذلك الاستصحاب كي يتوهم كونه من اللوازم العقلية للمستصحب وتطرق شبهة الاثبات اليه بلاحاجة الى دفع الشبهة في بعض الموارد بان المستصحب من حالات الفاعل كالطهارة الحدثية للمصلى فلا يوجب الاثبات بالنسبة الى الفعل كالصلاة فضلا عن فساد هذا الدفع لان حالة الفاعل بما

ص: 344

هو فاعل غير دخيلة في موضوع الحكم الشرعي وعلى فرضه فهي دخيلة في الفعل بالعرض فالظاهر من باء الوصلة فى قوله(علیه السلام) : لا صلاة الابطهور : دخل الطهور في نفس الفعل فوقوع الصلاة عن طهور قيد فيها شرعاً .

واما اشكال ان استصحاب الوقت يكون من قبيل الشك في المقتضى لعدم احراز اقتضاء الوقت للبقاء الى هذا المقدار فيندفع بانه لاشك هنا في مقدار اقتضاء الوقت للبقاء بل هو محرز باحراز امتداد الليل او النهاروان مقداره عشر ساعات مثلا او امتداد ما بين الطلوعين لصلاة الصبح و ان مقداره ساعة ونصف مثلا وهكذا انما الشك في استصحاب الوقت مطلقا في بقاء ما هو المقتضى وان النهار او الليل او ما بين الطلوعين المعلوم مقدار امتداد كل منها هل هو باق ام لا. و بالجملة فاستصحاب بقاء الوقت لدى الشك فى اتساعه لاقل الواجب من صلاة الجمعة مما لا اشكال فيه فتجب الجمعة معه كما افاده المحقق الثاني (قدسّ سره ) نعم لاحاجة الى الاصل الحكمى مع وجود الاصل الموضوعي ضرورة حكومته على الأصل الحكمى فتمسكه باصلين في المقام في غير محله. (و) منها انه ( ان تيقن أوغلب على ظنه أن الوقت لا يتسع ذلك فقد فاتت الجمعة ويصلى ظهراً ( اما فى صورة اليقين بعدم وفاء الوقت حتى بمقدار ركعة من صلاة الجمعة فواضح نعم في صورة الوفاء بمقدار ركعة منها يصلى الجمعة بمقتضى عموم من أدرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت كله والاشكال فيه كبروياً كما عن جماعة بأنه دليل عذرى فيختص موضوعه بالعذر الحاصل قهراً من غير اختيار كما في النائم او المريض او الغافل الى ذلك الوقت ولا يشمل العذر الحاصل باختيار المكلف كتأخير الصلاة عمداً الى ذلك الوقت مدفوع بأن العذر يصدق عرفاً على الاضطرارى والاختيارى منه فيعمهما اطلاق الدليل العذرى غاية الامر عصيان المكلف فى العذر الاختيارى من جهة تفویته بعض ملاك الواجب عمداً وصغروياً كما في مصباح الفقية بأن صلاة الجمعة المسقطة عن الظهرانما هي المستجمعة للشرائط

ص: 345

والاجزاء تامة فلا تشمل الفرد الاضطرارى كما فى الفرض مدفوع بأن ذلك خلاف أخصية أدلة الاعذار عن الادلة الاولية التي منها أدلة صلاة الجمعة وحكومتها على جميع الادلة والافلتكن أدلة صلاة الجمعة حاكمة على جميع ادلة الاعذار كالوضوء الجبيرى وغير ذلك من الاعذار بلاجريان شيعمنها في صلاة الجمعة وليس كذلك قطعاً فمقتضى حكومة قاعدة من ادرك على وقت الجمعة اختصاص فوات صلاة الجمعة باليقين بعدم وفاء وقتها حتى بمقدار ركعة منها واما في صورة الظن بعدم الوفاء فيحكمها حكم صورة الشك في وفاء الوقت بذلك التي عرفت جريان استصحاب بقاء الوقت فيها ضرورة عدم حجية الظن عرفا وشرعاً فى امثال المقام .انه لاريب ولا اشكال فى وجوب استماع الخطبة عند اجتماع شرائط و جوب صلاة الجمعة ولذا ورد التوبيخ على من ترك النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) ا قائماً خطيباً وانفض من حوله فقال عز من قائل « انفضوا اليها وتركوك قائما» انه قد دلت الاخبار على ان الخطبتين مكان الركعتين لكن حيث ان الخطبة فعل الامام دون المأموم فلولم يحضرها المأموم و فاتته كلا او بعضاً لم تكن قابلة للتدارك بالنسبة اليه فهل تصح منه صلاة الجمعة بادراك الامام في احدى الركعتين أم لا بل تجب عليه الظهر أربع فيه خلاف بين العامة و الخاصة فذهب عمر بن الخطاب وعطا وطاوس ومجاهد الى الثانى واتفق الخاصة على الاول كما اشار اليه المصنف (قدسّ سره) بقوله ( فاما لولم يحضر الخطبة في اول الصلاة وادرك مع الامام ركعة صلى جمعة ) وذلك لصراحة النصوص كصحيح الحلبي وغيره مما يأتي في المسئلة اللاحقة انه يصلى ركعتين اذا لم يدرك الخطبتين وانما يصلى اربعاً اذا فاتته الصلاة فيستفاد منها ان قرائة الخطبة من قبل الامام سبب لسقوط الركعتين حتى من المأموم الذى لم يحضرها بل أدرك الامام في الصلاة وأن المدار في وقوع صلاة المأموم جمعة انما هو على ادراكه الأمام في نفس الصلاة دون الخطبتين وان كان يجب عليه الاستماع اذا حضرهما نعم في مقابل تلك الاخبار صحيح عبدالله بن

ص: 346

سنان (1)عن ابي عبد الله (علیه السلام) قال الجمعة لا تكون الالمن أدرك الخطبتين : اذ الظاهر من لاء نفى الجنس نفى جميع المراتب أى الصحة فالظاهر من الصحيح دخل ادراك الخطبتين فى صحة صلاة الجمعة لكن هذا الظاهر محكوم بنص تلك الاخبار فى انه يصلى ركعتين اذا لم يدرك الخطبتين وأنه اذا أدرك ركعة مع الامام فقد أدرك الجمعة فليحمل بتلك القرينة على نفى الكمال كما استعملت فيه لاء نفى الجنس كثير أفي العرف والشرع نظير لاصلاة لجار المسجد الافي المسجد ومع وجود هذا الجمع الدلالي لاتصل النوبة الى الجمع الجهتى وان كان مقتضى القاعدة على فرض عدم امكان الجمع الدلالي حمل صحيح ابن سنان على التقية لموافقة مضمونه مع مذهب جماعة مذهب جماعة من رؤساء العامة. (وكذا) يصلي جمعة ) لوادرك الامام راكعاً فى ) الركعة الثانية على قول) مشهور بين الاصحاب قديماً وحديثاً وفى قباله القول باعتبار ادراك تكبير الركوع من الامام في ادراك الركعة لكن لم يعرف قائله اما صحة الجمعة بادراك الامام قبل تكبير الركوع فما لاخلاف فيه بين الاصحاب كمالا اشكال فيه بمقتضى نصوص كفاية ادراك الركعة فى صحة الجمعة (2) كصحيح الفضل بن عبدالملك ( البقباق ) عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال اذا ادرك الرجل ركعة فقد ادرك الجمعة وان فاتته فليصل اربعاً وصحيحه الاخر قال قال ابو عبد الله (علیه السلام)من ادرك ركعة فقد ادرك الجمعة. وصحيح عبدالرحمن العزرمي عن ابي عبد الله (علیه السلام) قال اذا ادركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف اليها ركعة اخرى واجهر فيها فان ادركته وهو يتشهد فصل اربعاً. وصحيحه الاخر عن جعفر عن ابيه عن على(علیه السلام) قال من ادرك الامام يوم الجمعة وهو يتشهد فليصل اربعاً ومن ادرك ركعة فليضف اليها اخرى يجهر فيها : اذ اضافة

ص: 347


1- الوسائل - الباب - 26 - من صلاة الجمعة
2- الوسائل - الباب - 26 - من صلاة الجمعة

الركعة قرينة على ان المراد بالركعة المدركة هو مجموع الركعة المشتملة على الركوع لا مجرد الركوع كما هو احد اطلاقي الركعة انما الاشكال فى كيفية التحاق المأموم المسبوق بركعة بالامام وانه لابد وان يكون قبل تكبير الركوع ام يكفى كونه حال ركوع الامام قبل رفع راسه عنه كما عرفت عن المشهور فنقول اما اخبار ادراك الركعة المذكورة آنفاً فحيث انها مسوقة لبيان كفاية ادراك الامام في الصلاة وعدم لزوم ادراكه حال قرائة الخطبتين فى قبال العامة القائلين بلزوم ادراك الخطبة في انعقاد صلاة الجمعة للمأموم فلا ينعقد لها اطلاق من جهة كيفية الالتحاق بركعة الامام كي يمكن الاستدلال به للمشهور فالعجب ممن زعم دلالتها بالاطلاق على ذلك يبقى من اخبار الباب صحيح الحلبي علي الاصح (1) قال سألت ابا عبد الله(علیه السلام) له عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة قال يصلى ركعتين فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل اربعاً وقال اذا ادركت الامام قبل ان يركع الركعة الاخيرة فقد ادركت الصلاة وان انت ادركته بعد ماركع فهى الظهر اربع.والاحتمالات الثبوتية فى ذلك اربعة اذ الركوع وهو حالة الانحناء الخاص كما يصدق على مبدء تحققه كذلك يصدق على مجموع حصته فمثل يركع اور کع كما ان يراد به الشروع في الانحناء الخاص اى حالة كون الشخص راكعاً كذلك يصح ان يراد به الفراغ عن ذلك الانحناء اى بعد تحققه بمجموع حصته فيمكن ارادة المعنى الاول من الشرطيتين معاً كما يمكن ارادة المعنى الثانى منهما ويمكن ارادة المعنى الثانى من الشرطية الاولى و المعنى الاول من الشرطية الثانية ويمكن العكس فهذه اربعة احتمالات ثبوتاً. فعلى اولها يكون مفاد الشرطية الاولى صحة الجمعة لدي ادراك المأموم امام الجمعة قبل تحقق مبدء الانحناء الخاص منه ومفاد الشرطية الثانية عدم

ص: 348


1- الوسائل الباب - 26 - من صلاة الجمعة حديث 3

صحتها لدى ادراكه الامام بعد ذلك ولولم يرفع رأسه من الركوع بعد وحينئذيدل الصحيح على خلاف مذهب المشهور . وعلى ثانيها يكون مفاد الشرطية الاولى صحة الجمعة لدى ادراك الامام قبل فراغه عن الركوع ورفع رأسه عنه ومفاد الشرطية الثانية عدم صحتها لدي ادراكه بعد ذلك وحينئذ يكون الصحيح تام الدلالة على مذهب المشهور . وعلى ثالثها يكون بين مفادى الشرطيتين تناقض اذمقتضى الاول صحة الجمعة لدى ادراك الامام حالة الركوع ومقتضى الثانى عدم صحتها بذلك وعلى رابعها يكون مفاد الشرطية الاولى صحة الجمعة لدى ادراك الامام قبل تحقق مبدء الانحناء الخاص منه ومفاد الشرطية الثانية عدم صحة الجمعة لدى ادراكه بعد الفراغ من الركوع فتبقى حصة الادراك فى حالة الركوع مسكوتاً عنها.

هذا بحسب الامكان الثبوتي الامكان الثبوتى و اما بحسب الاستظهار الاثباتي فاقحام كلمة : الركعة الاخيرة : فى الشرطية الاولى قرينة على ارادة ما قبل الفراغ عن ركوع تلك الركعة وحيث ان الشرطية الثانية عبارة عن مفهوم الاولى فيكون المراد من قوله: بعد ماركع : بعد الفراغ من الركوع و بذلك يتم مذهب المشهور بلاوصول النوبة الى قياس أخبار باب الجماعة باخبار الباب بعد استفادة حكم المسئلة من اخبارها الخاصة نعم لومنعنا عن قرينية تلك الكلمة على المعنى المزبور بدعوى صحة ارادة ما قبل الشروع في ركوع الركعة الاخيرة تكون الجملة مجملة من جهة تعيين احد المحتملات الثبوتية وبعد قطع اليد عن أخبار خصوص الباب تدخل المسئلة في صغريات باب الجماعة ولابد من الرجوع الى اخبارها وهى طائفتان.

( الأولى (1) صريحة فى ادراك الركعة بإدراك الامام فى الركوع

ص: 349


1- الباب -45 من صلاة الجماعة

كصحيح سليمان بن خالد عن ابيعبد الله (علیه السلام) انه قال في الرجل اذا ادرك الامام و هو راكع وكبر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الامام رأسه فقد ادرك الركعة : وبمضمونه صحاح اخرى للحلبى وزيد الشحام ومعاوية بن ميسرة وقوله(علیه السلام) فيها : وهو مقيم صلبه : ناظر الى التحفظ على القيام المتصل بالركوع. (الثانية) (1)ظاهرة في عدم ادراك الركعة مالم يدرك تكبير الامام للركوع كصحيح محمد بن مسلم المروى بطرق ثلاثة عن الباقر مع اختلاف يسير في المتن ففى احدها : قال اذا ادركت التكبيرة قبل ان يركع الامام فقد ادركت الصلاة: وفى ثانيها : قال قال لى اذالم تدرك القوم قبل ان يكبر الامام للركعة فلاتدخل معهم في تلك الركعة : وفى ثالثها : قال لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام : ويبعد كل البعد نقل محمد بن مسلم حكم مسئلة واحدة عن أمام واحد ثلاث مرات مع ما كان دأبه عليه من ضبط ما يسمعه من الامام (علیه السلام) من المسائل الشرعية فيقرب اتحاد الرواية واختلاف عبارة المتن بحسب طرق نقله وذلك يمنع عن الظهور في التعدد (2)وصحيحه الآخر قال قال ابو عبد الله(علیه السلام) اذالم تدرك تكبيرة الاحرام فلا تدخل معهم في تلك الركعة : والطائفتان بظاهر هما متعارضتان فلا بد من الجمع بينهما . وقد جمع بينهما المحدث الكاشاني (قدس سره) في الوافي بحمل الثانية على ما اذا كان المأموم حاضراً حين تكبير الامام للركوع فسمع التكبير من بعيد قبل بلوغ

ص: 350


1- الوسائل الباب - 44 - من صلاة الجمعة .
2- الا ان يقال حيث لاسؤال فى الرواية بل نقل كلام ابتدائى من الامام(علیه السلام) الله فلعله صدر عن الامام (علیه السلام)في موارد متعددة لاشخاص متعددين وكان محمد ابن مسلم حاضراً فنقل ما سمعه من الامام(علیه السلام) كما يؤيده قوله في الثاني : قال لى : وبذلك يمكن التحفظ على الظهور في التعدد فليتأمل . المقرر عفى عنه

الصف وانتم حالة ركوع الامام عند ما بلغ الى الصف فلا تنافى مع الأولى ولكنه كما ترى تأويل بلاشاهد فاحسن الجموع ما جعله المصنف (قدسّ سره) في المعتبر احد وجوه الجمع من جعل استحباب التكبير قبل الركوع قرينة على حمل الطائفة الثانية على الكراهة وقد عبر صاحب مصباح الفقية (قدسّ سره) عن هذا الجمع بحمل النص على الظاهر بمعنى رفع اليد عن ظاهر تلك الطائفة فى عدم صحة الايتمام لدى درك الامام في الركوع بنص الطائفة الأولى فى الصحة فيتحصل منهما الكراهة. ولكن هذا الجمع أيضاً غير وجيه ان حمل النص أو الاظهر على الظاهرانما يصح اذا كان الظاهر قابلا لذاك الحمل وفى المقام ليس كذلك لان الكراهة فى العبادة معناها أقل ثواباً وهذا لا ينطبق على المقام اذ الظاهر من قوله(علیه السلام) : لم تشهد : وقوله : لم تدرك : كون ترك حضور التكبير غير اختيارى فلا معنى لكونه أقل ثواباً بل لا بدوان يكون ناظراً الى الصحة مضافاً إلى أن اقلية النواب لو كانت بالقياس الى الفرادى فثوابها محدود ولامزية لها على صلاة الجماعة فلا معنى للاقلية بالقياس اليها فضلا عن ان الجماعة شرط فى صحة صلاة الجمعة فهذه المقايسة فاسدة بالنسبة الى مسئلتنا بالمرة ولو كانت بالقياس الى جماعة اخرى يدرك المأموم تكبير امامها للركوع فاجتماع جماعتين فى مكان واحد في صلاة الجمعة غير جائز واما في مطلق الجماعة فهو نادر الا في بعض الازمنة بالنسبة الى بعض البلاد ومع ذلك فليس في الرواية منه عين ولا اثر فالحمل على الكراهة غير ممكن في الطائفة الثانية فالتعارض بحاله ولا بد من علاجه فربما يقدم الطائفة الأولى لكونها أكثر عدداً كما هو أحد وجوه الجمع التي ذكرها المصنف ( قدسّ سره ) في المعتبر لكنه أيضا غير وجيه اذلو قلنا في باب المرجحات السندية بالتعبد اي الاقتصار على المنصوصة منها كما عليه جماعة فالترجيح بكثرة العدد غير منصوص في الاخبار العلاجية وان قلنا بالارشاد كما هو الحق اذا لتعبد بعد ما كان غير معقول في أصل الطريق كما حققناه في بابه فكذلك في ترجيح بعض الطرق على بعض هذا بحث الثبوت .

ص: 351

واما بحسب الاثبات فالتعبيرات الواردة في الاخبار العلاجية مثل : ان المجمع عليه لا ريب فيه : ان الرشد فى خلافهم : ونحوهما ظاهرة في الارشاد الى مافى مرتكز العقلاء وطريقتهم فى العمل الاجتماعى المعاشى فالترجيح بكثرة العدد ليس من دأب العقلاء بعد فرض تساوى الاقل مع الاكثر في اصل الطريقية من جهة الوثوق بصدق الراوى فلا سبيل الى الجمع الدلالى او السندى بين الطائفتين وتصل النوبة الى الجمع الجهتى وحيث لم يعمل مشهور القدماء بمقتضى الطائفة الثانية مع كونها بمرأى ومنظر منهم فذلك يكشف عن اعراضهم عنها وقد وافق مضمونها مذهب العامة فلتحمل على التقية كما اشار اليه المصنف ) قده ) في المعتبر حيث جعل احد وجوه الجمع ترك المشهور العمل بها ( فتلخص ) أن مقتضى الصناعة ما ذهب اليه المشهور من صحة الجمعة بادراك الامام في ركوع الركعة الثانية اما بمقتضى الجمع بين نصوص خصوص الباب او الجمع بين نصوص باب الجماعة . ثم انه حكى عن العلامة (قدسّ سره) فى التذكرة أنه اعتبر في ادراك الركعة ذكر المأموم قبل رفع الامام رأسه وليس في البين ما يمكن الاستدلال به لذلك عدا التوقيع المروى عن الاحتجاج عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميرى عن صاحب الزمان(علیه السلام) أنه كتب اليه يسأله عن الرجل يلحق الامام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة فان بعض اصحابنا قال ان لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له ان يعتد بتلك الركعة فأجاب اذ الحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وان لم يسمع تكبيرة الركوع : والظاهر من جعل تسبيحة واحدة من تسبيح الركوع بياناً لمورد اللحوق مع الامام درك الماموم تسبيحة من الامام لا اتيانه بتسبيحة واحدة قبل رفع الامام رأسه فلا يكون الخبر دليلا على قول العلامة (قدسّ سره). وكيف كان فحيث وقع فيه التصريح بالاعتداد بالركعة مع ادراك الامام في الركوع وان لم يسمع تكبير الركوع فهو شاهد جمع بين الاخبار لو تم سنده فربما

ص: 352

يقال بأن مفهومه عدم ادراك الركعة مع عدم لحوق تسبيحة واحدة سواء أدرك مقداراً من ركوع الامام بغير التسبيح أم لا فيقيد اطلاق هذا المفهوم باطلاق منطوق الصحاح المتقدمة الدالة على ادراك الركعة مع ادراك الامام قبل رفع رأسه عن الركوع ويتحصل منه قول المشهور لكنه اشتباه اذ صريح مورد السؤال في الخبر درك الامام في الركوع وصريح الجواب حصر الاعتداد بالركعة بدرك تسبيحة الركوع فهو أخص مطلقاً من تلك الصحاح ومقتضى صناعة الاطلاق والتقييد تقييد اطلاقها بهذا. نعم يمكن أن يقال قوة اطلاق تلك من جهة ادراك الركعة بإدراك الامام قبل رفع رأسه عن الركوع بمثابة تأبى عن التقييد بمثل هذا الخبر فلعل التعبير بالتسبيحة كناية عن درك مقدارها من ركوع الامام وان كان لا يخلو عن مناقشة والذي يهون الخطب ضعف سند الخبر اذ بين الطبرسى صاحب الاحتجاج مع الحميري قدس سرهما بعد فاصل فالوسائط محذوفة فأخبار الاحتجاج نظير أخبار دعائم الاسلام بالنسبة الينا مرسلة والتزام المؤلف بنقل الصحاح لايفيد الفقيه في باب الحجة الاستنادية للحكم الشرعى فيبقى مذهب المشهور بمقتضى ما قلناه على حاله. ثم أنه لوشك المأموم فى ادراك ركوع الامام فهل يجوز له الايتمام بأن يكبر ويركع لادراكه أم لاربما يقال بالثاني كما يظهر من السيد السند صاحب العروة (قدسّ سره) لكنه غير وجيه لان عدم الجواز هنا اما ان يراد به الوضع اى البطلان فلا معنى له اذ لا يخلو اما يدرك ركوع الامام فهى جماعة صحيحة بلاموجب لبطلان الصلاة اولا يدركه يدر كه فليس بشيء كي يتصور فيه البطلان وانما المكلف اراد ايجاد مصداق فلم يمكن واما ان يراد به التكليف فلا موجب لحرمة ذاك العمل اذ ليس معنوناً بشيىء من العناوين المحرمة فلاوجه لعدم الجواز باي معنى اريد. (و) عليهذا فالمأموم مع علمه بادراك ركوع الامام اوشكه في ذلك (لوكبر وركع ثم شك هل كان الامام راكعاً او رافعاً لم يكن له جمعة وصلى الظهر) اذلا

ص: 353

موجب لصحة الجمعة عدا استصحاب بقاء الامام راكعاً الى حين ركوع المأموم وذلك لا ينبت عنوان اجتماع الركوعين أو قبلية ركوع المأموم عن رفع الامام رأسه الذي هو عنوان بسيط منتزع عن ركوعهما وهو الموضوع لصحة الايتمام وادراك الركعة كما نبه عليه كاشف الغطاء قدس سره الاعلى القول بالاصل المثبت ولا نقول به بل لابد من احراز القبلية بالوجدان باحراز كلا جزئى منشأ انتزاعه أى ركوع المأموم وركوع الامام معاً بالوجدان كما هو الشأن في كلية العناوين الانتزاعية حيث أنها ليست متأصلة بالوجود بلهى خارجة عن الذات والذاتيات فلابد في انتزاعها من احراز مناشئها من الامور التكوينية بالوجدان. نعم لو قلنا بأن الموضوع لصحة الايتمام مركب عن جزئين ركوع المأموم نعم وركوع الامام لا مكن المصير الى صحة الجمعة في المقام بدعوى احراز أحد جزئى الموضوع بالوجدان وجزئه الآخر بالاصل لكنه خلاف ظاهر الصحاح المتقدمة التي جعلت المدار على ادراك الامام قبل أن يرفع رأسه عن الركوع فتدبر هذا اذا احرز زمان رکوع نفسه دون ركوع الامام أمالو انعكس فأحرززمان ركوع الامام دون نفسه فلا يصح الايتمام حتى على القول بتركب موضوعه بمقتضى استصحاب عدم ركوعه الى حين ركوع الامام وأمامع احراز وجودى الركوعين والجهل بتاريخهما فلا يصح الايتمام أيضاً على مسلكنا الحق من عدم جريان الاستصحاب في اطراف العلم الاجمالي سواء فى الدفعيات أم التدريجيات فلا يحرز شرط صحة الجمعة وهى الجماعة فيصلى ظهراً. وأما وظيفة هذا المأموم الشاك في الالتحاق بركوع الامام فبالنسبة الى غير صلاة الجمعة من مطلق الجماعة حيث لم يحرز صحة الايتمام فهو شاك فى مصداقية ما بيده لطبيعى الصلاة المأمور بها فلا يتحقق في حقه موضوع حرمة القطع ولا وجوب الاتمام فيجوز له رفع اليدعنه وتطبيق الطبيعي على فرد آخر بلا اشكال وبعد التطبيق على ذلك يكون ركوعه السابق زائداً محضاً وأما بالنسبة الى صلاة الجمعة فبناءاً على الوجوب

ص: 354

التخييرى يكون كذلك من جهة جواز رفع اليد عن مشكوك العدلية وتطبيق الطبيعي على عدله الآخر وأما بناءاً على الوجوب العينى أو بالنسبة الى زمن حضور الامام(علیه السلام) فقد يقال كما في مصباح الفقيه بعدم جواز رفع اليد عما بيده من دون الاتيان بالمنافي لان موضوع تنجز الامر بالظهر احراز عدم وجوب الجمعة و هو فرع احراز عدم صحة الايتمام فمع الشك فيها كما هو المفروض لا يتنجز الامر بالظهر. عم حيث لم يحرز صحة هذا الفرد لا يتحقق موضوع حرمة القطع ووجوب الاتمام لكن لا بد من الاتيان بالمنافي حتى يحرز تنجز الأمر بالظهر من جهة بطلان ما بيده اما في نفسه أولاجل المنافي فيأتى بالظهر أربع ركعات لكنه غير وجيه لان الشك في فردية الفرد الطبيعى كاف للشك في أصل التكليف بالطبيعي في صورة انحصار الطبيعي في فرد خاص نظير فقدان بعض شروطه لدى بقاء الوقت بمقدار اداء فرد فقط كما لو تحيضت المرأة أوصار المكلف فاقد الطهورين لدى بقاء مقدار أربع ركعات بالغروب فلا يتنجز التكليف باصل الصلاة بالنسبة اليه ففى المقام حيث لا يجتمع جمعتان في مكان واحد كي يمكن التحاق المأموم بجماعة أخرى وتصح منه الجمعة بذاك النحو كما صرح بنظيره صاحب مصباح الفقيه ( قده ( بالنسبة الى صلاة الجماعة ضرورة اشتراط الفصل بمقدار الفرسخ بين جمعتين في انعقاد الجمعة فينحصر طبيعى صلاة الجمعة للمكلف فى هذا الفرد المشكوك فيه الالتحاق بالامام فالشك في فرديته لطبيعي الجمعة شك فى أصل التكليف بالجمعة بالنسبة الى هذا الشخص. وحيث كان اصل الاولى فى حق كل أحد هو التكليف بالاربع وانما خصص الركعتان بمن اجتمعت فيه الشرائط التى منها الجماعة كما بيناه سابقاً واستفدنا أصالة الاربع من صحيح زرارة والمفروض عدم احراز ذلك في المقام فيجوز له رفع اليد عن ذاك الفرد بلااتيان المنافى والاتيان بالظهر بمقتقى اطلاق وجوب الاربع. ثم ان صاحب مصباح الفقيه ( قده ( ذكر ان الفروع المتقدمة فروع باب الجماعة و المربوط بالمقام نتيجة تلك و هى ان المأموم المسبوق بركعة اذا كعة اذا فرض

ص: 355

وقوع ركعته الأخرى بعد الوقت المضروب لصلاة الجمعة فهل تنعقد صلاته جمعة أم لا وذكر للصحة أحد الوجهين على سبيل منع الخلو الاول أن دليل تحديد آخر وقت صلاة الجمعة بالمثل انما هو لبى كالسيرة والاجماع ونحوهما فالقدر المتيقن منه غير هذا المأموم فيمتد الوقت له بامتداد وقت الظهر وتصح صلاته جمعة الثاني أن اطلاق الاخبار الدالة على أن من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة يشمل صلاة هذا المأموم فتصح جمعة ويدفع الاول ان دليل التحديد ليس هو السيرة أو الاجماع كيف والمسئلة ذات اقوال متعددة كما عرفت هناك بل الدليل سمعى هو مادل على أن وقت العصر فى يوم الجمعة وقت الظهر فى سائر الايام بالتقريب المتقدم و اطلاقه يشمل هذا المأموم . ويدفع الثانى ان اخبار ادراك الجمعة بإدراك الركعة ناظرة الى درك الايتمام المشروط في صحة الجمعة بذلك لا الى التنزيل فى الوقت كما قدمناه نعم لو كان الغالب في ادراك ركعة من صلاة الجمعة خارجاً وقوع ركعة من صلاة المأموم خارج الوقت كانت تلك الاخبار دالة على ذلك بالاطلاق الاستلزامي لكن الغلبة في طرف العكس فالتحقيق أن ركعة الامام التى ادركها المأموم ان كانت فى الوقت الحقيقى أمكن تصحيح صلاة المأموم بعموم من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت كله اما ان كانت فى الوقت التنزيلى بمقتضي عموم من ادرك فلا يمكن تصحيح صلاته لقصور من أدرك عن شمول ذلك فتدبر (ثم الجمعة لا تجب الا بشروط الاول السلطان العادل أو من نصبه كما تقدم تفصيل ذلك بأدلته فراجع ( فلومات فى اثناء الصلاة لم تبطل الجمعة وجاز أن يقدم الجماعة من يتم بهم الصلاة ( ان كان فيهم ذلك (وكذا لو عرض للمنصوب ما يبطل الصلاة من أغماء أو جنون أو حدث أما أنفرادهم عن الامام الاول فلان القاعدة في باب الجمامة جواز انفراد المأموم عن الامام أثناء الصلاة متى شاء أختيار أفيجوز اضطراراً كما في المقام بطريق أولى.

ص: 356

وأما جواز الايتمام بامام آخر فلان الاخبار دلت على جوازه اختيار أفي باب الجماعة فمع الاضطرار كما في المقام يجوز بطريق أولى واذا جازفي المقام وجب بمقتضى اشتراط الجماعة في صلاة الجمعة وانتفائها في الكون المتخلل بين موت الامام أو عروض مانع للمنصوب وبين تقديم من يتم بهم الصلاة للايتمام به لا يضر بصحة الصلاة لان الجماعة شرط للصلاة بأجزائها والاكوان المتخللة ليست من أجزاء الصلاة نعم فى المدارك منع وجوب تقديم من يتم بهم الصلاة بدعوى اقتضاء الاصل اعتبار الجماعة فيها ابتداءاً لا استدامة وليكن مراده ( قدسّ سره)من الاصل أصالة البرائة عن شرطية الزائد المشكوك بالنسبة الى المهيات المركبة كما هو مسلك المتأخرين في باب الشك في جزئية شيء أو شرطيته أوما نعيته في المركبات الشرعية خلافاً لمسلك القدماء من اصالة الشغل في ذلك نظراً الى اجمال عنوان الصلاة المأمور به لديهم فالشك في جزء اوشرط أو مانع شك في ناحية امتثال المأمور به بعد احراز عنوانه والعقل يستقل بالاشتغال فيه. وحيث لم يكن العنوان مجملا لدى المتأخرين ) وانما يجب من قيود المهية مقدارها الواصل من الشرع لان بيانها من وظيفة الشارع فما لم يصل منها لا تقصير للمكلف من جهته فلا يستند فوت التكليف و غرضه الواقعى من ناحية تركه الى المكلف فلاشيء عليه ) اختاروا ( جريان البرائة فى ذلك و هذا الاصل بحسب الطبع وان كان صحيحاً كما بيناه في الاصول مفصلا لكن مورده الشك في امتداد المهية المخترعة جزءاً أو شرطاً أو مانعاً والمقام ليس من ذاك القبيل اذ الجماعة شرط لاصل وجوب صلاة الجمعة والظاهر من اخبارها كما سيجيء في محله كونها شرطاً لجميع الاجزاء لاحدوثاً وبالنسبة الى بعضها فقط فمع التمكن من حفظ هذا الشرط كما في الفرض بتقديم من يؤم بهم يكون واجباً. نعم مع عدم التمكن كما لولم يكن فيهم من يجوز الايتمام به يسقط الوجوب قهراً وتبطل الجماعة وحينئذ فهل يجوز اتمامها جمعة فرادى ام لا حكمها حكم

ص: 357

ما اذا انفض العدد في الاثناء وسيجييء بيانه في الشرط الثاني وأن الحق عدم الجواز فيجب عليهم الظهر أربع ركعات كما يجوز لهم ذلك على القول بجواز الاتمام جمعة فرادى و على أى النحوين فهل يجوز اتمام ما بيدهم ظهراً أربع ركعات أم لابد من رفع اليد عنها واستيناف الظهر الحق هو الثانى لان عنوان الجمعة كعنوان الظهرية والعصرية اعتبره الشارع من العناوين القصدية كما دلت عليه الادلة فنحن و ان قلنا باتحاد مهية الجمعة والظهر واختلافهما في الكيفية لكنهما مختلفان من جهة عنوانهما الذي رآه الشارع قصديا ان قلت سلمنا ذلك لكن المصلى يعدل بنيته في الاثناء الي الظهر و يتمها اربع ركعات قلت كلا لاسبيل الى ذلك لان العدول خلاف القاعدة قد ثبت بالتعبد وليس فى ادلته جواز العدول من الجمعة الى الظهر بل من السابق الى اللاحق مطلقاً فلابد من رفع اليد عما بيدهم و الاتيان باربع ركعات ظهراً تحقيقاً لعنوان الظهرية من اول الصلاة الى آخرها. الشرط ( الثانى العدد ) بلاخلاف فى ذلك نصاً وفتوى انما الخلاف في مقدار العدد ) وهو خمسة أحدهم الامام ) و باجتماعهم تجب الجمعة علي المشهور بين القدماء كما استظهر من تعبير هم بمثل : يعتبر مع ان هذه العبارة أعم من شرط الصحة او الوجوب وكتب القدماء ليست مبسوطة غالباً كى يمكن استظهار أمثال هذه الجهات منها وكيف كان فيدل على عدم انعقاد الجمعة بأقل من خمسة اخبار مستفيضة (1) كصحيح زرارة قال كان ابو جعفر(علیه السلام) لا يقول لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على اقل من خمسة رهط الامام واربعة وصحيح منصور بن حازم عن ابي عبد الله (علیه السلام) قال يجمع القوم يوم الجمعة اذا كانوا خمسة فمازادوا فان كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم (الحديث) . وصحيح ابن أبي يعفور عن ابي عبد الله(علیه السلام) قال لا تكون جمعة مالم يكن

ص: 358


1- الوسائل الباب - 2 - من صلاة الجمعة

القوم خمسة : وغيرها من الاخبار ( وقيل سبعة ( كما عن جماعة من القدماء والمتأخرين بل ربما نسب الى مشهورهم فلا تجب على أقل من سبعة (و) هذا القول دون ) الاول ( هو ) أشبه ( بقواعد المذهب واخباره كصحيح عمر بن يزيد عن ا بيعبد الله قال اذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة ( الحديث ) و معتبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر(علیه السلام) قال تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ( المؤمنين ( ولا تجب على أقل منهم الامام وقاضيه والمدعى حقا والمدعى عليه والشاهدان والذى يضرب الحدود بين يدى الامام وصحيح زرارة قال قلت لا بيجعفر(علیه السلام)على من تجب الجمعة قال تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لاقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم : ان مقتضى الجمع بين الطائفتين في نفسهما كون الخمسة شرط الصحة والسبعة شرط الوجوب لان التخيير بين الاقل والاكثر انما يعقل فى أصل المهية المخترعة بالنسبة الى امتدادها ولا يعقل في الاسباب كشرائط أصل الوجوب اذ معنى سببية الاقل تحقق المسبب بعد تحققه بلاتخلف فلاحالة منتظرة بعد ذلك لتحقق الاكثر من جهة الدخل فى تحقق المسبب فلو كان الخمسة شرطا للوجوب لوجبت الجمعة باجتماعهم ولا معنى لانتظار تحقق السبعة بعد ذلك في وجوب الاقامة بخلاف العكس فيمكن كون الأقل شرطاً للصحة والاكثر شرطاً للوجوب فهذه قرينة عقلية على الجمع الدلالي بين الطائفتين وأن الاولى ناظرة الى شرط صحة الجمعة وأنه خمسة أحدهم الامام والثانية ناظرة الى شرط وجوبها وأنه سبعة أحدهم الامام . مضافاً الى شهادة صحيح زرارة المتقدم بهذا الجمع اذ الظاهر من قول الامام(علیه السلام) : تجب على سبعة نفر : في جواب قول السائل : على من تجب الجمعة كون السبعة شرط الوجوب والظاهر من المقابلة بين ذلك وبين قوله(علیه السلام) لا ولا جمعة لاقل من خمسة : كون الخمسة شرط الصحة وببركة ذلك يرتفع الاجمال عن

ص: 359

الاخبار التي وقع فيها اما الترديد بين العددين كصحيح الحلبي عن ابيعبد الله(علیه السلام)قال فى صلاة العيدين اذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة : واما مع التعبير بادناه كموثق ابي العباس الفضل بن عبد الملك ( البقباق ( عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال أدنى ما يجزى في الجمعة سبعة او خمسة ادناه وينكشف انه بلحاظ الوجوب والصحة . ( ولو انفضوا فى أثناء الخطبة او بعدها قبل التلبس بالصلاة ) ولم يعودوا ولا غيرهم ) سقط الوجوب ) بلاخلاف فى ذلك ولا اشكال ضرورة انتفاء الشرط فلو تفرقوا بعد تمام الخطبة ثم عادوا صلوا جمعة بلا وجوب اعادة الخطبة لعدم اشتراط التوالى بينها وبين صلاة الجمعة بمقتضى اطلاق ادلة وجوب الخطبة ودعوى وجوبها لاعتبار الموالاة بمقتضى أصالة الشغل وقاعدة شرطية المشكوك مدفوعة اولابان جزئية الخطبة لصلاة الجمعة بدل الركعتين نظير جزئية الفاتحة للصلوة أمر ووجوبها قبلها الموجب لسقوط الركعتين أمر آخر والمستفاد من الاخبار كما اشرنا اليه سابقاً وسيأتي مفصلا هو الثاني دون الاول وثانياً بان اعتبار التوالي بين اجزاء الصلاة مطلقاً مما لم يدل عليه دليل . نعم مع الفصل الطويل الماحى للصورة ينتفى الموضوع لا أن التوالى شرط فيه وثالثاً بأن مقتضى الاطلاق المقامى في خصوص المقام من جهة عدم بيان اعتبار التوالى فى شىء من الاخبار المسوقة لبيان وجوب الخطبة وكيفيتها عدم الاعتبار ومعه لا مجال لاصالة الشغل وقد عرفت آنفا أن مقتضى القاعدة في شرطية المشكوك للمهية هى البرائة دون الاشتغال أما لو تفرقوا بعد الخطبة وعادغيرهم وجبت اعادة الخطبة والوجوه المذكورة لعدم الوجوب غير جارية هنا اذا الظاهر من الادلة سيما بمناسبة الحكم والموضوع كون السامعين للخطبة هم المؤتمون بصلاة الجمعة ومن هنا يعلم حكم مالو انفضوا اثناء الخطبة وعاد غيرهم من دون ان يصدق على كل بعض من الخطبة الذي سمعه كل من الطائفتين اسم الخطبة و أنه تجب الاعادة

ص: 360

ولوانفضوا بعد التهيؤ للصلاة قبل التلبس بالتكبير فحكمه كالا نفضاض بعد الخطبة (و) أما (لودخلوا في الصلاة ولو بالتكبير) ثم انفصوا فالمشهور أنه (وجب الاتمام) جمعة ) ولولم يبق الاواحد ( تمسكاً بوجوه منها الاجماع وقد منعه الوحيد البهبهاني (قده) بل على فرض كونه محصلا فهو محتمل المدركية فليس بدليل مستقل حيث استدلوا لوجوب الاتمام بوجهين آخرين احدهما حرمة قطع الصلاة بدعوى أنه تلبس بصلاة الجمعة صحيحة فيحرم قطعها وفيه أن مورد ذلك ابطال صلاة صحيحة بالطبع فلا يمكن تصحيح مشكوك الصحة به كما في المقام اذ الشك في انبطال الصلاة بانتفاء شرطها وهو العدد ثانيهما ما فى المدارك من اقتضاء الاصل كون العدد شرطاً ابتداءاً لا استدامة وفيه أنه لو أريد استظهار ذلك من أدلة اشتراط العدد في وجوب صلاة الجمعة فالظاهر منها التنويع وكون العدد موضوعاً لوجوب صلاة الجمعة لقوله فى صحيح زرارة : تجب على سبعة نفر : في جواب قول السائل : على من تجب الجمعة : وفى معتبر محمد بن مسلم : تجب الجمعة على سبعة نفر الامام وقاضيه الخ و انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه سواء قبل التلبس بالعمل أم بعده طبعى هذا كله مع بقاء ما يصدق معه الجماعة فلولم يبق الا الامام فمضافاً إلى انتفاء العدد تنتفى الجماعة وهى بمقتضى الاخبار الاتية شرط في صحة صلاة الجمعة فتلخص أن الحق فى صورة انفضاص العدد أثناء الصلاة عدم انعقاد الصلاة جمعة فيجب الاستيناف ظهراً لما تقدم في الفروع السابقة ومن هنا علم حال ما اشرنا اليه سابقا من صورة موت الامام في الاثناء وعدم من يقدم للايتمام به و أن حكمها بطلان الجمعة ووجوب الاستيناف ظهراً . الثالث الخطبتان وفيه جهات من البحث ) الأولى ( في اصل وجوبهما في صلاة الجمعة وهما ايضاً مراد من عبر بلفظ الخطبة ويدل على الوجوب اجماع علماء الاسلام الامن شذوذ الاخبار المتواترة التي يستفاد منها أصل الوجوب وقد تقدم كثير منها ضمن الابحاث السابقة ويمر عليك بعضها ضمن الابحاث اللاحقة وخصوص صحيح

ص: 361

عبدالله بن سنان (1) عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال الجمعة لا تكون الالمن أدرك الخطبتين: (الثانية) فى كيفية وجوب الخطبة والاحتمالات الثبوتية في ذلك ثلاثة كونها شرط وجوب صلاة الجمعة أو شرط صحتها أو واجباً استقلاليا أما الاحتمال الاول فقد يمنع عنه ثبوتاً بأن الخطبة كما تقدم فى الجهة الأولى واجبة في صلاة الجمعة فهي داخلة فيها فكيف يعقل كونها شرطاً لوجوب أصل صلاة الجمعة بمالها من الخطبة لكن يندفع بأنه لا مانع من كون التمكن من الخطبة شرطاً في وجوب صلاة الجمعة بمالها من الخطبة. فان قلت مرجع ذلك الى شرطية القدرة وهى شرط في امتثال جميع التكاليف بلا خصوصية للخطبة بالنسبة الى صلاة الجمعة قلت بلى هناك خصوصية في المقام أما على مسلكنا الحق من كون الخطيب امام الاصل(علیه السلام) أو المنصوب من قبله كما برهنا عليه سابقاً فواضح وأما على مسلك غيرنا فلان الواجب خطبة خاصة بمالها من الشرائط عندهم فشرطية الخطبة للوجوب مما لا اشكال فيه ثبوتاً وأما اثباتاً فهو الحق المستفاد من مثل قول الصادق(علیه السلام) في موثق البقباق (2) فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا : بعد قرينية علل شرع الخطبة على اختصاصها بامام الاصل كما بيناه لدى الاستدلال للمنصبية وعليهذا يكون مرجع هذا الشرط ايضاً الى اشتراط المنصبية وهل تكون الخطبة واجباً استقلالياً في ظرف صلاة الجمعة نظير رجحان الاذان والاقامة قبل الصلاة أو القنوت فيها أو التعقيب بعدها فلوتركها عصى ولكن تصح منه صلاة الجمعة أم هى واجب ضمنى دخيلة في صحة الصلاة نظير سائر شرائط المهية واجزائها فمع تركها لا تصح صلاة الجمعة رأساً المشهور هو الثاني واستدلله بوجوه أحدها التأسى لان النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) و قد كان ملتزماً بالاتيان بالخطبتين يوم الجمعة

ص: 362


1- الوسائل الباب - 26 - من صلاة الجمعة حديث .
2- الباب -3- منها حديث 2 .

وقبل صلاة الجمعة والفعل وان كان فى نفسه مجملا لكن قرينة الخارج ربما تخرجه عن الاجمال وهى فى المقام التزام النبى (صلی الله علیه وآله وسلم) على ايرادهما قبل الصلاة فلو لم يكن لهما دخل في صحة الصلاة لما كان لهذا الالتزام العملي وجه فذلك يكشف عن الشرطية الصحة . لكن يدفعه ان الالتزام العملى بذلك اعم من المطلوب الحينى كما في الاذان والاقامة والقنوت والتعقيب التي مثلنا بها والمطلوب الضمني اذمن الممكن أن يكون في فعل واحد ملا كان احدهما ملاك المطلوبية بالاستقلال ثانيهما ملاك المطلوبية للغير كما في مناسك الحج اذ كل منسك واجب عبادى برأسه ومع ذلك له ربط بسائر المناسك حيث عد المجموع عبادة واحدة مسماة باسم الحج فالتأسى قاصر عن اثبات شرط الصحة .

ثانيها الاجماع وتسالم الاصحاب على الشرطية للصحة ويمكن الخدشة فيه بانه مدركى مبنى اما على الاخبار أو على قاعدة الاحتياط لدى الشك في الشرط كما عليه القدماء من جهة كون المأمور به عنوان الصلاة و هو مجمل فالشك في شرطه شك فى امتثاله فلا بد من الاحتياط ولذا ترى شيخ الطائفة (قدسّ سره) في كثير من المسائل بعد نقل أقوال الفريقين يستدل لمذهبه باجماع الاصحاب وقاعدة الاحتياط وفى الاجماع المدركى لابد من ملاحظة حال المدرك وقاعدة الاحتياط غير تامة لدى المتأخرين لان المأمور به هو المعنون اي المهية الصلاتية فمالم يثبت من أجزائها فالاصل البرائة عنه كما بيناه غير مرة . ثالثها صحيح ابن سنان المتقدم : الجمعة لا تكون الالمن ادرك الخطبتين : اذ الظاهر من النفى بدون ادراك الخطبتين نفى جميع المراتب المساوق للصحة ونحن وان جمعنا سابقاً بين هذا الصحيح و بين اخبار الاكتفاء في صحة الجمعة بادراك ركعة منها بحمله على نفى الكمال كما في مثل الا صلاة لجار المسجد الافي المسجد لكن يمكن التوفيق بينهما صناعة على نحو يتم مذهب المشهور من اشتراط

ص: 363

الخطبة في صحة صلاة الجمعة بدعوى أن مورد تلك الاخبار عدم ادراك الخطبة وركعة من الصلاة اضطراراً ولو حصل بالاختيار وذلك لا ينافي كون الخطبة بحسب الطبع شرطاً لصحة الجمعة فتكون تلك الاخبار مقيدة لاطلاق الصحيح بالحصة وينتج ذلك كون الخطبة شرطاً اختيارياً لصحة صلاة الجمعة وبهذا الحو من الجمع يمكن التحفظ على معقد اجماع الاصحاب ومورد تسالمهم من الشرطية للصحة ( الجهة الثالثة ( في كيفية الخطبتين تارة من حيث المواد والمعانى وأخرى من حيث اللفظ أي اعتبار العربية وعدمه اما من حيث المواد فالمشهور اعتبار اجناس ( أصناف ( أربعة فيهما حسب تعبير الشيخ (قدسّ سره) فى المبسوط وغيره وتلك الاجناس ما ذكره المصنف (قدسّ سره) بقوله ( ويجب في كل واحدة منهما الحمد لله والصلاة على النبي وآله عليهم السلام والوعظ وقرائة سورة خفيفة ( وعن السيد (قدسّ سره) زيادة الصلاة على ائمة المسلمين وعن بعض زيادة الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات ( وقيل يجزى) مطلق قرائة القرآن ) ولو آية واحدة مما يتم بها فائدتها ( وعن ابى الصلاح (قده ) في الكافى عدم القرائة اصلا هذا بحسب الاقوال .و اما الاخبار البيانية فعلا اوقولا الواردة فى خطبة صلاة الجمعة فهى ايضاً مختلفة (1) غالبها مشتملة على الاصناف الاربعة من التحميد والصلاة على النبي وآله والوصية بالتقوى وبيان شرافة القرآن ثم قرائة سورة منه كما في بن مسلم وموثق سماعة المرويين في الكافي في باب صلاة الجمعة وخطبة امير المؤمنين (علیه السلام) المروية في روضة الكافى وخطبة أخرى له (علیه السلام)

وقد جمعها في الوافى فى باب واحد لكنها مختلفة من حيث الاصناف بالنسبة الى الخطبة الأولى مع الثانية ففي صحيح ابن مسلم وخطبتي امير المؤمنين(علیه السلام) قرائة سورة فى الاولى وآية فى الثانية (وفي رواية سماعة ) التي هي عمدة مافي

ص: 364


1- الوسائل الباب - 25 من صلاة الجمعة

لدى القوم : قال قال أبو عبد الله (علیه السلام)ينبغى للامام الذي يخطب الناس يوم الجمعة ان يلبس عمامة فى الشتاء والصيف و بتردى ببرد يمنى أوعدني و يخطب وهو قائم ) يحمد الله ويثني عليه ثم يوصى بتقوى الله ويقرء سورة خفيفة من القرآن ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلى على النبي وآله وعلى ائمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين و المؤمنات ( فاذا فرغ من هذا اقام المؤذن فصلى بالناس ركعتين يقرء في الاولى بسورة الجمعة وفى الثانية بسورة المنافقين : كما أنها مختلفة من حيث خصوصيات اخرو للجمع بينها طرق ثلاثة أحدها حمل المطلق منها على المقيد و بجميع الخصوصيات الواردة فيها من حيث اللزوم. (وهذا النحو من الجمع) مضافاً إلى مخالفته لظاهر بعض تلك الاخبار في نفسه كالتعبير في موثق سماعة بقوله(علیه السلام) لا ينبغى حيث أنه غير ظاهر في الوجوب ولسياق جلها من حيث الاشتمال على جملة من المندوبات ولفعل الائمة(علیه السلام) حيث كان كل يقتصر على واحدة من الخطب كما يشهد به نفس تلك الاخبار وهذا ينافي وجوب جميع الخصوصيات المستفادة من جميع تلك الاخبار ) مخالف ) للاجماع المحصل ولو تقديراً فلا يمكن الاخذ به. ثانيها الحمل على تعدد مراتب الفضل و هذا النحو من الجمع انما يمكن لو كانت الخصوصيات الزائدة قابلة لذلك الحمل كما اذا كانت النسبة بين الطرفين هي العموم المطلق وليس كك المقام اذ النسبة عموم من وجه فكل واحدة فاقدة لخصوصيات موجودة في الأخرى ومشتركتان في جملة منها فلا يمكن الاخذ بهذا الجمع ايضاً. ثالثها الحمل على بيان مصاديق الخطبة الواجبة في صلاة الجمعة فيكون الجامع المشترك بين الجميع هو القدر الواجب الذى لا يجوز تر كه وتفوت بتركه الخطبة وهذا الجمع هو المتعين بعد ما عرفت من عدم امكان غيره من النحوين والجامع المستفاد منها أمران : أحدهما تشريفي هو تشريف الله تعالى بتحميده وقرائة كلامه المجيد وتشريف نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم) الا بالصلاة عليه بل وعلى آله على الاحوط ولو بضميمة أخبار عدم

ص: 365

فصل آل النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) عنه في الصلاة عليه(صلی الله علیه وآله وسلم).ثانيهما تبليغى هو الوعظ وتنوير أفكار العموم دنياً وعقبى ومما يدل على تنويع الجامع الى امرين تشريفي و تبليغى قول الرضا(علیه السلام) في صحيح الفضل بن شاذان وانما جعلت خطبتين لتكون واحدة للثناء على الله والتمجيد والتقديس الله عز وجل و الاخرى للحوائج والاعذار والانذار والدعاء ولما يريد أن يعلمهم من أمره ونهيه ما فيه الصلاح والفساد : نعم مقتضى موثق سماعة جواز ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فى الخطبة الاولى كما ان مقتضى صحيح ابن مسلم و خطبتي امير المؤمنين(علیه السلام) الجواز الاقتصار علي آية واحدة من القرآن يصدق عليه قرائة القرآن فى الخطبة الثانية بل وكذا في الاولى بضميمة عدم القول بالفصل فتامل . و اما من حيث اللفظ فاعتبار العربية فى الوعظ بالنسبة الى من لا يفهمها يقينى العدم بعدما عرفت من أنه تنوير أفكار العموم فضلا عن كونه خلاف ما يتبادر عرفاً من الخطبة وهو التكلم والخطاب مع الحاضرين اذلا يصدق في مورد لا يعلم المتكلم ما يقول ولا يفهم المخاطب ما و بالنسبة الى قرائة القرآن يقينى الوجود يسمع ضرورة كون لفظ القرآن نازلا كذلك و بالنسبة الى التحميد و الصلاة على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) و آله جائز الوجهين لحصول الغرض بغير العربية ايضاً وعدم ما يدل على اعتبار العربية فيهما. (الجهة الرابعة ) فى وقت الخطبتين ( و ) قد اختلف فيه الاصحاب فقيل( يجوز ايقاعهما قبل زوال الشمس حتى اذا فرغ زالت) كما عن الشيخ ) قده ) فى المبسوط و النهاية و المصنف ( قده ) فى المعتبر و جماعة من المتأخرين و عن ظاهر بعضهم استحبابه و عن استحبابه و عن الوسيلة أنه يجب ) وقيل لا يصح الا بعد الزوال ( كما عن جماعة من القدماء و المتأخرين بل نسب الى المشهور

ص: 366

وادعى عليه الاجماع ولا فرق على القولين بين جزئية الخطبة لصلاة الجمعة حقيقة أو تنزيلا واعتبار شرائط الصلاة فيها و بين كونها واجباً استقلالياً حينياً اذ معنى جواز التقديم على الزوال على الاول هو تخصيص أدلة الاوقات في صلاة الجمعة بالنسبة الى هذا الجزء منها.(و) لكن القول (الأول أظهر ) لدى المصنف (قدسّ سره) وجماعة لصيحح عبدالله بن سنان (1)عن ابي عبد الله قال كان رسول الله لا يصلى الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ويخطب فى الظل الأول فيقول جبرئيل يا محمد قد زالت الشمس فانزل فصل و انما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهى صلاة حتى ينزل الامام . بتقريب ان كان ظاهر في الماضي الاستمرارى فقوله(علیه السلام) : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) يصلى الخ: ظاهر فى التزامه(علیه السلام) على هذا العمل ومداومته عليه خارجاً وذلك يكشف عن جهة الوضع أى التوقيت كما أن الظاهر من الظل الأول لدي العرف العام هو الظل الغربي الحادث للاشياء الى طرف المغرب من اول النهار حين ارتفاع الشمس الى ما قبل الزوال فى قبال الظل الثانى اى الشرقى الحادث الاشياء الى طرف المشرق ما بعد الزوال. فالظاهر من قوله الله ويخطب فى الظل الاول : التزام النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) و على ايقاع خطبة صلاة الجمعة قبل الزوال فيدل على توقيتها بذلك و مع غمض العين عن مفاد مفردات الصحيح فلاريب أنه من حيث المجموع كالصريح في أن النبي(صلی الله علیه وآله سلم) كان خطيباً على المنبر قبل الزوال حتى ينزل جبرئيل فيقول : قد زالت الشمس فانزل فصل : فيدل بكمال الوضوح على ايقاع خطبة صلاة الجمعة قبل الزوال .

ص: 367


1- الوسائل - الباب - 15- من صلاة الجمعة - حديث 1 و الباب حدیث 4

ولكن يتوجه على هذا الاستدلال أن الصحيح اما ظاهر في خلاف مدعى المستدل واما مجمل لا يفيد له ولا للمشهور واما ساكت عن مدعاه ) بيان ذلك ) أن الظاهر من يصلى فى قوله(علیه السلام) لا يصلى الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك لكونه فعل مضارع ناظر الى التجدد والحدوث هو تحديد شروعه(علیه السلام) في صلاة الجمعة بذاك الحين لا تحديد ختام الصلاة بذلك وقدر شراك تمييز للزوال. و حيث ان الزوال بنفسه أمر محدود مشخص فى الخارج فلا بدوان يكون التخيير بلحاظ امتداد ما بعده وحيث ان القاعدة في تحديد امتداد شییء بشيء آخر ذي عرض وطول جعل المقياس طول ذلك الشيء لا عرضه فالظاهر ارادة طول الشراك لا عرضه مضافاً الى ان الغالب فى شراك النعال سيماز من صدور الرواية عدم كون عرضه معتداً به قابلا لجعله مقياساً لتحديد امتداد شيىء آخر والى ان مثل صلاة الجمعة الموقوفة على اجتماع الناس لها من امكنة مختلفة في مكان واحد بعد تهيئة مقدماتها تحتاج عادة الى وقت أزيد من عرض شراك بعد الزوال بل هذا المقدار مما يحصل فيه الاطمينان بالزوال لغالب الناس حتي يتصدوالتهيئة مقدمات صلاة الجمعة فكيف يمكن حضور الجميع وشروع النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)في صلاة الجمعة في ذلك المقدار . اما الظل الاول في قوله (علیه السلام) : ويخطب في الظل الأول : فهو قابل للانطباق على الفييء اي الظل الحادث بعد الزوال بل كون شروعه(صلی الله علیه وآله وسلم) في الصلاة بعد مضى طول شراك من الزوال حسب مفاد الفقرة الاولى قرينة على ارادة هذا المعنى من الظل الأول في الفقرة الثانية فيكون المفاد انه ما كان يشرع في خطبة صلاة الجمعة في اول الزوال ويشرع فى نفس الصلاة بعد مضى طول شراك من الزوال وعلى هذا يكون الصحيح ظاهراً في مدعى المشهور من تحديد وقت الخطبة بما بعد الزوال . فان قلت : تفريح جملة : فيقول جبرئيل يا محمد قد زالت الشمس فانزل فصل: على جملة : يخطب في الظل الاول : بالفاء ظاهر فى تأخر الزوال عن الظل الاول و ان المراد منه الظل الغربي الحادث للاشياء قبل الزوال وحيث ان قدر شر اك قابل

ص: 368

للانطباق على العرض فذلك قرينة على ارادة عرض شراك و المعنى انه (صلی الله علیه وآله وسلم)كان يشرع في الخطبة قبل الزوال وبعد اخبار جبرئيل بالزوال ينزل ويشرع في الصلاة وكان الفيىء حينذاك قدر عرض شراك. قلت التفريع بالفاء اعم من ذلك بعد وضوح ان قول جبرئيل فانزل فصل ليس حكما تعبديا بالنسبة الى النبي ( صلی الله علیه وآله وسلم) وضرورة تأسيس حكم صلاة الجمعة قبل ذلك فلامحالة ارشادى اخبار عن الموضوع فيصح مع كون الزوال قبل شروعه(صلی الله علیه وآله وسلم) في الخطبة فلا قرينية له على ارادة ماقبل الزوال من الظل الأول وجعل قابلية قدر شراك للحمل على عرضه قرينة على ذلك يستلزم الدورفان قلت الدور موجود في العكس ايضاً اعنى حمل قدر شراك على طوله وجعله قرينة على ارادة الفييء من الظل الأول قلت اولا نمنع وجود الدور فى العكس لما عرفت من ظهور قدر شراك في نفسه في الطول بمقتضى بناء اهل العرف فى مقياس الامتداد وثانياً على فرضه يكون الصحيح مجملا من جهة تحديد وقت الخطبة بماقبل الزوال اوما بعدو على هذا فلا يفيد للخصم ولا للمشهور. ومع غمض العين عن ذلك كله و فرض ظهور الظل الاول فيما قبل الزوال وحمل قدر شر اك على عرضه فالاستدلال بالصحيح على مدعي الخصم مبنى على احراز ان نزول جبرئيل وقوله للنبى(صلی الله علیه وآله وسلم) و قد زالت الشمس فانزل فصل : قد كان بعد الزوال الحقيقى بلامهلة و ان النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) بمجرد قول جبرئيل ذلك كان ينزل و يصلى الجمعة من دون ايقاعه(صلی الله علیه وآله وسلم) ولا بعد ذلك من الحمد والثناء و القرآن و غيرها بمقدار يصدق عليه خطبة صلاة الجمعة حتى نحرز بذلك ان ما اوقعه(صلی الله علیه وآله وسلم) قبل الزوال كانت خطبة صلاة الجمعة واني لنا باحر از ذلك فلم لا يجوز اشتغاله(صلی الله علیه و آله وسلم) و قبل الزوال بموعظة الناس ونصيحتهم ثم بعد احراز دخول الوقت من طريق اخبار جبرئيل بالزوال او من طريق اخر ايقاعه(صلی الله علیه وآله وسلم) واللة خطبة الجمعة. ثم نزوله وايقاعه صلاة الجمعة اذلامانع عن ذلك في حق امام الجمعة ولا ملزم

ص: 369

على تركه موعظة الناس ونصيحتهم قبل الزوال مضافاً الى المنع عن ظهور كان هنا فى الاستمرار كيف ولازمه مداومته(صلی الله علیه وآله وسلم) ولا على ترك نافلة ما قبل الزوال فى يوم الجمعة والى المنع عن انحصار طريق احراز النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) و الزوال باخبار جبرئيل دون احرازه(صلی الله علیه وآله وسلم) الها بنفسه او من طريق اصحابه الحاضرين لصلاة الجمعة. وعلى هذا فالصحيح قاصر عن تحديد وقت الخطبة بماقبل الزوال ساكت عنه واما قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) : فهي صلاة حتى ينزل الامام : فالضمير فيه راجع الى جنس الخطبة والكلام ناظر الى تنزيل الخطبة منزلة الصلاة بلحاظ بعض آثارها كالوقت وغيره بعد وضوح عدم الاشتراك في جميع الاثار كيف والخطيب قائم مستدبر القبلة والسامعون جالسون مستقبلون للقبلة .استدل للقول الثانى المشهور بوجوه (منها) قوله تعالى اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله (الآية) بحمل النداء على الاذان وجعله كناية عن دخول الوقت وحمل ذكر الله على الخطبة فالمعنى أنه اذا دخل وقت صلاة الجمعة بزوال الشمس فاسعوا الى استماع الخطبة ونوقش فيه بمنع كون النداء هو الاذان فلعله قول حرم البيع وعلى فرضه فيمنع كون الاذان كناية عن دخول الوقت فلعله أذان اعلامى قبل الزوال نظير ماكان يقوله ابن مكتوم قبل الفجر غيرما كان يقوله بلال بعد الفجر وعلى فرضه فيمنع كون ذكر الله هو الخطبة فلعله نفس الصلاة. فالا حسن في تقريب الاستدلال بالاية الشريفة أن يقال لا ريب ولا اشكال بمقتضى اتحاد صلاة الجمعة مع الظهر و بمقتضى أدلتها الخاصة في أن مبدء وقتها الزوال كمالاريب بمقتضى ضرورة الفقه والاخبار فى وجوب الخطبة في صلاة الجمعة والموقتات اما واجبات معلقة كما هو الحق أو مشروطة كما عليه بعض و على أى تقدير فمقدماتها التي لا يفوت الواجب فى وقته بترك ايجادها قبل الوقت انما تجب عقلا او شرعاً بعد تنجز الأمر بنفس الواجب بدخول وقته فما لم ينتجز الأمر بصلاة الجمعة بدخول وقتها لا يجب ايقاع خطبتها فالنداء لصلاة الجمعة بالاذان أو قول

ص: 370

حرم البيع حيث كان بعد الزوال حين تنجز ألامر بها فلا محالة يكون وقت أداء الخطبتين أيضاً بعد الزوال فا لاية تدل بالاستلزام على توقيت الخطبتين بما بعد الزوال. ولكن هذا التقريب مبنى على كون الاية ناظرة الى تشريع صلاة الجمعة وحيث عرفت سابقاً أنها ناظرة الى الالتحاق بالجمعة المنعقدة ومرحلة امتثالها دون جعلها فلا يمكن الاستدلال بها لوقت الخطبتين فتأمل (ومنها ( الاخبار الواردة في كيفية الخطبة من خروج الامام بعد الاذان نظير صحيح محمد بن مسلم(1)قال سألته عن الجمعة فقال اذان واقامة يخرج الامام بعد الاذان فيصعد المنبر ولا يصلى الناس مادام الامام على المنبر ثم يقعد الامام على المنبر قدر ما يقرء قل هو الله أحد ثم يقوم فيفتتح خطبة ثم ينزل فيصلي بالناس ثم يقرء بهم في الركعة الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين : بدعوى ظهورها من جهة الورود فى مقام بيان الضابط في عقد السلب من جهة وقوع الخطبة قبل الاذان الا أن هذا الظهور مقامى موقوف على عدم الاذن فى ايقاع الخطبه قبل الزوال فمعه كما في صحيح عبد الله بن سنان المتقدم للقول الأول بناءاً على ظهوره في جواز الايقاع قبل الزوال يكون حاكماً على هذا الظهور المقامى لكن حيث عرفت سابقاً عدم ظهور ذاك الصحيح في ايقاع خطبة صلاة الجمعة قبل الزوال فالظهور المقامى على فرض انعقاده يكون بلا معارض فالاولى فى الجواب هو المنع عن انعقاد هذا الظهور لعدم احراز كون تلك الاخبار في مقام الضابط للخطبة كى ينعقد لها عقد السلب بالنسبة الى وقوع الخطبة قبل الزوال : (ومنها) الاستلزام اما ملاكا من جهة لحاظ ملاكي الخطبة وصلاة الجمعة فان الخطبة كلام اجتماعى مع الحاضرين لصلاة الجمعة واجب فيها والصلاة صلاة

ص: 371


1- الوسائل الباب 25 من صلاة الجمعة - حديث 3

جماعیة معهم فاتحاد وقتهما أنسب بالاعتبار واما خطاباً من جهة الاخبار الدالة على أن صلاة الجمعة انما جعلت ركعتين من أجل الخطبتين كما في صحيح ابن سنان المتقدم أو لمكان الخطبتين أو أنهما مكان الركعتين كما في غيره من الاخبار حيث تدل على بدلية الخطبتين للركعتين اما حقيقة أو تنزيلا ولا أقل من السببية لسقوط الركعتين فبمعونة المناسبات المغروسة فى أذهان العرف يستلزم ذلك اتحاد وقتهما فيستظهر منها العرف ذلك (ومنها الاصل العملى وهوما اخترناه فى موارد الدوران بين التعيين والتخيير من التفصيل بين ما اذا كان هناك اطلاق لفظى يمكن رفع الشك به بالنسبة الى ماشك فى مصداقيته للطبيعي ففي مثله يتمسك بأصالة الاطلاق للتخيير عقلا في مرحلة امتثال المأمور به بين تطبيقه على أى من المصاديق شاء ويقال ببرائة الذمة عن تعيين المصداق الخاص و بين ما اذا لم يكن هناك اطلاق لفظى لذلك بعد احراز اصل المأمور به فيكون الشك فى ناحية الامتثال ومقتضى القاعدة هو الاشتغال اعنى تعين معلوم المصداقية وعدم حصول برائة الذمة عن التكليف المعلوم باتيان مشكوك المصداقية وما نحن فيه من هذا القبيل اذ لاريب فى وجوب صلاة الجمعة كما لاريب في كون وقتها بعد الزوال ولاريب ايضاً في وجوب الخطبتين فيها وبعد تمامية هذه المقدمات نقول ان الاتيان بالخطبة بعد الزوال مجز بلا اشكال انما الشك في اجزاء الاتيان بها قبل الزوال ولاشك في قيدية الزوال في المأمور به ولا في دخل خصوصية زائدة في ذلك وانما الشك فى مصداقية الصلاة مع ايقاع الخطبة قبل الزوال لطبيعي صلاة الجمعة المأمور بها والمفروض عدم اطلاق لفظى يثبت أو ينفى مصداقية ذلك للمأمور به فلا يحصل العلم ببرائة الذمة عن الصلاة الابايقاع الخطبة بعد الزوال(فتلخص) أن مقتضى الصناعة هو القول المشهور من عدم جواز الاتيان بخطبة صلاة الجمعة قبل الزوال ( الجهة الخامسة) في سائر شرائط الخطبة (ويجب ان تكون الخطبة مقدمة

ص: 372

على الصلاة فلو بدء بالصلاة لم تصح الجمعة ( على المشهور بين الاصحاب واستدل له بالاخبار البيانية قولا كموثق سماعة او فعلا كالحاكية لخطب النبى(صلی الله علیه و آله وسلم) والائمة (علیهم السلام)كما اشرنا اليها سابقاً لكنه ضعيف لعدم ظهور موثق سماعة في الوجوب من جهة تصدره بقوله ينبغى ولاشتمال جلها على مستحبات كثيرة مانعة عن كون سياقها سياق الواجبات فالعهدة في دليل التقدم قول الرضا في صحيح الفضل شاذان (1) انما جعلت الخطبة يوم الجمعة في اول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة ( الحديث ) . واما مرسل الصدوق (قدسّ سره) (2) قال قال ابو عبد الله اول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة عثمان لانه كان اذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا و قالوا ما نصنع بمواعظه وهو لا يتعظ بها وقد احدث ما احدث فلما رأى ذلك قدم الخطبتين على الصلاة فهوشان رواية لتفرد الصدوق بنقله ضعيف سنداً من جهة الارسال مخالف لما ثبت بالتاريخ خارجاً من فعل عثمان ذلك في صلاة العيد ولذا احتمل بعض وجود الغلط في الرواية وذكر الجمعة اشتباهاً مكان العيد ومعرض عنه لدى الاصحاب طراً فلا يعتد به هذا كله فى صورة العمد اما لونسى فقدم صلاة الجمعة ثم خرج الوقت فقد يقال ببطلان الصلاة لان المشروط عدم عند عدم شرطه فالصلاة بدون الخطبة فاسدة من غير فرق بين القول بالتعيين او التخيير في صلاة الجمعة ضرورة انتفاء الوجوب على الاول لدى انتفاء شروطه وتعين الوظيفة حينئذ فى الظهر اربع ركعات و تعین ثانی عدلی التخيير لدى تعذر احدهما على القول الثانى . وقد يعلل ذلك بانصراف لاتعاد الصلاة الامن خمس عن صلاة الجمعة واجزائها وشرائطها وفيه منع واضح اذ لفظ الصلاة في صحيح لا تعاد مطلق فيشمل صلاة الجمعة واجزائها وشرائطها بلا موجب للانصراف وحيث انه مصحح للصلاة من جهة غير الخمسة

ص: 373


1- الوسائل - الباب - 15 - من صلاة الجمعة - حديث 4 و3
2- الوسائل - الباب - 15 - من صلاة الجمعة - حديث 4 و3

المستثناة وليست الخطبة من الخمسة لما عرفت من انها سبب لسقوط الركعتين لا مكانهما حقيقة او تنزيلا فمقتضاه صحة الصلاة جمعة امالوصلى الجمعة اولا ثم اتى بالخطبتين ثم صلى الجمعة ثانية اما نسياناً في تقديم الجمعة على الخطبة او تشريعاً فهل تصح الجمعة الثانية ام لا وجهان اما عدم الصحة فلمقدمتين احديهما ان الخطبة عبادة لتسالم الاصحاب عليها وان استندوا فى ذلك الى البدلية عن الركعتين ايضاً ولذا يكون المدار على مدرك هذا التسالم دون نفسه.

وقد اشرنا سابقاً الى فساد هذا المدرك لعدم ثبوت البدلية ثانيتهما ما يظهر من بعض الاصحاب كصاحب العروة ( قده ( فى بعض الموارد و صاحب مصباح الفقيه ( قدسّ سره ) في خصوص المقام من الفرق فى موارد اشتباه الامركزعم الواجب مندوباً او بالعكس او قصد خلاف واقع الامر عمداً بين ما اذا لم يقيده بذلك في قصده فتصح العبادة و بين ما اذا قيد امتثاله للامر الواقعى بالعنوان الذي يقصده من الوجوب او الندب مع كونه خلاف عنوانه الواقعى فيقصد في المقام حين الاتيان بالخطبيتن بعد صلاة الجمعة الاولى امتثال الأمر المتعلق بهما بعنوان ما بعد صلاة الجمعة فلا تصح لعدم تعلق امر بالعبادة على هذا الوجه وعدم قصد المكلف أمرها الواقعى فتكون فاسدة لامحالة. ولكن الحق فساد هذا الفرق وصحة العبادة في الصورتين ضرورة ان المعتبر في صحة العبادة امران احدهما تعلق الامر بالعمل واقعاً ثانيهما تعبد المكلف بذلك العمل خارجا وهذان متحققان فى امثال المقام حسب الفرض من اتيان المكلف بالعمل الله تعالى الذي هو المقوم لعباديته غاية الأمر خطائه نسياناً او تشريعاً فيقصد عنوانه فيكون ذلك القصد لغواً ولا يضر بالعبادة بعد عدم دخل قصد الامر فضلا عن الوجه والتميز في عبادية العمل و انما هو احد محققاتها . نعم لوفرض استلزام تشريعه او نسيانه انتفاء قصد القربة بالعمل راساً فتكون العيادة فاسدة بمعنى انتفاء موضوعها لا من جهة انتفاء قصد الامر و المفروض في

ص: 374

المقام كون الجمعة المأتى بها اولا فاسدة لعدم الامر بها واقعاً وكون الخطبتين المأتى بهما قبل الجمعة الثانية مأموراً بهما واقعاً وكون المكلف متعبداً بفعلهما فتصح الخطبة والجمعة بلا اشكال واما عنوان القبلية فهو قيد قهرى حاصل خارجاً وليس بقصدىموقوف على تعيين المكلف له في عالم النية فقصد المكلف حين الاتيان بالخطبتين عنوان ما بعد صلاة الجمعة الاولى التي زعمها واجبة او بنى على ذلك تشريعاً لغولا يضر بصحة العبادة ( و يجب ان يكون الخطيب قائماً وقت ايراد ( الخطبة ( م--ع القدرة) بلا خلاف في ذلك ظاهراً و استدل له تارة بالاية الشريفة : وتركوك قائماً لكنه : اخبار عن كيفية فعل النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) او معاملة الناس معه فلا يدل على وجوب ذلك في خطبة صلاة الجمعة وأخرى بالاخبار البيانية قولا اوفعلا ولكنها لكثرة المندوبات فيها قاصرة عن افادة الوجوب فالعمدة فى دليل الحكم صحيح معاوية بن وهب (1)قال قال أبو عبد الله(علیه السلام) ان اول من خطب وهو جالس معاوية واستأذن الناس في ذلك من وجع كان بركبتيه وكان يخطب خطبة وهو جالس وخطبة وهو قائم يجلس بينهمائم قال الخطبة وهو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين : حيث دل اولا على توبيخ معاوية على جلوسه حال الخطبة ة ثم على دخل القيام في مهية الخطبة فقيام الخطيب مع القدرة واجب بلا اشكال.ولو عجز عن القيام فهل يجوز الجلوس وهل تصح صلاته جمعة أم لا قد يقال لا ان المشروط عدم عند عدم شرطه وقد يقال نعم لان القيام واجب مع القدرة فيسقط التكليف به لدي العجز ولكن يدفعه أن أدلة الاوضاع أعم من حالتى العجز و غيره لانها ناظرة الى بيان المهية جزءاً او شرطاً والقيام فى الخطبة من هذا القبيل كما عرفته آنفاً نعم يمكن التمسك بقاعدة الميسور لتصحيح هذه الصلاة مع جلوس الخطيب بناءاً على ما قويناه في محله من كبروية الميسور وكونه متمماً لاطلاق الدليل

ص: 375


1- الوسائل الباب - 16 - من صلاة الجمعة

الاولى وحافظاً له في رتبة سقوط القيد الثابت بدليل مستقل كما في المقام حيث ثبت أصل وجوب الخطبة بمثل صحيح ابن سنان المتقدم : الجمعة لا تكون الا لمن ادرك الخطبتين. ثم ثبت وجوب القيام فى الخطبة بصحيح معاوية بن وهب ففي مورد تعذر القيام يتمسك باطلاق دليل وجوب الخطبة بضميمة الميسور ضرورة كونها مع الجلوس لدى العرف ميسور الخطبة مع القيام فتأمل فان استفادة و جوب الخطبة من مثل صحیح ابن سنان من ناحية الاستلزام والاطلاق الاستلزامى ليس بقوي فتتميمه بالميسور مشكل جداً و هل يعتبر الطمأنينة فى القيام قيل نعم كما في المدارك وعن غيره للتأسى ولانهما بدل من الركعتين اما التأسى فغير ثابت صغرى لعدم احراز طمأنينة النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) و الائمة (علیهم السلام) في القيام حال الخطبة وغير حجة كبرى لكونه على فرض الثبوت أعم من الوجوب. واما حديث البدلية فقد عرفت عدم ثبوته على فرض ثبوت الحكم فى المبدل فالحق عدم وجوب الطمانينة فى القيام حال الخطبة ( ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة) اجماعاً لصحيح معاوية بن وهب المتقدم في القيام وصحيح عمر بن يزيد(1)عن ابيعبد الله(علیه السلام)في حديث ( قال : وليقعد قعدة بين الخطبتين : و هل يعتبران تكون الجلسة ( خفيفة ( قد يقال نعم للتعبير بقوله(علیه السلام) هنيئة : في صحيح محمد بن مسلم (2) لا الوارد في الخطبة ولتنوين التنكير في قعدة في صحيح عمر بن يزيد المتقدم ولقوله(علیه السلام) فى مرسل الصدوق (3): ثم يجلس جلسة خفيفة : لكن الاخير ضعيف بالارسال وظهور غيره بالطبع في موضوعية خفة الجلوس محكوم بقوله(علیه السلام) في صحيح معاوية بن وهب المتقدم : قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين حيث يكشف عن طريقية الجلوس للفصل ما بين الخطبتين بلا موضوعية لقلة التفكيك بين الخطبتين و فرق

ص: 376


1- الوسائل الباب - 16 - من صلاة الجمعة
2- الباب - 25 - منها - حدیث 5٫1
3- الباب - 25 - منها - حدیث 5٫1

واضح بين العنوانين وعليه فلا يضر امتداد الجلوس.(وهل الطهارة ( الحدثية أو الخبئية (شرط) فيهما فيه تردد من عموم تنزيل الخطبتين منزلة الصلاة في صحيح ابن سنان وغيره مما تقدم المقتضى لاشتراكهما الصلاة فى الشرائط والموانع ومنها الطهارة و من عدم ظهور ذلك في الاشتراك مع من حيث جميع الشرائط والموانع وعلى فرضه فهو محكوم بقول الرضا(علیه السلام) في شاذان(1) : انما صارت صلاة الجمعة اذا كان مع الامام ركعتين واذا كان بغير امام ركعتين وركعتين لان الناس يتخطون الى الجمعة من بعد فاحب الله عز وجل أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا اليه ولان الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام : حيث يكشف عن كون حال الخطبة حال انتظار الصلاة دون نفس الصلاة وعن سببية وجوب الخطبة لسقوط الركعتين تخفيفاً للمكلفين وتسهيلا لهم لمكان تحمل المشقة لانتظار الصلاة باستماع الخطبة فيكشف عن كون ذلك مصب التنزيل في سائر الاخبار وان مفاد : فهى صلاة حتى ينزل الامام : ليس وراء مفاد : انما وضعت الركعتان لمكان الخطبتين : وهو سببية وجوب الخطبتين لسقوط الركعتين . ومن هنا يعلم حال شرائط الصلاة من الطهارة و غيرها ) و ( أن ( الاشبه ) بالقواعد والأوفق بالصناعة ( انها غير شرط ( فى الخطبتين ) ويجب ) على الخطيب أن يرفع صوته بحيث يسمع العدد المعتبر ( قضاءاً لصدق عنوان الخطاب مفهوماً وهو التكلم مع الغير الموقوف صدقه الغير الموقوف صدقه عرفاً على سماع المخاطب والاكان همسا لا خطا با ولتحقق مورد الخطبة مصداقاً وهو الوعظ والاعذار والانذار وتنويرالافكار في أمور الدنيا والاخرة الذى لا يتحقق بدون الاسماع وهل يجب اسماع العدد المعتبر ( فصاعداً) من الحاضرين للخطبة قد يقال نعم لظهور مثل قوله(علیه السلام) : يخطب بهم :

ص: 377


1- الباب - 6 - من صلاة الجمعة حديث3

في ذلك ( و ) لكن فيه تردد بل منع لصدق الخطاب باسماع العدد المعتبر وتحقق مورده فنشك في وجوب اسماع الاكثر والاصل البرائة عن ذلك . الشرط ( الرابع الجماعة فلا تصح فرادى ( بضرورة من المذهب بل الدين وللنصوص المتواترة معنى منها قوله(علیه السلام) فى صحيح زرارة(1) منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهى الجمعة : ( واذا حضر امام الاصل وجب عليه الحضور والتقدم وان منعه مانع جاز أن يستنيب ومدركه واضح مما تقدم في أدلة الوجوب تعييناً أو تخييراً الشرط ) الخامس أن لا يكون هناك جمعة أخري وبينهما دون ثلاثة أميال) بناءاً على ما نعية الفصل بأقل من ثلاث أميال عن صحة الجمعة فمع الشك في ذلك يستصحب عدم المانع ويقال بصحة الجمعة أو أن يكون بين الجمعتين فصل بمقدار ثلاثة اميال فما زاد بناءاً على شرطية هذا الفصل في صحة الجمعة فمع الشك في ذلك لابد من احراز الشرط وبدونه يقال بعدم الصحة.هذا بحسب الاحتمال الثبوتى وأما بحسب الاثبات فلابد من الاثبات فلابد من استظهار أحد الاحتمالين من أدلة المسئلة وهى صحيحا محمد بن مسلم (2) على الصحيح عن أبي جعفر(علیه السلام) أحدهما : قال يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعنى لاتكون جمعة الافيما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة الابخطبة قال فاذا كان بين الجماعتين فى الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء : ثانيهما قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين ومعنى ذلك اذا كان امام عادل وقال اذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة أميال . والظاهر من نفى البأس فيهما عن الجمعتين اذا كان بينهما ثلاثة أميال وجود

ص: 378


1- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة حديث 1
2- الباب -- من صلاة الجمعة

البأس في ذلك اذا كان بينهما أقل من ثلاثة أميال والبأس في الوضعيات هو الفساد فيستظهر منهما الاحتمال الأول أى المانعية كما هو ظاهر المتن فمع الشك في ذلك تقول بالصحة ببركة استصحاب عدم المانع (فان (اتفقتا أى الجمعتان مقارنتين بما ستعرف ( بطلتا) معاً أى لم تنعقد امن رأس بلا اشكال لوجود المانع على المختار أو فقدان الشرط على القول الآخر بالنسبة اليهما معاً من الابتداء فعدم انعقاد احديهما لا بعينها لا معنى له واحديهما بالخصوص دورى وترجيح من غير مرجح فلا تنعقد كلتاهما ).وان سبقت احديهما ولو بتكبيرة الاحرام بطلت المتأخرة ) فقط ضرورة انعقاد الاولي صحيحة واجدة للشرائط فاقدة للموانع فتكون الثانية من ابتدائها توأمة مع المانع وهو الجمعة الصحيحة فلا تنعقد ولا يؤثر فسادها فى افساد الجمعة المنعقدة صحيحة قبلها من غير فرق في ذلك بين علم الجماعة الاولى بانه ستنعقد جماعة اخرى بعد ذلك ام جهلهم به اذ لا تأثير لذلك العلم في فساد صلاتهم اما لوجهل الجماعة الثانية بانعقاد الاولى صحت صلاتهم ايضاً ظاهراً بمقتضى عموم لا تعاد لما عرفت سابقاً من شمول اطلاق الصلاة فيه لصلاة الجمعة واطلاق الاجزاء والشرائط للاجزاء وشرائط الجمعة بلا موجب لدعوى الانصراف عن ذلك فلو حصل للجماعة الأولي العلم بانعقاد الثانية في الاثناء فهل يجب عليهم الالتحاق بهم لتصحيح صلاتهم واقعاً ام لا الحق هو الثانى ضرورة عدم الدليل على كبرى وجوب تصحيح عمل الغير على الانسان مالم يكن المبدء مبغوضاً او محبوباً بالذات كما في قتل النبي و هتك القرآن الكريم او تعظيمهما ونحو ذلك ممالادخل لجهة الصدور عن شخص ما في المبغوضية او المطلوبية ففى مثلها يجب الردع عن تحقق المبدء المبغوض او السعى في تحقق المبدء المحبوب على كل احد . تي كان واما في سائر المبادىء مما يكون للصدور عن الشخص دخل في مبغوضيته او محبوبيته فلو صدر من شخص فاسداً من غير التفاته وامكن لغيره تصحيحه لا يجب عليه ذلك نظير الوضوء فلو بقيت لمعة غير مغسولة في اعضاء وضوء احدور أى غيره ذلك لا يجب عليه اعلامه

ص: 379

كي يصحح بذلك عمله كما يفصح عنه قول النبي(صلی الله علیه آله وسلم) الي : ما عليك : في جواب من اخبر عن عدم انغسال بعض الاعضاء من وضوئه(صلى الله عليه وآله وسلم) وا ففي المقام لا يجب على اهل الجماعة الاولى تصحيح صلاة اهل الجماعة الثانية واقعاً بل عليهم اتمام صلاتهم جمعة وتصح كل واحدة من الجمعتين غاية الامر صحة الاولى واقعية وصحة الثانية ظاهرية .( ولو ) حصل لاهل الجمعتين بعد الفراغ منهما العلم بتقدم احديهما ولكن (لم يتحقق السابقة) منهما فظاهر المتن وجماعة أنهما (أعادا ظهراً) قضاءاً -أ- للعلم الاجمالي بفساد احديهما لوجود المانع أو فقدان الشرط حين انعقادها والشك في كل واحدة منهما أنها هل وقعت امتثالا للجمعة المأمور بها أم لا ومقتضى القاعدة في الشك فى الامتثال هو الاشتغال بوظيفة الظهر مثلا ولفوات الجمعة في الفرض يتعين الظهر أربع ركعات لكن الحق صحتهما جمعة معاً ولولم نقل بعموم لا تعاد لصلاة الجمعة ايضاً وذلك لتلبس كل منهما بالجمعة صحيحة في الظاهر والشك بعد الفراغ في فساد الصلاة فتكون كل واحدة من الصلاتين مورداً لقاعدة الفراغ المصححة للصلاة اما العلم الاجمالي بفساد احدى الصلاتين فلتعلقه بمكلفين لا بمكلف واحد فهو غير منجز بالنسبة الى واحد منهما كما في واجدي المنى فى الثوب المشترك . ثم المناط في مقارنة الجمعتين أو تقديم احديهما على الاخرى انما هو أول الصلاة اى التكبيرة الاحرام دون الخطبة بلا خلاف في ذلك بين الاصحاب اذ الظاهر من الجماعتين في صحيحي ابن مسلم المتقدمين نفس الصلاة دون مقدماتها كالخطبة و تنزيلها مكان الصلاة قد عرفت ما فيه فما عن بعض العامة من جعل المقدار في المقارنة او التقدم على الخطبة وأنه او شرع جماعة فى الخطبة فجاء جماعة آخرون و اشتغلوا بالخطبة بعدهم ولكن كان شروعهم في الصلاة قبلهم بطلت الثانية مما لا يعتد به بل تصح الثانية فى الفرض لتقدم صلاتهم ولا تنعقد الاولى لكونها توأمة من الابتداء مع المانع أو فاقدة للشرط.

ص: 380

( النظر الثاني فيمن تجب عليه ( صلاة الجمعة ) ويراعى فيه شروط سبعة ) هي بمقتضى الجمع بين الادلة شروط لسنخ الحكم أى الالزام لالاصل الحكم ولا لمتعلقه بمعنى عدم دخلها في مصلحة الجعل ولا في مصلحة المأمور به بل في سنخ الحكم وجوباً و ندباً نظير باب الحج حيث دلت طائفة من الاخبار على أن الصبى والمملوك لوحجا عشر حجج ثم بلغ الأول واعتق الثانى كانت عليهما حجة الاسلام ودلت طائفة أخرى علي صحة حجهما مع التعبير عنه بحجة الاسلام وذلك يكشف عن وحدة مهية الحج بالنسبة الى الحر والعبد والصبى والبالغ بلا تغير حقيقته في حق الصبي والمملوك مع غيرهما غاية الأمر رفع الالزام والعقوبة عن الصبي والمملوك فالبلوغ والحرية شرطان لسنخ حكم الحج أى لزومه بحيث يكون تركه موضوعاً لحكم العقل باستحقاق العقاب وليس الصبى لدى الشارع كالبهيمة بل لا يناسب ذلك مع الشريعة السمحة السهلة. وتفصيل ذلك ذكرناه في كتاب الحج فهكذا في المقام دلت طائفة من الاخبار على وضع صلاة الجمعة عن تسعة وظاهرها فى نفسها وانكان نفى الجمل عن هؤلاء الاصناف من الناس الاانه دلت طائفة أخرى على أن هؤلاء لو تكلفوا الحضورصحت منهم الجمعة فمقتضى الجمع بين الطائفتين وحدة مهية صلاة الجمعة في حق جميع الناس غاية الامر رفع الالزام عن الانواع التسعة فاضداد عناوينهم وهي (التكليف) اى البلوغ ( والذكورة والحرية والحضر والسلامة من العمى و المرض و العرج ) لدى المصنف (قدسّ سره) وجماعة وان كان الحق عدم اشتراط السلامة من العرج كما ستعرف (وأن لا يكون (هما) اي شيخا كبيراً فانياً وان لا يكون بينه و بين الجمعة أزيد من فرسخين انما هي شروط لسنخ حكم صلاة الجمعة أى لزومها . اما الاخبار الدالة على وضع صلاة الجمعة عن التسعة فهي(1) صحيح زرارة

ص: 381


1- الوسائل الباب -1- من صلاة الجمعة حديث 1 و 6 و 14 و 15

عن ابيجعفر (علیه السلام) قال انما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة الى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله عزوجل في جماعة وهى الجمعة ووضعها عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والاعمى ومن كان على رأس فرسخين ومرسل الصدوق (قدسّ سره) قال وخطب امير المؤمنين(علیه السلام) في الجمعة فقال الحمد لله الولى الحميد ( الى ان قال ) و الجمعة واجبة على كل مؤمن الا الصبى والمريض و المجنون والشيخ الكبير والاعمى و المسافر و المرأة والعبدو المملوك ومن كان رأس فرسخين و صحيح أبي بصير و محمد بن مسلم جميعاً عن ابي عبدالله(علیه السلام) قال ان الله عز وجل فرض فى كل سبعة ايام خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها الاخمسة المريض و المملوك و المسافر والمرأة والصبي. وصحيح منصور بن حازم عن ابيعبد الله (علیه السلام) ( في حديث ) قال الجمعة واجبة على كل احد لا يعذر الناس فيها الاخمسة المرأة و المملوك والمسافر والمريض و الصبى : : و استثناء خصوص الخمسة فى الاخيرين دون الزائد في مقام البيان يدل بالمفهوم على وجوب الجمعة على من عدا الخمسة فيؤكد اطلاق المستثنى منه من هذه الجهة و يستفاد من مجموع الكلام الحصر الظاهر في الحقيقى لكن منشأ استفادة الحصر حيث كان عدم البيان في مقامه فيكون محكوماً بالبيان وهو منطوق الاولين الدال على استثناء التسعة ويكشف ذلك عن كون الحصر في هذين اضافياً بالقياس الى ماعدا الاربعة المذكورة فى الاولين ويستفاد من مجموع هذه الطائفة خروج تسعة اصناف اما الطائفة الأخرى الدالة على صحة صلاة الجمعة عن هؤلاء التسعة فبالنسبة الى البعيد عنها بفرسخين صحيحا ابن مسلم المتقدمان في كون المانع عن الصحة هو البعد باقل من ثلاثة اميال اى الفرسخ وبالنسبة الى الباقين سيأتى نقلها في آخر المسئلة . انما الكلام فى امور ) منها ( ان المصنف (قدسّ سره) في المتن جعل من جملة الشروط السلامة من العرج مع انه غير مذكور في الاخبار المعتبرة نعم عن السيد (قدسُ سره) في

ص: 382

مصباحه انه قال : و قدروى ان العرج عذر : وعن ظاهر الغنية وعن العلامة (قدسّ سره) في المنتهى الاجماع عليه لكن الخبر ضعيف بالارسال لم يحرز عمل نفس السيد (قده) ايضاً به فضلا عن مشهور القدماء فدعوى إمكان الانجبار بالشهرة كمافي مصباح الفقيه افراط فى الانجبار و الاجماعات المنقولة فى الغنية ليس للفقيه ان يعتد بها بعد كون هذا الكتاب مشحوناً بنقل الاجماع في جل المسائل لولاكلها وكذا المنقولة فى المنتهى والمعتبر بل جل كتب الفاضلين (قدّسّ سرهما) بعدما نرى من ان مخالفهاهما (قدهما) في بعض كتبهما الاخر فالعلامة (قدسّ سره) في المقام ادعى الاجماع فى المنتهى وقيد معقده في التذكرة بما اذا بلغ العرج حد الاقعاد مع انه بهذا الحديكون من صغريات ادلة نفى الحرج الحاكمة على الادلة الأولية والرافعة للالزام عنها فلا خصوصية العنوانه فى موضوع المسئلة فالحق عدم خروج العرج بعنوانه عن وجوب صلاة الجمعة. (و منها ) ان المرض المستثنى قيده بعض بالمانع عن الحركة وآخر بما يوجب الحضور للجمعة زيادته اوطوله وبطؤبرئه وثالث بما يوجب الحضور معه مشقة لا نتحمل عادة ولكن كل ذلك تقييد فى ظاهر عنوان المريض المأخوذ في لسان الدليل اما بارجاعه الى الجامع بين العنوانين او بجعله مشيراً الى عنوان القيد بلاموجب فلا نقول به نعم ما يكون مرضاً مبدعاً لكن لاقترانه مع حياة غالب الاشخاص لا يعد صاحبه مريضاً عنواناً لدى العرف بل يحسب في عداد الاصحاء نظير الضعف اوالخلل فى المعدة أو الكبد ونحوهما لخروجه موضوعاً عن عنوان الخارج بنظر العرف لا يوجب عدم تنجز صلاة الجمعة في حق صاحبه

ومماذكر نا علم حال الاعمى وان تقييده بمن يشق عليه الخروج او يكون حرجياً بلاوجه فيؤخذ باطلاق عنوانه في دليل الاستثناء واما المطر فخر وجه غير مربوط يصنف خاص بل هو تسهيل من الشارع برفع الالزام عن صلاة الجمعة معه في حق

ص: 383

الجميع كما يشهد به لسان دليله وهو صحيح البصرى(1)عن ابيعبد الله(علیه السلام) انه قال لا بأس ان تدع الجمعة فى المطر : ويساعده الاعتبار من ان الجمعة مشهد عام لا بد من حضور الناس لديها مع قلب فارغ و وعى كامل لاستماع الخطبة والاتعاظ بمواعظ الخطيب فلاينا سبها المطر ولكن مع ذلك تصح لو اجتمعوا واستمعواودعوا. (ومنها) ان المصنف (قدسّ سره) في المتن ذكر من جملة الشروط عنوان الذكورية مع ان المستثنى عنوان المرأة فيشكل الأمر فى الخنثى بناءاً على كونها طبيعة ثالثة اذ لازم تعبير المصنف (قدسّ سره) خروج الخنثى عن الوجوب واما بناءاً على ما هو الحق من عدم كونها طبيعة ثالثة بل كون الانسان ذا صنفين ذكر وانثى غاية الامر يتميز كل صنف لدى الاشتباه ظاهراً بالامارات كما يكشف عن ذلك القضايا المنقولة عن مولانا امير المؤمنين(علیه السلام) في هذا الباب وعدم تميز الصنف لدى فقد الامارات ظاهراً لا يوجب حدوث طبيعة ثالثة فقد يقال بأن الخارج عن تحت العام هو الخاص المعلوم كما هو مسلك صاحب المستند ( قده ( فى باب العام والخاص فالخنثى حيث لم يعلم كونها امراة قدخل تحت عموم الوجوب فى المستثنى منه لكنك عرفت مراراً مفاد هذا المبنى اذلا موجب لتقييد اطلاق عنوان الخاص في لسان الدليل كالمرأة في المقام بالعلم وقد يقال بان الخارج عنوان المرأة والتمسك بعموم المستثنى منه لحكم الخنثى تمسك بالعام فى الشبهة المصداقية وهو غير جائز. (والتحقيق) أن التمسك بالعام انما لا يجوز في الشبهة المصداقية للعام بخلاف الشبهة المصداقية للخاص فحيث أحرز عنوان العام يجوز التمسك به لحكمها وهذا فيما يكون عنوان العام من قبيل المقتضى وعنوان الخاص من قبيل المانع كما في اكرم العلماء ولا تكرم الفساق منهم بالنسبة الى عالم شك في فسقه فحيث احرز فيه عنوان العالم الموضوع لوجوب الاكرام يشمله العموم ويتمسك لرفع الشك

ص: 384


1- الوسائل الباب - 23 من صلاة الجمعة

من جهة المانع باستصحاب عدم فسقه من غير ارادة اثبات عدالته بذلك كى يتوهم فيه شبهة الاثبات الاعلى مبنى بعض الاساطين من كون التخصيص منوعاً دالا بالاستلزام على دخل عدم عنوان الخاص فى موضوع العام كغير الفاسق فى المثال لكنافرغنا عن فساد ذاك المبنى ثبوتاً واثباتاً فى محله. نعم لنا كلام آخر هوان التخصيص قديكون بطبعه أنواعياً فيما كان للمورد نوعان بحسب الخارج نظير مأكول اللحم وغيره بالنسبة الى الحيوان ذى اللحم فتخصيص احد النوعين بحكم كما نعية لبس غير الماكول في الصلاة يوجب التنويع في ناحية حكم ذاك الحيوان بالطبع واختصاص جواز الصلاة بنوع المأكول منه فلدى الشك في كون حيوان من اى النوعين لا يمكن الحكم عليه بأحد النحوين من المنع أو الجواز بضرس قاطع ضرورة عدم احراز موضوع شيىء من الحكمين بل لا بد فيه من الرجوع الى القواعد وتفصيل ذلك يطلب من ابحاثنا السابقة في اللباس وغيره وما نحن فيه من هذا القبيل حيث خصص صنف المرأة من بعدم وجوب صلاة الجمعة فيكشف عن التنويع في حكم الانسان بالطبع واختصاص الوجوب بصنفه الآخر وهو الرجل فلدى الشك فى فرد أنه من أى الصنفين كما في الخنثى المشكل حيث لم يحرز موضوع شيء من الحكمين لا يمكن الحكم عليه بواحد منهما بل لابد من الاحتياط بمقتضى العلم الاجمالي بأنه من احدهما وهو الحضور للجمعة ثم الاتيان بالظهر لانقطاع اليد بذلك عن اصالة الاربع ( ومنها) أنه ربما يقال ان المصنف ) قده ( ذكر من جملة الشروط عنوان الحرية مع ان المستثنى فى الادلة عنوان العبد فيشكل الأمر في المبعض لكن يدفعه أن المصنف (قدسّ سره) أخذ بظاهر العنوان فى المتمحض فى الحرية غير الشامل للمبعض كما صرح به هو ( قده ) فى المسائل الآتية من عدم وجوب الجمعة على المبعض وسيأتى وجهه عند التعرض لتلك المسئلة (ومنها) أن الاصحاب كالمصنف (قدسُ سره) وغيره جعلواعنوان الشرط الهم وفسروه بالشيخ الكبير الفاني مع أن الموجود

ص: 385

فى الادلة الكبيرو وجهه ان الظاهر من المقابلة بين الصغير والكبير في الرواية ارادة اول العمر و آخره كما يساعده الاعتبار من أن الجمعة مشهد عام والحضور فى المجامع يحتاج الى نشاط فلا يناسب الصغير ولا الشيخ الكبير فوضع الشارع عنهما الالزام تسهيلاً. (ومنها) أن المشهور جعلوا من الشروط عنوان الحضر وفسروه بما يقابل السفر الشرعى كمافى المدارك وغيره فيدخل فيه المقيم وكثير السفر والعاصى به و ناوى اقامة العشرة ويخرج منه المتردد في الاقامة ثلاثين يوماً مع أن التحديد الوارد فى المسافر على ضربين فتارة موضوعى كما فيمن ذهب بريدين الذهب بريداً ورجع بريداً او من نوى اقامة عشرة أيام في محل بعد قطع تلك المسافة حيث حدد الشارع موضوعه في باب القصر والاتمام بذلك وأخرى حكمي كما في المتنزه بالسفر أو العاصى به أو فيه حيث خصص الشارع حكمه بالقصر على موضوعه المحدد بقاطع المسافة المعتبرة بالنسبة الى هذه الموارد فرفعه عنها فهو نظير لاشك لكثير الشك من حيث التخصيص الحكمى دون الموضوعى فأدلة التخصيص الموضوعى حاكمة على أدلة الاحكام المترتبة على عنوان المسافر حكومة تخصيصية كاشفة عن كون الموضوع لتلك الاحكام هو المسافر الشرعي أی قاطع المسافة المعتبرة بخلاف أدلة التخصيص الحكمى فهى محصورة بموردها ولا تجرى فى سائر الاحكام المترتبة على عنوان المسافر كالاستثناء من وجوب صلاة الجمعة في المقام.وعليه لابد من التفصيل فى المقام بين قاطع المسافة المعتبرة غير المقيم ولا ناوى اقامة العشرة في محل فيخرج عن وجوب الحضور لصلاة الجمعة وبين كثير السفر أو العاصى به المقيم أو ناوى اقامة العشرة في محل فهو داخل تحت الوجوب ولاجل ذلك اختار التفصيل في مصباح الفقيه لكن يمكن أن يقال ان التخصيص الموضوعى أيضاً على ضربين فتارة موردي بلحاظ الاحكام المجعولة في مورد خاص و مرجعه الى التخصيص الحكمى من حيث الاختصاص بمورده و عدم

ص: 386

الحكومة على ادلة الاحكام المترتبة على العنوان فى غير ذلك المورد و أخرى عنوانی ناظر الى تفسير العنوان بما هو فيكون حاكما على جميع أدلة الاحكام المترتبة على ذلك العنوان في كل مورد كان والمسافر من قبيل الاول حيث حدد بما

موردكان ذكر بلحاظ حكم القصر والاتمام بلاظهور لتلك الادلة فى تفسير هذا العنوان في وعاء الشرع كلما ورد و في موضوع كل حكم أخذ وعليه ففي باب صلاة الجمعة حيث لا محددله شرعا بذلك و لم تثبت لعنوان المسافر كغيره من الالفاظ المستعملة في لسان الشرع حقيقة شرعية فيكون المدار على المفهوم المتبادر من هذا العنوان لدى العرف العام وهو المتباعد عن وطنه ولو بأقل من المسافة بل بأقل من بريد فيخرج عن وجوب الحضور لصلاة الجمعة بمقتضى اطلاق استثناء المسافر الملقى على العرف الا ان يقال ان كثرة تصرف الشارع فى عنوان المسافر موضوعا وحكما في باب القصر و الاتمام توجب انصرافه فى غير الباب الى المسافر الشرعي ولا سيما مع اشتمال صحیح زرارة الوارد في صلاة الجمعة على أن الصلاة كانت ركعتين فاضاف النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) للمقيم ركعتين و وضعت تلكما الركعتان يوم الجمعة لمكان الخطبتين و وضعت صلاة الجمعة عن تسعة منهم المسافر فينصرف لفظ المسافر هنا الى الشرعى .

و يتحصل من ذلك مذهب المشهور من عموم الخارج عن وجوب الحضور لصلاة الجمعة لكل سفر شرعى أى محكوم فيه شرعاً بالقصر ودخول مقابلة تحت الوجوب ولئن ابيت عن ذلك فما ذكرنا يوجب الشبهة المفهومية للمسافر في المقام بالنسبة الى من يصدق عليه المسافر عرفاً وليس محكوماً بالقصر شرعاً ومقتضى الاصل فيه البرائة عن وجوب الحضور و عليه الظهر لاصالة الاربع و عليه يخالف مذهب المشهور فتدبر. (و) منها أن المشهور عبروا عن الشرط السابع بأن (لا) يكون (بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين ( مع أن الروايات الواردة في ذلك مختلفة ففي صحيح زرارة ومرسل الصدوق المتقدمين استثناء من كان على رأس فرسخين عن وجوب

ص: 387

الحضور وفى صحاح مستفيضة (1) أن الجمعة تجب على كل من كان منها على فرسخين ( كما فى جملة منها ( أو على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شيء (كما في بعضها فالطائفتان متعارضتان من جهة ايجاب الجمعة ونفيها عمن يكون على رأس فرسخين فكيف التوفيق فقد يجمع بينهما بالحمل على تعدد مراتب الفضل بالنسبة الى من كان على رأس فرسخين الذى هو مورد النفى والاثبات معاً لكن هذا الجمع انها يصح اذا كان فى الخارج مصداق المورد النفى والاثبات في الادلة بخلاف المقام فحيث ان الحد نفاد الشيء وانتهاء وجوده فهو فصل عدمى وخط وهمى الاشارة الى انتهاء الوجود المحدود فرأس فرسخين ليس له مصداق خارجى قابل لاجتماع النفى والاثبات فيه كي يحمل على الرجحان بالنسبة الي طرفيه فببركة ذلك يستظهر العرف من أمثال هاتين الطائفتين من الاخبار ارادة كون أحد طرفي الحد أى الخط الموهوم مورداً للاثبات وطرفه الآخر مورداً للنفى فالمراد من وجوب الجمعة على من كان منها على رأس فرسخين وجوب السعى والالتحاق على الواقعين فيما دون الفرسخين ومن عدم وجوبها على من كان منها على رأس فرسخين عدم وجوب ذلك على الواقعين فيما فوق الفرسخين. وبذلك يتم تعبير المشهور كما في المتن و غيره عن موضوع الوجوب بأن لا يكون بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين كما نبه على ذلك صاحب مصباح الفقيه (قدسّ سره) نعم ماذكره من عدم ثمرة علمية لتحقيق ذلك لامتناع حصول العلم بالفرسخين عادة الابعد الزيادة غير جار بالنسبة الى زماننا مع هذه الالات الدقيقة للتحديد الا ان يقال بوجود الاختلاف بينها ايضاً فتأمل . (و) منها أن كل هؤلاء) المستثنين عن وجوب الحضور (اذا تكلفوا الحضور ) للجمعة فلا ريب كما لاخلاف لدى احد في صحة الجمعة منهم واجزائها عن الظهر

ص: 388


1- الوسائل الباب - 4 - من صلاة الجمعة

بمقتضى الجمع بين قوله(صلی الله علیه وآله وسلم) : وضعها عن تسعة : كما في صحيح زرارة المتقدم الظاهر فى نفى أصل الشرع و بين المستفيضة المرغبة في صلاة الجمعة لكل أحد كموثق ابن بكير (1) قال قال الصادق(علیه السلام) اما من قدم سعت الى الجمعة الاحرم صل الله عليه الله جسدها على النار وخبر المجالس (2)قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلی الله علیه آله وسلم) فسألوه عن سبع خصال فقال أما يوم الجمعة فيوم يجمع الله فيه الاولين والآخرين فما من مؤمن مشى فيه الى الجمعة الاخفف الله عليه أهوال يوم القيامة ثم يأمر به الى الجنة ومعتبر السكونى (3)عن ابيعبد الله عن آبائه (علیه السلام)قال قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) من أتي الجمعة إيماناً واحتساباً استأنف العمل : وفي خبر آخر (4) عنه عليك بالجمعة فانها حج المساكين الظاهرة كالنص في عموم الرجحان لجميع اصناف اهل الايمان كانوا من غير التسعة عن الوجوب أم منهم. وخصوص موثق سماعة (5) الوارد فى المسافر عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه الا أنه قال أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحباً لها اعطاه الله عز وجل أجر جمعة المقيم : وخبرابي همام(6) الوارد فى المرأة عن أبي الحسن قال إذا صلت المرأة في المسجد مع الامام يوم الجمعة الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها وان صلت في المسجد أربعاً نقصت لتصل في بيتها أربعاً أفضل : الظاهر في كون صلاة الجمعة كالصلاة في المسجد راجحة فى حق المرأة غاية الامر أن صلاتها في بيتها افضل منهما فهذه الاخبار الخاصة والعامة حاكمة على ظهور صحيح زرارة فى عدم المشروعية للتسعة كاشفة عن ارادة نفى اللزوم من الوضع في ذاك الصحيح

ص: 389


1- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة - حديث 997 و 10 و 017
2- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة - حديث 997 و 10 و 017
3- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة - حديث 997 و 10 و 017
4- الوسائل - الباب - 1 - من صلاة الجمعة - حديث 997 و 10 و 017
5- الباب - 19 - منها حديث 2
6- الوسائل - الباب - 22 من صلاة الجمعة

فمقتضى الجمع الدلالي بينهما صحة صلاة الجمعة من هؤلاء وعدم وجوبها في حقهم ولازم ذلك بحكم العقل كون الجمعة مجزية لهم عن الظهر كما يكون على طبق هذين الأمرين أى الصحة والاجزاء اجماع الاصحاب. وهل الموضوع عن هؤلاء التسعة وجوب الحضور لدى الجمعة فاذا حضروا انقلب الحكم و ) وجبت عليهم الجمعة و انعقدت بهم اذا حصل العدد كله أو بعضه منهم أم وجوب الاتيان بالجمعة فلا معنى للانقلاب بعد الحضور ايضاً ربما يقال بالاول كما هو ظاهر المتن وخيرة بعض المتأخرين لمعتبر حفص بن غياث(1) قال سمعت بعض مواليهم سأل ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على العبد والمرأة والمسافر قال لاقال فان حضر واحد منهم الجمعة مع الامام فصلاها هل تجزيه تلك الصلاة عن ظهر يومه قال نعم قال وكيف يجزى مالم يفرضه الله عليه عما فرض الله عليه الى ان (قال) فما كان عند ابن أبي ليلى فيها جواب وطلب اليه أن يفسرها له فأبى ثم سألته أنا ففسر هالى فقال الجواب عن ذلك ان الله عز وجل فرض على جميع المؤمنين والمؤمنات ورخص للمرأة و العبد و المسافر أن لا يأتوها فلما حضر واسقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأول فمن اجل ذلك اجزء عنهم و عمن هذا قال عن مولانا أبي عبدالله عليه السلام اذا لظاهر من سقوط الرخصة بالحضور ارتفاعها و من لزومهم الفرض الاول انقلاب حکمهم الى الوجوب الأولى الثابت على كل مكلف بالنسبة الى صلاة الجمعة.وصحيح على بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر(علیه السلام) قال سألته عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما على الرجال قال نعم : اذا لظاهر من عليهن ثبوت العهدة بجيمع مراتبها المساوق مع اللزوم فى حق النساء وحيث لا وجوب عليهن بالاجماع فيحمل على صورة حضور هن لكن الحق هو الثانى ان الخبر الاول

ص: 390


1- الوسائل الباب - 18 - من صلاة الجمعة

ضعيف السند من جهة الجهل بحال بعض مواليهم وأنه صادق في القول ام كاذب لامن جهة حفص كما قديتوهم لما بيناه مراراً فى مباحث هذا الكتاب من احراز وثاقته فى القول وعدم اخلال فساد المذهب بذلك وغير ظاهر الدلالة على الانقلاب ضرورة ان سقوط الرخصة في ترك الحضور بمعنى ارتفاعها عن المعذورين بعد فرض حضورهم سالبة بانتفاء الموضوع فلابد وان يراد به عدم اخذهم بالرخصة كما ان لزومهم الفرض الاول لا ظهور له فى انشاء الوجوب لهم من جديد كى ينقلب بذلك حكمهم . فلعل المراد انطباق الوجوب الاولى المجعول لصلاة الجمعة على هؤلاء ايضاً قهراً لولم نقل بظهور العبارة في ذلك كما ان عليهن فى الخبر الثاني غير ظاهر في الوجوب لكثرة استعمال على فى المندوبات نظير عليك بصلاة الليل وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع وعلى فرضه فالجمع الدلالي بينه وبين ادلة نفي الوجوب عن المرأة من جهة المادة بحمل هذا على صورة حضورها وحمل تلك على صورة عدم الحضور بلا شاهد فيجمع بينهما من جهة الهيئة بتحكيم نص تلك في عدم الوجوب على ظاهر هذا فى الوجوب ومع فرض التعارض فهي كثيرة معمول بهالدي الاصحاب دون هذا فلا بد من طرحه . وربما يجمع بينهما كما فى مصباح الفقيه من ناحية الملاك بدعوى ان استثناء هؤلاء التسعة انما هو بملاك المشقة النوعية فادلة الاستثناء من قبيل ادلة الاعذار وفى العذريات لا بد من ملاحظة ان العذرية هل هي مما ترتفع بالحضور املاففى المقام حيث ان الجمعة مشهد عام والحضور في الازدحام شاق على هؤلاء فقد رخص لهم في ترك الحضور فلو تكلفوا الحضور كما هو مفروض المسئلة فقدار تفعت العذرية فينطبق عليهم عموم دليل الوجوب ودعوى انك قد اعترفت سابقا بكون عنوان الاعمى بنفسه موضوعاً للاستثناء لا بملاك المشقة مدفوعة اولا بان المشقة بالآخرة دخيلة فى استثنائه وثانياً بان المستثنى منه عموم بدلي في مثل قوله(علیه السلام) لا يعذر فيها احد : فبعد حضور الاعمي يدخل في العموم البدلى المخصص ولكن هذا الجمع الملاكى ايضاً غير سديد لان الملاك المزبور

ص: 391

انما هو من العلة المستنبطة لا المنصوصة فليست حجة استنادية لاثبات الحكم الشرعى اذ كون المشقة حكمة لرفع الالزام عن هؤلاء لا يستلزم كونها سبباً لجعل الوجوب عليهم لدى الحضور .وأما دخول مثل الأعمى فى العموم المخصص بعد الحضور بعد فرض خروجه عنه أولا فهو موقوف على خروج الاحوال المفردة عن تحت العام ضرورة أن الحاضرين من طبيعي الاعمى وغير الحاضرين صنفان للطبيعي فالعموم الأفرادى للعام يستلزم العموم للحالتين معاً و ليستا من قبيل حالتي القيام والقعود لموضوع شخصی كزيد في مثل اكرم زيداً كى لا يشملهما العموم فالحاضرون من أفراد الاعمى من اول الامر داخلون تحت عموم المستثنى كغير الحاضرين منهم على السواء ولا معنى لدخولهم في عموم المستثنى منه.

وأما كون المقام من قبيل العام المخصص لا المطلق المقيد فحديث شعرى اذ اولا لم لا يكون بالعكس وثانياً ان العام والمطلق سيان من جهة كون الشمول فيهما لمقدمات الحكمة ضرورة عدم ثبوت لفظ موضوع فى لغة العرب لافادة العموم وراء أصل مفهومه المادى كما بيناه في الاصول مفصلا .(فتلخص) أن الحق وفاقاً للمشهور عدم انقلاب حكم هؤلاء الاصناف التسعة بحضورهم لدى الجمعة الى الوجوب بل بقائه على الرجحان والذي يهون الخطب عدم الوجوب العينى لصلاة الجمعة زمن الغيبة كما عرفته مفصلا ومن هنا علم حال استثناء المصنف ( قده ) بقوله ( سوي من خرج عن التكليف و المرأة وفي العبد تردد ( وان حكم الجميع واحد من حيث الصحة والاجزاء وعدم الوجوب بلا تردد في شيء من ذلك. ( ولو حضر الكافر لم تصح منه و لم تنعقد به ( صلاة الجمعة لفقدان شرط الاسلام فيه ( وان كانت واجبة عليه ( حسب ما قررناه في آخر كتاب الطهارة من ان الكفار مكلفون بالفروع كالاصول ) وتجب الجمعة على أهل السواد ) والقرى

ص: 392

کما تجب على أهل المدن والامصار ( مع استكمال الشروط وكذا على الساكن بالخيم كأهل البادية اذا كانوا قاطنين) مقيمين فيها وذلك لما عرفت عند التعرض لحال الشرط الأول من عدم الفرق فى الوجوب لدى اجتماع الشروط بين القرى والامصاروان التعبير بالمصرفي بعض الاخبار انما هو مشير الى اجتماع الشروط غالباً هناك كوجود امام الاصل او نائبه بلاموضوعية للمصر في هذا الحكم .(وهيهذا مسائل) عشرة ( الأولى من انعتق بعضه لا تجب عليه الجمعة و ) كذا ( لوها باه مولاه لم تجب الجمعة ( عليه ) ولو اتفقت في يوم نفسه وكذا المكاتب و المدبر ) و الحاصل أن الجمعة لا تجب على المملوك بجميع أقسامه محضاً كان أو مبعضاً وذلك لصدق اسم العبد الواقع فى لسان دليل الاستثناء على جميع أقسامه ضرورة بقاء علقة الرقية على رقبته في جميع تلك الاقسام فيخرج عن عموم الوجوب بمقتضى اطلاق دليل الاستثناء ودعوى الانصراف الى الممحض فى العبدية غير مسموعة اذ الانصراف بدوى لا استقراري و ان كان هذه المسئلة في زماننا لا موضوع لها ولا محمول بناءاً على الحق من عدم الوجوب العينى .الثانية من سقطت عنه الجمعة ( كالاصناف التسعة المتقدمة ( يجوز أن يصلى الظهر في أول وقتها ولا يجب عليه تأخيرها حتى تفوت الجمعة بل لا يستحب) ضرورة أنهما تكليفان متعلقان بحصتين من المهية الصلاتية بالنسبة الى صنفين المكلف فلا ربط لاحدهما بالآخر حتى يجب الانتظار فلكل أن يأتى بوظيفته فى اول وقتها بل حيث أن بالتأخير تفوت فضيلة اول الوقت فلا يستحب أيضاً بل . (ولو) أتى بوظيفته من الظهر ثم ) حضر الجمعة بعد ذلك ) أيضاً ( لم تجب عليه ( الجمعة لقضاء ضرورة الفقه و قيام الاجماع على أن ما قبل العصر من كل يوم لا تجب على كل مكلف أزيد من صلاة واحدة فهو نظير من فهو نظير من كان بعد دخول الوقت حاضراً فصلى أربعاً ثم سافر أو بالعكس حيث لا تجب الاعادة قصراً في السفر

ص: 393

على الاول ، ولاتماماً فى الحضر على الثانى لنفس الدليل وهذا مما لا اشكال فيه لدي أحمد .نعم هذا اشكال في الصبي الذي أتى بالظهر بعد دخول الوقت ندباً ثم بلغ بناء أعلى ما هو الحق من شرعية عباداته الموجبة لاجزاء ذلك عن وظيفة ماقبل العصر من يومه لما ذكرناه من الاجماع والضرورة بعد وضوح ان الوظيفة المجعولة فى حق البالغ والصبى واحدة بنفس الدليل الاولى غاية الامر رفع العقوبة عن الصبي بحديث رفع القلم وهو أن وظيفة هذا البالغ بحسب الواقع لم تكن الا الجمعة فلا يجزى عنها ما أتى به ظهراً وان كانت مشروعة فى حقه حين الاتيان لكن ير الاتيان لكن يرتفع الاشكال بملاحظة أن هناك ثلاث طوائف من الادلة. الاولى مطلقات جعل الظهر ( أصالة الاربع ) التي عرفت شمولها للبالغ والصبى على نحو سواء الثانية مطلقات جعل الجمعة على من اجتمعت له الشرائط الثالثة استثناء تسعة أصناف من المكلفين منهم الصبي عن صلاة الجمعة فلو كنا نحن وهذه الطائفة الاخيرة اي ادلة وضعها عن هؤلاء التسعة ولم تكن هناك أدلة صحتها عنهم . مقتضاها عدم شرع صلاة الجمعة في حقهم ودخولهم تحت عموم الطائفة الاولى المقتضى لانحصار وظيفتهم المشروعة في حقهم بالظهر لكن أدلة الصحة أوجبت جواز اتيانهم بالجمعة واجزائها عن الظهر الاان الصبي حيث كانت التكاليف باجمعها غير واجبة عليه ومع ذلك استثنى من صلاة الجمعة فذلك يكشف عن عدم شرع الجمعة في حقه وبقائه تحت عموم شرع الظهر (أصالة الاربع ) فاذا بلغ بعد اداء الظهر فقد أتى بوظيفة ماقبل العصر من يومه ولم تكن الجمعة مشروعة عليه بحسب الواقع أيضاً فلو حضر الجمعة بعد ذلك لم تجب عليه جزماً . نعم لوقلنا باصطياد الاطلاق من ادلة صحة الجمعة عن المسافر والمرأة بالنسبة الى الصبي فنقول ترخيص الشارع له فى الاتيان بالجمعة لا يوجب خروجه عن اصالة الاربع بل هناك ترخيصان في حقه بالنسبة الى الظهر و الجمعة ففي زمن حضور

ص: 394

الامام (علیه السلام) او على القول بالوجوب العيني زمن الغيبة يتخير الصبى بحسب الرخصة الشرعية بين حضور الجمعة وبين الاتيان بالظهر اربعاً . ( الثالثة اذازالت الشمس) من يوم الجمعة ( لم يجز السفر) على القول بالوجوب العينى زمن الغيبة ) لتعيين (الجمعة) عليه والسفر مفوت لها فيكون عاصياً اذلافرق في عصيان الحكم بين ترك امتثاله وجود موضوعه و بین اعدام الموضوع كما مع اذا كان هناك ميت يجب القيام بتجهيزه عيناً على واحد اوكفاية على جماعة فلافرق في صدق عصيان هذا الوجوب بين ترك تجهيزه وبين اعدام الموضوع بالقائه فى البحر اولدى السباع او نحو ذلك. نعم قد يكون التنويع فى كيفية الحكم بحسب اصل الشرع بالنسبة الى صنفين من المكلف مع الاشتراك فى الجامع نظير القصر والاتمام للحاضر والمسافر فتبديل موضوع احدى الكيفيتين بموضوع الاخر بانشاء السفر جائز وليس من عصيان الحكم باعدام موضوعه ضرورة عدم قصده مخالفة جامع الصلاة و هذا بخلاف القسم الاول فاعدام الموضوع فيه مخالفة لاصل الحكم فلا يجوز وما نحن فيه من قبيله ضرورة تنجز الامر بالجمعة بعد دخول وقتها مع اجتماع الشرايط فالسفر اعدام لموضوع التكليف المنجز.فان قلت على هذا فمقتضى القاعدة عدم جواز السفر فى اثناء الصوم ضرورة تنجز الأمر به . قلت نعم ولكنه ترخيص تعبدى من الشارع ولذا لوافطر قبل انشاء السفرثم سافر او افطرت المرأة ثم حاضت ولومع العلم حين الافطار بطر والمانع عن استمرار الصوم بعد ذلك نقول بوجوب الكفارة عليه بمقتضى الجمع بين الادلة . فان قلت اليس قداستثنى المسافر من وجوب الجمعة فالسفر لا يوجب اعدام الموضوع بل الادخال فى المستثنى . قلت هناك فى يوم الجمعة فريضتان احديهما الالتحاق بالجمعة و الاخرى

ص: 395

الاتيان بها كمادل على ذلك قوله(صلی الله علیه و آله وسلم) في صحيح زرارة (1) : صلاة الجمعة فريضة والاجتماع اليها فريضة مع الامام : فالمسافر بعد الزوال تارك لفريضة الالتحاق فهو هذه الجهة و استدل لحرمة السفرايضاً تارة بصحيح أبي بصير(2)عن ابیعبد الله (علیه السلام) قال اذا اردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وانت بالبلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد : بدعوى اولوية الجمعة عن المنع عن الخروج فيها بعد دخول الوقت قبل اداء الفريضة لكنه حكم خاص وارد في مورد خاص فالتعدي الى غير مورده قياس واخرى بمرسلات (3) مروية عن مصباح الكفعمي ونهج البلاغة ناهية عن السفر يوم الجمعة قبل الصلاة او الموبخة عليه وهى بعد الغض عن سندها من جهة اطلاقها الشامل لما قبل الزوال الذى لا يحرم السفر فيه بالاتفاق لابد من حملها على الكرامة (و) ان السفر ( يكره بعد طلوع الفجر) من يوم الجمعة الى الزوال وبعده يحرم لاجل الصلاة لدى وجوبها عيناً و امالدى وجوبها تخييراً كما هو الحق في زمن الغيبة فالحضور الى الصلاة غير واجب حتى يكون السفر مفوتاً له غير جائز لذلك. ( الرابعة الاصغاء الى الخطبة هل هو واجب ( كما عليه الاكثر ام لاكما عليه بعض ) فيه تردد ( واشكال حيث استدل للقول الثانى تارة باصالة البرائة عن وجوب الاصغاء واخرى بان الوجوب لو خصص بالعدد كان بلا مخصص و لوعمم للجميع لم يمكن اذربما لا يقدر بعضهم على الاصغاء لبعدهم عن الخطيب ولا يقدر الخطيب على اسماع الجميع لكن يندفع الوجه الثاني بان تخصيص الوجوب بالعدد مع وجود الدليل على اصل الوجوب ممكن بدعوى كونه القدر المتيقن من الدليل كما ان تعميمه للجميع لا يسقط بالعجز فى بعض المصاديق ضرورة امكان اسماع الجميع

ص: 396


1- الوسائل الباب - 1 - من صلاة الجمعة حديث 8
2- الباب 27 من صلاة العيد
3- الباب - 52 - من صلاة الجمعة

بمثل المكبرة كما في زماننا من غير حاجة الى قرب السامعين او اذا كان الخطيب جهورى الصوت او كانوا في مكان الجميع فالعمدة على فرض عدم الدليل هو الاصل المزبور لكنه مصادم فى المقام بوجود الدليل و هو الاستلزام من ناحية وجوب الوعظ والانذار ونحوهما من الامور الاصغائية التي قوامها باسماع الحاضرين فى الخطبة كما عرفت سابقاً اذ لولا وجوب الاصغاء لكان جعل وجوب الوعظ والانذار لغواً كما ان في آية السئوال . فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون : يستفاد من

وجوب السوال على الجاهل بالاستلزام وجوب الجواب عنه العين ماذكر من اللغوية غاية الامر ان الاستلزام من اللبيات فالقدر المتيقن منه ما يتحقق به مسمى الوعظ و الانذار بالنسبة الى بعض الحاضرين . (وكذا تحريم الكلام فى اثنائها)اى الخطبة محل خلاف بين الاصحاب فقيل بالحرمة وقيل بعدمها وقيل بالتفصيل بين السامعين والخطيب (و) لكنه ليس بمبطل للجمعة ( لدى الكل واستدل للقول الأول بجملة من الاخبار (1)كمرسل الصدوق (قدسّ سره) قال قال امير المؤمنين(علیه السلام) لا كلام والامام يخطب ولا التفات الاكما يحل في الصلاة وانما جعلت الجمعة ركعتين من اجل الخطبتين جعلنا مكان الركعتين الاخيرتين فهما صلاة حتى ينزل الامام وخبر الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه(علیه السلام)( في حديث المناهي ) قال نهى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب فمن فعل ذلك فقد لغا و من لغا فلا جمعة له وخبر ابي البخترى عن جعفر عن ابيه ان علياً عليه السلام قال يكره الكلام يوم الجمعة و الامام يخطب و في الفطر والاضحى والاستسقاء : وقد تقدم في صحيح ابن سنان قوله(علیه السلام) : فهى صلاة حتى ينزل الامام : اما ما عدا الاخير فهى وان كانت ظاهرة فى الحرمة من جهة النهى او التنظير بما يحل

ص: 397


1- الوسائل الباب -14 من صلاة الجمعة .

في الصلاة لكنها ضعيفة السند بالارسال ونحوه واما الاخير فهو صحيح السند لكنه ضعيفة الدلالة لما عرفت سابقاً من عدم ظهوره في تنزيل الخطبة منزلة الصلاة من حيث جميع الشرائط ولذالم نشترط فيها الطهارة مضافا الى صحيح محمد بن مسلم عن ابي عبد الله(علیه السلام) قال اذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد ان يتكلم حتى يفرغ الامام من خطبته (الحديث) الظاهر فى الكراهة المصطلحة فالحق كراهة التكلم فيما بين الخطبة بمقتضى هذا الصحيح و عدم ثبوت حرمته والاصل البرائة عنها كما ان الاعتبار ايضاً يساعد الكراهة اذ مع السكوت يكون الوعظ و الانذار اوقع في النفوس . الخامسة يعتبر فى امام الجمعة كمال العقل والايمان والعدالة وطهارة المولد والذكورة) اذا كان المامومون رجالا فقط اومع النساء ( ويجوز ان يكون عبداً) كما يأتى ذلك كله في مبحث الجماعة انشاء الله تعالى لوحدة الدليل ( وهل يجوزان يكون ابرص واجذم فيه تردد ) و اشکال (و) لكن ((الاشبه) الاظهر هو ( الجواز و كذا) في (الاعمى) اشكالا وجوازاً اذ قد يقال بان امامة الجمعة منصب فلا يليق بهؤلاء الاشخاص لكن يدفعه ان ملاك الحكم التعبدى ليس بايد يناكي يمكن اثباته بمثل هذا الاستحسان مضافاً الى ان المنصب معنوي لاصورى فالمدار فيه على الصفات الباطنية دون سلامة الاعضاء. ( السادسة المسافر اذا نوى الاقامة فى بلد عشرة ايام فصاعداً وجبت عليه الجمعة وكذا اذا لم ينو الاقامة ومضى عليه ثلاثون يوما في مصر واحد ) لماعرفت من ان المسافر الوارد في دليل الاستثناء عن وجوب الجمعة منصرف الى المعهود فى الشرع وهو الذى يجب عليه القصر فمن عداه داخل تحت عموم اقامة الوجوب في المستثنى منه مضافاً الى ما ورد فيمن نوى اقامة عشرة ايام في بلد من انه بمنزلة اهله.( السابعة الأذان الثاني يوم الجمعة) المسمى في الاصطلاح بالأذان الثالث بدعة وقيل مكروه و الاول اشبه) واظهر بحسب القواعد لما عرفت في مبحث الاذان والاقامة

ص: 398

من انه بدعة عثمان و تبعه معاوية وفصوله وان كانت عبادة لكن الاتيان بها بقصد المشروعية في مورد عدم الامر بها شرعاً تشريع محرم ولذا يختص بالعالم بعدم جعله فلو كان جاهلا ولو عن تقصير واتی به برجاء المطلوبية لم يكن به بأس .

( الثامنة يحرم البيع يوم الجمعة بعد الاذان ( على المشهور بل المجمع عليه بين الاصحاب كافة كما في المدارك وغيره ( فان باع أثم و كان البيع صحيحا على الاظهر) الاشهر وقيل بفساده ( ولو كان احد المتبايعين ممن لا يجب عليه السعى كان البيع سائغاً بالنظر اليه وحراماً بالنظر الى الاخر ) واستدل للحرمة مضافا الى الاجماع بالاية الشريفة : ياايها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذرو البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون : بدعوى ظهور الامرفي : ذروا البيع : في وجوب ترك البيع كظهور الامر فى : فاسعوا الى ذكر الله : في وجوب السعى الى الجمعة: وربما يؤيد ذلك بفهم العلماء من الاية ذلك ولكن فهم الغير ليس حجة على غيره اذا تخالفا في نحو الاستظهار من الدليل بل الحجة الاستنادية لكل أحد هوما بفهمه من لسان الدليل والأمر بترك البيع فى الاية الشريفة بقرينة المقابلة مع الأمر بالسعى الي صلاة الجمعة بعد وضوح تضاد البيع خارجاً مع السعى ظاهر في المقدمية للسعى دون المولوية كما يشهد به أيضاً بيان نتيجة ترك البيع وهو السعى بقوله تعالى ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون اذ من البديهي أن ترك البيع بما هو ليس بخير أبداً لولا جهة ة كونه مقدمة للسعى والحضور لدى صلاة الجمعة ووجوب المقدمة و ان كان عقلياً غير محتاج الى الارشاد في لسان الدليل التعبدى لكنه قد يقع للاهتمام بذلك الواجب كما يقول الوالد لولده : يا ولدي اطلب العلم و اترك التكاسل والتهاون کی تصیر عالماً : فيأمر بالمطلوب وبترك ضده ويبين نتيجة ذلك من الوصول الى المطلوب اهتماماً بذلك المطلوب فهكذا فى الاية الشريفة اهتماماً بصلاة الجمعة كما يشهد بالمقدمية ايضاً الاية الثانية : واذا رأوا تجارة اولهوا انفضوا اليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهود من التجارة والله خير الرازقين : حيث اخبر عن عمل

ص: 399

الاعراب مع النبى(صلی الله علیه و آله وسلم) اول من تركه( صلی الله علیه وآله وسلم)قائماً في الخطبة والانقضاض للتنزة والتجارة بتلقى الركبان كما يشهد بذلك التاريخ ايضاً .ثم بين أن المثوبات الالهية المعدة للصلاة خير من ذلك و ان ترك التجارة لاجل ذلك لا يسد الرزق لانه بيد الله وهو خير الرازقين فذلك كله قرائن متراكمة صدراً وذيلا كاشفة عن أن الأمر بترك البيع انما جاء في الاية الشريفة ارشاداً الى لزوم الاتيان بالمقدمة اهتماماً بصلاة الجمعة بلحاظ ما كان يصنعه الاعراب مع النبي (ص) فى تلك الصلاة فلا ظهور له فى المولوية أبداً فضلا عن التعدى عن حرمة البيع الى حرمة الصلح والاجارة و سائر المعاملات وعن حرمة البيع الفعلي الى حرمة القولى ولوفى طريق السعى الى صلاة الجمعة بأن يقول احد الصاحبين في السعى بعت كتابي هذا مثلا بدينار ويقول الآخر قبلت فان ذلك كله قول بلادليل وفضلا عن التعدى عن الحرمة التكليفية الى الوضعية اعنى فسادا لبيع كي تصل النوبة الي مقالة بعض الاساطين من أن النهي تارة عن السبب وأخرى عن المسب و الاول لا الأول لا يوجب الفساد والثانى يوجبه مع التمثيل للثاني بالبيع وقت النداء (فتلخص ) أن الحق عدم حرمة البيع وقت النداء لا تكليفا ولا وضعا.(التاسعة اذا لم يكن الامام موجوداً و لا من نصبه للصلاة وأمكن الاجتماع والخطبتان قيل يستحب أن تصلى جمعة وقيل لا يجوز والاول أظهر ) بالمعنى الذى تقدم عند التعرض للوجوب التخييرى من أن المراد به فى المقام ليس معناه الاصولى من العرضية في الجعل لدلالة النصوص على طولية جعل الجمعة عن الظهر بل التخيير فى مرحلة الامتثال بعد ترخيص الشارع فى الاتيان بالجمعة بدون حضور امام الاصل المستلزم للاجزاء عن الظهر بعد وضوح كونها كيفية مجعولة للظهر في يوم الجمعة من غير تباين بحسب المهية كي ينافي الاجزاء (العاشرة اذا لم يتمكن المأموم لاجل ازدحام الناس لصلاة الجمعة (من السجود مع الامام في) الركعة ( الأولى فان امكنه السجود ) بنفسه ( والالحاق به ) أى

ص: 400

بالامام (قبل الركوع) في الركعة الثانية فعل ذلك و (صح) ايتمامه وجمعته ضرورة أن تأخر المأموم عن الامام في ركن من غير اختيار لا يضر بالا يتمام كما يأتي في باب الجماعة انشاء الله (والا) فان كان الزحام بحيث منعه عن السجود و الالحاق بالامام حتى في الركعة الثانية قبل رفع الامام رأسه عن الركوع ( اقتصر على متابعته فى السجدتين ) من الركعة الثانية للامام ) وينوى بهما الأولى ( لنفسه و بهذا التلفيق يحصل له الايتمام فى ركعة تامة فيشمله عموم ما دل على من أدرك ركعة من الجمعة مع الامام فقد أدرك الجمعة فيقوم ويضيف اليها ركعة أخرى و تصح منه الجمعة. مضافاً الى خصوص معتبر حفص بن غياث (1) الذى رواه المشايخ الثلاثة (قدهم) قال سمعت ابا عبد الله(علیه السلام) لا يقول في رجل ادرك الجمعة وقداز دحم الناس وكبر مع الامام وركع ولم يقدر على السجود وقام الامام والناس في الركعة الثانية وقام هذا معهم فركع الامام ولم يقدر هذا على الركوع فى الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع ؟ فقال أبو عبد الله(علیه السلام) اللا أما الركعة الأولى فهى الى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل فى الركعة الثانية لم يكن ذلك له فلما سجد في الثانية فان كان نوى هاتين السجدتين للركعة الأولى فقد تمت له الأولى فاذا سلم الامام قام فصلى ركعة ثم يسجد فيها ثم يتشهد ويسلم و ان كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجزعنه الاولى ولا الثانية وعليه أن يسجد سجدتين وينوى بهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة تامة يسجد فيها:أما اعتبار السند فلما أشرنا اليه مراراً من أن حفص بن غياث وان كان عامياً بترياً الا أن شيخ الطائفة (قدسُ سره) عده ممن عملت الطائفة بأخباره في مقام الاستشهاد قی العدة لعدم منافات فساد المذهب مع الوثاقة في القول بجماعة العامة عملت

ص: 401


1- الوسائل الباب - 17 من صلاة الجمعة

الطائفة باخبارهم وقال في الفهرست كتابه معتمد وذلك يورث الاطمئنان النوعى بالوثوق الذي هو المدار في حجية الاخبار وقد اعترف الشهيد ( قدسّ سره ) في محكى الذكرى في المقام باعتبار الرواية مع أنه من زمرة المناقشين في رواية حفص في غير المقام فليكن اعترافه هنا بالاعتبار على ذكر منك وممن اضطرب كلامه في مورد حفص صاحب مصباح الفقيه (قدسّ سره)حيث ناقش فى اعتباره سابقاً في مسئلة أن التسعة الموضوع عنهم وجوب الجمعة لو تكلفوا الحضور صحت عنهم واعترف بالاعتبار في المقام . (فان نوى بهما الثانية قيل تبطل (الصلاة لانه ان اكتفى بهما للاولى كان خلاف نيته وانما الاعمال بالنيات وان أتى بسجدتين أخريين بنية الاولى كان زيادة الركن ( وقيل يحذفهما ) عن الاحتساب لشيء من الركعتين حيث أتى بهما بزعم لزوم متابعة الامام فيهما كما كان يفتى به أبو حنيفة في مورد المأموم المسبوق بر بركعة من أنه يجعل ثانية الامام ثانية له ثم يأتى بالاولى لنفسه . (ويسجد للاولى) سجدتين أخريين (ويتم صلاته جمعة (بثانية) ضرورة أن الفعل النحوى الذى ليس من جملة المقولات لا يحتاج الى وعاء خاص كي يكون وقوعه على خلاف النية مضرا بصحته نعم هو متدرج في الصدور عن الفاعل فقهراً يقع بعضه بعد بعض ولا يعتبر في صحة العبادة كما بيناه مراراً عدا الاتيان بالعمل لله تعالى وكونه مأموراً به واقعاً وأما قصد الامر والوجه والتميز فلادليل على اعتباره فيها وحيث ان الاجماع قائم على عبادية الصلاة فلابد من تحقق الامرين في صحتها وهما فى الفرض متحققان لفرض اتيان المصلى بصلاته هذه الله تعالى ووجود الامر بها واقعاً حسب عموم من ادرك وخصوص الموثق المتقدم واما زيادة الركن فعموم مبطليتها بمقتضى عقد الاستثناء في صحيح لا تعاد قد خصص بما دل على جواز زيادته للمأموم بقصد متابعة الامام وبالموثق في خصوص المقام فلا موجب للبطلان فترجيح المصنف (قدسّ سره) لذلك بقوله (والاول) أظهر) في غير محله .

ص: 402

ثم انه لو فرض عدم تمكنه من الالتحاق بالامام فى السجدتين حتى للركعة الثانية فلم يدرك مع الامام الاركوعاً واحداً فقط فهل تصح الجمعة أم لا مبنى على كفاية ادراك الركوع في صدق ادراك الركعة حتى يدخل في عموم من أدرك وتصح الجمعة منه أو لزوم ادر الكركمة تامة بما لها من السجدتين حتى لا يتحقق منه الايتمام وطبعاً لا تصح الجمعة وتحقيقه موكول الى باب الجماعة انشاء الله تعالى وأما آداب الجمعة فكثيرة تطلب بأدلتها من المفصلات. (الفصل الثاني في صلاة العيدين) الفطر والأضحى والنظر فيها وفي سننها وهي واجبة) بحسب الأصل (مع وجود الامام)(علیه السلام) أو المنصوب من قبله بلا خلاف في ذلك ولا اشكال بيننا وكذا مشهور العامة انما الاختلاف في جهات.(منها) أنها هل هي واجبة عيناً زمن الغيبة أم مستحبة فالمشهور بين الاصحاب بل لم يعرف الخلاف الاممن شذ من المتأخرين هو الثانى وتردد في ذلك في المدارك بقوله (قدسّ سره) : ومع ذلك فالخروج عن كلام الاصحاب مشكل واتباعهم بغير دليل أشكل : وقريب من ذلك في الذخيرة وقوي الوجوب العينى المجلسى الثاني (قدسّ سره) في البحار مع أن والده المجلسى الاول (قده) خص القول بالوجوب بالمجتهدين من جهة جرئتهم فى الفتوى ونفاه عن المحدثين واختار الوجوب أيضاً صاحب الحدائق فهؤلاء جملة من وقفنا عليهم من أرباب هذا القول ولعل المتتبع يقف على أكثر منهم واستدل لذلك بالكتاب والسنة فمن الأول قوله تعالى في سورة الاعلى: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى : بناءاً على تفسير تزكى بزكاة الفطرة وفصلى بصلاة العيدين كما جملة من العامة والخاصة نعم فسر الفخر الرازى تزكى بتزكية النفس وذكر اسم ربه بالتلفظ بالاسماء المقدسة لله تعالى وفصلى بالتوجه الباطنى اليه وهو تفسير عرفاني أقرب بالمعنى اللغوى وربما يشكل بأن السورة مكية وشرع زكاة الفطرة وصلاة العيدين انما هو في المدينة فاجيب بجواز نزول الآيتين فى المدينة كما ثبت ذلك بالنسبة الى جملة

ص: 403

من السور من كون بعض آياتها مكية وبعضها مدنية فربما يشكل بأن لازمه عدم كون ترتيب الآيات القرآنية على وفق النزول ولتحليل هذا الامر نقول على سبيل الاجمال أن وقوع الزيادة في القرآن المجيد مما لا يتصور عقلا ضرورة كونه بأسلوبه معجزاً نزل للتحدى حسب صريح بعض آياته وشهادة التاريخ والحس شاهد بعجز البشر عن الاتيان بآية من مثله. وأما وقوع النقص فيه فهو وانجاز ثبوتاً لعدم اخلاله بشيء من اعجاز اسلوبه كما هو واضح أو استفادة الاحكام الشرعية منه لكفاية الموجود منه بايدينا لذلك وانما ذلك على تقدير ثبوته من لوازم مظلومية أهل البيت(علیه السلام) كما ظلموا بغصب حقوقهم ومناصبهم الا أنه غير ثابت بالدليل لقصور الادلة الا أنه غير ثابت بالدليل لقصور الادلة عن اثبات ذلك بل هي ناظرة الى تطبيقات الايات المباركات وشأن نزولها نظير فى على : بعد قوله تعالى: يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك : كما فصلنا ذلك في رسالتنا المفردة ) غاية البيان في عدم وقوع التحريف في القرآن) نعم عدم توافق ترتيب الايات مع النزول قوى بلحاظ ما عرفت من نزول جملة منها في مكة وجملة منها في المدينة فالذين كانوا يكتبون الايات النازلة التزامهم على عنوان السور وترتيب الايات غير معلوم بل مشكل حيث لم يكونوا بمعصومين حسب شهادة التاريخ بكون هذا الترتيب

من قبل عثمان عن . كتاب الوحى عدا أمير المؤمنين(علیه السلام) ويشهد بذلك التأمل في الايات من عدم تناسب جملة منها مع ما يتلوها فنزول آيتين من سورة الاعلى في المدينة والباقى في مكة مما لا اشكال فيه ولا خدشة فى الاستدلال بالاية من هذه الجهة وانما اشكاله من جهة عدم حجية تفاسير العامة لنا اذلا يخلوا ما يفسرون على وفق القواعد الادبية فهم ونحن وكل أديب سواء في ذلك. واما على وفق آرائهم فليس بحجة في شيء وانما يعرف القرآن من خوطب به من اهل بيت الوحى صلوات الله عليهم ومعنى حجية قولهم أنهم لما كانوا خزنة علم الله ومهبط الوحى ومعدن التنزيل فكلماتهم منبهات للعقول بالنسبة الى مرادات

ص: 404

القرآن بحيث يصدق العقول بالتدبر فى الآيات و لحاظ المناسبات أنها مرادات من تلك الآيات لكن الواصلة الينا من طرق أهل البيت(علیهم السلام) لا اله الا في تفاسير السور القرآنية كثيراً ما ضعيفة السند كغالب الاخبار الواردة فى المعارف حيث كانت الفئة لاتزال مظلومة وكان تشرف الاصحاب بحضور الائمة(علیهم السلام)لا للسؤال عن العلوم محدوداً من جميع الجهات فلم يكونوا في سعة بالنسبة الى الافصاح عن جميع شؤن المذهب من الاصول والفروع والتفسير فصر فواهممهم في السؤال عماهو الاهم من الاحكام الفرعية المنحصر طريقها بالتعبد. ولذلك لم يتمكنوا من تنقيح رجال الاخبار بحيث يتبين كل ثقة عن غيره فقلما يتفق خبر صحيح بالنسبة الى المعارف أو تفاسير الايات من غير أن يكون لواحد من علمائنا السلف الصالح تقصير في شيء من ذلك فشكر الله تعالى مساعيهم الجميلة وجزاهم عن المذهب وأهله خير الجزاء ففى المقام بالنسبة الى تفسير سورة الاعلى ما وصل من طرقنا في تفسير تزكي بزكاة الفطرة وفصلى بصلاة العيدين كما عن الصافي عن تفسير القمى وكما عن الفقيه والتهذيب(1) ضعيف السند مضافا الي ضعف الدلالة حيث أمر فيه بأن يروح الى الجبانة ويصلى : والجبانة خارج البلد من الصحراء او المقابر ولا يختص ذلك المكان بصلاة العيدين اذهو مكان صلاة الاستسقاء ايضاً بل يستحب أداء كل صلاة فيه بلحاظ كونه من جهة الخلوة أقرب بالخضوع وحضور القلب الاأن يقال بأن قرينة الداخل وهو سبق زكاة الفطرة في الرواية وقرينة الخارج وهو الامر فى سائر الاخبار بالذهاب الى الجبانة لصلاة العيدين شاهدتان على ارادة صلاة العيدين في هذه الرواية أيضاً فالعمدة ضعف السند من جهة أحمد فى أوله والحسن في آخره لاشتراكهما بین الثقة وغيره وعدم مميز لهما في المقام.

ص: 405


1- الوسائل الباب - 17 - من صلاة العيد حدیث 4

نعم هناك خبر صحيح السند فى تفسير الآية عن أبي بصير وزرارة (1) جميعاً قالا قال ابو عبد الله(علیه السلام) ان من تمام الصوم اعطاء الزكاة يعنى الفطرة كما ان الصلاة علی النبی (صلى الله عليه و آله وسلم) من تمام الصلاة لانه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له اذا تركها متعمداً ولا صلاة له اذا ترك الصلاة على النبي(صلی الله علیه و آله وسلم) ان الله قد قبل الصوم ( الصلاة ) فقال قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلي : لكنه ضعيف الدلالة من جهة عدم وضوح علية ترك زكاة الفطرة لفساد الصوم وكذا علية الابتداء بالزكاة قبل الصلاة لذلك فالتعليل في المقامين لا ينطبق على المعلل.مضافاً إلى أن ذلك لا يوجب ظهور الآية فى صلاة العيدين الا أن يقال بان قرينة الداخل وهو ترتب الزكاة على الصوم فى الرواية منضمة الى قرينة الخارج وهو انحصار تلك فى زكاة الفطرة ومعهودية شرع الصلاة يومها كاشفة عن ارادة زكاة الفطرة وصلاة العيد فى الآية لكنها عليهذا لا تدل على الوجوب لان الفلاح لازم أعم للواجب و المندوب فالاية على أي تقدير لا تدل على وجوب صلاة العيدين .وقوله تعالى في سورة الكوثر : فصل لربك وانحر : حيث نقل الشهيد (قدسّ سره) في الذكرى عن جملة من المفسرين تفسير وانحر بنحر الابل وفصل بصلاة الاضحى نظیر تفسير تزكى فى الآية المتقدمة بزكاة الفطرة وتفسير فصلى بصلاة الفطر ويدفعه أن وانحر قدفسر فى روايات مستفيضة بالاعتدال في القيام من باب تقديم النحر كما اسلفناه فى مبحث القيام وعليه فلا ربط للآية الشريفة بصلاة الاضحى مضافاً الى أن سورة الكوثر مكية وصلاة العيدين انما شرعت في المدينة بشهادة التاريخ وكون هذه الآية من هذه السورة القصيرة ذات ثلاث آيات غير البسملة وجود فاء التفريع فيه نازلة فى المدينه متأخرة عن نزول الآيتين في مكة بعيد

ص: 406


1- الوسائل - الباب- 1 - من زكوة الفطرة - حديث 5

في الغاية فلا ظهور لشيء من الايتين فى وجوب صلاة العيدين كى يمكن الاخذ باطلاقهما لاثبات الوجوب العينى زمن الغيبة. وأما من السنة فهى طوائف من الاخبار كثيرة منها ناظرة الى شئون صلاة العيدين من شروط وجوبها كالجماعة أو لزوم الخطبة فيها أو بيان كيفيتها من عدد التكبيرات و القنوتات وقرائتها أو عدم لزوم بل ولا استحباب الاذان والاقامة فيها أو عدم وجوبها على المسافر أو بيان آدابها المندوبة ونحوذلك من الامور المربوطة بصلاة العيدين بعد الفراغ عن أصل جعلها كما سيمر عليك نقلها في طي المباحث الاتية انشاء الله تعالى وقد تقدم في مبحث صلاة الجمعة أنه لابد من لحاظ لسان كل طائفة من الاخبار فما لم تكن مسوقة لبيان الوظيفة الفعلية اعنى أصل التشريع لا يمكن استظهار الوجوب منها أو الاخذ باطلاقها بالنسبة الي ماشك في قيديته للمأمور به فالاخبار المسوفة لبيان شئون المهية قاصرة عن أثبات أصل وجوبها او عدم قيدية ماشك في كونه قيداًلها نعم هناك خبران قيل بانهما ظاهران في الوجوب أحدهما عن أبي أسامة(1) أبيعبد الله قال ) في حديث صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة ثانيهما صحيح جميل بن دراج (2) عن الصادق أنه قال صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة فانهما بصدد تعداد أنواع الفرائض مضافاً الى ظهور الفريضة في نفسها في الواجب لكن الاول ضعيف السند بأبي جميلة حيث لم نظفر الى الان بما يوجب اعتباره وان لا يخلو عن اعتبار من بعض الجهات مع امكان الخدشة في دلالتهما بالمنع عن ظهورهما في سنخ الحكم من الوجوب أو الندب غاية الامر دلالتها على اصل الشرع ودعوى أن الفريضة اصطلاح في الشرع لما فرض الله و السنة لما سنه النبى(صلی الله علیه و آله وسلم)

ص: 407


1- الوسائل الباب - 1 - من صلاة العيد - حدیث 1 و 4
2- الوسائل الباب - 1 - من صلاة العيد - حدیث 1 و 4

مدفوعة بمخالفة هذا الاصطلاح مع التعبير عن صلاة الكسوف بالفريضة في نفس الخبرين مع أنه ليس فى الكتاب ما يدل على جعل صلاة الكسوف بل ولا على جعل صلاة العيدين كما عرفت ومخالفته مع التعبير عن صلاة العيدين بالفريضة في هذين الخبرين وبالسنة في صحيح زرارة (1) عن ابيجعفر(علیه السلام) قال صلاة العيدين الامام سنة وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم الا الزوال فالسنة والفريضة بمعناهما اللغوى وهو المجعولة فلا ظهور للمخبرين فى الوجوب وعلى فرض ظهورهما في الوجوب واقتضاء اطلاقهما اللفظى أو المقامى للوجوب العينى زمن الغيبة فهو محكوم بالمقيدات الدالة على اشتراط الوجوب بوجود امام الاصل(علیه السلام) وهي موثقا سماعة (2) عن أبي عبد الله(علیه السلام) (احدهما) قال لاصلاة في العيدين الامع الامام فان صليت وحدك فلا بأس (الحديث ( ان اللام في الامام لا يمكن أن تكون للجنس والمعنى صحة الصلاة مع مطلق المقتدى ولولم يكن جامعاً لشروط الايتمام كالذكورة بالنسبة الى الرجال والعدالة وغيرهما فلا محالة للعهد كما لا يمكن جعل مع الامام كناية عن الايتمام بقرينة المقابلة مع جملة فان صليت وحدك فلا بأس لصحة المقابلة مع ارادة امام الاصل أيضاً فالحمل على الكنائية تصرف في الظاهر بلاقرينة فيؤخذ بظاهر الكلمة وهو ارادة وجود الامام بما هو متلبس بهذا العنوان ولا محالة تكون اشارة الى امام الاصل ولا أقل من عدم الظهور في أحد الامرين والمتيقن امام الاصل فتأمل ثم ان لاء التي هي لنفى الجنس قد يتوهم عدم احتياجها الى الخبر ولذا قيل بان لسان لا ضرر تشريع نفى الضرر لكنه خلاف اتفاق أهل الادب على احتياجها الى الخبر غاية الأمر أن حذف ما يعلم جائز لدى كل اهل اللغة.

ص: 408


1- الوسائل الباب - 1 - من صلاة العيد حديث 2
2- الباب - 2 - منها حديث -605

ولما كان الغالب في النفى المعلق على الجنس الاخبار عن عدم تلبسه بالوجود حذف الخبر وهو : موجود : في غالب الاستعمالات والافهل يعقل صحة تعليق النفي اخباراً على الماهية فقط مع أن كلمة : لاء : حرف ولابد في الجملة الاستنادية من موضوع و محمول بيان ذلك أن من الواضح عدم قابلية الحرف للوقوع مكان المحمول في القضية ضرورة عدم استقلالها بالمعنى ومفادلاء نفى الجنس أبداً معنى حرفى هو السلب جعله خبراً بل لابد من تقدير الخبر في كل مورد حسب ما يناسبه بالقرائن المقامية ففى مثل لاضرر يقدر موجود وفي مثل لاصلاة الامع كذا أو بكذا يقدر مشروعة قضاءاً لمقام الشارعية فالظاهر من لاصلاة في العيدين الامع الامام عدم تشريع العيدين بدون وجود امام الاصل غاية الأمر المقابلة مع جملة : فان صليت وحدك فلا بأس : قرينة على ارادة نفى الوجوب وأنها تصح بدون الامام(علیه السلام) أيضاً و تقدير الخبر واجبة وجعل كلمة مع الامام اشارة الى الايتمام بمطلق امام الجماعة يستلزم كون حصول الجماعة بنفسها شرطاً لوجوب صلاة العيدين أى لوجوب الالتحاق على الباقين وهذا مما لم يقل به أحد حتى القائلون بالوجوب العينى زمن الغيبة لانهم يقولون بوجوب عقد الجماعة فيها لا وجوب الالتحاق بالمنعقدة بحسب طبعها بلا وجوب تحصيل ذلك كما ان حمل لا على نفى الكمال يستلزم استحباب صلاة العيدين مع وجود امام الاصل والاجماع قائم على وجوبها حينئذ فتعين حملها على نفى الوجوب دون الصحة او الكمال وعليه فظهور هذا الموثق بحسب القرائن الداخلية والخارجية في اشتراط وجوب صلاة العيدين بوجود امام الاصل عليه السلام مما لا ينبغى الاشكال فيه فتأمل ( ثانيهما ) قال قلت له متى يذبح قال اذا انصرف الامام قلت فاذا كنت في ارض (قرية) ليس فيها امام فأصلى بهم جماعة فقال اذا استقلت (استقبلت) الشمس وقال لا بأس أن تصلى وحدك ولا صلاة الامع امام (علیه السلام) : اذالسؤال عن زمان الذبح والجواب بكونه زمان انصراف الامام يكشف عن كون الاعمال معهودة بين السائل والامام(علیه السلام) وسؤال سماعة ثانياً عن ان يصلى بالناس جماعة فى ارض ليس فيها امام يكشف

ص: 409

عن كون الانصراف عن صلاة العيد و عن انفهام امام الاصل من الامام في الفقرة الاولى ضرورة وجود امام الجماعة غالباً في كل أرض لاسيما مع كون السؤال عن نفسه بعد معلومية أنه كان امام الجماعة في بعض مساجد الكوفة وان أمامة الجماعة لا تحتاج الى الاذن كي يتوهم كون السؤال استيذاناً فى امامة الجماعة ولاسيما من مثل سماعة العارف بالاحكام كيف وهو الراوي لكثير منها و الجواب بتعيين زمان صلاة العيد بقوله(علیه السلام) : اذا استقلت الشمس : لطف فى عالم الجواب وتفضل بزيادة بيان زمان الفعل علاوة عن الترخيص في أصله ضرورة أن بيان الزمان بدون الترخيص فى فعل الزماني لغو كما يؤكده أن حين أرتفاع الشمس واستقلالها هو حين فراغ الناس عادة عن الاعمال والرجوع للذبح وانصراف الامام عن صلاة العيد فتوهم ردع الامام(علیه السلام) عن السائل بهذا اللسان في غير محله فهذا الجواب تقرير لانفهام امام الاصل من الفقرة الاولى واشتراطه فى وجوب صلاة العيد وترخيص في الاتيان بها جماعة بدون امام الاصل كما ان المقابلة بين لا بأس ان تصلى وحدك ولاصلاة الامع امام تدل على اشتراط الامام(علیه السلام) في وجوبها والترخيص فى الاتيان بها فرادى كما بيناه سابقاً فيستفاد من هذا الموثق امران . احدهما دخل وجود الامام (علیه السلام) في سنخ حكم صلاة العيداى وجوبها

ثانيهما جواز الاتيان بها بدون الامام(علیه السلام) بكل من الكيفيتين جماعة او فرادي فلو فرض اطلاق فى الادلة يقتضى وجوب صلاة العيدين مطلقاً زمن الغيبة يكون محكوماً بهذين الموثقين ويتحصل من الجمع بين الطائفتين مذهب المشهور

من استحبابها زمن الغيبة سواء جماعة ام فرادى و اشتراط وجوبها بوجود امام الاصل وعلى فرض اجمال الموثقين من جهة التقييد بوجود امام الاصل فلا اطلاق في الادلة ايضاً يقتضى عدم التقييد غاية الامراهما لها من هذه الجهة فتصل النوبة الى الاصل العملى ولا يمكن التمسك باستصحاب وجوب صلاة العيدين من زمن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) والائمة(علیهم السلام) ولا الى ضرورة عدم اثباته السنخ بالنسبة الى زماننا من الوجوب العيني فيكون

ص: 410

الاصل الجاری فی المقام هو البرائة عن الوجوب زمن الغیبة.وربما يستدل لذلك بوجوه اخرى منها قوله(علیه السلام) في الصحيفة السجادية : اللهم ان هذا المقام لخلفائك : بالتقريب المقدم في صلاة الجمعة ولكنك عرفت هناك عدم استقامة سند الصحيفة ومنها معتبر عبد بن ذبيان (1) عن ابي جعفر(علیه السلام) قال يا عبد الله ما من يوم عيد للمسلمين اضحى ولافطر الا وهو يجدد الله لال محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) فيه حزناً قال قلت ولم قال انهم يرون حقهم في ايدي غير هم: بحمل الحق الذى يرونه في ايدى غيرهم على اقامة صلاة العيدين ولكنه قابل للحمل على الزعامة و السلطنة التنفيذية التي مظهرها من جهة تشرف الناس عند سلطان دينهم يكون يوم العيدين وعليه يكون كناية عن غصب منصب الخلافة فلاظهور للرواية في المدعى.ومنها صحيح محمد بن مسلم(2) عن أبي جعفر(علیه السلام) قال قال الناس لامير المؤمنين(علیه السلام) الانخلف رجلا يصلى فى العيدين فقال لا اخالف السنة : بدعوى انه استيذان من امير المؤمنين في قيام غير الامام بصلاة العيدين وقد اجاب (علیه السلام)بكونه مخالف للسنة فيكشف عن اشتراط وجود الامام الاصل في هذه الصلاة لكنه استدعاء لا استيذان فلعله من جهة درك العاجزين عن الخروج الى الجبانة ( خارج البلد ) للصلاة مع الامام(علیه السلام) فضيلة صلاة العيدين في البلد فاجاب(علیه السلام) بأن اقامة هذه الصلاة فى غير الجبانة تخالف السنة و هى استحباب الاصحار بها كما ورد في اخبار مستفيضة يأتى الاشارة اليها انشاء الله والعجب ان صاحب مصباح الفقيه (قدسّ سره) يحمل السؤال هنا على الاستيذان مع انه يجعل نفس الرواية فيما بعدد دليلا علي لزوم البعد بين صلاني العيد و كيف كان فالعمدة في دليل مذهب المشهور ماذكرناه من الجمع

ص: 411


1- الوسائل الباب - 31 - من صلاة العيد
2- الباب - 17 - منها - حدیث 9

بین الطائفتین فتدبر.نعم تكاتف العلماء من القديم الى ماقبل مناقشة بعض المتأخرين على منصبية صلاة العيدين بحيث صرحوا قولا واحداً بالاجماع فى المسئلة والاجماع المدركي وان لم يكن كاشفا استقلالياً عن رأى المعصوم(علیه السلام) لكن السيرة العملية القطعية متصله بزمن المعصومين(علیهم السلام) موجودة في المقام على المنصبية بحيث لم يعرف من احد قبل نقاش بعض المتأخرين في المنصبية التزامه العملى بالاتيان بها فهذه السيرة كاشفة اما عن مفروغية المنصبية لدى اصحاب الائمة (علیهم السلام) الواصلة الى القدماء فرأوا انفسهم في غنى عن تكثير السئوال عن المتهم (علیهم السلام) عن المنصبية واما عن كونها قرينة لديهم على انفهام امام الاصل من لفظ الامام فى اخبار الباب واما عن صحة فهمنا من نفس موثقى سماعة كون صلاة العيدين منصبية وكون دلالتهما على ذلك واضحة لديهم ) کما تكون كذلك لدينا وكيف كان فنحن بحمد الله في غنى عن التمسك للمنصبية بالاجماع والسيرة بعد وضوح دلالة الموثقين عليها كما بيناه .

فظهر مماذكر ناعدم اعتبار وجود الامام فى صحة صلاة العيدين بل فى وجوبها وهل يكون وجوبها اوصحتها مشروطاً ( بالشروط ( الاخرى ( المعتبره في الجمعة) ايضاً من البعد المكاني بين صلاة عيد مع اخرى او العدد الخاص او الخطبة وغير ذلك قولان اختار اولهما المصنف (قده) هنا و فى المعتبر وتبعه جماعة بل ادعى عليه الاجماع لكن الحق هو الاخير اما البعد المكانى فلان ما يوهم اعتباره واستدل به لذلك منحصر في صحيح ابن مسلم المتقدم آنفا الذى سئل فيه عن امير المؤمنين(علیه السلام) : الاتخلف رجلا يصلى فى العيدين فقال لا اخالف السنة : والنفى فيه دائر ثبوتاً بين بين احد وجوه ثلاثة على سبيل منع الخلواما كون صلاة العيدين منصبية فبعد قيام الامام(علیه السلام) بها في الجبانة لا يجوز لغيره القيام بها في البلدمع عجزة الناس واما اشتراط البعد المكاني بثلاثة أميال بين الصلاتين كما في صلاة الجمعة و حيث لم يكن ذاك المقدار بين

البلد وبين مكان صلاة الامام(علیه السلام) ال في الجبانة فلا يجوز اقامتها في البلد .

ص: 412

واما استحباب الاصحار بصلاة العيدين فتركه يخالف السنة ولفظ السنة على الاولين ناظرة الى الوضع و على الاخير الى الرجحان وحيث أنها لغة بمعنى الطريقة و الجمل فتناسب مع كل من المعانى وانما يفيد الصحيح لمطلوب المستدل على الاحتمال الثاني دون الاول والاخير وحيث لاظهور له اثباتا في خصوص أحدها فلا يصلح دليلا له فالاقوى عدم اعتبار هذا الشرط فى وجوب صلاة العيدين ولافى صحتها .واما العدد فلان ما يوهم اعتباره واستدل به لذلك منحصر في صحيح الحلبى(1) عن ابي عبد الله(علیه السلام) أنه قال في صلاة العيدين اذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة وقال تقنت في الركعة الثانية قال قلت يجوز بغير عمامة قال نعم والعمامة أحب الى ؛ بدعوى ظهور هيئة يجمعون في وجوب عقد صلاة العيدين لدى تحقق العدد على نحو وجوبه في صلاة الجمعة ولكن القرينة قائمة على خلاف هذا الظهور لان مقتضاه سببية كل من الخمسة والسبعة للوجوب قضاءاً لمفاد أومع أن دوران سبب الوجوب بين الاقل والاكثر مع التحفظ على كونهما الاقل والاكثر غير معقول ضرورة حصول المسبب عند تحقق الاقل فلامعنى لسببية الاكثر بعد ذلك فيكون جعله لغواً الا فى الاقل والاكثر المتداخلين على نحو التباين كما في القصر والاتمام بالنسبة الى المسافر والحاضر لر جوعه لدى التحليل الى موضوعين لحكمين بالنسبة الى صنفى المكلف لالحكم واحد كما في المقام.واحتمال كون الخمسة شرطاً للصحة والسبعة للوجوب كما في صلاة الجمعة ينا في كون صلاة العيدين منصبية موقوفة على وجود امام(علیه السلام) الاصل وانما قلنا بذلك في صلاة الجمعة لوجود النص به واقتضاء الجمع الدلالي بين اخبار العدد فيها ذلك وهو مفقود في المقام فينحصر وجه الترديد فى ثالث الاحتمالات وهو تعدد مراتب

ص: 413


1- الوسائل - الباب - 39 من صلاة العيد

الفضل بمعنى كون عقد صلاة العيد فى جماعة لدى وجود خمسة نفر را جحة ولدى وجود سبعة نفر أرجح وعليه لاظهور له في اعتبار عدد خاص في صحة صلاة العيدين أو وجوبها بل يكون ظاهراً في كون الجماعة مستحبة فى صلاة العيدين لدى عدم وجوبها أيضاً فيكون هذا الصحيح وكذا موثق سماعة الثانى المتقدم دليلا على خلاف قول من قال بعدم جواز الجماعة فيها لدى عدم وجوبها الا ان يقال بان اعتبار شرط في صلوة العيدين هو وجود امام الاصل لاینا فی اعتبار شرط آخر فيها أيضاً هو العدد وحيث ام يمكن كون الخمسة شرطاً للوجوب لما عرفت من عدم تعقل ترديد السبب بين الاقل والاكثر يتعين كون السبعة شرطاً لوجوب هذه الصلاة كما كانت شرطاً لوجوب الجمعة وبهذا النحو يمكن التحفظ على ظهور هيئة يجمعون في الوجوب. فالانصاف ظهور هذا الصحيح فى اعتبار العدد في وجوب صلاة العيد وعليه فمقتضى الجمع بين هذا الصحيح مع ادلة المنصبية اعتبار كلا الشرطين في وجوبها ) و ( أنها مع وجود امام الاصل ) تجب جماعة ولا يجوز التخلف ) عنها ( الامع العذر فيجوز حينئذ أن يصلى منفرد اندباً ( بمقتضى مطلقات شرعها نعم لا دليل على اعتبار العدد في اصل صحتها واستحبابها زمن الغيبة كما لا دليل على اعتبار سائر شرائط الجمعة فيها زمن الغيبة كالخطبة اذلم يرد أمر بها في الاخبار ولم تكن هذه الصلاة في الاصل صلاة رباعية سقطت ركعتاها لمكان الخطبتين كما كانت كذلك صلاة الجمعة كى يمكن القول بوجوب الخطبة فيها من هذه الجهة . وانما دلت روايات(1) على أن الخطبة بعد الصلاة: منها خبر العلل المتقدم في وقت خطبة صلاة الجمعة فالمستفاد منها رجحان الخطبة في هذه الصلاة لالزومها وغير ذلك من الشرائط حيث لم يدل دليل على اعتبارها في صحة هذه الصلاة ،

ص: 414


1- الوسائل - الباب - 11 - من صلاة العيد

واما الاجماعات المنقولة فهى اولا غير محصلة لاشكال جماعة في بعض تلك الشرائط وثانياً على فرض التحصيل محتملة المدركية وهو المقايسة بصلاة الجمعة نظراً الي ما في صحيح الحلبي المتقدم : كما يصنعون يوم الجمعة: والى مافى خبر العلل : انما جعلت الخطبة فى يوم الجمعة في اول الصلاة وجعلت فى العيدين بعد الصلاة : الى غير ذلك مما يستشعر منها اشتراك هذه الصلاه مع صلاة الجمعة في الشروط ولكن ذلك حيث لا يصل حد الدلالة العرفية فلا يخرج عن الاستيناس بل القياس الممنوع فى الشريعة هذا بالنسبة الى زمن الغيبة واما بالنسبة الى زمن حضور الامام(علیه السلام) فالبحث عنه لغوفي حقنا . (ولو اختلت الشرائط) المعتبرة فى وجوب صلاة العيدين كوجود الامام بالنسبة الى زمن الغيبة ) سقط الوجوب ( عنها وبقيت راجحة بمقتضى مطلقات تشريعها كما سبق ) واستحب الاتيان بها جماعة وفرادى ( كما عليه المشهور وقيل تجب فيها الجماعة حينئذ أيضاً كما قيل لا تجوز فيها الجماعة عند استحبابها يدل على المذهب المشهور موثق سماعة الثانى المتقدم الذى دل على تقرير سماعة على الاتيان بصلاة العيد جماعة بالناس بلسان بيان وقتها وأنه حين ارتفاع النهار واستقلال الشمس نظراً الى استحالة بيان الزمان دون الزماني لصيرورة بيان زمانه لغواً فيدل بالالتزام البين على جواز الاتيان بها جماعة في ذاك الوقت كما يقال في جواب السؤال عن جواز اطعام فلان : اذا نزل في دارك: فيكشف عن مفروغية جواز الاطعام زمانه فهكذا في المقام كما دل على ذلك وعلى جواز الاتيان بها وحده خبر ابن ابي قرة (1) فعين المروى عن السيد بن طاووس (قدس سره) في الاقبال عن الصادق(علیه السلام) الا انه سئل عن صلاة الاضحى والفطر فقال صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة ومعتبر عبد الله بن

ص: 415


1- الوسائل الباب - 3 - من صلاة العيد حدیث 4

المغيرة (1) عن بعض أصحابنا قال سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن صلاة الفطر والاضحى فقال صلهما ركعتين فى جماعة وغير جماعة وكبر سبعاً وخمساً . فهذه الاخبار ناصة في جواز الاتيان بصلاة العيدين بكل واحدة من الكيفتين جماعة أو فرادى واستدل لوجوب الجماعة فيها حين استحبابها بالمستفيضة (2) الدالة على انه لا صلاة يوم الفطر والأضحى الامع امام . بحمل الامام فيها على مطلق امام الجماعة . ويدفعه اولا ما عرفت سابقاً من ان الامام فى هذه هو امام الاصل وثانياً على فرض كونه مطلق امام الجماعة ان مقتضى الجمع بين هذه الطائفة وبين الاخبار المتقدمة هو الحمل على تعدد مراتب الفضل بل المقابلة بين جملة : لاصلاة في العيدين الامع الامام : و بين جملة : فان صليت وحدك فلا بأس : في احد موثقى سماعة و نظير ذلك فى ثانيهما بنفسها شاهدة على ذلك واستدل لعدم جواز الجماعة بل لزوم الاتيان بها فرادى فى زمن الغيبة تارة بعمومات حصر الجماعة بالفريضة ونفيها عن النافلة بلسان كونها بدعة كما يأتي نقلها في مبحث الجماعة انشاء الله . ويدفعه ان مصب تلك العمومات هو الفرض والنفل بحسب اصل الجعل لا بالعرض وصلاة العيدين فريضة بحسب اصل الجعل وان صارت مندوبة زمن الغيبة بالعرض لعدم حضور الامام (علیه السلام) و لذا لا يقول احد بجواز الجماعة في الفريضة بالعرض كصلاة الليل اوغيرها من النوافل الواجبة بنذر او يمين مثلا. واخرى باخبار خاصة (3) كموثق عبدالله بن سنان عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال

ص: 416


1- الباب -5- من صلاة العيد - حديث 1
2- الباب-2- منها
3- الوسائل - الباب - 3 - من صلاة العيد .

من لم يشهد جماعة الناس فى العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل في بيته وحده كما يصلي في جماعة و صحيح الحلبي قال سئل ابو عبد الله(علیه السلام) عن الرجل لا يخرج في يوم الفطر والاضحى عليه صلاة وحده قال نعم وخبر منصور عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال مرض ابى يوم الاضحى فصلي في بيته ركعتين ثم ضحى : وخبر محمد بن ابي قرة المتقدم عن اقبال السيد (قدسّ سره) ويدفعه ان مقتضى الجمع بينها وبين ما تقدم هو التخيير بين الاتيان بها جماعة او فرادى كما عليه المشهور و موثق عمار (1)عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال قلت له هل يوم الرجل باهله في صلاة العيدين فى السطح او فى بيت قال لا يؤم بهن ولا يخرجن وليس على النساء خروج وقال اقلوالهن من الهيئة حتى لا يسألن الخروج . ويدفعه ان الظاهر من الحديث كون لزوم الخروج على الرجل ورجحان كون هذه الصلاة في مكان واسع مرتكزاً في ذهن السائل و انماسؤاله من جهة جواز اقامة هذه الصلاة بالنساء فى البيت فنفى امامته بهن ونفى الخروج عليهن في الجواب يكشف عن تعين وظيفته فى الخروج فلا يدل على تحريم الجماعة فيها لدى عدم وجوبها وعلى فرضه فهو مخصوص بمورده فالاستدلال به للمدعى عجيب واعجب منه الاستدلال لعدم جواز الجماعة فيها بموثق سماعة الثانى المتقدم بدعوى ان قوله (علیه السلام): اذا استقلت الشمس في جواب سوال سماعة عن ان يصلى بهم جماعة ردع عن جواز الجماعة فيها لدى عدم وجود الامام(علیه السلام) الذي هو حين استحبابها اذقد عرفت عدم تصور الردع في هذا الموثق لاستلزامه كون بيان الزمان للزمانى لغوا فظهر والحمد لله ان الحق ما عليه المشهور من جواز الجماعة والفرادي معا في صلاة العيدين زمن الغيبة الذى هو زمن استحبابها .

( ووقتها ما بين طلوع الشمس الى الزوال ( اجماعاً كما نقله جماعة منهم

ص: 417


1- الوسائل - الباب -28 من صلاة العيد حديث 2

العلامة (قدسّ سره) فى المنتهى اما كون مبدء وقتها طلوع الشمس فيدل عليه صحيح زرارة(1) قال قال ابو جعفر(علیه السلام) ليس يوم الفطر والأضحى اذان ولا اقامة اذانهما طلوع الشمس اذا طلعت خرجوا وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ومن لم يصل مع امام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه : فان اذا زمانية ناظرة الى تحديد زمان الصلاة بالطلوع.و دعوى الظهور في زمان الخروج الذى هو أعم من زمان الوجوب كماعن كاشف اللثام (قدسُ سره) مدفوعة بتساوق زماني الوجوب والايجاد عرفاً ولا سيما بعد تفريع : اذا طلعت خرجوا : على : اذانهما طلوع الشمس : الظاهر من جهة كون الاذان اعلاماً في انه كناية عن زمان الوجوب فيفهم زمان الوجوب فيفهم عرفاً من المجموع كون طلوع الشمس مبدء وقت الوجوب وموثق سماعة (2) قال سالته عن الغدو الى المصلى في الفطر والأضحى فقال بعد طلوع الشمس : لما عرفت من تساوق زمانى الوجوب و : الايجاد مضافا الى استصحاب عدم الوجوب قبل طلوع الشمس . واما انتهاء وقتها بالزوال فيدل عليه صحيح محمد بن قيس (3)عن ابيجعفر عليه السلام قال اذا شهد عند الامام شاهدان انهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوماً أمر الامام بالافطار في ذلك اليوم اذا كانا شهدا قبل زوال الشمس فان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم وأخير الصلاة الى الغد فصلى بهم : فأن تأخير الصلاة الى الغد لدي وقوع الشهادة بعد الزوال يدل على انتهاء وقت الصلاة بالزوال. واما مرفوع محمد بن أحمد قال اذا اصبح الناس صياماً ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطر وا وليخرجوا أول النهار الى عيدهم

ص: 418


1- الوسائل الباب - 7 من صلاة العيد - حديث 5
2- الباب 29 - منها - حديث 2
3- الباب - 9 - منها

وقريب منه مرسل الدعائم فسندهما ضعيف واطلاقهما مقيد بما في صحيح ابن قيس (ولو فاتت لم تقض ) كما هو مذهب أكثر الاصحاب على ما عن التذكرة لقوله(علیه السلام) في صحيح زرارة المتقدم : ولا قضاء عليه : ولنفى الصلاة بعد الزوال في صحيح محمد بن قيس المتقدم الكاشف عن عدم ثبوت هذه الصلاة بعد الزوال.وأما اثباتها في الغد فهو محمول على مورده تشريفاً لمقام هذا اليوم المبارك فلا اطلاق له بالنسبة الى سائر الموارد وعلى فرض وجود الاطلاق له فالجمع بين هذا الاثبات وبين النفى فى صحيح زرارة يقتضى الحمل على الاستحباب ولا ينافي ذلك كون القضاء لغة بمعنى مطلق الاتيان كما لا يخفى وأما عموم من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته فليس مسوقاً لبيان تشريع القضاء بل هو مسوق لبيان توافق كيفيته مع الاداء وعلى فرض اجمال الادلة الخاصة و الشك في وجوب القضاء في المقام فمقتضي الاصل عدمه وعلى أي تقدير فالحق م- المشهور في سقوط القضاء.( وكيفيتها أن يكبر للاحرام ثم يقرء الحمد وسورة والافضل أن يقرء الاعلى ( أو والشمس وضحيها ) ثم يكبر بعد القرائة على الاظهر ويقنت بالمرسوم ) المأثور بين كل تكبيرين ) حتى يتم خمساً ثم يكبر ويركع ) فيكون ركوعه بالتكبير السابع (فاذا سجد السجدتين قام بغير تكبير ويقرء الحمد وسورة والافضل أن يقرء الغاشية ثم يكبر أربعاً ويقنت بينها أربعاً ثم يكبر خامسة للركوع) فيكون القنونات الاربعة بين التكبيرات الخمس ) ويركع فيكون الزائد عن المعتاد) من التكبيرات في الركعتين ( تسعاً خمس ( منها ( في ) الركعة ( الأولى واربع في الثانية غير تكبيرة الاحرام وتكبير في الركوعين ) ويدل على ذلك الاخبار الخاصة (1)الواردة في كيفية هذه الصلاة كصحيح معاوية بن عمار قال سألته عن

ص: 419


1- الوسائل الباب - 10 - من صلاة العيد

صلاة العيدين فقال ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء وليس فيهما أذان ولا أقامة تكبر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة تبدء فتكبر وتفتتح الصلاة ثم تقرء فاتحة الكتاب ثم تقرء والشمس وضحيها ثم تكبر خمس تكبيرات ثم تكبر وتركع فيكون تركع بالسابعة وتسجد سجدتين ثم تقوم فتقرء فاتحة الكتاب وهل أتيك حديث الغاشية ثم تكبر اربع تكبيرات وتسجد سجدتين وتتشهد وتسلم . قال وكذلك صنع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) والخطبة بعد الصلاة وانما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان واذا خطب الامام فليقعد بين الخطبتين قليلا وينبغي للامام أن يلبس يوم العيدين برداً ويعتم شانياً كان أوقائظاً ويخرج الى البر حيث ينظر الى آفاق السماء ولا يصلى على حصير ولا يسجد عليه وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج الى البقيع فيصلى بالناس : وخبر على بن أبي حمزة عن ابيعبد الله(علیه السلام) في صلاة العيدين قال يكبر ثم يقرء ثم يكبر خمساً ويقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر السابعة ويركع بها ثم يسجد ثم يقوم في الثانية فيقرء ثم يكبر اربعاً فيقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر ويركع بها وصحيح جميل قال سألت أبا عبد الله عن التكبير في العيدين قال سبع وخمس وقال صلاة العيدين فريضة قال وسألته ما يقرء فيهما قال والشمس وضحيها وهل اتيك حديث الغاشية واشباهمها.

وصحيح يعقوب بن يقطين قال سألت العبد الصالح(علیه السلام) عن التكبير في العيدين قبل القرائة أو بعدها وكم عدد التكبير في الاولى وفى الثانية والدعاء بينهما وهل فيهما قنوت أم لافقال تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة يكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ثم يقرء ويكبر خمساً ويدعو بينهما ( بينها ) ثم يكبر اخرى ويركع بها فذلك سبع تكبيرات بالتي (بالذى) افتتح بها ثم يكبر في الثانية خمساً يقوم فيقرء ثم يكبر أربعاً ويدعو بينهن ثم يركع بالتكبيرة الخامسة . وخبر اسماعيل الجعفى عن ابيجعفر(علیه السلام) في صلاة العيدين قال يكبر

ص: 420

واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يقرء أم الكتاب وسورة ثم يكبر خمساً يقنت بينهن ثم يكبر واحدة ويركع بها ثم يقوم فيقرء أم الكتاب وسورة يقرء في الاولى سبح اسم ربك الاعلى وفي الثانية والشمس وضحيها ثم يكبر أربعاً ويقنت بينهن ثم يركع بالخامسة : وهناك ما ينافيها من حيث الكيفية المذكورة في هذه الاخبار محمول على التقية لمخالفته لمذهب الخاصة وموافقته لمذهب العامة وسنن هذه الصلاة بفروعها كثيرة مذكورة بأدلتها في الكتب المفصلة وقد ذكر بعضها في

بعض الاخبار المتقدمة.( الفصل الثالث في صلاة ( الآيات من ( الكسوف ) و الخسوف و غيرهما و والتعبير عنها بالكسوف كما في المتن و غيره اما للتغليب أو متابعة النص كما في زرارة و محمد بن مسلم الاتى من قوله(علیه السلام) له بالنسبة الى أخاويف السماء : صحيح فصل له صلاة الكسوف : وكيف كان فالامر سهل فى ذلك وهي أعنى صلاة الايات واجبة بالاجماع والنصوصالمستفيضة الاتية وذات سبب . ( والكلام فى سببها وكيفيهتا وحكمها اما الاول ) أعنى أسباب وجوبها فتجب عند كسوف الشمس وخسوف القمر ) بالاجماع المحصل والنصوص المستفيضة (1)التي فيها صحيح كاف للحجية كصحيح جميل بن دراج الذي رواه المشايخ الثلاثة (قدهم) عن ابيعبد الله مع اختلاف في المتن لكنه مشتمل على جملة : وصلاة الكسوف أو (هي) فريضة : ففى الكافى قال قال وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها قال وقال ابو عبدالله هي فريضة . ومعتبر فضل بن شاذان عن الرضا(علیه السلام) قال انما جعلت للكسوف صلاة لانه من آيات الله لا يدرى الرحمة ظهرت أم لعذاب؟ فاحب النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) الا أن تفزع أمته الى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن

ص: 421


1- الوسائل - الباب- 1 - من صلاة الكسوف والايات

قوم يونس(علیه السلام) حين تضرعوا الى الله عز وجل (الحديث) . و خبر على بن عبدالله قال سمعت أبا الحسن موسى(علیه السلام) يقول انه لما قبض ابراهيم بن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فانه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقدا بن رسول الله لا فصعد رسول الله والله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا ايها الناس ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فاذا انكسفتا او واحدة منهما فصلوا ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف : والسند ضعيف بعلى بن عبد الله . و اما عمرو بن عثمان بقرينة رواية ابراهيم بن هاشم عنه هو الثقفي الخزاز الثقة لكن الدلالة واضحة من حيث الاشتمال علي الأمر بالصلاة الظاهر فى الوجوب و من حيث التصريح بانكساف الشمس والقمرو الظهور فى سببيتهما لوجوب الصلاة نعم هناك اشكال دلالى من حيث أن ضمير التثنية في : انكسفتا : بنفسه قابل للحمل على انكساف كل واحد من النيرين فى وقته غير ظاهر في الاجتماع في الكسوف لكن عطف واحدة عليه بأويوجب ظهوره في الاجتماع وذلك مخالف للخارج فلابد اما من الحمل على كون الترديد من الراوى فى ان الامام(علیه السلام) قال انكسفتا أو قال انكسفت واحدة منهما كما يؤيده وجود الاخير فقط في بعض كتب الحديث واما من تأويل كلام الامام(علیه السلام) بأن القمر حين حيلولته بين الارض والشمس يكون وجهه المستضىء بنور الشمس نحو الشمس و وجهه غير المضىء نحو نافهما في هذا الحال . منكسفتان معاً بهذا المعنى. واما من تكذيب المنجمين فى دعوى عدم اجتماع الكسوفين في زمان واحد ضرورة امكان حيلولة الارض بين الشمس والقمر الموجبة لانكساف القمر وحيلولة شيء آخر بين الارض والشمس الموجبة لانكسافها كما يؤيده وقوع الكسوف في العشر الأول من الربيع حين فوت ابراهيم بن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ومن المحرم حين

ص: 422

قتل سيد الشهداء(علیه السلام) مع أن وقت الكسوف الحاصل من حيلولة القمر بين الشمس و الأرض أنما هو فيما بعد العشر الأول و كيف كان فلا يضر ذلك بدلالة الرواية على المطلوب ومع انجبار ضعف السند بالعمل كما ليس ببعيد يكون الخبر حجة على المطلوب .ثم الخسوف بحسب اللغة له معان متعددة كخسف الارض و ذهاب ضوء القمر وسقوط السقف وذهاب العين وغير ذلك من المعانى المتباينة التي ليس لها جامع يمكن ارجاعها اليه مضافا الى أنه بلا ملزم فهو بحسب الظاهر مشترك لفظى ولا يستعمل في مورد الشمس . واما الكسوف فله أيضاً معان متعددة متباينة غير راجعة الى جامع وحداني منها احتجاب الشمس أى نورها اذلامعنی لاحتجاب الجرم مع بعده الشاسع عنا وكون الحاجب كالقمرا صغر من جرم المحجوب بمراتب فلا يمكن احتوائه على المحجوب ولانه المتبادر لدى العرف من اسناد الاحتجاب الى جرم نير وقد صرح جماعة من اللغويين بعمومه لاحتجاب القمر. نعم ذكر بعضهم ان اطلاق الخسوف في مورده أحسن فاغتر بذلك بعض السادة الاجلة وادعى اختصاص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمروان اطلاق الكسوف في مورد القمر من المجاز المستهجن و لكن يدفعه وجود ذلك الاطلاق في الاستعمال الفصيح حيث وقع في اخبار مستفيضة من ابواب صلاة الايات تقرب من اثنى عشر مورداً كما تقدم بعضها. نعم مجرد الاستعمال أعم من الحقيقة فقد يدعى انه لا يثبت بذلك وضع اللفظ لاحتجاب القمر أيضاً بحيث يتبادر منه لدى الاطلاق ما يعم احتجاب النيرين بل الظاهر منه لدى عرف المحاورة حين الاطلاق من غير تنصيص بالقمر هو احتجاب الشمس لذا نقول لو كنا نحن و الادلة المشتملة على أن صلاة الكسوف فريضة لاشكل استفادة سببية خسوف القمر لوجوب صلاة الايات منها لكن وقع التصريح به في

ص: 423

خبر على بن عبدالله الذى نفينا البعد عن جبره بالعمل وتعاضده بصحيح ابي ابى بصير (1) قال انكسف القمر وأنا عند ابي عبد الله (علیه السلام) في شهر رمضان فوثب وقال انه كان يقال اذا انكسف القمر والشمس فافزعوا إلى مساجدكم : بضميمة ما سيأتى انشاء الله من أن المراد بالفزع الى المساجد هو الصلاة فيها. وخبر على بن الفضل الواسطى (2) قال كتبت الى الرضا(علیه السلام) اذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر على النزول قال فكتب الى صل على مركبك الذي أنت عليه : والمستفيضة الاتية في قضاء الصلاة لانكساف الشمس أو القمر الظاهر منها ارتكاز وجوب أدائها في ذهن السائلين و مفروغية ذلك بين الائمة(علیهم السلام) و أصحابهم والافكيف يجب قضائها فمن مجموع ذلك كله يثبت المدعى وهو سببية خسوف القمر بنفسه لوجوب صلاة الايات.لكن الانصاف أن اطلاق الكسوف بحسب المادة لغة وعرفاً يعم احتجاب نور القمر ومجرد قول لغوى واحد كون الخسوف فيه أحسن لا يكشف عن كون الاطلاق مجازياً واستعمال الكسوف فى الشمس والقمر معاً وفي خصوص القمر من دون قرينة في كلام السائلين والائمة(علیهم السلام) في جملة من الاخبار الواردة في أبواب هذه الصلاة كاخبار تزاحم وقت صلاة الكسوف مع الفريضة وأخبار قضائها وغير ذلك يكشف عن كونه حقيقة في الاعم وتبادره من الاطلاق لدى عرف زمن الصدور بل لم يوجد في اخبار الباب استعمال الخسوف في مورد القمر الا في مرسل المقنعة الظاهر كونه متخذاً من الروايات نقلا بالمعنى وانما استعمل فيها الكسوف فقط فلو فرض انصراف اطلاقه في عرفنا الى خصوص الشمس ايضاً لا يمكن الاثبات ذلك بالنسبة الى زمن الصدور باستصحاب الققهرى بل الاستصحاب منقطع بماذكر من احراز خلافه بالنسبة الى ذاك الزمن فالحق كفاية اطلاق

ص: 424


1- الوسائل الباب - 6- من صلاة الكسوف حديث 1
2- الوسائل الباب - 11- من صلاة الكسوف حديث 1

صلاة الكسوف فريضة فى اخبار الباب لاثبات وجوب الصلاة لدى انكساف القمر فضلاء ما عرفت من الادلة الخاصة. وبالجملة فأصل وجوب الصلاة بهذين السببين مما لا ينبغى الاشكال فيه انما الكلام في أمور منها أن مقتضى اطلاق الادلة المتقدمة عموم وجوب الصلاة لانكساف بعض الشمس أو القمر أو جميع القرض ضرورة صدق عنوان انكساف الشمس او القمر على البعض والكل فان احتجاب مقدار من نور الشمس أو القمر احتجاب لنورهما واحتجاب تمام نورهما ايضاً احتجاب لنورهما.

نعم الفرد الثانى أكمل لكنه لا يوجب خروج الفرد الأول عن الفردية للطبيعي فلولم تكن هناك أدلة توقيت صلاة الكسوف والتفصيل في قضائها بين احتراق تمام القرص وبعضه كما يأتي ذكرها انشاء الله لقلنا بمقتضى اطلاق الادلة الاولية بعدم التوقيت وعدم الفرق بين البعض والكل مطلقا ومنها أن الكسوف لما كان بمعنى احتجاب نور القرص وهو أمر محسوس ففى غير المرأى منه كما اذا حالت القمر بين الشمس والارض حالكونها تحت أرضنا أى الواقع فى الليل في النصف الاخر من الكرة باخبار المنجمين لا تجب الصلاة لكن لا لعدم حجية قول المنجم بل لعدم تحقق ما هو الموضوع لدى العرف لوجوب الصلاة. ومنها أنه لا فرق فى الكسوف المرأى الموضوع لوجوب الصلاة بين الحاصل بحيلولة القمر بين الشمس والارض أو حيلولة كوكب او شيء آخر ضرورة تحقق الموضوع في الجميع ودعوى انصراف الكسوف الى خصوص الاول غير مسموعة ومنها ان احتجاب نور سائر الكواكب غير الشمس والقمر ولو بحيلولة بعضها بين بعض لا يوجب صلاة الايات لخروجه عن مفهوم الكسوف لغة ومنصرفه عرفاً وعدم التصريح بسببية ذلك لوجوب الصلاة في شيء من الاخبار.

ص: 425

ومنها أن الكسوف المرأي بحسب الطبع أى الواقع في النهار لو خفى عنا لعارض كالغيم تجب الصلاة له جزماً ضرورة تحقق ما هو الموضوع لهذا الحكم عرفاً فاذا أخبر المنجمون بوقوع الكسوف في يوم فلانى أوليلة فلانية وكان هناك غيم أو نحوه مانع عن الرؤية تجب صلاة الايات بشرط الوثوق بقولهم والاعتماد على خبر ويتهم في فنهم ضرورة أن قول أهل الخبرة الحاصل لهم عن مبادى علمية أى اللوازم المساوية كما في الاخبار عن الكسوف الحاصل عن الحساب الرياضي الدقيق بالنسبة الى اوضاع المنظومات العلوية الدقيقة المضبوطة بصنع خالق الكون وقدرته الكاملة ، حجة لدى العقلاء مالم يكونوامتهمين قولا أوفناً نعم لا اعتداد لدي العقلاء بالقول الحاصل لاهل الخبرة عن المبادى الحدسية الظنية أي اللوازم الاعم كما فى معرفة بعض المعادن من طريق بعض اللوازم غير المختصة بذلك المعدن فالمنجم الماهر لكونه من أهل الخبرة يكون قوله حجة لدى العقلاء اذا لم يكن متهما فى فنه كما هو كذلك غالباً ان الاداعى له الى ذلك سواء كان مسلماً أم غيره .

لا يقال اذاً لم لا يؤخذ بقول المنجمين بالنسبة الي ثبوت الهلال فلو لم يكن قولهم حجة بمثل المنجم كذاب أو قليله لا ينفع وكثيره لا يدرك فليكن غير حجة في الاخبار بالكسوف ايضاً ولو كان حجة من باب الخبروية فليكن كذلك في ثبوت الهلال وحينئذ ما معني تكذيب المنجم وسائر ماورد في ذم علم النجوم. قلت : لانا نقول أما ثبوت الهلال فمضافاً الى امكان سببية اختلاف الافق لعدم تطابق اخبار المنجم مع الواقع بخلاف الكسوف فاختلاف حسابهم في ساعته يسير وظرف وقوعه من الليل أو النهار ممتد فلايضر به اختلاف الافق وقد ثبت بالنص أن المدار في الصوم والافطار على الرؤية حتى ان يوم الشك لا يجوز صيامه بنية رمضان. وأما مصبب الاخبار المزبورة فهوما يرتبط من علم النجوم بالقضاء والقدر والاعتقاد

ص: 426

بتأثير النجوم في الامور الكونية الموقوفة على اعمال قدرته تعالى الذى ربما يورث الكفر مالم يعتقد بكون أوضاع النجوم كالعلامة لوقوع تلك الحوادث بقدرة الله تعالى كما يشهد بذلك الاخبار الدالة على تكذيب النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) او الائمة(علیهم السلام) للمنجمين بالنسبة الى ادعائهم لاحد تلك الأمور فعدم حجية قولهم فيما هو خارج عن حيطة علمهم لا يستلزم عدم حجية قولهم في أمر حسابي مضبوط ككسوف الشمس والقمر فقياس أحد الامرين بالاخر في غير محله

وتجب صلاة الايات ايضاً بسبب الرجفة ( والزلزلة ) اجماعاً والمتأخرين عدا من لم يتعرض للمسئلة كأبي الصلاح الحلبي (قدسّ سره) حيث لم يتعرض لوجوب صلاة الزلزلة اثباتاً ونفياً فالاجماع المصطلح الفقهى غير حاصل فى المقام وانما الحاصل تسالم من عدا ذلك من القدماء واختصار الكتب الفقهية القدمائية غير صالح للكشف عن توافق من لم يتعرض للمسئلة مع سائر القدماء في القول بالوجوب كما أنه غير صالح لنفى قوله بذلك بلغاية الامر سكوته عن الحكم وهو كاف في المنع عن حصول الاجماع المصطلح . مضافاً إلى احتمال استناد الاجماع الى المدرك وهو خبر سليمان الديلمى (1) أنه سئل أبا عبد الله(علیه السلام) عن الزلزلة ماهى فقال آية ثم ذكر سببها ( الى ان قال ) قلت فاذا كان ذلك فما أصنع قال صلى صلاة الكسوف (الحديث) وبمضمونه ما المجالس لكن لا نحصار الرواية بذلك وهو ضعيف السند اذفى طريقه عدة مجاهيل وكذا المروى عن المجالس يحتمل استنادهم في الحكم الى الاجماع والسيرة فيكون الاجماع مستقلا بالدليلية ولذلك يشكل الأمر فى دليل هذا الحكم اذ باحتمال استناد المجمعين الى الرواية يسقط الاجماع والسيرة عن الدليلية وباحتمال طرحهم للرواية و استنادهم الى السيرة لا يحرز الاستناد إلى الرواية فلا ينجبر ضعفها ولا تتم دليلا.

ص: 427


1- الوسائل الباب -2- من صلاة الكسوف حدیث 3

الا أن يقال بحصول علم تفصيلى من ذاك العلم الاجمالي بوجود أحد دليلين على سبيل منع الخلو لذلك الحكم اما استنادهم الى الرواية بعد ما نرى من وجودها في الكتب المعتبرة كالفقيه والعلل وبمضمونه في المحاسن وانحصار الرواية المشتملة على الزلزلة بذلك الكاشف عن وجود قرائن عندهم على صدور الرواية عن المعصوم (علیهم السلام)واماكون المسئلة اجماعية فالاجماع مستقل بالدليلية بعد عدم تطرق احتمال ثالث في حق أولئك القدماء مع قداسة شانهم وتقویهم عن الاقتراح في الافتاء بلادليل تعبدي وأى الدليلين كان بحسب الواقع يكون كافياً لاثبات المطلوب هذا مضافاً الى امكان الاستدلال له بطريق آخر هو التحاكم بين صحيحى الفضلاء وبريد الدال أحدهما على صغرى كون الزلزلة آية والآخر على كبري وجوب الصلاة لاية واحدة من الآيات فيحصل من ضم الكبرى الى الصغرى وجوب الصلاة بسبب الزلزلة أما صحيح الفضلاء(1) ففيه بعد بيان كيفية صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة : ان الصلاة في هذه الايات كلها سواء : اذ لو قلنا بظهور سواء في الحكم لانه مقتضى القاء الكبرى بعد بيان الكيفية أوقلنا بظهوره في الاعم من الحكم و الكيفية كما قيل بكل من الوجهين فهو دليل برأسه للمطلوب وان ناقشنا في ظهوره في احد الوجهين بعد كون هذه الجملة مسبوقة وملحوقة ببيان الكيفية فنقول لاريب في دلالتها على كون الزلزلة آية وأما صحيح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم(2) عن ابيجعفر عليه السلام وابيعبد الله عليه السلام قالا اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها مالم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فابدء بالفريضة و اقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فاذا فرغت من الفريضة فارجع الى حيث كنت

ص: 428


1- الوسائل الباب - - - من صلاة الكسوف حديث 1
2- الوسائل الباب - 5 من صلاة الكسوف حدیث 4

قطعت واحتسب بما مضى : فظهور فصلها : فى وجوب الصلاة لاية واحدة من الايات بمقتضى ظهور البعض فى البدلي دون الترديدى الابهامى مما لا ينبغي الارتياب فيه وجملة مالم تتخوف الخ لا تنافى الظهور المزبور كما سيأتي بيانه عند التعرض لخوف الفوت في الصلاة وبعد تحاكم الصحيحين يتم ما قلناه كما أن مقتضى التحاكم المزبور وجوب صلاة الايات للرجفة حيث ذكرت مع الزلزلة في صحيح الفضلاء من جملة الآيات والفرق بينهما أن الرجفة حركة واحدة للارض والزلزلة استمرار حركتها وتعددها ولوفى زمان قصير.(وهل تجب صلاة الآيات ( لما عدا ذلك من ريح مظلمة وغير ذلك من أخاويف السماء قيل نعم وهو المروى المشهور ( وقيل لابل يستحب ) لكن لم يعرف قائله كما شهد به المتأخرون لان عبارة الاسكافي وابن زهرة غير ظاهرة في ذلك وسكوت الحلبي عن حكم ماعدا الكسوفين أعم من ذلك كما عرفت واسناد المحدث الكاشاني (قدسّ سره) ذلك الى بعض الاصحاب لعله لاعتماده على عبارة المتن.(وقيل تجب للربح المخوفة والظلمة الشديدة حسب) كما يظهر من الشيخ (قدسّ سره) في المبسوط لكنه فى الخلاف والجمل أطلق الوجوب لجميع الايات وتكلف ارجاع الجميع الى قول واحد بلا ملزم فهو فى المسئلة ذا قولين بحسب الظاهر وكيفكان فليس فى البين قول مستقر من الفقهاء بالاستحباب ويدل على القول الاول صحيح زرارة ومحمد بن مسلم(1) قالاقلنا لا بيجعفر(علیه السلام) هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى لها فقال كل أخاديف السماء من ظلمة أوريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن: فان أخاويف جمع منتهى الجموع للخوف كأقاويل ناسلية للقول وقد اضيف اليه لفظ كل الظاهر فى العموم وتسمية الاسباب باسم المسبب أى الايات الموجبة للخوف بأخاويف أمر شايع واضافة أخاويف الى السماء اضافة الى

ص: 429


1- الباب 2- من صلاة الكسوف - حديث1

الظرف أى محل النزول لا الى السبب لان الايات مخلوقة الله عز وجل والسماء هو العلو والاضافة مخصصة منوعة كما في غلام زيد فيخرج أخاويف الأرض كالسيل الشديد والجراد الكثيرة والضفادع العظيمة ونحو ذلك اذا كانت فيها جهة الايتية وأوجبت خوف النوع.فكبرى : كل أخاويف السماء : تدل على عموم الموضوع الكل آية سماوية مما سمعنا أورأينا وقوعها اولم نسمع ولم نر بعد ضرورة اقتضاء قدرته تعالى غير المتناهية لعدم انحصار الايات السماوية المخوفة فقوله(علیه السلام)من ريح أو ظلمة أو فزع بيان لبعض مصاديق الكبرى الملقاة من باب المثال وذكر الفزع مع كونه بمعنى الخوف لعله لتأكيد العموم فلا داعى الى التصرف في ظاهره بالحمل على أفزع كما في بعض الكتب ليكون وصفاً للظلمة ليكون وصفاً للظلمة:

در موارد ودعوى ان المراد أخاويف رب السماء فتعم المخوفات الأرضية كما يقال قضاء سماوى أو بلاء سماوى فى مورد الابتلائات الارضية مدفوعة بأن وجود ذلك البلاء في الارض خارجاً مع تسميته بالسماوي قرينة على حذف المضاف وارادة البلاء الحادث من قبل رب السماء وهذه القرينة مفقودة فى أخاويف السماء فلا موجب للتصرف فى الظهور الاولى للكلام فلايعم الارضية وقد أمر فى الصحيح بالصلاة لكل أخاويف السماء فيدل على الوجوب .(وتوهم) ان قوله(علیه السلام) : حتى يسكن : ظاهر في كونه غاية اما للحكم فيدل القع على تكرار صلاة الايات وهو مندوب كما في صحيح معاوية بن عمار(1) قال قال ابو عبد الله(علیه السلام)صلاة الكسوف اذا فرغت قبل أن ينجلي فأعد : و امالامتداد الفعل أى اطالة الصلاة الى حين سكون الاية وهو أيضا مندوب مسالوت 14 كما في موثق عمار( الوسائل - الباب - 8 - من صلاة الكسوف - حديث 1 و 2 .) عن ابيعبد الله قال قال ان صليت الكسوف الى أن يذهب

ص: 430


1- الوسائل - الباب - 8 - من صلاة الكسوف - حديث 1 و 2 .

الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فان ذلك افضل وان احببت ان تصلى فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز (الحديث) فذلك مانع عن انعقاد ظهور لهيئة صل في الوجوب.(مدفوع) اولا بظهور حتى يسكن بحسب الطبع في كونه غاية للفعل على نحو النتيجة التي هي حكمة للجعل كما في قولك أسلم حتى تدخل الجنة فالتصرف في ظاهره بالحمل على أحد الامرين بلا موجب وثانياً باستلزام التصرف المزبور التصرف في مادة : صل له : اما بالحمل على مادة التكريرا وعلى مادة الاطالة وهذا ارتكاب خلاف ظاهر آخر بغير قرينة وعلى فرض اجمال حتى يسكن من حيث كونه غاية للفعل على نحو النتيجة أو لما ذكر من الأمرين فالمجمل لا يصلح للقرينية على خلاف ظاهر الهيئة فى الوجوب وثالثاً بان معتبر الفضل بن شاذان المتقدم الدال على أن صلاة الايات شرعت ليترتب على فعلها دفع شر آيات الله التى لا يدرى الرحمة ظهرت أم لعذاب حاكم على هذا الصحيح مفسر لكلمة حتى يسكن بغاية الفعل علي نحو النتيجة فدلالة هذا الصحيح على وجوب صلاة الايات لكل آية مخوفة سماوية مما لا ينبغى الاشكال فيه.ويدل على ذلك ايضاً صحيح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم المتقدم المشتمل على قول الصادقين(علیهما السلام) : اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الايات فصلها : ان هذه الايات بقرينة ذكر الكسوف اشارة الى الآيات السماوية المعهودة والظاهر من البعض الواحد البدلي دون الترديدى الابهامى والظاهر من هيئة صلها الوجوب فيدل على وجوب صلاة الايات لكل آية سماوية. ودعوى أن هذا الصحيح مسوق لبيان حكم آخر هو تزاحم وقت الفريضة مع صلاة الآيات لقوله ما لم تتخوف الخ فالامر بالصلاة تمهيدى لبيان ذلك الحكم فلا ظهور له في الوجوب . مدفوعة بأن ما لم تتخوف غاية للأمر بالصلاة وجملة : وان تخوفت الخ ناظرة

ص: 431

الى بيان حكم التزاحم فالصحيح مشتمل على حكمين مسوق لبيان حكمى صورتي التزاحم وعدمه لالاحدهما فقط فرفع اليد عن ظهور : فصلها : في الوجوب بالنسبة الى أحد الحكمين وجعله تمهيداً لبيان الحكم الاخر بلا موجب بل نأخذ بكلا الحكمين كما هو الشأن في كل خبر متضمن لاحكام عديدة نظير مندوبات الوضوء وواجباته حيث نأخذ بجميع ما تضمنها الحديث من الاحكام فتلخص أن مذهب المشهور من وجوب صلاة الايات لكل آية سماوية مخوفة هو الحق الموافق للصناعة .

( ووقتها فى الكسوف ) لدى المشهور (من حين ابتدائه الى حين انجلائه تماماً ولدي جماعة الى حين شروعه في الانجلاء على اختلاف كل من الفريقين في جواز تأخير أداء الصلاة إلى آخر وقتها وعدمه بعد الفراغ عن جواز الاتيان بها بمجرد تحقق الانكساف للشمس أو القمر فهناك مطالب ثلاثة توقيت صلاة الكسوف بحيث تفوت بمضي وقتها وجواز المبادرة بها في أول وقتها او تأخيرها عنه وتعيين آخر وقتها وهل هو الشروع فى الانجلاء أو تمامه . أما المطلب الأول أى التوقيت فيدل عليه جملة من الاخبار : منها الاخبار الواردة فى قضاء صلاة الكسوف (1) لوتركها مع العلم به المفصلة بين احتراق القرص كله فيجب عليه القضاء أو بعضه فلا قضاء عليه فان القضاء فيها بمعناه المصطلح الفقهى من التدارك بعد الفوت لا معناه اللغوى من مطلق الاتيان بالفعل اذلولا إرادة التدارك بعد الفوت لما كان التفصيل بين احتراق الكل والبعض بالاثبات والنفى وجه مضافاً الى تعليق القضاء في بعضها على الغفلة والنوم والى التعبير بالفوت في جملة منها فهذه قرائن متراكمة على أن المراد بالقضاء في هذه الاخبار هو التدارك بعد الفوت وذلك يكشف عن التوقيت

ص: 432


1- الوسائل الباب - 10 - من صلاة الكسوف

ومنها الاخبار الدالة على استحباب اطالة صلاة الكسوف الى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر كموثق عمار المتقدم اذلولا التوقيت لم يكن لاستحباب الاطالة الى ذهاب الكسوف عن القرصين وجواز الاتمام قبل ذلك وجه.ومنها الاخبار الدالة على استحباب الاعادة اذا فرغ من صلاة الكسوف قبل الانجلاء كصحيح معاوية بن عمار المتقدم وقوله (علیه السلام) في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم(1) على نسخة : فان فرغت قبل أن ينجلي فأعد : وكشفها عن التوقيت ان مقتضاها عدم استحباب الاعادة اذا فرغوا بعد بعد الانجلاء وذلك لا يلائم الا وذلك لا يلائم الا مع التوقيت. ومنها صحيح جميل المتقدم : وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها : فانه ناص في توقيت الصلاة بحين الانكساف وجملة عند طلوع الشمس وعند غروبها : ناظرة الى تعميم هذا التوقيت من حيث طرفى النهار طلوعاً وغروباً وأنه لا استثناء في ذلك من حيث شيء من امتداد ظرف الكسوف أى النهار ففى كل حين منه وقع يكون وقت الصلاة.فدعوى امكان المناقشة فى الخبر بسوقه لبيان حكم آخر هو التعريض على العامة القائلين بكراهة الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها فيكون بيان وقت الصلاة تمهيدياً كما في مصباع الفقيه مدفوعة بما أشرنا اليه سابقاً من أن اشتمال الخبر على أزيد من حكم واحد أمر وسوقه لبيان واحد بالاستقلال وآخر بالتبع أمر آخر فمع ظهور الكلام فى الاول كما في المقام لا موجب لحمل بعض الفقرات على التمهيد وعلى ذلك يحمل صحيح زرارة(2) عن أبي جعفر(علیه السلام) أنه قال اربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة

ص: 433


1- الوسائل الباب - - - من صلاة الكسوف حديث6
2- الوسائل الباب - ان منها حديث1

منها صلاة الكسوف : بأن يكون المراد تعميم وقت صلاة الكسوف بالنسبة الى كل ساعة من ساعات ظرفه القابل الموقوع فيه أى النهار فيتحد مفاده مع مفاد: عند طلوع الشمس وعند غروبها :(1) فتلخص ان توقيت صلاة الكسوف كما لاخلاف فيه فتوى كذلك لا اشكال فيه بحسب الادلة.ثم ان صاحب مصباح الفقيه بعد ما ناقش في صحيح جميل بما عرفت استدل الممطلوب بخبر على بن الفضل الواسطى(2) قال كتبت الى الرضا(علیه السلام) اذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر على النزول قال فكتب الى صل على مركبك الذي

ص: 434


1- الا ان يقال بأن : عند طلوع الشمس وعند غروبها لعله ناظر الى تعميم توقيت صلاة الكسوف بحين الانكساف بالنسبة الى الكسوفين المفروض ظهور الكسوف لغة وعرفا فى الاعم منهما كما تقدم في المتن فالمعنى حين كون الشمس طالعة أى النهار الذى هو ظرف كسوف الشمس أو غاربة أى الليل الذى هو ظرف خسوف القمر فلاظهور له فى التعميم من جهة طرفي النهار.وأما صحيح زرارة فظاهره نفى التوقيت عن الكسوف وأن وقوعه سبب لوجوب الصلاة من غير تقيد زمن الفعل بوقت خاص بل يجوز الاتيان بها في كل ساعة وعليه فلتكن أداءاً مادام العمر. وبهذا اللحاظ يقع التعارض بين مفادى الصحيحين من جهة ظهور صحيح جميل في التوقيت وظهور صحيح زرارة في نفيه لكن حيث يكون مضمون صحيح زرارة عليهذا مخالفاً لمفاد أخبار القضاء لصلوة الكسوف ولفتوى الاصحاب طراً اذلم يقل أحد بكون صلاة الكسوف ذات سبب أداءاً مادام العمر فذلك قرينة اما على التصرف في هذا الظاهر بالحمل على ماذكر في المتن او على ترجيح صحيح جميل بسبب اعراض الاصحاب عن صحيح زرارة فليتأمل : المقررعنه.
2- الوسائل الباب - 11 - من صلاة الكسوف

انت عليه : بتقريب أن الامر بايقاع الصلاة راكباً الموجب لسقوط بعض أجزائه وشرائطه كالقيام والاستقرار والركوع والسجود التامين ليس الا بلحاظ الاهتمام بالوقت وان الراكب لوصبر حتى يأتى بصلاة الكسوف على الارض جامعة للاجزاء والشرائط

ينقضى وقت الصلاة فيدل على التوقيت.وفيه أن هذا الحديث مضافاً الى ضعف سنده بالواسطى لادلالة فيه على التوقيت لامكان نظره الى جواز البدار لاولى الاعذار مع سعة الوقت الذي بينا في محله كونه وأن مجرد تحقق الاضطرار الفعلى بالنسبة الى بعض الاجزاء والشرائط لاجل الخوف من النزول لكون المكان أرض مسبعة أولص أو نحو ذلك كاف للعذر المسوغ للاتيان بالطبيعى فى ضمن فرده العذري الفاقد لذلك الجزء اوالشرط فالعمدة في ادلة التوقيت ما ذكرناه.

وأما المطلب الثاني أعنى جواز المبادرة بصلاة الكسوف في أول وقتها أو تأخيرها فيدل على جواز التأخير ان فورية الاتيان بالفعل على فرض وجوبها واجب مستقل غير أصل وجوب الاتيان بالفعل فلا بد فى اثباته من دليل آخر وراء الدليل المتكفل لوجوب الفعل وليس فى اخبار الباب ما يدل على ذلك فمقتضى اطلاقها المقامى عدم وجوب الفور ومع الشك فيه فمقتضى الاصل البرائة عنه فضلا دلالة بعض الاخبار على عدم وجوب الفور كخبر، ابن ابي يعفور (1)عن ابی عبد الله(علیه السلام) قال اذا انكسفت الشمس والقمر فانكسف كلها فانه ينبغى للناس أن يفزعوا إلى امام يصلوا بهم وأيهما كسف بعضه فانه يجزى الرجل يصلى وحده (الحديث) فان احراز كون الكسوف كلياً أو جزئياً لا يمكن الا بالتاخير فلو كان الفور واجباً لم يكن لتعليق استحباب الاتيان بالصلاة جماعة على الانكساف الكلى وجه.

يدل على جواز المبادرة الاطلاق اللفظى لادلة توقيت صلاة الكسوف بحين

ص: 435


1- الباب - 12- من صلوة الكسوف - حديث2

الانكساف كقوله(علیه السلام) في صحيح جميل المتقدم وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف اذ بمجرد تحقق الكسوف الجزء من القرص بصدق وقوع الصلاة في الساعة التي تنكسف فيجوز الاتيان بها.

وأما المطلب الثالث أعنى تحديد آخر وقت الصلاة فربما يستدل لكونه حين الشروع فى الانجلاه بص- حيح حماد بن عثمان عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال ذكروا انكساف القمر وما يلقى الناس من شدته قال فقال أبو عبد الله(علیه السلام) اذا انجلى منه شيء فقد انجلى بتقريب ان الامام (علیه السلام) جعل انجلاء شيء من القرص كانجلاء القرص فيكشف عن انقضاء وقت الصلاة بمجرد الشروع في الانجلاء.و فيه ان السؤال انما هو عن فزع الناس وخوفهم أثر الانكساف لما كانوا يعتقدون من انه آية من آيات الله لا يدرى الرحمة ظهرت ام العذاب حسبما دل عليه معتبرا لفضل بن شاذان المتقدم فقوله(علیه السلام) اذا انجلى منه شيء فقد انجلى يكون بمناسبة السؤال والجواب ناظراً الى تسلية الناس وأن مجرد الشروع في الانجلاء يدل على حصول الانجلاء التام فكأنما انجلى كله فلير تفع خوف الناس من ذلك . فالعجب من بعض فحول أهل التحقيق حيث استظهر منه تحديد آخر وقت الصلاة بالشروع فى الانجلاء بل الحق كونه حين تمام الانجلاء كما يدل عليه فعل رسول الله(صلی الله علیه آله وسلم) الذي حكاه أحد الصادقين عليهما في صحيح الفضلاء قال صلی رسول الله(صلی الله علیه و آله وسلم) والناس خلفه فى كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها : ان من البديهي أن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) لا يوقع الصلاة ولو بعضها فى خارج وقتها كما أن حمله على الوقت التنزيلى من باب من ادرك تصرف فى الظاهر بغير دليل فيكشف عن امتداد وقت الصلاة الى نهاية الانجلاء.وصحيح معاوية بن عمار المتقدم الدال على استحباب الاعادة اذا فرغ من صلاة الكسوف قبل الانجلاء ان لا معنى لاستحباب الاعادة بعد الوقت فانها بمقتضى بقاء

ص: 436

الأمر الاولى بالطبيعي فتكون على وفق القاعدة كما بيناه فى محله فيكشف عن بقاء الوقت مادام بقاء الكسوف ولو بعضه وموثق عمار المتقدم الدال على استحباب اطالة صلاة الكسوف الى تمام الانجلاء اذ لولا بقاء الوقت الى ذاك الحين لم يكن لاستحباب الاطالة اليه وجه وصحيح جميل المتقدم الدال على تحديد وقت صلاة الكسوف بحين الانكساف بالمعنى الاسم المصدرى ضرورة صدق ذلك ما لم ينجل تمام القرص هذا كله حكم ما اذا اتسع الكسوف للصلاة. ( فان لم يتسع لها) حتى بمقدار اقل الواجب فهناك اقوال ثلاثة احدها أنه تجب صلاة الكسوف كما اختاره كثير من المتأخرين ثانيها انه ) لم تجب ( الصلاة كما اختاره المصنف (قدسّ سره) فى المتن وكثير من القدماء بل لعله المشهور بينهم ثالثها التفصيل بين كون الكسوف بمقدار ركعة من صلاته فتجب وبين كونه اقل من ذلك فلا تجب كما اختاره العلامة (قدس سره) فى المنتهى و المصنف (قدس سره) في المعتبر و الشهيد (قدس سره) في الذكرى واستدل للاخير بكبرى : من ادرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت كله الظاهرة فى تنزيل ركعة من الصلاة في وقتها منزلة الجميع فمع وقوع ركعة من صلاة الكسوف في وقتها الذي هو انكساف القرص تجب الصلاة بمقتضى اطلاق هذه الكبرى بخلاف ما اذا قصر زمان الانكساف عن مقدار ركعة فحيث لا دليل على وجوب الصلاة حينئذ تسقط من رأس و يتوجه عليه اولا منع الكبرى لان كبري من ادرك ليس لها دليل ليس لها دليل صحيح صحيح السند لانحصار مدركها بنبوى غير معلوم الانجبار و الكبرى الاصطيادية لذلك من ادلة الصلوات اليومية مخصوصة بتلك الصلوات ولا اطلاق لها بالنسبة الى غيرها فالتعدى الى غير اليومية قياس لكن الانصاف عدم صحة هذا الاشكال وشمول العموم الاصطيادي لكل فريضة وثانياً منع الصغرى اذا الدليل ناظر الى موردكان الوقت بحسب طبعه واسعاً فلم يدركه لا لتوسعة الوقت الناقص بحسب طبعه .

ص: 437

توضيح ذلك ان الظاهر من الادراك بقرينة من التبعيضية و لفظ الوقت في قوله « من الوقت » هو الادراك الالحاقى باحد نحويه من العمد والعذر مضافاً الى استلزام ذلك الجمع بين لساني التقدير و التنزيل معاً في كلام واحد بمعنى تقدير الوقت الناقص طبعاً تاماً فى ناحية المنزل عليه ثم تنزيل ادراك ركعة من الوقت منزلة ادراك ذلك الوقت التام وهذا لا يتم الامع كون الدليل ذا لسانين فهو خارج عن مفاد الدليل فالقول بالتفصيل مما لا يساعده الصناعة . واستدل للقول الثانى بوجوه خمسة احدها قوله(علیه السلام) في صحيح جميل المتقدم وقت الكسوف في الساعة التي تنكسف : بدعوى ان تنكسف حال والضمير راجع الى الشمس او القمر فالمعنى ما دام او حال او حين كونها منكسفة وهذا التوصيف يكشف عن قيدية وقوع الصلاة حال تلبس الشمس بمبدء الكسوف فامتداد الكسوف شرط في وجوبها فلو وقع بعض الصلاة في غير حال الانكساف وهو اعم من حال الانجلاء وبعد الانجلاء يسقط وجوبها و يتوجه عليه ان ارجاع الجملة الفعلية الى الاسمية تصرف في الظاهر ولا بد له من قرينة واطلاق تنكسف يشمل ما اذا وقع بعض الصلاة حال الانكساف فهواما ظاهر في خلاف مطلوب المستدل كما هو الحق أوغير ظاهر في خصوصه وعلى فرض الظهور في مطلوبه فالاستدلال به انما يتم لوثبت قيدية الوقت في هذه الصلاة على نحو وحدة المطلوب دون تعدده كما ستعرف.ثانيها قوله في صحيح زرارة ومحمد بن المسلم المتقدم. فصل له حتى يسكن: بدعوى كون حتى يسكن علة لوجوب الصلاة فبعدما سكن الكسوف لا موجب لصلاة ويتوجه عليه اولا ما اشرنا اليه عند ذكر الصحيح من منع ظهور حتى في العلية بل هو غاية للفعل على نحو النتيجة وليست الغاية المترتبة على الفعل علة منحصرة للجعل اذهى تناسب كونها حكمة للتشريع فلا يدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً.ثالثها قوله(علیه السلام) في معتبر الفضل بن شاذ ان المتقدم الوارد في علة جعل صلاة الكسوف : ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها : بدعوى ان علة الجعل دفع

ص: 438

المكروه فلا معنى للوجوب بعد ذهاب الانكساف عن القرص ويتوجه عليه ان الظاهر من المكروه والشر في هذا الصحيح انما هو الاثر الوضعى الحادث بسبب الكسوف في العالم فيصح وجوب الصلاة مع ذهاب نفس الكسوف لاجل ارتفاع ذلك الاثر . رابعها ان وجوب الصلاة انما هو لر دالنور فلا معنى له بعد الانجلاء ويتوجه عليه انه لم يرد التعليل بذلك فى دليل.خامسها وهو عمدة ادلتهم الاخبار الواردة في قضاء صلاة الكسوف سيما المفصلة بين احتراق تمام القرص وبعضه فى وجوب القضاء و عدمه حيث تكشف عن كونها موقتة فلابد و ان يكون الوقت وافياً بجميع الفعل لاستحالة تقييد الموقت بزمان يقصر عن اداء مجموعه ويتوجه عليه ان القدر المستفاد من هذه الادلة انما هو اصل التوقيت واما سنخ دخل الوقت في تلك الصلاة و أنه على نحو المجموع او البعض فهو خارج عن حوصلة هذه الاخبار اذ كما يمكن ثبوتاً اخذ الزمان في الزماني وضعا على نحو القيدية للمجموع كما اذا وقع التحديد بنفس الزمان نظير وقت الظهرين المحدود بما بين زوال الشمس وغروبها فطبعاً ينتفى مطلوبية الفعل لدى انتفاء زمان مطلوبيته ويقع بعد ذلك قضاء لا محالة كذلك يمكن ثبوتاً اخذ الزمان فيه وضعاً على نحو القيدية للبعض كما وقع التحديد بالنية بالنسبة الى صوم المندوب على هذا النحو حيث اكتفى فيه باقتران بعض الصوم ولو قبيل الغروب بالنية ففي المقام حيث وقع تحديد وقت صلاة الكسوف بالزماني أعنى الانكساف فيمكن ثبوتاً دخله في الفعل على نحو البعض فيكفى وقوع بعض الصلاة حال الانكساف في وجوب القضاء بصورة وقوع جميعها بعد الانجلاء وان كان هذا الفرض نادر الوقوع في الخارج ومعه فلا تكشف ادلة القضاء عن سقوط الوجوب فى الفرضَ.فتلخص أن أدلة القول الثاني بأجمعها قاصرة عن اثباته ولقد أعجب في الحدائق حيث أجاب عن استحالة قصور زمان الموقت عن اداء مجموعه بأن هذه من الادلة العقلية الكاسدة.

ص: 439

وليت شعرى ماذا اراد من هذا الاشكال فانه لوارادمنع الصغرى أعنى دخل القيد في مجموع الصلاة مجموعياً فهذا لاربط لد بالادلة العقلية بل اللازم منع استفادة هذا النحو من القيدية عن الادلة الشرعية ولو أراد منع الكبري بعد قبول الصغرى اعنى منع الاستحالة بعد فرض اثبات القيدية للمجموع من الادلة فهذا ابطال للعقل لا للادلة العقلية فالانصاف أنه يتهجم على الفقهاء غالباً بلاسلاح علمى كما نبه على ذلك فى الجواهر نعم النافي للوجوب يكفيه الاستظهار باصالة البرائة بدعوى أن الشبهة حكمية الشبهة حكمية لكنك ستعرف انقطاع الاصل بالدليل أعنى الدليل على القول الأول فنقول ونستمد التوفيق من الله عز وجل استدل له بوجوه منها أن صلاة الكسوف ليست موقتة بل هي ذات السبب يجب الاتيان بها بمجرد تحقق الكسوف فى الخارج يدل على ذلك قوله(علیه السلام) في صحيح بزيد بن معاوية ومحمد بن مسلم المتقدم : اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها : حيث يكشف عن أن وقوع : الكسوف سبب لوجوب الصلاة فهو نظير: اذازالت الشمس وجب الطهور و الصلاة من حيث الدلالة على سببية الزوال على وجوب الصلاة فكما أن الزلزلة وساير الايات أسباب لوجوب الصلاة بنفس هذا الصحيح بلادلة له على توقيتها غاية الأمر وجوب الاتيان بالصلاة عقيب أسباب الوجوب فوراً فكذلك الكسوف لاتحاد لسان الدليل بالنسبة الى الجميع فاذا تحقق الكسوف في الخارج وجبت صلاته سواء كان بمقدار مجموع الصلاة أو بعضها ومنها أن اعتبار وقوع مجموع الصلاة حال الكسوف يوجب تعذر امتثال هذا التكليف كثيراً اذينجلي قبل أن يحرز المكلف كسوفه ليشتغل مع أن التكليف لابد وان يكون قابلا للامتثال فذلك يكشف عن عدم لزوم امتداد الكسوف حال تلبس المكلف بالصلاة بل كفاية تلبسه بها حال الكسوف اجمالا و توهم استصحاب بقاء الكسوف لدى الشك فيه مدفوع بأنه لا يجرى مع الشك في المقتضى بخلاف استصحاب الزمان الذي قلنا به في محله أمر تدريجي مستمر .

و منها معتبر الفضا بن شاذان المتقدم الذى علل فيه وجوب الصلاة بدفع

ص: 440

والمكروه وصحيح زرارة و محمد بن مسلم المتقدم الذي جعل فيه السكون غاية للصلاة بقوله فصل له حتى يسكن : الظاهر في كون السكون علة للجعل فان اطلاق العلية فيهما يشمل ما اذا كان الكسوف بمقدار مجموع الصلاة أو بعضها.

ومنها اخبار وجوب القضاء الدالة على لزوم الاتيان بصلاة الكسوف ولوعلم به بعد الانجلاء حيث تكشف عن وجوب تلك الصلاة مطلقاً بعد تحقق الكسوف بلا توقيت لها ضرورة أن القضاء لغة عبارة عن مطلق الاتيان وحمله على المعنى المصطلح الفقهى أى الاتيان بالفعل خارج الوقت بلاوجه.او منها صحيح زرارة ومحمد بن مسلم (1)حيث قال فيه أبو جعفر(علیه الیسلام) تان بعد بيان كيفية صلاة الكسوف : فان انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتم ما بقى: اذا طلاقه يشمل ما اذا كان الشروع في الصلاة لدى الشروع في الانكساف ومورد الرواية وان كان اطالة الصلاة لكن خصوص المورد لا يخصص عموم الوارد. ولكنك خبير بفساد جميع هذه الوجوه اما الاول فلان سببية الشيء لوجوب فعل لاتنا في ثبوتاً مع أخذه وقتاً للفعل على نحو القيدية كما في زوال (2) الشمس بالنسبة الى الصلاة اليومية اذ كما أن قوله: اذا زالت الشمس وجب الطهور والصلاة : يدل على سببية الزوال لوجوب الصلاة كذلك قوله : اذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين يدل على أخذ الزوال قيداً وقتياً للصلاة فالجمع بين الدليلين يقتضى كون الصلاة موقتة ذات السبب فهكذا في المقام كون الكسوف سبباً لوجوب الصلاة كما يظهر من صحيح بريد بن معاوية و محمد بن مسلم لا ينافي أخذه قيداً وقتياً للصلاة. وقد عرفت ان قوله(علیه السلام) في صحيح جميل المتقدم: وقت صلاة الكسوف في الساعة التى تنكسف : يدل بكمال الوضوح على توقيت هذه الصلاة فالجمع بين الدليلين

ص: 441


1- الوسائل - الباب 7 - من صلوة الكسوف حدیث 6
2- لولم نقل يكون اليومية من المعلقات ( منه )

يقتضى كون الصلاة ذات السبب و موقتة معاً وبذلك تخرج عن حكم صلاة الزلزلة وغيرها من الايات التي هي غير موقته بل أداء مادام العمر غاية الامر وجوب الاتيان بها فوراً ففوراً عقيب وقوع أسبابها (ان قلنا بالفور) فانكار دخول الزلزلة في اطلاق هذا الصحيح كما فى مصباح الفقيه بلاوجه ضرورة دخول سائر الايات كالصيححة والرعد والبرق مما ليست صلاتها بموقتة . فالجواب ما قلناه من عدم التنافى ثبوتاً مع الفيدية وظهور الدليل في ذلك اثباتاً واما الثاني فلان الكسوف ليس كساير الايات مما تزول بالسرعة ولا يفي مقدار امتدادها بأداء أقل الواجب من صلاة الايات وانما هوناش عن الوضع والمحاذات بين الشمس والارض بعد حيلولة القمر أوشيء آخر بينهما وامتداده واف بالصلاة غالباً بل لم ير الى الان ولم يدع احد وقوع كسوف فى العالم أقل امتداداً من مقدار أقل الواجب من صلاة الايات ولذا لاثمرة فقهية لمسئلتنا هذه وانما ثمرتها علمية بعد ما تعرض لها الفقهاء قدس الله أسراهم واستدلو الكل قول بدليل فالكسوف أمر قابل للاحراز خارجاً واف بوقوع الصلاة حاله فيصح أخذه قيداً في مجموع الصلاة . واما الثالث فلان علية السكون ودفع المكروه لوجوب الصلاة أشبه بالدليلية على عدم الوجوب في الفرض كما استدل بها النافى وان عرفت فساده ايضاً فكيف يمكن الاستدلال بها للوجوب.واما الرابع فلان الظاهر من أخبار القضاء بالقرائن الموجودة فيها هو القضاء المصطلح الفقهى كما بيناه سابقاً فإنكار دلالتها على التوقيت مكابرة . نعم ما صنعه بعض من المناقشة في الاستدلال بهذه الاخبار لنفي التوقيت ثم الاستدلال له بالاجماع فاسد ايضاً ضرورة ان المتفقين على وجوب القضاء متفقون على التوقيت ايضاً مضافا الى ان هذا الاجماع مستندالى تلك الاخبار فالخدشة في مدرك الفتاوى ثم الاستدلال بنفس الفتاوى كماتری.واما الخامس فلان تفریح قوله فان الجلى قبل ان تفرغ من صلاتك فاتم ما بقى على

ص: 442

بيان كون الاطالة أفضل يمنع عن ظهوره في الاطلاق من جهة حصول الكسوف من اول الأمر بمقدار اقل من الصلاة وما قرع الاسماع من ان خصوص المورد لا يخصص عموم الوارد فانما هو فيما اذا القى كبرى عامة في مورد خاص كما لوسئل عن اكرام زید فاجيب بمثل اكرم كل عالم وليس كذلك المقام فالتفريع يوجب انصباب الامر بالا تمام في مورد الاطالة حتى ينجلى القرص فهذه الوجوه باجمعها قاصرة عن اثبات الوجوب ولا بد عن سلوك طريق آخر لذلك فنقول لنا طرق ثلاثة لاثبات ذلك اثنان منها مخصوصان بصلاة الكسوف والثالث عام لجميع المركبات الشرعية . اما الاول فهو ما تقدم من قول ابيجعفر(علیه السلام) في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم : فان انجلى قبل ان تفرغ من صلاتك فاتم ما بقى : بعد القاء الخصوصية فيه بالنسبة الى مورد قصور الوقت اعنى زمن الانكساف بطبعه عن الوفاء بتمام الصلاة اذ ما ذكرناه سابقاً من ان التفريع على الاطالة في الصلاة بعد الشروع فيها مانع عن انعقاد الاطلاق له بالنسبة الى هذا المورد انما يتم لو كان دخل القيد في الصلاة اعنى وقوعها حال الانكساف على نحو وحدة المطلوب وكان الامر بالاتمام امراً جديداً بالصلاة وليس كذلك ضرورة ان مصب هذا الأمر انما هو اتمام ما كان بيده من الصلاة التي شرع فيها حال الانكساف فلا محالة ناظر الى بقاء الامر الاول المتعلق بطبيعي صلاة الكسوف فيما بعد الانجلاء ايضاً وتعدد مراتب المطلوبية بالنسبة الى هذه الصلاة من حيث الوقوع حال الانكساف او بعد الانجلاء.و حيث أن ذلك لا يصح الامع تعدد مراتب الملاك وقابليته للاشتداد بالنسبة إلى صورتي وجود القيد وعدمه فيستكشف منه المناط المنقح لطبيعى صلاة الكسوف بجميع افراده بلا اختصاص تعدد مراتب المطلوبية بصورة اطالة الصلاة إلى ما بعد الانجلاء وطبعاً يعم صورة قصور زمن الانكساف بطبعه عن وقوع تمام الصلاة فيه و هذا معنى القاء الخصوصية عن مورد هذا الصحيح بالنسبة الى مورد المسئلة ولئن ابيت عن ذلك فيكفى الطريقان الاخران.

ص: 443

و اما الثانى فهو صحيح جميل المتقدم الدال على توقيت صلاة الكسوف بحين الانكساف المقيد لاطلاق سببية الكسوف لوجوب الصلاة في صحيح بريد بن و محمد بن مسلم : اذا وقع الكسوف او بعض هذه الايات فصلها : فان اطلاق صحيح جميل من حيث قيدية الوقت لمجموع الصلاة او بعضها يقتضي وجوب الاتيان بصلاة الكسوف لدى كون الكسوف بحسب الطبع بمقدار بعض الصلاة وارجاع جملة تنكسف في هذا الصحيح الى جملة ما دامت منكسفة وجعل هذا الوصف وصفاً لمجموع الصلاة يستلزم التصرف فى ظاهر الكلام مرتين احديهما ارجاع الفعلية الى الاسمية والاخرى حصر الوصف بالمجموع ولا قرينة على شيى من التصرفين . و أما أدلة وجوب القضاء فحيث جعل مفعول مادة القضاء فيها نفس الصلاة المشروعة مضافاً الى التعبير بالفوت في بعضها فلا محالة تكون ناظرة الى التدارك بعد الفوت الذى هو القضاء المصطلح الفقهى ويكون مفادها قيدية الوقت لهذه الصلاة على نحو تعدد مراتب المطلوبية وأما كونه قيداً لمجموع الصلاة فلا لظهور لهذه الادلة فيه فيبقى اطلاق دليل القيد أى التوقيت وهو صحيح جميل من جهة القيدية للكل والبعض بحالة دليلا على المدعى.وأما الثالث فهو أن القاعدة فى باب المطلق والمفيد هل تقتضى دخل القيد في ناحية المطلق على نحو وحدة المطلوب بمعنى وحدة الملاك والمهية والطلب فبانتفاء القيد هل تقتضى دخل القيد فى ناحية المطلق على نحو وحدة المطلوب بمعنى وحدة الملاك والمهية والطلب فيا نتفاء القيد لاملاك ولا طلب بالنسبة الى المهية فاذاورد مطلق نظير أقيموا الصلاة ثم ورد تقييده كالطهور أو القبلة أو الوقت في مثل قوله تعالى(1) أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجران قرآن الفجر كان مشهوداً : فهو ناظر الى تفسير المراد من المطلق وحصره في حصة خاصة منه هي

ص: 444


1- سورة 17 - الاية - 80

المشتملة على ذلك القيد فمع عدم التمكن من تحصيل من نسيان أو نحوه أوعدم امكان وجوده خارجاً بالطبع كما فى احد القطبين الذي هناك اما نهار دائماً أوليل أو بعض الامكنة القريبة منهما التي هناك ستة أشهر نهار مثلا وستة أشهر ليل

حيث لازوال ولاغروب ولا فجر يسقط المطلق فلا تجب الصلوات الخمس اليومية هناك أ أبداً أو تجب صلوات النهار أى الصبح والظهرين فقط مدة العمر مرة واحدة في مكان يكون نهاراً أبداً ومدة طول النهار مرة واحدة فى مكان يكون ستة أشهر مثلا نهاراً وبالعكس بالنسبة الى مكان يكون ليلا أبداً اوستة أشهر مثلا ليلا أم لا.بل القاعده تقتضى دخل القيد فى ناحية المطلق على نحو تعدد مراتب المطلوبية بمعنى توأمية القيد مع المقيد بلا منافاة مطلوبية ذلك مع مطلوبية المطلق أيضاً ليكون الملاك قابلا للاشتداد وقيام مرتبة منه بالمطلق ومرتبة أخرى بالتوأم مع القيد و المهية قابلة للسير فى المراتب التنزلية و الطلب قابلا للانبساط على تلك المراتب الطولية فلدى عدم تمكن المكلف عن تحصيل القيد أو عدم امكان وجود القید بحسب الخارج يسقط انبساط الطلب بالنسبة الى ذلك القيد و يبقى انبساطه على ما عداه من الاجزاء والشرائط الموجودة من المهية بحاله مقتضياً للزوم الامتثال فيه خلاف بين الاصحاب فربما يتوهم كون مقتضى القاعدة في الواجبات هو الاول فيحمل المطلق فيها على المقيد ولذا ذهب بعض الاساطين الي نفى الجامع بين أفراد الصلاة وحصر الصلاة في صلاة المختار الجامعة لجميع الاجزاء والشرائط وان سائر الصلوات الصادرة من أولى الاعذار الفاقدة لبعض الاجزاء والشرائط أفرادتنزيلية للصلاة الحقيقية وأبدال للصلاة الصحيحة اكتفى بها الشارع في مرحلة الامتثال تسهيلا على أولى الاعذار بخلاف باب المستحبات فلا يحمل فيها المطلق على المقيد بل يجمع بين دليلهما بالحمل على تعدد مراتب المطلوبية .ولكن الحق هو الثاني كما أشرنا اليه مراراً في مباحث هذا الكتاب من أنه لا فرق بين الواجبات مع المستحبات في الحمل على تعدد مراتب المطلوبية وذلك

ص: 445

لان ملاك المركب لو كان بسيطاً غير قابل للاشتداد كما في المعاجين الخارجية الادوية وغيرها فلا يعقل فيها تعدد مراتب المطلوبية ضرورة ترتب الأثر بالخاصية المركب على مجموع أجزائه وشرائطه المقررة على كميتها الخاصة فلو افتقد جزء أو شرط منه أو نقصت كمية جزء أو كيفيته عن المقرر لم يترتب عليه أثره بالخاصية فهذه قرينة عقلية على ارتباطية المركب على نحو وحدة المطلوب وبساطة ملاكه ووحدة مهيته وطلبه فتمنع عن الحمل على تعدد مراتب المطلوبية وتوجب حمل المطلق فيه على المقيد بمعنى تفسير المراد منه وحصر المطلوب في الحصة الخاصة ) وهكذا لوقيل اكرم انساناً أو جئنى بحيوان ثم قيل وليكن الانسان زيداً أو الحيوان ناهقا اذا لزيدية غير قابلة المانفكاك عن الانسانية وكذا الناهقية الانسانية وكذا الناهقية عن الحيوانية .فمقتضى الجمع بين الدليلين كون متعلق الاكرام في الاول هو المهية الشخصية الزيد ومورد الاتيان فى الثانى هو المهية النوعية الناهقة فلواكرم عمرواً أوجاء بحيوان ناطق لم يمتثل المطلوب . أما اذا كان ملاك المركب قابلاً للاشتداد وامكن قيام كل مرتبة منه بمرتبة من المهية كما اذا قيل اكرم زيداً الملاك الاكرام قابل للقيام بالسلام أو الضيافة او الاكساء أو اعطاء المال أو بالجميع فالطلب لامحالة ينبسط على جميع مراتب المهية ويتخير المكلف بين امتثاله فى ضمن أى مرتبة شاء فاذا ورد تقييده بقيد كما اذا قيل اكرمه بالسلام أو الصنيافة أو أعطه ديناراً فالمتيقن من دليل القيد مطلوبية كون المطلق توأماً مع ذلك القيد.أما حصر مطلوبية المطلق بهذه الصورة فهو خارج عن حوصلة هذا الدليل فلدى تعذر القيد اما لعدم تمكن المكلف من تحصيله أو لعدم امكان وجوده خارجاً بحسب الطبع يسقط انبساط الطلب المستفاد من المطلق بالنسبة الى هذا القيد ويبقى انبساطه على نفس المطلق بحاله مقتضياً للزوم امتثاله والمركبات الشرعية من قبيل الثاني حيث أن ألادلة الحاكمة كأدلة الشكوك في باب الصلاة وأدلة عدم سقوطها

ص: 446

بحال و صحبح لاتعاد وغير ذلك من الادلة الناظرة الى تصحيح الصلاة عند تعذر بعض ) أجزائها وشرائطها تكشف عن قابلية ملاكها للاشتداد ووجود الملاك الملزم في جميع المراتب التنزلية الطولية لمهية الصلاة فهى بأجمعها صلاة .

غاية الأمر كل مرتبة واجبة على المتمكن منها فتعذر جزء أو شرط منها يوجب سقوط انبساط الطلب المتعلق بطبيعى الصلاة بالنسبة الى ذلك القيد المتعذر فيبقى الطلب بالنسبة الى الباقى بحاله مقتضياً للزوم امتثاله من غير أن يكون الطلب المتعلق بالبقية مبايناً مع المتعلق بالمجموع أو تكون البقية مهية أخرى مباينة مع الكل ليكون من تعدد المطلوب بل الطلب بالنسبة الى الجميع واحد غاية الأمر منبسط والمهية فى الجميع واحدة غاية الامر مختلفة المراتب والملاك فى الجميع واحد غاية الأمر يشتد ويضعف وهذا معنى تعدد مراتب المطلوبية .وإذ قد ثبت في الشرع مركب كذائى فنقول اذا ورد مطلق كأقيموا الصلاة ثم ورد مقيد كأدلة الاوقات فالمتيقن من دليل القيد مطلوبية كونه توأماً مع المطلق لاحصر مطلوبية المطلق بالحصة المشتملة على ذلك القيد بأن يكون مفسراً للمراد من دليل المطلق.نعم لوثبت التنافى ثبوتاً بين مطلوبية التوأمية مع القيد وبين مطلوبية نفس المطلق بان احرزنا من الخارج عدم قابلية الملاك للاشتد ادلكان ذلك قرينة عقلية على التصرف في ظاهر دليل القيد بالحمل على بيان مطلوبية الحصة وحيث لم يثبت ذلك فيؤخذ بالمتيقن المتفاهم عرفاً من دليل القيد ومقتضاه قصوره عن شمول مورد تعذر القيد تعذر القيد تمكنا أو امكاناً فيبقى اطلاق الدليل الأول بالنسبة الى ذلك المورد بحاله مقتضياً للزوم امتثال المطلق و ان كان لدليل القيد اطلاق فبعد حكومة ادلة الاعذار عليه يبقى اطلاق دليل المطلق بحاله ولذا قلنا ان المستفاد من الادلة الحاكمة امور.1 - أنها مفردة للمطلق 2 حافظة لاطلاق الامر3-كاشفة عن قابلية الملاك

ص: 447

للاشتداد وهذا معنى تعدد مراتب المطلوبية ويتفرع على ذلك أنه قدورد الامر بخمس صلوات فى اليوم والليلة وورد التقييد باوقات خاصة ايضاً .ففي موارد انتفاء اوقات الصلوات اليومية كالقطبين أوما يقرب منهما كما مثلنابه سابقاً فحيث يكون تطبيق دليل التقييد بالوقت عليه من السلب بانتفاء الموضوع يكون دليل الوقت قاصراً عن شمولها منصرفاً عنها انصرافاً استقرارياً لا يزول بالتأمل فيكون اطلاق دليل وجوب تلك الصلوات بحاله مقتضياً للمزوم الاتيان بها. وفي المقام ورد مطلق هو صحيح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم : اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها : وورد تقييده بالوقت في صحيح جميل : وقت صلاة الكسوف فى الساعة التى تنكسف : وحيث لم يثبت الارتباطية و هذا القيد اذلم نحرز عدم قابلية ملاكها للاشتداد ولا التنا في الثبوتي بين مطلوبية هذه الصلاة هذا القيد وبين مطلوبية الصلاة بدونه فلا قرينة عقلية على خلاف المتيقن المتفاهم من دليل التوقيت وهو مطلوبية كون الصلاة توأمة مع هذا القيد فنأخذ بهذا المفاد ونقول بأن تطبيق اطلاق هذا الدليل على مورد قصور زمن الكسوف بحسب الطبع عن الوفاء بتمام الصلاة يكون من السلب بانتفاء الموضوع فهو قاصر عن شموله منصرف عنه فيبقى اطلاق سببية الكسوف لوجوب الصلاة في صحيح بريد ومحمد بحاله مقتضياً لوجوب الاتيان بصلاة الكسوف في هذه الصورة.( فتلخص)ان الحق وفاقاً لكثير من المتأخرين وجوب صلاة الكسوف اذا لم يتسع زمانه لاقل الواجب من صلاته.( وكذا الرياح والاخاويف) السماوية كالصيحة و الرعد والبرق و غيرها ( ان قلنا بالوجوب) لصلاة الايات فيها كما هو الحق الذي تقدم تكون موقتة بحيث لولم يتسع وقتها لأقل الواجب من الصلاة لم تجب الصلاة لها على المشهور

ص: 448

بين القدماء من الطبقة الثانية كابن ادريس (قدسّ سره ) الى زمن العلامة (قدسّ سره) واختار في محكى التذكرة التفصيل بين ما كانت من تلك الايات بحسب الغالب يسع وقتها لاقل الواجب من الصلاة فهى موقتة ولو اتفق فى بعض افرادها قصور الوقت عن ذلك وبين ما كانت بحسب الغالب يقصر وقتها عن أقل الواجب من الصلوة فهي ذات السبب ولو اتفق في بعض أفرادها سعة الوقت لذلك وذهب بعض متاخرى المتأخرين الى أن المدار على الاية الشخصية دون النوعية فكل آية من تلك الايات كان وقتها وافياً باقل الواجب من الصلاة تكون موقتة فينقضى وجوبها بانقضاء الاية وكل آية لم يكن وقتها كذلك تكون ذات السبب تجب الصلاة لها بمجرد وقوعها ولا وجوبها الى آخر العمر واختار جماعة كصاحب الوسيلة والعلامة فى المنتهى والشهيد في الدروس وكثير من متأخري المتأخرين ان تلك الآيات تكون من ذوات الاسباب مطلقاً سواء وسع وقتها للصلاة أم لا فالمسئلة ذات أقوال اربعة .ويمكن الاستدل للقول الأول بقوله(علیه السلام) في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم : كل اخاويف السماء من ظلمة اوريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن ن بتقريب أن حتى في قوله (علیه السلام) : حتى يسكن : ان كانت للتوقيت فدلالتها على أن صلاة الايات مطلقاً موقتة واضحة وان كانت للتعليل فكذلك ضرورة انتفاء المعلول لدى انتفاء عليه فعند سكون الاية لا وجوب لصلاتها. ويؤيد ذلك أنه ليس لنا في أخبار الباب مطلق صحيح السند خال عن قيد حتى يسكن يدل على وجوب الصلاة لتلك الايات كي يمكن التمسك به بل الدليل منحصر في هذا المقيد فلا محيص عن الالتزام بالتوقيت وللقول الثانى بأن الظاهر من تقييد كل مطلق بقيد ارادة مورد امكان وجود القيد خارجاً. واما مورد عدم امكانه فدليل القيد قاصر عن شموله عقلا فعلى فرض ظهور حتى يسكن في التوقيت يكون لا محالة ناظراً الى مورد امكان القيد غالباً بأن يسع وقت الآية لاقل الواجب من صلاتها بخلاف ما اذا كان الغالب في الاية عدم

ص: 449

وفاء وقتها بذلك فهو قاصر عن شمول تلك الاية . فالنوع الاول من تلك الايات تكون موقتة لامحالة والنوع الثاني منها ذات السبب وللقول الثالث بان انصراف دليل التقييد الى مورد امكان وجود القيد خارجاً انما هو بحسب العنوان والظاهر من العنوان هو الشخصى دون النوعى كما في سائر ن العناوين نظير الحرج و الضرر في دليل نفيهما فكل آية بشخصها وسع وقتها أقل الواجب من الصلاة كانت موقتة وكل آية لم تكن بشخصها كذلك فهي ذات السبب. و للقول الرابع بان قوله(علیه السلام) : حتى يسكن : يحتمل فيه وجوه خمسة أحدها ان تكون حتى لاستمرار الحكم بحسب أفراد الطبيعي أعنى تكرار الصلاة الى حين سكون الاية ثانيها أن تكون لاستمرار المصداق و امتداد و جوده خارجاً أعنى اطالة الصلاة الى حين سكون الاية ثالثها أن تكون التوقيت رابعها أن تكون لبيان العلة خامسها أن تكون لبيان الحكمة ولا ظهور للكلام في واحد منها بالخصوص . اما الاولان فقد يؤكد احتمالهما بظهور حتى في الاستمرار لكن يدفعه أن مفاد حتى انما هو الانتهاء والاستمرار مدلول التزامى تطبيقى لكلمة حتى من غير دخل لها في مفهوم الكلمة و لذا نقول بأن النزاع المعروف في أن الغاية داخلة فى المغياام لا اشتباه من أصله ضرورة اختلاف ذلك باختلاف الموارد من غير كلية له ان هذا المدلول الالتزامى التطبيقى أى الاستمرار انما هو فيما اذا كان ما بعد حتى متعلقاً بما قبله و متحداً معه سنخاً على نحو البعض و الكل او الجزئى والكلى كما اذا كان امتداد مبدء واحد نظير أكلت السمكة حتى رأسها ولذا يكون اعراب مدخول حتى تابعاً للفعل الواقع قبله ولا يكون مجرور اً ولاجل ن ذلك لا يصح استعمال الى مكان حتى مع ارادة دخول الغاية في المغيا فلو كان والاستمرار داخلا في مفهوم الكلمة لصح استعمال الى أيضاً فهذه آية خروجه عن

ص: 450

المفهوم كما في كثير من المعانى المنسوبة الى كثير من الحروف حيث أنها مداليل التزامية تطبيقية لها فى بعض الموارد.وربما يتوهم دخولها في مفاهيم تلك الحروف اما مع تغاير ما بعد حتى مع ما قبله سنخاً وتعددهما مبدءاً فليس له هذا المدلول الالتزامي التطبيقى كما في اسلم حتى تدخل الجنة اذ دخول الجنة نتيجة متفرعة على الاسلام بلا اتحاد بينهما مبدءاً وسنخاً فهكذا فى المقام بالنسبة الى صل له صلاة الكسوف حتى يسكن بلايدل على الاستمرار بأحد النحوين.

وأما التوقيت فانما هو تقييد للمتعلق باخذ الزمان قيداً فيه وذلك يحتاج الی بیان جديد غير لسان حتى الظاهر فى النظر الى المحمول دون المتعلق واما بيان العلة فهو في مورد يكون سياق الكلام سياق التعليل وليس كذلك في المقام لان لسان حتى يسكن ليس لسان التعليل وأن أمكن كون مدخوله علة في نفس الامر كما يمكن كونه حكمة للجعل فلو قلنا بتباين العلة والحكمة كما عليه جمهور العلماء ن فيدور الامر بين المتباينين ويكون الكلام مجملا من هذه الجهة وان قلنا كما هو الحق ن بأنهما من الاقل والاكثر اذا العلة هو السبب المنحصر التام والحكمة سبب غير تام فالقدر المتيقن هو الاقل أعني كون السكون حكمة لجعل صلاة الاية .ومن جملة الفوائد المترتبة على فعلها مضافا الى انه لو كان علة لزم كون وجوب الصلاة كفائياً يسقط بفعل واحد من المكلفين ضرورة تحقق العلة بذلك الا ان يقال مقتضى اطلاق الامر بالصلاة فى صدر الرواية كون مدخول حتى ت علة للوجوب على كل فرد من أفراد المكلفين عينياً في الحمل على الكفائية خلاف الظاهر.

فان قلت احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية وهو : حتى يسكن : المحتمل كونه علة أو للتوقيت يمنع عن انعقاد ظهور لقوله(علیه السلام) : صل له صلاة الكسوف في الاطلاق المقتضى لكونه الآية سبباً لوجوب الصلاة وليس في البين مطلق آخر

ص: 451

يدل على السببية لان ماعدا هذا الصحيح ضعيف اما سنداً كخير الديلمى اودلالة كغيره من الاخبار فلا موجب للقول بالسببية ولا محيص عن القول بالتوقيت.قلت كلا لامانع عن الاخذ باطلاق الصدر لان حتى يسكن فضلة وليس بركن في الكلام فلا يصلح للقرينية على خلاف اطلاق الصدر المقتضى المسببية مضافاً الى عدم انحصار الدليل بهذا الصحيح بل هناك دليل صحيح السند واضح الدلالة هو صحيح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم المتقدم : اذا وقع الكسوف او بعض هذه الايات فصلها : بعد ما عرفت سابقاً عمومه لكل آية سماوية كانت أم غيرها.فظهران القول الأول أى التوقيت بلاوجه كما ظهر أن القولين الثاني والثالث أي دوران التوقيت وعدمه مدار النوع أو الشخص بلاوجه لان حديث هذا الدوران سلب بانتفاء الموضوع بعد عدم ظهور للكلام في أصل التوقيت مضافاً الى ان لازمه التبعيض فى مفاد الصحيح بالحمل على التوقيت بالنسبة الى بعض الآيات وعلى السببية بالنسبة الى بعضها الاخر الا ان يقال بأن مفاد صل له صلاة الكسوف هو وجوب الصلاة أبداً وأما التوقيت بالنسبة الى النوع أو الشخص فهو مستفاد من حتى يسكن فلا يلزم تبعيض فى المدلول فينحصر الجواب فيما ذكر من قصور لسان حتى يسكن عن اثبات التوقيت أعنى تقييد المتعلق بالزمان . وبعد ما اتضح فساد الاقوال الثلاثة علم أن الحق مع مشهور المتأخرين من أن ماعدا الكسوف من الايات تكون ذوات الاسباب وليست بموقتة فلا ينقضى وجوبها بعدم وفاء وقتها بأقل الواجب من الصلاة بل تجب الصلاة لها بمجرد وقوعها وتكون اداءاً الى آخر العمر (و) من ذلك كله تبين الحال ) فى الزلزلة ) وأن صلاة الايات (تجب) لها بمجرد تحققها (وان) لم يطل المكث) بمقدار أقل الواجب من صلاتها لانها كما فى سائر الايات ذات السبب وليست صلاتها موقتة (و) اما في المتن وغيره من انه (يصلى بنية الاداء وان سكنت) . فمخدوش كبرى من جهة عدم دخل قصد الاداء أو القضاء فى الموقتات ضرورة

ص: 452

أنهما عنوان قهريان لا قصديان وصغرى من جهة أن ذاك القصد على فرض لزومه كبروياً مخصوص بما يكون الزمان قيداً فيه كالموقتات فلا يجري في الزلزلة التي هي من ذوات الاسباب وهل تجب الصلاة عقيب الزلزلة فوراً قيل نعم لوجهين أحدهما الاجماع ولكنه محتمل المدركية لامكان استناده الى القول بدلالة الأمر على الفور. تلفا واما كبروياً كما هو مسلك جماعة واما في خصوص المقام كما هو ظاهر كلام الشهيد (قدسّ سره) في محكى الذكرى حيث قال والامر هنا للفور ثانيهما خبر الديلمي (1) أنه سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن الزلزلة ما هى فقال آية فقال وما سببها الى ان قال) قلت فاذا كان ذلك فما اصنع قال صل صلاة الكسوف فاذا فرغت خررت الله عز وجل ساجداً و تقول في سجودك يا من يمسك السماوات والارض أن تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من أحد من بعده انه كان حليما غفوراً يا من يمسك السماء أن تقع على الارض الا باذنه أمسك عنا السوء انك على كل شيء قدير : بتقريب ان ظاهره ارادة الاتيان بالصلاة حال الزلزلة فوراً وقرائة الدعاء بعدها لدفع السوء الذي هو الزلزلة بسبب ذلك. وفيه أولا ضعف سند الخبر باشتماله على المجاهيل كما بيناه سابقاً وثانياً ضعف دلالته على المدعى لان تطبيق السوء على الزلزلة فيه غير معلوم فلعل المراد بدفع ما يسيء دفع الاثار المترتبة على الزلزلة من القحط والقتل ولان الاخذ بتنجز الامر والاتيان بالصلاة فوراً غير كون وجوبها على الفور و اذ لم يثبت الفور فمقتضى الاصل عدمه. ( ومن لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت وكان القرص قد احترق بعضه فالمشهور انه ( لم يجب القضاء الاان يكون القرص قد احترق كله ) فيجب القضاء علم بالكسوف أم لم يعلم بل في محكى التذكرة انه مذهب الاصحاب عدا المفيد ( قدسّ سره ) حيث أطلق وجوب القضاء في صورتي احتراق الكل والبعض مع

ص: 453


1- الوسائل الباب - 13 - من صلاة الايات حديث-3

التفصيل بين صورتي العلم بالكسوف وعدمه فيصلى جماعة في الأولى وفرادى في الثانية نعم في الحدائق نفى انحصار القائل بالوجوب مطلقا في المفيد فنسب هذا القول الى جميع مشاهير المتقدمين كالصدوقين في الرسالة والمقنع والسيد المرتضى في الجمل وأجوبة المسائل المصرية وأبى الصلاح الحلبي على اختلافهم في التفصيل بين الجماعة والفرادى كما تقدم عن المفيد (قدسّ سره) أو بين كون القضاء مع أو بدونه كما يظهر من ابن بابويه وفى الجواهر نسب اطلاق وجوب القضاء الى الشيخ في الخلاف ايضا.ثم تهجم صاحب الحدائق بعد ذلك على القوم في اختيار التفصيل بين احتراق الكل والبعض ولكن مدرك القوم لو كان منحصراً في الاجماع لكان لهذا التهجم وجه بعد ذهاب جمع من القدماء الى الخلاف الا انه ليس كذلك وانما مدركهم الاخبار كماستعرف. وبالجملة فالمسئلة ذات أقوال مختلفة وليس فيها اجماع و اما الاستدلال لحكم المسئلة فتارة من حيث القاعدة واخرى من حيث النصوص الخاصة.أما الاول فقد عرفت سابقاً امكان الجمع بين مطلقات الباب نظير ؛ اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الايات فصلها : وبين مقيداتها نظير : وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف بالحمل على تعدد مراتب المطلوبية وأن الاتيان بصلاةالكسوف عقيب تحققه مطلقا مطلوب وكونه حال الانكساف مطلوب آخر فلدى تعذر الثاني لجهة من الجهات كما في الفرض يبقى المطلوب الأول بحاله مقتضياً لوجوب القضاء من غير فرق بين القول بكون القضاء بالامر الاول كما هو الحق أو بأمر جديد نعم هذا الدليل عدم الفرق بين احتراق الكل والبعض في وجوب القضاء مطلقاً سواء علم بالانكساف حاله أم لا فلا يكون دليلا على التفصيل المشهور الا بضميمة الاخبار المفصلة الاتية. وقد يتمسك لهذه القاعدة بقوله : من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته وهذا

ص: 454

انما يتم لو تمت مقدمات خمس احديها صحة السند ثانيتها عموم من فاتته للفوت العمدى وغيره ثالثتها عموم الفريضة للصلوات اليومية وغيرها كالكسوف رابعتها ظهور كما فى العلة خامستها عموم وجوب الاداء للعامد والناسي وغيره وعدم قبح تكليف الناسى والغافل والجاهل كما اختاره المحقق الاردبيلي و تلميذه صاحب المدارك وتلميذه صاحب الذخيرة قدس سر هم اذ مع القبح يتقيد التكليف بالطبع بالعالم العامد فلو لم تتم احدى هذه المقدمات لم يتم الاستدلال بالخبر لهذه القاعدة. أما السند فمرسل ولعدم انحصار الدليل به لا يمكن احراز استناد المشهور اليه كي ينجبر ضعفه بالعمل فلعلهم انما اختاروا هذه العبارة في بيان فتاويهم لحسنها واختصارها كما فى نظائر المقام من المرسلات المتداولة بين الاصحاب ان نظير على اليدما اخذت حتى تؤدى أو من سبق الى مكان فهو أحق به ان مجرد تداولها بين الاصحاب لا يكشف عن كونها رواية فضلا عن الانجبار بالعمل لامكان اتخاذها في مقام التعبير عن مفاد رواية صحيحة أو قاعدة عرفية عقلائية لم يردع عنها الشارع . نعم عموم عموم الفوت للعمدى وغيره مما لاسبيل الى انكاره قضاء الاسناد الفوت الى نفس الفريضة دون المكلف كي يتوهم ظهوره فى الاختيارى منه. وأما عموم الفريضة لمثل صلاة الكسوف فممنوع لانصرافها الى اليومية كما أن ظهور كما في العلة ممنوع بل ظاهره التشبيه لبيان اشتراك القضاء مع الاداء في الكيفية قصراً وتماماً وغير ذلك فيكون الأمر بالقضاء تمهيداً لبيان الكيفية ودعوى امكان التحفظ على ظهور فليقضها في الوجوب تأسيساً وظهور الكاف فى الكيفية دعوی امکان التحفظ علی ظهور فلیقضها فی الوجوب تأسیساَ و. ظهور الکاف فی الکیفیة مدفوعة بأن الاحتفاف بما يصلح للقرينية وهو الكاف الظاهر في الكيفية يمنع عن انعقاد ظهور للامر في التأسيس بل الظاهر منه التمهيد لبيان الكيفية.وأما عموم الوجوب للعامد وغيره فهو مقتضى اطلاق لسان الدليل اثباتاً وتوهم عدم الاطلاق لعدم امكان التقييد بالعلم مدفوع بامكان التقييد بالعلم نبوتاً

ص: 455

موضوعاً أو حكماً وقبح تكليف الغافل والجاهل والناسي انما هو فى صورة تنجزه عليهم أما مع اشتراط تنجزه بالعلم كما هو الحق فلا قبح في ذلك اصلا و حديث لغوية الجعل حينئذ قد فرغنا عنه بعدم انحصار فائدته فى الامتثال الفعلى بل تحصل بالقضاء أو نيابة الغير عنه أو تبرعه به بعد الموت ونحو ذلك فالتقييد بالعلم كما عرفت من جماعة ولا سيما من بعض القائلين باشتراك التكاليف بين العالم و الجاهل كبروياً كصاحب الجواهر (قدسّ سره) حيث قيده به في خصوص المقام يكون في غير محله فظهر أن هذا الخبر غير صالح لاثبات هذه القاعدةواما الثانى أى النصوص الخاصة فهى على طوائف أربع وربما يتوهم كونها خمساً (الأولى) المفصلة بين احتراق الكل والبعض كصحيح الفضيل بن يسار ومحمد مسلم(1) أنهما قالا قلنا لا بيجعفر(علیه السلام) أيقضى صلاة الكسوف من اذا أصبح فعلم واذا امسى فعلم قال ان كان القرصان احترقا كلهما ( كلاهما) قضيت وان كان انما احترق بعضها فليس عليك قضاؤه : والفقرة الاولى : أصبح فعلم : ناظرة الى خسوف القمر والثانية : أمسى فعلم ناظرة الى كسوف الشمس وصحيح زرارة ومحمد بن مسلم (2)عن ابي عبد الله (علیه السلام) قال اذا انكسفت الشمس كلها واحترقت ولم تعلم ثم علمت بعد ذلك فعليك القضاء وان لم يحترق كلها فليس عليك قضاء ومرسل الكلينى قال(3) وفي رواية اخرى اذا علم بالكسوف ونسى أن يصلى فعليه القضاء وان لم يعلم به فلاقضاء عليه هذا اذالم يحترق كله وخبر حريز (4) قال قال أبو عبد الله (علیه السلام) اذا انكسف القمر ولم تعلم به حتي اصبحت ثم بلغك فان كان احترق كله فعليك القضاء وان لم يكن احترق كله فلا قضاء عليك.

ص: 456


1- الوسائل - الباب - 10 - من صلاة الايات - حديث 1 و2 و3 و4
2- الوسائل - الباب - 10 - من صلاة الايات - حديث 1 و2 و3 و4
3- الوسائل - الباب - 10 - من صلاة الايات - حديث 1 و2 و3 و4
4- الوسائل - الباب - 10 - من صلاة الايات - حديث 1 و2 و3 و4

الطائفة الثانية النافية للقضاء مطلقاً كصحيح على بن جعفر(1) عن أخيه موسى بن جعفر(علیه السلام)قال سألته عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء قال اذا فاتتك فليس عليك قضاء وصحيح زرارة (2)عن ابيجعفر(علیه السلام) قال انكسفت الشمس وأنا في الحمام فعلت بعد ما خرجت فلم اقض و يظهر من هذا الحديث أن عمل الائمة (علیهم السلام) كان على طبق الاسباب الظاهرية للمعلم ولذا جعل كونه(علیه السلام) في الحمام مانعاً عن العلم بالكسوف حاله بناءاً على ما هو الحق من أنهم(علیه السلام) كانوا عالمين بما كان اويكون وما هو كائن الى يوم القيامة علماً حضورياً وصحيح البزنطى(3) صاحب الرضا (علیه السلام) قال سألته عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء قال اذا فاتتك فليس عليك قضاء وبمضمونه صحيح على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام و مقتضى اطلاق هذه الطائفة عدم وجوب القضاء حتى فى صورة احتراق الكل .الطائفة الثالثة الظاهرة فى وجوب القضاء مطلقاً كخبرا بی بصیر (4) قال سألته صلاة الكسوف قال عشر ركعات و اربع سجدات (الى ان قال) فاذا غفلها أوكان عن نائماً فليقضها.الطائفة الرابعة المفصلة العمد والجهل في كون القضاء مع الغسل في الاول و بدونه في الثاني كمرسل حريز المصحح بحماد عمن أخبره (5) عن ابي عبد الله(علیه السلام) قال اذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلى فليغتسل من غد وليقض الصلاة ان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل : اذا الظاهر من اسناد الكسالة الى الاتيان بالصلاة تعمده في تركها. و مقتضى الجمع الدلالي بين هذه الطوائف حمل مطلقها على مقيدها فيحمل النافية والمثبتة على المفصلة بين احتراق الكل والبعض ويجعل المفصلة شاهدة للجمع

ص: 457


1- الباب المذكور - حديث 7 و11و8
2- الباب المذكور - حديث 7 و11و8
3- الباب المذكور - حديث 7 و11و8
4- الباب المذكور - حديث 6 و 5
5- الباب المذكور - حديث 6 و 5

بين الطائفتين فيتحصل من ذلك مسلك المشهور. ودعوي أن الفقرة الثانية من الاخبار المفصلة دالة على نفي القضاء عند احتراق بعض القرص واطلاقها يعم صورتى العلم والجهل مع ان المشهور يقولون بوجوب القضاء في صورة احتراق البعض لدى العلم به حال الانكساف و التأخير عمداً الى الانجلاء .مدفوعة بأن مورد السؤال في بعض الاخبار المفصلة ومورد كلام الامام(علیه السلام) ابتداءاً في بعضها الاخر انما هو صورة الجهل بالانكساف حاله فالتفصيل بين احتراق الكل والبعض باثبات القضاء فى الاول ونفيه فى الثانى انما هو فى هذه الصورة فلسان الفقرة الثانية نفى القضاء مع احتراق البعض في صورة الجهل. وأما فى صورة العلم فهى ساكتة عن حكمها فتبقى تحت اطلاق الطائفة المثبتة للقضاء كخبر ابي بصير وكذا المطلقات الاولية نظير اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها حيث عرفت ان مقتضى الجمع بينها وبين المقيدة بالوقت تعدد مراتب المطلوبية فى تلك الصلاة وبذلك يتم مذهب المشهور. وأما التفصيل بين صورتي العلم والجهل بالغسل وعدمه كما في مرسل حريز فلا يمكن الاخذ بظهوره في لزوم الغسل لدى العلم لوجوه ثلاثة . أحدها الاخبار الحاصرة للاغسال الواجبة فى غير هذا الغسل كما تقدمت فى مبحث الاغسال من كتاب الطهارة . ثانيها شذوذ هذا الخبر رواية لتفرده بهذا القيد وتفرد الشيخ ( قدسّ سره ) بنقله في التهذيبين. ثالثها اعراض الاصحاب عن هذا الظاهر وعدم أخذهم به فليحمل على الاستحباب و عليه يكون المرسل من مطلقات اثبات القضاء فى صورتي احتراق الكل والبعض مطلقاً سواء علم بالكسوف أم لم يعلم وبذلك يظهر عدم استقامة القول

ص: 458

المحكي عن ابن بابويه من رجوب الغسل فى صورة العلم (1)وأما صحيح الحلبي(2) قال سألت أبا عبد الله(علیه السلام) عن صلاة الكسوف تقضي اذا فاتتنا قال ليس فيها قضاء وقد كان فى ايدينا أنها تقضى : فالتكاذب المدلولى بين فقريته موجود من جهة نفى القضاء : في الاولى ليس فيها قضاء : واثباته في الثانية : وقد كان فى ايدينا أنها تقضى : لكن يمكن الجمع بينهما بشهادة الاخبار المفصلة بحمل النفى على مورد احتراق البعض لدى الجهل بالانكساف وحمل الاثبات على مورد احتراق الكل كذلك فتكون الفقرة الاولى بمنزلة المطلقات النافية والفقرة الثانية بمنزلة المطلقات المثبتة. وقد عرفت ان المفصلة شاهدة للجمع الدلالي عرفا بينهما ومعه لا تصل النوبة الى الجمع الجهتي بحمل احدى الفقرتين على التقية ولو أبيت عن تطرق هذا النحو من الجمع الدلالي في فقرتى رواية واحدة . فنقول ربما يقال في امثال المقام من التكاذب المدلولى بين المفادين نظير ماورد فى الرضاع المحرم من أنه خمسه عشر رضعة كما في رواية وعشر رضعات كما في رواية اخري بلسان : وقد كان يقال أنه عشر رضعات : بان الحكم الواقعي هو الذي بينه الامام (علیه السلام)صريحاً كخمسة عشر رضعة في المثال ونفى القضاء في المقام واما الذى بينه على نحو الاجمال والاشارة الى المجهول نظير وقد كان يقال أو كان في أيدينا فهو الصادر عن تقية . وربما يقال بالعكس وان الحكم الذي بينه الامام(علیه السلام) صريحاً هو الموافق

ص: 459


1- لا ان يقال بان المرسل مسود تارة وعدم الاقتران به اخرى فلا يمكن جعله من مطلقات الباب فليتأمل : المقرر عفى عنه .
2- الوسائل الباب - 10- من صلاة الكسوف حدیث 9

للعامة و قد صرح به لحصول الاتقاء بذلك بخلاف ما بينه بالاشارة الی المجهول فهو الحكم الواقعى الذى يقتضى الانقاء عدم التصريح به لکن الحق أنه لاکبرویة لشيء من المسلكين اذا لقدر المستفاد من التكاذب المدلولي هو صدور أحد الحكمين تقية . وأما تعيين ماهو الصادر منهما عن تقية فلا بد وان يكون بقرينة الخارج أعنى لحاظ فتوى العامة وأنه موافق لاى الحكمين فالموافق منهما لفتوى أشهر العامة زمن الصدور هو المخالف للواقع بمقتضى الاخبار العلاجية الآمرة بالاخذ بما خالف العامة معللا بأن الرشد في خلافهم وقد نبهنا غير مرة على أن هذا التعليل ارتكازى عقلى ارشاد الى ما في الخارج من اقتراحهم في الاحكام فطبعاً يكون مخالفاً للواقع لان دين الله لا يصاب بالعقول فطريقهم طريق الباطل والضلالة وخلافه طريق الحق والهداية . وفى باب الرضاع يكون عشر رضعات هو الموافق لمذهب العامة فيحمل خبره على التقية ويؤخذ بما دل على خمسة عشر رضعة وفى المقام يكون نفى القضاء مطلقا هو الموافق للعامة فيحمل الفقرة الاولى من الحديث على التقية و يؤخذ بفقرته الثانية فتكون من المطلقات المثبتة للقضاء المحكوم اطلاقها بالاخبار المفصلة مضافا الى وجود نكتة فى المقام تقتضى كون الفقرة الثانية بصدد بيان الحكم الواقعى وهى نسبة الامام(علیه السلام) القضاء الى أنفسهم بضمير أيدينا الظاهرة في كون القضاء هو الحكم الواقعى الاولى بخلاف النسبة الى المجعول في الرضاع فليس فيه هذا الظهور. وأما موثق عمار (1) عن ابيعبد الله (علیه السلام)) في (حديث) قال ان لم تعلم حتى

ص: 460


1- الوسائل الباب - 10 - من صلاة الآيات حدیث 10

يذهب الكسوف ثم علمت بعد ذلك فليس عليك صلاة الكسوف وأن علمك أحد وأنت نائم فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل فعليك قضاؤها : فاطلاقه من جهة احتراق الكل والبعض محكوم بالاخبار المفصلة فظهر أن القول بوجوب القضاء مطلقاً كما تقدم عن جماعة من الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) مما لامستند له. وأما تفصيل المفيد (رحمه الله) بين صورتي العلم والجهل بالقضاء جماعة في الاولى وفرادى فى الثانية فأجاب عنه في المدارك بأنا لم نقف له على مستند.

وربما يستدل له بمعتبر ابن ابي يعفور (1) عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال اذا انكسفت الشمس والقمر فانكسف كلها فانه ينبغى للناس أن يفزعوا الى امام يصلى بهم وأيهما كسف بعضه فانه يجزى الرجل يصلى وحده (الحديث) : ويجعل طائفة خامسة لاخبار الباب لكن يتوجه عليه أن الموجود في الحديث كلمة ينبغى وهى أعم من الوجوب فلا يدل على مدعى المفيد ( قدسّ سره) مضافا الى ان مورده الاداء والاستدلال انما هو للقضاء، فمفاده أجنبى عن المدعى فالحق مع من نفى المستند لهذا القول كصاحب المدارك (قدسّ سره) . (و) هل يجب القضاء ( فى غير الكسوف من الايات كالزلزلة والصيحة والرعد والبرق والظلمة والرياح السوداء او الحمراء وغير ذلك من الايات السماوية المخوفة اذا لم يعلم بها ثم علم بعد انقضائها أم لا يجب فيه خلاف بين الاصحاب فالمشهور أنه لا يجب (القضاء لوجهين أحدهما أن صلاتها موقتة بمقتضى ظهور حتى يسكن في زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم عند التعرض لوجوب الصلاة لتلك الايات فبعد انقضاء الاية وسكونها قد خرج وقت أداء الصلاة.أما القضاء فهو بأمر جديد وفي المقام لم يثبت أمر بقضاء هذه الصلاة فالاصل البرائة عن وجوبه ثانيهما ما اختاره بعض القائلين باشتراك التكاليف بين الجاهل

ص: 461


1- الوسائل الباب - 11 - من صلاة الايات حدیث 2

والعالم كصاحب الجواهر (قدسّ سره) من قبح تكليف الجاهل ففى وقت وقوع هذه الايات لم يكن أمر باداء الصلاة لها في حق الجاهل فلا يصدق الفوت والقضاء فرع صدق الفوت فلا يجب ولكن في كلا الوجهين نظر.

أما الاول فلما عرفت عند ذكر الرواية من عدم ظهور حتى يسكن في التوقيت بل المتيقن كونه من الفوائد المترتبة على الفعل وما اشرنا اليه مراراً من أن القضاء بالامر الاول فالزلزلة وسائر الآيات المخوفة السماوية أسباب لوجوب الصلاة فهى

أداء الى آخر العمر. وأما الثاني فلما عرفت آنفاً من صحة تكليف الجاهل غاية الأمر عدم تنجزه الا بعد حصول العلم به فكلما حصل للمكلف العلم بوقوع احدى تلك الايات فقد تنجز في حقه التكليف بالصلاة فيجب الاتيان بها ( ومع العلم ) بوقوع احديها (والتفريط) في الاتيان بالصلاة لها (أو النسيان يجب القضاء في الجميع أى الاتيان بالصلاة بعد ذلك ذلك سواء كانت موقتة كالكسوف أم لا كغيره من الايات المذكورة لما عرفت من النصوص الخاصة في بعضها واطلاق ادلة الوجوب في بعضها الآخر. (وأما كيفيتها فهو أن يحرم ثم يقرء الحمد وسورة ثم يركع ثم يرفع فان كان لم يتم السورة قرء من حيث قطع وان كان أتم قرء الحمد ثانياً ثم قرء سورة حتى يتم خمساً على هذا الترتيب ثم يركع ويسجد اثنين ثم يقوم ويقرء الحمدوسورة معتمداً بترتيبه الاول ويسجد اثنين ويتشهد ويسلم) كما عليه المشهور قديما وحديثا بل استقر عليه رأى المتأخرين ويدل عليه نصوص كثيرة تأتى فى طى البحث فهذا اجمالا ممالا اشكال فيه . انما البحث فى جهات (الأولى) أن هذه الصلاة عشر ركعات باعتبارالركوع وركعتان باعتبار اشتمالها على أربع سجدات تدل على ذلك أخبار مستفيضة كصحيح رهط (1)وهم الفضيل وزرارة وبريد ومحمد بن مسلم عن كليهما(علیهما السلام) ومنهم من

ص: 462


1- الوسائل - الباب - 7 - من صلوة الآيات حديث 1

رواه عن احدهما(علیهما السلام) الا ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات و اربع سجدات صلاها رسول الله(صلی الله علیه آله وسلم) والناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها (الحديث).

وصحيح زرارة ومحمد بن مسلم (1) قالا سألنا أبا جعفر(علیه السلام) عن الكسوف كم هى ركعة أو كيف نصليها فقال هي عشر ركعات و أربع سجدات (الحديث) وصحيح الحلبى (2) أنه سأل أبا عبد الله(علیه السلام) له عن صلاة الكسوف كسوف الشمس والقمر قال عشر ركعات وأربع سجدات (الحديث) الى غير ذلك من الروايات. وفى قبالها خبر ان أحدهما لابى البخترى (3)عن ابيعبد الله(علیه السلام) ان عليا (علیه السلام) صلى في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات وأربع ركعات قام فقر ثم ركع ثم رفع رأسه ثم ركع ثم قام فدعا مثل ركعتين ثم سجد سجدتين ثم قام ففعل مثل ما فعل في الأولى فى قرائته وقيامه وركوعه وسجوده سواء : ثانيهما ليونس بن يعقوب(4) قال قال ابو عبد الله(علیه السلام) انكسف القمر فخرج أبى(علیه السلام)وخرجت معه الى المسجد الحرام فصلى ثمانى ركعات كما يصلى ركعة وسجدتين: اذ المستفاد منهما ثمان ركعات على اختلاف في كونها مع أربع سجدات كما في الاول اومع سجدتين كما في الثاني . لكن مضافاً الى ضعف سند الاول بابى البخترى يكون مضمونهما شاذاً مخالفاً لفتاوى الاصحاب قديما وحديثابل للسيرة العملية الواصلة الينا يداً بيد من زمن المعصومين(علیهم السلام) فان حملا على التقية لموافقتهما لمذهب العامة كما نقل عن الشيخ (قدسّ سره) والا فلابد من الطرح. (الثانية) اذا قرء الحمد ثم قرء السورة فأكملها فيما عدا الركعة التي يسجد

ص: 463


1- الوسائل - الباب - 7- من صلاة الايات حديث 6و7
2- الوسائل - الباب - 7- من صلاة الايات حديث 6و7
3- الباب المذكور حدیث 5٫4
4- الباب المذكور حدیث 5٫4

فيها فهل يجب اعادة الحمد لسائر الركوعات الخمس أم يكفى الحمد الاول ويكتفى بتكرار السورة فيه خلاف بين الاصحاب فالمشهور على الاول ويدل عليه أخبار مستفيضة كصحيح رهط المتقدم حيث قال بعد ذلك : ورواه أن الصلاة في هذه الايات كلها سواء واشدها و أطولها كسوف الشمس تبدء فتكبر بافتتاح الصلاة ثم تقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الثانية ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الثالثة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الرابعة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الخامسة فاذا رفعت الله لمن حمده ثم تخر ساجداً فتسجد سجدتين ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الاولى (الحديث) : و صحیح زرارة و محمد بن مسلم المتقدم حيث قال بعد ذلك تفتتح بتكبيرة وتركع بتكبيرة وترفع رأسك بتكبيرة الافى الخامسة التي تسجدفيها وتقول سمع الله لمن حمده وتقنت في كل ركعتين قبل الركوع فتطيل القنوت والركوع على قدر القرائة والركوع والسجود فان فرغت قبل أن ينجلي فاقعد ( فأعد ) وادع الله حتى ينجلى فان انجلى قبل ان تفرغ من صلاتك فأتم ما بقى وتجهر بقرائتك قال قلت كيف القرائة فيها قال ان قرأت سورة في كل ركعة فاقرء فاتحة الكتاب فان نقصت من السورة شيئاً فاقرء من حيث نقصت ولا تقرء فاتحة الكتاب (الحديث) وصحيح الحلبي المتقدم حيث قال بعد ذلك : يركع خمساً ثم يسجد فى الخامسة ثم ير كع ثم يسجد في العاشرة وإن شئت قرأت سورة في كل ركعة وان شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة فاذا قرأت سورة في كل ركعة فا قرأ فاتحة الكتاب وان قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرء فاتحة الكتاب الافى أول ركعة حتى تستأنف اخرى ولا تقل

ص: 464

سمع الله لمن حمده فی رفع رأسک من الرکوع الا فی الرکعة التی ترید ان تسجد فیها.وذهب ابن ادريس (قدس سره) الى الثانى فاختار استحباب قرائة الحمد في الصورة المذكورة بدعوى ان الركعات الخمس تكون في الحقيقة بمنزلة ركعة واحدة لاشتمالها على سجدتين فيكفى فيها الحمد مرة واحدة كما في صلاة العيدين وغيرهما و لكن يدفعه اولا ان ذلك قياس باطل ضرورة اختلاف صلاة العيدين مع الايات حسب الكيفية. ثم ان جهة القياس غير مختصة بالاشتمال على سجدتين بل يمكن أن يقال بأنها باعتبار اشتمالها على عشر ركوعات عشر ركعات ولاريب ان كل ركعة انما تحب فيها الحمد. وثانياً أن القول بالاستحباب اجتهاد في مقابل النص لصراحة الاخبار المتقدمة في الأمر باعادة الحمد عندا كمال السورة الظاهر فى الوجوب واليه اشار المصنف (قدس سره) فى محكى المعتبر معترضاً على استدلال :الحلى بأنه خلاف فتوي الاصحاب والمنقول عن أهل البيت.نعم احتمل الشهيد (قدس سره) في الذكرى الاستدلال لمذهب الحلى برواية ثم أجاب عنه حيث قال : فان استدل ابن ادريس برواية عبدالله بن سنان عن الصادق (علیه السلام) قال انكسف الشمس على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فصلى ركعتين قام فى الأولى فقرء سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فاطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فاطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فعل ذلك خمس ركعات قبل أن يسجد ثم سجد سجدتين ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك فكان له عشرر كمات وأربع سجدات : والتوفيق بينها و بين باقي الروايات بالحمل على استحباب قرائة الفاتحة مع الاكمال . فالجواب ان تلك الروايات أشهر وأكثر وعمل الاصحاب بمضمونها فتحمل

ص: 465

هذه الروايات على ان الراوى ترك ذكر الحمد للعلم به لتوافق تلك الروايات الآخر : انتهى وجه الاستدلال أن تكرار السورة لا يستلزم تكرار الحمد فمقتضى اطلاق الرواية جواز الاكتفاء بتكرار السورة من غير لزوم تكرار الحمد فيجمع بينه و بين الأمر بالاعادة في سائر الاخبار بالحمل على الاستحباب ووجه الجواب ترجيح تلك الروايات بالشهرة والعمل الموجب للتأويل فى ظاهر هذه الرواية بل ادعى فى مصباح الفقيه أن معهودية الحمد وعدم الحاجة الى ذكره أوجب ترك تعرض الراوى له فالحمل على ذلك متعين ولولم يكن هناك معارض من الاخبار وأن مقتضى الاخذ بظاهر الرواية عدم وجوب الفاتحة حتى في الركعة الأولى والسادسة ايضاً مع أنه لا خلاف بيننا انه لاصلاة الابفاتحة الكتاب فهى على خلاف مطلوب الحلى من لزوم الحمد مرة واحدة أدل.( أقول ) لكن العمدة في الجواب عن الرواية شذوذها وارسالها حيث لم تذكر الا فى الذكرى مرسلة والا امكن الجواب عن مقالة الشهيد (رحمه الله) بأن الرواية أخص من سائر الاخبار فتكون مقيدة لها ولا تصل النوبة الى الترجيح بالشهرة والعمل، والحمل على ترك ذكر الحمد للعلم به تأويل بلادليل وعن مقالة صاحب مصباح الفقيه (قدسّ سره) بأن معهودية الحمد لا تكفى شاهدة على محمل الرواية بعد وجود الجمع الدلالي من ناحيه الهيئة بالحمل على الاستحباب. وأما لزوم الفاتحة في كل خمس ركوعات فانما ثبت بسائر الروايات فلا يمكن الاخذ بلازم هذه الرواية من عدم لزومها ولا يلازم ذلك مع التأويل المذكوركما أنها لوصحت سنداً لكانت مقيدة لاطلاق : لاصلاة الابفاتحة الكتاب : بالنسبة الى المورد فطرح الرواية انما هو لضعف سندها بالارسال وشذوذها (1)

ص: 466


1- لكن الحق أن الرواية ولو صحت سنداً وكانت مروية في الكتب المعتبرة لم تجد للمقام شیئاً لانها حکایة فعل مجمل الوجه و مع ذلک فهی مسوقة لبیان أن فعله (صلی الله علیه وآله وسلم) کان ذاعشر رکعات و اربع سجدات کما شهد به استنتاج الراوى بقوله فكان له الخ : وساكتة عن حال الحمد في هذه الصلاة أصلا وانما ذكر السورة تمهيداً لتعدد الركوعات فالاستدلال بالرواية من أصله سلب بانتفاء الموضوع فتبقى روايات اعادة الحمد بلامعارض : المقرر عفى عنه كما عرفت .

( الثالثة ) لاريب فى انه كما يجوز قرائة سورة كاملة في كل واحدة من عشر ركعات كذلك يجوز تفريق سورتين على جميع العشرة بتفريق سورة واحدة على خمس ركعات فهو مخير بين الأمرين كما هو صريح الاخبار المتقدمة من صحيح رهط وصحيح زرارة ومحمد بن مسلم وصحيح الحلبي وهل يجوز تفريق سورة واحدة على ركعتين أو ثلاث أو ينحصر التبعيض بتوزيع سورة على الخمس فيه خلاف فالمشهور على الاول بمقتضى اطلاق الاخبار المتقدمة وما فى صحيح رهط من قول السائل : وان هو قرء سورة واحدة في الخمس ركعات يفرقها : فليس له ظهور في الاحترازية غايته المنع عن انعقاد الاطلاق الكلام الامام (علیه السلام) وكون المتيقن منه خصوص هذا النحو من التبعيض فيبقى اطلاق سائر الروايات بحاله مقتضياً لجواز التبعيض على أقل من خمس ر مضافا الى صراحة صحيح البزنطى فى ذلك (1) قال وسألته عن القرائة في صلاة الكسوف وهل يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب قال اذا ختمت سورة وبدأت بأخرى فاقرء فاتحة الكتاب وان قرأت سورة فى الركعتين أو ثلاث فلا تقرء بفاتحة الكتاب حتى تختم السورة ولاتقل سمع الله لمن حمده في شيء من ركوعك الا الركعة التي تسجد فيها : فما في الذكرى من احتمال الحصر في غير محله ( الرابعة ) ان ترك الحمد عند توزيع السورة هل هو رخصة أو عزيمة بمعنى ان النفى المستفاد من قوله

ص: 467


1- الوسائل الباب-7- من صلاة الايات حدیث 13

(علیه السلا) في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم وصحيح البزنطي المتقدمين : لا تقرء فاتحة الكتاب : هل يكون بعنوان نفى اللزوم فالمكلف مرخص في ترك الفاتحة وان جاز الاتيان بها كما اختاره جماعة منهم. الانصاري ( قده ) أو يكون بعنوان نفي الجزئية فليست الفاتحة لدى التوزيع جزءاً لصلاة الآيات ويستفاد منه العزيمة وان امكن الاتيان بها رجاءاً أو بعنوان قرائة سورة من القرآن في الصلاة. وان شئت قلت لا يستفاد منه مانعية الفاتحة عن الصلاة فلو أتى بها المكلف بقصد الزيادة كانت مبطلة بناءاً على أن الحمد جزء استقلالى للصلوة لا أنه مع السورة جزء واحد كي لا يصدق عليه زيادة الجزء أو يكون بعنوان المخل فالاتيان بها بأى قصد كان مبطل للصلاة وجوه واحتمالات منشأها دوران الحاكم في روايات الباب بين فقرتين وأنه هل يكون قوله (علیه السلام) في صحيح الحلبي المتقدم أجزاك أن لا تقرء فاتحة الكتاب : حاكماً على ما يستفاد من هيئة النهي في قوله (علیه السلام) في الصحيحين : لا تقرء فاتحة الكتاب : أو بالعكس بأن يكون مفاد الهيئة فيهما حاكماً على مفاد صحيح الحلبي . ولكن الحق ما اختاره شيخنا الانصارى ( قدس سره ) من الرخصة ان الاجزاء انما يصح استعماله في مورد يكون هناك مجعول يكتفى الشارع بأقل منه والاكان استعماله مستهجناً وعلى خلاف الفصاحة وحيث أن الاجزاء في المقام تعلق بعدم قرائة الفاتحة فيكشف عن أن الفاتحة مجعولة لدى التوزيع غاية الامر اكتفي الشارع بالاتيان بها مرة واحدة ويكون ظاهراً فى الرخصة وحاكما على ظهور لا تقرء فاتحة الكتاب : فى المانعية بناءاً على ما بيناه في محله من ان النهى المتعلق بالمهيات له ظهور ثانوي فى الوضع دون التكليف فما في مصباح الفقيه من لفظ الاجزاء الواقع فى بعض الاخبار غير صالح لرفع هذا الظهور : في غير محله ولعله اليه أشار بقوله (قدس سره) فليتأمل .

ص: 468

( الخامسة ) قد عرفت جواز تفريق سورة واحدة على خمس ركوعات فهل يكون ذلك على الاطلاق بمعنى جواز قرائة بعض من سورة كل ركعة بلا لزوم رعاية النظم والترتيب بين آيات السورة فلو ابتدء من وسط السورة أو آخرها جاز كما اختاره شيخنا الانصارى ) قده ( أو يعتبر رعاية الترتيب فيجب الابتداء من اول السورة لكن اذا قرء بعضها ثم ركع يجوز بعد الركوع أن يقرء من تلك السورة من غير موضع قطعها كما حكى عن الشهيدين ( قدهما ( اولا يجوز ذلك ولكن يجوز بعد الرفع من الركوع رفض السورة التي ركع عن بعضها والعدول الى سورة اخرى فيقرئها كلا او بعضاً كما حكى عن المبسوط و النهاية و الشهيدين أولا يجوز شيء من ذلك بل يجب بعد الرفع من الركوع الاخذ بتلك السورة التي ركع عن بعضها و القرائة من موضع قطعها كما عليه المشهور وجوه ربما يستدل لماعدا الاخير منها بخبرين احدهما لا بي بصير (1) قال سألته عن صلوة الكسوف فقال عشر ركعات وأربع سجدات يقرء في كل ركعة مثل يس والنور ويكون ركوعك مثل قرائتك وسجودك مثل ركوعك قلت فمن لم يحسن يس واشباهها قال فليقرء ستين آية في كل ركعة فاذا رفع رأسه من الركوع فلا يقرء بفاتحة الكتاب قال فاذا غفلها أو كان نائماً فليقضها : بدعوى انه يدل بالاطلاق على جواز قرائة ستين آية ولولم يلاحظ النظم و الترتيب ولم يكن الشروع من موضع القطع ولم يكن من سورة واحدة بل من سورتين ).(ثانيهما ) قوله (علیه السلام)فى صحيح الحلبي المتقدم : وان شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة : بدعوى أن اطلاق نصف سورة يعم صورة فقدان النظم أو الشروع من غير موضع القطع أو رفض تلك السورة وقرائة نصف سورة اخرى ولكن في الاستدلال بهما مالا يخفى.

ص: 469


1- الوسائل - الباب - 7- من صلاة الايات حديث2

( أما الاول ) فلانه مضافاً إلى ضعف السند ناظر الى امرين احدهما جواز تطويل المصلى هذه الصلاة كما كان أمير المؤمنين(علیه السلام)يفعل ذلك بأن يقرء من السور الطوال ثانيهما أن مريد التطويل اذا لم يحسن السور الطوال حتى يقرئها يجوز له قرائة ستين آية فلا ربط له بما نحن فيه وتعيين ستين آية انما هو من باب المثال فلا ظهور له فى الالزام ولا ينافي اطلاق مادل على جواز قرائة اي سورة كانت ذات خمسين آية أو أكثر. (وأما الثانى ) فلانه مسوق لبيان جواز التبعيض قبال قرائة سورة كاملة لالبان أصل قرائة البعض كي يؤخذ با طلاقه ولوسلم وجود الاطلاق له فهو محكوم بقوله(علیه السلام) في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم : فان نقصت من السورة شيئاً فاقرء من حيث نقصت : فالحق بمقتضى هذا الصحيح ما عليه المشهور من لزوم رعاية النظم والشروع من موضع القطع من تلك السورة . (السادسة) مقتضى الاطلاق المقامى لنصوص الباب جواز تكرار سورة واحدة في جميع الركعات بأن يقرء الحمد والتوحيد مثلا في الجميع لكن ربما يقال بان مقتضى قوله(علیه السلام) في صحيح رهط المتقدم : فان قرء خمس سور فمع كل سورة أم الكتاب : وفي صحيح البزنطى المتقدم : اذا ختمت سورة وبدأت بأخرى فاقرء فاتحة الكتاب : خلاف ذلك اذ الظاهر من خمس سور هو التعدد سنخاً لاقرائة كما أنه الظاهر من ختم سورة والابتداء بأخرى فيكشف عن اعتبار البينونة بين السور ودخل خصوصية كل . فى المأمور به ويدفعه أن التعبير بذلك انما هو فى مقابل توزيع سورة واحدة على خمس ركعات وترك الفاتحة ولا يكون بصدد بيان قرائة السور من حيث هي ولا التفصيل بين تكرار سورة واحدة أوسورة مغايرة للاولى فلايكون للخبرين ظهور في دخل تباين السور فى المأمور به فيبقى الاطلاق المقامى لسائر النصوص مقتضياً لجواز تكرار سورة واحدة في الجميع. (السابعة) لا اشكال عند القوم فى وجوب فاتحة فى الخمس ركوعات الثانية

ص: 470

اى الركعة الثانية من تلك الصلاة الثنائية انما الاشكال في انه هل يجب ابتداء الخمس بالفاتحة أى الاتيان بها في الركعة السادسة أو يكفى الاتيان بها في السابعة أو الثامنة أيضاً مثلا حيث اختلف الاصحاب فى ذلك فذهب العلامة (قده) في التذكرة الى الاول وعلله بانه قيام عن سجود فوجب فيه الفاتحة واحتمل ضعيفاً الثاني بدعوى أن صلاة الايات ركعتان ويجب الفاتحة في كل ركعة فيكفي الاتيان بها في أية واحدة من الركعات الخمس الثانية وقوى جماعة هذا الاحتمال بل في الحدائق استدل باطلاق صحيح زراره ومحمد بن مسلم المتقدم : وان نقصت من السورة شيئاً فاقرء من حيث نقصت ولا تقرء فاتحة الكتاب : واطلاق صحيحى البزنطى وعلى بن جعفر : فلا تقرء بفاتحة الكتاب حتى تختم السورة : حيث قال بان اطلاق تلك الروايات شامل للركعة السادسة أيضاً .و نوقش في ذلك باستلزامه عدم وجوب الفاتحة فى جميع الخمس ان لم يختم الافي العاشرة ولكنه اشكال ضعيف اذ لصاحب الحدائق ان يقول بان الاجماع منعقد على وجوب الفاتحة في كل ركعة وصلاة الآيات (حسب التسالم) ركعتان وربما رأى بعضهم ابتناء المسئلة على وجوب ختم السورة فى الركعة الخامسة من الاولى و عدمه اذ لو قلنا بوجوب سورة في كل ركعة والمفروض أن الخمس الأولى من الآيات ركعة فلابد من وجوب ختم السورة فى الخامسة من الاولى وحينئذ يكون وجوب الحمد في الركعة السادسة موافقاً لمثل قوله(علیه السلام) حتى تختم السورة :( والتحقيق ) ان الاحتمالات بحسب الواقع ثلاثة احدها الاكتفاء بفاتحة واحدة في مجموع الركعتين اخذاً بما يستفاد من الروايات من سقوط الفاتحة بتبعيض السورة بين الركعات عزيمة اور خصة الشامل باطلاقه لما ان اوزع سورة واحدة بين عشر ركعات وهذا الاحتمال هو الذي قلنا بانعقاد الاجماع على خلافه ثانيهما ما قواه اولا فى التذكرة ثالثها ما احتمله فيها ضعيفاً ثانياً وحينئذ نقول بان اطلاق قوله (علیه السلام) فلا تقرء بفاتحة الكتاب حتى تختم السورة : اذا كان ناظراً الى مثل قوله(علیه السلام) :

ص: 471

لاصلاة الابفاتحة الكتاب : لزم الاخذ بالاحتمال الاول ويجاب عن الاجماع بأنه مدركي واذا كان ناظراً الى أدلة الفاتحة الواردة فى صلاه الايات بخصوصها لم يكن له نظر الى مطلقات جعل الفاتحة فى الصلاة المفروض جعلها لكل ركعة مرة.

ومن المعلوم ان اللسانين مختلفان فليس لاحد ان يجعل تلك الادلة ناظرة الى الطائفتين معاً وتكون النتيجة ان الفاتحة المعجولة في كل ركعة من الركعات العشر في صلاة الايات تسقط بتبعيض السورة عزيمة أم رخصة اما الفاتحة المجعولة في كل ركعة مرة فلافتجب فاتحة فى الخمس الثانية قطعاً وهذا التقريب وان كان دافعاً للاحتمال الاول الا انه يناسب الاحتمال الثالث فلا بد علينا من بيان دفعه ونقول بان مقوم الركعة انما هو القرائة والقرائة انما هي فاتحة وسورة أو بعضها والركعة

السادسة انما هى اول جزء من الركعة الثانية من صلاة الايات لما عرفت من نسميتها بالركعتين انما هي باعتبار جعل أربع سجدات فيها وبالعشر انما هي باعتبار الركوعات العشر فيجب الفاتحة فى الركعة السادسة لكونها ابتداء الركعة الثانية فلقد اجاد العلامة (قدسّ سره) فى التذكرة حيث قال بانه قيام عن سجود فالاحوط لولم يكن اقوى ماعليه المشهور من وجوب الفاتحة في السادسة.قى الكلام في وجوب ختم السورة فى الخامسة فنقول يمكن الاستدلال للوجوب بجعل التبعيض ناظرا الى كل خمس اما بدعوى أن صحيح رهط لا يظهر منه الاتفريق السورة في كل خمس وصحيح البزنطى ناظر الى تفريقها في ركعتين أو ثلاث وكيف يمكن التعدى من ثلاث مثلا الى سبع ولكن فيه أن انفهام المثالية (1) يدفع هذا الاشكال فتأمل.

ص: 472


1- انفهام المثالية انما هو بالنسبة الى الخمس الأولى الواقعة قبل السجدة بقرينة قوله(علیه السلام) : الا الركعة التي تسجد فيها : فلاظهور له في المثالية لجميع العشر: المقرر عفى عنه

وأما بدعوى أن الاطلاق الاصطيادى المستفاد من الروايات حيثى فلا ينافي مادل على وجوب سورة في كل ركعة وكيف يمكن القول بجواز ابقاء بعض من سورة للركعة السادسة خصوصاً من الذى يذهب الى وجوب الحمد فيها ولكنه ضعيف اذ ليس حال السورة كالفاتحة لان وجوب سورة كاملة في كل ركعة ليس من المتسالم فتوي ولا من الظاهر من الروايات قوياً ونحن وان ذهبنا الى ذلك في باب القرائة الا ان استفادة الاطلاق من تلك الروايات الشامل لصلاة الايات صعب جداً فيبقى اطلاق جواز تبعيض السورة بين ركعات الايات بحاله مقتضياً جواز قرائة الفاتحة و بعض السورة الباقية فى السادسة ولكن الاحتياط مما لابد منه في المقام بل النظر الثاقب في الاخبار يؤدى الى سهولة ما استصعبناه فتأمل. (ويستجب فيها الجماعة) كاليومية على المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة كادت تكون اجماعاً بل ادعى جماعة عليه الاجماع وعن الخلاف الاجماع على جوازها جماعة وفرادى ويدل على ذلك جملة من النصوص المتقدمة كصحيح رهط صلاها رسول الله والناس خلفه في كسوف الشمس ، اذ أقل مراتبه الاستحباب وخبر روح بن عبد الرحيم (1) قال سألت أبا عبد الله(علیه السلام) عن صلاة الكسوف تصلى جماعة قال جماعة وغير جماعة . ومعتبر محمد بن يحيى الواسطى (2) عن الرضا (علیه السلام)قال سألته الكسوف تصلى جماعة أو فرادى قال أى ذلك شئت : فما في خبر ابن ابي يعفور(3)عن ابيعبد الله(علیه السلام) من التفصيل بين احتراق الكل والبعض قال اذا انكسفت الشمس والقمر فانكسف كلها فانه ينبغى للناس أن يفزعوا الي امام يصلى بهم وأيهما كسف بعضه فاته يجزى الرجل يصلى وحده ( الحديث ( محمول على تأكد الاستحباب و أما كيفية الاقتداء فيها اذا كان المأموم مسبوقاً فلها احتمالات :

ص: 473


1- الوسائل الباب -12- من صلاة الآيات حديث 391و2
2- الوسائل الباب -12- من صلاة الآيات حديث 391و2
3- الوسائل الباب -12- من صلاة الآيات حديث 391و2

الاول ما عليه المشهور من ان المأموم اذا ادرك الامام قبل الركوع الاول اوفى اثنائه فقد أدرك الركعة وكذا اذا أدركه في اول ركوع الركعة الثانية فيأتي بالصلاة حتى يتم ركعة معه جماعة وينفرد بعد التسليم او قبله فيتم صلاته كما في اليومية أما اذا ادرك الامام فيما عدا الاول من ركوعات الركعة الأولى فالمشهور وجوب الصبر الى الركعة الثانية وعن العلامة ( قدسّ سره ) فى التذكرة أنه احتمل : جواز الدخول معه في هذه الحالة فاذا سجد الامام لم يسجد هو بل ينتظر الامام الى أن يقوم فاذا ركع الامام اول الثانية ركع معه عن ركعات الاولى فاذا انتهى الى الخامس بالنسبة اليه سجد ثم لحق الامام و يتم الركعات قبل سجود الثانية : وربما يحتمل جواز الدخول بكيفيات أخر و لكن الحق ما عليه المشهور ويأتى فى مبحث الجماعة ما يدل عليه انشاء الله ( و ) يستحب ايضا (اطالة الصلاة مادام سببها باقية سيما في كسوف الشمس كما يدل عليه خبر القداح (1)عن جعفر عن أبيه عن آبائه(علیهم السلام) قال انكسفت الشمس في زمان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ولا الا فصلى بالناس ركعتين وطول حتى غشى على بعض القوم ممن كان وراه من طول القيام ومرسل الصدوق (2) قال انكسفت الشمس على عهد امير المؤمنين(علیه السلام) فصلى بهم حتى كان الرجل ينظر الي الرجل قدا بتلت قدمه من عرقه. و مرسل المفيد(3) قال روى عن أمير المؤمنين(علیه السلام) أنه صلى بالكوفة صلاة الكسوف فقرء فيها بالكهف والانبياء ورددها خمس مرات وأطال في ركوعها حتی سال العرق على أقدام من كان معه وغشى على كثير منهم : ومافى خبر أبي المتقدم من الامر بقرائة السور الطوال مثل يس و النور وبأن يكون الركوع مثل القرائة

ص: 474


1- الوسائل - الباب - 9 - من صلاة الآيات
2- الوسائل - الباب - 9 - من صلاة الآيات
3- الوسائل - الباب - 9 - من صلاة الآيات

في الطول والسجود مثل الركوع في ذلك وقوله(علیه السلام) في ذيل صحيح زرارة ومحمد ابن مسلم المتقدم : وكان يستحب أن يقرء فيها بالكهف والحجر الا أن يكون اماماً يشق على من خلفه وان استطعت ان تكون صلاتك بارزاً لا يجنك بيت فافعل وصلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر وهما سواء فى القرائة والركوع والسجود : ويدل على ذلك في خصوص الكسوف مضافاً الى هذا الصحيح قوله(علیه السلام) في صحيح رهط المتقدم : واشدها واطولها كسوف الشمس : ومقتضى الروايات الثلاث الاول كون تحمل المشقة فى اطالة هذه الصلاة أفضل بل مقتضى فتاوى الاصحاب بحيث لم يعرف الخلاف في ذلك وكذا بعض الاخبار استحباب كون الاطالة (بمقدار زمان الكسوف) ففی صحیح رهط المتقدم : صلاها رسول الله(صلى الله عليه و آله وسلم) و الناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها : وموثق عمار (1) عن ابيعبد الله(علیه السلام) قال قال ان صليت الكسوف الي ان يذهب الكسوف عن الشمس والقمر و تطول في صلاتك فان ذلك أفضل واذا أحببت أن تصلى فتفرغ من صلاتك قبل ان يذهب الكسوف فهو جائز ) الحديث ) ثم ان استحباب الاطالة لدي العلم ببقاء الكسوف أو الاطمينان الحاصل من قول المنجمين مما لا ريب فيه لما عرفت سابقاً من حجية قولهم فى الامور الحسابية التي لاخطأ فيها غالباً كوقوع الكسوف وامتداده لكونهم في تلك الامور خبراء فنييين أمامع الشك في بقائه فعن المسالك التمسك باستصحاب البقاء لاثبات الاستحباب.

ونوقش فيه بالاشكال المعروف من عدم جريان الاستصحاب في الامور المتصرمة غير القارة لعدم اتحاد القضية المتيقنة مع المشكوكة و الحق جريان الاستصحاب فيها لانه منزل على العرف فيكفى الاتحاد العرفي وهو متحقق في ذلك نعم بناء أعلى عدم جريان الاستصحاب مع الشك فى المقتضى كما هو التحقيق يشكل الأمر اذ

ص: 475


1- الوسائل الباب - 12 - من صلاة الكسوف

لم نحرز مقدار اقتضاء الكسوف للبقاء لكن الذي يهون الخطب ماعرفت سابقاً من كفاية كون الشروع فى صلاة الايات حين الانكساف و لو وقع بعضها حال الانجلاء او بعده لقوله(علیه السلام) في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم فاتم ما بقى ودفعنا هناك الايراد علي ذلك فراجع وهناك مستحبات أخرى تطلب بأدلتها من المطولات.( و أما حكمها فمسائل ثلاث الأولى اذا حصل الكسوف ) أوغيره من الايات ) في وقت فريضة حاضرة كان مخيراً في الاتيان بأيهما شاء ما لم يتضيق ) وقت (الحاضرة) أوالايات والا(فتكون ( المضيقة (أولى) من الموسعة سواء الحاضرة أم المدارك دعوى الاجماع على ذلك وانه لو تضيقتا قدمت الحاضرة لانها أهم في نظر الشارع ناقلا عن الشهيد (قدسّ سره) في الذكرى نفى الخلاف عنه.

(وقيل الحاضرة أولى مطلقاً)حتى فى السعة كما عن الصدوقين والسيد في المصباح والشيخ فى النهاية وابنى حمزة والبراج و عن التنقيح نسبته الى الاكثر ونسب الى ابن ابى عقيل والابي والحلى القول بوجوب تقديم صلاة الكسوف في السعة (و) لكن القول (الاول أشبه بالقواعد واشهر بل عرفت دعوى الاجماع عليه. و توضيح المقام ان الاحتمالات هنا ثلاثة احدها ان تكون الحاضرة مقدمة مالم يكن وقت الكسوف مضيقاً ان حينئذ يقدم المضيق وهذا الاحتمال لابد فيه اعمال التعبد لكونه على خلاف القاعدة ثانيها أن تكون صلاة الايات مقدمة من مالم يكن وقت الفريضة مضيقاً اذحينئذ تقدم الفريضة وهذا الاحتمال أيضاً كسابقه فى الاحتياج الى اعمال التعبد لمخالفته مع القاعدة كما نبين وجهه عن قريب ثالثها انه ان كان كل منهما موسعاً يتخير المكلف في تقديم أيهما شاء وان كانت احديهما مضيقة والاخرى موسعة تقدم المضيقة وان كانتا مضيقتين تقدم اليومية وهذا هو الذي اختاره المصنف ( قدسّ سره ) تبعاً للمشهور وهو الحق الموافق للقاعدة بضميمة الاخبار

ص: 476

أما جواز تقديم أيهما شاء في الصورة الاولى فلان المفروض كون كل منهما موسعاً فكما ان الفرض لو كان وحيداً لم يكن معه غيره لجاز تأخيره عقلا مالم يظن بالفوت فكذلك اذا كان مجتمعاً مع فرض آخر فاذاجاز له التأخير واشتغاله بعمل مباح فبطريق أولى يجوز له التأخير والاشتغال بفريضة اخري نعم ذهب بعض الاصحاب الى عدم جواز الاتيان بالنافلة لمن عليه الفائتة أو عليه فريضة لكنه خلاف القاعدة فى الواجب الموسع اذ معنى الموسع جواز الترك في زمان يكون أوسع من الواجب فكيف يمكن القول بعدم جواز الاتيان بواحد من المستحبات الا ان يكون هناك دليل تعبدي ومن ذهب الى ذلك توهم دلالة الاخبار عليه الا ان التحقيق أنها تدل على الاهتمام بالفائتة والفريضة لا بطلان النافلة . أما لزوم تقديم الفريضة المضيقة فى الصورة الثانية أى تضيق احديهما كصلاة الايات مثلاً فلانه حكم العقل في مرحلة الامتثال نعم لوخالف وقدم الفريضة الموسعة فالقول ببطلانها مبنى على أحد مسالك أربعة . (الاول) اشتراط القدرة شرعا في التكليف فالعاجز عن امتثال كلا التكليفين يتعين عليه التكليف المضيق منهما فلا أمر بالموسع فلو أتى به كان باطلا لعدم الجعل.(الثاني) اقتضاء الامر بالشى النهى عن ضده فالامر بالمضيق يقتضى النهى عن ضده وهو الموسع فلواتى به كان فاسداً . (الثالث) اشتراط القدرة عقلا في متعلق التكليف أذ كما أن الارادة التكوينية تتعلق بطبعها الى المقدور كذلك البعث التشريعي يقتضى بحسب طبعه عقلا التوجه الى المقدور وحصة الموسع المنطبقة على زمان المضيق غير مقدورة لتنجز الامر بالمضيق فلا يتعلق بها الأمر عقلا وليس للمكلف تطبيق الموسع عليها ولوطبقه عليها كانت فاسدة وبعضهم بنى المسئلة على الترتب فمن أحاله كالخراساني (قدسّ سره) لزمه القول بالبطلان اللهم الا ان يصححه بالملاك ونحوه ومن صححه كالسيد

ص: 477

الفشاركي (قدسّ سره) يريه صحيحاً ومبنى الترتب أمران احدهما فطرى وهو ان من يصلى ليس ممن ترك الوظيفة ولم يمتثل مولاه ثانيهما قاعدة اصولية وهي عدم التباين بين جعل مطلق ومشروط شرطه عصيان الامر الاول. ( الرابع )ان مقتضى فهم العرف استفادة تقديم المضيق على الموسع من الادلة السمعية والانصاف ان تلك المبانى باجمعها فاسدة والتحقيق ان القدرة ليست شرطاً في التكليف شرعاً ولا عقلا بل في تنجزه في مرحلة الامتثال عقلا ولا مجال لقياس الامور الاعتبارية بالتكوينية كى يتوهم أخذ القدرة في مضمون الخطاب عقلا و بعد الفراغ عن الجعل يستقل العقل في مرحلة الامتثال بأن المكلف القادر على امتثال الواجبين يجب عليه اطاعتهما معاً واذا صار احدهما مضيقاً وكان الاخر موسعاً يحكم بلزوم الجمع بينهما بتقديم المضيق على الموسع من غير أن يأمر بتقديم المضيق لخصوصية فيه عدي ضيق وقته نعم لو عصى الامر بالمضيق وأتى بالموسع أتى بما هو كان صحيحاً.فما فى بعض الاخبار من الأمر بقطع صلاة الكسوف والابتداء بالفريضة كصحيح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم (1) عن ابيجعفر وابي عبد الله (علیهما السلام) الا قالا اذا وقع الكسوف او بعض هذه الايات فصلها مالم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فابدء بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فاذا فرغت من الفريضة فارجع الى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى : ( انما هو ارشاد (2) الى حكم العقل من

ص: 478


1- الوسائل الباب - 5- من صلاة الايات - حديث 3 .
2- قد سلف في المتن الاستدلال على وجوب الصلاة لما عدا الكسوف من الايات بظهور الامر في قوله(علیه السلام) الا :فصلها : وذلك ينافي كونه ارشاداً الى حكم العقل فليتأمل : المقرر عفى عنه

لزوم تقديم المضيق اذا ضاق وقت الفريضة ( فان قلت ) اطلاق الامر بتقديم الفريضة لدى ضيق وقتها في الصحيح يشمل صورة تضيق صلاة الايات أيضاً ولزوم تقديم أحد المضيقين لا بد فيه اعمال تعبد فيكشف بالاستلزام عن أهمية وقت الفريضة ومعه لا يكون ارشاداً الى حكم العقل (قلت) فرض تضيق كلتا الصلاتين فرض نادر اذ غالب الآيات موسع عدا ما يكون طبعه التضيق وذلك يمنع عن انفهام صورة تضيق الصلاتين من الصحيح كى يكشف بالاستلزام عن أهمية وقت الفريضة بل مورد الصحيح توسع كلا الفرضين وتضيق الفريضة مع توسع الايات فيكون ارشاداً الى حكم العقل فتأمل(1) ثم انه يستفاد من الصحيح ان التسليم المحلل لصلاة الفريضة ليس محللا الصلاة الكسوف ولذا ذهب بعض الاعاظم بان ما في هذا الصحيح من اقحام الفريضة من صلاة الايات يكون على وفق القاعدة ووجهه ان التسليم المجعول محللا هو المحلل لاكل تسليم وتسليم الفريضة انما هو محلل لنفس الفريضة لا لصلاة الايات .واما الصورة الثالثة فحكمها التخيير كما في صورة تعذر انقاذ غريقين معاً لعدم القدرة على انقاذهما اللهم الا ان يكون احدهما اهم والمستفاد من الاخبارات اليومية اهم من غيرها.( الثانية اذا اتفق الكسوف فى وقت نافلة) الليل فالكسوف أولى ولو خرج وقت النافلة بسبب الاشتغال بالكسوف لعموم مادل على رجحان تقديم الفريضة لدى تزاحم النافلة معها على ما تقدم في المواقيت . فى مبحث جواز التطوع فى وقت الفريضة اولمن عليه الفريضة وخصوص صحيح محمد بن مسلم(2) عن احدهما(علیهما السلام) لا قال سالته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة

ص: 479


1- قولنا فتامل اشارة الى ان الندرة غير مانعة من شمول الاطلاق للنادر .
2- الوسائل - الباب - 5 5 من صلاة الايات - حديث 1 .

فقال ابدأ بالفريضة فقيل له في وقت صلاة الليل فقال صل صلاة الكسوف قبل صلاة الليل وصحيحه الاخر (1) قال قلت لابي عبد الله الله جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فان صليت الكسوف خشينا ان تفوتنا الفريضة فقال اذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها قلت فاذا كان الكسوف في آخر الليل فصلينا صلاة الكسوف فاتتنا صلاة الليل فبأيتهما نبدء فقال صل صلاة الكسوف واقض صلاة الليل حتى تصبح : اذالامر بالابتداء بالفريضة أو تقديم صلاة الكسوف في الاول محمول على الرجحان لوجوه ثلاثة. احدها قرينة المقام وهى سعة وقت الفريضة حسب الفرض المقتضية لجواز الاتيان بها بعد النافلة .ثانيها الاخبار الواردة في حكم التطوع في وقت الفريضة حيث جمعنا بينها هناك برجحان تقديم الفريضة بلحاظ أهمية الوقت فتلك الاخبار شاهدة على المراد من البدئة والتقديم في هذا الصحيح.ثالثها أن موضوع الأمر عنوان عارض على نفس الفريضة أى الابتداء بها أو تقديمها وهذا العنوان بنفسه راجح في العبادة شرعاً من باب قوله(علیه السلام) في جملة من الاخبار المذكورة فى باب المواقيت : خير الخير ما كان عاجله : فبهذه المؤنة نقول باستحباب تقديم الكسوف وعدم تخصيص أدلة النافلة بهذا الامر فلو قدم النافلة فان كان فى سعة وقت الكسوف فقد ترك الفضيلة وصحت النافلة لوجود الأمر بها وان كان فى ضيق وقت الكسوف عصى بتأخير الواجب عن وقته لكن صحت النافلة لما ذكر ومع العمل بالاستحباب يقدم الكسوف ولوخرج وقت النافلة بذلك ( ثم يقضى النافلة) بمقتضى النصوص المتقدمة فان نافلة الليل نظير غسل الجمعة من جهة التوسعة في وقتها شرعاً بجواز التقديم والتأخير عن الوقت المضروب لها لعذرما

ص: 480


1- الوسائل الباب -5- من صلاة الايات حديث 2

(الثالثة) نسب الى ظاهر ابن الجنيد ( رحمه الله) أنه (يجوز أن يصلى صلاة الكسوف على ظهر الدابة وماشياً) وفاقاً للمحكى عن الجمهور (وقيل) بل هو المشهور أنه لا يجوز ذلك الامع (العذر كما في الفرائض اليومية (وهو الاشبه) بالقواعد بل المتعين لان الظاهر من الادلة الدالة على اعتبار تلك الشرائط من القيام والاستقرار وغيرهما فى الفريضة ، اطلاق الاشتراط فى كل فريضة وتوهم انصراف الفريضة الى اليومية مدفوع بأن مجرد ندرة الفرد خارجاً لا يوجب انصراف المطلق عنه وانما الموجب له ما اذا كان اللفظ بحيث لا ينطبق عليه لدى العرف بماله من المفهوم حتى مع وجود مصداقه فعلا في الخارج وليس كذلك في المقام تم الجزء الخامس من كتاب الصلاة من شرح الشرايع بيد مقرره محمد علی بن محمد صادق الحسيني الصادقي الاصفهاني عفى عنهما ظهيرة يوم الاحد السابع عشر من شهر ربيع الثاني سنة ألف وثلاثمأة وخمس وثمانين بعد الهجرة النبوية على هاجرها آلاف الثناء والتحية ويتلوه الجزء السادس انشاء الله تعالى من أول صلاة الاموات اسئل الله التوفيق لاتمام دورة الفقه والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله سادات الورى

ص: 481

فهرس الجزء الخامس من الصلاة

3. هل فرق بين المانع والقاطع

4. لافرق بين المانع والقاطع وفيه تحقيق مقالة شيخنا الانصاري (قدسّ سره) فى استفادة الهيئة الاتصالية من أدلة القواطع وبيان ان المستفاد منها اعتبار حصة خاصة من الهيئة الاتصالية في الصلاة.

5. الحدث قاطع للصلاة مطلقاً عمداً وسهواً.

6. وجوه استدلال المشهور لقاطعية الحدث مطلقا.

8. العمدة في مدرك القاطعية هي الاخبار.

9. تزييف ما استدل لمذهب غير المشهور من اختصاص قاطعية الحدث بصورة العمد.

12. التكفير في الصلاة قاطع عمدي .

16. التكفير حرام وضعى لاتكليفى وفيه نصحيح سند مسائل على بن جعفر المروية فى قرب الاسناد .

19. قاطعية التكفير تختص بصورة العمد والاختيار.

20. بيان المراد من التكفير القاطع.

21. الالتفات عن القبلة قاطع الصلاة في الجملة اجماعاً .

22. الالتفات بعنوانه قاطع للصلاة لالاجل فقدان الشرط وفيه تحليل الترتب بين أجزاء العملة التامة فى مرحلتى الوجود والعدم.

ص: 482

24. نقد مقال المحقق الحائرى ( قدسّ سره) في ارجاع عنوانى شرطية الاستقبال و قاطعية الالتفات الى واحد.

25. طوائف الاخبار القاطعية الالتفات.

26. بيان طريق الجمع بين الاخبار لتخصيص القاطعية بالالتفات الى ماورائه ونقده. 29 بیان طريق آخر للجمع بين الاخبار ونقده وفيه بيان طريق الجمع بينها لمذهب المشهور فى قاطعية الالتفات.

30. طريق الجمع بين الاخبار القاطعية الالتفات بجميع البدن.

32. بیان طریق آخر للجمع بينها ونقده.

33. بيان أحسن الجموع بين الاخبار الذى به يتحصل مذهب المشهور.

34. قاطعية الالتفات عن القبلة تعم صورتي العمد والسهو.

37. قاطعية الكلام وان الاخبار الدالة عليها متواترة معنى.

39. ما هو الكلام القاطع للصلاة.

40. الكلام القاطع هو المفهم ببركة العرف العام .

42. خروج التنحنح والتأوه والانين عن الكلام القاطع تخصيصى لا تخصصى.

42. احكام الصور المتصورة للتأوه في الصلاة .

44. حكم النفخ في الصلاة وبيان استثناء الذكر والدعاء ومناجاة الرب وذكر النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) عن ذلك.

45. استثناء قرائة القرآن من قواطع الصلاة .

46. بيان مراتب القرآن واحكامها وفيه نقد مقال صاحب مصباح الفقيه (قدس سره) في انقسام قرائة القرآن في الصلاة الى اربع صور .

47. قاطعية الكلام للصلاة لا تشمل السهو والنسيان.

ص: 483

49. القهقهة قاطعة للصلاة.

50. ماهى القهقهة التي تكون من قواطع الصلاة وتفسيرها بحسب العرف العام و اللغة والأخبار.

53. في قاطعية مطلق الضحك مع الصوت اشكال وفي التقديرى منع .

54. قاطعية القهقهة تعم صورتى الاضطرار والاكراه دون صورتي السهو والنسيان.

56. قاطعية الفعل الكثير وتحليل تعاريف القوم للفعل الكثير القاطع للصلاة.

58. تزييف التفاسير المذكورة للفعل الكثير القاطع للصلاة.

59. التمسك بالاجماع وارتكاز المتشرعة لقاطعية الفعل الكثير بعنوانه ونقده.

62. التمسك بمجموع الاخبار لقاطعية الفعل الكثير بعنوانه ونقده .

65. التمسك باخبار خاصة لقاطعية الفعل الكثير بعنوانه ونقده .

67. التمسك بدليل العقل لذلك ونقده

68. التمسك بالاجماع والسيرة لقاطعية كل فعل منافر للصلاة عرفاً .

69. البكاء للأمر الدنيوى قاطع للصلاة اجمالا وفيه تحقيق حال جبر السند بالشهرة الاستنادية القدمائية.

72. تحقيق حال الموضوع وان البكاء على امر دنيوي فوتى قاطع للصلاة.

74. البكاء المصفى للروح اولامر اخروى ليس بقاطع .

76. قاطعية البكاء للصلاة تعم ما يكون مع الصوت او بدونه ،

78. تزييف وجوه الفرق بين البكاء مع الصوت وبدونه

79. قاطعية البكاء تختص بصورة العمددون السهو والنيسان والاضطرار .

80. تعمد الاكل والشرب قاطع الصلاة في الجملة.

83. قاطعية الاكل والشرب فى الجملة مخصوصة بالفريضة.

85. عقص الشعر المرجل في الصلاة مكروه ليس بقاطع .

ص: 484

87. استحباب التحميد للعاطس والسامع وتسميت العاطس في الصلاة.

89. يستحب للمصلى تسميت العاطس وليس بقاطع للصلاة.

92. رد السلام واجب على المصلى وليس بقاطع للصلاة.

95. حكم ما اذاشك في وجوب رد السلام اوفى جعل صيغة خاصة له في الصلاة.

95. كيفية رد السلام في الصلاة و انه هل يعتبر فيه المماثلة ام لا وبيان طوائف الاخبار في ذلك.

98. تقريب اعتبار المماثلة بالجمع بين الاخبار ونقده.

102. مقتضى الصناعة تعدد مراتب الفضل في رد السلام في الصلاة بلااعتبار المماثلة في ذلك.

103. التحية الاسلامية هي التي يجب ردها في غير الصلاة من بين التحيات.

105. تحليل معنى التحية بحسب اللغة والتفسير.

107. لا يجوز في الصلاة رد السلام الملحون في بعض صوره دون بعضها الآخر.

108. يجوز السلام الابتدائى ورده بكل صيغة.

109. يجوز ردسلام المرأة فى الصلاة ويجوز للمرأة رد السلام في الصلاة .

111. هل يجب رد سلام اهل الكتاب وبيان دليل القول بالوجوب ونقده .

112. الاستدلال لعدم وجوب الرد بانصراف عموم الآية ونقده .

114. بيان وجه انصراف عموم رد التحية فى الاية عن الكتابي .

115. قاطعية رد سلام الكتابى فى الصلاة تختلف باختلاف المباني وبيان ان كيفية رد سلام الكتابي مغايرة مع كيفية رد سلام المسلم.

117. المشهور فورية وجوب رد السلام مطلقا في الصلاة وغيرها .

ص: 485

119. لوقلنا بوجوب رد السلام فوراً لاتبطل الصلاة بتركه فيها وفيه بيان اجمالي لعدم اقتضاء الامر بالشيء للنهى عن الضد ولا اقتضاء النهى في العبادة للفساد ولا اقتضاء فساد الجزء لفساد الكل.

121. اذا دار الامر بين قطع الصلاة وترك جواب السلام.

122. يجوز رد السلام فى غير الصلاة كيفما كان .

123. رد السلام واجب كفائى لدى المشهور وفيه تحقيق حال غياث بن ابراهيم و انه موثق على الاتفاق ثقة على الاقرب.

127. استحباب السلام الابتدائى كوجب الرد عينى واكتفى بالواحد تسهيلاً.

128. الاكتفاء برد واحد من جماعة المسلم عليهم تسهيلاً يعم الصبي المميز وفيه تحقيق أن الخطابات الشرعية كتاباً وسنة شاملة للصبي.

131. اسماع رد السلام واجب مطلقا في الصلوة وغيرها.

133. هل يجب رد سلام من سلم من وراء الحائط أو مناداة من بعيد أو بواسطة القاصد أو الكتابة أم لا.

135. يجب رد السلام الملحون في بعض صوره بالرد الصحيح.

136. اناسلم الواعظ أو الخطيب على أهل المجلس يجب الجواب في صورة قصد التجليل دون غيره ولا يجب ردالسلامالمسموع من الشريط أو الاذاعة ويجب رد السلام المسموع من التلفون.

137. لا يجب رد تحية الاخرس ولا يكفي رده عن جماعة المسلم عليهم.

138. حكم تسليم جماعة على واحد وتسليم شخص واحد مرات عديدة والتسليم بلفظ سلام أوسخرية أو مزاحاً او تعليماً أو على أحد شخصين مع الجهل بارادة أيهما.

140. يجوز السلام على المصلى من غير كراهية.

143. البادى بالسلام أولى بالله وبرسوله وأكثر ثواباً من المجيب .

ص: 486

144. يجب جواب سلام الصبي المميز الذي يتألم بعدم الرددون غير المميز الذى لا يتألم بذلك ولا يجب رد التحية بغير السلام في الصلاة.

145. الشبهة الموضوعية أو الحكمية لوجوب رد السلام تكون مجرى البرائة .

146. جهات الخلل في كلام بعض الاساطين في حكم الشبهة الوجوبية لرد السلام.

149. يجوز أن يدعو في الصلاة بكل دعاء بل يجوز ان يطلب شيئاً محرماً ولا تبطل به الصلاة.

150. تحليل أدلة حرمة قطع الصلوة اختياراً .

152. تزييف التمسك بالاخبار لحرمة قطع الصلاة اختياراً.

158. عمدة الدليل على حرمة القطع اختيار هو الاجماع والسيرة.

158. مورد حرمة القطع هو الفريضة بحسب الاصل سواء اليومية أم غيرها كصلاة الآيات.

160. في مورد وجوب القطع اذا خالف واستمر في الصلاة تصح الصلاة.

162. اذا توقف ازالة النجاسة عن المسجد على قطع الصلوة تخير بين الأمرين في السعة وتعين الادامة في الضيق.

165. تفصيل بعض الاساطين في حكم تزاحم الصلوة مع واجب أهم ونقده.

167. الترتيب والموالاة ليساشرطين مستقلين للصلوة بل الاول محقق للموضوع.

167. والثاني غير معتبر مستقلاً مالم يوجب الفصل محوصورة الصلاة وفيه بيان

167. الركن الثالب فى بقية الصلوة وفي فصول الفصل الاول في صلوة الجمعة.

167. مقدمات البحث عن شئون صلاة الجمعة.

168. أقسام ولاية المعصومين(علیهم السلام).

169. أنحاء أخذ القيد فى التكاليف .

ص: 487

171. أصالة الاطلاق أصل عقلائى محاوري شرطه الكون في مقام البيان.

173. سير الفتوى في حكم صلاة الجمعة بحسب أدوار الفقه

179. سير الفتوى يعطى اتفاق القدماء على المنصبية .

180. اجماع القدماء فى المسئلة مما يوجب الحدس القطعى لكن لا نجعله دليلا برأسه لحكم المسئلة بل اما مستنداً الى استفادتهم المنصبية من الاخبار الخاصة أو قرينة على ارادة امام الاصل من لفظ الامام في الادلة.

181. القائلون بالمنصبية انما يتبعون فهمهم عن الادلة لا آراء رؤساء المذهب تقليدا كما زعم.

182. سير العمل في صلاة الجمعة بحسب الادوار الاسلامية.

184. السيرة العلمية للاصحاب مما يكشف قطعاً عن رأى المعصوم(علیه السلام) على المنصبية لكن للفها في الاجماع القولى وكونها تحت راية الفتوى فى جميع الاعصار لا نجعلها دليلا بالاستقلال.

185. الاستدلال بالاية الشريفة لحكم صلاة الجمعة وتحليل مفادها بالدقة.

188. الاية الشريفة غير ظاهرة فى وجوب عقد صلاة الجمعة.

190. توجيه ايرادات المشهور على الاستدلال بالاية.

195. الاستدلال بالاخبار لحكم صلاة الجمعة وبيان ان الطائفة الأولى منها مسوقة لبیان شون صلاة الجمعة لاحكمها.

200. بیان اعتبار خبر طلحة بن زيد.

201. بیان اعتبار حفص بن غياث .

206. الطائفة الثانية من الاخبار مرخصة في الاتيان بصلاة الجمعة والقسم الاول منها مرخص في الاتيان لنوع خاص.

ص: 488

211. القسم الثاني مرخص في الاتيان بصلاة الجمعة لعموم الشيعة كصحيح زرارة و تحليل مفاده.

214. ترييف جواب القائلين بالوجوب العيني عن صحيح زرارة.

215. دفع اشكال النافين حتى لاستظهار الرخصة من صحيح زراره.

مرخص فى الاتيان بصلاة الجمعة للعموم.

221. موثق عبدالملک مرخص فی الاتیان بصلاة الجمعة للعموم.

223. الطائفة الثالثة من الاخبار تدل على ولائية صلاة الجمعة.

223. تمهيد مقدمة لطيفة للبحث عن الطائفة الثالثة فيها بيان ميزة الانسان عن الحيوان وملاك احتياجه الى النظام والقوانين المدنية وتحليل تلك القوانين وأقسامها وان الدين واحكامه النظامية لم تظهر فى الوجود على ما هو واقعها من لدن

رحلة مشرعها الاعظم الى زماننا هذا.

226. بيان اقسام العبادة وشؤنها من حيث الفضيلة.

227. تحليل أخبار الطائفة الثالثة واحداً بعد واحد سنداً ودلالة وفيه توثيق الحكم بن مسكين.

229. تحلیل مفاد معتبر محمد بن مسلم ودلالته على ولائية صلاة الجمعة .

230. دفع المناقشات عن مفاد معتبر محمد بن مسلم.

237. الاخبار المروية فى الاشعنيات تدل على ولائية صلاة الجمعة.

239. تحقیق حال سند الاشعثيات جمة .

241. سند الاشعنيات لا يخلو عن الاعتبار ومجموع ما في المقام مؤيد قوي .

244. معتبر طلحة بن زيد يدل على ولائية صلوة الجمعة.

247. خبر حماد بن عيسى يدل على ولائية صلاة الجمعة.

248. دفع الايرادات عن مفاد خبر حماد بن عيسى .

ص: 489

254. دعاء الصحيفة تدل على ولائية صلاة الجمعة وفيه بيان السند الصحيفة وانه لا يخلو عن الاعتبار.

257. تقريب دلالة الصحيفة على الولائية.

258. دفع الايراد عن دلالة الصحيفة على الولائية.

262. صحيح الفضل بن شاذان يدل على المنصبية في الجملة.

264. دفع النقاش السندى والدلالي عن صحيح الفضل بن شاذان.

266. موثق سماعة يدل على ولائية صلاة الجمعة.

267. موثق سماعة متن واحد ظاهر في المنصبية.

269. صحيحا زرارة وهشام وأخبار اخر تدل على المنصبية.

271. البحث عن كشف مجموع الطائفة الثالثة من حيث المجموع عن ولائية صلاة الجمعة.

272. الطائفة الرابعة من الاخبار ما يوهم الاطلاق او توهم منه ذلك لكنها غير ظاهرة في الاطلاق المزعوم اى الوجوب العيني.

281. صحيح زرارة موهون الاطلاق محكوم بالمقيدات.

283. تحلیل مفاد الصحيح لبيان عدم الاطلاق المزعوم له .

286. لو فرضنا قصور ادلة الطرفين عن اثبات المدعى فالاصل مع المشهور القائلين بالمنصبية.

287. المجعول الاولى لظهر يوم الجمعة اربع ركعات وصلاة الجمعة كيفية اخرى مجعولة في ذلك اليوم بالخصوص وفيه بيان أن التخصيص ليس بمنوع كما زعمه بعض الاساطين.

290. تقريب الاستصحاب التعليقى و انه غير جار فى المقام والاستصحاب التنجيزي الجاري فيه لا يجدي للخصم بل الاصل الجارى في المقام لفظى هو اصالة الاربع.

ص: 490

291. تقرير الشهيد الثاني قده الاصل بنحو آخر ينتج الوجوب الاطلاقي وبيان مافيه.

294. الاصل مع المشهور لو بنينا على أن الجمعة والظهر متباينان.

296. الاحتياط بالجمع بين صلاتي الجمعة والظهر ممكن.

297. تفصيل الاستدلال على الاقوال في حكم صلاة الجمعة.

297. الاستدلال بالسيرة لمذهب المشهور .

299. الاستدلال بالاجماع قولا وعملا لمذهب المشهور.

301. البحث عن منكشف الاجماع والسيرة .

302. الاستدلال بالاخبار لقول المشهور .

310. تزييف الاستدلال بدليل العقل لقول المشهور.

311. تزييف الاستدلال بالاصل للقول بالوجوب العيني التعييني .

312. تزييف الاستدلال بالاخبار للقول المزبور.

320. تزييف الاستدلال بالاستصحاب للقول بالحرمة التشريعية التي يمكن معها الاحتياط.

324. تزييف الاستدلال باصالة الشغل وغيره من الوجوه للقول بالحرمة زمن الغيبة .

328. ليست للفقيه زمن الغيبة ولاية عامة فى جميع مناصب الائمة (علیهم السلام).

331. نقد وجوه الاستدلال للقول بالحرمة الذاتية التي لا يمكن معها الاحتياط.

332. جواز تولى اقامة الجمعة في زمن الغيبة لا يختص بالفقيه.

334. وهم من قبل العامة طعناً علي الخاصة ودفع ذلك وبيان مهية صلاة الجمعة واستحباب الجهر بالقرائة فيها .

335. وقت صلاة الجمعة زوال الشمس الى أن يصير الفيء مثل الشاخص.

341. فروع تحديد وقت صلاة الجمعة بالمثل.

346. يجب استماع الخطبة عند اجتماع شرائط وجوب صلاة الجمعة .

ص: 491

347. حكم المأموم المسبوق بركعة في صلاة الجمعة .

353. لو كبرور كع ثم شك في درك ركوع الامام لم يكن جمعة.

354. وظيفة الماموم الشاك في الالتحاق بركوع الامام.

356. لومات الامام أثناء صلاة الجمعة .

357. حكم المأمومين لومات الامام في الاثناء .

358. يشترط سبعة نفر فى وجوب صلاة الجمعة وخمسة في صحتها .

360. 360 لوانفض العدد قبل الصلاة ثم عادوا وجبت الجمعة وفى اثنائها بطلت .

361. الخطبتان شرط فى وجوب صلاة الجمعة ورجع هذا الشرط الي شرطية السلطان العادل وفيه بيان ان الخطبتين شرط اختيارى لصحة صلاة الجمعة.

364. كيفية الخطبتين وان اخبار خطبة صلاة الجمعة مبينة لمصاديق الخطبة الواجبة.

366. وقت الخطبتين وبيان فساد تحديده بما قبل الزوال.

370. وقت الخطبتين كنفس صلاة الجمعة انما هو بعد الزوال.

372. يجب تقديم الخطبة على صلاة الجمعة وحكم تقديم الصلاة نسياناً وحكم مالو صلى الجمعة ثم أتى بالخطبتين ثم صلى الجمعة ثانية اما نسياناً في تقديم الجمعة على الخطبة أو تشريعاً .

375. يجب قيام الخطيب فى صلاة الجمعة ولا يجب فيه الطمأنينة.

376. يجب الفصل بين الخطبتين بجلسة ولا يعتبر فيهما الطهارة الحدثية او الخبثية ولا سائر شرائط الصلاة ويجب رفع الصوت لاسماع العدد .

378. يجب في صلاة الجمعة الجماعة وعدم الفصل بين الجمعتين بأقل من. ثلاثة أميال .

379. فروع انعقاد الجمعتين في مكان واحد جهلا بالموضوع.

381. صلاة الجمعة غير واجبة على تسعة أصناف من الناس.

ص: 492

384. يجب على الخنثى المشكل الاحتياط بالحضور لدى الجمعة.

386. المسافر المستثني عن وجوب الحضور هو المسافر الشرعي.

388. المستثنون عن وجوب الجمعة اذا حضروها صحت وأجزأت.

391. المستثنون عن وجوب الجمعة لا ينقلب حكمهم بتكلف الحضور.

393.مسائل متفرقة لصلاه الجمعة.

395. لا يجوز السفر بعد زوال الجمعة على القول بالوجوب العيني.

397. يكره التكلم أثناء الخطبة يوم الجمعة.

399. البيع وقت النداء غير محرم تكليفاً ولا وضعاً .

400. اذا منعه الزحام عن درك السجدتين فى الركعة الأولى مع الامام.

403. الفصل الثانى فى صلوة العيدين .

403. صلاة العيدين واجبة بالاصل مستحبة زمن الغيبة وفيه بيان أن الاية الشريفة فى سورة الاعلى لا تدل على وجوبها.

406. الاية الشريفة فى سورة الكوثر لا تدل على الوجوب العينى لصلاة العيدين زمن الغيبة وفيه بيان طوائف الاخبار وان كثيرة منها ناظرة الى شؤن صلاة العيدين.

407. صلاة العيدين غير واجبة زمن الغيبة.

410. صلاة العيدين مندوبة جماعة أوفرادى زمن الغيبة.

412. لا يعتبر فى صلاة العيدين شروط صلاة الجمعة.

415. صلاة الجمعة مستحبة زمن الغيبة جماعة وفرادى.

417. وقت صلاة العيدين ما بين طلوع الشمس الى الزوال.

419. بیان كيفية صلاة العيدين.

421. في صلاة الايات وبيان أن الكسوف والخسوف سببان لوجوبها .

423. لكل من الكسوف والخسوف معان متعددة متباينة لا ترجع الى جامع واحد لكن الكسوف استعمل في الاخبار في مورد القمر أيضا.

ص: 493

425. فروع سببية الكسوف والخسوف لوجوب صلاة الايات .

427. الزلزلة سبب لوجوب صلاة الايات.

429. تجب صلاة الايات لكل أخاويف السماء.

432. وقت صلاة الكسوف

433. طوائف الاخبار الدالة على توقيت صلاة الكسوف.

435. يجوز المبادرة بصلاة الكسوف فى أول وقتها كما يجوز تأخيرها.

437. اذا لم يتسع كسوف أحد القرصين لاداء صلوة الكسوف.

439. تجب صلاة الكسوف بمجرد تحققه ولو يف بأداء مجموع الصلاة.

441. فساد الوجوه المزبورة لوجوب الصلاة بمجرد تحقق الكسوف ولولم يف. بتمام الصلاة

443. بیان طرق ثلاثة لاثبات وجوب الصلاة بمجرد تحقق الكسوف ولولم يف بتمام الصلاة.

444. هل القاعدة في باب المطلق والمقيد تقتضى دخل القيد في ناحية المطلق على نحو وحدة المطلوب بمعنى وحدة الملاك والمهية والطلب او تقتضى دخله فيه على نحو تعدد مراتب المطلوبية.

445. توهم بعض الاساطين أن مقتضي القاعدة فى الواجبات دخل القيد في المطلق على نحو وحدة المطلوب وبيان فساده وان الحق هو الثانى أى اقتضاء القاعدة دخل القيد فى المطلق على نحو تعدد مراتب المطلوبية سواء فى الواجبات والمندوبات.

448. صلاة الايات لاخاويف السماء ليست بموقتة.

452. تجب صلاة الايات للزلزلة بمجرد تحققها وان لم يطل المكث ولا معنى لنية الاداء فيها.

ص: 494

453. اذالم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت وجب القضاء مع احتراق القرص كله دون بعضه.

461. حكم قضاء غير الكسوف.

462. كيفية صلاة الايات.

462. صلاة الايات عشر ركعات واربع سجدات.

463. لا يجب اعادة الحمد لغير الاول من الركوعات العشر لصلاة الايات.

467. كما يجوز قرائة سورة كاملة في كل واحدة من عشر ركعات كذلك يجوز تفریق سورتين على جميع العشرة بتفريق سورة واحدة على خمس ركعات فهو مخير بين الأمرين ويجوز ايضا توزيع سورة واحدة على ركعتين أو ثلاثة.

467. ترك الحمد عند توزيع السورة انما هو رخصة فاكتفى الشارع بالاتيان بهامرة واحدة.

469. يجوز القرائة من موضع القطع لدى توزيع السورة مع رعاية النظم كما يجوز تكرير سورة واحدة في جميع الركعات .

470. يجب قرائة الفاتحة في السادسة من عشر ركعات صلاة الايات.

471. يجوز قرائة الفاتحة و بعض سورة في السادسة.

473. يستحب الجماعة في صلاة الايات.

474. يستحب اطالة صلاة الايات.

476.اذا حصل الكسوف فى وقت الفريضة تخير بينهما ومع تضيق وقت احديهما تقدم المضيقة ومع تضيقها معاً تقدم الفريضة.

479. اذا اتفق الكسوف فى وقت نافلة الليل فالكسوف أولى ولو خرج وقت النافلة ثم تقضى النافلة.

481. لا يجوز الاتيان بصلاة الكسوف على ظهر الدابة أو ماشياً الامع العذر.

ص: 495

جدول التصويب

الصفحة / السطر / الصواب

20 ... 8 ... المشرعية

23 ... 6 ... قاطعیة

28 ... 3 ... والحمل

32 ... 7 ... صنعنا

34 ... 13...أم تخص العمد

40 ... 17...المتفاهم

42 ... 10...بتری

47 ... 3... اللفظ

48 ... 18..محکوما

49 ... 22..بابن

51 ... 13..فیتخذ

51... 20 ..العام

53 ... 18..کالقرقرة

57 ... 21..للاخبار المرخصة

62 ... 8 ...فرقع

68 ... 6 ...یجعلهما

69 ... 6 ...تخصصاً

77 ... 12 ..عن حزن

80 ... 2 ...عمومه

80 ... 22..ناقش فیه

96 ... 12..یستعبد

103 ... 5..ردها أم لا؟

104 ... 10.صارت* تجلیل

107 ... 14.اللحن

108 ... 13.صرف

110 ... 13.الکبریین

111 ... 6..وحیث لم یرد

111 ... 11.سلم+النصرانی

166 ... 22.التخییر

168 ... 3..فضائلهم

168 ... 10 یحللون

168 ... 17.قمع

174 ... 13.ظهور

191 ...6...فالمصحح

195 ...23.الحدیث 14

215 ... 21(الاذن)

254 ... 9..الصحیفة

258 ... 6..قدره

359 ... 12بالنبوی

استدراك لازم قد وقع في الصفحة 261 و الصفحة 262 تبديلات ففى السطر 23 من الصفحة 261 لابد وان يكون قولنا (واحتمال كون التخصيص منوعاً فاسد كما حققناه في ابحاثنا ولابد وان يكون السطر الواقع فيه واقعاً في الصفحة 262 بعد السطر 23 وهو راجع صحیح الفضل ( السطر 12 الصفحة (262) ويكون جملة (واحتمال التخصيص الى ابحاثنا الواقع فى السطر (11 الصفخة 262 زائداً ولابد من الدقة .

13285 و : المنافقين: توبيخاً: وهناك اخطاء أخرى

ص: 496

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.